بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 31

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 31: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ)، قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَا یَجْتَمِعُ حُبُّنَا وَ حُبُّ عَدُوِّنَا فِی جَوْفِ إِنْسَانٍ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ، فَیُحِبُّ بِهَذَا وَ یُبْغِضُ بِهَذَا، فَأَمَّا مُحِبُّنَا فَیُخْلِصُ الْحُبَّ لَنَا كَمَا یَخْلُصُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ لَا كَدَرَ فِیهِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ یَعْلَمَ حُبَّنَا فَلْیَمْتَحِنْ قَلْبَهُ، فَإِنْ شَارَكَهُ فِی حُبِّنَا حُبَّ عَدُوِّنَا فَلَیْسَ مِنَّا وَ لَسْنَا مِنْهُ، وَ اللَّهُ عَدُوُّهُمْ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ اللَّهُ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِینَ. (1)

ص: 5


1- بحار الأنوار: 27- 51- حدیث 1. تفسیر القمّیّ: 514 2- 171- 172.

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ، عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَیْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ، لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ رَجُلًا یَقُولُ: أَنَا أُبْغِضُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَ لَكِنَّ النَّاصِبَ مَنْ نَصَبَ لَكُمْ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَتَوَلَّوْنَّا وَ أَنَّكُمْ مِنْ شِیعَتِنَا(1)

ص: 6


1- علل الشرائع: 200 ثواب الأعمال: 200 معانی الأخبار: 104 قریب منه. بحار الأنوار: 27- 232- 233 حدیث 42.

تتمة كتاب المحن و الفتن

تتمة الباب 23

الطعن الرابع عشر: أنّه أبدع فی الدین بدعا كثیرة:

منها: صلاة التراویح

، فإنّه كانت بدعة (1)، لما.

رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ الصَّلَاةَ بِاللَّیْلِ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ النَّافِلَةِ جَمَاعَةً بِدْعَةٌ (2)، وَ صَلَاةُ الضُّحَی بِدْعَةٌ، أَلَا فَلَا تَجَمَّعُوا لَیْلًا فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فِی النَّافِلَةِ، وَ لَا تُصَلُّوا صَلَاةَ الضُّحَی، فَإِنَّ قَلِیلًا فِی سُنَّةٍ خَیْرٌ مِنْ كَثِیرٍ فِی بِدْعَةٍ، أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَ كُلَّ ضَلَالَةٍ سَبِیلُهَا إِلَی النَّارِ (3).

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لَیْلًا فَرَأَی الْمَصَابِیحَ فِی الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟. فَقِیلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا لِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ وَ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ (4).

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ بِالْكُوفَةِ فَسَأَلُوهُ أَنْ

ص: 7


1- نصّ الباجی و السیوطی و السكتواری و غیرهم علی أنّ أوّل من سنّ التراویح عمر بن الخطّاب، كما فی محاضرات الأوائل: 149- طبع سنة 1311- و: 98- طبع سنة- 1300. و شرح المواهب للزرقانی 7- 149.
2- و كذا صرّح الباجیّ و السّیوطیّ و السكتواری و غیرهم بأنّ إقامة النّوافل بالجماعات فی شهر رمضان من محدثات عمر. انظر: طرح التّثریب 3- 92.
3- جاءت فی الشّافی 4- 219، و شرح ابن أبی الحدید 12- 283. و ذیلها مستفیضة عند العامّة و ضروریّة من ضروریّات المذهب عند الخاصّة. انظر: سنن أبی داود 2- 261، و مقدّمة سنن ابن ماجة: 46، و غیرهما.
4- ذیل الحدیث أخرجه البخاریّ فی صحیحه 4- 218 فی صلاة التّراویح باب فضل من قام رمضان، و مالك فی الموطّإ 1- 114 فی الصّلاة فی رمضان باب ما جاء فی قیام رمضان. و أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 122 حدیث 4222، و القسطلانی فی إرشاد السّاریّ فی شرح صحیح البخاریّ 5- 4، و قال: سمّاها بدعة لأنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لم یسنّ لهم الاجتماع لها، و لا كانت فی زمن الصّدّیق، و لا أوّل اللّیل، و لا هذا العدد!.

یَنْصَبَ لَهُ (1) إِمَاماً یُصَلِّی بِهِمْ نَافِلَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ، زَجَرَهُمْ وَ عَرَّفَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَّةِ، فَتَرَكُوهُ وَ اجْتَمَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَ قَدَّمُوا بَعْضَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَیْهِمُ الْحَسَنَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَدَخَلَ عَلَیْهِمُ الْمَسْجِدَ وَ مَعَهُ الدِّرَّةُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَبَادَرُوا الْأَبْوَابَ وَ صَاحُوا:

وَا عُمَرَاهْ؟!.

هذه الروایات أوردها السیّد رحمه اللّٰه فی الشافی (2)و حاصل الاستدلال أنّ التراویح كانت بدعة جماعتها، بل أصلها، و(3) وضعها و أمر بها عمر و كلّ بدعة حرام، أمّا الأولی فلاعترافه بكونه بدعة كما مرّ.

و روی عنه صاحب النهایة (4) و غیره (5) من علمائهم.

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ (6) وَ مُسْلِمٌ (7) فِی صَحِیحِهِمَا، وَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ (8) عَنْ أَبِی سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: كَیْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] فِی رَمَضَانَ؟. فَقَالَتْ (9): مَا كَانَ (10) یَزِیدُ فِی رَمَضَانَ وَ لَا فِی غَیْرِهَا عَلَی إِحْدَی عَشْرَةَ رَكْعَةً، یُصَلِّی أَرْبَعاً فَلَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَ طُولِهِنَّ، ثُمَّ یُصَلِّی أَرْبَعاً فَلَا تَسْأَلُ (11) عَنْ حُسْنِهِنَّ وَ طُولِهِنَّ، ثُمَّ یُصَلِّی ثَلَاثاً (12)، فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ

ص: 8


1- كذا. و الظّاهر: لهم.
2- الشافی 4- 219، و تلخیص الشافی 4- 5، و غیرهما.
3- لا توجد الواو فی ك، و ذكرت بعد أسطر من دون تعلیم علیها: و هی بحاجة إلی الواو.
4- النهایة 1- 106- 107.
5- كالباجی و السیوطی و السكتواری و القسطلانی و صاحب محاضرات الأوائل و كثیر قد سلف منا فی أول هذا الطعن، فلیراجع.
6- صحیح البخاریّ 3- 16 كتاب التّهجّد باب كیفیّة صلاة النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله.
7- صحیح مسلم كتاب صلاة المسافرین باب صلاة اللّیل و عدد ركعات النّبیّ ص، و قد أوردها و الرّوایة الآتیة برقم 736 و 738 [1- 509].
8- جامع الأصول 6- 93 ضمن حدیث 4198.
9- فی المصادر قالت.
10- فی س: كانت، و فی صحیح مسلم: قالت: ما كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
11- فی الجامع: لا تسأل- بدون الفاء-.
12- هنا زیادة: قالت عائشة، جاءت فی المصادر.

تُوتِرَ؟. قَالَ: یَا عَائِشَةُ! إِنَّ عَیْنَیَّ تَنَامَانِ وَ لَا یَنَامُ قَلْبِی.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ (1) وَ صَاحِبُ الْجَامِعِ (2) أَیْضاً، عَنْ أَبِی سَلَمَةَ، قَالَ: أَتَیْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَیْ أُمَّةِ! أَخْبِرِینِی عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ؟.

فَقَالَتْ: كَانَتْ صَلَاتُهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غَیْرِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِاللَّیْلِ، مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ.

وَ رَوَیَا (3) رِوَایَاتٍ أُخَرَ قَرِیبَةً مِنْ ذَلِكَ.

وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (4)، عَنْ زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: احْتَجَرَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] حُجَیْرَةً بِخَصَفَةٍ أَوْ حَصِیرٍ، قَالَ عَفَّانُ: فِی الْمَسْجِدِ، وَ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَی: فِی رَمَضَانَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یُصَلِّی فِیهَا، قَالَ:

فَتَبِعَ (5) إِلَیْهِ رِجَالٌ وَ جَاءُوا یُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَ: ثُمَّ جَاءُوا إِلَیْهِ (6) فَحَضَرُوا وَ أَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] عَنْهُمْ فَلَمْ یَخْرُجْ إِلَیْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَ حَصَّبُوا الْبَابَ (7)، فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] مُغْضَباً، فَقَالَ لَهُمْ: مَا زَالَ بِكُمْ صَنِیعُكُمْ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَتُكْتَبُ (8) عَلَیْكُمْ، فَعَلَیْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِی

ص: 9


1- صحیح مسلم 1- 510 بنصّه، و قد تقدّم.
2- جامع الأصول 6- 94 ضمن حدیث 4198.
3- صحیح مسلم- كتاب صلاة المسافرین، باب صلاة اللیل 1- 508- 512، و جامع الأصول: «6»- فی صلاة اللیل- الفرع الثالث: فی صفتها: 77- 108.
4- جامع الأصول 6- 118- 119 حدیث 4218.
5- فی المصدر: فتتبع.
6- فی جامع الأصول نسخة: لیلة، بدلا من: إلیه. و هو الظّاهر.
7- قال فی الصّحاح 1- 112: الحصباء: الحصی. و حصّبت المسجد تحصیبا: إذا فرشته بها. أقول: إنّه قد ضمّن فی هذه اللّفظة معنی الجلوس، أی حصّبوا و جلسوا فی الباب، و یحتمل أن یكون المعنی: إنّهم رموا الباب بالحصی لیخرج إلیهم النّبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم علی نحو الإعلان، و هذا- و إن كان لا یلیق بالمسلم العارف بحقّ النّبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله بل بمن تأدّب بآداب الإسلام- إلّا أنّ أكثرهم كانوا لا یفقهون و ینادونه صلی اللّٰه علیه و آله من وراء الحجرات.
8- فی المصدر: سیكتب.

بُیُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَیْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِی بَیْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ.

أخرجه البخاری (1) و مسلم (2)و أخرج أبو داود (3) و لم یذكر: فی رمضان.

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ (3): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] اتَّخَذَ حُجْرَةً فِی الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِیرٍ فَصَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] فِیهَا لَیَالِیَ فَاجْتَمَعَ (4) إِلَیْهِ نَاسٌ ثُمَّ فُقِدَ (5) صَوْتُهُ لَیْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَتَنَحْنَحُ لِیَخْرُجَ فَلَمْ یَخْرُجْ، فَلَمَّا خَرَجَ لِلصُّبْحِ قَالَ: مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِی رَأَیْتُ مِنْ صَنِیعِكُمْ حَتَّی خَشِیتُ أَنْ یُكْتَبَ عَلَیْكُمْ، وَ لَوْ كُتِبَ عَلَیْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَیُّهَا النَّاسُ فِی بُیُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِی بَیْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ (6).

وَ عَنْ أَنَسٍ (7)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یُصَلِّی (8) فِی رَمَضَانَ، فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَی جَنْبِهِ وَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَامَ أَیْضاً حَتَّی كُنَّا رَهْطاً، فَلَمَّا أَحَسَّ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] أَنَا خَلْفَهُ جَعَلَ یَتَجَوَّزُ (9) فِی الصَّلَاةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَحْلَهُ

ص: 10


1- صحیح البخاریّ 10- 430 كتاب الأدب باب ما یجوز من الغضب، و جاء أیضا فی كتاب الجماعة باب إذا كان بین الإمام و بین القوم حائط أو سترة، و فی كتاب الاعتصام باب ما یكره من كثرة السؤال.
2- صحیح مسلم كتاب صلاة المسافرین باب استحباب صلاة النافلة فی بیته حدیث 781.
3- سنن النّسائیّ 3- 198 كتاب قیام اللّیل باب الحثّ علی الصّلاة فی البیوت. و لا زال الكلام لابن الأثیر فی جامع الأصول.
4- فی ك نسخة بدل: و اجتمع. و فی الشّافی نسخة: حتّی اجتمع إلیه النّاس.
5- فی جامع الأصول: فقدوا.
6- كما جاء فی جامع الأصول 6- 119 ذیل حدیث 4218، و قد سلف قریبا.
7- كما أورده مسلم فی صحیحه كتاب الاعتصام باب النّهی عن الوصال فی الصّوم حدیث 1104. و أخرجه أیضا ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 115- 116 حدیث 4216.
8- فی المصدر: یقدم. و هو الظّاهر.
9- جاء فی حاشیة ك: تجوّز فی صلاته: خفّف. ذكره الفیروزآبادیّ. [منه رحمه اللّٰه]. انظر: القاموس 2- 170.

فَصَلَّی صَلَاةً لَا یُصَلِّیهَا عِنْدَنَا، قَالَ: قُلْنَا لَهُ حِینَ خَرَجَ (1): أَ فَطَنْتَ بِنَا (2) اللَّیْلَةَ؟.

قَالَ: نَعَمْ، ذَاكَ الَّذِی حَمَلَنِی عَلَی مَا صَنَعْتُ.

و قد ذكر (3) أخبارا كثیرة نحوا ممّا ذكرنا تركناها لقلّة الجدوی فی تكرارها.

فظهر من بعض (4) أخبارهم أنّه صلّی اللّٰه علیه و آله ما كان یزید فی شهر رمضان شیئا من النوافل، و من بعضها أنّه صلّی اللّٰه علیه و آله لم یرض بإیقاع النافلة جماعة، فإبداع هذا العدد المخصوص فی الشریعة (5) و جعلها سنّة أكیدة بدعة لم یأمر بها النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و لم یأت بها، فظهر أنّ قول بعضهم أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أتی بها ثم تركها من غیر نسخ- لا مستند له، و لو كانت سنّة مرغوبا فیها و مندوبا إلیها، فلم كان یتركه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و یخرج إلیهم مغضبا، و یقول: علیكم بالصلاة فی بیوتكم؟! و لا كان یترك صلاته و یهرب منهم، و لا خلاف فی أنّ الجماعة فی كلّ صلاة تجوز فیها عبادة، و لها فضل عظیم، فلو جازت فی هذه الصلاة و فی غیرها من النوافل لما أغضبه الاجتماع، و لا كان یأمرهم بالصلاة فی بیوتهم فی غیر المكتوبة.

و أمّا التعلیل الوارد فی روایاتهم المرویّة عن الكذّابین المشهورین فلا یخفی علی عاقل أنّه من مفتریاتهم، و لیس فی أخبار أهل البیت علیهم السلام شی ء من ذلك، فإنّ المواظبة علی الخیر و الاجتماع علی الفعل المندوب إلیه لا یصیر سببا لأن یفرض علی الناس، و لیس الربّ تعالی غافلا عن وجوه المصالح حتّی یتفطّن بذلك

ص: 11


1- فی المصدر: فقلنا له حین أصبحنا.
2- فی جامع الأصول: لنا، بدلا من: بنا.
3- ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 114- 125 من حدیث 4215- 4226، فی قیام شهر رمضان، و هو التراویح.
4- لا توجد: بعض، فی س.
5- قال القسطلانی فی شرح البخاری 5- 4 عند قول عمر لصلاة التطوّع جماعة: بدعة و نعمت البدعة-: لأنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم لم یسنّ لهم الاجتماع لها و لا كانت فی زمن الصدّیق، و لا أوّل اللیل، و لا هذا العدد.

الاجتماع، و یظهر له الجهة المحسنة لإیجاب الفعل، و كیف أمرهم صلّی اللّٰه علیه و آله مع ذلك الخوف بأن یصلوها فی بیوتهم؟ و لم لم یأمرهم بترك الرواتب خشیة الافتراض (1) ثم المناسب لهذا التعلیل أن یقول: خشیت أن یفرض علیكم الجماعة فیها، لا أن یفرض علیكم صلاة اللیل، كما فی بعض روایاتهم. و قد ذهبوا إلی أنّ الجماعة مستحبة فی بعض النوافل كصلاة العید و الكسوف و الاستسقاء و الجنازة، و لم یصر (2) الاجتماع فیها سببا للافتراض، و لم ینه عن الجماعة فیها لذلك، فلو صحّت الروایة لكانت محمولة علی أنّ المراد النهی عن تكلّف ما لم یأمر اللّٰه به، و التحذیر من أن یوجب علیهم صلاة اللیل لارتكاب البدعة فی الدین، ففیه دلالة واضحة علی قبح فعلهم و أنّه مظنّة العقاب، و إذا كان كذلك فلا یجوز ارتكابه بعد ارتفاع الوحی أیضا.

و أمّا أنّ عمر ابتدعها، فلا خلاف فیه (3) و أمّا أنّ كلّ بدعة ضلالة، فقد استفیض (4) فی أخبار الخاصّة (5) و العامّة.

ص: 12


1- فی ك: الإقراض.
2- فی ك: لم یضر- بالضاد المعجمة-.
3- و قد صرّح كلّ المخالفین: أنّها من مبدعات عمر. انظر: تاریخ عمر بن الخطّاب لابن الجوزی: 54، تاریخ ابن سمنة حوادث سنة 23 ه، تاریخ الخلفاء للسیوطی. و عدّها من أولیات عمر فی: طبقات ابن سعد 3- 281، قال: و ذلك فی شهر رمضان سنة أربع عشرة، و جعل للناس بالمدینة قارئین، قارئا یصلّی بالرجال و قارئا یصلّی بالنساء، و تاریخ الطبریّ 5- 22، و الكامل لابن الأثیر 2- 41. و قد تقدّم فی أول البحث عن محاضرات الأوائل، و إرشاد الساری و غیرهما.
4- كذا، و الظاهر: استفاض.
5- فصّلها شیخنا المصنّف- رحمه اللّٰه- فی بحار الأنوار 2- 261 و 263 و 266، 301، 309، و 32- 222 و 257، و 47- 217، و 74- 217، و 74- 203، و 77- 122، و 78- 217، و غیرها.

فَرَوَی مُسْلِمٌ (1) فِی صَحِیحِهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَیْرَ الْحَدِیثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَ خَیْرَ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ، وَ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ (2).

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ (3) وَ مُسْلِمٍ (4)، عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] أَنَّهُ قَالَ: مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِی فَلَیْسَ مِنِّی(5)

وَ رَوَیَا (6) أَیْضاً عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، أَنَّهُ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ یَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّیْ ءِ أَصْنَعُهُ، فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُهُمْ (7) بِاللَّهِ وَ أَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْیَةً (8).

وَ رَوَیَا(9) أَیْضاً لَهُ، عَنْهُ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا

ص: 13


1- صحیح مسلم 12- 37، و انظر: شرحه للنّوویّ 4- 226.
2- و قریب منه فی صحیح البخاریّ كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم، و نقله عنه ابن الأثیر فی جامع الأصول 1- 289 حدیث 74.
3- صحیح البخاریّ- كتاب النّكاح 6- 112 الحدیث الأوّل [7- 2- دار الشّعب ، و انظره فی شرح القسطلانی إرشاد السّاری 4- 8، و شرح العسقلانیّ فتح الباری 9- 90، و شرح العینیّ عمدة القاری 9- 354.
4- صحیح مسلم 5- 13، و شرحه النّوویّ 5- 94.
5- و ذكره النّسائیّ فی سننه و الدّارمیّ كذلك فی كتاب النّكاح، و أورده أحمد بن حنبل فی مسنده 2- 158، 3- 241، 259 و 285، 5- 409.
6- صحیح البخاریّ 8- 136 [دار الشّعب 9- 120] كتاب الاعتصام، و جاء أیضا فی 7- 91 كتاب الأدب. و انظر إرشاد السّاریّ 10- 378 و 9- 77، و فتح الباری 13- 235 و 10- 427، و عمدة القاریّ 11- 136 و 10- 91، و صحیح مسلم 2- 221 كتاب الفضائل، و شرحه للنووی 9- 269 باختلاف یسیر.
7- فی صحیح البخاریّ: أعلمهم- بدون لام-.
8- أقول: جاء عن عائشة- كما أورده البخاریّ فی كتاب البیوع أیضا باب النّجش- معلّقا، و وصله فی كتاب الصّلح 4- 298 و 5- 221، و صحیح مسلم كتاب الأقضیة، باب نقض الأحكام الباطلة حدیث 1718، و غیرهما.
9- صحیح البخاریّ 8- 147 باب ما ذكر النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله ..، و أورده القسطلانی فی إرشاده 10- 411، و العسقلانیّ فی فتحه 13- 267، و العینیّ فی عمدته 11- 498. و فی صحیح مسلم 2- 42 كتاب الأقضیة، و أورد شرحه النّوویّ فی شرح صحیح مسلم 7- 335.

لَیْسَ عَلَیْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ (1)

وَ حَكَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (2)، عَنِ التِّرْمِذِیِّ (3) وَ أَبِی دَاوُدَ (4)، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِیَةَ: إِیَّاكُمْ وَ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ (5).

وَ قَالَ فِی فَتْحِ الْبَارِی شَرْحِ الْبُخَارِیِّ- (6): قَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَیِّدٍ، عَنْ عَصِیفِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ ..: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلُهَا.

و أخبارنا فی ذلك متواترة (7)، و ما زعمه بعض فقهاء العامّة (8) من انقسام البدعة بالأقسام الخمسة لا وجه له (9) بل یظهر من عموم النصوص أنّ كلّ ما أحدث فی الدین ممّا لم یرد فی الشریعة خصوصا أو عموما فهو بدعة محرّمة، فكلّ ما فعل علی وجه العبادة و لم یكن مستفادا من دلیل شرعیّ عامّ أو خاصّ فهو بدعة و تشریع، سواء كان فعلا مستقلا أو وصفا لعبادة متلقّاة من الشارع، كفعل

ص: 14


1- و جاء- أیضا- فی سنن أبی داود كتاب السّنّة باب لزوم السّنّة 2- 506، و أخرجه ابن ماجة فی المقدّمة تعظیم حدیث رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله برقم 14، و حكاه ابن الأثیر فی جامع الأصول 1- 289 290 حدیث 75.
2- جامع الأصول 1- 279 ذیل حدیث 67.
3- سنن التّرمذیّ كتاب العلم باب 16 حدیث 2678.
4- سنن أبی داود كتاب السّنّة باب لزوم السّنّة حدیث 4607.
5- و أخرجه أحمد بن حنبل فی المسند 4- 126- 127، و ابن ماجة فی المقدّمة برقم 42 باب اتّباع سنّة الخلفاء الرّاشدین، و انظر: جامع العلوم و الحكم للحافظ ابن رجب الحنبلیّ.
6- فتح الباری 13- 214.
7- بحار الأنوار 2- 261- 268 روایات الباب 22. و انظر: البحار 32- 221، 257، و غیرهما.
8- كما ذكره القرافی فی كتابه الفروق 4- 202- 205، و الغزالی فی إحیاء العلوم 1- 126.
9- قال الشهید الأول فی القواعد و الفوائد 1- 144- 146، القاعدة [205] ما نصّه: محدثات الأمور بعد عهد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم تنقسم أقساما لا یطلق اسم البدعة عندنا إلّا علی ما هو محرّم منها .. ثم قسّم محدثات الأمور إلی الأحكام الخمسة و ذكر لكلّ منها شاهدا.

الواجب علی وجه الندب و بالعكس، و إیجاب وصف خاصّ فی عبادة مخصوصة، فلو أوجب أحد إیقاع الطواف مثلا جماعة، أو زعمه مستحبّا، أو استحبّ عددا مخصوصا فی الصلاة.

و بالجملة، كلّ فعل أو وصف فی فعل أتی به المكلّف علی غیر الوجه الذی وردت به الشریعة، و تضمّن تغییر حكم شرعیّ و إن كان بالقصد و النیة فلا ریب فی أنّه بدعة و ضلالة.

و أمّا ما دلّ علیه دلیل شرعیّ سواء كان قولا أو فعلا عامّا أو خاصّا فهو من السنّة.

و قد ظهر من روایاتهم أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لم یصلّ عشرین ركعة یسمّونها: التراویح، و إنّما كان یصلّی ثلاث عشرة ركعة، و لم یدلّ شی ء من روایاتهم التی ظفرنا بها علی استحباب هذا العدد المخصوص فضلا عن الجماعة فیها، و الصلاة و إن كانت خیرا موضوعا یجوز قلیلها و كثیرها إلّا أنّ القول باستحباب عدد مخصوص منها فی وقت مخصوص علی وجه الخصوص بدعة و ضلالة، و لا ریب فی أنّ المتّبعون لسنّة عمر یزعمونها علی هذا الوجه سنّة وكیدة، بل عزیمة، و یجعلونها من شعائر دینهم.

و لو سلّمنا انقسام البدعة بالأقسام الخمسة و تخصیص كونها ضلالة بالبدعة المحرّمة، فلا ریب أنّ هذا ممّا عدّوه من البدع المحرّمة لما عرفت، و الأقسام الأخری من البدع التی عدوها لیست من هذا القبیل، بل هی ممّا ورد فی الشریعة عموما أو خصوصا فلا ینفعهم التقسیم، و اللّٰه الهادی إلی الصراط المستقیم.

و منها: أنّه وضع الخراج علی أرض السواد
اشارة

و لم یعط أرباب الخمس منها خمسهم، و جعلها موقوفة علی كافة المسلمین (1)، و قد اعترف بجمیع ذلك

ص: 15


1- خمس أرض السواد المفتوحة عنوة للأصناف الستة التی استعرضتها آیة الخمس من سورة الأنفال، و الأربعة- أخماس الأخری- تكون للمسلمین قاطبة الفاتحین و غیرهم.

المخالفون، و قد صرّح بها ابن أبی الحدید (1) و غیره، و كلّ ذلك مخالف للكتاب و السنّة و بدعة فی الدین.

قال العلّامة رحمه اللّٰه فی كتاب منتهی المطلب (2): أرض السواد هی الأرض المغنومة من الفرس التی فتحها عمر بن الخطاب، و هی سواد العراق، و حده فی العرض من منقطع الجبال بحلوان (3) إلی طرف القادسیة المتّصل بعذیب من أرض العرب، و من تخوم الموصل طولا إلی ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقیّ دجلة، فأمّا الغربی الذی یلیه البصرة فإسلامیّ (4) مثل شطّ عثمان بن أبی العاص و ما والاها كانت سباخا و مواتا فأحیاها (5) ابن أبی العاص و سمیت هذه الأرض:

سوادا، لأنّ الجیش لّما خرجوا من البادیة رأوا هذه الأرض و التفاف شجرها فسمّوها: السواد لذلك (6)، و هذه الأرض فتحت عنوة، فتحها عمر بن الخطاب ثم بعث إلیها بعد فتحه ثلاث أنفس: عمّار بن یاسر علی صلاتهم أمیرا، و ابن مسعود قاضیا و والیا علی بیت المال، و عثمان بن حنیف علی مساحة الأرض، و فرض لهم فی كلّ یوم شاة شطرها (7) مع السواقط لعمّار، و شطرها للآخرین (8)،

ص: 16


1- فی شرحه علی النهج 12- 287. و قال فیه: فأمّا حدیث الخراج فقد ذكره أرباب علم الخراج و الكتاب و ذكره الفقهاء أیضا فی كتبهم. و انظر: سنن النسائی- كتاب الفی ء- و الجصّاص فی كتابه أحكام القرآن و غیرهم تجد نصوص كثیرة، و نصّ علیه السیوطی فی الدرّ المنثور 3- 158 و القوشجی فی شرح التجرید: 108 و عدّه من مستحدثات عمر.
2- منتهی المطلب 2- 937- 938- حجریّة-.
3- فی المصدر: متی ینقطع الحال علوان. و لعلّه سهو فی هذه النسخة.
4- فی منتهی المطلب: قائما هو إسلامی، بدلا من: فإسلامی.
5- فی المصدر زیادة: عثمان.
6- فی منتهی المطلب: كذلك.
7- فی المصدر: شاط تنظرها.
8- فی س: للآخر. و فی المصدر: و شطوها للآخرین. و جاءت فیه زیادة بعدها و هی: و قال: ما أری قرنها یوجد منها كلّ یوم شاة لا سریع فی خربها. و فیه أیضا: و فتح، بدلا من: و مسح.

و مسح عثمان بن حنیف أرض الخراج، و اختلفوا فی مبلغها (1) فقال الساجی (2):

اثنان و ثلاثون ألف ألف جریب، و قال أبو عبیدة: ستة و ثلاثون ألف ألف جریب، ثم ضرب علی كلّ جریب نخل عشرة دراهم، و علی الكرم ثمانیة دراهم (3)، و علی جریب الشجر و الرطبة ستة دراهم، و علی الحنطة أربعة دراهم، و علی الشعیر درهمین، ثم كتب (4) بذلك إلی عمر فأمضاه (5).

و روی أنّ ارتفاعهما كان فی عهد عمر مائة و ستین ألف ألف درهم، فلمّا كان زمن الحجّاج رجع إلی ثمانیة عشر ألف ألف درهم(6)، فلمّا ولی عمر بن عبد العزیز رجع إلی ثلاثین ألف ألف درهم فی أوّل سنة، و فی الثانیة بلغ ستین ألف ألف درهم، فقال: لو عشت سنة أخری لرددتها إلی(7) ما كان فی أیّام عمر، فمات فی (8) تلك السنة، فلمّا أفضی الأمر إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) أمضی ذلك، لأنّه لم یمكنه أن یخالف و یحكم بما یجب عنده فیه.

قال الشیخ رحمه اللّٰه-: و الذی یقتضیه المذهب أنّ هذه الأراضی و غیرها من البلاد التی فتحت عنوة یخرج خمسها لأرباب الخمس و أربعة الأخماس الباقیة تكون للمسلمین قاطبة، الغانمون و غیرهم سواء فی ذلك، و یكون للإمام النظر فیها و یقبلها و یضمنها بما شاء و یأخذ ارتفاعها (9) و یصرفه فی مصالح المسلمین و ما

ص: 17


1- فی المصدر: فی مثلها.
2- فی منتهی المطلب: الساحی.
3- لا توجد فی المصدر: و علی الكرم ثمانیة دراهم.
4- فی منتهی المطلب: تجب. و لا معنی لها.
5- و انظر: معجم البلدان 3- 272- 275، و مراصد الاطّلاع 2- 750- 751.
6- لا توجد: درهم، فی المصدر.
7- فی المصدر لا توجد: إلی.
8- لا توجد فی المصدر: فی.
9- فی المصدر: أرباعها.

ینوبهم من (1) سدّ الثغور و تقویة المجاهدین و بناء القناطر (2) و غیر ذلك من المصالح، و لیس للغانمین فی هذه الأرضین علی وجه التخصیص شی ء، بل هم و المسلمون فیه سواء، و لا یصحّ بیع شی ء من (3) هذه الأرضین و لا هبته و لا معاوضته و لا تملّكه و لا وقفه و لا رهنه و لا إجارته و لا إرثه، و لا یصحّ أن یبنی دورا و منازل و مساجد و سقایات و لا غیر ذلك من أنواع التصرّف الذی یتبع (4) الملك، و متی فعل شی ء من ذلك كان التصرّف باطلا و هو باق علی الأصل.

ثم قال رحمه اللّٰه: و علی الروایة التی رواها أصحابنا أنّ كلّ عسكر أو فرقة غزت (5)بغیر أمر الإمام فغنمت تكون الغنیمة للإمام خاصّة، تكون هذه الأرضون و غیرها ممّا فتحت بعد الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله إلّا ما فتح فی أیّام أمیر المؤمنین علیه السلام إن صحّ شی ء من ذلك (6) للإمام خاصّة، و تكون من جملة الأنفال التی له خاصّة لا یشركه فیها غیره. انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

أقول:.:

فالبدعة فیه من وجوه:
أحدها:

منع أرباب الخمس حقّهم، و هو مخالف لصریح آیة الخمس و للسنّة أیضا، حیث

ذَكَرَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ(7)

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَسَّمَ خَیْبَرَ وَ صَیَّرَهَا غَنِیمَةً وَ أَخْرَجَ خُمُسَهَا لِأَهْلِ الْخُمُسِ (8).

ص: 18


1- فی ك نسخة: فی، بدل: من.
2- فی المصدر: القناطیر.
3- جاءت فی س: فی، بدل: من.
4- فی المصدر: یمنع.
5- فی المصدر: عرب. و لا معنی لها.
6- زیادة: یكون، جاءت فی المصدر.
7- ذكره فی شرحه علی النّهج 12- 287. و أورده المصنّف- رحمه اللّٰه- نقلا بالمعنی.
8- و أخرج أبو داود فی صحیحه فی بیان مواضع قسم الخمس بسنده عن یزید بن هرمز: أنّ نجدة الحروریّ حین حجّ فی فتنة ابن الزّبیر أرسل إلی ابن عبّاس یسأله عن سهم ذی القربی، و یقول: لمن تراه؟ قال ابن عبّاس: لقربی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم قسمه لهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم، و قد كان عمر عرض علینا من ذلك عرضا رأیناه دون حقّنا فرددناه علیه و أبینا أن نقبله. و جاء فی مسند أحمد بن حنبل 1- 320، و سنن البیهقیّ 6- 344 و 345 بطریقین باختلاف فی اللّفظ، و أورده البیهقیّ فی سننه المجلّد السّادس باب سهم ذی القربی بسنده عن عبد الرّحمن بن أبی لیلی قال: لقیت علیّا علیه السّلام عند أحجار الزّیت، فقلت له: بأبی و أمّی! ما فعل أبو بكر و عمر فی حقّكم أهل البیت من الخمس .. إلی أن قال: إنّ عمر قال: لكم حقّ و لا یبلغ علمی إذا كثر أن یكون لكم كلّه، فإن شئتم أعطیتكم منه بقدرها ما أری لكم، فأبینا علیه إلّا كلّه، فأبی أن یعطینا كلّه. و رواه الشّافعیّ فی المسند فی كتاب قسم الفی ء: 187، و قریب منه ما ذكره فی كنز العمّال 2- 305، و قد حكاها فی السّبعة من السّلف 108- 109.

و كان الباعث علی ذلك إضعاف جانب بنی هاشم، و الحذر من أن یمیل الناس إلیهم لنیل الحطام فینتقل إلیهم الخلافة فینهدم ما أسّسوه یوم السقیفة و شیّدوه بكتابة الصحیفة.

و ثانیها:

منع الغانمین بعض حقوهم (1) من أرض الخراج و جعلها موقوفة علی مصالح المسلمین، و هذا إلزامی (2)علیهم لما اعترفوا به من أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قسّم الأرض المفتوحة عنوة بین الغانمین(3)، و به أفتی الشافعی (4) و أنس بن مالك (5) و الزبیر و بلال كما ذكره المخالفون(6)

ص: 19


1- نسخة بدل فی ك: حقّهم.
2- الكلمة مشوّشة فی س.
3- انظر: سنن أبی داود كتاب الخراج و الإمارة، باب ما جاء فی حكم أرض خیبر حدیث 3010، و جامع الأصول 2- 671- 678، و فیه جملة روایات، و فصّل المسألة فی بدایة المجتهد 1- 401، فراجع.
4- كما جاء فی كتاب الأمّ 4- 181.
5- و ذهب فی بدایة المجتهد 1- 401 إلی أن قول مالك هو عدم القسمة، و لاحظ ما ذكره فی الكافی: «219»- و المغنی و شرحه الكبیر 2- 577، و غیرها.
6- و قد تعرّض فی المغنی و شرحه 2- 578 إلی قول بلال و الزبیر، و اعتراض الأول علی الخلیفة الثانی فی عدم قسمة أراضی الشام، و إنكار الثانی علیه لعدم قسمته لأراضی مصر، و جاء فی المغنی أیضا قبل ذلك- 2- 577 إلی أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قسّم نصف خیبر، و وقف نصفها لنوائبه. أقول: قال ابن حزم فی المحلّی 7- 344: روینا من طریق أحمد ... قال أبو هریرة: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أیّما قریة أتیتموها و أقمتم فیها فسهمكم فیها، و أیّما قریة عصت اللّٰه و رسوله. فإنّ خمسها للّٰه و رسوله، ثمّ هی لكم. قال: و هذا نصّ جلیّ لا محیص عنه، و قد صحّ أنّ النبیّ صلی اللّٰه علیه و آله قسّم أرض بنی قریظة و خیبر، ثمّ العجب كلّه أنّ مالكا قلّد هاهنا عمر ثمّ فیما ذكرتم وقف و لم یخبر كیف یعمل فی خراجها؟!.

و ما ذكروه من أنّه عوّض الغانمین و وقفها فهو (1) دعوی بلا ثبت، بل یظهر من كلام الأكثر خلافه، كما یستفاد من كلام ابن أبی الحدید (2) و غیره..

و ثالثها:

أنّ سیرة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله فی (3) الأراضی المفتوحة عنوة كانت أخذ حصّته علیه السلام من غلّتها دون الدراهم المعیّنة، و سیأتی (4) بعض القول فی ذلك فی باب العلّة التی لم یغیّر علیه السظلام بعض البدع فی زمانه(5).

و منها: أنّه زاد الجزیة عمّا قرّرها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله

(6)، و هو حرام علی مذهب فقهائهم الأربعة إلّا أحمد فی روایة (7).

و منها: تغریب نصر بن الحجّاج و أبی ذویب من غیر ذنب من المدینة

، فقد روی ابن أبی الحدید فی شرح النهج (8)، عن محمد بن سعید، قال: بینا عمر یطوف فی بعض سكك المدینة إذا سمع امرأة تهتف من خدرها:

ص: 20


1- فی س: هو.
2- لم نجد ذلك فی شرحه علی النهج بل نصّ فیه 12- 289 علی: أنّ التعویض ذكر فی الفقه فی كتاب الحاوی، و فی شرح المزنی للطبری و لعلّ الاستفادة من كتابه الآخر، أو كان ذلك فی النسخة التی كانت عند المصنّف، أو اشتبه كلام المنقول بكلام المختار.
3- فی س: هی، بدلا من: فی.
4- بحار الأنوار 8- 704- 706 [طبعة كمبانی، و لا زال هذا لم یطبع بعد].
5- كما أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول 2- 696 كتاب الفی ء و سهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله عن جملة مصادر.
6- كما أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول ٢ _ ٦٩٦ كتاب الفیء وسهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن جملة مصادر.
7- جاء فی كتاب المغنی 1- 566 قول الشافعی و أبی حنیفة، و ذكر روایة عن أحمد قوله: إنّها مقدّرة بمقدار لا یزید علیها و لا ینقص منه. إلی آخره. نعم جاء فی الكتاب 1- 567 روایة أخری عن أحمد بن حنبل أنّه قال: أقلّها مقدّر بدینار و أكثرها غیر مقدّر، لأنّ عمر زاد .. إلی آخره.
8- شرح نهج البلاغة 12- 28- 30 بتصرّف.

هل من سبیل إلی خمر فأشربها*** أم هل سبیل إلی نصر بن حجّاج

إلی فتی ماجد الأعراق مقتبل*** سهل المحیّا كریم غیر ملجاج

تنمیه أعراق (1) صدق حین تنسبه*** أخی(2) قداح عن المكروب فیّاج (3)

سامی النّواظر من بهر له (4) قدم***یضی ء صورته فی الحالك الدّاجی

فقال (5): ألا لا أری (6) معی رجلا تهتف به العواتق فی خدورهنّ! عَلَیَّ بنصر بن حجّاج، فَأُتِیَ به، و إذا هو أحسن الناس وجها و عینا و شعرا، فأمر بشعره فجزّ، فخرجت له وجنتان كأنّهما قمر، فأمره أن یعتم فأعتم، ففتن النساء (7) بعینیه، فقال عمر: لا و اللّٰه لا تساكننی بأرض أنا بها. فقال: و لم یا أمیر المؤمنین؟!. قال: هو ما أقول لك، فسیّره إلی البصرة.

و خافت المرأة (8) التی تسمّع (9)عمر منها ما سمع أن یبدر إلیها منه شی ء،

ص: 21


1- جاء فی حاشیة ك ما یلی: الأعراق: جمع العرق- بالكسر- و هو الأصل. و رجل مقتبل الشّباب- بالفتح- لم یظهر فیه أثر كبر. المحیّا: الوجه. و الملجاج- بالكسر-: مفعال من اللّجاجة یعنی الخصومة. و البهر: الإضاءة و الغلبة. و الحالك: الشّدید السّواد. الدّاجی: المظلم. [منه قدّس سرّه]. انظر: لسان العرب 10- 241- 249، و 11- 545 و 2- 354، و مجمع البحرین 5- 213 و 263، و 3- 231، و 1- 134، و الصحاح 5- 1797، و 6- 2325، و 2- 598- 599، و 4- 1581، تاج العروس 10- 107، و 2- 92.
2- فی مطبوع البحار: أخو قداح.
3- فی المصدر: فراج، و هی فی مطبوع البحار نسخة بدل و جعل بعدها فی ك رمز استظهار ظ. قال فی تاج العروس 2- 89: ناقة فیّاجة: تفیج برجلیها.
4- فی شرح النهج: من بهز له.
5- زیادة: عمر، فی المصدر بعد: قال- بلا فاء-.
6- فی المصدر: لا أدری. و فی س: أری- من دون لا-.
7- توجد نسخة فی ك: الناس، بدلا من: النساء.
8- ذكروا أنّ المرأة المتمنیة هی الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفی. كما جاء فی حاشیة المصدر.
9- فی شرح النهج: سمع.

فدسّت إلیه أبیاتا:

قل للأمیر الذی یخشی بوادره*** ما لی و للخمر أو نصر بن حجّاج

إنّی بلیت أبا حفص بغیرهما*** شرب الحلیب و طرف فاتر ساجی

لا تجعل الظنّ حقّا أو تبیّنه*** إنّ السّبیل سبیل الخائف الراجی

ما منیة قلتها عرضا بضائرة*** و النّاس من هالك قدما و من ناجی

إنّ الهوی رمیة التقوی فقیّده*** حفظی أقرّ بألجام و أسراجی

(1) فبكی عمر، و قال: الحمد للّٰه الذی قیّد الهوی بالتقوی.

و كان لنصر أمّ فأتی علیه حین و اشتدّ علیها غیبة ابنها، فتعرّضت لعمر بین الأذان و الإقامة، فقعدت له علی الطریق، فلمّا خرج یرید الصلاة هتفت به و قالت: یا أمیر المؤمنین! لأجاثینّك (2) غدا بین یدی اللّٰه عزّ و جلّ، و لأخاصمنّك إلیه، أجلست عاصما (3) و عبد اللّٰه إلی جانبیك و بینی و بین ابنی الفیافی (4) و القفار و المفاوز و الأمیال (5)؟!. قال: من هذه؟. قیل: أمّ نصر بن الحجّاج. فقال لها:

یا أمّ نصر! إنّ عاصما و عبد اللّٰه لم یهتف بهما العواتق من وراء الخدور.

قال (6): و روی عبد اللّٰه بن یزید (7)، قال: بینا عمر یعس ذات لیلة إذ (8) انتهی إلی باب مجاف و امرأة تغنّی بشعر:

ص: 22


1- جاء البیت فی المصدر هكذا: إنّ الهوی رعیة التقوی تقیّده*** حتّی أقرّ بألجام و أسراج
2- قال فی القاموس 4- 311: جثا- كدعا و رمی- جثّوا و جثیّا- بضمّهما-: جلس علی ركبتیه أو قام علی أطراف أصابعه، و أجثاه غیره. و مثله فی مجمع البحرین 1- 81.
3- فی شرح النهج: یبیت عاصم.
4- الفیافی: الصحاری التی لا ماء فیها، كما فی القاموس 3- 182، و مثله فی الصحاح 4- 1413.
5- فی المصدر: الجبال، بدلا من: الأمیال.
6- قال ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 12- 27 بتصرّف یسیر.
7- فی المصدر: عبد اللّٰه بن بریدة.
8- لا توجد: إذ، فی شرح النهج.

هل من سبیل إلی خمر فأشربها*** أم هل سبیل إلی نصر بن حجّاج

و ذكر نحو ما مرّ.

ثم (1)روی عن الأصمعی .. أنّ نصر بن الحجّاج كتب إلی عمر كتابا هذه صورته: لعبد اللّٰه عمر أمیر المؤمنین من نصر بن حجّاج: سلام علیك، أمّا بعد، یا أمیر المؤمنین!(2)

لعمری لئن سیّرتنی أو (3) حرمتنی*** لما نلت من عرضی علیك حرام

أ إن (4) غنّت الذلفاء (5) یوما بمنیة*** و بعض أمانیّ النّساء غرام

ظننت بی الظّنّ الّذی لیس بعده*** بقاء فما لی فی النّدیّ كلام (6)

و أصبحت منفیّا (7) علی غیر ریبة (8)*** و قد كان لی بالمكّتین مقام

سیمنعنی عمّا(9) تظنّ تكرّمی*** و آباء صدق صالحون (10) كرام

ص: 23


1- فی شرح النهج 12- 27- 28 بتصرّف یسیر.
2- كذا جاء هذا البیت فی المصدر. و فی مطبوع البحارو تمنعنی أمّ أتمت صلاتها و حال لها فی دینها و صیام:
3- فی س: و.
4- فی مطبوع البحار: إن.
5- الذّلف: قصر الأنف و صغره فهو أذلف و امرأة ذلفاء. و فی القاموس 3- 142: .. محركة صغر الأنف و استواء الأرنبة، و قریب منه فی الصحاح 4- 1362، و غیره. و فی مطبوع البحار: الدلفاء بالدال المهملة- و لا مناسبة هنا لها.
6- جاء فی حاشیة ك ما یلی: قال الفیروزآبادی: أجفت الباب: رددته. و قال: الغرام: الولوع و الشّرّ الدّائم و الهلاك و العذاب. و قال: النّدیّ- كغنیّ-: مجلس القوم. و الجبّ: القطع. [منه قدّس سرّه]. نصّ علیها فی القاموس 3- 125، و 4- 156 و 394، و 1- 43. و انظر: لسان العرب 9- 35 و 12- 436، و 10- 363 و 1- 171، و مجمع البحرین 1- 412، و 2- 21، و تاج العروس 9- 3، و 10- 363، و 1- 171.
7- فی س: منیغا.
8- فی مطبوع البحار: ریبته. و الظاهر ما أثبتناه.
9- فی المصدر: ممّا.
10- فی شرح النهج: سالفون.

و یمنعها ممّا تمنّت صلاتها*** و حال لها فی دینها و صیام(1)

فهاتان حالانا فهل(2) أنت راجع*** فقد جبّ (3) منّی كاهل و سنام

فقال عمر: أما ولی إمارة (4) فلا، و أقطعه أرضا بالبصرة و دارا، فلمّا قتل عمر ركب راحلته و لحق بالمدینة.

قال (5): و روی عبد اللّٰه بن یزید (6): أنّ عمر خرج لیلة (7) یعس فإذا نسوة یتحدّثن، و إذا هنّ یقلن: أیّ فتیان المدینة أصبح؟. فقالت امرأة منهنّ: أبو ذؤیب و اللّٰه، فلمّا أصبح عمر سأل عنه، فإذا هو من بنی سلیم، و إذا هو ابن عمّ نصر بن حجّاج، فأتی (8) إلیه، فحضر، فإذا هو أجمل الناس و أملحهم، فلمّا نظر إلیه قال: أنت و اللّٰه ذئبهنّ! و یكرّرها (9) و یردّدها- لا و الذی نفسی بیده لا تجامعنی بأرض أبدا. فقال: یا أمیر المؤمنین! إن كنت لا بدّ مسیّری فسیّرنی حیث سیّرت ابن عمّی نصر بن الحجّاج (10)، فأمر بتسییره إلی البصرة، فأشخص إلیها.

انتهی ما حكاه ابن أبی الحدید.

و قد روی قصّة نصر بن حجّاج جلّ أرباب السیر (11)، و ربّما عدّ أحبّاء عمر

ص: 24


1- كذا جاء هذا البیت فی الصدر وفی مطبوع البحار: وتمنعی ام أتمت صلاتها***وحال لها فی دینها وصیام
2- فی مطبوع البحار: حالان هل.
3- قال فی الصحاح 1- 92: الجبّ: القطع .. و یعیر أجبّ بین الجبب .. أی مقطوع السّنام، و نحوه فی النهایة 1- 233، و القاموس 1- 43، و مجمع البحرین 2- 21.
4- فی المصدر: ولایة.
5- شرح النهج لابن أبی الحدید 12- 30- 31.
6- فی المصدر: عبد اللّٰه بن بریدة.
7- فی شرح النهج: لیلا.
8- جاء فی المصدر: فأرسل.
9- فی شرح النهج: ذئبها یكررها.
10- بلا ألف و لام فی المصدر.
11- انظر مثالا: طبقات ابن سعد 3- 285، تاریخ الطبریّ 4- 557، و غیرهما.

ذلك من حسن سیاسته.

و وجه البدعة فیه ظاهر، فإنّ إخراج نصر من المدینة و تغریبه و نفیه عن وطنه بمجرّد أنّ امرأة غنّت بما یدلّ علی هواها فیه و رغبتها إلیه مخالف لضرورة الدین، لقوله تعالی: (وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری (1)، و لا ریب فی(2) أنّ التغریب تعذیب عنیف و عقوبة عظیمة، و لم یجعل اللّٰه تعالی فی دین من الأدیان حسن الوجه و لا قبحه منشأ لاستحقاق العذاب لا فی الدنیا و لا فی الآخرة، و قد كان یمكنه دفع ما زعمه مفسدة من افتتان (3) النساء به بأمر أخفّ من التغریب و إن كان بدعة أیضا، و هو أن یأمره بالحجاب و ستر وجهه عن النساء أو مطلقا حتی لا یفتتن به أحد.

ثم لیت شعری ما الفائدة فی تسییر نصر إلی البصرة، فهل كانت نساء البصرة أعفّ و أتقی من نساء المدینة، مع أنّها

«مَهْبِطُ إِبْلِیسَ و مَغْرِسُ الْفِتْنَةِ» (4).

؟!. اللّٰهمّ إلّا أن یقال: لما كانت المدینة یومئذ مستقرّ سلطنة عمر كان القاطنون بها أقرب إلی الضلال ممّن نشأ فی مغرس الفتنة، و قد حمل أصحابنا علی ما یناسب هذا المقام ما روی فی فضائل عمر: ما لقیك الشیطان قطّ سالكا فجّا إلّا سلك فجّا غیر فجّك، و كأنّه المصداق لما قیل:

و كنت امرأ من جند إبلیس فارتقت***بی الحال حتی صار إبلیس من جندی

و هذه البدعة من فروع بدعة أخری له عدّوها (5) من فضائله، قالوا: هو أوّل من عسّ فی عمله بنفسه، و هی مخالفة للنهی الصریح فی قوله تعالی: (وَ لا

ص: 25


1- قد جاءت فی: الأنعام: 164، و الإسراء: 15، و فاطر: 18، و الزمر: 7.
2- لا توجد: فی، فی س.
3- فی ك: افتنان.
4- استشهاد بكلام أمیر المؤمنین علیه السلام، انظر: نهج البلاغة 3- 18 لمحمّد عبدة، و صفحة، 375 فی طبعة صبحی الصالح، فی كتابه علیه السلام إلی عبد اللّٰه بن عبّاس و فیه: الفتن، بدلا من الفتنة.
5- قد عدّها ابن الجوزی من مناقب عمر، و تبعه شاعر النیل حافظ إبراهیم و نظمها فی قصیدته العمریة تحت عنوان: مثال رجوعه إلی الحقّ!.

تَجَسَّسُوا ...)(1)

و منها: بدعة الطلاق

، رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (2)، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: إِنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ كَانَ كَثِیرَ السُّؤَالِ لِابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا (3) طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أَبِی بَكْرٍ وَ صَدْراً مِنَ إِمَارَةِ عُمَرَ؟. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ (4)كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ أَبِی بَكْرٍ وَ صَدْراً مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ (5)، فَلَمَّا أَنْ (6) رَأَی النَّاسُ قَدْ تَتَابَعُوا عَلَیْهَا (7) قَالَ:

أَجِیزُوهُنَّ عَلَیْهِمْ (8).

وَ فِی رِوَایَةِ مُسْلِمٍ (9): إِنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَاتِ مِنْ هَنَاتِكَ (10)، أَ لَمْ یَكُنْ طَلَاقُ الثَّلَاثِ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أَبِی بَكْرٍ وَاحِدَةً؟. فَقَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِی عَهْدِ عُمَرَ تَتَابَعَ (11) النَّاسُ فِی الطَّلَاقِ

ص: 26


1- الحجرات: 12.
2- جامع الأصول 7- 597- 598 حدیث 5757.
3- فی المصدر: كان إذا ..
4- فی المصدر: بلی، و هو الظّاهر.
5- من قوله: قال ابن عبّاس .. إلی قوله: إمارة عمر، لا توجد فی س.
6- لا توجد: أن، فی المصدر.
7- فی جامع الأصول: قد تتایعوا فیها. أقول: التّتایع: التّهافت فی الشّرّ و اللّجاج و لا یكون إلّا فی الشّرّ. جاء فی الصّحاح 3- 1192، و قال ابن الأثیر فی النّهایة 1- 202: التّتایع: الوقوع فی الشّرّ من غیر فكر و لا رویّة، و مثله فی القاموس 3- 10، و مجمع البحرین 4- 309
8- و جاء فی سنن أبی داود 1- 344، و سنن البیهقیّ 7- 339، و تیسیر الوصول 2- 162، و الدّرّ المنثور 1- 279، و رواه قبله الدّارقطنیّ فی سننه: 444.
9- صحیح مسلم 1- 574 كتاب الطّلاق باب طلاق الثّلاث حدیث 1472.
10- هنات: خصلات شرّ كما فی الصّحاح 6- 2537، كأنّه أراد خصلات شرّ كانت عنده و لو لم تكن له و منه.
11- فی جامع الأصول: تتایع. أقول: إنّ هذا و الّتی مرّت روایته ضبطها بعضهم: تتابع، كما فی المتن.

فَأَجَازَهُ عَلَیْهِمْ (1).

وَ فِی رِوَایَةٍ (2)عَنْهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الطَّلَاقُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أَبِی بَكْرٍ وَ سَنَتَیْنِ مِنَ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِی أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِیهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَیْنَاهُ عَلَیْهِمُ .. فَأَمْضَاهُ عَلَیْهِمْ (3).

وَ فِی أُخْرَی (4): أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَ تَعْلَمُ أَنَّمَا كَانَ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ أَبِی بَكْرٍ وَ ثَلَاثاً مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ (5)

و أخرج أبو داود (6) أیضا، و النسائی (7) هذه الروایة الأخیرة. انتهی كلام جامع الأصول (8).

و وجه البدعة فی جعل الواحدة ثلاثا واضح، و سیأتی تفصیل أحكام تلك

ص: 27


1- و رواه البیهقیّ فی سننه 7- 336، و أوردها الدّارقطنیّ فی سننه: 443 أیضا.
2- صحیح مسلم ١ _ ٥٧٤.
3- وجاء فی مسند أحمد بن حنبل ١ _ ٣١٤ ، وسنن البیهقی ٧ _ ٣٣٦ ، ومستدرك الحاكم ٢ _ ١٩٦ ، وتفسیر القرطبی ٣ _ ١٣٠ ، وإرشاد الساری ٨ _ ١٢٧ ، والدر المنثور ١ _ ٢٧٩ ، وغیرها.
4- صحیح مسلم 1- 574.
5- و أورده الجصّاص فی أحكام القرآن 1- 459، و البیهقیّ فی سننه 7- 336، و السّیوطیّ فی الدّرّ المنثور 1- 279، و الطّحاویّ فی شرح معانی الآثار 2- 31، و الدّارقطنیّ فی سننه: 444 و 445 بطرق عدیدة، و الشّافعیّ فی مسنده فی كتاب الطّلاق: 112، و الهندیّ فی كنز العمّال 5- 162 و 163.
6- سنن أبی داود 1- 344 كتاب الطلاق باب نسخ المراجعة بعد التطلیقات الثلاث حدیث 2999 و 2200.
7- سنن النسائی 6- 145 كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث المتفرّقة قبل الدخول بالزوجة.
8- و انظر ما قاله النووی فی شرح صحیح مسلم حول هذا الحدیث، و ما قاله المنذری فی مختصر سنن أبی داود 3- 124، و شیخنا الأمینی- رحمه اللّٰه- بعد نقل الأخبار الواردة فی هذا الموضوع ناقش مفصّلا فی الغدیر 6- 178- 183.

المسألة فی كتاب الطلاق (1) إن شاء اللّٰه تعالی (2).

و منها: تحویل المقام عن موضعه

، كما ورد فی كثیر من أخبارنا، و قال ابن أبی الحدید (3)قال المؤرّخون: إنّ عمر أوّل من سنّ قیام شهر (4)رمضان فی جماعة و كتب به إلی البلدان، و أوّل من ضرب (5)فی الخمر ثمانین، و أحرق بیت رویشد الثقفی و كان نبّاذا و أوّل من عسّ فی عمله بنفسه (6)، و أوّل من حمل الدّرّة و أدّب بها-، و قیل بعده: كان درّة عمر أهیب من سیف الحجّاج-. (7)

ص: 28


1- قال فی النّهایة 5- 48: النّسعة- بالكسر-: سیر مضفور یجعل زماما للبعیر و غیره، و الجمع: نسع و نسع و أنساع، و جاء أیضا فی مجمع البحرین 4- 397، و القاموس 3- 88، و قال الجوهریّ فی الصّحاح 3- 1290: النّسع: الحبل.
2- وسائل الشّیعة 16- 286 حدیث 22 [مؤسّسة آل البیت علیهم السلام: 24- 58- 59] و فیه: قال أبو عبد اللّٰه علیه السّلام: لا تأكل من ذبیحة المجوسیّ، قال و قال: لا تأكل ذبیحة نصاری تغلب فإنّهم مشركوا العرب. و انظر: التّهذیب 9- 65 حدیث 275، و الاستبصار 4- 82 حدیث 308. و عن الرّضا علیه السّلام أنّه قال: إنّ بنی تغلب أنفوا من الجزیة، و سألوا عمر أن یعفیهم، فخشی أن یلحقوا بالرّوم، فصالحهم علی أن صرف ذلك عن رءوسهم، و ضاعف علیهم الصّدقة فعلیهم ما صالحوا علیه و رضوا به إلی أن یظهر الحقّ. كما فی كتاب من لا یحضره الفقیه 2- 29 باب 101 حدیث 1611، و أورده الشّیخ الحرّ فی وسائل الشّیعة 11- 116 باب 68 حدیث 6.
3- شرح ابن أبی الحدید 12- 75 [3- 113- أربعة مجلدات .
4- لا توجد: شهر، فی المصدر.
5- فی المصدر: و أقام الحدّ، بدلا من: و أول من ضرب. و جاء كونه أولا فی هذا الإقدام فی محاضرات الأوائل: 111- طبع سنة 1300 [و فی طبعة أخری: 169]، و أولیات العسكریّ، و تاریخ ابن كثیر 7- 132، و تاریخ الخلفاء للسیوطی: 93، و تاریخ القرمانی- هامش الكامل 1- 203، و قال الحلبیّ فی سیرته 2- 314: و الثمانون طریقة عمر ... لما رآه من كثرة شرب الناس للخمر!.
6- جاءت فی المصدر بدل هذه الجملة: و أقام فی عمله بنفسه.
7- هذه قولة مشهورة، و لها موارد كثیرة جدّا، و المضحك أنّهم یتبجّحون بها ناسین أو متناسین أنّ سیف الحجّاج ما قام إلّا ظلما و إجحافا، و درّة عمر أكثر منه .. و هی كلمة حقّ، إذ لو لا فتح باب المظالم و التعدّی من الأوائل لما أمكن الحجّاج و غیره أن یفعلوا ما فعلوا. و لنسرد لك جملة من الموارد لدرّة الخلیفة، و قد سبق بعضها و سنرجع لها فی خشونته و جلفیّته: منها: أنّ أحد المجاهدین المسلمین قال: إنّا لمّا فتحنا المدائن أصبنا كتابا فیه علم من علوم الفرس و كلام معجب، فدعا عمر بالدرّة فجعل یضربه بها .. إلی آخر القصّة التی أوردها المتّقی فی كنز العمّال 1- 95، و ابن الجوزی فی سیرة عمر: 107، و ابن أبی الحدید فی شرحه للنهج 3- 122، و غیرهم. و منها: ما أورده ابن الجوزیة فی سیرة عمر: 174 عن أبی عمرو الشیبانی، قال: خبّر عمر بن الخطاب برجل یصوم الدهر، فجعل یضربه بمخفقته- أی درّته- و یقول: كل! یا دهر یا دهر. و منها: أنّه ضرب رجلین بالدرّة لزیارتهما بیت المقدس، كما أورده فی كنز العمّال 7- 157، مع ما هناك من نصوص متظافرة فی أنّه لا تشدّ الرحال إلّا إلی ثلاثة مساجد، و منها بیت المقدس. و منها: ضربه لعمّاله علی البلاد بالدرّة، كما فی قصّة والی البحرین أبی هریرة التی أوردها ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 3- 113، بل قد ضرب بالدرّة بغیر موجب جمع من الأصحاب و الوجهاء كلّ ذلك تنفیسا لعقده، و بسطا لهیمنته و سلطانه، و إخافة لصحبته و من حوله، فها هو یضرب ولده عبد اللّٰه بلا موجب و سبب، كما فی تاریخ الخلفاء للسیوطی: 96، و ضربه للجارود العامری- سیّد ربیعة- كما فی سیرة عمر لابن الجوزی: 178، و شرح النهج لابن أبی الحدید 3- 112، و كنز العمّال 2- 167، و ضربه لمعاویة علیهما اللعنة و الهاویة، كما أورده ابن كثیر فی تاریخه 8- 125، و ابن حجر فی الإصابة 3- 434، و ضربه بالجریدة للربیع بن زیاد الحارثی، كما نصّ علیه فی الطبقات 3- 280، و انظر جملة من قصصه هناك فی صفحة: 2308 مع أبی موسی الأشعری. و منها: ضربه لجمع لأكلهم اللحم! كما فی سیرة عمر لابن الجوزی: 68، و كنز العمّال 3- 111، و الفتوحات الإسلامیة 2- 424، و مجمع الزوائد للحافظ الهیثمی 5- 35. و منها: ضربه لجمع من نسائه و نساء المهاجرین و الأنصار لبكائهم علی أمواتهم، و قد فصّلنا الحدیث عنه، و هذه من بطولات الخلیفة التی تحدّثت بها الركبان!!. و منها: ضربه لجمع- كتمیم الداری و السائب بن یزید و غیرهما- لصلاتهما بعد العصر، كما سیأتی مصادرها. و منها: سأل رجل عن قوله تعالی: « وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا»، فجهل الخلیفة و أجابه الصحابة، فأقبل علیهم بالدرّة!!. مجمع الزوائد 5- 8. و منها: ما ذكره ابن القیّم الجوزیة فی كتابه الطرق الحكمیة: 45 من أمر الخلیفة بضرب غلام خاصم أمّه- و هو علی حقّ- و ردعه ما حكم به یعسوب الدین و إمام المتّقین صلوات اللّٰه علیه فی الواقعة، و قد فصّلها العلّامة الأمینی فی غدیره 6- 104- 105، فلاحظ. و منها: ما عن عبد اللّٰه بن عمر، قال: كان عمر یأتی مجزرة الزبیر بن العوام بالبقیع، و لم یكن بالمدینة مجزرة و غیرها، فیأتی معه بالدرّة، فإذا رأی رجلا اشتری لحما یومین متتابعین ضربه بالدرّة، و قال: أ لا ضویت بطنك یومین. انظر: سیرة عمر لابن الجوزی: 68، و كنز العمّال 3- 111، و الفتوحات الإسلامیة 2- 424، و ما جاء فی مجمع الزوائد 5- 35. و منها: استدعی عمر امرأة لیسألها عن أمر- و كانت حاملا- فلشدّة هیبته ألقت ما فی بطنها فأجهضت به جنینا میّتا، فاستفتی عمر أكابر الصحابة فی ذلك، فقالوا: لا شی ء علیك إنّما أنت مؤدّب. فقال له علیّ علیه السلام: إن كانوا راقبوك فقد غشوك، و إن كان هذا جهد رأیهم فقد أخطئوا علیك غرّة- یعنی عتق رقبة- فرجع عمر و الصحابة إلی قوله، كما أخرجه ابن الجوزی فی سیرة عمر: 117، و أبو عمر فی العلم، و السیوطی، كما فی ترتیب جمع الجوامع 7- 300، و ذكره ابن أبی الحدید فی شرح النهج 1- 58 [أربع مجلدات . و منها: ما رواه جمع من الحفّاظ عن بعض الصحابة قال: رأیت عمر بن الخطّاب یضرب أكفّ الرجال فی صوم رجب حتّی یضعونها فی الطعام، كما أورده فی كنز العمّال 4- 321، و مجمع الزوائد 3- 191 و غیرهما، و ناقشه شیخنا الأمینی فی غدیره 6- 282- 290. و منها: ما حكی عن الشهاب فی كتابه شفاء العلیل فیما فی لغة العرب من الدخیل عن بعض حواشی الكشّاف: أنّ عمر ضرب كاتبا كتب بین یدیه: بسم اللّٰه الرحمن الرحیم .. و لم یبیّن السین. إلی غیر ذلك من الموارد الآتیة و السالفة و التی تركناها خوف الإطالة. أقول: و بعد كلّ هذا و غیره فإنّ خشونة الرجل و فضاضته و جلفه أغضب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أكثر من مرّة، فقد ذكر الهیثمی فی مجمع الزوائد 8- 216 عن ابن عبّاس، قال: لمّا توفی ابن لصفیّة عمّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم، فبكت علیه و صاحت .. إلی أن قال: فاستقبلها عمر بن الخطّاب، فقال: یا صفیّة! قد سمعت صراخك، إنّ قرابتك من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم لن تغنی عنك من اللّٰه شیئا!، فبكت، فسمعها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم- و كان یكرمها و یحبّها-، فقال: یا عمّة! أ تبكین و قد قلت لك ما قلت؟!، قالت: لیس ذاك أبكانی یا رسول اللّٰه، استقبلنی عمر بن الخطّاب فقال: إنّ قرابتك من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم لن تغنی عنك من اللّٰه شیئا. قال: فغضب النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم .. إلی أن قال: فصعد المنبر، فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثمّ قال: ما بال أقوام یزعمون أنّ قرابتی لا تنفع، كلّ سبب و نسب منقطع یوم القیامة إلّا سببی و نسبی، فإنّها موصولة فی الدنیا و الآخرة .. الحدیث. و أورده السیوطی فی الدرّ المنثور 3- 451، ذیل قوله تعالی: « (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِینِ» ...) قال: و أخرج ابن أبی حاتم عن عبیدة السلمانی .. فی قصّة عیینة بن حصن و الأقرع بن حابس، و كتابة أبی بكر لهما كتابا و تناول عمر له و تفله فیه و محوه إیّاه، و قولهم له مقالة سیّئة. و زاد فی ذیله المتّقی الهندی فی كنز العمّال 2- 189: .. فأقبلا إلی أبی بكر- و هما یتذمّران- فقالا: و اللّٰه ما ندری أنت الخلیفة أم عمر. فقال: بل هو، و لو شاء كان. قال: أخرجه ابن أبی شیبة و البخاری فی تاریخه و یعقوب بن سفیان و ابن عساكر، و ذكره العسقلانی أیضا فی الإصابة 5- 56، و أورده أیضا فی كنز العمّال 6- 335 باختلاف یسیر. و منها: قصّة الدرّة- التی هی أهیب من سیف الحجّاج، كما قالوا- خیر شاهد علی خشونته و قساوته، و قد مرّت قبلا. و هو یضرب تارة: بدرّته، و أخری، بمخفقته، و ثالثة: بجریدته و ... و .. و منها: ما أخرجه ابن ماجة فی أبواب النكاح باب ضرب النساء، بسنده عن الأشعث بن قیس، قال: ضفت عمر، فلمّا كان فی جوف اللیل قام إلی امرأته یضربها، فحجزت بینهما، فلمّا أوی إلی فراشه قال لی: یا أشعث! احفظ عنّی شیئا سمعته من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: لا یسأل الرجل فیم یضرب امرأته ..! الحدیث. و قد رواه أحمد بن حنبل فی مسنده 1- 20 خالیا من حجز الأشعث بین الخلیفة و زوجته. أقول: هذه من تقوّلاته علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بلا شبهة، و لا شك بكونها تتنافی مع روح الإسلام، و ضرورة العقل و الفطرة، قال فی السبعة من السلف: 110- 111: .. فالذی أحتمله قویّا- بل أجزم به- أنّه ضرب امرأته فی تلك اللیلة ظلما و عدوانا، و قد عرف ذلك منه الأشعث، فافتری هذا الحدیث علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لكی لا یعترض علیه بما ارتكبه و یعاتبه علی ما لا ینبغی صدوره من قبله. أقول: هذا حدیث لا یعرف إلّا منه، كقوله: إنّ المیّت یعذّب ببكاء الحیّ .. و غیرهما كلّها شاهد صدق علی مدی ما بلغ الرجل من الشدّة و الخبث، و كم ضرب نساءه- و أبناءه كما مرّ و سیأتی كضربه لزوجته عاتكة بنت زید حتّی نغض رأسها، كما جاء فی الطبقات لابن سعد 3- 308. و منها: ما ذكره الطبریّ فی تاریخه 4- 206: فی سنة 17 من الهجرة: اعتمر عمر بن الخطّاب و بنی المسجد الحرام و وسّع فیه، و أقام بمكّة عشرین لیلة، و هدم علی أقوام من جیران المسجد أبوا أن یبیعوا ... و انظر: فتوح البلدان للبلاذری: 53، و سنن البیهقیّ 6- 168، و الكامل لابن الأثیر 2- 227، و تذكرة الحفّاظ للذهبی 1- 7، و الدرّ المنثور 4- 159، و وفاء الوفاء 1- 341- 349، و غیرها. أقول: ثم إنّه قد نهی الخلیفة عن البكاء علی المیّت و نهی عن نهیه صاحب الرسالة و ما انتهی، و بقیت عقدة ذلك إلی أن مات، حتی اضطرّ إلی أن جعل حدیثا علی لسان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله من: أنّ المیّت لیعذّب ببكاء الحیّ، و قد ناقشة بما لا مزید علیه شیخنا الأمینی فی غدیره 6- 156- 167، و ... و فی أكثر من روایة و بألفاظ مختلفة و فی زمن صاحب الرسالة نهی عن البكاء حیث إنّ نساء المهاجرین و الأنصار لمّا بكین عند موت زینب و رقیّة بنتی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم جعل عمر یضربهنّ بالسوط، و أخذ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یده و قال: مهلا یا عمر! دعهنّ یبكین ..، كما أوردها ابن حنبل فی مسنده 1- 237 و 335، و 3- 333، و 4- 408، و مستدرك الحاكم 1- 381، و 3- 191، و مسند الطیالسی: 351، و الاستیعاب- ترجمة عثمان بن مظعون 2- 482، و مجمع الزوائد 3- 17، و السنن الكبری 4- 70، و عمدة القاری 4- 87. و قال ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 1- 181 [1- 60- أربع مجلدات: إنّ أوّل من ضرب عمر بالدرّة أمّ فروة بنت أبی قحافة، مات أبو بكر فناح النساء علیه و فیهنّ أخته أمّ فروة، فنهاهنّ عمر مرارا، و هنّ یعاودن، فأخرج أمّ فروة من بینهنّ و علاها بالدرّة .. أقول: هذا لعلّه أوّل مرّة بعد تولّیه الخلافة، و إلّا كم ضرب قبلها، و حسبنا السقیفة و عند دار فاطمة سلام اللّٰه علیها، و قصّته مع خالد فی واقعة مالك بن نویرة و غیرهم، و أمّا بعدها فحدّث و لا حرج. و لعلّ أوج قساوته و غایة حدّته حدّه لابنه بعد الحدّ! ثم قتله، و هو ما رواه البیهقیّ فی السنن الكبری 8- 312، و ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 3- 470، و الخطیب البغدادیّ فی تاریخه 5- 455، و ابن الجوزی فی سیرة عمر: 170، و المحبّ الطبریّ فی الریاض النضرة 2- 32، و القسطلانی فی إرشاد الساری 9- 439، و أبو عمرو فی الاستیعاب 2- 394، و ابن حجر فی الإصابة 2- 394 و غیرهم، و حاصل القصّة أنّ عبد الرحمن بن عمر الأوسط و هو أبو شحمة، و هو الذی ضربه عمرو بن العاص بمصر فی الخمر بأمر الخلیفة، ثمّ حمله إلی المدینة علی قتب و حدّه، و فی بعض الروایات: فجعل عبد الرحمن یصیح: أنا مریض و أنت قاتلی، فضربه الحدّ ثانیا و حبسه، ثمّ مرض فمات .. و فیها موارد للدقّة و العجب، أعرضنا عن ذكرها فصّل بعضها شیخنا الأمینی فی غدیره 6- 316- 319.

ص: 29

ص: 30

ص: 31

و أوّل (1)من قاسم العمّال و شاطرهم أموالهم، (2)و هو الذی هدم مسجد رسول اللّٰه

ص: 32


1- هنا قبل: و أوّل، سقط قریب نصف الصفحة جاء فی المصدر.
2- سقط سطر هنا، و هو: و كان یستعمل قوما و یدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل، و قال: أكره أن أدنّس هؤلاء بالعمل! أقول: قد جاء ذكر سبق عمر فی مقاسمة العمّال و مشاطرتهم أموالهم فی غیره، و إلیك جملة من المصادر: فتوح البلدان: 286، تاریخ الطبریّ 4- 56، العقد الفرید 1- 18- 21، معجم البلدان 2- 75، صبح الأعشی 6- 386، سیرة عمر لابن الجوزی: 44، تاریخ ابن كثیر 7- 18 و 115، و 9- 113، السیرة الحلبیّة 3- 220، تاریخ الخلفاء للسیوطی: 96، الفتوحات الإسلامیة 2- 480، و غیرها كثیر .. ثمّ إنّه قد سبق ضربه بالدرّة لوالیه علی البحرین أبی هریرة، و كذا ما صنعه مع سعد بن أبی وقّاص، و أبی موسی الأشعری و إلیه علی البصرة، و عمرو بن العاص و إلیه علی مصر، و خالد بن الولید و إلیه علی الشام و غیرهم، و قد نصّ البلاذری علی عشرین منهم، و هم یزیدون علی ذلك، كما فی كتب السیر و التاریخ.

صلّی اللّٰه علیه و آله و زاد فیه، و أدخل دار العباس فیما زاد (1)، و هو الذی أخّر المقام إلی موضعه الیوم و كان ملصقا بالبیت .. إلی آخر ما ذكره.

و قد أشار إلی تحویل المقام صاحب الكشّاف (2)، قال: إنّ عمر سأل المطلب بن أبی وداعة: هل تدری أین كان موضعه الأول؟. قال: نعم، فأراه موضعه الیوم.

وَ رَوَی ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِی الْكَافِی (3)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَدْرَكْتَ (4)الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ؟. قَالَ: نَعَمْ، أَذْكُرُ وَ أَنَا مَعَهُ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ قَدْ دَخَلَ فِیهِ السَّیْلُ وَ النَّاسُ یَقُومُونَ عَلَی الْمَقَامِ یَخْرُجُ الْخَارِجُ یَقُولُ: قَدْ ذَهَبَ بِهِ (5)، وَ یَخْرُجُ مِنْهُ الْخَارِجُ فَیَقُولُ: هُوَ مَكَانَهُ، قَالَ فَقَالَ لِی: یَا فُلَانُ! مَا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟. فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ! یَخَافُونَ أَنْ یَكُونَ السَّیْلُ قَدْ ذَهَبَ بِالْمَقَامِ. فَقَالَ: نَادِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُ عَلَماً لَمْ یَكُنْ لِیَذْهَبَ بِهِ فَاسْتَقِرُّوا، وَ كَانَ مَوْضِعُ الْمَقَامِ الَّذِی وَضَعَهُ إِبْرَاهِیمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عِنْدَ جِدَارِ الْبَیْتِ، فَلَمْ یَزَلْ هُنَاكَ حَتَّی حَوَّلَهُ أَهْلُ الْجَاهِلِیَّةِ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی هُوَ فِیهِ الْیَوْمَ، فَلَمَّا فَتَحَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَكَّةَ رَدَّهُ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی وَضَعَهُ إِبْرَاهِیمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ یَزَلْ

ص: 33


1- هنا أیضا سقط قدر سطرین جاء فی المصدر.
2- تفسیر الكشّاف 1- 185، ذیل آیة: 125 من سورة البقرة.
3- الكافی 4- 223 حدیث 2 كتاب الحجّ، باب فی قوله تعالی: «فِیهِ آیاتٌ بَیِّناتٌ ..».
4- فی المصدر: قد أدركت.
5- فی الكافی زیادة: السّیل.

هُنَاكَ إِلَی أَنْ وَلِیَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَ النَّاسَ: مَنْ مِنْكُمْ یَعْرِفُ الْمَكَانَ الَّذِی كَانَ فِیهِ الْمَقَامُ؟. فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، قَدْ كُنْتُ أَخَذْتُ مِقْدَارَهُ بِنِسْعٍ (1)فَهُوَ عِنْدِی، فَقَالَ: تَأْتِینِی بِهِ، فَأَتَاهُ بِهِ فَقَاسَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَی ذَلِكَ الْمَكَانِ.

و منها: تغییر الجزیة عن النصاری

، فقد رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ بَنِی تَغْلِبَ مِنْ نَصَارَی الْعَرَبِ (3) أَنِفُوا وَ اسْتَنْكَفُوا مِنْ قَبُولِ الْجِزْیَةِ وَ سَأَلُوا عُمَرَ أَنْ یُعْفِیَهُمْ عَنِ الْجِزْیَةِ وَ یُؤَدُّوا الزَّكَاةَ مُضَاعَفاً، فَخَشِیَ أَنْ یَلْحَقُوا بِالرُّومِ، فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ صَرَفَ ذَلِكَ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَ ضَاعَفَ عَلَیْهِمُ الصَّدَقَةَ فَرَضُوا بِذَلِكَ.

وَ قَالَ الْبَغَوِیُّ فِی شَرْحِ السُّنَّةِ: رُوِیَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَامَ نَصَارَی الْعَرَبِ عَلَی الْجِزْیَةِ، فَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّی مَا یُؤَدِّی الْعَجَمُ، وَ لَكِنْ خُذْ مِنَّا كَمَا یَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ یَعْنُونَ الصَّدَقَةَ-. فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ.

قَالُوا: فَزِدْ مَا شِئْتَ بِهَذَا الِاسْمِ لَا بِاسْمِ الْجِزْیَةِ، فَرَاضَاهُمْ عَلَی أَنْ ضَعَّفَ عَلَیْهِمُ الصَّدَقَةَ (4). انتهی.

فهؤلاء لیسوا بأهل ذمّة لمنع الجزیة، و قد جعل اللّٰه الجزیة علی أهل الذمّة

ص: 34


1- بمناسبة المقام نتعرّض مجملا إلی جهل عمر بمسألة طلاق الأمة، فقد نقل الكنجی فی الكفایة: «129»- عن الحافظین الدار قطنی و ابن عساكر: أنّ رجلین أتیا عمر بن الخطّاب و سألاه عن طلاق الأمة، فمشی حتّی أتی حلقة فی المسجد فیها رجل أصلع، فقال: أیّها الأصلع! ما تری فی طلاق الأمة؟، فرفع رأسه إلیه ثمّ أومی إلیه بالسبابة و الوسطی، قال لهما عمر: تطلیقتان. فقال أحدهما: سبحان اللّٰه! جئناك و أنت أمیر المؤمنین فمشیت معنا حتّی وقفت علی هذا الرجل فسألته فرضیت منه أن أومی إلیك؟. فقال لهما: تدریان من هذا؟. قالا: لا. قال: هذا علیّ بن أبی طالب، أشهد علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لسمعته- و هو یقول-: إنّ السماوات السبع و الأرضین السبع لو وضعا فی كفّة ثمّ وضع إیمان علیّ فی كفّة لرجح إیمان علیّ بن أبی طالب. قال: هذا حسن ثابت. و رواه الخوارزمی فی المناقب: 78 من طریق الزمخشری، و نقله العلّامة الأمینی فی الغدیر 2- 299 عن الدار قطنی و الزمخشری، و عن السیّد علی الهمدانی فی كتابه مودّة القربی.
2- وسائل الشّیعة 16- 286 حدیث 22 [مؤسّسة آل البیت علیهم السلام: 24- 58- 59] و فیه: قال أبو عبد اللّٰه علیه السّلام: لا تأكل من ذبیحة المجوسیّ، قال و قال: لا تأكل ذبیحة نصاری تغلب فإنّهم مشركوا العرب. و انظر: التّهذیب 9- 65 حدیث 275، و الاستبصار 4- 82 حدیث 308. و عن الرّضا علیه السّلام أنّه قال: إنّ بنی تغلب أنفوا من الجزیة، و سألوا عمر أن یعفیهم، فخشی أن یلحقوا بالرّوم، فصالحهم علی أن صرف ذلك عن رءوسهم، و ضاعف علیهم الصّدقة فعلیهم ما صالحوا علیه و رضوا به إلی أن یظهر الحقّ. كما فی كتاب من لا یحضره الفقیه 2- 29 باب 101 حدیث 1611، و أورده الشّیخ الحرّ فی وسائل الشّیعة 11- 116 باب 68 حدیث 6.
3- فی س: الغرب.
4- شرح السّنّة للبغویّ: ....

لیكونوا أذلّاء صاغرین، و لیس فی أحد من الزكاة صغار و ذلّ، فكان علیه أن یقاتلهم و یسبی ذراریهم لو أصرّوا علی الاستنكاف و الاستكبار..

و منها

ما روی أنّ عمر أطلق تزویج قریش فی سائر العرب و العجم، و تزویج العرب فی سائر العجم، و منع العرب من التزویج فی قریش، و منع العجم من التزویج فی العرب (1) فأنزل العرب مع قریش، و العجم مع العرب منزلة الیهود و النصاری، إذ أطلق تعالی للمسلمین التزویج فی أهل الكتاب، و لم یطلق تزویج أهل الكتاب فی المسلمین (2).

وَ قَدْ زَوَّجَ (3) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَیْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِیِّ وَ كَانَ مَوْلًی لِبَنِی كِنْدَةَ ثُمَّ قَالَ: أَ تَعْلَمُونَ لِمَ زَوَّجْتُ ضُبَاعَةَ بِنْتَ عَمِّی مِنَ الْمِقْدَادِ؟. قَالُوا: لَا. قَالَ: لِیَتَّضِعَ النِّكَاحُ فَیَنَالَهُ كُلُّ مُسْلِمٍ، وَ لِتَعْلَمُوا (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) (4).

، فهذه سنّة،

وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ

ص: 35


1- انظر لمزید من الاطّلاع: الإیضاح: 153- 158، و المسترشد للطبری: 142، و الاستغاثة فی بدع الثلاثة: 53- 54، و كتاب سلیم بن قیس: 102- 104، و الكافی 5- 318 حدیث 59، و غیرها.
2- لاحظ: وسائل الشیعة 14- 46 حدیث 4، و الكافی 5- 318 حدیث 59.
3- قد ذكر قصّة تزویج ضباعة فی الكافی 5- 344 حدیث 1، و التّهذیب 7- 395 حدیث 1582، و انظر: وسائل الشّیعة 14- 45- 47 باب 26- أنّه یجوز لغیر الهاشمیّ تزویج الهاشمیّة و الأعجمیّ و العربیّ القرشیّة و القرشیّ الهاشمیّة و غیر ذلك، و مستدرك الوسائل 14- 183- 186.
4- الحجرات: 13. و قد أظهر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ملاك التفوّق فی موارد متعدّدة، فمنها: قوله صلّی اللّٰه علیه و آله فی خطبته فی الحجّ الأكبر: أیّها الناس! إنّ ربّكم واحد و إنّ أباكم واحد، كلّكم لآدم و آدم من تراب، أكرمكم عند اللّٰه أتقاكم، و لیس لعربیّ علی عجمیّ فضل إلّا بالتقوی، ألا هل بلّغت؟ اللّٰهمّ اشهد. قالوا: نعم. قال: فلیبلّغ الشاهد الغائب. و قد جاء فی البیان و التبیین 2- 25، و العقد الفرید 2- 85، و تاریخ الیعقوبی 2- 91، و قریب منه فی مجمع الزوائد 3- 266، و غیره.

اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِی فَلَیْسَ مِنِّی (1).

وَ قِیلَ (2) لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَ تَزَوَّجُ (3) الْمَوَالِی بِالْعَرَبِیَّاتِ؟!. فَقَالَ:

تَتَكَافَأُ دِمَاؤُكُمْ وَ لَا تَتَكَافَأُ فُرُوجُكُمْ؟!.

و قال سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (4)، و قال: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) (5).

و منها: المسح علی الخفّین

، كما رواه الشَّیْخُ فِی التَّهْذِیبِ (6)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَقَبَةَ (7) بْنِ مَصْقَلَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَشْیَاءَ، فَقَالَ: إِنِّی أَرَاكَ مِمَّنْ یُفْتِی فِی مَسْجِدِ الْعِرَاقِ؟. فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ لِی: مَنْ أَنْتَ؟. فَقُلْتُ: ابْنُ عَمٍّ لِصَعْصَعَةَ. فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ یَا ابْنَ عَمِّ صَعْصَعَةَ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِی الْمَسْحِ عَلَی الْخُفَّیْنِ؟. فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ یَرَاهُ ثَلَاثاً لِلْمُسَافِرِ وَ یَوْماً وَ لَیْلَةً لِلْمُقِیمِ، وَ كَانَ أَبِی لَا یَرَاهُ فِی سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَقُمْتُ عَلَی عَتَبَةِ الْبَابِ، فَقَالَ لِی: أَقْبِلْ یَا ابْنَ عَمِّ صَعْصَعَةَ، فَأَقْبَلْتُ عَلَیْهِ، فَقَالَ: إِنَ

ص: 36


1- هذا من ضروریّات مذهب الخاصّة، و أورده جملة من الحفّاظ من العامّة كالبخاریّ فی صحیحه 7- 2 كتاب النّكاح باب التّرغیب فی النّكاح حدیث 1، و مسلم فی صحیحه كتاب النّكاح باب 5، و النّسائیّ فی صحیحه كتاب النّكاح باب 4، و الدّارمیّ فی سننه كتاب النّكاح باب 3، و أحمد بن حنبل فی مسنده 2- 158 و 3- 246 و 259 و 285، 5- 409 و غیرها.
2- كما جاء فی مستدرك الوسائل 14- 186. و قریب منه ما فی الكافی 5- 345 حدیث 5، و التّهذیب 7- 395 حدیث 1583.
3- فی ك نسخة بدل: أ یجوز تزویج.
4- الحجرات: 10.
5- «5»-الحجرات: 13
6- . التّهذیب 1- 361 فی صفة الوضوء و الفرض منه حدیث 1089.
7- و فی بعض النّسخ: رقید، و فی س: لرقیة، و لعلّه: رفید بن مصقلة العبدیّ الكوفیّ، و هو عامّیّ، و كان مفتی العامّة فی العراق، و عدّه الشّیخ الطّوسیّ رحمه اللّٰه فی رجاله من أصحاب الباقر علیه السّلام، و لم یستبعد الوحید، كما فی معجم رجال الحدیث 7- 201 اتّحاده مع: رقبة، و كون كلیهما واحدا، و لم أجد لرقید اسما فی الرّجال، فلاحظ.

الْقَوْمَ كَانُوا یَقُولُونَ بِرَأْیِهِمْ فَیُخْطِئُونَ وَ یُصِیبُونَ، وَ كَانَ أَبِی لَا یَقُولُ بِرَأْیِهِ (1).

وَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ:

جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْحَابَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ فِیهِمْ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِی الْمَسْحِ عَلَی الْخُفَّیْنِ؟. فَقَامَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَمْسَحُ عَلَی الْخُفَّیْنِ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: قَبْلَ (الْمَائِدَةِ) أَوْ بَعْدَهَا؟. فَقَالَ: لَا أَدْرِی. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّیْنِ، إِنَّمَا أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ قَبْلَ أَنْ یُقْبَضَ بِشَهْرَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ (2).

أقول: لعلّ التردید من الراوی، أو لكون ذلك ممّا اختلفوا فیه، فتردّد علیه السلام إلزاما علی الفریقین.

و مخالفة هذه الرأی للقرآن واضح، فإنّ الخفّ لیس بالرجل الذی أمر اللّٰه بمسحه، كما أنّ (الكمّ) لیس بالید، و النقاب لیس بالوجه، و لو غسلهما أحد لم یكن آتیا بالمأمور به، كما أشار علیه السلام إلیه بقوله: سبق الكتاب الخفّین.

و قد ورد المنع من المسح علی الخفّین فی كثیر من أخبارهم.،

فَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: أَشَدُّ النَّاسِ حَسْرَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَنْ رَأَی وُضُوءَهُ عَلَی جِلْدِ غَیْرِهِ (3).

ص: 37


1- التّهذیب 1- 361 حدیث 1091. و انظر: جامع أحادیث الشّیعة 2- 319 باب 26 حدیث 2188- 2228 عن جملة مصادر، فراجعها.
2- و قد نصّت علی ذلك روایات العامّة و أنّ المسح علی الخفّ كان قبل نزول المائدة، ما جاء عن جریر بن عبد اللّٰه، علی ما رواه البخاریّ فی صحیحه 1- 415 فی كتاب الصّلاة فی الثّیاب باب الصّلاة فی الخفّ، و النّسائیّ فی سننه 1- 81 كتاب الطّهارة باب المسح علی الخفّین، و ذكره ابن الأثیر فی جامع الأصول 7- 238 ذیل حدیث 5274 عن جملة مصادر. انظر: الدّرّ المنثور 2- 464- 465 عند قوله تعالی: « وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ ..»، و قد نقل عن ابن عبّاس أنّه قال: أبی النّاس إلّا الغسل، و لا أجد فی كتاب اللّٰه إلّا المسح، و عن أنس و الشّعبیّ: أنّ القرآن نزل بالمسح. و لاحظ تفاسیر العامّة حول هذه الآیة
3- من لا یحضره الفقیه 1- 30 حدیث 96.

وَ رُوِیَ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَی ظَهْرِ عَیْرٍ (1) بِالْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَی خُفِّی (2).

وَ عَنْهَا، قَالَتْ: لَأَنْ یُقْطَعَ رِجْلَایَ بِالْمَوَاسِی أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَی الْخُفَّیْنِ (3).

وَ رَوَوْا الْمَنْعُ مِنْهُ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4) وَ ابْنِ عَبَّاسٍ (5) وَ غَیْرِهِمَا، و سیأتی (6) بعض القول فیه فی محلّه.

و منها: نقص تكبیر من الصلاة علی الجنائز و جعلها أربعا

ومنها : نقص (7)تكبیر من الصلاة علی الجنائز وجعلها أربعا

قَالَ: ابْنُ حَزْمٍ فِی كِتَابِ الْمُحَلَّی(8): وَ احْتَجَّ مَنْ مَنَعَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِخَبَرٍ رَوَیْنَاهُ مِنْ طَرِیقِ وَكِیعٍ، عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِیقٍ، عَنْ أَبِی وَائِلٍ، قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فَاسْتَشَارَهُمْ فِی التَّكْبِیرِ عَلَی الْجِنَازَةِ، فَقَالُوا: كَبَّرَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ سَبْعاً وَ خَمْساً وَ أَرْبَعاً، فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَی أَرْبَعِ تَكْبِیرَاتٍ(9)

ص: 38


1- فی س: غیر. و لا معنی له، و العیر: الحمار، و غلب علی الوحشیّ، كما فی القاموس 2- 98، و فی الصّحاح 2- 762 قال: الحمار الوحشیّ، و الأهلیّ أیضا.
2- من لا یحضره الفقیه 1- 30 حدیث 97.
3- كما فی المصنّف لعبد الرّزّاق 1- 221 حدیث 860، و انظر: التّفسیر الكبیر 11- 163، بتفاوت یسیر. و جاء فی المصنّف لابن أبی شیبة 1- 185 عن عائشة أنّها قالت: لأن أخرجهما بالسّكاكین أحبّ إلیّ من أن أمسح علیهما، و نحوه فی صفحة: 186 من ذلك المجلّد.
4- فقد روی عنه سلام اللّٰه علیه أنّه قال: نسخ الكتاب المسح علی الخفّین، كما جاء فی سنن البیهقیّ 1- 272، و تفسیر ابن كثیر 2- 30، و جاء فی التّهذیب 1- 361 حدیث 1091.
5- فقد جاء عن ابن عبّاس قوله: سبق كتاب اللّٰه المسح علی الخفّین، كما أورده المحقّق فی المعتبر: «38»- و نحوه فی مسند أحمد بن حنبل 1- 323، و الجعفریّات: 24، و تفسیر العیّاشیّ 1- 202.
6- بحار الأنوار 80- 300- 328.
7- فی ( س ) : نقض.
8- المحلّی 5- 124- المكتب التّجاریّ بیروت-
9- و قریب منه ما فی سنن البیهقیّ 4- 37، و فتح الباری 3- 157، و إرشاد السّاری 2- 417، و عمدة القاری 4- 129. و ذكر جمع: أنّ عمر أوّل من جمع النّاس فی صلاة الجنائز علی أربع تكبیرات، كما قاله العسكریّ فی الأوائل، و السّیوطیّ فی تاریخ الخلفاء: 93، و القرمانی فی تاریخه 1- 203- هامش الكامل و غیرهم

و هو خلاف ما فعله رسول اللّٰه (صلی اللّٰه علیه و آله).

كما رواه مُسْلِمٌ فِی (1) صَحِیحِهِ (2)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی (3)، قَالَ: كَانَ زَیْدٌ یُكَبِّرُ عَلَی جَنَائِزِنَا أَرْبَعاً، وَ إِنَّهُ كَبَّرَ عَلَی جِنَازَةٍ خَمْساً، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یُكَبِّرُهَا.

وَ رَوَاهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (4)، عَنْ مُسْلِمٍ وَ النَّسَائِیِّ (5) وَ أَبِی دَاوُدَ (6) وَ التِّرْمِذِیِّ (7)، وَ قَالَ (8): وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ: أَنَّ زَیْدَ بْنَ أَرْقَمَ صَلَّی عَلَی جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَیْهَا خَمْساً وَ قَالَ: كَبَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] .

وَ رَوَی ابْنُ شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ (9)

أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] كَانَ یُصَلِّی عَلَی الْمَیِّتِ خَمْسَ تَكْبِیرَاتٍ (10)

فالروایات كما تری صریحة فی أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كان یكبّر خمس تكبیرات، و ظاهر (كان) الدوام، و لو سلّم أنّه قد كان یكبّر أربعا فلا ریب

ص: 39


1- لا توجد فی س: فی.
2- صحیح مسلم كتاب الجنائز باب الصّلاة علی القبر حدیث 957.
3- جاء فی س: أبی عبد الرّحمن أبی لیلی. و هو غلط.
4- جامع الأصول 6- 216 حدیث 4304.
5- سنن النّسائیّ 4- 72.
6- سنن أبی داود كتاب الجنائز باب التّكبیر علی الجنائز حدیث 3197.
7- صحیح التّرمذیّ كتاب الجنائز باب ما جاء فی التّكبیر علی الجنازة حدیث 1023.
8- ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 216.
9- الفردوس، و لم نجد الرّوایة فیه.
10- و قریب منه ما أورده أحمد بن حنبل فی مسنده 4- 368 و 370، و ابن حجر فی الإصابة 2- 22، و الطّحاویّ فی عمدة القاری 4- 129، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 4- 36، و ابن ماجة فی سننه 1- 458 و غیرهم، و ما ذكره ابن القیّم الجوزیّة فی زاد المعاد 1- 145، و ما فی هامش شرح المواهب للزرقانی 2- 70 حریّ بالملاحظة.

فی جواز الخمس، فالمنع من الزیادة علی الأربع من أسوإ البدع.

و منها:

مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِی الْمُوَطَّإِ (1) وَ حَكَاهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (2)، عَنِ ابْنِ الْمُسَیَّبِ، قَالَ: أَبَی عُمَرُ أَنْ یُوَرِّثَ أَحَداً (3) مِنَ الْأَعَاجِمِ إِلَّا أَحَداً وُلِدَ فِی الْعَرَبِ.

قَالَ: وَ زَادَ رَزِینٌ (4) وَ (5) امْرَأَةٌ جَاءَتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ فِی الْعَرَبِ فَهُوَ یَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَ تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِیرَاثَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. انتهی.

و مضادة هذا المنع للآیات و الأخبار، بل مخالفته لما علم ضرورة من دین الإسلام (6) من ثبوت التوارث بین المسلمین ممّا لا یریب فیه أحد.

و منها: القول بالعول و التعصیب فی المیراث

كما سیأتی، و روت الخاصّة و العامّة ذلك بأسانید جمّة یأتی (7)بعضها، و لنورد هنا خبرا واحدا

رواه الشَّهِیدُ الثَّانِی رَحِمَهُ اللَّهُ (8) وَ غَیْرُهُ (9): عَنْ أَبِی طَالِبٍ الْأَنْبَارِیِّ، عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَافِظِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَیْنِ (10)، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 40


1- الموطّأ لمالك- إمام المالكیّة- 2- 12 [2- 520] كتاب الفرائض، باب میراث أهل الملل.
2- جامع الأصول 9- 603- 604 حدیث 7380.
3- فی ك و نسخة بدل فی س: أحد- بالرّفع-.
4- فی س: زرین، و هو غلط.
5- فی جامع الأصول: أو.
6- أورده أبو داود فی سننه 2- 332: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: لیس منّا من دعا إلی عصبیّة، و لیس منّا من قاتل علی العصبیّة، و لیس منّا من مات علی عصبیّة .. و كم له من نظائر.
7- بحار الأنوار 104- 331، و فیه: عن ابن عبّاس: أنّ أوّل من أعال الفرائض عمر .
8- المسالك 2- 323، و أورده فی الرّوضة البهیّة فی شرح اللّمعة الدّمشقیّة 8- 89- 92 باختلاف فی المتن و حذف للإسناد.
9- جاء فی الكافی 7- 79- 80 حدیث 2، و من لا یحضره الفقیه 4- 187، و كنز العمّال 11- 19 20 حدیث 121 باختلاف یسیر، و كذا فی أحكام القرآن للجصّاص 2- 109، و مستدرك الحاكم 4- 340، و السّنن الكبری 6- 253 و غیرها.
10- لا توجد: بن الحصین، فی المصدر.

أَبِی إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِیِّ، عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی (1) ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَرَی ذِكْرُ الْفَرَائِضِ وَ الْمَوَارِیثِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِیمِ! أَ تَرَوْنَ (2) الَّذِی أَحْصَی رَمْلَ عَالِجٍ (3) عَدَداً جَعَلَ فِی مَالٍ نِصْفَیْنِ (4) وَ ثُلُثاً وَ رُبُعاً أَوْ قَالَ: نِصْفاً وَ نِصْفاً وَ ثُلُثاً وَ هَذَانِ النِّصْفَانِ قَدْ ذَهَبَا بِالْمَالِ، فَأَیْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟! فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ الْبَصْرِیُّ: یَا أَبَا الْعَبَّاسِ! فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ؟. فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (5)، لَمَّا الْتَفَّتْ عِنْدَهُ الْفَرَائِضُ وَ دَفَعَ (6) بَعْضُهَا بَعْضاً، فَقَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی أَیَّكُمْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ أَیَّكُمْ أَخَّرَ، وَ مَا أَجِدُ شَیْئاً هُوَ أَوْسَعُ إِلَّا أَنْ أَقْسِمَ عَلَیْكُمْ هَذَا الْمَالَ بِالْحِصَصِ، وَ أَدْخَلَ عَلَی كُلِّ ذِی حَقٍّ مَا دَخَلَ عَلَیْهِ مِنْ عَوْلِ الْفَرِیضَةِ، وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ أَخَّرَ مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ مَا عَالَتْ فَرِیضَةٌ (7) فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ: فَأَیَّهَا قَدَّمَ وَ أَیَّهَا أَخَّرَ؟. فَقَالَ: كُلُّ فَرِیضَةٍ (8). لَمْ یُهْبِطْهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ فَرِیضَةٍ إِلَّا إِلَی فَرِیضَةٍ، فَهَذَا مَا قَدَّمَ اللَّهُ. وَ أَمَّا مَا أَخَّرَ

ص: 41


1- فی المسالك: إلی، بدل: علی.
2- فی المصدر: أ یرون.
3- رمل عاجل: هو ما تراكم من الرّمل و دخل بعضه فی بعض، و نقل أنّ رمل عالج جبال متواصلة یتّصل أعلاها بالدّهناء، و الدّهناء بقرب یمامة، و أسفلها بنجد، و فی كلام البعض: رمل عالج محیط بأكثر أرض العرب. قاله الطّریحیّ فی مجمعه 2- 318. و هناك ثمّة أقوال أخر تجدها فی معجم البلدان 4- 69- 70، و مراصد الاطّلاع 2- 911.
4- فی المسالك: نصف [نصفا].
5- قد نصّ علی ذلك السّیوطیّ فی أوائله و تاریخه: 93، و الجصّاص فی أحكام القرآن 2- 109، و الحاكم فی المستدرك 4- 340، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 6- 253، و المتّقی الهندیّ فی كنز العمّال 6- 7، و السكتواری فی محاضرات الأوائل: 152 .. و غیرهم و یعدّ أوّل من أعال الفرائض لمّا التوت علیه و دافع بعضها بعضا.
6- فی ك: رفع.
7- فی المصدر: الفریضة- بالألف و اللّام-.
8- فی ك هنا زیادة: فرضها اللّٰه.

فَكُلُّ فَرِیضَةٍ إِذَا زَالَتْ عَنْ فَرْضِهَا لَمْ یَكُنْ لَهَا إِلَّا مَا بَقِیَ، فَتِلْكَ الَّتِی أَخَّرَ، وَ أَمَّا (1) الَّذِی قَدَّمَ، فَالزَّوْجُ لَهُ النِّصْفُ فَإِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ مَا یُزِیلُهُ عَنْهُ رَجَعَ إِلَی الرُّبُعِ لَا یُزِیلُهُ عَنْهُ شَیْ ءٌ، وَ الزَّوْجَةُ لَهَا الرُّبُعُ فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إِلَی الثُّمُنِ لَا یُزِیلُهَا عَنْهُ شَیْ ءٌ، وَ الْأُمُّ لَهَا الثُّلُثُ فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إِلَی السُّدُسِ لَا یُزِیلُهَا عَنْهُ شَیْ ءٌ، فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ الَّتِی قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَمَّا الَّتِی أَخَّرَ، فَفَرِیضَةُ الْبَنَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ لَهُنَّ النِّصْفُ وَ الثُّلُثَانِ، فَإِذَا أَزَالَتْهُنَّ الْفَرَائِضُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ لَهُنَّ إِلَّا مَا بَقِیَ، فَتِلْكَ الَّتِی أَخَّرَ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَا قَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَی وَ مَا أَخَّرَ (2)، بُدِئَ بِمَا قَدَّمَ اللَّهُ فَأُعْطِیَ حَقَّهُ كَامِلًا، فَإِنْ بَقِیَ شَیْ ءٌ كَانَ لِمَنْ أَخَّرَ (3) وَ إِنْ لَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ فَلَا شَیْ ءَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُشِیرَ بِهَذَا الرَّأْیِ عَلَی عُمَرَ؟. فَقَالَ: هِبْتُهُ (4)، وَ اللَّهِ وَ كَانَ امْرَأً مَهِیباً، قَالَ الزُّهْرِیُّ: وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَقَدَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَامَ عَدْلٍ كَانَ أَمْرُهُ عَلَی الْوَرَعِ أَمْضَی أَمْراً وَ حَكَمَ بِهِ وَ أَمْضَاهُ لَمَا اخْتَلَفَ عَلَی ابْنِ عَبَّاسٍ اثْنَانِ (5)

ص: 42


1- فی س: فأمّا. و فی الرّوضة: فأمّا الّتی.
2- فی المصدر: و ما اللّٰه أخّر، بدلا من: اللّٰه تعالی و ما أخّر.
3- زیادة: اللّٰه، بعد: أخّر، جاءت فی المصدر.
4- إلی هنا جاء فی المصادر السّالفة باختلاف فی اللّفظ.
5- نذیل هذا المقام بذكر قضیّتین: الأولی: ما رواها الحاكم فی المستدرك 4- 339، بسنده عن معمّر عن الزّهریّ عن ابن سلمة، قال: جاء إلی ابن عبّاس رجل، فقال: رجل توفّی و ترك بنته و أخته لأبیه و أمّه؟. فقال: لابنته النّصف و لیس لأخته شی ء. قال الرّجل: فإنّ عمر قضی بغیر ذلك، جعل للابنة و للأخت النّصف. قال ابن عبّاس: أنتم أعلم أم اللّٰه؟!. فلم أدر ما وجه هذا حتّی لقیت ابن طاوس، فذكرت له حدیث الزّهریّ، فقال: أخبرنی أبی أنّه سمع ابن عبّاس یقول: قال اللّٰه عزّ و جلّ: «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَیْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ» .. قال ابن عبّاس: فقلتم أنتم لها النّصف و إن كان له ولد. قال: هذا حدیث صحیح علی شرط الشّیخین. و قد جاء أیضا فیه 2- 310 باختلاف یسیر فی اللّفظ، و قد رواه البیهقیّ فی سننه 6- 233 أیضا. و قال السّیّد الفیروزآبادیّ فی السّبعة من السّلف: 92: إنّ هذا الإفتاء من عمر كان علی وجه الجهل بالآیة الكریمة، و إلّا فبعید منه أنّه مع العلم بها یفتی بخلاف ما أنزل اللّٰه، و اللّٰه أعلم. و لعلّ مراده رحمه اللّٰه أن یجهر بالمخالفة، و هذا غریب منه مع صراحة آیة المتعة و التّیمّم و غیرهما. الثّانیة: أخرج البیهقیّ فی سننه 6- 255 بعدّة طرق، و الدّارمیّ فی سننه 1- 154، و أبو عمر فی العلم: 139، و آخرین، عن مسعود الثّقفیّ، قال: شهدت عمر بن الخطّاب أشرك الإخوة من الأب و الأمّ مع إخوة من الأمّ فی الثّلث، فقال له رجل: قضیت فی هذا عام أوّل بغیر هذا. قال: كیف قضیت؟. قال: جعلته للإخوة من الأمّ و لم تجعل للإخوة من الأب و الأمّ شیئا. قال: تلك علی ما قضینا، و هذا علی ما قضینا!. و فی لفظ: تلك علی ما قضینا یومئذ و هذه علی ما قضینا الیوم!. أقول: كیف یسوغ لمثل الخلیفة أن یجهل أحكام الدّین و هو القائل: لیس أبغض إلی اللّٰه و لا أعمّ ضرّا من جهل إمام و خرقه، كما نقله عنه ابن الجوزیّ فی سیرة عمر: 100، 102، 161. و كیف یشتغل بمنصب الإمارة قبل أن یتفقّه فی دین اللّٰه، و هو القائل: تفقّهوا قبل أن تسودوا، ذكره البخاریّ فی صحیحه فی باب الاغتباط فی العلم 1- 38.
و منها: التثویب

، و هو قول: الصلاة خیر من النوم، فی الأذان.

فقد (1) رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (2) مِمَّا رَوَاهُ عَنِ الْمُوَطَّإِ (3)، قَالَ (4) عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ الْمُؤَذِّنُ جَاءَ عُمَرَ یُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِماً، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَیْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ یَجْعَلَهُمَا فِی الصُّبْحِ.

و یظهر منها أنّ ما

رووه أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أمر بالتثویب.

من مفتریاتهم، و یؤیّده أنّ روایاتهم (5) فی الأذان خالیة عن التثویب (6).

ص: 43


1- لا توجد: فقد، فی س.
2- جامع الأصول 5- 286 حدیث 3360.
3- موطّأ مالك 1- 72 كتاب الصّلاة باب ما جاء فی النّداء للصّلاة.
4- خط علی كلمة: قال، فی ك، و جاءت زیادة: أنّ، بعد لفظة: بلغه، فی الجامع.
5- انظر مثالا إلی: سنن أبی داود كتاب الصلاة باب كیفیّة الأذان حدیث 499 و باب بدء الأذان حدیث 500- 507، و سنن الترمذی كتاب الصلاة باب ما جاء فی بدء الأذان حدیث 189، و باب ما جاء أنّ الإقامة مثنی مثنی حدیث 194، و باب ما جاء فی الترجیع بالصلاة فی الأذان حدیث 191، و مسند أحمد بن حنبل 5- 246، و صحیح مسلم كتاب الصلاة باب صفة الأذان حدیث 379، و سنن النسائی 2- 4 فی الأذان.
6- أخرج الطبریّ فی المستبین، و القوشجی فی شرح التجرید: 879 فی بحث الإمامة، و البیاض فی الصراط المستقیم و غیرهم، عن عمر، أنّه قال: ثلاث كنّ علی عهد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أنا محرّمهنّ و معاقب علیهنّ: متعة الحجّ، و متعة النساء، و حیّ علی خیر العمل فی الأذان. و هذا تصرّفه الآخر فی الأذان. قال الأمینی- رحمه اللّٰه- فی الغدیر 6- 110: كان أحكام القضایا تدور مدار ما صدر عن رأی الخلیفة سواء أصاب الشریعة أم أخطأ، و كان الخلیفة له أن یحكم بما شاء و أراد و لیس هناك حكم یتّبع و قانون مطرد فی الإسلام، و لعلّ هذا أفظع من التصویب المدحوض بالبرهنة القاطعة. و من محدثات الخلیفة: أن جعل معرفة البلوغ بالقیاس بالأشبار، فإن وجد ستة أشبار فهو بالغ و إلّا فلا!!، كما أورده البیهقیّ فی السنن الكبری 5- 54 و 59، و أخرجه ابن أبی شیبة و عبد الرزاق و مسدّد و ابن المنذر فی الأوسط، كما فی كنز العمّال 3- 116. و أمّا تلاعبه بالحدود تقلیلا و زیادة فلو راجعت المسانید و السنن لوجدت منها العجب العجاب. و كفاك منها شاهدا ما أورده فی كنز العمّال 3- 196 و ما بعدها عن جملة مصادر.

الطعن الخامس عشر:

أنّه كان یعطی من بیت المال ما لا یجوز، فأعطی عائشة و حفصة عشرة آلاف درهم فی كلّ سنة (1)

(2)، و كان علیه ثمانون ألف درهم من بیت المال یوم مات علی سبیل القرض (3)، و لم یجز شی ء من ذلك، أمّا الأول فلأنّ الفی ء و الغنائم و نحو ذلك

ص: 44


1- قد اتّفق المؤرّخون أنّ عمر مفرّق لا یقسم بالسویّة- و إن اختلفوا فی كمیّة و كیفیّة تفرقته فی العطاء- راجع تفصیل ذلك فی: أخبار عمر للطنطاوی: 122، فتوح البلدان للبلاذری: 435، و الفخری للطقطقی: 60، و طبقات ابن سعد 3- 223، و الخراج لأبی یوسف: 51، و الكامل لابن الأثیر 2- 247، و شرح النهج لابن أبی الحدید المعتزلی 12- 214 [3- 153 طبعة مصر أربع مجلدات] . و انظر أیضا: تاریخ الطبریّ 3- 614، و الأحكام السلطانیّة: 177، و الأموال لأبی عبیدة: 226 و غیرها، و حرم أهل البیت علیهم السلام خمسهم الذی جعله اللّٰه لهم
2- كما جاء فی تفسیر الكشّاف عند تفسیر آیة الخمس، و تفسیر النسفیّ 2- 616، و تفسیر المنار 1- 15، و أخبار عمر للطنطاوی: 105، و شرح النهج لابن أبی الحدید 12- 214 [3- 153]و انظر: كتاب الأموال لأبی عبید حدیث 40 و 842، و سیذكر المصنّف- رحمه اللّٰه- مصادر أخری فی المتن، فانتظر.
3- قد نقل ابن أبی الحدید فی شرحه 4- 528 قول عمر لابنه: یا عبد اللّٰه بن عمر! انظر ما علیّ من الدین؟. فحسبوه فوجدوه ستة و ثمانین ألف درهم أو نحوه. و بنفس هذا المضمون رواه المتّقی فی كنز العمّال 6- 362 فی وفاة عمر. و أورد أصل الاقتراض الطبریّ فی تاریخه 5- 22، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 29، و غیرهما كثیر.

لیست من الأموال المباحة التی یجوز لكلّ أحد التصرّف (1) فیها كیف شاء، بل هی من حقوق المسلمین یجب صرفه إلیهم علی الوجه الذی دلّت علیه الشریعة المقدّسة، فالتصرف فیها محظور إلّا علی الوجه الذی قام علیه دلیل شرعیّ، و تفضیل طائفة فی القسمة و إعطاؤها أكثر ممّا جرت السنّة علیه لا یمكن إلّا بمنع من استحقّ بالشرع حقّه، و هو غصب لمال الغیر و صرف له فی غیر أهله، و قد جرت السنّة النبویّة بالاتّفاق علی القسم بالتسویة.

و أوّل من فضّل قوما فی العطاء هو عمر بن الخطاب كما اعترف به ابن أبی الحدید (2) و غیره (3) من علمائهم.

قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (4): رَوَی أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِیٍّ الْجَوْزِیُّ، عَنْ أَبِی سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اسْتَشَارَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ بِمَنْ یَبْدَأُ فِی الْقَسْمِ وَ الْفَرِیضَةِ؟، فَقَالُوا: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ. فَقَالَ: بَلْ أَبْدَأُ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ ذَوِی قَرَابَتِهِ، فَبَدَأَ بِالْعَبَّاسِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِیِّ: وَ قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَی أَنَّهُ

ص: 45


1- فی ك: التصریف.
2- شرح النهج لابن أبی الحدید 12- 213.
3- كابن سعد فی الطبقات الكبری 3- 282 و غیره، و ذكر أبو هلال العسكریّ فی كتابه الأوائل: «114»- أنّ عمر جعل لعائشة اثنی عشر ألفا فی كلّ سنة، و كتب أزواج النبیّ فی عشرة آلاف لكلّ واحدة، و كتب بعد أزواج النبیّ علیّا علیه السلام فی خمسة آلاف و [من شهد بدرا من بنی هاشم، و كتب عثمان فی خمسة آلاف، و من شهد بدرا من موالی بنی أمیّة علی سواء، ثمّ قال بمن نبدأ؟. قالوا: بنفسك!. قال: بل نبدأ بآل أبی بكر، فكتب طلحة فی خمسة آلاف، و بلالا فی مثلها، ثم كتب لنفسه و من شهد بدرا من بطون قریش خمسة آلاف .. خمسة آلاف، ثمّ كتب الأنصار فی أربعة آلاف. فقالوا: قصرت بنا علی إخواننا؟!. قال: أجعل الذین قال اللّٰه لهم: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً»- مثل من أتته الهجرة فی داره؟!. قالوا: رضینا. ثم كتب لمن شهد فتح مكّة فی ألفین .. إلی آخره.
4- فی شرحه علی النّهج 12- 214- 215 بتصرف.

لَمْ یَفْرِضْ لِأَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَهُ، رُوِیَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً (1)، وَ رُوِیَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً، وَ هُوَ الْأَصَحُّ، ثم فرض لزوجات رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] لكلّ واحدة عشرة آلاف، و فضّل عائشة علیهنّ بألفین فأبت (2)، فقال: ذلك لفضل (3) منزلتك عند رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] ، فإذا أخذت فشأنك، و استثنی عن الزوجات جویریة و صفّیة و میمونة ففرض (4) لكلّ واحدة منهنّ ستّة آلاف،

فقالت عائشة: إنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] یعدل بیننا.

، فعدل عمر بینهنّ و ألحق هؤلاء الثلاث بسائرهنّ، ثم فرض للمهاجرین الذین شهدوا بدرا لكلّ واحد خمسة آلاف، و لمن شهدها من الأنصار لكلّ واحد أربعة آلاف.

و قد روی أنّه فرض لكلّ واحد ممّن شهد بدرا من المهاجرین أو من الأنصار أو غیرهم من القبائل خمسة آلاف، ثم فرض لمن شهد أحدا و ما بعدها إلی الحدیبیة أربعة آلاف، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد الحدیبیة ثلاثة آلاف، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد (5) رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] ألفین و خمسمائة، و ألفین، و ألفا و خمسمائة، و ألفا واحدا .. إلی مائتین .. و هم أهل هجر (6)، و مات عمر علی ذلك.

قال ابن الجوزی: و أدخل عمر فی أهل بدر ممّن لم یحضر بدرا أربعة، و هم الحسن و الحسین علیهما السلام و أبو ذرّ و سلمان، ففرض لكلّ واحد منهم خمسة

ص: 46


1- لا توجد من قوله: روی .. إلی هنا، فی المصدر، و الظّاهر كونه سقط منه.
2- و ذكر أبو عبید فی كتاب الأموال: 226 فرضه لعائشة اثنی عشر ألف درهم.
3- فی شرح النهج: بفضل.
4- فی س: فرض.
5- فی المصدر زیادة: وفاة.
6- هجر: اسم بلد معروف بالبحرین .. و قریة من قری المدینة، قاله ابن الأثیر فی نهایته 5- 247. و هناك ثمّة أقوال أوردها فی مراصد الاطّلاع 3- 1452، و معجم البلدان 5- 392- 393، فراجع.

آلاف (1)

قال ابن الجوزی: فأمّا ما اعتمده فی النساء فإنّه جعل نساء أهل بدر علی خمسمائة .. خمسمائة (2)، و نساء من بعد بدر إلی الحدیبیة علی أربعمائة ..

أربعمائة (3)، و نساء من بعد ذلك علی ثلاثمائة .. ثلاثمائة(4)، و جعل نساء أهل القادسیة علی مائتین (5)، ثم سوّی بین النساء بعد ذلك. انتهی.

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ (6) وَ مُسْلِمٌ(7) وَ غَیْرُهُمَا (8) بِأَسَانِیدَ عَدِیدَةٍ أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ فِی مَقَامِ التَّسْلِیَةِ قَرِیباً مِنْ وَفَاتِهِ: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّی تَلْقَوْنِی عَلَی الْحَوْضِ.

و هل یریب عاقل فی أنّ هذا القول بعد أن كان یسوّی بین المهاجرین و الأنصار مدّة حیاته إخبار بما یكون بعده (9)من التفضیل، و یتضمّن عدم إباحته و عدم رضاه صلّی اللّٰه علیه و آله به.

و یؤیّد حظر التفضیل و مخالفة السنّة فی القسمة

أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام أبطل سیرة عمر فی ذلك، و ردّ الناس إلی السنّة و القسم بالسویّة (10).

، و هو علیه السلام

ص: 47


1- هنا سقط یراجع المصدر.
2- لم تتكرّر كلمات: خمسمائة، أربعمائة، ثلاثمائة، فی المصدر.
3- لم تتكرّر كلمات: خمسمائة، أربعمائة، ثلاثمائة، فی المصدر.
4- لم تتكرّر كلمات: خمسمائة، أربعمائة، ثلاثمائة، فی المصدر.
5- تكرّرت كلمة: مائتین، فی المصدر.
6- صحیح البخاریّ 7- 89 و 90 فی فضائل أصحاب النّبیّ ص، و باب قول النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله للأنصار: اصبروا، و كتاب الفتن باب قول النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله: سترون بعدی أمورا تنكرونها.
7- صحیح مسلم كتاب الإمارة باب الأمر بالصّبر عند ظلم الولاة حدیث 1845.
8- و التّرمذیّ فی سننه كتاب الفتن، باب ما جاء فی الإمرة حدیث 2190، و النّسائیّ فی سننه 8- 224 و 225 كتاب القضاء باب ترك استعمال من یحرّض علی القضاء، و ابن الأثیر فی جامع الأصول 9- 168 حدیث 6726.
9- فی س: بعد- بلا ضمیر-.
10- كما جاء فی خطبة له علیه السلام: لو كان المال لی فسوّیت بینهم فكیف و المال مال اللّٰه .. انظر: نهج البلاغة لمحمّد عبده 1- 260 [1- 140]، و لصبحی صالح: 183 خطبة 126.

یدور مع الحقّ و یدور الحقّ معه حیثما دار بنصّ الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله (1)

، كما تضافرت (2) به الروایات من طرق المخالف و المؤالف، و مع ذلك احتجّ علیه السلام علی المهاجرین و الأنصار لّما كرهوا عدله فی القسمة و أنكروه علیه، بمخالفة التفضیل للشریعة، و ألزمهم العدل فی القسمة، فلم یردّه علیه أحد منهم، بل أذعنوا له و صدّقوا قوله، ثم فارقه طلحة و الزبیر و من یقفو إثرهما رغبة فی الدنیا و كراهة للحقّ، كما سیأتی (3) فی باب بیعته علیه السلام و غیره.

و قد قال ابن أبی الحدید (4) فی بعض كلامه-:

فإن قلت: إنّ أبا بكر قد قسم بالسویّة (5)، كما قسمه أمیر المؤمنین علیه السلام، و لم ینكروا علیه كما أنكروا علی أمیر المؤمنین علیه السلام؟.

قلت: إنّ أبا بكر قسم محتذیا بقسم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] ، فلمّا ولی عمر الخلافة و فضّل قوما علی قوم ألفوا ذلك و نسوا تلك القسمة الأولی، و طالت أیّام عمر، و أشربت قلوبهم حبّ المال و كثرة العطاء، و أمّا الذین اهتضموا فقنعوا و مرنّوا علی القناعة، و لم یخطر لأحد من الفریقین أنّ هذه الحال تنتقض(6) أو تتغیّر بوجه ما، فلمّا ولی عثمان أجری(7) الأمر علی ما كان عمر یجریه، فازداد وثوق العوام بذلك، و من ألف أمرا أشقّ(8) علیه فراقه و تغییر العادة فیه، فلمّا ولی

ص: 48


1- مرّت مصادر الحدیث فی أوّل تحقیقاتنا.
2- توجد حاشیة فی ك و هی: المضافرة- بالضاد و الفاء-: التّألّب، و قد تضافر القوم، و تضافروا: إذا تألّبوا. و قد تألّبوا: .. أی اجتمعوا. النهایةانظر: النهایة لابن الأثیر 3- 93 و فیه: و تظافروا- بالظاء أخت الطاء-، و 1- 59.
3- بحار الأنوار 32- 145- 148.
4- شرح النهج لابن أبی الحدید 7- 42- 43، بتفاوت كثیر أشرنا إلی بعضه.
5- فی المصدر: بالسواء
6- فی س: تنقض.
7- فی ك: أجر.
8- جاءت فی ك: شق.

أمیر المؤمنین علیه السلام أراد أن یردّ الأمر إلی ما كان فی أیّام رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و أبی بكر، و قد نسی ذلك و رفض، و تخلّل بین الزمانین اثنتان و عشرون سنة، فشقّ ذلك علیهم و أكبروه (1) حتی حدث ما حدث من نقض البیعة و مفارقة الطاعة، و للّٰه أمر هو بالغه!.

وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2) فِی بَعْضِ احْتِجَاجِهِ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ: وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ (3) فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِیهِ بِرَأْیِی وَ لَا وَلِیتُهُ هَوًی مِنِّی، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَیْكُمَا فِیمَا (4) فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قَسْمِهِ، وَ اللَّهُ (5) أَمْضَی فِیهِ حُكْمَهُ فَلَیْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِی وَ لَا لِغَیْرِكُمَا فِی هَذَا عُتْبَی، أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِنَا (6) إِلَی الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ.

و قال ابن أبی الحدید فی شرح هذا الكلام(7): قد (8) تكلّم علیه السلام فی معنی النفل و (9) العطاء، فقال: إنّی عملت بسنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] فی ذلك، و صدق علیه السلام، فإن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] سوّی بین الناس فی العطاء (10) و هو مذهب أبی بكر.

ص: 49


1- فی شرح النهج: و أنكروه و أكبروه.
2- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 185، صبحی الصّالح: 322 برقم 205.
3- مصداق الأسوة هنا هو التّسویة بین المسلمین فی قسمة الأموال، و كان ذلك سببا لغضبهما علی ما روی.
4- زیادة جاءت فی: صبحی الصّالح: قد.
5- لا توجد: و اللّٰه، فی نسختی النّهج.
6- فی النّهج: قلوبنا و قلوبكم.
7- شرح النهج للمعتزلی 11- 10.
8- فی المصدر: ثم.
9- فی المصدر: التنفیل فی، بدلا من: النفل و.
10- فی الشرح: فی العطاء بین الناس- بتقدیم و تأخیر-.

ثم قال (1): إنّ طلحة و الزبیر قد نقما علیه (2) الاستبداد و ترك المشاورة، و انتقلا من ذلك إلی الوقیعة فیه بمساواة الناس فی قسمة المال، و أثنیا علی عمر و حمدا سیرته و صوّبا رأیه، و قالا: إنّه كان یفضّل أهل السوابق .. و ضلّلا علیّا فیما رأی، و قالا: إنّه أخطأ .. و إنّه خالف سیرة عمر و هی السیرة المحمودة .. (3)، و استنجدا علیه بالرؤساء من المسلمین الذین (4) كان عمر یفضّلهم و ینفلهم فی القسم علی غیرهم، و الناس أبناء الدنیا، و یحبّون الْمالَ حُبًّا جَمًّا، فتنكّرت علی أمیر المؤمنین علیه السلام بتنكّرهما قلوب كثیرة، و نغلت (5) علیه نیّات كانت من قلب (6) سلیمة. انتهی.

و بالجملة، من راجع السیر و الأخبار لم یبق له ریب فی أنّ سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام فی القسمة هو العدل تأسّیا برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و اتّباعا لكتابه، و قد احتجّ علیه السلام علی المصوّبین لسیرة عمر فی تركه العدل بأنّ التفضیل مخالف للسنّة، فلم یقدر أحد علی ردّه، و صرّح علیه السلام أنّ التفضیل جور و بذل المال فی غیر حقّه تبذیر و إسراف كما سیأتی.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (7)، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ(8)، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ (9) لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! لَوْ أَمَرْتَ لِی بِمَعُونَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ!، فَوَ اللَّهِ مَا لِی نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ أَبِیعَ دَابَّتِی. فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ، مَا أَجِدُ لَكَ شَیْئاً إِلَّا أَنْ تَأْمُرَ عَمَّكَ

ص: 50


1- قال ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 11- 11.
2- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: و تنقما علیه. أقول: مرجع الضمیر: طلحة و الزبیر.
3- هنا سقط جاء فی الشرح.
4- لا توجد: الذین، فی المصدر.
5- فی س: نقلت. و جاء فی حاشیة ك: نفلت نیّاتهم أی فسدت صحاح. انظر: الصحاح 5- 1832.
6- خ. ل: كان من قبل. و فی المصدر: كانت من قبل، و هو الأنسب.
7- فی شرح النّهج 2- 200.
8- فی س: مبعد، و فی المصدر: سعید.
9- زیادة: ابن أبی طالب، جاءت فی الشّرح.

أَنْ (1) یَسْرِقَ فَیُعْطِیَكَ..

و ذكر ابن أبی الحدید (2) أیضا أنّ عمر أشار (3) علی أبی بكر فی أیّام خلافته بترك التسویة فلم یقبل، و قال: إنّ اللّٰه لم یفضّل أحدا علی أحد، و قال: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِینِ) (4) و لم یخصّ قوما دون قوم.

ثم لم یستند عمر فیما زعمه صوابا إلی شبهة فضلا عن حجّة، و لو أقام حجّة علی ما زعمه لحكاه الناصرون له.

و قد روی ابن الأثیر فی الكامل (5) ذلك، إلّا أنّه لم یصرّح بالمشیر سترا علیه (6).

و هل یرتاب عاقل فی أنّه لو كان إلی جواز التفضیل و مصانعة الرؤساء

ص: 51


1- لا توجد فی س: أن.
2- شرح النهج لابن أبی الحدید 8- 111 بتصرّف.
3- فی المصدر: و قد كان أشار.
4- التوبة: 60.
5- الكامل 2- 290.
6- و ها هو یأخذ الزكاة من الخیل مع عدم أخذ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم و لا أبو بكر، و قد وردت روایات فی ذلك عن طریق العامّة، كما فی موطإ مالك 1- 206، و مسند أحمد 1- 14، و سنن البیهقیّ 4- 118، و مستدرك الحاكم 1- 401، و مجمع الزوائد 3- 69، بل عدّ العسكریّ فی أوائله، و السیوطی فی تاریخ الخلفاء: 93 و غیرهما: أنّ عمر أوّل من أخذ زكاة الخیل. و من هنا وقع الشجار بینهم و بین من اتّبع السنّة النبویّة فی عدم تعلّق الزكاة بالخیل أنّ الخلیفة یسنّ للأمّة ما لا أصل له فی الدین كزكاة الخیل و صلاة التراویح و غیرهما، و قد ینقض السنّة الثابتة للصادع الكریم خشیة ظنّ الأمّة الوجوب!. قال الشافعی فی كتاب الأم 2- 189: قد بلغنا أنّ أبا بكر و عمر كانا لا یضحّیان كراهیة أن یقتدی بهما فیظنّ من رءاهما أنّها واجبة. و جاء فی مختصر المزنی- هامش كتاب الأمّ- 5- 210. و فی روایة أخری: مخافة أن یستنّ بهما، كما فی السنن الكبری للبیهقیّ 9- 265، و الكبیر للطبرانی، و المجمع للهیثمی 4- 18 من طریق الطبرانی، و قال رجاله صحیح. و ذكره السیوطی فی جمع الجوامع، كما فی ترتیبه 3- 45 نقلا عن ابن أبی الدنیا فی الأضاحی، و الحاكم فی الكنی، و أبی بكر عبد اللّٰه بن محمّد النیسابوریّ فی الزیادات، ثمّ قال: قال ابن كثیر: إسناده صحیح. و قال الهندی فی كنز العمّال 3- 45 نقلا عن الشعبی: أنّ أبا بكر و عمر شهدا الموسم فلم یضحّیا. و ها هو ینقض السنّة الثابتة من الصادع الكریم خشیة ظنّ الأمّة الوجوب و یسنّ لها ما لا أصل له فی الدین كزكاة الخیل و صلاة التراویح و غیرهما من أحداث كثیرة!!.

و الأشراف للمصالح سبیل لما عدل أمیر المؤمنین علیه السلام إلی العدل و التسویة، مع ما رآه عیانا من تفرّق أصحابه عنه لذلك و میلهم إلی معاویة بقبضه عنهم ما عوّدهم به عمر بن الخطاب كما سیأتی (1)، و لم یكن یختار أمرا یوجب حدوث الفتن و إراقة الدماء، و لما كان یمنع عقیلا صاعا من برّ فیذهب إلی معاویة.

فإن قیل: فلم كان الحسنان علیهما السلام یقبلان التفضیل، و أبوهما علیه السلام لم رضی بذلك؟.

قلنا: إمّا للتقیّة كما مرّ مرارا، أو لأنّ عمر لما حرّمهم حقّهم من الخمس و الفی ء و الأنفال فلعلّهما أخذا ما أخذا عوضا من حقوقهم.

و یمكن أن یقال: لما كان أمیر المؤمنین علیه السلام ولی الأمر فلعلّ ما أخذاه صرفه علیه السلام فی مصارفه، و كان الأخذ من قبیل الاستنقاذ من الغاصب و الاستخلاص من السارق.

ثم من غریب ما ارتكبه عمر من المناقضة فی هذه القصّة أنّه نبذ سنّة (2) رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله وراء ظهره و أعرض عنه رأسا، و فضّل من شاء علی غیره، ثم لمّا قالت عائشة: إنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كان یعدل بیننا، عدل بین الثلاث و بین غیرهنّ سوی عائشة، و قد كان فضّل عائشة بألفین (3) فكیف كانت سیرة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله فی التسویة بین ثمان من الزوجات حجّة، و لم تكن حجّة فی العدل بین التسع، و لا بین المهاجرین و الأنصار و غیرهم؟.

و اعلم أنّ أكثر الفتن الحادثة فی الإسلام من فروع هذه البدعة، فإنّه لو استمرّ الناس علی ما عوّدهم الرسول من العدل و جری علیه الأمر فی أیّام أبی بكر

ص: 52


1- بحار الأنوار: فی عدة موارد منها ما مرّ صفحة 44 و ما سیأتی قریبا و 40- 107 و 41- 116، و عن العامّة فی إحقاق الحقّ 8- 532- 573، فراجع.
2- لا توجد: سنة، فی س.
3- قد مرّت المصادر فی أوّل الطعن، و جاءت فی طبقات ابن سعد 3- 304 أیضا.

لما نكث طلحة و الزبیر بیعة أمیر المؤمنین علیه السلام، و لم تقم فتنة الجمل، و لم یستقرّ الأمر لمعاویة، و لا تطرّق الفتور إلی اتّباع أمیر المؤمنین علیه السلام و أنصاره، و لو كان المنازع له فی أوّل خلافته معاویة لدفعه بسهولة و لم ینتقل الأمر إلی بنی أمیّة، و لم یحدث ما أثمرته تلك الشجرة الملعونة من إراقة الدماء المعصومة، و قتل الحسین علیه السلام، و شیوع سبّ أمیر المؤمنین علیه السلام علی المنابر، ثم انتقال الخلافة إلی بنی العباس و ما جری من الظلم و الجور علی أهل البیت علیهم السلام و علی سائر أهل الإسلام.

و قد كان من الدواعی علی الفتن و الشرور بدعته الأخری و هی الشوری، إذ جعل طلحة و الزبیر مرشّحین للخلافة نظیرین لأمیر المؤمنین علیه السلام، فشقّ علیهما طاعته و الصبر علی الأسوة و العدل، و هذا فی غایة الوضوح (1) و قد روی ابن عبد ربّه فی كتاب العقد (2) علی ما حكاه العلّامة رحمه اللّٰه عنه فی كشف الحقّ (3)، قال: إنّ معاویة قال (4) لابن الحصین(5) أخبرنی: ما الذی شتّت أمر المسلمین و جماعتهم(6) و مزّق ملأهم، و خالف بینهم؟!. فقال:

قتل عثمان (7) قال: ما صنعت شیئا؟. قال: فسیر (8) علیّ إلیك (9). قال: ما صنعت شیئا(10)؟. قال: ما عندی غیر هذا یا أمیر المؤمنین. قال: فأنا أخبرك،

ص: 53


1- ستأتی مفصّلا فی الطعن الثامن عشر.
2- العقد الفرید 4- 281 [3- 75 طبعة أخری .
3- كشف الحقّ نهج الحقّ و كشف الصدق: 355.
4- لا توجد: قال، فی س.
5- هو: عمران بن حصین. و فی العقد: حضین.
6- لا توجد: و جماعتهم، فی العقد.
7- كذا فی الكشف، و فی العقد: قال: نعم، قتل الناس عثمان.
8- فی المصدرین: فمسیر.
9- فی العقد زیادة: و قتاله إیّاك.
10- فی الكشف و العقد زیادة: قال: فمسیر طلحة و الزبیر و عائشة و قتال علیّ إیّاهم. قال: ما صنعت شیئا.

إنّه لم یشتّت بین المسلمین و لا فرّق أهواءهم إلّا الشوری التی جعلها عمر فی (1) ستّة .. ثم فسّر معاویة ذلك، فقال: لم یكن من الستّة رجل إلّا (2) رجاها لنفسه، و رجاها (3) لقومه، و تطلّعت إلی ذلك نفوسهم (4)، و لو أنّ عمر استخلف (5) كما استخلف أبو بكر ما كان فی ذلك اختلاف.

و قد حكی ابن أبی الحدید (6) أیضا ذلك عن معاویة و قد تمّم إثارة الفتنة بإغواء معاویة و عمرو بن العاص و إطماعهما (7) فی الخلافة، و كان معاویة عامله علی الشام و عمرو بن العاص أمیره و عامله علی مصر، فخاف أن یصیر الأمر إلی علیّ علیه السلام. فقال لما طعن و علم بأنّه سیموت (8): یا أصحاب محمّد! تناصحوا فإن (9) لم تفعلوا غلبكم علیها عمرو بن العاص و معاویة بن أبی سفیان، روی ذلك ابن أبی الحدید (10) ثم حكی (11) عن شیخنا المفید رحمه اللّٰه، أنّه قال: كان غرض عمر بإلقاء هذه الكلمة إلی الناس أن تصل إلی عمرو بن العاص و معاویة فیتغلّبا علی مصر و الشام لو أفضی الأمر إلی علیّ علیه السلام.

و بالجملة، جمیع ما كان و ما یكون فی الإسلام من الشرور إلی یوم النشور

ص: 54


1- فی العقد: إلی ستة.
2- فی العقد: لم یكن رجل منهم إلّا ..
3- فی المصدرین زیادة: له، هنا.
4- فی الكشف: أنفسهم، و فی العقد: نفسه.
5- فی العقد زیادة: علیهم.
6- فی شرحه علی نهج البلاغة 3- 99.
7- فی س: إطماعها. و هو سهو.
8- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: إنّ عمر بن الخطّاب قال لما طعن .
9- فی الشرح: فإنّكم إن .
10- قاله ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 3- 99.
11- ابن أبی الحدید فی شرحه 3- 99 بتصرّف و اختصار.

إنّما أثمرته شجر فتنته، فغرس أصل الفتن یوم السقیفة، و ربّاها (1) ببدعه من التفضیل فی العطاء و وضع الشوری و .. غیر ذلك، فهو السهیم فی جمیع المعاصی و الأجرام، و الحامل لجملة الأوزار و الآثام، كما مرّ فی الأخبار الكثیرة.

و أمّا الخمس، فالآیة صریحة فی أنّ لذی القربی فیه حقّا، و إن اختلفوا فی قدره و لم ینكر أحد أنّ عمر بن الخطاب لم یعطهم شیئا من أرض السواد و لا من خراجها، و كذلك منع سهمهم من أرض خیبر و من سائر الغنائم و جعل الغنائم من بیت المال و وقف خراجها علی مصالح، كما مرّ.

وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (2) مِنْ صَحِیحَیْ أَبُو دَاوُدَ(3) وَ النَّسَائِیِّ (4)، عَنْ یَزِیدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: إِنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِیَّ حِینَ حَجَّ فِی فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَیْرِ أَرْسَلَ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ یَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذِی الْقُرْبَی لِمَنْ یَرَاهُ؟. فَقَالَ لَهُ: لِقُرْبَی (5)رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] لَهُمْ، وَ قَدْ كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَیْنَا مِنْ ذَلِكَ عَرْضاً رَأَیْنَاهُ دُونَ حَقِّنَا، وَ رَدَدْنَاهُ (6) عَلَیْهِ، وَ أَبَیْنَا أَنْ نَقْبَلَهُ.

هذه روایة أبی داود(7).

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ یَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذِی الْقُرْبَی لِمَنْ هُوَ؟. قَالَ یَزِیدُ بْنُ هُرْمُزَ: فَأَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَی نَجْدَةَ، كَتَبَ إِلَیْهِ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِی عَنْ سَهْمِ ذِی الْقُرْبَی لِمَنْ هُوَ؟ وَ هُوَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ، وَ قَدْ كَانَ

ص: 55


1- خ. ل: و ریّاها.
2- جامع الأصول 2- 695- 696 حدیث 1197 باختلاف یسیر.
3- كذا، و الصّحیح: أبی داود- بالیاء- سنن أبی داود كتاب الخراج و الإمارة باب بیان مواضع قسم الخمس و سهم ذی القربی حدیث 2982.
4- سنن النّسائیّ 7- 128- 129 فی قسم الفی ء.
5- فی س: كقربی.
6- فی جامع الأصول: فرددناه.
7- و أخرجه أیضا مسلم فی صحیحه كتاب الجهاد باب النساء الغازیات رضخ لهنّ و لا یسهم حدیث 1812.

عُمَرُ دَعَانَا إِلَی أَنْ یُنْكِحَ (1) أَیِّمَنَا (2) وَ یُجْدِی (3) مِنْهُ عَائِلُنَا، وَ یُقْضَی مِنْهُ عَنْ غَارِمِنَا، فَأَبَیْنَا إِلَّا أَنْ یُسَلِّمَهُ إِلَیْنَا، وَ أَبَی ذَلِكَ فَتَرَكْنَا عَلَیْهِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی لَهُ مِثْلُ أَبِی دَاوُدَ، وَ فِیهِ: وَ كَانَ الَّذِی عَرَضَ عَلَیْهِمْ أَنْ یُعِینَ نَاكِحَهُمْ، وَ یَقْضِیَ عَنْ غَارِمِهِمْ، وَ یُعْطِیَ فَقِیرَهُمْ، وَ أَبَی أَنْ یَزِیدَهُمْ عَلَی ذَلِكَ.

انتهی.

و هی مع صحّتها عندهم تدلّ علی أنّ عمر منع ذوی القربی بعض حقّهم الذی أعطاهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و یفهم منها أنّ (4) هذا المنع إنّما كان خوفا من قوّة بنی هاشم لو وصل إلیهم ما فرض اللّٰه لهم من الخمس فیمیل الناس إلیهم رغبة فی الدنیا فیمكنهم طلب الخلافة، و قد كان خمس الخراج من سواد العراق وحده اثنین و ثلاثین ألف ألف درهم فی كلّ سنة علی بعض الروایات سوی خمس خیبر و غیرها، و لا ریب أنّ قیمة خمس تلك الأراضی أضعاف أضعاف هذا المبلغ، و كذا خمس الغنائم المنقولة المأخوذة من الفرس و غیرهم مال خطیر، فلو أنّهم لم یغصبوا هذا الحقّ بل أدّوا إلی بنی هاشم و سائر ذوی القربی حقّهم لم یفتقر أحد منهم أبدا، فوزر ما أصابهم من الفقر و المسكنة فی أعناق أبی بكر و عمر و أتباعهما إلی یوم القیامة.

و أمّا الفرض، فقد قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (5): رَوَی ابْنُ سَعْدٍ فِی كِتَابِ الطَّبَقَاتِ (6): أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ قَوْماً یَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ حَلَالٌ لِعُمَرَ،

ص: 56


1- فی المصدر زیادة: منه.
2- الأیّم: العزب، رجلا كان أو امرأة، كما فی المصباح المنیر 1- 43. و الأیّم- فی الأصل- الّتی لا زوج لها، بكرا كانت أو ثیّبا، مطلّقة كانت أو متوفّی عنها، كما فی النّهایة 1- 85 و غیرها.
3- جاءت الكلمة: یحذی، فی المصدر، و یجزی فی س.
4- فی س: علی أن- بزیادة علی-.
5- شرح نهج البلاغة 12- 219- 220.
6- طبقات ابن سعد 3- 275- 276، ضمن حدیث بتصرف.

وَ لَیْسَ كَمَا قَالُوا، لَا هَا اللَّهِ (1) إِذَنْ! أَنَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهُ، یَحِلُّ لِی مِنْهُ (2) حُلَّتَانِ، حُلَّةٌ فِی الشِّتَاءِ وَ حُلَّةٌ فِی الْقَیْظِ (3) وَ مَا أَحُجُّ عَلَیْهِ وَ أَعْتَمِرُ مِنَ الظَّهْرِ، وَ قُوتِی وَ قُوتُ أَهْلِی كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ قُرَیْشٍ لَیْسَ بِأَغْنَاهُمْ وَ لَا أَفْقَرِهِمْ، ثُمَّ أَنَا بَعْدُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یُصِیبُنِی مَا أَصَابَهُمْ (4).

و روی ابن سعد (5) أیضا-، أنّ عمر كان إذا احتاج أتی إلی صاحب بیت المال فاستقرضه، فربّما عسر علیه القضاء (6)فیأتیه صاحب بیت المال فیتقاضاه، فیحتال له، و ربّما خرج عطاؤه فقضاه.

و لقد (7) اشتكی مرّة فوصف له الطبیب العسل، فخرج حتی صعد المنبر و فی بیت المال عكّة (8)، فقال: إن أذنتم لی فیها أخذتها و إلّا فهی علیّ حرام، فأذنوا له فیها.

ثم قال (9): إنّما (10) مثلی و مثلكم كقوم سافروا (11) فدفعوا نفقاتهم إلی رجل

ص: 57


1- قال فی النّهایة 5- 237: و قد یقسم بالهاء فیقال: لا ها اللّٰه ما فعلت .. أی لا و اللّٰه ما فعلت، أبدلت الهاء من الواو، و منه حدیث أبی قتادة یوم حنین: قال أبو بكر: لا ها اللّٰه إذا .. هكذا جاء الحدیث، و الصّواب لا ها اللّٰه ذا- بحذف الهمزة- و معناه: لا و اللّٰه لا یكون ذا، أو: لا و اللّٰه الأمر ذا، فحذف تخفیفا.
2- لا توجد: منه، فی الطّبقات.
3- القیظ: حمّارة الصّیف، كما فی الصّحاح 3- 1178، و قال فی مجمع البحرین 4- 290: هو: صمیم الصیف ، ومثله فی القاموس ٢ _ ٣٩٨ ، والنهایة ٤ _ ١٣٢.
4- ونقله ابن الجوزی فی سیرة عمر : ٧٥ _ ٧٦.
5- طبقات ابن سعد 3- 276، بتصرّف.
6- لا توجد: القضاء، فی الطبقات.
7- الطبقات 3- 277 بإسناد آخر و بتصرّف.
8- العكّة- بالضم-: آنیة السّمن أصغر من القربة، كما فی القاموس 3- 313، و انظر الصحاح 4- 1600.
9- جاء فی طبقات ابن سعد ضمن حدیث آخر فی 3- 281.
10- فی المصدر: إنّ.
11- فی س: سافر.

منهم لینفق علیهم، فهل یحلّ له أن یستأثر منها بشی ء؟.

و روی أخبارا أخر أیضا من هذا الباب ظنّا منه أنّها تعینه علی دفع الطعن، مع أنّها ممّا یؤیّده، إذ بعضها یدلّ علی أنّه كان یری الأخذ من بیت المال مجّانا حراما و لو كان للضرورة، إلّا أن یأذن ذوو الحقوق فی ذلك، فیردّ حینئذ أنّ الاستئذان ممّن حضره حین صعد المنبر فی الأكل من العسل لا یغنی من جوع، فإنّ الحقّ لم یكن منحصرا فی هؤلاء، و لم یكونوا وكلاء لمن غاب عنه حتی یكفیه إذنهم فی التناول منه، مع أنّ بیت المال مصرفه مصالح المسلمین و لیس مشتركا بینهم كالمیراث و نحوه، فإذا لم یكن للحاضرین حاجة مصحّحة للأخذ منه لم یكن لهم فیه حقّ حتی ینفع إذنهم فی الأخذ، و كون أخذ الإمام من المصالح- لا سیّما للدواء- لا ینفع، فإنّه لو تمّ لدلّ علی عدم الحاجة إلی الاستئذان مطلقا، فهذه [كذا] الاستئذان دائر بین أن یكون ناقصا (1) غیر مفید و بین أن یكون لغوا لا حاجة إلیه، فیدلّ إمّا علی الجهل و قلّة المعرفة أو علی الشید و المكر لأخذ قلوب العوام، كما یقال: یتورّع من سواقط الأوبار و یجرّ الأحمال مع القطار.

الطعن السادس عشر:

إنّه كان یتلوّن فی الأحكام، حتی روی أنّه قضی فی الجدّ بسبعین (2) قضیة،

ص: 58


1- فی س: ناقضا.
2- فی س: سبعین. أقول: و قد ذكر البیهقیّ فی السنن الكبری 6- 247: أنّ أوّل جدّ ورث فی الإسلام عمر بن الخطاب، مات ابن فلان بن عمر فأراد أن یأخذ المال دون إخوته، فقال له علیّ و زید رضی اللّٰه عنهما: لیس لك ذلك. فقال عمر: لو لا أنّ رأیكما اجتمع لم أر أن یكون ابنی و لا أكون أباه. و قریب منه ما ذكره الدارمیّ فی سننه 2- 354. و انظر: مستدرك الحاكم 4- 340، و مجمع الزوائد للهیثمی 4- 227، و ترتیب جمع الجوامع للسیوطی 6- 15، و سنن الكبری 6- 247. و قال البیهقیّ فی سننه 6- 245 عن عبیدة قال: إنّی لأحفظ عن عمر فی الجدّ مائة قضیة كلّها ینقض بعضها بعضا. و ذكر ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 1- 181 [1- 61 طبعة مصر]: كان عمر یفتی كثیرا بالحكم ثمّ ینقضه و یفتی بضدّه و خلافه، قضی فی الجدّ مع الإخوة قضایا كثیرة مختلفة، ثمّ خاف من الحكم فی هذه المسألة فقال: من أراد أن یتقحّم یقتحم جراثیم جهنّم فلیقل فی الجدّ برأیه.

و هذا یدلّ علی قلّة علمه، و أنّه كان یحكم بمجرّد الظنّ و التخمین و الحدس من غیر ثبت و دلیل (1)، و مثل هذا لا یلیق بإمامة المسلمین و رئاسة الدنیا و الدین..

الطعن السابع عشر:

أنّه همّ بإحراق بیت فاطمة علیها السلام (2)، و قد كان فیه أمیر المؤمنین و فاطمة و الحسنان علیهم السلام، و هدّدهم و آذاهم مع أنّ رفعة شأنهم عند اللّٰه تعالی و عند رسوله (صلی اللّٰه علیه و آله) ممّا لا ینكره أحد من البشر (3) إلّا من أنكر ضوء الشمس

ص: 59


1- و له عدّة موارد فی أقضیة كان حكمه فیها مجرّد رأی و تحكّم و تضارب و تشتّت، قد مرّت منها موارد و سیأتی منها موارد أخری. منها: ترك الخلیفة القود ممّن یستحقّه محاباة، كما أورده البیهقیّ فی السنن الكبری 8- 32، و السیوطی فی جمع الجوامع، كما فی ترتیبه 7- 303، و غیرهما، و جاء فیهما عدّة وقائع. و نظیره ما رواه فی كنز العمّال 7- 304. و منها: قضاؤه فی قتل قاتل عفا عنه بعض أولیاء الدم، كما أورده الشافعی فی كتابه الأم 7- 295، و البیهقیّ فی سننه 8- 60 و غیرهما. و انظر مسألة الكلالة فی الطعن الثالث عشر.
2- قال ابن قتیبة فی الإمامة و السیاسة تحت عنوان: كیف كان بیعة علیّ بن أبی طالب علیهما السلام 1- 19: إنّ أبا بكر تفقّد قوما تخلّفوا عن بیعته عند علیّ علیه السلام فبعث إلیهم عمر فجاء فناداهم- و هم فی دار علیّ علیه السلام- فأبوا أن یخرجوا فدعا بالحطب، و قال: و الذی نفس عمر بیده لتخرجنّ أو لأحرقنّها علی من فیها. فقیل له فیها: یا أبا حفص! إنّ فیها فاطمة. فقال: و إن. و جاء بلفظ آخر فی كنز العمّال 3- 139، و قال: أخرجه ابن أبی شیبة. و فیه: و ایم اللّٰه ما ذاك بمانعی إن اجتمع هؤلاء النفر عندكم إن أمرتهم أن یحرق علیهم الباب!.
3- و هذه فعاله و بین أیدیهم هتاف النبیّ الأقدس: فاطمة بضعة منّی فمن أغضبها أغضبنی. و فی لفظ: یقبضنی ما یقبضها و یبسطنی ما یبسطها. و فی ثالث: یؤذینی ما آذاها و ینصبنی ما أنصبها. و فی رابع: فاطمة شجنة منّی یبسطنی ما یبسطها و یقبضنی ما یقبضها. و فی خامس: فاطمة مضغة منّی یقبضنی ما قبضها و یبسطنی ما بسطها. و فی سادس: یسرّنی ما یسرّها. و فی سابع: فاطمة قلبی و روحی الّتی بین جنبیّ، فمن آذاها فقد آذانی. و قد نقلها عن تسعة و خمسین راویا العلّامة الأمینی- رحمه اللّٰه- فی الغدیر 7- 331- 336، و تعرّض أیضا فی 3- 20- 21. و قال فی شرح الجامع الصغیر 4- 421: استدلّ به السهیلی علی أنّ من سبّها كفر، لأنّه یغضبه. و ذكر ابن حجر: و فیه تحریم أذی كلّ من یتأذّی المصطفی بتأذّیه، فكلّ من وقع منه فی حقّ فاطمة شی ء، فتأذّت به فالنبیّ یتأذّی به بشهادة هذا الخبر. نذكر مثالا مصادر للحدیث علی اختلاف ألفاظه: صحیح البخاریّ 5- 274، صحیح مسلم 2- 261، سنن ابن ماجة 1- 216، سنن أبی داود 1- 324، جامع الترمذی 2- 319، نوادر الأصول للترمذی: 308، خصائص النسائی: 35، مسند أحمد بن حنبل 4- 323، 328، الأغانی 8- 156، مستدرك الحاكم: 154، 158، 159، و حلیة الأولیاء 2- 40، السنن الكبری 7- 307، مشكاة المصابیح: 560، مصابیح السنّة 2- 278، الجامع الصغیر و الكبیر للسیوطی، تهذیب التهذیب 12- 441، الصواعق لابن حجر: 112، 114، الفصول المهمة: 150، نزهة المجالس: 228، نور الأبصار: 45 و غیرها كثیر جدّا.

و نور القمر، و قد تقدّم (1) القول فیه مستوفی فیما غبر.

الطعن الثامن عشر: ما وقع منه فی قصّة الشوری

اشارة

، فقد أبدع فیها أمورا كثیرة: .

منها: أنّه خرج عن النصّ و الاختیار جمیعا

، فإنّه قال قاضی القضاة فی

ص: 60


1- بحار الأنوار 28- 231- 339، باب 4، جملة أحادیث منها: 17، 50، 69، و غیرها. أقول: و الأدهی من كلّ ذا و أمر قولته لسیّد الوصیّین و یعسوب الدین أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه: إذا و اللّٰه الذی لا إله إلّا هو نضرب عنقك! بعد رفضه البیعة، و أجابه بعد قوله: تقتلون إذا عبد اللّٰه و أخا رسوله- قال: أمّا عبد اللّٰه فنعم، و أمّا أخو رسول اللّٰه فلا، كما أوردها ابن قتیبة فی الإمامة و السیاسة و غیره، و ناقشها سیّدنا الفیروزآبادی فی السبعة من السلف 2- 17 مفصّلا، فراجع.

المغنی (1): قد ثبت عند كلّ من یقول بالاختیار أنّه إذا حصل العقد من واحد برضا أربعة صار إماما، و اختلفوا فیما عدا ذلك، فلا بدّ فیما یصیر به إماما من دلیل، فما قارنه الإجماع یجب أن یحكم به.

و حكی (2) عن شیخه أبی علی، أنّه قال: إنّ ما روی عن عمر أنّه قال: إن بایع ثلاثة و خالف اثنان فاقتلوا الاثنین (3) .. من أخبار الآحاد، و لا شی ء یقتضی صحّته، فلا یجوز أن یطعن به فی الإجماع. فكلامهم صریح فی أنّ الإمامة بالاختیار [إنّه] (4)لا یكون بأقلّ من خمسة، و قد ثبت عن عمر خلافه.

و منها: أنّه وصف كلّ واحد منهم بوصف زعم أنّه یمنع من الإمامة

، ثم جعل الأمر فیمن له هذه الأوصاف.

وَ قَدْ رَوَی السَّیِّدُ فِی الشَّافِی (5)، عَنِ الْوَاقِدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

قَالَ عُمَرُ: لَا أَدْرِی مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟. وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُطْعَنَ-، فَقُلْتُ: وَ لِمَ تَهْتَمُّ وَ أَنْتَ تَجِدُ مَنْ تَسْتَخْلِفُهُ عَلَیْهِمْ؟. قَالَ: أَ صَاحِبُكُمْ یَعْنِی عَلِیّاً؟!-. قُلْتُ: نَعَمْ وَ اللَّهِ، هُوَ لَهَا أَهْلٌ فِی قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ صِهْرِهِ وَ سَابِقَتِهِ وَ بَلَائِهِ؟. قَالَ: إِنَّ فِیهِ بِطَالَةً وَ فُكَاهَةً (6)!. قُلْتُ:

ص: 61


1- المغنی 20- 21- 26- القسم الثانی-. و أورده السیّد المرتضی فی الشافی 3- 207.
2- المغنی 20- 26- القسم الثانی-. و نقله بمعناه السیّد فی الشافی 4- 202، و ابن أبی الحدید فی شرحه 12- 258.
3- و قد نصّ الطبریّ فی تاریخه 4- 229 حوادث سنة 23 ه علی أمر عمر بالقتل لمن خالف الشوری، و غیره.
4- كذا، و خطّ علیها و رمز لها نسخة بدل فی مطبوع البحار.
5- الشّافی 4- 202- 205، بتصرّف و اختصار.
6- قال ابن أبی الحدید فی شرحه علی النّهج 12- 279: و أنا أعجب من لفظة عمر- إن كان قالها-: إنّ فیه بطالة، .. حاش للّٰه أن یوصف علیّ علیه السّلام بذلك، و إنّما یوصف به أهل الدّعابة و اللّٰهو، و ما أظنّ عمر- إن شاء اللّٰه- قالها، و أظنّها زیدت فی كلامه! و إنّ الكلمة هاهنا دالّة علی انحراف شدید!.

فَأَیْنَ (1) عَنْ طَلْحَةَ؟. قَالَ: فَابْنُ الزَّهْوِ وَ النَّخْوَةِ. قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ: هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَی ضَعْفٍ فِیهِ. قُلْتُ: فَسَعْدٌ؟. قَالَ: صَاحِبُ (2) مِقْنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا یَقُومُ بِقَرْیَةٍ لَوْ حُمِّلَ أَمْرُهَا. قُلْتُ: فَالزُّبَیْرُ؟. قَالَ: وَعْقَةٌ لَقِسٌ (3)، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ (4) الْغَضَبِ، شَحِیحٌ، وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا یَصْلُحُ (5) إِلَّا لِقَوِیٍّ فِی غَیْرِ عُنْفٍ، رَفِیقٍ (6) فِی غَیْرِ ضَعْفٍ، جَوَادٍ (7)فِی غَیْرِ سَرَفٍ. قُلْتُ: فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ عُثْمَانَ (8)؟.

قَالَ: لَوْ وَلِیَهَا لَحَمَّلَ بَنِی أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ، وَ لَوْ فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ (9).

قَالَ السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ (10): وَ قَدْ رُوِیَ مِنْ غَیْرِ هَذَا الطَّرِیقِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَصْحَابِ الشُّورَی: رُوحُوا إِلَیَّ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ قَالَ: قَدْ جَاءَنِی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

ص: 62


1- فی المصدر زیادة: أنت.
2- فی الشّافی: ذاك صاحب.
3- جاء فی حاشیة ك ما یلی: و فی حدیث عمر و اهتمامه للخلافة فذكر له سعد، فقال: ذلك إنّما یكون فی مقنب من مقانبكم .. المقنب- بالكسر-: جماعة الخیل و الفرسان، و قیل: هی دون المائة، یرید أنّه صاحب حرب و جیوش و لیس بصاحب هذا الأمر، ذكره فی النّهایة. و قال فی حدیث عمر: .. و ذكر الزّبیر، فقال: وعقة لقس .. الوعقة- بالسّكون-: الّذی یضجر و یتبرّم، یقال: رجل وعقة و وعقة أیضا، و وعق- بالكسر- فیهما. و اللقس: السّیّئ الخلق، و قیل: الشّحیح. [منه نوّر اللّٰه ضریحه]. انظر: النّهایة 4- 111 فیه: هو دون .. و 5- 207 و 4- 264.
4- فی حاشیة ك: مؤمن، ثمّ كتب بعدها: ابن أبی الحدید. و لعلّها فی بعض نسخه، و ما هنا مثبت فی المصدر المطبوع.
5- فی الشّافی زیادة: له. و لا توجد فی شرح النّهج.
6- فی ك: رقیق.
7- فی س نسخة بدل: و جواد.
8- فی المصدر: و عثمان. و لا توجد: عن، فیه.
9- حدیث ابن عبّاس مع عمر جاء فی الفائق 2- 425- 426، و أنساب البلاذریّ 5- 16 باختلاف فی العبارة، و جاء فیه: 17: قیل: طلحة؟. قال: أنفه فی السّماء و استه فی الماء. و ذكره فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 12- 258- 259، باختلاف یسیر.
10- الشّافی 4- 203- 204، و نقله عنه ابن أبی الحدید فی شرحه 12- 259- 260.

یَهُزُّ عَقِیرَتَهُ (1) یَرْجُو أَنْ یَكُونَ خَلِیفَةً، أَمَّا أَنْتَ یَا طَلْحَةُ أَ فَلَسْتَ الْقَائِلَ: إِنْ قُبِضَ النَّبِیُّ (صلی اللّٰه علیه و آله) أَنْكِحُ (2) أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ؟! فَمَا جَعَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِأَحَقَّ بِبَنَاتِ أَعْمَامِنَا (3)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی (4) فِیكَ: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً)(5)، وَ أَمَّا (6) أَنْتَ یَا زُبَیْرُ! فَوَ اللَّهِ مَا لَانَ قَلْبُكَ یَوْماً وَ لَا لَیْلَةً، وَ مَا زِلْتَ جِلْفاً (7) جَافِیاً، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عُثْمَانُ فَوَ اللَّهِ لَرَوْثَةٌ (8) خَیْرٌ مِنْكَ، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَإِنَّكَ رَجُلٌ عَاجِزٌ تُحِبُّ (9) قَوْمَكَ جَمِیعاً، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا سَعْدُ فَصَاحِبُ عَصَبِیَّةٍ وَ فِتْنَةٍ (10)، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَلِیُّ فَوَ اللَّهِ لَوْ وُزِنَ إِیمَانُكَ بِإِیمَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَرَجَحَهُمْ (11)، فَقَامَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُوَلِّیاً یَخْرُجُ (12)، فَقَالَ عُمَرُ: وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ مَكَانَ الرَّجُلِ لَوْ وَلَّیْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ لَحَمَلَكُمْ (13) عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ، قَالُوا: مَنْ هُوَ؟. قَالَ: هَذَا الْمُوَلِّی مِنْ بَیْنِكُمْ. قَالُوا: فَمَا یَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟. قَالَ: لَیْسَ إِلَی

ص: 63


1- جاء فی حاشیة ك: یهزّ عقیرته .. أی رفع صوته، قیل: أصله أنّ رجلا قطعت رجله فكان یرفع المقطوعة علی الصّحیحة و یصیح من شدّة وجعها بأعلی صوته، فقیل لكلّ رافع صوته: رفع عقیرته، و العقیرة- فعیلة- بمعنی مفعولة. نهایة. انظر: النّهایة 3- 275 و فیه: إنّه رفع عقیرته .. أی صوته. و قال فیه 5- 262: نهزّ بهما .. أی نسرع السّیر بهما .. هزیزا كهزیز الرّحی .. أی صوت دورانها.
2- فی المصدر: لننكحنّ.
3- زیادة: منّا، جاءت فی الشّافی.
4- لا توجد فی المصدر: تعالی.
5- الأحزاب: 53.
6- فی س: و ما.
7- قال فی النّهایة 1- 287: الجلف: الأحمق.
8- زیادة: أهلك، جاءت فی المصدر. و شرح ابن أبی الحدید كالمتن.
9- فی الشّافی: ما تحبّ، و ما فی المتن هو الظّاهر.
10- جاءت العبارة فی الشّافی هكذا: فأنت رجل عصبیّ.
11- فی المصدر: لرجح- بلا ضمیر-.
12- لا توجد فی الشّافی: یخرج.
13- فی الشّافی: مكان رجل لو ولّیتموها إیّاه لحملكم.

ذَلِكَ سَبِیلٌ (1).

وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ رَوَاهُ الْبَلاذُرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (2): أَنَّ عُمَرَ لَمَّا خَرَجَ أَهْلُ الشُّورَی مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: إِنْ وَلَّوْهَا الْأَجْلَحَ (3) سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِیقَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ(4): فَمَا یَمْنَعُكَ مِنْهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ؟. قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَیّاً وَ مَیِّتاً.

فوصف كما تری (5) كلّ واحد من القوم بوصف قبیح یمنع من الإمامة، ثم جعلها فی جملتهم حتی كأنّ تلك الأوصاف تزول فی حال الاجتماع، و نحن نعلم أنّ الذی ذكره إن كان مانعا من الإمامة فی كلّ واحد علی الانفراد فهو مانع مع الاجتماع، مع أنّه وصف علیّا علیه السلام بوصف لا یلیق به و لا ادّعاه عدوّ قطّ علیه، بل هو معروف بضدّه من الركانة و البعد عن المزاح و الدعابة(6)، و هذا معلوم ضرورة لمن سمع أخباره علیه السلام، و كیف یظنّ به ذلك،

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِذَا أَطْرَقَ هِبْنَا أَنْ نَبْتَدِئَهُ(7) بِالْكَلَامِ.

، وَ هَذَا لَا یَكُونُ إِلَّا مِنْ شِدَّةِ التَّزَمُّتِ (8) وَ التَّوَقُّرِ وَ مَا یُخَالِفُ الدُّعَابَةَ وَ الْفُكَاهَةَ.

و منها: أنّه قال: لا أتحمّلها حیّا و میّتا ..

و هذا إن كان علی عدوله عن

ص: 64


1- لا توجد: سبیل، فی س.
2- الأنساب للبلاذریّ 5- 18. و أورده أبو عمر فی الاستیعاب 4- 274- 275 [2- 419] فی ترجمة علیّ بن أبی طالب علیه السّلام، و ابن سعد فی الطّبقات 3- 341- 342، و الهندیّ فی كنز العمّال 6- 359، و الطّبریّ فی الرّیاض النّضرة 2- 72 و غیرهم فی غیرها.
3- الأجلح من النّاس .. من انحسر الشّعر عن جانبی مقدّم رأسه.
4- فی الشّافی: قال ابن عمر.
5- فی الشافی: كما تری، وقعت بعد: من القوم.
6- فی المصدر: الفكاهة، بدلا من: الدعابة
7- فی المصدر المطبوع: تبتدئه.
8- جاء فی حاشیة ك: قال الجوهریّ: الزّمیت: الوقور، و فلان أزمت النّاس .. أی أوقرهم. [منه رحمه اللّٰه]. انظر: الصّحاح للجوهریّ 1- 250

النصّ علی واحد بعینه فهو قول متملّس (1) متخلّص لا یفتات علی الناس فی آرائهم، ثم نقض هذا بأن نصّ علی ستة من بین العالم كلّه، ثم رتّب العدد ترتیبا مخصوصا یئول إلی (2) أنّ اختیار عبد الرحمن هو المقدّم، و أیّ شی ء یكون من التحمّل أكبر من هذا؟ و أیّ فرق بین أن یتحمّلها بأن ینصّ علی واحد بعینه و بین أن یفعل ما فعله من الحصر و الترتیب؟!.

و منها: أنّه أمر بضرب أعناق قوم أقرّ بأنّهم أفضل الأمّة

- إن تأخّروا عن البیعة أكثر من ثلاثة أیّام، و معلوم أنّ بذلك لا یستحقّون القتل، لأنّهم إذا كانوا إنّما كلّفوا أن یجتهدوا آراءهم فی اختیار الإمام فربّما طال زمان الاجتهاد و ربّما قصر بحسب ما یعرض فیه من العوارض، فأیّ معنی للأمر بالقتل إذا تجاوز الأیّام الثلاثة؟.

ثم (3) أنّه أمر بقتل من یخالف الأربعة (4)، و من یخالف العدد الذی فیه عبد

ص: 65


1- فی حاشیة ك: الملاسة: ضدّ الخشونة، یقال: ملّسته فتملّس، و انملس من الأمر: أفلت منه. و الافتیات: افتعال من الفوت و هو السّبق إلی الشّی ء دون ائتمار من یؤتمن، یقال: افتات علیه بأمر كذا .. أی فاته به، و فلان لا یفتات علیه .. أی لا یعمل بشی ء دون أمره. [منه رحمه اللّٰه]. انظر: الصحاح 3- 979- 980 و 1- 260، و لسان العرب 6- 221 و 2- 69- 70، و فیهما: یؤتمر، بدلا من: یؤتمن. و هو الظاهر.
2- فی س: إلّا. و ما فی الشافی كالمتن.
3- لا توجد: ثم، فی ك.
4- أقول: أخرج الطبریّ فی تاریخه 5- 35 قال: قال عمر لصهیب: صلّ بالناس ثلاثة أیّام، و أدخل علیّا و عثمان و الزبیر و سعدا و عبد الرحمن بن عوف و طلحة- إن قدم- و أحضر عبد اللّٰه بن عمر- و لا شی ء له من الأمر- و قم علی رءوسهم، فإن اجتمع خمسة و رضوا رجلا و أبی واحد فأشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسیف- و إن اتّفق أربعة فرضوا رجلا منهم و أبی اثنان فاضرب رءوسهما، فإن رضی ثلاثة رجلا منهم و ثلاثة رجلا منهم فحكّموا عبد اللّٰه بن عمر فأیّ الفریقین حكم له فلیختاروا رجلا منهم، فإن لم یرضوا بحكم عبد اللّٰه بن عمر فكونوا مع الذین فیهم عبد الرحمن بن عوف، و اقتلوا الباقین إن رغبوا عمّا اجتمع علیه الناس. و ذكره البلاذری فی أنساب الأشراف 5- 16- 18، و ابن قتیبة فی الإمامة و السیاسة 1- 23، و ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 257. و حكاه عنهم العلّامة الأمینی فی الغدیر 5- 375، فراجع. و قریب منه ما رواه ابن أبی الحدید 9- 50- 51 عن الشعبی فی كتاب الشوری، و مقتل عثمان، و عن الجوهریّ فی زیادات كتاب السقیفة.

الرحمن، و كلّ ذلك ممّا لا یستحقّ به القتل (1) و ما تمسّكوا به من أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام دخل فی الشوری طائعا و بایع غیر مكره، فتدلّ روایاتهم علی خلاف ذلك، فقد

رَوَی الطَّبَرِیُّ (2) فِی تِلْكَ الْقِصَّةِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ: یَا عَلِیُّ! لَا تَجْعَلَنَّ عَلَی نَفْسِكَ سَبِیلًا، فَإِنِّی نَظَرْتُ فَشَاوَرْتُ النَّاسَ فَإِذَا هُمْ لَا یَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَخَرَجَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ یَقُولُ:

سَیَبْلُغُ الْكِتَابُ أَجَلَهُ.

وَ فِی رِوَایَةِ الطَّبَرِیِّ (3): إِنَّ النَّاسَ لَمَّا بَایَعُوا عُثْمَانَ تَلَكَّأَ (4) عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ عُثْمَانُ (5): (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً) (6)، فَرَجَعَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَتَّی بَایَعَهُ وَ هُوَ یَقُولُ: خُدْعَةٌ وَ أَیُّ (7) خُدْعَةٍ.

وَ رَوَی السَّیِّدُ (8) رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنِ الْبَلاذُرِیِّ (9)، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ فِی إِسْنَادٍ لَهُ: إِنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَایَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (10) عُثْمَانَ كَانَ

ص: 66


1- انتهی كلام السیّد فی الشافی 4- 204- 205 باختلاف یسیر.
2- تاریخ الطّبریّ 4- 238.
3- تاریخ الطّبریّ 4- 229 [5- 41] حوادث سنة 23 ه.
4- قال الجوهریّ فی الصّحاح 1- 71: .. تلكّأ عن الأمر تلكّؤا: تباطأ عنه و توقّف، و جاء بمعنی التّثاقل أیضا فی النّهایة الأثیریّة 4- 268، و فی غیرها مثلهما.
5- فی المصدر: فقال عبد الرّحمن.
6- الفتح: 10.
7- فی تاریخ الطبریّ: و أیّما.
8- الشّافی 4- 210.
9- أنساب الأشراف 5- 22.
10- خطّ علی: عبد الرّحمن، فی س.

قَائِماً فَقَعَدَ، فَقَالَ لَهُ (1) عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَایِعْ وَ إِلَّا ضَرَبْتُ(2) عُنُقَكَ، وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ مَعَ أَحَدٍ (3) سَیْفٌ غَیْرَهُ، فَخَرَجَ عَلِیٌّ (4) عَلَیْهِ السَّلَامُ مُغْضَباً، فَلَحِقَهُ أَصْحَابُ الشُّورَی، فَقَالُوا: بَایِعْ وَ إِلَّا جَاهَدْنَا (5)، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ یَمْشِی حَتَّی بَایَعَ عُثْمَانَ.

فأیّ رضا هاهنا؟! و أیّ إجماع؟! و كیف یكون مختارا من یهدّد بالقتل و الجهاد؟!.

و قد تكلّم فی هذا الیوم المقداد و عمّار رضی اللّٰه عنهما و جماعة فی ذلك عرضوا نصرتهم علی أمیر المؤمنین علیه السلام، فقال: وَ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَعْوَاناً عَلَیْهِمْ وَ لَا أُحِبُّ أَنْ أُعَرِّضَكُمْ لِمَا لَا تُطِیقُونَ(6).

و أمّا دخوله علیه السلام فی الشوری فسیأتی ما روی من العلل فی ذلك، و أیّ علّة أظهر من أنّهم رووا أنّ عمر أوصی أبا طلحة فی خمسین رجلا حاملی سیوفهم علی عواتقهم فی إحضار القوم و قتلهم لو لم یعیّنوا خلیفة فی الأیّام المعیّنة.

و قال السیّد (7) رضی اللّٰه عنه بعد إیراد بعض الروایات من طرقهم ممّا یدلّ علی عدم رضاه علیه السلام بالشوری و بما (8) ترتّب علیه-: و هذه الجملة التی أوردناها قلیل من كثیر فی أنّ الخلاف كان واقعا، و الرضا كان مرتفعا، و الأمر إنّما تمّ بالحیلة و المكر و الخداع، و أوّل شی ء مكر به عبد الرحمن أنّه ابتدأ فأخرج نفسه

ص: 67


1- لا توجد: له، فی س.
2- فی الشّافی: أضرب.
3- فی الأنساب و الشّافی: مع أحد یومئذ- بتقدیم و تأخیر-.
4- فی المصدرین: فیقال إنّ علیّا خرج، بدلا من: فخرج.
5- فی الشّافی و الأنساب: جاهداك.
6- قد أورده السیّد فی الشافی 4- 211- 212 بتفصیل، و حكاه عنه ابن أبی الحدید 12- 265 266، و رواه قبلهما الطبریّ 3- 297 حوادث سنة 23 ه.
7- الشافی 4- 213.
8- فی ك: و إنّما.

عن الأمر (1) لیتمكّن من صرفه إلی من یرید، و لیقال إنّه لو لا إیثاره(2) الحقّ و زهده فی الولایة لما أخرج نفسه منها (3)، ثم عرض علی أمیر المؤمنین علیه السلام ما یعلم أنّه لا یجیب إلیه (4) و لا یلزمه (5) الإجابة إلیه من السیرة فیهم بسیرة الرجلین، و علم أنّه علیه السلام لا یتمكّن من أن یقول إنّ سیرتهما لا یلزمنی (6)، لئلّا ینسب إلی الطعن علیهما، و كیف یلتزم بسیرتهما (7) و كلّ واحد منهما لم یسر بسیرة الآخر، بل اختلفا و تباینا فی كثیر من الأحكام، هذا بعد أن قال لأهل الشوری: و ثقوا لی (8) من أنفسكم بأنّكم ترضون باختیاری إذا أخرجت (9) نفسی، فأجابوه علی

مَا رَوَاهُ أَبُو مِخْنَفٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی مَا عَرَضَ عَلَیْهِمْ، إِلَّا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ قَالَ:

انْظُرْ .. لِعِلْمِهِ بِمَا یَجُرُّ هَذَا الْمَكْرُ، حَتَّی أَتَاهُمْ أَبُو طَلْحَةَ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَا عَرَضَ وَ بِإِجَابَةِ الْقَوْمِ إِیَّاهُ إِلَّا عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: یَا أَبَا الْحَسَنِ! إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ لَكَ وَ لِلْمُسْلِمِینَ، فَمَا بَالُكَ تُخَالِفُهُ وَ قَدْ عَدَلَ بِالْأَمْرِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَنْ یَتَحَمَّلَ الْمَأْثَمَ لِغَیْرِهِ؟! فَأَحْلَفَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (10) أَنْ لَا یَمِیلَ إِلَی هَوًی، وَ أَنْ یُؤْثِرَ الْحَقَّ وَ یَجْتَهِدَ لِلْأُمَّةِ وَ لَا یُحَابِیَ (11) ذَا

ص: 68


1- فی الشافی: من الأمر.
2- جاءت: إیثار- بلا ضمیر-، فی المصدر.
3- لا توجد: منها، فی الشافی.
4- فی ك: إنّه لا یجب. و وضع فیها علی: إلیه، رمز نسخة بدل.
5- جاءت فی الشافی: و لا تلزمه. و فی س: و لا یلزم.
6- فی المصدر: لا تلزمنی.
7- فی الشافی: یلزم سیرتهما. و فی ك تقرأ: یلتزم سیرتهما.
8- جاءت: إلی، بدلا من: لی، فی ك.
9- فی الشافی: إذا خرجت.
10- فی مطبوع البحار زیادة: بما عرض. و وضع علیها رمز نسخة بدل، و لا توجد فی المطبوع من المصدرین.
11- فی ك: و لا یجابی. و فی الشّافی: و لا یحامی.

قَرَابَةٍ، فَحَلَفَ لَهُ.

و هذا غایة ما یتمكّن (1) منه أمیر المؤمنین علیه السلام فی الحال، لأنّ عبد الرحمن لّما أخرج نفسه من الأمر فظنّت(2) به الجماعة الخیر، و فوّضت إلیه الاختیار، لم یقدر (3) أمیر المؤمنین علیه السلام علی أن یخالفهم و ینقض ما اجتمعوا علیه، فكان أكثر ما تمكّن منه أن أحلفه و صرّح بما یخاف من جهته من المیل إلی الهوی و إیثار القرابة غیر أنّ ذلك كلّه لم یغن شیئا.

و منها: إنّه نسب أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الفكاهة و البطالة

و ذمّه عموما فی ضمن ذمّ جمیع الستة، و كان یهتمّ و یبذل جهده فی منع أمیر المؤمنین علیه السلام عن الخلافة حسدا و بغیا، و یكفی هذا فی القدح، و استبعاد ابن أبی الحدید (4) هذا و ادّعاؤه الظنّ بأنّها زیدت فی كلامه غریب لاشتمال جلّ روایاتهم علیه، و لیس هذا ببدع منه.

فَقَدْ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ(5) عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! لَقَدْ أَجْهَدَ هَذَا الرَّجُلُ (6) نَفْسَهُ فِی الْعِبَادَةِ حَتَّی نَحَلْتَهُ رِیَاءً!. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟.

قَالَ: الْأَجْلَحُ یَعْنِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ. قُلْتُ: وَ مَا یَقْصِدُ بِالرِّیَاءِ؟. قَالَ: یُرَشِّحُ نَفْسَهُ بَیْنَ النَّاسِ لِلْخِلَافَةِ.

وَ رُوِیَ عَنِ الشَّعْبِیِّ فِی كِتَابِ الشُّورَی (7)، وَ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ فِی كِتَابِ السَّقِیفَةِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِیِّ (8)، قَالَ: مَشَیْتُ وَرَاءَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ

ص: 69


1- فی المصدر: ما تمكّن.
2- فی الشافی: ظنّت- بلا فاء-.
3- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: و فوّضوا إلیه الاختیار فلم یقدر ..
4- فی شرحه علی نهج البلاغة 12- 279، و قد مرّ نصّ عبارته.
5- شرح النّهج 12- 80: بتصرّف یسیر، نقله عن أمالی أبی جعفر محمّد بن حبیب.
6- خطّ علی: الرّجل، فی س.
7- رواه ابن أبی الحدید فی شرحه 5- 50- 55.
8- فی المصدر: قال الشّعبیّ: فحدّثنی من لا أتّهمه من الأنصار. و قال أحمد بن عبد العزیز الجوهریّ: هو سهل بن سعد الأنصاریّ. و فی س زیادة: بن، قبل: الأنصاریّ.

(علیهما السلام) حِینَ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، وَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ یَمْشِی فِی جَانِبِهِ، فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ لِلْعَبَّاسِ (1): ذَهَبَتْ مِنَّا وَ اللَّهِ!. فَقَالَ: كَیْفَ عَلِمْتَ؟. قَالَ: أَ لَا تَسْمَعُهُ یَقُولُ: كُونُوا فِی الْجَانِبِ الَّذِی فِیهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَ سَعْدٌ لَا یُخَالِفُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (2) لِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ، وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ نَظِیرُ عُثْمَانَ وَ هُوَ صِهْرُهُ، فَإِذَا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ! فَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَیْنِ الْبَاقِیَیْنِ كَانَا مَعِی لَمْ یُغْنِیَا عَنِّی شَیْئاً، دَعْ إِنِّی لَسْتُ أَرْجُوهُمَا وَ لَا أَحَدَهُمَا (3)، وَ مَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحَبَّ عُمَرُ أَنْ یُعْلِمَنَا أَنَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَهُ فَضْلًا عَلَیْنَا لَا، لَعَمْرُ اللَّهِ (4) مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَیْنَا كَمَا لَمْ یَجْعَلْ لِأَوْلَاهُمْ عَلَی أَوْلَانَا (5)، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ یَمُتْ عُمَرُ لَأَذْكُرَنَّهُ (6) مَا أَتَی إِلَیْنَا قَدِیماً، وَ لَأُعْلِمَنَّهُ (7) سُوءَ رَأْیِهِ فِینَا وَ مَا أَتَی إِلَیْنَا حَدِیثاً، وَ لَئِنْ مَاتَ وَ لَیَمُوتَنَّ لَیَجْمَعَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَی أَنْ یَصْرِفُوا هَذَا الْأَمْرَ عَنَّا، وَ لَئِنْ فَعَلُوهَا لَیَرَوْنِی(8) حَیْثُ یَكْرَهُونَ، وَ اللَّهِ مَا بِی رَغْبَةٌ فِی السُّلْطَانِ وَ لَا أُحِبُّ الدُّنْیَا، وَ لَكِنْ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ، وَ الْقِیَامِ بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ (9).

و قد ورد فی الروایات التصریح بأنّه أراد بهذا التدبیر قتل أمیر المؤمنین علیه السلام كما سیأتی فی أخبار الشوری.

وَ رَوَی أَبُو الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ تَقْرِیبِ الْمَعَارِفِ (10)، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 70


1- فی مطبوع البحار: لعبّاس.
2- لا یوجد فی المصدر المطبوع: و سعد لا یخالف عبد الرّحمن.
3- فی شرح النّهج: مع أنّی لست أرجو إلّا أحدهما.
4- فی مطبوع البحار زیادة الواو قبل لفظ الجلالة.
5- فی المصدر: لأولادهم علی أولادنا.
6- فی شرح النّهج: لأذكرته.
7- فی المصدر: لأغلمته.
8- فی الشّرح زیادة: و لیفعلنّ. و فیه: لیروننی- بزیادة النّون-.
9- إلی هنا كلام ابن أبی الحدید فی شرحه 9- 50- 51، بتصرّف یسیر.
10- تقریب المعارف: القسم الثّانی الشّامل لمطاعن الخلفاء الثّلاثة و غیرهم، لم یطبعه مصحّح الكتاب مع الأسف.

عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ هَلَكَ وَ جَعَلَهَا شُورَی وَ جَعَلَنِی سَادِسَ سِتَّةٍ كَسَهْمِ الْجَدَّةِ، وَ قَالَ: اقْتُلُوا الْأَقَلَّ، وَ مَا أَرَادَ غَیْرِی، فَكَظَمْتُ غَیْظِی، وَ انْتَظَرْتُ أَمْرَ رَبِّی، وَ أَلْزَقْتُ كَلْكَلِی (1) بِالْأَرْضِ .. الْخَبَرَ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی الشَّرْحِ (2)، وَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (3)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِیهِ .. أَنَّهُ قَالَ یَوْماً لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَ تَدْرِی مَا مَنَعَ النَّاسَ لَكُمْ (4)؟. قَالَ: لَا، یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ. قَالَ: وَ (5) لَكِنِّی أَدْرِی. قَالَ: مَا هُوَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ؟. قَالَ: كَرِهَتْ قُرَیْشٌ أَنْ تُجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةُ وَ الْخِلَافَةُ فَتَجْحَفُوا النَّاسَ جَحْفاً (6)، فَنَظَرَتْ قُرَیْشٌ لِأَنْفُسِهَا فَاخْتَارَتْ، وَ وَفَّقَتْ فَأَصَابَتْ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَ یُمِیطُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَنِّی غَضَبَهُ فَیَسْمَعَ؟. قَالَ: قُلْ مَا تَشَاءُ. قَالَ:

أَمَّا قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ قُرَیْشاً اخْتَارَتْ (7) لِأَنْفُسِهَا فَأَصَابَتْ وَ وَفَّقَتْ .. (8)فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ: (وَ رَبُّكَ یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ یَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ) (9)، وَ قَدْ عَلِمْتَ

ص: 71


1- فی س: الكلل. و هنا حاشیة جاءت فی ك و هی: و الكلل و الكلكل: الصّدر، أو ما بین التّرقوتین. مجمع. انظر: مجمع البحرین 5- 465، و فیه: الكلكل و الكلكال.
2- شرح النّهج 12- 53- 55.
3- الكامل لابن الأثیر: 3- 34 [دار الكتاب العربیّ باختلاف كثیر أشرنا لبعضه.
4- فی المصدرین: منكم. و هو الظّاهر.
5- لا توجد الواو فی الشّرح.
6- فی المصدر: فیجخفوا جخفا. الجخف: هو الفخر و الشّرف، و یروی جفخا. ذكره ابن الأثیر فی النّهایة 1- 242، انظر: مجمع البحرین 5- 31، و القاموس 3- 121، و فی الكامل: فتبجحوا علی قومكم بجحا بجحا.
7- إنّ فی نقل عبارة المصدر تقدیم و تأخیر، فإنّ قوله: اختارت .. إلی قوله: و لا محدود، جاء فی المصدر تلو آیة: «وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ»، باختلاف نشیر إلیه.
8- لا توجد فی المصدر: لأنفسها فأصابت و وفّقت. توجد القضیّة إلی هنا فی دیوان زهیر: 281 283.
9- القصص: 68.

یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ لِذَلِكَ مَنِ اخْتَارَ، فَلَوْ أَنَّ قُرَیْشاً (1) اخْتَارَتْ لِأَنْفُسِهَا حَیْثُ اخْتَارَ اللَّهُ لَهَا لَكَانَ الصَّوَابُ بِیَدِهَا غَیْرَ مَرْدُودٍ وَ لَا مَحْدُودٍ.

وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ یَكُونَ لَنَا النُّبُوَّةُ وَ الْخِلَافَةُ .. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَصَفَ قَوْماً بِالْكَرَاهَةِ، فَقَالَ (2): (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (3)، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا كُنَّا نَجْحَفُ .. فَلَوْ جَحَفْنَا بِالْخِلَافَةِ لَجَحَفْنَا بِالْقَرَابَةِ، وَ لَكِنَّ أَخْلَاقَنَا (4) مُشْتَقَّةٌ مِنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ فِی حَقِّهِ (5) (وَ إِنَّكَ لَعَلی خُلُقٍ عَظِیمٍ) (6)، وَ قَالَ لَهُ: (وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ) (7)

فَقَالَ عُمَرُ: عَلَی رِسْلِكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ!، أَبَتْ قُلُوبُكُمْ یَا بَنِی هَاشِمٍ إِلَّا غِشّاً فِی أَمْرِ قُرَیْشٍ لَا یَزُولُ، وَ حِقْداً عَلَیْهَا لَا یُحَوَّلُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلًا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ!، لَا تُنْسَبُ قُلُوبُ بَنِی (8) هَاشِمٍ إِلَی الْغِشِّ فَإِنَّ قُلُوبَهُمْ مِنْ قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] الَّذِی طَهَّرَهُ اللَّهُ وَ زَكَّاهُ، وَ هُمْ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِی قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِمْ (9): (إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (10)، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: حِقْداً .. فَكَیْفَ لَا یَحْقِدُ مَنْ غُصِبَ شَیْئَهُ، وَ یَرَاهُ فِی یَدِ

ص: 72


1- فی الشّرح: فلو نظرت قریش من حیث نظر اللّٰه لها لوفقت و أصابت قریش، بدلا من قوله: فلو أنّ قریشا .. إلی قوله: و لا محدود.
2- فی المصدر: أمّا قول أمیر المؤمنین: إنّ قریشا كرهت .. فإنّ اللّٰه تعالی قال لقوم ..
3- سورة محمّد صلی اللّٰه علیه و آله: 9.
4- فی شرح النّهج: فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة و لكنّا قوم أخلاقنا ..
5- لا توجد فی المصدر: فی حقّه، و بدلا منها: تعالی.
6- القلم: 4.
7- الشّعراء: 215.
8- لا توجد فی المصدر: قلوب بنی. و كلمة: هاشم، فیه بالرّفع.
9- فی شرح النّهج: لهم.
10- الأحزاب: 33.

غَیْرِهِ؟!.

فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ (1) فَقَدْ بَلَغَنِی عَنْكَ كَلَامٌ أَكْرَهُ أَنْ أُخْبِرَكَ بِهِ فَتَزُولَ مَنْزِلَتُكَ عِنْدِی. قَالَ: وَ مَا هُوَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ؟ أَخْبِرْنِی بِهِ، فَإِنْ یَكُ بَاطِلًا فَمِثْلِی أَمَاطَ الْبَاطِلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَ إِنْ یَكُ حَقّاً فَمَا یَنْبَغِی أَنْ تُزِیلَ مَنْزِلَتِی مِنْكَ.

فَقَالَ (2): بَلَغَنِی أَنَّكَ لَا تَزَالُ تَقُولُ: أُخِذَ هَذَا الْأَمْرُ (3) حَسَداً وَ ظُلْماً. قَالَ: أَمَّا قَوْلُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَسَداً، فَقَدْ حَسَدَ إِبْلِیسُ آدَمَ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَنَحْنُ بَنُو آدَمَ الْمَحْسُودُونَ (4)، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: ظُلْماً، فَأَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَعْلَمُ صَاحِبَ الْحَقِّ مَنْ هُوَ؟!، ثُمَّ قَالَ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ!، أَ لَمْ یَحْتَجَّ (5) الْعَرَبُ عَلَی الْعَجَمِ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ احْتَجَّتْ قُرَیْشٌ عَلَی سَائِرِ الْعَرَبِ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) مِنْ سَائِرِ قُرَیْشٍ؟!. فَقَالَ عُمَرُ: قُمِ الْآنَ فَارْجِعْ إِلَی مَنْزِلِكَ، فَقَامَ فَلَمَّا وَلَّی هَتَفَ بِهِ عُمَرُ: أَیُّهَا الْمُنْصَرِفُ! إِنِّی عَلَی مَا كَانَ مِنْكَ لَرَاعٍ حَقَّكَ!. فَالْتَفَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّ لِی عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَلَی كُلِّ الْمُسْلِمِینَ حَقّاً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، فَمَنْ حَفِظَ فَحَظَّ (6) نَفْسِهِ حَفِظَ، وَ مَنْ أَضَاعَ فَحَقَّ نَفْسِهِ أَضَاعَ، ثُمَّ مَضَی، فَقَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: وَاهاً (7)! لِابْنِ عَبَّاسٍ، مَا رَأَیْتُهُ یُحَاجُّ (8) أَحَداً قَطُّ إِلَّا خَصَمَهُ!.

ص: 73


1- فی المصدر: یا ابن عبّاس.
2- فی شرح النّهج: فإنّ منزلتی عندك لا تزول به. قال.
3- زیادة: منك، فی المصدر.
4- فی الشّرح: المحسود- بصیغة المفرد-.
5- فی المصدر: أ لم تحتجّ.
6- فی المصدر: فحقّ.
7- قیل: معنی هذه الكلمة التّلهّف، و قد توضع موضع الإعجاب بالشّی ء، یقال: واها له. و قد ترد بمعنی التّوجّع، و انتصابها علی إجرائها مجری المصادر، قاله الطّریحیّ فی مجمع البحرین 1- 466.
8- فی الشّرح: لاحی.

وَ رَوَی أَیْضاً ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عُمَرَ فِی أَوَّلِ خِلَافَتِهِ وَ قَدْ أُلْقِیَ لَهُ صَاعٌ مِنْ تَمْرَةٍ (2) عَلَی خَصَفَةٍ (3) فَدَعَانِی إِلَی الْأَكْلِ، فَأَكَلْتُ تَمْرَةً وَاحِدَةً، وَ أَقْبَلَ یَأْكُلُ حَتَّی أَتَی عَلَیْهِ، فَشَرِبَ مِنْ جَرَّةٍ كَانَتْ (4) عِنْدَهُ، وَ اسْتَلْقَی عَلَی مِرْفَقَةٍ لَهُ، وَ طَفِقَ یَحْمَدُ اللَّهَ .. وَ یُكَرِّرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَیْنَ جِئْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ؟. قُلْتُ: مِنَ الْمَسْجِدِ. قَالَ: كَیْفَ خَلَّفْتَ ابْنَ عَمِّكَ؟، فَظَنَنْتُهُ یَعْنِی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ یَلْعَبُ مَعَ أَتْرَابِهِ. قَالَ: لَمْ أَعْنِ ذَلِكَ، إِنَّمَا عَنَیْتُ عَظِیمَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ. قُلْتُ: خَلَّفْتُهُ یَمْتَحُ بِالْغَرْبِ (5) عَلَی نَخِیلَاتٍ مِنْ فُلَانٍ وَ یَقْرَأُ (6) الْقُرْآنَ. قَالَ: یَا عَبْدَ اللَّهِ! عَلَیْكَ دِمَاءُ الْبُدْنِ إِنْ كَتَمْتَنِیهَا، هَلْ بَقِیَ فِی نَفْسِهِ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الْخِلَافَةِ؟. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَ یَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] نَصَّ عَلَیْهِ (7)؟. قُلْتُ: نَعَمْ، وَ أَزِیدُكَ: سَأَلْتُ أَبِی عَمَّا یَدَّعِیهِ، فَقَالَ:

صَدَقَ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] فِی أَمْرِهِ زَرْءٌ (8)

ص: 74


1- فی شرح نهج البلاغة 12- 20- 21، بتصرف.
2- فی المصدر: من تمر- بلا تاء-.
3- قال فی الصّحاح 4- 1351: الخصفة- بالتّحریك-: الجلّة الّتی تعمل من الخوص للتّمر. و أضاف فی النّهایة 2- 37 .. و كأنّها فعل بمعنی مفعول من الخصف، و هو ضمّ الشّی ء إلی الشّی ء لأنّه شی ء منسوج من الخوص، و جاء فی مجمع البحرین 5- 41، و القاموس 3- 134.
4- فی الشّرح: ثمّ شرب من جرّ كان. و فی ك: كان، بدلا من: كانت أقول: الجرّ- بفتح الجیم و تشدید الرّاء- آنیة من خزف، الواحدة: جرّة. انظر: الصّحاح 2- 611.
5- جاء فی حاشیة ك: و الغرب: الدّلو العظیم. صحاح. أقول: قاله فی الصّحاح 1- 193. و متح الماء یمتحه متحا: إذا نزعه. ذكره الجوهریّ فی الصّحاح 1- 403، و ابن الأثیر فی النّهایة 4- 291، و الطّریحیّ فی المجمع 2- 411، و الفیروزآبادیّ فی القاموس 1- 248.
6- فی المصدر: و هو یقرأ.
7- فیه، بدلا من: علیه، جاءت فی س.
8- فی الشّرح: ذرو. یقال: ذرو من قول .. أی طرف منه و لم یتكامل. و الذّرو: النّاقص و الحقیر و الشّی ء المعیوب.

مِنْ قَوْلٍ لَا یُثْبِتُ حُجَّةً، وَ لَا یَقْطَعُ عُذْراً، وَ لَقَدْ كَانَ یَزِیغُ (1) فِی أَمْرِهِ وَقْتاً مَا، وَ لَقَدْ أَرَادَ فِی مَرَضِهِ أَنْ یُصَرِّحَ بِاسْمِهِ فَمَنَعْتُ مِنْ ذَلِكَ إِشْفَاقاً وَ حِیطَةً عَلَی الْإِسْلَامِ! وَ لَا وَ رَبِّ هَذِهِ الْبَنِیَّةِ لَا تَجْتَمِعُ عَلَیْهِ قُرَیْشٌ أَبَداً، وَ لَوْ وَلِیَهَا لَانْتَقَضَتْ عَلَیْهِ الْعَرَبُ مِنْ أَقْطَارِهَا، فَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] أَنِّی عَلِمْتُ مَا فِی نَفْسِهِ، فَأَمْسَكَ، وَ أَبَی اللَّهُ إِلَّا إِمْضَاءَ مَا حَتَمَ.

قال (2): ذكر هذا الخبر أحمد بن أبی طاهر صاحب كتاب تاریخ بغداد فی كتابه مسندا.

وَ رَوَی أَیْضاً (3)، أَنَّهُ قَالَ عُمَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: یَا عَبْدَ اللَّهِ! أَنْتُمْ أَهْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ بَنُو عَمِّهِ فَمَا مَنَعَ قَوْمُكُمْ مِنْكُمْ؟. قَالَ: لَا أَدْرِی (4)وَ اللَّهِ مَا أَضْمَرْنَا لَهُمْ إِلَّا خَیْراً، قَالَ (5): اللَّهُمَّ غَفْراً إِنَّ قَوْمَكُمْ كَرِهُوا أَنْ تَجْتَمِعَ (6) لَكُمُ النُّبُوَّةُ وَ الْخِلَافَةُ فَتَذْهَبُوا فِی السَّمَاءِ شتحا (7) وَ بَذَخاً (8)، وَ لَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَخَّرَكُمْ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ یَقْصِدْ ذَلِكَ وَ لَكِنْ حَضَرَ أَمْرٌ لَمْ یَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحْزَمَ

ص: 75


1- فی المصدر: یربع. و الزّیغ: هو المیل، كما فی الصّحاح 4- 1320، و مجمع البحرین 5- 10، و النّهایة 2- 325. و قال فی القاموس 3- 24: ربع- كمنع-: وقف و انتظر.
2- قاله ابن أبی الحدید فی الشرح 12- 21.
3- ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة 12- 9، و جاء فی صفحة: 189 من الشّرح أیضا.
4- فی المصدر زیادة: علّتها.
5- فی ك: فقال.
6- فی الشّرح: أن یجتمع.
7- فی المصدر: شمخا، و هی نسخة فی مطبوع البحار، و ما فی س: تقرأ: شخما. أشخم اللّبن: تغیّرت رائحته، و شخم- بالفتح-: الطّعام، و شخم- بالكسر-: إذا فسد، جاء فی الصّحاح 5- 1959، و القاموس 4- 135. و قال ابن الأثیر فی النّهایة 2- 500: الشّامخ: العالی، و قد شمخ یشمخ شموخا، و كذا جاء فی القاموس 1- 262. و أمّا: شتح، فلم نجد لها معنی مناسبا فی كتب اللّغة الّتی بأیدینا.
8- البذخ: الكبر، كما فی الصّحاح 1- 419، و القاموس المحیط 1- 257، و النّهایة 1- 110، و الفخر و التّطاول، كما فی مجمع البحرین 2- 429.

مِمَّا فَعَلَ، وَ لَوْ لَا رَأْیُ أَبِی بَكْرٍ فِیَّ لَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَمْرِ نَصِیباً، وَ لَوْ فَعَلَ مَا هَنَّاكُمْ مَعَ قَوْمِكُمْ .. أَنَّهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْكُمْ نَظَرَ الثَّوْرِ إِلَی جَاذِرِهِ (1).

وَ رَوَی أَیْضاً (2)، عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ عُمَرُ فِی كَلَامٍ كَانَ بَیْنَهُمَا-: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! إِنَّ صَاحِبَكُمْ إِنْ وَلِیَ هَذَا الْأَمْرَ أَخْشَی عُجْبُهُ بِنَفْسِهِ أَنْ یَذْهَبَ بِهِ، فَلَیْتَنِی أَرَاكُمْ بَعْدِی.

وَ رَوَی أَیْضاً فِیهِ ، عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْأَنْبَارِیِّ فِی أَمَالِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ جَلَسَ إِلَی عُمَرَ فِی الْمَسْجِدِ وَ عِنْدَهُ نَاسٌ، فَلَمَّا قَامَ عَرَضَ (3) وَاحِدٌ بِذِكْرِهِ وَ نَسَبَهُ إِلَی التِّیهِ وَ الْعُجْبِ، فَقَالَ عُمَرُ: حَقٌّ لِمِثْلِهِ أَنْ یَتِیهَ، وَ اللَّهِ لَوْ لَا سَیْفُهُ لَمَا (4) قَامَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَ هُوَ بَعْدُ أَقْضَی الْأُمَّةِ وَ ذُو سَابِقَتِهَا وَ ذُو شَرَفِهَا. فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ:

فَمَا مَنَعَكُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنْهُ؟. قَالَ: كَرِهْنَاهُ عَلَی حَدَاثَةِ السِّنِّ وَ حُبِّهِ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

فقد ظهر من تلك الأخبار أنّ عمر كان یبذل جهده فی منع أمیر المؤمنین عن الخلافة، مع أنّه كان یعترف مرارا أنّه كان أحقّ بها، و أنّ اللّٰه و رسوله صلّی اللّٰه علیه و آله كانا یرتضیانه لها.

و منها: أنّهم رووا أنّه قال بعد ما طعن-: لو كان سالم حیّا لم یخالجنی فیه شكّ و استخلفته

، مع أنّ الخاصّة و العامّة إلّا شذوذا لا یعبأ بهم اتّفقت علی أنّ الإمامة لا تكون إلّا فی قریش، و تضافرت بذلك الروایات، ورَوَوْا أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرُ یَوْمَ السَّقِیفَةِ بِأَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَیْشٍ.

، وَ ذَلِكَ مُنَاقَضَةٌ صَرِیحَةٌ وَ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ وَ الِاتِّفَاقِ.

ص: 76


1- فی الشّرح: إلی جازره.
2- شرح النّهج لابن أبی الحدید 12- 50.
3- فی ك زیادة: كلّ، و خطّ علیها فی س.
4- تقرأ فی س: ما.

و (1) أمّا المقدّمة الأولی:

فَرَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (2)، عَنْ عُمَرَ بْنِ مَیْمُونٍ (3)

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ قِیلَ لَهُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! لَوِ اسْتَخْلَفْتَ؟.

قَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَیْدَةَ حَیّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ، وَ قُلْتُ لِرَبِّی إِنْ سَأَلَنِی سَمِعْتُ نَبِیَّكَ یَقُولُ: إِنَّهُ أَمِینُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ حَیّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَ قُلْتُ لِرَبِّی إِنْ سَأَلَنِی: سَمِعْتُ نَبِیَّكَ یَقُولُ: إِنَّ سَالِماً شَدِیدُ الْحُبِّ لِلَّهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:

أَدُلُّكَ عَلَی (4) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ! وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا (5)، وَیْحَكَ! كَیْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ، لَا أَرَبَ لَنَا فِی أُمُورِكُمْ (6) مَا حَمِدْتُهَا (7) فَأَرْغَبَ فِیهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی، إِنْ كَانَ خَیْراً، فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ، وَ إِنْ كَانَ شَرّاً فَقَدْ صُرِفَ (8) عَنَّا، حَسْبُ آلِ عُمَرَ أَنْ یُحَاسَبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ یُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] .

وَ رَوَی السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی الشَّافِی (9) وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ (10)، عَنِ الطَّبَرِیِّ (11) مِثْلَهُ.

ص: 77


1- لا توجد الواو فی س.
2- الكامل 3- 34 [دار الكتاب العربیّ [5- 33] باختلاف یسیر، و مثله فی العقد الفرید 2- 256.
3- فی الكامل: عمر بن میمون الأودیّ.
4- فی المصدر: علیه- بزیادة الضّمیر-. و فی شرح النّهج: ولّ عبد اللّٰه بن عمر، بدلا من: أدلّك علی عبد اللّٰه بن عمر. و ما فی تاریخ الطّبریّ مطابق لما هنا.
5- فی شرح النّهج: و اللّٰه ما اللّٰه أردت بهذا الأمر.
6- فی شرح النّهج: لا أرب لعمر .. و فی شرح النّهج: فی خلافتكم، بدلا من: أموركم.
7- فی مطبوع البحار تقرأ: فماجدتها. و ما أثبتناه من المصدر و تاریخ الطّبریّ و شرح النّهج لابن أبی الحدید.
8- فی س: صرفت. و فی شرح النّهج و الطّبریّ: یصرف.
9- الشّافی 3- 197.
10- شرح النّهج 1- 190 عن تاریخ الطّبریّ، و قال: هذه الرّوایة هی الّتی اختارها أبو جعفر محمّد بن جریر الطّبریّ صاحب التّاریخ.
11- تاریخ الطّبریّ تاریخ الرّسل و الملوك 5- 33 [4- 230] حوادث سنة 23 ه. و أورد ابن سعد فی طبقاته 3- 248، و الباقلانیّ فی التّمهید: 204، و أبو عمر فی الاستیعاب 2- 561، و الحافظ العراقیّ فی طرح التّثریب 1- 49، و ابن الأثیر فی أسد الغابة 2- 246 و غیرهم فی غیرها، و فیه: أنّ عمر قال: لو أدركنی أحد رجلین لجعلت هذا الأمر إلیه و لوثقت به: سالم مولی أبی حذیفة، و أبی عبیدة الجرّاح، و لو كان سالم حیّا ما جعلتها شوری.

وَ رَوَی السَّیِّدُ (1) رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ (2) الْبَلاذُرِیِّ فِی كِتَابِ تَارِیخِ الْأَشْرَافِ (3)، عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ، عَنْ أَبِی رَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ مُسْتَنِداً إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ، فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّی لَمْ أَقُلْ فِی الْكَلَالَةِ شَیْئاً، وَ لَمْ أَسْتَخْلِفْ بَعْدِی أَحَداً، وَ إِنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِی مِنْ سَبْیِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ. فَقَالَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ:

أَمَا أَنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ إِلَی رَجُلٍ(4) مِنَ الْمُسْلِمِینَ ائْتَمَنَكَ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأَیْتُ مِنْ أَصْحَابِی حِرْصاً سَیِّئاً، وَ إِنِّی (5) جَاعِلُ هَذَا الْأَمْرِ إِلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِینَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ هُوَ عَنْهُمْ (6) رَاضٍ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَنِی أَحَدُ الرَّجُلَیْنِ لَجَعَلْتُ (7) هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْهِ وَ (8) لَوَثِقْتُ بِهِ، سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ، وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟. فَقَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ (9)! مَا أَرَدْتُ وَ اللَّهِ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ (10).

ص: 78


1- الشّافی 3- 197- 198.
2- و فی المصدر: و روی أبو الحسن أحمد بن یحیی بن جابر البلاذریّ. و هو الظّاهر، و قد توفّی فی سنة 279 ه.
3- لم نجده ممّا هو مطبوع من أنساب الأشراف تاریخ الأشراف، فراجع.
4- فی المصدر: برجل.
5- فی الشّافی: و أنا.
6- وضع علی: عنهم رمز نسخة بدل فی مطبوع البحار.
7- فی المصدر: فجعلت.
8- لا توجد الواو، فی الشّافی.
9- لا توجد كلمة: اللّٰه، فی س، و العبارة فی المصدر: قاتلك اللّٰه، و اللّٰه ما أردت اللّٰه بها. و هو الظّاهر.
10- و قریب منه: ما أورده ابن سعد فی طبقاته 3- 353 و 359.

قَالَ عَفَّانُ یَعْنِی بِالرَّجُلِ الَّذِی أَشَارَ إِلَیْهِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ.

وَ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَایَةَ قَاضِی الْقُضَاةِ (1) وَ لَمْ یَطْعَنْ فِیهَا.

و أما المقدّمة الثانیة: فقد

رَوَی الْبُخَارِیُّ(2)وَ مُسْلِمٌ (3) فِی صَحِیحَیْهِمَا، وَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ(4)، عَنْ (5)أَبِی هُرَیْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَالَ: النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَیْشٍ فِی هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَ كَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ، النَّاسُ مَعَادِنُ، خِیَارُهُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ خِیَارُهُمْ فِی الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَیْرِ النَّاسِ أَشَدَّ كَرَاهِیَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّی یَقَعَ فِیهِ.

وَ رَوَوْا جَمِیعاً (6)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: لَا یَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِی قُرَیْشٍ مَا بَقِیَ مِنْهُمُ اثْنَانِ.

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ (7)، عَنْ مُعَاوِیَةَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ

ص: 79


1- المغنی 20- 236- القسم الأوّل-.
2- صحیح البخاریّ 6- 385 كتاب الأنبیاء باب المناقب [4- 217 باب 1]، قوله تعالی: «یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثی . دار مطابع الشعب .
3- صحیح مسلم كتاب الإمارة، باب النّاس تبع لقریش و الخلافة فی قریش حدیث 1818.
4- فی جامع الأصول 9- 209 حدیث 6787 ذكر صدر الحدیث باختلاف یسیر. و جاء كاملا فیه 4- 42 حدیث 2017، و أخرجه أحمد فی مسنده 2- 243 و 261 و 395 و 433، و ابن حجر فی فتح الباری 13- 101- 107 فی الأحكام باب الأمراء من قریش، و ذكره قبل ذلك فیه 6- 388 فی تعریف قریش، و النووی فی شرح صحیح مسلم 2- 119 كتاب الإمارة باب النّاس تبع لقریش .. و غیرهم.
5- فی س: من، بدلا من: عن.
6- صحیح البخاریّ 6- 389 كتاب الأنبیاء باب مناقب قریش، و كتاب الأحكام باب الأمراء من قریش، و صحیح مسلم كتاب الإمارة باب النّاس تبع لقریش.
7- صحیح البخاریّ 6- 389 [4- 218- دار الشّعب] كتاب الأنبیاء باب مناقب قریش، و فی كتاب الأحكام باب الأمراء من قریش، و جاء فی جامع الأصول 4- 43 ذیل حدیث 2019.

عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِی قُرَیْشٍ لَا یُعَادِیهِمْ أَحَدٌ إِلَّا أَكَبَّهُ (1) اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّینَ.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ (2)، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَالَ: النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَیْشٍ فِی الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ.

وَ رَوَی صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ (3)، عَنِ التِّرْمِذِیِّ (4) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یَقُولُ: قُرَیْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِی الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

و قال قاضی القضاة فی المغنی(5) فی بحث أنّ الأئمّة من قریش-: قد استدلّ شیوخنا علی ذلك بما

رُوِیَ عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَیْشٍ (6).

وَ رُوِیَ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الْأَمْرُ لَا یَصْلُحُ إِلَّا فِی هَذَا الْحَیِّ مِنْ قُرَیْشٍ.

ص: 80


1- فی المصدرین: كبّه.
2- صحیح مسلم كتاب الإمارة باب النّاس تبع لقریش حدیث 1819، و جاء فی جامع الأصول 4- 42 حدیث 2016 و 9- 209 حدیث 6786.
3- جامع الأصول 4- 44 ذیل حدیث 2020.
4- صحیح التّرمذیّ كتاب الفتن باب ما جاء أنّ الخلفاء من قریش إلی یوم القیامة حدیث 2228، و جاء فی هذا الباب عن ابن عمر، و ابن مسعود، و جابر أیضا.
5- المغنی 21- 234. باختلاف أشرنا إلی أكثره.
6- من الرّوایات النّبویّة المتواترة معنا المستفیضة إسنادا، فبنصّه فی مسند الطّیالسیّ حدیث 926 و 2133 و بمضمونه فی البخاریّ كتاب الأحكام باب 51، و مسلم كتاب الإمارة حدیث 5- 10، و التّرمذیّ كتاب الفتن باب 46، و مسند أحمد بن حنبل 1- 398 و 5- 86- 101 و 106- 108 و غیرها. و من مضامینه النّاس تبع لقریش فی هذا الشّأن كما جاء فی الصّحیحین و سنن النّسائیّ و مسلم و مالك و التّرمذیّ و أكثر من خمس و عشرین مورد فی مسند أحمد بن حنبل. و قال علیّ علیه السّلام كما فی نهج البلاغة: 200- 201 خطبة 144- صبحی صالح-: إنّ الأئمّة من قریش غرسوا فی هذا البطن من هاشم. و أورده عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم فی شرح ابن أبی الحدید 9- 87.

و قوّوا ذلك بما كان یوم السقیفة من كون ذلك سببا لصرف الأنصار عمّا كانوا عزموا علیه، لأنّهم عند (1) هذه الروایة انصرفوا عن ذلك و تركوا الخوض فیه.

و قوّوا ذلك بأنّ أحدا لم ینكره فی تلك الحال، فإنّ أبا بكر استشهد فی ذلك بالحاضرین، فشهدوا به (2) حتی صار خارجا عن (3) باب خبر الواحد إلی الاستفاضة (4) و قوّوا ذلك بأنّ ما جری هذا المجری إذا ذكر فی ملإ من الناس و ادّعی علیهم (5) المعرفة فتركهم النكیر یدلّ علی صحّة الخبر المذكور.

و قال شارح المواقف (6) فی بحث شروط الإمامة: اشترط الأشاعرة و الجبائیان أن یكون الإمام قرشیّا، و منعه الخوارج و بعض المعتزلة.

لنا قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَیْشٍ.

ثم الصحابة عملوا بمضمون هذا الحدیث، فإنّ أبا بكر استدلّ به یوم السقیفة علی الأنصار حین نازعوا فی الإمامة بمحضر الصحابة فقبلوه و أجمعوا علیه فصار دلیلا قطعیّا یفید الیقین باشتراط القرشیّة. (7) ثم أجاب عن حجّة المخالف.

و أجاب قاضی القضاة (8) عن المناقضة بأنّه یحتمل أن یرید عمر أنّه لو كان

ص: 81


1- فی ك: عنده.
2- فی المصدر زیادة: علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم.
3- فی المغنی: من، بدلا من: عن.
4- فی المصدر: إلی الكثرة.
5- فی المغنی: علم، بدلا من: علیهم.
6- المواقف للإیجی، و الشارح الشریف الجرجانیّ 8- 350.
7- إلی هنا كلام الجرجانیّ فی شرحه علی المواقف.
8- فی كتابه المغنی 21- 236. قال: قیل له: لیس فی الخبر بیان الوجه الذی كان لا یتخالجه الشكّ فیه، و یحتمل أن یرید أن یدخله فی المشورة و الرأی دون الشوری، فلا یصحّ أن یقدح به فیما قلناه، بل لو ثبت عنه الرضا الصریح فی ذلك یجوز أن یعترض به علیه علی ما رویناه من الخبر.

سالم حیّا لم یتخالجه الشكّ فی إدخاله فی المشورة و الرأی دون التأهیل للإمامة.

و بطلانه واضح، فإنّ الروایات كما عرفت صریحة فی الاستخلاف و تفویض الأمر إلیه، و لا تحتمل مثل هذا التأویل، كما لا یخفی علی المنصف.

ثم إنّ قوله فی سالم و أبو عبیدة دلیل ظاهر علی جهله، فإنّ ما رووا عنه من الامتناع عن التعیین و التنصیص معلّلا بقوله: ما أردت أن أتحمّلها حیّا و میّتا، بعد اعترافه بأنّ أمیر المؤمنین علیه السلام لو ولی الأمر لحمل الناس علی الحقّ، یدلّ علی أنّه إنّما عدل عن النصّ احتیاطا و خوفا من اللّٰه تعالی، و حذرا من أن یسأل یوم القیامة عمّا یفعله من استخلفه، فلذلك ترك الاستخلاف و جعل الأمر شوری لیكون أعذر عند اللّٰه تعالی، و مع ذلك تمنّی أن یكون سالم حیّا حتی یستخلفه و ینصّ علیه، و لم یخف من السؤال عن استخلافه، و ظنّ أنّ ما سمعه ابن عمّه فی سالم أنّه: شدید الحبّ للّٰه تعالی، حجّة قاطعة علی استحقاقه للخلافة، مع أنّ شدّة الحبّ للّٰه لیس أمرا مستجمعا لشرائط الإمامة، و لا یستلزم القدرة علی تحمّل أعباء الخلافة، و شدّة الحبّ للّٰه (1) لها مراتب شتّی، فكیف یستدلّ بالخبر علی أنّها بلغت حدّا یمنع صاحبها عن ارتكاب المنكرات أصلا، و لو كان مثل ذلك قاطعا للعذر كیف لم یكن وصف أمیر المؤمنین علیه السلام فی خبر الطیر بأنّه أحبّ الخلق إلی اللّٰه تعالی .. حجّة تامّة، مع أنّ المحبوبیّة إلی اللّٰه أبلغ من الحبّ للّٰه، و شدّة الحبّ لا یستلزم الفضل علی جمیع الخلق، فلم لم یصرّح باسم أمیر المؤمنین علیه السلام لیعتذر یوم القیامة بهذا الخبر و سائر النصوص المتواترة و الآیات المتظافرة الدالّة علی فضله و إمامته و كرامته.

و لنعم ما قال أبو الصلاح فی كتاب تقریب المعارف (2): إنّ ذلك تحقیق لما ترویه الشیعة من تقدّم المعاهدة بینه و بین صاحبه (3) و أبی عبیدة و سالم مولی أبی

ص: 82


1- وضع فی ك رمز نسخة بدل علی: للّٰه.
2- تقریب المعارف فی الكلام: 162.
3- فی المصدر: منه و من صاحبه.

حذیفة علی نزع هذا الأمر من بنی هاشم لو قد مات محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله، و لو لا ذلك لم یكن (1) لتمنّیه (2) سالما و إخباره عن فقد الشكّ فیه مع حضور وجوه الصحابة و أهل السوابق و الفضائل و الذرائع التی لیس لسالم منها شی ء وجه یعقل، و كذا القول فی تمنّیه(3) أبا عبیدة بن الجرّاح. انتهی.

و بالجملة، صدر عنه فی الشوری ما أبدی الضغائن الكامنة فی صدره، و بذلك أسّس أساسا للفتنة و الظلم و العدوان علی جمیع الأنام إلی یوم القیام.

قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (4): حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مَكِّیٍّ الْحَاجِبُ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَیْمَانَ حَاجِبَ (5) الْحُجَّابِ. قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ: وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنَا مُحَمَّداً هَذَا، وَ كَانَتْ لِی بِهِ مَعْرِفَةٌ غَیْرُ مُسْتَحْكِمَةٍ، وَ كَانَ ظَرِیفاً أَدِیباً، وَ قَدِ اشْتَغَلَ بِالرِّیَاضِیَّاتِ مِنَ الْفَلْسَفَةِ، وَ لَمْ یَكُنْ یَتَعَصَّبُ لِمَذْهَبٍ بِعَیْنِهِ-، قَالَ جَعْفَرٌ: سَأَلْتُهُ عَمَّا عِنْدَهُ فِی أَمْرِ عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ عُثْمَانَ؟. فَقَالَ: هَذِهِ عَدَاوَةٌ قَدِیمَةٌ (6) بَیْنَ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ وَ بَیْنَ بَنِی هَاشِمٍ .. وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ:

وَ أَمَّا السَّبَبُ الثَّانِی فِی الِاخْتِلَافِ فِی أَمْرِ الْإِمَامَةِ فَهُوَ (7): أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَی بَیْنَ السِّتَّةِ وَ لَمْ یَنُصَّ عَلَی وَاحِدٍ بِعَیْنِهِ، إِمَّا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَیْرِهِمْ، فَبَقِیَ فِی نَفْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَدْ رُشِّحَ لِلْخِلَافَةِ، وَ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمُلْكِ وَ السَّلْطَنَةِ، فَلَمْ یَزَلْ ذَلِكَ فِی نُفُوسِهِمْ وَ أَذْهَانِهِمْ مُصَوَّراً بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ مُرْتَسِماً فِی خَیَالاتِهِمْ، مُنَازَعَةً إِلَیْهِ (8) نُفُوسُهُمْ، طَامِحَةً نَحْوَهُ عُیُونُهُمْ، حَتَّی كَانَ مِنَ الشِّقَاقِ بَیْنَ عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ عُثْمَانَ مَا

ص: 83


1- فی س: یمكن.
2- فی المصدر: لیمینه، و هو غلط.
3- فی التقریب: یمینه، و لعلّه سهو، و الصحیح: یمنیه. و ما أكثر الغلط فی المطبوع من المصدر.
4- فی شرح نهج البلاغة 9- 24- 30 بتصرّف و اختصار.
5- فی ك: صاحب. و جعل ما فی المتن نسخة بدل فیها.
6- فی المصدر زیادة: النّسب.
7- فی المصدر: أمّا السّبب الثّانی للاختلاف فهو ..
8- فی س: إلیهم.

كَانَ، وَ حَتَّی أَفْضَی الْأَمْرُ إِلَی قَتْلِ عُثْمَانَ، وَ كَانَ أَعْظَمَ الْأَسْبَابِ فِی قَتْلِهِ طَلْحَةُ، وَ كَانَ لَا یَشُكُّ فِی أَنَّ الْأَمْرَ لَهُ بَعْدَهُ(1) لِوُجُوهٍ، مِنْهَا سَابِقَتُهُ، وَ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ (2) ابْنَ عَمِّ أَبِی بَكْرٍ، وَ كَانَ لِأَبِی بَكْرٍ فِی نُفُوسِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ مَنْزِلَةٌ عَظِیمَةٌ أَعْظَمُ مِنْهَا الْآنَ، وَ مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ سَمْحاً جَوَاداً، وَ قَدْ كَانَ نَازَعَ عُمَرَ فِی حَیَاةِ أَبِی بَكْرٍ، وَ أَحَبَّ أَنْ یُفَوِّضَ أَبُو بَكْرٍ الْأَمْرَ إِلَیْهِ (3) فَمَا زَالَ یَفْتِلُ فِی الذِّرْوَةِ (4) وَ الْغَارِبِ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ، وَ یُنَكِّرُ لَهُ الْقُلُوبَ، وَ یُكَدِّرُ عَلَیْهِ النُّفُوسَ، وَ یُغْرِی (5) أَهْلَ الْمَدِینَةِ وَ الْأَعْرَابَ وَ أَهْلَ الْأَمْصَارِ بِهِ، وَ سَاعَدَهُ الزُّبَیْرُ، وَ كَانَ أَیْضاً یَرْجُو الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ، وَ لَمْ یَكُنْ رَجَاؤُهُمَا الْأَمْرَ بِدُونِ رَجَاءِ عَلِیٍّ (علیه السلام)، بَلْ رَجَاؤُهُمَا كَانَ أَقْوَی، لِأَنَّ عَلِیّاً (علیه السلام) دَحَضَهُ الْأَوَّلَانِ وَ أَسْقَطَاهُ وَ كَسَرا نَامُوسَهُ بَیْنَ النَّاسِ، وَ صَارَ نَسْیاً مَنْسِیّاً، وَ مَاتَ الْأَكْثَرُ مِمَّنْ كَانَ یَعْرِفُ (6) خَصَائِصَهُ الَّتِی كَانَتْ لَهُ (7) فِی أَیَّامِ النُّبُوَّةِ وَ فَضْلَهُ، وَ نَشَأَ قَوْمٌ لَا یَعْرِفُونَهُ وَ لَا یَرَوْنَهُ إِلَّا رَجُلًا مِنْ عُرْضِ الْمُسْلِمِینَ، وَ لَمْ یَبْقَ لَهُ مِنْ فَضَائِلِهِ (8) إِلَّا أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ أَبُو سِبْطَیْهِ، وَ نُسِیَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ (9)، وَ اتَّفَقَ لَهُ مِنْ بُغْضِ قُرَیْشٍ وَ انْحِرَافِهَا مَا لَمْ یَتَّفِقْ لِأَحَدٍ، وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ (10) تُحِبُّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ، لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِبُغْضِهِمْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِیهِمَا، وَ كَانَا یَتَأَلَّفَانِ قُرَیْشاً فِی أَوَاخِرِ أَیَّامِ عُثْمَانَ

ص: 84


1- فی شرح النّهج: من بعده.
2- لا توجد: كان، فی المصدر.
3- زیادة: من بعده، جاءت فی الشّرح بعد: إلیه.
4- الذّروة- بالكسر و الضّمّ- من كلّ شی ء: أعلاه، كما فی الصّحاح 6- 2345، و النّهایة 2- 156، و مجمع البحرین 3- 306، و القاموس 1- 15.
5- فی ك نسخة بدل: یغوی.
6- فی المصدر: ممّن یعرف.
7- لا توجد: له، فی الشّرح.
8- فی المصدر: ممّا یمت به، بدلا من: من فضائله.
9- جاءت زیادة كلمة: كلّه، فی المصدر.
10- فی المصدر زیادة: بمقدار ذلك البعض.

، وَ یَعِدَانِهِمْ بِالْعَطَاءِ وَ الْإِفْضَالِ، وَ هُمَا عِنْدَ أَنْفُسِهِمَا وَ عِنْدَ النَّاسِ خَلِیفَتَانِ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ عُمَرَ نَصَّ عَلَیْهِمَا وَ ارْتَضَاهُمَا لِلْخِلَافَةِ، وَ عُمَرُ كَانَ مُتَّبَعَ الْقَوْلِ، مَرْضِیَّ الْفِعَالِ، مُطَاعاً نَافِذَ (1) الْحُكْمِ فِی حَیَاتِهِ وَ مَمَاتِهِ (2)، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، أَرَادَهَا طَلْحَةُ وَ حَرَصَ عَلَیْهَا، فَلَوْ لَا الْأَشْتَرُ وَ قَوْمٌ مَعَهُ مِنْ شُجْعَانِ الْعَرَبِ جَعَلُوهَا فِی عَلِیٍّ (علیه السلام) لَمْ تَصِلْ إِلَیْهِ أَبَداً، فَلَمَّا فَاتَتْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ، فَتَقَا ذَلِكَ الْفَتْقَ الْعَظِیمَ (3)، وَ أَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَعَهُمَا، وَ قَصَدَا الْعِرَاقَ وَ أَثَارَا الْفِتْنَةَ، وَ كَانَ مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ مَا قَدْ عُلِمَ وَ عُرِفَ، ثُمَّ كَانَ حَرْبُ الْجَمَلِ مُقَدِّمَةً وَ تَمْهِیداً لِحَرْبِ صِفِّینَ، فَإِنَّ مُعَاوِیَةَ لَمْ یَكُنْ لِیَفْعَلَ مَا فَعَلَ لَوْ لَا طَمَعُهُ بِمَا جَرَی فِی الْبَصْرَةِ، ثُمَّ أَوْهَمَ أَهْلَ الشَّامِ أَنَّ عَلِیّاً (علیه السلام) قَدْ فَسَقَ بِمُحَارَبَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ، وَ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِینَ، وَ أَنَّهُ قَتَلَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ هُمَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَهَلْ كَانَ الْفَسَادُ الْمُتَوَلِّدُ فِی صِفِّینَ إِلَّا فَرْعاً لِلْفَسَادِ الْكَائِنِ یَوْمَ الْجَمَلِ؟! ثُمَّ نَشَأَ مِنْ فَسَادِ صِفِّینَ وَ ضَلَالِ مُعَاوِیَةَ كُلُّ مَا جَرَی مِنَ الْفَسَادِ وَ الْقَبِیحِ فِی أَیَّامِ بَنِی أُمَیَّةَ، وَ نَشَأَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الزُّبَیْرِ فَرْعاً مِنْ (4) یَوْمِ الدَّارِ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ یَقُولُ: إِنَّ عُثْمَانَ لَمَّا أَیْقَنَ بِالْقَتْلِ نَصَّ عَلَیَّ بِالْخِلَافَةِ، وَ لِی بِذَلِكَ شُهُودٌ، مِنْهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، أَ فَلَا تَرَی (5) كَیْفَ تَسَلْسَلَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فَرْعاً عَلَی أَصْلٍ، وَ غُصْناً مِنْ شَجَرَةٍ (6)، وَ جَذْوَةً مِنْ ضِرَامٍ؟! وَ هَكَذَا یَدُورُ بَعْضُهُ(7) عَلَی بَعْضٍ وَ كُلُّهُ مِنَ الشُّورَی فِی السِّتَّةِ. قَالَ (8): وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ وَ قَدْ قِیلَ لَهُ: إِنَّكَ اسْتَعْمَلْتَ

ص: 85


1- الكلمة مشوّشة فی س، و فی المصدر: موفّق مؤیّد مطاع نافذ.
2- فی شرح النّهج: و بعد وفاته.
3- فی الشّرح زیادة: علی علیّ علیه السّلام.
4- زیادة: فروع، جاءت فی المصدر.
5- فی ك نسخة بدل: أ تری.
6- فی س: شجر.
7- بعضهم، جاءت فی ك.
8- فی س: و قال.

سَعِیدَ (1) بْنَ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةَ وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ تَرَكْتَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلِیّاً وَ الْعَبَّاسَ وَ الزُّبَیْرَ وَ طَلْحَةَ؟! فَقَالَ: فَأَمَّا عَلِیٌّ فأتیه (2) مِنْ ذَلِكَ، وَ أَمَّا هَؤُلَاءِ النَّفَرُ مِنْ قُرَیْشٍ، فَإِنِّی أَخَافُ أَنْ یَنْتَشِرُوا فِی الْبِلَادِ، فَیُكْثِرُوا فِیهَا الْفَسَادَ، فَمَنْ یَخَافُ مِنْ تَأْمِیرِهِمْ لِئَلَّا یَطْمَعُوا فِی الْمُلْكِ، وَ یَدَّعِیَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ، كَیْفَ لَمْ یَخَفْ مِنْ جَعْلِهِمْ سِتَّةً مُتَسَاوِینَ فِی الشُّورَی، مُرَشِّحِینَ لِلْخِلَافَةِ؟! وَ هَلْ شَیْ ءٌ أَقْرَبُ إِلَی الْفَسَادِ مِنْ هَذَا (3)؟! وَ قَدْ رَوَوْا أَنَّ الرَّشِیدَ رَأَی یَوْماً مُحَمَّداً وَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَیْهِ یَلْعَبَانِ وَ یَضْحَكَانِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَلَمَّا غَابَا عَنْ عَیْنِهِ بَكَی، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِیعِ: مَا یُبْكِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ، وَ هَذَا مَقَامُ جَذَلٍ (4) لَا مَقَامُ حُزْنٍ؟!. فَقَالَ: أَ مَا رَأَیْتَ لَعْبَهُمَا وَ مَوَدَّةَ بَیْنِهِمَا؟، أَمَا وَ اللَّهِ لَیَتَبَدَّلَنَّ ذَلِكَ بُغْضاً وَ سَیْفاً (5)، وَ لَیَخْتَلِسَنَّ (6) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَ صَاحِبِهِ عَنْ قَرِیبٍ، فَإِنَّ الْمُلْكَ عَقِیمٌ، وَ كَانَ الرَّشِیدُ قَد(7) عَقَدَ الْأَمْرَ لَهُمَا عَلَی تَرْتِیبٍ، هَذَا بَعْدَ هَذَا، فَكَیْفَ مَنْ لَمْ یُرَتَّبُوا فِی الْخِلَافَةِ، بَلْ جُعِلُوا فِیهَا كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ؟! فَقُلْتُ أَنَا لِجَعْفَرٍ: هَذَا كُلُّهُ تَحْكِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ، فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟، فَقَالَ:

ص: 86


1- فی المصدر: استعلت یزید بن أبی سفیان و سعید ..
2- فی شرح النّهج: أمّا علیّ فأنبه.
3- خط علی: من هذا، فی س.
4- الجذل- بالتّحریك-: الفرح، كما فی الصّحاح 4- 1654، و النّهایة 1- 251، و مجمع البحرین 5- 337، و القاموس 3- 347.
5- فی المصدر: و شنفا. أقول: الشّنف- بالتّحریك-: البغض و التّنكّر، و قد شنفت له- بالكسر أشنف شنفا .. أی أبغضه .. و الشّنف: المبغض. قاله فی الصّحاح 4- 1383. و انظر: النّهایة 2- 505، و القاموس المحیط: 3- 160 و غیرهما.
6- قال الجوهریّ فی الصّحاح 3- 923: خلست الشّی ء و اختلسته و تخلّسته: إذا استلبته، و أضاف ابن الأثیر فی نهایته 2- 61: كونه عن غفلة. انظر: مجمع البحرین 4- 66، و القاموس 2- 211.
7- خطّ علی: قد، فی س.

إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا***فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ

(1) انتهی (2) فقد ظهر أنّ جمیع الفتن الواقعة فی الإسلام من فروع الشوری و السقیفة و سائر ما أبدعه و أسّسه (3) هذا و أخوه.

بیان:

قوله علیه السلام: یهرّ عقیرته .. الهریر: الصّوت و النباح (4).

و العقیرة كفعیلة أیضا-: الصّوت (5) .. أی یرفع صوته. و فی بعض النسخ بالزای.

و عفیرته بالفاء علی التصغیر و العفرة (6): بیاض الإبط (7)، و لعلّ المعنی یحرّك منكبیه للخیلاء، و الأول أظهر (8).

قال الجوهری (9): العقیرة: السّاق المقطوعة، و قولهم: رفع فلان عقیرته ..

أی صوته، و أصله أنّ رجلا قطعت إحدی رجلیه فرفعها و وضعها علی الأخری و صرخ، فقیل بعد لكلّ رافع صوته: قد رفع عقیرته (10).

ص: 87


1- كذا، و الظّاهر: حذام، كما فی المصدر. و قد نسب البیت فی اللّسان مادّة: رقش إلی جیم بن صعب.
2- إلی هنا كلام ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 9- 28- 30، كما مرّ.
3- وضع علی الكلمة رمز نسخة بدل فی مطبوع البحار.
4- قاله ابن الأثیر فی نهایته 5- 259، و ابن منظور فی لسانه 5- 261 و غیرهما فی غیرهما.
5- ذكره فی لسان العرب 4- 593، و نهایة ابن الأثیر 3- 275، و تاج العروس 3- 415.
6- فی س و ك: عقیرته .. و العقرة. و هو سهو.
7- انظر: النهایة 3- 261، و لسان العرب 4- 585. فیهما: بیاض لیس بالناصع.
8- لا توجد فی س: و الأول أظهر.
9- صحاح اللغة 2- 754.
10- لاحظ النهایة 3- 275، و تاج العروس 3- 415.

الطعن التاسع عشر:

أنّه أوصی بدفنه فی بیت النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و كذلك تصدّی لدفن أبی بكر هناك، و هو تصرّف فی ملك الغیر من غیر جهة شرعیّة، و قد نهی اللّٰه الناس عن دخول بیته صلّی اللّٰه علیه و آله من غیر إذن بقوله: (لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ) (1)، و ضربوا المعاول عند أذنه صلّی اللّٰه علیه و آله، قال تعالی:

(لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) (2)

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ مَیِّتاً كَحُرْمَتِهِ (3) حَیّاً (4).

و تفصیل القول فی ذلك، أنّه لیس یخلو موضع قبر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله من أن یكون باقیا علی ملكه أو یكون انتقل فی حیاته إلی عائشة كما ادّعاه بعضهم فإن كان الأول لم یخل (5) من أن یكون میراثا بعده أو صدقة، فإن كان میراثا فما كان یحلّ لأبی بكر و عمر من بعده أن یأمرا بدفنهما فیه إلّا بعد إرضاء الورثة، و لم نجد أحدا خاطب أحدا من الورثة علی ابتیاع هذا المكان و لا استنزله (6) عنه بثمن و لا غیره، و إن كان صدقة فقد كان یجب أن یرضی عنه جماعة المسلمین، و ابتیاعه (7) منهم إن جاز الابتیاع لما یجری هذا المجری، و إن كان نقل فی حیاته فقد كان یجب أن یظهر سبب انتقاله و الحجّة فیه، فإنّ فاطمة علیها السلام لم یقنع

ص: 88


1- الأحزاب: 53.
2- الحجرات: 2.
3- فی مطبوع البحار: كحرمة- بلا ضمیر-.
4- هذا ما تسالم علیه الفریقان، و جاء فی سنن الدارمیّ فی كتاب المناسك: 76 و غیره.
5- فی س: لم یزل.
6- الكلمة مشوّشة فی المطبوع من البحار.
7- فی س: یبتاعه.

منها فی انتقال فدك إلی ملكها بقولها و لا شهادة من شهد لها.

و أمّا استدلال بعضهم بإضافة البیوت إلیهنّ فی قوله تعالی: (وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ ..) (1) فمن ضعیف (2)الشبهة، إذ هی لا تقتضی الملك و إنّما تقتضی السكنی، و العادة فی استعمال هذه اللفظة فیما ذكرناه ظاهرة، قال اللّٰه تعالی: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ وَ لا یَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ یَأْتِینَ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ) (3) و لم یرد تعالی إلّا حیث یسكنّ و ینزلن دون حیث یملكن بلا شبهة، و أیضا قوله تعالی: (لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ) (4) متأخّر فی الترتیب عن قوله: (وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ) (5)، فلو كان هذا دالا علی ملكیّة الزوجات لكان ذلك دالا علی(6) كونها ملكه صلّی اللّٰه علیه و آله، و الجمع بین الآیتین بالانتقال لا یجدیهم، لتأخّر النهی عن الدخول من غیر إذن عن الآیة الأخری فی الترتیب، و الترتیب حجّة عند كلّهم أو جلّهم، مع أنّه ظاهر أنّ البیوت كانت فی یده صلّی اللّٰه علیه و آله یتصرّف فیها كیف یشاء، و اختصاص كلّ من الزوجات بحجرة لا یدلّ (7) علی كونها ملكا لها.

و أمّا اعتذارهم بأنّ عمر استأذن عائشة فی ذلك، حیث رَوَی الْبُخَارِیُّ (8)، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَیْمُونٍ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ یُشْمَلُ عَلَی قِصَّةِ قَتْلِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: انْطَلِقْ إِلَی عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ فَقُلْ: یَقْرَأُ عَلَیْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، وَ لَا تَقُلْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ، فَإِنِّی لَسْتُ الْیَوْمَ لِلْمُؤْمِنِینَ أَمِیراً، وَ قُلْ: یَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ

ص: 89


1- الأحزاب: 33.
2- كذا، و الظاهر: ضعف.
3- الطلاق: 1
4- الأحزاب: 53.
5- الطلاق: 1.
6- لا توجد: علی، فی س.
7- فی س: لا یدلّه.
8- صحیح البخاریّ 5- 19- 22- دار الشّعب- كتاب المناقب، باب مناقب عثمان، الحدیث الأخیر، باختلاف یسیر.

یُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَیْهِ، (1) .. فَسَلَّمَ وَ اسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَیْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِی، فَقَالَ (2): یَقْرَأُ عَلَیْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ وَ یَسْتَأْذِنُ أَنْ یُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَیْهِ، (3) فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِیدُهُ لِنَفْسِی وَ لَأُوثِرَنَّ بِهِ الْیَوْمَ عَلَی نَفْسِی، فَلَمَّا أَقْبَلَ قِیلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، قَالَ (4): ارْفَعُونِی، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَیْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَیْكَ؟. فَقَالَ:

الَّذِی تُحِبُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ، أَذِنَتْ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَیْ ءٌ (5) أَهَمَّ إِلَیَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِی، ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ (6)یَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِی فَأَدْخِلُونِی وَ إِنْ رَدَّتْنِی رُدُّونِی إِلَی مَقَابِرِ الْمُسْلِمِینَ .. (7).

فهذا دلیل واضح علی جهله أو تسویله و تمویهه علی العوام، لما قد عرفت من أنّه إن كان صدقة یشترك فیه المستحقّون كما یدلّ علیه الخبر الذی افتراه أبو بكر فتحریم التصرّف فیه (8) بالدفن و نحوه واضح، و إن كان میراثا فالتصرّف فیه قبل القسمة من دون استئذان جمیع الورثة أیضا محرّم، و لا ینفع طلب الإذن من عائشة وحدها (9)

ص: 90


1- فی المصدر زیادة: قال.
2- فی ك: و قال.
3- زیادة: قال، قبل: فقالت، جاءت فی صحیح البخاریّ.
4- فی المصدر: فقال: قال.
5- فی المصدر: من شی ء، و مثله فی جامع الأصول.
6- فی صحیح البخاریّ: و قل.
7- قریب منه فی صحیح البخاریّ 2- 128 كتاب الجنائز باب ما جاء فی قبر النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله و أبی بكر و عمر، حدیث 5. و أورده ابن سعد فی الطّبقات 3- 338، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 27، و كذا فی جامع الأصول 4- 120 خلال حدیث 2085، و ابن حجر فی فتح الباری 7- 56- 57.
8- وضع فی المطبوع من البحار علی: فیه، رمز نسخة بدل.
9- و الذی نظنّه- و ظنّ الألمعی الصواب- أنّ من أعظم المطاعن علی الخلیفة الثانی و أفجع مثالبه- مع كثرتها و قلّ ما وصل منها إلینا- عدا ظلمه لآل اللّٰه و غصبه لحقّ ولیّ اللّٰه و تغییره لسنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و استخفافه بأحكام اللّٰه، و بدعه و جهله و تلوّنه و نفاقه .. و كلّ ما سردناه لك نهیه عن الحدیث، نقلا و كتابة، فهو تارة ینهی عن نقل الحدیث عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و أخری عن الإكثار به، و ثالثة عن تفسیره، و رابعة عن تأویله .. و هكذا بعد أن عرف عنه أنّه نهی عن مشكل القرآن و عن السؤال عمّا لم یقع. و قد وجدنا نماذج فلتت من أقلام أعلامهم و برزت، و روایات خفیت عن نقّادهم بل كلمات صدرت من الصحابة فی غفلة من درّة عمر و سیف البغی. و فی هذا المقام فقد جاء عن عروة أنّه قال: إنّ عمر بن الخطّاب أراد أن یكتب السنن فاستفتی أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی ذلك، فأشاروا علیه أن یكتبها! فطفق عمر یستخیر اللّٰه فیها شهرا ثمّ أصبح یوما و قد عزم اللّٰه له، فقال: إنّی كنت أرید أن أكتب السنن و إنّی ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبّوا علیه و تركوا كتاب اللّٰه ..!!. كما أوردها الدارمیّ فی سننه 1- 125، و الحاكم فی مستدركه 1- 104- 106، و جاء فی مختصر جامع العلم: 36 و 37 و غیرهم. و ها هو الطبریّ یحكی عن عمر قوله- كما فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3- 120- أربع مجلدات-: جرّدوا القرآن و لا تفسّروه!، و أقلّوا الروایة عن رسول اللّٰه و أنا شریككم. و قد قال ابن كثیر فی تاریخه: 8- 107: هذا معروف عن عمر، و إنّ عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود و أبا الدرداء و أبا مسعود الأنصاری حتّی مات عمر. و قاله غیر واحد كما فی مجمع الزوائد 1- 149، و تذكرة الحفّاظ 1- 7. و جاء فی مستدرك الحاكم 1- 110: أنّ عمر بن الخطّاب قال لابن مسعود و لأبی الدرداء و لأبی ذرّ: ما هذا الحدیث عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و أحسبه حبسهم بالمدینة حتّی أصیب. و قد سبقه الأول- كما جاء فی كنز العمّال 5- 237، و تذكرة الحفّاظ 1- 5، و البدایة و النهایة و غیرها عن عائشة، قالت: جمع أبی الحدیث عن رسول اللّٰه فكانت خمسمائة حدیث! فبات یتقلّب، فقلت: یتقلّب لشكوی أو لشی ء بلغه؟، فلما أصبح قال: أی بنیّة! هلمّی بالأحادیث التی عندك، فجئته بها فأحرقها. و سار الثانی علی منهاج الأول، فها هو ابن سعد فی الطبقات الكبری 5- 188، و الخطیب البغدادیّ فی تقیّد العلم و غیرهما قالا: إنّ عمر خطب فی خلافته فقال: لا یبقین أحد عنده كتابا إلّا أتانی به فأری فیه رأیی، فظنّوا أنّه یرید النظر فیها لیقوّمها علی أمر لا یكون فیه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار!، بل هو بعث فی الأمصار یأمرهم: من كان عنده شی ء فلیمحه، كما جاء فی جامع بیان العلم لابن عبد البرّ. و علی كلّ، فإنّ السلطة الحاكمة و السیاسة الوقتیة السائدة اقتضت مصالحها محو السنّة و حرقها، و عدم التحدّث بها، و معاقبة من یقول بها و ینشرها، بل و حتّی من یعمل بها، و إحیاء البدع و نشرها، و إعطاءها صبغة شرعیّة، و لذا كان الاجتهاد بالرأی و القیاس و الاستحسان مسألة طبیعیة فی الأحقاب اللاحقة نتیجة فقد النصّ، و لذا تشبّثوا بالاقتداء بسنّة أبی بكر و من لحق به و شایعه كمعاویة و نغله و مروان بن الحكم و عبد الملك و ولده الولید و سلیمان .. و هكذا دوالیك إلی أن جاء عمر بن عبد العزیز فطلب من أبی بكر الحزمی أن یكتب له ما كان من حدیث رسول اللّٰه أو سنّته أو حدیث عمر بن الخطّاب! كما صرّح بذلك مالك فی الموطإ 1- 5 و غیره. و لا حول و لا قوّة إلّا باللّٰه. أقول: هذه نماذج یسیرة جدّا عمّا هناك، و لم نستقص و ما كان من قصدنا الاستقصاء حول الدور البشع الذی واجه الخلیفة به حدیث الرسول (صلی اللّٰه علیه و آله) قصد بها أغراض سیاسیّة وقتیّة للسدّ علی الأمّة أبواب المعرفة و حبسها فی براثن الجاهلیّة و حرمانها من ینبوع الوحی، و إلقائها فی معترك الأهواء، و إبعادها من نمیر صاحب الرسالة و أهل بیته سلام اللّٰه علیهم أجمعین و فضائلهم. و هذه سیرة سار علیها قضت علی معالم الدین و ضربت صمیم الإسلام و .. مع أنّا نعلم: أنّ الكتاب أحوج إلی السنّة من السنّة إلی الكتاب- جامع بیان العلم 2- 191 و أنّ متشابهات القرآن لا ترفع إلّا بالسنّة، و هما لا یتفارقان حتّی یردا علی النبیّ الحوض ... فحقّ لنا أن نعدّ- بعد كلّ هذا- أنّ هذا أهمّ مطاعن الرجل و أعظم مساویه. و قولته لأبی هریرة و كعب الأحبار و غیرهما معروفة، أورد جملة منها فی كنز العمّال 5- 239، و تاریخ ابن كثیر 8- 106 و غیرهما. و جاء فی شرح النهج لابن أبی الحدید 1- 174: قیل لابن عبّاس لمّا أظهر قوله فی العول بعد موت عمر- و لم یكن قبل یظهره-: هلّا قلت هذا و عمر حیّ؟!. قال: هبته. و عن ابن عبّاس، قال: مكثت سنتین أرید أن أسأل عمر بن الخطّاب عن .. كما جاء فی كتاب العلم لابن عمرو: 56. و عن أبی هریرة، قال: لقد حدّثتكم بأحادیث لو حدّثت بها زمن عمر بن الخطّاب لضربنی عمر بالدرّة، كما جاء فی بیان العلم 2- 112. و عنه أیضا قال: ما كنّا نستطیع أن نقول: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حتّی قبض عمر!. تاریخ ابن كثیر 8- 107. و بعد كلّ هذا، فها هو عمر یصرّح علی المنبر: أحرّج باللّٰه علی رجل یسأل عمّا لم یكن، فإنّ اللّٰه قد بیّن ما هو كائن .. سنن الدارمیّ 1- 50، جامع بیان العلم 2- 141. و من الشواهد المؤلمة قصّة صبیغ- فقد رویت عن جمع من الصحابة و بألفاظ مختلفة- أنّ رجلا یقال له: صبیغ، قدم المدینة، فجعل یسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إلیه عمر- و قد أعدّ له عراجین النخل- فقال له: من أنت؟. قال: أنا عبد اللّٰه صبیغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجین فضربه!، و قال: أنا عبد اللّٰه عمر، فجعل له ضربا حتّی دمی رأسه، فقال: یا أمیر المؤمنین! حسبك، قد ذهب الذی كنت أجد فی رأسی!. و عن السائب: فلم یزل وضیعا فی قومه حتّی هلك و كان سیّد قومه!. انظر: سنن الدارمیّ: 1- 54 و 55، و تاریخ ابن عساكر 6- 384، و تفسیر ابن كثیر 4- 232، و الإتقان للسیوطی 2- 5، و كنز العمّال 1- 228، 229، و فتح الباری 8- 17، و سیرة عمر لابن الجوزی: 109، و إحیاء العلوم 1- 30 و غیرها. و بعد نهیه عن القرآن تفسیرا، و الحدیث روایة، و السنّة تدوینا، منع عن الكتب و المؤلّفات قراءة أو حفظا، و نسخا و تدوینا. و قد جاء بطرق مختلفة و مضامین متظافرة جملة من الروایات سلف بعضها، منها أنّه عاقب من حفظها بل من أخبر بوجودها، و قد أصابوا عند فتح المدائن كتبا فیها علم من علوم الفرس .. و قد عاقب آخر و ضربه حتّی قال: دعنی، فو اللّٰه لا أدع عندی شیئا من تلك الكتب إلّا أحرقته، فتركه!. و قد أمر عمرو بن العاص بإحراق كتب مدینة الإسكندریّة، و تلك قصّة مشهورة نقلها أكثر من واحد من المؤرّخین كما فی تاریخ مختصر الدول للملطی- المتوفّی سنة 684 ه- صفحة: 180، و تاریخ التمدّن الإسلامی لجرجی زیدان 3- 40 و 42 و غیرهما، و قد ناقشها بعض المتأخّرین منّا بما لا حاصل فیه، و لم نعقد حواشینا لتفصیلها، و قد أسندها و فصّل البحث فیها شیخنا الأمینی فی غدیره 6- 297- 302، فراجع. ثمّ بعد هذا فقد حرّم خلیفتهم كلّ بحث و تحقیق- كما ذكره حجّة إسلامهم الغزالی- یقول فی إحیاء العلوم: 1- 30: و [عمر] هو الذی سدّ باب الكلام و الجدل، و ضرب صبیغا بالدرّة لمّا أورد علیه سؤالا فی تعارض آیتین فی كتاب اللّٰه، و هجره، و أمر الناس بهجره!!. فهل یبقی- و الحال هذه- مبدأ لأصول التعلیم و التعلّم؟ و من هنا قد حرّمت الأمّة الكثیر الكثیر و نزلت الحضیض الحضیض ببركة تلك الدرّة و صاحبها.

ص: 91

ص: 92

و من أعجب العجب أنّ الجهّال من المخالفین بل علماؤهم یعدّون هذا الدفن من مناقبهما و فضائلهما، بل یستدلّون به علی استحقاقهما للإمامة و الخلافة.

وَ قَدْ رَوَی الشَّیْخُ الْمُفِیدُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی مَجَالِسِهِ (1) أَنَّ فَضَّالَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ الْكُوفِیَّ مَرَّ بِأَبِی حَنِیفَةَ وَ هُوَ فِی جَمْعٍ (2) كَثِیرٍ یُمْلِی (3) عَلَیْهِمْ شَیْئاً مِنْ فِقْهِهِ وَ حَدِیثِهِ-، فَقَالَ لِصَاحِبٍ كَانَ مَعَهُ: وَ اللَّهِ لَا أَبْرَحُ أَوْ أُخْجِلَ أَبَا حَنِیفَةَ .. فَدَنَا مِنْهُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ، فَرَدَّ وَ رَدَّ الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمُ السَّلَامَ عَلَیْهِ، فَقَالَ: یَا أَبَا حَنِیفَةَ رَحِمَكَ اللَّهُ! إِنَّ لِی أَخاً یَقُولُ: إِنَّ خَیْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ (عَلَیْهِ

ص: 93


1- جاء فی الفصول المختارة 2- 44- 45، بتصرّف و اختصار.
2- فی س: جمیع.
3- فی س: یمل.

السَّلَامُ) وَ أَنَا أَقُولُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَیْرُ النَّاسِ (1) وَ بَعْدَهُ عُمَرَ، فَمَا تَقُولُ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟. فَأَطْرَقَ مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: كَفَی بِمَكَانِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] كَرَماً وَ فَخْراً، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُمَا ضَجِیعَاهُ فِی قَبْرِهِ، فَأَیُّ حُجَّةٍ أَوْضَحُ لَكَ مِنْ هَذِهِ؟!. فَقَالَ لَهُ فَضَّالٌ: إِنِّی قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ لِأَخِی، فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ دُونَهُمَا فَقَدْ ظَلَمَا بِدَفْنِهِمَا فِی مَوْضِعٍ لَیْسَ لَهُمَا فِیهِ حَقٌّ، وَ إِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَهُمَا فَوَهَبَاهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَقَدْ أَسَاءَا وَ مَا أَحْسَنَا (2) إِذْ رَجَعَا فِی هِبَتِهِمَا وَ نَكَثَا عَهْدَهُمَا، فَأَطْرَقَ أَبُو حَنِیفَةَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ (3) لَهُ:

لَمْ یَكُنْ لَهُ وَ لَا لَهُمَا(4) خَاصَّةً، وَ لَكِنَّهُمَا نَظَرَا فِی حَقِّ عَائِشَةَ وَ حَفْصَةَ فَاسْتَحَقَّا الدَّفْنَ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِحُقُوقِ (5) ابْنَتَیْهِمَا، فَقَالَ (6) فَضَّالٌ: قَدْ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِیَّ (صلی اللّٰه علیه و آله) مَاتَ عَنْ تِسْعِ نِسَاءٍ (7)، وَ نَظَرْنَا فَإِذَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تُسُعُ الثُّمُنِ، ثُمَّ أَنْظَرْنَا (8) فِی تُسُعِ الثُّمُنِ فَإِذَا هُوَ شِبْرٌ فِی شِبْرٍ، فَكَیْفَ یَسْتَحِقُّ الرَّجُلَانِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَ بَعْدَ فَمَا بَالُ عَائِشَةَ وَ حَفْصَةَ تَرِثَانِ رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ فَاطِمَةُ عَلَیْهَا السَّلَامُ ابْنَتُهُ تُمْنَعُ الْمِیرَاثَ. فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ: یَا قَوْمُ! نَحُّوهُ عَنِّی، فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ رَافِضِیٌّ خَبِیثٌ. انتهی.

ثم علی تقدیر جواز دفنهما هناك فلا دلالة له علی فضلهما بمعنی زیادة الثواب و الكرامة عند اللّٰه تعالی، فإنّ ذلك إنّما یكون بالصالحات من الأعمال كما

ص: 94


1- فی المصدر زیادة: بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- فی المصدر: أحسنا إلیه.
3- فی الفصول زیادة: قل.
4- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: لم یكن لهما و لا له- بتقدیم و تأخیر-.
5- فی ك: و بحقوق.
6- فی المصدر: فقال له.
7- حشایا، بدلا من: نساء، جاءت فی المصدر.
8- فی الفصول المهمّة: ثمّ نظرنا.

قال اللّٰه تعالی: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) (1). نعم لو كان ذلك بوصیّة من النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لكان كاشفا عن فضل و دلیلا علی شرف (2)، و ما رُوِیَ مِنْ أَنَّهُ یَلْحَقُ الْمَیِّتَ نَفْعٌ فِی الْآخِرَةِ بِالدَّفْنِ فِی الْمَشَاهِدِ الْمُشَرَّفَةِ فإنّما هو فی الحقیقة إكرام لصاحب المشهد بالتفضّل علی من حلّ بساحته و فاز بجواره (3) إن كان من شیعته و المخلصین له.

ص: 95


1- الحجرات: 13.
2- و جاء فی الصراط المستقیم 3- 28: عن إحیاء العلوم للغزالی فی الفصل الرابع من الجزء الأول: أنّ عمر سأل حذیفة هل هو من المنافقین أم لا؟. و لو لا أنّه علم من نفسه صفات تناسب صفات المنافقین لم یكن یشكّ فیها و لم یتقدم علی فضیحتها.
3- فی المطبوع: بجوازه. و هو سهو. تذییل: نودّ أن نختم بحثنا هذا ببعض الكلمات المأثورة عن خلیفة القوم: منها: ما جاء فی كنز العمّال 1- 103، عن قتادة قال عمر بن الخطّاب: من قال إنّی عالم فهو جاهل، و من قال إنّی مؤمن فهو كافر!!. و قریب منه جاء فی شعب الإیمان. و منها: ما قاله الضحّاك: قال عمر: یا لیتنی كنت كبش أهلی سمّنونی ما بدا لهم حتّی إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من یحبّون فجعلوا بعضی شواء و بعضی قدیدا ثمّ أكلونی فأخرجونی عذرة و لم أكن بشرا. ذكره المتّقی فی الكنز 6- 345 و قال: أخرجه هناد. و منها: ما ذكره ابن سعد فی طبقاته 3- 286، عن سالم بن عبد اللّٰه أنّه قال: إنّ عمر بن الخطّاب كان یدخل یده فی دبرة البعیر و یقول: إنّی لخائف أن أسأل عمّا بك!. و منها: ما عن سعید بن یسار، قال: بلغ عمر بن الخطّاب أنّ رجلا بالشام یزعم أنّه مؤمن، فكتب إلی أمیره أن ابعثه إلیّ، فلمّا قدم قال: أنت الذی تزعم أنّك مؤمن؟. قال: نعم یا أمیر المؤمنین. قال: ویحك! و ممّ ذاك؟. قال: أ و لم تكونوا مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم أصنافا، مشرك و منافق و مؤمن؟ ممّن أین كنتم؟ فمدّ عمر یده إلیه معرفة لما قال حتّی أخذ بیده. و منها: سمع عمر بن الخطّاب رجلا ینادی رجلا: یا ذا القرنین، قال: أ فرغتم من أسماء الأنبیاء فارتفعتم إلی أسماء الملائكة؟!. أوردها الدمیری فی حیاة الحیوان 2- 21، و ابن حجر فی فتح الباری 6- 295 و غیرهما. و منها: قصّة شراء الخلیفة للإبل من أعرابیّ، و قوله له أكثر من مرّة: إنّك رجل سوء، و قضاء علیّ علیه السلام لنفع الأعرابی، كما أوردها فی كنز العمّال 2- 221، و المنتخب منه 2- 231- هامش مسند أحمد- و غیرهما. و أقول: عرفته الأعراب فكیف یجهل أو یتجاهله غیرهم. و منها: ما أورده فی عمدة القاری 7- 143، و شرح النهج لابن أبی الحدید 3- 104- أربع مجلدات- و غیرهما من أنّه جاءت سریة لعبید اللّٰه بن عمر تشكوه عند أبیه، فقالت: یا أمیر المؤمنین! أ لا تعذرنی فی أبی عیسی؟!. قال: و من أبو عیسی؟. قالت: ابنك عبید اللّٰه. قال: ویحك! و قد تكنّی بأبی عیسی؟!. و دعاه و قال: إیها! اكتنیت بأبی عیسی؟!. فحذّر و فزع، فأخذ یده فعضّها! حتی صاح، ثمّ ضربه. و هذا آخر أنواع التأدیب و التعزیر التی لا تعرفه إلّا حكومات الغاب. و منها: ما جاء فی حاشیة السیوطی المدوّنة علی القاموس فی لفظ الابنة: أنّها كانت فی خمسة فی زمن الجاهلیة أحدهم سیّدنا عمر!. و من هنا و غیره ادّعی لقب: أمیر المؤمنین، حیث قال الصادق علیه السلام إنّه ما ادّعاه أحد غیر علیّ بن أبی طالب علیه السلام إلّا كان ممّن یؤتی فی دبره، و ألّف صاحب تفسیر نور الثقلین كتابا أثبت أنّ هذه الحالة كانت مع الخلفاء الأمویّین و العباسیین بأجمعهم، و استشهد بشواهد من الشعر و النثر علی وجود تلك العاهة لكلّ واحد منهم من طریقی العامّة و الخاصّة. هذا و نوصی بقراءة ما كتبه شیخنا الأمینی- رحمه اللّٰه- تحت عنوان: نوادر الأثر فی علم عمر فی موسوعته الغدیر 6- 83- 333. و كنّا غالبا فی بحثنا هذا عیال علیه، و آخذین منه. قال فی محاضرات الأدباء للراغب الأصفهانی 2- 213- طبعة مصر- عن ابن عبّاس قال: كنت مع عمر بن الخطّاب فی لیلة- و عمر علی بغل و أنا علی فرس- فقرأ آیة فیها ذكر علیّ بن أبی طالب، فقال: أما و اللّٰه یا بنی عبد المطلب لقد كان علیّ فیكم أولی بهذا الأمر منّی و من أبی بكر ..!.

ص: 96

[24] باب نسبه و ولادته و وفاته و بعض نوادر أحواله، و ما جری بینه و بین أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه

نسبه و ولادته

«1»-فس (1): قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: ثُمَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نِكَاحَ الزَّوَانِی، فَقَالَ: (الزَّانِی لا یَنْكِحُ إِلَّا زانِیَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِیَةُ لا یَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ) (2)، وَ هُوَ رَدٌّ عَلَی مَنْ یَسْتَحِلُّ التَّمَتُّعَ بِالزَّوَانِی وَ التَّزْوِیجَ بِهِنَّ، وَ هُنَّ الْمَشْهُورَاتُ الْمَعْرُوفَاتُ بِذَلِكَ (3) فِی الدُّنْیَا، لَا یَقْدِرُ الرَّجُلُ عَلَی تَحَصُّنِهِنَّ (4)، وَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی نِسَاءِ مَكَّةَ، كُنَّ مُسْتَعْلِنَاتٍ بِالزِّنَا، سَارَةُ، وَ حَنْتَمَةُ، وَ الرَّبَابُ كُنَّ یَتَغَنَّیْنَ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ نِكَاحَهُنَّ، وَ جَرَتْ بَعْدَهُنَّ فِی النِّسَاءِ مِنْ أَمْثَالِهِنَّ (5).

ص: 97


1- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ 2- 95- 96.
2- النّور: 3.
3- فی المصدر لا توجد: بذلك.
4- فی التّفسیر: علی تحصینهنّ.
5- من: فس إلی هنا لا یوجد فی س.

قَالَ الْعَلَّامَةُ نَوَّرَ اللَّهُ ضَرِیحَهُ فِی كِتَابِ كَشْفِ الْحَقِّ (1)، وَ صَاحِبُ كِتَابِ إِلْزَامِ النَّوَاصِبِ(2): .. وَ رَوَی الْكَلْبِیُّ وَ هُوَ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِی كِتَابِ الْمَثَالِبِ (3)، قَالَ: كَانَتْ صُهَاكُ أَمَةً حَبَشِیَّةً لِهَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَوَقَعَ (4) عَلَیْهَا نُفَیْلُ بْنُ هَاشِمٍ (5)، ثُمَّ وَقَعَ عَلَیْهَا عَبْدُ الْعُزَّی بْنُ رِیَاحٍ، فَجَاءَتْ بِنُفَیْلٍ جَدِّ ... و قال الفضل بن روزبهان الشهرستانی فی شرحه (6)بعد القدح فی صحّة النقل-: إنّ أنكحة الجاهلیّة علی ما ذكره أرباب التواریخ علی أربعة أوجه:

منها: أن یقع جماعة علی امرأة ثم ولد منها یحكم فیه القائف أو تصدّق المرأة، و ربّما كان هذه من أنكحة الجاهلیّة.

و أورد علیه شارح الشرح رحمه اللّٰه (7): بأنّه لو صحّ ما ذكره لما تحقّق زنا فی الجاهلیّة، و لما عدّ مثل ذلك فی المثالب، و لكان كلّ من وقع علی امرأة كان ذلك نكاحا منه علیها، و لم یسمع من أحد(8) أنّ من أنكحة الجاهلیّة كون امرأة واحدة فی یوم واحد أو شهر واحد فی نكاح جماعة من الناس.

ثم إنّ الخطاب علی ما ذكره ابن عبد البرّ فی الإستیعاب (9) ابن نفیل بن

ص: 98


1- كشف الحقّ نهج الحقّ و كشف الصّدق: 348.
2- إلزام النّواصب: 97- النّسخة الخطّیّة- فصل: بعض ما ورد فی أنسابهم، الثّانی: .
3- المثالب للكلبیّ أبی المنذر هشام بن محمّد بن السّائب النّسّابة المتوفّی 205 ه، و لا نعلم بطبعه.
4- فی إلزام النّواصب: فواقع. و كذا ما یأتی.
5- فی الإلزام: هشام، بدلا من: هاشم.
6- شرح كشف الحقّ للشهرستانی، الفضل بن روزبهان الخواجة مولانا فی كتابه إبطال المنهج الباطل فی الردّ علی ابن المطهّر و لا نعرف له نسخة خطّیة فضلا عن مطبوعه، و ما فی إحقاق الحقّ منه لم یشر إلی ما ذكر هنا.
7- لعلّه إحقاق الحقّ للشهید الثالث التستریّ طاب ثراه، و لم نجده فیما هو مطبوع منه.
8- فی س: عن أحد.
9- الاستیعاب المطبوع علی هامش الإصابة 2- 458.

عبد العزّی بن ریاح بن عبد اللّٰه بن القرط بن زراح (1) بن عدیّ بن كعب القرشی، و أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغیرة بن عبد اللّٰه بن عمر بن مخزوم.

قال (2): و قد قالت طائفة فی أمّ [فلان حنتمة بنت هاشم بن المغیرة، و من قال ذلك فقد أخطأ، و لو كانت كذلك لكانت أخت أبی جهل بن هشام، و الحرث بن هشام (3) المغیرة، و لیس كذلك، و إنّما هی بنت عمّه، لأنّ هشام بن المغیرة و الحرث بن المغیرة أخوان لهاشم والد (4) حنتمة أمّ [فلان ، و هشام والد الحرث و أبی جهل.

و حكی بعض أصحابنا عن محمد بن شهر آشوب(5) و غیره: أنّ صُهاك كانت أمة حبشیة لعبد المطلب، و كانت ترعی له الإبل، فوقع علیها نفیل فجاءت بالخطاب، ثم إنّ الخطّاب لّما بلغ الحلم رغب فی صُهاك فوقع علیها فجاءت بابنة فلفّتها فی خرقة من صوف و رمتها خوفا من مولاها فی الطریق، فرآها هاشم بن المغیرة مرمیّة فأخذها و ربّاها و سمّاها: حنتمة، فلمّا بلغت رآها خطّاب یوما فرغب فیها و خطبها من هاشم فأنكحها إیّاه فجاءت [بفلان ، فكان الخطاب أبا و جدّا و خالا [لفلان ، وَ كَانَتْ حَنْتَمَةُ أُمّاً وَ أُخْتاً وَ عَمَّةً لَهُ، فتدبّر.

و أقول.:

وجدت فِی كِتَابِ عِقْدِ الدُّرَرِ (6) لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ رَوَی (7)

ص: 99


1- فی المصدر: رزاح.
2- قاله ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 458- 459.
3- فی المصدر زیادة: بن.
4- جاءت العبارة فی الاستیعاب هكذا: و إنّما هی ابنة عمّها فإنّ هاشم بن المغیرة و هشام بن المغیرة أخوان، فهاشم والد .. و هو الصحیح.
5- لعلّه فی كتابه المثالب، الذی یعدّ القسم الثانی من المناقب، و لا زال مخطوطا، قیّض اللّٰه سبحانه له من یبادر إلی طبعه و نشره.
6- و هو كتاب عقد الدّرر فی تاریخ وفاة عمر، و یسمّی الحدیقة النّاضرة، مجهول المؤلّف، رتّب علی أربعة فصول و خاتمة، و احتمل شیخنا الطّهرانیّ فی الذّریعة 15- 298 كون الكتاب للشّیخ حسن بن سلیمان الحلّیّ، و هناك كتاب باسم مقتل عمر لعلیّ بن مظاهر الحلّیّ، و لاحظ ما جاء فی مستدركاتنا فی آخر الكتاب.
7- لا توجد: روی، فی ك.

بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ (1)، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ ابْنِ الزَّیَّاتِ، عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ صُهَاكُ جَارِیَةً لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ كَانَتْ ذَاتَ عَجُزٍ، وَ كَانَتْ تَرْعَی الْإِبِلَ، وَ كَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ (2)، وَ كَانَتْ تَمِیلُ إِلَی النِّكَاحِ، فَنَظَرَ إِلَیْهَا نُفَیْلٌ جَدُّ [فُلَانٍ فَهَوَاهَا وَ عَشِقَهَا مِنْ مَرْعَی الْإِبِلِ فَوَقَعَ عَلَیْهَا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِالْخَطَّابِ، فَلَمَّا أَدْرَكَ الْبُلُوغَ نَظَرَ إِلَی أُمِّهِ صُهَاكَ فَأَعْجَبَهُ عَجُزُهَا فَوَثَبَ عَلَیْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِحَنْتَمَةَ، فَلَمَّا وَلَدَتْهَا خَافَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَجَعَلَتْهَا فِی صُوفٍ وَ أَلْقَتْهَا بَیْنَ أَحْشَامِ مَكَّةَ، فَوَجَدَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بْنِ الْوَلِیدِ، فَحَمَلَهَا إِلَی مَنْزِلِهِ وَ رَبَّاهَا وَ سَمَّاهَا بِ: الْحَنْتَمَةِ، وَ كَانَتْ مَشِیمَةُ الْعَرَبِ مَنْ رَبَّی یَتِیماً یَتَّخِذُهُ وَلَداً، فَلَمَّا بَلَغَتْ حَنْتَمَةُ نَظَرَ إِلَیْهَا الْخَطَّابُ فَمَالَ إِلَیْهَا وَ خَطَبَهَا مِنْ هِشَامٍ، فَتَزَوَّجَهَا فَأَوْلَدَ مِنْهَا [فُلَان ، وَ كَانَ الْخَطَّابُ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ وَ خَالَهُ، وَ كَانَتْ حَنْتَمَةُ أُمَّهُ وَ أُخْتَهُ وَ عَمَّتَهُ.

و ینسب إلی الصادق علیه السلام فی هذا المعنی شعر:

مَنْ جَدُّهُ خَالُهُ وَ وَالِدُهُ***وَ أُمُّهُ أُخْتُهُ وَ عَمَّتُهُ

أَجْدَرُ أَنْ یُبْغِضَ الْوَصِیَّ وَ أَنْ*** یُنْكِرَ یَوْمَ الْغَدِیرِ بَیْعَتَهُ

انتهی (3).

و قال ابن أبی الحدید (4)فی شرح

قَوْلِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَمْ یُسْهِمْ فِیهِ عَاهِرٌ، وَ لَا ضَرَبَ فِیهِ فَاجِرٌ ..

فی الكلام رمز إلی جماعة من الصحابة فی أنسابهم طعن، كما یقال: إنّ آل سعد بن أبی وقّاص لیسوا من بنی زهرة بن كلاب، و إنّهم من بنی

ص: 100


1- لا توجد: بن هاشم، فی ك.
2- فی ك: الحبشیة.
3- قال فی الصراط المستقیم 3- 28: و قد روی جماعة عن عمر: تعلّموا أنسابكم تصلوا بها أرحامكم، و لا یسألنی أحد ما وراء الخطّاب!. و نقل عن البخاری، و إحیاء العلوم: أسند أحمد بن موسی: أنّ رجلا قال للنبیّ صلی اللّٰه علیه و آله: من أبی؟. قال: حذافة. فسأله آخر: من أبی؟. قال: سالم. فبرك عمر علی ركبتیه و قال- بعد كلام-: لا تبد علینا سوأتنا، و اعف عنّا. رواه أبو یعلی الموصلی فی المسند عن أنس.
4- شرح نهج البلاغة 11- 67- 68.

عذرة من قحطان، و كما یقال إنّ آل زبیر (1) بن العوّام من أرض مصر من القبط، و لیسوا من بنی أسد بن عبد (2) العزّی.

ثم قال (3): قال شَیْخُنَا أَبُو عُثْمَانَ فِی كِتَابِ «مُفَاخَرَاتِ قُرَیْشٍ» (4): ... بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ أُنَاساً مِنْ رُوَاةِ الْأَشْعَارِ وَ حَمَلَةِ الْآثَارِ یَقْصِبُونَ (5) النَّاسَ وَ یَثْلِبُونَهُمْ (6) فِی أَسْلَافِهِمْ، فَقَامَ عَلَی الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِیَّاكُمْ وَ ذِكْرَ الْعُیُوبِ وَ الْبَحْثَ عَنِ الْأُصُولِ، فَلَوْ قُلْتُ لَا یَخْرُجِ الْیَوْمَ (7)مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ إِلَّا مَنْ لَا وَصْمَةَ فِیهِ لَمْ یَخْرُجْ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ نَكْرَهُ أَنْ نَذْكُرَهُ فَقَالَ إِذَا كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَخْرُجُ فَقَالَ كَذَبْتَ بَلْ كَانَ یُقَالُ لَكَ یَا قَیْنَ ابْنَ قَیْنٍ اقْعُدْ قُلْتُ: الرَّجُلُ الَّذِی قَامَ هُوَ الْمُهَاجِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ بْنِ (8) الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیِّ، وَ كَانَ عُمَرُ یُبْغِضُهُ لِبُغْضِهِ أَبَاهُ خَالِداً، وَ لِأَنَّ الْمُهَاجِرَ كَانَ عَلَوِیَّ الرَّأْیِ جِدّاً، وَ كَانَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِخِلَافِهِ، شَهِدَ الْمُهَاجِرُ صِفِّینَ مَعَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ شَهِدَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَعَ مُعَاوِیَةَ، وَ كَانَ الْمُهَاجِرُ مَعَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَوْمَ الْجَمَلِ، وَ فُقِئَتْ (9) ذَلِكَ الْیَوْمَ عَیْنُهُ، وَ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِی بَلَغَ عُمَرَ بَلَغَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِ (10)، وَ كَانَ

ص: 101


1- فی المصدر: و كما قالوا: إنّ آل الزبیر.
2- لا توجد: عبد، فی س.
3- قاله ابن أبی الحدید فی شرحه 11- 68- 69.
4- مفاخرات قریش للجاحظ، بحثنا عنه فلم نجد له نسخة مطبوعة.
5- فی المصدر: یعیبون. أقول: یقصبون: یقعون فی النّاس، كما فی مجمع البحرین 2- 143- 144، و انظر: القاموس 1- 117، و النّهایة 4- 67، و الصّحاح 1- 203.
6- ثلبه ثلبا: إذا صرّح بالعیب و تنقّصه، كما فی الصّحاح 1- 94، و النّهایة 1- 218، و مجمع البحرین 2- 19، و القاموس 1- 42.
7- فی س: القوم، بدلا من: الیوم.
8- لا توجد: بن، فی س.
9- فقأ العین: كسرها، أو قلعها، أو بخقها، كما فی القاموس: 1- 23.
10- فی المصدر: عن المهاجر.

الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ مَعَ جَلَالَتِهِ فِی قُرَیْشٍ وَ كَوْنِهِ یُسَمَّی: رَیْحَانَةَ قُرَیْشٍ، وَ یُسَمَّی:

الْعَدْلَ، وَ یُسَمَّی (1): الْوَحِیدَ حَدَّاداً یَصْنَعُ الدُّرُوعَ(2) بِیَدِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِیهِ ابْنُ قُتَیْبَةَ (3) فِی كِتَابِ الْمَعَارِفِ (4).

وَ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ هَذَا الْخَبَرَ فِی كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْخُلَفَاءِ (5)، وَ قَالَ: إِنَّهُ رُوِیَ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ بِالْمَدِینَةِ، فَقَالَ: لَا تَلُمْهُ یَا ابْنَ أَخِی، إِنَّهُ أَشْفَقَ أَنْ یُحْدَجَ بِقِصَّةِ (6) نُفَیْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی وَ صُهَاكَ أَمَةِ الزُّبَیْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (7)، ثُمَّ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ یَعْدُ السُّنَّةَ، وَ تَلَا: (إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ) (8). انتهی..

بیان: قال الجوهری (9): حدجه بذنب غیره: رماه به.

انظر كیف بیّن علیه السلام رداءة نسب عمر و سبب مبالغته فی النهی عن التعرّض للأنساب، ثم مدحه تقیّة، و ما أومی إلیه من قصّة أمة الزبیر هو.

ما رواه الْكُلَیْنِیُّ طَیَّبَ اللَّهُ تُرْبَتَهُ فِی رَوْضَةِ الْكَافِی(10)، عَنِ الْحُسَیْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: تَعَرَّضَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِجَارِیَةِ رَجُلٍ

ص: 102


1- الكلمة مشوّشة فی ك نظیر: هیمی.
2- فی المصدر زیادة: و غیرها.
3- فی شرح النهج: عنه عبد اللّٰه بن قتیبة.
4- المعارف: 250.
5- أمّهات الخلفاء، و لا نعرف كتابا بهذا الاسم إلّا ما ذكره النّدیم فی الفهرس: 141، فی أنّه لأبی المنذر هشام بن محمّد بن السّائب النّسّابة المتوفّی سنة 205 ه، و لا نعلم بطبعه.
6- فی شرح النّهج: بقضیّة.
7- فی س: عبد اللّٰه المطّلب. و خطّ علی لفظ الجلالة فی ك، و هو الظّاهر كما فی المصدر.
8- النّور: 11.
9- فی صحاح اللغة 1- 305، و ذكره ابن منظور فی اللسان 2- 232.
10- الكافی 8- 258- 260 حدیث 372. و جاءت أیضا فی بحار الأنوار 22- 268- 271 حدیث 13، و 47- 386- 389 حدیث 109، عنه.

عَقِیلِیٍّ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ هَذَا الْعُمَرِیَّ (1) قَدْ آذَانِی. فَقَالَ لَهَا: عِدِیهِ وَ أَدْخِلِیهِ الدِّهْلِیزَ، فَأَدْخَلَتْهُ، فَشَدَّ عَلَیْهِ فَقَتَلَهُ وَ أَلْقَاهُ فِی الطَّرِیقِ، فَاجْتَمَعَ الْبَكْرِیُّونَ وَ الْعُمَرِیُّونَ وَ الْعُثْمَانِیُّونَ، وَ قَالُوا: مَا لِصَاحِبِنَا كُفْوٌ؟ لَنْ نَقْتُلَ بِهِ إِلَّا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَ مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا غَیْرُهُ، وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَدْ مَضَی نَحْوَ قُبَا، فَلَقِیتُهُ بِمَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَیْهِ. فَقَالَ: دَعْهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ وَ رَأَوْهُ (2) وَثَبُوا عَلَیْهِ، وَ قَالُوا: مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا أَحَدٌ غَیْرُكَ، وَ مَا نَقْتُلُ بِهِ أَحَداً غَیْرَكَ!، فَقَالَ: لِتُكَلِّمْنِی (3) مِنْكُمْ جَمَاعَةٌ، فَاعْتَزَلَ قَوْمٌ مِنْهُمْ، فَأَخَذَ بِأَیْدِیهِمْ فَأَدْخَلَهُمُ الْمَسْجِدَ، فَخَرَجُوا وَ هُمْ یَقُولُونَ شَیْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ مِثْلُهُ یَفْعَلُ هَذَا وَ لَا یَأْمُرُ بِهِ، انْصَرِفُوا. قَالَ: فَمَضَیْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَا كَانَ أَقْرَبَ رِضَاهُمْ مِنْ سَخَطِهِمْ. قَالَ: نَعَمْ، دَعَوْتُهُمْ فَقُلْتُ: أَمْسِكُوا وَ إِلَّا أَخْرَجْتُ الصَّحِیفَةَ. فَقُلْتُ:

وَ مَا هَذِهِ الصَّحِیفَةُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ؟!. فَقَالَ: أُمُّ (4) الْخَطَّابِ كَانَتْ أَمَةً لِلزُّبَیْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَسَطَّرَ بِهَا نُفَیْلٌ فَأَحْبَلَهَا، فَطَلَبَهُ الزُّبَیْرُ، فَخَرَجَ هَارِباً إِلَی الطَّائِفِ، فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ خَلْفَهُ فَبَصُرَتْ بِهِ ثَقِیفٌ، فَقَالُوا: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! مَا تَعْمَلُ هَاهُنَا؟.

قَالَ: جَارِیَتِی سَطَّرَ بِهَا نُفَیْلُكُمْ، فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَی الشَّامِ، فَخَرَجَ (5)الزُّبَیْرُ فِی تِجَارَةٍ لَهُ إِلَی الشَّامِ، فَدَخَلَ عَلَی مَلِكِ الدُّومَةِ، فَقَالَ لَهُ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! لِی إِلَیْكَ حَاجَةٌ؟.

قَالَ: وَ مَا حَاجَتُكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ؟. فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِكَ (6)قَدْ أَخَذْتَ وَلَدَهُ فَأُحِبُّ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَیْهِ. قَالَ: لِیَظْهَرْ لِی حَتَّی أَعْرِفَهُ. فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ إِلَی الْمَلِكِ فَلَمَّا رَآهُ الْمَلِكُ ضَحِكَ، فَقَالَ: مَا یُضْحِكُكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ؟. قَالَ: مَا أَظُنُّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَدَتْهُ عَرَبِیَّةٌ، لَمَّا رَآكَ قَدْ دَخَلْتَ لَمْ یَمْلِكِ اسْتَهُ أَنْ جَعَلَ یَضْرِطُ. فَقَالَ: أَیُّهَا

ص: 103


1- فی س: لعمری- بلا همزة-.
2- فی س: وراءه.
3- فی روضة الكافی: لیكلّمنی.
4- فی المصدر: أنّ أمّ ..
5- فی روضة الكافی: و خرج.
6- لا توجد فی ك: فقال: رجل من أهلك.

الْمَلِكُ! إِذَا صِرْتُ إِلَی مَكَّةَ قَضَیْتُ حَاجَتَكَ، فَلَمَّا قَدِمَ الزُّبَیْرُ تَحَمَّلَ عَلَیْهِ بِبُطُونِ قُرَیْشٍ كُلِّهَا أَنْ یَدْفَعَ إِلَیْهِ ابْنَهُ فَأَبَی، ثُمَّ تَحَمَّلَ عَلَیْهِ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: مَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُ عَمَلٌ، أَ مَا عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ فِی ابْنِی فُلَانٍ، وَ لَكِنِ امْضُوا أَنْتُمْ إِلَیْهِ، فَقَصَدُوهُ وَ كَلَّمُوهُ، فَقَالَ لَهُمُ الزُّبَیْرُ: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَهُ دَوْلَةٌ وَ إِنَّ ابْنَ هَذَا ابْنُ الشَّیْطَانِ، وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ یَتَرَأَّسَ عَلَیْنَا، وَ لَكِنْ أَدْخِلُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَیَّ عَلَی أَنْ أُحْمِیَ لَهُ حَدِیدَةً وَ أَخُطَّ فِی وَجْهِهِ خُطُوطاً، وَ أَكْتُبَ عَلَیْهِ وَ عَلَی ابْنِهِ أَنْ لَا یَتَصَدَّرَ فِی مَجْلِسٍ، وَ لَا یَتَأَمَّرَ عَلَی أَوْلَادِنَا، وَ لَا یُضْرَبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ. قَالَ: فَفَعَلُوا وَ خَطَّ وَجْهَهُ بِالْحَدِیدِ، وَ كَتَبَ عَلَیْهِ الْكِتَابَ، وَ ذَلِكَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا. فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا مسكتم (1) وَ إِلَّا أَخْرَجْتُ الْكِتَابَ فَفِیهِ فَضِیحَتُكُمْ، فَأَمْسَكُوا.

وَ تُوُفِّیَ مَوْلًی لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ یُخَلِّفْ وَارِثاً، وَ خَاصَمَ (2) فِیهِ وُلْدُ الْعَبَّاسِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام)، وَ كَانَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ (3) قَدْ حَجَّ فِی تِلْكَ السَّنَةِ، فَجَلَسَ لَهُمْ، فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِیٍّ: الْوَلَاءُ لَنَا. وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلِ الْوَلَاءُ لِی، فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِیٍّ: إِنَّ أَبَاكَ قَاتَلَ مُعَاوِیَةَ. فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبِی قَاتَلَ مُعَاوِیَةَ فَقَدْ كَانَ خَطُّ (4) أَبِیكَ فِیهِ الْأَوْفَرَ، ثُمَّ فَرَّ بِجَنَاحَیْهِ (5). وَ قَالَ: وَ اللَّهِ! لَأُطَوِّقَنَّكَ غَداً طَوْقَ (6) الْحَمَامَةِ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِیٍّ: كَلَامُكَ هَذَا أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ بَعْرَةٍ فِی وَادِ الْأَزْرَقِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ وَادٍ لَیْسَ لَكَ وَ لَا لِأَبِیكَ فِیهِ حَقٌّ، قَالَ: فَقَالَ

ص: 104


1- فی المصدر: إن أمسكتم. و هو الظّاهر.
2- فی روضة الكافی: فخاصم.
3- فی ك: عبد المطّلب، و هو غلط.
4- فی المصدر: حظّ، و هو الظّاهر.
5- فی روضة الكافی: بخیانته.
6- الطّوق: حلیّ یجعل فی العنق، و كلّ شی ء استدار فهو طوق، و المطوّقة: الحمامة الّتی فی عنقها طوق. انظر: النّهایة: 3- 143، و القاموس 3- 259، و مجمع البحرین 5- 209- 210. و حاصل المعنی إنّی لأجعلنّ فی عنقك طوقا كطوق الحمامة لا یفارقك أبدا.

هِشَامٌ: إِذَا كَانَ غَداً جَلَسْتُ لَكُمْ (1)، فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ فِی كِرْبَاسَةٍ، وَ جَلَسَ لَهُمْ هِشَامٌ، فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْكِتَابَ بَیْنَ یَدَیْهِ، فَلَمَّا (2) قَرَأَهُ قَالَ: ادْعُوا إِلَیَّ (3) جَنْدَلَ الْخُزَاعِیَّ وَ عُكَّاشَةَ الضُّمَیْرِیَّ (4) وَ كَانَا شَیْخَیْنِ قَدْ أَدْرَكَا الْجَاهِلِیَّةَ-، فَرَمَی الْكِتَابَ (5) إِلَیْهِمَا، فَقَالَ:

تَعْرِفَانِ هَذِهِ الْخُطُوطَ؟. قَالا: نَعَمْ، هَذَا خَطُّ الْعَاصِ بْنِ أُمَیَّةَ، وَ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ (6) مِنْ قُرَیْشٍ، وَ هَذَا خَطُّ حَرْبِ بْنِ أُمَیَّةَ، فَقَالَ هِشَامٌ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! أَرَی خُطُوطَ أَجْدَادِی عِنْدَكُمْ؟. فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قَدْ (7) قَضَیْتُ بِالْوَلَاءِ لَكَ.

قَالَ: فَخَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ:

إِنْ عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَا*** وَ كَانَتِ النَّعْلُ (8) لَهَا حَاضِرَةً

قَالَ: قُلْتُ (9): مَا هَذَا الْكِتَابُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟. قَالَ: فَإِنَّ نَیثلة (10) كَانَتْ أَمَةً لِأُمِّ الزُّبَیْرِ وَ لِأَبِی طَالِبٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَوْلَدَهَا فُلَاناً، فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ: هَذِهِ الْجَارِیَةُ وَرِثْنَاهَا مِنْ أُمِّنَا وَ ابْنُكَ هَذَا عَبْدٌ لَنَا، فَتَحَمَّلَ عَلَیْهِ بِبُطُونِ قُرَیْشٍ. قَالَ: فَقَالَ: قَدْ أَجَبْتُكَ عَلَی خَلَّةٍ عَلَی أَنْ لَا یَتَصَدَّرَ (11) ابْنُكَ هَذَا فِی مَجْلِسٍ، وَ لَا یُضْرَبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ، فَكَتَبَ عَلَیْهِ كِتَاباً وَ أَشْهَدَ عَلَیْهِ، فَهُوَ هَذَا

ص: 105


1- وضع علی: لكم، فی ك رمز نسخة بدل.
2- زیادة: أن، جاءت فی المصدر قبل: قرأه.
3- فی روضة الكافی: لی.
4- فی المصدر: الضّمریّ.
5- بالكتاب، جاءت فی الكافی.
6- فی ك نسخة بدل: لقوم فلان.
7- فی المصدر: فقد.
8- فی س: لنعل.
9- فی المصدر: فقلت.
10- فی روضة الكافی: نثیلة. و فی ك نسخة بدل: نفیلة. و هو الظّاهر.
11- فی س: أن یتصدّر- من غیر لا-.

الْكِتَابُ (1).

بیان: قوله: تعرّض (2) .. أی أراد الفجور معها و مراودتها.

قوله: فقالت له .. أی للعقیلی مولاها.

قوله: فشدّ علیه .. أی حمل علیه (3)، و قد كان كمن له فی الدهلیز.

قوله: فلقیته .. أی قال سماعة: فذهبت إلیه و أخبرته بالواقعة (4)قوله علیه السلام: فسطر بالسین المهملة- .. أی زخرف لها الكلام و خدعها (5). قال الجزری (6): سطر (7) فلان علی فلان: إذا زخرف له الأقاویل و نمّقها، و تلك الأقاویل: الأساطیر و السّطر، و فی بعض النسخ: بالشین المعجمة.

قال الفیروزآبادی (8): یقال: شطر شطره .. أی قصد قصده، أو هو

ص: 106


1- أقول: و لعلّه من موضوعات أحمد بن هلال العبرتائیّ الملعون، إذ أنّ داود بن علیّ- عمّ السّفّاح العبّاسیّ و المنصور- صار أمیرا علی الحجاز فی صدر دولة بنی العبّاس سنة 132، و حجّ هشام بن عبد الملك الأمویّ سنة 106 ه، و فیه أمور لا تتلاءم مع الواقع التّاریخیّ و فقه الحدیث. و لعلّ خلطه بأشیاء و أمور و حوادث لیخرج عن حقیقته.
2- التّعرّض: التّصدّی و التّعوّج و عدم الاستقامة. و ما ذكره له من المعنی مصداق له، انظر: تاج العروس 5- 51، و لسان العرب 7- 182.
3- ذكره فی مجمع البحرین 3- 76، و الصحاح 2- 492 و غیرهما.
4- لعلّ مراده- قدّس سرّه-: أنّ الفاء فی: فلقیته فصیحة .. و أنّ اللقاء مضمّن معنی الإخبار.و التقدیر: و ذهبت إلیه و لقیته و أخبرته بالواقعة
5- نصّ علیه الطریحی فی مجمعه 3- 331، و ابن الزبیدی فی تاجه 3- 367. و قالا: نمقّها، بدلا من: خدعها.
6- فی النهایة 2- 365. و ذكره فی تاج العروس 3- 267، و لسان العرب 3- 365.
7- سطّر: بتضعیف الطاء فتكون مزیدا فیها كما عن بعض. و بتضعیف الراء فتكون رباعیّة كما عن بعض آخر.
8- فی القاموس 2- 58. و قارن بتاج العروس 3- 298، و قریب منه ما فی لسان العرب 4- 408.

تصحیف شغر بها بالغین المعجمة- .. أی رفع رجلها للجماع(1) قوله علیه السلام: علی ملك الدّومة .. أی دومة الجندل، و هی بالضم-:

حصن بین المدینة و الشّام، و منهم من یفتح الدّال (2) قوله: تحمل علیه ببطون قریش .. أی كلّفهم الشّفاعة (3) عند الزبیر لیدفع إلیه الخطّاب، فلمّا یئس من ذلك ذهب إلی عبد المطلب لیتحمّل علی زبیر بعبد المطلب مضافا إلی بطون قریش، فقال عبد المطلب لنفیل: ما بینی و بینه عمل؟

أی معاملة و ألفة أ ما علمتم أنّه یعنی زبیرا ما فعل بی فی ابنی فلان و أشار بذلك إلی ما سیأتی من قصّة العباس فی عجز الخبر قال: و لكن امضوا أنتم یعنی نفیلا مع بطون قریش إلی الزبیر.

قوله: أن لا یتصدّر .. أی لا یجلس فی صدر المجلس (4) قوله: و لا یضرب معنا بسهم .. أی لا یشترك معنا فی قسمة شی ء لا میراث و لا غیره (5) قوله علیه السلام: فقد كان خطّ (6) أبیك .. أی جدّك عبد اللّٰه بن العباس

ص: 107


1- قاله فی تاج العروس 3- 306، و انظر: مجمع البحرین 3- 352
2- لاحظ الصحاح 5- 1923، و النهایة 2- 141. و قال فی مجمع البحرین 6- 65: و دومة الجندل: حصن عادیّ بین المدینة و الشام یقرب من تبوك، و هی أقرب إلی الشام، و هی الفصل بین الشام و العراق، و هی إحدی حدود فدك، و یقال إنّها تسمّی بالجوف. و انظر ما جاء فی مراصد الاطّلاع 2- 543، و معجم البلدان 2- 487- 489.
3- ذكره فی النهایة 1- 443، مجمع البحرین 5- 358.
4- ذكره فی تاج العروس 3- 328، انظر: لسان العرب 4- 446.
5- قال فی لسان العرب 1- 547: و قد ضربت بالقداح، و الضریب و الضارب: الموكّل بالقداح، و قیل: الذی یضرب بها، و جمع الضریب: ضرباء. أقول: یحتمل قراءة: یضرب معنا بسهم مبنیّا للفاعل و مبنیّا للمفعول. و علی الأول یكون المعنی: إنّه لا یضرب معنا لعدم كونه ضریبا معنا، لأنّه أقلّ بكثیر رتبة من أن یكون مثلنا. و علی الثانی یكون حاصل المعنی: أنّ الموكّل بضرب القداح و السهم إذا ضرب لا یجعل ذلك الشخص معنا و فی مرتبتنا فیضرب له و لنا. انظر: تاج العروس 1- 348، و الصحاح 1- 169.
6- كذا، و الصحیح: حظّ، كما مرّ.

فیه الأوفر .. أی أخذ حظّا وافرا من غنائم تلك الغزوة، و كان من شركائها و أعوانه علیه السلام فیها.

قوله علیه السلام: ثم فرّ بجنایته (1). إشارة إلی جنایة عبد اللّٰه فی بیت مال البصرة، كما سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی.أقول: قد مرّ من تفسیر علی بن إبراهیم (2) فی تفسیر قوله تعالی: (ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً)(3)بإسناده، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّه قال علیه السلام: الوحید ولد الزنا، و هو زفر .. إلی آخر الآیات (4)

أمّا حسبه:

فَحَكَی الْعَلَّامَةُ فِی كِتَابِ كَشْفِ الْحَقِّ (5)، عَنِ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فِی كِتَابِ الْعِقْدِ (6)، أَنَّ عُمَرَ كَانَ حَطَّاباً (7) فِی الْجَاهِلِیَّةِ كَأَبِیهِ الْخَطَّابِ.

وَ قَالَ مُؤَلِّفُ إِلْزَامِ النَّوَاصِبِ (8): رَوَی ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِی كِتَابِ الْعِقْدِ (9) فِی اسْتِعْمَالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (10)، فَقَالَ عَمْروٌ (11): قَبَّحَ اللَّهُ زَمَاناً

ص: 108


1- كذا، و قد سلف: بجناحیه، و فی نسخة: بخیانته. و فی الواقع كلام لیس هذا محله.
2- تفسیر علیّ بن إبراهیم 2- 395.
3- المدّثّر: 11.
4- و انظر: ما ذكره البحرانیّ فی حلیة الأبرار 1- 180. و لا توجد فی س من قوله: أقول .. إلی هنا.
5- كشف الحقّ: 348.
6- العقد الفرید 1- 48. و فی س: روی أنّ عبد ربّه فی كتاب العقد. و هو سهو.
7- فی ك: خطّابا.
8- إلزام النّواصب: 97- 98- الخطّیّة- باختلاف یسیر.
9- العقد الفرید 1- 48. و أورده العلّامة الحلّیّ فی كشف الحقّ: 348.
10- فی الإلزام زیادة: فی بعض ولایته.
11- فی كشف الحقّ: فقال عمرو بن العاص.

عَمِلَ فِیهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْرِفُ الْخَطَّابَ یَحْمِلُ (1)حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ وَ عَلَی (2) ابْنِهِ مِثْلُهَا وَ مَا مَعَهُ إِلَّا تَمْرَةٌ لَا تُنْفَعُ مَنْفَعَةً (3).

و قال ابن الأثیر فی النهایة (4) فی تفسیر الخبط: و هو ورق الشّجر فی حدیث عمر: لقد رأیتنی فی هذا (5) الجبل أحتطب مرّة و أختبط أخری .. أی أضرب الشّجر لینتثر (6) الخبط منه (7) وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ(8): كَتَبَ عُمَرُ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ هُوَ عَامِلُهُ فِی مِصْرَ كِتَاباً وَ وَجَّهَ إِلَیْهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لِیَأْخُذَ مِنْهُ شَطْرَ مَالِهِ (9)، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَیْهِ (10) اتَّخَذَ لَهُ طَعَاماً وَ قَدَّمَهُ إِلَیْهِ، فَأَبَی أَنْ یَأْكُلَ، فَقَالَ لَهُ(11): مَا لَكَ لَا تَأْكُلُ طَعَامَنَا. قَالَ: إِنَّكَ عَمِلْتَ لِی طَعَاماً هُوَ تَقْدِمَةٌ لِلشَّرِّ، وَ لَوْ كُنْتَ عَمِلْتَ لِی طَعَامَ الضَّیْفِ لَأَكَلْتُهُ، فَأَبْعِدْ عَنِّی طَعَامَكَ وَ أَحْضِرْنِی (12)مَالَكَ؟، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَحْضَرَ مَالَهُ، فَجَعَلَ مُحَمَّدٌ یَأْخُذُ شَطْراً وَ یُعْطِی عَمْراً شَطْراً، فَلَمَّا رَأَی عَمْرٌو مَا حَازَ مُحَمَّدٌ مِنَ الْمَالِ، قَالَ: یَا مُحَمَّدُ! أَقُولُ؟. قَالَ: قُلْ مَا تَشَاءُ. قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ یَوْماً كُنْتُ فِیهِ وَالِیاً لِابْنِ الْخَطَّابِ! فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ وَ رَأَیْتُ أَبَاهُ، وَ إِنَّ عَلَی (13) كُلِّ وَاحِدٍ

ص: 109


1- فی نهج الحقّ زیادة: علی رأسه.
2- فی كشف الحقّ زیادة: و علی رأس.
3- فی العقد: و ما منهما إلّا فی نمرة لا تبلغ رسغیه. و فی كشف الحقّ: تمرة لا تبلغ مضغة.
4- النهایة 2- 8.
5- فی المصدر: بهذا.
6- الكلمة مشوّشة فی مطبوع البحار، و تقرأ: ینتشر، أیضا.
7- و انظر: تاج العروس 5- 125.
8- فی شرحه علی النّهج 12- 43- 44. باختلاف یسیر ذكرناه.
9- من قوله: كتابا .. إلی هنا، نقل بالمعنی.
10- فی المصدر: فلمّا قدم إلیه محمّد.
11- لا توجد: له، فی شرح النّهج.
12- فی المصدر: و أحضر لی.
13- لا توجد: علی، فی س.

مِنْهُمَا عَبَاءَةً قُطْوَانِیَّةً، مُؤْتَزِراً بِهَا مَا یَبْلُغُ مَأْبِضَ (1) رُكْبَتَیْهِ، عَلَی عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ، وَ إِنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ لَفِی مُزَرَّرَاتِ الدِّیبَاجِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ (2):

إِیهاً (3) یَا عَمْرُو! فَعُمَرُ وَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْكَ، وَ أَمَّا أَبُوكَ وَ أَبُوهُ فَفِی النَّارِ.

وَ قَالَ أَیْضاً (4): قَرَأْتُ فِی تَصَانِیفِ (5) أَبِی أَحْمَدَ الْعَسْكَرِیِّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ یَخْرُجُ (6)مَعَ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ فِی تِجَارَةٍ لِلْوَلِیدِ إِلَی الشَّامِ (7) وَ عُمَرُ یَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ كَانَ (8) یَرْعَی لِلْوَلِیدِ إِبِلَهُ، وَ یَرْفَعُ أَحْمَالَهُ، وَ یَحْفَظُ مَتَاعَهُ فَلَمَّا كَانَ بِالْبَلْقَاءِ لَقِیَهُ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ الرُّومِ، فَجَعَلَ یَنْظُرُ إِلَیْهِ، وَ یُطِیلُ النَّظَرَ لِعُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَظُنُّ اسْمَكَ یَا غُلَامُ- عَامِراً أَوْ عِمْرَانَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؟. قَالَ: اسْمِی عُمَرُ.

قَالَ: اكْشِفْ عَنْ (9) فَخِذَیْكَ، فَكَشَفَ، فَإِذَا عَلَی أَحَدِهِمَا شَامَةٌ سَوْدَاءُ فِی قَدْرِ رَاحَةِ الْكَفِّ، فَسَأَلَهُ أَنْ یَكْشِفَ عَنْ رَأْسِهِ، فَإِذَا (10)هُوَ أَصْلَعُ، فَسَأَلَهُ أَنْ یَعْتَمِدَ بِیَدِهِ، فَاعْتَمَدَ (11)، فَإِذَا أَعْسَرُ أَیْسَرُ. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مَلِكُ الْعَرَبِ (12). قَالَ:

فَضَحِكَ عُمَرُ مُسْتَهْزِئاً، فَقَالَ (13): أَ وَ تَضْحَكُ؟ وَ حَقِّ مَرْیَمَ الْبَتُولِ أَنْتَ مَلِكُ

ص: 110


1- قال فی القاموس 2- 323: المأبض- كمجلس-: باطن الرّكبة.
2- فی س: محمّدا. و هو سهو.
3- قال فی مجمع البحرین 6- 342: و فی الغریبین: إیها: تصدیق، كأنّه قال: صدقت، و فی الحدیث: إیها و اللّٰه .. أی صدقت. و یقال: إیها عنّا .. أی كفّ عنّا.
4- فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 12- 183- 184.
5- فی المصدر: فی كتاب من تصانیف.
6- فی شرح النّهج: إنّ عمر خرج عسیفا. و العسف: الأجیر.
7- جاء فی الشّرح بتقدیم و تأخیر: إلی الشّام فی تجارة للولید.
8- فی المصدر: فكان.
9- لا توجد: عن، فی ك.
10- فی الشّرح: فكشف فإذا.
11- فی الشّرح: أن یعتمل بیده فاعتمل.
12- زیادة: و حقّ مریم البتول، جاءت فی المصدر بعد: العرب.
13- فی المصدر: قال.

الْعَرَبِ وَ مَلِكُ الرُّومِ وَ الْفُرْسِ، فَتَرَكَهُ عُمَرُ وَ انْصَرَفَ مُسْتَهِیناً بِكَلَامِهِ، فَكَانَ (1) عُمَرُ یُحَدِّثُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَ یَقُولُ: تَبِعَنِی ذَلِكَ الرُّومِیُّ (2) رَاكِبَ حِمَارٍ فَلَمْ یَزَلْ مَعِی حَتَّی بَاعَ الْوَلِیدُ مَتَاعَهُ وَ ابْتَاعَ بِثَمَنِهِ عِطْراً وَ ثِیَاباً، وَ قَفَلَ إِلَی (3) الْحِجَازِ، وَ الرُّومِیُّ یَتْبَعُنِی، لَا یَسْأَلُنِی حَاجَةً وَ یُقَبِّلُ یَدِی كُلَّ یَوْمٍ إِذَا أَصْبَحْتُ كَمَا یُقَبِّلُ یَدَ الْمَلِكِ، حَتَّی خَرَجْنَا مِنْ حُدُودِ الشَّامِ وَ دَخَلْنَا فِی أَرْضِ الْحِجَازِ رَاجِعِینَ إِلَی مَكَّةَ، فَوَدَّعَنِی وَ رَجَعَ، وَ كَانَ الْوَلِیدُ یَسْأَلُنِی عَنْهُ فَلَا أُخْبِرُهُ، وَ مَا أَرَاهُ إِلَّا هَلَكَ، وَ لَوْ كَانَ حَیّاً لَشَخَصَ إِلَیْنَا (4).

أقول: أعسر أیسر .. أی كان یعمل بیدیه جمیعا، و الّذی عمل بالشّمال فهو أعسر (5). و إخبار الرومی إمّا من جهة الكهانة، أو كان قرأ فی الكتب أوصاف فراعنة هذه الأمّة و من یغصب حقوق الأئمّة، فإنّه كما كانت أوصاف أئمّتنا علیهم السلام مسطورة فی الكتب كانت أوصاف أعدائهم أیضا مذكورة فیها، كما یدلّ علیه أخبارنا، و لذا كان یقبّل یدیه لأنّه كان یعلم أنّه یخرّب دین من ینسخ أدیانهم كما قبّل إبلیس ید [فلان فی أوّل یوم صعد منبر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و استبشر بذلك، و هذه الأخبار صارت باعثة لإسلامه و صاحبه ظاهرا، طمعا فی الملك كما ذكره القائم علیه السلام لسعد بن عبد اللّٰه (6)، و لذا أخبره بالملك لا بالخلافة و الرئاسة الدینیّة (7)

ص: 111


1- فی شرح النّهج: و كان.
2- زیادة: و هو، جاءت فی المصدر.
3- أی: رجع.
4- أورده شیخنا المجلسیّ- رحمه اللّٰه- مفصّلا فی البحار 54- 86، فراجع.
5- انظر: لسان العرب 4- 565، و الصحاح 2- 745 و فیهما: أعسر یسر.
6- الاحتجاج للطبرسیّ: 2- 269، طبعة النجف 2- 461- طبعة إیران.
7- و أورد أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجی النحوی- المتوفّی سنة 337 ه- فی أمالیه بإسناده عن عمر بن الخطّاب قال: خرجت مع أناس من قریش فی تجارة إلی الشام فی الجاهلیّة .. و جاءت فی آخره: فانتهیت إلی دیر فاستظللت فی فنائه، فخرج إلیّ رجل- ثم ذكر- أنّه كان من أعلم أهل الكتاب، و أخبره: أنّه یجد صفته، و أنّه یخرجه من الدیر و یغلب علیهم، فأخذ منه كتابا إذا صار خلیفة لا یخرجه من الدیر و لا یكدر علیه .. إلی آخره.

و قال ابن الأثیر فی النهایة (1) فی تفسیر المبرطش فیه: كَانَ عُمَرُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ مُبَرْطِشاً، وَ هُوَ السَّاعِی بَیْنَ الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی شِبْهُ الدَّلَّالِ، و یروی بالسّین المهملة بمعناه.

و ذكر ذلك صاحب القاموس (2) و قال: هو بالمهملة-: الّذی یكتری للنّاس الإبل و الحمیر و یأخذ علیه جعلا.و یدلّ اعتذار عمر عن جهله بسنّة الاستئذان بقوله: ألهانی عنه الصفق بالأسواق، كما رواه البخاری و غیره، و قد مرّ (3)علی أنّه كان مشتغلا به فی الإسلام أیضا.و قال فی الإستیعاب (4): إلیه كانت السفارة فی الجاهلیّة، و ذلك أنّ قریشا كانت إذا وقعت بینهم حرب أو بینهم و بین غیرهم بعثوه سفیرا، و إن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر (5)بعثوه منافرا و (6) مفاخرا و رضوا به (7)، و ذكر نحو ذلك فی روضة الأحباب (8).

ص: 112


1- النهایة 1- 119.
2- القاموس 2- 200. و قارن بتاج العروس 4- 107.
3- فی مطاعنه فی جهله بالكتاب. قال أبیّ لعمر- فی آیة جهلها عمر-: و اللّٰه أقرأنیها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و أنت تبیع الخیط. و فی أخری: أقرأنیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و إنّك لتبیع القرظ بالبقیع. و قال عمر: صدقت، و إن شئت قلت: شهدنا و غبتم، و نصرنا و خذلتم، و آوینا و طردتم. كما فی تفسیر الطبریّ 1- 7، و مستدرك الحاكم 3- 305، و تفسیر القرطبیّ 8- 238، و تفسیر ابن كثیر 2- 383، و تفسیر الزمخشری 2- 42، و الدرّ المنثور 3- 269، و كنز العمّال 1- 287، و روح المعانی- طبع المنیریّة 1- 8 ... و غیرهم.و جاء قول أبی له: أنّه كان یلهینی القرآن و یلهیك الصفق بالأسواق .. فی سنن البیهقیّ 7- 69، و تفسیر القرطبیّ 4- 126، و كنز العمّال 1- 279 و غیرها.
4- الاستیعاب المطبوع بهامش الإصابة 2- 459.
5- جاءت زیادة: رضوا به، فی المصدر، و هو الظاهر.
6- فی س: أو.
7- لا توجد: و رضوا به، فی المصدر هنا. و فی س: رفعوا به، و هو سهو.
8- روضة الأحباب. انظر: التعلیقة رقم 4 صفحة: 533 من المجلد 30.

فقد ظهر بما ذكرناه أنّ قولة بعض العامّة: إنّ عمر كان من صنادید قریش و عظمائهم فی الجاهلیّة إنّما نشأ من شدّة العصبیّة و فرط الجهل بالآثار، و متی كان عظیم من العظماء حطّابا و راعیا للبعیر و مبرطشا للحمیر، و مدّاحا للقوم و مفاخرا من قبل القبیلة، فكانت دناءة نسبه، و رذالة حسبه، و سفالة أفعاله شواهد ما صدر عنه فی خواتم أعماله كما عرفت، ....

و أمّا مقتله و كیفیّة قتله:

فَقَالَ مُؤَلِّفُ الْعُدَدِ الْقَوِیَّةِ (1) رَحِمَهُ اللَّهُ نَقْلًا مِنْ كُتُبِ الْمُخَالِفِینَ-: فِی یَوْمِ السَّادِسِ وَ الْعِشْرِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَیْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی بْنِ رِیَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِیِّ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَشِیِّ الْعَدَوِیِّ أَبُو حَفْصٍ. قَالَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ (2): قَتَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ طَعَنَ مَعَهُ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا، فَمَاتَ مِنْهُ (3)، فَرَمَی عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بُرْنُساً (4) ثُمَّ بَرَكَ عَلَیْهِ، فَلَمَّا رَأَی أَنَّهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَتَحَرَّكَ وَجَأَ (5) بِنَفْسِهِ فَقَتَلَهَا (6)

عَنْ عَمْرِو بْنِ مَیْمُونٍ (7)، قَالَ: أَقْبَلَ عُمَرُ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِیرَةِ

ص: 113


1- العدد القویّة: 328- 331.
2- أورده ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 3- 467- 468، المطبوع بهامش الإصابة.
3- فی الاستیعاب: ستّة، بدلا من: منه، و هو الظّاهر. و فی المصدر: فمات منهم ستّة.
4- البرنس: كلّ ثوب رأسه منه ملتزق به، درّاعة كان أو ممطر أو جبّة.
5- الوج ء: اللّكز و الضّرب. أقول: و تقرأ هذه الكلمة فی س: و لجأ بنفسه.
6- و أورده العلّامة المجلسیّ- رحمه اللّٰه- فی البحار 98- 199 أیضا.
7- عبّر عنه فی الاستیعاب 2- 468- 469 بقوله: من أحسن شی ء یروی فی مقتل عمر و أصحّه.و أورده فی طبقات ابن سعد 3- 340- 341 ..

بْنِ شُعْبَةَ فَنَاجَی (1) عُمَرُ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوِیَ الصُّفُوفُ ثُمَّ طَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ، فَسَمِعْتُ عُمَرَ یَقُولُ: دُونَكُمُ الْكَلْبَ فَقَدْ (2) قَتَلَنِی. وَ مَاجَ النَّاسُ وَ أَسْرَعُوا إِلَیْهِ، فَجَرَحَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَانْكَفَی عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ احْتَضَنَهُ (3)، وَ حُمِلَ عُمَرُ وَ مَاجَ النَّاسُ حَتَّی قَالَ قَائِلٌ: الصَّلَاةَ عِبَادَ اللَّهِ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّی (4) بِأَقْصَرِ سُورَتَیْنِ فِی الْقُرْآنِ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، وَ إِنَّا أَعْطَیْنَاكَ الْكَوْثَرَ. وَ دَخَلَ النَّاسُ عَلَیْهِ، فَقَالَ: یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ! اخْرُجْ فَنَادِ فِی النَّاسِ: أَ عَنْ مَلَإٍ (5) مِنْكُمْ هَذَا، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! عُمَرُ یَقُولُ: أَ عَنْ مَلَإٍ مِنْكُمْ هَذَا، فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ، وَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا وَ لَا اطَّلَعْنَا.

فَقَالَ (6): ادْعُوا لِیَ الطَّبِیبَ، فَدُعِیَ الطَّبِیبُ، فَقَالَ: أَیُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَیْكَ؟.

قَالَ: النَّبِیذُ! فَسُقِیَ نَبِیذاً فَخَرَجَ مِنْ(7) بَعْضِ طَعَنَاتِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا دَمٌ، هَذَا صَدِیدٌ. فَقَالَ: اسْقُونِی لَبَناً، فَسُقِیَ لَبَناً، فَخَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ. فَقَالَ لَهُ الطَّبِیبُ: مَا أَرَی (8) أَنْ تَمْشِیَ (9)، فَمَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ .. و ذكر باقی الخبر فی

ص: 114


1- فی المصدر و الاستیعاب: ففاجأ.
2- فی المصدر: فإنّه، بدلا من: فقد.
3- فی المصدر: فاحتضنه. و الاحتضان: الاحتمال و الجعل فی الحضن، كما فی الصّحاح 5- 2101 2102، و النّهایة 1- 400، و الحضن: الجنب، كذا قاله فی القاموس 4- 215، و مجمع البحرین 6- 237.
4- فی العدد القویّة زیادة: بنا.
5- ملإ .. أی تشاور و اجتماع، كما فی مجمع البحرین 1- 396- 399، القاموس 1- 28، و قال ابن الأثیر فی النّهایة 4- 351: و فی حدیث عمر حین طعن: أ كان هذا عن ملإ منكم؟ .. أی تشاور من أشرافكم و جماعتكم.
6- فی المصدر: و قال.
7- فی ك: عن.
8- خطّ علی: ما أری، فی س. و فی المصدر: لا أری.
9- و لعلّ الكلمة تقرأ فی ك تمنّی. و فی المصدر و الاستیعاب و طبقات ابن سعد و الإمامة و السّیاسة 1- 21: أن تمسی. و هو الظّاهر.

الشوری و تقدیمه لصهیب فی الصلاة، و قوله فی علیّ علیه السلام: إن ولّوها الأحلج(1) سلك بهم الطریق المستقیم یعنی علیّا، فقال له ابن عمر: ما یمنعك أن تقدم علینا(2). فقال: أكره أن أتحمّلها حیّا و میّتا (3) قال عبد اللّٰه بن الزبیر (4): غدوت مع عمر بن الخطاب إلی السوق و هو متّكئ علی یدی، فلقیه أبو لؤلؤة غلام المغیرة بن شعبة فقال له: أ لا تكلّم مولای یضع عنّی من خراجی؟. قال: كم خراجك؟. قال: دینار. فقال عمر:

ما أری أن أفعل، إنّك لعامل محسن و ما هذا بكثیر؟، ثم قال له عمر: أ لا تعمل لی رحی. قال: بلی، فلمّا ولّی، قال أبو لؤلؤة: لأعملنّ لك رحی یتحدّث بها ما بین المشرق و المغرب. قال ابن الزبیر: فوقع فی نفسی قوله، فلمّا كان فی النداء لصلاة الصبح خرج أبو لؤلؤة فضربه بالسكین ستة طعنات، إحداهنّ من تحت سرّته و هی قتلته، و جاءه بسكین لها طرفان، فلمّا جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا فی المسجد، ثم أخذ فلمّا أخذ قتل نفسه (5) و اختلف (6) فی سنّ عمر:

ص: 115


1- فی المصدر: الأصلع. و فی الطبقات و الاستیعاب الأجلح. قال فی القاموس 3- 51: الصّلع- محركة-: انحسار شعر الرأس مقدّم الرأس لنقصان مادة الشعر فی تلك البقعة .. و هو أصلع، و مثله فی الصحاح 3- 1244. أقول: و الأجلح مثل الأصلع، راجع القاموس 1- 218، و مجمع البحرین 2- 345
2- لا توجد: علینا، فی س. و فی المصدر و الاستیعاب: علیّا. و هو الظاهر.
3- أورد قریبا منه ابن سعد فی الطبقات 3- 337- 340 عن عمر بن میمون عدّة روایات، و كذا عن حذیفة، و ابن شهاب، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 467- 468.
4- و قریب منه فی الطبقات لابن سعد 3- 347 رواه عن أبی الحویرث. و جاء بنصّه فی الاستیعاب 2- 469 عن عبد اللّٰه بن الزبیر عن أبیه. و فیه زیادة: عن أبیه.
5- و قریب منه فی العقد الفرید 4- 272.
6- لا زال الكلام لصاحب العدد القویّة. و ذكر هذه الأقوال ابن الأثیر فی الكامل 3- 19، و الطبریّ فی تاریخه 1- 187- 217، و 2- 80- 82، و انظر: تاریخ الیعقوبی 2- 117، و الإصابة 2- 459، و حلیة الأولیاء 1- 38، و غیرها.

فقیل: توفی و هو ابن ثلاث و ستین (1)و قال عبد اللّٰه بن عمر: توفی عمر و هو ابن بضع و خمسین (2) و عن سالم بن عبد اللّٰه: أن عمر قبض و هو ابن خمس و خمسین(3) و قال الزهری: توفی و هو ابن أربع و خمسین (4) و قال قتادة: توفی و هو ابن اثنتین (5) و خمسین.

و قیل: مات و هو ابن ستین (6) عَنِ الزُّهْرِیِّ، قَالَ: صَلَّی عُمَرُ عَلَی أَبِی بَكْرٍ حِینَ مَاتَ، وَ صَلَّی صُهَیْبٌ عَلَی عُمَرَ (7)، وَ رُوِیَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِی انْصِرَافِهِ فِی حَجَّتِهِ (8) الَّتِی لَمْ یَحُجَّ بَعْدَهَا-:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، یُعْطِی مَنْ یَشَاءُ مَا یَشَاءُ، لَقَدْ كُنْتُ بِهَذَا الْوَادِی یَعْنِی ضَجْنَانَ (9) أَرْعَی غَنَماً(10) لِلْخَطَّابِ وَ كَانَ فَظّاً غَلِیظاً، یُتْعِبُنِی إِذَا عَمِلْتُ، وَ یَضْرِبُنِی إِذَا قَصَّرْتُ وَ قَدْ أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَیْتُ وَ لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ أَحَداً أَخْشَاهُ، ثُمَّ تَمَثَّلَ:

ص: 116


1- كما فی المعجم الكبیر 1- 68، و طبقات ابن سعد 3- 365، و مسند أحمد بن حنبل 4- 96 و 97 و 100، و سنن الترمذی حدیث 33 و 37، صحیح البخاریّ حدیث 23 و 52.
2- و ذكره ابن سعد فی الطبقات 3- 365 أیضا.
3- جاء فی معجم الطبرانی 1- 69، و المصنّف لعبد الرزاق حدیث 67 و 91، و مجمع الزوائد 9- 78 و 79، و طبقات ابن سعد 3- 365.
4- فی المصدر زیادة: سنة.
5- فی العدد القویّة: اثنین.
6- هذا ما أورده ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 470- 471. و هناك أقوال أخر ذكرها فی المعجم الكبیر 1- 67- 71. و فی المصدر زیادة: و قیل: ابن ثلاث و ستین سنة.
7- جاء فی المصادر السالفة، و رواه فی الاستیعاب 2- 472، و كذا الروایة التالیة.
8- فی الاستیعاب: من حجّته.
9- فی المصدر: ضجعان، و ما فی المتن أظهر لعدم وجود محلّ بهذا الاسم، انظر: معجم البلدان 3- 453، و مراصد الاطّلاع 2- 865.
10- فی الاستیعاب: إبلا.

لا شی ء مما تری یبقی بشاشة (1)***یبقی الإله و یؤذی (2) المال و الولد

لم یغن (3) عن هرمز یوما خزائنه*** و الخلد قد حاولت عادا فما خلد

و لا سلیمان إذ تجری (4) الریاح له*** و الإنس و الجن فیما بینها(5) یرد (6)

أین الملوك التی كان (7) لعزتها*** من كل أوب إلیها وافد یفد

حوض هنالك مورود بلا كذب*** لا بد من ورده یوما كما وردوا

أُمُّهُ حَنْتَمَةُ (8) بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ (9)وُلِدَ عُمَرُ بَعْدَ الْفِیلِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ قَالَ عُمَرُ: وُلِدْتُ قَبْلَ الْفِجَارِ الْأَعْظَمِ بِأَرْبَعِ سِنِینَ.

أَسْلَمَ ظَاهِراً (10) بَعْدَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا وَ أَحَدَ عَشَرَ امْرَأَةً.بُویِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ (11) لَمَّا مَاتَ أَبُو بِكْرٍ بِاسْتِخْلَافِهِ لَهُ سَنَةَ(12) ثَلَاثَ عَشْرَةَ.كَانَ آدَمَ شَدِیدَ الْأُدْمَةِ (13) طُوَالًا، كَثَّ اللِّحْیَةِ (14)، أَصْلَعَ أَعْسَرَ أَیْسَرَ،

ص: 117


1- فی العدد القویّة: تبقی بشاشته.
2- فی المصدر و الاستیعاب: و یؤدّی- بالدّال المهملة-.
3- فی العدد: لم تغن.
4- إذ یجری، كذا جاء فی المصدر.
5- فی س: بینهما.
6- عبارة المصدر: تردّ.
7- توجد نسخة بدل فی ك: كانت. و هو الظّاهر.
8- فی المصدر: حیتمة. و هو سهو.
9- انظر: المعجم الكبیر 1- 65، و مجمع الزّوائد 9- 61، و غیرهما.
10- لا توجد: ظاهرا، فی العدد القویّة.
11- فی س: الخلافة- بلا باء-.
12- فی مطبوع البحار: ستّة. و هو غلط.
13- قال الجوهریّ فی الصّحاح 5- 1859، و ابن الأثیر فی نهایته 1- 32: الأدمة- بالضّمّ-: السّمرة.و الأدم من النّاس: الأسمر.
14- قال فی النّهایة 4- 152: الكثاثة فی اللّحیة: أن تكون غیر رقیقة و لا طویلة و لكن فیها كثافة، و انظر: القاموس 1- 172، و الصّحاح 1- 290.

وَ قِیلَ: كَانَ طَوِیلًا جَسِیماً، أَصْلَعَ شَدِیدَ الصَّلَعِ، أَبْیَضَ، شَدِیدَ حُمْرَةِ الْعَیْنَیْنِ، فِی عَارِضَیْهِ خِفَّةٌ (1) وَ قِیلَ: كَانَ رَجُلًا آدَمَ ضَخْماً كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ سَدُوسٍ(2) مُدَّةُ وِلَایَتِهِ عَشْرُ سِنِینَ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ أَیَّامٌ (3).

أقول: قَالَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِی كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ (4): كَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ عَشْرَ سِنِینَ وَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ...، وَ قُتِلَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعِ لَیَالٍ بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ.

وَ قَالَ الْوَاقِدِیُّ وَ غَیْرُهُ: لِثَلَاثٍ بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ، طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَیْرُوزُ غُلَامُ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ-، قَالَ: وَ مِنْ أَحْسَنِ شَیْ ءٍ یُرْوَی فِی مَقْتَلِ عُمَرَ وَ أَصَحِّهِ (5) مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، عَنْ سَهْلٍ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَیْمُونٍ ..

وَ سَاقَ الْخَبَرَ مِثْلَ مَا مَرَّ (6) إِلَی قَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَیّاً وَ مَیِّتاً، ثم روی الخبر الثانی عَنِ الْوَاقِدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ، ثُمَّ قَالَ (7): وَ اخْتُلِفَ فِی شَأْنِ أَبِی لُؤْلُؤَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مَجُوسِیّاً، وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ نَصْرَانِیّاً ... وَ جَاءَ بِسِكِّینٍ لَهُ طَرَفَانِ، فَلَمَّا جُرِحَ عُمَرُ جُرِحَ مَعَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِی الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أُخِذَ، فَلَمَّا أُخِذَ قَتَلَ نَفْسَهُ.

أقول: ما ذكر أنّ مقتله كان فی ذی الحجّة هو المشهور بین فقهائنا

ص: 118


1- فی س: حفة.
2- ذكر فی الصّحاح 3- 937: و سدوس- بالفتح-: أبو قبیلة. و قال ابن الكلبیّ: سدوس الّتی فی بنی شیبان بالفتح، و سدوس الّتی فی طیّ بالضّمّ.
3- انظر بالإضافة إلی ما مرّ: الاستیعاب- المطبوع بهامش الإصابة 2- 458- 473-، و البدء و التّاریخ 5- 88 و 167، و الكنی و الألقاب للدّوالبیّ 1- 7.
4- الاستیعاب 2- 467- 468.
5- فی س: واضحة.
6- بتقدیم و تأخیر لكلام الواقدیّ فی الاستیعاب.
7- ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 470.

الإمامیّة، و قال إبراهیم بن علی الكفعمی رحمه اللّٰه فی الجنّة الواقیة (1) فی سیاق أعمال شهر ربیع الأول: إنّه

رَوَی صَاحِبُ مَسَارِّ الشِّیعَةِ (2) أَنَّهُ مَنْ أَنْفَقَ فِی الْیَوْمِ التَّاسِعِ مِنْهُ (3) شَیْئاً غُفِرَ لَهُ، وَ یُسْتَحَبُّ فِیهِ إِطْعَامُ الْإِخْوَانِ وَ تَطْیِیبُهُمْ وَ التَّوْسِعَةُ فِی (4) النَّفَقَةِ، وَ لُبْسُ الْجَدِیدِ، وَ الشُّكْرُ وَ الْعِبَادَةُ، وَ هُوَ یَوْمُ نَفْیِ الْهُمُومِ، وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَیْسَ فِیهِ صَوْمٌ.

، وَ جُمْهُورُ الشِّیعَةِ یَزْعُمُونَ أَنَّ فِیهِ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ .. وَ لَیْسَ بِصَحِیحٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِیسَ فِی سَرَائِرِهِ (5): مَنْ زَعَمَ أَنَّ عُمَرَ قُتِلَ فِیهِ فَقَدْ أَخْطَأَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّوَارِیخِ وَ السِّیَرِ، و كذلك قال المفید رحمه اللّٰه فی كتاب التواریخ.

و إنّما قتل (6) یوم الإثنین لأربع بقین من ذی الحجّة سنة ثلاث و عشرین من الهجرة، نصّ علی ذلك صاحب الغرّة و صاحب المعجم (7) و صاحب الطبقات (8) و صاحب كتاب مسارّ الشیعة (9)و ابن طاوس (10)، بل الإجماع حاصل من الشیعة و أهل السنّة علی ذلك. انتهی.

و المشهور بین الشیعة فی الأمصار و الأقطار فی زماننا هذا هو أنّه الیوم التاسع

ص: 119


1- الجنّة الواقیة، المشتهر بالمصباح للكفعمی: 510- 511 الفصل الثانی و الأربعون فی ذكر الشهور، و فیه: و فی تاسعه روی ..
2- مسارّ الشّیعة: 48- 51، و لم یتعرّض لما ذكره فی الجنّة الواقیة.
3- فی المصدر: فیه، بدلا من: فی الیوم التّاسع منه.
4- فی س: واو، بدلا من: فی.
5- السّرائر: 96- الحجریّة- [1- 419- طبعة جماعة المدرّسین] باب صیام التّطوّع بتصرف فی الألفاظ فقط.
6- فی الجنّة الواقیة زیادة: عمر، بعد: قتل، و زیادة: لیال، بعد: لأربع.
7- المعجم للطبرانی 1- 70.
8- طبقات ابن سعد 3- 365.
9- مسارّ الشیعة: 42، قال: و فی التاسع و العشرین منه أی ذی الحجة الحرام سنة 23 ثلاث و عشرین من الهجرة قبض عمر بن الخطّاب.
10- فی كتابه زوائد الفوائد، و لم نحصل علی نسخته.

من ربیع الأول، و هو أحد الأعیاد، و مستندهم فی الأصل.

ما رواه خلف السیّد النبیل علیّ بن طاوس رحمة اللّٰه علیهما فی كتاب زوائد الفوائد (1)، و الشیخ حسن بن سلیمان فی كتاب المحتضر (2)، و اللفظ هنا للأخیر، و سیأتی بلفظ السیّد قدّس سرّه فی كتاب الدعاء (3) قَالَ الشَّیْخُ حَسَنٌ: نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الشَّیْخِ الْفَقِیهِ عَلِیِّ بْنِ مُظَاهِرٍ الْوَاسِطِیِّ، بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِیِّ الْوَاسِطِیِّ وَ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدِ(4) بْنِ جَرِیحٍ (5) الْبَغْدَادِیِّ، قَالا: تَنَازَعْنَا فِی ابْنِ (6) الْخَطَّابِ فَاشْتَبَهَ عَلَیْنَا أَمْرُهُ، فَقَصَدْنَا جَمِیعاً أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقُمِّیَّ صَاحِبَ أَبِی الْحَسَنِ (7) الْعَسْكَرِیِّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِمَدِینَةِ قُمَّ، وَ قَرَعْنَا عَلَیْهِ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ إِلَیْنَا صَبِیَّةٌ عِرَاقِیَّةٌ مِنْ دَارِهِ (8)، فَسَأَلْنَاهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: هُوَ مَشْغُولٌ بِعِیدِهِ (9) فَإِنَّهُ یَوْمُ عِیدٍ. فَقُلْنَا: سُبْحَانَ اللَّهِ! الْأَعْیَادُ أَعْیَادُ (10) الشِّیعَةِ أَرْبَعَةٌ: الْأَضْحَی، وَ الْفِطْرُ، وَ یَوْمُ (11) الْغَدِیرِ، وَ یَوْمُ (12) الْجُمُعَةِ،

ص: 120


1- زوائد الفوائد: لم نحصل علی نسخة مطبوعة منه.
2- المحتضر للشیخ حسن: 44- 55.
3- بحار الأنوار 98- 351- 355 باختلاف یسیر عمّا هنا. و قد رواه مسندا الطبریّ القرن الرابع فی كتابه دلائل الإمامة، الفصل المتعلّق بأمیر المؤمنین علیه السلام، و كذا الشیخ هاشم بن محمّد القرن السادس فی كتابه مصباح الأنوار، و تعرضنا لبعض الاختلافات بینه و بین المتن، و الجزائریّ فی الأنوار النعمانیة: 4 و الإسناد فیها مختلف، فراجعه.
4- وضع علی كلمة: محمّد، رمز نسخة بدل فی ك.
5- فی البحار، كتاب الدّعاء: حویج.
6- جاء العنوان و السّند فی المصدر هكذا: و ممّا جاء فی عمر بن الخطّاب- من أنّه كان منافقا- ما نقله الشّیخ الفاضل علیّ بن مظاهر الواسطیّ، عن محمّد العلاء الهمدانیّ الواسطیّ و یحیی بن جریح البغدادیّ، قال: تنازعنا فی أمر ابن.
7- لا توجد: أبی الحسن، فی المصدر، و قد جاء فی المصباح.
8- وضع علی: من داره، رمز نسخة بدل فی مطبوع البحار. و فیه: فی داره صبیّة عراقیّة- بتقدیم و تأخیر-.
9- فی المصدر: بعیاله.
10- فی المحتضر: عند، بدلا من: أعیاد.
11- لا توجد: یوم، فی س فی كلا الموردین.
12- لا توجد: یوم، فی س فی كلا الموردین.

قَالَتْ: فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ (1) یَرْوِی عَنْ سَیِّدِهِ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ هَذَا الْیَوْمَ هُوَ یَوْمُ عِیدٍ، وَ هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْیَادِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَیْتِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ عِنْدَ مَوَالِیهِمْ. قُلْنَا: فَاسْتَأْذِنِی لَنَا بِالدُّخُولِ عَلَیْهِ، وَ عَرِّفِیهِ بِمَكَانِنَا، فَدَخَلَتْ عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَتْهُ بِمَكَانِنَا، فَخَرَجَ عَلَیْنَا (2) وَ هُوَ مُتَّزِرٌ بِمِئْزَرٍ لَهُ مُحْتَبِی (3) بِكِسَائِهِ (4) یَمْسَحُ وَجْهَهُ، فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ عَلَیْهِ، فَقَالَ: لَا عَلَیْكُمَا، فَإِنِّی كُنْتُ اغْتَسَلْتُ لِلْعِیدِ. قُلْنَا: أَ وَ هَذَا یَوْمُ عِیدٍ؟. قَالَ: نَعَمْ، وَ كَانَ یَوْمُ التَّاسِعِ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ-، قَالا جَمِیعاً: فَأَدْخَلَنَا دَارَهُ (5) وَ أَجْلَسَنَا عَلَی سَرِیرٍ لَهُ، وَ قَالَ: إِنِّی قَصَدْتُ مَوْلَانَا أَبَا الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیَّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَعَ جَمَاعَةِ إِخْوَتِی كَمَا قَصَدْتُمَانِی بِسُرَّمَنْ رَأَی (6)، فَاسْتَأْذَنَّا بِالدُّخُولِ عَلَیْهِ فَأَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی مِثْلِ (7) هَذَا الْیَوْمِ وَ هُوَ یَوْمُ التَّاسِعِ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ سَیِّدُنَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَدْ أَوْعَزَ إِلَی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَدَمِهِ أَنْ یَلْبَسَ مَا یُمْكِنُهُ (8) مِنَ الثِّیَابِ الْجُدُدِ، وَ كَانَ بَیْنَ یَدَیْهِ مِجْمَرَةٌ (9) یُحْرِقُ الْعُودَ بِنَفْسِهِ، قُلْنَا: بِآبَائِنَا أَنْتَ وَ أُمَّهَاتِنَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! هَلْ تَجَدَّدَ لِأَهْلِ الْبَیْتِ فِی هَذَا الْیَوْمِ (10) فَرَحٌ؟!. فَقَالَ: وَ أَیُّ یَوْمٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ أَهْلِ الْبَیْتِ مِنْ هَذَا الْیَوْمِ؟!. وَ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَبِی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ حُذَیْفَةَ بْنَ الْیَمَانِ

ص: 121


1- لا توجد فی المصدر: ابن إسحاق.
2- فی المحتضر: فخرج إلینا.
3- فی ك: مجتبی. و فی المصدر: محتضن. و جملة جاءت فی مطبوع البحار نسخة بدل و هی: یفوح مسكا، بعد: محتبی.
4- فی المحتضر: لكسائه.
5- عبارة المصدر هكذا: یوم عید- و كان یوم التّاسع من شهر ربیع الأوّل-؟ قال: نعم، ثمّ أدخلنا داره.
6- فی المحتضر: من إخوتی بسرّمن رأی كما قصدتمانی. بزیادة: من، مع تقدیم و تأخیر.
7- لا توجد فی المصدر: فأذن .. إلی هنا. و فیه: فی هذا الیوم.
8- جاءت فی المصدر: له، بدلا من: یمكنه.
9- زیادة: و هو، فی المحتضر قبل: یحرق.
10- لا توجد فی المصدر: فی هذا الیوم.

دَخَلَ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ وَ هُوَ (1) التَّاسِعُ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ عَلَی جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَالَ حُذَیْفَةُ: رَأَیْتُ (2) سَیِّدِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَعَ وَلَدَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ یَأْكُلُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ (3) یَتَبَسَّمُ فِی وُجُوهِهِمْ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ یَقُولُ لِوَلَدَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ: كُلَا هَنِیئاً لَكُمَا بِبَرَكَةِ هَذَا الْیَوْمِ، فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی یُهْلِكُ اللَّهُ (4) فِیهِ عَدُوَّهُ وَ عَدُوَّ جَدِّكُمَا، وَ یَسْتَجِیبُ فِیهِ دُعَاءَ أُمِّكُمَا.

كُلَا! فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی (5) یَقْبَلُ اللَّهُ فِیهِ أَعْمَالَ شِیعَتِكُمَا وَ مُحِبِّیكُمَا.

كُلَا! فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی یُصَدَّقُ فِیهِ قَوْلُ اللَّهِ: (فَتِلْكَ بُیُوتُهُمْ خاوِیَةً بِما ظَلَمُوا) (6) كُلَا! فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی یَتَكَسَّرُ (7) فِیهِ شَوْكَةُ مُبْغِضِ جَدِّكُمَا.

كُلَا! فَإِنَّهُ یَوْمٌ (8) یُفْقَدُ فِیهِ فِرْعَوْنُ أَهْلِ بَیْتِی وَ ظَالِمُهُمْ وَ غَاصِبُ حَقِّهِمْ.

كُلَا! فَإِنَّهُ الْیَوْمُ (9)الَّذِی یَقْدَمُ (10) اللَّهُ فِیهِ إِلی ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَیَجْعَلُهُ هَباءً مَنْثُوراً قَالَ حُذَیْفَةُ: فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! وَ فِی أُمَّتِكَ وَ أَصْحَابِكَ مَنْ یَنْتَهِكُ (11) هَذِهِ الْحُرْمَةَ؟.

ص: 122


1- فی المصدر زیادة: الیوم.
2- لا توجد فی المحتضر: حذیفة. و فیه: فرأیت.
3- فی المصدر: و رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، بدلا من: و هو.
4- لا توجد فی المحتضر: فإنّه الیوم. و فیه: یقبض، بدلا من: یهلك.
5- فی المصدر: الّذی فیه.
6- النّمل: 52.
7- فی س: یكسر، و فی المصباح: تكسّر.
8- زیادة كلمة: الّذی، جاءت فی المصدر بعد: یوم.
9- لا توجد: الیوم، فی س.
10- فی المحتضر: یعمد.
11- فی ك نسخة بدل: یهتك.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ): نَعَمْ یَا حُذَیْفَةُ(1)! جِبْتٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ یَتَرَأَّسُ عَلَیْهِمْ وَ یَسْتَعْمِلُ فِی أُمَّتِی الرِّیَاءَ، وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی نَفْسِهِ، وَ یَحْمِلُ عَلَی عَاتِقِهِ دِرَّةَ الْخِزْیِ، وَ یَصُدُّ النَّاسَ (2) عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ، وَ یُحَرِّفُ كِتَابَهُ، وَ یُغَیِّرُ سُنَّتِی، وَ یَشْتَمِلُ عَلَی إِرْثِ وَلَدِی، وَ یَنْصِبُ نَفْسَهُ عَلَماً، وَ یَتَطَاوَلُ عَلَی إِمَامَةِ مَنْ (3) بَعْدِی، وَ یَسْتَحِلُّ (4) أَمْوَالَ اللَّهِ مِنْ غَیْرِ حِلِّهَا، وَ یُنْفِقُهَا فِی غَیْرِ طَاعَتِهِ (5)، وَ یُكَذِّبُنِی (6) وَ یُكَذِّبُ أَخِی وَ وَزِیرِی، وَ یُنَحِّی ابْنَتِی عَنْ حَقِّهَا، وَ تَدْعُو (7) اللَّهَ عَلَیْهِ وَ یَسْتَجِیبُ اللَّهُ (8) دُعَاءَهَا فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ.

قَالَ حُذَیْفَةُ: قُلْتُ (9): یَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ لَا تَدْعُو (10) رَبَّكَ عَلَیْهِ لِیُهْلِكَهُ فِی حَیَاتِكَ؟!. قَالَ (11): یَا حُذَیْفَةُ! لَا أُحِبُّ أَنْ أَجْتَرِئَ عَلَی قَضَاءِ اللَّهِ (12) لِمَا قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِهِ، لَكِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ الْیَوْمَ الَّذِی یَقْبِضُهُ فِیهِ (13)فَضِیلَةً عَلَی سَائِرِ الْأَیَّامِ لِیَكُونَ ذَلِكَ سُنَّةً یَسْتَنُّ بِهَا أَحِبَّائِی وَ شِیعَةُ أَهْلِ بَیْتِی وَ مُحِبُّوهُمْ، فَأَوْحَی إِلَیَّ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَقَالَ لِی (14): یَا مُحَمَّدُ! كَانَ فِی سَابِقِ عِلْمِی أَنْ تَمَسَّكَ (15) وَ أَهْلَ بَیْتِكَ

ص: 123


1- فقال صلّی اللّٰه علیه و آله: یا حذیفة. هكذا جاءت فی المصدر.
2- لا توجد فی المحتضر: النّاس.
3- فی المصدر: علی من بعدی.
4- نسخة بدل: یستجلب، جاءت فی ك.
5- فی ك: طاعة- بلا ضمیر-.
6- لا توجد فی المصدر: و یكذّبنی.
7- فی المصدر: فتدعوا. و الظّاهر زیادة: الألف.
8- لا توجد لفظة الجلالة فی المحتضر.
9- فی المصدر: فقلت.
10- فی المصدر: فلم لا تدعوا. و الألف زائدة ظاهرا.
11- فی المحتضر: فقال.
12- جاءت زیادة: تعالی، فی المحتضر بعد لفظ الجلالة.
13- فی المصدر: له، بدلا من: فیه.
14- فی المصدر: أنّ، بدلا من: فقال لی. و فی س: فقال- من دون: لی.
15- فی س: یمسّك.

مِحَنُ الدُّنْیَا وَ بَلَاؤُهَا، وَ ظُلْمُ الْمُنَافِقِینَ وَ الْغَاصِبِینَ مِنْ عِبَادِی مَنْ (1) نَصَحْتَهُمْ وَ خَانُوكَ، وَ مَحَضْتَهُمْ وَ غَشُّوكَ، وَ صَافَیْتَهُمْ وَ كَاشَحُوكَ (2)، وَ أَرْضَیْتَهُمْ (3)وَ كَذَّبُوكَ، وَ انْتَجَیْتَهُمْ (4) وَ أَسْلَمُوكَ، فَإِنِّی بِحَوْلِی (5) وَ قُوَّتِی وَ سُلْطَانِی لَأَفْتِحَنَّ عَلَی رُوحِ مَنْ یَغْصِبُ بَعْدَكَ عَلِیّاً حَقَّهُ أَلْفَ بَابٍ مِنَ النِّیرَانِ مِنْ سَفَالِ الْفَیْلُوقِ، وَ لَأُصْلِیَنَّهُ (6)وَ أَصْحَابَهُ قَعْراً یُشْرِفُ عَلَیْهِ إِبْلِیسُ فَیَلْعَنُهُ، وَ لَأَجْعَلَنَّ ذَلِكَ الْمُنَافِقَ (7) عِبْرَةً فِی الْقِیَامَةِ لِفَرَاعِنَةِ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَعْدَاءِ الدِّینِ فِی الْمَحْشَرِ، وَ لَأَحْشُرَنَّهُمْ وَ أَوْلِیَاءَهُمْ وَ جَمِیعَ الظَّلَمَةِ وَ الْمُنَافِقِینَ إِلَی نَارِ جَهَنَّمَ زُرْقاً كَالِحِینَ أَذِلَّةً خَزَایَا نَادِمِینَ، وَ لَأُخْلِدَنَّهُمْ فِیهَا أَبَدَ الْآبِدِینَ، یَا مُحَمَّدُ! لَنْ یُوَافِقَكَ (8)وَصِیُّكَ فِی مَنْزِلَتِكَ إِلَّا بِمَا یَمَسُّهُ مِنَ الْبَلْوَی مِنْ فِرْعَوْنِهِ (9) وَ غَاصِبِهِ الَّذِی یَجْتَرِئُ عَلَیَّ وَ یُبَدِّلُ كَلَامِی، وَ یُشْرِكُ بِی وَ یَصُدُّ النَّاسَ عَنْ سَبِیلِی، وَ یَنْصِبُ مِنْ (10) نَفْسِهِ عِجْلًا لِأُمَّتِكَ، وَ یَكْفُرُ بِی فِی عَرْشِی، إِنِّی قَدْ أَمَرْتُ

ص: 124


1- الّذی، بدلا من: من، جاءت فی المحتضر.
2- قال فی الصّحاح 1- 399: الكاشح: الّذی یضمر لك العداوة، یقال: كشح له بالعداوة و كاشحه بمعنی، و انظر: النّهایة 4- 175، و مجمع البحرین 2- 407، و القاموس المحیط 1- 245.
3- فی المصدر: و صدّقتهم، بدلا من: و أرضیتهم.
4- فی ك: انتجبتهم. و فیه نسخة بدل: جنبتهم. و فی المحتضر: أنجیتهم.
5- فی المحتضر: فأنا آلیت بحولی.
6- فی س: و لأصلّبنّه، و فی المصدر: من أسفل الفیلوق و لأصلینّه. أقول: قال فی القاموس 4- 352: صلی اللّحم یصلیه صلیا: شواه أو ألقاه فی النّار للإحراق كأصلاه و صلاه و صلّاه. و فیه 4- 352: و أصلاه النّار و صلاه إیّاها و فیها و علیها .. أدخله إیّاها و أشواه فیها. و انظر: الصّحاح 6- 2402- 2404 و 3- 50- 51، و مجمع البحرین 1- 266 269. أمّا الفیلوق: فلعلّه مأخوذ من الفلق الّذی قیل إنّه صدع فی النّار أو جبّ فی جهنّم یتعوّذ أهل النّار من شدّة حرّه سأل اللّٰه أن یأذن له أن یتنفّس فأذن له فأحرق جهنّم، كما فصّله شیخنا الطّریحیّ فی مجمع البحرین 5- 229. و لاحظ: القاموس 3- 277 و غیره.
7- فی س: المنافقین.
8- فی المحتضر: لن یرافقك، و هو الظّاهر. و فی البحار: إنّ مرافقك.
9- فی س: من فرعون- بلا ضمیر-.
10- لا توجد: من، فی المصدر.

مَلَائِكَتِی فِی (1) سَبْعِ سَمَاوَاتِی لِشِیعَتِكُمْ وَ مُحِبِّیكُمْ (2) أَنْ یَتَعَیَّدُوا فِی هَذَا (3) الْیَوْمِ الَّذِی أَقْبِضُهُ(4) إِلَیَّ، وَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ یَنْصِبُوا كُرْسِیَّ كَرَامَتِی حِذَاءَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ یُثْنُوا عَلَیَّ وَ یَسْتَغْفِرُوا لِشِیعَتِكُمْ وَ مُحِبِّیكُمْ مِنْ وُلْدِ آدَمَ، وَ أَمَرْتُ الْكِرَامَ الْكَاتِبِینَ أَنْ یَرْفَعُوا الْقَلَمَ عَنِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ لَا أَكْتُبُ (5) عَلَیْهِمْ شَیْئاً مِنْ خَطَایَاهُمْ كَرَامَةً لَكَ وَ لِوَصِیِّكَ، یَا مُحَمَّدُ! إِنِّی قَدْ جَعَلْتُ ذَلِكَ الْیَوْمَ عِیداً لَكَ وَ لِأَهْلِ بَیْتِكَ وَ لِمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ (6) شِیعَتِهِمْ، وَ آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی بِعِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ عُلُوِّی فِی مَكَانِی لَأَحْبُوَنَّ مَنْ تَعَیَّدَ (7) فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ مُحْتَسِباً ثَوَابَ الْخَافِقَیْنِ، وَ لَأُشَفِّعَنَّهُ (8) فِی أَقْرِبَائِهِ وَ ذَوِی رَحِمِهِ، وَ لَأَزِیدَنَّ فِی مَالِهِ إِنْ وَسَّعَ عَلَی نَفْسِهِ وَ عِیَالِهِ فِیهِ، وَ لَأُعْتِقَنَّ مِنَ النَّارِ فِی كُلِّ حَوْلٍ فِی مِثْلِ ذَلِكَ الْیَوْمِ أَلْفاً مِنْ مَوَالِیكُمْ وَ شِیعَتِكُمْ، وَ لَأَجْعَلَنَّ سَعْیَهُمْ مَشْكُوراً، وَ ذَنْبَهُمْ مَغْفُوراً، وَ أَعْمَالَهُمْ مَقْبُولَةً.

قَالَ حُذَیْفَةُ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَدَخَلَ إِلَی (9) بَیْتِ (10) أُمِّ سَلَمَةَ (11)، وَ رَجَعْتُ عَنْهُ وَ أَنَا غَیْرُ شَاكٍّ فِی أَمْرِ الشَّیْخِ (12)، حَتَّی تَرَأَّسَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِیِ

ص: 125


1- فی المصدر لا توجد: ملائكتی فی.
2- فی س: و شیعتك و محبّیك. و وضع علیها رمز نسخة بدل صحیحة. و خطّ علیها فی ك.
3- وضع علی: هذا، رمز نسخة بدل فی س.
4- جاءت زیادة: فیه، فی المحتضر.
5- فی ك نسخة بدل: و لا یكتبوا. و فی المصدر: لا یكتبون. و لا توجد فیه الواو و لفظة: علیهم.
6- لا توجد فی المحتضر: من المؤمنین و.
7- فی المصدر: من یعید.
8- لا توجد: و لأشفعنه، فی المصدر.
9- وضع علی: إلی، فی ك رمز نسخة بدل.
10- فی مطبوع البحار جعل علی: بیت، رمز نسخة بدل. و لا توجد فی المصدر.
11- جاءت: فدخل فی المصدر هنا- أی بتقدیم و تأخیر-.
12- فی ك: الثّانی، نسخة بدل من: الشّیخ.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أتیحَ الشَّرُّ وَ عَادَ (1)الْكُفْرُ، وَ ارْتَدَّ عَنِ الدِّینِ، وَ تَشَمَّرَ (2) لِلْمُلْكِ، وَ حَرَّفَ الْقُرْآنَ، وَ أَحْرَقَ بَیْتَ الْوَحْیِ، وَ أَبْدَعَ السُّنَنَ، وَ غَیَّرَ الْمِلَّةَ، وَ بَدَّلَ السُّنَّةَ، وَ رَدَّ شَهَادَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ كَذَّبَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) (3)، وَ اغْتَصَبَ فَدَكاً، وَ أَرْضَی الْمَجُوسَ وَ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی، وَ أَسْخَنَ (4) قُرَّةَ عَیْنِ الْمُصْطَفَی وَ لَمْ یُرْضِهَا (5)، وَ غَیَّرَ السُّنَنَ كُلَّهَا، وَ دَبَّرَ عَلَی قَتْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ أَظْهَرَ الْجَوْرَ، وَ حَرَّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَ أَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَ أَلْقَی إِلَی النَّاسِ أَنْ یَتَّخِذُوا مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ دَنَانِیرَ، وَ لَطَمَ وَجْهَ (6) الزَّكِیَّةِ، وَ صَعِدَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ غَصْباً وَ ظُلْماً، وَ افْتَرَی عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (علیه السلام) وَ عَانَدَهُ وَ سَفَّهَ رَأْیَهُ. قَالَ حُذَیْفَةُ:

فَاسْتَجَابَ (7) اللَّهُ دُعَاءَ مَوْلَاتِی عَلَیْهَا السَّلَامُ عَلَی ذَلِكَ الْمُنَافِقِ، وَ أَجْرَی قَتْلَهُ عَلَی یَدِ قَاتِلِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ، فَدَخَلْتُ عَلَی (8) أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأُهَنِّئَهُ بِقَتْلِ الْمُنَافِقِ (9)وَ رُجُوعِهِ إِلَی دَارِ الِانْتِقَامِ.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (10): یَا حُذَیْفَةُ! أَ تَذْكُرُ الْیَوْمَ الَّذِی دَخَلْتَ فِیهِ عَلَی سَیِّدِی (11)رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا وَ سِبْطَاهُ نَأْكُلُ مَعَهُ، فَدَلَّكَ عَلَی فَضْلِ ذَلِكَ الْیَوْمِ الَّذِی دَخَلْتَ عَلَیْهِ فِیهِ؟. قُلْتُ: بَلَی یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله).

ص: 126


1- لا توجد فی المحتضر : وأتیح الشر. وفیه : وأعاد ، بدلا من : وعاد.
2- فی المصدر: و شمّر.
3- لا توجد: بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فی المحتضر.
4- فی المصدر: و أسخط. و هی نسخة بدل فی مطبوع البحار.
5- فی المحتضر: و لم یرضهم- بضمیر الجمع-.
6- جاءت زیادة: حر، قبل كلمة: وجه، فی المصدر.
7- خ. ل: استجاب- بلا فاء-، جاءت علی مطبوع البحار.
8- لا توجد فی س: علی.
9- فی المصدر: بقتله. و لا توجد كلمة: المنافق.
10- عبارة المصدر هكذا: قال: فقال لی.
11- لا توجد: سیّدی، فی المحتضر.

قَالَ (1): هُوَ وَ اللَّهِ هَذَا الْیَوْمُ الَّذِی أَقَرَّ اللَّهُ بِهِ عَیْنَ آلِ الرَّسُولِ، وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ لِهَذَا الْیَوْمِ اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ اسْماً، قَالَ حُذَیْفَةُ: قُلْتُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! أُحِبُّ أَنْ تُسْمِعَنِی أَسْمَاءَ هَذَا الْیَوْمِ، وَ كَانَ یَوْمَ التَّاسِعِ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ(2)فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: هَذَا یَوْمُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَ یَوْمُ تَنْفِیسِ الْكُرْبَةِ، وَ یَوْمُ الْغَدِیرِ (3) الثَّانِی، وَ یَوْمُ تَحْطِیطِ (4) الْأَوْزَارِ، وَ یَوْمُ الْخِیَرَةِ (5)، وَ یَوْمُ رَفْعِ الْقَلَمِ، وَ یَوْمُ الْهُدُوِّ (6)، وَ یَوْمُ الْعَافِیَةِ، وَ یَوْمُ الْبَرَكَةِ، وَ یَوْمُ الثَّارَاتِ (7)، وَ یَوْمُ (8) عِیدِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ، وَ یَوْمٌ یُسْتَجَابُ فِیهِ (9) الدُّعَاءُ، وَ یَوْمُ الْمَوْقِفِ الْأَعْظَمِ، وَ یَوْمُ التَّوَافِی، وَ یَوْمُ الشَّرْطِ، وَ یَوْمُ نَزْعِ السَّوَادِ، وَ یَوْمُ نَدَامَةِ الظَّالِمِ، وَ یَوْمُ انْكِسَارِ الشَّوْكَةِ، وَ یَوْمُ نَفْیِ الْهُمُومِ، وَ یَوْمُ الْقُنُوعِ، وَ یَوْمُ عَرْضِ الْقُدْرَةِ(10)، وَ یَوْمُ التَّصَفُّحِ، وَ یَوْمُ فَرَحِ الشِّیعَةِ، وَ یَوْمُ التَّوْبَةِ، وَ یَوْمُ الْإِنَابَةِ، وَ یَوْمُ الزَّكَاةِ الْعُظْمَی، وَ یَوْمُ الْفِطْرِ الثَّانِی، وَ یَوْمُ سَیْلِ (11) النغاب (12)، وَ یَوْمُ تَجَرُّعِ الرِّیقِ (13)، وَ یَوْمُ الرِّضَا، وَ یَوْمُ عِیدِ أَهْلِ الْبَیْتِ، وَ یَوْمٌ ظَفِرَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ، وَ یَوْمٌ یَقْبَلُ اللَّهُ أَعْمَالَ الشِّیعَةِ(14)، وَ یَوْمُ تَقْدِیمِ الصَّدَقَةِ،

ص: 127


1- فی المصدر: فقال.
2- لا توجد: و كان یوم التّاسع من شهر ربیع الأوّل، فی المصدر.
3- فی المحتضر: العید، بدلا من: الغدیر.
4- جاءت: حطّ، بدلا من: تحطیط، فی المصدر.
5- نسخة بدل فی ك: الحبوة.
6- فی ك: الهدی.
7- فی المحتضر: الثّار.
8- لا توجد كلمة: الیوم، فی س، و هی نسخة بدل فی ك.
9- فی المصدر: أجابت، بدلا من: یستجاب فیه.
10- كذا جاءت العبارة فی حاشیة س، و فی متن ك: یوم العرض، و یوم القدرة، و وضع علیها رمز نسخة بدل.
11- الكلمة مشوّشة فی المطبوع من البحار.
12- فی المحتضر: الشّعاب.
13- الدّقیق، بدلا من الرّیق، جاءت فی المصدر.
14- فی المحتضر: و یوم قبول الأعمال.

وَ یَوْمُ الزِّیَارَةِ (1)، وَ یَوْمُ قَتْلِ الْمُنَافِقِ، وَ یَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، وَ یَوْمُ سُرُورِ أَهْلِ الْبَیْتِ، وَ یَوْمُ الشَّاهِدِ وَ یَوْمُ (2) الْمَشْهُودِ، وَ یَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلی یَدَیْهِ (3) وَ یَوْمُ الْقَهْرِ عَلَی الْعَدُوِّ (4)، وَ یَوْمُ هَدْمِ الضَّلَالَةِ، وَ یَوْمُ التَّنْبِیهِ (5)، وَ یَوْمُ التَّصْرِیدِ (6)، وَ یَوْمُ الشَّهَادَةِ، وَ یَوْمُ التَّجَاوُزِ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ، وَ یَوْمُ الزَّهْرَةِ، وَ یَوْمُ الْعُذُوبَةِ، وَ یَوْمُ الْمُسْتَطَابِ بِهِ، وَ یَوْمُ ذَهَابِ (7)سُلْطَانِ الْمُنَافِقِ، وَ یَوْمُ التَّسْدِیدِ، وَ یَوْمٌ یَسْتَرِیحُ فِیهِ الْمُؤْمِنُ (8)، وَ یَوْمُ الْمُبَاهَلَةِ، وَ یَوْمُ الْمُفَاخَرَةِ، وَ یَوْمُ قَبُولِ الْأَعْمَالِ، وَ یَوْمُ التَّبْجِیلِ (9) وَ یَوْمُ إِذَاعَةِ السِّرِّ (10)، وَ یَوْمُ نَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَ یَوْمُ الزِّیَارَةِ (11)، وَ یَوْمُ التَّوَدُّدِ، وَ یَوْمُ التَّحَبُّبِ(12)، وَ یَوْمُ الْوُصُولِ، وَ یَوْمُ التَّزْكِیَةِ(13) وَ یَوْمُ كَشْفِ الْبِدَعِ، وَ یَوْمُ الزُّهْدِ فِی

ص: 128


1- نسخة فی ك: الزیاة. و لعلّها: الزّیادة. و نسخة بدل فی مطبوع البحار: و یوم طلب الزّیارة. و قد وضع علی: الطّلب، رمز نسخة بدل.
2- جاءت كلمة: یوم، فی س بعنوان أنّها نسخة بدل.
3- لا توجد: و یوم یعضّ الظّالم علی یدیه، فی المصدر. و فیه بدلا من: المشهود، الشّهود- بلا میم-.
4- فی المحتضر: للعدوّ.
5- خ. ل: النبلة، كذا علی المطبوع من البحار.
6- فی ك لعلّها تقرأ: التصربد. أقول: لم أجد معنی مناسبا لها، أمّا التّصرید فهو فی السّقی دون الرّیّ، و التّصرید فی العطاء تقلیله ..، و الصّرد: البرد .. تقول: یوم صرد، كما صرّح بذلك فی النّهایة 3- 21، و الصّحاح 6- 496- 497، و الفائق 1- 236، و مجمع البحرین 3- 363 365. و قال فی القاموس المحیط 1- 307: الصّرد: الخالص من كلّ شی ء.
7- فی المصدر: و یوم الزّهرة، و یوم التّعریف، و یوم الاستطابة، و یوم الذّهاب. و لا توجد فیه: سلطان المنافق.
8- فی المحتضر جاءت العبارة هكذا: و یوم التّشدید، و یوم ابتهاج المؤمن. و فی س: تصریح، بدلا من: یستریح، و هو غلط.
9- هنا زیادة: و یوم النّحلة فی ك، و وضع علیها رمز نسخة بدل فی س، و لا توجد فی المصدر.
10- كذا فی المصدر، و فی س: إضاعة الصّرّ، و فی ك: إذاعة الصّرّ.
11- فی المصدر زیادة: و یوم النّصرة، و یوم زیادة الفتح.
12- فی المحتضر: المفاكهة، بدلا من: التّحبّب.
13- التّذكیة- بالذّال المعجمة-، جاءت فی المصدر.

الْكَبَائِرِ، وَ یَوْمُ التَّزَاوُرِ (1)، وَ یَوْمُ الْمَوْعِظَةِ، وَ یَوْمُ الْعِبَادَةِ، وَ یَوْمُ الِاسْتِسْلَامِ (2) قَالَ حُذَیْفَةُ: فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی: لَوْ لَمْ أُدْرِكْ مِنْ أَفْعَالِ الْخَیْرِ وَ مَا أَرْجُو (3) بِهِ الثَّوَابَ إِلَّا فَضْلَ هَذَا الْیَوْمِ لَكَانَ مُنَایَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِیُّ، وَ یَحْیَی بْنُ مُحَمَّدِ (4) بْنِ جَرِیحٍ: فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَ قَبَّلَ رَأْسَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِیدٍ الْقُمِّیِّ، وَ قُلْنَا (5): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَیَّضَكَ لَنَا حَتَّی شَرَّفْتَنَا بِفَضْلِ هَذَا الْیَوْمِ، وَ (6) رَجَعْنَا عَنْهُ، وَ تَعَیَّدْنَا فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (7).

قال السیّد (8): نقلته من خطّ محمد بن علی بن محمد بن طیّ رحمه اللّٰه، و وجدنا فیما تصفّحنا من الكتب عدّة روایات موافقة لها فاعتمدنا علیها، فینبغی تعظیم هذا الیوم المشار إلیه و إظهار السرور فیه (9).

ص: 129


1- فی المصباح: و یوم الزّهد و یوم الورع، و لا توجد: فی الكبائر.
2- زیادة: و یوم السّلم و یوم النّحر و یوم البقر، جاءت فی المصدر.
3- فی طبعتی البحار و المصدر بالألف: أرجوا، و هو غلط.
4- لا توجد: بن محمّد، فی المصدر.
5- هنا زیادة: له، فی المصباح.
6- فی المصدر: ثمّ، بدلا من: الواو.
7- لا توجد: الیوم، فی المصباح. و إلی هنا جاء فی المحتضر باختلافات لفظیّة. و أوردها محمّد بن جریر الطّبریّ فی دلائل الإمامة فی الفصل المتعلّق بأمیر المؤمنین علیه السلام مسندا. و رواها مسندا فی مصباح الأنوار للشّیخ هاشم بن محمّد- من أعلام علماء الإمامیّة فی القرن السّادس- و نص سند المصباح هو: قال: أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد القمّیّ بالكوفة، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن جعدویه القزوینیّ- و كان شیخا صالحا زاهدا سنة إحدی و أربعین و ثلاثمائة صاعد إلی الحجّ قال: حدّثنی محمّد بن علیّ القزوینیّ، قال: حدّثنا الحسن بن الحسن الخالدیّ بمشهد أبی الحسن الرّضا علیه السّلام، قال: حدّثنا محمّد بن العلاء الهمدانیّ الواسطیّ و یحیی بن محمّد بن جریح البغدادیّ قالا ..
8- الظاهر فی كتابه زوائد الفوائد الذی لم نحصل علی نسخة منه حتّی الآن.
9- انتهی كلام السیّد فی الزوائد. و انظر: مستدرك الوسائل 1- 155 رواه عن الشیخ المفید، و البحار 20- 332. و حكی عن السیّد رضیّ الدین علیّ بن طاوس فی كتاب زوائد الفوائد. أقول: قال العلّامة المجلسی فی بحاره: 98- 356: و إن كان یمكن أن یكون تأویل ما رواه أبو جعفر ابن بابویه فی أنّ قتل من ذكر كان یوم تاسع ربیع الأوّل، لعلّ معناه أن السبب الذی اقتضی عزم القاتل علی قتل من قتل كان ذلك السبب یوم تاسع ربیع الأوّل، فیكون الیوم الذی فیه سبب القتل أصل القتل، و یمكن أن یسمّی مجازا بالقتل، و یمكن أن یتأوّل بتأویل آخر، و هو أن یكون توجّه القاتل من بلده إلی البلد الذی وقع القتل كان یوم سابع [كذا] ربیع الأوّل .. إلی آخره. و قال قبل ذلك: فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكریّ علیه السلام- كما ذكره هؤلاء- لثمان خلون من ربیع الأوّل، فیكون ابتداء ولایة المهدیّ علیه السلام علی الأمّة یوم تاسع ربیع الأوّل، فلعلّ تعظیم هذا الیوم- و هو یوم تاسع ربیع الأوّل- لهذا الوقت المفضّل و العنایة لمولی المعظّم المكمل .. و علیك بملاحظة ما جاء فی حاشیة كتاب المحتضر: 44- 55.

بیان:

فی القاموس(1): احتَبَی بِالثَّوْبِ: اشْتَمَلَ. و فی بعض النسخ مكان قوله محتبی بكساء (2) یفوح مسكا و هو (3) قوله علیه السلام: و یوم سیل النغاب .. هو مقابل قولهم: غصّ بریقه.

فی القاموس (4): نَغَبَ الرِّیقَ كمنع و نصر و ضرب-: ابْتَلَعَهُ، و الطّائر حسا من الماء .. و الإنسان فی الشّرب: جرع، و النُّغْبَةُ: الجرعة. و فی بعض النسخ: یوم سبیل اللّٰه.

قوله علیه السلام: و یوم ظفرت به بنو إسرائیل .. أی یشبه ذلك الیوم، فإنّه كان فرعون هذه الأمّة أو كان ضفر بنی إسرائیل أیضا فی هذا الیوم، و الوجهان جاریان فی بعض الفقرات الأخر: كنزع السواد.

و التّصرید: التّقلیل (5)، و كأنّه سقط بعض الفقرات من الرواة، و بضمّ

ص: 130


1- القاموس 4- 315. و جاء فی تاج العروس 10- 81، و لسان العرب 14- 160.
2- فی ك: بكسائه.
3- خطّ علی: و هو، فی ك.
4- القاموس 1- 133، و كذا ذكره ابن منظور فی لسانه 1- 765، و الزبیدی فی التاج 1- 490.
5- نصّ علیه فی الصحاح 2- 497، و القاموس 1- 307، و لسان العرب 3- 249، و تاج العروس 2- 396.

بعض النسخ یتمّ العدد.

أقول: و قَالَ السَّیِّدُ عَلِیُّ بْنُ طَاوُسٍ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ الْإِقْبَالِ (1) بَعْدَ ذِكْرِ الْیَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْیَوْمَ وَجَدْنَا فِیهِ رِوَایَةً عَظِیمَ (2)الشَّأْنِ، وَ وَجَدْنَا جَمَاعَةً مِنَ الْعَجَمِ وَ الْإِخْوَانِ یُعَظِّمُونَ السُّرُورَ فِیهِ، وَ یَذْكُرُونَ أَنَّهُ یَوْمُ هَلَاكِ بَعْضِ مَنْ كَانَ یَهُونُ بِاللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ رَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ یُعَادِیهِ، وَ لَمْ أَجِدْ فِیمَا تَصَفَّحْتُ مِنَ الْكُتُبِ إِلَی الْآنَ مُوَافِقَةً أَعْتَمِدُ عَلَیْهَا لِلرِّوَایَةِ الَّتِی رَوَیْنَاهَا عَنِ ابْنِ بَابَوَیْهِ تَغَمَّدَ اللَّهُ بِالرِّضْوَانِ (3)، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ تَعْظِیمَهُ مُطْلَقاً لِسِرٍّ یَكُونُ فِی مَطَاوِیهِ غَیْرَ الْوَجْهِ الَّذِی ظَهَرَ فِیهِ احْتِیَاطاً لِلرِّوَایَةِ فَهَكَذَا (4) عَادَةُ ذَوِی الدِّرَایَةِ ... (5)، وَ إِنْ كَانَ یُمْكِنُ أَنْ یَكُونَ تَأْوِیلُ مَا رَوَاهُ أَبُو (6) جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَیْهِ فِی أَنَّ قَتْلَ مَنْ ذُكِرَ كَانَ فِی (7) تَاسِعِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ، لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِی اقْتَضَی عَزْمَ الْقَاتِلِ عَلَی قَتْلِهِ كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (8) وَ یُمْكِنُ أَنْ یُسَمَّی مَجَازاً سَبَبُ الْقَتْلِ (9) بِالْقَتْلِ، أَوْ یَكُونَ(10) تَوَجُّهُ الْقَاتِلِ مِنْ بَلَدِهِ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ أَوْ وَصُولُ الْقَاتِلِ إِلَی مَدِینَةِ الْقَتْلِ فِیهِ.

وَ أَمَّا تَأْوِیلُ مَنْ تَأَوَّلَ أَنَّ الْخَبَرَ بِالْقَتْلِ وَصَلَ إِلَی بَلَدِ ابْنِ بَابَوَیْهِ فِیهِ فَلَا

ص: 131


1- الإقبال: 597- 598 الحجریة.
2- فی ك نسخة بدل: عظیمة.
3- فی س: رضوانه، و فی المصدر نسخة بدل: بالغفران.
4- فی الإقبال: فكذا.
5- هنا سقط كبیر، ذكر فیه مصادر جمّة فی وفاة الحسن العسكریّ علیه السّلام- ثمّ قال: أقول ...
6- لا توجد فی المصدر: أبو.
7- فی الإقبال: یوم، بدلا من: فی.
8- جاءت العبارة فی المصدر: قتل من قتل كان ذلك السّبب یوم تاسع ربیع الأوّل، فیكون الیوم الّذی فیه سبب القتل أصل القتل، بدلا من: قتله كان فی ذلك الیوم.
9- لا توجد: سبب القتل، فی المصدر.
10- هنا زیادة فی المصدر و هی: یمكن أن یؤوّل بتأویل آخر و هو أن یكون. و فیه: الواو، بدلا من: أو.

یَصِحُّ (1)، لِأَنَّ الْحَدِیثَ الَّذِی رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَیْهِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَضَمَّنَ أَنَّ الْقَتْلَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (2)، فَكَیْفَ یَصِحُّ هَذَا التَّأْوِیلُ؟. انْتَهَی ملخّص كلامه نوّر اللّٰه ضریحه.

و یظهر منه ورود روایة أخری عن الصادق علیه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق رحمه اللّٰه، و یظهر من كلام خلفه الجلیل ورود عدّة روایات دالّة علی كون قتله فی ذلك الیوم، فاستبعاد ابن إدریس و غیره رحمة اللّٰه علیهم لیس فی محلّه، إذ اعتبار تلك الروایات مع الشهرة بین أكثر الشیعة سلفا و خلفا لا یقصر عمّا ذكره المؤرّخون من المخالفین، و یحتمل أن یكونوا غیّروا هذا الیوم لیشتبه الأمر علی الشیعة فلا یتّخذوه یوم عید و سرور.

فإن قیل: كیف اشتبه هذا الأمر العظیم بین الفریقین مع كثرة الدواعی علی ضبطه و نقله.

قلنا: نقلب الكلام علیكم، مع أنّ هذا الأمر لیس بأعظم من وفاة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، مع أنّه وقع الخلاف فیه بین الفریقین، بل بین كلّ منهما مع شدّة تلك المصیبة العظمی، و ما استتبعته من الدواهی الأخری، مع أنّهم اختلفوا فی یوم القتل كما عرفت و إن اتّفقوا فی كونه فی ذی الحجة، و من نظر فی اختلاف الشیعة و أهل الخلاف فی أكثر الأمور التی توفّرت الدواعی علی نقلها مع كثرة حاجة الناس إلیها كالأذان و الوضوء و الصلاة و الحجّ و تأمّل فیها لا یستبعد أمثال ذلك، و اللّٰه تعالی أعلم بحقائق الأمور..

ما جری بینه وبین أمیر المؤمنین علیه السلام

«1»-مَا (3): جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِی الْفَضْلِ (4)، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ تَسْنِیمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ

ص: 132


1- فی الإقبال: إلی بلد أبی جعفر بن بابویه یوم تاسع ربیع الأوّل، فإنّه لا یصحّ.
2- فی المصدر: كان فی یوم تاسع ربیع الأوّل.
3- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 188 مع اختصار فی الإسناد.
4- فی المصدر: أبی المفضّل. و هی نسخة فی حاشیة ك.

الْحَمِیدِ، عَنْ رُقَیَّةَ (1) بْنِ مَصْقَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُوَیْعَةَ بْنِ حَمْزَةَ (2) الْعَبْدِیِّ (3) عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَنَا وَفْدُ عَبْدِ الْقَیْسِ فِی إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَهُ رَجُلَانِ مِنَّا عَنْ طَلَاقِ الْأَمَةِ، فَقَامَ مَعَهُمَا وَ (4) قَالَ: انْطَلِقَا، فَجَاءَ إِلَی حَلْقَةٍ فِیهَا رَجُلٌ أَصْلَعُ، فَقَالَ: یَا أَصْلَعُ! كَمْ طَلَاقُ (5) الْأَمَةِ؟، قَالَ: فَأَشَارَ (6) بِإِصْبَعَیْهِ .. هَكَذَا یَعْنِی اثْنَتَیْنِ-. قَالَ: فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَی الرَّجُلَیْنِ، فَقَالَ:

طَلَاقُهَا اثْنَتَانِ. فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ! جِئْنَاكَ وَ أَنْتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَسَأَلْنَاكَ فَجِئْتَ إِلَی الرَّجُلِ، وَ اللَّهِ (7) مَا كَلَّمَكَ. فَقَالَ: وَیْلَكَ! أَ تَدْرِی مَنْ هَذَا؟. هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ، سَمِعْتُ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وُضِعَتَا فِی كِفَّةٍ وَ وُضِعَ إِیمَانُ عَلِیٍّ فِی كِفَّةٍ لَرَجَحَ إِیمَانُ عَلِیٍّ.

«2»-د (8): قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِیرِ بْنِ رُسْتُمَ الطَّبَرِیُّ لَیْسَ التَّارِیخِیَّ-: لَمَّا وَرَدَ سَبْیُ الْفُرْسِ إِلَی الْمَدِینَةِ أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَیْعَ النِّسَاءِ وَ أَنْ یَجْعَلَ الرِّجَالَ عَبِیداً. فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ:

أَكْرِمُوا كَرِیمَ كُلِّ قَوْمٍ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِیمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ وَ إِنْ خَالَفَكُمْ. فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدْ أَلْقَوْا إِلَیْكُمُ السَّلَمَ (9) وَ رَغِبُوا فِی الْإِسْلَامِ، وَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ لَهُمْ فِیهِمْ ذُرِّیَّةٌ، وَ أَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّی قَدْ عَتَقْتُ نَصِیبِی مِنْهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَی. فَقَالَ جَمِیعُ بَنِی هَاشِمٍ: قَدْ

ص: 133


1- فی الأمالی: رقبة- بالباء الموحّدة-.
2- فی المصدر: خونعة بن ضمرة.
3- فی ك وضع علی: العبدیّ، رمز نسخة بدل.
4- لا توجد الواو فی المصدر.
5- فی الأمالی: ما طلاق.
6- زیادة: له، جاءت فی المصدر.
7- فی الأمالی: إلی رجل فو اللّٰه.
8- العدد القویّة: 56- 58.
9- فی المصدر: السّلام.

وَهَبْنَا حَقَّنَا أَیْضاً لَكَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّی قَدْ عَتَقْتُ (1)مَا وَهَبُونِی لِوَجْهِ اللَّهِ.

فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ: وَ قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا لَكَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله). فَقَالَ:

اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنَّهُمْ قَدْ وَهَبُوا لِی حَقَّهُمْ وَ قَبِلْتُهُ، وَ أُشْهِدُكَ أَنِّی قَدْ عَتَقْتُهُمْ (2) لِوَجْهِكَ.

فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ نَقَضْتَ عَلَیَّ عَزْمِی فِی الْأَعَاجِمِ، وَ مَا الَّذِی رَغِبَكَ عَنْ رَأْیِی فِیهِمْ؟.

فَأَعَادَ عَلَیْهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی إِكْرَامِ الْكُرَمَاءِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ وَهَبْتُ لِلَّهِ وَ لَكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا یَخُصُّنِی وَ سَائِرَ مَا لَمْ یُوهَبْ لَكَ. فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَی مَا قَالَهُ (3) وَ عَلَی عِتْقِی إِیَّاهُمْ. فَرَغِبَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی أَنْ یَسْتَنْكِحُوا النِّسَاءَ. فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: هَؤُلَاءِ لَا یُكْرَهْنَ عَلَی ذَلِكَ وَ لَكِنْ یُخَیَّرْنَ، مَا اخْتَرْنَهُ عُمِلَ بِهِ(4) فَأَشَارَ جَمَاعَةٌ إِلَی شَهْرَبَانُوَیْهِ بِنْتِ كِسْرَی، فَخُیِّرَتْ وَ خُوطِبَتْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَ الْجَمْعُ حُضُورٌ. فَقِیلَ لَهَا: مَنْ تَخْتَارِینَ مِنْ خُطَّابِكِ (5)؟ وَ هَلْ أَنْتِ مِمَّنْ تُرِیدِینَ بَعْلًا؟. فَسَكَتَتْ. فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: قَدْ أَرَادَتْ وَ بَقِیَ الِاخْتِیَارُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَ مَا عِلْمُكَ بِإِرَادَتِهَا الْبَعْلَ؟. فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا أَتَتْهُ كَرِیمَةُ قَوْمٍ لَا وَلِیَّ لَهَا وَ قَدْ خُطِبَتْ یَأْمُرُ أَنْ یُقَالَ لَهَا: أَنْتِ رَاضِیَةٌ بِالْبَعْلِ، فَإِنِ اسْتَحْیَتْ وَ سَكَتَتْ جعلت [جَعَلَ إِذْنَهَا صُمَاتَهَا، وَ أَمَرَ بِتَزْوِیجِهَا. وَ إِنْ قَالَتْ: لَا، لَمْ تُكْرَهْ عَلَی مَا تَخْتَارُهُ، إِنَّ شَهْرَبَانُوَیْهِ أُرِیَتِ (6)الْخُطَّابَ فَأَوْمَأَتْ بِیَدِهَا وَ اخْتَارَتِ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، فَأُعِیدَ الْقَوْلُ عَلَیْهَا فِی التَّخْیِیرِ، فَأَشَارَتْ بِیَدِهَا وَ قَالَتْ بِلُغَتِهَا: هَذَا إِنْ كُنْتُ مُخَیَّرَةً، وَ جَعَلَتْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَلِیَّهَا، وَ تَكَلَّمَ حُذَیْفَةُ

ص: 134


1- فی العدد: قد أعتقت.
2- فی المصدر: قد أعتقتهم.
3- فی العدد: علی ما قالوا.
4- لا توجد: به، فی س.
5- فی ك نسخة بدل: خطبك.
6- فی س: أ رأیت.

بِالْخِطْبَةِ (1)، فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟. فَقَالَتْ: شَاهْ زَنَانُ بِنْتُ كِسْرَی.

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2): أَنْتِ شَهْرَبَانُوَیْهِ، وَ أُخْتُكِ مُرْوَارِیدُ بِنْتُ كِسْرَی، قَالَتْ: آریه (3).

«3»-یب (4): مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: دَخَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُمَرُ الْحَمَّامَ، فَقَالَ عُمَرُ: بِئْسَ الْبَیْتُ الْحَمَّامُ، یَكْثُرُ فِیهِ الْغِنَاءُ (5) وَ یَقِلُّ فِیهِ الْحَیَاءُ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: نِعْمَ الْبَیْتُ الْحَمَّامُ، یُذْهِبُ الْأَذَی وَ یُذَكِّرُ بِالنَّارِ (6)

«4»-نَهْجٌ (7): وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ شَاوَرَهُ عُمَرُ فِی الْخُرُوجِ إِلَی الرُّومِ:

وَ قَدْ تَوَكَّلَ اللَّهُ لِأَهْلِ هَذَا الدِّینِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ وَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَ الَّذِی نَصَرَهُمْ وَ هُمْ قَلِیلٌ لَا یَنْتَصِرُونَ وَ مَنَعَهُمْ وَ هُمْ (8) قَلِیلٌ لَا یَمْتَنِعُونَ (9) حَیٌّ لَا یَمُوتُ إِنَّكَ مَتَی

ص: 135


1- إلی هنا جاء فی بحار الأنوار 103- 331 حدیث 1.
2- زیادة جاءت فی المصدر و هی: نه، شاه زنان نیست مگر دختر محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و هی سیّدة النّساء. بمعنی: لا، لیست سیّدة النّساء إلّا بنت محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- آریة، لغة الفرس، و هی بالعربیّة: نعم. و جاء هذا الحدیث فی دلائل الإمامة للطّبریّ: 81 82. و أورده أیضا فی البحار 46- 15- 16 و 104- 199- 200.
4- التّهذیب للشّیخ الطّوسیّ 1- 377 حدیث 1166 [حجریّ 1- 107].
5- فی المصدر: العناء، و هو الظّاهر.
6- أقول: جاءت فی أبواب آداب الحمّام و التّنظیف و الزّینة جملة روایات، كما فی وسائل الشّیعة 1- 361 و ما بعدها، منها: ما أورده الكلینیّ رحمه اللّٰه فی فروع الكافی 2- 218 بسنده من قوله الصّادق علیه السّلام: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: نعم البیت الحمّام، یذكّر النّار، و یذهب بالدّرن. و قال عمر: بئس البیت الحمّام، یبدی العورة و یهتك السّتر. قال: فنسب النّاس قول أمیر المؤمنین علیه السّلام إلی عمر، و قول عمر إلی أمیر المؤمنین علیه السّلام.
7- نهج البلاغة- صبحی الصّالح-: 193 برقم 134، و- محمّد عبده- 2- 18.
8- فی مطبوع البحار: و هو.
9- فی ك نسخة بدل: یمنعون.

تَسِرْ إِلَی هَذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ فَتَلْقَهُمْ (1) فَتُنْكَبْ، لَا تَكُنْ لِلْمُسْلِمِینَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَی بِلَادِهِمْ لَیْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ یَرْجِعُونَ إِلَیْهِ، فَابْعَثْ إِلَیْهِمْ رَجُلًا مُجَرَّباً (2)وَ احْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلَاءِ وَ النَّصِیحَةِ فَإِنْ أَظْهَرَ (3) اللَّهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَی كُنْتَ رداء [رِدْءاً] لِلنَّاسِ وَ مَثَابَةً لِلْمُسْلِمِینَ (4).

توضیح: و قد توكّل اللّٰه .. أی صار وكیلا (5)، و یروی: تَكَفَّلَ .. أی صار كفیلا (6)، و الحَوْزَة: النّاحیة، و بَیْضَة الملك (7) قوله علیه السلام: فتنكب، قال ابن أبی الحدید (8): مجزوم معطوف علی تسر.

قوله علیه السلام: كانفة .. أی جهة عاصمة من قولك كنفت الإبل:

جعلت لها كنیفا من الشّجر یستتر به (9) قوله علیه السلام: مجرّبا علی المفعول- .. أی جرّبته الأمور و أحكمته، و یمكن أن یقرأ علی اسم الفاعل (10).

و إن كان الخلاف المشهور [كذا]، و فی بعض النسخ بالحاء المهملة بكسر المیم مخفّفا من الحرب.

و حفزته: دفعته من خلفه و سقته سوقا (11) شدیدا، و أهل البلاء .. أی

ص: 136


1- فی نهج البلاغة- محمّد عبده- هنا زیادة: بشخصك.
2- فی النّهج: محربا- بالحاء المهملة-. و یذكر المصنّف- رحمه اللّٰه- فی بیانه أنّها نسخة.
3- فی س: أظهره- بالضّمیر-.
4- انظر شرحها فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 8- 296، و شرح ابن میثم 3- 161، و منهاج البراعة 2- 54 و غیرها.
5- كما فی نهایة ابن الأثیر 5- 221، و انظر: مفردات الراغب: 531.
6- قاله ابن منظور فی اللسان 11- 590، و الزبیدی فی التاج 8- 99.
7- نصّ علیه فی الصحاح 3- 876، و لسان العرب 5- 342، و تاج العروس 4- 29.
8- فی شرحه علی النهج 8- 296.
9- انظر: صحاح الجوهریّ 4- 1424، و تاج الزبیدی 6- 238، و لسان العرب 9- 309.
10- و یحتمل أن یقرأ: مجربا- كمفعل- كما جاء ضبطه فی نسخ المطبوع من النهج.
11- ذكره الطریحی فی المجمع 4- 16، و الزبیدی فی تاج العروس 4- 37، و لاحظ: لسان العرب 5- 337.

المختبرین الممتحنین (1) أو الذین لهم حقوق فی الإسلام كقوله: (لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً) (2) و الرِّدْء بالكسر-: العَوْن (3) و الْمَثَابَةُ: المَرْجِعُ (4) فإن قلت: فما بال أمیر المؤمنین علیه السلام شهد الحروب بنفسه.

قلت: لوجهین:

أحدهما: إنّه كان عالما من جهة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أنّه لا یقتل فی هذه الحروب.

و ثانیهما: أنّه كان عالما بأنّه لا یقوم مقامه فی تلك الحروب أحد، و لم یجد مجرّبا من أهل البلاء و النصیحة، فبعض المجرّبین لم یكونوا من أهل النصیحة له، و بعض أهل النصیحة لم یكونوا مجرّبین، و من كان مجرّبا ناصحا- كمالك و أضرابه فمع قلّتهم ربّما لم یطعهم الناس.

«5»-نَهْجٌ (5): وَ مِنْ كَلَامِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ قَدِ اسْتَشَارَهُ (6) فِی غَزْوِ الْفُرْسِ بِنَفْسِهِ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَمْ یَكُنْ نَصْرُهُ وَ لَا خِذْلَانُهُ بِكَثْرَةٍ وَ لَا بِقِلَّةٍ (7)، وَ هُوَ دِینُ اللَّهِ الَّذِی أَظْهَرَهُ وَ جُنْدُهُ الَّذِی أَعَدَّهُ وَ أَمَدَّهُ حَتَّی بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ طَلَعَ حَیْثُ طَلَعَ، وَ نَحْنُ

ص: 137


1- انظر: الصحاح 6- 2285، و لسان العرب 14- 83، و مجمع البحرین 1- 60.
2- الأنفال: 17.
3- نصّ علیه فی مجمع البحرین 1- 171، و الصحاح 1- 52، و لسان العرب 1- 85.
4- صرّح به فی لسان العرب 1- 244، و مجمع البحرین 2- 19، و الصحاح 1- 95.
5- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 29، و طبعة صبحی الصّالح: 203 برقم 146.
6- جاء فی حاشیة ك: و قد استشار عمر بن الخطّاب فی الشّخوص لقتال الفرس بنفسه. كذا فی النّهج. أقول: و هی كذلك. و فی شرح ابن میثم: لغزو الفرس.
7- فی نهج- محمّد عبده-: لا قلّة.

عَلَی مَوْعُودٍ مِنَ اللَّهِ (1)، وَ اللَّهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَ نَاصِرٌ جُنْدَهُ، وَ مَكَانُ الْقَیِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ (2) یَجْمَعُهُ وَ یَضُمُّهُ فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ (3) وَ ذَهَبَ ثُمَّ لَمْ یَجْتَمِعْ بِحَذَافِیرِهِ أَبَداً، وَ الْعَرَبُ الْیَوْمَ وَ إِنْ كَانُوا قَلِیلًا فَهُمْ كَثِیرُونَ بِالْإِسْلَامِ عَزِیزُونَ (4) بِالاجْتِمَاعِ، فَكُنْ قُطْباً وَ اسْتَدِرِ الرَّحَی بِالْعَرَبِ، وَ أَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ (5) شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَیْكَ الْعَرَبُ (6) مِنْ أَطْرَافِهَا وَ أَقْطَارِهَا حَتَّی یَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ (7) مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَیْكَ مِمَّا بَیْنَ یَدَیْكَ، إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ یَنْظُرُوا إِلَیْكَ غَداً یَقُولُوا هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ (8) اسْتَرَحْتُمْ، فَیَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَیْكَ وَ طَمَعِهِمْ فِیكَ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِیرِ الْقَوْمِ إِلَی قِتَالِ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِیرِهِمْ مِنْكَ، وَ هُوَ أَقْدَرُ عَلَی تَغْیِیرِ مَا یَكْرَهُ، وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِیمَا مَضَی بِالْكَثْرَةِ، وَ إِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَ الْمَعُونَةِ(9)

بیان: قال ابن أبی الحدید (10): .. قد اختلف فی الحال الذی قال أمیر المؤمنین علیه

ص: 138


1- قال ابن میثم فی شرحه 3- 196: ثمّ وعدنا بموعود و هو النّصر و الغلبة و الاستخلاف فی الأرض كما قال: « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ» .. الآیة، النّور: 55.
2- فی ك: الحرز- بالحاء المهملة-.
3- زیادة: الخرز، جاءت فی طبعة صبحی الصّالح.
4- فی ك: و عزیزون.
5- وضع علی: إن، فی ك رمز نسخة بدل.
6- فی ك نسخة بدل: الحرب.
7- نسخة بدل: وراك، جاءت فی ك.
8- فی طبعة صبحی الصّالح: قطعتموه.
9- انظر: شرح النّهج لابن أبی الحدید 9- 95، و شرح ابن میثم 3- 194، و منهاج البراعة 2- 57 و غیرها.
10- شرح النهج لابن أبی الحدید 9- 97. و قد نقله المصنّف قدّس سرّه بالمعنی.

السلام، فقیل: قاله (1) فی غزاة القادسیّة، و قیل فی غزاة نهاوند، ذهب إلی الأخیر محمد بن جریر(2)، و إلی الأول المدائنی.

و نظام العقد: الخیط الجامع له(3) بحذافیره .. أی بأسره أو بجوانبه أو بأعالیه (4) قوله علیه السلام: و أصلهم .. أی اجعلهم صالین لها، یقال: صلیت اللّحم: إذا شویته (5)، أو ألقهم فی نار الحرب دونك، أو من صلی فلان بالأمر:

إذا قاسی حرّها و شدّتها (6) و العورة: الخلل فی الثّغر و غیره (7) و كلّ مكمن للسّتر (8) لكلبهم .. أی لمرضهم و شدّتهم (9) قوله علیه السلام: فأمّا ما ذكرت .. جواب لما قال عمر: من أنّ هؤلاء الفرس قد قصدوا المسیر إلی المسلمین و أنا أكره أن یغزونا قبل أن نغزوهم.

ثم اعلم أنّ هذا الكلام و ما تقدّم یدلّ أنّهم كانوا محتاجین إلیه علیه السلام

ص: 139


1- فی المصدر: قال له.
2- فی ك: حریر. و هو سهو. و فی المصدر: و إلی هذا القول الأخیر ذهب محمّد بن جریر الطبریّ فی التاریخ الكبیر. و إلی القول الأوّل ذهب المدائنی فی كتاب الفتوح.
3- انظر: مجمع البحرین 6- 176، و لسان العرب 12- 578، و تاج العروس 9- 76، و الصحاح 5- 2041.
4- قاله فی الصحاح 2- 626، مجمع البحرین 3- 262، و لسان العرب 4- 177، و تاج العروس 3- 132.
5- ذكره ابن الأثیر فی النهایة 3- 50، و الجوهریّ فی الصحاح 6- 2403، و انظر: مجمع البحرین 1- 268.
6- نصّ علیه فی الصحاح 6- 2403، و لاحظ: مجمع البحرین 1- 266.
7- فی س: و غیرهم.
8- كما فی تاج العروس 3- 429، و لسان العرب 4- 617، و انظر: الصحاح 2- 760، و النهایة 3- 319.
9- كذا فی مجمع البحرین 2- 163، و تاج العروس 1- 459- 460، و لاحظ: الصحاح 1- 214.

فی التدبیر و إصلاح الأمور التی یتوقّف علیها الرئاسة و الخلافة، فهو علیه السلام كان أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها و كانوا هم الغاصبین حقّه، و أمّا إراءتهم مصالحهم فلا یدلّ علی كونهم علی الحقّ، لأنّ ذلك كان لمصلحة الإسلام و المسلمین لا لمصلحة الغاصبین، و جمیع تلك الأمور كان حقّه علیه السلام قولا و فعلا و تدبیرا فكان یلزمه القیام بما یمكنه من تلك الأمور، و لا یسقط المیسور بالمعسور.

ص: 140

باب نادر

قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْكَرَاجُكِیُّ فِی كَنْزِ الْفَوَائِدِ (1): أَخْبَرَنِی الْقَاضِی أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ صَخْرٍ، عَنْ فَارِسِ بْنِ مُوسَی، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَیْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الطُّوسِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِیِّ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَارِجَةَ الرَّقِّیِّ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِیَةُ بْنُ فَضْلَةَ (2)

كُنْتُ فِی الْوَفْدِ الَّذِینَ وَجَّهَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ فَتَحْنَا مَدِینَةَ حُلْوَانَ، وَ طَلَبْنَا الْمُشْرِكِینَ فِی الشَّعْبِ فَلَمْ یُرَدُّوا عَلَیْهِمْ (3)، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَهَیْتُ إِلَی مَاءٍ فَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِی وَ أَخَذْتُ بِعِنَانِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأْتُ وَ أَذَّنْتُ، فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ .. اللَّهُ أَكْبَرُ .. فَأَجَابَنِی شَیْ ءٌ مِنَ الْجَبَلِ وَ هُوَ یَقُولُ: كَبِرَتْ تَكْبِیراً .. فَفَزِعْتُ لِذَلِكَ فَزَعاً شَدِیداً وَ نَظَرْتُ یَمِیناً وَ شِمَالًا، فَلَمْ أَرَ شَیْئاً، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَأَجَابَنِی وَ هُوَ یَقُولُ: الْآنَ حِینَ (4) أَخْلَصْتُ. فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ: نَبِیٌّ بُعِثَ. فَقُلْتُ: حَیَّ عَلَی الصَّلَاةِ. فَقَالَ: فَرِیضَةٌ افْتُرِضَتْ. فَقُلْتُ: حَیَّ عَلَی الْفَلَاحِ. فَقَالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَجَابَهَا، فَاسْتَجَابَ (5)

ص: 141


1- كنز الفوائد: 59- 60- الحجریة- بتفصیل فی الإسناد و الأسماء.
2- فی س: نضلة. و فی المصدر: العضلة.
3- فی المصدر: فلم نقدر علیهم. و فی ك نسخة بدل: علینا.
4- وضع علی: حین، رمز نسخة بدل فی مطبوع البحار.
5- فی المصدر: و استجاب.

لَهَا. فَقُلْتُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. فَقَالَ: الْبَقَاءُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ عَلَی رَأْسِهَا تَقُومُ السَّاعَةُ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ أَذَانِی نَادَیْتُ بِأَعْلَی صَوْتِی حَتَّی أَسْمَعْتُ مَا بَیْنَ لَابَتَیِ (1) الْجَبَلِ، فَقُلْتُ: إِنْسِیٌّ أَمْ جِنِّیٌّ؟. قَالَ: فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ كَهْفِ الْجَبَلِ، فَقَالَ: مَا (2) أَنَا بِجِنِّیٍّ وَ لَكِنِّی إِنْسِیٌّ. فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ؟. قَالَ: أَنَا وذیب (3) بْنُ ثِمْلَا مِنْ حَوَارِیِّ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، أَشْهَدُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ نَبِیٌّ، وَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ بِهِ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ، وَ لَقَدْ أَرَدْتُ الْوُصُولَ إِلَیْهِ فَحَالَتْ فِیمَا (4) بَیْنِی وَ بَیْنَهُ فَارِسٌ وَ كِسْرَی وَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِی كَهْفِ الْجَبَلِ فَرَكِبْتُ دَابَّتِی وَ لَحِقْتُ بِالنَّاسِ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ أَمِیرُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَ كِتَابُ عُمَرَ یَقُولُ: الْحَقِ الرَّجُلَ، فَرَكِبَ سَعْدٌ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْجَبَلِ، فَلَمْ نَتْرُكْ كَهْفاً وَ لَا شِعْباً وَ لَا وَادِیاً إِلَّا الْتَمَسْنَاهُ فِیهِ (5) فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَیْهِ، وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِی نَادَیْتُ (6) بِأَعْلَی صَوْتِی: یَا صَاحِبَ الصَّوْتِ الْحَسَنِ وَ الْوَجْهِ الْجَمِیلِ قَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ كَلَاماً حَسَناً فَأَخْبِرْنَا مَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ أَقْرَرْتُ بِاللَّهِ وَ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (7)، قَالَ: فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ كَهْفِ الْجَبَلِ فَإِذَا شَیْخٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ، لَهُ هَامَةٌ كَأَنَّهَا رَحًی، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (8) قُلْتُ (9): وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ، مَنْ أَنْتَ

ص: 142


1- قال ابن الأثیر فی النّهایة 4- 274: اللّابة: الحرّة، و هی الأرض ذات الحجارة السّود قد ألبستها لكثرتها.
2- لا توجد: ما، فی س.
3- فی المصدر: ذریب، فی ك: وزیب، و توجد نسخة فیه: رزیب. و یأتی فی متن الخبر أیضا.
4- لا توجد فی كنز الفوائد: فیما.
5- لا توجد فی المصدر: فیه.
6- لا توجد: نادیت، فی ك.
7- فی المصدر زیادة: تعالی و وحدانیّته. و لا توجد فیه: و نبیّه صلّی اللّٰه علیه و آله .. و هناك نسخة: و وفد نبیّه.
8- لا توجد فی الكنز: و بركاته.
9- فی ك: فقلت.

یَرْحَمُكَ اللَّهُ؟. قَالَ: أَنَا رزیب (1) بْنُ ثِمْلَا وَصِیُّ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (علیه السلام) كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ لِی الْبَقَاءَ إِلَی نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ وَ قَرَارِی فِی هَذَا الْجَبَلِ، وَ أَنَا مُوصِیكُمْ سَدِّدُوا وَ قَارِبُوا وَ خِصَالًا یَظْهَرُ (2) فِی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ (3)، لِیَقُومَ أَحَدُكُمْ عَلَی نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّی تُطْفَأَ مِنْهُ (4) خَیْرٌ لَهُ مِنَ الْبَقَاءِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ. قَالَ مُعَاوِیَةُ بْنُ فَضْلَةَ (5): قُلْتُ لَهُ: یَرْحَمُكَ اللَّهُ! أَخْبِرْنَا بِهَذِهِ الْخِصَالِ لِنَعْرِفَ ذَهَابَ دُنْیَانَا وَ إِقْبَالَ آخِرَتِنَا؟. قَالَ: نَعَمْ، إِذَا اسْتَغْنَی رِجَالُكُمْ بِرِجَالِكُمْ، وَ اسْتَغْنَتْ نِسَاؤُكُمْ بِنِسَائِكُمْ، وَ انْتَسَبْتُمْ إِلَی غَیْرِ مَنَاسِبِكُمْ، وَ تَوَلَّیْتُمْ إِلَی غَیْرِ مَوَالِیكُمْ، وَ لَمْ یَرْحَمْ كَبِیرُكُمْ صَغِیرَكُمْ، وَ لَمْ یُوَقِّرْ صَغِیرُكُمْ لِكَبِیرِكُمْ، وَ كَثُرَ طَعَامُكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ إِلَّا بِأَغْلَی (6) أَسْعَارِكُمْ، وَ صَارَتْ خِلَافَتُكُمْ فِی صِبْیَانِكُمْ، وَ رَكَنَ عُلَمَاؤُكُمْ إِلَی وُلَاتِكُمْ، فَأَحَلُّوا الْحَرَامَ وَ حَرَّمُوا الْحَلَالَ، وَ أَفْتَوْهُمْ بِمَا یَشْتَهُونَ، وَ اتَّخَذُوا (7) الْقُرْآنَ أَلْحَاناً وَ مَزَامِیرَ فِی أَصْوَاتِهِمْ، وَ مَنَعْتُمْ حُقُوقَ اللَّهِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، وَ لَعَنَ آخِرُ أُمَّتِكُمْ أَوَّلَهَا، وَ زَوَّقْتُمُ الْمَسَاجِدَ، وَ طَوَّلْتُمُ الْمَنَابِرَ (8)، وَ حَلَّیْتُمُ الْمَصَاحِفَ بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ، وَ رَكِبَ نِسَاؤُكُمُ السُّرُوجَ، وَ صَارَ مُسْتَشَارُ أُمُورِكُمْ نِسَاءَكُمْ وَ خِصْیَانَكُمْ، وَ أَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَ عَقَّ وَالِدَیْهِ (9)، وَ ضَرَبَ الشَّابُّ وَالِدَیْهِ (10)، وَ قَطَعَ كُلُّ ذِی رَحِمٍ رَحِمَهُ، وَ بَخِلْتُمْ بِمَا فِی أَیْدِیكُمْ، وَ صَارَتْ أَمْوَالُكُمْ عِنْدَ شِرَارِكُمْ، وَ كَنَزْتُمُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ، وَ شَرِبْتُمُ الْخَمْرَ، وَ لَعِبْتُمْ بِالْمَیْسِرِ، وَ ضَرَبْتُمْ

ص: 143


1- فی المصدر: ذریب.
2- و إیّاكم و خصالا تظهر، جاءت فی الكنز.
3- جاءت كلمة الهرب ثالثا فی ك.
4- خطّ فی ك علی: منه. و فی المصدر: عنه.
5- فی س: نضلة. و فی المصدر: العضلة.
6- فی الكنز: غلاء، بدلا من: بأغلی.
7- فی س: اتّخذوا- بلا واو-.
8- جاءت فی ك نسخة بدل: المنایر.
9- فی المصدر: و جفا والدیه. و ذكر فیه: عقّ، نسخة.
10- فی الكنز: والدته.

بِالْكَبَرِ، وَ مَنَعْتُمُ الزَّكَاةَ وَ رَأَیْتُمُوهَا مَغْرَماً، وَ الْخِیَانَةَ مَغْنَماً، وَ قُتِلَ الْبَرِی ءُ لتعتاظ [لِتَغْتَاظَ] (1) الْعَامَّةُ بِقَتْلِهِ، وَ اختسلت [اخْتُلِسَتْ قُلُوبُكُمْ فَلَمْ یَقْدِرْ أَحَدٌ مِنْكُمْ یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا یَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ قَحَطَ الْمَطَرُ فَصَارَ قَیْظاً، وَ الْوَلَدُ غَیْظاً، وَ أَخَذْتُمُ الْعَطَاءَ فَصَارَ فِی السِّقَاطِ (2)، وَ كَثُرَ أَوْلَادُ الْخَبِیثَةِ یَعْنِی الزِّنَا-، وَ طُفِّفَتِ الْمِكْیَالُ، وَ كَلِبَ عَلَیْكُمْ عَدُوُّكُمْ، (3) وَ ضَرَبْتُمْ بِالْمَذَلَّةِ، وَ صِرْتُمْ أَشْقِیَاءَ، وَ قَلَّتِ الصَّدَقَةُ حَتَّی یَطُوفَ الرَّجُلُ مِنَ الْحَوْلِ إِلَی الْحَوْلِ مَا یُعْطَی (4) عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَ كَثُرَ الْفُجُورُ، وَ غَارَتِ الْعُیُونُ، فَعِنْدَهَا نَادَوْا فَلَا جَوَابَ لَهُمْ، یَعْنِی دَعَوْا فَلَمْ یُسْتَجَبْ لَهُمْ.

قال الكراجكی رحمه اللّٰه (5): اعلم أیّدك اللّٰه (6): إنّ قوله فی هذا الخبر:

و لعن آخر أمّتكم أوّلها ممّا یظن الناصبی أنّ فیه طعنا علینا، لما نحن فیه (7) من ذمّ الظالمین(8) بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و ذلك ظنّ فاسد، لأنّا إنّما نلعن من ثبت عندنا ظلمه، و قد لعن اللّٰه تعالی الظالمین فی كتابه، فقال: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ) (9) و أخبر (10) النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله بأنّ من أصحابه من یغیر بعده و یبدّل و یغوی و یفتن و یضلّ و یظلم و یستحقّ العقاب الألیم و الخلود فی الجحیم.

فَمِمَّا رُوِیَ (11) عَنْهُ (12) فِی ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِأَصْحَابِهِ: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ

ص: 144


1- العبارة مشوّشة جدّا فی س، و فی حاشیته: لیستعط، و رمز لها برمز الاستظهار.
2- الكلمة مشوّشة فی س.
3- زیادة: و ضربتم بالذّلّة، جاءت فی المصدر.
4- فی س: یعطی- بدون ما-.
5- فی كنز الفوائد- الحجریّة-: 60- 61.
6- زیادة: تعالی، جاءت فی المصدر.
7- فی المصدر: علیه، بدلا من: فیه.
8- فی س: المعطّلین، و فی الكنز: المعتلّین.
9- هود: 18.
10- فی ك: و أخبره. و قد أوردنا جملة من الروایات فی أوّل تحقیقنا للكتاب.
11- فی المصدر: رووا- بصیغة الجمع-.
12- كما فی صحیح البخاریّ 13- 255 كتاب الاعتصام باب قول النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله: لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم، و كتاب الأنبیاء باب ما ذكر عن بنی إسرائیل، و صحیح مسلم كتاب العلم باب اتّباع سنن الیهود و النّصاری حدیث 2669، و أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول 10- 35 حدیث 7493، و ذكر فیه مائة روایة بمضامین متعدّدة فی هذا الباب، فراجع.

مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّی لَوْ دَخَلُوا فِی جُحْرِ (1) ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ. فَقَالُوا: یَا رَسُولَ اللَّهِ! الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی؟. قَالَ: فَمَنْ إِذَنْ؟!..

وَ قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: وَ قَدْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ-: أَلَا وَ إِنِّی (2) لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أَخْوَفُ مِنِّی لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ..

وَ قَوْلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّكُمْ لَمَحْشُورُونَ (3) یَوْمَ الْقِیَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً، وَ إِنَّهُ سَیُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِی فَیُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: یَا رَبِّ أَصْحَابِی!.

فَیُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ یَزَالُوا(4) مُرْتَدِّینَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ (5).

وَ قَوْلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا لَأُخْبِرَنَّكُمْ تَرْتَدُّونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ (6) رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا إِنِّی قَدْ شَهِدْتُ وَ غِبْتُمْ (7).

وَ قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ-: أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ یَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَی (8).

ص: 145


1- قد تقرأ فی مطبوع البحار: فی حجر- بتقدیم الحاء المهملة علی الجیم-.
2- فی الكنز: لا فإنّی.
3- فی المصدر: إنّكم محشورون إلی اللّٰه.
4- فی الكنز: لا یزالوا.
5- و أورد البخاریّ فی صحیحه كتاب الأنبیاء حدیث 8 و 48، و فی تفسیر الآیة الرّابعة عشر من سورة المائدة، و كتاب الرّقاق: 45، و مسلم فی صحیحه كتاب الجنّة: 58، و التّرمذیّ فی سننه كتاب القیامة: 3، و تفسیر الآیة الرّابعة من سورة الأنبیاء، و النّسائیّ فی سننه كتاب الجنائز: 119، و أحمد فی المسند 1- 235، 253، 258.
6- لا توجد: بعضكم، فی س.
7- انظر: المجلّد الأوّل من كتاب الغدیر، فقد فصّل القول فی الواقعة سندا و متنا و أشبعه مصدرا و استدلالا.
8- كما جاء فی صحیح مسلم كتاب الإیمان: 186، و مسند أحمد 1- 189، و 2- 304، 372، 390، 408، 416، 523، و 3- 453 و غیرها، و كتاب الفتن من سنن أبی داود و التّرمذیّ و ابن ماجة و النّسائیّ، و قد سلف منّا جملة مصادر فی أوّل بحثنا.

وَ قَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: یَكُونُ لِأَصْحَابِی بَعْدِی ذِلَّةٌ(1) یَعْمَلُ بِهَا قَوْمٌ یُكِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی النَّارِ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ.

وَ حَدَّثَنِی مِنْ طَرِیقِ الْعَامَّةِ عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حِمَاسٍ بِمَدِینَةِ الرَّمْلَةِ، عَنْ أَبِی الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ قُتَیْبَةَ الْعَسْقَلَانِیِّ، عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَبْدِ (3) أَبِی الْحَسَنِ الْحَذَّاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْیَرٍ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِیٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرَّةَ، عَنْ فُلَانَةَ الْحَرَمِیِّ (4)، عَنْ أَبِی مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیِّ، عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ (5) الْجَرَّاحِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِلِحْیَتِی وَ أَنَا أَعْرِفُ الْحَزَنَ فِی وَجْهِهِ-، فَقَالَ: یَا عُمَرُ! إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (6)، أَتَانِی جَبْرَئِیلُ آنِفاً فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ (7)، فَقُلْتُ:

أَجَلْ، فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ، فَمِمَّ ذَاكَ یَا جَبْرَئِیلُ؟. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ مُفْتَتِنَةٌ (8) بَعْدَكَ بِقَلِیلٍ مِنَ الدَّهْرِ غَیْرِ كَثِیرٍ. فَقُلْتُ: فِتْنَةَ كُفْرٍ أَوْ فِتْنَةَ ضَلَالَةٍ؟. قَالَ: كُلٌّ سَیَكُونُ. فَقُلْتُ: وَ مِنْ أَیْنَ ذَلِكَ وَ أَنَا تَارِكٌ فِیهِمْ كِتَابَ اللَّهِ؟. قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ یُضَلُّونَ، وَ أَوَّلُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أُمَرَائِهِمْ وَ قُرَّائِهِمْ، یَمْنَعُ الْأُمَرَاءُ الْحُقُوقَ فَیَسْأَلُ النَّاسُ حُقُوقَهُمْ فَلَا یُعْطُونَهَا فَیَفْتَتِنُوا وَ یَقْتَتِلُوا، وَ یَتَّبِعُوا الْقُرَّاءُ هَوَی(9) الْأُمَرَاءِ فَیَمُدُّونَهُمْ فِی الْغَیِّ ثُمَّ لَا یَقْصُرُونَ. فَقُلْتُ: یَا جَبْرَئِیلُ! فَبِمَ یَسْلَمُ مَنْ یَسْلَمُ مِنْهُمْ؟. قَالَ:

ص: 146


1- فی المصدر: زلّة.
2- فی الكنز: أبو محمّد عبد اللّٰه ..
3- جاء فی المصدر: عبید.
4- فی المصدر: عن عمر بن ذوة عن قلابة الحرمیّ.
5- لا توجد: بن، فی الكنز، و التّاء من كلمة: عبیدة فی ك.
6- البقرة: 156.
7- البقرة: 156.
8- فی س: مفتنة.
9- فی المصدر: فلیفتنوا فیفتتنوا و یقتلوا یتبع القرّاء هؤلاء ..

بِالْكَفِّ وَ الصَّبْرِ، إِنْ أُعْطُوا الَّذِی لَهُمْ أَخَذُوهُ وَ إِنْ مَنَعُوهُ (1) تَرَكُوهُ.

فهذا بعض ما ورد من الأخبار فی أنّه كان بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله من ضلّ و أضلّ، و ظلم و غشم، و وجب البراءة منه من (2) فعله، فأمّا الوجه (3) الذی یجب أن یحمل علیه (4) ما تضمّنه الخبر الذی أوردناه من قوله (صلی اللّٰه علیه و آله): و لعن آخر أمّتكم أوّلها، فهو ما استحلّه الظالمون المبغضون لأمیر المؤمنین علیه السلام من لعنه و المجاهرة بسبّه و ذمّه. قلت (5): فلسنا نشكّ فی أنّه قد برئت (6) منه الخوارج و لعنه معاویة و من بعده من بنی أمیّة علی المنابر، و تقرّب أكثر الناس إلی ولاة الجور بذمّه، و نشأ أولادهم علی سماع البراءة منه و سبّه..

ص: 147


1- فی الكنز: منعوهم- بضمیر الجمع-.
2- فی ك: فی، بدلا من كلمة: من.
3- فی الكنز زیادة: فی اللعن.
4- لا توجد: علیه، فی س.
5- لا توجد فی المصدر: قلت، و وضع علیها رمز نسخة بدل فی ك.
6- فی الكنز: قد تبرّأت.

ص: 148

[25] باب تفصیل مثالب عثمان و بدعه و الاحتجاج بها علی المخالفین بما رووه فی كتبهم و بعض أحواله

الطعن الأول:

أنّه ولّی أمور المسلمین من لا یصلح لذلك و لا یؤتمن علیه، و من ظهر منه الفسق و الفساد، و من لا علم له، مراعاة لحرمة القرابة، و عدولا عن مراعاة حرمة الدین و النظر للمسلمین، حتّی ظهر ذلك منه و تكرّر، و قد كان عمر حذّره من ذلك حیث وصفه بأنّه كلّف بأقاربه، و قال له: إذا ولیت هذا الأمر فلا تحمل بنی أبی معیط علی رقاب الناس (1) فوقع منه ما حذّره إیّاه، و عوتب علیه فلم ینفع العتب، و ذلك نحو استعماله الولید بن عقبة (2)و تقلیده إیّاه حتّی ظهر منه شرب الخمر، و استعماله سعید بن العاص (3) حتی ظهرت منه الأمور التی عندها أخرجه

ص: 149


1- كما ذكره البلاذری فی الأنساب 5- 16 و 30، و ابن سعد فی الطبقات 3- 247، و الطبریّ فی الریاض النضرة 2- 76، و القاضی أبو یوسف فی الآثار: 217، و غیرهم فی غیرها.
2- انظر ترجمته فی: الإصابة 3- 637- 638 برقم 9147، و الاستیعاب المطبوع بهامش الإصابة 3- 631- 637، و معرفة علوم الحدیث للحاكم: 193، و الأعلام 8- 122 و غیرها.
3- انظر ترجمته فی: الإصابة 2- 47- 48 برقم 3268، و الاستیعاب 2- 8- 11 هامش الإصابة، و طبقات ابن سعد 5- 19، و تهذیب ابن عساكر 6- 131- 145، و تاریخ الإسلام 2- 266، و غیرها.

أهل الكوفة، و تولیه عبد اللّٰه بن أبی سرح (1) و عبد اللّٰه بن عامر بن كریز (2)، حتی روی عنه فی أمر ابن أبی صرح(3)أنّه لما تظلّم منه أهل مصر و صرفه عنهم بمحمد بن أبی بكر كاتبه بأن یستمر علی ولایة (4) و أبطن خلاف ما أظهر، و هذه (5) طریقة من غرضه خلاف الدین. و روی أنّه كاتبه بقتل محمد بن أبی بكر و غیره ممّن یرد علیه، و ظفر بذلك الكتاب، و لذلك عظم التظلّم من بعد و كثر الجمع، و كان ذلك سبب الحصار و القتل، و حتی كان من أمر مروان و تسلّطه علیه و علی أموره ما قتل بسببه (6) و لا یمكن أن یقال: إنّه لم یكن عالما بأحوال هؤلاء الفسقة، فإنّ الولید كان فی جمیع أحواله من المجاهرین بالفجور و شرب الخمور، و كیف یخفی علی عثمان، و هو قریبه و لصیقه و أخوه لأمّه؟!، و لذا قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فِی رِوَایَةِ الْوَاقِدِیِّ (7) وَ قَدْ دَخَلَ الْكُوفَةَ: یَا أَبَا وَهْبٍ (8)! أَمِیرٌ أَمْ زَائِرٌ؟. قَالَ: بَلْ أَمِیرٌ.

ص: 150


1- هذا هو عبد اللّٰه بن سعد [سعید] بن أبی سرح أخو عثمان من الرضاعة، و كان والیا علی البصرة. انظر ترجمته فی: أسد الغابة 3- 173، و البدایة و النهایة 7- 250، و الكامل لابن الأثیر 3- 114، و النجوم الزاهرة 1- 94- 97 و غیرها.
2- و هو ابن خال عثمان، لأنّ أمّ عثمان أروی بنت كریز، كما فی تاریخ الإسلام 2- 266، و طبقات ابن سعد 5- 30- 35، و الكامل لابن الأثیر 3- 206 و غیرها. و انظر ترجمته فی: الإصابة 3- 61 ترجمة 6175، و تهذیب التهذیب 5- 273، و تیسیر الوصول 1- 265.
3- فی س: سریح. و الظاهر: سرح.
4- كذا، و الظاهر: الولایة- بالألف و اللام- أو: ولایته.
5- فی س: هذا.
6- قد تعرّض شیخنا الأمینی- رحمه اللّٰه- فی الغدیر 9- 168- 217 إلی قضیّة الحصار الأول و الثانی و مقتله مفصّلا، فراجع.
7- كما حكاها السّیّد فی الشّافی 4- 251، و تلخیص الشّافی 4- 75، و أورد الرّوایة البلاذریّ فی الأنساب 5- 29.
8- هذه كنیة الولید.

فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَدْرِی أَ حَمِقْتُ بَعْدَكَ أَمْ كِسْتَ (1) بَعْدِی؟!. فَقَالَ: مَا حَمِقْتَ بَعْدِی وَ لَا كِسْتُ (2) بَعْدَكَ، وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ مَلِكُوا فَاسْتَأْثَرُوا (3). فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَرَاكَ إِلَّا صَادِقاً.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی (4): أَنَّ الْوَلِیدَ لَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ مَرَّ عَلَی مَسْجِدِ (5) عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ النَّخَعِیِّ (6) فَوَقَفَ، فَقَالَ عَمْرٌو: یَا مَعْشَرَ بَنِی أَسَدٍ! بِئْسَ مَا اسْتَقْبَلَنَا بِهِ أَخُوكُمْ ابْنُ عَفَّانَ، أَ مِنْ عَدْلِهِ أَنْ یَنْزِعَ عَنَّا ابْنَ أَبِی وَقَّاصٍ الْهَیِّنَ اللَّیِّنَ السَّهْلَ الْقَرِیبَ وَ یَبْعَثَ عَلَیْنَا بَدَلَهُ (7) أَخَاهُ الْوَلِیدَ الْأَحْمَقَ الْمَاجِنَ الْفَاجِرَ قَدِیماً وَ حَدِیثاً؟! وَ اسْتَعْظَمَ النَّاسُ مَقْدَمَهُ، وَ عُزِلَ سَعْدٌ بِهِ، وَ قَالُوا: أَرَادَ عُثْمَانُ كَرَامَةَ أَخِیهِ بِهَوَانِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (8).

و قال ابن عبد البرّ فی الإستیعاب (9) فی ترجمة الولید: أمّه أروی بنت كریز ابن ربیعة بن حبیب بن عبد شمس، أمّ عثمان بن عفّان، و الولید (10) بن عقبة أخو عثمان لأمّه یكنّی: أبا وهب، أسلم یوم فتح (11) مكة، و ولّاه عثمان بالكوفة و عزل عنها سعد بن أبی وقّاص، فلمّا قدم الولید علی سعد قال له سعد: و اللّٰه ما أدری

ص: 151


1- فی الشّافی: كیّست، و هو ضدّ الحمق. و فی التّلخیص: أم كنت.
2- فی الشّافی: كیّست، و فی التّلخیص: و لا كنت.
3- فی تلخیص الشّافی زیادة: و ملكنا فاستأثرنا.
4- كما حكاها السّیّد فی الشّافی 4- 251، و أورده الشّیخ فی تلخیصه 4- 75 باختلاف یسیر.
5- فی الشّافی و تلخیصه: مجلس، و فی ك: مجلسی، نسخة بدل.
6- فی تلخیص الشّافی للشّیخ الطّوسیّ: اللّخمیّ، بدلا من: النّخعیّ.
7- لا توجد فی المصدر: بدله.
8- و قد جاء أیضا فی أنساب البلاذریّ 5- 32- 33.
9- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 3- 631.
10- فی المصدر: فالولید.
11- فی المصدر زیادة: هو و أخوه خالد بن عقبة. أقول: هنا سقط كثیر و إن كان ظاهر العبارة هو الاتصال، و فیه: ثم ولاه عثمان.

أ كست (1) بعدنا أم حمقنا بعدك؟!. فقال: لا تجزعنّ أبا إسحاق، فإنّما هو الملك یتغدّاه قوم و یتعشّاه آخرون. فقال سعد: أراكم و اللّٰه ستجعلونها ملكا.

قال (2): وَ رَوَی جَعْفَرُ بْنُ سُلَیْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِیرِینَ، قَالَ (3): لَمَّا قَدِمَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ أَمِیراً عَلَی الْكُوفَةِ أَتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟. قَالَ: جِئْتُ أَمِیراً. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا أَدْرِی أَ صَلَحْتَ بَعْدَنَا أَمْ فَسَدَ النَّاسُ؟!.

و له أخبار (4) فیها نكارة و شناعة تقطع علی سوء (5) حاله و قبح أفعاله (6) غفر اللّٰه لنا و له (7) فلقد كان من رجال قریش ظرفا و حلما و شجاعة و أدبا، و كان من الشعراء المطبوعین (8)، كان الأصمعی و أبو عبیدة و ابن الكلبی و غیرهم یقولون:

كان الولید بن عقبة فاسقا شریب خمر، و كان شاعرا كریما (9) أخباره فی شرب الخمر و منادمته أبا زبید الطائی كثیرة مشهورة(10) یسمج بنا ذكرها هاهنا، و نذكر منها طرفا (11).

ص: 152


1- فی الاستیعاب: أ كبت. أقول: الكبت: الصرف و الإذلال، كما فی الصحاح 1- 262، و النهایة 4- 138، و القاموس 1- 155، و مجمع البحرین 2- 216. و الكیس: العقل و الفطنة و جودة القریحة، كما فی مجمع البحرین 4- 101 و غیره.
2- قاله ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 3- 633- 634- هامش الإصابة-.
3- لا توجد: قال، فی المصدر.
4- هذا استمرار لكلام صاحب الاستیعاب.
5- فی س: سواد.
6- فی س: قبح حاله أحواله. و لعلّ إحداهما نسخة بدل.
7- لا توجد: و له، فی س.
8- فی س: مطبوغین. و لعلّها سهو.
9- فی المصدر زیادة: قال أبو عمر.
10- فی الاستیعاب: مشهورة كثیرة- بتقدیم و تأخیر-.
11- فی مطبوع البحار: ظرفا.

ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَیْبَةَ (1)بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: صَلَّی الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ صَلَاةَ الصُّبْحِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ، فَقَالَ:

أَزِیدُكُمْ؟!. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا مَعَكَ فِی زِیَادَةٍ مُنْذُ الْیَوْمِ.

قَالَ: وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَیْدٍ، عَنْ (2) جَرِیرٍ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِیِّ فِی حَدِیثِ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ حِینَ شَهِدُوا عَلَیْهِ-، فَقَالَ الْحُطَیْئَةُ (3):

شَهِدَ الْحُطَیْئَةُ یَوْمَ یَلْقَی رَبَّهُ***إِنَّ الْوَلِیدَ أَحَقُّ بِالْعُذْرِ

نَادَی وَ قَدْ تَمَّتْ (4) صَلَاتُهُمْ*** أَ أَزِیدُكُمْ سُكْراً وَ مَا یَدْرِی؟

فَأَبَوْا أَبَا وَهْبٍ وَ لَوْ أَذِنُوا (5)*** لَقَرَنْتُ بَیْنَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ

وَ ذَكَرَ أَبْیَاتاً أُخَرَ فِی ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ (6): وَ خَبَرَ صَلَاتِهِ بِهِمْ (7) سَكْرَانَ. و قوله لهم: أزیدكم؟ بعد أن صلّی الصبح أربعا مشهور من روایة الثقات من نقل أهل الحدیث و أهل الأخبار.

ثم قال (8):

وَ لَا خِلَافَ بَیْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِیلِ الْقُرْآنِ فِیمَا عَلِمْتُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَی (9): (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا)(10) نَزَلَتْ فِی الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] إِلَی بَنِی الْمُصْطَلِقِ مُصَدِّقاً فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ (11)

ص: 153


1- فی المصدر: شبّة.
2- فی الاستیعاب: قال، بدلا من: عن.
3- هو جرول بن أوس بن مالك العبسیّ.
4- فی الأنساب للبلاذری: نفدت. و ما فی الأغانی كالمتن.
5- و فی بعض المصادر: و لو فعلوا.
6- أی ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 3- 634 المطبوع بهامش الإصابة.
7- هنا زیادة: و هو، جاءت فی المصدر.
8- فی الاستیعاب 3- 632. و حكاه عنه ابن الأثیر فی أسد الغابة 5- 90.
9- فی المصدر: عزّ و جلّ، بدل: تعالی.
10- الحجرات: 6.
11- لا توجد: أنّهم، فی س.

ارْتَدُّوا وَ أَبَوْا مِنْ أَدَاءِ الصَّدَقَةِ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا إِلَیْهِ فَهَابَهُمْ (1) وَ لَمْ یَعْرِفْ مَا عِنْدَهُمْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ وَ أَخْبَرَ بِمَا ذَكَرْنَا، فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَتَثَبَّتَ فِیهِمْ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِالْإِسْلَامِ وَ نَزَلَتِ ... الْآیَةُ.

و روی عن مجاهد و قتادة مثل ما ذكرنا.

وَ عَنِ (2)

ابْنِ أَبِی لَیْلَی فِی قَوْلِهِ (3) تَعَالَی(4): (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ..) (5) قَالَ: نَزَلَتْ فِی الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ.

وَ مِنْ حَدِیثِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ (6): (أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ) (7).

انتهی كلام ابن عبد البرّ (8).

وَ قَالَ الْمَسْعُودِیُّ فِی مُرُوجِ الذَّهَبِ (9): كَانَ عُمَّالُهُ عَلَی أَعْمَالِهِ (10) جَمَاعَةً مِنْهُمُ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ (11) عَلَی الْكُوفَةِ، وَ هُوَ مِمَّنْ

أَخْبَرَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] أَنَّهُ مِنْ

ص: 154


1- فی س: فهاجمهم.
2- ذكر ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 3- 632- 633 الإسناد مفصّلا و حذفه هنا.
3- فی ك: و قوله.
4- جاءت: عزّ و جلّ، بدلا من: تعالی، فی المصدر.
5- الحجرات: 6.
6- فی قصّة ذكرها فی المصدر.
7- السّجدة: 18.
8- و أخرج الطبریّ فی تفسیره 21- 62 بإسناده، عن عطاء بن یسار، قال: كان بین الولید و علیّ كلام، فقال الولید: أنا أبسط منك لسانا، و أحدّ منك سنانا، و أردّ منك للكتیبة. فقال علیّ: اسكت، فأنت فاسق فأنزل اللّٰه فیهما: « أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً» .. الآیة. و قریب منه ما فی الأغانی 4- 185، و تفسیر الخازن 3- 470، و أسباب النزول: 263، و الریاض للطبری 2- 206، و ذخائر العقبی: 88، و مناقب الخوارزمی: 188، و كفایة الكنجی: «55»- و تفسیر النیشابوری، و نظم درر السمطین و غیرها كثیر.
9- مروج الذّهب 2- 334- 337.
10- لا توجد: علی أعماله، فی المصدر.
11- جاء فی حاشیة ك: عقبة بن أبی معیط. مروج. و هی كذلك فی المصدر.

أَهْلِ النَّارِ.

، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی سَرْحٍ عَلَی مِصْرَ، وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی الشَّامِ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَلَی الْبَصْرَةِ، وَ صَرَفَ عَنِ الْكُوفَةِ الْوَلِیدَ (1) وَ وَلَّاهَا سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ.

وَ كَانَ السَّبَبُ فِی صَرْفِ الْوَلِیدِ (2) عَلَی مَا رُوِیَ أَنَّهُ (3) كَانَ یَشْرَبُ مَعَ نُدَمَائِهِ وَ مُغَنِّیهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ إِلَی الصَّبَاحِ، فَلَمَّا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ خَرَجَ مُتَفَضِّلًا (4) فِی غَلَائِلِهِ (5)، فَتَقَدَّمَ عَلَی (6) الْمِحْرَابِ فِی صَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّی بِهِمْ أَرْبَعاً، وَ (7) قَالَ: أَ تُرِیدُونَ أَنْ أَزِیدَكُمْ؟!. وَ قِیلَ: إِنَّهُ قَالَ فِی سُجُودِهِ وَ قَدْ أَطَالَ الشَّرَابَ (8) فَاسْقِنِی، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ (9): مَا تَزِیدُ (10)؟ لَا زَادَكَ اللَّهُ بِخَیْرٍ، وَ اللَّهِ مَا أَعْجَبُ إِلَّا مِمَّنْ بَعَثَكَ إِلَیْنَا وَالِیاً، وَ عَلَیْنَا أَمِیراً، وَ كَانَ هَذَا الْقَائِلُ عَتَّابَ بْنَ غَیْلَانَ (11) الثَّقَفِیَّ(12) وَ خَطَبَ النَّاسَ الْوَلِیدُ فَحَصَبَهُ (13) النَّاسُ بِحَصَی الْمَدِینَةِ (14)، وَ شَاعَ بِالْكُوفَةِ فِعْلُهُ وَ ظَهَرَ فِسْقُهُ وَ مُدَاوَمَتُهُ شُرْبَ الْخَمْرِ، فَهَجَمَ عَلَیْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُمْ أَبُو

ص: 155


1- فی مروج الذّهب زیادة: بن عقبة.
2- فی المصدر زیادة: بن عقبة و ولایة سعید.
3- فی المروج: أنّ الولید.
4- فی س: منفضلا.
5- جاء فی حاشیة ك: منفضلا فی غلالته. مروج. و فی المصدر: متفضّلا فی غلائلة.
6- كذا. و فی المصدر: إلی، و هو الظّاهر.
7- وضع علی الواو فی ك رمز نسخة بدل.
8- فی ك نسخة بدل: الشّرب. و فی مروج الذّهب: اشرب و اسق و اسقنی.
9- فی نسخة بدل جاءت فی ك: حاضر خلفه. و فی المصدر: خلفه فی الصّفّ الأوّل.
10- فی س: ترید. و فی المصدر: من الخیر، بدلا من: بخیر، و لا أعجب، بدلا من: ما أعجب.
11- جاءت فی مروج الذّهب: عیلان- بالعین المهملة-.
12- فی ك نسخة بدل: الأسدیّ.
13- جاء فی حاشیة ك: و حصب النّاس الولید بحصی المسجد .. مروج. حصب: أی رمی.
14- فی مروج الذّهب: بحصباء المسجد. و هنا سقط كثیر راجع المصدر. و فیه: و أشاعوا.

زَیْنَبَ بْنُ عَوْفٍ الْأَزْدِیُّ وَ أَبُو (1) جُنْدَبِ بْنُ زُهَیْرٍ الْأَزْدِیُّ وَ غَیْرُهُمَا (2) فَوَجَدُوهُ (3) سَكْرَاناً مُضْطَجِعاً عَلَی سَرِیرِهِ لَا یَعْقِلُ (4)، فَأَیْقِظُوهُ مِنْ رَقْدَتِهِ فَلَمْ یَسْتَیْقِظْ، ثُمَّ تَقَیَّأَ عَلَیْهِمْ مَا شَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَانْتَزَعُوا خَاتَمَهُ مِنْ یَدِهِ وَ خَرَجُوا مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَی الْمَدِینَةِ، فَأَتَوْا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَشَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّ (5) الْوَلِیدَ أَنَّهُ (6)یَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ مَا یُدْرِیكُمْ أَنَّ (7) مَا شَرِبَ خَمْرٌ (8)؟. فَقَالُوا: هُوَ الْخَمْرَةُ الَّتِی كُنَّا نَشْرَبُ (9)فِی الْجَاهِلِیَّةِ، وَ أَخْرَجَا خَاتَمَهُ فَدَفَعَاهُ إِلَیْهِ فَزَبَرَهُمَا (10) وَ دَفَعَ فِی صُدُورِهِمَا، وَ قَالَ: تَنَحَّیَا عَنِّی!. فَخَرَجَا وَ أَتَیَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَاهُ (11) بِالْقِصَّةِ، فَأَتَی عُثْمَانَ وَ هُوَ یَقُولُ: دَفَعْتَ الشُّهُودَ وَ أَبْطَلْتَ الْحُدُودَ؟!. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: فَمَا تَرَی؟. قَالَ: أَرَی أَنْ تَبْعَثَ إِلَی صَاحِبِكَ (12)، فَإِنْ أَقَامَا الشَّهَادَةَ عَلَیْهِ فِی وَجْهِهِ وَ لَمْ یُدْلِ(13)بِحُجَّةٍ أَقَمْتَ عَلَیْهِ الْحَدَّ، فَلَمَّا حَضَرَ الْوَلِیدُ دَعَاهُمَا (14) فَأَقَامَا الشَّهَادَةَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُدْلِ (15) بِحُجَّةٍ، فَأَلْقَی عُثْمَانُ السَّوْطَ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ

ص: 156


1- لا توجد: أبو، فی المصدر.
2- فی س: و غیرهم.
3- جاء فی س: فوجدوهم. و لعلّه سهو.
4- فی س: و لا یعقل.
5- وضع علی: أنّ، رمز نسخة بدل فی ك. و فی المصدر بدلا عنها: علی.
6- لا توجد فی س: أنّه.
7- فی ك نسخة بدل: أنّه.
8- فی نسخة جاءت فی ك: خمرا. و العبارة فی المصدر هكذا: و ما یدریكما أنّه شرب خمرا.
9- فی المصدر: كنّا نشربها. و فی ك نسخة بدل: كنّا نشربه.
10- فی مروج الذّهب: فزجرهما.
11- جاءت فی المصدر: و أخبراه.
12- زیادة: فتحضره، جاءت فی مروج الذّهب. و قد جاءت فی حاشیة ك أیضا.
13- فی حاشیة ك: و لم یدرأ بنفسه. مروج. و فی المصدر: و لم یدرأ عن نفسه ..
14- جاءت هنا زیادة: عثمان، فی مروج الذّهب.
15- فی ك: فلم یدل.

عَلِیٌّ (1) لِابْنِهِ الْحَسَنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ: قُمْ یَا بُنَیَّ! فَأَقِمْ عَلَیْهِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ.

فَقَالَ: یَكْفِینِیهِ بَعْضُ مَنْ تَرَی، فَلَمَّا نَظَرَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2)إِلَی امْتِنَاعِ الْجَمَاعَةِ عَنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَیْهِ تَوَقِّیاً لِغَضَبِ عُثْمَانَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ أَخَذَ عَلِیٌّ السَّوْطَ (3)وَ دَنَا مِنْهُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ نَحْوَهُ سَبَّهُ الْوَلِیدُ، وَ قَالَ: یَا صَاحِبُ مُكْثٍ (4)!. فَقَالَ عَقِیلُ (5) بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ كَانَ فِیمَنْ (6) حَضَرَ-: إِنَّكَ لَتَتَكَلَّمُ یَا ابْنَ أَبِی مُعَیْطٍ كَأَنَّكَ لَا تَدْرِی مَنْ أَنْتَ؟ وَ أَنْتَ عِلْجٌ مِنْ أَهْلِ صَفُّورِیَةَ (7).. كَانَ ذُكِرَ أَنَّ (8) أَبَاهُ (9) یَهُودِیٌّ (10) مِنْهَا، فَأَقْبَلَ الْوَلِیدُ یَرُوغُ (11) مِنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَاجْتَذَبَهُ (12) وَ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ وَ عَلَاهُ بِالسَّوْطِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: لَیْسَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ هَذَا؟. قَالَ: بَلَی(13) وَ شَرٌّ (14) مِنْ هَذَا، إِذَا فَسَقَ وَ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ (15) أَنْ یُؤْخَذَ مِنْهُ، فَوَلَّی (16) سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ، فَلَمَّا

ص: 157


1- لا توجد فی س لفظ: علیّ.
2- لا توجد: علیّ علیه السّلام، فی المصدر.
3- فی س: أخذ السّوط. من دون لفظ: علیّ.
4- جاءت فی حاشیة ك: مكمن. مروج. و فی المصدر: مكس، و المكث- بالضّمّ-: الانتظار، أو الإقامة مع الانتظار، و فیها تعریض كما لا یخفی.
5- فی ك: علی، بدلا من: عقیل. و فیه نسخة بدل: عقیل. و الظّاهر ما أثبتناه.
6- فی المصدر: ممّن.
7- هنا سقط جاء فی مروج الذّهب، فراجع.
8- خ. ل: ذكران.
9- فی س: إیّاه.
10- فی المصدر: كان یهودیّ ..
11- یروغ .. أی یحید و یمیل.
12- فی المصدر زیادة: علیّ.
13- فی مروج الذّهب: بل.
14- جاءت فی ك: و شرّا.
15- فی المصدر: اللّٰه تعالی.
16- فی مروج الذّهب: و ولّی الكوفة بعده .. و جاء فی حاشیة ك: فولّی الكوفة بعده .. مروج.

دَخَلَ سَعِیدٌ الْكُوفَةَ(1) أَبَی أَنْ یَصْعَدَ الْمِنْبَرَ إِلَّا أَنْ (2) یُغْسَلَ وَ أَمَرَ بِغَسْلِهِ، وَ قَالَ: إِنَّ الْوَلِیدَ كَانَ نَجِساً رَجِیماً (3)، فَلَمَّا اتَّصَلَتْ أَیَّامُ سَعِیدٍ بِالْكُوفَةِ ظَهَرَتْ مِنْهُ أُمُورٌ أُنْكِرَتْ عَلَیْهِ وَ ابْتَزَّ (4) الْأَمْوَالَ، وَ قَالَ فِی بَعْضِ الْأَیَّامِ أَوْ أَنَّهُ كَتَبَ (5) إِلَی عُثْمَانَ: إِنَّمَا هَذِهِ (6) السَّوَادُ قَطِینٌ (7) لِقُرَیْشٍ. فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ: أَ تَجْعَلُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْنَا بِسُیُوفِنَا (8) وَ مَرَاكِزِ رِمَاحِنَا بُنْیَاناً (9) لَكَ وَ لِقَوْمِكَ؟ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی عُثْمَانَ فِی سَبْعِینَ رَاكِباً فَذَكَرَ (10) سُوءَ سِیرَةِ سَعِیدٍ وَ سَأَلُوهُ عَزْلَهُ، وَ مَكَثَ (11) الْأَشْتَرُ وَ أَصْحَابُهُ أَیَّاماً لَا یَخْرُجُ إِلَیْهِمْ (12) مِنْ عُثْمَانَ فِی سَعِیدٍ شَیْ ءٌ، وَ اتَّصَلَتْ (13) (14) أَیَّامُهُمْ بِالْمَدِینَةِ .. إِلَی آخِرِ الْقِصَّةِ.

وَ رَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ قِصَّةَ شُرْبِ الْوَلِیدِ، وَ قَالَ: الصَّحِیحُ أَنَّ الَّذِی جَلَدَهُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ.

و روی ابن أبی الحدید فی شرح النهج (15) روایات عدیدة فی قصّة الولید

ص: 158


1- زیادة: والیا، جاءت فی المصدر.
2- فی المروج: حتّی، بدلا من: إلّا أن.
3- فی حاشیة ك: رجسا نجسا. مروج. و فی المصدر: نجسا رجسا.
4- الكلمة مشوّشة فی س. و جاء فی حاشیة ك: و استبدّ. مروج. و لا توجد فی المصدر: أنكرت علیه. و فیه: فاستبدّ بالأموال.
5- فی مروج الذّهب: كتب به، بدلا من: أنّه كتب.
6- فی المصدر: هذا.
7- جاءت فی س: قصر.
8- فی مروج الذّهب: بظلال سیوفنا. و كذا جاءت فی حاشیة ك أیضا.
9- خ. ل: بستانا. و كذا جاءت فی المصدر.
10- فی المصدر: راكبا من أهل الكوفة فذكروا.
11- فی س: و مكثا. و فی مروج الذّهب: و سألوا عزله عنهم فمكث.
12- فی المصدر: لهم، بدلا من: إلیهم.
13- فی مروج الذّهب: و امتدّت.
14- الكامل 3- 53.
15- شرح النهج لابن أبی الحدید 17- 227- 245، و انظر فیه: 3- 12 و 17 و 18، و 4- 81، و 6- 269.

و شربه الخمر و نزول الآیة فیه .. و غیر ذلك حكاها عن كتاب الأغانی (1) لأبی الفرج الأصفهانی.

و منها:

مَا رَوَاهُ أَبُو الْفَرَجِ (2) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنَّ امْرَأَةَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ جَاءَتْ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ تَشْتَكِی إِلَیْهِ الْوَلِیدَ، وَ قَالَتْ: إِنَّهُ یَضْرِبُهَا، فَقَالَ لَهَا: ارْجِعِی إِلَیْهِ وَ قُولِی لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ... (3) مَدَّ یَدَهُ وَ قَالَ:

اللَّهُمَّ عَلَیْكَ بِالْوَلِیدِ .. مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً (4).

وَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ وَ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِیِّ وَ الْأَصْمَعِیِّ أَنَّ الْوَلِیدَ تَقَیَّأَ فِی الْمِحْرَابِ لَمَّا شَرِبَ الْخَمْرَ بِالْكُوفَةِ (5)، وَ صَلَّی الصُّبْحَ أَرْبَعاً، وَ قَرَأَ بِالْمَأْمُومِینَ رَافِعاً صَوْتَهُ:

عَلَّقَ الْقَلْبُ الرَّبَابَا*** بَعْدَ مَا شَابَتْ وَ شَابَا

فَشَخَصَ بَعْضُ (6) أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَی عُثْمَانَ .. إِلَی آخِرِ الْقِصَّةِ (7) وَ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِیِّ: أَنَّ أَبَا زُبَیْدٍ وَ هُوَ أَحَدُ نُدَمَاءِ الْوَلِیدِ وَفَدَ عَلَی الْوَلِیدِ حِینَ اسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ عَلَی الْكُوفَةِ، فَأَنْزَلَهُ الْوَلِیدُ دَارَ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُ فَوَهَبَهَا لَهُ، وَ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الطَّعْنِ عَلَیْهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، لِأَنَّ أَبَا زُبَیْدٍ كَانَ یَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ حَتَّی یُشَقَّ الْمَسْجِدُ إِلَی الْوَلِیدِ، فیسمر(8) عِنْدَهُ وَ یَشْرَبُ مَعَهُ فَیَخْرُجُ وَ یَشُقُّ الْمَسْجِدَ وَ هُوَ سَكْرَانُ.

ص: 159


1- الأغانی 4- 174 و 175 و 176 و 177 و 178 و 179 و 180 و 182 و 184 و 185 و 187.
2- فی الأغانی 4- 183. و حكاه عنه ابن أبی الحدید فی شرحه 17- 239- 240.
3- هنا سقط جاء فی شرح النّهج و هو: قد أجارنی فانطلقت، فمكثت ساعة ثمّ رجعت، فقالت: إنّه ما أقلع عنّی، فقطع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم هدبة من ثوبه، و قال: اذهبی بها إلیه و قولی له: إنّ رسول اللّٰه قد أجارنی، فانطلقت فمكثت ساعة ثمّ رجعت، فقالت: ما زادنی إلّا ضربا، فرفع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم یده ثمّ قال: ..
4- و جاء فی شرح ابن أبی الحدید 17- 230 و 254 بتصرّف و إیجاز أیضا.
5- فی س: فی الكوفة.
6- لا توجد فی المصدر: بعض.
7- و ذكرها ابن أبی الحدید أیضا فی شرحه علی نهج البلاغة 17- 230.
8- فی ك: فیستمرّ.

وَ رُوِیَ فِی كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ (1) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِی عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَیْتُ الَّذِی یَلْعَبُ بَیْنَ یَدَیِ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ فَیُرِی أَنَّهُ یَقْطَعُ رَأْسَ رَجُلٍ ثُمَّ یُعِیدُهُ (2)، فَقَامَ إِلَیْهِ جُنْدَبُ بْنُ كَعْبٍ فَضَرَبَ وَسَطَهُ بِالسَّیْفِ، وَ قَالَ: قُولُوا لَهُ فَلْیُحْیِی نَفْسَهُ الْآنَ.

قَالَ: فَحَبَسَ الْوَلِیدُ جُنْدَباً وَ كَتَبَ إِلَی عُثْمَانَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ أَنْ خَلِّ سَبِیلَهُ، فَتَرَكَهُ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ: كَانَ سَاحِرٌ یَلْعَبُ بَیْنَ یَدَیِ الْوَلِیدِ یُرِیهِمْ أَنَّهُ یَدْخُلُ فِی فَمِ الْحِمَارِ وَ یَخْرُجُ مِنْ ذَنَبِهِ أَوْ مِنْ دُبُرِهِ، وَ یَدْخُلُ فِی اسْتِ الْحِمَارِ وَ یَخْرُجُ مِنْ فِیهِ (3)، وَ یُرِیهِمْ أَنَّهُ یَضْرِبُ رَأْسَ نَفْسِهِ فَیَرْمِی بِهِ ثُمَّ یَشْتَدُّ فَیَأْخُذُهُ ثُمَّ یُعِیدُهُ مَكَانَهُ، فَانْطَلَقَ جُنْدَبٌ إِلَی الصَّیْقَلِ وَ سَیْفُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: وَجَبَ أَجْرُكَ فَهَاتِهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ وَ اشْتَمَلَ (4) عَلَیْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَی السَّاحِرِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ فِی بَعْضِ مَا كَانَ یَصْنَعُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ الْوَلِیدِ وَ دَخَلَ هُوَ الْبَیْتَ، وَ أَخَذَ جُنْدَبٌ وَ أَصْحَابُهُ فَسُجِنُوا، فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ: قَدْ عَرَفْتُ السَّبَبَ الَّذِی سُجِنَّا فِیهِ، فَخَلِّ سَبِیلَ أَحَدِنَا حَتَّی یَأْتِیَ عُثْمَانَ، فَخَلَّی سَبِیلَ أَحَدِهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِیدَ فَأَخَذَ صَاحِبَ السِّجْنِ فَصَلَبَهُ، قَالَ: وَ جَاءَ كِتَابُ عُثْمَانَ: أَنْ خَلِّ سَبِیلَهُمْ وَ لَا تَعْرِضْ لَهُمْ، وَ وَافَی كِتَابُ عُثْمَانَ قَبْلَ قَتْلِ الْمَصْلُوبِ فَخَلَّی سَبِیلَهُ (5) وَ قَالَ الْمَسْعُودِیُّ (6): ضَرَبَ عُنُقَ السَّجَّانِ وَ صَلَبَهُ بِالْكُنَاسَةِ.

وَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (7) فِی تَرْجَمَةِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ: كَانَ سَعِیدٌ هَذَا أَحَدَ أَشْرَافِ قُرَیْشٍ اسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ عَلَی الْكُوفَةِ ثُمَّ عَزَلَهُ، وَ وَلَّی الْوَلِیدَ بْنَ عُقْبَةَ فَمَكَثَ مُدَّةً ثُمَّ شَكَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَعَزَلَهُ وَ رُدَّ سَعِیدٌ فَرَدَّهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَ كَتَبُوا إِلَی عُثْمَانَ: لَا

ص: 160


1- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 1- 218 باختصار، و جاء بنصه فی صفحة: 219- 220.
2- فی ك: یعید- بلا ضمیر-.
3- فی المصدر: من فمه.
4- فی الاستیعاب: فاشتمل.
5- و ذكر القصّة المسعودیّ فی مروج الذّهب 2- 339 باختلاف.
6- مروج الذّهب 2- 339.
7- فی الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة- 2- 9- 10 بتصرّف.

حَاجَةَ لَنَا فِی سَعِیدِكَ وَ لَا وَلِیدِكَ، وَ كَانَ فِی سَعِیدٍ تَجَبُّرٌ وَ غِلْظَةٌ وَ شِدَّةُ سُلْطَانٍ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1)، عَنِ الْوَاقِدِیِّ وَ الْمَدَائِنِیِّ وَ ابْنِ الْكَلْبِیِّ وَ غَیْرِهِمْ، قَالَ: وَ ذَكَرُهُ الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (2)، وَ غَیْرُهُ مِنَ (3) الْمُؤَرِّخِینَ: أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا رَدَّ الْمِصْرِیِّینَ رَجَعُوا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَأَخْرَجُوا صَحِیفَةً فِی أُنْبُوبَةِ رَصَاصٍ، وَ قَالُوا:

وَجَدْنَا غُلَامَ عُثْمَانَ بِالْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ: بِالْبُوَیْبِ عَلَی بَعِیرٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ لِأَنَّا اسْتَرَبْنَا بِأَمْرِهِ (4) فَوَجَدْنَا فِیهِ هَذِهِ الصَّحِیفَةَ وَ مَضْمُونُهَا أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ بِجَلْدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُدَیْسٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ، وَ حَلَقَ رُءُوسَهُمَا وَ لِحَاهُمَا وَ حَبَسَهُمَا، وَ صَلَبَ قَوْمٌ آخَرِینَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ.

وَ قِیلَ: إِنَّ الَّذِی أَخَذْتُ مِنْهُ الصَّحِیفَةَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ ... (5)وَ جَاءَ النَّاسُ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ سَأَلُوهُ أَنْ یَدْخُلَ إِلَی عُثْمَانَ فَیَسْأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْحَالِ، فَقَامَ فَجَاءَ إِلَیْهِ فَسَأَلَهُ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا كَتَبْتُ وَ لَا أَمَرْتُ (6)، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ:

صَدَقَ، هَذَا مِنْ عَمَلِ مَرْوَانَ. فَقَالَ: لَا أَدْرِی، وَ كَانَ أَهْلُ مِصْرَ حُضُوراً، فَقَالُوا: أَ فَیَجْتَرِئُ عَلَیْكَ وَ یَبْعَثُ غُلَامَكَ عَلَی جَمَلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَ یَنْقُشُ عَلَی خَاتَمِكَ، وَ یَبْعَثُ إِلَی عَامِلِكَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْعَظِیمَةِ وَ أَنْتَ لَا تَدْرِی؟!. قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا: إِنَّكَ إِمَّا صَادِقٌ أَوْ كَاذِبٌ، فَإِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَقَدِ اسْتَحْقَقْتَ الْخَلْعَ لَمَّا أَمَرْتَ بِهِ مِنْ قَتْلِنَا وَ عُقُوبَتِنَا بِغَیْرِ حَقٍّ، وَ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَقَدِ اسْتَحْقَقْتَ الْخَلْعَ لِضَعْفِكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ غَفْلَتِكَ، وَ خُبْثِ بِطَانَتِكَ، وَ لَا یَنْبَغِی لَنَا أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ بِیَدِ مَنْ یَقْطَعُ (7) الْأُمُورَ دُونَهُ لِضَعْفِهِ وَ غَفْلَتِهِ، فَاخْلَعْ نَفْسَكَ مِنْهُ .. إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ

ص: 161


1- فی شرح النّهج 2- 149- 150 بتصرف.
2- فی المصدر: و ذكره أبو جعفر فی التّاریخ. تاریخ الطّبریّ: 3- 391 حوادث سنة 35 ه.
3- جاءت زیادة: جمیع، فی شرح النّهج.
4- فی المصدر: أمره- بلا حرف جرّ-.
5- هنا سقط، لاحظ المصدر.
6- فی شرح النّهج: ما كتبته و لا علّمته و لا أمرت به.
7- فی المصدر: تقطع.

الطعن الثانی:

اشارة

أنّه لو لم یقدم عثمان علی أحداث یوجب خلعه و البراءة منه لوجب علی الصحابة أن ینكروا علی من قصده من البلاد متظلّما، و قد علمنا أنّ بالمدینة قد كان كبار الصحابة من المهاجرین و الأنصار و لم ینكروا علی القوم بل أسلموه و لم یدفعوا عنه، بل أعانوا قاتلیه و لم یمنعوا من قتله، (1)

ص: 162


1- روی البلاذری فی الأنساب 5- 165، 372 عن المدائنی، عن عبد اللّٰه بن فائد أنّه قال: إنّی لأبغضهم. فقال سعید بن خالد بن عمرو بن عثمان: تبغضهم لأنّهم قتلوا أباك. قال: صدقت قتل أبی علوج الشام و جفاته و قتل جدّك المهاجرون و الأنصار. و قال ابن قتیبة فی الإمامة و السیاسة 1- 92: إنّ عشرة آلاف رجل قالوا: نحن قتلنا عثمان. و جاء فی كتاب صفّین لابن مزاحم: 213: أنّ عشرین ألفا أو أكثر قالوا: كلّنا قتل عثمان. و أورد ابن قتیبة فی الإمامة و السیاسة 1- 158، و المسعودی فی مروج الذهب 2- 62، و ابن عساكر فی تاریخه 7- 201، و السیوطی فی تاریخ الخلفاء: 133، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب فی الكنی: قال معاویة لأبی الطفیل عامر بن واثلة: أ كنت ممّن قتل عثمان أمیر المؤمنین؟. قال: لا، و لكن ممّن شهده فلم ینصره. قال: و لم؟. قال: لم ینصره المهاجرون و الأنصار. و ورد فی تاریخ ابن عساكر 6- 83: أنّ القاضی أبا إسحاق سعد بن إبراهیم بن عبد الرحمن ابن عوف المدنی الزهری المتوفّی سنة 125 ه قال: إنّ أهل المدینة قتلوا عثمان. و فیه 7- 319 عن ابن مسلم الخولانی التابعی أنّه قال: یا أهل المدینة! كنتم بین قاتل و خاذل. أقول: بل لم یكن أحد من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم یدفع عن عثمان و لا ینكر ما یقال فیه إلّا زید بن ثابت و أبو أسید الساعدی و كعب بن مالك و حسّان بن ثابت الأنصاری، و اجتمع المهاجرون و غیرهم إلی علیّ علیه السلام فسألوه أن یكلّم عثمان و یعظه. كما جاء فی أنساب البلاذری 5- 6، و تاریخ الطبریّ 5- 97، و الكامل لابن الأثیر 3- 63، و تاریخ أبی الفداء 1- 168، و تاریخ ابن خلدون 2- 391 و غیرها. و قال حسّان بن ثابت- كما فی مروج الذهب 1- 442-: خذلته الأنصار إذ حضر الموت*** و كانت ولاته الأنصار من عذیری من الزبیر و من طلحة*** إذ جاء أمر له مقدار فتولّی محمّد بن أبی بكر*** عیانا و خلفه عمّار و علیّ فی بیته یسأل الناس*** ابتداء و عنده الأخبار باسطا للّذی یرید یدیه*** و علیه سكینة و وقار و مثله فی عقد الفرید 2- 267. و أخرج الطبریّ فی تاریخه 5- 115 من طریق عبد الرحمن بن یسار، أنّه قال: لما رأی الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدینة من أصحاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم إلی من بالآفاق منهم و كانوا قد تفرّقوا فی الثغور: إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا فی سبیل اللّٰه عزّ و جلّ یطلبون دین محمّد صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم، فإنّ دین محمّد قد أفسده من خلفكم و ترك، فهلموا فأقیموا دین محمّد صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم. و جاء فی لفظ الكامل لابن الأثیر 5- 70: فإنّ دین محمّد قد أفسده خلیفتكم فأقیموه. و فی لفظ شرح ابن أبی الحدید 1- 165: قد أفسده خلیفتكم فاخلعوه، فاختلفت علیه القلوب، فأقبلوا من كلّ أفق حتّی قتلوه. و فی الإمامة و السیاسة 1- 32: بسم اللّٰه الرحمن الرحیم، من المهاجرین الأولین و بقیّة الشوری إلی من بمصر من الصحابة و التابعین، أمّا بعد، أن تعالوا إلینا و تداركوا خلافة رسول اللّٰه قبل أن یسلبها أهلها، فإنّ كتاب اللّٰه قد بدّل، و سنّة رسول اللّٰه قد غیّرت، و أحكام الخلیفتین قد بدّلت، فننشد اللّٰه من قرأ كتابنا من بقیّة أصحاب رسول اللّٰه و التابعین بإحسان إلّا أقبل إلینا. و أخرج الطبریّ فی تاریخه 5- 116 من طریق عبد اللّٰه بن الزبیر، عن أبیه، قال: كتب أهل المدینة إلی عثمان یدعونه إلی التوبة و یحتجّون و یقسمون له باللّٰه لا یمسكون عنه أبدا حتّی یقتلوه أو یعطیهم ما یلزمه من اللّٰه. قال شیخنا الأمینی- قدّس سرّه- فی الغدیر 9- 163- بعد ذكر أحادیث متضافرة التی وردت عن آحاد الصحابة من المهاجرین و الأنصار أو عامّة الفریقین، أو عن جامعة الصحابة قد تبلغ مائتین حدیثا-: أنّ ذلك إجماع منهم أثبت من إجماعهم علی نصب الخلیفة فی الصدر الأول، فإن كانت فیه حجّة فهی فی المقامین إن لم تكن فی المقام الثانی أولی بالاتباع. و قال فی الغدیر أیضا 9- 166: و كیف لا و فیهم عمد الصحابة و دعائمها و عظماء الملّة و أعضادها و ذوو الرأی و التقوی و الصلاح من البدریّین و غیرهم، و فیهم .. أمّ المؤمنین و غیر واحد من العشرة المبشّرة و رجال الشوری، فإذا لم یحتجّ بإجماع مثله لا یحتجّ بأیّ إجماع قطّ.

و حضروه و منعوا (1) الماء عنه و تركوه بعد القتل ثلاثة أیّام لم یدفن، مع أنّهم متمكّنون من خلاف ذلك، و ذلك من أقوی الدلائل علی ما ذكر، و لو لم یكن (2) فی أمره إلّا ما

روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال:

ص: 163


1- فی س: أمنع.
2- فی س: لم یمكن.

اللّٰه قتله و أنا معه(1).

و إنّه كان فی أصحابه من یصرّح بأنّه قتل عثمان و مع ذلك لا یقیّدهم و لا ینكر علیهم، و كان أهل الشام یصرّحون بأنّ مع أمیر المؤمنین قتلة عثمان، و یجعلون ذلك من أوكد الشبه و لا ینكر ذلك علیهم، مع أنّا نعلم أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام لو أراد منعهم من قتله و الدفع عنه مع غیره لما قتل، فصار كفّه عن ذلك مع (2) غیره من أدلّ الدلائل علی أنّهم صدقوا علیه ما نسب إلیه من الأحداث، و أنّهم لم یقبلوا ما جعله عذرا، و لا یشكّ من نظر فی أخبار الجانبین فی أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام لم یكن كارها لما وقع فی أمر عثمان.

فقد

رَوَی السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی الشَّافِی (3)، عَنِ الْوَاقِدِیِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: رَأَیْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ هُوَ یَقُولُ: مَا أَحْبَبْتُ قَتْلَهُ وَ لَا كَرِهْتُهُ، وَ لَا أَمَرْتُ بِهِ وَ لَا نَهَیْتُ عَنْهُ (4).

و قد (5) رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ حَرِیرِ (6) بْنِ بَشِیرٍ، عَنْ أَبِی جَلْدَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ وَ هُوَ یَخْطُبُ فَذَكَرَ عُثْمَانَ: وَ قَالَ-: وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا قَتَلْتُهُ (7) وَ لَا مَالَأْتُ (8) عَلَی قَتْلِهِ، وَ لَا سَاءَنِی (9).

ص: 164


1- كما ذكره السیّد فی الشافی 4- 230، و ابن أبی الحدید فی شرح النهج 2- 128 [1- 158].
2- فی ك نسخة بدل: من، بدلا من: مع.
3- الشّافی 4- 307- 308.
4- و أورده البلاذریّ فی الأنساب 5- 101.
5- كما فی الشافی 4- 308.
6- و فی المصدر: جوین، و فی ك: جریر.
7- فی س: قتله.
8- قال فی النّهایة 4- 353: و منه حدیث علیّ .. و لا مالأت .. أی ما ساعدت و لا عاونت، و نظیره فی مجمع البحرین 1- 397- 399.
9- فی مطبوع البحار: ساءتی. و أوردها البلاذریّ فی الأنساب 5- 98 عن أبی حادة.

وَ رَوَاهُ أَبُو بَشِیرٍ، عَنْ عَبِیدَةَ السَّلْمَانِیِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: مَنْ كَانَ سَائِلِی عَنْ دَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ.

وَ قَدْ رُوِیَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ طُرُقٍ كَثِیرَةٍ، وَ قَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الضُّبَعِیِّ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: أَلَا مَنْ كَانَ سَائِلِی عَنْ دَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ. قَالَ (1): صَدَقَ أَبُوكَ، هَلْ تَدْرِی مَا یَعْنِی بِقَوْلِهِ؟ إِنَّمَا عَنَی أَنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَ اللَّهِ(2).

قال السیّد(3) رحمه اللّٰه (4): فإن قیل: كیف یصحّ الجمع بین معانی هذه الأخبار؟.

قلنا: لا تنافی بین الجمیع، لأنّه تبرأ من مباشرة قتله و المؤازرة علیه، ثم قال: ما أمرت بذلك و لا نهیت عنه .. یرید أنّ قاتلیه لم یرجعوا إلیّ و لم یكن منّی قول فی ذلك بأمر (5)و لا نهی، فأمّا قوله: اللّٰه قتله و أنا معه، فیجوز أن یكون المراد اللّٰه حكم بقتله و أوجبه و أنا كذلك، لأنّ من المعلوم أنّ اللّٰه لم یقتله علی الحقیقة، فإضافة القتل إلی اللّٰه لا یكون (6) إلّا بمعنی الحكم و الرضا، و لیس یمتنع (7) أن یكون ممّا حكم اللّٰه به ما لم یتولّه بنفسه، و لا آزر علیه، و لا شایع فیه.

فإن قال: هذا ینافی قوله علیه السلام (8): ما أحببت قتله و لا كرهته ..

و كیف یكون من حكم اللّٰه و (9) حكمه أن یقتل و هو لا یحبّ قتله؟.

ص: 165


1- فی المصدر: فقال.
2- و قد تعرّض لها مسهبا شیخنا الأمینیّ فی الغدیر 9- 69- 77 و 315 و 375، فراجع.
3- فی الشافی 4- 308- 309.
4- فی س: رحمه اللّٰه عنه، و خطّ علی: عنه، فی ك، و هو الظاهر. و لعلّها: رضی اللّٰه عنه.
5- لا توجد فی المصدر: بأمر.
6- فی الشافی: لا تكون.
7- فی المصدر: یمنع.
8- جاءت فی الشافی: ما روی عنه، بدلا من: قوله علیه السلام.
9- زیادة: فی، جاءت فی المصدر.

قلنا: یجوز أن یرید بقوله ما أحببت قتله و لا كرهته .. أنّ ذلك لم یكن منّی علی سبیل التفصیل و لا خطر لی ببال، و إن كان علی سبیل الجملة یحبّ (1) قتل من غلب علی أمور المسلمین، و طالبوه بأن یعتزل (2)، لأنّه بغیر حقّ مستول علیهم فامتنع من ذلك، و یكون فائدة هذا الكلام التبرّؤ من مباشرة قتله و الأمر به علی سبیل التفصیل (3) أو النهی، و یجوز أن یرید: أنّنی ما أحببت قتله إن كانوا تعمّدوا القتل و لم یقع علی سبیل الممانعة و هو غیر مقصود، و یرید بقوله: ما كرهته .. إنّی لم أكرهه علی كلّ حال و من كلّ وجه. انتهی.

و أقول: یمكن أن یكون المعنی: إنّی ما أحببت قتله لتضمّنه الفتن العظیمة الّتی نشأت بعد قتله من ارتداد آلاف من المسلمین و قتلهم و عدم استقرار الخلافة علیه صلوات اللّٰه علیه، و لا كرهته (4) لأنّه كان كافرا مستحقّا للقتل، فلا تنافی بین الأمرین.

و أمّا تركه غیر مدفون ثلاثة أیّام:

فقد رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (5)، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أُلْقِیَ عَلَی الْمَزْبَلَةِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلِ (6) أَتَاهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فِیهِمْ حُوَیْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّی وَ حَكِیمُ بْنُ حِزَامٍ (7) وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ (8) وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَلَمَّا سَارُوا إِلَی الْمَقْبَرَةِ لِیَدْفِنُوهُ (9) نَادَاهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِی مَازِنٍ: وَ اللَّهِ لَئِنْ دَفَنْتُمُوهُ

ص: 166


1- فی الشافی: یجب.
2- فی المصدر: بأن یعزل.
3- جاء فی الشافی: التفضیل. و هو خلاف الظاهر.
4- لا توجد فی س: و لا كرهته.
5- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 3- 80.
6- فی المصدر: من اللّیل.
7- لعلّه یقرأ: خرام- بالخاء المعجمة-.
8- فی الاستیعاب: و جدّی، بدلا من: و محمّد بن حاطب و مروان بن حكم. و فیه: فاحتملوه.
9- فی س: لیدفنوهم.

هَاهُنَا لَنُخْبِرَنَّ النَّاسَ غَداً، فَاحْتَمَلُوهُ وَ كَانَ عَلَی بَابٍ وَ أَنَّ رَأْسَهُ عَلَی الْبَابِ لَیَقُولُ طق طق حَتَّی سَارُوا بِهِ إِلَی حُشِّ (1) كَوْكَبٍ فَاحْتَفَرُوا لَهُ، وَ كَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ مَعَهَا مِصْبَاحٌ فِی حُقٍّ (2)، فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ لِیَدْفِنُوهُ صَاحَتْ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ الزُّبَیْرِ:

وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَسْكُتِی لَأَضْرِبَنَّ الَّذِی فِیهِ عَیْنَاكِ. قَالَ: فَسَكَتَتْ، فَدُفِنَ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ، قَالَ: بَقِیَ عُثْمَانُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یُدْفَنُ، ثُمَّ إِنَّ حَكِیمَ بْنَ حِزَامٍ وَ جُبَیْرَ بْنَ مُطْعِمٍ كَلَّمَا عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی أَنْ یَأْذَنَ فِی دَفْنِهِ فَفَعَلَ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَعَدَ لَهُ قَوْمٌ فِی الطَّرِیقِ بِالْحِجَارَةِ، وَ خَرَجَ بِهِ نَاسٌ یَسِیرٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَ مَعَهُمُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ (علیهما السلام) وَ ابْنُ الزُّبَیْرِ وَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَیْفَةَ بَیْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ، فَأَتَوْا بِهِ حَائِطاً مِنْ حِیطَانِ الْمَدِینَةِ، یُعْرَفُ بِ: حُشِّ كَوْكَبٍ، وَ هُوَ خَارِجَ الْبَقِیعِ، فَصَلَّوْا عَلَیْهِ، وَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِیَمْنَعُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَیْهِ، فَأَرْسَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمَنَعَ مِنْ رَجْمِ سَرِیرِهِ، وَ كَفَّ الَّذِینَ رَامُوا مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَیْهِ، وَ دُفِنَ فِی حُشِّ كَوْكَبٍ، فَلَمَّا ظَهَرَ مُعَاوِیَةُ عَلَی الْإِمْرَةِ (4)أَمَرَ بِذَلِكَ الْحَائِطِ فَهُدِمَ وَ أُدْخِلَ فِی الْبَقِیعِ، وَ أَمَرَ النَّاسَ فَدَفَنُوا (5) مَوْتَاهُمْ حَوْلَ قَبْرِهِ حَتَّی اتَّصَلَ بِمَقَابِرِ الْمُسْلِمِینَ بِالْبَقِیعِ.

وَ قِیلَ: إِنَّ عُثْمَانَ لَمْ یُغَسَّلْ، وَ إِنَّهُ كُفِّنَ فِی ثِیَابِهِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا (6)

ص: 167


1- جاء فی حاشیة ك: و الحشّ و الحشّ أیضا: المخرج، لأنّهم كانوا یقضون حوائجهم فی البساتین. صحاح. و منه حدیث عثمان أنّه دفن فی حشّ كوكب، هو بستان بظاهر المدینة خارج البقیع، و فیه أنّ عثمان دفن بحشّ كوكب، اسم رجل أضیف إلیه الحشّ، و هو البستان. نهایة. انظر: الصّحاح 3- 1001. و انظر أیضا: النّهایة 1- 390، و 4- 290.
2- فی الاستیعاب: فی جرّة.
3- شرح النّهج لابن أبی الحدید 2- 158 باختلاف كثیر.
4- فی المصدر: علی الأمر.
5- فی شرح النّهج: أن یدفنوا.
6- إلی هنا انتهی كلام ابن أبی الحدید فی شرح النّهج.

وَ قَدْ رَوَی ذَلِكَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (1) وَ الْأَعْثَمُ الْكُوفِیُّ فِی الْفُتُوحِ (2) مُطَابِقاً لِمَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ، وَ زَادَ (3) الْأَعْثَمُ: إِنَّهُمْ دَفَنُوهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ الْكِلَابُ بِإِحْدَی رِجْلَیْهِ، وَ قَالَ: صَلَّی عَلَیْهِ حَكِیمُ بْنُ حِزَامٍ أَوْ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ (4).

و لا یخفی علی ذی مسكة من العقل دلالته علی أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام كان راضیا بكونه مطروحا ثلاثة أیّام علی المزبلة، بل علی أنّه لم یأذن فی دفنه إلّا بعد الأیّام الثلاثة، فلو كان أمیر المؤمنین علیه السلام معتقدا لصحّة إمامته، بل لو كان یراه كأحد من المسلمین و من عرض (5) الناس لما رضی بذلك بل كان یعجّل فی تجهیزه و دفنه، و یأمر بدفنه (6) فی مقابر المسلمین حتی لا یلتجئ المجهّزون له إلی دفنه فی حشّ كوكب.

و الحشّ هو المخرج (7)، و كان ذلك الموضع بستانا كان الناس یقضون الحوائج فیه كما هو دأبهم فی قضاء الحاجة فی البساتین، و كوكب اسم رجل من الأنصار، كما ذكره فی الإستیعاب(8).

و الإمام الّذی رضی له أمیر المؤمنین علیه السلام بمثل تلك الحال فحاله غیر خفیّ علی أولی الألباب، و لا ریب فی أنّه لو لم یكن علیه السلام راضیا بقتله لجاهد قاتلیه، فإنّه لیس فی المنكرات أشنع و أقبح من قتل إمام فرض اللّٰه طاعته علی

ص: 168


1- الكامل 3- 91.
2- تاریخ ابن أعثم الفتوح 1- 430. و لا توجد فی س: و الأعثم الكوفیّ فی الفتوح.
3- نقل ابن الأعثم إلی هنا بالمعنی و بتصرّف.
4- و قد تعرّض العلّامة الأمینیّ فی الغدیر 9- 208- 217 لتجهیزه و دفنه، و ذیّله بما هو حریّ بالملاحظة.
5- فی س: عوض. قال فی القاموس 2- 335: و هو من عرض الناس .. من العامّة.
6- فی س: دفنه- بلا حرف جر-.
7- كما فی الصحاح 3- 1001، و قال فی النهایة 1- 390: و فیه: أنّ هذه الحشوش محتضرة .. یعنی الكنف و مواضع قضاء الحاجة، الواحد حشّ- بالفتح- و أصله من الحشّ: البستان، لأنّهم كانوا كثیرا ما یتغوّطون فی البساتین.
8- الاستیعاب 3- 81. و جاء فی النهایة 4- 290.

العالمین و (1)حكم الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله بأنّ من مات و لم یعرفه كان میتته میتة جاهلیّة، و قد صرّح علیه السلام فی كثیر من كلماته بأنّه لم ینه عن قتله و لم ینصره، و أنّه كان فی عزلة عن أمره (2) كما سیأتی، و هل یریب اللبیب فی أنّه علیه السلام لو كان نصره أو أنكر قتله لبالغ فی إظهار ذلك للناس و فی مكاتباته إلی معاویة، فإنّه لم یكن لمعاندیه علیه السلام شبهة أقوی من اتّهامه بقتل عثمان، و إنّما كان علیه السلام یقتصر علی التبرّی من قتله لأنّه لم یكن من المباشرین، و ذلك ممّا لا یرتاب فیه من له معرفة بالسیر و الآثار، و حینئذ فالكفّ عن نصرة عثمان و الذبّ عنه إمّا مطعن لا مخلص عنه فیمن یدور الحقّ معه حیثما داروا (3)فی أعیان الصحابة الكبار حیث لم یدفعوا شرذمة قلیلة عن إمامتهم (4)فی دار عزّهم حتی قتلوه أهون قتلة، و طرحوه فی المزابل، و لم یتمكّن رهطه و عشیرته من دفنه فی مقابر المسلمین، أو هو قدح فی ذلك الإمام حیث اختلس الخلافة و غصبها من أهلها، و لم یخلع نفسه منها.

فلینظر الناصرون له فی أمرهم بعین الإنصاف، و لیتحرّزوا عن اللجاج و الاعتساف!

الطعن الثالث:

أنّه ردّ الحكم بن أبی العاص طرید رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و قد امتنع أبو بكر من ردّه، فصار بذلك مخالفا للسنّة و لسیرة من تقدّمه، و قد شرط علیه فی عقد البیعة اتّباع سیرتهما.

ص: 169


1- فی س: فی، بدلا من: الواو.
2- فی ك نسخة بدل: من أمره.
3- كذا، و الصحیح: دار.
4- كذا، و الظاهر: عن إمامهم.

قَالَ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی الشَّافِی (1): رَوَی الْوَاقِدِیُّ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ غَیْرُهُ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ أَخْرَجَهُ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَی الطَّائِفِ، وَ قَالَ: لَا یُسَاكِنُنِی (2) فِی بَلَدٍ أَبَداً، فَجَاءَهُ عُثْمَانُ فَكَلَّمَهُ فَأَبَی، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَبِی بَكْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ مِنْ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَامَ (3) عُثْمَانُ أَدْخَلَهُ وَ وَصَلَهُ وَ أَكْرَمَهُ، فَمَشَی فِی ذَلِكَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ وَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالُوا لَهُ:

إِنَّكَ قَدْ أَدْخَلْتَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ یَعْنُونَ الْحَكَمَ وَ مَنْ مَعَهُ وَ قَدْ كَانَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَخْرَجَهُمْ (4) وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، وَ إِنَّا نُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَ الْإِسْلَامَ وَ مَعَادَكَ، فَإِنَّ لَكَ مَعَاداً وَ مُنْقَلَباً، وَ قَدْ أَبَتْ ذَلِكَ الْوُلَاةُ قَبْلَكَ (5) وَ لَمْ یَطْمَعْ أَحَدٌ أَنْ یُكَلِّمَهُمْ فِیهِمْ (6)، وَ هَذَا شَیْ ءٌ نَخَافُ اللَّهَ (7) عَلَیْكَ فِیهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ قَرَابَتَهُمْ مِنِّی حَیْثُ تَعْلَمُونَ، وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ حَیْثُ كَلَّمْتُهُ أَطْمَعَنِی فِی أَنْ یَأْذَنَ لَهُمْ (8)، وَ إِنَّمَا أَخْرَجَهُمْ لِكَلِمَةٍ (9) بَلَغَتْهُ عَنِ الْحَكَمِ، وَ لَنْ یَضُرَّكُمْ مَكَانَهُمْ شَیْئاً، وَ فِی النَّاسِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُمْ.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَا أَجِدُ (10) شَرّاً مِنْهُ وَ لَا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: هَلْ تَعْلَمُ (11) عُمَرُ یَقُولُ: وَ اللَّهِ لَیَحْمِلَنَّ بَنِی أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ،

ص: 170


1- الشّافی 4- 269- 270.
2- فی المصدر: لا تساكننی.
3- فی س: فلمّا قدم.
4- فی المصدر: أخرجه.
5- زیادة: من، جاءت فی المصدر.
6- فی الشّافی: فیه، بدلا من: فیهم.
7- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: و هذا سبب نخاف اللّٰه تعالی ..
8- فی الشّافی: له.
9- فی س: كلمة.
10- جاءت فی المصدر: أحد- بالحاء المهملة-.
11- زیادة: أن، جاءت فی الشّافی.

وَ (1) وَ اللَّهِ إِنْ فَعَلَ لَیَقْتُلُنَّهُ؟!. قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ (2) یَكُونُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ مِنَ الْقَرَابَةِ مَا (3) بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ یَنَالُ مِنَ الْقُدْرَةِ (4) مَا أَنَالُ إِلَّا أَدْخَلَهُ، وَ فِی النَّاسِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ. قَالَ: فَغَضِبَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ لَتَأْتِینَا بِشَرٍّ مِنْ هَذَا إِنْ سَلِمْتَ، وَ سَتَرَی یَا عُثْمَانُ غِبَّ (5) مَا تَفْعَلُ، ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ (6)

و ما ادّعاه بعض المتعصّبین(7) من أنّ عثمان اعتذر بأنّه استأذن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی ذلك .. فلیس فی الكتب منه عین و لا أثر، و هذا الخبر لیس فیه إلّا أنّ الرسول أطمعه فی ردّه، ثم صرّح بأنّ رعایة القرابة هی الموجبة لردّه و مخالفته رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.

وَ قَالَ السَّیِّدُ (8): وَ قَدْ رُوِیَ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا كَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ فِی رَدِّ الْحَكَمِ أَغْلَظَا لَهُ وَ زَبَرَاهُ، وَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: یُخْرِجُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ تَأْمُرُنِی أَنْ أُدْخِلَهُ؟! وَ اللَّهِ لَوْ أَدْخَلْتُهُ لَمْ آمَنْ أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ غَیَّرَ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ اللَّهِ لَئِنْ أُشَقُّ بِاثْنَتَیْنِ كَمَا تُشَقُّ الْأُبْلُمَةُ (9) أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُخَالِفَ

ص: 171


1- لا توجد الواو فی المصدر.
2- فی الشّافی: منكم أحد- بتقدیم و تأخیر-.
3- فی س: بما.
4- جاءت فی المصدر: المقدرة.
5- غبّ ما تفعل: أی عاقبته و آخره.
6- إلی هنا كلام السّیّد المرتضی أعلی اللّٰه مقامه فی الشّافی
7- كالبلاذری فی الأنساب 5- 27، و محبّ الدین الطبریّ فی الریاض النضرة 2- 143، و الیافعی فی مرآة الجنان 1- 85، و ابن حجر فی الصواعق: 68، و الحلبیّ فی السیرة 2- 86. و قد ذكرهم العلّامة الأمینی- رحمه اللّٰه- فی الغدیر 8- 257 و ناقشهم بما یغنی عن تكراره.
8- الشّافی 4- 270- 271.
9- فی المصدر: كما تنشقّ الأبلمة. و هو مثل یضرب فی المساواة، أی لو أشقّ شقّین. أقول: و الإبلم و الأبلم و الأبلم و الإبلمة و الأبلمة كلّ ذلك الخوصة، قاله فی لسان العرب 12- 53. یقال: المال بیننا و الأمر بیننا شقّ الإبلمة ... و ذلك لأنّهما تؤخذ فتشقّ طولا علی السّواء، و فی حدیث السّقیفة: الأمر بیننا و بینكم كقدّ الأبلمة- بضمّ الهمزة و اللّام و فتحهما و كسرهما- أی خوصة المقل.

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمْراً!!، وَ إِیَّاكَ یَا ابْنَ عَفَّانَ أَنْ تُعَاوِدَنِی فِیهِ بَعْدَ الْیَوْمِ.

وَ مَا رَأَیْنَا عُثْمَانَ قَالَ فِی جَوَابِ هَذَا التَّعْنِیفِ وَ التَّوْبِیخِ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ، إِنَّ عِنْدِی عَهْداً مِنَ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (1) لَا (2) أَسْتَحِقُّ مَعَهُ عِتَاباً وَ لَا تَهْجِیناً، وَ كَیْفَ تَطِیبُ نَفْسُ مُسْلِمٍ مُوَقِّرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مُعَظِّمٍ لَهُ بِأَنْ یَأْتِیَ إِلَی عَدُوٍّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یُصَرِّحُ (3) بِعَدَاوَتِهِ وَ الْوَقِیعَةِ فِیهِ حَتَّی یَبْلُغَ (4) بِهِ الْأَمْرُ إِلَی أَنْ كَانَ یَحْكِی مِشْیَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) فَطَرَدَهُ (5) وَ أَبْعَدَهُ وَ لَعَنَهُ حَتَّی صَارَ مَشْهُوراً بِأَنَّهُ طَرِیدُ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)، فَیُكْرِمُهُ (6) وَ یَرُدُّهُ إِلَی حَیْثُ أُخْرِجَ مِنْهُ، وَ یَصِلُهُ بِالْمَالِ الْعَظِیمِ (7) إِمَّا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِینَ أَوْ مِنْ مَالِهِ، إِنَّ هَذَا لَعَظِیمٌ كَبِیرٌ؟!.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ(8): الْحَكَمُ بْنُ أَبِی الْعَاصِ بْنِ أُمَیَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ .. عَمُّ عُثْمَانَ (9) وَ أَبُو مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، كَانَ مِنْ مُسَلَّمَةِ الْفَتْحِ، وَ أَخْرَجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] مِنَ الْمَدِینَةِ وَ طَرَدَهُ عَنْهَا فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَ خَرَجَ مَعَهُ ابْنُهُ مَرْوَانُ.

، وَ قِیلَ: إِنَّ مَرْوَانَ وُلِدَ بِالطَّائِفِ فَلَمْ یَزَلِ الْحَكَمُ بِالطَّائِفِ إِلَی أَنْ وُلِّیَ عُثْمَانُ فَرَدَّهُ(10) إِلَی الْمَدِینَةِ وَ بَقِیَ فِیهَا، وَ تُوُفِّیَ فِی آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ (11).

وَ اخْتُلِفَ فِی السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِنَفْیِ الرَّسُولِ(12) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] إِیَّاهُ،

ص: 172


1- زیادة: فیه، جاءت فی المصدر.
2- فی ك: ألا.
3- فی الشّافی: مصرح.
4- فی المصدر: بلغ.
5- جاءت العبارة فی الشّافی هكذا: یحكی مشیته، فطرده رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله- بتقدیم و تأخیر-.
6- خ. ل: و یكرمه. و فی المصدر: فیؤویه و یكرمه.
7- زیادة: و یصله، جاءت فی الشّافی.
8- الاستیعاب- المطبوع بهامش الإصابة 1- 317- 318.
9- زیادة: ابن عفّان، جاءت فی المصدر.
10- زیادة: عثمان، فی المصدر.
11- و فی المصدر زیادة: قبل القیام علی عثمان بأشهر فیما أحسب.
12- فی الاستیعاب: رسول اللّٰه.

فَقِیلَ: كَانَ یَتَحَیَّلُ وَ یَخْتَفِی (1) وَ یَتَسَمَّعُ مَا یَسُرُّهُ رَسُولُ اللَّهِ (2) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] إِلَی كَبَائِرِ أَصْحَابِهِ فِی مُشْرِكِی قُرَیْشٍ وَ سَائِرِ الْكُفَّارِ وَ فِی(3) الْمُنَافِقِینَ، فَكَانَ (4) یُغَشِّی (5) ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّی ظَهَرَ ذَلِكَ عَلَیْهِ، وَ كَانَ یَحْكِیهِ فِی مِشْیَتِهِ وَ بَعْضِ حَرَكَاتِهِ ..

إِلَی أُمُورٍ غَیْرِهَا كَرِهْتُ ذِكْرَهَا.،

ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] كَانَ إِذَا یَمْشِی (6) یَتَكَفَّأُ وَ كَانَ الْحَكَمُ (7) یَحْكِیهِ، فَالْتَفَتَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یَوْماً فَرَآهُ یَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: فَكَذَلِكَ فَلْتَكُنْ، فَكَانَ الْحَكَمُ مُخْتَلِجاً یَرْتَعِشُ مِنْ یَوْمَئِذٍ (8)..

ثم روی أخبارا فی لعنه (9).

ص: 173


1- فی المصدر: و یستخفی.
2- لا توجد: رسول اللّٰه، فی المصدر.
3- لا توجد: فی، فی المصدر.
4- فی ك: و كان.
5- فی س: یفشی.
6- جاءت فی المصدر: مشی. و هو الظّاهر.
7- زیادة: بن أبی العاص، جاءت فی الاستیعاب.
8- قاله ابن هشام فی السّیرة النّبویّة 2- 25، و جاء فی السّیرة الحلبیّة 1- 337، و الإصابة 1- 345 346، و تاج العروس 6- 35، و الفائق للزّمخشریّ 2- 305 و غیرهم. و ما ذكر هنا مقارب أیضا لما صرّح به البلاذریّ فی الأنساب 5- 27، فلاحظ.
9- لقد وردت جملة من روایات لعنه- لعنه اللّٰه- علی لسان الصادق الأمین- صلوات اللّٰه علیه و آله-، منها: ما ذكره ابن حجر فی تطهیر الجنان- هامش الصواعق المحرقة-: 104، و ما ذكره البلاذری فی الأنساب 5- 126، و الحاكم فی المستدرك 4- 481 و صحّحه الواقدی، كما فی السیرة الحلبیّة و ذكروا جملة روایات هناك. و قد ذكر الهندی فی كنز العمّال 6- 39، 90 روایة حریّة بالملاحظة تركنا نقلها خوفا من الإطالة. و انظر: تفسیر القرطبیّ 16- 197، و تفسیر الزمخشری 3- 99، و الفائق له 2- 325، و تفسیر ابن كثیر 4- 159، و تفسیر الرازیّ 7- 491، و أسد الغابة لابن الأثیر 2- 34، و نهایة ابن الأثیر 3- 23، و شرح ابن أبی الحدید 2- 55، و إرشاد الساری 7- 325، و الدرّ المنثور 6- 41، 191، و تفسیر الآلوسی 15- 107 و 26- 20 و 29- 28، و عشرات المصادر الأخر مرّ بعضها. و حسبه ما أورده المفسّرون ذیل الآیة العاشرة من سورة القلم، و انظر بحث العلّامة الأمینی فی الغدیر حول: بنو أمیّة فی القرآن 8- 248- 250 فقد أشبع البحث تحقیقا و مصدرا.

و أمّا التمسّك بالاجتهاد فی هذا الباب فهو أوهن و أهجن لأنّ الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله إذا حظر شیئا أو أباحه لم یكن لأحد أن یجتهد فی خلافه، و لو سوّغنا الاجتهاد (1) فی مقابل النصّ لم نأمن أن یؤدّی الاجتهاد إلی تحلیل الخمر و إسقاط الصلاة، و إنّما یجوز الاجتهاد عندهم فیما لا نصّ فیه كما ذكره السید (2)رحمه اللّٰه.

و قد ورد فی أخبارنا إیواء عثمان المغیرة بن أبی العاص، و قد نهی الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله عن ذلك و لعن من یحمله و من یطعمه و من یسقیه و أهدر دمه ..

و فعل جمیع ذلك، و قتل رقیّة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و زنا بجاریتها (3)، و قد مرّت فی باب أحوالها(4) علیها السلام.

الطعن الرابع:

ما صنع بأبی ذرّ رضی اللّٰه عنه من الإهانة و الضرب و الاستخفاف و التسییر مع علوّ شأنه الذی لا یخفی علی أحد.

فَقَدْ رَوَی السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الشَّافِی (5) وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ (6) وَ اللَّفْظُ لِلسَّیِّدِ-: إِنَّ عُثْمَانَ لَمَّا أَعْطَی مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ مَا أَعْطَاهُ، وَ أَعْطَی الْحَارِثَ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ أَعْطَی زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، جَعَلَ أَبُو ذَرٍّ یَقُولُ: بَشِّرِ الْكَافِرِینَ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ، وَ یَتْلُو قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (7): (وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ

ص: 174


1- من قوله: فی هذا الباب .. إلی هنا لا توجد فی س.
2- الشافی 4- 272.
3- و قد أوردها فی الكافی 3- 251- 253 [1- 64 و 66 و 69- 70 حدیث 8]، و الاحتجاج 1- 94- 96 حدیث 156، و المسائل السرویة للشیخ المفید: 62- 64، و بحار الأنوار 22- 162.
4- بحار الأنوار 22- 158، 163، 202.
5- الشّافی 4- 293- 297.
6- شرح النّهج لابن أبی الحدید 3- 54- 57 [1- 240- 242].
7- فی المصدر: تعالی، بدلا من: عزّ و جلّ.

بِعَذابٍ أَلِیمٍ) (1)، فَرَفَعَ ذَلِكَ مَرْوَانُ إِلَی عُثْمَانَ (2)، فَأَرْسَلَ إِلَی أَبِی ذَرٍّ نَائِلًا مَوْلَاهُ:

أَنِ انْتَهِ عَمَّا یَبْلُغُنِی عَنْكَ، فَقَالَ: أَ یَنْهَانِی عُثْمَانُ عَنْ قِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ (3)، وَ عَیْبِ مَنْ تَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ، فَوَ اللَّهِ لَأَنْ أُرْضِیَ اللَّهَ بِسَخَطِ عُثْمَانَ أَحَبُّ إِلَیَّ وَ خَیْرٌ لِی مِنْ أَنْ أُرْضِیَ عُثْمَانَ بِسَخَطِ اللَّهِ! فَأَغْضَبَ عُثْمَانَ ذَلِكَ، فَأَحْفَظَهُ وَ تَصَابَرَ (4)، وَ قَالَ عُثْمَانُ یَوْماً:

أَ یَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ یَأْخُذَ مِنَ الْمَالِ (5) فَإِذَا أَیْسَرَ قَضَاهُ؟!. فَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ (6) أَبُو ذَرٍّ: یَا ابْنَ الْیَهُودِیَّیْنِ، أَ تُعَلِّمُنَا دِینَنَا؟!. فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ كَثُرَ أَذَاكَ لِی وَ تَوَلُّعُكَ بِأَصْحَابِی، الْحَقْ بِالشَّامِ، فَأَخْرَجَهُ إِلَیْهَا، فَكَانَ (7) أَبُو ذَرٍّ یُنْكِرُ عَلَی مُعَاوِیَةَ أَشْیَاءَ یَفْعَلُهَا، فَبَعَثَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ ثَلَاثَمِائَةِ دِینَارٍ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِنْ كَانَتْ مِنْ عَطَائِیَ الَّذِی حَرَّمْتُمُونِیهِ عَامِی هَذَا قَبِلْتُهَا، وَ إِنْ كَانَتْ صِلَةً فَلَا حَاجَةَ لِی فِیهَا، وَ رَدَّهَا عَلَیْهِ.

وَ بَنَی مُعَاوِیَةُ الْخَضْرَاءَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: یَا مُعَاوِیَةُ! إِنْ كَانَتْ هَذِهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَهِیَ الْخِیَانَةُ، وَ إِنْ كَانَتْ (8) مِنْ مَالِكَ فَهُوَ الْإِسْرَافُ، وَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَی یَقُولُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَثَتْ أَعْمَالٌ مَا أَعْرِفُهَا، وَ اللَّهِ مَا هِیَ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا فِی (9) سُنَّةِ نَبِیِّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)، وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی حَقّاً یُطْفَأُ، وَ بَاطِلًا یُحْیَی، وَ صَادِقاً مُكَذَّباً،

ص: 175


1- التّوبة: 34.
2- زیادة: مرارا، جاءت فی ك.
3- فی المصدر زیادة: تعالی.
4- فی الشّافی: فتصابر.
5- جاء فی حاشیة ك: شیئا قرضا. ابن أبی الحدید، أی فی نسخته. أقول: قد تقدّم من المصنّف رحمه اللّٰه أنّ اللّفظ للسّیّد.
6- فی الشّافی: فقال له.
7- فی المصدر: و كان.
8- جاءت فی الشّافی: كان- بلا تاء-.
9- لا توجد: فی، فی المصدر.

وَ أَثَرَةً بِغَیْرِ تُقًی، وَ صَالِحاً مُسْتَأْثَراً عَلَیْهِ. وَ قَالَ (1) حَبِیبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِیُّ (2) لِمُعَاوِیَةَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ لَمُفْسِدٌ عَلَیْكُمُ الشَّامَ فَتَدَارَكْ أَهْلَهُ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ فِیهِ حَاجَةٌ، فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عُثْمَانَ فِیهِ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَی مُعَاوِیَةَ: أَمَّا بَعْدُ، فَاحْمِلْ جُنَیْدِباً (3) إِلَیَّ عَلَی أَغْلَظِ مَرْكَبٍ وَ أَوْعَرِهِ (4)، فَوَجَّهَ بِهِ مَعَ مَنْ سَارَ بِهِ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ، وَ حَمَلَهُ (5) عَلَی شَارِفٍ (6) لَیْسَ عَلَیْهَا إِلَّا قَتَبٌ (7)، حَتَّی قَدِمَ بِهِ (8) الْمَدِینَةَ، وَ قَدْ سَقَطَ لَحْمُ فَخِذَیْهِ مِنَ الْجَهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ الْمَدِینَةَ، بَعَثَ إِلَیْهِ عُثْمَانُ أَنِ (9) الْحَقْ بِأَیِّ أَرْضٍ شِئْتَ، فَقَالَ: بِمَكَّةَ؟. قَالَ: لَا. قَالَ: فَبَیْتِ الْمَقْدِسِ؟. قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِأَحَدِ الْمِصْرَیْنِ (10)؟. قَالَ: لَا، وَ لَكِنِّی مُسَیِّرُكَ إِلَی الرَّبَذَةِ .. فَسَیَّرَهُ إِلَیْهَا، فَلَمْ یَزَلْ بِهَا حَتَّی مَاتَ.

وَ فِی رِوَایَةِ الْوَاقِدِیِّ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ لَمَّا دَخَلَ عَلَی عُثْمَانَ قَالَ لَهُ: لَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَیْناً یَا جُنْدَبُ (11). فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا جُنْدَبٌ وَ سَمَّانِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: عَبْدَ اللَّهِ، فَاخْتَرْتُ اسْمَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی سَمَّانِی رَسُولُ اللَّهِ (12) بِهِ عَلَی اسْمِی. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ (13)الَّذِی تَزْعُمُ أَنَّا نَقُولُ إِنَّ یَدَ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، وَ إِنَّ اللَّهَ

ص: 176


1- فی المصدر: فقال.
2- فی المطبوع من البحار: القهری.
3- فی الشّافی: جندبا.
4- قال ابن الأثیر فی النّهایة 5- 206: علی جبل وعر .. أی غلیظ حزن یصعب الصّعود إلیه.
5- فی المصدر: و حمل.
6- قال الفیروزآبادیّ فی القاموس 3- 157: الشّارف من النّوق: المسنّة الهرمة.
7- القتب- بالتّحریك-: رحل البعیر صغیر علی قدر السّنام، قاله فی مجمع البحرین 2- 139.
8- لا توجد فی المصدر: به.
9- فی الشّافی: بأن.
10- المصران: هما الكوفة و البصرة، ذكره الطّریحیّ فی مجمع البحرین 3- 482.
11- فی المصدر: لا أنعم اللّٰه عینا یا جنیدب.
12- لا توجد فی المصدر: رسول اللّٰه. و فیه: الّذی سمّانی به علی اسمی.
13- فی س: أنّك.

فَقِیرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِیاءُ؟!. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَوْ كُنْتُمْ (1) لَا تَزْعُمُونَ، لَأَنْفَقْتُمْ مَالَ اللَّهِ عَلَی عِبَادِهِ، وَ لَكِنِّی أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ: إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا جَعَلُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا (2)، وَ دِینَ اللَّهِ دَخَلًا، ثُمَّ یُرِیحُ اللَّهُ الْعِبَادَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عُثْمَانُ لِمَنْ حَضَرَهُ: أَ سَمِعْتُمُوهَا مِنْ نَبِیِّ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)؟!. فَقَالُوا: مَا سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَیْلَكَ یَا أَبَا ذَرٍّ! أَ تَكْذِبُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ؟!. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِمَنْ حَضَرَهُ: أَ مَا تَظُنُّونَ أَنِّی صَدَقْتُ؟!. فَقَالُوا: لَا، وَ اللَّهِ مَا نَدْرِی (3). فَقَالَ عُثْمَانُ: ادْعُوا لِی عَلِیّاً، فَدُعِیَ (4)، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ عُثْمَانُ لِأَبِی ذَرٍّ:

اقْصُصْ عَلَیْهِ حَدِیثَكَ فِی بَنِی أَبِی الْعَاصِ، فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: هَلْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟. فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَا، وَ صَدَقَ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ (5): كَیْفَ عَرَفْتَ صِدْقَهُ؟. فَقَالَ (6): لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ، فَقَالَ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ جَمِیعاً: لَقَدْ(7) صَدَقَ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أُحَدِّثُكُمْ أَنِّی سَمِعْتُ هَذَا (8) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ تَتَّهِمُونِی؟! مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّی أَعِیشُ حَتَّی أَسْمَعَ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ!.

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ فِی خَبَرٍ آخَرَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ صَهْبَانَ مَوْلَی الْأَسْلَمِیِّینَ، قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا ذَرٍّ یَوْمَ دُخِلَ بِهِ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِی فَعَلْتَ .. وَ فَعَلْتَ؟!.

ص: 177


1- فی المصدر: و لو كنتم.
2- خولا .. أی خدما و عبیدا، قاله ابن الأثیر فی النّهایة 2- 88 بعد ذكر الحدیث.
3- لا توجد فی المصدر المطبوع عبارة: فقالوا: لا و اللّٰه ما ندری.
4- لا توجد: فدعی، فی الشّافی.
5- فی المصدر: و قد صدق أبو ذرّ، فقال عثمان.
6- فی الشّافی: قال- بلا فاء-.
7- لا توجد: لقد، فی المصدر.
8- فی الشّافی: سمعته هذا.

فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ (1): قَدْ نَصَحْتُكَ فَاسْتَغْشَشْتَنِی وَ نَصَحْتُ صَاحِبَكَ فَاسْتَغَشَّنِی. فَقَالَ عُثْمَانُ: كَذَبْتَ، وَ لَكِنَّكَ تُرِیدُ الْفِتْنَةَ وَ تُحِبُّهَا، قَدْ (2) قَلَبْتَ الشَّامَ عَلَیْنَا. فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: اتَّبِعْ سُنَّةَ صَاحِبَیْكَ، لَا یَكُونُ لِأَحَدٍ عَلَیْكَ كَلَامٌ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا لَكَ وَ لِذَلِكَ لَا أُمَّ لَكَ!. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ لِی عُذْراً إِلَّا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَغَضِبَ عُثْمَانُ وَ قَالَ: أَشِیرُوا عَلَیَّ فِی هَذَا الشَّیْخِ الْكَذَّابِ!، إِمَّا أَنْ أَضْرِبَهُ أَوْ أَحْبِسَهُ أَوْ أَقْتُلَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ، أَوْ أَنْفِیَهُ مِنَ الْأَرْضِ، فَتَكَلَّمَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ حَاضِراً-، فَقَالَ: أُشِیرُ عَلَیْكَ بِمَا قَالَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ: (وَ إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (3)، فَأَجَابَهُ عُثْمَانُ بِجَوَابٍ غَلِیظٍ لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَ أَجَابَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِمِثْلِهِ.

ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ حَظَرَ عَلَی النَّاسِ أَنْ (4) یُقَاعِدُوا أَبَا ذَرٍّ وَ یُكَلِّمُوهُ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ أَیَّاماً، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ یُؤْتَی بِهِ، فَلَمَّا أُتِیَ بِهِ وَ (5) وَقَفَ بَیْنَ یَدَیْهِ، قَالَ: وَیْحَكَ یَا عُثْمَانُ! أَ مَا رَأَیْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ رَأَیْتَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ!، هَلْ رَأَیْتَ هَذَا هَدْیَهُمْ، إِنَّكَ لَتَبْطِشُ فِیَّ (6) بَطْشَ جَبَّارٍ!. فَقَالَ: اخْرُجْ عَنَّا مِنْ بِلَادِنَا. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَمَا أَبْغَضَ إِلَیَّ جِوَارَكَ! فَإِلَی (7) أَیْنَ أَخْرُجُ؟. قَالَ: حَیْثُ شِئْتَ. قَالَ:

فَأَخْرُجُ إِلَی الشَّامِ أَرْضِ الْجِهَادِ. فَقَالَ: إِنَّمَا جَلَبْتُكَ مِنَ الشَّامِ لِمَا قَدْ أَفْسَدْتَهَا، أَ فَأَرُدُّكَ إِلَیْهَا؟!. قَالَ: إِذَنْ أَخْرُجُ(8) إِلَی الْعِرَاقِ .. قَالَ: لَا. قَالَ: وَ لِمَ؟. قَالَ:

ص: 178


1- فی المصدر: قال أبو ذرّ.
2- فی ك: و قد.
3- الغافر: 28.
4- لا توجد فی المصدر: أن.
5- فی الشّافی: وقف- بلا واو-.
6- فی المصدر: إنّك تبطش بی.
7- زیادة: قال، جاءت فی الشّافی قبل: فإلی.
8- فی المصدر: أ فأخرج، بدلا من: إذن أخرج.

تَقْدُمُ عَلَی قَوْمٍ أَهْلِ شُبْهَةٍ (1) وَ طَعْنٍ عَلَی الْأَئِمَّةِ. قَالَ: فَأَخْرُجُ (2) إِلَی مِصْرَ؟. قَالَ:

لَا. قَالَ: فَإِلَی (3) أَیْنَ أَخْرُجُ؟. قَالَ: حَیْثُ شِئْتَ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: هُوَ إِذَنْ (4) التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، أَخْرُجُ إِلَی نَجْدٍ؟. فَقَالَ عُثْمَانُ: الشرف الشرف [إِلَی الشَّرْقِ الْأَبْعَدِ أَقْصَی فَأَقْصَی. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ أَبَیْتُ ذَلِكَ عَلَیَّ. قَالَ: امْضِ عَلَی وَجْهِكَ هَذَا، وَ لَا تَعْدُوَنَّ الرَّبَذَةَ. فَخَرَجَ إِلَیْهَا (5).

أقول: الجواب الغلیظ الّذی لم یحبّ ذكره هو قوله لعنه اللّٰه: بفیك التراب، و قوله علیه السلام: بل بفیك التراب، كما رواه فی تقریب المعارف (6) ثم قال (7).:

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِی الرِّجَالِ (8)، عَنْ مُوسَی بْنِ مَیْسَرَةَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیَّ قَالَ: كُنْتُ أُحِبُّ لِقَاءَ أَبِی ذَرٍّ لِأَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِ خُرُوجِهِ، فَنَزَلْتُ (9) الرَّبَذَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَ لَا تُخْبِرُنِی! خَرَجْتَ مِنَ الْمَدِینَةِ طَائِعاً أَوْ أُخْرِجْتَ؟. قَالَ: أَمَا إِنِّی كُنْتُ فِی ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ أُغْنِی (10) عَنْهُمْ، فَأُخْرِجْتُ إِلَی مَدِینَةِ الرَّسُولِ، فَقُلْتُ: دَارُ هِجْرَتِی وَ أَصْحَابِی، فَأُخْرِجْتُ مِنْهَا إِلَی مَا تَرَی، ثُمَّ قَالَ: بَیْنَا أَنَا ذَاتَ لَیْلَةٍ نَائِمٌ فِی الْمَسْجِدِ إِذْ مَرَّ بِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ

ص: 179


1- فی الشّافی: شبه- بصیغة الجمع-.
2- فی س: أ فأخرج- بهمزة استفهام-.
3- لا توجد: فإلی، فی المصدر.
4- فی الشّافی: و هو أیضا، بدلا من: هو إذن.
5- لا توجد فی الشّافی: فخرج إلیها. و هی موجودة فی شرح النّهج. انتهی كلام ابن أبی الحدید و السّیّد رحمه اللّٰه.
6- تقریب المعارف: لم یطبع القسم الثانی المطاعن منه، و نفی أبی ذر جاء فی صفحة: 165.
7- أی السیّد رحمه اللّٰه فی الشافی 4- 298، و ابن أبی الحدید فی شرحه 3- 57.
8- فی الشّافی: الرّحال.
9- زیادة: به، جاءت فی المصدر.
10- فی س: تقرأ: غنیّ. و الهمزة منها طمست. أقول: أغنی .. أی أدفع، كما فی مجمع البحرین 1- 320 و غیره.

وَ سَلَّمَ، فَقَالَ: فَضَرَبَنِی بِرِجْلَیْهِ (1)، فَقَالَ: لَا أَرَاكَ نَائِماً فِی الْمَسْجِدِ. فَقُلْتُ: بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی! غَلَبَتْنِی عَیْنِی فَنِمْتُ فِیهِ. فَقَالَ: كَیْفَ تَصْنَعُ إِذَا أَخْرَجُوكَ مِنْهُ؟.

فَقُلْتُ: إِذَنْ أَلْحَقُ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ، وَ أَرْضُ تَقِیَّةِ (2) الْإِسْلَامِ، وَ أَرْضُ الْجِهَادِ. فَقَالَ: كَیْفَ بِكَ إِذَا أَخْرَجُوكَ مِنْهَا؟. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ (3): أَرْجِعُ إِلَی الْمَسْجِدِ. قَالَ: كَیْفَ تَصْنَعُ إِذَا أَخْرَجُوكَ مِنْهُ؟. قُلْتُ: آخُذُ سَیَفِی فَأَضْرِبُ بِهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَ لَا أَدُلُّكَ عَلَی خَیْرٍ مِنْ ذَلِكَ، اسْتَقِ (4) مَعَهُمْ (5) حَیْثُ سَاقُوكَ، وَ تَسْمَعُ وَ تُطِیعُ، فَسَمِعْتُ وَ أَطَعْتُ وَ أَنَا أَسْمَعُ وَ أُطِیعُ، وَ اللَّهِ لَیَلْقَیَنَّ اللَّهَ عُثْمَانُ (6) وَ هُوَ آثِمٌ فِی جَنْبِی.

وَ كَانَ یَقُولُ بِالرَّبَذَةِ: مَا تَرَكَ الْحَقُّ لِی (7)صَدِیقاً.

وَ كَانَ یَقُولُ فِیهَا: رَدَّنِی عُثْمَانُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَابِیّاً.

ثم قال السید (8) رضی اللّٰه عنه: و الأخبار فی هذا الباب أكثر من أن نحصرها و أوسع من أن نذكرها.

أقول:

وَ رَوَی الْمَسْعُودِیُّ فِی مُرُوجِ الذَّهَبِ (9) أَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ .. إِلَی أَنْ قَالَ: لَمَّا رَدَّ عُثْمَانُ أَبَا ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَی الْمَدِینَةِ عَلَی بَعِیرٍ عَلَیْهِ قَتَبٌ یَابِسٌ، مَعَهُ

ص: 180


1- فی الشّافی: فضربنی برجله- من دون كلمة: فقال. و هو الظّاهر.
2- فی شرح النّهج و الشّافی: بقیّة.
3- لا توجد: له، فی المصدر.
4- فی الشّافی: انسق.
5- فی س: من، بدلا من: معهم. و جعلت فیه معهم نسخة بدل. و خطّ علی: من، فی ك.
6- لا توجد فی س: عثمان.
7- لا توجد فی ك: لی.
8- الشافی 4- 298. و مثله فی شرح النهج لابن أبی الحدید 3- 58. و اللفظ للأخیر.
9- مروج الذّهب 2- 340- 342 بتصرّف. و جاء فی تاریخ الخمیس 2- 268: إنّ عثمان حبس عبد اللّٰه بن مسعود و أبا ذرّ عطاءهما، و أخرج أبا ذرّ إلی الرّبذة.

خَمْسُمِائَةٍ (1) مِنَ الصَّقَالِبَةِ (2) یَطْرُدُونَ (3) بِهِ حَتَّی أَتَوْا بِهِ الْمَدِینَةَ وَ قَدْ تَسَلَّخَتْ بَوَاطِنُ أَفْخَاذِهِ وَ كَادَ یَتْلَفُ (4)، فَقِیلَ لَهُ: إِنَّكَ تَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ؟. فَقَالَ: هَیْهَاتَ! لَنْ أَمُوتَ حَتَّی أُنْفَی .. وَ ذَكَرَ مَا یَنْزِلُ بِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ فِیهِ (5) .. وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ: فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَارِ وَجْهَكَ عَنِّی. قَالَ (6): أَسِیرُ إِلَی مَكَّةَ. قَالَ: لَا وَ اللَّهِ (7). قَالَ: فَإِلَی الشَّامِ؟. قَالَ: لَا وَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِلَی (8) الْبَصْرَةِ؟. قَالَ: لَا وَ اللَّهِ. فَاخْتَرْ غَیْرَ هَذِهِ الْبُلْدَانِ. قَالَ: لَا وَ اللَّهِ لَا أَخْتَارُ (9) غَیْرَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَ لَوْ تَرَكْتَنِی فِی دَارِ هِجْرَتِی مَا أَرَدْتُ شَیْئاً مِنَ الْبُلْدَانِ، فَسَیِّرْنِی حَیْثُ شِئْتَ مِنَ الْبِلَادِ. قَالَ: إِنِّی(10) مُسَیِّرُكَ إِلَی الرَّبَذَةِ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَنِی بِكُلِّ مَا أَنَا لَاقٍ. قَالَ (11): وَ مَا قَالَ لَكَ؟. قَالَ: أَخْبَرَنِی أَنِّی أُمْنَعُ مِنْ مَكَّةَ (12) وَ الْمَدِینَةِ وَ أَمُوتُ بِالرَّبَذَةِ، وَ یَتَوَلَّی دَفْنِی نَفَرٌ یَرِدُونَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی نَحْوِ (13) الْحِجَازِ، وَ بَعَثَ أَبُو ذَرٍّ إِلَی جَمَلٍ (14) فَحَمَلَ عَلَیْهِ امْرَأَتَهُ، وَ قِیلَ: ابْنَتَهُ، وَ أَمَرَ عُثْمَانُ أَنْ یَتَجَافَاهُ النَّاسُ

ص: 181


1- فی المصدر: خمسة.
2- جاء فی مجمع البحرین 2- 100: و فی الحدیث ذكر الصّقالبة، و هم جیل تتاخم بلادهم بلاد الخزورین و قسطنطنیّة، و لاحظ: القاموس المحیط 1- 93.
3- فی المروج: یطیرون، بدلا من: یطردون.
4- جاءت: و كان أن یتلف، فی المصدر.
5- فی المروج: و ذكر جوامع ما ینزل به بعد.
6- فی المصدر: وار عنّی وجهك فقال.
7- هنا سقط جاء فی مروج الذّهب: قال: فتمنعنی من بیت ربّی أعبده فیه حتّی أموت، قال: إی و اللّٰه.
8- لا توجد: إلی، فی المصدر.
9- فی مروج الذّهب: ما أختار.
10- فی المصدر: فإنّی.
11- فی المصدر: قال عثمان.
12- جاءت العبارة فی المروج هكذا: بأنّی أمنع عن مكّة.
13- عبارة المصدر: و یتولّی مواراتی نفر ممّن یردون من العراق نحو ..
14- زیادة: له، جاءت فی المصدر.

حَتَّی یَسِیرَ إِلَی الرَّبَذَةِ، وَ لَمَّا (1) طَلَعَ عَنِ الْمَدِینَةِ وَ مَرْوَانُ یُسَیِّرُهُ عَنْهَا طَلَعَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ ابْنَاهُ (2) عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ عَقِیلٌ أَخُوهُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ، فَاعْتَرَضَ مَرْوَانُ وَ قَالَ: یَا عَلِیُّ! إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَنْهَی النَّاسَ أَنْ یَمْنَحُوا أَبَا ذَرٍّ أَوْ یَسْقُوهُ (3)، فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ (4) فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ، فَحَمَلَ عَلَیْهِ(5) بِالسَّوْطِ، فَضَرَبَ بَیْنَ أُذُنَیْ نَاقَةِ مَرْوَانَ (6) وَ قَالَ: تَنَحَّ! نَحَّاكَ اللَّهُ إِلَی النَّارِ، وَ مَضَی مَعَ أَبِی ذَرٍّ فَشَیَّعَهُ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَ انْصَرَفَ، فَلَمَّا أَرَادَ عَلِیٌّ (علیه السلام) الِانْصِرَافَ بَكَی أَبُو ذَرٍّ وَ قَالَ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَهْلَ الْبَیْتِ إِذَا رَأَیْتُكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ وَ وُلْدَكَ ذَكَرْتُ بِكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ. فَشَكَا مَرْوَانُ إِلَی عُثْمَانَ مَا فَعَلَ بِهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ (7)، فَقَالَ عُثْمَانُ: یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ! مَنْ یَعْدُونِی (8) مِنْ عَلِیٍّ؟ رَدَّ رَسُولِی عَمَّا وَجَّهْتُهُ لَهُ، وَ فَعَلَ وَ فَعَلَ (9)، وَ اللَّهِ لِنُعْطِیهِ (10) حَقَّهُ، فَلَمَّا رَجَعَ عَلِیٌّ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ وَ قَالُوا (11): إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْكَ غَضْبَانُ لِتَشْیِیعِكَ أَبَا ذَرٍّ!. فَقَالَ عَلِیٌّ (علیه السلام):

غَضَبُ الْخَیْلِ عَلَی اللُّجُمِ (12)، فَلَمَّا كَانَ بِالْعَشِیِّ وَ(13) جَاءَ عُثْمَانُ قَالَ (14): مَا حَمَلَكَ عَلَی

ص: 182


1- فی مروج الذّهب: فلمّا.
2- فی المصدر زیادة: الحسن و الحسین.
3- جاء فی حاشیة س: أو یستحوه. كذا.
4- جاءت العبارة فی مروج الذّهب هكذا: فقال: یا علیّ! إنّ أمیر المؤمنین قد نهی النّاس أن یصحبوا أبا ذرّ فی مسیره و یشیّعوه فإن كنت لا تدری بذلك.
5- فی المصدر زیادة: علیّ بن أبی طالب.
6- فی مروج الذّهب: و ضرب بین أذنی راحلته.
7- فی المصدر: علیّ بن أبی طالب.
8- فی مروج الذّهب: من یعذرنی.
9- جاءت فی المصدر: كذا، بدلا من: و فعل- الثّانیة-.
10- فی مروج الذّهب: لنعطینّه. و كذلك هی فی نسختی البحار.
11- فی المصدر: فقالوا.
12- و هی من أمثال العرب تضرب لمن یغضب غضبا لا ینتفع به و لا موضع له، انظر: مجمع الأمثال 2- 67 برقم 2662.
13- لا توجد الواو فی مروج الذّهب.
14- فی المصدر: فقال له.

مَا صَنَعْتَ بِمَرْوَانَ؟ وَ لِمَ اجْتَرَأْتَ عَلَیَّ وَ رَدَدْتَ رَسُولِی وَ أَمْرِی؟. فَقَالَ (1): أَمَّا مَرْوَانُ فَاسْتَقْبَلَنِی بِرَدِّی (2) فَرَدَدْتُهُ عَنْ رَدِّی، وَ أَمَّا أَمْرَكَ لَمْ أَرُدَّهُ. فَقَالَ (3) عُثْمَانُ: أَ لَمْ یَبْلُغْكَ أَنِّی قَدْ نَهَیْتُ النَّاسَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ وَ شیعه (4)؟. فَقَالَ عَلِیٌّ (علیه السلام): أَ وَ كُلَّ مَا أَمَرْتَنَا بِهِ مِنْ شَیْ ءٍ نَرَی طَاعَةَ اللَّهِ وَ الْحَقَّ فِی خِلَافِهِ اتَّبَعْنَا فِیهِ أَمْرَكَ، لَعَمْرُ اللَّهِ مَا نَفْعَلُ.

فَقَالَ (5) عُثْمَانُ: أَقِدْ مَرْوَانَ. قَالَ: وَ مِمَّ أُقِیدُهُ؟. قَالَ: ضَرَبْتَ بَیْنَ أُذُنَیْ رَاحِلَتِهِ وَ شَتَمْتَهُ فَهُوَ شَاتِمُكَ وَ ضَارِبٌ بَیْنَ أُذُنَیْ رَاحِلَتِكَ!!. قَالَ عَلِیٌّ (علیه السلام): أَمَّا رَاحِلَتِی فَهِیَ تِلْكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ یَضْرِبَهَا كَمَا ضَرَبْتُ رَاحِلَتَهُ فَعَلَ (6)، وَ أَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ لَئِنْ شَتَمَنِی لَأَشْتِمَنَّكَ بِمِثْلِهِ لَا كَذِبَ (7) فِیهِ وَ لَا أَقُولُ إِلَّا حَقّاً. قَالَ عُثْمَانُ: وَ لِمَ لَا یَشْتِمُكَ إِذَا شَتَمْتَهُ، فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَفْضَلَ عِنْدِی مِنْهُ!، فَغَضِبَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: لِی (8) تَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ؟! أَ مَرْوَانُ یُعْدَلُ بِی؟!!! فَلَا وَ اللَّهِ أَنَا (9) أَفْضَلُ مِنْكَ وَ أَبِی أَفْضَلُ مِنْ أَبِیكَ، وَ أُمِّی أَفْضَلُ مِنْ أُمِّكَ، وَ هَذِهِ نَبْلِی قَدْ نَثَلْتُهَا فَانْثُلْ نَبْلَكَ(10)، فَغَضِبَ عُثْمَانُ وَ احْمَرَّ وَجْهُهُ وَ قَامَ فَدَخَلَ (11)، وَ انْصَرَفَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَهْلُ بَیْتِهِ وَ رِجَالُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ (12) شَكَا إِلَیْهِمْ

ص: 183


1- فی مروج الذّهب: قال- من دون فاء-.
2- فی المصدر: یردّنی.
3- فی مروج الذّهب: فلم أردّه قال ..
4- فی المصدر: و عن تشییعه.
5- فی مروج الذّهب: باللّٰه لا نفعل، قال ..
6- فی المصدر: فلیفعل.
7- فی مروج الذّهب: أنت مثلها بما لا أكذب، بدلا من: بمثله لا كذب.
8- فی المصدر: فغضب علیّ بن أبی طالب و قال: إلیّ.
9- فی مروج الذّهب: و بمروان تعدلنی!! فأنا و اللّٰه أفضل ..
10- فی المصدر: و هلمّ فانثل بنبلك. قال فی القاموس 4- 54: نثل الكنانة: استخرج نبلها فنثرها. و نحوه فی الصّحاح 5- 1825.
11- جاءت فی المصدر: فقام و دخل داره.
12- زیادة: إلی عثمان، جاءت فی مروج الذّهب.

عَلِیّاً (علیه السلام) وَ قَالَ: إِنَّهُ یَغُشُّنِی وَ یُظَاهِرُ مَنْ یَغُشُّنِی (1) یُرِیدُ بِذَلِكَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً (2) أَوْ غَیْرَهُمَا-، فَدَخَلَ النَّاسُ بَیْنَهُمَا حَتَّی اصْطَلَحَا. وَ قَالَ (3) عَلِیٌّ (علیه السلام): وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِتَشْیِیعِی أَبَا ذَرٍّ (4) إِلَّا اللَّهَ تَعَالَی.

انتهی (5) و قد مرّ فی باب أحوال أبی ذرّ (6)تلك القصّة و فضائله و مناقبه من طرق أهل البیت علیهم السلام (7).

ص: 184


1- فی المصدر: إنّه یعیینی و یظاهر من یعیبنی.
2- فی مروج الذّهب: و عمّار بن یاسر.
3- زیادة: له، بعد: قال، جاءت فی المصدر.
4- فی المصدر: أبی ذرّ. و لعلّها سهو.
5- و ذكر أكثر ما مرّ و زاد علیه غیره، انظر: الأنساب للسمعانی 5- 52- 54، طبقات ابن سعد 4- 168، تاریخ الیعقوبی 2- 148، فتح الباری 3- 213، عمدة القاری 4- 291، و صحیح البخاری كتابا الزكاة و التفسیر و فصل كیفیّة الأبعاد، و ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 2- 375- 387.
6- بحار الأنوار 22- 393- 433.
7- و لعلّ ما جاء عن طریق العامّة أكثر و أكثر، فهو ممّن تعبّد قبل البعثة و كان موحّدا قبل الإسلام، بل ممّن لم یعبد صنما و سبق فی الإسلام إذ كان ثالث أو رابع أو خامس من أسلم، و كان من أوعیة العلم و الزهد و الورع، و أبرز من قال بالحقّ و لم تأخذه فی اللّٰه لومة لائم، و هو أوّل من حیّی الرسول بتحیة الإسلام. و حسبه ما قاله فیه أبو الحسن علیه السلام: وعی علما عجز فیه. و كان شحیحا حریصا علی دینه، حریصا علی العلم، و كان یكثر السؤال فیعطی و یمنع. و نحن خوفا من الإطالة نعرض عن ذكر النصوص و نكتفی بالمصادر، فمن أراد فلیراجعها، منها: طبقات ابن سعد 4- 161 و 164- 166 و 170، صحیح مسلم كتاب المناقب 7- 153 156، صحیح البخاریّ 6- 24 باب إسلام أبی ذر، حلیة الأولیاء 1- 157- 158، صفوة الصفوة لابن الجوزی 1- 238، تاریخ ابن عساكر 7- 217، مستدرك الحاكم 3- 338 و 342، الاستیعاب 1- 83، 2- 664، أسد الغابة 5- 186، شرح الجامع الصغیر للمناوی 5- 423، الإصابة 4- 63- 64 و 3- 484، مسند أحمد بن حنبل 5- 163 و 174، مجمع الزوائد 9- 339 331، و غیرها كثیر.

وَ رَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (1) بِرِوَایَةِ التِّرْمِذِیِّ (2)، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةٍ مِنْ أَبِی ذَرٍّ، أَشْبَهِ عِیسَی فِی وَرَعِهِ. قَالَ عُمَرُ: أَ فَنَعْرِفُ (3) ذَلِكَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ؟!. قَالَ: نَعَمْ، فَاعْرِفُوا لَهُ..

وَ عَنْ بُرَیْدَةَ (4)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ اللَّهَ (5) أَمَرَنِی بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یُحِبُّهُمْ. قِیلَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! سَمِّهِمْ لَنَا؟. قَالَ: عَلِیٌّ مِنْهُمْ .. یَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثاً، وَ أَبُو ذَرٍّ، وَ الْمِقْدَادُ، وَ سَلْمَانُ، أَمَرَنِی بِحُبِّهِمْ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یُحِبُّهُمْ (6).

وَ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ(7)، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ.

قَالَ:

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِیُّ (8).

وَ (9) عَنْ أَبِی ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: مَا أَظَلَّتِ

ص: 185


1- جامع الأصول 8- 567 حدیث 6377.
2- سنن التّرمذیّ كتاب المناقب، باب مناقب أهل بیت النّبیّ ص، و باب مناقب معاذ و زید و أبیّ بن كعب و أبی عبیدة حدیث 3793، و 3794.
3- فی المصدر: فتعرف له.
4- كما فی سنن التّرمذیّ كتاب المناقب باب مناقب علیّ بن أبی طالب حدیث 3720، و الحاكم فی المستدرك 3- 130 و قال: صحیح علی شرط مسلم.
5- فی المصدر زیادة: تبارك و تعالی.
6- و قد رواه ابن الأثیر فی جامع الأصول 8- 579 حدیث 6393.
7- جامع الأصول 9- 50 حدیث 6593.
8- سنن التّرمذیّ كتاب المناقب باب مناقب أبی ذرّ 2- 213 حدیث 3803، و قال: هذا حدیث صحیح. و أورده ابن ماجة فی سننه 1- 66، و الحاكم فی المستدرك 3- 830، و أبو نعیم فی حلیة الأولیاء 1- 172، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 557، و ابن حجر فی الإصابة 3- 455، و المناوی فی شرح الجامع الصّغیر 2- 215 و غیرهم.
9- جامع الأصول ذیل الحدیث السّابق.

الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ (1) مِنْ أَبِی ذَرٍّ، شَبِیهِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَالْحَاسِدِ-: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! أَ فَنَعْرِفُ ذَلِكَ لَهُ؟. قَالَ: نَعَمْ، فَاعْرِفُوهُ.

قال: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِیُّ (2)، وَ قَالَ: قَدْ رَوَی بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِیثَ فَقَالَ: أَبُو ذَرٍّ یَمْشِی فِی الْأَرْضِ بِزُهْدِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (3)

ص: 186


1- لا توجد فی س: أصدق. و فی جامع الأصول: و لا أصدق و لا أوفی.
2- صحیح التّرمذیّ 2- 221.
3- یمكن عدّ حدیث صدق أبی ذرّ و زهده من أظهر مصادیق التّواتر المعنویّ، إذ أخرجه جملة الحفّاظ علی اختلاف ألفاظه كابن سعد و التّرمذیّ و ابن ماجة و أحمد و ابن أبی شیبة و ابن جریر و أبی عمر و أبی نعیم و البغویّ و الحاكم و ابن عساكر و الطّبرانیّ و ابن الجوزیّ و غیرهم. انظر: الطّبقات 4- 167 و 168، سنن ابن ماجة 1- 68، مسند أحمد 2- 163 و 175 و 223، و 5- 197، و 6- 442، مستدرك الحاكم 3- 342، و 4- 480 و قد صحّحه و أقرّه علیه الذّهبیّ، مصابیح السّنّة 2- 228، صفة الصّفوة 1- 340، الاستیعاب 1- 84، مجمع الزّوائد 9- 329، الإصابة لابن حجر 3- 622 و 4- 62، كنز العمّال 6- 169 و 8- 15- 17، و جملة كتب الحدیث و الرّجال و التّراجم. و جاء عن طریق العامّة جملة روایات فی فضل أبی ذرّ نذكر منها أمثلة: منها: ما جاء فی السّیرة النّبویّة لابن هشام 4- 179: رحم اللّٰه أبا ذرّ یمشی وحده، و یموت وحده، و یبعث وحده. و أخرجه فی الطّبقات 4- 170، الاستیعاب 1- 83، و أسد الغابة 5- 188، و الإصابة 4- 164. و منها: ما ذكره الهیثمیّ فی مجمع الزّوائد 9- 39 أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال: إنّ الجنّة تشتاق إلی ثلاثة: علیّ و عمّار و أبی ذرّ. و قد أورد الحاكم فی مستدركه 3- 344، بإسناده عن عبد الرّحمن بن غنم، قال: كنت مع أبی الدّرداء فجاء رجل من قبل المدینة، فسأله فأخبره: أنّ أبا ذرّ مسیّر إلی الرّبذة، فقال أبو الدّرداء: إنّا للّٰه و إنّا إلیه راجعون، لو أنّ أبا ذرّ قطع لی عضوا أو یدا ما هجّنته بعد ما سمعت النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله یقول: ما أظلّت .. إلی آخره. و قریب منه فی مسند أحمد 5- 197. و لنختم البحث بكلام سیّد الوصیّین و أمیر المؤمنین علیه السّلام إذ یقول: «یا أبا ذرّ! إنّك غضبت للّٰه فارج من غضبت له، إنّ القوم خافوك علی دنیاهم و خفتهم علی دینك، فاترك فی أیدیهم ما خافوك علیه، و اهرب منهم بما خفتهم علیه، فما أحوجهم إلی ما منعتهم و ما أغناك عمّا منعوك ... لا یؤنسنّك إلّا الحقّ، و لا یوحشنّك إلّا الباطل، فلو قبلت دنیاهم لأحبّوك، و لو قرضت منها لأمّنوك». نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 12- 13، صبحی الصّالح: «188»-برقم 130، و انظر ما ذكره ابن أبی الحدید فی ذیل كلامه علیه السّلام 8- 252- 262 [2- 354- 358 ذا أربع مجلّدات .

أقول: و إذا كان أبو ذرّ رضوان اللّٰه علیه من الذی یحبّهم اللّٰه و أمر رسوله بحبّهم فإیذاؤه و الإهانة به فی حكم المعاداة للّٰه و لرسوله، و إذا كان أصدق الناس لهجة فحال من شهد علیه بالكذب و الضلال معلوم، و ما اشتملت علیه القصّة من منازعته مع أمیر المؤمنین علیه السلام و شتمه یكفی فی القدح فیه و وجوب لعنه.

الطعن الخامس:

أنّه ضرب عبد اللّٰه بن مسعود حتّی كسر بعض أضلاعه، و قد رووا فی فضله فی صحاحهم أخبارا كثیرة، و كان ابن مسعود یذمّه و یشهد بفسقه و ظلمه.

قَالَ (1) السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی الشَّافِی (2): قَدْ رَوَی كُلُّ مَنْ رَوَی السِّیرَةَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِیثِ عَلَی اخْتِلَافِ طُرُقِهِمْ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ یَقُولُ: لَیْتَنِی وَ عُثْمَانُ بِرَمْلِ عَالِجٍ یَحْثُو عَلَیَّ وَ أَحْثُو عَلَیْهِ (3) حَتَّی یَمُوتَ الْأَعْجَزُ مِنِّی وَ مِنْهُ.

وَ رَوَوْا أَنَّهُ كَانَ یَطْعَنُ عَلَیْهِ فَیُقَالُ لَهُ: أَلَا خَرَجْتَ إِلَیْهِ لِیَخْرُجَ (4) مَعَكَ؟!.

فَیَقُولُ: وَ اللَّهِ لَأَنْ أُزَاوِلَ جَبَلًا رَاسِیاً أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ (5) أُزَاوِلَ مُلْكاً مُؤَجَّلًا. وَ كَانَ یَقُولُ فِی كُلِّ یَوْمِ جُمُعَةٍ بِالْكُوفَةِ جَاهِراً مُعْلِناً: إِنَّ أَصْدَقَ الْقَوْلِ كِتَابُ اللَّهِ، وَ أَحْسَنَ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَ كُلَّ مُحْدَثٍ بِدْعَةٌ،

ص: 187


1- فی ك: و قال.
2- الشّافی 4- 279- 280.
3- فی المصدر: یحثی علیّ و أحثی علیه.
4- فی الشّافی: لنخرج.
5- لا توجد: أن، فی المصدر.

وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَ كُلَّ ضَلَالَةٍ فِی النَّارِ، وَ إِنَّمَا كَانَ یَقُولُ ذَلِكَ مُعَرِّضاً بِعُثْمَانَ حَتَّی غَضِبَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ (1) مِنِ اسْتِمْرَارِ تَعْرِیضِهِ (2) وَ نَهَاهُ عَنْ خُطْبَتِهِ هَذِهِ فَأَبَی أَنْ یَنْتَهِیَ، فَكَتَبَ إِلَی عُثْمَانَ فِیهِ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ یَسْتَقْدِمُهُ عَلَیْهِ ... (3).

وَ قَدْ رُوِیَ (4) عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ لَا تُحْصَی كَثْرَةً أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ: مَا یَزِنُ عُثْمَانُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ (5) ..

وَ (6) أَوْصَی عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ لَا یُصَلِّیَ عَلَیْهِ عُثْمَانُ (7)، وَ لَمَّا أَتَاهُ عُثْمَانُ فِی مَرَضِهِ وَ طَلَبَ مِنْهُ الِاسْتِغْفَارَ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَأْخُذَ لِی مِنْكَ بِحَقِّی ...

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ (8) بِإِسْنَادِهِ، وَ غَیْرُهُ، أَنَّ عُثْمَانَ (9) لَمَّا اسْتَقْدَمَهُ (10) الْمَدِینَةَ دَخَلَهَا لَیْلَةَ جُمُعَةٍ، فَلَمَّا عَلِمَ عُثْمَانُ بِدُخُولِهِ، قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ قَدْ طَرَقَكُمُ اللَّیْلَةَ

ص: 188


1- لا یوجد فی الشّافی: بن عقبة.
2- فی المصدر: تعرّضه.
3- و منها، ما قاله للولید: ما أری صاحبكم إلّا و قد غیّر و بدّل، كما ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 36، و فیه: و كتب الولید إلی عثمان بذلك و قال: إنّه یعیبك و یطعن علیك.
4- كما جاء فی الشّافی 4- 280.
5- فی ك نسخة بدل: ذباب، و هی الّتی جاءت فی الشّافی. ثمّ إنّ هنا سقط، لاحظه فی الشّافی.
6- الكلام للسّیّد المرتضی فی الشّافی 4- 280- 281، ذكر المصنّف رحمه اللّٰه هنا مضمون النّصّ و الوصیّة، و اختزل منه جمل مفیدة، فراجع.
7- و منها: وصیّة ابن مسعود بأن لا یصلّی علیه عثمان، بل لم یعلم بدفنه، كما فصّلها ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 1- 236، و ابن عبد البرّ القرطبیّ فی الاستیعاب 1- 373، و الحاكم فی المستدرك 3- 313، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 163 و غیرهم.
8- كما حكاه السّیّد فی الشّافی 4- 281- 282 بتصرّف.
9- فی ك نسخة بدل: ابن مسعود، و هو غلط.
10- جاء علی ك: استقدم، و رمز لها بنسخة بدل.

دُوَیْبَةٌ مِنْ تَمْرٍ (1) عَلَی طَعَامِهِ تَقِی ءُ وَ تَسْلَحُ (2). فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَسْتُ كَذَلِكَ، وَ لَكِنِّی (3) صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ بَدْرٍ، وَ صَاحِبُهُ یَوْمَ أُحُدٍ، وَ صَاحِبُهُ یَوْمَ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَ صَاحِبُهُ یَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَ صَاحِبُهُ یَوْمَ حُنَیْنٍ.

قَالَ: وَ صَاحَتْ (4) عَائِشَةُ: أَیَا عُثْمَانُ! أَ تَقُولُ هَذَا لِصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟!. فَقَالَ عُثْمَانُ: اسْكُتِی. ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ (5):

أَخْرِجْهُ إِخْرَاجاً عَنِیفاً، فَأَخَذَهُ ابْنُ زَمْعَةَ فَاحْتَمَلَهُ حَتَّی جَاءَ بِهِ بَابَ الْمَسْجِدِ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَكَسَرَ ضِلْعاً مِنْ أَضْلَاعِهِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَتَلَنِی ابْنُ زَمْعَةَ الْكَافِرُ بِأَمْرِ عُثْمَانَ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّ ابْنَ زَمْعَةَ الَّذِی فَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَهُ كَانَ مَوْلًی لِعُثْمَانَ

ص: 189


1- و فی الشّافی: دویبة من تمشی، و فی ك نسخة بدل: دویبة تمشی، و ذكر فی حاشیتها: و فی بعض النّسخ: دویبة تمر علی طعامه تقیّئ و یسلح .. و لعلّه شبّهه بالدّودة الّتی تقع فی الثّمر و یقی ء و تسلح فیه، و تذكر الضّمیر فی المواضع باعتبار المشبّه. و فی بعض النّسخ: من یمشی .. أی دابّة تمشی علی طعام ذلك الرّجل و تقیّئ و یسلح فیه. و فی بعضها: من تمشّ ..، و المشّ: المصّ، و فلان تمیش من فلان .. أی یصیب منه، و تمشّشت العظم: أكلت مشاشه، و هی رءوس العظام اللّیّنة. و فی بعضها: مرتمس. [منه نوّر اللّٰه ضریحه] أقول: ذكر المعنی الأخیر فی لسان العرب 6- 347، و الصّحاح 3- 1019، و غیرهما.
2- فی الشّافی: یقی ء و یسلح. و السّلح: التّغوّط، و غرض عثمان أنّ ابن مسعود كذئب صغیر قد مرّت الدّویبة علی طعامه فأفسدته علیه و تقیّأ و تغوّط فیه، فاجتنبوه لئلّا یفسد علیكم عیشكم.
3- فی ك نسخة بدل: و لكنّنی، و قد جاءت فی المصدر.
4- فی المصدر: فصاحت.
5- فی المصدر زیادة: بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّی بن قصیّ. و لعلّ ترك المصنّف رحمه اللّٰه لهذه الزّیادة جاء من كون هذا الشّخص من شیعة أمیر المؤمنین علیه السّلام، و یبعد صدور مثل ذلك منه، و یحتمل قویّا كونه ابن زمعة الّذی كان عبدا أسود من عبید عثمان، كما صرّح بذلك فی الرّوایة الأخری.

أَسْوَدَ، وَ كَانَ مُشَذَّباً (1) طُوَالًا.

وَ فِی رِوَایَةٍ (2): أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ یَحْمُومُ مَوْلَی عُثْمَانَ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: أَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَهُ لِیُخْرِجَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ نَادَاهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تُخْرِجَنِی مِنْ مَسْجِدِ خَلِیلِی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. قَالَ الرَّاوِی:

فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی حُمُوشَةِ (3) سَاقَیْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ رِجْلَاهُ یَخْتَلِفَانِ عَلَی عُنُقِ مَوْلَی عُثْمَانَ حَتَّی أُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَ هُوَ الَّذِی

یَقُولُ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

لَسَاقَا ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ أَثْقَلُ فِی الْمِیزَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ (4).

وَ قَدْ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرْطِیِّ (5): أَنَّ عُثْمَانَ ضَرَبَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَرْبَعِینَ سَوْطاً فِی دَفْنِهِ أَبَا ذَرٍّ، وَ هَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَی، وَ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ (6) لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالرَّبَذَةِ وَ لَیْسَ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَ غُلَامُهُ أَوْصَی إِلَیْهِمَا (7) أَنْ غَسِّلَانِی ثُمَّ كَفِّنَانِی ثُمَّ ضَعَانِی عَلَی قَارِعَةِ الطَّرِیقِ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ یَمُرُّونَ بِكُمْ قُولَا (8)

ص: 190


1- فی ك مسدما. و فی المصدر: أنّ ابن زمعة مولی لعثمان أسود و كان مسدما. و جاء فی حاشیة ك ما یلی: فی القاموس: مخل مسدوم، و سدم- محرّكة- .. و معظم أی كمعظم: هائج .. و كمعظم: البصیر المهمل. و فی بعض النّسخ: مشذّبا، و هو الأظهر. قال فی النّهایة: المشذّب: هو الطّویل البائن الطّول مع نقص فی لحمه. [منه قدّس سرّه]. انظر: القاموس 4- 128، و قارن بما جاء فی تاج العروس 8- 334. و لاحظ: النّهایة 2- 453.
2- فی المصدر زیادة كلمة: أخری.
3- جاء فی حاشیة ك: یقال رجل حمش السّاقین- بمفتوحة فساكنة فمعجمة- .. أی دقیقهما. مجمع. انظر: مجمع البحرین 4- 134.
4- مسند أحمد بن حنبل 1- 421 و 5- 131.
5- فی المصدر: القرظیّ.
6- فی المصدر: إنّ أبا ذرّ رحمه اللّٰه تعالی.
7- فی ك نسخة بدل: عهد إلیهما، و هی كذلك فی المصدر.
8- فی الشّافی: یمرّ بكم فقولوا هذا، و جاءت فقولوا نسخة بدل فی ك.

لَهُمْ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَعِینُونَا عَلَی دَفْنِهِ، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَا (1)ذَلِكَ، وَ أَقْبَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِی رَكْبٍ مِنَ الْعِرَاقِ مُعْتَمِرِینَ (2)، فَلَمْ یَرُعْهُمْ (3) إِلَّا الْجِنَازَةُ عَلَی قَارِعَةِ الطَّرِیقِ قَدْ كَادَتِ الْإِبِلُ تَطَؤُهَا، فَقَامَ إِلَیْهِمُ الْعَبْدُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَعِینُونَا عَلَی دَفْنِهِ، فَأَنْهَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ بَاكِیاً وَ قَالَ (4):

صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ،قَالَ(5)

تَمْشِی (6) وَحْدَكَ، وَ تَمُوتُ وَحْدَكَ، وَ تُبْعَثُ وَحْدَكَ.

، ثُمَّ نَزَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَوَارَوْهُ.

هَذَا بَعْضُ مَا رَوَاهُ فِی الشَّافِی (7) آخِذاً مِنْ كُتُبِهِمُ الْمُعْتَبَرَةِ (8).

ص: 191


1- فی المصدر: فعلوا.
2- فی الشّافی: عمّارا، و فی حاشیة المصدر نسخة بدل: معتمرین.
3- فی المصدر: فلم ترعهم.
4- فی ك نسخة بدل: یبكی و یقول، و هی الّتی وردت فی المصدر.
5- فی الشافی زیادة : له ، بعد قال.
6- فی المصدر: تمسی.
7- الشّافی 4- 279- 283، باختلاف أشرنا إلی أكثره.
8- و لنورد لك تذییلا لبعض ما أورده أعلامهم، و فیه جوانب كثیرة حریّة بالتّأمّل: منها: ما ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 36: .. ثمّ أمر عثمان به- أی ابن مسعود- فأخرج من المسجد إخراجا عنیفا، و ضرب به عبد اللّٰه بن زمعة الأرض، و یقال: بل احتمله: یحموم- غلام عثمان- و رجلاه تختلفان علی عنقه حتّی ضرب به الأرض فدقّ ضلعه. و فی لفظ الواقدیّ: فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتّی جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلنی ابن زمعة الكافر بأمر عثمان!. و منها: ما ذكره ابن كثیر فی تاریخه 7- 163 قال: جاءه عثمان فی مرضه عائدا، فقال له: ما تشتكی؟. قال: ذنوبی. قال: فما تشتهی؟. قال: رحمة ربّی. قال: أ لا آمر لك بطبیب؟. قال: الطّبیب أمرضنی. قال: أ لا آمر لك بعطائك؟- و كان قد تركه سنین!- فقال: لا حاجة لی. فقال: یكون لبناتك من بعدك. فقال: أ تخشی علی بناتی الفقر؟. إنّی أمرت بناتی .. إلی آخره ..، و رواه الواقدیّ و البلاذریّ بتفصیل، و مرّت فی المتن مجملا. و منها: ما أخرجه البلاذریّ- من طریق أبی موسی القرویّ- بإسناده: أنّه دخل عثمان علی ابن مسعود فی مرضه .. إلی أن قال: فلمّا انصرف عثمان قال بعض من حضر: إنّ دمه لحلال ..!، فقال ابن مسعود: ما یسرّنی أنّنی سددت إلیه سهما یخطئه، و أنّ لی مثل أحد ذهبا!. و انظر ما ذكره الیعقوبیّ فی تاریخه 2- 147. و منها: ما ذكره فی تاریخ الخمیس 2- 267: أنّ عثمان حبس عبد اللّٰه بن مسعود و أبا ذرّ عطاءهما، و ذلك جرم یضاف إلی ما جناه، كما فی السّیرة الحلبیّة 2- 87.

و قد رووا فی أصولهم المشهورة كجامع الأصول (1) و الإستیعاب (2) و صحاحهم المتداولة (3) مناقب جمّة لابن مسعود لم ینقلوا مثلها لعثمان تركناها مخافة الإطناب، فضربه و إخراجه و إهانته و إیذاؤه من أعظم الطعون علی عثمان، ....

ص: 192


1- جامع الأصول 9- 46- 50 فی فضائل عبد اللّٰه بن مسعود حدیث 6586 و غیره من الأبواب.
2- الاستیعاب المطبوع علی هامش الإصابة 2- 316- 324.
3- فقد جاء فی صحیح البخاریّ كتاب المناقب عن حذیفة بن الیمان قال: ما أعرف أحدا أقرب سمتا و هدیا و دلاء برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] من ابن أمّ عبد. و قریب منه ما ذكره الترمذی بل زاد علیه. انظر: مسند أحمد بن حنبل 1- 388، و 5- 389، مستدرك الحاكم 3- 315- 320، حلیة الأولیاء 1- 124- 127، الاستیعاب 1- 371- 372، صفة الصفوة 1- 156- 158، تاریخ ابن كثیر 2- 162- 163، تیسیر الوصول 3- 297، الإصابة 2- 270- 369- 469، كنز العمّال 6- 180- 181، و 7- 55- 56، و ذكرت جملة من فضائله ذیل آیة: 52 من سورة الأنعام، كما فی تفسیر القرطبیّ 16- 432- 433، تفسیر ابن كثیر 2- 135، تفسیر بن جزی 2- 10، تفسیر الدرّ المنثور 3- 13، تفسیر الخازن 2- 18، تفسیر الشوكانی 2- 115، و لأمیر المؤمنین علیه السلام و جمع من الصحابة كلمات فیه جاءت فی المصادر السالفة، و مجمع الزوائد 9- 287- 289، و كنز العمّال 6- 181- 180، 7- 56- 55، تاریخ ابن عساكر 6- 100، الطبقات الكبری 3- 108، سنن ابن ماجه 1- 63، مرآة الجنان 1- 87، تهذیب التهذیب 6- 28، تاریخ البخاری 1- قسم 2- 152 و غیرها.

الطعن السادس:

ما صنع بعمّار بن یاسر رضی اللّٰه عنه الذی أطبق المؤالف و المخالف علی فضله و علوّ شأنه، و رووا أخبارا مستفیضة دالّة علی كرامته و علوّ درجته-.

قال السید رضی اللّٰه عنه فی الشافی (1): ضرب عمّار ممّا لم یختلف فیه الرواة و إنّما اختلفوا فی سببه.

فَرَوَی عَبَّاسُ بْنُ (2) هِشَامٍ الْكَلْبِیُّ (3)، عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ فِی إِسْنَادِهِ أَنَّهُ كَانَ فِی بَیْتِ الْمَالِ بِالْمَدِینَةِ سَفَطٌ فِیهِ حُلِیٌّ وَ جَوْهَرٌ، فَأَخَذَ مِنْهُ عُثْمَانُ مَا حَلَّی بِهِ بَعْضُ أَهْلِهِ فَأَظْهَرَ النَّاسُ الطَّعْنَ عَلَیْهِ فِی ذَلِكَ وَ كَلَّمُوهُ فِیهِ بِكُلِّ كَلَامٍ شَدِیدٍ حَتَّی غَضِبَ (4) فَخَطَبَ، وَ قَالَ (5): لَنَأْخُذَنَّ حَاجَتَنَا مِنْ هَذَا الْفَیْ ءِ وَ إِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ أَقْوَامٍ. فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِذًا تُمْنَعُ مِنْ(6) ذَلِكَ وَ یُحَالُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ. فَقَالَ عَمَّارٌ: أُشْهِدُ اللَّهَ أَنْ أَنْفِیَ أَوَّلُ رَاغِمٍ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَ عَلَیَّ یَا ابْنَ یَاسِرٍ (7) وَ سُمَیَّةَ تَجْتَرِی؟ خُذُوهُ .. فَأَخَذُوهُ، وَ دَخَلَ عُثْمَانُ فَدَعَا بِهِ وَ ضَرَبَهُ (8) حَتَّی غُشِیَ عَلَیْهِ، ثُمَّ أُخْرِجَ فَحُمِلَ إِلَی مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِیِّ (صلی اللّٰه علیه و آله) (9) فَلَمْ یُصَلِّ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا أَفَاقَ تَوَضَّأَ وَ صَلَّی. وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَیْسَ هَذَا أَوَّلَ یَوْمٍ أُوذِینَا فِیهِ

ص: 193


1- الشافی 4- 289- 291.
2- فی المصدر: عن، بدلا من: بن. و هو الظّاهر.
3- كما أخرجه البلاذریّ فی الأنساب 5- 480، و الزّهریّ- كما فی الأنساب للبلاذریّ 5- 88- بألفاظ متقاربة.
4- فی الشّافی: أغضبوه. و كذا جاء فی الأنساب للبلاذریّ.
5- فی المصدر: فقال.
6- لا توجد: من، فی المصدر، و جاءت فی الأنساب.
7- فی الأنساب: یا ابن المتكاء.
8- فی المصدر و الأنساب: فضربه.
9- زاد فی الشّافی: رحمة اللّٰه علیها.

فِی اللَّهِ تَعَالَی (1). فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیُّ وَ كَانَ عَمَّارٌ حَلِیفاً لِبَنِی مَخْزُومٍ-: یَا عُثْمَانُ! أَمَّا عَلِیٌّ فَاتَّقَیْتَهُ (2)، وَ أَمَّا نَحْنُ فَاجْتَرَأْتَ عَلَیْنَا وَ ضَرَبْتَ أَخَانَا حَتَّی أَشْفَیْتَ بِهِ (3) عَلَی التَّلَفِ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ مَاتَ لَأَقْتُلَنَّ بِهِ رَجُلًا مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ عَظِیمَ الشَّأْنِ (4). فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ إِنَّكَ لَهَاهُنَا یَا ابْنَ الْقَسْرِیَّةِ! (5).

قَالَ: فَإِنَّهُمَا قَسْرِیَّتَانِ وَ كَانَتْ أُمُّهُ وَ جَدَّتُهُ قَسْرِیَّتَیْنِ مِنْ بَجِیلَةَ (6)، فَشَتَمَهُ عُثْمَانُ وَ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَأُتِیَ بِهِ أُمَّ سَلَمَةَ فَإِذَا هِیَ قَدْ غَضِبَتْ لِعَمَّارٍ، وَ بَلَغَ عَائِشَةَ مَا صُنِعَ بِعَمَّارٍ فَغَضِبَتْ وَ أَخْرَجَتْ شَعْراً مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ نَعْلًا مِنْ نِعَالِهِ وَ ثَوْباً مِنْ ثِیَابِهِ، وَ قَالَتْ: مَا أَسْرَعَ مَا تَرَكْتُمُ سُنَّةَ نَبِیِّكُمْ، وَ هَذَا ثَوْبُهُ وَ شَعْرُهُ (7) وَ نَعْلُهُ لَمْ یَبْلَ بَعْدُ.

وَ رَوَی آخَرُونَ: أَنَّ السَّبَبَ فِی ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ مَرَّ بِقَبْرٍ جَدِیدٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِیلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَغَضِبَ عَلَی عَمَّارٍ لِكِتْمَانِهِ إِیَّاهُ مَوْتَهُ إِذَا (8) كَانَ الْمُتَوَلِّی لِلصَّلَاةِ عَلَیْهِ وَ الْقِیَامِ بِشَأْنِهِ فَعِنْدَهَا وَطِئَ عُثْمَانُ عَمَّاراً حَتَّی أَصَابَهُ الْفَتْقُ.

وَ رَوَی آخَرُونَ (9): أَنَّ الْمِقْدَادَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ عَمَّاراً وَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) كَتَبُوا كِتَاباً عَدَّدُوا فِیهِ أَحْدَاثَ عُثْمَانَ وَ خَوَّفُوهُ رَبَّهُ، وَ أَعْلَمُوهُ أَنَّهُ (10) مُوَاثِبُوهُ إِنْ لَمْ یُقْلِعْ، فَأَخَذَ عَمَّارٌ الْكِتَابَ فَأَتَاهُ بِهِ فَقَرَأَ مِنْهُ صَدْراً، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَ عَلَیَ

ص: 194


1- لا توجد: تعالی، فی الأنساب و المصدر.
2- زاد فی الأنساب هنا: و بنی أبیه.
3- أشفیت هنا بمعنی أشرفت، كما فی الصّحاح 6- 2394.
4- فی الشّافی: عظیم السّیرة، و فی ك نسخة بدل: السّرّة، و فی الأنساب: عظیم السّرّة.
5- فی المصدر: ابن القسریّة- بدون حرف النّداء-.
6- فی الشّافی: بجیلة- من دون كلمة: من-. و فی ك: بحیلة.
7- فی المصدر و الأنساب بتقدیم و تأخیر: شعره و ثوبه. و أورد البلاذریّ فی كتابه هنا ذیلا مفصّلا.
8- كذا، و الصّحیح: إذ.
9- منهم البلاذریّ فی الأنساب 5- 49.
10- فی المصدر: أنّهم، بدلا من: أنّه.

تَقْدَمُ مِنْ بَیْنِهِمْ؟. فَقَالَ: لِأَنِّی أَنْصَحُهُمْ لَكَ (1). فَقَالَ: كَذَبْتَ یَا ابْنَ سُمَیَّةَ!.

فَقَالَ: أَنَا وَ اللَّهِ ابْنُ سُمَیَّةَ وَ أَنَا ابْنُ یَاسِرٍ، فَأَمَرَ غِلْمَانَهُ فَمَدُّوا بِیَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ ثُمَّ (2) ضَرَبَهُ عُثْمَانُ بِرِجْلَیْهِ (3) وَ هُمَا (4) فِی الْخُفَّیْنِ عَلَی مَذَاكِیرِهِ فَأَصَابَهُ الْفَتْقُ، وَ كَانَ ضَعِیفاً كَبِیراً فَغُشِیَ عَلَیْهِ (5).

ثم قال رحمه اللّٰه (6): وَ قَدْ رُوِیَ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ بِأَسَانِیدَ كَثِیرَةٍ، أَنَّ عَمَّاراً كَانَ یَقُولُ: ثَلَاثَةٌ یَشْهَدُونَ (7) عَلَی عُثْمَانَ بِالْكُفْرِ وَ أَنَا الرَّابِعُ، وَ أَنَا شَرُّ الْأَرْبَعَةِ!:

(وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (8) وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

وَ رُوِیَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، أَنَّهُ قِیلَ لَهُ: بِأَیِّ شَیْ ءٍ أَكْفَرْتُمْ عُثْمَانَ؟. فَقَالَ: بِثَلَاثٍ(9)، جَعَلَ الْمَالَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ، وَ جَعَلَ الْمُهَاجِرِینَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ عَمِلَ بِغَیْرِ كِتَابِ اللَّهِ .. ثم ساق السیّد الكلام .. إلی أن قال (10): فلا عذر یسمع من

ص: 195


1- فی المصدر: أنّهم، بدلا من: أنّه.
2- لا توجد: ثمّ، فی الشّافی.
3- خ. ل: برجله.
4- خ. ل: و هی، و كذا جاءت فی المصدر.
5- و أورده ابن أبی الحدید فی شرحه عن نهج البلاغة 1- 239 من دون غمز فیه. أقول: قال ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة: ذكروا أنّه اجتمع ناس من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كتبوا كتابا ذكروا فیه ما خالف فیه عثمان من سنّة رسول اللّٰه و سنّة صاحبیه .. ثمّ عدّد جملة كبیرة من مطاعنه حریّة بالملاحظة، و أجمل ذكر ذلك ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 272.
6- السیّد المرتضی فی الشافی 4- 291.
7- فی س: یشهدوه.
8- المائدة: 44.
9- فی المصدر: قال بثلاثة.
10- الشافی 4- 292- 293.

إیقاع نهایة المكروه مّمن (1)

رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ فِیهِ: عَمَّارٌ جِلْدَةُ مَا بَیْنَ الْعَیْنِ وَ الْأَنْفِ وَ (2) مَتَی تنكی [تُنْكَأِ] (3) الْجِلْدَةُ تُدْمَ الْأَنْفُ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ (صلی اللّٰه علیه و آله): مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ؟!.

وَ رُوِیَ، عَنْ خَالِدٍ: أَنَّ (4) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: مَنْ عَادَی عَمَّاراً عَادَاهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَبْغَضَ عَمَّاراً أَبْغَضَهُ اللَّهُ (5).

و أیّ كلام غلیظ سمعه عثمان (6)من عمّار یستحقّ به ذلك المكروه العظیم الذی تجاوز مقدار ما (7) فرضه اللّٰه تعالی فی الحدود؟! و إنّما كان عمّار و غیره ینثوا (8) علیه أحداثه و معایبه (9) أحیانا علی ما یظهر من سیّئ أفعاله، و قد كان یجب علیه أحد أمرین: إمّا أن ینزع عمّا یواقف علیه من تلك الأفعال، أو أن یبیّن عذره فیها و (10) براءته منها ما یظهر و یشتهر و ینتشر (11)، فإن أقام مقیم بعد ذلك علی توبیخه

ص: 196


1- فی المصدر: بمن.
2- وضع فی مطبوع البحار علی الواو رمز نسخة بدل.
3- فی الشّافی: و متی تنكأ. و نكأ القرحة: قشرها قبل أن تبرأ، و نكی القرحة نكأها.
4- فی المصدر: و روی العوّام بن حوشب، عن سلمة بن كهیل، عن علقمة، عن خالد بن الولید أنّ ..
5- ستأتی مصادر جمّة لهذه الأحادیث، و انظر ما ذكره فی الإصابة حرف العین، و السّیرة النّبویّة لابن هشام 2- 115 و غیرهما.
6- لا یوجد فی الشافی: عثمان.
7- فی المصدر: یتجاوز المقدار الذی.
8- فی الشافی: أثبتوا و ..، و جاء فی ك نسخة بدل: بئثون، و أورد فی حاشیتها: نثی الحدیث: حدّث به و أشاعه، و الشّی ء: فرّقه و أذاعه. و النثی: ما اخبرت به عن الرّجل من حسن أو سیّئ، ذكره الفیروزآبادی. و فی بعض النسخ: یبثّون- بالباء-. [منه رحمه اللّٰه]. انظر: القاموس 4- 293، و قارن ما ذكره فی تاج العروس 10- 356.
9- فی ك نسخة بدل: یعاتبونه.
10- فی المصدر: أو، بدلا من: الواو.
11- فی المصدر: و ینتشر و یشتهر- بتقدیم و تأخیر-.

و تفسیقه زجره عن ذلك بوعظ أو غیره، و لا یقدم علی ما یفعله (1) الجبابرة و الأكاسرة من شفاء الغیظ بغیر ما أنزل اللّٰه تعالی و حكمه به (2). انتهی.

و عندی أنّ السبب الحامل لعثمان علی ما صنع بعمّار هو أنّ عمّارا كان من المجاهرین بحبّ علیّ علیه السلام، و أنّ من غلبه علی الخلافة غاصب لها، فحملته عداوته لأمیر المؤمنین علیه السلام و حبّه للرئاسة علی إهانته و ضربه حتی حدث به الفتق و كسر ضلعا من أضلاعه، فإنّه قَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (3) وَ غَیْرُهُ فِی غَیْرِهِ فِی قِصَّةِ الشُّورَی أَنَّ عَمَّاراً كَانَ یَقُولُ لِابْنِ عَوْفٍ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ لَا یَخْتَلِفَ الْمُسْلِمُونَ فَبَایِعْ عَلِیّاً (علیه السلام)، وَ عَارَضَهُ فِی ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی سَرْحٍ وَ غَیْرُهُ وَ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَ شَتَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.

وَ رَوَی الْمَسْعُودِیُّ فِی مُرُوجِ الذَّهَبِ (4): أَنَّ عَمَّاراً حِینَ بُویِعَ عُثْمَانُ بَلَغَهُ قَوْلُ أَبِی سُفْیَانَ (5) فِی دَارِ عُثْمَانَ عَقِیبَ الْوَقْتِ الَّذِی بُویِعَ فِیهِ عُثْمَانُ، وَ دَخَلَ دَارَهُ وَ مَعَهُ بَنُو أُمَیَّةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ: أَ فِیكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَیْرِكُمْ؟ وَ قَدْ كَانَ عُمِیَ-، قَالُوا: لَا.

قَالَ: یَا بَنِی أُمَیَّةَ! تَلَقَّفُوهَا تَلَقُّفَ الْكُرَةِ، وَ الَّذِی (6) یَحْلِفُ بِهِ أَبُو سُفْیَانَ مَا زِلْتُ أَرْجُوهَا لَكُمْ وَ لَتَصِیرَنَّ إِلَی صِبْیَانِكُمْ وِرَاثَةً، فَانْتَهَرَهُ عُثْمَانُ وَ سَاءَهُ مَا قَالَ، وَ أَنْهَی (7)هَذَا الْقَوْلَ إِلَی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ (8)، فَقَامَ عَمَّارٌ فِی الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ! أَمَا إِذَا صَرَفْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ مَرَّةً هَاهُنَا وَ مَرَّةً هَاهُنَا (9) فَمَا

ص: 197


1- فی الشافی: تفعله.
2- الشافی 4- 292- 293.
3- الكامل لابن الأثیر 3- 37 باختصار.
4- مروج الذّهب 2- 342- 343.
5- فی المصدر زیادة: صخر بن حرب.
6- فی المروج: فو الّذی.
7- فی المصدر: و نمی، و قد تقرأ فی ك: و انتهی.
8- فی مروج الذّهب زیادة: و غیر ذلك الكلام.
9- فی المصدر: هاهنا مرّة و هاهنا مرّة، و لا توجد فی س: و مرّة هاهنا- الثّانیة-.

أَنَا بِآمِنٍ أَنْ یَنْزِعَهُ اللَّهُ مِنْكُمْ فَیَضَعَهُ فِی غَیْرِكُمْ كَمَا نَزَعْتُمُوهُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ (1)

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (2)، عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْجَوْهَرِیِّ: أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ قَالَ لَمَّا بُویِعَ عُثْمَانُ-: كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِی تَیْمٍ، وَ أَنَّی لِتَیْمٍ هَذَا الْأَمْرُ (3)؟، ثُمَّ صَارَ إِلَی عَدِیٍّ فَأَبْعَدَ وَ أَبْعَدَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَی مَنَازِلِهَا وَ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ قَرَارَهُ، فَتَلَقَّفُوهَا تَلَقُّفَ الْكُرَةِ!.

قَالَ: وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَ حَدَّثَنِی مُغِیرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِیُّ، قَالَ: ذَاكَرْتُ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِی بِهَذَا الْحَدِیثِ، وَ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ قَالَ لِعُثْمَانَ: بِأَبِی أَنْتَ! (4) أَنْفِقْ وَ لَا تَكُنْ كَأَبِی حَجَرٍ، وَ تَدَاوَلُوهَا یَا بَنِی أُمَیَّةَ تَدَاوُلَ الْوِلْدَانِ الْكُرَةَ، فَوَ اللَّهِ مَا مِنْ جَنَّةٍ وَ لَا نَارٍ، وَ كَانَ الزُّبَیْرُ حَاضِراً، فَقَالَ عُثْمَانُ لِأَبِی سُفْیَانَ: اعْزُبْ! فَقَالَ:

یَا بَنِیَّ! هَاهُنَا (5) أَحَدٌ؟. قَالَ الزُّبَیْرُ: نَعَمْ وَ اللَّهِ لَا كَتَمْتُهَا(6) عَلَیْكَ.

قَالَ (7): فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ: هَذَا بَاطِلٌ. قُلْتُ: وَ كَیْفَ ذَلِكَ؟. قَالَ: مَا أُنْكِرَ هَذَا مِنْ أَبِی سُفْیَانَ، وَ لَكِنْ أُنْكِرَ أَنْ یَكُونَ عُثْمَانُ سَمِعَهُ (8) وَ لَمْ یَضْرِبْ عُنُقَهُ. انتهی.

و إنّما أوردت هذا الخبر لیظهر لك حقیقة إسلام القوم.

و لنرجع إلی بعض ما كنّا فیه: .

رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (9) نَقْلًا مِنْ كِتَابِ السَّقِیفَةِ لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَوْهَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِی كَعْبٍ الْحَارِثِیِّ، قَالَ: .. أَتَیْتُ الْمَدِینَةَ فَأَتَیْتُ عُثْمَانَ

ص: 198


1- فی المروج: من أهله و وضعتموه فی غیر أهله.
2- فی شرحه علی نهج البلاغة 2- 45.
3- لا توجد فی س: الأمر.
4- فی ك: بأبی أنت و أمّی.
5- فی المصدر: أ هاهنا ..؟.
6- فی مطبوع البحار: لأكتمنّها، و هو غلط، و ما أثبتناه من المصدر.
7- لا توجد: قال، فی س.
8- فی شرح النّهج: سمعه عثمان.
9- فی شرحه علی نهج البلاغة 9- 3- 5.

بْنَ عَفَّانَ وَ هُوَ الْخَلِیفَةُ یَوْمَئِذٍ-، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ دِینِی، وَ قُلْتُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! إِنِّی رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ مِنْ بَنِی الْحَارِثِ (1) بْنِ كَعْبٍ، وَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْیَاءَ (2) فَأْمُرْ حَاجِبَكَ أَنْ لَا یَحْجُبَنِی. فَقَالَ: یَا وَثَّابُ! إِذَا جَاءَكَ هَذَا الْحَارِثِیُّ فَأْذَنْ لَهُ. قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ قَرَعْتُ(3) الْبَابَ، قَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقُلْتُ:

الْحَارِثِیُّ، فَیَقُولُ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ یَوْماً فَإِذَا عُثْمَانُ جَالِسٌ وَ حَوْلَهُ نَفَرٌ سُكُوتٌ لَا یَتَكَلَّمُونَ كَأَنَّ عَلَی رُءُوسِهِمُ الطَّیْرَ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَیْ ءٍ لِمَا رَأَیْتُ مِنْ حَالِهِمْ وَ حَالِهِ، فَبَیْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا جَاءَ نَفَرٌ فَقَالُوا: إِنَّهُ أَبَی أَنْ یَجِی ءَ.

قَالَ: فَغَضِبَ وَ قَالَ: أَبَی أَنْ یَجِی ءَ؟! اذْهَبُوا فَجِیئُوا بِهِ، فَإِنْ أَبَی فَجَرُّوهُ جَرّاً، قَالَ: فَمَكَثْتُ قَلِیلًا فَجَاءُوا وَ مَعَهُمْ رَجُلٌ آدَمُ طُوَالٌ أَصْلَعُ فِی مُقَدَّمِ رَأْسِهِ شَعَرَاتٌ وَ فِی قَفَاهُ شَعَرَاتٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟. قَالُوا: عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ الَّذِی یَأْتِیكَ (4) رُسُلُنَا فَتَأْبَی أَنْ تَجِی ءَ؟. قَالَ: فَكَلَّمَهُ بِشَیْ ءٍ لَمْ أَدْرِ مَا هُوَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَا زَالُوا یَنْفَضُّونَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّی مَا بَقِیَ غَیْرِی، فَقَامَ، فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ لَا أَسْأَلُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَحَداً، أَقُولُ: حَدَّثَنِی فُلَانٌ حَتَّی أَدْرِیَ مَا یَصْنَعُ (5)، فَتَبِعْتُهُ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَمَّارٌ جَالِسٌ إِلَی سَارِیَةٍ (6) وَ حَوْلَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَبْكُونَ. فَقَالَ عُثْمَانُ: یَا وَثَّابُ! عَلَیَّ بِالشُّرَطِ، فَجَاءُوا.

فَقَالَ: فَرِّقُوا (7) بَیْنَ هَؤُلَاءِ، فَفَرَّقُوا بَیْنَهُمْ، ثُمَّ أُقِیمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عُثْمَانُ فَصَلَّی بِهِمْ، فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حُجْرَتِهَا: یَا أَیُّهَا النَّاسُ! .. ثُمَّ تَكَلَّمَتْ فَذَكَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: تَرَكْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ

ص: 199


1- فی ك: الحرث، و المعنی واحد.
2- لا توجد فی المصدر: عن أشیاء.
3- فی شرح النّهج: فقرعت.
4- فی المصدر: تأتیك.
5- فی س: تصنع.
6- قال فی القاموس 4- 341: السّاریة: الأسطوانة.
7- فی ك: افرقوا.

وَ خَالَفْتُمْ عَهْدَهُ .. وَ نَحْوَ هَذَا، ثُمَّ صَمَتَتْ، وَ تَكَلَّمَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَی بِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا هُمَا عَائِشَةُ وَ حَفْصَةُ، قَالَ: فَسَلَّمَ عُثْمَانُ وَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ وَ قَالَ: لَإِنَّ هَاتَیْنِ لَفَتَّانَتَانِ یَحِلُّ لِی سَبُّهُمَا وَ أَنَا بِأَصْلِهِمَا عَالِمٌ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ: أَ تَقُولُ هَذَا لِحَبَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ؟!. فَقَالَ: وَ فِیمَ أَنْتَ وَ مَا هَاهُنَا؟، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ سَعْدٍ عَامِداً لِیَضْرِبَهُ فَانْسَلَّ سَعْدٌ، فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاتَّبَعَهُ عُثْمَانُ فَلَقِیَ عَلِیّاً (علیه السلام) بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ (1) عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَیْنَ تُرِیدُ؟. قَالَ:

أُرِیدُ (2) هَذَا الَّذِی ... كَذَا وَ كَذَا یَعْنِی سَعْدٌ یَشْتِمُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَیُّهَا الرَّجُلُ! دَعْ عَنْكَ هَذَا؟. قَالَ: فَلَمْ یَزَلْ بَیْنَهُمَا كَلَامٌ حَتَّی غَضِبَا.

فَقَالَ عُثْمَانُ: أَ لَسْتَ الَّذِی خَلَّفَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ (3) یَوْمَ تَبُوكَ؟.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَ لَسْتَ الْفَارَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَوْمَ أُحُدٍ (4)، قَالَ: ثُمَّ حَجَزَ النَّاسُ بَیْنَهُمَا، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ حَتَّی

ص: 200


1- لا توجد: علیّ، فی المصدر.
2- فی س لا توجد: قال أرید.
3- فی شرح النّهج زیادة: له.
4- ذكر جملة المفسّرین إن لم نقل كلّهم- من الفریقین- فی تفسیر قوله تعالی من سورة آل عمران: «إِنَّ الَّذِینَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ» ... أنّ من المنهزمین الخلفاء الثّلاثة، و قد انهزم عثمان مع رجلین من الأنصار یقال لهما سعد سعید و عقبة علقمة ابنا عثمان، حتّی بلغوا موضعا بعیدا ثمّ رجعوا بعد ثلاثة أیّام!. قاله الفخر الرّازیّ فی تفسیره الكبیر ذیل الآیة، و صرّح به ابن حجر فی الإصابة 2- القسم الأوّل- 190 فی ترجمة رافع بن المعلّی الأنصاریّ الزّرقیّ، و 3- القسم الأوّل- 101 فی ترجمة سعید بن عثمان الأنصاریّ. و صرّح جمع من المفسّرین أنّ معنی تَوَلَّی فی سورة النّجم: 33، أی ترك المركز یوم أحد، أرید به عثمان، كما فی أسباب النّزول للواحدیّ: 298، و تفسیر القرطبیّ 17- 111، و الكشّاف 3- 146، و تفسیر النّیشابوریّ المطبوع هامش تفسیر الطّبریّ: 27- 50 و غیرهم. و قد أخرج أحمد بن حنبل فی مسنده 2- 101 بإسناده، قال: جاء رجل من مصر لحجّ البیت، قال: فرأی أقواما حبوسا، فقال: من هؤلاء القوم؟. فقالوا: قریش. قال: فمن الشّیخ فیهم؟. قالوا: عبد اللّٰه بن عمر. قال: یا ابن عمر! إنّی أسألك عن شی ء- أو أنشدك بحرمة هذا البیت أ تعلم أنّ عثمان فرّ یوم أحد؟. قال: نعم. و أخرجه البخاریّ فی صحیحه 6- 122، و نصّ علیه بمصادره العلّامة الأمینیّ فی غدیره 10- 70.

انْتَهَیْتُ إِلَی الْكُوفَةِ (1) فَوَجَدْتُ أَهْلَهَا أَیْضاً بَیْنَهُمْ شَرْقٌ (2) نَشِبُوا (3)فِی الْفِتْنَةِ وَ رَدُّوا سَعِیدَ (4)بْنَ الْعَاصِ فَلَمْ یَدَعُوهُ یَدْخُلُ إِلَیْهِمْ، فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ رَجَعْتُ حَتَّی أَتَیْتُ بِلَادَ قَوْمِی (5).

و قد مرّ (6) .. و سیأتی الأخبار فی فضل عمّار (7)، و هو أشهر من الشمس فی رابعة النهار.

وَ قَدْ رَوَی ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (8) وَ غَیْرِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ فِیهِ إِلَّا قُلْتُ إِلَّا عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ، فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَقُولُ:

مُلِئَ عَمَّارٌ إِیمَاناً حَتَّی أَخْمَصَ قَدَمَیْهِ. وَ بِرِوَایَةٍ أُخْرَی: حُشِیَ مَا بَیْنَ أَخْمَصِ قَدَمَیْهِ إِلَی شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِیمَاناً (9)..

ص: 201


1- الكلمة مشوّشة فی س.
2- انشرق: انشقّ، كما فی القاموس 3- 248.
3- فی المصدر: وقع بینهم شرّ و نشبوا.
4- فی ك: سعد.
5- ستأتی مصادره، و عن ابن عبّاس، عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم- فی حدیث-: إنّ عمّارا ملئ إیمانا من قرنه إلی قدمه، و اختلط الإیمان بلحمه و دمه. انظر: حلیة الأولیاء 1- 139، كنز العمّال 6- 184، 7- 75، تفسیر الزّمخشریّ 2- 176، تفسیر البیضاویّ 1- 683، تفسیر الآلوسیّ 14- 237 و غیرها.
6- بحار الأنوار 22- 315- 354.
7- بحار الأنوار 33- 37- 38، و غیره.
8- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 2- 478- 479، مع الإسناد.
9- و قد جاءت عن عائشة جملة روایات و بألفاظ متعدّدة، انظر: مجمع الزّوائد 9- 295، تیسیر الوصول 3- 279، البدایة و النّهایة 7- 311، كنز العمّال 6- 184، الاستیعاب 2- 435 حیث أخرج الأخیر الرّوایات بألفاظ ثلاث، فلاحظ.

وَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَبْغَضَ عَمَّاراً أَبْغَضَهُ اللَّهُ (1). قَالَ خَالِدٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّهُ مِنْ یَوْمِئِذٍ..

وَ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَی عَلِیٍّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانَ وَ بِلَالٍ (2).

وَ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: جَاءَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ (3) یَسْتَأْذِنُ عَلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَوْماً فَعَرَفَ صَوْتَهُ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِالطَّیِّبِ الْمُطَیِّبِ، ائْذَنُوا لَهُ(4).

وَ رُوِیَ فِی الْمِشْكَاةِ(5)، عَنِ التِّرْمِذِیِّ (6)، عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ فِی حَدِیثٍ قَالَ: عَمَّارٌ: هُوَ الَّذِی أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّیْطَانِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] .

وَ عَنْ أَنَسٍ، عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَالَ: قَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَی ثَلَاثَةٍ:

عَلِیٍّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانَ(7).

ص: 202


1- فی المصدر زیادة: تعالی.
2- ستأتی مصادر له قریبا، و له نظائر كثیرة.
3- لا یوجد فی المصدر: بن یاسر.
4- كما أخرجه أحمد فی مسنده 1- 100، 126، 138، تاریخ البخاریّ 4- 229، حلیة الأولیاء 1- 140، مصابیح السّنّة للبغوی 2- 288، الاستیعاب 2- 435، سنن ابن ماجة 1- 65، البدایة و النّهایة 7- 311، الجامع الكبیر للسّیوطیّ 7- 71. إلّا أنّ فی بعض مصادر العامّة كما فی سنن ابن ماجة 1- 65، و أبو نعیم الأصفهانیّ فی حلیة الأولیاء 1- 139، و ابن حجر فی الإصابة 2- 512 و غیرهم بإسنادهم، عن هانی بن هانی، قال: كنّا عند علیّ فدخل علیه عمّار، فقال: مرحبا بالطّیّب المطیّب، سمعت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم یقول: عمّار ملئ إیمانا إلی مشاشه.
5- مشكاة المصابیح 3- 278- 279 حدیث 6223.
6- سنن التّرمذیّ، كتاب المناقب حدیث 37، و انظر: صحیح البخاریّ 5- 30 و 31 فضائل الصّحابة، و كتاب بدء الخلق، و كتاب الاستئذان، و مسند أحمد بن حنبل 6- 449 و 451.
7- جاء بألفاظ متعدّدة و أسماء مختلفة و أعداد متنوّعة، كما فی حلیة الأولیاء 1- 143، و مستدرك الحاكم النّیسابوریّ 3- 137، تفسیر القرطبیّ 10- 181، و تاریخ ابن كثیر 7- 311، و مجمع الزّوائد 9- 307، و تاریخ ابن عساكر 3- 306، 6- 198- 199، و الاستیعاب 2- 435، و مشكاة المصابیح 3- 279 حدیث 6225، و غیرها.

وَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: مَا خُیِّرَ عَمَّارٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَشَدَّهُمَا عَلَی بَدَنِهِ (1).

وَ عَنْ أَحْمَدَ (2) بِإِسْنَادِهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ، قَالَ: كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ كَلَامٌ فَأَغْلَظْتُ لَهُ فِی الْقَوْلِ، فَانْطَلَقَ عَمَّارٌ یَشْكُونِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، قَالَ: فَجَاءَ خَالِدٌ وَ هُوَ یَشْكُوهُ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، قَالَ:

فَجَعَلَ یُغَلِّظُهُ لَهُ وَ لَا یَزِیدُهُ إِلَّا غِلْظَةً وَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] سَاكِتٌ لَا یَتَكَلَّمُ، فَبَكَی عَمَّارٌ وَ قَالَ: أَ لَا تَرَاهُ؟. فَرَفَعَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] رَأْسَهُ، وَ قَالَ: مَنْ عَادَی عَمَّاراً عَادَاهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَبْغَضَ عَمَّاراً أَبْغَضَهُ اللَّهُ.

قَالَ خَالِدٌ: فَخَرَجْتُ فَمَا كَانَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ رِضَی عَمَّارٍ، فَلَقِیتُهُ بِمَا رَضِیَ فَرَضِیَ (3).

وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (4)، عَنِ الْبُخَارِیِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِی سَعِیدٍ

ص: 203


1- كذا أورده التّرمذیّ فی صحیحه- كتاب المناقب- باب مناقب عمّار بن یاسر- حدیث 3800، و حكاه فی جامع الأصول 9- 46 حدیث 6584 عن عائشة، و فیه: قالت: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: ما خیّر عمّار بین أمرین إلّا اختار أرشدهما، و ذكره أحمد فی مسنده 1- 389 و 6- 113، و الحاكم فی المستدرك، و فی لفظ ابن ماجة فی سننه 1- 66: .. إلّا اختار الأرشد منهما. و انظر: تفسیر القرطبیّ 10- 181، مشكاة المصابیح 3- 279 حدیث 6227، تیسیر الوصول 3- 279، كنز العمّال 6- 184، الإصابة 2- 512، شرح ابن أبی الحدید 2- 274.
2- مسند أحمد بن حنبل 4- 89.
3- و قد جاء بأكثر من عشرة ألفاظ و جملة أسانید، أخرجها علی اختلاف ألفاظها جمع كثیر من الحفّاظ و أئمّة الفنّ، منهم الحاكم فی المستدرك 3- 390- 391، و الخطیب البغدادیّ فی تاریخ بغداد 1- 152، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 435، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 311، و المتّقی الهندیّ فی كنز العمّال 6- 185 و 7- 61- 75، و ابن الأثیر فی أسد الغابة 4- 45، و ابن حجر فی الإصابة 2- 512، و غیرهم فی غیرها.
4- جامع الأصول 9- 44 وسط حدیث 6583.

الْخُدْرِیِّ فِی ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً (1) وَ عَمَّارٌ لَبِنَتَیْنِ لَبِنَتَیْنِ (2)، فَرَآهُ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَ یَقُولُ: وَیْحَ عَمَّارٍ! یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ (3) إِلَی النَّارِ.

قَالَ: وَ یَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ (4).

و روی من صحاحهم الأخبار السالفة بأسانید.

و لا یخفی علی عاقل بعد ملاحظة الأخبار السابقة التی رووها فی صحاحهم حال من ضرب و شتم و أهان و عادی رجلا

قَالَ فِیهِ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ (5) مَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَی اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ، وَ إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَیْهِ، وَ إِنَّهُ مَمْلُوٌّ إِیمَاناً، وَ إِنَّ اللَّهَ أَجَارَهُ مِنَ الشَّیْطَانِ،.

(6).

ص: 204


1- لا توجد فی س: لبنة- الثّانیة-.
2- لا توجد: لبنتین- الثّانیة، فی س.
3- فی ك نسخة بدل: تدعونه.
4- كما جاء فی سیرة ابن هشام 2- 115، و العقد الفرید 2- 289، و شرح النّهج لابن أبی الحدید 3- 274، و تاریخ ابن كثیر 7- 268.
5- وضع فی ك علی: إن، رمز نسخة بدل.
6- و كفی فی فضل عمّار ما مدحه الكتاب الكریم و أورده المفسّرون تبعا للمحدّثین ذیل الآیة 9 من الزّمر فی أنّها نزلت فیه «أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ» ... كما فی تفسیر الخازن 3- 53، و الشّوكانیّ فی تفسیره 4- 442، و الآلوسیّ فی تفسیره 23- 247، و السّیوطیّ فی الدّرّ المنثور 5- 323، و الزّمخشریّ فی تفسیره 3- 22، و نصّ علیه ابن سعد فی الطّبقات 3- 178. و كذا ما جاء من أحادیث ذیل الآیة 52 من سورة الأنعام، كما فی تفسیر الطّبریّ 7- 127 128، و تفسیر القرطبیّ 16- 432، و تفسیر البیضاویّ 1- 380، و تفسیر الزّمخشریّ 1- 453، و تفسیر الرّازیّ 4- 50، و تفسیر ابن كثیر 2- 134، و الدّرّ المنثور 3- 14، و تفسیر الخازن 2 18، و تفسیر الشّوكانیّ 2- 115 و غیرها. و ما أورده من أخبار ذیل الآیة: 106 من سورة النّحل: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ» ..، و الآیة: 61 من سورة القصص: «أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِیهِ كَمَنْ» ... فقد أجمع الفریقان علی أنّه نزلت فیه رضوان اللّٰه علیه و لعن اللّٰه ظالمیه و قاتلیه.

الطعن السابع:

أنّه جمع الناس علی قراءة زید بن ثابت خاصّة و أحرق المصاحف (1) و أبطل ما لا شكّ أنّه منزل من القرآن، و أنّه مأخوذ من الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، و لو كان ذلك حسنا لسبق إلیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله،

وَ سَیَأْتِی فِی كِتَابِ الْقُرْآنِ (2)

أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ جَمَعَ الْقُرْآنَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا أَوْصَأَ (3) بِهِ فَجَاءَ بِهِ إِلَی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَی أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ اشْتِمَالَهُ عَلَی فَضَائِحِ الْقَوْمِ أَعْرَضَا عَنْهُ وَ أَمَرَا زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ وَ إِسْقَاطِ مَا اشْتَمَلَ مِنْهُ عَلَی الْفَضَائِحِ، وَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ (4) عُمَرُ سَأَلَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یَدْفَعَ إِلَیْهِ الْقُرْآنَ الَّذِی جَمَعَهُ لِیُحْرِقَهُ (5) وَ یُبْطِلَهُ، فَأَبَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ، وَ قَالَ: (لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (6) مِنْ وُلْدِی، وَ لَا یُظْهَرُ حَتَّی یَقُومَ الْقَائِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَیْتِ

ص: 205


1- كما نصّ علیه السیّد المرتضی فی الشافی 4- 283- 286، و الشیخ الطوسیّ فی تلخیص الشافی 4- 105- 108، و انظر ما جاء فی تاریخ الخمیس: 223، و الریاض لمحبّ الدین 2- 141، و الأنساب للبلاذری 5- 62 و غیرها، و البحث فیه ذو شجون. و ذكر فی التاج الجامع لأصول العامّة 4- 34 إحراق عثمان ما وجد فی كلّ صحیفة أو مصحف من القرآن غیر ما جمعه منه. و أورد البخاری فی صحیحه 1- 14- 19 باب جمع القرآن، و باب نزول القرآن بلغة قریش، و كتاب الأنبیاء جملة روایات، و كذا الترمذی فی كتاب التفسیر سورة التوبة حدیث 3103. و أورد ابن الأثیر فی جامع الأصول 2- 503- 507 حدیث 975، و نصّ علی جملة منها أبو داود فی سننه فی كتاب المصاحف 34- 35، و فی كنز العمّال- بهامش مسند أحمد 2- 43- 52، و ذكر فی تعلیقة جامع الأصول اختلاف عدد المصاحف التی أرسلها بها عثمان إلی الآفاق، فلاحظ.
2- بحار الأنوار 92- 40- 53.
3- كذا، و الصّحیح: أوصی.
4- فی س: استخلفت.
5- جاء فی بحار الأنوار 92- 43: فیحرفوهم فیما بینهم.
6- الواقعة: 79.

عَلَیْهِمُ السَّلَامُ فَیَحْمِلَ النَّاسَ عَلَیْهِ وَ یَجْرِیَ السُّنَّةَ عَلَی مَا یَتَضَمَّنُهُ وَ یَقْتَضِیهِ.

و سیأتی (1) الأخبار الكثیرة فی ذلك من طرق الخاصّة و العامّة.

و تفصیل القول فی ذلك، أنّ الطعن فیه من وجهین:

الأول: جمع الناس علی قراءة زید بن ثابت إبطال للقرآن المنزل، و عدول عن الراجح إلی المرجوح فی اختیار زید بن ثابت من حملة (2) قراءة القرآن (3)، بل هو ردّ صریح لقول الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله علی ما یدلّ علیه صحاح أخبارهم.

و الثانی: أنّ إحراق المصاحف الصحیحة استخفاف بالدین و محادّة للّٰه ربّ العالمین.

أمّا الثانی، فلا یخفی علی من له حظّ من العقل و الإیمان.

و أمّا الأول، فلأنّ أخبارهم متضافرة فی أنّ القرآن نزل علی سبعة أحرف، و أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لم ینه أحدا عن الاختلاف فی قراءة القرآن بل قرّرهم علیه، و صرّح بجوازه، و أمر الناس بالتعلّم من ابن مسعود و غیره ممّن منع عثمان من قراءتهم، و ورد فی فضلهم و علمهم بالقرآن ما لم یرد فی زید بن ثابت، فجمع الناس علی قراءته و حظر ما سواه لیس إلّا ردّا لقول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و إبطالا للصحیح الثابت من كتاب اللّٰه عزّ و جلّ. فأمّا ما یدلّ من روایاتهم علی

ص: 206


1- بحار الأنوار- كتاب القرآن، باب ما جاء فی كیفیّة جمع القرآن 92- 40- 77، و كذا فی 40- 155- 157 عن جملة من مصادر العامّة.
2- فی س: من جملة.
3- أقول: أخرج البخاری من طریق عبد اللّٰه بن مسعود، قال: أخذت من فی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله سبعین سورة، و إنّ زید بن ثابت لصبیّ من الصبیان، و فی لفظ: أحكمتها قبل أن یسلم زید بن ثابت و له ذؤابة یلعب مع الغلمان. و فی لفظ: ما ینازعنی فیها أحد، كما جاء فی حلیة الأولیاء 1- 125، و الاستیعاب 1- 373، و تهذیب التهذیب 6- 28 و صحّحه، و كنز العمّال 7- 56 نقلا عن أبی داود، و قد أورده ابن داود فی سننه كتاب المصاحف: 14 و 16 من طریق خمیر و جمع، و أخرجه الترمذی فی كتاب التفسیر باب سورة براءة حدیث 3103. و جاء فی صحیح البخاریّ 1- 14 18 كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن و باب نزول القرآن بلغة قریش و كتاب الأنبیاء، و قد مرّت.

أنّ القرآن نزل علی سبعة أحرف، و علی تقریر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله علی الاختلاف فی القراءة.

فمنها.:

مَا رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ (1)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَالَ: أَقْرَأَنِی جَبْرَئِیلُ عَلَی حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ فَزَادَنِی (2)، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِیدُهُ وَ یَزِیدُنِی حَتَّی انْتَهَی عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ (3).

وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (4)، عَنِ الْبُخَارِیِّ (5) وَ مُسْلِمٌ (6) وَ مَالِكٌ (7) وَ أَبُو دَاوُدَ (8) وَ النَّسَائِیُّ (9) بِأَسَانِیدِهِمْ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ یَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ یَقْرَؤُهُ عَلَی حُرُوفٍ كَثِیرَةٍ لَمْ یَقْرَأَنِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ (10) فِی الصَّلَاةِ، فَتَرَبَّصْتُ حَتَّی سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ (11)، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِی سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا؟. قَالَ: أَقْرَأَنِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ

ص: 207


1- صحیح البخاریّ 6- 97 [6- 227 دار الشّعب باب فضائل القرآن، و قریب منه فی البخاریّ 4- 75 [4- 137 دار الشّعب كتاب بدء الخلق.
2- لا توجد: فزادنی فی صحیح البخاریّ المطبوع فی دار الشّعب.
3- و أورده القسطلانی فی إرشاد السّاری 5- 321 و 7- 537، و العسقلانیّ فی فتح الباری 6- 222 و 9- 20، و العینیّ فی عمدة القاری 7- 204، و 9- 308.
4- جامع الأصول 2- 477- 478 حدیث 939.
5- صحیح البخاریّ 9- 20- 21 كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن علی سبعة أحرف، و باب من لم یر بأسا أن یقول: سورة البقرة و سورة كذا، و كتاب الخصومات باب كلام الخصومات بعضهم فی بعض، و كتاب التّوحید باب قول اللّٰه تعالی: «فَاقْرَؤُا ما تَیَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ».
6- صحیح مسلم، كتاب الصلاة باب بیان أن القرآن أنزل علی سبعة أحرف حدیث 818.
7- موطّأ مالك 1- 201 كتاب القرآن باب ما جاء فی القرآن.
8- سنن أبی داود، كتاب الصّلاة، باب ما أنزل من القرآن علی سبعة أحرف حدیث 1475.
9- سنن النّسائیّ 2- 150- 152، كتاب الصّلاة باب جامع القرآن.
10- قال فی القاموس 2- 53: ساوره: أخذ برأسه، و فلانا: واثبه.
11- فی س: برداء.

عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ قَدْ أَقْرَأَنِیهَا عَلَی غَیْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، فَقُلْتُ (1): إِنِّی سَمِعْتُ هَذَا یَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَی حُرُوفٍ لَمْ تَقْرَأْنِیهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ یَا هِشَامُ.

فَقَرَأَ عَلَیْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِی (2) سَمِعْتُهُ یَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: كَذَلِكَ (3) أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ (4): اقْرَأْ یَا عُمَرُ. فَقَرَأْتُهُ الْقِرَاءَةَ الَّتِی أَقْرَأَنِی، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُا ما تَیَسَّرَ مِنْهُ.

قَالَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ. وَ قَالَ التِّرْمِذِیُّ (5) هَذَا حَدِیثٌ صَحِیحٌ.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ (6) وَ التِّرْمِذِیُّ (7) وَ أَبِی دَاوُدَ(8) وَ النَّسَائِیُّ (9) فِی صِحَاحِهِمْ وَ أَوْرَدَهُ فِی الْمِشْكَاةِ (10) وَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (11) عَنْ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِی الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ یُصَلِّی فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ (12) آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَی قِرَاءَةِ

ص: 208


1- فی المصدر زیادة: یا رسول اللّٰه، بعد: فقلت.
2- فی المصدر: الّتی كنت.
3- فی جامع الأصول: هكذا.
4- فی المصدر: قال النّبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم.
5- سنن التّرمذیّ، كتاب القراءات باب ما جاء أنّ القرآن أنزل علی سبعة أحرف حدیث 2944.
6- صحیح مسلم 1- 225 كتاب الصّلاة باب بیان أنّ القرآن نزل علی سبعة أحرف حدیث 820.
7- صحیح التّرمذیّ، كتاب القراءات باب ما جاء أنّ القرآن أنزل علی سبعة أحرف حدیث 2945، و قال: و إسناده حسن.
8- كذا، و الظّاهر: أبو داود، انظر: سنن أبی داود كتاب الصّلاة باب أنزل القرآن علی سبعة أحرف حدیث 1477 و 1478
9- سنن النّسائیّ كتاب الصّلاة باب جامع ما جاء فی القرآن 2- 152- 154.
10- مشكاة المصابیح 1- 680 حدیث 2213 باختلاف یسیر عمّا هنا.
11- جامع الأصول 2- 479- 480 حدیث 490.
12- لا توجد: رجل، فی المصدر.

صَاحِبِه ، فَلَمَّا قَضیَت (1)الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِیعاً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ(2) قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا (3) عَلَیْهِ، فَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَی قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَقَرَءَا فَحَسَّنَ (4) شَأْنَهُمَا فَسُقِطَ فِی نَفْسِی مِنَ التَّكْذِیبِ وَ لَا إِذْ كُنْتُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ (5)، فَلَمَّا رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ مَا قَدْ غَشِیَنِی، ضَرَبَ فِی صَدْرِی فَفِضْتُ عَرَقاً، وَ كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَی اللَّهِ (6) فَرَقاً. فَقَالَ لِی: یَا أُبَیُّ! أُرْسِلَ إِلَیَّ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَی حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَیْهِ:

أَنْ هَوِّنْ عَلَی أُمَّتِی، فَرَدَّ إِلَیَّ الثَّانِیَةَ: اقْرَأْهُ (7) عَلَی حَرْفَیْنِ، فَرَدَدْتُ إِلَیْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَی أُمَّتِی، فَرَدَّ إِلَیَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأْهُ (8) عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَ لَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِیهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِی، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِی، وَ أَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِیَوْمٍ یَرْغَبُ إِلَیَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّی إِبْرَاهِیمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

أقول: و قد رووا روایات كثیرة بتلك المضامین (9) لا نطیل الكلام بإیرادها،

ص: 209


1- فی بعض المصادر السالفة : قضینا.
2- فی جامع الأصول: قد قرأ.
3- فی س: أنكر بها.
4- فی المصدر زیادة: النّبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم.
5- جاء فی هامش جامع الأصول: معناه: و وسوس لی الشّیطان تكذیبا للنّبوّة أشدّ ممّا كنت علیه فی الجاهلیّة، لأنّه فی الجاهلیّة كان غافلا أو متشكّكا فوسوس له الشّیطان الجزم بالتّكذیب، فتدبّر.
6- فی الجامع زیادة: عزّ و جلّ بعد لفظ الجلالة. و فی مشكاة المصابیح كالمتن.
7- فی جامع الأصول: أن اقرأه.
8- فی جامع الأصول: أن اقرأه.
9- كما جاء فی صحیح أبی داود- كتاب الوتر: 22، و مسند أحمد بن حنبل 1- 24، 40، 43، 264، 299، 313، 445 و 2- 300، 332، 440 و 4- 170، 204، 205 و غیرها، و سنن الترمذی 11- 62 كتاب القرآن 6- 227- 228 باب أنزل القرآن علی سبعة أحرف، و الموطإ لمالك كتاب القرآن: 15، و صحیح مسلم باب أنّ القرآن أنزل علی سبعة أحرف 2- 202 و 203، و كتاب المسافرین: 264، 370، 372، 374 [طبعة محمّد علی صبیح بمصر]، و تفسیر الطبریّ 1- 9 15، و أورد جملة منها فی صحیح البخاریّ كتاب فضائل القرآن الباب الخامس، و كتاب الخصومات الباب الرابع، و كتاب بدء الخلق الباب السادس، و كتاب التوحید الباب الثالث و الخمسون، و غیره. و انظر أیضا الروایات و الأقوال حول هذه المسألة، و كذا تفسیر القرطبیّ 1- 43 و غیرها.- و أدرجت بقیة الأقوال هناك، فلاحظ. أقول: و هی جملة روایات بمضامین متعدّدة جاءت من طرق العامّة، و هی مخالفة صریحا لما ورد عن بیت العصمة و الطهارة سلام اللّٰه علیهم، ففی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال: إنّ القرآن واحد نزل من عند واحد، و لكن الاختلاف یجی ء من قبل الرواة [أصول الكافی- كتاب فضل القرآن- باب النوادر الروایة: 12]. و فی الروایة التی تلیها فی جواب الفضیل بن یسار حیث سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام قائلا: إنّ الناس یقولون: إنّ القرآن نزل علی سبعة أحرف، فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: كذبوا- أعداء اللّٰه- و لكنّه نزل علی حرف واحد من عند الواحد .. و غیرها.

وَ فِی بَعْضِهَا قَالَ: لَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ جَبْرَئِیلَ، فَقَالَ: یَا جَبْرَئِیلُ! إِنِّی بُعِثْتُ إِلَی أُمَّةٍ أُمِّیِّینَ مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَ الشَّیْخُ الْكَبِیرُ وَ الْغُلَامُ وَ الْجَارِیَةُ وَ الرَّجُلُ الَّذِی لَا یَقْرَأُ كِتَاباً قَطُّ، فَقَالَ لِی: یَا مُحَمَّدُ! إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.

فهذه الأخبار كما تری صریحة فی جواز القراءة علی الوجوه المختلفة، و إنّ كلّا من الأحرف السبعة من كلام اللّٰه المنزل، و فی بعض الروایات تصریح بأنّه صلّی اللّٰه علیه و آله كره المنع من القراءات المتعدّدة، فجمع الناس علی قراءة واحدة، و المنع عمّا سواها ردّ صریح و مضادّة لنصّ الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله.

و ما قیل: من أنّ المراد بنزوله علی سبعة أحرف اشتماله علی سبعة معان، كالوعد و الوعید و المحكم و المتشابه و الحلال و الحرام و القصص و الأمثال و الأمر و النهی .. و نحو ذلك فالأخبار تدفعه، لأنّها ناطقة بأنّ السبعة الأحرف ممّا یختلف به اللفظ و لیس الاختلاف فیها مقصورا علی المعنی.

و كذا ما یقال من أنّ هذه الأحرف السبعة ظهرت و استفاضت عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و ضبطتها عنه الأئمّة و أثبتها عثمان و الجماعة فی المصحف و أخبروا بصحّتها، و إنّما حذفوا عنها ما لم یثبت متواترا، و إنّ هذه الأحرف تختلف معانیها تارة و ألفاظها أخری فهو مردود بأنّ من راجع السیر و كتب القراءة علم أنّ مصحف عثمان لم یكن إلّا حرفا واحد، و أنّه أبطل ما سوی ذلك الحرف، و لذلك نقم علیه ابن مسعود و غیره، و كان غرضه رفع الاختلاف و جمع الناس علی أمر واحد و اختیار هؤلاء السبعة من بین القرّاء، و الاقتصار علی قراءتهم، و رفض

ص: 210

من سواهم من القرّاء علی كثرتهم إنّما هو من فعل المتأخّرین، و قد تشعّبت القراءات و اختلفت كلمة القرّاء بعد ما جمع عثمان الناس علی قراءة زید بن ثابت، و كتب المصاحف السبعة علی المشهور بین القرّاء فبعث بواحد منها إلی الكوفة و بواحد إلی البصرة و إلی كلّ من الشام و مكة و الیمن و البحرین بواحد و أمسك فی المدینة مصحفا كانوا یقولون له: الإمام، ثم لّما كانت تلك المصاحف مجرّدة عن النقط و علامة الإعراب و نحو ذلك، و كانت الكلمات المشتملة علی حرف الألف مرسومة فیها بغیر ألف، اختلفت القراءات بحسب ما تحتمله صورة الكتابة، فقرأ كلّ بما ظنّه أولی من حیث المعنی أو من جهة قواعد العربیة و اللغة إلّا فی مواضع یسیرة لم یتّفقوا علی صورة الكتابة، و الظاهر أنّها نشأت من كتّاب المصاحف السبعة، و اختلافها إمّا لأنّ كلّا منهم كتب الكلمة بلغة كانت عنده أصحّ كالصراط بالصاد و السین-، أو للسهو و الغفلة، أو لاشتباه حصل فی صورة الكتابة.

و بالجملة، جمیع القرّاء المتأخّرین عن عصر الصحابة السبعة و غیرهم یزعمون مطابقة قراءتهم لمصحف من مصاحف عثمان، بل للقراءة الواحدة التّی جمع عثمان الناس علیها و أمر بترك ما سواها، فهذه القراءات إنّما تشعّبت عن مصاحف عثمان، و لذلك اشترط علماء القراءة فی صحّة القراءة و وجوب اعتبارها ثلاثة شروط: كونها منقولة عن الثقات، و كونها غیر مخالفة للقواعد، و كونها مطابقة لرسم مصحف من تلك المصاحف بحیث تحتملها صورة الكتابة و إن كانت محتملة لغیرها، و ادّعوا انعقاد الإجماع علی صحّة كلّ قراءة كانت كذلك، و لما كثر اختلاف القرّاء و تكثّرت القراءات الصحیحة عندهم جری المتأخّرون منهم علی سنّة عثمان فی إبطال القراءات، فاقتصر طائفة منهم علی السبعة، و زاد طائفة ثلاثة، و زاد بعضهم علی العشرة، و طرح بعضهم الثلاثة من العشرة، و زاد عشرین رجلا، و زاد الطبری علی السبعة نحو خمسة عشر رجلا (1)، و قد فعلوا

ص: 211


1- تفسیر الطبریّ 1- 15.

بالرواة عن السبعة أو العشرة أو فوقهما ما فعلوا بهؤلاء، فاعتبروا قوما من الرواة و طرحوا أكثرهم.

و قد بسط الجزری فی النشر (1) الكلام فی ذلك، قال بعد إیراد تشعّب القراءات و كثرتها ما هذا لفظه-: بلغنا عن بعض من لا علم له أنّ القراءات الصحیحة هی التّی عن هؤلاء السبعة، أو أنّ الأحرف (2) السبعة التّی أشار إلیها النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] هی قراءة هؤلاء السبعة، بل غلب علی كثیر من الجهّال أنّ القراءات الصحیحة هی التّی فی الشاطبیّة و التیسیر، و أنّها (3) هی المشار إلیها

بِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.

، حتّی أنّ بعضهم یطلق علی ما لم یكن فی هذین الكتابین أنّه شاذّ.

ثم قال (4): و إنّما أوقع هؤلاء فی الشبهة كونهم سمعوا: أنزل القرآن علی سبعة أحرف، و سمعوا قراءات السبعة، فظنّوا أنّ هذه السبعة هی تلك المشار إلیها، و لذلك (5) كره كثیر من الأئمّة المتقدّمین اقتصار ابن مجاهد علی سبعة من القرّاء و خطّئوه فی ذلك، و قالوا: أ لا أقتصر علی دون هذا العدد أو زاده أو بین مراده لیخلّص من لا یعلم من هذه الشبهة؟ .. ثم نقل مثل هذا الكلام عن إمامه أبی العباس المهدوی.

أقول: فظهر أنّ تعدّد تلك القراءات لا ینفع فی القدح فیما فعله عثمان من المنع من غیر قراءة زید بن ثابت و جمع الناس علیها، ثم لو تنزّلنا عن هذا المقام و قلنا بجواز جمع الناس علی قراءة واحدة فنقول: اختیار زید بن ثابت علی مثل عبد اللّٰه بن مسعود و المنع من قراءته و تعلّم القرآن منه مخالفة صریحة لأمر الرسول

ص: 212


1- النشر فی القراءات العشر 1- 36.
2- لا توجد فی س: الأحرف.
3- فی س: إنّما.
4- النشر 1- 36.
5- فی ك: كذلك.

صلی اللّٰه علیه و آله علی ما تظافرت به أخبارهم الصحیحة عندهم.

فقد رَوَی ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (1) فِی تَرْجَمَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَقْرِءُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ فَبَدَأَ بِابْنِ أُمِّ عَبْدٍ (2).

وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَبَدَأَ بِهِ وَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ، وَ سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ.

قَالَ: وَ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَسْمَعَ الْقُرْآنَ غَضّاً فَلْیَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. وَ بَعْضُهُمْ (3) یَرْوِیهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ یَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ فَلْیَقْرَأْهُ عَلَی قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. و عن عبد اللّٰه مثله.

وَ عَنْ أَبِی وَائِلٍ (4)، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ یَقُولُ: إِنِّی لَأَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ مَا أَنَا بِخَیْرِهِمْ، وَ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ وَ لَا آیَةٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْلَمُ فِیمَا نَزَلَتْ، وَ مَتَی نَزَلَتْ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ (5): فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً أَنْكَرَ عَلَیْهِ ذَلِكَ (6)

وَ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ (7) كَانَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ وَسِیلَةً، وَ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (8).

ص: 213


1- المطبوع هامش الإصابة 2- 319.
2- فی الاستیعاب: بعبد اللّٰه بن مسعود، بدلا من: ابن أمّ عبد.
3- كما ذكره ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 320.
4- كما أورده فی الاستیعاب 2- 321. و فی ك: وابل.
5- فی ك: وابل.
6- فی الاستیعاب: ذلك علیه- بتقدیم و تأخیر-.
7- فی المصدر زیادة: بن مسعود.
8- لا یوجد: عزّ و جلّ، فی الاستیعاب.

وَ عَنْ أَبِی ظَبْیَانَ (1)، قَالَ: قَالَ لِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: أَیَّ الْقِرَاءَتَیْنِ تَقْرَأُ؟.

قُلْتُ: الْقِرَاءَةُ الْأُولَی، قِرَاءَةُ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. فَقَالَ لِی: بَلْ هِیَ الْقِرَاءَةُ الْأَخِیرَةُ (2)، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ كَانَ یَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَی جَبْرَئِیلَ فِی كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ عَرَضَهُ عَلَیْهِ مَرَّتَیْنِ، فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا بُدِّلَ.

وَ عَنْ عَلْقَمَةَ (3) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عُمَرَ وَ هُوَ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنَ الْكُوفَةِ وَ تَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا یُمْلِی (4) الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ عُمَرُ غَضَباً شَدِیداً وَ قَالَ: وَیْحَكَ! وَ مَنْ هُوَ؟. قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ: فَذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ (5)، وَ سَكَنَ وَ عَادَ إِلَی حَالِهِ، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ أَحَداً هُوَ أَحَقُّ (6) بِذَلِكَ مِنْهُ.

قَالَ (7): وَ سُئِلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَ عَلِمَ السُّنَّةَ .. وَ كَفَی بِذَلِكَ.

وَ عَنْ شَقِیقٍ (8)، عَنْ أَبِی وَائِلٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ فِی الْمَصَاحِفِ بِمَا أَمَرَ، قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ خَطِیباً، فَقَالَ: تَأْمُرُونَنِی (9) أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَی قِرَاءَةِ زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ؟ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ

ص: 214


1- كما فی الاستیعاب- هامش الإصابة- 2- 322.
2- فی المصدر: فقال: أجل هی الآخرة، بدل: فقال لی: بل هی القراءة الأخیرة.
3- كما فی الاستیعاب- هامش الإصابة- 2- 322- 323.
4- فی المصدر: یحكی، بدلا من: یملی.
5- فی الاستیعاب: ذلك الغضب.
6- فی س لا توجد: أحقّ.
7- أی ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 2- 323.
8- كما فی الاستیعاب 2- 23، و فیه: عن شقیق بن سلمة بن أبی وائل. و فی س: وائل. و فی ك: وابل.
9- فی المصدر: أ یأمرونّی.

سَبْعِینَ سُورَةً، وَ إِنَّ زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَذُو ذُؤَابَةٍ یَلْعَبُ مَعَ (1)الْغِلْمَانِ، وَ اللَّهِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ شَیْ ءٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْلَمُ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ نَزَلَ، وَ مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّی، وَ لَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنِّی بِكِتَابِ اللَّهِ تَبْلُغُنِیهِ الْإِبِلُ لَأَتَیْتُهُ (2)قَالَ: ثُمَّ اسْتَحْیَا مِمَّا قَالَ، فَقَالَ: وَ مَا أَنَا بِخَیْرِكُمْ.

قَالَ شَقِیقٌ: فَقَعَدْتُ فِی الْحَلَقِ فِیهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً أَنْكَرَ (3)عَلَیْهِ وَ لَا رَدَّ مَا قَالَ.

وَ رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (4)، عَنِ الْبُخَارِیِّ (5)وَ مُسْلِمٌ (6)وَ التِّرْمِذِیُّ (7)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ: عَبْدِ اللَّهِ، وَ سَالِمٍ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ (8)

اسْتَقْرِءُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ-، وَ سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَیٍّ.

وَ فِی رِوَایَةِ التِّرْمِذِیِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ، وَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَ سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ.

ص: 215


1- فی الاستیعاب: به، بدلا من: مع
2- فی المصدر: أحدا تبلغنیه الإبل أعلم بكتاب اللّٰه منّی لأتیته.
3- فی الاستیعاب: أنكر ذلك.
4- جامع الأصول 8- 568- 569 حدیث 6378.
5- صحیح البخاریّ 9- 42 و 43 كتاب فضائل القرآن، باب القرّاء من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و كتاب فضائل أصحاب النّبیّ صلی اللّٰه علیه و آله، باب مناقب سالم، و باب مناقب معاذ بن جبل، و باب مناقب أبیّ بن كعب.
6- صحیح مسلم، كتاب فضائل الصّحابة، باب فی فضائل عبد اللّٰه بن مسعود حدیث 2464.
7- سنن التّرمذیّ، كتاب المناقب، باب مناقب عبد اللّٰه بن مسعود حدیث 3812.
8- فی المصدر زیادة هنا: و فی روایة.

و روی من الصحاح أكثر الأخبار السالفة بأسانید، فهذا ما رووه فی ابن مسعود و أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أمر الناس بأخذ القرآن منه، و صرّح بأنّ قراءته مطابقة للقرآن المنزل، فالمنع من قراءته و إحراق مصحفه ردّ علی الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله و محادّة للّٰه عزّ و جلّ، و مع التنزّل عن مخالفة النصّ أیضا نقول كان علی عثمان أن یجمعهم علی قراءة عبد اللّٰه دون زید، إذ قد روی فی فضل عبد اللّٰه ما سمعت و لم یذكروا لزید بن ثابت فضلا یشابه ما روی فی عبد اللّٰه سندا و لا متنا، و قد رووا ما یقدح فیه و لم یذكر أحد منهم قدحا فی عبد اللّٰه، و الإطناب فی ذلك یوجب الخروج عمّا هو المقصود من الكتاب، و من أراد ذلك فلیرجع إلی الإستیعاب (1) و غیره (2) لیظهر له ما ذكرنا.

و قال فی الإستیعاب (3): كان زید عثمانیّا و لم یكن فیمن شهد شیئا من مشاهد علیّ علیه السلام مع الأنصار.

فظهر أنّ السبب الحامل لهم علی تفویض جمع القرآن إلیه أوّلا، و جمع الناس علی قراءته ثانیا تحریف الكلم عن مواضعه، و إسقاط بعض الآیات الدالّة علی فضل أهل البیت علیهم السلام و النصّ علیهم، كما یظهر من الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار علیهم السلام، و لو فوّضوا إلی غیره لم یتیسّر لهم ما حاولوا.

و من جملة القراءات التّی حظرها و أحرق المصحف المطابق لها قراءة أبیّ بن كعب و معاذ بن جبل، و قد عرفت فی بعض الروایات السابقة أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أمر بالأخذ عنهما. هذا سوق الطعن علی وجه الإلزام و بناء الكلام علی الروایات العامیّة، و أمّا إذا بنی الكلام علی ما روی عن أهل البیت علیهم السلام

ص: 216


1- الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة 2- 316- 324.
2- حلیة الأولیاء 1- 124، تاریخ الخمیس 2- 257، البیان و التبیان 2- 56، البدء و التاریخ 5- 97 و غیرها.
3- الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة 1- 554.

فتوجّه الطعن أظهر و أبین، كما ستطّلع علیه فی كتاب القرآن (1) إن شاء اللّٰه.

توضیح:

قوله: فَسُقِطَ فی نفسی .. یقال للنّادم المتحسِّر علی فعل فعله: سُقِطَ فی یده و هو مسقوط فی یده (2)، قال اللّٰه تعالی: (لَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ) (3) و لعلّه هنا أیضا بهذا المعنی. و قال بعض شرّاح الحدیث من العامّة: سقط ببناء مجهول- ..

أی ندمت و وقع فی خاطری من تكذیب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ما لم أقدر علی وصفه، ففاعل سقط محذوف .. أی سقط فی نفسی ما لم یسقط مثله فی الإسلام و لا فی الجاهلیّة، لأنّه كان فی الجاهلیّة غافلا أو متشكّكا، و كان من أكابر الصحابة، و ما وقع له فهو من نزغة الشیطان و زال ببركة ید النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.

و قال النووی فی شرح صحیح مسلم (4): أی وقع فی نفسی من تصویب قراءة الرجلین أشدّ ممّا كنت فی الجاهلیّة، لأنّه كان إمّا جاهلا أو متشكّكا و وسوس له الشیطان الجزم بالتكذیب (5).

قوله: فَفِضْتُ بكسر الفاء-، قوله (6): عرقا، تمییز، كقولهم تصیّب الفرس عرقا. و قال الكرمانی: إسناد الفیضان إلی نفسه و إن كان مستدركا بالتمیّز فإنّ فیه إشارة إلی أنّ العرق فاض منه حتّی كأنّ النفس فاضت معه، و مثله قولهم: سالت

ص: 217


1- بحار الأنوار 40- 57، و قد مرّت فی 24- 35 بهذا المضمون، و انظر المقدّمة الثامنة من تفسیر الصافی.
2- كما فی القاموس 2- 365، و مجمع البحرین 4- 253، و الصحاح 3- 1132.
3- الأعراف: 149.
4- شرح صحیح مسلم للنووی 6- 102، باختلاف كثیر. و لاحظ 4- 144 فضائل القرآن باب 16، و فی المتن منه 1- 225.
5- فی المصدر جاءت العبارة هكذا: معناه وسوس لی الشیطان تكذیبا للنبوّة أشدّ ممّا كنت علیه فی الجاهلیّة، لأنّه فی الجاهلیّة كان غافلا أو متشكّكا فوسوس له الشیطان الجزم بالتكذیب.
6- فی س: و قوله.

عینی دمعا.

الطعن الثامن:

إنّه كان یؤثر أهل بیته بالأموال العظیمة من بیت مال المسلمین، نحو ما روی (1) أنّه دفع إلی أربعة من قریش زوّجهم بناته أربعمائة ألفی دینار، و أعطی مروان مائة ألف عند فتح إفریقیة، و یروی (2) خمس إفریقیة.

وَ رَوَی السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (3)، عَنِ الْوَاقِدِیِّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَدِمَتْ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ عَلَی عُثْمَانَ فَوَهَبَهَا لِلْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ (4).

وَ رُوِیَ أَیْضاً أَنَّهُ وَلَّی الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ صَدَقَاتِ قُضَاعَةَ فَبَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةِ

ص: 218


1- بل أعطی عبد اللّٰه بن خالد بن أسید ثلاثمائة ألف بعد أن زوّجه ابنته، كما ذكره ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261، و ابن قتیبة فی المعارف: 84 و غیرهما، بل ذكر ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 66 [أربع مجلدات: أنّه أعطاه أربعمائة ألف درهم، و انظر قول فرید وجدی فی دائرة معارفه 6- 166: و أنكح الحرث بن الحكم ابنته عائشة فأعطاه مائة ألف من بیت المال. و لاحظ ما جاء فی السیرة الحلبیّة 2- 87، و الصواعق المحرقة 2- 87، و فصلها بمصادرها شیخنا الأمینی رحمه اللّٰه فی غدیره 8- 267- 288.
2- قاله ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261. و عدّ ابن قتیبة فی المعارف: 84، و أبو الفداء فی تاریخه 1- 168، و ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261: ممّا نقم الناس علی عثمان، قطعه فدك لمروان، و نقله ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 67، و صرّح ابن قتیبة فی المعارف: 84، و أبو الفداء فی تاریخه 1- 168- بعد ما مرّ-: و هی صدقة رسول اللّٰه، و لم تزل فدك فی ید مروان و بنیه إلی أن تولّی عمر ابن عبد العزیز فانتزعها من أهله و ردّها صدقة.
3- الشّافی 4- 273- 274.
4- كما رواه البلاذریّ فی الأنساب 5- 28، و قال فی 5- 52: و أعطی الحارث بن الحكم بن أبی العاص ثلاثمائة ألف درهم. و قال ابن قتیبة فی المعارف: 48، و الرّاغب فی المحاضرات 2- 212، و ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261، و ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 67، و غیرهم أنّه: تصدّق رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم بموضع السّوق بالمدینة یعرف بمهزون تهروز، مهزور علی المسلمین فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم. و قال الحلبیّ فی سیرته 2- 87: أعطی عثمان الحارث عشر ما یباع فی السّوق- أی سوق المدینة-.

أَلْفٍ فَوَهَبَهَا لَهُ حِینَ أَتَاهُ بِهَا (1).

وَ قَدْ (2) رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ وَ الْوَاقِدِیُّ جَمِیعاً: أَنَّ النَّاسَ أَنْكَرُوا عَلَی عُثْمَانَ إِعْطَاءَهُ سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ (3) مِائَةَ أَلْفٍ(4)، فَكَلَّمَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ وَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِی ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ لِی قَرَابَةً وَ رَحِماً. فَقَالُوا: أَ مَا كَانَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ قَرَابَةٌ وَ ذُو رَحِمٍ؟!. فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ كَانَا یَحْتَسِبَانِ فِی مَنْعِ قَرَابَتِهِمَا، وَ أَنَا أَحْتَسِبُ فِی إِعْطَاءِ قَرَابَتِی (5)، قَالُوا: فَهُدَاهُمَا (6) وَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیْنَا مِنْ هُدَاكَ.

وَ قَدْ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَی (7) عُثْمَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَیْدِ (8) بْنِ أَبِی الْعَاصِ مِنْ مَكَّةَ وَ نَاسٌ مَعَهُ أَمَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ (9) مِنَ الْقَوْمِ بِمِائَةِ أَلْفٍ (10)، وَ صَكَّ بِذَلِكَ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ وَ كَانَ خَازِنَ بَیْتِ الْمَالِ فَاسْتَكْثَرَهُ وَ برد (11) الصَّكَّ بِهِ، وَ یُقَالُ إِنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ أَنْ یَكْتُبَ عَلَیْهِ (12) بِذَلِكَ كِتَابَ دَیْنٍ فَأَبَی ذَلِكَ، وَ امْتَنَعَ ابْنُ الْأَرْقَمِ أَنْ یَدْفَعَ الْمَالَ إِلَی الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:

ص: 219


1- و نقله البلاذریّ فی الأنساب 5- 28 عن ابن عبّاس، و ذكره الیعقوبیّ فی تاریخه 2- 41 من: أنّ عثمان أعطی صدقات قضاعة الحكم بن أبی العاص عمّه طرید النّبیّ بعد ما قرّبه و أدناه و ألبسه.
2- لا توجد: قد، فی المصدر.
3- فی الشّافی: بن أبی العاص.
4- و ذكره جمع منهم ابن قتیبة فی المعارف: 84، و ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261، و الرّاغب الأصفهانیّ فی المحاضرات 2- 212، و الیافعیّ فی مرآة الجنان 1- 85 و غیرهم.
5- إلی هنا ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 28.
6- فی المصدر: قال: فهدیهما.
7- لا توجد: علی، فی س.
8- فی س: أسعد.
9- لا توجد فی المصدر و لا س: واحد.
10- جاء فی العقد الفرید 2- 261، و المعارف لابن قتیبة: 84، إلّا أنّه فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 66: أنّه أعطی عبد اللّٰه أربعمائة ألف درهم.
11- كذا، و الظّاهر: و ردّ، كما فی الأنساب للبلاذریّ 5- 58.
12- لا یوجد: علیه، فی المصدر.

إِنَّمَا أَنْتَ خَازِنٌ لَنَا فَمَا حَمَلَكَ عَلَی مَا فَعَلْتَ؟. فَقَالَ ابْنُ الْأَرْقَمِ: كُنْتُ أَرَانِی (1) خَازِناً لِلْمُسْلِمِینَ وَ إِنَّمَا خَازِنُكَ غُلَامُكَ، وَ اللَّهِ لَا أَلِی لَكَ بَیْتَ الْمَالِ أَبَداً، وَ جَاءَ (2) بِالْمَفَاتِیحِ فَعَلَّقَهَا عَلَی الْمِنْبَرِ، وَ یُقَالُ: بَلْ أَلْقَاهَا إِلَی عُثْمَانَ، فَدَفَعَهَا عُثْمَانُ إِلَی نَائِلٍ مَوْلَاهُ (3)

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَنْ یَحْمِلَ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ فِی عَقِیبِ هَذَا الْفِعْلِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا عَلَیْهِ قَالَ لَهُ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَرْسَلَ إِلَیْكَ یَقُولُ لَكَ (4): إِنَّا قَدْ شَغَلْنَاكَ عَنِ التِّجَارَةِ وَ لَكَ ذُو رَحِمٍ أَهْلُ حَاجَةٍ، فَفَرِّقْ هَذَا الْمَالَ فِیهِمْ، وَ اسْتَعِنْ بِهِ عَلَی عِیَالِكَ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ: مَا لِی إِلَیْهِ حَاجَةٌ وَ مَا عَمِلْتُ لِأَنْ یُثِیبَنِی عُثْمَانُ؟ وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ هَذَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِینَ مَا بَلَغَ قَدْرُ عَمَلِی أَنْ أُعْطَی ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ لَئِنْ كَانَ مِنْ مَالِ عُثْمَانَ مَا أُحِبُّ أَنْ أزرأ (5) مِنْ مَالِهِ شَیْئاً (6).

ص: 220


1- فی مطبوع البحار: أوانی، و هو غلط.
2- فی المصدر: فجاء.
3- و قد أورد البلاذریّ فی الأنساب 5- 58، و ابن أبی الحدید فی شرح النّهج 1- 67 قصّة أخری شبیهة بهذا، فلاحظ، و نظیره فی تاریخ الیعقوبیّ 2- 145. أقول: قال البلاذریّ فی الأنساب 5- 30: لمّا قدم الولید الكوفة ألفی ابن مسعود علی بیت المال، فاستقرضه مالا ..- و قد كانت الولاة تفعل ذلك ثمّ تردّ ما تأخذ- .. فأقرضه عبد اللّٰه ما سأله، ثمّ إنّه اقتضاه إیّاه، فكتب الولید فی ذلك إلی عثمان، فكتب عثمان إلی عبد اللّٰه بن مسعود: إنّما أنت خازن لنا فلا تعرض للولید فیما أخذ من المال، فطرح ابن مسعود المفاتیح و قال: كنت أظنّ أنّی خازن للمسلمین، فأمّا إذ كنت خازنا لكم فلا حاجة لی فی ذلك، و أقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتیح بیت المال.
4- لا توجد فی س: لك.
5- فی ك: إزراءه، و فی الشّافی: أرزأه، و یحتمل أن تكون: أرزأ بمعنی أصیب، و قد یكون: أزر فعل المتكلّم وحده- من الوزر، و الإزراء من الزّری، قال فی القاموس 4- 338: زری علیه زریا: عابه و عاتبه، كأزری- لكنّه قلیل- و تزری، و أزری بأخیه: أدخل علیه عیبا أو أمرا یرید أن یلبّس علیه به.
6- إلی هنا ما ذكره السّیّد فی الشّافی.- و قد ذكر أبو عمرو فی الاستیعاب و ابن حجر فی الإصابة فی ترجمة عبد اللّٰه بن أرقم أنّه قد ردّ ما بعث إلیه عثمان من ثلاثمائة ألف، و فی روایة الواقدیّ: قال عبد اللّٰه: ما لی إلیه حاجة، و ما عملت لأن یثیبنی عثمان، و اللّٰه لئن كان هذا من مال المسلمین ما بلغ قدر عملی أن أعطی ثلاثمائة ألف درهم، و لئن كان من مال عثمان ما أحبّ أن آخذ من ماله شیئا.

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ (1)، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَی الزُّبَیْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ، قَالَ: أَغْزَانَا عُثْمَانُ سَنَةَ(2)سَبْعٍ وَ عِشْرِینَ إِفْرِیقِیَةَ فَأَصَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ غَنَائِمَ جَلِیلَةً، فَأَعْطَی عُثْمَانُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ تِلْكَ الْغَنَائِمَ.

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ (3)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، قَالَتْ: لَمَّا بَنَی مَرْوَانَ دَارَهُ بِالْمَدِینَةِ دَعَا النَّاسَ إِلَی طَعَامِهِ وَ كَانَ الْمِسْوَرُ مِمَّنْ دَعَاهُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَ هُوَ یُحَدِّثُهُمْ-: وَ اللَّهِ مَا أَنْفَقْتُ فِی دَارِی هَذِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِینَ دِرْهَماً فَمَا فَوْقَهُ. فَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَوْ أَكَلْتَ طَعَامَكَ وَ سَكَتَّ كَانَ خَیْراً لَكَ، لَقَدْ غَزَوْتَ مَعَنَا إِفْرِیقِیَةَ وَ إِنَّكَ لَأَقَلُّنَا مَالًا وَ رَقِیقاً وَ أَعْوَاناً وَ أَخَفُّنَا ثِقْلًا، فَأَعْطَاكَ ابْنُ عَمِّكَ (4) خُمُسَ إِفْرِیقِیَةَ وَ عَمِلْتَ عَلَی الصَّدَقَاتِ فَأَخَذْتَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِینَ (5).

وَ رَوَی الْكَلْبِیُّ (6)، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ: أَنَّ مَرْوَانَ ابْتَاعَ خُمُسَ إِفْرِیقِیَةَ بِمِائَتَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ مِائَةِ أَلْفِ دِینَارٍ وَ كَلَّمَ عُثْمَانَ فَوَهَبَهَا لَهُ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَی عُثْمَانَ (7) .. هذا ما أورده السیّد رحمه اللّٰه من الأخبار.

ص: 221


1- كما حكاه السّیّد المرتضی فی الشّافی 4- 275.
2- فی مطبوع البحار: ستّة، و هو غلط.
3- كما فی الشّافی 4- 275- 276.
4- فی الأنساب للبلاذریّ: ابن عفّان، بدلا من: ابن عمّك.
5- و ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 28.
6- كما حكاه السّیّد فی الشّافی 4- 276، و البلاذریّ فی الأنساب 5- 27- 28 و غیرهما.
7- روی ابن قتیبة فی المعارف: 84، و أبو الفداء فی تاریخه 1- 168 و غیرهما: أنّ عثمان أعطی مروان بن الحكم بن أبی العاص ابن عمّه و صهره من ابنته أمّ أبان خمس غنائم إفریقیة- و هی خمسمائة ألف دینار- و فی ذلك یقول عبد الرّحمن بن حنبل الجمحیّ الكندیّ مخاطبا للخلیفة: دعوت اللّعین فأدنیته*** خلافا لسنّة من قد مضی و أعطیت مروان خمس العباد*** ظلما لهم و حمیت الحمی و ذكر هذه الأبیات فی الأنساب 5- 38 و نسبها إلی أسلم بن أوس بن بجرة السّاعدیّ الخزرجیّ، و قال بعد البیت الأوّل: یعنی الحكم والد مروان، كما أوردها ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 261. و قد تعرّض العلّامة الأمینیّ فی غدیره 8- 260- 267 باختصار لحال مروان و أبیه و ولده، و موقف رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله معهم، و قوله صلی اللّٰه علیه و آله له: هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون، و غیرهما. و قول أمیر المؤمنین علیه السّلام عن مروان: لیحملنّ رایة الضّلالة بعد ما یشیب صدغاه. و قول السّبط الأكبر الحسن بن علیّ علیهما السّلام مخاطبا لمروان: فو اللّٰه لقد لعنك اللّٰه و أنت فی صلب أبیك، و غیرها، فراجع.

و روی المسعودی (1) و غیره (2) من مؤرّخی الخاصّة و العامّة أكثر من ذلك (3).

ص: 222


1- مروج الذهب 2- 332- 334.
2- قال الحلبیّ فی سیرته 2- 87: و كان من جملة ما انتقم به علی عثمان أنّه أعطی ابن عمّه مروان بن الحكم مائة ألف و خمسین أوقیة. و روی البلاذری فی الأنساب 5- 25، و ابن سعد فی الطبقات 3- 44: أنّ عثمان كتب لمروان بخمس مصر و أعطی أقرباءه المال، و تأوّل فی ذلك الصلة التی أمر اللّٰه بها، و اتّخذ الأموال و استسلف من بیت المال. و قال ابن الأثیر فی الكامل 3- 38: و ظهر بهذا أنّ عثمان أعطی عبد اللّٰه بن سعد خمس الغزوة الأولی، و أعطی مروان خمس الغزوة الثانیة التی افتتحت فیها جمیع إفریقیة. و فی روایة الواقدی و ذكره ابن كثیر فی تاریخه 7- 152: صالح عثمان خمس إفریقیة بطریقها علی ألفی ألف دینار و عشرین ألف دینار فأطلقها كلّها عثمان فی یوم واحد لآل الحكم، و یقال: لآل مروان. و فی تاریخ الطبریّ 5- 50: كان الذی صالحهم علیه ألفی ألف دینار و خمسمائة ألف دینار و عشرین ألف دینار .. إلی أن قال: كان الذی صالحهم عبد اللّٰه بن سعد علی ثلاثمائة قنطار ذهب فأمر بها عثمان لآل الحكم، قلت: أو لمروان؟. قال: لا أدری.
3- و ها نذكر لك نماذج من أعطیات الخلیفة و تفریطه بأموال المسلمین و إعمار كنوز أهل بیته و قومه: فقد ذكر الیعقوبی فی تاریخه 2- 145 فقال: زوّج عثمان ابنته من عبد اللّٰه بن خالد بن أسید و أمر له بستمائة ألف درهم، و كتب إلی عبد اللّٰه بن عامر أن یدفعها إلیه من بیت مال البصرة!. و جاء فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 67: أنّ عثمان أعطی أبا سفیان بن حرب مائتی ألف من بیت المال فی الیوم الذی أمر لمروان بن الحكم بمائة ألف من بیت المال. و أورد فیه أیضا: أنّه أعطی عبد اللّٰه بن أبی سرح جمیع ما أفاء اللّٰه علیه فی فتح إفریقیة بالمغرب و هی من طرابلس الغرب إلی طنجة من غیر أن یشركه فیه أحد من المسلمین!. و أورد البلاذری فی الأنساب 5- 49- 51، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 157 و غیرهما: أنّه بعث عثمان إلی ابن أبی حذیفة بثلاثین ألف درهم و بجمل علیه كسوة، فأمر فوضع فی المسجد و قال: یا معشر المسلمین! أ لا تردن إلی عثمان یخادعنی عن دینی و یرشونی علیه. كما و قد ذكره شیخنا الأمینی فی غدیره 9- 144، و أدرج لنا فی 8- 286 منه قائمة بجملة من هباته مع مصادرها، نذكرها درجا: فقد أعطی لمروان 500000 دینار ذهب، و 100000 درهم فضة، و لابن أبی سرح 100000 دینار، و لطلحة ضعفه مع ثلاثین ملیون درهم مرّة، و ملیونین و مائتین ألف درهم فضة، و لعبد الرحمن 2560000 دینار، و لیعلی بن أمیّة نصف ملیون دینار، و لزید بن ثابت مائة ألف دینار .. و هكذا دوالیك للحكم و آل الحكم و الحارث و سعید و الولید و عبد اللّٰه و أبی سفیان و الزبیر و ابن أبی الوقّاص و غیرهم من حزبه و أعوانه یطول علینا درجها فضلا من إحصائها. و لنختم بحثنا هذا بكلام مولی الموحّدین و سیّد الأوصیاء سلام اللّٰه علیه الذی جاء فی شقشقته و علی مسمع و مرأی من القوم حیث یقول فی عثمان: ... قام ثالث القوم نافجا حضنیه بین نثیله و معتلفه، و قام معه بنو أبیه [أمیّة] یخضمون مال اللّٰه خضمة الإبل نبتة الربیع إلی أن انتكث فتله، و أجهز علیه عمله، و كبت به بطنته. و قد مرّ كلامه علیه السلام بتمامه مع مصادره. و من هنا یعرف مغزی ما قاله صلوات اللّٰه علیه فی الیوم الثانی من بیعته: ألا إنّ كلّ قطیعة أقطعها عثمان و كلّ مال أعطاه من مال اللّٰه فهو مردود فی بیت المال، فإنّ الحقّ القدیم لا یبطله شی ء، و لو وجدته قد تزوّج به النساء و فرّق فی البلدان لرددته إلی حاله. قد نقله ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 1- 269 [1- 90] عن الكلبی، و انظر: نهج البلاغة- لصبحی الصالح 1- 57، و محمّد عبده 1- 46، و غیرهما.

و هذا عدول عن سنّة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سیرة المتقدّمین علیه، و أصل الخروج عن العدول فی القسمة و إن كان من بدع عمر إلّا أنّ عثمان ترك العدل رأسا بحیث لم یخف بطلانه و تضمّنه للجور العظیم و البدعة الفاحشة علی العوام أیضا، و لما اعتاد الرؤساء فی أیّامه بالتوثّب علی الأموال و اقتناء الذخائر و نسوا سنّة الرسول فی التسویة بین الوضیع و الشریف شقّ علیهم سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام فعدلوا عن طاعته و مال طائفة منهم إلی معاویة و خرج علیه طلحة و الزبیر فقامت فتنة الجمل و غیرها، فهذه البدعة مع قطع النظر عن خطر التصرّف فی أموال المسلمین كانت من موادّ الشرور و الفتن الحادثة بعدها إلی یوم النشور.

ص: 223

الطعن التاسع:

أنّه عطّل الحدود الواجبة كالحدّ فی عبید اللّٰه بن عمر، فإنّه قتل الهرمزان بعد إسلامه (1) فلم یقد به، و قد كان أمیر المؤمنین علیه السلام یطلبه (2).

رَوَی السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الشَّافِی (3)، عَنْ زِیَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَتَی عُثْمَانَ بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ، فَكَلَّمَهُ فِی عُبَیْدِ اللَّهِ وَ لَمْ یُكَلِّمْهُ أَحَدٌ غَیْرُهُ، فَقَالَ: اقْتُلْ هَذَا الْفَاسِقَ الْخَبِیثَ الَّذِی قَتَلَ امْرَأً مُسْلِماً. فَقَالَ عُثْمَانُ: قَتَلُوا (4) أَبَاهُ (5) بِالْأَمْسِ وَ أَقْتُلُهُ الْیَوْمَ؟!، وَ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَبَی عَلَیْهِ مَرَّ عُبَیْدُ اللَّهِ عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: یَا فَاسِقُ! إِیهِ! أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ ظَفِرْتُ بِكَ یَوْماً مِنَ الدَّهْرِ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ مَعَ مُعَاوِیَةَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (6).

ص: 224


1- فی س: إسلام.
2- قال العلّامة الأمینی فی غدیره 8- 133: أخرج البیهقیّ فی السنن الكبری 8- 61 بإسناده، عن عبید اللّٰه بن عبید بن عمیر، قال: لما طعن عمر وثب عبید اللّٰه بن عمر علی الهرمزان فقتله، فقیل: لعمر: إنّ عبید اللّٰه بن عمر قتل الهرمزان. قال: و لم قتله؟. قال: إنّه قتل أبی، قیل: و كیف ذلك؟. قال: رأیته قبل ذلك مستخلیا بأبی لؤلؤة، و هو أمره بقتل أبی!. و قال عمر: ما أدری ما هذا، انظروا إذا أنا متّ فاسألوا عبید اللّٰه البیّنة علی الهرمزان هو قتلنی، فإن أقام البیّنة فدمه بدمی، و إن لم یقم البیّنة فأقیدوا عبید اللّٰه من الهرمزان، فلمّا ولی عثمان قیل له: أ لا تمضی وصیّة عمر فی عبید اللّٰه؟. قال: و من ولیّ الهرمزان؟. قالوا: أنت یا أمیر المؤمنین!. فقال: قد عفوت عن عبید اللّٰه ابن عمر!!. أقول: حقّا هو خلیفة لعمر.
3- الشّافی 4- 304.
4- فی ك: قتل.
5- فی س: إیّاه.
6- و لاحظ: مصادر نهج البلاغة و أسانیده 3- 274، و العقد الفرید لابن عبد ربّه 1- 125، 2- 171.

وَ رَوَی الْقُبَادُ (1)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِیسَی، عَنْ (2) زَیْدٍ، عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ الْمُسْلِمِینَ لَمَّا قَالَ عُثْمَانُ: إِنِّی قَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالُوا: لَیْسَ لَكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ.

قَالَ: بَلَی، إِنَّهُ لَیْسَ لِجُفَیْتَةَ(3) وَ الْهُرْمُزَانِ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَ أَنَا (4)أَوْلَی بِهِمَا لِأَنِّی وَلِیُّ الْمُسْلِمِینَ فَقَدْ عَفَوْتُ.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ لَیْسَ كَمَا تَقُولُ، إِنَّمَا أَنْتَ فِی أَمْرِهِمَا بِمَنْزِلَةِ أَقْصَی الْمُسْلِمِینَ، وَ إِنَّمَا قَتْلُهُمَا فِی إِمْرَةِ غَیْرِكَ، وَ قَدْ حَكَمَ الْوَالِی الَّذِی قَبْلَكَ الَّذِی قُتِلَا فِی إِمَارَتِهِ بِقَتْلِهِ، وَ لَوْ كَانَ قَتْلُهُمَا فِی إِمَارَتِكَ لَمْ یَكُنْ لَكَ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَاتَّقِ اللَّهَ! فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ هَذَا. وَ لَمَّا (5) رَأَی عُثْمَانُ أَنَّ الْمُسْلِمِینَ قَدْ أَبَوْا إِلَّا قَتْلَ عُبَیْدِ اللَّهِ أَمَرَهُ فَارْتَحَلَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ أَقْطَعَهُ بِهَا دَاراً وَ أَرْضاً (6)، وَ هِیَ الَّتِی یُقَالُ لَهَا: كُوَیْفَةُ ابْنِ عُمَرَ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَكْبَرُوهُ وَ كَثُرَ كَلَامُهُمْ فِیهِ..

وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِیِّ (7) بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمْسَی عُثْمَانُ یَوْمَ وُلِّیَ حَتَّی نَقَمُوا عَلَیْهِ فِی أَمْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَیْثُ لَمْ یَقْتُلْهُ بِالْهُرْمُزَانِ. انتهی ما رواه السیّد رضی اللّٰه عنه.

وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی مَجَالِسِهِ (8)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ

ص: 225


1- كما أورده السّیّد المرتضی فی الشّافی 4- 304- 305.
2- فی الشّافی: بن، بدلا من: عن.
3- فی ك: لجفینة.
4- فی س: و إن.
5- فی المصدر: فلمّا.
6- فی الشّافی: و ابتنی بها دارا و أقطعه أرضا، بدلا من: و أقطعه بها دارا و أرضا.
7- فی المصدر: عبد اللّٰه بن حسن بن حسن بن علیّ.
8- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 320- 321 مع تفصیل فی الإسناد و اختلاف یسیر.

عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِیهِ (2)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ: أَنَّ النَّاسَ كَلَّمُوا عُثْمَانَ فِی أَمْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِی أَمْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ الْهُرْمُزَانِ وَ إِنَّمَا قَتَلَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ تُهَمَةً بِدَمِ أَبِیهِ، وَ إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِدَمِ الْهُرْمُزَانِ اللَّهُ ثُمَّ الْخَلِیفَةُ، أَلَا وَ إِنِّی قَدْ وَهَبْتُ دَمَهُ لِعُبَیْدِ اللَّهِ!.

فَقَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! مَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ اللَّهُ أَمْلَكَ بِهِ مِنْكَ، وَ لَیْسَ لَكَ أَنْ تَهَبَ مَا اللَّهُ (3) أَمْلَكُ بِهِ مِنْكَ، فَقَالَ: نَنْظُرُ (4)وَ تَنْظُرُونَ، فَبَلَغَ قَوْلُ عُثْمَانَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكْتُ لَأَقْتُلُ عُبَیْدَ اللَّهِ بِالْهُرْمُزَانِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَیْدَ اللَّهِ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ لَفَعَلَ.

وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (5) وَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (6) وَ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ (7) وَ كَثِیرٌ مِنْ أَرْبَابِ السِّیَرِ: قَتَلَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِأَبِیهِ ابْنَةَ أَبِی لُؤْلُؤَةَ وَ قَتَلَ جُفَیْتَةَ وَ الْهُرْمُزَانَ وَ أَشَارَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی عُثْمَانَ بِقَتْلِهِ بِهِمْ فَأَبَی، ثم ذكر فی الكامل (8) روایة یتضمّن (9) عفو ابن هرمزان عن عبید اللّٰه، و أنّ عثمان مكّنه من

ص: 226


1- فی المصدر: جعفر أبو عبد اللّٰه.
2- لا توجد: عن أبیه، فی المصدر.
3- فی س: باللّٰه.
4- فی المجالس: تنظر.
5- الكامل 3- 40 و ما جاء فی صفحة: 39.
6- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 2- 431 و 433.
7- روضة الأحباب للدّشتكیّ 2- 170- طبعة لكنهو- و فیه: عبد اللّٰه، و هو غلط. و لاحظ ما ذكرناه فی التّعلیقة رقم4 من صفحة: 533، من المجلّد 30.
8- الكامل لابن الأثیر 3- 40.
9- فی س: بتضمّن، و الظاهر: تتضمن.

قتله، ثم قال: و الأول أصحّ، لأنّ علیّا علیه السلام لّما ولی الخلافة أراد قتله فهرب منه إلی معاویة بالشام، و لو كان إطلاقه بأمر ولیّ الدم لم یتعرّض له علیّ علیه السلام. انتهی (1).

و إذا تأمّلت فیما نقلنا لا یبقی لك ریب فی بطلان ما أجاب به المتعصّبون من المتأخّرین، و كفی فی طعنه معارضته أمیر المؤمنین علیه السلام الذی لا یفارق الحقّ باتّفاقهم معه فی ذلك، و اللّٰه العاصم عن الفتن و المهالك.

الطعن العاشر:

أنّه حمی الحمی (2) عن المسلمین، مع أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله

ص: 227


1- و لنا نماذج كثیرة لتعطیله الحدود، قصدا أو جهلا، ستأتی منّا مستدركا، و لعلّ قصّة الولید بن عقبة- الفاسق بنصّ الكتاب و صریح السنّة، و والیه علی الكوفة، التی مرّت فی الطعن الأول- تعدّ الفرد الأكمل و المصداق الأتمّ لهذا المعنی، إذ لا شبهة فی شربه للخمر و سكره و صلاته بالناس صلاة الصبح أربعا فی تلك الحال- كما فی الأنساب 5- 33، و صحیح مسلم و بقیّة المصادر السالفة- و قد التفت إلی المصلّین قائلا: أزیدكم ..؟ إلی آخر القصّة، و فیها شهادة الأربعة علیه فأوعدهم عثمان و تهدّدهم، و قال لجندب بن زهیر- أحد الشهود-: أنت رأیت أخی یشرب الخمر؟! و غیر ذلك، و من هنا قالت عائشة بعد ما شهد عندها الشهود: أنّ عثمان أبطل الحدود و توعّد الشهود. بل نراه قد ضرب بعض الشهود أسواطا، و قد أقام علیه أمیر المؤمنین علیه السلام الحدّ بعد ذلك، انظر القصّة مفصّلا فی مسند أحمد بن حنبل 1- 144، و سنن البیهقیّ 8- 318، و تاریخ الیعقوبی 2- 142، و الكامل لابن الأثیر 3- 42، و أسد الغابة 5- 91، 92، و الإصابة 3- 638، و تاریخ الخلفاء للسیوطی: 104، و السیرة الحلبیّة 2- 314، و الأغانی 4- 178- 180، و العقد الفرید 2- 273.
2- لقد أباحت الشریعة الغرّاء و رسالة السماء جمیع منابت العشب و مساقط الغیث، و المروج و السهول للمسلمین إذا لم یحجر علیها و لم یكن لها مالك خاصّ، و عدّت من المباحات الأصلیّة، و لا یحقّ لأحد- مهما كان و أیّ كان- أن یحمی لنفسه الحمی و یمنع الناس عنه، و ها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم إذ یقول: المسلمون شركاء فی ثلاث: فی الكلإ و الماء و النار. و قال صلوات اللّٰه علیه و آله: ثلاث لا یمنعن: الماء و الكلأ و النار، كما جاء فی صحیح البخاریّ 3- 110، الأموال لابن عبیدة: 296، سنن أبی داود 2- 101، سنن ابن ماجة 2- 94 و غیرها. نعم كانت هناك سنّة جاهلیّة لحقتها بدعة أمویّة یأكل بها القویّ الضعیف، و اكتسحها الإسلام و أبطلها بقول صاحب الرسالة سلام اللّٰه علیه و آله: لا حمی إلّا للّٰه و لرسوله، كما فی صحیح البخاریّ 3- 113، الأمّ للشافعی 3- 207، و غیرهما.

جعلهم شرعا سواء فی الماء و الكلإ (1)

و أجاب قاضی القضاة (2) و غیره بأنّه حماه لإبل الصدقة، و قد روی عنه هذا الكلام بعینه، و أنّه قال: إنّما فعلت ذلك لإبل الصدقة، و قد أطلقته الآن، و أنا أستغفر اللّٰه.

و ردّ علیهم السید رضی اللّٰه عنه (3) بأنّ المرویّ بخلاف ما ذكر (4)، لأنّ الواقدی روی بإسناده، قال: كان عثمان یحمی الرَّبَذة (5) و السَّرِف(6) و النَّقِیع (7) فكان لا یدخل الحمی بعیر له و لا فرس و لا لبنی أمیّة، حتّی كان آخر الزمان،

ص: 228


1- كما فی الأنساب للبلاذری 5- 37، و السیرة الحلبیّة 2- 87، و شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 67، و غیرها.
2- المغنی: 20- القسم الثانی-: 52.
3- فی الشافی 4- 278، بتصرّف.
4- فی المصدر: ذكره.
5- قال فی مراصد الاطّلاع 2- 601: الربذة- بفتح أوّله و ثانیه و ذال معجمة مفتوحة- من قری المدینة علی ثلاثة أمیال .. إلی آخره، و انظر: معجم البلدان 3- 24- 25، و فیه: و بهذا الموضع قبر أبی ذرّ الغفاری رضی اللّٰه عنه، و اسمه جندب بن جنادة، و كان قد خرج إلیها مغاضبا لعثمان بن عفّان.
6- السرف- بالفتح ثمّ الكسر و آخره فاء-: موضع علی ستة أمیال من مكّة، كما صرّح بذلك فی مراصد الاطّلاع 2- 708، و انظر ما ذكره فی معجم البلدان 3- 212. و فی الغدیر 8- 236 و المصدر و الموطإ و غیرها: الشرف- بالمعجمة و فتح الراء- و هی كبد نجد، و عند البخاری بالسین، و الأول أظهر، لاحظ أیضا: معجم البلدان 3- 12، و مراصد الاطّلاع 2- 791.
7- النقیع- بالفتح ثمّ الكسر و یاء ساكنة و عین مهملة- قاله فی المراصد 3- 1378. ثم قال: و قیل: النقیع: موضع قرب المدینة حماه النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لخیله و هو غیر نقیع الخضمات، و لاحظ: معجم البلدان 5- 301- 302. أمّا البقیع: فلم یأت بدون إضافة، إذ هو لغة بمعنی الموضع الذی فیه أروم الشجر من ضروب شتّی، و به سمّی بقیع الغرقد الذی هو مقبرة أهل المدینة. لاحظ: معجم البلدان 1- 473، و مراصد الاطّلاع 1- 213 و غیرهما.

فكان یحمی السرف (1) لإبله، و كانت ألف بعیر و لإبل الحكم بن أبی العاص، و یحمی الربذة لإبل الصدقة، و یحمی النقیع (2) لخیل المسلمین و خیله و خیل بنی أمیّة (3).

علی أنّه لو كان إنّما حماه لإبل الصدقة لم یكن بذلك مصیبا، لأنّ اللّٰه تعالی و رسوله (صلی اللّٰه علیه و آله) أباحا الكلأ (4) و جعلاه مشتركا فلیس لأحد أن یغیّر هذه الإباحة.

و لو كان فی هذا الفعل مصیبا، و إنّما حماه لمصلحة تعود علی المسلمین لما جاز أن یستغفر اللّٰه (5) منه (6) و یعتذر، لأنّ الاعتذار إنّما یكون من الخطإ دون الصواب. انتهی.

و قد رَوَی الْبُخَارِیُّ (7) فِی صَحِیحِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَالَ: لَا حِمَی إِلَّا لِلَّهِ (8) وَ لِرَسُولِهِ (9).

فَجَعَلَ الْحِمَی مُخْتَصّاً بِإِبِلِهِ وَ إِبِلِ الْحَكَمِ وَ خَیْلِ بَنِی أُمَیَّةَ مُنَاقَضَةً لِنَصِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (10) فِی شَرْحِ الْخُطْبَةِ الشِّقْشِقِیَّةِ: أَنَّ عُثْمَانَ ... حَمَی

ص: 229


1- فی المصدر: الشرف- بالمعجمة-، انظر: ما ذكرناه فی تعلیقة رقم 6 فی الصفحة السالفة.
2- انظر: تعلیقة رقم 7 من الصفحة السالفة، و فی شرح نهج البلاغة بكلا طبعتیه-: و البقیع.
3- و أورده ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 3- 39 [1- 235- طبعة أربع مجلدات .
4- فی المصدر: أحلّا الكلأ و أباحاه.
5- لا یوجد لفظ الجلالة فی المصدر.
6- فی ك: عنه، بدلا من: منه.
7- صحیح البخاریّ- كتاب الجهاد- حدیث 146.
8- فی س: اللّٰه.
9- و ذكره ابن حنبل فی مسنده 4- 38 و 71 و 73. أقول: جاء فی صحیح البخاریّ كتاب المساقاة حدیث 11: أنّ عمر حمی السّرف و الرّبذة!.
10- فی شرحه علی نهج البلاغة 1- 199 [1- 67 طبعة ذات أربع مجلّدات .

الْمَرَاعِیَ حَوْلَ الْمَدِینَةِ كُلَّهَا مِنْ مَوَاشِی الْمُسْلِمِینَ كُلِّهِمْ إِلَّا عَنْ بَنِی أُمَیَّةَ.

الطعن الحادی عشر:

أنّه أعطی من بیت المال الصدقة المقاتلة و غیرها، و ذلك ممّا لا یحلّ فی الدین، و دفع الاعتراضات الواردة علیه مذكور فی الشافی(1).

الطعن الثانی عشر:

إتمامه الصلاة بمنی مع كونه مسافرا، و هو مخالف للسنّة و لسیرة من تقدّمه (2)

ص: 230


1- الشافی 4- 278.
2- اعلم أنّ إتمامه الصلاة فی منی كان من المسلّم عند العامّة، و تشبّثوا فی توجیهه و تبریره بما لا یزیده إلّا طعنا. فقد أخرج البیهقیّ فی سننه 3- 144، عن الزهری: أنّ عثمان بن عفّان أتمّ الصلاة بمنی من أجل الأعراب لأنّهم كثروا عامئذ فصلّی بالناس أربعا لیعلمهم أنّ الصلاة أربع!!. و ذكره فی تیسیر الوصول 2- 286، و نیل الأوطار 2- 260. و أورد المتّقی فی الكنز 4- 229، و البیهقیّ فی السنن الكبری 3- 144، عن حمید، عن عثمان بن عفّان أنّه أتمّ الصلاة بمنی، ثمّ خطب فقال: یا أیّها الناس! إنّ السنّة سنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم و سنّة صاحبیه و لكنّه حدث العام من الناس فخفت أن یستنّوا. و قال ابن حجر فی فتح الباری 2- 456: أخرج أحمد و البیهقیّ من حدیث عثمان و أنّه صلّی بمنی أربع ركعات أنكر الناس علیه، فقال: إنّی تأهّلت بمكّة لما قدمت، و إنّی سمعت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یقول: من تأهّل ببلدة فإنّه یصلّی صلاة مقیم. قال: هذا حدیث لا یصحّ منقطع، أو فی رواته من لا یحتجّ به، و یردّه أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله كان یسافر بزوجاته و قصّر. و روی ابن حزم فی المحلّی 4- 270، و ابن التركمانی فی ذیل سنن البیهقیّ 3- 144 من طریق سفیان بن عیینة، عن جعفر بن محمّد، عن أبیه، قال: اعتلّ عثمان- و هو بمنی- فأتی علیّ فقیل له: صلّ بالناس. فقال: إن شئتم صلّیت لكم صلاة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم؟. قالوا: لا، إنّ صلاة أمیر المؤمنین- یعنی عثمان- أربعا، فأبی.

فقد رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (1)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَزِیدَ (2)، قَالَ: صَلَّی بِنَا عُثْمَانُ بِمِنًی أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِیلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَیْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَیَا لَیْتَ حَظِّی مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ.

قال: أخرجه البخاری (3) و مسلم (4) و أبو داود (5). وَ فِی أُخْرَی لِأَبِی دَاوُدَ (6) زِیَادَةُ: وَ مَعَ عُثْمَانَ صَدْراً مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا .. وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ (7).

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ (8)، قَالَ: صَلَّی عُثْمَانُ بِمِنًی أَرْبَعاً حَتَّی بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَقَدْ صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ رَكْعَتَیْنِ.

وَ لَهُ فِی أُخْرَی، قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فِی السَّفَرِ رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَیْنِ.

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ (9) وَ مُسْلِمٌ (10) وَ النَّسَائِیُّ (11) عَلَی مَا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ جَامِعِ

ص: 231


1- جامع الأصول 5- 704 حدیث 4020.
2- فی المصدر زیادة: و هو أخو الأسود النّخعیّ.
3- صحیح البخاریّ 2- 465 كتاب تقصیر الصلاة، باب الصلاة بمنی. و فی كتاب الحجّ، باب الصلاة بمنی 2- 154.
4- صحیح مسلم، كتاب صلاة المسافرین، باب قصر الصلاة بمنی 2- 260، حدیث 695.
5- سنن أبی داود، المجلد 12، باب الصلاة بمنی، باختلاف یسیر فی اللفظ.
6- سنن أبی داود، كتاب المناسك، باب الصّلاة بمنی 1- 308، حدیث 1960.
7- و رواه الدّارمیّ فی سننه 2- 55، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 3- 143، و غیرهما.
8- سنن النّسائیّ 3- 120- 121، كتاب تقصیر الصّلاة، باب تقصیر الصّلاة بمنی. و فیه روایته الأخری التّالیة.
9- صحیح البخاریّ 2- 464، كتاب تقصیر الصّلاة، باب الصّلاة بمنی، و فی كتاب الحجّ، باب الصّلاة بمنی.
10- صحیح مسلم، كتاب صلاة المسافرین، باب قصر الصّلاة بمنی، حدیث 694.
11- سنن النّسائیّ 3- 121، كتاب تقصیر الصّلاة، باب الصّلاة بمنی، عن أنس بن مالك.

الْأُصُولِ (1)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ وَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَ عُمَرُ بَعْدَ أَبِی بَكْرٍ، وَ عُثْمَانُ صَدْراً مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّی بَعْدُ أَرْبَعاً، وَ كَانَ (2) ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّی مَعَ الْإِمَامِ صَلَّی أَرْبَعاً، وَ إِذَا صَلَّی (3) وَحْدَهُ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ (4).

قال: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَی (5)، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ أَنَّهُ: صَلَّی صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًی وَ غَیْرِهِ رَكْعَتَیْنِ، وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ رَكْعَتَیْنِ صَدْراً مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعاً.

و أخرجه البخاری (6) و لم یقل: و غیره (7).

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ مُخْتَصَرٌ، قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (8) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 232


1- جامع الأصول 5- 705، حدیث 4021.
2- فی جامع الأصول: فكان.
3- فی المصدر: صلّاها.
4- و رواه أحمد فی مسنده 2- 16 و 55 و 56 باختصار، و الطّحاویّ فی شرح معانی الآثار، باب صلاة المسافرین. و انظر: ما جاء فی مسند أحمد بن حنبل 1- 145، 378 و 2- 44، و سنن البیهقیّ 3- 126 و غیرهما.
5- فی المصدر: و أخرجه مسلم من طریق آخر، بدلا من: من طرق أخری.
6- فی المصدر زیادة: نحوه.
7- أقول: و قریب منه ما أخرجه مالك فی الموطإ 1- 282، عن عروة، و القاضی أبو یوسف فی الآثار: «30»- و الشافعی فی كتابه الأمّ 1- 159، و 7- 175، عن عبد الرحمن بن یزید. و نقله الترمذی فی صحیحه 1- 71، و البیهقیّ فی سننه 3- 153، عن أبی نضرة بتفصیل، و قال: حسن صحیح. و فی لفظ ابن حزم فی المحلّی 4- 270: أنّ ابن عمر كان إذا صلّی مع الإمام بمنی أربع ركعات انصرف إلی منزله فصلّی فیه ركعتین، أعادها. و جاء فی صحیح البخاریّ 2- 154، و صحیح مسلم 1- 261، و مسند أحمد بن حنبل 1- 425 و غیرهما بالإسناد، عن عبد الرحمن بن یزید، قال: صلّی بنا عثمان بن عفّان بمنی أربع ركعات، فقیل ذلك لعبد اللّٰه بن مسعود، فاسترجع، ثمّ قال: .. و جاءت روایة عبد الرحمن بن یزید فی السنن الكبری 3- 144 و غیرها بإسناد آخر.
8- فی المصدر: النّبیّ، بدلا من: رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.

[وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَیْنِ.

وَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (1)، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ صَلَّی الصَّلَاةَ (2) بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ، وَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّاهَا (3) بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ، وَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (4) صَلَّاهَا بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ، وَ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَّاهَا (5) رَكْعَتَیْنِ شَطْرَ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدُ.

قال: أخرجه الموطأ (6).

وَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ بِمِنًی وَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ وَ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَیْنِ وَ مَعَ عُثْمَانَ صَدْراً مِنْ إِمَارَتِهِ.

قال: أَخْرَجَهُ النَّسَائِیُّ (7).

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَیْنٍ، قَالَ وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ، فَقَالَ-: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ، وَ حَجَجْتُ مَعَ أَبِی بَكْرٍ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ (8) عُمَرَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ، وَ مَعَ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِینَ مِنْ خِلَافَتِهِ أَوْ ثَمَانِیَ سِنِینَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ. قال: أخرجه الترمذی (9).

وَ عَنْ مُوسَی بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَیْفَ أُصَلِّی إِذَا كُنْتُ

ص: 233


1- جامع الأصول 5- 706، حدیث 4022.
2- لا توجد: الصّلاة، فی المصدر.
3- فی جامع الأصول زیادة: بمنی.
4- لا یوجد: بن الخطّاب، فی المصدر.
5- فی المصدر زیادة: بمنی.
6- الموطأ 1- 402 كتاب الحجّ، باب الصلاة بمنی.
7- سنن النّسائیّ 3- 120 كتاب تقصیر الصّلاة، باب الصّلاة بمنی. و أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول 5- 706، حدیث 4023، و أخذه المصنّف رحمه اللّٰه من الأخیر، كما أورده إمام الحنابلة فی مسنده 1- 145.
8- فی المصدر: و حججت مع ..
9- سنن الترمذی، كتاب الصلاة، باب ما جاء فی التقصیر فی السفر، حدیث 545، و قال: هذا حدیث حسن صحیح. و أورده ابن الأثیر فی جامع الأصول 5- 706، حدیث 4024.

بِمَكَّةَ إِذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ؟!. قَالَ: رَكْعَتَیْنِ، سُنَّةَ أَبِی الْقَاسِمِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ (1).

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ (2)، قَالَ: تَفُوتُنِی الصَّلَاةُ فِی جَمَاعَةٍ وَ أَنَا بِالْبَطْحَاءِ مَا تَرَی أُصَلِّی؟. قَالَ: رَكْعَتَیْنِ، سُنَّةَ أَبِی الْقَاسِمِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ (3).

وَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: صَلَّی بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ نَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا (4) وَ آمَنُهُ بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ.

أخرجه البخاری (5) و مسلم (6) و الترمذی (7).

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی دَاوُدَ (8) وَ النَّسَائِیِّ (9)، قَالَ: صَلَّیْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] بِمِنًی (10) وَ النَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا، فَصَلَّی بِنَا رَكْعَتَیْنِ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ (11).

ص: 234


1- كذا أورده مسلم بن الحجّاج القشیریّ فی صحیحه، كتاب صلاة المسافرین، باب صلاة المسافرین و قصرها، حدیث 688.
2- سنن النّسائیّ 3- 119، كتاب تقصیر الصّلاة، باب الصّلاة بمكّة.
3- و عن حمید الضّمریّ قریب منه، كما جاء فی كنز العمّال 4- 240.
4- فی المصدر زیادة: قطّ.
5- صحیح البخاریّ 2- 464، كتاب تقصیر الصلاة بمنی، و فی كتاب الحجّ، باب الصلاة بمنی.
6- صحیح مسلم، كتاب صلاة المسافرین، باب قصر الصلاة بمنی، حدیث 696.
7- سنن الترمذی، كتاب الحجّ، باب ما جاء فی تقصیر الصلاة بمنی، حدیث 882.
8- سنن أبی داود، كتاب الحجّ، باب القصر لأهل مكّة، حدیث 1965.
9- سنن النّسائیّ 3- 119- 120، كتاب تقصیر الصّلاة، باب الصّلاة بمنی. و مجموع ما ذكره فی سننه أربع أحادیث.
10- فی س: بمنی ركعتین، و خطّ علی الأخیرة فی ك، و فی المصدر: صلّیت مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم بمنی أكثر ما كانوا ...
11- و أورده فی جامع الأصول 5- 703- 704، حدیث 4019. و عن حارثة بن وهب قال: صلّی بنا النّبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم آمن ما كان بمنی ركعتین، كذا رواه البخاریّ فی صحیحه فی كتاب التّقصیر، باب الصّلاة بمنی، و كرّر ذكرها فی كتاب الحجّ فی باب الصّلاة بمنی باختلاف یسیر، و أوردها أبو نعیم فی حلیة الأولیاء 4- 344، 7- 188 بطریقین.

وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (1): إِنَّ كَثِیراً مِنَ الْأَصْحَابِ عَابُوا عَلَیْهِ مَا صَنَعَ بِمِنًی، قَالَ: وَ فِی سَنَةِ تِسْعٍ وَ عِشْرِینَ حَجَّ عُثْمَانُ فَضَرَبَ فُسْطَاطَهُ بِمِنًی وَ كَانَ أَوَّلَ فُسْطَاطٍ ضَرَبَهُ عُثْمَانُ بِمِنًی وَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهَا وَ بِعَرَفَةَ، وَ كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّاسُ فِی عُثْمَانَ ظَاهِراً حِینَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًی، فَعَابَ ذَلِكَ غَیْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ (علیه السلام): مَا حَدَثَ أَمْرٌ وَ لَا قَدُمَ عَهْدٌ، وَ لَقَدْ عَهِدْتُ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ یُصَلُّونَ رَكْعَتَیْنِ وَ أَنْتَ صَدْراً مِنْ خِلَافَتِكَ، فَمَا أَدْرِی مَا تَرْجِعُ إِلَیْهِ؟ (2) أَ لَمْ تُصَلِّ فِی هَذَا الْمَكَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ صَلَّیْتَهُمَا(3) أَنْتَ رَكْعَتَیْنِ؟. قَالَ: بَلَی! وَ لَكِنِّی أُخْبِرْتُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ حَجَّ مِنَ الْیَمَنِ وَ جُفَاةَ النَّاسِ قَالُوا إِنَّ الصَّلَاةَ لِلْمُقِیمِ رَكْعَتَانِ، وَ احْتَجُّوا بِصَلَاتِی وَ قَدِ اتَّخَذْتُ بِمَكَّةَ أَهْلًا وَ لِی بِالطَّائِفِ مَالٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا فِی هَذَا عُذْرٌ، أَمَّا قَوْلُكَ اتَّخَذْتُ بِهَا أَهْلًا فَإِنَّ زَوْجَكَ بِالْمَدِینَةِ تَخْرُجُ بِهَا إِذَا شِئْتَ وَ إِنَّهَا (4) تَسْكُنُ بِسُكْنَاكَ، وَ أَمَّا مَالُكَ بِالطَّائِفِ، فَبَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ مَسِیرَةُ ثَلَاثِ لَیَالٍ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ عَنْ حَاجِّ الْیَمَنِ وَ غَیْرِهِمْ فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ یَنْزِلُ عَلَیْهِ الْوَحْیُ وَ الْإِسْلَامُ قَلِیلٌ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَصَلَّوْا رَكْعَتَیْنِ، وَ قَدْ ضَرَبَ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ (5). فَقَالَ: أَعْمَلُهُ بِمَا أَرَی (6). فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَاقَی ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: وَ الْخِلَافُ شَرٌّ (7)، وَ قَدْ صَلَّیْتُ بِأَصْحَابِی أَرْبَعاً. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:

ص: 235


1- الكامل لابن الأثیر 3- 51 [دار الكتاب العربیّ- بیروت 3- 42، بتصرّف و اختصار.
2- هنا سقط لا یتمّ الكلام إلّا به، حیث جاء فی المصدر: ما یرجع إلیه، فقال: رأی رأیته، و بلغ الخبر عبد الرّحمن بن عوف و كان معه، فجاءه فقال له: ..
3- فی الكامل: و عمر ركعتین و صلّیتها ..
4- فی المصدر: و إنّما.
5- قال فی النّهایة 1- 263: ضرب الحقّ بجرانه .. أی قرّ قراره و استقام، كما أنّ البعیر إذا برك و استراح مدّ عنقه علی الأرض، و الجران: باطن العنق.
6- فی الكامل: فقال عثمان: هذا رأی رأیته.
7- هنا سقط، و جاء فی المصدر: فقال: أبا محمّد! غیر ما تعلم. قال: فما أصنع؟. قال: اعمل بما تری و تعلم. فقال ابن مسعود: الخلاف شرّ.

قَدْ صَلَّیْتُ بِأَصْحَابِی رَكْعَتَیْنِ، وَ أَمَّا الْآنَ فَسَوْفَ أُصَلِّی أَرْبَعاً. قَالَ: وَ قِیلَ كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثِینَ (1).

وَ رَوَی نَحْوَ ذَلِكَ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ (2)، وَ قَالَ: أَنْكَرَ الْأَصْحَابُ عَلَیْهِ ضَرْبَ الْفُسْطَاطِ بِمِنًی وَ إِطْعَامَهُ النَّاسَ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ لَمْ یُقْدِمْ عَلَیْهِ أَحَدٌ مُنْذُ بُعِثَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] إِلَی ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَ قَدْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: لَنَضْرِبَنَّ لَكَ فُسْطَاطاً بِمِنًی، فَقَالَ: لَا، مِنَی مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ..

وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (3)، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ (4): قُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ لَا نَبْنِی لَكَ بِمِنًی بَیْتاً یُظَلِّلُ (5) مِنَ الشَّمْسِ؟، فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا هُوَ مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَیْهِ..

قال: أخرجه الترمذی (6) و أبو داود (7)

ص: 236


1- قریب منه الطّبریّ فی تاریخه فی حوادث سنة 29 ه، 5- 56، و انظر: تاریخ ابن كثیر 7- 154، و تاریخ ابن خلدون 2- 386، و الأنساب للبلاذریّ 5- 39. أقول: و ها هو أمیر المؤمنین و یعسوب الدّین سلام اللّٰه علیه یقف أمام هذه البدعة، فقد روی ابن حزم فی المحلّی 4- 270 بإسناده، قال: اعتلّ عثمان و هو بمنی، فأتی علیّ فقیل له: صلّ بالنّاس. فقال: إن شئتم صلّیت لكم صلاة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم، یعنی ركعتین. قالوا: لا، إلّا صلاة أمیر المؤمنین!- یعنون عثمان- أربعا، فأبی. و أوردها ابن التركمانی فی ذیل سنن البیهقیّ 3- 144، و قد سلفت.
2- روضة الأحباب .. انظر: تعلیقة رقم 4 فی صفحة: 533 من المجلّد السّالف: 30.
3- جامع الأصول 3- 437، حدیث 1775.
4- لا توجد: قالت، فی س.
5- فی المصدر: یضلك.
6- سنن الترمذی، كتاب الحجّ، باب ما جاء فی أنّ منی مناخ من سبق، حدیث 881.
7- سنن أبی داود، كتاب المناسك، باب تحریم حرم مكّة، حدیث 2019. أقول: و أخرجه أیضا ابن ماجة فی كتاب المناسك، باب النزول بمنی، حدیث 3006 و 3007، و أحمد بن حنبل فی مسنده 6- 187 و 206، و الدارمیّ فی سننه 2- 73 كتاب المناسك، باب كراهیّة البنیان بمنی، و مستدرك الحاكم 1- 467 كتاب الحجّ، باب منی مناخ من سبق.

ثم إنّ الشافعی (1) ذهب إلی أنّ قصر الصلاة رخصة لیس بعزیمة، لقوله تعالی: (فَلَیْسَ عَلَیْكُمْ جُناحٌ) (2)، و قال: و القصر أفضل.

و قال مالك (3) و أبو حنیفة (4): إنّه عزیمة (5)، و یدلّ علیه من طرق الجمهور روایات كثیرة، و نفی الجناح لا ینافی كون القصر عزیمة، و سیأتی القول فیه فی بابه (6)، مع أنّ القول بالتخیّر لا ینفع فی دفع الطعن عنه، إذ لو كان له سبیل إلیه لما اعتذر بالأعذار الواهیة كما عرفت، بل یظهر من إعراض المعترض و المعتذر عنه رأسا اتّفاق (7) الأصحاب علی بطلانه.

الطعن الثالث عشر:

جرأته علی الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله و مضادّته له.،

فقد حكی الْعَلَّامَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ كَشْفِ الْحَقِّ (8)، عَنِ الْحُمَیْدِیِّ (9)، قَالَ: قَالَ السُّدِّیُّ فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ

ص: 237


1- الأم للشافعی 1- 179- صدر المسألة، المبسوط للسرخسی 1- 239، بدایة المجتهد 1- 166، القوانین الفقهیّة: 82، المجموع 4- 335، 336، 339 و غیرها.
2- سورة النساء: 101.
3- كما جاء فی المجموع 4- 337.
4- ذكره فی بدایة المجتهد 1- 166، و المبسوط 1- 239، و المجموع 4- 337، و القوانین الفقهیّة: 82 و غیرها.
5- بل ذهب عمر و ابنه و ابن عبّاس و جابر و جبیر بن مطعم و الحسن و القاضی إسماعیل و حمّاد بن سلیمان و عمر بن عبد العزیز و قتادة و الكوفیّون إلی أنّ القصر واجب، كما فی تفسیر القرطبیّ 5- 351، و تفسیر الخازن 1- 413 و غیرهما.
6- بحار الأنوار 89- 1 و ما بعدها، و لاحظ صفحة: 110- 116 من المجلد الثامن من الغدیر، و 8- 185 منه.
7- فی س: لاتّفاق.
8- نهج الحقّ و كشف الصّدق: 304- 305، باختلاف أشرنا لبعضه.
9- فی كتابه الجمع بین الصّحیحین، و لا زال- حسب علمنا- مخطوطا.

تَعَالَی: (وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (1) إِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو سَلَمَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ حُذَافَةَ وَ تَزَوَّجَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ امْرَأَتَیْهِمَا: أُمَّ سَلَمَةَ وَ حَفْصَةَ، قَالَ طَلْحَةُ وَ عُثْمَانُ: أَ یَنْكِحُ مُحَمَّدٌ نِسَاءَنَا إِذَا مِتْنَا وَ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُ إِذَا مَاتَ؟! وَ اللَّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ لَقَدْ أَجْلَبْنَا (3) عَلَی نِسَائِهِ بِالسِّهَامِ، وَ كَانَ طَلْحَةُ یُرِیدُ عَائِشَةَ، وَ عُثْمَانُ یُرِیدُ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیماً* إِنْ تُبْدُوا شَیْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیماً) (4)، وَ أُنْزِلَ: (إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِیناً) (5).

الطعن الرابع عشر:

عدم إذعانه لقضاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بالحقّ.،

فقد رَوَی الْعَلَّامَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كَشْفِ الْحَقِّ (6)، عَنِ السُّدِّیِّ فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی: (وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا ثُمَّ یَتَوَلَّی فَرِیقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِینَ) (7)، (وَ إِذا دُعُوا إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَ إِنْ یَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ یَأْتُوا إِلَیْهِ مُذْعِنِینَ أَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ یَخافُونَ أَنْ یَحِیفَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.) (8) الْآیَاتِ، وَ قَالَ (9):

ص: 238


1- الأحزاب: 53.
2- فی المصدر: و خنیس، بدلا من: و عبد اللّٰه.
3- فی س: أجّلنا.
4- الأحزاب: 53 و 54.
5- النّور: 57.
6- نهج الحقّ و كشف الصّدق: 305، باختلاف یسیر.
7- النّور: 47.
8- النّور: 48- 50.
9- فی س: و قد، بدلا من: و قال. و فی المصدر: قال السّدّیّ: نزلت هذه فی عثمان بن عفّان.

نَزَلَتْ فِی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَنِی النَّضِیرِ فَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَاسْأَلْهُ أَرْضَ .. كَذَا وَ كَذَا، فَإِنْ أَعْطَاكَهَا فَأَنَا شَرِیكٌ فِیهَا، وَ آتِیهِ أَنَا فَأَسْأَلُهُ إِیَّاهَا فَإِنْ أَعْطَانِیهَا فَأَنْتَ شَرِیكِی فِیهَا، فَسَأَلَهُ عُثْمَانُ أَوَّلًا فَأَعْطَاهُ إِیَّاهَا، فَقَالَ لِی عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَشْرِكْنِی، فَأَبَی عُثْمَانُ، فَقَالَ: بَیْنِی وَ بَیْنَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، فَأَبَی أَنْ یُخَاصِمَهُ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، فَقِیلَ لَهُ: لِمَ لَا تَنْطَلِقُ مَعَهُ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ؟!، فَقَالَ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ فَأَخَافُ (1) أَنْ یَقْضِیَ لَهُ!. فَنَزَلَتِ الْآیَاتُ، فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِیَّ (صلی اللّٰه علیه و آله)(2) مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ أَقَرَّ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِالْحَقِّ.

و قد مرّ (3) هذا من تفسیر علیّ بن إبراهیم (4)، و أنّها نزلت فیه بوجه آخر..

الطعن الخامس عشر:

أنّه زعم أنّ فی المصحف لحنا،

فقد حَكَی الْعَلَّامَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ (5)، عَنْ تَفْسِیرِ الثَّعْلَبِیِّ (6) فِی قَوْلِهِ تَعَالَی: (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (7)، قَالَ:

قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ فِی الْمُصْحَفِ لَحْناً (8). فَقِیلَ لَهُ: أَ لَا تُغَیِّرُهُ؟. فَقَالَ: دَعُوهُ! فَلَا یُحَلِّلُ

ص: 239


1- لا توجد: فأخاف، فی س، و أثبتت فی المصدر.
2- كذا، و فی المصدر: عثمان، و هو الظّاهر.
3- بحار الأنوار 22- 98 حدیث 52.
4- تفسیر القمّیّ 2- 107.
5- كشف الحقّ: 146- طبعة دار السّلام، بغداد-.
6- تفسیر الثّعلبیّ 3- 32، و قد حذفت الرّوایة فی المطبوع منه، أو لعلّها فی مكان آخر من التّفسیر، فراجع.
7- طه: 63.
8- فی المصدر زیادة هنا و هی: و استسقمه العرب بألسنتهم.

حَرَاماً وَ لَا یُحَرِّمُ حَلَالًا.

، وَ رَوَاهُ الرَّازِیُّ أَیْضاً فِی تَفْسِیرِهِ (1).

الطعن السادس عشر:

تقدیمه الخطبتین فی العیدین، و كون الصلاة مقدّمة علی الخطبتین قبل عثمان ممّا تضافرت به الأخبار العامیّة (2)

فقد رَوَی مُسْلِمٌ (3) فِی صَحِیحِهِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] أَنَّهُ یُصَلِّی قَبْلَ الْخُطْبَةِ(4).

وَ عَنْ عَطَاءٍ (5)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] قَامَ یَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّی فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ.

وَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ (6) ابْنِ عُمَرَ (7): أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أَبَا بَكْرٍ

ص: 240


1- تفسیر الفخر الرّازیّ 22- 75.
2- قال الترمذی فی الصحیح 1- 70: و العمل علی هذا عند أهل العلم من أصحاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم و غیرهم أنّ صلاة العیدین قبل الخطبة. و تأتیك جملة من المصادر.
3- صحیح مسلم 1- 325- كتاب العیدین-، حدیث 884.
4- و جاء بمضامین متعدّدة فی صحاح العامّة و مسانیدهم بهذا الإسناد، انظر: صحیح البخاریّ 2- 377 [2- 116]، كتاب العیدین، باب الخطبة بعد العید، و فی أكثر من ثلاث عشرة [ثلاثة عشر] كتاب، [كتابا] و سنن أبی داود 1- 178 كتاب الصّلاة، باب الخطبة یوم العید، حدیث 1142- 1146 و 1447، و سنن النّسائیّ 3- 183 كتاب العیدین، باب الخطبة فی العیدین بعد الصّلاة، و باب موعظة الإمام النّساء بعد الفراغ من الخطبة، سنن ابن ماجة 1- 385، سنن البیهقیّ 3- 296.
5- كذا أورده أبو داود فی سننه بهذا الإسناد فی كتاب الصّلاة، باب الخطبة یوم العید، حدیث 1141، و جاء بهذا المضمون فی عدّة روایات متّحدة الإسناد مختلفة المضمون، كما أوردها ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 131- 133.
6- فی ك: و عن.
7- كما أورده البخاریّ فی صحیحه 2- 375 [2- 111- 112]، كتاب العیدین، باب المشی و الرّكوب إلی العید و الصّلاة باختلاف یسیر، و باب الخطبة بعد العید، و صحیح مسلم 1- 326 كتاب العیدین فی فاتحته، حدیث 888، و سنن التّرمذیّ 1- 70 كتاب الصّلاة، باب ما جاء فی صلاة العیدین قبل الخطبة، حدیث 531، و سنن النّسائیّ 3- 183 كتاب العیدین، باب صلاة العیدین قبل الخطبة، و ذكره ابن الأثیر فی جامع الأصول 6- 131، حدیث 4239، و موطّأ مالك 1- 146، و مسند أحمد بن حنبل 2- 38، و كتاب الأمّ للشّافعیّ 1- 208 و فیه: أنّ النّبیّ و أبا بكر و عمر كانوا یصلّون فی العیدین قبل الخطبة، سنن ابن ماجة 1- 387، و سنن البیهقیّ 3- 296، و المحلّی لابن حزم 5- 85، و بدائع الصّنائع 1- 276. و اللّفظ مختلف و المعنی واحد. و جاء عن أبی سعید الخدریّ و عبد اللّٰه بن سائب و أنس بن مالك و البراء بن عازب و أبی عبیدة مولی ابن أزهر و غیرهم، انظر مثلا: صحیح البخاریّ 2- 110، 111، صحیح مسلم 1- 325، سنن ابن ماجة 1- 386، 389، سنن البیهقیّ 3- 296، 297، 298، 301، سنن أبی داود 1- 178، 180، سنن النّسائیّ 3- 185- 186، المدوّنة الكبری لمالك 1- 155، المحلّی 5- 86، موطّأ مالك 1- 147، كتاب الأمّ للشّافعیّ 1- 171.

وَ عُمَرَ كَانُوا یُصَلُّونَ الْعِیدَیْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ.

و الأخبار فی ذلك من طرق أهل البیت علیهم السلام مستفیضة.

و قال العلّامة رحمه اللّٰه فی المنتهی (1): لا نعرف فی ذلك خلافا إلّا من بنی أمیّة.

وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ (2)، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی، عَنْ یُونُسَ، عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: الْخُطْبَةُ فِی الْعِیدَیْنِ (3) بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَ إِنَّمَا أَحْدَثَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عُثْمَانُ (4).

وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی التَّهْذِیبِ (5) بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی صَلَاةِ الْعِیدَیْنِ، قَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَتَیْنِ ... (6)، وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهَا بَعْدَ الْخُطْبَةِ

ص: 241


1- منتهی المطلب 1- 245- الحجریّة- فی صلاة العیدین، و العبارة منقولة بالمعنی و باختصار.
2- الكافی 3- 460، حدیث 3.
3- لا توجد فی المصدر: فی العیدین.
4- أورده الحرّ العاملیّ فی الوسائل 5- 110، حدیث 9805، و رواه الشّیخ المفید فی المقنعة: 33، و الشّیخ فی التّهذیب 1- 289.
5- التّهذیب 3- 287، حدیث 860. و جاء صدر الحدیث فی التّهذیب 5- 10، و ذكره الشّیخ الحرّ العاملیّ فی وسائل الشّیعة 5- 110، حدیث 2 من الباب 11.
6- فی المصدر زیادة هنا حذفها المصنّف طاب ثراه لعدم ارتباطها بما نحن فیه، فراجع.

عُثْمَانُ لَمَّا أَحْدَثَ إِحْدَاثَهُ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَامَ النَّاسُ لِیَرْجِعُوا، فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ قَدَّمَ الْخُطْبَتَیْنِ وَ احْتَبَسَ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ (1)

الطعن السابع عشر:

إحداثه الأذان یوم الجمعة زائدا علی ما سنّه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و هو بدعة محرّمة، و یعبّر عنه تارة ب: الأذان الثالث، لأنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله شرّع للصلاة أذانا و إقامة فالزیادة ثالث، أو مع صلاة الصبح، و تارة ب: الأذان الثانی، و الوجه واضح، و هو ما یقع ثانیا بالزمان، أو ما لم یكن بین یدی الخطیب، لأنّه الثانی باعتبار الإحداث سواء وقع أولا بالزمان أو ثانیا.

و قال ابن إدریس (2): ما یفعل بعد نزول الإمام.

و قَدْ رَوَی إِحْدَاثَ عُثْمَانَ الْأَذَانَ الثَّالِثَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (3) فِی حَوَادِثِ سَنَةِ ثَلَاثِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ رَوَاهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ (4)، وَ رَوَاهُ مِنْ

ص: 242


1- و ذكر قریب من هذا ابن حجر فی فتح الباری 2- 361، و یعجبنی نقل عبارته برمّتها قال: أوّل من خطب قبل الصّلاة عثمان، صلّی بالنّاس ثمّ خطبهم!، فرأی ناسا لم یدركوا الصّلاة ففعل ذلك، أی صار یخطب قبل النّاس، و هذه العلّة غیر الّتی اعتلّ بها مروان، لأنّ عثمان رأی مصلحة الجماعة فی إدراكهم الصّلاة، و أمّا مروان فراعی مصلحتهم فی إسماعهم الخطبة، لكن قیل: إنّهم كانوا فی زمن مروان یتعمّدون ترك سماع خطبته لما فیها من سبّ ما لا یستحقّ السّبّ، و الإفراط فی مدح بعض النّاس!، و انظر: ما ذكره فی 2- 359، و أورده الشّوكانیّ فی نیل الأوطار 3- 362 و 374. و ذكره السّیوطیّ فی الأوائل، و تاریخ الخلفاء: 111، و السكتواری فی محاضرات الأوائل: 145.
2- السرائر: 64- الحجریّة- فی صلاة الجمعة [1- 304- طبعة جامعة المدرسین ، و العبارة لیست نصّا.
3- الكامل 3- 48، و أورده الطّبریّ فی تاریخه 5- 68.
4- روضة الأحباب .. لاحظ: التّعلیقة رقم 4 فی صفحة: 533 من المجلّد السّالف 30.

أَصْحَابِ صِحَاحِهِمُ الْبُخَارِیِّ (1) وَ أَبِی دَاوُدَ (2)وَ التِّرْمِذِیِّ (3) وَ النَّسَائِیِّ (4) عَلَی مَا رَوَاهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ (5) عَنْهُمْ، عَنْ زَیْدِ بْنِ السَّائِبِ فِی رِوَایَاتٍ عَدِیدَةٍ:

مِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ الْأَذَانُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ أُقِیمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ نَادَی النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَی الزَّوْرَاءِ (6).

وَ رُوِیَ (7)، عَنِ الشَّافِعِیِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ أَحَبُّ إِلَیَّ.

ص: 243


1- صحیح البخاریّ 2- 326- 327 [2- 95- 96]، كتاب الجمعة، باب الأذان یوم الجمعة، و باب المؤذّن الواحد یوم الجمعة، و باب الجلوس علی المنبر عند التّأذین، و باب التّأذین عند الخطبة، بمعانی متقاربة.
2- كذا، و الصّحیح: و أبو داود، انظر: سنن أبی داود 1- 171- كتاب الصّلاة، باب النّداء یوم الجمعة، حدیث 1087- 1090.
3- سنن التّرمذیّ 1- 67- كتاب الصّلاة- باب ما جاء فی أذان یوم الجمعة، حدیث 516، بلفظه.
4- سنن النّسائیّ 3- 100- 101، كتاب الجمعة، باب الأذان للجمعة.
5- جامع الأصول 5- 674- 675، حدیث 3966. و جاء أیضا فی سنن ابن ماجة 1- 348، و كتاب الأمّ للشّافعیّ 1- 173، و سنن البیهقیّ 1- 429 و 3- 192، 205، و فیض الإله للبقاعی 1- 193. و لا یخفی كون الألفاظ مختلفة جدّا و المعنی واحدا، فلاحظ. قال البلاذریّ فی الأنساب 5- 39: .. ثمّ إنّ عثمان نادی النّداء الثّالث فی السّنة السّابعة [من خلافته فعاب النّاس ذلك و قالوا: بدعة. و لاحظ ما قاله ابن حجر فی فتح الباری 2- 315، و الشّوكانیّ فی نیل الأوطار 3- 332، و شرح السّنن الكبری للبیهقیّ 1- 429.
6- الكلمة مشوّشة فی المطبوع. قال فی القاموس 2- 42: الزّوراء: موضع بالمدینة قرب المسجد، و نحوه فی تاج العروس 3- 246 و عددا بهذا الاسم عدّة مواضع، و ذكر فی فتح الباری 2- 315، و عمدة القاری 3- 291: أنّه حجر كبیر عند باب المسجد. و لاحظ: مراصد الاطّلاع 2- 674، و معجم البلدان 4- 412. و انظر ما ذكره شیخنا الأمینیّ طاب ثراه فی غدیره 8- 125- 128، و اعتبر.
7- الأمّ للشّافعیّ 1- 195، و لعلّه یشكل استفادة ما ذكره هنا منه، و لعلّه جاء من أشیاع الشّافعیّ و تلامذته.

الطعن الثامن عشر:

ما ذكره فی روضة الأحباب (1) أنّه لّما حجّ فی سنة ست و عشرین من الهجرة أمر بتوسیع المسجد الحرام، فابتاع دار من رضی بالبیع من الساكنین فی جوار المسجد، و من لم یرض به أخذ داره قهرا، ثم لمّا اجتمعوا إلیه و شكوا (2) و تظلّموا أمر بحبسهم حتّی كلّمهم فیهم عبد اللّٰه بن خالد بن الولید فشفّعه فیهم و أطلقهم (3)

و لا ریب فی أنّ غصب الدور و جعلها مسجدا حرام فی الشریعة باتّفاق المسلمین.

الطعن التاسع عشر:

إنّه لم یتمكّن من الإتیان بالخطبة، فقد رُوِیَ فِی رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ (4) أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَعَرَضَهُ الْعِیُّ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْخُطْبَةِ وَ تَرَكَهَا، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ: أَیُّهَا النَّاسُ! سَیَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ یُسْراً وَ بَعْدَ عِیٍّ نُطْقاً، وَ إِنَّكُمْ إِلَی إِمَامٍ فَعَّالٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَی إِمَامٍ قَوَّالٍ، أَقُولُ قَوْلِی وَ اسْتَغْفِرُوا

ص: 244


1- روضة الأحباب .. انظر: التعلیقة رقم 4 من صفحة: 533، من المجلد السالف 30.
2- لا توجد: و شكوا، فی س.
3- هذا ما ذكره أصحاب التواریخ، فقد نصّ علیه الطبریّ فی تاریخه 5- 47 حوادث سنة 26 ه، و الیعقوبی فی تاریخه 2- 142، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 36، قال الأول: و فیها زاد عثمان فی المسجد الحرام و وسّعه و ابتاع من قوم و أبی آخرون، فهدم علیهم و وضع الأثمان فی بیت المال، فصاحوا بعثمان، فأمر بهم الحبس!. و قد سبقه بذلك سابقه عمر و زیادته فی المسجد و محاكمة العباس بن عبد المطلب معه و إباؤه عن إعطاء داره، و روایة أبیّ بن كعب و أبی ذرّ الغفاری و غیرهما سلف منّا مجملا. أقول: أخرج البلاذری فی الأنساب 5- 38 من طریق مالك، عن الزهری، قال: وسّع عثمان مسجد النبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم فأنفق علیه من ماله عشرة آلاف درهم، فقال الناس: یوسّع مسجد رسول اللّٰه و یغیّر سنّته!.
4- روضة الأحباب: لاحظ التّعلیقة رقم 1.

اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ .. فَنَزَلَ.

قَالَ: وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ .. وَ عَجَزَ عَنِ الْكَلَامِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ كُلِّ مَرْكَبٍ صَعْبٌ، وَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ (1) وَ عُمَرَ كَانَا یُعِدَّانِ لِهَذَا الْمَقَامِ مَقَالًا وَ أَنْتُمْ إِلَی إِمَامٍ عَادِلٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَی إِمَامٍ قَائِلٍ، وَ إِنْ أَعِشْ فَآتِكُمُ الْخُطْبَةَ عَلَی وَجْهِهَا، وَ یَعْلَمُ اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی (2).

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (3) فِی شَرْحِ

قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ إِنَّا لَأُمَرَاءُ الْكَلَامِ، وَ فِینَا تَنَشَّبَتْ عُرُوقُهُ، وَ عَلَیْنَا تَهَدَّلَتْ غُصُونُهُ. (4).

إِنَّهُ رَوَی أَبُو عُثْمَانَ فِی كِتَابِ الْبَیَانِ وَ التَّبْیِینِ (5)، إِنَّ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَأُرْتِجَ عَلَیْهِ (6). فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ كَانَا یُعِدَّانِ لِهَذَا الْمَقَامِ مَقَالًا، وَ أَنْتُمْ إِلَی إِمَامٍ عَادِلٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَی إِمَامٍ خَطِیبٍ، وَ سَآتِیكُمْ (7) الْخُطْبَةَ عَلَی وَجْهِهَا (8) .. ثُمَّ نَزَلَ.

قَالَ: وَ خَطَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَحَصِرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَحْمَدُكَ

ص: 245


1- فی س: و أنا أبا بكر، و هو غلط.
2- و بهذا المعنی جاء فی الأنساب للبلاذریّ 5- 24، و الطّبقات لابن سعد 3- 43- لیدن-، و تاریخ أبی الفداء 1- 166، و بدائع الصّنائع لملك العلماء 1- 262. قال الیعقوبیّ فی تاریخه 2- 140: صعد عثمان المنبر و جلس فی الموضع الّذی كان یجلس فیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم و لم یجلس أبو بكر و لا عمر فیه ... فتكلّم النّاس فی ذلك، فقال بعضهم: الیوم ولد الشّرّ.
3- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 13- 13.
4- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 226، و الدّكتور صبحی الصّالح: 354 برقم 233. قال ابن میثم فی شرحه علی النّهج 4- 113، و قوله: إنّا لأمراء الكلام .. استعار لفظ الأمراء لنفسه و لأهل بیته ملاحظة كونهم مالكین لأزمّة الكلام یتصرّفون فیه تصرّف الأمراء فی ممالكهم.
5- البیان و التّبیان للجاحظ 1- 272 و 2- 195.
6- قال فی القاموس 1- 190: الرّجرجة: الاضطراب، كالارتجاج .. و الإعیاء.
7- فی البیان و المصدر: و ستأتیكم.
8- فی البیان و التّبیان: الخطب علی وجهها و تعلمون إن شاء اللّٰه.

وَ نَسْتَعِینُكَ وَ نُشْرِكُ بِكَ! (1)

قَالَ: وَ خَطَبَ مُصْعَبُ بْنُ حَیَّانَ خُطْبَةَ نِكَاحٍ فَحَصِرَ، فَقَالَ: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَتْ أُمُّ الْجَارِیَةِ: عَجَّلَ اللَّهُ مَوْتَكَ، أَ لِهَذَا دَعَوْتُكَ (2)؟. انتهی (3).

و الظاهر من هذه الروایات أنّ الخطبة كانت خطبة الجمعة الواجبة(4)، و أنّ عثمان(5) لما حصر و عرضه العیّ ترك الخطبة و لم یأمر أحدا بالقیام بها و إقامة الصلاة، و إلّا لرووه و لم یهملوا ذكره، فالأمر فی ذلك لیس مقصورا علی العجز و القصور بل فیه ارتكاب المحظور، فیكون أوضح فی الطعن (6).

الطعن العشرون:

اشارة

جهله بالأحكام.،

فقد رَوَی الْعَلَّامَةُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كَشْفِ الْحَقِّ (7) عَنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ، وَ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَی زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَرُفِعَ ذَلِكَ (8) إِلَی عُثْمَانَ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَدَخَلَ عَلَیْهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ: (وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (9)، وَ قَالَ تَعَالَی: (وَ فِصالُهُ فِی عامَیْنِ)(10) فَلَمْ یَصِلْ رَسُولُهُ إِلَیْهِمْ إِلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَجْمِهَا،

ص: 246


1- فی شرح النّهج: و لا نشرك بك، و هو غلط، حیث أنّه فی مقام بیان من ارتجّ علیه.
2- فی المصدر: دعوناك.
3- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 13- 13- 14.
4- كما هو صریح روضة الأحباب، و فی أكثرها یظهر أنّه فی أوّل یوم بویع له، و بعضها مطلق.
5- وضع فی مطبوع البحار علی كلمة: عثمان، رمز نسخة بدل.
6- و من الظریف فی المقام أنّهم صرّحوا أنّه كان یماطل الخطبة باستخبار الناس و سؤالهم عن أخبارهم و أسعارهم و هو علی المنبر، كما أخرجه أحمد فی مسنده 1- 73، و الهیثمی فی مجمع الزوائد 2- 187 و قال: رجاله رجال الصحیح.
7- نهج الحقّ و كشف الصّدق: 302- 303، مع اختلاف یسیر.
8- فی كشف الحقّ: فذكر ذلك، و فی س: فوقع.
9- الأحقاف: 15.
10- لقمان: 14. و إلی هنا كلام العلّامة، و جاء بعده: قال: فو اللّٰه، ما كان عند عثمان إلی أن بعث إلیها فرجمت.

فَقَتَلَ الْمَرْأَةَ (1) لِجَهْلِهِ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:

ص: 247


1- و قد أخرجها مالك فی الموطّإ 2- 176، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 7- 442، و ابن عبد البرّ فی كتاب العلم: 150، و ابن كثیر فی تفسیره 4- 157، و ابن الرّبیع فی تیسّر الوصول 2- 9، و العینیّ فی عمدة القاری 9- 642، و السّیوطیّ فی الدّرّ المنثور 6- 40، و غیرهم و ذلك بأسانید متعدّدة و مضامین متقاربة، و فی بعضها: فأمر بها عثمان أن تردّ فوجدت قد رجمت!. أقول: و لنستدرك المقام بموارد من جهل الخلیفة، و هی غیض من فیض، سواء بكتاب اللّٰه أو سنّة نبیّه صلوات اللّٰه علیه و آله أو أمور لغویّة و أخری عرفیّة، أو ما ابتدعه أو اجتهده خلافا للنّصّ، و قد سلف بعض منه و سیأتی آخر البحث الشّی ء الكثیر. منها: ما ذكره ملك العلماء فی بدائع الصّنائع 1- 111 من: أنّ عمر ترك القراءة فی المغرب فی إحدی الأولیتین قضاها فی الرّكعة الأخیرة و جهر، و عثمان ترك القراءة فی الأولیتین فی صلاة العشاء فقضاها فی الأخیرتین و جهر، و نظیره فی صفحة: 172. و قد- تقدّم فی مطاعن عمر- و بذا خرج الخلیفتان بهذه الفضیحة عن السّنّة الثّابتة الصّریحة من ناحیتین: الأولی: الاجتراء بركعة لا قراءة فیها. و الثّانیة: تكریر الحمد فی الأخیرة أو الأخیرتین بقضاء الفائتة مع صاحبة الرّكعة. و قد ذكر شیخنا الأمینیّ فی غدیره 8- 173- 184 جملة من الرّوایات و كثیر من المصادر لإثبات هذه السّنّة عن طریقهم، و أنّ من لم یقرأ بفاتحة الكتاب فلا صلاة له، و أنّ الأمّة مطبّقة علی أنّ تدارك الفائتة من قراءة ركعة فی ركعة أخری لم یرد فی السّنّة النّبویّة، و إنّ رأی الرّجلین غیر مدعوم بحجّة و لا یعمل به و لا یعوّل علیه، و لا یستنّ به أحد من رجال الفتوی قطّ، و الحقّ أحقّ أن یتّبع. و منها: إنّه أوجب كون دیة الذّمّیّ مثل دیة المسلم، و كون عقل الكافر كعقال المؤمن، بل إنّه قد همّ بقتل مسلم قودا بذمّیّ، كما أخرجه البیهقیّ فی السّنن الكبری 8- 33، و الشّافعیّ فی كتاب الأمّ 7- 293، و انظر ما جاء فی كتاب الدّیات لأبی عاصم الضّحّاك: 76، مع إجماع السّلف و الخلف بل قامت علیه ضرورة الدّین أنّه لا یقتل مؤمن بكافر. و أخرج البیهقیّ- أیضا- أنّ رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذّمّة عمدا و رفع إلی عثمان فلم یقتله و غلّظ علیه الدّیة مثل دیة المسلم، مع أنّ دیة المعاهد نصف دیة المسلم. و منها: ما جاء فی صحیح مسلم 1- 142، و قریب منه فی صحیح البخاریّ 1- 109 من أنّ عثمان ذهب إلی أنّ الرّجل لو جامع امرأته و لم یمن فلا غسل علیه، و ادّعی أنّه سمع ذلك من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و قد فصّل القول فیه إمام الحنابلة فی مسنده 1- 63، 64، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 1- 164- 165 و غیرهم. مع أنّ الإجماع قائم من المسلمین كافّة علی أنّه إذا التقی الختان بالختان وجب الغسل أنزل أم لم ینزل، و أنّ المراد بالجنابة لغة هی الجماع و إن لم یكن فیه ماء دافق، و به أوجبوا إجراء حدّ الزّنا و تمام المهر و غیرهما من الأحكام. و ها هو كتاب اللّٰه ناطق بالحكم، و هناك روایات مستفیضة عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله صریحة فی ذلك، كما فی صحیح البخاریّ 1- 108، و صحیح مسلم 1- 142- 143، و سنن الدّارمیّ 1- 194، و سنن البیهقیّ 1- 163- 165، و مسند أحمد بن حنبل 2- 234، 347، 393 و 6- 116، و المحلّی لابن حزم 2- 2 و 3، و مصابیح السّنّة 1- 30، و تفسیر القرطبیّ 5- 200، و الموطّإ 1- 51، و كتاب الأمّ للشّافعیّ 1- 31، 33، و صحیح التّرمذیّ 1- 16 و غیرهم، و علیه فهو إمّا جاهل أو وضّاع مفتر أو هما معا، كما هو ظاهر. و منها: ما أخرجه البلاذریّ فی الأنساب 5- 26، عن الزّهریّ من: أنّ عثمان كان یأخذ من الخیل الزّكاة، و أورده ابن حزم فی المحلّی 5- 227، و أنكر علیه بقول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: عفوت لكم عن صدقه الخیل و الرّقیق، بل هناك نصوص صریحة من طریقهم علی عدم الزّكاة علی الخیل و الرّقیق تجد بعضها فی صحیح البخاریّ 3- 30، 31، صحیح مسلم 1- 361، سنن التّرمذیّ 1- 80 سنن أبی داود 1- 253، سنن ابن ماجة 1- 555- 556، سنن النّسائیّ 5- 35 37، السّنن الكبری 4- 85- 90 و 117، مسند أحمد 1- 62، 212، 132، 145، 146، 148 و 2- 243 و غیرها، و الأمّ للشّافعیّ 2- 22، و موطّأ مالك 1- 206، و أحكام القرآن للجصّاص 3- 189، و المحلّی لابن حزم 5- 229، و عمدة القاری للعینیّ 4- 383، مستدرك الحاكم 1- 390- 398. و منها: ما أخرجه إمام الحنابلة فی مسنده 1- 104، و ابن كثیر فی تفسیره 1- 478، و الهندیّ فی كنز العمّال 3- 227 و غیرهم بإسنادهم من أن یحیس و صفیّة كانا من سبی الخمس، فزنت صفیّة برجل من الخمس و ولدت غلاما فادّعی الزّانی و یحیس فاختصما إلی عثمان، فرفعهما عثمان إلی علیّ بن أبی طالب، فقال علیّ: أقضی فیهما بقضاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: الولد للفراش و للعاهر الحجر، و جلدهما خمسین خمسین. و هذا جهل بالحكم و مخالفة لصریح الكتاب و مستفیض سنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله. و منها: ما أخرجه البیهقیّ فی السّنن الكبری 7- 417، عن أبی عبیدة، قال: أرسل عثمان إلی أبی یسأله عن رجل طلّق امرأته ثمّ راجعها حین دخلت فی الحیضة الثّالثة .. و هی صریحة بجهله بالحكم و أخذه بفتیا غیره، و الّذی علّمه أولی منه. و جاء فی كتاب اختلاف الحدیث للشّافعیّ- هامش الأمّ- 7- 22 أنّه قد: أخبرت الفریعة بنت مالك عثمان بن عفّان أنّ النّبیّ (صلی اللّٰه علیه و آله) أمرها أن تمكث بیتها و هی متوفّی عنها حتّی یبلغ الكتاب أجله، فاتّبعه و قضی به. و هی من الأحكام الّتی جهلها و اتّبع فیها قول امرأة، و القصّة مشهورة قال عنها ابن القیّم: حدیث صحیح مشهور، انظر: الرّسالة للشّافعیّ: 116، كتاب الأمّ له 5- 208، موطّأ مالك 2- 36، سنن أبی داود 1- 362، سنن البیهقیّ 7- 434، أحكام القرآن للجصّاص 1- 496، زاد المعاد 2- 404، الإصابة 4- 386، نیل الأوطار 7- 100 و غیرها. و منها: ما أخرجه مالك فی الموطّإ 2- 10 بإسناده: أنّ رجلا سأل عثمان بن عفّان، عن الأختین من ملك الیمین هل یجمع بینهما؟. فقال عثمان: أحلّتهما آیة و حرّمتهما آیة، فأمّا أنا فلا أحبّ أن أصنع ذلك. قال: فخرج من عنده فلقی رجلا من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم فسأله عن ذلك، فقال: لو كان لی من الأمر شی ء ثمّ وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: أراه علیّ بن أبی طالب. و علّق ابن عبد البرّ فی كتاب الاستذكار علی هذه الرّوایة بقوله: إنّما كنّی قبیصة بن ذؤیب عن علیّ بن أبی طالب لصحبته عبد الملك بن مروان، و كانوا یستثقلون ذكر علیّ بن أبی طالب!!. و الرّوایة وردت بمضامین أخری متقاربة، كما فی السّنن الكبری 7- 164، و أحكام القرآن للجصّاص 2- 158، و المحلّی لابن حزم 9- 522، و تفسیر الزّمخشریّ 1- 359، و تفسیر القرطبیّ 5- 116- 117، و تفسیر الخازن 1- 356، و الدّرّ المنثور 2- 136، و تفسیر الشّوكانیّ 1- 418، و تفسیر الرّازیّ 3- 193، و غیرها. و ذكرها شیخنا الأمینیّ طاب ثراه فی غدیره مفصّلا 8- 214 223، فلاحظ. و منها: ما ذكره ابن ماجة فی سننه 1- 634، و ابن كثیر فی تفسیره 1- 276، و البیهقیّ فی سننه 7- 450- 451، و ابن القیّم فی زاد المعاد 2- 403، و الهندیّ فی كنز العمّال 3- 223، و نیل الأوطار 7- 35 و غیرهم- بألفاظ متعدّدة و المعنی واحد-، عن نافع أنّه سمع ربیع بنت معوذ بن عفراء و هی تخبر عبد اللّٰه بن عمر أنّها اختلعت من زوجها علی عهد عثمان، فجاء معاذ بن عفراء إلی عثمان فقال: إنّ ابنة معوذ اختلعت من زوجها الیوم، أ تنتقل؟. فقال له عثمان: تنتقل، و لا میراث بینهما و لا عدّة علیها، إلّا أنّها لا تنكح حتّی حیضة خشیة أن یكون بها حبل!. و هذه مخالفة لصریح قوله تعالی: ( «وَ الْمُطَلَّقاتُ یَتَرَبَّصْنَ» ...)، و ما تطابقت علیه فتاوی الصّحابة و التّابعین و العلماء من بعدهم، بل أئمّة المذاهب الأربعة علی حدّ تعبیر ابن كثیر فی تفسیره. و منها: ما أورده أحمد بن حنبل فی مسنده 1- 100، 104، و الشّافعیّ فی كتاب الأمّ 7- 157، و أبو داود فی سننه 1- 291، و البیهقیّ فی السّنن الكبری 5- 194، و الطّبریّ فی تفسیره 7- 45، 46، و ابن حزم فی المحلّی 8- 254، و الهندیّ فی كنز العمّال 2- 53 و غیرهم، و جاء بألفاظ متنوّعة و أسانید متعدّدة نذكر واحدا منها: قال: أقبل عثمان إلی مكّة فاستقبلت بقدید فاصطاد أهل الماء حجلا فطبخناه بماء و ملح، فقدّمناه إلی عثمان و أصحابه فأمسكوا، فقال عثمان: صید لم نصده و لم نأمر بصیده اصطاده قوم حلّ، فأطعموناه فما بأس به، فبعث إلی علیّ، فجاء، فذكر له، فغضب علیّ و قال: أنشد رجلا شهد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حین أتی بقائمة حمار وحشیّ، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: إنّا قوم حرم، فأطعموه أهل الحلّ، فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، ثمّ قال علیّ: أنشد اللّٰه رجلا شهد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حین أتی ببیض نعام، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: إنّا قوم حرم أطعموه أهل الحلّ، فشهد دونهم من العدّة من الاثنی عشر. و عن بسر بن سعید: أنّ عثمان بن عفّان كان یصاد له الوحش علی المنازل ثمّ یذبح فیأكله و هو محرّم سنتین من خلافته. و هذا جهل بصریح كتاب اللّٰه و المسلّم من سنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، صرّحت به صحاحهم و أفتی به جمهورهم، انظر: صحیح مسلم 1- 449، مسند أحمد 1- 290، 338، 341، 4- 37، سنن الدّارمیّ 2- 39، سنن ابن ماجة 2- 262، سنن النّسائیّ 5- 184، 185، سنن البیهقیّ 5- 192، 193، أحكام القرآن للجصّاص 2- 586، تفسیر الطّبریّ 7- 48، تیسیر الوصول 1- 272، المحلّی لابن حزم 7- 249، و تفسیر القرطبیّ 6- 322، و رواه الطّحاویّ فی شرح معانی الآثار- كتاب الحجّ-: 386 مختصرا، و المتّقی الهندیّ فی كنز العمّال 3- 53 و قال: أخرجه ابن جریر و صحّحه، و أخرجه الطّحاویّ و أبو یعلی، و ذكره الهیثمیّ فی مجمع الزّوائد 3- 229. و منها: ما أخرجه البخاریّ فی صحیحه 2- 175 [دار الشّعب ، عن مروان بن الحكم، قال: شهدت: عثمان و علیّا، و عثمان ینهی عن المتعة و أن یجمع بینهما، فلمّا رأی علیّ أحلّ بهما لبّیك بعمرة و حجّة. قال: ما كنت لأدع سنّة النّبیّ صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم بقول أحد. و زاد فی بعض الرّوایات: قال: فقال عثمان: أ ترانی أنهی النّاس عن شی ء و تفعله أنت؟!. قال: لم أكن لأدع سنّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لقول أحد من النّاس. و ها هو مروان یحدّثنا- كما فی شرح معانی الآثار، كتاب مناسك الحجّ: 380- قال: كنّا مع عثمان بن عفّان، فسمعنا رجلا یهتف بالحجّ و العمرة، فقال عثمان: من هذا؟. قالوا: علیّ، فسكت. و جاء بلفظ آخر فی مسند أحمد بن حنبل، و أخرج البخاریّ فی صحیحه، كتاب الحجّ، باب التّمتّع 2- 176 [دار الشّعب ، و مسلم فی صحیحه باب جواز التّمتّع، بإسنادهما عن سعید بن المسیّب، قال: اجتمع علیّ و عثمان بعسفان، و كان عثمان ینهی عن المتعة، فقال له علیّ: ما ترید إلی أمر فعله رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله تنهی عنه؟. قال: دعنا منك!!. قال: إنّی لا أستطیع أن أدعك، فلمّا رأی علیّ أهلّ بهما جمیعا. و قریب منه ما رواه ابن حنبل فی مسنده 1- 136، و البیهقیّ فی سننه 5- 22. و هناك جملة روایات بمضامین أخری، انظر: صحیح البخاریّ 3- 69، 71، صحیح مسلم 1- 349، مسند أحمد 1- 61، 95، 135، سنن النّسائیّ 2- 14، 15 [5- 148، 152]، سنن البیهقیّ 4- 352، 5- 22، مستدرك الحاكم 1- 472، تیسیر الوصول 1- 282، مسند الطّیالسیّ 1- 16، سنن الدّارمیّ 2- 69، شرح معانی الآثار للطّحاویّ- كتاب مناسك الحجّ-: 376 و 371 بطریقین، المتّقی فی كنز العمّال 3- 31، و قال: أخرجه العدنیّ و الطّحاویّ و العقیلیّ، و قاله الدّارقطنیّ فی سننه، كتاب الحجّ، باب المواقیت بطریقین، و غیرهم فی غیرها. و منها: جهله باللّغة، إذ أخرج الطّبریّ فی تفسیره 4- 188، عن ابن عبّاس، أنّه دخل علی عثمان، فقال: لم صار الأخوان یردّان الأمّ إلی السّدس، و إنّما قال اللّٰه: ( «فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ» ..) و الأخوان فی لسان قومك، و كلام قومك لیسا بإخوة؟. فقال عثمان: هل یستطیع نقض أمر كان قبلی و توارثه النّاس و مضی فی الأمصار. و فی لفظ الحاكم و البیهقیّ: لا أستطیع أن أردّ ما كان قبلی و مضی فی الأمصار و توارث به النّاس، كما جاء فی المستدرك 4- 335، و السّنن الكبری 6- 227، و المحلّی لابن حزم 9- 258، و تفسیر الرّازیّ 3- 163، و تفسیر ابن كثیر 1- 459، و الدّرّ المنثور 2- 126، و روح المعانی للآلوسیّ 4- 225. و هذا عدم تضلّع بالعربیّة، و كفانا الجصّاص فی أحكام القرآن 2- 98 حیث فصّل و أفاد، و أخزی خلیفته و أجاد، و أجره علیه یوم التّناد، و كذا شیخنا الأمینیّ طاب ثراه فی غدیره 8- 223- 227. و حیث لا نحبّ الإطالة- و الحرّ تكفیه الإشارة- لذا نحیل جملة من مطاعنه فی جهله و جوره إلی موسوعة شیخنا و مولانا العلّامة الأمینیّ رحمه اللّٰه و غیره من أعلامنا فی موسوعاتهم، كالشّهید الثّالث فی إحقاق الحقّ و السّیّد صاحب العبقات فی كتابه و غیرهم أعلی اللّٰه مقامهم، و نشیر منها درجا إلی: «1»-رأی الخلیفة فی الإحرام قبل المیقات. الغدیر 8- 208- 213. «2»-رأی الخلیفة فی ردّ الأخوین للأمّ عن الثّلث. الغدیر 8- 223- 227. «3»-رأی الخلیفة فی المعترفة بالزّنا. 8- 227- 230. «4»-رأی الخلیفة فی امرأة فقدت زوجها 8- 200- 206 ... و غیرها كثیر جدّا. و لنختم حدیثنا عن بعض أوّلیّاته و ما تفرّد به، إذ لیس ما مرّ أوّل قارورة له- علی حدّ تعبیر المثل فله أوّلیّات و بدع و شطحات غیرها. منها: أنّه أوّل من ترك التّكبیر فی كلّ خفض و رفع فی الصّلاة، مع أنّها سنّة ثابتة عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم عرفتها الصّحابة، و تسالمت علیها الأمّة كافّة، و استقرّ علیها إجماع أئمّة المسلمین. یقول عمران بن حصین- و هو ممّن تعرف-: صلّیت خلف علیّ صلاة ذكرنی صلاة صلّیتها مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم و الخلیفتین، قال: فانطلقت فصلّیت معه، فإذا هو یكبّر كلّما سجد و كلّما رفع رأسه من الرّكوع، فقلت: یا أبا نجید! من أوّل من تركه؟. قال: عثمان، حین كبّر و ضعف صوته تركه، كما أورده البخاریّ فی صحیحه 2- 57، 70، و مسلم فی كتابه 2- 8، و أبو داود فی سننه 1- 133، و أحمد فی مسنده 4- 428، 429، 432، 440، 444، و النّسائیّ فی سننه 2- 204، و البحر الزّاخر 1- 254 و غیرهم. و قد تبع معاویة عثمان و أصبحت سنّة بنی أمیّة، ثمّ سنّة المسلمین- و یا للأسف- حتّی نسیت و محقت هذه السّنّة، كما قاله الزرقانی فی شرح الموطّإ 2- 145. قال ابن حجر فی فتح الباری 2- 215: إنّ زیادا تركه- أی التّكبیر- بترك معاویة، و كان معاویة تركه بترك عثمان!. و قریب منه ما فی نیل الأوطار 2- 266. و منها: أنّه أوّل من ضرب الفسطاط بمنی- و مضی فی الطّعون- و قد رواه الطّبریّ فی تاریخه و غیره ممّا سنذكره، كما و أنّه أوّل من أتمّ صلاته بمنی و عرفة، كما سلف. و لعلّه لم یقل كلمة حقّ فی حیاته إلّا ما أجاب به سیّد الوصیّین علیه السّلام عند إنكاره علیه فقال مجیبا: رأی رأیته؟!. نعم، هؤلاء سادات مدرسة الرّأی و القیاس الّذین اتّخذوا إلههم هواهم. و منها: أنّه أوّل من ضرب بالسّیاط، قال ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة 1- 29: ذكروا أنّه اجتمع ناس من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم كتبوا كتابا ذكروا فیه ما خالف فیه عثمان من سنّة رسول اللّٰه و صاحبیه .. إلی أن قال: ما كان من مجاوزته الخیزران إلی السّوط، و إنّه أوّل من ضرب بالسّیاط ظهور النّاس!، و إنّما كان ضرب الخلیفتین بالدّرّة و الخیزران. و نصّ علی ذلك ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 272 مختصرا، و أورده بمصادره شیخنا الأمینیّ فی غدیره 9- 17، فلاحظ.

ص: 248

ص: 249

ص: 250

ص: 251

(وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (1).

و من الشواهد علی جهله أن مرویّاته فی كتب الجمهور مع حرص أتباعه من بنی أمیّة و المتأخّرین عنهم علی إظهار فضله لم یزد علی مائة و ستة و أربعین (2).

و قد رووا عن أبی هریرة الدوسی خمسة آلاف و ثلاثمائة و أربعة و سبعین حدیثا (3)،

ص: 252


1- المائدة: 44.
2- قال السیوطی فی تدریب الراوی 2- 218: و جملة ما روی له مائة حدیث و اثنان و أربعون حدیثا.
3- مقدّمة ابن الصلاح: 429، فتح الباری 1- 167. و انظر: كتاب شیخ المضیرة أبو هریرة للشیخ محمود أبو ریّة، و كتاب أبو هریرة الدوسی لسیّدنا «السیّد عبد الحسین شرف الدین» حقّا.

و ذلك إمّا لغلبة الغباوة حیث لم یأخذ فی طول الصحبة إلّا نحوا ممّا ذكر، أو لقلّة الاعتناء بروایة كلام الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، و كلاهما یمنعان عن استیهال الخلافة و الإمامة (1).

تذییل و تتمیم:

اعلم أنّ عبد الحمید بن أبی الحدید بعد ما أورد مطاعن عثمان أجاب عنها إجمالا، فقال (2): إنّا لا ننكر أنّ عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثیر من المسلمین، و لكنّا ندّعی مع ذلك أنّها لم تبلغ درجة الفسق، و لا أحبطت ثوابه، و أنّها من الصغائر المكفّرة، و ذلك لأنّا قد علمنا أنّه مغفور له، و أنّه من أهل الجنّة لثلاثة أوجه:

أحدها: أنّه من أهل بدر،

و قد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ]: إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَی أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

و عثمان و إن لم یشهد بدرا لكنّه تخلّف علی رقیّة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] ، و ضمن (3) رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] لسهمه و أجره باتّفاق سائر الناس.

و الثانی: أنّه من أهل بیعة الرضوان الذین قال اللّٰه تعالی فیهم: (لَقَدْ رَضِیَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (4)، و هو و إن لم یشهد تلك البیعة و لكنّه

كَانَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ، وَ لِأَجْلِهِ كَانَتْ بَیْعَةُ الرِّضْوَانِ، حَیْثُ أُرْجِفَ بِأَنَّ قُرَیْشاً قَتَلَتْ عُثْمَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنْ كَانُوا قَتَلُوهُ لَأُضْرِمَنَّهَا عَلَیْهِمْ نَاراً، ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَ بَایَعَ

ص: 253


1- فی ك: الإمام، و جعل لفظ: الإمامة، نسخة بدل.
2- شرح نهج البلاغة 3- 68- 69 بتصرّف و اختصار.
3- فی المصدر: و ضربه له.
4- سورة الفتح: 18.

النَّاسَ عَلَی الْمَوْتِ. ثُمَّ (1) قَالَ: إِنْ كَانَ عُثْمَانُ حَیّاً فَأَنَا أُبَایِعُ عَنْهُ، فَمَسَحَ (2) بِشِمَالِهِ عَلَی یَمِینِهِ، وَ قَالَ: شِمَالِی خَیْرٌ مِنْ یَمِینِ (3) عُثْمَانَ، رَوَی (4) ذَلِكَ أَهْلُ السِّیَرِ مُتَّفِقاً عَلَیْهِ.

و الثالث: أنّه من جملة العشرة الذین تظاهرت الأخبار بأنّهم من أهل الجنّة.

و إذا كانت هذه الوجوه دالّة علی أنّه مغفور (5) له، و أنّ اللّٰه تعالی قد رضی عنه، و أنّه من أهل الجنّة، بطل أن یكون فاسقا، لأنّ الفاسق یخرج عندنا من الإیمان و ینحبط (6) ثوابه، و یحكم له بالنار، و لا یغفر له، و لا یرضی عنه، و لا یری الجنّة و لا یدخلها (7)، فاقتضت هذه الوجوه أن یحكم بأنّ كلّ ما وقع منه فهو من باب الصغائر المكفّرة توفیقا بین الأدلّة. انتهی كلامه (8).

و یرد علی ما ذكره إجمالا أنّ المستند فی جمیع تلك الوجوه لیس إلّا ما تفرّد المخالفون بروایته، و لا یصحّ التمسّك به فی مقام الاحتجاج كما مرّ مرارا، و الأصل فی أكثرها

مَا رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ (9)، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (10)، قَالَ: قَالَ(11)رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنِّی سَائِلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ فَحَدِّثْنِی، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ

ص: 254


1- لا توجد: ثمّ، فی س.
2- هنا كلمة: فصفح، خطّ علیها فی ك.
3- فی س: یمینی.
4- فی س: و روی.
5- فی س: مغفورا، و هو سهو.
6- فی المصدر: یحیط، و ما أثبت هنا كان نسخة فی المصدر.
7- فی س: یدخلنها.
8- ابن أبی الحدید فی شرح النهج 3- 69، بتصرّف كثیر و اختصار.
9- صحیح البخاریّ 6- 122 [5- 18- 19 دار الشّعب ، و قد نقلها بالمعنی.
10- فی المصدر: بن موهب.
11- فی ك: قال سأل.

فَرَّ یَوْمَ أُحُدٍ؟. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَیَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَ لَمْ یَشْهَدْ؟. قَالَ:

نَعَمْ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَیَّبَ عَنْ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ یَشْهَدْهَا؟. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:

اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَیِّنْ لَكَ، أَمَّا فِرَارُهُ یَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی (1) عَفَا عَنْهُ وَ غَفَرَ لَهُ، وَ أَمَّا تَغَیُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ كَانَتْ مَرِیضَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وَ سَهْمَهُ، وَ أَمَّا تَغَیُّبُهُ عَنْ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ عُثْمَانَ وَ كَانَتْ بَیْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَی مَكَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ بِیَدِهِ الْیُمْنَی: هَذِهِ یَدُ عُثْمَانَ، فَضَرَبَ بِهَا عَلَی یَدِهِ.

فَقَالَ: هَذِهِ لِعُثْمَانَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ (2) ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ(3).

و ابن عمر هو الذی قعد عن نصرة أمیر المؤمنین علیه السلام و بایع رجل الحجّاج (4)، و لا عبرة بقوله و روایته، مع قطع النظر عن سائر رواة الخبر، و حدیث العشرة المبشّرة أیضا ممّا تفرّدوا بروایته، و سیأتی فی قصّة الجمل تكذیب أمیر المؤمنین

ص: 255


1- لا یوجد فی البخاریّ: تعالی.
2- لا توجد: له، فی س، و فی المصدر: فقال.
3- و قریب منه ما أورده إمام الحنابلة فی مسنده 2- 101، و بهذا المضمون أخرج الحاكم فی المستدرك 3- 98، و هناك روایة طویلة أعرضنا عن سردها هنا أوردها المحبّ الطّبریّ فی الرّیاض النّضرة 2- 94، و قد حذف سندها تحفّظا علیها!، و فی متنها شواهد تدلّ علی وضعها، و أنّها مكذوبة مختلقة. أقول: أ لا تعجب من هذه الأعذار الباردة و هل خفیت علی الصّحابة الحضور یوم بدر- و لم یكن معهم ابن عمر إلّا صبیّا استصغره رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله- البالغ جمعهم ثلاثمائة و أربعة عشر رجلا صحیح البخاریّ 6- 74، تاریخ الطّبریّ 2- 272، سیرة ابن هشام 2- 354- و علی الّذین بایعوا تحت الشّجرة، و كانوا ألفا و أربعمائة أو أكثر- صحیح البخاریّ 7- 223 فی تفسیر سورة الفتح، تفسیر القرطبیّ 16- 276- و بعض هذه الرّوایات جاء بها عثمان نفسه.
4- انظر ترجمته و ضعفه فی الحدیث عند العامّة فی الغدیر 10- 42- 46، تجد ما یكفیك.

علیه السلام هذه الروایة (1)، و یؤیّد ضعفه أیضا أنّه لیس بمرویّ فی صحاحهم إلّا عن رجلین عدّا أنفسهما من جملة العشرة، و هما سعید بن زید بن عمرو (2)بن نفیل و عبد الرحمن بن عوف، و التهمة فی روایتهما لتزكیتهما أنفسهما واضحة.

و یؤكّده أیضا ما ذكره السیّد الأجل رضی اللّٰه عنه فی الشافی (3) من: أنّه تعالی لا یجوز أن یعلم مكلّفا یجوز أن یقع منه القبیح و الحسن و لیس بمعصوم من الذنوب بأنّ عاقبته الجنّة، لأنّ ذلك یغریه بالقبیح، و لا خلاف فی أنّ أكثر العشرة(4) لم یكونوا معصومین من الذنوب، و قد أوقع بعضهم بالاتّفاق كبائر و إن ادّعی المخالفون أنّهم (5) تابوا منها، قال: و ممّا یبیّن بطلان هذا الخبر أنّ أبا بكر لم یحتجّ به لنفسه و لا احتجّ له به فی مواطن وقع فیه الاحتیاج (6) إلی الاحتجاج كالسقیفة و غیرها، و كذلك عمر، و عثمان لما حصر (7) و طولب بخلع نفسه و همّوا بقتله، و قد رأینا (8) احتجّ بأشیاء تجری مجری الفضائل و المناقب، و ذكر القطع له بالجنّة أولی منها و أحری بأن (9) یعتمد علیه فی الاحتجاج، و فی عدول الجماعة عن ذكره دلالة واضحة علی بطلانه. انتهی.

و یؤیّد بطلانه أیضا أنّ كثیرا من أعیان المهاجرین و الأنصار كانوا بین

ص: 256


1- بحار الأنوار 36- 324، و هی من افتراءات سعید بن زید بن نفیل فی ولایة عثمان، و انظر: البحار 72- 142، و كذا فی 49- 189- 190، و فصّل الحدیث فی الحدیث شیخنا الأمینی فی غدیره 10- 118- 128، فلاحظ.
2- فی س: عمر، و هو غلط.
3- الشافی 4- 30.
4- فی المصدر: و لا خلاف أنّ التسعة.
5- جاءت العبارة فی الشافی هكذا: علی مذهب خصومنا كبائر و واقع خطایا و إن ادّعوا أنّهم ..
6- فی المصدر: دفع فیها، بدلا من: وقع فیه الاحتیاج.
7- فی ك: حصر له.
8- فی الشافی: رأیناه.
9- فی المصدر: أن.

قاصد لقتل عثمان خارج علیه و بین راض بقتله، و تركوه بعد قتله منبوذا بالعراء غیر مدفون حتی دفن فی المزبلة بعد ثلاثة أیّام (1) و كیف یظنّ ذلك بأمثال هؤلاء مع علمهم بكونه من أهل الجنّة؟ و كیف لم یحتجّ أنصاره من بنی أمیّة علیهم بهذا؟

و هل یظنّ بأمیر المؤمنین علیه السلام أن یتركه كذلك ثلاثة أیّام مع علمه بذلك؟

و أیضا لو صحّ ذلك لزم كفر طلحة بكونه من المستحلّین بقتله، و لا ریب فی أنّ استحلال قتل من شهد له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بالجنّة لصغائر مكفّرة لیس بأدون من استحلال شرب جرعة من الخمر، و كذلك یلزم كفر كلّ من المتخاصمین یوم الجمل لكون كلّ منهما مستحلّین لقتل الآخر مع الشهادة لهما بالجنّة، و الأوّل باطل عند المخالفین، و الثانی عند الجمیع، فإنّ من الخصمین أمیر المؤمنین علیه السلام و قد استحلّ قتل طلحة و الزبیر، و القول بعدم علمهم بهذه الشهادة ظاهر الفساد.

و یؤكّد بطلانه أیضا ما رُوِیَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ حُذَیْفَةَ عَنْ عَدِّ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) إِیَّاهُ فِی جُمْلَةِ الْمُنَافِقِینَ (2)، إِذْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ قُطِعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ لَمْ یَخْتَلِجْهُ الشَّكُّ فِی النِّفَاقِ.

ثم لو قطعنا النظر عن تفرّد المخالفین بتلك الروایات و دلالة الشواهد و الأدلّة المعارضة لها علی وضعها و بطلانها، نقول: یرد علی ما استند إلیه من الروایة أنّها إمّا أن تحمل علی ظاهرها الّذی فهمه ابن أبی الحدید (3) من الرخصة العامّة و المغفرة الشاملة لما تقدّم من ذنبهم و ما تأخّر، أو یتطرّق التجوّز إلیها و تخصیص عمومها، و علی الأوّل یلزم سقوط التكلیف عن البدریّین و الرخصة لهم فی ارتكاب المحرّمات كبائرها و صغائرها، و لو كان الفعل ممّا یؤدّی إلی الكفر

ص: 257


1- سیأتی تفصیلا مع مصادره.
2- و قد مرّ مفصّلا مع مصادره فی مطاعن عمر، و راجع بحار الأنوار 21- 196- 222، و غیره.
3- فی شرحه علی نهج البلاغة 3- 69. و قد مرّ قریبا.

كالاستخفاف بالقرآن و نحو ذلك، و هذا لو لم یكن الاعتقاد مندرجا فی العمل المشتمل علیه الروایة و إلّا فالأمر أوضح، و البدریّون علی المشهور كانوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا (1) مع (2) القوم الذین ضرب لهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بسهامهم و هم غائبون، و عدّتهم ثمانیة.

و سقوط التكلیف عن هؤلاء القوم مخالف للإجماع و لضرورة الدین، و لم یدّع أحد العصمة فی أهل البدر إلّا فی علیّ علیه السلام، و لا ریب فی أنّ الباقین كانوا یكتسبون الآثام و یقارفون الذنوب، و فی إعلامهم بالمغفرة لهم فی الذنوب التی یرتكبونها بعد ذلك إغراء ظاهر لهم بالقبیح، و هو قبیح.

و علی الثانی، فإمّا (3) أن یخصّص الرخصة بالصغائر و یعمّم المغفرة بالذنوب(4) السالفة و المستأنفة، و حینئذ یتوجّه مع مخالفة الضرورة و الإجماع أنّه لا یستلزم المدّعی، إذ الرخصة فی الصغائر و غفرانها ممّا لا یوجب كون ما صدر منهم من الصغائر المكفّرة، و مع ذلك تعمیم المغفرة المبتنی علیه الوجهان مخالف للظاهر، و هو ظاهر. و إمّا أن یخصّص المغفرة بالذنوب السالفة و یكون المراد بلفظة: اعملوا ما شئتم، المبالغة فی حسن ما عملوا فی بدر و إظهار الرضا الكامل لعملهم الصالح من غیر رخصة لهم فی الأیّام الآتیة، و حینئذ فلا تعلّق للروایة بالمدّعی، هذا علی تقدیر تسلیم المساواة التّی ادّعاها ابن أبی الحدید (5) فی عثمان للبدریّین. و مستند من رواه من أهل السیر لیس إلّا قول ابن عمر كما عرفت.

و أمّا ما تمسّك به ثانیا من أنّه فی حكم من بایع بیعة الرضوان، و أنّ رسول

ص: 258


1- و قیل أربعة عشر، كما فی صحیح البخاریّ 6- 74، و تاریخ الطبریّ 2- 272، و سیرة ابن هشام 2- 354 و غیرها.
2- فی س: علی، بدلا من: مع.
3- فی س: إمّا.
4- فی س: فی الذنوب.
5- فی شرحه للنهج 3- 69.

اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بایع عنه، فبعد تسلیم صحّة الروایة یتوجّه علیه أنّه لا دلالة له علی المدّعی بوجوه:

الأول: أن دخول عثمان و أضرابه فی المؤمنین ممنوع، و قد علّق اللّٰه الرضا فی الآیة علی الإیمان و البیعة دون البیعة وحدها حتی یكون جمیع من بایع تحت الشجرة مرضیّا، و قد ورد عن أهل البیت علیهم السلام ما یدلّ علی ... الثانی: أنّ كون الألف و اللام للاستغراق ممنوع، كما أشار إلیه السید رضی اللّٰه عنه فی الشافی (1)حیث قال: الظاهر عندنا أنّ آلة التعریف مشتركة متردّدة بین العموم و الخصوص، و إنّما یحمل (2) علی أحدهما بدلالة غیر الظاهر، و قد دلّلنا علی ذلك فی مواضع كثیرة، و خاصّة فی كلامنا المنفرد للوعید من جملة (3) مسائل أهل الموصل.

قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4): إِنَّهُ تَعَالَی قَدْ وَصَفَ مَنْ رَضِیَ عَنْهُ مِمَّنْ بَایَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ بِأَوْصَافٍ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ لِجَمِیعِ الْمُبَایِعِینَ، فَیَجِبُ أَنْ یَخْتَصَّ الرِّضَا بِمَنِ اخْتَصَّ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ، لِأَنَّهُ تَعَالَی قَالَ: (فَعَلِمَ ما فِی قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِینَةَ عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً) (5).

و لا خلاف بین أهل النقل فی أنّ الفتح الذی كان بعد بیعة الرضوان بلا فصل هو فتح خیبر،

و أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بعث أبا بكر و عمر فرجع كلّ واحد منهما منهزما ناكصا علی عقبیه، فغضب النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ: لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ

ص: 259


1- الشافی 4- 17، بتصرّف و اختصار.
2- رسائل الشریف المرتضی 1- 147- 151، جواب المسائل الطبریة، و لم نجد جواب المسائل الموصلیة الأولی، و المطبوع منها الثانیة و الثالثة.
3- فی الشافی زیادة: جواب، قبل مسائل.
4- كما قاله السّیّد فی الشّافی 4- 18، بتصرّف.
5- كما قاله السّیّد فی الشّافی 4- 18، بتصرف.

وَ رَسُولَهُ (1)كَرَّارٌ غَیْرُ فَرَّارٍ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ (2). فَدَعَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَكَانَ (3) أَرْمَدَ فَتَفَلَ فِی عَیْنَیْهِ فَزَالَ مَا كَانَ یَشْتَكِی وَ أَعْطَاهُ الرَّایَةَ وَ مَضَی مُتَوَجِّهاً وَ كَانَ الْفَتْحُ عَلَی یَدَیْهِ.

، فیجب أن یكون هو المخصوص بحكم الآیة، و من كان معه فی ذلك الفتح من أهل البیعة تحت الشجرة لتكامل الشرائط فیهم، و یجب أن یخرج عنها من لم یجتمع له (4)الشرائط، و لیس لأحد أن یقول إنّ الفتح كان لجمیع المسلمین و إن تولاه بعضهم و جری علی یدیه، فیجب أن یكون جمیع أهل بیعة الرضوان ممّن رزق الفتح و أُثیب به، و هذا یقتضی شمول الرضا للجمیع، و ذلك لأنّ هذا عدول عن الظاهر، لأنّ من فعل الشی ء بنفسه هو الذی یضاف إلیه علی سبیل الحقیقة، و یقال إنّه أثیب به و رزق إیّاه، و لو جاز ذلك جاز أن یوصف من كان بخراسان من المسلمین بأنّه هزم جنود الروم و فتح حصونهم و إن وصفنا بذلك من یتولاهم (5) و یجری علی یدیه. انتهی.

و دخول عثمان فی جملة من جری الفتح علی أیدیهم [مع أنّه ممّا لم یذكره أرباب السیر، بل الظاهر عدمه كما خرج عنهم المتقدّمان علیه، فهو فی محلّ المنع، كما أنّ دخوله فیمن أنزلت (6) علیه السكینة ممنوع.

الثالث: أنّه بعد تسلیم شمول الآیة له لا دلالة للرضا عن المؤمنین حال البیعة، أو لها (7) علی أنّه لا یصدر عنهم كبیرة بعد ذلك حتی یكون أحداث عثمان من الصغائر المكفّرة، و قد كان أهل بیعة الرضوان علی ما ذكره أرباب السیر

ص: 260


1- فی المصدر: یحبّ اللّٰه تعالی و رسوله و یحبّه اللّٰه.
2- فی الشّافی: علیه، بدلا من: علی یدیه.
3- فی المصدر: و كان.
4- لا توجد: له، فی ك.
5- فی المصدر: من یتولّاه. و ما هنا نسخة فی ك.
6- فی س: نزلت.
7- أی لا دلالة فی الآیة علی أنّه لا یصدر عنهم ..

ألفا و خمسمائة أو ثلاثمائة (1)، و قد كان منهم من یرتكب أنواع المحرّمات، و هل یقول عاقل بعدم صدور كبیرة واحدة عن أحد من هؤلاء مع كثرتهم.

و ما تمسّك به من حدیث بشارة العشرة (2) فبعد ما عرفت من أنّها من الروایات الّتی تفرّدوا بها و قامت الشواهد علی ضعفها و بطلانها، یتوجّه علیه أنّ الروایة علی تقدیر صحّتها- لا تدلّ علی صلاحیّة الإمامة، إذ لیس جمیع أهل الجنّة مستأهلین للإمامة، و لیس المانع عنه مقصورا علی ارتكاب الكبیرة المخرجة عن الإسلام الموجبة لدخول النار علی ما زعمه ابن أبی الحدید (3)و أصحابه-.

و من جملة الموانع الضعف عن القیام بأمر الإمامة و عدم القدرة علی دفع الأشرار و الجهل بالأحكام، و عدم استقرار الرأی لضعف العقل و نحو ذلك.

و من جملة مطاعنه الضعف عن منع الأشرار و الفسّاق من بنی أمیّة

، و قد عزم غیر مرّة علی عزل كثیر منهم لما رأی من ظلمهم و انحراف الناس عنه لأجلهم فحال مروان بینه و بین ما أراد حتی حصبوه علی المنبر، و آل الحال إلی الحصر و القتل.

و منها الجهل بكثیر من الأحكام

كما عرفت، فبعد تسلیم الروایة أیضا لا یتمّ الجواب.

أقول: و عدّ (4)أبو الصلاح فی تقریب المعارف (5) من بدعه تقلید عبد اللّٰه بن عامر بن كریز علی البصرة للخئولة التّی بینهما، و عبد اللّٰه بن أبی سرح علی مصر

ص: 261


1- و قیل: ألفا و أربعمائة أو أكثر، انظر: صحیح البخاریّ 7- 223 فی تفسیر سورة الفتح، و تفسیر القرطبیّ 16- 276، و انظر: بحار الأنوار 36- 121 و 20- 354- 358.
2- تحدّث شیخنا الأمینی فی غدیره 10- 118- 128 عن حدیث العشرة المبشّرة سندا و متنا، فلاحظه. و كذا ذكر فضائل عثمان الموضوعة المختلفة و ناقشها بما لا مزید علیه فی الغدیر 8- 126، و 9- 328- 338، و 10- 137- 190 و 212.
3- شرح ابن أبی الحدید 3- 69.
4- فی المطبوع من البحار: وعدا.
5- تقریب المعارف: لم یطبع هذا القسم من الكتاب لمصالح رآها مصحّحه.

للرضاعة التی بینهما، و یعلی بن أمیّة علی الیمن، و أسید بن الأخنس بن شریق علی البحرین لكونه ابن عمّته، و عزل المأمونین من الصحابة علی الدین المختارین الولایة المرضییّن السیرة. قال.

و منها: استخفافه بعلیّ علیه السلام

حین أنكر علیه تكذیب أبی ذرّ (1).

و منها: عزل عبد اللّٰه بن الأرقم عن بیت المال لما أنكر علیه إطلاق الأموال لبنی أمیّة بغیر حقّ (2)

و منها: قوله لعبد الرحمن بن عوف: یا منافق!

(3)، و هو الذی اختاره و عقد له (4).

و منها: حرمانه عائشة و حفصة ما كان أبو بكر و عمر یعطیانهما

حرمانه (5)عائشة و حفصة ما كان أبو بكر و عمر یعطیانهما

، و سبّه لعائشة و قوله و قد أنكرت علیه الأفاعیل القبیحة-: لئن لم تنته لأدخلنّ علیك الحجرة سودان الرجال و بیضانها!.

و منها: حمایة الكلإ و تحریمه علی المسلمین

و تخصّصه به و منع غلمانه الناس

ص: 262


1- قد سلف بعض مصادره، انظر منها: الأنساب 5- 52- 54، طبقات ابن سعد 4- 168، مروج الذهب 1- 438، تاریخ الیعقوبی 2- 148، شرح ابن أبی الحدید 1- 240- 242، فتح الباری 3- 213، عمدة القاری 4- 491. و منه قوله لعلیّ- علیه السلام: ما أنت بأفضل عندی من مروان!!!.
2- انظر: أنساب البلاذری 5- 58. و ذكر أبو عمر فی الاستیعاب و ابن حجر فی الإصابة حدیث عبد اللّٰه بن أرقم فی ترجمته و ردّه ما بعث إلیه من ثلاثمائة ألف درهم و قوله: و اللّٰه لئن كان هذا من مال المسلمین ما بلغ قدر عملی أن أعطی ثلاثمائة ألف درهم و لئن كان من مال عثمان ما أحبّ أن آخذ من ماله شیئا.
3- لا توجد فی س: یا منافق.
4- و قد أورد فی تاریخ الخمیس 2- 268 جملة من مطاعن عثمان، و قال فی السیرة الحلبیّة 2- 87: من جملة ما انتقم به علی عثمان أنّه حبس عبد اللّٰه بن مسعود و هجره، و حبس عطاء أبیّ بن كعب، و أشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاویة، و ضرب عمّار بن یاسر و كعب بن عبدة ضربه عشرین سوطا، و نفاه إلی بعض الجبال .. و قال لعبد الرحمن بن عوف: إنّك منافق.
5- هذه الكلمة مشوّشة فی س.

منه، و تنكیلهم بمن أراده.

و منها: ضربه عبد اللّٰه بن حذیفة بن الیمان

حتی مات من ضربه، لإنكاره علیه ما یأتیه غلمانه إلی المسلمین فی رعی الكلإ.

و منها: أكله الصید و هو محرم مستحلا

، و صلاته بمنی أربعا، و إنكاره متعة الحجّ..

و منها: ضربه عبد الرحمن بن حنبل الجمحی

و كان بدریّا مائة سوط، و حمله علی جمل یطاف به فی المدینة لإنكاره علیه الأحداث و إظهاره عیوبه فی الشعر (1)، و حبسه بعد ذلك موثقا بالحدید حتّی كتب إلی علیّ و عمّار من الحبس:

أبلغ علیّا و عمّارا فإنّهما***بمنزل الرشد إنّ الرشد مبتدر (2)

لا تتركا جاهلا حتّی توقّره(3)*** دین الإله و إن هاجت به مرر

لم یبق لی منه إلّا السیف إذ علقت*** حبال (4) الموت فینا الصادق البرر

یعلم بأنّی مظلوم إذا ذكرت*** وسط الندی حجاج القوم و الغدر

فلم یزل علیّ علیه السلام بعثمان یكلّمه حتّی خلّی سبیله علی أن لا یساكنه بالمدینة، فسیّره إلی خیبر، فأنزله قلعة بها تسمّی: القموص، فلم یزل بها حتی ناهض المسلمون عثمان و ساروا إلیه من كلّ بلد، فقال فی الشعر:

لو لا علیّ فإنّ اللّٰه أنقذنی*** علی یدیه من الأغلال و الصفد

لما رجوت لدی شدّ بجامعة*** یمنی یدیّ غیاث الفوت من أحد

ص: 263


1- قال الیعقوبی فی تاریخه 2- 150: ... و كان سبب تسییره إیّاه أنّه بلغه كرهه مساوی ابنه و خاله، و أنّه هجاه بأبیات. و ذكر فی الاستیعاب أنّه لما أعطی عثمان مروان خمسمائة ألف من خمس إفریقیة هجا عبد الرحمن عثمان فأمر به فحبس بخیبر.
2- الكلمة مشوّشة فی مطبوع البحار.
3- جاء فی تاریخ الطبریّ: یوقّره.
4- فی ك: جبال- بالجیم المعجمة-. و فی المصادر الآتیة: حبائل. و هو الظاهر.

نفسی فداء علیّ إذ یخلّصنی*** من كافر بعد ما أغضی علی صمد (1)

و منها: تسییر حذیفة بن الیمان إلی المدائن

حین أظهر ما سمعه من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فیه و أنكر أفعاله، فلم یزل یعرض بعثمان حتّی قتل (2).

و منها: نفی الأشتر و وجوه أهل الكوفة عنها إلی الشام

حین أنكروا علی سعید بن العاص و نفیهم من دمشق إلی حمص (3).

ص: 264


1- سبقت مصادره، و انظر: تاریخ الطبریّ 6- 25، تاریخ الیعقوبی 2- 150، الاستیعاب 2- 410، شرح النهج لابن أبی الحدید 1- 66، الإصابة 2- 395.
2- و منها: تسییر عامر بن عبد قیس البصری الزاهد الناسك إلی الشام. و قد ذكره ابن حجر فی الإصابة 3- 85، و ابن قتیبة فی المعارف: 84 و 194، و ابن عبد البرّ [ربّه فی العقد الفرید 2- 261، و الراغب الأصفهانی فی المحاضرات 2- 212، و الطبریّ فی التاریخ 5- 94، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 62، و ابن خلدون فی تاریخه 2- 390 و غیرهم. و قال البلاذری فی الأنساب 5- 57: قال أبو مخنف لوط بن یحیی و غیره: كان عامر بن قیس التمیمی ینكر علی عثمان أمره و سیرته، فكتب حمران بن أبان مولی عثمان إلی عثمان بخبره، فكتب عثمان إلی عبد اللّٰه بن عامر بن كریز فحمله، فلمّا قدم علیه فرآه، و قد أعظم الناس إشخاصه و إزعاجه عن بلده لعبادته و زهده. و قال ابن قتیبة فی المعارف: كان خیّرا فاضلا. و منها: تسییره كعب بن عبدة و ضربه، حیث أشخصه سعید من الكوفة إلی المدینة و أمر عثمان بكعب فجرّد و ضرب عشرین سوطا و سیره إلی دباوند، و یقال إلی الری، و فی ثالثة إلی بعض الجبال. قد فصّل القصة البلاذری فی الأنساب 5- 41- 42، و الطبریّ فی تاریخه 5- 137، و الریاض النضرة 2- 140- 149، و الصواعق المحرقة لابن حجر: 68، و السیرة الحلبیّة 2- 78، و الشرح لابن أبی الحدید 1- 168، و غیرهم. و منها: تسییره عمرو بن زرارة النخعیّ الصحابیّ إلی الشام. ذكره البلاذری فی الأنساب 5- 30، و أسد الغابة 4- 104، و الإصابة 1- 548 و 2- 536.
3- روی البلاذری فی الأنساب 5- 40- 41 بسنده قصّة تسییر صلحاء الكوفة من العلماء و الأوتاد إلی الشام و بعض إلی حمص، بعد أن أمر عثمان والیها علیها سعید بن العاص، حیث سیّر مالك بن الحارث الأشتر النخعیّ، و زید و صعصعة بن صوحان، و حرقوص بن زهیر السعدی، و جندب بن زهیر الأزدی، و شریح بن أوفی بن یزید بن زاهر العبسی، و كعب بن عبدة النهدی- و كان ناسكا-، و عدی بن حاتم الطائی أبا طریف، و كدام بن حضری بن ثقف، و یزید بن قیس الأرحبی، و عائذ بن حملة الطهوی من بنی تمیم، و كمیل بن زیاد النخعیّ، و الحارث بن عبد اللّٰه الأعور الهمدانی، و یزید بن المكفف النخعیّ، و ثابت بن قیس بن المنقع النخعیّ، و أصعر [أصغر، كما فی أنساب الأشراف و الإصابة] بن قیس بن الحارث الحارثی الهمدانی .. و غیرهم. و للقصّة ذیول و تفصیلات تجدها فی تاریخ الطبریّ 5- 88- 90، و الكامل لابن الأثیر 3- 57 60، و شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 158- 160، و تاریخ ابن خلدون 2- 387 389، و تاریخ أبی الفداء 1- 168 فی حوادث سنة 33 ه.

و منها: معاهدته لعلیّ علیه السلام و وجوه الصحابة علی الندم

علی ما فرط منه و العزم علی ترك معاودته، و نقض ذلك و الرجوع عنه مرّة بعد مرّة، و إصراره علی ما ندم منه و عاهد اللّٰه تعالی و أشهد القوم علی تركه من الاستئثار بالفی ء و بطانة السوء و تقلید الفسقة أمور المسلمین (1)..

و منها: كتابه إلی ابن أبی سرح بقتل رؤساء المصریّین

و التنكیل بالأتباع و تخلیدهم (2) الحبس لإنكارهم ما یأتیه ابن أبی سرح إلیهم و یسیر به فیهم من الجور الذی اعترف به و عاهد علی تغییره (3).

ص: 265


1- قد فصّل البلاذری فی الأنساب 5- 26- 69، 95، و الطبریّ فی تاریخه 5- 105، 111، 112، 115، 116 و 119- 121 معاهدته و تكرّرها منه و نقضه كرارا أیضا، و جاء فی الإمامة و السیاسة 1- 33- 37، و المعارف لابن قتیبة: 84، و العقد الفرید 2- 263، و الریاض النضرة 2- 123، 125، و الكامل لابن الأثیر 3- 67- 71 و 94، و تاریخ ابن خلدون 2- 396- 397، و حیاة الحیوان للدمیری 1- 53، و شرح ابن أبی الحدید 1- 163- 166، و الصواعق المحرقة: 69، و تاریخ الخمیس 2- 259، و تاریخ الیعقوبی 2- 152، و الفتنة الكبری: 226، و السیرة الحلبیّة 2- 84، 87، و تاریخ الخلفاء للسیوطی: 106، 107، و تاریخ ابن كثیر 7- 172- 184 و 186 و 189 و غیرها كثیر جدّا. و تعرّض لها فی الغدیر 9- 170- 197، فراجع.
2- فی س: و تقلیدهم.
3- انظر مثالا: الأنساب 5- 26- 69 و 95، و الإمامة و السیاسة 1- 33- 37، و المعارف لابن قتیبة: 84 و العقد الفرید 2- 263، و تاریخ الطبریّ 5- 119- 120، و الریاض النضرة 2- 123، 125، و الكامل لابن الأثیر 3- 70، 71، و شرح ابن أبی الحدید 1- 165- 166، و تاریخ ابن كثیر 7- 173 و 174، و حیاة الحیوان للدمیری 1- 53، و تاریخ ابن خلدون 2- 397، و تاریخ الخمیس 2- 259، و الصواعق المحرقة: 69، و تاریخ الخلفاء للسیوطی: 106- 107، و السیرة الحلبیّة 2- 84، 86، 87. و قد استوفی البحث شیخنا الأمینی- رحمه اللّٰه- فی الغدیر 9- 177- 185 بما لا مزید علیه.

و منها: تعریضه نفسه و من معه من الأهل و الأتباع للقتل

، و لم یعزل ولاة السوء..

و منها: استمراره علی الولایة مع إقامته علی المنكرات الموجبة للفسخ

، و تحریم التصرّف فی أمر الأمّة، و ذلك تصرّف قبیح، لكونه غیر مستحقّ عندهم مع ثبوت الفسق(1)

بیان

قوله: مبتدر .. علی بناء المفعول .. أی ینبغی أن یبتدر إلیه.

قوله: حتی توقّره (2) .. بصیغة الخطاب بقصد كلّ واحد، أو بصیغة الغیبة. فقوله: دین الإله فاعله.

و هیجان المرّة (3) .. كنایة عن السفاهة و الغضب فی غیر محلّه.

قوله: یعلم .. أی الصادق البرّ، أو علی بناء المجهول.

و قوله: حجّاج القوم .. مفعول مكان فاعل ذكرت (4).

و النّدیّ بالتشدید و كسر الدال-: مجتمع القوم (5).

قوله: لما رجوت .. مفعول غداة الغوثة كما فی بعض النسخ، و فی بعضها:

غیاث الفوت.

ص: 266


1- و منهما: كتمانه لحدیث رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم، فقد أخرج إمام الحنابلة فی مسنده 1- 65، عن أبی صالح، قال: سمعت عثمان یقول علی المنبر: أیّها الناس! إنّی كتمتكم حدیثا سمعته من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم كراهیة تفرّقكم عنّی ..! و نظیره جاء فی 1- 57، فراجع .. و سنتعرض استدراكا جملة من مطاعنه الأخری.
2- قال فی القاموس 2- 155: الوقر: ثقل فی الأذن، أو ذهاب السّمع كلّه، و قد وقر- كوعد و وجل- .. وقرها اللّٰه یقرها .. و أوقر الدابّة إیقارا و قرة.
3- قال الطریحی فی المجمع 3- 481: المرّة: خلط من أخلاط البدن غیر الدم، و قال أیضا فیه 2- 337: هاج الشی ء یهیج: إذا ثار.
4- كذا، و الظاهر: و قوله حجّاج مفعول لفعل: ذكرت.
5- كما ذكره فی مجمع البحرین 1- 412، و الصحاح 6- 2505، و القاموس 4- 394.

قوله: لدیّ شدّ ظرفه .. أی لما رجوت عند شدّ یدی الیمنی إلی عنقی بالجامعة.

الغیاث من الفوت أو غداة الغوث .. أی غداة یغیثنی فیه غیاث.

قوله: بعد ما أغضی .. أی أغمض (1) عن حقّی.

علی صمد .. أی عمد (2).

ثم قال رحمه اللّٰه فی التقریب (3): و أمّا.

النكیر علی عثمان

اشارة

فظاهر مشهور من أهل الأمصار، و قطّان المدینة من الصحابة و التابعین، یغنی بشهرة جملته عن تفصیله، و نحن نذكر من ذلك طرفا یستدلّ به علی ما لم نذكره، فمن ذلك:

نكیر أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام

(4):

مَا رَوَاهُ الثَّقَفِیُّ (5) مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ، قَالَ: أَتَیْتُ عَلِیّاً

ص: 267


1- و قد جاء فی القاموس المحیط 4- 370، و مجمع البحرین 1- 318، و الصحاح 6- 2447.
2- الصمد: القصد، كما فی مجمع البحرین 3- 88، و القاموس 1- 308، و الصحاح 2- 499، و فی س: عمدا- بالنصب-.
3- تقریب المعارف، و قد جاء فی القسم الثانی الشامل لمطاعن الخلفاء الثلاثة و غیرهم، و لم یطبع مع الأسف، و إن عدّ جملة من مطاعنه فی القسم الأوّل: 163- 167، فلاحظ.
4- أنّ ما جری بین أمیر المؤمنین أبی الحسن علیه السلام و عثمان قصّة طویلة و ذات جذور أصیلة بامتداد الزمن و نزاع الحقّ و الباطل و النور و الظلمة .. و حدیث ذو شجون، فهو فی الوقت الذی یحدّثنا التاریخ عن كلمات جافیة و تعابیر مهینة و عبارات- قائلها أحقّ بها- صدرت من الخلیفة الثالث، ذكر جملة منها شیخنا الأمینی فی غدیره 9- 60- 63 نجده یهدّد و یهمّ بنفی أبی الحسن علیه السلام من المدینة، بل همّ أكثر من مرّة أن یقاتل علیّا علیه السلام، كما أخرج أبو عمر فی كتاب العلم 2- 30، و انظر ما جاء فی زاد المعاد لابن القیّم الجوزیّة 1- 177- 225 و غیرها. و لاحظ نكیره سلام اللّٰه علیه فی الغدیر 9- 69- 77. مع أنّه أورد فی الغدیر 8- 214 عن الحافظ العاصمی فی كتابه: زین الفتی فی شرح سورة هل أتی .. فی قصّة طریفة قال فی آخرها الخلیفة: لو لا علیّ لهلك عثمان.
5- أقول: اقتصر شیخنا المجلسیّ فی عدّ هذه المطاعن علی تقریب المعارف لأبی الصّلاح و هو قد اكتفی فی ما ذكره علی مصدرین- كما سیصرّح فی آخر كلامه- هما تاریخ الثّقفیّ و الواقدیّ، و قد فحصنا موارد متعدّدة ممّا ذكره عنهما فی الغارات للثّقفیّ، أو المغازی للواقدیّ فلم نجدها، نعم جاء ذكر المصدرین فی كلّ من الشّافی للسّیّد المرتضی و تلخیصه للشّیخ الطّوسیّ و غیرهما من كتب التّاریخ و السّیر، و قد أدرجنا بعضها، فلاحظ.

عَلَیْهِ السَّلَامُ أَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ: إِلَی حَمَّالِ الْخَطَایَا (1).

وَ رَوَی الثَّقَفِیُّ: أَنَّ الْعَبَّاسَ كَلَّمَ عَلِیّاً فِی عُثْمَانَ، فَقَالَ: لَوْ أَمَرَنِی عُثْمَانُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ دَارِی لَخَرَجْتُ، وَ لَكِنْ أَبَی أَنْ یُقِیمَ كِتَابَ اللَّهِ (2)..

وَ رَوَی الثَّقَفِیُّ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: دَعَانِی عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَغْنِ عَنِّی نَفْسَكَ وَ لَكَ عِیرٌ أَوَّلُهَا بِالْمَدِینَةِ وَ آخِرُهَا بِالْعِرَاقِ. فَقُلْتُ: بَخْ بَخْ قَدْ (3) أَكْثَرْتَ لَوْ كَانَ مِنْ مَالِكَ. قَالَ: فَمِنْ مَالِ مَنْ هُوَ؟. قُلْتُ: مِنْ مَالِ قَوْمٍ ضَارَبُوا بِأَسْیَافِهِمْ.

قَالَ لِی: أَ وَ هُنَاكَ تَذْهَبُ؟!، ثُمَّ قَامَ إِلَیَّ فَضَرَبَنِی حَتَّی حَجَرَهُ عَنِّی الرَّبْوُ (4)، وَ أَنَا أَقُولُ لَهُ: أَمَا إِنِّی لَوْ شِئْتُ لَانْتَصَفْتُ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِ الدَّارِ، قَالَ: دَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ

ص: 268


1- قد نقل ابن أبی الحدید فی شرحه علی النّهج 1- 179 [أربع مجلّدات: أنّ علیّا علیه السّلام قال فی منبر الكوفة: یا أبناء المهاجرین! انفروا إلی أئمّة الكفر، و بقیّة الأحزاب، و أولیاء الشّیطان، انفروا إلی من یقاتل علی دم حمّال الخطایا، فو اللّٰه الّذی فلق الحبّة و برأ النّسمة إنّه لیحمل خطایاهم إلی یوم القیامة لا ینقص من أوزارهم شیئا، و قد سلف.
2- و قد أخرج القصّة مفصّلا فی الأنساب 5- 14. و انظر كلامه سلام اللّٰه علیه فی عثمان فی نهج البلاغة 1- 76 و ما فسّره به ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 158، و ما جاء فیه أیضا 1- 468 [أربع مجلّدات جوابا لابن عبّاس و فیه: و اللّٰه لقد دفعت عنه حتّی خشیت أن أكون آثما، و ما جاء فی أنساب البلاذریّ 5- 98 و 101، و كتاب صفّین لابن مزاحم: 227، و تاریخ الطّبریّ 6- 4، و الكامل 3- 125. و تجد فی العقد الفرید 2- 274، و الإمامة و السّیاسة 1- 30، و غیرهما: كان علیّ كلّما اشتكی النّاس إلیه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إلیه، فلمّا أكثر علیه قال له: إنّ أباك یری أنّ أحدا لا یعلم ما یعلم، و نحن أعلم بما نفعل! فكفّ عنه. و لاحظ: الخطبة الشّقشقیّة: .. إلی أن قام ثالث القوم .. و غیرها كثیر جدّا.
3- لا توجد: قد، فی س.
4- الرّابیة: الّتی أخذها الرّبو، و هو النّهیج و تواتر النّفس الّذی یعرض للمسرع فی مشیه و حركته. قاله فی النّهایة 2- 192، و قریب منه فی غیره، و سیأتی فی بیان المصنّف طاب ثراه.

ابْنُ عَوْفٍ وَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی عُثْمَانَ فَكَلَّمُوهُ فِی (1) بَعْضِ مَا رَأَوْا مِنْهُ، فَكَثُرَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمْ، وَ كَانَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ أَعْظَمِهِمْ عَلَیْهِ، فَقَامَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُغْضَباً فَأَخَذَ الزُّبَیْرُ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَی، فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْهُ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَمَّا یكل (2)، وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِیهِ وَ لَا فِی وَاحِدٍ مِنْ وُلْدِهِ.

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِی عُثْمَانَ ظَاهِراً أَنَّهُ صَلَّی بِمِنًی أَوَّلَ وِلَایَتِهِ رَكْعَتَیْنِ حَتَّی إِذَا كَانَتِ السَّنَةُ السَّادِسَةُ أَتَمَّهَا فَعَابَ ذَلِكَ غَیْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ تَكَلَّمَ فِی ذَلِكَ مَنْ یُرِیدُ أَنْ یُكْثِرَ عَلَیْهِ حَتَّی جَاءَهُ (3) عَلِیٌّ فِی مَنْ جَاءَهُ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ مَا حَدَثَ أَمْرٌ وَ لَا قَدِمَ عَهْدٌ، وَ لَقَدْ عَهِدْتُ نَبِیَّكَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنْتَ صَدْراً مِنْ وِلَایَتِكَ، فَمَا هَذَا؟ قَالَ عُثْمَانُ: رَأْیٌ رَأَیْتُهُ.

نكیر أُبیّ بن كعب:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: جَاءَ (4) رَجُلٌ إِلَی أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: یَا أَبَا الْمُنْذِرِ! إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَتَبَ لِرَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِی مُعَیْطٍ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ، فَقَالَ أُبَیٌّ: لَا یَزَالُ تَأْتُونِی بِشَیْ ءٍ مَا أَدْرِی مَا هُوَ فِیهِ؟ فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ الصَّكُّ، فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ: یَا ابْنَ الْهَاوِیَةِ! یَا ابْنَ النَّارِ الْحَامِیَةِ! أَ تَكْتُبُ لِبَعْضِ آلِ أَبِی مُعَیْطٍ إِلَی بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ بِصَكٍّ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ؟!، فَغَضِبَ عُثْمَانُ وَ قَالَ: لَوْ لَا أَنِّی قَدْ كَفَیْتُكَ لَفَعَلْتُ بِكَ كَذَا وَ كَذَا.

وَ ذَكَرَ (5) الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ إِلَی أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: یَا أَبَا

ص: 269


1- وضع علی: فی، رمز نسخة بدل فی ك.
2- خ. ل: لا ینكل. و تقرأ فی المطبوع: لم أیكل.
3- قد تقرأ فی ك: حتّی جاء به.
4- لا توجد فی س: جاء.
5- لا توجد: و ذكر، فی س.

الْمُنْذِرِ! أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنْ عُثْمَانَ مَا قَوْلُكَ فِیهِ؟ فَأَمْسَكَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: جَزَاكُمُ اللَّهُ شَرّاً یَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ! شَهِدْتُمُ الْوَحْیَ وَ عَایَنْتُمُوهُ ثُمَّ نَسْأَلُكُمُ التَّفَقُّهَ فِی الدِّینِ فَلَا تُعَلِّمُونَّا؟!. فَقَالَ أُبَیٌّ عِنْدَ ذَلِكَ: هَلَكَ أَصْحَابُ الْعُقْدَةِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلَیْهِمْ آسَی وَ لَكِنْ آسَی عَلَی و مَنْ (1) أُهْلِكُوا. وَ اللَّهِ لَئِنْ أَبْقَانِیَ اللَّهُ إِلَی یَوْمِ الْجُمُعَةِ لَأَقُومَنَّ مَقَاماً أَتَكَلَّمُ فِیهِ بِمَا أَعْلَمُ، أَ قُتِلْتُ (2) أَوِ اسْتُحْیِیتُ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْخَمِیسِ.

نكیر أبی ذر:

رَوَی الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو ذَرٍّ عَلَی عُثْمَانَ فَأَبَی أَنْ یَأْذَنَ لَهُ، فَقَالَ لِی: اسْتَأْذِنْ لِی عَلَیْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَجَعْتُ إِلَی عُثْمَانَ فَاسْتَأْذَنْتُ لَهُ عَلَیْهِ، قَالَ: إِنَّهُ یُؤْذِینِی. قُلْتُ: عَسَی أَنْ لَا یَفْعَلَ، فَأَذِنَ لَهُ مِنْ أَجْلِی، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ قَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ یَا عُثْمَانُ!، فَجَعَلَ یَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ ..

وَ عُثْمَانُ یَتَوَعَّدُهُ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِی نَبِیُّ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ یُجَاءُ بِكَ وَ بِأَصْحَابِكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَتُبْطَحُونَ (3) عَلَی وُجُوهِكُمْ، فَتَمُرُّ عَلَیْكُمُ الْبَهَائِمُ فَتَطَؤُكُمْ كُلُّ مَا مَرَّتْ آخِرُهَا رُدَّتْ أَوَّلُهَا، حَتَّی یُفْصَلَ بَیْنَ النَّاسِ.

قَالَ یَحْیَی بْنُ سَلَمَةَ: فَحَدَّثَنِی الْعَرْزَمِیُّ أَنَّ فِی هَذَا الْحَدِیثِ: تَرْفَعُونِی حَتَّی إِذَا كُنْتُمْ مَعَ الثُّرَیَّا ضُرِبَ بِكُمْ عَلَی وُجُوهِكُمْ فَتَطَأُكُمُ الْبَهَائِمُ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ لَمَّا رَأَی أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ أَمَرَ بِتَحْرِیقِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالَ: یَا عُثْمَانُ! لَا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ حَرَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَیَكُونَ دَمُكَ أَوَّلَ دَمٍ یُهَرَاقُ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَكِیمٍ، قَالَ: بَیْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ عُثْمَانَ وَ عِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ غَیْرِهِمْ فَجَاءَ

ص: 270


1- وضع علی: الواو، فی ك رمز نسخة بدل. و الظّاهر زیادتها.
2- فی ك: قتلت- بلا الهمزة الاستفهامیّة-.
3- قال فی القاموس 1- 216: بطحه- كمنعه-: ألقاه علی وجهه.

أَبُو ذَرٍّ یَتَوَكَّأُ عَلَی عَصَاهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَیْكُمْ. فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ یَا عُثْمَانُ! إِنَّكَ تَسْمَعُ .. كَذَا وَ كَذَا، وَ تَصْنَعُ .. كَذَا وَ كَذَا .. وَ ذَكَرَ مَسَاوِیَهُ، فَسَكَتَ عُثْمَانُ حَتَّی إِذَا انْصَرَفَ، قَالَ: مَنْ یَعْذِرُنِی مِنْ هَذَا الَّذِی لَا یَدَعُ مَسَاءَةً إِلَّا (1) ذَكَرَهَا. فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَلَمْ یُجِیبُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَجَاءَ، فَقَامَ فِی مَقَامِ أَبِی الذَّرِّ، فَقَالَ: یَا أَبَا الْحَسَنِ! مَا تَرَی أَبَا الذَّرِّ لَا یَدَعُ لِی مَسَاءَةً إِلَّا ذَكَرَهَا؟. فَقَالَ: یَا عُثْمَانُ! إِنِّی أَنْهَاكَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ، یَا عُثْمَانُ أَنْهَاكَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ .. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، اتْرُكْهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ: (إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (2). قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: بِفِیكَ التُّرَابُ!. قَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلْ بِفِیكَ التُّرَابُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

وَ رَوَی الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ دَخَلَ عَلَی عُثْمَانَ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ-، فَقَالَ:

أَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: لَیُجَاءُ بِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَوْ بِكَ وَ بِأَصْحَابِكَ حَتَّی تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوْزَاءِ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ یُرْمَی بِنَا إِلَی الْأَرْضِ فَتُوطَأُ عَلَیْنَا الْبَهَائِمُ حَتَّی یُفْرَغَ مِنْ مُحَاسَبَةِ الْعِبَادِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: یَا أَبَا هُرَیْرَةَ! هَلْ سَمِعْتَ هَذَا مِنَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟. فَقَالَ: لَا. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ سَمِعْتَ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَ لَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ. قَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ سَمِعْتُ، فَرَجَعَ أَبِی ذَرٍّ وَ هُوَ یَقُولُ: وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ..

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ شیدان السُّلَمِیِّ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِی ذَرٍّ: مَا لَكُمْ وَ لِعُثْمَانَ؟، مَا تُهَوِّنُ عَلَیْهِ، فَقَالَ: بَلَی وَ اللَّهِ لَوْ أَمَرَنِی أَنْ أَخْرُجَ مِنْ دَارِی لَخَرَجْتُ وَ لَوْ حَبْواً، وَ لَكِنَّهُ أَبَی أَنْ یُقِیمَ كِتَابَ اللَّهِ (3).

ص: 271


1- لا توجد: إلّا، فی س.
2- غافر: 28.
3- لا توجد فی س من قوله: و ذكر الثّقفیّ .. إلی هنا. و فیه: و ذكر الثّقفیّ فی تاریخه أنّ أبا ذرّ ألقی بین یدی عثمان، فقال: یا كذّاب!. فقال علیّ علیه السّلام: ما هو بكذّاب. قال: بلی، و اللّٰه لو أمرنی أن أخرج من داری لخرجت و لو حبوا و لكنّه أبی أن یقیم كتاب اللّٰه. أقول: هذه العبارة مكرّرة لا معنی لها.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أُلْقِیَ بَیْنَ یَدَیْ عُثْمَانَ، فَقَالَ: یَا كَذَّابُ!.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: مَا هُوَ بِكَذَّابٍ. قَالَ: بَلَی، وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَكَذَّابٌ. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: مَا هُوَ بِكَذَّابٍ. قَالَ عُثْمَانُ: التَّرْبَاءُ فِی فِیكَ یَا عَلِیُّ!. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلِ التَّرْبَاءُ فِی (1) فِیكَ یَا عُثْمَانُ. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ. قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ عَلَی ذَلِكَ لَأُسَیِّرَنَّهُ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِی خَلِیلِی عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ أَنَّكُمْ تُخْرِجُونِّی مِنْ جَزِیرَةِ الْعَرَبِ..

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ السَّاعِدِیِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ جَالِساً عِنْدَ عُثْمَانَ وَ كُنْتُ عِنْدَهُ جَالِساً إِذْ قَالَ عُثْمَانُ: أَ رَأَیْتُمْ مَنْ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ هَلْ فِی مَالِهِ حَقٌّ غَیْرُهُ؟. قَالَ كَعْبٌ: لَا، فَدَفَعَ أَبُو ذَرٍّ بِعَصَاهُ فِی صَدْرِ كَعْبٍ، ثُمَّ قَالَ: یَا ابْنَ الْیَهُودِیَّیْنِ! أَنْتَ تُفَسِّرُ كِتَابَ اللَّهِ بِرَأْیِكَ: (لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ...) (2)إِلَی قَوْلِهِ: (وَ آتَی الْمالَ عَلی حُبِّهِ ذَوِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینَ) (3)، ثُمَّ قَالَ: أَ لَا تَرَی أَنَّ عَلَی الْمُصَلِّی بَعْدَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ حَقّاً فِی مَالِهِ؟!، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ: أَ تَرَوْنَ بَأْساً أَنْ نَأْخُذَ (4)مِنْ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ مَالًا فَنُفَرِّقُهُ فِیمَا یَنُوبُنَا (5)مِنْ أَمْرِنَا ثُمَّ نَقْضِیهِ؟، ثُمَّ قَالَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ: لَیْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ. وَ أَبُو ذَرٍّ سَاكِتٌ، فَقَالَ عُثْمَانُ: یَا كَعْبُ! مَا تَقُولُ؟. فَقَالَ كَعْبٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ فَوَجَأَ بِهَا (6) فِی صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ یَا ابْنَ

ص: 272


1- لا توجد فی س: فی.
2- البقرة: 177.
3- البقرة: 177.
4- فی ك نسخة بدل: یؤخذ.
5- قد تقرأ فی مطبوع البحار: ینوینا.
6- قال فی القاموس 1- 31: وجأه بالید أو بالسّكّین- كوضعه-: ضربه.

الْیَهُودِیَّیْنِ تُعَلِّمُنَا دِینَنَا؟!. فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا أَكْثَرَ أَذَاكَ لِی وَ أَوْلَعَكَ بِأَصْحَابِیَ؟! الْحَقْ بِمَكِینِكَ وَ غَیِّبْ عَنِّی وَجْهَكَ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی بْنِ زَیْدٍ، عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَظْهَرَ عَیْبَ عُثْمَانَ وَ فِرَاقَهُ لِلدِّینِ، وَ أَغْلَظَ لَهُ حَتَّی شَتَمَهُ عَلَی رُءُوسِ النَّاسِ وَ بَرِئَ مِنْهُ، فَسَیَّرَهُ عُثْمَانُ إِلَی الشَّامِ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ زَارَ أَبَا الدَّرْدَاءِ بِحِمْصٍ فَمَكَثَ عِنْدَهُ لَیَالِیَ فَأَمَرَ (1)بِحِمَارِهِ فَأَوْكَفَ (2)، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَا أَرَانِیَ اللَّهُ مشیعك (3)، وَ أَمَرَ بِحِمَارِهِ فَأُسْرِجَ. فَسَارَا جَمِیعاً عَلَی حِمَارَیْهِمَا، فَلَقِیَا رَجُلًا شَهِدَ الْجُمُعَةَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ بِالْجَابِیَةِ فَعَرَفَهُمَا الرَّجُلُ وَ لَمْ یَعْرِفَاهُ (4) فَأَخْبَرَهُمَا خَبَرَ النَّاسِ، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ قَالَ: وَ خَبَرٌ آخَرُ كَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِهِ الْآنَ وَ أَرَاكُمْ تَكْرَهَانِهِ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَعَلَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ نُفِیَ؟. قَالَ: نَعَمْ وَ اللَّهِ، فَاسْتَرْجَعَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ صَاحِبُهُ قَرِیباً مِنْ عَشْرِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ كَمَا قِیلَ لِأَصْحَابِ النَّاقَةِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا كَذَّبُوا أَبَا ذَرٍّ فَإِنِّی لَا أُكَذِّبُهُ! وَ إِنِ اتَّهَمُوهُ فَإِنِّی لَا أَتَّهِمُهُ! وَ إِنِ اسْتَغَشُّوهُ فَإِنِّی لَا أَسْتَغِشُّهُ! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَانَ یَأْتَمِنُهُ حَیْثُ لَا یَأْتَمِنُ أَحَداً، وَ یُسِرُّ إِلَیْهِ حَیْثُ (5) لَا یُسِرُّ إِلَی أَحَدٍ، أَمَا وَ الَّذِی نَفْسُ أَبِی الدَّرْدَاءِ بِیَدِهِ لَوْ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَطَعَ یَمِینِی مَا أَبْغَضْتُهُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ.

ص: 273


1- الكلمة مشوّشة فی المطبوع، و قد تقرأ: قاصر. و ما أثبتناه هو الظّاهر.
2- قال الجوهریّ فی الصّحاح 4- 1446: و الوكاف و الإكاف للحمار، یقال: آكفت البغل و أوكفته. و قال الفیروزآبادیّ فی قاموسه 3- 118: إكاف الحمار- ككتاب و غراب- و وكافه: برذعته، و الأكّاف صانعه، و آكف الحمار و أكّفه تأكیفا: شدّه علیه.
3- فی س: الكلمة مشوّشة، و قد تقرأ: مشیعتك، أو: شیعتك.
4- كذا، و الظّاهر: فعرفا الرّجل و لم یعرفهما.
5- فی س: حتّی.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَامَ مُعَاوِیَةُ خَطِیباً بِالشَّامِ، فَقَالَ:

أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ فَمَنْ أَعْطَیْتُهُ فَاللَّهُ یُعْطِیهِ وَ مَنْ حَرَمْتُهُ فَاللَّهُ یَحْرِمُهُ، فَقَامَ إِلَیْهِ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: كَذَبْتَ وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ، إِنَّكَ لَتُعْطِی مَنْ حَرَمَ اللَّهُ وَ تَمْنَعُ مَنْ أَعْطَی اللَّهُ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ التَّیْمِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاوِیَةَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: إِنَّ أَحَدَنَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَقَالَ مُعَاوِیَةُ: أَمَّا أَنَا فَلَا (1).

وَ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ أَخِی أَبِی ذَرٍّ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عُثْمَانَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ حَرَّفَ قُلُوبَ أَهْلِ الشَّامِ وَ بَغَّضَكَ إِلَیْهِمْ فَمَا یَسْتَفْتُونَ غَیْرَهُ، وَ لَا یَقْضِی بَیْنَهُمْ إِلَّا هُوَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَی مُعَاوِیَةَ: أَنِ احْمِلْ أَبَا ذَرٍّ عَلَی نَابٍ صَعْبَةٍ وَ قَتَبٍ (2)،

ص: 274


1- قد أورد فی العقد الفرید 2- 223 [و فی طبعة أخری: 2- 285] و من كتاب أمیر المؤمنین علیه السّلام إلی معاویة: أمّا بعد فو اللّٰه ما قتل ابن عمّك غیرك، و إنّی لأرجو أن ألحقك به علی مثل ذنبه و أعظم من خطیئته. و نقل ابن أبی الحدید فی شرحه 4- 58 [أربع مجلّدات من كتاب ابن عبّاس إلی معاویة: و أمّا قولك: إنّی من السّاعین علی عثمان و الخاذلین و السّافكین دمه .. فأقسم باللّٰه لأنت المتربّص بقتله، و المحبّ لهلاكه، و الحابس النّاس قبلك عنه علی بصیرة من أمره .. و ذكر ابن مزاحم فی كتاب صفّین: 210، و الطّبریّ فی تاریخه 5- 243، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 123، و ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 342 خطبة شبث بن ربعیّ معاویة: إنّه و اللّٰه لا یخفی علینا ما تغزو و ما تطلب .. و قد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنّصر، و أحببت له القتل لهذه المنزلة الّتی أصبحت تطلب ... و جاء جواب أبی أیّوب الأنصاریّ لمعاویة: إنّ الّذی تربّص بعثمان و ثبّط أهل الشّام عن نصرته لأنت .. كما فی الإمامة و السّیاسة 1- 93 [و فی طبعة أخری: 81]، و شرح ابن أبی الحدید المعتزلیّ 2- 281. و لعمری، إنّ النّكیر علی معاویة و الكتب إلیه من وجوه الصّحابة و غیرهم أكثر و أكثر كلّها تعرب عن علّة خذلانه عثمان حیّا و مطالبته بدمه میّتا، و ما ذكرناه لیس إلّا قطرة من بحر، راجع ما سرده العلّامة الأمینیّ فی غدیره 9- 149- 151 و غیرها.
2- قال فی القاموس 1- 135: النّاب: النّاقة المسنّة. و فیه 1- 114: القتب: الإكاف، و بالتّحریك أكثر، أو الإكاف الصّغیر علی قدر سنام البعیر.

ثُمَّ ابْعَثْ مَعَهُ مَنْ یَنْجَشُ بِهِ نَجْشاً (1) عَنِیفاً حَتَّی یَقْدَمَ بِهِ عَلَیَّ، قَالَ: فَحَمَلَهُ مُعَاوِیَةُ عَلَی نَاقَةٍ صَعْبَةٍ عَلَیْهَا قَتَبٌ مَا عَلَی الْقَتَبِ إِلَّا مِسْحٌ(2)، ثُمَّ بَعَثَ مَعَهُ مَنْ یُسَیِّرُهُ سَیْراً عَنِیفاً، وَ خَرَجْتُ مَعَهُ فَمَا لَبِثَ الشَّیْخُ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی سَقَطَ مَا یَلِی الْقَتَبَ مِنْ لَحْمِ فَخِذَیْهِ وَ قُرِحَ، فَكُنَّا إِذَا كَانَ اللَّیْلُ أَخَذْتُ مُلَائِی (3) فَأَلْقَیْتُهُمَا تَحْتَهُ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ نَزَعْتُهَا مَخَافَةَ أَنْ یَرَوْنِی فَیَمْنَعُونِی مِنْ ذَلِكَ، حَتَّی قَدِمْنَا الْمَدِینَةَ وَ بَلَغْنَا عُثْمَانَ مَا لَقِیَ أَبُو ذَرٍّ مِنَ الْوَجَعِ وَ الْجَهْدِ، فَحَجَبَهُ جُمُعَةً وَ جُمُعَةً حَتَّی مَضَتْ عِشْرُونَ لَیْلَةً أَوْ نَحْوُهَا وَ أَفَاقَ أَبُو ذَرٍّ، ثُمَّ أُرْسِلَ إِلَیْهِ وَ هُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَی یَدِی فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ فَاسْتَوَی قَاعِداً، فَلَمَّا دَنَا أَبُو ذَرٍّ مِنْهُ قَالَ عُثْمَانُ:

لَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِعَمْرٍو عَیْناً*** تَحِیَّةَ السُّخْطِ إِذَا الْتَقَیْنَا

فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: لِمَ (4)؟، فَوَ اللَّهِ مَا سَمَّانِیَ اللَّهُ عَمْراً (5) وَ لَا سَمَّانِیَ أَبَوَایَ عَمْراً (6)، وَ إِنِّی عَلَی الْعَهْدِ الَّذِی فَارَقْتُ عَلَیْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَا غَیَّرْتُ وَ لَا بَدَّلْتُ.

فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَذَبْتَ! لَقَدْ كَذَبْتَ عَلَی نَبِیِّنَا وَ طَعَنْتَ فِی دِینِنَا، وَ فَارَقْتَ رَأَیْنَا، وَ ضَغَّنْتَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِینَ عَلَیْنَا، ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ غِلْمَانِهِ: ادْعُ لِی قُرَیْشاً، فَانْطَلَقَ رَسُولُهُ فَمَا لَبِثْنَا أَنِ امْتَلَأَ الْبَیْتُ مِنْ رِجَالِ قُرَیْشٍ. فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَیْكُمْ فِی هَذَا الشَّیْخِ الْكَذَّابِ، الَّذِی كَذَبَ عَلَی نَبِیِّنَا وَ طَعَنَ فِی دِینِنَا، وَ ضَغَّنَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِینَ عَلَیْنَا، وَ إِنِّی قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَصْلِبَهُ أَوْ أَنْفِیَهُ مِنَ

ص: 275


1- النّجش: الإسراع. ذكره الفیروزآبادیّ فی القاموس 2- 289.
2- قال فی القاموس المحیط 1- 249: المسح- بالكسر-: البلاس.
3- جاء فی النّهایة 4- 352: الملاء- بالضّمّ و المدّ-: جمع الملاءة، و هی الإزار و الرّیطة. ثمّ إنّ الرّیطة: كلّ ملاءة غیر ذات لفقین كلّها نسج واحد، أو قطعة واحدة، أو كلّ ثوب لیّن رقیق، كما ذكره فی القاموس 2- 362.
4- فی ك: و لم.
5- كذا، و الصّحیح: عمرا.
6- كذا، و الصّحیح: عمرا.

الْأَرْضِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأْیُنَا لِرَأْیِكَ تَبَعٌ. وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لَهُ حَقٌّ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ أَدَّی الَّذِی عَلَیْهِ، فَبَیْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَتَوَكَّأُ عَلَی عَصًی سَتْراً فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ نَظَرَ وَ لَمْ یَجِدْ مَقْعَداً فَاعْتَمَدَ عَلَی عَصَاهُ، فَمَا أَدْرِی أَ تَخَلُّفُ عَهْدٍ أَمْ یُظَنُّ بِهِ غَیْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: فِیمَا أَرْسَلْتُمْ إِلَیْنَا؟. قَالَ عُثْمَانُ: أَرْسَلْنَا إِلَیْكُمْ فِی أَمْرٍ قَدْ فُرِّقَ لَنَا فِیهِ الرَّأْیُ فَاجْمَعْ رَأْیَنَا وَ رَأْیَ الْمُسْلِمِینَ فِیهِ عَلَی أَمْرٍ. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ، أَمَا إِنَّكُمْ لَوِ اسْتَشَرْتُمُونَا لَمْ نَأْلُكُمْ نَصِیحَةً. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَیْكُمْ فِی هَذَا الشَّیْخِ الَّذِی قَدْ كَذَبَ عَلَی نَبِیِّنَا، وَ طَعَنَ فِی دِینِنَا، وَ خَالَفَ رَأْیَنَا، وَ ضَغَّنَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِینَ عَلَیْنَا، وَ قَدْ رَأَیْنَا أَنْ نَقْتُلَهُ أَوْ نَصْلِبَهُ أَوْ نَنْفِیَهُ مِنَ الْأَرْضِ.

قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَ فَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَی خَیْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ وَ أَقْرَبَ رُشْداً؟ تَتْرُكُونَهُ بِمَنْزِلَةِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (1). قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: بِفِیكَ التُّرَابُ!. فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلْ بِفِیكَ التُّرَابُ، وَ سَیَكُونُ بِهِ. فَأَمَرَ بِالنَّاسِ فَأُخْرِجُوا.

وَ عَنْهُ فِی تَارِیخِهِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: لَمَّا قُدِمَ بِأَبِی ذَرٍّ مِنَ الشَّامِ إِلَی عُثْمَانَ كَانَ مِمَّا أَبَّنَهُ (2)بِهِ أَنْ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّهُ خَیْرٌ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَجَلْ أَنَا أَقُولُ، وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُنِی (3) رَابِعُ أَرْبَعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَا أَسْلَمَ غَیْرُنَا، وَ مَا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَ لَا عُمَرُ، وَ لَقَدْ وُلِّیَا وَ مَا وُلِّیتُ، وَ لَقَدْ مَاتَا وَ إِنِّی لَحَیٌّ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ وَ إِنَّهُ

ص: 276


1- غافر: 28.
2- قال فی القاموس 4- 194: أبنه بشی ء یأبنه و یأبنه: اتّهمه .. و أبّنه تأبینا: عابه.
3- فی مطبوع البحار: أ رأیتنی.

لربع (1) الْإِسْلَامِ، فَرَدَّ عُثْمَانُ ذَلِكَ عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ بَیْنَهُمَا كَلَامٌ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ بِكَ، قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ أَنَا وَ اللَّهُ لَأَهِمُّ بِكَ، فَقَامَ عُثْمَانُ وَ دَخَلَ بَیْتَهُ، وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ.

وَ عَنْهُ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَیْسٍ، قَالَ: بَیْنَمَا (2) نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ أَبِی هُرَیْرَةَ إِذْ جَاءَ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: یَا أَبَا هُرَیْرَةَ! هَلِ افْتَقَرَ اللَّهُ مُنْذُ اسْتَغْنَی؟. فَقَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! بَلِ اللَّهُ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ، لَا یَفْتَقِرُ أَبَداً وَ نَحْنُ الْفُقَرَاءُ إِلَیْهِ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَمَا بَالُ هَذَا الْمَالِ یُجْمَعُ بَعْضُهُ إِلَی بَعْضٍ. فَقَالَ: مَالُ اللَّهِ قَدْ مَنَعُوهُ أَهْلَهُ مِنَ الْیَتَامَی وَ الْمَسَاكِینِ، ثُمَّ انْطَلَقَ. فَقُلْتُ لِأَبِی هُرَیْرَةَ: مَا لَكُمْ لَا تَأْبَوْنَ مِثْلَ هَذَا؟. قَالَ: إِنَّ هَذَا رَجُلٌ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَی أَنْ یُذْبَحَ فِی اللَّهِ، أَمَا إِنِّی أَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ، فَإِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَی أَشْبَهِ النَّاسِ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ بِرّاً وَ زُهْداً وَ نُسْكاً فَعَلَیْكُمْ بِهِ (3).

وَ عَنْهُ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْمَغْرُورِ بْنِ سُوَیْدٍ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ یَخْطُبُ فَأَخَذَ أَبُو ذَرٍّ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو ذَرٍّ! مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا جُنْدَبٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَیْتِی مَثَلُ سَفِینَةِ نُوحٍ فِی قَوْمِهِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ وَ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا. قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَذَبْتَ. فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّمَا كَانَ عَلَیْكَ أَنْ تَقُولَ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ:

ص: 277


1- فی س: لریع.
2- فی ك: بینهما.
3- و أخرجه باختلاف ألفاظه و أسانیده ابن سعد و التّرمذیّ و ابن ماجة و أحمد و ابن أبی شیبة و ابن جریر و أبو عمر و أبو نعیم و البغویّ و الحاكم و ابن عساكر و الطّبرانیّ و ابن الجوزیّ و غیرهم، انظر مثالا: ص: 1

(إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ) (1) فَمَا أَتَمَّ حَتَّی قَالَ عُثْمَانُ: بِفِیكَ التُّرَابُ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلْ بِفِیكَ التُّرَابُ (2).

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِی مَرْوَانَ الْأَسْلَمِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا صُدَّ النَّاسُ عَنِ الْحَجِّ فِی سَنَةِ ثَلَاثِینَ أَظْهَرَ أَبُو ذَرٍّ بِالشَّامِ عَیْبَ عُثْمَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَوْ خَرَجَ شَتَمَ عُثْمَانَ وَ ذَكَرَ مِنْهُ خِصَالًا كُلُّهَا قَبِیحَةٌ، فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عُثْمَانَ كِتَاباً یَذْكُرُ لَهُ مَا یَصْنَعُ أَبُو ذَرٍّ. وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ حَذَفْنَاهُ اخْتِصَاراً.

فَكَتَبَ إِلَیْهِ عُثْمَانُ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ جُنَیْدِبٍ فَابْعَثْ إِلَیَّ بِهِ وَ احْمِلْهُ عَلَی أَغْلَظِ الْمَرَاكِبِ وَ أَوْعَرِهَا (3)، وَ ابْعَثْ مَعَهُ دَلِیلًا یَسِیرُ بِهِ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ حَتَّی لَا یَنْزِلَ عَنْ مَرْكَبِهِ فَیَغْلِبَهُ النَّوْمُ فَیُنْسِیَهُ ذِكْرِی وَ ذِكْرَكَ.

قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَی مُعَاوِیَةَ حَمَلَهُ عَلَی شَارِفٍ (4) لَیْسَ عَلَیْهِ إِلَّا قَتَبٌ، وَ بَعَثَ مَعَهُ دَلِیلًا، وَ أَمَرَ أَنْ یُغِذَّ (5) بِهِ السَّیْرَ حَتَّی قَدِمَ بِهِ الْمَدِینَةَ وَ قَدْ سَقَطَ لَحْمُ فَخِذَیْهِ، قَالَ: فَلَقَدْ أَتَانَا آتٍ وَ نَحْنُ فِی الْمَسْجِدِ ضَحْوَةً مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقِیلَ (6): أَبُو ذَرٍّ قَدْ قَدِمَ الْمَدِینَةَ، فَخَرَجْتُ أَعْدُوا (7) فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إِلَیْهِ، فَإِذَا شَیْخٌ نَحِیفٌ آدَمُ طُوَالٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ یَمْشِی مَشْیاً مُتَقَارِباً، فَدَنَوْتُ إِلَیْهِ،

ص: 278


1- الغافر: 28.
2- و قریب منه ما جاء فی روایة الواقدیّ من طریق صهبان مولی الأسلمیّین، كما فی الأنساب 5- 52، و شرح ابن أبی الحدید 1- 241. و قال الأخیر فیه: فأجابه عثمان بجواب غلیظ لا أحبّ ذكره و أجابه علیه السّلام بمثله. و ستأتی له مصادر أكثر.
3- الوعر: ضدّ السّهل، كالوعر و الواعر و الوعیر و الأوعر، كما فی القاموس 2- 154.
4- قال الفیروزآبادی فی القاموس المحیط 3- 157: الشّارف من النّوق: المسنّة الهرمة، و سیأتیان فی بیان المصنّف رحمه اللّٰه.
5- أغذّ السّیر، و فیه: أسرع، نصّ علیه فی القاموس المحیط 1- 356.
6- فی ك نسخة بدل: فقال.
7- فی س: أغدو.

فَقُلْتُ: یَا عَمِّ! مَا لِی أَرَاكَ لَا تَخْطُو إِلَّا خَطْواً قَرِیباً. قَالَ: عَمَلُ ابْنِ عَفَّانَ، حَمَلَنِی عَلَی مَرْكَبٍ وَعْرٍ وَ أَمَرَ بِی أَنْ أُتْعَبَ، ثُمَّ قَدِمَ بِی عَلَیْهِ لِیَرَی فِیَّ رَأْیَهُ. قَالَ: فَدَخَلَ بِهِ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: لَا أَنْعَمَ اللَّهُ لَكَ عَیْناً یَا جُنَیْدِبُ ..

وَ سَاقَ الْحَدِیثَ كَمَا مَرَّ بِرِوَایَةِ ابْنِ أَبِی الْحَدِیدِ.

ثم قال أبو الصلاح (1) رحمه اللّٰه: وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ (2)، عَنْ صُهْبَانَ مَوْلَی الْأَسْلَمِیِّینَ، قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا ذَرٍّ یَوْمَ دُخِلَ بِهِ عَلَی عُثْمَانَ عَلَیْهِ عَبَاءٌ مِدْرَعاً قَدْ دُرِعَ بِهَا عَلَی شَارِفٍ حَتَّی أُنِیخَ بِهِ عَلَی بَابِ عُثْمَانَ. فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِی فَعَلْتَ وَ فَعَلْتَ؟!. فَقَالَ: أَنَا الَّذِی نَصَحْتُكَ فَاسْتَغْشَشْتَنِی، وَ نَصَحْتُ صَاحِبَكَ فَاسْتَغَشَّنِی .. وَ سَاقَ الْحَدِیثَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ .. إِلَی قَوْلِهِ، قَالَ: امْضِ عَلَی وَجْهِكَ هَذَا وَ لَا تَعْدُوَنَّ الرَّبَذَةَ، فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ إِلَی الرَّبَذَةِ، فَلَمْ یَزَلْ بِهَا حَتَّی تُوُفِّیَ.

نكیر عمّار بن یاسر:

و ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ، قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ فِیهَا: وَ اللَّهِ لَأُوثِرَنَّ بَنِی أُمَیَّةَ، وَ لَوْ كَانَ بِیَدِی مَفَاتِیحُ الْجَنَّةِ لَأُدْخِلَنَّهُمْ (3) إِیَّاهَا، وَ لَكِنِّی سَأُعْطِیهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ عَلَی رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ.

فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ: أَنْفِی وَ اللَّهِ تَرْغَمُ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ عُثْمَانَ: فَأَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ.

ص: 279


1- فی تقریب المعارف- القسم الثانی الخاصّ بمطاعن الثلاثة و غیرهم و لم یطبع- و جاء فی القسم الأوّل منه فی صفحة: 165 و منها: إخراج أبی ذرّ إلی الشام لأمره بالمعروف، ثمّ حمله من الشام لإنكاره علی معاویة خلافه للكتاب و السنّة مهانا معسّفا، و استخفافه به، و نیله من عرضه و تسمیته بالكذّاب مع شهادة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله له بالصدق، و نفیه عن المدینة إلی الربذة حتّی مات بها رحمه اللّٰه تعالی مغرّبا.
2- لم نحصل علی تاریخ الواقدیّ إلّا ما نقل عنه فی المصادر السّالفة، و لكن ورد فی كتاب المغازی للواقدیّ 3- 1000- 1001 روایات حول أبی ذرّ و حیاته طاب ثراه.
3- فی س: لأدخلتهم.

فَقَالَ عَمَّارٌ: وَ أَنْفُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ تَرْغَمُ.

قَالَ: وَ إِنَّكَ لَهُنَاكَ یَا ابْنَ سُمَیَّةَ .. ثُمَّ نَزَلَ إِلَیْهِ فَوَطَأَهُ فَاسْتُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهِ وَ قَدْ غُشِیَ عَلَیْهِ وَ فَتَقَهُ (1).

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ، عَنْ شَقِیقٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمَّارٍ فَقَالَ: ثَلَاثٌ یَشْهَدُونَ عَلَی عُثْمَانَ وَ أَنَا الرَّابِعُ، وَ أَنَا أَسْوَأُ الْأَرْبَعَةِ: (وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (2) (وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (3) وَ (وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (4) وَ أَنَا أَشْهَدُ لَقَدْ حَكَمَ بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

وَ عَنْهُ فِی تَارِیخِهِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارٍ یَوْمَ صِفِّینَ: عَلَی مَا تُقَاتِلُهُمْ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ؟!. قَالَ: عَلَی أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ مُؤْمِنٌ وَ نَحْنُ نَزْعُمُ أَنَّهُ كَافِرٌ (5).

وَ عَنْهُ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّیرِ الْحَرَشِیِّ، قَالَ: انْتَهَیْتُ إِلَی عَمَّارٍ فِی مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ وَ عَلَیْهِ بُرْنُسٌ وَ النَّاسُ قَدْ أَطَافُوا بِهِ وَ هُوَ یُحَدِّثُهُمْ مِنْ أَحْدَاثِ عُثْمَانَ وَ قَتْلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ هُوَ یَذْكُرُ عُثْمَانَ: رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ!.

فَأَخَذَ عَمَّارٌ كَفّاً مِنْ حَصَی الْمَسْجِدِ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَا كَافِرُ، اسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ .. وَ أَوْعَدَ الرَّجُلَ فَلَمْ یَزَلِ الْقَوْمُ یُسَكِّنُونَ عَمَّاراً عَنِ الرَّجُلِ حَتَّی قَامَ وَ انْطَلَقَ وَ قَعَدَتِ الْقَوْمُ حَتَّی فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ حَدِیثِهِ وَ سَكَنَ غَضَبُهُ، ثُمَّ إِنِّی قُمْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ: یَا أَبَا الْیَقْظَانِ! رَحِمَكَ اللَّهُ أَ مُؤْمِناً قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَمْ

ص: 280


1- قد مرّ سند الحدیث و مصادره.
2- المائدة: 44.
3- المائدة: 45.
4- المائدة: 47.
5- و جاء فی تاریخ الطّبریّ 5- 187، و الكامل لابن الأثیر 3- 97، و شرح ابن أبی الحدید 3- 285 و 292 عن مسروق بن الأجدع: أنّه سأل عمّارا: یا أبا الیقظان! علام قتلتم عثمان؟. قال: علی شتم أعراضنا و ضرب أبشارنا- جمع بشرة: أعلی جلدة الوجه-.

كَافِراً؟!. فَقَالَ: لَا، بَلْ قَتَلْنَاهُ كَافِراً .. بَلْ قَتَلْنَاهُ كَافِراً (1)

وَ عَنْهُ، عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ: وَ اللَّهِ مَا أَخَذَنِی أَسَی عَلَی شَیْ ءٍ تَرَكْتُهُ خَلْفِی غَیْرَ أَنِّی وَدِدْتُ أَنَّا كُنَّا أَخْرَجْنَا عُثْمَانَ مِنْ قَبْرِهِ فَأَضْرَمْنَا عَلَیْهِ نَاراً.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ، قَالَ: أَتَیْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عُثْمَانُ مَحْصُورٌ-، فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَیْهِ قَامَ مَعِی فَكَلَّمْتُهُ، فَلَمَّا ابْتَدَأْتُ الْكَلَامَ جَلَسَ ثُمَّ اسْتَلْقَی وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: وَیْحَكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ! إِنَّكَ كُنْتَ فِینَا لَمِنْ أَهْلِ الْخَیْرِ وَ السَّابِقَةِ، وَ مَنْ عُذِّبَ فِی اللَّهِ، فَمَا الَّذِی تَبْغِی مِنْ سَعْیِكَ فِی فَسَادِ الْمُؤْمِنِینَ؟ وَ مَا صَنَعْتَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ؟ فَأَهْوَی إِلَی عِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا عَنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: خَلَعْتُ عُثْمَانَ كَمَا خَلَعْتُ عِمَامَتِی هَذِهِ، یَا أَبَا إِسْحَاقَ! إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَكُونَ خِلَافَةٌ كَمَا كَانَتْ عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَمَّا أَنْ یُعْطِیَ مَرْوَانَ خُمُسَ إِفْرِیقِیَةَ، وَ مُعَاوِیَةَ عَلَی الشَّامِ، وَ الْوَلِیدَ بْنَ عُقْبَةَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَی الْكُوفَةِ، وَ ابْنَ عَامِرٍ عَلَی الْبَصْرَةِ. وَ الْكَافِرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَی مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی مِصْرَ، فَلَا وَ اللَّهِ لَا كَانَ هَذَا أَبَداً حَتَّی یُبْعَجَ (2) فِی خَاصِرَتِهِ (3) بِالْحَقِّ.

نكیر عبد اللّٰه بن مسعود:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِیقٍ، قَالَ: قُلْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ:

فِیمَ طَعَنْتُمْ عَلَی عُثْمَانَ؟. قَالَ: أَهْلَكَهُ الشُّحُّ وَ بِطَانَةُ السَّوْءِ.

وَ عَنْهُ، عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ وَ شَقِیقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَوَدِدْتُ أَنِّی وَ عُثْمَانَ بِرَمْلِ عَالِجٍ فَنَتَحَاثَی التُّرَابَ حَتَّی یَمُوتَ الْأَعْجَزُ (4)

ص: 281


1- و بمضمونه أورده الباقلانیّ فی التّمهید: 220، و نصر بن مزاحم فی كتاب صفّین: 361- 369 [طبعة مصر]، و جمهرة الخطب 1- 181، و غیرهم.
2- قال فی القاموس 1- 179: بعجه- كمنعه-: شقّه.
3- الخاصرة- بكسر الصّاد-: ما بین رأس الورك و أسفل الأضلاع، كما نصّ علیه فی مجمع البحرین 3- 286. «4»-و ما زال ابن مسعود علی اعتقاده بالرّجل حتّی أنّه أوصی أن لا یصلّی علیه، كما فی شرح ابن أبی الحدید 1- 236، و تاریخ الخمیس 2- 268. و جاء فی الفتنة الكبری: 171 و غیره روی: أنّ ابن مسعود كان یستحلّ دم عثمان أیّام كان فی الكوفة، و كان یخطب و یقول: إنّ شرّ الأمور محدثاتها، و كلّ محدث بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة فی النّار، یعرّض فی ذلك بعثمان. و أخرجه أبو نعیم فی حلیة الأولیاء 1- 138، و فصّلها البلاذریّ فی الأنساب 5- 36. و ذكره فی المستدرك 3- 313، و الاستیعاب 1- 373، و تاریخ ابن كثیر 7- 163. و قد شرع العلّامة الأمینیّ- رحمه اللّٰه- الجزء التّاسع من الغدیر ب: الخلیفة یخرج ابن مسعود من المسجد عنفا، و ذكر موقف الخلیفة معه و ضربه یحموم غلام عثمان بإذنه علی الأرض و دقّ ضلعه و غیر ذلك ثمّ عقّبه ب: لعلّك لا تستكنّه هذه الجرأة و لا تبلغ مداها حتّی تعلم أنّ ابن مسعود من هو؟. و ذكر روایات جمّة فی فضائل ابن مسعود عن مصادر كثیرة جدّا .. إلی أن قال: لما ذا شتم علی رءوس الأشهاد و لما ذا أخرج من مسجد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم مهانا عنفا؟ و لما ذا ضرب به الأرض فدقّت أضالعه؟ .. كلّ ذلك لأنّه امتنع عن أن یبیح للولید بن عقبة الخالع الماجن من بیت مال الكوفة یوم كان علیه ما أمر به .. انظر: الغدیر 9- 3- 15 فإنّها جدیرة بالملاحظة.
4- و ما زال ابن مسعود علی اعتقاده بالرّجل حتّی أنّه أوصی أن لا یصلّی علیه، كما فی شرح ابن أبی الحدید 1- 236، و تاریخ الخمیس 2- 268. و جاء فی الفتنة الكبری: 171 و غیره روی: أنّ ابن مسعود كان یستحلّ دم عثمان أیّام كان فی الكوفة، و كان یخطب و یقول: إنّ شرّ الأمور محدثاتها، و كلّ محدث بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة فی النّار، یعرّض فی ذلك بعثمان. و أخرجه أبو نعیم فی حلیة الأولیاء 1- 138، و فصّلها البلاذریّ فی الأنساب 5- 36. و ذكره فی المستدرك 3- 313، و الاستیعاب 1- 373، و تاریخ ابن كثیر 7- 163. و قد شرع العلّامة الأمینیّ- رحمه اللّٰه- الجزء التّاسع من الغدیر ب: الخلیفة یخرج ابن مسعود من المسجد عنفا، و ذكر موقف الخلیفة معه و ضربه یحموم غلام عثمان بإذنه علی الأرض و دقّ ضلعه و غیر ذلك ثمّ عقّبه ب: لعلّك لا تستكنّه هذه الجرأة و لا تبلغ مداها حتّی تعلم أنّ ابن مسعود من هو؟. و ذكر روایات جمّة فی فضائل ابن مسعود عن مصادر كثیرة جدّا .. إلی أن قال: لما ذا شتم علی رءوس الأشهاد و لما ذا أخرج من مسجد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم مهانا عنفا؟ و لما ذا ضرب به الأرض فدقّت أضالعه؟ .. كلّ ذلك لأنّه امتنع عن أن یبیح للولید بن عقبة الخالع الماجن من بیت مال الكوفة یوم كان علیه ما أمر به .. انظر: الغدیر 9- 3- 15 فإنّها جدیرة بالملاحظة.

وَ عَنْهُ وَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْهُمْ عَلْقَمَةُ بْنُ قَیْسٍ، وَ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَخْدَعِ، وَ عَبِیدَةُ السَّلْمَانِیُّ، وَ شَقِیقُ بْنُ سَلَمَةَ وَ غَیْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَا یَعْدِلُ عُثْمَانُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ.

وَ فِی أُخْرَی: جَنَاحَ ذُبَابٍ.

وَ عَنْهُ، عَنْ عَبِیدَةَ السَّلْمَانِیِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ یَلْعَنُ عُثْمَانَ، فَقُلْتُ لَهُ فِی ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَشْهَدُ لَهُ بِالنَّارِ.

وَ عَنْهُ، عَنْ خُثَیْمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَیْنَا نَحْنُ فِی بَیْتٍ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا نَتَذَاكَرُ أَمْرَ الدَّجَّالِ وَ فِتْنَتَهُ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ: مَا تَتَذَاكَرُونَ مِنْ أَمْرِ الدَّجَّالِ؟ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ فِی الْبَیْتِ لَمَنْ هُوَ أَشَدُّ عَلَی أُمَّتِی مِنَ الدَّجَّالِ، وَ قَدْ مَضَی مَنْ كَانَ فِی الْبَیْتِ یَوْمَئِذٍ غَیْرِی وَ غَیْرُ عُثْمَانَ، وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی وَ عُثْمَانَ بِرَمْلِ عَالِجٍ نَتَحَاثَی التُّرَابَ حَتَّی یَمُوتَ الْأَعْجَزُ.

وَ عَنْهُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: صَلَّی

ص: 282

هَؤُلَاءِ جُمُعَتَهُمْ؟. قُلْتُ: لَا. قَالَ: إِنَّمَا هَؤُلَاءِ حُمُرٌ! إِنَّمَا یُصَلِّی مَعَ هَؤُلَاءِ الْمُضْطَرُّ، وَ مَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَامَ بَیْنَنَا فَصَلَّی بِغَیْرِ أَذَانٍ وَ لَا إِقَامَةٍ.

وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ، قَالَ: دَخَلُوا(1) عَلَی عَبْدِ اللَّهِ حَیْثُ كَتَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یُسَیِّرُهُ وَ عِنْدَهُ (2) أَصْحَابُهُ، فَجَاءَ رَسُولُ الْوَلِیدِ، فَقَالَ: إِنَّ الْأَمِیرَ أَرْسَلَ إِلَیْكَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ: إِمَّا أَنْ تَدَعَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَ إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِكَ. قَالَ:

رُبَّ كَلِمَاتٍ لَا أَخْتَارُ مِصْرِی عَلَیْهِنَّ. قِیلَ: مَا هُنَّ؟. قَالَ: أَفْضَلُ الْكَلَامِ كِتَابُ اللَّهِ، وَ أَحْسَنُ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَ كُلُّ مُحْدَثَةٍ ضَلَالَةٌ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَیَخْرُجَنَّ مِنْهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَ لَا أَتْرُكُهُنَّ أَبَداً، وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُهُنَّ.

و قد ذكر (3) ذلك أجمع و زیادة علیه الواقدی فی كتاب الدار تركناه إیجازا.

نكیر حذیفة بن الیمان:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَتْ بَنُو عَبْسٍ (4) إِلَی حُذَیْفَةَ یَسْتَشْفِعُونَ بِهِ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ حُذَیْفَةُ: لَقَدْ أَتَیْتُمُونِی مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ وَدِدْتُ (5) أَنَّ كُلَّ سَهْمٍ فِی كِنَانَتِی فِی بَطْنِهِ.

وَ عَنْهُ، عَنْ حَارِثِ بْنِ سُوَیْدٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَیْفَةَ فَذَكَرْنَا عُثْمَانَ، فَقَالَ:

عُثْمَانُ وَ اللَّهِ مَا یَعْدُو أَنْ یَكُونَ فَاجِراً فِی دِینِهِ أَوْ أَحْمَقَ فِی مَعِیشَتِهِ.

وَ عَنْهُ، عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ، عَنْ یَزِیدَ مَوْلَی حُذَیْفَةَ، عَنْ أَبِی شُرَیْحَةَ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّهُ سَمِعَ حُذَیْفَةَ یُحَدِّثُ، قَالَ: طَلَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ

ص: 283


1- فی حاشیة ك استظهر كون الكلمة: دخلت.
2- فی س: عند- بلا ضمیر-.
3- فی س: ذكرت.
4- فی س: بنو أعبس.
5- فی س: و رددت.

فِی مَنْزِلِهِ فَلَمْ (1) أَجِدْهُ وَ طَلَبْتُهُ فَوَجَدْتُهُ فِی حَائِطٍ نَائِماً رَأْسُهُ تَحْتَ نَخْلَةٍ، فَانْتَظَرْتُهُ طَوِیلًا فَلَمْ یَسْتَیْقِظْ فَكَسَرْتُ جَرِیدَةً فَاسْتَیْقَظَ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَقُولَ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: ائْذَنْ لِی، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَمَرَنِی أَنْ آذَنَ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَنِی أَنْ آذَنَ لَهُ وَ أُبَشِّرَهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ: یَجِیئُكُمُ الْخَامِسُ لَا یَسْتَأْذِنُ وَ لَا یُسَلِّمُ، وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَجَاءَ عُثْمَانُ حَتَّی وَثَبَ مِنْ جَانِبِ الْحَائِطِ، ثُمَّ قَالَ:

یَا رَسُولَ اللَّهِ! بَنُو فُلَانٍ یُقَابِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ أَبِی وَائِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَیْفَةَ بْنَ الْیَمَانِ یَقُولُ: لَقَدْ دَخَلَ عُثْمَانُ قَبْرَهُ بِفُجْرِهِ.

وَ عَنْهُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أَتَی حُذَیْفَةُ وَ هُوَ بِالْمَدَائِنِ، فَقِیلَ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! لَقِیتُ رَجُلًا آنِفاً عَلَی الْجِسْرِ فَحَدَّثَنِی أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ، قَالَ:

هَلْ تَعْرِفُ الرَّجُلَ؟. قُلْتُ: أَظُنُّنِی أَعْرِفُهُ وَ مَا أُثَبِّتُهُ. قَالَ حُذَیْفَةُ: إِنَّ ذَلِكَ عَیْثَمُ الْجِنِّیُّ، وَ هُوَ الَّذِی یُسَیِّرُ بِالْأَخْبَارِ، فَحَفِظُوا ذَلِكَ الْیَوْمَ فَوَجَدُوهُ قُتِلَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ، فَقِیلَ لِحُذَیْفَةَ: مَا تَقُولُ فِی قَتْلِ عُثْمَانَ؟. فَقَالَ: هَلْ هُوَ إِلَّا كَافِرٌ قُتِلَ كَافِراً أَوْ مُسْلِمٌ (2) قُتِلَ كَافِراً. فَقَالُوا: أَ مَا جَعَلْتَ لَهُ مَخْرَجاً؟. فَقَالَ: اللَّهُ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.

وَ عَنْهُ، عَنْ حُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی وَابِلٍ (3): حَدِّثْنَا، فَقَدْ أَدْرَكْتَ مَا لَمْ نُدْرِكْ. فَقَالَ: اتَّهِمُوا الْقَوْمَ عَلَی دِینِكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا مَاتُوا حَتَّی خَلَطُوا، لَقَدْ قَالَ حُذَیْفَةُ فِی عُثْمَانَ: أَنَّهُ دَخَلَ حُفْرَتَهُ وَ هُوَ فَاجِرٌ.

نكیر المقداد:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِینَةِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَی عُثْمَانَ وَ إِذَا رَجُلٌ یَمْدَحُهُ، فَوَثَبَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ

ص: 284


1- فی ك: و لم.
2- ما أثبتناه نسخة فی ك، و هو الظّاهر. و فی مطبوع البحار: و مسلم.
3- فی س: وائل.

فَأَخَذَ (1) كَفّاً مِنْ حَصًا أَوْ تُرَابٍ فَأَخَذَ یَرْمِیهِ بِهِ فَرَأَیْتُ عُثْمَانَ یَتَّقِیهِ بِیَدِهِ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ، قَالَ: لَمْ یَكُنِ الْمِقْدَادُ یُصَلِّی مَعَ عُثْمَانَ وَ لَا یُسَمِّیهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ.

وَ ذُكِرَ، عَنْ سَعِیدٍ أَیْضاً-، قَالَ: لَمْ یَكُنْ عَمَّارٌ وَ لَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ یُصَلِّیَانِ خَلْفَ عُثْمَانَ وَ لَا یُسَمِّیَانِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِین

نكیر عبد الرحمن بن حنبل القرشی:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی بْنِ زَیْدٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَنْبَلٍ الْقُرَشِیُّ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَی عُثْمَانَ، وَ كَانَ یَذْكُرُهُ فِی الشِّعْرِ وَ یَذْكُرُ جَوْرَهُ وَ یَطْعَنُ عَلَیْهِ وَ یَبْرَأُ مِنْهُ وَ یَصِفُ صَنَائِعَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ عَنْهُ ضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَ حَمَلَهُ عَلَی بَعِیرٍ وَ طَافَ بِهِ فِی الْمَدِینَةِ، ثُمَّ حَبَسَهُ مُوثَقاً فِی الْحَدِیدِ (2)

نكیر طلحة بن عبید اللّٰه:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ النَّصْرِ الأرجی (3)

أَنَّ طَلْحَةَ قَامَ إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكَ وَ كَرِهُوكَ لِلْبِدَعِ الَّتِی أَحْدَثْتَ وَ لَمْ یَكُونُوا یَرَوْنَهَا وَ لَا یَعْهَدُونَهَا، فَإِنْ تَسْتَقِمْ فَهُوَ خَیْرٌ لَكَ وَ إِنْ أَبَیْتَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَضَرَّ بِذَلِكَ مِنْكَ فِی دُنْیَا وَ لَا آخِرَةٍ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ بِأَبِی أَقُودُهُ إِلَی الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا سَمِعْنَا لَغَطَ (4)النَّاسِ وَ أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ أَبِی: یَا بُنَیَّ! مَا

ص: 285


1- فی س: و أخذ.
2- هنا حاشیة غیر معلم محلها فی ك لعلّ محلّها هنا، و هی: أقول: ذكر ابن عبد البرّ فی الاستیعاب أبیاتا فی ذمّ عثمان و عدّ بدعه. [منه رحمه اللّٰه]. انظر: تاریخ الطّبریّ 6- 25، و تاریخ الیعقوبیّ 2- 150، و الاستیعاب 2- 410، و الإصابة 2- 395، و شرح ابن أبی الحدید المعتزلیّ 1- 66 و غیرها.
3- قد تقرأ الكلمة فی ك: الأرحبیّ.
4- قال فی النّهایة 4- 257: اللّغط: صوت و ضجّة لا یفهم معناها.

هَذَا؟. فَقُلْتُ: النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِدَارِ عُثْمَانَ. فَقَالَ: مَنْ تَرَی مِنْ قُرَیْشٍ؟. قُلْتُ:

طَلْحَةَ. قَالَ: اذْهَبْ بِی إِلَیْهِ فَأَدْنِنِی مِنْهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَ لَا تَنْهَی النَّاسَ مِنْ قَتْلِ هَذَا الرَّجُلِ؟. قَالَ: یَا أَبَا سَعِیدٍ! إِنَّ لَكَ دَاراً فَاذْهَبْ فَاجْلِسْ فِی دَارِكَ، فَإِنَّ نَعْثَلًا لَمْ یَكُنْ یَخَافُ هَذَا الْیَوْمَ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی، عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ كَانَ یَوْمَئِذٍ فِی جَمَاعَةِ النَّاسِ عَلَیْهِ السِّلَاحُ عِنْدَ بَابِ الْقَصْرِ یَأْمُرُهُمْ بِالدُّخُولِ عَلَیْهِ.

وَ ذُكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی، قَالَ: انْتَهَیْتُ إِلَی الْمَدِینَةِ أَیَّامَ حَصْرِ عُثْمَانَ فِی الدَّارِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ فِی مِثْلِ الْخَزَّةِ (1) السَّوْدَاءِ مِنَ الرِّجَالِ (2)وَ السِّلَاحِ، مُطِیفٌ بِدَارِ عُثْمَانَ حَتَّی قُتِلَ.

وَ ذَكَرَ عَنْهُ، قَالَ: رَأَیْتُ طَلْحَةَ یُرَامِی الدَّارَ وَ هُوَ فِی خَزَّةٍ (3) سَوْدَاءَ عَلَیْهِ الدِّرْعُ قَدْ كُفِرَ عَلَیْهَا بِقَبَاءٍ فَهُمْ یُرَامُونَهُ وَ یُخْرِجُونَهُ مِنَ (4) الدَّارِ ثُمَّ یَخْرُجُ فَیُرَامِیهِمْ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِ مِنْ دَارٍ مِنْ قِبَلِ دَارِ ابْنِ حَزْمٍ فَقُتِلَ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: لَمَّا أَشْخَصَ النَّاسُ لِعُثْمَانَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ (5) قَالَ مَالِكٌ: وَ اشْتَرَی مِنِّی ثَلَاثَةَ أَدْرُعٍ وَ خَمْسَةَ أَسْیَافٍ، فَرَأَیْتُ تِلْكَ الدُّرُوعَ عَلَی أَصْحَابِهِ الَّذِینَ كَانُوا یَلْزَمُونَهُ قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بِیَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ

ص: 286


1- فی س: الحرّة. قال فی القاموس 2- 7: الحرّ: ضدّ البرد ... و جمع الحرّة: لأرض ذات حجارة نخرة سود. و قال فیه 2- 175: الخزّ: من الثّیاب معروف .. و وضع الشّوك فی الحائط لئلّا یتسلّق، و الانتظام بالسّهم.
2- فی ك نسخة بدل: مع الرّجال.
3- فی س: حزه. و لا مناسبة لها بالمقام.
4- فی س نسخة: إلی، بدلا من: من.
5- و ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 81، و ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 269، و غیرهما.

عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَشَدَّ عَلَی عُثْمَانَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَتَّی مَاتَ، وَ مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ حَتَّی مَاتَ عُثْمَانُ وَ أَعْطَی النَّاسَ الرِّضَی، وَ مِنْ طَلْحَةَ وَ كَانَ أَشَدَّهُمْ، فَإِنَّهُ لَمْ یَزَلْ كَهْفَ الْمِصْرِیِّینَ وَ غَیْرِهِمْ یَأْتُونَهُ بِاللَّیْلِ یَتَحَدَّثُونَهُ عِنْدَهُ إِلَی أَنْ جَاهَدُوا فَكَانَ وَلِیَّ الْحَرْبِ وَ الْقِتَالِ وَ عَمَلِ الْمَفَاتِیحِ عَلَی بَیْتِ الْمَالِ، وَ تَوَلَّی الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ وَ مَنَعَهُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ، وَ رَدَّ شَفَاعَةَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَمْلِ الْمَاءِ إِلَیْهِمْ، وَ قَالَ لَهُ: لَا وَ اللَّهِ وَ لَا نُعِّمَتْ عَیْنٌ وَ لَا بَرَكَتْ وَ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ حَتَّی یُعْطِیَ بَنُو أُمَیَّةَ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهَا.

وَ رَوَی قَوْلَهُ لِمَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَ قَدْ شُفِّعَ إِلَیْهِ فِی تَرْكِ التَّأْلِیبِ عَلَی عُثْمَانَ-:

یَا مَالِكُ! إِنِّی نَصَحْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ یَقْبَلْ نَصِیحَتِی وَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ فَعَلَ أُمُوراً وَ لَمْ نَجِدْ بُدّاً مِنْ أَنْ تغیرها (1)، وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ بُدّاً مَا تَكَلَّمْتُ وَ لَا أَلَّبْتُ (2)

نكیر الزبیر بن العوّام :

نكیر الزبیر بن العوّام (3)وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، قَالَ: عَتَبَ عُثْمَانُ عَلَی الزُّبَیْرِ، فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ وَ لَكِنَّكَ صَنَعْتَ بِنَفْسِكَ أَمْراً قَبِیحاً، تَكَلَّمْتَ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِأَمْرٍ أَعْطَیْتَ النَّاسَ فِیهِ الرِّضَا، ثُمَّ لَقِیَكَ مَرْوَانُ وَ صَنَعْتَ مَا لَا یُشْبِهُكَ، حَضَرَ النَّاسُ یُرِیدُونَ مِنْكَ مَا أَعْطَیْتَهُمْ، فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَآذَی وَ شَتَمَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: فَإِنِّی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ: أَنَّ عُثْمَانَ أَرْسَلَ سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ إِلَی الزُّبَیْرِ فَوَجَدَهُ بِأَحْجَارِ

ص: 287


1- كذا، و الظّاهر: نغیّرهما.
2- ذكر البلاذریّ فی الأنساب 5- 44 أنّ طلحة قال لعثمان: إنّك أحدثت أحداثا لم یكن النّاس یعهدونها. فقال عثمان: ما أحدثت أحداثا و لكنّكم أظنّاء تفسدون علیّ النّاس و تؤلّبوهم. أقول: التّألیب: التّحریض، كما فی صحاح اللّغة 1- 88، و القاموس 1- 37.
3- قال ابن أبی الحدید فی شرح النهج 2- 404: كان طلحة من أشدّ الناس تحریضا علیه أی علی عثمان و كان الزبیر دونه فی ذلك، رووا أنّ الزبیر كان یقول: اقتلوه فقد بدّل دینكم، فقالوا له: إنّ ابنك یحامی عنه بالباب. فقال: ما أكره أن یقتل عثمان و لو بدئ بابنی، إنّ عثمان لجیفة علی الصراط غدا. و انظر ما قاله فی 2- 500 و 3- 290.

الزَّیْتِ (1) فِی جَمَاعَةٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ عُثْمَانَ وَ مَنْ مَعَهُ قَدْ مَاتَ عَطَشاً. فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ:

(وَ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ ما یَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْیاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِی شَكٍّ مُرِیبٍ) (2)

نكیر عبد الرحمن بن عوف:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِیسَی بْنِ زَیْدٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: كَثُرَ الْكَلَامُ بَیْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَ بَیْنَ عُثْمَانَ، حَتَّی قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ بَقِیتُ لَكَ لَأُخْرِجَنَّكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَمَا أَدْخَلْتُكَ فِیهِ، وَ مَا غَرَرْتَنِی إِلَّا بِاللَّهِ (3)

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: كَانَ بَیْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَ بَیْنَ عُثْمَانَ كَلَامٌ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَ اللَّهِ مَا شَهِدْتَ بَدْراً، وَ لَا بَایَعْتَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَ فَرَرْتَ یَوْمَ حُنَیْنٍ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ دَعَوْتَنِی إِلَی الْیَهُودِیَّةِ.

وَ عَنْهُ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: رَأَیْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ یَقُولُ: یَا أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ عُثْمَانَ أَبَی أَنْ یُقِیمَ فِیكُمْ كِتَابَ اللَّهِ. فَقِیلَ لَهُ: أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ، وَ أَوَّلُ مَنْ عَقَدَ لَهُ. قَالَ: إِنَّهُ نَقَضَ وَ لَیْسَ لِنَاقِضٍ عَهْدٌ.

وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ، قَالَ: ضَجَّ النَّاسُ یَوْماً حِینَ صَلَّوُا الْفَجْرَ فِی خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَنَادَوْا بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَیْهِمْ وَ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ خَلَعَ قَمِیصَهُ مِنْ جَیْبِهِ، فَقَالَ: یَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ! یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ! أُشْهِدُ اللَّهَ

ص: 288


1- أحجار الزّیت: موضع بالمدینة، كما ذكره فی النّهایة 1- 343. و أضاف فی معجم البلدان 1- 109: .. إنّه قریب من الزّوراء، و هو موضع صلاة الاستسقاء. و لاحظ: مراصد الاطّلاع 1- 35.
2- سبأ: 54. و انظر ما أورده البلاذریّ فی الأنساب حول طلحة و الزّبیر و موقفهما من عثمان 2- 404، و 5- 14، و 105- 120، و كتاب صفّین لابن مزاحم: 60 و 66 و 72، و الإمامة و السّیاسة 1- 55، 56، 57، 58، 74، و نهج البلاغة 2- 2، و تاریخ الطّبریّ 5- 160 و 168، المستدرك للحاكم 3- 118، و العقد الفرید 2- 278، و غیرها.
3- و قریب منه ما ذكره ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 258، 261، 272.

وَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّی قَدْ خَلَعْتُ عُثْمَانَ مِنَ الْخِلَافَةِ كَمَا خَلَعْتُ سِرْبَالِی هَذَا. فَأَجَابَهُ مُجِیبٌ.

مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ: (آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ) (1). فَنَظَرُوا مِنَ الرَّجُلِ، فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ یُدْفَنَ سِرّاً لِئَلَّا یُصَلِّیَ عَلَیْهِ عُثْمَانُ (2)

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّرِیدِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِی شَكْوَاهُ الَّذِی مَاتَ فِیهِ أَعُودُهُ فَذُكِرَ عِنْدَهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ:

عَاجِلُوا طَاغِیَتَكُمْ هَذَا قَبْلَ أَنْ یَتَمَادَی فِی مُلْكِهِ. قَالُوا: فَأَنْتَ وَلَّیْتَهُ! قَالَ: لَا عَهْدَ لِنَاقِضٍ.

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ بِلَالِ بْنِ حَارِثٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَالِساً فَطَلَعَ عُثْمَانُ حَتَّی صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقَدْتَ أَكْثَرَكَ شَعْراً.

وَ ذَكَرَ فِیهِ أَنَّ عُثْمَانَ أَنْفَذَ الْمِسْوَرَ (3) بْنَ مَخْرَمَةَ (4) إِلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ یَسْأَلُهُ الْكَفَّ عَنِ التَّحْرِیصِ (5)عَلَیْهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَنَا أَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَحْدِی وَ لَكِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ جَمِیعاً، إِنَّهُ غَیَّرَ وَ بَدَّلَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ النَّاسُ یَقُولُونَ فَدَعْ أَنْتَ مَا تَقُولُ فِیهِ؟. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا وَ اللَّهِ مَا أَجِدُهُ یَسَعُنِی أَنْ أَسْكُتَ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُلْ لَهُ: یَقُولُ لَكَ خَالِی: اتَّقِ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ فِی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ مَا أَعْطَیْتَنِی مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِیثَاقِ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ صَاحِبِكَ، فَلَمْ تَفِ (6).

ص: 289


1- یونس: 91.
2- ذكر البلاذریّ فی الأنساب 5- 57، و ذكر أبو الفداء فی تاریخه 1- 166، و ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 258، و 261، 272 قالوا: دخل عثمان عائدا له لعبد الرّحمن فی مرضه، فتحوّل عنه إلی الحائط و لم یكلّمه. و قریب منهما فی شرح ابن أبی الحدید 1- 65- 66.
3- فی مطبوع البحار: المسود- بالدّال المهملة- و هو سهو، كما فی كتب التّراجم.
4- لعلّها تقرأ: محزمة. و هو غلط.
5- كذا، و لعلّها: التّحریض- بالضّاد المعجمة-. قال فی القاموس 2- 297: الحرص: الجشع .. و الحرص: الشّقّ. و قال فیه 2- 327: حرّضه تحریضا: حثّه. و قال قبل ذلك: أحرضه: أفسده.
6- كما صرّح به ابن حجر فی الصّواعق المحرقة: 68، و السّیرة الحلبیّة 2- 87 و غیرهما.

وَ ذَكَرَ فِیهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِی أَحْدَاثِ عُثْمَانَ: هَذَا مِمَّا عَمِلْتَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ أَخَذْتُ إِلَیْكُمْ بِالْوَثِیقَةِ فَأَمْرُكُمْ إِلَیْكُمْ.

وَ ذَكَرَ فِیهِ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: هَذَا عَمَلُكَ.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَإِذَا شِئْتَ فَخُذْ سَیْفَكَ وَ آخُذُ سَیْفِی (1).

نكیر عمرو بن العاص:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ: عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی الْأَزْدِیِّ، قَالَ: جَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ لِعُثْمَانَ: إِنَّكَ رَكِبْتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّهَابِیرَ (2) وَ رَكِبُوهَا بِكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَ تُبْ إِلَیْهِ. فَقَالَ: یَا ابْنَ النَّابِغَةِ! قَدْ تُبْتُ إِلَی اللَّهِ وَ أَنَا أَتُوبُ إِلَیْهِ، أَمَا إِنَّكَ مِنْ مَنْ یُؤَلِّبُ عَلَیَّ وَ یَسْعَی فِی السَّاعِینَ، قَدْ لَعَمْرِی أَضْرَمْتُهَا فَأَسْعِرْ وَ أَضْرِمْ مَا بَدَا لَكَ، فَخَرَجَ عَمْرٌو حَتَّی نَزَلَ فِی أَدَانِی الشَّامِ (3).

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنِ الزُّهْرِیِّ، قَالَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ:

إِنَّهُ اسْتَأْثَرَ بِالْفَیْ ءِ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ وَ اسْتَعْمَلَ أَقْوَاماً لَمْ (4) یَكُونُوا بِأَهْلِ الْعَمَلِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَ آثَرَهُمْ عَلَی غَیْرِهِمْ، فَكَانَ فِی ذَلِكَ سَفْكُ دَمِهِ وَ انْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ.

وَ عَنْهُ فِیهِ، قَالَ: قَامَ عَمْرٌو إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ یَا عُثْمَانُ! إِمَّا أَنْ

ص: 290


1- أخرجه البلاذریّ فی الأنساب 5- 57 أیضا، و قریب منه ما ذكره أبو الفداء فی تاریخه 1- 166، و ابن عبد البرّ فی العقد الفرید 2- 258، 261، 272. و انظر ما أورده الطّبریّ فی تاریخه 5- 113، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 70، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 206، و ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 35، 63، 66، 165، و ابن قتیبة فی المعارف: 239.
2- النّهابیر: المهالك، الواحدة: نهبرة و نهبورة. قاله فی القاموس 2- 151.
3- و قد أورده باختلاف فی التّعبیر الطّبریّ فی تاریخه 5- 110، 114، و البلاذریّ فی الأنساب 5- 74، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب فی ترجمة عثمان، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 68، و ابن أبی الحدید فی شرحه 2- 113، و الزّمخشریّ فی الفائق 2- 296، و ابن الأثیر فی النّهایة 4- 196، و ابن كثیر فی التّاریخ 7- 157، و ابن خلدون فی تاریخه 3- 396، و الزّبیدیّ فی تاج العروس 3- 592، و ابن منظور فی لسان العرب 7- 98.
4- لا توجد فی س: لم.

تَعْدِلَ وَ إِمَّا أَنْ تَعْتَزِلَ! .. فَلَمَّا أَنْ نَشِبَ النَّاسُ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ تَنَحَّی عَنِ الْمَدِینَةِ وَ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ غِلْمَةٍ لَهُ لِیَأْتُوهُ بِالْخَبَرِ، فَجَاءَ اثْنَانِ بِحَصْرِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: إِنِّی إِذَا نَكَأْتُ قَرْحَةً أَدْمَیْتُهَا، وَ جَاءَ الثَّالِثُ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ وِلَایَةِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:

وَا عُثْمَانَاهْ! وَ لَحِقَ بِالشَّامِ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَنَّ عُثْمَانَ عَزَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مِصْرَ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَیْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ، فَقَدِمَ عَمْرٌو الْمَدِینَةَ فَجَعَلَ یَأْتِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَیُؤَلِّبُهُ عَلَی عُثْمَانَ، وَ یَأْتِی الزُّبَیْرَ وَ یَأْتِی طَلْحَةَ وَ یَلْقَی الرُّكْبَانَ یُخْبِرُهُمْ بِأَحْدَاثِ عُثْمَانَ، فَلَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ الْحِصَارَ الْأَوَّلَ خَرَجَ إِلَی أَرْضِ فِلَسْطِینَ، فَلَمْ یَزَلْ بِهَا حَتَّی جَاءَهُ خَبَرُ قَتْلِهِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی إِذَا أُحِلُّ قَرْحَةً نَكَأْتُهَا، إِنِّی كُنْتُ لَأَحْرَصَ عَلَیْهِ حَتَّی إِنِّی لَأَحْرَصُ عَلَیْهِ [مِنَ] الرَّاعِی فِی غَنَمِهِ (1).

فَلَمَّا بَلَغَهُ بَیْعَةُ النَّاسِ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ كَرِهَ ذَلِكَ وَ تَرَبَّصَ حَتَّی قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ لَحِقَ بِمُعَاوِیَةَ.

نكیر محمد بن مسلمة الأنصاری:

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَیْنِ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِیَّ قَالَ یَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ: مَا رَأَیْتُ یَوْماً قَطُّ أَقَرَّ لِلْعُیُونِ وَ لَا أَشْبَهَ بِیَوْمِ بَدْرٍ مِنْ هَذَا الْیَوْمِ.

وَ رَوَی فِیهِ، عَنْ أَبِی سُفْیَانَ مَوْلَی آلِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَتَیْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ

ص: 291


1- فصّل القصّة الطّبریّ فی تاریخه 5- 108، 203، و البلاذریّ فی الأنساب 5- 74، و ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة 1- 42، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب فی ترجمة عبد اللّٰه بن سعید بن أبی سرح، و ابن أبی الحدید فی الشّرح 1- 63، و أجملها ابن كثیر فی تاریخه 7- 170 جریا علی عادته فیما یرویه خلافا لمبادئه. و جاء طعنه علی عثمان و تحریضه علیه فی الاستیعاب فی ترجمة محمّد بن أبی حذیفة، و فی الإصابة 3- 381. و الظّریف ما أورده البلاذریّ فی الأنساب 5- 88 من قول عمرو بن العاص: و هذا منبر نبیّكم، و هذه ثیابه، و هذا شعره لم یبل فیكم و قد بدّلتم و غیّرتم!.

الْأَنْصَارِیَّ فَقُلْتُ: قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ؟. فَقَالَ: نَعَمْ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا(1) وَجَدْتُ رَائِحَةً هِیَ أَشْبَهُ بِرَائِحَةِ یَوْمِ بَدْرٍ مِنْهَا.

وَ قَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (2) مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الثَّقَفِیُّ (3).

نكیر أبی موسی

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، قَالَ: لَمَّا وَلَّی عُثْمَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ الْبَصْرَةَ قَامَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ، خَطِیباً، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَتَاكُمْ رَجُلٌ كَثِیرُ الْعَمَّاتِ وَ الْخَالاتِ فِی قُرَیْشٍ، یَبْسُطُ الْمَالَ فِیهِمْ بَسْطاً، وَ قَدْ كُنْتُ قَبَضْتُهُ عَنْكُمْ.

نكیر جبلة بن عمرو الساعدی:

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اجْتَرَأَ (4) عَلَی عُثْمَانَ بِالْمَنْطِقِ السَّیِّئِ جَبَلَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِیُّ، مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ وَ هُوَ جَالِسٌ فِی نَادِی (5) قَوْمِهِ وَ فِی یَدِ جَبَلَةَ بْنِ عَمْرِو بن جامعة (6) فَسَلَّمَ (7) وَ رَدَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ جَبَلَةُ: لِمَ تَرُدُّونَ عَلَی رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا؟!. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ:

وَ اللَّهِ لَأَطْرَحَنَّ هَذِهِ الْجَامِعَةَ فِی عُنُقِكَ أَوْ لَتَتْرُكَنَّ بِطَانَتَكَ هَذِهِ، قَالَ عُثْمَانُ: أَیَّ بِطَانَةٍ؟ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَتَخَیَّرُ (8)النَّاسَ. فَقَالَ: مَرْوَانُ تَخَیَّرْتَهُ؟! وَ مُعَاوِیَةُ تَخَیَّرْتَهُ؟!

ص: 292


1- فی ك: أ ما.
2- فی س نسخة: مسلم، بدلا من: مسلمة.
3- و قد نقل قصّة وساطته مع المصریّین الطّبریّ فی تاریخه 5- 118، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 70، و غیرهما.
4- و قد ذكره الطّبریّ أیضا فی تاریخه 3- 399.
5- جاء فی تاریخ الطّبریّ: فی ندی.
6- كذا، و الظّاهر كما فی تاریخ الطّبریّ: عمرو جامعة- من دون كلمة: بن-.
7- فی تاریخ الطّبریّ: فلمّا مرّ عثمان سلّم ..
8- فی الطّبریّ: لا أتخیّر، و هو الظّاهر.

وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ تَخَیَّرْتَهُ؟! وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (1) سَعْدٍ تَخَیَّرْتَهُ؟! مِنْهُمْ مَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِذَمِّهِ وَ أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ دَمَهُ. فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ، فَمَا زَالَ النَّاسُ مُجْتَرِءُونَ عَلَیْهِ (2).

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّرِیدِ (3)، قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ عَلَی جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّاعِدِیِّ وَ هُوَ عَلَی بَابِ دَارِهِ (4) وَ مَعَهُ جَامِعَةٌ-، فَقَالَ: یَا نَعْثَلُ! وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَأَحْمِلَنَّكَ عَلَی جَرْبَاءَ (5)، وَ لَأُخْرِجَنَّكَ إِلَی حَرَّةِ النَّارِ، ثُمَّ جَاءَهُ مَرَّةً أُخْرَی وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ فَأَنْزَلَهُ عَنْهُ (6).

وَ ذَكَرَ فِیهِ: أَنَّ زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ مَشَی إِلَی جَبَلَةَ وَ مَعَهُ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو أُسَیْدٍ السَّاعِدِیُّ فَسَأَلَاهُ الْكَفَّ عَنْ عُثْمَانَ. فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَا أَقْصُرُ عَنْهُ أَبَداً، وَ لَا أَلْقَی اللَّهَ فَأَقُولُ: (أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِیلَا) (7).

ص: 293


1- لا توجد فی س: بن.
2- و قد أورده الطّبریّ فی تاریخه 5- 114 [3- 400]، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 70، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 176، و ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 165 [أربع مجلّدات ، و قریب منه فی الأنساب للبلاذریّ 5- 47، و غیرهم.
3- فی تاریخ الطّبریّ 5- 114: عثمان بن الشّرید.
4- فی الطّبریّ: و هو بفناء داره.
5- فی تاریخ الطّبریّ: علی قلوص جرباء. قال فی القاموس 2- 314: القلوص من الإبل: الشّابّة، أو الباقیة علی السّیر، أو أوّل ما یركب من إناثها إلی أن تثنی .. النّاقة الطّویلة القوائم. و قال فی مجمع البحرین 2- 23: الجرب: داء معروف .. و ناقة جرباء و إبل أجرب.
6- و فی الأنساب للبلاذریّ 5- 47، و الطّبریّ فی تاریخه 5- 114 [3- 399]: كان أوّل من اجترأ علی عثمان بالمنطق السّیّئ: جبلة بن عمرو السّاعدیّ.
7- الأحزاب: 67. و ذكره البلاذریّ فی الأنساب 5- 47 من دون ذكر اسم من سأل الكفّ عنه. و قال فی الإصابة 1- 223: إنّهم لمّا أرادوا دفن عثمان فانتهوا إلی البقیع فمنعهم من دفنه جبلة بن عمرو، فانطلقوا إلی حشّ كوكب فدفنوه فیه.
نكیر جهجاه بن عمرو الغفاری:

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ مَوَالِیهِ فَنَجَدَ النَّاسُ یَنْتَابُونَهُ (1) یَمِیناً وَ شِمَالًا، فَنَادَاهُ بَعْضُهُمْ: یَا نَعْثَلُ! وَ بَعْضُهُمْ غَیْرَ ذَلِكَ، فَلَمْ یُكَلِّمْهُمْ حَتَّی صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَشَتَمُوهُ فَسَكَتَ حَتَّی سَكَتُوا، ثُمَّ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا وَ اسْمَعُوا وَ أَطِیعُوا، فَإِنَّ السَّامِعَ الْمُطِیعَ لَا حُجَّةَ عَلَیْهِ، وَ السَّامِعَ الْعَاصِیَ لَا حُجَّةَ لَهُ .. فَنَادَاهُ بَعْضُهُمْ: أَنْتَ .. أَنْتَ السَّامِعُ الْعَاصِی.

فَقَامَ إِلَیْهِ جَهْجَاهُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِیُّ وَ كَانَ مِمَّنْ بَایَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ (2) فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَی مَا نَدْعُوكَ إِلَیْهِ. قَالَ: وَ مَا هُوَ؟. قَالَ: نَحْمِلُكَ عَلَی شَارِفٍ جَرْبَاءَ فَتَلْحَقُكَ بِجَبَلِ الدُّخَانِ. قَالَ عُثْمَانُ: لَسْتُ هُنَاكَ لَا أُمَّ لَكَ!. وَ تَنَاوَلَ ابْنُ جَهْجَاهٍ الْغِفَارِیُّ عَصًا فِی یَدِ عُثْمَانَ وَ هِیَ عَصَا النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَكَسَرَهَا عَلَی رُكْبَتِهِ(3)

وَ دَخَلَ عُثْمَانُ دَارَهُ فَصَلَّی بِالنَّاسِ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ.

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ مُوسَی بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِی حَبِیبَةَ .. الْحَدِیثَ، وَ قَالَ فِیهِ: إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ لَهُ: قَبَّحَكَ اللَّهُ وَ قَبَّحَ مَا جِئْتَ بِهِ. قَالَ أَبُو حَبِیبَةَ: وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ مَلَإٍ مِنَ النَّاسِ، وَ قَامَ إِلَی عُثْمَانَ شِیعَتُهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ فَحَمَلُوهُ فَأَدْخَلُوهُ الدَّارَ (4)، وَ كَانَ آخِرَ یَوْمٍ رَأَیْتُهُ فِیهِ.

ص: 294


1- نجد: اجترأ، و انتابهم انتیابا: أتاهم مرّة بعد أخری. قاله فی القاموس 1- 340 و 135.
2- قد جاء فی الاستیعاب و الإصابة و أسد الغابة فی ترجمته.
3- ذكر هذا و غیره البلاذریّ فی الأنساب 5- 47، و الطّبریّ فی تاریخه 5- 114 [40083]، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة فی ترجمة جهجاه 1- 252، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 70، و فی الإصابة 1- 253، و تاریخ الخمیس 2- 260، و تاریخ ابن كثیر 7- 175، و الرّیاض النّضرة 2- 123، و شرح ابن أبی الحدید 1- 165 [أربع مجلّدات .. و غیرها.
4- قد ورد فی أكثر المصادر السّالفة.
نكیر عائشة

وَ ذَكَرَ الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (1) وَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ (2) قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَتْ: أَعْطِنِی مَا كَانَ یُعْطِینِی أَبِی وَ عُمَرُ، قَالَ: لَا أَجِدُ لَهُ مَوْضِعاً فِی الْكِتَابِ وَ لَا فِی السُّنَّةِ، وَ لَكِنْ كَانَ أَبُوكِ وَ عُمَرُ یُعْطِیَانِكِ عَنْ طِیبَةِ أَنْفُسِهِمَا، وَ أَنَا لَا أَفْعَلُ. قَالَتْ: فَأَعْطِنِی مِیرَاثِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)؟!. قَالَ: أَ وَ لَمْ تَجِئْ فَاطِمَةُ (علیها السلام) تَطْلُبُ مِیرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)، فَشَهِدْتِ أَنْتِ وَ مَالِكُ بْنُ (3) أَوْسٍ الْبَصْرِیُّ أَنَّ النَّبِیَّ (صلی اللّٰه علیه و آله) لَا یُوَرِّثُ، وَ أَبْطَلْتِ حَقَّ فَاطِمَةَ وَ جِئْتِ تَطْلُبِینِهِ؟!، لَا أَفْعَلُ.

وَ زَادَ الطَّبَرِیُّ (4): وَ كَانَ عُثْمَانُ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَی جَالِساً، وَ قَالَ: سَتَعْلَمُ فَاطِمَةُ أَیُّ ابْنِ عَمٍّ لَهَا مِنِّی الْیَوْمَ؟! أَ لَسْتِ وَ أَعْرَابِیٌّ یَتَوَضَّأُ بِبَوْلِهِ شَهِدْتِ عِنْدَ أَبِیكِ.

قَالا جَمِیعاً فِی تَارِیخِهِمَا: فَكَانَ إِذَا خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَی الصَّلَاةِ أَخْرَجَتْ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ تُنَادِی أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ صَاحِبَ هَذَا الْقَمِیصِ.

وَ زَادَ الطَّبَرِیُّ (5) یَقُولُ: هَذَا قَمِیصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ تَبْلَ

ص: 295


1- تاریخ الطّبریّ 5- 140- 176، و لم أجد هذا الحدیث هناك و لا الّذی یلیه بعد أن سبرته أكثر من مرّة و فی عدّة طبعات و إن كانت هناك قطعة منه، و لعلّ أبا الصّلاح فی تقریب المعارف أراد الواقدیّ، إذ لم یعتمد فی هذا الفصل علی الطّبریّ و تاریخه، أ لا تراه یقول فی آخر البحث- كما سیأتی-: .. و أمثال هذه الأقوال و أضعافها المتضمّنة للنّكیر علی عثمان من الصّحابة أو التّابعین منقولة فی جمیع التّواریخ، و إنّما اقتصرنا علی تاریخی الثّقفیّ و الواقدیّ لأنّ لنا إلیهما طریقا، و لئلّا یطول الكتاب، و فیما ذكرناه كفایة، و من أراد العلم بمطابقة التّواریخ لما أوردناه من هذین التّاریخین فلیتأمّلها یجدها موافقة .. إلی آخر كلامه أعلی اللّٰه مقامه، و لیست العبارة للعلّامة المجلسیّ هنا، و لم نحصّل علی نسخة تقریب المعارف كما مرّ.
2- انظر: تعلیقة رقم 1.
3- لا توجد فی س: بن.
4- انظر: التّعلیقة السّالفة برقم 1.
5- و قریب منه ما فی الأنساب للبلاذریّ: 5- 88، و قد حكاه عن الزّهریّ.

وَ قَدْ غَیَّرَ عُثْمَانُ سُنَّتَهُ، اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا (1).

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ مُوسَی الثَّعْلَبِیِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِینَةِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ، وَ إِذَا كَفٌّ مُرْتَفِعَةٌ وَ صَاحِبُ الْكَفِّ یَقُولُ: یَا أَیُّهَا النَّاسُ! الْعَهْدُ حَدِیثٌ، هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ وَ قَمِیصُهُ إِنَّ فِیكُمْ فِرْعَوْنَ أَوْ مِثْلَهُ، فَإِذَا هِیَ عَائِشَةُ تَعْنِی عُثْمَانَ، وَ هُوَ یَقُولُ: اسْكُتِی إِنَّمَا هَذِهِ امْرَأَةٌ رَأْیُهَا رَأْیُ الْمَرْأَةِ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ، قَالَ: رَفَعَتْ عَائِشَةُ وَرَقَاتٍ مِنْ وَرَقِ الْمُصْحَفِ بَیْنَ عُودَیْنِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهَا وَ عُثْمَانُ عَلَی الْمِنْبَرِ-، فَقَالَتْ: یَا عُثْمَانُ! أَقِمْ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ إِنْ تُصَاحِبْ تُصَاحِبْ غَادِراً، وَ إِنْ تُفَارِقْ تُفَارِقْ عَنْ قِلًی. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَا وَ اللَّهِ لَتَنْتَهِیَنَّ أَوْ لَأُدْخِلَنَّ عَلَیْكِ حُمْرَانَ الرِّجَالِ وَ سُودَانَهَا!!.

قَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ لَقَدْ لَعَنَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ مَا اسْتَغْفَرَ لَكَ حَتَّی مَاتَ.

وَ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی، قَالَ: أَخْرَجَتْ عَائِشَةُ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ لَهَا عُثْمَانُ: لَئِنْ لَمْ تَسْكُتِی لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَیْكِ حُبْشَاناً (2)

قَالَتْ: یَا غَادِرُ یَا فَاجِرُ! أَخْرَبْتَ أَمَانَتَكَ وَ مَزَّقْتَ كِتَابَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَتْ: وَ اللَّهِ مَا ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا خَانَهُ، وَ لَا صَحِبَهُ رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا فَارَقَهُ عَنْ قِلًی.

وَ ذَكَرَ فِیهِ، قَالَ: نَظَرَتْ عَائِشَةُ إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَتْ: (یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ

ص: 296


1- قال ابن أبی الحدید فی شرحه علی النّهج 6- 215 [2- 77- طبعة أربع مجلّدات]: قال كلّ من صنّف فی السّیر و الأخبار: أنّ عائشة كانت من أشدّ النّاس علی عثمان حتّی أنّها أخرجت ثوبا من ثیاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم فنصبته فی منزلها، و كانت تقول للدّاخلین إلیها: هذا ثوب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لم یبل و عثمان قد أبلی سنّته. قالوا: أوّل من سمّی عثمان: نعثلا عائشة، و كانت تقول: اقتلوا نعثلا قتل اللّٰه نعثلا.
2- قال فی القاموس 2- 266: الحبش- محرّكتین- و الأحبش- بضمّ الباء-: جنس من السّودان جمعه حبشان.

فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) (1).

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَاطَّلَعَتْ عَائِشَةُ وَ مَعَهَا قَمِیصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَتْ: یَا عُثْمَانُ! أَشْهَدُ أَنَّكَ بَرِی ءٌ مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْقَمِیصِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ كَفَرُوا ...) (2) الْآیَةَ.

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ أَبِی عَامِرٍ مَوْلَی ثَابِتٍ، قَالَ: كُنْتُ فِی الْمَسْجِدِ فَمَرَّ عُثْمَانُ فَنَادَتْهُ عَائِشَةُ: یَا غَادِرُ یَا فَاجِرُ! أَخْرَبْتَ أَمَانَتَكَ وَ ضَیَّعْتَ رَعِیَّتَكَ، وَ لَوْ لَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَمَشَی إِلَیْكَ رِجَالٌ حَتَّی یَذْبَحُوكَ ذَبْحَ الشَّاةِ، فَقَالَ لَهَا عُثْمَانُ: (امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ ...) الْآیَةَ (3).

وَ ذَكَرَ فِیهِ، أَنَّ عُثْمَانَ صَعِدَ، فَنَادَتْ عَائِشَةُ وَ رَفَعَتِ الْقَمِیصَ، فَقَالَتْ: لَقَدْ خَالَفْتَ صَاحِبَ هَذَا. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ هَذِهِ الزَّعْرَاءَ عَدُوَّةُ اللَّهِ، ضَرَبَ اللَّهُ مِثْلَهَا وَ مِثْلَ صَاحِبَتِهَا حَفْصَةَ فِی الْكِتَابِ: (امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ ...)(4) الْآیَةَ.

فَقَالَتْ لَهُ: یَا نَعْثَلُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ! إِنَّمَا سَمَّاكَ رَسُولُ اللَّهِ بِاسْمِ نَعْثَلِ الْیَهُودِیِّ الَّذِی بِالْیَمَنِ .. وَ لَاعَنَتْهُ وَ لَاعَنَهَا.

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُصْعَبٍ الْعَبْدِیِّ، قَالَ: قَامَ عُثْمَانُ ذَاتَ یَوْمٍ خَطِیباً، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: نِسْوَةٌ یَكِبْنَ فِی الْآفَاقِ لَتَنْكُثُ بَیْعَتِی وَ یُهَرَاقُ دَمِی، وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَمْلَأَ عَلَیْهِنَّ حُجُرَاتِهِنَّ رِجَالًا سُوداً وَ بِیضاً لَفَعَلْتُ، أَ لَسْتُ خَتَنَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَی ابْنَتَیْهِ؟. أَ لَسْتُ جَهَّزْتُ جَیْشَ الْعُسْرَةِ؟، أَ لَمْ أَكُ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ؟. قَالَ: إِذْ (5) تَكَلَّمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، قَالَ:

فَجَعَلَ تَبْدُو لَنَا خِمَارَهَا أَحْیَاناً، فَقَالَتْ: صَدَقْتَ، لَقَدْ كُنْتَ خَتَنَ (6) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی ابْنَتَیْهِ، فَكَانَ مِنْكَ فِیهِمَا مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَ جَهَّزْتَ جَیْشَ

ص: 297


1- هود: 98.
2- التّحریم: 10.
3- التّحریم: 10.
4- التّحریم: 10.
5- كذا، و الظّاهر: إذا.
6- لا توجد فی س: ختن.

الْعُسْرَةِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی: (فَسَیُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَیْهِمْ حَسْرَةً) (1) وَ كُنْتَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ غَیَّبَكَ عَنْ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ لِأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ لَهَا أَهْلًا، قَالَ فَانْتَهَرَهَا عُثْمَانُ، فَقَالَتْ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِرْعَوْنَ، وَ إِنَّكَ فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

وَ ذَكَرَ فِیهِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، قَالَ (2): لَمَّا اشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَی عُثْمَانَ تَجَهَّزَتْ عَائِشَةُ لِلْحَجِّ، فَجَاءَهَا مَرْوَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ الْأَسِیدِ فَسَأَلَاهَا الْإِقَامَةَ وَ الدَّفْعَ عَنْهُ، فَقَالَتْ: قَدْ عَزَیْتُ (3) غَرَائِرِی، وَ أَدْنَیْتُ رِكَابِی، وَ فَرَضْتُ عَلَی نَفْسِی الْحَجَّ فَلَسْتُ بِالَّتِی أُقِیمُ، فَنَهَضَا وَ مَرْوَانُ یَتَمَثَّلُ:

فَحَرَقَ قَیْسٌ عَلَی الْبِلَادِ***حَتَّی إِذَا اشْتَعَلَتْ أَجْذَمَا

فَقَالَتْ: أَیُّهَا الْمُتَمَثِّلُ بِالشِّعْرِ ارْجِعْ، فَرَجَعَ، فَقَالَتْ: لَعَلَّكَ تَرَی أَنِّی إِنَّمَا قُلْتُ هَذَا الَّذِی قُلْتُهُ شَكّاً فِی صَاحِبِكَ، فَوَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ عُثْمَانَ مَخِیطٌ عَلَیْهِ فِی بَعْضِ غَرَائِرِی (4) حَتَّی أَكُونَ أَقْذِفُهُ فِی الْیَمِّ، ثُمَّ ارْتَحَلْتُ حَتَّی نَزَلْتُ بَعْضَ الطَّرِیقِ فَلَحِقَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمِیراً عَلَی الْحَجِّ، فَقَالَتْ لَهُ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكَ لِسَاناً وَ عِلْماً (5) فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَخْذُلَ عَنْ قَتْلِ هَذَا الطَّاغِیَةِ غَداً، ثُمَّ انْطَلَقَتْ فَلَمَّا قَضَتْ نُسُكَهَا بَلَغَهَا أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ، فَقَالَتْ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ بِمَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ

ص: 298


1- الأنفال: 36.
2- و جاء فی طبقات ابن سعد 5- 25، و الأنساب للبلاذریّ 5- 70.
3- فی س: غریت، و فی ك نسخة بدل: غررت. و جاء فی طبقات ابن سعد: قد حلبت ظهری و عریت غرائری.
4- فی لفظ البلاذریّ: وددت و اللّٰه أنّه فی غرّارة من غرائری هذه، و أنّی طوّقت حملة حتّی ألقیه فی البحر.
5- و فی لفظ الطّبریّ 3- 343: فقالت: یا ابن عبّاس! أنشدك اللّٰه فإنّك قد أعطیت لسانا إزعیلا أن تخذل عن هذا الرّجل و أن تشكّك فیه النّاس. و فی لفظ البلاذریّ: یا ابن عبّاس! إنّ اللّٰه قد آتاك عقلا و فهما و بیانا فإیّاك أن تردّ النّاس عن هذا الطّاغیة.

الَّذِی قَتَلَهُ، وَ بَلَغَهَا أَنَّ طَلْحَةَ وُلِّیَ بَعْدَهُ، فَقَالَتْ: إیهن [إِیهٍ] ذَا الْإِصْبَعِ، فَلَمَّا بَلَغَهَا أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ بُویِعَ، قَالَتْ: وَدِدْتُ أَنَّ هَذِهِ وَقَعَتْ عَلَی هَذِهِ (1).

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ كَثِیراً مِمَّا ذَكَرَهُ الثَّقَفِیُّ، وَ زَادَ فِی حَدِیثِ مَرْوَانَ وَ مَجِیئِهِ إِلَی عَائِشَةَ: أَنَّ زَیْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ مَعَهُ وَ أَنَّهَا قَالَتْ: وَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنَّكَ وَ صَاحِبَكَ هَذَا الَّذِی یعینك [یَعْنِیكَ أَمْرُهُ فِی رَجُلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا رَحًی، وَ أَنَّهُ فِی الْبَحْرِ، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا زَیْدُ فَمَا أَقَلَّ وَ اللَّهِ مَنْ لَهُ مِثْلُ مَا لَكَ مِنْ عِضْدَانِ الْعَجْوَةِ.

وَ ذُكِرَ مِنْ طَرِیقٍ آخَرَ: أَنَّ الْمُكَلِّمَ لَهَا فِی الْإِقَامَةِ مَعَ مَرْوَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ، قَالَتْ: لَا وَ اللَّهِ وَ لَا سَاعَةً، إِنَّ عُثْمَانَ غَیَّرَ فَغَیَّرَ اللَّهُ بِهِ أَثَرَكُمْ وَ اللَّهِ وَ تَرَكَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ زَادَ فِی خِطَابِهَا لِابْنِ عَبَّاسٍ عتاب [عِتَاباً]: إِنَّكَ قَدْ أُعْطِیتَ لِسَاناً وَ جَدَلًا وَ عَقْلًا وَ بَیَاناً، وَ قَدْ رَأَیْتُ مَا صَنَعَ ابْنُ عَفَّانَ، اتَّخَذَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، فَقَالَ: یَا أُمَّهْ! دَعِیهِ وَ مَا هُوَ فِیهِ لَا یَنْفَرِجُونَ عَنْهُ حَتَّی یَقْتُلُوهُ. قَالَتْ: بَعَّدَهُ اللَّهُ.

وَ مِنْ طَرِیقٍ آخَرَ: إِیَّاكَ أَنْ تَرُدَّ النَّاسَ عَنْ هَذِهِ الطَّاغِیَةِ، فَإِنَّ الْمِصْرِیِّینَ قَاتَلُوهُ.

وَ رَوَی عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَیْهَا بِالْبَصْرَةِ فَذَكَّرْتُهَا هَذَا الْحَدِیثَ، فَقَالَتْ: ذَلِكَ الْمَنْطِقُ الَّذِی تَكَلَّمْتُ بِهِ یَوْمَئِذٍ هُوَ الَّذِی أَخْرَجَنِی، لَمْ أَرَ بِی (2) تَوْبَةً إِلَّا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ رَأَیْتُ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً. قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: فَأَنْتِ قَتَلْتِیهِ بِلِسَانِكِ، فَأَیْنَ تَخْرُجِینَ؟! تُوبِی وَ أَنْتِ فِی بَیْتِكِ، أَوْ أَرْضِی وُلَاةَ دَمِ عُثْمَانَ وُلْدَهُ. قَالَتْ: دَعْنَا مِنْ جِدَالِكَ فَلَسْنَا (3) مِنَ الْبَاطِلِ فِی شَیْ ءٍ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِیِ

ص: 299


1- و قد حكی ابن أبی الحدید فی شرحه 2- 77 من طرق مختلفة فقرات منه.
2- قد تقرأ فی س: و لم أولی.
3- وضع علی: فلسنا، رمز نسخة بدل فی مطبوع البحار.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ [كَذَا] وَ عُثْمَانُ مَحْصُورٌ قَدْ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ-: أَحْسَنَ أَبُو مُحَمَّدٍ حِینَ حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ. فَقَالَتْ لَهَا (1):

یَا أُمَّهْ! عَلَی عُثْمَانَ. فَقَالَتْ: إِنَّ عُثْمَانَ غَیَّرَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سُنَّةَ الْخَلِیفَتَیْنِ مِنْ قَبْلِهِ فَحَلَّ دَمُهُ.

وَ ذَكَرَ الْوَاقِدِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ كَرِیمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَی عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِنَّ عُثْمَانَ أَرْسَلَ إِلَیَّ أَنْ أُرْسِلَ إِلَی طَلْحَةَ فَأَبَیْتُ، وَ أَرْسَلَ إِلَیَّ أَنْ أَقِیمِی وَ لَا تَخْرُجِی إِلَی مَكَّةَ، فَقُلْتُ: قَدْ جَبَلْتُ (2) ظَهْرِی وَ غَرَیْتُ (3) غَرَائِرِی، وَ إِنِّی خَارِجَةٌ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا وَ اللَّهِ مَا أَرَانِی أَرْجِعُ حَتَّی یُقْتَلَ، قَالَتْ: قُلْتُ:

بِمَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ، كَانَ أَبِی تَعْنِی الْمِقْدَادَ یَنْصَحُ لَهُ فَیَأْبَی إِلَّا تَقْرِیبَ مَرْوَانَ وَ سَعِیدِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: حُبُّهُمْ وَ اللَّهِ صَنَعَ مَا تَرَیْنَ، حَمَلَ إِلَی سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ(4) مِائَةَ أَلْفٍ، وَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَیْدٍ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ، وَ إِلَی حَارِثِ (5) بْنِ الْحَكَمِ مِائَةَ أَلْفٍ، وَ أَعْطَی مَرْوَانَ خُمُسَ إِفْرِیقِیَةَ لَا یَدْرِی كَمْ هُوَ، فَلَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَدَعَ عُثْمَانَ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِی عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَی عُثْمَانَ تُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَیْهِ وَ تُؤَلِّبُ حَتَّی قُتِلَ (6) فَلَمَّا قُتِلَ وَ بُویِعَ

ص: 300


1- لا توجد : لها ، فی ( س ).
2- فی ك: جلبت.
3- توجد نسخة بدل فی ك: غررت.
4- فی س: العبّاس، و هو غلط.
5- فی س: الحارث- بالألف و اللّام-.
6- مصادر حول إنكار عائشة غیر ما مرّ: طبقات ابن سعد 5- 25، أنساب البلاذریّ 5- 70، 75، 91، الإمامة و السّیاسة 1- 43، 46، 57، تاریخ الطّبریّ 5- 140، 166، 172، 176، العقد الفرید 2- 267، 272، تاریخ ابن عساكر 7- 319، الاستیعاب فی ترجمة صخر بن قیس 2- 192 من المطبوع هامش الإصابة، تاریخ أبی الفداء 1- 172، شرح ابن أبی الحدید 2- 77، 506، تذكرة سبط ابن الجوزیّ: 38، 40، نهایة ابن الأثیر 4- 166، أسد الغابة 3- 15، كامل ابن الأثیر 3- 87، حیاة الحیوان للدّمیریّ 2- 359، السّیرة الحلبیّة 3- 314، لسان العرب 14- 193، تاج العروس 8- 141 و غیرها كثیر. تتمیم: نقل شیخنا المصنّف طاب ثراه، عن أبی الصّلاح فی التّقریب جملة ممّن أنكر علی عثمان، متعرّضا لبعض كلامهم، مقتصرا علی مصدرین فحسب، و نودّ استدراك ذكر جملة أخری من الصّحابة و التّابعین ممّن ردّ علیه، أو لم یرض بفعله، أو قال فیه، أو أباح دمه و طلب إزالته من منصبه بشكل مجمل و مفهرس محیلین التّفاصیل إلی الموسوعات و المصادر. قال البلاذریّ فی الأنساب 5- 49: إنّ المقداد بن عمرو، و عمّار بن یاسر، و طلحة، و الزّبیر فی عدّة من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كتبوا كتابا عدّدوا فیه أحداث عثمان و خوّفوه ربّه و أعلموه أنّهم مواثبوه إن لم یقلع، فأخذ عمّار الكتاب و أتاه به فقرأ صدرا منه، فقال له عثمان: أ علی تقدم من بینهم؟! .. إلی آخره. و ذكره ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 239 ... و نقل ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة 1- 29 صورة مفصّلة لاجتماع النّاس من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و كتابتهم كتابا ذكروا فیه ما خالف فیه عثمان من سنّة رسول اللّٰه و سنّة صاحبیه .. إلی آخره. و اختصره ابن عبد ربّه فی العقد الفرید 2- 272، و أشارت غالب المصادر إلی هذا الكتاب مجملا، و ها نذكر جملة أخری من الأصحاب. فمنهم: عبد اللّٰه بن حسّان العنزیّ الكوفیّ، القائل فی عثمان: هو أوّل من فتح أبواب الظّلم، و أرتج أبواب الحقّ .. كما فی الأغانی 16- 10، تاریخ الطّبریّ 6- 155، تاریخ ابن عساكر 2 379، الكامل لابن الأثیر 3- 209، و غیرها. و منهم: هاشم المرقال، القائل- كما فی كتاب صفّین لابن مزاحم: 402، طبعة مصر-، و تاریخ الطّبریّ 6- 23، و شرح ابن أبی الحدید 2- 278، و الكامل لابن الأثیر 3- 135 و غیرها فی قصّة طویلة حدثت فی صفّین: .. و ما أنت و ابن عفّان؟! إنّما قتله أصحاب محمّد و قرّاء النّاس حین أحدث أحداثا و خالف حكم الكتاب. و منهم: سهل بن حنیف أبو ثابت الأنصاریّ البدریّ. و منهم: رفاعة بن رافع بن مالك أبو معاذ الأنصاریّ البدریّ. و منهم: الحجّاج بن غزیّة الأنصاریّ. فقد روی البلاذریّ فی الأنساب 5- 78 قول سهل بن حنیف جوابا لزید بن ثابت: یا زید! أشبعك عثمان من عضدان المدینة- و العضیدة: نخلة قصیرة ینال حملها-. و قول الحجّاج بن غزیّة الأنصاریّ: و اللّٰه لو لم یبق من عمره- أی عثمان- إلّا بین الظّهر و العصر لتقرّبنا إلی اللّٰه بدمه. و فی المصدر صفحة: 90 جاء بلفظ آخر و قال: و جاء رفاعة بن مالك الأنصاریّ ثمّ الزّرقیّ بنار فی حطب فأشعلها فی أحد البابین فاحترق و سقط، و فتح النّاس الباب الآخر و اقتحموا الدّار. و أورد ابن حجر فی الإصابة 1- 313 و غیرها بعض كلماتهم فی تراجمهم. و منهم: أبو أیّوب الأنصاریّ البدریّ، فقد ذكر له أصحاب السّیر- كما فی جمهرة الخطب 1- 236، و الإمامة و السّیاسة 1- 112 [1- 128]- خطبة شریفة أشاد فیها بأبی الحسن سلام اللّٰه علیه و ذمّ فیها من سبقه.و منهم: قیس بن سعد بن عبادة الأنصاریّ البدریّ. فقد أورد له الطّبریّ فی تاریخه 5- 228، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 115، و ابن أبی الحدید فی الشّرح 2- 23، خطبة بمصر فی أخذ البیعة لأمیر المؤمنین علیه السّلام، و فیها: الحمد للّٰه الّذی جاء بالحقّ و أمات الباطل، و كبّت الظّالمین. أیّها النّاس! إنّا قد بایعنا خیر من نعلم بعد محمّد نبیّنا (صلی اللّٰه علیه و آله) .. و له رسائل مع معاویة، و محاورات مع صحبه، و خطب فی صفّین كلّها صریحة فی هذا، انظر مثالا: كتاب صفّین لابن مزاحم: 511، الإمامة و السّیاسة 1- 94 [1- 83]، جمهرة الخطب 1- 190، شرح ابن أبی الحدید 2- 23، 25، 298، تاریخ الطّبریّ 5- 227، 231، الكامل لابن الأثیر 3- 116، النّجوم الزّاهرة 1- 99. و منهم: فروة بن عمرو بن ودقة البیاضیّ الأنصاریّ البدریّ، و كان ممّن أعان علی قتل عثمان، و قد أخرج له مالك فی الموطّإ حدیثا فی باب العمل فی القراءة باسم البیاضیّ، و ترجمه فی أسد الغابة 4- 179، و الإصابة 3- 204، و شرح الموطّإ للزّرقانیّ 1- 152. و منهم: محمّد بن عمرو بن حزم أبو سلیمان الأنصاریّ، قال أبو عمرو فی الاستیعاب فی ترجمته: یقال: إنّه كان أشدّ النّاس علی عثمان المحمّدون، محمّد بن أبی بكر، محمّد بن أبی حذیفة، محمّد بن عمرو بن حزم. و منهم: عبد اللّٰه بن عبّاس حبر الأمّة، و قد كان فی واقعة الدّار أمیرا للحاجّ فی سنته تلك، و مع ذلك فهو ممّن قال فیه معاویة- كما فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 4- 58: لعمری لو قتلتك بعثمان رجوت أن یكون ذلك للّٰه رضا، و أن یكون رأیا صوابا، فإنّك من السّاعین علیه، و الخاذلین له، و السّافكین دمه .. و انظر جوابه له، و ما ذكره أبو عمر فی الاستیعاب فی ترجمة مولانا أمیر المؤمنین علیه السّلام فی عثمان عند ما سئل عنه قال: ألهته نومته عن یقظته، بل لم یحرّض الحاجّ علی نصرة الخلیفة عند ما حوصر فی الدّار و استنجد بهم و استغاث فی كتاب قرأه علیهم نافع بن طریف، و كأنّ عائشة شعرت منه ذلك فقالت یوم مرّ بها ابن عبّاس فی منزل من منازل الحجّ: یا ابن عبّاس! إنّ اللّٰه قد آتاك عقلا و بیانا، فإیّاك أن تردّ النّاس عن هذا الطّاغیة. كما فی الطّبقات لابن سعد 5- 25، و الأنساب للبلاذریّ و الإمامة و السّیاسة، و تاریخ الطّبریّ، و ابن عساكر، و أبی الفداء، و العقد الفرید 2- 267 و غیرها من مصادر مرّت فی نكیرها لعثمان. و منهم: عمرو بن العاص! فقد كان والیا لعثمان علی مصر فعزله، و أخرج الطّبریّ فی تاریخه 5- 108، 203، و البلاذریّ فی الأنساب 5- 74، و ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة 1- 42، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب فی ترجمة عبد اللّٰه بن سعد بن أبی سرح، و ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 63، و الإصابة 3- 381، و أجمله ابن كثیر فی تاریخه 7- 170 و غیرهم محاورة له مع الخلیفة جدیرة بالمراجعة لمعرفة بواطن الأمور و سرائر القوم. و له ترجمة مفصّلة فی الغدیر 2- 117- 176. و لنختم القول فیه بما أورده الطّبریّ فی تاریخه 5- 234 من طریق الواقدیّ، قال: لمّا بلغ عمروا قتل عثمان قال: أنا أبو عبد اللّٰه قتلته و أنا بوادی السّباع، من یلی هذا الأمر من بعده؟ إن یله طلحة فهو فتی العرب سیبا، و إن یله ابن أبی طالب فلا أراه إلّا سیستنظف الحقّ! و هو أكره من یلیه إلیّ. و منهم: أبو الطّفیل عامر بن واثلة الصّحابیّ، فقد ذكر المسعودیّ فی مروج الذّهب 2- 62، و ابن قتیبة فی الإمامة و السّیاسة 1- 158، و ابن عساكر فی تاریخه 7- 201، و السّیوطیّ فی تاریخ الخلفاء: 133 و غیرهم موقف رائع له مع معاویة علیه اللّعنة و الهاویة. و منهم: مالك الأشتر بن الحارث. و منهم: عبد الرّحمن بن أبی بكر.و منهم: المسور بن مخرمة. فقد ذكر البلاذریّ فی الأنساب 5- 46 ما كتبه عثمان لهؤلاء الثّلاثة و أصحابهم داعیهم للطاعة و ترك الفرقة، و جوابهم له بعنوان: الخلیفة المبتلی الخاطئ الحائد عن سنّة نبیّه، النّابذ لحكم القرآن وراء ظهره. و منهم: أبو القاسم محمّد بن أبی حذیفة العبشمیّ، و كان من أشدّ النّاس تألیبا علی عثمان، و كان یقول: یا أهل مصر! إنّا خلّفنا الغزو وراءنا، یعنی غزو عثمان .. إلی غیر ذلك ممّا أورده البلاذریّ فی الأنساب 5- 49- 51، و ابن كثیر فی تاریخه 7- 157، و الطّبریّ فی تاریخه 5- 109، و ابن عبد البرّ فی الاستیعاب 1- 233، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 67، و ابن حجر فی الإصابة 3- 373 و غیرهم. و منهم: كمیل بن زیاد بن نهیك النّخعیّ. و منهم: عمرو بن زرارة النّخعیّ. فقد أورد البلاذریّ فی الأنساب 5- 30 أنّهما أوّل من دعا إلی خلع عثمان، و قال الأخیر: أیّها النّاس! إنّ عثمان قد ترك الحقّ و هو یعرفه، و قد أغری بصلحائكم یولّی علیهم شراركم، و هو ممّن سیّره عثمان من أهل الكوفة إلی دمشق، و صرّح بذلك فی أسد الغابة 4- 104، و الإصابة 1- 548 و 2- 536 و غیرهم. و منهم: عبادة بن الصّامت الأنصاریّ. روی أحمد بن حنبل فی مسنده 5- 325 فی حدیث طویل جاء فی آخره .. فلم یفجأ عثمان إلّا و هو قاعد فی جنب الدّار، فالتفت إلیه فقال: یا عبادة بن الصّامت! ما لنا و لك!، فقام عبادة بین ظهری النّاس، فقال: سمعت رسول اللّٰه أبا القاسم محمّدا (صلی اللّٰه علیه و آله) یقول: إنّه سیلی أموركم بعدی رجال یعرّفونكم ما تنكرون و ینكرون علیكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصی اللّٰه تبارك و تعالی. و یكون عبادة كأبی ذرّ رحمهما اللّٰه من القوّالین بالحقّ الآمرین بالمعروف و النّاهین عن المنكر و لم تأخذهم فی اللّٰه لومة لائم أبدا. و قد أوذوا فی سبیل اللّٰه و ظلموا ظلما شدیدا. و منهم: صعصعة بن صوحان. فقد روی ابن عساكر فی تاریخه 6- 424 نكیره علی عثمان، و أنّه مال عن الحقّ. و منهم: حكیم بن جبلة العبدیّ. كان أحد زعماء الثّائرین علی عثمان من أهل البصرة، و ممّن یعیب علی عثمان، كما فی مروج الذّهب 2- 7، و دول الإسلام للذهبی 1- 18، و كتاب صفّین: 82 و الاستیعاب 1- 121، و شرح ابن أبی الحدید 1- 259 و غیرها. و منهم: هشام بن الولید المخزومیّ. صرّح ابن حجر فی الإصابة 3- 606 بمناوأته للسّلطة الحاكمة، و إنشاده الشّعر فی الخلیفة، و دفاعه عن عمّار عند ضربه. و منهم: حجر بن عدیّ الكوفیّ و صحبه رضوان اللّٰه علیهم. و هم القائلون عن عثمان أنّه: هو أوّل من جار فی الحكم و عمل بغیر الحقّ، كما جاء فی واقعة طویلة ذكرها الطّبریّ فی تاریخه 6- 141 160، و ابن عساكر فی تاریخه 2- 370- 381، و ابن الأثیر فی الكامل 3- 202- 210، و ابن كثیر فی تاریخه 8- 49- 55، و أبو الفرج فی الأغانی 16- 2- 11 و غیرهم. و منهم: جهجاه بن سعید الغفاریّ الصّحابیّ ممّن بایع تحت الشّجرة، و قد خاطبه فی المسجد بأبشع القول و أقذع الكلام، و سمّاه: نعثلا، كما صرّح بذلك البلاذریّ فی الأنساب 5- 47، و ذكر ذلك فی ترجمته فی الاستیعاب، و الإصابة 1- 253، و تاریخ الخمیس 2- 260، و الرّیاض النّضرة 2- 123، و نصّ علیه أهل السّیر و التّاریخ كابن الأثیر فی الكامل 3- 70، و الطّبریّ فی التّاریخ 5- 114، و ابن كثیر فی كتابه 7- 175 و غیرهم. و منهم: قیس بن قهدان، و هو القائل: أقسم باللّٰه ربّ البیت مجتهدا***أرجو الثّواب به سرّا و إعلانا لأخلعنّ أبا وهب و صاحبه***كهف الضّلالة عثمان بن عفّانا كما فی أسد الغابة 4- 104، و الإصابة 1- 548، و الأنساب 5- 30 و غیرها.

عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ طَلَبَتْ بِدَمِهِ.

ص: 301

ص: 302

ص: 303

و أمثال هذه الأقوال و أضعافها المتضمّنة للنكیر علی عثمان من الصحابة أو التابعین منقولة فی جمیع التواریخ، و إنّما اقتصرنا علی تاریخی الثقفی و الواقدی لأنّ لنا إلیهما طریقا، و لأن لا یطول الكتاب، و فیما ذكرناه كفایة، و من أراد العلم بمطابقة التواریخ لما أوردناه فی هذین التاریخین فلیتأمّلها یجدها موافقة.

ص: 304

ثم أطبق أهل الأمصار و قطان المدینة من المهاجرین و الأنصار إلّا النفر الذی اختصّهم عثمان لنفسه و آثرهم بالأموال كزید بن ثابت و حسّان و سعید بن العاص و عبد اللّٰه بن الزبیر و مروان و عبد اللّٰه بن عمر علی حصره فی الدار و مطالبته بخلع نفسه من الخلافة أو قتله إلی أن قتلوه علی الإصرار إلی ما أنكروا علیه و من ظفروا به فی الحال من أعوانه، و أقام ثلاثا لا یتجاسر أحد من ذویه أن یصلّی علیه و لا یدفنه خوفا من المسلمین إلی أن شفعوا إلی علیّ علیه السلام فی دفنه، فأذن فی ذلك علی شرط أن لا یدفنوه فی مقابر المسلمین، فحمل إلی حشّ كوكب (1) مقبرة الیهود، و لما أراد النفر الذین حملوه الصلاة علیه منعهم من ذلك المسلمون و رجموهم بالأحجار، فدفن بغیر صلاة، و لم یزل قبره منفردا من مقابر المسلمین إلی أن ولی معاویة فأمر بأن یدفن الناس من حوله حتی اتّصل المدفن بمقابر المسلمین، و لم یسأل عنه أحد من (2) بعد القتل من وجوه المهاجرین و الأنصار كعلیّ علیه السلام و عمّار و محمد بن أبی بكر و غیرهم و أماثل التابعین إلّا قال: قتلناه كافرا.

و هذا الذی ذكرناه من نكیر الصحابة و التابعین علی عثمان موجود فی جمیع التواریخ و كتب الأخبار، و لا یختلف فی صحّته مخالط الأهل و السیر (3) و الآثار، و إنّ أحسن الناس كان فیه رأیا من أمسك عن نصرته و معونة المطالبین له بالخلع، و كفّ عن النكیر عنه و عنهم كما ذكرناه من موالیه و بنی أمیّة، و من عداهم بین قاتل و معاون بلسانه أو بیده (4) أو بهما، و معلوم تخصّص قاتلیه بولایة علیّ علیه السلام و كونهم بطانة له و خواصّا كمحمد بن أبی بكر و عمّار بن یاسر و الأشتر و غیرهم من المهاجرین و الأنصار و أهل الأمصار، و تولّی الكافة لهم تولّی الصالحین و المنع منهم بالأنفس و الأموال و إراقة الدماء فی نصرتهم و الذبّ عنهم و رضاهم بعلیّ علیه

ص: 305


1- یأتی التعرّض لهذه الكلمة فی هامش صفحة: 309.
2- وضع علی: من، رمز نسخة بدل فی ك.
3- كذا فی ك، و فی س: فخاط الأهل و المیسر.
4- هذا ما استظهرناه، و فی الأصل: بیداه، و لعله بصیغة التثنیة فی حال الجر، أی بیدیه.

السلام مع علمهم برأیه فی عثمان و التألیب علیه و تولّی الصلاة و هو محصور بغیر أمره، و اتّخاذه مفاتح لبیوت الأموال، و اتّخاذ قتلته أولیاء خاصّة أصفیاء، و إطباقهم علی اختیاره و قتالهم معه و الدفاع عنه و عنهم، و استفراغ الوسع فی ذلك، و عدم نكیر من أحد من الصحابة أو التابعین یعتدّ بنكیره، ثم اشتهر التدیّن بتكفیر عثمان بعد قتله و كفر من تولّاه من علیّ علیه السلام و ذریّته و شیعته و وجوه الصحابة و التابعین إلی یومنا هذا، و حفظ عنهم التصریح بذلك بحیث لا یحتاج إلی ذكره، غیر أنّ فی ذكره إیناسا للبعید عن سماع العلم، و تنبیها للغافل من سنّة الجهل.

فمن ذلك.

مَا رَوَوْهُ مِنْ طُرُقِهِمْ (1)، أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَذَكَرَ أَشْیَاءَ قَدْ مَضَی بَیَانُهَا، مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هِمَّتُهُ بَطْنُهُ وَ فَرْجُهُ، وَیْلَهُ! لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَیْراً لَهُ، شُغِلَ عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارُ أَمَامَهُ.

وَ رَوَوْا عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَرُورٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ عُثْمَانَ، فَقَالَ: وَ مَا سُؤَالُكَ عَنْ عُثْمَانَ؟ إِنَّ لِعُثْمَانَ ثَلَاثَ كَفَرَاتٍ، وَ ثَلَاثَ غَدَرَاتٍ، وَ مَحَلَّ ثَلَاثِ لَعَنَاتٍ، وَ صَاحِبُ بَلِیَّاتٍ، لَمْ یَكُنْ بِقَدِیمِ الْإِیمَانِ وَ لَا ثَابِتِ الْهِجْرَةِ، وَ مَا زَالَ النِّفَاقُ فِی قَلْبِهِ، وَ هُوَ الَّذِی صَدَّ النَّاسَ یَوْمَ أُحُدٍ .. الْحَدِیثُ طَوِیلٌ..

وَ ذَكَرَ الثَّقَفِیُّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ (2) رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ، قَالَ: أَتَیْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الرَّحْبَةِ، فَقُلْتُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! حَدِّثْنَا عَنْ عُثْمَانَ؟.

قَالَ: أَدْنِ. فَدَنَوْتُ، قَالَ: ارْفَعْ صَوْتَكَ. فَرَفَعْتُ صَوْتِی، قَالَ: كَانَ ذَا ثَلَاثِ كَفَرَاتٍ، وَ ثَلَاثِ غَدَرَاتٍ، وَ فَعَلَ ثَلَاثَ لَعَنَاتٍ، وَ صَاحِبَ بَلِیَّاتٍ، مَا كَانَ بِقَدِیمِ الْإِیمَانِ وَ لَا حَدِیثِ النِّفَاقِ، یُجْزِی بِالْحَسَنَةِ السَّیِّئَةَ .. فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ (3)..

ص: 306


1- انظر لمزید الاطّلاع كتاب الغدیر 9- 69- 77.
2- لا توجد فی س: عن.
3- هذا استمرار كلام أبی الصّلاح الحلبیّ فی تقریب المعارف فی الكلام من القسم الّذی لم یطبع منه.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ وَ كَانَ قَدْ أَدْرَكَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ-، قَالَ: مَا یَزِنُ عُثْمَانُ عِنْدَ اللَّهِ ذُبَاباً. فَقَالَ: ذُبَاباً؟!.

فَقَالَ: وَ لَا جَنَاحَ ذُبَابٍ، ثُمَّ قَالَ: (فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً) (1)..

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ أَبِی سَعِیدٍ التَّیْمِیِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: أَنَا یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ عُثْمَانُ یَعْسُوبُ الْكَافِرِینَ.

وَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ: وَ عُثْمَانُ یَعْسُوبُ الْمُنَافِقِینَ.

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ هُبَیْرَةَ ابْنِ مَرْیَمَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَدَعَا ابْنَهُ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: یَا عُثْمَانُ! ثُمَّ قَالَ: إِنِّی لَمْ أُسَمِّهِ بِاسْمِ عُثْمَانَ ...، إِنَّمَا سَمَّیْتُهُ بِاسْمِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.

وَ ذَكَرَ فِی تَارِیخِهِ، مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ كَانَ یَسْتَنْفِرُ النَّاسَ وَ یَقُولُ: انْفِرُوا إِلَی أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَ بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ وَ أَوْلِیَاءِ الشَّیْطَانِ، انْفِرُوا إِلَی مَنْ یَقُولُ كَذَبَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، انْفِرُوا إِلَی مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی دَمِ حَمَّالِ الْخَطَایَا، وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیَحْمِلُ خَطَایَاهُمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ لَا یَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَیْ ءٌ (2).

وَ ذَكَرَ فِیهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ هِنْدٍ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا یَجْتَمِعُ (3) حُبِّی وَ حُبُّ عُثْمَانَ فِی قَلْبِ رَجُلٍ إِلَّا اقْتَلَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.

وَ رَوَی فِیهِ مِنْ طُرُقٍ: أَنَّ جِیفَةَ عُثْمَانَ بَقِیَتْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یُدْفَنُ، فَسَأَلَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ رِجَالٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی دَفْنِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ عَلَی أَنْ لَا یُدْفَنَ مَعَ الْمُسْلِمِینَ فِی مَقَابِرِهِمْ وَ لَا یُصَلَّی عَلَیْهِ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَعَدُوا لَهُ فِی الطَّرِیقِ بِالْحِجَارَةِ،

ص: 307


1- الكهف: 105.
2- قریب ممّا ذكره أبو الصّلاح فی التّقریب عن الثّقفیّ ما أورده ابن أبی الحدید فی شرحه للنّهج 1- 179 [أربع مجلّدات] .
3- فی ك: لا تجتمع.

فَخَرَجُوا بِهِ یُرِیدُونَ بِهِ (1) حَشَّ كَوْكَبٍ مَقْبَرَةَ الْیَهُودِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَیْهِمْ رُجِمُوا (2) سَرِیرَهُ..

وَ رَوَی فِیهِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَانَ سَائِلًا عَنْ دَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ خَالِدٍ الْأَسَدِیِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ آبَائِهِ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ یَقُولُ: مَعْشَرَ الشِّیعَةِ! عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ بُغْضَ عُثْمَانَ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ حُبٌّ لِعُثْمَانَ فَأَدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ یُدْرِكْهُ آمَنَ بِهِ فِی قَبْرِهِ.

وَ رَوَوْا فِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ أَیْمَنَ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّا وَ بَنِی أُمَیَّةَ تَعَادَیْنَا فِی اللَّهِ فَنَحْنُ وَ هُمْ كَذَلِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، فَجَاءَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِرَایَةِ الْحَقِّ فَرَكَزَهَا (3) بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ جَاءَ إِبْلِیسُ بِرَایَةِ الْبَاطِلِ فَرَكَزَهَا بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَ إِنَّ أَوَّلَ قَطْرَةٍ سَقَطَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ دَمِ الْمُنَافِقِینَ دَمُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنَّ عُثْمَانَ جِیفَةٌ عَلَی الصِّرَاطِ مَنْ أَقَامَ عَلَیْهَا أَقَامَ عَلَی أَهْلِ النَّارِ، وَ مَنْ جَاوَزَهُ جَاوَزَ إِلَی الْجَنَّةِ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ، یَرْفَعُهُ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنَّ عُثْمَانَ جِیفَةٌ عَلَی الصِّرَاطِ یَعْطِفُ عَلَیْهِ مَنْ أَحَبَّهُ وَ یُجَاوِزُهُ (4) عَدُوُّهُ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ یَلْعَنُ عُثْمَانَ وَ یَقُولُ: كَانَتْ أَبْوَابُ الضَّلَالَةِ مُغْلَقَةً حَتَّی فَتَحَهَا عُثْمَانُ.

ص: 308


1- لا توجد: به، فی س.
2- فی س: و جمعوا.
3- فی س: فوكزها.
4- جاءت فی ك: یحاوزه- بالحاء المهملة- و لها عدّة معانی لاحظها فی القاموس 2- 173- 174، و النّهایة 1- 459، و الصّحاح 3- 875، و بعضها مناسب للمقام.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تَكُونُ حَرْبٌ سَالِمَةً حَتَّی یَبْعَثَ قَائِمُنَا ثَلَاثَةَ أَرَاكِیبَ فِی الْأَرْضِ رَكْبٌ یُعْتِقُونَ مَمَالِیكَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَ رَكْبٌ یَرُدُّونَ الْمَظَالِمَ، وَ رَكْبٌ یَلْعَنُونَ عُثْمَانَ فِی جَزِیرَةِ الْعَرَبِ.

وَ رَوَی قُتَیْبَةُ عَنْ أَبِی سَعْدٍ التَّیْمِیِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ یَقُولُ:

ثَلَاثٌ یَشْهَدْنَ عَلَی عُثْمَانَ بِالْكُفْرِ وَ أَنَا الرَّابِعُ ..

وَ قَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِیثَ وَ شَهَادَةَ عَمَّارٍ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ فِی مَقَامٍ بَعْدَ مَقَامٍ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ یَحْیَی بْنِ جَعْدَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِزَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ: بِأَیِّ شَیْ ءٍ كَفَّرْتُمْ عُثْمَانَ؟. قَالَ: بِثَلَاثٍ، جَعَلَ الْمَالَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ، وَ جَعَلَ الْمُهَاجِرِینَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ عَمِلَ بِغَیْرِ كِتَابِ اللَّهِ.

وَ مِنْ طَرِیقٍ آخَرَ، قَالَ: كَفَّرْنَاهُ بِثَلَاثٍ: فَرَّقَ كِتَابَ اللَّهِ وَ نَبَذَهُ فِی الْحُشُوشِ (1) وَ إِنْزَالِ الْمُهَاجِرِینَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ جَعَلَ الْمَالَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ، فَمِنْ ثَمَّ أَكْفَرْنَاهُ وَ قَتَلْنَاهُ.

وَ رَوَی فِیهِ (2) عَنْ أَنَسِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ لِزُبَیْدٍ الْإِمَامِیِّ أَنَّ أَبَا صَادِقٍ، قَالَ: وَ اللَّهِ مَا یَسُرُّنِی أَنَّ فِی قَلْبِی مِثْقَالَ حَبَّةِ خَرْدَلٍ حُبّاً لِعُثْمَانَ (3) وَ لَوْ أَنَّ لِی أُحُداً ذَهَباً، وَ هُوَ شَرٌّ عِنْدِی مِنْ حِمَارٍ مُجَدَّعٍ لَطْحَانَ(4). فَقَالَ زُبَیْدٌ: صَدَقَ أَبُو صَادِقٍ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُیَیْنَةَ، قَالَ: حَضَرْنَا فِی مَوْضِعٍ، فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ

ص: 309


1- قال ابن الأثیر فی نهایته 1- 390: إنّ هذه الحشوش محتضرة .. یعنی الكنف و مواضع قضاء الحاجة، الواحد حشّ- بالفتح، و أصله من الحشّ: البستان، لأنّهم كانوا كثیرا ما یتغوّطون فی البساتین، و منه حدیث عثمان أنّه دفن فی حشّ كوكب، و هو بستان بظاهر المدینة خارج البقیع.
2- لا توجد: فیه، فی س.
3- فی مطبوع البحار: خ. ل: لنعمان.
4- قال فی القاموس 1- 247: لطحه- كمنعه-: ضربه ببطن كفّه .. و به: ضرب به الأرض، و لعلّ له معنی آخر.

مُصَرِّفٍ الْإِمَامِیُّ: یَأْبَی قَلْبِی إِلَّا حُبَّ عُثْمَانَ، فَحَكَیْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِیمَ النَّخَعِیِّ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ.

وَ رَوَوْا عَنْ إِبْرَاهِیمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ عِنْدِی شَرٌّ مِنْ قرون (1)

وَ رَوَوْا فِیهِ عَنْ سُفْیَانَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ، قَالَ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: أَیُّهُمَا أَفْضَلُ، عُثْمَانُ أَمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ؟. قَالَ: وَ لَا سَوَاءٌ مَنْ جَاءَ إِلَی أَمْرٍ فَاسِدٍ فَأَصْلَحَهُ خَیْراً وَ مَنْ جَاءَ إِلَی أَمْرٍ صَالِحٍ فَأَفْسَدَهُ.

وَ رَوَوْا فِیهِ عَنْ جُوَیْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: قَالَ لِی: یَا جُوَیْبِرُ! اعْلَمْ أَنَّ شَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَشْیَاخُ الثَّلَاثَةُ، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟. قَالَ: عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ.

وَ رَوَوْا فِیهِ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ زَرُودٍ الرَّقِّیِّ، عَنْ أَبِی جَارُودٍ الْعَبْدِیِّ، قَالَ: أَمَّا عِجْلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَعُثْمَانُ، وَ فِرْعَوْنُهَا مُعَاوِیَةُ، وَ سَامِرِیهَا أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ، وَ ذُو الثُّدَیَّةِ وَ أَصْحَابُ النَّهَرِ مَلْعُونُونَ، وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی الْأَرْقَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ یَقُولُ: وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی كُنْتُ وَجَأْتُ عُثْمَانَ بِخَنْجَرٍ فِی بَطْنِهِ فَقَتَلْتُهُ.

وَ رَوَوْا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ، قَالَ: یُرْفَعُ عُثْمَانُ وَ أَصْحَابُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی یُبْلَغَ بِهِمُ الثُّرَیَّا، ثُمَّ یُطْرَحُونَ عَلَی وُجُوهِهِمْ.

وَ رَوَی فِیهِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الذُّهْلِیِّ، قَالَ: وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ الْأَرْضُ سِلْماً سِلْماً حَتَّی یُلْعَنَ عُثْمَانُ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لَا یُنْكِرُ ذَلِكَ أَحَدٌ.

وَ رَوَی فِیهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَنْبَلٍ الْجُمَحِیَّ وَ كَانَ بَدْرِیّاً قَالَ:

ذُقْ یَا أَبَا عَمْرٍو بِسُوءِ الْفِعْلِ***وَ ذُقْ صُنْعَ كَافِرٍ ذِی جَهْلٍ

لَمَّا سَدَدْتُ بَابَ كُلِّ عَدْلٍ***وَ رُمْتَ نَقْصَ حَقِّنَا بِالْبُطْلِ (2)

ص: 310


1- استظهر فی مطبوع البحار كون الكلمة: قرود. و لعلّها: قارون.
2- قال الفیروزآبادیّ فی القاموس 3- 335: بطل بطلا و بطولا و بطلانا- بضمّهنّ-: ذهب ضیاعا و خسرا.

غَداً عَلَیْكَ أَهْلُ كُلِّ فَضْلٍ*** بِالْمِشْرَفِیَّاتِ (1) الْقِضَابِ (2) الْفَصْلِ

فَذُقْتَ قَتْلًا لَكَ أَیَّ قَتْلٍ*** كَذَاكَ نَجْزِی كُلَّ عَاتٍ وَ غَلٍّ (3)

فی أمثال (4) هذه الأقوال المحفوظة عن الصحابة و التابعین ذكر جمیعها یخرج عن الغرض، و فی بعض ما ذكرناه كفایة فی المقصود، و المنّة للّٰه.

و قال رحمه اللّٰه فی موضع آخر (5):تناصر الخبر من طریقی الشیعة و أصحاب الحدیث بأنّ عثمان و طلحة و الزبیر و سعدا و عبد الرحمن من جملة أصحاب العقبة الذین نفّروا برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و أنّ عثمان و طلحة القائلان: أ ینكح محمد نساءنا و لا ننكح نساءه؟!. و اللّٰه لو قد مات لأجلبنا علی نسائه بالسهام، و قولة طلحة: لأتزوجنّ أمّ سلمة، فأنزل اللّٰه سبحانه (6): (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (7).

و قول عثمان یوم أحد: لألحقنّ بالشام، فإنّ لی بها صدیقا یهودیّا. و قول طلحة: لألحقنّ بالشام فإنّ لی بها صدیقا نصرانیّا، فأنزل اللّٰه تعالی: (یا أَیُّهَا

ص: 311


1- جاء فی الصّحاح 4- 1380: و المشرفیّة: سیوف، قال أبو عبیدة: نسبت إلی مشارف، و هی قری من أرض العرب تدنو من الرّیف، یقال سیف مشرفیّ.
2- سیف قاضب و قضیب .. أی قطّاع و الجمع قواضب و قضب، كما فی الصّحاح 1- 203. أقول: القضاب إمّا جمع القضیب- ككرام و كریم- أو جمع قاضب- كطالب و طلّاب-.
3- و مرّت له قصیدته الّتی أوّلها: إن تقتلونی فأنا ابن حنبل***أنا الّذی قد قلت فیكم نعثل و قد جاءت فی تاریخ الطّبریّ 6- 25، و تاریخ الیعقوبیّ 2- 150، و الاستیعاب 2- 410، و الإصابة 2- 395، و شرح ابن أبی الحدید 1- 66.
4- كذا، و الظاهر: و أمثال .. و العبارة مشوّشة فی س.
5- لا زال الكلام لأبی الصلاح رحمه اللّٰه فی تقریب المعارف- القسم الذی لم یطبع منه مع الأسف-، فراجع.
6- انظر مثالا: تفسیر القرطبیّ 14- 228، و فیض القدیر 4- 290، و تفسیر ابن كثیر 3- 506، و تفسیر البغوی 5- 225، و تفسیر الخازن 5- 225، و تفسیر الآلوسی 22- 74.
7- الأحزاب: 53.

الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَ النَّصاری أَوْلِیاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ) (1)

و قول عثمان لطلحة و قد تنازعا-: و اللّٰه إنّك أوّل أصحاب محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله تزوّج بیهودیّة، فقال طلحة: و أنت و اللّٰه لقد قلت ما ینجینا هاهنا إلّا أن نلحق بقومنا (2).

بیان:

الرّبو بالفتح النّفس العالی (3).

و أسی علی مصیبته بالكسر یأسی أسا .. أی حزن، و قد أسیت لفلان ..

أی حزنت له (4).

ص: 312


1- المائدة: 51.
2- ما ذكره شیخنا المصنّف- قدّس سرّه- لیست إلّا نبذة قلیلة و حصّة ضئیلة تركها لنا التاریخ الظالم، و غفلت عنها أیدی الطغاة الأمویّة بعد أن حرّف القوم الكلم عن مواضعه و أثبتوا ما وافق هواهم و أهواءهم و تركوا ما لا یروق لهم. قال الطبریّ فی تاریخه 5- 108: إنّ الواقدی ذكر فی سبب مسیر المصریّین إلی عثمان و نزولهم ذا خشب أمورا كثیرة منها ما تقدّم ذكره، و منها ما أعرضت عن ذكره كراهیّة منّی ذكره لبشاعته!. و قال فی 5- 113: قد ذكرنا كثیرا من الأسباب التی ذكر قاتلوه أنّهم جعلوها ذریعة إلی قتله فأعرضنا عن ذكر كثیر منها لعلل دعت إلی الإعراض عنها. و قال فی 5- 232: إنّ محمّد بن أبی بكر كتب إلی معاویة لما ولی فذكر مكاتبات جرت بینهما كرهت ذكرها لما فیه ممّا لا یتحمّل سماعه العامّة. و قال فی الكامل 3- 70: قد تركنا كثیرا من الأسباب التی جعلها الناس ذریعة إلی قتله لعلل دعت إلی ذلك. و لنختم الحدیث بعد كلّ ما مرّ و كلّ الاجتهادات التی جاءت بها الصحابة أمام النصوص الصریحة و السنّة النبویّة الواضحة، و أنّ النهی عند السلف ما كان إلّا سیاسة وقتیّة، قد اتّخذوا إلههم هواهم و ما هذا إلّا لزیغهم عن الصراط، و تركهم المحجّة الواضحة، و باب مدینة العلم، و لا نودّ ذكر الشواهد الكثیرة جدّا لذلك، انظر ما أدرجه شیخنا الأمینی- طاب ثراه- فی غدیره 8- 116 و ما بعدها من سرد بعض النماذج لذلك.
3- كما فی الصحاح 6- 2350، و لسان العرب 14- 305.
4- ذكره فی لسان العرب 14- 34، و الصحاح 6- 2269، و انظر: النهایة 1- 50.

قوله: إنّ فی هذا الحدیث .. أی روی الغزرمی مكان فتبطحون علی وجوهكم هكذا: ترفعون .. أی یرفعكم الملائكة إلی مكان الثریّا من السماء ثم یضربونكم علی الأرض علی وجوهكم فتطؤكم البهائم، و هذا أشدّ فی التعذیب.

و قوله: لیجاء بی .. لعلّ هذا التردید و التبهیم للتقیّة و المصلحة مع وضوح المقصود.

قوله لعنه اللّٰه: الترباء فی فیك یا علیّ .. الترباء بالفتح أو بضم التاء و فتح الراء لغتان فی التّراب (1)، انظر هذا الذی خانت أمّه أباه كیف شتم و عقّ مولاه، لعنة اللّٰه علیه و علی من والاه.

و قال الجوهری: النّاب: المسنّة من النّوق(2).

و قال: مرّ فلان ینجش نجشا .. أی یسرع (3).

و الشّارف من النّوق: المسنّة الهرمة (4)

و أغذّ السّیر و فیه: أسرع (5).

و بعج بطنه بالسّكّین كمنع-: شقّه (6).

و النّهابیر: المهالك (7).

و التنجید: العدو (8).

و قال فی النهایة: كان أعداء عثمان یسمّونه: نعثلا تشبیها برجل من مصر

ص: 313


1- جاء فی القاموس 1- 39، و لسان العرب 1- 227.
2- الصحاح 1- 230، و مثله فی لسان العرب 1- 776، و القاموس 1- 135.
3- الصحاح 3- 1021، و نظیره فی اللسان 6- 351، و انظر: القاموس 2- 289، و النهایة 5- 22.
4- نصّ علیه فی النهایة 2- 462، و القاموس 3- 157.
5- ذكره الفیروزآبادی فی القاموس 1- 356، و انظر: لسان العرب 3- 501، و النهایة 3- 347، و الصحاح 2- 567.
6- كما فی الصحاح 1- 300، و مجمع البحرین 2- 277، و قریب منهما فی النهایة 1- 139.
7- قاله فی مجمع البحرین 5- 133- 134، و القاموس 2- 151.
8- صرّح به فی تاج العروس 2- 512، و ذكره الفیروزآبادی فی القاموس المحیط 1- 340.

كان طویل اللّحیة اسمه: نعثل، و قیل النّعثل: الشّیخ الأحمق، و ذكر الضباع (1).

انتهی.

و یقال زعر الشّعر و الرّیش: قلّ، و الزّعارّة: سوء الخلق (2).

و الغرارة بالكسر-: الجوالق (3).

قولها: إنّ هذه .. أی السماء، وقعت علی هذه .. أی الأرض.

و قال الفیروزآبادی: العضد و العضید: الطّریقة من النّخل، و الجمع كغربان (4)، و المعنی أنّ ذلك أموالا كثیرة تحمیه لبقائها أو حصلتها ببركته.

و قال فی القاموس: الرّكب: ركبان الإبل اسم جمع أو جمع و هم العشرة فصاعدا، و قد یكون للخیل .. و الأركوب بالضّمّ أكثر من الرّكب (5)..

ص: 314


1- النهایة 5- 79- 80، و مثله فی لسان العرب 11- 669- 670.
2- أورده فی القاموس 2- 39، و انظر: مجمع البحرین 3- 317، و الصحاح 2- 670.
3- نقله الجوهریّ فی الصحاح 2- 769، و الفیروزآبادی فی القاموس 2- 101.
4- القاموس 1- 314، و قارن ب: تاج العروس 2- 434. و قریب منهما فی لسان العرب 3- 294.
5- القاموس 1- 75، و نظیره فی لسان العرب 1- 429- 430.

[26] باب الشوری و احتجاج أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه علی القوم فی ذلك الیوم

اشارة

ل (1): أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ، عَنْ أَبِی الْجَارُودِ وَ هُشَیْمِ بْنِ أَبِی سَاسَانَ (2) وَ أَبِی طَارِقٍ السَّرَّاجِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِی الْبَیْتِ یَوْمَ الشُّورَی، فَسَمِعْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ یَقُولُ: اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ وَ أَوْلَی بِهِ مِنْهُ، وَ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ وَ أَوْلَی بِهِ مِنْهُ، إِلَّا أَنَّ(3) عُمَرَ جَعَلَنِی مَعَ خَمْسَةٍ (4) أَنَا سَادِسُهُمْ لَا یُعْرَفُ لَهُمْ عَلَیَّ فَضْلٌ، وَ لَوْ أَشَاءُ لَاحْتَجَجْتُ عَلَیْهِمْ بِمَا

ص: 315


1- الخصال 2- 553- 563، بتفصیل فی الإسناد. و قد مرّ فی أوّل كتابنا هذا ذكر بعض مصادر حدیث المناشدة من طریق العامّة و الخاصّة و نزید هاهنا ما جاء فی لسان المیزان للذّهبیّ 2- 156- 157 عن أبی الطّفیل عامر بن واثلة، و ما ذكره الخوارزمیّ فی مناقبه: 301، 314- 315 و غیرها.
2- فی المصدر: و هشام أبی ساسان.
3- فی ك نسخة بدل: الآن.
4- فی الخصال زیادة: نفر.

لَا یَسْتَطِیعُ عَرَبِیُّهُمْ وَ لَا عَجَمِیُّهُمْ، الْمُعَاهَدُ مِنْهُمْ وَ الْمُشْرِكُ تَغْیِیرَ ذَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ أَیُّهَا النَّفَرُ! هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ قَبْلِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ هَدْیاً فَأَشْرَكَهُ فِیهِ، غَیْرِی؟! قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أُتِیَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِطَیْرٍ یَأْكُلُ (1) مِنْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلُ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّیْرِ، فَجِئْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ وَ إِلَی رَسُولِكَ .. وَ إِلَی رَسُولِكَ، غَیْرِی (2)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ رَجَعَ عُمَرُ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ قَدْ رَدَّ رَایَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مُنْهَزِماً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا لَیْسَ بِفَرَّارٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ:

ادْعُوا لِی عَلِیّاً. فَقَالُوا: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! هُوَ رَمِدٌ مَا (3) یَطْرِفُ. فَقَالَ:

جِیئُونِی (4)، فَلَمَّا قُمْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ تَفَلَ فِی عَیْنِی وَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّی الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ إِلَی سَاعَتِی هَذِهِ، وَ أَخَذْتُ الرَّایَةَ فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِینَ وَ أَظْفَرَنِی بِهِمْ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

ص: 316


1- فی س: یأكله.
2- فی المصدر: فجئته أنا، غیری ...، و لا توجد: فقال: اللّٰهمّ .. إلی آخرها.
3- خطّ علی: ما، فی س.
4- زید فی الخصال: به.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثْلُ أَخِی جَعْفَرٍ الْمُزَیَّنِ بِالْجَنَاحَیْنِ فِی الْجَنَّةِ یَحِلُّ فِیهَا حَیْثُ یَشَاءُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ عَمٌّ مِثْلُ عَمِّی حَمْزَةَ أَسَدِ اللَّهِ وَ أَسَدِ رَسُولِهِ وَ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ابْنَیْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَیِّدَیْ (1) شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ زَوْجَةٌ مِثْلُ زَوْجَتِی فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ بَضْعَةٍ مِنْهُ وَ سَیِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْ فَارَقَكَ فَارَقَنِی وَ مَنْ فَارَقَنِی فَارَقَ اللَّهَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

لَیَنْتَهِیَنَّ بَنُو وَلِیعَةَ (2)» أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْهِمْ (3) رَجُلًا كَنَفْسِی طَاعَتُهُ كَطَاعَتِی وَ مَعْصِیَتُهُ كَمَعْصِیَتِی یَغْشَاهُمْ بِالسَّیْفِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا (4).

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَصَلَ إِلَی قَلْبِهِ حُبِّی إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ، وَ مَنْ وَصَلَ حُبِّی إِلَی قَلْبِهِ فَقَدْ وَصَلَ حُبُّكَ إِلَی قبله [قَلْبِهِ] ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

ص: 317


1- قد تقرأ فی مطبوع البحار: سیّدا- بالرّفع-. و فی الاحتجاج: هل فیكم أحد ابناه ابنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله .. إلی آخره.
2- قال فی القاموس 3- 97: و بنو ولیعة- كسفینة- حیّ من كندة.
3- فی ك نسخة بدل: علیهم.
4- لاحظ: مناقب الخوارزمیّ: 217.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ الْخَلِیفَةُ فِی الْأَهْلِ وَ الْوَلَدِ (1) وَ الْمُسْلِمِینَ فِی كُلِّ غَیْبَةٍ، عَدُوُّكَ عَدُوِّی وَ عَدُوِّی عَدُوُّ اللَّهِ، وَ وَلِیُّكَ وَلِیِّی وَ وَلِیِّی وَلِیُّ اللَّهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

یَا عَلِیُّ! مَنْ أَحَبَّكَ وَ وَالاكَ سَبَقَتْ لَهُ الرَّحْمَةُ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ وَ عَادَاكَ سَبَقَتْ لَهُ اللَّعْنَةُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! ادْعُ اللَّهَ لِی وَ لِأَبِی لَا یَكُونُ (2)مِمَّنْ یُبْغِضُهُ وَ یُعَادِیهِ، فَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اسْكُنِی، إِنْ كُنْتِ أَنْتِ وَ أَبُوكِ مِمَّنْ یَتَوَلَّاهُ وَ یُحِبُّهُ فَقَدْ سَبَقَتْ لَكُمَا الرَّحْمَةُ، وَ إِنْ كُنْتُمَا مِمَّنْ یُبْغِضُهُ وَ یُعَادِیهِ فَقَدْ سَبَقَتْ لَكُمَا اللَّعْنَةُ، وَ لَقَدْ خَبُثْتِ (3) أَنْتِ، وَ أَبُوكِ (4) أَوَّلُ مَنْ یَظْلِمُهُ وَ أَنْتِ أَوَّلُ مَنْ یُقَاتِلُهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِثْلَ مَا قَالَ لِی: یَا عَلِیُّ! أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْزِلُكَ مُوَاجِهَ مَنْزِلِی كَمَا یَتَوَاجَهُ الْإِخْوَانُ فِی الْخُلْدِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

یَا عَلِیُّ! إِنَّ اللَّهَ خَصَّكَ بِأَمْرٍ وَ أَعْطَاكَهُ لَیْسَ مِنَ الْأَعْمَالِ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ وَ لَا أَفْضَلَ مِنْهُ عِنْدَهُ، الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا، فَلَیْسَ تَنَالُ مِنْهَا شَیْئاً وَ لَا تَنَالُ (5) مِنْكَ وَ هِیَ زِینَةُ الْأَبْرَارِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ، فَطُوبَی لِمَنْ أَحَبَّكَ وَ صَدَّقَ عَلَیْكَ، وَ وَیْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَ كَذَّبَ عَلَیْكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ

ص: 318


1- فی س وضع علی: الولد، نسخة بدل.
2- فی المصدر: لا نكون، و هو الظّاهر.
3- فی الخصال: جئت.
4- فی س زیادة: إن كان أبوك.
5- فی الخصال: تناله.

لِیَجِی ءَ بِالْمَاءِ كَمَا بَعَثَنِی، فَذَهَبْتُ حَتَّی حَمَلْتُ الْقِرْبَةَ عَلَی ظَهْرِی وَ مَشَیْتُ بِهَا فَاسْتَقْبَلَتْنِی رِیحٌ فَرَدَّتْنِی حَتَّی أَجْلَسَتْنِی، ثُمَّ قُمْتُ فَاسْتَقْبَلَتْنِی رِیحٌ فَرَدَّتْنِی ثُمَّ (1) أَجْلَسَتْنِی، ثُمَّ قُمْتُ فَجِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لِی: مَا حَبَسَكَ (2)؟. فَقَصَصْتُ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: قَدْ جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَنِی، أَمَّا الرِّیحُ الْأُولَی فَجَبْرَئِیلُ كَانَ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یُسَلِّمُونَ عَلَیْكَ، وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَمِیكَائِیلُ جَاءَ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یُسَلِّمُونَ عَلَیْكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ مَنْ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ: یَا مُحَمَّدُ (صلی اللّٰه علیه و آله)! أَ تَرَی هَذِهِ الْمُوَاسَاةَ مِنْ عَلِیٍّ (علیه السلام)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ، فَقَالَ جَبْرَئِیلُ: وَ أَنَا مِنْكُمَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ یَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا جَعَلْتُ أَكْتُبُ فَأَغْفَی (3) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَنَا أَرَی أَنَّهُ یُمْلِی عَلَیَّ، فَلَمَّا انْتَبَهَ قَالَ لَهُ: یَا عَلِیُّ! مَنْ أَمْلَی عَلَیْكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَی هَاهُنَا، فَقُلْتُ:

أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله). فَقَالَ: لَا، وَ لَكِنْ جَبْرَئِیلُ أَمْلَی (4) عَلَیْكَ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا (5)

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِی: لَوْ لَا أَنْ (6) لَا یَبْقَی أَحَدٌ إِلَّا قَبَضَ مِنْ أَثَرِكَ قَبْضَةً یَطْلُبُ بِهَا الْبَرَكَةَ لِعَقِبِهِ

ص: 319


1- فی المصدر: بدل: ثمّ، جاءت: حتّی، و هی نسخة بدل فی س.
2- فی المصدر زیادة: عنّی.
3- وضع كذا علی الكلمة فی مطبوع البحار. قال فی الصّحاح 6- 2448: أغفیت إغفاء .. أی نمت. أقول: علی ذلك لا معنی لكلمة كذا هنا.
4- كذا، فی ك: أملاه، و هو الظّاهر.
5- هنا زیادة جاءت فی المصدر و هی: قال: نشدتكم باللّٰه هل فیكم أحد نادی له مناد من السّماء: لا سیف إلّا ذو الفقار و لا فتی إلّا علیّ، غیری؟!. قالوا: اللّٰهمّ لا.
6- فی المصدر زیادة: أخاف أن، و هو الظّاهر.

مِنْ بَعْدِهِ لَقُلْتُ فِیكَ قَوْلًا لَا یَبْقَی أَحَدٌ إِلَّا قَبَضَ مِنْ أَثَرِكَ قَبْضَةً (1)؟!. فَقَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

احْفَظِ الْبَابَ فَإِنَّ زُوَّاراً مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَزُورُنِی فَلَا تَأْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَجَاءَ عُمَرُ فَرَدَدْتُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مُحْتَجِبٌ وَ عِنْدَهُ زُوَّارٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ عِدَّتُهُمْ كَذَا وَ كَذَا، ثُمَّ أَذِنْتُ لَهُ فَدَخَلَ. فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّی جِئْتُ غَیْرَ مَرَّةٍ كُلَّ ذَلِكَ یَرُدُّنِی عَلِیٌّ وَ یَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مُحْتَجِبٌ وَ عِنْدَهُ زُوَّارٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ عِدَّتُهُمْ كَذَا وَ كَذَا، فَكَیْفَ عَلِمَ بِالْعِدَّةِ؟ أَ عَایَنَهُمْ؟!.

فَقَالَ (2): لَا، یَا عَلِیُّ! قَدْ صَدَقَ، كَیْفَ عَلِمْتَ بِعِدَّتِهِمْ؟. فَقُلْتُ: اخْتَلَفَتْ عَلَیَّ (3) التَّحِیَّاتُ وَ سَمِعْتُ الْأَصْوَاتِ فَأَحْصَیْتُ الْعَدَدَ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَإِنَّ فِیكَ سُنَّةً مِنْ أَخِی عِیسَی، فَخَرَجَ عُمَرُ وَ هُوَ یَقُولُ: ضَرَبَهُ لِابْنِ مَرْیَمَ مَثَلًا فَأَنْزَلَ (4) اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ یَصِدُّونَ) (5) قَالَ یَضِجُّونَ (6) (وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَیْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرائِیلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ) (7) غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِی: إِنَّ طُوبَی شَجَرَةٌ فِی الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِی دَارِ عَلِیٍّ (علیه السلام) لَیْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِی

ص: 320


1- فی الخصال زیادة: غیری، و هو الظّاهر.
2- فی الخصال زیادة: له.
3- وضع علی: علیّ، فی مطبوع البحار رمز نسخة بدل مصحّحة.
4- فی س: و أنزل.
5- فی الخصال: تناله.
6- فی ك: یقبّحون.
7- الزّخرف: 57.

مَنْزِلِهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ (1) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

تُقَاتِلُ (2) عَلَی سُنَّتِی وَ تُبْرِئُ (3) ذِمَّتِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

تُقَاتِلُ (4) النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لِی: ادْنُ دُونَكَ رَأْسَ (5) ابْنِ عَمِّكَ فَأَنْتَ أَوْلَی بِهِ مِنِّی، غَیْرِی (6)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ رَأْسَهُ فِی حَجْرِهِ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ وَ لَمْ یُصَلِّ الْعَصْرَ فَلَمَّا انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: یَا عَلِیُّ! صَلَّیْتَ (7)؟. قُلْتُ: لَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَرُدَّتِ الشَّمْسُ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً فَصَلَّیْتُ ثُمَّ انْحَدَرَتْ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ یَبْعَثَ بِبَرَاءَةَ، فَبَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِی بَكْرٍ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ، فَقَالَ: یَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُ لَا یُؤَدِّی عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ، فَبَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَخَذْتُهَا مِنْ أَبِی بِكْرٍ فَمَضَیْتُ بِهَا وَ أَدَّیْتُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَأَثْبَتَ (8)

ص: 321


1- لا توجد فی س: له.
2- كذا فی الخصال، و فی مطبوع البحار: فقاتل.
3- فی المصدر: و تبر.
4- فی مطبوع البحار: فقاتل.
5- فی المصدر: من، بدلا من: دونك رأس.
6- لا توجد: غیری، فی ك.
7- فی المصدر زیادة: العصر، بعد: صلّیت.
8- فی المصدر: و أثبت.

اللَّهُ عَلَی لِسَانِ رَسُولِهِ: أَنِّی مِنْهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ إِمَامُ مَنْ أَطَاعَنِی، وَ نُورُ أَوْلِیَائِی، وَ الْكَلِمَةُ الَّتِی أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِینَ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مَوْتِی وَ یَسْكُنَ جَنَّتِیَ الَّتِی وَعَدَنِی رَبِّی جَنَّاتِ عَدْنٍ قَضِیبٌ غَرَسَهُ اللَّهُ بِیَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ، فَلْیُوَالِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ (علیهما السلام) وَ ذُرِّیَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَهُمُ الْأَئِمَّةُ، وَ هُمُ الْأَوْصِیَاءُ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِی وَ فَهْمِی، لَا یُدْخِلُونَكُمْ فِی بَابِ ضَلَالٍ، وَ لَا یُخْرِجُونَكُمْ مِنْ بَابِ هُدًی، لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، یَزُولُ الْحَقُّ مَعَهُمْ أَیْنَمَا زَالُوا (1)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

قَضَی فَانْقَضَی (2)، إِنَّهُ لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ (3)، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِثْلَ مَا قَالَ لِی: أَهْلُ وَلَایَتِكَ یَخْرُجُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ قُبُورِهِمْ عَلَی نُوقٍ بِیضٍ، شِرَاكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ یَتَلَأْلَأُ، قَدْ سُهِّلَتْ عَلَیْهِمُ الْمَوَارِدُ، وَ فُرِّجَتْ عَنْهُمُ الشَّدَائِدُ، وَ أُعْطُوا الْأَمَانَ، وَ انْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْأَحْزَانُ حَتَّی یَنْطَلِقَ بِهِمْ إِلَی ظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، تُوضَعُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ (4) مَائِدَةٌ یَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّی یَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ، یَخَافُ النَّاسُ وَ لَا یَخَافُونَ، وَ یَحْزَنُ النَّاسُ وَ لَا یَحْزَنُونَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ

ص: 322


1- قال فی القاموس 3- 391: زال الشّمس: مالت.
2- خ. ل: مضافا إلی ما مضی.
3- فی المصدر: إلّا كافر منافق.
4- فی س: یدیهم.

حِینَ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ یَخْطُبُ فَاطِمَةَ عَلَیْهَا السَّلَامُ، فَأَبَی أَنْ یُزَوِّجَهُ، وَ جَاءَ عُمَرُ یَخْطُبُهَا فَأَبَی أَنْ یُزَوِّجَهُ، فَخَطَبْتُ إِلَیْهِ فَزَوَّجَنِی، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَقَالا: أَبِیتَ أَنْ تُزَوِّجَنَا وَ زَوَّجْتَهُ؟!. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَا مَنَعْتُكُمَا وَ زَوَّجْتُهُ، بَلِ اللَّهُ مَنَعَكُمَا وَ زَوَّجَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: كُلُّ سَبَبٍ وَ نَسَبٍ مُنْقَطِعٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا سَبَبِی وَ نَسَبِی، فَأَیُّ سَبَبٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبَبِی؟

وَ أَیُّ نَسَبٍ أَفْضَلُ مِنْ نَسَبِی؟ إِنَّ أَبِی وَ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَأَخَوَانِ، وَ إِنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ ابْنَیْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ابْنَایَ، وَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ زَوْجَتِی سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَفَرَّقَهُمْ فِرْقَتَیْنِ، فَجَعَلَنِی فِی خَیْرِ الْفِرْقَتَیْنِ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ شُعُوباً فَجَعَلَنِی فِی خَیْرِ شُعْبَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِی فِی خَیْرِ قَبِیلَةٍ، ثُمَّ جَعَلَهُمُ بُیُوتاً فَجَعَلَنِی فِی خَیْرِ بَیْتٍ، ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ (1) أَهْلِ بَیْتِی: أَنَا وَ عَلِیّاً وَ جَعْفَراً، فَجَعَلَنِی خَیْرَهُمْ، فَكُنْتُ نَائِماً (2)بَیْنَ ابْنَیْ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَجَاءَ جَبْرَئِیلُ وَ مَعَهُ مَلَكٌ فَقَالَ: یَا جَبْرَئِیلُ! إِلَی أَیِّ هَؤُلَاءِ أُرْسِلْتَ؟. فَقَالَ: إِلَی هَذَا، ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِی فَأَجْلَسَنِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَبْوَابَ الْمُسْلِمِینَ كُلَّهُمْ(3) وَ لَمْ یَسُدَّ بَابِی، فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ وَ حَمْزَةُ وَ قَالا: أَخْرَجْتَنَا وَ أَسْكَنْتَهُ؟.

فَقَالَ لَهُمَا: مَا أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ وَ أَسْكَنْتُهُ بَلِ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ وَ أَسْكَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 323


1- فی س: فی.
2- فی س: قائما.
3- فی الخصال زیادة: فی المسجد.

أَوْحَی إِلَی أَخِی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِ اتَّخِذْ مَسْجِداً طَهُوراً وَ اسْكُنْهُ أَنْتَ وَ هَارُونُ (1) وَ ابْنَا هَارُونَ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیَّ أَنِ اتَّخِذْ مَسْجِداً طَهُوراً وَ اسْكُنْهُ أَنْتَ وَ عَلِیٌّ وَ ابْنَا عَلِیٍّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ وَ عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ لَا یَفْتَرِقَانِ حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَقَی رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَیْثُ جَاءَ الْمُشْرِكُونَ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ، فَأُضْجِعْتُ فِی مَضْجَعِهِ وَ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَحْوَ الْغَارِ وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنِّی أَنَا هُوَ، فَقَالُوا: أَیْنَ ابْنُ عَمِّكَ؟. فَقُلْتُ: لَا أَدْرِی، فَضَرَبُونِی حَتَّی كَادُوا یَقْتُلُونَنِی (2)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِی: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ فَوَلَایَتُهُ وَلَایَتِی وَ وَلَایَتِی وَلَایَةُ رَبِّی، عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ رَبِّی وَ أَمَرَنِی أَنْ أُبَلِّغَكُمُوهُ، فَهَلْ سَمِعْتُمْ؟. قَالُوا: نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَاهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّ فِیكُمْ مَنْ یَقُولُ قَدْ سَمِعْتُ وَ هُوَ یَحْمِلُ النَّاسَ عَلَی كَتِفَیْهِ وَ یُعَادِیهِ. قَالُوا: یَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنَا بِهِمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّ رَبِّی قَدْ أَخْبَرَنِی بِهِمْ وَ أَمَرَنِی بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ لِأَمْرٍ قَدْ سَبَقَ، وَ إِنَّمَا یَكْتَفِی أَحَدُكُمْ بِمَا یَجِدُ لِعَلِیٍّ فِی قَلْبِهِ (3)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَتَلَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ تِسْعَةً مُبَارَزَةً غَیْرِی كُلُّهُمْ یَأْخُذُ اللِّوَاءَ، ثُمَّ جَاءَ صواب الْحَبَشِیُّ مَوْلَاهُمْ وَ هُوَ یَقُولُ: وَ اللَّهِ لَا أَقْتُلُ بِسَادَتِی إِلَّا مُحَمَّداً، قَدْ أَزْبَدَ شِدْقَاهُ (4)وَ احْمَرَّتَا عَیْنَاهُ، فَاتَّقَیْتُمُوهُ وَ حِدْتُمْ عَنْهُ،

ص: 324


1- فی س: و علیّ، بدلا من: و هارون.
2- فی المصدر زیادة: غیری.
3- فی المصدر زیادة: غیری.
4- قال فی القاموس 3- 248: الشّدق- بالكسر و یفتح و الدّالّ مهملة-: طفطفة الفم من باطن الخدّین و من الوادی عرضاه و ناحیتاه كشدیقه.

وَ خَرَجْتُ إِلَیْهِ فَلَمَّا أَقْبَلَ (1) كَأَنَّهُ قُبَّةٌ مَبْنِیَّةٌ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَ هُوَ ضَرْبَتَیْنِ فَقَطَعْتُهُ بِنِصْفَیْنِ وَ بَقِیَتْ رِجْلَاهُ وَ عَجُزُهُ وَ فَخِذَاهُ قَائِمَةً عَلَی الْأَرْضِ یَنْظُرُ إِلَیْهِ الْمُسْلِمُونَ وَ یَضْحَكُونَ مِنْهُ (2)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَتَلَ مِنْ مُشْرِكِی قُرَیْشٍ (3) مِثْلَ قَتْلِی؟!.

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ جَاءَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ یُنَادِی: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ، فَكِعْتُمْ (4) عَنْهُ كُلُّكُمْ فَقُمْتُ أَنَا، فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِلَی أَیْنَ تَذْهَبُ؟. فَقُلْتُ: أَقُومُ إِلَی هَذَا الْفَاسِقِ. فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ، فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله): إِنْ كَانَ هُوَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ فَأَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ، فَأَعَادَ عَلَیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الْكَلَامَ وَ أَعَدْتُ عَلَیْهِ، فَقَالَ: امْضِ عَلَی اسْمِ اللَّهِ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْهُ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟. قُلْتُ: عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ. قَالَ: كُفْوٌ كَرِیمٌ ارْجِعْ یَا ابْنَ أَخِی فَقَدْ كَانَ لِأَبِیكَ مَعِی صُحْبَةٌ وَ مُحَادَثَةٌ فَأَنَا أَكْرَهُ قَتْلَكَ. فَقُلْتُ لَهُ: یَا عَمْرُو! إِنَّكَ قَدْ عَاهَدْتَ اللَّهَ أَنْ لَا یُخَیِّرَكَ أَحَدٌ ثَلَاثَ خِصَالٍ إِلَّا اخْتَرْتَ إِحْدَاهُنَّ. فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَیَّ. قُلْتُ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ تُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. قَالَ: هَاتِ غَیْرَ هَذِهِ. قُلْتُ: تَرْجِعُ مِنْ حَیْثُ جِئْتَ. قَالَ: وَ اللَّهِ لَا تُحَدِّثْ نِسَاءَ قُرَیْشٍ بِهَذَا أَنِّی رَجَعْتُ عَنْكَ. فَقُلْتُ: فَانْزِلْ فَأُقَاتِلَكَ. قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَنَعَمْ، فَنَزَلَ فَاخْتَلَفَ (5)أَنَا وَ هُوَ ضَرْبَتَیْنِ فَأَصَابَ

ص: 325


1- فی س: أقبلت.
2- فی الخصال زیادة: غیری.
3- فی ك نسخة بدل: العرب.
4- فی ك نسخة بدل: فكففتم. و أورد فی حاشیتها: كعت عن الشّی ء: إذا هبته و جبنت عنه.مجمع انظر: مجمع البحرین 4- 387. و ستأتی فی بیان المصنّف قریبا.
5- كذا، و الظّاهر: فاختلفت.

الْحَجَفَةَ (1) وَ أَصَابَ السَّیْفُ رَأْسِی، وَ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً فَانْكَشَفَتْ رِجْلَیْهِ فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَلَی یَدَیَّ، فَفِیكُمْ أَحَدٌ فَعَلَ هَذَا؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ حِینَ جَاءَ مَرْحَبٌ وَ هُوَ یَقُولُ:

أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی مرحب [مَرْحَباً]*** شَاكِ السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبٌ

أَطْعَنُ أَحْیَاناً وَ حِیناً أَضْرِبُ

فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ فَضَرَبَنِی وَ ضَرَبْتُهُ وَ(2)عَلَی رَأْسِهِ نَقِیرٌ مِنْ جَبَلِ حَجَرٍ لَمْ یَكُنْ تَصْلُحُ (3) عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ مِنْ عِظَمِ رَأْسِهِ، فَقَلِقْتُ (4) النَّقِیرَ وَ وَصَلَ السَّیْفُ إِلَی رَأْسِهِ فَقَتَلْتُهُ، فَفِیكُمْ أَحَدٌ فَعَلَ هَذَا؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ آیَةَ التَّطْهِیرِ عَلَی رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: (إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (5) فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كِسَاءً خَیْبَرِیّاً فَضَمَّنِی فِیهِ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ، ثُمَّ قَالَ: یَا رَبِّ! هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ أَنْتَ یَا عَلِیُّ سَیِّدُ الْعَرَبِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْمَسْجِدِ إِذْ نَظَرَ إِلَی شَیْ ءٍ یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَبَادَرَهُ وَ لَحِقَهُ أَصْحَابُهُ فَانْتَهَی إِلَی سُودَانٍ أَرْبَعَةٍ یَحْمِلُونَ سَرِیراً، فَقَالَ لَهُمْ: ضَعُوا، فَوَضَعُوا. فَقَالَ: اكْشِفُوا عَنْهُ، فَكَشَفُوا

ص: 326


1- قال فی مجمع البحرین 5- 35: الحجفة- بالتّحریك-: التّرس، و ذلك إذا كانت من جلود و لیس فیها خشب، و انظر: النّهایة 1- 345، و فی الأصل: الجحفة، و لا معنی مناسب لها.
2- لا توجد الواو فی س.
3- فی المصدر: من جبل لم تكن تصلح.
4- كذا، و فی الخصال: فقلّبت، و الظّاهر: ففلقت.
5- الأحزاب: 33.

فَإِذَا أَسْوَدُ مُطَوَّقٌ بِالْحَدِیدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْ هَذَا؟. قَالُوا:

غُلَامُ الرِّیَاحِیِّینَ (1) كَانَ قَدْ أَبَقَ عَنْهُمْ خُبْثاً وَ فِسْقاً فَأَمَرُونَا أَنْ نَدْفِنَهُ فِی حَدِیدِهِ كَمَا هُوَ، فَنَظَرْتُ إِلَیْهِ، فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا رَآنِی قَطُّ إِلَّا قَالَ: أَنَا وَ اللَّهِ أُحِبُّكَ، وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا أَبْغَضَكَ إِلَّا كَافِرٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

یَا عَلِیُّ! لَقَدْ أَثَابَهُ اللَّهُ بِذَا، هَذَا سَبْعُونَ قَبِیلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ كُلُّ قَبِیلٍ عَلَی أَلْفِ قَبِیلٍ قَدْ نَزَلُوا یُصَلُّونَ عَلَیْهِ، فَفَكَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَدِیدَتَهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِثْلَ مَا قَالَ لِی: أُذِنَ لِیَ الْبَارِحَةَ فِی الدُّعَاءِ فَمَا سَأَلْتُ رَبِّی شَیْئاً إِلَّا أَعْطَانِیهِ، وَ مَا سَأَلْتُ لِنَفْسِی شَیْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ وَ أَعْطَانِیهِ. فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی بَنِی خُزَیْمَةَ (2) فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: (3) إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ .. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ یَا عَلِیُّ، فَذَهَبْتُ فَوَدَیْتُهُمْ ثُمَّ نَاشَدْتُهُمْ بِاللَّهِ هَلْ بَقِیَ شَیْ ءٌ؟. فَقَالُوا: إِذْ نَشَدْتَنَا بِاللَّهِ فَمِیلَغَةُ كِلَابِنَا، وَ عِقَالُ بَعِیرِنَا، فَأَعْطَیْتُهُمْ لَهُمَا، وَ بَقِیَ مَعِی ذَهَبٌ كَثِیرٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ إِیَّاهُ، وَ قُلْتُ: هَذَا لِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لِمَا تَعْلَمُونَ وَ لِمَا لَا تَعْلَمُونَ وَ لِرَوْعَاتِ النِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ (4): وَ اللَّهِ مَا یَسُرُّنِی یَا عَلِیُّ أَنَّ لِی بِمَا صَنَعْتَ حُمْرَ النَّعَمِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَ

ص: 327


1- فی المصدر: للرّیاحیّین، و كأنّه نسبة إلی ریاح بطن من تمیم.
2- فی المصدر: بنی جذیمة، و هو الصّواب كما فی الكامل، و فی القاموس: أنّها بفتح فكسر علی وزن سفینة.
3- فی الخصال زیادة: اللّٰهمّ.
4- فی المصدر: فقال.

نَعَمْ (1).

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: یَا عَلِیُّ! عُرِضْتُ (2) عَلَی أُمَّتِی الْبَارِحَةَ فَمَرَّ بِی أَصْحَابُ الرَّایَاتِ، فَاسْتَغْفَرْتُ لَكَ وَ لِشِیعَتِكَ؟!. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: یَا أَبَا بَكْرٍ! اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِی تَجِدُهُ فِی مَوْضِعِ .. كَذَا وَ كَذَا، فَرَجَعَ، فَقَالَ: قَتَلْتَهُ؟. قَالَ: لَا، وَجَدْتُهُ یُصَلِّی. قَالَ: یَا عُمَرُ! اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ، فَرَجَعَ قَالَ (3) لَهُ: قَتَلْتَهُ؟. قَالَ: لَا، وَجَدْتُهُ یُصَلِّی، فَقَالَ: آمُرُكُمَا بِقَتْلِهِ، فَتَقُولَانِ وَجَدْنَاهُ یُصَلِّی؟!، فَقَالَ (4): یَا عَلِیُّ! اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ، فَلَمَّا مَضَیْتُ قَالَ: إِنْ أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) لَمْ أَجِدْ أَحَداً. فَقَالَ: صَدَقْتَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ وَجَدْتَهُ (5) لَقَتَلْتَهُ؟!. فَقَالُوا (6): اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِی: إِنَّ وَلِیَّكَ فِی الْجَنَّةِ وَ عَدُوَّكَ فِی النَّارِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ لَیْسَ مِنْكَ وَ إِنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ الْقِبْطِیِّ. قَالَ: یَا عَلِیُّ! اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ.

فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! إِذَا بَعَثْتَنِی أَكُونُ (7) كَالْمِسْمَارِ الْمُحْمَی فِی الْوَبَرِ أَوْ أَتَثَبَّتُ؟. قَالَ: لَا، بَلْ تَثَبَّتْ، فَذَهَبَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیَّ اسْتَنَدَ إِلَی حَائِطٍ فَطَرَحَ نَفْسَهُ

ص: 328


1- أورد هذه المناشدة ابن إسحاق فی سیرته 4- 70 فی قصّة طویلة، فلاحظها، و أجملها ابن الأثیر فی الكامل 2- 173- 174.
2- فی الخصال: لقد عرضت.
3- فی المصدر: فقال: .
4- فی المصدر: قال.
5- فی س و المصدر: لو أنّك وجدته ..
6- فی الخصال: قالوا.
7- فی ك: فأكون.

فِیهِ فَطَرَحْتُ نَفْسِی عَلَی أَثَرِهِ، فَصَعِدَ عَلَی نَخْلٍ فَصَعِدْتُ (1) خَلْفَهُ (2)، فَلَمَّا رَآنِی قَدْ صَعِدْتُ رَمَی بِإِزَارِهِ فَإِذَا لَیْسَ لَهُ شَیْ ءٌ مِمَّا یَكُونُ لِلرِّجَالِ، فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی صَرَفَ (3) عَنَّا السُّوءَ أَهْلَ الْبَیْتِ؟!. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ (4).

فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ.

بیان:

قوله صلّی اللّٰه علیه و آله: لو لا أن لا یبقی .. ظاهره عدم جواز الاستشفاء و التبرّك بتراب قدم الإمام و هو بعید، و لعلّه ذكر هذا و أراد لازمه و هو الغلوّ و الاعتقاد بالألوهیّة، كما

ورد فی أخبار أخر: لو لا أن تقول فیك طوائف من أمّتی ما قالت النصاری فی عیسی ابن مریم لقلت فیك قولا لم تمرّ بملإ إلّا أخذوا التراب من تحت قدمیك یستشفون به.

، أو هو مبنیّ علی أنّ وضوح الأمر بهذا الحدّ ینافی الابتلاء الذی لا بدّ منه فی التكلیف، و الأول أظهر.

و الزّور بالفتح و الزّوّار بالضم-: جمع الزّائر كسفر و سفّار جمع سافر (5).

و قال الجوهری: كعت عن الأمر (6) أكیع و أكاع .. إذا هبته و جبنت(7).

و قال: رجل شاك فی السّلاح و شاكی السّلاح(8)و الشّاكی السّلاح (9) و (10) هو

ص: 329


1- فی المصدر: و صعدت.
2- فی س: علی خلفه.
3- فی س: صرفنا.
4- فی الخصال: لا، بدلا من: نعم.
5- كذا أورده الطریحی فی مجمع البحرین 3- 319، و الصحاح 2- 673، و غیرهما.
6- فی الصحاح: عن الشی ء.
7- الصحاح 3- 1278، و قریب منه فی مجمع البحرین 4- 387.
8- فی المصدر: رجل شاكی السلاح و شاك فی السلاح.
9- فی المصدر: و الشاكی فی السلاح.
10- لا توجد الواو فی الصحاح.

اللّابس السّلاح التّام (1).

و قال: الشّوكة: شدّة البأس و الحدّ فی السّلاح(2)، و قد شاك الرّجل (3) یشاك شوكا .. أی ظهرت شوكته و حدّته فهو شائك السّلاح و شاكی السّلاح أیضا مقلوب منه (4).

و البطل بالتحریك-: الشّجاع (5).

و النّقیر: ما نقر من الحجر و الخشب و نحوه، ذكره الفیروزآبادی(6)

قوله علیه السلام: إلی شی ء ینزل من السماء .. أی أنّه صلّی اللّٰه علیه و آله لمّا نظر إلی الملائكة ینزلون قام و مشی نحوهم لینظر لأیّ شی ء و إلی أیّ شی ء ینزلون فمشی حتی انتهی إلی تلك الجنازة و علم أنّ نزولهم لذلك.

و قال فی النهایة

فی (7) حدیث علیّ (علیه السلام): أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم بعثه لیدی قوما قتلهم خالد بن الولید فأعطاهم میلغة الكلب.

هی الإناء الّتی(8)یلغ فیه الكلب .. یعنی أعطاهم قیمة كلّ ما ذهب لهم حتّی قیمة المیلغة(9)

«2»-ج (10): رَوَی عُمَرُ بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ صَلَوَاتُ

ص: 330


1- الصحاح 4- 1594.
2- فی المصدر: لا توجد من قوله: الشوكة .. إلی هنا. و قال الفیروزآبادی فی القاموس المحیط 3- 310: الشوكة: السلاح أو حدّته، و من القتال: شدّة بأسه و النكایة فی العدوّ. و قال ابن الأثیر فی النهایة 2- 510: و شوكة القتال: شدّته و حدّته.
3- فی الصحاح زیادة: للسلاح، و شیك هو- علی ما لم یسمّ فاعله-.
4- الصحاح 4- 1595.
5- ذكره فی القاموس 3- 335، و الصحاح 4- 1635، و غیرهما.
6- فی القاموس المحیط 2- 147، و جاء فی لسان العرب 5- 228 أیضا.
7- فی المصدر: و منه، بدلا من: فی.
8- فی المصدر: الذی.
9- النهایة 5- 226، و جاء فی لسان العرب 8- 460 أیضا بنصّه.
10- الاحتجاج 1- 135- 145 طبعة النّجف [1- 192- 210] بتفصیل فی الإسناد.

اللَّهِ عَلَیْهِ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَ أَجْمَعَ عَلَی الشُّورَی، بَعَثَ إِلَی سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَیْشٍ، إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ إِلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَ إِلَی زُبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ (1)، وَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوا إِلَی بَیْتٍ (2) فَلَمْ (3) یَخْرُجُوا مِنْهُ حَتَّی یُبَایِعُوا لِأَحَدِهِمْ، فَإِنِ اجْتَمَعَ أَرْبَعَةٌ عَلَی وَاحِدٍ وَ أَبَی وَاحِدٌ أَنْ یُبَایِعَهُمْ قُتِلَ، وَ إِنِ امْتَنَعَ اثْنَانِ وَ بَایَعَ ثَلَاثَةٌ قُتِلَا، فَاجْتَمَعَ (4) رَأْیُهُمْ عَلَی عُثْمَانَ، فَلَمَّا رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا هَمَّ الْقَوْمُ بِهِ مِنَ الْبَیْعَةِ لِعُثْمَانَ، قَامَ فِیهِمْ لِیَتَّخِذَ عَلَیْهِمُ الْحُجَّةَ، فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَهُمْ: اسْمَعُوا مِنِّی(5) فَإِنْ یَكُ مَا أَقُولُ حَقّاً فَاقْبَلُوا وَ إِنْ یَكُ بَاطِلًا فَأَنْكِرُوا.

ثُمَّ قَالَ لَهُمْ (6): أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِی یَعْلَمُ صِدْقَكُمْ إِنْ صَدَقْتُمْ وَ یَعْلَمُ كَذِبَكُمْ إِنْ كَذَبْتُمْ، هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ صَلَّی إِلَی الْقِبْلَتَیْنِ كِلْتَیْهِمَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ مَنْ بَایَعَ الْبَیْعَتَیْنِ- بَیْعَةَ الْفَتْحِ (7) وَ بَیْعَةَ الرِّضْوَانِ-، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَخُوهُ الْمُزَیَّنُ بِالْجَنَاحَیْنِ فِی الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَمُّهُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

ص: 331


1- فی المصدر: و إلی ..
2- فی طبعة النّجف: إلی البیت.
3- فی الاحتجاج: و لا، و هو الظّاهر.
4- فی المصدر: فأجمع.
5- فی الاحتجاج زیادة كلمة: كلامی.
6- لا توجد فی المصدر كلمة: لهم.
7- فی المصدر: بایع البیعتین كلتیهما- الفتح ...

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ زَوْجَتُهُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (1)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ ابْنَاهُ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُمَا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَرَفَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُ تَطْهِیراً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَایَنَ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مِثَالِ دِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَدَّی الزَّكَاةَ وَ هُوَ رَاكِعٌ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (2) وَ أَعْطَاهُ الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ فَلَمْ یَجِدْ حَرّاً وَ لَا بَرْداً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ بِأَمْرِ اللَّهِ (3)، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (4) أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْحَضَرِ وَ رَفِیقُهُ فِی السَّفَرِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 332


1- فی الاحتجاج: نساء العالمین.
2- كذا، و فی المصدر زیادة: عینیه.
3- فی المصدر زیادة: تعالی.
4- فی الاحتجاج زیادة: هو.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ بَارَزَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ یَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ قَتَلَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ مَنْ سَمَّاهُ (1) اللَّهُ فِی عَشْرِ آیَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُؤْمِناً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهِ (2)فِی وُجُوهِ الْكُفَّارِ فَانْهَزَمُوا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ یَوْمَ أُحُدٍ حِینَ ذَهَبَ النَّاسُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَضَی دَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (3): نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَی رُؤْیَتِهِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا (4).

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ شَهِدَ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ كَفَّنَهُ (5)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 333


1- فی ك: هل فیكم أحد من سمّاه ...
2- فی المصدر: بها، بدلا من: به، و هو الظّاهر.
3- لا توجد هذه المناشدة فی طبعتی الاحتجاج.
4- لا توجد فی س: قالوا: لا.
5- فی الاحتجاج زیادة: و لحده.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَرِثَ سِلَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ رَایَتَهُ وَ خَاتَمَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ طَلَاقَ نِسَائِهِ بِیَدِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ حَمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی ظَهْرِهِ حَتَّی كَسَرَ الْأَصْنَامَ عَلَی بَابِ الْكَعْبَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نُودِیَ بِاسْمِهِ یَوْمَ بَدْرٍ: لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الطَّائِرِ (1) الَّذِی أُهْدِیَ إِلَیْهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ صَاحِبُ رَایَتِی فِی الدُّنْیَا وَ صَاحِبُ لِوَائِی فِی الْآخِرَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَدَّمَ بَیْنَ یَدَیْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ یَخْصِفُ (2) نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنَا أَخُوكَ وَ أَنْتَ أَخِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

اللَّهُمَّ عَلِیٌّ (3) أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَیَّ وَ أَقْوَلُهُمْ بِالْحَقِّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 334


1- فی المصدر زیادة: المشویّ.
2- فی الاحتجاج: خصف.
3- فی المصدر: أنت أحبّ، و لا توجد اللّٰهمّ علیّ.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اسْتَقَی (1) مِائَةَ دَلْوٍ بِمِائَةِ تَمْرَةٍ وَ جَاءَ بِالتَّمْرِ فَأَطْعَمَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ جَائِعٌ-، غَیْرِی (2)؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَلَّمَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ فِی ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَوْمَ بَدْرٍ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ غَمَّضَ (3) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ قَبْلِی (4)؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ أَوَّلَ دَاخِلٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ آخِرَ خَارِجٍ مِنْ عِنْدِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ مَشَی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَمَرَّ عَلَی حَدِیقَةٍ، فَقُلْتُ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِیقَةَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: وَ حَدِیقَتُكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ .. حَتَّی مَرَرْتُ عَلَی ثَلَاثِ حَدَائِقَ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهُ: حَدِیقَتُكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِی(5) وَ أَوَّلُ مَنْ یُصَافِحُنِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِیَدِهِ وَ یَدِ امْرَأَتِهِ وَ ابْنَیْهِ حَتَّی (6) حِینَ أَرَادَ أَنْ یُبَاهِلَ نَصَارَی أَهْلِ نَجْرَانَ، غَیْرِی؟!.

ص: 335


1- فی الاحتجاج: أحد وجد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم جائعا فاستقی ..
2- فی المصدر: غیری و هو جائع.
3- فی المصدر زیادة: عین.
4- فی الاحتجاج زیادة: غیری.
5- فی الاحتجاج زیادة: و صدّقنی.
6- كذا، و لا توجد: حتّی، فی المصدر، و هو الظّاهر.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ (1) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَوَّلُ طَالِعٍ یَطْلُعُ عَلَیْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ یَا أَنَسُ! فَإِنَّهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدُ الْمُسْلِمِینَ وَ خَیْرُ الْوَصِیِّینَ(2) وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ، فَقَالَ أَنَسٌ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَكُنْتُ أَنَا (3) الطَّالِعَ، فَقَالَ لَهُ (4) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِأَنَسٍ: مَا أَنْتَ یَا أَنَسُ (5) بِأَوَّلِ رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَزَلَتْ فِیهِ هَذِهِ الْآیَةُ: (إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ)(6)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ وَ فِی وُلْدِهِ: (إِنَّ الْأَبْرارَ یَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) (7) ... إِلَی آخِرِ السُّورَةِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی(8) فِیهِ: (أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لا یَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ) (9)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَلْفَ

ص: 336


1- لا توجد فی س: له.
2- لا توجد فی الاحتجاج: و خیر الوصیّین.
3- فی ك: فكنت أوّل.
4- كذا، و الظّاهر أنّ: له، زائدة، و لا توجد فی المصدر.
5- لا توجد: یا أنس، فی المصدر.
6- المائدة: 55.
7- الإنسان: 5.
8- لا توجد: تعالی، فی الاحتجاج.
9- التّوبة: 19.

كَلِمَةٍ كُلُّ كَلِمَةٍ مِفْتَاحُ أَلْفِ كَلِمَةٍ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاجَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ الطَّائِفِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ (1): نَاجَیْتَ عَلِیّاً دُونَنَا؟! فَقَالَ لَهُمْ (2) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَا أَنَا نَاجَیْتُهُ بَلِ اللَّهُ أَمَرَنِی بِذَلِكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَقَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الْمِهْرَاسِ (3)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَدْخُلُ بِشَفَاعَتِكَ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ الْخَلْقِ مِنْ(4) رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

یَا عَلِیُّ! أَنْتَ (5) تُكْسَی حِینَ أُكْسَی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ الْفَائِزُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ هَذَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْ أَحَبَّ شَعَرَاتِی (6) هَذِهِ فَقَدْ أَحَبَّنِی، وَ مَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، فَقِیلَ لَهُ: وَ مَا

ص: 337


1- فی المصدر زیادة: یا رسول اللّٰه.
2- فی الاحتجاج زیادة: النّبیّ.
3- المهراس: حجر منقور یدقّ فیه و یتوضّأ منه، و قد تعرّض لها المصنّف رحمه اللّٰه فی بیانه الآتی و ذكرناها هناك.
4- لا یوجد فی المصدر: الخلق، و فیه: من عدد.
5- لا توجد فی ك: یا علیّ أنت.
6- فی المصدر: شطراتی. أقول: قال فی مجمع البحرین 3- 346: .. و قد یجی ء الشّطر بمعنی النّصف و الجزء و هو كثیر، و فصّله فی القاموس المحیط 2- 85، فراجع.

شَعَرَاتُكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) (1)؟ قَالَ: عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ فَاطِمَةُ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ خَیْرُ الْبَشَرِ بَعْدَ النَّبِیِّینَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله): أَنْتَ الْفَارُوقُ تُفَرِّقُ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَفْضَلُ الْخَلَائِقِ عَمَلًا یَوْمَ الْقِیَامَةِ بَعْدَ النَّبِیِّینَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كِسَاءَهُ وَ حَطَّهُ (2) عَلَیْهِ وَ عَلَی زَوْجَتِهِ وَ ابْنَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنَا وَ أَهْلُ بَیْتِی إِلَیْكَ لَا إِلَی النَّارِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ یَبْعَثُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الطَّعَامَ وَ هُوَ فِی الْغَارِ وَ یُخْبِرُهُ الْأَخْبَارَ (3)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (4): نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

لَا سِرَّ دُونَكَ (5) غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ صَاحِبِی مِنْ أَهْلِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَ أَفْضَلُهُمْ عِلْماً، وَ أَكْثَرُهُمْ حِلْماً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 338


1- لا یوجد فی الاحتجاج: یا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- لا یوجد فی الاحتجاج: و حطّه.
3- فی المصدر: بالأخبار.
4- لا توجد هذه المناشدة فی طبعتی الاحتجاج.
5- فی ك نسخة بدل: لا سرّ لأمر.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (1) قَتَلَ مَرْحَبَ الْیَهُودِیَّ مُبَارَزَةً فَارِسَ الْیَهُودِ (2)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَرَضَ عَلَیْهِ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْإِسْلَامَ فَقَالَ لَهُ: أَنْظِرْنِی حَتَّی أَلْقَی وَالِدِی. فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ عِنْدَكَ. فَقُلْتُ: وَ إِنْ (3) كَانَتْ أَمَانَةً عِنْدِی فَقَدْ أَسْلَمْتُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ احْتَمَلَ بَابَ خَیْبَرَ حِینَ فَتَحَهَا فَمَشَی بِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ ثُمَّ عَالَجَهُ بَعْدَهُ أَرْبَعُونَ (4) رَجُلًا فَلَمْ یُطِیقُوهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَزَلَتْ فِیهِ هَذِهِ الْآیَةُ: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ناجَیْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (5) فَكُنْتُ أَنَا الَّذِی قَدَّمَ (6)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْ سَبَّ عَلِیّاً فَقَدْ سَبَّنِی وَ مَنْ سَبَّنِی فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْزِلِی مُوَاجِهَ مَنْزِلِكَ فِی الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ قَاتَلَكَ، وَ عَادَی اللَّهُ مَنْ عَادَاكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اضْطَجَعَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی

ص: 339


1- فی ك زیادة هنا: قال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- فی المصدر: فارس الیهود مبارزة- بتقدیم و تأخیر-.
3- فی الاحتجاج: فإن.
4- فی المصدر: أربعین.
5- المجادلة: 12.
6- فی الاحتجاج زیادة: الصّدقة.

اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ أَرَادَ أَنْ یَسِیرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (1) إِلَی الْمَدِینَةِ وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ مِنَ (2) الْمُشْرِكِینَ حِینَ أَرَادُوا قَتْلَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَوْلَی النَّاسِ بِأُمَّتِی مِنْ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ وَ اللَّهُ یَكْسُوَكَ ثَوْبَیْنِ أَحَدُهُمَا أَخْضَرُ وَ الْآخَرُ وَرْدِیٌّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ صَلَّی قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِینَ وَ أَشْهُرٍ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ آخِذٌ بِحُجْزَةِ رَبِّی وَ الْحُجْزَةُ (3) النُّورُ وَ أَنْتَ آخِذٌ بِحُجْزَتِی وَ أَهْلُ بَیْتِی آخِذُونَ(4) بِحُجْزَتِكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ كَنَفْسِی وَ حُبُّكَ حُبِّی وَ بُغْضُكَ بُغْضِی، غَیْرِی (5)؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

وَلَایَتُكَ كَوَلَایَتِی عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ رَبِّی وَ أَمَرَنِی أَنْ أُبَلِّغَكُمُوهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

ص: 340


1- لا یوجد فی المصدر: رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- لا توجد: من، فی الاحتجاج.
3- فی المصدر: الحجزة. أقول: و أصل الحجزة: موضع شدّ الإزار، ثمّ قیل للإزار: حجزة، للمجاورة، كما قال فی النّهایة 1- 344 و فیه: و منه الحدیث الآخر: و النّبیّ آخذ بحجزة اللّٰه .. أی بسبب منه. و انظر: القاموس المحیط 2- 171، و الصّحاح 3- 872، و غیرهما.
4- فی المصدر: أخذن.
5- لا یوجد فی الاحتجاج- طبعة إیران-: غیری.

اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِی عَوْناً وَ عَضُداً وَ نَاصِراً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ أَنْتَ یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ رُمَّانَةً وَ قَالَ: هَذِهِ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ لَا یَنْبَغِی أَنْ یَأْكُلَ مِنْهُ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَا سَأَلْتُ رَبِّی شَیْئاً إِلَّا أَعْطَانِیهِ وَ لَمْ أَسْأَلْ رَبِّی شَیْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ أَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْقَضِیَّةِ، وَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِیَّةِ، وَ أَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِیَّةً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

فَضْلُكَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَی الْقَمَرِ، وَ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَی النُّجُومِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

یُدْخِلُ اللَّهُ وَلِیَّكَ الْجَنَّةَ وَ عَدُوَّكَ النَّارَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

النَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّی وَ أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (1): نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی آیَتَیْنِ (2) مِنَ

ص: 341


1- هنا تأخیر لهذه المناشدة عن الآتیة فی المصدر بطبعتیه.
2- فی المصدر: الآیتین.

الْقُرْآنِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ أَنْتَ سَیِّدُ الْعَرَبِ (1) وَ لَا فَخْرَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَوْعِدُكَ مَوْعِدِی وَ مَوْعِدُ شِیعَتِكَ الْحَوْضُ إِذَا خَافَتِ الْأُمَمُ وَ وُضِعَتِ الْمَوَازِینُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

اللَّهُمَّ إِنِّی أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَوْدِعُكَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنْتَ تُحَاجُّ النَّاسَ فَتَحُجُّهُمْ (2) بِإِقَامَةِ (3) الصَّلَاةِ، وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ، وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ إِقَامَةِ (4) الْحُدُودِ، وَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ بَدْرٍ (5) بِیَدِهِ فَرَفَعَهَا حَتَّی نَظَرَ النَّاسُ إِلَی بَیَاضِ إِبْطِهِ وَ (6) یَقُولُ: أَلَا إِنَّ هَذَا ابْنُ عَمِّی وَ وَزِیرِی فَوَازِرُوهُ وَ نَاصِحُوهُ وَ صَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ وَلِیُّكُمْ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أُنْزِلَتْ (7) فِیهِ هَذِهِ الْآیَةُ: (وَ یُؤْثِرُونَ

ص: 342


1- فی المصدر زیادة: و العجم.
2- فی المصدر: متحججهم، و المعنی مقارب. انظر: مجمع البحرین 2- 286، و الصّحاح 1- 304، و غیرهما.
3- فی س زیادة: النّاس، و خطّ علیها فی ك.
4- فی الاحتجاج: أقام.
5- كذا فی س، و لا توجد فی ك: بدر، و استظهر فی كلتیهما: غدیر، و یوم بدر، نسخة فی المصدر.
6- فی المصدر زیادة: و هو.
7- فی الاحتجاج: نزلت.

عَلی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (1)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ جَبْرَئِیلُ أَحَدَ ضِیفَانِهِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ (2)فِیكُمْ أَحَدٌ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَنُوطاً مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ (3): اقْسِمْهُ أَثْلَاثاً، ثُلُثاً لِی تُحَنِّطُنِی بِهِ، وَ ثُلُثاً لِابْنَتِی، وَ ثُلُثاً لَكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ (4)فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَیَّاهُ وَ أَدْنَاهُ (5) وَ تَهَلَّلَ لَهُ وَجْهُهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا (6): لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ (7) فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

أَنَا أَفْتَخِرُ بِكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِذَا افْتَخَرَتِ الْأَنْبِیَاءُ بِأَوْصِیَائِهَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ (8) فِیكُمْ أَحَدٌ سَرَّحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَسُورَةِ بَرَاءَةَ إِلَی الْمُشْرِكِینَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَمْرِ اللَّهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنِّی لَأَرْحَمُكَ مِنْ ضَغَائِنَ فِی صُدُورِ أَقْوَامٍ عَلَیْكَ لَا یُظْهِرُونَهَا حَتَّی یَفْقِدُونِی، فَإِذَا فَقَدُونِی خَالَفُوا فِیهَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَدَّی اللَّهُ عَنْ

ص: 343


1- الحشر: 9.
2- فی المصدر: قال: فهل.
3- لا توجد: قال، فی المصدر.
4- فی الاحتجاج: قال: فهل ...
5- فی الاحتجاج زیادة: و رحّب به.
6- فی طبعة الاحتجاج فی إیران: فقالوا.
7- فی المصدر: قال: فهل.
8- فی المصدر: قال: فهل.

أَمَانَتِكَ، أَدَّی اللَّهُ عَنْ ذِمَّتِكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (1): فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ فَتَحَ حِصْنَ خَیْبَرَ، وَ سَبَی بِنْتَ مَرْحَبٍ فَأَدَّاهَا (2) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ قَسِیمُ النَّارِ تُخْرِجُ مِنْهَا مَنْ زَكَا وَ تَذَرُ فِیهَا كُلَّ كَافِرٍ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: هَلْ (3) فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: تَرِدُ عَلَیَّ الْحَوْضَ أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ رِوَاءً مَرْوِیِّینَ مُبْیَضَّةً وُجُوهُهُمْ، وَ یَرِدُ عَلَیَّ عَدُوُّكَ ظِمَاءَ مُظْمَئِینَ مُفْحَمِینَ(4) مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ثُمَّ(5)قَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ رِضْوَانُهُ: أَمَّا إِذَا أَقْرَرْتُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ اسْتَبَانَ لَكُمْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ نَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَعَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ، وَ أَنْهَاكُمْ عَنْ (6) سَخَطِهِ وَ لَا تَعْصُوا أَمْرَهُ، وَ رُدُّوا الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ، وَ اتَّبِعُوا سُنَّةَ نَبِیِّكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِذَا (7) خَالَفْتُمْ خَالَفْتُمُ اللَّهَ، فَادْفَعُوهَا إِلَی مَنْ هُوَ أَهْلُهَا وَ هِیَ لَهُ.

قَالَ: فَتَغَامَزُوا بَیْنَهُمْ وَ تَشَاوَرُوا، وَ قَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَهُ وَ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا، وَ لَكِنَّهُ رَجُلٌ لَا یُفَضِّلُ أَحَداً عَلَی أَحَدٍ، فَإِنْ وَلَّیْتُمُوهَا إِیَّاهُ جَعَلَكُمْ وَ جَمِیعَ النَّاسِ فِیهَا شَرَعاً سَوَاءً، وَ لَكِنْ وَلُّوهَا عُثْمَانَ فَإِنَّهُ یَهْوَی الَّذِی تَهْوُونَ، فَدَفَعُوهَا إِلَیْهِ.

ص: 344


1- هذه المناشدة متأخّرة عن الّتی تلیها فی طبعتی الاحتجاج.
2- فی مطبوع البحار: فآذاها، و هو غلط.
3- فی المصدر: فهل.
4- فی المصدر: مقتحمین.
5- لا توجد فی المصدر: ثمّ.
6- فی س: من، بدلا من: عن.
7- فی الاحتجاج: إن، بدلا من: إذا.

بیان:

صلی إلی القبلتین .. أی معا فی صلاة واحدة أو جمیع (1)فی مكة بین الكعبة و بیت المقدس، مع أنّه لا استبعاد فی عدم إتیان غیره بالصلاة إلی تحوّل القبلة، فإنّ الصلاة فی أوّل الأمر لم تكن واجبة یأتی بها جمیع المسلمین لكنّه بعید.

و لعلّ المراد ببیعة الفتح بیعة افتتاح تبلیغ الرسالة یوم جمع بنی عبد المطلب، فإنّهم لم یكونوا داخلین فی تلك البیعة، و یحتمل عدم دخول بعضهم فی بیعة فتح مكة، و بعضهم فی بیعة الرضوان.

قوله علیه السلام: أوّل داخل .. إلی آخره .. أی كلّ یوم أو فی أوّل سنة بمكة و عند وفاة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله.

و قال الجوهری: المهراس: حجر منقور یدقّ فیه و یتوضّأ (2)

قوله علیه السلام: من أحبّ شعراتی .. تشبیههم بالشعرات لكونهم علیهم السلام منه صلّی اللّٰه علیه و آله و موجبین لحسنه كما أنّ الشعر بالنسبة إلی الإنسان كذلك.

قوله علیه السلام: بعد النبیّین .. أی بعد درجة النبیّین من حیث المجموع، فإنّ فیهم من هو أفضل منه، و یحتمل أن یكون هذا للتقیّة و المصلحة لئلّا یغلق (3).

فیه الناس، أو یكون هذا حاله علیه السلام قبل الإمامة و بعده یكون أفضل منهم، و به یجمع بین الأخبار.

قوله علیه السلام: أنظرنی .. لعلّه علیه السلام أراد أن یشرك والده فی

ص: 345


1- كذا ، والظاهر : جمع ، بصیغة المفرد المذكر الغائب.
2- الصحاح 3- 990 و فیها: یتوضأ منه، و قریب منه فی لسان العرب 6- 248.
3- أقول: كلام غلق .. أی مشكل، قاله فی الصحاح 4- 1538، و القاموس 3- 273، و فی النهایة 3- 380: الغلق- بالتحریك- ضیق الصدر و قلّة الصّبر، و رجل غلق: سیّئ الخلق. و نظیره فی مجمع البحرین 5- 223.

الإسلام رعایة لحقّه بعد إظهار ما یجب من الطاعة و القبول، فلمّا قال له الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله: إنّها أمانة عندك، علم أنّه صلّی اللّٰه علیه و آله لا یحبّ انتشار الأمر، فخاف من إعلام والده ذلك، فبادر(1) إلی البیعة و ما یستحبّ من إظهار كمال المتابعة و الانقیاد.

قوله علیه السلام: رضی اللّٰه عنه .. فی آیتین من القرآن إحداهما قوله تعالی: (لَقَدْ رَضِیَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ ...) (2) الآیة، و الأخری قال اللّٰه: (هذا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ ...) إلی قوله: (رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ) (3)، أو قوله تعالی: (وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ) (4)، و قوله تعالی: (أُولئِكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ ...) إلی قوله: (رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ) (5)، أو (6) قوله تعالی: (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ ...) إلی قوله: (رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ) (7)، و الأخیر أظهر للأخبار الكثیرة الدالّة علی نزولها فیه علیه السلام و فی شیعته، و یحتمل أن یكون المراد بالتثنیة مطلق التكرار نحو: لبّیك و سعدیك .. فیشمل الجمیع.

قوله صلّی اللّٰه علیه و آله: أدّی اللّٰه .. دعاء أو خبر .. أی یوفّقك اللّٰه لأداء الأمانات و الذمم و العهود، و الأول أظهر.

ص: 346


1- فی س: فبادروا.
2- الفتح: 18.
3- المائدة: 119.
4- التوبة: 100.
5- المجادلة: 22.
6- فی ك: واو، بدلا من: أو.
7- البیّنة: 7- 8.

«3»-ل (1): فِیمَا أَجَابَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْیَهُودِیَّ السَّائِلَ عَمَّا امْتَحَنَ بِهِ مِنْ بَیْنِ الْأَوْصِیَاءِ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ-: فَإِنَّ الْقَائِمَ بَعْدَ صَاحِبِهِ كَانَ یُشَاوِرُنِی فِی مَوَارِدِ الْأُمُورِ فَیُصْدِرُهَا عَنْ أَمْرِی وَ یُنَاظِرُنِی فِی غَوَامِضِهَا فَیُمْضِیهَا عَنْ رَأْیِی لَا أُعْلِمُهُ (2) أَحَداً وَ لَا یَعْلَمُهُ أَصْحَابِی، لَا (3) یُنَاظِرُهُ فِی ذَلِكَ غَیْرِی، وَ لَا یَطْمَعُ فِی الْأَمْرِ بَعْدَهُ سِوَایَ، فَلَمَّا أَنْ أَتَتْهُ مَنِیَّتُهُ عَلَی فَجْأَةٍ بِلَا مَرَضٍ كَانَ قَبْلَهُ وَ لَا أَمْرٍ كَانَ أَمْضَاهُ فِی صِحَّةٍ مِنْ بَدَنِهِ، لَمْ أَشُكَّ أَنِّی قَدِ اسْتَرْجَعْتُ حَقِّی فِی عَافِیَةٍ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِی كُنْتُ أَطْلُبُهَا، وَ الْعَاقِبَةِ الَّتِی كُنْتُ أَلْتَمِسُهَا، وَ إِنَّ اللَّهَ سَیَأْتِی بِذَلِكَ عَلَی أَحْسَنِ مَا رَجَوْتُ وَ أَفْضَلِ مَا أَمَّلْتُ، فَكَانَ (4) مِنْ فِعْلِهِ أَنْ خَتَمَ أَمْرَهُ بِأَنْ سَمَّی قَوْماً أَنَا سَادِسُهُمْ وَ لَمْ یُسَوِّنِی (5) بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَ لَا ذَكَرَ لِی حَالًا فِی وِرَاثَةِ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لَا قَرَابَةً وَ لَا صِهْراً (6) وَ لَا نَسَبَ (7)، وَ لَا كَانَ (8) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلُ سَابِقَةٍ مِنْ سَوَابِقِی، وَ لَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِی، وَ صَیَّرَهَا شُورَی بَیْنَنَا، وَ صَیَّرَ ابْنَهُ فِیهَا حَاكِماً عَلَیْنَا، وَ أَمَرَهُ أَنْ یَضْرِبَ أَعْنَاقَ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِینَ صَیَّرَ الْأَمْرَ فِیهِمْ إِنْ لَمْ یُنَفِّذُوا أَمْرَهُ، وَ كَفَی بِالصَّبْرِ عَلَی هَذَا یَا أَخَا الْیَهُودِ صَبْراً، فَمَكَثَ الْقَوْمُ أَیَّامَهُمْ كُلَّهَا كُلٌّ یَخْطُبُ لِنَفْسِهِ وَ أَنَا مُمْسِكٌ، إِلَی (9)أَنْ سَأَلُونِی عَنْ أَمْرِی، فَنَاظَرْتُهُمْ فِی أَیَّامِی وَ أَیَّامِهِمْ، وَ آثَارِی وَ آثَارِهِمْ، وَ أَوْضَحْتُ

ص: 347


1- الخصال 2- 374- 377 باب السّبعة.
2- خ. ل: لا أعلم أحدا، و لا أعلم أصحابی یناظره.
3- لا توجد: لا، فی المصدر.
4- فی الخصال: و كان.
5- فی المصدر: و لم یستونی.
6- وضع فی مطبوع البحار علی: صهرا، رمز نسخة بدل.
7- خ. ل: نسبا، جاء علی البحار، و هو الظّاهر.
8- لا توجد: كان، فی المصدر.
9- فی الخصال: عن، بدلا من: إلی.

لَهُمْ مَا لَمْ یَجْهَلُوهُ مِنْ وُجُوهِ اسْتِحْقَاقِی لَهَا دُونَهُمْ، وَ ذَكَّرْتُهُمْ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَیْهِمْ، وَ تَأْكِیدَ مَا أَكَّدَهُ مِنَ الْبَیْعَةِ (1) لِی فِی أَعْنَاقِهِمْ، دَعَاهُمْ حُبُّ الْإِمَارَةِ وَ بَسْطُ الْأَیْدِی وَ الْأَلْسُنِ فِی الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ، وَ الرُّكُونُ إِلَی الدُّنْیَا، وَ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَاضِینَ قَبْلَهُمْ إِلَی تَنَاوُلِ مَا لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِذَا خَلَوْتُ بِالْوَاحِدِ ذَكَّرْتُهُ أَیَّامَ اللَّهِ وَ حَذَّرْتُهُ مَا هُوَ قَادِمٌ عَلَیْهِ وَ صَائِرٌ إِلَیْهِ الْتَمَسَ مِنِّی شَرْطاً أَنْ أُصَیِّرَهَا لَهُ بَعْدِی، فَلَمَّا لَمْ یَجِدُوا عِنْدِی إِلَّا الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ وَ الْحَمْلَ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَصِیَّةِ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَعْطَاهُ(2) كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ مَنَعَهُ مَا لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ، أَزَالُوهَا (3) عَنِّی إِلَی ابْنِ عَفَّانَ طَمَعاً إِلَی التَّبَجُّحِ (4) مَعَهُ فِیهَا، وَ ابْنُ عَفَّانَ رَجُلٌ لَمْ تُسَوَّ بِهِ(5) وَ بِوَاحِدٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ حَالٌ لَهُ (6) قَطُّ فَضْلًا عَمَّنْ(7) دُونَهُمْ، لَا بِبَدْرٍ الَّتِی هِیَ سَنَامُ فَخْرِهِمْ-، وَ لَا غَیْرِهَا مِنَ الْمَآثِرِ الَّتِی أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَنِ اخْتَصَّهُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ، ثُمَّ لَمْ أَعْلَمِ الْقَوْمَ أَمْسَوْا مِنْ یَوْمِهِمْ ذَلِكَ حَتَّی ظَهَرَتْ نَدَامَتُهُمْ، وَ نَكَصُوا عَلَی أَعْقَابِهِمْ، وَ أَحَالَ بَعْضُهُمْ عَلَی كَلِّ (8) بَعْضٍ، كُلٌّ یَلُومُ نَفْسَهُ وَ یَلُومُ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ لَمْ تَطُلِ الْأَیَّامُ بِالْمُسْتَبِدِّ بِالْأَمْرِ ابْنِ عَفَّانَ حَتَّی أَكْفَرُوهُ وَ تَبَرَّءُوا مِنْهُ، وَ مَشَی إِلَی أَصْحَابِهِ خَاصَّةً وَ سَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 348


1- لا توجد فی س: البیعة.
2- كذا، و الظّاهر: إعطاء- بلا ضمیر- كما فی المصدر، أو: إعطاءه.
3- فی الخصال: أزالها.
4- جاءت حاشیة علی ك و هی: و التّبحبح: التّمكّن فی الحلول و المقام. صحاح. انظر: الصّحاح 1- 354. و فی س: التّبحبح، و قد جاءت العبارة فی المصدر: طمعا فی الشّحیح معه فیها.
5- فی المصدر: لم یستو.
6- لا توجد: له، فی الخصال، و هو الظّاهر، و قد وضع علیها فی ك رمز نسخة بدل.
7- فی ك نسخة بدل: عن.
8- لا توجد: كل، فی الخصال، كما هو الظّاهر، و قد خطّ علیها فی ك.

وَ آلِهِ عَلَی هَذِهِ (1) یَسْتَقِیلُهُمْ مِنْ بَیْعَتِهِ وَ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ مِنْ فَلْتَتِهِ، فَكَانَتْ هَذِهِ یَا أَخَا الْیَهُودِ أَكْبَرَ مِنْ أُخْتِهَا وَ أَفْظَعَ (2) وَ أَحْرَی أَنْ لَا یُصْبَرَ عَلَیْهَا، فَنَالَنِی مِنْهَا الَّذِی لَا (3) یَبْلُغُ وَصْفَهُ وَ لَا یَجِدُ (4) وَقْتَهُ، وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدِی فِیهِ إِلَّا الصَّبْرُ عَلَی مَا أَمَضَّ وَ أَبْلَغَ مِنْهَا، وَ لَقَدْ أَتَانِی الْبَاقُونَ مِنَ السِّتَّةِ مِنْ یَوْمِهِمْ كُلٌّ رَاجِعٌ عَمَّا كَانَ رَكِبَ مِنِّی، یَسْأَلُنِی خَلْعَ ابْنِ عَفَّانَ وَ الْوُثُوبَ عَلَیْهِ وَ أَخْذَ حَقِّی، وَ یُعْطِینِی صَفْقَتَهُ وَ بَیْعَتَهُ عَلَی الْمَوْتِ تَحْتَ رَایَتِی، أَوْ یَرُدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیَّ حَقِّی، فَوَ اللَّهِ یَا أَخَا الْیَهُودِ مَا مَنَعَنِی مِنْهَا إِلَّا الَّذِی مَنَعَنِی مِنْ أُخْتَیْهَا قَبْلَهَا، وَ رَأَیْتُ الْإِبْقَاءَ عَلَی مَنْ بَقِیَ مِنَ الطَّائِفَةِ أَبْهَجَ لِی وَ آنَسَ لِقَلْبِی مِنْ فَنَائِهَا، وَ عَلِمْتُ أَنِّی إِنْ حَمَلْتُهَا عَلَی دَعْوَةِ الْمَوْتِ رَكِبْتُهُ، فَأَمَّا نَفْسِی فَقَدْ عَلِمَ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ تَرَی وَ مَنْ غَابَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّ الْمَوْتَ عِنْدِی بِمَنْزِلَةِ الشَّرْبَةِ الْبَارِدَةِ فِی الْیَوْمِ الشَّدِیدِ الْحَرِّ مِنْ ذِی الْعَطَشِ الصَّدَی، وَ لَقَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَا وَ عَمِّی حَمْزَةُ وَ أَخِی جَعْفَرٌ وَ ابْنُ عَمِّی عُبَیْدَةُ عَلَی أَمْرٍ وَفَیْنَا بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَتَقَدَّمَنِی أَصْحَابِی وَ تَخَلَّفْتُ بَعْدَهُمْ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِینَا: (مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا)(5) حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُبَیْدَةُ، وَ أَنَا وَ اللَّهِ الْمُنْتَظِرُ یَا أَخَا الْیَهُودِ وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِیلًا، وَ مَا سَكَّتَنِی عَنِ ابْنِ عَفَّانَ وَ حَثَّنِی عَلَی الْإِمْسَاكِ (6) إِلَّا أَنِّی عَرَفْتُ مِنْ أَخْلَاقِهِ فِیمَا اخْتَبَرْتُ مِنْهُ بِمَا لَنْ یَدَعَهُ حَتَّی یَسْتَدْعِیَ الْأَبَاعِدَ إِلَی قَتْلِهِ وَ خَلْعِهِ فَضْلًا عَنِ الْأَقَارِبِ، وَ أَنَا فِی عُزْلَةٍ، فَصَبَرْتُ حَتَّی كَأَنَّ ذَلِكَ، لَمْ أَنْطِقْ فِیهِ بِحَرْفٍ مِنْ لَا،

ص: 349


1- فی الخصال: بدلا من: علی هذه، كلمة: عامّة.
2- قد تقرأ الكلمة فی مطبوع البحار: أقظع، و الظّاهر ما فی المصدر: أقطع.
3- لا توجد: لا، فی المصدر.
4- فی ك: یحدّ.
5- الأحزاب: 23.
6- فی الخصال زیادة: عنه.

وَ لَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَتَانِی الْقَوْمُ وَ أَنَا عَلِمَ اللَّهُ كَارِهٌ لِمَعْرِفَتِی بِمَا تَطَاعَمُوا بِهِ مِنِ اعْتِقَادِ (1)الْأَمْوَالِ وَ الْمَرَجِ (2) فِی الْأَرْضِ، وَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ تِلْكَ لَیْسَتْ لَهُمْ عِنْدِی وَ شَدِیدِ عَادَةٍ مُنْتَزَعَةٍ، فَلَمَّا لَمْ یَجِدُوا عِنْدِی تَعَلَّلُوا الْأَعَالِیلَ.

ثُمَّ الْتَفَتَ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَ لَیْسَ كَذَلِكَ؟. فَقَالُوا: بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ.

بیان:

عمّن (3) دونهم .. أی من لم یحضر، أو عند الناس فإنّ فیهم من كان أكثر سوابق ممّن حضر كأهل بیت النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و المقداد و عمّار و غیرهم..

«4»-مَا (4): ابْنُ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِیِّ (5) بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَیْنٍ، عَنْ أَبِی غَیْلَانَ سَعْدِ بْنِ طَالِبٍ، عَنْ أَبِی (6) إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ، قَالَ: كُنْتُ فِی الْبَیْتِ یَوْمَ الشُّورَی وَ سَمِعْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ:

أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ (7)جَمِیعاً أَ فِیكُمْ أَحَدٌ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ (8) جَمِیعاً هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ قَبْلِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

ص: 350


1- فی المصدر: اعتقال.
2- فی الخصال: المرح.
3- فی س: و عثمان، بدلا من: عمّن.
4- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 342 بتفصیل فی الإسناد. و فی ك نسخة بدل للرّمز: فا. و لا معنی له.
5- كذا، و فی المصدر: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعید إجازة، قال: حدّثنا علیّ ..
6- لا توجد: أبی، فی الأمالی.
7- فی المصدر: باللّٰه.
8- وضع فی س علی حرف الباء رمز نسخة بدل.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ جَمِیعاً هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ هُوَ (1) أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ (2): أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثْلُ أَخِی جَعْفَرٍ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ زَوْجَةٌ مِثْلُ زَوْجَتِی فَاطِمَةَ سَیِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ابْنَیْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (3) نَاجَاهُ (4) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَقَدَّمَ بَیْنَ یَدَیْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ (5) هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أُتِیَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِطَیْرٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ایتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلُ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ، فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ وَ إِلَیَّ فَلَمْ یَأْكُلْ مَعَهُ أَحَدٌ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ.

ص: 351


1- لا توجد: هو، فی المصدر.
2- فی الأمالی: تقدیم لهذه المناشدة علی الّتی تلیها.
3- فی س: من، بدلا من: أحد، و قد خطّ علی: من، فی ك.
4- فی الأمالی: ناجی، و هو الظّاهر.
5- فی س: اللّٰه.

«5»-ج(1): عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِیِّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً (2)عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِمَكَّةَ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فِیهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَیْدٍ وَ .. سَاقَ الْحَدِیثَ .. إِلَی أَنْ قَالَ: قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: یَا عَمْرُو! لَوْ أَنَّ الْأُمَّةَ قَلَّدَتْكَ أَمْرَهَا فَمَلَكْتَهُ بِغَیْرِ قِتَالٍ وَ لَا مَئُونَةٍ فَقِیلَ لَكَ: وَلِّهَا مَنْ شِئْتَ، مَنْ كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ (3)

قَالَ: كُنْتُ أَجْعَلُهَا شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ.

قَالَ: بَیْنَ كُلِّهِمْ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَسَقَتِهِمْ وَ خِیَارِهِمْ؟.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ؟.

قَالَ: الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ.

قَالَ: أَخْبِرْنِی (4) یَا عَمْرُو أَ تَتَوَلَّی أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ أَوْ تَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا؟.

قَالَ: أَتَوَلَّاهُمَا.

قَالَ: یَا عَمْرُو! إِنْ كُنْتَ رَجُلًا تَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ یَجُوزُ ذَلِكَ (5) الْخِلَافُ عَلَیْهِمَا، وَ إِنْ كُنْتَ تَتَوَلَّاهُمَا فَقَدْ خَالَفْتَهُمَا، قَدْ عَهِدَ عُمَرُ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَبَایَعَهُ وَ لَمْ یُشَاوِرْ أَحَداً، ثُمَّ رَدَّهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُشَاوِرْ أَحَداً، ثُمَّ جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَی بَیْنَ سِتَّةٍ فَأَخْرَجَ(6) مِنْهَا الْأَنْصَارَ غَیْرَ أُولَئِكَ السِّتَّةِ مِنْ قُرَیْشٍ-، ثُمَّ أَوْصَی النَّاسَ فِیهِمْ بِشَیْ ءٍ مَا أَرَاكَ

ص: 352


1- الاحتجاج 2- 118- 120- طبعة النّجف-، و 2- 362- 363- طبعة إیران-.
2- لا توجد: جالسا، فی طبعتی المصدر و لا فی س.
3- فی المصدر بطبعتیه: تولّی، و هو الظّاهر. و فی س: نتولّی. قال فی القاموس 4- 401: و تولّاه: اتّخذ ولیّا، و الأمر: قلّده.
4- فی الاحتجاج: فأخبرنی.
5- فی المصدر: لك، بدلا من: ذلك.
6- فی الاحتجاج- طبعة إیران-: فخرج.

تَرْضَی بِهِ (1) أَنْتَ وَ لَا أَصْحَابُكَ، قَالَ: وَ مَا صَنَعَ؟. قَالَ: أَمَرَ صُهَیْباً أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ أَنْ یَتَشَاوَرُوا أُولَئِكَ السِّتَّةَ لَیْسَ فِیهِمْ أَحَدٌ سِوَاهُمْ إِلَّا ابْنُ عُمَرَ یُشَاوِرُونَهُ (2)، وَ لَیْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ، وَ أَوْصَی مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ قَبْلَ أَنْ یَفْرُغُوا وَ یُبَایِعُوا أَنْ تُضْرَبَ (3) أَعْنَاقُ السِّتَّةِ جَمِیعاً، وَ إِنِ اجْتَمَعَ أَرْبَعَةٌ قَبْلَ أَنْ یَمْضِیَ (4) ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ خَالَفَ اثْنَانِ أَنْ تُضْرَبَ (5) أَعْنَاقُ الِاثْنَیْنِ (6)، أَ فَتَرْضَوْنَ بِذَا (7) فِیمَا تَجْعَلُونَ مِنَ الشُّورَی فِی الْمُسْلِمِینَ؟. قَالُوا:

لَا..

«6 و 7»- یب(8)، كا (9): عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ .. مِثْلَهُ.

«8»-ج (10): فِی خَبَرِ أَبِی الْهُذَیْلِ حِینَ نَاظَرَ الشِّیعِیَّ الَّذِی یُرْمَی بِالْجُنُونِ، قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِی یَا أَبَا الْهُذَیْلِ عَنْ عُمَرَ حِینَ صَیَّرَهَا شُورَی فِی (11) سِتَّةٍ وَ زَعَمَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: إِنْ خَالَفَ اثْنَانِ لِأَرْبَعَةٍ فَاقْتُلُوا الِاثْنَیْنِ، وَ إِنْ خَالَفَ ثَلَاثَةٌ لِثَلَاثَةٍ فَاقْتُلُوا الثَّلَاثَةَ الَّذِی لَیْسَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَهَذِهِ دِیَانَةٌ أَنْ یَأْمُرَ بِقَتْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟!.

ص: 353


1- لا توجد: به، فی المصدر.
2- فی الاحتجاج: و یشاورونه.
3- فی الاحتجاج: ثلاثة أیّام و لم یفرغوا و یبایعوه أن یضرب ..
4- قد تقرأ فی س: تمضی.
5- فی الاحتجاج: یضرب.
6- فی س: الاثنتین.
7- فی المصدر: بهذا.
8- التّهذیب 6- 148- 151، حدیث 261.
9- الكافی: 5- 23- 27، حدیث 1.
10- الاحتجاج 2- 150- 154- النّجف-، و 2- 382- 385- إیران-.
11- فی المصدر: بین، بدلا من: فی.

وَ أَخْبِرْنِی یَا أَبَا الْهُذَیْلِ عَنْ عُمَرَ لَمَّا طُعِنَ دَخَلَ عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ (1) قَالَ: فَرَأَیْتُهُ جَزِعاً، فَقُلْتُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! مَا هَذَا الْجَزَعُ؟. فَقَالَ (2): یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا جَزَعِی لِأَجْلِی وَ لَكِنْ (3) لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ یَلِیهِ بَعْدِی. قَالَ: قُلْتُ: وَلِّهَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ. قَالَ: رَجُلٌ لَهُ حِدَّةٌ، كَانَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَعْرِفُهُ فَلَا أُوَلِّی أُمُورَ الْمُسْلِمِینَ حَدِیداً. قَالَ: قُلْتُ: وَلِّهَا زُبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ. قَالَ: رَجُلٌ بَخِیلٌ، رَأَیْتُ (4) یُمَاكِسُ امْرَأَتَهُ فِی كُبَّةٍ مِنْ غَزْلٍ، فَلَا أُوَلِّی أُمُورَ الْمُسْلِمِینَ بَخِیلًا. قَالَ:

قُلْتُ: وَلِّهَا سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ. قَالَ: رَجُلٌ صَاحِبُ فَرَسٍ وَ قَوْسٍ وَ لَیْسَ مِنْ أَحْلَاسِ الْخِلَافَةِ. قُلْتُ (5): وَلِّهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. قَالَ: رَجُلٌ لَیْسَ یُحْسِنُ أَنْ یَكْفِیَ عِیَالَهُ. قَالَ: قُلْتُ: وَلِّهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَاسْتَوَی جَالِساً وَ (6) قَالَ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا وَ (7) اللَّهِ أَرَدْتَ بِهَذَا، أُوَلِّی (8) رَجُلًا لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟. قُلْتُ (9):

وَلِّهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. فَقَالَ(10): وَ اللَّهِ لَئِنْ وَلَّیْتُهُ لَیَحْمِلَنَّ آلَ (11) أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ الْمُسْلِمِینَ، وَ أَوْشَكَ إِنْ فَعَلَهَا- (12) أَنْ یَقْتُلُوهُ .. قَالَهَا ثَلَاثاً (13)، ثُمَّ سَكَتُّ لِمَا أَعْرِفُ

ص: 354


1- فی المصدر: عبّاس.
2- فی الاحتجاج: قال.
3- فی المصدر زیادة: جزعی.
4- فی الاحتجاج: رأیته، و هو الظّاهر.
5- فی الاحتجاج: قال قلت.
6- فی المصدر: ثمّ، بدلا من: الواو.
7- لا توجد الواو فی المصدر، و هو الظّاهر.
8- لا توجد فی ك: أولی.
9- فی المصدر: قال قلت.
10- فی الاحتجاج: قال.
11- فی المصدر: بنی، بدلا من: آل.
12- فی الاحتجاج: و یوشك، بدلا من: و أوشك أن أفعلها.
13- فی المصدر زیادة: قال.

مِنْ مُعَانَدَتِهِ(1) لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ (2) لِی: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! اذْكُرْ صَاحِبَكَ. قَالَ: قُلْتُ: وَلِّهَا (3) عَلِیّاً. قَالَ: وَ اللَّهِ (4) مَا جَزَعِی إِلَّا لِمَا أَخَذْنَا (5) الْحَقَّ مِنْ أَرْبَابِهِ، وَ اللَّهِ لَئِنْ وَلَّیْتُهُ لَیَحْمِلَنَّهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ العظماء، الْعُظْمَی وَ إِنْ یُطِیعُوهُ یُدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ .. فَهُوَ یَقُولُ هَذَا ثُمَّ صَیَّرَهَا شُورَی بَیْنَ السِّتَّةِ، فَوَیْلٌ لَهُ مِنْ رَبِّهِ .. الْخَبَرَ.

بیان:

من أحلاس الخلافة .. أی من یلازمها و یلیق بها. قال فی النهایة (6) فی حدیث الفتن عدّ منها فتنة الأحلاس(7).. جمع حلس و هو الكساء الّذی یلی (8) ظهر البعیر تحت القتب، شبّهها به للزومها و دوامها، و منه الحدیث .. (9): كونوا أحلاس بیوتكم .. أی الزموها، و منه .. نحن أحلاس الخیل: یریدون لزومهم ظهورها (10).

«9»-ع (11): أَبِی عَلِیٌّ، عَنْ أَبِیهِ، رَفَعَهُ إِلَی (12) أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَمَّا كَتَبَ عُمَرُ كِتَابَ الشُّورَی بَدَأَ بِعُثْمَانَ فِی أَوَّلِ الصَّحِیفَةِ وَ أَخَّرَ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَجَعَلَهُ فِی آخِرِ الْقَوْمِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! یَا أَبَا

ص: 355


1- فی الاحتجاج: مغایرته.
2- فی المصدر: فقال.
3- فی الاحتجاج: فولّها.
4- فی المصدر: فو اللّٰه.
5- فی س: أخذت.
6- النهایة 1- 423- 424، و نظیره فی لسان العرب 6- 55.
7- فی ك: تكرّر كلمة: الأحلاس.
8- فی المصدر: بلی.
9- فی النهایة: و منه حدیث أبی موسی ..
10- فی المصدر: لظهورها.
11- علل الشّرائع: 171، باب 134، حدیث 1.
12- فی المصدر: أبی رحمه اللّٰه، حدّثنا علیّ بن إبراهیم بن هاشم، عن أبیه، بإسناده إلی.

الْحَسَنِ! أَشَرْتُ عَلَیْكَ فِی یَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ تَمُدَّ یَدَكَ فَنُبَایِعَكَ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِمَنْ سَبَقَ إِلَیْهِ، فَعَصَیْتَنِی حَتَّی بُویِعَ أَبُو بَكْرٍ، وَ أَنَا أُشِیرُ عَلَیْكَ الْیَوْمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ كَتَبَ اسْمَكَ فِی الشُّورَی وَ جَعَلَكَ آخِرَ الْقَوْمِ وَ هُمْ یُخْرِجُونَكَ مِنْهَا، فَأَطِعْنِی وَ لَا تَدْخُلْ فِی الشُّورَی، فَلَمْ یُجِبْهُ بِشَیْ ءٍ، فَلَمَّا بُویِعَ عُثْمَانُ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ؟. قَالَ لَهُ: یَا عَمِّ! إِنَّهُ قَدْ خَفِیَ عَلَیْكَ أَمْرٌ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ عَلَی الْمِنْبَرِ: مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ الْخِلَافَةَ وَ النُّبُوَّةَ؟

فَأَرَدْتُ أَنَّ یُكَذِّبَ نَفْسَهُ بِلِسَانِهِ فَیَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ قَوْلَهُ بِالْأَمْسِ كَانَ كَذِباً بَاطِلًا، وَ أَنَّا نَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ، فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ.

«10»-بَ (1): عَنْهُمَا، عَنْ حَنَانٍ (2)، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا مَنَعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ یَجْعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِی الشُّورَی؟.

فَقَالَ: قَدْ قِیلَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: كَیْفَ أَجْعَلُ رَجُلًا لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُطَلِّقَ..

«11»-مَا (3): الْمُفِیدُ، عَنِ الْكَاتِبِ، عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ، عَنِ الثَّقَفِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: لَمَّا بُویِعَ عُثْمَانُ سَمِعْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِیَّ یَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: وَ اللَّهِ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! مَا رَأَیْتُ مِثْلَ مَا أُتِیَ إِلَی أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ یَا مِقْدَادُ؟. قَالَ (4):

إِنِّی وَ اللَّهِ أُحِبُّهُمْ لِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَهُمْ (5)وَ یَعْتَرِینِی وَ اللَّهِ وَجْدٌ لَا أَبُثُّهُ بَثَّةً بَثَّةً (6) لِتَشَرُّفِ قُرَیْشٍ عَلَی النَّاسِ بِشَرَفِهِمْ وَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَی نَزْعِ سُلْطَانِ

ص: 356


1- قرب الإسناد: 48.
2- فی المصدر زیادة: بن سدیر.
3- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 194 بتفصیل فی الإسناد.
4- لا توجد: قال، فی ك.
5- لا توجد: لهم، فی الأمالی، و أثبتت فی المجالس.
6- لا توجد: بثّة، فی المصدر، و هی نسخة فی ك.

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَیْدِیهِمْ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَیْحَكَ! وَ اللَّهِ لَقَدِ اجْتَهَدْتُ نَفْسِی لَكُمْ. قَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ (1): وَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ رَجُلًا مِنَ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِی عَلَی قُرَیْشٍ أَعْوَاناً لَقَاتَلْتُهُمْ قِتَالِی إِیَّاهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا مِقْدَادُ! لَا یَسْمَعَنَّ هَذَا (2)الْكَلَامَ مِنْكَ النَّاسُ، أَمَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَخَائِفٌ أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ فِرْقَةٍ وَ فِتْنَةٍ. قَالَ جُنْدَبٌ: فَأَتَیْتُهُ بَعْدَ مَا انْصَرَفَ مِنْ مَقَامِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: یَا مِقْدَادُ! أَنَا مِنْ أَعْوَانِكَ. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ الَّذِی نُرِیدُ لَا یُغْنِی فِیهِ الرَّجُلَانِ وَ الثَّلَاثَةُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَیْتُ(3) عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا قَالَ وَ مَا قُلْتُ (4)، قَالَ: فَدَعَا لَنَا بِخَیْرٍ.

«12»-جا(5): الْكَاتِب مِثْلَهُ.

«13»-شَا (6): رَوَی یَحْیَی بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیُّ، عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی صَادِقٍ، قَالَ: لَمَّا جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَی فِی سِتَّةٍ، فَقَالَ:

إِنْ بَایَعَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ وَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ فَكُونُوا مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّذِینَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ اقْتُلُوا الثَّلَاثَةَ الَّذِینَ لَیْسَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ الدَّارِ وَ هُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَی یَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: یَا ابْنَ الْعَبَّاسِ! إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ عَادَوْكُمْ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ كَمُعَادَاتِهِمْ لِنَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی حَیَاتِهِ، أَمَ وَ اللَّهِ لَا یُنِیبُ (7) بِهِمْ

ص: 357


1- فی مجالس الشّیخ المفید: فقال له المقداد: أما و اللّٰه ..
2- فی ك: بهذا.
3- فی المصدر: و أتیت، و فی مجالس المفید: فدخلت علی.
4- فی أمالی الشّیخ: و قلت، و ما هنا فی مجالس الشّیخ المفید و المتن.
5- أمالی الشّیخ المفید: 169- 170، حدیث 5.
6- الإرشاد: 151- 152.
7- فی ك نسخة: لا یثبت. قال فی النّهایة 5- 123: یقال: أناب ینیب إنابة فهو منیب، إذا أقبل و رجع. و قاله فی مجمع البحرین 2- 177 أیضا.

إِلَی الْحَقِّ إِلَّا السَّیْفُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ كَیْفَ ذَلِكَ (1)؟. قَالَ: أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ عُمَرَ: إِنْ بَایَعَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ وَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ فَكُونُوا مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّذِینَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِیهِمْ وَ اقْتُلُوا الثَّلَاثَةَ الَّذِینَ لَیْسَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَی، قَالَ: أَ وَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، وَ أَنَّ عُثْمَانَ صِهْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ: بَلَی.

قَالَ: فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ سعد [سَعْداً] وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَ عُثْمَانَ لَا یَخْتَلِفُونَ فِی الرَّأْیِ، وَ أَنَّهُ مَنْ بُویِعَ مِنْهُمْ كَانَ الِاثْنَانِ مَعَهُ، وَ أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَ لَمْ یُبَالِ أَنْ یُقْتَلَ طَلْحَةُ إِذَا قَتَلَنِی وَ قَتَلَ الزُّبَیْرَ، أَمَ وَ اللَّهِ لَئِنْ عَاشَ عُمَرُ لَأُعَرِّفَنَّهُ سُوءَ رَأْیِهِ فِینَا قَدِیماً وَ حَدِیثاً، وَ لَئِنْ مَاتَ لَیَجْمَعُنِی وَ إِیَّاهُ یَوْمَ یَكُونُ فِیهِ فَصْلُ الْخِطَابِ.

«14»-شَا (2): رَوَی عَمْرُو بْنُ سَعِیدٍ، عَنْ جَیْشٍ الْكِنَانِیِّ، قَالَ: لَمَّا صَفَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَی یَدِ عُثْمَانَ فِی (3) یَوْمِ الدَّارِ، قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

حَرَّكَكَ الصِّهْرُ وَ بَعَثَكَ عَلَی مَا فَعَلْتَ (4)، وَ اللَّهِ مَا أَمَّلْتَ مِنْهُ إِلَّا مَا أَمَّلَ صَاحِبُكَ مِنْ صَاحِبِهِ، دَقَّ اللَّهُ بَیْنَكُمَا عِطْرَ مَنْشِمَ..

بیان:

قال الجوهری (5): قال الأصمعیّ: منشم بكسر الشّین-: اسم امرأة كانت بمكّة عطّارة، و كانت خزاعة و جرهم إذا أرادوا القتال تطیّبوا من طیبها، و كانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلی فیما بینهم، و كان (6) یقال: أشأم من عطر منشم، فصار مثلا. قال زهیر: تفانوا (7) و دقّوا بینهم عطر منشم، و یقال: هو حبّ

ص: 358


1- فی المصدر: ذاك.
2- الإرشاد: 152.
3- فی المصدر: بالبیعة فی.
4- فی الإرشاد: ما صنعت.
5- فی الصحاح 5- 2040- 2041، و مثله فی لسان العرب 12- 577.
6- فی الصحاح: فكان.
7- فی ك: تفالو.

بلسان (1).

«15»-جا (2): عُمَرُ (3) بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیُّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِیرَةِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِیِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عُتَیْبَةَ (4)، عَنْ یُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ بَحْرِیَّةَ (5)الْكِنْدِیِّ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِمَجْلِسٍ فِیهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَ كُلُّكُمْ یُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْإِمَارَةِ بَعْدِی؟!. فَقَالَ الزُّبَیْرُ: نَعَمْ (6)، كُلُّنَا یُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْإِمَارَةِ بَعْدَكَ وَ یَرَاهَا لَهُ أَهْلًا، فَمَا الَّذِی أَنْكَرْتَ؟. فَقَالَ عُمَرُ: أَ فَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا عِنْدِی فِیكُمْ؟. فَسَكَتُوا، فَقَالَ (7)عُمَرُ: أَ لَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْكُمْ (8)؟.

فَسَكَتُوا، فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ: حَدِّثْنَا وَ إِنْ سَكَتْنَا. فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ یَا زُبَیْرُ مُؤْمِنُ(9) الرِّضَا كَافِرُ الْغَضَبِ، تَكُونُ یَوْماً شَیْطَاناً وَ یَوْماً إِنْسَاناً، أَ فَرَأَیْتَ الْیَوْمَ (10) الَّذِی تَكُونُ فِیهِ شَیْطَاناً مَنْ یَكُونُ الْخَلِیفَةُ یَوْمَئِذٍ؟.

وَ أَمَّا أَنْتَ یَا طَلْحَةُ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ إِنَّهُ عَلَیْكَ لَعَاتِبٌ.

ص: 359


1- فی الصحاح: البلسان، و ما هنا كما فی لسان العرب.أقول: و قد ذكر المثل المیدانی فی مجمع الأمثال 1- 381، و جاء فی فرائد اللآلی 1- 321، و المستصفی 1- 184، و قال الأول: قد اختلف الرواة فی لفظ هذا الاسم و معناه، و فی اشتقاقه و فی سبب المثل.
2- أمالی الشّیخ المفید: 62- 63، حدیث 8، بتفصیل فی الإسناد.
3- فی ك: عمرو.
4- فی الأمالی: عنبسة.
5- فی المصدر: مخرمة.
6- لا توجد: نعم، فی المصدر.
7- وضع فی ك علی: فقال، رمز نسخة بدل.
8- فی ك: عنه.
9- فی المصدر: فمؤمن، و هو الظّاهر.
10- لا توجد: الیوم، فی المصدر و لا فی ك.

وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَلِیُّ، فَإِنَّكَ صَاحِبُ بِطَالَةٍ وَ مِزَاحٍ.

وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لِمَا جَاءَ بِكَ مِنْ خَیْرٍ أَهْلٌ، وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَرَجُلًا لَوْ قُسِمَ إِیمَانُهُ بَیْنَ جُنْدٍ مِنَ الْأَجْنَادِ لَوَسِعَهُمْ، وَ هُوَ عُثْمَانُ.

«16»-جا (1): عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ، عَنِ الثَّقَفِیِّ، عَنْ یُوسُفَ بْنِ سَعِیدٍ الْأَرْحَبِیِّ، عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الْعَبْسِیِّ، عَنْ كَامِلٍ، عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ الْقَوْمُ الدَّارَ لِلشُّورَی جَاءَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: أَدْخِلُونِی مَعَكُمْ، فَإِنَّ لِلَّهِ (2) عِنْدِی نُصْحاً وَ لِی بِكُمْ خَیْراً، فَأَبَوْا، فَقَالَ: أَدْخِلُوا رَأْسِی وَ اسْمَعُوا مِنِّی، فَأَبَوْا عَلَیْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَیْتُمْ فَلَا تُبَایِعُوا رَجُلًا لَمْ یَشْهَدْ بَدْراً، وَ لَمْ یُبَایِعْ بَیْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَ انْهَزَمَ یَوْمَ أُحُدٍ، وَ (3) یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَ وَ اللَّهِ لَئِنْ وُلِّیتُهَا لَأَرُدَّنَّكَ إِلَی رَبِّكَ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِالْمِقْدَادِ الْمَوْتُ قَالَ: أَخْبِرُوا عُثْمَانَ أَنِّی قَدْ رُدِدْتُ إِلَی رَبِّیَ الْأَوَّلِ وَ الْآخِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ عُثْمَانَ مَوْتُهُ جَاءَ حَتَّی أَتَی (4) قَبْرَهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ(5) كُنْتَ وَ إِنْ كُنْتَ .. یُثْنِی عَلَیْهِ خَیْراً. فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ:

لَأَعْرِفَنَّكَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْدُبُنِی***وَ فِی حَیَاتِی مَا زَوَّدْتَنِی زَادِی

فَقَالَ: یَا زُبَیْرُ! تَقُولُ هَذَا؟ أَ تَرَانِی أُحِبُّ أَنْ یَمُوتَ مِثْلُ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ هُوَ عَلَیَّ سَاخِطٌ؟!.

«17»-فض (6): رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ خَطَبَ ذَاتَ یَوْمٍ وَ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! أَنْصِتُوا لِمَا أَقُولُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَیُّهَا النَّاسُ!

ص: 360


1- أمالی الشّیخ المفید: 114، حدیث 7، بتفصیل فی الإسناد.
2- فی ك: اللّٰه.
3- لا توجد الواو فی المصدر، و هو الظّاهر.
4- فی المصدر: بدل، أتی: قام علی.
5- لا توجد: إن، فی المصدر.
6- لم نجده فی روضة الواعظین للفتّال النّیسابوریّ، و لا كتاب الرّوضة لشیخنا الكلینیّ، و لا الفضائل لابن شاذان، حیث احتملنا نوع تصحیف أو تحریف من النّسّاخ.

بَایَعْتُمْ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَوْلَی مِنْهُمَا وَ أَحَقُّ مِنْهُمَا بِوَصِیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَمْسَكْتُ، وَ أَنْتُمُ الْیَوْمَ تُرِیدُونَ تُبَایِعُونَ عُثْمَانَ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ وَ سَكَتُّ (1) وَ اللَّهِ مَا تَجْهَلُونَ فَضْلِی وَ لَا جَهِلَهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ قُلْتُ مَا لَا تُطِیقُونَ دَفْعَهُ.

فَقَالَ الزُّبَیْرُ: تَكَلَّمْ یَا أَبَا الْحَسَنِ!.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ وَ صَلَّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَبْلِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَعْظَمُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَكَاناً مِنِّی؟.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (2) مَنْ كَانَ یَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَ الْقَرَابَةِ وَ سَهْمَ الْخَاصَّةِ وَ سَهْمَ الْهِجْرَةِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ (3) فِیكُمْ أَحَدٌ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ تَمْرَةً، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (4) مَنْ قَدَّمَ بَیْنَ یَدَیْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً لَمَّا بَخِلَ النَّاسُ بِبَذْلِ مُهْجَتِهِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِیَدِهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ لْیُبَلِّغِ الْحَاضِرُ الْغَائِبَ؟! فَهَلْ كَانَ فِی أَحَدٍ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَوَدَّتِهِ فِی الْقُرْآنِ حَیْثُ یَقُولُ: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (5)، هَلْ قَالَ (6) مِنْ قَبْلُ لِأَحَدٍ،

ص: 361


1- خطّ علی: و سكتّ، فی ك.
2- خطّ علی كلمة: أحد، فی س، و هو الظّاهر.
3- لا توجد: هل، فی س.
4- لا توجد فی س: أحد.
5- الشّوری: 23.
6- فی ك زیادة: له فیكم، بعد كلمة: قال، و وضع علی: له، رمز نسخة بدل.

غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ غَمَّضَ عَیْنَیْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ وَضَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی حُفْرَتِهِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ جَاءَتْهُ آیَةُ التَّنْزِیهِ (1) مَعَ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَیْسَ فِی الْبَیْتِ إِلَّا أَنَا وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ فَاطِمَةُ، فَقَالَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: یَا مُحَمَّدُ! رَبُّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ:

(إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (2) الْآیَةَ (3)، هَلْ كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمَ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ تُرِكَ بَابُهُ مَفْتُوحاً مِنْ قِبَلِ الْمَسْجِدِ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ، حَتَّی قَالَ عُمَرُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! أَخْرَجْتَنَا وَ أَدْخَلْتَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَدْخَلَهُ وَ أَخْرَجَكُمْ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ قَاتَلَ وَ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ شِمَالِهِ (4)، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ لَهُ سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ سَیِّدَیْ (5) شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ابْنَا أَحَدٍ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی حَقِّهِ یَوْمَ خَیْبَرَ:

ص: 362


1- فی ك نسخة: جاءه، و فی س: جاءه التّنزیل.
2- لا یوجد فی س: و یطهّركم تطهیرا.
3- الأحزاب: 33.
4- فی ك: عن یساره، و جعل «عن شماله» نسخة بدل.
5- وضع علی: سیّدی، فی ك رمز نسخة بدل.

لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّارٌ غَیْرُ فَرَّارٍ یُفْتَحُ عَلَی یَدِهِ بِالنَّصْرِ، فَأَعْطَاهَا أَحَداً، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ الطَّائِرِ الْمَشْوِیِّ:

اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلُ مَعِی، فَأَتَیْتُ أَنَا مَعَهُ، هَلْ أَتَاهُ أَحَدٌ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَلِیَّهُ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الرِّجْسِ فِی كِتَابِهِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ زَوَّجَهُ اللَّهُ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!.

أَمْ هَلْ فِیكُمْ مَنْ بَاهَلَ بِهِ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ الزُّبَیْرُ وَ قَالَ: مَا سَمِعْنَا أَحَداً قَالَ أَصَحَّ مِنْ مَقَالِكَ، وَ مَا نَذْكُرُ مِنْهُ شَیْئاً، وَ لَكِنَّ النَّاسَ بَایَعُوا الشَّیْخَیْنِ وَ لَمْ نُخَالِفِ الْإِجْمَاعَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ نَزَلَ وَ هُوَ یَقُولُ: (وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً) (1).

«18»-د (2): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَیْنَا أَمْشِی مَعَ عُمَرَ یَوْماً إِذْ تَنَفَّسَ نَفَساً ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ قُصِمَتْ أَضْلَاعُهُ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَ اللَّهِ مَا أَخْرَجَ مِنْكَ (3) هَذَا إِلَّا أَمْرٌ عَظِیمٌ. فَقَالَ: وَیْحَكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا أَدْرِی مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟!. قُلْتُ: وَ لِمَ، وَ أَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تَصْنَعَ (4) ذَلِكَ مَكَانَ الثِّقَةِ؟. قَالَ: إِنِّی أَرَاكَ تَقُولُ إِنَّ صَاحِبَكَ أَوْلَی النَّاسِ بِهَا یَعْنِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ-؟. قُلْتُ: أَجَلْ وَ اللَّهِ، إِنِّی لَأَقُولُ ذَلِكَ فِی سَابِقَتِهِ وَ عِلْمِهِ وَ قَرَابَتِهِ وَ صِهْرِهِ. قَالَ: إِنَّهُ كَمَا ذَكَرْتَ، وَ لَكِنَّهُ كَثِیرُ الدُّعَابَةِ.

ص: 363


1- الكهف: 51.
2- العدد القویّة فی المخاوف الیومیّة: 251- 253.
3- فی المصدر: هذا منك.
4- فی المصدر: تضع.

وَ فِی رِوَایَةٍ: فِیهِ دُعَابَةٌ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: لِلَّهِ دَرُّهُمْ إِنْ وَلَّوْهَا الْأُصَیْلِعَ، كَیْفَ یَحْمِلُهُمْ عَلَی الْحَقِّ، وَ لَوْ كَانَ السَّیْفُ عَلَی عُنُقِهِ. فَقُلْتُ: أَ تَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَ لَا تُوَلِّیهِ؟!. قَالَ: إِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ وَ أَتْرُكُهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُمْ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی. قُلْتُ: فَعُثْمَانُ؟. قَالَ: وَ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُ لَجَعَلَ بَنِی أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ یَعْمَلُونَ فِیهِمْ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ حَتَّی یَقْتُلُوهُ، وَ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُ لَفَعَلَ، وَ لَوْ فَعَلَ لَفَعَلُوا، فَوَثَبَ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَتَلُوهُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: كُلِّفَ بِأَقَارِبِهِ. قُلْتُ: طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ؟. قَالَ: الْأَكْنَعُ، هُوَ أَزْهَی مِنْ ذَلِكَ، مَا كَانَ اللَّهُ لِیَرَانِی أُوَلِّیهِ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ مِنَ الزَّهْوِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: قَالَ: فِیهِ نَخْوَةٌ، یَعْنِی كِبْراً، قُلْتُ: الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ؟. قَالَ: إِذَنْ كَانَ یُلَاطِمُ النَّاسَ فِی الصَّاعِ وَ الْمُدِّ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: كَافِرُ الْغَضَبِ مُؤْمِنُ الرِّضَا. قُلْتُ: سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ؟.

قَالَ: لَیْسَ بِصَاحِبِ ذَاكَ (1)، ذَلِكَ صَاحِبُ مِقْنَبٍ یُقَاتِلُ بِهِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: صَاحِبُ مِقْنَبِ خَیْلٍ. قُلْتُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ؟. قَالَ:

نِعْمَ الرَّجُلُ ذَكَرْتَ، وَ لَكِنَّهُ ضَعِیفٌ عَنْ ذَلِكَ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: ذَلِكَ الرَّجُلُ لَیِّنٌ أَوْ ضَعِیفٌ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: ذَاكَ الرَّجُلُ لَوْ وَلَّیْتُهُ جَعَلَ خَاتَمَهُ فِی إِصْبَعِ امْرَأَتِهِ، وَ اللَّهِ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا یَصْلُحُ هَذَا (2) الْأَمْرُ إِلَّا لِلْقَوِیِّ فِی غَیْرِ عُنْفٍ، وَ اللَّیِّنِ فِی غَیْرِ ضَعْفٍ (3)، وَ الْجَوَادِ فِی غَیْرِ سَرَفٍ، الْمُمْسِكِ فِی غَیْرِ بُخْلٍ.

هذا آخر ما نقلت من كتاب الإستیعاب.

ص: 364


1- لا توجد فی س: ذاك. و فی المصدر: ذلك، ذاك- بتقدیم و تأخیر-.
2- فی س: لهذا.
3- جاءت: ضعیف، فی س بدلا من: ضعف.

بیان:

الأصیلع تصغیر الأصلع: و هو الّذی انحسر الشّعر عن رأسه (1).

و قال فی النهایة: كلفت بهذا الأمر أكلف به: إذا ولعت(2) به و أحببته(3)

و قال فی حدیث عمر أنّه قال عن طلحة لما عرض علیه للخلافة: الأكنع إنّ فیه نخوة و كبرا. الأكنع: الأشلّ، و قد كنعت أصابعه كنعا: إذا تشنّجت و یبست، و قد كانت یداه (4)أصیبت یوم أحد لما وقی بها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم فشلّت (5).

و قال: الزّهو: الكبر و الفخر (6).

و قال فی حدیث عمر .. فذكر له سعد، فقال: ذاك (7) إنّما یكون فی مقنب من مقانبكم. المقنب بالكسر-: جماعة الخیل و الفرسان، و قیل: هو دون المائة، یرید أنّه صاحب حرب و جیوش، و لیس بصاحب هذا الأمر (8).

«19»-نَهْجٌ (9): وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی وَقْتِ الشُّورَی: لَنْ (10) یُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِی إِلَی دَعْوَةِ حَقٍّ، وَ صِلَةِ رَحِمٍ، وَ عَائِدَةِ كَرَمٍ، فَاسْمَعُوا قَوْلِی، وَ عُوا مَنْطِقِی، عَسَی أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْیَوْمِ تُنْتَضَی فِیهِ السُّیُوفُ وَ تُخَانُ فِیهِ الْعُهُودُ، حَتَّی یَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ وَ شِیعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ.

ص: 365


1- كما فی لسان العرب 8- 204، و النهایة 3- 47، و انظر: الصحاح 3- 1244.
2- فی ك و لسان العرب: أولعت.
3- النهایة 4- 196، و نحوه فی لسان العرب 9- 307، و كذا فی الصحاح 4- 1423.
4- فی النهایة: یده.
5- النهایة 4- 204، و مثله فی لسان العرب 8- 315.
6- النهایة 2- 323، و نحوه فی الصحاح 6- 2370.
7- فی المصدر: ذلك.
8- النهایة 4- 111، و لسان العرب 1- 690 مثله.
9- نهج البلاغة 2- 22- 23- محمّد عبده-، و صبحی الصّالح: 196 برقم 139.
10- فی طبعة- محمّد عبده- من النّهج: لم، بدل: لن.

توضیح:

قوله علیه السلام: إلی دعوة حقّ .. أی لن یدعو أحد قبلی إلی حقّ فما لم أدع إلیه لم یكن حقّا، أو لم یسبقنی أحد إلی إجابة دعوة حقّ، فما لم أجب إلیه لا یكون حقّا.

و نضا السّیف من غمده و انتضاه: أخرجه (1).

قال ابن میثم رحمه اللّٰه: إشارة إلی ما علمه علیه السلام من حال البغاة و الخوارج و الناكثین لعهد بیعته و ما وقع بعد هذا الیوم من قتل الحسین علیه السلام و ظهور بنی أمیّة و غیرهم، و أشار بأئمّة أهل الضلالة إلی طلحة و الزبیر، و بأهل الضلالة إلی أتباعهم، و بأهل الجهالة إلی معاویة و رؤساء الخوارج و أمراء بنی أمیّة، و بشیعتهم إلی أتباعهم (2).

«20»-مَا (3): جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رمیس الْهُبَیْرِیُّ بِالْقَصْرِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (4) بْنِ كَاسٍ النَّخَعِیُّ بِالرَّمْلَةِ، وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ الْهَمْدَانِیُّ جَمِیعاً، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا الْأَزْدِیِّ الصُّوفِیِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْقَنَّادِ (5)، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْأَزْدِیِّ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوزَ(6) وَ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَ سَعِیدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِیِّ (7)، عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ (8) الْكِنَانِیِّ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَعَلَهَا شُورَی بَیْنَ سِتَّةٍ، بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ طَلْحَةَ (9) وَ الزُّبَیْرِ وَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

ص: 366


1- قاله فی النهایة 5- 73، و القاموس 4- 396، و غیرهما.
2- شرح نهج البلاغة لابن میثم 3- 175، باختلاف كثیر.
3- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 166- 168، بتفصیل فی الإسناد.
4- فی المصدر: علیّ بن الحسین.
5- فی الأمالی: القتّاد.
6- كذا، و الظّاهر: خرّبوذ- بالذّال أخت الدّال-.
7- فی المصدر: الأسلمیّ.
8- فی الأمالی: وائلة.
9- لا توجد فی ك: و طلحة.

عَوْفٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِیمَنْ یُشَاوَرُ وَ لَا یُوَلَّی.

قَالَ أَبُو الطُّفَیْلِ: فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَجْلَسُونِی عَلَی الْبَابِ أَرُدُّ عَنْهُمُ النَّاسَ، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ لِمَا اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَأَنْصِتُوا فَأَتَكَلَّمُ فَإِنْ قُلْتُ حَقّاً صَدَّقْتُمُونِی، وَ إِنْ قُلْتُ بَاطِلًا رُدُّوا عَلَیَّ وَ لَا تَهَابُونِی، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ كَأَحَدِكُمْ:

أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ مِثْلُ ابْنِ عَمِّی صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَقْرَبُ (1) إِلَیْهِ رَحِماً مِنِّی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (2) مِثْلُ عَمِّی حَمْزَةَ أَسَدِ اللَّهِ وَ أَسَدِ رَسُولِهِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثْلُ أَخِی جَعْفَرٍ ذِی الْجَنَاحَیْنِ مُضَرَّجٍ بِالدِّمَاءِ الطَّیَّارِ فِی الْجَنَّةِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ زَوْجَةٌ مِثْلُ زَوْجَتِی فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ عَالَمِهَا فِی الْجَنَّةِ؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَبْلِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ لَهُ سَهْمَانِ فِی كِتَابِ اللَّهِ فِی الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَابَهُ مَفْتُوحاً یَحِلُّ لَهُ مَا یَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ یَحْرُمُ عَلَیْهِ مَا یَحْرُمُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ رَجُلٌ نَاجَی رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ یُقَدِّمُ بَیْنَ یَدَیْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

ص: 367


1- فی المصدر: و أقرب.
2- فی الأمالی: فیكم له.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَا قَالَ فِی غَزَاةِ تَبُوكَ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَقَالَتَهُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَصَّی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی أَهْلِهِ وَ مَالِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَتَلَ الْمُشْرِكِینَ كَقَتْلِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ: لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَقْرَبُ عَهْداً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنِّی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَزَلَ فِی حُفْرَةِ (1) رَسُولِ اللَّهِ (2) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَاصْنَعُوا مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ.

فَقَالَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ عِنْدَ ذَلِكَ: نَصِیبُنَا مِنْهَا لَكَ یَا عَلِیُّ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَلِّدُونِی هَذَا الْأَمْرَ عَلَی أَنْ أَجْعَلَهَا لِأَحَدِكُمْ. قَالُوا: قَدْ فَعَلْنَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هَلُمَّ یَدَكَ یَا عَلِیُّ تَأْخُذُهَا بِمَا فِیهَا عَلَی أَنْ تَسِیرَ فِینَا بِسِیرَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ عَلِیٌّ (3) عَلَیْهِ السَّلَامُ: آخُذُهَا بِمَا فِیهَا عَلَی أَنْ أَسِیرَ فِیكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ

ص: 368


1- جاءت فی س عبارة: فی حفرة، قبل: غیری.
2- فی البحار- بطبعتیه- وضع علی: رسول اللّٰه، رمز نسخة بدل.
3- لا یوجد فی الأمالی: علیّ.

وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ جُهْدِی، فَخَلَّی عَنْ یَدِ عَلِیٍّ، وَ قَالَ: هَلُمَّ یَدَكَ یَا عُثْمَانُ خُذْهَا بِمَا فِیهَا عَلَی أَنْ تَسِیرَ فِینَا بِسِیرَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا.

و روی أبو رافع مولی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، عن أمیر المؤمنین علیه السلام حدیث المناشدة.

«21»-مَا (1): جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ الْحَسَنِیِّ وَ أَبِی عَبْدِ (2) اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُؤَمِّلِ الصَّیْرَفِیِّ، قَالا:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ خَلَفٍ الْعَطَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِی رَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ الشُّورَی وَ هُمْ سِتَّةُ نَفَرٍ مِنْهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ (3)وَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:

أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ (4) أَیُّهَا النَّفَرُ! هَلْ فِیكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْزِلَتُكَ مِنِّی یَا عَلِیُّ مَنْزِلَةُ هَارُونَ مِنْ مُوسَی؟ أَ تَعْلَمُونَ قَالَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ؟، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: یَا أَیُّهَا النَّفَرُ! هَلْ فِیكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَهُ سَهْمَانِ، سَهْمٌ فِی الْخَاصِّ وَ سَهْمٌ فِی الْعَامِّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: ..... وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ نَحْوَ طَرِیقِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

بیان:

السهم فی الخاصّ إشارة إلی السهم الذی أعطاه رسول اللّٰه لقتال الملائكة

ص: 369


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 168- 169، مع تفصیل فی الإسناد.
2- فی الأمالی بالتصغیر: عبید، بدلا من: عبد.
3- فی المصدر: بتقدیم و تأخیر.
4- فی الأمالی: اللّٰه.

معه، أو إلی السهم الذی خصّه الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله من تعلیمه و معاشرته فی الخلوة مضافا إلی ما كان له علیه السلام مع سائر الصحابة، و الأول أظهر.

«22»-مَا (1): جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِی طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی مشعر (2) السُّلَمِیِّ الْحَرَّانِیِّ بِحَرَّانَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَسْوَدَ أَبِی عَلِیٍّ الْحَنَفِیِّ الْقَاضِی، عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ التَّیْمِیِّ (3)، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَیْنَةَ الْعَبْدِیِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ (4) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی ذبی [دُنَیٍ] الْهُنَائِیِّ، عَنْ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ، عَنْ أَبِیهِ أَبِی الْأَسْوَدِ، قَالَ: لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الْأَمْرَ بَیْنَ سِتَّةِ نَفَرٍ:

عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ طَلْحَةَ، وَ الزُّبَیْرِ، وَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ یَشْهَدُ النَّجْوَی وَ لَیْسَ لَهُ فِی الْأَمْرِ نَصِیبٌ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوا لِذَلِكَ بَیْتاً وَ یُغْلِقُوا عَلَیْهِمْ بَابَهُ.

قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَكُنْتُ عَلَی الْبَابِ أَنَا وَ نَفَرٌ مَعِی حَاجَتُهُمْ (5) أَنْ یَسْمَعُوا الْحِوَارَ الَّذِی یَجْرِی بَیْنَهُمْ (6)، فَابْتَدَرَ الْكَلَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ: لِیَذْكُرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلًا إِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا الْأَمْرُ كَانَتِ الْخِیَرَةُ لِصَاحِبِهِ، فَقَالَ الزُّبَیْرُ: قَدِ اخْتَرْتُ عَلِیّاً. وَ قَالَ طَلْحَةُ: قَدِ اخْتَرْتُ عُثْمَانَ. وَ قَالَ سَعْدٌ: قَدِ اخْتَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (7)، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ رَضِیَ الْقَوْمُ بِنَا وَ قَدْ جُعِلَ الْأَمْرُ فِینَا، وَ لَنَا أَیُّهَا الثَّلَاثَةُ، فَأَیُّكُمْ یُخْرِجُ عَنْ (8) هَذَا الْأَمْرِ نَفْسَهُ وَ یَخْتَارُ لِلْمُسْلِمِینَ رَجُلًا رَضِیَ فِی الْأُمَّةِ، فَأَمْسَكَ الشَّیْخَانِ، فَعَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِكَلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

ص: 370


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 169- 170، مع اختصار فی الإسناد.
2- فی المصدر: معشر.
3- فی الأمالی: التّیمیّ قال حدّثنا أبو عمر عن ابن أذینة.
4- فی ك: وهب بن وهب بن.
5- فی س: حاجبهم.
6- فی س: فیهم.
7- فی المصدر زیادة: بن عوف.
8- فی الأمالی: من، بدلا من: عن.

كُنْ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّجُلَ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ یَبْقَ إِلَّا أَنْتَ وَ عُثْمَانُ، فَأَیُّكُمَا یَتَقَلَّدُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَی أَنْ یَسِیرَ فِی الْأُمَّةِ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سِیرَةِ (1) صَاحِبَیْهِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَلَا یَعْدُوهُمَا. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنَا (2) آخُذُهَا عَلَی (3) أَنْ أَسِیرَ فِی الْأُمَّةِ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ جُهْدِی وَ طَوْقِی وَ أَسْتَعِینَ (4) عَلَی ذَلِكَ بِرَبِّی.

قَالَ: فَمَا عِنْدَكَ أَنْتَ (5) یَا عُثْمَانُ؟. قَالَ: أَسِیرُ فِی الْأُمَّةِ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ سِیرَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ. قَالَ: فَرَدَّهَا (6) عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ ثَلَاثاً، وَ عَلَی عُثْمَانَ ثَلَاثاً كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا یَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا تَوَافَقُوا عَلَی رَأْیٍ وَاحِدٍ، قَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعُوا مِنِّی قَوْلًا أَقُولُ لَكُمْ، قَالُوا: قُلْ یَا أَبَا الْحَسَنِ.

قَالَ: فَإِنِّی أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِی یَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ هَلْ فِیكُمْ مِنْ رَجُلٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا، .. وَ ذَكَرَ الْمُنَاشَدَةَ نَحْوَهُ.

«23»-مَا (7): أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ أَبِی عُقْدَةَ الْحَافِظِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ (8) عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ، عَنْ أَبِیهِ (9)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

ص: 371


1- فی المصدر: و بسیرة.
2- فی الأمالی: إنّی.
3- لا توجد: علی، فی ك.
4- فی س: واسعین.
5- فی ك لا توجد: أنت.
6- فی المصدر: قرّرها.
7- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 320، بتفصیل فی الإسناد.
8- فی المصدر: أبو، بدلا من: بن.
9- لا توجد: عن أبیه، فی الأمالی.

حَزْمٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ الْقَوْمَ حِینَ اجْتَمَعُوا لِلشُّورَی، فَقَالُوا فِیهَا وَ نَاجَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ كُلَّ (1) رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَی حِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِیٍّ: عَلَیْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ لَئِنْ وُلِّیتَ لَتَعْمَلَنَّ(2) بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ سِیرَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: عَلَیَّ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ لَئِنْ وُلِّیتُ أَمْرَكُمْ لَأَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِعُثْمَانَ كَقَوْلِهِ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَأَجَابَهُ: أَنْ نَعَمْ. فَرَدَّ عَلَیْهِمَا الْقَوْلَ ثَلَاثاً، كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَقَوْلِهِ، وَ یُجِیبُهُ عُثْمَانُ: أَنْ نَعَمْ، فَبَایَعَ عُثْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِنْدَ ذَلِكَ.

«24»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ (3): عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ أَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ یَدْخُلُوا بَیْتاً وَ یُغْلِقُوا عَلَیْهِمْ بَابَهُ وَ یَتَشَاوَرُوا فِی أَمْرِهِمْ، وَ أَجَّلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَإِنْ تَوَافَقَ خَمْسَةٌ عَلَی قَوْلٍ وَاحِدٍ وَ أَبَی رَجُلٌ مِنْهُمْ قُتِلَ ذَلِكَ (4) وَ إِنْ تَوَافَقَ أَرْبَعَةٌ وَ أَبَی اثْنَانِ قُتِلَ الِاثْنَانِ، فَلَمَّا تَوَافَقُوا جَمِیعاً عَلَی رَأْیٍ وَاحِدٍ قَالَ لَهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعُوا مِنِّی مَا أَقُولُ لَكُمْ، فَإِنْ یَكُنْ حَقّاً فَاقْبَلُوهُ وَ إِنْ یَكُنْ بَاطِلًا فَأَنْكِرُوهُ. قَالُوا: قُلْ.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ .. أَوْ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِی یَعْلَمُ سَرَائِرَكُمْ وَ یَعْلَمُ صِدْقَكُمْ إِنْ صَدَقْتُمْ وَ یَعْلَمُ كَذِبَكُمْ إِنْ كَذَبْتُمْ، هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ آمَنَ قَبْلِی بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ قَبْلِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أُمِّرَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (5) سِوَایَ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

ص: 372


1- لا یوجد فی المصدر: كلّ.
2- فی س لا توجد: لتعملنّ.
3- إرشاد القلوب 2- 51- 57، مع اختلاف یسیر لم نشر له لعدم الوثوق بالمطبوع.
4- فی الإرشاد زیادة: الرّجل.
5- النّساء: 59.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَصَرَ أَبُوهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ كَفَّلَهُ، غَیْرِی (1)؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ (2): فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (3) أَخُوهُ ذِی (4) الْجَنَاحَیْنِ (5) فِی الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ قَبْلِی وَ لَمْ یُشْرِكْ بِهِ شَیْئاً؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ عَمُّهُ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ زَوْجَتُهُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ ابْنَاهُ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ السُّنَّةِ مِنِّی؟!. قَالُوا:

اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی عَشْرِ آیَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُؤْمِناً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاجَی رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ یُقَدِّمُ بَیْنَ یَدَیْ نَجْوَاهُ صَدَقَةً، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ذَلِكَ،

ص: 373


1- فی الإرشاد: غیر أبی، و هو الظّاهر.
2- لا توجد هذه المناشدة فی المصدر.
3- فی س: بعد كلمة أحد كلمة مشوّشة لعلّها: یطیر.
4- كذا، و الصّواب: ذو- بالرّفع-، و لا توجد فی س.
5- فی س: بالجناحین.

غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا (1) یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً (2) غَیْرَ فَرَّارٍ لَا یُوَلِّی الدُّبُرَ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ، وَ ذَلِكَ حَیْثُ رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ مُنْهَزِمَیْنِ، فَدَعَانِی وَ أَنَا أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِی عَیْنِی، وَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ، فَمَا وَجَدْتُ بَعْدَهَا حَرّاً وَ لَا بَرْداً یُوذِیَانِی، ثُمَّ أَعْطَانِی الرَّایَةَ، فَخَرَجْتُ بِهَا فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدِی خَیْبَرَ، فَقَتَلْتُ مُقَاتِلِیهِمْ وَ فِیهِمْ مَرْحَبٌ وَ سَبَیْتُ ذَرَارِیَّهُمْ، فَهَلْ كَانَ ذَلِكَ غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَیْكَ وَ إِلَیَّ وَ أَشَدِّهِمْ لِی وَ لَكَ حُبّاً یَأْكُلُ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّیْرِ، فَأَتَیْتُ فَأَكَلْتُ مَعَهُ، فَهَلْ كَانَ غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَتَنْتَهُنَّ یَا بَنِی وَلِیعَةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ عَلَیْكُمْ رَجُلًا نَفْسُهُ كَنَفْسِی وَ طَاعَتُهُ كَطَاعَتِی وَ مَعْصِیَتُهُ كَمَعْصِیَتِی یَعْصَاكُمْ أَوْ یَقْصَعُكُمْ (3) بِالسَّیْفِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً، هَلْ كَانَ غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ مَنْ سَلَّمَ عَلَیْهِ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ فِیهِمْ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ لَیْلَةَ الْقَلِیبِ لَمَّا جِئْتُ بِالْمَاءِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ: هَذِهِ هِیَ الْمُوَاسَاةُ، وَ ذَلِكَ یَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (4): إِنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ، فَقَالَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ أَنَا مِنْكُمَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 374


1- فی ك: رجلا غدا.
2- فی ك: كرّار- بالرّفع-.
3- فی ك نسخة بدل: یقصفكم.
4- فی إرشاد القلوب زیادة هنا و هی: و ما یمنعه من ذلك؟.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نُودِیَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ: لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ مَنْ یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنِّی قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِ الْقُرْآنِ وَ سَتُقَاتِلُ أَنْتَ یَا عَلِیُّ عَلَی تَأْوِیلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ (1)الْمُقَرَّبِینَ بِالرَّوْحِ وَ الرَّیْحَانِ تُقَلِّبُهُ لِیَ الْمَلَائِكَةُ وَ أَنَا أَسْمَعُ قَوْلَهُمْ وَ هُمْ یَقُولُونَ: اسْتُرُوا عَوْرَةَ نَبِیِّكُمْ سَتَرَكُمُ اللَّهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ مَنْ كَفَّنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ وَضَعَهُ فِی حُفْرَتِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ بِالتَّعْزِیَةِ حَیْثُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ فَاطِمَةُ عَلَیْهَا السَّلَامُ تَبْكِیهِ إِذْ سَمِعْنَا حِسّاً عَلَی الْبَابِ وَ قَائِلًا یَقُولُ نَسْمَعُ حِسَّهُ (2) وَ لَا نَرَی شَخْصَهُ وَ هُوَ یَقُولُ-: السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، رَبُّكُمْ عَزَّ وَ جَلَّ یُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ فِی اللَّهِ خَلَفاً مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ، وَ عَزَاءً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَ دَرَكاً مِنْ كُلِّ فَوْتٍ، فَتَعَزَّوْا بِعَزَاءِ اللَّهِ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ یَمُوتُونَ، وَ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ لَا یَبْقَوْنَ، وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ أَنَا فِی الْبَیْتِ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ أَرْبَعَةٌ لَا خَامِسَ لَنَا سِوَی (3) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مُسَجًّی بَیْنَنَا، غَیْرُنَا؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ رُدَّتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ أَوْ (4) كَادَتْ تَغِیبُ

ص: 375


1- من هنا إلی قوله: و إنّكم لن تضلّوا .. سقط من المصدر.
2- فی ك نسخة بدل: صوته.
3- فی ك نسخة بدل: إلّا.
4- فی ك: واو، بدلا من: أو.

حَتَّی صَلَّی الْعَصْرَ فِی وَقْتِهَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِأَخْذِ (1) بَرَاءَةَ مِنْ أَبِی بَكْرٍ بَعْدَ مَا انْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ بِهَا فَقَبَضْتُهَا مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ مَا رَجَعَ-: یَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ! أَ نَزَلَ فِیَّ شَیْ ءٌ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَا یُؤَدِّی عَنِّی إِلَّا عَلِیٌّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی، وَ لَوْ كَانَ بَعْدِی لَكُنْتَهُ یَا عَلِیُّ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ مَنْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّهُ لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا كَافِرٌ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَمَرَ بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ فَتْحِ بَابِی، فَقُلْتُمْ فِی ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَ لَا أَنَا فَتَحْتُ بَابَهُ (2) بَلِ اللَّهُ سَدَّ أَبْوَابَكُمْ وَ فَتَحَ بَابَهُ؟!. قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَاجَانِی یَوْمَ الطَّائِفِ دُونَ النَّاسِ فَأَطَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُكُمْ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! إِنَّكَ قَدِ انْتَجَیْتَ عَلِیّاً دُونَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَا أَنَا انْتَجَیْتُهُ بَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ انْتَجَاهُ؟!. قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: الْحَقُّ مِنْ بَعْدِی مَعَ عَلِیٍّ وَ عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ یَدُورُ الْحَقُّ مَعَهُ حَیْثُمَا دَارَ؟. قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ، وَ إِنَّكُمْ

ص: 376


1- فی س: یأخذ. و لعلّها بتقدیر: أن.
2- لا یوجد فی س: بابه.

لَنْ تَضِلُّوا (1) مَا اتَّبَعْتُمُوهُمَا وَ اسْتَمْسَكْتُمْ بِهِمَا؟. قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَفَی (2) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِنَفْسِهِ وَ رَدَّ بِهِ كَیْدَ (3) الْمُشْرِكِینَ وَ اضْطَجَعَ فِی مَضْجَعِهِ، وَ شَرَی بِذَلِكَ مِنَ اللَّهِ نَفْسَهُ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ حَیْثُ آخَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَیْنَ أَصْحَابِهِ وَ كَانَ لَهُ أَخاً (4) غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ أَحَدٌ ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا ذَكَرَنِی إِذْ قَالَ: (وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (5)، غَیْرِی؟!.

قَالَ: فَهَلْ سَبَقَنِی مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ آتَی الزَّكَاةَ وَ هُوَ رَاكِعٌ، فَنَزَلَتْ فِیهِ: (إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ) (6)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ بَرَزَ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ حَیْثُ عَبَرَ خَنْدَقَكُمْ وَحْدَهُ وَ دَعَا جَمِیعَكُمْ إِلَی الْبِرَازِ فَنَكَصْتُمْ عَنْهُ، وَ خَرَجْتُ إِلَیْهِ فَقَتَلْتُهُ وَ فَتَّ اللَّهُ(7)بِذَلِكَ فِی أَعْضَادِ الْمُشْرِكِینَ وَ الْأَحْزَابِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَابَهُ مَفْتُوحاً فِی الْمَسْجِدِ یَحِلُّ لَهُ مَا یَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ یَحْرُمُ عَلَیْهِ مَا یَحْرُمُ عَلَی رَسُولِ

ص: 377


1- إلی هنا سقط عن إرشاد القلوب.
2- كذا، و لعلّه: وقی، كما فی المصدر.
3- فی المصدر: مكر، و هی نسخة بدل جاءت علی مطبوع البحار.
4- فی إرشاد القلوب: و كأنّ لم یكن له أخ ..
5- الواقعة: 10- 11.
6- المائدة: 55.
7- فی س زیادة: إلیه، و وضع علیها رمز نسخة بدل فی ك.

اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ آیَةَ التَّطْهِیرِ حَیْثُ یَقُولُ تَعَالَی:

(إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (1)، غَیْرِی وَ غَیْرَ زَوْجَتِی وَ ابْنَیَّ؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عَلِیٌّ سَیِّدُ الْعَرَبِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ (2)فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَا سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لِی شَیْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (3): فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ (4): فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ تَحْتَ قَدَمَیْهِ فَرَمَی بِهَا فِی وُجُوهِ الْكُفَّارِ فَانْهَزَمُوا، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَضَی دَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَنْجَزَ عِدَاتِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اشْتَاقَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی رُؤْیَتِهِ فَاسْتَأْذَنَتِ اللَّهَ تَعَالَی فِی زِیَارَتِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَرِثَ سِلَاحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَدَاتَهُ (5)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 378


1- الأحزاب: 33.
2- لا توجد: فهل، فی س.
3- هذه المناشدة جاءت فی إرشاد القلوب بعد مناشدة الاضطجاع فی لحاف واحد.
4- وقعت هذه المناشدة بعد المناشدة التّالیة.
5- فی إرشاد القلوب: و دوابّه.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی أَهْلِهِ وَ جَعَلَ أَمْرَ أَزْوَاجِهِ إِلَیْهِ مِنْ بَعْدِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ حَمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی كَتِفِهِ حَتَّی كَسَرَ الْأَصْنَامَ الَّتِی كَانَتْ عَلَی الْكَعْبَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اضْطَجَعَ هُوَ وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی لِحَافٍ وَاحِدٍ إِذْ كَفَّلَنِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا (1).

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ صَاحِبُ رَایَتِی وَ لِوَائِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ أَوَّلَ دَاخِلٍ (2) عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ آخِرَ خَارِجٍ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَا یَحْجُبُ عَنْهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ مَنْ نَزَلَتْ فِیهِ وَ فِی زَوْجَتِهِ وَ وَلَدَیْهِ: (وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْكِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً ...) (3) .. إِلَی سَائِرِ مَا اقْتَصَّ (4) اللَّهُ تَعَالَی مِنْ ذِكْرِنَا فِی هَذِهِ السُّورَةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَزَلَتْ فِیهِ هَذِهِ الْآیَةُ: (أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ) (5)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ: (أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ.) (6).. إِلَی آخِرِ مَا اقْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ خَبَرِ الْمُؤْمِنِینَ،

ص: 379


1- هنا مناشدة فی المصدر، و قد تقدّمت فی المتن، و أشرنا إلی موضعها.
2- فی المصدر: وارد.
3- الإنسان: 80.
4- فی إرشاد القلوب: قصّ.
5- فی التّوبة: 19.
6- السّجدة: 18.

غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ وَ فِی زَوْجَتِهِ وَ وَلَدَیْهِ آیَةَ الْمُبَاهَلَةِ، وَ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَفْسَهُ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَزَلَتْ فِیهِ هَذِهِ الْآیَةُ: (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ) (1) لَمَّا وَقَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَیْلَةَ الْفِرَاشِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَقَی (2) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الْمِهْرَاسِ لَمَّا اشْتَدَّ ظَمَؤُهُ وَ أَحْجَمَ عَنْ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّی أَقُولُ كَمَا قَالَ عَبْدُكَ مُوسَی: (رَبِّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی وَ یَسِّرْ لِی أَمْرِی وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِی یَفْقَهُوا قَوْلِی وَ اجْعَلْ لِی وَزِیراً مِنْ أَهْلِی هارُونَ أَخِی اشْدُدْ بِهِ أَزْرِی) (3) ..

إِلَی آخِرِ دَعْوَةِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَّا النُّبُوَّةَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ هُوَ أَدْنَی الْخَلَائِقِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنِّی كَمَا أَخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ (4): فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ مِنْ شِیعَتِكَ رَجُلًا یَدْخُلُ فِی شَفَاعَتِهِ الْجَنَّةَ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ

ص: 380


1- البقرة: 208.
2- العبارة مشوّشة فی مطبوع البحار و أخذت من المصدر.
3- طه: 25- 31.
4- لا توجد هذه المناشدة فی إرشاد القلوب.

هُمُ الْفَائِزُونَ تَرِدُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رِوَاءً مَرْوِیِّینَ وَ یَرِدُ عَدُوُّكُمْ ظِمَاءً مُقْمَحِینَ (1)، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْ أَحَبَّ هَذِهِ الشَّعَرَاتِ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَی، وَ مَنْ أَبْغَضَهَا وَ آذَاهَا فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ آذَانِی وَ مَنْ آذَانِی فَقَدْ آذَی اللَّهَ تَعَالَی، وَ مَنْ آذَی اللَّهَ تَعَالَی لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مَصِیراً. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَ مَا شَعَرَاتُكَ هَذِهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟. قَالَ: عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ یَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَالُ یَعْسُوبُ الظَّالِمِینَ، وَ أَنْتَ الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ، وَ أَنْتَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ الَّذِی یُفَرِّقُ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ طَرَحَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثَوْبَهُ وَ أَنَا تَحْتَ الثَّوْبِ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ (2) أَنَا وَ أَهْلُ بَیْتِی هَؤُلَاءِ إِلَیْكَ لَا إِلَی النَّارِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالْجُحْفَةِ بِالشُّجَیْرَاتِ مِنْ خُمٍّ: مَنْ أَطَاعَكَ فَقَدْ أَطَاعَنِی وَ مَنْ أَطَاعَنِی فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَ مَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِی وَ مَنْ عَصَانِی فَقَدْ عَصَی اللَّهَ تَعَالَی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ زَوْجَتِهِ؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ (3) جَلَسَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ زَوْجَتِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَا سَتْرَ دُونَكَ یَا عَلِیُّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا:

لَا.

ص: 381


1- فی ك نسخة بدل: مظمئین.
2- لا توجد: اللّٰهمّ، فی ك.
3- سقط من إرشاد القلوب المطبوع: قالوا: لا، قال: فهل فیكم أحد.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ احْتَمَلَ بَابَ خَیْبَرَ یَوْمَ فَتَحْتُ حِصْنَهَا ثُمَّ مَشَی بِهِ سَاعَةً ثُمَّ أَلْقَاهُ فَعَالَجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَلَمْ یُقِلُّوهُ (1) مِنَ الْأَرْضِ، غَیْرِی؟!.

قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مَعِی فِی قَصْرِی وَ مَنْزِلُكَ تُجَاهَ مَنْزِلِی فِی الْجَنَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ أَوْلَی النَّاسِ بِأُمَّتِی (2) مِنْ بَعْدِی، وَالَی اللَّهُ مَنْ وَالاكَ وَ عَادَی اللَّهُ مَنْ عَادَاكَ، وَ قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ قَاتَلَكَ بَعْدِی، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ صَلَّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ سَبْعَ سِنِینَ وَ أَشْهُراً قَبْلَ النَّاسِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّكَ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ یَا عَلِیُّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَكْسُوكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بُرْدَیْنِ: أَحَدُهُمَا أَحْمَرُ وَ الْآخَرُ أَخْضَرُ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْ فَاكِهَةِ الْجَنَّةِ لَمَّا هَبَطَ بِهَا جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: لَا یَنْبَغِی أَنْ یَأْكُلَهُ فِی الدُّنْیَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ أَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْقَضِیَّةِ، وَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِیَّةِ، وَ أَرْأَفُهُمْ بِالرَّعِیَّةِ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ قَسِیمُ النَّارِ تُخْرِجُ مِنْهَا مَنْ آمَنَ وَ أَقَرَّ، وَ تَدَعُ فِیهَا مَنْ كَفَرَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

ص: 382


1- فی المصدر: فلم ینقلوه.
2- فی ك: منّی.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لِلْعَیْنِ وَ قَدْ غَاضَتْ: انْفَجِرِی! فَانْفَجَرَتْ، فَشَرِبَ مِنْهَا الْقَوْمُ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَشَرِبَ وَ شَرِبُوا وَ شَرِبَتْ خَیْلُهُمْ وَ مَلَئُوا رَوَایَاهُمْ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَنُوطاً مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، قَالَ: اقْسِمْ هَذَا أَثْلَاثاً، ثُلُثاً لِی حَنِّطْنِی بِهِ، وَ ثُلُثاً لِابْنَتِی، وَ ثُلُثاً لَكَ، غَیْرِی؟!. قَالُوا: لَا.

قَالَ: .. فَمَا زَالَ یُنَاشِدُهُمْ وَ یَذْكُرُ لَهُمْ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ أَنْعَمَ عَلَیْهِ بِهِ حَتَّی قَامَ قَائِمُ الظَّهِیرَةِ وَ دَنَتِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ: أَمَّا إِذَا أَقْرَرْتُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ بَانَ لَكُمْ مِنْ سَبَبِیَ الَّذِی(1) ذَكَرْتُ، فَعَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَحْدَهُ، وَ أَنْهَاكُمْ عَنْ سَخَطِ اللَّهِ فَلَا تَعَرَّضُوا لَهُ (2) وَ لَا تُضَیِّعُوا أَمْرِی، وَ رُدُّوا الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ، وَ اتَّبِعُوا سُنَّةَ نَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سُنَّتِی مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُونِی خَالَفْتُمْ نَبِیَّكُمْ فَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ جَمِیعُكُمْ، وَ سَلِّمُوهَا إِلَی مَنْ هُوَ لَهَا أَهْلٌ وَ هِیَ لَهُ أَهْلٌ، أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِالرَّاغِبِ فِی دُنْیَاكُمْ، وَ لَا قُلْتُ مَا قُلْتُ لَكُمْ افْتِخَاراً وَ لَا تَزْكِیَةً لِنَفْسِی، وَ لَكِنْ حَدَّثْتُ بِنِعْمَةِ رَبِّی، وَ أَخَذْتُ عَلَیْكُمْ بِالْحُجَّةِ .. وَ نَهَضَ إِلَی الصَّلَاةِ، قَالَ: فَتَوَامَرَ (3) الْقَوْمُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ تَشَاوَرُوا، فَقَالُوا: قَدْ فَضَّلَ اللَّهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ بِمَا ذَكَرَ لَكُمْ، وَ لَكِنَّهُ رَجُلٌ لَا یُفَضِّلُ أَحَداً عَلَی أَحَدٍ وَ یَجْعَلُكُمْ وَ مَوَالِیَكُمْ سَوَاءً، وَ إِنْ وَلَّیْتُمُوهُ إِیَّاهَا سَاوَی بَیْنَ أَسْوَدِكُمْ وَ أَبْیَضِكُمْ، وَ وَضَعَ السَّیْفَ عَلَی عَاتِقِهِ، وَ لَكِنْ وَلُّوهَا عُثْمَانَ فَهُوَ أَقْدَمُكُمْ (4) مِیلَاداً، وَ أَلْیَنُكُمْ عَرِیكَةً، وَ أَجْدَرُ أَنْ یَتَّبِعَ مَسَرَّتَكُمْ (5)، وَ اللَّهُ رَءُوفٌ رَحِیمٌ.

ص: 383


1- فی ك: مزیّتی الّتی .. و جعل ما فی المتن نسخة بدل.
2- لا توجد فی س: له.
3- فی المصدر: فتأمّر، و هو الظّاهر.
4- فی س: فهو اللّٰه فكم، و لا معنی لها.
5- فی إرشاد القلوب: بسیرتكم.

«25»-مَا (1): جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ (2)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ زَكَرِیَّا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ، عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ سَیَّارٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ.

إیضاح:

قال الجوهری: عصوته بالعصا: ضربته بها .. و العصا مقصورا (3):

مصدر قولك عصی بالسّیف یعصی: إذا ضرب به (4).

و قال: قصعت هامته: إذا ضربتها ببسط كفّك و قصع اللّٰه شبابه (5). و فی النهایة: فقصعه اللّٰه (6) .. أی دفعه (7) و كسره (8).

و فی بعض النسخ بالفاء و هو الكسر و الدّفع الشّدید (9).

و قال الجوهری: فتّ الشّی ء .. أی كسره ..، یقال: فتّ عضدی و هدّ ركنی (10).

و قال الفیروزآبادی: فتّ فی ساعده: أضعفه (11).

و الإقماح: رفع الرّأس و غضّ البصر، یقال: أقمحه الغلّ: إذا ترك رأسه

ص: 384


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 159، بتفصیل فی الإسناد.
2- فی ك: أبی الطّفیل المفضّل.
3- فی المصدر: و العصی مقصور. و هو الصحیح.
4- الصحاح 6- 2429، و مثله فی لسان العرب 15- 64.
5- الصحاح 3- 1266، و كذا فی لسان العرب 8- 274، و غیرهما.
6- جاء فی حاشیة ك: قصعه فاطمأن. نهایة. انظر: النهایة لابن الأثیر 4- 73.
7- فی س: فی رفعة، بدلا من: أی دفعه.
8- النهایة: 4- 73، و جاء قریب منه فی لسان العرب 8- 276.
9- كما فی لسان العرب 9- 283، و النهایة 4- 73، و غیرهما.
10- الصحاح 1- 259، و لسان العرب 2- 65 مثله.
11- القاموس 1- 153، و لسان العرب 2- 65.

مرفوعا من ضیقه (1) و فی بعض النسخ: مظمئین، كما فی الروایات الأخر علی التأكید، و فی بعضها: مفحمین .. أی مسكتین (2) بالحجّة..

أقول: قَالَ أَرْبَابُ السِّیَرِ وَ الْمُحَدِّثُونَ مِنَ الْمُخَالِفِینَ (3)

لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ عُلِمَ أَنَّهُ قَدِ انْقَضَتْ أَیَّامُهُ وَ اقْتَرَبَ أَجَلُهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَیْدَةَ حَیّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَ قُلْتُ لِرَبِّی إِنْ سَأَلَنِی: سَمِعْتُ نَبِیَّكَ یَقُولُ: أَبُو عُبَیْدَةَ أَمِینُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ حَیّاً اسْتَخْلَفْتُهُ، وَ قُلْتُ لِرَبِّی إِنْ سَأَلَنِی: سَمِعْتُ نَبِیَّكَ یَقُولُ: إِنَّ سَالِماً شَدِیدُ الْحُبِّ لِلَّهِ (4)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلِّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا! وَیْحَكَ! كَیْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ (5)؟! رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (6) وَ الطَّبَرِیُّ(7) عَنْ شُیُوخِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ (8)، ثُمَّ قَالَ: لَا إِرْبَ لِعُمَرَ فِی خِلَافَتِكُمْ (9) فَمَا حَمِدْتُهَا فَأَرْغَبَ فِیهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی، فَإِنْ (10) تَكُ

ص: 385


1- قاله فی النهایة 4- 106، و القاموس 1- 244.
2- ذكره فی مجمع البحرین 6- 130، و النهایة 3- 417، و غیرهما.
3- كما ذكره ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 1- 190، و قریب منه فی 12- 143، و غیره. و الأصل فیه كتاب السّفیانیّة للجاحظ كما نصّ علیه ابن أبی الحدید فی شرحه 1- 185، و سیذكره المصنّف طاب ثراه قریبا.
4- و قد جاء فی العقد الفرید 3- 407: قیل له: استخلف. فقال: ما أجد من أستخلف، فذكر له السّتّة من أهل حراء فكلّهم طعن علیه، ثمّ قال: لو أدركت سالما مولی أبی حذیفة حیّا لما شككت فیه.
5- قد أورده مجملا ابن سعد فی الطّبقات 3- 343 بطرق متعدّدة.
6- الكامل 3- 34، باختلاف فی اللّفظ.
7- تاریخ الطّبریّ 4- 227 و ما بعدها حوادث سنة 23 ه [طبعة دار المعارف- بیروت ، و 3- 293 294 [الأعلمی- بیروت] .
8- فی ك نسخة بدل: مختلفة.
9- فی تاریخ الطّبریّ: ما.
10- فی تاریخ الطّبریّ: إن.

خَیْراً فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ وَ إِنْ (1) تَكُ شَرّاً فَقَدْ صُرِفَ عَنَّا، حَسْبُ آلِ عُمَرَ أَنْ یُحَاسَبَ مِنْهُمْ (2) وَاحِدٌ وَ یُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَخَرَجَ النَّاسُ (3)وَ رَجَعُوا إِلَیْهِ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ عَهْداً، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَجْمَعْتُ بَعْدَ مَقَالَتِی (4)أَنْ أُوَلِّی أَمْرَكُمْ رَجُلًا هُوَ أَحْرَاكُم أَنْ یَحْمِلَكُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ أَشَارَ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَرَهَقَتْنِی غَشْیَةٌ فَرَأَیْتُ رَجُلًا دَخَلَ (5)جَنَّةً فَجَعَلَ یَقْطِفُ (6) كُلَّ غَضَّةٍ وَ یَانِعَةٍ فَیَضُمُّهَا إِلَیْهِ وَ یُصَیِّرُهَا تَحْتَهُ، فَخِفْتُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَیّاً وَ مَیِّتاً، وَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ غَالِبُ أَمْرِهِ.

ثُمَّ قَالَ: عَلَیْكُمْ بِالرَّهْطِ الَّذِینَ قَالَ لَهُمْ (7) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ:

إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْ هَذِهِ السِّتَّةِ مِنْ قُرَیْشٍ (8) عَلِیٍّ، وَ عُثْمَانَ، وَ طَلْحَةَ، وَ الزُّبَیْرِ، وَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَجْعَلَهَا شُورَی بَیْنَهُمْ لِیَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی (9) وَ إِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی (10)، وَ لَنْ یُضِیعَ اللَّهُ دِینَهُ (11)، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوهُمْ لِی .. فَدَعَوْهُمْ، فَدَخَلُوا عَلَیْهِ وَ هُوَ مُلْقًی عَلَی فِرَاشِهِ یَجُودُ بِنَفْسِهِ،

ص: 386


1- فی س: فإن.
2- فی تاریخ الطّبریّ زیادة: رجل.
3- فی تاریخ الطّبریّ زیادة: من عنده ثمّ راحوا له.
4- فی تاریخ الطّبریّ زیادة: لكم.
5- فی تاریخ الطّبریّ: یدخل.
6- فی س: یغطف. قال فی القاموس 3- 181: الغطف- محرّكة- سعة العیش و طول الأشفار و تثنّیها أو كثرة شعر الحاجب. و فی تاریخ الطّبریّ: یقطف، و هو الظّاهر.
7- لا توجد: لهم، فی س. و فی تاریخ الطّبریّ: عنهم.
8- من قوله: و مات .. إلی من قریش، لا توجد فی تاریخ الطّبریّ، و جاءت فی شرح النّهج 1- 158 هی و الّتی بعدها من الكلام، و خلط بین موضعی كلام شارح النّهج.
9- فی شرح النّهج 1- 185 زیادة: یعنی أبا بكر.
10- فی شرح النّهج زیادة: یعنی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
11- لا توجد: و لن یضیع اللّٰه دینه، فی المصدر.

فَنَظَرَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ: أَ كُلُّكُمْ یَطْمَعُ فِی الْخِلَافَةِ (1)؟! فَوَجَمُوا، فَقَالَ لَهُمْ ثَانِیَةً، فَأَجَابَهُ الزُّبَیْرُ، وَ قَالَ: مَا الَّذِی یُبْعِدُنَا مِنْهَا، وُلِّیتَهَا أَنْتَ فَقُمْتَ بِهَا وَ لَسْنَا دُونَكَ فِی قُرَیْشٍ وَ لَا فِی السَّابِقَةِ وَ لَا فِی الْقَرَابَةِ(2). فَقَالَ عُمَرُ: أَ فَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَنْفُسِكُمْ؟. قَالُوا:

قُلْ، فَإِنَّا لَوِ اسْتَعْفَیْنَاكَ لَمْ تُعْفِنَا، فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ یَا زُبَیْرُ! فَوَعِقَةٌ لَقِسٌ (3)، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ الْغَضَبِ، یَوْماً إِنْسَانٌ وَ یَوْماً شَیْطَانٌ، وَ لَعَلَّهَا لَوْ أَفْضَتْ إِلَیْكَ ظَلْتَ یَوْمَكَ تُلَاطِمُ (4) بِالْبَطْحَاءِ عَلَی مُدٍّ مِنْ شَعِیرٍ، فَإِنْ (5) أَفْضَتْ إِلَیْكَ فَلَیْتَ شِعْرِی مَنْ یَكُونُ لِلنَّاسِ یَوْمَ تَكُونُ شَیْطَاناً، وَ مَنْ یَكُونُ یَوْمَ تَغْضَبُ إِمَاماً (6)، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَ لَكَ (7) أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْتَ عَلَی هَذِهِ الصِّفَةِ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی طَلْحَةَ وَ كَانَ لَهُ مُبْغِضاً مُنْذُ قَالَ لِأَبِی بِكْرٍ یَوْمَ وَفَاتِهِ: مَا قَالَ فِی عُمَرَ، وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ (8) فَقَالَ لَهُ: أَقُولُ أَمْ أَسْكُتُ؟. قَالَ: قُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَقُولُ مِنَ الْخَیْرِ شَیْئاً. قَالَ: أَمَا إِنِّی أَعْرِفُكَ مُنْذُ أُصِیبَتْ إِصْبَعُكَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ الْبَأْوَ (9)

ص: 387


1- فی المصدر زیادة: بعدی.
2- هنا سقط جاء فی شرح نهج البلاغة 1- 185 و هو: قال الشّیخ أبو عثمان الجاحظ: و اللّٰه لو لا علمه أنّ عمر یموت فی مجلسه ذلك لم یقدم علی أن یفوّه من هذا الكلام بكلمة! و لا ینبس منه بلفظة.
3- هنا حاشیة جاءت علی ك غیر معلّم محلّها، و موضعها هنا و هی: فی حدیث عمر و ذكر الزّبیر فقال: وعقة لقس. الوعقة- بالسّكون- الّذی یضجر و یتبرّم. و اللّقس: السّیّئ الخلق، و قیل: الشّحیح. النّهایة. انظر: النّهایة 5- 207، 4- 264.
4- فی س: طلاطم.
5- فی المصدر: أ فرأیت إن.
6- لا توجد: إماما، فی المصدر.
7- خطّ علی: لك، فی س.
8- و قد تقدّم قریبا، و هی من زیادة المصنّف رحمه اللّٰه.
9- فی ك: الیأو. أقول: البأو: و هو بمعنی الكبر و الفخر، و نقل صاحب اللّسان عن الفقهاء: و فی طلحة بأواء. قال فی النّهایة 6- 2278: البأو: الكبر و الفخر .. و كذلك البأواء، و مثله فی القاموس 4- 302، و سیأتی من المصنّف.

الَّذِی حَدَثَ لَكَ، وَ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ (1) سَاخِطاً (2) عَلَیْكَ لِلْكَلِمَةِ (3) الَّتِی قُلْتَهَا یَوْمَ أُنْزِلَتْ آیَةُ الْحِجَابِ-، وَ الْكَلِمَةُ الْمَذْكُورَةُ هِیَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آیَةُ الْحِجَابِ قَالَ طَلْحَةُ: مَا الَّذِی یُغْنِیهِ حِجَابُهُنَّ الْیَوْمَ وَ سَیَمُوتُ غَداً فَنَنْكِحُهُنَّ، كَذَا ذَكَرُهُ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عَنْ شَیْخِهِ الْجَاحِظِ (4).

وَ رَوَی الْمُفَسِّرُونَ (5)، عَنْ مُقَاتِلٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لَئِنْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] لَأَنْكِحَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ، فَنَزَلَتْ: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ...) (6) الْآیَةَ.

و قد مرّ (7)فِی رِوَایَةِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ أَنَّ طَلْحَةَ قَالَ: لَئِنْ أَمَاتَ اللَّهُ مُحَمَّداً لَنَرْكُضَنَّ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِهِ كَمَا رَكَضَ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِنَا.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (8): قَالَ الْجَاحِظُ: لَوْ قَالَ لِعُمَرَ قَائِلٌ: أَنْتَ قُلْتَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنِ السِّتَّةِ، فَكَیْفَ تَقُولُ (9) لِطَلْحَةَ إِنَّهُ مَاتَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] سَاخِطاً عَلَیْكَ لِلْكَلِمَةِ الَّتِی قُلْتَهَا لَكَانَ قَدْ

ص: 388


1- فی ك خطّ علی: و هو، و هی لا توجد فی تاریخ الطّبریّ و شرح نهج البلاغة.
2- كذا، و الظّاهر أنّها بالرّفع: ساخط.
3- فی المصدر: بالكلمة.
4- فی كتابه السّفیانیّة، قال فی شرح النّهج: قال شیخنا أبو عثمان الجاحظ .. و ما ذكره هنا أورده المصنّف رحمه اللّٰه بألفاظ متقاربة و بتصرّف، و انظر: شرح نهج البلاغة 1- 185 و 13- 287.
5- قاله الزّمخشریّ فی الكشّاف 3- 556، و أخرجه ابن سعد عن الواقدیّ بإسناده، و قاله عبد الرّزّاق فی مسنده، و جاء عن طریق السّدّیّ، و بأسانید متعدّدة صرّح فی بعضها باسم طلحة و فی أخری: إنّه رجل، كما لم یصرّح فی بعض الرّوایات باسم عائشة، و انظر: الدّرّ المنثور للسّیوطیّ 5- 404، و غیرهما.
6- الأحزاب: 53.
7- بحار الأنوار 22- 239.
8- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 186.
9- فی المصدر زیادة: الآن، و ذكرها فی حاشیة ك و نسبها إلی ابن أبی الحدید.

رَمَاهُ بِمَشَاقِصِهِ(1)، وَ لَكِنْ مَنِ الَّذِی كَانَ یَجْسُرُ (2) عَلَی عُمَرَ أَنْ یَقُولَ لَهُ مَا دُونَ هَذَا، فَكَیْفَ هَذَا؟.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ صَاحِبُ مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبِ تُقَاتِلُ بِهِ وَ صَاحِبُ قَنَصٍ (3) وَ قَوْسٍ وَ سَهْمٍ (4)، وَ مَا زُهْرَةُ (5)وَ الْخِلَافَةُ وَ أُمُورُ النَّاسِ؟!.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ: وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! فَلَوْ وُزِنَ نِصْفُ إِیمَانِ الْمُسْلِمِینَ بِإِیمَانِكَ لَرَجَحَ إِیمَانُكَ وَ لَكِنْ لَا یَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ فِیهِ (6) ضَعْفٌ كَضَعْفِكَ، وَ مَا زُهَرَةُ وَ هَذَا الْأَمْرُ؟!.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: لِلَّهِ أَنْتَ، لَوْ لَا دُعَابَةٌ! فِیكَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ وُلِّیتَهُمْ لَتَحْمِلَنَّهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ وَ الْحَقِّ الْوَاضِحِ(7).

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عُثْمَانَ، فَقَالَ: هِیهاً (8) إِلَیْكَ! كَأَنِّی بِكَ قَدْ قَلَّدَتْكَ قُرَیْشٌ هَذَا الْأَمْرَ لِحُبِّهَا إِیَّاكَ فَحَمَلْتَ بَنِی أُمَیَّةَ وَ بَنِی أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ وَ آثَرْتَهُمْ بِالْفَیْ ءِ فَسَارَتْ إِلَیْكَ عِصَابَةٌ (9) مِنْ ذُؤْبَانِ الْعَرَبِ فَذَبَحُوكَ عَلَی فِرَاشِكَ ذَبْحاً، وَ اللَّهِ لَئِنْ فَعَلُوا لَتَفْعَلَنَّ، وَ لَئِنْ فَعَلْتَ لَیَفْعَلُنَّ، ثُمَّ أَخَذَ بِنَاصِیَتِهِ، فَقَالَ: فَإِذَا (10) كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرْ قَوْلِی، فَإِنَّهُ كَائِنٌ.

ص: 389


1- فی س: بمناقضة. و جاء فی حاشیة ك: و المشقص: النصال ما طال و عرض. صحاح. انظر: الصّحاح 3- 1043 و فیه: من النصال.
2- فی س: الكلمة مشوّشة و قد تقرأ: یجسر أو یجبر.
3- قال فی حاشیة ك: القائص: الصّائد، و كذلك القنص- بالتّحریك-. انظر: الصّحاح 3- 1054، و فیه القنص: الصّید.
4- فی المصدر: و أسهم.
5- و الزّهرة: قبیلة سعد بن أبی وقّاص. و فی ك: و ما زه- بفصل بین الزّاء و الهاء-.
6- فی المصدر: لرجح إیمانك به، و لكن لیس یصلح هذا الأمر لمن ..
7- فی المصدر بتقدیم و تأخیر: الحقّ الواضح و المحجّة البیضاء.
8- فی س: هبها.
9- فی س: غضابة.
10- فی س: إذا.

قال ابن أبی الحدید (1): ذكر هذا الخبر كلّه أبو عثمان الجاحظ فی (2)كتاب السفیانیّة، و ذكره جماعة غیره فی باب فراسة عمر.

وَ قَالَ الزَّمَخْشَرِیُّ فِی الْفَائِقِ (3): إِنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ حِینَ طُعِنَ فَرَآهُ مُغْتَمّاً لِمَنْ یَسْتَخْلِفُ بَعْدَهُ، فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَذْكُرُ لَهُ أَصْحَابَهُ، فَذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَلِفٌ بِأَقَارِبِهِ، وَ رُوِیَ: أَخْشَی حَفَدَهُ وَ أُثْرَتَهُ (4). قَالَ: فَعَلِیٌّ؟.

قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ فِیهِ دُعَابَةٌ!. قَالَ: فَطَلْحَةُ؟. قَالَ: لَوْ لَا بَأْوٌ فِیهِ. وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ: الْأَكْنَعُ، إِنَّ فِیهِ بَأْوَاً أَوْ نَخْوَةً. قَالَ: فَالزُّبَیْرُ؟. قَالَ: وَعِقَةٌ لَقِسٌ. وَ قَالَ (5) رُوِیَ: ضَرِسٌ ضَبِسٌ (6) أو قال: ضمس (7). وَ رُوِیَ: لَا یَصْلُحُ أَنْ یَلِیَ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا حَصِیفُ الْعُقْدَةِ قَلِیلُ الْغِرَّةِ، الشَّدِیدُ فِی غَیْرِ عُنْفٍ. فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ:

أَوْهِ! ذَكَرْتَ رَجُلًا صَالِحاً وَ (8) لَكِنَّهُ ضَعِیفٌ، وَ هَذَا الْأَمْرُ لَا یَصْلُحُ لَهُ إِلَّا اللَّیِّنُ مِنْ غَیْرِ ضَعْفٍ وَ الْقَوِیُّ مِنْ غَیْرِ عُنْفٍ (9)، وَ (10)اللَّیِّنُ فِی غَیْرِ ضَعْفٍ، الْجَوَادُ فِی غَیْرِ

ص: 390


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 1- 186.
2- فی المصدر: كلّه شیخنا أبو عثمان فی .. أقول: قال المسعودی فی مروج الذهب 3- 253: إن الجاحظ ألّف كتابا فی نصرة معاویة بن أبی سفیان!.
3- الفائق للزّمخشریّ 3- 275- 276 دار المعرفة- بیروت [2- 425- 426].
4- قال ابن الأثیر فی النّهایة 1- 22: و فی حدیث الآخر لمّا ذكر له عثمان للخلافة فقال: أخشی حفده و أثرته .. أی إیثاره.
5- وضع فی ك علی: و قال، رمز نسخة بدل. و لا توجد فی المصدر.
6- قال فی النهایة 3- 72: و الضّبیس: الصعب العسر، یقال: ضبس و ضبیس، و منه حدیث عمر، و ذكر الزبیر فقال: ضبس ضرس. و قال فی 3- 83: الضرس: الصعب السیّئ الخلق، و منه حدیث عمر .. قال فی الزبیر: هو ضبس ضرس. و قال فی 3- 100: فی حدیث عمر قال عن الزبیر: ضرس ضمس. و الروایة: ضبس، و المیم قد تبدّل من الباء، و هما بمعنی الصعب العسر.
7- فی الفائق: ضمیس. و ما هنا جاء نسخة هناك.
8- لا توجد الواو فی المصدر.
9- من قوله: و روی لا یصلح .. إلی قوله: غیر عنف، جعلها فی ك جملة زائدة، و ذكرها بعینها بعد هذا. و هی كذلك فی المصدر بتقدیم و تأخیر.
10- لا توجد الواو فی ك.

سَرَفٍ، الْبَخِیلُ فِی غَیْرِ وَكَفٍ. قَالَ: فَسَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ؟. قَالَ: ذَاكَ (1) یَكُونُ فِی مِقْنَبٍ مِنْ مَقَانِبِكُمْ.

ثم فسّر ألفاظه، فقال (2): الكلف: الإیلاع بالشی ء مع شغل القلب و المشقّة (3)، یقال: كلف فلان بهذا الأمر و بهذه الجاریة فهو بها كلف مكلّف، و منه المثل: لا یكن حبّك كلفا و لا بغضك تلفا (4)، و هو من كلّف الشی ء بمعنی تكلّفه ..

الحفد (5): الجمع و هو من أخوات الحفل و الحفش، و منه المحفد بمعنی المحفل، و احتفد بمعنی احتفل. عن (6) الأصمعی، و قیل: لمن یخف فی الخدمة، و للسائر إذا خبّ: حافد، لأنّه یحتشد فی ذلك، و یجمع له نفسه، و یأتی بخطئه متتابعة، ... و تقول العرب للأعوان و الخدم: الحفدة، و أخشی حفده .. أی حفوفه فی مرضاة أقاربه (7).

الأثرة: الاستیثار بالفی ء و غیره.

الدعابة كالمزاحة و دعب یدعب كمزح یمزح، و رجل دعب و دعابة.

البأو: العجب و الكبر.

الأكنع: الأشل، و قد كنعت أصابعه كنعا إذا تشنّجت (8)، ... و قد كانت أصیبت یده مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] وقاه بها یوم أحد.

ص: 391


1- فی المصدر: ذلك.
2- الفائق 3- 276.
3- فی المصدر: قلب و مشقّة.
4- انظر المثل فی مجمع الأمثال للمیدانی 2- 150.
5- انظر المثل فی مجمع الأمثال للمیدانی 2- 150.
6- فی س: و عن.
7- فی الفائق: تقدیم و تأخیر و تغیّر.
8- و قد تقرأ فی مطبوع البحار: تشبّخت أیضا، و لا معنی لها.

النخوة: العظیمة (1) و الكبر. و قد نخا كزها و انتخی.

رجل وعقة لعقة (2) و وعق لعق .. إذا كان فیه حرص و وقوع فی الأمر بجهل و ضیق نفس و سوء خلق ... و یخفّف فیقال: وعقة و وعق، و هو من العجلة و التسرّع، ... و یقال: ما أوعقك عن كذا .. أی ما أعجلك ...

لقست نفسه إلی الشی ء: إذا نازعت إلیه(3) و حرصت علیه لقسا، و الرجل لقس، و قیل: لقست: خبثت. و عن أبی زید: اللقس: هو الذی یلقّب الناس و یسخر منهم، و یقال: النقس بالنون ینقس الناس نقسا.

الضرس: الشرس، الزعر من الناقة الضروس، و هی التی تعضّ حالبها، و یقال: اتّق الناقة بجزّ (4) ضراسها .. أی بحدثان نتاجها و سوء خلقها، و ذلك لشدّة عطفها علی ولدها فی هذا الوقت (5).

الضیس (6) و الضمس قریبان من الضرس، یقال: فلان ضیس شر، و جمعه أضیاس.

الضمس: المضغ.

الوكف: الوقوع فی المآثم و العیب، و قد وكف فلان یوكف وكفا و أوكفته أنا إذا أوقعته(7). قال (8):

الحافظو عورة العشیرة لا***یأتیهم من ورائهم وكف

ص: 392


1- فی المصدر: العظمة.
2- فی الفائق: و قد یجی ء كزهی و انتحی و رجل وعقه و لعقه.
3- فی الفائق: نازعته.
4- فی س: بحزّ. و فی المصدر: فإنها بجن.
5- فی الفائق: بتقدیم فی هذا الوقت علی: و ذلك.
6- كذا، و الظاهر: الضّبس- بالباء الموحّدة- كما فی المصدر، و كذا ما بعدها من الكلمات من هذه المادة.
7- هنا زیادة: فیه، جاءت فی المصدر.
8- جاء فی حاشیة ك ما یلی: الشاعر: عمرو بن إمرئ القیس، و یقال: قیس بن الخطیم.

و هو من وكف المطر إذا وقع، و (1) منه توكّف الخبر (2) و هو توقّعه.

المقنب من الخیل .. الأربعون و (3) الخمسون.

و فی كتاب العین زهاء ثلاثمائة (4)، یعنی أنّه صاحب جیوش، و لیس یصلح (5) لهذا الأمر. انتهی كلام الزمخشری (6).

وَ رَوَی ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (7) أَنَّهُ قَالَ فِی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنْ وَلَّوْهَا الْأَجْلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِیقَ الْمُسْتَقِیمَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تُقَدِّمَ عَلِیّاً؟. قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا (8) حَیّاً وَ مَیِّتاً.

وَ حَكَاهُ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی الشَّافِی(9) عَنِ الْبَلاذُرِیِّ فِی تَارِیخِهِ، عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ مَسْلَمَةَ (10)، عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ، عَنْ أَبِی رَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ مُسْتَنِداً إِلَی ابْنِ الْعَبَّاسِ وَ عِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ-، فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّی لَمْ أَقُلْ فِی الْكَلَالَةِ شَیْئاً، وَ لَمْ أَسْتَخْلِفْ بَعْدِی أَحَداً، وَ إِنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِی مِنْ سَبْیِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ. فَقَالَ (11) سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ إِلَی رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ائْتَمَنَكَ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأَیْتُ مِنْ أَصْحَابِی حِرْصاً شَنِیعاً (12) وَ أَنَا جَاعِلٌ هَذَا الْأَمْرَ إِلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِینَ مَاتَ

ص: 393


1- لا توجد الواو فی ك.
2- فی ك: الخیر.
3- فی ك: أو، بدلا من: الواو.
4- فی ك: أو، بدلا من: الواو.
5- فی المصدر: و لا یصلح.
6- الفائق 3- 276- 278، مع اختصار و اختلاف أشرنا له.
7- الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة 2- 469.
8- فی المصدر: أحملها.
9- الشّافی 3- 197- 198.
10- فی المصدر: سلمة.
11- فی الشّافی: قال.
12- فی المصدر: سیّئا.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَنِی أَحَدُ رَجُلَیْنِ فَجَعَلْتُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْهِ لَوَثِقْتُ بِهِ، سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟. فَقَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ! وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَا، مَا (1) أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ. قَالَ عَفَّانُ: یَعْنِی بِالرَّجُلِ الَّذِی أَشَارَ إِلَیْهِ (2) بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ (3).

و قال فی موضع آخر منه (4): رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِیِّ، عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُیَیْنَةَ (5)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَا أَدْرِی مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ؟! وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُطْعَنَ-، فَقُلْتُ: وَ لِمَ تَهْتَمُّ وَ أَنْتَ تَجِدُ مَنْ تَسْتَخْلِفُهُ عَلَیْهِمْ؟. قَالَ: أَ صَاحِبُكُمْ؟

یَعْنِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ. قُلْتُ: نَعَمْ وَ اللَّهِ هُوَ لَهَا أَهْلٌ فِی قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ وَ صِهْرِهِ وَ سَابِقَتِهِ وَ بَلَائِهِ. فَقَالَ (6) عُمَرُ: إِنَّ فِیهِ بَطَالَةً وَ فُكَاهَةً. قُلْتُ: فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ طَلْحَةَ؟. قَالَ: فَإِنَّ فِیهِ (7) الزَّهْوَ وَ النَّخْوَةَ. قُلْتُ:

عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَی ضَعْفٍ فِیهِ. قُلْتُ: فَسَعْدٌ؟. قَالَ: ذَلِكَ صَاحِبُ مِقْنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا یَقُومُ بِقَرْیَةٍ لَوْ حَمَلَ أَمْرَهَا. قُلْتُ: فَالزُّبَیْرُ؟. قَالَ: وَعِقَةٌ لَقِسٌ، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ الْغَضَبِ، شَحِیحٌ، وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا یَصْلُحُ (8) إِلَّا لِقَوِیٍّ فِی غَیْرِ عُنْفٍ، رَفِیقٍ فِی غَیْرِ ضَعْفٍ، جَوَادٍ فِی غَیْرِ سَرَفٍ. قُلْتُ: فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ

ص: 394


1- لا توجد: ما، فی المصدر، و علیه فتصبح الجملة استفهامیّة.
2- فی الشّافی: علیه، بدلا من: إلیه.
3- و أورده ابن الأثیر فی الكامل 3- 34 و غیره.
4- الشافی 4- 202- 203، و قریب منه فی الشافی أیضا 3- 197.
5- فی المصدر: عتبة.
6- فی س: و قال.
7- فی المصدر: فأین، بدلا من: فإنّ فیه.
8- فی الشّافی زیادة: له.

عُثْمَانَ (1)؟. قَالَ: لَوْ وَلِیَهَا لَحَمَلَ بَنِی أَبِی مُعَیْطٍ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ، وَ لَوْ فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ.

وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ فِی تَارِیخِهِ (2): أَنَّ كَلَامَهُ فِی حَقِّ السِّتَّةِ كَانَ قَبْلَ أَنْ یَطْعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ بِیَوْمَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا هَدَّدَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِی غَدِهِ وَ ذَكَرَ رُؤْیَا رَآهَا فِی لَیْلَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّی لَا أَرْتَابُ فِی اقْتِرَابِ أَجَلِی فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاخْتَارُوا رَجُلًا مِنَ السِّتَّةِ الَّذِینَ تُوُفِّیَ (3) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ .. وَ ذَكَرَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ فَأَخَذَ بِیَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَ قَالَ: إِنِّی لَا أَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَ لَكِنْ أَحْزَنُ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ بَعْدِی، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ لَاحَ لَكَ أَمْرُهُ فِی الْهِجْرَةِ وَ الْقَرَابَةِ وَ السَّوَابِقِ؟. فَقَالَ: صَدَقْتَ (4) یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَارَ إِلَیْهِ لَأَقَامَ النَّاسَ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ، وَ لَكِنِّی یَمْنَعُنِی مِنْهُ دُعَابَةٌ فِیهِ وَ حِرْصُهُ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ .. ثُمَّ ذَكَرَ كُلًّا مِنَ الْبَاقِینَ وَ عَابَهُ بِنَحْوٍ مِمَّا ذُكِرَ آنِفاً، ثُمَّ تَأَسَّفَ عَلَی فَقْدِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَ سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ، ثُمَّ دَخَلَ دَارَهُ.

قَالَ (5): ثُمَّ طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَنْجَرٍ لَهُ رَأْسَانِ وَ قَبْضَتُهُ فِی وَسَطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ (6): وَ لَمْ یَكُنْ طَلْحَةُ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: انْتَظِرُوا بِطَلْحَةَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَإِنْ جَاءَ وَ إِلَّا فَاخْتَارُوا رَجُلًا مِنَ الْخَمْسَةِ.

ص: 395


1- فی المصدر: أین أنت و عثمان.
2- الفتوح 1- 323- 324، باختصار و تصرّف.
3- فی الفتوح: فارقهم.
4- فی تاریخ ابن أعثم: و اللّٰه- یا ابن عبّاس- و إنّه لكما تقول، و لو أنّه ولی هذا الأمر من بعدی لحملكم- و اللّٰه- علی طریقة من الحقّ تعرفونها.
5- تاریخ ابن أعثم 1- 326.
6- الفتوح 1- 327.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ (1): إِنَّ طَلْحَةَ لَمْ یُذْكَرْ فِی هَذَا الْمَجْلِسِ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ.

ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: انْهَضُوا (2)إِلَی حُجْرَةِ عَائِشَةَ (3) فَتَشَاوَرُوا فِیهَا، وَ وَضَعَ رَأْسَهُ وَ قَدْ نَزَفَهُ الدَّمُ، فَدَخَلُوا الْحُجْرَةَ وَ تَنَاجَوْا حَتَّی ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: (4) إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَمُتْ بَعْدُ فَفِیمَ هَذَا اللَّغَطُ؟!، وَ انْتَبَهَ عُمَرُ وَ سَمِعَ الْأَصْوَاتَ، فَقَالَ: أَعْرِضُوا عَنْهَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَتَشَاوَرُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ، وَ لْیُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَیْبٌ، وَ لَا یَأْتِیَنَّ الْیَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ مَوْتِی إِلَّا وَ عَلَیْكُمْ أَمِیرٌ، وَ لْیَحْضُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشِیراً وَ لَیْسَ لَهُ شَیْ ءٌ مِنَ الْأَمْرِ، وَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ شَرِیكُكُمْ فِی الْأَمْرِ، فَإِنْ قَدِمَ إِلَی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَأَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ، وَ إِلَّا فَأَرْضُوهُ، وَ مَنْ لِی بِرِضَا طَلْحَةَ!. فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا لَكَ بِهِ وَ لَنْ نُخَالِفَ (5) إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ(6) وَصِیَّتَهُ لِأَبِی طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیِّ وَ مَا خُصَّ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِنْ كَوْنِ الْحَقِّ فِی الْفِئَةِ الَّتِی هُوَ فِیهَا، وَ أَمَرَهُ بِقَتْلِ مَنْ یُخَالِفُ، ثُمَّ خَرَجَ النَّاسُ، فَقَالَ عَلِیٌّ لِلْعَبَّاسِ: عُدِلَ بِالْأَمْرِ عَنِّی یَا عَمِّ (7)؟. قَالَ: وَ مَا عِلْمُكَ؟. قَالَ: قَرَنَ بِی عُثْمَانَ، وَ قَالَ(8): كُونُوا مَعَ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ رَضِیَ رَجُلَانِ رَجُلًا وَ رَجُلَانِ رَجُلًا فَكُونَا مَعَ الَّذِینَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَسَعْدٌ لَا یُخَالِفُ ابْنَ عَمِّهِ، وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صِهْرُ عُثْمَانَ لَا یَخْتَلِفَانِ، فَیُوَلِّیهَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَوْ كَانَ الْآخَرَانِ مَعِی لَمْ یُغْنِیَا شَیْئاً. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَمْ أَرْفَعْكَ إِلَی شَیْ ءٍ إِلَّا رَجَعْتَ إِلَیَّ مُسْتَأْخِراً بِمَا أَكْرَهُ، أَشَرْتُ عَلَیْكَ عِنْدَ

ص: 396


1- تاریخ الطّبریّ 3- 293 حوادث سنة 23 ه، باختلاف یسیر.
2- فی المصدر: فانهضوا.
3- فی تاریخ الطّبریّ زیادة: بإذن منها.
4- فی المصدر زیادة: سبحان اللّٰه.
5- فی المصدر: و لا یخالف.
6- أی الطّبریّ فی تاریخه 3- 294- 295 مع اختلاف و اختصار.
7- فی المصدر: عدلت عنّا، بدلا من: عدل بالأمر عنّی یا عمّ.
8- فی ك: و قال عمر.

مَرَضِ(1) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ فِیمَنْ هُوَ؟ فَأَبَیْتَ، وَ أَشَرْتُ عَلَیْكَ عِنْدَ (2) وَفَاتِهِ أَنْ تُعَاجِلَ الْبَیْعَةَ (3) فَأَبَیْتَ، وَ قَدْ أَشَرْتُ عَلَیْكَ حِینَ سَمَّاكَ عُمَرُ فِی الشُّورَی الْیَوْمَ أَنْ تَرْفَعَ نَفْسَكَ عَنْهَا وَ لَا تَدْخُلَ مَعَهُمْ، فَأَبَیْتَ، فَاحْفَظْ عَنِّی وَاحِدَةً، كُلَّمَا عَرَضَ عَلَیْكَ الْقَوْمُ الْأَمْرَ فَقُلْ: لَا، إِلَّا أَنْ یُوَلُّوكَ، وَ اعْلَمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا (4) یَبْرَحُونَ یَدْفَعُونَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ حَتَّی یَقُومَ لَكَ بِهِ غَیْرُكَ، وَ ایْمُ اللَّهِ لَا تَنَالُهُ إِلَّا بِشَّرٍ لَا یَنْفَعُ مَعَهُ خَیْرٌ.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَمَا إِنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَیُوَلُّونَ عُثْمَانَ، وَ لَیُحْدِثَنَّ الْبِدَعَ وَ الْأَحْدَاثَ، وَ لَئِنْ بَقِیَ لَأُذَكِّرَنَّكَ وَ إِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ لَیَتَدَاوَلُنَّهَا (5) بَنُو أُمَیَّةَ بَیْنَهُمْ، وَ إِنْ كُنْتُ حَیّاً لَتَجِدُنِی حَیْثُ یَكْرَهُونَ، ثُمَّ تَمَثَّلَ:

حَلَفْتُ (6)بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ عَشِیَّةَ*** غَدَوْنَ خِفَافاً یَبْتَدِرْنَ (7)الْمُحَصَّبَا (8)

لَیَحْتَلِبَنَّ (9)رَهْطَ ابْنِ یَعْمَرَ غُدْوَةً (10)***بَخِیعاً (11)بَنُو الشُّدَّاخِ (12)وِرْداً مُصَلَّبَا

ص: 397


1- فی تاریخ الطّبریّ: وفاة.
2- فی المصدر: بعد، بدلا من: عند.
3- فی المصدر: الأمر، بدلا من: البیعة.
4- فی المصدر: و احذر هؤلاء الرّهط فإنّهم لا ..
5- جاء فی حاشیة ك: لیناولونها. ابن أبی الحدید.
6- فی س: حلقت.
7- فی المصدر: فتبدرن، و فی س: یبتدرون. و جاء فی حاشیة ك: فابتدرن. الكامل.
8- قال فی النّهایة 1- 393: حصبوا .. أی أقیموا بالمحصّب، و هو الشّعب الّذی مخرجه إلی الأبطح بین مكّة و منی.
9- فی المصدر: لیحتلینّ، و جاء فی حاشیة ك: لیحتلبا. كامل.
10- فی المصدر: مارئا، و فی ك نسخة: فارسا. كامل.
11- فی المصدر: نجیعا. قال فی النّهایة 1- 102: بخع أنفسهم .. أی قهرها و إذلالها بالطّاعة.
12- قال فی القاموس 1- 262: و یعمر الشّدّاخ- كطوّال و طیّاب، و قد یفتح- أحد حكّامهم حكم بین قضاعة و قصیّ فی أمر الكعبة، و كثر القتل فشدخ دماء قضاعة تحت قدمه و أبطلها فقضی بالبیت لقصیّ.

قَالَ (1)ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأَی أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیَّ فَكَرِهَ مَكَانَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تَرُعْ أَبَا حَسَنٍ .. و هذا الذی حكیناه عن الطبری.

ذكره ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ (2)، قَالُوا: ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: ادعُو لِی أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیَّ، فَدَعَوْهُ لَهُ، فَقَالَ: یَا أَبَا طَلْحَةَ! إِنَّ اللَّهَ طَالَمَا أَعَزَّ بِكُمُ الْإِسْلَامَ، فَإِذَا عُدْتُمْ مِنْ حُفْرَتِی (3)فَاخْتَرْ خَمْسِینَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَامِلِی سُیُوفِهِمْ وَ خُذْ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ بِإِمْضَاءِ الْأَمْرِ وَ تَعْجِیلِهِ، وَ اجْمَعْهُمْ فِی بَیْتٍ وَ قِفْ بِأَصْحَابِكَ عَلَی بَابِ الْبَیْتِ لِیَتَشَاوَرُوا وَ یَخْتَارُوا وَاحِداً مِنْهُمْ، فَإِنِ اتَّفَقَ خَمْسٌ وَ أَبَی وَاحِدٌ فَاشْدَخْ رَأْسَهُ بِالسَّیْفِ، وَ إِنِ اتَّفَقَ أَرْبَعَةٌ وَ أَبَی اثْنَانِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا، وَ إِنِ اتَّفَقَ ثَلَاثَةٌ وَ خَالَفَ ثَلَاثَةٌ فَانْظُرِ الثَّلَاثَةَ الَّتِی فِیهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَإِنْ أَصَرَّتِ الثَّلَاثَةُ الْأُخْرَی عَلَی خِلَافِهَا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهَا.

وَ فِی رِوَایَةِ ابْنِ الْأَثِیرِ (4)فَإِنْ رَضِیَ ثَلَاثَةٌ فَحَكِّمُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنْ لَمْ یَرْضَوْا بِحُكْمِ عَبْدِ اللَّهِ فَكُونُوا مَعَ الَّذِینَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ اقْتُلُوا الْبَاقِینَ.

ثُمَّ قَالَ (5)وَ إِنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ لَمْ یَتَّفِقُوا عَلَی الْأَمْرِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَ السِّتَّةِ وَ دَعِ الْمُسْلِمِینَ یَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ، جَمَعَهُمْ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیُّ فِی بَیْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَ قِیلَ: فِی بَیْتِ الْمَالِ، وَ قِیلَ: فِی حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِإِذْنِهَا، وَ وَقَفَ عَلَی بَابِ الْبَیْتِ بِالسَّیْفِ فِی خَمْسِینَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَامِلِی سُیُوفِهِمْ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَجَلَسَا عَلَی بَابِ الْبَیْتِ فَحَصَبَهُمَا (6)سَعْدٌ

ص: 398


1- أی الطّبریّ فی تاریخه 3- 295، و لا توجد: قال، فی س.
2- الكامل لابن الأثیر 3- 35، باختلاف یسیر و اختصار، و لا زال الكلام لابن أبی الحدید فی شرح النّهج 1- 187.
3- لا توجد: فإذا عدتم من حفرتی، فی المصدر.
4- الكامل لابن الأثیر 3- 35.
5- أی ابن أبی الحدید المعتزلیّ فی شرحه علی نهج البلاغة 1- 187- 188، مع اختلاف یسیر.
6- جاء فی حاشیة ك: رجمها بالحصباء. نهایة. انظر: النّهایة لابن الأثیر 1- 394.

وَ أَقَامَهُمَا وَ قَالَ: تُرِیدَانِ أَنْ تَقُولَا حَضَرْنَا وَ كُنَّا فِی أَهْلِ الشُّورَی، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَهْلُ الشُّورَی فَأَشْهَدَهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ عَلَی نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ وَهَبَ حَقَّهُ مِنَ الشُّورَی لِعُثْمَانَ، وَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا یَعْدِلُونَ بِهِ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانَ، وَ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَخْلُصُ لَهُ، فَأَرَادَ تَقْوِیَةَ أَمْرِ عُثْمَانَ وَ إِضْعَافَ جَانِبِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِهِبَتِهِ أمر [أَمْراً] (1)لَا انْتِفَاعَ لَهُ بِهِ، وَ ذَلِكَ كَانَ لِانْحِرَافِهِ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِكَوْنِهِ تَیْمِیّاً وَ ابْنَ عَمِّ أَبِی بَكْرٍ، وَ قَدْ كَانَ فِی صُدُورِ بَنِی هَاشِمٍ حَنَقٌ وَ غَیْظٌ عَلَی بَنِی تَیْمٍ لِخِلَافَةِ أَبِی بَكْرٍ، وَ كَذَا فِی صُدُورِ تَیْمٍ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ، فَلَمَّا رَأَی زُبَیْرٌ ذَلِكَ قَالَ: وَ أَنَا أُشْهِدُكُمْ عَلَی نَفْسِی أَنِّی قَدْ وَهَبْتُ حَقِّی مِنَ الشُّورَی لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ ذَلِكَ لِمَا دَخَلَتْهُ مِنْ حَمِیَّةِ النَّسَبِ، وَ ذَلِكَ (2)لِأَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَمَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ هِیَ صَفِیَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ خَالَهُ فَبَقِیَ مِنَ السِّتَّةِ أَرْبَعَةٌ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ: وَ أَنَا قَدْ وَهَبْتُ حَقِّی لِابْنِ عَمِّی عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ بَنِی زُهْرَةَ، وَ كَانَ سَعْدٌ یَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ لَا یَتِمُّ لَهُ، فَلَمَّا (3)لَمْ یَبْقَ إِلَّا الثَّلَاثَةُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عُثْمَانَ: أَیُّكُمَا یُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ وَ یَكُونَ إِلَیْهِ الِاخْتِیَارُ فِی الِاثْنَیْنِ الْبَاقِیَیْنِ؟!. فَلَمْ یَتَكَلَّمْ مِنْهُمَا أَحَدٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّی قَدْ أَخْرَجْتُ (4)نَفْسِی مِنَ الْخِلَافَةِ عَلَی أَنْ أَخْتَارَ أَحَدَهُمَا (5)، فَأَمْسَكَا، فَبَدَأَ بِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: أُبَایِعُكَ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ سِیرَةِ الشَّیْخَیْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ: بَلْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ اجْتِهَادِ رَأْیِی، فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَی عُثْمَانَ، فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَیْهِ، فَقَالَ:

نَعَمْ، فَعَادَ إِلَی عَلِیٍّ (علیه السلام) فَأَعَادَ قَوْلَهُ، فَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ذَلِكَ ثَلَاثاً، فَلَمَّا رَأَی أَنَّ عَلِیّاً

ص: 399


1- كذا، و الظّاهر: أمرا- بالنّصب-، و یحتمل أن تكون بهبة- بدون ضمیر-.
2- خطّ علی: و ذلك، فی ك.
3- لا توجد: فلمّا، فی س.
4- فی ك: خرّجت.
5- وضع علی: أحدهما، رمز نسخة بدل فی ك.

غَیْرُ رَاجِعٍ عَمَّا قَالَهُ، وَ أَنَّ عُثْمَانَ یُنْعِمُ (1)لَهُ بِالْإِجَابَةِ، صَفَقَ عَلَی یَدِ عُثْمَانَ، فَقَالَ:

السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ مَا فَعَلْتَهَا إِلَّا لِأَنَّكَ رَجَوْتَ مِنْهُ مَا رَجَا صَاحِبُكُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، دَقَّ اللَّهُ بَیْنَكُمَا عِطْرَ مَنْشِمَ. قَالُوا: فَفَسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَیْنَ عُثْمَانَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَمْ یُكَلِّمْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ حَتَّی مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (2)، عَنْ أَبِی (3)هِلَالٍ الْعَسْكَرِیِّ فِی كِتَابِ الْأَوَائِلِ:

اسْتُجِیبَتْ دَعْوَةُ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی عُثْمَانَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَمَا مَاتَا إِلَّا مُتَهَاجِرَیْنِ مُتَعَادِیَیْنِ، ... وَ لَمَّا بَنَی عُثْمَانُ قَصْرَهُ طَمَارَ (4)وَ الزَّوْرَاءَ (5)وَ صَنَعَ طَعَاماً كَثِیراً وَ دَعَا النَّاسَ إِلَیْهِ كَانَ فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی الْبِنَاءِ وَ الطَّعَامِ، قَالَ: یَا ابْنَ عَفَّانَ! لَقَدْ صَدَّقْنَا عَلَیْكَ مَا كُنَّا نُكَذِّبُ فِیكَ، وَ إِنِّی أَسْتَعِیذُ اللَّهَ (6)مِنْ بَیْعَتِكَ، فَغَضِبَ عُثْمَانُ، وَ قَالَ: أَخْرِجْهُ عَنِّی یَا غُلَامُ، فَأَخْرَجُوهُ، وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا یُجَالِسُوهُ، فَلَمْ یَكُنْ یَأْتِیهِ أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ یَأْتِیهِ فَیَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْقُرْآنَ وَ الْفَرَائِضَ، وَ مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَعَادَهُ عُثْمَانُ وَ كَلَّمَهُ فَلَمْ یُكَلِّمْهُ حَتَّی مَاتَ.

و الذی یظهر من روایة ابن الأثیر فی الكامل و محمد بن جریر فی تاریخه هو أنّه لم یتحقّق بیعة عثمان فی الیوم الأول من الشوری.

قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ (7)كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یَدُورُ لَیَالِیَهُ یَلْقَی أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 400


1- جاء فی حاشیة ك ما یلی: أنعم له: أی قال له و نعم. صحاح. انظر: الصّحاح 5- 2043.
2- شرح نهج البلاغة 1- 196.
3- لا توجد: أبی، فی س.
4- جاء فی حاشیة ك: و طمار- بالفتح- المكان المرتفع. و الزّوراء .. موضع بالمدینة یقف المؤذّنون علی سطحه. مجمع. انظر: مجمع البحرین 3- 330، و 3- 377 و فیه: و الزّوراء- بالفتح و المدّ- بغداد و موضع .. إلی آخره.
5- فی المصدر: بالزّوراء.
6- فی ك نسخة بدل: باللّٰه، و قد جاءت فی المصدر.
7- الكامل 3- 36، باختلاف و تصرّف.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ أُمَرَاءَ الْأَجْنَادِ یُشَاوِرُهُمْ حَتَّی إِذَا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی صَبِیحَتُهَا تُسْتَكْمَلُ الْأَیَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِی أَجَّلَهَا عُمَرُ أَتَی مَنْزِلَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فَأَیْقَظَهُ، وَ قَالَ:

إِنِّی لَمْ أَذُقْ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ كَثِیرَ (1)غُمْضٍ، فَانْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَیْرَ وَ سَعْداً، فَدَعَاهُمَا فَبَدَأَ بِالزُّبَیْرِ، فَقَالَ لَهُ: خَلِّ (2)ابْنَیْ عَبْدِ مَنَافٍ وَ (3)هَذَا الْأَمْرَ، فَقَالَ: نَصِیبِی لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ لِسَعْدٍ: اجْعَلْ نَصِیبَكَ لِی. فَقَالَ: إِنِ اخْتَرْتَ نَفْسَكَ فَنَعَمْ، وَ إِنِ اخْتَرْتَ عُثْمَانَ فَعَلِیٌّ أَحَبُّ إِلَیَّ، أَیُّهَا الرَّجُلُ! بَایِعْ لِنَفْسِكَ وَ أَرِحْنَا. فَقَالَ لَهُ: جَعَلْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ أَخْتَارَ (4)وَ إِنْ (5)لَمْ أَفْعَلْ لَمْ أَرُدَّهَا، إِنِّی رَأَیْتُ رَوْضَةً خَضْرَاءَ كَثِیرَةَ الْعُشْبِ فَدَخَلَ فَحْلٌ مَا رَأَیْتُ أَكْرَمَ مِنْهُ فَمَرَّ كَأَنَّهُ سَهْمٌ وَ لَمْ یَلْتَفِتْ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا حَتَّی قَطَعَهَا وَ لَمْ یَعْرُجْ، وَ دَخَلَ بَعِیرٌ یَتْلُوهُ وَ اتَّبَعَ أَثَرَهُ حَتَّی خَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ دَخَلَ فَحْلٌ عَبْقَرِیٌّ یَجُرُّ خِطَامَهُ (6)وَ مَضَی قَصْدَ الْأَوَّلَیْنِ، ثُمَّ دَخَلَ بَعِیرٌ رَابِعٌ فَوَقَعَ (7)فِی الرَّوْضَةِ، وَ لَا (8)وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ الرَّابِعَ، إِنَّ أَحَداً (9)وَ لَا یَقُومُ مَقَامَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ بَعْدَهُمَا فَیَرْضَی النَّاسُ عَنْهُ.

قَالَ (10)وَ أَرْسَلَ الْمِسْوَرُ یَسْتَدْعِی عَلِیّاً فَنَاجَاهُ طَوِیلًا ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَی عُثْمَانَ

ص: 401


1- فی ك نسخة بدل: كبیر.
2- فی ك: خلو، و جعل كلمة: خلّ، نسخة بدل.
3- لا توجد الواو فی س.
4- جاء فی حاشیة ك ما یلی: قد خلعت نفسی علی أن أختار، كذا فی الكامل، و فی النّسخ [كذا] البحار الموجودة عندی، كما فی المتن. محمّد خلیل. أقول: و هو یختلف عمّا فی الكامل المطبوع، فراجع.
5- فی ك نسخة بدل: و لو، بدلا من: و إن.
6- فی س: حطامه.
7- فی المصدر: مرتع.
8- لا توجد الواو فی ك.
9- فی ك نسخة بدل: و إنّ، و جاء فی حاشیتها: و إن أحد، لیس فی الكامل. أقول: لعلّ الواو زائدة من المتن، أی إنّ أحدا لا یقوم .. إلی آخره.
10- أی ابن الأثیر فی الكامل 3- 37. باختلاف یسیر.

فَتَنَاجَیَا حَتَّی فَرَّقَ بَیْنَهُمَا الصُّبْحُ ...، فَلَمَّا صَلَّوُا الصُّبْحَ جَمَعَ الرَّهْطَ وَ بَعَثَ إِلَی مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ أَهْلِ السَّابِقَةِ وَ الْفَضْلِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فَاجْتَمَعُوا حَتَّی ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ، فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَحَبُّوا (1)أَنْ یَرْجِعَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ إِلَی أَمْصَارِهِمْ فَأَشِیرُوا عَلَیَّ؟. فَقَالَ عَمَّارٌ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ لَا یَخْتَلِفَ النَّاسُ فَبَایِعْ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ. فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: صَدَقَ عَمَّارٌ، إِنْ بَایَعْتَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ قُلْنَا سَمْعاً وَ طَاعَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ أَبِی سَرْحٍ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ لَا یَخْتَلِفَ قُرَیْشٌ فَبَایِعْ عُثْمَانَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَبِی رَبِیعَةَ الْمَخْزُومِیُّ:

صَدَقَ، إِنِ بَایَعْتَ عُثْمَانَ قُلْنَا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا (3)

، فَشَتَمَ عَمَّارٌ ابْنَ أَبِی سَرْحٍ، وَ قَالَ: مَتَی كُنْتَ تَنْصَحُ الْمُسْلِمِینَ؟!. فَتَكَلَّمَ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو أُمَیَّةَ، فَقَالَ عَمَّارٌ:

أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَنَا بِنَبِیِّهِ (4)فَأَنَّی تَصْرِفُونَ هَذَا الْأَمْرَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ؟!. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ: لَقَدْ عَدَوْتَ طَوْرَكَ یَا ابْنَ سُمَیَّةَ، وَ مَا أَنْتَ وَ تَأْمِیرَ قُرَیْشٍ لِأَنْفُسِهَا. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ: یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! افْرُغْ مِنْ أَمْرِكَ قَبْلَ أَنْ یَفْتَتِنَ النَّاسُ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (5)إِنِّی قَدْ نَظَرْتُ وَ شَاوَرْتُ فَلَا تَجْعَلَنَّ أَیُّهَا الرَّهْطُ عَلَی أَنْفُسِكُمْ سَبِیلًا، وَ دَعَا عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: عَلَیْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] وَ سِیرَةِ الْخَلِیفَتَیْنِ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ: أَرْجُو أَنْ أَفْعَلَ وَ أَعْمَلَ بِمَبْلَغِ عِلْمِی وَ طَاقَتِی، وَ دَعَا عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِعَلِیٍّ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَرَفَعَ (6)عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَأْسَهُ إِلَی سَقْفِ الْمَسْجِدِ وَ یَدُهُ فِی یَدِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْمَعْ وَ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ إِنِّی جَعَلْتُ مَا بِرَقَبَتِی مِنْ ذَاكَ فِی رَقَبَةِ عُثْمَانَ، فَبَایَعَهُ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَیْسَ هَذَا بِأَوَّلِ یَوْمٍ تَظَاهَرْتُمْ فِیهِ

ص: 402


1- فی المصدر: أجمعوا.
2- فی س: عبد الرّحمن.
3- جاء فی حاشیة ( ك ) : فتبسم ابن أبی سرح فقال عمار : متی .. كامل.
4- فی المصدر زیادة: و أعزّنا بدینه.
5- فی س: فقال یا عبد الرّحمن.
6- فی س: فوقع.

عَلَیْنَا، (فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلی ما تَصِفُونَ) (1)، وَ اللَّهِ مَا وَلَّیْتَ عُثْمَانَ إِلَّا لِیَرُدَّ الْأَمْرَ إِلَیْكَ، وَ اللَّهُ كُلَّ یَوْمٍ فِی شَأْنٍ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: یَا عَلِیُّ! لَا تَجْعَلَنَّ عَلَی نَفْسِكَ سَبِیلًا یَعْنِی یَقْتُلُكَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَبَ مَا أَمَرَهُ بِهِ عُمَرُ-. فَخَرَجَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ یَقُولُ: سَیَبْلُغُ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. فَقَالَ عَمَّارٌ (2)یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! لَقَدْ تَرَكْتُهُ وَ إِنَّهُ مِنَ الَّذِینَ یَقْضُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ ...، ثُمَّ قَالَ الْمِقْدَادُ: تَاللَّهِ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ مَا أُتِیَ إِلَی أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ، إِنِّی لَأَعْجَبُ مِنْ قُرَیْشٍ أَنَّهُمْ تَرَكُوا رَجُلًا مَا أَقُولُ وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً (3)أَقْضَی بِالْحَقِّ وَ لَا أَعْلَمُ وَ لَا أَتْقَی مِنْهُ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَجِدُ أَعْوَاناً عَلَیْهِ لَقَاتَلْتُهُمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اتَّقِ اللَّهَ یَا مِقْدَادُ! فَإِنِّی خَائِفٌ عَلَیْكَ الْفِتْنَةَ ... وَ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنِّی لَأَعْلَمُ مَا فِی أَنْفُسِهِمْ، إِنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ إِلَی قُرَیْشٍ وَ قُرَیْشٌ تَنْظُرُ (4)فِی صَلَاحِ شَأْنِهَا، فَتَقُولُ: إِنْ وُلِّیَ عَلَیْكُمْ بَنُو هَاشِمٍ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُمْ أَبَداً، وَ مَا كَانَ فِی غَیْرِهِمْ فَهُوَ مُتَدَاوَلٌ فِی بُطُونِ قُرَیْشٍ.

قَالَ (5)وَ قَدِمَ (6)طَلْحَةُ فِی الْیَوْمِ الَّذِی بُویِعَ فِیهِ لِعُثْمَانَ، فَقِیلَ لَهُ بَایِعْ (7)لِعُثْمَانَ. فَقَالَ: كُلُّ قُرَیْشٍ رَاضٍ بِهِ؟. قَالُوا: نَعَمْ، فَأَتَی عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:

أَنْتَ عَلَی رَأْسِ أَمْرِكَ وَ إِنْ أَبَیْتَ رَدَدْتُهَا. قَالَ: أَ تَرُدُّهَا؟. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَ كُلُّ النَّاسِ بَایَعُوكَ؟. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قَدْ (8)رَضِیتُ، لَا أَرْغَبُ عَمَّا أَجْمَعُوا (9)عَلَیْهِ.

وَ قَالَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَدْ أَصَبْتَ إِنْ بَایَعْتَ عُثْمَانَ، وَ قَالَ

ص: 403


1- یوسف: 18.
2- فی المصدر: فقال المقداد.
3- جاء فی حاشیة ك: رجلا. الكامل.
4- فی مطبوع البحار: ینظر.
5- الكامل لابن الأثیر 3- 37- 38.
6- فی س: و وفد.
7- فی ك نسخة بدل: بایعوا و هو كذلك فی المصدر.
8- لا توجد: قد، فی س.
9- جاء فی حاشیة ك: و بایعه. الكامل.

لِعُثْمَانَ: لَوْ بَایَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ غَیْرَكَ مَا رَضِینَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَذَبْتَ یَا أَعْوَرُ! لَوْ بَایَعْتُ غَیْرَ عُثْمَانَ لَبَایَعْتَهُ وَ لَقُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، قَالَ: وَ كَانَ الْمِسْوَرُ یَقُولُ: مَا رَأَیْتُ أَحَداً مَدَّ (1)قَوْماً فِیمَا دَخَلُوا فِیهِ بِمِثْلِ مَا مَدَّهُمْ (2)عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ (3)وَ قَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ رِوَایَةً أُخْرَی فِی الشُّورَی، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَرِیباً مِمَّا تَقَدَّمَ، غَیْرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا دَفَنُوا عُمَرَ جَمَعَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ خَطَبَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ بِالاجْتِمَاعِ وَ تَرْكِ التَّفَرُّقِ، فَتَكَلَّمَ عُثْمَانُ ... و ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِیرِ مَا خَطَبَ بِهِ عُثْمَانُ ثُمَّ الزُّبَیْرُ وَ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَی إِیرَادِ خُطْبَتِهِمَا.

ثُمَّ أَوْرَدَ (4)كَلَامَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ قَوْلُهُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی اخْتَارَ (5)مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَّا نَبِیّاً وَ ابْتَعَثَهُ (6)إِلَیْنَا رَسُولًا، فَنَحْنُ أَهْلُ (7)بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ، وَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَ نَجَاةٌ لِمَنْ طَلَبَ، إِنَّ (8)لَنَا حَقّاً إِنْ نُعْطَهُ نَأْخُذْهُ (9)وَ إِنْ نُمْنَعْهُ نَرْكَبْ أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَ إِنْ (10)طَالَ السُّرَی، لَوْ عَهِدَ إِلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَهْداً لَأَنْفَذْنَا عَهْدَهُ، وَ لَوْ قَالَ لَنَا قَوْلًا لَجَادَلْنَا عَلَیْهِ حَتَّی نَمُوتَ، لَنْ یُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِی إِلَی دَعْوَةِ حَقٍّ وَ صِلَةِ رَحِمٍ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، اسْمَعُوا كَلَامِی وَ عُوا مَنْطِقِی عَسَی أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ

ص: 404


1- فی المصدر: بذّ.
2- فی الكامل. ما بذّهم.
3- الكامل 3- 38.
4- أی ابن الأثیر فی الكامل 3- 39.
5- فی المصدر: بعث، بدلا من: اختار.
6- جاء فی حاشیة ك نسخة بدل: و بعثه. الكامل، و هی كذلك فی المصدر.
7- وضع علی كلمة: أهل، رمز نسخة بدل فی ك، و لا توجد فی المصدر.
8- لا توجد: إن، فی المصدر.
9- وضع علی الهاء فی س، رمز نسخة بدل.
10- فی المصدر: و لو. و هی نسخة جاءت فی ك.

بَعْدَ هَذَا الْجَمْعِ (1)تُنْتَضَی فِیهِ السُّیُوفُ، وَ تُخَانُ فِیهِ الْعُهُودُ، حَتَّی لَا یَكُونَ (2)لَكُمْ جَمَاعَةٌ، وَ حَتَّی (3)یَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ، وَ شِیعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ.

وَ قَدْ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (4)هَذَا الْكَلَامَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ، ثُمَّ قَالَ: وَ ذَكَرَ الْهَرَوِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمْعِ بَیْنَ الْغَرِیبَیْنِ قَوْلَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

وَ إِنْ نُمْنَعْهُ نَرْكَبْ أَعْجَازَ الْإِبِلِ .. و فسّره علی وجهین: أحدهما: أنّ من ركب عجز البعیر یعانی (5)مشقّة (6)، فكأنّه قال: و إن نمنعه نصبر علی المشقّة كما یصبر علیها راكب عجز البعیر. و الوجه الثانی: أنّه أراد نتبع (7)غیرنا كما أنّ راكب عجز البعیر یكون ردیفا لمن هو أمامه، فكأنّه قال: و إن نمنعه نتأخّر و نتبع غیرنا (8)كما یتأخّر راكب عجز (9) البعیر (10)

ص: 405


1- فی المصدر: المجمع.
2- فی الكامل: لا تكون.
3- لا یوجد فی المصدر: حتّی.
4- فی شرحه علی نهج البلاغة 1- 195 بتصرّف.
5- فی مطبوع البحار: یعافی.
6- جاء فی حاشیة ك: و یقاسی جهدا، ابن أبی الحدید. و هو كذلك.
7- فی ك: أن نتبع. و هو الظاهر.
8- فی ك: نسخة بدل: غیره.
9- لا توجد: عجز، فی شرح النهج.
10- و أضاف فی النهایة 3- 185- 186 وجها ثالثا، قال: و قیل: یجوز أن یرید و إن نمنعه نبذل الجهد فی طلبه فعل من یضرب فی ابتغاء طلبته أكباد الإبل، و لا یبالی باحتمال طول السری، و الأوّلان أوجه، لأنّه سلّم و صبر علی التأخّر و لم یقاتل و إنّما قاتل بعد انعقاد الإمامة له.

ص: 406

[27] باب احتجاج أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه علی جماعة من المهاجرین و الأنصار لما تذاكروا فضلهم فی أیّام خلافة عثمان و غیره ممّا احتجّ به فی أیّام خلافة خلفاء الجور و بعدها

«1»-ج (1)رُوِیَ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَیْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَ جَمَاعَةٌ یَتَحَدَّثُونَ وَ یَتَذَاكَرُونَ الْعِلْمَ، فَذَكَرُوا قُرَیْشاً وَ فَضْلَهَا وَ سَوَابِقَهَا وَ هِجْرَتَهَا وَ مَا قَالَ فِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الْفَضْلِ، مِثْلَ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَیْشٍ. وَ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَیْشٍ وَ قُرَیْشٌ أَئِمَّةُ الْعَرَبِ.

وَ قَوْلِهِ: لَا تَسُبُّوا (2)قُرَیْشاً. وَ قَوْلِهِ: إِنَّ لِلْقُرَشِیِّ مِثْلَ قُوَّةِ رَجُلَیْنِ مِنْ غَیْرِهِمْ. وَ قَوْلِهِ: مَنْ أَبْغَضَ قُرَیْشاً أَبْغَضَهُ اللَّهُ. وَ قَوْلِهِ: مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَیْشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ .. وَ ذَكَرُوا الْأَنْصَارَ وَ فَضْلَهَا وَ سَوَابِقَهَا وَ نُصْرَتَهَا وَ مَا أَثْنَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی كِتَابِهِ، وَ مَا قَالَ فِیهِمْ

ص: 407


1- الاحتجاج 1- 145- 155- طبعة إیران-، 1- 210- 225- طبعة النّجف.
2- فی المصدر: لا تسبقوا، و ما ذكر فی المتن نسخة فی المصدر.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الْفَضْلِ (1)، وَ ذَكَرُوا مَا قَالَهُ (2)فِی سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ (3)فِی جَنَازَتِهِ (4)، وَ الَّذِی غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَ الَّذِی حَمَتْهُ الدَّبْرُ .. فَلَمْ یَدَعُوا شَیْئاً مِنْ فَضْلِهِمْ حَتَّی قَالَ كُلُّ حَیٍّ: مِنَّا فُلَانٌ وَ فُلَانٌ. وَ قَالَتْ قُرَیْشٌ: مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ مِنَّا حَمْزَةُ، وَ مِنَّا جَعْفَرٌ، وَ مِنَّا عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ سَعْدٌ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ وَ ابْنُ عَوْفٍ .. فَلَمْ یَدَعُوا مِنَ الْحَیَّیْنِ أَحَداً مِنْ أَهْلِ السَّابِقَةِ إِلَّا سَمَّوْهُ، وَ فِی الْحَلْقَةِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَیْ رَجُلٍ فِیهِمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَمَّارٌ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ وَ ابْنُ عُمَرَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَ مِنَ الْأَنْصَارِ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ وَ زَیْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبُو مَرْیَمَ (5)وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أَوْفَی، وَ أَبُو لَیْلَی وَ مَعَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَاعِداً (6)بِجَنْبِهِ غُلَامٌ صَبِیحُ (7)الْوَجْهِ مَدِیدُ الْقَامَةِ أَمْرَدُ (8)، فَجَاءَ أَبُو الْحَسَنِ الْبَصْرِیُّ وَ مَعَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ غُلَامٌ أَمْرَدُ (9)صَبِیحُ الْوَجْهِ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 408


1- هنا سقط جاء فی الاحتجاج و هو: مثل قوله: الأنصار كرشی و عیبتی، و مثل قوله: من أحبّ الأنصار أحبّه اللّٰه، و من أبغض الأنصار أبغضه اللّٰه، و مثل قوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم: لا یبغض الأنصار رجل یؤمن باللّٰه و برسوله، و قوله: لو سلك النّاس شعبا لسلكت شعب الأنصار.
2- فی المصدر: قال.
3- لا توجد الواو فی الاحتجاج.
4- هنا سقط- أیضا- جاء فی المصدر و هو: و إنّ العرش اهتزّ لموته، و قوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم لمّا جی ء إلیه بمنادیل من الیمن، فأعجب النّاس بها فقال-: لمنادیل سعد فی الجنّة أحسن منها.
5- لا توجد: و أبو مریم، فی المصدر.
6- فی الاحتجاج: و عبد الرّحمن قاعد.
7- فی المصدر: غلام أمرد.
8- فی س: أمره، و لا معنی لها ظاهرا.
9- فی س: أمره، و لا معنی لها ظاهرا.

ابْنِ أَبِی لَیْلَی فَلَا أَدْرِی أَیُّهُمَا أَجْمَلُ، غَیْرَ أَنَّ الْحَسَنَ أَعْظَمُهُمَا وَ أَطْوَلُهُمَا، وَ أَكْثَرُ الْقَوْمِ وَ ذَلِكَ مِنْ بُكْرَةٍ إِلَی حِینِ (1)الزَّوَالِ وَ عُثْمَانُ فِی دَارِهِ لَا یَعْلَمُ بِشَیْ ءٍ مِمَّا هُمْ فِیهِ، وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَا یَنْطِقُ هُوَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَیْهِ، فَقَالُوا: یَا أَبَا الْحَسَنِ! مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ؟. فَقَالَ (2)مَا مِنَ الْحَیَّیْنِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ ذَكَرَ فَضْلًا وَ قَالَ حَقّاً، فَأَنَا أَسْأَلُكُمْ یَا مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ وَ الْأَنْصَارِ! بِمَنْ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ هَذَا الْفَضْلَ؟ أَ بِأَنْفُسِكُمْ وَ عَشَائِرِكُمْ وَ أَهْلِ بُیُوتَاتِكُمْ أَمْ بِغَیْرِكُمْ؟. قَالُوا: بَلْ أَعْطَانَا اللَّهُ وَ مَنَّ بِهِ عَلَیْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ عَشِیرَتِهِ لَا بِأَنْفُسِنَا وَ عَشَائِرِنَا وَ لَا بِأَهْلِ بُیُوتَاتِنَا.

قَالَ: صَدَقْتُمْ، یَا مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ وَ الْأَنْصَارِ! أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِی (3)نِلْتُمْ بِهِ مِنْ خَیْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ خَاصَّةً دُونَ (4)غَیْرِهِمْ؟ فَإِنَّ ابْنَ عَمِّی رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنِّی وَ أَهْلَ بَیْتِی كُنَّا نُوراً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَضَعَ ذَلِكَ النُّورَ فِی صُلْبِهِ وَ أَهْبَطَهُ إِلَی الْأَرْضِ، ثُمَّ حَمَلَهُ فِی السَّفِینَةِ فِی صُلْبِ نُوحٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَذَفَ بِهِ فِی النَّارِ فِی صُلْبِ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ لَمْ یَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَنْقُلُنَا مِنَ الْأَصْلَابِ الْكَرِیمَةِ إِلَی الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ، وَ مِنَ الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ إِلَی الْأَصْلَابِ الْكَرِیمَةِ مِنَ الْآبَاءِ وَ الْأُمَّهَاتِ لَمْ یَلْتَقِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی سِفَاحٍ قَطُّ.

فَقَالَ أَهْلُ السَّابِقَةِ وَ الْقُدْمَةِ (5)وَ أَهْلُ بَدْرٍ وَ أَهْلُ أُحُدٍ: نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنِّی أَوَّلُ الْأُمَّةِ إِیمَاناً بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ؟.

ص: 409


1- جاء فی حاشیة ك نسخة بدل: إن حضرت الصّلاة الأولی.
2- فی الاحتجاج: فقال علیه السّلام لهم.
3- فی المصدر: أ تعلمون الّذی.
4- فی ك نسخة بدل: دونكم جمیعا.
5- وضع علی هذه الكلمة فی مطبوع البحار رمز نسخة بدل، و لا توجد فی المصدر.

قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: نَشَدْتُكُمْ (1)بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ فِی كِتَابِهِ السَّابِقَ عَلَی الْمَسْبُوقِ فِی غَیْرِ آیَةٍ، وَ إِنِّی لَمْ یَسْبِقْنِی إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ (2)بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ حَیْثُ نَزَلَتْ: (وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ) (3)(وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (4)سُئِلَ (5)عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْأَنْبِیَاءِ وَ فِی أَوْصِیَائِهِمْ، فَأَنَا أَفْضَلُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَصِیِّی أَفْضَلُ الْأَوْصِیَاءِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ حَیْثُ نَزَلَتْ: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (6)، وَ حَیْثُ نَزَلَتْ: (إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ) (7)، وَ حَیْثُ نَزَلْتَ: (وَ لَمْ یَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِینَ وَلِیجَةً) (8)قَالَ النَّاسُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ خَاصَّةٌ فِی بَعْضِ الْمُؤْمِنِینَ أَمْ عَامَّةٌ بِجَمِیعِهِمْ (9)؟ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ أَنْ یُعْلِمَهُمْ وُلَاةَ أَمْرِهِمْ وَ أَنْ یُفَسِّرَ لَهُمْ مِنَ الْوَلَایَةِ مَا فَسَّرَ لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَ زَكَاتِهِمْ وَ صَوْمِهِمْ وَ حَجِّهِمْ، فَنَصَبَنِی لِلنَّاسِ (10)بِغَدِیرِ خُمٍّ، ثُمَّ خَطَبَ

ص: 410


1- فی المصدر: فأنشدكم.
2- فی المصدر: فأنشدكم.
3- التّوبة: 100.
4- الواقعة: 10- 11.
5- فی الاحتجاج: و سئل.
6- النّساء: 59.
7- المائدة: 55.
8- التّوبة: 16.
9- فی س نسخة بدل: فی جمیعهم، و فی المصدر: لجمیعهم.
10- فی الاحتجاج زیادة: علما.

فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِی بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صَدْرِی فَظَنَنْتُ (1)أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبُونِی (2)فَأَوْعَدَنِی لَأُبَلِّغُهَا (3)أَوْ لَیُعَذِّبَنِّی، ثُمَّ أَمَرَ فَنُودِیَ بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَوْلَایَ وَ أَنَا مَوْلَی الْمُؤْمِنِینَ، وَ أَنَا أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟. قَالُوا: بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: قُمْ یَا عَلِیُّ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، فَقَامَ سَلْمَانُ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! وَلَاءٌ (4)كَمَا ذَا؟. قَالَ: وَلَاءٌ (5)كَوَلَائِی، مَنْ (6)كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِیناً) (7)، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ تَمَامُ (8)نُبُوَّتِی وَ تَمَامُ دِینِ اللَّهِ وَلَایَةُ عَلِیٍّ بَعْدِی، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ قَالا: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! هَذِهِ (9)الْآیَاتُ خَاصَّةٌ فِی عَلِیٍّ؟!. قَالَ: بَلَی، فِیهِ وَ فِی أَوْصِیَائِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ. قَالا: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! بَیِّنْهُمْ لَنَا. قَالَ: أَخِی (10)وَ وَزِیرِی وَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ (11)بَعْدِی، ثُمَّ ابْنِیَ الْحَسَنُ ثُمَّ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ ثُمَّ (12)تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، الْقُرْآنُ مَعَهُمْ وَ هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ لَا یُفَارِقُونَهُ وَ لَا یُفَارِقُهُمْ حَتَّی یَرِدُوا

ص: 411


1- فی س: و ظننت.
2- فی الاحتجاج: مكذّبیّ.
3- فی المصدر: لأبلّغنّها.
4- فی الاحتجاج- طبعة النّجف-: ولاه.
5- فی الاحتجاج- طبعة النّجف-: ولاه.
6- فی ك: و من.
7- المائدة: 3.
8- فی الاحتجاج: فقال: اللّٰه أكبر علی تمام ..
9- فی المصدر: هؤلاء.
10- فی ك: علی أخی.
11- لا توجد فی المصدر: و مؤمنة، و فی س: و علی كلّ مؤمنة، و خطّ فی ك علی: علی كلّ.
12- فی المصدر: الحسن و الحسین ثمّ ..

عَلَیَّ الْحَوْضَ، فَقَالُوا كُلُّهُمْ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ وَ شَهِدْنَا كَمَا قُلْتَ سَوَاءً.

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ حَفِظْنَا جُلَّ مَا قُلْتَ وَ لَمْ نَحْفَظْ (1)كُلَّهُ، وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ حَفِظُوا أَخْیَارُنَا وَ أَفَاضِلُنَا، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: صَدَقْتُمْ، لَیْسَ كُلُّ النَّاسِ یَسْتَوِی فِی الْحِفْظِ.

أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (2)مَنْ حَفِظَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، لَمَّا قَامَ وَ أَخْبَرَ بِهِ. فَقَامَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ (3)عَازِبٍ وَ أَبُو ذَرٍّ، وَ الْمِقْدَادُ، وَ عَمَّارٌ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ لَقَدْ حَفِظْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ أَنْتَ إِلَی جَنْبِهِ وَ هُوَ یَقُولُ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی (4)أَنْ أَنْصِبَ لَكُمْ إِمَامَكُمْ وَ الْقَائِمَ فِیكُمْ بَعْدِی وَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی وَ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ (5)عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ طَاعَتَهُ وَ قَرَنَهُ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَتِی، وَ أَمَرَكُمْ بِوَلَایَتِهِ، وَ إِنِّی رَاجَعْتُ رَبِّی خَشْیَةَ طَعْنِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ تَكْذِیبِهِمْ فَأَوْعَدَنِی رَبِّی (6)لَأُبَلِّغَنَّهَا أَوْ یُعَذِّبَنِی (7)

أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ فِی كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ فَقَدْ بَیَّنْتُهَا لَكُمْ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ فَبَیَّنْتُهَا (8)لَكُمْ وَ فَسَّرْتُهَا، وَ أَمَرَكُمْ بِالْوَلَایَةِ وَ إِنِّی أُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا لِهَذَا خَاصَّةً وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی یَدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ ثُمَّ لِابْنَیْهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ لِلْأَوْصِیَاءِ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ وُلْدِهِمْ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ لَا یُفَارِقُونَ الْقُرْآنَ وَ لَا یُفَارِقُهُمْ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ.

أَیُّهَا النَّاسُ! قَدْ بَیَّنْتُ لَكُمْ مَفْزَعَكُمْ بَعْدِی وَ إِمَامَكُمْ وَ دَلِیلَكُمْ وَ هَادِیَكُمْ،

ص: 412


1- فی ك نسخة بدل: یحفظ.
2- لا توجد: عزّ و جلّ، فی الاحتجاج.
3- لا توجد: بن، فی س.
4- فی المصدر: أمرنی اللّٰه.
5- لا یوجد لفظ الجلالة فی الاحتجاج.
6- لا توجد: ربّی، فی المصدر.
7- فی المصدر: لیعذّبنی.
8- فی الاحتجاج: فقد بیّنتها.

وَ هُوَ أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ، وَ هُوَ فِیكُمْ بِمَنْزِلَتِی فِیكُمْ، فَقَلِّدُوهُ دِینَكُمْ وَ أَطِیعُوهُ فِی جَمِیعِ أُمُورِكُمْ، فَإِنَّ عِنْدَهُ جَمِیعَ مَا عَلَّمَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عِلْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ فَاسْأَلُوهُ وَ تَعَلَّمُوا مِنْهُ وَ مِنْ أَوْصِیَائِهِ بَعْدَهُ، وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ وَ لَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُمْ، وَ لَا یُزَایِلُونَهُ وَ لَا یُزَایِلُهُمْ (1).. ثُمَّ جَلَسُوا.

قَالَ سُلَیْمٌ: ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَیُّهَا النَّاسُ! أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ فِی كِتَابِهِ: (إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (2)فَجَمَعَنِی وَ فَاطِمَةَ وَ ابْنَیَّ (3)حَسَناً وَ حُسَیْناً ثُمَّ أَلْقَی عَلَیْنَا كِسَاءً (4)، وَ قَالَ:

اللَّهُمَّ إِنَّ (5)هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی وَ لُحْمَتِی (6)یُؤْلِمُنِی مَا یُؤْلِمُهُمْ، وَ یَجْرَحُنِی مَا یَجْرَحُهُمْ، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)؟. فَقَالَ: أَنْتِ إِلَی خَیْرٍ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِیَّ وَ فِی أَخِی عَلِیٍّ (7)وَ فِی ابْنَیَّ وَ فِی تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ خَاصَّةً لَیْسَ (8)مَعَنَا أَحَدٌ غَیْرُنَا، فَقَالُوا كُلُّهُمْ: نَشْهَدُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنَا بِذَلِكَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَحَدَّثَنَا كَمَا حَدَّثَتْنَا بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ.

ثُمَّ (9)قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ) (10)؟. فَقَالَ سَلْمَانُ: یَا رَسُولَ

ص: 413


1- فی المصدر: معهم لا یزایلهم، و خطّ علی الواو الأولی فی ك.
2- الأحزاب: 33.
3- فی المصدر: و ابنیه.
4- فی الاحتجاج زیادة: فدكیّا.
5- لا توجد: إنّ، فی المصدر.
6- فی الاحتجاج: و لحمی.
7- فی المصدر زیادة: و فی ابنتی فاطمة.
8- فی الاحتجاج: و لیس.
9- لا توجد: ثمّ، فی المصدر.
10- التّوبة: 119.

اللَّهِ! عَامَّةٌ هَذِهِ الْآیَةُ أَمْ (1)خَاصَّةٌ؟. فَقَالَ: أَمَّا الْمَأْمُورُونَ فَعَامَّةُ الْمُؤْمِنِینَ أُمِرُوا بِذَلِكَ، وَ أَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةٌ (2)لِأَخِی عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ أَوْصِیَائِی بَعْدَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ؟. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ (3)بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنِّی قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی غَزْوَةِ (4)تَبُوكَ: وَ لِمَ خَلَّفْتَنِی (5)مَعَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ (6)؟. فَقَالَ: إِنَّ الْمَدِینَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِی أَوْ بِكَ، وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی؟.

قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ (7)بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ فِی سُورَةِ الْحَجِّ:

(یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ.) (8)إِلَی آخِرِ السُّورَةِ؟، فَقَامَ سَلْمَانُ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ أَنْتَ عَلَیْهِمْ شَهِیدٌ وَ هُمْ شُهَدَاءُ عَلَی النَّاسِ، الَّذِینَ اجْتَبَاهُمُ اللَّهُ وَ لَمْ یَجْعَلْ عَلَیْهِمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِیهِمْ إِبْرَاهِیمَ؟. قَالَ: عَنَی بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا خَاصَّةً دُونَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقَالَ سَلْمَانُ: بَیِّنْهُمْ لَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ؟. فَقَالَ: أَنَا وَ أَخِی عَلِیٌّ وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَامَ خَطِیباً وَ (9)لَمْ یَخْطُبْ بَعْدَ ذَلِكَ-، فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ

ص: 414


1- لا توجد: أم، فی س.
2- فی الاحتجاج: خاصّة.
3- فی المصدر: أنشدكم.
4- فی الاحتجاج: غزاة.
5- فی المصدر: لم تخلفنی؟!.
6- فی س زیادة: تخلفنی كما، و لعلّها نسخة، و خطّ علیها فی ك. و هو الظّاهر.
7- فی المصدر: أنشدكم.
8- الحجّ: 77. و ذكر فی المصدر ذیلها: «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
9- وضع فی مطبوع البحار علی الواو رمز نسخة بدل.

وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا، فَإِنَّ اللَّطِیفَ الْخَبِیرَ أَخْبَرَنِی وَ عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ هُوَ شِبْهُ الْمُغْضَبِ-، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ كُلُّ أَهْلِ بَیْتِكَ؟!. فَقَالَ: لَا، وَ لَكِنَّ أَوْصِیَائِی مِنْهُمْ، أَوَّلُهُمْ عَلِیٌّ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ (1)بَعْدِی، هُوَ أَوَّلُهُمْ، ثُمَّ ابْنِیَ الْحَسَنُ، ثُمَّ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ، ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ وَاحِدٌ (2)بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ شُهَدَاءُ لِلَّهِ (3)فِی أَرْضِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَی خَلْقِهِ، وَ خُزَّانُ عِلْمِهِ، وَ مَعَادِنُ حِكْمَتِهِ، مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ (4)، وَ مَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ (5)عَصَی اللَّهَ. فَقَالُوا كُلُّهُمْ: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ ...

ثُمَّ تَمَادَی بِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ السُّؤَالُ (6)فَمَا تَرَكَ شَیْئاً إِلَّا نَاشَدَهُمُ اللَّهَ فِیهِ وَ سَأَلَهُمْ عَنْهُ حَتَّی أَتَی عَلَی آخِرِ (7)مَنَاقِبِهِ وَ مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، كُلَّ ذَلِكَ یُصَدِّقُونَهُ وَ یَشْهَدُونَ أَنَّهُ حَقٌّ، ثُمَّ قَالَ حِینَ فَرَغَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَیْهِمْ.

وَ قَالُوا: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنَّا لَمْ نَقُلْ إِلَّا مَا سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَا حَدَّثَنَاهُ (8)مَنْ نَثِقُ بِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَ غَیْرِهِمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

قَالَ: أَ تُقِرُّونَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً فَقَدْ كَذَبَ وَ لَیْسَ یُحِبُّنِی؟!. وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِی، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ:

كَیْفَ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)؟. قَالَ: لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ، وَ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِی

ص: 415


1- فی المصدر زیادة: و مؤمنة.
2- فی ك: واحدا.
3- فی ك: اللّٰه.
4- لا یوجد لفظ الجلالة فی س. و فی المصدر: فقد أطاع اللّٰه.
5- لا توجد: فقد، فی س.
6- فی المصدر زیادة: و المناشدة، بعد كلمة: السّؤال.
7- فی الاحتجاج: أتی علیّ علی أكثر ..
8- لا یوجد الضّمیر فی المصدر، و هو الظّاهر.

وَ مَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَبْغَضَنِی فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ. قَالَ: نَحْوٌ مِنْ (1)عِشْرِینَ رَجُلًا مِنْ أَفَاضِلِ الْحَیَّیْنِ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. وَ سَكَتَ بَقِیَّتُهُمْ.

فَقَالَ لِلسُّكُوتِ: مَا لَكُمْ سَكَتُّمْ؟!. قَالُوا: هَؤُلَاءِ الَّذِینَ شَهِدُوا عِنْدَنَا ثِقَاتٌ فِی قَوْلِهِمْ وَ فَضْلِهِمْ وَ سَابِقَتِهِمْ، قَالُوا: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَیْهِمْ. فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ (2)وَ كَانَ یُقَالُ لَهُ (3)دَاهِیَةُ (4)قُرَیْشٍ-: فَكَیْفَ تَصْنَعُ بِمَا ادَّعَی أَبُو بَكْرٍ وَ أَصْحَابُهُ الَّذِینَ صَدَّقُوهُ وَ شَهِدُوا عَلَی مَقَالَتِهِ یَوْمَ أَتَوْهُ بِكَ (5)تُقَادُوا (6)وَ (7)فِی عُنُقِكَ حَبْلٌ، فَقَالُوا لَكَ: بَایِعْ، فَاحْتَجَجْتَ بِمَا احْتَجَجْتَ بِهِ فَصَدَّقُوكَ جَمِیعاً. ثُمَّ ادَّعَی أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: أَبَی اللَّهُ أَنْ یَجْمَعَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ النُّبُوَّةَ وَ الْخِلَافَةَ، فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (8)، ثُمَّ قَالَ طَلْحَةُ:

كُلُّ الَّذِی قُلْتَ وَ ادَّعَیْتَ وَ احْتَجَجْتَ بِهِ مِنَ السَّابِقَةِ وَ الْفَضْلِ حَقٌّ نُقِرُّ بِهِ وَ نَعْرِفُهُ.

فَأَمَّا (9)الْخِلَافَةُ فَقَدْ شَهِدَ أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةُ بِمَا سَمِعْتَ. فَقَامَ (10)عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ غَضِبَ مِنْ مَقَالَتِهِ فَأَخْرَجَ شَیْئاً قَدْ كَانَ یَكْتُمُهُ، وَ فَسَّرَ شَیْئاً قَالَهُ یَوْمَ

ص: 416


1- لا توجد: من، فی المصدر.
2- فی الاحتجاج: عبد اللّٰه- بالتّكبیر-.
3- فی مطبوع البحار نسخة بدل: إنّه.
4- فی س: واهیة.
5- فی المصدر زیادة هنا: بعتلّ. و العتلّ لغة هو: الجذب العنیف، كما فی الصّحاح 5- 1758، و مجمع البحرین 5- 419، و غیرهما.
6- كذا، و الصّحیح: تقاد، و لا توجد الكلمة فی المصدر.
7- لا توجد الواو فی س.
8- لا یوجد فی المصدر: بن جبل.
9- فی الاحتجاج: و أمّا.
10- فی س: فقال.

مَاتَ عُمَرُ (1)لَمْ یَدْرِ مَا عَنَی بِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَی طَلْحَةَ وَ النَّاسُ یَسْمَعُونَ (2)، فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ یَا طَلْحَةُ مَا صَحِیفَةٌ أَلْقَی اللَّهَ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ صَحِیفَةِ الْأَرْبَعَةِ، هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ (3)الَّذِینَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا (4)عَلَی الْوَفَاءِ بِهَا فِی الْكَعْبَةِ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ (5)إِنْ قَتَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً أَوْ تَوَفَّاهُ أَنْ یَتَوَازَرُوا عَلَیَّ وَ یَتَظَاهَرُوا فَلَا تَصِلُ إِلَیَّ الْخِلَافَةُ، وَ الدَّلِیلُ وَ اللَّهِ (6) عَلَی بَاطِلِ مَا شَهِدُوا وَ مَا قُلْتَ یَا طَلْحَةُ قَوْلُ نَبِیِّ اللَّهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ: مَنْ كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَكَیْفَ أَكُونُ أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ هُمْ أُمَرَاءُ عَلَیَّ وَ حُكَّامٌ؟! وَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ النُّبُوَّةِ، فَلَوْ كَانَ مَعَ النُّبُوَّةِ غَیْرَهَا لَاسْتَثْنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ قَوْلُهُ: إِنِّی قَدْ (7) تَرَكْتُ فِیكُمْ أَمْرَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَا تَتَقَدَّمُوهُمْ (8) وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ، وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، أَ فَیَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ (9) الْخَلِیفَةُ عَلَی الْأُمَّةِ إِلَّا أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی فَما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ) (10)، وَ قَالَ (11): (وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ

ص: 417


1- فی المصدر: قال له عمر یوم مات.
2- فی ك: یستمعون.
3- لا توجد: هؤلاء الخمسة، فی المصدر.
4- لا توجد: و تعاقدوا، فی المصدر.
5- لا توجد فی المصدر: فی حجّة الوداع. و قد جاءت هنا عبارة فی س، رمز علیها فی ك رمز زائد و هی: إن قتل الّذین تعاهدوا بها علی الوفاء بها فی الكعبة، و لا توجد فی المصدر.
6- وضع علی لفظ الجلالة فی ك رمز نسخة بدل.
7- لا توجد: قد، فی المصدر.
8- فی الاحتجاج: لا تقدّموهم.
9- فی المصدر: أن لا یكون، و هو الظّاهر.
10- یونس: 35.
11- فی المصدر: و قال تعالی: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ..

وَ الْجِسْمِ) (1)، وَ قَالَ: (ائْتُونِی بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) (2)، وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ قَطُّ أَمْرَهَا رَجُلًا وَ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ یَزَلْ یَذْهَبُ أَمْرُهُمْ سَفَالًا (3)حَتَّی یَرْجِعُوا إِلَی مَا تَرَكُوا، فَأَمَّا (4)الْوَلَایَةُ فَهِیَ (5)غَیْرُ الْإِمَارَةِ، وَ الدَّلِیلُ عَلَی كَذِبِهِمْ وَ بَاطِلِهِمْ وَ فُجُورِهِمْ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا عَلَیَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ وَ عَلَیْكَ خَاصَّةً وَ عَلَی هَذَا مَعَكَ یَعْنِی الزُّبَیْرَ وَ عَلَی الْأُمَّةِ رَأْساً، وَ عَلَی هَذَا (6)سَعْدٌ وَ ابْنُ عَوْفٍ وَ خَلِیفَتُكُمْ هَذَا الْقَائِمُ یَعْنِی عُثْمَانَ فَإِنَّا مَعْشَرَ الشُّورَی السِّتَّةِ (7)أَحْیَاءٌ كُلُّنَا إِنْ جَعَلَنِی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِی الشُّورَی إِنْ كَانَ قَدْ صَدَقَ هُوَ (8)وَ أَصْحَابُهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، أَ جَعَلَنَا شُورَی فِی الْخِلَافَةِ أَوْ (9)فِی غَیْرِهَا؟ فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ جَعَلَهَا (10)شُورَی فِی غَیْرِ الْإِمَارَةِ فَلَیْسَ لِعُثْمَانَ إِمَارَةٌ، وَ إِنَّمَا أَمَرَنَا أَنْ نَتَشَاوَرَ فِی غَیْرِهَا، وَ إِنْ كَانَتِ الشُّورَی فِیهَا فَلِمَ أَدْخَلَنِی فِیكُمْ، فَهَلَّا أَخْرَجَنِی وَ قَدْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَخْرَجَ أَهْلَ بَیْتِهِ مِنَ الْخِلَافَةِ، وَ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُمْ فِیهَا نَصِیبٌ؟!. وَ لِمَ قَالَ عُمَرُ حِینَ دَعَانَا رَجُلًا رَجُلًا، فَقَالَ (11)لِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِهِ

ص: 418


1- البقرة: 247.
2- الأحقاف: 4.
3- جاء فی حاشیة ك ما یلی: السّفال: نقیض .. العلاء. صحاح. انظر: الصّحاح 5- 1730.
4- فی الاحتجاج: فما.
5- لا توجد: فهی، فی المصدر.
6- وضع علی: رأسا، فی المطبوع من البحار رمز نسخة بدل، و فی ك وضع علی: رأسا و علی هذا، رمز النّسخة، و لا توجد فی المصدر، و فیه: و علی سعد.
7- وضع علی السّتّة فی ك رمز نسخة بدل، و لا توجد فی الاحتجاج.
8- لا توجد: هو، فی المصدر.
9- فی المصدر: أم، بدلا من: أو.
10- فی ك: جعلنا.
11- فی المصدر زیادة: علیّ علیه السّلام.

وَ هَا هُوَ إِذاً (1)أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! مَا قَالَ لَكَ حِینَ خَرَجْتَ؟. قَالَ: أَمَّا إِذَا نَاشَدْتَنِی بِاللَّهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنْ یَتَّبِعُوا (2)أَصْلَعَ قُرَیْشٍ لَحَمَلَهُمْ (3)عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ وَ أَقَامَهُمْ عَلَی كِتَابِ رَبِّهِمْ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِمْ. قَالَ: یَا ابْنَ عُمَرَ! فَمَا قُلْتَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ؟. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَمَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَسْتَخْلِفَهُ؟. قَالَ: وَ مَا رَدَّ عَلَیْكَ؟. قَالَ:

رَدَّ عَلَیَّ شَیْئاً أَكْتُمُهُ. قَالَ (4)عَلَیْهِ السَّلَامُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَخْبَرَنِی (5)بِهِ فِی حَیَاتِهِ: ثُمَّ أَخْبَرَنِی بِهِ لَیْلَةَ مَاتَ أَبُوكَ فِی مَنَامِی، وَ مَنْ رَأَی رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی نَوْمِهِ (6)فَقَدْ رَآهُ فِی یَقَظَتِهِ (7)قَالَ: فَمَا أَخْبَرَكَ (8)؟.

قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ یَا ابْنَ عُمَرَ! لَئِنْ أَخْبَرْتُكَ بِهِ لَتُصَدِّقَنَّ؟.

قَالَ: إِذًا أَسْكُتَ. قَالَ: فَإِنَّهُ قَالَ لَكَ حِینَ قُلْتَ لَهُ: فَمَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَسْتَخْلِفَهُ؟.

قَالَ: الصَّحِیفَةُ الَّتِی كَتَبْنَاهَا بَیْنَنَا وَ الْعَهْدُ فِی الْكَعْبَةِ، فَسَكَتَ ابْنُ عُمَرَ وَ قَالَ (9)

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ (10)(صلی اللّٰه علیه و آله) لَمَّا (11)سَكَتَّ عَنِّی.

قَالَ سُلَیْمٌ: فَرَأَیْتُ ابْنَ عُمَرَ فِی ذَلِكَ الْمَجْلِسِ خَنَقَتْهُ (12)الْعَبْرَةُ وَ عَیْنَاهُ تَسِیلَانِ، وَ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ ابْنِ عَوْفٍ

ص: 419


1- فی الاحتجاج: ذا، بدلا من: إذا.
2- جاء علی مطبوع البحار: بایعوا، ثمّ رمز لها بنسخة صحیحة.
3- فی المصدر: یحملهم.
4- فی الاحتجاج زیادة لفظة: علیّ.
5- فی المصدر: خبّرنی.
6- فی الاحتجاج: مناما، بدلا من: فی نومه.
7- لا یوجد فی المصدر: فی یقظته.
8- زاد فی الاحتجاج لفظ: به.
9- فی الاحتجاج: فقال.
10- فی المصدر: رسولك.
11- فی الاحتجاج: لم.
12- فی س: حنقه.

وَ سَعْدٍ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ (1)لَئِنْ كَانَ أُولَئِكَ الْخَمْسَةُ أَوِ الْأَرْبَعَةُ كَذَبُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَا یَحِلُّ لَكُمْ وَلَایَتُهُمْ، وَ إِنْ كَانُوا صَدَقُوا مَا حَلَّ لَكُمْ أَیُّهَا الْخَمْسَةُ (2)أَنْ تُدْخِلُونِی مَعَكُمْ فِی الشُّورَی، لِأَنَّ إِدْخَالَكُمْ إِیَّایَ فِیهَا خِلَافٌ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ رَدٌّ عَلَیْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِی عَنْ مَنْزِلَتِی فِیكُمْ وَ مَا تَعْرِفُونِّی بِهِ، أَ صَادِقٌ أَنَا فِیكُمْ أَمْ كَاذِبٌ؟!. قَالُوا: بَلْ صِدِّیقٌ صَدُوقٌ، وَ اللَّهِ (3)مَا عَلِمْنَاكَ كَذَبْتَ كَذِبَةً (4)قَطُّ فِی جَاهِلِیَّةٍ وَ لَا إِسْلَامٍ (5)

قَالَ: فَوَ اللَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ بِالنُّبُوَّةِ وَ جَعَلَ مِنَّا مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَكْرَمَنَا بَعْدَهُ بِأَنْ جَعَلَنَا أَئِمَّةَ الْمُؤْمِنِینَ (6)لَا یَبْلُغُ عَنْهُ غَیْرُنَا، وَ لَا تَصْلُحُ الْإِمَامَةُ وَ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِینَا، وَ لَمْ یَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِیهَا مَعَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ نَصِیباً وَ لَا حَقّاً، أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَخَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ لَیْسَ (7)بَعْدَهُ نَبِیٌّ وَ لَا رَسُولٌ، خَتَمَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْأَنْبِیَاءَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ جَعَلَنَا مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ خُلَفَاءَ فِی أَرْضِهِ (8)وَ شُهَدَاءَ عَلَی خَلْقِهِ، وَ فَرَضَ طَاعَتَنَا فِی كِتَابِهِ، وَ قَرَنَنَا بِنَفْسِهِ فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ (9)وَ بَیَّنَهُ (10)فِی غَیْرِ آیَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَ اللَّهُ (11)عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ مُحَمَّداً نَبِیّاً وَ جَعَلَنَا خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ فِی خَلْقِهِ وَ شُهَدَاءَ عَلَی خَلْقِهِ، وَ فَرَضَ

ص: 420


1- لا یوجد لفظ الجلالة و لا واو القسم فی المصدر.
2- فی الاحتجاج زیادة: أو الأربعة.
3- فی المصدر: قالوا: صدوق، لا و اللّٰه، و فی ك وضع علی صدوق رمز نسخة بدل.
4- لا توجد: كذبة، فی الاحتجاج.
5- فی الاحتجاج: الجاهلیّة و لا الإسلام.
6- فی المصدر: للمؤمنین.
7- فی الاحتجاج: خاتم النّبیّین لیس.
8- فی س: خلفاء من بعده فی خلقه.
9- لم ترد عبارة: فی كتابه المنزل، فی المصدر و لا فی س.
10- فی الاحتجاج: و نبیه، و ما هنا أظهر.
11- وضع فی ك علی لفظ الجلالة رمز نسخة بدل، و فی المصدر: فاللّٰه.

طَاعَتَنَا فِی كِتَابِهِ وَ قَرَنَنَا بِنَفْسِهِ (1)فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (2)أَمَرَ نَبِیَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ یُبَلِّغَ ذَلِكَ أُمَّتَهُ فَبَلَّغَهُمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ .. فَأَیُّهُمَا (3)أَحَقُّ بِمَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَكَانِهِ، وَ قَدْ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ بَعَثَنِی بِبَرَاءَةَ، فَقَالَ: لَا یُبَلِّغْ عَنِّی إِلَّا رَجُلٌ مِنِّی، أَنْشُدُكُمْ (4)بِاللَّهِ، أَ سَمِعْتُمْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ بَعَثَكَ بِبَرَاءَةَ.

فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَا یَصْلُحُ لِصَاحِبِكُمْ أَنْ یُبَلِّغَ عَنْهُ صَحِیفَةً قَدْرَ (5)أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَ إِنَّهُ لَا (6)یَصْلُحُ أَنْ یَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ غَیْرِی، فَأَیُّهُمَا أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَ مَكَانِهِ الَّذِی سُمِّیَ بِخَاصَّتِهِ (7)أَنَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَوْ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْأُمَّةِ-؟!. فَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَفَسِّرْ لَنَا كَیْفَ لَا یَصْلُحُ لِأَحَدٍ أَنْ یُبَلِّغَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ غَیْرُكَ؟، وَ لَقَدْ قَالَ لَنَا وَ لِسَائِرِ النَّاسِ: لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَقَالَ- بِعَرَفَةَ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ-: نَضَّرَ (8)اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِی (9)ثُمَّ بَلَّغَهَا غَیْرَهُ، فَرُبَ

ص: 421


1- من قوله: فی خلقه .. إلی بنفسه، لا یوجد فی الاحتجاج، كما لا توجد الواو قبل كلمة: فرض، فی س.
2- فی المصدر: عزّ و جلّ، بدلا من: تبارك و تعالی.
3- فی الاحتجاج: فأیّكما، و جاء فی س بعدها كلمة: شاء، خطّ علیها فی ك، و لا توجد فی المصدر.
4- فی المصدر: أنشدتكم.
5- لا توجد: قدر، فی س، و لا المصدر.
6- لا توجد: و إنّه لا، فی الاحتجاج.
7- فی الاحتجاج: بخاصّة.
8- فی الاحتجاج: نصر.
9- فی المصدر زیادة: فدعاها.

حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَی مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ (1)، ثَلَاثٌ لَا یُغِلُّ (2)عَلَیْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ (3)الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ السَّمْعُ وَ الطَّاعَةُ وَ الْمُنَاصَحَةُ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ وَ لُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِیطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَ قَالَ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ (4)لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الَّذِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ وَ یَوْمَ عَرَفَةَ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَ یَوْمَ قُبِضَ (5)فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا حِینَ قَالَ:

إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ أَمْرَیْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَی (6)وَ أَهْلَ بَیْتِی، فَإِنَّ اللَّطِیفَ الْخَبِیرَ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُمَا لَا یَفْتَرِقَانِ حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ كَهَاتَیْنِ الْإِصْبَعَیْنِ، أَلَا إِنَّ (7)أَحَدَهُمَا قُدَّامُ الْآخَرِ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا (8)وَ لَا تَزِلُّوا، وَ لَا تَقَدَّمُوهُمْ وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ، وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، وَ (9)إِنَّمَا أَمَرَ الْعَامَّةَ (10)جَمِیعاً أَنْ یُبَلِّغُوا مَنْ لَقُوا مِنَ الْعَامَّةِ إِیجَابَ طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ إِیجَابَ حَقِّهِمْ، وَ لَمْ یَقُلْ ذَلِكَ فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ غَیْرَ ذَلِكَ، وَ إِنَّمَا أَمَرَ الْعَامَّةَ أَنْ یُبَلِّغُوا الْعَامَّةَ حُجَّةَ مَنْ لَا یُبَلِّغُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ جَمِیعَ

ص: 422


1- مرّت مصادر الحدیث مفصّلا، و هو من خطبته صلوات اللّٰه علیه و آله فی حجّة الوداع فی مسجد الخیف، و أورده أیضا ابن ماجة فی سننه 1- 84، حدیث 230، و التّرمذیّ فی سننه 5- 34، و السّیوطیّ فی الجامع الصّغیر 2- 22 و 187، و الكفایة للخطیب البغدادیّ: 267 و 289، و تدریب الرّاوی 2- 126، و غیرها.
2- فی الاحتجاج: لا یحلّ.
3- فی المصدر: أخلص.
4- فی س: فی غیر خبر موطن، و قد خطّ علی خبر فی ك، و لا توجد فی المصدر.
5- لا توجد: و یوم قبض، فی المصدر.
6- لا توجد: تعالی، فی الاحتجاج.
7- لا توجد: لا، قبل كلمة یفترقان، و فیه: و لا أقول كهاتین- فأشار إلی سبّابته و إبهامه- لأنّ ..
8- فی الاحتجاج: لن تضلّوا.
9- لا توجد الواو فی س.
10- فی المصدر زیادة لفظ الجلالة قبل العامّة.

مَا یَبْعَثُهُ (1)اللَّهُ بِهِ غَیْرَهُمْ، أَ لَا تَرَی یَا طَلْحَةُ-! أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِی وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ-: یَا أَخِی إِنَّهُ لَا یَقْضِی عَنِّی دَیْنِی وَ لَا یُبْرِئُ ذِمَّتِی غَیْرُكَ، تُبْرِئُ ذِمَّتِی وَ تُؤَدِّی دَیْنِی وَ غَرَامَاتِی وَ تُقَاتِلُ عَلَی سُنَّتِی؟!، فَلَمَّا وُلِّیَ أَبُو بَكْرٍ قَضَی عَنْ نَبِیِّ اللَّهِ دَیْنَهُ وَ عِدَاتِهِ (2)فَاتَّبَعْتُمُوهُ جَمِیعاً؟!، فَقَضَیْتُ دَیْنَهُ وَ عِدَاتِهِ، وَ قَدْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا یَقْضِی عَنْهُ دَیْنَهُ وَ عِدَاتِهِ غَیْرِی، وَ لَمْ یَكُنْ مَا أَعْطَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ قَضَاءً لِدَیْنِهِ وَ عِدَاتِهِ، وَ إِنَّمَا كَانَ الَّذِی قَضَی (3)مِنَ الدَّیْنِ وَ الْعِدَةِ هُوَ الَّذِی أَبْرَأَهُ مِنْهُ، وَ إِنَّمَا بَلَّغَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ جَمِیعَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِهِ (4)الْأَئِمَّةُ الَّذِینَ فَرَضَ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ طَاعَتَهُمْ وَ أَمَرَ بِوَلَایَتِهِمُ، الَّذِینَ مَنْ أَطَاعَهُمْ (5)أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ (6)عَصَی اللَّهَ. فَقَالَ طَلْحَةُ: فَرَّجْتَ عَنِّی مَا كُنْتُ أَدْرِی مَا عَنَی بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَتَّی فَسَّرْتَهُ لِی، فَجَزَاكَ اللَّهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ عَنْ جَمِیعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْجَنَّةَ. یَا أَبَا الْحَسَنِ! شَیْ ءٌ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ، رَأَیْتُكَ خَرَجْتَ بِثَوْبٍ مَخْتُومٍ، فَقُلْتَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنِّی لَمْ أَزَلْ مُشْتَغِلًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِغُسْلِهِ وَ كَفْنِهِ وَ دَفْنِهِ، ثُمَّ اشْتَغَلْتُ بِكِتَابِ اللَّهِ حَتَّی جَمَعْتُهُ، فَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ عِنْدِی مَجْمُوعاً (7)لَمْ یَسْقُطْ عَنِّی (8)حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَ لَمْ أَرَ (9)ذَلِكَ الَّذِی كَتَبْتَ وَ أَلَّفْتَ، وَ قَدْ رَأَیْتُ عُمَرَ بَعَثَ إِلَیْكَ أَنِ ابْعَثْ بِهِ إِلَیَّ، فَأَبَیْتَ أَنْ تَفْعَلَ، فَدَعَا عُمَرُ

ص: 423


1- فی الاحتجاج: بعثه.
2- فی المصدر: عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم عداته و دینه.
3- فی الاحتجاج: قضیت.
4- لا یوجد ضمیر بعده فی المصدر.
5- فی الاحتجاج زیادة: فقد.
6- فی الاحتجاج زیادة: فقد.
7- فی ك نسخة بدل: مختوما.
8- فی المصدر: حتّی.
9- فی ك: أردّ.

النَّاسَ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَی آیَةٍ كَتَبَهَا، وَ إِذَا (1)مَا لَمْ یَشْهَدْ عَلَیْهَا غَیْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَرْجَاهَا فَلَمْ یَكْتُبْ، فَقَالَ عُمَرُ وَ أَنَا أَسْمَعُ-: إِنَّهُ قَدْ قُتِلَ یَوْمَ الْیَمَامَةِ قَوْمٌ كَانُوا یَقْرَءُونَ قُرْآناً لَا یَقْرَؤُهُ غَیْرُهُمْ فَقَدْ ذَهَبَ، وَ قَدْ جَاءَتْ شَاةٌ إِلَی صَحِیفَةٍ وَ كِتَابٍ یَكْتُبُونَ فَأَكَلَتْهَا وَ ذَهَبَ مَا فِیهَا، وَ الْكَاتِبُ یَوْمَئِذٍ عُثْمَانُ، وَ سَمِعْتُ عُمَرَ وَ أَصْحَابَهُ الَّذِینَ أَلْقَوْا (2)مَا كَتَبُوا عَلَی عَهْدِ عُمَرَ وَ عَلَی عَهْدِ عُثْمَانَ یَقُولُونَ: إِنَّ الْأَحْزَابَ كَانَتْ تَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَ إِنَّ النُّورَ نَیِّفٌ وَ مِائَةُ (3)آیَةٍ، وَ الْحِجْرَ مِائَةٌ وَ تِسْعُونَ (4)آیَةً، فَمَا هَذَا؟، وَ مَا یَمْنَعُكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنْ تُخْرِجَ كِتَابَ اللَّهِ إِلَی النَّاسِ وَ قَدْ عَهِدَ عُثْمَانُ حِینَ أَخَذَ مَا أَلَّفَ عُمَرُ فَجَمَعَ لَهُ الْكِتَابَ وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَی قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَزَّقَ مُصْحَفَ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ وَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ أَحْرَقَهُمَا بِالنَّارِ؟!. فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

یَا طَلْحَةُ! إِنَّ كُلَّ آیَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ جَلَّ وَ عَلَا عَلَی مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عِنْدِی بِإِمْلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ خَطِّ یَدِی، وَ تَأْوِیلَ كُلِّ آیَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ كُلُّ حَلَالٍ وَ حَرَامٍ (5)أَوْ حَدٍّ أَوْ حُكْمٍ أَوْ شَیْ ءٍ تَحْتَاجُ إِلَیْهِ الْأُمَّةُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (6)عِنْدِی (7)مَكْتُوبٌ بِإِمْلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ خَطِّ یَدِی حَتَّی أَرْشِ الْخَدْشِ.

فَقَالَ (8)طَلْحَةُ: كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ صَغِیرٍ أَوْ (9)كَبِیرٍ أَوْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ أَوْ (10)كَانَ أَوْ

ص: 424


1- فی الاحتجاج: و إن، بدلا من: و إذا.
2- فی المصدر: ألّفوا.
3- فی الاحتجاج: ستّون و مائة.
4- فی المصدر: تسعون و مائة.
5- فی المصدر: حرام و حلال- بتقدیم و تأخیر-.
6- من قوله: و كلّ حلال .. إلی یوم القیامة، خطّ علیها فی س.
7- لا توجد: عندی، فی الاحتجاج.
8- فی المصدر: قال.
9- فی المصدر: واو، بدلا من: أو.
10- لا توجد: أو، فی الاحتجاج، و قد وضع علیها رمز نسخة بدل فی ك.

یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَهُوَ عِنْدَكَ مَكْتُوبٌ؟!. قَالَ: نَعَمْ، وَ سِوَی ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَسَرَّ إِلَیَّ فِی مَرَضِهِ مِفْتَاحَ أَلْفِ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ یَفْتَحُ (1)كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ، وَ لَوْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ اتَّبَعُونِی وَ أَطَاعُونِی لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، یَا طَلْحَةُ! أَ لَسْتَ قَدْ شَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ دَعَا بِالْكَتِفِ لِیَكْتُبَ فِیهِ مَا لَا تَضِلُّ أُمَّتُهُ (2)، فَقَالَ صَاحِبُكَ: إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ یَهْجُرُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَتَرَكَهَا؟. قَالَ (3)بَلَی، قَدْ شَهِدْتُهُ. قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَمَّا (4)خَرَجْتُمْ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالَّذِی أَرَادَ أَنْ یَكْتُبَ وَ یُشْهِدَ عَلَیْهِ الْعَامَّةَ، فَأَخْبَرَهُ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ (5)قَضَی عَلَی أُمَّتِهِ (6)الِاخْتِلَافَ وَ الْفُرْقَةَ، ثُمَّ دَعَا بِصَحِیفَةٍ فَأَمْلَی عَلَیَّ مَا أَرَادَ أَنْ یَكْتُبَ فِی الْكَتِفِ، وَ أَشْهَدَ عَلَی ذَلِكَ ثَلَاثَةَ رَهْطٍ:

سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ، وَ سَمَّی مَنْ یَكُونُ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَی الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، فَسَمَّانِی أَوَّلَهُمْ ثُمَّ ابْنِی هَذَا ثُمَّ ابْنِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی (7)الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ثُمَّ تِسْعَةً مِنْ وُلْدِ ابْنِیَ الْحُسَیْنِ، أَ كَذَلِكَ (8)كَانَ یَا أَبَا ذَرٍّ وَ یَا مِقْدَادُ؟!.

فَقَامَا ثُمَّ قَالا: نَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ طَلْحَةُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَ لَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ وَ لَا أَبَرَّ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَبِی ذَرٍّ، وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُمَا لَمْ یَشْهَدَا

ص: 425


1- فی المصدر زیادة: من.
2- فی ك نسخة بدل: و لا تختلف أمّته.
3- فی الاحتجاج: و تركها فقال.
4- فی س: لمّا قد، و قد حذفت من ك، و لعلّها نسخة بدل عن: لمّا.
5- لا توجد: عزّ و جلّ قد، فی الاحتجاج- طبعة إیران-، و قد أثبت: قد، فی طبعة النّجف.
6- فی المصدر: أمّتك.
7- فی الاحتجاج: ثمّ ابنی هذین، و أشار بیده إلی.
8- فی المصدر: و كذلك.

إِلَّا بِحَقٍّ وَ أَنْتَ (1)عِنْدِی أَصْدَقُ وَ أَبَرُّ مِنْهُمَا.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ (2)یَا طَلْحَةُ! وَ أَنْتَ یَا زُبَیْرُ! وَ أَنْتَ یَا سَعْدُ! وَ أَنْتَ یَا ابْنَ عَوْفٍ! اتَّقُوا اللَّهَ وَ آثِرُوا رِضَاهُ، وَ اخْتَارُوا مَا عِنْدَهُ، وَ لَا تَخَافُوا فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. ثُمَّ قَالَ طَلْحَةُ: لَا أَرَاكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَجَبْتَنِی عَمَّا سَأَلْتُكَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ، أَلَا تُظْهِرُهُ لِلنَّاسِ؟!. قَالَ: یَا طَلْحَةُ! عَمْداً (3)كَفَفْتُ عَنْ جَوَابِكَ، فَأَخْبِرْنِی عَمَّا كَتَبَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ، أَ قُرْآنٌ كُلُّهُ أَمْ فِیهِ مَا لَیْسَ بِقُرْآنٍ؟!. قَالَ طَلْحَةُ: بَلْ قُرْآنٌ كُلُّهُ. قَالَ: إِنْ أَخَذْتُمْ بِمَا فِیهِ نَجَوْتُمْ مِنَ النَّارِ وَ دَخَلْتُمُ الْجَنَّةَ، فَإِنَّ فِیهِ حُجَّتَنَا، وَ بَیَانَ حَقِّنَا، وَ فَرْضَ طَاعَتِنَا. قَالَ طَلْحَةُ:

حَسْبِی، أَمَّا إِذَا كَانَ قُرْآناً فَحَسْبِی.

ثُمَّ قَالَ طَلْحَةُ: أَخْبِرْنِی عَمَّا فِی یَدَیْكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَ تَأْوِیلِهِ وَ عِلْمِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ إِلَی مَنْ تَدْفَعُهُ؟ وَ مَنْ صَاحِبُهُ بَعْدَكَ؟. قَالَ: إِنَّ الَّذِی أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَیْهِ. قَالَ: مَنْ هُوَ؟. قَالَ (4)وَصِیِّی (5)وَ أَوْلَی النَّاسِ بَعْدِی بِالنَّاسِ ابْنِی الْحَسَنُ ثُمَّ یَدْفَعُهُ ابْنِی الْحَسَنُ عِنْدَ مَوْتِهِ (6)إِلَی ابْنِی الْحُسَیْنِ، ثُمَّ یَصِیرُ إِلَی وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ حَتَّی یَرِدَ آخِرُهُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (7)حَوْضَهُ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ لَا یُفَارِقُونَهُ وَ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ لَا یُفَارِقُهُمْ، أَمَا إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَ ابْنَهُ سَیَلِیَانِ (8)بَعْدَ عُثْمَانَ ثُمَّ یَلِیهِمَا (9)سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی

ص: 426


1- فی ك: و لا أنت، و فی المصدر: و لأنت.
2- لا یوجد فی الاحتجاج: عزّ و جلّ.
3- فی س: عهدا، و قد خطّ علیها فی ك.
4- لا توجد: قال: من هو قال ..، فی المصدر.
5- فی مطبوع البحار: وصیّتی.
6- لا توجد: عند موته، فی س، و لا المصدر.
7- لا توجد فی الاحتجاج: علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
8- فی ك نسخة بدل: سیلیانها.
9- فی المصدر: یلیها.

الْعَاصِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ تَكْمِلَةُ (1)اثْنَیْ عَشَرَ إِمَامَ ضَلَالَةٍ، وَ هُمُ الَّذِینَ رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی مِنْبَرِهِ یَرُدُّونَ الْأُمَّةَ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی، عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ رَجُلَانِ أَسَّسَا ذَلِكَ لَهُمْ، وَ عَلَیْهِمَا مِثْلُ جَمِیعِ أَوْزَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

أقول: - روی الصدوق رحمه اللّٰه فی إكمال الدین (2)مختصرا من هذا الإحتجاج، عن أبیه و ابن الولید معا، عن سعد، عن ابن یزید، عن حمّاد بن عیسی، عن ابن أذینة، عن أبان بن أبی عیّاش، عن سلیم بن قیس.

و وجدت فی أصل كتاب سلیم (3)مثله.

بیان: قال الجوهری (4)الدّبر بالفتح-: جماعة النّحل .. و یقال للزّنابیر أیضا (5)دبر، و منه قیل لعاصم بن ثابت الأنصاری: حمیّ الدبر، و ذلك أنّ المشركین لمّا قتلوه أرادوا أن یمثّلوا به فسلّط اللّٰه علیهم الزنابیر الكبار تأبر الدارع (6)فارتدعوا عنه حتّی أخذه المسلمون فدفنوه.

قوله علیه السلام: حجّة من لا یبلغ ... المراد بالموصول الأئمّة علیهم السلام، فإنّهم الذین لا یبلغ سواهم جمیع ما یبعث اللّٰه النبیّ (صلی اللّٰه علیه و آله) به (7)، و الغرض أنّ ما یلزمهم إبلاغه هو الكلام الذی یكون حجّة للإمام علی الخلق من النصّ علیه و ما یدلّ علی وجوب طاعته، فإنّ بإخبار الإمام فقط لا تتمّ الحجّة فی ذلك، فأمّا تبلیغ سائر الأشیاء فهو شأن الإمام علیه السلام.

ص: 427


1- فی مطبوع البحار: تكلمة، و لا معنی لها.
2- إكمال الدین 1- 274- 279، بتفصیل فی الإسناد.
3- كتاب سلیم بن قیس: 111- 125، و جاء فی آخره: فقالوا: یرحمك اللّٰه یا أبا الحسن و جزاك اللّٰه أفضل الجزاء عنّا.
4- الصحاح 2- 652، و قارن ب: لسان العرب 4- 274- 275.
5- فی المصدر: أیضا للزنابیر- بتقدیم و تأخیر-.
6- فی س: الدراع، و هو غلط.
7- لا یوجد: به، فی ك.

قوله علیه السلام: و لم یكن ما أعطاهم .. لعل المعنی أنّ قاضی الدین و العدات هو الذی یبرئ ذمّة الغریم و الواعد، و (1)لا یبرئ الذمّة إلّا ما كان بجهة شرعیّة، و بعد تعیین النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله علیّا علیه السلام لقضاء الدین و العداة و نهی الغیر عن ذلك، إذا أتی به غیره لم یكن بجهة شرعیّة فلا یبرئ الذمّة، فما أدّاه أبو بكر لم یكن داخلا فی قضاء الدین و العدة. فقوله علیه السلام: و إنّما كان الذی قضی .. إشارة إلی ما ذكرنا، أی لیس القاضی إلّا الذی أبرأ المدیون منه، و أبو بكر لم یكن كذلك.

و لنذكر بَعْضَ الزَّوَائِدِ الَّتِی وَجَدْنَاهَا فِی كِتَابِ سُلَیْمٍ، وَ بَعْضَ الِاخْتِلَافَاتِ (2)بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَائِرِ الرِّوَایَاتِ.

قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ (3)لَمْ یَلْتَقِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی سِفَاحٍ قَطُّ .. فَقَالَ أَهْلُ السَّابِقَةِ وَ الْقُدْمَةِ وَ أَهْلُ بَدْرٍ وَ أَهْلُ أُحُدٍ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، أَ تُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ آخَی بَیْنَ كُلِّ رَجُلَیْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ آخَی بَیْنِی وَ بَیْنَ نَفْسِهِ، وَ قَالَ: أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ؟. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ تُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ اشْتَرَی مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ وَ مَنَازِلَهُ فَأَتَیْنَاهُ (4)ثُمَّ بَنَی عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسْعَةً لَهُ وَ جَعَلَ لِی عَاشِرَهَا فِی وَسَطِهَا، ثُمَّ (5)سَدَّ كُلَّ بَابِ شَارِعٍ إِلَی الْمَسْجِدِ غَیْرَ بَابِی، فَتَكَلَّمَ فِی ذَلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: مَا أَنَا

ص: 428


1- لا توجد الواو فی ك.
2- و هی أكثر بكثیر ممّا أورده المصنّف طاب ثراه ممّا لو قیست بكتاب سلیم بن قیس المطبوع، لم نتعرّض لها.
3- كتاب سلیم بن قیس الهلالیّ: 114- 117.
4- فی المصدر: فأتبنی [خ. ل: فأثبناه .
5- لا توجد: ثمّ، فی كتاب سلیم.

سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَ فَتَحْتُ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ فَتْحِ بَابِهِ، وَ لَقَدْ نَهَی النَّاسَ (1)جَمِیعاً أَنْ یَنَامُوا فِی الْمَسْجِدِ غَیْرِی، وَ كُنْتُ أُجْنِبُ فِی الْمَسْجِدِ وَ مَنْزِلِی وَ مَنْزِلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْمَسْجِدِ یُولَدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لِی فِیهِ أَوْلَادٌ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ عُمَرَ حَرَصَ عَلَی كُوَّةٍ قَدْرَ عَیْنِهِ یَدَعُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَی الْمَسْجِدِ فَأَبَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ اللَّهَ أَمْرَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یَبْنِیَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا یَسْكُنُهُ غَیْرُهُ وَ غَیْرُ هَارُونَ وَ ابْنَیْهِ، وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَبْنِیَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا یَسْكُنُهُ غَیْرِی وَ غَیْرُ أَخِی وَ ابْنَیْهِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ-: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حِینَ دَعَا أَهْلَ نَجْرَانَ إِلَی الْمُبَاهَلَةِ أَنَّهُ لَمْ یَأْتِ إِلَّا بِی وَ بِصَاحِبَتِی وَ ابْنَیَّ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَیَّ اللِّوَاءَ یَوْمَ خَیْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَأَدْفَعُهَا إِلَی (2)رَجُلٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، لَیْسَ بِجَبَانٍ وَ لَا فَرَّارٍ یَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ (3)؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَعَثَنِی بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ: لَا یُبَلِّغُ عَنِّی إِلَّا رَجُلٌ مِنِّی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ یَنْزِلْ (4)بِهِ شَدِیدَةٌ قَطُّ إِلَّا قَدَّمَنِی لَهَا ثِقَةً بِی، وَ أَنَّهُ لَمْ یَدْعُ بِاسْمِی قَطُّ إِلَّا أَنْ یَقُولَ: یَا أَخِی .. وَ ادْعُوا (5)لِی

ص: 429


1- فی س: للنّاس.
2- فی المصدر: لواء خیبر ثمّ قال: لأدفعنّ الرّایة غدا إلی ..
3- فی كتاب سلیم: یده.
4- فی المصدر: تنزل.
5- جاء فی كتاب سلیم: و أدخلوا.

أَخِی (1)..؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَضَی بَیْنِی وَ بَیْنَ جَعْفَرٍ وَ زِیدٍ فِی ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: یَا عَلِیُّ! أَنْتَ (2)مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّهُ كَانَتْ لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ دَخْلَةً وَ خَلْوَةً، إِذَا سَأَلْتُهُ أَعْطَانِی، وَ إِذَا سَكَتْتُ (3)ابْتَدَأَنِی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَضَّلَنِی عَلَی حَمْزَةَ وَ جَعْفَرٍ (4)، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ: إِنَّ زَوْجَكِ (5)خَیْرُ أَهْلِی وَ خَیْرُ أُمَّتِی، أَقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَ أَعْظَمُهُمْ حِلْماً (6)؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ (7)آدَمَ (علیه السلام) وَ أَخِی عَلِیٌّ سَیِّدُ الْعَرَبِ، وَ فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنِی بِغُسْلِهِ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یُعِینُنِی عَلَیْهِ؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: أَ فَتُقِرُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَكُمْ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ أَمْرَیْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی؟. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

ص: 430


1- قد تقرأ فی مطبوع البحار: و ادعوا إلیّ أخی.
2- فی المصدر: أمّا أنت.
3- كذا، و الصّحیح كتابتها هكذا: سكتّ.
4- فی المصدر: بتقدیم و تأخیر.
5- فی كتاب سلیم: زوجتك.
6- فی المصدر زیادة: و أكثرهم علما.
7- لا توجد: ولد، فی س.

قَالَ: فَلَمْ یَدَعْ شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ خَاصَّةً وَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ لَا عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَّا نَاشَدَهُمُ اللَّهَ بِهِ، فَمِنْهُ (1)مَا یَقُولُونَ جَمِیعاً نَعَمْ، وَ مِنْهُ مَا یَسْكُتُ بَعْضُهُمْ وَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ اللَّهُمَّ نَعَمْ، وَ یَقُولُ الَّذِینَ سَكَتُوا أَنْتُمْ عِنْدَنَا ثِقَاتٌ، وَ قَدْ حَدَّثَنَا غَیْرُكُمْ مِمَّنْ نَثِقُ بِهِ أَنَّهُمْ سَمِعُوا (2)مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، ثُمَّ قَالَ حِینَ فَرَغَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَیْهِمْ .. وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ (3)

فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ یَا طَلْحَةُ- (4)مَا صَحِیفَةٌ أَلْقَی اللَّهَ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ صَحِیفَةِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ الَّذِینَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَی الْوَفَاءِ بِهَا فِی الْكَعْبَةِ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ، إِنْ قَتَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً أَوْ مَاتَ أَنْ یَتَوَازَرُوا أَوْ (5)یَتَظَاهَرُوا عَلَیَّ .. وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ (6)

فَأَیُّنَا (7)أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَ مَكَانِهِ الَّذِی یُسَمَّی بِخَاصَّةٍ أَنَّهُ مِنْ (8)رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، أَوْ مَنْ خَصَّ مِنْ بَیْنِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (9).. وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ (10)یَا طَلْحَةُ! عَمْداً كَفَفْتُ عَنْ جَوَابِكَ. قَالَ:

فَأَخْبِرْنِی عَمَّا كَتَبَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ، أَ قُرْآنٌ كُلُّهُ أَمْ فِیهِ مَا لَیْسَ بِقُرْآنٍ؟. قَالَ: بَلْ قُرْآنٌ

ص: 431


1- فی المصدر: منه.
2- فی كتاب سلیم: سمعوه.
3- كتاب سلیم: 118.
4- فی المصدر: یا طلحة! أما و اللّٰه.
5- فی المصدر: واو، بدلا من: أو.
6- كتاب سلیم بن قیس: 121.
7- فی المصدر: فأیّهما.
8- فی المصدر: یسمّی خاصّة من ..
9- من قوله: أو من خصّ .. إلی هنا لا یوجد فی المصدر.
10- كتاب سلیم: 124.

كُلُّهُ إِنْ (1) أَخَذْتُمْ بِمَا فِیهِ نَجَوْتُمْ مِنَ النَّارِ .. وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ (2)وَ مَنْ صَاحِبُهُ بَعْدَكَ؟. قَالَ: إِلَی الَّذِی أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَیْهِ. قَالَ:

مَنْ هُوَ؟. قَالَ: وَصِیِّی .. وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ فِی آخِرِ الْخَبَرِ (3)

یَرُدُّونَ أُمَّتَهُ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی (4)، فَقَالُوا: یَرْحَمُكَ اللَّهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ وَ جَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ عَنَّا.

«2»-ل (5)الْقَطَّانُ وَ السِّنَانِیُّ وَ الدَّقَّاقُ وَ الْمُكَتِّبُ وَ الْوَرَّاقُ جَمِیعاً، عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ، عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ (6)، عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حُكَیْمٍ، عَنْ ثَوْرِ (7)بْنِ یَزِیدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ لَیْسَ فِیهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَنْقَبَةٌ إِلَّا وَ قَدْ شَرِكْتُهُ فِیهَا وَ فَضَلْتُهُ، وَ لِی سَبْعُونَ مَنْقَبَةً لَمْ یَشْرَكْنِی فِیهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ.

قُلْتُ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَأَخْبِرْنِی بِهِنَّ.

فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْقَبَةٍ لِی أَنِّی لَمْ أُشْرِكْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ، وَ لَمْ أَعْبُدِ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی.

وَ الثَّانِیَةُ: أَنِّی لَمْ أَشْرَبِ الْخَمْرَ قَطُّ.

وَ الثَّالِثَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ اسْتَوْهَبَنِی مِنْ أَبِی فِی صِبَایَ (8)

ص: 432


1- فی المصدر: قال طلحة: بل قرآن كلّه، قال: إن.
2- كتاب سلیم: 124.
3- كتاب سلیم بن قیس: 124- 125.
4- وردت هنا زیادة فی كتاب سلیم و هی: عشرة منهم من بنی أمیّة و رجلان أسّسا ذلك لهم و علیهما مثل أوزار هذه الأمّة.
5- الخصال 2- 572- 580، مع تفصیل فی الإسناد.
6- فی ك: أبی بهلول، و فی المصدر: نمیم بن بهلول.
7- فی ك: ثویر.
8- فی الخصال: عن أبی فی صبائی.

فَكُنْتُ أَكِیلَهُ وَ شَرِیبَهُ وَ مُؤْنِسَهُ وَ مُحَدَّثَهُ.

وَ الرَّابِعَةُ: أَنِّی أَوَّلُ النَّاسِ إِیمَاناً وَ إِسْلَاماً.

وَ الْخَامِسَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِی: یَا عَلِیُّ! أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی.

وَ السَّادِسَةُ: أَنِّی كُنْتُ آخِرَ النَّاسِ عَهْداً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ دَلَّیْتُهُ فِی حُفْرَتِهِ.

وَ السَّابِعَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَامَنِی عَلَی فِرَاشِهِ حَیْثُ ذَهَبَ إِلَی الْغَارِ وَ سَجَّانِی (1)بِبُرْدِهِ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُشْرِكُونَ ظَنُّونِی مُحَمَّداً فَأَیْقَظُونِی، وَ قَالُوا: مَا فَعَلَ صَاحِبُكَ؟. فَقُلْتُ: ذَهَبَ فِی حَاجَتِهِ. فَقَالُوا: لَوْ كَانَ هَرَبَ لَهَرَبَ هَذَا مَعَهُ.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَّمَنِی أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ یَفْتَحُ كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ، وَ لَمْ یُعْلِمْ ذَلِكَ أَحَداً غَیْرِی.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِی: یَا عَلِیُّ! إِذَا حَشَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ نَصَبَ لِی مِنْبَراً فَوْقَ مَنَابِرِ (2)النَّبِیِّینَ، وَ نَصَبَ لَكَ مِنْبَراً فَوْقَ مَنَابِرِ الْوَصِیِّینَ، فَتَرْتَقِی عَلَیْهِ.

وَ أَمَّا الْعَاشِرَةُ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: (3)لَا أُعْطَی فِی الْقِیَامَةِ شَیْئاً (4)إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةَ عَشْرَةَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: یَا عَلِیُّ! أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ یَدُكَ فِی یَدِیِ حَتَّی نَدْخُلَ (5)الْجَنَّةَ.

وَ أَمَّا الثَّانِیَةَ عَشْرَةَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: یَا

ص: 433


1- أی غطّانی، كما فی النّهایة 2- 344.
2- فی ك: منبر- بصیغة المفرد-.
3- فی الخصال زیادة: یا علیّ.
4- لا توجد: شیئا، فی المصدر.
5- فی المصدر: تدخل.

عَلِیُّ! مَثَلُكَ فِی أُمَّتِی كَمَثَلِ سَفِینَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ.

وَ أَمَّا الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَمَّمَنِی بِعِمَامَةِ نَفْسِهِ بِیَدِهِ وَ دَعَا لِی بِدَعَوَاتِ النَّصْرِ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ، فَهَزَمْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنِی أَنْ أَمْسَحَ یَدِی عَلَی ضَرْعِ شَاةٍ قَدْ یَبِسَ ضَرْعُهَا، فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! بَلِ امْسَحْ أَنْتَ. فَقَالَ:

یَا عَلِیُّ! فِعْلُكَ فِعْلِی، فَمَسَحْتُ عَلَیْهَا یَدِی فَدَرَّ عَلَیَّ مِنْ لَبَنِهَا فَسَقَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ شَرْبَةً، ثُمَّ أَتَتْ عَجُوزٌ (1)فَشَكَتِ الظَّمَأَ فَسَقَیْتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُبَارِكَ فِی یَدِكَ فَفَعَلَ.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَوْصَی إِلَیَّ وَ قَالَ:

یَا عَلِیُّ! لَا یَلِی غُسْلِی غَیْرُكَ، وَ لَا یُوَارِی عَوْرَتِی غَیْرُكَ، فَإِنَّهُ إِنْ رَأَی أَحَدٌ عَوْرَتِی غَیْرُكَ تَفَقَّأَتْ عَیْنَاهُ (2)فَقُلْتُ لَهُ: كَیْفَ؟ فَكَیْفَ (3)لِی بِتَقْلِیبِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)؟. فَقَالَ: إِنَّكَ سَتُعَانُ، فَوَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أُقَلِّبَ عُضْواً مِنْ أَعْضَائِهِ إِلَّا قُلِّبَ لِی.

وَ أَمَّا السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: فَإِنِّی أَرَدْتُ أَنْ أُجَرِّدَهُ فَنُودِیتُ، یَا وَصِیَّ (4)مُحَمَّدٍ! لَا تُجَرِّدْهُ، فَغَسَّلْتُهُ (5)وَ الْقَمِیصُ عَلَیْهِ، فَلَا وَ اللَّهِ الَّذِی أَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ خَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ مَا رَأَیْتُ لَهُ عَوْرَةً، خَصَّنِیَ اللَّهُ بِذَلِكَ مِنْ بَیْنِ أَصْحَابِهِ.

وَ أَمَّا السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ زَوَّجَنِی فَاطِمَةَ وَ قَدْ كَانَ خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَزَوَّجَنِیَ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 434


1- فی المصدر: عجوزة.
2- فقأ العین و البثرة نحوهما [خ. ل: نحوها]- كمنع-: كسرها أو قلعها أو بحقها كفقأها فانفقأت و تفقّأت، قاله فی القاموس 1- 23.
3- لا توجد: كیف- الأولی-، فی المصدر، و وضع علی: فكیف، رمز الزّیادة فی س.
4- فی س: یا أخ، وصیّ، و خطّ علی: أخ، فی ك، و هو الظّاهر.
5- فی المصدر: فغسّله.

وَ آلِهِ: هَنِیئاً لَكَ یَا عَلِیُّ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ (1)زَوَّجَكَ فَاطِمَةَ سَیِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ هِیَ بَضْعَةٌ مِنِّی. فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ! أَ وَ لَسْتُ مِنْكَ؟. قَالَ: بَلَی یَا عَلِیُّ، وَ أَنْتَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ كَیَمِینِی مِنْ شِمَالِی، لَا أَسْتَغْنِی عَنْكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: یَا عَلِیُّ! أَنْتَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْحَمْدِ فِی الْآخِرَةِ، وَ أَنْتَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَقْرَبُ الْخَلَائِقِ مِنِّی مَجْلِساً یُبْسَطُ لِی وَ یُبْسَطُ لَكَ فَأَكُونُ فِی زُمْرَةِ النَّبِیِّینَ، وَ تَكُونُ فِی زُمْرَةِ الْوَصِیِّینَ، وَ یُوضَعُ عَلَی رَأْسِكَ تَاجُ النُّورِ وَ إِكْلِیلُ الْكَرَامَةِ، یَحُفُّ بِكِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّی یَفْرُغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ (2)فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: سَتُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ، فَمَنْ قَاتَلَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ شَفَاعَةً فِی مِائَةِ أَلْفٍ مِنْ شِیعَتِكَ.

فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! فَمَنِ النَّاكِثُونَ؟. قَالَ: طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ، سَیُبَایِعُونَكَ بِالْحِجَازِ، وَ یَنْكُثَانِكَ بِالْعِرَاقِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَحَارِبْهُمَا فَإِنَّ فِی قِتَالِهِمَا طَهَارَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ.

قُلْتُ: فَمَنِ الْقَاسِطُونَ؟. قَالَ: مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُهُ.

فَقُلْتُ: فَمَنِ الْمَارِقُونَ؟. قَالَ: أَصْحَابُ ذُو الثُّدَیَّةِ، وَ هُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ، فَاقْتُلْهُمْ فَإِنَّ فِی قَتْلِهِمْ فَرَجاً لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَ عَذَاباً مُعَجَّلًا عَلَیْهِمْ، وَ ذُخْراً لَكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ أَمَّا الْعِشْرُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ (3)مَثَلُكَ فِی أُمَّتِی مَثَلُ بَابِ حِطَّةٍ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ، فَمَنْ دَخَلَ فِی وَلَایَتِكَ فَقَدْ دَخَلَ الْبَابَ

ص: 435


1- لا توجد: قد، فی الخصال.
2- فی ك من الثّالثة عشرة إلی التّاسعة عشرة حذفت التّاء من العشرة.
3- فی المصدر زیادة: لی.

كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا، وَ لَنْ یُدْخَلَ (1)الْمَدِینَةُ إِلَّا مِنْ بَابِهَا، ثُمَّ قَالَ: یَا عَلِیُّ! إِنَّكَ سَتَرْعَی ذِمَّتِی وَ تُقَاتِلُ عَلَی (2)سُنَّتِی، وَ تُخَالِفُكَ أُمَّتِی.

وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ ابْنَیَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ مِنْ نُورٍ أَلْقَاهُ إِلَیْكَ وَ إِلَی فَاطِمَةَ، وَ هُمَا یَهْتَزَّانِ (3)كَمَا یَهْتَزُّ الْقُرْطَانِ إِذَا كَانَا فِی الْأُذُنَیْنِ، وَ نُورُهُمَا مُتَضَاعِفٌ عَلَی نُورِ الشُّهَدَاءِ سَبْعِینَ أَلْفَ ضِعْفٍ، یَا عَلِیُّ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ وَعَدَنِی أَنْ یُكْرِمَهُمَا كَرَامَةً لَا یُكْرِمُ بِهَا أَحَداً مَا خَلَا النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ.

وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَعْطَانِی خَاتَمَهُ فِی حَیَاتِهِ وَ دِرْعَهُ وَ مِنْطَقَتَهُ (4)وَ قَلَّدَنِی سَیْفَهُ وَ أَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ حُضُورٌ وَ عَمِّیَ الْعَبَّاسُ حَاضِرٌ، فَخَصَّنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ بِذَلِكَ دُونَهُمْ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَی رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ناجَیْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (5)فَكَانَ لِی دِینَارٌ فبعثه [فَبِعْتُهُ] (6)بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَكُنْتُ (7)إِذَا نَاجَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَصَّدَّقُ قَبْلَ ذَلِكَ بِدِرْهَمٍ، وَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلَ هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَبْلِی وَ لَا بَعْدِی، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواكُمْ

ص: 436


1- فی الخصال: تدخل.
2- لا توجد: علی، فی س.
3- فی ك: تهزّان.
4- فی ك: منطقه.
5- المجادلة: 12.
6- فی المصدر: فبعته، و هو الصّحیح.
7- فی ك زیادة: أنا.

صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّٰهُ عَلَیْكُمْ ... ) (1) الْآیَةَ، فَهَلْ تَكُونُ التَّوْبَةُ إِلَّا مِنْ ذَنْبٍ كَانَ؟.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: الْجَنَّةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ حَتَّی أَدْخُلَهَا أَنَا، وَ هِیَ مُحَرَّمَةٌ عَلَی الْأَوْصِیَاءِ حَتَّی تَدْخُلَهَا أَنْتَ یَا عَلِیُّ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَشَّرَنِی فِیكَ بِبُشْرَی لَمْ یُبَشِّرْ بِهَا نَبِیّاً قَبْلِی، بَشَّرَنِی (2)بِأَنَّكَ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ، وَ أَنَّ ابْنَیْكَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنَّ جَعْفَراً أَخِی الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُزَیَّنُ بِالْجَنَاحَیْنِ مِنْ دُرٍّ وَ یَاقُوتٍ وَ زَبَرْجَدٍ.

وَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَعَمِّی حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَعَدَنِی فِیكَ وَعْداً لَنْ یُخْلِفَهُ، جَعَلَنِی نَبِیّاً وَ جَعَلَكَ وَصِیّاً، وَ سَتَلْقَی مِنْ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی مَا لَقِیَ مُوسَی مِنْ فِرْعَوْنَ، فَاصْبِرْ وَ احْتَسِبْ حَتَّی تَلْقَانِی فَأُوَالِیَ مَنْ وَالاكَ وَ أُعَادِیَ مَنْ عَادَاكَ.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ وَ الْعِشْرُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

یَا عَلِیُّ! أَنْتَ صَاحِبُ الْحَوْضِ لَا یَمْلِكُهُ غَیْرُكَ وَ سَیَأْتِیكَ قَوْمٌ فَیَسْتَسْقُونَكَ فَتَقُولُ:

لَا .. وَ لَا مِثْلُ ذَرَّةٍ، فَیَنْصَرِفُونَ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ، وَ سَتَرِدُ عَلَیْكَ شِیعَتِی وَ شِیعَتُكَ فَتَقُولُ: رِدُوا (3)رِوَاءً مَرْوِیِّینَ، فَیَرِدُونَ (4)مُبْیَضَّةً وُجُوهُهُمْ.

ص: 437


1- المجادلة : ١٣ _ ١٤.
2- فی ك: بشّرت.
3- فی المصدر: روّوا.
4- فی الخصال: فیروون، و هو الظّاهر.

وَ أَمَّا الثَّلَاثُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: یُحْشَرُ أُمَّتِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی خَمْسِ رَایَاتٍ، فَأَوَّلُ رَایَةٍ تَرِدُ عَلَیَّ رَایَةُ فِرْعَوْنِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ هُوَ مُعَاوِیَةُ.

وَ الثَّانِیَةُ: مَعَ سَامِرِیِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.

وَ الثَّالِثَةُ: مَعَ جَاثَلِیقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ هُوَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ.

وَ الرَّابِعَةُ: مَعَ أَبِی الْأَعْوَرِ السُّلَمِیِّ.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ: فَمَعَكَ یَا عَلِیُّ تَحْتَهَا الْمُؤْمِنُونَ وَ أَنْتَ إِمَامُهُمْ، ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِلْأَرْبَعَةِ: (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَیْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِیهِ الرَّحْمَةُ ...) (1)وَ هُمْ شِیعَتِی وَ مَنْ وَالانِی وَ قَاتَلَ مَعِی (2)الْفِئَةَ الْبَاغِیَةَ وَ النَّاكِبَةَ (3)عَنِ الصِّرَاطِ، وَ بَابُ الرَّحْمَةِ هُمْ شِیعَتِی، فَیُنَادِی هَؤُلَاءِ: أَ لَمْ نَكُنْ فِیهِ (4)(مَعَكُمْ قالُوا بَلی وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِیُّ حَتَّی جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (5)(فَالْیَوْمَ لا یُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْیَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِیَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ) (6)، ثُمَّ تَرِدُ أُمَّتِی وَ شِیعَتِی فَیُرَوَّوْنَ مِنْ حَوْضِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، بِیَدِی (7)عَصَی عَوْسَجٍ (8)أَطْرُدُ بِهَا أَعْدَائِی طَرْدَ غَرِیبَةِ الْإِبِلِ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

لَوْ لَا أَنْ یَقُولَ فِیكَ الْغَالُونَ مِنْ أُمَّتِی مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ لَقُلْتُ

ص: 438


1- الحدید: 13.
2- فی ك: مع، و هو غلط.
3- فی س: النّاكبة، سقطت النّقاط أو النّقطة، و فی المصدر: النّاكثة.
4- فی المصدر: أ لم أكن معكم.
5- الحدید: 14.
6- الحدید: 15.
7- فی س: بیده، و فی المصدر: و بیدی.
8- العوسجة: شوك، جمعها عوسج، قاله فی القاموس 1- 199.

فِیكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْكَ (1)یَسْتَشْفُونَ بِهِ.

وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی نَصَرَنِی بِالرُّعْبِ فَسَأَلْتُهُ أَنْ یَنْصُرَكَ بِمِثْلِهِ فَجَعَلَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِی جَعَلَهُ (2)لِی.

وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْتَقَمَ أُذُنِی وَ عَلَّمَنِی مَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، فَسَاقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (3)إِلَی (4)لِسَانِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنَّ النَّصَارَی ادَّعَوْا أَمْراً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:

(فَمَنْ حَاجَّكَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ) (5)فَكَانَتْ نَفْسِی نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ النِّسَاءُ فَاطِمَةَ (علیها السلام)، وَ الْأَبْنَاءُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ، ثُمَّ نَدِمَ الْقَوْمُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْإِعْفَاءَ فَأَعْفَاهُمْ، وَ الَّذِی أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَی مُوسَی وَ الْفُرْقَانَ عَلَی مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَوْ بَاهَلُونَا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَجَّهَنِی یَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: ائْتِنِی بِكَفِّ حَصَیَاتٍ مَجْمُوعَةً فِی مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَأَخَذْتُهَا ثُمَّ شَمِمْتُهَا فَإِذَا هِیَ طَیِّبَةٌ تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةُ الْمِسْكِ، فَأَتَیْتُهُ بِهَا فَرَمَی بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِینَ، وَ تِلْكَ الْحَصَیَاتُ أَرْبَعٌ مِنْهَا كُنَّ مِنَ الْفِرْدَوْسِ، وَ حَصَاةٌ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَ حَصَاةٌ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَ حَصَاةٌ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مَدَدٍ لَنَا، لَمْ یُكْرِمِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 439


1- فی المصدر: قدمك.
2- فی الخصال: جعل.
3- فی المصدر: عزّ و جلّ، و هی نسخة جاءت علی س.
4- فی س: ذلك إلی، و حذفت ذلك من ك، و فی المصدر: إلی.
5- آل عمران: 61، و أورد ذیلها فی المصدر: «ثمّ نبتهل فنجعل لعنة اللّٰه علی الكافرین».

بِهَذِهِ الْفَضِیلَةِ أَحَداً (1)قَبْلُ وَ لَا بَعْدُ.

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

وَیْلٌ لِقَاتِلِكَ، إِنَّهُ أَشْقَی مِنْ ثَمُودَ وَ مِنْ عَاقِرِ النَّاقَةِ، وَ إِنَّ عَرْشَ الرَّحْمَنِ لَیَهْتَزُّ لِقَتْلِكَ، فَأَبْشِرْ یَا عَلِیُّ، فَإِنَّكَ فِی زُمْرَةِ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ خَصَّنِی مِنْ بَیْنِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِعِلْمِ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ وَ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ وَ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ، وَ ذَلِكَ مِمَّا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَیَّ وَ عَلَی رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ قَالَ لِیَ الرَّسُولُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: یَا عَلِیُّ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ أُدْنِیَكَ وَ لَا أُقْصِیَكَ، وَ أُعَلِّمَكَ وَ لَا أَجْفُوَكَ، وَ حَقٌّ عَلَیَّ أَنْ أُطِیعَ رَبِّی وَ حَقٌّ عَلَیْكَ أَنْ تَعِیَ.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَعَثَنِی بَعْثاً وَ دَعَا لِی بِدَعَوَاتٍ وَ أَطْلَعَنِی عَلَی مَا یَجْرِی بَعْدَهُ، فَحَزِنَ لِذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَ (2)قَالَ:

لَوْ قَدَرَ مُحَمَّدٌ أَنْ یَجْعَلَ ابْنَ عَمِّهِ نَبِیّاً لَجَعَلَهُ، فَشَرَّفَنِیَ اللَّهُ عَلَیَّ بِالاطِّلَاعِ عَلَی ذَلِكَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ وَ الثَّلَاثُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً، لَا یَجْتَمِعُ حُبِّی وَ حُبُّهُ إِلَّا فِی قَلْبِ مُؤْمِنٍ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ (3)جَعَلَ أَهْلَ حُبِّی وَ حُبِّكَ یَا عَلِیُّ فِی أَوَّلِ زُمْرَةِ السَّابِقِینَ إِلَی الْجَنَّةِ، وَ جَعَلَ أَهْلَ بُغْضِی وَ بُغْضِكَ فِی أَوَّلِ زُمْرَةِ الضَّالِّینَ مِنْ أُمَّتِی إِلَی النَّارِ.

وَ أَمَّا الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَجَّهَنِی فِی بَعْضِ الْغَزَوَاتِ إِلَی رَكِیٍّ (4)فَإِذَا لَیْسَ فِیهِ مَاءٌ، فَرَجَعْتُ إِلَیْهِ (5)فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَ فِیهِ

ص: 440


1- لا توجد: أحدا، فی ك.
2- لا توجد الواو فی الخصال.
3- لا توجد: عزّ و جلّ، فی ك.
4- الرّكیّ: جنس للرّكیّة، و هی البئر، و جمعها ركایا، قاله فی النّهایة 2- 261.
5- لا توجد: إلیه، فی ك.

طِینٌ؟. فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: ایتِنِی (1)مِنْهُ، فَأَتَیْتُ مِنْهُ بِطِینٍ، فَتَكَلَّمَ فِیهِ، ثُمَّ قَالَ:

أَلْقِهِ فِی الرَّكِیِّ، فَأَلْقَیْتُهُ، فَإِذَا الْمَاءُ قَدْ نَبَعَ حَتَّی امْتَلَأَ جَوَانِبَ الرَّكِیِّ، فَجِئْتُ إِلَیْهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِی: وُفِّقْتَ یَا عَلِیُّ وَ بِبَرَكَتِكَ نَبَعَ الْمَاءُ، فَهَذِهِ الْمَنْقَبَةُ خَاصَّةٌ لِی (2)مِنْ دُونِ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

أَبْشِرْ یَا عَلِیُّ! فَإِنَّ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَتَانِی فَقَالَ لِی: یَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی نَظَرَ إِلَی أَصْحَابِكَ فَوَجَدَ ابْنَ عَمِّكَ وَ خَتَنَكَ عَلَی ابْنَتِكَ فَاطِمَةَ خَیْرَ أَصْحَابِكَ، فَجَعَلَهُ وَصِیَّكَ وَ الْمُؤَدِّی عَنْكَ.

وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

أَبْشِرْ یَا عَلِیُّ! فَإِنَّ مَنْزِلَكَ فِی الْجَنَّةِ مُوَاجِهَ مَنْزِلِی، وَ أَنْتَ مَعِی فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ، قُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَا أَعْلَی عِلِّیُّونَ؟. فَقَالَ:

قُبَّةٌ مِنْ دُرَّةٍ بَیْضَاءَ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مِصْرَاعٍ مَسْكَنٌ لِی وَ لَكَ یَا عَلِیُّ.

وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَسَّخَ حُبِّی فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَذَلِكَ رَسَّخَ حُبَّكَ یَا عَلِیُّ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ، وَ رَسَّخَ بُغْضِی وَ بُغْضَكَ فِی قُلُوبِ الْمُنَافِقِینَ، فَلَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِیٌّ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ كَافِرٌ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

لَنْ یُبْغِضَكَ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَعِیٌّ، وَ لَا مِنَ الْعَجَمِ إِلَّا شَقِیٌّ، وَ لَا مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا سَلَقْلَقِیَّةٌ (3)

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ دَعَانِی وَ أَنَا

ص: 441


1- فی المصدر: ائتنی- بالأصل-.
2- فی الخصال: بی، بدلا من: لی.
3- قال فی القاموس 3- 246: و السّلقلق: الّتی تحیض من دبرها، و بهاء: الصّخّابة. و قال فی 1- 92: الصّخب- محرّكة-: شدّة الصّوت، صخب- كفرح- فهو صخّاب .. و هی صخبة و صخّابة.

رَمِدُ الْعَیْنِ فَتَفَلَ فِی عَیْنِی، وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ حَرَّهَا فِی بَرْدِهَا وَ بَرْدَهَا فِی حَرِّهَا، فَوَ اللَّهِ مَا اشْتَكَتْ عَیْنِی إِلَی هَذِهِ السَّاعَةِ (1)

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ وَ عُمُومَتَهُ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ وَ فَتْحِ بَابِی بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَلَیْسَ لِأَحَدٍ مَنْقَبَةٌ مِثْلُ مَنْقَبَتِی.

وَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنِی فِی وَصِیَّتِهِ بِقَضَاءِ دُیُونِهِ وَ عِدَاتِهِ، فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَیْسَ عِنْدِی مَالٌ.

فَقَالَ: سَیُعِینُكَ اللَّهُ، فَمَا أَرَدْتُ أَمْراً مِنْ قَضَاءِ دُیُونِهِ وَ عِدَاتِهِ إِلَّا یَسَّرَهُ اللَّهُ لِی حَتَّی قَضَیْتُ دُیُونَهُ وَ عِدَاتِهِ، وَ أَحْصَیْتُ ذَلِكَ فَبَلَغَ ثَمَانِینَ أَلْفاً وَ بَقِیَ بَقِیَّةٌ أَوْصَیْتُ الْحَسَنَ أَنْ یَقْضِیَهَا.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَتَانِی فِی مَنْزِلِی وَ لَمْ یَكُنْ طَعِمْنَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَقَالَ: یَا عَلِیُّ! هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَیْ ءٍ؟. فَقُلْتُ:

وَ الَّذِی أَكْرَمَكَ بِالْكَرَامَةِ وَ اصْطَفَاكَ بِالرِّسَالَةِ مَا طَعِمْتُ وَ زَوْجَتِی وَ ابْنَایَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ. فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: یَا فَاطِمَةُ! ادْخُلِی الْبَیْتَ وَ انْظُرِی هَلْ تَجِدِینَ شَیْئاً؟. فَقَالَتْ: خَرَجْتُ السَّاعَةَ. فَقُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَدْخُلُهُ أَنَا؟!. فَقَالَ: ادْخُلْهُ بِسْمِ اللَّهِ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِطَبَقٍ مَوْضُوعٍ عَلَیْهِ رُطَبٌ (2)وَ جَفْنَةٍ مِنْ ثَرِیدٍ، فَحَمَلْتُهَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ: یَا عَلِیُّ! رَأَیْتَ الرَّسُولَ الَّذِی حَمَلَ هَذَا الطَّعَامَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: صِفْهُ لِی، فَقُلْتُ: مِنْ بَیْنِ أَحْمَرَ وَ أَخْضَرَ وَ أَصْفَرَ. فَقَالَ: تِلْكَ خِطَطُ جَنَاحِ جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ، فَأَكَلْنَا مِنَ الثَّرِیدِ حَتَّی شَبِعْنَا، فَمَا رُئِیَ إِلَّا خَدْشُ أَیْدِینَا وَ أَصَابِعِنَا، فَخَصَّنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ مِنْ بَیْنِ الصَّحَابَةِ.

ص: 442


1- أوردها النّسائیّ فی الخصائص: 38، و أبو داود الطّیالسیّ فی مسنده 1- 122، و الرّیاض النّضرة 2- 189، و غیرهم.
2- فی الخصال زیادة: من تمر.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ وَ الْأَرْبَعُونَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَصَّ نَبِیَّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالنُّبُوَّةِ وَ خَصَّنِی النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالْوَصِیَّةِ، فَمَنْ أَحَبَّنِی فَهُوَ سَعِیدٌ یُحْشَرُ فِی زُمْرَةِ الْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ.

وَ أَمَّا الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بَعَثَ بِبَرَاءَةَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ، فَلَمَّا مَضَی أَتَی جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: یَا مُحَمَّدُ! لَا یُؤَدِّی عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ، فَوَجَّهَنِی عَلَی نَاقَتِهِ الْغَضْبَاءِ (1)، فَلَحِقْتُهُ بِذِی الْحُلَیْفَةِ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ، فَخَصَّنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَقَامَنِی لِلنَّاسِ كَافَّةً یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ، فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: یَا عَلِیُّ! أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِیهِنَّ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ؟!. فَقُلْتُ: بَلَی. قَالَ: قُلْ: «یَا رَزَّاقَ الْمُقِلِّینَ، وَ یَا رَاحِمَ الْمَسَاكِینِ، وَ یَا أَسْمَعَ السَّامِعِینَ، وَ یَا أَبْصَرَ النَّاظِرِینَ، وَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ، ارْحَمْنِی وَ ارْزُقْنِی».

وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَنْ یَذْهَبَ بِالدُّنْیَا حَتَّی یَقُومَ مِنَّا الْقَائِمُ یَقْتُلُ مُبْغِضِینَا (2)وَ لَا یَقْبَلُ الْجِزْیَةَ، وَ یَكْسِرُ الصَّلِیبَ وَ الْأَصْنَامَ، وَ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها، وَ یَدْعُو إِلَی أَخْذِ الْمَالِ فَیَقْسِمُهُ بِالسَّوِیَّةِ، وَ یَعْدِلُ فِی الرَّعِیَّةِ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

یَا عَلِیُّ! سَیَلْعَنُكَ بَنُو أُمَیَّةَ وَ یَرُدُّ عَلَیْهِمْ مَلَكٌ بِكُلِّ لَعْنَةٍ أَلْفَ لَعْنَةٍ، فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ لَعَنَهُمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ وَ الْخَمْسُونَ: سَمِعْتُ أَنَّ (3)رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِی: سَیَفْتَتِنُ فِیكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی، فَتَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ

ص: 443


1- فی المصدر: العضباء، و هو الظّاهر، و قد تقرأ كذلك فی س.
2- لا توجد: مبغضینا، فی س.
3- فی الخصال: فإنّ، بدلا من: سمعت أنّ.

یُخَلِّفْ شَیْئاً فِیمَا إِذَا أَوْصَی عَلِیّاً، أَ وَ (1)لَیْسَ كِتَابُ رَبِّی أَفْضَلَ الْأَشْیَاءِ بَعْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ لَئِنْ لَمْ تَجْمَعْهُ بِإِتْقَانٍ لَمْ یُجْمَعْ أَبَداً، فَخَصَّنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ مِنْ دُونِ الصَّحَابَةِ.

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَصَّنِی بِمَا خَصَّ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ وَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَ جَعَلَنِی وَارِثَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَمَنْ سَاءَهُ سَاءَهُ وَ مَنْ سَرَّهُ سَرَّهُ .. وَ أَوْمَی بِیَدِهِ نَحْوَ الْمَدِینَةِ.

وَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَانَ فِی بَعْضِ الْغَزَوَاتِ فَفُقِدَ (2)الْمَاءُ، فَقَالَ لِی: یَا عَلِیُّ! قُمْ إِلَی هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وَ قُلْ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ انْفَجِرِی إِلَیَّ (3)مَاءً، فَوَ اللَّهِ الَّذِی أَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ، لَقَدْ أَبْلَغْتُهَا الرِّسَالَةَ فَاطَّلَعَ مِنْهَا مِثْلُ ثَدْیِ الْبَقَرَةِ، فَسَالَ مِنْ كُلِّ ثَدْیٍ مِنْهَا مَاءٌ، فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ أَسْرَعْتُ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ یَا عَلِیُّ فَخُذْ مِنَ الْمَاءِ، وَ جَاءَ الْقَوْمُ حَتَّی مَلَئُوا قِرَبَهُمْ وَ أَدَوَاتِهِمْ وَ سَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَ شَرِبُوا وَ تَوَضَّوْا، فَخَصَّنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ مِنْ دُونِ الصَّحَابَةِ.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنِی فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَدْ نَفِدَ الْمَاءُ-، فَقَالَ: یَا عَلِیُّ! ائْتِ (4)بِتَوْرٍ، فَأَتَیْتُهُ بِهِ، فَوَضَعَ یَدَهُ الْیُمْنَی وَ یَدِی مَعَهَا فِی التَّوْرِ، فَقَالَ: انْبُعْ، فَنَبَعَ الْمَاءُ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِنَا.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ وَ الْخَمْسُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَجَّهَنِی إِلَی خَیْبَرَ، فَلَمَّا أَتَیْتُهُ وَجَدْتُ الْبَابَ مُغْلَقاً فَزَعْزَعْتُهُ شَدِیداً فَقَلَعْتُهُ وَ رَمَیْتُ بِهِ أَرْبَعِینَ خُطْوَةً، فَدَخَلْتُ فَبَرَزَ إِلَیَّ مَرْحَبٌ فَحَمَلَ عَلَیَّ وَ حَمَلْتُ عَلَیْهِ، وَ سَقَیْتُ الْأَرْضَ مِنْ (5)

ص: 444


1- فی المصدر: فیقولون إنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لم یخلّف شیئا فبما ذا أوصی علیّا. و هو الظّاهر.
2- فی المصدر: فقد- بدون فاء-.
3- فی الخصال: لی، و هو الظّاهر.
4- فی المصدر: ایتینی.
5- لا توجد: من، فی س.

دَمِهِ، وَ قَدْ كَانَ وَجَّهَ رَجُلَیْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرَجَعَا مُنْكَسِفَیْنِ.

وَ أَمَّا السِّتُّونَ: فَإِنِّی قَتَلْتُ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ، وَ كَانَ یُعَدُّ بِأَلْفِ رَجُلٍ.

وَ أَمَّا الْحَادِیَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

یَا عَلِیُّ! مَثَلُكَ فِی أُمَّتِی مَثَلُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فَمَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَیِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ أَحَبَّكَ بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ وَ نَصَرَكَ بِیَدِهِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ.

وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنِّی كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی جَمِیعِ الْمَوَاطِنِ وَ الْحُرُوبِ وَ كَانَتْ رَایَتُهُ مَعِی.

وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنِّی لَمْ أَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ قَطُّ، وَ لَمْ یُبَارِزْنِی أَحَدٌ إِلَّا سَقَیْتُ الْأَرْضَ مِنْ دَمِهِ.

وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أُتِیَ بِطَیْرٍ مَشْوِیٍّ مِنَ الْجَنَّةِ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُدْخِلَ عَلَیْهِ أَحَبَّ الْخَلْقِ (1)إِلَیْهِ فَوَفَّقَنِیَ اللَّهُ لِلدُّخُولِ عَلَیْهِ حَتَّی أَكَلْتُ مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ الطَّیْرِ.

وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنِّی كُنْتُ أُصَلِّی فِی الْمَسْجِدِ فَجَاءَ سَائِلٌ فَسَأَلَ وَ أَنَا رَاكِعٌ-، فَنَاوَلْتُهُ خَاتَمِی مِنْ إِصْبَعِی، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِیَّ: (إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ) (2)

وَ أَمَّا السَّادِسَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رَدَّ عَلَیَّ الشَّمْسَ مَرَّتَیْنِ، وَ لَمْ یَرُدَّهَا عَلَی أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ غَیْرِی.

وَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَنْ أُدْعَی بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ لَمْ یُطْلِقْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَیْرِی.

وَ أَمَّا الثَّامِنَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ: یَا عَلِیُّ! إِذَا

ص: 445


1- فی المصدر: خلقه.
2- المائدة: 55.

كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نَادَی مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَیْنَ سَیِّدُ الْأَنْبِیَاءِ؟ فَأَقُومُ، ثُمَّ یُنَادِی: أَیْنَ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ؟ فَتَقُومُ، وَ یَأْتِینِی رِضْوَانُ بِمَفَاتِیحِ الْجَنَّةِ، وَ یَأْتِینِی مَالِكٌ بِمَقَالِیدِ النَّارِ، فَیَقُولَانِ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَمَرَنَا أَنْ نَدْفَعَهَا إِلَیْكَ وَ نَأْمُرَكَ (1)أَنْ تَدْفَعَهَا إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ، فَتَكُونُ یَا عَلِیُّ قَسِیمَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ.

وَ أَمَّا التَّاسِعَةُ وَ السِّتُّونَ: فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ:

لَوْلَاكَ مَا عُرِفَ الْمُنَافِقُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ.

وَ أَمَّا السَّبْعُونَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَامَ وَ نَوَّمَنِی وَ زَوْجَتِی فَاطِمَةَ وَ ابْنَیَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ أَلْقَی عَلَیْنَا عَبَاءَةً قَطَوَانِیَّةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِینَا:

(إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً) (2)، وَ قَالَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنَا مِنْكُمْ یَا مُحَمَّدُ، فَكَانَ سَادِسُنَا جَبْرَئِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

«3» وَ «4»- ل (3)، لِی (4)ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ، عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ، عَنِ الْبَرْقِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِی الْجَارُودِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ (5)، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ قُدَّامَ مِنْبَرِكُمْ هَذَا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ الْأَنْصَارِیُّ (6)وَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ الْكِنْدِیُّ وَ خَالِدُ بْنُ یَزِیدَ الْبَجَلِیُّ .. ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ (7)عَلَی أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: یَا أَنَسُ! إِنْ كُنْتَ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَوْلَاهُ، ثُمَّ لَمْ

ص: 446


1- فی س: تأمرك.
2- الأحزاب: 33.
3- الخصال 1- 219- 220 باب الأربعة، مع تفصیل فی الإسناد.
4- أمالی الشّیخ الصّدوق: 106- 107، و السّند مختزل و المصنّف أخذه منه.
5- فی الأمالی: أمیر المؤمنین علیه السّلام.
6- لا یوجد: الأنصاریّ، فی الخصال.
7- لا یوجد فی الخصال: بوجهه.

تَشْهَدْ لِیَ الْیَوْمَ بِالْوَلَایَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یَبْتَلِیَكَ بِبَرَصٍ لَا تُغَطِّیهِ الْعِمَامَةُ، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا أَشْعَثُ فَإِنْ كُنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ یَقُولُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ (1)ثُمَّ لَمْ تَشْهَدْ لِیَ الْیَوْمَ بِالْوَلَایَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یَذْهَبَ بِكَرِیمَتَیْكَ، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا خَالِدَ بْنَ یَزِیدَ إِنْ (2)كُنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ثُمَّ لَمْ تَشْهَدْ لِیَ الْیَوْمَ بِالْوَلَایَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ إِلَّا مِیتَةً جَاهِلِیَّةً، وَ أَمَّا أَنْتَ یَا بَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ إِنْ (3)كُنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ثُمَّ لَمْ تَشْهَدْ لِیَ الْیَوْمَ (4)بِالْوَلَایَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ إِلَّا حَیْثُ هَاجَرْتَ مِنْهُ.

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ: وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَ قَدِ ابْتُلِیَ بِبَرَصٍ یُغَطِّیهِ بِالْعِمَامَةِ فَمَا تَسْتُرُهُ، وَ لَقَدْ رَأَیْتُ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ وَ قَدْ ذَهَبَتْ كَرِیمَتَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ دُعَاءَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ (5)بِالْعَمَی فِی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَدْعُ عَلَیَّ بِالْعَذَابِ فِی الْآخِرَةِ فَأُعَذَّبَ، وَ أَمَّا (6)خَالِدُ بْنُ یَزِیدَ فَإِنَّهُ مَاتَ فَأَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ یَدْفِنُوهُ، وَ حُفِرَ لَهُ فِی مَنْزِلِهِ فَدُفِنَ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ كِنْدَةُ فَجَاءَتْ بِالْخَیْلِ وَ الْإِبِلِ فَعَقَرَتْهَا عَلَی بَابِ مَنْزِلِهِ، فَمَاتَ مِیتَةً جَاهِلِیَّةً، وَ أَمَّا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَإِنَّهُ وَلَّاهُ مُعَاوِیَةُ الْیَمَنَ فَمَاتَ بِهَا وَ مِنْهَا كَانَ هَاجَرَ.

ص: 447


1- لا یوجد فی الخصال من قوله: اللّٰهمّ .. إلی هنا.
2- فی الخصال: فإن.
3- فی الخصال: فإن.
4- فی حاشیة ك كلمة: الیوم، غیر معلم علیها، و لا توجد فی س، و جاءت فی المصدرین.
5- فی الأمالی زیادة: علیّ.
6- فی الأمالی: فأمّا.

ص: 448

[28] باب ما جری بین أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و بین عثمان و ولاته و أعوانه و بعض أحواله

«1»-مَا (1)بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْعَدَ (2)بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (3)بْنِ أَبِی عَمْرَةَ الْأَنْصَارِیِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ عَلَی عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبِرْنِی أَیُّ الْبِلَادِ أَحَبُّ إِلَیْكَ؟. قَالَ: مُهَاجَرِی. قَالَ: لَسْتَ بِمُجَاوِرِی. قَالَ: فَأَلْحَقُ بِحَرَمِ اللَّهِ فَأَكُونَ فِیهِ. قَالَ: لَا. قَالَ: فَالْكُوفَةُ أَرْضٌ بِهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَسْتُ بِمُخْتَارٍ غَیْرَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِالْمَسِیرِ إِلَی الرَّبَذَةِ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِی: اسْمَعْ وَ أَطِعْ وَ أَنْفِذْ حَیْثُ قَادُوكَ وَ لَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِیٍّ مُجَدَّعٍ، فَخَرَجَ إِلَی الرَّبَذَةِ، فَأَقَامَ هُنَا مُدَّةً ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِینَةَ (4)فَدَخَلَ عَلَی عُثْمَانَ وَ النَّاسُ عِنْدَهُ سِمَاطَیْنِ (5)، فَقَالَ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! إِنْ أَخْرَجْتَنِی مِنْ أَرْضِی إِلَی

ص: 449


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 321- 322، بتفصیل فی الإسناد.
2- فی المصدر: عبد الرّحمن بن سعد.
3- فی الأمالی: عبد الرّحمن، بدلا من: عبد اللّٰه.
4- فی المصدر: فأقام مدّة ثمّ أتی إلی المدینة.
5- قال فی النّهایة 2- 401: و فی حدیث الإیمان: حتّی سلم من طرف السّماط. السّماط: الجماعة من النّاس و النّخل، و المراد به فی الحدیث الجماعة الّذین كانوا جلوسا عن جانبیه.

أَرْضٍ لَیْسَ بِهَا زَرْعٌ وَ لَا ضَرْعٌ إِلَّا شُوَیْهَاتٌ، وَ لَیْسَ لِی خَادِمٌ إِلَّا مُحَرَّرَةٌ (1)، وَ لَا ظِلٌّ یُظِلُّنِی إِلَّا ظِلُّ شَجَرَةٍ فَأَعْطِنِی خَادِماً وَ غُنَیْمَاتٍ أَعِیشُ فِیهَا، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنْهُ، فَتَحَوَّلَ عَنْهُ (2)إِلَی السِّمَاطِ الْآخَرِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ حَبِیبُ بْنُ سَلَمَةَ: لَكَ عِنْدِی یَا أَبَا ذَرٍّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَ خَادِمٌ وَ خَمْسُمِائَةِ شَاةٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَعْطِ خَادِمَكَ وَ أَلْفَكَ وَ شُوَیْهَاتِكَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَی ذَلِكَ مِنِّی، فَإِنِّی إِنَّمَا أَسْأَلُ حَقِّی فِی كِتَابِ اللَّهِ، فَجَاءَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَ لَا تُغْنِی عَنْهَا (3)سَفِیهَكَ هَذَا!. قَالَ: أَیُّ سَفِیهٍ؟!. قَالَ: أَبُو ذَرٍّ. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَیْسَ بِسَفِیهٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِی ذَرٍّ، أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ: (إِنْ یَكُ كاذِباً فَعَلَیْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ یَكُ صادِقاً یُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُكُمْ) (4)قَالَ عُثْمَانُ: التُّرَابُ فِی فِیكَ. قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: بَلِ التُّرَابُ فِی فِیكَ، أَنْشُدُ بِاللَّهِ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ ذَلِكَ لِأَبِی ذَرٍّ، فَقَامَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ عَشَرَةٌ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، فَوَلَّی عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَلَی الْعَشَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِذْ جَاءَ الْخَادِمُ فَقَالَ: هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بِالْبَابِ، فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: تَعَشَّ.

قَالَ: تَعَشَّیْتُ، فَوَضَعَ یَدَهُ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْعَشَاءِ قَامَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَ جَلَسْتُ وَ تَكَلَّمَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: یَا خَالِ! أَشْكُو إِلَیْكَ ابْنَ أَخِیكَ یَعْنِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ أَكْثَرَ فِی شَتْمِی (5)وَ نَطَقَ فِی عِرْضِی، وَ أَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ فِی ظُلْمِكُمْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنْ یَكُنْ هَذَا الْأَمْرُ لَكُمْ فَقَدْ سَلَّمْتُمُوهُ إِلَی مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنِّی، وَ إِنْ لَا یَكُنْ

ص: 450


1- فی س: مررّة. و لا مناسبة لها بالمقام.
2- لا توجد: عنه، فی س.
3- فی المصدر: عنّا. و هو الصّحیح.
4- غافر: 28.
5- فی المصدر: أكثر علیّ.

لَكُمْ فَحَقِّی أَخَذْتُ، فَتَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ ذَكَرَ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ قُرَیْشاً مِنْهُ، وَ مَا خَصَّ بِهِ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَا حَمِدْتُكَ لِابْنِ أَخِی وَ لَا حَمِدْتُ ابْنَ أَخِی فِیكَ، وَ مَا هُوَ وَحْدَهُ، وَ لَقَدْ نَطَقَ غَیْرُهُ، فَلَوْ أَنَّكَ هَبَطْتَ مِمَّا صَعِدْتَ وَ صَعِدُوا مِمَّا هَبَطُوا لَكَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ. فَقَالَ: أَنْتَ وَ ذَلِكَ یَا خَالِ (1)فَقَالَ: فَلِمَ تَكَلَّمُ بِذَلِكَ عَنْكَ؟.

قَالَ: نَعَمْ، أَعْطِهِمْ عَنِّی مَا شِئْتَ. وَ قَامَ عُثْمَانُ فَخَرَجَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ رَجَعَ إِلَیْهِ فَسَلَّمَ وَ هُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: یَا خَالِ! لَا تَعْجَلْ بِشَیْ ءٍ حَتَّی أَعُودَ إِلَیْكَ، فَرَفَعَ (2)الْعَبَّاسُ یَدَیْهِ وَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْبِقْ لِی (3)مَا لَا خَیْرَ (4)لِی فِی إِدْرَاكِهِ، فَمَا مَضَتِ الْجُمْعَةُ حَتَّی مَاتَ.

«2»-مَا (5)ابْنُ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ (6)عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ، عَنْ أَبِیهِ (7)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ (8)بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ نَزَلَ عَلَی خَالِدِ بْنِ أُسَیْدٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ أَتَیْتَ ابْنَ عَمِّكَ فَوَصَلَكَ (9)، فَأَتَی عُثْمَانَ فَكَتَبَ لَهُ (10)إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنْ صِلْهُ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَنَزَلَ بِهِ مِنْ قَابِلٍ فَسَأَلَهُ (11)، فَقَالَ لَهُ:

ص: 451


1- فی المصدر: یا خالی- بالیاء-.
2- فی س: فوقع.
3- فی الأمالی: استو بی. و فی ك: بی، بدلا من: لی، و جعل الأخیرة نسخة بدل.
4- فی المصدر: لا خبر.
5- الأمالی للشّیخ الطّوسیّ 2- 322، بتفصیل فی الإسناد.
6- لا توجد: بن، فی المصدر.
7- لا توجد: عن أبیه، فی الأمالی.
8- فی الأمالی: أبو عبد اللّٰه.
9- فی الأمالی: فوصلت.
10- لا توجد: له، فی المصدر.
11- فی الأمالی: فسأل.

قَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِی فِی مَشُورَتِكَ فَأَتَیْتُهُ فَأَمَرَ لِی بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: سِتِّینَ أَلْفاً!. قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ وَ مِائَةُ أَلْفٍ وَ مِائَةُ أَلْفٍ (1).. سِتَّ مَرَّاتٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ:

اسْكُتْ! فَمَا أَسْوَدَ عُثْمَانَ.

- أقول: رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ (2)، عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ، قَالَ:

رَوَی فِی الْمُوَفَّقِیَّاتِ (3)عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَیَّ عُثْمَانُ فِی الْهَاجِرَةِ (4)فَتَقَنَّعْتُ بِثَوْبِی وَ أَتَیْتُهُ، فَدَخَلْتُ (5)وَ هُوَ عَلَی سَرِیرِهِ وَ فِی یَدِهِ قَضِیبٌ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ مَالٌ دَثِرٌ (6)صُبْرَتَانِ مِنْ وَرِقٍ وَ ذَهَبٍ-، فَقَالَ: دُونَكَ خُذْ مِنْ هَذَا حَتَّی تَمْلَأَ بَطْنَكَ فَقَدْ أَحْرَقْتَنِی. فَقُلْتُ: وَصَلَتْكَ رَحِمٌ! إِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ وَرِثْتَهُ أَوْ أَعْطَاكَهُ مُعْطٍ أَوِ اكْتَسَبْتَهُ مِنْ تِجَارَةٍ كُنْتُ أَحَدَ رَجُلَیْنِ: إِمَّا آخُذُ وَ أَشْكُرُ أَوْ أُوَفِّرُ وَ أَجْهَدُ، وَ إِنْ كَانَ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَ فِیهِ حَقُّ الْمُسْلِمِینَ وَ الْیَتِیمِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ، فَوَ اللَّهِ مَا لَكَ أَنْ تُعْطِیَنِیهِ وَ لَا لِی أَنْ آخُذَهُ. فَقَالَ: أَبَیْتَ وَ اللَّهِ إِلَّا مَا أَبَیْتَ. ثُمَّ قَامَ إِلَیَّ بِالْقَضِیبِ فَضَرَبَنِی، وَ اللَّهِ مَا أَرُدُّ یَدَهُ حَتَّی قَضَی حَاجَتَهُ، فَتَقَنَّعْتُ بِثَوْبِی وَ رَجَعْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَ قُلْتُ: اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ إِنْ كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِمَعْرُوفٍ وَ نَهَیْتُكَ (7)عَنْ مُنْكَرٍ.

وَ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ (8)فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ (9)، قَالَ: رَوَی عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عِیسَی بْنِ دَاوُدَ، عَنْ رِجَالِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا بَنَی عُثْمَانُ دَارَهُ بِالْمَدِینَةِ أَكْثَرَ

ص: 452


1- لا توجد: و مائة ألف، فی المصدر.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 16، بتصرّف.
3- الموفّقیّات: 612.
4- قال فی النّهایة 5- 246: و الهجیر و الهاجرة: اشتداد الحرّ نصف النّهار.
5- فی الموفّقیّات زیادة: علیه.
6- قال فی النّهایة 2- 100: فیه ذهب أهل الدّثور بالأجور الدّثور- جمع دثر- و هو المال الكثیر، و یقع علی الواحد و الاثنین و الجمیع.
7- فی الموفّقیّات: نهیت.
8- فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 6.
9- الموفّقیّات: 602- 603.

النَّاسُ عَلَیْهِ فِی ذَلِكَ فَبَلَغَهُ، فَخَطَبَنَا فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ صَلَّی (1)بِنَا، ثُمَّ عَادَ إِلَی الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النِّعْمَةَ إِذَا حَدَثَتْ حَدَثَ (2)لَهَا حُسَّادٌ حَسَبَهَا، وَ أَعْدَاءٌ قَدْرَهَا، وَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُحْدِثْ لَنَا نِعَماً لِیَحْدُثَ لَهَا حُسَّادٌ عَلَیْهَا، وَ مُتَنَافِسُونَ (3)فِیهَا، وَ لَكِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ بِنَاءِ مَنْزِلِنَا هَذَا مَا كَانَ إِرَادَةُ جَمْعِ الْمَالِ فِیهِ وَ ضَمُّ الْقَاصِیَةِ إِلَیْهِ، فَأَتَانَا عَنْ أُنَاسٍ مِنْكُمْ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ:

أَخَذَ فَیْئَنَا (4)وَ أَنْفَقَ شَیْئاً (5)وَ اسْتَأْثَرَ بِأَمْوَالِنَا، یَمْشُونَ خَمَراً، وَ یَنْطِقُونَ سِرّاً، كَأَنَّا غُیَّبٌ عَنْهُمْ، وَ كَأَنَّهُمْ یَهَابُونَ مُوَاجَهَتَنَا، مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِدُحُوضِ حُجَّتِهِمْ، فَإِذَا غَابُوا عَنَّا یَرُوحُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضِهِمْ یَذْكُرُنَا، وَ قَدْ وَجَدُوا عَلَی ذَلِكَ أَعْوَاناً مِنْ نُظَرَائِهِمْ، وَ مُؤَازِرِینَ مِنْ شُبَهَائِهِمْ، فَبُعْداً بُعْداً! وَ رَغْماً رَغْماً!.

قَالَ: ثُمَّ أَنْشَدَ بَیْتَیْنِ یُومِئُ فِیهِمَا إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

تَوَقَّدْ بِنَارٍ أَیْنَمَا كُنْتَ وَ اشْتَعِلْ*** فَلَسْتَ تَرَی مِمَّا تُعَالِجُ شَافِیاً

تَشِطُّ فَیَقْضِی الْأَمْرُ دُونَكَ أَهْلَهُ (6)***وَشِیكاً وَ لَا تُدْعَی إِذَا كُنْتَ نَائِیاً

وَ ذَكَرَ تَمَامَ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ هَمَّ بِالنُّزُولِ فَبَصُرَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ هَوَاهُ (7)یَتَنَاجَوْنَ، فَقَالَ:

إِیهاً .. إِیهاً! إِسْرَاراً لَا جِهَاراً؟! أَمَا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا أَحْنَقَ (8)عَلَی جَرَّةٍ (9)، وَ لَا

ص: 453


1- فی ك: قد صلّی.
2- فی س: حدت، و فی المصدرین: حدثت.
3- فی المصدرین: و منافسون.
4- فی س: فیأ. و لعلّها: فیئا، قد كتبت كذلك.
5- فی الموفّقیّات: شیئنا.
6- وضع علی أهله فی س رمز نسخة بدل.
7- فی ك: أهواه.
8- فی مطبوع البحار: أخنق.
9- قال فی النّهایة 1- 451: لا یصلح هذا الأمر إلّا لمن لا یحنق علی جرّته .. أی لا یحقد علی رعیّته. و الحنق: الغیظ. و الجرّة: ما یخرجه البعیر من جوفه و یمضغه، و الإحناق: لحوق البطن و التصاقه.

أُوتِیَ مِنْ ضَعْفِ مِرَّةٍ (1)، وَ لَوْ لَا النَّظَرُ مِنِّی (2)وَ (3)لِی وَ لَكُمْ، وَ الرِّفْقُ (4)بِی وَ بِكُمْ لَعَاجَلْتُكُمْ، فَقَدِ اغْتَرَرْتُمْ وَ أَقَلْتُمْ (5)مِنْ أَنْفُسِكُمْ.

ثُمَّ رَفَعَ یَدَیْهِ یَدْعُو (6)وَ هُوَ یَقُولُ: اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّی لِلْعَافِیَةِ وَ إِیثَارِی لِلسَّلَامَةِ فَأْتِنِیهَا (7)، قَالَ: فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ قَامَ عَدِیُّ بْنُ الْخِیَادِ ... وَ كَلَّمَهُ (8) بِكَلَامٍ ذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَ نَزَلَ عُثْمَانُ فَأَتَی مَنْزِلَهُ وَ أَتَاهُ النَّاسُ وَ فِیهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا أَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ أَقْبَلَ عَلَی ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لِی وَ لَكُمْ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟! مَا أَغْرَاكُمْ بِی، وَ أَوْلَعَكُمْ بِتَعْقِیبِ أَمْرِی لَتَنْقِمُونَ (9)عَلَیَّ أَمْرَ الْعَامَّةِ .. وَ عَاتَبَهُ بِكَلَامٍ طَوِیلٍ، فَأَجَابَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَ قَالَ فِی جُمْلَةِ كَلَامِهِ-: ..

اخْسَأِ (10)الشَّیْطَانَ عَنْكَ لَا یَرْكَبْكَ، وَ اغْلِبْ غَضَبَكَ وَ لَا یَغْلِبْكَ، فَمَا دَعَاكَ إِلَی هَذَا الْأَمْرِ الَّذِی كَانَ مِنْكَ؟. قَالَ: دَعَانِی إِلَیْهِ ابْنُ عَمِّكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ عَسَی أَنْ یُكَذِّبَ مُبَلِّغَكَ!. قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ ثِقَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

إِنَّهُ لَیْسَ بِثِقَةٍ مَنْ أُولِعَ (11)وَ أَغْرَی. قَالَ عُثْمَانُ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! اللَّهَ إِنَّكَ مَا تَعْلَمُ مِنْ

ص: 454


1- فی س: قرّة. و المرّة: القوّة و الشدّة، قاله فی النّهایة 4- 316. و قال 4- 318: قرّ یومنا یقرّ قرّة و یوم قرّ .. أی بارد و لیلة قرّة.
2- لا توجد: منّی، فی المصدرین.
3- وضع علی ك علی الواو رمز نسخة بدل.
4- فی س: بالرّفق.
5- فی س: أفلتم.
6- لا توجد: یدعو، فی س.
7- فی المصدر: فألبسنیها. و هی نسخة بدل فی مطبوع البحار.
8- فی ك: و تكلّمه، و لا معنی لها.
9- فی ك نسخة بدل: أ تنقمون، و هی الّتی وردت فی شرح النّهج و الموفّقیّات.
10- فی المصدرین: اخس، و هو الظّاهر.
11- فی المصدرین: بلغ.

عَلِیٍّ مَا شَكَوْتُ مِنْهُ؟. قَالَ: اللَّهُمَّ لَا، إِلَّا أَنْ یَقُولَ كَمَا یَقُولُ النَّاسُ، وَ یَنْقِمُ كَمَا یَنْقِمُونَ، فَمَنْ أَغْرَاكَ بِهِ وَ أَوْلَعَكَ بِذِكْرِهِ دُونَهُمْ؟. قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّمَا أَفْتَی مِنْ أَعْظَمِ الدَّاءِ الَّذِی یَنْصِبُ نَفْسَهُ لِرَأْسِ الْأَمْرِ وَ هُوَ عَلِیٌّ ابْنُ عَمِّكَ، وَ هَذَا وَ اللَّهِ كُلُّهُ مِنْ نَكَدِهِ وَ شُؤْمِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلًا! اسْتَثْنِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! قُلِ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: إِنِّی أَنْشُدُكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! الْإِسْلَامَ وَ الرَّحِمَ، فَقَدْ وَ اللَّهِ غُلِبْتُ وَ ابْتُلِیتُ بِكُمْ، وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ صَائِراً (1)إِلَیْكُمْ دُونِی فَحَمَلْتُمُوهُ عَنِّی وَ كُنْتُ أَحَدَ أَعْوَانِكُمْ عَلَیْهِ، إِذاً وَ اللَّهِ لَوَجَدْتُمُونِی لَكُمْ خَیْراً مِمَّا وَجَدْتُكُمْ لِی، وَ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْأَمْرَ لَكُمْ وَ لَكِنَّ قَوْمَكُمْ دَفَعُوكُمْ عَنْهُ وَ اخْتَزَلُوهُ دُونَكُمْ، فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِی أَ رَفَعُوكُمْ أَمْ رَفَعُوهُ عَنْكُمْ (2)قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْلًا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! فَإِنَّا نَنْشُدُكَ اللَّهَ وَ الْإِسْلَامَ وَ الرَّحِمَ مِثْلَ مَا نَشَدْتَنَا، أَنْ تَطْمَعَ فِینَا وَ فِیكَ عَدُوّاً، وَ تُشْمِتَ بِنَا وَ بِكَ حَسُوداً، إِنَّ أَمْرَكَ إِلَیْكَ مَا كَانَ قَوْلًا، فَإِذَا صَارَ فِعْلًا فَلَیْسَ إِلَیْكَ وَ لَا فِی یَدِكَ، وَ إِنَّا وَ اللَّهِ لتخالفن [لَنُخَالِفَنَ] (3)إِنْ خُولِفْنَا، وَ لتنازعن [لَنُنَازِعَنَ] إِنْ نُوزِعْنَا، وَ مَا یمتنك [تَمَنِّیكَ] (4)أَنْ یَكُونَ الْأَمْرُ صَارَ إِلَیْنَا دُونَكَ إِلَّا أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ مِنَّا مَا یَقُولُهُ النَّاسُ وَ یَعِیبَ كَمَا عَابُوا! وَ أَمَّا صَرْفُ قَوْمِنَا عَنَّا الْأَمْرَ فَعَنْ حَسَدٍ قَدْ (5)وَ اللَّهِ وَ (6)مَا عَرَفْتَهُ، وَ بَغْیٍ وَ اللَّهِ (7)عَلِمْتَهُ، فَاللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ قَوْمِنَا، وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكَ لَا تَدْرِی أَ رَفَعُوهُ عَنَّا أَمْ رَفَعُونَا عَنْهُ (8)؟، فَلَعَمْرِی إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنَّهُ لَوْ صَارَ إِلَیْنَا هَذَا الْأَمْرُ مَا ازْدَدْنَا بِهِ

ص: 455


1- فی المصدرین: كان صار.
2- فی المصدرین: أ دفعوه عنكم أم دفعوكم عنه.
3- فی المصدرین: یدیك .. لنخالفنّ .. لتنازعن. و فی س: لننازعنّ.
4- فی الموفّقیّات: و ما تمنّیك، و هو الظّاهر.
5- قد: اسم مرادف لحسب، كما فی مجمع البحرین 3- 126.
6- وضع علی الواو فی ك رمز نسخة بدل.
7- فی المصدرین: قد و اللّٰه عرفته، و بغی قد و اللّٰه. و فی س: و بقی، و فی ك: قد، و وضع علیها رمز نسخة بدل.
8- فی الموفقیات : أدفعوه عنا أم دفعونا عنه.

فَضْلًا إِلَی فَضْلِنَا، وَ لَا قَدْراً إِلَی قَدْرِنَا، وَ إِنَّا لَأَهْلُ الْفَضْلِ وَ أَهْلُ الْقَدْرِ، وَ مَا فَضَلَ فَاضِلٌ إِلَّا بِفَضْلِنَا، وَ لَا سَبَقَ سَابِقٌ إِلَّا بِسَبْقِنَا، وَ لَوْ لَا هُدَانَا مَا اهْتَدَی أَحَدٌ، وَ لَا أَبْصَرُوا مِنْ عَمًی، وَ لَا قَصَدُوا مِنْ جَوْرٍ. فَقَالَ عُثْمَانُ: حَتَّی مَتَی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ یَأْتِینِی عَنْكُمْ مَا یَأْتِینِی؟! هَبُونِی كُنْتُ بَعِیداً، أَ مَا كَانَ لِی مِنَ الْحَقِّ عَلَیْكُمْ أَنْ أُرَاقِبَ وَ أَنْ أُنَاظِرَ؟ بَلَی، وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ لَكِنَّ الْفُرْقَةَ سَهَّلَتْ لَكُمُ الْقَوْلَ فِیَّ، وَ تَقَدَّمَتْ بِكُمْ إِلَی الْإِسْرَاعِ إِلَیَّ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ (1)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ فَلَقِیتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِذَا بِهِ مِنَ الْغَضَبِ وَ التَّلَظِّی أَضْعَافُ مَا بِعُثْمَانَ، فَأَرَدْتُ تَسْكِینَهُ فَامْتَنَعَ، فَأَتَیْتُ مَنْزِلِی وَ أَغْلَقْتُ بَابِی وَ اعْتَزَلْتُهُمَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَیَّ، فَأَتَیْتُهُ وَ قَدْ هَدَأَ غَضَبُهُ، فَنَظَرَ إِلَیَّ ثُمَّ ضَحِكَ، وَ قَالَ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا، إِنَّ تَرْكَكَ الْعَوْدَ إِلَیْنَا دَلِیلٌ (2)عَلَی مَا رَأَیْتَ عَنْ صَاحِبِكَ (3)وَ عَرَفْتَ مِنْ حَالِهِ، فَاللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ، خُذْ بِنَا فِی غَیْرِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَ عُثْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ شَیْ ءٌ فَأَرَدْتُ التَّكْذِیبَ عَنْهُ یَقُولُ: وَ لَا یَوْمَ الْجُمُعَةِ حِینَ أَبْطَأْتَ عَنَّا وَ تَرَكْتَ الْعَوْدَ إِلَیْنَا، فَلَا أَدْرِی كَیْفَ أَرُدُّ عَلَیْهِ (4)

وَ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ (5)فِی كِتَابِ (6)الْمَذْكُورِ (7)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ،

ص: 456


1- هنا سقط جاء فی شرح النّهج 9- 10، و الموفّقیّات: 606، و هو: قال ابن عبّاس: مهلا! حتّی ألقی علیّا، ثمّ أحمل إلیك علی قدر ما رأی. قال عثمان: أفعل قد فعلت، و طالما طلبت فلا أطلب و لا أجاب و لا أعتب.
2- فی الموفّقیّات: لدلیل.
3- فی شرح النّهج: عند صاحبك.
4- و قد جاء فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 6- 10، باختلاف كثیر. و كذا فی الموفّقیّات: 601 607.
5- كما أورده و حكاه ابن أبی الحدید فی شرح النّهج 9- 13- 14، مع اختلاف كثیر.
6- كذا. و الظّاهر: فی الكتاب- بالألف و اللّام-.
7- الموفّقیّات: 610- 612، باختلاف یسیر.

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِی قَطُّ شَیْئاً فِی أَمْرِ عُثْمَانَ تَلُومُهُ فِیهِ أَوْ یَعْذِرُهُ (1)وَ لَا سَأَلْتُهُ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ أَهْجُمَ مِنْهُ عَلَی مَا لَا یُوَافِقُهُ، فَإِنَّا عِنْدَهُ لَیْلَةً وَ نَحْنُ نَتَعَشَّی إِذْ قِیلَ: هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانُ بِالْبَابِ. فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ. فَدَخَلَ فَأَوْسَعَ لَهُ عَلَی فِرَاشِهِ، وَ أَصَابَ مِنَ الْعَشَاءِ مَعَهُ، فَلَمَّا رُفِعَ قَامَ مَنْ كَانَ هُنَاكَ وَ ثَبَتُّ أَنَا، فَحَمِدَ عُثْمَانُ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ یَا خَالِ! فَإِنِّی جِئْتُكَ (2)أَسْتَعْذِرُكَ مِنِ ابْنِ أَخِیكَ عَلِیٍّ شَتَمَنِی وَ شَهَرَ أَمْرِی وَ قَطَعَ رَحِمِی وَ طَعَنَ فِی دِینِی، وَ إِنِّی أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكُمْ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنَّ لَكُمْ حَقّاً تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ (3)غُلِبْتُمْ عَلَیْهِ فَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ فِی یَدَیَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ وَ أَنَا أَقْرَبُ إِلَیْكُمْ رَحِماً مِنْهُ؟ وَ مَا لُمْتُ مِنْكُمْ أَحَداً إِلَّا عَلِیّاً، وَ لَقَدْ دُعِیتُ أَنْ أَبْسُطَ عَلَیْهِ فَتَرَكْتُهُ لِلَّهِ وَ الرَّحِمِ، وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ لَا یَتْرُكَنِی (4)فَلَا أَتْرُكَهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَحَمِدَ أَبِی اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، یَا ابْنَ أُخْتِی فَإِنْ كُنْتَ لَا تَحْمَدُ عَلِیّاً لِنَفْسِكَ فَإِنِّی لَا أَحْمَدُكَ (5)لِعَلِیٍّ، وَ مَا عَلِیٌّ وَحْدَهُ قَالَ فِیكَ، بَلْ غَیْرُهُ، فَلَوْ أَنَّكَ اتَّهَمْتَ نَفْسَكَ لِلنَّاسِ اتَّهَمَ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ لَكَ، وَ لَوْ أَنَّكَ نَزَلْتَ مِمَّا رَقِیتَ وَ ارْتَقَوْا مِمَّا نَزَلُوا فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ وَ أَخَذُوا مِنْكَ مَا كَانَ بِذَلِكَ بَأْسٌ.

قَالَ عُثْمَانُ: فَذَلِكَ إِلَیْكَ یَا خَالِ وَ أَنْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ. قَالَ: فَأَذْكُرُ (6)لَهُمْ ذَلِكَ عَنْكَ. قَالَ: نَعَمْ، وَ انْصَرَفَ. فَمَا لَبِثْنَا أَنْ قِیلَ: هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رَجَعَ بِالْبَابِ.

قَالَ أَبِی ائْذَنُوا لَهُ، فَدَخَلَ فَقَامَ قَائِماً وَ لَمْ یَجْلِسْ وَ قَالَ: لَا تَعْجَلْ یَا خَالِ حَتَّی أُوذِنَكَ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ كَانَ جَالِساً بِالْبَابِ یَنْتَظِرُهُ حَتَّی خَرَجَ فَهُوَ الَّذِی فَتَأَهُ (7)عَنْ رَأْیِهِ الْأَوَّلِ، فَأَقْبَلَ عَلَیَّ أَبِی، وَ قَالَ: یَا بُنَیَّ! مَا إِلَی هَذَا مِنْ أَمْرِهِ

ص: 457


1- فی المصدرین: یلومه فیه و لا یعذره.
2- فی المصدرین: فإنّی قد جئتك.
3- فی س: لكم، و فی الموفّقیّات: إن كان لكم حقّا تزعمون أنّكم.
4- فی الموفّقیّات: أن یتركنی.
5- فی ك: لأحمدك.
6- فی الموفّقیّات: أ فأذكر.
7- فی س: فشاءه، كذا، و الظّاهر: فشاه. و فی الموفّقیّات: ثنّاه، و هو أولی.

مِنْ شَیْ ءٍ. ثُمَّ قَالَ: یَا بُنَیَّ! امْلِكْ عَلَیْكَ لِسَانَكَ حَتَّی تَرَی مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ یَدَیْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْبِقْ بِی (1)مَا لَا خَیْرَ لِی فِی إِدْرَاكِهِ، فَمَا مَرَّتْ جُمْعَةٌ حَتَّی مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ (2)فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ (3)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّیْتُ الْعَصْرَ یَوْماً ثُمَّ خَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِی أَیَّامِ خِلَافَتِهِ فِی بَعْضِ أَزِقَّةِ (4)الْمَدِینَةِ وَحْدَهُ، فَأَتَیْتُهُ إِجْلَالًا لَهُ وَ تَوْقِیراً لِمَكَانِهِ، فَقَالَ لِی: هَلْ رَأَیْتَ عَلِیّاً؟.

فَقُلْتُ: خَلَّفْتُهُ فِی الْمَسْجِدِ، فَإِنْ لَمْ یَكُنِ الْآنَ فِیهِ فَهُوَ فِی مَنْزِلِهِ. قَالَ: أَمَّا مَنْزِلُهُ فَلَیْسَ فِیهِ، فَابْغِهِ لَنَا فِی الْمَسْجِدِ، فَتَوَجَّهْنَا إِلَی الْمَسْجِدِ وَ إِذَا عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَخْرُجُ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ قَدْ كُنْتُ أَمْسَ ذَلِكَ الْیَوْمِ عِنْدَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَذُكِرَ عُثْمَانُ وَ تَجَرُّمُهُ عَلَیْهِ، وَ قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مِنْ دَوَائِهِ لَقَطْعُ كَلَامِهِ وَ تَرْكُ لِقَائِهِ.

فَقُلْتُ لَهُ: یَرْحَمُكَ اللَّهُ! كَیْفَ لَكَ بِهَذَا؟ فَإِنْ تَرَكْتَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَیْكَ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ؟. قَالَ: أَعْتَلُّ وَ أَعْتَلُّ (5)فَمَنْ یَقْسِرُنِی؟. فَقُلْتُ: لَا أَحَدَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

فَلَمَّا تَرَاءَیْنَا لَهُ وَ هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ التَّفَلُّتِ وَ الطَّلَبِ لِلِانْصِرَافِ مَا اسْتَبَانَ لِعُثْمَانَ، فَنَظَرَ إِلَیَّ عُثْمَانُ وَ قَالَ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَرَی ابْنَ خَالِنَا یَكْرَهُ لِقَاءَنَا. فَقُلْتُ: وَ لِمَ حَقُّكَ (6)أَلْزَمُ، وَ هُوَ بِالْفَضْلِ أَعْلَمُ، فَلَمَّا تَقَارَبَا رَمَاهُ عُثْمَانُ بِالسَّلَامِ فَرَدَّ عَلَیْهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنْ تَدْخُلْ فَإِیَّاكَ أَرَدْنَا، وَ إِنْ تَمْضِ فَإِیَّاكَ طَلَبْنَا، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَیَّ ذَلِكَ أَحْبَبْتَ؟. قَالَ: تَدْخُلُ، فَدَخَلَا، وَ أَخَذَ عُثْمَانُ بِیَدِهِ فَأَهْوَی بِهِ إِلَی الْقِبْلَةِ فَقَصُرَ عَنْهَا وَ جَلَسَ قُبَالَتَهَا، فَجَلَسَ عُثْمَانُ إِلَی جَانِبِهِ

ص: 458


1- خطّ علی: بی، فی ك.
2- كما أورده ابن أبی الحدید فی شرح النّهج 9- 18، باختلاف یسیر.
3- الموفّقیّات: 614- 617.
4- فی مطبوع البحار: أذقة، و هو غلط.
5- فی ك: فاعتلّ، و هو الوارد فی الموفّقیّات.
6- فی الموفّقیّات: و حقّك.

فَنَكَصْتُ عَنْهُمَا فَدَعَوَانِی جَمِیعاً فَأَتَیْتُهُمَا، فَحَمِدَ عُثْمَانُ اللَّهَ (1)وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، یَا ابْنَیْ خَالِی وَ ابْنَیْ عَمِّی فَإِذَا جَمَعْتُكُمَا فِی النِّدَاءَ فَأَسْتَجْمِعُكُمَا (2) فِی الشِّكَایَةِ عَلَی رِضَایَ عَنْ أَحَدِكُمَا (3) وَ وَجْدِی عَلَی الْآخَرِ .. إِلَی آخِرِ كَلَامِهِ.

وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَطْرَقَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَطْرَقْتُ مَعَهُ طَوِیلًا، أَمَّا أَنَا فَأَجْلَلْتُهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَبْلَهُ، وَ أَمَّا هُوَ فَأَرَادَ أَنْ أُجِیبَ عَنِّی وَ عَنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: أَ تَتَكَلَّمُ أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا عَنْكَ؟. فَقَالَ: بَلْ تَكَلَّمْ عَنِّی وَ عَنْكَ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ أَثْنَیْتُ عَلَی رَسُولِهِ (4) صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ثُمَّ قُلْتُ: .. وَ ذَكَرَ كَلَامَهُ (5).

قَالَ: فَنَظَرَ إِلَیَّ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَظَراً هِبْتُهُ (6)، وَ قَالَ: دَعْهُ حَتَّی یَبْلُغَ رِضَاهُ فِیمَا هُوَ فِیهِ، فَوَ اللَّهِ لَوْ ظَهَرَتْ لَهُ قُلُوبُنَا وَ بَدَتْ لَهُ سَرَائِرُنَا حَتَّی رَآهَا بِعَیْنِهِ كَمَا یَسْمَعُ الْخَبَرَ عَنْهَا بِأُذُنِهِ مَا زَالَ مُتَجَرِّماً سُقْماً (7)، وَ اللَّهِ مَا أَنَا مُلْقًی عَلَی وَضَمَةٍ وَ إِنِّی لَمَانِعٌ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِی (8)، وَ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْهُ (9)لِمُخَالَفَتِهِ مِنْهُ وَ سُوءِ عِشْرَةٍ (10).. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ عُثْمَانَ وَ مَا أَجَابَهُ بِهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ (11)فَأَخَذْتُ بِأَیْدِیهِمَا حَتَّی تَصَافَحَا وَ تَصَالَحَا وَ تَمَازَحَا وَ نَهَضْتُ عَنْهُمَا فَتَشَاوَرَا وَ تَوَامَرَا (12)وَ تَذَاكَرَا ثُمَّ افْتَرَقَا، فَوَ اللَّهِ

ص: 459


1- فی المصدرین زیادة هنا و هی: و أثنی علیه.
2- فی شرح النّهج: فسأجمعكما.
3- فی المصدرین: عن رضای علی أحدكما.
4- فی المصدرین: علیه و صلّیت علی رسوله.
5- كما فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 19، بتصرّف.
6- فی المصدرین: نظر هیبة.
7- فی المصدرین: منتقما.
8- لا یوجد ضمیر المتكلّم فی الموفّقیّات.
9- لا توجد: منه، فی الموفّقیّات، و هو الظّاهر.
10- كما فی شرح النّهج للمعتزلیّ 9- 20، باختلاف یسیر.
11- فی شرح النّهج لابن أبی الحدید 9- 21.
12- فی المصدر: تآمرا.

مَا مَرَّتْ ثَالِثَةٌ حَتَّی لَقِیَنِی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَذْكُرُ مِنْ صَاحِبِهِ مَا لَا یَبْرُكُ عَلَیْهِ الْإِبِلُ، فَعَلِمْتُ أَنْ لَا سَبِیلَ إِلَی صُلْحِهِمَا بَعْدَهَا (1)

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَیْضاً (2)، عَنْ شَیْخِهِ أَبِی عُثْمَانَ الْجَاحِظِ، قَالَ:

ذُكِرَ فِی كِتَابِ الَّذِی أُورِدَ فِیهِ الْمَعَاذِیرُ عَلَیْهِ عَنْ أَحْدَاثِ عُثْمَانَ: أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ اشْتَكَی فَعَادَهُ عُثْمَانُ مِنْ شِكَایَةٍ (3)، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

وَ عَائِدَةٍ تَعُودُ لِغَیْرِ وُدٍّ***تَوَدُّ لَوْ (4)أَنَّ ذَا دَنَفٍ یَمُوتُ

فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی أَ حَیَاتُكَ أَحَبُّ إِلَیَّ أَمْ مَوْتُكَ؟، إِنْ مِتَّ هَاضَنِی فَقْدُكَ، وَ إِنْ حَیِیتَ فَتَنَتْنِی حَیَاتُكَ، لَا أعدِم ما بقیتَ طاعنا یتخذك دریة (5)یَلْجَأُ إِلَیْهَا.

فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: مَا الَّذِی جَعَلَنِی دریة (6)لِلطَّاعِنِینَ الْعَائِبِینَ (7)إِنَّمَا سُوءُ ظَنِّكَ بِی أَحَلَّنِی مِنْ قِبَلِكَ (8)هَذَا الْمَحَلَّ، فَإِنْ كُنْتَ (9)تَخَافُ جَانِبِی فَلَكَ عَلَیَّ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ أَنْ لَا بَأْسَ عَلَیْكَ مِنِّی أَبَداً مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً، وَ إِنِّی لَكَ لَرَاعٍ، وَ إِنِّی عَنْكَ لَمُحَامٍ، وَ لَكِنْ لَا یَنْفَعُنِی ذَلِكَ عِنْدَكَ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ فَقْدِی یَهِیضُكَ .. فَكَلَّا أَنْ تُهَاضَ لِفَقْدِی مَا بَقِیَ لَكَ الْوَلِیدُ وَ مَرْوَانُ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَخَرَجَ.

قَالَ (10)وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِی أَنْشَدَ هَذَا الْبَیْتَ، وَ قَدْ كَانَ اشْتَكَی

ص: 460


1- لا توجد: بعدها، فی س.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 22، بتصرّف.
3- فی س: شكاته، و فی المصدر: شكایته.
4- لا توجد: لو، فی س.
5- فی شرح النّهج: دریئة، و سیذكر المصنّف قدّس سرّه فی بیانه لاختلاف النّسخ.
6- فی شرح النّهج: دریئة، و سیذكر المصنّف قدّس سرّه فی بیانه لاختلاف النّسخ.
7- فی س: العائنین.
8- فی شرح النّهج: من قلبك.
9- لا توجد: فإن كنت، فی س.
10- أی ابن أبی الحدید فی شرحه علی النّهج 9- 22، بتصرّف.

فَعَادَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ عُثْمَانُ (1):

وَ عَائِدَةٍ تَعُودُ لِغَیْرِ نُصْحٍ***تَوَدُّ لَوْ أَنَّ (2)ذَا دَنَفٍ یَمُوتُ

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (3)أَیْضاً، عَنْ أَبِی سَعْدٍ الْآبِیِّ، قَالَ: وَ رَوَی (4)فِی كِتَابِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَقَعَ بَیْنَ عُثْمَانَ وَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَلَامٌ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا أَصْنَعُ إِنْ كَانَتْ قُرَیْشٌ لَا تُحِبُّكُمْ وَ قَدْ قَتَلْتُمْ مِنْهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِینَ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ شُنُوفُ (5)الذَّهَبِ یُسْرِعُ أَنْفُهُمْ (6)قَبْلَ شِفَاهِهِمْ؟!.

قَالَ: وَ رَوَی الْمَذْكُورُ أَیْضاً-، أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا نَقَمَ النَّاسُ عَلَیْهِ مَا نَقَمُوا، قَامَ مُتَوَكِّئاً عَلَی مَرْوَانَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ آفَةً (7)، وَ إِنَّ آفَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ عَاهَةَ هَذِهِ النِّعْمَةِ قَوْمٌ عَیَّابُونَ طَعَّانُونَ یُظْهِرُونَ لَكُمْ مَا تُحِبُّونَ وَ یُسِرُّونَ مَا تَكْرَهُونَ، طَغَامٌ (8)مِثْلُ النَّعَامِ یَتَّبِعُونَ أَوَّلَ نَاعِقٍ، وَ لَقَدْ نَقَمُوا عَلَیَّ مَا نَقَمُوا عَلَی عُمَرَ (9)فَقَمَعَهُمْ وَ وَقَمَهُمْ (10)، وَ إِنِّی لَأَقْرَبُ نَاصِراً وَ أَعَزُّ نَفَراً فَمَا لِی لَا أَفْعَلُ فِی فُضُولِ الْأَمْوَالِ مَا أَشَاءُ.

ص: 461


1- لا توجد فی س: فقال عثمان.
2- فی س: أ و لو، و فی المصدر: لغیر نصح تودّ لو أنّ.
3- شرح نهج البلاغة 9- 23.
4- لا توجد الواو فی س، و فی شرح النّهج: و روی أبو سعد الآبیّ فی كتابه عن ابن عبّاس.
5- الشّنف- بالضّمّ-: لحن القرط الأعلی، أو معلاق فی قوف الأذن، أو ما علّق فی أعلاها، قاله فی القاموس 3- 160، و سیأتی.
6- فی ك نسخة بدل: أنوفهم.
7- فی شرح النّهج: و لكلّ نعمة عاهة.
8- قال فی الصّحاح 5- 1975: الطّغام: أوغاد النّاس .. و الطّغام أیضا: رذال الطّیر.
9- فی المصدر: عمر مثله.
10- یقرأ فی س: و قمّهم، و قد خطّ علی الواو الثّانیة. أقول: قممت البیت: كنسته، و القمامة: الكناسة، قاله فی النّهایة 4- 110، و غیره.

وَ رَوَی (1)أَیْضاً، عَنِ الْمُوَفَّقِیَّاتِ (2)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ عُثْمَانُ فِی كَلَامِهِ لِعَمَّارٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ-: أَمَا إِنَّكَ مِنْ شُنَاتِنَا (3)وَ أَتْبَاعِهِمْ.

بیان: أقول: لا یریب عاقل بعد النظر فی تلك الأخبار التّی رواها أتباع عثمان و أحبّاؤه فی أنّها تدلّ علی أنّه كان ینزل أمیر المؤمنین علیه السلام منزلة العدوّ، و یری أتباعه علیه السلام من المبغضین له، كما هو الواقع و الحقّ، و كفی بمعاداة أمیر المؤمنین علیه السلام له آیة ل ... و قال فی القاموس (4)الخمر بالتحریك ما واراك من شجر و غیره ..

و جاءنا علی خمرة بالكسر و خمر محرّكة-: فی سرّ، و غفلة و خفیة.

و فی الصحاح (5)یقال (6)للرّجل إذا اختل (7)صاحبه: هو یدبّ له الضرّاء و یمشی له الخمر.

قوله: تشطّ بكسر الشین و ضمّها- .. أی تبعد (8)

و فی الصحاح (9)تجرّم علیّ فلان .. أی ادّعی ذنبا لم أفعله (10)

قوله علیه السلام: ما أنا ملقی علی وضمة .. أی لست بذلیل كاللحم المطروح یأخذ منه من شاء.

ص: 462


1- ابن أبی الحدید فی شرحه 9- 11.
2- الموفّقیّات للزّبیر بن بكّار: 608.
3- فی المصدر: شنائنا.
4- القاموس 2- 23، و انظر: لسان العرب 4- 256- 257.
5- الصحاح 2- 650.
6- فی ك: فقال.
7- فی الصحاح: ختل.
8- كما فی القاموس 2- 368، و الصحاح 3- 1137، و لسان العرب 7- 333.
9- الصحاح 5- 1886.
10- و مثله فی لسان العرب 12- 91 و غیره.

قال الجوهری (1)الوضم: كلّ شی ء یجعل علیه اللّحم من خشب أو باریة یوقی به من الأرض.

و قال (2)هاض العظم یهیضه هیضا .. أی كسره بعد الجبور .. و یقال:

هاضنی الشّی ء: إذا ردّك فی مرضك.

و قال (3)الدّریّة: البعیر أو غیره یستتر به الصّائد فإذا أمكنه الرّمی رمی.

قال أبو زید: هو (4)مهموز لأنّها تدرأ نحو الصّید .. أی تدفع.

و قال (5)و الدّریّة أیضا-: حلقة یتعلّم علیها الطّعن.

أقول: و ذكر فی المعتلّ (6)، عن الأصمعیّ: الدّریّة بالمعنیین بالیاء المشدّدة من غیر همز.

و الفیروزآبادی (7)الدریّة بالمعنی الأخیر (8)كذلك، و بالجملة یظهر منهما أنّ الوجهین جائزان.

و الشنوف بالضم-: جمع الشّنف بالفتح و هو القرط الأعلی (9)

ص: 463


1- الصحاح 5- 2053، و انظر ما جاء فی النهایة 5- 199، و لسان العرب 12- 640.
2- الصحاح 3- 1113، و أورده فی مجمع البحرین 4- 233، و النهایة 5- 288.
3- الصحاح 1- 49.
4- فی المصدر: و هو.
5- الصحاح 1- 49، و انظر هذا و الذی قبله فی لسان العرب 1- 74، و النهایة 2- 110 و غیرهما.
6- أی الجوهریّ فی الصحاح فی مادة: دری. قال 6- 2335: الدریة- غیر مهموز- و هی دابة یستتر بها الصائد فإذا أمكنه رمی، و قال أبو زید: هو مهموز لأنّها تدرأ نحو الصید .. أی تدفع. أقول: لعلّ مراده من المعنیین: الاستتار، و الدفع. فإن الدریة بمعنی حلقة یتعلّم .. لا توجد فی المعتل من الصحاح. و مثله فی لسان العرب 14- 255. نعم قد أورد المعنی الأخیر فی النهایة 2- 110، و نسبه إلی القیل.
7- القاموس 4- 327.
8- المراد من المعنی الأخیر هو ما یتعلّم علیه الطعن.
9- قاله فی الصحاح 4- 1383، و القاموس 3- 160، و لاحظ مجمع البحرین 5- 76، و النهایة 2- 505.

و قوله: یسرع أنفهم .. بیان لطول أنوفهم و هو ممّا یزید فی الحسن.

«3»-ج (1)رُوِیَ أَنَّ یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ قَالَ عُثْمَانُ (2)لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّكَ إِنْ تَرَبَّصْتَ بِی فَقَدْ تَرَبَّصْتَ بِمَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْكَ وَ مِنِّی (3)، قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی؟. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

كَذَبْتَ أَنَا خَیْرٌ مِنْكَ وَ مِنْهُمَا، عَبَدْتُ اللَّهَ قَبْلَكُمْ وَ عَبَدْتُهُ بَعْدَكُمْ..

«4»-كا (4)عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ جَمَاعَةً مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ فِی إِمْرَةِ (5)عُثْمَانَ اجْتَمَعُوا فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی یَوْمِ جُمُعَةٍ وَ هُمْ یُرِیدُونَ أَنْ یُزَوِّجُوا رَجُلًا مِنْهُمْ، وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَرِیبٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلْ لَكُمْ أَنْ نُخْجِلَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ السَّاعَةَ، نَسْأَلُهُ أَنْ یَخْطُبَ بِنَا وَ یَتَكَلَّمَ (6)فَإِنَّهُ یَخْجَلُ وَ یعین [یَعْیَا] بِالْكَلَامِ؟!، فَأَقْبَلُوا إِلَیْهِ، فَقَالُوا: یَا أَبَا الْحَسَنِ! إِنَّا نُرِیدُ أَنْ نُزَوِّجَ فُلَاناً فُلَانَةَ وَ نَحْنُ نُرِیدُ أَنْ تَخْطُبَ (7)، فَقَالَ: فَهَلْ تَنْتَظِرُونَ أَحَداً؟.

فَقَالُوا: لَا، فَاللَّهِ (8)مَا لَبِثَ حَتَّی قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُخْتَصِّ بِالتَّوْحِیدِ، الْمُقْدِمِ (9)بِالْوَعِیدِ، الْفَعَّالِ لِمَا یُرِیدُ، الْمُحْتَجِبِ بِالنُّورِ دُونَ خَلْقِهِ، ذِی (10)الْأُفُقِ الطَّامِحِ،

ص: 464


1- الاحتجاج 1- 157- طبعة إیران-، 1- 229- طبعة النّجف-.
2- فی المصدر: عثمان بن عفّان.
3- فی المصدر: بتقدیم و تأخیر: منّی و منك.
4- الكافی- الفروع- 5- 369- 370، باب خطب النّكاح، حدیث 1.
5- فی المصدر: إمارة، و هی نسخة علی مطبوع البحار.
6- فی المصدر: و نتكلّم.
7- فی الكافی زیادة: بنا.
8- فی س: و اللّٰه، و فی الفروع من الكافی: فو اللّٰه.
9- فی المصدر: المتقدّم.
10- فی س: ذوی.

وَ الْعِزِّ الشَّامِخِ، وَ الْمُلْكِ الْبَاذِخِ، الْمَعْبُودِ بِالْآلَاءِ، رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ، أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلَاءِ، وَ فَضْلِ الْعَطَاءِ، وَ سَوَابِغِ النَّعْمَاءِ، وَ عَلَی مَا یَدْفَعُ رَبُّنَا مِنَ الْبَلَاءِ، حَمْداً یَسْتَهِلُّ لَهُ الْعِبَادُ، وَ یَنْمُو بِهِ الْبِلَادُ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ قَبْلَهُ وَ لَا یَكُونُ شَیْ ءٌ بَعْدَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اصْطَفَاهُ بِالتَّفْضِیلِ وَ هَدَی بِهِ مِنَ التَّضْلِیلِ، اخْتَصَّهُ لِنَفْسِهِ، وَ بَعَثَهُ إِلَی خَلْقِهِ بِرِسَالاتِهِ وَ بِكَلَامِهِ، یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَتِهِ وَ تَوْحِیدِهِ وَ الْإِقْرَارِ بِرُبُوبِیَّتِهِ وَ التَّصْدِیقِ بِنَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، بَعَثَهُ عَلَی حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ صَدْفٍ عَنِ الْحَقِّ، وَ جَهَالَةٍ (1)، وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعِیدِ، فَبَلَّغَ رِسَالاتِهِ، وَ جَاهَدَ فِی سَبِیلِهِ، وَ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَ عَبَدَهُ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَثِیراً، أُوصِیكُمْ وَ نَفْسِی بِتَقْوَی اللَّهِ الْعَظِیمِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ جَعَلَ لِلْمُتَّقِینَ الْمَخْرَجَ مِمَّا یَكْرَهُونَ، وَ الرِّزْقَ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُونَ، فَتَنَجَّزُوا مِنَ اللَّهِ مَوْعِدَهُ (2)، وَ اطْلُبُوا مَا عِنْدَهُ بِطَاعَتِهِ، وَ الْعَمَلِ بِمَحَابِّهِ، فَإِنَّهُ لَا یُدْرَكُ الْخَیْرُ إِلَّا بِهِ، وَ لَا یُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَ لَا تُكْلَانَ فِیمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَّا عَلَیْهِ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَبْرَمَ الْأُمُورَ وَ أَمْضَاهَا عَلَی مَقَادِیرِهَا فَهِیَ غَیْرُ مُتَنَاهِیَةٍ عَنْ مَجَارِیهَا دُونَ بُلُوغِ غَایَاتِهَا فِیمَا قَدَّرَ وَ قَضَی مِنْ ذَلِكَ، وَ قَدْ كَانَ فِیمَا قَدَّرَ وَ قَضَی مِنْ أَمْرِهِ الْمَحْتُومِ وَ قَضَایَاهُ الْمُبْرَمَةِ مَا قَدْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْأَخْلَاقُ (3)، وَ جَرَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ (4)مِنْ تَنَاهِی الْقَضَایَا بِنَا وَ بِكُمْ إِلَی حُضُورِ هَذَا الْمَجْلِسِ الَّذِی خَصَّنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ لِلَّذِی كَانَ مِنْ تَذَكُّرِنَا آلَاءَهُ وَ حُسْنَ بَلَائِهِ، وَ تَظَاهُرَ نَعْمَائِهِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمْ بَرَكَةَ مَا جَمَعَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَیْهِ (5)، وَ سَاقَنَا وَ إِیَّاكُمْ إِلَیْهِ، ثُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ذَكَرَ فُلَانَةَ

ص: 465


1- فی المصدر زیادة: بالرّبّ.
2- فی الكافی: موعوده.
3- فی المصدر: الأخلاف.
4- فی الكافی زیادة: و قضی.
5- فی س: إلیه.

بِنْتَ فُلَانٍ وَ هُوَ فِی الْحَسَبِ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ، وَ فِی النَّسَبِ مَنْ لَا تَجْهَلُونَهُ، وَ قَدْ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ مَا قَدْ عَرَفْتُمُوهُ، فَرُدُّوا خَیْراً تُحْمَدُوا عَلَیْهِ، وَ تُنْسَبُوا إِلَیْهِ، وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

بیان: المختصّ بالتوحید .. أی بتوحید الناس له (1)أو بتوحیده لنفسه، فإنّه لم یوحّده حقّ توحیده غیره (2)

المحتجب بالنور .. أی لیس له حجاب إلّا الظهور الكامل أو الكمال التامّ، أو عرشه محتجب بالأنوار الظاهرة.

ذی الأفق الطامح: الطّموح: الارتفاع (3)، و لعلّه كنایة عن ارتفاعه عن إدراك الحواس و العقول و الأوهام، أو عن أن یصل إلیه أحد بسوء، و كذا الفقرتان الآتیتان، و یحتمل التوزیع.

و الشّامخ: العالی (4)، و كذا الباذخ (5)

یستهلّ له العباد .. أی یرفعون به أصواتهم (6)أو (7)یستبشرون بذكره.

و ینمو به البلاد .. بزیادة النعم علی أهالیها.

بالتفضیل .. أی بان فضله علی جمیع الخلق.

من التضلیل .. أی لئلّا یضلّهم الشیطان أو یجدهم ضالّین، أو لئلّا یكونوا مضلّین.

ص: 466


1- لا توجد: له، فی س.
2- فی ك: غیر- بدون ضمیر-.
3- قاله فی مجمع البحرین 2- 393، و الصحاح 1- 388، و القاموس 1- 238.
4- كما فی النهایة 2- 500، و القاموس 1- 262، و مجمع البحرین 2- 435.
5- ذكره فی الصحاح 1- 418، و مجمع البحرین 2- 429، و النهایة 1- 110.
6- نصّ علیه فی النهایة 5- 271، و لسان العرب 11- 701، و القاموس 4- 70، و مجمع البحرین 5- 500.
7- فی ك: واو، بدلا من: أو.

و صدف .. أی میل و إعراض (1)

حتی أتاه الیقین .. أی الموت المتیقّن.

و تنجّز الحاجة: طلب قضاءها لمن وعدها (2)

و التوكّل: إظهار العجز و الاعتماد علی الغیر، و الاسم التكلان بالضم- (3)

و قال الجوهری: انتهی عنه و تناهی .. أی كفّ (4)

و قال: شعبت الشّی ء: فرقته، و شعبته: جمعته، و هو من الأضداد (5)

«5»-كا (6)عَلِیٌّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: حَجَّ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَأَقَامَ بِمِنًی ثَلَاثاً یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ عُمَرُ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ عُثْمَانُ سِتَّ سِنِینَ ثُمَّ أَكْمَلَهَا عُثْمَانُ أَرْبَعاً، فَصَلَّی الظُّهْرَ أَرْبَعاً ثُمَّ تَمَارَضَ لِیَشُدَّ بِذَلِكَ بِدْعَتَهُ، فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: اذْهَبْ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلْیَقُلْ (7)لَهُ فَلْیُصَلِّ (8)بِالنَّاسِ الْعَصْرَ، فَأَتَی الْمُؤَذِّنُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (9)یَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّیَ بِالنَّاسِ الْعَصْرَ، فَقَالَ: لَا (10)، إِذَنْ لَا أُصَلِّی إِلَّا رَكْعَتَیْنِ كَمَا صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ

ص: 467


1- صرّح به فی مجمع البحرین 5- 78، و القاموس 3- 161، و لسان العرب 9- 187، و الصحاح 4- 1384.
2- ذكر ذلك فی المصباح المنیر 2- 292، و القاموس 2- 193، و الصحاح 3- 898، و نظیره فی لسان العرب 5- 414.
3- كما أورده الطریحی فی مجمع البحرین 5- 493، و قاله فی القاموس 4- 66، و لسان العرب 11- 736، و الصحاح 5- 1845.
4- الصحاح 6- 2517، و فی لسان العرب 15- 343 مثله.
5- الصحاح 1- 156، و بنصّه فی لسان العرب 1- 497.
6- الكافی 4- 518- 519، حدیث 3، مع اختصار فی الإسناد من الماتن طاب ثراه.
7- فی المصدر: فقل، و هو الظّاهر.
8- فی ك: فلیصلّی.
9- فی الكافی زیادة: عثمان.
10- لا توجد: لا، فی المصدر.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَذَهَبَ الْمُؤَذِّنُ فَأَخْبَرَ عُثْمَانَ بِمَا قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:

اذْهَبْ إِلَیْهِ وَ قُلْ (1)لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ هَذَا فِی شَیْ ءٍ، اذْهَبْ فَصَلِّ كَمَا تُؤْمَرُ. قَالَ عَلِیٌّ: لَا وَ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ .. فَخَرَجَ عُثْمَانُ فَصَلَّی بِهِمْ أَرْبَعاً، فَلَمَّا كَانَ فِی خِلَافَةِ مُعَاوِیَةَ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَیْهِ وَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَجَّ مُعَاوِیَةُ فَصَلَّی بِالنَّاسِ بِمِنًی رَكْعَتَیْنِ الظُّهْرَ ثُمَّ سَلَّمَ، فَنَظَرَتْ بَنُو أُمَیَّةَ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ ثَقِیفٌ وَ مَنْ كَانَ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ ثُمَّ قَالُوا: قَدْ قَضَی عَلَی صَاحِبِكُمْ وَ خَالَفَ وَ أَشْمَتَ بِهِ عَدُوَّهُ، فَقَامُوا فَدَخَلُوا عَلَیْهِ، فَقَالُوا: أَ تَدْرِی مَا صَنَعْتَ؟ مَا زِدْتَ عَلَی أَنْ قَضَیْتَ عَلَی صَاحِبِنَا، وَ أَشْمَتَّ بِهِ عَدُوَّهُ، وَ رَغِبْتَ عَنْ صَنِیعِهِ وَ سُنَّتِهِ، فَقَالَ: وَیْلَكُمْ! أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ صَلَّی فِی هَذَا الْمَكَانِ رَكْعَتَیْنِ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، وَ صَلَّی صَاحِبُكُمْ سِتَّ سِنِینَ كَذَلِكَ، فَتَأْمُرُونِّی أَنْ أَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ قَبْلَ أَنْ یُحْدِثَ، فَقَالُوا: لَا وَ اللَّهِ، مَا نَرْضَی عَنْكَ إِلَّا بِذَلِكَ!. قَالَ: فَأَقْبِلُوا فَإِنِّی مُتَّبِعُكُمْ (2)وَ رَاجِعٌ إِلَی سُنَّةِ صَاحِبِكُمْ، فَصَلَّی الْعَصْرَ أَرْبَعاً فَلَمْ تَزَلِ (3)الْخُلَفَاءُ وَ الْأُمَرَاءُ عَلَی ذَلِكَ إِلَی الْیَوْمِ.

«6»-مَعَ (4)الْمُكَتِّبُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ، عَنْ فُضَیْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ یُونُسَ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ (5)الْعَبْدِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ قَنْبَرٍ مَوْلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَحَبَّ الْخَلْوَةَ وَ أَوْمَی (6)إِلَیَّ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِالتَّنَحِّی، فَتَنَحَّیْتُ غَیْرَ بَعِیدٍ، فَجَعَلَ عُثْمَانُ یُعَاتِبُ عَلِیّاً عَلَیْهِ

ص: 468


1- فی الكافی: فقل.
2- فی الكافی: فأقیلوا فإنّی مشفّعكم.
3- فی المصدر: یزل.
4- معانی الأخبار: 293، مع تفصیل فی الإسناد.
5- فی المصدر: بن أبی یعقوب، و الظّاهر ما أثبتناه.
6- فی المعانی: فأومی.

السَّلَامُ وَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُطْرِقٌ، فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ عُثْمَانُ، فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تَقُولُ؟.

فَقَالَ: إِنْ قُلْتُ لَمْ أَقُلْ إِلَّا مَا تَكْرَهُ، وَ لَیْسَ لَكَ عِنْدِی إِلَّا مَا تُحِبُّ.

قال المبرد: تأویل ذلك إن قلت اعتدیت علیك بمثل ما اعتدیت (1)به علیّ، فلیدغك (2)عتابی، و عندی أن لا أفعل فإن (3)كنت عاتبا إلّا ما تحبّ.

«7»-نَهْج (4)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لَیُفَوِّقُونَنِی (5)تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ تَفْوِیقاً (6)، وَ اللَّهِ لَئِنْ بَقِیتُ لَهُمْ لَأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اللَّحَّامِ الْوِذَامَ التَّرِبَةَ.

وَ یُرْوَی: التِّرَابَ الْوَذِمَةَ.

وَ هُوَ عَلَی الْقَلْبِ.

قال السیّد رضی اللّٰه عنه: قوله علیه السلام: لیفوّقوننی .. أی یعطوننی من المال قلیلا قلیلا كفواق النّاقة و هو الحلبة الواحدة من لبنها.

و الوذام جمع وذمة و هی الحزّة من الكرش أو الكبد تقع فی التّراب فتنفض (7)

بیان:

الحزّة بالضم-: هی القطعة من اللّحم و غیره (8)، و قیل: خاصّة بالكبد (9)و قیل: قطعة من اللّحم قطعت طولا (10)

ص: 469


1- فی المصدر: اعتددت- فی الموردین-.
2- كذا، و الظاهر: فیلدغك. و فی المصدر: فیلذعك.
3- خ. ل: و إن.
4- نهج البلاغة 1- 126- محمّد عبده-، و صفحة: 104 خطبة 77- صبحی صالح-.
5- فی مطبوع البحار: لیوفّقوننی. و ما أثبت من المصدر.
6- فی س: تفریقا.
7- و انظر ما ذكره ابن أبی الحدید فی شرحه علی النهج 6- 174، و ابن میثم فی شرحه 2- 212، و منهاج البراعة للقطب الراوندیّ 1- 309، و غیرها.
8- كما فی النهایة 1- 377، و انظر: لسان العرب 14- 334، و غیره.
9- ذكره فی القاموس 2- 172، و لسان العرب 14- 334.
10- قاله فی الصحاح 3- 873، و النهایة 1- 388، و القاموس 2- 172.

و الكرش ككتف كما فی بعض (1)النّسخ، و بالكسر (2)لكلّ مجترّ بمنزلة المعدة للإنسان، و هی مؤنّثة (3)

و نفض الثّوب و غیره: تحریكه (4)لیسقط منه التّراب و غیره.

و قال ابن الأثیر فی النهایة (5)التّراب: جمع ترب تخفیف ترب .. یرید اللّحوم الّتی تعفّرت بسقوطها فی التّراب.

و الوذمة: المنقطعة الأوذام، و هی السّیور الّتی (6)یشدّ بها عری الدّلو. قال الأصمعیّ: سألت (7)شعبة عن هذا الحرف فقال (8)لیس هو هكذا، إنّما هو نفض القصّاب الوذام التّربة، و هی الّتی قد سقطت فی التّراب. و قیل: الكروش كلّها تسمّی تربة لأنّها تحصل (9)فیها التّراب من المرتع. و الوذمة: الّتی أخمل (10)باطنها، و الكروش: وذمة لأنّها مخملة، و یقال لخملها الوذم، و معنی الحدیث: لئن ولیتهم لأطهّرنّهم من الدّنس و لأطیّبنّهم من الخبث (11)

و قیل: أراد بالقصّاب السّبع، و التّراب أصل ذراع الشّاة، و السّبع إذا أخذ الشّاة قبض علی ذلك المكان ثمّ نفضها. انتهی (12)

ص: 470


1- لا توجد فی س: بعض.
2- أی الكرش.
3- كما جاء فی القاموس 2- 286، و الصحاح 3- 1017، و غیرهما.
4- كما أورده فی النهایة 5- 97، و قبله فی الصحاح 3- 1109، و القاموس 2- 346.
5- قاله ابن الأثیر فی النهایة 1- 185. و قال- قبل ذلك-: و فی حدیث علی لئن ولیت بنی أمیّة لأنفضنّهم نفض القصّاب التراب الوذمة، التراب .. إلی آخره.
6- فی س: الذی.
7- كذا فی البحار و اللسان، و فی المصدر: سألنی.
8- كذا فی البحار و اللسان، و فی النهایة: فقلت.
9- فی المصدرین: یحصل.
10- فی ك: احمل.
11- فی المصدر: بعد، بدلا من: من. و أشیر إلیها فی حاشیة ك بما یلی: بعد. نهایة.
12- و قریب منه ما فی لسان العرب 1- 231.

و الظاهر أنّ المراد من النفض منعهم (1)من غصب الأموال و أخذ ما فی أیدیهم من الأموال المغصوبة، و دفع بغیهم و ظلمهم و مجازاتهم بسیّئات أعمالهم.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (2)اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْخَبَرِ قَدْ رَوَاهُ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِیُّ فِی كِتَابِ الْأَغَانِی (3)، بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَی حَرْبِ (4)بْنِ حُبَیْشٍ، قَالَ: بَعَثَنِی سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ أَمِیرُ الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ بِهَدَایَا إِلَی أَهْلِ الْمَدِینَةِ، وَ بَعَثَ مَعِی هَدِیَّةً إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ كَتَبَ إِلَیْهِ: أَنِّی لَمْ أَبْعَثْ إِلَی أَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا بَعَثْتُ بِهِ إِلَیْكَ، إِلَّا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (5)، فَلَمَّا أَتَیْتُ عَلِیّاً وَ قَرَأَ كِتَابَهُ (6)قَالَ: لَشَدَّ مَا تخطر [یَحْظُرُ] عَلَیَّ بَنُو أُمَیَّةَ تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ وَلِیتُهَا لَأَنْفُضَنَّهَا نَفْضَ الْقَصَّابِ التِّرَابَ الْوَذِمَةَ.

قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَ هَذَا خَطَأٌ، وَ إِنَّمَا هُوَ: الْوِذَامُ التَّرِبَةُ.

قَالَ (7)وَ حَدَّثَنِی (8)بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَوْهَرِیُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ شَیْبَةَ، بِإِسْنَادِهِ ذَكَرَهُ فِی الْكِتَابِ أَنَّ سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ حَیْثُ كَانَ أَمِیرَ الْكُوفَةِ بَعَثَ مَعَ ابْنِ أَبِی عَائِشَةَ مَوْلَاهُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِصِلَةٍ، فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ لَا یَزَالُ غُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِ بَنِی أُمَیَّةَ یَبْعَثُ إِلَیْنَا مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ* بِمِثْلِ قُوتِ الْأَرْمَلَةِ، وَ اللَّهِ لَئِنْ بَقِیتُ لَأَنْفُضَنَّهَا كَمَا یَنْفُضُ الْقَصَّابُ التِّرَابَ

ص: 471


1- فی ك: منهم.
2- فی شرحه علی نهج البلاغة 6- 174، بتصرف.
3- الأغانی 2- 144 طبعة دار الكتب، مع اختلاف كثیر أشرنا له.
4- فی المصدر: الحارث، و فی س: الحرب- بالألف و اللّام-.
5- فی الأغانی: إلّا شیئا فی خزائن أمیر المؤمنین.
6- فی الأغانی زیادة: فأخبرته.
7- أی ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة 6- 175، بتصرّف.
8- الخبر فی الأغانی: عن أبی زید، عن عبد اللّٰه بن محمّد بن حكیم الطّائیّ، عن السّعدیّ، عن أبیه ..

الْوَذِمَةَ (1)

«8»- نَهْجٌ (2)وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ وَقَعَتْ مُشَاجَرَةٌ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عُثْمَانَ، فَقَالَ الْمُغِیرَةُ بْنُ الْأَخْنَسِ لِعُثْمَانَ: أَنَا أَكْفِیكَهُ، فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (3)لِلْمُغِیرَةِ: یَا ابْنَ اللَّعِینِ الْأَبْتَرِ، وَ الشَّجَرَةِ الَّتِی لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ، أَنْتَ تَكْفِینِی؟! فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ، وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ، اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ، ثُمَّ أَبْلِغْ جُهْدَكَ فَلَا أَبْقَی اللَّهُ عَلَیْكَ إِنْ أَبْقَیْتَ.

إیضاح:

المغیرة: هو ابن أخنس الثقفی.

و قال ابن أبی الحدید (4)و غیره (5)إنّما قال علیه السلام: یا ابن اللعین .. لأنّ الأخنس كان من أكابر المنافقین، ذكره أصحاب الحدیث كلّهم فی المؤلّفة الذین أسلموا یوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم،

و أعطاه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله مائة من الإبل من غنائم حنین یتألّف بها قلبه.

، و

ابنه أبو الحكم بن الأخنس قتله أمیر المؤمنین علیه السلام یوم أحد كافرا فی الحرب.

، و إنّما قال علیه السلام: یا ابن الأبتر، لأنّ من كان عقبه ضالا خبیثا فهو كمن لا عقب له، بل من لا عقب له خیر منه، و كنّی علیه السلام بنفی أصلها و فرعها من دناءته و حقارته، و قیل لأنّ فی نسب ثقیف طعنا. و قتل المغیرة مع عثمان فی الدار، و قوله علیه السلام: ما أعزّ اللّٰه .. یحتمل الدعاء و الخبر.

قوله علیه السلام: أبعد اللّٰه نواك .. النّوی: الوجه الّذی تذهب فیه،

ص: 472


1- فی المصدر: نفض القصّاب الوذام التّربة.
2- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 18، صبحی صالح: 193، خطبة 135، بتصرّف.
3- فی المصدر: علیّ كرّم اللّٰه وجهه.
4- فی شرح نهج البلاغة 8- 301.
5- شرح النهج لابن میثم البحرانیّ 3- 163، و منهاج البراعة 2- 55، و غیرهما.

و الدار (1).. أی أبعد اللّٰه مقصدك أو دارك، و یروی: أبعد اللّٰه نوأك بالهمزة- ..

أی خیرك (2)من أنواء النّجوم الّتی كانت العرب تنسب المطر إلیها (3)

ثم أبلغ جهدك .. أی غایتك و طاقتك فی الأذی (4)، و فی النهایة: أبقیت علیه .. إذا (5)رحمته و أشفقت علیه (6)

«9»-نَهْجٌ (7)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَهُ (8)لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَ قَدْ جَاءَهُ بِرِسَالَةٍ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ هُوَ مَحْصُورٌ یَسْأَلُهُ فِیهَا الْخُرُوجَ إِلَی مَالِهِ بِیَنْبُعَ لِیَقِلَّ هَتْفُ النَّاسِ بِاسْمِهِ لِلْخِلَافَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ، فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! مَا یُرِیدُ عُثْمَانُ أَنْ یَجْعَلَنِی إِلَّا جَمَلًا (9)نَاضِحاً بِالْغَرْبِ أَقْبِلْ وَ أَدْبِرْ، بَعَثَ إِلَیَّ أَنْ أَخْرُجَ .. بَعَثَ (10)إِلَیَّ أَنْ أَقْدُمَ، ثُمَّ هُوَ الْآنَ یَبْعَثُ إِلَیَّ أَنْ أَخْرُجَ، وَ اللَّهِ لَقَدْ دَفَعْتُ عَنْهُ حَتَّی خَشِیتُ أَنْ أَكُونَ آثِماً (11)

ص: 473


1- قاله فی القاموس 4- 397، و لسان العرب 15- 347، و انظر: الصحاح 6- 2516.
2- قال فی القاموس 1- 31: طلب نوأه .. أی عطاءه. و قال فی النهایة 5- 122: مطرنا بنوء كذا .. أی وقت كذا .. و إنّ اللّٰه خطّأ نوأها .. قیل: هو دعاء علیها، كما یقال: لا سقاه اللّٰه الغیث، و أراد بالنوء الذی یجی ء فیه المطر.
3- انظر: النهایة 5- 122، و الصحاح 1- 79، و ما سبق.
4- قال فی النهایة 1- 320: قد تكرّر لفظ الجهد و الجهد فی الحدیث كثیرا، و هو بالضم: الوسع و الطاقة، و بالفتح المشقّة، و قیل: المبالغة و الغایة، و قیل: هما لغتان فی الوسع و الطاقة، فأمّا فی المشقّة و الغایة فالفتح لا غیر، و جاء نظیره بزیادة فی لسان العرب 3- 133.
5- لا توجد: إذا، فی س.
6- النهایة 1- 147.
7- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 233، صبحی صالح: 358، خطبة 240، باختلاف یسیر بینهما، و كذا مع المتن.
8- فی ك: قال.
9- فی المصدر: ما یرید عثمان إلّا أن یجعلنی جملا.
10- فی النّهج: ثمّ بعث.
11- قال ابن میثم فی شرح نهجه 4- 323: أقول: ... و سبب الرّسالة، أنّ القوم الّذین حضروه كانوا یكثرون نداه و الصّیاح به، و توبیخه علی أحداثه، من تفریق بیت المال علی غیر مستحقّیه، و وضعه فی غیر مواضعه، و سائر الأحداث الّتی ذكرنا أنّها نسبت إلیه .. و قد كان قصده بتلك الرّسالة من بین سائر الصّحابة لأحد أمرین: أحدهما: اعتقاده أنّه كان أشرف الجماعة، و النّاس له أطوع، و أنّ قلوب الجماعة معه حینئذ. و الثّانی: أنّه كان یعتقد أنّ له شركة مع النّاس فی فعلهم به، و كانت بینهما هناة، فكان بعثه له من بین الجماعة متعیّنا، لأنّهم إن رجعوا بواسطته فهو الغرض، و إن لم یرجعوا حصّلت بعض المقاصد أیضا، و هو تأكّد ما نسبه إلیه من المشاركة فی أمره، و بقاء ذلك حجّة علیه لمن بعده ممّن یطلب بدمه حتّی كان لسبب هذا الغرض الثّانی ما كان من الوقائع بالبصرة و صفّین و غیرهما. و انظر: ما ذكره ابن أبی الحدید فی شرحه 12- 296.

بیان: لم یكن هذا الفصل فی أكثر نسخ النهج.

و النّاضح: البعیر یستقی علیه (1)

و الغرب: الدّلو العظیمة (2)

أقبل و أدبر .. أی یقال له أقبل و أدبر علی التكرار (3)

ص: 474


1- ذكره فی الصحاح 1- 411، و النهایة 5- 69، و انظر ما أورده الطریحی فی مجمع البحرین 2- 419.
2- كما قاله فی القاموس 1- 109، و مجمع البحرین 2- 131، و الصحاح 1- 193.
3- ما ذكره فی المتن من الإعراب فی كلیهما أقبل و أدبر لا یوافق ما استفاده قدّس سرّه.

[29] باب كیفیّة قتل عثمان و ما احتجّ علیه القوم فی ذلك و نسبه و تاریخه

«1»-مَا (1)الْمُفِیدُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ الْمَرَاغِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّازِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی النَّجْمِ، عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ عَدِیٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْیَسَعِ، عَنِ الشَّعْبِیِّ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ الْعَبْدِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِی نَفَرٍ مِنَ الْمِصْرِیِّینَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ یُكَلِّمُنِی، فَقَدَّمُونِی، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَذَا ..!، وَ كَأَنَّهُ اسْتَحْدَثَنِی، فَقُلْتُ لَهُ:

إِنَّ الْعِلْمَ لَوْ كَانَ بِالسِّنِّ لَمْ یَكُنْ لِی وَ لَا لَكَ فِیهِ سَهْمٌ، وَ لَكِنَّهُ بِالتَّعَلُّمِ. فَقَالَ عُثْمَانُ:

هَاتِ!.

فَقُلْتُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (2)

فَقَالَ عُثْمَانُ: فِینَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ؟!. فَقُلْتُ لَهُ: فَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْ ذَا (3)، وَ هَاتِ مَا مَعَكَ.

ص: 475


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 241- 242، مع اختصار فی الإسناد من الماتن رحمه اللّٰه.
2- الحجّ: 41.
3- فی المصدر: هذا.

فَقُلْتُ لَهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ...) (1)إِلَی آخِرِ الْآیَةِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ هَذِهِ أَیْضاً فِینَا نَزَلَتْ؟! فَقُلْتُ لَهُ: فَأَعْطِنَا بِمَا أَخَذْتَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی (2)فَقَالَ عُثْمَانُ: یَا أَیُّهَا النَّاسُ! عَلَیْكُمْ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ إِنَّ (3)یَدَ اللَّهِ عَلَی الْجَمَاعَةِ، وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ مَعَ الْقَذِّ (4)فَلَا تَسْمَعُوا (5)إِلَی قَوْلِ هَذَا، فَإِنَّ (6)هَذَا لَا یَدْرِی مَنِ اللَّهُ؟ وَ لَا أَیْنَ اللَّهُ؟.

فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا قَوْلُكَ عَلَیْكُمْ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ، فَإِنَّكَ تُرِیدُ مِنَّا أَنْ نَقُولَ غَداً:

(رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِیلَا) (7)، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنِّی لَا أَدْرِی مَنِ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّنَا وَ رَبُّ آبَائِنَا الْأَوَّلِینَ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنِّی لَا أَدْرِی أَیْنَ اللَّهُ؟، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بِالْمِرْصَادِ. قَالَ: فَغَضِبَ وَ أَمَرَ بِصَرْفِنَا وَ غَلَّقَ الْأَبْوَابَ دُونَنَا.

«2»-مَعَ (8)الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَلِیٍّ الْمَدَائِنِیِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُكْرَمٍ، عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حِینَ أُحِیطَ بِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَاوَزَ الْمَاءُ الزُّبَی، وَ بَلَغَ الْحِزَامُ الطُّبْیَیْنِ (9)، وَ تَجَاوَزَ الْأَمْرُ بِی قَدْرَهُ، وَ طَمِعَ فِیَّ مَنْ لَا یَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولًا فَكُنْ خَیْرَ آكِلٍ، وَ إِلَّا

ص: 476


1- الحجّ: 40.
2- لا توجد: تعالی، فی الأمالی.
3- فی المصدر: فإنّ.
4- فی الأمالی: الفذّ- بالفاء-، و هو الظّاهر، و معناها: الفرد، كما فی القاموس 1- 357.
5- فی الأمالی: تستمعوا.
6- فی المصدر: و إنّ.
7- الأحزاب: 67.
8- معانی الأخبار: 340، بتفصیل فی الإسناد.
9- فی س: الحزام. أقول: الحزام الطّبیین- بالحاء المهملة و الزّاء المعجمة- كنایة عن المبالغة فی تجاوز الحدّ فی الشّرّ و الأذی، كما سیأتی من المصنّف- طاب ثراه- و یعدّ من الأمثال كما قاله فی المستقصی 2- 13. و قال فی مجمع الأمثال 1- 166: بلفظ جاوز الحزام الطّبیین. و نظیره فی فرائد اللّآل 1- 140.

فَأَدْرِكْنِی وَ لَمَّا أُمَزَّقْ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه: قال المبرد: قوله: قد جاوز الماء الزبی .. فالزبیة مصیدة الأسد و لا تتّخذ إلّا فی قلّة جبل، و تقول العرب: قد بلغ الماء الزبی (1)، و ذلك أشدّ ما یكون من السبل، و یقال فی العظیم من الأمر: قد علا الماء الزبی، و بلغ السكّین العظم، و بلغ الحزام الطبیین، و قد انقطع السلی فی البطن، قال العجّاج: فقد علا الماء الزبی إلی غیر .. أی قد جلّ الأمر عن أن یغیّر أو یصلح.

و قوله: و بلغ الحزام الطبیین .. فإنّ السباع و الطیر (2)یقال لموضع الأخلاف منها أطباء (3)واحدها طبی، كما یقال فی الخفّ و الظلف: خلف و ضرع (4)هذا مكان هذا، فإذا بلغ الحزام الطبیین فقد انتهی فی المكروه، و مثل هذا من أمثالهم:

التقت حلقتا البطان، و یقال: التقت حلقة البطان (5)

و الحقب و یقال حقب البعیر .. إذا صار الحزام فی الحقب منه.

مزید توضیح:

قال فی النهایة (6)فی حدیث عثمان: .. أمّا بعد فقد بلغ السّیل الزّبی و جاوز الحزام الطبیین (7).. هی جمع زبیة و هی الرّابیة الّتی لا یعلوها الماء، و هی من الأضداد. و قیل: إنّما أراد الحفرة .. للسّبع و لا تحفر إلّا فی مكان عال من

ص: 477


1- ذكر المثل فی مجمع الأمثال 1- 91، و فرائد اللآل 1- 75، و المستقصی للزمخشری 2- 14.
2- فی س: الطین.
3- فی ك: الأطباء.
4- فی المصدر: خفّ و ظلف.
5- كما یقال تلاقت، و المثل یضرب فی الحادثة إذا بلغت النهایة، كما فی فرائد اللآل فی مجمع الأمثال 2- 155، و مجمع الأمثال للمیدانی 2- 221.
6- النهایة 2- 295، و انظر: لسان العرب 14- 353.
7- لا توجد فی المصدر: و جاوز الحزام الطبیین.

الأرض لئلّا یبلغها السّیل فتنطمّ و هو (1)مثل یضرب للأمر یتفاقم و یتجاوز (2)الحدّ.

و قال (3)الأطباء: الأخلاف واحدها طبی بالضّمّ و الكسر-، و قیل:

یقال لموضع الأخلاف من الخیل و السّباع أطباء كما یقال فی ذوات الخفّ و الظّلف: خلف و ضرع.

و (4)قوله: جاوز الحزام الطبیین .. كنایة عن المبالغة فی تجاوز حدّ الشّرّ و الأذی، لأنّ الحزام إذا انتهی إلی الطّبیین فقد انتهی إلی بعد غایته فكیف إذا جاوزه (5)

و قال الجوهری (6)السّلی مقصورا (7)الجلدة الرّقیقة الّتی یكون فیها الولد من المواشی إن نزعت عن وجه الفصیل ساعة یولد و إلّا قتلته، و كذلك (8)إن انقطع السّلی فی البطن، فإذا خرج السّلی سلمت النّاقة و سلم الولد، و إن انقطع فی بطنها هلكت و هلك الولد. یقال (9)انقطع السّلی فی البطن إذا ذهبت الحیلة، كما یقال: بلغ السّكّین العظم.

و قال (10)البطان للقتب: الحزام الّذی یجعل تحت بطن البعیر. و یقال:

التقت حلقتا البطان للأمر: إذا اشتدّ، و هو بمنزلة التّصدیر للرّجل (11)

ص: 478


1- لا توجد: هو، فی س.
2- فی ك: یجاوز.
3- أی ابن الأثیر فی النهایة 3- 115، و انظر: لسان العرب 15- 4.
4- لا توجد الواو فی ك.
5- قاله فی النهایة 3- 115، و لسان العرب 15- 4.
6- فی الصحاح 6- 2381، و مثله فی لسان العرب 14- 396.
7- فی المصدر: مقصور- بالرفع-.
8- لا توجد الواو فی الصحاح، و فی ك: و كذا، بدلا من: و كذلك.
9- فی المصدر زیادة: أیضا، بعد: یقال.
10- فی الصحاح 5- 2079.
11- فی المصدر: للرحل، و هو الصواب.

و قال (1)الحقب بالتّحریك-: حبل یشدّ به الرّحل إلی بطن البعیر ممّا یلی ثیله كیلا یجتذبه التّصدیر، تقول منه أحقبت البعیر و حقب البعیر بالكسر إذا أصاب حقبه ثیله (2)فاحتبس بوله.

«3»-بَ (3)مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی، عَنِ الْقَدَّاحِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: لَمَّا حَصَرَ النَّاسُ عُثْمَانَ جَاءَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَی عَائِشَةَ وَ قَدْ تَجَهَّزَتْ لِلْحَجِّ-، فَقَالَ: یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ! إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ حَصَرَهُ النَّاسُ فَلَوْ تَرَكْتِ الْحَجَّ وَ أَصْلَحْتِ أَمْرَهُ كَانَ النَّاسُ یَسْتَمِعُونَ (4)مِنْكِ، فَقَالَتْ: قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ وَ شَدَدْتُ غَرَائِرِی (5)، فَوَلَّی مَرْوَانُ وَ هُوَ یَقُولُ:

حَرَّقَ قَیْسٌ عَلَیَّ الْبِلَادَ***حَتَّی إِذَا اضْطَرَمَتْ أَجْذَمَا

(6)فَسَمِعَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: تَعَالَ، لَعَلَّكَ تَظُنُّ أَنِّی فِی شَكٍّ مِنْ صَاحِبِكَ، وَ اللَّهِ (7)لَوَدِدْتُ أَنَّكَ وَ هُوَ فِی غِرَارَتَیْنِ مِنْ غَرَائِرِی مَخِیطٌ عَلَیْكُمَا تُغَطَّانِ فِی الْبَحْرِ حَتَّی تَمُوتَا.

بیان: قال الجوهری (8)الإجذام: الإقلاع عن الشّی ء. قال الرّبیع بن زیاد:

ص: 479


1- أی الجوهریّ فی الصحاح 1- 114، و مثله فی لسان العرب 1- 324.
2- فی مطبوع البحار قد تقرأ: یثله- بتقدیم الیاء علی الثاء- و لا معنی لها هنا.
3- قرب الإسناد: 14، مع تفصیل فی الإسناد.
4- فی المصدر: یسمعون.
5- قد مرّ معناها قریبا فی نكیر عائشة علی عثمان، و ستأتی قریبا. و قد تقرأ فی مطبوع البحار: عزائری.
6- جاء البیت فی الفتوح هكذا: ضرم قیس علی البلاد دما***حتّی إذا اضطرمن فأحجما
7- .7 فی قرب الإسناد: فو اللّٰه.
8- الصحاح 5- 1884، و جاء فی لسان العرب 12- 19 بنصّه.

و حرّق قیس .. البیت (1)

أقول: و روی ذلك الأعثم فی الفتوح (2)، و فیه مكان: أجدما: أحجما ..

أی نكص و تأخّر (3)

و الغرارة بالكسر-: الجوالق (4)

و قال الجوهری (5)واحدة الغرائر الّتی للطّین (6)و أظنّه معربا.

«4»-سر (7)مُوسَی بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ (8)، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً غَصَبَانَا (9)حَقَّنَا وَ قَسَمَاهُ بَیْنَهُمْ، فَرَضُوا بِذَلِكَ عَنْهُمَا (10)، وَ إِنَّ عُثْمَانَ لَمَّا مَنَعَهُمْ وَ اسْتَأْثَرَ عَلَیْهِمْ غَضِبُوا لِأَنْفُسِهِمْ.

«5»-قب (11)نَقَلَتِ الْمُرْجِئَةُ (12)، عَنْ أَبِی الْجَهْمِ الْعَدَوِیِّ وَ كَانَ مُعَادِیاً لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ-، قَالَ: خَرَجْتُ بِكِتَابِ عُثْمَانَ وَ الْمِصْرِیُّونَ قَدْ نَزَلُوا بِذِی خَشَبٍ (13)إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ طَوَیْتُهُ طَیّاً لَطِیفاً وَ جَعَلْتُهُ فِی قِرَابِ سَیْفِی، وَ قَدْ تَنَكَّبْتُ عَنِ الطَّرِیقِ وَ تَوَخَّیْتُ سَوَادَ اللَّیْلِ حَتَّی كُنْتُ بِجَانِبِ الْجُرْفِ، إِذَا رَجُلٌ عَلَی حِمَارٍ مُسْتَقْبِلِی وَ مَعَهُ

ص: 480


1- أی إلی آخر البیت السالف.
2- تاریخ ابن الأعثم- الفتوح- 3- 420.
3- كما ذكره فی النهایة 1- 347، و لسان العرب 12- 116، و لاحظ: مجمع البحرین 6- 32، و القاموس 4- 93.
4- ذكره فی القاموس 2- 101، و لسان العرب 5- 18.
5- فی الصحاح 2- 769، و لاحظ: لسان العرب 5- 18.
6- فی س: للتّبن، و هو الظاهر.
7- مستطرفات السّرائر النّوادر: 17- تحقیق مدرسة الإمام المهدیّ علیه السّلام-.
8- فی المصدر: الفضیل.
9- فی السّرائر: ظلمانا.
10- فی المستطرفات: منهما.
11- مناقب ابن شهرآشوب 2- 259- 260.
12- فی المصدر زیادة كلمة: و النّاصبة.
13- فی المناقب: خشر، و ما هنا نسخة هناك.

رَجُلَانِ یَمْشِیَانِ أَمَامَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَدْ أَتَی مِنْ نَاحِیَةِ الْبَدْوِ فَأَثْبَتَنِی وَ لَمْ أُثْبِتْهُ حَتَّی سَمِعْتُ كَلَامَهُ، فَقَالَ: أَیْنَ تُرِیدُ یَا صَخْرُ؟. قُلْتُ:

الْبَدْوَ، فَأَدَعُ الصَّحَابَةَ. قَالَ: فَمَا هَذَا الَّذِی فِی قِرَابِ سَیْفِكَ؟. قُلْتُ: لَا تَدَعُ مِزَاحَكَ أَبَداً ثُمَّ جرته [جُزْتُهُ (1)

«6»-جا (2)الْكَاتِبُ، عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ، عَنِ الثَّقَفِیِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ اللُّؤْلُؤِیِّ، عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُغِیرَةِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ صَبِیحٍ الْكِنْدِیِّ، عَنْ أَبِی یَحْیَی مَوْلَی مُعَاذِ بْنِ عُفْرَةَ (3)الْأَنْصَارِیِّ، قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ (4)بَعَثَ إِلَی الْأَرْقَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ كَانَ خَازِنَ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ-، فَقَالَ لَهُ:

أَسْلِفْنِی مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ لَهُ الْأَرْقَمُ: أَكْتُبُ عَلَیْكَ بِهَا صَكّاً لِلْمُسْلِمِینَ.

قَالَ: وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ؟ لَا أُمَّ لَكَ! إِنَّمَا أَنْتَ خَازِنٌ لَنَا. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْأَرْقَمُ ذَلِكَ خَرَجَ مُبَادِراً إِلَی النَّاسِ، فَقَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! عَلَیْكُمْ بِمَالِكُمْ فَإِنِّی ظَنَنْتُ أَنِّی خَازِنُكُمْ وَ لَمْ أَعْلَمْ أَنِّی خَازِنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّی الْیَوْمَ، وَ مَضَی فَدَخَلَ بَیْتَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَخَرَجَ إِلَی النَّاسِ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ رَقِیَ الْمِنْبَرَ، وَ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ یُؤْثِرُ بَنِی تَیْمٍ عَلَی النَّاسِ، وَ إِنَّ عُمَرَ كَانَ یُؤْثِرُ بَنِی عَدِیٍّ عَلَی كُلِّ النَّاسِ، وَ إِنِّی أُوثِرُ وَ اللَّهِ- بَنِی أُمَیَّةَ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ، وَ لَوْ كُنْتُ جَالِساً بِبَابِ الْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُدْخِلَ بَنِی أُمَیَّةَ جَمِیعاً الْجَنَّةَ لَفَعَلْتُ، وَ إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَنَا، فَإِنِ احْتَجْنَا إِلَیْهِ أَخَذْنَاهُ وَ إِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَقْوَامٍ!.

فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ! اشْهَدُوا أَنَّ ذَلِكَ مُرْغِمٌ لِی.

فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ أَنْتَ هَاهُنَا، ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ یَتَوَطَّؤُهُ بِرِجْلَیْهِ (5)حَتَّی غُشِیَ عَلَی عَمَّارٍ

ص: 481


1- فی المصدر: جزنه، و هو الظّاهر.
2- مجالس الشّیخ المفید: 69- 72، حدیث 5، مع تفصیل فی السّند و اختلاف فی المتن أشرنا له.
3- فی المجالس: عفراء.
4- لا توجد فی س: عفّان.
5- فی المصدر: فجعل یتوطّؤه برجله.

وَ احْتُمِلَ وَ هُوَ لَا یَعْقِلُ إِلَی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَ بَقِیَ عَمَّارٌ مُغْمًی عَلَیْهِ لَمْ یُصَلِّ یَوْمَئِذٍ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَدِیماً أُوذِیتُ فِی اللَّهِ، وَ أَنَا أَحْتَسِبُ مَا أَصَابَنِی فِی جَنْبِ اللَّهِ، بَیْنِی وَ بَیْنَ عُثْمَانَ الْعَدْلُ الْكَرِیمُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

قَالَ: وَ بَلَغَ عُثْمَانَ أَنَّ عَمَّاراً عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَیْهَا، فَقَالَ: مِمَّا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ فِی بَیْتِكِ مَعَ هَذَا الْفَاجِرِ، أخرجهم [أَخْرِجِیهِمْ (1)مِنْ عِنْدِكِ. فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا مَعَ عَمَّارٍ إِلَّا بِنْتَاهُ، فَاجْتَنِبْنَا یَا عُثْمَانُ وَ اجْعَلْ سَطْوَتَكَ حَیْثُ شِئْتَ، وَ هَذَا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَجُودُ بِنَفْسِهِ مِنْ فِعَالِكَ (2)، قَالَ: فَنَدِمَ عُثْمَانُ عَلَی مَا صَنَعَ فَبَعَثَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ یَسْأَلُهُمَا أَنْ یَأْتِیَا عَمَّاراً فَیَسْأَلَاهُ أَنْ یَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَأَتَیَاهُ فَأَبَی عَلَیْهِمَا، فَرَجَعَا إِلَیْهِ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مِنْ حُكْمِ اللَّهِ یَا بَنِی أُمَیَّةَ یَا فِرَاشَ النَّارِ وَ ذُبَابَ الطَّمَعِ، شَنَّعْتُمْ عَلَیَّ، وَ آلَیْتُمْ (3)عَلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، ثُمَّ إِنَّ عَمَّاراً رَحِمَهُ اللَّهُ صَلَحَ مِنْ مَرَضِهِ فَخَرَجَ إِلَی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَبَیْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ نَاعِی أَبِی ذَرٍّ عَلَی عُثْمَانَ مِنَ الرَّبَذَةِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ مَاتَ بِالرَّبَذَةِ وَحِیداً وَ دَفَنَهُ قَوْمٌ سَفْرٌ، فَاسْتَرْجَعَ عُثْمَانُ وَ قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ. فَقَالَ عَمَّارٌ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ مِنْ كُلِّ أَنْفُسِنَا. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَ إِنَّكَ لَهُنَاكَ بَعْدَ مَا بَرَأْتَ (4)أَ تَرَانِی نَدِمْتُ عَلَی تَسْیِیرِی إِیَّاهُ؟!. قَالَ لَهُ عَمَّارٌ: لَا وَ اللَّهِ، مَا أَظُنُّ ذَاكَ. قَالَ: وَ أَنْتَ أَیْضاً فَالْحَقْ بِالْمَكَانِ الَّذِی كَانَ فِیهِ أَبُو ذَرٍّ فَلَا تَبْرَحْهُ مَا حَیِینَا.

قَالَ عَمَّارٌ: أَفْعَلُ، فَوَ اللَّهِ (5)لَمُجَاوَرَةُ السِّبَاعِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ مُجَاوَرَتِكَ. قَالَ: فَتَهَیَّأَ عَمَّارٌ لِلْخُرُوجِ وَ جَاءَتْ بَنُو مَخْزُومٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَسَأَلُوهُ

ص: 482


1- فی المصدر: أخرجیهم، و جاءت نسخة علی ك، و هو الصّحیح.
2- فی المجالس زیادة: به.
3- فی المصدر: و ألبتم، و هو الظّاهر.
4- فی المجالس محلّ: ما برأت، یا عاضّ أیر أبیه، و هو مثل.
5- فی المصدر: و اللّٰه- بدون فاء-.

أَنْ یَقُومَ مَعَهُمْ إِلَی عُثْمَانَ لِیَسْتَنْزِلَهُ عَنْ تَسْیِیرِ عَمَّارٍ، فَقَامَ مَعَهُمْ (1)فَسَأَلَهُ فِیهِمْ وَ رَفَقَ بِهِ حَتَّی أَجَابَهُ إِلَی ذَلِكَ.

«7»-جا (2)عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ، عَنِ الثَّقَفِیِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْأَنْصَارِیِّ، عَنْ سُفْیَانَ، عَنْ فُضَیْلِ بْنِ الزُّبَیْرِ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاشِعٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَی عُثْمَانَ، فَقَالَتْ لَهُ:

أَعْطِنِی مَا كَانَ یُعْطِینِی أَبِی وَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ!. فَقَالَ (3)لَمْ أَجِدْ لَكِ مَوْضِعاً فِی الْكِتَابِ وَ لَا فِی السُّنَّةِ، وَ إِنَّمَا كَانَ أَبُوكِ وَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یُعْطِیَانِكِ بِطِیبَةٍ مِنْ أَنْفُسِهِمَا، وَ أَنَا لَا أَفْعَلُ. قَالَتْ (4)فَأَعْطِنِی مِیرَاثِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ لَهَا: أَ وَ لَمْ تَحْسَبِی (5)أَنْتِ وَ مَالِكُ بْنُ أَوْسَ النَّضْرِیُّ (6)فَشَهِدْتُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَا یُوَرِّثُ حَتَّی مَنَعْتُمَا فَاطِمَةَ مِیرَاثَهَا، وَ أَبْطَلْتُمَا حَقَّهَا، فَكَیْفَ تَطْلُبِینَ الْیَوْمَ مِیرَاثاً مِنَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ؟! فَتَرَكَتْهُ وَ انْصَرَفَتْ، وَ كَانَ عُثْمَانُ إِذَا خَرَجَ إِلَی الصَّلَاةِ أَخَذَتْ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَلَی قَصَبَةٍ فَرَفَعَتْهُ عَلَیْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ خَالَفَ صَاحِبَ هَذَا الْقَمِیصِ وَ تَرَكَ سُنَّتَهُ.

أَقُولُ: رَوَی فِی كَشْفِ الْغُمَّةِ (7)نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، وَ زَادَ فِی آخِرِهِ: فَلَمَّا آذَتْهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الزَّعْرَاءَ (8)عَدُوَّةُ اللَّهِ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَهَا وَ مَثَلَ صَاحِبَتِهَا حَفْصَةَ فِی الْكِتَابِ: (امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا

ص: 483


1- لا توجد: معهم، فی المجالس.
2- المجالس للشّیخ المفید: 125- 126، حدیث 3، بتفصیل فی الإسناد.
3- فی المصدر زیادة: لها.
4- فی المجالس زیادة: له.
5- فی المجالس: أو لم تجئنی.
6- كذا، و فی المصدر: النّصریّ، و هو الظّاهر، كما فی الإصابة 3- 339 ترجمة 7595 و هامشها الاستیعاب 3- 382 و غیرهما.
7- كشف الغمّة 1- 323 نقلا بالمعنی.
8- الزّعراء: هی المرأة القلیلة الشّعر كما فی النّهایة 2- 303، و متفرّقة الشّعر كما فی القاموس 2- 39.

صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما ). إلَی قَولِهِ : ( وَقِیلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِینَ ) (1)، فَقَالَتْ لَهُ: یَا نَعْثَلُ! یَا عَدُوَّ اللَّهِ! إِنَّمَا سَمَّاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِاسْمِ نَعْثَلِ الْیَهُودِیِّ الَّذِی بِالْیَمَنِ، فَلَاعَنَتْهُ وَ لَاعَنَهَا، وَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تُسَاكِنَهُ (2)بِمِصْرَ أَبَداً، وَ خَرَجَتْ إِلَی مَكَّةَ.

ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَقَلَ ابْنُ أَعْثَمَ صَاحِبُ الْفُتُوحِ (3)أَنَّهَا قَالَتْ: اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا، فَلَقَدْ أَبْلَی سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ هَذِهِ ثِیَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَ خَرَجَتْ إِلَی مَكَّةَ.

قَالَ (4)وَ رَوَی غَیْرُهُ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ جَاءَتْ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَقِیَهَا فُلَانٌ فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْأَمْوَالِ فَخَبَّرَهَا وَ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ لَأُطَالِبَنَّ بِدَمِهِ. فَقَالَ لَهَا: وَ أَنْتِ حَرَصْتِ عَلَی قَتْلِهِ. قَالَتْ: إِنَّهُمْ لَمْ یَقْتُلُوهُ حَیْثُ قُلْتُ وَ لَكِنْ تَرَكُوهُ حَتَّی تَابَ وَ نَقِیَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ صَارَ كَالسَّبِیكَةِ (5)وَ قَتَلُوهُ.

تأیید:

قال فی النهایة (6)فی مقتل عثمان لا یمنعك (7)مكان ابن سلام أن تسبّ نعثلا كان (8)أعداء عثمان یسمّونه: نعثلا، تشبیها برجل من مصر كان طویل اللّحیة اسمه نعثل، و قیل: النّعثل: الشّیخ الأحمق. و ذكر الضّباع، و منه حدیث

ص: 484


1- التحریم : ١٠.
2- فی ك: أن لا تسكن.
3- الفتوح 2- 419- 420.
4- كشف الغمّة 1- 323، باختلاف كثیر و اختصار.
5- قال فی الصّحاح 4- 1589: سبكت الفضّة و غیرها أسبكها سبكا: أذبتها، و الفضّة سبیكة.
6- النهایة 5- 80، و مثله فی لسان العرب 11- 670، و قریب منه فی تاج العروس 8- 141. و قال فی القاموس 4- 59: النّعثل- كجعفر- الذكر من الضباع، و الشیخ الأحمق، و یهودیّ كان بالمدینة، و رجل لحیانی كان یشبّه به عثمان إذا نیل منه.
7- فی المصدر: لا یمنعنّك.
8- لا توجد فی ك: كان.

عائشة: اقتلوا نعثلا قتل اللّٰه نعثلا، تعنی عثمان، و هذا كان منها لما غاضبته و ذهبت إلی مكّة.

«8»-مَا (1)أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ الْحَافِظِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ (2)عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِیهِ (3)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ:

حَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی عُمْرَةَ الْأَنْصَارِیُّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْمِصْرِیُّونَ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِی مَرَّتِهِمُ الثَّانِیَةِ دَعَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَاسْتَشَارَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْقَوْمَ لَیْسَ هُمْ لِأَحَدٍ أَطْوَعَ مِنْهُمْ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ أَطْوَعُ النَّاسِ فِی النَّاسِ، فَابْعَثْهُ إِلَیْهِمْ فَلْیُعْطِهِمُ الرِّضَا وَ لِیَأْخُذْ لَكَ عَلَیْهِمُ الطَّاعَةَ، وَ یُحَذِّرَهُمُ الْفِتْنَةَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: سَلَامٌ عَلَیْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ جَازَ السَّیْلُ الزُّبَی، وَ بَلَغَ الْحِزَامُ الطُّبْیَیْنِ، وَ ارْتَفَعَ أَمْرُ النَّاسِ بِی فَوْقَ قَدْرِهِ، وَ طَمِعَ فِیَّ مَنْ كَانَ یَعْجِزُ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَقْبِلْ عَلَیَّ أَوْ لِی، وَ تَمَثَّلَ:

فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولًا فَكُنْ خَیْرَ آكِلٍ*** وَ إِلَّا فَأَدْرِكْنِی وَ لَمَّا أُمَزَّقْ

وَ السَّلَامُ.

فَجَاءَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: یَا أَبَا الْحَسَنِ! ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَادْعُهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ أَعْطَیْتَنِی عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ عَلَی أَنْ تَفِی ءَ لَهُمْ بِكُلِّ شَیْ ءٍ أَعْطَیْتَهُ عَنْكَ (4)فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ عَلَیْهِ عَهْداً غَلِیظاً، وَ مَشَی إِلَی الْقَوْمِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ قَالُوا: وَرَاءَكَ. قَالَ: لَا. قَالُوا:

وَرَاءَكَ. قَالَ: لَا، فَجَاءَ بَعْضُهُمْ لِیَدْفَعَ فِی صَدْرِهِ (5)، فَقَالَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:

ص: 485


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 323- 325، بتفصیل فی الإسناد كالمعتاد.
2- فی المصدر بدل: بن، أبو.
3- لا توجد فی الأمالی: عن أبیه.
4- فی الأمالی زیادة: لهم.
5- فی المصدر زیادة: حین قال ذلك.

سُبْحَانَ اللَّهِ! أَتَاكُمْ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ یَعْرِضُ كِتَابَ اللَّهِ .. اسْمَعُوا مِنْهُ وَ اقْبَلُوا، قَالُوا: تَضْمَنُ لَنَا كَذَلِكَ؟. قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ مَعَهُ أَشْرَافُهُمْ وَ وُجُوهُهُمْ حَتَّی دَخَلُوا (1)عَلَی عُثْمَانَ فَعَاتَبُوهُ، فَأَجَابَهُمْ إِلَی مَا أَحَبُّوا، فَقَالُوا: اكْتُبْ لَنَا عَلَی هَذَا كِتَاباً، وَ لْیَضْمَنْ عَلِیٌّ عَنْكَ مَا فِی الْكِتَابِ. قَالَ: اكْتُبُوا أَنَّی شِئْتُمْ، فَكَتَبُوا بَیْنَهُمْ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ، هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُثْمَانُ (2)أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لِمَنْ نَقَمَ عَلَیْهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ، أَنَّ لَكُمْ عَلَیَّ أَنْ أَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنَّ الْمَحْرُومَ یُعْطَی، وَ أَنَّ الْخَائِفَ یُؤْمَنُ، وَ أَنَّ الْمَنْفِیَّ یُرَدُّ، وَ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَا یُجْمَرُ، وَ أَنَّ الْفَیْ ءَ لَا یَكُونُ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیاءِ، وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ ضَامِنٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ عَلَی عُثْمَانَ الْوَفَاءَ لَهُمْ عَلَی مَا فِی (3)الْكِتَابِ، وَ (4)شَهِدَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ أَبُو أَیُّوبَ بْنُ زَیْدٍ، وَ كَتَبَ فِی ذِی الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ عِشْرِینَ، فَأَخَذُوا الْكِتَابَ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَلَمَّا نَزَلُوا أَیْلَةَ إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ فَأَخَذُوهُ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟. قَالَ: أَنَا رَسُولُ عُثْمَانَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَوْ فَتَّشْنَاهُ لِئَلَّا یَكُونَ (5)قَدْ كَتَبَ فِینَا، فَفَتَّشُوهُ فَلَمْ یَجِدُوا مَعَهُ شَیْئاً، فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ النَّجِیبِیُّ (6)انْظُرُوا إِلَی أَدَوَاتِهِ فَإِنَّ لِلنَّاسِ حِیَلًا، فَإِذَا قَارُورَةٌ مَخْتُومَةٌ بِمُومٍ، فَإِذَا فِیهَا كِتَابٌ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ:

إِذَا جَاءَكَ كِتَابِی هَذَا فَاقْطَعْ (7)أَیْدِی الثَّلَاثَةِ مَعَ أَرْجُلِهِمْ، فَلَمَّا قَرَءُوا الْكِتَابَ رَجَعُوا حَتَّی أَتَوْا عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَأَتَاهُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ، فَقَالَ: اسْتَعْتَبَكَ الْقَوْمُ فَأَعْتَبْتَهُمْ (8)

ص: 486


1- فی الأمالی: دخل.
2- فی الأمالی زیادة: بن عفّان.
3- فی المصدر زیادة: هذا.
4- لا توجد الواو فی س و المصدر.
5- كتبت فی المصدر هكذا: لأن لا یكون.
6- فی المصدر: البجی.
7- فی س: فقطع.
8- فی المصدر: استغشك القوم فأعتبهم.

ثُمَّ كَتَبْتَ هَذَا كِتَابَكَ نَعْرِفُهُ (1)؟!، الْخَطَّ الْخَطَّ، وَ الْخَاتَمَ الْخَاتَمَ، فَخَرَجَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُغْضَباً وَ أَقْبَلَ النَّاسُ عَلَیْهِ، فَخَرَجَ سَعْدٌ مِنَ الْمَدِینَةِ فَلَقِیَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: یَا أَبَا إِسْحَاقَ! أَیْنَ تُرِیدُ؟. قَالَ: إِنِّی (2)فَرَرْتُ بِدِینِی مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ، وَ أَنَا الْیَوْمَ أَهْرُبُ بِدِینِی مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی مَكَّةَ. وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ حِینَ أَحَاطَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ-: اخْرُجْ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ اعْتَزِلْ، فَإِنَّ النَّاسَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْكَ، وَ إِنَّهُمْ لَا یَأْتُونَكَ (3)وَ لَوْ كُنْتَ بِصَنْعَاءَ (4)، وَ أَخَافُ أَنْ یُقْتَلَ هَذَا الرَّجُلُ وَ أَنْتَ حَاضِرُهُ. فَقَالَ: یَا بُنَیَّ! أَخْرُجُ عَنْ دَارِ هِجْرَتِی، وَ مَا أَظُنُّ أَحَداً یَجْتَرِئُ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ كُلِّهِ، وَ قَامَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ، فَقَالَ: یَا عَبْدَ اللَّهِ! أَقِمْ لَنَا كِتَابَ اللَّهِ، فَإِنَّا لَا نَرْضَی بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، قَدْ كَتَبْتَ وَ أَشْهَدْتَ لَنَا شُهُوداً وَ أَعْطَیْتَنَا عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ، فَقَالَ: مَا كَتَبْتُ بَیْنَكُمْ كِتَاباً، فَقَامَ إِلَیْهِ الْمُغِیرَةُ بْنُ الْأَخْنَسِ وَ ضَرَبَ بِكِتَابِهِ وَجْهَهُ وَ خَرَجَ إِلَیْهِمْ عُثْمَانُ لِیُكَلِّمَهُمْ: ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَرَفَعَتْ عَائِشَةُ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ نَادَتْ: أَیُّهَا النَّاسُ! هَذَا قَمِیصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ یَبْلَ وَ قَدْ غُیِّرَتْ سُنَّتُهُ، فَنَهَضَ النَّاسُ وَ كَثُرَ (5)اللَّغَطُ (6)وَ حَصَبُوا (7)عُثْمَانَ حَتَّی نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ وَ دَخَلَ (8)بَیْتَهُ، فَكَتَبَ نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَهْلَ السَّفَهِ وَ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ مِصْرَ وَ الْمَدِینَةِ أَحَاطُوا بِدَارِی وَ لَنْ یُرْضِیَهُمْ مِنِّی دُونَ خَلْعِی أَوْ قَتْلِی، وَ أَنَا مُلَاقِی اللَّهِ قَبْلَ أَنْ أُتَابِعَهُمْ عَلَی

ص: 487


1- فی الأمالی: تعرفه.
2- فی المصدر زیادة: قد.
3- فی الأمالی: و إن هم یأتونك، و هو الظّاهر.
4- فی الأمالی زیادة: الیمن.
5- فی مطبوع البحار: و كسر، و هو غلط.
6- قال فی النّهایة 4- 257: اللّغط: صوت و ضجّة لا یفهم معناها.
7- قال فی النّهایة 1- 394: و فی حدیث مقتل عثمان: أنّهم تخاصموا فی المسجد حتّی أبصر أدیم السّماء .. أی تراموا بالحصباء .. و حصبهما .. أی رجمهما بالحصباء لیسكتهما.
8- فی المصدر: فدخل.

شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِینُونِی.

فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُ ابْنَ عَامِرٍ، قَامَ وَ قَالَ: أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ ذَكَرَ أَنَّ شِرْذِمَةً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَ الْعِرَاقِ نَزَلُوا بِسَاحَتِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی الْحَقِّ فَلَمْ یُجِیبُوا، فَكَتَبَ إِلَیَّ (1)أَنْ أَبْعَثَ إِلَیْهِ مِنْكُمْ ذَوِی الرَّأْیِ وَ الدِّینِ وَ الصَّلَاحِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَدْفَعَ عَنْهُ ظُلْمَ الظَّالِمِ وَ عُدْوَانَ الْمُعْتَدِی (2)

فَلَمْ یُجِیبُوهُ إِلَی الْخُرُوجِ.

ثُمَّ إِنَّهُ (3)قِیلَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ مُنِعَ الْمَاءَ فَأْمُرْ بِالرَّوَایَا (4)فَعُكِمَتْ (5)، وَ جَاءَ النَّاسَ (6)عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَصَاحَ بِهِمْ صَیْحَةً انْفَرَجُوا ..

فَدَخَلَتِ الرَّوَایَا، فَلَمَّا رَأَی عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ اجْتِمَاعَ النَّاسِ (7)دَخَلَ عَلَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی وَسَائِدَ-، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ مَقْتُولٌ فَامْنَعُوهُ. فَقَالَ: أَمَ وَ اللَّهِ دُونَ أَنْ تُعْطِیَ بَنُو أُمَیَّةَ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهَا.

«9»-نَهْجٌ (8)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَیْهِ وَ شَكَوْا مَا نَقَمُوهُ عَلَی عُثْمَانَ، وَ سَأَلُوهُ مُخَاطَبَتَهُ عَنْهُمْ وَ اسْتِعْتَابَهُ لَهُمْ، فَدَخَلَ عَلَیْهِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ وَرَائِی وَ قَدِ اسْتَسْفَرُونِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ، وَ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی مَا أَقُولُ لَكَ؟، مَا أَعْرِفُ شَیْئاً تَجْهَلُهُ وَ لَا أَدُلُّكَ عَلَی أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ (9)، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ مَا

ص: 488


1- لا توجد: إلیّ، فی المصدر.
2- فی الأمالی: الظّالمین ... المعتدین.
3- هنا سقط جاء فی المصدر و هو: نزل، فقدموا من كلّ فجّ حتّی حضروا المدینة و ..
4- الرّوایا من الإبل: الحوامل للماء، واحدتها: راویة، قاله فی النّهایة 2- 279، و فی الأمالی: الرّوایا بدون باء.
5- قال فی القاموس 4- 153: عكم المتاع یعكمه: شدّه بثوب.
6- فی المصدر: للنّاس.
7- فی الأمالی زیادة: و وجوههم.
8- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 68، صبحی صالح: 234 خطبة 164، باختلاف یسیر بینهما، و كذا مع الأصل.
9- فی س: نعرفه.

سَبَقْنَاكَ إِلَی شَیْ ءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ وَ لَا خَلَوْنَا بِشَیْ ءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَ قَدْ رَأَیْتَ كَمَا رَأَیْنَا، وَ سَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَمَا صَحِبْنَا، وَ مَا ابْنُ أَبِی قُحَافَةَ وَ لَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَی بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَ أَنْتَ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَشِیجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَ قَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ یَنَالا، فَاللَّهَ ..

اللَّهَ فِی نَفْسِكَ فَإِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًی وَ لَا تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ، وَ إِنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وَ إِنَّ أَعْلَامَ الدِّینِ لَقَائِمَةٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ هُدِیَ وَ هَدَی فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً وَ أَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَ إِنَّ السُّنَنَ لَنَیِّرَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَ إِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ (1)لَهَا أَعْلَامٌ، وَ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَ ضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً وَ أَحْیَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً، وَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ: یُؤْتَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِالْإِمَامِ الْجَائِرِ وَ لَیْسَ مَعَهُ نَصِیرٌ وَ لَا عَاذِرٌ فَیُلْقَی فِی جَهَنَّمَ فَیَدُورُ فِیهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَی، ثُمَّ یَرْتَبِطُ فِی قَعْرِهَا، وَ إِنِّی أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ (2)إِمَامَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَقْتُولَ (3)، فَإِنَّهُ كَانَ یُقَالُ یُقْتَلُ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ یَفْتَحُ عَلَیْهَا الْقَتْلَ وَ الْقِتَالَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، وَ تَلْبِسُ (4)أُمُورَهَا عَلَیْهَا وَ یَبُثُّ الْفِتَنَ فِیهَا فَلَا یُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ یَمُوجُونَ فِیهَا مَوْجاً وَ یَمْرُجُونَ فِیهَا مَرْجاً، فَلَا تَكُونَنَّ (5)لِمَرْوَانَ سَیِّقَةً یَسُوقُكَ حَیْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلَالِ السِّنِّ وَ تَقَضِّی الْعُمُرِ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:

كَلِّمِ النَّاسَ فِی أَنْ یُؤَجِّلُونِی حَتَّی أَخْرُجَ إِلَیْهِمْ مِنْ مَظَالِمِهِمْ. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: مَا كَانَ بِالْمَدِینَةِ فَلَا أَجَلَ فِیهِ، وَ مَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَیْهِ (6)

ص: 489


1- فی ك: الظّاهرة.
2- فی نهج- محمّد عبده-: أن لا تكون.
3- فی البحار- الحجریّ-: المقتولة.
4- فی المصدر: یلبس.
5- فی س: فلا تكون.
6- و انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 261، و شرح ابن میثم البحرانیّ 3- 302، و منهاج البراعة 2- 127- 132.

توضیح: الاستعتاب: طلب العتبی (1)و هو الرّجوع (2)و الرّضا (3)

قوله علیه السلام: ما أعرف شیئا تجهله .. الغرض بیان وضوح قبائح أعماله بحیث یعرفه الصبیان لا بیان وفور علمه (4)

قوله علیه السلام: و أنت أقرب .. الواو للحال، و یحتمل العطف، و الوشیجة تمیّزه، و هی عرق الشّجرة .. و الواشجة: الرّحم المشتبكة، و قد وشجت بك قرابة فلان و الاسم: الوشیج، ذكره الجوهری (5).

قوله علیه السلام: فإنّه كان یقال .. أی كان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله یقول وأبهم علیه السلام لمصلحة، و المراد بالإمام إمام یدعو إلی النار.

و قال الجوهری (6)مرجت ..: فسدت، و مرج ..: اختلط و اضطرب، .. و منه الهرج و المرج.

و السّیّقة بتشدید الیاء المكسورة-: ما استاقه العدوّ من الدّواب (7)

و فی القاموس (8)جلّ یجلّ جلالة و جلالا: أسنّ.

ص: 490


1- قاله فی مجمع البحرین 2- 114، و القاموس 1- 100، و لسان العرب 1- 579، و قارن بالصحاح 1- 176.
2- ذكره فی النهایة 3- 175، و لسان العرب 1- 577، و مجمع البحرین 2- 114.
3- صرّح بالأخیر صاحب القاموس 1- 100، و لسان العرب 1- 578.
4- قال القطب الراوندیّ فی شرحه- منهاج البراعة- 2- 132 فی شرح هذه العبارة: لیس هذا إقرارا بأنّه یعلم من العلوم الدینیّة و الأحكام الشرعیّة مثل ما یعلمه أمیر المؤمنین علیه السلام، بل هو علیه السلام كان یراقب جانبه و یداریه و یقول قولا لینا لعلّه یتذكّر، و العرب تتكلّم بالمطلق من الكلام و مرادهم شی ء مخصوص من جملة ما یقع علیه. أقول: و لعلّ مراده صلوات اللّٰه علیه و آله أنّ الحجّة علیك تامّة، و لا أعرف شیئا تجهله ممّا یدینك و یحكمك، فتأمّل.
5- الصحاح ١ _ ٣٤٧ ، ومثله فی لسان العرب ٢ _ ٣٩٨. وانظر : مجمع البحرین ٢ _ ٣٣٤.
6- الصحاح 1- 341، و مثله فی النهایة 4- 314، و فی لسان العرب 2- 365.
7- قاله فی لسان العرب 1- 167، و الصحاح 4- 1499.
8- القاموس 3- 349، و مثله فی لسان العرب 11- 117.

«10»-الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ وَ هُوَ مَحْصُورٌ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ بَعَثَنِی وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَدِ اسْتَوْلَی طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ عَلَی الْأَمْرِ-، فَقَالَ: انْطَلِقَا فَقُولَا لَهُ: أَمَا إِنَّكَ أَوْلَی بِالْأَمْرِ مِنِ ابْنِ الْحَصْرَمِیَّةِ (2)فَلَا یَغْلِبُنَّكَ عَلَی أُمَّةِ ابْنِ عَمِّكَ..

وَ عَنِ (3)الْفُضَیْلِ بْنِ وكین [دُكَیْنٍ ، عَنْ فِطْرٍ، عَنِ عِمْرَانَ الْخُزَاعِیِّ، عَنْ مَیْسَرَةَ بْنِ جَدِیرٍ (4)، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الزُّبَیْرِ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّیْتِ وَ هُوَ آخِذٌ بِیَدِی، فَأَتَاهُ رَجُلٌ یَشْتَدُّ، فَقَالَ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! إِنَّ أَهْلَ الدَّارِ قَدْ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْمَاءِ، فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ: دَبَّرُوا بِهَا دَبَّرُوا: (وَ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ ما یَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْیاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِی شَكٍّ مُرِیبٍ) (5)

وَ عَنْ (6)إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی خَالِدٍ، عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ، قَالَ: قِیلَ لِطَلْحَةَ:

هَذَا عُثْمَانُ قَدْ مُنِعَ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ، فَقَالَ: إِمَّا تُعْطِینِی بَنُو أُمَیَّةَ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَ إِلَّا فَلَا.

وَ عَنْ (7)مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ زَیْدِ (8)بْنِ أَبِی زِیَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی، قَالَ: رَأَیْتُ طَلْحَةَ یُرَامِی فِی (9)أَهْلِ الدَّارِ وَ هُوَ فِی خِرْقَةٍ (10)

ص: 491


1- الكافیة للشّیخ المفید: 7- 8 الرّسالة الثّانیة من المجلّد السّادس من طبعة المؤتمر العالمیّ.
2- فی المصدر: ابن الحضرمیّة، و هو الظّاهر.
3- الكافیة: 11 حدیث 6، و فیه: عن الفضل بن دكین عن فطر بن خلیفة.
4- فی المصدر: جریر، و كذا جاء فی الجمل للشّیخ المفید رحمه اللّٰه: 232.
5- سبأ: 54.
6- الكافیة فی توبة الخاطئة للشّیخ المفید: 8 حدیث 2.
7- الكافیة: 8- 9 حدیث 3.
8- فی المصدر: یزید، بدلا من: زید، و هو الظّاهر.
9- خطّ علی: فی، فی ك.
10- جاء فی حاشیة ك هنا: و خزّة سوداء. أقول: و الظّاهر أنّها نسخة بدل من: خرقة.

وَ عَلَیْهِ الدِّرْعُ وَ قَدْ كَفَرَ عَلَیْهَا بِقَبَاءٍ (1)فَهُمْ یُرَامُونَهُ فَیُخْرِجُونَهُ مِنَ الدَّارِ ثُمَّ یَخْرُجُ فَیُرَامِیهِمْ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِ مِنْ قِبَلِ دَارِ ابْنِ حَزْمٍ فَقُتِلَ.

وَ عَنْ (2)مُوسَی بْنِ مُصَیْطِرٍ (3)، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَدِینَةَ فَبَدَأْنَا بِطَلْحَةَ، فَخَرَجَ مُشْتَمِلًا بِقَطِیفَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، فَذَكَرْنَا لَهُ أَمْرَ عُثْمَانَ فَصِیحَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: قَدْ كَادَ سُفَهَاؤُكُمْ أَنْ یَغْلِبُوا حُلَمَاءَكُمْ عَلَی الْمَنْطِقِ، قَالَ (4)أَ جِئْتُمْ مَعَكُمْ بِحَطَبٍ وَ إِلَّا فَخُذُوا هَاتَیْنِ الْحُزْمَتَیْنِ فَاذْهَبُوا بِهِمَا إِلَی بَابِهِ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَ أَتَیْنَا الزُّبَیْرَ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ، فَخَرَجْنَا حَتَّی أَتَیْنَا عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ عِنْدَ أَحْجَارِ (5)الزَّیْتِ فَذَكَرْنَا أَمْرَهُ، فَقَالَ: اسْتَتِیبُوا الرَّجُلَ وَ لَا تَعْجَلُوا، فَإِنْ رَجَعَ مِمَّا هُوَ عَلَیْهِ وَ تَابَ فَاقْبَلُوا مِنْهُ (6)

وَ عَنْ (7)إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبِی أروی [رَوَی (8)

أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ اسْتَوْلَی عَلَی أَمْرِ عُثْمَانَ وَ صَارَتِ الْمَفَاتِیحُ بِیَدِهِ، وَ أَخَذَ لِقَاحاً (9)كَانَتْ لِعُثْمَانَ، وَ أَخَذَ مَا كَانَ فِی دَارِهِ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ.

ص: 492


1- فی المصدر: نقبا.
2- الكافیة للشّیخ المفید: 9- 10 حدیث 4.
3- قد كتب فوق كلمة: مصیطر فی س: كذا، و فی المصدر: مطیر، و هو الظّاهر.
4- فی المصدر: ثمّ قال.
5- فی س: أحجاز.
6- فی المصدر: و إلّا فانظروا، بدلا من: فاقبلوا منه. أقول: قال البلاذریّ فی الأنساب 5- 30: إنّ أوّل من دعا إلی خلع عثمان و البیعة لعلیّ عمرو بن زرارة بن قیس النّخعیّ و كمیل بن زیاد بن نهیك النّخعیّ، فقام عمرو بن زرارة، فقال: أیّها النّاس! إنّ عثمان قد ترك الحقّ و هو یعرفه، و قد أغری بصلحائكم یولّی علیهم شراركم .. إلی آخره، و قد جاء فی أسد الغابة 4- 104، و الإصابة 1- 548، و 2- 536، و غیرهما.
7- الكافیة فی توبة الخاطئة للشّیخ المفید: 10 حدیث 5.
8- كذا، و الظّاهر: روی- بدون همزة-، و الصّحیح: ابن أبزی، أی عبد الرّحمن بن أبزی الخزاعیّ، كما جاء فی كتب التّراجم. لاحظ هامش المصدر.
9- قال فی النّهایة: 4- 262: اللّقحة- بالكسر و الفتح- النّاقة القریبة العهد بالنّتاج، و الجمع لقح، و ناقة لقوح: إذا كانت غزیرة اللّبن .. و اللّقاح: ذوات الألبان.

«11»-د (1)فِی الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیٍّ الْأُمَوِیُّ (2)، كُنْیَتُهُ: أَبُو عَمْرٍو، وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَ أَبُو لَیْلَی، مَوْلِدُهُ فِی السَّنَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ (3)الْفِیلِ بَعْدَ مِیلَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِقَلِیلٍ.

مُدَّةُ وَلَایَتِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا أَیَّاماً، قُتِلَ بِالسَّیْفِ وَ لَهُ یَوْمَئِذٍ اثْنَتَانِ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَ قِیلَ: سِتٌّ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَ أُخْرِجَ مِنَ الدَّارِ وَ أُلْقِیَ عَلَی بَعْضِ مَزَابِلِ الْمَدِینَةِ لَا یُقْدِمُ أَحَدٌ عَلَی مُوَارَاتِهِ خَوْفاً مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ، حَتَّی احْتِیلَ لِدَفْنِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَأُخِذَ سِرّاً فَدُفِنَ فِی حَشِّ كَوْكَبٍ، وَ هِیَ مَقْبَرَةٌ كَانَتْ لِلْیَهُودِ بِالْمَدِینَةِ، فَلَمَّا وَلِیَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَصَلَهَا بِمَقَابِرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

وَ فِی هَذَا الْیَوْمِ بِعَیْنِهِ بَایَعَ النَّاسُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بَعْدَ عُثْمَانَ، وَ رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَیْهِ فِی الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ، وَ اتَّفَقَتِ الْكَافَّةُ عَلَیْهِ طَوْعاً بِالاخْتِیَارِ (4)، وَ فِی هَذَا الْیَوْمِ فَلَجَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ مِنَ السَّحَرَةِ (5)، وَ أَخْزَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ وَ جُنُودَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَ الضَّلَالِ، وَ فِیهِ نَجَّی اللَّهُ تَعَالَی إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ النَّارِ وَ جَعَلَهَا بَرْداً وَ سَلَاماً كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَ فِیهِ نَصَبَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَصِیَّهُ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ نَطَقَ بِفَضْلِهِ عَلَی رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَ فِیهِ أَظْهَرَ عِیسَی وَصِیَّهُ شَمْعُونَ الصَّفَا، وَ فِیهِ أَشْهَدَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ سَائِرَ رَعِیَّتِهِ عَلَی اسْتِخْلَافِ آصَفَ وَصِیِّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ فِیهِ نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (6)وَ دَلَّ عَلَی فَضْلِهِ بِالْآیَاتِ وَ الْبَیِّنَاتِ، وَ هُوَ یَوْمٌ كَثِیرُ الْبَرَكَاتِ.

ص: 493


1- العدد القویّة فی المخاوف الیومیّة: 200- 201.
2- فی المصدر زیادة: و هو أوّل خلفاء بنی أمیّة. و إلی هنا قد أورده المصنّف- رحمه اللّٰه- فی بحاره 98- 194 أیضا.
3- فی العدد زیادة: عام.
4- و من قوله: فی هذا الیوم .. إلی هنا ذكره العلّامة المجلسیّ أیضا فی بحاره 98- 194.
5- فی المصدر: فلح موسی بن عمران علی السّحرة .. و هو الظّاهر.
6- من قوله: و فیه نصب .. إلی هنا لا یوجد فی العدد المطبوع.

«12»-ختص (1)قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ (2)وَ هُوَ ابْنُ إِحْدَی وَ ثَمَانِینَ سَنَةً، وَ وَلِیَ الْأَمْرَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً.

أَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (3)عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِی الْعَاصِ بْنِ أُمَیَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیٍّ الْقُرَشِیُّ الْأُمَوِیُّ، یُكَنَّی: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَ أَبَا عَمْرٍو (4)، وَ وُلِدَ فِی السَّنَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْفِیلِ، أُمُّهُ أَرْوَی بِنْتُ كَرِیزِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ حَبِیبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیٍّ، وَ أُمُّهَا الْبَیْضَاءُ أُمُّ حَكِیمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] (5)،

زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ابْنَتَیْهِ رُقَیَّةَ ثُمَّ أُمَّ كُلْثُومٍ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَی (6)

، وَ بُویِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ یَوْمَ السَّبْتِ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ بَعْدَ دَفْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَیْهِ، وَ قُتِلَ بِالْمَدِینَةِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ، ذَكَرَهُ الْمَدَائِنِیُّ، عَنْ أَبِی مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ.

وَ قَالَ الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی عُثْمَانَ النَّهْدِیِّ: قُتِلَ فِی وَسَطِ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ. وَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ عُثْمَانُ عَلَی رَأْسِ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً وَ اثْنَیْنِ وَ عِشْرِینَ یَوْماً مِنْ مَقْتَلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَ عَلَی رَأْسِ خَمْسٍ وَ عِشْرِینَ (7)مِنْ مُتَوَفَّی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] .

ص: 494


1- الاختصاص: 130.
2- لا یوجد فی س و المصدر: بن عفّان.
3- الاستیعاب المطبوع هامش الإصابة 3- 69- 81، و هی مقاطع من كلامه هناك.
4- هنا سقط یراجع الاستیعاب.
5- هنا سقط كثیر یراجع المصدر 3- 70- 71.
6- فی المصدر: بعد واحدة. ثمّ بعده سقط جاء فی صفحة: 71.
7- فی المصدر: بعد واحدة. ثمّ بعده سقط جاء فی صفحة: 71.

وَ قَالَ الْوَاقِدِیُّ: قُتِلَ (1)یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَیَالٍ خَلَتْ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ.

و قد قیل: إنّه قتل یوم الجمعة للیلتین بقیتا من ذی الحجّة، و قد روی ذلك عن الواقدی أیضا.

وَ (2)قَالَ الْوَاقِدِیُّ: وَ حَاصَرُوهُ تِسْعَةً وَ أَرْبَعِینَ یَوْماً، وَ قَالَ الزُّبَیْرُ: حَاصَرُوهُ شَهْرَیْنِ وَ عِشْرِینَ یَوْماً، وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَیْهِ الدَّارَ (3)مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ فَأَخَذَ بِلِحْیَتِهِ، فَقَالَ لَهُ (4)دَعْهَا یَا ابْنَ أَخِی فَوَ اللَّهِ (5)لَقَدْ كَانَ أَبُوكَ یُكْرِمُهَا، فَاسْتَحَی وَ خَرَجَ، ثُمَّ دَخَلَ رُومَانُ بْنُ أَبِی «(6)» سِرْحَانَ رَجُلٌ أَزْرَقُ قَصِیرٌ مَحْدُودٌ عِدَادُهُ فِی مُرَادٍ، وَ هُوَ مِنْ ذِی أَصْبَحَ مَعَهُ خَنْجَرٌ فَاسْتَقْبَلَهُ بِهِ وَ قَالَ: عَلَی أَیِّ دِینٍ أَنْتَ یَا نَعْثَلُ؟. فَقَالَ عُثْمَانُ: لَسْتُ بِنَعْثَلَ، وَ لَكِنِّی عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَ أَنَا عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ قَالَ: كَذَبْتَ، وَ ضَرَبَهُ عَلَی صُدْغِهِ الْأَیْسَرِ فَقَتَلَهُ، فَخَرَّ، وَ أَدْخَلَتْهُ امْرَأَتُهُ نَائِلَةُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ ثِیَابِهَا، وَ كَانَتِ امْرَأَةً جَسِیمَةً، وَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ مَعَهُ السَّیْفُ مُصْلَتاً، فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَأَقْطَعَنَّ أَنْفَهُ، فَعَالَجَ الْمَرْأَةَ فَكَشَفَ عَنْ ذِرَاعَیْهَا وَ قَبَضَتْ عَلَی السَّیْفِ فَقَطَعَ إِبْهَامَهَا، فَقَالَتْ لِغُلَامِ عُثْمَانَ (7)یُقَالُ لَهُ: رَبَاحٌ وَ مَعَهُ سَیْفُ عُثْمَانَ: أَعِنِّی عَلَی هَذَا وَ أَخْرِجْهُ عَنِّی، فَضَرَبَهُ الْغُلَامُ بِالسَّیْفِ فَقَتَلَهُ، وَ أَقَامَ (8)عُثْمَانُ یَوْمَهُ ذَلِكَ مَطْرُوحاً إِلَی اللَّیْلِ فَحَمَلَهُ رِجَالٌ عَلَی بَابٍ

ص: 495


1- فی المصدر زیادة: عثمان.
2- خطّ علی الواو فی ك.
3- فی الاستیعاب 2- 477- 478: الدّار علیه- بتقدیم و تأخیر-.
4- لا توجد: له، فی المصدر.
5- فی الاستیعاب: و اللّٰه.
6- لا توجد فی المصدر: أبی.
7- فی المصدر: لعثمان.
8- فی الاستیعاب: و بقی، بدلا من: و أقام.

لِیَدْفِنُوهُ فَعَرَضَ لَهُمْ نَاسٌ لِیَمْنَعُوهُمْ (1)مِنْ دَفْنِهِ، فَوَجَدُوا قَبْراً قَدْ كَانَ حُفِرَ لِغَیْرِهِ فَدَفَنُوهُ فِیهِ، وَ صَلَّی عَلَیْهِ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ.

وَ اخْتُلِفَ فِیمَنْ بَاشَرَ قَتْلَهُ بِنَفْسِهِ، فَقِیلَ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ ضَرَبَهُ بِمِشْقَصٍ، وَ قِیلَ: بَلْ حَبَسَهُ مُحَمَّدٌ وَ أَشْعَرَهُ (2)غَیْرُهُ، وَ كَانَ الَّذِی قَتْلَهُ سُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ، وَ قِیلَ: بَلْ وَلِیَ قَتْلَهُ رُومَانُ الْیَمَانِیُّ، وَ قِیلَ: بَلْ رُومَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أَسَدِ بْنِ خُزَیْمَةَ (3)، وَ قِیلَ: (4)إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ أَخَذَ بِلِحْیَتِهِ فَهَزَّهَا، وَ قَالَ: مَا أَغْنَی عَنْكَ مُعَاوِیَةُ، وَ مَا أَغْنَی عَنْكَ ابْنُ أَبِی سَرْحٍ، مَا (5)أَغْنَی عَنْكَ ابْنُ عَامِرٍ. فَقَالَ لَهُ: یَا ابْنَ أَخِی! أَرْسِلْ لِحْیَتِی وَ اللَّهِ (6)إِنَّكَ لَتَجْبِذُ (7)لِحْیَةً كَانَتْ تَعِزُّ عَلَی أَبِیكَ، وَ مَا كَانَ أَبُوكَ یَرْضَی مَجْلِسَكَ هَذَا مِنِّی، فَیُقَالُ: إِنَّهُ حِینَئِذٍ تَرَكَهُ وَ خَرَجَ عَنْهُ، وَ یُقَالُ:

إِنَّهُ حِینَئِذٍ أَشَارَ إِلَی مَنْ (8)مَعَهُ فَطَعَنَهُ أَحَدُهُمْ وَ قَتَلُوهُ، فَاللَّهُ (9)أَعْلَمُ. وَ أَكْثَرُهُمْ یَرْوِی أَنَّ قَطْرَةً أَوْ قَطَرَاتٍ مِنْ دَمِهِ سَقَطَتْ عَلَی الْمُصْحَفِ عَلَی قَوْلِهِ (10)

(فَسَیَكْفِیكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ) (11)

وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ یُقَالُ لَهُ: جَبَلَةُ بْنُ الْأَیْهَمِ، ثُمَّ طَافَ

ص: 496


1- قد تقرأ فی ك: لیمنعونهم.
2- فی المصدر: محمّد بن أبی بكر و أسعده.
3- فی الاستیعاب: حزیمة.
4- جاءت زیادة: بل، فی المصدر.
5- فی المصدر: و ما، و قد كتب علی الواو رمز الاستظهار فی ك و لا توجد فی س.
6- فی المصدر: فو اللّٰه.
7- قال فی النّهایة 1- 235: الجبذ لغة فی الجذب، و قیل: هو مقلوب.
8- زیادة: كان، فی الاستیعاب.
9- فی المصدر: و اللّٰه.
10- الزّیادة فی المصدر: جلّ و علا.
11- البقرة: 137. و ما بعدها نقل بالمعنی عن المصدر.

بِالْمَدِینَةِ ثَلَاثاً یَقُولُ: أَنَا قَاتِلُ نَعْثَلٍ (1)، ثُمَّ رَوَی خَبَرَ دَفْنِهِ كَمَا مَرَّ (2)

وَ قَالَ (3)وَ اخْتُلِفَ فِی سِنِّهِ حِینَ قُتِلَ (4)، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانِینَ سَنَةً، وَ قَالَ غَیْرُهُ: ابْنُ ثَمَانٍ وَ ثَمَانِینَ (5)، وَ قِیلَ: ابْنُ تِسْعِینَ (6)، وَ قَالَ قَتَادَةُ (7)ابْنُ سِتٍّ وَ ثَمَانِینَ (8)وَ قَالَ الْوَاقِدِیُّ: لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّهُ قُتِلَ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَیْنِ (9)وَ ثَمَانِینَ سَنَةً، وَ قِیلَ: ابْنُ تِسْعِینَ سَنَةً (10)وَ دُفِنَ لَیْلًا بِمَوْضِعٍ یُقَالُ لَهُ:

ص: 497


1- و أخرج الحاكم فی المستدرك 3- 106 بإسناده عن كنانة العدویّ، قال: كنت فیمن حاصر عثمان، قال: قلت: محمّد بن أبی بكر قتله؟. قال: لا، قتله جبلة بن الأیهم- رجل من أهل مصر- قال: و قیل: قتله كبیرة السّكونیّ، فقتل فی الوقت. و قیل: قتله كنانة بن بشر التجیبی، ثمّ قال: و لعلّهم اشتركوا فی قتله. و ذكر الاختلاف فی قتل عثمان المحبّ الطّبریّ فی ریاضه 2- 130، و ابن عساكر فی تاریخه 7- 175 و غیرهما.
2- أقول: روی ابن عبد البرّ فی الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 3- 341- 342 و فی 3- 353 ما حاصله- أنّه كان أشدّ الناس علی التألیب علی عثمان المحمّدون: محمّد بن أبی بكر، و محمّد بن أبی حذیفة، و محمّد بن عمرو بن حزم. ثمّ إنّ الحجّاج لمّا قدم المدینة أقام بها شهرا أو شهرین فأساء إلی أهلها و استخفّ بهم، و قال: إنّهم قتلة أمیر المؤمنین عثمان!، و ختم ید جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری برصاص و أیدی قوم آخرین كما یفعل بالذمّة، منهم: أنس بن مالك ختم عنقه، و أرسل إلی سهل بن سعد فدعاه، فقال: ما منعك أن تنصر أمیر المؤمنین عثمان بن عفّان؟. قال: قد فعلت. قال: كذبت، ثمّ أمر به فختم فی عنقه برصاص!. كما أورده البلاذری فی الأنساب 5- 373، و الطبریّ فی تاریخه 7- 206، و ابن الأثیر فی الكامل 4- 149، و غیرهم. و صرّح فی الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 3- 199 فی ترجمة فروة بن عمرو أنّه كان ممّن أعان علی قتل عثمان، و به قال فی أسد الغابة 4- 179، و الإصابة 3- 204، و شرح الموطإ للزرقانی 1- 152.
3- الاستیعاب- المطبوع هامش الإصابة- 3- 80 [2- 477- 478].
4- فی المصدر: قتلوه.
5- فی الاستیعاب زیادة: و قتل و هو ابن ... سنة.
6- زیادة: سنة، جاءت فی المصدر.
7- فی الاستیعاب زیادة: قتل عثمان و هو ..
8- زیادة: سنة، جاءت فی المصدر.
9- فی المصدر: اثنین.
10- لا یوجد فی المصدر: و قیل ابن تسعین سنة، و فیه: و هو قول ابن الیقظان.

حَشُّ كَوْكَبٍ، وَ كَوْكَبٌ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَ الْحَشُّ الْبُسْتَانُ (1)

وَ قِیلَ (2)صَلَّی عَلَیْهِ عَمْرٌو ابْنُهُ، وَ قِیلَ: بَلْ صَلَّی عَلَیْهِ حَكِیمُ بْنُ خرام [حِزَامٍ (3)، وَ قِیلَ: الْمِسْوَرُ بْنُ محزمة [مَخْرَمَةَ] (4)وَ قِیلَ: كَانُوا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً .. فَلَمَّا دَفَنُوهُ غَیَّبُوا قَبْرَهُ.

وَ قَالَ (5)ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ وَلَایَتُهُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا اثْنَیْ عَشَرَ یَوْماً (6)

وَ قَالَ غَیْرُهُ: كَانَتْ خِلَافَتُهُ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً وَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ یَوْماً، وَ قِیلَ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً.

أقول: روی مؤلف كتاب إلزام النواصب (7)، عن هشام بن محمد السائب، أنّه قال: و ممّن كان (8)یلعب به و یفتحل (9)عفّان أبو عثمان، قال: و كان یضرب بالدفّ.

ص: 498


1- قال فی النّهایة 1- 390: و فیه: أنّ هذه الحشوش محتضرة .. یعنی الكنف و مواضع قضاء الحاجة، الواحد حشّ- بالفتح- و أصله من الحشّ: البستان، لأنّهم كانوا كثیرا ما یتغوّطون فی البساتین، و منه حدیث عثمان أنّه دفن فی حشّ كوكب و هو بستان بظاهر المدینة خارج البقیع.
2- هنا كلام غیر متّصل، و ما یأتی مضمون الكلام.
3- فی المصدر: حزام.
4- فی الاستیعاب: مخرمة.
5- فی المصدر: قال- بلا واو-.
6- زاد فی المصدر: و قیل: ثمانیة عشر یوما.
7- إلزام النواصب- من النسخة الخطیة المصورة عندنا المرقمة بصفحة: 98.
8- لا توجد: كان، فی المصدر.
9- قال فی الصحاح 5- 1789: و أفحلته: إذا أعطیته فحلا یضرب فی إبله، و فحلت إبلی: إذا أرسلت فیها فحلا، و تفحّل .. أی تشبّه بالفحل. هذا و لعلّ الافتحال بمعنی طلب الفحل. و فی الاستیعاب: یقتحر، و لم نجد له معنی مناسبا فی ما بأیدینا من مصادر لغویّة.

[30] باب تبری أمیر المؤمنین علیه السلام عن دم عثمان و عدم إنكاره أیضا

«1»-نَهْجٌ (1)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَتْلِ عُثْمَانَ: لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا، أَوْ نَهَیْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً، غَیْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ، وَ مَنْ خَذَلَهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی، وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ، وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ، وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِی الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ (2)

بیان: قال ابن أبی الحدید (3)معناه أنّ خاذلیه كانوا خیرا من ناصریه، لأنّ الذین نصروه كانوا (4)فسّاقا كمروان بن الحكم و أضرابه، و خذله المهاجرون و الأنصار.

و المستأثر بالشّی ء: المستبدّ به (5).. أی أساء عثمان فی استقلاله برأیه فی

ص: 499


1- نهج البلاغة- محمّد عبده- 1- 75، صبحی صالح: 73 خطبة: 30.
2- و لقد أجاد ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرحه للخطبة فی 2- 54- 59 و بیان مراده علیه السّلام، فراجع.
3- فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 2- 128.
4- فی المصدر: كان أكثرهم.
5- قاله فی مجمع البحرین 3- 199، و القاموس 1- 362، و غیرهما.

الخلافة و إحداث ما أحدث.

قوله علیه السلام: للّٰه حكم واقع .. أی ثابت محقّق (1)فی علمه تعالی، فالحكم یحتمل الدنیوی و الأخروی أو سیقع و یتحقّق خارجا فی الآخرة أو فی الدنیا، لأنّ مجموعه لم یتحقّق بعد و إن تحقّق بعضه.

«2»-نَهْجٌ (2)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَلَغَهُ اتَّهَامُ بَنِی أُمَیَّةَ لَهُ بِالْمُشَارَكَةِ فِی دَمِ عُثْمَانَ:

أَ وَ لَمْ یَنْهَ بَنِی (3)أُمَیَّةَ عِلْمُهَا بِی عَنْ قَرْفِی؟، أَ مَا وَزَعَ الْجُهَّالَ سَابِقَتِی عَنْ تُهَمَتِی؟

وَ لَمَا وَعَظَهُمُ اللَّهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِی (4)، أَنَا حَجِیجُ الْمَارِقِینَ، وَ خَصِیمُ الْمُرْتَابِینَ (5)، عَلَی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی تُعْرَضُ الْأَمْثَالُ، وَ بِمَا فِی الصُّدُورِ تُجَازَی الْعِبَادُ.

توضیح: قرفه كضربه- .. أی اتّهمه (6)

و وزعه عنه: صرفه و كفّه (7)

ص: 500


1- قال فی القاموس 3- 96: وقع القول: وجب، و الحقّ: ثبت.
2- نهج البلاغة- محمّد عبده- 1- 125، صبحی صالح: 102 خطبة: 75، بتصرّف.
3- لا توجد فی مطبوع البحار: بنی.
4- قال ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح قوله علیه السّلام: و لما وعظهم اللّٰه به أبلغ من لسانی: 2- 206: تعذیر لنفسه فی عدم ردعه لهم عن الغیبة و أمثالها .. أی إذا كان وعظ اللّٰه لهم- مع كونه أبلغ من كلامی- لا یردعهم، فكلامی بطریق الأولی! و زواجر كتاب اللّٰه كقوله: «إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» ... و نحوه من القرآن كثیر، و أراد بلسانه وعظه مجازا إطلاقا لاسم السّبب علی المسبّب. و انظر ما جاء فی شرح ابن أبی الحدید 6- 169، و منهاج البراعة 1- 299، و غیرهما.
5- فی نهج البلاغة- صبحی صالح-: و خصیم النّاكثین.
6- قاله فی القاموس 3- 184، و الصحاح 4- 1415.
7- قال فی مجمع البحرین 4- 402: و وزعته وزعا: كففته فاتّزع .. أی كفّ، و منه حدیث علیّ علیه السلام: أ ما وزع الجهّال سابقتی عن تهمتی .. أی دفع و كفّ، و قال فی المصباح المنیر 2- 377: وزعته عن الأمر أزعه وزعا- من باب وهب-: منعته عنه و حبسته. و قال فی النهایة 5- 180: .. لا یزعنی .. أی لا یزجرنی و لا ینهانی. و لاحظ: القاموس 3- 93، و الصحاح 3- 1297.

و السّابقة: الفضیلة و التّقدّم (1)، و المراد باللسان القول.

و الحجیج: المغالب بإظهار الحجّة (2)

و المارقون: الخارجون من الدّین (3)

و الخصیم: المخاصم (4)

و المرتابون: الشّاكّون (5)فی الدین أو فی إمامته، أو فی كلّ حقّ.

و المحاجّة: المخاصمة (6)إمّا فی الدنیا، أو فیها، و فی الآخرة.

وَ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِینَ لِلنَّهْجِ:

رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی: (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ) (7)، فَقَالَ: عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ ...

إلی آخر ما مرّ فی الأخبار الكثیرة فی غزوة بدر (8)

قال:

و كان علیّ علیه السلام یكثر من قوله: أنا حجیج المارقین.

و یشیر إلی هذا المعنی، و أشار إلی ذلك

بقوله: علی كتاب اللّٰه تعرض الأمثال.

یرید قوله: (هذانِ خَصْمانِ.) (9)الآیة، و قال بعضهم: لمّا كان فی أقواله و أفعاله علیه السلام ما یشبه الأمر بالقتل أو فعله فأوقع فی نفوس الجهّال شبهة القتل نحو ما

رُوِیَ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: اللَّهُ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ.

، و كتخلّفه فی داره عن الخروج یوم قتل،

ص: 501


1- قال فی مجمع البحرین 5- 182، و الصحاح 4- 1494، و القاموس 3- 243: و له سابقة فی هذا الأمر .. أی سبق الناس إلیه، و قال فی الأخیر: سبقه: تقدّمه.
2- ذكره فی النهایة 1- 341، و لسان العرب 2- 228.
3- صرّح بذلك فی النهایة 4- 320، و لسان العرب 10- 341، و غیرهما.
4- كما قاله فی القاموس 4- 107، و لسان العرب 12- 181.
5- أورده فی لسان العرب 1- 442، و القاموس 1- 77.
6- قال فی المصباح المنیر 1- 149: و حاجّه- محاجّة فحجّه یحجّه، من باب قتل- إذا غلبته فی الحجّة، و قال فی لسان العرب 2- 228: حاجّه محاجّة و حجاجا: نازعه الحجّة.
7- الحجّ: 19.
8- بحار الأنوار 19- 133 و 202 و ما بعدها، و الروایة جاءت فی 19- 289.
9- الحجّ: 19.

فقال: ینبغی أن یعرض ذلك علی كتاب اللّٰه، فإن دلّ علی كون شی ء من ذلك قتلا فلیحكم به و إلّا فلا.

و یحتمل أن یراد بالأمثال الحجج أو (1)الأحادیث كما ذكرها فی القاموس (2).. أی ما احتجّ به فی مخاصمة المارقین و المرتابین و ما یحتجّون به فی مخاصمتی ینبغی عرضها علی كتاب اللّٰه حتی یظهر صحّتهما و فسادهما، أو ما یسندون إلیّ فی أمر عثمان و ما یروی فی أمری و أمر عثمان یعرض علی كتاب اللّٰه.

و بما فی الصدور .. أی بالنیّات و العقائد، أو بما یعلمه اللّٰه من مكنون الضمائر لا علی وفق ما یظهره المتخاصمان عند الإحتجاج یجازی اللّٰه العباد.

«3»-نَهْجٌ (3)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بَعْدَ مَا بُویِعَ بِالْخِلَافَةِ وَ قَالَ (4)لَهُ قَوْمٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَوْ عَاقَبْتَ قَوْماً مِمَّنْ أَجْلَبَ عَلَی عُثْمَانَ.

فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: یَا إِخْوَتَاهْ! إِنِّی لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ، وَ لَكِنْ كَیْفَ لِی بِقُوَّةٍ وَ الْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ عَلَی حَدِّ شَوْكَتِهِمْ، یَمْلِكُونَنَا وَ لَا نَمْلِكُهُمْ، وَ هَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ، وَ الْتَفَّتْ إِلَیْهِمْ أَعْرَابُكُمْ، وَ هُمْ خِلَالَكُمْ یَسُومُونَكُمْ مَا شَاءُوا، وَ هَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَةٍ عَلَی شَیْ ءٍ تُرِیدُونَهُ؟ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِیَّةٍ، وَ إِنَّ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَادَّةً، إِنَّ النَّاسَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا حُرِّكَ عَلَی أُمُورٍ فِرْقَةٌ تَرَی مَا تَرَوْنَ، وَ فِرْقَةٌ تَرَی مَا لَا تَرَوْنَ، وَ فِرْقَةٌ لَا تَرَی لَا هَذَا وَ لَا هَذَا (5)، فَاصْبِرُوا حَتَّی یَهْدَأَ النَّاسُ، وَ تَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا، وَ تُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً، فَاهْدَءُوا عَنِّی، وَ انْظُرُوا مَا ذَا یَأْتِیكُمْ بِهِ (6)أَمْرِی، وَ لَا تَفْعَلُوا فَعْلَةً تُضَعْضِعُ قُوَّةً (7)وَ تُسْقِطُ مُنَّةً،

ص: 502


1- فی ك: و، بدلا من: أو.
2- القاموس 4- 49.
3- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 80، صبحی صالح: 243، خطبة 168.
4- فی النّهج: و قد قال.
5- فی المصدر: لا تری هذا و لا ذاك و هو الظّاهر.
6- فی س وضع علی: به، رمز نسخة بدل.
7- هنا عبارة جاءت فی س: و تسقط قوّة، و قد خطّ علیهما فی ك، و لا توجد فی المصدر.

وَ تُورِثُ وَهْناً وَ ذِلَّةً، وَ سَأُمْسِكُ الْأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ، وَ إِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً، فَآخِرُ الدَّوَاءِ الْكَیُّ (1)

إیضاح:

لو عاقبت .. جزاء الشرط محذوف .. أی لكان حسنا و نحوه.

و أجلبوا (2)علیه .. تجمّعوا و تألّبوا (3)

قوله علیه السلام: علی حدّ شوكتهم.

أی لم ینكسر سورتهم، و الحدّ:

منتهی الشّی ء، و من كلّ شی ء: حدّته، و منك: بأسك (4)

و الشّوكة: شدّة البأس و الحدّ (5)فی السّلاح (6)

وَ رُوِیَ أَنَّهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَجْمَعَ النَّاسَ وَ وَعَظَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لِتَقُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ، فَقَامَ النَّاسُ بِأَسْرِهِمْ إِلَّا قَلِیلٌ.

، وَ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ اسْتِشْهَاداً عَلَی قَوْلِهِ.

و العبدان (7)جمع عبد (8)

ص: 503


1- فی المطبوع من البحار: فآخر الدّاء الكیّ. و انظر شرح كلامه صلوات اللّٰه علیه و آله فی شرح ابن أبی الحدید 9- 291 و ما بعدها، و شرح ابن میثم البحرانیّ 3- 320- 323، و منهاج البراعة 2- 143، و غیرها.
2- قال هذا فی النهایة 1- 282، و قال بعده: و أجلبه: أعانه، و أجلب علیه: إذا صاح به و استحثّه. و بنصّه ذكره فی الصحاح 1- 100.
3- فی س: ثالبوا. و لا معنی لها هنا.
4- كما فی القاموس 1- 286.
5- كذا، و الظاهر: الحدّة، كما فی المصادر الآتیة.
6- قاله فی مجمع البحرین 5- 277، و فی معناه فی لسان العرب 10- 454، و المصباح المنیر 1- 396، و القاموس 3- 3110. و انظر- أیضا-: النهایة 2- 510، و الصحاح 4- 1595.
7- أقول: عبدان، و عبدان، و عبدان ... كلّها جمع عبد، كما قاله فی القاموس 1- 311.
8- صرّح به فی الصحاح 2- 502، و القاموس 1- 311.

و التفّت .. أی انضمّت و اختلطت (1)

و هم خلالكم .. أی بینكم (2)

یسومونكم .. أی یكلّفونكم (3)

قوله علیه السلام: إنّ هذا الأمر.

أی أمر المجلبین علیه، كما قال ابن میثم، و المعنی أنّ قتلهم لعثمان كان عن تعصّب و حمیّة لا لطاعة أمر اللّٰه و إن كان فی الواقع مطابقا له.

و یمكن أن یكون المراد أنّ ما (4)تریدون من معاقبة القوم أمر جاهلیّة نشأ عن تعصّبكم و حمیّتكم و أغراضكم الباطلة، و فیه إثارة للفتنة و تهییج للشرّ، و الأول أنسب بسیاق الكلام (5)، إذ ظاهر أنّ إیراد تلك الوجوه للمصلحة و إسكات الخصم، و عدم تقویة شبه المخالفین الطالبین لدم عثمان.

قوله: مسمحة ... أی منقادة بسهولة (6)

و یقال: ضعضعه .. أی هدمه حتّی الأرض (7)

و المنّة بالضّم-: القوّة (8)

قوله علیه السلام: فآخر الدواء الكیّ.

كذا فی أكثر النسخ المصحّحة،

ص: 504


1- قال فی المصباح المنیر 2- 249: لففته لفّا من باب قتل، فالتفّ، و التفّ النبات بعضه ببعض: اختلط و نشب، و التفّ بثوبه: اشتمل. و قال فی لسان العرب 9- 318: التفّ الشی ء: تجمّع و تكاثف. و انظر: مجمع البحرین 5- 121، و القاموس 3- 195- 196.
2- كما ذكره فی مجمع البحرین 5- 364، و لسان العرب 11- 213، و انظر: الصحاح 4- 1687، و النهایة 2- 72، و المصباح المنیر 1- 219.
3- كما قاله فی القاموس 4- 133، و لسان العرب 12- 311، و لاحظ: مجمع البحرین 6- 93.
4- فی ك: إما أن.
5- و یؤید ذلك قوله: فاصبروا حتّی یهدأ الناس.
6- قال فی النهایة 2- 398 یقال: أسمحت نفسه .. أی انقادت. و قال فی الصحاح 1- 376: أسمحت قرونته .. أی ذلّت نفسه و تابعت، و مثلهما فی القاموس 1- 229.
7- ذكره فی الصحاح 3- 1250، و القاموس 3- 56، و مجمع البحرین 4- 365.
8- قاله فی مجمع البحرین 6- 319، و الصحاح 6- 2207، و القاموس 4- 272.

و لعلّ المعنی بعد الداء الكیّ إذا اشتدّ الداء و لم یزل بأنواع المعالجات فیزول بالكیّ و ینتهی أمره إلیه (1)

و قال ابن أبی الحدید (2)آخر الدواء الكیّ مثل مشهور، و یقال: آخر الطبّ (3)، و یغلط فیه العامّة فتقول: آخر الداء الكیّ، ثم قال: لیس معناه:

و سأصبر عن معاقبة هؤلاء ما أمكن فإذا لم أجد بدّا عاقبتهم، و لكنّه كلام قاله علیه السلام أوّل مسیر طلحة و الزبیر إلی البصرة، فإنّه حینئذ أشار علیه قوم بمعاقبة المجلبین فاعتذر علیه السلام بما ذكر، ثم قال: سأمسك نفسی عن محاربة هؤلاء الناكثین و أقنع بمراسلتهم و تخویفهم، فإذا لم أجد بدّا فآخر الدواء الحرب.

أقول: و یحتمل أن یكون ذلك توریة منه علیه السلام لیفهم بعض المخاطبین المعنی الأول (4)، و مراده المعنی الثانی.

«4»-مَا (5)أَبُو عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْعَالِیَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنْ شَاءَ النَّاسُ قُمْتُ لَهُمْ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ فَحَلَفْتُ لَهُمْ بِاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَ لَا أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ، وَ لَقَدْ نَهَیْتُهُمْ فَعَصَوْنِی.

قب (6)

رُوِیَ أَنَّ أَصْحَابَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (7)كَانُوا فِرْقَتَیْنِ: إِحْدَاهُمَا:

ص: 505


1- قال فی المستقصی 1- 5: و من روی آخر الدواء الكیّ، فهذا المثل یضرب فی إعمال المخاشنة مع العدوّ إذا لم یجد معه اللین و المداراة.
2- فی شرحه علی نهج البلاغة 9- 291.
3- ذكره فی المستقصی 1- 3، و غیره.
4- قال فی المستقصی 1- 5: آخر الدواء الكیّ: یضرب فی من یستعمل فی أوّل الأمر ما یجب استعماله فی آخره.
5- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 275، مع تفصیل فی الإسناد.
6- المناقب لابن شهرآشوب 2- 144- 145.
7- فی المصدر: و ذلك أنّ أصحابه، بدلا من: روی أنّ أصحاب أمیر المؤمنین.

اعْتَقَدُوا أَنَّ عُثْمَانَ (1)قُتِلَ مَظْلُوماً وَ یَتَوَالاهُ وَ یَتَبَرَّأُ (2)مِنْ أَعْدَائِهِ، وَ الْأُخْرَی وَ هُمْ جُمْهُورُ أَهْلِ (3)الْحَرْبِ وَ أَهْلِ الْغَنَاءِ (4)وَ الْبَأْسِ اعْتَقَدُوا (5)أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ لِأَحْدَاثٍ أَوْجَبَتْ عَلَیْهِ الْقَتْلَ، وَ مِنْهُمْ مَنْ یُصَرِّحُ بِتَكْفِیرِهِ، وَ كُلٌّ مِنْ هَاتَیْنِ الْفِرْقَتَیْنِ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَی رَأْیِهِ، وَ كَانَ یَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَی وَافَقَ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ بَایَنَتْهُ (6)الْأُخْرَی وَ أَسْلَمَتْهُ، وَ تَوَلَّتْ عَنْهُ وَ خَذَلَتْهُ، فَكَانَ یَسْتَعْمِلُ فِی كَلَامِهِ مَا یُوَافِقُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَیْنِ.

أقول: قد مرّ القول فی ذلك فی سیاق مطاعنه، و لا یخفی علی أحد أنّ أقواله و أفعاله علیه السلام فی تلك الواقعة تدلّ علی أنّه علیه السلام كان منكرا لأفعاله و خلافته راضیا بدفعه، لكن لم یأمر صریحا بقتله لعلمه بما یترتّب علیه من المفاسد أو تقیّة، و لم ینه القاتلین أیضا لأنّهم كانوا محقّین، و كان علیه السلام یتكلّم فی الإحتجاج علی الخصوم علی وجه لا یخالف الواقع و لا یكون للجهّال و أهل الضلال أیضا علیه حجّة، و كان هذا ممّا یخصّه من فصل الخطاب و ممّا یدلّ علی وفور علمه فی كلّ باب.

ص: 506


1- فی المناقب: أحدهما علی أنّ عثمان ..
2- فی المصدر: و تتولّاه و تتبرّأ.
3- لا توجد: أهل، فی المصدر.
4- فی ك: نسخة بدل: العناء، و هو الظّاهر. و فی المصدر: الغنی.
5- فی المناقب: یعتقدون.
6- الكلمة مشوّشة فی المطبوع. و ما أثبتناها من المصدر. و تقرأ: بایبته.

[31] باب ما ورد فی لعن بنی أمیّة و بنی العبّاس و كفرهم

الآیات:

إبراهیم: (وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (1)

و قال تعالی: (أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ) (2)

الإسراء: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً كَبِیراً) (3)

تفسیر: (مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ.) (4)

ص: 507


1- إبراهیم: 26.
2- إبراهیم: 28- 29.
3- الإسراء: 60.
4- إبراهیم: 26.

قال فی مجمع البیان: (1)و (2)هی كلمة الشرك و الكفر .. (3)، و قیل: (4)كلّ كلام فی معصیة اللّٰه ... (كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ) غیر زاكیة، و هی شجرة الحنظل ...

و قیل: إنّها شجرة هذه صفتها، و هو أنّه لا قرار لها فی الأرض ... و قیل: إنّها الكشوث ... (5)

وَ رَوَی أَبُو الْجَارُودِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَنَّ هَذَا مَثَلُ بَنِی أُمَیَّةَ (اجْتُثَّتْ). أَیْ قُطِعَتْ وَ اسْتُؤْصِلَتْ وَ اقْتَلَعْتَ جُثَّتَهَا مِنَ الْأَرْضِ (ما لَها مِنْ قَرارٍ). أَیْ مَا لِتِلْكَ الشَّجَرَةِ مِنْ ثَبَاتٍ، فَإِنَّ الرِّیحَ تَنْسِفُهَا وَ تَذْهَبُ بِهَا ...

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا شَجَرَةٌ لَمْ یَخْلُقْهَا اللَّهُ بَعْدُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ.

(أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ.) (6).. أی (7)أ لم تر إلی هؤلاء الكفّار عرفوا نعمة اللّٰه بمحمّد صلّی اللّٰه علیه و آله .. أی عرفوا محمّدا ثم كفروا به فبدّلوا مكان الشكر كفرا.

وَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِی أَنْعَمَ بِهَا عَلَی عِبَادِهِ، وَ بِنَا یَفُوزُ مَنْ فَازَ ..

أو المراد جمیع نعم اللّٰه علی العموم بدّلوها أقبح التبدیل، إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها، و اختلف فی المعنی بالآیة ..

فَرُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ جُبَیْرٍ وَ مُجَاهِدٍ

ص: 508


1- مجمع البیان 6- 313، و النقاط الثلاث علامة الحذف.
2- خطّ علی الواو فی ك.
3- فی التفسیر: الكفر و الشرك- بتقدیم و تأخیر-.
4- فی المصدر زیادة: هو.
5- قال فی القاموس 1- 173: الكشوث- و یضم- و الكشوثی- و یمدّ- و الأكشوث- بالضم-: خلف نبت یتعلّق بالأغصان و لا عرق له فی الأرض. و قیل: نبت یلتفّ علی الشوك و الشجر لا أصل له فی الأرض و لا ورق.
6- إبراهیم: 28.
7- كما جاء فی مجمع البیان 6- 314، بتصرّف.

وَ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُمْ كُفَّارُ قُرَیْشٍ كَذَّبُوا نَبِیَّهُمْ وَ نَصَبُوا لَهُ (1)الْحَرْبَ وَ الْعَدَاوَةَ.

وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ، فَقَالَ: هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ بَنُو أُمَیَّةَ وَ بَنُو الْمُغِیرَةِ، فَأَمَّا بَنُو أُمَیَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَی حِینٍ، وَ أَمَّا بَنُو الْمُغِیرَةِ فَكَفَیْتُمُوهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ.

و قیل: إنّهم جبلة بن الأبهم و من تبعه (2)من العرب تنصّروا و لحقوا بالروم.

(و دارَ الْبَوارِ) (3)دار الهلاك (4)

(وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا) (5)فیه أقوال (6)

أحدها: أنّ المراد بالرؤیا رؤیة العین، و هی الإسراء (7)، و سمّاها فتنة للامتحان و شدّة التكلیف ..

و ثانیها: أنّها رؤیا نوم رآها أنّه سیدخل مكة و هو بالمدینة، فقصدها قصده (8)المشركون حتی (9)دخلت علی قوم منهم الشبهة ...، ثم رجع فدخل فی القابل و ظهر صدق الرؤیا.

و ثالثها:

أنّ ذلك رؤیا رآها النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله (10)أنّ قرودا تصعد منبره و تنزل، فساءه ذلك و اغتمّ به،- رواه سهل بن سعید، عن أبیه ... و هو المرویّ

ص: 509


1- فی س: قصبوا له.
2- فی مجمع البیان: اتبعوه.
3- إبراهیم: 29.
4- ذكره فی مجمع البحرین 3- 231، و الصحاح 2- 598، و القاموس 1- 377.
5- الإسراء: 60.
6- ذكرها الطبرسیّ فی مجمع البیان 6- 424، بتصرّف و اختصار.
7- فی المصدر: و هی ما ذكره فی أوّل السورة من إسراء النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم من مكّة إلی بیت المقدس و إلی السموات فی لیلة واحدة، إلّا أنّه لمّا رأی ذلك لیلا و أخبر بها حین أصبح سمّاها: رؤیا.
8- كذا، و فی المصدر: فصدّه. و هو الصواب.
9- فی المجمع جاءت العبارة هكذا: فی الحدیبیة عن دخولها حتّی شكّ قوم و دخلت علیهم الشبهة.
10- فی المصدر زیادة: فی منامه.

عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام،

و قالوا: علی هذا التأویل أنّ الشجرة الملعونة (1)هی بنو أمیّة، أخبره اللّٰه بتغلّبهم علی مقامه و قتلهم ذریّته ...

و قیل: هی شجرة الزقّوم ...

و قیل: هی الیهود ...

و تقدیر الآیة: و ما جعلنا الرؤیا التی أریناك و الشجرة الملعونة إلّا فتنة للناس.

الأخبار

«1»-نَهْجٌ (2)قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ لِبَنِی أُمَیَّةَ مِرْوَداً یَجْرُونَ فِیهِ، وَ لَوْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِیمَا بَیْنَهُمْ ثُمَّ كَادَتْهُمُ الضِّبَاعُ لَغَلَبَتْهُمْ.

قال السیّد رضی اللّٰه عنه: و المرود هاهنا مفعل من الإرواد، و هو من الإمهال و الإنظار (3)، و هذا من أفصح الكلام و أغربه، فكأنّه علیه السّلام شبّه المهلة الّتی هم فیها بالمضمار الّذی یجرون فیه إلی الغایة، فإذا بلغوا أیّام (4)منقطعها انتقض (5)نظامهم بعدها (6)

ص: 510


1- فی المجمع زیادة: فی القرآن.
2- نهج البلاغة- محمّد عبده- 3- 262، صبحی صالح: 557، كلمات: 464.
3- فی النهج لصبحی صالح: و الإظهار، بدلا من: الإنظار. قال ابن میثم فی شرحه 5- 461 ما نصّه: أقول: استعار لفظ المرود لمدّة دولتهم، و وجه المشابهة هو ما ذكره السیّد. و الكلام ظاهر الصدق، فإنّ دولتهم لم تزل علی الاستقامة إلی حین اختلافهم، و ذلك حین ولّی الولید بن یزید فخرج علیه یزید بن الولید فخرج علیه إبراهیم بن الولید، و قامت حینئذ دعاة بنی العباس بخراسان، و أقبل مروان بن محمّد من الجزیرة یطلب الخلافة، فخلع إبراهیم بن الولید و قتل قوما من بنی أمیّة و اضطرب أمر دولتهم، و كان زوالها علی ید أبی مسلم، و كان فی بدو أمره أضعف خلق اللّٰه و أشدّهم فقرا، و فی ذلك تصدیق قوله علیه السلام: ثم كادتهم الضباع لغلبتهم. و لفظ: الضباع قد یستعار للأراذل و الضعفاء .. و هذا من كراماته.
4- لا توجد: أیّام، فی النهج- بطبعتیه-.
5- فی س: انتفض.
6- انظر شرح كلامه علیه السلام فی منهاج البراعة للقطب الراوندیّ 3- 432، و شرح ابن أبی الحدید 20- 182.

«2»-ل (1)ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَنِ الْأَشْعَرِیِّ، عَنِ ابْنِ عِیسَی، عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ جَرِیرٍ الْبَجَلِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لِلْكُفْرِ جَنَاحَانِ: بَنُو أُمَیَّةَ وَ آلُ الْمُهَلَّبِ.

توضیح:

آل المهلّب: طائفة من الولاة منسوبون إلی المهلّب بن أبی صفرة الأزدی العثكی البصری، و كان رجلا شجاعا حمی البصرة من الخوارج، و له معهم وقائع مشهورة بالأهواز، و تقلّبت به الأحوال إلی أن ولّی خراسان من جهة الحجّاج، و لم یزل والیا بخراسان حتی أدركته الوفاة، فولّی ابنه یزید و لم یزل، كانوا ولاة فی زمن بنی أمیّة و بنی العبّاس، و كانوا من أعوان خلفاء الجور، و لهم وقائع مشهورة مذكورة فی التواریخ.

«3»-فس (2)(الَّذِینَ یَتَّخِذُونَ الْكافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ أَ یَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً) (3)، قَالَ: نَزَلَتْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ، حَیْثُ خَالَفُوهُمْ (4)عَلَی أَنْ لَا یَرُدُّوا الْأَمْرَ فِی بَنِی هَاشِمٍ، ثُمَّ قَالَ: یَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ یَعْنِی الْقُوَّةَ (5)

وَ قَوْلُهُ: (وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللَّهِ یُكْفَرُ بِها وَ یُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ) (6)قَالَ: آیَاتُ اللَّهِ هُمُ الْأَئِمَّةُ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ.

ص: 511


1- الخصال 1- 35- باب الاثنین-، مع تفصیل فی الإسناد.
2- تفسیر القمّیّ 1- 156. و فی س: فل، و هو غلط.
3- النّساء: 139. و جاء بعدها: یعنی القوّة.
4- فی المصدر: خالفوا نبیّهم.
5- من قوله: ثمّ قال .. إلی هنا لا یوجد فی المصدر.
6- النّساء: 140، و ذكر فی المصدر ذیلها «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ».

«4»-فس (1)(وَ لَوْ تَری إِذْ وُقِفُوا عَلَی النَّارِ فَقالُوا یا لَیْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآیاتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ) (2)، قَالَ: نَزَلَتْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ، ثُمَّ قَالَ: (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا یُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) (3)، قَالَ: مِنْ عَدَاوَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (4)

«5»-فس (5)جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِیمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ، عَنْ أَبِی حَمْزَةَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِینَ كَفَرُوا فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ) (6)، قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: نَزَلَتْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ، فَهُمْ أَشَرُّ خَلْقِ اللَّهِ، هُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی بَاطِنِ الْقُرْآنِ فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ

«6»-شی، تفسیر العیاشی (7)عَنْ جَابِرٍ، عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ (8)

«7»-فس (9)(وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (10)فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ (11)، قَالَ: كَذَلِكَ الْكَافِرُونَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ، وَ بَنُو أُمَیَّةَ لَا یَذْكُرُونَ اللَّهَ فِی مَجْلِسٍ وَ لَا فِی مَسْجِدٍ وَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ إِلَّا قَلِیلٌ (12)مِنْهُمْ.

ص: 512


1- تفسیر القمّیّ 1- 196.
2- الأنعام: 27.
3- الأنعام: 28.
4- الأنعام: 28.
5- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ 1- 279.
6- الأنفال: 55.
7- تفسیر العیّاشیّ 2- 65 حدیث 72، مع اختلاف یسیر متنا، و تباین إسنادا.
8- و انظر: تفسیر البرهان 2- 90، و تفسیر الصّافی: 674- حجریّة- [2- 310].
9- تفسیر القمّیّ 1- 369.
10- إبراهیم: 26.
11- فی المصدر زیادة: عن أبی جعفر علیه السّلام.
12- فی ك نسخة بدل: قلیلا.

«8»-فس (1)أَبِی، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (2)(أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً) (3)، قَالَ: نَزَلَتْ فِی الْأَفْجَرَیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ (4)بَنِی أُمَیَّةَ وَ بَنِی الْمُغِیرَةِ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِیرَةِ فَقَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ (5)، وَ أَمَّا بَنُو أُمَیَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَی حِینٍ.

ثُمَّ قَالَ: وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِی أَنْعَمَ بِهَا عَلَی عِبَادِهِ وَ بِنَا یَفُوزُ مَنْ فَازَ..

بیان:

روی الجزء الأول من الخبر إلی قوله: (فمتّعوا إلی حین) الزمخشری (6)و البیضاوی (7)، عن علیّ علیه السلام

«9»- فس (8)(وَ سَكَنْتُمْ فِی مَساكِنِ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) (9)یَعْنِی مِمَّنْ هَلَكُوا مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ: (وَ تَبَیَّنَ لَكُمْ كَیْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (10)(وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (11)(12)، قَالَ: مَكْرُ بَنِی فُلَانٍ.

بیان: المراد ببنی فلان إمّا بنو العبّاس كما هو الظاهر، أو بنو أمیّة، فیكون الخطاب

ص: 513


1- تفسیر القمّیّ 1- 371.
2- لا توجد: عزّ و جلّ، فی المصدر.
3- إبراهیم: 28.
4- فی التّفسیر زیادة: و من.
5- فی المصدر زیادة: یوم بدر.
6- الكشّاف 2- 555.
7- تفسیر البیضاوی 3- 160.
8- تفسیر القمّیّ 1- 372.
9- إبراهیم: 45.
10- إبراهیم: 45.
11- فی المصدر زیادة: ثمّ قال.
12- إبراهیم: 46.

للمتأخّرین من بنی أمیّة بتحذیرهم عمّا نزل علی السابقین منهم فی غزوة بدر و غیرها، أو الخطاب لبنی العبّاس بتحذیرهم عمّا نزل ببنی (1)أمیّة أوّلا و أخیرا، و علی تقدیر كون المراد بنی العبّاس یكون قوله تعالی: (وَ قَدْ مَكَرُوا.) (2)علی سبیل الالتفات، و علی التقادیر یحتمل أن یكون المراد أنّ قصّة هؤلاء نظیر قصّة من نزلت الآیة فیه، و القرآن لم ینزل لجماعة مخصوصة، بل نزل فیهم و فی نظائرهم إلی یوم القیامة.

«10»-فس (3)قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (4)، قَالَ: نَزَلَتْ لَمَّا رَأَی النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی نَوْمِهِ كَأَنَّ قُرُوداً تَصْعَدُ مِنْبَرَهُ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ غَمَّهُ غَمّاً شَدِیداً فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (5)لَهُمْ لِیَعْمَهُوا فِیهَا (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (6)كَذَلِكَ (7)نَزَلَتْ، وَ هُمْ بَنُو أُمَیَّةَ.

بیان: أی كان فی القرآن: لیعمهوا فیها.

«11»-فس (8)(فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ) (9)فِی خَبَرٍ (10)هُمْ بَنُو أُمَیَّةَ، وَ الْغَاوُونَ بَنُو فُلَانٍ (قالُوا وَ هُمْ فِیها یَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ إِذْ

ص: 514


1- فی ك: علی بنی.
2- إبراهیم: 46.
3- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ 2- 21.
4- الإسراء: 60.
5- الإسراء: 60.
6- الإسراء: 60.
7- فی المصدر: كذا.
8- تفسیر القمّیّ 2- 123.
9- الشّعراء: 94. و فی التّفسیر زیادة: قال الصّادق علیه السّلام: نزلت فی قوم وصفوا عدلا ثمّ خالفوه إلی غیره.
10- فی المصدر زیادة: آخر.

نُسَوِّیكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ) (1)یَقُولُونَ لِمَنْ تَبِعُوهُمْ: أَطَعْنَاكُمْ كَمَا أَطَعْنَا اللَّهَ فَصِرْتُمْ أَرْبَاباً.

بیان: بنو فلان: بنو العبّاس، و قد مرّ أنّ كلّ من یطاع بغیر أمره تعالی فهم الأصنام و من أطاعهم من المشركین فی بطن القرآن، فلا ینافی (2)كونها ظاهرا فی الأصنام و عبدتهم مع أنّ ضمیر (هم) أنسب بهذا التأویل.

«12»-فس (3)مُحَمَّدٌ الحمیر [الْحِمْیَرِیُ] (4)، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ مَعاً (5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَسَارٍ (6)، عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ خَلِیلٍ (7)، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) (8)یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ.

«13»-كَنْزٌ (9)مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ (10)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْمُعَلَّی، عَنْ فُضَیْلِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِیثَمٍ، عَنْ عَبَایَةَ، عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ

ص: 515


1- الشّعراء: 96- 98.
2- فی س: فی، بدلا من: فلا ینافی.
3- تفسیر القمّیّ 2- 255.
4- كذا، و فی المصدر: محمّد بن عبد اللّٰه الحمیریّ.
5- فی التّفسیر: جمیعا.
6- فی المصدر: سنان، بدلا من: یسار.
7- فی التّفسیر زیادة: الرّقّیّ.
8- غافر: 6.
9- تأویل الآیات الظّاهرة 1- 434 حدیث 1، مع تفصیل فی الإسناد.
10- فی المصدر: أحمد بن محمّد بن سعید.

وَ جَلَّ: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ.) (1)هِیَ فِینَا وَ فِی بَنِی أُمَیَّةَ (2)

«14»-كَنْزٌ (3)مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ (4)، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ (5)، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ تَفْسِیرِ (الم غُلِبَتِ الرُّومُ.) (6)قَالَ: هُمْ بَنُو أُمَیَّةَ، وَ إِنَّمَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ (7)(الم غُلِبَتِ الرُّومُ) (8)بَنُو أُمَیَّةَ (فِی أَدْنَی الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ فِی بِضْعِ سِنِینَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ یَوْمَئِذٍ یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) (9)عِنْدَ قِیَامِ الْقَائِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

تبیین:

كذا فی النسخ: غلبت الروم بنو أمیّة، و لعلّه كان غلبت بنو أمیّة فزاد النسّاخ لفظ الروم، و علی ما فی النسخ و ما فی الخبر الأول من تفسیر الروم ببنی أمیّة یكون التعبیر عنهم بالروم إشارة إلی ما سیأتی من أنّ نسبهم ینتهی إلی عبد رومیّ، و هذا بطن للآیة و لا ینافی ما مرّ من تفسیر الآیة موافقا للمشهور.

قوله علیه السلام: عند قیام القائم علیه السلام.

لعلّه علی هذا التأویل قوله: یَوْمَئِذٍ إشارة إلی قوله: مِنْ بَعْدُ

ص: 516


1- الرّوم: 1- 2.
2- و انظر: تفسیر البرهان 3- 257 حدیث 1.
3- تأویل الآیات الظّاهرة 1- 434 حدیث 2.
4- فی المصدر: القمّیّ.
5- فی التّأویل زیادة: الوشّاء.
6- الرّوم: 1- 2.
7- فی المصدر زیادة: عزّ و جلّ.
8- الرّوم: 1- 2.
9- الرّوم: 3- 5.

«15»-فس (1)(إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا) یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ (یُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَی الْإِیمانِ) (2)یَعْنِی إِلَی وَلَایَةِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ (فَتَكْفُرُونَ) (3)

بیان: یُنادَوْنَ. أَیْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ، فَیُقَالُ لَهُمْ: لَمَقْتُ اللَّهِ إِیَّاكُمْ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَی الْإِیمانِ قال البیضاویُّ (4)ظرف لفعل دلّ علیه المقت الأول لا له، لأنّه أخبر عنه، و لا للثانی لأنّ مقت (5)أنفسهم یوم القیامة حین عاینوا جزاء أعمالها الخبیثة.

«16»-ل (6)عَمَّارُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأُسْرُوشِیُّ (7)رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصْمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِیِّ، عَنِ الْحَسَنِ (8)بْنِ أَبِی شُجَاعٍ الْبَجَلِیِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (9)الْحَنَفِیِّ، عَنْ یَحْیَی بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِیدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ: یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! حَدِّثْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ) (10)، قَالَ: نَحْنُ وَ بَنُو أُمَیَّةَ اخْتَصَمْنَا فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، قُلْنَا:

صَدَقَ اللَّهُ، وَ قَالُوا: كَذَبَ اللَّهُ، فَنَحْنُ وَ إِیَّاهُمُ الْخَصْمَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ..

ص: 517


1- تفسیر القمّیّ 2- 255.
2- غافر المؤمن: 10.
3- غافر المؤمن: 10.
4- تفسیر البیضاوی 5- 35.
5- فی المصدر: مقتهم.
6- الخصال 1- 42- 43، مع تفصیل فی الإسناد.
7- فی المصدر: الأسروشنی.
8- فی الخصال: أبو الحسن، لا الحسن.
9- فی س: عبید اللّٰه.
10- الحجّ: 19.

بیان: لا ینافی هذا التأویل ما مرّ من نزول الآیة فی ستة نفر تبارزوا فی غزوة بدر، أمیر المؤمنین علیه السلام قتل الولید بن عتبة، و حمزة قتل عتبة، و عبیدة بن الحرث قتل شیبة، فإنّها تشمل كلّ طائفتین تخاصمتا (1)فی اللّٰه و إن كانت نزلت فیهم.

«17»-ل (2)الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا، عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ (3)، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ الزُّرَقِیِّ (4)، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ (5)لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ: بَابٌ یَدْخُلُ مِنْهُ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ وَ قَارُونُ، وَ بَابٌ یَدْخُلُ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ وَ الْكُفَّارُ مِمَّنْ لَمْ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ، وَ بَابٌ یَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو أُمَیَّةَ هُوَ لَهُمْ خَاصَّةً لَا یُزَاحِمُهُمْ فِیهِ أَحَدٌ، وَ هُوَ بَابُ لَظَی، وَ هُوَ بَابُ سَقَرَ، وَ هُوَ بَابُ الْهَاوِیَةِ تَهْوِی بِهِمْ سَبْعِینَ خَرِیفاً، فَكُلَّمَا هَوَی بِهِمْ سَبْعِینَ خَرِیفاً فَصَارَ (6)بِهِمْ فَوْرَةٌ قُذِفَ بِهِمْ فِی أَعْلَاهَا سَبْعِینَ خَرِیفاً، ثُمَّ هَوَی (7)بِهِمْ كَذَلِكَ سَبْعِینَ خَرِیفاً، فَلَا یَزَالُونَ هَكَذَا أَبَداً (8)خَالِدِینَ مُخَلَّدِینَ، وَ بَابٌ یَدْخُلُ فِیهِ (9)مُبْغِضُونَا وَ مُحَارِبُونَا وَ خَاذِلُونَا، وَ إِنَّهُ لَأَعْظَمُ الْأَبْوَابِ وَ أَشَدُّهَا حَرّاً.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ الزُّرَقِیُّ (10)فَقُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: الْبَابُ

ص: 518


1- فی س: تخاصما.
2- الخصال 2- 361- 362، مع تفصیل فی الإسناد.
3- فی المصدر: عبد اللّٰه- مكبّرا-.
4- فی المصدر: الرّزقیّ.
5- لا توجد: إنّ، فی الخصال.
6- فی الخصال: فار.
7- فی المصدر: تهوی.
8- وضع علی: أبدا، فی س رمز نسخة بدل.
9- فی المصدر: منه، بدلا من: فیه.
10- فی الخصال: الرّزقیّ.

الَّذِی ذَكَرْتَ عَنْ أَبِیكَ عَنْ جَدِّكَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ یَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو أُمَیَّةَ، یَدْخُلُهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَی الشِّرْكِ أَوْ مِمَّنْ (1)أَدْرَكَ مِنْهُمُ الْإِسْلَامَ. فَقَالَ: لَا أُمَّ لَكَ! أَ لَمْ تَسْمَعْهُ یَقُولُ: وَ بَابٌ یَدْخُلُ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ وَ الْكُفَّارُ، فَهَذَا الْبَابُ یَدْخُلُ فِیهِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَ كُلُّ كَافِرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ، وَ هَذَا الْبَابُ الْآخَرُ الَّذِی (2)یَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو أُمَیَّةَ إِنَّهُ (3)هُوَ لِأَبِی سُفْیَانَ وَ مُعَاوِیَةَ وَ آلِ مَرْوَانَ خَاصَّةً یَدْخُلُونَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فَتَحْطِمُهُمُ النَّارُ حَطْماً (4)لَا تُسْمَعُ لَهُمْ فِیهَا وَاعِیَةٌ وَ لَا یَحْیَوْنَ فِیهَا وَ لَا یَمُوتُونَ..

بیان: لعلّ السائل اعترض السؤال بین الكلام فلم یتمّ علیه السلام عدد الأبواب، أو یكون السبعة باعتبار الاسم، أو المراد (5)أنّ بنی أمیّة یدخلون من أربعة أبواب، باب بعد باب، أو كلّ طائفة منهم من باب، فالمراد بالباب فی الثالث الجنس، و الأول أظهر.

«18»-مَا (6)الْمُفِیدُ، عَنِ الْجِعَابِیِّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُبُلِّیِّ، عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْأَسَدِیِّ، عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِیدٍ الْحَنَفِیِّ، عَنْ جُمَیْعِ بْنِ عُمَیْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ (7)عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ یَقُولُ: انْتَهَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَی الْعَقَبَةِ، فَقَالَ: لَا یُجَاوِزُهَا أَحَدٌ، فَعَوَّجَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِی الْعَاصِ فَمَهُ مُسْتَهْزِئاً بِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (8)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنِ اشْتَرَی شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِیَارِ، فَعَوَّجَ الْحَكَمُ

ص: 519


1- فی الخصال: من. و هی نسخة بدل فی س.
2- لا توجد: الّذی، فی المصدر.
3- فی الخصال: لأنّه.
4- فی س: حتما، و هو سهو.
5- فی ك: و المراد.
6- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 179، مع اختصار فی الإسناد و حذف للصّدر.
7- فی المصدر: أسمعت.
8- فی الأمالی: و قال.

فَمَهُ فَبَصُرَ بِهِ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَدَعَا عَلَیْهِ، فَصُرِعَ شَهْرَیْنِ ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَخْرَجَهُ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَنِ الْمَدِینَةِ طَرِیداً وَ نَفَاهُ عَنْهَا.

«19»-مَا (1)الْمُفِیدُ، عَنِ الْمَرَاغِیِّ (2)، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِیدِ (3)، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِیدٍ، قَالَ: صَلَّی بِنَا الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بِالْكُوفَةِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ كَانَ سَكْرَاناً فَتَغَنَّی فِی الثَّانِیَةِ مِنْهَا، وَ زَادَنَا رَكْعَةً أُخْرَی، وَ نَامَ فِی آخِرِهَا، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ (4)خَاتَمَهُ مِنْ یَدِهِ، فَقَالَ فِیهِ عِلْبَاءٌ السَّدُوسِیُّ:

تَكَلَّمَ فِی الصَّلَاةِ وَ زَادَ فِیهَا*** مُجَاهَرَةً وَ عَالَنَ بِالنِّفَاقِ

وَ فَاحَ الْخَمْرُ عَنْ سِتْرِ (5)الْمُصَلِّی*** وَ نَادَی وَ الْجَمِیعُ (6)إِلَی افْتِرَاقٍ

أَزِیدُكُمْ (7)عَلَی أَنْ تَحْمِدُونِی*** فَمَا لَكُمْ وَ مَا لِی مِنْ خَلَاقٍ

20- ل (8)ابْنُ مُوسَی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الدَّقَّاقِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْحَنْظَلِیِّ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِیِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ، عَنْ أَبِی الْجَارُودِ، عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَعَنَ أَبَا سُفْیَانَ فِی سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فِی كُلِّهِنَّ لَا یَسْتَطِیعُ إِلَّا أَنْ یَلْعَنَهُ:

أَوَّلُهُنَّ: یَوْمَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ هُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ مُهَاجِراً وَ أَبُو سُفْیَانَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ، فَوَقَعَ فِیهِ أَبُو سُفْیَانَ یَسُبُّهُ وَ یُوعِدُهُ، وَ هَمَّ أَنْ یَبْطِشَ بِهِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ.

ص: 520


1- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 1- 179- 180، مع حذف الصّدر و اختصار فی الإسناد.
2- فی ك: المراعیّ.
3- فی المصدر زیادة فی السّند: حدّثنا القتّاد عن ..
4- فی ك: وابل.
5- فی المصدر: من سنن.
6- فی س: الجمع.
7- فی الأمالی: أزید بكم.
8- الخصال 2- 397- 398، مع تفصیل فی الإسناد.

وَ الثَّانِیَةُ: یَوْمَ الْعِیرِ، إِذَا طَرَدَهَا لِیُحْرِزَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، فَلَعَنَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ.

وَ الثَّالِثَةُ: یَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ أَبُو سُفْیَانَ: اعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: اللَّهُ أَعْلَی وَ أَجَلُّ. فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ: لَنَا عُزَّی وَ لَا عُزَّی لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: اللَّهُ (1)مَوْلَانَا وَ لَا مَوْلَی لَكُمْ.

وَ الرَّابِعَةُ: یَوْمَ الْخَنْدَقِ، یَوْمَ جَاءَ أَبُو سُفْیَانَ فِی جَمْعِ قُرَیْشٍ فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِغَیْظِهِمْ لَمْ یَنالُوا خَیْراً، (2)وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ آیَتَیْنِ فِی سُورَةِ الْأَحْزَابِ، فَسَمَّی أبو [أَبَا] سُفْیَانَ وَ أَصْحَابَهُ كُفَّاراً، وَ مُعَاوِیَةُ یَوْمَئِذٍ (3)مُشْرِكٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ.

وَ الْخَامِسَةُ: یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ، وَ الْهَدْیَ مَعْكُوفاً أَنْ یَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ صَدَّ مُشْرِكُو قُرَیْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ صَدُّوا بُدْنَهُ أَنْ تَبْلُغَ الْمَنْحَرَ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمْ یَطُفْ بِالْكَعْبَةِ وَ لَمْ یَقْضِ نُسُكَهُ، فَلَعَنَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ.

وَ السَّادِسَةُ: یَوْمَ الْأَحْزَابِ، یَوْمَ جَاءَ أَبُو سُفْیَانَ بِجَمْعِ (4)قُرَیْشٍ وَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَیْلِ بِجَمْعِ هَوَازِنَ، وَ عُیَیْنَةُ بْنُ حُصَیْنٍ (5)بِغَطْفَانَ، وَ وَاعَدَهُمْ قُرَیْظَةُ وَ النَّضِیرُ أَنْ یَأْتُوهُمْ فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الْقَادَةَ وَ الْأَتْبَاعَ، وَ قَالَ: أَمَّا الْأَتْبَاعُ فَلَا تُصِیبُ (6)اللَّعْنَةُ مُؤْمِناً، وَ أَمَّا الْقَادَةُ فَلَیْسَ فِیهِمْ مُؤْمِنٌ وَ لَا نَجِیبٌ وَ لَا نَاجٍ.

وَ السَّابِعَةُ: یَوْمَ حَمَلُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْعَقَبَةِ، وَ هُمْ

ص: 521


1- سقط لفظ الجلالة من مطبوع البحار.
2- فی س: بغیظ.
3- لا توجد: یومئذ، فی المصدر، و وضع علیها فی س رمز نسخة بدل.
4- فی س: یجمع.
5- فی المصدر: حصن.
6- فی س: فلا تطیب.

اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ خَمْسَةٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَنْ عَلَی الْعَقَبَةِ غَیْرَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ نَاقَتِهِ وَ سَائِقِهِ وَ قَائِدِهِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه: جاء هذا الخبر هكذا، و الصحیح أنّ أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر.

بیان:

أقول: سیأتی مثله فی احتجاج الحسن علیه السلام علی معاویة (1)

قوله: و الرابعة، یوم الخندق.

أقول: سیأتی فی السادسة یوم الأحزاب و هما متّحدان، و لعلّ التكرار لتكرّر اللعن بجهتین، أو الأول لبیان لعن اللّٰه تعالی إیّاهم و تسمیتهم كفّارا، و الثانی لبیان لعن الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، و فیما سیأتی من احتجاج الحسن علیه السلام، و الرابعة: یوم حنین، و هو بعید من جهتین:

الأولی: أنّ أبا سفیان فی غزوة حنین كان مع عسكر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.

و الثانیة: أنّ الآیة نزلت فی الأحزاب، و لعلّه لتوهّم التكرار صحّفه الرواة و النسّاخ، و فیما سیأتی هكذا:

و السابعة: یوم الثنیة، یوم شدّ علی رسول اللّٰه (صلی اللّٰه علیه و آله) اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بنی أمیّة و خمسة من سائر قریش.

، و لعلّه أقرب، و ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه یمكن أن یكون لإحدی العقبتین، فإنّ ظاهر الأخبار أنّ المنافقین كمنوا له صلّی اللّٰه علیه و آله فی عقبة تبوك مرّة، و فی عقبة الغدیر عند الرجوع من حجّة الوداع أخری، و اللّٰه یعلم.

«21»-ل (2)أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّقْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الزَّعْفَرَانِیِّ، عَنْ

ص: 522


1- بحار الأنوار 43- 331- نوادر من احتجاجاته سلام اللّٰه علیه-.
2- الخصال 1- 191، بتفصیل فی السّند.

أَبِی الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ شَیْبَةَ، عَنْ أَبِی غَسَّانَ، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَرْثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الزُّبَیْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ رَكِبَ بَعِیراً لَهُ وَ مُعَاوِیَةُ یَقُودُهُ وَ یَزِیدُ یَسُوقُ بِهِ، فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الرَّاكِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ.

«22»-ص (1)بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو سُفْیَانَ إِلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْماً، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله)! أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَیْ ءٍ؟. فَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِی.

قَالَ: افْعَلْ. قَالَ: أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ مَبْلَغِ عُمُرِی؟. فَقَالَ: نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله). فَقَالَ: إِنِّی أَعِیشُ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ. فَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: بِلِسَانِكَ دُونَ قَلْبِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا مُنَافِقاً، قَالَ: وَ لَقَدْ كُنَّا فِی مَحْفِلٍ فِیهِ أَبُو سُفْیَانَ وَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ وَ فِینَا عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَلَمَّا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَالَ أَبُو سُفْیَانَ: هَاهُنَا مَنْ یُحْتَشَمُ (2)؟.

قَالَ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَا. فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّ أَخِی بَنِی هَاشِمٍ، انْظُرُوا أَیْنَ وَضَعَ اسْمَهُ؟. فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَسْخَنَ اللَّهُ عَیْنَكَ (3)یَا أَبَا سُفْیَانَ، اللَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (4)فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ: أَسْخَنَ اللَّهُ عَیْنَ مَنْ قَالَ لِی لَیْسَ هَاهُنَا مَنْ یُحْتَشَمُ.

«23»-شی، تفسیر العیاشی (5)عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ

ص: 523


1- قصص الأنبیاء: خطّیّ لم نحصل علی نسخة جیّدة.
2- قال فی القاموس 4- 96: الحشمة- بالكسر-: الحیاء و الانقباض، احتشم منه و عنه و حشمه و أحشمه: أخجله، و أن یجلس إلیك الرّجل فتؤذیه و تسمعه ما یكره.
3- قال فی القاموس 4- 233: سخنة العین .. نقیض قرّتها .. و أسخن اللّٰه عینه و بعینه: أبكاه.
4- الانشراح: 4.
5- تفسیر العیّاشیّ 1- 360 حدیث 23.

اللَّهِ: (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ...) (1)قَالَ: لَمَّا تَرَكُوا وَلَایَةَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ أُمِرُوا بِهَا (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) (2)قَالَ: نَزَلَتْ فِی وُلْدِ الْعَبَّاسِ (3)

بیان: لعلّ المعنی نزلت فی استیلاء ولد العبّاس علی بنی أمیّة لیوافق الخبر التالی (4)، مع أنّه یحتمل نزولها فیهما و فی أمثالهما، و یكون انطباقها علی بنی أمیّة أظهر فلذا خصّت بهم فی الخبر الثانی (5)، و الحاصل أنّه ذكر فی كلّ مقام ما یناسبه من مورد نزول الآیة، و أكثر الأخبار الواردة فی تأویل الآیات كذلك.

«24»-شی، تفسیر العیاشی (6)عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ: (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ...) إِلَی قَوْلِهِ: (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) (7)قَالَ: أَخَذَ بَنِی أُمَیَّةَ بَغْتَةً وَ یُؤْخَذُ بَنُو الْعَبَّاسِ جَهْرَةً (8)

«25»-شی، تفسیر العیاشی (9)عَنْ مُسْلِمٍ الْمَشُوفِ (10)، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (11)، قَالَ: هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ: بَنُو أُمَیَّةَ وَ بَنُو الْمُغِیرَةِ (12)

ص: 524


1- الأنعام: 44.
2- الأنعام: 44. و قد ذكر فی المصدر الآیة التّالیة لها، و هی: «فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ».
3- و لاحظ: تفسیر البرهان 1- 526، و تفسیر الصّافی 1- 517 [2- 121].
4- فی ك: الثانی.
5- كذا، و الظاهر: التالی، كما مرّ.
6- تفسیر العیّاشیّ 1- 360 حدیث 24.
7- الأنعام: 44.
8- و انظر: تفسیر البرهان 1- 526، و تفسیر الصّافی 1- 517 [2- 121]، و إثبات الهداة 5- 426.
9- تفسیر العیّاشیّ 2- 230 حدیث 28.
10- كذا، و فی المصدر: المشوب، و فی تفسیر البرهان: معصم المسرف.
11- إبراهیم: 28.
12- و لاحظ: تفسیر البرهان 2- 318.

«26»-شی، تفسیر العیاشی (1)عَنْ جَرِیرٍ (2)، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا (3)جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً) لَهُمْ لِیَعْمَهُوا فِیهَا (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (4)یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ (5)

«27»-شی، تفسیر العیاشی (6)عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَعِیدٍ، قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ، فَقَدِمَ عَلَیْنَا مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ، فَقَالَ: قَالَ (7)لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إِنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لِعُمَرَ: یَا أَبَا حَفْصٍ! أَ لَا (8)أُخْبِرُكَ بِمَا نَزَلَ فِی بَنِی أُمَیَّةَ؟. قَالَ: بَلَی. قَالَ: فَإِنَّهُ نَزَلَ فِیهِمْ: (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (9)فَغَضِبَ عُمَرُ، وَ قَالَ: كَذَبْتَ، بَنُو أُمَیَّةَ خَیْرٌ مِنْكَ وَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ (10)

«28»-شی، تفسیر العیاشی (11)عَنِ الْحَلَبِیِّ، عَنْ (12)زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالُوا: سَأَلْنَاهُ عَنْ قَوْلِهِ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ ...) (13)، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أُرِیَ أَنَّ رِجَالًا عَلَی الْمَنَابِرِ وَ (14)یَرُدُّونَ النَّاسَ ضُلَّالًا زُرَیْقٌ (15)

ص: 525


1- تفسیر العیّاشیّ 2- 297 حدیث 93.
2- فی المصدر: حریز.
3- فی التّفسیر: عن أبی ..
4- الإسراء: 60.
5- و لاحظ: تفسیر البرهان 2- 424- 425، و تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 199].
6- تفسیر العیّاشیّ 2- 297 حدیث 94.
7- لا توجد: قال، فی المصدر.
8- فی س لا توجد: یا أبا حفص، أ لا ..
9- الإسراء: 60، و بعده كلمة: قال، جاءت فی المصدر.
10- و انظر: تفسیر البرهان 2- 424- 425، و تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 199].
11- تفسیر العیّاشیّ 2- 297- 298 حدیث 95.
12- فی س وضع علی عن: واو، ثمّ رمز الاستظهار ظ أی كون الظّاهر الواو بدلا من: عن، و لعلّه لاتّحاد الطّبقة، فتأمّل.
13- الإسراء: 60.
14- لا توجد الواو فی المصدر.
15- فی المصدر: رزیق.

وَ زُفَرُ، وَ قَوْلِهِ: (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (1)قَالَ: هُمْ بَنُو أُمَیَّةَ (2)

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی (3)عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَدْ رَأَی رِجَالًا مِنْ نَارٍ عَلَی مَنَابِرَ وَ (4)یَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَی أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَی، وَ لَسْنَا نُسَمِّی (5)أَحَداً (6)

وَ فِی رِوَایَةِ سَلَامٍ الْجُعْفِیِّ (7)، عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّا لَا نُسَمِّی الرِّجَالَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ رَأَی قَوْماً عَلَی مِنْبَرِهِ یُضِلُّونَ النَّاسَ بَعْدَهُ عَنِ (8)الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَی

«29»- شی، تفسیر العیاشی (9)عَنْ قَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْماً حَاسِراً حَزِیناً، فَقِیلَ لَهُ: مَا لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ؟!. فَقَالَ: إِنِّی رَأَیْتُ اللَّیْلَةَ صِبْیَانَ بَنِی أُمَیَّةَ یَرْقَوْنَ عَلَی مِنْبَرِی هَذَا، فَقُلْتُ:

یَا رَبِّی! مَعِی؟. فَقَالَ: لَا، وَ لَكِنْ بَعْدَكَ (10)

بیان: قوله علیه السلام: حاسرا .. أی كاشفا (11)عن ذراعیه، أو من الحسرة و إن كان الغالب فیه الحسیر، و الحاسر أیضا من لا مغفر له و لا درع و لا جنّة (12)

ص: 526


1- الإسراء: 60.
2- و قد جاء فی تفسیر البرهان 2- 425، و تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 199].
3- جاءت فی تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 96.
4- فی المصدر: من نار، بدلا من: الواو.
5- فی ك: تسمی.
6- و لاحظ: تفسیر البرهان 2- 425، و تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 200].
7- تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 97.
8- فی المصدر: علی، بدلا من: عن. و فی ك نسخة بدل: من بعده.
9- تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 98.
10- و جاء فی تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 200]، و تفسیر البرهان 2- 425.
11- قاله فی القاموس 2- 8، و النهایة 1- 383، و الصحاح 2- 629.
12- نصّ علیه فی القاموس 2- 9، و قال فی الصحاح 2- 629: الحاسر: الذی لا مغفر له و لا درع. و مثله فی النهایة 1- 383.

«30»-شی، تفسیر العیاشی (1)عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ، قَالَ: كُنْتُ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَسَمِعْتُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ نَادَاهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ هُوَ فِی مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (2)، فَقَالَ: الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ (3)

بیان: لعلّ المراد بالأفجرین هنا الأول و الثانی، فقوله: و من بنی أمیّة .. أی و جماعة من بنی أمیّة، و یحتمل أن یكون كما مرّ، فصحّف.

«31»-شی، تفسیر العیاشی (4)عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ ...) (5)، قَالَ: أَرَی رِجَالًا مِنْ بَنِی تَیْمٍ وَ عَدِیٍّ عَلَی الْمَنَابِرِ یَرُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَی. قُلْتُ: (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (6)قَالَ: هُمْ بَنُو أُمَیَّةَ، یَقُولُ اللَّهُ: (وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً كَبِیراً) (7)

«32»-شی، تفسیر العیاشی (8)عَنْ یُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشَلِّ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ...) الْآیَاتِ (9)، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ نَامَ فَرَأَی أَنَّ بَنِی أُمَیَّةَ یَصْعَدُونَ الْمَنَابِرَ، فَكُلَّمَا صَعِدَ مِنْهُمْ رَجُلٌ رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الذِّلَّةَ وَ الْمَسْكَنَةَ، فَاسْتَیْقَظَ جَزُوعاً مِنْ

ص: 527


1- تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 99.
2- الإسراء: 60.
3- و أورده صاحب تفسیر البرهان 2- 425، و الصّافی 1- 975.
4- تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 100.
5- الإسراء: 60.
6- الإسراء: 60.
7- الإسراء: 60.
8- تفسیر العیّاشیّ 2- 298 حدیث 101.
9- الإسراء: 60، و فی المصدر: الآیة.

ذَلِكَ، وَ كَانَ الَّذِینَ رَآهُمْ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ، فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآیَةِ، ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ: إِنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لَا یَمْلِكُونَ شَیْئاً إِلَّا مَلَكَ أَهْلُ الْبَیْتِ ضِعْفَیْهِ (1)

بیان: لعلّ التخصیص بالاثنی عشر لعدم (2)الاعتناء بشأن بعضهم ممّن كان ملكه قلیلا، و كان أقلّ ضررا علی المسلمین كمعاویة بن یزید و مروان بن محمد لأنّهم كانوا أكثر من اثنی عشر، إذ (3)كان أوّل ملوكهم عثمان، ثم معاویة، ثم یزید بن معاویة، ثم معاویة بن یزید، ثم مروان بن الحكم، ثم عبد الملك بن مروان، ثم الولید بن عبد الملك، ثم سلیمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزیز، ثم یزید بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الولید بن یزید بن عبد الملك، ثم یزید بن الولید الناقص، ثم إبراهیم بن الولید بن عبد الملك، ثم مروان بن محمد.

«33»-شی، تفسیر العیاشی (4)عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كَانَ یُوسُفُ بْنُ (5)الْحَجَّاجِ صَدِیقاً لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، وَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَی امْرَأَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ یَضُمَّهَا أَعْنِی أُمَّ الْحَجَّاجِ-، قَالَ: فَقَالَتْ (6)لَهُ: (7)إِنَّمَا عَهْدُكَ بِذَاكَ السَّاعَةَ. قَالَ: فَأَتَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ یُمْسِكَ عَنْهَا، فَأَمْسَكَ عَنْهَا، فَوَلَدَتْ

ص: 528


1- و جاء فی تفسیر الصّافی 1- 975 [3- 200]، و تفسیر البرهان 2- 425، و الكلمة الأخیرة مشوّشة فی س.
2- فی س: عدم.
3- فی س: إذا.
4- تفسیر العیّاشیّ 2- 299 حدیث 103.
5- فی المصدر: أبو الحجّاج، و جاء فی س علیها رمز نسخة بدل.
6- فی س: فقال.
7- فی المصدر زیادة: أ لیس.

بِالْحَجَّاجِ وَ هُوَ ابْنُ شَیْطَانِ ذِی الرَّدْهَةِ (1)

بیان: إنّما عهدك (2)بذلك .. أی بالجماع، و إنّما قالت ذلك لأنّ الشیطان كان قد أتاها قبل ذلك بصورة یوسف، و شیطان الردهة وقع فی كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی مواضع.

«34»-قب (3)حَدَّثَنِی ابْنُ كَادِشٍ فِی تَكْذِیبِ الْعِصَابَةِ الْعَلَوِیَّةِ فِی ادِّعَائِهِمُ الْإِمَامَةَ النَّبَوِیَّةَ: أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ رَأَی الْعَبَّاسَ فِی ثَوْبَیْنِ أَبْیَضَیْنِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَأَبْیَضُ الثَّوْبَیْنِ، وَ هَذَا جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُنِی أَنَّ وُلْدَهُ یَلْبَسُونَ السَّوَادَ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ: أَنَّهُ نَشَرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی یَوْمِ صِفِّینَ رَایَةً سَوْدَاءَ .. الْخَبَرَ.

وَ فِی أَخْبَارِ دِمَشْقَ: عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ، قَالَ ثَوْبَانُ: قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: یَكُونُ لِبَنِی الْعَبَّاسِ رَایَتَانِ مَرْكَزُهُمَا كُفْرٌ وَ أَعْلَاهُمَا ضَلَالَةٌ، إِنْ أَدْرَكْتَهُمَا (4)یَا ثَوْبَانُ فَلَا تَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِمَا (5)

أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ: أَوَّلُ الرَّایَاتِ السُّودِ نَصْرٌ، وَ أَوْسَطُهَا غَدْرٌ، وَ آخِرُهَا كُفْرٌ، فَمَنْ أَعَانَهُمْ كَانَ كَمَنْ أَعَانَ فِرْعَوْنَ عَلَی مُوسَی.

تَارِیخُ بَغْدَادَ: قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ: قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: إِذَا أَقْبَلَتِ الرَّایَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَإِنَّ أَوَّلَهَا فِتْنَةٌ، وَ أَوْسَطَهَا هَرْجٌ، وَ آخِرَهَا ضَلَالَةٌ.

أَخْبَارُ دِمَشْقَ: عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَبُو أُمَامَةَ فِی خَبَرٍ: أَوَّلُهَا

ص: 529


1- و جاء فی تفسیر البرهان 2- 426.
2- فی ك: عهد- بلا ضمیر-.
3- المناقب لابن شهرآشوب 3- 300.
4- فی س: أدركتها، و وضع علیها: كذا، و جاءت فی المصدر كذلك.
5- فی س: بظلّها، و وضع علیها: كذا، و جاءت فی المصدر كذلك.

مَنْشُورٌ، وَ آخِرُهَا مَثْبُورٌ (1)

تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ الْإِمَامَ أَنْفَذَ إِلَی أَبِی مُسْلِمٍ لِوَاءَ النُّصْرَةِ وَ ظِلَّ السَّحَابِ، وَ كَانَ أَبْیَضَ، طُولُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً (2)، مَكْتُوبٌ عَلَیْهَا بِالْحِبْرِ: (أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ) (3)، فَأَمَرَ أَبُو مُسْلِمٍ غُلَامَهُ أَرْقَمَ أَنْ یَتَحَوَّلَ بِكُلِّ لَوْنٍ مِنَ الثِّیَابِ، فَلَمَّا لَبِسَ السَّوَادَ قَالَ: مَعَهُ هَیْبَةٌ، فَاخْتَارَهُ خِلَافاً لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ هَیْبَةً لِلنَّاظِرِ، وَ كَانُوا یَقُولُونَ: هَذَا السَّوَادُ حِدَادُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ شُهَدَاءِ كَرْبَلَاءَ، وَ زَیْدٍ وَ یَحْیَی.

«35»-نی (4)عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی، عَنِ الْبَرْقِیِّ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (5)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَا بُدَّ مِنْ وَیْلٍ لِوُلْدِی مِنْ وُلْدِكَ (6)، وَ وَیْلٌ لِوُلْدِكَ مِنْ وُلْدِی!. فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ (7)أَ فَلَا أَجُبُّ نَفْسِی؟. فَقَالَ لِی: عِلْمُ اللَّهِ قَدْ مَضَی وَ الْأُمُورُ بِیَدِ اللَّهِ، وَ إِنَّ الْأَمْرَ فِی وُلْدِی (8)

«36»-نی (9)مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَابُنْدَادَ (10)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ سُفْیَانَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْحِمْیَرِیِّ (11)، عَنْ أَبِیهِ،

ص: 530


1- فی س: مبثور.
2- فی المناقب: زرّاعا، و هو غلط.
3- الحجّ: 39.
4- كتاب الغیبة للنّعمانیّ: 248 حدیث 2، بتفصیل فی السّند.
5- فی المصدر زیادة: قال، و هو الظّاهر.
6- جاءت العبارة فی المصدر هكذا: لأبی: یا عبّاس! ویل لذرّیّتی من ولدك.
7- فی المصدر زیادة: أجتنب النّساء، أو قال: ..
8- و العبارة فی الغیبة هكذا: قال: إن علم اللّٰه عزّ و جلّ قد مضی، و الأمور بیده، و إنّ الأمر سیكون فی ولده.
9- الغیبة للنّعمانیّ: 249- 250 حدیث 4، بتفصیل فی الإسناد.
10- فی المصدر: مابنداذ.
11- فی الغیبة: الجریریّ.

عَنْ أَبِی صَادِقٍ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: مُلْكُ بَنِی الْعَبَّاسِ عُسْرٌ عُسْرٌ لَیْسَ فِیهِ یُسْرٌ، تَمْتَدُّ فِیهِ دَوْلَتُهُمْ (1)، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِمُ التُّرْكُ وَ الدَّیْلَمُ وَ السِّنْدُ وَ الْهِنْدُ لَمْ یُزِیلُوهُمْ (2)، وَ لَا یَزَالُونَ یَتَمَرَّغُونَ وَ یَتَنَعَّمُونَ (3)فِی غَضَارَةٍ مِنْ مُلْكِهِمْ حَتَّی یَشِذَّ (4)عَنْهُمْ مَوَالِیهِمْ وَ أَصْحَابُ أَلْوِیَتِهِمْ (5)، وَ یُسَلِّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عِلْجاً یَخْرُجُ مِنْ حَیْثُ بَدَأَ مُلْكُهُمْ، لَا یَمُرُّ بِمَدِینَةٍ إِلَّا فَتَحَهَا، وَ لَا تُرْفَعُ لَهُ رَایَةٌ إِلَّا هَدَّهَا، وَ لَا نِعْمَةٌ إِلَّا أَزَالَهَا، الْوَیْلُ لِمَنْ نَاوَاهُ، فَلَا یَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی یَظْفَرَ وَ یُدْفَعَ (6)إِلَی رَجُلٍ مِنْ عِتْرَتِی یَقُولُ بِالْحَقِّ وَ یَعْمَلُ بِهِ.

قال النعمانی: یقول أهل اللغة: العلج: الكافر، و العلج: الجافی فی الخلقة، و العلج: اللئیم، و العلج: الشدید فی أمره.

و قال أمیر المؤمنین علیّ (7)علیه السلام لرجلین كانا عنده: إنّكما علجان فعالجا عن (8)دینكما.

، و كانا من العرب.

بیان:

قَالَ فِی النِّهَایَةِ (9)،

فِی (10) حَدِیثِ عَلِیٍّ (علیه السلام): «أَنَّهُ بَعَثَ رَجُلَیْنِ فِی وَجْهٍ وَ قَالَ:

إِنَّكُمَا عِلْجَانِ فَعَالِجَا عَنْ دِینِكُمَا».

العلج: الرّجل القویّ الضّخم، و عالجا .. أی

ص: 531


1- لا یوجد فی المصدر من قوله: عسر عسر .. إلی هنا، و فیه: یسر لا عسر فیه، و جاء فی س: عشر عشر، و هو غلط، كما حذفت منه: فیه.
2- فی الغیبة بدلا من: لم یزیلوهم: و البربر و الطّیلسان لن یزیلوه.
3- لا یوجد فی المصدر: یتمرّغون و یتنعّمون.
4- فی ك: یشد.
5- فی المصدر: دولتهم، و ما هنا جاء نسخة هناك.
6- فی الغیبة زیادة: بظفره.
7- فی المصدر زیادة: بن أبی طالب.
8- فی المصدر العبارة: تعالجان غیبه عن.
9- النّهایة 3- 286، و بلفظه فی لسان العرب 2- 326- 327.
10- فی المصدر: منه، بدلا من: فی.

مارسا العمل الّذی ندبتكما إلیه و اعملا به. و قال: العلج: الرّجل من كفّار العجم و غیرهم.

و فی القاموس (1)العلج بالكسر-: العیر ..، و حمار الوحش السّمین القویّ، و الرّغیف الغلیظ الحرف و الرّجل من كفّار العجم .. و رجل علج ككتف و صرد و سكّر (2)شدید صریع معالج للأمور. انتهی.

و لعلّه رحمه اللّٰه إنّما ذكر هذه المعانی لاستبعاد أن یكون من یأخذ الحقّ منهم و یعطی صاحب الحقّ من الكفّار، و كان ذلك قبل انقراض دولتهم، و الآن ظهر أنّ من استأصلهم كان هلاكو، و كان من الكفّار.

و أمّا قوله علیه السلام یدفع فعلی البناء للمجهول- .. أی ثم یدفع إلی القائم علیه السلام و لو بعد حین، و یحتمل أن یكون من الأخبار البدائیة.

«37»-كا (3)الْعِدَّةُ، عَنِ الْبَرْقِیِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ رَفَعَهُ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَزَعَ الشَّهْوَةَ مِنْ رِجَالِ بَنِی أُمَیَّةَ وَ جَعَلَهَا فِی نِسَائِهِمْ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِشِیعَتِهِمْ، وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَزَعَ الشَّهْوَةَ مِنْ نِسَاءِ بَنِی هَاشِمٍ وَ جَعَلَهَا فِی رِجَالِهِمْ، وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِشِیعَتِهِمْ.

«38»-كا (4)الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُعَلَّی، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنْ حُجْرَتِهِ وَ مَرْوَانُ وَ أَبُوهُ یَسْتَمِعَانِ إِلَی حَدِیثِهِ، فَقَالَ لَهُ: الْوَزَغُ بْنُ الْوَزَغِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: فَمِنْ یَوْمِئِذٍ یَرَوْنَ أَنَّ الْوَزَغَ یَسْمَعُ الْحَدِیثَ.

ص: 532


1- القاموس 1- 200، و بنصّه فی لسان العرب 2- 326- 327.
2- فی المصدر: خلّر.
3- الكافی 5- 564 حدیث 35، مع تفصیل فی الإسناد. و تقدیم و تأخیر.
4- الكافی- الرّوضة- 8- 238 حدیث 323، مع تفصیل فی الإسناد.

«39»-كا (1)بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: لَمَّا وُلِدَ مَرْوَانُ عَرَضُوا بِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنْ یَدْعُوَ لَهُ، فَأَرْسَلُوا بِهِ إِلَی عَائِشَةَ لِیَدْعُوَ لَهُ، فَلَمَّا قَرَّبَتْهُ مِنْهُ، قَالَ: أَخْرِجُوا عَنِّی الْوَزَغَ بْنَ الْوَزَغِ. قَالَ زُرَارَةُ: وَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَ لَعَنَهُ.

«40»-كا (2)بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْمَكِّیِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: إِنَّ عُمَرَ لَقِیَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِی تَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَةَ: (بِأَیِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (3)تَعَرُّضاً بِی وَ بِصَاحِبِی؟!. قَالَ: أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِآیَةٍ نَزَلَتْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ: (فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (4)فَقَالَ: كَذَبْتَ، بَنُو أُمَیَّةَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ مِنْكَ، وَ لَكِنَّكَ أَبَیْتَ إِلَّا عَدَاوَةً لِبَنِی تَیْمٍ وَ عَدِیٍّ وَ بَنِی أُمَیَّةَ (5)

«41»-كا (6)مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی، عَنْ أَبِی عِیسَی (7)وَ أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِیعاً، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ، عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَذَكَرَ بَنِی أُمَیَّةَ وَ دَوْلَتَهُمْ، فَقَالَ (8)لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ وَ أَنْ یُظْهِرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَی یَدِكَ (9)فَقَالَ: مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ وَ لَا یَسُرُّنِی أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ، إِنَّ أَصْحَابَهُمْ أَوْلَادُ الزِّنَا، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ

ص: 533


1- الكافی- الرّوضة- 8- 238 حدیث 324، مع تفصیل فی الإسناد.
2- الكافی- الرّوضة- 8- 239 حدیث 325، مع تفصیل فی الإسناد.
3- القلم: 6.
4- محمّد صلی اللّٰه علیه و آله: 22.
5- و جاءت أیضا فی الرّوضة من الكافی 8- 103 حدیث 76.
6- الكافی- الرّوضة- 8- 341 حدیث 538، مع تفصیل فی الإسناد، و قلیل من الاختلاف.
7- فی المصدر: ابن عیسی.
8- فی ك: و قال.
9- فی الكافی: یدیك.

سِنِینَ وَ لَا أَیَّاماً أَقْصَرَ مِنْ سِنِیهِمْ وَ أَیَّامِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِی فِی یَدِهِ الْفَلَكُ فَیَطْوِیهِ طَیّاً.

«42»-كا (1)عَلِیٌّ، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وُلْدُ الْمِرْدَاسِ مَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُمْ أَكْفَرُوهُ، وَ مَنْ تَبَاعَدَ مِنْهُمْ أَفْقَرُوهُ، وَ مَنْ نَاوَاهُمْ قَتَلُوهُ، وَ مَنْ تَحَصَّنَ مِنْهُمْ أَنْزَلُوهُ، وَ مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ أَدْرَكُوهُ حَتَّی یَنْقَضِیَ (2)دَوْلَتُهُمْ.

بیان: التعبیر عن ولد العباس بولد (3)مرداس كنایة بعیدة لشدّة التقیة- لابن عباس بن مرداس، من الصحابة، فروعی لاشتراك الاسم بین العبّاسین.

أقول: قد مرّت الأخبار الكثیرة فی لعن بنی أمیّة فی أبواب الآیات النازلة فی الأئمّة علیهم السلام لا سیّما فی باب تأویل الإیمان بهم علیهم السلام و الشرك بأعدائهم (4)، و تأویل آیة النور (5)، و سیأتی فی خطبة أمیر المؤمنین علیه السلام بعد البیعة و سائر أبواب هذا المجلد (6)، و فی باب احتجاج الحسن علیه السلام علی معاویة (7)

ص: 534


1- الكافی- الرّوضة- 8- 341- 342 حدیث 539، بتفصیل فی الإسناد.
2- فی المصدر: تنقضی.
3- فی ك: بن.
4- بحار الأنوار 51- 46.
5- فی س جملة: و سیأتی تأویل آیة النور، و حذفت فی ك، و هو الظاهر. انظر: بحار الأنوار 9- 228 و 23- 207، 363 و 364 و 51- 48، و 53- 56.
6- بحار الأنوار 41- 349.
7- بحار الأنوار 43- 353، 44- 43. و انظر ما ذكره شیخنا الأمینی فی غدیره 8- 248- 251 و 288.

«43»-مد (1)مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ (2)، عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِی هُرَیْرَةَ فِی مَسْجِدِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] (3)بِالْمَدِینَةِ وَ مَعَنَا مَرْوَانُ، قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ الصِّدِّیقَ (4)یَقُولُ: هَلَاكُ أُمَّتِی عَلَی یَدَیْ غِلْمَةِ قُرَیْشٍ (5)فَقَالَ مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ؟!.

فَقَالَ (6)أَبُو هُرَیْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِی فُلَانٍ وَ بَنِی فُلَانٍ لَفَعَلْتُ (7)، وَ كُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّی إِلَی بَنِی مَرْوَانَ حِینَ مُلِّكُوا الشَّامَ فَإِذَا (8)رَآهُمْ غِلْمَانَ أَحْدَاثاً، قَالَ لَنَا:

عَسَی هَؤُلَاءِ أَنْ یَكُونُوا مِنْهُمْ!. قُلْتُ (9)أَنْتَ أَعْلَمُ..

وَ مِنْ (10)صَحِیحِ مُسْلِمٍ (11)، عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِی النَّبَّاحِ (12)، عَنْ أَبِی زُرْعَةَ، عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ، قَالَ: یُهْلِكُ أُمَّتِی هَذَا الْحَیُّ مِنْ قُرَیْشٍ. قَالُوا: فَمَا (13)تَأْمُرُنَا؟. قَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ..

ص: 535


1- العمدة لابن بطریق: 469- 470 حدیث 814، مع اختلاف كبیر.
2- صحیح البخاریّ- كتاب الفتن 9- 47.
3- فی المصدر زیادة: یوما.
4- فی العمدة: المصدّق.
5- فی المصدر: من قریش.
6- فی العمدة: مروان لعنة اللّٰه علیهم غلمة قال.
7- فی المصدر زیادة: من بنی فلان و بنی فلان فعلت قال: ..
8- فی المصدر: مع جدّی سعید إلی الشّام حین هلك بنی مروان فإذا ..
9- فی العمدة: هؤلاء الّذین عناهم أبو هریرة!. فقلت ..
10- كما جاء فی العمدة لابن بطریق: 452- حدیث 941.
11- صحیح مسلم- كتاب الفتن- 8- 186.
12- فی المصدر: أبی التّیّاح.
13- فی ك نسخة بدل: و ما.

وَ رَوَی مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ (1)

مِثْلَهُ (2)

«44»-مد (3)مِنْ تَفْسِیرِ الثَّعْلَبِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (4)، قَالَ: أُرِیَ بَنِی أُمَیَّةَ عَلَی الْمَنَابِرِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَقِیلَ لَهُ: إِنَّهَا الدُّنْیَا یُعْطُونَهَا، فَنَزَلَ عَلَیْهِ: (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قَالَ: بَلَاءً لِلنَّاسِ (5)

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً (6)، عَنِ الْمُهَلَّبِیِّ (7)، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] بَنِی أُمَیَّةَ یَنْزُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ فَسَاءَهُ (8)، فَمَا اسْتَجْمَعَ ضَاحِكاً حَتَّی مَاتَ، فَأَنْزَلَ (9)اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی ذَلِكَ: (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ) (10)

بیان: قوله: فما استجمع ضاحكا .. أی لم یضحك ضحكا تامّا.

قال الطّیبی فی قوله: مستجمعا ضاحكا: المستجمع: المستجدّ للشی ء القاصد له، أی ضاحكا كلّ الضحك.

ص: 536


1- الجمع بین الصّحیحین للحمیدیّ، و لا نعلم بطبعه إلی الآن كما ذكرنا ذلك مكرّرا.
2- كما ذكره ابن بطریق فی العمدة: 456 حدیث 954.
3- العمدة: 452 ذیل حدیث 942.
4- الإسراء: 60.
5- فی المصدر: یعطونها، فسری عنه. فتنة النّاس قال: بلاء النّاس. و قد أورده السّیوطیّ فی الدّرّ المنثور 4- 191، و غیره.
6- كما فی العمدة: 453 حدیث 943.
7- فی المصدر: البهلی.
8- فی العمدة زیادة: ذلك.
9- فی المصدر: و أنزل.
10- الإسراء: 60. أقول: رؤیا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لبنی أمیّة علی منبره جاء فی بحار الأنوار 28- 77 حدیث 36، و الكافی 4- 159، 8- 445، و سنن التّرمذیّ حدیث 3408، و منتخب كنز العمّال 5- 399، و شرح النّهج لابن أبی الحدید 1- 372 و غیرها كثیر.

«45»-مد (1)عَنِ الثَّعْلَبِیِّ (2)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی:

(... الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ) (3)قَالَ: هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ بَنُو الْمُغِیرَةِ وَ بَنُو أُمَیَّةَ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِیرَةِ فَكُفِیتُمُوهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ، وَ أَمَّا بَنُو أُمَیَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَی حِینٍ (4)

وَ قَالَ الثَّعْلَبِیُّ (5)أَیْضاً (6)

فِی قَوْلِهِ تَعَالَی: (فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (7)نَزَلَتْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ (8)وَ بَنِی هَاشِمٍ (9)

«46»-مد (10)مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (11)، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَالَ: إِذَا بَلَغَ آلُ أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ دِینَهُ دَخَلًا.

وَ ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِیُّ (12)فِی الْفَائِقِ (13)فِی حَدِیثِ أَبِی هُرَیْرَةَ: إِذَا بَلَغَ (14)بَنُو الْعَاصِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا كَانَ مَالُ اللَّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادُهُ خَوَلًا (15)

ص: 537


1- العمدة لابن بطریق: 453 ذیل حدیث 944، باختلاف یسیر.
2- فی تفسیره 2- 281، و لم ترد الرّوایة هناك ذیل الآیة.
3- إبراهیم: 28- 29.
4- و أورده السّیوطیّ فی الدّرّ المنثور 4- 84.
5- تفسیر الثّعلبیّ 4- 167.
6- ذكره ابن بطریق فی العمدة: 454 حدیث 946.
7- محمّد صلی اللّٰه علیه و آله: 22.
8- و جاء إلی هنا فی غایة المرام: 445 نقلا عن الثّعلبیّ.
9- لا توجد: و بنی هاشم، فی المصادر السّالفة.
10- العمدة لابن بطریق: 471 حدیث 992.
11- مسند أحمد بن حنبل 3- 80، عن مسند أبی سعید الخدریّ.
12- كما ذكره ابن بطریق فی العمدة: 472 حدیث 993.
13- الفائق 1- 420.
14- فی البحار المطبوع تكرّر لفظ: بلغ، و لا وجه له، و فی العمدة: بلغ بنو أبی ..
15- . 15 فی المصدر: ثلاثین، كان دین اللّٰه دخلا، و مال اللّٰه نحلا، و عباد اللّٰه خولا.

وَ نَشَأَ لِلْحَكَمِ (1)بْنِ أَبِی الْعَاصِ أَحَدٌ وَ عِشْرُونَ ابْناً، وَ وُلِدَ لِمَرْوَانَ (2)بْنِ الْحَكَمِ تِسْعَةُ بَنِینَ (3)

إیضاح:

قال فی النهایة (4)فی (5)حدیث أبی هریرة: إذا بلغ بنو أبی العاص ثلاثین كان مال اللّٰه دولا (6)و دین اللّٰه دخلا و عباد اللّٰه خولا.

قال (7)الدّول (8)جمع دولة بالضّمّ-: و هو ما یتداول من المال فیكون لقوم دون قوم.

و الدّخل بالتحریك-: العیب و الغشّ و الفساد .. و حقیقته أن یدخلوا فی الدّین أمورا لم تجر بها السّنّة (9)

و قوله: خولا .. أی خدما و عبیدا، یعنی أنّهم یستخدمونهم و یستعبدونهم (10)

«47»-مد (11)مِنْ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ، تَأْلِیفِ أَبِی الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ

ص: 538


1- فی العمدة: و عباد اللّٰه خولا، و دینه دخلا، و ولد للحكم ..
2- لا یوجد: لمروان، فی المصدر.
3- و أورده الهندیّ فی كنز العمّال 11- 165.
4- النهایة 2- 108، و ذكر جملة منه فی 2- 88 و 2- 140.
5- فی المصدر: و منه.
6- لا توجد فی النهایة: كان مال اللّٰه دولا.
7- النهایة 2- 140، و مثله فی لسان العرب 11- 252.
8- فی المصدر: دولا.
9- كما فی لسان العرب 11- 241، و النهایة 2- 108.
10- نصّ علیه فی النهایة 2- 88، و لسان العرب 11- 225.
11- العمدة لابن بطریق: 472 حدیث 994، بتفصیل فی الإسناد.

مَرْوَانُ فِی حَوَائِجِهِ، فَقَالَ: اقْضِ حَوَائِجِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنِّی (1)أَصْبَحْتُ أَبَا عَشَرَةٍ وَ أَخَا عَشَرَةٍ، وَ قَضَی (2)حَوَائِجَهُ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَ هُوَ مَعَهُ عَلَی الزبیر [السَّرِیرِ] (3)أَنْشُدُكَ اللَّهَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ: إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ (4)ثَلَاثِینَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَیْنَهُمْ دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ كِتَابَهُ دَخَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا تسع [تِسْعاً] (5)وَ تِسْعِینَ وَ أَرْبَعَمِائَةٍ كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ أَوَّلِ تَمْرَةٍ (6)فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ إِنَّ مَرْوَانَ ذَكَرَ حَاجَةً (7)لِمَا حَصَلَ فِی بَیْتِهِ (8)فَوَجَّهَ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَكَلَّمَهُ فِیهَا فَقَضَاهَا (9)، فَلَمَّا أَدْبَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ مُعَاوِیَةُ (10)لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلی اللّٰه علیه و آله) ذَكَرَ هَذَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ادَّعَی مُعَاوِیَةُ زِیَاداً (11)

وَ رَوَی (12)الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (13)وَ الْوَاقِدِیُّ وَ كَافَّةُ (14)رُوَاةِ الْحَدِیثِ أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ كَانَ سَبَبُ طَرْدِهِ وَ وَلَدَهُ مَرْوَانَ حِینَ طَرَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 539


1- فی العمدة: فو اللّٰه إنّ مئونتی لعظیمة و إنّی ..
2- فی المصدر: فقضی.
3- فی مطبوع البحار نسخة بدل: السّریر- كما فی المصدر- و هو الصّحیح.
4- فی المصدر: آل الحكم.
5- فی العمدة: سبعة، و ذكر: تسع نسخة. و كذا فی كنز العمّال.
6- كذا، و فی المصدر: لوك تمرة، و هو الظّاهر.
7- فی المصدر: حاجته، و ما أثبت أظهر.
8- فی العمدة: منزله.
9- زاد فی المصدر: ثمّ رجع.
10- لا یوجد: معاویة، فی العمدة.
11- و ذكرها المتّقی الهندیّ فی كنز العمّال 11- 361.
12- كما أورده ابن بطریق فی العمدة: 472- 473 حدیث 995.
13- تاریخ الطّبریّ 11- 356.
14- فی المصدر: و عامّة.

وَ آلِهِ أَنَّ الْحَكَمَ اطَّلَعَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَوْماً فِی دَارِهِ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ وَ كَانَ مِنْ سَعَفٍ (1)فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِقَوْسٍ لِیَرْمِیَهُ فَهَرَبَ.

وَ فِی رِوَایَةٍ (2)

، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی قِسْمَةِ خبر- [خَیْبَرَ] (3)اتَّقِ اللَّهَ یَا مُحَمَّدُ!. فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: لَعَنَكَ اللَّهُ وَ لَعَنَ مَا فِی صُلْبِكَ، أَ تَأْمُرُنِی بِالتَّقْوَی؟! وَ أَنَا حِبٌّ (4)مِنَ اللَّهِ تَعَالَی، فَلَمْ یَزَالا طَرِیداً (5)حَتَّی مَلَكَ عُثْمَانُ فَأَدْخَلَهُمَا (6)

بیان: الْحِبُّ بالكسر-: المحبوبُ (7)

أقول: قَالَ السَّیُوطِیُّ مِنْ مَشَاهِیرِ عُلَمَاءِ الْمُخَالِفِینَ فِی الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (8)

أَخْرَجَ الْبُخَارِیُّ، عَنْ یُوسُفَ بْنِ هَامَانَ (9)، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَی الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ یَذْكُرُ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ لِكَیْ یُبَایَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِیهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی بَكْرٍ شَیْئاً، فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَیْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ یَقْدِرُوا عَلَیْهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا أُنْزِلَ فِیهِ: (وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما) (10)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِینَا شَیْئاً مِنَ الْقُرْآنِ، إِلَّا

ص: 540


1- فی العمدة: سقف، و ما أثبت هنا أظهر.
2- لا زال الكلام لابن بطریق فی العمدة: 473 حدیث 996.
3- كذا، و فی المصدر: خیبر، و هو الظّاهر. و فی س: خیر.
4- فی العمدة: جئت به.
5- لا توجد كلمة: تعالی، فی المصدر، و فیه: لعنك اللّٰه، اخرج فلا تجاورنی، فلم یریا إلّا طریدین ..
6- و جاءت كلتا الرّوایتین فی الإصابة 1- 344- 345، و الاستیعاب 1- 316- 317. و انظر ترجمة مفصّلة له فی الغدیر 8- 241- 257 تغنینا عن كلّ تفصیل و حدیث.
7- نصّ علیه فی النهایة 1- 326، و القاموس 1- 50.
8- الدّرّ المنثور 6- 10- 11.
9- فی ك نسخة بدل: ماهان، و فی المصدر: ماهك. و الكلمة مشوّشة فی س.
10- الأحقاف: 17.

أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِی (1)

وَ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَیْدٍ وَ النَّسَائِیُّ وَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَ الْحَاكِمُ وَ صَحَّحَهُ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ، قَالَ: لَمَّا بَایَعَ مُعَاوِیَةُ لِابْنِهِ قَالَ مَرْوَانُ: سُنَّةُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سُنَّةُ هِرَقْلَ وَ قَیْصَرَ. فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ:

(وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما. الْآیَةَ) (2)، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: كَذَبَ مَرْوَانُ .. كَذَبَ مَرْوَانُ، وَ اللَّهِ مَا هُوَ بِهِ، وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّیَ الَّذِی أُنْزِلَتْ فِیهِ لَسَمَّیْتُهُ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] لَعَنَ أَبَا مَرْوَانَ وَ مَرْوَانَ (3)فِی صُلْبِهِ، فَمَرْوَانُ فَضْفَضٌ (4)مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ.

وَ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِی حَاتِمٍ وَ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنِّی لَفِی الْمَسْجِدِ حِینَ خَطَبَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَرَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی یَزِیدَ رَأْیاً حَسَناً وَ إِنْ یَسْتَخْلِفْهُ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی بِكْرٍ: أَ هِرَقْلِیَّةٌ!؟

إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَ اللَّهِ مَا جَعَلَهَا فِی أَحَدٍ مِنْ وُلْدِهِ وَ لَا أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ، وَ لَا جَعَلَهَا

ص: 541


1- قال فی تاج العروس 5- 69: و منه قول عائشة لمروان حین كتب علیه معاویة لیبایع النّاس لیزید، فقال عبد الرّحمن بن أبی بكر: أ جئتم بها هرقلیة قوقیة تبایعون لأبنائكم؟!. فقال مروان: أیّها النّاس! هذا الّذی قال اللّٰه فیه: «وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما». الآیة فغضبت عائشة. و قالت: و اللّٰه ما هو به، و لو شئت أن أسمّیه لسمّیته، و لكنّ اللّٰه لعن أباك و أنت فی صلبه، فأنت فضض من لعنة اللّٰه. و یروی فضض- كعنق- و فضاض- مثل غراب- الأخیر عن شمر .. أی قطعة و طائفة منها .. أی من لعنة اللّٰه و رسوله صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلّم هكذا فسّره شمر، و قال ثعلب: .. أی خرجت من صلبه متفرّقا یعنی ما انفضّ من نطفة الرّجل و تردّد فی صلبه، نقله الجوهریّ. و روی بعضهم فی هذا الحدیث: فأنت فظاظة- بظاءین- من الفظیظ، و هو ماء الكرش، و أنكره الخطّابیّ. و قال الزّمخشریّ: افتظظت الكرش: اعتصرت ماءها، كأنّه عصارة من اللّعنة، أو فعالة من الفظیظ: ماء الفحل .. أی نطفة من اللّعنة.
2- الأحقاف: 17.
3- لا یوجد فی المصدر: و مروان.
4- فی ك: فضض. أقول: هو الظّاهر، و سیتعرّض المصنّف رحمه اللّٰه لاختلاف النّسخ فی بیانه، و لم یذكر ما فی المتن. قال فی القاموس 2- 340: و الفضفضة: سعة الثّوب، و الدّرع، و العیش.

مُعَاوِیَةُ إِلَّا رَحْمَةً وَ كَرَامَةً لِوُلْدِهِ. فَقَالَ مَرْوَانُ: أَ لَسْتَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما؟!.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَ لَسْتَ ابْنَ اللَّعِینِ الَّذِی لَعَنَ أَبَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ [وَ آلِهِ] ؟!. قَالَ: وَ سَمِعَتْهَا عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: یَا مَرْوَانُ! أَنْتَ الْقَائِلُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ .. كَذَا وَ كَذَا، كَذَبْتَ وَ اللَّهِ مَا فِیهِ نَزَلَتْ، وَ لَكِنْ (1)نَزَلَتْ فِی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ.

وَ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِیرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ: (وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ.) (2)الْآیَةَ، قَالَ: هَذَا ابْنٌ لِأَبِی بَكْرٍ.

وَ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِی حَاتِمٍ، عَنِ السُّدِّیِّ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ (3)فِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ قَالَ لِأَبَوَیْهِ (4)وَ كَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَ أَبَی هُوَ أَنْ یُسْلِمَ فَكَانَا یَأْمُرَانِهِ بِالْإِسْلَامِ وَ یَرُدُّ عَلَیْهِمَا وَ یُكَذِّبُهُمَا، فَیَقُولُ: فَأَیْنَ فُلَانٌ .. وَ أَیْنَ فُلَانٌ .. یَعْنِی مَشَایِخَ قُرَیْشٍ مِمَّنْ قَدْ مَاتَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ فَنَزَلَتْ تَوْبَتُهُ فِی هَذِهِ الْآیَةِ:

(وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) (5)

تبیین:

أقول: وَ رَوَی ابْنُ بِطْرِیقٍ (6)مَضَامِینَ تِلْكَ الْأَخْبَارِ عَنِ الثَّعْلَبِیِّ (7)، وَ رَوَی عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ أَبُو الْعَالِیَةِ وَ مُجَاهِدٌ وَ السُّدِّیُّ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَ قِیلَ: فِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ. قَالَ لَهُ أَبَوَاهُ أَسْلِمْ وَ أَلَحَّا عَلَیْهِ فِی دُعَائِهِ إِلَی الْإِیمَانِ، فَقَالَ: أَحْیُوا لِی (8)عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُذْعَانَ وَ عَامِرَ بْنَ كَعْبٍ

ص: 542


1- لا توجد: و لكن، فی الدّرّ المنثور.
2- الأحقاف: 17.
3- فی المصدر ذكر الآیة: «وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما» ...
4- فی الدّرّ المنثور: لوالدیه.
5- الأنعام: 132.
6- فی العمدة: 454 حدیث 947.
7- تفسیر الثّعلبیّ 4- 152. و لم أجد الكلام ذیل الآیة الكریمة، و لعلّه فی محلّ آخر من التّفسیر، أو حذف و حرف، كما نجد فی بعض المصادر المطبوعة لأبناء العامّة أخیرا.
8- فی المصدر: أجیبوا إلی.

وَ مَشَایِخَ مِنْ قُرَیْشٍ حَتَّی أَسْأَلَهُمْ عَمَّا تَقُولُونَ (1)

وَ قَالَ فِی النِّهَایَةِ (2)فِی (3)حَدِیثِ عَائِشَةَ: «قَالَتْ لِمَرْوَانَ: إِنَّ اللَّهَ (4)لَعَنَ أَبَاكَ وَ أَنْتَ فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ»، .. أی قطعة و طائفة منها.

و رواه بعضهم «فظاظة من لعنة اللّٰه» بظاءین من الفظیظة (5)و هو ماء الكرش، و أنكره الخطّابی. و قال الزّمخشری: «افتظظت الكرش اعتصرت (6)ماءها، كأنّها عصارة من اللّعنة، أو فعالة من الفظیظ: ماء الفحل .. أی نطفة من اللّعنة.

و قال فی القاموس (7)الفضض محرّكة-: ما انتشر من الماء إذا تطهّر به، .. و كلّ متفرّق و منتشر، و منه قول عائشة لمروان: فأنت فضض من لعنة اللّٰه، و یروی فضض كعنق و غراب- .. أی قطعة منها.

و ذكر (8)فظاظة أیضا علی وزن فعالة فی بابه، و فسّره بماء الكرش یعتصر و یشرب فی المفاوز.

فائدة:

قال صاحب الكامل البهائی (9)أنّ أمیّة كان غلاما رومیّا لعبد الشمس، فلمّا ألقاه كیسا فطنا أعتقه و تبناه، فقیل أمیّة بن عبد الشمس كما كانوا یقولون قبل

ص: 543


1- فی الدّرّ المنثور: یقولون.
2- النّهایة 3- 454. و نظیره فی لسان العرب 7- 208، و تاج العروس 5- 69.
3- فی المصدر: و منه.
4- فی النّهایة: النّبیّ، بدلا من: اللّٰه.
5- فی المصدر: الفظیظ.
6- كذا ورد فی لسان العرب، و فی النهایة: إذا اعتصرت، و جعل: إذا بین معكوفین.
7- القاموس 2- 340، و قریب منه فی تاج العروس 5- 69، و لسان العرب 7- 208.
8- أی صاحب القاموس 2- 397، و كذا فی لسان العرب 7- 452، و تاج العروس 5- 257.
9- كامل البهائی- فارسی- للحسن بن علیّ بن محمّد الطبریّ- عماد الدین الطبریّ- 1- 269، و هذه حاصل الترجمة، و قد نقلها عن كتاب البدیع لمحمّد بن عبد الرحمن بن محمّد الأصفهانی.

نزول الآیة زید بن محمد، و لذا

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی:

(الم غُلِبَتِ الرُّومُ ...) (1)أَنَّهُمْ بَنُو أُمَیَّةَ.

، و من هنا یظهر نسب عثمان و معاویة و حسبهما، و أنّهما لا یصلحان للخلافة

لِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَیْشٍ.

أقول:

ذكر ابن أبی الحدید فی آخر المجلد الخامس عشر من شرحه علی النهج (2)فصلا طویلا فی مفاخرة بنی هاشم و بنی أمیّة و فیه مثالب كثیرة من بنی أمیّة لم نذكرها مخافة الإطناب و الخروج عن مقصود الكتاب.

و قال مؤلّف كتاب إلزام النواصب (3)أمیّة لم یكن (4)من صلب عبد شمس و إنّما هو من الروم (5)فاستلحقه عبد شمس فنسب إلیه، فبنو أمیّة كلّهم لیس من (6)صمیم قریش، و إنّما هم یلحقون بهم، و یصدّق ذلك قَوْلُ (7)أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (8)أَنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لِصَاقٌ وَ لَیْسُوا صَحِیحِی النَّسَبِ إِلَی عَبْدِ مَنَافٍ، وَ لَمْ یَسْتَطِعْ مُعَاوِیَةُ إِنْكَارَ ذَلِكَ.

ص: 544


1- الرّوم: 1- 2.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 15- 198- 295.
3- إلزام النواصب: 104- 105- من نسختنا.
4- فی المصدر العبارة هكذا: و شأن أمیّة بن عبد الشمس شأن العوام، فإنّه لم یكن.
5- فی إلزام النواصب هكذا: عبد الشمس بن عبد مناف، و إنّما هو عبد من الروم.
6- فی المصدر: كما نسب العوام إلی خویلد، فبنو أمیّة جمیعهم لیسوا من ..
7- فی المصدر: ملحقون بهم و تصدیق ذلك جواب ..
8- هنا سقط جاء فی إلزام النّواصب و هو: لمعاویة لمّا كتب إلیه: إنّما نحن و أنتم بنو عبد مناف، فكان جواب علیّ علیه السّلام: لیس المهاجر كالطّلیق، و لیس الصّریح كاللّصیق. و هذا شهادة من علیّ علیه السّلام علی بنی أمیّة أنّهم لصق و لیسوا بصحیحی النّسب .. إلی آخره.

«48»-نَهْجٌ (1)مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ لَا یَزَالُونَ حَتَّی لَا یَدَعُوا لِلَّهِ مُحَرَّماً إِلَّا اسْتَحَلُّوهُ، وَ لَا عَقْداً إِلَّا حَلُّوهُ، وَ حَتَّی لَا یَبْقَی بَیْتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلَّا دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ، وَ نَبَا بِهِ سُوءُ رِعَتِهِمْ (2)حَتَّی (3)یَقُومَ الْبَاكِیَانِ یَبْكِیَانِ: بَاكٍ یَبْكِی لِدِینِهِ، وَ بَاكٍ یَبْكِی لِدُنْیَاهُ، وَ حَتَّی تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَیِّدِهِ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ وَ إِذَا غَابَ اغْتَابَهُ، وَ حَتَّی یَكُونَ أَعْظَمُكُمْ فِیهَا غَنَاءً (4)أَحْسَنَكُمْ بِاللَّهِ ظَنّاً، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِعَافِیَةٍ فَاقْبَلُوا، وَ إِنِ ابْتُلِیتُمْ فَاصْبِرُوا، فَ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِینَ (5)

بیان: لا یزالون .. أی بنو أمیّة ظالمین، فحذف الخبر، و سدّت (حتی و ما بعدها) مسدّ الخبر.

و یقال: نبا به منزله: إذا ضرّه و لم یوافقه (6)

و سوء رعتهم .. أی سوء ورعهم و تقواهم، یقال: ورع یرع بالكسر فیهما ورعا و رعة (7)، و یروی: سوء رعیهم.

قوله علیه السلام: نصرة أحدكم .. أی انتقامه من أحدهم بإضافة المصدر إلی الفاعل، و قیل: المصدر مضاف إلی المفعول فی الموضعین، و تقدیر

ص: 545


1- نهج البلاغة- محمّد عبده- 6- 190، صبحی صالح: 143 خطبة 98.
2- فی ك نسخة بدل: سوء رعیهم، و فی س: سوء وعنهم، و لعلّه غلط. و جاء فی النّهج طبعة صبحی: رعیهم، و قد تعرّض لها المصنّف رحمه اللّٰه فی بیانه الآتی.
3- فی النّهج- محمّد عبده-: و حتّی.
4- فی النّهج- صبحی صالح-: عناء، و لعلّه الأنسب.
5- و انظر شرحها فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 7- 78، و شرح ابن میثم 4- 409، و منهاج البراعة 1- 430، و غیرهما.
6- قاله فی الصحاح 6- 2500، و القاموس 4- 393، و النهایة 5- 11، و لم یرد فیها جمیعا: إذا ضرّه و ..
7- كما ذكره فی الصحاح 3- 1296، و مجمع البحرین 4- 401، و انظر: القاموس 3- 93.

الكلام حتی یكون نصرة أحد هؤلاء الولاة لأحدكم، و (من) فی الموضعین داخلة علی محذوف تقدیره من جانب أحدكم (1)و من جانب سیّده و هو ضعیف، و لا حاجة إلی التقدیر، بل هو معنی (من) الابتدائیة.

«49»-نَهْجٌ (2)مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: أَرْسَلَهُ عَلَی حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، (3)وَ طُولِ هَجْعَةٍ (4)مِنَ الْأُمَمِ، وَ انْتِقَاضٍ (5)مِنَ الْمُبْرَمِ، فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِیقِ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ، وَ النُّورِ الْمُقْتَدَی بِهِ، ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَ لَنْ یَنْطِقَ، وَ لَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ أَلَا إِنَّ فِیهِ عِلْمَ مَا یَأْتِی، وَ الْحَدِیثَ عَنِ الْمَاضِی، وَ دَوَاءَ دَائِكُمْ (6)، وَ نَظْمَ مَا بَیْنَكُمْ (7)

مِنْهَا (8)فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا یَبْقَی بَیْتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلَّا وَ أَدْخَلَهُ الظَّلَمَةُ تَرْحَةً، وَ أَوْلَجُوا فِیهِ نِقْمَةً فَیَوْمَئِذٍ لَا یَبْقَی لَهُمْ (9)فِی السَّمَاءِ عَاذِرٌ (10)وَ لَا فِی الْأَرْضِ نَاصِرٌ، أَصْفَیْتُمْ بِالْأَمْرِ (11)غَیْرَ أَهْلِهِ، وَ أَوْرَدْتُمُوهُ غَیْرَ مَوْرِدِهِ وَ سَیَنْتَقِمُ (12) اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ، مَأْكَلًا

ص: 546


1- قد تقرأ فی س: أحدهم.
2- فی ك نسخة بدل: سوء رعیهم، و فی س: سوء وعنهم، و لعلّه غلط. و جاء فی النّهج طبعة صبحی: رعیهم، و قد تعرّض لها المصنّف رحمه اللّٰه فی بیانه الآتی.
3- قال فی مجمع البحرین 3- 434: الفترة: انقطاع ما بین النّبیّین، و قال فی الصّحاح 2- 777: الفترة: ما بین الرّسولین من رسل اللّٰه. و فی القاموس 2- 107: الفترة: ما بین كلّ نبیّین.
4- الهجعة: نومة خفیفة من أوّل اللّیل، قاله فی مجمع البحرین 4- 409، و الصّحاح 3- 1306، و غیرهما.
5- فی ك: انتفاض.
6- و فی متن البحار الحجریّ: داء دوائكم. و ما أثبتناه نسخة فی ك، و هی جاءت فی المصدر.
7- للشّیخ ابن میثم البحرانیّ فی شرحه علی نهج البلاغة 3- 273 كلام حریّ بالملاحظة.
8- فی طبعة صبحی: و منها.
9- فی طبعة عبده: لكم.
10- لا توجد: عاذر، فی طبعة محمّد عبده من النّهج.
11- فی ك نسخة: فی الأمر، و فی المصدر: أصفیت بالأمر.
12- فی ك: غیر ورده و سینتقم. و فی س: غیر وروده و سینقم، و ما أثبت من المصدر.

بِمَأْكَلٍ، وَ مَشْرَباً بِمَشْرَبٍ مِنْ مَطَاعِمِ الْعَلْقَمِ وَ مَشَارِبِ الصَّبِرِ (1)وَ الْمَقِرِ، وَ لِبَاسِ شِعَارِ الْخَوْفِ، وَ دِثَارِ السَّیْفِ، وَ إِنَّمَا هُمْ مَطَایَا الْخَطِیئَاتِ، وَ زَوَامِلُ الْآثَامِ، فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَنْخَمَنَّهَا (2)أُمَیَّةُ مِنْ بَعْدِی كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ ثُمَّ لَا تَذُوقُهَا وَ لَا تَتَطَعَّمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً مَا كَرَّ الْجَدِیدَانِ (3)

توضیح:

قوله علیه السلام: فعند ذلك .. إخبار عن ملك بنی أمیّة بعده و زوال أمرهم عند تفاقم (4)فسادهم فی الأرض.

أصفیتم .. أی خصصتم بالأمر (5).. أی الخلافة.

و أوردتموه غیر وروده .. أی أنزلتموه عند غیر مستحقّه.

و المقر ككتف-: المرّاء (6)و الصّبر أو شبیه به أو السّمّ (7)

و الزّاملة (8)الّتی تحمل علیها من الإبل و غیرها (9)

ص: 547


1- الصّبر- ككتب- عصارة شجر مرّ، كما فی القاموس 2- 67.
2- فی س: لتتحمنها، و فی ك: لتتخمنها، و فی حاشیتها: نخم- كنصر- لعب. قاموس. انظر: القاموس 4- 180، و لا یوجد ما ذكره فی الحاشیة، فلاحظ.
3- و انظر شرح الخطبة أیضا فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 217، و منهاج البراعة 2- 105، و غیرهما.
4- تفاقم الأمر: عظم، قاله فی الصحاح 5- 2003.
5- قال فی مجمع البحرین 1- 263: أ فأصفاكم .. أی آثركم. و قال فی الصحاح 6- 2402: أصفیته بالأمر: إذا آثرت به.
6- قاله فی الصحاح 2- 819، و لسان العرب 5- 182.
7- ذكره فی القاموس 2- 136، و لسان العرب 5- 182، و قارن بالنهایة 4- 347.
8- فی س: الناملة، و فی حاشیة ك: الزاملة: البعیر الذی یحمل علیها الطعام و المتاع، كأنّه فاعلة من الزمل: الحمل. نهایة. انظر: النهایة لابن الأثیر 2- 313.
9- كما فی القاموس 3- 390، و لسان العرب 11- 310، و الصحاح 4- 1718.

قوله علیه السلام: ثم لا تذوقها .. قال ابن أبی الحدید (1)فإن قلت:

إنّهم قد ملكوا بعد الدولة الهاشمیّة بالمغرب مدّة طویلة؟.

قلت: الاعتبار بملك العراق و الحجاز، و ما عداهما من الأقالیم النائیة لا اعتداد به.

أقول: لعلّ المراد به انقطاع تلك الدولة المخصوصة و عدم العود إلی أصحابها، و مع ذلك لا بدّ من التخصیص بغیر السفیانی الموعود.

«50»-نَهْجٌ (2)مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: حَتَّی یَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ الدُّنْیَا مَعْقُولَةٌ عَلَی بَنِی أُمَیَّةَ، تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا (3)، وَ تُورِدُهُمْ صَفْوَهَا، وَ لَا یُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَ لَا سَیْفُهَا، وَ كَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ، بَلْ هِیَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِیذِ الْعَیْشِ یَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً، ثُمَّ یَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً (4)

بیان: المنح: العطاء (5)

و الدّرّ فی الأصل-: اللّبن (6)، ثم استعمل فی كلّ خیر.

و مجّ الشّراب: قذفه من فیه (7)، كنّی علیه السلام بكونها مطعومة لهم عن تلذّذهم بها مدّة ملكهم و بكونها ملفوظة من فیهم عن زوالها عنهم.

ص: 548


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 220، و فیه: فإن قلت: كیف قال: ثم لا تذوقها أبدا .. و قد ملكوا بعد قیام الدولة.
2- نهج البلاغة- محمّد عبده- 1- 155- آخر الخطبة، صبحی صالح: 120 خطبة: 87، بنصّه.
3- فی س: تمنحها درهما.
4- انظر شرحها فی شرح ابن أبی الحدید 6- 363، و شرح ابن میثم علی النّهج 2- 304، و منهاج البراعة 1- 361، و غیرها.
5- كذا جاء فی مجمع البحرین 2- 415، و الصحاح 1- 408.
6- كما نصّ علیه فی النهایة 2- 112، و القاموس 2- 28، و مجمع البحرین 3- 301 من دون كلمة فی الأصل.
7- كما ذكره فی الصحاح 1- 340، و النهایة 4- 297، و المصباح المنیر 2- 260.

و البرهة: مدّة من الزّمان لها طول (1)

ثم یلفظونها .. أی یرمونها (2)

«51»-نَهْجٌ (3)مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی ذِكْرِ الْمَلَاحِمِ: یَعْطِفُ الْهَوَی عَلَی الْهُدَی (4)إِذَا عَطَفُوا الْهُدَی عَلَی الْهَوَی، وَ یَعْطِفُ الرَّأْیَ عَلَی الْقُرْآنِ إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَی الرَّأْیِ.

مِنْهَا (5)حَتَّی تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَی سَاقٍ بَادِیاً نَوَاجِذُهَا (6)، مَمْلُوءَةً أَخْلَافُهَا، حُلْواً رَضَاعُهَا، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا، أَلَا وَ فِی غَدٍ وَ سَیَأْتِی غَدٌ بِمَا لَا تَعْرِفُونَ یَأْخُذُ الْوَالِی مِنْ غَیْرِهَا عُمَّالَهَا عَلَی مَسَاوِی أَعْمَالِهَا، وَ تُخْرِجُ لَهُ الْأَرْضُ أَفَالِیذَ كَبِدِهَا، وَ تُلْقِی إِلَیْهِ سِلْماً مَقَالِیدَهَا، فَیُرِیكُمْ كَیْفَ عَدْلُ السِّیرَةِ، وَ یُحْیِی مَیِّتَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ.

مِنْهَا: كَأَنِّی بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ وَ فَحَصَ بِرَایَاتِهِ فِی ضَوَاحِی كُوفَانَ، فَعَطَفَ

ص: 549


1- قاله فی مجمع البحرین 6- 343، و انظر: القاموس 4- 281.
2- صرّح به فی القاموس 2- 399، و الصحاح 3- 1179، و انظر: مجمع البحرین 4- 291.
3- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 21، صبحی صالح: 195، خطبة: 138.
4- قال ابن میثم فی شرحه علی النّهج 3- 168: أقول: الإشارة فی هذا الفصل إلی وصف الإمام المنتظر فی آخر الزّمان الموعود به فی الخبر و الأثر. فقوله: یعطف الهوی علی الهدی .. أی یردّ النّفوس الحائرة عن سبیل اللّٰه المتّبعة لظلمات أهوائها عن طرقها الفاسدة و مذاهبها المختلفة إلی سلوك سبیله و اتّباع أنوار هداه، و ذلك إذا ارتدّت تلك النّفوس عن اتّباع أنوار هدی اللّٰه فی سبیله الواضح إلی اتّباع أهوائها فی آخر الزّمان، و حین ضعّفت الشّریعة و زعمت أنّ الحقّ و الهدی هو ذلك. و كذلك قوله: و یعطف الرّأی علی القرآن إذا عطفوا القرآن علی الرّأی .. أی یردّ علی كلّ رأی رآه غیره إلی القرآن فیحملهم علی ما وافقه منها دون ما خالفه، و ذلك إذا تأوّل النّاس القرآن و حملوه علی آرائهم و ردّوه إلی أهوائهم كما علیه المذاهب المتفرّقة من فرق الإسلام كلّ علی ما خیّل إلیه، و كلّ یزعم أنّ الحقّ الّذی یشهد به القرآن هو ما رآه و أنّه لا حقّ وراءه سواه.
5- فی نهج البلاغة- صبحی-: و منها.
6- فی شرح ابن میثم: نواجدها، و هو الظّاهر.

عَلَیْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ (1)، وَ فَرَشَ الْأَرْضَ بِالرُّءُوسِ، قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ وَ ثَقُلَتْ فِی الْأَرْضِ وَطْأَتُهُ، بَعِیدَ الْجَوْلَةِ، عَظِیمَ الصَّوْلَةِ، وَ اللَّهِ لَیُشَرِّدَنَّكُمْ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْكُمْ إِلَّا قَلِیلُ (2)كَالْكُحْلِ فِی الْعَیْنِ، فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی تَئُوبَ إِلَی الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلَامِهَا فَالْزَمُوا السُّنَنَ الْقَائِمَةَ وَ الْآثَارَ الْبَیِّنَةَ، وَ الْعَهْدَ الْقَرِیبَ الَّذِی عَلَیْهِ بَاقِی النُّبُوَّةِ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ الشَّیْطَانَ إِنَّمَا یُسَنِّی لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتَّبِعُوا عَقِبَهُ (3)

إیضاح:

لعلّ أوّل الكلام إشارة إلی ظهور القائم علیه السلام، و كذا قوله: و سیأتی غد و ما قبله .. إلی الفترة التی تظهر قبل القائم علیه السلام.

و قیام الحرب علی ساق: كنایة عن شدّتها، و قیل الساق: الشّدّة (4)

و بدو نواجذها (5)عن الضحك تهكّما .. عن بلوغ الحرب غایتها، كما أنّ غایة الضحك أن تبدو النواجذ.

و الأخلاف للنّاقة (6)حلمات الضّرع (7)، و إنّما قال علیه السلام: حلوا رضاعها لأنّ أهل النجدة فی أوّل الحرب یقبلون علیها، و مرارة عاقبتها لأنّها القتل، و لأنّ مصیر أكثرهم إلی النار، و المنصوبات الأربعة (8)أحوال، و المرفوع بعد

ص: 550


1- الضّروس: النّاقة السّیّئة الخلق تعضّ حالبها، كما فی القاموس 2- 225.
2- فی البحار المطبوع: قلیل منكم.
3- و انظر شرح الخطبة فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 40، و ابن میثم فی شرحه النّهج 3- 168 و ما بعدها، و منهاج البراعة 2- 56، و غیرها.
4- قاله فی الصحاح 4- 1499، و القاموس 3- 247.
5- قال فی النهایة 5- 20: النواجذ من الأسنان: الضواحك، و هی التی تبدو عند الضحك، و الأكثر الأشهر أنّها أقصی الأسنان. و مثله فی مجمع البحرین 3- 190.
6- فی ك: الناقة.
7- كما فی الصحاح 4- 1355، و القاموس 3- 136.
8- و هی: بادیا، و مملوة، و حلوا، و علقما.

كلّ منها فاعل، و إنّما ارتفع عاقبتها بعد علقما مع أنّه اسم صریح لقیامه مقام اسم الفاعل كأنّه قال: مریرة عاقبتها (1)

قوله علیه السلام: ألا و فی غد .. قال ابن أبی الحدید: تمامه (2)

قوله علیه السلام: یأخذ الوالی .. و بین الكلام جملة اعتراضیه قد كان تقدّم ذكر طائفة من الناس كانت ذات ملك وافرة فذكر علیه السلام: أنّ الوالی یعنی القائم علیه السلام یأخذ عمّال هذه الطائفة علی سوء أعمالهم، و (علی) هاهنا متعلقة بیأخذ، و هی بمعنی یؤاخذ.

و الأفالیذ: جمع أفلاذ، و هی جمع فلذة و هی القطعة من الكبد (3)، كنایة عن الكنوز (4)الّتی تظهر للقائم علیه السلام، و قد فسّر قوله تعالی: (وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (5)بذلك فی بعض التفاسیر.

و قوله علیه السلام: سلما .. مصدر سدّ مسدّ الحال أو تمییز.

قوله علیه السلام: كأنّی به .. الظاهر أنّه (6)إشارة إلی السفیانی، و قال ابن أبی الحدید (7)إخبار عن عبد الملك بن مروان و ظهوره بالشام و ملكه بعد ذلك

ص: 551


1- العبارة مأخوذة من شرح ابن میثم علی النهج 3- 170. و كذا بعض ما قبلها و ما بعدها.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 42.
3- كما قاله فی القاموس 1- 357، و الصحاح 2- 568.
4- نصّ علیه الفیروزآبادی فی القاموس المحیط 1- 357، و انظر: النهایة 3- 470.
5- الزلزلة: 2.
6- لا توجد فی ك: أنّه.
7- شرح ابن أبی الحدید 9- 47، و جاء فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 7- 99 ما نصّه: و هذا كنایة عن عبد الملك بن مروان، لأنّ هذه الصفات و الأمارات فیه أتمّ منها فی غیره، لأنّه قام بالشام حین دعا إلی نفسه و هو معنی نعیقه، و فحصت رایاته بالكوفة تارة حین شخص بنفسه إلی العراق و قتل مصعبا، و تارة لما استخلف الأمراء علی الكوفة كبشر بن مروان أخیه و غیره حتّی انتهی الأمر إلی الحجّاج، و هو زمان اشتداد شكیمة عبد الملك و ثقل وطأته، و حینئذ صعب الأمر جدّا، و تفاقمت الفتن مع الخوارج و عبد الرحمن بن الأشعث، فلمّا كمل أمر عبد الملك- و هو معنی «أینع زرعه»- هلك، و عقدت رایات الفتن المعضلة من بعده كحروب أولاده مع بنی المهلّب، و كحروبهم مع زید بن علیّ علیه السلام، و كالفتن الكائنة بالكوفة أیّام یوسف بن عمر و خالد القسری و عمر بن هبیرة و غیرهم، و ما جری فیها من الظلم و استئصال الأموال و ذهاب النفوس .. إلی آخره ..

العراق، و ما قتل من العرب فیها أیّام عبد الرحمن بن الأشعث، و قتله أیّام مصعب ابن الزبیر.

و قال: مفعول فحص محذوف .. أی فحص الناس برایاته، أی نحّاهم و قلّبهم یمینا و شمالا.

و ضواحی كوفان .. ما قرب (1)منها من القری (2)، و قد سار لقتال مصعب بعد أن قتل المصعب المختار، فالتقوا بأرض مسكن من نواحی الكوفة.

قد فغرت فاغرته .. أی انفتح فوه، و یقال: فغر فاه یتعدّی و لا یتعدّی (3)

و ثقل وطائه .. كنایة عن شدّة ظلمه و جوره.

بعید الجولة .. أی جولان خیوله و جیوشه فی البلاد، فیكون كنایة عن اتّساع ملكه، أو جولان رجاله فی الحرب بحیث لا یتعقّبه السكون.

و شرد البعیر .. نفر (4)و ذهب فی الأرض.

و عوازب أحلامها .. أی ما ذهب و غاب من عقولها (5)

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه (6)فإن قلت: قوله علیه السلام: حتی تئوب ..

ص: 552


1- فی س: ما قریب.
2- قال فی الصحاح 6- 2406: ضاحیة كلّ شی ء: ناحیته البارزة، و یقال: هم ینزلون الضواحی. و قال فی النهایة 3- 78: و ضاحیة مضر .. أی أهل البادیة منهم، و جمع الضاحیة: ضواح. و قال فی القاموس 4- 354: و ضواحیك: ما برز منك للشمس كالكتفین و المنكبین، و من الحوض نواحیه، و من الروم ما ظهر من بلادهم.
3- كما ذكره فی القاموس 2- 110، و الصحاح 2- 782.
4- كما فی مجمع البحرین 3- 77، و الصحاح 2- 494، و القاموس 1- 305.
5- قال فی النهایة 3- 227: و الحلوم عوازب: جمع عازب .. أی أنّها خالیة بعیدة العقول. و قال قبل ذلك: عزب .. أی بعد، و عزب: إذا أبعد. و مثله فی لسان العرب 1- 597، و قال فیه 1- 596: عزب عنه .. ذهب، و عزب یعزب: إذا غاب.
6- شرح نهج البلاغة لابن میثم 3- 174، باختلاف كثیر و تصرّف.

یدلّ علی انقطاع تلك الدولة بظهور العرب (1)، و عبد الملك مات و قام بعده بنوه بالدولة (2)

قلت: الغایة لیست غایة (3)لدولة عبد الملك بل غایة لكونهم لا یزالون مشرّدین فی البلاد مقهورین، و ذلك الانقهار و إن كان أصله من عبد الملك إلّا أنّه استمرّ فی زمان أولاده إلی حین انقضاء دولتهم. و قال بعض الشارحین: إنّ ملك أولاده ملكه.

و هذا جواب من لم یتدبّر فی كلامه علیه السلام.

و العرب هاهنا هم بنو العباس و من معهم من العرب أیّام ظهور دولتهم كقحطبة بن شبیب البطائی و ابنیه حمید و الحسن، و كبنی رزیق (4)منهم طاهر بن الحسین و إسحاق بن إبراهیم و غیرهم من العرب. و قیل: إنّ أبا مسلم أصله عربی.

قوله علیه السلام: و العهد القریب.

قال ابن أبی الحدید (5).. أی عهده و أیّامه علیه السلام، و كأنّه (6)دفع لما عساه یتوهّمونه من أنّه إذا آبت إلی العرب عوازب أحلامها فیجب علیهم اتّباع الدولة الجدیدة فی كل ما تفعله (7)، فوصّاهم

ص: 553


1- فی المصدر زیادة: و عود عوازب أحلامها.
2- فی شرح ابن میثم زیادة: و لم یزل الملك عنه بظهور العرب، فأین فائدة الغایة؟.
3- لا توجد فی س: لیست غایة.
4- فی س: رزین.
5- فی شرحه علی نهج البلاغة 9- 48، و نصّ العبارة هی: و العهد القریب الذی علیه باقی النبوّة یعنی عهده و أیّامه علیه السلام- و كأنّه خاف من أن یكون بإخباره لهم بأنّ دولة هذا الجبّار ستنقض إذا آبت إلی العرب عوازب أحلامها، كالأمر لهم باتّباع ولاة الدولة الجدیدة فی كلّ ما تفصله، فاستظهر علیهم بهذه الوصیّة، و قال لهم: إذا ابتذلت الدولة، فالزموا الكتاب و السنّة، و العهد الذی فارقتكم علیه.
6- فی ك: كان.
7- فی س: تفعلهم.

بأنّه إذا تبدّلت الدولة فالزموا الكتاب و السنّة و العهد الذی فارقتكم علیه.

قوله علیه السلام: إنّما یسنّی .. أی یسهّل (1)

«52»-كا (2)أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ، عَنْ أَبِی رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِالْمَدِینَةِ (3)فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ، ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ (4)إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ، وَ لَمْ یَجْبُرْ (5)كَسْرَ عَظْمٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ.

أَیُّهَا النَّاسُ! فِی (6)دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ (7)وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ، وَ مَا كُلُّ ذِی قَلْبٍ بِلَبِیبٍ، وَ لَا كُلُّ ذِی سَمْعٍ بِسَمِیعٍ، وَ لَا كُلُّ ذِی نَاظِرِ عَیْنٍ بِبَصِیرٍ.

عِبَادَ اللَّهِ! أَحْسِنُوا فِیمَا یُعِینُكُمُ (8)النَّظَرَ فِیهِ، ثُمَّ انْظُرُوا إِلَی عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَفَادَهُ (9)اللَّهُ بِعِلْمِهِ كَانُوا عَلَی سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ

ص: 554


1- قاله فی القاموس 4- 345، و النهایة 2- 415، و غیرهما.
2- الكافی الرّوضة- 8- 63- 66 حدیث 22.
3- و بهذا المضمون ورد فی نهج البلاغة- محمّد عبده- 1- 155، صبحی صالح: 121 خطبة: 88، فراجع، إذ لم نذكر الفروق بینها و بین المصدر. و جاء فی إرشاد المفید: 155- 156.
4- فی ك زیادة: قطّ.
5- جاء فی حاشیة ك: و لم یجبر عظم أحد. نهج.
6- فی ك نسخة بدل: و فی.
7- فی الكافی: عطب.
8- قد تقرأ فی البحار بصعوبة: یعنیكم، و هو الظّاهر.
9- فی المصدر: أقاده.

وَ مَقامٍ كَرِیمٍ، (1)ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ، وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَافِیَةُ (2)فِی الْجِنَانِ وَ اللَّهِ مُخَلَّدُونَ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ، فَیَا عَجَباً! وَ مَا لِیَ لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَی اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِی دِینِهَا لَا یَقْتَفُونَ (3)أَثَرَ نَبِیٍّ وَ لَا یَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِیٍّ، وَ لَا یُؤْمِنُونَ بِغَیْبٍ، وَ لَا یَعْفُونَ عَنْ عَیْبٍ (4)، الْمَعْرُوفُ فِیهِمْ مَا عَرَفُوا وَ الْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا (5)، وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ أَخَذَ مِنْهَا فِیمَا یَرَی بِعُرًی وَثِیقَاتٍ وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ، فَلَا یَزَالُونَ بِجَوْرٍ وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلَّا خَطَأً، لَا یَنَالُونَ تَقَرُّباً وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَ تَصْدِیقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذَلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ نُفُوراً مِمَّا أَدَّی إِلَیْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، أَهْلُ حَسَرَاتٍ، وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَ أَهْلُ عَشَوَاتٍ وَ ضَلَالَةٍ وَ رِیبَةٍ، مَنْ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ رَأْیِهِ فَهُوَ مَأْمُونٌ عِنْدَ مَنْ یَجْهَلُهُ غَیْرُ الْمُتَّهَمِ عِنْدَ مَنْ لَا یَعْرِفُهُ، فَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ بِأَنْعَامٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا، وَ وَا أَسَفَی مِنْ فَعَلَاتِ شِیعَتِی مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْیَوْمَ، كَیْفَ یَسْتَذِلُّ بَعْدِی بَعْضُهَا بَعْضاً، وَ كَیْفَ یَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، الْمُتَشَتِّتَةِ غَداً عَنِ الْأَصْلِ النَّازِلَةِ بِالْفَرْعِ، الْمُؤَمِّلَةِ الْفَتْحَ مِنْ غَیْرِ جِهَتِهِ، كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ أَخَذَ مِنْهُ بِغُصْنٍ أَیْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ یَسْتَجْمِعُ هَؤُلَاءِ لِشَرِّ یَوْمٍ لِبَنِی أُمَیَّةَ كَمَا یَجْمَعُ قَزَعَ (6)الْخَرِیفِ یُؤَلِّفُ اللَّهُ بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ، ثُمَّ یَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً یَسِیلُونَ مِنْ مُسْتَشَارِهِمْ (7)كَسَیْلِ الْجَنَّتَیْنِ سَیْلِ الْعَرِمِ

ص: 555


1- لا توجد فی س: و عیون.
2- فی المصدر: العاقبة.
3- فی حاشیة ك: لا یقتصّون. نهج، و هو الّذی جاء فی الكافی.
4- جاء فی حاشیة ك: یعملون فی الشّبهات و یسیرون فی الشّهوات. نهج.
5- جاء فی حاشیة ك: مفزعهم فی المعضلات إلی أنفسهم، و تعویلهم فی المهمّات إلی آرائهم، كأنّ كلّ امرئ .. إلی آخره. نهج.
6- فی س: فرق.
7- فی المصدر: مستثارهم.

حَیْثُ بَعَثَ عَلَیْهِ فَأْرَةً فَلَمْ تَثْبُتْ (1)عَلَیْهِ أَكَمَةٌ وَ لَمْ یَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْرٍ یُذَعْذِعُهُمُ (2)اللَّهُ فِی بُطُونِ أَوْدِیَةٍ ثُمَّ یَسْلُكُهُمْ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ یَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَ یُمَكِّنُ مِنْ (3)قَوْمٍ لِدِیَارِ قَوْمٍ تَشْرِیداً لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ لِكَیْلَا یَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا، یُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً، وَ یَنْقُضُ بِهِمْ طَیَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ، وَ یَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّیْتُونِ، فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَیَكُونَنَّ ذَلِكَ، وَ كَأَنِّی أَسْمَعُ صَهِیلَ خَیْلِهِمْ، وَ طَمْطَمَةَ رِجَالِهِمْ، وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَذُوبَنَّ مَا فِی أَیْدِیهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَ التَّمَكُّنِ (4)فِی الْبِلَادِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْیَةُ عَلَی النَّارِ، مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالًّا، وَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُفْضِی مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ، وَ یَتُوبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنْ تَابَ، وَ لَعَلَّ اللَّهَ یَجْمَعُ شِیعَتِی بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ یَوْمٍ لِهَؤُلَاءِ، وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِیَرَةُ، بَلْ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ وَ الْأَمْرُ جَمِیعاً.

أَیُّهَا النَّاسُ! إِنَّ الْمُنْتَحِلِینَ لِلْإِمَامَةِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهَا كَثِیرٌ، وَ لَوْ لَمْ تَخَاذَلُوا (5)عَنْ مُرِّ الْحَقِّ وَ لَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِینِ الْبَاطِلِ لَمْ یَتَشَجَّعْ عَلَیْكُمْ مَنْ لَیْسَ مِثْلَكُمْ، وَ لَمْ یَقُومَنَّ قَوِیٌّ عَلَیْكُمْ وَ عَلَی هَضْمِ الطَّاعَةِ وَ إِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا، لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو (6)إِسْرَائِیلَ عَلَی عَهْدِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ، وَ لَعَمْرِی أَیْضاً غفر [لَیُضَاعَفَنَ عَلَیْكُمُ (7)التِّیهُ مِنْ بَعْدِی أَضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ، وَ لَعَمْرِی أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِی مُدَّةَ سُلْطَانِ بَنِی أُمَیَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَی سُلْطَانِ الدَّاعِی إِلَی الضَّلَالَةِ، وَ أَحْیَیْتُمُ الْبَاطِلَ، وَ خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَ قَطَعْتُمُ الْأَدْنَی مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَ وَصَلْتُمُ

ص: 556


1- فی الكافی: یثبت.
2- فی المصدر: رض طود یذعذهم. و فی س: یزعزهم. و سیأتی فی بیانه: طود.
3- فی الكافی: بهم، بدلا من: من.
4- فی المصدر: التّمكین.
5- فی المصدر: تتخاذلوا.
6- فی ك: بنی، و هو خلاف الظّاهر.
7- فی الكافی: لیضاعفنّ، و فی ك: أ یضاعفنّ علیكم.

الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، وَ لَعَمْرِی أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ لَدَنَا التَّمْحِیصُ لِلْجَزَاءِ، وَ قَرُبَ الْوَعْدُ، وَ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ، وَ بَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ (1)مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ (2)وَ لَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ، وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَتَدَاوَیْتُمْ مِنَ الْعَمَی وَ الصَّمَمِ وَ الْبَكَمِ، وَ كُفِیتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ التَّعَسُّفِ، وَ نَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْقَادِحَ (3)عَنِ الْأَعْنَاقِ، وَ لَا یُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ أَبَی وَ ظَلَمَ وَ اعْتَسَفَ وَ أَخَذَ مَا لَیْسَ لَهُ، وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ

توضیح:

فی دون ما استقبلتم .. الظاهر أنّ هذه الخطبة كانت بعد قتل عثمان و انعقاد البیعة له علیه السلام، و حدوث بعض مبادی الفتن، فالمراد بما استدبروه استیلاء خلفاء الجور و تمكّنهم ثم زوال دولتهم، و بما استقبلوه ما حدث من الفتن بعد خلافته علیه السلام، فإنّ التدبّر فیها یورث العلم بأنّ بناء الدنیا علی الباطل، و أنّ الحقّ لا یستقیم فیها، و أنّ الحقّ و الباطل كلیهما إلی فناء و انقضاء، أو المراد بما استدبروه ما وقع فی زمن الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله أوّلا و آخرا، و بما استقبلوه ما كان بعده صلّی اللّٰه علیه و آله مطابقا للأحوال السابقة من غلبة الباطل أوّلا ثم مغلوبیّته ثانیا، و یحتمل أن یكون المراد بما یستقبل و ما یستدبر شیئا واحدا فإنّ ما یستقبل قبل وروده یستدبر بعد مضیّه، أو المراد بما یستقبلونه ما أمامهم من أحوال البرزخ و القیامة، و بما استدبروه ما مضی من أیّام عمرهم، و لا یخفی بعده.

فیما یعینكم (4)بالمهملة- .. أی یهمّكم (5)أو بالمعجمة.

ص: 557


1- فی ك: و الذنب.
2- فی س: الشّرق.
3- فی الكافی كما فی بیان المصنّف رحمه اللّٰه: الفادح.
4- كذا، و الظاهر: ما یعنیكم.
5- قاله فی النهایة 3- 314، و مجمع البحرین 1- 309، و الصحاح 6- 2440، كلّها فی مادة: عنی.

و قوله علیه السلام: النظر فیه .. بدل اشتمال لقوله فیما یعینكم أو فاعل لقوله: یعینكم، بتقدیر الظرف (1)

من قد أقاده اللّٰه .. أی جعله قائدا (2)و مكّنه من الملك أو من القود (3)

و فی الإرشاد (4)أباده اللّٰه بعمله .. و هو أظهر.

بما ختم اللّٰه لهم .. الظرف صلة للختم قدم علیه .. أی انظروا بأیّ شی ء ختم لهم، أو الباء بمعنی فی، أو إلی، أو زائدة.

و اللّٰه مخلّدون .. خبر محذوف (5)و الجملة مبنیّة و مؤكّدة للسابقة أو استئنافیّة، كأنّه سأل عن عاقبتهم فقیل هم و اللّٰه مخلّدون.

وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ. أی مرجعها إلی حكمه، أو عاقبة الملك و الدولة و العزّة للّٰه و لمن طلب رضاه.

فیا عجبا بغیر تنوین و أصله: یا عجبی، أو بالتّنوین .. أی یا قوم اعجبوا عجبا، و الأوّل أظهر (6)

فی دینها .. متعلّق بالاختلاف، أو بالخطإ، أو بهما علی التنازع.

و المراد بالحجج (7)المذاهب و الطرق أو الدلائل علیها.

و لا یعفّون بالتشدید و كسر العین من العفّة، أو بالتخفیف و السكون من العفو.

المعروف فیهم ما عرفوا .. أی المعروف و المنكر تابعان لآرائهم و إن

ص: 558


1- فی س: النظر قبل الظرف، و خطّ علی: النظر قبل، فی ك، و هو الظاهر.
2- ذكره الطریحی رحمه اللّٰه فی مجمع البحرین 3- 133.
3- قال فی القاموس 1- 330: و أقاده خیلا .. أعطاه لیقودها، و القاتل بالقتیل: قتله به. و قال فی المصباح المنیر 2- 204: أقاد القاتل بالقتیل: قتله به قودا.
4- الإرشاد: 155.
5- أی محذوف مبتدؤه.
6- و قد قرّر الوجه الثانی فی مجمع البحرین 1- 115.
7- فی مطبوع البحار: الحجّ.

خالفت الواقع أو لشهواتهم، و لا یبالون بعدم موافقة الشریعة.

و كهوف شبهات .. أی تأوی إلیهم (1)

و العشوة: أن یركب أمرا علی غیر بیان (2)

من وكله اللّٰه إلی نفسه .. أی بسبب إعراضه عن الحقّ، و هو مبتدأ.

و قوله: فهو مأمون خبره، و لعلّ المراد بالموصول أئمّة من قد ذمّهم سابقا لا أنفسهم.

من فعلات شیعتی .. أی من یتّبعنی الیوم ظاهرا.

كلّ حزب منهم أخذ بغصن .. أی لتفرّقهم عن أئمّة الحقّ صاروا شعبا شتّی كلّ منهم أخذ بغصن من أغصان شجرة الحقّ بزعمهم ممّن یدّعی الانتساب إلی أهل البیت علیهم السلام مع تركهم الأصل.

یستجمع هؤلاء .. إشارة إلی اجتماعهم علی أبی مسلم لدفع بنی أمیّة، لكن دفعوا الفاسد بالأفسد (3).

كما یجمع قزع الخریف .. أی قطع السّحاب المتفرّقة، و إنّما خصّ الخریف لأنّه أوّل الشّتاء، و السّحاب یكون فیه متفرّقا غیر متراكم و لا مطبق ثمّ یجتمع بعضه إلی بعض بعد ذلك (4)

ص: 559


1- قال فی مجمع البحرین 5- 118: و فی الحدیث: الدعاء كهف الإجابة، كما أنّ السحاب كهف المطر .. أی الإجابة تأوی إلیه فیكون مظنّة لها كالمطر مع السحاب. و قال فی القاموس 3- 193، و الصحاح 4- 1425: كهف: أی ملجأ.
2- ذكره فی القاموس 4- 362، و لسان العرب 15- 59، و نحوه فی مجمع البحرین 1- 293، و النهایة 3- 242، و فی الصحاح 6- 2427: العشوة: أن تركب أمرا علی غیر بیات. و لعلّ الأصوب: بیان:، و هی غلطة مطبعیة.
3- فی ك: بأفسد.
4- نصّ علیه فی النهایة 4- 59، و لسان العرب 8- 271، و غیرهما.

و الرّكام: السّحاب المتراكم (1)بعضه فوق بعض (2)، و نسبة هذا التألیف إلیه تعالی مع أنّه لم یكن برضاه علی المجاز الشائع فی الآیات و الأخبار.

ثم یفتح لهم أبوابا .. فتح الأبواب كنایة عمّا هیّأ لهم من الأسباب استدراجا، و المستشار (3)موضع ثوراتهم (4)و هیجانهم، و شبّه علیه السلام تسلّط هذا الجیش علیهم بسوء أعمالهم بما سلّط اللّٰه علی أهل سبإ بعد إتمام النعمة علیهم لكفرانهم، كما قال تعالی: (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ) (5)

قوله علیه السلام: حیث بعث علیه فأرة (6)

هذا مؤیّد لما قیل: أنّ العرم: الفأرة (7)، و أضیف السیل إلیه لأنّه نقب لهم سكرا (8)ضربت لهم بلقیس.

و فی النهج: كسیل الجنّتین حیث لم تسلم علیه فارة و لم تثبت له أكمة (9)، و الفارة:

ص: 560


1- فی س: المتراكب.
2- صرّح به فی لسان العرب 12- 251. و فی النهایة 2- 260 بدل المتراكم: المتراكب. و انظر: مجمع البحرین 6- 75، و الصحاح 5- 1936، و القاموس 4- 122.
3- كذا، و الظاهر أنّه المستثار- لعلها تقرأ فی ك- أو المثار. قال فی مجمع البحرین 3- 238: و فی الخبر: ثارت قریش بالنبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم فخرج هاربا .. أی هیّجوه من مكانه، من قولهم ثار الغبار یثور ثورانا: هاج .. و الثوران: الهیجان. و قال فی القاموس 1- 383: الثور: الهیجان .. و استثاره: غیره.
4- فی س: ثورانهم.
5- سبأ: 15- 16.
6- فی النهج- طبعة صبحی صالح-: قارة.
7- انظر: القاموس 4- 149.
8- قال فی القاموس 2- 50: السكر: سدّ النهر، و بالكسر الاسم منه و ما سدّ به النهر.
9- فی النهج: تسلّم علیه قارة و لم تثبت علیه ألمة.

الجبل الصّغیر (1)، و الأكمة: التّلّ (2)

و الحاصل بیان شدّة الشبه به بأنّه أحاط بالجبال و ذهب بالتلال و لم یمنعه شی ء.

و لم یرد سننه رصّ طود .. السّنن: الطّریق (3)، و الرّصّ: التصاق الأجزاء بعضها ببعض (4)، و الطّود: الجبل (5)، أی لم یرد طریقه طود مرصوص. و فی النهج بعده: و لا حداب (6)أرض.

و لما فرغ علیه السلام من بیان شدّة المشبّه به أخذ فی بیان شدّة المشبّه، فقال: یذعذعهم اللّٰه فی بطون أودیة. الذّعذعة (7)التّفریق (8).. أی یفرّقهم اللّٰه فی السبل (9)متوجّهین إلی البلاد.

ثم یسلكهم یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ هی من ألفاظ القرآن- .. أی كما أنّ اللّٰه تعالی ینزّل الماء من السماء فیستكنّ فی أعماق الأرض ثم یظهر ینابیع إلی ظاهرها، كذلك هؤلاء یفرّقهم اللّٰه فی بطون الأودیة و غوامض الأغوار ثم یظهرهم بعد

ص: 561


1- قال فی القاموس 2- 112: و فورة الجبل: سراته و متنه. و قال فی النهایة 3- 405: جبال فاران: هو اسم عبرانیّ لجبال مكّة. و لم نحصل علی نصّ كلامه قدّس سرّه فی كتب اللغة.
2- كما ذكره فی القاموس 4- 75، و المصباح المنیر 1- 24، و انظر: لسان العرب 12- 20، و مجمع البحرین 6- 8.
3- قاله فی المصباح المنیر 1- 352، و لسان العرب 13- 226، و انظر: مجمع البحرین 6- 268، و النهایة 2- 410.
4- كما فی النهایة 2- 227، و الصحاح 3- 1041.
5- نصّ علیه فی القاموس 1- 310، و انظر: الصحاح 2- 502، و النهایة 3- 141.
6- فی ك: أخداب.
7- الكلمة فی س مشوّشة و قد تقرأ: الزعزعة.
8- جاء فی مجمع البحرین 4- 328، و النهایة 2- 160، و الصحاح 3- 1211.
9- قد یقرأ فی مطبوع البحار: السیل.

الاختفاء، كذا ذكره (1)ابن أبی الحدید (2)

و یحتمل أن یكون بیانا لاستیلائهم علی البلاد و تفرّقهم فیها و ظهورهم فی كلّ البلاد و تیسیر أعوانهم من سائر العباد، فكما أنّ میاه الأنهار و وفورها توجب وفور میاه العیون و الآبار فكذلك یظهر أثر هؤلاء فی كلّ البلاد و تكثر أعوانهم فی جمیع الأقطار، و كلّ ذلك ترشیح (3)لما سبق من التشبیه.

من قوم .. أی بنی أمیّة.

حقوق قوم .. أی أهل البیت علیهم السلام للانتقام من أعدائهم و إن لم یصل الحقّ إلیهم.

و یمكّن من قوم .. أی بنی العباس.

لدیار قوم .. أی بنی أمیّة، و فی بعض النسخ: و یمكّن بهم قوما فی دیار قوم، و فی النهج: و یمكّن لقوم فی دیار قوم .. و هما أظهر.

تشریدا لبنی أمیّة .. أی لیس الغرض إلّا (4)تفریق بنی أمیّة و رفع ظلمهم.

یضعضع اللّٰه بهم ركنا .. ضعضعه: هدمه حتّی الأرض (5).. أی یهدم اللّٰه بهم ركنا وثیقا هو أساس دولة بنی أمیّة. و ینقض بهم طیّ الجنادل من إرم ..

الجنادل جمع جندل-: و هو ما یقلّه الرّجل من الحجارة (6).. أی ینقض اللّٰه (7)الأبنیة التی طویت و بنیت بالجنادل.

من بلاد إرم .. و هی دمشق و الشام، إذ كان مستقرّ ملكهم فی أكثر الأزمان

ص: 562


1- فی س: كما ذكره.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 9- 285- 286، بتصرّف و اختصار.
3- فی ك: ترشح.
4- فی س: أی، بدلا من: إلّا.
5- كما فی الصحاح 3- 1250، و مجمع البحرین 4- 365، و القاموس 3- 56.
6- كما جاء فی القاموس 3- 352، و لسان العرب 11- 128، و انظر: الصحاح 4- 1654، و مجمع البحرین 5- 336.
7- وضع فی ك علی لفظ الجلالة رمز نسخة بدل.

تلك البلاد، و فی بعض النسخ: علی الجنادل.

و یملأ منهم بطنان الزیتون .. بطنان الشی ء: وسطه و دواخله (1)و قال الفیروزآبادی: الزّیتون مسجد دمشق، أو جبال الشّام، و بلد بالصّین (2)، و الغرض استیلاؤهم علی وسط بلاد بنی أمیّة.

و الصّهیل كأمیر-: صوت الفرس (3)

و قال الفیروزآبادی: رجل طمطم و طمطمیّ (4)بكسرهما و طمطمانیّ (5)بالضّمّ فی لسانه عجمة (6)انتهی.

و أشار علیه السلام بذلك إلی أنّ أكثر عسكرهم من العجم كما كان إذ (7)عسكر أبی مسلم كان أكثرهم من خراسان.

لیذوبنّ ما فی أیدیهم .. أی بنی أمیّة. و یحتمل أن یكون إشارة إلی انقراض هؤلاء الغالبین من بنی العباس.

و إلی اللّٰه عزّ و جلّ یقضی منهم من درج .. فی بعض النسخ: یفضی بالفاء-.

أی یوصل (8)، و فی بعضها بالقاف بمعنی المحاكمة (9)أو الإنهاء (10)

ص: 563


1- نصّ علیه فی النهایة 1- 137، و لسان العرب 13- 55، و مجمع البحرین 6- 215، و فیه: و داخله. و انظر: الصحاح 5- 2079.
2- قاله فی القاموس 1- 148، و قارنه ب: تاج العروس 1- 546، و لسان العرب 2- 35.
3- صرّح به فی مجمع البحرین 5- 408، و الصحاح 5- 1747، و القاموس 4- 4.
4- سقط فی ك: طمطمی.
5- فی س: طمطمان.
6- كما ذكره فی القاموس 4- 145، و نحوه فی لسان العرب 12- 371، و قارن به 3- 139 منه.
7- كذا، و الظاهر: كما أنّ عسكر .. إلی آخره.
8- قال فی مجمع البحرین 1- 331: الإفضاء إلی الشی ء: الوصول إلیه بالملامسة، و أصله من الفضاء و هو السعة. و قال فی المصباح المنیر 2- 150: أفضیت إلی الشی ء: وصلت إلیه، و أفضیت إلیه بالسرّ: أعلمته به، و انظر: النهایة 3- 456، و الصحاح 6- 2455، و القاموس 4- 374.
9- قاله فی الصحاح 6- 2463، و النهایة 4- 78، و القاموس 4- 378، و لسان العرب 15- 186، و فیه: القضاء: الحكم.
10- كما ورد فی القاموس 4- 379، و الصحاح 6- 2463، و لسان العرب 15- 187.

و الإیصال (1)

و درج الرّجل .. أی مشی (2)، و درج أیضا: مات (3)، و درج القوم:

انقرضوا (4)، و الظاهر أنّ المراد به هنا الموت. أی من رأت (5)منهم مات ضالا و أمره إلی اللّٰه یعذّبه كیف یشاء، و علی الأول المعنی من بقی منهم فعاقبته الفناء و اللّٰه یقضی فیه بعلمه.

و لعلّ اللّٰه یجمع شیعتی.

إشارة إلی ظهور القائم علیه السلام و لا یلزم اتّصاله بملكهم، لأنّه شرّ لهم، كما سیأتی فی الأخبار علی كلّ حال.

عن مرّ الحقّ .. أی الحقّ الذی هو مرّ، أو خالص الحقّ، فإنّه أمرّ. و فی النهج (6)عن نصر الحقّ.

و علی هضم الطاعة .. أی كسرها (7) و إزوائها، یقال: زوی الشی ء عنه:

أی صرفه و نحّاه (8)، و لم أظفر بهذا البناء (9)

لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائیل .. فی خارج المصر أربعین سنة فی الأرض بسبب عصیانهم و ترك الجهاد فكذا أصحابه علیه السلام تحیّروا فی أدیانهم و أعمالهم لما لم ینصروه علی عدوّه. و فی النهج (10)و لكنّكم تهتم متاه بنی إسرائیل أضعاف ما

ص: 564


1- قال فی القاموس 4- 379: قضی وطره: أتمّه و بلغه .. و علیه عهدا أوصاه و أنفذه .. و دینه: أدّاه، و قریب منه فی النهایة 4- 78، و لسان العرب 15- 187، و المصباح المنیر 2- 190.
2- كما جاء فی الصحاح 1- 313، و القاموس 1- 187، و مجمع البحرین 2- 299، و لسان العرب 2- 266.
3- نصّ علیه فی المصباح المنیر 1- 231، و مجمع البحرین 2- 299.
4- قاله فی لسان العرب 2- 266، و الصحاح 1- 313، و القاموس 1- 187.
5- كذا، و الصحیح: مات.
6- نهج البلاغة- محمّد عبده- 2- 77، و صبحی صالح: 240 خطبة: 166.
7- قاله فی مجمع البحرین 6- 186، و النهایة 5- 265، و الصحاح 5- 2059.
8- نصّ علیه فی النهایة 2- 320، و لاحظ: لسان العرب 14- 364.
9- أی لم أعثر علی مصدر زوی من باب الإفعال.
10- نهج البلاغة 2- 77- محمّد عبده-، و صفحة: 240 خطبة 166- صبحی صالح-.

تاهت .. أی بحسب الشدّة أو بحسب الزمان.

و الداعی إلی الضلالة .. داعی بنی العباس.

و خلفتم الحقّ .. أی متابعة أهل البیت علیهم السلام.

و قطعتم الأدنی .. أی الأدنین إلی الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله نسبا، الناصرین له فی غزوة بدر، یعنی نفسه و أولاده علیهم السلام.

و وصلتم الأبعد .. أی أولاد العباس فإنّهم كانوا أبعد نسبا من أهل البیت علیهم السلام، و كان جدّهم العباس ممّن حارب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فی غزوة بدر.

أن لو قد ذاب ما فی أیدیهم.

أی ذهب ملك بنی العباس.

لذی (1)التمحیص للجزاء .. أی قرب قیام القائم علیه السلام. و فیه التمحیص و الابتلاء لیجزی الكافرین و یعذّبهم فی الدنیا أو (2)القیامة.

و قرب الوعد.

أی وعد الفرج.

و انقضت المدّة.

أی قرب انقضاء مدّة أهل الباطل.

و النجم ذو الذنب، من علامات ظهور القائم علیه السلام.

و المراد بالقمر المنیر .. القائم علیه السلام، و كذا طالع المشرق إذ مكة شرقیّة بالنسبة إلی المدینة أو لأنّ اجتماع العساكر علیه و توجّهه إلی فتح البلاد من الكوفة و هی كالشرقیّة بالنسبة إلی الحرمین، و لا یبعد أن یكون ذكر المشرق ترشیحا للاستعارة أی القمر الطالع من مشرقه، و یحتمل أن یكون إشارة إلی ظهور السلطان إسماعیل أنار اللّٰه برهانه.

و التّعسّف: الظّلم (3)

ص: 565


1- كذا، و الصحیح: لدنا.
2- فی س: أی، بدلا من: أو.
3- كما جاء فی مجمع البحرین 5- 100، و القاموس 3- 175، و لسان العرب 9- 246.

و الثّقل الفادح (1)الدیون المثقلة و المظالم أو بیعة أهل الجور و طاعتهم و ظلمهم.

إلّا من أبی .. أی عن طاعة القائم علیه السلام أو الربّ تعالی.

و اعتسف .. أی مال (2)عن طریق الحقّ إلی غیره، أو ظلم (3)علی غیره (4)

«53»-مَا (5)الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَبَشِیٍّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ صَفْوَانَ وَ جَعْفَرِ بْنِ عِیسَی (6)، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ (7)، عَنِ أَبِی بَصِیرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَیْكُمْ بِالطَّاعَةِ لِأَئِمَّتِكُمْ، قُولُوا مَا یَقُولُونَ وَ اصْمُتُوا عَمَّا صَمَتُوا، فَإِنَّكُمْ فِی سُلْطَانِ مَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی: (وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (8)یَعْنِی بِذَلِكَ وُلْدَ الْعَبَّاسِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّكُمْ فِی هُدْنَةٍ، صَلُّوا فِی عَشَائِرِهِمْ، وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ، وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَیْهِمْ ..

ص: 566


1- قال فی القاموس 1- 239: فدح الدین: أثقله، فادحا .. أی مثقلا صعبا، و فی مجمع البحرین 2- 397: الأمر الفادح: الذی یثقل و یبهض، و الجمع فوادح .. فدحه الدین: أثقله. و انظر: النهایة 3- 419.
2- نصّ علیه فی لسان العرب 9- 2450، و القاموس 3- 175، و غیرهما.
3- قاله فی مجمع البحرین 5- 100، و القاموس 3- 175، و لسان العرب 9- 246.
4- أقول: انظر شرح الخطبة فی شرح النهج لابن میثم 2- 305، و منهاج البراعة للقطب الراوندیّ 1- 365، و شرح ابن أبی الحدید 6- 384، و قریب منه فی 9- 285- 286.
5- أمالی الشّیخ الطّوسیّ 2- 280، مع تفصیل فی الإسناد.
6- لا یوجد: و جعفر بن عیسی، فی المصدر.
7- فی س: عندر، بالعین المهملة.
8- إبراهیم: 46.

[32] باب ما ورد فی جمیع الغاصبین و المرتدّین مجملا

اشارة

«1»-مَ (1)قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِی ظُلُماتٍ لا یُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَرْجِعُونَ) (2)

قَالَ الْإِمَامُ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ: مَثَلُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِینَ كَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ نَاراً أَبْصَرَ بِهَا مَا حَوْلَهُ، فَلَمَّا أَبْصَرَ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهَا بِرِیحٍ أَرْسَلَهَا عَلَیْهَا فَأَطْفَأَهَا أَوْ بِمَطَرٍ، كَذَلِكَ مَثَلُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِینَ النَّاكِثِینَ لَمَّا أَخَذَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ مِنَ الْبَیْعَةِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَعْطَوْا ظَاهِراً شَهَادَةَ (3)أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّهُ وَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُهُ وَ خَلِیفَتُهُ فِی أُمَّتِهِ، وَ قَاضِی دُیُونِهِ، وَ مُنْجِزُ عِدَاتِهِ، وَ الْقَائِمُ بِسَایِسَةِ عِبَادِ اللَّهِ

ص: 567


1- تفسیر الإمام الحسن العسكریّ علیه السّلام: 130- 134.
2- البقرة: 16.
3- فی المصدر: بشهادة.

مَقَامَهُ، فَوَرِثَ مَوَارِیثَ الْمُسْلِمِینَ بِهَا (1)، وَ وَالَوْهُ مِنْ أَجْلِهَا (2)، وَ أَحْسَنُوا عَنْهُ الدِّفَاعَ بِسَبَبِهَا، وَ اتَّخَذُوهُ أَخاً یَصُونُونَهُ مِمَّا یَصُونُونَ عَنْهُ أَنْفُسَهُمْ بِسِمَاعِهِمْ مِنْهُ لَهَا، فَلَمَّا جَاءَ (3)الْمَوْتُ وَقَعَ (4)فِی حُكْمِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الْعَالِمِ بِالْأَسْرَارِ الَّذِی لَا یَخْفَی عَلَیْهِ خَافِیَةٌ، فَأَخَذَهُمْ بِعَذَابِ بَاطِنِ (5)كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ حِینَ ذَهَبَ نُورُهُمْ وَ صَارُوا فِی ظُلُمَاتِ عَذَابِ اللَّهِ، ظُلُمَاتِ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَا یَرَوْنَ مِنْهَا خُرُوجاً وَ لا یَجِدُونَ عَنْها مَحِیصاً ثُمَّ قَالَ: صُمٌّ .. یَعْنِی یَصُمُّونَ فِی الْآخِرَةِ فِی عَذَابِهَا، بُكْمٌ .. یَبْكَمُونَ (6)بَیْنَ أَطْبَاقِ نِیرَانِهَا، عُمْیٌ .. یَعْمَوْنَ (7)هُنَاكَ.

وَ ذَلِكَ نَظِیرُ قَوْلِهِ (8)(وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ عُمْیاً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِیراً) (9)

قَالَ الْعَالِمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِیهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ وَ لَا أَمَةٍ أَعْطَی بَیْعَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الظَّاهِرِ وَ نَكَثَهَا فِی الْبَاطِنِ، وَ أَقَامَ عَلَی نِفَاقِهِ إِلَّا وَ إِذَا جَاءَهُ (10)مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ (11)رُوحِهِ

ص: 568


1- جاء فی حاشیة ك هنا: و فلح من المسلمین بها، و كتب بعدها صح، و فی المصدر نسخة: و نكح فی المسلمین.
2- فی ك نسخة بدل: لأجلها.
3- فی المصدر: جاءه.
4- فی ك نسخة بدل: وقعوا.
5- فی التّفسیر: العذاب بباطن.
6- هنا زیادة فی المصدر: هناك.
7- فی ك نسخة بدل: یعمهون. و قد وردت فی تفسیر البرهان 1- 64 حدیث 1.
8- زیادة فی المصدر: عزّ و جلّ.
9- الإسراء: 97.
10- فی ك: جاء.
11- فی التّفسیر: لیقبض.

تَمَثَّلَ لَهُ إِبْلِیسُ وَ أَعْوَانُهُ وَ تَمَثَّلُ لَهُ (1)النِّیرَانُ وَ أَصْنَافُ عَقَارِبِهَا (2)لِعَیْنَیْهِ وَ قَلْبِهِ وَ مَعَاقِدِهِ (3)مِنْ مَضَایِقِهَا، وَ یمثل [تَمَثَّلُ] (4)لَهُ أَیْضاً الْجِنَانُ وَ مَنَازِلُهُ فِیهَا لَوْ كَانَ بَقِیَ عَلَی إِیمَانِهِ وَ وَفَی بِبَیْعَتِهِ، فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ: انْظُرْ! فَتِلْكَ (5)الْجِنَانُ لَا یُقَادِرُ قَدْرَهَا (6)سَرَّائَهَا وَ بَهْجَتَهَا وَ سُرُورَهَا إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ، كَانَتْ مُعَدَّةً لَكَ، فَلَوْ كُنْتَ بَقِیتَ عَلَی وَلَایَتِكَ لِأَخِی مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ كَانَ یَكُونُ (7)إِلَیْهَا مَصِیرُكَ یَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ، لَكِنَّكَ نَكَثْتَ وَ خَالَفْتَ فَتِلْكَ النِّیرَانُ وَ أَصْنَافُ عَذَابِهَا وَ زَبَانِیَتُهَا بِمِرْزَبَاتِهَا (8)وَ أَفَاعِیهَا الْفَاغِرَةُ أَفْوَاهَهَا، وَ عَقَارِبُهَا النَّاصِبَةُ أَذْنَابَهَا، وَ سِبَاعُهَا الشَّائِلَةَ مَخَالِبُهَا، وَ سَائِرُ أَصْنَافِ عَذَابِهَا هُوَ لَكَ وَ إِلَیْهَا مَصِیرُكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ یَقُولُ: (یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلًا) (9)، فَقَبِلْتُ مَا أَمَرَنِی بِهِ وَ الْتَزَمْتُ مِنْ مُوَالاةِ عَلِیٍّ (علیه السلام) مَا أَلْزَمَنِی، قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (أَوْ كَصَیِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِیهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ یَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِی آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحِیطٌ بِالْكافِرِینَ یَكادُ الْبَرْقُ یَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِیهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَیْهِمْ قامُوا وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ) (10)

قَالَ الْعَالِمُ (11)عَلَیْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ (12)لِلْمُنَافِقِینَ مَثَلًا آخَرَ (13)، فَقَالَ:

ص: 569


1- لا توجد: له، فی المصدر.
2- فی ك نسخة بدل: عقابها، و هی كذلك فی المصدر، إلّا أنّ فی تفسیر البرهان: عفاریتها.
3- فی المصدر: مقاعده.
4- فی التّفسیر: و تمثّل.
5- فی ك نسخة بدل: إلی تلك.
6- فی المصدر: الجنان الّتی لا یقدر قدر .. و جاءت: یقدر نسخة بدل فی ك.
7- لا توجد: یكون، فی المصدر، و هو الظّاهر.
8- فی التّفسیر: و مرزباتها.
9- الفرقان: 27.
10- البقرة: 19- 20.
11- فی المصدر: الإمام.
12- زیادة فی التّفسیر: عزّ و جلّ.
13- أضاف فی المصدر: للمنافقین.

مَثَلُ مَا خُوطِبُوا بِهِ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِی أَنْزَلَنَا عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ مُشْتَمِلًا عَلَی بَیَانِ تَوْحِیدِی وَ إِیضَاحِ حُجَّةِ نُبُوَّتِكَ، وَ الدَّلِیلِ الْبَاهِرِ (1)عَلَی اسْتِحْقَاقِ أَخِیكَ عَلِیٍّ (2)لِلْمَوْقِفِ الَّذِی وَقَفْتَهُ، وَ الْمَحَلِّ الَّذِی أَحْلَلْتَهُ، وَ الرُّتْبَةِ الَّتِی رَفَعْتَهُ إِلَیْهَا، وَ السِّیَاسَةِ الَّتِی قَلَّدْتَهُ إِیَّاهَا فِیهِ (3)، فَهِیَ كَصَیِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِیهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ قَالَ: یَا مُحَمَّدُ! كَمَا أَنَّ فِی هَذَا الْمَطَرِ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ وَ مَنِ ابْتُلِیَ بِهِ خَافَ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ فِی رَدِّهِمْ بَیْعَةَ (4)عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ خَوْفِهِمْ أَنْ تَعْثُرَ أَنْتَ یَا مُحَمَّدُ عَلَی نِفَاقِهِمْ كَمَنْ هُوَ فِی هَذَا (5)الْمَطَرِ وَ الرَّعْدِ وَ الْبَرْقِ یَخَافُ أَنْ یَخْلَعَ الرَّعْدُ فُؤَادَهُ، أَوْ یَنْزِلَ الْبَرْقُ بِالصَّاعِقَةِ عَلَیْهِ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ یَخَافُونَ أَنْ تَعْثُرَ عَلَی كُفْرِهِمْ فَتُوجِبَ قَتْلَهُمْ وَ اسْتِیصَالَهُمْ (یَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِی آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) (6)كَمَا یَجْعَلُ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَلُونَ بِهَذَا الرَّعْدِ وَ الْبَرْقِ أَصَابِعَهُمْ فِی آذَانِهِمْ لِئَلَّا یَخْلَعَ صَوْتُ الرَّعْدِ أَفْئِدَتَهُمْ، فَكَذَلِكَ یَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِی آذَانِهِمْ إِذَا سَمِعُوا لَعْنَكَ لِمَنْ نَكَثَ الْبَیْعَةَ، وَ وَعِیدَكَ لَهُمْ إِذَا عَلِمْتَ أَحْوَالَهُمْ. (یَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِی آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) (7)لِئَلَّا یَسْمَعُوا لَعْنَكَ وَ لَا وَعِیدَكَ فَتَغَیَّرَ أَلْوَانُهُمْ فَیَسْتَدِلُّ أَصْحَابُكَ أَنَّهُمُ الْمَعْنِیُّونَ (8)بِاللَّعْنِ وَ الْوَعِیدِ، لِمَا قَدْ ظَهَرَ مِنَ التَّغْیِیرِ وَ الِاضْطِرَابِ عَلَیْهِمْ فَیَتَقَوَّی (9) التُّهَمَةُ عَلَیْهِمْ فَلَا یَأْمَنُونَ هَلَاكَهُمْ بِذَلِكَ عَلَی یَدِكَ وَ حُكْمِكَ (10)ثُمَّ قَالَ: (وَ اللَّهُ مُحِیطٌ

ص: 570


1- زاد فی الأصل: القاهر.
2- فی المصدر: علیّ بن أبی طالب علیه السّلام.
3- لا توجد: فیه، فی المصدر.
4- فی التّفسیر: لبیعة.
5- فی مطبوع البحار نسخة بدل: فی مثل هذا، و هو الّذی ورد فی تفسیر الإمام علیه السّلام.
6- البقرة: 19.
7- البقرة: 19.
8- قد تقرأ فی مطبوع البحار: المعینون.
9- فی ك: فیقوی.
10- فی س نسخة بدل: فی حكمك، و هی الّتی جاءت فی المصدر.

بِالْكافِرِینَ) (1)مُقْتَدِرٌ عَلَیْهِمْ وَ (2) لَوْ شَاءَ أَظْهَرَ لَكَ نِفَاقَ مُنَافِقِیهِمْ، وَ أَبْدَی لَكَ أَسْرَارَهُمْ، وَ أَمَرَكَ بِقَتْلِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: (یَكادُ الْبَرْقُ یَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) (3)، وَ هَذَا مَثَلُ قَوْمٍ ابْتُلُوا بِبَرْقٍ فَلَمْ یَغُضُّوا عَنْهُ أَبْصَارَهُمْ وَ لَمْ یَسْتُرُوا عَنْهُ (4)وُجُوهَهُمْ لِتَسْلَمَ عُیُونُهُمْ مِنْ تَلَأْلُؤِهِ، وَ لَمْ یَنْظُرُوا إِلَی الطَّرِیقِ الَّذِی یُرِیدُونَ أَنْ یَتَخَلَّصُوا فِیهِ بِضَوْءِ الْبَرْقِ وَ لَكِنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَی نَفْسِ الْبَرْقِ فَكَادَ یَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ یَكَادُ مَا فِی الْقُرْآنِ مِنَ الْآیَاتِ الْمُحْكَمَةِ الدَّالَّةِ عَلَی نُبُوَّتِكَ الْمُوضِحَةِ عَنْ صِدْقِكَ فِی نَصْبِ عَلِیٍّ أَخِیكَ (5)إِمَاماً، وَ یَكَادُ مَا یُشَاهِدُونَهُ مِنْكَ یَا مُحَمَّدُ (صلی اللّٰه علیه و آله) وَ مِنْ أَخِیكَ عَلِیٍّ (علیه السلام) مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَی أَنَّ أَمْرَكَ وَ أَمْرَهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِی لَا رَیْبَ فِیهِ، ثُمَّ هُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا یَنْظُرُونَ فِی دَلَائِلِ مَا یُشَاهِدُونَ مِنْ آیَاتِ الْقُرْآنِ وَ آیَاتِكَ وَ آیَاتِ أَخِیكَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، یَكَادُ ذَهَابُهُمْ عَنِ الْحَقِّ فِی حُجَجِكَ (6)یُبْطِلُ عَلَیْهِمْ سَائِرَ مَا قَدْ عَلِمُوا (7)مِنَ الْأَشْیَاءِ الَّتِی یَعْرِفُونَهَا، لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ حَقّاً وَاحِداً أَرَاهُ (8)ذَلِكَ الْجُحُودَ إِلَی أَنْ یَجْحَدَ كُلَّ حَقٍّ فَصَارَ جَاحِدُهُ فِی بُطْلَانِ سَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَیْهِ كَالنَّاظِرِ إِلَی جِرْمِ الشَّمْسِ فِی ذَهَابِ نُورِ بَصَرِهِ.

ثُمَّ قَالَ: (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِیهِ) (9) إِذَا ظَهَرَ مَا اعْتَقَدُوا (10)أَنَّهُ هُوَ الْحُجَّةُ

ص: 571


1- البقرة: 19.
2- لا توجد الواو فی س. و هی كذلك فی المصدر.
3- البقرة: 20.
4- فی ك نسخة بدل: منه، و هی الّتی جاءت فی المصدر.
5- فی المصدر بتقدیم و تأخیر: أخیك علیّ.
6- فی ك نسخة بدل: بحجّتك.
7- فی تفسیر الإمام علیه السلام: عملوا.
8- فی المصدر: أدّی، و هو الظّاهر.
9- البقرة: 20.
10- فی ك نسخة بدل: قد اعتقدوا، و هی الّتی فی المصدر.

«مَشَوْا فِیهِ» ثَبَتُوا عَلَیْهِ، وَ هَؤُلَاءِ كَانُوا إِذَا نَتَجَتْ (1)خَیْلُهُمْ (2)الْإِنَاثَ، وَ نِسَاؤُهُمْ الذُّكُورَ، وَ حَمَلَتْ نَخِیلُهُمْ، وَ زَكَتْ زُرُوعُهُمْ، وَ نَمَتْ (3)تِجَارَتُهُمْ، وَ كَثُرَتِ الْأَلْبَانُ فِی ضُرُوعِهِمْ (4)، قَالُوا: یُوشِكُ أَنْ یَكُونَ هَذَا بِبَرَكَةِ بَیْعَتِنَا لِعَلِیٍّ (علیه السلام) أَنَّهُ مَنْجُوتٌ (5)مُدَالٌ (6)یَنْبَغِی أَنْ نُعْطِیَهُ ظَاهِراً (7)الطَّاعَةَ لِنَعِیشَ فِی دَوْلَتِهِ.

(وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَیْهِمْ قامُوا). أَیْ وَ إِذَا أَنْتَجَتْ خُیُولُهُمْ، الذُّكُورَ وَ نِسَاؤُهُمْ الْإِنَاثَ وَ لَمْ یَرْبَحُوا فِی تِجَارَاتِهِمْ، وَ لَا حَمَلَتْ نَخِیلُهُمْ وَ لَا زَكَتْ زُرُوعُهُمْ، وَقَفُوا وَ قَالُوا هَذَا بِشُؤْمِ هَذِهِ الْبَیْعَةِ الَّتِی بَایَعْنَاهَا عَلِیّاً، وَ التَّصْدِیقِ الَّذِی صَدَّقْنَا مُحَمَّداً، وَ هُوَ نَظِیرُ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: یَا مُحَمَّدُ! (إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ)، قَالَ اللَّهُ: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (8)بِحُكْمِهِ النَّافِذِ وَ قَضَائِهِ لَیْسَ ذَلِكَ لِشُؤْمِی وَ لَا لِیُمْنِی، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ) (9)حَتَّی لَا یَتَهَیَّأَ لَهُمُ الِاحْتِرَازُ (10)مِنْ أَنْ تَقِفَ عَلَی كُفْرِهِمْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ الْمُؤْمِنُونَ تُوجِبُ (11)قَتْلَهُمْ، (إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ

ص: 572


1- فی المصدر: أنتجت، و قد جاءت نسخة بدل علی ك.
2- فی المصدر: خیولهم، و قد جاءت نسخة بدل علی ك.
3- فی ك نسخة بدل: و ربحت، و هی الّتی جاءت فی المصدر.
4- فی التّفسیر: ضروع جزوعهم.
5- كذا، و الظّاهر: مبخوت، كما فی المصدر، قال فی المصباح المنیر 1- 48، و مجمع البحرین 2- 191: و البخت: الحظّ وزنا و معنی، و هو عجمیّ.
6- قال فی القاموس 3- 378، و الصّحاح 4- 1700: أدالنا اللّٰه من عدوّنا .. من الدّولة، و فی النّهایة 2- 141 قال: و الدّولة: الانتقال من حال الشدّة إلی الرّخاء. أقول: علیه مدال اسم مفعول من أدالنا اللّٰه من عدوّنا.
7- فی س: ظاهر.
8- النّساء: 78.
9- البقرة: 20.
10- فی س: الإحراز.
11- فی المصدر: و توجب.

قَدِیرٌ) لَا یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ.

إیضاح:

قوله علیه السلام: بسماعهم منه لها .. الضمیر فی منه راجع إلی أمیر المؤمنین، و فی (لها) إلی الأنفس .. أی بأنّهم كانوا یسمعون منه علیه السلام ما ینفع أنفسهم من المعارف و الأحكام و المواعظ، أو ضمیر سماعهم راجع إلی المسلمین و ضمیر منه إلی المنافق، و ضمیر لها إلی الشهادة .. أی اتّخاذهم له أخا بسبب أنّهم سمعوا منه الشهادة.

و الشّائلة: المرتفعة (1)

«2»-شی، تفسیر العیاشی (2)عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ عَنْ (3)أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی (4)قَوْلِهِ تَعَالَی (5)(الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ) (6)قَالَ:

هُمْ قُرَیْشٌ (7)

بیان: قال الطبرسی (8)جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ. أی فرّقوه و جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه و كفروا ببعضه. و عن ابن عباس: جعلوه جزءا

ص: 573


1- قال فی النهایة 2- 510: الشائلة: الناقة التی شال لبنها .. أی ارتفع، و بنصّه فی لسان العرب 11- 375. و قال فی المصباح المنیر 1- 397: شال المیزان یشول: إذا خفّت إحدی كفتیه فارتفعت. و قال فی القاموس 3- 404: شالت الناقة بذنبها شولا و شوالا و أشالته: رفعته، فشال الذنب نفسه لازم متعدّ.
2- تفسیر العیّاشیّ 2- 252 حدیث 44.
3- لا توجد: عن، فی المصدر، كما لا توجد الواو فی س.
4- فی التّفسیر: عن، بدلا من: فی.
5- لا توجد: تعالی، فی المصدر.
6- الحجر: 91.
7- و أوردها العلّامة المجلسیّ فی البحار 4- 61، و جاءت فی تفسیر البرهان 2- 354- 356، و تفسیر الصّافی 1- 913 [3- 122].
8- مجمع البیان 6- 345.

جزءا (1)، فقالوا: سِحْرٌ، و قالوا: أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ، و قالوا: مُفْتَریً

«3»-قب (2)الْبَاقِرُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ تَرَی الَّذِینَ كَذَبُوا عَلَی اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (3)یَعْنِی إِنْكَارَهُمْ وَلَایَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

الشوهانی (4)بِإِسْنَادِهِ، سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّیُّ الْبَاقِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِهِ: (رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِینَ) (5)قَالَ: یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یُسْمِعُ الْخَلَائِقَ: أَلَا إِنَّهُ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُسْلِمٌ، فَیَوْمَئِذٍ (یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِینَ) (6)لِوَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ عَلَی النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ هَكَذَا، وَ قَالَ (الظَّالِمُونَ) (7)آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ) (8)وَ عَلِیٌّ هُوَ الْعَذَابُ، (هَلْ إِلَی مَرَدٍّ مِنْ سَبِیلٍ) (9)، یَقُولُونَ (10)نُرَدُّ فَنَتَوَلَّی عَلِیّاً (علیه السلام)، قَالَ اللَّهُ: (وَ تَراهُمْ یُعْرَضُونَ عَلَیْها) (11).. یَعْنِی أَرْوَاحَهُمْ تُعْرَضُ عَلَی النَّارِ (خاشِعِینَ مِنَ الذُّلِّ یَنْظُرُونَ) (12) إِلَی عَلِیٍّ (مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ) (13)فَ (قالَ الَّذِینَ آمَنُوا) (14)بِآلِ مُحَمَّدٍ (إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِینَ) (15)لِآلِ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (فِی عَذابٍ) (16)أَلِیمٍ..

الْحَسْكَانِیُّ فِی شَوَاهِدِ التَّنْزِیلِ (17)بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَیَّبِ، عَنِ ابْنِ

ص: 574


1- فی المصدر جاءت العبارة هكذا: جعلوا القرآن عضین .. أی جزّءوه أجزاء. و جاءت: عن ابن عباس بعد كلمة: مفتری.
2- المناقب لابن شهرآشوب 3- 212.
3- الزّمر: 60.
4- فی س: الشوهان، و هو غلط. و قد جاء فی المناقب 3- 215- 216.
5- الحجر: 2.
6- الحجر: 2.
7- الشّوری: 44.
8- الشّوری: 44.
9- الشّوری: 44.
10- فی المصدر: فیقولون.
11- الشّوری: 45.
12- الشّوری: 45.
13- الشّوری: 45.
14- الشّوری: 45.
15- الشّوری: 45.
16- الشّوری: 45.
17- شواهد التّنزیل 1- 206- 207 حدیث 269.

عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ قَوْلُهُ: (وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (1)قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: مَنْ ظَلَمَ عَلِیّاً مَقْعَدِی هَذَا بَعْدَ وَفَاتِی فَكَأَنَّمَا جَحَدَ نُبُوَّتِی وَ نُبُوَّةَ الْأَنْبِیَاءِ قَبْلِی.

أقول:

رَوَی السَّیُوطِیُّ فِی الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (2)، عَنْ عَبْدِ (3)بْنِ حُمَیْدٍ وَ ابْنِ جَرِیرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: (فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ) (4)الْآیَةَ. قَالَ: كَیْفَ رَأَیْتُمُ الْقَوْمَ حِینَ تَوَلَّوْا عَنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَ لَمْ (5)یَسْفِكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، وَ قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ، وَ عَصَوُا الرَّحْمَنَ؟!.

«4»-فس (6)أَبِی، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ: (وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ) یَا عَلِیُّ (فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِیماً) (7)هَكَذَا نَزَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: (فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ) یَا عَلِیُّ (8)(فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ) (9)یَعْنِی (10)فِیمَا تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَیْهِ بَیْنَهُمْ مِنْ خِلَافِكَ (11)وَ غَصْبِكَ (ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ) (12)عَلَیْهِمْ یَا مُحَمَّدُ! عَلَی لِسَانِكَ مِنْ وَلَایَتِهِ (وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً) (13)لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

ص: 575


1- الأنفال: 25.
2- الدّرّ المنثور 6- 49.
3- فی ك: عبد اللّٰه.
4- محمّد صلی اللّٰه علیه و آله: 22.
5- فی ك: ما لم.
6- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ 1- 142.
7- النّساء: 64.
8- لا توجد: یا علیّ، فی ك.
9- النّساء: 65.
10- فی ك: یعنی یحكّموا- یا علیّ- فیما شجر بینهم یعنی ..
11- فی المصدر: من خلافك بینهم- بتقدیم و تأخیر-.
12- النّساء: 65.
13- النّساء: 65.

«5»-فس (1)

(وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ) (2)یَعْنِی مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ فِی أُمَّتِهِ شَیَاطِینُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ، أَیْ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تُؤْمِنُوا بِ: (زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (3)فَهَذَا وَحْیٌ كَذِبٌ.

بیان: المشهور فی التفسیر أنّ زخرف القول و الغرور صفة (4)لكلامهم الذی یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ، أی یقول بعضهم إلی بعض، أی یوسوس و یلقی خفیة بعضهم إلی بعض كلاما مموّها مزیّنا یستحسن ظاهره و لا حقیقة له، غُرُوراً. أی یغرونهم بذلك غرورا، أی لیغروهم (5)، و علی ما فی (6)تفسیر علی بن إبراهیم:

المعنی یلقی بعضهم إلی بعض الكلام الذی یقولونه (7)فی شأن القرآن، و هو أنّه زخرف القول غرورا، و لا یخلو من بعد لكن لا یأبی عن الاستقامة.

«6»-فس (8)(إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) (9)قَالَ: نَزَلَتْ فِی الَّذِینَ آمَنُوا بِرَسُولِ اللَّهُ إِقْرَاراً لَا تَصْدِیقاً ثُمَّ كَفَرُوا لَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ فِیمَا بَیْنَهُمْ أَنْ لَا یَرُدُّوا الْأَمْرَ فِی (10)أَهْلِ بَیْتِهِ أَبَداً، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْوَلَایَةُ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الْمِیثَاقَ عَلَیْهِمْ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ آمَنُوا إِقْرَاراً لَا

ص: 576


1- تفسیر القمّیّ 1- 214.
2- الأنعام: 112، و ذكر فی المصدر ذیلها: «زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً».
3- الأنعام: 112.
4- فی س: صفته. و هو خلاف الظاهر.
5- فی س: أو لیغررهم.
6- لا توجد: فی، فی مطبوع البحار.
7- فی س: یقولون.
8- تفسیر القمّیّ 1- 156.
9- النّساء: 137.
10- فی المصدر: إلی، بدلا من: فی.

تَصْدِیقاً، فَلَمَّا مَضَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَفَرُوا فَازْدَادُوا (1)كُفْراً (لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِیَهْدِیَهُمْ طَرِیقاً إِلَّا طَرِیقَ جَهَنَّمَ) (2)

«7»-فس (3)(یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْكافِرِینَ یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ) (4)قَالَ: هُوَ مُخَاطَبَةٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الَّذِینَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَ ارْتَدُّوا عَنْ دِینِ اللَّهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ نَزَلَ (5)فِی الْقَائِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِینَ (6)یُجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ (وَ لا یَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) (7)

«8»-فس (8)أَبِی، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ (9)، عَنْ أَبِی أَیُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (قَدْ مَكَرَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَی اللَّهُ بُنْیانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ) (10)قَالَ: بیت [ثَبَتَ (11)مَكْرُهُمْ .. أَیْ مَاتُوا فَأَلْقَاهُمُ اللَّهُ فِی النَّارِ، وَ هُوَ مَثَلٌ لِأَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ.

ص: 577


1- فی التّفسیر: و ازدادوا.
2- النّساء: 168- 169. و فی تفسیر القمّیّ: «لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلًا» یعنی طریقا «إِلَّا طَرِیقَ جَهَنَّمَ»، فتكون الآیة: 137 من سورة النّساء.
3- تفسیر القمّیّ 1- 170.
4- المائدة: 54.
5- فی التّفسیر: نزلت.
6- لا توجد: الّذین، فی المصدر.
7- المائدة: 54.
8- تفسیر القمّیّ 1- 384.
9- فی المصدر: محمّد بن أبی عمیر.
10- النّحل: 26.
11- فی المصدر: ثبّت.

بیان: قوله: بیت مكرهم .. أی المراد بالبنیان بیت مكرهم الذی بنوه مجازا. قال فی مجمع البیان (1)قیل: إنّ هذا (2)مثل ضربه اللّٰه لاستئصالهم، و المعنی فأتی اللّٰه مكرهم من أصله .. أی عاد ضرر المكر إلیهم.

«9»-فس (3)(الَّذِینَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ) (4)قَالَ: كَفَرُوا بَعْدَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ صَدُّوا عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ: (بِما كانُوا یُفْسِدُونَ) (5)

«10»-فس (6)(وَ الشُّعَراءُ یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (7)قَالَ: نَزَلَتْ فِی الَّذِینَ غَیَّرُوا دِینَ اللَّهِ (8)وَ خَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، هَلْ رَأَیْتُمْ شَاعِراً یَتَّبِعُهُ (9)أَحَدٌ؟! إِنَّمَا عَنَی بِذَلِكَ الَّذِینَ وَضَعُوا دِیناً بِآرَائِهِمْ فَتَبِعَهُمُ (10)النَّاسُ عَلَی ذَلِكَ، وَ یُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ: (أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِی كُلِّ وادٍ یَهِیمُونَ) (11)یَعْنِی یُنَاظِرُونَ بِالْأَبَاطِیلِ وَ یُجَادِلُونَ بِالْحُجَجِ الْمُضِلَّةِ، وَ فِی كُلِّ مَذْهَبٍ یَذْهَبُونَ: (وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ) (12)بِرَدِّهِمْ (13)قَالَ:

یَعِظُونَ النَّاسَ وَ لَا یَتَّعِظُونَ، وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لَا یَنْتَهُونَ، وَ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا

ص: 578


1- مجمع البیان 6- 357 باختلاف یسیر.
2- لا یوجد فی س: إنّ هذا.
3- تفسیر القمّیّ 1- 388.
4- النّحل: 88.
5- النّحل: 88.
6- تفسیر القمّیّ 2- 125.
7- الشّعراء: 224.
8- فی المصدر زیادة: بآرائهم.
9- فی ك نسخة بدل: شاعرا قطّ تبعه، و هو الموجود فی المصدر.
10- فی التّفسیر: فیتبعهم.
11- الشّعراء: 225.
12- الشّعراء: 226.
13- لا توجد: بردّهم، فی المصدر، و هو الظّاهر.

یعلمون [یَعْمَلُونَ] (1)وَ هُمُ الَّذِینَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ آلَ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ شِیعَتَهُمُ الْمُهْتَدِینَ، فَقَالَ: (إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِیراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) (2)ثُمَّ ذَكَرَ أَعْدَاءَهُمْ وَ مَنْ ظَلَمَهُمْ، فَقَالَ:

(وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا) (3)آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ) (4)هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَتْ.

«11»-فس (5)(احْشُرُوا الَّذِینَ ظَلَمُوا) (6)قَالَ: الَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (وَ أَزْواجَهُمْ) (7)قَالَ: وَ أَشْبَاهَهُمْ.

«12»-فس (8)فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ: (الَّذِینَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا ...) إِلَی قَوْلِهِ: (كَذلِكَ یُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِینَ) (9)فَقَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ كَافِرِینَ (10)مُشْرِكِینَ بِأَنْ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَ قَدْ (11)أَرْسَلَ اللَّهُ رُسُلَهُ بِالْكِتَابِ وَ بِتَأْوِیلِهِ فَمَنْ كَذَّبَ بِالْكِتَابِ أَوْ كَذَّبَ بِمَا أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ مِنْ تَأْوِیلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ.

«13»-فس (12)(وَ لكِنْ یُدْخِلُ مَنْ یَشاءُ فِی رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمُونَ) لِآلِ مُحَمَّدٍ

ص: 579


1- فی المصدر: یعملون، و هو الظّاهر.
2- الشّعراء: 227.
3- الشّعراء: 227.
4- الشّعراء: 227.
5- تفسیر القمّیّ 2- 222.
6- الصّافّات: 22. و فی المصدر زیادة من الآیة «وَ أَزْواجَهُمْ».
7- الصّافّات: 22.
8- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ 2- 260.
9- غافر: 70- 74.
10- فی المصدر: سمّی اللّٰه الكافرین.
11- فی ك: و بما، و جاءت: و قد، فیها نسخة بدل.
12- تفسیر القمّیّ 2- 272- 273.

حَقَّهُمْ (ما لَهُمْ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ) (1)

(وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) (2)(3) قَالَ: الْكَلِمَةُ الْإِمَامُ، وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِیَةً فِی عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ) (4)یَعْنِی الْإِمَامَةَ، ثُمَّ قَالَ:

(وَ إِنَّ الظَّالِمِینَ) (5)یَعْنِی الَّذِینَ ظَلَمُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ (لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ)، ثُمَّ قَالَ:

(تَرَی الظَّالِمِینَ) (6)یَعْنِی الَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (مُشْفِقِینَ مِمَّا كَسَبُوا).

أَیْ خَائِفِینَ مِمَّا ارْتَكَبُوا وَ عَمِلُوا (وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ) (7).. مَا (8)یَخَافُونَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْكَلِمَةِ وَ اتَّبَعُوهَا، فَقَالَ: (وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِی رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ ...) (9)إِلَی قَوْلِهِ: (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِیرُ) (10)(ذلِكَ الَّذِی یُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِینَ آمَنُوا) بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ (وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ) مِمَّا أُمِرُوا بِهِ.

ثُمَّ قَالَ (11)(وَ تَرَی الظَّالِمِینَ) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ یَقُولُونَ هَلْ إِلی مَرَدٍّ مِنْ سَبِیلٍ) (12).. أَیْ إِلَی الدُّنْیَا.

«14»-فس (13)(وَ تَرَی الظَّالِمِینَ) (14)آلَ (15)مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (لَمَّا رَأَوُا

ص: 580


1- الشّوری: 8.
2- تفسیر القمّیّ 2- 274- 275.
3- الشّوری: 21. و جاءت زیادة: «لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ»: من الآیة فی المصدر.
4- الزّخرف: 28.
5- الشّوری: 21.
6- الشّوری: 21.
7- الشّوری: 22.
8- فی المصدر: أی ما.
9- الشّوری: 22.
10- تتمّة للآیة السّالفة، و لا توجد فی المصدر.
11- تفسیر القمّیّ 2- 277.
12- الشّوری: 44.
13- تفسیر القمّیّ 2- 278.
14- الشّوری: 44.
15- فی ك نسخة بدل: لآل.

الْعَذابَ) وَ عَلِیٌّ هُوَ الْعَذَابُ فِی هَذَا الْوَجْهِ (یَقُولُونَ هَلْ إِلی مَرَدٍّ مِنْ سَبِیلٍ) فَنُوَالِی عَلِیّاً (وَ تَراهُمْ یُعْرَضُونَ عَلَیْها خاشِعِینَ مِنَ الذُّلِّ) ... أَیْ (1)لِعَلِیٍّ (یَنْظُرُونَ) إِلَی عَلِیٍّ (مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ وَ قالَ الَّذِینَ آمَنُوا) یَعْنِی آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ شِیعَتَهُمْ (إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِینَ) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (فِی عَذابٍ مُقِیمٍ) (2)قَالَ: وَ اللَّهِ یَعْنِی النُّصَّابَ الَّذِینَ نَصَبُوا الْعَدَاوَةَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ الْمُكَذِّبِینَ (وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِیاءَ یَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِیلٍ) (3)

بیان: قوله: یعنی النصّاب .. حال من فاعل قال، و قوله: و ما كان .. مفعول قال، و فی بعض النسخ: قال: و اللّٰه .. فالواو للقسم.

«15»-فس (4)(وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِی أَنْ أُخْرَجَ ...) إِلَی قَوْلِهِ: (ما هذا إِلَّا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ) (5)قَالَ: نَزَلَتْ فِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ.

حدّثنی العباس بن محمد، عن (6)الحسن بن سهل، بإسناد رفعه إلی جابر ابن زید، عن جابر بن عبد اللّٰه، قال: ثم أتبع اللّٰه جلّ ذكره مدح الحسین بن علیّ علیهما السلام بذمّ عبد الرحمن بن أبی بكر.

بیان: روت العامّة أیضا أنّ الآیة نزلت فی عبد الرحمن بن أبی بكر، و یمكن أن

ص: 581


1- لا توجد: أی، فی المصدر.
2- الشّوری: 45.
3- الشّوری: 46.
4- تفسیر القمّیّ 2- 297.
5- الأحقاف: 17.
6- فی المصدر: قال: حدّثنی، بدل: عن.

یكون قول الوالدین له (1)، لظاهر الأمر للمصلحة لا علی وجه الاعتقاد، و یظهر من بعض الأخبار أنّ المراد بالوالدین رسول اللّٰه و أمیر المؤمنین علیهما السلام، و من بعضها أنّ المراد بهما هنا الحسنان علیهما السلام.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ (2)قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَیْهِ إِحْساناً) (3)قَالَ: الْإِحْسَانُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، قَوْلُهُ: بِوالِدَیْهِ إِنَّمَا عَنَی الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَی الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً ...) وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ: (وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما ...) (4)

إلی آخر ما أوردنا، فیظهر منه أنّ المراد بالوالدین علی هذا التأویل الحسنان، و قد تكلّمنا فی الخبر فی مجلد الإمامة (5)

«16»-فس (6)(یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) (7)مُخَاطَبَةٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الَّذِینَ وَعَدُوهُ أَنْ یَنْصُرُوهُ وَ لَا یُخَالِفُوا أَمْرَهُ وَ لَا یَنْقُضُوا عَهْدَهُ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ، فَعَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَا یَفُونَ (8)بِمَا یَقُولُونَ، فَقَالَ: (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ ...) (9)الْآیَةَ، وَ قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ مُؤْمِنِینَ بِإِقْرَارِهِمْ وَ إِنْ لَمْ یَصْدُقُوا.

«17»-فس (10)(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا) (11)قَالَ: إِذَا

ص: 582


1- لا توجد فی س: له.
2- فی تفسیره 2- 297.
3- الأحقاف: 15.
4- الأحقاف: 17.
5- بحار الأنوار 36- 158، 43- 246، 258، 44- 231، 53- 102 و غیرها.
6- تفسیر القمّیّ 2- 365.
7- الصّفّ: 2.
8- فی المصدر: لا یوفون.
9- الصّفّ: 2- 3.
10- تفسیر القمّیّ 2- 379.
11- الملك: 27.

كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ نَظَرَ أَعْدَاءُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمَنْزِلَةِ الشَّرِیفَةِ الْعَظِیمَةِ وَ بِیَدِهِ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَ هُوَ عَلَی الْحَوْضِ یَسْقِی وَ یَمْنَعُ یَسْوَدُّ (1)وُجُوهُ أَعْدَائِهِ، فَیُقَالُ لَهُمْ: (هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) (2)مَنْزِلَهُ (3)وَ مَوْضِعَهُ وَ اسْمَهُ.

«18»-یر (4)أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ (5)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی: (وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَیْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (6)فَقَالَ: رَأَیْتَ (7)أَحَداً یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ بِشَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَحَارِمِ؟!. فَقُلْتُ: لَا. فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْفَاحِشَةُ الَّتِی یَدَّعُونَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهَا؟!. فَقُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ وَ وَلِیُّهُ. قَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ فِی أَئِمَّةِ الْجَوْرِ ادَّعَوْا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ بِالائْتِمَامِ بِقَوْمٍ لَمْ یَأْمُرِ اللَّهُ بِالائْتِمَامِ بِهِمْ، فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ، وَ أَخْبَرَنَا أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا عَلَیْهِ الْكَذِبَ فَسَمَّی اللَّهُ ذَلِكَ (8)مِنْهُمْ فَاحِشَةً..

«19»-شی، تفسیر العیاشی (9)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدٍ صَالِحٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ ..

وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ (10)

«20»-شی، تفسیر العیاشی (11)عَنْ كُلَیْبٍ الصَّیْدَاوِیِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ

ص: 583


1- فی المصدر: تسودّ.
2- الملك: 27.
3- فی المصدر هكذا: أی هذا الّذی كنتم به تدّعون منزلته.
4- بصائر الدّرجات: 54 حدیث 4.
5- فی تفسیر العیّاشیّ هنا زیادة: عن عبد صالح.
6- الأعراف: 28.
7- فی البصائر: أ رأیت، و هو الظّاهر.
8- لا توجد: ذلك فی البصائر، و أثبتت فی تفسیر البرهان و تفسیر العیّاشیّ.
9- تفسیر العیّاشیّ 2- 12 حدیث 15.
10- باختلاف یسیر، و أورده فی تفسیر البرهان 2- 8، و تفسیر الصّافی 1- 571 [2- 188].
11- تفسیر العیّاشیّ 1- 385 حدیث 131.

عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: (إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً) (1)ثُمَّ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَقْرَؤُهَا: فَارَقُوا دِینَهُمْ، قَالَ (2)فَارَقَ وَ اللَّهِ الْقَوْمُ دِینَهُمْ (3)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه (4)قرأ حمزة و الكسائی (5)فارقوا بالألف و هو المرویّ عن علیّ علیه السلام و الباقون فَرَّقُوا بالتشدید.

ثم قال: قال أبو علی: من قرأ «فَرَّقُوا» فتقدیره یؤمنون ببعض و یكفرون ببعض .. و من قرأ «فارقوا دینهم» فالمعنی باینوه و خرجوا عنه ...

و قال (6)اختلف فی المعنیین بهذه الآیة علی أقوال:

أحدها: أنّهم الكفّار و أصناف المشركین ..

و ثانیها: أنّهم الیهود و النصاری، لأنّه یكفّر بعضهم بعضا ...

و ثالثها:

أنّهم أهل الضلالة و أصحاب الشبهات و البدع من هذه الأمّة.

رواه أبو هریرة و عائشة مرفوعا، و هو المرویّ عن الباقر علیه السلام: جعلوا دین اللّٰه أدیانا لإكفار بعضهم بعضا و صاروا أحزابا و فرقا.

و تتمّة (7)الآیة: (لَسْتَ مِنْهُمْ فِی شَیْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَی اللَّهِ) (8)

قیل: المعنی أنّك لا تجتمع معهم فی شی ء من مذاهبهم الباطلة.

ص: 584


1- الأنعام: 159.
2- فی المصدر: ثمّ قال.
3- و ذكره فی تفسیر البرهان 1- 565، و تفسیر الصّافی 1- 560 [2- 174].
4- فی مجمع البیان 4- 388- 389، و ما فیه نقاط ثلاث فهو علامة الحذف.
5- فی المصدر زیادة: هاهنا و فی الروم.
6- فی مجمع البیان 4- 389.
7- من هنا تلخیص لما ذكره الطبرسیّ فی مجمعه.
8- الأنعام: 159.

و قیل: أی لست من مخالطتهم فی شی ء.

و قیل: أی لست من قتالهم فی شی ء. ثم نسختها آیة القتال: (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَی اللَّهِ ...) (1)

و قیل: فی (2)مجازاتهم علی سوء أفعالهم، أو فی الإنظار و الاستئصال، أو الحكم بینهم فی اختلافهم إلی اللّٰه.

ص: 585


1- الأنعام: 159.
2- فی ك خطّ علی: و قیل فی.

ص: 586

تتمیم [و استدراك من محقق الكتاب فی ما فات عن المجلسی رحمه اللّٰه هنا فی الخلفاء أو بنی أمیّة أو المرأتین أو فی أعدائهم و إن ذكره فی سائر الأبواب]

اشارة

بعد أن أدرجنا فی مقدّمة الكتاب بعض العناوین العامّة فی الأبواب المتفرقة من كتاب بحار الأنوار، نسرد هنا جملة من الروایات الواردة عنهم صلوات اللّٰه علیهم فی خصوص كل واحد من الخلفاء أو بنی أمیّة أو المرأتین أو فی أعدائهم مما حصلنا علیه فی هذه الموسوعة و لم یدرجه المصنّف رحمه اللّٰه هنا، أو أدرجه من مصدر آخر تعیینا للمصداق، و تطبیقا صغرویا لكلّ الكبریات التی سلفت فی المقدّمة، و اللّٰه المستعان و علیه التكلان.

فنقول:

فممّا ورد فی أبی بكر:

«1»-ذكر العلّامة المجلسی فی بحاره 60/ 278- 280 فی تفسیر قوله تعالی: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ ... (الأحزاب: 72) وجوها، ثم قال:

الثامن: إنّ المراد بالأمانة: الإمامة الكبری، وَ حَمَلَهَا ادّعاؤها بغیر حق، و المراد ب (الإنسان) أبو بكر، و قد وردت الأخبار الكثیرة فی ذلك أوردتها فی كتاب الإمامة و غیرها.

فقد

روی بأسانید عن الرضا علیه السلام قال: الأمانة: الولایة، من ادّعاها بغیر حقّ كفر.

و قال علی بن ابراهیم: ... وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ الأوّل ...

و عن الصادق علیه السلام: الأمانة: الولایة، و الإنسان: أبو الشرور المنافق.

و عن الباقر علیه السلام: هی الولایة: فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها كفرا، وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ، و الإنسان: أبو فلان.

«2»-قال العلّامة المجلسی أیضا فی بحاره 60/ 284، ذیل قوله سبحانه: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ. .. و قال علی بن ابراهیم: نزلت فی الأول.

و فی المناقب عن الكاظم علیه السلام، قال: الإنسان: الأوّل ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ (التین: 1- 5) ببغضه أمیر المؤمنین علیه السلام.

«3»-یر: بصائر الدرجات،بإسناده عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام فی قول اللّٰه تبارك و تعالی: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ (الأحزاب: 72، قال: الولایة فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها كفرا بها و عنادا وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ و الإنسان الذی حملها: أبو فلان.

[بحار الأنوار: 23/ 281، حدیث 24، عن بصائر الدرجات: 76، حدیث 3]

ص: 587

«4»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، قال علی بن ابراهیم فی قوله [عزّ و جلّ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها ... قال: الأمانة: هی الإمامة [و الأمر] و النهی، و الدلیل علی أنّ الأمانة هی الإمامة قوله عزّ و جلّ للأئمّة: إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها یعنی الإمامة، و الأمانة: الإمامة؛ عرضت علی السموات و الأرض و الجبال فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها قال: أبین أن یدّعوها أو یغصبوها أهلها و أشفقن منها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ أی فلان [الأوّل إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.

[بحار الأنوار: 23/ 280، حدیث 21، عن تفسیر علی ابن ابراهیم: 2/ 198]

«5»-مع:معانی الأخبار، بإسناده عن أبی بصیر، قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن قول اللّٰه عزّ و جلّ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا قال: الأمانة: الولایة، و الإنسان: أبو الشرور المنافق.

بیان: علی تأویلهم علیهم السلام یكون اللام فی الإنسان للعهد؛ و هو أبو الشرور ...

أی أبو بكر، أو للجنس و مصداقه الأول فی هذا الباب أبو بكر، و المراد بالحمل الخیانة كما مرّ، أو المراد بالولایة: الخلافة، و ادّعاؤها بغیر حق، فعرض ذلك علی أهل السموات و الأرض أو علیهما بأن بیّن لهم عقوبة ذلك، و قیل لهم: هل تحملون ذلك؟ فأبوا إلّا هذا المنافق و أضرابه، حیث حملوا ذلك مع ما بیّن لهم من العقاب المترتّب علیه.

[بحار الأنوار: 23/ 279- 280 حدیث 20، عن معانی الأخبار: 38 (11، حدیث 2)]

«6»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ* وَ طُورِ سِینِینَ* وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ قال: التین: رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و الزیتون: أمیر المؤمنین علیه السلام، و طور سینین: الحسن و الحسین علیهما السلام، و هذا البلد الأمین: الأئمة علیهم السلام، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ قال: نزلت فی زریق [الأول ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ* إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال: ذاك أمیر المؤمنین ... الی آخره.

[بحار الأنوار: 24/ 105، حدیث 12، عن تفسیر علی ابن ابراهیم القمی: 730 (2/ 429- 430)]

«7»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، فی روایة أبی الجارود، عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ .. (المائدة: 90)، و ذلك لأنّ أبا بكر شرب قبل أن تحرّم الخمر، فسكر فجعل یقول الشعر و یبكی علی قتلی المشركین من أهل بدر، فسمع النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، فقال: اللّٰهمّ امسك علی لسانه، فأمسك علی لسانه فلم

ص: 588

یتكلّم حتی ذهب عنه السكر، فأنزل اللّٰه تحریمها بعد ذلك ...

[بحار الأنوار: 79/ 131، حدیث 20، عن تفسیر القمی: 167 (1/ 180)]

«8»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، أبی، عن بعض رجاله رفعه الی أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: لمّا كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی الغار قال لأبی بكر: كأنّی أنظر الی سفینة جعفر فی أصحابه یعوم فی البحر، و أنظر الی الأنصار محتبین فی أفنیتهم. فقال أبو بكر: و تراهم یا رسول اللّٰه؟!. قال:

نعم. قال: فأرنیهم، فمسح علی عینیه فرآهم، فقال فی نفسه: الآن صدّقت أنّك ساحر، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أنت الصدّیق.

[بحار الأنوار: 19/ 53، حدیث 10 عن تفسیر القمی: 265- 266]

«9»-كا:كافی، بإسناده عن أبی خالد الكابلی، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِیهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلًا (الزمر: 29)، قال:

أمّا الذی فیه شركاء متشاكسون فلان الأوّل یجمع المتفرّقون ولایته و هم فی ذلك یلعن بعضهم بعضا و یبرأ بعضهم من بعض، فأمّا رجل سلم لرجل [سلما لرجل فإنّه الأوّل حقّا و شیعته.

[بحار الأنوار: 24/ 160 حدیث 9، عن الكافی (الروضة): 8/ 224]

و روی العیاشی؛ بإسناده عن أبی خالد، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: الرجل السلم للرجل علیّ حقّا و شیعته.

[بحار الأنوار: 24/ 161 حدیث 11، و مجمع البیان: 8 / 497]

و ممّا ورد فی الخلیفة الثانی عمر:

«10»-مع:معانی الأخبار، بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن معنی قول أمیر المؤمنین علیه السلام لمّا نظر الی الثانی و هو مسجّی بثوبه-: ما أحد أحبّ إلیّ أن ألقی اللّٰه بصحیفته من هذا المسجّی، فقال: عنی بها صحیفته التی كتبت فی الكعبة.

[بحار الأنوار: 28/ 117، حدیث 5، عن معانی الأخبار: 412]

«11»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ (البقرة: 205)، قال: الحرث فی هذا الموضع:

الدین، و النسل: الناس، و نزلت فی الثانی [فلان ، و یقال: فی معاویة.

ص: 589

[بحار الأنوار: 9/ 189، حدیث 21، عن تفسیر علی ابن ابراهیم القمی: 1/ 71]

«12»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ كانَ الْكافِرُ عَلی رَبِّهِ ظَهِیراً (الفرقان: 55)، قال علی بن ابراهیم:

قد یسمّی الإنسان ربّا، كقوله: اذْكُرْنِی عِنْدَ رَبِّكَ (یوسف: 42)، و كلّ مالك شی ء یسمّی ربّه، فقوله: وَ كانَ الْكافِرُ عَلی رَبِّهِ ظَهِیراً، فقال: الكافر: الثانی، كان علی أمیر المؤمنین ظهیرا.

[بحار الأنوار: 36/ 169، حدیث 155، عن تفسیر القمی: 467 (2/ 115)]

«13»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّٰه: وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی قال: اللیل فی هذا الموضع: الثانی [فلان غشی أمیر المؤمنین علیه السلام فی دولته التی جرت علیه، و أمر أمیر المؤمنین علیه السلام أن یصبر فی دولتهم حتی تنقضی ...

الخبر.

[بحار الأنوار: 24/ 71، حدیث 5، عن تفسیر القمی: 727 (2/ 425)]

«14»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ (المجادلة: 14)، قال: نزلت فی الثانی، لأنّه مرّ به رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و هو جالس عند رجل من الیهود یكتب خبر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فأنزل اللّٰه جلّ ثناؤه: أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ، فجاء [الثانی] الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: رأیتك تكتب عن الیهود و قد نهی اللّٰه عن ذلك، فقال:

یا رسول اللّٰه! كتبت عنه ما فی التوراة من صفتك، و أقبل یقرأ ذلك علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و هو غضبان، فقال له رجل من الأنصار: ویلك! أما تری غضب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله علیك؟. فقال: أعوذ باللّٰه من غضب اللّٰه و غضب رسوله، إنّی إنّما كتبت ذلك لما وجدت فیه من خبرك، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: یا فلان! لو أنّ موسی بن عمران فیهم قائما ثمّ أتیته رغبة عمّا جئت به لكنت كافرا بما جئت به.

[بحار الأنوار: 9/ 242، حدیث 143، عن تفسیر القمی: 2/ 357]

«15»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،جاء فی تفسیر أهل البیت علیهم السلام، بإسناده عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام ...

و قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (المدّثر: 17)، قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: صعود؛ جبل

ص: 590

فی النار من نحاس یحمل علیه حبتر لیصعده كارها، فاذا ضرب بیدیه علی الجبل ذابتا حتی تلحقا بالركبتین، فاذا رفعهما عادتا، فلا یزال هكذا ما شاء اللّٰه، و قوله تعالی: إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ* فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ .. (المدّثر: 18- 19) الی قوله: إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (المدّثر: 25)، قال: هذا یعنی تدبیره و نظره و فكرته و استكباره فی نفسه و ادّعاؤه الحقّ لنفسه دون أهله، ثم قال اللّٰه تعالی: سَأُصْلِیهِ سَقَرَ (المدّثر: 26) .. الی قوله: (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (المدّثر: 29)، قال: یراه أهل الشرق كما یراه أهل الغرب، إنّه اذا كان فی سقر یراه أهل الشرق و الغرب و یتبیّن حاله، و المعنیّ فی هذه الآیات جمیعها حبتر ...

[بحار الأنوار: 24/ 326- 327، حدیث 41، تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 734، حدیث 6]

«16»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن أبی الخطّاب، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّه قال: و اللّٰه ما كنّی اللّٰه فی كتابه حتی قال: یا وَیْلَتی لَیْتَنِی لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِیلًا (الفرقان: 28)، و إنّما هی فی مصحف علی علیه السلام: یا ویلتی لیتنی لم أتّخذ الثانی خلیلا، و سیظهر یوما.

[بحار الأنوار: 24/ 19، حدیث 31، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 374، حدیث 8، (الحجریة: 191-192)، و البرهان: 3/ 162، حدیث 4]

«17»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن حریز، عن رجل، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال: یَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلی یَدَیْهِ یَقُولُ یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلًا* یا وَیْلَتی لَیْتَنِی لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِیلًا (الفرقان: 27- 28)، قال: یقول الأول الثانی.

[بحار الأنوار: 24/ 19، حدیث 32، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 374- 375، حدیث 9 الحجریة: 192- و البرهان: 3/ 162، حدیث 5]

«18»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن جابر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: قوله تعالی:

وَ الْفَجْرِ هو القائم، و «اللیالی العشر» الأئمّة علیهم السلام من الحسن إلی الحسن، و الشَّفْعِ أمیر المؤمنین و فاطمة علیهما السلام، و «الوتر» هو اللّٰه وحده لا شریك له، «وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ» هی دولة حبتر، فهی تسری الی قیام القائم علیه السلام.

[بحار الأنوار: 24/ 78، حدیث 19، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 792، حدیث 1، (الحجریة: 385، البرهان: 4/ 457، حدیث 1]

«19»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، كتاب ابن مردویه و غیره، بالإسناد عن جابر الأنصاری و غیره، كلّهم عن

ص: 591

عمر بن الخطاب، قال: كنت أجفو علیّا، فلقینی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فقال: إنّك آذیتنی یا عمر، فقلت: أعوذ باللّٰه من أذی رسوله، قال: إنّك قد آذیت علیّا، و من آذی علیّا فقد آذانی.

و العكبریّ فی الابانة: بإسناده عن سعد بن أبی وقّاص، قال: كنت أنا و رجلان فی المسجد، فنلنا من علیّ علیه السلام، فأقبل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله مغضبا فقال: ما لكم و لی؟ من آذی علیّا فقد آذانی [من آذی علیّا فقد آذانی، من آذی علیّا فقد آذانی .

[بحار الأنوار: 39/ 331- من حدیث 1، عن المناقب: 2 / 10- 12 (3/ 210- 211)]

«20»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: سألت الحسین علیه السلام، فقلت: سیّدی! أسألك عن شی ء أنا به موقن، و إنّه من سرّ اللّٰه و أنت المسرور الیه ذلك السرّ، فقال:

یا أصبغ! أترید أن تری مخاطبة رسول اللّٰه لأبی دون یوم مسجد قبا؟. قال: قلت: هذا الذی أردت. قال: قم، فإذا أنا و هو بالكوفة، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن یرتدّ الیّ بصری، فتبسّم فی وجهی، ثم قال: یا أصبغ! إنّ سلیمان بن داود أعطی الریح غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ و أنا قد أعطیت أكثر ممّا أعطی سلیمان، فقلت: صدقت و اللّٰه یا بن رسول اللّٰه. فقال:

نحن الذین عندنا علم الكتاب، و بیان ما فیه، و لیس عند أحد [لإحد] من خلقه ما عندنا، لأنّا أهل سرّ اللّٰه، فتبسّم فی وجهی، ثم قال: نحن آل اللّٰه و ورثة رسوله، فقلت: الحمد للّٰه علی ذلك. قال لی: أدخل، فدخلت، فإذا أنا برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله محتبئ فی المحراب بردائه، فنظرت فإذا [أنا] بأمیر المؤمنین علیه السلام قابض علی تلابیب الأعسر، فرأیت رسول اللّٰه یعضّ علی الأنامل و هو یقول: بئس الخلف خلفتنی أنت و أصحابك، علیكم لعنة اللّٰه و لعنتی ...

الخبر.

أقول: قیل: المراد بأبی دون؛ هو أبو بكر، و قیل: الأعسر؛ هو أحدهما.

[بحار الأنوار: 44/ 184- 185، حدیث 11، عن المناقب: 4/ 52]

«21»-عن كتاب سلیم بن قیس، و فیه: قال سلمان: ... و لم یكن منّا أحد أشدّ قولا من الزبیر، فإنّه لمّا بایع قال: یا بن صهّاك! أما و اللّٰه لو لا هؤلاء الطغاة الذین أعانوك لما كنت تقدم علیّ و معی سیفی، لما أعرف من جبنك و لؤمك، و لكن وجدت طغاة تقوی بهم و تصول، فغضب عمر، و قال: أتذكر صهّاكا؟. فقال:

و من صهّاك؟ و ما یمنعنی من ذكرها؟!، و قد كانت صهّاك زانیة، أو تنكر ذلك؟ أو لیس قد كانت أمة حبشیة لجدی عبد المطلب فزنی بها جدّك نفیل فولدت أباك الخطّاب، فوهبها عبد المطلب له

ص: 592

بعد ما زنی بها فولدته، و إنّه لعبد جدّی ولد زنا، فأصلح بینهما أبو بكر و كفّ كلّ واحد منهما عن صاحبه.

[بحار الأنوار: 28/ 277، عن كتاب سلیم بن قیس: 89 -90]

«22»-عیون المعجزات: فی حدیث مفصّل ... فقال من تولّی الأمر!: هاتوا من نساء المسلمین من تنبش هذه القبور حتی نجد فاطمة (علیها السلام)، فنصلّی علیها و نزور قبرها، فبلغ ذلك أمیر المؤمنین علیه السلام، فخرج مغضبا قد احمرّت عیناه و قد تقلّد سیفه ذالفقار حتی بلغ البقیع و قد اجتمعوا فیه، فقال علیه السلام: لو نبشتم قبرا من هذه القبور لوضعت السیف فیكم، فتولی القوم عن البقیع.

[بحار الأنوار: 43/ 212، حدیث 41]

«23»-ما:أمالی الطوسیّ، بإسناده عن جابر بن عبد اللّٰه، قال: كنت عند النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أنا من جانب و علیّ أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه من جانب إذ أقبل عمر بن الخطّاب و معه رجل قد تلبّب به، فقال: ما باله؟. قال: حكی عنك یا رسول اللّٰه أنّك قلت: من قال: «لا إله إلّا اللّٰه محمّد رسول اللّٰه» دخل الجنة، و هذا اذا سمعته الناس فرّطوا فی الأعمال، أفأنت قلت ذلك یا رسول اللّٰه؟. قال: نعم اذا تمسّك بمحبّة هذا و ولایته.

[بحار الأنوار: 68/ 101، حدیث 8، عن أمالی الشیخ الطوسی: 1/ 288. و رواه فی: 68/ 133 حدیث 67،

عن بشارة المصطفی، بإسناده عن جابر بن عبد اللّٰه ...

مثله

«24»-ب:قرب الإسناد، بإسناده عن صفوان الجمّال، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: سمعته یقول: لمّا نزلت الولایة لعلیّ علیه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا یحلّها بعده إلّا كافر، فجاءه الثانی فقال له: یا عبد اللّٰه! من أنت؟.

قال: فسكت، فرجع الثانی الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فقال: یا رسول اللّٰه! إنّی رأیت رجلا فی جانب الناس و هو یقول: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا یحلّها إلّا كافر.

فقال: یا فلان! ذلك جبرئیل، فإیّاك أن تكون ممن یحلّ العقدة فینكص. [خ. ل: فتكفی .

[بحار الأنوار: 37/ 120- 121 حدیث 12، عن قرب الإسناد: 29- 30]

«25»فر: تفسیر فرات بن إبراهیم بإسناده عن كعب بن عجرة، قال ابن مسعود رضی اللّٰه عنه: غدوت الی رسول اللّٰه فی مرضه الذی قبض فیه، فدخلت المسجد و الناس أحفل ما كانوا كأنّ علی رؤوسهم

ص: 593

الطیر-، إذ أقبل أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام حتی سلّم علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فتغامز به بعض من كان عنده، فنظر إلیهم النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم، فقال: أ لا تسألون عن أفضلكم؟. قالوا: بلی یا رسول اللّٰه. قال: أفضلكم علیّ بن أبی طالب، أقدمكم إسلاما، و أوفركم إیمانا، و أكثركم علما، و أرجحكم حلما، و أشدّكم للّٰه غضبا، و أشدّكم نكایة فی الغزو و الجهاد. فقال له بعض من حضر: یا رسول اللّٰه! و إنّ علیّا قد فضلنا بالخیر كلّه؟. فقال رسول اللّٰه: أجل هو عبد اللّٰه و أخو رسول اللّٰه، فقد علّمته علمی و استودعته سرّی، و هو أمینی علی أمّتی. فقال بعض من حضر: لقد أفتن علیّ رسول اللّٰه حتّی لا یری به شیئا، فأنزل اللّٰه الآیة: فَسَتُبْصِرُ وَ یُبْصِرُونَ* بِأَیِّكُمُ الْمَفْتُونُ (القلم: 5 و 6).

[بحار الأنوار: 36/ 144- 145، حدیث 114، عن تفسیر فرات: 188]

«26»-دعوات الراوندی: قال: أبو عبیدة فی غریب الحدیث، فی حدیث النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله حین أتاه عمر، فقال: إنّا نسمع أحادیث من الیهود تعجبنا، فتری أن نكتب بعضها؟. فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أمتهوّكون أنتم كما تهوّكت الیهود و النصاری؟

لقد جئتكم [بها] بیضاء نقیة، و لو كان موسی حیّا ما وسعه إلّا اتّباعی. قال أبو عبیدة:

أمتحیّرون أنتم فی الاسلام و لا تعرفون دینكم حتی تأخذوه من الیهود و النصاری؟ كأنّه كره ذلك [منه .

[بحار الأنوار: 2/ 99، حدیث 54، عن دعوات الراوندی: 170 - حدیث 475، عن غریب الحدیث 1/ 390]

«27 و 28»-یل، فض: بالإسناد یرفعه الی أنس بن مالك أنّه قال: وفد الأسقف النجرانی علی عمر بن الخطّاب لأجل أدائه الجزیة، فدعاه عمر الی الإسلام، فقال له الأسقف: أنتم تقولون: إنّ للّٰه جنّة عرضها السماوات و الأرض، فأین تكون النار؟. قال:

فسكت عمر و لم یردّ جوابا.

قال: فقال له الجماعة الحاضرون: أجبه یا أمیر المؤمنین حتّی لا یطعن فی الإسلام، قال: فأطرق خجلا من الجماعة الحاضرین ساعة لا یردّ جوابا، فإذا بباب المسجد رجل قد سدّه بمنكبیه، فتأمّلوه و إذا به عیبة علم النبوّة علیّ بن أبی طالب علیه السلام قد دخل، قال: فضجّ الناس عند رؤیته.

قال: فقام عمر بن الخطّاب و الجماعة علی أقدامهم و قال: یا مولای! أین كنت عن هذا الأسقف الذی قد علانا منه الكلام؟ أخبره یا مولای بالعجل إنّه یرید الإسلام فأنت البدر التمام، و مصباح الظلام، و ابن عمّ رسول الأنام ..

ص: 594

فقال الإمام علیه السلام: ما تقول یا أسقف؟. قال: یا فتی أنتم تقولون: إنّ الجنة عرضها السماوات و الأرض، فأین تكون النار؟. قال له الإمام علیه السلام: إذا جاء اللّیل أین یكون النهار؟. فقال له الأسقف: من أنت یا فتی؟ دعنی حتی أسأل هذا الفظّ الغلیظ، أنبئنی یا عمر عن أرض طلعت علیها الشمس ساعة و لم تطلع مرّة أخری؟. قال عمر: أعفنی عن هذا، و اسأل علیّ بن أبی طالب علیه السلام، ثمّ قال: أخبره یا أبا الحسن!، فقال علیّ علیه السلام: هی أرض البحر الذی فلقه اللّٰه تعالی لموسی حتی عبر هو و جنوده، فوقعت الشمس علیها تلك الساعة و لم تطلع علیها قبل و لا بعد، و انطبق البحر علی فرعون و جنوده.

فقال الأسقف: صدقت یا فتی قومه و سیّد عشیرته، أخبرنی عن شی ء هو فی أهل الدنیا، تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ینقص بل یزداد؟. قال علیه السلام: هو القرآن و العلوم.

فقال: صدقت. أخبرنی عن أوّل رسول أرسله اللّٰه تعالی لا من الجنّ و لا من الإنس؟.

فقال علیه السلام: ذلك الغراب الذی بعثه اللّٰه تعالی لمّا قتل قابیل أخاه هابیل، فبقی متحیّرا لا یعلم ما یصنع به، فعند ذلك بعث اللّٰه غرابا یبحث فی الأرض لیریه كیف یواری سوأة أخیه.

قال: صدقت یا فتی، فقد بقی لی مسألة واحدة؛ أرید أن یخبرنی عنها هذا و أومأ بیده الی عمر فقال له: یا عمر! أخبرنی أین هو اللّٰه؟. قال: فغضب عند ذلك عمر و أمسك و لم یردّ جوابا.

قال: فالتفت الإمام علیّ علیه السلام و قال: لا تغضب یا أبا حفص حتی لا یقول: إنّك قد عجزت، فقال: فأخبره أنت یا أبا الحسن، فعند ذلك قال الإمام علیه السلام: كنت یوما عند رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله إذ أقبل إلیه ملك فسلّم علیه فردّ علیه السلام، فقال له:

أین كنت؟. قال: عند ربّی فوق سبع سماوات.

قال: ثمّ أقبل ملك آخر فقال: أین كنت؟. قال: عند ربّی فی تخوم الأرض السابعة السفلی، ثمّ أقبل ملك آخر ثالث فقال له: أین كنت؟. قال: عند ربّی فی مطلع الشمس، ثمّ جاء ملك آخر فقال: أین كنت؟. قال: كنت عند ربیّ فی مغرب الشمس، لأنّ اللّٰه لا یخلو منه مكان، و لا هو فی شی ء، و لا علی شی ء، و لا من شی ء، وسع كرسیّه السماوات و الأرض، لیس كمثله شی ء و هو السمیع البصیر، لا یعزب عنه مثقال ذرّة فی الأرض و لا فی السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر، یعلم ما فی السماوات و ما فی الأرض، ما یكون من نجوی ثلاثة إلّا هو رابعهم و لا خمسة إلّا هو سادسهم و لا أدنی من ذلك و لا أكثر إلّا هو معهم أینما كانوا.

قال: فلمّا سمع الأسقف قوله، قال له: مدّ یدك فإنّی أشهد أن لا إله إلّا اللّٰه، و أنّ محمّدا رسول اللّٰه، و أنّك خلیفة اللّٰه فی أرضه و وصیّ رسوله، و أنّ هذا الجالس الغلیظ الكفل المحبنطئ لیس هو لهذا المكان بأهل، و إنّما أنت أهله، فتبسّم الإمام علیه السلام.

ص: 595

[بحار الأنوار: 10/ 58، حدیث 3، عن فضائل ابن شاذان: 149- 151 باختلاف یسیر]

«29»-یر: بصائر الدرجات،بإسناده عن أبی عمارة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، و بإسناده عن أبان بن تغلب، عنه علیه السلام: أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام لقی أبا بكر فاحتجّ علیه، ثم قال له:

أ ما ترضی برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بینی و بینك؟. قال: و كیف لی به؟، فأخذ بیده و أتی مسجد قبا، فإذا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فیه، فقضی علی أبی بكر، فرجع أبو بكر مذعورا، فلقی عمر فأخبره، فقال: تبا لك [مالك] ! أ ما علمت سحر بنی هاشم!.

[بحار الأنوار: 6/ 247، حدیث 81، عن بصائر الدرجات: 77 (294، حدیث 2)]

«30»-یر:بصائر الدرجات، بإسناده عن أبی سعید المكاری، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: إنّ أمیر المؤمنین علیه السلام لقی [أتی] أبا بكر، فقال له: ما أمرك رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أن تطیعنی؟. فقال: لا، و لو أمرنی لفعلت، قال: فانطلق بنا الی مسجد قبا، [فانطلق معه فإذا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یصلّی، فلما انصرف قال علیّ: یا رسول اللّٰه! إنّی قلت لأبی بكر:

[ما] أمرك رسول اللّٰه أن تطیعنی؟ فقال: لا، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: [بلی قد أمرتك فأطعه، قال: فخرج، فلقی عمر و هو ذعر، فقال له: ما لك؟، فقال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: كذا و كذا، قال: تبّا لأمّتك [لأمّته] ، تترك [ولوك] أمرهم، أما تعرف سحر بنی هاشم؟!.

[بحار الأنوار: 6/ 131، حدیث 41، عن بصائر الدرجات: 296، حدیث 9. و هناك تسع روایات أخر فی الباب الخامس من الجزء السادس من البصائر، فراجعها]

«31»-یر: بصائر الدرجات،أحمد بن إسحاق، عن الحسن بن عبّاس بن جریش، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام رجل من أهل بیته عن سورة إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ، فقال: ویلك سألت عن عظیم، إیّاك و السؤال عن مثل هذا، فقام الرجل، قال:

فأتیته یوما فأقبلت علیه، فسألته، فقال: إِنَّا أَنْزَلْناهُ نور عند الأنبیاء و الأوصیاء لا یریدون حاجة من السماء و لا من الأرض إلّا ذكروها لذلك النّور فأتاهم بها، فإنّ ممّا ذكر علیّ بن أبی طالب علیه السلام من الحوائج أنّه قال لأبی بكر یوما: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ..، فاشهد أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله مات شهیدا، فإیّاك أن تقول:

إنّه میّت، و اللّٰه لیأتینّك، فاتّق اللّٰه إذا جاءك الشیطان غیر متمثّل به.

ص: 596

فبعث به أبو بكر، فقال: إن جاءنی و اللّٰه أطعته و خرجت ممّا أنا فیه، قال: و ذكر أمیر المؤمنین علیه السلام لذلك النّور فعرج إلی أرواح النبیّین، فإذا محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله قد ألبس وجهه ذلك النّور و أتی و هو یقول: یا أبا بكر آمن بعلیّ علیه السلام و بأحد عشر من ولده إنّهم مثلی إلّا النبوّة، و تب إلی اللّٰه بردّ ما فی یدیك إلیهم، فإنّه لا حقّ لك فیه، قال: ثمّ ذهب فلم یر.

فقال أبو بكر: أجمع الناس فأخطبهم بما رأیت و أبرأ إلی اللّٰه ممّا أنا فیه إلیك یا علی- علی أن تؤمننی، قال: ما أنت بفاعل، و لو لا أنّك تنسی ما رأیت لفعلت، قال: فانطلق أبو بكر إلی عمر و رجع نور إنّا أنزلناه إلی علیّ علیه السلام، فقال له: قد اجتمع أبو بكر مع عمر، فقلت: أو علم النّور؟ قال: إنّ له لسانا ناطقا و بصرا نافذا یتجّسس الأخبار للأوصیاء و یستمع الأسرار، و یأتیهم بتفسیر كلّ أمر یكتتم به أعداؤهم.

فلمّا أخبر أبو بكر الخبر عمر قال: سحرك، و إنّها لفی بنی هاشم لقدیمة، قال: ثمّ قاما یخبران الناس، فما دریا ما یقولان، قلت: لماذا؟. قال: لأنّهما قد نسیاه، و جاء النّور فأخبر علیّا علیه السلام خبرهما، فقال: بعدا لهما كما بعدت ثمود.

بیان: قوله علیه السلام: لفعلت، لعلّ المعنی لفعلت أشیاء أخر من التشنیع، و النسبة إلی السحر و غیرهما كما یؤمی إلیه آخر الخبر، و یمكن أن یقرأ علی صیغة المتكلّم لكنّه یأبی عنه ما بعده فی الجملة.

[بحار الأنوار: 25/ 51- 52، حدیث 12، عن بصائر الدرجات: 80]

«32»-قال العلّامة المجلسی فی بحاره: 42/ 55 تحت باب 117 ما ورد من غرائب معجزاته علیه السلام بالأسانید الغریبة، فی أنّه وجده فی بعض الكتب، و فیه:

فقال علیه السلام: یا ملائكة ربّی! ائتونی الساعة بإبلیس الأبالسة و فرعون الفراعنة، قال: فو اللّٰه ما كان بأسرع من طرفة عین حتی أحضروه عنده ... فقالت الملائكة:

یا خلیفة اللّٰه! زد الملعون لعنة و ضاعف علیه العذاب ... قال: فلما جرّوه بین یدیه قام و قال:

واویلاه من ظلم آل محمد! واویلاه من اجترائی علیهم!، ثم قال: یا سیّدی! ارحمنی فإنّی لا أحتمل هذا العذاب، فقال علیه السلام: لا رحمك اللّٰه و لا غفر لك، أیّها الرجس النجس الخبیث المخبث الشیطان، ثم التفت إلینا و قال علیه السلام: أنتم تعرفون هذا باسمه و جسمه؟. قلنا: نعم یا أمیر المؤمنین، فقال علیه السلام: سلوه حتی یخبركم من هو، فقالوا:

من أنت؟. فقال: أنا إبلیس الأبالسة و فرعون هذه الأمّة، أنا الذی جحدت سیّدی و مولای أمیر المؤمنین و خلیفة ربّ العالمین و أنكرت آیاته و معجزاته ... الی آخره.

ص: 597

أقول: استدراكا لما سلف فی نسب الخلیفة-: لا بأس بمراجعة كتاب «نسب عمر بن الخطّاب» للشیخ هاشم بن سلیمان الكتكتانی، كما ذكره فی ریاض العلماء، و الذریعة: 24 / 141 برقم 701.

و كتاب «عقد الدرر فی تاریخ وفاة عمر»، و یقال له: الحدیقة الناضرة، احتمل شیخنا فی الذریعة 15/ 289 نسبته الی الشیخ حسن بن سلیمان الحلّی.

و كتاب «عقد الدرر فی تاریخ قتل عمر»، للسیّد مرتضی بن داود الحسینی المعاصر للعلّامة المجلسی الثانی.

و كتاب «مقتل عمر»، للشیخ زین الدین علی بن مظاهر الحلّی.

و مثله باسمه للسید حسین المجتهد الكركی المتوفّی سنة 1001 ه بأردبیل، كما صرّح بذلك فی الریاض و الذریعة 22/ 34 برقم 5919 و 5920.

و كتاب «نسیم عیش در شرح دعای صنمی قریش»، فارسی، لمیر سیّد علی بن مرتضی الطبیب الموسوی الدزفولی.

ثمّ إنّ لهذا الدعاء شروحا أخر أدرجها فی الذریعة فی مواطن متعدّدة، لاحظ: 4/ 102، و 10/ 9، و 11/ 236، و 13/ 256، و 15/ 123 و 289، و 19/ 73- 76، و غیرها.

ثم لا بأس بملاحظة بیان المصنّف طاب ثراه فی بحار الأنوار 86/ 224- 225 ذیل ما حكاه عن مهج الدعوات فإنّه حریّ بالمراجعة.

و ممّا ورد فی عثمان:

«33»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، عَبَسَ وَ تَوَلَّی* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمی قال: نزلت فی عثمان و ابن أمّ مكتوم، و كان ابن أمّ مكتوم مؤذّن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و كان أعمی، و جاء الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و عنده أصحابه و عثمان عنده، فقدمه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله علی عثمان، فعبس عثمان وجهه و تولّی عنه، فأنزل اللّٰه: عَبَسَ وَ تَوَلَّی یعنی: عثمان؛ أَنْ جاءَهُ الْأَعْمی وَ ما یُدْرِیكَ لَعَلَّهُ یَزَّكَّی أی یكون طاهرا زكی، أَوْ یَذَّكَّرُ قال: یذكّره رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فَتَنْفَعَهُ الذِّكْری ثم خاطب عثمان، فقال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنی فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّی، قال: أنت إذا جاءك غنی تتصدّی له و ترفعه وَ ما عَلَیْكَ أَلَّا یَزَّكَّی أی لا تبالی زكیّا كان أو غیر زكّی اذا كان غنیّا، وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ یَسْعی یعنی ابن أمّ مكتوم وَ هُوَ یَخْشی فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّی أی تلهو و لا تلتفت الیه.

[بحار الأنوار: 17/ 85، حدیث 13، عن تفسیر القمی: 711- 712 (2/ 404- 405)].

ص: 598

«34»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نزلت فی عثكن یوم الخندق، و ذلك أنّه مرّ بعمّار ابن یاسر و هو یحفر الخندق و قد ارتفع الغبار من الحفر فوضع عثكن كمّه علی أنفه و مرّ، فقال عمّار:

لا یستوی من یبتنی المساجدا یظلّ فیها راكعا و ساجدا

كمن یمرّ بالغبار حائدا یعرض عنه جاحدا معاندا

فالتفت إلیه عثكن فقال: یابن السوداء! إیّای تعنی؟ ثمّ أتی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فقال له: لم ندخل معك لتسبّ أعراضنا، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: قد أقلتك إسلامك فاذهب، فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ: یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَیَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ أی لیس هم صادقین، إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ غَیْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ (الحجرات: 17- 18).

بیان: قوله: فی عثكن المراد به عثمان، كما هو المصرّح فی بعض النسخ و سائر الأخبار.

[بحار الأنوار: 20/ 243، حدیث 7، عن تفسیر القمی: 2/ 322 (الحجریة: 642)]

«35 و 36»-ختص، یر: بإسناده عن بعض أصحابنا، قال: كان رجل عند أبی جعفر علیه السلام من هذه العصابة یحادثه فی شی ء من ذكر عثمان، فإذا وزغ قد قرقر من فوق الحائط، فقال أبو جعفر علیه السلام: أتدری ما یقول؟. قلت: لا. قال: یقول: لتكفنّ عن ذكر عثمان أو لأسبنّ علیّا.

[بحار الأنوار: 27/ 267 برقم 15، عن الاختصاص: 301 و بصائر الدرجات: 103 (الجزء السابع، باب 16، ص 373)]

«37»-نهج: نهج البلاغة،و من كلام له علیه السلام فی معنی طلحة بن عبید اللّٰه:

قد كنت و ما أهدّد بالحرب و لا أرهب بالضرب و أنا علی ما قد وعدنی ربّی من النّصر، و اللّٰه ما أستعجل متجرّدا للطلب بدم عثمان إلّا خوفا من أن یطالب بدمه، لأنّه [كان مظنّته و لم یكن فی القوم أحرص علیه منه، فأراد أن یغالط بما أجلب فیه لیلتبس الأمر و یقع الشكّ.

و واللّٰه ما صنع فی أمر عثمان واحدة من ثلاث؛ لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان یزعم- لقد كان ینبغی له أن یؤازر قاتلیه أو ینابذ ناصریه.

و لئن كان مظلوما؛ لقد كان ینبغی له أن یكون من المنهنهین عنه و المعذرین فیه.

و لئن كان فی شكّ من الخصلتین؛ لقد كان ینبغی له أن یعتزله و یركد جانبا و یدع الناس معه، فما فعل واحدة من الثلاث و جاء بأمر لم یعرف بابه و لم تسلم معاذیره.

ص: 599

[بحار الأنوار: 34/ 95، حدیث 65، و رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار (174) من كتاب نهج البلاغة، صبحی صالح: 249، و محمد عبده: 2/ 88- 89]

و ممّا ورد فیهما أو فیهم ..:

«38»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، أبی، عن الحسین بن خالد، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ..، و ساق الحدیث الی أن قال: قلت: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ؟. قال: هما بعذاب اللّٰه. قلت:

الشمس و القمر یعذّبان؟. قال: سألت عن شی ء فأیقنه؛ إنّ الشمس و القمر آیتان من آیات اللّٰه یجریان بأمره، مطیعان له، ضوؤهما من نور عرشه، و حرّهما من جهنم، فإذا كانت القیامة عاد الی العرش نورهما و عاد الی النار حرّهما، فلا یكون شمس و لا قمر، و إنّما عناهما لعنهما اللّٰه، أو لیس قد روی الناس أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال: الشمس و القمر نوران فی النار؟.

قلت: بلی. قال: أما سمعت قول الناس: فلان و فلان شمس هذه الأمّة و نورها؟ فهما فی النار، و اللّٰه ما عنی غیرهما ..

الخبر.

[بحار الأنوار: 7/ 120، حدیث 58، عن تفسیر القمی: 658 (2/ 243).

و ذكره بهذا السند عن تفسیر علی بن ابراهیم مع زیادة فی أوّله و آخره فی بحار الأنوار: 36/ 171- 172، حدیث 160]

«39»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن الفضیل، عن أبی جعفر علیه السلام فی قول اللّٰه تبارك و تعالی: یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (الإسراء: 71)، قال: یجی ء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی قرنه، و علیّ فی قرنه، و الحسن فی قرنه، و الحسین فی قرنه [فی المصدر: فرقة، فی الجمیع ، و كلّ من مات بین ظهرانی قوم جاؤوا معه. قال علی بن ابراهیم: قال: ذلك یوم القیامة، ینادی مناد: لیقم أبو بكر و شیعته، و عمر و شیعته، و عثمان و شیعته، و علیّ و شیعته، قوله: و لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا، قال: الجلدة التی فی ظهر النواة.

[بحار الأنوار: 8/ 9- 10، من حدیث 1، عن تفسیر القمی: 385 (2/ 23)]

«40»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ یُزَكِّی مَنْ یَشاءُ، قال: هم الذین سمّوا أنفسهم بالصدّیق و الفاروق و ذی النورین. قوله: لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا، قال:

ص: 600

القشرة التی تكون علی النواة، ثم كنّی عنهم، فقال: انْظُرْ كَیْفَ یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ و هم هؤلاء الثلاثة. و قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلًا. ..

و قد روی فیه أیضا- أنّها نزلت فی الذین غصبوا آل محمّد حقّهم و حسدوا منزلتهم ... ثم قال: أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ یعنی بالناس هنا أمیر المؤمنین و الأئمة علیهم السلام عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً (النساء: 51 و 54) و هی الخلافة بعد النبوة، و هم الأئمة علیهم السلام.

[بحار الأنوار: 9/ 193- 194، حدیث 37، عن تفسیر القمی: 128- 129 (1/ 141)].

«41»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن علی بن حمزة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: ما بعث اللّٰه رسولا إلّا و فی وقته شیطانان یؤذیانه و یفتنانه و یضلّان الناس بعده، فأمّا الخمسة أولو العزم من الرسل: نوح و ابراهیم و موسی و عیسی و محمّد صلّی اللّٰه علیهم، و أما صاحبا نوح؛ فقیطیفوس و خرام، و أما صاحبا ابراهیم؛ فمكیل ورذام، و أما صاحبا موسی؛ فالسامریّ و مرعقیبا، و أما صاحبا عیسی؛ فمولس و مریسا، و أما صاحبا محمّد؛ فحبتر و زریق.

[بحار الأنوار: 13/ 212، حدیث 5، عن تفسیر القمی: 422].

«42»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن صالح بن سهل الهمدانی، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول فی قول اللّٰه: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ... الی أن قال: أَوْ كَظُلُماتٍ فلان و فلان فِی بَحْرٍ لُجِّیٍّ یَغْشاهُ مَوْجٌ یعنی نعثل، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ... طلحة و الزبیر، ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاویة وفتن بنی أمیّة، إِذا أَخْرَجَ المؤمن، یَدَهُ فی ظلمة فتنتهم، لَمْ یَكَدْ یَراها وَ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (النور: 35- 40) فما له من إمام یوم القیامة یمشی بنوره ...

[بحار الأنوار: 23/ 304- 305، حدیث 1، عن تفسیر القمی: 2/ 106].

«43»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن الحسین بن خالد، عن الرضا علیه السلام ...

و قوله: فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* قال: فی الظاهر مخاطبة الجنّ و الإنس، و فی الباطن فلان و فلان.

[بحار الأنوار: 24/ 68، من حدیث 1، عن تفسیر القمی: 658- 659 (2/ 344)].

ص: 601

«44»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن ابن كثیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله: حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ (الحجرات: 7) یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام (وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ الأوّل و الثانی و الثالث.

[بحار الأنوار: 35/ 336 حدیث 1، عن تفسیر علی بن ابراهیم: 640 (2/ 319)، و فیه: فلان و فلان و فلان .

«45»-و بهذا الإسناد عن عبد الرحمن، قال: سألت الصادق علیه السلام عن قوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ؛ قال: أمیر المؤمنین و أصحابه كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ؛ حبتر و زریق و أصحابهما أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ؛ أمیر المؤمنین و أصحابه كَالْفُجَّارِ؛ حبتر و دلام و أصحابهما، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْكَ مُبارَكٌ لِیَدَّبَّرُوا آیاتِهِ؛ هم أمیر المؤمنین و الأئمّة علیهم السلام وَ لِیَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ؛ فهم أولو الألباب، قال: و كان أمیر المؤمنین علیه السلام یفتخر بها و یقول: ما أعطی أحد قبلی و لا بعدی مثل ما أعطیت.

[بحار الأنوار: 35/ 336 ذیل حدیث 1، و انظر بیان المصنّف رحمه اللّٰه، عن تفسیر القمی: 565 (2/ 234)].

«46»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن أبی حمزة، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: نزلت هاتان الآیتان هكذا، قول اللّٰه: حَتَّی إِذا جاءانا یعنی فلانا و فلانا یقول أحدهما لصاحبه حین یراه: یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرِینُ فقال اللّٰه تعالی لنبیّه: قل لفلان و فلان و أتباعهما: لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ آل محمّد حقّهم أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ثمّ قال اللّٰه لنبیّه: أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِی الْعُمْیَ وَ مَنْ كانَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ یعنی من فلان و فلان، ثمّ أوحی اللّٰه إلی نبیّه:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِی أُوحِیَ إِلَیْكَ فی علیّ إِنَّكَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ یعنی إنّك علی ولایة علیّ، و علیّ هو الصراط المستقیم.

[بحار الأنوار: 35/ 368، حدیث 11، عن تفسیر القمی: 612 (2/ 286)].

بیان: قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه-: قرأ أهل العراق غیر أبی بكر حَتَّی إِذا جاءَنا علی الواحد، و الباقون (جاآنا) علی الاثنین، انتهی. (مجمع البیان: 9/ 47)

قال المجلسیّ فی ذیله [35/ 368- 369]: أقول: قد مرّ فی الآیة السابقة وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ و یظهر من بعض الأخبار أنّ الموصول كنایة عن أبی بكر حیث عمی عن ذكر الرحمن یعنی أمیر المؤمنین و الشیطان المقیّض له هو عمر

ص: 602

وَ إِنَّهُمْ لَیَصُدُّونَهُمْ أی الناس عَنِ السَّبِیلِ و هو أمیر المؤمنین علیه السلام و ولایته وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. ثمّ قال بعد ذلك: «حتی إذا جاءانا» یعنی العامی عن الذكر و شیطانه: أبا بكر و عمر قالَ أبو بكر لعمر: یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ.

و یؤیّد أنّ المراد بالشیطان: عمر؛

ما رواه علی بن ابراهیم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله تعالی: وَ لا یَصُدَّنَّكُمُ الشَّیْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ (الزخرف: 62) قال: یعنی الثانی؛ عن أمیر المؤمنین علیه السلام

[تفیر القمی: 612 (2/ 287)].

«47»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن حمّاد، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ...

و قوله: الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ یعنی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و الأوصیاء من بعده یحملون علم اللّٰه وَ مَنْ حَوْلَهُ یعنی الملائكة یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا یعنی شیعة آل محمّد رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَیْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِینَ تابُوا من ولایة فلان و فلان و بنی أمیّة وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَكَ أی ولایة ولیّ اللّٰه وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِیمِ الی قوله: الْحَكِیمُ یعنی من تولّی علیّا علیه السلام، فذلك صلاحهم وَ قِهِمُ السَّیِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّیِّئاتِ یَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ یعنی یوم القیامة وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ (المؤمن: 7 و 8) لمن نجّاه اللّٰه من هؤلاء یعنی ولایة فلان و فلان.

[بحار الأنوار: 68/ 78 حدیث 139، عن تفسیر القمی: 583-(2/ 255)]

«48»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ.. قال: الفلق جبّ فی جهنّم یتعوّذ أهل النار من شدّة حرّه، سأل اللّٰه أن یأذن له أن یتنفس، فأذن له، فتنفّس فأحرق جهنّم. قال: و فی ذلك الجبّ صندوق من نار یتعوّذ أهل تلك الجبّ من حرّ ذلك الصندوق، و هو التابوت، و فی ذلك التابوت ستة من الأولین و ستة من الآخرین؛ فأما الستة من الأولین ...، و أما الستة من الآخرین؛ فهو الأول و الثانی و الثالث و الرابع و صاحب الخوارج و ابن ملجم.

[بحار الأنوار: 8/ 296، حدیث 46، عن تفسیر القمی: 743- 744 (2/ 449)].

«49»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن أبی بصیر، قال: یؤتی بجهنّم لها سبعة أبواب؛ بابها الأول للظالم؛ و هو زریق، و بابها الثانی؛ لحبتر، و الباب الثالث؛ للثالث، و الرابع؛ لمعاویة، و الباب الخامس؛ لعبد الملك، و الباب السادس؛ لعسكر بن هوسر، و الباب السابع؛ لأبی سلامة، فهم (خ. ل: فهی) أبواب لمن اتّبعهم.

[بحار الأنوار: 8/ 301، حدیث 57، عن تفسیر العیاشی: 2/ 243، حدیث 19. و جاء فی البحار:

ص: 603

4 -78، و 8/ 220، و فی البرهان: 2/ 345].

«50»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن جابر، قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن قول اللّٰه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً یُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ (البقرة: 165) قال: فقال: هم أولیاء فلان و فلان و فلان، اتّخذوهم أئمّة دون الإمام الّذی جعله اللّٰه للناس إماما، فلذلك قال اللّٰه تبارك و تعالی: وَ لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا إِذْ یَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعَذابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا .. إلی قوله: وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ (البقرة:

«166»-165)ثمّ قال أبو جعفر علیه السلام: هم و اللّٰه یا جابر أئمّة الظلم و أتباعهم.

[بحار الأنوار: 8/ 363، حدیث 41، عن تفسیر العیاشی: 1/ 72، حدیث 142، و جاء فی البرهان: 1 / 172، و الصافی: 1/ 156، و إثبات الهداة: 1 / 262 أیضا].

«51»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن الحسین بن بشّار، قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن قول اللّٰه:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا قال: فلان و فلان وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ (البقرة: 205) هم الذریّة، و الحرث: الزرع.

[بحار الأنوار: 9/ 189، حدیث 22، عن تفسیر العیاشی: 1/ 100، حدیث 287، و جاء فی تفسیر البرهان: 1/ 305، و الصافی: 1/ 181].

«52»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن أبی بصیر، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ (البقرة: 208) قال: أ تدری ما السّلم؟. قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولایة علیّ و الأئمة الأوصیاء من بعده علیهم السلام، قال: و خُطُواتِ الشَّیْطانِ و اللّٰه ولایة فلان و فلان.

[بحار الأنوار: 24/ 159، حدیث 1، عن تفسیر العیاشی: 1/ 102، حدیث 294، و جاء فی البرهان: 1 / 208، و تفسیر الصافی: 1/ 182، و فی إثبات الهداة: 3/ 45].

«53»-شی:تفسیر العیاشیّ، فی روایة سعد الاسكاف عنه، قال: یا سعد! إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ و هو محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله؛ فمن أطاعه فقد عدل، وَ الْإِحْسانِ علیّ علیه السلام؛ فمن تولّاه فقد أحسن، و المحسن فی الجنّة وَ إِیتاءِ ذِی الْقُرْبی قرابتنا، أمر اللّٰه العباد بمودّتنا و إیتائنا و نهاهم عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْیِ فمن بغی علینا أهل البیت و دعا الی غیرنا ..

الی آخره.

ص: 604

[بحار الأنوار: 7/ 130، و 24/ 190- 192، حدیث 14، عن تفسیر العیاشی: 2/ 268، حدیث 63، و جاء فی تفسیر البرهان: 2/ 381 من سورة النحل: 90].

«54»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن الثمالی، عن علی بن الحسین علیهما السلام، قال: ثلاثة لا یكلّمهم اللّٰه یوم القیامة و لا ینظر الیهم و لا یزكّیهم و لهم عذاب ألیم؛ من جحد إماما من اللّٰه، أو ادّعی إماما من غیر اللّٰه، أو زعم أنّ لفلان و فلان فی الإسلام نصیبا.

[بحار الأنوار: 25/ 111، حدیث 4، و صفحة: 112- حدیث 10، عن تفسیر العیاشی: 1/ 178.

و أورده أیضا فی البحار: 7/ 212 حدیث 113 و 8/ 363، حدیث 40، عن الكافی: 1/ 373- 374 حدیث 12 باختلاف یسیر].

«55»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن ابن أبی یعفور، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول: ثلاثة لا ینظر اللّٰه الیهم یوم القیامة و لا یزكّیهم و لهم عذاب ألیم؛ من ادّعی إمامة من اللّٰه لیست له، و من جحد إماما من اللّٰه، و من قال: إنّ لفلان و فلان فی الإسلام نصیبا.

[بحار الأنوار: 25/ 112- 113.

و ذكره أیضا فی هذا الباب برقم 4، عن تفسیر العیاشی: 1- 178. برقم 10 حدیث 64،

و جاء أیضا فی البحار: 8/ 218، و حكاه فی تفسیر البرهان: 1/ 293، و رواه عن غیبة النعمانی حدیث 55،

بإسناده عن علی بن میمون مثله،

و أیضا

عن غیبة النعمانی، بإسناده عن عمران الأشعری، عن جعفر بن محمد مثله،

حدیث 11، و أورده فی البحار: 25/ 113].

«56»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن سعدان، عن رجل، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله:

وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ (البقرة: 284)، قال: حقیق علی اللّٰه أن لا یدخل الجنة من كان فی قلبه مثقال حبّة من خردل من حبّهما.

[بحار الأنوار: 27/ 57 حدیث 15، عن تفسیر العیاشی: 1/ 156- 157، حدیث 528، و جاء فی البرهان:

ص: 605

1 / 267، و الصافی: 1/ 137 أیضا].

«57»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن جابر الجعفی، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن تفسیر هذه الآیة فی باطن القرآن: وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ (البقرة: 41) یعنی فلانا و صاحبه و من تبعهم ودان بدینهم، قال اللّٰه یعنیهم: وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ یعنی علیّا علیه السلام.

[بحار الأنوار: 36/ 97، حدیث 36، عن تفسیر العیاشی: 1/ 42، حدیث 31، و رواه أیضا فی البرهان: 1/ 91].

«58»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن عبد اللّٰه النجاشی، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول: أُولئِكَ الَّذِینَ یَعْلَمُ اللَّهُ ما فِی قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِی أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِیغاً یعنی و اللّٰه فلانا و فلانا وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِیُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ .. إلی قوله: تَوَّاباً رَحِیماً یعنی و اللّٰه النبیّ و علیّا بما صنعوا .. أی لو جاؤوك بها یا علی- فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ بما صنعوا وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِیماً فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ، ثم قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: هو و اللّٰه علیّ بعینه ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ علی لسانك یا رسول اللّٰه-، یعنی به ولایة علیّ علیه السلام وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً (النساء: 36- 37) لعلیّ بن أبی طالب علیه السلام.

[بحار الأنوار: 36/ 98، حدیث 37، عن تفسیر العیاشی: 1/ 255، حدیث 182، و جاء أیضا فی البحار: 9/ 101، و تفسیر البرهان: 1/ 391].

«59»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن عطاء الهمدانی، عن أبی جعفر علیه السلام فی قول اللّٰه: إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِیتاءِ ذِی الْقُرْبی (النحل: 90)؛ قال: (العدل) شهادة أن لا إله إلّا اللّٰه، و (الْإِحْسانِ) ولایة أمیر المؤمنین، وَ یَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ؛ (الْفَحْشاءِ) الأوّل، و (الْمُنْكَرِ) الثانی، و (الْبَغْیِ) الثالث.

[بحار الأنوار: 36/ 180 حدیث 173، عن تفسیر العیاشی: 2/ 268 حدیث 62، و جاء فی بحار الأنوار: 36/ 179 حدیث 172، و 24/ 188 و 190، حدیث 6 و 13.

و بهذا المضمون و المعنی، رواه عن تفسیر القمی: 363-364 (1/ 388) فی تفسیر هذه الآیة.

ص: 606

و أورده فی البرهان: 2/ 381- 382].

«60»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: سألته عن هذه الآیة:

وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا یَخْلُقُونَ شَیْئاً وَ هُمْ یُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَیْرُ أَحْیاءٍ وَ ما یَشْعُرُونَ أَیَّانَ یُبْعَثُونَ (النحل: 20- 21)؛ قال: الذین یدعون من دون اللّٰه: الأوّل و الثانی و الثالث، كذّبوا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بقوله: والوا علیّا و اتّبعوه، فعادوا علیّا و لم یوالوه و دعوا الناس الی ولایة أنفسهم، فذلك قول اللّٰه: وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ قال: و أمّا قوله: لا یَخْلُقُونَ شَیْئاً فإنّه یعنی لا یعبدون شیئا وَ هُمْ یُخْلَقُونَ فإنّه یعنی و هم یعبدون، و أمّا قوله:

أَمْواتٌ غَیْرُ أَحْیاءٍ یعنی كفّار غیر مؤمنین، و أمّا قوله: وَ ما یَشْعُرُونَ أَیَّانَ یُبْعَثُونَ فإنّه یعنی إنّهم لا یؤمنون أنّهم یشركون إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فإنّه كما قال اللّٰه، و أمّا قوله: فَالَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فإنّه یعنی لا یؤمنون بالرجعة أنّها حقّ، و أمّا قوله: قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ فإنّه یعنی قلوبهم كافرة، و أمّا قوله: وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ فإنّه یعنی عن ولایة علیّ علیه السلام مستكبرون، قال اللّٰه لمن فعل ذلك وعیدا منه لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ عن ولایة علیّ علیه السلام.

«61»-شی:تفسیر العیاشیّ، و مثله بإسناده عن أبی حمزة الثمالی، عن أبی جعفر علیه السلام.

[بحار الأنوار: 36/ 103- 104 برقم 46، عن تفسیر العیاشی: 2/ 256، حدیث 14. و لاحظ أیضا-:

بحار الأنوار: 9/ 102. و جاء فی تفسیر البرهان: 2/ 363].

«62»-شی:تفسیر العیاشیّ، عنه؛ أنّه سئل الصادق علیه السلام عن أعداء اللّٰه؟، فقال: الأوثان الأربعة، فقیل: من هم؟، فقال: أبو الفصیل، و رمع، و نعثل، و معاویة و من دان بدینهم، فمن عادی هؤلاء فقد عادی أعداء اللّٰه.

«63»-كا:كافی، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله عزّ و جلّ: هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ عَلَیْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آیاتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ؛ قال: أمیر المؤمنین و الأئمة وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ؛ قال: فلان و فلان و فلان فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِیلِهِ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ (آل عمران: 7) و هم أمیر المؤمنین و الأئمة علیهم السلام.

[بحار الأنوار: 23/ 208، حدیث 12، عن أصول الكافی: 1/ 414 (و قریب منه فی مناقب آل أبی طالب 3/ 522، و تفسیر العیاشی 1/ 162 و انظر بحار الأنوار 22/ 488].

«64»-كا:كافی، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه

ص: 607

عزّ و جلّ: الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ (الأنعام: 82)؛ قال: بما جاء به محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله من الولایة و لم یخلطوها بولایة فلان و فلان، فهو الملبّس بالظلم.

[بحار الأنوار: 23/ 371، حدیث 49، عن أصول الكافی: 1/ 413].

«65»-كا:كافی، بإسناده عن عبد اللّٰه بن كثیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً (النساء: 137) لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ (آل عمران: 90)؛ قال: نزلت فی فلان و فلان و فلان آمنوا بالنبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فی أوّل الأمر، و كفروا حیث عرضت علیهم الولایة حین قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: من كنت مولاه فعلیّ مولاه، ثمّ آمنوا بالبیعة لأمیر المؤمنین علیه السلام، ثمّ كفروا حیث مضی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فلم یقرّوا بالبیعة، ثمّ ازدادوا كفرا بأخذهم من بایعه بالبیعة لهم، فهؤلاء لم یبق فیهم من الإیمان شی ء.

[بحار الأنوار: 23/ 375 حدیث 57، عن أصول الكافی: 1/ 420].

«66»-و بالإسناد السابق، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه تعالی: إِنَّ الَّذِینَ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْهُدَی فلان و فلان و فلان، ارتدّوا عن الإیمان فی ترك ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام، قلت: قوله تعالی: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِینَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِیعُكُمْ فِی بَعْضِ الْأَمْرِ؛ قال: نزلت و اللّٰه فیهما و فی أتباعهما، و هو قول اللّٰه عزّ و جلّ الذی نزّل به جبرئیل علیه السلام علی محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِینَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ فی علیّ علیه السلام سَنُطِیعُكُمْ فِی بَعْضِ الْأَمْرِ (محمّد: 25- 26)؛ قال: دعوا بنی أمیّة الی میثاقهم الّا یصیّروا الأمر فینا بعد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم و لا یعطونا من الخمس شیئا ..

الی آخره.

[بحار الأنوار: 23/ 375- 376 حدیث 58، عن أصول الكافی: 1/ 420- 421]

«67»-كا:كافی، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله:

وَ هُدُوا إِلَی الطَّیِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلی صِراطِ الْحَمِیدِ (الحج: 24)؛ قال: ذاك حمزة و جعفر و عبیدة و سلمان و أبو ذرّ و المقداد بن الأسود و عمّار، هدوا الی أمیر المؤمنین، و قوله: حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ؛ یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام، وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ (الحجرات: 7)؛ الأوّل و الثانی و الثالث.

[بحار الأنوار: 23/ 379- 380، حدیث 67، عن

ص: 608

أصول الكافی: 1/ 425، حدیث 66].

«68»-كا:كافی، بإسناده عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام، أنّه قال أمیر المؤمنین علیه السلام فی خطبة له: «و لئن تقمّصها دونی الأشقیان، و نازعانی فیما لیس لهما بحقّ، و ركباها ضلالة، و اعتقداها جهالة، فلبئس ما علیه وردا، و لبئس ما لأنفسهما مهّدا، یتلاعنان فی دورهما و یتبرّأ كلّ من صاحبه، یقول لقرینه إذ التقیا: یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرِینُ (الزخرف: 38) فیجیبه الأشقی علی رثوثه: یا لیتنی لم أتّخذك خلیلا، لقد أضللتنی عن الذكر بعد إذ جاءنی و كان الشیطان للإنسان خذولا، فأنا الذكر الذی عنه ضلّ، و السبیل الذی عنه مال، و الإیمان الذی به كفر، و القرآن الذی إیّاه هجر، و الدین الذی به كذب، و الصراط الذی عنه نكب ..»

الی تمام الخطبة المنقوله فی الروضة.

[بحار الأنوار: 24/ 19، حدیث 33، عن الروضة من الكافی: 8/ 27- 28].

«69»-كا:كافی، بإسناده عن أبی بصیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام؛ قال: قلت: وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها؛ قال: ذلك أئمّة الجور الذین استبدّوا بالأمر دون آل الرسول علیهم الصلاة و السلام، و جلسوا مجلسا كان آل الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله أولی به منهم، فغشوا دین اللّٰه بالظلم و الجور، فحكی اللّٰه فعلهم، فقال وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها .... الی آخره.

[بحار الأنوار: 24/ 73، حدیث 7، عن روضة الكافی 8/ 50].

«70»-كا:كافی، بإسناده عن زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (الانشقاق: 19)؛ قال: یا زرارة! أ و لم تركب هذه الأمّة بعد نبیّها طبقا عن طبق فی أمر فلان و فلان و فلان.

[بحار الأنوار: 24/ 350، حدیث 64، عن أصول الكافی: 1/ 415].

«71»-كا:كافی، بإسناده عن زرین صاحب الأنماط، عن أحدهما علیهما السلام، قال: من قال: «اللّٰهم إنّی أشهدك و أشهد ملائكتك المقرّبین و حملة عرشك المصطفین أنّك أنت اللّٰه لا إله إلّا أنت الرحمن الرحیم و أنّ محمّدا عبدك و رسولك و أنّ فلان بن فلان إمامی ... و أبرأ من فلان و فلان و فلان» فإن مات فی لیلته دخل الجنّة.

[أصول الكافی: 2/ 522، حدیث 3].

«72»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن عمرو بن شمر، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: أمر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أبا بكر و عمر و علیّا علیه السلام أن یمضوا الی الكهف و الرقیم فیسبغ

ص: 609

أبو بكر الوضوء و یصفّ قدمیه و یصلّی ركعتین و ینادی ثلاثا، فإن أجابوه و إلّا فلیقل مثل ذلك عمر، فإن أجابوه و إلّا فلیقل مثل ذلك علیّ علیه السلام، فمضوا و فعلوا ما أمرهم به رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فلم یجیبوا أبا بكر و لا عمر، فقام علیّ علیه السلام و فعل ذلك، فأجابوه، و قالوا: لبّیك لبّیك ثلاثا-، فقال لهم: لم لم تجیبوا صوت الأوّل و الثانی و أجبتم الثالث؟، فقالوا: إنّا أمرنا أن لا نجیب إلّا نبیّا أو وصیّا، ثمّ انصرفوا الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فسألهم ما فعلوا؟، فأخبروه، فأخرج رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله صحیفة حمراء، فقال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فیها بما رأیتم و سمعتم، فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ یُسْئَلُونَ (الزخرف: 19)؛ یوم القیامة.

[بحار الأنوار: 36/ 153، حدیث 133، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 553- 554، حدیث 7، و أوردها فی تفسیر البرهان: 4/ 137- 138].

«73»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن أبی بصیر، قال: ذكر أبو جعفر علیه السلام الكتاب الذی تعاقدوا علیه فی الكعبة، و أشهدوا و ختموا علیه بخواتیمهم، فقال: یا أبا محمّد! إنّ اللّٰه أخبر نبیّه بما صنعوه قبل أن یكتبوه، و أنزل اللّٰه فیه كتابا، قلت: أنزل اللّٰه فیه كتابا؟. قال: أ لم تسمع قوله تعالی: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ یُسْئَلُونَ (الزخرف: 19).

[بحار الأنوار: 36/ 153 ذیل حدیث 133، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 555 حدیث 9، و أورده فی تفسیر البرهان: 4/ 143].

«74»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن حمّاد بن عیسی، عن بعض أصحابه، رفعه الی أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدیً وَ لا كِتابٍ مُنِیرٍ* ثانِیَ عِطْفِهِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ (الحج: 8- 9)؛ قال: هو الأوّل، ثانی عطفه الی [أی الثانی، و ذلك لمّا أقام رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أمیر المؤمنین علیه السلام علما للناس، و قال: و اللّٰه لا نفی بهذا أبدا.

[بحار الأنوار: 24/ 24، حدیث 52، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 333 (الحجریة: 129)، و جاء فی البرهان: 3/ 78، حدیث 3].

«75»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بحذف الإسناد، عن جابر بن عبد اللّٰه رضی اللّٰه عنه، قال: رأیت أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام و هو خارج من الكوفة ... الی أن قال: ثم رجع و دخلنا الكوفة و دخلت خلفه الی المسجد، فجعل یخطو خطوات و هو یقول: لا و اللّٰه لا فعلت، لا و اللّٰه

ص: 610

لا كان ذلك أبدا.

فقلت: یا مولای! لمن تكلّم و لمن تخاطب و لیس أری أحدا؟. فقال: یا جابر! كشف لی عن برهوت، فرأیت شیبویه و حبتر و هما یعذّبان فی جوف تابوت فی برهوت، فنادیانی: یا أبا الحسن! یا أمیر المؤمنین! ردّنا الی الدنیا نقرّ بفضلك و نقرّ بالولایة لك، فقلت: لا و اللّٰه لا فعلت، لا و اللّٰه لا كان ذلك أبدا، ثم قرأ هذه الآیة: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (الأنعام: 28)، یا جابر! و ما من أحد خالف وصیّ نبیّ إلّا حشر أعمی یتكبكب فی عرصات القیامة.

[بحار الأنوار: 27/ 306- 307 حدیث 11، عن تأویل الآیات الظاهرة: 82 (1/ 163- 164) باختلاف یسیر.

و عنه أیضا فی البحار: 41/ 221، حدیث 33، و البرهان: 1/ 522، حدیث 5].

«76»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن الهیثم عبد الرحمن، عن الرضا عن آبائه علیهم السلام فی قوله تعالی: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ* فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ (القارعة: 6- 7)؛ قال: نزلت فی علیّ بن أبی طالب علیه السلام، وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ* فَأُمُّهُ هاوِیَةٌ (القارعة: 8- 9)؛ قال: نزلت فی الثلاثة.

[بحار الأنوار: 36/ 67، حدیث 10، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 849، حدیث 1].

«77»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،روی الشیخ المفید بإسناده الی محمد بن سائب الكلبی، قال: لما قدم الصادق علیه السلام العراق نزل الحیرة، فدخل علیه أبو حنیفة و سأله [عن مسائل، و كان مما سأله أن قال له: جعلت فداك! ما الأمر بالمعروف؟، فقال علیه السلام: المعروف یا أبا حنیفة- المعروف فی أهل السماء؛ المعروف فی أهل الأرض؛ و ذاك أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام، قال: جعلت فداك! فما المنكر؟. قال: اللّذان ظلماه حقّه، و ابتزّاه أمره، و حملا الناس علی كتفه ...

[بحار الأنوار: 10/ 208، حدیث 10، و 24/ 58، حدیث 34، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 852، حدیث 8، و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 503، حدیث 12].

«78»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن الفضل بن العباس، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّه قال: ...

ص: 611

وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها (الشمس: 4)؛ حبتر و دلام، غشیا علیه الحقّ ...

[بحار الأنوار: 24/ 72، حدیث 6، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 803 باختلاف یسیر، و إثبات الهداة: 7 / 131، حدیث 660، و ذیله فی البحار: 53/ 120، حدیث 155، و البرهان: 4/ 467، حدیث 11].

«79»-و انظر ما جاء من روایات فی تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 805 فی تفسیر الآیة الشریفة، قال: ذاك أئمة الجور الذین استبدّوا بالأمور دون آل الرسول، و جلسوا مجلسا كان آل محمّد أولی به منهم، فغشوا دین اللّٰه بالجور و الظلم.

[و جاء فی بحار الأنوار: 24/ 71، و البرهان: 4/ 467، و إثبات الهداة: 7/ 141، حدیث 661].

«80»-یج:خرائج، روی عن شریك بن عبد اللّٰه و هو یومئذ قاض-: أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله بعث علیّا علیه السلام و أبا بكر و عمر الی أصحاب الكهف، فقال: ائتوهم فأبلغوهم منّی السلام، فلما خرجوا من عنده قالوا [قال أبو بكر] لعلیّ: أتدری أین هم؟، فقال: ما كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بعثنا الی مكان إلّا هدانا اللّٰه له، فلما أوقفهم علی باب الكهف قال: یا أبا بكر! سلّم، فإنّك أسنّنا، فسلّم فلم یجب، ثم قال: یا أبا حفص! سلّم فإنّك أسنّ منّی، فسلّم فلم یجب، قال: فسلّم علیّ بن أبی طالب علیه السلام، فردّوا السلام و حیّوه و أبلغهم سلام رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فردّوا علیه، فقال أبو بكر: سلهم، ما لهم سلّمنا علیهم فلم یسلّموا علینا [فلم یجیبوا]؟، قال: سلهم أنت، فسألهم فلم یكلّموه، ثم سألهم عمر فلم یكلّموه، فقالا: یا أبا الحسن! سلهم أنت، فقال علیّ علیه السلام: إنّ صاحبیّ هذان سألانی أن أسألكم: لم رددتم علیّ و لم تردّوا علیهما؟، قالوا: إنّا لا نكلّم إلّا أنبیاء أو وصیّ نبیّ.

[بحار الأنوار: 39/ 136- 137، حدیث 3، عن الخرائج و الجرائح: 1/ 189- 190 حدیث 24].

«81»-یج:خرائج، روی عن الرضا، عن آبائه علیهم السلام؛ أنّ غلاما یهودیّا قدم علی أبی بكر فی خلافته، فقال: السلام علیك یا أبا بكر، فوجا عنقه و قیل له: لم لا تسلّم علیه بالخلافة؟، ثم قال له أبو بكر: ما حاجتك؟، قال: مات أبی یهودیّا و خلّف كنوزا و أموالا؛ فإن أنت أظهرتها و أخرجتها إلیّ أسلمت علی یدیك و كنت مولاك، و جعلت لك ثلث ذلك المال، و ثلثا للمهاجرین و الأنصار، و ثلثا لی، فقال أبو بكر: یا خبیث! و هل یعلم الغیب إلّا اللّٰه.

و فیه ما حاصله أنّ الغلام انتهی الی عمر و قال بما قال لأبی بكر و قصّ قصّته معه

ص: 612

و أجاب عمر بما أجابه أبو بكر، و جاء الی أمیر المؤمنین علیه السلام و سلّم علیه بإمرة المؤمنین، و اعترضوا علیه لم لا تسلّم علیهما بإمرة المؤمنین و سلّمت علی علیّ بن أبی طالب بهذا الاسم، فقال:

و اللّٰه ما سمّیته بهذا الاسم حتی وجدت ذلك فی كتب آبائی و أجدادی فی التوراة .. و علّمه أمیر المؤمنین طریقة لإظهار الكنوز .. أن صار الی وادی برهوت ...

الی آخر ما ذكر.

[بحار الأنوار: 41/ 196 حدیث 9، عن الخرائج و الجرائح: 1/ 192- 194، حدیث 29، و جاء فی مدینة المعاجز: 100 حدیث 268، و مشارق أنوار الیقین: 81].

«82»-یج:خرائج، روی عن داود بن كثیر الرقّی، قال: كنت عند الصادق علیه السلام أنا و أبو الخطّاب، و المفضّل، و أبو عبد اللّٰه البلخی؛ إذ دخل علینا كثیر النّواء، فقال: إنّ أبا الخطّاب هذا یشتم أبا بكر و عمر [و عثمان و یظهر البراءة منهم، فالتفت الصادق علیه السلام الی أبی الخطّاب و قال: یا محمد! ما تقول؟، قال: كذب و اللّٰه ما سمع منّی قطّ شتمهما [منّی ، فقال الصادق علیه السلام: قد حلف، و لا یحلف كذبا، فقال: صدق، لم أسمع أنا منه، و لكن حدّثنی الثقة به عنه، قال الصادق علیه السلام: و إنّ الثقة لا یبلغ ذلك. فلمّا خرج كثیر [النّوا] قال الصادق علیه السلام: أما و اللّٰه لئن كان أبو الخطّاب ذكر ما قال كثیر، لقد علم من أمرهما [هم] ما لم یعلمه كثیر، و اللّٰه لقد جلسا مجلس أمیر المؤمنین علیه السلام غصبا فلا غفر اللّٰه لهما، و لا عفا عنهما، فبهت أبو عبد اللّٰه البلخی، و نظر الی الصادق علیه السلام متعجّبا ممّا قال فیهما، فقال الصادق علیه السلام: أنكرت ما سمعت فیهما؟، قال: كان ذلك، قال الصادق علیه السلام: فهلّا كان الإنكار منك لیلة دفع [رفع] إلیك فلان بن فلان البلخی جاریته فلانة لتبیعها له، فلمّا عبرت النهر افترشتها فی أصل شجرة؟!، فقال البلخی: قد مضی و اللّٰه لهذا الحدیث أكثر من عشرین سنة، و لقد تبت الی اللّٰه من ذلك، فقال الصادق علیه السلام: لقد تبت و ما تاب اللّٰه علیك، و لقد غضب اللّٰه لصاحب الجاریة، ثمّ ركب و سار البلخیّ معه، فلمّا برزا، قال الصادق علیه السلام و قد سمع صوت حمار-: إنّ أهل النار یتأذّون بهما و بأصواتهما كما تتأذّون بصوت الحمار ...

الی آخره.

[بحار الأنوار: 47/ 111، حدیث 149، عن الخرائج و الجرائح: 198 (تحقیق مدرسة الامام المهدی عج: 1 / 297- 299، حدیث 5)، و أورده فی إثبات الهداة:

5 / 404، حدیث 136، و مدینة المعاجز: 381، حدیث 77 و غیره .]

ص: 613

«83»-یج:خرائج، روی عن سلمان؛ أنّ علیّا علیه السلام بلغه عن عمر ذكر شیعته؛ فاستقبله فی بعض طرقات بساتین المدینة و فی ید علیّ علیه السلام قوس عربیّة، فقال: یا عمر بلغنی عنك ذكرك لشیعتی، فقال: اربع علی ظلعك، فقال: إنّك لهیهنا؟ ثمّ رمی بالقوس الی [علی الأرض فإذا هی ثعبان كالبعیر فاغر فاه، و قد أقبل نحو عمر لیبتلعه، فصاح عمر: اللّٰه اللّٰه یا أبا الحسن لا عدت بعدها فی شی ء، و جعل یتضرّع إلیه، فضرب علیّ یده الی الثعبان فعادت القوس كما كانت، فمرّ عمر الی بیته مرعوبا، قال سلمان: فلمّا كان فی اللیل دعانی علیّ علیه السلام، فقال: صر الی عمر فإنّه حمل إلیه مال من ناحیة المشرق و لم یعلم به أحد، و قد عزم أن یحتبسه، فقل له: یقول لك علیّ: أخرج إلیك مال من ناحیة المشرق ففرّقه علی من جعل لهم و لا تحبسه فأفضحك، قال سلمان: فأدّیت إلیه الرسالة، فقال: حیّرنی أمر صاحبك من أین علم به؟ فقلت: و هل یخفی علیه مثل هذا، فقال لسلمان: اقبل منّی ما أقول لك: ما علیّ إلّا ساحر! و إنّی لمشفق علیك منه، و الصواب أن تفارقه و تصیر فی جملتنا، قلت: بئس ما قلت، لكنّ علیّا ورث من أسرار النبوّة ما قد رأیت منه و ما هو أكبر منه، قال: ارجع إلیه فقل له:

السمع و الطاعة لأمرك، فرجعت الی علیّ علیه السلام فقال: أحدّثك بما جری بینكما؟ فقلت:

أنت أعلم به منّی، فتكلّم بكلّ ما جری [به] بیننا، ثمّ قال: إنّ رعب الثعبان فی قلبه الی أن یموت.

[بحار الأنوار: 41/ 256- 257 حدیث 17، عن الخرائج و الجرائح: 20 و 21 (1/ 232 حدیث 77)، و مدینة المعاجز: 200، حدیث 551، و إثبات الهداة:

4 / 547، حدیث 195].

«84»-یل:فضائل، روی عن الصادق علیه السلام أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام بلغه عن عمر ابن الخطاب أمر، فأرسل إلیه سلمان رضی اللّٰه عنه و قال: قل له: قد بلغنی عنك كیت و كیت، و كرهت أن أعتب علیك فی وجهك، فینبغی أن لا یقال فیّ إلّا الحق، فقد غصبت حقّی علی القذی و صبرت حتی تبلغ الكتاب أجله ... فی حدیث طویل فی معانی مقاربة للتی سلفت.

[بحار الأنوار: 42/ 42- 43 حدیث 15، عن الفضائل: 65- 66].

«85»-ل:خصال، بإسناده عن اسحاق بن عمّار، عن أبی الحسن موسی علیه السلام فی حدیث طویل یقول فیه-: یا إسحاق! إنّ فی النار لوادیا یقال له: سقر لم یتنفّس منذ خلقه اللّٰه ...

الی أن قال: و إنّ فی ذلك القلیب لحیّة یتعوّذ جمیع أهل ذلك القلیب من خبث تلك الحیّة و نتنها و قذرها و ما أعدّ اللّٰه فی أنیابها من السمّ لإهلها، و إنّ فی جوف تلك الحیّة لصنادیق فیها خمسة

ص: 614

من الأمم السالفة، و إثنان من هذه الأمّة. قال: قلت: جعلت فداك؛ و من الخمسة و من الاثنان؟ ... و من هذه الأمّة الأعرابیان.

[بحار الأنوار: 8/ 310- 311، حدیث 77، عن الخصال: 2/ 34].

«86»-ل:خصال، بإسناده عن حنان بن سدیر، عن رجل من أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام؛ قال: سمعته یقول: إنّ أشدّ الناس عذابا یوم القیامة لسبعة نفر؛ أوّلهم ابن آدم الذی قتل أخاه، و نمرود الذی حاجّ إبراهیم فی ربّه، و اثنان فی بنی إسرائیل هوّدا قومهم و نصرّاهم، و فرعون الذی قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی و اثنان من هذه الأمّة.

[بحار الأنوار: 11/ 233، حدیث 12، عن الخصال:

2 / 4].

«87»-ختص:كتاب الإختصاص، بإسناده عن أبی عبد اللّٰه، عن أبیه، عن أمیر المؤمنین علیهم السلام فی حدیث ... فأمرها مالك فخمدت، فرأیت رجلین فی أعناقهما سلاسل النیران، معلّقین بها الی فوق، و علی رؤسهما قوم معهم مقامع النیران یقمعونهما بها، فقلت: یا مالك! من هذان؟.

فقال: و ما قرأت علی ساق العرش؛ و كنت قبل قراءته قبل أن یخلق اللّٰه الدنیا بألفی عام: «لا إله إلّا اللّٰه، محمّد رسول اللّٰه أیّدته و نصرته بعلیّ»، فقال: هذان عدوّا أولئك و ظالماهم.

[بحار الأنوار: 39/ 191- 192 ذیل حدیث 27، عن الاختصاص: 108- 109].

«88»-ختص خص: من كتاب البصائر لسعد بن عبد اللّٰه بإسناده، قال: دخل أبو بكر علی أمیر المؤمنین علیه السلام، فقال له: إنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لم یحدث إلینا فی أمرك شیئا بعد أیّام الولایة فی الغدیر، و أنا أشهد أنّك مولای مقرّ بذلك، و قد سلّمت علیك علی عهد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بإمرة المؤمنین، و أخبرنا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أنّك وصیّه و وارثه و خلیفته فی أهله و نسائه، و أنّك وارثه، و میراثه قد صار إلیك، و لم یخبرنا أنّك خلیفته فی أمّته من بعده، و لا جرم لی فیما بینی و بینك، و لا ذنب لنا فیما بیننا و بین اللّٰه تعالی، فقال له علیّ علیه السلام: إن أریتك رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حتّی یخبرك بأنّی أولی بالأمر الّذی أنت فیه منك؟ و أنّك إن لم تعزل نفسك عنه فقد خالفت اللّٰه و رسوله صلّی اللّٰه علیه و آله. فقال: إن أریتنیه حتّی یخبرنی ببعض هذا اكتفیت به، فقال علیه السلام: فتلقّانی إذا صلّیت المغرب حتّی أریكه، قال: فرجع إلیه بعد المغرب، فأخذ بیده و أخرجه إلی مسجد قبا، فإذا هو برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله جالس فی القبلة، فقال له: یا فلان! و ثبت علی مولاك علیّ علیه السلام و جلست مجلسه و هو مجلس النبوّة- لا یستحقّه غیره، لأنّه وصیّی و خلیفتی،

ص: 615

فنبذت أمری، و خالفت ما قلته لك، و تعرّضت لسخط اللّٰه و سخطی، فانزع هذا السربال الّذی تسربلته بغیر حقّ و لا أنت من أهله، و إلّا فموعدك النار؛ قال: فخرج مذعورا لیسلّم الأمر إلیه، و انطلق أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فحدّث سلمان بما كان جری، فقال له سلمان: لیبدینّ هذا الحدیث لصاحبه و لیخبرنّه بالخبر، فضحك أمیر المؤمنین علیه السلام و قال: أما إنّه سیخبره و لیمنعنّه إن همّ بأن یفعل، ثمّ قال: لا و اللّٰه لا یذكران ذلك أبدا حتّی یموتا؛ قال: فلقی صاحبه فحدّثه بالحدیث كلّه، فقال له: ما أضعف رأیك و أخور قلبك؛ أما تعلم أنّ ذلك من بعض سحر ابن أبی كبشة؟! أنسیت سحر بنی هاشم؟! فأقم علی ما أنت علیه!.

[بحار الأنوار: 41/ 228- 229، حدیث 38، عن الاختصاص: 272- 273، و بصائر الدرجات: 78، و مختصره: 109- 110].

«89»-ختص:كتاب الإختصاص، عمرو بن ثابت، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّٰه:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً یُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ (البقرة: 165)، قال:

فقال: هم و اللّٰه أولیاء فلان و فلان و فلان، اتّخذوهم أئمّة دون الإمام الذی جعله اللّٰه للناس إماما، فذلك قول اللّٰه: وَ لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا إِذْ یَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعَذابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَ قالَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ (البقرة: 165- 167)، ثم قال أبو جعفر علیه السلام:

هم و اللّٰه یا جابر أئمّة الظلمة و أشیاعهم.

[بحار الأنوار: 72/ 137، حدیث 23، عن الاختصاص: 334].

«90»-ختص:كتاب الإختصاص، بإسناده عن جابر الجعفی فی حدیث طویل و فیه: ثم خاطب اللّٰه عزّ و جلّ فی ذلك الموقف محمّدا، فقال یا محمّد! وَ إِذا رَأَوْا الشكّاك و الجاحدون تِجارَةً یعنی الأول أَوْ لَهْواً یعنی الثانی انْفَضُّوا إِلَیْها. .. قُلْ یا محمّد! ما عِنْدَ اللَّهِ من ولایة علیّ و الأوصیاء خَیْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ یعنی بیعة الأول و الثانی ...

[بحار الأنوار: 89/ 278 من حدیث 24، عن الاختصاص: 128- 130].

«91»-خص:منتخب البصائر، بإسناده عن خالد بن یحیی، قال: قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام: سمّی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أبا بكر صدّیقا؟ فقال: نعم، إنّه حیث كان معه أبو بكر فی الغار،

ص: 616

قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: إنّی لأری سفینة بنی عبد المطلب تضطرب فی البحر ضالّة، فقال له أبو بكر: و إنّك لتراها؟! قال: نعم. فقال: یا رسول اللّٰه! تقدر أن ترینیها؟. فقال:

ادن منّی، فدنا منه، فمسح یده علی عینیه، ثم قال له: انظر ... فنظر أبو بكر، فرأی السفینة تضطرب فی البحر، ثم نظر الی قصور أهل المدینة، فقال فی نفسه: الآن صدقت انّك ساحر، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: صدّیق أنت؟.

فقلت: لم سمّی عمر: الفاروق؟. قال: نعم، ألا تری إنّه قد فرق بین الحقّ و الباطل، و أخذ الناس بالباطل، فقلت: فلم سمّی سالما: الأمین؟. قال: لمّا أن كتبوا الكتب و وضعوها علی ید سالم، فصار الأمین. قلت: فقال: اتّقوا دعوة سعد؟. قال: نعم، قلت: و كیف ذلك؟، قال: إنّ سعدا یكرّ فیقاتل علیّا علیه السلام.

[بحار الأنوار: 53/ 75- حدیث 76، عن منتخب البصائر: 29- 30].

«92»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، الباقر و الصادق علیهما السلام، قال: وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها (الشمس: 4): عتیق و ابن الصهّاك و بنو أمیّة و من تولّاهم.

[بحار الأنوار 24/ 74- حدیث 8، عن المناقب لابن شهر آشوب: 1/ 243 (1/ 283)].

«93»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، حدّث أبو عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الدیلمی البصری، عن محمّد بن أبی كثیر الكوفی، قال: كنت لا أختم صلاتی و لا أستفتحها إلّا بلعنهما، فرأیت فی منامی طائرا معه تور من الجوهر فیه شی ء أحمر شبه الخلوق فنزل الی البیت المحیط برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ثمّ أخرج شخصین من الضریح فخلقهما بذلك الخلوق، فی عوارضهما، ثم ردّهما الی الضریح، و عاد مرتفعا، فسألت من حولی: من هذا الطائر؟ و ما هذا الخلوق؟، فقال: هذا ملك یجی ء فی كلّ لیلة جمعة یخلقهما، فأزعجنی ما رأیت، فأصبحت لا تطیب نفسی بلعنهما، فدخلت علی الصادق علیه السلام، فلمّا رآنی ضحك و قال: رأیت الطائر؟، فقلت: نعم یا سیّدی، فقال:

إقرأ: إِنَّمَا النَّجْوی مِنَ الشَّیْطانِ لِیَحْزُنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَیْسَ بِضارِّهِمْ شَیْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (المجادلة: 10)، فإذا رأیت شیئا تكره فاقرأها و اللّٰه ما هو ملك موكّل بهما لإكرامهما بل هو ملك موكّل بمشارق الأرض و مغاربها إذا قتل قتیل ظلما أخذ من دمه فطوّقهما به فی رقابهما، لأنّهما سبب كلّ ظلم مذ كانا.

[بحار الأنوار: 47/ 124 حدیث 177، عن المناقب:

4 / 237، و مرّ فی هذه المجلّدات عن غیره .]

«94»-ن:عیون أخبار الرضا علیه السلام، بإسناده عن عبد العظیم الحسنی، عن أبی الحسن الثالث، عن آبائه، عن

ص: 617

الحسین بن علی علیهم السلام، قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: إنّ أبا بكر منّی لبمنزلة السمع، و إنّ عمر منّی لبمنزلة البصر، و إنّ عثمان منّی لبمنزلة الفؤاد، فلمّا كان من الغد دخلت إلیه و عنده أمیر المؤمنین علیه السلام و أبو بكر و عمر و عثمان فقلت له: یا أبه! سمعتك تقول فی أصحابك هؤلاء قولا، فما هو؟، فقال صلّی اللّٰه علیه و آله: نعم، ثم أشار إلیهم فقال:

هم السمع و البصر و الفؤاد و سیسألون عن وصیّی هذا و أشار الی علیّ علیه السلام ثم قال:

إنّ اللّٰه عزّ و جلّ یقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (الإسراء:

«36»-، ثم قال: و عزّة ربّی إنّ جمیع أمّتی لموقوفون یوم القیامة و مسؤولون عن ولایته، و ذلك قول اللّٰه عزّ و جلّ: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (الصافات: 24).

[بحار الأنوار: 36/ 77- حدیث 4، عن عیون أخبار الرضا علیه السلام: 174].

«95»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، الرضا علیه السلام: إنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قرء: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (الإسراء: 36)، فسئل عن ذلك، فأشار الی الثلاثة، فقال: هم السمع و البصر و الفؤاد، و سیسألون عن وصیّی هذا و أشار الی علیّ بن أبی طالب علیه السلام ثم قال: و عزّة ربّی إنّ جمیع أمّتی لموقوفون یوم القیامة و مسؤولون عن ولایته، و ذلك قول اللّٰه: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (الصافات: 24).

[بحار الأنوار: 24/ 271- حدیث 47، عن المناقب: 2 / 4- 5 (2/ 152)].

أقول: روی فی تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 493 ذیل حدیث 1، و أورده العلّامة المجلسی فی بحاره: 24/ 270 حدیث 44، و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 71 حدیث 5، و تفسیر فرات: 130 تفسیر الآیة: وَ قِفُوهُمْ ... (الصافات: 24) بالسؤال عن الولایة.

و جاء عن طریق العامّة، عن أبی نعیم، عن ابن عباس، و مثله عن أبی سعید الخدری و سعید ابن جبیر؛ كلّهم عن رسول اللّٰه (صلی اللّٰه علیه و آله) ذلك. و جاء الحدیث عن عدّة مصادر فی البحار: 24 / 270- 271 حدیث 44، 45، 46، 47. و جاء فی كتاب الیقین فی إمرة أمیر المؤمنین: 57 ،كما حكاه فی البحار 39/ 201، حدیث 22 بروایة مفصّلة عن أبی سعید الخدری، عن رسول اللّٰه (صلی اللّٰه علیه و آله)، و لاحظ ما جاء فی أمالی الشیخ الطوسی: 182، و حكاه فی البحار 39/ 196 حدیث 6.

«96»-أورد شیخنا الكلینی فی الروضة و غیره من قوله: و سئل القارونی ذات یوم عن قوله تعالی: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (الصافات: 24)، فقال: اقعد یا هذا الرجل، فما هذا موضع هذه المسألة، فقال له: لا بدّ من تفسیر هذه الآیة و یؤدّی فیه الأمانة، فقال له: اعلم

ص: 618

أنّه إذا كان یوم القیامة تحشر الخلق حول الكرسی كلّ علی طبقاتهم؛ الأنبیاء علیهم السلام و الملائكة المقرّبون و سائر الأوصیاء علیهم السلام، فیؤمر الخلق بالحساب، فینادی اللّٰه عزّ و جلّ: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولایة علیّ بن أبی طالب علیه السلام؟، فقال له السائل: و محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله یسأل عن ولایة علیّ بن أبی طالب علیه السلام؟، فقال له:

نعم و محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله یسأل عن ولایة علیّ بن أبی طالب علیه السلام.

[بحار الأنوار: 39/ 228- 229 حدیث 2، عن روضة الكافی: 9- 10، و الفضائل لابن شاذان و غیرهما].

«97»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، الواقدی: إنّ فاطمة لمّا حضرتها الوفاة أوصت علیّا أن لا یصلّی علیها أبو بكر و عمر، فعمل بوصیّتها.

و بإسناده عن ابن عباس، قال: أوصت فاطمة أن لا یعلم إذا ماتت أبو بكر و لا عمر و لا یصلّیا علیها، قال: فدفنها علیّ علیه السلام لیلا و لم یعلمهما بذلك.

[بحار الأنوار: 43/ 182- 183- حدیث 16،

عن المناقب لابن شهر آشوب: 3/ 363].

و فیه: و أوصت الی علیّ بثلاث ... و أن لا یشهد أحد جنازتها ممّن ظلمها، و أن لا یترك أن یصلّی علیها أحد منهم.

«98»-بإسناده عن عائشة فی خبر طویل یذكر فیه أنّ فاطمة أرسلت الی أبی بكر تسأل میراثها من رسول اللّٰه ... القصة قال: فهجرته و لم تكلّمه حتی توفّیت و لم یؤذن بها أبا بكر یصلّی علیها.

[بحار الأنوار: 43/ 182، عن المناقب: 3/ 262- 263].

«99»-و من هذا الباب ما جاء فی الروضة من قولها سلام اللّٰه علیها و لعنة اللّٰه علی من ظلمها: .. ثم قالت: أوصیك أن لا یشهد أحد جنازتی من هؤلاء الذین ظلمونی و أخذوا حقّی، فإنّهم عدوّی و عدوّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و لا تترك أن یصلّی علیّ أحد منهم و لا من أتباعهم، و ادفنّی فی اللیل إذا هدأت العیون و نامت الأبصار.

[بحار الأنوار: 43/ 192 حدیث 20، عن روضة الواعظین للفتّال: 1/ 151].

«100»-ع:علل الشرائع، بإسناده عن ابن البطائنی، عن أبیه؛ سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام: قال:

لأیّ علّة دفنت فاطمة علیها السلام باللیل و لم تدفن بالنهار؟ قال: لأنّها أوصت أن لا یصلّ

ص: 619

علیها الرجلان الأعرابیّان.

[بحار الأنوار: 43/ 206- 207 حدیث 34. و قریب منه فی: 81/ 250 حدیث 8، عن العلل: 1/ 176 و 186].

«101»-لی:أمالی الصدوق، بإسناده عن ابن عباس فی خبر طویل-، و فیه عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: و إنّی لمّا رأیتها ذكرت ما یصنع بها بعدی، كأنّی بها و قد دخل الذلّ بیتها، و انتهكت حرمتها، و غصبت حقّها، و منعت إرثها، و كسر جنبها، و أسقطت جنینها، و هی تنادی: یا محمّداه! فلا تجاب، و تستغیث فلا تغاث، فلا تزال بعدی محزونة، مكروبة، باكیة، تتذكّر انقطاع الوحی عن بیتها مرّة، و تتذكّر فراقی أخری، و تستوحش إذا جنّها اللیل لفقد صوتی الذی كانت تسمع إلیه إذا تهجّدت بالقرآن، ثم تری نفسها ذلیلة بعد أن كانت فی أیّام أبیها عزیزة. فعند ذلك یؤنسها اللّٰه تعالی ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مریم بنت عمران، فتقول: یا فاطمة! إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ (آل عمران: 37) یا فاطمة! اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ (آل عمران: 38)، ثم یبتدئ بها الوجع فتمرض فیبعث اللّٰه عزّ و جلّ إلیها مریم بنت عمران تمرّضها و تؤنسها فی علّتها، فتقول عند ذلك: یا ربّ! إنّی قد سئمت الحیاة و تبرّمت بأهل الدنیا، فألحقنی بأبی، فیلحقها اللّٰه عزّ و جلّ بی، فتكون أوّل من یلحقنی من أهل بیتی، فتقدم علیّ محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللّٰهمّ العن من ظلمها، و عاقب من غصبها، و ذلّل من أذلّها، و خلّد فی نارك من ضرب جنبیها حتی ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمین.

[بحار الأنوار: 43/ 172- 173 حدیث 13].

«102»-لی:أمالی الصدوق، بإسناده عن ابن نباتة، قال: سئل أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام عن علّة دفنه فاطمة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لیلا؟، فقال: إنّها كانت ساخطة علی قوم كرهت حضورهم جنازتها، و حرام علی من یتولّاهم أن یصلّی علی أحد من ولدها.

[بحار الأنوار: 43/ 209 حدیث 37، عن أمالی الشیخ الصدوق: 524، باب 94، و أورده ابن شهر آشوب فی المناقب: 3/ 363، و ذكره العلّامة المجلسی فی بحار الأنوار: 43/ 183 حدیث 16، عن روضة الواعظین: 1/ 153].

«103»-ما:أمالی الطوسیّ، المفید، بإسناده عن عبد اللّٰه بن عباس، قال: لمّا حضرت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الوفاة بكی حتی بلّت دموعه لحیته، فقیل له: یا رسول اللّٰه! ما یبكیك؟، فقال:

ص: 620

أبكی لذریّتی و ما تصنع بهم أشرار أمّتی من بعدی، كأنّی بفاطمة بنتی و قد ظلمت بعدی و هی تنادی: یا أبتاه! فلا یعینها أحد من أمّتی، فسمعت ذلك فاطمة علیها السلام، فبكت، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: لا تبكین یا بنیّة، فقال: لست أبكی لما یصنع بی من بعدك، و لكنّی أبكی لفراقك یا رسول اللّٰه، فقال لها: أبشری یا بنت محمّد بسرعة اللحاق بی فإنّك أوّل من یلحق بی من أهل بیتی.

[بحار الأنوار: 43/ 156 حدیث 2].

«104»-ن:عیون أخبار الرضا علیه السلام، بإسناده عن إسحاق بن حمّاد بن زید، قال: سمعت یحیی بن أكثم ... فی حدیث قال آخر: فإنّ أبا بكر أغلق بابه و قال: هل من مستقیل فأقیله، فقال علیّ علیه السلام: قدّمك رسول اللّٰه فمن ذا یؤخّرك؟!.

فقال المأمون: هذا باطل من قبل أنّ علیّا علیه السلام قعد عن بیعة أبی بكر، و رویتم أنّه قعد عنها حتی قبضت فاطمة علیها السلام، و أنّها أوصت أن تدفن لیلا لئلّا یشهدا جنازتها.

[بحار الأنوار: 49/ 192 حدیث 2، انظر باب ما كان یتقرّب به المأمون الی الرضا علیه السلام فی الاحتجاج علی المخالفین، عن عیون أخبار الرضا (علیه السلام): 2/ 187، و بحار الأنوار: 49/ 189- 215].

«105»-مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمد، عن آبائه علیهم السلام، قال: مكثت فاطمة علیها السلام بعد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله خمسة و سبعین یوما ثم مرضت، فاستأذن علیها أبو بكر و عمر، فلم تأذن لهما، فأتیا أمیر المؤمنین علیه السلام فكلّماه فی ذلك، فكلّمها، و كانت لا تعصیه، فأذنت لهما، فدخلا، و كلّماها فلم ترد علیهما جوابا، و حوّلت وجهها الكریم عنهما، فخرجا و هما یقولان لعلّی: إن حدث بها حدث فلا تفوتنا، فقالت: عند خروجهما لعلیّ علیه السلام: إنّ لی إلیك حاجة فأحبّ أن لا تمنعنیها، فقال علیه السلام: و ما ذاك؟ فقالت:

أسألك أن لا یصلّ علیّ أبو بكر و لا عمر، و ماتت من لیلتها، فدفنها قبل الصباح.

فجاءا حین أصبحا فقالا: لا تترك عداوتك یا ابن أبی طالب أبدا، ماتت بنت رسول اللّٰه فلم تعلمنا؟!، فقال أمیر المؤمنین علیه السلام: لئن لم ترجعا لأفضحنّكما! قالها ثلاثا، فلما قال انصرفوا ...

[بحار الأنوار: 81/ 254- 255 حدیث 13].

«106»-مصباح الأنوار: فی حدیث طویل، بإسناده عن سعد بن طریف، عن أبی جعفر علیه السلام ... فلمّا فرغ أمیر المؤمنین من دفنها لقیه الرجلان فقالا له: ما حملك علی ما

ص: 621

صنعت؟، قال: وصیّتها وعهدها.

[بحار الأنوار: 43/ 201 ذیل حدیث 30].

«107»-مصباح الأنوار: عن أبی جعفر علیه السلام قال: دفن أمیر المؤمنین علیه السلام فاطمة بنت محمّد صلوات اللّٰه علیهم بالبقیع، ورشّ ماء حول تلك القبور لئلّا یعرف القبر، و بلغ أبا بكر و عمر أنّ علیّا دفنها لیلا، فقالا له: فلم لم تعلمنا؟، قال: كان اللیل و كرهت أن أشخصكم!، فقال له عمر: ما هذا، و لكن شحناء فی صدرك!، فقال أمیر المؤمنین علیه السلام: أمّا إذا أبیتما فإنّها استحلفتنی بحقّ اللّٰه و حرمة رسوله و بحقّها علیّ أن لا تشهدا جنازتها.

[بحار الأنوار: 81/ 255 حدیث 15].

«108»-فی الكشف: عن طرق العامّة؛ أنّ أبا بكر و عمر عاتبا علیّا علیه السلام كونه لم یؤذنهما بالصلاة علیها، فاعتذر أنّها أوصته بذلك، و حلف لهما، فصدّقاه و عذّراه.

[بحار الأنوار: 43/ 190، حدیث 19، عن كشف الغمة 2/ 68.

أقول: انظر: باب 7 فی ما وقع علیها من الظلم و بكائها و حزنها و شكایتها فی مرضها الی شهادتها و غسلها و دفنها، و بیان العلّة فی إخفاء دفنها صلوات اللّٰه علیها و لعنة اللّٰه علی من ظلمها. بحار الأنوار: 43/ 155- 218].

«109»-قال العلّامة المجلسی فی بحاره: ما نصّه: روی فی:

بعض مؤلّفات أصحابنا، بإسناده الی المفضّل بن عمر، قال المفضّل: یا مولای! ثم ماذا؟، قال الصادق علیه السلام: تقوم فاطمة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فتقول: اللّٰهمّ أنجز وعدك و موعدك لی فیمن ظلمنی و غصبنی، و ضربنی و جزعنی بكلّ أولادی، فتبكیها ملائكة السموات السبع و حملة العرش، و سكّان الهواء و من فی الدنیا و من تحت أطباق الثری، صائحین صارخین الی اللّٰه تعالی، فلا یبقی أحد ممّن قاتلنا و ظلمنا و رضی بما جری علینا إلّا قتل فی ذلك الیوم ألف قتلة دون من قتل فی سبیل اللّٰه ...

الی آخره.

[بحار الأنوار: 53/ 23- 24 باب 25 حدیث 1].

«110»-ك، ن: فی حدیث طویل فی الإسراء، و فیه: قال [ربّ العزّة سبحانه: هؤلاء الأئمّة، و هذا القائم الذی یحلّ حلالی و یحرّم حرامی، و به أنتقم من أعدائی، و هو راحة لأولیائی، و هو الذی یشفی قلوب شیعتك من الظالمین و الجاحدین و الكافرین، فیخرج اللّات و العزّی طریّین فیحرقهما ...

الی آخره.

ص: 622

[بحار الأنوار: 1/ 252- 253 باب 23 حدیث 2، عن كمال الدین: 150 و عن عیون أخبار الرضا علیه السلام: 35 (1/ 58 حدیث 27).

و أورده فی البحار كاملا: 36/ 245 حدیث 58].

«111»-ك:إكمال الدین، و فی ذیل خبر سعد بن عبد اللّٰه: و لمّا قال: أخبرنی عن الصّدیق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له: بل أسلما طمعا، لأنّهما كانا یجالسان الیهود و یستخبرانهم عمّا كانوا یجدون فی التوراة و سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم، من حال الی حال من قصّة محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و من عواقب أمره، فكانت الیهود تذكر أنّ محمّدا صلّی اللّٰه علیه و آله یسلّط علی العرب كما كان بخت نصّر سلّط علی بنی إسرائیل، و لا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصّر ببنی إسرائیل غیر أنّه كاذب فی دعواه.

فأتیا محمّدا فساعداه علی [قول شهادة أن لا إله إلّا اللّٰه و بایعاه طمعا فی أن ینال كل منهما من جهته ولایة بلد إذا استقامت أموره و استتبّت أحواله، فلمّا أیسا من ذلك تلثّما و صعدا العقبة مع أمثالهما من المنافقین، علی أن یقتلوه، فدفع اللّٰه كیدهم، وردّهم بغیظهم لم ینالوا خیرا، كما أتی طلحة و الزبیر علیّا علیه السلام فبایعاه و طمع كلّ واحد منهما أن ینال من جهته ولایة بلد، فلمّا أیسا نكثا بیعته و خرجا علیه، فصرع اللّٰه كلّ واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثین.

[بحار الأنوار: 52/ 86، عن كمال الدین: 2/ 134].

«112»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن داود الرقّی، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: قوله تعالی:

فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* أی بأیّ نعمتی تكذّبان؛ بمحمّد أم بعلیّ؟ فیهما أنعمت علی العباد.

[بحار الأنوار: 24/ 59- حدیث 34، و صفحة: 309 ذیل حدیث 12، عن تأویل الآیات الظاهرة: 320 (2/ 633- حدیث 6 و ما بعدها من الروایات). و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 264- حدیث 24].

«113»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، بإسناده الی الباقر علیه السلام فی قوله تعالی: یُرِیدُ اللَّهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُرِیدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (البقرة: 185) قال: الیسر؛ أمیر المؤمنین علیه السلام، و العسر؛ فلان و فلان.

[بحار الأنوار: 36/ 103 حدیث 45، عن المناقب لابن شهر آشوب: 3/ 103].

ص: 623

«114»-ص : و سئل الصادق علیه السلام عن قوله تعالی : ( وَقالَ الَّذِینَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) ( فصلت : ٢٩ ) ، قال : هما .. هما. [بحار الأنوار: 11/ 243- حدیث 35].

«115»-ص:قصص الأنبیاء، الصدوق، عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: صلّی النبّی صلّی اللّٰه علیه و آله ذات لیلة ثمّ توجّه الی البقیع، فدعا أبا بكر و عمر و عثمان و علیّا فقال: امضوا حتّی تأتوا أصحاب الكهف و تقرؤهم منّی السلام، و تقدّم أنت یا أبا بكر فإنّك أسنّ القوم، ثمّ أنت یا عمر، ثمّ أنت یا عثمان، فإن أجابوا واحدا منكم و إلّا تقدّم أنت یا علیّ، كن آخرهم، ثمّ أمر الریح فحملتهم حتّی وضعتهم علی باب الكهف، فتقدّم أبو بكر فسلّم فلم یردّوا فتنحّی، فتقدّم عمر فسلّم فلم یردّوا علیه، و تقدّم عثمان و سلّم فلم یردّوا علیه، و تقدّم علیّ و قال: السلام علیكم و رحمة اللّٰه و بركاته، أهل الكهف الذین آمنوا بربّهم وزادهم هدی، و ربط علی قلوبهم، أنا رسول رسول اللّٰه إلیكم، فقالوا: مرحبا برسول اللّٰه و برسوله، و علیك السلام یا وصیّ رسول اللّٰه و رحمة اللّٰه و بركاته، قال: فكیف علمتم أنّی وصیّ النبیّ؟ فقالوا:

إنّه ضرب علی آذاننا ألّا نكلّم إلّا نبیّا أو وصیّ نبیّ، فكیف تركت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله؟ و كیف حشمه؟ و كیف حاله؟ .. و بالغوا فی السؤال، و قالوا: خبّر أصحابك هؤلاء أنّا لا نكلّم إلّا نبیّا أو وصیّ نبیّ، فقال لهم: أسمعتم ما یقولون؟ قالوا: نعم، قال: فاشهدوا.

[بحار الأنوار: 14/ 420- حدیث 2].

«116»-كتاب الاستدراك: بإسناده قال: إنّ المتوكّل قیل له: إنّ أبا الحسن یعنی علیّ ابن محمّد بن علیّ الرضا علیهم السلام یفسّر قول اللّٰه عزّ و جلّ: یَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلی یَدَیْهِ .. (الفرقان: 27) الآیتین فی الأول و الثانی، قال: فكیف الوجه فی أمره؟ قالوا: تجمع له الناس و تسأله بحضرتهم، فإن فسّرها بهذا كفاك الحاضرون أمره، و إن فسّرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه، قال: فوجّه الی القضاة و بنی هاشم و الأولیاء و سئل علیه السلام، فقال:

هذان رجلان كنی عنهما، و منّ بالستر علیهما، أفیحبّ أمیر المؤمنین أن یكشف ما ستره اللّٰه؟

فقال: لا أحبّ.

[بحار الأنوار: 50/ 214- حدیث 26].

«117»-سن:محاسن، بإسناده عن جابر، قال: قال أبو جعفر علیه السلام: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: ما من مؤمن إلّا و قد خلص ودّی الی قلبه، و ما خلص ودّی الی قلب أحد إلّا و قد خلص ودّ علیّ الی قلبه، كذب یا علی من زعم أنّه یحبّنی و یبغضك، قال: فقال رجلان من المنافقین: لقد فتن رسول اللّٰه بهذا الغلام!، فأنزل اللّٰه تبارك و تعالی: فَسَتُبْصِرُ وَ یُبْصِرُونَ* بِأَیِّكُمُ الْمَفْتُونُ (القلم: 5- 6) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ* وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِینٍ

ص: 624

(القلم: 9- 10)، قال: نزلت فیهما .. الی آخر الآیة.

[بحار الأنوار: 39/ 254- حدیث 26، عن المحاسن: 151]

«118»-سر:سرائر، من كتاب المسائل ... بإسناده عن أحمد بن محمد بن زیاد و موسی بن محمد ابن علیّ، قال: كتبت الی أبی الحسن علیه السلام أسأله عن الناصب هل أحتاج فی امتحانه الی أكثر من تقدیمه الجبت و الطاغوت و اعتقاد إمامتهما؟، فرجع الجواب: من كان علی هذا فهو ناصب.

[بحار الأنوار: 72/ 135- حدیث 18، عن مستطرفات السرائر: 68- حدیث 13، و فی الوسائل: 6 / 341- حدیث 14، و 19/ 100- حدیث 4].

«119»-نی:غیبة النعمانیّ، بإسناده عن جابر، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّٰه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً یُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ (البقرة: 165) قال: هم أولیاء فلان و فلان اتّخذوهم أئمّة دون الامام الذی جعله اللّٰه للناس إماما، و كذلك قال: وَ لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا إِذْ یَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعَذابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَ قالَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا (البقرة: 165- 167).

ثم قال أبو جعفر علیه السلام: هم و اللّٰه یا جابر أئمّة الظلم و أشیاعهم.

[بحار الأنوار: 23/ 359 حدیث 16، و جاء فی:

8 / 363- حدیث 41، عن تفسیر العیّاشی: 1/ 72- حدیث 142 باختلاف، و جاء فی تفسیر البرهان:

1 / 172، و تفسیر الصافی: 1/ 156، و إثبات الهداة:

1 / 262، و الاول عن غیبة النعمانی 64].

«120»-یر: بصائر الدرجات،بإسناده عن سوادة بن علی، عن بعض رجاله، قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام للحارث الأعور و هو عنده-: هل تری ما أری؟، فقال: كیف أری ما تری و قد نوّر اللّٰه لك و أعطاك ما لم یعط أحدا؟. قال: هذا فلان الأول علی ترعة من ترع النار، یقول:

یا أبا الحسن! استغفرلی، لا غفر اللّٰه له. قال: فمكث هنیئة ثم قال: یا حارث! هل تری ما أری؟، فقال: كیف أری ما تری و قد نوّر اللّٰه لك و أعطاك ما لم یعط أحدا، قال: هذا فلان- الثانی علی ترعة من ترع النار یقول: یا أبا الحسن! استغفرلی، لا غفر اللّٰه له.

[بحار الأنوار: 40/ 185 حدیث 68، عن بصائر

ص: 625

الدرجات: 124 (441، حدیث 11- الجزء التاسع)].

«121»-ثو:ثواب الأعمال، بإسناده عن ابن سدیر، عن رجل من أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: سمعته یقول: إنّ أشدّ الناس عذابا یوم القیامة لسبعة نفر: أوّلهم ابن آدم الذی قتل أخاه، و نمرود الّذی حاجّ ابراهیم فی ربّه، و اثنان فی بنی إسرائیل هوّدا قومهم و نصّراهم، و فرعون الذی قال: أنا ربّكم الأعلی، و اثنان من هذه الأمّة أحدهما شرهما فی تابوت من قواریر تحت الفلق فی بحار من نار.

[بحار الأنوار: 8/ 313- حدیث 83، عن ثواب الأعمال: 207].

«122»-فض:كتاب الروضة، بالأسانید الی أبی عبد اللّٰه علیه السلام إنّه قال: لمّا نزلت هذه الآیة:

الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام: 82) قال:

بولایة علیّ بن أبی طالب علیه السلام، و لم یخلطوا بولایة فلان و فلان، فإنّه التلبّس بالظلم.

[بحار الأنوار: 36/ 114، عن الروضة من الكافی: 8 / 18].

«123»-شف:كشف الیقین، بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: (الجنّة مشتاقة الی أربعة من أمّتی)، فهبت أن أسأله من هم؟، فأتیت أبا بكر فقلت له: إنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قال: (إنّ الجنّة تشتاق الی أربعة من أمّتی) فاسأله من هم؟، فقال:

أخاف أن لا أكون منهم فیعیرنی به بنو تیم، فأتیت عمر، فقلت له مثل ذلك، فقال: أخاف أن لا أكون منهم فیعیرنی به بنو عدیّ، فأتیت عثمان، فقلت له مثل ذلك، فقال: أخاف أن لا أكون منهم فیعیرنی به بنو أمیّة، فأتیت علیّا علیه السلام و هو فی ناضح له-، فقلت له إنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قال: (إنّ الجنّة مشتاقة الی أربعة من أمّتی)، فأسأله من هم؟، فقال:

و اللّٰه لأسألنّه، فإن كنت منهم لأحمدنّ اللّٰه عزّ و جلّ و إن لم أكن منهم لأسألنّ اللّٰه أن یجعلنی منهم و أودّهم، و جئت معه الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فدخلنا علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و رأسه فی حجر دحیة الكلبی فلمّا رآه دحیة قام إلیه و سلّم علیه و قال: خذ برأس ابن عمّك یا أمیر المؤمنین فأنت أحقّ به [منّی ، فاستیقظ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و رأسه فی حجر علیّ علیه السلام، فقال له: یا أبا الحسن! ما جئتنا إلّا فی حاجة، قال: بأبی و أمّی یا رسول اللّٰه، دخلت و رأسك فی حجر دحیة الكلبیّ فقام إلیّ و سلّم علیّ، و قال: خذ برأس ابن عمّك إلیك فأنت أحقّ به منّی یا أمیر المؤمنین، فقال له النبیّ: فهل عرفته؟، فقال: هو دحیة الكلبی، فقال له:

ذاك جبرئیل، فقال له: بأبی و أمّی یا رسول اللّٰه؛ أعلمنی أنس أنّك قلت: إنّ الجنّة مشتاقة الی

ص: 626

أربعة من أمّتی، فمن هم؟، فأومأ إلیه بیده فقال: أنت و اللّٰه أوّلهم، أنت و اللّٰه أوّلهم ثلاثا-، فقال له: بأبی و أمّی فمن الثلاثة؟، فقال له: المقداد و سلمان و أبو ذرّ.

[بحار الأنوار: 40/ 11- 12 حدیث 26، عن الیقین فی إمرة أمیر المؤمنین: 17- 18].

«124»-شف:كشف الیقین، من كتاب المعرفة تألیف عبّاد بن یعقوب الرواجنی، بإسناده قال: لمّا أن سیّر أبو ذرّ رضی اللّٰه عنه اجتمع هو و علیّ علیه السلام و المقداد بن الأسود، قال: أ لستم تشهدون أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال: أمّتی ترد علیّ الحوض علی خمس رایات: أوّلها رایة العجل فأقوم فآخذ بیده فإذا أخذت بیده اسودّ وجهه، و رجفت قدماه، و خفقت أحشاؤه، و من فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتمونی فی الثقلین بعدی؟ فیقولون: كذّبنا الأكبر و مزّقناه و اضطهدنا الأصغر و ابتززناه حقّه؟ فأقول: اسلكوا ذات الشمال، فیصرفون ظماء مظمئین مسودّة وجوههم لا یطعمون منه قطرة. ثمّ ترد علیّ رایة فرعون أمّتی فیهم أكثر الناس و هم المبهرجون؛ قلت: یا رسول اللّٰه! و ما المبهرجون؟ أبهرجوا الطریق؟، قال: لا و لكنّهم بهرجوا دینهم، و هم الذین یغضبون للدنیا و لها یرضون و لها یسخطون و لها ینصبون، فآخذ بید صاحبهم فإذا أخذت بیده اسودّ وجهه، و رجفت قدماه، و خفقت أحشاؤه، و من فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتمونی فی الثقلین بعدی؟ فیقولون: كذّبنا الأكبر و مزّقناه و قاتلنا الأصغر و قتلناه، فأقول: اسلكوا طریق أصحابكم، فینصرفون ظماء مظمئین مسودّة وجوههم لا یطعمون منه قطرة، ثم ترد علیّ رایة فلان و هو إمام خمسین ألفا من أمّتی، فأقوم فآخذ بیده فإذا أخذت بیده اسودّ وجهه و رجفت قدماه، و خفقت أحشاؤه، و من فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتمونی فی الثقلین بعدی؟ فیقولون: كذّبنا الأكبر و عصیناه و خذلنا الأصغر و خذلنا عنه، فأقول: اسلكوا سبیل أصحابكم، فینصرفون ظماء مظمئین مسودّة وجوههم لا یطعمون منه قطرة. ثم یرد علیّ المخدج برایته و هو إمام سبعین ألفا من أمّتی، فإذا أخذت بیده اسودّ وجهه، و رجفت قدماه، و خفقت أحشاؤه، و من فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتمونی فی الثقلین بعدی؟ فیقولون: كذّبنا الأكبر و عصیناه و قاتلنا الأصغر فقتلناه، فأقول: اسلكوا سبیل أصحابكم، فینصرفون ظماء مظمئین مسودّة وجوههم لا یطعمون منه قطرة. ثمّ یرد علیّ أمیر المؤمنین و قائد الغرّ المحجّلین فأقوم فآخذ بیده فیبیضّ وجهه و وجوه أصحابه، فأقول: ماذا خلفتمونی فی الثقلین بعدی؟ فیقولون: اتّبعنا الأكبر و صدّقناه و وازرنا الأصغر و نصرناه و قتلنا معه، فأقول روّوا، فیشربون شربة لا یظمؤون بعدها أبدا، إمامهم كالشمس الطالعة، و وجوههم كالقمر لیلة البدر، أو كانوا كأضوأ نجم فی السماء؛ قال: ألستم تشهدون علی ذلك؟، قالوا: بلی، قال: و أنا علی ذلكم من الشاهدین.

ص: 627

[بحار الأنوار: 8/ 14 حدیث 19، عن الیقین فی إمرة أمیر المؤمنین علیه السلام: 126 مجلس 129، و مثله فی صفحة: 150 و 167].

«125»-شف:كشف الیقین، بإسناده عن سلیمان بن هارون، عن أبی جعفر علیه السلام قال: لمّا سلّم علی علیّ علیه السلام بإمرة المؤمنین خرج الرجلان و هما یقولان: و اللّٰه لا نسلّم له ما قال أبدا.

[بحار الأنوار: 37/ 312- حدیث 45، عن الیقین: 93 باب 113].

«126»-شف:كشف الیقین، بإسناده عن أبی یعقوب رفعه الی أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ قال: لمّا رأی فلان و فلان منزلة علیّ علیه السلام یوم القیامة إذا رفع اللّٰه تعالی لواء الحمد الی محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله یجیئه كلّ ملك مقرّب و كلّ نبیّ مرسل فدفعه الی علیّ سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أی باسمه تسمّون: أمیر المؤمنین.

[بحار الأنوار: 37/ 302، حدیث 23].

«127»-قال العلّامة المجلسی: روی فی بعض مؤلّفات أصحابنا، بإسناده عن المفضّل ابن عمر فی حدیث، و جاء فیه: قال الصادق علیه السلام: یا مفضّل! لو تدبّر القرآن شیعتنا لما شكّوا فی فضلنا، أما سمعوا قوله عزّ و جلّ: وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ نُرِیَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا یَحْذَرُونَ (القصص: 5 و 6)، و اللّٰه یا مفضّل! إنّ تنزیل هذه الآیة فی بنی إسرائیل و تأویلها فینا، و انّ فرعون و هامان: تیم وعدیّ.

[بحار الأنوار: 53/ 26 باب 25].

«128»-مل:كامل الزیارة، بإسناده عن عبد اللّٰه بن بكر الأرجانی قال: صحبت أبا عبد اللّٰه علیه السلام فی طریق مكّة من المدینة، فنزلنا منزلا یقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن یسار الطریق وحش، فقلت له: یابن رسول اللّٰه! ما أوحش هذا الجبل؟ ما رأیت فی الطریق مثل هذا، فقال لی: یابن بكر! أتدری أیّ جبل هذا؟، قلت: لا، قال: هذا جبل یقال له: الكمد، و هو علی واد من أودیة جهنّم، و فیه قتلة أبی الحسین علیه السلام استودعهم فیه تجری من تحتهم میاه جهنّم من الغسلین و الصدید و الحمیم و ما یخرج من جبّ الحوی، و ما یخرج من الفلق، و ما یخرج من آثام، و ما یخرج من طینة الخبال، و ما یخرج من جهنّم، و ما یخرج من لظی و من الحطمة، و ما یخرج من سقر، و ما یخرج من الحمیم، و ما یخرج من الهاویة، و ما یخرج من السعیر. [و فی نسخة أخری: و ما یخرج من جهنّم، و ما یخرج من لظی ، و ما مررت بهذا الجبل فی سفری

ص: 628

فوقفت به إلّا رأیتهما یستغیثان إلیّ، و إنّی لأنظر الی قتلة أبی فأقول لهما: هؤلاء إنّما فعلوا ما أسّستما: لم ترحمونا إذ ولیتم، و قتلتمونا و حرمتمونا، و ثبتم علی قتلنا [حقّنا] و استبددتم بالأمر دوننا، فلا رحم اللّٰه من یرحمكما، ذوقا و بال ما قدّمتما، و ما اللّٰه بظلّام للعبید، و أشدّهما تضرّعا و استكانة الثانی، فربّما وقفت علیهما لیتسلّی عنّی بعض ما فی قلبی، و ربّما طویت الجبل الذی هما فیه و هو جبل الكمد-. قال: قلت له: جعلت فداك! فإذا طویت الجبل فما تسمع؟، قال: أسمع أصواتهما ینادیان: عرّج علینا نكلّمك فإنّا نتوب، و أسمع من الجبل صارخا یصرخ بی: أجبهما و قل لهما: اخسؤوا فیها و لا تكلّمون، قال: قلت له: جعلت فداك! و من معهم؟، قال: كلّ فرعون عتا علی اللّٰه و حكی اللّٰه عنه فعاله، و كلّ من علّم العباد الكفر، قلت: من هم؟، قال: نحو بولس الذی علّم الیهود أنّ ید اللّٰه مغلولة، و نحو نسطور الذی علّم النصاری أنّ عیسی المسیح ابن اللّٰه، و قال لهم: هم ثلاثة، و نحو فرعون موسی الذی قال: أنا ربّكم الأعلی، و نحو نمرود الذی قال: قهرت أهل الأرض و قتلت من فی السماء و قاتل أمیر المؤمنین، و قاتل فاطمة و محسن، و قاتل الحسن و الحسین، فأمّا معاویة و عمر فما یطمعان فی الخلاص و معهم كلّ من نصب لنا العداوة و أعان علینا بلسانه و یده و ماله، ...

[بحار الأنوار: 25/ 372 حدیث 24، عن كامل الزیارات: 326- 327 باب 108- حدیث 2].

«129»-عیون المعجزات: عن محمّد بن الفضل، عن داود الرقّی، قال: قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام: حدّثنی عن أعداء أمیر المؤمنین و أهل بیت النبوّة، فقال: الحدیث أحبّ إلیك أم المعاینة؟، قلت: المعاینة، فقال لأبی إبراهیم موسی علیه السلام: ائتنی بالقضیب، فمضی و أحضره إیّاه، فقال له: یا موسی! اضرب به الأرض و أرهم أعداء أمیر المؤمنین علیه السلام و أعداءنا، فضرب به الأرض ضربة فانشقّت الأرض عن بحر أسود، ثم ضرب البحر بالقضیب، فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح منها باب، فإذا بالقوم جمیعا لا یحصون لكثرتهم وجوههم مسودّة و أعینهم زرق، كلّ واحد منهم مصفّد مشدود فی جانب من الصخرة، و هم ینادون یا محمّد! و الزبانیة تضرب وجوههم و یقولون لهم: كذبتم لیس محمّد لكم و لا أنتم له.

فقلت له: جعلت فداك! من هؤلاء؟، فقال: الجبت و الطاغوت و الرجس و اللعین ابن اللعین، و لم یزل یعدّدهم كلّهم من أوّلهم الی آخرهم حتی أتی علی أصحاب السقیفة، و أصحاب الفتنة، و بنی الأزرق، و الأوزاع، و بنی أمّیة جدّد اللّٰه علیهم العذاب بكرة و أصیلا.

ثمّ قال علیه السلام للصخرة: انطبقی علیهم الی الوقت المعلوم.

[بحار الأنوار: 48/ 84- حدیث 104 عن المصدر: 100].

ص: 629

«130»-تقریب المعارف، لأبی الصلاح الحلبی: بإسناده عن مولی لعلیّ بن الحسین علیهما السلام قال: كنت معه علیه السلام فی بعض خلواته، فقلت: إنّ لی علیك حقّا، أ لا تخبرنی عن هذین الرجلین؛ عن أبی بكر و عمر، فقال: كافران؛ كافر من أحبّهما.

و عن أبی حمزة الثمالی؛ أنّه سأل علیّ بن الحسین علیهما السلام عنهما، فقال: كافران؛ كافر من تولّاهما.

قال: و تناصر الخبر عن علیّ بن الحسین و محمّد بن علیّ و جعفر بن محمّد علیهم السلام من طرق مختلفة أنّهم قالوا: ثلاثة لا ینظر اللّٰه إلیهم یوم القیامة و لا یزكّیهم و لهم عذاب ألیم:

من زعم أنّه إمام و لیس بإمام، و من جحد إمامة إمام من اللّٰه، و من زعم أنّ لهما فی الاسلام نصیبا.

و من طرق أخر: إنّ للأوّلین، و من آخر: للأعرابیّین فی الاسلام نصیبا.

ثم قال رحمه اللّٰه: .. الی غیر ذلك من الروایات عمّن ذكرناه و عن أبنائهم علیهم السلام مقترنا بالمعلوم من دینهم لكلّ متأمّل حالهم أنّهم یرون فی المتقدّمین علی أمیر المؤمنین علیه السلام و من دان بدینهم أنّهم كفّار، و ذلك كاف عن إیراد روایة، و أورد أخبارا أخر أوردناها فی كتاب الفتن.

[بحار الأنوار: 72/ 137- 138- حدیث 25. و جاء فی البحار: 72/ 131 حدیث 2، عن الخصال: 1 / 52، و قریب منه فی البحار: 25/ 111 حدیث 4، عن تفسیر العیاشی: 1/ 178 حدیث 65. و أورده فی بحار الأنوار: 7/ 209. و جاء فی تفسیر البرهان: 7 / 209، و مثله حدیث 10 من البحار: 15/ 112- 123].

«131»-كتاب ما نزل فی أعداء آل محمّد، فی قوله: یَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلی یَدَیْهِ ..

رجل من بنی عدّی، و یعذّبه علیّ علیه السلام فیعضّ علی یدیه، و یقول العاضّ و هو رجل من بنی تمیم: یا لَیْتَنِی كُنْتُ تُراباً أی شیعیّا.

[بحار الأنوار: 35/ 60].

«132»-قال العلّامة المجلسی: روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أصابه خصاصة فجاء الی رجل من الأنصار فقال له: هل عندك من طعام؟، فقال: نعم یا رسول اللّٰه، و ذبح له عناقا و شواه، فلمّا أدناه منه تمنّی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أن یكون معه علیّ و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام، فجاء أبو بكر و عمر، ثم جاء

ص: 630

علیّ علیه السلام بعدهما، فأنزل اللّٰه فی ذلك: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِیٍّ و لا محدّث إِلَّا إِذا تَمَنَّی أَلْقَی الشَّیْطانُ فِی أُمْنِیَّتِهِ؛ یعنی أبا بكر و عمر فَیَنْسَخُ اللَّهُ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ (الحج: 52- 53)؛ یعنی لمّا جاء علیّ علیه السلام بعدهما ثُمَّ یُحْكِمُ اللَّهُ آیاتِهِ للنّاس؛ یعنی ینصر اللّٰه أمیر المؤمنین علیه السلام، ثمّ قال: لِیَجْعَلَ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ فِتْنَةً یعنی فلانا و فلانا لِلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ یعنی الی الإمام المستقیم، ثمّ قال: وَ لا یَزالُ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی مِرْیَةٍ مِنْهُ أی فی شكّ من أمیر المؤمنین حَتَّی تَأْتِیَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ یَأْتِیَهُمْ عَذابُ یَوْمٍ عَقِیمٍ، قال: العقیم: الذی لا مثل له فی الأیّام، ثمّ قال: الْمُلْكُ یَوْمَئِذٍ لِلَّهِ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ فَالَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ* وَ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا قال: و لم یؤمنوا بولایة أمیر المؤمنین و الأئمّة علیهم السلام فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ (الحج: 55- 57).

[بحار الأنوار: 17/ 86].

«133»-سلف دعاء صنمی قریش الذی هو دعاء رفیع الشأن عظیم المنزلة، رواه عبد اللّٰه ابن عباس، عن علیّ علیه السلام أنّه كان یقنت به، و قال: إنّ الداعی به كالرامی مع النبیّ (صلی اللّٰه علیه و آله) فی بدر و أحد و حنین بألف ألف سهم،

و قد جاء فی البحار أیضا-: 82/ 261 باب 55- حدیث 5، عن البلد الأمین: 551 (الحجریة) فضل ذكر قنوت الأئمّة علیهم السلام، و جنّة الأمان (مصباح الشیخ): 552- 555 الحجریة. و باب ثواب اللعن علی أعدائهم 27/ 218.

«134»-عن تفسیر أبی محمد العسكری علیه السلام: أنّه أرادت الفجرة لیلة العقبة قتل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و من بقی فی المدینة قتل علیّ علیه السلام، فلمّا تبعه و قصّ علیه بغضاءهم فقال: أ ما ترضی أن تكون منّی بمنزلة هارون من موسی؟ ..

الخبر.

[بحار الأنوار: 44/ 34، عن تفسیر الامام العسكری علیه السلام: 380].

أقول: و یحسن بنا أن نلحق هنا حدیث الصحیفة و قصّة العقبة، و قد أشار لها العلّامة المجلسی طاب ثراه فی بحاره: 28/ 97، حدیث 3 نقلا عن إرشاد القلوب، و بحار الأنوار: 37 / 119- حدیث 8، و قد خلط بینهما، و ندرج بعض الروایات هنا عنهما، و عن قصص الأنبیاء بإسناده عن موسی بن بكر كما فی البحار: 21/ 233- حدیث 10 و حدیث 11 عن الخرائج، و عن دلائل النبوة للبیهقی فی 21/ 247 من البحار، و فی كتاب أبان بن عثمان، قال الأعشی: و كانوا اثنی عشر، سبعة من قریش كما فی البحار: 21/ 248- و حاصل القصّة فی البحار: 37/ 116 و 135 و 154 و لاحظ الحدیث الآتی ...

«135»-ل:خصال، بإسناده عن حذیفة بن الیمان أنّه قال: الذین نفروا برسول اللّٰه ناقته فی

ص: 631

منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، و أبو الدواهی، و أبو المعازف و أبوه، و طلحة، و سعد ابن أبی وقّاص، و أبو عبیدة، و أبو الأعور، و المغیرة، و سالم مولی أبی حذیفة، و خالد بن الولید، و عمرو بن العاص، و أبو موسی الأشعری، و عبد الرحمن بن عوف، و هم الذین أنزل اللّٰه عزّ و جلّ فیهم: وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا ...

قال العلّامة المجلسی بعد ذلك:

بیان: أبو الشرور و أبو الدواهی و أبو المعازف: أبو بكر و عمر و عثمان، فیكون المراد بالأب الوالد المجازیّ، أو لأنّه كان ولد زنا، أو المراد بأبی المعازف: معاویة،: أبو سفیان، و لعلّه أظهر، و یؤیده الخبر السابق.

[بحار الأنوار: 21/ 222- 223 حدیث 5، عن الخصال: 2/ 91].

«136»-كا:كافی، بإسناده عن الحارث بن حصیرة الأسدی، عن أبی جعفر علیه السلام قال: كنت دخلت مع أبی الكعبة، فصلّی علی الرخامة الحمراء بین العمودین، فقال: فی هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أن لا یردّوا هذا الأمر فی أحد من أهل بیته أبدا، قال: قلت: و من كان؟، قال: الأول و الثانی و أبو عبیدة بن الجرّاح و سالم بن الحبیبة.

[بحار الأنوار: 28/ 85- حدیث 1، عن الكافی: 4 / 545، و مثله فی الكافی: 8/ 334].

«137»-عن تفسیر القمی فی حدیث طویل: فاستفهمه عمر من بین أصحابه، فقال:

یا رسول اللّٰه! هذا من اللّٰه أو من رسوله؟، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: نعم من اللّٰه و من رسوله، إنّه أمیر المؤمنین، و إمام المتّقین، و قائد الغرّ المحجّلین، یقعده اللّٰه یوم القیامة علی الصراط فیدخل أولیاءه الجنّة و أعداءه النار، فقال أصحابه الذین ارتدّوا بعده: قد قال محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله فی مسجد الخیف ما قال، و قال ههنا ما قال، و إن رجع الی المدینة یأخذنا بالبیعة له، فاجتمعوا أربعة عشر نفرا و تآمروا علی قتل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و قعدوا له فی العقبة، و هی عقبة أرشی بین الجحفة و الأبواء، فقعدوا سبعة عن یمین العقبة و سبعة عن یسارها لینفروا ناقة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فلمّا جنّ اللیل تقدّم رسول اللّٰه فی تلك اللیلة العسكر، فأقبل ینعس علی ناقته، فلمّا دنا من العقبة ناداه جبرئیل: یا محمّد! إنّ فلانا و فلانا و فلانا قد قعدوا لك، فنظر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فقال: من هذا خلفی؟، فقال حذیفة بن الیمان: أنا حذیفة بن الیمان یا رسول اللّٰه، قال: سمعت ما سمعت؟، قال: بلی، قال: فاكتم، ثمّ دنا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله منهم فناداهم بأسمائهم، فلمّا سمعوا نداء رسول اللّٰه فرّوا و دخلوا فی غمار الناس، و قد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها، و لحق الناس برسول

ص: 632

اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و طلبوهم، و انتهی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی رواحلهم فعرفها، فلمّا نزل قال: ما بال أقوام تحالفوا فی الكعبة إن أمات اللّٰه محمّدا أو قتله أن لا یردّوا هذا الأمر فی أهل بیته أبدا؟، فجاؤوا الی رسول اللّٰه فحلفوا أنّهم لم یقولوا من ذلك شیئا، و لم یریدوه، و لم یهمّوا بشی ء من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فأنزل اللّٰه: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا من قتل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ یَتُوبُوا یَكُ خَیْراً لَهُمْ وَ إِنْ یَتَوَلَّوْا یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِیماً فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِی الْأَرْضِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ (التوبة: 74)، فرجع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی المدینة و بقی بها المحرّم و النصف من صفر لا یشتكی شیئا، ثمّ ابتدأ به الوجع الذی توفّی فیه صلّی اللّٰه علیه و آله.

[بحار الأنوار: 37/ 115- 116 ذیل حدیث 6، عن تفسیر القمی: 159- 162 (1/ 174- 175)].

«138»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، قال: نزلت فی الذین تحالفوا فی الكعبة أن لا یردّوا هذا الأمر فی بنی هاشم، فهی كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی العقبة، و همّوا بقتله و هو قوله: وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا ... (التوبة: 74).

قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِینَ مَرَّةً فَلَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ قال علی بن ابراهیم: إنّها نزلت لمّا رجع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی المدینة و مرض عبد اللّٰه ابن أبیّ، و كان ابنه عبد اللّٰه بن عبد اللّٰه مؤمنا ... فدخل الیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و المنافقون عنده، فقال ابنه عبد اللّٰه بن عبد اللّٰه: یا رسول اللّٰه! استغفر اللّٰه له، فاستغفر له، فقال عمر: أ لم ینهك اللّٰه یا رسول اللّٰه أن تصلّی علیهم؟ أو تستغفر لهم؟، فأعرض عنه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و أعاد علیه، فقال له: ویلك! إنّی خیّرت فاخترت، إنّ اللّٰه یقول:

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِینَ مَرَّةً فَلَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (البقرة: 74- 80)، فلمّا مات عبد اللّٰه جاء ابنه ... فحضر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و قام علی قبره، فقال له عمر: یا رسول اللّٰه! أ لم ینهك اللّٰه أن تصلّی علی أحد منهم مات أبدا و أن تقوم علی قبره؟، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: ویلك! و هل تدری ما قلت؟ إنّما قلت: اللّٰهمّ احش قبره نارا، و جوفه نارا، و أصله النار، فبدا من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ما لم یكن یحب.

[بحار الأنوار: 22/ 96- 97 حدیث 49، عن تفسیر علی بن ابراهیم القمی: 277 (1/ 301)، و صدر

ص: 633

الحدیث فی البحار: 17/ 205].

«139»-الصراط المستقیم: قال: و یعضده ما أسنده سلیم الی معاذ بن جبل أنّه عند وفاته دعا علی نفسه بالویل و الثبور، فقیل له: لم ذاك؟ قال: لموالاتی عتیقا و عمر علی أن أزوی خلافة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله عن علیّ علیه السلام، و روی مثل ذلك عن ابن عمر أنّ أباه قاله عند وفاته و كذا أبو بكر، و قال: هذا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و معه علیّ بیده الصحیفة التی تعاهدنا علیها فی الكعبة و هو یقول: و قد وفیت بها و تظاهرت علی ولیّ اللّٰه أنت و أصحابك، فأبشر بالنار فی أسفل السافلین، ثمّ لعن ابن صهّاك، و قال: هو الّذی صدّنی عن الذّكر بعد إذ جاءنی.

قال العباس بن الحارث: لمّا تعاقدوا علیها نزلت: إِنَّ الَّذِینَ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ، و قد ذكرها أبو إسحاق فی كتابه و ابن حنبل فی مسنده، و الحافظ فی حلیته، و الزمخشریّ فی فائقه، و نزل: وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً (النمل: 50).

و عن الصادق علیه السلام: نزلت: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (الزخرف: 79).

و لقد وبّخهما النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لمّا نزلت، فأنكرا، فنزلت: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ.

و رووا أنّ عمر أودعها أبا عبیدة، فقال له النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: أصبحت أمین هذه الأمّة، و روته العامّة أیضا.

و قال عمر عند موته: لیتنی خرجت من الدنیا كفافا لا علیّ و لا لی، فقال ابنه: تقول هذا؟، فقال: دعنی؛ نحن أعلم بما صنعنا أنا و صاحبی و أبو عبیدة و معاذ.

و كان أبیّ یصیح فی المسجد: ألا هلك أهل العقدة؛ فیسأل عنهم، فیقول: ما ذكرناه، ثمّ قال: لئن عشت الی الجمعة لأبیننّ للناس أمرهم، فمات قبلها.

[بحار الأنوار: 28/ 122- 123 حدیث 5، عن الصراط المستقیم: 3/ 151- 152 بتلخیص، و قد مرّ مقال أبیّ بن كعب فی بحار الأنوار: 28/ 34 و 118].

«140»-كا:كافی، بإسناده عن أبی بصیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه عزّ و جلّ:

ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا ثُمَّ یُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ (المجادلة: 7)، قال: نزلت هذه الآیة فی فلان و فلان، و أبی عبیدة بن الجرّاح، و عبد الرحمن بن عوف، و سالم مولی أبی حذیفة، و المغیرة بن شعبة، حیث كتبوا الكتاب بینهم، و تعاهدوا و توافقوا: لئن مضی محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله لا تكون الخلافة فی بنی هاشم و لا النبوّة أبدا،

ص: 634

فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ فیهم هذه الآیة.

قال: قلت: قوله عزّ و جلّ: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ* أَمْ یَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلی وَ رُسُلُنا لَدَیْهِمْ یَكْتُبُونَ (الزخرف: 79- 80)، قال: و هاتان الآیتان نزلتا فیهم ذلك الیوم، قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: لعلّك تری أنّه كان یوم یشبه یوم كتب الكتاب إلّا یوم قتل الحسین علیه السلام، و هكذا كان فی سابق علم اللّٰه عزّ و جلّ الذی أعلمه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أن إذا كتب الكتاب قتل الحسین علیه السلام و خرج الملك من بنی هاشم فقد كان ذلك كله،

الحدیث.

[بحار الأنوار: 28/ 123 حدیث 6، عن روضة الكافی: 8/ 179، و بحار الأنوار 24/ 364 حدیث 92].

«141»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن سلیمان بن خالد، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّٰه: إِنَّمَا النَّجْوی مِنَ الشَّیْطانِ (المجادلة: 7)، قال: الثانی، قوله: ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ (المجادلة: 10)، قال: فلان و فلان، و أبو [ابن فلان أمینهم حین اجتمعوا و دخلوا الكعبة فكتبوا بینهم كتابا إن مات محمّد أن لا یرجع الأمر فیهم أبدا.

[بحار الأنوار: 28/ 85 حدیث 2، عن تفسیر القمی: 669 / (2/ 356)].

«142»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، یَوْمَ یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِیعاً، قال: إذا كان یوم القیامة جمع اللّٰه الذین غصبوا آل محمّد حقّهم فیعرض علیهم أعمالهم فیحلفون له أنّهم لم یعملوا منها شیئا كما حلفوا لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی الدنیا حین حلفوا أن لا یردّوا الولایة فی بنی هاشم، و حین همّوا بقتل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی العقبة، فلمّا أطلع اللّٰه نبیّه صلّی اللّٰه علیه و آله و أخبرهم حلفوا له أنّهم لم یقولوا ذلك و لم یهمّوا به، فأنزل اللّٰه علی رسوله: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ یَتُوبُوا یَكُ خَیْراً لَهُمْ (التوبة: 74)، قال: اذا عرض اللّٰه ذلك علیهم فی القیامة ینكرونه و یحلفون كما حلفوا لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.

[بحار الأنوار: 7/ 209- حدیث 102، عن تفسیر القمی: 671 (2/ 358)].

«143»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن جعفر بن محمد علیهما السلام قال: لمّا أقام رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله أمیر المؤمنین علیّا یوم غدیر خمّ كان بحذائه سبعة نفر من المنافقین، منهم أبو بكر و عمر و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبی وقّاص و أبو عبیدة و سالم مولی أبی حذیفة و المغیرة بن

ص: 635

شعبة، قال عمر: أما ترون عینیه كأنّهما عینا مجنون؟! یعنی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله! الساعة یقوم و یقول: قال لی ربّی، فلمّا قام قال: أیّها الناس من أولی بكم من أنفسكم؟، قالوا: اللّٰه و رسوله، قال: اللّٰهمّ فاشهد، ثم قال: ألا من كنت مولاه فعلیّ مولاه، و سلّموا علیه بإمرة المؤمنین، فأنزل جبرئیل علیه السلام و أعلم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بمقالة القوم، فدعاهم فسألهم، فأنكروا و حلفوا، فأنزل اللّٰه: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ... (التوبة: 74).

[بحار الأنوار: 37/ 119- حدیث 8، عن تفسیر القمی: 277 (1/ 301)].

«144»-مجمع البیان: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ ... (التوبة: 48)، و قیل: أراد بالفتنة الفتك بالنبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فی غزوة تبوك لیلة العقبة، و كانوا اثنی عشر رجلا من المنافقین وقفوا علی الثنیة لیفتكوا بالنبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، عن ابن جبیر و ابن جریح.

[بحار الأنوار: 21/ 193، عن مجمع البیان: 5/ 36].

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: یَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ قیل: نزلت فی اثنی عشر رجلا وقفوا علی العقبة لیفتكوا برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله عند رجوعه من تبوك [و ذكر فیه اخبار جبرئیل عن نیّتهم الفاسدة و أمره بإرسال من یضرب وجوه رواحلهم، و كان عمّار و حذیفة معه، فقال لحذیفة: اضرب وجوه رواحلهم، و سئل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله عن حذیفة أنّه عرف من القوم؟ فقال: لم أعرف منهم أحدا، فعدّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كلّهم.

[بحار الأنوار: 21/ 196- ملخّصا].

قوله تعالی: وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا (التوبة: 74) فیه أقوال؛ أحدها: أنّهم همّوا بقتل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله لیلة العقبة و التنفیر بناقته.

[بحار الأنوار: 21/ 198.

و تفصیل الواقعة جاء فی الاحتجاج: 2/ 33، و تفسیر الامام الحسن العسكری علیه السلام، و أورده فی بحار الأنوار: 21/ 223- 232، حدیث 6].

«145»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، عن الباقر علیه السلام: فی قوله تعالی: كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ إذا عاینوا عند الموت ما أعدّ لهم من العذاب الألیم، و هم أصحاب الصحیفة التی كتبوا علی مخالفة علیّ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ (البقرة: 167).

و عنه علیه السلام فی قوله تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً (آل عمران: 118) أعلمهم بما فی قلوبهم، و هم أصحاب الصحیفة.

[بحار الأنوار: 28/ 116 حدیث 4، عن المناقب:

ص: 636

3 / 212- 213].

«146»-عن جعفر بن محمد الخزاعی، عن أبیه: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول: لمّا قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ما قال فی غدیر خمّ و صاروا بالأخبیة مرّ المقداد بجماعة منهم و هم یقولون: و اللّٰه إن كنّا أصحاب كسری و قیصر لكنّا فی الخزّ و الوشی و الدیباج و النساجات، و إنّا معه فی الأخشنین، نأكل الخشن و نلبس الخشن، حتّی إذا دنا موته و فنیت أیّامه و حضر أجله أراد أن یولّیها علیّا من بعده، أما و اللّٰه لیعلمنّ، قال: فمضی المقداد و أخبر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله به، فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فنقوم نحلف علیه، قال: فجاؤوا حتّی جثوا بین یدیه، فقالوا: بآبائنا و أمّهاتنا یا رسول اللّٰه- لا و الذی بعثك بالحقّ و الذی أكرمك بالنبوّة ما قلنا ما بلغك، لا و الذی اصطفاك علی البشر، قال: فقال النبیّ:

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بك یا محمّد لیلة العقبة وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (التوبة: 74) كان أحدهم یبیع الرؤوس و آخر یبیع الكراع و ینقل القرامل فأغناهم اللّٰه برسوله، ثمّ جعلوا حدّهم و حدیدهم علیه.

قال أبان بن تغلب عنه علیه السلام: لمّا نصب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله علیّا علیه السلام یوم غدیر خمّ، فقال: «من كنت مولاه فعلیّ مولاه» ضمّ رجلان من قریش رؤوسهما و قالا: و اللّٰه لا نسلّم له ما قال أبدا، فأخبر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، فسألهم عمّا قالا، فكذّبا و حلفا باللّٰه ما قالا شیئا، فنزّل جبرئیل علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا .. الآیة، قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: لقد تولّیا و ما تابا.

[بحار الأنوار: 37/ 154 حدیث 38، و جاء فی تفسیر البرهان: 2/ 146- 147].

«147»-قال العلّامة المجلسی:

فصل: و روی أنّ اللّٰه تعالی عرض علیّا علی الأعداء یوم الابتهال، فرجعوا عن العداوة، و عرضه علی الأولیاء یوم الغدیر فصاروا أعداء، فشتّان ما بینهما؟ و روی أبو سعید السمّان، بإسناده: أنّ إبلیس أتی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی صورة شیخ حسن السمت فقال: یا محمّد! ما أقلّ من یبایعك علی ما تقول فی ابن عمّك علیّ؟!، فأنزل اللّٰه: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (سبأ: 20)، فاجتمع جماعة من المنافقین الذین نكثوا عهده فقالوا: قد قال محمّد بالأمس فی مسجد الخیف ما قال، و قال ههنا ما قال، فإن رجع الی المدینة یأخذ البیعة له، و الرأی أن نقتل محمّدا قبل أن یدخل المدینة، فلمّا كان فی تلك اللیلة قعد له صلّی اللّٰه علیه و آله أربعة عشر رجلا فی العقبة لیقتلوه و هی عقبة

ص: 637

بین الجحفة و الأبواء فقعد سبعة عن یمین العقبة و سبعة عن یسارها لینفروا ناقته، فلمّا أمسی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله صلّی و ارتحل، و تقدّم أصحابه و كان علی ناقة ناجیة فلمّا صعد العقبة ناداه جبرئیل: یا محمّد! .. إنّ فلانا و فلانا .. و سمّاهم كلّهم .. و ذكر صاحب الكتاب أسماء القوم المشار إلیهم، ثمّ قال: قال جبرئیل: یا محمّد! هؤلاء قد قعدوا لك فی العقبة لیغتالوك، فنظر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی من خلفه فقال: من هذا خلفی؟، فقال حذیفة بن الیمان: أنا حذیفة یا رسول اللّٰه، قال صلّی اللّٰه علیه و آله: سمعت ما سمعناه؟، قال: نعم، قال: اكتم، ثمّ دنا منهم فناداهم بأسمائهم و أسماء آبائهم، فلمّا سمعوا نداء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله مرّوا و دخلوا فی غمار الناس و تركوا رواحلهم و قد كانوا عقلوها داخل العقبة، و لحق الناس برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و انتهی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی رواحلهم فعرفها، فلمّا نزل قال: ما بال أقوام تحالفوا فی الكعبة إن أمات اللّٰه محمّدا أو قتل لا یردّ هذا الأمر الی أهل بیته، ثمّ همّوا بما همّوا به؟ فجاؤوا الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یحلفون أنّهم لم یهمّوا بشی ء من ذلك! فأنزل اللّٰه تبارك و تعالی: یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ یَنالُوا (التوبة: 74) الآیة.

[بحار الأنوار: 37/ 135].

«148»-مل:كامل الزیارة، و أوّل من یحكم فیه محسن بن علیّ علیه السلام فی قاتله، ثمّ فی قنفذ، فیؤتیان هو و صاحبه فیضربان بسیاط من نار، لو وقع سوط منها علی البحار لغلت من مشرقها الی مغربها، و لو وضعت علی جبال الدنیا لذابت حتی تصیر رمادا، فیضربان بها.

ثمّ یجثو أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه بین یدی اللّٰه للخصومة مع الرابع و تدخل الثلاثة فی جبّ فیطبق علیهم لا یراهم أحد و لا یرون أحدا، فیقول الذین كانوا فی ولایتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِیَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِینَ (فصّلت: 29)، قال اللّٰه عزّ و جلّ: وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (الزخرف: 39)، فعند ذلك ینادون بالویل و الثبور، و یأتیان الحوض یسألان عن أمیر المؤمنین علیه السلام و معهم حفظة فیقولان اعف عنّا و اسقنا و خلّصنا، فیقال لهم: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (الملك: 38) بإمرة المؤمنین، ارجعوا ظماء مظمئین الی النار فما شرابكم إلّا الحمیم و الغسلین، و ما تنفعكم شفاعة الشافعین.

ثمّ یجثو أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه بین یدی اللّٰه للخصومة مع الرابع و تدخل الثلاثة فی جبّ فیطبق علیهم لا یراهم أحد و لا یرون أحدا، فیقول الذین كانوا فی ولایتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِیَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِینَ (فصّلت: 29)، قال اللّٰه عزّ و جلّ: وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (الزخرف: 39)، فعند ذلك ینادون بالویل و الثبور، و یأتیان الحوض یسألان عن أمیر المؤمنین علیه السلام و معهم حفظة فیقولان اعف عنّا و اسقنا و خلّصنا، فیقال لهم: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (الملك: 38) بإمرة المؤمنین، ارجعوا ظماء مظمئین الی النار فما شرابكم إلّا الحمیم و الغسلین، و ما تنفعكم شفاعة الشافعین.

[بحار الأنوار: 28/ 64، عن كامل الزیارات: 332- 335].

ص: 638

و ممّا ورد فی عائشة و حفصة و بنی أمیّة:

«149»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ؛ المؤتفكات: البصرة، و الخاطئة: فلانة.

[بحار الأنوار: 32/ 227- حدیث 117، عن تفسیر القمی: 2/ 384].

و جاء فی بیان المجلسی رحمه اللّٰه: و أما تأویل الذی ذكره علیّ بن إبراهیم فقد رواه

مؤلف تأویل الآیات الباهرة بإسناده عن حمران، قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقرأ: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ؛ یعنی الثالث، وَ مَنْ قَبْلَهُ؛ یعنی الأوّلین، وَ الْمُؤْتَفِكاتُ؛ أهل البصرة، بِالْخاطِئَةِ (الحاقة: 9)؛ الحمیراء، فالمراد بمجی ء الأوّلین و الثالث بعائشة أنّهم أسّسوا لها بما فعلوا من الجور علی أهل البیت علیهم السلام أساسا به تیسّر لها الخروج و الاعتداء علی أمیر المؤمنین علیه السلام، و لو لا ما فعلوا لم تكن تجترئ علی ما فعلت.

«150»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن سالم الأشل، عن الصادق علیه السلام، قال: كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً (النحل: 92)؛ عائشة هی نكثت أیمانها.

[بحار الأنوار: 32/ 286- حدیث 238 عن تفسیر العیاشی: 2/ 269- حدیث 65].

«151»-مد:عُمدة، من صحیح البخاری، بإسناده عن نافع بن عبد اللّٰه، قال: قام النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله خطیبا و أشار نحو مسكن عائشة، فقال: هنا الفتنة ثلاثا من حیث یطلع قرن الشیطان.

[بحار الأنوار: 32/ 287- حدیث 241، عن العمدة لابن بطریق: 456- حدیث 956. و انظر العمدة لابن بطریق: 453، حدیث 952 و ما بعده و حدیث 942 و 943 و 944 و 946 و 947 و 948 و 950 و 955 و ما بعدها من الروایات .

«152»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن سالم بن مكرم، عن أبیه، قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول فی قوله: مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً (العنكبوت: 41)؛ قال: هی الحمیراء.

[بحار الأنوار: 32/ 286- حدیث 239- 240، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 430- حدیث 7، و البرهان: 3/ 252- حدیث 1].

ص: 639

«153»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،و بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: قال:

أ تدری ما الفاحشة المبیّنة؟، قلت: لا، قال: قتال أمیر المؤمنین علیه السلام؛ یعنی أهل الجمل.

[بحار الأنوار: 32/ 286، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2 / 453- حدیث 13، و جاء فی تفسیر البرهان: 3 / 308- حدیث 3].

«154»-ع:علل الشرائع، بإسناده عن عبد الرحیم القصیر، قال: قال لی أبو جعفر علیه السلام: أما لو قام قائمنا لقد ردّت الیه الحمیراء حتی یجلدها الحدّ، و حتی ینتقم لابنة محمّد فاطمة علیها السلام منها. قلت: جعلت فداك! و لم یجلدها الحدّ؟، قال: لفریتها علی أمّ ابراهیم، قلت:

فكیف أخّره اللّٰه للقائم علیه السلام؟، فقال له: لأنّ اللّٰه تبارك و تعالی بعث محمّدا صلّی اللّٰه علیه و آله و بعث القائم علیه السلام نقمة.

[بحار الأنوار: 22/ 242، حدیث 8 و 52/ 314- 315 حدیث 9، عن علل الشرائع: 193 (2/ 267)، و جاء فی المحاسن: 339 مثله .

«155»-ل:خصال، بإسناده عن ابن عمارة، عن أبیه، قال: سمعت جعفر بن محمد علیهما السلام یقول: ثلاثة كانوا یكذبون علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أبو هریرة و أنس بن مالك، و امرأة.

[بحار الأنوار: 22/ 242 حدیث 7، عن الخصال:

«1»- 89].

«156»-تقریب المعارف: بإسناده عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله عزّ و جلّ: وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِیُّ إِلی بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِیثاً .. (التحریم: 3)؛ قال: أسرّ إلیهما أمر القبطیة، و أسرّ إلیهما أنّ أبا بكر و عمر یلیان أمر الأمّة من بعده ظالمین فاجرین غادرین.

[بحار الأنوار: 22/ 246 حدیث 16].

«157»-الصراط المستقیم: فی حدیث الحسین بن علوان و الدیلمی، عن الصادق علیه السلام فی قوله تعالی: وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِیُّ إِلی بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِیثاً .. (التحریم: 3)؛ هی حفصة، قال الصادق علیه السلام: كفرت فی قولها: مَنْ أَنْبَأَكَ هذا، و قال اللّٰه فیها و فی أختها: إِنْ تَتُوبا إِلَی اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (التحریم: 4) .. أی زاغت، و الزیغ: الكفر.

و فی روایة: أنّه أعلم حفصة أنّ أباها و أبا بكر یلیان الأمر، فأفشت الی عائشة، فأفشت الی أبیها، فأفشی الی صاحبه، فاجتمعا علی أن یستعجلا ذلك علی أن یسقیاه سمّا، فلمّا أخبره

ص: 640

اللّٰه بفعلهما همّ بقتلهما، فحلفا له أنّهما لم یفعلا، فنزل: یا أَیُّهَا الَّذِینَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ ... (التحریم: 7).

[بحار الأنوار: 27/ 246- حدیث 17، عن الصراط المستقیم: 3/ 168، و فی الصراط المستقیم روایات عدیدة و فصول متعدّدة فی أنّ أمّ الشرور عائشة: 1 / 161- 176 الی آخر الباب الرابع عشر].

«158»-شی:تفسیر العیاشیّ، بإسناده عن عبد الصمد بن بشیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: تدرون مات النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله أو قتل؟، إنّ اللّٰه یقول: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ (آل عمران: 144)؛ فسمّ قبل الموت، إنّهما سمّتاه! فقلنا: إنّهما و أبویهما شرّ من خلق اللّٰه.

[بحار الأنوار: 28/ 20 حدیث 28، و 8/ 6، عن تفسیر العیاشی: 1/ 200- حدیث 152، و تفسیر البرهان: 1 / 320، و تفسیر الصافی: 1/ 305].

«159»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن جابر قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن هذه الآیة من قول اللّٰه:

فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ قال: تفسیرها فی الباطن: لمّا جاءهم ما عرفوا فی علیّ كفروا به، فقال اللّٰه فیهم: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الْكافِرِینَ؛ یعنی بنی أمیّة هم الكافرون فی باطن القرآن.

قال أبو جعفر علیه السلام: نزلت هذه الآیة علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله هكذا:

بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ یَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فی علیّ بَغْیاً و قال اللّٰه فی علیّ: أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ؛ یعنی علیّا، قال اللّٰه: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلی غَضَبٍ؛ یعنی بنی أمیّة وَ لِلْكافِرِینَ؛ یعنی بنی أمیّة عَذابٌ مُهِینٌ. و قال جابر: قال أبو جعفر علیه السلام: نزلت هذه الآیة علی محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله هكذا و اللّٰه: وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من ربّكم فی علیّ، یعنی بنی أمیّة قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَیْنا؛ یعنی فی قلوبهم بما أنزل اللّٰه علیه وَ یَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ (البقرة: 89- 91) ...

الی آخره.

[بحار الأنوار: 9/ 101 و 36/ 98- حدیث 38 أیضا، و فی تفسیر العیاشی: 1/ 50- 51 حدیث 70 و 71، و تفسیر الصافی: 1/ 118 و تفسیر البرهان: 1/ 391].

«160»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ إِنَّ لِلطَّاغِینَ لَشَرَّ مَآبٍ؛ هم الأوّلان و بنو أمیّة، ثم ذكر من كان بعده ممّن غصب آل محمّد حقّهم فقال: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ؛ و هم

ص: 641

بنو السباع فیقول بنو أمیّة: لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ فیقول بنو فلان: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا و بدأتم بظلم آل محمّد فَبِئْسَ الْقَرارُ؛ ثم یقول بنو أمیّة:

رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِی النَّارِ؛ یعنون الأوّلین، ثم یقول أعداء آل محمّد فی النار: ما لَنا لا نَری رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ فی الدنیا و هم شیعة أمیر المؤمنین علیه السلام أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِیًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ، ثم قال: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (سورة ص: 55- 64) فیما بینهم، و ذلك قول الصادق علیه السلام: و اللّٰه إنّكم لفی الجنّة تحبرون، و فی النار تطلبون.

[بحار الأنوار: 68/ 13 حدیث 14، عن تفسیر القمی: 2/ 242- 243].

«161»-فر: تفسیر فرات بن إبراهیم، بإسناده عن عكرمة، و سئل عن قول اللّٰه تعالی ... وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها (الشمس: 4)؛ بنو أمیّة.

قال ابن عباس: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: بعثنی اللّٰه نبیّا فأتیت بنی أمیّة فقلت: یا بنی أمیّة! إنّی رسول اللّٰه إلیكم، قالوا: كذبت ما أنت برسول اللّٰه، قال: ثم ذهبت الی بنی هاشم، فقلت: یا بنی هاشم! إنّی رسول اللّٰه إلیكم، فآمن بی مؤمنهم أمیر المؤمنین علیّ ابن أبی طالب و حمانی ...، قال ابن عباس: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله:

ثم بعث اللّٰه جبرئیل بلوائه فركزها فی بنی هاشم و بعث إبلیس بلوائه فركزها فی بنی أمیّة؛ فلا یزالون أعداءنا، و شیعتهم أعداء شیعتنا الی یوم القیامة.

[بحار الأنوار: 24/ 79- 80 حدیث 20، عن تفسیر فرات: 211- 213].

«162»-فر: تفسیر فرات بن إبراهیم، بإسناده عن عكرمة، و سئل عن قول اللّٰه: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها* وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؛ قال: الشَّمْسِ وَ ضُحاها؛ هو محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله، وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؛ أمیر المؤمنین علیه السلام، وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؛ آل محمّد، و هما الحسن و الحسین، وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها؛ بنو أمیّة. و قال ابن عباس هكذا، و قال أبو جعفر علیه السلام هكذا ...

الخبر.

[بحار الأنوار: 16/ 89- حدیث 17، عن تفسیر فرات: 212].

«163»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن عیسی بن داود، عن أبی الحسن موسی، عن أبیه علیهما السلام فی قول اللّٰه عزّ و جلّ: فَالَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِیمٌ (الحج: 50) قال: أولئك آل محمّد علیهم السلام، وَ الَّذِینَ سَعَوْا فی قطع مودّة آل محمّد مُعاجِزِینَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِیمِ (الحج: 51)؛ قال: هی الأربعة نفر؛ یعنی التیمیّ

ص: 642

و العدیّ و الأمویّین.

[بحار الأنوار: 23/ 381- حدیث 73، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 345- حدیث 29، و جاء فی تفسیر البرهان: 3/ 98- حدیث 1].

«164»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن ابن عباس فی قوله عزّ و جلّ: فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (محمّد: 22)؛ قال: نزلت فی بنی هاشم و بنی أمیّة.

[بحار الأنوار: 23/ 385- 386 حدیث 89، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 585 حدیث 12].

«165»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن ابن عباس فی قوله عزّ و جلّ: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. (سورة ص: 28) علیّ و حمزة و عبیدة كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ عتبة و شیبة و الولید أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ علیّ و أصحابه كَالْفُجَّارِ فلان و أصحابه.

[بحار الأنوار: 24/ 7- حدیث 20، عن تأویل الآیات الظاهرة: 264 (2/ 503 حدیث 2)، و أورده فی تفسیر البرهان: 4/ 46 حدیث 2، و أخرجه فی البحار: 41 / 79، عن مناقب ابن شهر آشوب: 2/ 311 الی قوله: و الولید.].

«166»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن علیّ صلوات اللّٰه علیه أنّه قال: سورة محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله آیة فینا و آیة فی بنی أمیّة.

[بحار الأنوار: 23/ 384- حدیث 84، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 582 حدیث 1].

«167»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن ابن عباس فی قول اللّٰه عزّ و جلّ ... وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها بنو أمیّة، ثم قال ابن عباس: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: بعثنی اللّٰه نبیّا، فأتیت بنی أمیّة فقلت: یا بنی أمیّة! إنّی رسول اللّٰه إلیكم، قالوا: كذبت ما أنت برسول، ثم أتیت بنی هاشم، فقلت: إنّی رسول اللّٰه إلیكم، فآمن بی علیّ بن أبی طالب علیه السلام سرّا و جهرا، و حمانی أبو طالب علیه السلام جهرا و آمن بی سرّا، ثم بعث اللّٰه جبرئیل بلوائه فركزه فی بنی هاشم و بعث إبلیس بلوائه فركزه فی بنی أمیّة، فلا یزالون أعداءنا و شیعتهم أعداء شیعتنا الی یوم القیامة.

[بحار الأنوار: 24/ 76- حدیث 14، عن تأویل الآیات الظاهرة: 466- 467 الرضویة (2/ 806

ص: 643

حدیث 6)، و أورده فی البرهان: 4/ 467 حدیث 10].

«168»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن جابر بن یزید، قال: قال أبو جعفر علیه السلام: قول اللّٰه عزّ و جلّ: وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ؛ یعنی بنی أمیّة هم الذین كفروا و هم أصحاب النار، ثم قال: الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ؛ یعنی الرسول و الأوصیاء من بعده علیهم السلام یحملون علم اللّٰه، ثم قال: وَ مَنْ حَوْلَهُ؛ یعنی الملائكة یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ .. یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا؛ و هم شیعة آل محمّد علیهم السلام، یقولون: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَیْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِینَ تابُوا من ولایة هؤلاء و بنی أمیّة وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَكَ؛ و هو أمیر المؤمنین علیه السلام وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِیمِ* رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِی وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ* وَ قِهِمُ السَّیِّئاتِ و السیّئات؛ بنو أمیّة و غیرهم و شیعتهم، ثم قال: إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا؛ یعنی بنو أمیّة یُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَی الْإِیمانِ فَتَكْفُرُونَ، ثم قال: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِیَ اللَّهُ بولایة علیّ علیه السلام وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ یُشْرَكْ بِهِ؛ یعنی بعلیّ علیه السلام تُؤْمِنُوا أی إذا ذكر إمام غیره تؤمنوا به فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ الْكَبِیرِ (المؤمن: 6- 12).

[بحار الأنوار: 23/ 363- حدیث 23، عن تأویل الآیات الظاهرة: 277- حجریة- (2/ 528- 529 حدیث 7)، و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 93 حدیث 16، و قریب منه فی تفسیر القمی: 583 حجریة، و بحار الأنوار: 24/ 210- حدیث 8، و انظر ما بعدها من الروایات فی البحار: 23/ 364 حدیث 26، عن (كنز) تأویل الآیات الظاهرة].

«169»-یر: بصائر الدرجات،بإسناده عن یحیی بن أمّ الطویل، قال: صحبت علیّ بن الحسین علیهما السلام من المدینة الی مكّة و هو علی بغلته و أنا علی راحلة فجزنا وادی ضجنان، فإذا نحن برجل أسود فی رقبته سلسلة و هو یقول: یا علی بن الحسین! اسقنی، فوضع رأسه علی صدره ثم حرّك دابّته، قال: فالتفت فإذا برجل یجذبه و هو یقول: لا تسقه لا سقاه اللّٰه، قال:

فحرّكت راحلتی و لحقت بعلیّ بن الحسین علیهما السلام، فقال لی: أیّ شی ء رأیت؟، فأخبرته، فقال: ذاك معاویة لعنه اللّٰه.

[بحار الأنوار: 6/ 248- 249 حدیث 86، عن بصائر الدرجات: 82 (306- حدیث 6)].

ص: 644

«170»-ختص:كتاب الإختصاص، بإسناده عن عبد الملك بن عبد اللّٰه القمی، عن أخیه إدریس، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول: بینا أنا و أبی متوجّهین الی مكّة و أبی قد تقدّمنی فی موضع یقال له: ضجنان-، إذ جاء رجل فی عنقه سلسلة یجرّها، فأقبل علیّ فقال: اسقنی، اسقنی، فصاح بی أبی: لا تسقه لا سقاه اللّٰه، قال: و فی طلبه رجل یتبعه، فجذب سلسلته جذبة طرحه بها فی أسفل درك من النّار.

[بحار الأنوار: 39/ 247 حدیث 82، عن الاختصاص: 276].

«171»-ختص:كتاب الإختصاص، بإسناده عن بشیر النبّال، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: كنت مع أبی بعسفان فی واد بها أو بضجنان، فنفرت بغلته فإذا رجل فی عنقه سلسلة و طرفها فی ید آخر یجرّه، فقال: اسقنی، فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه اللّٰه، فقلت لأبی: من هذا؟، فقال: هذا معاویة.

[بحار الأنوار: 6/ 247- 248 حدیث 83، و لا حظ ما قبله و ما بعده من الروایات فی هذا الباب، و قریب منه ما رواه عن الاختصاص: 276 بإسناده عن مالك بن عطیّة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، و جاء فی بحار الأنوار: 46/ 280 حدیث 81].

«172»-ج:إحتجاج، فیما احتجّ به الحسن علیه السلام علی معاویة و أصحابه أنّه قال لمغیرة بن شعبة: أنت ضربت فاطمة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حتی أدمیتها و ألقت ما فی بطنها استذلالا منك لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و مخالفة منك لأمره، و انتهاكا لحرمته، و قد قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أنت سیّدة نساء أهل الجنّة، اللّٰه مصیّرك الی النار.

[بحار الأنوار: 43/ 197- حدیث 8، عن الاحتجاج: 1 / 414 طبعة النجف .

«173»-ل:خصال، بإسناده عن أبی حرب بن أبی الأسود، عن رجل من أهل الشام، عن أبیه، قال: سمعت النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله یقول: من شرّ خلق اللّٰه خمسة: إبلیس، و ابن آدم الذی قتل أخاه، و فرعون ذو الأوتاد، و رجل من بنی إسرائیل ردّهم عن دینهم، و رجل من هذه الأمّة یبایع علی كفر عند باب لدّ، قال: ثم قال: إنّی لمّا رأیت معاویة یبایع عند باب لدّ ذكرت قول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، فلحقت بعلیّ علیه السلام فكنت معه.

[بحار الأنوار: 11/ 233- حدیث 13، عن الخصال: 1 / 155].

ص: 645

«174»-مل:كامل الزیارة، بإسناده عن عبد اللّٰه بن بكر الأرجانی، قال: صحبت أبا عبد اللّٰه علیه السلام فی طریق مكّة من المدینة، فنزلنا منزلا یقال له: عسفان، ثمّ مررنا بجبل أسود عن یسار الطریق موحش، فقلت له: یابن رسول اللّٰه! ما أوحش هذا الجبل! ما رأیت فی الطریق مثل هذا، فقال لی: یابن بكر! تدری أیّ جبل هذا؟، قلت: لا، قال: هذا جبل یقال له:

الكمد؛ و هو علی واد من أودیة جهنّم، و فیه قتلة أبی: الحسین علیه السلام؛ استودعهم فیه، تجری من تحتهم میاه جهنّم من الغسلین و الصدید و الحمیم، و ما یخرج من جبّ الحوی، و ما یخرج من الفلق من آثام، و ما یخرج من طینة الخبال، و ما یخرج من جهنّم، و ما یخرج من لظی من الحطمة، و ما یخرج من سقر، و ما یخرج من الجحیم، و ما یخرج من الهاویة، و ما یخرج من السعیر و فی نسخة اخری: و ما یخرج من جهنّم، و ما یخرج من لظی و من الحطمة، و ما یخرج من سقر، و ما یخرج من الحمیم و ما مررت بهذا الجبل فی سفری فوقفت به إلّا رأیتهما یستغیثان إلیّ، و إنیّ لأنظر الی قتلة أبی فأقول لهما: هؤلاء إنّما فعلوا ما أسّستما لم ترحمونا إذ ولیتم، و قتلتمونا و حرمتمونا، و وثبتم علی حقّنا، و استبددتم بالأمر دوننا، فلا رحم اللّٰه من یرحمكما، ذوقا و بال ما قدّمتما، و ما اللّٰه بظلّام للعبید. فقلت له: جعلت فداك! أین منتهی هذا الجبل؟، قال: الی الأرض السادسة و فیها جهنّم علی واد من أودیته، علیه حفظة أكثر من نجوم السماء و قطر المطر و عدد ما فی البحار و عدد الثری، قد وكّل كلّ ملك منهم بشی ء و هو مقیم علیه لا یفارقه.

[بحار الأنوار: 6/ 288- حدیث 10، عن كامل الزیارات: 326- 328 باب 108].

«175»-تفسیر القمی: عن الباقر علیه السلام فی قوله سبحانه: وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ یعنی بنی أمیّة ... و إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یعنی بنی أمیّة.

[تفسیر القمی: 2/ 255].

«176»-و فی تفسیر فرات: 79: الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ بنو أمیّة و بنو المغیرة.

[تفسیر الفرات: 79].

«177»-كشف:كشف الغمّة، ممّا خرّجه العزّ الحنبلی قوله تعالی: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ؛ المؤمن علیّ، و الفاسق: الولید.

و روی الحافظ أبو بكر بن مردویه بعدّة طرق فی قوله: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؛ المؤمن علیّ، و الفاسق الولید.

و روی الثعلبی و الواحدی؛ أنّها نزلت فی علیّ علیه السلام و فی الولید بن عقبة بن أبی معیط أخی عثمان لأمّه، و ذلك انّه كان بینهما تنازع فی شی ء، فقال الولید لعلیّ علیه السلام:

ص: 646

اسكت فإنّك صبی و أنا و اللّٰه أبسط منك لسانا و أحدّ سنانا و أملأ للكتیبة منك، فقال له علیّ علیه السلام: اسكت فإنّك فاسق، فأنزل اللّٰه سبحانه تصدیقا لعلیّ علیه السلام: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؛ یعنی بالمؤمن علیّا و بالفاسق الولید.

[بحار الأنوار: 35/ 341- 343 حدیث 16].

أقول: روی ابن بطریق فی المستدرك عن أبی نعیم، بإسناده الی حبیب و ابن عباس مثل الخبرین الأخیرین.

[بحار الأنوار: 35/ 343. و فی العمدة لابن بطریق: 184 و الطرائف لابن طاووس: 24 مثله.]

«178»-و روی أبو الجارود، عن أبی جعفر علیه السلام أنّ هذا مثل بنی أمیّة اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ أی استؤصلت و اقتلعت جثّته من الأرض: ما لَها مِنْ قَرارٍ ما لتلك الشجرة من ثبات، فإنّ الریح تنسفها و تذهب بها، فكما أنّ هذه الشجرة لا ثبات لها و لا بقاء و لا ینتفع بها أحد فكذلك الكلمة الخبیثة لا ینتفع بها صاحبها.

و فی قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً أی عرفوا نعمة اللّٰه بمحمّد ... أی عرفوا محمّدا ثم كفروا به فبدّلوا مكان الشكر كفرا. و روی عن الصادق علیه السلام أنّه قال:

نحن و اللّٰه نعمة اللّٰه التی أنعم بها علی عباده و بنا یفوز من فاز ...

و سأل رجل أمیر المؤمنین علیه السلام عن هذه الآیة فقال: هما الأفجران من قریش:

بنو أمیّة و بنو المغیرة، فأمّا بنو أمیّة فمتّعوا الی حین، و أما بنو المغیرة فكفیتموهم یوم بدر. و قیل:

إنّهم جبلّة بن الأیهم و من تبعه من العرب تنصّروا و لحقوا بالروم وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ..

أی دار الهلاك.

[بحار الأنوار: 9/ 112، عن مجمع البیان: 6/ 314- 315، و تفسیر القمی: 1/ 371].

«179»-قال العلّامة قدّس اللّٰه روحه فی كشف الحقّ، و مؤلف كتاب إلزام النواصب، و صاحب كتاب تحفة الطالب: ذكر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبی من علماء الجمهور أنّ من جملة البغایا و ذوات الرایات صعبة بنت الخضرمی كانت لها رایة بمكّة و استبضعت بأبی سفیان، فوقع علیها أبو سفیان و تزوّجها عبید اللّٰه بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تیم، فجاءت بطلحة بن عبید اللّٰه لستة أشهر، فاختصم أبو سفیان و عبید اللّٰه فی طلحة، فجعلا أمرهما الی صعبة، فألحقته بعبید اللّٰه، فقیل لها: كیف تركت أبا سفیان؟، فقالت: ید عبید اللّٰه طلقة و ید أبی سفیان نكرة ...

و قال [العلّامة] فی كشف الحقّ أیضا: و ممّن كان یلعب به و یتخنّث عبید اللّٰه أبو طلحة،

ص: 647

فهل یحلّ لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلیّ علیه السلام؟! انتهی.

[بحار الأنوار: 32/ 218- 219.

أقول: و انظر باب أحوال عائشة و حفصة فی بحار الأنوار: 22/ 227- 246، و ما ذكره العلّامة المجلسی فی بحاره: 28/ 135 حدیث 1، عن جامع الأصول: 9 / 436، و سنن الترمذی: 5/ 275 فی قوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم: إنّكنّ لأنتنّ صواحب یوسف ... و له طاب ثراه فی البحار: 28/ 130- 174 تبیین و تتمیم حریّ بالملاحظة، بل غالب ذاك المجلد ینفع فی هذا الباب. و لاحظ البحار: 44/ 270 باب 2 فی سائر ما جری بین الامام الحسن الزكیّ صلوات اللّٰه علیه و بین معاویة لعنه اللّٰه و أصحابه .]

و ممّا ورد فی أعداء آل محمّد صلوات اللّٰه علیهم و اللعنة علی أعدائهم، و فی الاستهزاء بهم أو إیذائهم:

و لنختم الكلام فی الاشارة الی بعض الروایات ممّا یدلّ علی المراد عموما، و هی كثیرة جدّا، نتبرّك ببعضها:

«180»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن أبی بصیر، قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: عدوّ [أعداء] علیّ هم المخلّدون فی النار، قال اللّٰه: وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنْها (المائدة: 37).

[بحار الأنوار: 72/ 135- حدیث 16، عن تفسیر العیاشی: 1/ 317 حدیث 100، و أورده فی تفسیر البرهان: 1/ 470، و تفسیر الصافی: 1/ 441].

«181»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام: وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ (البقرة: 167)؛ قال: أعداء علیّ علیه السلام هم المخلّدون فی النّار أبد الآبدین و دهر الداهرین.

[بحار الأنوار: 8/ 362 حدیث 37، و 72/ 135- حدیث 17، عن تفسیر العیاشی: 1/ 317- 318 حدیث 101، و جاء فی بحار الأنوار: 3/ 396، و أورده فی تفسیر البرهان: 1/ 470، و تفسیر الصافی:

ص: 648

1 / 441].

«182»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحاكَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ (النساء: 60) نزلت فی الزبیر ابن العوّام فإنّه نازع رجلا من الیهود فی حدیقة، فقال الزبیر: ترضی بابن شیبة الیهودی، و قال الیهودی: ترضی بمحمّد، فأنزل اللّٰه تعالی: أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ.. الی قوله: رَأَیْتَ الْمُنافِقِینَ یَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (النساء: 61) هم أعداء آل محمّد صلوات اللّٰه علیهم كلّهم جرت فیهم هذه الآیة.

[بحار الأنوار: 9/ 194- حدیث 38، عن تفسیر القمی: 1/ 140- 142].

«183»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، فی روایة أبی الجارود، عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لا یُؤْمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِینَ (یونس: 40)؛ فهم أعداء محمّد و آل محمّد من بعده.

[بحار الأنوار: 23/ 371 حدیث 47، عن تفسیر القمی: 1/ 312].

«184»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، بإسناده عن منصور بن یونس، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: إنّ فی النار لنارا یتعوّذ منها أهل النار، ما خلقت إلّا لكلّ متكبّر جبّار عنید، و لكلّ شیطان مرید، و لكلّ متكبّر لا یؤمن بیوم الحساب، و لكلّ ناصب العداوة لآل محمّد، و قال: إنّ أهون الناس عذابا یوم القیامة لرجل فی ضحضاح من نار، علیه نعلان من نار و شرا كان من نار، یغلی منها دماغه كما یغلی المرجل، ما یری انّ فی النار أحد أشدّ عذابا منه، و ما فی النار أحد أهون عذابا منه.

[بحار الأنوار: 8/ 295- حدیث 44، عن تفسیر القمی: 2/ 257- 258].

«185»-فس:تفسیر علیّ بن إبراهیم، وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ؛ قال: السماء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و علیّ علیه السلام ذات الحبك، و قوله: إِنَّكُمْ لَفِی قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ؛ یعنی مختلف فی علیّ، اختلفت هذه الأمّة فی ولایته، فمن استقام علی ولایة علیّ علیه السلام دخل الجنّة، و من خالف ولایة علیّ دخل النار، یُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (الذاریات: 7- 8)؛ فإنّه یعنی علیّا علیه السلام من أفك عن ولایته أفك عن الجنّة.

[بحار الأنوار: 36/ 169- حدیث 156، عن تفسیر القمی: 2/ 329].

«186»-فر: تفسیر فرات بن إبراهیم، بإسناده مرفوعا، عن أبی ذرّ رضی اللّٰه عنه، قال: قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه

ص: 649

و آله: یا أبا ذرّ! یؤتی بجاحد حقّ علیّ و ولایته یوم القیامة أصمّ و أبكم و أعمی، یتكبكب فی ظلمات یوم القیامة، ینادی یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللَّهِ (الزمر: 56) و یلقی فی عنقه طوق من النار، و لذلك الطوق ثلاثمائة شعبة، علی كلّ شعبة شیطان یتفل فی وجهه، و یكلح من جوف قبره الی النار.

[بحار الأنوار: 7/ 211- حدیث 106، عن تفسیر فرات الكوفی: 134].

«187»-كا:كافی، بإسناده عن محمد بن الفضیل، عن أبی الحسن الماضی علیه السلام، قال: سألته عن قول اللّٰه عزّ و جلّ ... قلت: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ؛ قال: هم الذین فجروا فی حقّ الأئمّة و اعتدوا علیهم، قلت: ثم یقال: هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (المطففین: 7 و 17)؛ قال: یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام، قلت: تنزیل؟ قال: نعم.

[بحار الأنوار: 24/ 340- ذیل حدیث 59، عن اصول الكافی: 1/ 435].

«188»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن محمد بن سهل العطّار، عن أبیه، عن جدّه علیّ بن جعفر، عن أخیه موسی، عن آبائه، عن أمیر المؤمنین علیهم السلام، قال: قال لی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: یا علی! ما بین من یحبّك و بین أن یری ما تقرّ به عیناه إلّا أن یعاین الموت، ثم تلا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَیْرَ الَّذِی كُنَّا نَعْمَلُ؛ یعنی إنّ أعداءنا إذا دخلوا النار قالوا:

ربّنا أخرجنا نعمل صالحا فی ولایة علیّ علیه السلام غَیْرَ الَّذِی كُنَّا نَعْمَلُ فی عداوته، فیقال لهم فی الجواب: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِیرُ؛ و هو النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِینَ لآل محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله مِنْ نَصِیرٍ (فاطر: 37) ینصرهم و لا ینجیهم منه و لا یحجبهم عنه.

[بحار الأنوار: 23/ 361 حدیث 19، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 485- 486، و البرهان: 3/ 366 حدیث 2 و بحار الأنوار: 27/ 159 حدیث 7].

«189»-و یؤیّده ما رواه علیّ بن ابراهیم، بإسناده عن زید الشحّام، قال: دخل قتادة بن دعامة علی أبی جعفر علیه السلام و سأله عن قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (سبأ: 20)؛ قال: لمّا أمر اللّٰه نبیّه أن ینصب أمیر المؤمنین علیه السلام للناس و هو قوله تعالی: یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ فی علیّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (المائدة: 71) أخذ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بید علیّ علیه السلام بغدیر خمّ و قال: من كنت مولاه فعلیّ مولاه، حثت الأبالسة التراب علی رؤوسها، فقال

ص: 650

لهم إبلیس الأكبر لعنه اللّٰه-: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل عقدة لا یحلّها إنسیّ الی یوم القیامة، فقال لهم إبلیس: كلّا! الذین حوله قد و عدونی فیه عدة و لن یخلفونی فیها! فأنزل اللّٰه سبحانه هذه الآیة: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ؛ یعنی بأمیر المؤمنین علیه السلام و علی ذریّته الطیّبین.

[بحار الأنوار: 37/ 169 ذیل حدیث 45، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 474].

«190»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن عیسی بن داود، عن موسی بن جعفر علیهما السلام قال: كنت عند أبی یوما فی المسجد إذ أتاه رجل فوقف أمامه، و قال: یابن رسول اللّٰه! أعیت علیّ آیة فی كتاب اللّٰه عزّ و جلّ، سألت عنها جابر بن یزید فأرشدنی إلیك، فقال: و ما هی؟، قال: قوله عزّ و جلّ: الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ .. الآیة، فقال: نعم فینا نزلت؛ و ذلك أنّ فلانا و فلانا و طائفة معهم و سمّاهم اجتمعوا الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، فقالوا: یا رسول اللّٰه! الی من یصیر هذا الأمر بعدك؟ فو اللّٰه لئن صار الی رجل من أهل بیتك إنّا لنخافهم علی أنفسنا، و لو صار الی غیرهم لعلّ غیرهم أقرب و أرحم بنا منهم، فغضب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله من ذلك غضبا شدیدا، ثم قال: أما و اللّٰه لو آمنتم باللّٰه و رسوله ما أبغضتموهم، لأنّ بغضهم بغضی، و بغضی هو الكفر باللّٰه، ثم نعیتم إلی نفسی، فواللّٰه لئن مكنهم اللّٰه فی الأرض لیقیموا الصلاة لوقتها، و لیؤتوا الزكاة لمحلّها، و لیأمرنّ بالمعروف، و لینهنّ عن المنكر، إنّما یرغم اللّٰه أنوف رجال یبغضونی و یبغضون أهل بیتی و ذریّتی، فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ: الَّذِینَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ .. الی قوله: وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فلم یقبل القوم ذلك، فأنزل اللّٰه سبحانه:

وَ إِنْ یُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ* وَ قَوْمُ إِبْراهِیمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ* وَ أَصْحابُ مَدْیَنَ وَ كُذِّبَ مُوسی فَأَمْلَیْتُ لِلْكافِرِینَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ (سورة الحج: 41- 44).

[بحار الأنوار: 24/ 165- حدیث 8، عن تأویل الآیات الظاهرة: 174- 175- حجریة- (1/ 342- 343 حدیث 24)، و جاء فی تفسیر البرهان: 3/ 95 حدیث 3].

«191»-م:تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام، فی قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ یَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا؛ قال: قال اللّٰه فی صفة الكاتمین لفضلنا أهل البیت إِنَّ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ المشتمل علی ذكر فضل محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله علی جمیع النبیّین و فضل علیّ علی جمیع الوصیّین وَ یَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا یكتمونه لیأخذوا علیه عرضا من الدنیا یسیرا،

ص: 651

و ینالوا به فی الدنیا عند جهّال عباد اللّٰه رئاسة، قال اللّٰه عزّ و جلّ: أُولئِكَ ما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ بدلا من اصابتهم الیسیر من الدنیا لكتمانهم الحقّ وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ بكلام خیر، بل یكلّمهم بأن یلعنهم و یخزیهم و یقول: بئس العباد أنتم، غیّرتم ترتیبی، و أخّرتم من قدمته، و قدّمتم من أخّرته، و والیتم من عادیته، و عادیتم من والیته وَ لا یُزَكِّیهِمْ من ذنوبهم وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (البقرة: 174) موجع فی النار.

[بحار الأنوار: 7/ 213- حدیث 115، عن تفسیر الامام الحسن العسكری علیه السلام: 585- 586 حدیث 352].

«192»-م:تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام، و فیه: إِنَّما یَأْمُرُكُمْ الشیطان بِالسُّوءِ بسوء المذاهب و الاعتقاد فی خیر خلق اللّٰه محمّد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و جحود ولایة أفضل أولیاء اللّٰه بعد محمّد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (البقرة: 169) بإمامة من لم یجعل اللّٰه له فی الامامة حظّا، و من جعله من أراذل أعدائه و أعظمهم كفرا به.

[بحار الأنوار: 24/ 379- من حدیث 106، عن تفسیر الامام الحسن العسكری علیه السلام: 242- 243 (581 حدیث 342)].

«193»-م:تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام، لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ .. الآیة، قال الامام: قال علیّ بن الحسین علیهما السلام ... وَ آمن ب الْیَوْمِ الْآخِرِ یوم القیامة التی أفضل من یوافیها محمّد سیّد النبیّین، و بعده علیّ أخوه و صفیّه سیّد الوصیّین و التی لا یحضرها من شیعة محمّد أحد إلّا أضاءت فیها أنواره فصار فیها الی جنّات النعیم هو و إخوانه و أزواجه و ذریّاته و المحسنون إلیه و الدافعون فی الدنیا عنه، و لا یحضرها من أعداء محمّد أحد إلّا غشیته ظلماتها، فیسیر فیها الی العذاب الألیم هو و شركاؤه فی عقده و دینه و مذهبه و المتقرّبون كانوا فی الدنیا إلیه من غیر تقیّة لحقتهم منه. الخبر.

[بحار الأنوار: 9/ 187- 188 حدیث 19، عن تفسیر الامام الحسن العسكری: 248 (589- 590) حدیث 353، و الآیة: البقرة: 177].

«194»-ما:أمالی الطوسیّ، المفید، بإسناده عن أبان، عن أبی عبد اللّٰه جعفر بن محمّد علیهما السلام، قال: إذا كان یوم القیامة نادی مناد من بطنان العرش: أین خلیفة اللّٰه فی أرضه؟، فیقوم داود النبیّ علیه السلام فیأتی النداء من عند اللّٰه عزّ و جلّ: لسنا إیّاك أردنا و إن كنت للّٰه تعالی خلیفة.

ص: 652

ثم ینادی ثانیة: أین خلیفة اللّٰه فی أرضه؟، فیقوم أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام، فیأتی النداء من قبل اللّٰه عزّ و جلّ: یا معشر الخلائق! هذا علیّ بن أبی طالب خلیفة اللّٰه فی أرضه و حجّته علی عباده فمن تعلّق بحبله فی دار الدنیا فلیتعلّق بحبله فی هذا الیوم یستضی ء بنوره و لیتّبعه الی الدرجات العلی من الجنّات، قال: فیقوم الناس الذین قد تعلّقوا بحبله فی الدنیا فیتّبعونه الی الجنّة، ثم یأتی النداء من عند اللّٰه جلّ جلاله: ألا من ائتمّ بإمام فی دار الدنیا فلیتبعه الی حیث یذهب به، فیحنئذ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَ قالَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ (البقرة: 166- 167).

[بحار الأنوار: 8/ 10- حدیث 3، عن أمالی الشیخ المفید: 39 (طبعة النجف: 167) [285] [حدیث 3 من المجلس الرابع و الثلاثین .

«195»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، الواحدی فی أسباب النزول، و مقاتل بن سلیمان و أبو القاسم القشیری فی تفسیرهما؛ أنّه نزل قوله تعالی: وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ (الأحزاب: 58)؛ فی علیّ بن أبی طالب، و ذلك أنّ نفرا من المنافقین كانوا یؤذونه و یسمعونه و یكذّبون علیه، و فی روایة مقاتل: وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ؛ یعنی علیّا وَ الْمُؤْمِناتِ؛ یعنی فاطمة فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً؛ قال ابن عباس: و ذلك أنّ اللّٰه تعالی أرسل علیهم الجرب فی جهنّم، فلا یزالون یحتكّون حتی تقطع أظفارهم، ثم یحتكّون حتی تنسلخ جلودهم، ثم یحتكّون حتی تبدوا لحومهم، ثم یحتكّون حتی تظهر عظامهم، و یقولون: ما هذا العذاب الذی نزل بنا؟، فیقولون لهم: معاشر الأشقیاء! هذا عقوبة لكم ببغضكم أهل بیت محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله.

[بحار الأنوار: 39/ 330- 331 حدیث 1، عن مناقب ابن شهر آشوب: 2/ 10- 12 (3/ 210)].

«196»-لی:أمالی الصدوق، بإسناده عن القلانسی، عن الصادق علیه السلام، عن آبائه علیهم السلام، قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: إذا قمت المقام المحمود تشفّعت فی أصحاب الكبائر من أمّتی، فیشفّعنی اللّٰه فیهم، و اللّٰه لا تشفّعت فیمن آذی ذریّتی.

[بحار الأنوار: 96/ 218 حدیث 4، عن أمالی الصدوق: 177].

«197»-ن، لی: بإسناده عن عمرو بن خالد، قال: حدّثنی زید بن علیّ و هو آخذ بشعره قال: حدّثنی أبی علی بن لحسین علیهما السلام و هو آخذ بشعره قال: حدّثنی الحسین

ص: 653

ابن علی علیهما السلام و هو آخذ بشعره قال: حدّثنی علی بن أبی طالب و هو آخذ بشعره- عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و هو آخذ بشعره قال: من آذی شعرة منّی فقد آذانی، و من آذانی فقد آذی اللّٰه عزّ و جلّ، و من آذی اللّٰه جلّ و عزّ لعنه اللّٰه مل ء السماء و مل ء الأرض.

[بحار الأنوار: 96/ 219 حدیث 6 و لاحظ أحادیث الباب، عن عیون الأخبار: 1/ 250، و أمالی الصدوق: 19، و عن كتاب الغایات مثله، بإسناده عن محمد بن رزمة القزوینی إلّا أنّ فیه: فعلیه لعنة اللّٰه، موضع: لعنه اللّٰه. و قریب منه ما رواه عن كتاب المسلسلات بإسنادین: 96/ 233- حدیث 31 و 32].

«198»-یف: طرائف،أحمد فی مسنده، و ابن المغازلی فی مناقبه من عدّة طرق؛ أنّ النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قال: یا أیّها الناس! من آذی علیّا فقد آذانی. و زاد فیه ابن المغازلی عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: یا أیّها الناس! من آذی علیّا بعث یوم القیامة یهودیّا أو نصرانیّا، فقال جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری: یا رسول اللّٰه! و إن شهدوا أن لا إله إلّا اللّٰه و أنّك رسول اللّٰه؟، فقال: یا جابر! كلمة یتحجّزون بها أن تسفك دماؤهم و تؤخذ أموالهم و أن لا یعطوا الجزیة عن ید و هم صاغرون.

[بحار الأنوار: 39/ 333 حدیث 4، و قریب منه ما ذكره عن الروضة فی الفضائل بإسناده عن ابن عباس، و انظر عدّة روایات فی الباب: 39/ 333- حدیث 3 و ما بعده، و أورده فی الطرائف فی معرفة مذاهب الطوائف: 19 / (75- حدیث 96)، و جاء فی مسند أحمد: 3 / 483، و مناقب ابن المغازلی: 52].

«199»-الترمذی فی الجامع، و أبو نعیم فی الحلیة، و البخاری فی الصحیح، و الموصلی فی المسند، و أحمد فی الفضائل، و الخطیب فی الأربعین؛ عن عمران بن الحصین و ابن عباس و بریدة أنّه رغب علیّ علیه السلام من الغنائم فی جاریة، فزایده حاطب بن أبی بلتعة و بریدة الأسلمی، فلمّا بلغ قیمتها قیمة عدل فی یومها أخذها بذلك، فلمّا رجعوا وقف بریدة قدّام الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله و شكا من علیّ، فأعرض عنه النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، ثم جاء عن یمینه و عن شماله و من خلفه یشكو، فأعرض عنه، ثم قام الی بین یدیه فقالها، فغضب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و تغیّر لونه و تربّد وجهه و انتفخت أوداجه و قال: ما لك یا بریدة! ما آذیت رسول اللّٰه منذ الیوم؟ أما سمعت اللّٰه تعالی یقول: إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی

ص: 654

الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِیناً (الأحزاب: 57)، أما علمت أنّ علیّا منّی و أنا منه و أنّ من آذی علیّا فقد آذانی، و من آذانی فقد آذی اللّٰه و من آذی اللّٰه فحقّ علی اللّٰه أن یؤذیه بألیم عذابه فی نار جهنّم؟ یا بریدة! أنت أعلم أم اللّٰه أعلم؟ أم قرّاء اللوح المحفوظ أعلم؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام أعلم؟ أنت أعلم یا بریدة أم حفظة علیّ بن أبی طالب؟، قال: بل حفظته، قال: و هذا جبرئیل أخبرنی عن حفظة علیّ أنّهم ما كتبوا قطّ علیه خطیئة منذ ولد؛ ثمّ حكی عن ملك الأرحام و قرّاء اللوح المحفوظ و فیها-: ما تریدون من علیّ، ثلاث مرّات-، ثمّ قال: إنّ علیّا منّی و أنا منه، و هو ولیّ كلّ مؤمن بعدی. و فی روایة أحمد: دعوا علیّا.

[بحار الأنوار: 39/ 332 حدیث 1، عن المناقب لابن شهر آشوب 2/ 12].

«200»-قب:مناقب ابن شهر آشوب، ابن سیرین، عن أنس؛ قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: من حسد علیّا فقد حسدنی و من حسدنی فقد كفر. و فی خبر: و من حسدنی فقد دخل النار.

[بحار الأنوار: 39/ 333 حدیث 2، عن المناقب لابن شهر آشوب 2/ 12، و 39/ 334 عن امالی الشیخ: 40]

«201»-فض:كتاب الروضة، بإسناده الی عبد اللّٰه بن عباس أنّه قال: كنت عند النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله إذ أقبل علیّ بن أبی طالب و هو مغضب، فقال له النبی صلّی اللّٰه علیه و آله: ما بك یا أبا الحسن؟، قال: آذونی فیك یا رسول اللّٰه، فقام صلّی اللّٰه علیه و آله و هو مغضب و قال: أیّها الناس! من منكم آذی علیّا؟ فإنّه أوّلكم إیمانا و أوفاكم بعهد اللّٰه، أیّها الناس! من آذی علیّا بعثه اللّٰه یوم القیامة یهودیّا أو نصرانیّا؛ فقال جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری: یا رسول اللّٰه! و إن شهد أن لا إله إلّا اللّٰه؟، قال: نعم؛ و إن شهد أنّ محمّد رسول اللّٰه یا جابر.

[بحار الأنوار: 39/ 333 حدیث 3، عن الكافی- الروضة-: 8/ 12].

«202»-فر: تفسیر فرات بن إبراهیم، بإسناده عن ابن عباس فی قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَكُونَ؛ قال: فهو حارث بن قیس و أناس معه كانوا إذا مرّ علیهم أمیر المؤمنین علیه السلام قالوا: انظروا الی هذا الذی اصطفاه محمّد و اختاره من أهل بیته و كانوا یسخرون منه، فإذا كان یوم القیامة فتح بین الجنّة و النار باب فأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام علی الأریكة متّكئ فیقول: هل لكم؟، فإذا جاؤوا سدّ بینهم الباب فهو كذلك یسخر منهم و یضحك، قال اللّٰه عزّ و جلّ: فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ* عَلَی الْأَرائِكِ یَنْظُرُونَ ... (سورة المطففین: 34 و 35).

ص: 655

[بحار الأنوار: 36/ 69- حدیث 15، عن تفسیر فرات: 204].

«203»-كشف:كشف الغمّة، روی فی قوله تعالی: فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ* عَلَی الْأَرائِكِ یَنْظُرُونَ؛ قیل: نزلت فی أبی جهل و الولید بن المغیرة و العاص بن وائل و غیرهم من مشركی مكّة، كانوا یضحكون من بلال و عمّار و غیرهما من أصحابهما، و قیل: إنّ علیّ بن أبی طالب علیه السلام جاء فی نفر من المسلمین الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فسخر منهم المنافقون و ضحكوا و تغامزوا، و قالوا لأصحابهم: رأینا الیوم الأصلع فضحكنا منه، فأنزل اللّٰه تعالی الآیة قبل أن یصل الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله. و عن مقاتل و الكلبی: لمّا نزل قوله تعالی: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی قالوا: هل رأیتم أعجب من هذا؟

یسفّه أحلامنا، و یشتم آلهتنا، و یری قتلنا، و یطمع أن نحبّه؟، فنزل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أی لیس لی من ذلك أجر، لأنّ منفعة المودّة تعود علیكم و هو ثواب اللّٰه تعالی و رضاه.

[بحار الأنوار: 36/ 120- 121 حدیث 65].

«204»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن ابن عباس فی قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَكُونَ (المطففین: 29)؛ قال: ذلك هو الحارث بن قیس و أناس معه، كانوا إذا مرّ بهم علیّ علیه السلام قالوا: انظروا الی هذا الذی اصطفاه محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و اختاره من أهل بیته فكانوا یسخرون و یضحكون، فإذا كان یوم القیامة فتح بین الجنّة و النار باب، فعلیّ علیه السلام یومئذ علی الأرائك متّكئ یقول لهم: هلمّ لكم، فإذا جاؤوا یسدّ بینهم الباب فهو كذلك یسخر منهم و یضحك، و هو قوله تعالی: فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ* عَلَی الْأَرائِكِ یَنْظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا یَفْعَلُونَ (المطففین: 34- 36).

[بحار الأنوار: 35/ 339 حدیث 9، عن تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 781 حدیث 16، و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 44 حدیث 2. و فی البحار أیضا: 36 / 69 حدیث 15، عن تفسیر الفرات: 204 مثله، و قریب منه فی البحار: 36/ 66 حدیث 8، عن (كنز) تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 781 حدیث 15، و البحار: 35 / 339- 340. و روی أیضا بإسناده، عن عبایة بن ربعی، عن علیّ علیه السلام فی البحار: 36/ 66 حدیث 7، و قریب منه فی تفسیر الفرات: 204، و جاء]

ص: 656

[بإسناده عن ابن عباس فی البحار: 36/ 69 حدیث 15 و 8/ 150 حدیث 86، و 24/ 3 حدیث 8، و تفسیر البرهان: 4/ 440- 441 حدیث 1 و 2 و 9، فراجع .

«205»-روی فی قوله تعالی: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ؛ یعنی عن ولایة علیّ علیه السلام، و قوله تعالی: أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْیاهُمْ وَ مَماتُهُمْ ساءَ ما یَحْكُمُونَ قیل: نزلت فی قصّة بدر فی حمزة و علیّ و عبیدة ابن الحارث، لمّا برزوا لقتال عتبة و شیبة و الولید.

[بحار الأنوار: 36/ 120- 121 حدیث 65].

«206»-ل:خصال، بإسناده عن محمد بن الفضیل الزرقی، عن أبی عبد اللّٰه، عن آبائه، عن علیّ علیهم السلام، قال: إنّ للجنّة ثمانیة أبواب، باب یدخل منه النبیّون و الصدّیقون، و باب یدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب یدخل منه شیعتنا و محبّونا، و باب یدخل منه سائر المسلمین ممّن یشهد أن لا إله إلّا اللّٰه و لم یكن فی قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البیت.

الخبر.

[بحار الأنوار: 72/ 158- 159 حدیث 5، عن الخصال: 2/ 39].

«207»-مع:معانی الأخبار، بإسناده عن الصباح بن سیابة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: إنّ الرجل لیحبّكم و ما یدری ما تقولون فیدخله اللّٰه الجنّة، و إنّ الرجل لیبغضكم و ما یدری ما تقولون فیدخله اللّٰه النار،

الخبر.

[بحار الأنوار: 72/ 159- حدیث 7، عن معانی الأخبار: 392].

«208»-سن:محاسن، بإسناده عن مالك الجهنّی، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: انّه لیس من قوم ائتمّوا بإمامهم فی الدنیا إلّا جاء یوم القیامة یلعنهم و یلعنونه إلّا أنتم و من علی مثل حالكم.

[بحار الأنوار: 8/ 11- حدیث 4، عن المحاسن: 143]

«209»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن محمد بن سلیمان، قال: قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام: ما معنی قوله تعالی: وَیْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ؛ قال: الذین همزوا آل محمّد حقّهم و لمزوهم و جلسوا مجلسا كان آل محمّد أحقّ به منهم.

[بحار الأنوار: 24/ 309- 310 حدیث 13، عن

ص: 657

تأویل الآیات الظاهرة: 2/ 854 حدیث 1 (ص: 406 الرضویة)، و جاء فی تفسیر البرهان: 4/ 505 حدیث 1].

«210»-ثو:ثواب الأعمال، بإسناده عن داود بن فرقد، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، قال: من ادّعی الامامة و لیس بإمام فقد افتری علی اللّٰه و علی رسوله و علینا.

[بحار الأنوار: 25/ 112- حدیث 8، و انظر حدیث 9، عن ثواب الأعمال: 206].

«211»-سن:محاسن، بإسناده عن قدامة الترمذی، عن أبی الحسن علیه السلام، قال: من شكّ فی أربعة فقد كفر بجمیع ما أنزل اللّٰه عزّ و جلّ، أحدها: معرفة الامام فی كلّ زمان و أوان بشخصه و نعته ...

[بحار الأنوار: 72/ 135- حدیث 15، عن المحاسن: 90]

«212»-شی:تفسیر العیاشیّ، عن أبی بصیر، عن أبی جعفر علیه السلام: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِیَ إِلَیَّ وَ لَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (الأنعام: 93)؛ قال: من ادّعی الامامة دون الامام علیه السلام.

[بحار الأنوار: 25/ 113 حدیث 12، عن تفسیر العیاشی: 1/ 370 حدیث 61، و تفسیر البرهان: 1 / 542، و تفسیر الصافی: 1/ 532، و إثبات الهداة: 1 / 265].

«213»-نی: غیبة النعمانیّ،بإسناده عن ابن ظبیان، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه عزّ و جلّ: وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ تَرَی الَّذِینَ كَذَبُوا عَلَی اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَیْسَ فِی جَهَنَّمَ مَثْویً لِلْمُتَكَبِّرِینَ (الزمر: 60)؛ قال: من زعم أنّه إمام و لیس بإمام.

[بحار الأنوار: 25/ 113 حدیث 13. و بهذا المضمون ذیل الآیة عن تفسیر القمی 25/ 111 حدیث 6، و عن ثواب الأعمال، بإسناده عن سورة بن كلیب، عن أبی جعفر علیه السلام، و عن غیبة النعمانی: 54، بإسناده عن سورة مثله: 25/ 112].

«214»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن أبی حمزة الثمالی، عن أبی جعفر، عن جابر بن عبد اللّٰه، قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: ... ثم قال: یا علیّ! ادن منّی، فدنا منه، ثم قال: فأدخل

ص: 658

أذنك فی فمی، ففعل، فقال: یا أخی! ألم تسمع قول اللّٰه فی كتابه: إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ؟ قال: بلی یا رسول اللّٰه، قال: هم أنت و شیعتك تجیؤن غرّا محجّلین، شباعا مرویّین، أ و لم تسمع قول اللّٰه عزّ و جلّ فی كتابه: إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِینَ فِی نارِ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِیَّةِ (البیّنة: 6- 7)، قال: بلی یا رسول اللّٰه، قال: هم أعداؤك و شیعتهم یجیؤن یوم القیامة مسودّة وجوههم ظمآء مظمئین أشقیاء معذّبین كفّارا منافقین، ذاك لك و لشیعتك و هذا لعدوّك و شیعتهم.

[بحار الأنوار: 24/ 263- حدیث 22، و 68/ 54 حدیث 97، عن تأویل الآیات الظاهرة 2/ 832- 833 حدیث 5، و تفسیر البرهان: 4/ 490 حدیث 3، و حلیة الأبرار: 1/ 465. و بهذا المضمون ذیل الحدیث عن أمالی الطوسی، بإسناده عن محمد بن عبد الرحمن: 68 / 70 حدیث 130].

«215»-كنز: كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة،بإسناده عن عیسی بن داود، عن موسی بن جعفر، عن أبیه علیهما السلام فی قوله تعالی: وَ مَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا یَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً (طه: 112)؛ قال: مؤمن بمحبّة آل محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و مبغض لعدوّهم.

[بحار الأنوار: 23/ 360- حدیث 17، و 24/ 257- حدیث 4، عن تأویل الآیات الظاهرة: 1/ 318 ذیل حدیث 15، و تفسیر البرهان: 3/ 44- حدیث 1].

«216»-مع:معانی الأخبار، بإسناده عن ابراهیم بن زیاد، قال: قال الصادق علیه السلام: كذب من زعم أنّه یعرفنا و هو مستمسك بعروة غیرنا.

[بحار الأنوار: 2/ 82- حدیث 7، عن معانی الأخبار: 378 حدیث 57].

و لنختم بهذه الأحادیث الطاهرة فی الولایة و البراءة تبرّكا:

«217»-كا:كافی، بإسناده عن أحمد الخراسانی، عن أبیه رفعه، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: یسأل المیّت فی قبره عن خمس: عن صلاته، و زكاته، و حجّه، و صیامه، و ولایته إیّانا أهل البیت، فتقول الولایة عن جانب القبر للأربع: ما دخل فیكنّ من نقص فعلیّ تمامه.

[بحار الأنوار: 6/ 265- 266 حدیث 111، عن فروع الكافی: 3/ 66].

«218»-فر: تفسیر فرات بن إبراهیم بإسناده عن جعفر الفزاری معنعنا عن أبی جعفر علیه السلام فی قوله تعالی:

ص: 659

وَ مَنْ یَكْفُرْ بِالْإِیمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِینَ (المائدة: 5)؛ قال:

الایمان فی بطن القرآن علی بن أبی طالب، فمن كفر بولایته فقد حبط عمله.

[بحار الأنوار: 35/ 348 حدیث 28، عن تفسیر فرات: 18].

«219»-كتاب صفات الشیعة: بإسناده عن عبید اللّٰه، عن الصادق علیه السلام، قال: من أقرّ بسبعة أشیاء فهو مؤمن: البراءة من الجبت و الطاغوت، و الإقرار بالولایة، و الایمان بالرجعة ...

الی آخره.

[بحار الأنوار: 65/ 193 حدیث 12، عن صفات الشیعة: 178].

«220»-ن:عیون أخبار الرضا علیه السلام، بإسناده عن الحسن بن جهم، قال: حضرت مجلس المأمون یوما و عنده علیّ بن موسی الرضا علیه السلام و قد اجتمع الفقهاء و أهل الكلام من الفرق المختلفة- ...

و قال علیّ علیه السلام: یهلك فیّ اثنان و لا ذنب لی: محبّ مفرط و مبغض مفرّط .. الی أن قال الرضا علیه السلام: فمن ادّعی للأنبیاء ربوبیّة أو ادّعی للأئمة ربوبیّة أو نبوّة و لغیر الأئمّة إمامة، فنحن منه براء فی الدنیا و الآخرة.

فسأله بعضهم؛ فقال له: یابن رسول اللّٰه! بأیّ شی ء تصحّ الامامة لمدّعیها؟، قال:

بالنصّ و الدلائل ..

[بحار الأنوار: 25/ 135 من حدیث 6، عن عیون أخبار الرضا علیه السلام: 324- 325].

«رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا»

«رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَیْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنا» «رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ»

ربّنا .. و تقبّل منّا و تجاوز عن سیّئاتنا و تب علینا و لمن سبقنا بالایمان و لوالدینا و لمن وجب حقّه علینا، و آخر دعوانا أن الحمد للّٰه ربّ العالمین و سلام علی المرسلین.

عبد الزهراء علوی

ص: 660

الفهرس

الموضوع/ الصفحه

الطعن الرابع عشر: أنّه أبدع فی الدین بدعا كثیرة 7

الطعن الخامس عشر التفریط فی بیت المال 44

الطعن السادس عشر التلوّن فی الأحكام 58

الطعن السابع عشر همّ بإحراق بیت فاطمة علیها السلام 59

الطعن الثامن عشر: قصّة الشوری و ما أبدع فیها 60

الطعن التاسع عشر وصیّته بدفنه فی بیت النبیّ 88

باب [24] نسب عمر و ولادته و وفاته و بعض نوادر أحواله، و ما جری بینه و بین أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه 97

حسب عمر 108

مقتل عمر و كیفیّة قتله 113

ما جری بینه وبین أمیر المؤمنین علیه السلام 132

باب نادر 141

[25] باب تفصیل مثالب عثمان و بدعه و الاحتجاج بها علی المخالفین بما رووه فی كتبهم و بعض أحواله 149

الطعن الأول تولیة من لا یصلح للولایة علی المسلمین 149

الطعن الثانی إنكار الصحابة علیه بالاجماع 162

الطعن الثالث رده للحكم بن أبی العاص طرید رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله 169

الطعن الرابع ما صنع مع أبی ذر من الاهانة و الضرب و الشتم و غیره 174

الطعن الخامس ضزب ابن مسعود و إهانته 187

الطعن السادس ما صنع بعمار بن یاسر 193

ص: 661

الطعن السابع: حرقة المصاحف و جمع الناس علی قراءة زید بن ثابت 205

الطعن الثامن: إیثاره أهل بیته من بیت مال المسلمین 218

الطعن التاسع: تعطیله للحدود الواجبة 224

الطعن العاشر: إنه حمی الحمی عن المسلمین 227

الطعن الحادی عشر: أعطی من بیت المال الصدقة المقاتلة و غیرها 230

الطعن الثانی عشر: أتم الصلاة فی حال السفر بمنی 230

الطعن الثالث عشر: جرأته علی الرسول صّلی الّله علیه و آله و مضادّته له 237

الطعن الرابع عشر: عدم إإطذعانه لقضاء رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله بالحق 238

الطعن الخامس عشر: زعم فی المصحف لحناً 239

الطعن السادس عشر: تقدیمه الخطبتین فی العیدین و قدم الصلاة علیهما 240

الطعن السابع عشر: إحداث الأذان یوم الجمعة زائد علی ما سنّه رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله 242

الطعن الثامن عشر: مصادرة الدور حول المسجد الحرام لتوسعته و حبس من اعترض 244

الطعن التاسع عشر: عدم تمكّنه من الإتیان بالخطبة 244

الطعن العشرون: جهله بالأحكام 246

تذییل و تتمیم: 253

نكیر أُبیّ بن كعب: 269

نكیر أبی ذر: 270

نكیر عمّار بن یاسر: 279

نكیر عبد اللّٰه بن مسعود: 281

نكیر حذیفة بن الیمان: 283

نكیر المقداد: 284

نكیر عبد الرحمن بن حنبل القرشی: 285

نكیر طلحة بن عبید اللّٰه: 285

نكیر الزبیر بن العوّام: 287

نكیر عبد الرحمن بن عوف: 288

نكیر عمرو بن العاص: 290

نكیر محمد بن مسلمة الأنصاری: 291

نكیر أبی موسی: 292

نكیر جبلة بن عمرو الساعدی: 292

نكیر جهجاه بن عمرو الغفاری: 294

ص: 662

نكیر عائشة 295

باب [26] الشوری و احتجاج أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه علی القوم فی ذلك الیوم 315

باب [27] احتجاج أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه علی جماعة من المهاجرین و الأنصار لمّا تذاكروا فضلهم فی أیّام خلافة عثمان و غیره ممّا احتجّ به فی أیّام خلافة خلفاء الجور و بعدها 407

باب [28] ما جری بین أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و بین عثمان و ولاته و أعوانه و بعض أحواله 449

باب [29] كیفیّة قتل عثمان و ما احتجّ علیه القوم فی ذلك و نسبه و تاریخه 475

باب [30] تبرّی أمیر المؤمنین علیه السلام عن دم عثمان و عدم إنكاره أیضا 499

باب [31] ما ورد فی لعن بنی أمیّة و بنی العبّاس و كفرهم 507

باب [32] ما ورد فی جمیع الغاصبین و المرتدّین مجملًا 567

استدراك (تتمیم) 587

ما ورد فی أبی بكر 587

ما ورد فی عمر 589

ما ورد فی عثمان 598

ما ورد فیهما أو فیهم 600

ما ورد فی عائشة و حفصة و بنی أمیة 638

ما ورد فی أعداء آل محمّد صّلی الّله علیه و آله 648

الفهرس 661

ص: 663

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.