بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 28: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
الحمد لله الذی أوضح لنا مسالك الدین بأعلامه و نور لنا بمصابیح الیقین لیالیه كأیامه فمن اهتدی فقد اقتدی بحجته و إمامه و من ضل فقد باء بأوزاره و آثامه و صلی اللّٰه علی من بعثه بشرائعه و أحكامه محمد المخصوص من بین سائر الرسل بمزید إكرامه و أهل بیته الأطهرین الذین بهم أفاض علی الخلق سوابغ إنعامه و بهم ینجو من نجا یوم یدعی كل أناس بإمامه.
أما بعد هذا هو المجلد من كتاب بحار الأنوار مما ألفه أحوج الخلق إلی رحمة الكریم الغفار ابن محمد التقی حشره اللّٰه تعالی مع الأئمة الأبرار محمد المدعو بباقر رزقه اللّٰه العثور علی خفایا الأسرار و صانه عن الخطإ و الزلل فی معارج الأنظار و مناهج الأفكار و هو مشتمل علی ما وقع من الجور و الظلم و البغی و العدوان علی أئمة الدین و أهل بیت سید المرسلین بعد وفاته صلوات اللّٰه علیه و علیهم أجمعین و توضیح كفر المنافقین و المرتدین الغاصبین للخلافة من أهلها و النازعین لها من مقرها و أعوانهم من الملحدین و بیان كفر الناكثین و القاسطین و المارقین الذین اقتدوا بمن كان قبلهم من الظالمین و حاربوا أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و علی أولاده الطاهرین و أنكروا حقه مع وضوحه علی العالمین و ما جری
ص: 1
فی تلك الغزوات و ما لحقها و بیان أحوال بعض الممدوحین و المذمومین من الصحابة و التابعین مقتصرا فی جمیع ذلك علی نقل الأخبار و توضیحها و الإیماء إلی بعض الحجج من غیر تعرض لبسط القول فیها و تنقیحها و إیراد الشبه و تزییفها و تقبیحها فإن ذلك مما یكبر به حجم الكتاب و یورث إعراض الناس عنه و تعریضهم بالإطناب و الإسهاب و اللّٰه الموفق للصواب.
الآیات؛
الأحزاب: «سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا» (1)
فاطر: «فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِینَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِیلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِیلًا» (2)
الإنشقاق: «فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ* وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ* وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ* لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» (3)
تفسیر:
سنة اللّٰه تعالی طریقته و عادته الجاریة المستمرة و هی جاریة
ص: 2
فی الآخرین كما جرت فی الأولین فی المصالح المشتركة التی لا تتبدل بتبدل الأزمان و هو المراد هنا لا جمیع السنن و الأحكام لیدل علی عدم النسخ قوله تعالی وَ ما وَسَقَ أی ما جمعه و ستره من الدواب و غیرها أو طردها إلی أماكنها قوله تعالی اتَّسَقَ أی اجتمع و تم بدرا قوله طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال أكثر المفسرین أی حالا بعد حال مطابقة لأختها فی الشدة أو مراتب من الشدة بعد المراتب و هی الموت و مواطن القیامة و أهوالها أو هی و ما قبلها من الدواهی و سیظهر من أخبارهم علیهم السلام أنهم فسروها بما ارتكبت هذه الأمة من الضلالة و الارتداد و التفرق مطابقة لما صدر عن الأمم السالفة.
«1»-ل، الخصال ابْنُ بُنْدَارَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَبِی هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ تَفَرَّقَتْ عَلَی عِیسَی علیه السلام إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فَهَلَكَ سَبْعُونَ فِرْقَةً وَ تَخَلَّصَ فِرْقَةٌ وَ إِنَّ أُمَّتِی سَتَفَرَّقُ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فَتَهْلِكُ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ وَ تَتَخَلَّصُ فِرْقَةٌ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ قَالَ الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ.
قال الصدوق رحمه اللّٰه الجماعة أهل الحق و إن قلوا
وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: الْمُؤْمِنُ وَحْدَهُ حُجَّةٌ وَ الْمُؤْمِنُ وَحْدَهُ جَمَاعَةٌ (1)
«2»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ تَفَرَّقَتْ أُمَّةُ مُوسَی علیه السلام عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ مِلَّةً سَبْعُونَ مِنْهَا فِی النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ تَفَرَّقَتْ أُمَّةُ عِیسَی علیه السلام عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً إِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ تَعْلُو أُمَّتِی عَلَی الْفِرْقَتَیْنِ جَمِیعاً بِمِلَّةٍ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ ثِنْتَانِ وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ قَالُوا مَنْ هُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْجَمَاعَاتُ الْجَمَاعَاتُ قَالَ یَعْقُوبُ بْنُ زَیْدٍ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِیثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَلَا فِیهِ قُرْآناً وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ
ص: 3
سَیِّئاتِهِمْ إِلَی قَوْلِهِ ساءَ ما یَعْمَلُونَ (1) وَ تَلَا أَیْضاً وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (2) یَعْنِی أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (3).
«3»-ل، الخصال الْعِجْلِیُّ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ أُمَّةَ مُوسَی علیه السلام افْتَرَقَتْ بَعْدَهُ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِیَةٌ وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ وَ افْتَرَقَتْ أُمَّةُ عِیسَی علیه السلام بَعْدَهُ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِیَةٌ وَ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ وَ إِنَّ أُمَّتِی سَتَفَرَّقُ بَعْدِی عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِیَةٌ وَ اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ (4).
«4»-مع، معانی الأخبار مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ التَّمِیمِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِیسَ الشَّامِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْرَائِیلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِیِّ عَنِ الْإِفْرِیقِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَیَأْتِی عَلَی أُمَّتِی مَا أَتَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ مِلَّةً وَ سَتَفَرَّقُ أُمَّتِی عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ مِلَّةً تَزِیدُ عَلَیْهِمْ وَاحِدَةً كُلُّهَا فِی النَّارِ غَیْرَ وَاحِدَةٍ قَالَ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا تِلْكَ الْوَاحِدَةُ قَالَ هُوَ مَا نَحْنُ عَلَیْهِ الْیَوْمَ أَنَا وَ أَهْلُ بَیْتِی (5).
«5»-ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَأْسِ الْیَهُودِ عَلَی كَمِ افْتَرَقْتُمْ قَالَ عَلَی كَذَا وَ كَذَا فِرْقَةً فَقَالَ علیه السلام كَذَبْتَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ ثُنِیَتْ لِیَ الْوِسَادَةُ لَقَضَیْتُ بَیْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْإِنْجِیلِ بِإِنْجِیلِهِمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ افْتَرَقَتِ الْیَهُودُ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً سَبْعُونَ مِنْهَا فِی
ص: 4
النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ نَاجِیَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَصِیَّ مُوسَی علیه السلام وَ افْتَرَقَتِ النَّصَارَی عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً إِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ شَمْعُونَ وَصِیَّ عِیسَی علیه السلام وَ تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنَ الثَّلَاثِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا تَنْتَحِلُ مَوَدَّتِی وَ حُبِّی وَاحِدَةٌ مِنْهَا فِی الْجَنَّةِ وَ هُمُ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ وَ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِی النَّارِ (1).
«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بإسناد المجاشعی عن الصادق علیه السلام عن آبائه علیهم السلام مثله (2):
أقول: وجدت فی كتاب سلیم بن قیس عن أبان عنه علیه الصلاة و السلام مثله سواء (3) ثنی الوسادة كنایة عن التمكن فی الأمر لأن الناس یثنون الوسائد للأمراء و السلاطین لیجلسوا علیها و قد مر مرارا. و النمط بالتحریك ضرب من البسط معروف و الطریقة و النوع من الشی ء و جماعة أمرهم واحد و فی بعض المعانی لا بد من استعارة أو تقدیر و أوسط الأنماط فی المجالس معد لأشارف أهلها و أوسط كل شی ء أعدله و أفضله.
«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الصُّهْبَانِ الْبَكْرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ قَدْ دَعَا رَأْسَ الْجَالُوتِ وَ أُسْقُفَّ النَّصَارَی فَقَالَ إِنِّی سَائِلُكُمَا عَنْ أَمْرٍ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمَا فَلَا تَكْتُمَانِی یَا رَأْسَ الْجَالُوتِ بِالَّذِی أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَی مُوسَی علیه السلام وَ أَطْعَمَكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوی وَ ضَرَبَ لَكُمْ فِی الْبَحْرِ طَرِیقاً یَبَساً وَ فَجَّرَ لَكُمْ مِنَ الْحَجَرِ الطُّورِیِّ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ عَیْناً لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَیْناً إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِی عَلَی كَمِ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بَعْدَ مُوسَی فَقَالَ وَ لَا إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ كَذَبْتَ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ
ص: 5
غَیْرُهُ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (1) فَهَذِهِ الَّتِی تَنْجُو (2).
«8»-شی، تفسیر العیاشی أَبُو الصُّهْبَانِ الْبَكْرِیُّ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَفَرَّقَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (3) فَهَذِهِ الَّتِی تَنْجُو مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ (4).
«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ قَالَ یَعْنِی أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (5).
بیان: لعل المعنی أن هذه الآیة فی أمّة محمد صلی اللّٰه علیه و آله أو المراد بقوله تعالی یَهْدُونَ أی بعضهم
قال الطبرسی رحمه اللّٰه تعالی رَوَی ابْنُ جُرَیْجٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: هِیَ لِأُمَّتِی بِالْحَقِّ یَأْخُذُونَ وَ بِالْحَقِّ یُعْطَوْنَ وَ قَدْ أُعْطِیَ الْقَوْمُ بَیْنَ أَیْدِیكُمْ مِثْلَهَا وَ مِنْ قَوْمِ مُوسی أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ
وَ قَالَ الرَّبِیعُ بْنُ أَنَسٍ قَرَأَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ فَقَالَ إِنَّ مِنْ أُمَّتِی قَوْماً عَلَی الْحَقِّ حَتَّی یَنْزِلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ.
ثم نقل روایة العیاشی
ثُمَّ قَالَ وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهَما قَالا نَحْنُ هُمْ (6)
«10»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی مَعْشَرٍ عَنْ سَعِیدٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: تَأْخُذُونَ
ص: 6
كَمَا أَخَذَتِ الْأُمَمُ مِنْ قِبْلِكُمْ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ وَ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ بَاعاً بِبَاعٍ حَتَّی لَوْ أَنَّ أَحَداً مِنْ أُولَئِكَ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالَ (1) قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ إِنْ شِئْتُمْ فَاقْرَءُوا الْقُرْآنَ كَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ الْخَلَاقُ الدِّینُ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ (2) حَتَّی فَرَغَ مِنَ الْآیَةِ قَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَمَا صَنَعَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی قَالَ وَ مَا النَّاسُ إِلَّا هُمْ (3).
بیان: تفسیر الخلاق بالدین غریب و المشهور فی اللغة و التفسیر أنه بمعنی النصیب و لعل المعنی أنهم جعلوا ما أصابهم من الدین وسیلة لتحصیل اللذات الفانیة الدنیویة.
قال الطبرسی رحمه اللّٰه تعالی فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ أی بنصیبهم و حظهم من الدنیا أی صرفوها فی شهواتهم المحرمة علیهم و فیما نهاهم اللّٰه عنه ثم أهلكوا وَ خُضْتُمْ أی دخلتم فی الباطل (4).
وَ قَالَ وَرَدَتِ الرِّوَایَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِی هَذِهِ الْآیَةِ مَا أَشْبَهَ اللَّیْلَةَ بِالْبَارِحَةِ كَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ هَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِیلُ شُبِّهْنَا بِهِمْ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَتَّبَعُنَّهُمْ حَتَّی لَوْ دَخَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ. (5).
ص: 7
وَ رُوِیَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَتَأْخُذُنَّ كَمَا أَخَذَتِ الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُمْ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ وَ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ بَاعاً بِبَاعٍ حَتَّی لَوْ أَنَّ أَحَداً مِنْ أُولَئِكَ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا صَنَعَتْ فَارِسُ وَ الرُّومُ وَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَالَ فَهَلِ النَّاسُ إِلَّا هُمْ (1).
وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنْتُمْ أَشْبَهُ الْأُمَمِ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ سَمْتاً وَ هَدْیاً تَتَّبِعُونَ عَمَلَهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ غَیْرَ أَنِّی لَا أَدْرِی أَ تَعْبُدُونَ الْعِجْلَ أَمْ لَا.
و
قَالَ حُذَیْفَةُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِینَ فِیكُمُ الْیَوْمَ شَرٌّ مِنَ الْمُنَافِقِینَ الَّذِینَ كَانُوا عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْنَا وَ كَیْفَ قَالَ أُولَئِكَ كَانُوا یُخْفُونَ نِفَاقَهُمْ وَ هَؤُلَاءِ أَعْلَنُوهُ.
أورد جمیعها الثعلبی فی تفسیره (2).
«11»-فس، تفسیر القمی لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (3) یَقُولُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ لَا تُخْطِئُونَ طَرِیقَهُمْ وَ لَا یُخْطِئُ شِبْرٌ بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ وَ بَاعٌ بِبَاعٍ حَتَّی أَنْ لَوْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالُوا الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی تَعْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ أَعْنِی لَتَنْقُضُنَّ عُرَی الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَیَكُونُ أَوَّلُ مَا تَنْقُضُونَ مِنْ دِینِكُمُ الْأَمَانَةَ وَ آخِرُهُ الصَّلَاةَ (4).
بیان: قال فی النهایة القذذ ریش السهم و منه
الحدیث لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ.
أی كما یقدر كل واحدة منها علی قدر صاحبتها
ص: 8
و تقطع یضرب مثلا للشیئین یستویان و لا یتفاوتان.
«12»-جا، المجالس للمفید مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْجَوَّانِیُّ عَنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِیِّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ نُصَیْرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَفْصٍ عَنْ خَالِدٍ الْقَطَوَانِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ أَبِی الْخَنْسَاءِ عَنْ زِیَادِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ فَرْوَةَ الظَّفَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَفْتَرِقُ أُمَّتِی ثَلَاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ عَلَی الْحَقِّ لَا یَنْقُصُ الْبَاطِلُ مِنْهُ شَیْئاً یُحِبُّونَنِی وَ یُحِبُّونَ أَهْلَ بَیْتِی مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذَّهَبِ الْجَیِّدِ كُلَّمَا أَدْخَلْتَهُ النَّارَ فَأَوْقَدْتَ عَلَیْهِ لَمْ یَزِدْهُ إِلَّا جَوْدَةً وَ فِرْقَةٌ عَلَی الْبَاطِلِ لَا یَنْقُصُ الْحَقُّ مِنْهُ شَیْئاً یُبْغِضُونَنِی وَ یُبْغِضُونَ أَهْلَ بَیْتِی مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْحَدِیدِ كُلَّمَا أَدْخَلْتَهُ النَّارَ فَأَوْقَدْتَ عَلَیْهِ لَمْ یَزِدْهُ إِلَّا شَرّاً وَ فِرْقَةٌ مُدَهْدَهَةٌ عَلَی مِلَّةِ السَّامِرِیِّ لَا یَقُولُونَ لا مِساسَ لَكِنَّهُمْ یَقُولُونَ لَا قِتَالَ إِمَامُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَیْسٍ الْأَشْعَرِیُّ (1).
بیان: دهدهت الحجر أی دحرجته و لعله كنایة عن اضطرابهم فی الدین و تزلزلهم بشبهات المضلین.
«13»-فس، تفسیر القمی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ یَا زُرَارَةُ أَ وَ لَمْ تَرْكَبْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ فِی أَمْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ (2).
«14»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِیثٌ یَرْوِیهِ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ حَدِّثْ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَا حَرَجَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَنُحَدِّثُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِمَا سَمِعْنَاهُ وَ لَا حَرَجَ عَلَیْنَا قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ مَا قَالَ كَفَی بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ یُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ
ص: 9
فَقُلْتُ وَ كَیْفَ هَذَا قَالَ مَا كَانَ فِی الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ یحدث (فَحَدِّثْ) أَنَّهُ كَائِنٌ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا حَرَجَ (1).
«15»-ك، إكمال الدین الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّ مَا كَانَ فِی الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فَإِنَّهُ یَكُونُ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ (2).
«16»-شف، كشف الیقین مِنْ كِتَابِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْدَوَیْهِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عُلَیْمٍ عَنْ سَلْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَیْضاً مِنْ كِتَابِ أَخْطَبِ خُوارِزْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَغْدَادِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیْنَبِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَاصِمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِی الشَّوَارِبِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَفْتَرِقُ أُمَّتِی بَعْدِی ثَلَاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ أَهْلُ حَقٍّ لَا یَشُوبُونَهُ بِبَاطِلٍ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذَّهَبِ كُلَّمَا فَتَنْتَهُ بِالنَّارِ ازْدَادَ جَوْدَةً وَ طِیباً وَ إِمَامُهُمْ هَذَا لَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَ هُوَ الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِی كِتَابِهِ إِماماً وَ رَحْمَةً وَ فِرْقَةٌ أَهْلُ بَاطِلٍ لَا یَشُوبُونَهُ بِحَقٍّ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ خَبَثِ الْحَدِیدِ كُلَّمَا فتنتهم (فَتَنْتَهُ) بِالنَّارِ ازْدَادَ خَبَثاً وَ نَتْناً وَ إِمَامُهُمْ هَذَا لَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَ فِرْقَةٌ أَهْلُ ضَلَالَةٍ مُذَبْذَبِینَ لا إِلی هؤُلاءِ وَ لا إِلی هؤُلاءِ إِمَامُهُمْ هَذَا لَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَ إِمَامِهِمْ فَقَالَ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ أَمْسَكَ عَنِ الِاثْنَیْنِ فَجَهَدْتُ أَنْ یُسَمِّیَهُمَا فَلَمْ یَفْعَلْ (3).
«17»-جا، المجالس للمفید الْمَرَاغِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ
ص: 10
الضَّرِیرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْدِیِّ عَنْ أَبِی عَقِیلٍ قَالَ:: كُنَّا عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَتَفَرَّقَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ الْفِرَقَ كُلَّهَا ضَالَّةٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَنِی وَ كَانَ مِنْ شِیعَتِی (1).
«18»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: ارْتَدَّ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ وَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ لَمَّا مَاتَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا نُصَلِّی وَ لَا نُؤَدِّی الزَّكَاةَ فَأَبَی عَلَیْهِمْ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ وَ قَالَ لَا أَحُلُّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَ لَا أَنْقُصُكُمْ شَیْئاً مِمَّا أَخَذَ مِنْكُمْ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَأُجَاهِدَنَّكُمْ وَ لَوْ مَنَعْتُمُونِی عِقَالًا مِمَّا أَخَذَ مِنْكُمْ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَجَاهَدْتُكُمْ عَلَیْهِ ثُمَّ قَرَأَ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (2) حَتَّی فَرَغَ مِنَ الْآیَةِ فَتَحَصَّنَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ هُوَ وَ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ فِی حِصْنٍ وَ قَالَ الْأَشْعَثُ اجْعَلُوا لِسَبْعِینَ مِنَّا أَمَاناً فَجَعَلَ لَهُمْ وَ نَزَلَ فَعَدَّ سَبْعِینَ وَ لَمْ یُدْخِلْ نَفْسَهُ فِیهِمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّهُ لَا أَمَانَ لَكَ إِنَّا قَاتِلُوكَ قَالَ أَ فَلَا أَدُلُّكَ عَلَی خَیْرٍ مِنْ ذَلِكَ تَسْتَعِینُ بِی عَلَی عَدُوِّكَ وَ تُزَوِّجُنِی أُخْتَكَ فَفَعَلَ (3).
أقول: قال السید بن طاوس رحمه اللّٰه ذكر العباس بن عبد الرحیم المروزی فی تاریخه لم یلبث الإسلام بعد فوت النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی طوائف العرب إلا فی أهل المدینة و أهل مكة و أهل الطائف و ارتد سائر الناس ثم قال ارتدت بنو تمیم و الرباب (4)
ص: 11
و اجتمعوا علی مالك بن نویرة الیربوعی و ارتدت ربیعة كلها و كانت لهم ثلاثة عساكر عسكر بالیمامة مع مسیلمة الكذاب و عسكر مع معرور الشیبانی و فیه بنو شیبان و عامة بكر بن وائل و عسكر مع الحطیم العبدی و ارتد أهل الیمن ارتد الأشعث بن قیس فی كندة و ارتد أهل مأرب مع الأسود العنسی و ارتدت بنو عامر إلا علقمة بن علاثة.
«19»-وَ رَوَی ابْنُ بِطْرِیقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ تَفْسِیرِ الثَّعْلَبِیِّ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً (1) بِإِسْنَادِهِ عَنْ ذَاذَانَ أَبِی عُمَرَ قَالَ قَالَ لِی عَلِیٌّ علیه السلام أَبَا عُمَرَ أَ تَدْرِی كَمِ افْتَرَقَتِ الْیَهُودُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ افْتَرَقَتْ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی الْهَاوِیَةِ إِلَّا وَاحِدَةً هِیَ نَاجِیَةٌ أَ تَدْرِی عَلَی كَمِ افْتَرَقَتِ النَّصَارَی قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ افْتَرَقَتْ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی الْهَاوِیَةِ إِلَّا وَاحِدَةً هِیَ النَّاجِیَةُ أَ تَدْرِی عَلَی كَمْ تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ تَفْتَرِقُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی الْهَاوِیَةِ إِلَّا وَاحِدَةً هِیَ النَّاجِیَةُ وَ أَنْتَ مِنْهُمْ یَا أَبَا عُمَرَ (2).
ص: 12
«20»-یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ رَأْسُ الْیَهُودِ وَ رَأْسُ النَّصَارَی فَسَلَّمَا وَ جَلَسَا فَقَالَ الْجَمَاعَةُ بِاللَّهِ عَلَیْكَ یَا مَوْلَانَا اسْأَلْهُمْ حَتَّی نَنْظُرَ مَا یَعْمَلُونَ قَالَ علیه السلام لِرَأْسِ الْیَهُودِ یَا أَخَا الْیَهُودِ قَالَ لَبَّیْكَ قَالَ عَلَی كَمِ انْقَسَمَتْ أُمَّةُ نَبِیِّكُمْ قَالَ هُوَ عِنْدِی فِی كِتَابٍ مَكْنُونٍ قَالَ علیه السلام قَاتَلَ اللَّهُ قَوْماً أَنْتَ زَعِیمُهُمْ یُسْأَلُ عَنْ أَمْرِ دِینِهِ فَیَقُولُ هُوَ عِنْدِی فِی كِتابٍ مَكْنُونٍ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی رَأْسِ النَّصَارَی وَ قَالَ لَهُ كَمِ انْقَسَمَتْ أُمَّةُ نَبِیِّكُمْ قَالَ عَلَی كَذَا وَ كَذَا فَأَخْطَأَ فَقَالَ علیه السلام لَوْ قُلْتَ مِثْلَ قَوْلِ صَاحِبِكَ لَكَانَ خَیْراً لَكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ وَ تُخْطِئَ وَ لَا تَعْلَمُ ثُمَّ أَقْبَلَ علیه السلام عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا أَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَ أَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ الْإِنْجِیلِ بِإِنْجِیلِهِمْ وَ أَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ أَنَا أَعْرَفُ كَمِ انْقَسَمَتِ الْأُمَمُ أَخْبَرَنِی بِهِ أَخِی وَ حَبِیبِی وَ قُرَّةُ عَیْنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ قَالَ افْتَرَقَتِ الْیَهُودُ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ وَصِیَّهُ وَ افْتَرَقَتِ النَّصَارَی عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فَإِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ وَصِیَّهُ وَ سَتَفَرَّقُ أُمَّتِی عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّبَعَتْ وَصِیِّی وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی مَنْكِبِی ثُمَّ قَالَ اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً حَلَّتْ عُقَدَ الْإِلَهِ فِیكَ وَ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ الَّتِی اتَّخَذَتْ مَحَبَّتَكَ وَ هُمْ شِیعَتُكَ (1).
«21»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِیهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلًا (2) قَالَ أَمَّا
ص: 13
الَّذِی فِیهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ فُلَانٌ الْأَوَّلُ یُجْمِعُ الْمُتَفَرِّقُونَ وِلَایَتَهُ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ یَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ یَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا رَجُلٌ سَلَمٌ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ الْأَوَّلُ حَقّاً وَ شِیعَتُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْیَهُودَ تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِ مُوسَی عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً مِنْهَا فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ تَفَرَّقَتِ النَّصَارَی بَعْدَ عِیسَی عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا فِی الْجَنَّةِ وَ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ وَ تَفَرَّقَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ مِنَ الثَّلَاثِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً تَنْتَحِلُ وَلَایَتَنَا وَ مَوَدَّتَنَا اثْنَتَا عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنْهَا فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ سِتُّونَ فِرْقَةً مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فِی النَّارِ (1).
«22»-أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَتَرْكَبُنَّ أُمَّتِی سُنَّةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ وَ بَاعاً بِبَاعٍ حَتَّی لَوْ دَخَلُوا جُحْراً لَدَخَلُوا فِیهِ مَعَهُمْ إِنَّ التَّوْرَاةَ وَ الْقُرْآنَ كَتَبَتْهُ یَدٌ وَاحِدَةٌ فِی رَقٍّ وَاحِدٍ بِقَلَمٍ وَاحِدٍ وَ جَرَتِ الْأَمْثَالُ وَ السُّنَنُ سَوَاءً (2) ثُمَّ قَالَ أَبَانٌ قَالَ سُلَیْمٌ وَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَقُولُ إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَفَرَّقُ عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنَ الثَّلَاثِ وَ سَبْعِینَ تَنْتَحِلُ مَحَبَّتَنَا أَهْلَ الْبَیْتَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فِی الْجَنَّةِ وَ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِی النَّارِ وَ أَمَّا الْفِرْقَةُ النَّاجِیَةُ الْمَهْدِیَّةُ الْمُؤْمِنَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُوَفَّقَةُ الْمُرْشَدَةُ فَهِیَ الْمُؤْتَمَّةُ بِی الْمُسْلِمَةُ لِأَمْرِی الْمُطِیعَةُ لِی الْمُتَبَرِّئَةُ مِنْ عَدُوِّی الْمُحِبَّةُ لِی الْمُبْغِضَةُ لِعَدُوِّی الَّتِی قَدْ عَرَفَتْ حَقِّی وَ إِمَامَتِی وَ فَرْضَ طَاعَتِی مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ فَلَمْ تَرْتَدَّ وَ لَمْ تَشُكَّ لِمَا قَدْ نَوَّرَ اللَّهُ فِی قَلْبِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِّنَا وَ عَرَّفَهَا مِنْ فَضْلِنَا وَ أَلْهَمَهَا وَ أَخَذَ بِنَوَاصِیهَا فَأَدْخَلَهَا فِی شِیعَتِنَا حَتَّی اطْمَأَنَّتْ
ص: 14
قُلُوبُهَا وَ اسْتَیْقَنَتْ یَقِیناً لَا یُخَالِطُهُ شَكٌّ أَنِّی أَنَا وَ أَوْصِیَائِی بَعْدِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ هُدَاةٌ مُهْتَدُونَ الَّذِینَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِیِّهِ فِی آیٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَثِیرَةٍ وَ طَهَّرَنَا وَ عَصَمَنَا وَ جَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَی خَلْقِهِ وَ حُجَّتَهُ فِی أَرْضِهِ وَ خُزَّانَهُ عَلَی عِلْمِهِ وَ مَعَادِنَ حُكْمِهِ وَ تَرَاجِمَةَ وَحْیِهِ وَ جَعَلَنَا مَعَ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنَ مَعَنَا لَا نُفَارِقُهُ وَ لَا یُفَارِقُنَا حَتَّی نَرِدَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَوْضَهُ كَمَا قَالَ: وَ تِلْكَ الْفِرْقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الثَّلَاثِ وَ السَّبْعِینَ فِرْقَةً هِیَ النَّاجِیَةُ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ جَمِیعِ الْفِتَنِ وَ الضَّلَالاتِ وَ الشُّبُهَاتِ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقّاً هُمْ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ وَ جَمِیعُ تِلْكَ الْفِرَقِ الِاثْنَتَیْنِ وَ السَّبْعِینَ فِرْقَةً هُمُ الْمُتَدَیِّنُونَ بِغَیْرِ الْحَقِّ النَّاصِرُونَ دِینَ الشَّیْطَانِ الْآخِذُونَ عَنْ إِبْلِیسَ وَ أَوْلِیَائِهِ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ أَعْدَاءُ رَسُولِهِ وَ أَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِینَ یَدْخُلُونَ النَّارَ بِغَیْرِ حِسَابٍ بَرَءُوا مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ وَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَ كَفَرُوا بِهِ وَ عَبَدُوا غَیْرَ اللَّهِ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً یَقُولُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِینَ یَحْلِفُونَ لِلَّهِ كَما یَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلی شَیْ ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ قَالَ قِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ رَأَیْتَ مَنْ قَدْ وَقَفَ فَلَمْ یَأْتَمَّ بِكُمْ وَ لَمْ یُضَادَّكُمْ وَ لَمْ یَنْصِبْ لَكُمْ وَ لَمْ یَتَوَلَّكُمْ وَ لَمْ یَتَبَرَّأْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ قَالَ لَا أَدْرِی وَ هُوَ صَادِقٌ قَالَ لَیْسَ أُولَئِكَ مِنَ الثَّلَاثِ وَ السَّبْعِینَ فِرْقَةً إِنَّمَا عَنَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالثَّلَاثِ وَ السَّبْعِینَ فِرْقَةً الْبَاغِینَ النَّصَّابِینَ الَّذِینَ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ دَعَوْا إِلَی دِینِهِمْ فَفِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهَا تَدِینُ بِدِینِ الرَّحْمَنِ وَ اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ تَدِینُ بِدِینِ الشَّیْطَانِ وَ تَتَوَلَّی عَلَی قَبُولِهَا وَ تَتَبَرَّأُ مِمَّنْ خَالَفَهَا فَأَمَّا مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَعْرِفْ وَلَایَتَنَا وَ لَا ضَلَالَةَ عَدُوِّنَا وَ لَمْ یَنْصِبْ شَیْئاً وَ لَمْ یُحِلَّ وَ لَمْ یُحَرِّمْ وَ أَخَذَ بِجَمِیعِ مَا لَیْسَ بَیْنَ الْمُخْتَلِفِینَ مِنَ الْأُمَّةِ خِلَافٌ فِی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَی عَنْهُ وَ كَفَّ عَمَّا بَیْنَ الْمُخْتَلِفِینَ مِنَ الْأُمَّةِ خِلَافٌ فِی أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَی عَنْهُ فَلَمْ یَنْصِبْ شَیْئاً وَ لَمْ یُحَلِّلْ وَ لَمْ یُحَرِّمْ وَ لَا یَعْلَمُ وَ رَدَّ عِلْمَ مَا أَشْكَلَ عَلَیْهِ إِلَی اللَّهِ فَهَذَا نَاجٍ وَ هَذِهِ الطَّبَقَةُ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ بَیْنَ الْمُشْرِكِینَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ وَ جُلُّهُمْ وَ هُمْ أَصْحَابُ الْحِسَابِ وَ الْمَوَازِینِ
ص: 15
وَ الْأَعْرَافِ وَ الْجَهَنَّمِیُّونَ الَّذِینَ یَشْفَعُ لَهُمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ یُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ فَیُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِیِّینَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَیُنْجَوْنَ وَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ وَ إِنَّمَا الْحِسَابُ عَلَی أَهْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ الْمُقْتَرِفَةِ وَ الَّذِینَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً وَ الْمُسْتَضْعَفِینَ الَّذِینَ لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَ لا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا لَا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةَ الْكُفْرِ وَ الشِّرْكِ وَ لَا یُحْسِنُونَ أَنْ یَنْصِبُوا وَ لَا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا إِلَی أَنْ یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ عَارِفِینَ فَهُمْ أَصْحابُ الْأَعْرافِ وَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ لِلَّهِ فِیهِمُ الْمَشِیَّةُ إِنْ أَدْخَلَ أَحَدَهُمُ النَّارَ فَبِذَنْبِهِ وَ إِنْ تَجَاوَزَ عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ قُلْتُ أَ یَدْخُلُ النَّارَ الْمُؤْمِنُ الْعَارِفُ الدَّاعِی قَالَ لَا قُلْتُ أَ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا یَعْرِفُ إِمَامَهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ قُلْتُ أَ یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ قَالَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا كَافِرٌ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ قُلْتُ فَمَنْ لَقِیَ اللَّهَ مُؤْمِناً عَارِفاً بِإِمَامِهِ مُطِیعاً لَهُ أَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُوَ قَالَ نَعَمْ إِذَا لَقِیَ اللَّهَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ قُلْتُ فَمَنْ لَقِیَ اللَّهَ مِنْهُمْ عَلَی الْكَبَائِرِ قَالَ هُوَ فِی مَشِیَّتِهِ إِنْ عَذَّبَهُ فَبِذَنْبِهِ وَ إِنْ تَجَاوَزَ عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ قُلْتُ فَیُدْخِلُهُ النَّارَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ نَعَمْ بِذَنْبِهِ لِأَنَّهُ لَیْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ عَنَی أَنَّهُ لَهُمْ وَلِیٌّ وَ أَنَّهُ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ یَتَّقُونَ اللَّهَ وَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ وَ الَّذِینَ لَمْ یَلْبِسُوا إِیمانَهُمْ بِظُلْمٍ (1).
وَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ وَ سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ یَقُولُونَ إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مَعَنَا غَیْرُنَا إِذَا رَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ كُلُّهُمْ بَدْرِیُّونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَفْتَرِقُ أُمَّتِی بَعْدِی ثَلَاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ عَلَی الْحَقِّ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذَّهَبِ كُلَّمَا سَبَكْتَهُ عَلَی النَّارِ ازْدَادَ طِیباً وَ جَوْدَةً إِمَامُهُمْ هَذَا أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَ فِرْقَةٌ أَهْلُ بَاطِلٍ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْحَدِیدِ كُلَّمَا أَدْخَلْتَهُ النَّارَ ازْدَادَ خَبَثاً وَ نَتْناً إِمَامُهُمْ هَذَا أَحَدُ
ص: 16
الثَّلَاثَةِ وَ فِرْقَةٌ مُذَبْذَبِینَ ضُلَّالًا لا إِلی هؤُلاءِ وَ لا إِلی هؤُلاءِ إِمَامُهُمْ هَذَا أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ الثَّلَاثَةِ فَقَالُوا إِمَامُ الْحَقِّ وَ الْهُدَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ سَعْدٌ (1) إِمَامُ الْمُذَبْذَبِینَ وَ حَرَصْتُ أَنْ یُسَمُّوا لِیَ الثَّالِثَ فَأَبَوْا عَلَیَّ وَ عَرَّضُوا لِی حَتَّی عَرَفْتُ مَنْ یَعْنُونَ (2).
«23»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ عَدِیٍّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِیلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلَی الْمِنْبَرِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ یَقُولُونَ إِنَّ رَحِمَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَشْفَعُ (3) یَوْمَ الْقِیَامَةِ بَلَی وَ اللَّهِ إِنَّ رَحِمِی لَمَوْصُولَةٌ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ إِنِّی أَیُّهَا النَّاسُ فَرَطُكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی الْحَوْضِ فَإِذَا جِئْتُمْ قَالَ الرَّجُلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ عَرَفْتُهُ وَ لَكِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بَعْدِی ذَاتَ الشِّمَالِ وَ ارْتَدَدْتُمْ عَلَی أَعْقَابِكُمُ الْقَهْقَرَی (4).
بیان: قال الجزری فیه أنا فرطكم علی الحوض أی متقدمكم إلیه یقال فرط یفرط فهو فارط و فرط إذا تقدم و سبق القوم لیرتاد لهم الماء و یهیئ لهم الدلاء و الأرشیة.
«24»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِیلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَ تَزْعُمُونَ أَنَّ رَحِمَ نَبِیِّ اللَّهِ لَا یَشْفَعُ قَوْمَهُ یَوْمَ
ص: 17
الْقِیَامَةِ بَلَی وَ اللَّهِ إِنَّ رَحِمِی لَمَوْصُولَةٌ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَی الْحَوْضِ فَإِذَا جِئْتُ قَامَ رِجَالٌ یَقُولُونَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَ قَالَ آخَرُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَ قَالَ آخَرُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبَ فَقَدْ عَرَفْتُ وَ لَكِنَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ بَعْدِی وَ ارْتَدَدْتُمُ الْقَهْقَرَی (1).
«25»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ خَیْرِ بْنِ نَوْفٍ أَبِی الْوَدَّاكِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ اللَّهِ مَا یَأْتِی عَلَیْنَا عَامٌ إِلَّا وَ هُوَ شَرٌّ مِنَ الْمَاضِی وَ لَا أَمِیرٌ إِلَّا وَ هُوَ شَرٌّ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ فَقَالَ أَبُو سَعِیدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا تَقُولُ وَ لَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَا یَزَالُ بِكُمُ الْأَمْرُ حَتَّی یُولَدَ فِی الْفِتْنَةِ وَ الْجَوْرِ مَنْ لَا یُعْرَفُ عَدَدُهَا حَتَّی تُمْلَأَ الْأَرْضُ جَوْراً فَلَا یَقْدِرُ أَحَدٌ یَقُولُ اللَّهَ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلًا مِنِّی وَ مِنْ عِتْرَتِی فَیَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مَلَأَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ جَوْراً وَ یُخْرِجُ لَهُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا وَ یَحْثُو الْمَالَ حَثْواً وَ لَا یَعُدُّهُ عَدّاً وَ ذَلِكَ حِینَ یَضْرِبُ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ (2).
بیان: قال فی النهایة فی أشراط الساعة و تقی ء الأرض أفلاذ كبدها أی تخرج كنوزها المدفونة فیها و هو استعارة و الأفلاذ جمع فلذ و الفلذ جمع فلذة و هی القطعة المقطوعة طولا و الحثو رمی التراب و نحوه و هو كنایة عن كثرة العطاء و قال فی النهایة و منه حتی ضرب الحق بجرانه أی قر قراره و استقام كما أن البعیر إذا برك و استراح مد عنقه علی الأرض.
«26»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصَّوْلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ نَصْرٍ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سُئِلَ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قَوْلِ النَّبِیِّ ص
ص: 18
أَصْحَابِی كَالنُّجُومِ بِأَیِّهِمُ اقْتَدَیْتُمُ اهْتَدَیْتُمْ (1) وَ عَنْ قَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعُوا لِی أَصْحَابِی فَقَالَ هَذَا صَحِیحٌ یُرِیدُ مَنْ لَمْ یُغَیِّرْ بَعْدَهُ وَ لَمْ یُبَدِّلْ قِیلَ وَ كَیْفَ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَدْ غَیَّرُوا وَ بَدَّلُوا قَالَ لِمَا یَرْوُونَهُ مِنْ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَیُذَادَنَّ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَنْ حَوْضِی كَمَا تُذَادُ غَرَائِبُ الْإِبِلِ عَنِ الْمَاءِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ لِی إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَیُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ بُعْداً لَهُمْ وَ سُحْقاً أَ فَتَرَی هَذَا لِمَنْ لَمْ یُغَیِّرْ وَ لَمْ یُبَدِّلْ (2).
بیان: قال فی النهایة فی الحدیث فلیذادن رجال عن حوضی أی لیطردن.
ص: 19
«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْعَامَّةَ تَزْعُمُ أَنَّ بَیْعَةَ أَبِی بَكْرٍ حَیْثُ اجْتَمَعَ لَهَا النَّاسُ كَانَتْ رِضًا لِلَّهِ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَفْتِنَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَا یَقْرَءُونَ كِتَابَ اللَّهِ أَ لَیْسَ اللَّهُ یَقُولُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ (1) الْآیَةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ یُفَسِّرُونَ هَذَا عَلَی وَجْهٍ آخَرَ قَالَ فَقَالَ أَ وَ لَیْسَ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَیِّنَاتُ حِینَ قَالَ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ إِلَی قَوْلِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ (2) الْآیَةَ فَفِی هَذَا مَا یُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَی أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ قَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ (3).
بیان: الآیة هكذا تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ و الاستدلال بها من وجهین الأول شمولها لأمة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله.
و الثانی بانضمام ما تواتر عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن كل ما وقع فی الأمم السالفة یقع فی هذه الأمة و یحتمل أیضا أن یكون الغرض دفع الاستبعاد عن وقوعه فی تلك الأمة كما هو ظاهر الخبر.
«28»-شی، تفسیر العیاشی عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَدْرُونَ مَاتَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ قُتِلَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ فَسُمَ
ص: 20
قَبْلَ الْمَوْتِ إِنَّهُمَا سَمَّتَاهُ فَقُلْنَا إِنَّهُمَا وَ أَبَوَیْهِمَا شَرُّ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ (1).
«29»-شی، تفسیر العیاشی الْحُسَیْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ الْقَتْلُ أَمِ الْمَوْتُ قَالَ یَعْنِی أَصْحَابَهُ الَّذِینَ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا (2).
ص: 21
«30»-جا، المجالس للمفید الْجِعَابِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی مُوسَی عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ المستعطفی (الْمُسْتَعْطِفِ) عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَیْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی مُلَیْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنِّی عَلَی الْحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ یَرِدُ عَلَیَّ مِنْكُمْ وَ لَیُقْطَعَنَّ بِرِجَالٍ دُونِی فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ مَا زَالُوا یَرْجِعُونَ عَلَی أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَی (1).
«31»-جا، المجالس للمفید بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عِیسَی عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِیقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: دَخَلَ عَلَیْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ یَا أُمَّهْ قَدْ خِفْتُ أَنْ یُهْلِكَنِی كَثْرَةُ مَالِی أَنَا أَكْثَرُ قُرَیْشٍ مَالًا قَالَتْ یَا بُنَیَّ فَأَنْفِقْ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مِنْ أَصْحَابِی مَنْ لَا یَرَانِی بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِیَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِی قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَجَاءَ یَشْتَدُّ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهَا فَقَالَ بِاللَّهِ یَا أُمَّهْ أَنَا مِنْهُمْ فَقَالَتْ لَا أَعْلَمُ وَ لَنْ أُبْرِئَ بَعْدَكَ أَحَداً (2).
«32»-كشف، كشف الغمة عَنْ كِفَایَةِ الطَّالِبِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِینَ (3) أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ یُكْسَی إِبْرَاهِیمُ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِی یُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أُصَیْحَابِی أُصَیْحَابِی قَالَ
ص: 22
فَیُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ یَزَالُوا مُرْتَدِّینَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ مُذْ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِیسَی علیه السلام وَ كُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ إِلَی قَوْلِهِ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (1).
قلت (2) هذا حدیث صحیح متفق علی صحته من حدیث المغیرة بن النعمان- رواه البخاری فی صحیحه عن محمد بن كثیر عن سفیان و رواه مسلم فی صحیحه عن محمد بن بشار بن بندار عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة و رزقناه بحمد اللّٰه عالیا من هذا الطریق هذا آخر كلامه: (3)
الغرل بضم الغین المعجمة ثم الراء المهملة جمع الأغرل و هو الأغلف.
«33»-أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیَجِیئَنَّ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِی مِنْ أَهْلِ الْعِلْیَةِ وَ الْمَكَانَةِ مِنِّی لِیَمُرُّوا
ص: 23
عَلَی الصِّرَاطِ فَإِذَا رَأَیْتُهُمْ وَ رَأَوْنِی وَ عَرَفْتُهُمْ وَ عَرَفُونِی اخْتَلَجُوا دُونِی فَأَقُولُ أَیْ رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ مَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ حَیْثُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ بُعْداً وَ سُحْقاً (1).
بیان: قال الجوهری یقال فلان من علیة الناس و هو جمع رجل علی أی شریف رفیع مثل صبی و صبیة و العلیة الغرفة و فی القاموس علا السطح یعلیه علیا و علیا صعده و قال فی النهایة الخلج الجذب و النزع و منه
الحدیث لَیَرِدَنَّ عَلَیَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ ثُمَّ لَیَخْتَلِجَنَّ دُونِی.
أی یجتذبون و یقتطعون و
قال فی حدیث الحوض فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً.
أی بعدا بعدا و مَكانٍ سَحِیقٍ بعید.
«34»-مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی الثَّعْلَبِیِّ مِنْ تَفْسِیرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّهُ كَانَ یُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَرِدُ عَلَیَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِی فَیُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ الْقَهْقَرَی (2).
بیان: قال فی النهایة فیه یَرِدُ عَلَیَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَهْطٌ فَیُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ أی یصدون عنه و یمنعون من وروده.
«35»-یف، الطرائف مد، العمدة بِإِسْنَادِهِمَا إِلَی صَحِیحَیِ الْبُخَارِیِّ وَ مُسْلِمٍ وَ الْجَمْعِ بَیْنَ
ص: 24
الصَّحِیحَیْنِ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَی اللَّهِ عُرَاةً حُفَاتاً غُرْلًا ثُمَّ تَلَا كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِینَ (1) ثُمَّ قَالَ أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ یُكْسَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِبْرَاهِیمُ وَ إِنَّهُ یُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِی فَیُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَ كُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْتَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ (2) فَیُقَالُ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ یَزَالُوا مُرْتَدِّینَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.
قَالَ مُسْلِمٌ وَ فِی حَدِیثِ وَكِیعٍ وَ مُعَاذٍ فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (3)
«36»- مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِی كَمَا تُذَادُ الْغَرِیبَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ.
قَالَ وَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِیُّ مِنْ حَدِیثِ الزُّهْرِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ أَنَّهُ كَانَ یُحَدِّثُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَرِدُ عَلَیَّ الْحَوْضَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِی فَیُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّهُ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا
ص: 25
أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَی أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَی.
فقال
قال البخاری و قال شعیب عن الزهری كان أبو هریرة یحدث عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیجلون.
و
قال عقیل فیحلئون (1)
«37»- أَقُولُ رَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی كِتَابِ جَامِعِ الْأُصُولِ مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ وَ صَحِیحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَی الْحَوْضِ وَ لَیُرْفَعَنَّ إِلَیَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّی إِذَا أَهْوَیْتُ إِلَیْهِمْ لِأُنَاوِلَهُمُ اخْتَلَجُوا دُونِی فَأَقُولُ أَیْ رَبِّ أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (2).
وَ مِنَ الصَّحِیحَیْنِ أَیْضاً عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَیَرِدَنَّ عَلَیَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِی حَتَّی إِذَا رَأَیْتُهُمْ وَ رُفِعُوا إِلَیَّ اخْتَلَجُوا دُونِی فَلَأَقُولَنَّ أَیْ رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَلَیُقَالَنَّ لِی إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ.
وَ زِیدَ فِی بَعْضِ الرِّوَایَاتِ قَوْلُهُ فَأَقُولُ سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِی (3)
وَ أَیْضاً مِنَ الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَبِی حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَی الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَ مَنْ شَرِبَ لَمْ یَظْمَأْ أَبَداً وَ لَیَرِدَنَّ عَلَیَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَ یَعْرِفُونَنِی ثُمَّ یُحَالُ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِی عَیَّاشٍ وَ أَنَا أُحَدِّثُهُمْ بِهَذَا الْحَدِیثِ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا یَقُولُ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ سَمِعْتُهُ یَزِیدُ
ص: 26
فَیَقُولُ فَإِنَّهُمْ مِنِّی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِی (1).
وَ أَیْضاً مِنَ الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَرِدُ عَلَیَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِی أَوْ قَالَ مِنْ أُمَّتِی فَیُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی فَیَقُولُ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَی أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَی وَ فِی رِوَایَةٍ فَیُجْلَوْنَ (2).
وَ مِنَ الْبُخَارِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: بَیْنَا أَنَا قَائِمٌ عَلَی الْحَوْضِ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّی إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ هَلُمَّ (3) قُلْتُ إِلَی أَیْنَ قَالَ إِلَی النَّارِ وَ اللَّهِ فَقُلْتُ وَ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ الْقَهْقَرَی ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ أُخْرَی حَتَّی إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ هَلُمَّ فَقُلْتُ إِلَی أَیْنَ قَالَ إِلَی النَّارِ وَ اللَّهِ قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ فَلَا أُرَاهُ یَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ (4).
ص: 27
وَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: تَرِدُ عَلَیَّ أُمَّتِیَ الْحَوْضَ وَ أَنَا أَذُودُ النَّاسَ كَمَا یَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ قَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ تَعْرِفُنَا قَالَ نَعَمْ لَكُمْ سِیمَاءُ لَیْسَتْ لِأَحَدٍ غَیْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَیَّ غُرّاً مُحَجَّلِینَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَ لَیُصَدَّنَّ عَنِّی طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلَا یَصِلُونَ فَأَقُولُ یَا رَبِّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَصْحَابِی فَیَجِیئُنِی (1) مَلَكٌ فَیَقُولُ وَ هَلْ تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (2).
وَ مِنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ أَیْضاً عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ وَ هُوَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْ أَصْحَابِهِ إِنِّی عَلَی الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ یَرِدُ عَلَیَّ مِنْكُمْ فَلَیُقْتَطَعَنَّ دُونِی رِجَالٌ فَلَأَقُولَنَّ أَیْ رَبِّ مِنِّی وَ مِنْ أُمَّتِی فَیَقُولُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ مَا زَالُوا یَرْجِعُونَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ (3).
وَ مِنَ الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِی بَكْرٍ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی عَلَی الْحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ یَرِدُ عَلَیَّ مِنْكُمْ وَ سَیُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِی فَأَقُولُ یَا رَبِّ مِنِّی وَ مِنْ أُمَّتِی وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَأَقُولُ أَصْحَابِی فَیُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَ اللَّهِ مَا بَرِحُوا یَرْجِعُونَ عَلَی أَعْقَابِهِمْ.
وَ مِنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ:
ص: 28
إِنِّی لَكُمْ فَرَطٌ عَلَی الْحَوْضِ فَإِیَّایَ لَا یَأْتِیَنَّ أَحَدُكُمْ فَیُذَبَّ عَنِّی كَمَا یُذَبُّ الْبَعِیرُ الضَّالُّ فَأَقُولَ فِیمَ هَذَا فَیُقَالَ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولَ سُحْقاً (1).
وَ مِنَ الْبُخَارِیِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَیَّبِ أَنَّهُ كَانَ یُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ النَّبِیَّ قَالَ: یَرِدَنَّ عَلَیَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِی فَیُحَلَّئُونَ عَنْهُ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی فَیَقُولُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ الْقَهْقَرَی (2).
وَ مِنَ الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِی كَمَا تُذَادُ الْغَرِیبَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ (3).
وَ مِنْهُمَا عَنْ حُذَیْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ حَوْضِی لَأَبْعَدُ مِنْ أَیْلَةَ إِلَی عَدَنٍ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَذُودَنَّ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا یَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِیبَةَ عَنْ حَوْضِهِ (4).
وَ رُوِیَ مِنْ سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: تَفَرَّقَتِ الْیَهُودُ عَلَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً أَوِ اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ وَ النَّصَارَی مِثْلَ ذَلِكَ وَ سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِی عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً (5).
وَ مِنْ صَحِیحِ التِّرْمِذِیِّ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 29
لَیَأْتِیَنَّ عَلَی أُمَّتِی مَا أَتَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّی إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَی أُمَّهُ عَلَانِیَةً لَیَكُونَنَّ فِی أُمَّتِی مَنْ یَصْنَعُ ذَلِكَ وَ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ تَفَرَّقَتْ عَلَی ثِنْتَیْنِ وَ سَبْعِینَ مِلَّةً وَ سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِی عَلَی ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ مِلَّةً كُلُّهَا فِی النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا مَنْ هِیَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ كَانَ عَلَی مَا أَنَا عَلَیْهِ وَ أَصْحَابِی (1).
وَ مِنْ صَحِیحِ التِّرْمِذِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ زَادَ رَزِینٌ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّی إِنْ كَانَ فِیهِمْ مَنْ أَتَی أُمَّهُ یَكُونُ فِیكُمْ فَلَا أَدْرِی أَ تَعْبُدُونَ الْعِجْلَ أَمْ لَا (2).
وَ مِنَ الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّی لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی قَالَ فَمَنْ (3).
وَ مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ
ص: 30
حَتَّی تَأْخُذَ أُمَّتِی مَأْخَذَ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ قِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَ الرُّومِ قَالَ مَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ (1).
وَ مِنَ التِّرْمِذِیِ وَ سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِی عَلَی الْحَقِّ (2).
انتهی ما أخرجناه من جامع الأصول و روی السید فی الطرائف (3) هذه الأخبار من الجمع بین الصحیحین للحمیدی و رواها ابن البطریق فی العمدة (4) من صحاحهم و لا حاجة لنا إلی إیرادها لأنا أخرجناها من أصولها.
و قال السید روی الحمیدی فی الجمع بین الصحیحین من مسند أبی الدرداء فی الحدیث الأول من صحیح البخاری قالت أم الدرداء. دخل علی أبو الدرداء و هو مغضب فقلت ما أغضبك فقال و اللّٰه ما أعرف من أمر محمد صلی اللّٰه علیه و آله شیئا إلا أنهم یصلون جمیعا (5).
و
روی أیضا من صحیح البخاری من مسند أنس بن مالك عن الزهری قال.
دخلت علی أنس بن مالك بدمشق و هو یبكی فقلت ما یبكیك قال لا أعرف شیئا
ص: 31
مما أدركت إلا هذه الصلاة و هذه الصلاة قد ضیعت (1).
و
فی حدیث آخر منه. ما أعرف شیئا مما كان علی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قیل الصلاة قال أ لیس ضیعتم ما ضیعتم فیها (2).
وَ رَوَی الْحُمَیْدِیُّ أَیْضاً مِنْ مُسْنَدِ أَبِی مَالِكٍ وَ أَبِی عَامِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَوَّلُ دِینِكُمْ نُبُوَّةٌ وَ رَحْمَةٌ ثُمَّ مُلْكٌ وَ رَحْمَةٌ ثُمَّ مُلْكٌ وَ جَبَرِیَّةٌ ثُمَّ مُلْكٌ عَضٌّ یُسْتَحَلُّ فِیهِ الْخَزُّ وَ الْحَرِیرُ (3).
وَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَوَاخِرِ الْحَدِیثِ الْمَذْكُورِ إِنَّ مَثَلِی كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَ هَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِی تَقَعُ فِی النَّارِ تَقَعُ فِیهَا وَ جَعَلَ یَحْجُزُهُنَّ فَیَغْلِبْنَ وَ یَقْتَحِمْنَ فِیهَا قَالَ وَ ذَلِكَ مَثَلِی وَ مَثَلُكُمْ أَنَا آخِذٌ بِحُجْزَتِكُمْ هَلُمُّوا عَنِ النَّارِ هَلُمُّوا عَنِ النَّارِ فَتَغْلِبُونَنِی وَ تَقْتَحِمُونَ فِیهَا (4).
وَ مِنْ مُسْنَدِ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّینَ وَ إِذَا وَقَعَ عَلَیْهِمُ السَّیْفُ لَمْ یُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّی یَلْحَقَ حَیٌّ مِنْ أُمَّتِی بِالْمُشْرِكِینَ وَ حَتَّی تُعْبَدَ فِی أُمَّتِیَ الْأَوْثَانُ (5).
ص: 32
ثم قال السید هذه بعض أحادیثهم الصحاح مما ذكروه عن صحابة نبیهم و عن أمته و ما یقع منهم من الضلال بعد وفاته (1) و سأذكر فیما بعد طرفا من أحادیثهم
ص: 33
الصحاح المتضمنة لمخالفتهم له و ذمه لهم فی حیاته.
فإذا كان قد شهد علی جماعة من أصحابه بالضلال و الهلاك و أنهم ممن كان یحسن ظنه بهم فی حیاته و لحسن ظنه بهم قال أی رب أصحابی ثم یكون ضلالهم قد بلغ إلی حد لا تقبل شفاعة نبیهم فیهم و یختلجون دونه و تارة یبلغ غضب نبیهم علیهم إلی أن یقول سحقا سحقا و تارة یقال إنهم لم یزالوا مرتدین علی أعقابهم و تارة یشهد علیهم أبو الدرداء و أنس بن مالك و هما من أعیان الصحابة عندهم بأنه ما بقی من شریعة محمد صلی اللّٰه علیه و آله إلا الاجتماع فی الصلاة ثم یقول أنس و قد ضیعوا الصلاة و تارة یشهد نبیهم أن بعد وفاته یكون دینهم ملكا و رحمة و ملكا و جبریة علی عادة الملوك المتغلبین ففیهم الرحیم و المتجبر و تارة یشهد علی قوم من أصحابه أنه یشفق علیهم و یأخذ بحجزهم عن النار و ینهاهم مرارا بلسان الحال و المقال فیغلبونه و یسقطون فیها و تارة یخاف علی أمته من أئمة مضلین ینزلون علیهم و تارة یشهد باتباع ما أتی به القرون السالفة فی الضلال و اختلال الأحوال.
ثم قد أدوا عنه بغیر خلاف من المسلمین أن أمة موسی افترقت بعده إحدی و سبعین فرقة واحدة ناجیة و الباقون فی النار و أمة عیسی افترقت اثنتین و سبعین فرقة واحدة ناجیة و الباقون فی النار و أمته تفترق ثلاثا و سبعین فرقة واحدة ناجیة و اثنتان و سبعون فی النار و قد تضمن كتابهم وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ مَرَدُوا عَلَی النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَیْنِ (1) فكیف یجوز لمسلم أن یرد شهادة اللّٰه و شهادة رسوله عندهم بضلال
ص: 34
كثیر من صحابة نبیهم و هلاك أكثر أمته و اختلال أموره بعد وفاته و هل یرد ذلك من المسلمین إلا من هو شاك فی قول اللّٰه و قول نبیه أو مكابر للعیان و كیف یلام أو یذم من صدق اللّٰه و رسوله فی ذم بعض أصحابه و أكثر أمته
ص: 35
أو اعتقاد ضلال بعضهم و كیف استحسنوا لأنفسهم أن یرووا مثل هذه الأخبار الصحاح ثم ینكروا علی الفرقة المعروفة بالرافضة ما أقروا لهم بأعظم منه و كیف یرغب ذو بصیرة فی اتباع هؤلاء الأربعة المذاهب (1).
بیان: اعلم أن أكثر العامة علی أن الصحابة كلهم عدول و قیل هم كغیرهم مطلقا و قیل هم كغیرهم إلی حین ظهور الفتن بین علی علیه السلام و معاویة و أما بعدها فلا یقبل الداخلون فیها مطلقا و قالت المعتزلة هم عدول إلا من علم أنه قاتل علیا علیه السلام فإنه مردود و ذهبت الإمامیة إلی أنهم كسائر الناس من أن فیهم المنافق و الفاسق و الضال بل كان أكثرهم كذلك و لا أظنك ترتاب بعد ملاحظة تلك الأخبار المأثورة من الجانبین المتواترة بالمعنی فی صحة هذا القول و سینفعك تذكرها فی المطالب المذكورة فی الأبواب الآتیة إن شاء اللّٰه تعالی
ص: 36
«1»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ مُوسَی عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ جَالِساً ذَاتَ یَوْمٍ إِذَا أَقْبَلَ الْحَسَنُ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا بُنَیَّ فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ عَلَی فَخِذِهِ الْیُمْنَی ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا بُنَیَّ فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ عَلَی فَخِذِهِ الْیُسْرَی ثُمَّ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَلَمَّا رَآهَا بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا بُنَیَّةِ فَأَجْلَسَهَا بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا أَخِی فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ الْأَیْمَنِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا تَرَی وَاحِداً مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا بَكَیْتَ أَ وَ مَا فِیهِمْ مَنْ تُسَرُّ بِرُؤْیَتِهِ فَقَالَ علیه السلام وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالنُّبُوَّةِ وَ اصْطَفَانِی عَلَی جَمِیعِ الْبَرِیَّةِ إِنِّی وَ إِیَّاهُمْ لَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ نَسَمَةٌ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْهُمْ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنَّهُ أَخِی وَ شَقِیقِی وَ صَاحِبُ الْأَمْرِ بَعْدِی وَ صَاحِبُ لِوَائِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ صَاحِبُ حَوْضِی وَ شَفَاعَتِی وَ هُوَ مَوْلَی كُلِ
ص: 37
مُسْلِمٍ وَ إِمَامُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ قَائِدُ كُلِّ تَقِیٍّ وَ هُوَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی عَلَی أَهْلِی وَ أُمَّتِی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ مَوْتِی مُحِبُّهُ مُحِبِّی وَ مُبْغِضُهُ مُبْغِضِی وَ بِوَلَایَتِهِ صَارَتْ أُمَّتِی مَرْحُومَةً وَ بِعَدَاوَتِهِ صَارَتِ الْمُخَالِفَةُ لَهُ مِنْهَا مَلْعُونَةً وَ إِنِّی بَكَیْتُ حِینَ أَقْبَلَ لِأَنِّی ذَكَرْتُ غَدْرَ الْأُمَّةِ بِهِ بَعْدِی حَتَّی إِنَّهُ لَیُزَالُ عَنْ مَقْعَدِی وَ قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ بَعْدِی ثُمَّ لَا یَزَالُ الْأَمْرُ بِهِ حَتَّی یُضْرَبَ عَلَی قَرْنِهِ ضَرْبَةً تُخْضَبُ مِنْهَا لِحْیَتُهُ فِی أَفْضَلِ الشُّهُورِ شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدیً لِلنَّاسِ وَ بَیِّناتٍ مِنَ الْهُدی وَ الْفُرْقانِ (1) وَ أَمَّا ابْنَتِی فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ هِیَ بَضْعَةٌ مِنِّی وَ هِیَ نُورُ عَیْنِی وَ هِیَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی وَ هِیَ رُوحِیَ الَّتِی بَیْنَ جَنْبَیَّ وَ هِیَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِیَّةُ مَتَی قَامَتْ فِی مِحْرَابِهَا بَیْنَ یَدِی رَبِّهَا جَلَّ جَلَالُهُ زَهَرَ نُورُهَا لِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ كَمَا یَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ یَا مَلَائِكَتِی انْظُرُوا إِلَی أَمَتِی فَاطِمَةَ سَیِّدَةِ إِمَائِی قَائِمَةً بَیْنَ یَدِیَّ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهَا مِنْ خِیفَتِی وَ قَدْ أَقْبَلَتْ بِقَلْبِهَا عَلَی عِبَادَتِی أُشْهِدُكُمْ أَنِّی قَدْ آمَنْتُ شِیعَتَهَا مِنَ النَّارِ وَ أَنِّی لَمَّا رَأَیْتُهَا ذَكَرْتُ مَا یُصْنَعُ بِهَا بَعْدِی كَأَنِّی بِهَا وَ قَدْ دَخَلَ الذُّلُّ بَیْتَهَا وَ انْتُهِكَتْ حُرْمَتُهَا وَ غُصِبَتْ حَقَّهَا وَ مُنِعَتْ إِرْثَهَا وَ كُسِرَتْ جَنْبَتُهَا وَ أَسْقَطَتْ جَنِینَهَا وَ هِیَ تُنَادِی یَا مُحَمَّدَاهْ فَلَا تُجَابُ وَ تَسْتَغِیثُ فَلَا تُغَاثُ فَلَا تَزَالُ بَعْدِی مَحْزُونَةً مَكْرُوبَةً بَاكِیَةً تَتَذَكَّرُ انْقِطَاعَ الْوَحْیِ عَنْ بَیْتِهَا مَرَّةً وَ تَتَذَكَّرُ فِرَاقِی أُخْرَی وَ تَسْتَوْحِشُ إِذَا جَنَّهَا اللَّیْلُ لِفَقْدِ صَوْتِیَ الَّذِی كَانَتْ تَسْتَمِعُ إِلَیْهِ إِذَا تَهَجَّدْتُ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ تَرَی نَفْسَهَا ذَلِیلَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِی أَیَّامِ أَبِیهَا عَزِیزَةً فَعِنْدَ ذَلِكَ یُؤْنِسُهَا اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ بِالْمَلَائِكَةِ فَنَادَتْهَا بِمَا نَادَتْ بِهِ مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَتَقُولُ یَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ (2) یَا فَاطِمَةُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی
ص: 38
وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ (1) ثُمَّ یَبْتَدِئُ بِهَا الْوَجَعُ فَتَمْرَضُ فَیَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهَا مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ تُمَرِّضُهَا وَ تُؤْنِسُهَا فِی عِلَّتِهَا فَتَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ یَا رَبِّ إِنِّی سَئِمْتُ الْحَیَاةَ وَ تَبَرَّمْتُ بِأَهْلِ الدُّنْیَا فَأَلْحِقْنِی بِأَبِی فَیُلْحِقُهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِی فَتَكُونُ أَوَّلَ مَنْ یَلْحَقُنِی مِنْ أَهْلِ بَیْتِی فَتَقْدَمُ عَلَیَّ مَحْزُونَةً مَكْرُوبَةً مَغْمُومَةً مَغْصُوبَةً مَقْتُولَةً فَأَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ ظَلَمَهَا وَ عَاقِبْ مَنْ غَصَبَهَا وَ ذَلِّلْ مَنْ أَذَلَّهَا وَ خَلِّدْ فِی نَارِكَ مَنْ ضَرَبَ جَنْبَیْهَا حَتَّی أَلْقَتْ وَلَدَهَا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ آمِینَ وَ أَمَّا الْحَسَنُ علیه السلام فَإِنَّهُ ابْنِی وَ وَلَدِی وَ مِنِّی وَ قُرَّةُ عَیْنِی وَ ضِیَاءُ قَلْبِی وَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی وَ هُوَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِی وَ قَوْلُهُ قَوْلِی مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ إِنِّی لَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهِ تَذَكَّرْتُ مَا یَجْرِی عَلَیْهِ مِنَ الذُّلِّ بَعْدِی فَلَا یَزَالُ الْأَمْرُ بِهِ حَتَّی یُقْتَلَ بِالسَّمِّ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْكِی الْمَلَائِكَةُ وَ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِمَوْتِهِ وَ یَبْكِیهِ كُلُّ شَیْ ءٍ حَتَّی الطَّیْرُ فِی جَوِّ السَّمَاءِ وَ الْحِیتَانُ فِی جَوْفِ الْمَاءِ فَمَنْ بَكَاهُ لَمْ تَعْمَ عَیْنُهُ یَوْمَ تَعْمَی الْعُیُونُ وَ مَنْ حَزِنَ عَلَیْهِ لَمْ یَحْزَنْ قَلْبُهُ یَوْمَ تَحْزَنُ الْقُلُوبُ وَ مَنْ زَارَهُ فِی بَقِیعِهِ ثَبَتَتْ قَدَمُهُ عَلَی الصِّرَاطِ یَوْمَ تَزِلُّ فِیهِ الْأَقْدَامُ وَ أَمَّا الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِنَّهُ مِنِّی وَ هُوَ ابْنِی وَ وَلَدِی وَ خَیْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ أَخِیهِ وَ هُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِینَ وَ مَوْلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ خَلِیفَةُ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ غِیَاثُ الْمُسْتَغِیثِینَ وَ كَهْفُ الْمُسْتَجِیرِینَ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ أَجْمَعِینَ وَ هُوَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ بَابُ نَجَاةِ الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِی وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِی مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُهُ تَذَكَّرْتُ مَا یُصْنَعُ بِهِ بَعْدِی كَأَنِّی بِهِ وَ قَدِ اسْتَجَارَ بِحَرَمِی وَ قُرْبِی فَلَا یُجَارُ فَأَضُمُّهُ فِی مَنَامِی إِلَی صَدْرِی وَ آمُرُهُ بِالرِّحْلَةِ عَنْ دَارِ هِجْرَتِی وَ أُبَشِّرُهُ بِالشَّهَادَةِ فَیَرْتَحِلُ عَنْهَا إِلَی أَرْضِ مَقْتَلِهِ وَ مَوْضِعِ مَصْرَعِهِ أَرْضِ
ص: 39
كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ قَتْلٍ وَ فَنَاءٍ تَنْصُرُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أُولَئِكَ مِنْ سَادَةِ شُهَدَاءِ أُمَّتِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ قَدْ رُمِیَ بِسَهْمٍ فَخَرَّ عَنْ فَرَسِهِ صَرِیعاً ثُمَّ یُذْبَحُ كَمَا یُذْبَحُ الْكَبْشُ مَظْلُوماً ثُمَّ بَكَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَكَی مَنْ حَوْلَهُ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالضَّجِیجِ ثُمَّ قَامَ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَشْكُو إِلَیْكَ مَا یَلْقَی أَهْلُ بَیْتِی بَعْدِی ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ (1).
بیان: قال فی النهایة
فِی الْحَدِیثِ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّی.
بالفتح القطعة من اللحم و قد تكسر أی أنها جزء منی و فی القاموس التمریض حسن القیام علی المریض و قال الصرع الطرح علی الأرض كالمصرع كمقعد و هو موضعه أیضا.
«2»-جا (2)، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیلٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِنْقَرٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَحْبِیلُ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ أَفَاقَ إِفَاقَةً وَ نَحْنُ نَبْكِی فَقَالَ مَا الَّذِی یُبْكِیكُمْ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهُ نَبْكِی لِغَیْرِ خَصْلَةٍ نَبْكِی لِفِرَاقِكَ إِیَّانَا وَ لِانْقِطَاعِ خَبَرِ السَّمَاءِ عَنَّا وَ نَبْكِی الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَا إِنَّكُمُ الْمَقْهُورُونَ وَ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِی (3).
«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی الْحَارِثِ شُرَیْحٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ الْبَاهِلِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَتُنْقَضَنَّ عُرَی الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً كُلَّمَا نُقِضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِی تَلِیهَا فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضُ
ص: 40
الْحُكْمِ وَ آخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ (1).
«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَفَاةُ بَكَی حَتَّی بَلَّتْ دُمُوعُهُ لِحْیَتَهُ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ أَبْكِی لِذُرِّیَّتِی وَ مَا تَصْنَعُ بِهِمْ شِرَارُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی كَأَنِّی بِفَاطِمَةَ بِنْتِی وَ قَدْ ظُلِمَتْ بَعْدِی وَ هِیَ تُنَادِی یَا أَبَتَاهْ یَا أَبَتَاهْ فَلَا یُعِینُهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِی فَسَمِعَتْ ذَلِكَ فَاطِمَةُ علیها السلام فَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَبْكِیَنَّ یَا بُنَیَّةِ فَقَالَتْ لَسْتُ أَبْكِی لِمَا یُصْنَعُ بِی مِنْ بَعْدِكَ وَ لَكِنِّی أَبْكِی لِفِرَاقِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا أَبْشِرِی یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ بِسُرْعَةِ اللَّحَاقِ بِی فَإِنَّكِ أَوَّلُ مَنْ یَلْحَقُ بِی مِنْ أَهْلِ بَیْتِی (2).
«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سَعِیدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی الْبُهْلُولِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ سَالِمٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ فِی الرَّحْبَةِ جَالِسٌ انْتَدِبُوا وَ هُوَ عَلَی الْمَسِیرِ مِنَ السَّوَادِ فَانْتَدَبُوا نحو (نَحْواً) مِنْ مِائَةٍ فَقَالَ وَ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَقَدْ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِی مِنْ بَعْدِهِ عَهْداً مَعْهُوداً وَ قَضَاءً مَقْضِیّاً وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری (3).
بیان: انتدب أجاب.
«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّیْثِیِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ الْیَشْكُرِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ سَنَةَ فَتْحِ تُسْتَرَ حَتَّی قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ
ص: 41
فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِیهَا رَجُلٌ جَهْمٌ مِنَ الرِّجَالِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ الْقَوْمُ أَ مَا تَعْرِفُهُ فَقُلْتُ لَا فَقَالُوا هَذَا حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَقَعَدْتُ إِلَیْهِ فَحَدَّثَ الْقَوْمَ فَقَالَ كَانَ النَّاسُ یَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْخَیْرِ وَ كُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَیْهِ فَقَالَ سَأُحَدِّثُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ إِنَّهُ جَاءَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ فَجَاءَ أَمْرٌ لَیْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ كُنْتُ أُعْطِیتُ مِنَ الْقُرْآنِ فِقْهاً وَ كَانَ رِجَالٌ یَجِیئُونَ فَیَسْأَلُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَیْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْهُ قَالَ السَّیْفُ قَالَ قُلْتُ وَ مَا بَعْدَ السَّیْفِ بَقِیَّةٌ قَالَ نَعَمْ یَكُونُ إِمَارَةٌ عَلَی أَقْذَاءٍ وَ هُدْنَةٌ عَلَی دَخَنٍ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ ثُمَّ تَفْشُو رُعَاةُ الضَّلَالَةِ فَإِنْ رَأَیْتَ یَوْمَئِذٍ خَلِیفَةَ عَدْلٍ فَالْزَمْهُ وَ إِلَّا فَمُتْ عَاضّاً عَلَی جِذْلِ شَجَرَةٍ (1).
بیان: الجهم العاجز الضعیف.
وَ رَوَی الْحُسَیْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ فِی شَرْحِ السُّنَّةِ هَذِهِ الرِّوَایَةَ عَنِ الْیَشْكُرِیِّ هَكَذَا خَرَجْتُ زَمَنَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّی قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِیهَا رَجُلٌ صَدَعٌ مِنَ الرِّجَالِ حَسَنُ الثَّغْرِ یُعْرَفُ فِیهِ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ فَقُلْتُ مَنِ الرَّجُلُ فَقَالَ الْقَوْمُ أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ قُلْتُ لَا قَالُوا هَذَا حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَقَعَدْتُ وَ حَدَّثَ الْقَوْمَ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا یَسْأَلُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْخَیْرِ وَ كُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ جَاءَ الْإِسْلَامُ حِینَ جَاءَ فَجَاءَ أَمْرٌ لَیْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِیَّةِ فَكُنْتُ قَدْ أُعْطِیتُ فَهْماً فِی الْقُرْآنِ فَكَانَ رِجَالٌ یَجِیئُونَ وَ یَسْأَلُونَ عَنِ الْخَیْرِ وَ كُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَیْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا الْعِصْمَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله السَّیْفُ قُلْتُ وَ هَلْ بَعْدَ السَّیْفِ بَقِیَّةٌ قَالَ نَعَمْ إِمَارَةٌ عَلَی أَقْذَاءٍ وَ هُدْنَةٌ عَلَی دَخَنٍ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ ثُمَّ یَنْشَأُ رُعَاةُ الضَّلَالَةِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِی الْأَرْضِ
ص: 42
خَلِیفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَ أَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ وَ إِلَّا فَمُتْ وَ أَنْتَ عَاضٌّ عَلَی جِذْلِ شَجَرَةٍ قُلْتُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ ثُمَّ یَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ نَهْرٌ وَ نَارٌ فَمَنْ وَقَعَ فِی نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَ حُطَّ وِزْرُهُ وَ مَنْ وَقَعَ فِی نَهْرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَ حُطَّ أَجْرُهُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ یُنْتَجُ الْمُهْرُ فَلَا یُرْكَبُ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ (1).
ثم قال الصدع مفتوحة الدال من الرجال الشاب المعتدل و یقال الصدع الربعة فی خلقة الرجل بین الرجلین و قوله هدنة علی دخن معناه صلح علی بقایا من الضغن و ذلك أن الدخان أثرَ النارِ یدل علی بقیة منها و قال أبو عبید أصل الدخن أن یكون فی لون الدابة أو الثوب أو غیره ذلك كدورة إلی سواد
وَ فِی
ص: 43
بَعْضِ الرِّوَایَاتِ (1)
قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْهُدْنَةُ عَلَی الدَّخَنِ مَا هِیَ قَالَ لَا یَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَی الَّذِی كَانَتْ عَلَیْهِ.
و یروی «جماعة علی أقذاء» یقول یكون اجتماعهم علی فساد من القلوب شبّهه بأقذاء العین انتهی.
و أقول:
رواه فی جامع الأصول (2) بأسانید عن البخاری و مسلم و أبی داود و فی بعض روایاته و هل للسیف من تقیة.
و
فی بعضها قلت و بعد السیف قال تقیة علی أقذاء و هدنة علی دخن.
و فی شرح السنة و غیره بقیة بالباء الموحدة و المعانی متقاربة أی هل بعد السیف شی ء یتقی به من الفتنة أو یتقی و یشفق به علی النفس و جذل الشجرة بالكسر أصلها و المعنی مت معتزلا عن الخلق حتی تموت و لو احتجت إلی أن تأكل أصول الأشجار و یحتمل أن یكون كنایة عن شدة الغیظ.
«7»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ عَنْ مُسَدَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ مَطَرِ بْنِ خَلِیفَةَ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ
ص: 44
مُرْشِدٍ الْحِمَّانِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَعَهِدَ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ إِلَیَّ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِی (1).
«8»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحَفَّارُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الْخَزَّازِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَاشِمِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی قِلَابَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی قَالَ قَالَ أَبِی دَفَعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَوْقَفَهُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ فَأَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهُ مَوْلَی كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ وَ قَالَ لَهُ تُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی التَّنْزِیلِ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ قَالَ لَهُ أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَی وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ تُبَیِّنُ لَهُمْ مَا اشْتَبَهَ عَلَیْهِمْ بَعْدِی وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ إِمَامُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ بَعْدِی وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَی النَّاسِ یَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (2) وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ الْآخِذُ بِسُنَّتِی وَ الذَّابُّ عَنْ مِلَّتِی وَ قَالَ لَهُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ وَ أَنْتَ مَعِی وَ قَالَ لَهُ أَنَا عِنْدَ الْحَوْضِ وَ أَنْتَ مَعِی وَ قَالَ لَهُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَ أَنْتَ بَعْدِی تَدْخُلُهَا وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ فَاطِمَةُ علیهم السلام وَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیَّ بِأَنْ أَقُومَ بِفَضْلِكَ فَقُمْتُ بِهِ فِی النَّاسِ وَ بَلَّغْتُهُمْ مَا أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِتَبْلِیغِهِ وَ قَالَ لَهُ اتَّقِ الضَّغَائِنَ الَّتِی لَكَ فِی صُدُورِ مَنْ لَا یُظْهِرُهَا إِلَّا بَعْدَ مَوْتِی أُولئِكَ یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ یَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ثُمَّ بَكَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ مِمَّ بُكَاؤُكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنَّهُمْ یَظْلِمُونَهُ وَ یَمْنَعُونَهُ حَقَّهُ وَ یُقَاتِلُونَهُ وَ یَقْتُلُونَ وُلْدَهُ وَ یَظْلِمُونَهُمْ بَعْدَهُ وَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَلِكَ یَزُولُ إِذَا قَامَ قَائِمُهُمْ وَ عَلَتْ كَلِمَتُهُمْ وَ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَی مَحَبَّتِهِمْ وَ كَانَ
ص: 45
الشَّانِئُ لَهُمْ قَلِیلًا وَ الْكَارِهُ لَهُمْ ذَلِیلًا وَ كَثُرَ الْمَادِحُ لَهُمْ وَ ذَلِكَ حِینَ تَغَیُّرِ الْبِلَادِ وَ تَضَعُّفِ الْعِبَادِ وَ الْإِیَاسِ مِنَ الْفَرَجِ وَ عِنْدَ ذَلِكَ یَظْهَرُ الْقَائِمُ فِیهِمْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اسْمُهُ كَاسْمِی وَ اسْمُ أَبِیهِ كَاسْمِ ابْنِی (1) وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنَتِی یُظْهِرُ اللَّهُ الْحَقَّ بِهِمْ وَ یُخْمِدُ الْبَاطِلَ بِأَسْیَافِهِمْ وَ یَتَّبِعُهُمُ النَّاسُ بَیْنَ رَاغِبٍ إِلَیْهِمْ وَ خَائِفٍ لَهُمْ قَالَ وَ سَكَنَ الْبُكَاءُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِینَ أَبْشِرُوا بِالْفَرَجِ فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَا یُخْلَفُ وَ قَضَاءَهُ لَا یُرَدُّ وَ هُوَ الْحَكِیمُ الْخَبِیرُ فَإِنَّ فَتْحَ اللَّهِ قَرِیبٌ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَهْلِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً اللَّهُمَّ اكْلَأْهُمْ وَ احْفَظْهُمْ وَ ارْعَهُمْ وَ كُنْ لَهُمْ
ص: 46
وَ انْصُرْهُمْ وَ أَعِنْهُمْ وَ أَعِزَّهُمْ وَ لَا تُذِلَّهُمْ وَ اخْلُفْنِی فِیهِمْ إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (1).
«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاكِرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَصِّیصَةِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ مِنْهُمْ عَلَی دِینِهِ كَالْقَابِضِ عَلَی الْجَمْرِ (2).
بیان: الجمر بالفتح جمع الجمرة و هی النار المتقدة.
«10»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ مِنْهُمْ عَلَی دِینِهِ لَهُ أَجْرُ خَمْسِینَ مِنْكُمْ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَجْرُ خَمْسِینَ مِنَّا قَالَ نَعَمْ أَجْرُ خَمْسِینَ مِنْكُمْ قَالَهَا ثَلَاثاً (3).
«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِی إِسْرَائِیلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْدِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام بِمَا یَلْقَی بَعْدَهُ فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَسْأَلُكَ بِحَقِّی عَلَیْكَ وَ حَقِّ قَرَابَتِی وَ حَقِّ صُحْبَتِی لَمَّا دَعَوْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَقْبِضَنِی إِلَیْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 47
تَسْأَلُنِی أَنْ أَدْعُوَ رَبِّی لِأَجَلٍ مُؤَجَّلٍ قَالَ فَعَلَی مَا أُقَاتِلُهُمْ قَالَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ (1).
بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله لأجل مؤجل أی لأمر محتوم لا یمكن تغییره.
«12»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ جُنَادَةَ عَنْ وَكِیعٍ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْحَضْرَمِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ نَائِمٌ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِی فَتَذَاكَرْنَا الدَّجَّالَ فَاسْتَیْقَظَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مُحْمَرّاً وَجْهُهُ فَقَالَ لَغَیْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ عَلَیْكُمْ مِنَ الدَّجَّالِ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ وَ سَفْكُ دِمَاءِ عِتْرَتِی مِنْ بَعْدِی أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَهُمْ وَ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَهُمْ (2).
«13»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ الْمُجَاشِعِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ یَذُوبُ فِیهِ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِی جَوْفِهِ كَمَا یَذُوبُ الْآنُكُ فِی النَّارِ یَعْنِی الرَّصَاصَ وَ مَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا یَرَی مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْإِحْدَاثِ فِی دِینِهِمْ لَا یَسْتَطِیعُ لَهُ غِیَراً (3).
بیان: قال فی القاموس غیره جعله غیر ما كان و حوله و بدله و الاسم الغیر و غیر الدهر كعنب أحداثه المغیرة.
«14»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: هَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَیْهِ قَبَاءٌ أَسْوَدُ وَ مِنْطَقَةٌ فِیهَا خَنْجَرٌ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذَا الزِّیُّ قَالَ زِیُّ وُلْدِ عَمِّكَ الْعَبَّاسِ یَا مُحَمَّدُ وَیْلٌ لِوُلْدِكَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ فَجَزِعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا عَمِّ وَیْلٌ لِوُلْدِی مِنْ وُلْدِكَ فَقَالَ
ص: 48
یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ فَأَجُبُّ نَفْسِی قَالَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا فِیهِ (1).
بیان: الجب استیصال الخصیة و لعل المراد بجف القلم جریان القضاء و الحكم
ص: 49
الإلهی بعدم معاقبة رجل لفعل آخر و عدم المعاقبة قبل صدور الذنب أو أنه ولد عبد اللّٰه الذی یكون هذا النسل الخبیث منه فلا ینفع الجب و بالجملة إنه من أسرار القضاء و القدر التی تحیر فیها عقول أكثر البشر (1).
«15»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِبَنِی هَاشِمٍ أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِی (2).
«16»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام إِذَا مِتُّ ظَهَرَتْ لَكَ ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ قَوْمٍ یَتَمَالَئُونَ عَلَیْكَ وَ یَمْنَعُونَكَ حَقَّكَ (3).
بیان: فی القاموس ملأه علی الأمر ساعده و شایعه كمالأه و تمالئوا علیه اجتمعوا.
«17»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّ أُمَّتِی سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِی وَ یَتَّبِعُ ذَلِكَ بَرُّهَا وَ فَاجِرُهَا (4).
ص: 50
«18»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ لَا یَحْفَظُنِی فِیكَ إِلَّا الْأَتْقِیَاءُ الْأَبْرَارُ الْأَصْفِیَاءُ وَ مَا هُمْ فِی أُمَّتِی إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَیْضَاءِ فِی الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ فِی اللَّیْلِ الْغَابِرِ (1).
بیان: فی اللیل الغابر أی الذی مضی كثیر منه و اشتد لذلك ظلامه.
«19»-فس، تفسیر القمی وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (2) فَإِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِیَّهُ بِمَا یُصِیبُ أَهْلَ بَیْتِهِ بَعْدَهُ وَ ادِّعَاءِ مَنِ ادَّعَی الْخِلَافَةَ دُونَهُمْ اغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً أَیْ نَخْتَبِرُهُمْ وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ فَأَعْلَمَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ یَمُوتَ كُلُّ نَفْسٍ (3).
«20»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: بَیْنَا أَنَا وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذِ الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَبَكَی فَقُلْتُ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَبْكِی مِمَّا یُصْنَعُ بِكُمْ بَعْدِی فَقُلْتُ وَ مَا ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبْكِی مِنْ ضَرْبَتِكَ عَلَی الْقَرْنِ وَ لَطْمِ فَاطِمَةَ خَدَّهَا وَ طَعْنَةِ الْحَسَنِ فِی الْفَخِذِ وَ السَّمِّ الَّذِی یُسْقَی وَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ قَالَ فَبَكَی أَهْلُ الْبَیْتِ جَمِیعاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَلَقَنَا رَبُّنَا إِلَّا لِلْبَلَاءِ قَالَ أَبْشِرْ یَا عَلِیُّ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُ لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ (4).
ص: 51
«21»-ك، إكمال الدین ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِیَّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرْضَتِهِ الَّتِی قُبِضَ فِیهَا فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِأَبِیهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مِنَ الضَّعْفِ بَكَتْ حَتَّی جَرَتْ دُمُوعُهَا عَلَی خَدَّیْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُبْكِیكِ یَا فَاطِمَةُ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْشَی الضَّیْعَةَ عَلَی نَفْسِی وَ وُلْدِی بَعْدَكَ فَاغْرَوْرَقَتْ عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ یَا فَاطِمَةُ أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّا أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ أَنَّهُ حَتَمَ الْفَنَاءَ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اطَّلَعَ إِلَی الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَنِی مِنْهُمْ وَ جَعَلَنِی نَبِیّاً وَ اطَّلَعَ إِلَی الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً ثَانِیَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا زَوْجَكِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیَّ أَنْ أُزَوِّجَكِ إِیَّاهُ وَ أَنْ أَتَّخِذَهُ وَلِیّاً وَ وَزِیراً وَ أَنْ أَجْعَلَهُ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی فَأَبُوكِ خَیْرُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ بَعْلُكِ خَیْرُ الْأَوْصِیَاءِ وَ أَنْتِ أَوَّلُ مَنْ یَلْحَقُ بِی مِنْ أَهْلِی ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَی الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً ثَالِثَةً فَاخْتَارَكِ (1) وَ وُلْدَكِ وَ أَنْتِ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ ابْنَاكِ حَسَنٌ وَ حُسَیْنٌ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَبْنَاءُ بَعْلِكِ أَوْصِیَائِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ كُلُّهُمْ هَادُونَ مَهْدِیُّونَ وَ الْأَوْصِیَاءُ بَعْدِی أَخِی عَلِیٌّ ثُمَّ حَسَنٌ وَ حُسَیْنٌ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ فِی دَرَجَتِی وَ لَیْسَ فِی الْجَنَّةِ دَرَجَةٌ أَقْرَبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ دَرَجَتِی وَ دَرَجَةِ أَوْصِیَائِی وَ أَبِی إِبْرَاهِیمَ أَ مَا تَعْلَمِینَ یَا بُنَیَّةِ أَنَّ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِیَّاكِ زَوَّجَكِ خَیْرَ أُمَّتِی وَ خَیْرَ أَهْلِ بَیْتِی أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً فَاسْتَبْشَرَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ فَرِحَتْ بِمَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ لَهَا یَا بُنَیَّةِ إِنَّ لِبَعْلِكِ (2) مَنَاقِبَ إِیمَانَهُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ قَبْلَ كُلِ
ص: 52
أَحَدٍ لَمْ یَسْبِقْهُ إِلَی ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِی وَ عِلْمَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّتِی وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِی یَعْلَمُ جَمِیعَ عِلْمِی غَیْرُ عَلِیٍّ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَّمَنِی عِلْماً لَا یَعْلَمُهُ غَیْرِی وَ عَلَّمَ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ عِلْماً وَ كُلُّ مَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ وَ أَمَرَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أُعَلِّمَهُ إِیَّاهُ فَفَعَلْتُ فَلَیْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِی یَعْلَمُ جَمِیعَ عِلْمِی وَ فَهْمِی وَ حِكَمِی غَیْرُهُ وَ إِنَّكِ یَا بُنَیَّةِ زَوْجَتُهُ وَ ابْنَاهُ سِبْطَایَ حَسَنٌ وَ حُسَیْنٌ وَ هُمَا سِبْطَا أُمَّتِی وَ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهْیُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آتَاهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ یَا بُنَیَّةِ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ أَعْطَانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ یُعْطِهَا أَحَداً مِنَ الْأَوَّلِینَ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَا یُعْطِیهَا أَحَداً مِنَ الْآخِرِینَ غَیْرَنَا نَبِیُّنَا سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ هُوَ أَبُوكِ وَ وَصِیُّنَا سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ وَ هُوَ بَعْلُكِ وَ شَهِیدُنَا سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ هُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ عَمُّ أَبِیكِ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ هُوَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ الَّذِینَ قُتِلُوا مَعَكَ قَالَ لَا بَلْ سَیِّدُ شُهَدَاءِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مَا خَلَا الْأَنْبِیَاءَ وَ الْأَوْصِیَاءَ وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ (1) ذُو الْجَنَاحَیْنِ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ ابْنَاكِ حَسَنٌ وَ حُسَیْنٌ سِبْطَا أُمَّتِی وَ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنَّا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَهْدِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً قَالَتْ فَأَیُّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ سَمَّیْتَ أَفْضَلُ قَالَ عَلِیٌّ بَعْدِی أَفْضَلُ أُمَّتِی وَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ أَفْضَلُ أَهْلِ بَیْتِی بَعْدَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ بَعْدَكِ وَ بَعْدَ ابْنَیَّ وَ سِبْطَیَّ حَسَنٍ وَ حُسَیْنٍ وَ بَعْدَ الْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِ ابْنِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی الْحُسَیْنِ وَ مِنْهُمُ الْمَهْدِیُّ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهَا وَ إِلَی بَعْلِهَا وَ إِلَی ابْنَیْهَا فَقَالَ یَا سَلْمَانُ أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّی سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَهُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَهُمْ أَمَا إِنَّهُمْ مَعِی فِی الْجَنَّةِ ثُمَّ أَقْبَلَ
ص: 53
عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَخِی إِنَّكَ سَتَبْقَی بَعْدِی وَ سَتَلْقَی مِنْ قُرَیْشٍ شِدَّةً مِنْ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْكَ وَ ظُلْمِهِمْ لَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً فَقَاتِلْ مَنْ خَالَفَكَ بِمَنْ وَافَقَكَ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاصْبِرْ وَ كُفَّ یَدَكَ وَ لَا تَلْقَ بِهَا إِلَی التَّهْلُكَةِ فَإِنَّكَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَیْشٍ إِیَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْكَ فَإِنَّكَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ قَضَی الْفُرْقَةَ وَ الِاخْتِلَافَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی حَتَّی لَا یَخْتَلِفَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا یُنَازَعَ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَا یَجْحَدَ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ لَوْ شَاءَ لَعَجَّلَ النَّقِمَةَ وَ التَّغْیِیرَ حَتَّی یُكَذَّبَ الظَّالِمُ وَ یُعْلَمَ الْحَقُّ أَیْنَ مَصِیرُهُ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الدُّنْیَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ الْقَرَارِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً عَلَی نَعْمَائِهِ وَ صَبْراً عَلَی بَلَائِهِ (1).
«22»-أَقُولُ وَجَدْتُ فِی أَصْلِ كِتَابِ الْهِلَالِیِّ، مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذْ قَالَ لِأَخِیهِ مُوسَی إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی (2) قَالَ سُلَیْمٌ وَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِینَةِ فَأَتَیْنَا عَلَی حَدِیقَةٍ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِیقَةٍ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ أَتَیْنَا عَلَی حَدِیقَةٍ أُخْرَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِیقَةٍ قَالَ مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی سَبْعِ حَدَائِقَ أَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَحْسَنَهَا وَ یَقُولُ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِیقُ اعْتَنَقَنِی ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِیاً وَ قَالَ بِأَبِی الْوَحِیدُ الشَّهِیدُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا یُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ
ص: 54
بَعْدِی أَحْقَادُ بَدْرٍ وَ تِرَاتُ أُحُدٍ قُلْتُ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دَیْنِی قَالَ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِكَ فَأَبْشِرْ یَا عَلِیُّ فَإِنَّ حَیَاتَكَ وَ مَوْتَكَ مَعِی وَ أَنْتَ أَخِی وَ أَنْتَ وَصِیِّی وَ أَنْتَ صَفِیِّی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی وَ الْمُؤَدِّی عَنِّی وَ أَنْتَ تَقْضِی دَیْنِی وَ تُنْجِزُ عِدَاتِی عَنِّی وَ أَنْتَ تُبْرِئُ ذِمَّتِی وَ تُؤَدِّی أَمَانَتِی وَ تُقَاتِلُ عَلَی سُنَّتِی النَّاكِثِینَ مِنْ أُمَّتِی وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَیْشٍ إِیَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْكَ فَإِنَّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ إِنَّ مُوسَی أَمَرَ هَارُونَ حِینَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَیْهِمْ إِنْ ضَلُّوا فَوَجَدَ أَعْوَاناً أَنْ یُجَاهِدَهُمْ بِهِمْ وَ إِنْ لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً أَنْ یَكُفَّ یَدَهُ وَ یَحْقُنَ دَمَهُ وَ لَا یُفَرِّقَ بَیْنَهُمْ یَا عَلِیُّ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَ أَسْلَمَ مَعَهُ قَوْمُهُ طَوْعاً وَ قَوْمٌ آخَرُونَ كَرْهاً فَسَلَّطَ اللَّهُ الَّذِینَ أَسْلَمُوا كَرْهاً عَلَی الَّذِینَ أَسْلَمُوا طَوْعاً فَقَتَلُوهُمْ لِیَكُونَ أَعْظَمَ لِأُجُورِهِمْ یَا عَلِیُّ إِنَّهُ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِیِّهَا إِلَّا ظَهْرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَی أَهْلِ حَقِّهَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَضَی الْفُرْقَةَ وَ الِاخْتِلَافَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ إِلَی قَوْلِهِ وَ صَبْراً عَلَی بَلَائِهِ وَ تَسْلِیماً وَ رِضًا بِقَضَائِهِ (1).
بیان: قال الجزری الجهش أن یفزع الإنسان إلی الإنسان و یلجأ إلیه و هو مع ذلك یرید البكاء كما یفزع الصبی إلی أمه یقال جهشت و أجهشت.
«23»-مل، كامل الزیارات عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ (2) عَنْ سَعِیدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ
ص: 55
بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ أَبِی شَیْبَةَ الْقَاضِی عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام بَلَغَنِی یَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَحْیَاناً فَقُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَكَمَا
ص: 56
بَلَغَكَ فَقَالَ لِی فَلِمَا ذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكَ مَكَانٌ عِنْدَ سُلْطَانِكَ الَّذِی لَا یَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَی مَحَبَّتِنَا وَ تَفْضِیلِنَا وَ ذِكْرِ فَضَائِلِنَا وَ الْوَاجِبِ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حَقِّنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أُرِیدُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا أَحْفِلُ بِسَخَطِ مَنْ سَخِطَ وَ لَا یَكْبُرُ فِی صَدْرِی مَكْرُوهٌ یَنَالُنِی بِسَبَبِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ یَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ أَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ فَلَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ كَانَ عِنْدِی فِی النُّخَبِ الْمَخْزُونَةِ إِنَّهُ لَمَّا أَصَابَنَا بِالطَّفِّ مَا أَصَابَنَا وَ قُتِلَ أَبِی علیه السلام وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ إِخْوَتِهِ وَ سَائِرِ أَهْلِهِ وَ حُمِلَتْ حَرَمُهُ وَ نِسَاؤُهُ عَلَی الْأَقْتَابِ یُرَادُ بِنَا الْكُوفَةَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ صَرْعَی وَ لَمْ یُوَارَوْا فَیَعْظُمُ ذَلِكَ فِی صَدْرِی وَ یَشْتَدُّ لِمَا أَرَی مِنْهُمْ قَلَقِی فَكَادَتْ نَفْسِی تَخْرُجُ وَ تَبَیَّنَتْ ذَلِكَ مِنِّی عَمَّتِی زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیٍّ الْكُبْرَی فَقَالَتْ مَا لِی أَرَاكَ تَجُودُ بِنَفْسِكَ یَا بَقِیَّةَ جَدِّی وَ أَبِی وَ إِخْوَتِی فَقُلْتُ وَ كَیْفَ لَا أَجْزَعُ وَ لَا أَهْلَعُ وَ قَدْ أَرَی سَیِّدِی وَ إِخْوَتِی وَ عُمُومَتِی وَ وُلْدَ عَمِّی وَ أَهْلِی مُصْرَعِینَ بِدِمَائِهِمْ مُرَمَّلِینَ بِالْعَرَاءِ مُسَلَّبِینَ لَا یُكَفَّنُونَ وَ لَا یُوَارَوْنَ وَ لَا یُعَرِّجُ عَلَیْهِمْ أَحَدٌ وَ لَا یَقْرَبُهُمْ بَشَرٌ كَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الدَّیْلَمِ وَ الْخَزَرِ فَقَالَتْ لَا یُجْزِعَنَّكَ مَا تَرَی فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جَدِّكَ وَ أَبِیكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِی أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ یَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَیُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ یَنْصِبُونَ لِهَذَا الْطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِیكَ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ علیه السلام لَا یَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا یَعْفُو رَسْمُهُ عَلَی كُرُورِ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامِ وَ لَیَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْیَاعُ الضَّلَالَةِ فِی مَحْوِهِ وَ تَطْمِیسِهِ فَلَا یَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّاً فَقُلْتُ وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِی أُمُّ أَیْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ علیها السلام فِی یَوْمٍ مِنَ الْأَیَّامِ فَعَمِلْتُ لَهُ حَرِیرَةً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا وَ أَتَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام بِطَبَقٍ فِیهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَیْمَنَ فَأَتَیْتُهُمْ بِعُسٍّ فِیهِ لَبَنٌ
ص: 57
وَ زُبْدٌ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام مِنْ تِلْكَ الْحَرِیرَةِ وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ وَ الزَّبَدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَصُبُّ عَلَیْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ یَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهم السلام نَظَراً عَرَفْنَا فِیهِ السُّرُورَ فِی وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِیّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ یَدَیْهِ وَ دَعَا ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ یَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِیبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَی الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَیْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّی إِذَا طَالَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلَیٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ فَقَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَی مِنْ حَالِكَ فَقَالَ یَا أَخِی سُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (1) وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَیْكُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی نِعْمَتِهِ عَلَیَّ فِیكُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اطَّلَعَ عَلَی مَا فِی نَفْسِكَ وَ عَرَفَ سُرُورَكَ بِأَخِیكَ وَ ابْنَتِكَ وَ سِبْطَیْكَ فَأَكْمَلَ لَكَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَكَ الْعَطِیَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّیهِمْ وَ شِیعَتَهُمْ مَعَكَ فِی الْجَنَّةِ لَا یُفَرِّقُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ یُحْبَوْنَ كَمَا تُحْبَی وَ یُعْطَوْنَ كَمَا تُعْطَی حَتَّی تَرْضَی وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَی بَلْوَی كَثِیرَةٍ تَنَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ مَكَارِهَ تُصِیبُهُمْ بِأَیْدِی أُنَاسٍ یَنْتَحِلُونَ مِلَّتَكَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِكَ بِرَاءً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ خَبَطاً خَبَطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا شَتَّی مَصَارِعُهُمْ نَائِیَةً قُبُورُهُمْ خِیَرَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَكَ فِیهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَی خِیَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِیتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاكَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَكَ مَغْلُوبٌ عَلَی أُمَّتِكَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِكَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَكَ یَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَشْقَی الْبَرِیَّةِ نَظِیرُ
ص: 58
عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَكُونُ إِلَیْهِ هِجْرَتُهُ وَ هُوَ مَغْرِسُ شِیعَتِهِ وَ شِیعَةِ وُلْدِهِ وَ فِیهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ یَكْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ یَعْظُمُ مُصَابُهُمْ وَ إِنَّ سِبْطَكَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام مَقْتُولٌ فِی عِصَابَةٍ مِنْ ذُرِّیَّتِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ أَخْیَارٍ مِنْ أُمَّتِكَ بِضَفَّةِ الْفُرَاتِ بِأَرْضٍ تُدْعَی كَرْبَلَاءَ مِنْ أَجْلِهَا یَكْثُرُ الْكَرْبُ وَ الْبَلَاءُ عَلَی أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ ذُرِّیَّتِكَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی لَا یَنْقَضِی كَرْبُهُ وَ لَا تَفْنَی حَسْرَتُهُ وَ هِیَ أَطْهَرُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَ أَعْظَمُهَا حُرْمَةً وَ إِنَّهَا لَمِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمُ الَّذِی یُقْتَلُ فِیهِ سِبْطُكَ وَ أَهْلُهُ وَ أَحَاطَتْ بِهِمْ كَتَائِبُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَ اللَّعْنَةِ تَزَعْزَعَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا وَ مَادَتِ الْجِبَالُ وَ كَثُرَ اضْطِرَابُهَا وَ اصْطَفَقَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ مَاجَتِ السَّمَاوَاتُ بِأَهْلِهَا غَضَباً لَكَ یَا مُحَمَّدُ وَ لِذُرِّیَّتِكَ وَ اسْتِعْظَاماً لِمَا یُنْتَهَكُ مِنْ حُرْمَتِكَ وَ لِشَرِّ مَا تُكَافَی بِهِ فِی ذُرِّیَّتِكَ وَ عِتْرَتِكَ وَ لَا یَبْقَی شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی نُصْرَةِ أَهْلِكَ الْمُسْتَضْعَفِینَ الْمَظْلُومِینَ الَّذِینَ هُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ بَعْدَكَ فَیُوحِی اللَّهُ إِلَی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ مَنْ فِیهِنَّ أَنِّی أَنَا اللَّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ الَّذِی لَا یَفُوتُهُ هَارِبٌ وَ لَا یُعْجِزُهُ مُمْتَنِعٌ وَ أَنَا أَقْدَرُ فِیهِ عَلَی الِانْتِصَارِ وَ الِانْتِقَامِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأُعَذِّبَنَّ مَنْ وَتَرَ رَسُولِی وَ صَفِیِّی وَ انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ وَ قَتَلَ عِتْرَتَهُ وَ نَبَذَ عَهْدَهُ وَ ظَلَمَ أَهْلَهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَضِجُّ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ بِلَعْنِ مَنْ ظَلَمَ عِتْرَتَكَ وَ اسْتَحَلَّ حُرْمَتَكَ فَإِذَا بَرَزَتْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ إِلَی مَضَاجِعِهَا تَوَلَّی اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ قَبْضَ أَرْوَاحِهَا بِیَدِهِ وَ هَبَطَ إِلَی الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعَهُمْ آنِیَةٌ مِنَ الْیَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَاءِ الْحَیَاةِ وَ حُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ طِیبٌ مِنْ طِیبِ الْجَنَّةِ فَغَسَّلُوا جُثَثَهُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ أَلْبَسُوهَا الْحُلَلَ وَ حَنَّطُوهَا بِذَلِكَ الطِّیبِ وَ صَلَّی الْمَلَائِكَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَیْهِمْ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِكَ لَا یَعْرِفُهُمُ الْكُفَّارُ لَمْ یَشْرَكُوا فِی تِلْكَ الدِّمَاءِ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا نِیَّةٍ فَیُوَارُونَ أَجْسَامَهُمْ وَ یُقِیمُونَ رَسْماً لِقَبْرِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ بِتِلْكَ
ص: 59
الْبَطْحَاءِ یَكُونُ عَلَماً لِأَهْلِ الْحَقِّ وَ سَبَباً لِلْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْفَوْزِ وَ تَحُفُّهُ مَلَائِكَةٌ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ وَ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ یَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِزُوَّارِهِ وَ یَكْتُبُونَ أَسْمَاءَ مَنْ یَأْتِیهِ زَائِراً مِنْ أُمَّتِكَ مُتَقَرِّباً إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكَ بِذَلِكَ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ یُسَمُّونَ فِی وُجُوهِهِمْ بِمِیسَمِ نُورِ عَرْشِ اللَّهِ هَذَا زَائِرُ قَبْرِ خَیْرِ الشُّهَدَاءِ وَ ابْنِ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ سَطَعَ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْمِیسَمِ نُورٌ تُغْشَی مِنْهُ الْأَبْصَارُ یَدُلُّ عَلَیْهِمْ وَ یُعْرَفُونَ بِهِ وَ كَأَنِّی بِكَ یَا مُحَمَّدُ بَیْنِی وَ بَیْنَ مِیكَائِیلَ وَ عَلِیٌّ أَمَامَنَا وَ مَعَنَا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مَا لَا یُحْصَی عَدَدُهُ وَ نَحْنُ نَلْتَقِطُ مَنْ ذَلِكَ الْمِیسَمُ فِی وَجْهِهِ مِنْ بَیْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّی یُنْجِیَهُمُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ شَدَائِدِهِ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ وَ عَطَاؤُهُ لِمَنْ زَارَ قَبْرَكَ یَا مُحَمَّدُ أَوْ قَبْرَ أَخِیكَ أَوْ قَبْرَ سِبْطَیْكَ لَا یُرِیدُ بِهِ غَیْرَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ سَیَجِدُّ أُنَاسٌ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ مِنَ اللَّهِ اللَّعْنَةُ وَ السُّخْطُ أَنْ یَعْفُوا رَسْمَ ذَلِكَ الْقَبْرِ وَ یَمْحُوا أَثَرَهُ فَلَا یَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَهُمْ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلًا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذَا أَبْكَانِی وَ أَحْزَنَنِی قَالَتْ زَیْنَبُ فَلَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَبِی علیه السلام وَ رَأَیْتُ أَثَرَ الْمَوْتِ مِنْهُ قُلْتُ لَهُ یَا أَبَهْ حَدَّثَتْنِی أُمُّ أَیْمَنَ بِكَذَا وَ كَذَا وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ الْحَدِیثُ كَمَا حَدَّثَتْكَ أُمُّ أَیْمَنَ وَ كَأَنِّی بِكِ وَ بِبَنَاتِ أَهْلِكِ سَبَایَا بِهَذَا الْبَلَدِ أَذِلَّاءَ خَاشِعِینَ تَخافُونَ أَنْ یَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَصَبْراً فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لِلَّهِ عَلَی الْأَرْضِ یَوْمَئِذٍ وَلِیٌّ غَیْرُكُمْ وَ غَیْرُ مُحِبِّیكُمْ وَ شِیعَتِكُمْ وَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ أَنَّ إِبْلِیسَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ یَطِیرُ فَرَحاً فَیَجُولُ الْأَرْضَ كُلَّهَا فِی شَیَاطِینِهِ وَ عَفَارِیتِهِ فَیَقُولُ یَا مَعْشَرَ الشَّیَاطِینِ قَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ ذُرِّیَّةِ آدَمَ الطَّلِبَةَ وَ بَلَغْنَا فِی هَلَاكِهِمُ الْغَایَةَ وَ أَوْرَثْنَاهُمُ السُّوءَ إِلَّا مَنِ اعْتَصَمَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ فَاجْعَلُوا شُغُلَكُمْ بِتَشْكِیكِ النَّاسِ فِیهِمْ وَ حَمْلِهِمْ عَلَی عَدَاوَتِهِمْ وَ إِغْرَائِهِمْ بِهِمْ وَ بِأَوْلِیَائِهِمْ حَتَّی تَسْتَحْكِمَ ضَلَالَةُ الْخَلْقِ وَ كُفْرُهُمْ وَ لَا
ص: 60
یَنْجُوَ مِنْهُمْ نَاجٍ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ وَ هُوَ كَذُوبٌ إِنَّهُ لَا یَنْفَعُ مَعَ عَدَاوَتِكُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ وَ لَا یَضُرُّ مَعَ مَحَبَّتِكُمْ وَ مُوَالاتِكُمْ ذَنْبٌ غَیْرُ الْكَبَائِرِ قَالَ زَائِدَةُ ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِی بِهَذَا الْحَدِیثِ خُذْهُ إِلَیْكَ أَمَا لَوْ ضَرَبْتَ فِی طَلَبِهِ آبَاطَ الْإِبِلِ حَوْلًا لَكَانَ قَلِیلًا (1).
بیان: الطف اسم لكربلاء قال الفیروزآبادی الطف موضع قرب الكوفة و الصرع الطرح علی الأرض و التصریع الصرع بشدة و رمل الثوب لطخه بالدم و أَرْمَلَ السَّهْمُ تلطخ بالدم و العراء الفضاء لا یستر فیه بشی ء و التعریج علی الشی ء الإقامة علیه و تضرج بالدم أی تلطخ و ضرج أنفه بدم بالتشدید أی أدماه و درس الرسم دروسا عفا و درسته الریح لازم و متعد و الحریرة دقیق یطبخ بلبن و العس بالضم القدح العظیم و رمق بطرفه أی نظر و نشج الباكی كضرب نشیجا إذا غص بالبكاء فی حلقه من غیر انتحاب و نشج بصوته نشیجا ردده فی صدره و الصوب الانصباب و مجی ء السماء بالمطر و خبطه ضربه شدیدا و القوم بسیفه جلدهم و المضطهد بالفتح المقهور المضطر و ضفّة النهر بالكسر جانبه و الكتیبة الجیش و التزعزع التحرك و كذلك المید و الاصطفاق الاضطراب و الموتور من قتل له قتیل فلم یدرك بدمه و ضرب آباط الإبل كنایة عن الركض و الاستعجال.
ثم اعلم أن روایة سید الساجدین علیه السلام هذا الخبر عن عمته و استماعه لها لا ینافی كونه علیه السلام عالما بذلك قبله إذ قد تكون فی الروایة عن الغیر مصلحة و قد یكون للاستماع إلی حدیث یعرفه الإنسان تأثیر جدید فی أحوال الحزن مع أنه یحتمل أن یكون الاستماع لتطییب قلب عمته رضی اللّٰه عنها.
«24»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قِیلَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ مُخْتَبِرُكَ فِی ثَلَاثٍ لِیَنْظُرَ
ص: 61
كَیْفَ صَبْرُكَ قَالَ أُسْلِمُ لِأَمْرِكَ یَا رَبِّ وَ لَا قُوَّةَ لِی عَلَی الصَّبْرِ إِلَّا بِكَ فَمَا هُنَّ قِیلَ أَوَّلُهُنَّ الْجُوعُ وَ الْأَثَرَةُ عَلَی نَفْسِكَ وَ عَلَی أَهْلِكَ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ قَالَ قَبِلْتُ یَا رَبِّ وَ رَضِیتُ وَ سَلَّمْتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الصَّبْرُ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَالتَّكْذِیبُ وَ الْخَوْفُ الشَّدِیدُ وَ بَذْلُكَ مُهْجَتَكَ فِیَّ وَ مُحَارَبَةُ أَهْلِ الْكُفْرِ بِمَالِكَ وَ نَفْسِكَ وَ الصَّبْرُ عَلَی مَا یُصِیبُكَ مِنْهُمْ مِنَ الْأَذَی وَ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ الْأَلَمِ فِی الْحَرْبِ وَ الْجِرَاحِ قَالَ یَا رَبِّ قَبِلْتُ وَ رَضِیتُ وَ سَلَّمْتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الصَّبْرُ وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ فَمَا یَلْقَی أَهْلُ بَیْتِكَ مِنْ بَعْدِكَ مِنَ الْقَتْلِ أَمَّا أَخُوكَ فَیَلْقَی مِنْ أُمَّتِكَ الشَّتْمَ وَ التَّعْنِیفَ وَ التَّوْبِیخَ وَ الْحِرْمَانَ وَ الْجَهْدَ وَ الظُّلْمَ وَ آخِرُ ذَلِكَ الْقَتْلُ فَقَالَ یَا رَبِّ سَلَّمْتُ وَ قَبِلْتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الصَّبْرُ وَ أَمَّا ابْنَتُكَ فَتُظْلَمُ وَ تُحْرَمُ وَ یُؤْخَذُ حَقُّهَا غَصْباً الَّذِی تَجْعَلُهُ لَهَا وَ تُضْرَبُ وَ هِیَ حَامِلٌ وَ یُدْخَلُ عَلَی حَرِیمِهَا وَ مَنْزِلِهَا بِغَیْرِ إِذْنٍ ثُمَّ یَمَسُّهَا هَوَانٌ وَ ذُلٌّ ثُمَّ لَا تَجِدُ مَانِعاً وَ تَطْرَحُ مَا فِی بَطْنِهَا مِنَ الضَّرْبِ وَ تَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قَبِلْتُ یَا رَبِّ وَ سَلَّمْتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الصَّبْرُ وَ یَكُونُ لَهَا مِنْ أَخِیكَ ابْنَانِ یُقْتَلُ أَحَدُهُمَا غَدْراً وَ یُسْلَبُ وَ یُطْعَنُ یَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ أُمَّتُكَ قَالَ قَبِلْتُ یَا رَبِّ وَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ سَلَّمْتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الصَّبْرُ وَ أَمَّا ابْنُهَا الْآخَرُ فَتَدْعُوهُ أُمَّتُكَ إِلَی الْجِهَادِ ثُمَّ یَقْتُلُونَهُ صَبْراً وَ یَقْتُلُونَ وُلْدَهُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ ثُمَّ یَسْلُبُونَ حَرَمَهُ فَیَسْتَعِینُ بِی وَ قَدْ مَضَی الْقَضَاءُ مِنِّی فِیهِ بِالشَّهَادَةِ لَهُ وَ لِمَنْ مَعَهُ وَ یَكُونُ قَتْلُهُ حُجَّةً عَلَی مَنْ بَیْنَ قُطْرَیْهَا فَتَبْكِیهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ جَزَعاً عَلَیْهِ وَ تَبْكِیهِ مَلَائِكَةٌ لَمْ یُدْرِكُوا نُصْرَتَهُ ثُمَّ أُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ ذَكَراً بِهِ أَنْصُرُكَ وَ إِنَّ شَبَحَهُ عِنْدِی تَحْتَ الْعَرْشِ وَ فِی نُسْخَهٍ أُخْرَی ثُمَّ أُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ ذَكَراً أَنْتَصِرُ لَهُ بِهِ وَ إِنَّ شَبَحَهُ عِنْدِی تَحْتَ الْعَرْشِ یَمْلَأُ الْأَرْضَ بِالْعَدْلِ وَ یُطْفِئُهَا (1) بِالْقِسْطِ یَسِیرُ مَعَهُ الرُّعْبُ یَقْتُلُ حَتَّی یُسْأَلَ فِیهِ قُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ
ص: 62
فَقِیلَ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَنَظَرْتُ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً وَ أَطْیَبِهِ رِیحاً وَ النُّورُ یَسْطَعُ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ فَدَعَوْتُهُ فَأَقْبَلَ إِلَیَّ وَ عَلَیْهِ ثِیَابُ النُّورِ وَ سِیمَاءُ كُلِّ خَیْرٍ حَتَّی قَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیَّ وَ نَظَرْتُ إِلَی مَلَائِكَةٍ قَدْ حَفُّوا بِهِ لَا یُحْصِیهِمْ إِلَّا اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فَقُلْتُ یَا رَبِّ لِمَنْ یَغْضَبُ هَذَا وَ لِمَنْ أَعْدَدْتَ هَؤُلَاءِ وَ قَدْ وَعَدْتَنِی النَّصْرَ فِیهِمْ فَأَنَا أَنْتَظِرُهُ مِنْكَ فَهَؤُلَاءِ أَهْلِی وَ أَهْلُ بَیْتِی وَ قَدْ أَخْبَرْتَنِی بِمَا یَلْقَوْنَ مِنْ بَعْدِی وَ لَوْ شِئْتَ لَأَعْطَیْتَنِی النَّصْرَ فِیهِمْ عَلَی مَنْ بَغَی عَلَیْهِمْ وَ قَدْ سَلَّمْتُ وَ قَبِلْتُ وَ رَضِیتُ وَ مِنْكَ التَّوْفِیقُ وَ الرِّضَا وَ الْعَوْنُ عَلَی الصَّبْرِ فَقِیلَ لِی أَمَّا أَخُوكَ فَجَزَاؤُهُ عِنْدِی جَنَّةُ الْمَأْوَی نُزُلًا بِصَبْرِهِ أُفْلِجُ حُجَّتَهُ عَلَی الْخَلَائِقِ یَوْمَ الْبَعْثِ وَ أُوَلِّیهِ حَوْضَكَ یَسْقِی مِنْهُ أَوْلِیَاءَكُمْ وَ یَمْنَعُ مِنْهُ أَعْدَاءَكُمْ وَ أَجْعَلُ جَهَنَّمَ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً یَدْخُلُهَا فَیُخْرِجُ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَ أَجْعَلُ مَنْزِلَتَكُمْ فِی دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَ أَمَّا ابْنُكَ الْمَقْتُولُ الْمَخْذُولُ وَ ابْنُكَ الْمَغْدُورُ الْمَقْتُولُ صَبْراً فَإِنَّهُمَا مِمَّا أُزَیِّنُ بِهِمَا عَرْشِی وَ لَهُمَا مِنَ الْكَرَامَةِ سِوَی ذَلِكَ مَا لَا یَخْطُرُ عَلَی قَلْبِ بَشَرٍ لِمَا أَصَابَهُمَا مِنَ الْبَلَاءِ (1) وَ لِكُلِّ مَنْ أَتَی قَبْرَهُ مِنَ الْخَلْقِ (2) لِأَنَّ زُوَّارَهُ زُوَّارُكَ وَ زُوَّارُكَ زُوَّارِی وَ عَلَیَّ كَرَامَةُ زَائِرِی وَ أَنَا أُعْطِیهِ مَا سَأَلَ وَ أَجْزِیهِ جَزَاءً یَغْبِطُهُ مَنْ نَظَرَ إِلَی تَعْظِیمِی لَهُ وَ مَا أَعْدَدْتُ لَهُ مِنْ كَرَامَتِی وَ أَمَّا ابْنَتُكَ فَإِنِّی أُوْقِفُهَا عِنْدَ عَرْشِی فَیُقَالُ لَهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَّمَكِ فِی خَلْقِهِ فَمَنْ ظَلَمَكِ وَ ظَلَمَ وُلْدَكِ فَاحْكُمِی فِیهِ بِمَا أَحْبَبْتِ فَإِنِّی أُجِیزُ حُكُومَتَكِ فِیهِمْ فَتَشْهَدُ الْعَرْصَةَ فَإِذَا أُوقِفَ مَنْ ظَلَمَهَا أَمَرَتْ بِهِ إِلَی النَّارِ فَیَقُولُ الظَّالِمُ وَا حَسْرَتَاهْ عَلی ما
ص: 63
فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللَّهِ وَ یَتَمَنَّی الْكَرَّةَ وَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلی یَدَیْهِ یَقُولُ یا لَیْتَنِی اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلًا یا وَیْلَتی لَیْتَنِی لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِیلًا وَ قَالَ حَتَّی إِذا جاءَنا قالَ یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرِینُ وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ فَیَقُولُ الظَّالِمُ أَنْتَ تَحْكُمُ بَیْنَ عِبادِكَ فِی ما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ أَوِ الْحُكْمُ لِغَیْرِكَ فَیُقَالُ لَهُمَا أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ الَّذِینَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ وَ أَوَّلُ مَنْ یُحْكَمُ فِیهِ مُحَسِّنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی قَاتِلِهِ ثُمَّ فِی قُنْفُذٍ فَیُؤْتَیَانِ هُوَ وَ صَاحِبُهُ فَیُضْرَبَانِ بِسِیَاطٍ مِنْ نَارٍ لَوْ وَقَعَ سَوْطٌ مِنْهَا عَلَی الْبِحَارِ لَغَلَتْ مِنْ مَشْرِقِهَا إِلَی مَغْرِبِهَا وَ لَوْ وُضِعَتْ عَلَی جِبَالِ الدُّنْیَا لَذَابَتْ حَتَّی تَصِیرَ رَمَاداً فَیُضْرَبَانِ بِهَا ثُمَّ یَجْثُو أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ لِلْخُصُومَةِ مَعَ الرَّابِعِ وَ تُدْخَلُ الثَّلَاثَةُ فِی جُبٍّ فَیُطْبَقُ عَلَیْهِمْ لَا یَرَاهُمْ أَحَدٌ وَ لَا یَرَوْنَ أَحَداً فَیَقُولُ الَّذِینَ كَانُوا فِی وَلَایَتِهِمْ رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِیَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْیَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِی الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُنَادُونَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ یَأْتِیَانِ الْحَوْضَ یَسْأَلَانِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَعَهُمْ حَفَظَةٌ فَیَقُولَانِ اعْفُ عَنَّا وَ اسْقِنَا وَ خَلِّصْنَا فَیُقَالُ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ ارْجِعُوا ظِمَاءً مُظْمَئِینَ إِلَی النَّارِ فَمَا شَرَابُكُمْ إِلَّا الْحَمِیمُ وَ الْغِسْلِینُ وَ مَا تَنْفَعُكُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِینَ (1).
بیان: قوله یطفیها لعل الضمیر راجع إلی الأرض و فی الإسناد تجوز أی یطفئ نیران فتنتها و ظلمها أو إلی الفتن بقرینة المقام و فی بعض النسخ و یطبقها أی یعمها و هو أظهر قوله و حتی یسأل فیه (2) أی یقتل الناس كثیرا
ص: 64
حتی یسأله الناس عن سبب كثرة القتل فالضمیر راجع إلی القتل و الضمیر فی قوله و لكل من أتی قبره إلی الحسین علیه السلام و لعله سقط من الخبر شی ء.
«25»-شا، الإرشاد رَوَی إِسْمَاعِیلُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی إِدْرِیسَ الْأَوْدِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ إِنَّ فِیمَا عَهِدَ إِلَیَّ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ مِنْ بَعْدِی (1).
ص: 65
«26»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسی بِالْبَیِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ (1) قَالَ الْإِمَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلْیَهُودِ الَّذِینَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسی بِالْبَیِّناتِ الدَّالَّاتِ عَلَی نُبُوَّتِهِ وَ عَلَی مَا وَصَفَهُ مِنْ فَضْلِ مُحَمَّدٍ وَ شَرَفِهِ عَلَی الْخَلَائِقِ وَ أَبَانَ عَنْهُ مِنْ خِلَافَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ وَصِیَّتِهِ وَ أَمْرِ خُلَفَائِهِ بَعْدَهُ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ إِلَهاً مِنْ بَعْدِهِ بَعْدَ انْطِلَاقِهِ إِلَی الْجَبَلِ وَ خَالَفْتُمْ خَلِیفَتَهُ الَّذِی نَصَّ عَلَیْهِ وَ تَرَكَهُ عَلَیْكُمْ وَ هُوَ هَارُونُ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ كَافِرُونَ بِمَا فَعَلْتُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ قَدْ مَرَّ مَعَهُ بِحَدِیقَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِیقَةٍ فَقَالَ یَا عَلِیُّ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا إِلَی أَنْ مَرَّ بِسَبْعِ حَدَائِقَ كُلَّ ذَلِكَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ مَا أَحْسَنَهَا وَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ بَكَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بُكَاءً شَدِیداً فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام لِبُكَائِهِ ثُمَّ قَالَ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یَا أَخِی یَا أَبَا الْحَسَنِ ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ قَوْمٍ یُبْدُونَهَا لَكَ بَعْدِی قَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دَیْنِی قَالَ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا سَلِمَ لِی دِینِی فَمَا یَسُوؤُنِی ذَلِكَ (2)
ص: 66
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِذَلِكَ جَعَلَكَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ تَالِیاً وَ إِلَی رِضْوَانِهِ وَ غُفْرَانِهِ دَاعِیاً وَ عَنْ أَوْلَادِ الرِّشْدَةِ وَ الْبَغْیِ بِحُبِّهِمْ لَكَ وَ بُغْضِهِمْ مُنْبِئاً وَ لِلِوَاءِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَامِلًا وَ لِلْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ الصَّائِرِینَ تَحْتَ لِوَائِی إِلَی جَنَّاتِ النَّعِیمِ قَائِداً یَا عَلِیُّ إِنَّ أَصْحَابَ مُوسَی اتَّخَذُوا بَعْدَهُ عِجْلًا فَخَالَفُوا خَلِیفَتَهُ وَ سَتَتَّخِذُ أُمَّتِی بَعْدِی عِجْلًا ثُمَّ عِجْلًا ثُمَّ عِجْلًا وَ یُخَالِفُونَك وَ أَنْتَ خَلِیفَتِی عَلَی هَؤُلَاءِ یُضَاهِئُونَ أُولَئِكَ فِی اتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ أَلَا فَمَنْ وَافَقَكَ وَ أَطَاعَكَ فَهُوَ مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی وَ مَنِ اتَّخَذَ بَعْدِیَ الْعِجْلَ وَ خَالَفَكَ وَ لَمْ یَتُبْ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ زَمَانَ
ص: 67
مُوسَی وَ لَمْ یَتُوبُوا فِی نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِینَ مُخَلَّدِینَ (1).
«27»-قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو طَالِبٍ الْهَرَوِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ وَ أَبِی أَیُّوبَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الْآیَاتِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَمَّارٍ إِنَّهُ سَیَكُونُ بَعْدِی هَنَاتٌ حَتَّی یَخْتَلِفَ السَّیْفَ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ حَتَّی یَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ حَتَّی یَتَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَیْتَ ذَلِكَ فَعَلَیْكَ بِهَذَا الْأَصْلَعِ عَنْ یَمِینِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنْ سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِیاً وَ سَلَكَ عَلِیٌّ وَادِیاً فَاسْلُكْ وَادِیَ عَلِیٍّ وَ خَلِّ عَنِ النَّاسِ یَا عَمَّارُ إِنَّ عَلِیّاً لَا یَرُدُّكَ عَنْ هُدًی وَ لَا یَرُدُّكَ إِلَی رَدًی یَا عَمَّارُ طَاعَةُ عَلِیٍّ طَاعَتِی وَ طَاعَتِی طَاعَةُ اللَّهِ (2).
وَ فِی رِوَایَةِ النَّاصِرِ (3) بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ ظَرِیفٍ الْعَبْدِیِّ وَ أَبِی عَبْدِ
ص: 68
الرَّحْمَنِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَاتُ فِیَّ وَ فِی شِیعَتِی وَ فِی عَدُوِّی وَ فِی أَشْیَاعِهِمْ (1).
«28»-قب، المناقب لابن شهرآشوب الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الْآیَاتِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ مُبْتَلًی وَ مُبْتَلًی بِكَ وَ إِنَّكَ مُخَاصَمٌ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ (2).
«29»-قب، المناقب لابن شهرآشوب جَابِرٌ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام كَیْفَ بِكَ یَا عَلِیُّ إِذَا وَلَّوْهَا مِنْ بَعْدِی فُلَاناً قَالَ هَذَا سَیْفِی أَحُولُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهَا قَالَ النَّبِیُّ أَوْ تَكُونُ صَابِراً مُحْتَسِباً فَهُوَ خَیْرٌ لَكَ مِنْهَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِذَا كَانَ خَیْراً لِی فَأَصْبِرُ وَ أَحْتَسِبُ ثُمَّ ذَكَرَ فُلَاناً وَ فُلَاناً كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ كَیْفَ بِكَ إِذَا بُویِعْتَ ثُمَّ خُلِعْتَ فَأَمْسَكَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ اخْتَرْ یَا عَلِیُّ السَّیْفَ أَوِ النَّارَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ أَمْرِی ظَهْراً لِبَطْنٍ فَمَا یَسَعُنِی إِلَّا جِهَادُ الْقَوْمِ وَ قِتَالُهُمْ (3).
ص: 69
«30»-جا، المجالس للمفید مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْمُقْرِی عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ زَیْدِ بْنِ الْمُعَدِّلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ رَأْسَهُ فِی حَجْرِ أُمِّ الْفَضْلِ وَ أُغْمِیَ عَلَیْهِ فَقَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعِهَا عَلَی خَدَّیْهِ فَفَتَحَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ لَهَا مَا لَكِ یَا أُمَّ الْفَضْلِ قَالَتْ نَعَیْتَ إِلَیْنَا نَفْسَكَ وَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّكَ مَیِّتٌ فَإِنْ یَكُنِ الْأَمْرُ لَنَا فَبَشِّرْنَا وَ إِنْ یَكُنْ فِی غَیْرِنَا فَأَوْصِ بِنَا قَالَ فَقَالَ لَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتُمُ الْمَقْهُورُونَ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِی (1).
بیان: النعی خبر الموت.
«31»-نی، الغیبة للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدِّینَوَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ عَمِیرَةَ بِنْتِ أَوْسٍ قَالَتْ حَدَّثَنِی جَدِّی الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ یَوْماً لِحُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ یَا حُذَیْفَةُ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِمَا لَا یَعْلَمُونَ فَیَطْغَوْا وَ یَكْفُرُوا إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ صَعْباً شَدِیداً مَحْمَلُهُ (2) لَوْ حُمِّلَتْهُ الْجِبَالُ عَجَزَتْ عَنْ حَمْلِهِ إِنَّ عِلْمَنَا
ص: 70
أَهْلَ الْبَیْتِ یُسْتَنْكَرُ وَ یُبْطَلُ وَ یُقْتَلُ رُوَاتُهُ وَ یُسَاءُ إِلَی مَنْ یَتْلُوهُ بَغْیاً وَ حَسَداً لِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عِتْرَةَ الْوَصِیِّ وَصِیِّ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ابْنَ الْیَمَانِ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله تَفَلَ فِی فَمِی وَ أَمَرَّ یَدَهُ عَلَی صَدْرِی وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَعْطِ خَلِیفَتِی وَ وَصِیِّی وَ قَاضِیَ دَیْنِی وَ مُنْجِزَ وَعْدِی وَ أَمَانَتِی وَ وَلِیِّی وَ وَلِیَّ حَوْضِی وَ نَاصِرِی عَلَی عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّی وَ مُفَرِّجَ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِی مَا أَعْطَیْتَ آدَمَ مِنَ الْعِلْمِ وَ مَا أَعْطَیْتَ نُوحاً مِنَ الْحِلْمِ وَ مَا أَعْطَیْتَ إِبْرَاهِیمَ مِنَ الْعِتْرَةِ الطَّیِّبَةِ وَ السَّمَاحَةِ وَ مَا أَعْطَیْتَ أَیُّوبَ مِنَ الصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ مَا أَعْطَیْتَ دَاوُدَ مِنَ الشِّدَّةِ عِنْدَ مُنَازَلَةِ الْأَقْرَانِ وَ مَا أَعْطَیْتَ سُلَیْمَانَ مِنَ الْفَهْمِ لَا تُخْفِ عَنْ عَلِیٍّ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی تَجْعَلَهَا كُلَّهَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ مِثْلَ الْمَائِدَةِ الصَّغِیرَةِ بَیْنَ یَدَیْهِ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ جَلَادَةَ مُوسَی وَ اجْعَلْ فِی نَسْلِهِ شَبِیهَ عِیسَی اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلِیفَتِی عَلَیْهِ وَ عَلَی عِتْرَتِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ الطَّیِّبَةِ الْمُطَهَّرَةِ الَّتِی أَذْهَبْتَ عَنْهَا الرِّجْسَ وَ النِّجْسَ وَ صَرَفْتَ عَنْهَا مُلَامَسَةَ الشَّیْطَانِ اللَّهُمَّ إِنْ بَغَتْ قُرَیْشٌ عَلَیْهِ وَ قَدَّمَتْ غَیْرَهُ عَلَیْهِ فَاجْعَلْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ إِذْ غَابَ عَنْهُ مُوسَی ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ كَمْ من (فِی) وُلْدِكَ مِنْ وَلَدٍ فَاضِلٍ یُقْتَلُ وَ النَّاسُ قِیَامٌ یَنْظُرُونَ لَا یَغِیرُونَ فَقَبُحَتْ أُمَّةٌ تَرَی أَوْلَادَ نَبِیِّهَا یُقْتَلُونَ ظُلْماً وَ لَا یَغِیرُونَ إِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْآمِرَ وَ الْمُسَاعِدَ الَّذِی لَا یَغِیرُ كُلُّهُمْ فِی الْإِثْمِ وَ اللِّعَانِ مُشْتَرِكُونَ یَا ابْنَ الْیَمَانِ إِنَّ قُرَیْشاً لَا تَنْشَرِحُ صُدُورُهَا وَ لَا تَرْضَی قُلُوبُهَا وَ لَا تَجْرِی أَلْسِنَتُهَا بِبَیْعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مُوَالاتِهِ إِلَّا عَلَی الْكُرْهِ وَ الْعَمَی وَ الطُّغْیَانِ یَا ابْنَ الْیَمَانِ سَتُبَایِعُ قُرَیْشٌ عَلِیّاً ثُمَّ تَنْكُثُ عَلَیْهِ وَ تُحَارِبُهُ وَ تُنَاضِلُهُ وَ تَرْمِیهِ بِالْعَظَائِمِ وَ بَعْدَ عَلِیٍّ یَلِی الْحَسَنُ وَ سَیُنْكَثُ عَلَیْهِ ثُمَّ یَلِی الْحُسَیْنُ علیه السلام فَیُقْتَلُ فَلُعِنَتْ أُمَّةٌ تَقْتُلُ ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّهَا وَ لَا تَعِزُّ مِنْ أُمَّةٍ وَ لُعِنَ الْقَائِدُ لَهَا وَ الْمُرَتِّبُ لِجَیْشِهَا فَوَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ ابْنِی فِی ضَلَالٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ عسفة (عَسْفٍ) وَ جَوْرٍ وَ اخْتِلَافٍ فِی الدِّینِ وَ تَغْیِیرٍ وَ تَبْدِیلٍ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ إِظْهَارِ الْبِدَعِ وَ إِبْطَالِ السُّنَنِ وَ اخْتِلَافٍ وَ قِیَاسِ مُشْتَبِهَاتٍ وَ تَرْكِ مُحْكَمَاتٍ حَتَّی
ص: 71
تَنْسَلِخَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ تَدْخُلَ فِی الْعَمَی وَ التَّلَدُّدِ وَ التَّسَكُّعِ (1) مَا لَكَ یَا بَنِی أُمَیَّةَ لَا هُدِیتَ یَا بَنِی أُمَیَّةَ وَ مَا لَكَ یَا بَنِی فُلَانٍ لَكَ الْإِتْعَاسُ فَمَا فِی بَنِی فُلَانٍ إِلَّا ظَالِمٌ مُعْتَدٍ مُتَمَرِّدٌ عَلَی اللَّهِ بِالْمَعَاصِی قَتَّالٌ لِوُلْدِی هَتَّاكٌ لِسَتْرِ حُرْمَتِی فَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ جَبَّارِینَ یَتَكَالَبُونَ عَلَی حَرَامِ الدُّنْیَا مُنْغَمِسِینَ فِی بِحَارِ الْهَلَكَاتِ فِی أَوْدِیَةِ الدِّمَاءِ حَتَّی إِذَا غَابَ الْمُتَغَیِّبُ مِنْ وُلْدِی عَنْ عُیُونِ النَّاسِ وَ مَاجَ النَّاسُ بِفَقْدِهِ أَوْ بِقَتْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ أَطْلَعَتِ الْفِتْنَةُ وَ نَزَلَتِ الْبَلِیَّةُ وَ أُتِیحَتِ الْعَصَبِیَّةُ وَ غَلَا النَّاسُ فِی دِینِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنَّ الْحُجَّةَ ذَاهِبَةٌ وَ الْإِمَامَةَ بَاطِلَةٌ وَ یَحُجُّ حَجِیجُ النَّاسِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ نَوَاصِبِهِمْ لِلتَّمَكُّنِ وَ التَّجَسُّسِ عَنْ خَلَفِ الْخَلَفِ فَلَا یُرَی لَهُ أَثَرٌ وَ لَا یُعْرَفُ لَهُ خَلَفٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ سُبَّتْ شِیعَةُ عَلِیٍّ سَبَّهَا أَعْدَاؤُهَا وَ غَلَبَتْ عَلَیْهَا الْأَشْرَارُ وَ الْفُسَّاقُ بِاحْتِجَاجِهَا حَتَّی إِذَا تَعِبَتِ الْأُمَّةُ وَ تَدَلَّهَتْ أَكْثَرَتْ فِی قَوْلِهَا إِنَّ الْحُجَّةَ هَالِكَةٌ وَ الْإِمَامَةَ بَاطِلَةٌ فَوَ رَبِّ عَلِیٍّ إِنَّ حُجَّتَهَا عَلَیْهَا قَائِمَةٌ مَاشِیَةٌ فِی طُرُقَاتِهَا دَاخِلَةٌ فِی دُورِهَا وَ قُصُورِهَا جَوَّالَةٌ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا یَسْمَعُ الْكَلَامَ وَ یُسَلِّمُ عَلَی الْجَمَاعَةِ یَرَی وَ لَا یُرَی إِلَی یَوْمِ الْوَقْتِ وَ الْوَعْدِ وَ نِدَاءِ الْمُنَادِی مِنَ السَّمَاءِ ذَلِكَ یَوْمُ سُرُورِ وُلْدِ عَلِیٍّ وَ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام (2).
بیان: محمله علی بناء المجهول من باب الإفعال أو التفعیل أی لا یمكن حمله إلا بإعانة من اللّٰه تعالی و إلا بمشقة قال فی القاموس تحامل فی الأمر و به تكلفه علی مشقة و علیه كلفه ما لا یطیقه و أحمله الحمل أعانه علیه و حمله فعل ذلك به انتهی و المعنی أنه یحتمل وجوها من التأویل قوله علیه السلام ببیعة علی هذا الفصل و ما بعده إما من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام أیضا جری علی وجه الالتفات أو من كلام الرسول صلی اللّٰه علیه و آله قال لحذیفة فی وقت آخر فألحقه بهذا الخبر
ص: 72
و قال الجوهری فلان یتلدد أی یلتفت یمینا و شمالا و رجل ألد بین اللدد و هو الشدید الخصومة و قال التسكع التمادی فی الباطل و قال التعس الهلاك انتهی و المراد ببنی فلان بنو العباس و یقال یتكالبون علی كذا أی یتواثبون علیه.
قوله علیه السلام و یحج حجیج الناس أی تذهب الشیعة و النواصب فی تلك السنة إلی الحج لتفحص الحجة و التمكن منه فالتمكن و التجسس نشر علی خلاف اللف و قوله سبها أعداؤها إما مصدر أی یسب المخالفون الشیعة كما كانت الشیعة یسبونهم أو فعل و أعداؤها مرفوع و غلبة الأشرار علیهم بالاحتجاج أرید بها الغلبة عند العوام لأنهم یحتجون علیهم بأنكم تدّعون عدم خلو الزمان من الحجة و فی هذا الزمان لا تعرفون حجتكم و لذا ینسبونهم بالبطلان و الكذب و الافتراء و التدله ذهاب العقل من الهوی یقال دلهه الحب أی حیره و أدهشه فتدله.
«32»-فض، كتاب الروضة یل، الفضائل لابن شاذان بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام بَكَی ابْنُ عَبَّاسٍ بُكَاءً شَدِیداً ثُمَّ قَالَ مَا لَقِیَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُكَ أَنِّی لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ لِوُلْدِهِ وَلِیٌّ وَ لِعَدُوِّهِ عَدُوٌّ وَ مِنْ عَدُوِّ وُلْدِهِ بَرِی ءٌ وَ أَنِّی سِلْمٌ لِأَمْرِهِمْ وَ لَقَدْ دَخَلْتُ عَلَی ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذِی قَارٍ فَأَخْرَجَ لِی صَحِیفَةً وَ قَالَ لِی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَذِهِ صَحِیفَةٌ أَمْلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَطِّی بِیَدِی قَالَ فَأَخْرَجَ لِیَ الصَّحِیفَةَ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اقْرَأْهَا عَلَیَّ فَقَرَأَهَا وَ إِذَا فِیهَا كُلُّ شَیْ ءٍ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَیْفَ یُقْتَلُ الْحُسَیْنُ وَ مَنْ یَقْتُلُهُ وَ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ مَنْ یُسْتَشْهَدُ مَعَهُ وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ أَبْكَانِی وَ كَانَ فِیمَا قَرَأَهُ كَیْفَ یُصْنَعُ بِهِ وَ كَیْفَ تُسْتَشْهَدُ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ كَیْفَ یُسْتَشْهَدُ الْحَسَنُ علیه السلام وَ كَیْفَ تَغْدِرُ بِهِ الْأُمَّةُ فَلَمَّا قَرَأَ مَقْتَلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ مَنْ یَقْتُلُهُ أَكْثَرَ الْبُكَاءَ ثُمَّ أَدْرَجَ الصَّحِیفَةَ وَ فِیهَا مَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ كَانَ فِیمَا قَرَأَ أَمْرُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ كَمْ یَمْلِكُ كُلُ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَ
ص: 73
كَیْفَ یَقَعُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ وَقْعَةُ الْجَمَلِ وَ مَسِیرُ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ وَقْعَةُ صِفِّینَ وَ مَنْ یُقْتَلُ بِهَا وَ وَقْعَةُ النَّهْرَوَانِ وَ أَمْرُ الْحَكَمَیْنِ وَ مُلْكُ مُعَاوِیَةَ وَ مَنْ یَقْتُلُ مِنَ الشِّیعَةِ وَ مَا تَصْنَعُ النَّاسُ بِالْحَسَنِ وَ أَمْرُ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسَمِعْتُ ذَلِكَ فَكَانَ كَمَا قَرَأَ لَمْ یَزِدْ وَ لَمْ یَنْقُصْ وَ رَأَیْتُ خَطَّهُ فِی الصَّحِیفَةِ لَمْ یَتَغَیَّرْ وَ لَمْ یَعْفَرْ فَلَمَّا أَدْرَجَ الصَّحِیفَةَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كُنْتَ قَرَأْتَ عَلَیَّ بَقِیَّةَ الصَّحِیفَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنِّی أُحَدِّثُكَ بِمَا فِیهَا مِنْ أَمْرِ بَیْتِكَ وَ وُلْدِكَ وَ هُوَ أَمْرٌ فَضِیحٌ مِنْ قَتْلِهِمْ لَنَا وَ عَدَاوَتِهِمْ لَنَا وَ سُوءِ مُلْكِهِمْ وَ شُومِ قُدْرَتِهِمْ فَأَكْرَهُ أَنْ تَسْمَعَهُ فَتَغْتَمَّ وَ لَكِنِّی أُحَدِّثُكَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ مَوْتِهِ بِیَدِی فَفَتَحَ لِی أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ فَفَتَحَ لِی مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ یَنْظُرَانِ إِلَیَّ وَ هُوَ یُشِیرُ إِلَیَّ بِذَلِكَ فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالا لِی مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَدَّثْتُهُمَا بِمَا قَالَ لِی فَحَرَّكَا أَیْدِیَهُمَا ثُمَّ حَكَیَا قَوْلِی ثُمَّ وَلَّیَا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مُلْكَ بَنِی أُمَیَّةَ إِذَا زَالَ أَوَّلُ مَنْ یَمْلِكُ وُلْدُكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَیَفْعَلُونَ الْأَفَاعِیلَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَئِنْ نَسَخَنِی ذَلِكَ الْكِتَابَ كَانَ أَحَبَّ إِلَیَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ (1).
ص: 74
بیان: و لم یعفر أی لم یظهر فیه أثر التراب و الغبار یقال عفره كضربه و بالتشدید فی التراب أی مرغه و فی بعض النسخ و لم یصفر.
«33»-كشف، كشف الغمة مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: كُنْتُ أَمْشِی مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِینَةِ فَأَتَیْنَا عَلَی حَدِیقَةٍ وَ هِیَ الرَّوْضَةُ ذَاتُ الشَّجَرِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِیقَةَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ أَتَیْنَا عَلَی حَدِیقَةٍ أُخْرَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِیقَةٍ فَقَالَ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی سَبْعِ حَدَائِقَ أَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا فَیَقُولُ لَكَ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِیقُ اعْتَنَقَنِی وَ أَجْهَشَ بَاكِیاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ قَالَ ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا یُبْدُونَهَا إِلَّا بَعْدِی فَقُلْتُ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِی قَالَ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِكَ (1).
یف، الطرائف من مناقب ابن مردویه عن ابن عباس مثله بطریقین (2).
یف، الطرائف عَنِ ابْنِ الْمَغَازِلِیِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام
ص: 75
إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِی (1).
«34»-كشف، كشف الغمة رَوَی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ: دَخَلَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَانْكَبَّتْ عَلَیْهِ تَبْكِی فَفَتَحَ عَیْنَهُ وَ أَفَاقَ ثُمَّ قَالَ یَا بُنَیَّةُ أَنْتِ الْمَظْلُومَةُ بَعْدِی وَ أَنْتِ الْمُسْتَضْعَفَةُ بَعْدِی فَمَنْ آذَاكِ فَقَدْ آذَانِی وَ مَنْ غَاظَكِ فَقَدْ غَاظَنِی وَ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّنِی وَ مَنْ بَرَّكِ فَقَدْ بَرَّنِی وَ مَنْ جَفَاكِ فَقَدْ جَفَانِی وَ مَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَنِی وَ مَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَنِی وَ مَنْ أَنْصَفَكِ فَقَدْ أَنْصَفَنِی وَ مَنْ ظَلَمَكِ فَقَدْ ظَلَمَنِی لِأَنَّكِ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكِ وَ أَنْتِ بَضْعَةٌ مِنِّی وَ رُوحِیَ الَّتِی بَیْنَ جَنْبَیَّ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِلَی اللَّهِ أَشْكُو ظَالِمِیكِ مِنْ أُمَّتِی ثُمَّ دَخَلَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام فَانْكَبَّا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمَا یَبْكِیَانِ وَ یَقُولَانِ أَنْفُسُنَا لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَهَبَ عَلِیٌّ علیه السلام لِیُنَحِّیَهُمَا عَنْهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ دَعْهُمَا یَا أَخِی یَشَمَّانِّی وَ أَشَمُّهُمَا وَ یَتَزَوَّدَانِ مِنِّی وَ أَتَزَوَّدُ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا مَقْتُولَانِ بَعْدِی ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی مَنْ یَقْتُلُهُمَا ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ الْمَظْلُومُ بَعْدِی وَ أَنَا خَصْمٌ لِمَنْ أَنْتَ خَصْمُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (2).
«35»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم أَحْمَدُ بْنُ عِیسَی بْنِ هَارُونَ مُعَنْعَناً عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ قَالَ قُلْنَا صَدَقْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ قَدْ ظَنَنَّا أَنَّكَ لَمْ تَقُلْهَا إِلَّا لِعَجَبٍ مِنْ شَیْ ءٍ رَأَیْتَهُ قَالَ نَعَمْ لَمَّا رَأَیْتُ عَلِیّاً مُقْبِلًا ذُكِّرْتُ حَدِیثاً حَدَّثَنِی حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام قَالَ قَالَ إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَیْهِ فَأَبَی عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَبْلُوَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ* وَ أَنْزَلَ عَلَیَّ بِذَلِكَ كِتَاباً الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْكاذِبِینَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَوَّضَهُ مَكَانَهُ بِسَبْعِ خِصَالٍ یَلِی
ص: 76
سَتْرَ عَوْرَتِكَ وَ یَقْضِی دَیْنَكَ وَ عِدَاتِكَ وَ هُوَ مَعَكَ عَلَی عُقْرِ حَوْضِكَ وَ هُوَ مُتَّكَأٌ لَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَنْ یَرْجِعَ كَافِراً بَعْدَ إِیمَانٍ وَ لَا زَانِیاً بَعْدَ إِحْصَانٍ فَكَمْ مِنْ ضِرْسٍ قَاطِعٍ لَهُ فِی الْإِسْلَامِ مَعَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ وَ الْعِلْمِ بِكَلَامِ اللَّهِ وَ الْفِقْهِ فِی دِینِ اللَّهِ مَعَ الصِّهْرِ وَ الْقَرَابَةِ وَ النَّجْدَةِ فِی الْحَرْبِ وَ بَذْلِ الْمَاعُونِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْوَلَایَةِ لِوَلِیِّی وَ الْعَدَاوَةِ لِعَدُوِّی وَ بَشِّرْهُ یَا مُحَمَّدُ بِذَلِكَ (1):.
وَ قَالَ السُّدِّیُّ الَّذِینَ صَدَقُوا عَلِیٌّ وَ أَصْحَابُهُ (2).
«36»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی الْقَمَّاطِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُرِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِهِ بَنِی أُمَیَّةَ یَصْعَدُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ یُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَی فَأَصْبَحَ كَئِیباً حَزِیناً قَالَ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِی أَرَاكَ كَئِیباً حَزِیناً قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ إِنِّی رَأَیْتُ بَنِی أُمَیَّةَ فِی لَیْلَتِی هَذِهِ یَصْعَدُونَ مِنْبَرِی مِنْ بَعْدِی یُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَی فَقَالَ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً إِنَّ هَذَا شَیْ ءٌ مَا اطَّلَعْتُ عَلَیْهِ فَعَرَجَ إِلَی السَّمَاءِ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ عَلَیْهِ بِآیٍ مِنَ الْقُرْآنِ یُؤْنِسُهُ بِهَا قَالَ أَ فَرَأَیْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِینَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا یُوعَدُونَ ما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یُمَتَّعُونَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَیْلَةُ الْقَدْرِ لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَیْلَةَ الْقَدْرِ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرِ مُلْكِ بَنِی أُمَیَّةَ (3).
ص: 77
«37»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ یُونُسَ مِثْلَهُ (1).
«38»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَلِیُّ بْنُ حُمْدُونٍ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ فَرَجٍ عَنْ مَسْعَدَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ وَ یَدُهُ فِی یَدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ لَقِیَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ یَا فُلَانُ لَا تَسُبُّوا عَلِیّاً فَإِنَّ مَنْ سَبَّهُ فَقَدْ سَبَّنِی وَ مَنْ سَبَّنِی سَبَّهُ اللَّهُ وَ اللَّهِ یَا فُلَانُ إِنَّهُ لَا یُؤْمِنُ بِمَا یَكُونُ مِنْ عَلِیٍّ وَ وُلْدِ عَلِیٍّ فِی آخِرِ الزَّمَانِ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ عَبْدٌ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ یَا فُلَانُ إِنَّهُ سَیُصِیبُ وُلْدَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَلَاءٌ شَدِیدٌ وَ أُثْرَةٌ وَ قَتْلٌ وَ تَشْرِیدٌ فَاللَّهَ اللَّهَ یَا فُلَانُ فِی أَصْحَابِی وَ ذُرِّیَّتِی وَ ذِمَّتِی فَإِنَّ لِلَّهِ یَوْماً یَنْتَصِفُ فِیهِ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ (2).
ص: 78
«39»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْخَزَّازِ الْهَمْدَانِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ زَیْدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ قَدْ أَدْرَكَ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا لَمَّا نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ یَا فَاطِمَةُ قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَیْتُ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْواجاً فَأُسَبِّحُ رَبِّی بِحَمْدِهِ وَ أَسْتَغْفِرُ رَبِّی إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ قَضَی الْجِهَادَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فِی الْفِتْنَةِ مِنْ بَعْدِی فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَیْفَ نُجَاهِدُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَقُولُونَ فِی فِتْنَتِهِمْ آمَنَّا قَالَ یُجَاهِدُونَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ (1) إِذَا عَمِلُوا بِالرَّأْیِ فِی الدِّینِ وَ لَا رَأْیَ فِی الدِّینِ
ص: 79
إِنَّمَا الدِّینُ مِنَ الرَّبِّ أَمْرُهُ وَ نَهْیُهُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قَدْ قُلْتَ لِی حِینَ خُزِلَتْ عَنِّی الشَّهَادَةُ وَ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ أُحُدٍ الشَّهَادَةُ مِنْ وَرَائِكَ قَالَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذَا خُضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ وَ لِحْیَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ حِینَئِذٍ هُوَ مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَ لَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ یَا عَلِیُّ أَعِدَّ خُصُومَتَكَ فَإِنَّكَ مُخَاصِمٌ قَوْمَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (1).
بیان: خزلت علی المجهول أی قطعت.
«40»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَبَشِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ
ص: 80
الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَهْدَتْ لَنَا أُمُّ أَیْمَنَ لَبَناً وَ زَبَداً وَ تَمْراً فَقَدَّمْنَاهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله زَاوِیَةَ الْبَیْتِ وَ صَلَّی رَكَعَاتٍ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِی آخِرِ سُجُودِهِ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً فَلَمْ یَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنَّا إِجْلَالًا لَهُ فَقَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَعَدَ فِی حَجْرِهِ وَ قَالَ لَهُ یَا أَبَهْ لَقَدْ دَخَلْتَ بَیْتَنَا فَمَا سُرِرْنَا بِشَیْ ءٍ كَسُرُورِنَا بِذَلِكَ ثُمَّ بَكَیْتَ بُكَاءً غَمَّنَا فَلِمَ بَكَیْتَ فَقَالَ بُنَیَّ أَتَانِی جَبْرَئِیلُ آنِفاً فَأَخْبَرَنِی أَنَّكُمْ قَتْلَی وَ أَنَّ مَصَارِعَكُمْ شَتَّی فَقَالَ یَا أَبَهْ فَمَا لِمَنْ یَزُورُ قُبُورَنَا عَلَی تَشَتُّتِهَا فَقَالَ یَا بُنَیَّ أُولَئِكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی یَزُورُونَكُمْ یَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ وَ حَقِیقٌ عَلَیَّ أَنْ آتِیَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی أُخَلِّصَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ السَّاعَةِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ یُسْكِنَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ (1).
«41»-كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ دَاوُدَ النَّجَّارِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهم السلام وَ أَغْلَقَ عَلَیْهِمُ الْبَابَ وَ قَالَ یَا أَهْلِی وَ یَا أَهْلَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ وَ هَذَا جَبْرَئِیلُ مَعَكُمْ فِی الْبَیْتِ وَ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ إِنِّی قَدْ جَعَلْتُ عَدُوَّكُمْ لَكُمْ فِتْنَةً فَمَا تَقُولُونَ قَالُوا نَصْبِرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ مَا نَزَلَ مِنْ قَضَائِهِ حَتَّی نَقْدَمَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ نَسْتَكْمِلَ جَزِیلَ ثَوَابِهِ فَقَدْ سَمِعْنَاهُ یَعِدُ الصَّابِرِینَ الْخَیْرَ كُلَّهُ فَبَكَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی سُمِعَ نَحِیبُهُ مِنْ خَارِجِ الْبَیْتِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصِیراً أَنَّهُمْ سَیَصْبِرُونَ أَیْ سَیَصْبِرُونَ كَمَا قَالُوا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ (2).
«42»-كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ إِدْرِیسَ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ
ص: 81
فَسِّرْ لِی قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ (1) فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ حَرِیصاً عَلَی أَنْ یَكُونَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ بَعْدِهِ عَلَی النَّاسِ وَ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَالَ وَ عَنَی بِذَلِكَ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْكاذِبِینَ قَالَ فَرَضِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (2).43- كِتَابُ الْمُحْتَضَرِ، لِلْحَسَنِ بْنِ سُلَیْمَانَ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الدُّرِّ الْمُنْتَقَی فِی مَنَاقِبِ أَهْلِ التُّقَی یَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ یَا بُنَیَّ فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ عَلَی فَخِذِهِ الْیُمْنَی ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ یَا بُنَیَّ فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ عَلَی فَخِذِهِ الْیُسْرَی ثُمَّ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ یَا بُنَیَّةِ فَمَا زَالَ یُدْنِیهَا حَتَّی أَجْلَسَهَا بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ یَا أَخِی فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ الْأَیْمَنِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَی وَاحِداً مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا بَكَیْتَ قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِینَ وَ الْأَنْبِیَاءَ وَ الْمُرْسَلِینَ اجْتَمَعُوا عَلَی بُغْضِهِ وَ لَنْ یَفْعَلُوا لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ (3) قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ یُبْغِضُهُ أَحَدٌ فَقَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ نَعَمْ قَوْمٌ یَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِی لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِی الْإِسْلَامِ نَصِیباً یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ لَهُ تَفْضِیلَ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَیْهِ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا خَلَقَ اللَّهُ
ص: 82
نَبِیّاً أَكْرَمَ عَلَیْهِ مِنِّی وَ مَا خَلَقَ وَصِیّاً أَكْرَمَ عَلَیْهِ مِنْ وَصِیِّی عَلِیٍّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ أَزَلْ لَهُ كَمَا أَمَرَنِی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصَّانِی بِمَوَدَّتِهِ وَ أَنَّهُ لَأَكْبَرُ عَمَلٍ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَضَی مِنَ الزَّمَانِ وَ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَفَاةُ فَحَضَرْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ دَنَا أَجَلُكَ فَمَا تَأْمُرُنِی فَقَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِیّاً وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَیْهِ ظَهِیراً وَ لَا وَلِیّاً قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ قَالَ فَبَكَی صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أُغْمِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابُ فِیهِمْ وَ عِلْمُ رَبِّی وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَا یَخْرُجُ أَحَدٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ وَ أَنْكَرَ حَقَّهُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُغَیِّرَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنْ أَرَدْتَ وَجْهَ اللَّهِ وَ لِقَاءَهُ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ فَاسْلُكْ طَرِیقَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ مِلْ مَعَهُ حَیْثُ مَا مَالَ وَ ارْضَ بِهِ إِمَاماً وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ احْذَرْ أَنْ یَدْخُلَكَ شَكٌّ فِیهِ فَإِنَّ الشَّكَّ فِی عَلِیٍّ كُفْرٌ (1).
أَقُولُ وَجَدْتُ مَنْقُولًا مِنْ خَطِّ شَیْخِنَا الشَّهِیدِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ رَوَی الدَّارَقُطْنِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْقَاضِی الرَّازِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی حَرْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِ
ص: 83
بْنِ أُسَامَةَ مِنْ وُلْدِ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَدِیجَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِی فِی عَلِیٍّ خِصَالًا تِسْعاً ثَلَاثاً فِی الدُّنْیَا وَ ثَلَاثاً فِی الْآخِرَةِ وَ ثَلَاثاً اثْنَتَانِ أَنَا مِنْهُمَا آمِنٌ وَ وَاحِدَةٌ أَنَا مِنْهَا وَجِلٌ قَالَتْ خَدِیجَةُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَخْبِرْنِی بِهَذِهِ التِّسْعَةِ مَا هِیَ قَالَ لَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِی فِی الدُّنْیَا یَقْضِی دَیْنِی وَ یُنْجِزُ مَوْعِدِی وَ یَسْتُرُ عَوْرَتِی وَ أَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِی فِی الْآخِرَةِ فَمُتَّكَئِی یَوْمَ تَحِلُّ شَفَاعَتِی وَ الْقَائِمُ عَلَی حَوْضِی وَ قَائِدُ أُمَّتِی إِلَی الْجَنَّةِ وَ أَمَّا الِاثْنَتَانِ الَّتِی أَنَا مِنْهُمَا آمِنٌ فَلَا یَرْجِعُ ضَالًّا بَعْدَ هُدًی وَ لَا یَمُوتُ حَتَّی یُعْطِیَنِی رَبِّی فِیهِ الَّذِی وَعَدَنِی وَ أَمَّا الْوَاحِدَةُ الَّتِی أَنَا مِنْهَا وَجِلٌ فَمَا یَصْنَعُ بِهِ قُرَیْشٌ بَعْدِی (1).
ص: 84
«1»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَرِیرِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ دَخَلْتُ مَعَ أَبِی الْكَعْبَةَ فَصَلَّی عَلَی الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ بَیْنَ الْعَمُودَیْنِ فَقَالَ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ تَعَاقَدَ الْقَوْمُ إِنْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا یَرُدُّوا هَذَا الْأَمْرَ فِی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ أَبَداً قَالَ قُلْتُ وَ مَنْ كَانَ قَالَ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِی وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَالِمُ بْنُ الْحَبِیبَةِ (1).
«2»-فس، تفسیر القمی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ وَ بَكْرِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ قَالا حَدَّثَنَا سُلَیْمَانُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّمَا النَّجْوی مِنَ الشَّیْطانِ قَالَ الثَّانِی قَوْلُهُ ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ قَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ أَبُو فُلَانٍ أَمِینُهُمْ حِینَ اجْتَمَعُوا وَ دَخَلُوا الْكَعْبَةَ فَكَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَنْ لَا یَرْجِعَ الْأَمْرُ فِیهِمْ أَبَداً (2).
ص: 85
بیان: أبو فلان أبو عبیدة.
«3»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، بِحَذْفِ الْأَسْنَادِ (1) قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ بْنُ
ص: 86
عَفَّانَ آوَی إِلَیْهِ عَمَّهُ الْحَكَمَ بْنَ الْعَاصِ وَ وَلَدَهُ مَرْوَانَ وَ الْحَارِثَ بْنَ الْحَكَمِ وَ وَجَّهَ عُمَّالَهُ فِی الْأَمْصَارِ وَ كَانَ فِیمَنْ وَجَّهَ عُمَرُ بْنُ سُفْیَانَ بْنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ بْنِ أُمَیَّةَ إِلَی مُشْكَانَ وَ الْحَارِثُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَی الْمَدَائِنِ فَأَقَامَ فِیهَا مُدَّةً یَتَعَسَّفُ أَهْلَهَا وَ یُسِی ءُ مُعَامَلَتَهُمْ فَوَفَدَ مِنْهُمْ إِلَی عُثْمَانَ وَفْدٌ شَكَوْا إِلَیْهِ وَ أَعْلَمُوهُ بِسُوءِ مَا یُعَامِلُهُمْ بِهِ وَ أَغْلَظُوا عَلَیْهِ فِی الْقَوْلِ فَوَلَّی حُذَیْفَةَ بْنَ الْیَمَانِ عَلَیْهِمْ وَ ذَلِكَ فِی آخِرِ أَیَّامِهِ فَلَمْ یَنْصَرِفْ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَی أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ اسْتُخْلِفَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَقَامَ حُذَیْفَةَ عَلَیْهَا وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی وَلَّیْتُكَ مَا كُنْتَ تَلِیهِ لِمَنْ كَانَ قَبْلُ مِنْ حَرْفِ الْمَدَائِنِ وَ قَدْ جَعَلْتُ إِلَیْكَ أَعْمَالَ الْخَرَاجِ وَ الرُّسْتَاقِ وَ جِبَایَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَاجْمَعْ إِلَیْكَ ثِقَاتِكَ وَ مَنْ أَحْبَبْتَ مِمَّنْ تَرْضَی دِینَهُ وَ أَمَانَتَهُ وَ
ص: 87
اسْتَعِنْ بِهِمْ عَلَی أَعْمَالِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعَزُّ لَكَ وَ لِوَلِیِّكَ وَ أَكْبَتُ لِعَدُوِّكَ وَ إِنِّی آمُرُكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ فَاحْذَرْ عِقَابَهُ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ أَتَقَدَّمُ إِلَیْكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَی الْمُحْسِنِ وَ الشِّدَّةِ عَلَی الْمُعَانِدِ وَ آمُرُكَ بِالرِّفْقِ فِی أُمُورِكَ وَ اللِّینِ وَ الْعَدْلِ فِی رَعِیَّتِكَ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنْصَافِ الْمَظْلُومِ وَ الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ وَ حُسْنِ السِّیرَةِ مَا اسْتَطَعْتَ فَاللَّهُ یَجْزِی الْمُحْسِنِینَ وَ آمُرُكَ أَنْ تَجْبِیَ خَرَاجَ الْأَرَضِینَ عَلَی الْحَقِّ وَ النَّصَفَةِ وَ لَا تَتَجَاوَزْ مَا تَقَدَّمْتُ بِهِ إِلَیْكَ وَ لَا تَدَعْ مِنْهُ شَیْئاً وَ لَا تَبْتَدِعْ فِیهِ أَمْراً ثُمَّ اقْسِمْهُ بَیْنَ أَهْلِهِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْعَدْلِ وَ اخْفِضْ لِرَعِیَّتِكَ جَنَاحَكَ وَ وَاسِ بَیْنَهُمْ فِی مَجْلِسِكَ وَ لْیَكُنِ الْقَرِیبُ وَ الْبَعِیدُ عِنْدَكَ فِی الْحَقِّ سَوَاءً وَ احْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ أَقِمْ فِیهِمْ بِالْقِسْطِ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوی وَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَ قَدْ وَجَّهْتُ إِلَیْكَ كِتَاباً لِتَقْرَأَهُ عَلَی أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ لِیَعْلَمُوا رَأْیَنَا فِیهِمْ وَ فِی جَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ فَأَحْضِرْهُمْ وَ اقْرَأْ عَلَیْهِمْ وَ خُذِ الْبَیْعَةَ لَنَا عَلَی الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ مِنْهُمْ إِنِ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا وَصَلَ عَهْدُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی حُذَیْفَةَ جَمَعَ النَّاسَ فَصَلَّی بِهِمْ ثُمَّ أَمَرَ بِالْكِتَابِ فَقُرِئَ عَلَیْهِمْ وَ هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی هَذَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أَسْأَلُهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَأَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی اخْتَارَ الْإِسْلَامَ دِیناً لِنَفْسِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِحْكَاماً لِصُنْعِهِ وَ حُسْنِ تَدْبِیرِهِ وَ نَظَراً مِنْهُ لِعِبَادِهِ وَ خَصَّ مِنْهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَعَلَّمَهُمُ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ إِكْرَاماً وَ تَفَضُّلًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَدَّبَهُمْ لِكَیْ یَهْتَدُوا وَ جَمَعَهُمْ لِئَلَّا یَتَفَرَّقُوا وَ فَقَّهَهُمْ لِئَلَّا یَجُورُوا فَلَمَّا قَضَی مَا كَانَ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ مَضَی إِلَی رَحْمَةِ رَبِّهِ حَمِیداً مَحْمُوداً ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِینَ أَقَامُوا بَعْدَهُ رَجُلَیْنِ رَضُوا بِهَدْیِهِمَا وَ سِیرَتِهِمَا قَامَا
ص: 88
مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ تَوَفَّاهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ وَلَّوْا بَعْدَهُمَا الثَّالِثَ فَأَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ وَجَدَتِ الْأُمَّةُ عَلَیْهِ فِعَالًا فَاتَّفَقُوا عَلَیْهِ ثُمَّ نَقَمُوا مِنْهُ فَغَیَّرُوا ثُمَّ جَاءُونِی كَتَتَابُعِ الْخَیْلِ فَبَایَعُونِی فَأَنَا أَسْتَهْدِی اللَّهَ بِهُدَاهُ وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَی التَّقْوَی أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَیْنَا الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ الْقِیَامَ بِحَقِّهِ وَ إِحْیَاءَ سُنَّتِهِ وَ النُّصْحَ لَكُمْ بِالْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ بِاللَّهِ نَسْتَعِینُ عَلَی ذَلِكَ وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ قَدْ وَلَّیْتُ أُمُورَكُمْ حُذَیْفَةَ بْنَ الْیَمَانِ وَ هُوَ مِمَّنْ أَرْتَضِی بهداه (بِهَدْیِهِ) وَ أَرْجُو صَلَاحَهُ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَی مُحْسِنِكُمْ وَ الشِّدَّةِ عَلَی مُرِیبِكُمْ وَ الرِّفْقِ بِجَمِیعِكُمْ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمْ حُسْنَ الْخِیَرَةِ وَ الْإِحْسَانَ وَ رَحْمَتَهُ الْوَاسِعَةَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ ثُمَّ إِنِ حُذَیْفَةَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَحْیَا الْحَقَّ وَ أَمَاتَ الْبَاطِلَ وَ جَاءَ بِالْعَدْلِ وَ أَدْحَضَ الْجَوْرَ وَ كَبَتَ الظَّالِمِینَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً وَ خَیْرُ مَنْ نَعْلَمُهُ بَعْدَ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ وَ أَحَقُّهُمْ بِالْأَمْرِ وَ أَقْرَبُهُمْ إِلَی الصِّدْقِ وَ أَرْشَدُهُمْ إِلَی الْعَدْلِ وَ أَهْدَاهُمْ سَبِیلًا وَ أَدْنَاهُمْ إِلَی اللَّهِ وَسِیلَةً وَ أَمَسَّهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِماً أَنِیبُوا إِلَی طَاعَةِ أَوَّلِ النَّاسِ سِلْماً وَ أَكْثَرِهِمْ عِلْماً وَ أَقْصَدِهِمْ طَرِیقاً وَ أَسْبَقِهِمْ إِیمَاناً وَ أَحْسَنِهِمْ یَقِیناً وَ أَكْثَرِهِمْ مَعْرُوفاً وَ أَقْدَمِهِمْ جِهَاداً وَ أَعَزِّهِمْ مَقَاماً أَخِی رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ أَبِی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ زَوْجِ الزَّهْرَاءِ الْبَتُولِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ فَقُومُوا أَیُّهَا النَّاسُ فَبَایِعُوا عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ لِلَّهِ فِی ذَلِكَ رِضًی وَ لَكُمْ مَقْنَعٌ وَ صَلَاحٌ وَ السَّلَامُ فَقَامَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ فَبَایَعُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَحْسَنَ بَیْعَةٍ وَ أَجْمَعَهَا فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْبَیْعَةُ قَامَ إِلَیْهِ فَتًی مِنْ أَبْنَاءِ الْعَجَمِ وَ وُلَاةِ الْأَنْصَارِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ التَّیِّهَانِ أخو أبو (أَخِی) أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ یُقَالُ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَقَلِّداً سَیْفاً فَنَادَاهُ مِنْ أَقْصَی النَّاسِ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنَّا سَمِعْنَاكَ تَقُولُ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَمِیرُ
ص: 89
الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً تَعْرِیضاً بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ لَمْ یَكُونُوا أُمَرَاءَ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً فَعَرِّفْنَا ذَلِكَ أَیُّهَا الْأَمِیرُ رَحِمَكَ اللَّهُ وَ لَا تَكْتُمْنَا فَإِنَّكَ مِمَّنْ شَهِدَ وَ عَایَنَ وَ نَحْنُ مُقَلِّدُون ذَلِكَ أَعْنَاقَهُمْ وَ اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَیْكُمْ فِیمَا تَأْتُونَ بِهِ مِنَ النَّصِیحَةِ لِأُمَّتِكُمْ وَ صِدْقِ الْخَبَرِ عَنْ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ حُذَیْفَةُ أَیُّهَا الرَّجُلُ أَمَّا إِذَا سَأَلْتَ وَ فَحَصْتَ هَكَذَا فَاسْمَعْ وَ افْهَمْ مَا أُخْبِرُكَ بِهِ أَمَّا مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْخُلَفَاءِ قَبْلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِمَّنْ تَسَمَّی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُمْ تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فَسَمَّاهُمُ النَّاسُ بِذَلِكَ وَ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام سَمَّاهُ بِهَذَا الِاسْمِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی وَ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ سَلَامِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام لَهُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدْعُونَهُ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ الْفَتَی خَبِّرْنَا كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ حُذَیْفَةُ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا یَدْخُلُونَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ الْحِجَابِ إِذَا شَاءُوا فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَدْخُلَ أَحَدٌ إِلَیْهِ وَ عِنْدَهُ دِحْیَةُ بْنُ خَلِیفَةَ الْكَلْبِیُّ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرَاسِلُ قیصرا (قَیْصَرَ) مَلِكَ الرُّومِ وَ بَنِی حَنِیفَةَ وَ مُلُوكَ بَنِی غَسَّانَ عَلَی یَدِهِ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَهْبِطُ عَلَی صُورَتِهِ وَ لِذَلِكَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَیْهِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ دِحْیَةُ قَالَ حُذَیْفَةُ وَ إِنِّی أَقْبَلْتُ یَوْماً لِبَعْضِ أُمُورِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُهَجِّراً رَجَاءَ أَنْ أَلْقَاهُ خَالِیاً فَلَمَّا صِرْتُ بِالْبَابِ فَإِذَا أَنَا بِالشَّمْلَةِ قَدْ سُدِلَتْ عَلَی الْبَابِ فَرَفَعْتُهَا وَ هَمَمْتُ بِالدُّخُولِ وَ كَذَلِكَ كُنَّا نَصْنَعُ فَإِذَا أَنَا بِدِحْیَةَ قَاعِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ النَّبِیُّ نَائِمٌ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ دِحْیَةَ فَلَمَّا رَأَیْتُهُ انْصَرَفْتُ فَلَقِیَنِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ فَقَالَ یَا ابْنَ الْیَمَانِ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قُلْتُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَ مَا ذَا صَنَعْتَ عِنْدَهُ قُلْتُ أَرَدْتُ الدُّخُولَ عَلَیْهِ فِی كَذَا وَ كَذَا فَذَكَرْتُ الْأَمْرَ الَّذِی جِئْتُ لَهُ فَلَمْ یَتَهَیَّأْ لِی ذَلِكَ قَالَ وَ لِمَ قُلْتُ كَانَ عِنْدَهُ دِحْیَةُ الْكَلْبِیُّ وَ سَأَلْتُ عَلِیّاً علیه السلام مَعُونَتِی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ذَلِكَ قَالَ فَارْجِعْ مَعِی فَرَجَعْتُ مَعَهُ
ص: 90
فَلَمَّا صِرْنَا إِلَی بَابِ بالدار (الدَّارِ) جَلَسْتُ بِالْبَابِ وَ رَفَعَ عَلِیٌّ الشَّمْلَةَ وَ دَخَلَهُ وَ سَلَّمَ فَسَمِعْتُ دِحْیَةَ یَقُولُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ قَالَ اجْلِسْ فَخُذْ رَأْسَ أَخِیكَ وَ ابْنِ عَمِّكِ مِنْ حَجْرِی فَأَنْتَ أَوْلَی النَّاسِ بِهِ فَجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَخَذَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَهُ فِی حَجْرِهِ وَ خَرَجَ دِحْیَةُ مِنَ الْبَیْتِ فَقَالَ عَلِیٌّ ادْخُلْ یَا حُذَیْفَةُ فَدَخَلْتُ وَ جَلَسْتُ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنِ انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضَحِكَ فِی وَجْهِ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ مِنْ حَجْرِ مَنْ أَخَذْتَ رَأْسِی فَقَالَ مِنْ حَجْرِ دِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ فَقَالَ ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَمَا قُلْتَ لَهُ حِینَ دَخَلْتَ وَ مَا قَالَ لَكَ قَالَ دَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ لِی وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ سَلَّمَتْ عَلَیْكَ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَ سُكَّانُ سَمَاوَاتِهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُسَلِّمَ عَلَیْكَ أَهْلُ الْأَرْضِ یَا عَلِیُّ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَدْ أُوحِیَ إِلَیَّ عَنْ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَبْلِ دُخُولِكَ أَنْ أَفْرِضَ ذَلِكَ عَلَی النَّاسِ وَ أَنَا فَاعِلٌ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی نَاحِیَةِ فَدَكَ فِی حَاجَةٍ فَلَبِثْتُ أَیَّاماً فَقَدِمْتُ فَوَجَدْتُ النَّاسَ یَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یُسَلِّمُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَاهُ بِذَلِكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا قَدْ سَمِعْتُ جَبْرَئِیلَ علیه السلام یُسَلِّمُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَدَّثْتُهُمُ الْحَدِیثَ فَسَمِعَنِی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ أَنَا أُحَدِّثُ النَّاسَ فِی الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِی أَنْتَ رَأَیْتَ جَبْرَئِیلَ وَ سَمِعْتَهُ اتَّقِ الْقَوْلَ فَقَدْ قُلْتَ قَوْلًا عَظِیماً أَوْ قَدْ خُولِطَ بِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ أَنَا سَمِعْتُ ذَلِكَ وَ رَأَیْتُهُ فَأَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَ مَنْ رَغِمَ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتَ وَ سَمِعْتَ عَجَباً قَالَ حُذَیْفَةُ وَ سَمِعَنِی بُرَیْدَةُ بْنُ الْحَصِیبِ الْأَسْلَمِیُّ (1) وَ أَنَا أُحَدِّثُ بِبَعْضِ
ص: 91
مَا رَأَیْتُ وَ سَمِعْتُ فَقَالَ لِی وَ اللَّهِ یَا ابْنَ الْیَمَانِ لَقَدْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالسَّلَامِ عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ قُلْتُ یَا بُرَیْدَةُ أَ كُنْتَ شَاهِداً ذَلِكَ الْیَوْمَ فَقَالَ نَعَمْ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَی آخِرِهِ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِی بِهِ یَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَی فَإِنِّی كُنْتُ عَنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ غَائِباً فَقَالَ بُرَیْدَةُ كُنْتُ أَنَا وَ عَمَّارٌ أَخِی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نَخِیلِ بَنِی النَّجَّارِ فَدَخَلَ عَلَیْنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ردنا (رَدَدْنَا) ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ اجْلِسْ هُنَاكَ فَجَلَسَ وَ دَخَلَ رِجَالٌ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالسَّلَامِ عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَسَلَّمُوا وَ مَا كَادُوا ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَسَلَّمَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالا إِنَّ الْأَمْرَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ دَخَلَ طَلْحَةُ وَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَسَلَّمَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَقَالَ نَعَمْ قَالا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا ثُمَّ دَخَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَلَّمَا فَرَدَّ عَلَیْهِمَا السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَسَلَّمَا وَ لَمْ یَقُولَا شَیْئاً ثُمَّ دَخَلَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ التَّیِّهَانُ فَسَلَّمَا فَرَدَّ عَلَیْهِمَا السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَسَلَّمَا وَ لَمْ یَقُولَا شَیْئاً ثُمَّ دَخَلَ عَمَّارٌ وَ الْمِقْدَادُ فَسَلَّمَا فَرَدَّ عَلَیْهِمَا السَّلَامَ وَ قَالَ سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَفَعَلَا وَ لَمْ یَقُولَا شَیْئاً ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ فَسَلَّمَا فَرَدَّ عَلَیْهِمَا السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ سَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ قَالا عَنِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ دَخَلَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ عَدَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلِّمُوا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَبَعْضٌ یُسَلِّمُ وَ لَا یَقُولُ شَیْئاً وَ بَعْضٌ یَقُولُ لِلنَّبِیِّ أَ عَنِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَیَقُولُ نَعَمْ حَتَّی غَصَّ الْمَجْلِسُ بِأَهْلِهِ وَ امْتَلَأَتِ الْحُجْرَةُ وَ جَلَسَ بَعْضٌ عَلَی الْبَابِ وَ فِی الطَّرِیقِ وَ كَانُوا یَدْخُلُونَ فَیُسَلِّمُونَ وَ یَخْرُجُونَ ثُمَّ قَالَ لِی وَ لِأَخِی قُمْ یَا بُرَیْدَةُ أَنْتَ وَ أَخُوكَ فَسَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 92
فَقُمْنَا وَ سَلَّمْنَا ثُمَّ عُدْنَا إِلَی مَوَاضِعِنَا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْهِمْ جَمِیعاً فَقَالَ اسْمَعُوا وَ عُوا إِنِّی أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِنَّ رِجَالًا سَأَلُونِی أَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ أَنْ یَأْتِیَ أَمْراً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ بِوَحْیِ رَبِّهِ وَ أَمْرِهِ أَ فَرَأَیْتُمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَئِنْ أَبَیْتُمْ وَ نَقَضْتُمُوهُ لَتَكْفُرُنَّ وَ لَتُفَارِقُنَّ مَا بَعَثَنِی بِهِ رَبِّی فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَكْفُرْ قَالَ بُرَیْدَةُ فَلَمَّا خَرَجْنَا سَمِعْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ الَّذِینَ أُمِرُوا بِالسَّلَامِ عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ لِصَاحِبِهِ وَ قَدِ الْتَفَتَ بِهِمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْجُفَاةِ الْبِطَاءِ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنْ قُرَیْشٍ أَ مَا رَأَیْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله بِابْنِ عَمِّهِ مِنْ عُلُوِّ الْمَنْزِلَةِ وَ الْمَكَانِ وَ لَوْ یَسْتَطِیعُ وَ اللَّهِ لَجَعَلَهُ نَبِیّاً مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَمْسِكْ لَا یَكْبُرَنَّ عَلَیْكَ هَذَا الْأَمْرُ فَلَوْ أَنَّا فَقَدْنَا مُحَمَّداً لَكَانَ فِعْلُهُ هَذَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا فَقَالَ حُذَیْفَةُ وَ مَضَی بُرَیْدَةُ إِلَی بَعْضِ طُرُقِ الشَّامِ وَ رَجَعَ وَ قَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَأَقْبَلَ بُرَیْدَةُ وَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ عُمَرُ دُونَهُ بِمِرْقَاةٍ فَنَادَاهُمَا مِنْ نَاحِیَةِ الْمَسْجِدِ یَا أَبَا بَكْرٍ وَ یَا عُمَرُ قَالا وَ مَا لَكَ یَا بُرَیْدَةُ أَ جُنِنْتَ فَقَالَ لَهُمَا وَ اللَّهِ مَا جُنِنْتُ وَ لَكِنْ أَیْنَ سَلَامُكُمَا بِالْأَمْسِ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ یَا بُرَیْدَةُ الْأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَهُ الْأَمْرُ وَ إِنَّكَ غِبْتَ وَ شَهِدْنَا وَ الشَّاهِدُ یَرَی مَا لَا یَرَی الْغَائِبُ فَقَالَ لَهُمَا رَأَیْتُمَا مَا لَمْ یَرَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ وَفَی لَكَ صَاحِبُكَ بِقَوْلِهِ لَوْ فَقَدْنَا مُحَمَّداً لَكَانَ قَوْلُهُ هَذَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا أَلَا إِنَّ الْمَدِینَةَ حَرَامٌ عَلَیَّ أَنْ أَسْكُنَهَا أَبَداً حَتَّی أَمُوتَ فَخَرَجَ بُرَیْدَةُ بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ فَنَزَلَ بَیْنَ قَوْمِهِ بَنِی أَسْلَمَ فَكَانَ یَطْلُعُ فِی الْوَقْتِ دُونَ الْوَقْتِ فَلَمَّا أَفْضَی الْأَمْرُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَارَ إِلَیْهِ وَ كَانَ مَعَهُ حَتَّی قَدِمَ الْعِرَاقَ فَلَمَّا أُصِیبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَارَ إِلَی خُرَاسَانَ فَنَزَلَهَا وَ لَبِثَ هُنَاكَ إِلَی أَنْ مَاتَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ حُذَیْفَةُ فَهَذَا نَبَأُ مَا سَأَلْتَنِی عَنْهُ فَقَالَ الْفَتَی لَا جَزَی اللَّهُ الَّذِینَ شَهِدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَمِعُوهُ یَقُولُ هَذَا القَوْلَ فِی عَلِیٍّ خَیْراً فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ
ص: 93
وَ أَزَالُوا الْأَمْرَ (1) عَنْ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقَرُّوهُ فِیمَنْ لَمْ یَرَهُ اللَّهُ وَ لَا رَسُولُهُ لِذَلِكَ أَهْلًا لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَنْ یُفْلِحُوا بَعْدَهَا أَبَداً فَنَزَلَ حُذَیْفَةُ مِنْ مِنْبَرِهِ فَقَالَ یَا أَخَا الْأَنْصَارِ إِنَّ الْأَمْرَ كَانَ أَعْظَمَ مِمَّا تَظُنُّ أَنَّهُ عَزَبَ وَ اللَّهِ الْبَصَرُ وَ ذَهَبَ الْیَقِینُ وَ كَثُرَ الْمُخَالِفُ وَ قَلَّ النَّاصِرُ لِأَهْلِ الْحَقِّ فَقَالَ لَهُ الْفَتَی فَهَلَّا انْتَضَیْتُمْ أَسْیَافَكُمْ وَ وَضَعْتُمُوهَا عَلَی رِقَابِكُمْ وَ ضَرَبْتُمْ بِهَا الزَّائِلِینَ عَنِ الْحَقِّ قُدُماً قُدُماً حَتَّی تَمُوتُوا أَوْ تُدْرِكُوا الْأَمْرَ الَّذِی تُحِبُّونَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْفَتَی إِنَّهُ أُخِذَ وَ اللَّهِ بِأَسْمَاعِنَا وَ أَبْصَارِنَا وَ كَرِهْنَا الْمَوْتَ وَ زُیِّنَتْ عِنْدَنَا الدُّنْیَا وَ سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ بِإِمْرَةِ الظَّالِمِینَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ التَّغَمُّدَ لِذُنُوبِنَا وَ الْعِصْمَةَ فِیمَا بَقِیَ مِنْ آجِلِنَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ رَحِیمٌ ثُمَّ انْصَرَفَ حُذَیْفَةُ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ (2) فَبَیْنَا أَنَا ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَ حُذَیْفَةَ أَعُودُهُ فِی مَرَضِهِ الَّذِی مَاتَ فِیهِ وَ قَدْ كَانَ یَوْمَ قَدِمَتْ فِیهِ مِنَ الْكُوفَةِ مِنْ قَبْلِ قُدُومِ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی الْعِرَاقِ فَبَیْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ جَاءَ الْفَتَی الْأَنْصَارِیُّ فَدَخَلَ عَلَی حُذَیْفَةَ فَرَحَّبَ بِهِ وَ أَدْنَاهُ وَ قَرَّبَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَ خَرَجَ مَنْ كَانَ عِنْدَ حُذَیْفَةَ مِنْ عُوَّادِهِ وَ أَقْبَلَ عَلَیْهِ الْفَتَی فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُكَ یَوْماً تُحَدِّثُ عَنْ بُرَیْدَةَ بْنِ الْحَصِیبِ الْأَسْلَمِیِّ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ الْقَوْمِ الَّذِینَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُسَلِّمَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ لِصَاحِبِهِ أَ مَا رَأَیْتَ القوم (الْیَوْمَ) مَا صَنَعَ مُحَمَّدٌ بِابْنِ عَمِّهِ مِنَ التَّشْرِیفِ وَ عُلُوِّ الْمَنْزِلَةِ حَتَّی لَوْ قَدَرَ أَنْ یَجْعَلَهُ نَبِیّاً لَفَعَلَ فَأَجَابَهُ صَاحِبُهُ فَقَالَ لَا یَكْبُرَنَّ عَلَیْكَ فَلَوْ فَقَدْنَا مُحَمَّداً لَكَانَ قَوْلُهُ تَحْتَ أَقْدَامِنَا وَ قَدْ ظَنَنْتُ نِدَاءَ بُرَیْدَةَ لَهُمَا وَ هُمَا عَلَی الْمِنْبَرِ أَنَّهُمَا صَاحِبَا الْقَوْلِ قَالَ حُذَیْفَةُ أَجَلْ الْقَائِلُ عُمَرُ وَ الْمُجِیبُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ الْفَتَی إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ هَلَكَ وَ اللَّهِ الْقَوْمُ وَ بَطَلَتْ أَعْمَالُهُمْ قَالَ حُذَیْفَةُ وَ لَمْ یَزَلِ الْقَوْمُ عَلَی ذَلِكَ الِارْتِدَادِ وَ مَا یَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُمْ أَكْثَرُ
ص: 94
قَالَ الْفَتَی قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَتَعَرَّفَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَ لَكِنِّی أَجِدُكَ مَرِیضاً وَ أَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَمَلَّكَ بِحَدِیثِی وَ مَسْأَلَتِی وَ قَامَ لِیَنْصَرِفَ فَقَالَ حُذَیْفَةُ لَا بَلِ اجْلِسْ یَا ابْنَ أَخِی وَ تَلَقَّ مِنِّی حَدِیثَهُمْ وَ إِنْ كَرَبَنِی ذَلِكَ فَلَا أَحْسَبُنِی إِلَّا مُفَارِقَكُمْ إِنِّی لَا أُحِبُّ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَنْزِلَتِهِمَا فِی النَّاسِ فَهَذَا مَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنَ النَّصِیحَةِ لَكَ وَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ وَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذِكْرِ مَنْزِلَتِهِ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنِی بِمَا عِنْدَكَ مِنْ أُمُورِهِمْ لِأَكُونَ عَلَی بَصِیرَةٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ حُذَیْفَةُ إِذاً وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ سَمِعْتُهُ وَ رَأَیْتُهُ وَ لَقَدْ وَ اللَّهِ دَلَّنَا عَلَی ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ عَلَی أَنَّهُمْ وَ اللَّهِ مَا آمَنُوا بِاللَّهِ وَ لَا بِرَسُولِهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ أُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَ رَسُولَهُ فِی سَنَةِ عَشْرٍ مِنْ مُهَاجَرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ أَنْ یَحُجَّ هُوَ وَ یَحُجَّ النَّاسُ مَعَهُ فَأَوْحَی إِلَیْهِ بِذَلِكَ وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلی كُلِّ ضامِرٍ یَأْتِینَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ (1) فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُؤَذِّنِینَ فَأَذَّنُوا فِی أَهْلِ السَّافِلِ وَ الْعَالِیَةِ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ عَزَمَ عَلَی الْحَجِّ فِی عَامِهِ هَذَا لِیُفَهِّمَ النَّاسَ حَجَّهُمْ وَ یُعَلِّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ فَیَكُونَ سُنَّةً لَهُمْ إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ قَالَ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ دَخَلَ فِی الْإِسْلَامِ إِلَّا حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِسَنَةِ عَشْرٍ لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ یُعَلِّمَهُمْ حَجَّهُمْ وَ یُعَرِّفَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالنَّاسِ وَ خَرَجَ بِنِسَائِهِ مَعَهُ وَ هِیَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَلَمَّا اسْتَتَمَّ حَجُّهُمْ وَ قَضَوْا مَنَاسِكَهُمْ وَ عَرَّفَ النَّاسَ جَمِیعَ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ أَقَامَ لَهُمْ مِلَّةَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ قَدْ أَزَالَ عَنْهُمْ جَمِیعَ مَا أَحْدَثَهُ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَهُ وَ رَدَّ الْحَجَرَ (الْحَجَ) إِلَی حَالَتِهِ الْأُولَی وَ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا یَوْماً وَاحِداً فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِأَوَّلِ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْكاذِبِینَ أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ أَنْ یَسْبِقُونا ساءَ ما یَحْكُمُونَ فَقَالَ
ص: 95
رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ وَ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ إِنِّی مَا أَرْسَلْتُ نَبِیّاً قَبْلَكَ إِلَّا أَمَرْتُهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِهِ أَنْ یَسْتَخْلِفَ عَلَی أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ یَقُومُ مَقَامَهُ وَ یُحْیِی لَهُمْ سُنَّتَهُ وَ أَحْكَامَهُ فَالْمُطِیعُونَ لِلَّهِ فِیمَا یَأْمُرُهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ هُمُ الصَّادِقُونَ وَ الْمُخَالِفُونَ عَلَی أَمْرِهِ الْكَاذِبُونَ وَ قَدْ دَنَا یَا مُحَمَّدُ مَصِیرُكَ إِلَی رَبِّكَ وَ جَنَّتِهِ وَ هُوَ یَأْمُرُكَ أَنْ تَنْصِبَ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ تَعْهَدَ إِلَیْهِ فَهُوَ الْخَلِیفَةُ الْقَائِمُ بِرَعِیَّتِكَ وَ أُمَّتِكَ إِنْ أَطَاعُوهُ وَ إِنْ عَصَوْهُ وَ سَیَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَ هِیَ الْفِتْنَةُ الَّتِی تَلَوْتُ الْآیَ فِیهَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْمُرُكَ أَنْ تُعَلِّمَهُ جَمِیعَ مَا عَلَّمَكَ وَ تَسْتَحْفِظَهُ جَمِیعَ مَا حَفَّظَكَ وَ اسْتَوْدَعَكَ فَإِنَّهُ الْأَمِینُ الْمُؤْتَمَنُ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی اخْتَرْتُكَ مِنْ عِبَادِی نَبِیّاً وَ اخْتَرْتُهُ لَكَ وَصِیّاً قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام یَوْماً فَخَلَا بِهِ یَوْمَ ذَلِكَ وَ لَیْلَتَهُ وَ اسْتَوْدَعَهُ الْعِلْمَ وَ الْحِكْمَةَ الَّتِی آتَاهُ إِیَّاهَا وَ عَرَّفَهُ مَا قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ كَانَ ذَلِكَ فِی یَوْمِ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِی بَكْرٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ طَالَتِ اسْتِخْلَاؤُكَ بِعَلِیٍّ علیه السلام مُنْذُ الْیَوْمِ قَالَ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ لِمَ تُعْرِضُ عَنِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ لَعَلَّهُ یَكُونُ لِی صَلَاحاً فَقَالَ صَدَقْتِ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّهُ لَأَمْرٌ صَلَاحٌ لِمَنْ أَسْعَدَهُ اللَّهُ بِقَبُولِهِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ وَ قَدْ أُمِرْتُ بِدُعَاءِ النَّاسِ جَمِیعاً إِلَیْهِ وَ سَتَعْلَمِینَ ذَلِكَ إِذَا أَنَا قُمْتُ بِهِ فِی النَّاسِ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لِمَ لَا تُخْبِرُنِی بِهِ الْآنَ لِأَتَقَدَّمَ بِالْعَمَلِ بِهِ وَ الْأَخْذِ بِمَا فِیهِ الصَّلَاحُ قَالَ سَأُخْبِرُكِ بِهِ فَاحْفَظِیهِ إِلَی أَنْ أُومَرَ بِالْقِیَامِ بِهِ فِی النَّاسِ جَمِیعاً فَإِنَّكِ إِنْ حَفِظْتِیهِ حَفِظَكِ اللَّهُ فِی الْعَاجِلَةِ وَ الْآجِلَةِ جَمِیعاً وَ كَانَتْ لَكِ الْفَضِیلَةُ بِالسَّبْقَةِ وَ الْمُسَارَعَةِ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ أَضَعْتِهِ وَ تَرَكْتِ رِعَایَةَ مَا أُلْقِی إِلَیْكِ مِنْهُ كَفَرْتِ بِرَبِّكِ وَ حَبِطَ أَجْرُكِ وَ بَرِئَتْ مِنْكِ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ وَ كُنْتِ مِنَ الْخَاسِرِینَ وَ لَنْ یَضُرَّ اللَّهَ ذَلِكِ وَ لَا رَسُولَهُ فَضَمِنَتْ لَهُ حِفْظَهُ وَ الْإِیمَانَ بِهِ وَ رِعَایَتَهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَخْبَرَنِی أَنَّ عُمُرِی قَدِ انْقَضَی وَ أَمَرَنِی أَنْ أَنْصِبَ عَلِیّاً لِلنَّاسِ عَلَماً وَ أَجْعَلَهُ فِیهِمْ إِمَاماً وَ أَسْتَخْلِفَهُ
ص: 96
كَمَا اسْتَخْلَفَ الْأَنْبِیَاءُ مِنْ قَبْلِی أَوْصِیَاءَهُمْ وَ إِنِّی صَائِرٌ إِلَی أَمْرِ رَبِّی وَ آخِذٌ فِیهِ بِأَمْرِهِ فَلْیَكُنِ الْأَمْرُ مِنْكِ تَحْتَ سُوَیْدَاءِ قَلْبِكِ إِلَی أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ بِالْقِیَامِ بِهِ فَضَمِنَتْ لَهُ ذَلِكَ وَ قَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ نَبِیَّهُ عَلَی مَا یَكُونُ مِنْهَا فِیهِ وَ مِنْ صَاحِبَتِهَا حَفْصَةَ وَ أَبَوَیْهِمَا فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ أَخْبَرَتْ حَفْصَةَ وَ أَخْبَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَبَاهَا فَاجْتَمَعَا وَ أَرْسَلَا إِلَی جَمَاعَةِ الطُّلَقَاءِ وَ الْمُنَافِقِینَ فَخَبَّرَاهُمْ بِالْأَمْرِ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً یُرِیدُ أَنْ یَجْعَلَ هَذَا الْأَمْرَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ كَسُنَّةِ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا لَكُمْ فِی الْحَیَاةِ مِنْ حَظٍّ إِنْ أَفْضَی هَذَا الْأَمْرُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ إِنَّ مُحَمَّداً عَامَلَكُمْ عَلَی ظَاهِرِكُمْ وَ إِنَّ عَلِیّاً یُعَامِلُكُمْ عَلَی مَا یَجِدُ فِی نَفْسِهِ مِنْكُمْ فَأَحْسِنُوا النَّظَرَ لِأَنْفُسِكُمْ فِی ذَلِكَ وَ قَدِّمُوا رَأْیَكُمْ فِیهِ وَ دَارَ الْكَلَامُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ أَعَادُوا الْخِطَابَ وَ أَجَالُوا الرَّأْیَ فَاتَّفَقُوا عَلَی أَنْ یَنْفِرُوا بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله نَاقَتَهُ عَلَی عَقَبَةِ هَرْشَی (1) وَ قَدْ كَانُوا عَمِلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ (2) فَصَرَفَ اللَّهُ الشَّرَّ عَنْ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْتَمَعُوا فِی أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْقَتْلِ وَ الِاغْتِیَالِ وَ إِسْقَاءِ السَّمِّ عَلَی غَیْرِ وَجْهٍ وَ قَدْ كَانَ اجْتَمَعَ أَعْدَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 97
مِنَ الطُّلَقَاءِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ الْمُنَافِقِینَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ كَانَ فِی قَلْبِهِ الِارْتِدَادُ مِنَ الْعَرَبِ فِی الْمَدِینَةِ وَ مَا حَوْلَهَا فَتَعَاقَدُوا وَ تَحَالَفُوا عَلَی أَنْ یَنْفِرُوا بِهِ نَاقَتَهُ وَ كَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَ كَانَ مِنْ عَزْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُقِیمَ عَلِیّاً علیه السلام وَ یَنْصِبَهُ لِلنَّاسِ بِالْمَدِینَةِ إِذَا قَدِمَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَیْنِ وَ لَیْلَتَیْنِ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِآخِرِ سُورَةِ الْحِجْرِ فَقَالَ اقْرَأْ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ عَمَّا كانُوا یَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ (1) قَالَ وَ رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَغَذَّ السَّیْرَ مُسْرِعاً عَلَی دُخُولِهِ الْمَدِینَةَ لِیَنْصِبَ عَلِیّاً علیه السلام عَلَماً لِلنَّاسِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الرَّابِعَةُ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ فِی آخِرِ اللَّیْلِ فَقَرَأَ عَلَیْهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ (2) وَ هُمُ الَّذِینَ هَمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرَانِی یَا جَبْرَئِیلُ أُغِذُّ السَّیْرَ مُجِدّاً فِیهِ لِأَدْخُلَ الْمَدِینَةَ فَأَفْرِضَ وَلَایَتَهُ عَلَی الشَّاهِدِ وَ الْغَائِبِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكَ أَنْ تَفْرِضَ وَلَایَتَهُ غَداً إِذَا نَزَلْتَ مَنْزِلَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ یَا جَبْرَئِیلُ غَداً أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالرَّحِیلِ مِنْ وَقْتِهِ وَ سَارَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّی نَزَلَ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ صَلَّی بِالنَّاسِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَجْتَمِعُوا إِلَیْهِ وَ دَعَا عَلِیّاً علیه السلام وَ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَ عَلِیٍّ الْیُسْرَی بِیَدِهِ الْیُمْنَی وَ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْوَلَاءِ لِعَلِیٍّ علیه السلام عَلَی النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ فَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا یَتَخَلَّفُوا عَلَیْهِ بَعْدَهُ وَ خَبَّرَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ لَهُمْ أَ لَسْتُ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یُبَایِعُوهُ فَبَایَعَهُ النَّاسُ
ص: 98
جَمِیعاً وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ قَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ تَقَدَّمَا إِلَی الْجُحْفَةِ فَبَعَثَ وَ رَدَّهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَهَجِّماً یَا ابْنَ أَبِی قُحَافَةَ وَ یَا عُمَرُ بَایِعَا عَلِیّاً بِالْوَلَایَةِ مِنْ بَعْدِی فَقَالا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ فَقَالَ وَ هَلْ یَكُونُ مِثْلُ هَذَا عَنْ غَیْرِ أَمْرِ اللَّهِ نَعَمْ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ فَقَالَ وَ بَایَعَا ثُمَّ انْصَرَفَا وَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَاقِیَ یَوْمِهِ وَ لَیْلَتِهِ حَتَّی إِذَا دَنَوْا مِنْ عَقَبَةِ هَرْشَی تَقَدَّمَهُ الْقَوْمُ فَتَوَارَوْا فِی ثَنِیَّةِ الْعَقَبَةِ وَ قَدْ حَمَلُوا مَعَهُمْ دِبَاباً وَ طَرَحُوا فِیهَا الْحَصَا فَقَالَ حُذَیْفَةُ فَدَعَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَعَا عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَسُوقَهَا وَ أَنَا أَقُودُهَا حَتَّی إِذَا صِرْنَا رَأْسَ الْعَقَبَةِ ثَارَ الْقَوْمُ مِنْ وَرَائِنَا وَ دَحْرَجُوا الدِّبَابَ بَیْنَ قَوَائِمِ النَّاقَةِ فَذُعِرَتْ وَ كَادَتْ أَنْ تَنْفِرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَاحَ بِهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِ اسْكُنِی وَ لَیْسَ عَلَیْكِ بَأْسٌ فَأَنْطَقَهَا اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْلٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ فَصِیحٍ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَزَلْتُ یَداً عَنْ مُسْتَقَرِّ یَدٍ وَ لَا رِجْلًا عَنْ مَوْضِعِ رِجْلٍ وَ أَنْتَ عَلَی ظَهْرِی فَتَقَدَّمَ الْقَوْمُ إِلَی النَّاقَةِ لِیَدْفَعُوهَا فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَ عَمَّارٌ نَضْرِبُ وُجُوهَهُمْ بِأَسْیَافِنَا وَ كَانَتْ لَیْلَةً مُظْلِمَةً فَزَالُوا عَنَّا وَ أَیِسُوا مِمَّا ظَنُّوا وَ قَدَّرُوا وَ دَبَّرُوا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِینَ یُرِیدُونَ مَا تَرَی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا حُذَیْفَةُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَقُلْتُ أَ لَا تَبْعَثُ إِلَیْهِمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَهْطاً فَیَأْتُوا بِرُءُوسِهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أُعْرِضَ عَنْهُمْ فَأَكْرَهُ أَنْ تَقُولَ النَّاسُ إِنَّهُ دَعَا أُنَاساً مِنْ قَوْمِهِ وَ أَصْحَابِهِ إِلَی دِینِهِ فَاسْتَجَابُوا فَقَاتَلَ بِهِمْ حَتَّی إِذَا ظَهْرَ عَلَی عَدُوِّهِ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَقَتَلَهُمْ وَ لَكِنْ دَعْهُمْ یَا حُذَیْفَةُ فَإِنَّ اللَّهَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ وَ سَیُمْهِلُهُمْ قَلِیلًا ثُمَّ یَضْطَرُّهُمْ إِلی عَذابٍ غَلِیظٍ فَقُلْتُ وَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الْمُنَافِقُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أَمْ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَمَّاهُمْ لِی رَجُلًا رَجُلًا حَتَّی فَرَغَ مِنْهُمْ وَ قَدْ كَانَ فِیهِمْ أُنَاسٌ أَنَا كَارِهٌ
ص: 99
أَنْ یَكُونُوا فِیهِمْ فَأَمْسَكْتُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا حُذَیْفَةُ كَأَنَّكَ شَاكٌّ فِی بَعْضِ مَنْ سَمَّیْتُ لَكَ ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَیْهِمْ فَرَفَعْتُ طَرْفِی إِلَی الْقَوْمِ وَ هُمْ وُقُوفٌ عَلَی الثَّنِیَّةِ فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَأَضَاءَتْ جَمِیعَ مَا حَوْلَنَا وَ ثَبَتَتِ الْبَرْقَةُ حَتَّی خِلْتُهَا شَمْساً طَالِعَةً فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَی الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا فَإِذَا هُمْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَدَدُ الْقَوْمِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا تِسْعَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ خَمْسَةٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ الْفَتَی سَمِّهِمْ لَنَا یَرْحَمُكَ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ حُذَیْفَةُ هُمْ وَ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ هَؤُلَاءِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ أَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُخَرُ فَأَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ (1) وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِیُّ وَ أَوْسُ بْنُ الْحَدَثَانِ الْبَصْرِیُ
ص: 100
وَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ حُذَیْفَةُ ثُمَّ انْحَدَرْنَا مِنَ الْعَقَبَةِ وَ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَوَضَّأَ وَ انْتَظَرَ أَصْحَابَهُ حَتَّی انْحَدَرُوا مِنَ الْعَقَبَةِ وَ اجْتَمَعُوا فَرَأَیْتُ الْقَوْمَ بِأَجْمَعِهِمْ وَ قَدْ دَخَلُوا مَعَ النَّاسِ وَ صَلَّوْا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ الْتَفَتَ فَنَظَرَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ یَتَنَاجَوْنَ فَأَمَرَ مُنَادِیاً فَنَادَی فِی النَّاسِ لَا تَجْتَمِعْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ النَّاسِ یَتَنَاجَوْنَ فِیمَا بَیْنَهُمْ بِسِرٍّ وَ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالنَّاسِ مِنْ مَنْزِلِ الْعَقَبَةِ فَلَمَّا نَزَلَ الْمَنْزِلَ الْآخَرَ رَأَی سَالِمٌ مَوْلَی حُذَیْفَةَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَبَا عُبَیْدَةَ یُسَارُّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَوَقَفَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ أَ لَیْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا تَجْتَمِعَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ النَّاسِ عَلَی سِرٍّ وَاحِدٍ وَ اللَّهِ لَتُخْبِرُونِّی فِیمَا أَنْتُمْ وَ إِلَّا أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أُخْبِرَهُ بِذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا سَالِمُ عَلَیْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ لَئِنْ خَبَّرْنَاكَ بِالَّذِی نَحْنُ فِیهِ وَ بِمَا اجْتَمَعْنَا لَهُ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَدْخُلَ مَعَنَا فِیهِ دَخَلْتَ وَ كُنْتَ رَجُلًا مِنَّا وَ إِنْ كَرِهْتَ ذَلِكَ كَتَمْتَهُ عَلَیْنَا فَقَالَ سَالِمٌ لَكُمْ ذَلِكَ وَ أَعْطَاهُمْ بِذَلِكَ عَهْدَهُ وَ مِیثَاقَهُ وَ كَانَ سَالِمٌ شَدِیدَ الْبُغْضِ وَ الْعَدَاوَةِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّا قَدِ اجْتَمَعْنَا عَلَی أَنْ نَتَحَالَفَ وَ نَتَعَاقَدَ عَلَی أَنْ لَا نُطِیعَ مُحَمَّداً فِیمَا فَرَضَ عَلَیْنَا مِنْ وَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ بَعْدَهُ فَقَالَ لَهُمْ سَالِمٌ عَلَیْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ إِنَّ فِی هَذَا الْأَمْرِ كُنْتُمْ تَخُوضُونَ وَ تَتَنَاجَوْنَ قَالُوا أَجَلْ عَلَیْنَا عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ إِنَّا إِنَّمَا كُنَّا فِی هَذَا الْأَمْرِ بِعَیْنِهِ لَا فِی شَیْ ءٍ سِوَاهُ قَالَ سَالِمٌ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ مَنْ یُعَاقِدُكُمْ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ وَ لَا یُخَالِفُكُمْ عَلَیْهِ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَی أَهْلِ بَیْتٍ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ لَا فِی بَنِی هَاشِمٍ أَبْغَضَ إِلَیَّ وَ لَا أَمْقَتَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَاصْنَعُوا فِی
ص: 101
هَذَا الْأَمْرِ مَا بَدَا لَكُمْ فَإِنِّی وَاحِدٌ مِنْكُمْ فَتَعَاقَدُوا مِنْ وَقْتِهِمْ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَسِیرَ أَتَوْهُ فَقَالَ لَهُمْ فِیمَا كُنْتُمْ تَتَنَاجَوْنَ فِی یَوْمِكُمْ هَذَا وَ قَدْ نَهَیْتُكُمْ عَنِ النَّجْوَی فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْتَقَیْنَا غَیْرَ وَقْتِنَا هَذَا فَنَظَرَ إِلَیْهِمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَلِیّاً قَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (1) ثُمَّ سَارَ حَتَّی دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ جَمِیعاً وَ كَتَبُوا صَحِیفَةً بَیْنَهُمْ عَلَی ذِكْرِ مَا تَعَاهَدُوا عَلَیْهِ فِی هَذَا الْأَمْرِ وَ كَانَ أَوَّلُ مَا فِی الصَّحِیفَةِ النَّكْثَ لِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ مَعَهُمْ لَیْسَ بِخَارِجٍ مِنْهُمْ وَ شَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ وَ عِشْرُونَ رَجُلًا آخَرَ وَ اسْتَوْدَعُوا الصَّحِیفَةَ أَبَا عُبَیْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَ جَعَلُوهُ أَمِینَهُمْ عَلَیْهَا قَالَ فَقَالَ الْفَتَی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ یَرْحَمُكَ اللَّهُ هَبْنَا نَقُولُ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ رَضُوا بِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ لِأَنَّهُمْ مِنْ مَشِیخَةِ قُرَیْشٍ فَمَا بِالُهُمْ رَضُوا بِسَالِمٍ وَ هُوَ لَیْسَ مِنْ قُرَیْشٍ وَ لَا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لَا مِنَ الْأَنْصَارِ وَ إِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ حُذَیْفَةُ یَا فَتَی إِنَّ الْقَوْمَ أَجْمَعَ تَعَاقَدُوا عَلَی إِزَالَةِ هَذَا الْأَمْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام حَسَداً مِنْهُمْ لَهُ وَ كَرَاهَةً لِأَمْرِهِ وَ اجْتَمَعَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَا كَانَ فِی قُلُوبِ قُرَیْشٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ كَانَ خَاصَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانُوا یَطْلُبُونَ الثَّأْرَ الَّذِی أَوْقَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِهِمْ مِنْ عَلِیٍّ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَإِنَّمَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَی إِزَالَةِ الْأَمْرِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَ كَانُوا یَرَوْنَ أَنَّ سَالِماً رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْفَتَی فَخَبِّرْنِی یَرْحَمُكَ اللَّهُ عَمَّا كَتَبَ جَمِیعُهُمْ فِی الصَّحِیفَةِ لِأَعْرِفَهُ فَقَالَ حُذَیْفَةُ حَدَّثَتْنِی بِذَلِكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّةُ امْرَأَةُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ الْقَوْمَ اجْتَمَعُوا فِی مَنْزِلِ أَبِی بَكْرٍ فَتَآمَرُوا فِی ذَلِكَ وَ أَسْمَاءُ تَسْمَعُهُمْ وَ تَسْمَعُ جَمِیعَ مَا یُدَبِّرُونَهُ فِی ذَلِكَ حَتَّی اجْتَمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی ذَلِكَ فَأَمَرُوا سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ الْأُمَوِیَ
ص: 102
فَكَتَبَ هُوَ الصَّحِیفَةَ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ وَ كَانَتْ نُسْخَةُ الصَّحِیفَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا اتَّفَقَ عَلَیْهِ الْمَلَأُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ الَّذِینَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّفَقُوا جَمِیعاً بَعْدَ أَنْ أَجْهَدُوا فِی رَأْیِهِمْ وَ تَشَاوَرُوا فِی أَمْرِهِمْ وَ كَتَبُوا هَذِهِ الصَّحِیفَةَ نَظَراً مِنْهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ عَلَی غَابِرِ الْأَیَّامِ وَ بَاقِی الدُّهُورِ لِیَقْتَدِیَ بِهِمْ مَنْ یَأْتِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَنِّهِ وَ كَرَمِهِ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولًا إِلَی النَّاسِ كَافَّةً بِدِینِهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ فَأَدَّی مِنْ ذَلِكَ وَ بَلَّغَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَ أَوْجَبَ عَلَیْنَا الْقِیَامَ بِجَمِیعِهِ حَتَّی إِذَا أَكْمَلَ الدِّینَ وَ فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَ أَحْكَمَ السُّنَنَ اخْتَارَ اللَّهُ لَهُ مَا عِنْدَهُ فَقَبَضَهُ إِلَیْهِ مُكْرَماً مَحْبُوراً مِنْ غَیْرِ أَنْ یَسْتَخْلِفَ أَحَداً مِنْ بَعْدِهِ وَ جَعَلَ الِاخْتِیَارَ إِلَی الْمُسْلِمِینَ یَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ وَثِقُوا بِرَأْیِهِ وَ نُصْحِهِ لَهُمْ وَ إِنَّ لِلْمُسْلِمِینَ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ یَرْجُوا اللَّهَ وَ الْیَوْمَ الْآخِرَ (1) وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَسْتَخْلِفْ أَحَداً لِئَلَّا یَجْرِیَ ذَلِكَ فِی أَهْلِ بَیْتٍ وَاحِدٍ فَیَكُونَ إِرْثاً دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِینَ وَ لِئَلَّا یَكُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ مِنْهُمْ وَ لِئَلَّا یَقُولَ الْمُسْتَخْلَفُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَاقٍ فِی عَقِبِهِ مِنْ وَالِدٍ إِلَی وَلَدٍ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ الَّذِی یَجِبُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ عِنْدَ مُضِیِّ خَلِیفَةٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَنْ یَجْتَمِعَ ذَوُو الرَّأْیِ وَ الصَّلَاحِ فَیَتَشَاوَرُوا فِی أُمُورِهِمْ فَمَنْ رَأَوْهُ مُسْتَحِقّاً لَهَا وَلَّوْهُ أُمُورَهُمْ وَ جَعَلُوهُ الْقَیِّمَ عَلَیْهِمْ فَإِنَّهُ لَا یَخْفَی عَلَی أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ مَنْ یَصْلُحُ مِنْهُمْ لِلْخِلَافَةِ فَإِنِ ادَّعَی مُدَّعٍ مِنَ النَّاسِ جَمِیعاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَخْلَفَ رَجُلًا بِعَیْنِهِ نَصَبَهُ لِلنَّاسِ وَ نَصَّ عَلَیْهِ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ فَقَدْ أَبْطَلَ فِی قَوْلِهِ وَ أَتَی بِخِلَافِ مَا یَعْرِفُهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَالَفَ عَلَی جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنِ ادَّعَی مُدَّعٍ أَنَّ خِلَافَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِرْثٌ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 103
یُورَثُ فَقَدْ أَحَالَ فِی قَوْلِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وَ إِنِ ادَّعَی مُدَّعٍ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْ بَیْنِ النَّاسِ وَ أَنَّهَا مَقْصُورَةٌ فِیهِ وَ لَا تَنْبَغِی لِغَیْرِهِ لِأَنَّهَا تَتْلُو النُّبُوَّةَ فَقَدْ كَذَبَ لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَصْحَابِی كَالنُّجُومِ بِأَیِّهِمُ اقْتَدَیْتُمُ اهْتَدَیْتُمْ وَ إِنِ ادَّعَی مُدَّعٍ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْخِلَافَةِ وَ الْإِمَامَةِ بِقُرْبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ هِیَ مَقْصُورَةٌ عَلَیْهِ وَ عَلَی عَقِبِهِ یَرِثُهَا الْوَلَدُ مِنْهُمْ عَنْ وَالِدِهِ ثُمَّ هِیَ كَذَلِكَ فِی كُلِّ عَصْرٍ وَ زَمَانٍ لَا تَصْلُحُ لِغَیْرِهِمْ وَ لَا یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ لِأَحَدٍ سِوَاهُمْ إِلَی أَنْ یَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْها فَلَیْسَ لَهُ وَ لَا لِوُلْدِهِ وَ إِنْ دَنَا مِنَ النَّبِیِّ نَسَبُهُ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ قَوْلُهُ الْقَاضِی عَلَی كُلِّ أَحَدٍ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ ذِمَّةَ الْمُسْلِمِینَ وَاحِدَةٌ یَسْعَی بِهَا أَدْنَاهُمْ وَ كُلُّهُمْ یَدٌ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ فَمَنْ آمَنَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ أَقَرَّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدِ اسْتَقَامَ وَ أَنَابَ وَ أَخَذَ بِالصَّوَابِ وَ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ فِعَالِهِمْ فَقَدْ خَالَفَ الْحَقَّ وَ الْكِتَابَ وَ فَارَقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّ فِی قَتْلِهِ صَلَاحاً لِلْأُمَّةِ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ جَاءَ إِلَی أُمَّتِی وَ هُمْ جَمِیعٌ فَفَرَّقَهُمْ فَاقْتُلُوهُ وَ اقْتُلُوا الْفَرْدَ كَائِناً مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ رَحْمَةٌ وَ الْفُرْقَةَ عَذَابٌ وَ لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِی عَلَی الضَّلَالِ أَبَداً وَ إِنَّ الْمُسْلِمِینَ یَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ وَ إِنَّهُ لَا یَخْرُجُ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِینَ إِلَّا مُفَارِقٌ وَ مُعَانِدٌ لَهُمْ وَ مُظَاهِرٌ عَلَیْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ دَمَهُ وَ أَحَلَّ قَتْلَهُ وَ كَتَبَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ بِاتِّفَاقٍ مِمَّنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ وَ شَهَادَتَهُ آخِرَ هَذِهِ الصَّحِیفَةِ فِی الْمُحَرَّمِ سَنَةَ عَشَرَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ دُفِعَتِ الصَّحِیفَةُ إِلَی أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَوَجَّهَ بِهَا إِلَی مَكَّةَ فَلَمْ تَزَلِ الصَّحِیفَةُ
ص: 104
فِی الْكَعْبَةِ مَدْفُونَةً إِلَی أَوَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا وَ هِیَ الصَّحِیفَةُ الَّتِی تَمَنَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا تُوُفِّیَ عُمَرُ فَوَقَفَ بِهِ وَ هُوَ مُسَجًّی بِثَوْبِهِ قَالَ مَا أَحَبَّ إِلَیَّ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ بِصَحِیفَةِ هَذَا الْمُسَجَّی (1) ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ جَلَسَ فِی مَجْلِسِهِ یَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَی حَتَّی طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَالْتَفَتَ إِلَی أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ لَهُ بَخْ بَخْ مَنْ مِثْلُكَ وَ قَدْ أَصْبَحْتَ أَمِینَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثُمَّ تَلَا فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ یَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَیْدِیهِمْ ثُمَّ یَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِیَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ وَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا یَكْسِبُونَ (2) لَقَدْ أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ رِجَالٌ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ یَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا یَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ یُبَیِّتُونَ ما لا یَرْضی مِنَ الْقَوْلِ وَ كانَ اللَّهُ بِما یَعْمَلُونَ مُحِیطاً (3)
ص: 105
ثُمَّ قَالَ لَقَدْ أَصْبَحَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ فِی یَوْمِی هَذَا قَوْمٌ ضَاهُوهُمْ فِی صَحِیفَتِهِمُ الَّتِی كَتَبُوهَا عَلَیْنَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ عَلَّقُوهَا فِی الْكَعْبَةِ (1) وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُمَتِّعُهُمْ لِیَبْتَلِیَهُمْ وَ یَبْتَلِیَ مَنْ یَأْتِی بَعْدَهُمْ تَفْرِقَةً بَیْنَ الْخَبِیثِ وَ الطَّیِّبِ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَنِی بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ لِلْأَمْرِ الَّذِی هُوَ بَالِغُهُ لَقَدَّمْتُهُمْ فَضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ قَالَ حُذَیْفَةُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَا هَؤُلَاءِ النَّفَرَ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَ قَدْ أَخَذَتْهُمُ الرِّعْدَةُ فَمَا یَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ نَفْسِهِ شَیْئاً وَ لَمْ یَخْفَ عَلَی أَحَدٍ مِمَّنْ حَضَرَ مَجْلِسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ الْیَوْمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاهُمْ عَنَی بِقَوْلِهِ وَ لَهُمْ ضَرَبَ تِلْكَ الْأَمْثَالَ بِمَا تَلَا مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ وَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ نَزَلَ مَنْزِلَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِهِ فَأَقَامَ بِهَا شَهْراً لَا یَنْزِلُ مَنْزِلًا سِوَاهُ مِنْ مَنَازِلِ أَزْوَاجِهِ كَمَا كَانَ یَفْعَلُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ فَشَكَتْ عَائِشَةُ وَ حَفْصَةُ ذَلِكَ إِلَی أَبَوَیْهِمَا فَقَالا لَهُمَا إِنَّا لَنَعْلَمُ لِمَ صَنَعَ ذَلِكَ وَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ امْضِیَا إِلَیْهِ فَلَاطِفَاهُ فِی الْكَلَامِ وَ خَادِعَاهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّكُمَا تَجِدَانِهِ حَیِیّاً
ص: 106
كَرِیماً فَلَعَلَّكُمَا تَسُلَّانِ مَا فِی قَلْبِهِ وَ تَسْتَخْرِجَانِ سَخِیمَتَهُ قَالَ فَمَضَتْ عَائِشَةُ وَحْدَهَا إِلَیْهِ فَأَصَابَتْهُ فِی مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ عِنْدَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهَا النَّبِیُّ مَا جَاءَ بِكِ یَا حُمَیْرَاءُ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكَرْتُ تَخَلُّفَكَ عَنْ مَنْزِلِكَ هَذِهِ الْمَرَّةَ وَ أَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولِینَ لَمَا أَظْهَرْتِ سِرّاً أَوْصَیْتُكِ بِكِتْمَانِهِ لَقَدْ هَلَكْتِ وَ أَهْلَكْتِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ قَالَ ثُمَّ أَمَرَ خَادِمَةً لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ اجْمَعِی هَؤُلَاءِ یَعْنِی نِسَاءَهُ فَجَمَعَتْهُنَّ فِی مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَهُنَّ اسْمَعْنَ مَا أَقُولُ لَكُنَّ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُنَّ هَذَا أَخِی وَ وَصِیِّی وَ وَارِثِی وَ الْقَائِمُ فِیكُنَّ وَ فِی الْأُمَّةِ مِنْ بَعْدِی فَأَطِعْنَهُ فِیمَا یَأْمُرُكُنَّ بِهِ وَ لَا تَعْصِینَهُ فَتَهْلُكْنَ بِمَعْصِیَتِهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ أُوصِیكَ بِهِنَّ فَأَمْسِكْهُنَّ مَا أَطْعَنَ اللَّهَ وَ أَطَعْنَكَ وَ أَنْفِقْ عَلَیْهِنَّ مِنْ مَالِكَ وَ مُرْهُنَّ بِأَمْرِكَ وَ انْهَهُنَّ عَمَّا یَرِیبُكَ وَ خَلِّ سَبِیلَهُنَّ إِنْ عَصَیْنَكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهُ إِنَّهُنَّ نِسَاءٌ وَ فِیهِنَّ الْوَهْنُ وَ ضَعْفُ الرَّأْیِ فَقَالَ ارْفُقْ بِهِنَّ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَمْثَلَ بِهِنَّ فَمَنْ عَصَاكَ مِنْهُنَّ فَطَلِّقْهَا طَلَاقاً یَبْرَأُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْهَا قَالَ وَ كُلُّ نِسَاءِ النَّبِیِّ قَدْ صَمَتْنَ فَلَمْ یَقُلْنَ شَیْئاً فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِتَأْمُرَنَا بِشَیْ ءٍ فَنُخَالِفَهُ بِمَا سِوَاهُ فَقَالَ لَهَا بَلَی یَا حُمَیْرَاءُ قَدْ خَالَفْتِ أَمْرِی أَشَدَّ خِلَافٍ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتُخَالِفِنَّ قَوْلِی هَذَا وَ لَتَعْصِنَّهُ بَعْدِی وَ لَتَخْرُجِنَّ مِنَ الْبَیْتِ الَّذِی أُخَلِّفُكِ فِیهِ مُتَبَرِّجَةً قَدْ حَفَّ بِكِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَتُخَالِفِینَهُ ظَالِمَةً لَهُ عَاصِیَةً لِرَبِّكِ وَ لَتَنْبِحَنَّكِ فِی طَرِیقِكِ كِلَابُ الْحَوْأَبِ أَلَا إِنَّ ذَلِكِ كَائِنٌ ثُمَّ قَالَ قُمْنَ فَانْصَرِفْنَ إِلَی مَنَازِلِكُنَّ قَالَ فَقُمْنَ فَانْصَرَفْنَ قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمَعَ أُولَئِكَ النَّفَرَ وَ مَنْ مَالَأَهُمْ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ طَابَقَهُمْ عَلَی عَدَاوَتِهِ وَ مَنْ كَانَ مِنَ الطُّلَقَاءِ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ كَانُوا زُهَاءَ أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَجَعَلَهُمْ تَحْتَ یَدَیْ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ مَوْلَاهُ وَ أَمَّرَهُ عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَی نَاحِیَةٍ مِنَ الشَّامِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدِمْنَا مِنْ سَفَرِنَا الَّذِی كُنَّا فِیهِ مَعَكَ
ص: 107
وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لَنَا فِی الْمَقَامِ لِنُصْلِحَ مِنْ شَأْنِنَا مَا یُصْلِحُنَا فِی سَفَرِنَا قَالَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَكُونُوا فِی الْمَدِینَةِ رَیْثَمَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ أَمَرَ أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ فَعَسْكَرَ بِهِمْ عَلَی أَمْیَالٍ مِنَ الْمَدِینَةِ فَأَقَامَ بِمَكَانِهِ الَّذِی حَدَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنْتَظِراً لِلْقَوْمِ أَنْ یُوَافُوهُ إِذَا فَرَغُوا مِنْ أُمُورِهِمْ وَ قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ وَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَخْلُوَ الْمَدِینَةُ مِنْهُمْ وَ لَا یَبْقَی بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ قَالَ فَهُمْ عَلَی ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَائِبٌ یَحُثُّهُمْ وَ یَأْمُرُهُمْ بِالْخُرُوجِ وَ التَّعْجِیلِ إِلَی الْوَجْهِ الَّذِی نَدَبَهُمْ إِلَیْهِ إِذْ مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَضَهُ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ تَبَاطَئُوا عَمَّا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْخُرُوجِ فَأَمَرَ قَیْسَ بْنَ عُبَادَةَ وَ كَانَ سباق (1) (سَیَّافَ) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ فِی جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ یَرْحَلُوا بِهِمْ إِلَی عَسْكَرِهِمْ فَأَخْرَجَهُمْ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ وَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَتَّی أَلْحَقَاهُمْ بِعَسْكَرِهِمْ وَ قَالا لِأُسَامَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ یُرَخِّصْ لَكَ فِی التَّخَلُّفِ فَسِرْ مِنْ وَقْتِكَ هَذَا لِیَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فَارْتَحَلَ بِهِمْ أُسَامَةُ وَ انْصَرَفَ قَیْسٌ وَ الْحُبَابُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْلَمَاهُ بِرِحْلَةِ الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ الْقَوْمَ غَیْرُ سَائِرِینَ قَالَ فَخَلَا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بِأُسَامَةَ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا إِلَی أَیْنَ نَنْطَلِقُ وَ نُخَلِّی الْمَدِینَةَ وَ نَحْنُ أَحْوَجُ مَا كُنَّا إِلَیْهَا وَ إِلَی الْمُقَامِ بِهَا فَقَالَ لَهُمْ وَ مَا ذَلِكَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَ وَ اللَّهِ لَئِنْ خَلَّیْنَا الْمَدِینَةَ لَتَحْدُثَنَّ بِهَا أُمُورٌ لَا یُمْكِنُ إِصْلَاحُهَا نَنْظُرُ مَا یَكُونُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ الْمَسِیرُ بَیْنَ أَیْدِینَا قَالَ فَرَجَعَ الْقَوْمُ إِلَی الْمُعَسْكَرِ الْأَوَّلِ وَ أَقَامُوا بِهِ وَ بَعَثُوا رَسُولًا یَتَعَرَّفُ لَهُمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَی الرَّسُولُ إِلَی عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ سِرّاً فَقَالَتْ امْضِ إِلَی أَبِی وَ عُمَرَ وَ مَنْ مَعَهُمَا وَ قُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ ثَقُلَ فَلَا یَبْرَحَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ وَ أَنَا أُعْلِمُكُمْ بِالْخَبَرِ وَقْتاً بَعْدَ وَقْتٍ وَ اشْتَدَّتْ عِلَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَعَتْ عَائِشَةُ صُهَیْباً فَقَالَتْ امْضِ إِلَی أَبِی
ص: 108
بَكْرٍ وَ أَعْلِمْهُ أَنَّ مُحَمَّداً فِی حَالٍ لَا یُرْجَی فَهَلُمَّ إِلَیْنَا أَنْتَ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ مَنْ رَأَیْتُمْ أَنْ یَدْخُلَ مَعَكُمْ وَ لْیَكُنْ دُخُولُكُمْ فِی اللَّیْلِ سِرّاً قَالَ فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ فَأَخَذُوا بِیَدِ صُهَیْبٍ فَأَدْخَلُوهُ إِلَی أُسَامَةَ فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ وَ قَالُوا لَهُ كَیْفَ یَنْبَغِی لَنَا أَنْ نَتَخَلَّفَ عَنْ مُشَاهَدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَأْذَنُوهُ فِی الدُّخُولِ فَأَذِنَ لَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا یَعْلَمَ بِدُخُولِهِمْ أَحَدٌ وَ إِنْ عُوفِیَ رَسُولُ اللَّهُ رَجَعْتُمْ إِلَی عَسْكَرِكُمْ وَ إِنْ حَدَثَ حَادِثُ الْمَوْتِ عَرِّفُونَا ذَلِكَ لِنَكُونَ فِی جَمَاعَةِ النَّاسِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ لَیْلًا الْمَدِینَةَ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ ثَقُلَ فَأَفَاقَ بَعْضَ الْإِفَاقَةِ فَقَالَ لَقَدْ طَرَقَ لَیْلَتَنَا هَذِهِ الْمَدِینَةَ شَرٌّ عَظِیمٌ فَقِیلَ لَهُ وَ مَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ الَّذِینَ كَانُوا فِی جَیْشِ أُسَامَةَ قَدْ رَجَعَ مِنْهُمْ نَفَرٌ یُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِی أَلَا إِنِّی إِلَی اللَّهِ مِنْهُمْ بَرِی ءٌ وَیْحَكُمْ نَفِّذُوا جَیْشَ أُسَامَةَ فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ ذَلِكَ حَتَّی قَالَهَا مَرَّاتٍ كَثِیرَةً قَالَ وَ كَانَ بِلَالٌ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ فِی كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَی الْخُرُوجِ تَحَامَلَ وَ خَرَجَ وَ صَلَّی بِالنَّاسِ وَ إِنْ هُوَ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی الْخُرُوجِ أَمَرَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَصَلَّی بِالنَّاسِ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ لَا یُزَایِلَانِهِ فِی مَرَضِهِ ذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ لَیْلَتِهِ تِلْكَ الَّتِی قَدِمَ فِیهَا الْقَوْمُ الَّذِینَ كَانُوا تَحْتَ یَدَیْ أُسَامَةَ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَتَاهُ یُخْبِرُهُ كَعَادَتِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ ثَقُلَ فَمُنِعَ مِنَ الدُّخُولِ إِلَیْهِ فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ صُهَیْباً أَنْ یَمْضِیَ إِلَی أَبِیهَا فَیُعْلِمَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ ثَقُلَ فِی مَرَضِهِ وَ لَیْسَ یُطِیقُ النُّهُوضَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَدْ شَغَلَ بِهِ وَ بِمُشَاهَدَتِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بِالنَّاسِ فَاخْرُجْ أَنْتَ إِلَی الْمَسْجِدِ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّهَا حَالَةٌ تَهْنِئُكَ وَ حُجَّةٌ لَكَ بَعْدَ الْیَوْمِ قَالَ فَلَمْ یَشْعُرِ النَّاسُ وَ هُمْ فِی الْمَسْجِدِ یَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ عَلِیّاً علیه السلام یُصَلِّی بِهِمْ كَعَادَتِهِ الَّتِی عَرَفُوهَا فِی مَرَضِهِ إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْمَسْجِدَ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ ثَقُلَ وَ قَدْ أَمَرَنِی أَنْ أُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّی لَكَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ فِی جَیْشِ أُسَامَةَ وَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَداً بَعَثَ إِلَیْكَ وَ لَا أَمَرَكَ بِالصَّلَاةِ
ص: 109
ثُمَّ نَادَی النَّاسَ بِلَالٌ فَقَالَ عَلَی رِسْلِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِأَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ذَلِكَ ثُمَّ أَسْرَعَ حَتَّی أَتَی الْبَابَ فَدَقَّهُ دَقّاً شَدِیداً فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا هَذَا الدَّقُّ الْعَنِیفُ فَانْظُرُوا مَا هُوَ قَالَ فَخَرَجَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَفَتَحَ الْبَابَ فَإِذَا بِلَالٌ فَقَالَ مَا وَرَاءَكَ یَا بِلَالُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ قَدْ تَقَدَّمَ حَتَّی وَقَفَ فِی مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ أَ وَ لَیْسَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ جَیْشِ أُسَامَةَ هَذَا هُوَ وَ اللَّهِ الشَّرُّ الْعَظِیمُ الَّذِی طَرَقَ الْبَارِحَةَ الْمَدِینَةَ لَقَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ وَ دَخَلَ الْفَضْلُ وَ أَدْخَلَ بِلَالًا مَعَهُ فَقَالَ مَا وَرَاءَكَ یَا بِلَالُ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ الْخَبَرَ فَقَالَ أَقِیمُونِی أَقِیمُونِی أَخْرِجُوا بِی إِلَی الْمَسْجِدِ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ قَدْ نَزَلَتْ بِالْإِسْلَامِ نَازِلَةٌ وَ فِتْنَةٌ عَظِیمَةٌ مِنَ الْفِتَنِ ثُمَّ خَرَجَ مَعْصُوبَ الرَّأْسَ یَتَهَادَی بَیْنَ عَلِیٍّ وَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ رِجْلَاهُ تُجَرَّانِ فِی الْأَرْضِ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ أَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ فِی مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَطَافَ بِهِ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ وَ صُهَیْبٌ وَ النَّفَرُ الَّذِینَ دَخَلُوا وَ أَكْثَرُ النَّاسِ قَدْ وَقَفُوا عَنِ الصَّلَاةِ یَنْتَظِرُونَ مَا یَأْتِی بِلَالٌ فَلَمَّا رَأَی النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ هُوَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الْعَظِیمَةِ مِنَ الْمَرَضِ أَعْظَمُوا ذَلِكَ وَ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَذَبَ أَبَا بَكْرٍ مِنْ وَرَائِهِ فَنَحَّاهُ عَنِ الْمِحْرَابِ وَ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ النَّفَرُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَتَوَارَوْا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقْبَلَ النَّاسُ فَصَلَّوْا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ جَالِسٌ وَ بِلَالٌ یُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِیرَ حَتَّی قَضَی صَلَاتَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَلَمْ یَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنِ ابْنِ أَبِی قُحَافَةَ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِینَ أَنْفَذْتُهُمْ وَ جَعَلْتُهُمْ تَحْتَ یَدَیْ أُسَامَةَ وَ أَمَرْتُهُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَی الْوَجْهِ الَّذِی وُجِّهُوا إِلَیْهِ فَخَالَفُوا ذَلِكَ وَ رَجَعُوا إِلَی الْمَدِینَةِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْكَسَهُمْ فِیهَا اعْرُجُوا بِی إِلَی الْمِنْبَرِ فَقَامَ وَ هُوَ مَرْبُوطٌ حَتَّی قَعَدَ عَلَی أَدْنَی مِرْقَاةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ
ص: 110
أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ جَاءَنِی مِنْ أَمْرِ رَبِّی مَا النَّاسُ إِلَیْهِ صَائِرُونَ وَ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَی الْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ لَیْلُهَا كَنَهَارِهَا فَلَا تَخْتَلِفُوا مِنْ بَعْدِی كَمَا اخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا أُحِلُّ لَكُمْ إِلَّا مَا أَحَلَّهُ الْقُرْآنُ وَ لَا أُحَرِّمُ عَلَیْكُمْ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ وَ إِنِّی مُخَلِّفٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا وَ لَنْ تَزِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی هُمَا الْخَلِیفَتَانِ فِیكُمْ وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَأُسَائِلُكُمْ بِمَا ذَا خَلَفْتُمُونِی فِیهِمَا وَ لَیُذَادَنَّ یَوْمَئِذٍ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِی كَمَا تُذَادُ الْغَرِیبَةُ مِنَ الْإِبِلَ فَتَقُولُ رِجَالٌ أَنَا فُلَانٌ وَ أَنَا فُلَانٌ فَأَقُولُ أَمَّا الْأَسْمَاءَ فَقَدْ عَرَفْتُ وَ لَكِنَّكُمُ ارْتَدَدْتُمْ مِنْ بَعْدِی فَسُحْقاً لَكُمْ سُحْقاً ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ عَادَ إِلَی حُجْرَتِهِ وَ لَمْ یَظْهَرْ أَبُو بَكْرٍ وَ لَا أَصْحَابُهُ حَتَّی قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ سَعْدٍ مِنَ السَّقِیفَةِ مَا كَانَ فَمَنَعُوا أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّهِمْ حُقُوقَهُمُ الَّتِی جَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ وَ أَمَّا كِتَابُ اللَّهِ فَمَزَّقُوهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ وَ فِیمَا أَخْبَرْتُكَ یَا أَخَا الْأَنْصَارِ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٍ لِمَنْ أَحَبَّ اللَّهُ هِدَایَتَهُ فَقَالَ الْفَتَی سَمِّ لِیَ الْقَوْمَ الْآخَرِینَ الَّذِینَ حَضَرُوا الصَّحِیفَةَ وَ شَهِدُوا فِیهَا فَقَالَ حُذَیْفَةُ أَبُو سُفْیَانَ وَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ وَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ عَیَّاشُ بْنُ أَبِی رَبِیعَةَ وَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَكِیمُ بْنُ حِزَامٍ وَ صُهَیْبُ بْنُ سِنَانٍ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ مُطِیعُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمَدَرِیُّ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ سَقَطَ عَنِّی إِحْصَاءُ عَدَدِهِمْ فَقَالَ الْفَتَی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا هَؤُلَاءِ فِی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قَدِ انْقَلَبَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ بِسَبَبِهِمْ فَقَالَ حُذَیْفَةُ إِنَّ هَؤُلَاءِ رُءُوسُ الْقَبَائِلِ وَ أَشْرَافُهَا وَ مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا وَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ خَلْقٌ عَظِیمٌ یَسْمَعُونَ لَهُ وَ یُطِیعُونَ وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمْ مِنْ حُبِّ أَبِی بَكْرٍ كَمَا أُشْرِبَ قُلُوبُ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ وَ السَّامِرِیِّ حَتَّی تَرَكُوا هَارُونَ وَ اسْتَضْعَفُوهُ
ص: 111
قَالَ الْفَتَی فَإِنِّی أُقْسِمُ بِاللَّهِ حَقّاً حَقّاً أَنِّی لَا أَزَالُ لَهُمْ مُبْغِضاً وَ إِلَی اللَّهِ مِنْهُمْ وَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ مُتَبَرِّئاً وَ لَا زِلْتُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُتَوَالِیاً وَ لِأَعَادِیهِ مُعَادِیاً وَ لَأَلْحَقَنَّ بِهِ وَ إِنِّی لَأُؤَمِّلُ أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ مَعَهُ وَشِیكاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی ثُمَّ وَدَّعَ حُذَیْفَةَ وَ قَالَ هَذَا وَجْهِی إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَخَرَجَ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ اسْتَقْبَلَهُ وَ قَدْ شَخَصَ مِنَ الْمَدِینَةِ یُرِیدُ الْعِرَاقَ فَسَارَ مَعَهُ إِلَی الْبَصْرَةِ فَلَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الْفَتَی أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا صَافَّ الْقَوْمُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی الْحَرْبِ أَحَبَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ یَسْتَظْهِرَ عَلَیْهِمْ بِدُعَائِهِمْ إِلَی الْقُرْآنِ وَ حُكْمِهِ فَدَعَا بِمُصْحَفٍ وَ قَالَ مَنْ یَأْخُذُ هَذَا الْمُصْحَفَ یَعْرِضُهُ عَلَیْهِمْ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی مَا فِیهِ فَیُحْیِیَ مَا أَحْیَاهُ وَ یُمِیتَ مَا أَمَاتَهُ قَالَ وَ قَدْ شَرَعَتِ الرِّمَاحُ بَیْنَ الْعَسْكَرَیْنِ حَتَّی لَوْ أَرَادَ امْرُؤٌ أَنْ یَمْشِیَ عَلَیْهَا لَمَشَی قَالَ فَقَامَ الْفَتَی فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا آخُذُهُ وَ أَعْرِضُهُ عَلَیْهِمْ وَ أَدْعُوهُمْ إِلَی مَا فِیهِ قَالَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ نَادَی الثَّانِیَةَ مَنْ یَأْخُذُ هَذَا الْمُصْحَفَ فَیَعْرِضَهُ عَلَیْهِمْ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی مَا فِیهِ فَلَمْ یَقُمْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَقَامَ الْفَتَی وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا آخُذُهُ وَ أَعْرِضُهُ عَلَیْهِمْ وَ أَدْعُوهُمْ إِلَی مَا فِیهِ قَالَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ نَادَی الثَّالِثَةَ فَلَمْ یَقُمْ إِلَیْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا الْفَتَی وَ قَالَ أَنَا آخُذُهُ وَ أَعْرِضُهُ عَلَیْهِمْ وَ أَدْعُوهُمْ إِلَی مَا فِیهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ لَمَقْتُولٌ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ أَنْ أُقْتَلَ فِی طَاعَتِكَ فَأَعْطَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمُصْحَفَ فَتَوَجَّهَ بِهِ نَحْوَ عَسْكَرِهِمْ فَنَظَرَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّ الْفَتَی مِمَّنْ حَشَا اللَّهُ قَلْبَهُ نُوراً وَ إِیمَاناً وَ هُوَ مَقْتُولٌ وَ لَقَدْ أَشْفَقْتُ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ وَ لَنْ یُفْلِحَ الْقَوْمُ بَعْدَ قَتَلِهِمْ إِیَّاهُ فَمَضَی الْفَتَی بِالْمُصْحَفِ حَتَّی وَقَفَ بِإِزَاءِ عَسْكَرِ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ حِینَئِذٍ عَنْ یَمِینِ الْهَوْدَجِ وَ شِمَالِهِ وَ كَانَ لَهُ صَوْتٌ فَنَادَی بِأَعْلَا صَوْتِهِ مَعَاشِرَ النَّاسِ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ الْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ فَأَنِیبُوا
ص: 112
إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ الْعَمَلِ بِكِتَابِهِ قَالَ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ یَسْمَعُونَ قَوْلَهُ فَأَمْسَكُوا فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ أَهْلُ عَسْكَرِهِمْ بَادَرُوا إِلَی الْفَتَی وَ الْمُصْحَفُ فِی یَمِینِهِ فَقَطَعُوا یَدَهُ الْیُمْنَی فَتَنَاوَلَ الْمُصْحَفَ بِیَدِهِ الْیُسْرَی وَ نَادَاهُمْ بِأَعْلَا صَوْتِهِ مِثْلَ نِدَائِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَبَادَرُوا إِلَیْهِ وَ قَطَعُوا یَدَهُ الْیُسْرَی فَتَنَاوَلَ الْمُصْحَفَ وَ احْتَضَنَهُ وَ دِمَاؤُهُ تَجْرِی عَلَیْهِ وَ نَادَاهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فَشَدُّوا عَلَیْهِ فَقَتَلُوهُ وَ وَقَعَ مَیِّتاً فَقَطَعُوهُ إِرْباً إِرْباً وَ لَقَدْ رَأَیْنَا شَحْمَ بَطْنِهِ أَصْفَرَ قَالَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَاقِفٌ یَرَاهُمْ فَأَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا كُنْتُ فِی شَكٍّ وَ لَا لَبْسٍ مِنْ ضَلَالَةِ الْقَوْمِ وَ بَاطِلِهِمْ وَ لَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ یَتَبَیَّنَ لَكُمْ جَمِیعاً ذَلِكَ مِنْ بَعْدِ قَتْلِهِمُ الرَّجُلَ الصَّالِحَ حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ الْعَبْدِیَّ فِی رِجَالٍ صَالِحِینَ مَعَهُ وَ تَضَاعُفُ ذُنُوبِهِمْ بِهَذَا الْفَتَی وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ الْحُكْمِ بِهِ وَ الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ فَثَارُوا إِلَیْهِ فَقَتَلُوهُ وَ لَا یَرْتَابُ بِقَتْلِهِمْ مُسْلِمٌ وَ وَقَدَتِ الْحَرْبُ وَ اشْتَدَّتْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام احْمِلُوا بِأَجْمَعِكُمْ عَلَیْهِمْ بِسْمِ اللَّهُ حم لَا یُنْصَرُونَ وَ حَمَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَ الْحَسَنَانِ وَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ فَغَاصَ فِی الْقَوْمِ بِنَفْسِهِ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ حَتَّی رَأَیْنَا الْقَوْمَ كُلَّهُ شَلَایَا یَمِیناً وَ شِمَالًا صَرْعَی تَحْتَ سَنَابِكِ الْخَیْلِ وَ رَجَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُؤَیَّداً مَنْصُوراً وَ فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ مَنَحَهُ أَكْتَافَهُمْ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ الْفَتَی وَ جَمِیعِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ فَلُفُّوا فِی ثِیَابِهِمْ بِدِمَائِهِمْ لَمْ تُنْزَعْ عَنْهُمْ ثِیَابُهُمْ وَ صَلَّی عَلَیْهِمْ وَ دَفَنَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا یُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا یَتَّبِعُوا لَهُمْ مُدْبِراً وَ أَمَرَ بِمَا حَوَی الْعَسْكَرُ فَجُمِعَ لَهُ فَقَسَمَهُ بَیْنَ أَصْحَابِهِ وَ أَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ أَنْ یُدْخِلَ أُخْتَهُ الْبَصْرَةَ فَیُقِیمَ بِهَا أَیَّاماً ثُمَّ یُرَحِّلَهَا إِلَی مَنْزِلِهَا بِالْمَدِینَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ كُنْتُ مِمَّنْ شَهِدَ حَرْبَ أَهْلِ الْجَمَلِ فَلَمَّا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا رَأَیْتُ أُمَّ ذَلِكَ الْفَتَی وَاقِفَةً عَلَیْهِ فَجَعَلَتْ تَبْكِی عَلَیْهِ وَ تُقَبِّلُهُ وَ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
ص: 113
یَا رَبِّ إِنَّ مُسْلِماً أَتَاهُمْ***یَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ لَا یَخْشَاهُمْ
یَأْمُرُهُمْ بِالْأَمْرِ مِنْ مَوْلَاهُمْ*** فَخَضَبُوا مِنْ دَمِهِ قَنَاهُمْ
وَ أُمُّهُمْ قَائِمَةٌ تَرَاهُمْ*** تَأْمُرُهُمْ بِالْغَیِّ لَا تَنْهَاهُمْ
(1).
توضیح:
قوله علیه السلام من حرف المدائن فی بعض النسخ بالحاء المهملة أی من كسب المدائن من قولهم حرف لعیاله أی كسب أو هو بمعنی الطرف و الذروة لكونه فی جانب من بلاد العراق أو من أعالی البلاد و فی بعضها بالجیم قال فی القاموس الجرف المال من الناطق و الصامت و الخصب و الكلاء الملتف و بالكسر و قد یضم المكان الذی لا یأخذه السیل و بالضم ما تجرفته السیول و أكلته من الأرض و لا یخفی مناسبة أكثرها للمقام و یقال كبت اللّٰه العدو أی صرفه و أذله قوله علیه السلام أحمد إلیكم اللّٰه و لعله ضمن معنی الإنهاء أی أحمد اللّٰه منهیا إلیكم نعمه قال فی النهایة فی كتابه صلی اللّٰه علیه و آله أما بعد فإنی أحمد إلیك اللّٰه أی أحمده معك فأقام إلی مقام مع و قیل معناه أحمد إلیك نعمة اللّٰه بتحدیثك إیاها انتهی و الإدحاض الإبطال و التهجیر و التهجر السیر فی الهاجرة و هی نصف النهار عند اشتداد الحر و الشملة كساء یشتمل به.
قوله: و ما كادوا أی ما كادوا یفعلون ذلك لعسره علیهم كما قال تعالی فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ و یحتمل أن یكون من الكید أی لم یسألوا شیئا كما سأل المنافقون بعد ذلك كیدا و مكرا و بطؤ ككرم ضد أسرع كأبطأ فالبطاء جمع الباطی و یقال مللته و منه أی سئمته و أملنی و أمل علی أبرمنی و كربه الغم
ص: 114
أحزنه و قال الجزری فیه ذكر العالیة و العوالی فی غیر موضع و هی أماكن بأعلا أراضی المدینة علی أربعة أمیال و أبعدها من جهة نجد ثمانیة.
قوله تعالی فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ أی علما حالیا متعلقا بالموجود و به یكون الثواب و العقاب.
قوله تعالی أَنْ یَسْبِقُونا أی یفوتونا فلا نقدر أن نجازیهم علی مساویهم و قال الجوهری حفظته الكتاب حملته علی حفظه و استحفظته سألته أن یحفظه قوله و أغذ بالمعجمتین أی أسرع قال القاموس و أغذ السیر و فیه أسرع و قال جهمه استقبله بوجه كریه كتجهمه و قال هرشی كسكری ثنیة قرب الجحفة و الحبرة النعمة الحسنة و الدولة بالضم ما تتداوله الأغنیاء و تدور بینهم و أبطل أتی بالباطل و تكلم به كأحال أی أتی بالمحال.
قوله یسعی بها أدناهم أی یجب علی المسلمین إمضاء أمان أدناهم لآحاد المشركین قوله و كلهم ید أی هم مجتمعون علی دفع أعدائهم لا یسع التخاذل بینهم بل یعاون بعضهم بعضا علی جمیع الأدیان و الملل كأنه جعل أیدیهم یدا واحدة و فعلهم فعلا واحدا.
قوله أحب أن ألقی اللّٰه أی أحب أن أخاصمه عند اللّٰه بسبب صحیفته التی كتبها و فی بعض النسخ ما أحب إلی أن ألقی اللّٰه بصیغة التعجب و المسجی بالتشدید علی بناء المفعول المغطی بثوب و الرعدة بالكسر و الفتح الاضطراب و فی النهایة و الرأب الجمع و الشد یقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشی ء إذا جمعه و شده برفق و الرسل بالكسر الهنیئة و التأنی یقال افعل كذا علی رسلك أی اتَّئد فیه و
قال فی الحدیث إنه خرج فی مرضه یتهادی بین رجلین.
أی یمشی بینهما معتمدا علیهما من ضعفه و تمایله من تهادت المرأة فی مشیتها إذا تمایلت و كل من فعل ذلك بأحد فهو یهادیه قوله و هو مربوط أی مشدود الرأس معصوب و التمزیق التخریق و المزق أیضا مصدر و الحضن بالكسر ما دون الإبط إلی
ص: 115
الكشح أو الصدر و العضدان و ما بینهما و حضن الشی ء و احتضنه جعله فی حضنه قوله فشدوا أی حملوا علیه و الإرب بالكسر العضو و اللبس بالضم الشبهة.
قوله و وقدت الحرب كوعد أی التهبت نار الحرب و قال الجزری فی حدیث الجهاد إذ أبیتم فقولوا حم لا ینصرون قیل معناه اللّٰهم لا ینصرون و یرید به الخبر لا الدعاء لأنه لو كان دعاء لقال لا ینصروا مجزوما فكأنه قال و اللّٰه لا ینصرون و قیل إن السور التی أولها حم سور لها شأن فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما یستظهر به علی استنزال النصر من اللّٰه و قوله لا ینصرون كلام مستأنف كأنه حین قال قولوا حم قیل ما ذا یكون إذا قلناها فقال لا ینصرون.
و فی القاموس الشلو بالكسر العضو و الجسد من كل شی ء كالشلا و كل مسلوخ أكل منه شی ء و بقیت منه بقیة و الجمع أشلاء و الشلیة الفدرة (1) و بقیة المال انتهی قوله و منحه أكتافهم لعله كنایة عن تسلطه علیه السلام كأنه ركب أكتافهم أو عن انهزامهم و تعاقب عسكره علیه السلام لهم كما مر فی حدیث بدر و إلا فاركبوا أكتافهم أی اتبعوهم أو عن الظفر علیهم مكتوفین قولها قناهم هی جمع القناة و هی الرمح.
«4»-قب، المناقب لابن شهرآشوب عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ (2) إِذَا عَایَنُوا عِنْدَ الْمَوْتِ مَا أُعِدَّ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ وَ هُمْ أَصْحَابُ الصَّحِیفَةِ الَّتِی كَتَبُوا عَلَی مُخَالَفَةِ عَلِیٍّ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ
وَ عَنْهُ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً (3) أَعْلَمَهُمْ
ص: 116
بِمَا فِی قُلُوبِهِمْ وَ هُمْ أَصْحَابُ الصَّحِیفَةِ (1).
«5»-مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مَعْنَی قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا نَظَرَ إِلَی الثَّانِی وَ هُوَ مُسَجًّی بِثَوْبِهِ مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیَّ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ بِصَحِیفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّی فَقَالَ عَنَی بِهَا صَحِیفَتَهُ الَّتِی كُتِبَتْ فِی الْكَعْبَةِ (2).
ص: 117
بیان: هذا مما عد الجمهور من مناقب عمر زعما منهم أنه علیه السلام أراد بالصحیفة كتاب أعماله و بملاقاة اللّٰه بها أن یكون أعماله مثل أعماله المكتوبة
ص: 118
فیه فبین علیه السلام أنه صلی اللّٰه علیه و آله أراد بالصحیفة العهد الذی كتبوا ردا علی اللّٰه و علی رسوله فی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام أن لا یمكنوه منها و بالملاقاة بها مخاصمة أصحابها عند اللّٰه تعالی فیها.
ص: 119
ص: 120
ص: 121
و
قال فی الصراط المستقیم و یعضده (1) ما أسنده سلیم إلی معاذ بن جبل أنه عند وفاته دعا علی نفسه بالویل و الثبور فقیل له لم ذاك قال لموالاتی عتیقا و عمر (رمع) علی أن أزوی خلافة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن علی علیه السلام و روی مثل ذلك عن ابن عمر أن أباه قاله عند وفاته و كذا أبوبكر (عتیق) و قال هذا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و معه علی بیده الصحیفة التی تعاهدنا علیها فی الكعبة و هو یقول و قد وفیت بها و تظاهرت علی ولی اللّٰه أنت و أصحابك فأبشر بالنار فی أسفل السافلین ثم لعن ابن صُهاك و قال هو الذی صدنی عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِی
قال العباس بن الحارث لما تعاقدوا علیها نزلت إِنَّ الَّذِینَ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ (2) و قد ذكرها أبو إسحاق فی كتابه و ابن حنبل فی مسنده و الحافظ فی حلیته و الزمخشری فی فائقه و نزل وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً (3) الآیتان.
و عن الصادق علیه السلام نزلت أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (4) الآیتان و لقد وبخهما النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما نزلت فأنكرا فنزلت یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ الآیة.
و رووا أن عمر (رمع) أودعها أبا عبیدة فقال له النبی صلی اللّٰه علیه و آله أصبحت أمین هذه الأمة
ص: 122
و روته العامة أیضا.
و قال عمر (رمع) عند موته لیتنی خرجت من الدنیا كفافا لا علی و لا لی (1) فقال ابنه تقول هذا فقال دعنی نحن أعلم بما صنعنا أنا و صاحبی و أبو عبیدة و معاذ.
و كان أُبَیٌّ یصیح فی المسجد ألا هلك أهل العقدة فیسأل عنهم فیقول ما ذكرناه ثم قال لئن عشت إلی الجمعة لأبینن للناس أمرهم فمات قبلها (2)
«6»- كا، الكافی بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا ثُمَّ یُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ (3) قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَ سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ حَیْثُ كَتَبُوا الْكِتَابَ بَیْنَهُمْ وَ تَعَاهَدُوا وَ تَوَافَقُوا لَئِنْ مَضَی مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَكُونُ الْخِلَافَةُ فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ لَا النُّبُوَّةُ أَبَداً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ هَذِهِ الْآیَةَ قَالَ قُلْتُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ یَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلی وَ رُسُلُنا لَدَیْهِمْ یَكْتُبُونَ (4) قَالَ وَ هَاتَانِ الْآیَتَانِ نَزَلَتَا فِیهِمْ ذَلِكَ الْیَوْمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَعَلَّكَ تَرَی أَنَّهُ كَانَ یَوْمٌ یُشْبِهُ یَوْمَ كُتِبَ الْكِتَابُ إِلَّا یَوْمَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هَكَذَا كَانَ فِی سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِی أَعْلَمَهُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ إِذَا كُتِبَ الْكِتَابُ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ خَرَجَ الْمُلْكُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ
ص: 123
فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ الْحَدِیثَ (1).
«7»-أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا ذَرٍّ مَرِضَ مَرَضاً عَلَی عَهْدِ عُمَرَ فِی إِمَارَتِهِ فَدَخَلَ عَلَیْهِ عُمَرُ یَعُودُهُ وَ عِنْدَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ قَدْ أَوْصَی أَبُو ذَرٍّ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَتَبَ وَ أَشْهَدَ فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ أَبِی ذَرٍّ مِنْ بَنِی عَمِّهِ بَنِی غِفَارٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُوصِیَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عُمَرَ قَالَ قَدْ أَوْصَیْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ ثَمَانُونَ رَجُلًا أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ وَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ فَسَلَّمْنَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فِینَا هَذَا الْقَائِمُ الَّذِی سَمَّیْتَهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ وَ لَا مِنَ الْمَوَالِی الْعَجَمِ رَاجَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا هَذَا وَ صُوَیْحَبُهُ الَّذِی اسْتَخْلَفَهُ فَإِنَّهُمَا قَالا أَ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِذَلِكَ فَآمُرُكُمْ بِهِ قَالَ سُلَیْمٌ فَقُلْتُ یَا أَبَا الْحَسَنِ وَ أَنْتَ یَا سَلْمَانُ وَ أَنْتَ یَا مِقْدَادُ تَقُولُونَ كَمَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ قَالُوا نَعَمْ صَدَقَ قُلْتُ أَرْبَعَةُ عُدُولٍ وَ لَوْ لَمْ یُحَدِّثْنِی غَیْرُ وَاحِدٍ مَا شَكَكْتُ فِی صِدْقِهِ وَ لَكِنَّ أَرْبَعَتَكُمْ أَشَدُّ لِنَفْسِی وَ بَصِیرَتِی قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَ تُسَمُّونَ الثَّمَانِینَ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْمَوَالِی فَسَمَّاهُمْ سَلْمَانُ رَجُلًا رَجُلًا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ صَدَقَ سَلْمَانُ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ مَغْفِرَتُهُ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ فَكَانَ مِمَّنْ سَمَّی أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ وَ الْخَمْسَةُ مِنَ الشُّورَی وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ الْخَمْسَةُ أَصْحَابُ الصَّحِیفَةِ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَ الْبَاقِی مِنْ صَحَابَةِ الْعَقَبَةِ وَ فِی رِوَایَةٍ وَ النُّقَبَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ وَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ جُلُّهُمْ وَ عُظْمُهُمْ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ عُظْمُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ فِیهِمْ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ أَبُو أَیُّوبَ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ سُلَیْمٌ فَأَظُنُّنِی قَدْ لَقِیتُ عِلْیَتَهُمْ فَسَأَلْتُهُمْ وَ خَلَوْتُ بِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا فَمِنْهُمْ مَنْ سَكَتَ عَنِّی فَلَمْ یُجِبْنِی
ص: 124
بِشَیْ ءٍ وَ كَتَمَنِی وَ مِنْهُمْ مَنْ حَدَّثَنِی ثُمَّ قَالَ أَصَابَتْنَا فِتْنَةٌ أَخَذَتْ بِقُلُوبِنَا وَ أَسْمَاعِنَا وَ أَبْصَارِنَا وَ ذَلِكَ لَمَّا ادَّعَی أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ أَكْرَمَنَا اللَّهُ وَ اخْتَارَ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ إِنَّ اللَّهَ أَبَی أَنْ یَجْمَعَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ النُّبُوَّةَ وَ الْخِلَافَةَ (1) فَاحْتَجَّ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ جِی ءَ بِهِ لِلْبَیْعَةِ
ص: 125
وَ صَدَّقَهُ وَ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ كَانُوا عِنْدَنَا خِیَاراً غَیْرَ مُتَّهَمِینَ مِنْهُمْ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ وَ عُمَرُ وَ مُعَاذٌ وَ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ قَدْ صَدَقُوا فَلَمَّا بَایَعَ عَلِیٌّ علیه السلام خَبَّرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا قَالَهُ وَ أَخْبَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةَ كَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً تَعَاهَدُوا عَلَیْهِ وَ تَعَاقَدُوا فِی ظِلِّ الْكَعْبَةِ إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَوْ قُتِلَ أَنْ یَتَظَاهَرُوا عَلَیَّ فَیَزْوُوا هَذَا الْأَمْرَ وَ اسْتَشْهَدَ أَرْبَعَةً سَلْمَانَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادَ وَ الزُّبَیْرَ وَ شَهِدُوا لَهُ بَعْدَ مَا وَجَبَتْ فِی أَعْنَاقِنَا لِأَبِی بَكْرٍ بَیْعَتُهُ الْمَلْعُونَةُ الضَّالَّةُ فَعَلِمْنَا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یَكُنْ لِیَرْوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَاطِلًا وَ شَهِدَ لَهُ الْأَخْیَارُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ فَقَالَ جُلُّ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِنَّا تَدَبَّرْنَا الْأَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَكَرْنَا قَوْلَ نَبِیِّ اللَّهِ علیه السلام وَ نَحْنُ نَسْمَعُ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ أَرْبَعَةً مِنْ
ص: 126
أَصْحَابِی وَ أَمَرَنِی بِحُبِّهِمْ وَ إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَیْهِمْ فَقُلْنَا مَنْ هُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنَّ عَلِیّاً مِنْهُمْ ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ عَلِیّاً مِنْهُمْ ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ عَلِیّاً مِنْهُمْ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ (1) وَ إِنَّا نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ نَتُوبُ إِلَیْهِ مِمَّا رَكِبْنَاهُ وَ مِمَّا أَتَیْنَاهُ قَدْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَوْلًا لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِیلَهُ وَ مَعْنَاهُ إِلَّا خَیْراً قَالَ لَیَرِدَنَّ عَلَیَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ مِمَّنْ صَحِبَنِی وَ مِنْ أَهْلِ الْمَكَانَةِ مِنِّی وَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدِی حَتَّی إِذَا وَقَفُوا عَلَی مَرَاتِبِهِمُ اخْتُلِسُوا دُونِی وَ فِی رِوَایَةٍ اخْتُلِجُوا دُونِی وَ أُخِذَ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ وَ إِنَّهُمْ لَمْ یَزَالُوا مُرْتَدِّینَ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ (2) وَ لَعَمْرُنَا لَوْ أَنَّا حِینَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلَّمْنَا الْأَمْرَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَطَعْنَاهُ وَ تَابَعْنَاهُ وَ بَایَعْنَاهُ لَرَشَدْنَا وَ اهْتَدَیْنَا وَ وُفِّقْنَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ قَضَی الِاخْتِلَافَ وَ الْفُرْقَةَ وَ الْبَلَاءَ (3) فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ مَا عَلِمَ اللَّهُ وَ قَضَی وَ قَدَّرَ سُلَیْمُ بْنُ قَیْسٍ قَالَ فَشَهِدْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ حِینَ سَیَّرَهُ عُثْمَانُ وَ أَوْصَی إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی أَهْلِهِ وَ مَالِهِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ لَوْ كُنْتَ أَوْصَیْتَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ فَقَالَ قَدْ أَوْصَیْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ سَلَّمْنَا عَلَیْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَا سَلِّمُوا عَلَی أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی بِإِمْرَةِ
ص: 127
الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ زِرُّ الْأَرْضِ الَّذِی تَسْكُنُ إِلَیْهِ وَ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُوهُ أَنْكَرْتُمُ الْأَرْضَ وَ أَهْلَهَا فَرَأَیْتُ عِجْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سَامِرِیَهَا رَاجَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالا حَقٌّ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أَمَرَنِی بِذَلِكَ فَلَمَّا سَلَّمَا عَلَیْهِ أَقْبَلَا عَلَی أَصْحَابِهِمَا سَالِمٍ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ حِینَ خَرَجَا مِنْ بَیْتِ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ بَعْدِ مَا سَلَّمَا عَلَیْهِ فَقَالا لَهُمْ مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ مَا زَالَ رَفَعَ خَسِیسَةَ ابْنِ عَمِّهِ وَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّهُ أَمَّرَ ابْنَ عَمِّهِ وَ قَالَ الْجَمِیعُ مَا لَنَا عِنْدَهُ خَیْرٌ مَا بَقِیَ عَلِیٌّ قَالَ فَقُلْتُ یَا أَبَا ذَرٍّ هَذَا التَّسْلِیمُ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ قَبْلَهَا قَالَ أَمَّا التَّسْلِیمَةُ الْأُولَی قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَ أَمَّا التَّسْلِیمَةُ الْأُخْرَی فَبَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قُلْتُ فَمُعَاقَدَةُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ مَتَی كَانَ قَالَ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ قُلْتُ أَخْبِرْنِی أَصْلَحَكَ اللَّهُ عَنِ الِاثْنَیْ عَشَرَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ الْمُتَلَثِّمِینَ الَّذِینَ أَرَادُوا أَنْ یَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّاقَةَ مَتَی كَانَ ذَلِكَ قَالَ بِغَدِیرِ خُمٍّ مَقْفَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ تَعْرِفُهُمْ قَالَ إِی وَ اللَّهِ كُلَّهُمْ قُلْتُ مِنْ أَیْنَ تَعْرِفُهُمْ وَ قَدْ أَسَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی حُذَیْفَةَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ كَانَ قَائِداً وَ حُذَیْفَةُ سَائِقاً فَأَمَرَ حُذَیْفَةَ بِالْكِتْمَانِ (1) وَ لَمْ یَأْمُرْ بِذَلِكَ عَمَّاراً قُلْتُ تُسَمِّیهِمْ لِی قَالَ خَمْسَةٌ أَصْحَابُ الصَّحِیفَةِ وَ الْخَمْسَةُ أَصْحَابُ الشُّورَی وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةُ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ كَیْفَ تَرَدَّدَ عَمَّارٌ وَ حُذَیْفَةُ فِی أَمْرِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ رَأَیَاهُمْ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَكَیْفَ نَزَلَ عَمَّارٌ وَ حُذَیْفَةُ فِی أَمْرِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا التَّوْبَةَ وَ النَّدَامَةَ بَعْدَ ذَلِكَ
ص: 128
وَ ادَّعَی عِجْلُهُمْ مَنْزِلَةً وَ شَهِدَ لَهُ سَامِرِیهِمْ وَ الثَّلَاثَةُ مَعَهُ بِأَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ فَقَالُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام هَذَا أَمْرٌ حَدَثَ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَشَكَّ مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّهُمَا تَابَا وَ عَرَفَا وَ سَلَّمَا قَالَ سُلَیْمُ بْنُ قَیْسٍ فَلَقِیتُ عَمَّاراً فِی خِلَافَةِ عُثْمَانَ بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُو ذَرٍّ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ صَدَقَ أَخِی إِنَّهُ لَأَبَرُّ وَ أَصْدَقُ مِنْ أَنْ یُحَدِّثَ عَنْ عَمَّارٍ بِمَا لَا یَسْمَعُ مِنْهُ فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ بِمَا تُصَدِّقُ أَبَا ذَرٍّ قَالَ أَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِی لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِی ذَرٍّ وَ لَا أَبَرَّ قُلْتُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ وَ لَا أَهْلِ بَیْتِكَ قَالَ إِنَّمَا أَعْنِی غَیْرَهُمْ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ لَقِیتُ حُذَیْفَةَ بِالْمَدَائِنِ رَحَلْتُ إِلَیْهِ مِنَ الْكُوفَةِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَبُو ذَرٍّ أَصْدَقُ وَ أَبَرُّ مِنْ أَنْ یُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِغَیْرِ مَا قَالَ (1).
بیان: قال فی النهایة
فی حدیث أبی ذر قال یصف علیا علیه السلام و إنه لعالم الأرض و زرها الذی تسكن إلیه.
أی قوامها و أصله من زر القلب و هو عظم صغیر یكون قوام القلب به و أخرج الهروی هذا الحدیث عن سلمان و قال یقال رفعت خسیسته و من خسیسته إذا فعلت به فعلا یكون فیه رفعته.
ص: 129
تبیین: و تتمیم (1)
اعلم أنه لما كان أمر الصلاة عمدة ما یصول به المخالفون فی خلافة أبی بكر و ظهر من تلك الأخبار أنه حجة علیهم لا لهم أردت أن أوضح ذلك بنقل أخبارهم و الإشارة إلی بطلان حججهم.
فمن جملة الأخبار التی رووه فی هذا ما أسندوه فی صحاحهم إلی عائشة.
ص: 130
ص: 131
ص: 132
ص: 133
ص: 134
«1»-رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِی مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِی مَقَامِكَ لَمْ یُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْیُصَلِّ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِی لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِی مَقَامِكَ لَمْ یُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ
ص: 135
یُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِیبَ مِنْكِ خَیْراً (1).
«2»-وَ رَوَی فِی الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَیْضاً عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فِی مَرَضِهِ وَ كَانَ یُصَلِّی بِهِمْ قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ یَؤُمُّ النَّاسَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ فَأَشَارَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِذَاءَ أَبِی بَكْرٍ إِلَی جَنْبِهِ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ یُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِی بَكْرٍ (2).
ص: 136
«3»-قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ یَزِیدَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَی الصَّلَاةِ وَ التَّعْظِیمَ لَهَا قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَضَهُ الَّذِی مَاتَ فِیهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِیفٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَأَعَادَهَا فَأَعَادُوا فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی فَوَجَدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ یُهَادِی بَیْنَ رَجُلَیْنِ كَأَنِّی أَنْظُرُ رِجْلَیْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ یَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ مَكَانَكَ ثُمَّ أَتَیَا بِهِ حَتَّی جَلَسَ إِلَی جَنْبِهِ فَقِیلَ لِلْأَعْمَشِ فَكَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِصَلَاتِهِ وَ النَّاسُ یُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ قَالَ الْبُخَارِیُّ وَ زَادَ أَبُو مُعَاوِیَةَ جَلَسَ عَنْ یَسَارِ أَبِی بَكْرٍ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ قَائِماً (1).
ص: 137
«4»-وَ فِی رِوَایَةٍ لِلْبُخَارِیِّ وَ فِیهِ جَاءَ بِلَالٌ یُؤْذِنُهُ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ قَالَتْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِیفٌ إِنَّهُ مَتَی یَقُومُ مَقَامَكَ لَا
ص: 138
یُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهَا لِحَفْصَةَ وَ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ وَ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ ثُمَّ ذَكَرَ إِلَی قَوْلِهِ حَتَّی جَلَسَ عَنْ یَسَارِ أَبِی بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی قَائِماً وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی قَاعِداً یَقْتَدِی أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ یَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِی بَكْرٍ (1) وَ فِی أُخْرَی نَحْوَهُ وَ فِیهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِیفٌ إِنْ یَقُمْ مَقَامَكَ یَبْكِ فَلَا یَقْدِرُ عَلَی الْقِرَاءَةِ وَ لَمْ یَذْكُرْ قَوْلَهَا لِحَفْصَةَ وَ فِی آخِرِهِ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَ قَعَدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جَنْبِهِ وَ أَبُو بَكْرٍ یُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِیرَ (2).
«5»-وَ فِی أُخْرَی لَهُمَا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ذَلِكَ وَ مَا حَمَلَنِی عَلَی كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ یَقَعْ فِی قَلْبِی أَنْ یُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَداً وَ إِنِّی كُنْتُ أَرَی أَنَّهُ لَنْ یَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ فَأَرَدْتُ أَنْ یَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَبِی بَكْرٍ (3).
«6»-وَ فِی أُخْرَی لَهُمَا قَالَتْ لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْتِی قَالَ مُرُوا
ص: 139
أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِیقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا یَمْلِكُ دَمْعَهُ فَلَوْ أَمَرْتَ غَیْرَ أَبِی بَكْرٍ قَالَتْ وَ اللَّهِ مَا بِی إِلَّا كَرَاهَةُ أَنْ یَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ یَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَقَالَ لِیُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ (1).
قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ فِی بَابِ فَضْلِ أَبِی بَكْرٍ بَعْدَ ذِكْرِ تِلْكَ الرِّوَایَاتِ هَذِهِ رِوَایَاتُ الْبُخَارِیِّ وَ مُسْلِمٍ وَ سَیَجِی ءُ لَهُمَا رِوَایَاتٌ فِی مَرَضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَوْتِهِ فِی كِتَابِ الْمَوْتِ مِنْ حَرْفِ الْمِیمِ قَالَ وَ أَخْرَجَ الْمُوَطَّأُ الرِّوَایَةَ الْأُولَی وَ أَخْرَجَ الرِّوَایَةَ الثَّانِیَةَ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا وَ أَخْرَجَ التِّرْمِذِیُّ الرِّوَایَةَ الْأُولَی وَ أَخْرَجَ النَّسَائِیُّ الْأَوْلَی وَ الثَّانِیَةَ.
«7»-وَ لَهُ فِی أُخْرَی قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ وَ قَالَتْ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ یَدَیْ أَبِی بَكْرٍ یُصَلِّی قَاعِداً وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ وَ النَّاسُ خَلْفَ أَبِی بَكْرٍ (2).
«8»-وَ فِی أُخْرَی لَهُ قَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّی لِلنَّاسِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الصَّفِّ (3).
«9»-وَ أَخْرَجَ أَیْضاً هَاتَیْنِ الرِّوَایَتَیْنِ حَدِیثاً وَاحِداً وَ قَالَ فِیهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِیفٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ یُسْمِعْ وَ قَالَ فِی آخِرِهِ فَقَامَ فَكَانَ عَنْ یَسَارِ أَبِی بَكْرٍ جَالِساً وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی بِالنَّاسِ جَالِساً وَ النَّاسُ یَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ
ص: 140
أَبِی بَكْرٍ (1).
هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ مِنْ رِوَایَاتِ عَائِشَةَ فِی بَابِ فَضْلِ أَبِی بَكْرٍ.
«10»-وَ رَوَی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ فِی بَابِ مَرَضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَوْتِهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا أَ لَا تُحَدِّثِینِی عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ بَلَی ثَقُلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَ صَلَّی النَّاسُ قُلْنَا لَا هُمْ یَنْتَظِرُونَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعُوا لِی مَاءً فِی الْمِخْضَبِ قَالَ فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِیَنُوءَ فَأُغْمِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَ صَلَّی النَّاسُ فَقُلْنَا لَا هُمْ یَنْتَظِرُونَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعُوا لِی مَاءً فِی الْمِخْضَبِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِیَنُوءَ فَأُغْمِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَ صَلَّی النَّاسُ فَقُلْنَا لَا وَ هُمْ یَنْتَظِرُونَكَ قَالَتْ وَ النَّاسُ عُكُوفٌ فِی الْمَسْجِدِ یَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَبِی بَكْرٍ أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ یَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ كَانَ رَجُلًا رَقِیقاً یَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَ عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ قَالَتْ فَصَلَّی بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَیَّامَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَجَدَ فِی نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَیْنَ رَجُلَیْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِیَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا یَتَأَخَّرَ فَقَالَ لَهُمَا أَجْلِسَانِی إِلَی جَنْبِهِ فَأَجْلَسَاهُ إِلَی جَنْبِ أَبِی بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی وَ هُوَ یَأْتَمُّ بِصَلَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ یُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِی بَكْرٍ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَاعِدٌ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ دَخَلْتُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أَ لَا أَعْرِضُ عَلَیْكَ مَا حَدَّثَتْنِی
ص: 141
عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ هَاتِ فَعَرَضْتُ حَدِیثَهَا عَلَیْهِ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَیْئاً غَیْرَ أَنَّهُ قَالَ أَ سَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِی كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ قُلْتُ لَا قَالَ هُوَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (1).
وَ هَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ رَوَاهُ فِی الْمِشْكَاةِ فِی الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ بَابِ مَا عَلَی الْمَأْمُومِ مِنَ الْمُتَابَعَةِ وَ عَدَّهُ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ (2).
«11»-وَ رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ، فِی فُرُوعِ الِاقْتِدَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَلْفَ أَبِی بَكْرٍ فِی مَرَضِهِ الَّذِی مَاتَ فِیهِ قَاعِداً.
قَالَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِیُّ (3).
«12»-قَالَ وَ قَالَ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْهَا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ فِی مَرَضِهِ وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ فَصَلَّی إِلَی جَنْبِ أَبِی بَكْرٍ النَّاسُ یَأْتَمُّونَ بِأَبِی بَكْرٍ وَ أَبُو بَكْرٍ یَأْتَمُّ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (4).
فَهَذِهِ رِوَایَاتٌ یَنْتَهِی سَنَدُهَا إِلَی عَائِشَةَ وَ مِنْ جُمْلَةِ مَا رُوِیَ فِی أَمْرِ الصَّلَاةِ مَا أَسْنَدُوهُ إِلَی أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
«13»-فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ فِی فُرُوعِ الِاقْتِدَاءِ عَنْهُ قَالَ: صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ خَلْفَ أَبِی بَكْرٍ قَاعِداً فِی ثَوْبٍ مُتَوَشِّحاً بِهِ.
قَالَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِیُّ وَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِیُّ وَ لَمْ یَذْكُرْ قَاعِداً وَ قَالَ فِی ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَ إِنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ
ص: 142
صَلَّاهَا(1).
«14»- وَ رَوَی عَنْ أَنَسٍ فِی بَابِ فَضْلِ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ یُصَلِّی بِهِمْ فِی وَجَعِ النَّبِیِّ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ حَتَّی إِذَا كَانَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ وَ هُمْ صُفُوفٌ فِی الصَّلَاةِ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِتْرَ الْحُجْرَةِ فَنَظَرَ إِلَیْنَا وَ هُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ ثُمَّ تَبَسَّمَ فَضَحِكَ فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْیَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی عَقِبِهِ لَیَصِلَ الصَّفَّ وَ ظَنَّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله خَارِجٌ إِلَی الصَّلَاةِ فَأَشَارَ إِلَیْنَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَ أَرْخَی السِّتْرَ فَتُوُفِّیَ مِنْ یَوْمِهِ (2).
«15»-قَالَ وَ فِی أُخْرَی لَمْ یَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثاً وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ فَأُقِیمَتِ الصَّلَاةُ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ یَتَقَدَّمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحِجَابِ فَرَفَعَهُ فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا نَظَرْنَا مَنْظَراً كَانَ أَعْجَبَ إِلَیْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ وَضَحَ لَنَا فَأَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ أَنْ یَتَقَدَّمَ وَ أَرْخَی الْحِجَابَ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَیْهِ حَتَّی مَاتَ (3).
ص: 143
«16»-قَالَ وَ فِی أُخْرَی بَیْنَا هُمْ فِی صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ وَ أَبُو بَكْرٍ یُصَلِّی بِهِمْ لَمْ یَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَیْهِمْ وَ هُمْ فِی صُفُوفٍ ثُمَّ تَبَسَّمَ یَضْحَكُ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی عَقِبَیْهِ لِیَصِلَ الصَّفَّ وَ ظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُ أَنْ یَخْرُجَ إِلَی الصَّلَاةِ قَالَ أَنَسٌ وَ هَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ یَفْتَتِنُوا فِی صَلَاتِهِمْ فَرَحاً بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَشَارَ إِلَیْهِمْ بِیَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَ أَرْخَی السِّتْرَ (1).
«17»-قَالَ وَ فِی أُخْرَی قَالَ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَشَفَ السِّتَارَةَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ الَّذِی قَبْلَهُ أَتَمُّ (2).
«18»-وَ أَخْرَجَ النَّسَائِیُّ هَذِهِ الْأَخِیرَةَ وَ هَذَا لَفْظُهُ قَالَ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَشَفَ السِّتَارَةَ وَ النَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِی بَكْرٍ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ یَرْتَدَّ فَأَشَارَ إِلَیْهِمْ أَنِ امْكُثُوا وَ أَلْقَی السَّجْفَ وَ تُوُفِّیَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْیَوْمِ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ (3).
هَذِهِ رِوَایَاتُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
«19»-وَ مِنْ جُمْلَةِ رِوَایَاتِهِمْ فِی أَمْرِ الصَّلَاةِ مَا رَوَاهُ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ فِی الْبَابِ
ص: 144
الْمَذْكُورِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اسْتَعَزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَجَعُهُ وَ أَنَا عِنْدَهُ فِی نَفَرٍ مِنَ النَّاسِ دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَی الصَّلَاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُرُوا أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ قَالَ فَخَرَجْنَا فَإِذَا عُمَرُ فِی النَّاسِ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِباً فَقُلْتُ یَا عُمَرُ فَقُمْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَتَقَدَّمَ وَ كَبَّرَ فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَوْتَهُ وَ كَانَ عُمَرُ رَجُلًا مِجْهَراً قَالَ فَأَیْنَ أَبُو بَكْرٍ یَأْبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ الْمُسْلِمُونَ (یَأْبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ الْمُسْلِمُونَ یَأْبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ الْمُسْلِمُونَ) فَبَعَثَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّی عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ (1).
«20»- وَ زَادَ فِی رِوَایَةٍ قَالَ: لَمَّا أَنْ سَمِعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَوْتَ عُمَرَ خَرَجَ النَّبِیُّ حَتَّی أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَا لَا لَا لِیُصَلِّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَبِی قُحَافَةَ یَقُولُ ذَلِكَ مُغْضَباً قَالَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (2).
«21»-وَ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا رَوَاهُ فِی الْبَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِی مُوسَی قَالَ: مَرِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِیقٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَعَاوَدَتْهُ فَقَالَ مُرُوهُ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَصَلَّی بِالنَّاسِ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
ص: 145
قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ (1).
«22»-وَ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا رَوَاهُ فِی الْبَابِ الْمَذْكُورِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَجَعُهُ قِیلَ لَهُ فِی الصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِیقٌ إِذَا قَرَأَ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ قَالَ مُرُوهُ فَلْیُصَلِّ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ.
قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِیُّ (2).
«23»-وَ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ قَالَ رَوَی الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ عَنْ قَیْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرِضَ لَیَالِیَ وَ أَیَّاماً یُنَادَی بِالصَّلَاةِ فنقول (فَیَقُولُ) مُرُوا أَبَا بَكْرٍ یُصَلِّی بِالنَّاسِ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَظَرْتُ فَإِذَا الصَّلَاةُ عَلَمُ الْإِسْلَامِ وَ قِوَامُ الدِّینِ فَرَضِینَا لِدُنْیَانَا مَنْ رَضِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِدِینِنَا فَبَایَعْنَا أَبَا بَكْرٍ (3).
فهذه ما وقفت علیه من أخبارهم فی هذا الباب بعد التصفح (4) و لنوضح بعض
ص: 146
ألفاظها قال فی النهایة رجل أسیف أی سریع البكاء و الحزن و قیل هو الرقیق و قال المخضب بالكسر شبه المركن و هی إجانة یغسل فیها الثیاب و قال ناء ینوء
ص: 147
نوءا نهض قوله أن نفتتن أی نقطع الصلاة مفتونین برؤیته و السجف بالفتح و الكسر الستر و فی النهایة فی حدیث مرض النبی فاستعز برسول اللّٰه أی اشتد به
ص: 148
المرض و أشرف علی الموت یقال عز یعز بالفتح إذا اشتد به المرض و غیره و استعز علیه إذا اشتد علیه و غلبه ثم یبنی الفعل للمفعول به الذی هو الجار و المجرور و قال فی حدیث عمر إنه كان مجهرا أی صاحب جهر و رفع لصوته یقال جهر بالقول إذا رفع به صوته فهو جهر و أجهر فهو مجهر إذا عرف بشدة الصوت و قال الجوهری رجل مجهر بكسر المیم إذا كان من عادته أن یجهر بكلامه أقول فإذ قد تبینت لك تلك الأخبار فلنشرع فی الكلام علیها و إبطال التمسك بها فنقول.
أما الجواب عنها علی وجه الإجمال فهو أنها أخبار آحاد لم تبلغ حد التواتر و قد وردت من جانب الخصوم و تعارضها روایاتنا الواردة عن أهل البیت علیهم السلام و قد تقدم بعضها فلا تعویل علیها.
و أما علی التفصیل فإن أكثر الروایات المذكورة تنتهی إلی عائشة و هی امرأة لم تثبت لها العصمة بالاتفاق و توثیقها محل الخلاف بیننا و بین المخالفین و سیأتی فی أخبارنا من ذمها و القدح فیها و أنها كانت ممن یكذب علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما فیه كفایة للمستبصر و مع ذلك یقدح فی روایاتها تلك بخصوصها أن فیها التهمة من وجهین.
أحدهما بغضها لأمیر المؤمنین علیه السلام كما ستطلع علیه من الأخبار الواردة فی ذلك من طرق أصحابنا و المخالفین.
و ذكر السید الأجل رضی اللّٰه عنه فی الشافی أن محمد بن إسحاق روی أن
ص: 149
عائشة لما وصلت إلی المدینة راجعة من البصرة لم تزل تحرض الناس علی أمیر المؤمنین علیه السلام و كتبت إلی معاویة و أهل الشام مع الأسود بن أبی البختری تحرضهم علیه (1).
قال و روی عن مسروق أنه قال دخلت علی عائشة فجلست إلیها فحدثتنی و استدعت غلاما لها أسود یقال له عبد الرحمن فجاء حتی وقف فقالت یا مسروق أ تدری لم سمیته عبد الرحمن فقلت لا قالت حبا منی لعبد الرحمن بن ملجم (2).
و فی روایة عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه التی ذكرناها فی هذا المقام دلالة واضحة لأولی البصائر علی بغضها حیث سمت أحد الرجلین اللذین خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله معتمدا علیهما و تركت تسمیة الآخر و لیس ذلك إلا إخفاء لقربه هذا من الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و فضله و قد أشعر سؤال ابن عباس بذلك فلا تغفل. (3) و بالجملة بغضها لأمیر المؤمنین علیه السلام أولا و آخرا (4) هو أشهر من كفر إبلیس فلا یؤمن علیها التدلیس و كفی حجة قاطعة علیه قتالها و خروجها علیه
ص: 150
كما أنه كاف فی الدلالة علی كفرها و نفاقها المانعین من قبول روایتها مطلقا و سیأتی فی أبواب فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام من الأخبار العامیة و غیرها الدالة علی كفر مبغضه علیه السلام (1) ما فیه كفایة و لو قبلنا من المخالفین دعواهم الباطل فی توبتها و رجوعها (2) فمن أین لهم إثبات ورود تلك الأخبار بعدها فبطل التمسك بها.
ص: 151
و ثانیهما جر النفع فی الروایات المذكورة للفخر بخلافة أبیها إذ أمر الصلاة كما ستطلع علیه إن شاء اللّٰه تعالی كان عمدة أسباب انعقاد الخلافة لأبیها كما رووه فی أخبارهم و أیضا فی أسانید تلك الروایات جماعة من النواصب المبغضین المنحرفین عن أمیر المؤمنین علیه السلام و فی بعضها مكحول و
قد روی فی كتاب الإختصاص عن سعید بن عبد العزیز قال كان الغالب علی مكحول عداوة علی بن أبی طالب صلوات اللّٰه علیه و كان إذا ذكر علیا علیه السلام لا یسمیه و یقول أبو زینب (1).
ص: 152
و بعد التنزل عن هذا المقام نقول روایاتها تشتمل علی أنواع من الاختلاف فكثیر منها تدل علی أنه لما جاء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله جلس إلی جنب أبی بكر و بعضها یدل علی أنه كان بین یدی أبی بكر یصلی قاعدا و أبو بكر یصلی بالناس و الناس خلف أبی بكر و بعضها یدل علی أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان فی الصف و لعل عائشة فی بعض المواطن استحیت فی حضور طائفة من العارفین بصورة الواقعة فقربت كلامها إلی ما رواه أصحابنا من أنه صلی اللّٰه علیه و آله تقدمه فی الصلاة و عزله عن الإمامة و فی الجهلة البالغین غایته قالت كان فی صف هذا هو الصحیح فی وجه الجمع بین تلك الأخبار.
و من جملة وجوه اختلافها أن كثیرا منها یدل علی أن الناس كانوا یصلون بصلاة أبی بكر و فی بعض تصریح بأنهم كانوا یأتمون بأبی بكر و فی بعضها أنه یسمعهم التكبیر و تفطن لذلك شارح المواقف ففسر بعد ما ذكر روایة البخاری عن عروة عن أبیه (1) عن عائشة المشتملة علی أن الناس كانوا یصلون بصلاة أبی بكر قال أی بتكبیره و الصحیح فی وجه الجمع هو ما ذكرنا.
و من جملتها أن فی بعض الأخبار أن أبا بكر أراد أن یتأخر فأشار إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن لا یتأخر و یبعد من دیانة أبی بكر أن یخالف أمره و فی بعضها تصریح بأنه تأخر و قعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی جنبه.
ص: 153
و من جملتها أن أكثرها صریحة فی اقتداء أبی بكر بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله و فی روایة الترمذی التی ذكرها فی جامع الأصول فی فروع الاقتداء تصریح بأنه صلی اللّٰه علیه و آله فی مرضه الذی مات فیه صلی قاعدا خلف أبی بكر و هذا غیر ما ذكرنا من اختلافها فی جلوسه صلی اللّٰه علیه و آله و فی اقتداء الناس به فلا تغفل.
و من جملتها أن بعضها یدل علی أن قول الرسول صلی اللّٰه علیه و آله إنكن صواحب یوسف كان لمعاودتها القول بأن أبا بكر رجل أسیف لا یقدر علی القراءة و لا یملك نفسه من البكاء و فی بعضها أن ذلك كان لبعث حفصة إلی عمر أن یصلی بالناس و أنها قالت لعائشة ما كنت لأصیب منك خیرا و لیت شعری إذا كان أبو بكر لا یملك نفسه من البكاء و لا یستطیع القراءة لقیامه مقام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی حیاته و لا ریب أن حزنه و بكاءه كان لاحتمال أن یكون ذلك مرض موته علیه السلام فكیف ملك نفسه فی السعی إلی السقیفة لعقدة البیعة و لم یمنعه الحزن و الأسف عن الحیل و التدابیر فی جلب الخلافة إلی نفسه و عن القیام مقامه صلی اللّٰه علیه و آله فی الرئاسة العامة مع أن جسده الطاهر المطهر كان بین أظهرهم لم ینقل إلی مضجعه.
فهذه وجوه التخالف فی أخبار عائشة مع قطع النظر عن مخالفتها لما رواه غیرها.
و أما روایات أنس فأول ما فیها أن أنسا من الثلاثة الكذابین كما سبق (1) فی كتاب أحوال النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سیأتی و هو الذی دعا علیه أمیر المؤمنین علیه السلام لما أنكر حدیث الغدیر فابتلاه اللّٰه بالبرص (2) و بعد قطع النظر عن حاله و حال من روی عنه.
ص: 154
فمن روایاته ما صرحت بأن رسول اللّٰه لم یخرج إلی الصلاة فی مرض موته لأنه قال لم یخرج رسول اللّٰه ثلاثا و أبو بكر یصلی بالناس و أقیمت الصلاة فذهب أبو بكر یتقدم فرفع رسول اللّٰه الحجاب فأومأ إلی أبی بكر أن یتقدم و أرخی الحجاب فلم نقدر علیه حتی مات و سوق الكلام فی بعض روایاته الأخر أیضا یدل علی ذلك و هی مخالفة لروایات عائشة و هو ظاهر و لروایته المذكورة أولا الدالة علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلف أبی بكر فی مرضه و أنها كانت آخِر صلاة صلاها و لعل السر فی وضع أنس تلك الأخبار الدالة علی أنه علیه السلام لم یخرج إلی الصلاة أنه أراد إبطال ما كانت الشیعة یتمسكون به من أنه صلی اللّٰه علیه و آله لما سمع صوته خرج إلی الصلاة و أخره عن المحراب فتفطن.
و من وجوه تخالفها أنه قوله فذهب أبو بكر یتقدم و قوله فأومأ بیده إلی أبی بكر أن یتقدم صریح فی أن رفع الحجاب و الإیماء كان قبل الصلاة و قبل أن یتقدم أبو بكر و قوله فی الروایة الأخری بینما هم فی صلاة الفجر و أبو بكر یصلی بهم و قوله فی الروایة الأخری و هَمَّ المسلمون أن یفتتنوا فی صلاتهم و قوله أن أتموا صلاتكم یدل علی أنه كان بعد اشتغالهم بالصلاة و التأویلات البعیدة ظاهرة البطلان.
و أما روایة عبد اللّٰه بن زمعة فكونه من رجال أهل الخلاف واضح و ذكره ابن الأثیر (1) و غیره فی كتبهم و لم یذكروا له توثیقا و لا مدحا قالوا عبد اللّٰه بن
ص: 155
زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزی بن قصی القرشی الأسدی عداده فی المدنیین روی عنه عروة بن الزبیر و أبو بكر بن عبد الرحمن و روایته تخالف روایة عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه لدلالتها علی أنه لما قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مروا أبا بكر یصلی بالناس و جاء الرسول كان أبو بكر غائبا فقام عمر فصلی بالناس تلك الصلاة و لما سمع الرسول صلی اللّٰه علیه و آله صوت عمر قال یأبی اللّٰه ذلك و المسلمون و كرر ذلك القول و بعث إلی أبی بكر فجاء بعد ما صلی عمر و دلالة روایة عبید اللّٰه علی أنه لما أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أبا بكر بالصلاة فجاء الرسول خاطب أبا بكر فقال أبو بكر یا عمر صل بالناس فقال عمر أنت أحق بذلك فدلت علی أن أبا بكر كان حاضرا حینئذ.
و من القرائن علی وضع هذه الروایة هذا التكریر المذكور و تكریر لفظة لا ثلاثا و لقد تنبه لذلك صاحب الإستیعاب فحذف هذه التكریرات لئلا یظن الكذب بهذا الراوی تعصبا و ترویجا للباطل بقدر الإمكان و الروایة علی ما ذكره فی الإستیعاب فی ترجمة أبی بكر توافق ما رواه أصحابنا من أنه لم یأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أبا بكر علی الخصوص بالصلاة بل قال مروا من یصلی بالناس و أنا أذكرها بلفظها لیتضح هذا المعنی.
قَالَ رَوَی الزُّهْرِیُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَلِیلٌ فَدَعَاهُ بِلَالٌ إِلَی الصَّلَاةِ فَقَالَ لَنَا مُرُوا مَنْ یُصَلِّی بِالنَّاسِ قَالَ فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِی النَّاسِ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِباً فَقُلْتُ قُمْ یَا عُمَرُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَامَ عُمَرُ فَلَمَّا كَبَّرَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَوْتَهُ وَ كَانَ مِجْهَراً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَیْنَ أَبُو بَكْرٍ یَأْبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ الْمُسْلِمُونَ فَبَعَثَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّی عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ طُولَ عِلَّتِهِ حَتَّی مَاتَ صلی اللّٰه علیه و آله (1).
ص: 156
ثم إن هاهنا نكتة لا ینبغی الغفلة عنها و هی أنه إذا كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أمر أولا علی وجه العموم الشامل لكل بر و فاجر أن یصلی بالناس أحد ثم سمع صوت عمر و قال یأبی اللّٰه ذلك و المسلمون مرة واحدة علی ما فی هذه الروایة أو كرر هذا القول أو قال لا لا لا ثلاثا و قال لیصل بالناس ابن أبی قحافة مغضبا و قد كان رضی بصلاة عبد الرحمن بن عوف بالناس بل صلی بنفسه خلفه علی ما أطبقت علیه روایاتهم (1) و كان إمامة الصلاة دلیلا علی استحقاق الخلافة كما سیجی ء فی روایاتهم إن شاء اللّٰه تعالی من أنه باحتجاج عمر بأمر الصلاة تمت بیعة أبی بكر لكان ذلك دلیلا علی عدم استحقاق عمر للخلافة.
و لو تنزلنا عن ذلك فهل یبقی لأحد ریب بعد ذلك فی أن عبد الرحمن بن عوف الذی صلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خلفه و لو ركعة واحدة كما ذكره بعضهم كان أولی بالخلافة من عمر بن الخطاب فیكف نص أبو بكر علی عمر فی الخلافة و ترك عبد الرحمن بن عوف.
و كیف كان یقول لطلحة لما خوفه من سؤال اللّٰه یوم القیامة أ باللّٰه تخوفنی إذا لقیت ربی فساءلنی قلت استخلفت علیهم خیر أهلك فقال طلحة أ عمر خیر الناس یا خلیفة رسول اللّٰه فاشتد غضبه و قال إی و اللّٰه هو خیرهم و أنت شرهم.
و كیف قال لعثمان لو تركت عمر لما عدوتك یا عثمان و قد كان عبد الرحمن بن عوف حاضرا عنده و هو ممن شاوره أبو بكر فی تعیین الخلیفة فعاب عمر بالغلظة ثم لما حكم أبو بكر صریحا بأن طلحة شر الناس و جعل عثمان خیر الناس و أولی بالخلافة بعد عمر كیف جعل عمر طلحة و عثمان عدلین فی الخلافة و الشوری و هل كان ما فعلوه إلا خبطا فی خبط و لا ینفع ابتناء الكلام علی جواز تفضیل
ص: 157
المفضول إذ كلام أبی بكر صریح فی أن خروجه عن عهدة السؤال یوم القیامة یكون باستخلافه الأفضل. (1) فظهر أنه لا یخلو الحال عن أحد الأمرین إما أن لا یدل التقدیم فی الصلاة علی فضل فانهدم أساس خلافتهم أو كان تصریحا أو تلویحا یجری مجری التصریح باستحقاق الخلافة كما صرح به صاحب الإستیعاب فكان أبو بكر یری رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله باطلا و لذا لم یعد عبد الرحمن فی أمر الخلافة شیئا و كان یجوز مخالفة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فی اجتهاده كما زعموه و مع ذلك كان یثب علی عمر بن الخطاب و یجر لحیته لما أشار بعزل أسامة للمصلحة كما سیجی ء إن شاء اللّٰه تعالی و كان یقول له ثكلتك أمك یا ابن الخطاب لو اختطفتنی الطیر كان أحب إلی من أن أرد قضاء قضی به رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (2) فانظر بعین البصیرة حتی یتضح لك أن القوم لم یسلكوا فی غیهم مسلكا واحدا بل تاهوا فی حیرتهم شمالا و یمینا و خسروا خسرانا مبینا.
و أما أبو موسی و ابن عمر فحالهما فی عداوة أمیر المؤمنین علیه السلام ظاهر لا یحتاج إلی البیان و الظاهر أن روایتهما علی وجه الإرسال عن عائشة و علی تقدیر ادعائهما الحضور لا ینتهض قولهما حجة لكونهما من أهل الخلاف و من المجروحین.
و أما روایة صاحب الإستیعاب عن الحسن البصری ففیها أن الحسن ممن ورد فی ذمه من طرق العامة و الخاصة كقول أمیر المؤمنین علیه السلام فیه هذا سامری هذه الأمة و كدعائه علیه لا زلت مسوءا لما طعن علی أمیر المؤمنین بإراقة دماء المسلمین و غیر ذلك مما سیأتی فی أبواب أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام و قد عده ابن أبی
ص: 158
الحدید (1) من المنحرفین عن علی علیه السلام و حكی أبو المعالی الجوینی علی ما ذكره بعض الأصحاب عن الشافعی أنه قال بعد ذكر الحسن و فیه كلام.
و بعد التنزل عن كونه خصما مجروحا و تسلیم أن الطریق إلیه حسن نقول إذا كان ذلك من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فلما ذا ترك بیعة أبی بكر ستة أشهر أو أقل حتی یقاد بأعنف العنف و یهدد بالقتل بعد ظهور أماراته و كیف كان یتظلم و یبث الشكوی منهم فی كل مشهد و مقام كما سیأتی فی باب الشكوی و إسناد الكذب إلی الحسن أحسن من إسناد التناقض إلی كلامه علیه السلام و غرضه من الوضع علی لسانه علیه السلام إلزام الشیعة و إتمام الحجة علیهم و إلا فإنكاره علیه السلام لصدور الأمر بالصلاة من الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و تعیینه أبا بكر من المشهورات
و قد روی ابن أبی الحدید عن شیخه أبی یعقوب یوسف بن إسماعیل اللمعانی أن علیا علیه السلام كان ینسب عائشة إلی أنها أمرت بلالا أن یأمر أبا بكر بأن یصلی بالناس و أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال لیصل بهم رجل و لم یعین أحدا فقالت مر أبا بكر یصلی بالناس و كان علیه السلام یذكر ذلك لأصحابه فی خلواته كثیرا و یقول إنه لم یقل صلی اللّٰه علیه و آله إنّكن كصویحبات یوسف إلا إنكارا لهذه الحال و غضبا منه لأنها و حفصة تبادرتا إلی تعیین أبیهما و أنه استدركها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بخروجه و صرفه عن المحراب انتهی (2).
ص: 159
فاتضح لك ضعف التمسك بهذه الأخبار سیما فی أركان الدین.
و قال السید الأجل رضی اللّٰه عنه فی موضع من الشافی ذكر فیه تمسك
ص: 160
قاضی القضاة بحكایة الصلاة إن خبر الصلاة خبر واحد و الإذن فیها ورد من جهة عائشة و لیس بمنكر أن یكون الإذن صدر من جهتها لا من جهة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و قد استدل أصحابنا علی ذلك بشیئین أحدهما
بقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی ما أتت به الروایة لما عرف تقدم أبی بكر فی الصلاة و سمع قراءته فی المحراب إنّكن كصویحبات یوسف و بخروجه متحاملا من الضعف معتمدا علی أمیر المؤمنین و الفضل بن العباس إلی المسجد و عزله لأبی بكر عن المقام و إقامة الصلاة بنفسه.
و هذا یدل دلالة واضحة علی أن الإذن فی الصلاة لم یكن منه صلی اللّٰه علیه و آله.
ص: 161
و قال بعض المخالفین أن السبب فی قوله إن كن صویحبات یوسف إنه صلی اللّٰه علیه و آله لما أوذن بالصلاة و قال مروا أبا بكر لیصلی بالناس فقالت له عائشة إن أبا بكر رجل أسیف لا یحتمل قلبه أن یقوم مقامك فی الصلاة و لكن تأمر عمر أن یصلی بالناس فقال عند ذلك إنّكن صویحبات یوسف (1) و هذا لیس بشی ء لأن النبی لا یجوز أن یكون أمثاله إلا وفقا لأغراضه و قد علمنا أن صویحبات یوسف لم یكن منهن خلاف علی یوسف و لا مراجعة له فی شی ء أمرهن به و إنما افتتن بأسرهن بحسنه و أرادت كل واحدة منهن مثل ما أرادته صاحبتها فأشبهت حالهن حال عائشة فی تقدیمها أباها للصلاة للتجمل و الشرف بمقام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لما یعود بذلك علیها و علی أبیها من الفخر و جمیل الذكر.
و لا عبرة بمن حمل نفسه من المخالفین علی أن یدعی أن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لما خرج إلی المسجد لم یعزل أبا بكر عن الصلاة و أقره فی مقامه لأن هذا من قائله غلط فظیع من حیث یستحیل أن یكون النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو الإمام المتبع فی سائر الدین متبعا مأموما فی حال من الأحوال (2) و كیف یجوز أن یتقدم علی
ص: 162
النبی صلی اللّٰه علیه و آله غیره فی الصلاة و قد دلت الأخبار علی أنه لا یتقدم فیها إلا الأفضل علی الترتیب و التنزیل المعروف. (1) و أقول ذلك من مذهب أصحابنا معلوم لا یحتاج إلی بیان و قد ورد من صحاح الأخبار عند المخالفین ما یدل علیه
رَوَی مُسْلِمٌ فِی صَحِیحِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِی الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِی السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِی الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنّاً وَ لَا یَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِی سُلْطَانِهِ وَ لَا یَقْعُدُ فِی بَیْتِهِ عَلَی تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ:
وَ فِی رِوَایَةٍ لَهُ: وَ لَا یَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِی أَهْلِهِ (2).
و روی فی جامع الأصول ما یدل علی هذا المعنی بتغییر فی اللفظ عن مسلم
ص: 163
و الترمذی و النسائی و أبی داود و قال قال شعبة قلت لإسماعیل ما تكرمته قال فراشه. (1)
وَ رَوَی مُسْلِمٌ فِی صَحِیحِهِ أَیْضاً عَنْ أَبِی سَعِیدٍ قَالَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْیَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَ أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ: (2).
وَ رَوَی أَبُو دَاوُدَ فِی صَحِیحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ ص: لِیُؤَذِّنْ لَكُمْ خِیَارُكُمْ وَ لْیَؤُمَّكُمْ قَرَّاؤُكُمْ (3).
و قد ذكر فی المشكاة هذه الروایات علی الوجه الذی ذكرناها. (4) و قد قال بالترتیب فی الإمامة جمهور العامة و إنما اختلفوا فی تقدم الفقه أو القراءة فذهب أصحاب أبی حنیفة إلی تقدم القراءة لظاهر الخبر و الشافعی و مالك إلی تقدم الفقه علی القراءة فلو دل التقدم علی الأفضلیة فتقدم أحد علی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله مما لا نزاع فی بطلانه و لو لم یدل علیها و جاز تقدیم المفضول و كان من قبیل ترك الأولی فسقط الاحتجاج بتقدم أبی بكر و أضرابه إذ یجوز حینئذ أن یكون مفضولا بالنسبة إلی كل واحد من مؤتمیه و هو واضح.
و أنت بعد اطلاعك علی أخبارهم السالفة لا ترتاب فی بطلان القول بأنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلف أبی بكر إذ بعض روایات عائشة صریحة فی أنه جلس بین یدی أبی بكر و بعضها صریحة فی أنه اقتدی أبو بكر بصلاته صلی اللّٰه علیه و آله و إن كان جلس إلی جنب أبی بكر و بعض روایات أنس دلت علی عدم خروجه فی مرضه إلی الصلاة كما سبق فكان منافیا لما دل علی اقتدائه بأبی بكر و تلك
ص: 164
الروایات أكثر فلا یصلح ما دلت علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلف أبی بكر معارضة لها و لو سلمنا كونها صالحة للمعارضة لها فإذا تعارضتا تساقطتا فبقی ما رواه أصحابنا سلیما عن معارض و قد صرح الثقات عندهم من أرباب السیر كصاحب الكامل و غیره بأنه كان یصلی بصلاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كفاك شاهدا علی بطلانه اعتراف قاضی القضاة الذی یتشبث بكل رطب و یابس فلو لا أنه رأی القول بذلك فظیعا ظاهر البطلان لما فاته التمسك به.
فظهر أن ما ذكره المتعصبون من متأخریهم كصاحب المواقف و شارحه و الشارح الجدید للتجرید من أنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلفه و أن الروایات الصحیحة متعاضدة علی ذلك إنما نشأ من فرط الجهل و الطغیان فی العصبیة و لقد أحال السید (1) حیث أورد فی بیان تعاضد الروایات الصحیحة روایتین مجهولتین غیر مسندتین إلی أصل أو كتاب
قال روی عن ابن عباس أنه قال لم یصل النبی صلی اللّٰه علیه و آله خلف أحد من أمته إلا خلف أبی بكر و صلی خلف عبد الرحمن بن عوف فی سفر ركعة واحدة.
قال و روی عن رافع بن عمرو بن عبید عن أبیه أنه قال لما ثقل النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن الخروج أمر أبا بكر أن یقوم مقامه فكان یصلی بالناس و ربما خرج النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعد ما دخل أبو بكر فی الصلاة فصلی خلفه و لم یصل خلف أحد غیره إلا أنه صلی خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة واحدة فی سفر.
ثم ذكر روایة أنس الدالة علی أنه رفع الستر فنظر إلی صلاتهم و تبسم كما سبق ثم قال و أما ما
روی البخاری عن عروة عن أبیه عن عائشة و ذكر الروایة السابقة (2) إلی قولها فكان أبو بكر یصلی بصلاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الناس یصلون بصلاة أبی بكر.
ثم فسره فقال أی بتكبیره و جمع بینها و بین الخبرین السابقین
ص: 165
بأن هذا إنما كان فی وقت آخر. (1) و لیت شعری إذا كانت الروایتان صحیحتین فلم لم یسندهما إلی كتاب أو أصل معروف كما أسند روایة عروة عن عائشة و لو كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلفه فی مرضه فلم كانت عائشة مع حرصها علی إثبات فضل لأبیها تارة تروی اقتداء الناس بأبی بكر و اقتداء أبی بكر بصلاته صلی اللّٰه علیه و آله و تارة جلوسه بین یدی أبی بكر و لم لم یقل عُمَرُ یوم السقیفة أیكم تطیب نفسه أن یتقدم علی من فضله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی نفسه و صلی خلفه.
و العجب من السید الشریف أنه ترك التمسك بروایة الترمذی عن عائشة (2) و روایته و روایة النسائی عن أنس (3) و تمسك بهاتین لها فعجز عن إسنادهما إلی أصل.
و أما ما ذكره فی وجه الجمع فظاهر البطلان إذ لو كان المراد بوقت آخر غیر مرض موته صلی اللّٰه علیه و آله فكثیر من الروایات السابقة مع اتفاق كلمة أرباب السیر یشهد بخلافه و لو كان المراد وقوع الأمرین كلیهما فی مرض الموت كل فی وقت فسوق روایة عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه عن عائشة التی رواها البخاری و مسلم و عدوها من المتفق علیه و سوق كلام أرباب السیر أیضا ینادی بفساده و لو كان المراد أن ما تضمنه خبر رافع بن عمرو بن عبید عن أبیه كان فی غیر مرض موته صلی اللّٰه علیه و آله فواضح البطلان إذ لم یذكر أحد من أرباب السیر و الرواة أنه أمر صلی اللّٰه علیه و آله أبا بكر أن یصلی بالناس إلا فی تلك الحال و لم یكن أحد یفهم من قولهم لما ثقل النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن الخروج و من حكایتهم الصلاة فی مرضه و أمره أبا بكر بالصلاة إلا مرض الموت مع أن روایة الترمذی و النسائی صریحة فی وقوعه حینئذ.
ص: 166
علی أن التمسك بصلاته صلی اللّٰه علیه و آله خلف أبی بكر فی إثبات الفضل لأبی بكر حماقة عجیبة إذ هو من قبیل الاستدلال بمقدمة مع الاعتراف بنقیضها فإن التقدم فی الصلاة لو دل علی فضل الإمام لكان أبو بكر أفضل من الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و إلا فانقلع الأساس من أصله و قد نبهناك علیه فلا تغفل.
ثم قال السید رضی اللّٰه عنه و مما یدل علی بطلان هذه الدعوی أنه صلی اللّٰه علیه و آله لو لم یعزله عند خروجه عن الصلاة لما كان فیما وردت به الروایة من الاختلاف فی أنه صلی اللّٰه علیه و آله لما صلی بالناس ابتدأ من القرآن من حیث ابتدأ أبو بكر أو من حیث انتهی معنی علی أنا لا نعلم لو تجاوزنا عن جمیع ما ذكرناه وجها یكون منه خبر الصلاة شبهة فی النص مع تسلیم أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أمر بها أیضا لأن الصلاة ولایة مخصوصة فی حالة مخصوصة لا تعلق لها بالإمامة لأن الإمامة تشتمل علی ولایات كثیرة من جملتها الصلاة ثم هی مستمرة فی الأوقات كلها فأی نسبة مع ما ذكرناه بین الأمرین.
علی أنه لو كانت الصلاة دالة علی النص لم یخل من أن یكون دالة من حیث كانت تقدیما فی الصلاة أو من حیث اختصت مع أنها تقدیم فیها بحال المرض فإن دلت من الوجه الأول وجب أن یكون جمیع من قدمه الرسول فی طول حیاته للصلاة إماما للمسلمین و قد علمنا أنه صلی اللّٰه علیه و آله قد ولّی الصلاة جماعة لا یجب شی ء من هذا فیهم و إن دلت من الوجه الثانی فالمرض لا تأثیر له فی إیجاب الإمامة فلو دل تقدیمه فی الصلاة فی حال المرض علی الإمامة لدل علی مثله التقدیم فی حال الصحة و لو كان للمرض تأثیر لوجب أن یكون تأمیره أسامة بن زید و تأكیده أمره فی حال المرض مع أن ولایته تشتمل علی الصلاة و غیرها موجبا للإمامة لأنه لا خلاف فی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان یقول إلی أن فاضت نفسه الكریمة صلوات اللّٰه علیه و آله نَفِّذُوا جیش أسامة و یكرر ذلك و یردده.
فإن قیل لم تدل الصلاة علی الإمامة من الوجهین اللذین أفسدتموهما لكن
ص: 167
من حیث كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله مُؤْتَمّاً بأبی بكر فی الصلاة و مصلیا خلفه قلنا قد مضی ما یبطل هذا الظن فكیف یجعل ما هو مستحیل فی نفسه حجة علی أن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله عند مخالفینا قد صلی خلف عبد الرحمن بن عوف و لم یكن ذلك مُوجِباً له الإمامةَ و خبر صلاة عبد الرحمن بن عوف أثبت عندهم و أظهر فیهم من صلاته خلف أبی بكر لأن الأكثر منهم یعترف بعزله عن الصلاة عند خروجه صلی اللّٰه علیه و آله و قد بینا أن المرض لا تأثیر له فلیس لهم أن یفرقوا بین صلاته خلف عبد الرحمن و بینها خلف أبی بكر للمرض انتهی (1)
أقول: ما ذكره السید رضی اللّٰه تعالی عنه من عزله عن الصلاة فقد عرفت اشتمال روایاتهم علیه إذ فی بعض روایات عائشة أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان بین یدی أبی بكر یصلی قاعدا و ظهر من روایاتها الأخری التی رواها مسلم و البخاری أن أبا بكر كان یُسْمِعُ الناسَ التكبیرَ و قد عرفت اعتراف شارح المواقف بذلك و تأویله ما فی الروایات الأخر من أن الناس كانوا یصلّون بصلاة أبی بكر بأن المراد یصلّون بتكبیره و لا بد لهم من هذا الجمع و إلا لتناقضت روایاتهم الصحیحة و قد صرح بهذا التأویل بعض فقهائهم بناء علی عدم جواز إمامة المأموم و لعله لم یقل أحد بصحة الصلاة علی هذا الوجه و ظاهر المقام أیضا ذلك إذ ما بال أبی بكر یقتدی برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الناس یقتدون بأبی بكر مع حضوره صلی اللّٰه علیه و آله و لم یدل دلیل علی عدم جواز العدول فی نیة الاقتداء بإمام إلی الایتمام بإمام آخر سیما الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و جواز العدول من الإمامة إلی الایتمام حتی یجوز اقتداء أبی بكر بصلاته صلی اللّٰه علیه و آله و لا یجوز اقتداء الناس.
علی أن علم عائشة بأن الناس كانوا یأتمون بأبی بكر لا یخلو عن غرابة إذ یبعد أن تكون عائشة سألت الناس واحدا واحدا فأجابوا بأنا اقتدینا بأبی بكر و مجرد تأخر أفعالهم عن أفعاله علی تقدیر وقوعه لا یدل علی ایتمامهم به و إلا لكان الناس خلف كل إمام مؤتمین بمن یرفع صوته بالتكبیر مع أن أكثر الناس
ص: 168
كانوا لا یرون رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لكونه جالسا فكانوا ینتظرون سماع صوت بالتكبیر و نحوه و لا یخفی أن العزل عن الصلاة لیس إلا هذا فعلی تقدیر مساعدتهم علی أنه أمر أبا بكر بالصلاة نقول إنه صلی اللّٰه علیه و آله أمر أبا بكر أولا أن یصلی بالناس فلما وجد من نفسه خفة خرج فعزله عنها فظهر أنه قد جرت قصة الصلاة مجری قصة البراءة و الحمد لله وحده.
و أما ما ذكره السید رضوان اللّٰه علیه من أنه صلی اللّٰه علیه و آله ولّی الصلاةَ جماعةً فمنهم سالم مولی أبی حذیفة (1) علی ما رواه البخاری و أبو داود فی صحیحیهما و حكاه عنهما فی جامع الأصول فی صفة الإمام و ذكره فی المشكاة فی الفصل الثالث من باب الإمامة عن ابن عمر قال لما قدم المهاجرون الأولون المدینة كان یؤمهم سالم مولی أبی حذیفة و فیهم عمر و أبو سلمة بن عبد الأسد.
قال فی جامع الأصول و فی روایة أخری نحوه و فیها و فیهم عمر و أبو سلمة و زید و عامر بن ربیعة أخرجه البخاری و أبو داود و الظاهر أنه كان علی وجه الاستمرار كما یدل علیه لفظة كان و أنه كان بأمره صلی اللّٰه علیه و آله عموما أو خصوصا و إلا لعزله و لم یصلّ الأصحاب خلفه.
و منهم ابن أم مكتوم (2) علی ما
رواه أبو داود فی صحیحه و ذكره فی جامع الأصول فی صفة الإمام و أورده فی المشكاة فی الفصل الثانی من الباب المذكور عن أنس قال استخلف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ابن أم مكتوم یؤم الناس و هو أعمی.
و استدلوا بهذا الخبر علی إمامة الأعمی.
و قال فی مصباح الأنوار أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ابن عبد المنذر فی غزاة بدر أن یصلی بالناس فلم یزل یصلی بهم حتی انصرف النبی صلی اللّٰه علیه و آله و استخلف عام الفتح ابن أم مكتوم الأعمی فلم یزل یصلی بالناس فی المدینة و استخلف فی غزاة حنین كلثوم بن حصین أحد بنی غِفار و استخلف عام خیبر أبا ذر الغفاریَّ و فی غزاة الحدیبیة ابنَ عُرْفُطَةَ و استخلف عَتَّابَ بن أَسِید علی مكة و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 169
مقیم بالأبطح و أمره أن یصلی بمكة الظهر و العصر و العشاء الآخرة و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یصلی بهم الفجر و المغرب و استخلف فی غزاة ذات السلاسل سعد بن عبادة و استخلف فی طلب كرز بن جابر الفهری زید بن حارثة و استخلف فی غزاة سعد العشیرة أبا سلم بن عبد الأسد المخزومی و استخلف فی غزاة الأُكَیْدَر ابن أم مكتوم و استخلف فی غزاة بدر الموعد عبد اللّٰه بن رواحة.
فما ادعی أحد منهم الخلافة و لا طمع فی الإمرة و الولایة انتهی.
و قد ذكر ابن عبد البر فی الإستیعاب استخلاف كلثوم بن حصین الغفاری علی المدینة مرتین مرة فی عمرة القضاء و مرة عام الفتح فی خروجه إلی مكة و حنین و الطائف و استعمال عَتَّابِ بن أَسِید علی مكة عام الفتح حین خرج إلی حنین و أنه أقام للناس الحج تلك السنة و هی سنة ثمان قال فلم یزل عتّاب أمیرا علی مكة حتی قبض صلی اللّٰه علیه و آله و أقره أبو بكر علیها إلی أن مات و استعمال زید بن حارثة و عبد اللّٰه بن رواحة. (1).
و أما ما ذكره السید رضوان اللّٰه علیه من أنهم زعموا أنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی خلف عبد الرحمن فیدل علیه روایاتهم و كلام علمائهم و قد روی فی جامع الأصول فی باب إمامة الصلاة و فی كتاب الطهارة (2) روایات عدیدة حكاها عن البخاری و مسلم و أبی داود و النسائی و عن الموطإ لا فائدة فی ذكرها بلفظها و قد اعترف بها من المخالفین من ادعی صلاته علیه السلام خلف أبی بكر كشارح المواقف و من اعترف منهم بأنه صلی اللّٰه علیه و آله لم یصل خلف أبی بكر كقاضی القضاة.
و قد ذكر ابن عبد البر صلاته صلی اللّٰه علیه و آله خلف عبد الرحمن بن عوف و لم یذكر
ص: 170
ما ذكره فی المغنی من ضیق الوقت و كذا لیس ذلك فی روایاتهم التی أشرنا إلیها و لا یذهب علیك أنه اعتذار سخیف إذ علی تقدیر ضیق الوقت كان یجوز له صلی اللّٰه علیه و آله أن یصلی منفردا أو یقوم إلی جانب عبد الرحمن و یصلی حتی یصلی عبد الرحمن بصلاته صلی اللّٰه علیه و آله و الناس بصلاة عبد الرحمن كما دلت علیه كثیر من روایاتهم التی اعتمدوا علیها فی صلاة أبی بكر أو یصلوا جمیعا بصلاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فصلاة عبد الرحمن أبلغ و أقوی فی الدلالة علی الخلافة علی ما زعموه مع أنه لم یقل أحد بخلافة عبد الرحمن و لا ادعاها هو و حینئذ فنقول إذا صلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خلف عبد الرحمن علی ما زعموه و لم یصل خلف أبی بكر فلیس ذلك إلا إزالة لهذه الشبهة الضعیفة و إن كان لو صلی لم یدل علی استحقاقه للإمامة كما لم یدل فی حق عبد الرحمن.
و أما الفرق بین التقدم فی الصلاة و الإمامة فغیر منحصر فیما ذكره السید رضی اللّٰه عنه أما علی مذهب الأصحاب من اشتراط العصمة و التنصیص فواضح و أما علی زعم المخالفین فلإطباقهم بل لاتفاق المسلمین علی أن الإمامة لا تكون إلا فی قریش قال صاحب المغنی قد استدل شیوخنا علی ذلك بما
روی عنه صلی اللّٰه علیه و آله أن الأئمة من قریش.
و
روی عنه صلی اللّٰه علیه و آله أنه قال هذا الأمر لا یصلح إلا فی هذا الحی من قریش.
و قووا ذلك بما كان یوم السقیفة من كون ذلك سببا لصرف الأنصار عما كانوا عزموا علیه لأنهم عند هذه الروایة انصرفوا عن ذلك و تركوا الخوض فیه و قووا ذلك بأن أحدا لم ینكره فی تلك الحال فإن أبا بكر استشهد فی ذلك بالحاضرین فشهدوا حتی صار خارجا عن باب خبر الواحد إلی الاستفاضة و قووا ذلك بأن ما جری هذا المجری إذا ذكر فی ملإ من الناس و ادعی علیه المعرفة فتركهم النكیر یدل علی صحة الخبر المذكور.
ثم حكی فی فصل آخر عن أبی علی أنه قال إذا لم یوجد فی قریش من یصلح للإمامة یجوز أن ینصب من غیرهم و أما علی تقدیر وجوده فی قریش فلا
ص: 171
خلاف فی عدم جواز العدول عنهم إلی غیرهم و لا خلاف بین الأمة فی أن إمام الصلاة لا یشترط فیه أن یكون قرشیا فالاستدلال بصلوح الرجل لإمامة الصلاة علی كونه صالحا للخلافة باطل باتفاق الكل.
و أیضا اتفق الكل علی اشتراط العدالة فی الإمام و جوزت العامة أن یتقدم فی الصلاة كل بر و فاجر
وَ مِمَّا رَوَوْهُ فِی ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِی صَحِیحِهِ وَ رَوَاهُ فِی الْمِشْكَاةِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَیْكُمْ مَعَ كُلَّ أَمِیرٍ بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً وَ إِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ وَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَیْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً وَ إِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ (1).
و أیضا یشترط فی الإمام الحریة بالاتفاق بخلاف المتقدم فی الصلاة فقد اختلف الأصحاب فی اشتراطها و ذهب أكثر العامة إلی جواز الاقتداء بالعبد من غیر كراهة و استدل علیه فی شرح الوجیز بأن عائشة كان یؤمها عبد لها یكنی أبا عمر (2) و ذهب أبو حنیفة إلی أنه یكره إمامة العبد و أیضا یشترط فی الإمام أن یكون بالغا بالاتفاق و جوز الشافعی الاقتداء بالصبی الممیز و استدلوا علیه بأن عمرو بن سلمة كان یؤم قومه علی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو ابن سبع (3) و منع أبو حنیفة و مالك و أحمد من الاقتداء به فی الفریضة و فی النافلة اختلف الروایة عنهم.
ص: 172
و أیضا یشترط فی الإمام بالاتفاق نوع من العلم فیما یتعلق بحقوق الناس و السیاسات و لم یشترط ذلك فی المتقدم فی الصلاة بالاتفاق فظهر أن الإمامة بمراحل عن تولی الصلاة و مع ذلك فقد تم بما تمسك به عمر بن الخطاب یوم السقیفة من إمامة أبی بكر فی الصلاة أمر بیعته و انصرف الأنصار بذلك عن دعواهم
روی ابن عبد البر فی الإستیعاب بإسناده عن عبد اللّٰه بن مسعود قال كان رجوع الأنصار یوم سقیفة بنی ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب نشدتكم اللّٰه هل تعلمون أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أمر أبا بكر أن یصلی بالناس قالوا اللّٰهم نعم قال فأیكم تطیب نفسه أن یزیله عن مقام أقامه فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا كلنا لا تطیب نفسه و نستغفر اللّٰه.
و قد روی هذا المعنی كثیر من الثقات عندهم و نقلة آثارهم. (1) فانظر أیها العاقل بعین الإنصاف كیف استزلهم الشیطان و قادهم إلی النار بكلام عمر بن الخطاب كما استهوی قوم موسی بخوار العجل و أنساهم ما نطق به الرسول الأمین صلی اللّٰه علیه و آله من النصوص الصریحة فی أمیر المؤمنین علیه السلام كما أغفل بنی
ص: 173
إسرائیل عن آیات رب العالمین فنبذوا الحق وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا فَبِئْسَ ما یَشْتَرُونَ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ و قد أورد السید بن طاوس رضی اللّٰه تعالی عنه فی كتاب الطرائف (1) فصلا طویلا فی ذلك تركناه حذرا من التكرار و الإطناب و فیما أوردناه غنیة لأولی الألباب.
ص: 174
باب 4 (شرح انعقاد السقیفة و كیفیة السقیفة) (1)
«1»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّیْبَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِیحِ عَنْ رِجَالِهِ
ص: 175
ثِقَةً عَنْ ثِقَةٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ إِلَی الصَّلَاةِ مُتَوَكِّیاً عَلَی الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ غُلَامٍ لَهُ یُقَالُ لَهُ ثَوْبَانُ وَ هِیَ الصَّلَاةُ الَّتِی أَرَادَ التَّخَلُّفَ عَنْهَا لِثِقَلِهِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَی نَفْسِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَرَجَ فَلَمَّا صَلَّی عَادَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ اجْلِسْ عَلَی الْبَابِ وَ لَا تَحْجُبْ أَحَداً مِنَ الْأَنْصَارِ وَ تَجَلَّاهُ الْغَشْیُ وَ جَاءَتِ الْأَنْصَارُ
ص: 176
فَأَحْدَقُوا بِالْبَابِ وَ قَالُوا ائْذَنْ لَنَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ هُوَ مَغْشِیٌّ عَلَیْهِ وَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ فَجَعَلُوا یَبْكُونَ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبُكَاءَ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا الْأَنْصَارُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِی قَالُوا عَلِیٌّ وَ الْعَبَّاسُ فَدَعَاهُمَا وَ خَرَجَ مُتَوَكِّئاً عَلَیْهِمَا فَاسْتَنَدَ إِلَی جَذَعٍ مِنْ أَسَاطِینِ مَسْجِدِهِ وَ كَانَ الْجَذَعُ جَرِیدُ نَخْلَةٍ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ خَطَبَ وَ قَالَ فِی كَلَامِهِ إِنَّهُ لَمْ یَمُتْ نَبِیٌّ قَطُّ إِلَّا خَلَّفَ تَرِكَةً وَ قَدْ خَلَّفْتُ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَمَنْ ضَیَّعَهُمْ ضَیَّعَهُ اللَّهُ (1) أَلَا وَ إِنَّ الْأَنْصَارَ كَرِشِیَ الَّتِی آوِی إِلَیْهَا وَ إِنِّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْإِحْسَانِ إِلَیْهِمْ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَ تَجَاوَزُوا عَنْ مُسِیئِهِمْ (2)
ص: 177
ثُمَّ دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ فَقَالَ سِرْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ وَ النَّصْرِ وَ الْعَافِیَةِ حَیْثُ أَمَرْتُكَ بِمَنْ أَمَّرْتُكَ عَلَیْهِ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَمَّرَهُ عَلَی جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فِیهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُغِیرُوا عَلَی مُؤْتَةَ وَادٍ فِی فِلَسْطِینَ فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْمُقَامِ أَیَّاماً حَتَّی یَشْفِیَكَ اللَّهُ فَإِنِّی مَتَی خَرَجْتُ وَ أَنْتَ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ خَرَجْتُ وَ فِی قَلْبِی مِنْكَ قَرْحَةٌ فَقَالَ أَنْفِذْ یَا أُسَامَةُ فَإِنَّ الْقُعُودَ عَنِ الْجِهَادِ لَا یَجِبُ فِی حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ النَّاسَ طَعَنُوا فِی عَمَلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَلَغَنِی أَنَّكُمْ طَعَنْتُمْ فِی عَمَلِ أُسَامَةَ وَ فِی عَمَلِ أَبِیهِ مِنْ قَبْلُ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّهُ لَخَلِیقٌ بِالْإِمَارَةِ وَ إِنَّ أَبَاهُ كَانَ خَلِیقاً بِهَا وَ إِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَیَّ فَأُوصِیكُمْ بِهِ خَیْراً فَلَئِنْ قُلْتُمْ فِی إِمَارَتِهِ فَقَدْ قَالَ قَائِلُكُمْ فِی إِمَارَةِ أَبِیهِ ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَیْتِهِ وَ خَرَجَ أُسَامَةُ مِنْ یَوْمِهِ حَتَّی عَسْكَرَ عَلَی رَأْسِ فَرْسَخٍ مِنَ الْمَدِینَةِ (1) وَ نَادَی مُنَادِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا یَتَخَلَّفْ عَنْ أُسَامَةَ أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَّرْتُهُ عَلَیْهِ فَلَحِقَ النَّاسُ بِهِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَارَعَ إِلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَنَزَلُوا فِی زُقَاقٍ وَاحِدٍ مَعَ جُمْلَةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ قَالَ وَ ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ النَّاسُ مِمَّنْ لَمْ یَكُنْ فِی بَعْثِ أُسَامَةَ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِ أَرْسَالًا وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَاكٍ (2) فَكَانَ لَا یَدْخُلُ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا انْصَرَفَ إِلَی سَعْدٍ یَعُودُهُ قَالَ وَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَقْتَ الضُّحَی مِنْ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ بَعْدَ خُرُوجِ أُسَامَةَ إِلَی مُعَسْكَرِهِ بِیَوْمَیْنِ فَرَجَعَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ وَ الْمَدِینَةُ قَدْ رَجَفَتْ بِأَهْلِهَا فَأَقْبَلَ
ص: 178
أَبُو بَكْرٍ عَلَی نَاقَةٍ لَهُ حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ تَمُوجُونَ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ مَاتَ فَرَبُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَمُتْ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ یَنْقَلِبْ عَلی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً (1) ثُمَّ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَی سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ جَاءُوا بِهِ إِلَی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ
ص: 179
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ أَخْبَرَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَ مَضَیَا مُسْرِعَیْنِ إِلَی السَّقِیفَةِ وَ مَعَهُمَا أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ فِی السَّقِیفَةِ خَلْقٌ كَثِیرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بَیْنَهُمْ مَرِیضٌ فَتَنَازَعُوا الْأَمْرَ بَیْنَهُمْ فَآلُ الْأَمْرُ إِلَی أَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِی آخِرِ كَلَامِهِ لِلْأَنْصَارِ إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ إِلَی أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَوْ إِلَی عُمَرَ وَ كِلَاهُمَا قَدْ رَضِیتُ لِهَذَا الْأَمْرِ وَ كِلَاهُمَا أَرَاهُ لَهُ أَهْلًا فَقَالَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ مَا یَنْبَغِی لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَكَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَنْتَ أَقْدَمُنَا إِسْلَاماً وَ أَنْتَ صَاحِبُ الْغَارِ وَ ثانِیَ اثْنَیْنِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَوْلَانَا بِهِ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ نَحْذَرُ أَنْ یَغْلِبَ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَیْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْكُمْ فَنَجْعَلُ مِنَّا أَمِیراً وَ مِنْكُمْ أَمِیراً وَ نَرْضَی بِهِ عَلَی أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ اخْتَرْنَا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ مَدَحَ الْمُهَاجِرِینَ وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَا یُنْكَرُ فَضْلُهُمْ وَ لَا نِعْمَتُهُمْ الْعَظِیمَةُ فِی الْإِسْلَامِ رَضِیَكُمْ اللَّهُ أَنْصَاراً لِدِینِهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ
ص: 180
جَعَلَ إِلَیْكُمْ مُهَاجَرَتَهُ وَ فِیكُمْ مَحَلَّ أَزْوَاجِهِ فَلَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ بِمَنْزِلَتِكُمْ فَهُمُ الْأُمَرَاءُ وَ أَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمْلِكُوا عَلَی أَیْدِیكُمْ وَ إِنَّمَا النَّاسُ فِی فَیْئِكُمْ وَ ظِلَالِكُمْ وَ لَنْ یَجْتَرِئَ مُجْتَرِئٌ عَلَی خِلَافِكُمْ وَ لَنْ یَصْدُرَ النَّاسُ إِلَّا عَنْ رَأْیِكُمْ وَ أَثْنَی عَلَی الْأَنْصَارِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَبَی هَؤُلَاءِ تَأْمِیرَكُمْ عَلَیْهِمْ فَلَسْنَا نَرْضَی تَأْمِیرَهُمْ عَلَیْنَا وَ لَا نَقْنَعُ بِدُونِ أَنْ یَكُونَ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْهُمْ أَمِیرٌ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ هَیْهَاتَ لَا یَجْتَمِعُ سَیْفَانِ فِی غِمْدٍ وَاحِدٍ إِنَّهُ لَا تَرْضَی الْعَرَبُ أَنْ تُؤَمِّرَكُمْ وَ نَبِیُّهَا مِنْ غَیْرِكُمْ وَ لَكِنَّ الْعَرَبَ لَا تَمْتَنِعُ أَنْ تُوَلِّیَ أَمْرَهَا مَنْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِیهِمْ وَ لَنَا بِذَلِكَ عَلَی مَنْ خَالَفَنَا الْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ وَ السُّلْطَانُ الْبَیِّنُ فَمَا یُنَازِعُنَا فِی سُلْطَانِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عَشِیرَتُهُ إِلَّا مُدْلٍ بِبَاطِلٍ أَوْ مُتَجَانِفٌ لِإِثْمٍ أَوْ مُتَوَرِّطٌ فِی الْهَلَاكَةِ مُحِبٌّ لِلْفِتْنَةِ فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ ثَانِیَةً فَقَالَ یَا مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ أَمْسِكُوا عَلَی أَیْدِیكُمْ وَ لَا تَسْمَعُوا مَقَالَةَ هَذَا الْجَاهِلِ وَ أَصْحَابِهِ فَیَذْهَبُوا بِنَصِیبِكُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ إِنْ أَبَوْا أَنْ یَكُونَ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْهُمْ أَمِیرٌ فَأَجْلُوهُمْ عَنْ بِلَادِكُمْ وَ تَوَلَّوْا هَذَا الْأَمْرَ عَلَیْهِمْ فَأَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ فَقَدْ دَانَ بِأَسْیَافِكُمْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ مَنْ لَمْ یَكُنْ یَدِینُ بِغَیْرِهَا وَ أَنَا جُذَیْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَ عُذَیْقُهَا الْمُرَجَّبُ وَ اللَّهِ لَئِنْ رَدَّ أَحَدٌ قَوْلِی لَأَحْطِمَنَّ أَنْفَهُ بِالسَّیْفِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَمَّا كَانَ الْحُبَابُ هُوَ الَّذِی یُجِیبُنِی لَمْ یَكُنْ لِی مَعَهُ كَلَامٌ فَإِنَّهُ جَرَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مُنَازَعَةٌ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَهَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ مُهَاتَرَتِهِ فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أُكَلِّمَهُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِأَبِی عُبَیْدَةَ یَا أَبَا عُبَیْدَةَ تَكَلَّمْ فَقَامَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِیرٍ ذَكَرَ فِیهِ فَضَائِلَ الْأَنْصَارِ فَكَانَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ (1) سَیِّدَاً مِنْ سَادَاتِ الْأَنْصَارِ لَمَّا رَأَی اجْتِمَاعَ الْأَنْصَارِ عَلَی سَعْدِ
ص: 181
بْنِ عُبَادَةَ لِتَأْمِیرِهِ حَسَدَهُ وَ سَعَی فِی إِفْسَادِ الْأَمْرِ عَلَیْهِ وَ تَكَلَّمَ فِی ذَلِكَ وَ رَضِیَ بِتَأْمِیرِ قُرَیْشٍ وَ حَثَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَا سِیَّمَا الْأَنْصَارِ عَلَی الرِّضَا بِمَا یَفْعَلُهُ الْمُهَاجِرُونَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ شَیْخَا قُرَیْشٍ فَبَایِعُوا أَیَّهُمَا شِئْتُمْ فَقَالَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ مَا نَتَوَلَّی هَذَا الْأَمْرَ عَلَیْكَ امْدُدْ یَدَكَ نُبَایِعْكَ فَقَالَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ وَ أَنَا ثَالِثُكُمَا وَ كَانَ سَیِّدَ الْأَوْسِ (1) وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ سَیِّدَ الْخَزْرَجِ فَلَمَّا رَأَتِ الْأَوْسُ صَنِیعَ بَشِیرٍ وَ مَا دَعَتْ إِلَیْهِ الْخَزْرَجُ مِنْ تَأْمِیرِ سَعْدٍ أَكَبُّوا عَلَی أَبِی بَكْرٍ بِالْبَیْعَةِ وَ تَكَاثَرُوا عَلَی ذَلِكَ وَ تَزَاحَمُوا فَجَعَلُوا یَطَئُونَ سَعْداً مِنْ شِدَّةَ الزَّحْمَةِ وَ هُوَ بَیْنَهُمْ عَلَی فِرَاشِهِ مَرِیضٌ فَقَالَ قَتَلْتُمُونِی قَالَ عُمَرُ اقْتُلُوا سَعْداً قَتَلَهُ اللَّهُ فَوَثَبَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ فَأَخَذَ بِلِحْیَةِ عُمَرَ وَ قَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ صُهَاكَ الْجَبَانَ الْفَرَّارَ فِی الْحُرُوبِ اللَّیْثَ فِی الْمَلَإِ وَ الْأَمْنِ لَوْ حَرَّكْتَ مِنْهُ شَعْرَةً مَا رَجَعْتَ وَ فِی وَجْهِكَ وَاضِحَةٌ (2) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَهْلًا یَا عُمَرُ فَإِنَّ الرِّفْقَ أَبْلَغُ وَ أَفْضَلُ فَقَالَ سَعْدٌ یَا ابْنَ صُهَاكَ وَ كَانَتْ جَدَّةَ عُمَرَ حَبَشِیَّةً أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِی قُوَّةً عَلَی النُّهُوضِ لَسَمِعْتُمَا مِنِّی فِی سِكَكِهَا زَئِیراً یُزْعِجُكَ وَ أَصْحَابَكَ مِنْهَا وَ لَأَلْحَقْتُكُمَا بِقَوْمٍ كُنْتُمْ فِیهِمْ أَذْنَاباً أَذِلَّاءَ تَابِعَیْنِ غَیْرَ مَتْبُوعَیْنِ لَقَدِ اجْتَرَأْتُمَا یَا آلَ الْخَزْرَجِ احْمِلُونِی مِنْ مَكَانِ الْفِتْنَةِ فَحَمَلُوهُ فَأَدْخَلُوهُ مَنْزِلَهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ أَنْ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ فَبَایِعْ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی أَرْمِیَكُمْ بِكُلِّ سَهْمٍ فِی كِنَانَتِی وَ أَخْضِبَ مِنْكُمْ سِنَانَ رُمْحِی وَ أَضْرِبَكُمْ بِسَیْفِی مَا أَقَلَّتْ یَدِی فَأُقَاتِلُكُمْ بِمَنْ تَبِعَنِی مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ عَشِیرَتِی ثُمَّ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَ
ص: 182
الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ عَلَیَّ مَا بَایَعْتُكُمَا أَیُّهَا الْغَاصِبَانِ حَتَّی أُعْرَضَ عَلَی رَبِّی وَ أَعْلَمَ مَا حِسَابِی فَلَمَّا جَاءَهُمْ كَلَامُهُ قَالَ عُمَرُ لَا بُدَّ مِنْ بَیْعَتِهِ فَقَالَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ إِنَّهُ قَدْ أَبَی وَ لَجَّ وَ لَیْسَ بِمُبَایِعٍ أَوْ یُقْتَلَ وَ لَیْسَ بِمَقْتُولٍ حَتَّی تُقْتَلَ مَعَهُ الْخَزْرَجُ وَ الْأَوْسُ فَاتْرُكُوهُ وَ لَیْسَ تَرْكُهُ بِضَائِرٍ فَقَبِلُوا قَوْلَهُ وَ تَرَكُوا سَعْداً وَ كَانَ سَعْدٌ لَا یُصَلِّی بِصَلَاتِهِمْ وَ لَا یَقْضِی بِقَضَائِهِمْ (1) وَ لَوْ وَجَدَ أَعْوَاناً لَصَالَ بِهِمْ وَ لَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ فِی وِلَایَةِ أَبِی بَكْرٍ حَتَّی هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ وُلِّیَ عُمَرُ فَكَانَ كَذَلِكَ فَخَشِیَ سَعْدٌ غَائِلَةَ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَی الشَّامِ فَمَاتَ بِحَوْرَانَ فِی وِلَایَةِ عُمَرَ وَ لَمْ یُبَایِعْ أَحَداً وَ كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنْ رُمِیَ بِسَهْمٍ فِی اللَّیْلِ فَقَتَلَهُ وَ زُعِمَ أَنَّ الْجِنَّ رَمَوْهُ وَ قِیلَ أَیْضاً إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِیَّ تَوَلَّی قَتْلَهُ بِجُعْلٍ جُعِلَتْ لَهُ عَلَیْهِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ تَوَلَّی ذَلِكَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ (2) قَالَ وَ بَایَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ عَلِیُ
ص: 183
بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَشْغُولٌ بِجَهَازِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ مَنْ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ وَ مَنْ لَمْ یُبَایِعْ جَلَسَ فِی الْمَسْجِدِ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ بَنُو هَاشِمٍ وَ مَعَهُ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو أُمَیَّةَ إِلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ بَنُو زُهْرَةَ إِلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَكَانُوا فِی الْمَسْجِدِ مُجْتَمِعِینَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالُوا مَا لَنَا نَرَاكُمْ حَلَقاً شَتَّی قُومُوا فَبَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَایَعَهُ الْأَنْصَارُ وَ النَّاسُ فَقَامَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ مَنْ مَعَهُمَا فَبَایَعُوا وَ انْصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ بَنُو هَاشِمٍ إِلَی مَنْزِلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَهُمُ الزُّبَیْرُ قَالَ فَذَهَبَ إِلَیْهِمْ عُمَرُ فِی جَمَاعَةٍ مِمَّنْ بَایَعَ فِیهِمْ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ (1) فَأَلْفَوْهُمْ مُجْتَمِعِینَ فَقَالُوا لَهُمْ بَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَایَعَهُ النَّاسُ فَوَثَبَ الزُّبَیْرُ إِلَی سَیْفِهِ فَقَالَ عُمَرُ عَلَیْكُمْ بِالْكَلْبِ فَاكْفُونَا شَرَّهُ فَبَادَرَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ فَانْتَزَعَ السَّیْفَ مِنْ یَدِهِ فَأَخَذَهُ عُمَرُ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَكَسَرَهُ (2) وَ أَحْدَقُوا بِمَنْ كَانَ
ص: 184
هُنَاكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ مَضَوْا بِجَمَاعَتِهِمْ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَلَمَّا حَضَرُوا قَالُوا بَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَایَعَهُ النَّاسُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَبَیْتُمْ ذَلِكَ لَنُحَاكِمَنَّكُمْ بِالسَّیْفِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ رَجُلٌ فَجَعَلَ یُبَایِعُ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِمَّنْ حَضَرَ إِلَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ بَایِعْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ عَلِیٌّ أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْهُ وَ أَنْتُمْ أَوْلَی بِالْبَیْعَةِ لِی أَخَذْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ احْتَجَجْتُمْ عَلَیْهِمْ بِالْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَأْخُذُونَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ غَصْباً أَ لَسْتُمْ زَعَمْتُمْ لِلْأَنْصَارِ أَنَّكُمْ أَوْلَی بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْهُمْ لِمَكَانِكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْطَوْكُمُ الْمَقَادَةَ وَ سَلَّمُوا لَكُمُ الْإِمَارَةَ وَ أَنَا أَحْتَجُّ عَلَیْكُمْ بِمِثْلِ مَا احْتَجَجْتُمْ عَلَی الْأَنْصَارِ أَنَا أَوْلَی بِرَسُولِ اللَّهِ حَیّاً وَ مَیِّتاً وَ أَنَا وَصِیُّهُ وَ وَزِیرُهُ وَ مُسْتَوْدَعُ سِرِّهِ وَ عِلْمِهِ وَ أَنَا الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ أَحْسَنُكُمْ بَلَاءً فِی جِهَادِ الْمُشْرِكِینَ وَ أَعْرَفُكُمْ بِالْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ أَفْقَهُكُمْ فِی الدِّینِ وَ أَعْلَمُكُمْ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَ أَذْرَبُكُمْ لِسَاناً وَ أَثْبَتُكُمْ جِنَاناً فَعَلَامَ تُنَازِعُونَّا هَذَا الْأَمْرَ أَنْصِفُونَا إِنْ كُنْتُمْ تَخَافُونَ اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اعْرِفُوا لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِثْلَ مَا عَرَفَتْهُ الْأَنْصَارُ لَكُمْ وَ إِلَّا فَبُوءُوا بِالظُّلْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَقَالَ عُمَرُ أَ مَا لَكَ بِأَهْلِ بَیْتِكِ أُسْوَةٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَابْتَدَرَ الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوا مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالُوا مَا بَیْعَتُنَا بِحُجَّةٍ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَقُولَ إِنَّا نُوَازِیهِ فِی الْهِجْرَةِ وَ حُسْنِ الْجِهَادِ وَ الْمَحَلِّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكَ لَسْتَ مَتْرُوكاً حَتَّی تُبَایِعَ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام احْلُبْ حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ اشْدُدْ لَهُ الْیَوْمَ لِیَرُدَّ عَلَیْكَ غَداً إِذاً وَ اللَّهِ لَا أَقْبَلَ قَوْلَكَ وَ لَا أَحْفِلَ بِمَقَامِكَ وَ لَا أُبَایِعَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَهْلًا یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا نُشَدِّدُ عَلَیْكَ وَ لَا نُكْرِهُكَ فَقَامَ أَبُو عُبَیْدَةَ إِلَی عَلِیٍّ فَقَالَ یَا ابْنَ عَمِّ لَسْنَا نَدْفَعُ قَرَابَتَكَ وَ لَا سَابِقَتَكَ وَ لَا عِلْمَكَ وَ لَا نُصْرَتَكَ وَ لَكِنَّكَ حَدَثُ السِّنِّ وَ كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَئِذٍ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ أَبُو بَكْرٍ شَیْخٌ مِنْ مَشَایِخِ قَوْمِكَ وَ هُوَ أَحْمَلُ لِثِقَلِ هَذَا الْأَمْرِ وَ قَدْ مَضَی الْأَمْرُ بِمَا فِیهِ فَسَلِّمْ
ص: 185
لَهُ فَإِنْ عَمَّرَكَ اللَّهُ لَسَلَّمُوا هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْكَ وَ لَا یَخْتَلِفُ عَلَیْكَ اثْنَانِ بَعْدَ هَذَا إِلَّا وَ أَنْتَ بِهِ خَلِیقٌ وَ لَهُ حَقِیقٌ وَ لَا تَبْعَثِ الْفِتْنَةَ قَبْلَ أَوَانِ الْفِتْنَةِ قَدْ عَرَفْتَ مَا فِی قُلُوبِ الْعَرَبِ وَ غَیْرِهِمْ عَلَیْكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ اللَّهَ اللَّهَ لَا تَنْسَوْا عَهْدَ نَبِیِّكُمْ إِلَیْكُمْ فِی أَمْرِی وَ لَا تُخْرِجُوا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ مِنْ دَارِهِ وَ قَعْرِ بَیْتِهِ إِلَی دُورِكُمْ وَ قَعْرِ بُیُوتِكُمْ وَ تَدْفَعُوا أَهْلَهُ عَنْ حَقِّهِ وَ مَقَامِهِ فِی النَّاسِ یَا مَعَاشِرَ الْجَمْعِ إِنَّ اللَّهَ قَضَی وَ حَكَمَ وَ نَبِیَّهُ أَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَ مَا كَانَ مِنَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ الْفَقِیهُ فِی دِینِ اللَّهِ الْمُضْطَلِعُ بِأَمْرِ الرَّعِیَّةِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا لَا فِیكُمْ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَی فَتَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ بُعْداً وَ تُفْسِدُوا قَدِیمَكُمْ بِشَرٍّ مِنْ حَدِیثِكُمْ فَقَالَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِیُّ الَّذِی وَطَّأَ الْأَمْرَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ قَالَتْ جَمَاعَةُ الْأَنْصَارِ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامَ سَمِعَتْهُ الْأَنْصَارُ مِنْكَ قَبْلَ الِانْضِمَامِ لِأَبِی بَكْرٍ مَا اخْتَلَفَ فِیكَ اثْنَانِ (1) فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا هَؤُلَاءِ أَ كُنْتُ أَدَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُسَجًّی لَا أُوَارِیهِ وَ أَخْرُجُ أُنَازِعُ فِی سُلْطَانِهِ وَ اللَّهِ مَا خِفْتُ أَحَداً یَسْمُو لَهُ وَ یُنَازِعُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فِیهِ وَ یَسْتَحِلُّ مَا اسْتَحْلَلْتُمُوهُ (2) وَ لَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرَكَ
ص: 186
یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ لِأَحَدٍ حُجَّةً وَ لَا لِقَائِلٍ مَقَالًا فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ یَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ أَنْ یَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ قَالَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا بَدْرِیّاً بِذَلِكَ وَ كُنْتُ مِمَّنْ سَمِعَ الْقَوْلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَتَمْتُ الشَّهَادَةَ یَوْمَئِذٍ فَذَهَبَ بَصَرِی (1) قَالَ وَ كَثُرَ الْكَلَامُ فِی هَذَا الْمَعْنَی وَ ارْتَفَعَ الصَّوْتُ وَ خَشِیَ عُمَرُ أَنْ
ص: 187
یُصْغَی إِلَی قَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام فَفَسَخَ الْمَجْلِسَ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُقَلِّبُ الْقُلُوبَ وَ الْأَبْصَارَ وَ لَا یَزَالُ یَا أَبَا الْحَسَنِ تَرْغَبُ عَنْ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ فَانْصَرَفُوا یَوْمَهُمْ ذَلِكَ (1).
بیان: قال فی القاموس الكرش بالكسر ككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان مؤنثة و عیال الرجل و صغار ولده و الجماعة و فی النهایة فیه الأنصار كرشی و عیبتی أراد أنهم بطانته و موضع سره و أمانته و الذین یعتمد علیهم فی أمره و استعار الكرش و العیبة لذلك لأن المجتر یجمع علفه فی كرشه و الرجل یضع ثیابه فی عیبته و قیل أراد بالكرش الجماعة أی جماعتی و صحابتی یقال علیه كرش من الناس أی جماعة انتهی و فی القاموس الرسل محركة القطیع من كل شی ء و الجمع أرسال و قال أدلی بحجته أظهرها و تجانف تمایل و فی النهایة ما تجانفنا لإثم أی لم نمل فیه لارتكاب الإثم انتهی و التورط الدخول فی المهالك و ما تعسر النجاة منه.
و قال فی النهایة فی حدیث السقیفة أنا جذیلها المحكك هو تصغیر جذل و هو العود الذی ینصب للإبل لتحتك به و هو تصغیر تعظیم أی أنا ممن یستشفی برأیه كما تستشفی الإبل الجربی بالاحتكاك بهذا العود و قال فی المحكك بعد ذكر هذا المعنی و العود المحكك هو الذی كثر الاحتكاك به و قیل أراد أنه شدید البأس صلب الكسر كالجذل المحكك و قیل معناه أنا دون الأنصار جذل حكاك فبی تقرن الصعبة و قال الرجبة هو أن تعمد النخلة الكریمة ببناء من حجارة أو خشب
ص: 188
إذا خیف علیها لطولها أو كثرة حملها أن تقع و رجبتها فهی مرجبة و العذیق تصغیر العذق بالفتح و هو تصغیر تعظیم و قد یكون ترجیبها بأن یجعل حولها شوك لئلا یرقی إلیها و من الترجیب أن تعمد بخشبة ذات شعبتین و قیل أراد بالترجیب التعظیم یقال رجب فلان مولاه أی عظمه انتهی.
أقول: فعلی الأول التشبیه بالعُذَیْق المخصوص إما لرفعته و كثرة حمله لما ینفع الناس من الآراء المتینة بزعمه أو لأنه یحتاج إلی من یعینه لینتفع به و یقال حطمه أی ضرب أنفه و هاتره سابه بالباطل و الواضحة الأسنان تبدو عند الضحك و یقال زأر الأسد زئیرا إذا صاح و غضب و حوران بالفتح موضع بالشام و فی القاموس أعطاه مقادته انقاد له و الذرابة حدة اللسان و باء إلیه رجع و بذنبه بوءا احتمله و اعترف به و فلان مضطلع علی الأمر أی قوی علیه.
«2»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهما السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ كَانَ أَحَدٌ فِی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْكَرَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ فِعْلَهُ وَ جُلُوسَهُ مَجْلِسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ نَعَمْ كَانَ الَّذِی أَنْكَرَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ خَالِدُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ كَانَ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ وَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ سَهْلٌ وَ عُثْمَانُ ابْنَا حُنَیْفٍ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ وَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ فَلَمَّا صَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ تَشَاوَرُوا بَیْنَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ اللَّهِ لَنَأْتِیَنَّهُ وَ لَنُنْزِلَنَّهُ عَنْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ الْآخَرُونَ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ إِذاً لَأَعَنْتُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ قَدْ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تُلْقُوا بِأَیْدِیكُمْ إِلَی التَّهْلُكَةِ (1) فَانْطَلَقُوا بِنَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِنَسْتَشِیرَهُ وَ نَسْتَطْلِعَ رَأْیَهُ فَانْطَلَقَ
ص: 189
الْقَوْمُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَرَكْتَ حَقّاً أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ وَ أَوْلَی مِنْهُ لِأَنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَمِیلُ
ص: 190
مَعَ الْحَقِّ كَیْفَ مَالَ وَ لَقَدْ هَمَمْنَا أَنْ نَصِیرَ إِلَیْهِ فَنُنْزِلَهُ عَنْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجِئنَاكَ نَسْتَشِیرُكَ وَ نَسْتَطْلِعُ رَأْیَكَ فِیمَا تَأْمُرُنَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمَا كُنْتُمْ لَهُمْ إِلَّا حَرْباً وَ لَكِنَّكُمْ كَالْمِلْحِ فِی الزَّادِ وَ كَالْكُحْلِ فِی الْعَیْنِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَأَتَیْتُمُونِی شَاهِرِینَ أَسْیَافَكُمْ مُسْتَعِدِّینَ لِلْحَرْبِ وَ الْقِتَالِ إِذَا لأتونی (أَتَوْنِی) فَقَالُوا لِی بَایِعْ وَ إِلَّا قَتَلْنَاكَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَدْفَعَ الْقَوْمَ عَنْ نَفْسِی وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْعَزَ إِلَیَّ قَبْلَ وَفَاتِهِ قَالَ لِی یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِی وَ تَنْقُضُ فِیكَ عَهْدِی وَ إِنَّكَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ إِنَّ الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ السَّامِرِیِّ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَعْهَدُ إِلَیَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ أَعْوَاناً فَبَادِرْ إِلَیْهِمْ وَ جَاهِدْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً كُفَّ یَدَكَ وَ احْقِنْ دَمَكَ حَتَّی تَلْحَقَ بِی مَظْلُوماً وَ لَمَّا تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اشْتَغَلْتُ بِغُسْلِهِ وَ تَكْفِینِهِ وَ الْفَرَاغِ مِنْ شَأْنِهِ ثُمَّ آلَیْتُ یَمِیناً أَنْ لَا أَرْتَدِیَ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّی أَجْمَعَ الْقُرْآنَ فَفَعَلْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ بِیَدِ فَاطِمَةَ وَ ابْنَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَدُرْتُ عَلَی أَهْلِ بَدْرٍ وَ أَهْلِ السَّابِقَةِ فَنَاشَدْتُهُمْ حَقِّی وَ دَعَوْتُهُمْ إِلَی نُصْرَتِی فَمَا أَجَابَنِی مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ مِنْهُمْ سَلْمَانُ وَ عَمَّارٌ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ (1) وَ لَقَدْ رَاوَدْتُ فِی ذَلِكَ تَقْیِیدَ بَیِّنَتِی فَاتَّقُوا اللَّهَ عَلَی السُّكُوتِ لِمَا عَلِمْتُمْ
ص: 191
مِنْ وَغْرِ صُدُورِ الْقَوْمِ وَ بُغْضِهِمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْطَلِقُوا بِأَجْمَعِكُمْ إِلَی الرَّجُلِ فَعَرِّفُوهُ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَكُونَ ذَلِكَ أَوْكَدَ لِلْحُجَّةِ وَ أَبْلَغَ لِلْعُذْرِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا وَرَدُوا عَلَیْهِ فَسَارَ الْقَوْمُ حَتَّی أَحْدَقُوا بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا صَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِلْأَنْصَارِ تَقَدَّمُوا فَتَكَلَّمُوا وَ قَالَ الْأَنْصَارُ لِلْمُهَاجِرِینَ بَلْ تَكَلَّمُوا أَنْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَدْنَاكُمْ فِی كِتَابِهِ إِذْ قَالَ اللَّهُ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ بِالنَّبِیِّ عَلَی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ قَالَ أَبَانٌ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ الْعَامَّةَ لَا تَقْرَأُ كَمَا عِنْدَكَ فَقَالَ وَ كَیْفَ تَقْرَأُ یَا أَبَانُ قَالَ قُلْتُ إِنَّهَا تَقْرَأُ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَی النَّبِیِّ وَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ (1) فَقَالَ وَیْلَهُمْ وَ أَیُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْهُ إِنَّمَا تَابَ اللَّهُ بِهِ عَلَی أُمَّتِهِ فَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ خَالِدُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ ثُمَّ بَاقِی الْمُهَاجِرِینَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمُ الْأَنْصَارُ وَ رُوِیَ أَنَّهُمْ كَانُوا غُیَّباً عَنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدِمُوا وَ قَدْ تَوَلَّی أَبُو بَكْرٍ وَ هُمْ یَوْمَئِذٍ أَعْلَامُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ خَالِدُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ (2) وَ قَالَ
ص: 192
اتَّقِ اللَّهَ یَا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَ نَحْنُ مُحْتَوِشُوهُ یَوْمَ قُرَیْظَةَ حِینَ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ وَ قَدْ قَتَلَ عَلِیٌّ یَوْمَئِذٍ عِدَّةً مِنْ صَنَادِیدِ رِجَالِهِمْ وَ أُولِی الْبَأْسِ وَ النَّجْدَةِ مِنْهُمْ یَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِنِّی مُوصِیكُمْ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظُوهَا وَ مُودِعُكُمْ أَمْراً فَاحْفَظُوهُ أَلَا إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَمِیرُكُمْ بَعْدِی وَ خَلِیفَتِی فِیكُمْ بِذَلِكَ أَوْصَانِی رَبِّی أَلَا وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَحْفَظُوا فِیهِ وَصِیَّتِی وَ تُوَازِرُوهُ وَ تَنْصُرُوهُ اخْتَلَفْتُمْ فِی أَحْكَامِكُمْ وَ اضْطَرَبَ عَلَیْكُمْ أَمْرُ دِینِكُمْ وَ وَلِیَكُمْ شِرَارُكُمْ أَلَا إِنَّ أَهْلَ بَیْتِی هُمُ الْوَارِثُونَ لِأَمْرِی وَ الْعَالِمُونَ بِأَمْرِ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی اللَّهُمَّ مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ أُمَّتِی وَ حَفِظَ فِیهِمْ وَصِیَّتِی فَاحْشُرْهُمْ فِی زُمْرَتِی وَ اجْعَلْ لَهُمْ نَصِیباً مِنْ مُرَافَقَتِی یُدْرِكُونَ بِهِ نُورَ الْآخِرَةِ اللَّهُمَّ وَ مَنْ أَسَاءَ خِلَافَتِی فِی أَهْلِ بَیْتِی فَاحْرِمْهُ الْجَنَّةَ الَّتِی عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اسْكُتْ یَا خَالِدُ فَلَسْتَ مِنْ أَهْلِ الْمَشُورَةِ وَ لَا مِمَّنْ یُقْتَدَی بِرَأْیِهِ فَقَالَ خَالِدٌ اسْكُتْ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَإِنَّكَ تَنْطِقُ عَنْ لِسَانِ غَیْرِكَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَیْشٌ أَنَّكَ مِنْ أَلْأَمِهَا حَسَباً وَ أَدْنَاهَا مَنْصَباً وَ أَخَسِّهَا قَدْراً وَ أَخْمَلِهَا ذِكْراً وَ أَقَلِّهِمْ غَنَاءً عَنِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنَّكَ لَجَبَانٌ فِی الْحُرُوبِ بَخِیلٌ بِالْمَالِ لَئِیمُ الْعُنْصُرِ مَا لَكَ فِی قُرَیْشٍ مِنْ فَخَرٍ وَ لَا فِی الْحُرُوبِ مِنْ ذِكْرٍ وَ إِنَّكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ الشَّیْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِی النَّارِ خالِدَیْنِ فِیها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ فَأَبْلَسَ عُمَرُ وَ جَلَسَ خَالِدُ بْنُ سَعِیدٍ ثُمَّ قَامَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ (1) وَ قَالَ كردید و نكردید و ندانید چه
ص: 193
كردید أَیْ فَعَلْتُمْ وَ لَمْ تَفْعَلُوا وَ مَا عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ وَ امْتَنَعَ مِنَ الْبَیْعَةِ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّی وُجِئَ عُنُقُهُ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ إِلَی مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ مَا لَا تَعْرِفُهُ
ص: 194
وَ إِلَی مَنْ تَفْزَعُ إِذَا سُئِلْتَ عَمَّا لَا تَعْلَمُهُ وَ مَا عُذْرُكَ فِی تَقَدُّمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَعْلَمُ بِتَأْوِیلِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ مَنْ قَدَّمَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَیَاتِهِ وَ أَوْصَاكُمْ بِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ فَنَبَذْتُمْ قَوْلَهُ وَ تَنَاسَیْتُمْ وَصِیَّتَهُ وَ أَخْلَفْتُمُ الْوَعْدَ وَ نَقَضْتُمُ الْعَهْدَ وَ حَلَلْتُمُ الْعَقْدَ الَّذِی كَانَ عَقَدَهُ عَلَیْكُمْ مِنَ النُّفُوذِ تَحْتَ رَایَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ حَذَراً مِنْ مِثْلِ مَا أَتَیْتُمُوهُ وَ تَنْبِیهاً لِلْأُمَّةِ عَلَی عَظِیمِ مَا اجْتَرَحْتُمُوهُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ فَعَنْ قَلِیلٍ یَصْفُو لَكَ الْأَمْرُ وَ قَدْ أَثْقَلَكَ الْوِزْرُ وَ نُقِلْتَ إِلَی قَبْرِكَ وَ حَمَلْتَ مَعَكَ مَا اكْتَسَبَتْ یَدَاكَ فَلَوْ رَاجَعْتَ الْحَقَّ مِنْ قُرْبٍ وَ تَلَافَیْتَ نَفْسَكَ وَ تُبْتَ إِلَی اللَّهِ مِنْ عَظِیمِ مَا اجْتَرَمْتَ كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَی نَجَاتِكَ یَوْمَ تَفَرَّدُ فِی حُفْرَتِكَ وَ یُسَلِّمُكَ ذَوُو نُصْرَتِكَ فَقَدْ سَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا وَ رَأَیْتَ كَمَا رَأَیْنَا فَلَمْ یَرْدَعْكَ ذَلِكَ عَمَّا أَنْتَ مُتَشَبِّثٌ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِی لَا عُذْرَ لَكَ فِی تَقَلُّدِهِ وَ لَا حَظَّ لِلدِّینِ وَ الْمُسْلِمِینَ فِی قِیَامِكَ بِهِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَ لَا تَكُنْ كَمَنْ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ یَا مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ أَصَبْتُمْ قَبَاحَةً وَ تَرَكْتُمْ قَرَابَةً وَ اللَّهِ لَتَرْتَدَّنَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ (1) وَ لَتَشُكَّنَّ فِی هَذَا الدِّینِ وَ لَوْ جَعَلْتُمُ الْأَمْرَ فِی أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ مَا اخْتَلَفَ عَلَیْكُمْ سَیْفَانِ وَ اللَّهِ لَقَدْ صَارَتْ لِمَنْ غَلَبَ وَ لَتَطْمَحَنَ
ص: 195
إِلَیْهَا عَیْنُ مَنْ لَیْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَ لَیُسْفَكَنَّ فِی طَلَبِهَا دِمَاءٌ كَثِیرَةٌ فَكَانَ كَمَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ وَ عَلِمَ خِیَارُكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْأَمْرُ بَعْدِی لِعَلِیٍّ ثُمَّ لِابْنَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ثُمَّ لِلطَّاهِرِینَ مِنْ ذُرِّیَّتِی فَاطَّرَحْتُمْ قَوْلَ نَبِیِّكُمْ وَ تَنَاسَیْتُمْ مَا عَهِدَ بِهِ إِلَیْكُمْ فَأَطَعْتُمُ الدُّنْیَا الْفَانِیَةَ وَ بِعْتُمُ الْآخِرَةَ الْبَاقِیَةَ الَّتِی لَا یَهْرَمُ شَبَابُهَا وَ لَا یَزُولُ نَعِیمُهَا وَ لَا یَحْزَنُ أَهْلُهَا وَ لَا تَمُوتُ سُكَّانُهَا بِالْحَقِیرِ التَّافِهِ الْفَانِی الزَّائِلِ وَ كَذَلِكَ الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُمْ كَفَرَتْ بَعْدَ أَنْبِیَائِهَا وَ نَكَصَتْ عَلَی أَعْقَابِهَا وَ غَیَّرَتْ وَ بَدَّلَتْ وَ اخْتَلَفَتْ فَسَاوَیْتُمُوهُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَذُوقُونَ وَبَالَ أَمْرِكُمْ وَ تُجْزَوْنَ بِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیكُمْ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ قَالَ ارْجِعْ یَا أَبَا بَكْرٍ عَنْ ظُلْمِكَ وَ تُبْ إِلَی رَبِّكَ وَ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ وَ سَلِّمِ الْأَمْرَ لِصَاحِبِهِ الَّذِی هُوَ أَوْلَی بِهِ مِنْكَ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عُنُقِكَ مِنْ بَیْعَتِهِ وَ أَلْزَمَكَ مِنَ النُّفُوذِ تَحْتَ رَایَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ وَ هُوَ مَوْلَاهُ وَ نَبَّهَ عَلَی بُطْلَانِ وُجُوبِ هَذَا الْأَمْرِ لَكَ وَ لِمَنْ عَضَدَكَ عَلَیْهِ بِضَمِّهِ لَكُمَا إِلَی عَلَمِ النِّفَاقِ وَ مَعْدِنِ الشَّنَآنِ وَ الشِّقَاقِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فَلَا اخْتِلَافَ بَیْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِی عَمْرٍو وَ هُوَ كَانَ أَمِیراً عَلَیْكُمَا وَ عَلَی سَائِرِ الْمُنَافِقِینَ فِی الْوَقْتِ الَّذِی أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزَاةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ (1) وَ أَنَّ عَمْراً قَلَّدَكُمَا حَرْسَ عَسْكَرِهِ فَمِنَ الْحَرْسِ إِلَی الْخِلَافَةِ اتَّقِ اللَّهَ وَ بَادِرِ الِاسْتِقَالَةَ قَبْلَ فَوْتِهَا فَإِنَ
ص: 196
ذَلِكَ أَسْلَمُ لَكَ فِی حَیَاتِكَ وَ بَعْدَ وَفَاتِكَ وَ لَا تَرْكَنْ إِلَی دُنْیَاكَ وَ لَا تَغْرُرْكَ قُرَیْشٌ وَ غَیْرُهَا فَعَنْ قَلِیلٍ تَضْمَحِلُّ عَنْكَ دُنْیَاكَ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی رَبِّكَ فَیَجْزِیكَ بِعَمَلِكَ وَ قَدْ عَلِمْتَ وَ تَیَقَّنْتَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَلَّمَهُ إِلَیْهِ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِسَتْرِكَ وَ أَخَفُّ لِوِزْرِكَ فَقَدْ وَ اللَّهِ نَصَحْتُ لَكَ إِنْ قَبِلْتَ نُصْحِی وَ إِلَی اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ثُمَّ قَامَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ (1) فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مَا ذَا لَقِیَ
ص: 197
الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ یَا أَبَا بَكْرٍ أَ نَسِیتَ أَمْ تَنَاسَیْتَ أَمْ خَدَعَتْكَ نَفْسُكَ سَوَّلَتْ لَكَ الْأَبَاطِیلَ أَ وَ لَمْ تَذْكُرْ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ تَسْمِیَةِ عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ النَّبِیُّ بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ قَوْلَهُ فِی عِدَّةِ أَوْقَاتٍ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَاتِلُ الْقَاسِطِینَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ تَدَارَكْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تُدْرِكَهَا وَ أَنْقِذْهَا مِمَّا یُهْلِكُهُا وَ ارْدُدِ الْأَمْرَ إِلَی مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ وَ لَا تَتَمَادَ فِی اغْتِصَابِهِ وَ رَاجِعْ وَ أَنْتَ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَرَاجَعَ فَقَدْ مَحَضْتُكَ النُّصْحَ وَ دَلَلْتُكَ عَلَی طَرِیقِ النَّجَاةِ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ ثُمَّ قَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ یَا مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ یَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ إِنْ كُنْتُمْ عَلِمْتُمْ وَ إِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَوْلَی بِهِ وَ أَحَقُّ بِإِرْثِهِ وَ أَقْوَمُ بِأُمُورِ الدِّینِ وَ آمَنُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ أَحْفَظُ لِمِلَّتِهِ وَ أَنْصَحُ لِأُمَّتِهِ فَمُرُوا صَاحِبَكُمْ فَلْیَرُدَّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ یَضْطَرِبَ حَبْلُكُمْ وَ یَضْعُفَ أَمْرُكُمْ وَ یَظْفَرَ عَدُوُّكُمْ وَ یَظْهَرَ شَتَاتُكُمْ وَ تُعْظُمَ الْفِتْنَةُ بِكُمْ وَ تَخْتَلِفُونَ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ یَطْمَعَ فِیكُمْ عَدُوُّكُمْ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ بَنِی هَاشِمٍ أَوْلَی بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ عَلِیٌّ مِنْ بَیْنِهِمْ وَلِیُّكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ فَرْقٌ ظَاهِرٌ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ فِی حَالٍ بَعْدَ حَالٍ عِنْدَ سَدِّ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَبْوَابَكُمُ الَّتِی كَانَتْ إِلَی الْمَسْجِدِ فَسَدَّهَا كُلَّهَا غَیْرَ بَابِهِ (1) وَ إِیثَارِهِ إِیَّاهُ بِكَرِیمَتِهِ فَاطِمَةَ دُونَ
ص: 198
سَائِرِ مَنْ خَطَبَهَا إِلَیْهِ مِنْكُمْ وَ قَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْیَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا وَ أَنْتُمْ جَمِیعاً مُصْطَرِخُونَ فِیمَا أَشْكَلَ عَلَیْكُمْ مِنْ أُمُورِ دِینِكُمْ إِلَیْهِ وَ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَی مَا لَهُ مِنَ السَّوَابِقِ الَّتِی لَیْسَتْ لِأَفْضَلِكُمْ عِنْدَ نَفْسِهِ فَمَا بَالُكُمْ تَحِیدُونَ عَنْهُ وَ تُغِیرُونَ عَلَی حَقِّهِ وَ تُؤْثِرُونَ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا أَعْطُوهُ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ لَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِینَ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَی أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ ثُمَّ قَامَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ (1) فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَجْحَدْ حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لِغَیْرِكَ
ص: 199
وَ لَا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَصَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی وَصِیِّهِ وَ صَفِیِّهِ وَ صَدَفَ عَنْ أَمْرِهِ ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ تَسْلَمْ وَ لَا تَتَمَادَ فِی غَیِّكَ فَتَنْدَمَ وَ بَادِرِ الْإِنَابَةَ یَخِفَّ وِزْرُكَ وَ لَا تُخَصِّصْ بِهَذَا الْأَمْرِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْهُ اللَّهُ لَكَ نَفْسَكَ فَتَلْقَی وَبَالَ عَمَلِكَ فَعَنْ قَلِیلٍ تُفَارِقُ مَا أَنْتَ فِیهِ وَ تَصِیرُ إِلَی رَبِّكَ فَیَسْأَلُكَ عَمَّا جَنَیْتَ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ ثُمَّ قَامَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَبِلَ شَهَادَتِی وَحْدِی وَ لَمْ یُرِدْ مَعِی غَیْرِی قَالُوا بَلَی قَالَ فَأَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَقُولُ أَهْلُ بَیْتِی یَفْرُقُونَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِینَ یُقْتَدَی بِهِمْ وَ قَدْ قُلْتُ مَا عَلِمْتُ وَ ما عَلَی الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ فَقَالَ وَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَی نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ أَقَامَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَعْنِی فِی یَوْمِ غَدِیرِ خُمٍّ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِلْخِلَافَةِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِیَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ مَوْلَی مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَوْلَاهُ وَ أَكْثَرُوا الْخَوْضَ فِی ذَلِكَ فَبَعَثْنَا رِجَالًا مِنَّا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قُولُوا لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدِی وَ أَنْصَحُ النَّاسِ لِأُمَّتِی وَ قَدْ شَهِدْتُ بِمَا حَضَرَنِی فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَكْفُرْ إِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِیقاتاً ثُمَّ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ اشْهَدُوا عَلَیَّ أَنِّی أَشْهَدُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ رَأَیْتُهُ فِی هَذَا الْمَكَانِ یَعْنِی الرَّوْضَةَ وَ هُوَ آخِذٌ بِیَدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا
ص: 200
النَّاسُ هَذَا عَلِیٌّ إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِی وَ وَصِیِّی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ وَفَاتِی وَ قَاضِی دَینِی وَ مُنْجِزُ وَعْدِی وَ أَوَّلُ مَنْ یُصَافِحُنِی عَلَی حَوْضِی فَطُوبَی لِمَنْ تَبِعَهُ وَ نَصَرَهُ وَ الْوَیْلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَ خَذَلَهُ وَ قَامَ مَعَهُ أَخُوهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ فَقَالَ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَهْلُ بَیْتِی نُجُومُ الْأَرْضِ فَلَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَ قَدِّمُوهُمْ فَهُمُ الْوُلَاةُ بَعْدِی فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَیُّ أَهْلِ بَیْتِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیٌّ وَ الطَّاهِرُونَ مِنْ وُلْدِهِ وَ قَدْ بَیَّنَ علیه السلام فَلَا تَكُنْ یَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ثُمَّ قَامَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فِی أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ وَ رُدُّوا إِلَیْهِمْ حَقَّهُمُ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَقَدْ سَمِعْتُمْ مِثْلَ مَا سَمِعَ إِخْوَانُنَا فِی مَقَامٍ بَعْدَ مَقَامٍ لِنَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَجْلِسٍ بَعْدَ مَجْلِسٍ یَقُولُ أَهْلُ بَیْتِی أَئِمَّتُكُمْ بَعْدِی وَ یُومِئُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ یَقُولُ هَذَا أَمِیرُ الْبَرَرَةِ وَ قَاتِلُ الْكَفَرَةِ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ فَتُوبُوا إِلَی اللَّهِ مِنْ ظُلْمِكُمْ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِیمٌ وَ لَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِینَ وَ لَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُعْرِضِینَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَأُفْحِمَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی الْمِنْبَرِ حَتَّی لَمْ یُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ وَلِیتُكُمْ وَ لَسْتُ بِخَیْرِكُمْ أَقِیلُونِی أَقِیلُونِی (1) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ انْزِلْ عَنْهَا یَا لُكَعُ
ص: 201
إِذَا كُنْتَ لَا تَقُومُ بِحُجَجِ قُرَیْشٍ لِمَ أَقَمْتَ نَفْسَكَ هَذَا الْمَقَامَ وَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْلَعَكَ وَ أَجْعَلَهَا فِی سَالِمٍ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ قَالَ فَنَزَلَ ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِهِ وَ انْطَلَقَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ بَقُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یَدْخُلُونَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الرَّابِعِ جَاءَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ مَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ وَ قَالَ لَهُمْ مَا جُلُوسُكُمْ فَقَدْ طَمَعَ فِیهَا وَ اللَّهِ بَنُو هَاشِمٍ وَ جَاءَهُمْ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ مَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ وَ جَاءَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَ مَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ فَمَا زَالَ یَجْتَمِعُ رَجُلٌ رَجُلٌ حَتَّی اجْتَمَعَ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَخَرَجُوا شَاهِرِینَ أَسْیَافَهُمْ یَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّی وَقَفُوا بِمَسْجِدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عُمَرُ وَ اللَّهِ یَا صَحَابَةَ عَلِیٍّ لَئِنْ ذَهَبَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ یَتَكَلَّمُ بِالَّذِی تَكَلَّمَ بِهِ بِالْأَمْسِ لَنَأْخُذَنَّ الَّذِی فِیهِ عَیْنَاهُ فَقَامَ إِلَیْهِ خَالِدُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ یَا ابْنَ صُهَاكَ الْحَبَشِیَّةِ أَ بِأَسْیَافِكُمْ تُهَدِّدُونَّا أَمْ بِجَمْعِكُمْ تُفْزِعُونَّا وَ اللَّهِ إِنَّ أَسْیَافَنَا أَحَدُّ مِنْ أَسْیَافِكُمْ وَ إِنَّا لَأَكْثَرُ مِنْكُمْ وَ إِنْ كُنَّا قَلِیلِینَ لِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ فِینَا وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنِّی أَعْلَمُ أَنَّ طَاعَةَ إِمَامِی أَوْلَی بِی لَشَهَرْتُ سَیَفِی وَ لَجَاهَدْتُكُمْ فِی اللَّهِ إِلَی أَنْ أُبْلِیَ عُذْرِی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ اجْلِسْ یَا خَالِدُ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَقَامَكَ وَ شَكَرَ لَكَ سَعْیَكَ فَجَلَسَ وَ قَامَ إِلَیْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا صَمَّتَا یَقُولُ بَیْنَا أَخِی وَ ابْنُ عَمِّی جَالِسٌ فِی مَسْجِدِی مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ یَكْبِسُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِلَابِ أَهْلِ النَّارِ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ وَ قَتْلَ مَنْ مَعَهُ وَ لَسْتُ أَشُكُّ إِلَّا وَ إِنَّكُمْ هُمْ فَهَمَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَثَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ ثُمَّ جَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ صُهَاكَ الْحَبَشِیَّةِ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ وَ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقَدَّمَ لَأَرَیْتُكَ أَیُّنَا أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَوَ اللَّهِ لَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ إِلَّا كَمَا دَخَلَ أَخَوَایَ مُوسَی وَ هَارُونَ إِذْ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ وَ اللَّهِ
ص: 202
لَا أَدْخُلُ إِلَّا لِزِیَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ لِقَضِیَّةٍ أَقْضِیهَا فَإِنَّهُ لَا یَجُوزُ لِحُجَّةٍ أَقَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُتْرَكَ النَّاسُ فِی حَیْرَةٍ (1).
بیان: أوعز إلیه فی كذا تقدم قوله علیه السلام و لقد راودت فی ذلك تقیید بیّنتی كذا فی أكثر النسخ و لعل فیه تصحیفا و علی تقدیره لعل المعنی أنی كنت أعلم أن ذلك لا ینفع و لكن أردت بذلك أن لا تضیع و تضمحل حجتی علیهم و تكون مقیدة محفوظة مر الدهور لیعلموا بذلك أنی ما بایعت طوعا أو لضبط حجتی عند اللّٰه تعالی و فی بعض النسخ و لقد راودت فی ذلك نفسی فیكون كنایة عن التدبر و التأمل.
قوله علیه السلام لقد تاب اللّٰه بالنبی.
أقول: قد مر الكلام فی هذه الآیة و روی الطبرسی تلك القراءة عن الرضا علیه السلام (2) و الصندید بالكسر السید الشجاع و النجدة الشجاعة و یقال ما یغنی عنك هذا أی ما یجدی عنك و لا ینفعك و الإبلاس الانكسار و الحزن یقال أبلس فلان إذا سكت غما و یقال وجأت عنقه وجاء أی ضربته و یقال تناساه إذا أری من نفسه أنه نسیه قوله حذرا تعلیل للعقد قوله یصفو لك الأمر لعل المعنی یظهر لك الحق صریحا من غیر شبهة قوله فاللّٰه أی اتق اللّٰه و القسم بعید قوله فقد أعذر أی صار ذا عذر و بین عذره و قوله فكان كما قال كلام الصادق علیه السلام و التافه الحقیر الیسیر قوله فمن الحرس إلی الخلافة هو استفهام إنكار إلی أ تنتهی أو تترقی من حراسة الجند التی هی أخس الأمور إلی الخلافة الكبری قوله و فرق بالجر عطفا علی العهد أو بالرفع بتقدیر أی له فرق ظاهر و الاستصراخ الاستغاثة و صدف عنه أعرض و أفحم علی بناء المفعول سكت فلم یطق جوابا و یقال ما أحار جوابا أی ما رد و اللكع كصرد اللئیم و
ص: 203
الأحمق و من لا یتجه لمنطق و لا غیره و یقال أبلاه عذرا أی أداه إلیه فقبله.
«3»-ج، الإحتجاج عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ احْتَزَمَ بِإِزَارِهِ وَ جَعَلَ یَطُوفُ بِالْمَدِینَةِ وَ یُنَادِی أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ بُویِعَ لَهُ فَهَلُمُّوا إِلَی الْبَیْعَةِ (1) فَیَنْثَالُ النَّاسُ فَیُبَایِعُونَ فَعَرَفَ أَنَّ جَمَاعَةً فِی بُیُوتٍ مُسْتَتِرُونَ فَكَانَ یَقْصِدُهُمْ فِی جَمْعٍ فَیَكْبِسُهُمْ وَ یُحْضِرُهُمْ فِی الْمَسْجِدِ فَیُبَایِعُونَ حَتَّی إِذَا مَضَتْ أَیَّامٌ أَقْبَلَ فِی جَمْعٍ كَثِیرٍ إِلَی مَنْزِلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَطَالَبَهُ بِالْخُرُوجِ فَأَبَی فَدَعَا عُمَرُ بِحَطَبٍ وَ نَارٍ وَ قَالَ وَ الَّذِی نَفْسُ عُمَرَ بِیَدِهِ لَیَخْرُجَنَّ أَوْ لَأُحْرِقَنَّهُ عَلَی مَا فِیهِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ فِیهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وُلْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمَّا عَرَفَ إِنْكَارَهُمْ قَالَ مَا بَالُكُمْ أَ تَرَوْنِی فَعَلْتُ ذَلِكَ إِنَّمَا أَرَدْتُ التَّهْوِیلَ (2) فَرَاسَلَهُمْ عَلِیٌّ أَنْ لَیْسَ إِلَی خُرُوجِی حِیلَةٌ لِأَنِّی فِی جَمْعِ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِی قَدْ نَبَذْتُمُوهُ وَ أَلْهَتْكُمُ الدُّنْیَا عَنْهُ وَ قَدْ حَلَفْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنْ بَیْتِی وَ لَا أَضَعَ رِدَائِی عَلَی عَاتِقِی حَتَّی
ص: 204
أَجْمَعَ الْقُرْآنَ (1) قَالَ وَ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِمْ فَوَقَفَتْ عَلَی الْبَابِ ثُمَّ قَالَتْ لَا عَهْدَ لِی بِقَوْمٍ أَسْوَأَ مَحْضَراً مِنْكُمْ تَرَكْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ جِنَازَةً بَیْنَ أَیْدِینَا وَ قَطَعْتُمْ أَمْرَكُمْ فِیمَا بَیْنَكُمْ فَلَمْ تُؤَمِّرُونَا وَ لَمْ تَرَوْا لَنَا حَقَّنَا كَأَنَّكُمْ لَمْ تَعْلَمُوا مَا قَالَ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ وَ اللَّهِ لَقَدْ عَقَدَ لَهُ یَوْمَئِذٍ الْوَلَاءَ لِیَقْطَعَ مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْهَا الرَّجَاءَ وَ لَكِنَّكُمْ قَطَعْتُمُ الْأَسْبَابَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ نَبِیِّكُمْ وَ اللَّهُ حَسِیبٌ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ (2).
«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادٍ سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ إِبْلِیسَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّهُ قَالَ: تَمَثَّلَ إِبْلِیسُ فِی أَرْبَعِ صُوَرٍ تَصَوَّرَ یَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی صُورَةِ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لَا تَجْعَلُوهَا كِسْرَوَانِیَّةً وَ لَا قَیْصَرَانِیَّةً وَسِّعُوهَا تَتَّسِعْ فَلَا تَرُدُّوهَا فِی بَنِی هَاشِمٍ فَیُنْتَظَرَ بِهَا الْحَبَالَی (3).
بیان: أی حتی لا یخرجوها منهم بحیث إذا كان منهم حمل فی بطن أمه انتظروا
ص: 205
خروجه و لم یجوزوا لغیره (1).
«5»-ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْرِجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مِنْ مَنْزِلِهِ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَمَا بَقِیَتْ هَاشِمِیَّةٌ إِلَّا خَرَجَتْ مَعَهَا حَتَّی انْتَهَتْ قَرِیباً مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ خَلُّوا عَنِ ابْنِ عَمِّی فَوَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَئِنْ لَمْ تُخَلُّوا عَنْهُ لَأَنْشُرَنَّ شَعْرِی وَ لَأَضَعَنَّ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَأْسِی وَ لَأَصْرُخَنَّ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَمَا نَاقَةُ صَالِحٍ بِأَكْرَمَ عَلَی اللَّهِ مِنِّی وَ لَا الْفَصِیلُ بِأَكْرَمَ عَلَی اللَّهِ مِنْ وُلْدِی قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ كُنْتُ قَرِیباً مِنْهَا فَرَأَیْتُ وَ اللَّهِ أَسَاسَ حِیطَانِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقَلَّعَتْ مِنْ أَسْفَلِهَا حَتَّی لَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ یَنْفُذَ مِنْ تَحْتِهَا نَفَذَ فَدَنَوْتُ مِنْهَا فَقُلْتُ یَا سَیِّدَتِی وَ مَوْلَاتِی إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ أَبَاكِ رَحْمَةً فَلَا تَكُونِی نَقِمَةً فَرَجَعَتْ وَ رَجَعْتِ الْحِیطَانُ حَتَّی سَطَعَتِ الْغَبَرَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَدَخَلَتْ فِی خَیَاشِیمِنَا (2).
«6»-ل، الخصال فِیمَا ذَكَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی جَوَابِ الَّذِی سَأَلَ عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ علیه السلام وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّرَنِی فِی حَیَاتِهِ عَلَی جَمِیعِ أُمَّتِهِ وَ أَخَذَ عَلَی جَمِیعِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْهُمُ الْبَیْعَةَ وَ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَمْرِی وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ذَلِكَ فَكُنْتُ الْمُؤَدِّیَ إِلَیْهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمْرَهُ إِذَا حَضَرْتُهُ وَ الْأَمِیرَ عَلَی مَنْ حَضَرَنِی مِنْهُمْ إِذَا فَارَقْتُهُ لَا تَخْتَلِجُ فِی نَفْسِی مُنَازَعَةُ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ لِی فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْأَمْرِ فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِتَوْجِیهِ الْجَیْشِ الَّذِی وَجَّهَهُ مَعَ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ عِنْدَ الَّذِی أَحْدَثَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِی تَوَفَّاهُ فِیهِ فَلَمْ یَدَعِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَحَداً مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ
ص: 206
وَ لَا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ یَخَافُ عَلَی نَقْضِهِ وَ مُنَازَعَتِهِ وَ لَا أَحَداً مِمَّنْ یَرَانِی بِعَیْنِ الْبَغْضَاءِ مِمَّنْ قَدْ وَتَرْتُهُ بِقَتْلِ أَبِیهِ أَوْ أَخِیهِ أَوْ حَمِیمِهِ إِلَّا وَجَّهَهُ فِی ذَلِكَ الْجَیْشِ وَ لَا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ الْمُنَافِقِینَ لِتَصْفُوَ قُلُوبُ مَنْ یَبْقَی مَعِی بِحَضْرَتِهِ وَ لِئَلَّا یَقُولَ قَائِلٌ شَیْئاً مِمَّا أَكْرَهُهُ وَ لَا یَدْفَعَنِی دَافِعٌ عَنِ الْوِلَایَةِ وَ الْقِیَامِ بِأَمْرِ رَعِیَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ كَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِهِ أَنْ یَمْضِیَ جَیْشُ أُسَامَةَ وَ لَا یَتَخَلَّفَ عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ أَنْهَضَ مَعَهُ وَ تَقَدَّمَ فِی ذَلِكَ أَشَدَّ التَّقَدُّمِ وَ أَوْعَزَ فِیهِ أَبْلَغَ الْإِیعَازِ وَ أَكَّدَ فِیهِ أَكْثَرَ التَّأْكِیدِ فَلَمْ أَشْعُرْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا بِرِجَالٍ مِنْ بَعْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ وَ أَهْلِ عَسْكَرِهِ قَدْ تَرَكُوا مَرَاكِزَهُمْ وَ أَخْلَوْا بِمَوَاضِعِهِمْ وَ خَالَفُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیمَا أَنْهَضَهُمْ لَهُ وَ أَمَرَهُمْ بِهِ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ مِنْ مُلَازَمَةِ أَمِیرِهِمْ وَ السَّیْرِ مَعَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ حَتَّی یُنْفَذَ لِوَجْهِهِ الَّذِی أَنْفَذَهُ إِلَیْهِ فَخَلَّفُوا أَمِیرَهُمْ مُقِیماً فِی عَسْكَرِهِ وَ أَقْبَلُوا یَتَبَادَرُونَ عَلَی الْخَیْلِ رَكْضاً إِلَی حَلِّ عُقْدَةٍ عَقَدَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ لِی فِی أَعْنَاقِهِمْ فَحَلُّوهَا وَ عَهْدٍ عَاهَدُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَنَكَثُوهُ وَ عَقَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَقْداً ضَجَّتْ بِهِ أَصْوَاتُهُمْ وَ اخْتَصَّتْ بِهِ آرَاؤُهُمْ مِنْ غَیْرِ مُنَاظَرَةٍ لِأَحَدٍ مِنَّا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ مُشَارَكَةٍ فِی رَأْیٍ أَوِ اسْتِقَالَةٍ لِمَا فِی أَعْنَاقِهِمْ مِنْ بَیْعَتِی فَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ مَشْغُولٌ وَ بِتَجْهِیزِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَشْیَاءِ مَصْدُودٌ فَإِنَّهُ كَانَ أَهَمَّهَا وَ أَحَقَّ مَا بُدِئَ بِهِ مِنْهَا فَكَانَ هَذَا یَا أَخَا الْیَهُودِ أَقْرَحَ مَا وَرَدَ عَلَی قَلْبِی مَعَ الَّذِی أَنَا فِیهِ مِنْ عَظِیمِ الرَّزِیَّةِ وَ فَاجِعِ الْمُصِیبَةِ وَ فَقْدِ مَنْ لَا خَلَفَ مِنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَصَبَرْتُ عَلَیْهَا إِذْ أَتَتْ بَعْدَ أُخْتِهَا عَلَی تَقَارُبِهَا وَ سُرْعَةِ اتِّصَالِهَا ثُمَّ الْتَفَتَ علیه السلام إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَیْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1).
ص: 207
بیان: قال الجوهری یقال هو من أفناء الناس إذا لم یعلم ممن هو.
«7»-ل، الخصال ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ (1) عَنِ النَّهِیكِیِّ عَنْ خَلَفِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كَانَ الَّذِینَ أَنْكَرُوا عَلَی أَبِی بَكْرٍ جُلُوسَهُ فِی الْخِلَافَةِ وَ تَقَدُّمَهُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ خَالِدُ بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ وَ كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ غَیْرُهُمْ (2) فَلَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ تَشَاوَرُوا بَیْنَهُمْ فِی أَمْرِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَلَّا نَأْتِیهِ فَنُنْزِلَهُ عَنْ
ص: 208
مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ آخَرُونَ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ أَعَنْتُمْ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تُلْقُوا بِأَیْدِیكُمْ إِلَی التَّهْلُكَةِ وَ لَكِنِ امْضُوا بِنَا إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام نَسْتَشِیرُهُ وَ نَسْتَطْلِعُ أَمْرَهُ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ضَیَّعْتَ نَفْسَكَ وَ تَرَكْتَ حَقّاً أَنْتَ أَوْلَی بِهِ وَ قَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَأْتِیَ الرَّجُلَ فَنُنْزِلَهُ عَنْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ الْحَقَّ حَقُّكَ وَ أَنْتَ أَوْلَی بِالْأَمْرِ مِنْهُ فَكَرِهْنَا أَنْ نُنْزِلَهُ مِنْ دُونِ مُشَاوَرَتِكَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مَا كُنْتُمْ إِلَّا حَرْباً لَهُمْ وَ لَا كُنْتُمْ إِلَّا كَالْكُحْلِ فِی الْعَیْنِ أَوْ كَالْمِلْحِ فِی الزَّادِ وَ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَیْهِ الْأُمَّةُ التَّارِكَةُ لِقَوْلِ نَبِیِّهَا وَ الْكَاذِبَةُ
ص: 209
عَلَی رَبِّهَا وَ لَقَدْ شَاوَرْتُ فِی ذَلِكَ أَهْلَ بَیْتِی فَأَبَوْا إِلَّا السُّكُوتَ لِمَا یَعْلَمُونَ مِنْ وَغْرِ صُدُورِ الْقَوْمِ وَ بُغْضِهِمْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِأَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ وَ أَنَّهُمْ یُطَالِبُونَ بِثَأْرَاتِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَشَهَرُوا سُیُوفَهُمْ مُسْتَعِدِّینَ لِلْحَرْبِ وَ الْقِتَالِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّی قَهَرُونِی وَ غَلَبُونِی عَلَی نَفْسِی وَ لَبَّبُونِی وَ قَالُوا لِی بَایِعْ وَ إِلَّا قَتَلْنَاكَ فَلَمْ أَجِدْ حِیلَةً إِلَّا أَنْ أَدْفَعَ الْقَوْمَ عَنْ نَفْسِی وَ ذَاكَ أَنِّی ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنَّ الْقَوْمَ نَقَضُوا أَمْرَكَ وَ اسْتَبَدُّوا بِهَا دُونَكَ وَ عَصَوْنِی فِیكَ فَعَلَیْكَ بِالصَّبْرِ حَتَّی یُنْزِلَ اللَّهُ الْأَمْرَ وَ إِنَّهُمْ سَیَغْدِرُونَ بِكَ لَا مَحَالَةَ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ سَبِیلًا إِلَی إِذْلَالِكَ وَ سَفْكِ دَمِكَ فَإِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِی كَذَلِكَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام مِنْ رَبِّی تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَكِنِ ائْتُوا الرَّجُلَ فَأَخْبِرُوهُ بِمَا سَمِعْتُمْ مِنْ نَبِیِّكُمْ وَ لَا تَدَعُوهُ فِی الشُّبْهَةِ مِنْ أَمْرِهِ لِیَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لِلْحُجَّةِ عَلَیْهِ وَ أَبْلَغَ فِی عُقُوبَتِهِ إِذَا أَتَی رَبَّهُ وَ قَدْ عَصَی نَبِیَّهُ وَ خَالَفَ أَمْرَهُ قَالَ فَانْطَلَقُوا حَتَّی حَفُّوا بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالُوا لِلْمُهَاجِرِینَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَدَأَ بِكُمْ فِی الْقُرْآنِ فَقَالَ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَی النَّبِیِّ وَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ فَبِكُمْ بَدَأَ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ وَ قَامَ خَالِدَ بْنَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ بِإِدْلَالِهِ بِبَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ اتَّقِ اللَّهَ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا تَقَدَّمَ لِعَلِیٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَنَا وَ نَحْنُ مُحْتَوِشُوهُ فِی یَوْمِ بَنِی قُرَیْظَةَ وَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَی رِجَالٍ مِنَّا ذَوِی قَدْرٍ فَقَالَ مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ أُوصِیكُمْ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظُوهَا وَ إِنِّی مُؤَدٍّ إِلَیْكُمْ أَمْراً فَاقْبَلُوهُ أَلَا إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَمِیرُكُمْ مِنْ بَعْدِی وَ خَلِیفَتِی فِیكُمْ أَوْصَانِی بِذَلِكَ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَحْفَظُوا وَصِیَّتِی فِیهِ وَ تُؤْوُوهُ وَ تَنْصُرُوهُ اخْتَلَفْتُمْ فِی أَحْكَامِكُمْ وَ اضْطَرَبَ عَلَیْكُمْ أَمْرُ دِینِكُمْ وَ وَلِیَ عَلَیْكُمُ الْأَمْرَ شِرَارُكُمْ أَلَا وَ إِنَّ أَهْلَ بَیْتِی هُمُ الْوَارِثُونَ أَمْرِی الْقَائِمُونَ بِأَمْرِ أُمَّتِی اللَّهُمَّ فَمَنْ حَفِظَ فِیهِمْ وَصِیَّتِی فَاحْشُرْهُ فِی زُمْرَتِی وَ اجْعَلْ لَهُ مِنْ مُرَافَقَتِی نَصِیباً یُدْرِكُ بِهِ فَوْزَ الْآخِرَةِ اللَّهُمَّ وَ مَنْ أَسَاءَ خِلَافَتِی فِی أَهْلِ بَیْتِی فَاحْرِمْهُ الْجَنَّةَ الَّتِی عَرْضُهَا السَّماواتُ
ص: 210
وَ الْأَرْضُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اسْكُتْ یَا خَالِدُ فَلَسْتَ مِنْ أَهْلِ الشُّورَی وَ لَا مِمَّنْ یُرْضَی بِقَوْلِهِ فَقَالَ خَالِدٌ بَلْ اسْكُتْ أَنْتَ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ لَتَنْطِقُ بِغَیْرِ لِسَانِكَ وَ تَعْتَصِمُ بِغَیْرِ أَرْكَانِكَ وَ اللَّهِ إِنَّ قُرَیْشاً لَتَعْلَمُ أَنَّكَ أَلْأَمُهَا حَسَباً وَ أَقَلُّهَا أَدَباً وَ أَخْمَلُهَا ذِكْراً وَ أَقَلُّهَا غَنَاءً عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَنْ رَسُولِهِ وَ إِنَّكَ لَجَبَانٌ عِنْدَ الْحَرْبِ بَخِیلٌ فِی الْجَدْبِ لَئِیمُ الْعُنْصُرِ مَا لَكَ فِی قُرَیْشٍ مَفْخَرٌ قَالَ فَأَسْكَتَهُ خَالِدٌ فَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ یَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ وَ عَلِمَ خِیَارُكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْأَمْرُ لِعَلِیٍّ علیه السلام بَعْدِی ثُمَّ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ثُمَّ فِی أَهْلِ بَیْتِی مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَاطَّرَحْتُمْ قَوْلَ نَبِیِّكُمْ وَ تَنَاسَیْتُمْ مَا أَوْعَزَ إِلَیْكُمْ وَ اتَّبَعْتُمُ الدُّنْیَا وَ تَرَكْتُمْ نَعِیمَ الْآخِرَةِ الْبَاقِیَةِ الَّتِی لَا یُهْدَمُ بُنْیَانُهَا وَ لَا یَزُولُ نَعِیمُهَا وَ لَا یَحْزَنُ أَهْلُهَا وَ لَا یَمُوتُ سُكَّانُهَا وَ كَذَلِكَ الْأُمَمُ الَّتِی كَفَرَتْ بَعْدَ أَنْبِیَائِهَا فَبَدَّلَتْ وَ غَیَّرَتْ فَحَاذَیْتُمُوهَا حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ وَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ فَعَمَّا قَلِیلٍ تَذُوقُونَ وَبَالَ أَمْرِكُمْ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ ثُمَّ قَامَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (1) فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ إِلَی مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ الْقَضَاءُ وَ إِلَی مَنْ تَفْزَعُ إِذَا سُئِلْتَ عَمَّا لَا تَعْلَمُ وَ فِی الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَ أَكْثَرُ فِی الْخَیْرِ أَعْلَاماً وَ مَنَاقِبَ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَرَابَةً
ص: 211
وَ قِدْمَةً فِی حَیَاتِهِ وَ قَدْ أَوْعَزَ إِلَیْكُمْ فَتَرَكْتُمْ قَوْلَهُ وَ تَنَاسَیْتُمْ وَصِیَّتَهُ فَعَمَّا قَلِیلٍ یَصْفُو لَكَ الْأَمْرُ حِینَ تَزُورُ الْقُبُورَ وَ قَدْ أَثْقَلْتَ ظَهْرَكَ مِنَ الْأَوْزَارِ لَوْ حُمِلْتَ إِلَی قَبْرِكَ لَقَدِمْتَ عَلَی مَا قَدَّمْتَ فَلَوْ رَاجَعْتَ الْحَقَّ وَ أَنْصَفْتَ أَهْلَهُ لَكَانَ ذَلِكَ نَجَاةً لَكَ یَوْمَ تَحْتَاجُ إِلَی عَمَلِكَ وَ تَفَرَّدُ فِی حُفْرَتِكَ بِذُنُوبِكَ وَ قَدْ سَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا وَ رَأَیْتَ كَمَا رَأَیْنَا فَلَمْ یَرْدَعْكَ ذَلِكَ عَمَّا أَنْتَ لَهُ فَاعِلٌ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ رحمه اللّٰه فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ ارْبَعْ عَلَی نَفْسِكَ وَ قِسْ شِبْرَكَ بِفِتْرِكَ وَ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَسْلَمُ لَكَ فِی حَیَاتِكَ وَ مَمَاتِكَ وَ رُدَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَی حَیْثُ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا وَ لَا یَغُرَّنَّكَ مَنْ قَدْ تَرَی مِنْ أَوْغَادِهَا فَعَمَّا قَلِیلٍ تَضْمَحِلُّ دُنْیَاكَ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی رَبِّكَ فَیَجْزِیكَ بِعَمَلِكَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِعَلِیٍّ وَ هُوَ صَاحِبُهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ نَصَحْتُكَ إِنْ قَبِلْتَ نُصْحِی ثُمَّ قَامَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ نَسِیتَ أَمْ تَنَاسَیْتَ أَمْ خَادَعَتْكَ نَفْسُكَ أَ مَا تَذْكُرُ إِذْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَلَّمْنَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ نَبِیُّنَا بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَاتَّقِ اللَّهَ رَبَّكَ وَ أَدْرِكْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تُدْرِكَهَا وَ أَنْقِذْهَا مِنْ هَلَكَتِهَا وَ دَعْ هَذَا الْأَمْرَ وَ كِلْهُ إِلَی مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ وَ لَا تَمَادَ فِی غَیِّكَ وَ ارْجِعْ وَ أَنْتَ تَسْتَطِیعُ الرُّجُوعَ وَ قَدْ مَنَحْتُكَ نُصْحِی وَ بَذَلْتُ لَكَ مَا عِنْدِی وَ إِنْ قَبِلْتَ وُفِّقْتَ وَ رَشَدْتَ ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ قَدْ عَلِمْتُمْ وَ عَلِمَ خِیَارُكُمْ أَنَّ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَدَّعُونَ هَذَا الْأَمْرَ بِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَقُولُونَ إِنَّ السَّابِقَةَ لَنَا فَأَهْلُ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْكُمْ وَ أَقْدَمُ سَابِقَةً مِنْكُمْ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ فَأَعْطُوهُ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَی أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ
ص: 212
ثُمَّ قَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رحمه اللّٰه فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَجْعَلْ لِنَفْسِكَ حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِغَیْرِكَ وَ لَا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَصَی رَسُولَ اللَّهِ وَ خَالَفَهُ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ یَخِفُّ ظَهْرُكَ وَ یَقِلُّ وِزْرُكَ وَ تَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی الرَّحْمَنِ فَیُحَاسِبُكَ بِعَمَلِكَ وَ یَسْأَلُكَ عَمَّا فَعَلْتَ ثُمَّ قَامَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبِلَ شَهَادَتِی وَحْدِی وَ لَمْ یُرِدْ مَعِی غَیْرِی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَهْلُ بَیْتِی یَفْرُقُونَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِینَ یُقْتَدَی بِهِمْ ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ فَقَالَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَی النَّبِیِّ أَنَّهُ أَقَامَ عَلِیّاً فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِلْخِلَافَةِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِیُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّهُ وَلِیُّ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَوْلَاهُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ أَهْلَ بَیْتِی نُجُومُ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَدِّمُوهُمْ وَ لَا تَقَدَّمُوهُمْ ثُمَّ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَلَی الْمِنْبَرِ إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ أَنْصَحُ النَّاسِ لِأُمَّتِی ثُمَّ قَامَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ فِی أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ وَ رُدُّوا هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْهِمْ فَقَدْ سَمِعْتُمْ كَمَا سَمِعْنَا فِی مَقَامٍ بَعْدَ مَقَامٍ مِنْ نَبِیِّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُمْ أَوْلَی بِهِ مِنْكُمْ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَامَ زَیْدُ بْنُ وَهْبٍ (1) فَتَكَلَّمَ وَ قَامَ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُ فَتَكَلَّمُوا بِنَحْوِ هَذَا فَأَخْبَرَ الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَلَسَ فِی بَیْتِهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ أَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةُ رِجَالٍ مِنْ عَشَائِرِهِمْ شَاهِرِینَ لِلسُّیُوفِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَ عَلَا الْمِنْبَرَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ لَئِنْ عَادَ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ الَّذِی تَكَلَّمَ بِهِ لَنَمْلَأَنَّ أَسْیَافَنَا مِنْهُ
ص: 213
فَجَلَسُوا فِی مَنَازِلِهِمْ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ (1).
«8»-شف، كشف الیقین فیما نذكره عن أحمد بن محمد الطبری المعروف بالخلیلی من رواتهم و رجالهم فیما رواه من إنكار اثنی عشر نفسا علی أبی بكر بصریح مقالهم عقیب ولایته علی المسلمین و ما ذكره بعضهم بما عرف من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ و رواه أیضا محمد بن جریر الطبری صاحب التاریخ فی كتاب مناقب أهل البیت علیهم السلام و یزید بعضهم علی بعض فی روایته (2)
اعلم أن هذا الحدیث روته الشیعة متواترین و لو كانت هذه الروایة برجال الشیعة ما نقلناه لأنهم عند مخالفیهم متهمون و لكن نذكره حیث هو من طریقهم الذی یعتمدون علیه و درك ذلك علی من رواه و صنفه فی كتاب المشار إلیه فقال أحمد بن محمد الطبری ما هذا لفظه خبر الاثنی عشر الذین أنكروا علی أبی بكر جلوسه فی مجلس رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حدثنا أبو علی الحسن بن علی بن النحاس الكوفی العدل الأسدی قال حدثنا أحمد بن أبی الحسین العامری قال حدثنی عمی أبو معمر شعبة بن خیثم
ص: 214
الأسدی قال حدثنی عثمان الأعشی (1) عن زید بن وهب و ذكر مثله إلی آخر الخبر مع تغییر یسیر (2)
بیان: فی شف كشف الیقین عمرو بن سعید مكان خالد بن سعید و هما أخوان من بنی أمیة أسلما بمكة و هاجرا إلی الحبشة و لعل ما فی شف كشف الیقین أظهر لأن ابن الأثیر و غیره ذكروا أنه كان عند وفاة النبی بالیمن عاملا علی صدقاته و إن أمكن أن یكون جاء فی هذا الوقت.
و أیضا فی شف كشف الیقین لم یذكر عبد اللّٰه بن مسعود و عدَّ أبی بن كعب من الأنصار و ذكر فی الأنصار عثمان بن حنیف أیضا فعدّ من كل من المهاجرین و الأنصار ستة و فیه و قال آخرون إنكم إن أتیتموه لتنزلوه عن منبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أعنتم علی أنفسكم و قد قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لا ینبغی للمؤمن أن یذل نفسه و لكن امضوا بنا.
و فیه و نعلمه أن الحق حقك و أنك أولی بالأمر منه و كرهنا أن نركب أمرا من دون مشاورتك و فیه أهل بیتی و صالح المؤمنین فأبوا و فیه و ایم
ص: 215
اللّٰه لو فعلتم لكنتم كأنا إذ أتونی و قد شهروا سیوفهم مستعدین للحرب و القتال حتی قهرونی.
و قال الجوهری لبّبت الرجل تلبیبا إذا جمعت ثیابه عند صدره و نحره فی الخصومة ثم جررته و قال هو یدل بفلان أی یثق به و فی شف كشف الیقین فقالوا یا معاشر المهاجرین إن اللّٰه قد قدمكم فقال لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَی النَّبِیِّ وَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ و قال وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ فكان أول من تكلم عمرو بن سعید بن العاص إلی قوله و نحن محتوشوه یوم بنی قریظة إذ فتح اللّٰه علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد قتل علی علیه السلام عشرة من رجالهم و أولی النجدة منهم فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یا معشر المهاجرین و یقال احتوش القوم علی فلان أی جَعَلُوهُ وَسْطَهُمْ.
و فی شف كشف الیقین ولیكم شراركم و فیه هم الوارثون لأمری القائمون بأمر أمتی من بعدی اللّٰهم فمن أطاعنی من أمتی و حفظ و فیه و من أساء خلافتی فیهم و فیه اسكت یا عمرو و فیه فقال له عمرو.
قوله تنطق بغیر لسانك أی تنطق بما لیس من شأنك التكلم به أو لأجل غیرك و الأول أظهر و كذا الثانیة و فی شف كشف الیقین ألأمها حسبا و أدناها منصبا قوله فأسكته فی شف كشف الیقین قال فسكت عمر و جعل یقرع سنه بأنامله قوله لا یهدم بنیانها فی شف كشف الیقین لا یهرم شبابها إلی قوله و لا یموت ساكنها بقلیل من الدنیا فَانٍ و كذلك الأمم من قبلكم كفرت قوله قرابة و قدمه فی شف كشف الیقین قرابة منك قد قدمه فی حیاته و أوعز إلیكم عند وفاته فنبذتم قوله إلی قوله و حملت معك إلی قبرك ما قدمت یداك فإن راجعت قوله اربع علی نفسك فی شف كشف الیقین علی ظلعك إلی قوله و قد علمت أن علیا علیه السلام صاحب هذا الأمر من بعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فاجعله له فإن ذلك أسلم لك و أحسن لذكرك و أعظم لأجرك و قد نصحت لك إن قبلت نصحی و إلی اللّٰه ترجع بخیر كان أو بشر و قال الجوهری ربع الرجل یربع إذا
ص: 216
وقف و تحبس و منه قولهم اربع علی نفسك و اربع علی ظلعك أی ارفق بنفسك و كف و لا تحمل علیها أكثر مما تطیق و قال الجزری فی الحدیث فإنه لا یربع علی ظلعك من لیس یحزنه أمرك الظلع بالكسر العرج و قد ظلع یظلع ظلعا فهو ظالع و المعنی لا یقیم علیك فی حال ضعفك و عرجك إلا من یهتم لأمرك و شأنك و یحزنه أمرك انتهی.
و الفتر بالكسر ما بین طرف الإبهام و طرف المسبحة أی كما أن فترك لا یمكن أن یكون بقدر شبرك فكذا مراتب الرجال تختلف بحسب القابلیة و لا یمكن للأدنی الترقی إلی درجة الأعلی و الأوغاد جمع وغد و هو الرجل الدنی الذی یخدم بطعام بطنه قوله و أدرك نفسك فی شف كشف الیقین و تدارك نفسك قبل أن لا تداركها و ادفع هذا الأمر إلی من هو أحق به منك و لیس فیه قول عبد اللّٰه بن مسعود و عدم كون ابن مسعود بین هؤلاء أظهر و أوفق بسائر ما نقل فی أحواله (1)
ص: 217
و لنذكر بعد ذلك تتمة روایة السید للاختلاف الكثیر بین الروایتین و هو هكذا.
ثُمَّ قَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَمُرُوا صَاحِبَكُمْ فَلْیَرُدَّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ یَضْطَرِبَ حَبْلُكُمْ وَ یَضْعُفَ مَسْلَكُكُمْ وَ تَخْتَلِفُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ بَنِی هَاشِمٍ أَوْلَی بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ قُلْتُمْ إِنَّ السَّابِقَةَ لَنَا فَأَهْلُ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَقْدَمُ مِنْكُمْ سَابِقَةً وَ أَعْظَمُ غَنَاءً مِنْ صَاحِبِهِمْ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ نَبِیِّكُمْ فَأَعْطُوهُ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلی أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ ثُمَّ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَجْحَدْ حَقّاً مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ وَ لَا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَصَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَدِّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ یَخَفَّ ظَهْرُكَ وَ یَقِلَّ وِزْرُكَ وَ تَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ رَاضِیاً وَ لَا تَخْتَصَّ بِهِ نَفْسَكَ فَعَمَّا قَلِیلٍ یَنْقَضِی عَنْكَ مَا أَنْتَ فِیهِ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ فَیُحَاسِبُكَ بِعَمَلِكَ وَ یَسْأَلُكَ عَمَّا جِئْتَ لَهُ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ ثُمَّ قَامَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبِلَ شَهَادَتِی وَحْدِی وَ لَمْ یُرِدْ مَعِی غَیْرِی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلِیٌّ إِمَامُكُمْ بَعْدِی.
قَالَ وَ قَامَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ص: 218
صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَهْلُ بَیْتِی یَفْرُقُونَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِینَ یُقْتَدَی بِهِمْ:
وَ قَامَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ فَقَالَ: وَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَی نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ أَقَامَ عَلِیّاً لِنُسَلِّمَ لَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِلْخِلَافَةِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِیُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّهُ مَوْلَی مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَوْلَاهُ فَتَشَاجَرُوا فِی ذَلِكَ فَبَعَثُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلًا یَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ وَلِیُّكُمْ بَعْدِی وَ أَنْصَحُ النَّاسِ لَكُمْ بَعْدَ وَفَاتِی:
وَ قَامَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَهْلُ بَیْتِی نُجُومُ الْأَرْضِ وَ نُورُ الْأَرْضِ فَلَا تَقَدَّمُوهُمْ وَ قَدِّمُوهُمْ فَهُمُ الْوُلَاةُ بَعْدِی فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَیُّ أَهْلِ بَیْتِكَ أَوْلَی بِذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ وَ وُلْدُهُ وَ قَامَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ فِی أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ وَ رُدُّوا إِلَیْهِمْ حَقَّهُمُ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَقَدْ سَمِعْنَا مِثْلَ مَا سَمِعَ إِخْوَانُنَا فِی مَقَامٍ بَعْدَ مَقَامٍ لِنَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَجْلِسٍ بَعْدَ مَجْلِسٍ یَقُولُ أَهْلُ بَیْتِی أَئِمَّتُكُمْ بَعْدِی.
قَالَ فَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ فِی بَیْتِهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَأَتَاهُ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَعِیدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ فَأَتَاهُ كُلٌّ مِنْهُمْ مُتَسَلِّحاً فِی قَوْمِهِ حَتَّی أَخْرَجُوهُ مِنْ بَیْتِهِ ثُمَّ أَصْعَدُوهُ الْمِنْبَرَ وَ قَدْ سَلُّوا سُیُوفَهُمْ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ لَئِنْ عَادَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمِثْلِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَعَاعٌ مِنْكُمْ بِالْأَمْسِ لَنَمْلَأَنَّ سُیُوفَنَا مِنْهُ فَأَحْجَمَ وَ اللَّهِ الْقَوْمُ وَ كَرِهُوا الْمَوْتَ.
أقول: الرعاع الأحداث الأراذل.
و اعلم أن الظاهر من سائر الأخبار عدم دخول الزبیر فی هؤلاء كما لم یدخل فی روایة السید فإنه كان فی أول الأمر مع أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه.
ثم اعلم أن فی روایة الصدوق اشتباها بینا حیث ذكر فی الإجمال أبی بن كعب و لم یذكره فی التفصیل و أورد فی التفصیل زید بن وهب و لم یورده فی الإجمال مع أنه هو الراوی للخبر و ذكره بهذا الوجه بعید و لعله وقع اشتباه من النساخ
ص: 219
أو من الرواة و إن كان قوله عند الإجمال و غیرهم مما یومی إلی وجه بعید لتصحیحه فلا تغفل.
«9»-فس، تفسیر القمی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُیَسِّرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ قَالَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ یَوْمَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ (1).
«10»-ختص، الإختصاص یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُسْلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ بِعَلِیٍّ علیه السلام مُلَبَّباً وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی قَالَ فَخَرَجَتْ یَدٌ مِنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَعْرِفُونَ أَنَّهَا یَدُهُ وَ صَوْتٌ یَعْرِفُونَ أَنَّهُ صَوْتُهُ نَحْوَ أَبِی بَكْرٍ یَا هَذَا أَ كَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (2).
قب، المناقب لابن شهرآشوب عن عبد اللّٰه: مثله.
«11»-یر، بصائر الدرجات عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ) مُحَمَّدٍ یَرْفَعُهُ بِإِسْنَادٍ لَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتُخْلِفَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَنْ جَعَلَهُ كَذَلِكَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ رَضُوا بِذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ لَأَسْرَعَ مَا خَالَفُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَ لَقَدْ سَمَّوْهُ بِغَیْرِ اسْمِهِ وَ اللَّهِ مَا اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3) فَقَالَ عُمَرُ كَذَبْتَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَ فَعَلَ فَقَالَ
ص: 220
عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ شِئْتَ أَنْ أُرِیَكَ بُرْهَاناً عَلَی ذَلِكَ فَعَلْتُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا تَزَالُ تَكْذِبُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام انْطَلِقْ بِنَا لِنَعْلَمَ أَیُّنَا الْكَذَّابُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَانْطَلَقَ مَعَهُ حَتَّی أَتَی إِلَی الْقَبْرِ فَإِذَا كَفٌّ فِیهَا مَكْتُوبٌ أَ كَفَرْتَ یَا عُمَرُ بِالَّذِی خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ رَضِیتَ وَ اللَّهِ لَقَدْ جَحَدْتَ اللَّهَ فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ (1).
ختص، الإختصاص ابن عیسی عن علی بن الحكم عن خالد القلانسی و محمد بن حماد عن الطیالسی عن أبیه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله (2).
«12»-شف، كشف الیقین مِنْ أَصْلٍ عَتِیقٍ مِنْ رِوَایَةِ الْمُخَالِفِینَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: ثُمَّ قَامَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَ تَنَاسَیْتَ أَمْ تَعَاشَیْتَ أَمْ خَادَعَتْكَ نَفْسُكَ أَ مَا تَذْكُرُ إِذْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَسَلَّمْنَا عَلَی عَلِیٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَاتَّقِ اللَّهَ وَ تَدَارَكْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تُدْرِكَهَا وَ أَنْقِذْهَا مِنْ هَلَكَتِهَا وَ ادْفَعْ هَذَا الْأَمْرَ إِلَی مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَا تَمَادَ فِی اغْتِصَابِهِ وَ ارْجِعْ وَ أَنْتَ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَرْجِعَ فَقَدْ مَحَضْتُ نَصِیحَتَكَ وَ بَذَلْتُ لَكَ مَا عِنْدِی مَا إِنْ فَعَلْتَهُ وُفِّقْتَ وَ رَشَدْتَ (3).
«13»-شف، كشف الیقین مِنْ أَصْلٍ عَتِیقٍ مِنْ رِوَایَةِ الْمُخَالِفِینَ بِإِسْنَادِهِ (4) عَنْ یَحْیَی بْنِ
ص: 221
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ قَامَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ یَوْمَ جُمُعَةٍ وَ كَانَ أَوَّلَ یَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ الَّذِینَ هَاجَرُوا وَ اتَّبَعُوا مَرْضَاةَ الرَّحْمَنِ وَ أَثْنَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی الْقُرْآنِ وَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِیمانَ وَ أَثْنَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی الْقُرْآنِ تَنَاسَیْتُمْ أَمْ نَسِیتُمْ أَمْ بَدَّلْتُمْ أَمْ غَیَّرْتُمْ أَمْ خَذَلْتُمْ أَمْ عَجَّزْتُمْ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ فِینَا مَقَاماً أَقَامَ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَا عَلِیّاً فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ وَ مَنْ كُنْتُ نَبِیَّهُ فَهَذَا أَمِیرُهُ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی طَاعَتُكَ وَاجِبَةٌ عَلَی مَنْ بَعْدِی أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أُوصِیكُمْ بِأَهْلِ بَیْتِی خَیْراً فَقَدِّمُوهُمْ وَ لَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَ أَمِّرُوهُمْ وَ لَا تَأَمَّرُوا عَلَیْهِمْ أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَهْلُ بَیْتِی الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِی أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَهْلُ بَیْتِی مَنَارُ الْهُدَی وَ الْمُدِلُّونَ عَلَی اللَّهِ أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ الْهَادِی لِمَنْ ضَلَّ أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَلِیٌّ الْمُحْیِی لِسُنَّتِی وَ مُعَلِّمُ أُمَّتِی وَ الْقَائِمُ بِحُجَّتِی وَ خَیْرُ مَنْ أُخَلِّفُ بَعْدِی وَ سَیِّدُ أَهْلِ بَیْتِی وَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَیَّ طَاعَتُهُ مِنْ بَعْدِی كَطَاعَتِی عَلَی أُمَّتِی أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ یُوَلِّ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَحَداً مِنْكُمْ وَ وَلَّاهُ فِی كُلِّ غَیْبَةٍ عَلَیْكُمْ أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا كَانَا مَنْزِلَتُهُمَا وَاحِداً وَ أَمْرُهُمَا وَاحِداً أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا غِبْتُ عَنْكُمْ وَ خَلَّفْتُ فِیكُمْ عَلِیّاً فَقَدْ خَلَّفْتُ فِیكُمْ رَجُلًا كَنَفْسِی أَ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهُ جَمَعَنَا قَبْلَ مَوْتِهِ فِی بَیْتِ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ لَنَا إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی مُوسَی أَنِ اتَّخِذْ أَخاً مِنْ أَهْلِكَ أَجْعَلْهُ نَبِیّاً وَ أَجْعَلْ أَهْلَهُ لَكَ وُلْداً وَ أُطَهِّرْهُمْ مِنَ الْآفَاتِ وَ أَخْلَعْهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ فَاتَّخَذَ مُوسَی هَارُونَ وَ وُلْدَهُ وَ كَانُوا أَئِمَّةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ الَّذِینَ یَحِلُّ لَهُمْ فِی مَسَاجِدِهُمْ مَا یَحِلُّ لِمُوسَی
ص: 222
أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَیَّ أَنِ اتَّخِذْ عَلِیّاً أَخاً كَمُوسَی اتَّخَذَ هَارُونَ أَخاً وَ اتَّخِذْهُ وُلْداً فَقَدْ طَهَّرْتُهُمْ كَمَا طَهَّرْتُ وُلْدَ هَارُونَ أَلَا وَ إِنِّی خَتَمْتُ بِكَ النَّبِیِّینَ فَلَا نَبِیَّ بَعْدَكَ فَهُمُ الْأَئِمَّةُ (1) أَ فَمَا تَفْقَهُونَ أَ مَا تُبْصِرُونَ أَ مَا تَسْمَعُونَ ضُرِبَتْ عَلَیْكُمُ الشُّبُهَاتُ فَكَانَ مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِی سَفَرٍ أَصَابَهُ عَطَشٌ شَدِیدٌ حَتَّی خَشِیَ أَنْ یَهْلِكَ فَلَقِیَ رَجُلًا هَادِیاً بِالطَّرِیقِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَاءِ فَقَالَ أَمَامَكَ عَیْنَانِ إِحْدَاهُمَا مَالِحَةٌ وَ الْأُخْرَی عَذْبَةٌ فَإِنْ أَصَبْتَ مِنَ الْمَالِحَةِ ضَلَلْتَ وَ هَلَكْتَ وَ إِنْ أَصَبْتَ مِنَ الْعَذْبَةِ هُدِیتَ وَ رَوِیتَ فَهَذَا مَثَلُكُمْ أَیَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُهْمَلَةُ كَمَا زَعَمْتُمْ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا أُهْمِلْتُمْ لَقَدْ نُصِبَ لَكُمْ عَلَمٌ یُحِلُّ لَكُمُ الْحَلَالَ وَ یُحَرِّمُ عَلَیْكُمُ الْحَرَامَ وَ لَوْ أَطَعْتُمُوهُ مَا اخْتَلَفْتُمْ وَ لَا تَدَابَرْتُمْ وَ لَا تَعَلَّلْتُمْ وَ لَا بَرِئَ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَوَ اللَّهِ إِنَّكُمْ بَعْدَهُ لَمُخْتَلِفُونَ فِی أَحْكَامِكُمْ وَ إِنَّكُمْ بَعْدَهُ لَنَاقِضُونَ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّكُمْ عَلَی عِتْرَتِهِ لَمُخْتَلِفُونَ وَ مُتَبَاغِضُونَ إِنْ سُئِلَ هَذَا عَنْ غَیْرِ مَا عَلِمَ أَفْتَی بِرَأْیِهِ وَ إِنْ سُئِلَ هَذَا عَمَّا یَعْلَمُ أَفْتَی بِرَأْیِهِ فَقَدْ تَحَارَیْتُمْ وَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ رَحْمَةٌ هَیْهَاتَ أَبَی كِتَابُ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَیْكُمْ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَیِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (2) وَ أَخْبَرَنَا بِاخْتِلَافِهِمْ فَقَالَ وَ لا یَزالُونَ مُخْتَلِفِینَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ (3) أَیْ لِلرَّحْمَةِ وَ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ وَ شِیعَتُهُمْ وَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ص: 223
ص یَقُولُ یَا عَلِیُّ أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ عَلَی الْفِطْرَةِ وَ النَّاسُ مِنْهَا بِرَاءٌ فَهَلَّا قَبِلْتُمْ مِنْ نَبِیِّكُمْ كَیْفَ وَ هُوَ یُخْبِرُكُمْ بِانْتِكَاصِكُمْ وَ یَنْهَاكُمْ عَنْ خِلَافِ وَصِیِّهِ وَ أَمِینِهِ وَ وَزِیرِهِ وَ أَخِیهِ وَ وَلِیِّهِ أَطْهَرِكُمْ قَلْباً وَ أَعْلَمِكُمْ عِلْماً وَ أَقْدَمِكُمْ إِسْلَاماً وَ أَعْظَمِكُمْ غَنَاءً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَاهُ تُرَاثَهُ (1) وَ أَوْصَاهُ بِعِدَاتِهِ وَ اسْتَخْلَفَهُ
ص: 224
عَلَی أُمَّتِهِ وَ وَضَعَ عِنْدَهُ رَأْسَهُ فَهُوَ وَلِیُّهُ دُونَكُمْ أَجْمَعِینَ وَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكُمْ أَكْتَعِینَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ أَفْضَلُ الْمُتَّقِینَ وَ أَطْوَعُ الْأُمَّةِ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ وَ سُلِّمَ عَلَیْهِ بِخِلَافَةِ الْمُؤْمِنِینَ فِی حَیَاةِ سَیِّدِ النَّبِیِّینَ وَ خَاتَمِ الْمُرْسَلِینَ قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ مَنْ وَعَظَ وَ بَصَّرَ مَنْ عَمِیَ وَ تَعَاشَی وَ
ص: 225
رَدِیَ فَقَدْ سَمِعْتُمْ كَمَا سَمِعْنَا وَ رَأَیْتُمْ كَمَا رَأَیْنَا وَ شَهِدْتُمْ كَمَا شَهِدْنَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالُوا اقْعُدْ یَا أُبَیُّ أَصَابَكَ خَبَلٌ أَمْ أَصَابَتْكَ جُنَّةٌ فَقَالَ بَلِ الْخَبَلُ فِیكُمْ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَلْفَیْتُهُ یُكَلِّمُ رَجُلًا وَ أَسْمَعُ كَلَامَهُ وَ لَا أَرَی وَجْهَهُ فَقَالَ فِیمَا یُخَاطِبُهُ مَا أَنْصَحَهُ لَكَ وَ لِأُمَّتِكَ وَ أَعْلَمَهُ بِسُنَّتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَ فَتَرَی أُمَّتِی تَنْقَادُ لَهُ مِنْ بَعْدِی قَالَ یَا مُحَمَّدُ یَتْبَعُهُ مِنْ أُمَّتِكَ أَبْرَارُهَا وَ یُخَالِفُ عَلَیْهِ مِنْ أُمَّتِكَ فُجَّارُهَا وَ كَذَلِكَ أَوْصِیَاءُ النَّبِیِّینَ مِنْ قَبْلِكَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ أَوْصَی إِلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ كَانَ أَعْلَمَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ وَ أَطْوَعَهُمْ لَهُ وَ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَتَّخِذَهُ وَصِیّاً كَمَا اتَّخَذْتَ عَلِیّاً وَصِیّاً وَ كَمَا أُمِرْتَ بِذَلِكَ فَحَسَدَهُ بَنُو إِسْرَائِیلَ سِبْطُ مُوسَی خَاصَّةً فَلَعَنُوهُ وَ شَتَمُوهُ وَ عَنَّفُوهُ وَ وَضَعُوا مِنْهُ فَإِنْ أَخَذَتْ أُمَّتُكَ سُنَنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَذَّبُوا وَصِیَّكَ وَ جَحَدُوا أَمْرَهُ وَ ابْتَزُّوا خِلَافَتَهُ وَ غَالَطُوهُ فِی عِلْمِهِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ یُنَبِّئُنِی أَنَّ أُمَّتِی تَخْتَلِفُ عَلَی وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ إِنِّی أُوصِیكَ یَا أُبَیُّ بِوَصِیَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا لَمْ تَزَلْ بِخَیْرٍ یَا أُبَیُّ عَلَیْكَ بِعَلِیٍّ فَإِنَّهُ الْهَادِی الْمَهْدِیُّ النَّاصِحُ لِأُمَّتِی الْمُحْیِی لِسُنَّتِی وَ هُوَ إِمَامُكُمْ بَعْدِی فَمَنْ رَضِیَ بِذَلِكَ لَقِیَنِی عَلَی مَا فَارَقْتُهُ عَلَیْهِ یَا أُبَیُّ وَ مَنْ غَیَّرَ أَوْ بَدَّلَ لَقِیَنِی نَاكِثاً لِبَیْعَتِی عَاصِیاً أَمْرِی جَاحِداً لِنُبُوَّتِی لَا أَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّی وَ لَا أَسْقِیهِ مِنْ حَوْضِی فَقَامَتْ إِلَیْهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا اقْعُدْ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا أُبَیُّ فَقَدْ أَدَّیْتَ مَا سَمِعْتَ وَ وَفَیْتَ بِعَهْدِكَ (1).
بیان: الأعشی هو الذی لا یبصر باللیل یقال تعاشی إذا أری من نفسه أنه
ص: 226
أعشی و النكوص الإحجام و أكتعون و أبتعون و أبصعون أتباع لأجمعین لا یأتی مفردا علی المشهور بین أهل اللغة.
أقول: وجدت الخبر هكذا ناقصا فأوردته كما وجدته.
«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُیَسِّرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها قَالَ إِنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ فَاسِدَةً فَأَصْلَحَهُ اللَّهُ بِنَبِیِّهِ فَقَالَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (1).
«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَا أَتَی عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمٌ قَطُّ أَعْظَمُ مِنْ یَوْمَیْنِ أَتَیَاهُ فَأَمَّا أَوَّلُ یَوْمٍ فَیَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الْیَوْمُ الثَّانِی فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَجَالِسٌ فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ عَنْ یَمِینِ أَبِی بَكْرٍ وَ النَّاسُ یُبَایِعُونَهُ إِذْ قَالَ لَهُ عُمَرُ یَا هَذَا لَیْسَ فِی یَدَیْكَ شَیْ ءٌ مِنْهُ مَا لَمْ یُبَایِعْكَ عَلِیٌّ فَابْعَثْ إِلَیْهِ حَتَّی یَأْتِیَكَ فَیُبَایِعَكَ فَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ رَعَاعٌ فَبَعَثَ إِلَیْهِ قُنْفُذاً فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَقُلْ لِعَلِیٍّ أَجِبْ خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَهَبَ قُنْفُذٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ رَجَعَ فَقَالَ لِأَبِی بَكْرٍ قَالَ لَكَ مَا خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَحَداً غَیْرِی قَالَ ارْجِعْ إِلَیْهِ فَقُلْ أَجِبْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَی بَیْعَتِهِمْ إِیَّاهُ وَ هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ یُبَایِعُونَهُ وَ قُرَیْشٌ وَ إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَكَ مَا لَهُمْ وَ عَلَیْكَ مَا عَلَیْهِمْ وَ ذَهَبَ إِلَیْهِ قُنْفُذٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ رَجَعَ فَقَالَ قَالَ لَكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی وَ أَوْصَانِی إِذَا وَارَیْتُهُ فِی حُفْرَتِهِ أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنْ بَیْتِی حَتَّی أُؤَلِّفَ كِتَابَ اللَّهِ فَإِنَّهُ فِی جَرَائِدِ النَّخْلِ وَ فِی أَكْتَافِ الْإِبِلِ قَالَ قَالَ عُمَرُ قُومُوا بِنَا إِلَیْهِ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ خَالِدُ بْنِ الْوَلِیدِ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ قُنْفُذٌ وَ قُمْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا انْتَهَیْنَا إِلَی الْبَابِ فَرَأَتْهُمْ فَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا أَغْلَقَتِ الْبَابَ فِی وُجُوهِهِمْ وَ هِیَ لَا تَشُكُّ أَنْ لَا یُدْخَلَ عَلَیْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا فَضَرَبَ عُمَرُ الْبَابَ بِرِجْلِهِ فَكَسَرَهُ وَ كَانَ مِنْ سَعَفٍ ثُمَّ دَخَلُوا فَأَخْرَجُوا عَلِیّاً علیه السلام مُلَبَّباً فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَقَالَتْ یَا أَبَا بَكْرٍ
ص: 227
أَ تُرِیدُ أَنْ تُرْمِلَنِی مِنْ زَوْجِی وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَكُفَّ عَنْهُ لَأَنْشُرَنَّ شَعْرِی وَ لَأَشُقَّنَ جَیْبِی وَ لَآَتِیَنَّ قَبْرَ أَبِی وَ لَأَصِیحَنَّ إِلَی رَبِّی فَأَخَذَتْ بِیَدِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ خَرَجَتْ تُرِیدُ قَبْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِسَلْمَانَ أَدْرِكْ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ فَإِنِّی أَرَی جَنْبَتَیِ الْمَدِینَةِ تُكْفَئَانِ وَ اللَّهِ إِنْ نَشَرَتْ شَعْرَهَا وَ شَقَّتْ جَیْبَهَا وَ أَتَتْ قَبْرَ أَبِیهَا وَ صَاحَتْ إِلَی رَبِّهَا لَا یُنَاظَرُ بِالْمَدِینَةِ أَنْ یُخْسَفَ بِهَا وَ بِمَنْ فِیهَا فَأَدْرَكَهَا سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَبَاكِ رَحْمَةً فَارْجِعِی فَقَالَتْ یَا سَلْمَانُ یُرِیدُونَ قَتْلَ عَلِیٍّ مَا عَلَیَّ صَبْرٌ فَدَعْنِی حَتَّی آتِیَ قَبْرَ أَبِی فَأَنْشُرَ شَعْرِی وَ أَشُقَّ جَیْبِی وَ أَصِیحَ إِلَی رَبِّی فَقَالَ سَلْمَانُ إِنِّی أَخَافُ أَنْ یُخْسَفَ بِالْمَدِینَةِ وَ عَلِیٌّ بَعَثَنِی إِلَیْكِ یَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِی لَهُ إِلَی بَیْتِكِ وَ تَنْصَرِفِی فَقَالَتْ إِذاً أَرْجِعُ وَ أَصْبِرُ وَ أَسْمَعُ لَهُ وَ أُطِیعُ قَالَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ مُلَبَّباً وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی قَبْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی (1) وَ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ وَ قَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بَایِعْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ فَمَهْ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِذاً أَضْرِبَ وَ اللَّهِ عُنُقَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ إِذاً وَ اللَّهِ
ص: 228
أَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عُمَرُ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ الْمَقْتُولُ فَنَعَمْ وَ أَمَّا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا حَتَّی قَالَهَا ثَلَاثاً فَبَلَغَ ذَلِكَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلَ مُسْرِعاً یُهَرْوِلُ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ ارْفُقُوا بِابْنِ أَخِی وَ لَكُمْ عَلَیَّ أَنْ یُبَایِعَكُمْ فَأَقْبَلَ الْعَبَّاسُ وَ أَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَمَسَحَهَا عَلَی یَدِ أَبِی بَكْرٍ ثُمَّ خَلَّوْهُ مُغْضَباً فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ قَالَ لِی إِنْ تَمُّوا عِشْرِینَ فَجَاهِدْهُمْ وَ هُوَ قَوْلُكَ فِی كِتَابِكَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ اللَّهُمَّ وَ إِنَّهُمْ لَمْ یَتِمُّوا عِشْرِینَ حَتَّی قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ انْصَرَفَ (1).
«15»-ختص، الإختصاص أَخْبَرَنِی عُبَیْدُ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَزْدَقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَمْرَوَیْهِ الْوَرَّاقِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ مِثْلَهُ وَ زَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ مُلَبَّباً قَالَ وَ أَقْبَلَ الزُّبَیْرُ مُخْتَرِطاً سَیْفَهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَ یُفْعَلُ هَذَا بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ أَنْتُمْ أَحْیَاءٌ وَ شَدَّ عَلَی عُمَرَ لِیَضْرِبَهُ بِالسَّیْفِ فَرَمَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ بِصَخْرَةٍ فَأَصَابَتْ قَفَاهُ وَ سَقَطَ السَّیْفُ مِنْ یَدِهِ فَأَخَذَهُ عُمَرُ وَ ضَرَبَهُ عَلَی صَخْرَةٍ فَانْكَسَرَ وَ مَرَّ عَلِیٌّ عَلَی قَبْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا ابْنَ أُمَّ إِلَی آخِرِ الْخَبَر(2).
بیان: قولها علیها السلام أن ترملنی لیس فیما عندنا من كتب اللغة أرمل أو رمل متعدیا بل قالوا الأرملة المرأة التی لیس لها زوج یقال أرملت و رملت قوله تكفئان بصیغة المجهول من باب الإفعال أو كمنع أو المعلوم من باب التفعل بحذف إحدی التاءین أی تتحركان و تنقلبان و تضطربان یقال كفأت الإناء و أكفأته أی قلبته قوله علیه السلام یا ابن أمّ إنما قال علیه السلام ذلك للمواخاة الروحانیة التی جددت یوم المؤاخاة فكأنه ابن أمّه مع أنه لا یبعد استعارة الأم للطینة المقدسة التی أخذا
ص: 229
منها أو لأن فاطمة بنت أسد ربته صلی اللّٰه علیه و آله فكانت أما مربیة و لذا
قال صلی اللّٰه علیه و آله حین أخبره أمیر المؤمنین بموتها و قال ماتت أمی بل أمی (1).
أو أنه علیه السلام قرأ الآیة إشارة إلی مشابهة الواقعتین و الأوسط أظهر.
«16»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَضَی الِاخْتِلَافَ عَلَی خَلْقِهِ وَ كَانَ أَمْراً قَدْ قَضَاهُ فِی عِلْمِهِ كَمَا قَضَی عَلَی الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ هِیَ السُّنَنُ وَ الْأَمْثَالُ یَجْرِی عَلَی النَّاسِ فَجَرَتْ عَلَیْنَا كَمَا جَرَتْ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنَا وَ قَوْلُ اللَّهِ حَقٌّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِیلًا (2) وَ قَالَ فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِینَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِیلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِیلًا (3) وَ قَالَ فَهَلْ یَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَیَّامِ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِینَ (4) وَ قَالَ علیه السلام لَا تَبْدِیلَ لِقَوْلِ اللَّهِ (5) وَ قَدْ قَضَی اللَّهُ عَلَی مُوسَی علیه السلام وَ هُوَ مَعَ قَوْمِهِ یُرِیهِمُ الْآیَاتِ وَ النُّذُرَ ثُمَّ مَرُّوا عَلَی قَوْمٍ یَعْبُدُونَ أَصْنَاماً قالُوا یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (6) فَاسْتَخْلَفَ مُوسَی هَارُونَ فَنَصَبُوا عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی وَ تَرَكُوا هَارُونَ فَقَالَ یا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِی وَ أَطِیعُوا أَمْرِی قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَیْهِ عاكِفِینَ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْنا مُوسی (7)
ص: 230
فَضَرَبَ لَكُمْ أَمْثَالَهُمْ وَ بَیَّنَ لَكُمْ كَیْفَ صَنَعَ بِهِمْ وَ قَالَ إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُقْبَضْ حَتَّی أَعْلَمَ النَّاسَ أَمْرَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ وَ قَالَ إِنَّهُ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ كَانَ صَاحِبَ رَایَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا وَ كَانَ مَعَهُ فِی الْمَسْجِدِ یَدْخُلُهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ كَانَ أَوَّلَ النَّاسِ إِیمَاناً بِهِ فَلَمَّا قُبِضَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ الَّذِی كَانَ لِمَا قَدْ قُضِیَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَ عَمَدَ عُمَرُ فَبَایَعَ أَبَا بَكْرٍ وَ لَمْ یُدْفَنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدُ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ رَأَی النَّاسَ قَدْ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ خَشِیَ أَنْ یَفْتَتِنَ النَّاسُ فَفَرَغَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَخَذَ یَجْمَعُهُ فِی مُصْحَفٍ فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَیْهِ أَنْ تَعَالَ فَبَایِعْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا أَخْرُجُ حَتَّی أَجْمَعَ الْقُرْآنَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ مَرَّةً أُخْرَی فَقَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّی أَفْرُغَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ الثَّالِثَةَ عُمَرُ رَجُلًا یُقَالُ لَهُ قُنْفُذٌ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا تَحُولُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَلِیٍّ علیه السلام فَضَرَبَهَا فَانْطَلَقَ قُنْفُذٌ وَ لَیْسَ مَعَهُ عَلِیٌّ فَخَشِیَ أَنْ یَجْمَعَ عَلِیٌّ النَّاسَ فَأَمَرَ بِحَطَبٍ فَجَعَلَ حَوَالَیْ بَیْتِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ عُمَرُ بِنَارٍ فَأَرَادَ أَنْ یُحْرِقَ عَلَی عَلِیٍّ بَیْتَهُ وَ عَلَی فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا رَأَی علیه السلام ذَلِكَ خَرَجَ فَبَایَعَ كَارِهاً غَیْرَ طَائِعٍ (1).
«17»-جا، المجالس للمفید الْجِعَابِیُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عُفَیْرٍ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی هِلَالٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الزُّبَیْرُ وَ الْمِقْدَادُ بَیْتَ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ أَبَوْا أَنْ یَخْرُجُوا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَضْرِمُوا عَلَیْهِمُ الْبَیْتَ نَاراً فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ وَ مَعَهُ سَیْفُهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَیْكُمْ بِالْكَلْبِ فَقَصَدُوا نَحْوَهُ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ وَ سَقَطَ عَلَی الْأَرْضِ وَ وَقَعَ السَّیْفُ مِنْ یَدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ اضْرِبُوا بِهِ الْحَجَرَ فَضُرِبَ بِهِ الْحَجَرُ حَتَّی انْكَسَرَ وَ خَرَجَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام نَحْوَ الْعَالِیَةِ فَلَقِیَهُ ثَابِتُ بْنُ قَیْسِ بْنِ شَمَّاسٍ (2) فَقَالَ
ص: 231
مَا شَأْنُكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ أَرَادُوا أَنْ یُحْرِقُوا عَلَیَّ بَیْتِی وَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی الْمِنْبَرِ یُبَایَعُ لَهُ لَا یَدْفَعُ عَنْ ذَلِكَ وَ لَا یُنْكِرُ فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ وَ لَا تُفَارِقُ كَفِّی یَدَكَ أَبَداً حَتَّی أُقْتَلَ دُونَكَ فَانْطَلَقَا جَمِیعاً حَتَّی عاد (عَادَا) إِلَی الْمَدِینَةِ وَ فَاطِمَةُ علیها السلام وَاقِفَةٌ عَلَی بَابِهَا وَ قَدْ خَلَتْ دَارُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ وَ هِیَ تَقُولُ لَا عَهْدَ لِی بِقَوْمٍ أَسْوَأَ مَحْضَراً مِنْكُمْ تَرَكْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جِنَازَةً بَیْنَ أَیْدِینَا وَ قَطَعْتُمْ أَمْرَكُمْ بَیْنَكُمْ لَمْ تَسْتَأْمِرُونَا وَ صَنَعْتُمْ بِنَا مَا صَنَعْتُمْ وَ لَمْ تَرَوْا لَنَا حَقّاً (1).
«18»-جا، المجالس للمفید الْكَاتِبُ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ: لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَقَفَتْ عَلَی بَابِهَا وَ قَالَتْ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ قَطُّ حَضَرُوا أَسْوَأَ مَحْضَرٍ وَ تَرَكُوا نَبِیَّهُمْ صلی اللّٰه علیه و آله جِنَازَةً بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ اسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ دُونَنَا (2).
«19»-قب، المناقب لابن شهرآشوب فَضَائِلُ السَّمْعَانِیِّ وَ أَبِی السَّعَادَاتِ وَ تَارِیخُ الْخَطِیبِ وَ اللَّفْظُ لِلسَّمْعَانِیِّ قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ جَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ انْزِلْ عَنْ مَجْلِسِ أَبِی قَالَ صَدَقْتَ إِنَّهُ مَجْلِسُ أَبِیكَ ثُمَّ أَجْلَسَهُ فِی حَجْرِهِ وَ بَكَی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا عَنْ أَمْرِی فَقَالَ صَدَّقْتُكَ وَ اللَّهِ مَا اتَّهَمْتُكَ (3).
وَ فِی رِوَایَةِ الْخَطِیبِ أَنَّهُ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام قُلْتُ لِعُمَرَ انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِی وَ اذْهَبْ إِلَی مِنْبَرِ أَبِیكَ فَقَالَ عُمَرُ لَمْ یَكُنْ لِأَبِی مِنْبَرٌ وَ أَخَذَنِی وَ أَجْلَسَنِی مَعَهُ ثُمَّ سَأَلَنِی مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا عَلَّمَنِی أَحَدٌ (4).
ص: 232
«20»-مَأْخُوذٌ مِنْ مَنَاقِبِ ابْنِ الْجَوْزِیِّ، خُطْبَةٌ خَطَبَ بِهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَوَی مُجَاهِدٌ (1) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَ الْعَبَّاسُ وَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ نَفَرٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالُوا مُدَّ یَدَكَ نُبَایِعْكَ وَ هَذَا الْیَوْمُ الَّذِی قَالَ فِیهِ أَبُو سُفْیَانَ إِنْ شِئْتَ مَلَأْتُهَا خَیْلًا وَ رَجِلًا وَ حَرَّضُوهُ فَامْتَنَعَ وَ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ أَنْتَ وَ اللَّهِ بَعْدَ أَیَّامٍ عَبْدُ الْعَصَا (2) فَخَطَبَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَ عَرِّجُوا عَنْ طَرِیقِ
ص: 233
الْمُنَافَرَةِ وَ ضَعُوا تِیجَانَ الْمُفَاخَرَةِ فَقَدْ فَازَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَارْتَاحَ مَاءٌ آجِنٌ وَ لُقْمَةٌ یَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا أَجْدَرُ بِالْعَاقِلِ مِنْ لُقْمَةٍ تخشی (تُحْشَی) بِزُنْبُورٍ وَ مِنْ شَرْبَةٍ تَلَذُّ بِهَا شَارِبُهَا مَعَ تَرْكِ النَّظَرِ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ فَإِنْ أَقُلْ یَقُولُوا حَرَصَ عَلَی الْمُلْكِ وَ إِنْ أَسْكُتْ یَقُولُوا جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَیَّا وَ الَّتِی وَ اللَّهِ لَابْنُ أَبِی طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْیِ أُمِّهِ وَ مِنَ الرَّجُلِ بِأَخِیهِ وَ عَمِّهِ وَ لَقَدِ انْدَمَجْتُ عَلَی عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الْأَرْشِیَةِ فِی الطَّوِیِّ الْبَعِیدَةِ وَ ذَكَرَ كَلَاماً كَثِیراً (1).
بیان: هذا الكلام أورده السید رضی اللّٰه عنه فی نهج البلاغة بأدنی تغییر (2) و قال ابن میثم رحمه اللّٰه (3) سبب هذا الكلام ما روی أنه لما تم فی السقیفة أمر البیعة لأبی بكر أراد أبو سفیان أن یوقع الحرب بین المسلمین فمضی إلی العباس فقال له إن هؤلاء ذهبوا بهذا الأمر من بنی هاشم و إنه لیحكم فینا غدا هذا اللفظ الغلیظ من بنی عدی فقم بنا إلی علی علیه السلام حتی نبایعه بالخلافة و أنت عم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أنا رجل مقبول القول فی قریش فإن دافعونا قاتلناهم و قتلناهم فأتیا أمیر المؤمنین علیه السلام فأجابهم صلوات اللّٰه علیه بهذا الكلام.
قوله علیه السلام شقّوا أی اخرجوا من بین أمواج الفتن بما یوجب النجاة منها من المصالح الواقعیة لا بما یورث تكثیر الفتنة فشبه الفتن بالأمواج و السفن بما یوجب النجاة منها و قیل أرید بالسفن هنا أهل البیت علیهم السلام و متابعتهم كما
قال صلی اللّٰه علیه و آله مثل أهل بیتی كمثل سفینة نوح.
قوله و عرجوا التعریج علی الشی ء الإقامة علیه و عن الشی ء تركه و المراد بوضع تیجان المفاخرة ترك لبسها كنایة عن ترك التعظم و التكبر و التوجه إلی ما هو صلاح الدین و المسلمین قوله فقد فاز فی النهج أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح و قال ابن أبی
ص: 234
الحدید استعار النهوض بالجناح للاعتزال أی نفض یدیه كطائر ینهض بجناحیه و اعتزل عن الناس و ساح فی الأرض أو فارق الدنیا و مات و لو بقی فیهم ترك المنازعة و لا یخفی بعدهما بل الأظهر فی الروایتین أن المعنی فاز من قام بطلب الحق إذا تهیأت أسبابه أو انقاد لما یجری علیه مع فقدها.
و بعد ذلك فی النهج ماء آجن و لقمة یغص بها آكلها و مجتنی الثمرة لغیر وقت إیناعها كالزارع بغیر أرضه فعلی روایة ابن الجوزی الغرض ظاهر أی الصبر علی الشدة و المذلة أولا مع حسن العاقبة أحسن من ارتكاب أمر یوجب اشتداد البلیة و سوء العاقبة و علی الروایة الأخری الأظهر أنه یعود إلی هذا المعنی أی ما تدعونی إلیه و تحملونی علیه ماء آجن أی متغیر الطعم و الرائحة و لقمة یغص بفتح الغین أی ینشب فی حلق آكلها و لا یمكنه إساغتها.
و ذهب شارحوا النهج إلی أن المعنی أن الخلافة و الإمارة مطلقا كالماء و اللقمة تستتبع المتاعب و المشاق فی الدنیا أو عاجلا لو كان حقا و عاجلا و آجلا مع بطلانها و قیل إشارة إلی ما انعقد فی السقیفة و اجتنی الثمرة قطفها أی من اجتنی ثمرة فی غیر وقته لا ینتفع بها كزارع أرض لا یقدر علی الإقامة فیها أو یخرجه عنها مالكها و لعله علیه السلام شبه طلبه فی هذا الوقت بمن یجتنی ثمرته مع عدم إیناعها و شبه اختیار الملعون الخلافة بمن زرع فی غیر أرضه فیفید ما تقدم مع كمال التشبیه فی الفقرتین.
و اللتیا بفتح اللام و تشدید الیاء تصغیر التی و جوز الضم أیضا و اللتیا و التی من أسماء الداهیة فاللتیا للصغیرة و التی للكبیر قیل تزوج رجل امرأة قصیرة سیئة الخلق فقاسی منها شدائد ثم طلقها و تزوج طویلة فقاسی منها أضعاف القصیرة فطلقها و قال بعد اللتیا و التی لا أتزوج أبدا فصار مثلا (1) فالمعنی ما أبعد ظن جزع الموت فی حقی بعد ما ارتكبته من الشدائد و لیس قوله و من الرجل بأخیه و عمه فی النهج و الاندماج الانطواء و باح بالشی ء أعلنه و أظهره
ص: 235
و الأرشیة جمع الرشاء بالكسر و المد و هو الحبل و الطوی بفتح الطاء و كسر الواو و تشدید الیاء البئر المطویة.
«21»-كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ غَیْرُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَحَقُّ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلُمَّ یَدَكَ نُبَایِعْكَ فَوَ اللَّهِ لَنَمُوتَنَّ قُدَّامَكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ فَاغْدُوا عَلَیَّ غَداً مُحَلِّقِینَ فَحَلَقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ حَلَقَ سَلْمَانُ وَ حَلَقَ مِقْدَادٌ وَ حَلَقَ أَبُو ذَرٍّ وَ لَمْ یَحْلِقْ غَیْرُهُمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَجَاءُوا مَرَّةً أُخْرَی بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلُمَّ یَدَكَ نُبَایِعْكَ وَ حَلَفُوا فَقَالَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ فَاغْدُوا عَلَیَّ مُحَلِّقِینَ فَمَا حَلَّقَ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قُلْتُ فَمَا كَانَ فِیهِمْ عَمَّارٌ فَقَالَ لَا قُلْتُ فَعَمَّارٌ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَقَالَ إِنَّ عَمَّاراً قَدْ قَاتَلَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدُ (1).
قب، المناقب لابن شهرآشوب أبو بصیر عنه علیه السلام مثله (2).
«22»-كش، رجال الكشی أَبُو الْحَسَنِ وَ أَبُو إِسْحَاقَ حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ ابْنَا نُصَیْرٍ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ النَّاسُ أَهْلَ رِدَّةٍ بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا ثَلَاثَةً فَقُلْتُ وَ مَنِ الثَّلَاثَةُ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ ثُمَّ عَرَفَ النَّاسُ بَعْدَ یَسِیرٍ وَ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ دَارَتْ عَلَیْهِمُ الرَّحَی وَ أَبَوْا أَنْ یُبَایِعُوا حَتَّی جَاءُوا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُكْرَهاً فَبَایَعَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ
ص: 236
أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ الْآیَةَ (1).
كا، الكافی علی عن أبیه عن حنان: مثله (2)
بیان: قوله علیه السلام بعد یسیر یمكن أن یقرأ بعد بالفتح و الضم و یسیر بالرفع و الجر فلا تغفل و دوران الرحی كنایة عن قرار الإیمان و الإسلام و فائدة نصب الإمام أو بقاء النظام و عدم نزول العذاب علیهم.
«23»-كش، رجال الكشی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقُتَیْبِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا مَرُّوا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ فِی رَقَبَتِهِ حَبْلٌ إِلَی زُرَیْقٍ ضَرَبَ أَبُو ذَرٍّ بِیَدِهِ عَلَی الْأُخْرَی فَقَالَ لَیْتَ السُّیُوفَ قَدْ عَادَتْ بِأَیْدِینَا ثَانِیَةً وَ قَالَ مِقْدَادٌ لَوْ شَاءَ لَدَعَا عَلَیْهِ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ سَلْمَانُ مَوْلَایَ أَعْلَمُ بِمَا هُوَ فِیهِ (3).
بیان: لعله عبر عن أبی بكر (الأول) بزریق تشبیها له بطائر یسمی بذلك فی بعض أخلاقه الردیة أو لأن الزرقة مما یتشاءم به العرب أو من الزرق بمعنی العمی و فی القرآن یَوْمَئِذٍ زُرْقاً (4) و فی بعض النسخ آل زریق بإضافة الحبل إلیه و بنو زریق خلق من الأنصار (5) و هذا و إن كان هنا أوفق لكن التعبیر عن أحد الملعونین بهذه الكنایة كثیر فی الأخبار كما مر و سیأتی.
ص: 237
«24»-كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَعْیَنَ یَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمْ یَزَلْ یَسْأَلُهُ حَتَّی قَالَ لَهُ فَهَلَكَ النَّاسُ إِذاً قَالَ إِی وَ اللَّهِ یَا ابْنَ أَعْیَنَ هَلَكَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ قُلْتُ مَنْ فِی الشَّرْقِ وَ مَنْ فِی الْغَرْبِ قَالَ فَقَالَ إِنَّهَا فُتِحَتْ عَلَی الضَّلَالِ إِی وَ اللَّهِ هَلَكُوا إِلَّا ثَلَاثَةً ثُمَّ لَحِقَ أَبُو سَاسَانَ وَ عَمَّارٌ وَ شُتَیْرَةُ وَ أَبُو عَمْرَةَ فَصَارُوا سَبْعَةً (1).
«25»-كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ارْتَدَّ النَّاسُ إِلَّا ثَلَاثَةٌ أَبُو ذَرٍّ وَ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَیْنَ أَبُو سَاسَانَ وَ أَبُو عَمْرَةَ الْأَنْصَارِیُّ (2).
بیان: أی هذان لم یستمرا علی الردة أو لم یصدر منهما غیر الشك.
ص: 238
«26»-كش، رجال الكشی عَلِیُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام ارْتَدَّ النَّاسُ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ قَالَ قُلْتُ فَعَمَّارٌ قَالَ قَدْ كَانَ حَاصَ حَیْصَةً ثُمَّ رَجَعَ قَالَ إِنْ أَرَدْتَ الَّذِی لَمْ یَشُكَّ وَ لَمْ یَدْخُلْهُ شَیْ ءٌ فَالْمِقْدَادُ فَأَمَّا سَلْمَانُ فَإِنَّهُ عَرَضَ فِی قَلْبِهِ عَارِضٌ أَنَّ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ وَ لَوْ تَكَلَّمَ بِهِ لَأَخَذَتْهُمُ الْأَرْضُ وَ هُوَ هَكَذَا فَلُبِّبَ وَ وُجِئَتْ عُنُقُهُ حَتَّی تُرِكَتْ كَالسِّلْعَةِ فَمَرَّ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مِنْ ذَلِكَ بَایِعْ فَبَایَعَ وَ أَمَّا أَبُو ذَرٍّ فَأَمَرَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالسُّكُوتِ وَ لَمْ یَكُنْ یَأْخُذُهُ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ فَأَبَی إِلَّا أَنْ یَتَكَلَّمَ فَمَرَّ بِهِ عُثْمَانُ فَأَمَرَ بِهِ ثُمَّ أَنَابَ النَّاسُ بَعْدُ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَنَابَ أَبُو سَاسَانَ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَبُو عَمْرَةَ وَ شُتَیْرَةُ وَ كَانُوا سَبْعَةً فَلَمْ یَكُنْ یَعْرِفُ حَقَّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَّا هَؤُلَاءِ السَّبْعَةُ (1).
بیان: قوله حاص فی أكثر النسخ بالمهملتین یقال حاص عنه یحیص حیصا و حیصة أی عدل و حاد و فی بعض النسخ بالجیم و الصاد المهملة بهذا المعنی و فی بعضها بالمعجمتین بهذا المعنی أیضا و قال الفیروزآبادی السلعة بالكسر كالغدة فی الجسد و یفتح و یحرك و كعنبة أو خراج فی العنق أو غدة فیها قوله فمر به عثمان فأمر به أی فتكلم أو هو یتكلم فی شأنه فأمر به فأخرج من المدینة.
ثم اعلم أنه رواه فی الإختصاص عن علی بن الحسین بن یوسف عن ابن الولید عن الصفار عن محمد بن إسماعیل عن علی بن الحكم مثله و فیه أن عند ذا یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام و فیه فمر به من عثمان ما مر به و فیه و أبو عمرة و فلان حتی عقد سبعة (2).
«27»-كا، الكافی فِی الرَّوْضَةِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ
ص: 239
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَیُّوبَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِینَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَانَ حَیّاً بِلَا كَیْفٍ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ كَانَ وَ لَا كَانَ لِكَانَهُ كَیْفٌ وَ لَا كَانَ لَهُ أَیْنٌ وَ لَا كَانَ فِی شَیْ ءٍ وَ لَا كَانَ عَلَی شَیْ ءٍ وَ لَا ابْتَدَعَ لِكَانَهُ مَكَاناً وَ لَا قَوِیَ بَعْدَ مَا كَوَّنَ شَیْئاً وَ لَا كَانَ ضَعِیفاً قَبْلَ أَنْ یُكَوِّنَ شَیْئاً وَ لَا كَانَ مُسْتَوْحِشاً قَبْلَ أَنْ یَبْتَدِعَ شَیْئاً وَ لَا یُشْبِهُ شَیْئاً وَ لَا كَانَ خِلْواً مِنْ الْمُلْكِ قَبْلَ إِنْشَائِهِ وَ لَا یَكُونُ خِلْواً مِنْهُ بَعْدَ ذَهَابِهِ كَانَ إِلَهاً حَیّاً بِلَا حَیَاةٍ وَ مَالِكاً قَبْلَ أَنْ یُنْشِئَ شَیْئاً وَ مَالِكاً بَعْدَ إِنْشَائِهِ لِلْكَوْنِ وَ لَیْسَ یَكُونُ لِلَّهِ كَیْفٌ وَ لَا أَیْنٌ وَ لَا حَدٌّ یُعْرَفُ وَ لَا شَیْ ءٌ یُشْبِهُهُ وَ لَا یَهْرَمُ لِطُولِ بَقَائِهِ وَ لَا یَضْعُفُ لِذُعْرِهِ وَ لَا یَخَافُ كَمَا یَخَافُ خَلِیقَتُهُ مِنْ شَیْ ءٍ وَ لَكِنْ سَمِیعٌ بِغَیْرِ سَمْعٍ وَ بَصِیرٌ بِغَیْرِ بَصَرٍ وَ قَوِیٌّ بِغَیْرِ قُوَّةٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا تُدْرِكُهُ حَدَقُ النَّاظِرِینَ وَ لَا یُحِیطُ بِسَمْعِهِ سَمْعُ السَّامِعِینَ إِذَا أَرَادَ شَیْئاً كَانَ بِلَا مَشُورَةٍ وَ لَا مُظَاهَرَةٍ وَ لَا مُخَابَرَةٍ وَ لَا یَسْأَلُ أَحَداً عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَرَادَهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ یُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَ أَنْهَجَ الدَّلَالَةَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَیُّهَا الْأُمَّةُ الَّتِی خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ وَ عَرَفَتْ خَدِیعَةَ مَنْ خَدَعَهَا فَأَصَرَّتْ عَلَی مَا عَرَفَتْ وَ اتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا وَ ضَرَبَتْ فِی عَشْوَاءِ غوائها (غَوَایَتِهَا) وَ قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُ فَصَدَعَتْ عَنْهُ وَ الطَّرِیقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ أَمَا وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ وَ شَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ وَ ادَّخَرْتُمُ الْخَیْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَ أَخَذْتُمْ مِنَ الطَّرِیقِ وَاضِحَهُ وَ سَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ وَ بَدَتْ لَكُمُ الْأَعْلَامُ وَ أَضَاءَ لَكُمُ الْإِسْلَامُ فَأَكَلْتُمْ رَغَداً وَ مَا عَالَ فِیكُمْ عَائِلٌ وَ لَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَ لَا
ص: 240
مُعَاهَدٌ وَ لَكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِیلَ الظَّلَامِ فَأَظْلَمَتْ عَلَیْكُمْ دُنْیَاكُمْ بِرُحْبِهَا وَ سُدَّتْ عَلَیْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ وَ اخْتَلَفْتُمْ فِی دِینِكُمْ فَأَفْتَیْتُمْ فِی دِینِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ اتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ وَ تَرَكْتُمُ الْأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ إِذَا ذُكِرَ الْأَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ هُوَ الْعِلْمُ بِعَیْنِهِ فَكَیْفَ وَ قَدْ تَرَكْتُمُوهُ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَ خَالَفْتُمُوهُ رُوَیْداً عَمَّا قَلِیلٍ تَحْصُدُونَ جَمِیعَ مَا زَرَعْتُمْ وَ تَجِدُونَ وَخِیمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ وَ مَا اجْتَلَبْتُمْ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی صَاحِبُكُمْ وَ الَّذِی بِهِ أُمِرْتُمْ وَ إِنِّی عَالِمُكُمْ وَ الَّذِی بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ وَ وَصِیُّ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خِیَرَةُ رَبِّكُمْ وَ لِسَانُ نُورِكُمْ وَ الْعَالِمُ بِمَا یُصْلِحُكُمْ فَعَنْ قَلِیلٍ رُوَیْداً یَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ وَ مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ وَ سَیَسْأَلُكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ وَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَداً تَصِیرُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لِی عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُمْ أَعْدَاؤُكُمْ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّیْفِ حَتَّی تَئُولُوا إِلَی الْحَقِّ وَ تُنِیبُوا لِلصِّدْقِ فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ وَ آخَذَ بِالرِّفْقِ اللَّهُمَّ فَاحْكُمْ بَیْنَنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمِینَ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَرَّ بِصِیرَةٍ فِیهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِینَ شَاةً فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِی رِجَالًا یَنْصَحُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِعَدَدِ هَذِهِ الشِّیَاهِ لَأَزَلْتُ ابْنَ آكِلَةِ الذِّبَّانِ عَنْ مُلْكِهِ قَالَ فَلَمَّا أَمْسَی بَایَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ رَجُلًا عَلَی الْمَوْتِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اغْدُوا بِنَا إِلَی أَحْجَارِ الزَّیْتِ مُحَلِّقِینَ وَ حَلَّقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَمَا وَافَی مِنَ الْقَوْمِ مُحَلِّقاً إِلَّا أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ جَاءَ سَلْمَانُ فِی آخِرِ الْقَوْمِ فَرَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی كَمَا اسْتَضْعَفَ بَنُو إِسْرَائِیلَ هَارُونَ اللَّهُمَّ فَ إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِی وَ ما نُعْلِنُ وَ مَا یَخْفَی عَلَیْكَ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ* تَوَفَّنِی مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ
ص: 241
أَمَا وَ الْبَیْتِ وَ الْمُفْضِی إِلَی الْبَیْتِ (1) وَ فِی النُّسْخَةِ وَ الْمُزْدَلِفَةِ وَ الْخِفَافِ إِلَی التَّجْمِیرِ لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِینَ خَلِیجَ الْمَنِیَّةِ وَ لَأَرْسَلْتُ عَلَیْهِمْ شَآبِیبَ صَوَاعِقِ الْمَوْتِ وَ عَنْ قَلِیلٍ سَیَعْلَمُونَ (2).
كان حیا بلا كیف أی بلا حیاة زائدة یتكیف بها و لا كیفیة من الكیفیات التی تتبع الحیاة فی المخلوقین بل حیاته علمه و قدرته و هما غیر زائدتین علی ذاته و لم یكن له كان الظاهر أن كان اسم لم یكن فنفی علیه السلام ما یوهمه لفظ كان من الزمانیة أو الحدوث و لا كان لكانه كیف یحتمل أن یكون المراد لكونه و یكون القلب علی لغة بنی الحارث بن كعب حیث جوز قلب الواو و الیاء الساكنین أیضا مع انفتاح ما قبلهما ألفا أی لیس له وجود زائد یتكیف به الذات أو لیس وجوده كوجود الممكنات مقرونا بالكیفیات و قد مر فی روایة أخری (3) لمكانه مكانا و یحتمل أن یكون من الأفعال الناقصة أی لیس بزمانی أو لیس وجوده مقرونا بالكیفیات المتغیرة الزائدة و إدخال اللام و الإضافة بتأویل الجملة مفردا أی هذا اللفظ كقولك لزید قائم معنی و لا كان له أین أی مكان و لا كان فی شی ء أی لا كون الجزئی فی الكلی و لا كون الجزء فی الكل و لا كون الحال فی المحل و لا كون المتمكن فی المكان و لا كان علی شی ء هو نفی المكان العرفی كالسریر مثلا و لا ابتدع لكانه فی الروایة المتقدمة لمكانه و لا كان خلوا من الملك قبل إنشائه الملك بالضم و الكسر یكون بمعنی
ص: 242
السلطنة و المالكیة و العظمة و بمعنی ما یملك و الضم فی الأول أشهر فیحتمل أن یكون المراد عند ذكره و عند إرجاع الضمیر إلیه معا هو الأول و یمكن إرادة الأول عند الذكر و الثانی عند الإرجاع علی الاستخدام و یمكن إرجاع الضمیر إلیه تعالی لتكون الإضافة إلی الفاعل لكنه لا یلائم ما بعدها و الحاصل علی التقادیر أن سلطنته تعالی لیس بخلق الأشیاء لغناه عنها بل بقدرته علی خلقها و خلق أضعافها و هی لا تنفك عنه تعالی و فیه رد علی القائلین بالقدم و دلالة هذه الفقرات علی الحدوث ظاهرة بلا حیاة أی زائدة بل بذاته و لا حد أی من الحدود الجسمیة یوصف و یعرف بها أو من الحدود العقلیة المركبة من الجنس و الفصل لیعرف به إذ كنه الأشیاء یعرف بحدودها كما هو المشهور ففیه استدلال علی عدم إمكان معرفة كنهه تعالی و الأول أظهر.
و لا یضعف و فی بعض النسخ و لا یصعق قال الجوهری صعق الرجل أی غشی علیه و الذعر بالضم الخوف و بالتحریك الدهش بغیر قوة من خلقه أی بأن یتقوی بمخلوقاته كما یتقوی الملوك بجیوشهم و خزائنهم و بغیر قوة زائدة قائمة به و هذه القوة تكون مخلوقة له فیكون محتاجا إلی مخلوق ممكن و هو ینافی وجوب الوجود حدق الناظرین قال الجوهری حدقة العین سوادها الأعظم و الجمع حدق و حداق و لا یحیط بسمعه كأنه مصدر مضاف إلی المفعول و المعنی أنه تعالی لیس من المسموعات كما أن الفقرة السابقة دلت علی أنه لیس من المبصرات و یمكن أن یراد أنه لا یحیط سمع جمیع السامعین بمسموعاته و لا مظاهرة أی معاونة و لا مخابرة المخابرة فی اللغة المزارعة علی النصف و لعل المراد نفی المشاركة أی لم یشاركه أحد فی الخلق و یحتمل أن یكون مشتقا من الخبر بمعنی العلم أو الاختبار.
أرسله بِالْهُدی أی بالحجج و البینات و الدلائل و البراهین وَ دِینِ الْحَقِّ و هو الإسلام و ما تضمنه من الشرائع لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ الضمیر فی لیظهره للدین الحق أی لیعلی دین الإسلام علی جمیع الأدیان بالحجة و الغلبة و القهر
ص: 243
لها و للرسول أی یجعله غالبا علی جمیع أهل الأدیان و قد مر فی الأخبار الكثیرة أنه یكون تمام هذا الوعد عند قیام القائم علیه السلام و أنهج الدلالة أی أوضحها و ضربت فی عشواء غوائها و فی بعض النسخ غوایتها و هو أصوب و الضرب فی الأرض السیر فیها و العشواء بالفتح ممدود الظلمة و الناقة التی لا تبصر أمامها فهی تخبط بیدیها كل شی ء و ركب فلان العشواء إذا خبط فی أمره و یقال أیضا خبط خبط عشواء و ظاهر أن المراد هنا الظلمة أی صارت الأمة فی ظلمة غوایتها و ضلالتها و إن كان بالمعنی الثانی فیحتمل أن یكون فی بمعنی علی أی سارت راكبة علی عشواء غوایتها فصدعت فی بعض النسخ فصدت و الصد المنع و یقال صدع عنه أی صرفه فلق الحبة أی شقها و أخرج منها أنواع النبات و برأ النسمة أی خلق ذوات الأرواح و التخصیص بهذین لأنهما عمدة المخلوقات المحسوسة المشاهدة و یظهر آثار الصنع فیهما أكثر منها فی غیرهما.
لو اقتبستم العلم من معدنه یقال اقتبست النار و العلم أی استفدته و شربتم الماء بعذوبته شبه العلم و الإیمان بالماء لكونهما سببین للحیاة المعنویة و عذوبته كنایة عن خلوصه عن التحریفات و البدع و الجهالات و سلكتم من الحق نهجه قال الفیروزآبادی النَّهْجُ الطریقُ الواضحُ كالمَنْهَج و المِنهاج و أنْهَجَ وضَحَ و أوضح و نَهَجَ كمنع وضَحَ و أَوْضَحَ و الطریقَ سَلَكَهُ و اسْتَنْهَجَ الطریقُ صار نَهْجاً كأنهج و فی بعض النسخ لنهجت بكم السبل أی وضحت بكم أو بسببكم أی كنتم هداة للخلق و فی بعضها لتنهجت و هو قریب مما سبق أی اتضحت و فی بعضها لابتهجت و الابتهاج السرور أی كانت سبل الحق راضیة عنكم مسرورة بكم حیث سلكتموها حق سلوكها و أضاء یتعدی و لا یتعدی و كلاهما مناسب.
فأكلتم رغدا قال الجوهری عیشة رغد أی واسعة طیبة و ما عال یقال عال یعیل عیلة و عیولا إذا افتقر و لا معاهد بفتح الهاء أی من هو فی عهد و أمان كأهل الذمة دنیاكم برحبها دنیاكم فاعل أظلمت و الرحب بالضم السعة أی مع سعتها فكیف و قد تركتموه أی كیف ینفعكم هذا الإقرار و الإذعان و قد تركتم متابعة قائله أو كیف
ص: 244
تقولون هذا مع أنه مخالف لأفعالكم و الضمائر إما راجعة إلی الإمام أو إلی علمه رویدا أی مهلا عما قلیل أی بعد زمان قلیل و ما زائدة لتوكید معنی القلة أو نكرة موصوفة وخیم ما اجترمتم قال فی النهایة یقال هذا الأمر وخیم العاقبة أی ثقیل ردئ و الاجترام اكتساب الجرم و الذنب و الاجتلاب جلب الشی ء إلی النفس و فی بعض النسخ اجتنیتم من اجتناء الثمرة أو بمعنی كسب الجرم و الجنایة و الأخیر أنسب لكنه لم یرد فی اللغة صاحبكم أی إمامكم و الذی به أمرتم أی بمتابعته و خیرة ربكم بكسر الخاء و فتح الیاء و سكونها أی مختاره من بین سائر الخلق بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لسان نوركم المراد بالنور إما الرسول أو الهدایة و العلم أو نور الأنوار تعالی شأنه.
عدة أصحاب طالوت أی الذین لم یشربوا الماء و حضروا لجهاد جالوت و
قد مر مرویا (1) عن الصادق علیه السلام أنهم كانوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر.
فكلمة أو بمعنی الواو أو للتفسیر و هم أعداؤكم أی لم یكونوا مثلكم منافقین بل كانوا ناصرین للحق محبین له معاندین لكم لكفركم و فی بعض النسخ و هم أعدادكم و لم أعرف له معنی و لعله كان أعدادهم أی أصحاب بدر كانوا بعدد أصحاب طالوت و إنما كررت للتوضیح فصحف حتی تئولوا أی ترجعوا و لتنیبوا من الإنابة و هی الرجوع و فی بعض النسخ و تنبئوا علی البناء للمفعول أی تخبروا بالصدق و تذعنوا به فكان أرتق للفتق الفتق الشق و الرتق ضده أی كان یسد الخلال و الفرج التی حدثت فی الدین و كان الأخذ بالرفق و اللطف للناس أكثر فمر بصیرة الصیرة بالكسر حظیرة الغنم لأزلت ابن آكلة الذباب و فی بعض النسخ الذبان بكسر الذال و تشدید الباء جمع الذباب و المراد به أبو بكر و لعله إشارة إلی واقعة كان اشتهر بها و یحتمل أن یكون كنایة عن دناءة أصله و رداءة نسبه و حسبه علی الموت أی علی أن یلتزموا الموت و یقتلوا فی نصره و قال الفیروزآبادی أحجار الزیت موضع بالمدینة.
ص: 245
أما و البیت و المفضی إلی البیت قال الجوهری الفضاء الساحة و ما اتسع من الأرض یقال أفضیت إذا خرجت إلی الفضاء و أفضیت إلی فلان سری و أفضی الرجل إلی امرأته باشرها و أفضی بیده إلی الأرض إذا مسها بباطن راحته فی سجوده انتهی.
فیحتمل أن یكون المراد القسم بمن یدخل فی الفضاء أی الصحراء متوجها إلی البیت أی الحاج و المعتمر أو من یفضی أسراره إلی البیت أی إلی ربه و یدعو اللّٰه عند البیت أو من یفضی الناس إلی البیت و یوصلهم إلی اللّٰه و هو اللّٰه تعالی أو علی صیغة المفعول أی الحاج الواصلین إلی البیت أو من الإفضاء علی بناء الفاعل بمعنی مس الأرض بالراحة أی المستلمین بأحجار البیت أو من یفضی إلی الأرض بالسجود فی أطراف الأرض متوجها إلی البیت و قال فی النهایة فی حدیث دعائه للنابغة لا یفضی اللّٰه فاك و معناه أن لا یجعله فضاء لا سن فیه و الفضاء الخالی الفارغ الواسع من الأرض انتهی.
فیحتمل أن یكون المراد من جعل من أربعة جوانب فضاء غیر معمور إلی البیت لیشق علی الناس قطعها فیكثر ثوابهم و هو اللّٰه تعالی و الخفاف إلی التجمیر التجمیر رمی الجمار و الخفاف إما جمع الخف أی خف الإنسان إذ خف البعیر لا یجمع علی الخفاف بل علی أخفاف و المراد أثر الخفاف و أثر أقدام الماشین إلی التجمیر أو جمع الخفیف أی السائرین بخفة و شوق إلی التجمیر و فیه دلالة علی جواز الحلف بشعائر اللّٰه و حرماته و سیأتی الكلام فیه فی كتاب الإیمان إن شاء اللّٰه تعالی.
لو لا عهد عهده هو ما ورد فی الأخبار المتواترة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أوصی إلیه علیه السلام أنك إن لم تجد ناصرا (1) فوادعهم و صالحهم حتی تجد أعوانا و أیضا
ص: 246
نزل كتاب من السماء مختوم بخواتیم بعدة الأئمة كان یعمل كل منهم بما یخصه خلیج المنیة الخلیج شعبة من البحر و النهر و المنیة الموت و الشآبیب جمع شؤبوب بالضم مهموزا و هو الدفعة من المطر و غیره.
«28»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ بَزِیعٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَجَاءٍ الْعُطَارِدِیِّ قَالَ: لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ لِأَبِی بِكْرٍ دَخَلَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ فَأَهْلُ بَیْتَ نَبِیِّكُمْ هُمُ الْآلُ مِنْ إِبْرَاهِیمَ وَ الصَّفْوَةُ وَ السُّلَالَةُ مِنْ إِسْمَاعِیلَ وَ الْعِتْرَةُ الْهَادِیَةُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَبِمُحَمَّدٍ شُرِّفَ شَرِیفُهُمْ فَاسْتَوْجَبُوا حَقَّهُمْ وَ نَالُوا الْفَضِیلَةَ مِنَ رَبِّهِمْ كَالسَّمَاءِ الْمَبْنِیَّةِ وَ الْأَرْضِ الْمَدْحِیَّةِ وَ الْجِبَالِ الْمَنْصُوبَةِ وَ الْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَةِ وَ الشَّمْسِ الضَّاحِیَةِ وَ النُّجُومِ الْهَادِیَةِ وَ الشَّجَرَةِ النَّبَوِیَّةِ أَضَاءَ زَیْتُهَا وَ بُورِكَ مَا حَوْلَهَا فَمُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَصِیُّ آدَمَ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ تَأْوِیلُ الْقُرْآنِ الْعَظِیمِ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ وَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ أَخُوهُ فَمَا بَالُكُمْ أَیَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَیِّرَةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا لَوْ قَدَّمْتُمْ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ خَلَّفْتُمُ الْوِلَایَةَ لِمَنْ خَلَّفَهَا لَهُ النَّبِیُّ وَ اللَّهِ لَمَا عَالَ وَلِیُّ اللَّهِ وَ لَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِی حُكْمِ اللَّهِ وَ لَا سَقَطَ سَهْمٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ لَا تَنَازَعَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ دِینِهَا إِلَّا وَجَدْتُمْ عِلْمَ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ الْعَزِیزِ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ فَذُوقُوا وَبَالَ مَا فَرَّطْتُمْ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ (1).
«29»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جا، المجالس للمفید عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَهْدِیٍّ إِمْلَاءً مِنْ
ص: 247
كِتَابِهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا أَتَی أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ إِلَی مَنْزِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ خَاطَبَاهُ فِی أَمْرِ الْبَیْعَةِ وَ خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْمَسْجِدِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا اصْطَنَعَ عِنْدَهُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ وَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً ثُمَّ قَالَ إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً أَتَیَانِی وَ طَالَبَانِی بِالْبَیْعَةِ لِمَنْ سَبِیلُهُ أَنْ یُبَایِعَنِی أَنَا ابْنُ عَمِّ النَّبِیِّ وَ أَبُو بَنِیهِ وَ الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَقُولُهَا أَحَدٌ غَیْرِی إِلَّا كَاذِبٌ وَ أَسْلَمْتُ وَ صَلَّیْتُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَ أَنَا وَصِیُّهُ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ أَبُو حَسَنٍ وَ حُسَیْنٍ سِبْطَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ الرَّحْمَةِ بِنَا هَدَاكُمُ اللَّهُ وَ بِنَا اسْتَنْقَذَكُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ أَنَا صَاحِبُ یَوْمِ الدَّوْحِ (1) وَ فِیَّ نَزَلَتْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ (2) وَ أَنَا الْوَصِیُّ عَلَی الْأَمْوَاتِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ
ص: 248
أَنَا بَقِیَّتُهُ عَلَی الْأَحْیَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ یُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ وَ یُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكُمْ
ص: 249
ثُمَّ رَجَعَ إِلَی بَیْتِهِ (1).
«30»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالا إِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ أَخَذَتْ بِتَلَابِیبِ عُمَرَ فَجَذَبَتْهُ إِلَیْهَا ثُمَّ قَالَتْ أَمَا وَ اللَّهِ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَوْ لَا أَنِّی أَكْرَهُ أَنْ یُصِیبَ الْبَلَاءُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ لَعَلِمْتَ سَأُقْسِمُ عَلَی اللَّهِ ثُمَّ أَجِدُهُ سَرِیعَ الْإِجَابَةِ (2).
بیان: اللبب المنحر و التلبیب ما فی موضع اللبب من الثیاب.
«31»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ قَالَ ذَاكَ وَ اللَّهِ حِینَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ (3).
«32»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُیَسِّرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها قَالَ فَقَالَ یَا مُیَسِّرُ إِنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ فَاسِدَةً فَأَصْلَحَهَا اللَّهُ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (4).
ص: 250
«33»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَذَكَرْنَا مَا أَحْدَثَ النَّاسُ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتِذْلَالَهُمْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَأَیْنَ كَانَ عِزُّ بَنِی هَاشِمٍ وَ مَا كَانُوا فِیهِ مِنَ الْعَدَدِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَنْ كَانَ بَقِیَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ إِنَّمَا كَانَ جَعْفَرٌ وَ حَمْزَةُ فَمَضَیَا وَ بَقِیَ مَعَهُ رَجُلَانِ ضَعِیفَانِ ذَلِیلَانِ حَدِیثَا عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ عَبَّاسٌ وَ عَقِیلٌ وَ كَانَا مِنَ الطُّلَقَاءِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ حَمْزَةَ وَ جَعْفَراً كَانَا بِحَضْرَتِهِمَا مَا وَصَلَا إِلَیْهِ وَ لَوْ كَانَا شَاهِدَیْهِمَا لَأَتْلَفَا نَفْسَیْهِمَا (1).
بیان: الضمیر فی نفسیهما راجع إلی حمزة و جعفر و إرجاعه إلی أبی بكر و عمر بعید.
«34»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ الْقُمِّیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ قَالَ حَیْثُ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ فَعَمُوا وَ صَمُّوا حَیْثُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ حَیْثُ قَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا إِلَی السَّاعَةِ (2).
ص: 251
«35»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ بِعَلِیٍّ علیه السلام خَرَجَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام وَاضِعَةً قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَأْسِهَا آخِذَةً بِیَدَیِ ابْنَیْهَا فَقَالَتْ مَا لِی وَ لَكَ یَا أَبَا بَكْرٍ تُرِیدُ أَنْ تؤتم (تُوتِمَ) ابْنَیَّ وَ تُرْمِلَنِی مِنْ زَوْجِی وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ یَكُونَ سَیِّئَةٌ لَنَشَرْتُ شَعْرِی وَ لَصَرَخْتُ إِلَی رَبِّی فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا تُرِیدُ إِلَی هَذَا ثُمَّ أَخَذَتْ بِیَدِهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ (1).
وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ لَوْ نَشَرَتْ شَعْرَهَا مَاتُوا طُرّاً (2).
بیان: المشهور فی كتب اللغة أن الإیتام ینسب إلی المرأة یقال أیتمت المرأة أی صار أولادها یتامی و التیتیم جعله یتیما و الأرملة المرأة التی لا زوج لها و قولها علیها السلام أن تكون سیئة أی مكافاة السیئة بالسیئة و لیست من عادة الكرام فیكون إطلاق السیئة علیها مجازا أو أرید بها مطلق الإضرار و یمكن أن یراد بها المعصیة أی نهیت عن ذلك و لا یجوز لی فعله قوله ما ترید إلی هذا لعل فیه تضمین معنی القصد أی قال مخاطبا لأبی بكر أو عمر ما ترید بقصدك إلی هذا الفعل أ ترید أن تنزل العذاب علی هذه الأمة و یحتمل أن یكون إلی هذا استفهاما آخر أی أ تنتهی إلی هذا الحد من الشدة و الفضیحة قوله علیه السلام طرا أی
ص: 252
جمیعا و هو منصوب علی المصدر أو الحال.
«36»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْعَامَّةَ یَزْعُمُونَ أَنَّ بَیْعَةَ أَبِی بَكْرٍ حَیْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ كَانَتْ رِضًا لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَفْتِنَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَ وَ مَا یَقْرَءُونَ كِتَابَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ یَقُولُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ یَنْقَلِبْ عَلی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً وَ سَیَجْزِی اللَّهُ الشَّاكِرِینَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ یُفَسِّرُونَ عَلَی وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ أَ وَ لَیْسَ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَیِّنَاتُ حَیْثُ قَالَ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ وَ فِی هَذَا مَا یُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَی أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ (1).
بیان: قوله لیفتن أی یمتحن و یضل قوله إنهم یفسرون علی وجه آخر أی یقولون إن هذا كلام علی وجه الاستفهام و لا یدل علی وقوع ذلك و كان غرضه علیه السلام أنه تعالی عرض للقوم بما صدر عنهم بعده صلی اللّٰه علیه و آله بهذا الكلام و هذا لا ینافی الاستفهام بل التهدید بالعقوبة و بیان أن ارتدادهم لا یضره تعالی ظاهر فی أنه تعالی إنما وبخهم بما علم صدوره منهم (2) و لما غفل السائل عن هذه الوجوه و لم یكن نصا فی الاحتجاج علی الخصم أعرض علیه السلام عن ذلك و استدل علیه بآیة أخری و هی قوله تعالی تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا الآیة.
ص: 253
و یمكن الاستدلال بها من وجوه الأول أن ضمیر الجمع فی قوله تعالی مِنْ بَعْدِهِمْ راجع إلی الرسل فیدل بعمومه علی أن جمیع الرسل یقع الاختلاف بعدهم فیكون فیهم كافر و مؤمن و نبینا صلی اللّٰه علیه و آله منهم فیلزم صدور ذلك من أمته.
الثانی أن الآیة تدل علی وقوع الاختلاف و الارتداد بعد عیسی و كثیر من الأنبیاء علیهم السلام فی أممهم و قد قال تعالی وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا و قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی ذلك ما قال كما مر فیلزم صدور مثل ذلك عن هذه الأمة أیضا.
الثالث أن یكون الغرض رفع الاستبعاد الذی بنی القائل كلامه علیه بأنه إذا جاز وقوع ذلك بعد كثیر من الأنبیاء علیهم السلام فلم لم یجز وقوعه بعد نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فیكون سندا لمنع المقدمة التی أوردها بقوله و ما كان اللّٰه لیفتن أمة محمد و لعل هذا بعد الثانی أظهر.
«37»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ وَ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ زَكَرِیَّا النَّقَّاضِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ النَّاسُ صَارُوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَنْزِلَةِ مَنِ اتَّبَعَ هَارُونَ علیه السلام وَ مَنِ اتَّبَعَ الْعِجْلَ وَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَعَا فَأَبَی عَلِیٌّ علیه السلام إِلَّا الْقُرْآنَ وَ إِنَّ عُمَرَ دَعَا فَأَبَی عَلِیٌّ علیه السلام إِلَّا الْقُرْآنَ وَ إِنَّ عُثْمَانَ دَعَا فَأَبَی عَلِیٌّ علیه السلام إِلَّا الْقُرْآنَ وَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَحَدٍ یَدْعُو إِلَی أَنْ یَخْرُجَ الدَّجَّالُ إِلَّا سَیَجِدُ مَنْ یُبَایِعُهُ وَ مَنْ رَفَعَ رَایَةَ ضَلَالٍ فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ (1).
بیان: قوله و إن أبا بكر دعا أی علیا علیه السلام إلی موافقته أو جمیع الناس إلی بیعته و موافقته فلم یعمل أمیر المؤمنین علیه السلام فی زمانه إلا بالقرآن و لم یوافقه فی بدعه.
«38»-كا، الكافی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ
ص: 254
علیه السلام قَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمَّا صَنَعُوا مَا صَنَعُوا إِذْ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ لَمْ یُمْنَعْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ أَنْ یَدْعُوَ إِلَی نَفْسِهِ إِلَّا نَظَراً لِلنَّاسِ وَ تَخَوُّفاً عَلَیْهِمْ أَنْ یَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَیَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ وَ لَا یَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ الْأَحَبَّ إِلَیْهِ أَنْ یُقِرَّهُمْ عَلَی مَا صَنَعُوا مِنْ أَنْ یَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِینَ رَكِبُوا مَا رَكِبُوا فَأَمَّا مَنْ لَمْ یَصْنَعْ ذَلِكَ وَ دَخَلَ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ عَلَی غَیْرِ عِلْمٍ وَ لَا عَدَاوَةٍ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَإِنَّ ذَلِكَ لَا یُكْفِرُهُ وَ لَا یُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ كَتَمَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمْرَهُ وَ بَایَعَ مُكْرَهاً حَیْثُ لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً (1).
بیان: قوله علیه السلام من أن یرتدوا عن الإسلام أی عن ظاهره و التكلم بالشهادتین فإبقاؤهم علی ظاهر الإسلام كان صلاحا للأمة لیكون لهم و لأولادهم طریق إلی قبول الحق و إلی الدخول فی الإیمان فی كرور الأزمان و هذا لا ینافی ما مر و سیأتی أن الناس ارتدوا إلا ثلاثة لأن المراد فیها ارتدادهم عن الدین واقعا و هذا محمول علی بقائهم علی صورة الإسلام و ظاهره و إن كانوا فی أكثر الأحكام الواقعیة فی حكم الكفار و خص علیه السلام هذا بمن لم یسمع النص علی أمیر المؤمنین علیه السلام و لم یبغضه و لم یعاده فإن من فعل شیئا من ذلك فقد أنكر قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كفر ظاهرا أیضا و لم یبق له شی ء من أحكام الإسلام و وجب قتله.
«39»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَفْزَعُونَ إِذَا قُلْنَا إِنَّ النَّاسَ ارْتَدُّوا فَقَالَ یَا عَبْدَ الرَّحِیمِ إِنَّ النَّاسَ عَادُوا بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَهْلَ جَاهِلِیَّةٍ (2) إِنَّ الْأَنْصَارَ
ص: 255
اعْتَزَلَتْ فَلَمْ تَعْتَزِلْ بِخَیْرٍ جَعَلُوا یُبَایِعُونَ سَعْداً وَ هُمْ یَرْتَجِزُونَ ارْتِجَازَ الْجَاهِلِیَّةِ
یَا سَعْدُ أَنْتَ الْمُرَجَّی وَ شَعْرُكَ الْمُرَجَّلُ
وَ فَحْلُكَ الْمُرَجَّمُ
(1).
بیان: قوله فلم تعتزل بخیر أی لم یكن اعتزالهم لاختیار الحق أو لترك الباطل بل اختاروا باطلا مكان باطل آخر للحمیة و العصبیة فقال الفیروزآبادی الرجز بالتحریك ضرب من الشعر وزنه مستفعل ست مرات سمی به لتقارب أجزائه و قلة حروفه و زعم الخلیل أنه لیس بشعر و إنما هو أنصاف أبیات و أثلاث قوله
و فحلك المرجم
أی خصمك مرجوم مطرود و قد مر بوجه آخر.
«40»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْیَمَانِیِّ عَنْ مَنِیعِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْغَدِیرِ صَرَخَ إِبْلِیسُ فِی جُنُودِهِ صَرْخَةً فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا أَتَاهُ فَقَالُوا
ص: 256
یَا سَیِّدَهُمْ وَ مَوْلَاهُمْ مَا ذَا دَهَاكَ فَمَا سَمِعْنَا لَكَ صَرْخَةً أَوْحَشَ مِنْ صَرْخَتِكَ هَذِهِ فَقَالَ لَهُمْ فَعَلَ هَذَا النَّبِیُّ فِعْلًا إِنْ تَمَّ لَمْ یُعْصَ اللَّهُ أَبَداً فَقَالُوا یَا سَیِّدَهُمْ أَنْتَ كُنْتَ لِآدَمَ فَلَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنَّهُ یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَی وَ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَ مَا تَرَی عَیْنَیْهِ تَدُورَانِ فِی رَأْسِهِ كَأَنَّهُ مَجْنُونٌ یَعْنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَرَخَ إِبْلِیسُ صَرْخَةً یَطْرَبُ فَجَمَعَ أَوْلِیَاءَهُ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنِّی كُنْتُ لآِدَمَ مِنْ قَبْلُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ آدَمُ نَقَضَ الْعَهْدَ وَ لَمْ یَكْفُرْ بِالرَّبِّ وَ هَؤُلَاءِ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَ كَفَرُوا بِالرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقَامَ النَّاسُ غَیْرَ عَلِیٍّ لَبِسَ إِبْلِیسُ تَاجَ الْمُلْكِ وَ نَصَبَ مِنْبَراً وَ قَعَدَ فِی الزِّینَةِ وَ جَمَعَ خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ اطْرَبُوا لَا یُطَاعُ اللَّهُ حَتَّی یَقُومَ إِمَامٌ وَ تَلَا أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام كَانَ تَأْوِیلُ هَذِهِ الْآیَةِ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الظَّنُّ مِنْ إِبْلِیسَ حِینَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَی فَظَنَّ بِهِمْ إِبْلِیسُ ظَنّاً فَصَدَّقُوا ظَنَّهُ (1).
توضیح: قوله یا سیدهم أی قالوا یا سیدنا و مولانا و إنما غیره لئلا یوهم انصرافه إلیه و هذا شائع فی كلام البلغاء فی نقل أمر لا یرضی القائل لنفسه كقوله تعالی أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِینَ قوله ما ذا دهاك یقال دهاه إذا أصابته داهیة قوله أحدهما لصاحبه یعنی أبا بكر و عمر قوله فی الزینة فی بعض النسخ الوثبة أی الوسادة.
«41»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً كَئِیباً حَزِیناً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام مَا لِی أَرَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَئِیباً حَزِیناً فَقَالَ وَ كَیْفَ لَا أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ رَأَیْتُ فِی لَیْلَتِی هَذِهِ أَنَّ بَنِی تَیْمٍ وَ بَنِی عَدِیٍّ وَ بَنِی أُمَیَّةَ یَصْعَدُونَ
ص: 257
مِنْبَرِی هَذَا یَرُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ الْقَهْقَرَی فَقُلْتُ یَا رَبِّ فِی حَیَاتِی أَوْ بَعْدَ مَوْتِی فَقَالَ بَعْدَ مَوْتِكَ (1).
ص: 258
«42»-ختص، الإختصاص عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ ارْتَدَّ النَّاسُ عَلَی أَعْقَابِهِمُ كُفَّاراً إِلَّا ثَلَاثَةٌ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ إِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ لَا نُعْطِی أَحَداً طَاعَةً بَعْدَكَ أَبَداً قَالَ وَ لِمَ قَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ یَوْمَ غَدِیرٍ قَالَ وَ تَفْعَلُونَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأْتُونِی غَداً مُحَلِّقِینَ قَالَ فَمَا أَتَاهُ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قَالَ وَ جَاءَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ بَعْدَ الظُّهْرِ فَضَرَبَ یَدَهُ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَسْتَیْقِظَ مِنْ نَوْمَةِ الْغَفْلَةِ ارْجِعُوا فَلَا حَاجَةَ لِی فِیكُمْ أَنْتُمْ لَمْ تُطِیعُونِی فِی حَلْقِ الرَّأْسِ فَكَیْفَ تُطِیعُونِی فِی قِتَالِ جِبَالِ الْحَدِیدِ ارْجِعُوا فَلَا حَاجَةَ لِی فِیكُمْ (1).
«43»-ختص، الإختصاص جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْمُؤْمِنُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی یَرْفَعُهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سَلْمَانَ كَانَ مِنْهُ إِلَی ارْتِفَاعِ النَّهَارِ (2)
ص: 259
فَعَاقَبَهُ اللَّهُ أَنْ وُجِئَ فِی عُنُقِهِ حَتَّی صُیِّرَتْ كَهَیْئَةِ السِّلْعَةِ حَمْرَاءَ وَ أَبُو ذَرٍّ كَانَ مِنْهُ إِلَی وَقْتِ الظُّهْرِ فَعَاقَبَهُ اللَّهُ إِلَی أَنْ سَلَّطَ عَلَیْهِ عُثْمَانَ حَتَّی حَمَلَهُ عَلَی قَتَبٍ وَ أُكِلَ لَحْمُ أَلْیَتَیْهِ وَ طَرَدَهُ عَنْ جِوَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَّا الَّذِی لَمْ یَتَغَیَّرْ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی فَارَقَ الدُّنْیَا طَرْفَةَ عَیْنٍ فَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ (1) لَمْ یَزَلْ
ص: 260
قَائِماً قَابِضاً عَلَی قَائِمِ السَّیْفِ عَیْنَاهُ فِی عَیْنَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَنْتَظِرُ مَتَی یَأْمُرُهُ فَیَمْضِیَ (1).
«44»-ختص، الإختصاص جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ كَرَّامٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ أُتِیَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُلَبَّباً لِیُبَایِعَ قَالَ سَلْمَانُ أَ یُصْنَعُ ذَا بِهَذَا وَ اللَّهِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَی اللَّهِ لَانْطَبَقَتْ ذِهْ عَلَی ذِهْ قَالَ وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَ قَالَ الْمِقْدَادُ وَ اللَّهِ هَكَذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَكُونَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ الْمِقْدَادُ أَعْظَمَ النَّاسِ إِیمَاناً تِلْكَ السَّاعَةَ (2).
«45»-أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ، بِرِوَایَةِ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْهُ مُوَافِقاً لِمَا رَوَاهُ الطَّبْرِسِیُّ رحمه اللّٰه عَنْهُ فِی الْإِحْتِجَاجِ (3) سُلَیْمُ بْنُ قَیْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِیَّ رحمه اللّٰه قَالَ: لَمَّا أَنْ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَنَعَ النَّاسُ مَا صَنَعُوا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَخَاصَمُوا الْأَنْصَارَ فَخَصَمُوهُمْ بِحُجَّةِ عَلِیٍّ فَقَالُوا یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قُرَیْشٌ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكُمْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ قُرَیْشٍ وَ الْمُهَاجِرُونَ خَیْرٌ مِنْكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ بَدَأَ بِهِمْ فِی كِتَابِهِ وَ فَضَّلَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَیْشٍ (4)
ص: 261
وَ قَالَ سَلْمَانُ فَأَتَیْتُ عَلِیّاً وَ هُوَ یُغَسِّلُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی عَلِیّاً علیه السلام أَنْ لَا یَلِیَ غُسْلَهُ غَیْرُهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ یُعِینُنِی عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ فَكَانَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا یُرِیدُ عُضْواً إِلَّا قُلِّبَ لَهُ فَلَمَّا غَسَّلَهُ وَ حَنَّطَهُ وَ كَفَّنَهُ أَدْخَلَنِی وَ أَدْخَلَ أَبَا ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادَ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهم السلام فَتَقَدَّمَ وَ صَفَفْنَا خَلْفَهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ وَ الْعَائِشَةُ فِی الْحُجْرَةِ لَا تَعْلَمُ قَدْ أَخَذَ اللَّهُ بِبَصَرِهَا ثُمَّ أَدْخَلَ عَشَرَةً مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ عَشَرَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَكَانُوا یَدْخُلُونَ وَ یَدْعُونَ وَ یَخْرُجُونَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ شَهِدَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا صَلَّی عَلَیْهِ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَأَخْبَرْتُ عَلِیّاً علیه السلام وَ هُوَ یُغَسِّلُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ وَ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّاعَةَ لَعَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یَرْضَوْنَ أَنْ یُبَایِعُوا لَهُ بِیَدٍ وَاحِدَةٍ وَ إِنَّهُمْ لَیُبَایِعُونَهُ بِیَدَیْهِ جَمِیعاً بِیَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا سَلْمَانُ وَ هَلْ تَدْرِی مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ قُلْتُ لَا إِلَّا أَنِّی رَأَیْتُهُ فِی ظُلَّةِ بَنِی سَاعِدَةَ حِینَ خَصَمَتِ الْأَنْصَارَ وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ثُمَّ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ ثُمَّ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ هَؤُلَاءِ وَ لَكِنْ تَدْرِی مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ حِینَ صَعِدَ
ص: 262
الْمِنْبَرَ قُلْتُ لَا وَ لَكِنْ رَأَیْتُ شَیْخاً كَبِیراً یَتَوَكَّأُ عَلَی عَصَاهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ سَجَّادَةٌ شَدِیدُ التَّشْمِیرِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ وَ خَرَّ وَ هُوَ یَبْكِی وَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی رَأَیْتُكَ فِی هَذَا الْمَكَانِ ابْسُطْ یَدَكَ فَبَسَطَ یَدَهُ فَبَایَعَهُ ثُمَّ قَالَ یَوْمٌ كَیَوْمِ آدَمَ ثُمَّ نَزَلَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ (1) فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا سَلْمَانُ أَ تَدْرِی مَنْ هُوَ قُلْتُ لَا وَ لَقَدْ سَاءَتْنِی مَقَالَتُهُ كَأَنَّهُ شَامِتٌ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنَّ ذَلِكَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ إِبْلِیسَ وَ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِهِ شَهِدُوا نَصْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّایَ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِأَنِّی أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَأَقْبَلَ إِلَی إِبْلِیسَ أَبَالِسَتُهُ وَ مَرَدَةُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ مَعْصُومَةٌ فَمَا لَكَ وَ لَا لَنَا عَلَیْهِمْ سَبِیلٌ وَ قَدْ أُعْلِمُوا مَفْزَعَهُمْ وَ إِمَامَهُمْ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ فَانْطَلَقَ إِبْلِیسُ كَئِیباً حَزِیناً وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَوْ قُبِضَ أَنَّ النَّاسَ سَیُبَایِعُونَ أَبَا بَكْرٍ فِی ظُلَّةِ بَنِی سَاعِدَةَ بَعْدَ تَخَاصُمِهِمْ بِحَقِّنَا وَ حُجَّتِنَا ثُمَّ یَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَیَكُونُ أَوَّلُ مَنْ یُبَایِعُهُ عَلَی مِنْبَرِی إِبْلِیسَ فِی صُورَةِ شَیْخٍ كَبِیرٍ مُشَمِّرٍ یَقُولُ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ یَخْرُجُ فَیَجْمَعُ شَیَاطِینَهُ وَ أَبَالِسَتَهُ فَیَخِرُّونَ سُجَّداً وَ یَقُولُونَ یَا سَیِّدَهُمْ وَ یَا كَبِیرَهُمْ أَنْتَ الَّذِی أَخْرَجْتَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ فَیَقُولُ أَیُّ أُمَّةٍ لَمْ تَضِلَّ بَعْدَ نَبِیِّهَا كَلَّا زَعَمْتُمْ أَنْ لَیْسَ لِی عَلَیْهِمْ سَبِیلٌ فَكَیْفَ رَأَیْتُمُونِی صَنَعْتُ بِهِمْ حِینَ تَرَكُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2) وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (3)
ص: 263
قَالَ سَلْمَانُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ اللَّیْلُ حَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاطِمَةَ علیها السلام عَلَی حِمَارٍ وَ أَخَذَ بِیَدِ ابْنَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَلَمْ یَدَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَتَاهُ فِی مَنْزِلِهِ فَذَكَّرَهُمْ حَقَّهُ وَ دَعَاهُمْ إِلَی نُصْرَتِهِ فَمَا اسْتَجَابَ لَهُ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ وَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَأَمَرَهُمْ أَنْ یُصْبِحُوا بُكْرَةً مُحَلِّقِینَ رُءُوسَهُمْ مَعَهُمْ سِلَاحُهُمْ لِیُبَایِعُوهُ عَلَی الْمَوْتِ فَأَصْبَحُوا فَلَمْ یُوَافِ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَرْبَعَةٌ فَقُلْتُ لِسَلْمَانَ مَنِ الْأَرْبَعَةُ فَقَالَ أَنَا وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ثُمَّ أَتَاهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام مِنَ اللَّیْلَةِ الْمُقْبِلَةِ فَنَاشَدَهُمْ فَقَالُوا نُصْبِحُكَ بُكْرَةً فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ أَتَاهُ غَیْرُنَا ثُمَّ أَتَاهُمُ اللَّیْلَةَ الثَّالِثَةَ فَمَا أَتَاهُ غَیْرُنَا (1) فَلَمَّا رَأَی عَلِیٌّ علیه السلام غَدْرَهُمْ وَ قِلَّةَ وَفَائِهِمْ لَهُ لَزِمَ بَیْتَهُ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْقُرْآنِ یُؤَلِّفُهُ وَ یَجْمَعُهُ فَلَمْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ حَتَّی جَمَعَهُ وَ كَانَ فِی الصُّحُفِ وَ الشِّظَاظِ وَ الْأَكْتَافِ وَ الرِّقَاعِ فَلَمَّا جَمَعَهُ كُلَّهُ وَ كَتَبَهُ بِیَدِهِ تَنْزِیلَهُ وَ تَأْوِیلَهُ وَ النَّاسِخَ مِنْهُ وَ الْمَنْسُوخَ بَعَثَ إِلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ اخْرُجْ فَبَایِعْ فَبَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَنِّی مَشْغُولٌ وَ قَدْ آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی یَمِیناً أَنْ لَا أَرْتَدِیَ بِرِدَاءٍ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّی أُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ وَ أَجْمَعَهُ (2)
ص: 264
فَسَكَتُوا عَنْهُ أَیَّاماً فَجَمَعَهُ فِی ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَ خَتَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی النَّاسِ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ مَعَ أَبِی بَكْرٍ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَادَی عَلِیٌّ علیه السلام بِأَعْلَا صَوْتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ أَنِّی لَمْ أَزَلْ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَشْغُولًا بِغُسْلِهِ ثُمَّ بِالْقُرْآنِ حَتَّی جَمَعْتُهُ كُلَّهُ فِی هَذَا الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلَمْ یُنْزِلِ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ آیَةً مِنْهُ إِلَّا وَ قَدْ جَمَعْتُهَا وَ لَیْسَتْ مِنْهُ آیَةٌ إِلَّا وَ قَدْ أَقْرَأَنِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَّمَنِی تَأْوِیلَهَا ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِئَلَّا تَقُولُوا غَداً إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام لَا تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِنِّی لَمْ أَدْعُكُمْ إِلَی نُصْرَتِی وَ لَمْ أُذَكِّرْكُمْ حَقِّی وَ لَمْ أَدْعُكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَی خَاتِمَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ
ص: 265
مَا أَغْنَانَا بِمَا مَعَنَا مِنَ الْقُرْآنِ عَمَّا تَدْعُونَا إِلَیْهِ ثُمَّ دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام بَیْتَهُ وَ قَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ أَرْسِلْ إِلَی عَلِیٍّ فَلْیُبَایِعْ فَإِنَّا لَسْنَا فِی شَیْ ءٍ حَتَّی یُبَایِعَ وَ لَوْ قَدْ بَایَعَ أَمِنَّاهُ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ أَجِبْ خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ مَا كَذَبْتُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ لَیَعْلَمُ وَ یَعْلَمُ الَّذِینَ حَوْلَهُ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَمْ یَسْتَخْلِفَا غَیْرِی وَ ذَهَبَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ لَهُ فَقَالَ اذْهَبْ فَقُلْ لَهُ أَجِبْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَبَا بَكْرٍ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ مَا وَ اللَّهِ طَالَ الْعَهْدُ فَیَنْسَی وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا یَصْلُحُ إِلَّا لِی وَ لَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ سَابِعُ سَبْعَةٍ فَسَلَّمُوا عَلَیَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ (1) فَاسْتَفْهَمَ هُوَ وَ صَاحِبُهُ مِنْ بَیْنِ السَّبْعَةِ فَقَالا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ حَقّاً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِنَّهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدُ الْمُسْلِمِینَ وَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ (2) یُقْعِدُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ
ص: 266
عَلَی الصِّرَاطِ فَیُدْخِلُ أَوْلِیَاءَهُ الْجَنَّةَ وَ أَعْدَاءَهُ النَّارَ (1) فَانْطَلَقَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ فَسَكَتُوا عَنْهُ یَوْمَهُمْ ذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ حَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاطِمَةَ علیها السلام عَلَی حِمَارٍ وَ أَخَذَ بِیَدِ ابْنَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَلَمْ یَدَعْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا أَتَاهُ فِی مَنْزِلِهِ فَنَاشَدَهُمُ اللَّهَ حَقَّهُ وَ دَعَاهُمْ إِلَی نُصْرَتِهِ فَمَا اسْتَجَابَ مِنْهُمْ رَجُلٌ غَیْرُنَا أَرْبَعَةٌ (2) فَإِنَّا
ص: 267
حَلَّقْنَا رُءُوسَنَا وَ بَذَلْنَا لَهُ نُصْرَتَنَا وَ كَانَ الزُّبَیْرُ أَشَدَّنَا بَصِیرَةً فِی نُصْرَتِهِ فَلَمَّا أَنْ رَأَی عَلِیٌّ علیه السلام خِذْلَانَ النَّاسِ إِیَّاهُ وَ تَرْكَهُمْ نُصْرَتَهُ وَ اجْتِمَاعَ كَلِمَتِهِمْ مَعَ أَبِی بَكْرٍ وَ تَعْظِیمَهُمْ إِیَّاهُ لَزِمَ بَیْتَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَبْعَثَ إِلَیْهِ فَیُبَایِعَ فَإِنَّهُ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ بَایَعَ غَیْرَهُ وَ غَیْرَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَرَقَّ الرَّجُلَیْنِ وَ أَرْفَقَهُمَا وَ أَدْهَاهُمَا وَ أَبْعَدَهُمَا غَوْراً وَ الْآخَرُ أَفَظَّهُمَا وَ أَغْلَظَهُمَا وَ أَجْفَاهُمَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مَنْ نُرْسِلُ إِلَیْهِ فَقَالَ عُمَرُ نُرْسِلُ إِلَیْهِ قُنْفُذاً فَهُوَ رَجُلٌ فَظٌّ غَلِیظٌ جَافٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ أَحَدُ بَنِی عَدِیِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَرْسَلَهُ وَ أَرْسَلَ مَعَهُ أَعْوَاناً وَ انْطَلَقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَبَی أَنْ یَأْذَنَ لَهُمْ فَرَجَعَ أَصْحَابُ قُنْفُذٍ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ هُمَا جَالِسَانِ فِی الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُمَا فَقَالُوا لَمْ یُؤْذَنْ لَنَا فَقَالَ عُمَرُ اذْهَبُوا فَإِنْ أَذِنَ لَكُمْ وَ إِلَّا فَادْخُلُوا بِغَیْرِ إِذْنٍ فَانْطَلَقُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام أُحَرِّجُ عَلَیْكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَی بَیْتِی بِغَیْرِ إِذْنٍ فَرَجَعُوا وَ ثَبَتَ قُنْفُذٌ الْمَلْعُونُ فَقَالُوا إِنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ كَذَا وَ كَذَا فَتَحَرَّجْنَا أَنْ نَدْخُلَ بَیْتَهَا بِغَیْرِ إِذْنٍ فَغَضِبَ عُمَرُ وَ قَالَ مَا لَنَا وَ لِلنِّسَاءِ ثُمَّ أَمَرَ أُنَاساً حَوْلَهُ بِتَحْصِیلِ الْحَطَبِ (1) وَ حَمَلُوا
ص: 268
الْحَطَبَ وَ حَمَلَ مَعَهُمْ عُمَرُ فَجَعَلُوهُ حَوْلَ مَنْزِلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ فِیهِ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ ابْنَاهُمَا علیهم السلام ثُمَّ نَادَی عُمَرُ حَتَّی أَسْمَعَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ اللَّهِ لَتَخْرُجَنَّ یَا عَلِیُّ وَ لَتُبَایِعَنَّ خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ إِلَّا أَضْرَمْتُ عَلَیْكَ النَّارَ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَقَالَتْ یَا عُمَرُ مَا لَنَا وَ لَكَ فَقَالَ افْتَحِی الْبَابَ وَ إِلَّا أَحْرَقْنَا عَلَیْكُمْ بَیْتَكُمْ فَقَالَتْ یَا عُمَرُ أَ مَا تَتَّقِی اللَّهَ تَدْخُلُ عَلَی بَیْتِی فَأَبَی أَنْ یَنْصَرِفَ وَ دَعَا عُمَرُ بِالنَّارِ فَأَضْرَمَهَا فِی الْبَابِ ثُمَّ دَفَعَهُ فَدَخَلَ فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ صَاحَتْ یَا أَبَتَاهْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ عُمَرُ السَّیْفَ وَ هُوَ فِی غِمْدِهِ فَوَجَأَ بِهِ جَنْبَهَا فَصَرَخَتْ یَا أَبَتَاهْ فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ ذِرَاعَهَا فَنَادَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَبِئْسَ مَا خَلَفَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَوَثَبَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَخَذَ بِتَلَابِیهِ فَصَرَعَهُ وَ وَجَأَ أَنْفَهُ وَ رَقَبَتَهُ وَ هَمَّ بِقَتْلِهِ فَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَوْصَاهُ بِهِ فَقَالَ وَ الَّذِی كَرَّمَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ یَا ابْنَ صُهَاكَ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ وَ عَهْدٌ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَلِمْتَ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ بَیْتِی فَأَرْسَلَ عُمَرُ یَسْتَغِیثُ فَأَقْبَلَ النَّاسُ حَتَّی دَخَلُوا الدَّارَ وَ ثَارَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی سَیْفِهِ فَرَجَعَ قُنْفُذٌ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ یَتَخَوَّفُ أَنْ یَخْرُجَ عَلِیٌّ علیه السلام بِسَیْفِهِ لِمَا قَدْ عَرَفَ مِنْ بَأْسِهِ وَ شِدَّتِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِقُنْفُذٍ ارْجِعْ فَإِنْ خَرَجَ فَاقْتَحِمْ عَلَیْهِ بَیْتَهُ فَإِنِ امْتَنَعَ فَأَضْرِمْ عَلَیْهِمْ بَیْتَهُمُ النَّارَ (1) فَانْطَلَقَ قُنْفُذٌ الْمَلْعُونُ فَاقْتَحَمَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ بِغَیْرِ إِذْنٍ
ص: 269
وَ ثَارَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی سَیْفِهِ فَسَبَقُوهُ إِلَیْهِ وَ كَاثَرُوهُ فَتَنَاوَلَ بَعْضَ سُیُوفِهِمْ فَكَاثَرُوهُ فَأَلْقَوْا فِی عُنُقِهِ حَبْلًا وَ حَالَتْ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهُ فَاطِمَةُ علیها السلام عِنْدَ بَابِ الْبَیْتِ فَضَرَبَهَا قُنْفُذٌ الْمَلْعُونُ بِالسَّوْطِ فَمَاتَتْ حِینَ مَاتَتْ وَ إِنَّ فِی عَضُدِهَا مِثْلَ الدُّمْلُجِ مِنْ ضَرْبَتِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِعَلِیٍّ علیه السلام یُتَلُّ (1) حَتَّی انْتُهِیَ بِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرُ قَائِمٌ بِالسَّیْفِ عَلَی رَأْسِهِ وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ وَ سَائِرُ النَّاسِ حَوْلَ أَبِی بَكْرٍ عَلَیْهِمُ السِّلَاحُ قَالَ قُلْتُ لِسَلْمَانَ أَ دَخَلُوا عَلَی فَاطِمَةَ بِغَیْرِ إِذْنٍ قَالَ إِی وَ اللَّهِ وَ مَا عَلَیْهَا خِمَارٌ فَنَادَتْ یَا أَبَتَاهْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَبِئْسَ مَا خَلَفَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عَیْنَاكَ لَمْ تَتَفَقَّأْ فِی قَبْرِكَ تُنَادِی بِأَعْلَی صَوْتِهَا فَلَقَدْ رَأَیْتُ أَبَا بَكْرٍ وَ مَنْ حَوْلَهُ یَبْكُونَ مَا فِیهِمْ إِلَّا بَاكٍ غَیْرَ عُمَرَ وَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ وَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَ عُمَرُ یَقُولُ إِنَّا لَسْنَا مِنَ النِّسَاءِ وَ رَأْیِهِنَّ فِی شَیْ ءٍ قَالَ فَانْتَهَوْا بِعَلِیٍّ علیه السلام إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ یَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ وَقَعَ سَیْفِی فِی یَدِی لَعَلِمْتُمْ أَنَّكُمْ لَمْ تَصِلُوا إِلَی هَذَا أَبَداً أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَلُومُ نَفْسِی فِی جِهَادِكُمْ وَ لَوْ كُنْتُ أَسْتَمْسِكُ مِنْ أَرْبَعِینَ رَجُلًا لَفَرَّقْتُ جَمَاعَتَكُمْ وَ لَكِنْ لَعَنَ اللَّهُ أَقْوَاماً بَایَعُونِی ثُمَّ خَذَلُونِی وَ لَمَّا أَنْ بَصُرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ صَاحَ خَلُّوا سَبِیلَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَسْرَعَ مَا تَوَثَّبْتُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَیِّ حَقٍّ وَ بِأَیِّ مَنْزِلَةٍ دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَی بَیْعَتِكَ أَ لَمْ تُبَایِعْنِی بِالْأَمْسِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَدْ كَانَ قُنْفُذٌ لَعَنَهُ اللَّهُ ضَرَبَ فَاطِمَةَ علیها السلام بِالسَّوْطِ حِینَ حَالَتْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ زَوْجِهَا وَ أَرْسَلَ إِلَیْهِ عُمَرُ إِنْ حَالَتْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ فَاطِمَةُ فَاضْرِبْهَا فَأَلْجَأَهَا قُنْفُذٌ إِلَی عِضَادَةِ بَیْتِهَا وَ دَفَعَهَا فَكَسَرَ ضِلْعاً مِنْ جَنْبِهَا فَأَلْقَتْ جَنِیناً
ص: 270
مِنْ بَطْنِهَا (1) فَلَمْ تَزَلْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ حَتَّی مَاتَتْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهَا مِنْ ذَلِكَ شَهِیدَةً قَالَ وَ لَمَّا انْتُهِیَ بِعَلِیٍّ علیه السلام إِلَی أَبِی بَكْرٍ انْتَهَرَهُ عُمَرُ وَ قَالَ لَهُ بَایِعْ وَ دَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْأَبَاطِیلَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَمَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ قَالُوا نَقْتُلُكَ ذُلًّا وَ صَغَاراً فَقَالَ إِذاً تَقْتُلُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَنَعَمْ وَ أَمَّا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا قَالَ أَ تَجْحَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آخَی بَیْنِی وَ بَیْنَهُ قَالَ نَعَمْ فَأَعَادَ ذَلِكَ عَلَیْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (2)
ص: 271
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ
ص: 272
أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ كَذَا وَ كَذَا وَ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمْ یَدَعْ عَلِیٌّ علیه السلام شَیْئاً قَالَهُ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَانِیَةً لِلْعَامَّةِ إِلَّا
ص: 273
ذَكَّرَهُمْ إِیَّاهُ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَلَمَّا تَخَوَّفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ یَنْصُرَهُ النَّاسُ وَ أَنْ یَمْنَعُوهُ بَادَرَهُمْ فَقَالَ كُلُّ مَا قُلْتَ حَقٌّ قَدْ سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا وَ وَعَتْهُ قُلُوبُنَا وَ لَكِنْ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ بَعْدَ هَذَا إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ اصْطَفَانَا اللَّهُ وَ أَكْرَمَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَكُنْ لِیَجْمَعَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ النُّبُوَّةَ وَ الْخِلَافَةَ (1) فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَهِدَ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَا هَذَا مِنْهُ كَمَا قَالَ (2) وَ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ وَفَیْتُمْ بِصَحِیفَتِكُمْ الْمَلْعُونَةِ الَّتِی قَدْ تَعَاقَدْتُمْ عَلَیْهَا فِی الْكَعْبَةِ إِنْ قَتَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً أَوْ مَاتَ لَتَزْوُنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ مَا أَطْلَعْنَاكَ عَلَیْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْتَ یَا زُبَیْرُ وَ أَنْتَ یَا سَلْمَانُ وَ أَنْتَ یَا أَبَا ذَرٍّ وَ أَنْتَ یَا مِقْدَادُ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ وَ بِالْإِسْلَامِ أَ مَا سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً حَتَّی عَدَّ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةَ قَدْ كَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً وَ تَعَاهَدُوا فِیهِ وَ تَعَاقَدُوا عَلَی مَا صَنَعُوا فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ لَكَ إِنَّهُمْ قَدْ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَی مَا صَنَعُوا وَ كَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً إِنْ قُتِلْتُ أَوْ مِتُّ أَنْ یَزْوُوا عَنْكَ هَذَا یَا عَلِیُّ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِی إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْ أَفْعَلَ فَقَالَ لَكَ إِنْ وَجَدْتَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً فَجَاهِدْهُمْ وَ نَابِذْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَبَایِعْهُمْ وَ احْقُنْ دَمَكَ فَقَالَ
ص: 274
عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أُولَئِكَ الْأَرْبَعِینَ رَجُلًا الَّذِینَ بَایَعُونِی وَفَوْا لِی لَجَاهَدْتُكُمْ فِی اللَّهِ وَ لَكِنْ أَمَا وَ اللَّهِ لَا یَنَالُهَا أَحَدٌ مِنْ عَقِبِكُمَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ فِیمَا یُكَذِّبُ قَوْلَكُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُ اللَّهِ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً (1) فَالْكِتَابُ النُّبُوَّةُ وَ الْحِكْمَةُ السُّنَّةُ وَ الْمُلْكُ الْخِلَافَةُ وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ فَقَامَ الْمِقْدَادُ فَقَالَ یَا عَلِیُّ بِمَا تَأْمُرُ وَ اللَّهِ إِنْ أَمَرْتَنِی لَأَضْرِبَنَّ بِسَیْفِی وَ إِنْ أَمَرْتَنِی كَفَفْتُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كُفَّ یَا مِقْدَادُ وَ اذْكُرْ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَوْصَاكَ بِهِ ثُمَّ قُمْتُ وَ قُلْتُ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ أَنِّی أَعْلَمُ أَنِّی أَدْفَعُ ضَیْماً وَ أُعِزُّ لِلَّهِ دِیناً لَوَضَعْتُ سَیْفِی عَلَی عُنُقِی ثُمَّ ضَرَبْتُ بِهِ قُدُماً أَ تَثِبُونَ عَلَی أَخِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیِّهِ وَ خَلِیفَتِهِ فِی أُمَّتِهِ وَ أَبِی وُلْدِهِ فَأَبْشِرُوا بِالْبَلَاءِ وَ اقْنَطُوا مِنَ الرَّخَاءِ وَ قَامَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ أَیَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَیِّرَةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا الْمَخْذُولَةُ بِعِصْیَانِهَا إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (2) وَ آلُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الْأَخْلَافُ مِنْ نُوحٍ وَ آلُ إِبْرَاهِیمَ مِنْ إِبْرَاهِیمَ وَ الصَّفْوَةُ وَ السُّلَالَةُ مِنْ إِسْمَاعِیلَ وَ عِتْرَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مُحَمَّدٍ أَهْلُ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ هُمْ كَالسَّمَاءِ الْمَرْفُوعَةِ وَ الْجِبَالِ الْمَنْصُوبَةِ وَ الْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَةِ وَ الْعَیْنِ الصَّافِیَةِ وَ النُّجُومِ الْهَادِیَةِ وَ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ أَضَاءَ نُورُهَا وَ بُورِكَ زَیْتُهَا مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ عَلِیٌّ وَصِیُّ الْأَوْصِیَاءِ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ هُوَ الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ وَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ
ص: 275
بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ (1) فَقَدِّمُوا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ أَخِّرُوا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ وَ اجْعَلُوا الْوِلَایَةَ وَ الْوِزَارَةَ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ جَالِسٌ فَوْقَ الْمِنْبَرِ مَا یُجْلِسُكَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ وَ هَذَا جَالِسٌ مُحَارِبٌ لَا یَقُومُ فَیُبَایِعَكَ أَ وَ تَأْمُرُ بِهِ فَنَضْرِبَ عُنُقَهُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام قَائِمَانِ فَلَمَّا سَمِعَا مَقَالَةَ عُمَرَ بَكَیَا فَضَمَّهُمَا إِلَی صَدْرِهِ فَقَالَ لَا تَبْكِیَا فَوَ اللَّهِ مَا یَقْدِرَانِ عَلَی قَتْلِ أَبِیكُمَا وَ أَقْبَلَتْ أُمُّ أَیْمَنَ حَاضِنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فقال (فَقَالَتْ) یَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَسْرَعَ مَا أَبْدَیْتُمْ حَسَدَكُمْ وَ نِفَاقَكُمْ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ قَالَ مَا لَنَا وَ لِلنِّسَاءِ وَ قَامَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ وَ قَالَ یَا عُمَرُ أَ تَثِبُ عَلَی أَخِی رَسُولِ اللَّهِ وَ أَبِی وُلْدِهِ وَ أَنْتَ الَّذِی نَعْرِفُكَ فِی قُرَیْشٍ بِمَا نَعْرِفُكَ أَ لَسْتُمَا اللَّذَیْنِ قَالَ لَكُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله انْطَلِقَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ سَلِّمَا عَلَیْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقُلْتُمَا أَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا یَجْتَمِعُ لِأَهْلِ بَیْتِی الْخِلَافَةُ وَ النُّبُوَّةُ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا قَالَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَا سَكَنْتُ فِی بَلْدَةٍ أَنْتَ فِیهَا أَمِیرٌ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَضُرِبَ وَ طُرِدَ ثُمَّ قَالَ قُمْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ فَبَایِعْ فَقَالَ علیه السلام فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ نَضْرِبَ عُنُقَكَ فَاحْتَجَّ عَلَیْهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَدَّ یَدَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَفْتَحَ كَفَّهُ فَضَرَبَ عَلَیْهَا أَبُو بَكْرٍ وَ رَضِیَ بِذَلِكَ مِنْهُ فَنَادَی عَلِیٌّ علیه السلام قَبْلَ أَنْ یُبَایِعَ وَ الْحَبْلُ فِی عُنُقِهِ یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی وَ قِیلَ لِلزُّبَیْرِ بَایِعْ فَأَبَی فَوَثَبَ عُمَرُ وَ خَالِدٌ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِی أُنَاسٍ فَانْتَزَعُوا سَیْفَهُ فَضَرَبُوا بِهِ الْأَرْضَ حَتَّی كَسَرُوهُ ثُمَّ لَبَّبُوهُ فَقَالَ الزُّبَیْرُ وَ عُمَرُ عَلَی صَدْرِهِ یَا ابْنَ صُهَاكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ سَیْفِی فِی یَدِی لَحِدْتَ عَنِّی فَبَایَعَ قَالَ سَلْمَانُ ثُمَّ أَخَذُونِی فَوَجَئُوا عُنُقِی حَتَّی تَرَكُوهَا كَالسِّلْعَةِ ثُمَّ أَخَذُوا یَدِی وَ فَتَلُوهَا فَبَایَعْتُ مُكْرَهاً ثُمَّ بَایَعَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ مُكْرَهَیْنِ وَ مَا بَایَعَ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ
ص: 276
مُكْرَهاً غَیْرُ عَلِیٍّ وَ أَرْبَعَتِنَا وَ لَمْ یَكُنْ مِنَّا أَحَدٌ أَشَدَّ قَوْلًا مِنَ الزُّبَیْرِ فَإِنَّهُ لَمَّا بَایَعَ قَالَ یَا ابْنَ صُهَاكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لَا هَؤُلَاءِ الطُّغَاةُ الَّذِینَ أَعَانُوكَ لَمَا كُنْتَ تُقْدِمُ عَلَیَّ وَ مَعِی سَیْفِی لِمَا أَعْرِفُ مِنْ جُبْنِكَ وَ لُؤْمِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتَ طُغَاةً تَقْوَی بِهِمْ وَ تَصُولُ فَغَضِبَ عُمَرُ وَ قَالَ أَ تَذْكُرُ صهاكا (صُهَاكَ) فَقَالَ وَ مَنْ صُهَاكُ وَ مَا یَمْنَعُنِی مِنْ ذِكْرِهَا وَ قَدْ كَانَتْ صُهَاكُ زَانِیَةً أَ وَ تُنْكِرُ ذَلِكَ أَ وَ لَیْسَ قَدْ كَانَتْ أَمَةً حَبَشِیَّةً لِجَدِّی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَزَنَی بِهَا جَدُّكَ نُفَیْلٌ فَوَلَدَتْ أَبَاكَ الْخَطَّابَ فَوَهَبَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَهُ بَعْدَ مَا زَنَی بِهَا فَوَلَدَتْهُ وَ إِنَّهُ لَعَبْدُ جَدِّی وَلَدُ زِنًا (1) فَأَصْلَحَ بَیْنَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَ كَفَّ كُلَّ وَاحِدٍ
ص: 277
مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ قَالَ سُلَیْمٌ فَقُلْتُ لِسَلْمَانَ فَبَایَعْتَ أَبَا بَكْرٍ یَا سَلْمَانُ وَ لَمْ تَقُلْ شَیْئاً قَالَ قَدْ قُلْتُ بَعْدَ مَا بَایَعْتُ تَبّاً لَكُمْ سَائِرَ الدَّهْرِ أَ وَ تَدْرُونَ مَا صَنَعْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَصَبْتُمْ وَ أَخْطَأْتُمْ أَصَبْتُمْ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْفُرْقَةِ وَ الِاخْتِلَافِ وَ أَخْطَأْتُمْ سُنَّةَ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَخْرَجْتُمُوهَا مِنْ مَعْدِنِهَا وَ أَهْلِهَا (1) فَقَالَ عُمَرُ یَا سَلْمَانُ أَمَّا إِذْ بَایَعَ صَاحِبُكَ وَ بَایَعْتَ فَقُلْ مَا شِئْتَ وَ افْعَلْ مَا بَدَا لَكَ وَ لْیَقُلْ صَاحِبُكَ مَا بَدَا لَهُ قَالَ سَلْمَانُ فَقُلْتُ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ عَلَیْكَ وَ عَلَی صَاحِبِكَ الَّذِی بَایَعْتَهُ مِثْلَ ذُنُوبِ أُمَّتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِثْلَ عَذَابِهِمْ جَمِیعاً فَقَالَ قُلْ مَا شِئْتَ أَ لَیْسَ قَدْ بَایَعْتَ وَ لَمْ یُقِرَّ اللَّهُ عَیْنَكَ بِأَنْ یَلِیَهَا صَاحِبُكَ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنِّی قَدْ قَرَأْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنْزَلَةِ أَنَّهُ بِاسْمِكَ وَ نَسَبِكَ وَ صِفَتِكَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ فَقَالَ لِی قُلْ مَا شِئْتَ أَ لَیْسَ قَدْ أَزَالَهَا اللَّهُ عَنْ أَهْلِ الْبَیْتِ الَّذِینَ اتَّخَذْتُمُوهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ أَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَیَوْمَئِذٍ لا یُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا یُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (2) فَأَخْبَرَنِی أَنَّكَ
ص: 278
أَنْتَ هُوَ فَقَالَ لِی عُمَرُ اسْكُتْ أَسْكَتَ اللَّهُ نَأمَتَكَ أَیُّهَا الْعَبْدُ ابْنَ اللَّخْنَاءِ فَقَالَ لِی عَلِیٌّ علیه السلام أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ یَا سَلْمَانُ لَمَّا سَكَتَّ فَقَالَ سَلْمَانُ وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَأْمُرْنِی عَلِیٌّ علیه السلام بِالسُّكُوتِ لَخَبَّرْتُهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ نَزَلَ فِیهِ وَ كُلِّ شَیْ ءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِیهِ وَ فِی صَاحِبِهِ فَلَمَّا رَآنِی عُمَرُ قَدْ سَكَتُّ قَالَ إِنَّكَ لَهُ لَمُطِیعٌ مُسَلِّمٌ فَلَمَّا أَنْ بَایَعَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ لَمْ یَقُولَا شَیْئاً قَالَ عُمَرُ یَا سَلْمَانُ أَ لَا تَكُفُّ كَمَا كَفَّ صَاحِبَاكَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَشَدَّ حُبّاً لِأَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ مِنْهُمَا وَ لَا أَشَدَّ تَعْظِیماً لِحَقِّهِمْ مِنْهُمَا وَ قَدْ كَفَّا كَمَا تَرَی وَ بَایَعَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ أَ فَتُعَیِّرُنَا یَا عُمَرُ بِحُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَعْظِیمِهِمْ لَعَنَ اللَّهُ وَ قَدْ فَعَلَ مَنْ أَبْغَضَهُمْ وَ افْتَرَی عَلَیْهِمْ وَ ظَلَمَهُمْ حَقَّهُمْ وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَی رِقَابِهِمْ وَ رَدَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ الْقَهْقَرَی عَلَی أَدْبَارِهَا فَقَالَ عُمَرُ آمِینَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَهُمْ حُقُوقَهُمْ لَا وَ اللَّهِ مَا لَهُمْ فِیهَا حَقٌّ وَ مَا هُمْ فِیهَا وَ عُرْضُ النَّاسِ إِلَّا سَوَاءً قَالَ أَبُو ذَرٍّ فَلِمَ خَاصَمْتُمُ الْأَنْصَارَ بِحَقِّهِمْ وَ حُجَّتِهِمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِعُمَرَ یَا ابْنُ صُهَاكَ فَلَیْسَ لَنَا فِیهَا حَقٌّ وَ هِیَ لَكَ وَ لِابْنِ آكِلَةِ الذِّبَّانِ قَالَ عُمَرُ كُفَّ الْآنَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِذْ بَایَعْتَ فَإِنَّ الْعَامَّةَ رَضُوا بِصَاحِبِی وَ لَمْ یَرْضَوْا بِكَ فَمَا ذَنْبِی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَكِنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَمْ یَرْضَیَا إِلَّا بِی فَأَبْشِرْ أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا وَ وَازَرَكُمَا بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ عَذَابِهِ وَ خِزْیِهِ وَیْلَكَ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَوْ تَدْرِی مِمَّا خَرَجْتَ وَ فِیمَا دَخَلْتَ وَ مَا ذَا جَنَیْتَ عَلَی نَفْسِكَ وَ عَلَی صَاحِبِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا عُمَرُ أَمَّا إِذْ قَدْ بَایَعَنَا وَ أَمِنَّا شَرَّهُ وَ فَتْكَهُ وَ غَائِلَتَهُ فَدَعْهُ یَقُولُ مَا شَاءَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسْتُ بِقَائِلٍ غَیْرَ شَیْ ءٍ وَاحِدٍ أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ أَیُّهَا الْأَرْبَعَةُ قَالَ لِسَلْمَانَ وَ أَبِی ذَرٍّ وَ الزُّبَیْرِ وَ الْمِقْدَادِ أَ سَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ فِی النَّارِ لَتَابُوتاً مِنْ نَارٍ أَرَی فِیهِ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا سِتَّةً مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ سِتَّةً مِنَ الْآخِرِینَ فِی جُبٍّ فِی قَعْرِ جَهَنَّمَ فِی تَابُوتٍ مُقَفَّلٍ عَلَی ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسَعِّرَ جَهَنَّمَ كَشَفَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ عَنْ ذَلِكَ الْجُبِّ فَاسْتَعَرَتْ جَهَنَّمُ مِنْ وَهْجِ ذَلِكَ الْجُبِّ وَ مِنْ حَرِّهِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْهُمْ وَ أَنْتُمْ شُهُودٌ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا
ص: 279
الْأَوَّلُونَ فَابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِرْعَوْنُ الْفَرَاعِنَةِ وَ الَّذِی حَاجَّ إِبْراهِیمَ فِی رَبِّهِ وَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ بَدَّلَا كِتَابَهُمْ وَ غَیَّرَا سُنَّتَهُمْ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَهَوَّدَ الْیَهُودَ وَ الْآخَرُ نَصَّرَ النَّصَارَی وَ إِبْلِیسُ سَادِسُهُمْ وَ الدَّجَّالُ فِی الْآخِرِینَ وَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ أَصْحَابُ الصَّحِیفَةِ الَّذِینَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَی عَدَاوَتِكَ یَا أَخِی وَ تَظَاهَرُوا عَلَیْكَ بَعْدِی هَذَا وَ هَذَا حَتَّی سَمَّاهُمْ وَ عَدَّهُمْ لَنَا قَالَ سَلْمَانُ فَقُلْنَا صَدَقْتَ نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عُثْمَانُ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَ مَا عِنْدَ أَصْحَابِكَ هَؤُلَاءِ حَدِیثٌ فِیَّ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام بَلَی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَلْعَنُكَ ثُمَّ لَمْ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ لَكَ بَعْدَ مَا لَعَنَكَ (1) فَغَضِبَ عُثْمَانُ
ص: 280
ثُمَّ قَالَ مَا لِی وَ مَا لَكَ لَا تَدَعُنِی عَلَی حَالِی عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا بَعْدَهُ (1)
ص: 281
فَقَالَ الزُّبَیْرُ نَعَمْ فَأَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ فَقَالَ عُثْمَانُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ الزُّبَیْرَ یُقْتَلُ مُرْتَدّاً عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ سَلْمَانُ فَقَالَ لِی عَلِیٌّ علیه السلام فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُ صَدَقَ عُثْمَانُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الزُّبَیْرَ یُبَایِعُنِی بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَیَنْكُثُ بَیْعَتِی فَیُقْتَلُ مُرْتَدّاً قَالَ سُلَیْمٌ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ سَلْمَانُ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَ أَرْبَعَةٍ إِنَّ النَّاسَ صَارُوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ مَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنْ تَبِعَهُ فَعَلِیٌّ فِی سُنَّةِ هَارُونَ وَ عَتِیقٌ فِی سُنَّةِ الْعِجْلِ وَ عُمَرُ فِی سُنَّةِ السَّامِرِیِّ وَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَتَجِی ءُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِی مِنْ أَهْلِ الْعِلْیَةِ وَ الْمَكَانَةِ مِنِّی لِیَمُرُّوا عَلَی الصِّرَاطِ فَإِذَا رَأَیْتُهُمْ وَ رَأَوْنِی وَ عَرَفْتُهُمْ وَ عَرَفُونِی اخْتُلِجُوا دُونِی فَأَقُولُ یَا رَبِّ أَصْحَابِی أَصْحَابِی فَیُقَالُ لَا تَدْرِی مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلی أَدْبارِهِمْ حَیْثُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ بُعْداً وَ سُحْقاً (1) وَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَتَرْكَبَنَّ أُمَّتِی سُنَّةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ شِبْراً بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ وَ بَاعاً بِبَاعٍ إِذِ التَّوْرَاةُ وَ الْقُرْآنُ كَتَبَهُ یَدٌ وَاحِدَةٌ فِی رَقٍّ بِقَلَمٍ وَاحِدٍ وَ جَرَتِ الْأَمْثَالُ وَ السُّنَنُ سَوَاءً (2).
بیان:
روی الكلینی صدر الخبر عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن حماد بن عیسی عن إبراهیم بن عمر الیمانی عن سلیم بن قیس إلی قولهم ثُمَّ یَخْرُجُ فَیَجْمَعُ شَیَاطِینَهُ وَ أَبَالِسَتَهُ فَیَنْخُرُ وَ یَكْسَعُ وَ یَقُولُ كَلَّا زَعَمْتُمْ أَنْ لَیْسَ لِی عَلَیْهِمْ سَبِیلٌ فَكَیْفَ رَأَیْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِهِمْ حَتَّی تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ طَاعَتَهُ وَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ
ص: 282
اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1).
و قال الجوهری الظلة بالضم كهیئة الصفة و قال السجادة أثر السجود فی الجبهة و قال شمر إزاره تشمیرا رفعه یقال شمر عن ساقه و شمر فی أمره أی خف أقول أرید هنا أنه كان یری من ظاهر حاله الاهتمام بالعبادة قوله ثم قال یوم كیوم آدم هذه الفقرة لم یذكرها فی الإحتجاج و الكافی و المراد بها أن ما فعلت فی هذا الیوم شبیه بما فعلت بآدم و أخرجته من الجنة فی الغرابة و حسن التدبیر و النخیر صوت الأنف و كسعه كمنعه ضرب دبره بیده أو بصدر قدمه و الشظاظ بالكسر العود الذی یدخل فی عروة الجوالق.
و فی الإحتجاج (2) فلم یخرج حتی جمعه كله فكتبه علی تنزیله و الناسخ و المنسوخ فبعث إلی قوله فقد آلیت بیمین إلی قوله و أعلمنی تأویلها ثم دخل بیته فقال عمر إلی قوله فقال عمر أرسل إلیه قنفذا و كان رجلا فظا غلیظا جافیا من الطلقاء أحد بنی تیم إلی قوله ثم أمر أناسا حوله فحملوا حطبا و حمل معهم عمر و جعلوه حول منزله و فیه علی و فاطمة و ابناهما علیهم السلام ثم نادی عمر حتی أسمع علیا علیه السلام و اللّٰه لتخرجن و لتبایعن خلیفة رسول اللّٰه أو لأضرمن علیك بیتك نارا ثم رجع قنفذ إلی أبی بكر و هو یخاف أن یخرج علی علیه السلام بسیفه لما عرف من بأسه و شدته ثم قال لقنفذ إن خرج و إلا فاقتحم علیه فإن امتنع فأضرم علیهم بیتهم نارا فانطلق قنفذ فاقتحم هو و أصحابه بغیر إذن و ثار علی إلی سیفه فسبقوه إلیه فتناول بعض سیوفهم فكثروا علیه فضبطوه و ألقوا فی عنقه حبلا و حالت فاطمة علیها السلام بین زوجها و بینهم عند باب البیت فضربها قنفذ بالسوط علی عضدها و إن بعضدها مثل الدملوج من ضرب قنفذ إیاها فأرسل أبو بكر إلی قنفذ اضربها فألجأها إلی عضادة باب بیتها فدفعها فكسر ضلعا من جنبها و ألقت جنینا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتی ماتت من ذلك شهیدة صلوات
ص: 283
اللّٰه علیها ثم انطلقوا بعلی علیه السلام ملببا یتل.
إلی قوله و سائر الناس قعود حول أبی بكر علیهم السلاح و دخل علی علیه السلام و هو یقول أما و اللّٰه لو وقع سیفی بیدی لعلمتم أنكم لم تصلوا إلی هذا منی و باللّٰه ما ألوم نفسی فی جهد و لو كنت فی أربعین رجلا لفرقت جماعتكم فلعن اللّٰه قوما بایعونی ثم خذلونی فانتهره عمر فقال بایع.
و قال فی القاموس كاثروهم فكثروهم غالبوهم فی الكثرة فغلبوهم قال الدملج كجندب فی لغتیه و زنبور المعضد و قال تله صرعه أو ألقاه علی عنقه و خده و التلتلة التحریك و الإقلاق و الزعزعة و الزلزلة و السیر الشدید و السوق العنیف و أتله ارتبطه و اقتاده.
قوله علیه السلام من عقبكما فی الإحتجاج من عقبكم إلی یوم القیامة ثم نادی قبل أن یبایع یا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی إلی قوله أصبتم و أخطأتم أصبتم سنة الأولین و أخطأتم سنة نبیكم.
قوله أسكت اللّٰه نأمتك قال الجوهری النأمة بالتسكین الصوت یقال أسكت اللّٰه نأمته أی نغمته و صوته و یقال أیضا نامَّته بتشدید المیم فیجعل من المضاعف و قال سعرت النار هیجتها و ألهبتها و استعرت النار و تسعرت أی توقدت.
قوله و إبلیس سادسهم أقول هكذا فی الإحتجاج و فی كتاب سلیم هكذا و عاقر الناقة و قاتل یحیی بن زكریا و فی الآخرین الدجال و هؤلاء الخمسة أصحاب الصحیفة و الكتاب و جبتهم و طاغوتهم الذی تعاهدوا علیه و تعاقدوا علی عداوتك و لا یستقیم إلا بتكلف تام.
قوله قال سلیم فی الإحتجاج هكذا ثم أَقْبَلَ عَلَیَّ سَلْمَانُ فقال إن القوم ارتدوا بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلا من عصمه اللّٰه بآل محمد إن الناس بعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بمنزلة هارون إلی قوله فی سُنَّةِ السامری و سمعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول لتركبن إلی قوله و باعا بباع
«46»- وَ أَیْضاً وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ
ص: 284
بْنَ عَازِبٍ (1) یَقُولُ كُنْتُ أُحِبُّ بَنِی هَاشِمٍ حُبّاً شَدِیداً فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی عَلِیّاً علیه السلام أَنْ لَا یَلِیَ غُسْلَهُ غَیْرُهُ وَ أَنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَرَی عَوْرَتَهُ غَیْرُهُ وَ أَنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ یَرَی عَوْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ یُعِینُنِی عَلَی غُسْلِكَ قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فِی جُنُودٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَكَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُغَسِّلُهُ وَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَرْبُوطَ الْعَیْنَیْنِ یَصُبُّ الْمَاءَ وَ الْمَلَائِكَةُ یُقَلِّبُونَهُ لَهُ كَیْفَ شَاءَ وَ لَقَدْ أَرَادَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ یَنْزِعَ قَمِیصَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَاحَ بِهِ صَائِحٌ لَا تَنْزِعْ قَمِیصَ نَبِیِّكَ یَا عَلِیُّ فَأَدْخَلَ یَدَهُ تَحْتَ الْقَمِیصِ فَغَسَّلَهُ ثُمَّ حَنَّطَهُ وَ كَفَّنَهُ ثُمَّ نَزَعَ الْقَمِیصَ عِنْدَ تَكْفِینِهِ وَ تَحْنِیطِهِ (2) قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَخَوَّفْتُ أَنْ یَتَظَاهَرَ قُرَیْشٌ عَلَی إِخْرَاجِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَلَمَّا صَنَعَ النَّاسُ مَا صَنَعُوا مِنْ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ أَخَذَنِی مَا یَأْخُذُ الْوَالِهَ الثَّكُولَ مَعَ مَا بِی مِنَ الْحُزْنِ لِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلْتُ أَتَرَدَّدُ وَ أَرْمُقُ وُجُوهَ النَّاسِ وَ قَدْ خَلَا الْهَاشِمِیُّونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِغُسْلِهِ وَ تَحْنِیطِهِ وَ قَدْ بَلَغَنِی الَّذِی كَانَ مِنْ قَوْلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ أَحْفِلْ بِهِمْ وَ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا یَئُولُ إِلَی شَیْ ءٍ فَجَعَلْتُ أَتَرَدَّدُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْمَسْجِدِ وَ أَتَفَقَّدُ وُجُوهَ قُرَیْشٍ وَ كَأَنِّی لَكَذَلِكَ
ص: 285
إِذْ فَقَدْتُ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ (1) ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ حَتَّی إِذَا أَنَا بِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ قَدْ أَقْبَلُوا فِی أَهْلِ السَّقِیفَةِ وَ هُمْ مُحْتَجِزُونَ بِالْأُزُرِ الصَّنْعَانِیَةِ لَا یَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا خَبَطُوهُ فَإِذَا عَرَفُوهُ مَدُّوا یَدَهُ عَلَی یَدِ أَبِی بَكْرٍ شَاءَ ذَلِكَ أَمْ أَبَی فَأَنْكَرْتُ عِنْدَ ذَلِكَ عَقْلِی جَزَعاً مِنْهُ مَعَ الْمُصِیبَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً حَتَّی أَتَیْتُ الْمَسْجِدَ ثُمَّ أَتَیْتُ بَنِی هَاشِمٍ وَ الْبَابُ مُغْلَقٌ دُونَهُمْ فَضَرَبْتُ الْبَابَ ضَرْباً عَنِیفاً وَ قُلْتُ یَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَخَرَجَ إِلَیَّ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ قَدْ تَرِبَتْ أَیْدِیكُمْ مِنْهَا آخِرَ الدَّهْرِ أَمَا إِنِّی قَدْ أَمَرْتُكُمْ فَعَصَیْتُمُونِی (2)
ص: 286
فَمَكَثْتُ أُكَابِدُ مَا فِی نَفْسِی فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ خَرَجْتُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صِرْتُ فِیهِ تَذَكَّرْتُ أَنِّی كُنْتُ أَسْمَعُ هَمْهَمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْقُرْآنِ فَانْبَعَثْتُ مِنْ مَكَانِی
ص: 287
فَخَرَجْتُ نَحْوَ الْفَضَاءِ فَوَجَدْتُ نَفَراً یَتَنَاجَوْنَ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُمْ سَكَتُوا فَانْصَرَفْتُ
ص: 288
عَنْهُمْ فَعَرَفُونِی وَ مَا عَرَفْتُهُمْ فَدَعَوْنِی فَأَتَیْتُهُمْ وَ إِذَا الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ سَلْمَانُ
ص: 289
وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ وَ الزُّبَیْرُ بْنُ
ص: 290
الْعَوَّامِ (1) وَ حُذَیْفَةُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَیَفْعَلُنَّ مَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِذَا الْقَوْمُ یُرِیدُونَ أَنْ یُعِیدُوا الْأَمْرَ شُورَی بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ حُذَیْفَةُ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَی أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَدْ عَلِمَ مِثْلَ مَا عَلِمْتُ فَانْطَلَقُوا إِلَی أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ وَ ضَرَبْنَا عَلَیْهِ بَابَهُ فَأَتَی حَتَّی صَارَ خَلْفَ الْبَابِ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتُمْ فَكَلَّمَهُ الْمِقْدَادُ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ فَقَالَ افْتَحْ فَإِنَّ الْأَمْرَ الَّذِی جِئْنَا فِیهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یَجْرِیَ وَرَاءَ الْبَابِ فَقَالَ مَا أَنَا بِفَاتِحٍ بَابِی وَ قَدْ عَلِمْتُ مَا جِئْتُمْ لَهُ وَ مَا أَنَا بِفَاتِحٍ بَابِی كَأَنَّكُمْ أَرَدْتُمُ النَّظَرَ فِی هَذَا الْعَقْدِ فَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ أَ فِیكُمْ حُذَیْفَةُ فَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ الْقَوْلُ مَا قَالَ حُذَیْفَةُ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَفْتَحُ بَابِی حَتَّی یَجْرِیَ عَلَیَّ مَا هُوَ جَارٍ عَلَیْهِ وَ مَا یَكُونُ بَعْدَهَا شَرٌّ مِنْهَا وَ إِلَی اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُشْتَكَی قَالَ فَرَجَعُوا ثُمَّ دَخَلَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ بَیْتَهُ قَالَ وَ بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ الْخَبَرُ (2) فَأَرْسَلَا إِلَی أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَسَأَلَاهُمَا الرَّأْیَ فَقَالَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَرَی أَنْ تَلْقُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَتُطْمِعُوهُ فِی أَنْ یَكُونَ لَهُ فِی هَذَا الْأَمْرِ نَصِیبٌ یَكُونُ لَهُ وَ لِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَقْطَعُوهُ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَخِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّ الْعَبَّاسَ لَوْ صَارَ مَعَكُمْ كَانَتِ الْحُجَّةُ
ص: 291
عَلَی النَّاسِ وَ هَانَ عَلَیْكُمْ أَمْرُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَحْدَهُ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی الْعَبَّاسِ فِی اللَّیْلَةِ الثَّانِیَةِ مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ابْتَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیّاً وَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَلِیّاً فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بِكَوْنِهِ بَیْنَ ظَهْرَانَیْهِمْ حَتَّی اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ وَ تَرَكَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ لِیَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَصْلَحَتَهُمْ مُتَّفِقِینَ لَا مُخْتَلِفِینَ فَاخْتَارُونِی عَلَیْهِمْ وَالِیاً وَ لِأُمُورِهِمْ رَاعِیاً فَتَوَلَّوْنِی ذَلِكَ وَ مَا أَخَافُ بِعَوْنِ اللَّهِ وَهْناً وَ لَا حَیْرَةً وَ لَا جُبْناً وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ غَیْرَ أَنِّی لَا أَنْفَكُّ مِنْ طَاعِنٍ یَبْلُغُنِی فَیَقُولُ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَامَّةِ فَیَتَّخِذُكُمْ لَجَأً فَتَكُونُونَ حِصْنَهُ الْمَنِیعَ وَ خَطْبَهُ الْبَدِیعَ فَإِمَّا دَخَلْتُمْ مَعَ النَّاسِ فِیمَا اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ أَوْ صَرَفْتُمُوهُمْ عَمَّا مَالُوا إِلَیْهِ فَقَدْ جِئْنَاكَ وَ نَحْنُ نُرِیدُ أَنْ نَجْعَلَ لَكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ نَصِیباً یَكُونُ لَكَ وَ لِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ إِذْ كُنْتَ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ كَانَ النَّاسُ قَدْ رَأَوْا مَكَانَكَ وَ مَكَانَ صَاحِبِكَ فَعَدَلُوا بِهَذَا الْأَمْرِ عَنْكُمَا (1) فَقَالَ عُمَرُ إِی وَ اللَّهِ وَ أُخْرَی یَا بَنِی هَاشِمٍ عَلَی رِسْلِكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَّا وَ مِنْكُمْ وَ لَمْ نَأْتِكَ حَاجَةً مِنَّا إِلَیْكُمْ وَ لَكِنْ كَرِهْنَا أَنْ یَكُونَ الطَّعْنُ فِیمَا اجْتَمَعَ عَلَیْهِ الْمُسْلِمُونَ فَیَتَفَاقَمَ الْخَطْبُ بِكُمْ وَ بِهِمْ فَانْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ لِلْعَامَّةِ فَتَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ ابْتَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیّاً وَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَلِیّاً (2) فَإِنْ
ص: 292
كُنْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طَلَبْتَ هَذَا الْأَمْرَ فَحَقَّنَا أَخَذْتَ وَ إِنْ كُنْتَ بِالْمُؤْمِنِینَ طَلَبْتَ فَنَحْنُ مِنْهُمْ مَا تَقَدَّمَ رَأْیُنَا فِی أَمْرِكَ وَ لَا شُوِّرْنَا وَ لَا نُحِبُّ لَكَ ذَلِكَ إِذْ كُنَّا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كُنَّا لَكَ كَارِهِینَ (1) وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِی فِی هَذَا الْأَمْرِ نَصِیباً فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ لَكَ خَاصَّةً فَأَمْسِكْ عَلَیْكَ فَلَسْنَا مُحْتَاجِینَ إِلَیْكَ وَ إِنْ كَانَ حَقَّ الْمُؤْمِنِینَ فَلَیْسَ لَكَ أَنْ تَحْكُمَ فِی حَقِّهِمْ وَ إِنْ كَانَ حَقَّنَا فَإِنَّا لَا نَرْضَی بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ (2) وَ أَمَّا قَوْلُكَ یَا عُمَرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَّا وَ مِنْكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَجَرَةٌ نَحْنُ أَغْصَانُهَا وَ أَنْتُمْ جِیرَانُهَا فَنَحْنُ أَوْلَی بِهِ مِنْكُمْ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إنی (إِنَّا) نَخَافُ تَفَاقُمَ الْخَطْبِ بِكُمْ فَهَذَا الَّذِی فَعَلْتُمُوهُ أَوَائِلُ ذَلِكَ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَ أَنْشَأَ الْعَبَّاسُ یَقُولُ:
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ هَذَا الْأَمْرَ مُنْحَرِفاً***عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْهَا عَنْ أَبِی حَسَنٍ
أَ لَیْسَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّی لِقِبْلَتِكُمْ***وَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْآثَارِ وَ السُّنَنِ
وَ أَقْرَبَ النَّاسِ عَهْداً بِالنَّبِیِّ وَ مَنْ***جِبْرِیلُ عَوْنٌ لَهُ بِالْغُسْلِ وَ الْكَفَنِ
مَنْ فِیهِ مَا فِی جَمِیعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ*** وَ لَیْسَ فِی النَّاسِ مَا فِیهِ مِنَ الْحَسَنِ
مَنْ ذَا الَّذِی رَدَّكُمْ عَنْهُ فَنَعْرِفَهُ*** هَا إِنَّ بَیْعَتَكُمْ مِنْ أَوَّلِ الْفِتَنِ (3)
بیان:
روی ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة هذا الخبر عن البراء بن عازب أنه قال لم أزل لبنی هاشم محبا فلما قبض رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خفت أن تتمالی قریش علی إخراج هذا الأمر من بنی هاشم فأخذنی ما یأخذ الواله العجول و ساق
ص: 293
الحدیث إلی قوله و إن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و مكان أهلك ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم و علی رسلكم بنی هاشم فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله منا و منكم فاعترض كلامه عمر و خرج إلی مذهبه فی الخشونة و الوعید و إتیان الأمر من أصعب جهاته فقال إی و اللّٰه و أخری أنا لم نأتكم حاجة إلیكم و لكن كرهنا أن یكون الطعن فیما اجتمع علیه المسلمون منكم و ساق الحدیث إلی قوله و إن كنت بالمؤمنین طلبت فنحن منهم ما تقدمنا فی أمركم فرطا و لا حللنا منكم وسطا و لا برحنا شحطا فإن كان هذا الأمر یجب لك بالمؤمنین فما وجب إذ كنا كارهین و ما أبعد قولك إنهم طعنوا علیك من قولك إنهم مالوا إلیك و أما ما بذلت لنا فإن یكن حقك أعطیتناه فأمسكه علیك إلی قوله وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ (1).
قال الفیروزآبادی ترب كفرح خسر و افتقر و یداه لا أصاب خیرا و قال خبطه یخبطه ضربه شدیدا و القوم بسیفه جلدهم و الشیطان فلانا مسه و قال الجزری الرسل بالكسر التؤدة و التأنی یقال افعل كذا و كذا علی رسلك بالكسر أی اتئد فیه قوله ما تقدمنا فی أمركم فَرَطاً أی لم نختر لكم رأیا و أمرا كالفَرَطِ الذی یتقدم القوم یرتاد لهم المكان و لا حللنا وسط مجالسكم عند المشاورة و المحاورة و لا برحنا شحطا أی ما زلنا كنا مبعدین عنكم و عن رأیكم من شحط كمنع و فرح أی بعد و فی بعض النسخ و لا نزحنا بالنون و الزای المعجمة فهو إما من نزح بمعنی بعد و الشحط بمعنی السبق أی لم نتكلم معكم حتی نسبقكم فی الرأی و نبعد عنكم فیه أو من الشحط بمعنی البعد أیضا أی لم نكن منكم فی مكان بعید یكون ذلك عذرا لكم فی ترك مشورتنا أو من نزح البئر و الشحط بمعنی الدلو المملو من قولهم شحط الإناء أی ملأه أی لم نعمل فی أمركم رأیا مصیبا و فی بعضها بالتاء و الراء المهملة أی لم نحزن و لم نهتم لمفارقتكم عنا و تباعدكم منا
ص: 294
و علی هذا یحتمل أن یكون سخطا بالسین المهملة و الخاء المعجمة و لعل النسخة الأولی أصوب.
«47»-وَ وَجَدْتُ أَیْضاً فِی كِتَابِ سُلَیْمٍ (1)، فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ أَبَانُ بْنُ أَبِی عَیَّاشٍ قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا لَقِینَا أَهْلَ الْبَیْتِ مِنْ ظُلْمِ قُرَیْشٍ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْنَا وَ قَتْلِهِمْ إِیَّانَا وَ مَا لَقِیَتْ شِیعَتُنَا وَ مُحِبُّونَا مِنَ النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُبِضَ وَ قَدْ قَامَ بِحَقِّنَا وَ أَمَرَ بِطَاعَتِنَا وَ فَرَضَ وَلَایَتَنَا وَ مَوَدَّتَنَا وَ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّا أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَرَ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَتَظَاهَرُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَاحْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ وَ مَا سَمِعْتِ الْعَامَّةُ فَقَالُوا صَدَقْتَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنْ قَدْ نَسَخَهُ فَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اصْطَفَانَا وَ لَمْ یَرْضَ لَنَا بِالدُّنْیَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَا یَجْمَعُ لَنَا النُّبُوَّةَ وَ الْخِلَافَةَ (2) فَشَهِدَ
ص: 295
لَهُ بِذَلِكَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ فَشَبَّهُوا عَلَی الْعَامَّةِ وَ صَدَّقُوهُمْ وَ رَدُّوهُمْ عَلَی أَدْبَارِهِمْ وَ أَخْرَجُوهَا مِنْ مَعْدِنِهَا حَیْثُ جَعَلَهَا اللَّهُ وَ احْتَجُّوا عَلَی الْأَنْصَارِ بِحَقِّنَا فَعَقَدُوهَا لِأَبِی بَكْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا أَبُو بَكْرٍ إِلَی عُمَرَ یُكَافِیهِ بِهَا ثُمَّ جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَی بَیْنَ سِتَّةٍ ثُمَّ جَعَلَهَا ابْنُ عَوْفٍ لِعُثْمَانَ عَلَی أَنْ یَرُدَّهَا عَلَیْهِ (1) فَغَدَرَ بِهِ عُثْمَانُ وَ أَظْهَرَ ابْنُ عَوْفٍ كُفْرَهُ وَ جَهْلَهُ وَ طُعِنَ فِی حَیَاتِهِ وَ زَعَمَ أَنَّ عُثْمَانَ سَمَّهُ فَمَاتَ ثُمَّ قَامَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَبَایَعَا عَلِیّاً علیه السلام طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ نَكَثَا وَ غَدَرَا
ص: 296
وَ ذَهَبَا بِعَائِشَةَ مَعَهُمَا إِلَی الْبَصْرَةِ ثُمَّ دَعَا مُعَاوِیَةُ طُغَاةَ أَهْلِ الشَّامِ إِلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ نَصَبَ لَنَا الْحَرْبَ ثُمَّ خَالَفَهُ أَهْلُ حَرُورَاءَ عَلَی أَنْ یَحُكِّمَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَوْ كَانَا حَكَمَا بِمَا شُرِطَ عَلَیْهِمَا لَحَكَمَا أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِی سُنَّتِهِ فَخَالَفَهُ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ قَاتَلُوهُ (1).
أقول: سیأتی تمامه فی باب ما وقع من الظلم علی أهل البیت علیهم السلام فی كتاب الإمامة (2).
«48»-أَقُولُ وَجَدْتُ أَیْضاً فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، بِرِوَایَةِ ابْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (3) فِی بَیْتِهِ وَ مَعَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَحَدَّثَنَا فَكَانَ فِیمَا حَدَّثَنَا أَنْ قَالَ یَا إِخْوَتِی تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ تُوُفِّیَ فَلَمْ یُوضَعْ فِی حُفْرَتِهِ حَتَّی نَكَثَ النَّاسُ وَ ارْتَدُّوا وَ أَجْمَعُوا عَلَی الْخِلَافِ وَ اشْتَغَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ وَ تَكْفِینِهِ وَ تَحْنِیطِهِ وَ وَضَعَهُ فِی حُفْرَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی تَأْلِیفِ الْقُرْآنِ وَ شَغَلَ عَنْهُمْ بِوَصِیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَكُنْ هِمَّتُهُ الْمُلْكَ لِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَهُ عَنِ الْقَوْمِ فَافْتَتَنَ النَّاسُ (4) بِالَّذِی افْتَتَنُوا بِهِ مِنَ الرَّجُلَیْنِ فَلَمْ یَبْقَ إِلَّا عَلِیٌّ علیه السلام وَ بَنُو هَاشِمٍ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ سَلْمَانُ فِی أُنَاسٍ مَعَهُمْ یَسِیرٍ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ یَا هَذَا إِنَّ النَّاسَ أَجْمَعِینَ قَدْ بَایَعُوكَ مَا خَلَا هَذَا الرَّجُلَ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ فَابْعَثْ إِلَیْهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ ابْنَ عَمٍّ لِعُمَرَ یُقَالُ لَهُ قُنْفُذٌ فَقَالَ لَهُ یَا قُنْفُذُ انْطَلِقْ إِلَی عَلِیٍّ فَقُلْ لَهُ أَجِبْ خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهُ فَانْطَلَقَ فَأَبْلَغَهُ
ص: 297
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَسْرَعَ مَا كَذَبْتُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ارْتَدَدْتُمْ وَ اللَّهِ مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرِی فَارْجِعْ یَا قُنْفُذُ فَإِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ فَقُلْ لَهُ قَالَ لَكَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا اسْتَخْلَفَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1) وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَنْ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ فَأَقْبَلَ قُنْفُذٌ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ عَلِیٌّ مَا اسْتَخْلَفَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَغَضِبَ عُمَرُ وَ وَثَبَ وَ قَامَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ لِقُنْفُذٍ اذْهَبْ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ أَجِبْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَبَا بَكْرٍ فَأَقْبَلَ قُنْفُذٌ حَتَّی دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَبْلَغَهُ الرِّسَالَةَ فَقَالَ كَذَبَ وَ اللَّهِ انْطَلِقْ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ لَقَدْ تَسَمَّیْتَ بِاسْمٍ لَیْسَ لَكَ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُكَ فَرَجَعَ قُنْفُذٌ فَأَخْبَرَهُمَا فَوَثَبَ عُمَرُ غَضْبَانَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَعَارِفٌ بِسَخْفِهِ وَ ضَعْفِ رَأْیِهِ وَ إِنَّهُ لَا یَسْتَقِیمُ لَنَا أَمْرٌ حَتَّی نَقْتُلَهُ فَخَلِّنِی آتِیكَ بِرَأْسِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ اجْلِسْ فَأَبَی فَأَقْسَمَ عَلَیْهِ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ یَا قُنْفُذُ انْطَلِقْ فَقُلْ لَهُ أَجِبْ أَبَا بَكْرٍ فَأَقْبَلَ قُنْفُذٌ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَجِبْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی لَفِی شُغُلٍ عَنْهُ وَ مَا كُنْتُ بِالَّذِی أَتْرُكُ وَصِیَّةَ
ص: 298
خَلِیلِی وَ أَخِی (1) وَ انْطَلِقْ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَیْهِ مِنَ الْجَوْرِ فَانْطَلَقَ قُنْفُذٌ فَأَخْبَرَ أَبَا بَكْرٍ فَوَثَبَ عُمَرُ غَضْبَانَ فَنَادَی خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ وَ قُنْفُذاً فَأَمَرَهُمَا أَنْ یَحْمِلَا حَطَباً وَ نَاراً ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی بَابِ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةُ علیهما السلام قَاعِدَةٌ خَلْفَ الْبَابِ قَدْ عَصَبَتْ رَأْسَهَا وَ نَحَلَ جِسْمُهَا فِی وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّی ضَرَبَ الْبَابَ ثُمَّ نَادَی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ افْتَحِ الْبَابَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام یَا عُمَرُ مَا لَنَا وَ لَكَ لَا تَدَعُنَا وَ مَا نَحْنُ فِیهِ قَالَ افْتَحِی الْبَابَ وَ إِلَّا أَحْرَقْنَا عَلَیْكُمْ فَقَالَتْ یَا عُمَرُ أَ مَا تَتَّقِی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ تَدْخُلُ عَلَی بَیْتِی وَ تَهْجُمُ عَلَی دَارِی فَأَبَی أَنْ یَنْصَرِفَ ثُمَّ عَادَ عُمَرُ بِالنَّارِ فَأَضْرَمَهَا فِی الْبَابِ فَأَحْرَقَ الْبَابَ (2) ثُمَّ دَفَعَهُ عُمَرُ فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ صَاحَتْ یَا أَبَتَاهْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ السَّیْفَ وَ هُوَ فِی غِمْدِهِ فَوَجَأَ بِهِ جَنْبَهَا فَصَرَخَتْ فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ ذِرَاعَهَا فَصَاحَت یَا أَبَتَاهْ فَوَثَبَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَخَذَ بَتَلَابِیبِ عُمَرَ ثُمَّ هَزَّهُ فَصَرَعَهُ وَ وَجَأَ أَنْفَهُ وَ رَقَبَتَهُ وَ هَمَّ بِقَتْلِهِ فَذُكِّرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَوْصَی بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَ الطَّاعَةِ فَقَالَ وَ الَّذِی كَرَّمَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ یَا ابْنَ صُهَاكَ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَعَلِمْتَ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ بَیْتِی فَأَرْسَلَ عُمَرُ یَسْتَغِیثُ فَأَقْبَلَ النَّاسُ حَتَّی دَخَلُوا الدَّارَ وَ سَلَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ السَّیْفَ لِیَضْرِبَ بِهِ عَلِیّاً علیه السلام فَحَمَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ بِسَیْفِهِ فَأَقْسَمَ عَلَی عَلِیٍّ فَكَفَّ وَ أَقْبَلَ الْمِقْدَادُ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ عَمَّارٌ وَ بُرَیْدَةُ الْأَسْلَمِیُّ حَتَّی دَخَلُوا الدَّارَ أَعْوَاناً لِعَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی كَادَتْ تَقَعُ فِتْنَةٌ فَأُخْرِجَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ تَبِعَهُ النَّاسُ وَ اتَّبَعَهُ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ وَ بُرَیْدَةُ وَ هُمْ یَقُولُونَ مَا أَسْرَعَ مَا خُنْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْرَجْتُمُ الضَّغَائِنَ الَّتِی فِی
ص: 299
صُدُورِكُمْ وَ قَالَ بُرَیْدَةُ بْنُ الْحَصِیبِ الْأَسْلَمِیُّ یَا عُمَرُ أَتَیْتَ عَلَی أَخِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیِّهِ وَ عَلَی اِبْنَتِهِ فَتَضْرِبُهَا وَ أَنْتَ الَّذِی تَعْرِفُكَ قُرَیْشٌ بِمَا تَعْرِفُكَ بِهِ فَرَفَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ السَّیْفَ لِیَضْرِبَ بُرَیْدَةَ وَ هُوَ فِی غِمْدِهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ عُمَرُ وَ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَانْتَهُوا بِعَلِیٍّ علیه السلام إِلَی أَبِی بَكْرٍ مُلَبَّباً فَلَمَّا نَظَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ صَاحَ خَلُّوا سَبِیلَهُ فَقَالَ مَا أَسْرَعَ مَا تَوَثَّبْتُمْ عَلَی أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ یَا أَبَا بَكْرٍ بِأَیِّ حَقٍّ وَ بِأَیِّ مِیرَاثٍ وَ بِأَیِّ سَابِقَةٍ تَحُثُّ النَّاسَ إِلَی بَیْعَتِكَ أَ لَمْ تُبَایِعْنِی بِالْأَمْسِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ دَعْ هَذَا عَنْكَ یَا عَلِیُّ فَوَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تُبَایِعْ لَنَقْتُلَنَّكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذاً وَ اللَّهِ أَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَ أَخَا رَسُولِهِ الْمَقْتُولَ فَقَالَ عُمَرُ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ الْمَقْتُولُ فَنَعَمْ وَ أَمَّا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ فَلاَ (1)
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لَا قَضَاءٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ وَ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ خَلِیلِی لَسْتُ أَجُوزُهُ لَعَلِمْتَ أَیُّنَا أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً وَ أَبُو بَكْرٍ سَاكِتٌ لَا یَتَكَلَّمُ فَقَامَ بُرَیْدَةُ فَقَالَ یَا عُمَرُ أَ لَسْتُمَا اللَّذَیْنِ قَالَ لَكُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله انْطَلِقَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَسَلِّمَا عَلَیْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ (2) فَقُلْتُمَا أَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ كَانَ ذَلِكَ یَا بُرَیْدَةُ وَ لَكِنَّكَ غِبْتَ وَ شَهِدْنَا وَ الْأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَهُ الْأَمْرُ فَقَالَ عُمَرُ مَا أَنْتَ وَ هَذَا یَا بُرَیْدَةُ وَ مَا یُدْخِلُكَ فِی هَذَا قَالَ بُرَیْدَةُ وَ اللَّهِ لَا سَكَنْتُ فِی بَلْدَةٍ أَنْتُمْ فِیهَا أُمَرَاءُ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَضُرِبَ وَ أُخْرِجَ ثُمَّ قَامَ سَلْمَانُ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ اتَّقِ اللَّهَ وَ قُمْ عَنْ هَذَا الْمَجْلِسِ وَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ یَأْكُلُوا بِهِ رَغَداً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ لَا یَخْتَلِفْ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ سَیْفَانِ فَلَمْ یُجِبْهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعَادَ سَلْمَانُ فَقَالَ مِثْلَهَا فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ وَ قَالَ مَا لَكَ وَ هَذَا الْأَمْرِ وَ مَا یُدْخِلُكَ فِیمَا هَاهُنَا فَقَالَ مَهْلًا یَا عُمَرُ قُمْ یَا أَبَا بَكْرٍ عَنْ هَذَا الْمَجْلِسِ وَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ یَأْكُلُوا بِهِ وَ اللَّهِ خُضْراً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ لَتَحْلَبُنَّ بِهِ دَماً وَ لَیَطْمَعَنَّ فِیهَا الطُّلَقَاءُ وَ
ص: 300
الطُّرَدَاءُ وَ الْمُنَافِقُونَ (1) وَ اللَّهِ إِنِّی لَوْ أَعْلَمُ أَنِّی أَدْفَعُ ضَیْماً أَوْ أُعِزُّ لِلَّهِ دِیناً لَوَضَعْتُ سَیْفِی عَلَی عُنُقِی ثُمَّ ضَرَبْتُ بِهِ قُدُماً أَ تَثِبُونَ عَلَی وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهُ فَأَبْشِرُوا بِالْبَلَاءِ وَ اقْنَطُوا مِنَ الرَّخَاءِ ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ فَقَالُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام مَا تَأْمُرُ وَ اللَّهِ إِنْ أَمَرْتَنَا لَنَضْرِبَنَّ بِالسَّیْفِ حَتَّی نُقْتَلَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كُفُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ اذْكُرُوا عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَوْصَاكُمْ بِهِ فَكَفُّوا فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ جَالِسٌ فَوْقَ الْمِنْبَرِ مَا یُجْلِسُكَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ وَ هَذَا جَالِسٌ مُحَارِبٌ لَا یَقُومُ فَیُبَایِعَكَ أَ وَ تَأْمُرُ بِهِ فَنَضْرِبَ عُنُقَهُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام قَائِمَانِ عَلَی رَأْسِ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا سَمِعَا مَقَالَةَ عُمَرَ بَكَیَا وَ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا یَا جَدَّاهْ یَا رَسُولَ اللَّهُ فَضَمَّهُمَا عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی صَدْرِهِ وَ قَالَ لَا تَبْكِیَا فَوَ اللَّهِ لَا یَقْدِرَانِ عَلَی قَتْلِ أَبِیكُمَا هُمَا أَذَلُّ وَ أَدْخَرُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَقْبَلَتْ أُمُّ أَیْمَنَ النُّوبِیَّةُ حَاضِنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتَا یَا عَتِیقُ مَا أَسْرَعَ مَا أَبْدَیْتُمْ حَسَدَكُمْ لِآلِ مُحَمَّدٍ فَأَمَرَ بِهِمَا عُمَرُ أَنْ تُخْرَجَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَ قَالَ مَا لَنَا وَ لِلنِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ قُمْ بَایِعْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ نَضْرِبَ عُنُقَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ صُهَاكَ لَا تَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ أَنْتَ أَلْأَمُ وَ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ فَوَثَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ وَ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَأَقْتُلَنَّكَ فَقَامَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ حَتَّی أَلْقَاهُ عَلَی قَفَاهُ وَ وَقَعَ السَّیْفُ مِنْ یَدِهِ فَقَالَ عُمَرُ قُمْ یَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَبَایِعْ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ إِذَنْ وَ اللَّهِ نَقْتُلَكَ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَدَّ یَدَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَفْتَحَ كَفَّهُ فَضَرَبَ عَلَیْهَا أَبُو بَكْرٍ وَ رَضِیَ بِذَلِكَ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ تَبِعَهُ النَّاسُ
ص: 301
قَالَ ثُمَّ إِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام بَلَغَهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَضَ فَدَكاً (1) فَخَرَجَتْ فِی نِسَاءِ بَنِی هَاشِمٍ حَتَّی دَخَلَتْ عَلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَتْ یَا أَبَا بَكْرٍ تُرِیدُ أَنْ تَأْخُذَ مِنِّی أَرْضاً جَعَلَهَا لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَیَّ مِنَ الْوَجِیفِ الَّذِی لَمْ یُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَیْهِ بِ خَیْلٍ وَ لا رِكابٍ أَ مَا كَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَرْءُ یُحْفَظُ فِی وُلْدِهِ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَتْرُكْ لِوُلْدِهِ شَیْئاً غَیْرَهَا فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ مَقَالَتَهَا وَ النِّسْوَةُ مَعَهَا دَعَا بِدَوَاةٍ لِیَكْتُبَ بِهِ لَهَا فَدَخَلَ عُمَرُ فَقَالَ یَا خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَكْتُبْ لَهَا حَتَّی تُقِیمَ الْبَیِّنَةَ بِمَا تَدَّعِی (2) فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام نَعَمْ أُقِیمُ الْبَیِّنَةَ قَالَ مَنْ قَالَتْ عَلِیٌّ وَ أُمُّ أَیْمَنَ فَقَالَ عُمَرُ وَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ أَعْجَمِیَّةٍ لَا تُفْصِحُ وَ أَمَّا عَلِیٌّ فَیَجُرُّ النَّارَ
ص: 302
إِلَی قُرْصَتِهِ فَرَجَعَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ قَدْ دَخَلَهَا مِنَ الْغَیْظِ مَا لَا یُوصَفُ فَمَرِضَتْ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُصَلِّی فِی الْمَسْجِدِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَلَمَّا صَلَّی قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ كَیْفَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی أَنْ ثَقُلَتْ فَسَأَلَا عَنْهَا وَ قَالا قَدْ كَانَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَنَا لِنَعْتَذِرَ إِلَیْهَا مِنْ ذَنْبِنَا قَالَ ذَلِكَ إِلَیْكُمَا فَقَامَا فَجَلَسَا بِالْبَابِ (1) وَ دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْحُرَّةُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ بِالْبَابِ یُرِیدَانِ أَنْ یُسَلِّمَا عَلَیْكِ فَمَا تَرَیْنَ قَالَتْ الْبَیْتُ بَیْتُكَ وَ الْحُرَّةُ زَوْجَتُكَ افْعَلْ مَا تَشَاءُ فَقَالَ سُدِّی قِنَاعَكِ فَسَدَّتْ قِنَاعَهَا وَ حَوَّلَتْ وَجْهَهَا إِلَی الْحَائِطِ فَدَخَلَا وَ سَلَّمَا وَ قَالا ارْضَیْ عَنَّا رَضِیَ اللَّهُ عَنْكِ فَقَالَتْ مَا دَعَاكُمَا إِلَی هَذَا فَقَالا اعْتَرَفْنَا بِالْإِسَاءَةِ وَ رَجَوْنَا أَنْ تَعْفِی عَنَّا وَ تُخْرِجِی سَخِیمَتَكِ فَقَالَتْ إِنْ كُنْتُمَا صَادِقَیْنِ فَأَخْبِرَانِی عَمَّا أَسْأَلُكُمَا عَنْهُ فَإِنِّی لَا أَسْأَلُكُمَا عَنْ أَمْرٍ إِلَّا أَنَا عَارِفَةٌ بِأَنَّكُمَا تَعْلَمَانِهِ فَإِنْ صَدَقْتُمَا عَلِمْتُ أَنَّكُمَا صَادِقَانِ فِی مَجِیئِكُمَا قَالا سَلِی عَمَّا بَدَا لَكِ قَالَتْ نَشَدْتُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ سَمِعْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّی فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِی (2) قَالا نَعَمْ فَرَفَعَتْ یَدَهَا إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَدْ آذَیَانِی فَأَنَا أَشْكُوهُمَا إِلَیْكَ وَ إِلَی رَسُولِكَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَرْضَی عَنْكُمَا أَبَداً حَتَّی أَلْقَی أَبِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأُخْبِرَهُ بِمَا صَنَعْتُمَا فَیَكُونَ هُوَ الْحَاكِمَ فِیكُمَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا أَبُو
ص: 303
بَكْرٍ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً فَقَالَ عُمَرُ تَجْزَعُ یَا خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ قَوْلِ امْرَأَةٍ قَالَ فَبَقِیَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام بَعْدَ وَفَاةِ أَبِیهَا رَسُولِ اللَّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهَا الْأَمْرُ دَعَتْ عَلِیّاً علیه السلام وَ قَالَتْ یَا ابْنَ عَمِّ مَا أَرَانِی إِلَّا لِمَا بِی وَ أَنَا أُوصِیكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُمَامَةَ بِنْتَ أُخْتِی زَیْنَبَ تَكُونُ لِوُلْدِی مِثْلِی وَ اتَّخِذْ لِی نَعْشاً فَإِنِّی رَأَیْتُ الْمَلَائِكَةَ یَصِفُونَهُ لِی (1) وَ أَنْ لَا تُشْهِدَ أَحَداً مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ جِنَازَتِی وَ لَا دَفْنِی وَ لَا الصَّلَاةَ عَلَیَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ هُوَ قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَشْیَاءُ لَمْ أَجِدْ إِلَی تَرْكِهِنَّ سَبِیلًا لِأَنَّ الْقُرْآنَ بِهَا أُنْزِلَ عَلَی قَلْبِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قِتَالُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ الَّذِی أَوْصَانِی وَ عَهِدَ إِلَیَّ خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقِتَالِهِمْ وَ تَزْوِیجُ أُمَامَةَ بِنْتِ زَیْنَبَ أَوْصَتْنِی بِهَا فَاطِمَةُ علیها السلام قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُبِضَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام مِنْ یَوْمِهَا فَارْتَجَّتِ الْمَدِینَةُ بِالْبُكَاءِ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ دَهِشَ النَّاسُ كَیَوْمٍ قُبِضَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ یُعَزِّیَانِ عَلِیّاً علیه السلام وَ یَقُولَانِ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَا تَسْبِقْنَا بِالصَّلَاةِ عَلَی ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلِ دَعَا عَلِیٌّ الْعَبَّاسَ وَ الْفَضْلَ وَ الْمِقْدَادَ وَ سَلْمَانَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً فَقَدَّمَ الْعَبَّاسَ فَصَلَّی عَلَیْهَا وَ دَفَنُوهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ النَّاسُ یُرِیدُونَ الصَّلَاةَ عَلَی فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ الْمِقْدَادُ قَدْ دَفَنَّا فَاطِمَةَ الْبَارِحَةَ
ص: 304
فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُمْ سَیَفْعَلُونَ قَالَ الْعَبَّاسُ إِنَّهَا أَوْصَتْ أَنْ لَا تُصَلِّیَا عَلَیْهَا فَقَالَ عُمَرُ لَا تَتْرُكُونَ یَا بَنِی هَاشِمٍ حَسَدَكُمُ الْقَدِیمَ لَنَا أَبَداً إِنَّ هَذِهِ الضَّغَائِنَ الَّتِی فِی صُدُورِكُمْ لَنْ تَذْهَبَ وَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْبُشَهَا فَأُصَلِّیَ عَلَیْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ لَوْ رُمْتَ ذَاكَ یَا ابْنَ صُهَاكَ لَا رَجَعَتْ إِلَیْكَ یَمِینُكَ لَئِنْ سَلَلْتُ سَیْفِی لَا غَمَدْتُهُ دُونَ إِزْهَاقِ نَفْسِكَ فَرُمْ ذَلِكَ فَانْكَسَرَ عُمَرُ وَ سَكَتَ وَ عَلِمَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام إِذَا حَلَفَ صَدَقَ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عُمَرُ أَ لَسْتَ الَّذِی هَمَّ بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَرْسَلَ إِلَیَّ فَجِئْتُ مُتَقَلِّداً بِسَیْفِی ثُمَّ أَقْبَلْتُ نَحْوَكَ لِأَقْتُلَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلا تَعْجَلْ عَلَیْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (1) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ تَآمَرُوا وَ تَذَاكَرُوا فَقَالُوا لَا یَسْتَقِیمُ لَنَا أَمْرٌ مَا دَامَ هَذَا الرَّجُلُ حَیّاً فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ لَنَا بِقَتْلِهِ فَقَالَ عُمَرُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَأَرْسَلَا إِلَیْهِ فَقَالا یَا خَالِدُ مَا رَأْیُكَ فِی أَمْرٍ نَحْمِلُكَ عَلَیْهِ قَالَ احْمِلَانِی عَلَی مَا شِئْتُمَا فَوَ اللَّهِ إِنْ حَمَلْتُمَانِی عَلَی قَتْلِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ لَفَعَلْتُ فَقَالا وَ اللَّهِ مَا نُرِیدُ غَیْرَهُ قَالَ فَإِنِّی لَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا قُمْتُمَا فِی الصَّلَاةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقُمْ إِلَی جَانِبِهِ وَ مَعَكَ السَّیْفُ فَإِذَا سَلَّمْتُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ نَعَمْ فَافْتَرَقُوا عَلَی ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَفَكَّرَ فِیمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ قَتْلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَرَفَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَتْ حُرُوبٌ شَدِیدَةٌ وَ بَلَاءٌ طَوِیلٌ فَنَدِمَ عَلَی مَا أَمَرَ بِهِ فَلَمْ یَنَمْ لَیْلَتَهُ تِلْكَ حَتَّی أَتَی الْمَسْجِدَ وَ قَدْ أُقِیمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ وَ صَلَّی بِالنَّاسِ مُفَكِّراً لَا یَدْرِی مَا یَقُولُ وَ أَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ مُتَقَلِّداً بِالسَّیْفِ حَتَّی قَامَ إِلَی جَانِبِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَدْ فَطَنَ عَلِیٌّ علیه السلام بِبَعْضِ ذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ تَشَهُّدِهِ صَاحَ قَبْلَ أَنْ یُسَلِّمَ یَا خَالِدُ لَا تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ
ص: 305
فَإِنْ فَعَلْتَ قَتَلْتُكَ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ (1) فَوَثَبَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَخَذَ بَتَلَابِیبِ خَالِدٍ وَ انْتَزَعَ السَّیْفَ مِنْ یَدِهِ ثُمَّ صَرَعَهُ وَ جَلَسَ عَلَی صَدْرِهِ وَ أَخَذَ سَیْفَهُ لِیَقْتُلَهُ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لِیُخَلِّصُوا خَالِداً فَمَا قَدَرُوا عَلَیْهِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ حَلِّفُوهُ بِحَقِّ الْقَبْرِ لَمَّا كَفَفْتَ فَحَلَّفُوهُ بِالْقَبْرِ فَتَرَكُوهُ فَتَرَكَهُ وَ قَامَ فَانْطَلَقَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ جَاءَ الزُّبَیْرُ وَ الْعَبَّاسُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ بَنُو هَاشِمٍ وَ اخْتَرَطُوا السُّیُوفَ وَ قَالُوا وَ اللَّهِ لَا یَنْتَهُونَ حَتَّی یَتَكَلَّمَ وَ یَفْعَلَ وَ اخْتَلَفَ النَّاسُ وَ مَاجُوا وَ اضْطَرَبُوا وَ خَرَجَتْ نِسْوَةُ بَنِی هَاشِمٍ فَصَرَخْنَ وَ قُلْنَ یَا أَعْدَاءَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ مَا أَبْدَیْتُمُ الْعَدَاوَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَطَالَ مَا أَرَدْتُمْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِ فَقَتَلْتُمُ ابْنَتَهُ بِالْأَمْسِ ثُمَّ تُرِیدُونَ الْیَوْمَ أَنْ تَقْتُلُوا أَخَاهُ وَ ابْنَ عَمِّهِ وَ وَصِیَّهُ وَ أَبَا وُلْدِهِ كَذَبْتُمْ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ مَا كُنْتُمْ تَصِلُونَ إِلَی قَتْلِهِ حَتَّی تَخَوَّفَ النَّاسُ أَنْ تَقَعَ فِتْنَةٌ
ص: 306
عَظِیمَةٌ (1).
بیان: حلب الدم كنایة عن فعل ما یورث الندم و جلب ما یضرّ جالبه و جرّ النار إلی القرصة (كنایة) عن جلب النفع أی هو یجرّ النفع بشهادته فلا تسمع.
«49»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ انْطَلِقْ نُبَایِعْ لَكَ النَّاسَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَرَاهُمْ فَاعِلِینَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَیْنَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْكاذِبِینَ (2).
بَیَانُ التَّنْزِیلِ، لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنِ الْعَیَّاشِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام مِثْلَهُ.
«50»-أَقُولُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ الْمَسْعُودِیُّ فِی كِتَابِ الْوَصِیَّةِ، قَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَلَا وَ عُمُرُهُ خَمْسٌ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ اتَّبَعَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَ قَعَدَ عَنْهُ الْمُنَافِقُونَ وَ نَصَبُوا لِلْمُلْكِ وَ أَمْرِ الدُّنْیَا رَجُلًا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ دُونَ مَنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
فَرَوَی أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ صَارَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ امْدُدْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَقَالَ وَ مَنْ یَطْلُبُ هَذَا الْأَمْرَ وَ مَنْ یَصْلُحُ لَهُ غَیْرُنَا وَ صَارَ إِلَیْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُمُ الزُّبَیْرُ وَ أَبُو سُفْیَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ فَأَبَی وَ اخْتَلَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ الْخِلَافَةُ فِی قُرَیْشٍ فَسَلَّمَتِ الْأَنْصَارُ لِقُرَیْشٍ بَعْدَ أَنْ دَاسُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَ وَطِئُوا بَطْنَهُ وَ بَایَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا بَكْرٍ وَ صَفَقَ عَلَی یَدَیْهِ ثُمَّ بَایَعَهُ قَوْمُهُ مِمَّنْ قَدِمَ الْمَدِینَةَ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنَ
ص: 307
الْأَعْرَابِ وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ تَابَعَهُمْ عَلَی ذَلِكَ غَیْرُهُمْ.
وَ اتَّصَلَ الْخَبَرُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَحْنِیطِهِ وَ تَكْفِینِهِ وَ تَجْهِیزِهِ وَ دَفْنِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَیْهِ مَعَ مَنْ حَضَرَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ قَوْمٍ مِنْ صَحَابَتِهِ مِثْلِ سَلْمَانَ وَ أَبِی ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادِ وَ عَمَّارٍ وَ حُذَیْفَةَ وَ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ وَ جَمَاعَةٍ نَحْوَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا فَقَامَ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانَتِ الْإِمَامَةُ فِی قُرَیْشٍ فَأَنَا أَحَقُّ قُرَیْشٍ بِهَا وَ إِنْ لَا تَكُنْ فِی قُرَیْشٍ فَالْأَنْصَارُ عَلَی دَعْوَاهُمْ (1) ثُمَّ اعْتَزَلَهُمْ وَ دَخَلَ بَیْتَهُ فَأَقَامَ فِیهِمْ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ قَالَ إِنَّ لِی فِی خَمْسَةٍ مِنَ النَّبِیِّینَ أُسْوَةً نُوحٍ إِذْ قَالَ أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ وَ إِبْرَاهِیمَ إِذْ قَالَ وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لُوطٍ إِذْ قَالَ لَوْ أَنَّ لِی بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلی رُكْنٍ شَدِیدٍ وَ مُوسَی إِذْ قَالَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ وَ هَارُونَ إِذْ قَالَ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی ثُمَّ أَلَّفَ علیه السلام الْقُرْآنَ وَ خَرَجَ إِلَی النَّاسِ وَ قَدْ حَمَلَهُ فِی إِزَارٍ مَعَهُ وَ هُوَ یَئِطُّ مِنْ تَحْتِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ قَدْ أَلَّفْتُهُ كَمَا أَمَرَنِی وَ أَوْصَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا أُنْزِلَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ اتْرُكْهُ وَ امْضِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَكُمْ إِنِّی مُخَلِّفٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَإِنْ قَبِلْتُمُوهُ فَاقْبَلُونِی مَعَهُ أَحْكُمْ بَیْنَكُمْ بِمَا فِیهِ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا فِیهِ وَ لَا فِیكَ فَانْصَرِفْ بِهِ مَعَكَ لَا تُفَارِقْهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ. (2) فَأَقَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ شِیعَتِهِ فِی مَنَازِلِهِمْ بِمَا عَهِدَهُ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَّهُوا إِلَی مَنْزِلِهِ فَهَجَمُوا عَلَیْهِ وَ أَحْرَقُوا بَابَهُ وَ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهُ كَرْهاً وَ ضَغَطُوا سَیِّدَةَ النِّسَاءِ بِالْبَابِ حَتَّی أَسْقَطَتْ مُحَسِّناً وَ أَخَذُوهُ
ص: 308
بِالْبَیْعَةِ فَامْتَنَعَ وَ قَالَ لَا أَفْعَلُ فَقَالُوا نَقْتُلُكَ فَقَالَ إِنْ تَقْتُلُونِی فَإِنِّی عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ وَ بَسَطُوا یَدَهُ فَقَبَضَهَا وَ عَسُرَ عَلَیْهِمْ فَتْحُهَا فَمَسَحُوا عَلَیْهِ وَ هِیَ مَضْمُومَةٌ. (1) ثُمَّ لَقِیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدَ هَذَا الْفِعْلِ بِأَیَّامٍ أَحَدَ الْقَوْمِ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَ ذَكَّرَهُ بِأَیَّامِ اللَّهِ وَ قَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ أَجْمَعَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّی یَأْمُرَكَ وَ یَنْهَاكَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَخَرَجَا إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ فَأَرَاهُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَاعِداً فِیهِ فَقَالَ لَهُ یَا فُلَانُ عَلَی هَذَا عَاهَدْتُمُونِی فِی تَسْلِیمِ الْأَمْرِ إِلَی عَلِیٍّ وَ هُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَرَجَعَ وَ قَدْ هَمَّ بِتَسْلِیمِ الْأَمْرِ إِلَیْهِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا سِحْرٌ مُبِینٌ مَعْرُوفٌ مِنْ سِحْرِ بَنِی هَاشِمٍ أَ وَ مَا تَذْكُرُ یَوْمَ كُنَّا مَعَ ابْنِ أَبِی كَبْشَةَ فَأَمَرَ شَجَرَتَیْنِ فَالْتَقَتَا فَقَضَی حَاجَتَهُ خَلْفَهُمَا ثُمَّ أَمَرَهُمَا فَتَفَرَّقَتَا وَ عَادَتَا إِلَی حَالِهِمَا فَقَالَ لَهُ أَمَا إِنْ ذَكَّرْتَنِی هَذَا فَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ فِی الْكَهْفِ فَمَسَحَ یَدَهُ عَلَی وَجْهِی ثُمَّ أَهْوَی بِرِجْلِهِ فَأَرَانِی الْبَحْرَ ثُمَّ أَرَانِی جَعْفَراً وَ أَصْحَابَهُ فِی سَفِینَةٍ تَعُومُ فِی الْبَحْرِ. (2) فَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَزَمَ عَلَیْهِ وَ هَمُّوا بِقَتْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ تَوَاصَوْا وَ تَوَاعَدُوا بِذَلِكَ وَ أَنْ یَتَوَلَّی قَتْلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَبَعَثَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِجَارِیَةٍ لَهَا فَأَخَذَتْ بِعِضَادَتَیِ الْبَابِ وَ نَادَتْ إِنَّ الْمَلَأَ یَأْتَمِرُونَ بِكَ لِیَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّی لَكَ مِنَ النَّاصِحِینَ فَخَرَجَ علیه السلام مُشْتَمِلًا بِسَیْفِهِ وَ كَانَ الْوَعْدُ فِی قَتْلِهِ أَنْ یُسَلِّمَ إِمَامُهُمْ فَیَقُومَ خَالِدٌ إِلَیْهِ بِسَیْفِهِ فَأَحَسُّوا بَأْسَهُ فَقَالَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ یُسَلِّمَ لَا تَفْعَلَنَّ خَالِدُ مَا أَمَرْتُ بِهِ. (3) ثُمَّ كَانَ مِنْ أَقَاصِیصِهِمْ مَا رَوَاهُ النَّاسُ.
وَ فِی سَنَتَیْنِ وَ شَهْرَیْنِ وَ سَبْعَةِ أَیَّامٍ مِنْ إِمَامَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَاتَ ابْنُ أَبِی قُحَافَةَ وَ هُوَ عَتِیقُ بْنُ عُثْمَانَ وَ أَوْصَی بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِعَهْدٍ كَانَ بَیْنَهُمَا وَ اعْتَزَلَهُ
ص: 309
أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَاعْتِزَالِهِ لِصَاحِبِهِ قَبْلَهُ إِلَّا بِمَا لَمْ یَجِدْ مِنْهُ بُدّاً وَ لَا یَنْهَی إِلَّا عَمَّا لَمْ یَجِدْ مِنَ النَّهْیِ عَنْهُ بُدّاً وَ هُمْ فِی خِلَالِ ذَلِكَ یَسْأَلُونَهُ وَ یَسْتَفْتُونَهُ فِی حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ وَ فِی تَأْوِیلِ الْكِتَابِ وَ فَصْلِ الْخِطَابِ. (1).
بیان: قال الجوهری الأَطِیطُ صوت الرحل و الإبل من ثقل أحمالها.
«51»-وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (2)
فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَیْسَ لِی مُعِینٌ إِلَّا أَهْلُ بَیْتِی فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ فَأَغْضَیْتُ عَلَی الْقَذَی وَ شَرِبْتُ عَلَی الشَّجَا وَ صَبَرْتُ عَلَی أَخْذِ الْكَظَمِ وَ عَلَی أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ.
ما هذا لفظه:
اختلفت الروایات فی قصة السقیفة فالذی تقوله الشیعة و قد قال قوم من المحدثین بعضه و
رووا كثیرا منه أن علیا امتنع من البیعة حتی أخرج كرها و أن الزبیر بن العوام امتنع من البیعة و قال لا أبایع إلا علیا و كذلك أبو سفیان بن حرب و خالد بن سعید بن العاص بن أمیة بن عبد شمس و العباس بن عبد المطلب و بنوه و أبو سفیان بن الحارث بن عبد المطلب و جمیع بنی هاشم و قالوا إن الزبیر شهر سیفه فلما جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غیرهم قال فی جملة ما قال خذوا سیف هذا فاضربوا به الحجر و یقال إنه أخذ السیف من ید الزبیر فضرب به حجرا فكسره و ساقهم كلهم بین یدیه إلی أبی بكر فحملهم علی بیعته و لم یتخلف إلا عَلِیٌّ وحده فإنه اعتصم ببیت فاطمة علیها السلام فتحاموا إخراجه منه قسرا فقامت فاطمة علیها السلام إلی باب البیت فأسمعت من جاء یطلبه فتفرقوا و علموا
ص: 310
أنه بمفرده لا یضر شیئا فتركوه و قیل إنهم أخرجوه فیمن أخرج و حمل إلی أبی بكر فبایعه.
و قد روی أبو جعفر محمد بن جریر الطبری (1) كثیرا من هذا فأما حدیث التحریق (2) و ما جری مجراه من الأمور الفظیعة و قول من قال إنهم أخذوا علیا علیه السلام یقاد بعمامته و الناس حوله فأمر بعید و الشیعة تنفرد به علی أن جماعة من أهل الحدیث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك.
و
قال أبو جعفر إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها لا نبایع إلا علیا. (3).
ص: 311
و ذكر نحو هذا علی بن عبد الكریم المعروف بابن الأثیر الموصلی فی تاریخه (1) فأما قوله لم یكن لی معین إلا أهل بیتی فضننت بهم عن الموت فنقول ما زال علی علیه السلام یقوله و لقد قاله عقیب وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال لو وجدت أربعین ذوی عزم ذكر ذلك نصر بن مزاحم فی كتاب صفین و ذكره كثیر من أرباب السیرة و
أما الذی یقوله جمهور المحدثین و أعیانهم فإنه علیه السلام امتنع من البیعة ستة أشهر و لزم بیته فلم یبایع حتی ماتت فاطمة علیها السلام فلما ماتت بایع طوعا. (2).
وَ فِی صَحِیحَیْ مُسْلِمٍ وَ الْبُخَارِیِّ (3)
كَانَتْ وُجُوهُ النَّاسِ إِلَیْهِ وَ فَاطِمَةُ لَمْ تَمُتْ بَعْدُ فَلَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام انْصَرَفَتْ وُجُوهُ النَّاسِ عَنْهُ وَ خَرَجُوا مِنْ بَیْتِهِ فَبَایَعَ أَبَا بَكْرٍ وَ كَانَتْ مُدَّةُ بَقَائِهَا بَعْدَ أَبِیهَا عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. (4).
ص: 312
قَالَ أَیْضاً رَوَی أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَوْهَرِیُّ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ لِأَبِی بَكْرٍ كَانَ الزُّبَیْرُ وَ الْمِقْدَادُ یَخْتَلِفَانِ فِی جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ فِی بَیْتِ فَاطِمَةَ فَیَتَشَاوَرُونَ وَ یَتَرَاجَعُونَ أُمُورَهُمْ فَخَرَجَ عُمَرُ حَتَّی دَخَلَ عَلَی فَاطِمَةَ علیها السلام وَ قَالَ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ أَحَبَّ إِلَیْنَا مِنْ أَبِیكِ وَ مَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ إِلَیْنَا مِنْكِ بَعْدَ أَبِیكِ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا ذَاكِ بِمَانِعِی إِنِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ أَنْ آمُرَ بِتَحْرِیقِ الْبَیْتِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاءُوهَا فَقَالَتْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ جَاءَنِی وَ حَلَفَ لِی بِاللَّهِ إِنْ عُدْتُمْ لَیُحْرِقَنَّ عَلَیْكُمُ الْبَیْتَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَیُمْضِیَنَّ لِمَا حَلَفَ لَهُ فَانْصَرِفُوا عَنَّا رَاشِدِینَ فَلَمْ یَرْجِعُوا إِلَی بَیْتِهَا وَ ذَهَبُوا فَبَایَعُوا لِأَبِی بَكْرٍ. (1).
ثم قال و من كلام معاویة المشهور إلی علی علیه السلام و أعهدك أمس تحمل قعیدة بیتك لیلا علی حمار و یداك فی یدی ابنیك حسن و حسین یوم بویع أبو بكر فلم تدع أحدا من أهل بدر و السوابق إلا دعوتهم إلی نفسك و مشیت إلیهم بامرأتك و أدلیت إلیهم بابنیك و استنصرتهم علی صاحب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلم یجبك منهم إلا أربعة أو خمسة و لعمری لو كنت محقا لأجابوك و لكنك ادعیت باطلا و قلت ما لا یعرف و رمت ما لا یدرك و مهما نسیت فلا أنسی قولك لأبی سفیان لما حركك و هیجك لو وجدت أربعین ذوی عزم منهم لناهضت القوم فما یوم المسلمین منك بواحد. (2) و
رَوَی أَیْضاً مِنْ كِتَابِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ جَرِیرِ بْنِ الْمُغِیرَةِ أَنَّ سَلْمَانَ وَ الزُّبَیْرَ وَ الْأَنْصَارَ كَانَ هَوَاهُمْ أَنْ یُبَایِعُوا عَلِیّاً علیه السلام بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا بُویِعَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ سَلْمَانُ أَصَبْتُمُ الْخِیَرَةَ وَ أَخْطَأْتُمُ الْمَعْدِنَ. (3).
ص: 313
و عن حبیب بن أبی ثابت قال قال سلمان یومئذ أصبتم ذا السن منكم و أخطأتم أهل بیت نبیكم لو جعلتموها فیهم ما اختلف علیكم اثنان و لأكلتموها رغدا.
و روی أیضا عن غسان بن عبد الحمید قال لما أكثر فی تخلف علی علیه السلام عن بیعة أبی بكر و اشتد أبو بكر و عمر علیه فی ذلك خرجت أم مسطح بن أثاثة (1) فوقفت عند القبر و قالت:
كَانَتْ أُمُورٌ وَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ***لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ
إلی آخر الأبیات المعروفة. (2).
و روی أیضا منه عن أبی الأسود قال غضب رجال من المهاجرین فی بیعة أبی بكر بغیر مشورة و غضب علی علیه السلام و الزبیر فدخلا بیت فاطمة علیها السلام معهما السلاح فجاء عمر فی عصابة منهم أسید بن حضیر و سلمة بن سلامة بن وقش و هما من بنی عبد الأشهل فصاحت فاطمة علیها السلام و ناشدتهم اللّٰه فأخذوا سیفی علی و الزبیر فضربوا بهما الجدار حتی كسروهما ثم أخرجهما عمر یسوقهما حتی بایعا ثم قام أبو بكر فخطب الناس و اعتذر إلیهم و قال إن بیعتی كانت فلتة وقی اللّٰه شرها و خشیت الفتنة و ایم اللّٰه ما حرصت علیها یوما قط و لقد قلدت أمرا عظیما ما لی به طاقة و لا یدان و لوددت أن أقوی الناس علیه مكانی و جعل یعتذر إلیهم فقبل المهاجرون عذره
ص: 314
إلی آخر ما رواه. (1).
و قد روی بإسناد آخر ذكره أن ثابت بن قیس بن شماس كان مع الجماعة الذین حضروا مع عمر فی بیت فاطمة علیها السلام.
قال و روی سعد بن إبراهیم أن عبد الرحمن بن عوف (2) كان مع عمر ذلك الیوم و أن محمد بن مسلمة كان معهم و أنه هو الذی كسر سیف الزبیر.
وَ رَوَی أَیْضاً مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی الْمِنْبَرِ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الزُّبَیْرُ وَ أُنَاسٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فِی بَیْتِ فَاطِمَةَ علیها السلام فَجَاءَ عُمَرُ إِلَیْهِمْ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَخْرُجُنَّ إِلَی الْبَیْعَةِ أَوْ لَأُحْرِقَنَّ الْبَیْتَ عَلَیْكُمْ فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ مُصْلِتاً سَیْفَهُ فَاعْتَنَقَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ زِیَادُ بْنُ لَبِیدٍ فَدَقَّ بِهِ فَنَدَرَ السَّیْفُ فَصَاحَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ اضْرِبْ بِهِ الْحَجَرَ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ فَلَقَدْ رَأَیْتُ الْحَجَرَ فِیهِ تِلْكَ الضَّرْبَةُ وَ یُقَالُ هَذِهِ ضَرْبَةُ سَیْفِ الزُّبَیْرِ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ دَعُوهُمْ فَسَیَأْتِی اللَّهُ بِهِمْ قَالَ فَخَرَجُوا إِلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَبَایَعُوهُ.
قَالَ الْجَوْهَرِیُّ وَ قَدْ رُوِیَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ كَانَ مَعَهُمْ فِی بَیْتِ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ أَیْضاً وَ أَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یُبَایِعُوا عَلِیّاً علیه السلام فَأَتَاهُمْ عُمَرُ لِیُحْرِقَ عَلَیْهِمُ الْبَیْتَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الزُّبَیْرُ بِالسَّیْفِ وَ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام تَبْكِی وَ تَصِیحُ فَنَهْنَهَتْ مِنَ النَّاسِ وَ قَالُوا لَیْسَ عِنْدَنَا مَعْصِیَةٌ وَ لَا خِلَافٌ فِی خَیْرٍ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ وَ إِنَّمَا اجْتَمَعْنَا لِنُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ فِی مُصْحَفٍ وَاحِدٍ فَبَایَعُوا
ص: 315
أَبَا بَكْرٍ فَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ وَ اطْمَأَنَّ النَّاسُ (1).
وَ رَوَی الْجَوْهَرِیُّ أَیْضاً عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَتَیْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُوسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ نَحْنُ رَاجِعُونَ مِنَ الْحَجِّ فِی جَمَاعَةٍ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ مَسَائِلَ وَ كُنْتُ أَحَدَ مَنْ سَأَلَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ أُجِیبُكَ بِمَا أَجَابَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْهُمَا فَقَالَ كَانَتْ أُمُّنَا فَاطِمَةَ علیها السلام صِدِّیقَةً ابْنَةَ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ وَ مَاتَتْ وَ هِیَ غَضْبَی عَلَی قَوْمٍ فَنَحْنُ غِضَابٌ لِغَضَبِهَا. (2).
وَ رَوَی أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِی عُمَرُ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْأَمْرِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا أَنَّا خِفْنَاهُ عَلَی اثْنَتَیْنِ فَقُلْتُ مَا هُمَا قَالَ خَشِینَاهُ عَلَی حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَ حُبِّهِ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. (3).
ص: 316
ثم قال ابن أبی الحدید فأما امتناع علی علیه السلام من البیعة حتی أخرج علی الوجه الذی أخرج علیه فقد ذكره المحدثون و رواة السیر و قد ذكرنا ما قاله الجوهری فی هذا الباب من رجال الحدیث و من الثقات المأمونین و قد ذكر غیره من هذا النحو ما لا یحصی كثرة.
فأما الأمور الشنیعة المستهجنة التی یذكرها الشیعة من إرسال قنفذ إلی بیت فاطمة علیها السلام (1) و أنه ضربها بالسوط فصار فی عضدها كالدملج و بقی أثره إلی أن ماتت و أن عمر أضغطها بین الباب و الجدار فصاحت وا أبتاه یا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ألقت جنینا میتا (2) و جعل فی عنق علی علیه السلام حبلا یقاد به و هو یعتل و
ص: 317
فاطمة خلفه تصرخ و تنادی بالویل و الثبور و ابناه حسن و حسین علیهما السلام معهما یبكیان (1) و أن علیا علیه السلام لما أحضر سألوه البیعة فامتنع فهدد بالقتل فقال
ص: 318
إذا تقتلون عبد اللّٰه و أخا رسول اللّٰه فقالوا أما عبد اللّٰه فنعم و أما أخو رسول اللّٰه فلا و أنه طعن فیهم فی أوجههم بالنفاق و سطر صحیفة الغدر التی اجتمعوا علیها و بأنهم أرادوا أن ینفروا ناقة رسول اللّٰه لیلة العقبة (1) فكله لا أصل له عند أصحابنا
ص: 319
من صحابة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله أرادوا أن ینفروا ناقته لیلة العقبة فی تبوك، فقد جاء ذكرها و التصریح بها فی صحاحهم و مسانیدهم راجع ص 97 ممّا سبق و قد عرفت ص 100 من هذا الجزء أن أبا موسی الأشعریّ كان أحدهم و المرء یعرف بخلیله.
أضف الی ذلك ما أخرجه ابن أبی شیبة علی ما فی منتخب كنز العمّال 5 ر 91 بإسناده عن أبی الطفیل قال: كان بین حذیفة و بین رجل من أهل العقبة بعض ما یكون بین الناس، قال: أنشد اللّٰه كم كان أصحاب العقبة، فقال أبو موسی الأشعریّ: قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر فقال حذیفة: فان كنت فیهم فقد كانوا خمسة عشر، أشهد باللّٰه أن اثنی عشر منهم حرب للّٰه و لرسوله فی الحیاة الدنیا و یوم یقوم الاشهاد.
و ما أخرجه ابن عدی فی الكامل و ابن عساكر فی التاریخ علی ما فی منتخب كنز العمّال 5 ر 234 بالاسناد عن ابی نجاء حكیم قال: كنت جالسا مع عمّار فجاء أبو موسی فقال: ما لی و لك؟ أ لست أخاك؟ قال: ما أدری و لكن سمعت رسول اللّٰه یلعنك لیلة الجبل، قال: انه استغفر لی، قال عمار، قد شهدت اللعن و لم أشهد الاستغفار.
و الاستغفار الذی ذكره أبو موسی الأشعریّ هو ما رووه عن رسول اللّٰه أنّه قال: «اللّٰهمّ انما أنا بشر، فأیما عبد من المؤمنین دعوت علیه دعوة فاجعلها له زكاة و رحمة» و هذا مختلق قطعا، فان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یكن لیدعو علی أحد من دون استحقاق لمكان عصمته صلی اللّٰه علیه و آله و علمه ببواطن الامر.
نعم قد أشاعوا هذه الروایة عن رسول اللّٰه لیلجموا أفواه رجال الحق عن أنفسهم، و لذلك تری عبد اللّٰه بن عثمان بن خیثم یقول: «دخلت علی أبی الطفیل فوجدته طیب النفس، فقلت: لاغتنمن ذلك منه، فقلت یا أبا الطفیل! النفر الذین لعنهم رسول اللّٰه من بینهم من هم (من هم ممهم من هم) فهم أن یخبرنی بهم، فقالت له امرأته سودة: مه یا أبا الطفیل! أ ما بلغك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال: اللّٰهمّ انما أنا بشر فأیما عبد من المؤمنین دعوت علیه دعوة، فاجعلها له زكاة و رحمة»؟ رواه أحمد فی مسنده 5 ر 454، و الهیتمی فی زوائده 1 ر 111.
بل و روی الشارح نفسه فی أبی موسی الأشعریّ 3 ر 292 بعد ما نقل عن الاستیعاب أنه كان والیا لعثمان علی الكوفة «فلما قتل عثمان عزله علیّ علیه السلام عنها فلم یزل واجدا لذلك علی علیّ علیه السلام حتّی جاء منه ما قال حذیفة فیه، فقد روی حذیفة فیه كلاما كرهت ذكره و اللّٰه یغفر له» قال الشارح: قلت: الكلام الذی أشار إلیه أبو عمر بن عبد البر، و لم یذكره، قوله فیه و قد ذكر عنده بالدین: «أما أنتم فتقولون ذلك، و أمّا أنا فأشهد أنه عدو للّٰه و لرسوله و حرب لهما فی الحیاة الدنیا و یوم یقوم الاشهاد، یوم لا ینفع الظالمین معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار، و كان حذیفة عارفا بالمنافقین أسر إلیه رسول اللّٰه أمرهم و أعلمه أسماءهم.
قال: و روی أن عمارا سئل عن أبی موسی فقال: لقد سمعت فیه من حذیفة قولا عظیما سمعته یقول: صاحب البرنس الأسود، ثمّ كلح كلوحا علمت منه أنّه كان لیلة العقبة بین ذلك الرهط.
ص: 320
و لا یثبته أحد منهم و إنما هو شی ء تنفرد الشیعة بنقله. (1)
أقول: عدم ثبوت تلك الأخبار عند متعصبی أصحابه لا یدل علی بطلانها مع نقل محدثیهم الذین یعتمدون علی نقلهم موافقا لروایات الإمامیة كما اعترف به مع أن فیما ذكره من الأخبار التی صححها لنا كفایة و ما رواه مخالفا لروایتنا فمما تفردوا بنقله و لا یتم الاحتجاج إلا بالمتفق علیه بین الفریقین.
«52»-وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَیْضاً فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ كِتَابِ السَّقِیفَةِ لِلْجَوْهَرِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو زَیْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ إِلَی بَیْتِ فَاطِمَةَ فِی رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ نَفَرٍ قَلِیلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَخْرُجُنَّ إِلَی الْبَیْعَةِ أَوْ لَأُحْرِقَنَّ الْبَیْتَ عَلَیْكُمْ فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ مُصْلِتاً بِالسَّیْفِ فَاعْتَنَقَهُ زِیَادُ بْنُ لَبِیدٍ الْأَنْصَارِیُّ وَ رَجُلٌ آخَرُ فَنَدَرَ السَّیْفُ مِنْ یَدِهِ فَضَرَبَ بِهِ عُمَرُ الْحَجَرَ
ص: 321
فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ بِتَلَابِیبِهِمْ یُسَاقَوْنَ سَوْقاً عَنِیفاً حَتَّی بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ (1).
قَالَ أَبُو زَیْدٍ رَوَی النَّضْرُ بْنُ شُمَیْلٍ قَالَ: حُمِلَ سَیْفُ الزُّبَیْرِ لَمَّا نَدَرَ مِنْ یَدِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ یَخْطُبُ فَقَالَ اضْرِبُوا بِهِ الْحَجَرَ وَ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ الْحَجَرَ وَ فِیهِ تِلْكَ الضَّرْبَةُ وَ النَّاسُ یَقُولُونَ هَذَا أَثَرُ ضَرْبَةِ سَیْفِ الزُّبَیْرِ (2)
وَ رَوَی أَیْضاً عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْبَاهِلِیِّ- عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا عُمَرُ أَیْنَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ قَالَ هُوَ هَذَا فَقَالَ انْطَلِقَا إِلَیْهِمَا یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام وَ الزُّبَیْرَ فَأْتِیَانِی بِهِمَا فَدَخَلَ عُمَرُ وَ وَقَفَ خَالِدٌ عَلَی الْبَابِ مِنْ خَارِجٍ فَقَالَ عُمَرُ لِلزُّبَیْرِ مَا هَذَا السَّیْفُ قَالَ أَعْدَدْتُهُ لِأُبَایِعَ عَلِیّاً قَالَ وَ كَانَ فِی الْبَیْتِ نَاسٌ كَثِیرٌ مِنْهُمُ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ جُمْهُورُ الْهَاشِمِیِّینَ فَاخْتَرَطَ عُمَرُ السَّیْفَ فَضَرَبَ بِهِ صَخْرَةً فِی الْبَیْتِ فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِ الزُّبَیْرِ فَأَقَامَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ فَأَخْرَجَهُ وَ قَالَ یَا خَالِدُ دُونَكَ هَذَا فَأَمْسَكَهُ خَالِدٌ وَ كَانَ فِی الْخَارِجِ مَعَ خَالِدٍ جَمْعٌ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ أَرْسَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رِدْءاً لَهُمَا ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَقَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام قُمْ فَبَایِعْ فَتَلَكَّأَ وَ احْتَبَسَ فَأَخَذَ بِیَدِهِ فَقَالَ قُمْ فَأَبَی أَنْ یَقُومَ فَحَمَلَهُ وَ دَفَعَهُ كَمَا دَفَعَ الزُّبَیْرَ ثُمَّ أَمْسَكَهُمَا خَالِدٌ وَ سَاقَهُمَا عُمَرُ وَ مَنْ مَعَهُ سَوْقاً عَنِیفاً وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ وَ امْتَلَأَتْ شَوَارِعُ الْمَدِینَةِ بِالرِّجَالِ وَ رَأَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام مَا صَنَعَ عُمَرُ فَصَرَخَتْ وَ وَلْوَلَتْ وَ اجْتَمَعَتْ مَعَهَا نِسْوَةٌ كَثِیرَةٌ مِنَ الْهَاشِمِیَّاتِ وَ غَیْرِهِنَّ فَخَرَجَتْ إِلَی بَابِ حُجْرَتِهَا وَ نَادَتْ یَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَسْرَعَ مَا أَغَرْتُمْ عَلَی أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عُمَرَ حَتَّی أَلْقَی اللَّهَ قَالَ فَلَمَّا بَایَعَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الزُّبَیْرُ وَ هَدَأَتْ تِلْكَ الْفَوْرَةُ مَشَی إِلَیْهَا أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَشَفَعَ لِعُمَرَ وَ طَلَبَ إِلَیْهَا فَرَضِیَتْ عَنْهُ- (3).
قال ابن أبی الحدید بعد إیراد تلك الأخبار و الصحیح عندی أنها ماتت و هی واجدة علی أبی بكر و عمر و أنها أوصت أن لا یصلیا علیها و ذلك عند أصحابنا من الصغائر المغفورة لهما و كان الأولی بهما إكرامها و احترام منزلتها لكنهما خافا
ص: 322
الفرقة و أشفقا الفتنة ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنهما و كانا من الدین و قوة الیقین بمكان مكین و مثل هذا لو ثبت كونه خطأ لم تكن كبیرة بل كان من باب الصغائر التی لا یقتضی التبری و لا یوجب التولی (1)
«53»-و قال فی موضع آخر من الكتاب المذكور بعد ذكر قصة هبار بن الأسود و أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أباح دمه یوم فتح مكة لأنه روع زینب بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالرمح و هی فی الهودج و كانت حاملا فرأت دما و طرحت ذا بطنها.
قال قرأت هذا الخبر علی النقیب أبی جعفر فقال إذا كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أباح دم هبار لأنه روع زینب فألقت ذا بطنها فظاهر الحال أنه لو كان حیا لأباح دم من روع فاطمة علیها السلام حتی ألقت ذا بطنها فقلت أروی عنك ما
یقوله قوم إن فاطمة علیها السلام رُوِّعَتْ فألقت المحسن.
فقال لا تروه عنی و لا ترو عنی بطلانه فإنی متوقف فی هذا الموضع لتعارض الأخبار عندی فیه (2).
ص: 323
«54»-و روی فی موضع آخر عن محمد بن جریر الطبری (1)
أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما قبض اجتمعت الأنصار فی سقیفة بنی ساعدة و أخرجوا سعد بن عبادة لیولوه الخلافة و كان مریضا فخطبهم و دعاهم إلی إعطائه الرئاسة و الخلافة فأجابوه ثم ترادوا الكلام فقالوا فإن أبی المهاجرون و قالوا نحن أولیاؤه و عترته فقال قوم من الأنصار نقول منا أمیر و منكم أمیر فقال سعد فهذا أول الوهن و سمع عمر الخبر فأتی منزل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و فیه أبو بكر (2) فأرسل إلیه أن اخرج إلی فأرسل أنی مشغول فأرسل عمر إلیه أن اخرج فقد حدث أمر لا بد أن تحضره فخرج فأعلمه الخبر فمضیا مسرعین نحوهم و معهما أبو عبیدة
ص: 324
فتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرین من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أنهم أولیاؤه و عترته ثم قال نحن الأمراء و أنتم الوزراء لا نفتات علیكم بمشورة و لا نقضی دونكم الأمور (1) فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال یا معشر الأنصار املكوا علیكم أمركم فإن الناس فی ظلكم و لن یجترئ مجترئ علی خلافكم و لا یصدر أحد إلا عن رأیكم أنتم أهل العزة و المنعة و أولو العدد و الكثرة و ذوو البأس و النجدة و إنما ینظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد علیكم أموركم فإن أبی هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمیر و منهم أمیر فقال عمر هیهات لا یجتمع سیفان فی غمد و اللّٰه لا ترضی العرب أن تؤمركم و نَبِیُّهَا من غیركم و لا تمنع العرب أن تولی أمرها من كانت النبوة منهم من ینازعنا سلطان محمد و نحن أولیاؤه و عشیرته فقال الحباب بن المنذر یا معشر الأنصار املكوا أیدیكم و لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فیذهبوا بنصیبكم من هذا الأمر فإن أبوا علیكم فأجلوهم من هذه البلاد فأنتم أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسیافكم دان الناس بهذا الدین أَنَا جُذَیْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَ عُذَیْقُهَا الْمُرَجَّبُ أنا أبو شبل فی عریسة الأسد و اللّٰه إن شئتم لنعیدها جذعة فقال عمر إذن یقتلَك اللّٰه فقال بل إیاك یقتل فقال أبو عبیدة یا معشر الأنصار إنكم أول من نصر فلا تكونوا أول من بدل أو غیر فقام بشیر بن سعد والد النعمان بن بشیر فقال یا معشر الأنصار ألا إن محمدا من قریش و قومه أولی به و ایم اللّٰه لا یرانی اللّٰه أنازعهم هذا الأمر فقال أبو بكر هذا عمر و أبو عبیدة بایعوا أیهما شئتم فقالا و اللّٰه لا نتولی هذا الأمر علیك و أنت أفضل المهاجرین و خلیفة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الصلاة و هی أفضل الدین ابسط یدك فلما بسط یده لیبایعاه سبقهما إلیه بشیر بن سعد فبایعه فناداه الحباب بن المنذر یا بشیر
ص: 325
عَقَّتْكَ عِقَاقٌ أَ نَفِسْتَ علی ابن عمك الإمارةَ فقال أسید بن حضیر رئیس الأوس لأصحابه و اللّٰه لئن لم تبایعوا لیكونن للخزرج علیكم الفضیلة أبدا فقاموا فبایعوا أبا بكر فانكسر علی سعد بن عبادة و الخزرج ما اجتمعوا علیه و أقبل الناس یبایعون أبا بكر من كل جانب (1) ثم حمل سعد بن عبادة إلی داره فبقی أیاما فأرسل إلیه أبو بكر لیبایع فقال لا و اللّٰه حتی أرمیكم بما فی كنانتی و أخضب سنان رمحی و أضرب بسیفی ما أطاعنی و أقاتلكم بأهل بیتی و من تبعنی و لو اجتمع معكم الجن و الإنس ما بایعتكم حتی أُعْرَضَ علی ربی فقال عمر لا تدعه حتی یبایع فقال بشیر بن سعد إنه قد لج و لیس بمبایع لكم حتی یقتل و لیس بمقتول حتی یقتل معه أهله و طائفة من عشیرته و لا یضركم تركه إنما هو رجل واحد فتركوه و جاءت أسلم فبایعت فقویت بهم جانب أبی بكر و بایعه الناس (2).
ثم قال
و روی أبو بكر أحمد بن عبد العزیز- عن أحمد بن إسحاق بن صالح عن عبد اللّٰه بن عمر- عن حماد بن زید عن یحیی بن سعید- عن القاسم بن محمد قال لما توفی النبی صلی اللّٰه علیه و آله اجتمعت الأنصار إلی سعد بن عبادة فأتاهم أبو بكر و عمر و أبو عبیدة فقال الحباب بن المنذر منا أمیر و منكم أمیر إنا و اللّٰه لا نَنْفَسُ هذا الأمرَ علیكم أیها الرهط و لكنا نخاف أن یلیه بعدكم من قتلنا أبناءهم و آباءهم و إخوانهم فقال عمر بن الخطاب إذا كان ذلك فمت إن استطعت فتكلم أبو بكر فقال نحن الأمراء و أنتم الوزراء و الأمر بیننا نصفان كَقَدِّ الْأُبْلُمَةِ فبویع و كان أول من بایعه بشیر بن سعد والد النعمان بن بشیر فلما اجتمع الناس علی أبی بكر قسم قسما بین نساء المهاجرین و الأنصار فبعث إلی امرأة من بنی عدی بن النجار قسمها مع زید بن ثابت فقالت ما هذا
ص: 326
قال قسم قسمه أبو بكر للنساء قالت أ تراشونی عن دینی و اللّٰه لا أقبل منه شیئا فردته علیه (1).
ثم قال ابن أبی الحدید قرأت هذا الخبر علی أبی جعفر یحیی بن محمد العلوی قال لقد صدقت فراسة الحباب بن المنذر فإن الذی خافه وقع یوم الْحَرَّةِ و أخذ من الأنصار ثأر المشركین یوم بدر ثم قال لی رحمه اللّٰه و من هذا خاف أیضا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی ذریته و أهله فإنه كان علیه السلام قد وتر الناس و علم أنه إن مات و ترك ابنته و ولدها سُوقَةً و رَعِیَّةً تحت أیدی الولاة كانوا بعرض خطر عظیم فما زال یقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده حفظا لدمه و دماء أهل بیته فإنهم إذا كانوا ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلی الصیانة و العصمة مما إذا كانوا سُوقَةً تحت ید وال من غیرهم فلم یساعده القضاء و القدر و كان من الأمر ما كان ثم أفضی أمر ذریته فیما بعد إلی ما قد علمت (2).
قَالَ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ- عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِینَارٍ قَالَ- كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ بَعَثَ أَبَا سُفْیَانَ سَاعِیاً فَرَجَعَ مِنْ سِعَایَتِهِ وَ قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَقِیَهُ قَوْمٌ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَنْ وُلِّیَ بَعْدَهُ قِیلَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَبُو الْفَصِیلِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا فَعَلَ الْمُسْتَضْعَفَانِ عَلِیٌّ وَ الْعَبَّاسُ أَمَا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَرْفَعَنَّ لَهُمَا مِنْ أَعْضَادِهِمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ وَ ذَكَرُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَیْمَانَ أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ قَالَ شَیْئاً آخَرَ لَمْ تَحْفَظْهُ الرُّوَاةُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ قَالَ إِنِّی لَأَرَی عَجَاجَةً لَا یُطْفِیهَا إِلَّا الدَّمُ قَالَ فَكَلَّمَ عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ قَدْ قَدِمَ وَ إِنَّا لَا نَأْمَنُ مِنْ شَرِّهِ فَدَعْ
ص: 327
لَهُ مَا فِی یَدِهِ فَتَرَكَهُ فَرَضِیَ (1).
«55»-و قال ابن أبی الحدید فی موضع آخر: لما قبض رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اشتغل علی علیه السلام بغسله و دفنه و بویع أبو بكر خلا الزبیر و أبو سفیان و جماعة من المهاجرین بعلی علیه السلام و العباس لإجالة الرأی و تكلموا بكلام یقتضی الاستنهاض و التهییج فقال العباس رضی اللّٰه عنه قد سمعنا قولكم فلا لِقِلَّةٍ نستعین بكم و لا لِظِنَّةٍ نترك آراءكم فأمهلونا نراجع الفكر فَإِنْ یَكُنْ لَنَا مِنَ الْإِثْمِ مُخْرَجٌ یَصِرَّ بِنَا وَ بِهِمُ الْحَقُّ صَرِیرَ الْجُدْجُدِ وَ نَبْسُطْ إِلَی الْمَجْدِ أَكُفّاً لَا نَقْبِضُهَا أَوْ نَبْلُغَ الْمَدَی وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَی فَلَا لِقِلَّةٍ فِی الْعَدَدِ وَ لَا لِوَهْنٍ فِی الْأَیْدِ و اللّٰه لو لا أن الإسلام قید الفتك لتدكدكت جنادل صخر یسمع اصطكاكها من المحل العلی فحل عَلِیٌّ علیه السلام حبوته و قال الصبر حلم و التقوی دین و الحجة محجة و الطریق الصراط أیها الناس شقوا أمواج الفتن إلی آخر ما نقلنا سابقا ثم نهض فدخل إلی منزله و افترق القوم (2)
وَ قَالَ أَیْضاً فِی شَرْحِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ علیه السلام لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَی بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ وَ هُوَ یَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی عَجَاجَةً لَا یُطْفِیهَا إِلَّا الدَّمُ یَا لِعَبْدِ مَنَافٍ فِیمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَمْرِكُمْ أَیْنَ الْمُسْتَضْعَفَانِ أَیْنَ الْأَذَلَّانِ یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام وَ الْعَبَّاسَ مَا بَالُ هَذَا الْأَمْرِ فِی أَقَلِّ حَیٍّ مِنْ قُرَیْشٍ ثُمَّ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام ابْسُطْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَوَ اللَّهِ إِنْ شِئْتَ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَی أَبِی فَصِیلٍ ... خَیْلًا وَ رَجِلًا فَامْتَنَعَ عَلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا یَئِسَ مِنْهُ قَامَ عَنْهُ وَ هُوَ یُنْشِدُ شِعْرَ الْمُتَلَمِّسِ:
وَ لَا یُقِیمُ عَلَی ضَیْمٍ یُرَادُ بِهِ***إِلَّا الْأَذَلَّانِ عَیْرُ الْحَیِّ وَ الْوَتَدُ
هَذَا عَلَی الْخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ***وَ ذَا یُشَجُّ فَلَا یَرْثِی لَهُ أَحَدٌ
(3).
ص: 328
وَ قِیلَ لِأَبِی قُحَافَةَ یَوْمَ وُلِّیَ الْأَمْرَ ابْنُهُ قَدْ وُلِّیَ ابْنُكَ الْخِلَافَةَ فَقَرَأَ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِی الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ثُمَّ قَالَ لِمَ وَلَّوْهُ قَالُوا لِسِنِّهِ قَالَ فَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ (1).
وَ قَالَ أَیْضاً عِنْدَ مَا ذَكَرَ تَنْفِیذَ جَیْشِ أُسَامَةَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ حَیْثُ قَالَ فَلَمَّا رَكِبَ یَعْنِی أُسَامَةَ جَاءَهُ رَسُولُ أُمِّ أَیْمَنَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمُوتُ فَأَقْبَلَ وَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ فَانْتَهَوْا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ مِنْ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ وَ قَدْ مَاتَ وَ اللِّوَاءُ مَعَ بُرَیْدَةَ بْنِ الْخَصِیبِ فَدَخَلَ بِاللِّوَاءِ فَرَكَزَهُ عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مُغْلَقٌ وَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ بَعْضُ بَنِی هَاشِمٍ مُشْتَغِلُونَ بِإِعْدَادِ جَهَازِهِ وَ غُسْلِهِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ هُمَا فِی الدَّارِ امْدُدْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَیَقُولَ النَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَایَعَ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا یَخْتَلِفَ عَلَیْكَ اثْنَانِ فَقَالَ لَهُ أَ وَ یَطْمَعُ یَا عَمِّ فِیهَا طَامِعٌ غَیْرِی قَالَ سَتَعْلَمُ فَلَمْ یَلْبَثَا أَنْ جَاءَتْهُمَا الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْأَنْصَارَ أَقْعَدَتْ سَعْداً لِتُبَایِعَهُ وَ أَنَّ عُمَرَ جَاءَ بِأَبِی بَكْرٍ فَبَایَعَهُ وَ سَبَقَ الْأَنْصَارُ بِالْبَیْعَةِ فَنَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی تَفْرِیطِهِ فِی أَمْرِ الْبَیْعَةِ وَ تَقَاعُدِهِ عَنْهَا وَ أَنْشَدَهُ الْعَبَّاسُ قَوْلَ دُرَیْدٍ
أَمَرْتُهُمْ أَمْرِی بِمُنْعَرَجِ اللِّوَی- فَلَمْ یَسْتَبِینُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَی الْغَدِ
(2).
ص: 329
(.........) (1)
«56»-وَ رَوَی الشَّیْخُ قُدِّسَ سِرُّهُ فِی تَلْخِیصِ الشَّافِی (2)، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی
ص: 330
مِخْنَفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عُمْرَةَ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ فَقَالُوا نُوَلِّی هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَ أَخْرَجُوا سَعْداً إِلَیْهِمْ وَ هُوَ مَرِیضٌ قَالَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لِابْنِهِ أَوْ لِبَعْضِ بَنِی عَمِّهِ إِنِّی لَا أَقْدِرُ لِشَكْوَایَ أَنْ أُسْمِعَ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ كَلَامِی وَ لَكِنْ تَلَقَّ مِنِّی قَوْلِی فَأَسْمِعْهُمْ فَكَانَ یَتَكَلَّمُ وَ یَحْفَظُ الرَّجُلُ قَوْلَهُ فَیَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَ یُسْمِعُ بِهِ أَصْحَابَهُ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّ لَكُمْ سَابِقَةً فِی الدِّینِ وَ فَضِیلَةً فِی الْإِسْلَامِ لَیْسَتْ لِقَبِیلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لَبِثَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِی قَوْمِهِ یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ وَ خَلْعِ الْأَوْثَانِ فَمَا آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا رِجَالٌ قَلِیلٌ وَ اللَّهِ مَا كَانُوا یَقْدِرُونَ عَلَی أَنْ یَمْنَعُوا رَسُولَهُ وَ لَا أَنْ یُعِزُّوا دِینَهُ وَ لَا أَنْ یَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ ضَیْماً عُمُّوا بِهِ حَتَّی إِذَا أَرَادَ بِكُمْ رَبُّكُمُ الْفَضِیلَةَ وَ سَاقَ إِلَیْكُمُ الْكَرَامَةَ وَ خَصَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ وَ رَزَقَكُمُ الْإِیمَانَ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ الْمَنْعَ لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ وَ الْإِعْزَازَ لَهُ وَ لِدِینِهِ وَ الْجِهَادَ لِأَعْدَائِهِ وَ كُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَی عَدُوِّهِ مِنْهُمْ وَ أَثْقَلَهُ عَلَی عَدُوِّهِ مِنْ غَیْرِكُمْ حَتَّی اسْتَقَامَتِ الْعَرَبُ لِأَمْرِ اللَّهِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ أَعْطَی الْبَعِیدُ الْمَقَادَةَ صَاغِراً دَاخِراً وَ حَتَّی أَثْخَنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ بِكُمُ الْأَرْضَ وَ دَانَتْ بِأَسْیَافِكُمْ لَهُ الْعَرَبُ وَ تَوَفَّاهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ هُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ وَ بِكُمْ قَرِیرُ عَیْنٍ اسْتَبِدُّوا بِهَذَا الْأَمْرِ دُونَ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَكُمْ دُونَ النَّاسِ فَأَجَابُوهُ بِأَجْمَعِهِمْ بِأَنْ قَدْ وُفِّقْتَ فِی الرَّأْیِ وَ أَصَبْتَ فِی الْقَوْلِ وَ لَنْ نَعْدُوَ مَا رَأَیْتَ نُوَلِّیكَ هَذَا الْأَمْرَ فَإِنَّكَ فِینَا مُتَّبَعٌ وَ لِصَالِحِ الْمُؤْمِنِینَ رِضًا ثُمَّ إِنَّهُمْ تَرَادُّوا الْكَلَامَ فَقَالُوا فَإِنْ أَبَتْ مُهَاجِرَةُ قُرَیْشٍ فَقَالُوا نَحْنُ الْمُهَاجِرُونَ وَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ الْأَوَّلُونَ وَ نَحْنُ عَشِیرَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ فَعَلَامَ تُنَازِعُونَنَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَإِنَّا نَقُولُ إِذاً مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ وَ لَنْ نَرْضَی بِدُونِ هَذَا أَبَداً فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ حِینَ سَمِعَهَا هَذَا أَوَّلُ الْوَهْنِ وَ أَتَی عُمَرَ الْخَبَرُ فَأَقْبَلَ إِلَی مَنْزِلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَرْسَلَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ أَبُو بَكْرٍ
ص: 331
فِی الدَّارِ (1) وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام دَائِبٌ فِی جَهَازِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَرْسَلَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ أَنِ اخْرُجْ إِلَیَّ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَنِّی مُشْتَغِلٌ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ حُضُورِهِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْأَنْصَارَ قَدِ اجْتَمَعَتْ فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ یُرِیدُونَ أَنْ یُوَلُّوا هَذَا الْأَمْرَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَ أَحْسَنُهُمْ مَقَالَةً مَنْ یَقُولُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْ قُرَیْشٍ أَمِیرٌ فَمَضَیَا مُسْرِعَیْنِ نَحْوَهُمْ فَلَقِیَا أَبَا عُبَیْدَةَ فَتَمَاشَوْا إِلَیْهِمْ فَلَقِیَهُمْ عَاصِمُ بْنُ عَدِیٍّ وَ عُوَیْمُ بْنُ سَاعِدَةَ (2) فَقَالا لَهُمْ ارْجِعُوا فَإِنَّهُ لَا یَكُونُ إِلَّا مَا تُحِبُّونَ فَقَالُوا
ص: 332
لَا تَفْعَلْ فَجَاءَهُمْ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَتَیْنَاهُمْ وَ قَدْ كُنْتُ زَوَّرْتُ كَلَاماً
ص: 333
أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ بِهِ فِیهِمْ فَلَمَّا انْدَفَعْتُ إِلَیْهِمْ ذَهَبْتُ لِأَبْتَدِئَ الْمَنْطِقَ فَقَالَ لِی أَبُو بَكْرٍ رُوَیْداً حَتَّی أَتَكَلَّمَ ثُمَّ انْطِقْ بَعْدُ مَا أَحْبَبْتَ فَنَطَقَ فَقَالَ عُمَرُ فَمَا شَیْ ءٌ كُنْتُ أُرِیدُ أَنْ أَقُولَ بِهِ إِلَّا وَ قَدْ أَتَی بِهِ أَوْ زَادَ عَلَیْهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَبَدَأَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولًا إِلَی خَلْقِهِ وَ شَهِیداً عَلَی أُمَّتِهِ لِیَعْبُدُوا اللَّهَ وَ یُوَحِّدُوهُ وَ هُمْ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً شَتَّی یَزْعُمُونَ أَنَّهَا لِمَنْ عَبَدَهَا شَافِعَةٌ وَ لَهُمْ نَافِعَةٌ وَ إِنَّمَا هِیَ مِنْ حَجَرٍ مَنْحُوتٍ وَ خَشَبٍ مَنْجُورٍ ثُمَّ قَرَأَ وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ (1) وَ قَالُوا ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا
ص: 334
لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلْفی (1) فَعَظُمَ عَلَی الْعَرَبِ أَنْ یَتْرُكُوا دِیْنَ آبَائِهِمْ فَخَصَّ اللَّهُ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ مِنْ قَوْمِهِ بِتَصْدِیقِهِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ وَ الْمُوَاسَاةِ لَهُ وَ الصَّبْرِ مَعَهُ عَلَی شِدَّةِ أَذَی قَوْمِهِمْ لَهُمْ وَ تَكْذِیبِهِمْ إِیَّاهُ وَ كُلُّ النَّاسِ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَ عَلَیْهِمْ زَارٍ فَلَمْ یَسْتَوْحِشُوا لِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَ تَشَذُّبِ النَّاسِ عَنْهُمْ وَ إِجْمَاعِ قَوْمِهِمْ عَلَیْهِمْ فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فِی الْأَرْضِ وَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ هُمْ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عَشِیرَتُهُ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَا یُنَازِعُهُمْ فِی ذَلِكَ إِلَّا ظَالِمٌ وَ أَنْتُمْ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَا یُنْكَرُ فَضْلُهُمْ فِی الدِّینِ وَ لَا سَابِقَتُهُمُ الْعَظِیمَةُ فِی الْإِسْلَامِ رَضِیَكُمُ اللَّهُ أَنْصَاراً لِدِینِهِ وَ رَسُولِهِ وَ جَعَلَ إِلَیْكُمْ هِجْرَتَهَ وَ فِیكُمْ جُلَّةُ أَزْوَاجِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ لَیْسَ بَعْدَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَتِكُمْ فَنَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَ أَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ لَا تَفْتَاتُونَ بِمَشُورَةٍ وَ لَا یُقْضَی دُونَكُمُ الْأُمُورُ فَقَامَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْحُبَابِ بْنِ الْجَمُوحِ هَكَذَا رَوَی الطَّبَرِیُّ (2) وَ الَّذِی رَوَاهُ غَیْرُهُ أَنَّهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ امْلِكُوا عَلَی أَیْدِیكُمْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عَنِ الطَّبَرِیِّ إِلَی قَوْلِهِ فَقَامُوا إِلَیْهِ فَبَایَعُوهُ فَانْكَسَرَ عَلَی سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ عَلَی الْخَزْرَجِ مَا كَانُوا اجْتَمَعُوا لَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ قَالَ هِشَامٌ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ حَدَّثَنِی أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِیُّ أَنَّ أَسْلَمَ أَقْبَلَتْ بِجَمَاعَتِهَا حَتَّی تَضَایَقَتْ بِهِمُ السِّكَكُ لِیُبَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَكَانَ عُمَرُ یَقُولُ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَیْتُ أَسْلَمَ فَأَیْقَنْتُ بِالنَّصْرِ (3)
ص: 335
قَالَ هِشَامٌ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْبَلَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ یُبَایِعُونَ أَبَا بَكْرٍ وَ كَادُوا یَطَئُونَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ سَعْدٍ اتَّقُوا سَعْداً لَا تَطَئُوهُ فَقَالَ عُمَرُ اقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ (1) ثُمَّ قَامَ عَلَی رَأْسِهِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَطَأَكَ حَتَّی تَنْدُرَ عَضُدُكَ فَأَخَذَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ (2) بِلِحْیَةِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ حَصْحَصْتَ مِنْهُ شَعْرَةً مَا رَجَعْتَ وَ فِی فِیكَ وَاضِحَةٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَهْلًا یَا عُمَرُ الرِّفْقُ هَاهُنَا أَبْلَغُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَ قَالَ سَعْدٌ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَرَی مِنْ قُوَّةٍ مَا أَقْوَی عَلَی النُّهُوضِ لَسَمِعْتُمْ مِنِّی بِأَقْطَارِهَا وَ سِكَكِهَا زَئِیراً یَحْجُرُكَ وَ أَصْحَابَكَ أَمَا وَ اللَّهِ إِذاً لَأُلْحِقَنَّكَ بِقَوْمٍ كُنْتَ فِیهِمْ تَابِعاً غَیْرَ مَتْبُوعٍ احْمِلُونِی مِنْ هَذَا الْمَكَانِ فَحَمَلُوهُ فَأَدْخَلُوهُ دَارَهُ وَ تُرِكَ أَیَّاماً ثُمَّ بُعِثَ إِلَیْهِ أَنْ أَقْبِلْ فَبَایِعْ فَقَدْ بَایَعَ النَّاسُ وَ بَایَعَ قَوْمُكَ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ حَتَّی أَرْمِیَكُمْ بِمَا فِی كِنَانَتِی مِنْ نَبْلٍ وَ أَخْضِبَ مِنْكُمْ سِنَانَ رُمْحِی وَ أَضْرِبَكُمْ بِسَیْفِی مَا مَلَكَتْهُ یَدِی وَ أُقَاتِلَكُمْ بِأَهْلِ بَیْتِی وَ مَنْ أَطَاعَنِی مِنْ قَوْمِی وَ لَا أَفْعَلُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْجِنَّ اجْتَمَعَتْ لَكُمْ مَعَ الْإِنْسِ مَا بَایَعْتُكُمْ حَتَّی أُعْرَضَ عَلَی رَبِّی وَ أَعْلَمَ مَا حِسَابِی فَلَمَّا أُتِیَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ قَالَ لَهُ عُمَرُ لَا تَدَعْهُ حَتَّی یُبَایِعَ فَقَالَ لَهُ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ إِنَّهُ قَدْ لَجَّ وَ أَبَی فَلَیْسَ یُبَایِعُكُمْ حَتَّی یُقْتَلَ وَ لَیْسَ بِمَقْتُولٍ حَتَّی یُقْتَلَ مَعَهُ وُلْدُهُ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ وَ طَائِفَةٌ مِنْ عَشِیرَتِهِ فَلَیْسَ تَرْكُهُ بِضَارِّكُمْ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَرَكُوهُ وَ قَبِلُوا مَشُورَةَ بَشِیرِ بْنِ سَعْدٍ وَ اسْتَنْصَحُوهُ لِمَا بَدَا لَهُمْ مِنْهُ وَ كَانَ سَعْدٌ لَا یُصَلِّی
ص: 336
بِصَلَاتِهِمْ وَ لَا یَجْمَعُ مَعَهُمْ وَ یَحُجُّ وَ لَا یَحُجُّ مَعَهُمْ وَ یُفِیضُ فَلَا یُفِیضُ مَعَهُمْ بِإِفَاضَتِهِمْ (1) فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ (2).
«57»-أقول: قال السید رضی اللّٰه عنه بعد إیراد هذا الخبر: فهذا الخبر یتضمن من شرح أمر السقیفة ما فیه للناظرین معتبر و یستفید الواقف علیه أشیاء منها خلوه من احتجاج قریش علی الأنصار بجعل النبی صلی اللّٰه علیه و آله الإمامة فیهم لأنه تضمن من احتجاجهم علیهم ما یخالف ذلك و أنهم إنما ادعوا كونهم أحق بالأمر من حیث كانت النبوة فیهم و من حیث كانوا أقرب إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله نسبا و أولهم له اتباعا و منها أن الأمر إنما بنی فی السقیفة علی المغالبة و المخالسة و أن كلا منهم كان یجذبه بما اتفق له و عن حق و باطل و قوی و ضعیف و منها أن سبب ضعف الأنصار و قوة المهاجرین علیهم انحیاز بشیر بن سعد حسدا لسعد بن عبادة و انحیاز الأوس بانحیازه عن الأنصار و منها أن خلاف سعد و أهله و قومه كان باقیا لم یرجعوا عنه و إنما أقعدهم عن الخلاف فیه بالسیف قلة الناصر انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه (3).
«58»-و قال ابن الأثیر فی الكامل: لما توفی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله اجتمع الأنصار فی سقیفة بنی ساعدة لیبایعوا سعد بن عبادة فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم و معه عمر و أبو عبیدة بن الجراح فقال ما هذا فقالوا منا أمیر و منكم أمیر فقال أبو بكر منا الأمراء و منكم الوزراء ثم قال أبو بكر قد رضیت لكم أحد هذین الرجلین عمر و أبو عبیدة أمین هذه الأمة فقال عمر أیكم یطیب نفسه أن یُخَلِّفَ قَدَمَیْنِ قَدَّمَهُمَا
ص: 337
النبیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فبایعه عمر و بایعه الناس فقالت الأنصار أو بعضهم لا نبایع إلا علیا قال و تخلف علیٌّ و بنو هاشم و الزبیر و طلحة عن البیعة قال الزبیر لا أغمد سیفی حتی یبایع علیٌّ فقال عمر خذوا سیفه و اضربوا به الحجر ثم أتاهم عمر فأخذهم للبیعة ثم ذكر ما مر من قصة أبی سفیان و العباس.
ثُمَّ رَوَی عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدِیثاً طَوِیلًا وَ سَاقَهُ إِلَی أَنْ قَالَ- لَمَّا رَجَعَ عُمَرُ مِنَ الْحَجِّ إِلَی الْمَدِینَةِ جَلَسَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ قَالَ بَلَغَنِی أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ یَقُولُ لَوْ مَاتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بَایَعْتُ فُلَاناً فَلَا یَغُرَّنَّ امْرَأً أَنْ یَقُولَ إِنَّ بَیْعَةَ أَبِی بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَقَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ وَقَی شَرَّهَا وَ لَیْسَ مِنْكُمْ مَنْ تَقَطَّعُ إِلَیْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلَ أَبِی بَكْرٍ وَ إِنَّهُ كَانَ حَرِیّاً حِینَ تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام وَ الزُّبَیْرَ وَ مَنْ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا عَنَّا فِی بَیْتِ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ تَخَلَّفَ عَنَّا الْأَنْصَارُ وَ اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ سَاقَ قِصَّةَ السَّقِیفَةِ نَحْواً مِمَّا مَرَّ (1).
ثُمَّ رَوَی عَنْ أَبِی عَمْرَةَ الْأَنْصَارِیِّ مِثْلَ مَا أَخْرَجْنَاهُ مِنْ تَلْخِیصِ الشَّافِی وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ قَالَ الزُّهْرِیُّ بَقِیَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ بَنُو هَاشِمٍ وَ الزُّبَیْرُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَمْ یُبَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ حَتَّی مَاتَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَبَایَعُوهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مِنْ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ جَلَسَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ بَایَعَهُ النَّاسُ بَیْعَةً عَامَّةً انْتَهَی (2).
«59»-وَ قَالَ الْعَلَّامَةُ قُدِّسَ سِرُّهُ فِی كِتَابِ كَشْفِ الْحَقِّ، رَوَی الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ قَالَ: أَتَی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْزِلَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأُحْرِقَنَّ عَلَیْكُمْ أَوْ لَتَخْرُجُنَ
ص: 338
لِلْبَیْعَةِ (1).
وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی عِصَابَةٍ فِیهِمْ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَقَالَ اخْرُجُوا أَوْ لَنُحْرِقَنَّهَا عَلَیْكُمْ (2).
وَ رَوَی ابْنُ خِنْزَابَةَ (3) فِی غُرَرِهِ قَالَ زَیْدُ بْنُ أَسْلَمَ- كُنْتُ مِمَّنْ حَمَلَ الْحَطَبَ مَعَ عُمَرَ إِلَی بَابِ فَاطِمَةَ علیها السلام حِینَ امْتَنَعَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ عَنِ الْبَیْعَةِ فَقَالَ عُمَرُ لِفَاطِمَةَ أَخْرِجِی مَنْ فِی الْبَیْتِ أَوْ لَأُحْرِقَنَّهُ وَ مَنْ فِیهِ قَالَ وَ فِی الْبَیْتِ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام أَ تُحْرِقُ عَلِیّاً وَ وُلْدِی قَالَ إِی وَ اللَّهِ أَوْ لَیَخْرُجَنَّ وَ لَیُبَایِعَنَّ (4).
وَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ (5) وَ هُوَ مِنْ أَعْیَانِهِمْ- فَأَمَّا عَلِیٌّ علیه السلام وَ الْعَبَّاسُ فَقَعَدَا فِی بَیْتِ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنْ أَبَیَا فَقَاتِلْهُمَا فَأَقْبَلَ بِقَبَسٍ مِنْ نَارٍ عَلَی أَنْ یُضْرِمَ عَلَیْهِمَا النَّارَ فَلَقِیَتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام فَقَالَتْ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَ جِئْتَ لِتُحْرِقَ دَارَنَا قَالَ نَعَمْ-.
ص: 339
و نحوه روی مصنف كتاب المحاسن و أنفاس الجواهر انتهی ما رواه العلامة رحمه اللّٰه تعالی (1).
«60»-وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ فِی أَوَّلِ الْمُجَلَّدِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ السَّقِیفَةِ لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَیَّارٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ كَثِیرٍ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قُبِضَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ فَقَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ قُبِضَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِابْنِهِ قَیْسٍ أَوْ لِبَعْضِ بَنِیهِ إِنِّی لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أُسْمِعَ النَّاسَ كَلَامِی لِمَرَضِی وَ لَكِنْ تَلَقَّ مِنِّی قَوْلِی فَأَسْمِعْهُمْ فَكَانَ سَعْدٌ یَتَكَلَّمُ وَ یَسْمَعُ ابْنُهُ یَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ لِیُسْمِعَ قَوْمَهُ فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَنْ قَالَ.
إِنَّ لَكُمْ سَابِقَةً إِلَی الدِّینِ وَ فَضِیلَةً فِی الْإِسْلَامِ لَیْسَتْ لِقَبِیلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَبِثَ فِی قَوْمِهِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ وَ خَلْعِ الْأَوْثَانِ فَمَا آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا قَلِیلٌ وَ اللَّهِ مَا كَانُوا یَقْدِرُونَ أَنْ یَمْنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا یُعِزُّوا دِینَهُ وَ لَا یَدْفَعُوا عَنْهُ عَدَاهُ حَتَّی أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ خَیْرَ الْفَضِیلَةِ وَ سَاقَ إِلَیْكُمُ الْكَرَامَةَ وَ خَصَّكُمْ بِدِینِهِ وَ رَزَقَكُمُ الْإِیمَانَ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ الْإِعْزَازَ لِدِینِهِ وَ الْجِهَادَ لِأَعْدَائِهِ فَكُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَی مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ مِنْكُمْ وَ أَثْقَلَهُمْ عَلَی عَدُوِّهِ مِنْ غَیْرِكُمْ حَتَّی اسْتَقَامُوا لِأَمْرِ اللَّهِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ أَعْطَی الْبَعِیدُ الْمَقَادَةَ بِأَسْیَافِكُمْ صَاغِراً دَاحِضاً حَتَّی أَنْجَزَ اللَّهُ لِنَبِیِّكُمُ الْوَعْدَ وَ دَانَتْ لِأَسْیَافِكُمُ الْعَرَبُ ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ هُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ وَ بِكُمْ قَرِیرُ الْعَیْنِ فَشُدُّوا أَیْدِیَكُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ فَإِنَّكُمْ أَحَقُّ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ بِهِ. (2)
ص: 340
فَأَجَابُوا جَمِیعاً أَنْ وُفِّقْتَ فِی الرَّأْیِ وَ أَصَبْتَ فِی الْقَوْلِ وَ لَنْ نَعْدُوَ مَا أَمَرْتَ نُوَلِّیكَ هَذَا الْأَمْرَ فَأَنْتَ لَنَا مَقْنَعٌ وَ لِصَالِحِ الْمُؤْمِنِینَ رِضًی.
ص: 341
ثُمَّ إِنَّهُمْ تَرَادُّوا الْكَلَامَ بَیْنَهُمْ فَقَالُوا (1) إِنْ أَبَتْ مُهَاجِرُو قُرَیْشٍ فَقَالُوا نَحْنُ الْمُهَاجِرُونَ وَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْأَوَّلُونَ وَ نَحْنُ عَشِیرَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ فَعَلَامَ تُنَازِعُونَّا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ.
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِذاً نَقُولَ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ لَنْ نَرْضَی بِدُونِ هَذَا أَبَداً لَنَا فِی الْإِیوَاءِ وَ النُّصْرَةِ مَا لَهُمْ فِی الْهِجْرَةِ وَ لَنَا فِی كِتَابِ اللَّهِ مَا لَهُمْ فَلَیْسُوا یَعُدُّونَ شَیْئاً إِلَّا وَ نَعُدُّ مِثْلَهُ وَ لَیْسَ مِنْ رَأْیِنَا الِاسْتِیثَارُ عَلَیْهِمْ فَمِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْهُمْ أَمِیرٌ.
فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ هَذَا أَوَّلُ الْوَهْنِ.
وَ أَتَی الْخَبَرُ عُمَرَ فَأَتَی مَنْزِلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ فِی الدَّارِ وَ عَلِیّاً فِی جَهَازِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ الَّذِی أَتَاهُ بِالْخَبَرِ مَعْنَ بْنَ عَدِیٍّ فَأَخَذَ بِیَدِ عُمَرَ وَ قَالَ
ص: 342
قُمْ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّی عَنْكَ مَشْغُولٌ فَقَالَ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِیَامٍ فَقَامَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا الْحَیَّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدِ اجْتَمَعُوا فِی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ مَعَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ یَدُورُونَ حَوْلَهُ أَنْتَ الْمُرَجَّی وَ نَجْلُكَ (1) الْمُرَجَّی وَ ثَمَّ أُنَاسٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَ قَدْ خَشِیتُ الْفِتْنَةَ فَانْظُرْ یَا عُمَرُ مَا ذَا تَرَی وَ اذْكُرْ لِإِخْوَتِكَ وَ احْتَالُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنِّی أَنْظُرُ إِلَی بَابِ فِتْنَةٍ قَدْ فُتِحَ السَّاعَةَ إِلَّا أَنْ یُغْلِقَهُ اللَّهُ.
فَفَزِعَ عُمَرُ أَشَدَّ الْفَزَعِ حَتَّی أَتَی أَبَا بَكْرٍ فَأَخَذَ بِیَدِهِ فَقَالَ قُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّی عَنْكَ مَشْغُولٌ فَقَالَ عُمَرُ لَا بُدَّ مِنْ قِیَامٍ وَ سَنَرْجِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ عُمَرَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِیثَ فَفَزِعَ أَبُو بَكْرٍ أَشَدَّ الْفَزَعِ وَ خَرَجَا مُسْرِعَیْنِ إِلَی سَقِیفَةِ بَنِی سَاعِدَةَ وَ فِیهَا رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ وَ مَعَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ هُوَ مَرِیضٌ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ یَتَكَلَّمَ وَ یَمْهَدَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ قَالَ خَشِیتُ أَنْ یَقْصُرَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ بَعْضِ الْكَلَامِ فَلَمَّا ابْتَدَأَ عُمَرُ كَفَّهُ أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ عَلَی رِسْلِكَ فَتَلَقَّ الْكَلَامَ ثُمَّ تَكَلَّمْ بَعْدَ كَلَامِی بِمَا بَدَا لَكَ.
فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْهُدَی وَ دِینِ الْحَقِّ فَدَعَا إِلَی الْإِسْلَامِ فَأَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ نَوَاصِینَا إِلَی مَا دَعَانَا إِلَیْهِ وَ كُنَّا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِینَ أَوَّلَ النَّاسِ إِسْلَاماً وَ النَّاسُ لَنَا فِی ذَلِكَ تَبَعٌ وَ نَحْنُ عَشِیرَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَوْسَطُ الْعَرَبِ أَنْسَاباً لَیْسَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَبِیلَةٌ إِلَّا وَ لِقُرَیْشٍ فِیهَا وِلَادَةٌ وَ أَنْتُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ نَصَرْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَنْتُمْ وُزَرَاءُ (2) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِخْوَانُنَا فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ شُرَكَاؤُنَا فِی الدِّینِ وَ فِیمَا كُنَّا فِیهِ مِنْ خَیْرٍ فَأَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَیْنَا وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَیْنَا وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ التَّسْلِیمِ لِمَا سَاقَ اللَّهُ إِلَی إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لَا تَحْسُدُوهُمْ فَأَنْتُمُ الْمُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ حِینَ الْخَصَاصَةِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لَا یَكُونَ
ص: 343
انْتِقَاضُ هَذَا الْأَمْرِ وَ اخْتِلَاطُهُ عَلَی أَیْدِیكُمْ وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَی أَبِی عُبَیْدَةَ وَ عُمَرَ فَكِلَاهُمَا قَدْ رَضِیتُ لِهَذَا الْأَمْرِ وَ كِلَاهُمَا أَرَاهُ لَهُ أَهْلًا.
فَقَالَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ مَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ یَكُونَ فَوْقَكَ أَنْتَ صَاحِبُ الْغَارِ ثانِیَ اثْنَیْنِ وَ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالصَّلَاةِ فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ الْأَنْصَارُ وَ اللَّهِ مَا نَحْسُدُكُمْ عَلَی خَیْرٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَیْكُمْ وَ لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَیْنَا وَ لَا أَرْضَی عِنْدَنَا مِنْكُمْ وَ لَكِنَّا نُشْفِقُ مِمَّا بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ وَ نَحْذَرُ أَنْ یَغْلِبَ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَیْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْكُمْ فَلَوْ جَعَلْتُمُ الْیَوْمَ رَجُلًا مِنْكُمْ بَایَعْنَا وَ رَضِینَا عَلَی أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ اخْتَرْنَا وَاحِداً مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هَلَكَ كَانَ آخَرُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أَبَداً مَا بَقِیَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ كَانَ ذَلِكَ أَجْدَرَ أَنْ یُعْدَلَ فِی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُشْفِقَ الْأَنْصَارِیُّ أَنْ یَزِیغَ فَیَقْبِضَ عَلَیْهِ الْقُرَشِیُّ وَ یُشْفِقَ الْقُرَشِیُّ أَنْ یَزِیغَ فَیَقْبِضَ عَلَیْهِ الْأَنْصَارِیُّ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا بُعِثَ عَظُمَ عَلَی الْعَرَبِ أَنْ یَتْرُكُوا دِیْنَ آبَائِهِمْ فَخَالَفُوهُ وَ شَاقُّوهُ وَ خَصَّ اللَّهُ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ بِتَصْدِیقِهِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ وَ الْمُوَاسَاةِ لَهُ وَ الصَّبْرِ مَعَهُ عَلَی شِدَّةِ أَذَی قَوْمِهِ وَ لَمْ یَسْتَوْحِشُوا لِكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فِی الْأَرْضِ وَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ هُمْ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عِتْرَتُهُ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ لَا یُنَازِعُهُمْ فِیهِ إِلَّا ظَالِمٌ وَ لَیْسَ أَحَدٌ بَعْدَ الْمُهَاجِرِینَ یُعَدُّ فَضْلًا وَ قَدَماً فِی الْإِسْلَامِ مِثْلَكُمْ فَنَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَ أَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ لَا نَفْتَاتُ دُونَكُمْ بِمَشُورَةٍ وَ لَا نَقْضِی دُونَكُمُ الْأُمُورَ.
فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ امْلِكُوا عَلَیْكُمْ أَیْدِیَكُمْ إِنَّمَا النَّاسُ فِی فَیْئِكُمْ وَ ظِلِّكُمْ وَ لَنْ یَجْتَرِئَ مُجْتَرِئٌ عَلَی خِلَافِكُمْ وَ لَا یَصْدُرُ النَّاسُ إِلَّا عَنْ أَمْرِكُمْ أَنْتُمْ أَهْلُ الْإِیوَاءِ وَ النُّصْرَةِ وَ إِلَیْكُمْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ وَ أَنْتُمْ أَصْحَابُ الدَّارِ وَ الْإِیمَانِ وَ اللَّهِ مَا عُبِدَ اللَّهُ عَلَانِیَةً إِلَّا عِنْدَكُمْ وَ فِی بِلَادِكُمْ وَ لَا جُمِعَتِ الصَّلَاةُ إِلَّا فِی مَسَاجِدِكُمْ وَ لَا عُرِفَ الْإِیمَانُ إِلَّا مِنْ أَسْیَافِكُمْ فَامْلِكُوا عَلَیْكُمْ أَمْرَكُمْ فَإِنْ أَبَی هَؤُلَاءِ إِلَّا مَا سَمِعْتُمْ فَمِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْهُمْ أَمِیرٌ.
ص: 344
فَقَالَ عُمَرٌ هَیْهَاتَ لَا یَجْتَمِعُ سَیْفَانِ فِی غِمْدٍ إِنَّ الْعَرَبَ لَا تَرْضَی أَنْ تُؤَمِّرَكُمْ وَ نَبِیُّهَا مِنْ غَیْرِكُمْ وَ لَیْسَ تَمْتَنِعُ الْعَرَبُ أَنْ تُوَلِّیَ أَمْرَهَا مَنْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِیهِمْ وَ أَوَّلُ الْأَمْرِ مِنْهُمْ (1) لَنَا بِذَلِكَ الْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ عَلَی مَنْ خَالَفَنَا وَ السُّلْطَانُ الْمُبِینُ عَلَی مَنْ نَازَعَنَا مَنْ ذَا یُخَاصِمُنَا فِی سُلْطَانِ مُحَمَّدٍ وَ مِیرَاثِهِ وَ نَحْنُ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عَشِیرَتُهُ إِلَّا مُدْلٍ بِبَاطِلٍ أَوْ مُتَجَانِفٌ لِإِثْمٍ أَوْ مُتَوَرِّطٌ فِی هَلَكَةٍ.
فَقَامَ الْحُبَابُ وَ قَالَ یَا مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ لَا تَسْمَعُوا مَقَالَةَ هَذَا وَ أَصْحَابِهِ فَیَذْهَبُوا بِنَصِیبِكُمْ مِنَ الْأَمْرِ فَإِنْ أَبَوْا عَلَیْكُمْ مَا أَعْطَیْتُمُوهُمْ فَأَجْلُوهُمْ عَنْ بِلَادِكُمْ وَ تَوَلَّوْا هَذَا الْأَمْرَ عَلَیْهِمْ فَأَنْتُمْ أَوْلَی النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ إِنَّهُ دَانَ لِهَذَا الْأَمْرِ بِأَسْیَافِكُمْ مَنْ لَمْ یَكُنْ یَدِینُ لَهُ أَنَا جُذَیْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَ عُذَیْقُهَا الْمُرَجَّبُ إِنْ شِئْتُمْ لَنُعِیدَنَّهَا جَذَعَةً وَ اللَّهِ لَا یَرُدُّ أَحَدٌ عَلَیَّ مَا أَقُولُ إِلَّا حَطَمْتُ أَنْفَهُ بِالسَّیْفِ.
قَالَ فَلَمَّا رَأَی بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ الْخَزْرَجِیُّ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِ الْأَنْصَارُ مِنْ أَمْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ كَانَ حَاسِداً لَهُ وَ كَانَ مِنْ سَادَةِ الْخَزْرَجِ قَامَ فَقَالَ أَیُّهَا الْأَنْصَارُ إِنَّا وَ إِنْ كُنَّا ذَوِی سَابِقَةٍ فَإِنَّا لَمْ نُرِدْ بِجِهَادِنَا وَ إِسْلَامِنَا إِلَّا رِضَی رَبِّنَا وَ طَاعَةَ نَبِیِّنَا وَ لَا یَنْبَغِی لَنَا أَنْ نَسْتَظْهِرَ بِذَلِكَ عَلَی النَّاسِ وَ لَا نَبْتَغِی بِهِ عِوَضاً مِنَ الدُّنْیَا (2) إِنَّ مُحَمَّداً رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ قَوْمُهُ أَحَقُّ بِمِیرَاثِ أَمْرِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَا یَرَانِی اللَّهُ أُنَازِعُهُمْ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تُنَازِعُوهُمْ وَ لَا تُخَالِفُوهُمْ.
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ هَذَا عُمَرُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بَایِعُوا أَیَّهُمَا شِئْتُمْ فَقَالا وَ اللَّهِ لَا نَتَوَلَّی هَذَا الْأَمْرَ عَلَیْكَ وَ أَنْتَ أَفْضَلُ الْمُهَاجِرِینَ وَ ثَانِی اثْنَیْنِ وَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الصَّلَاةِ وَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الدِّینِ ابْسُطْ یَدَكَ نُبَایِعْكَ
ص: 345
فَلَمَّا بَسَطَ یَدَهُ وَ ذَهَبَا یُبَایِعَانِهِ سَبَقَهُمَا إِلَیْهِ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ فَبَایَعَهُ.
فَنَادَاهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ یَا بَشِیرُ عَقَّتْكَ عِقَاقٌ وَ اللَّهِ مَا اضْطَرَّكَ إِلَی هَذَا إِلَّا الْحَسَدُ لِابْنِ عَمِّكَ فَلَمَّا رَأَتِ الْأَوْسُ أَنَّ رَئِیساً مِنْ رُؤَسَاءِ الْخَزْرَجِ قَدْ بَایَعَ قَامَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ هُوَ رَئِیسُ الْأَوْسِ فَبَایَعَ حَسَداً لِسَعْدٍ أَیْضاً وَ مُنَافَسَةً لَهُ أَنْ یَلِیَ الْأَمْرَ فَبَایَعَتِ الْأَوْسُ كُلُّهَا لَمَّا بَایَعَ أُسَیْدٌ.
وَ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ هُوَ مَرِیضٌ فَأُدْخِلَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَامْتَنَعَ مِنَ الْبَیْعَةِ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ فِیمَا بَعْدَهُ وَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ یُكْرِهَهُ عَلَیْهَا فَأُشِیرَ عَلَیْهِ أَنْ لَا یَفْعَلَ وَ أَنَّهُ لَا یُبَایِعُ حَتَّی یُقْتَلَ وَ أَنَّهُ لَا یُقْتَلُ حَتَّی یُقْتَلَ أَهْلُهُ وَ لَا یُقْتَلُ أَهْلُهُ حَتَّی یُقْتَلَ الْخَزْرَجُ كُلُّهَا وَ إِنْ حُورِبَتِ الْخَزْرَجُ كَانَتِ الْأَوْسُ مَعَهَا وَ فَسَدَ الْأَمْرُ فَتَرَكُوهُ فَكَانَ لَا یُصَلِّی بِصَلَاتِهِمْ وَ لَا یُجَمِّعُ بِجَمَاعَتِهِمْ وَ لَا یَقْضِی بِقَضَائِهِمْ وَ لَوْ وَجَدَ أَعْوَاناً لَضَارَبَهُمْ وَ لَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی مَاتَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ لَقِیَ عُمَرَ فِی خِلَافَتِهِ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ وَ عُمَرُ عَلَی بَعِیرٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ هَیْهَاتَ یَا سَعْدُ فَقَالَ سَعْدٌ هَیْهَاتَ یَا عُمَرُ فَقَالَ أَنْتَ صَاحِبُ مَنْ أَنْتَ صَاحِبُهُ قَالَ نَعَمْ أَنَا ذَاكَ ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ وَ اللَّهِ مَا جَاوَرَنِی أَحَدٌ هُوَ أَبْغَضُ إِلَیَّ جِوَاراً مِنْكَ قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهُ مَنْ كَرِهَ جِوَارَ رَجُلٍ انْتَقَلَ عَنْهُ فَقَالَ سَعْدٌ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أُخَلِّیَهَا لَكَ عَاجِلًا إِلَی جِوَارِ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ جِوَاراً مِنْكَ وَ مِنْ أَصْحَابِكَ فَلَمْ یَلْبَثْ سَعْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی خَرَجَ إِلَی الشَّامِ فَمَاتَ فِیهَا (1)
ص: 346
وَ لَمْ یُبَایِعْ لِأَحَدٍ لَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ لَا لِعُمَرَ وَ لَا لِغَیْرِهِمَا.
قَالَ وَ كَثُرَ النَّاسُ عَلَی أَبِی بَكْرٍ فَبَایَعَهُ مُعْظَمُ الْمُسْلِمِینَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ إِلَی بَیْتِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ مَعَهُمُ الزُّبَیْرُ وَ كَانَ یَعُدُّ نَفْسَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِی هَاشِمٍ كَانَ عَلِیٌّ یَقُولُ مَا زَالَ الزُّبَیْرُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ حَتَّی نَشَأَ بَنُوهُ فَصَرَفُوهُ عَنَّا وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو أُمَیَّةَ إِلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ إِلَی
ص: 347
سَعْدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ حَلَقاً (1) قُومُوا فَبَايِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَ بَايَعَهُ اَلْأَنْصَارُ فَقَامَ عُثْمَانُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ قَامَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ مَنْ مَعَهُمَا فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ ذَهَبَ عُمَرُ وَ مَعَهُ عِصَابَةٌ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ ع مَعَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُمُ انْطَلِقُوا فَبَايِعُوا فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَ خَرَجَ اَلزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ فَقَالَ عُمَرُ عَلَيْكُمُ الْكَلْبَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ فَضَرَبَ بِهِ الْجِدَارَ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ وَ بِعَلِيٍّ وَ مَعَهُمَا بَنُو هَاشِمٍ وَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقِيلَ لَهُ بَايِعْ فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ لاَ أُبَايِعُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالْبَيْعَةِ لِي أَخَذْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مِنَ اَلْأَنْصَارِ وَ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِالْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَعْطَوْكُمُ الْمَقَادَةَ وَ سَلَّمُوا إِلَيْكُمُ الْإِمَارَةَ وَ أَنَا أَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَى اَلْأَنْصَارِ فَأَنْصِفُونَا إِنْ كُنْتُمْ تَخَافُونَ اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اعْرِفُوا لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِثْلَ مَا عَرَفَتِ اَلْأَنْصَارُ لَكُمْ وَ إِلاَّ فَبُوءُوا بِالظُّلْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكَ لَسْتَ مَتْرُوكاً حَتَّى تُبَايِعَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع احْلِبْ يَا عُمَرُ حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ اشْدُدْ لَهُ الْيَوْمَ أَمْرَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْكَ غَداً (2) لاَ وَ اللَّهِ لاَ أَقْبَلُ قَوْلَكَ وَ لاَ أُبَايِعُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ لَمْ تُبَايِعْنِي لَمْ أُكْرِهْكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ حَدَثُ السِّنِّ وَ هَؤُلاَءِ مَشِيخَةُ قُرَيْشٍ قَوْمِكَ لَيْسَ لَكَ مِثْلُ تَجْرِبَتِهِمْ وَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْأُمُورِ وَ لاَ أَرَى أَبَا بَكْرٍ إِلاَّ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ أَشَدَّ احْتِمَالاً لَهُ وَ اضْطِلاَعاً بِهِ فَسَلِّمْ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ ارْضَ بِهِ فَإِنَّكَ إِنْ تَعِشْ وَ يَطُلْ عُمُرُكَ فَأَنْتَ لِهَذَا الْأَمْرِ خَلِيقٌ وَ بِهِ حَقِيقٌ فِي فَضْلِكَ وَ قَرَابَتِكَ وَ سَابِقَتِكَ وَ جِهَادِكَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ ع يَا مَعْشَرَ اَلْمُهَاجِرِينَ اللَّهَ اللَّهَ لاَ تُخْرِجُوا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ عَنْ
ص: 348
دَارِهِ وَ بَیْتِهِ إِلَی بُیُوتِكُمْ وَ دُورِكُمْ وَ لَا تَدْفَعُوا أَهْلَهُ عَنْ مَقَامِهِ فِی النَّاسِ وَ حَقِّهِ فَوَ اللَّهِ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ لَنَحْنُ أَهْلَ الْبَیْتِ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَ مَا كَانَ مِنَّا الْقَارِی لِكِتَابِ اللَّهِ الْفَقِیهُ فِی دِینِ اللَّهِ الْعَالِمُ بِالسُّنَّةِ الْمُضْطَلِعُ بِأَمْرِ الرَّعِیَّةِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَی فَتَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ بُعْداً.
فَقَالَ بَشِیرُ بْنُ سَعْدٍ لَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ سَمِعَتْهُ مِنْكَ الْأَنْصَارُ یَا عَلِیُّ قَبْلَ بَیْعَتِهِمْ لِأَبِی بَكْرٍ مَا اخْتَلَفَ عَلَیْكَ اثْنَانِ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ بَایَعُوا وَ انْصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مَنْزِلِهِ وَ لَمْ یُبَایِعْ وَ لَزِمَ بَیْتَهُ حَتَّی مَاتَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَبَایَعَ .. (1).
ثم قال ابن أبی الحدید (2) هذا الحدیث یدل علی أن الخبر المروی فی أبی بكر
ص: 349
فی صحیحی البخاری و مسلم غیر صحیح و هو
مَا رُوِیَ مِنْ قَوْلِهِ علیه السلام لِعَائِشَةَ فِی مَرَضِهِ
ص: 350
ادْعِی لِی أَبَاكِ وَ أَخَاكِ حَتَّی أَكْتُبَ لِأَبِی بَكْرٍ كِتَاباً فَإِنِّی أَخَافُ أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ أَوْ یَتَمَنَّی مُتَمَنٍّ وَ یَأْبَی اللَّهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ. (1).
ثُمَّ رَوَی مِنْ كِتَابِ السَّقِیفَةِ لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 351
إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عُفَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام حَمَلَ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا عَلَی حِمَارٍ وَ سَارَ بِهَا لَیْلًا إِلَی بُیُوتِ الْأَنْصَارِ یَسْأَلُهُمُ النُّصْرَةَ وَ تَسْأَلُهُمْ فَاطِمَةُ علیها السلام الِانْتِصَارَ لَهُ فَكَانُوا یَقُولُونَ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ مَضَتْ بَیْعَتُنَا لِهَذَا الرَّجُلِ لَوْ كَانَ ابْنُ عَمِّكِ سَبَقَ إِلَیْنَا أَبَا بَكْرٍ مَا عَدَلْنَاهُ بِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ كُنْتُ أَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ مَیْتاً فِی بَیْتِهِ لَا أُجَهِّزُهُ وَ أَخْرُجُ إِلَی النَّاسِ أُنَازِعُهُمْ فِی سُلْطَانِهِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ مَا صَنَعَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَّا مَا كَانَ یَنْبَغِی لَهُ وَ صَنَعُوا هُمْ مَا اللَّهُ حَسِیبُهُمْ عَلَیْهِ. (1).
وَ رَوَی أَیْضاً مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ عَنْ أَبِی قَبِیصَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَرَی فِی السَّقِیفَةِ مَا جَرَی تَمَثَّلَ عَلِیٌ:
وَ أَصْبَحَ أَقْوَامٌ یَقُولُونَ مَا اشْتَهَوْا***وَ یَطْغَوْنَ لَمَّا غَالَ زَیْداً غَوَائِلُهُ. (2)
وَ قَالَ وَ رَوَی الزُّبَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا بُویِعَ افْتَخَرَتْ تَیْمُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ وَ كَانَ عَامَّةُ الْمُهَاجِرِینَ وَ جُلُّ الْأَنْصَارِ لَا یَشُكُّونَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام هُوَ صَاحِبُ الْأَمْرِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ خُصُوصاً یَا بَنِی تَیْمٍ إِنَّكُمْ إِنَّمَا أَخَذْتُمُ الْخِلَافَةَ بِالنُّبُوَّةِ وَ نَحْنُ أَهْلُهَا دُونَكُمْ وَ لَوْ طَلَبْنَا هَذَا الْأَمْرَ الَّذِی نَحْنُ أَهْلُهُ لَكَانَتْ كَرَاهَةُ النَّاسِ لَنَا أَعْظَمَ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ لِغَیْرِنَا حَسَداً مِنْهُمْ لَنَا وَ حِقْداً عَلَیْنَا وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِنَا عَهْداً هُوَ یَنْتَهِی إِلَیْهِ.
و قال بعض ولد أبی لهب بن عبد المطلب شعرا:
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْأَمْرَ مُنصْرِفٌ***عَنْ هَاشِمٍ ثُمَّ مِنْهَا عَنْ أَبِی حَسَنٍ
أَ لَیْسَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّی لِقِبْلَتِكُمْ***وَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْآثَارِ وَ السُّنَنِ
وَ أَقْرَبَ النَّاسِ عَهْداً بِالنَّبِیِّ وَ مَنْ***جِبْرِیلُ عَوْنٌ لَهُ فِی الْغُسْلِ وَ الْكَفَنِ
مَنْ فِیهِ مَا فِیهِمْ لَا یَمْتَرُونَ بِهِ***وَ لَیْسَ فِی الْقَوْمِ مَا فِیهِ مِنَ الْحَسَنِ
ص: 352
مَا ذَا الَّذِی رَدَّهُمْ عَنْهُ فَنَعْلَمَهُ***هَا إِنَّ ذَا غَبَنٌ مِنْ أَعْظَمِ الْغَبَنِ
قَالَ الزُّبَیْرُ فَبَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَهَاهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا یَعُودَ وَ قَالَ سَلَامَةُ الدِّینِ أَحَبُّ إِلَیْنَا مِنْ غَیْرِهِ (1)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ بِإِسْنَادِهِمَا إِلَی عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ وَ الْعَبَّاسَ أَتَیَا أَبَا بَكْرٍ یَلْتَمِسَانِ مِیرَاثَهُمَا مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمَا یَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكَ وَ سَهْمَهُ مِنْ خَیْبَرَ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ إِنَّمَا یَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْراً رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَصْنَعُهُ إِلَّا صَنَعْتُهُ فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ وَ لَمْ تُكَلِّمْهُ فِی ذَلِكَ حَتَّی مَاتَتْ فَدَفَنَهَا عَلِیٌّ علیه السلام لَیْلًا وَ لَمْ یُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَ كَانَ لِعَلِیٍّ وَجْهٌ مِنَ النَّاسِ حَیَاةَ فَاطِمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّیَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام انْصَرَفَتْ وُجُوهُ النَّاسِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فَمَكَثَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّیَتْ فَقَالَ رَجُلٌ لِلزُّهْرِیِّ وَ هُوَ الرَّاوِی لِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ یُبَایِعْهُ إِلَی سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ حَتَّی بَایَعَهُ عَلِیٌّ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ ضَرَعَ إِلَی مُبَایَعَةِ أَبِی بَكْرٍ فَأَرْسَلَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا وَ لَا یَأْتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ وَ كَرِهَ أَنْ یَأْتِیَهُ عُمَرُ لِمَا عَرَفَ مِنْ شِدَّتِهِ فَقَالَ عُمَرُ لَا تَأْتِهِمْ وَحْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ اللَّهِ لَآتِیَنَّهُمْ وَحْدِی وَ مَا عَسَی أَنْ یَصْنَعُوا بِی فَانْطَلَقَ حَتَّی دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَدْ جَمَعَ بَنِی هَاشِمٍ عِنْدَهُ فَقَامَ عَلِیٌّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَمْ یَمْنَعْنَا أَنْ نُبَایِعَكَ یَا أَبَا بَكْرٍ إِنْكَارٌ لِفَضْلِكَ وَ لَا نَفَاسَةٌ لِخَیْرٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَیْكَ وَ لَكِنَّا كُنَّا نَرَی أَنَّ لَنَا فِی هَذَا الْأَمْرِ حَقّاً فَاسْتَبْدَدْتُمْ بِهِ عَلَیْنَا وَ ذَكَرَ قَرَابَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَقَّهُ فَلَمْ یَزَلْ یَذْكُرُ ذَلِكَ حَتَّی بَكَی أَبُو بَكْرٍ.
ص: 353
فَلَمَّا صَمَتَ عَلِیٌّ علیه السلام تَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدَ فَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَحَبُّ إِلَیَّ أَنْ أَصِلَهَا مِنْ قَرَابَتِی وَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا آلُوكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِی كَانَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ إِلَّا الْخَیْرَ وَ لَكِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وَ إِنَّمَا یَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی هَذَا الْمَالِ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَتْرُكُ أَمْراً صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا صَنَعْتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَوْعِدُكَ الْعَشِیَّةُ لِلْبَیْعَةِ فَلَمَّا صَلَّی أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ ثُمَّ عَذَّرَ عَلِیّاً بِبَعْضِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ ثُمَّ قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِی بَكْرٍ وَ ذَكَرَ فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ ثُمَّ مَضَی إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَبَایَعَهُ فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَی عَلِیٍّ فَقَالُوا أَصَبْتَ وَ أَحْسَنْتَ (1).
«69»-أَقُولُ رَوَی أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَیْبَةَ مِنْ أَعَاظِمِ عُلَمَاءِ الْمُخَالِفِینَ وَ مُؤَرِّخُهُم فِی تَارِیخِهِ الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِی عُفَیْرٍ عَنْ أَبِی عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِیِّ قِصَّةَ السَّقِیفَةِ بِطُولِهَا نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ مِنْ كِتَابِ السَّقِیفَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ بَشِیرِ بْنِ سَعْدٍ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ فَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ فَلَمَّا ذَهَبَا أَیْ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ عُمَرُ یُبَایِعَانِهِ سَبَقَهُمَا إِلَیْهِ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ (2) فَبَایَعَهُ فَنَادَی الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ یَا قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ عَاقَكَ عَائِقٌ مَا اضْطَرَّكَ إِلَی مَا صَنَعْتَ حَسَدْتَ ابْنَ عَمِّكَ عَلَی الْإِمَارَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنِّی كَرِهْتُ أَنْ أُنَازِعَ قَوْماً حَقّاً هُوَ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَتِ الْأَوْسُ مَا صَنَعَ قَیْسٌ وَ هُوَ سَیِّدُ الْخَزْرَجِ وَ مَا دُعُوا إِلَیْهِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ مَا یَطْلُبُ الْخَزْرَجُ مِنْ تَأْمِیرِ سَعْدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ فِیهِمْ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ اللَّهِ لَئِنْ وَلَّیْتُمُوهَا سَعْداً عَلَیْكُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا زَالَتْ لَهُمْ بِذَلِكَ عَلَیْكُمُ الْفَضِیلَةُ وَ لَا جَعَلُوا لَكُمْ فِیهَا نَصِیباً أَبَداً فَقُومُوا فَبَایِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَامُوا إِلَیْهِ فَبَایَعُوهُ فَقَامَ الْحُبَابُ إِلَی سَیْفِهِ فَأَخَذَهُ فَبَادَرُوا إِلَیْهِ فَأَخَذُوا سَیْفَهُ وَ جَعَلَ یَضْرِبُ بِثَوْبِهِ وُجُوهَهُمْ حَتَّی فَرَغُوا مِنَ الْبَیْعَةِ فَقَالَ فَعَلْتُمُوهَا یَا مَعْشَرَ
ص: 354
الْأَنْصَارِ أَمَا وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی بِأَبْنَائِكُمْ عَلَی أَبْوَابِ أَبْنَائِهِمْ قَدْ وُقِفُوا یَسْأَلُونَهُمْ بِأَكُفِّهِمْ لَا یَسْقُونَهُمُ الْمَاءَ. (1) وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَمَا لَوْ أَنَّ لِی مَا أَقْوَی بِهِ عَلَی النُّهُوضِ لَسَمِعْتُمْ فِی أَقْطَارِهَا وَ سِكَكِهَا زَئِیراً یُخْرِجُكَ وَ أَصْحَابَكَ وَ لَأَلْحَقْتُكَ بِقَوْمٍ كُنْتَ فِیهِمْ تَابِعاً غَیْرَ مَتْبُوعٍ خَامِلًا غَیْرَ عَزِیزٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ سَعْداً لَمْ یُبَایِعْ وَ كَانَ لَا یُصَلِّی بِصَلَاتِهِمْ وَ لَا یُجَمِّعُ بِجُمَعِهِمْ وَ لَا یُفِیضُ بِإِفَاضَتِهِمْ وَ لَوْ یَجِدُ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً لَصَالَ بِهِمْ وَ لَوْ تَابَعَهُ أَحَدٌ عَلَی قِتَالِهِمْ لَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ وُلِّیَ عُمَرُ فَخَرَجَ إِلَی الشَّامِ وَ مَاتَ بِهَا وَ لَمْ یُبَایِعْ لِأَحَدٍ ره.
ثُمَّ ذَكَرَ امْتِنَاعَ بَنِی هَاشِمٍ مِنَ الْبَیْعَةِ وَ اجْتِمَاعَهُمْ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَنَّهُ ذَهَبَ عُمَرُ مَعَ جَمَاعَةٍ إِلَیْهِمْ وَ خَرَجَ عَلَیْهِمُ الزُّبَیْرُ بِسَیْفِهِ وَ سَاقَ مَا مَرَّ فِی رِوَایَةِ الْجَوْهَرِیِّ إِلَی أَنْ قَالَ.
ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً أُتِیَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَ هُوَ یَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ فَقِیلَ لَهُ بَایِعْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ لَا أُبَایِعُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَوْلَی بِالْبَیْعَةِ لِی أَخَذْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ احْتَجَجْتُمْ عَلَیْهِمْ بِالْقَرَابَةِ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَأْخُذُونَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتَ غَصْباً.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا احْتَجَّ علیه السلام بِهِ نَحْواً مِمَّا مَرَّ مَعَ زِیَادَاتٍ تَرَكْنَاهَا إِلَی أَنْ قَالَ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام یَحْمِلُ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی دَابَّةٍ لَیْلًا یَدُورُ فِی مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ تَسْأَلُهُمُ النُّصْرَةَ فَكَانُوا یَقُولُونَ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ مَضَتْ بَیْعَتُنَا لِهَذَا الرَّجُلِ وَ لَوْ أَنَّ زَوْجَكِ وَ ابْنَ عَمِّكِ سَبَقَ إِلَیْنَا أَبَا بَكْرٍ مَا عَدَلْنَا بِهِ فَیَقُولُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ فَكُنْتُ أَدَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِهِ لَمْ أَدْفَنْهُ وَ أَخْرُجُ أُنَازِعُ النَّاسَ سُلْطَانَهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ مَا صَنَعَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَّا مَا كَانَ یَنْبَغِی لَهُ وَ قَدْ صَنَعُوا مَا اللَّهُ حَسِیبُهُمْ وَ طَالِبُهُمْ.
ص: 355
ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أُخْبِرَ بِقَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنْ بَیْعَتِهِ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَجَاءَ َ فَنَادَاهُمْ وَ هُمْ فِی دَارِ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَبَوْا أَنْ یَخْرُجُوا فَدَعَا عُمَرُ بِالْحَطَبِ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسُ عُمَرَ بِیَدِهِ لَتَخْرُجُنَّ أَوْ لَأُحْرِقَنَّهَا عَلَیْكُمْ عَلَی مَنْ فِیهَا فَقِیلَ لَهُ یَا أَبَا حَفْصٍ إِنَّ فِیهَا فَاطِمَةَ فَقَالَ وَ إِنْ.
فَخَرَجُوا فَبَایَعُوا إِلَّا عَلِیٌّ فَإِنَّهُ زُعِمَ أَنَّهُ قَالَ حَلَفْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ وَ لَا أَضَعَ ثَوْبِی عَلَی عَاتِقِی حَتَّی أَجْمَعَ الْقُرْآنَ فَوَقَفَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام عَلَی بَابِهَا فَقَالَتْ لَا عَهْدَ لِی بِقَوْمٍ حَضَرُوا أَسْوَأَ مَحْضَرٍ مِنْكُمْ تَرَكْتُمْ جِنَازَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَیْدِینَا وَ قَطَعْتُمْ أَمْرَكُمْ بَیْنَكُمْ لَمْ تُشَاوِرُونَا وَ لَمْ تَرَوْا لَنَا حَقّاً فَأَتَی عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَ لَا تَأْخُذُ هَذَا الْمُتَخَلِّفَ عَنْكَ بِالْبَیْعَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا قُنْفُذُ وَ هُوَ مَوْلًی لَهُ اذْهَبْ فَادْعُ عَلِیّاً قَالَ فَذَهَبَ قُنْفُذٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ یَدْعُوكَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسَرِیعٌ مَا كَذَبْتُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَرَجَعَ قُنْفُذٌ فَأَبْلَغَ الرِّسَالَةَ قَالَ فَبَكَی أَبُو بَكْرٍ طَوِیلًا فَقَالَ عُمَرُ الثَّانِیَةَ أَ لَا تَضُمُّ هَذَا الْمُتَخَلِّفَ عَنْكَ بِالْبَیْعَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِقُنْفُذٍ عُدْ إِلَیْهِ فَقُلْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَدْعُوكَ لِتُبَایِعَ فَجَاءَهُ قُنْفُذٌ فَأَدَّی مَا أُمِرَ بِهِ فَرَفَعَ عَلِیٌّ صَوْتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدِ ادَّعَی مَا لَیْسَ لَهُ فَرَجَعَ قُنْفُذٌ فَأَبْلَغَ الرِّسَالَةَ قَالَ فَبَكَی أَبُو بَكْرٍ طَوِیلًا.
ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَمَشَی مَعَهُ جَمَاعَةٌ حَتَّی أَتَوْا بَابَ فَاطِمَةَ علیها السلام فَدَقُّوا الْبَابَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أَصْوَاتَهُمْ نَادَتْ بِأَعْلَی صَوْتِهَا بَاكِیَةً یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَا لَقِینَا بَعْدَكَ مِنِ ابْنِ الْخَطَّابِ وَ ابْنِ أَبِی قُحَافَةَ فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ صَوْتَهَا وَ بُكَاءَهَا انْصَرَفُوا بَاكِینَ فَكَادَتْ قُلُوبُهُمْ تَتَصَدَّعُ وَ أَكْبَادُهُمْ تَتَفَطَّرُ وَ بَقِیَ عُمَرُ وَ مَعَهُ قَوْمٌ فَأَخْرَجُوا عَلِیّاً وَ مَضَوْا بِهِ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالُوا بَایِعْ فَقَالَ إِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ فَمَهْ قَالُوا إِذاً وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ نَضْرِبَ عُنُقَكَ قَالَ إِذاً تَقْتُلُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَ أَخَا رَسُولِهِ فَقَالَ عُمَرُ أَمَّا عَبْدُ اللَّهُ فَنَعَمْ وَ أَمَّا أَخَا رَسُولِهِ فَلَا (1) وَ أَبُو بَكْرٍ سَاكِتٌ لَا یَتَكَلَّمُ.
ص: 356
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَ لَا تَأْمُرُ فِیهِ بِأَمْرِكَ فَقَالَ لَا أُكْرِهُهُ عَلَی شَیْ ءٍ مَا كَانَتْ فَاطِمَةُ إِلَی جَنْبِهِ فَلَحِقَ عَلِیٌّ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَصِیحُ وَ یَبْكِی وَ یُنَادِی یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَی فَاطِمَةَ فَإِنَّا قَدْ أَغْضَبْنَاهَا فَانْطَلَقَا جَمِیعاً فَاسْتَأْذَنَا عَلَی فَاطِمَةَ فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُمَا فَأَتَیَا عَلِیّاً فَكَلَّمَاهُ فَأَدْخَلَهُمَا عَلَیْهَا فَلَمَّا قَعَدَا عِنْدَهَا حَوَّلَتْ وَجْهَهَا إِلَی الْحَائِطِ فَسَلَّمَا عَلَیْهَا فَلَمْ تَرُدَّ عَلَیْهِمَا السَّلَامَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ یَا حَبِیبَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنَّ قَرَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِی وَ إِنَّكِ لَأَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ عَائِشَةَ ابْنَتِی وَ لَوَدِدْتُ یَوْمَ مَاتَ أَبُوكِ أَنِّی مِتُّ وَ لَا أَبْقَی بَعْدَهُ أَ فَتَرَانِی أَعْرِفُكِ وَ أَعْرِفُ فَضْلَكِ وَ شَرَفَكِ وَ أَمْنَعُكِ حَقَّكِ وَ مِیرَاثَكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ لَا نُورَثُ وَ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَقَالَتْ أَ رَأَیْتَكُمَا إِنْ حَدَّثْتُكُمَا حَدِیثاً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَعْرِفَانِهِ وَ تَعْقِلَانِهِ قَالا نَعَمْ فَقَالَتْ نَشَدْتُكُمَا بِاللَّهِ أَ لَمْ تَسْمَعَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ رِضَا فَاطِمَةَ مِنْ رِضَایَ وَ سَخَطُ فَاطِمَةَ مِنْ سَخَطِی وَ مَنْ أَحَبَّ فَاطِمَةَ ابْنَتِی فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَرْضَی فَاطِمَةَ فَقَدْ أَرْضَانِی وَ مَنْ أَسْخَطَ فَاطِمَةَ فَقَدْ أَسْخَطَنِی قَالا نَعَمْ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ فَإِنِّی أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ أَنَّكُمَا أَسْخَطْتُمَانِی وَ مَا أَرْضَیْتُمَانِی وَ لَئِنْ لَقِیتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَشْكُوَنَّكُمَا إِلَیْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَائِذاً بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ وَ سَخَطِكِ یَا فَاطِمَةُ ثُمَّ انْتَحَبَ أَبُو بَكْرٍ بَاكِیاً یَكَادُ نَفْسُهُ أَنْ تَزْهَقَ وَ هِیَ تَقُولُ وَ اللَّهِ
ص: 357
لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَلَیْكَ فِی كُلِّ صَلَاةٍ أُصَلِّیهَا.
ثُمَّ خَرَجَ بَاكِیاً فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ أَ یَبِیتُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مُعَانِقاً لِحَلِیلَتِهِ مَسْرُوراً بِأَهْلِهِ وَ تَرَكْتُمُونِی وَ مَا أَنَا فِیهِ لَا حَاجَةَ لِی فِی بَیْعَتِكُمْ أَقِیلُونِی بَیْعَتِی فَقَالُوا یَا خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا یَسْتَقِیمُ وَ أَنْتَ أَعْلَمُنَا بِذَلِكَ إِنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا لَا یَقُمْ لِلَّهِ دِینٌ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ لَا ذَلِكَ وَ مَا أَخَافُ مِنْ رَخَاءِ هَذِهِ الْعُرْوَةِ مَا بِتُّ لَیْلَةً وَ لِی فِی عُنُقِ مُسْلِمٍ بَیْعَةٌ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ وَ رَأَیْتُ مِنْ فَاطِمَةَ قَالَ فَلَمْ یُبَایِعْ عَلِیٌّ حَتَّی مَاتَتْ فَاطِمَةُ وَ لَمْ تَمْكُثْ بَعْدَ أَبِیهَا إِلَّا خَمْساً وَ سَبْعِینَ لَیْلَةً. (1).
وَ لْنُوضِحْ بَعْضَ مَا رُبَّمَا یَشْتَبِهُ عَلَی النَّاظِرِ فِیمَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ السَّالِفَةِ قَالَ الْجَزَرِیُّ الْقَعِیدُ الَّذِی یُصَاحِبُكَ فِی قُعُودِكَ فَعِیلٌ بِمَعْنَی فَاعِلٍ وَ قَالَ الْفِیرُوزَآبَادِیُّ أَدْلَی فُلَانٌ بِرَحِمِهِ تَوَسَّلَ وَ بِحُجَّتِهِ أَحْضَرَهَا وَ إِلَیْهِ مَالَهُ دَفَعَهُ وَ قَالَ نَهْنَهَهُ عَنِ الْأَمْرِ فَتَنَهْنَهَ زَجَرَهُ فَكَفَّ وَ قَالَ تَلَكَّأَ عَلَیْهِ اعْتَلَّ وَ عَنْهُ أَبْطَأَ وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی النِّهَایَةِ یُقَالُ تَفَوَّتَ فُلَانٌ عَلَی فُلَانٍ فِی كَذَا وَ افْتَاتَ عَلَیْهِ إِذَا انْفَرَدَ بِرَأْیِهِ دُونَهُ فِی التَّصَرُّفِ فِیهِ وَ لَمَّا ضُمِّنَ مَعْنَی التَّغْلِیبِ عُدِّیَ بِعَلَی وَ مِنْهُ حَدِیثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ أَ مِثْلِی یُفْتَاتُ عَلَیْهِ فِی بَنَاتِهِ هُوَ افْتَعَلَ مِنَ الْفَوْتِ السَّبْقِ یُقَالُ لِكُلِّ مَنْ أَحْدَثَ شَیْئاً فِی أَمْرِكَ دُونَكَ قَدِ افْتَاتَ عَلَیْهِ فِیهِ.
و الشبل بالكسر ولد الأسد و العِرِّیس و العِرِّیسة بكسر العین و تشدید الراء فیهما مأوی الأسد قوله لنعیدها جذعة أی نعید المحاربة التی كانت فی بدو الأمر مستأنفة جدیدة قال الجوهری قولهم فلان فی هذا الأمر جذع إذا كان أخذ فیه حدیثا قوله عفتك عفاة لعله دعاء له أی أتتك الأضیاف دائما و علیه أی محا أثرك المصائب التی تذهب بالدیار و الآثار قال الجوهری عفت الریح المنزل درسته و قال أیضا العفاة طلاب المعروف و فلان تعفوه الأضیاف و هو كثیر العفاة و فی أكثر النسخ غفتك غفاف بالغین المعجمة و لم أجد له معنی مناسبا و فی أكثر الكتب عقتك عقاق أی كما عققت الرحم و قطعتها عقتك أرحامك العاقة و فی روایة ابن قتیبة عافك (عاقك)
ص: 358
عائق.
و قال الجزری فی حدیث السقیفة الأمر بیننا و بینكم كقد الأبلمة الأبلمة بضم الهمزة و فتحها و كسرها خوصة المقلة و همزتها زائدة یقول نحن و إیاكم فی الحكم سواء لا فضل لأمیر علی مأمور كالخوصة إذا شقت باثنتین متساویتین انتهی.
و كانوا یكنون بأبی الفصیل عن أبی بكر لقرب معنی البكر و الفصیل و العجاجة بالفتح الغبار و قال الجوهری الجدجد بالضم صرار اللیل و هو قفاز و فیه شبه من الجراد و قال الفتك أن یأتی الرجل صاحبه و هو غار غافل حتی یشد علیه فیقتله و
فی الحدیث قَیَّدَ الْإِیمَانُ الْفَتْكَ لَا یَفْتِكُ مُؤْمِنٌ.
و قال تدكدكت الجبال أی صارت دكاوات و هی رواب من طین و الدكداك من الرمل ما التبد منه بالأرض و لم یرتفع و قال الجندل الحجارة و الصراط بالكسر السبیل الواضح و العیر الحمار الوحشی و الأهلی أیضا و الخسف الذل و المشقة و شج الوتد كنایة عن دقه و یقال رثا له أی رق له و منعرج الوادی منعطفه یمنة و یسرة و اللوی كإلی ما التوی من الرمل أی اعوج أو مستدقه و استبان أی أوضح أو وضح لازم و متعد أی لم یعرفوا أنی ناصح إلا ضحی الغد و قد جری ما جری فی الیوم فلم تنفعهم معرفتهم و البیت من قصیدة فی الحماسة و قصته مذكورة فی مواضعها. (1) و النجر نحت الخشب و یقال زری علیه زریا عابه و عاتبه و التشذب التفرق و یقال ندر الشی ء ندورا سقط و الحص حلق الشعر و الزئیر صوت الأسد من صدره و فی بعض النسخ بالباء الموحدة و هو كأمیر الداهیة و فی النهایة ما تجانفنا فیه الإثم أی لم نمل فیه لارتكاب الإثم قوله فقال أنت صاحب من أنت صاحبه الظاهر أن القول لسعد أیضا و المعنی أنك خلیفة من جعلته خلیفة.
ص: 359
اعلم أیها الطالب للحق و الیقین بعد ما أحطت خُبرا بما أوردنا فی قصة السقیفة من أخبارنا و آثار المخالفین أن الإجماع الذی ادّعوه علی خلافة أبی بكر هذا حاله و لهذا انجر إلی خراب الدین مآله و قد ذكر جل علماء الأصول من المخالفین أن الإجماع عبارة عن اتفاق جمیع أهل الحل و العقد أی المجتهدین و علماء المسلمین علی أمر من الأمور فی وقت واحد و الجمهور أنفسهم تكلموا علی تحقق الإجماع و شرائطه حسبما ذكر فی شرح المختصر العضدی و غیره بأن الإجماع أمر ممكن أو محال و علی تقدیر إمكانه هل له تحقق أم لا و علی التقادیر كلها هل هو حجة و دلیل علی شی ء أم لا و علی تقدیر كونه حجة و دلیلا هل هو كذلك ما لم یصل ثبوته إلی حد التواتر أو لا و فی كل ذلك وقع بین علمائهم التشاجر و التنازع فلا بد لهم من إثبات ذلك كله حتی تثبت إمامة أبی بكر.
و لیت شعری أن من لم یقل منهم بذلك كله كیف یدعی حقیة إمامة أبی بكر و یتصدی لإثباتها ثم بعد ذلك خلاف آخر و هو أنه هل یشترط فی حقیقة الإجماع أن لا یتخلف و لا یخالف أحد من المجمعین إلی أن یموت الكل أم لا و أیضا قد اختلفوا فی أن الإجماع وحده حجة أم لا بد له من سند هو الحجة حقیقة و السند الذی قد ذكر فی دعوی خلافة أبی بكر هو قیاس فقهی حیث قاسوا رئاسة الدین و الدنیا بإمامة الصلاة فی مرضه صلی اللّٰه علیه و آله علی ما ادعوه و قد عرفت حقیقته و لا یخفی فساده علی من له أدنی معرفة بالأصول لأن إثبات حجیة القیاس فی غایة الإشكال و علماء أهل البیت علیهم السلام و الظاهریة من أهل السنة (1) و جمهور المعتزلة ینفون حجیته
ص: 360
و یقیمون علی مذهبهم حججا عقلیة و نقلیة و لغیرهم أیضا فی أقسامه و شرائطه اختلاف كثیر.
و علی تقدیر ثبوت جمیع ذلك إنما یكون القیاس فیما إذا كان هناك علة فی الأصل و یكون الفرع مساویا للأصل فی تلك العلة و هاهنا العلة مفقودة بل الفرق ظاهر لأن الصلاة خلف كل بر و فاجر جائز عندهم بخلاف الخلافة إذ شرطوا فیها العدالة و الشجاعة و القرشیة و غیرها و أیضا أمر إمامة الجماعة أمر واحد لا یعتبر فیه العلم الكثیر و لا الشجاعة و التدبیر و غیرها مما یشترط عندهم فی الخلافة فإنها لما كانت سلطنة و حكومة فی جمیع أمور الدین و الدنیا تحتاج إلی علوم و شرائط كثیرة لم یكن شی ء منها موجودا فی أبی بكر و أخویه فلا یصح قیاس هذا بذاك.
و قول بعضهم إن الصلاة من أمور الدین و الخلافة من أمور الدنیا غلط ظاهر لأن المحققین (1) منهم كالشارح الجدید للتجرید عرفوا الإمامة بالحكومة العامة فی الدین و الدنیا و ظاهر أنه كذلك مع أن الأصل لیس بثابت لأن الشیعة ینكرون ذلك أشد الإنكار كما عرفت مما مضی من الأخبار (2) و سیأتی بعضها.
وَ قَالَ (3) بَعْضُهُمْ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ النَّاسَ فِی مَرَضِهِ بِالصَّلَاةِ وَ لَمْ یُعَیِّنْ
ص: 361
أَحَداً.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ لِبِلَالٍ إِنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ أَنَّ یَؤُمَّ أَبُو بَكْرٍ فِی الصَّلَاةِ فَلَمَّا اطَّلَعَ النَّبِیُّ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ وَضَعَ إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی مَنْكِبِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الْأُخْرَی عَلَی مَنْكِبِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ خَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ نَحَّی أَبَا بَكْرٍ عَنِ الْمِحْرَابِ فَصَلَّی بِالنَّاسِ حَتَّی لَا تَصِیرَ إِمَامَتُهُ موجبا (مُوجِبَةً) لِلْخَلَلِ فِی الدِّینِ.
و یعضده
مَا رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُرْوَةَ (1)
فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ إِلَی الْمِحْرَابِ فَكَانَ أَبُو بِكْرٍ یُصَلِّی بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ یُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِی بِكْرٍ أَیْ بِتَكْبِیرِهِ انْتَهَی (2).
و أیضا لو كان خبر تقدیم أبی بكر فی الصلاة صحیحا كما زعموا و كان مع صحته دالا علی إمامته لكان ذلك نصا من النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالإمامة و متی حصل النص لا یحتاج معه إلی غیره فكیف لم یجعل أبو بكر و أصحاب السقیفة ذلك دلیلا علی إمامة أبی بكر و كیف لم یحتجوا به علی الأنصار فعلم أن ذلك لیس فیه حجة أصلا.
و أیضا ظاهر أن الإمامة من الأصول فلا یصح إثباته بالقیاس علی تقدیر تحقق القیاس الصحیح فإنه علی تقدیر تسلیم حجیته إنما یجری فی الفروع و لو كان
ص: 362
ظن المجتهد كافیا فی مسألة الإمامة كما فی الفروع الفقهیة لزم عدم جواز تخطئة المجتهد الذی ظن أن أبا بكر لم یكن إماما و كان تقلید ذلك المجتهد جائزا مع أنهم لا یقولون به. (1) و أیضا الاستخلاف لا یقتضی الدوام إذ الفعل لا دلالة له علی التكرار و الدوام إن ثبت خلافته بالفعل و إن ثبت بالقول فكذلك كیف و قد جرت العادة بالتبعیة مدة غیبته المستخلفة و الانعزال بعد حضوره.
و أیضا ذلك معارض بأنه صلی اللّٰه علیه و آله استخلف علیا علیه السلام فی غزوة تبوك فی المدینة و لم یعزله و إذا كان خلیفة علی المدینة كان خلیفة فی سائر وظائف الأمة لأنه لا قائل بالفصل و الترجیح معنا لأن استخلافه علیه السلام علی المدینة أقرب إلی الإمامة الكبری لأنه متضمن لأمور الدین و الدنیا بخلاف الاستخلاف فی الصلاة كما مر.
و بعد تسلیم ذلك كله نقول إن إجماع الأمة بأجمعهم علی إمامة أبی بكر لم یتحقق فی وقت واحد و هذا واضح مع قطع النظر عن عدم حضور أهل البیت علیهم السلام و سعد بن عبادة سید الأنصار و أولاده و أصحابه و لذا قال صاحب المواقف و شارحه السید الشریف و إذا ثبت حصول الإمامة بالاختیار و البیعة فاعلم أن ذلك الحصول لا یفتقر إلی الإجماع من جمیع أهل الحل و العقد إذ لم یقم علیه دلیل من العقل و السمع بل الواحد و الاثنان من أهل الحل و العقد كاف فی ثبوت الإمامة و وجوب اتباع الإمام علی أهل الإسلام و ذلك لعلمنا بأن الصحابة مع صلابتهم فی الدین اكتفوا فی عقد الإمامة بذلك كعقد عمر لأبی بكر و عقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان و لم یشترطوا فی عقدها اجتماع من فی المدینة من أهل الحل و العقد فضلا عن إجماع الأمة من علماء الأمصار هذا و لم ینكر علیهم أحد و علیه أی علی الاكتفاء بالواحد و الاثنین فی عقد الإمامة انطوت
ص: 363
الأعصار بعدهم إلی وقتنا هذا انتهی. (1) و قال التفتازانی فی شرح المقاصد محتجا علی إمامة أبی بكر لنا وجوه الأول و هو العمدة إجماع أهل الحل و العقد علی ذلك و إن كان من البعض بعد تردد و توقف علی ما روی أن الأنصار قالوا منا أمیر و منكم أمیر و إن أبا سفیان قال أ رضیتم یا بنی عبد مناف أن یلی علیكم تیم و اللّٰه لأملأن الوادی خَیْلًا و رَجِلًا و ذكر فی صحیح البخاری و غیره من كتب الأصحاب أن بیعة علی كانت بعد توقف و فی إرسال أبی بكر و عمر أبا عبیدة بن الجراح إلی علی علیه السلام رسالة لطیفة روتها الثقات بإسناد صحیح یشتمل علی كلام كثیر من الجانبین و قلیل غلظة من عمر و علی أن علیا علیه السلام جاء إلیهما و دخل فیما دخلت فیه الجماعة و قال حین قام من المجلس بارك اللّٰه فیما ساءنی و سركم فما روی أنه لما بویع لأبی بكر و تخلف علی علیه السلام و الزبیر و مقداد و سلمان و أبو ذر أرسل أبو بكر من الغد إلی علی علیه السلام فأتاه مع أصحابه فبایعه و سائر المتخلفین محل نظر انتهی.
و قال فی موضع آخر من الكتاب المذكور و تنعقد الإمامة بطرق أحدها بیعة أهل الحل و العقد من العلماء و الرؤساء و وجوه الناس من غیر اشتراط عدد و لا اتفاق الكل من سائر البلاد بل لو بایع واحد مطاع كفت بیعته ثم قال فیه طریق ثبوت الإمامة عندنا و عند المعتزلة و الخوارج و الصالحیة خلافا للشیعة اختیار أهل الحل و العقد و بیعتهم من غیر أن یشترط إجماعهم علی ذلك و لا عدد محدود بل ینعقد بعقد واحد منهم و لهذا لم یتوقف أبو بكر إلی انتشار الأخبار فی الأقطار و لم ینكر علیه أحد و قال عمر لأبی عبیدة ابسط یدك لأبایعك فقال أ تقول هذا و أبو بكر حاضر فبایع أبا بكر و هذا مذهب الأشعری إلا أنه یشترط أن یكون ذلك العقد بمشهد من الشهود لئلا یدعی الآخر عقدا سرا متقدما علی هذا العقد انتهی. (2)
ص: 364
و اعترف إمامهم الرازی فی كتاب نهایة العقول بأنه لم ینعقد الإجماع علی خلافة أبی بكر فی زمانه بل إنما تم انعقاده بموت سعد بن عبادة و كان ذلك فی خلافة عمر.
فعلی أحكام هؤلاء السفهاء المدعین للانخراط فی سلك العلماء فلیضحك الضاحكون و فی وقاحتهم و قلة حیائهم فلیتحیر المتحیرون أخزاهم اللّٰه ما ذا یصنعون بعهد اللّٰه و كیف یلعبون بدین اللّٰه و هل یذعن عاقل بأنه یكفی لرئاسة الدین و الدنیا و التصرف فی نفوس جمیع الأمة و أموالهم و أعراضهم بیعة واحد أو اثنین من آحاد الأمة ممن لا یجری حكمه علی نفسه و لم یثبت عصمته و لا تقبل شهادته فی درهم و لا فی نصف درهم.
فإن قیل إن لم یتحقق الإجماع علی خلافة أبی بكر فی یوم السقیفة لكنه بعد ذلك إلی ستة أشهر قد تحقق اتفاق الكل علی خلافته و رضوا بإمامته فتم
ص: 365
الإجماع قلنا ذلك أیضا ممنوع لما عرفت من عدم بیعة علی علیه السلام و أصحابه له بعد ستة أشهر أیضا و لو سلم أنه صفق علی یده كما یفعله أهل البیعة فلا ریب فی أن سعد بن عبادة و أولاده لم یتفقوا علی ذلك و لم یبایعوا أبا بكر و لا عمر كما قال ابن عبد البر فی الإستیعاب (1) فی ترجمة أبی بكر إنه بویع له بالخلافة فی الیوم الذی قبض فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی سقیفة بنی ساعدة ثم بویع البیعة العامة یوم الثلاثاء من غد ذلك الیوم و تخلف عن بیعته سعد بن عبادة و طائفة من الخزرج و فرقة من قریش.
و روی أیضا ابن عبد البر فی الكتاب المذكور (2) و ابن حجر العسقلانی فی الإصابة (3) أن سعدا لم یبایع أحدا من أبی بكر و عمر و لم یقدروا علی إلزامه كإلزامهم لغیره لكثرة أقوامه من الخزرج فاحترزوا عن فتنتهم و لما وصل حكومة أهل الإسلام إلی عمر مر ذات یوم سعد علی سوق المدینة فوقع علیه نظر عمر و قال له ادخل یا سعد فی بیعتنا أو اخرج من هذا البلد فقال سعد حرام علی أن أكون فی بلد أنت أمیره ثم خرج من المدینة إلی الشام و كانت له قبیلة كثیرة فی نواحی دمشق كان یعیش فی كل أسبوع عند طائفة منهم ففی تلك الأیام كان یذهب یوما من قریة إلی أخری فرموه من وراء بستان كان علی طریقه بسهم فقتل.
و قال صاحب روضة الصفا (4) ما معناه إن سعدا لم یبایع أبا بكر و خرج إلی الشام و قتل بعد مدة فیها بتحریك بعض العظماء.
و قال البلاذری فی تاریخه (5) إن عمر بن الخطاب أشار إلی خالد بن الولید و محمد بن
ص: 366
مسلمة الأنصاری بقتل سعد فرماه كل منهما بسهم فقتل ثم أوقعوا فی أوهام الناس أن الجن قتلوه و وضعوا هذا الشعر علی لسانهم:
قد قتلنا سید الخزرج سعد بن عبادة***فرمیناه بسهمین فلم نخط فؤاده
و لو سلم فنقول قد اعتبر فی تعریف الإجماع اتفاق أهله علی أمر واحد فی وقت واحد إذ لو لم یقع ذلك فی وقت واحد احتمل رجوع المتقدم قبل موافقة المتأخر فلا معنی لحصول الإجماع علی خلافة أبی بكر تدریجا و الحاصل أنهم أرادوا بوقوع الإجماع علی خلافته حصول الاتفاق علی ذلك بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله بلا فصل أو فی زمان قلیل فهو معلوم البطلان و إن أرادوا تحققه بعد تطاول المدة فمع تسلیمه مخالف لما اعتبر فی حقیقة الإجماع من اتحاد الوقت و أیضا لا یقوم حجة إلا إذا
ص: 367
دخل الباقون طوعا أما إذا استظهر الأكثر و خاف الأقل و دخلوا فیما دخل فیه الأكثر خوفا و كرها فلا.
و لا أظنك تستریب بعد الاطلاع علی ما أوردنا سابقا من روایات الخاصة و العامة أن الحال كانت كذلك و أن بنی هاشم لم یبایعوا أولا ثم قهروا و بایعوا بعد ستة أشهر حتی أن معاویة كتب إلی علی علیه السلام یُؤَنِّبُهُ بذلك حیث یقول إنك كنت تقاد كما یقاد الجمل المخشوش و
كتب علیه السلام فی جوابه و قلت إنی كنت أُقَادُ كما یقاد الجمل المخشوش حتی أبایع و لعمر اللّٰه لقد أردت أن تذم فمدحت و أن تفضح فافتضحت و ما علی المسلم من غضاضة فی أن یكون مظلوما ما لم یكن شاكا فی دینه أو مرتابا فی یقینه و هذه حجتی علیك و علی غیرك (1).
و سیأتی فی باب شكواه عن المتقدمین المتغلبین ما فیه كفایة للمعتبرین.
و من الغرائب أنهم اتفقوا جمیعا علی صحة الحدیث
عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَدُورُ مَعَهُ حَیْثُ مَا دَارَ (2).
و قد اعترف ابن أبی الحدید بصحته و قال الغزالی مع شدة تعصبه فی كتاب الإحیاء لم یذهب ذو بصیرة ما إلی تخطئة علی علیه السلام قط و
من المتفق علی روایته فی صحاحهم و أصولهم كان
ص: 368
علی دیان هذه الأمة بعد نبیها (1).
و قال الزمخشری و ابن الأثیر عند ذكر الروایة الدیان القهار و قیل القاضی و الحاكم و قد نقلنا ما أوردوه فی صحاحهم من أخبار السفینة (2) و المنزلة (3) و الثقلین (4) و غیرها فی أبواب النصوص علیه علیه السلام و أبواب فضائله و مع ذلك لا یبالون بمخالفته فی إمامة خلفائهم بلی مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
ص: 369
أحببت أن أورد هاهنا فصلا من كتاب تلخیص الشافی (1) یتضمن كثیرا مما أجاب به السید رضی اللّٰه عنه فی الشافی عن شبه المخالفین و أخبارا جمة مأخوذة من كتبهم یؤید ما أسلفناه من الأخبار حیث قال فی الكلام فی خلافة أبی بكر.
و الطریقة الثانیة بنوها علی الإجماع و ادعوا أن الأمة أجمعت علی إمامته و اختیاره و لهم فی ترتیب الإجماع طرق.
منها أن یقولوا انتهی الأمر فی إمامته إلی إن لم یكن فی الزمان إلا راض بإمامته و كاف عن النكیر فلو لم یكن حقا لم یصح ذلك و لا فرق بین أن نبین ذلك فی أول الأمر أو فی بعض الأوقات و إنما یذكرون ذلك لادعائهم من أن ما ظهر من العباس و الزبیر و أبی سفیان و وقع من تأخر أمیر المؤمنین علیه السلام عن بیعته و من غیره زال كل ذلك.
و الآخر أن یقول إن كل من یدعی علیه الخلاف قد ثبت عنه فعلا و قولا الرضا و البیعة ممن یعتمد علیه و یذكرون أن سعد بن عبادة لم یبق علی الخلاف أو لا یعتد بخلافه.
و الثالث أن یقولوا إن إجماعهم علی فرع لأصل یتضمن تثبیت الأصل و قد استقر الإجماع فی أیام عمر علی إمامته و هی فرع لإمامة أبی بكر فیجب بصحتها صحة ذلك أو نبین أن أحدا لم یقل بصحة إمامة أحدهما دون الآخر ففی ثبوت أحدهما ثبوت الآخر من جهة الإجماع الثانی.
قالوا و الكلام فی هذا أوضح لأن أیام عمر امتدت و ظهر للناس الطاعة له و القبول من قبله و حضور مجلسه و المعاضدة له فی الأمور لأن سعد بن عبادة مات فی أوائل أیام عمر فاستقر الإجماع بعده بغیر شبهة.
و لنا فی الكلام علی إبطال هذه الطریقة وجهان من الكلام.
ص: 370
أحدهما أن نبین أن ترك المنازعة و الإمساك عن النكیر اللَّذَیْنِ توصلوا بهما إلی الرضا و الإجماع لم یكونا فی وقت من الأوقات.
و الثانی أن نسلم أن الخلاف فی إمامته بعد ظهوره انقطع غیر أنه لم ینقطع علی وجه یوجب الرضا و إن السخط ممن كان مظهرا للنكیر ثم كف عنه باق فی المستقبل و إن كف عن معاذیر یذكرها.
فأما الكلام فی الوجه الأول فبأن الخلاف ظهر فی أول الأمر ظهورا لا یمكن دفعه من أمیر المؤمنین علیه السلام و العباس رضی اللّٰه عنه و جماعة بنی هاشم ثم من الزبیر حتی روی عنه أنه خرج شاهرا سیفه و اسْتُلِبَ من یده فَضُرِبَ بِهِ الصَّفَا ثم من سلمان و خالد بن سعید و أبی سفیان صخر بن حرب فكل هؤلاء قد ظهر من خلافهم ما شهرته تغنی عن ذكره و خلاف سعد و ولده و أهله أیضا معروف و كل هذا كان ظاهرا فی ابتداء الأمر.
ثم إن الخلاف من بعض من ذكرنا بقی و استمر و إن لم یكن ظاهرا منه فی المستقبل علی حد ظهوره فی الماضی إلا أنه منقول معروف فمن أین للمخالف أن الخلاف انقطع و أن الإجماع وقع فی حال من الأحوال فما نراه عَوَّلَ فی ذلك إلا علی الدعوی.
فإن قال أما الخلاف فی الابتداء فقد عرفته و أقررت به و ما تَدَّعُونَهُ من استمراره باطل لأنه غیر منقول و لا معروف فعلی من ادعی استمرار الخلاف أن یبین ذلك فإنی أنكره.
قیل له لا معتبر بإنكارك ما نذكره فی هذا الباب لأنك بین أمرین إما أن تكون منكرا لكونه مرویا فی الجملة و تدعی أن أحدا لم یرو استمرار الخلاف علی وجه من الوجوه أو تعترف بأنَّ قوماً رووه غیرُ ثقاتٍ عندك و لم یظهر ظهور الخلاف و لم ینقله كل من نقل ذلك.
فإن أردت ما ذكرناه ثانیا فقد سبقناك إلی الاعتراف به لأنا لم ندع فی الاستمرار ما حصل فی الابتداء من الظهور و لا ندفع أنك لا توثق أیضا كل من
ص: 371
روی ذلك إلا أن أقل ما فی هذا الباب أن یمنعك هذا من القطع علی أن النكیر زال و ارتفع و الرضا حصل و ثبت و إن أردت ما ذكرناه أولا فهو یجری مجری المشاهدات لأن وجودها فی الروایة أظهر من أن یدفع و لم یزل أمیر المؤمنین علیه السلام متظلِّما متألِّما منذ قبض الرسول صلی اللّٰه علیه و آله إلی أن توفاه اللّٰه إلی جنته و لم یزل أهله و شیعته یتظلمون له من دفعه عن حقه و كان ذلك منه علیه السلام و منهم یخفی و یظهر و یترتب فی الخفاء و الظهور ترتب الأوقات فی شدتها و سهولتها فكان علیه السلام یظهر من كلامه فی هذا الباب فی أیام أبی بكر ما لم یكن ظاهرا فی أیام عمر ثم قَوِیَ كلامُهُ و صرَّح بكثیر مما فی نفسه فی أیام عثمان ثم ازداد قوة فی أیام تسلیم الأمر إلیه و من عنی بقراءة الآثار علم أن الأمر جری علی ما ذكرناه.
رَوَی أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ سَعِیدٍ الثَّقَفِیُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ الْعَبْسِیِّ عَنْ خَالِدٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ یَقُولُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَوْلَی بِهَذَا الْأَمْرِ مِنِّی (1).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ الثَّقَفِیُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِی شَیْبَةَ وَ أَبُو نُعَیْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَیْنٍ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِیفَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ
ص: 372
مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا (1).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیِّ وَ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ مُسَیَّبِ بْنِ نَجَبَةَ قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیٌّ علیه السلام یَخْطُبُ وَ أَعْرَابِیٌّ یَقُولُ وَا مَظْلِمَتَاهْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ادْنُ فَدَنَا فَقَالَ لَقَدْ ظُلِمْتُ عَدَدَ الْمَدَرِ وَ الْوَبَرِ.
وَ فِی حَدِیثِ عُبَادَةَ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِیٌّ یَتَخَطَّی فَنَادَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَظْلُومٌ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْحَكَ وَ أَنَا مَظْلُومٌ ظُلِمْتُ عَدَدَ الْمَدَرِ وَ الْوَبَرِ (2).
وَ رَوَی أَبُو نُعَیْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَیْنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی مُسْلِمٍ قَالَ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ قَالَ حَدَّثَنِی وَالِدِی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یَقُمْ مَرَّةً عَلَی الْمِنْبَرِ إِلَّا قَالَ فِی آخِرِ كَلَامِهِ قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنِ الْقَنَّادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِی الْجَحَّافِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِی الْمَسْجِدِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یُصَلِّی أَمَامَهُ فَقَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ أَ لَا تُحَدِّثُنِی بِأَحَبِّ النَّاسِ إِلَیْكَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَ
ص: 373
أَحَبَّهُمْ إِلَیْكَ أَحَبُّهُمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَجَلْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ أَحَبَّهُمْ إِلَیَّ لَأَحَبُّهُمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ هَذَا الشَّیْخُ الْمَظْلُومُ الْمُضْطَهَدُ حَقُّهُ (1).
وَ قَدْ رُوِیَ مِنْ طُرُقٍ كَثِیرَةٍ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ یَقُولُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ یُحْشَرُ لِلْخُصُومَةِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (2).
وَ
قَوْلُهُ علیه السلام یَا عَجَباً بَیْنَمَا یَسْتَقِیلُهَا فِی حَیَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
مَشْهُورٌ (3).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَائِشٍ عَنْ أَبِی الْجَحَّافِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَ لَا أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً لَا یَخْتَلِطُ قُلْتُ بَلَی قَالَ مَرِضَ أَبُو ذَرٍّ مَرَضاً شَدِیداً فَأَوْصَی إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ یَدْخُلُ عَلَیْهِ لَوْ أَوْصَیْتَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ كَانَ أَجْمَلَ مِنْ وَصِیَّتِكَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ وَ اللَّهِ قَدْ أَوْصَیْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً (4).
وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَبَلَةَ الْكِنَانِیُّ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّ بُرَیْدَةَ كَانَ غَائِباً بِالشَّامِ فَقَدِمَ وَ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَأَتَاهُ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ هَلْ نَسِیتَ تَسْلِیمَنَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَاجِبَةً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قَالَ یَا بُرَیْدَةُ إِنَّكَ غِبْتَ وَ شَهِدْنَا وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُحْدِثُ الْأَمْرَ بَعْدَ الْأَمْرِ وَ لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَجْمَعَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ النُّبُوَّةَ وَ الْمُلْكَ.
و قد روی خطاب بریدة لأبی بكر بهذا المعنی فی ألفاظ مختلفة من طرق كثیرة. (5)
ص: 374
و قد روی أیضا من طرق مختلفة و بألفاظ متقاربة المعانی خطاب سلمان الفارسی رضی اللّٰه عنه للقوم و إنكاره ما فعلوه و قوله أصبتم و أخطأتم أصبتم سُنَّةَ الأولین و أخطأتم أهل بیت نبیكم صلی اللّٰه علیه و آله و قوله ما أدری أ نسیتم أم تناسیتم أو جهلتم أم تجاهلتم و قوله و اللّٰه لو أعلم أنی أعز لله دینا أو أمنع لله ضیما لضربت بسیفی قدما قدما. (1) و لم نذكر أسانید هذه الأخبار و طرقها بألفاظها لئلا یطول به الكتاب و من أراده أخذه من مظانه و هذا الخلاف من سلمان و بریدة لا ینفع فیه أن یقال رضی سلمان بعده و تولَّی الولایات و أمسك بریدة و سلَّم و بایع لأن تصریحهم بسبب الخلاف یقتضی أن الرضا لا یقع منهما أبدا و أنهما و إن كفَّا فی المستقبل عن الإنكار لفقد النُّصَّار و الخوف عن النفس فإن قلوبهم منكرة و لكن لیس لمضطر اختیار.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ الثَّقَفِیُّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ یَزِیدَ الْحِمَّانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ كَانَ فِیمَا عَهِدَ إِلَیَّ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ (2).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَیْمُ بْنُ بَشِیرٍ الْوَاسِطِیُّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ سَالِمٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی إِدْرِیسَ الْأَوْدِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ فَتَخْطَفَنِی الطَّیْرُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ سَتَغْدِرُ بِكَ الْأُمَّةُ بَعْدِی.
وَ رَوَی زَیْدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ بَایَعَ النَّاسُ وَ اللَّهِ أَبَا بَكْرٍ وَ أَنَا أَوْلَی بِهِمْ مِنِّی بِقَمِیصِی هَذَا فَكَظَمْتُ غَیْظِی وَ انْتَظَرْتُ أَمْرِی وَ أَلْزَقْتُ كَلْكَلِی بِالْأَرْضِ ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ هَلَكَ وَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ وَ قَدْ وَ اللَّهِ (أ) عَلِمَ أَنِّی أَوْلَی بِالنَّاسِ مِنِّی بِقَمِیصِی هَذَا فَكَظَمْتُ غَیْظِی وَ انْتَظَرْتُ أَمْرِی ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ هَلَكَ وَ جَعَلَهَا شُورَی
ص: 375
وَ جَعَلَنِی فِیهِمْ سَادِسَ سِتَّةٍ كَسَهْمِ الْجَدَّةِ فَقَالَ اقْتُلُوا الْأَقَلَّ فَكَظَمْتُ غَیْظِی وَ انْتَظَرْتُ أَمْرِی وَ أَلْزَقْتُ كَلْكَلِی بِالْأَرْضِ حَتَّی مَا وَجَدْتُ إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِاللَّهِ (1).
و قوله علیه السلام ما وجدت إلا القتال أو الكفر باللّٰه منبها بذلك علی سبب قتاله لطلحة و الزبیر و معاویة و كفه عمن تقدم لأنه لما وجد الأعوان و الأنصار لزمه الأمر و تعین علیه فرض القتال و الدفاع حتی لم یجد إلا القتال أو الخلاف لله و فی الحال الأولی كان معذورا لفقد النُّصَّارِ و الأعوان. (2).
و روی جمیع أهل السِّیَر أن أمیر المؤمنین علیه السلام و العباس لما تنازعا فی المیراث و تخاصما إلی عمر قال عمر من یعذرنی من هذین ولی أبو بكر فقالا عقَّ و ظلم و اللّٰه یعلم أنه كان برا تقیا ثم ولیت فقالا عقَّ و ظلم (3).
و هذا الكلام من أصح دلیل علی أن تظلمه علیه السلام عن القوم كان ظاهرا و غیر خاف علیهم و إنما كانوا یجاملونه و یجاملهم.
وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ بُویِعَ خَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ وَ لَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ إِنِّی لَأَخْشَی أَنْ
ص: 376
تَكُونُوا فِی فَتْرَةٍ وَ مَا عَلَیَّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ وَ قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ فَمِلْتُمْ فِیهَا مَیْلَةً كَانَتْ عَلَیْكُمْ مَا كُنْتُمْ فِیهَا عِنْدِی بِمَحْمُودِینَ أَمَا إِنِّی لَوْ أَشَاءُ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هِمَّتُهُ بَطْنُهُ یَا وَیْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ لَكَانَ خَیْراً لَهُ فِی كَلَامٍ طَوِیلٍ بَعْدَهَا.
و قد رویت هذه الخطبة عن الواقدی: من طرق مختلفة (1)
ص: 377
ثم روی الخطبة الشقشقیة (1) ثم قال و الذی ذكرناه قلیل من كثیر و لو تقصینا جمیع ما روی فی هذا الباب عنه علیه السلام و عن أهله و ولده و شیعته لم یتسع جمیع حجم كتابنا له و فی بعض ما ذكرناه أوضح دلالة علی أن الخلاف ما زال و أنه كان مستمرا و أن الرضا لم یحصل فی حال من الأحوال.
فإن قیل جمیع ما رویتموه أخبار آحاد لا توجب علما و لا یرجع بمثلها عن المعلوم و المعلوم أن الخلاف لم یظهر علی حد ظهوره فی الأول و لم یروها أیضا إلا متعصب غیر موثوق بأمانته.
قلنا أما هذه الأخبار و إن كانت علی التفصیل أخبار آحاد فمعناها متواتر لأنه قد رواه عدد كثیر و جم غفیر و إن كان اللفظ فی التفصیل آحادا ثم لو سلمنا علی اقتراحكم أنها آحاد لیس یجب أن یكون مانعة من القطع علی ارتفاع النكیر و ادعاء العلم بأن الخلاف قد زال و ارتفع لأنه لا یمكن مع هذه الأخبار و هی توجب الظن إن لم توجب العلم أن یدعی العلم بزوال الخلاف.
فأما قول السائل إنا لا نرجع بها عن المعلوم فأی معلوم هاهنا رجعنا بهذه
ص: 378
الأخبار عنه فإن أراد الإجماع و زوال الخلاف فكل ذلك لا یثبت إلا مع فقد ما هو أضعف من هذه الأخبار و زوال الخلاف لا یكون معلوما مع وجداننا روایة واردة به و إنما یتوصل إلی الرضا و الإجماع بالكف عن النكیر و زوال الخلاف و إذا كان الخلاف و النكیر مرویین من جهة ضعیفة أو قویة كیف یقطع علی ارتفاعهما أو زوالهما و أما القدح فی الرواة فأول ما فیه أن أكثر ما رویناه هاهنا وارد من طرق العامة و مسند إلی من لا یتهمونه و لا یجرحونه و من تأمل ذلك علمه ثم لیس یقنع فی جرح الرواة بمحض الدعوی دون أن یشار إلی أمور معروفة و أسباب ظاهرة و إذا رَوَی الخبرَ مَنْ ظاهرُهُ العدالةُ و التدینُ لم یقدح فیه ما جری هذا المجری من القدح.
فإن قیل هذا یؤدی إلی الشك فی ارتفاع كل خلاف.
قلنا إن كان الطریق فیما تشیرون إلیه یجری مجری ما نتكلم علیه فی هذا الباب فلا سبیل إلی القطع علی انتفائه فكیف یقطع علی انتفاء أمر و هو مروی منقول و إنما نقطع علی ذلك فی الموضع الذی لا یُوجَدُ فیه نقلٌ بخلاف و لا روایةٌ لنكیر.
فإن قیل الشی ء إذا كان مما یجب ظهوره إذا كان فإنا نستدل بانتفاء ظهوره علی انتفائه و لا نحتاج إلی أكثر من ذلك و لهذا نقول لو كان القرآن عورض لوجب أن تظهر معارضته علی حد ظهور القرآن فإذا لم نجدها ظاهرة قطعنا علی انتفائها و لو رَوَی لنا راوٍ من طریق الآحاد أن معارضته وقعت لم نلتفت إلی روایته و هذه سبیل ما تَدَّعُونَهُ من النكیر الذی لم یثبت و لم یظهر.
قلنا قد شرطت شرطا كان ینبغی أَنْ تُرَاعِیَهُ و تُوجِدَنَاهُ فیما اختلفنا فیه لأنك قلت إن كل أمر لو كان وجب ظهوره و متی لم یظهر یجب القطع علی انتفائه و هذا صحیح و به تبطل معارضة القرآن علی ما ذكرت لأن الأمر فی أنها لو كانت لوجب ظهورها واضح و علیه بنی الكلام و لیس هذا موجودا فی النكیر علی أصحاب الاختیار لأنك لا تقدر علی أن تدل علی أن نكیرهم یجب ظهوره لو كان و أن الداعی إلیه داع إلی إظهاره بل الأمر بخلاف ذلك لأن الإنكار علی مالك الحل و العقد و
ص: 379
الأمر و النهی و النفع و الضر الذی قد مال إلیه أكثر المسلمین و رضی بإمامته أكثر الأنصار و المهاجرین یجب طیه و ستره و لا یجوز إذاعته و نشره و الدواعی كلها متوفرة إلی إخفائه و ترك إعلانه فأین هذا من المعارضة.
و لو جوزنا فی المعارضة أو غیرها من الأمور أن یكون و لا تدعو الدواعی إلی إظهاره بل إلی طیه و نشره لم یجب القطع علی انتفائه من حیث لم یظهر للكل و لم ینقله الجمیع و لكنا متی وجدنا أیسر روایة فی ذلك نمنع لأجلها من القطع علی انتفاء ذلك الأمر و علی أنه لم یكن و سنشبع الكلام فی السبب المانع من إظهار الخلاف و إعلان النكیر فیما یأتی بمشیة اللّٰه.
فأما قولهم إن كل من یدعی علیه الخلاف فإنه ثبت عنه قولا و فعلا الرضا بالبیعة و قد بینا و سنبین أن الأمر بخلافه و أن الذی اعتمدوه من الكف عن النزاع لیس بدلالة علی الرضا لأنه وقع عن أسباب ملجئة و كذلك سائر ما یدعی من ولایة من تولی من قبل القوم ممن كان مقیما علی خلافهم و منكرا لأمرهم.
و أما بناؤهم العقد الأول علی الثانی و أنه لما ظهر فی الثانی من الرضا و الانقیاد لطول الأیام و تمادیها ما لم یظهر فی الأول جاز أن یجعل أصلا له فالكلام علی العقد الأول الذی ذكرناه مستمر فی الثانی بعینه لأن خلاف من حكینا خلافه و روینا عنه ما روینا هو خلاف فی العقدین جمیعا.
ثم لو سلمنا ارتفاع الخلاف علی ما یقترحونه لكان ذلك لا یدل علی الرضا إذا بینا ما أحوج إلیه و ألجأ إلی استعماله.
فأما قولهم إن سعدا لا یعتد بخلافه من حیث طلب الإمامة لنفسه و كان مبطلا فی ذلك و استمر علی هذه الطریقة فلا اعتبار بخلافه فلیس بشی ء یعول علیه لأن أول ما فی ذلك أن الذی ادعوه من أن الأئمة من قریش لیس بمقطوع به و لا رواه أحد من أهل السیر و خلاف سعد فی الإمامة و الأنصار خلاف واحد و نحن نبین ما ذكره أهل السیر من خبر السقیفة لیعلم أن ما ادعوه
ص: 380
لا أصل له. (1) ثم روی ما روینا منه سابقا من أخبار السقیفة (2) فقال و قد روی الطبری و غیره خبر السقیفة من طرق مختلفة خالیة كلها من ذكر الاحتجاج
بالخبر المروی أن الأئمة من قریش.
و یدل علی ضعفه ما روی عن أبی بكر من قوله عند موته (3)
ص: 381
لیتنی كنت سألت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن ثلاثة أشیاء ذكر من جملتها لیتنی كنت
ص: 382
سألته هل للأنصار فی هذا الأمر حق فكیف یقول هذا القول من یروی عنه علیه السلام أن الأئمة من قریش و أن هذا الأمر لا یصلح إلا لهذا الحی من قریش و یدل علی ضعفه أیضا ما روی أن عمر قال عند موته لو كان سالم حیا ما تخالجنی فیه الشكوك (1) بعد أن ذكر أهل الشوری و طعن علی واحد واحد و سالم لم یكن من قریش فكیف یجوز أن یقول هذا و قد سمع أبا بكر روی هذا الخبر.
وَ رَوَی الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ عَنْ شُیُوخِهِ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ قِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوِ اسْتَخْلَفْتَ قَالَ مَنْ أَسْتَخْلِفُ لَوْ كَانَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَیّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ فَإِنْ سَأَلَنِی رَبِّی قُلْتُ سَمِعْتُ نَبِیَّكَ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّهُ أَمِینُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ حَیّاً اسْتَخْلَفْتُهُ فَإِنْ سَأَلَنِی رَبِّی قُلْتُ سَمِعْتُ نَبِیَّكَ یَقُولُ إِنَّ سَالِماً شَدِیدُ الْحُبِّ لِلَّهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَدُلُّكَ عَلَیْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ قَاتَلَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ اللَّهَ بِهَذَا وَیْحَكَ كَیْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ (2)..
وَ رَوَی الْبَلاذُرِیُّ فِی كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِتَارِیخِ الْأَشْرَافِ عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی رَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ مُسْتَنِداً إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ فَقَالَ اعْلَمُوا أَنِّی لَمْ أَقُلْ فِی الْكَلَالَةِ شَیْئاً وَ لَمْ أَسْتَخْلِفْ بَعْدِی أَحَداً وَ أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِی مِنْ سَبْیِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ قَالَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدٍ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ائْتَمَنَكَ النَّاسُ فَقَالَ عُمَرُ
ص: 383
لَقَدْ رَأَیْتُ مِنْ أَصْحَابِی حِرْصاً سَیِّئاً وَ أَنَا جَاعِلٌ هَذَا الْأَمْرَ إِلَی النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِینَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَدْرَكَنِی أَحَدُ رَجُلَیْنِ لَجَعَلْتُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَیْهِ وَ لَوَثِقْتُ بِهِ سَالِمٌ مَوْلَی أَبِی حُذَیْفَةَ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ قَاتَلَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ اللَّهَ بِهَذَا أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لَمْ یُحْسِنْ أَنْ یُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ عَفَّانُ یَعْنِی بِالرَّجُلِ الَّذِی أَشَارَ إِلَیْهِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ (1)..
و هذا كما تری تصریح بأن تمنی سالم إنما كان لأن یستخلفه كما أنه تمنی أبا عبیدة لذلك فأی تأویل یبقی مع هذا الشرح.
و العجب من أن یكون بحضرته مثل أمیر المؤمنین و منزلته فی خلال الفضل منزلته و باقی أهل الشوری الذین كانوا فی الفضل الظاهر علی أعلی طبقاته ثم یتمنی مع ذلك حضور سالم تمنی من لا یجد منه عوضا و إن ذلك لدلیل قوی علی سوء رأیه فی الجماعة (2) و لو كان تمنیه للرأی و المشورة كان یكون أیضا الخطب جلیلا لأنا نعلم أنه لم یكن فی هذه الجماعة التی ذكرناها إلا مَنْ مَوْلَاهُ یُسَاوِی سَالِماً إن لم یَفْضُلْهُ فی الرأی و جودة التحصیل فكیف یرغب عنهم فی الرأی و اختیار من لا یصلح للأمر و یتلهف علی حضور من لا یدانیهم فی علم و لا رأی و كل هذه الأخبار إذا سُلِّمَتْ و أَحْسَنَّا الظنَّ بعمر دلت علی أن
الخبر الذی رووه بأن الأئمة من قریش.
لا أصل له.
فإن قیل كیف تدفعون هذا الخبر و أنتم تقولون بمثل ذلك.
ص: 384
قلنا نحن لا نرجع فی ثبوت إمامة من نقول بإمامته إلی أمثال هذه الأخبار بل لنا علی ذلك أدلة واضحة و حجج بینة و إنما أوردنا خبر السقیفة لیعلم أن خلاف سعد و ذویه كان قادحا.
ثم لو سلمنا أنه كان مُبْطِلًا فی طلب الإمامة لنفسه علی ما یقترحونه لم لا یعتد بخلافه و هو خالف فی أمرین أحدهما أنه اعتقد أن الإمامة تجوز للأنصار و الآخر أنه لم یرض بإمامة أبی بكر و لا بایعه و هذان خلافان لیس كونه مبطلا فی أحدهما یقتضی أن یكون مبطلا فی الآخر و لیس أحدهما مبنیا علی صاحبه فیكون فی إبطال الأصل إبطال الفرع لأن من ذهب إلی جواز الإمامة فی غیر قریش لا یمنع من جوازها فی قریش فكیف یجعل امتناعه من بیعة قریش مبنیا علی أصله فی أن الإمامة تجوز فی غیر قریش دلیلا علی أنه مبطل فی امتناعه من بیعة إنسان بعینه.
و لیس لأحد أن یقول إن سعدا وحده لا یكون محقا و لا یكون خروجه عما علیه الأمة مؤثرا فی الإجماع و ذلك أن هذا استبعاد لا وجه له لأن سعدا مثل غیره من الصحابة الذین إذا خالفوا فی شی ء أثر خلافهم فی الإجماع و لا یعد إجماعا.
فإن قیل إن خلاف واحد و اثنین لا یعتد به لأنه لا یكون سبیلا للمؤمنین و قول الجماعة یصح ذلك فیه.
قیل أول ما فیه أنه كان لسعد من الأولاد من یجوز أن یتناوله الكنایة عن الجماعة لأن أقل من یتناوله اللفظ ثلاثة فصاعدا و بعد فإذا كان لفظ المؤمنین یفید الاستغراق علی وجه الحقیقة فمن حمله علی جماعة دون الاستغراق كان مجازا و إذا جاز حمله علی هذا الضرب من المجاز جاز أن یحمل علی الواحد لأنه قد یعبر عن الواحد بلفظ الجماعة مجازا علی أنا قد بینا فیما تقدم أن هذه الآیات لا دلالة فیها علی صحة التعلق بالإجماع و فی ذلك إسقاط هذا السؤال.
و أما الطریقة الثانیة فهی أن نسلم لهم ترك النكیر و إظهار البیعة و
ص: 385
نقول ما الذی یدل علی أنهم كانوا راضین بها و الرضا من أفعال القلوب لا یعلمه إلا اللّٰه تعالی ثم یقال لهم قد علمنا أن أمیر المؤمنین علیه السلام تأخر عن البیعة و امتنع منها علما لا یتخالجنا فیه الشك و اختلف الناس فی مدة تأخرها فمنهم من قال ستةَ أشهر و منهم من قال أربعین یوما (1) و منهم من قال أقل و أكثر و ذلك یدل علی إنكاره للبیعة و تسخطه لها فمن ادعی أنه بایع بعد ذلك مختارا راضیا بالبیعة فعلیه الدلالة.
فإن قیل لو لم یكن راضیا بها لأنكر لأنه كان یتعین علیه الإنكار من حیث إن ما ارتكبوه قبیح و من حیث إنه دفع عن مقامه و استحقاقه فلما لم ینكر دل علی أنه كان راضیا.
قیل و لم زعمتم أنه لا وجه لترك النكیر إلا الرضا دون غیره لأنه إذا كان ترك النكیر قد یقع و یكون الداعی إلیه غیر الرضا كما قد یدعو إلیه الرضا فلیس لأحد أن یجعل فقده دلیل الرضا و النكیر قد یرتفع لأمور منها التقیة و الخوف علی النفس و ما جری مجراها و منها العلم أو الظن بأنه یعقب من النكیر ما هو أعظم من المنكر الذی یراد إنكاره و منها الاستغناء منه بنكیر تقدم و أمور ظهرت ترفع اللبس و الإبهام فی الرضا بمثله و منها أن یكون للرضا و إذا كان ترك النكیر منقسما لم یكن لأحد أن یخصه بوجه واحد و إنما یكون ترك النكیر دلالة علی الرضا فی الموضع الذی لا یكون له وجه سوی الرضا فمن أین لهم أنه لا
ص: 386
وجه لترك النكیر هاهنا إلا الرضا.
فإن قیل لیس الرضا أكثر من ترك النكیر فمتی علمنا ارتفاع النكیر علمنا الرضا.
قلنا هذا مما قد بینا فساده و بینا أن ترك النكیر ینقسم إلی الرضا و غیره و بعد فما الفرق بین من قال هذا و بین من قال و لیس السخط أكثر من ارتفاع الرضا فمتی لم أعلم الرضا و أتحققه قطعت علی السخط فیجب علی من ادعی أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان راضیا أن ینقل ما یوجب كونه كذلك و لا یعتمد فی أنه كان راضیا علی أن نكیره ارتفع فإن للمقابل أن یقابل ذلك بما قدمنا ذكره و یجعل دلیل كونه ساخطا ارتفاع رضاه.
فإن قال لیس یجب علینا أن ننقل ما یدل علی رضاه أكثر من بیعته و ترك نكیره لأن الظاهر من ذلك یقتضی ما ذكرناه و علی من ادعی خلافه و أنه كان مبطنا لخلاف الرضا أن یدل علی ذلك فإنه خلاف الظاهر.
قیل له لیس الأمر علی ما قدرته لأن سخط أمیر المؤمنین علیه السلام هو الأصل لأنه لا خلاف بین الأمة فی أنه علیه السلام سخط الأمر و أباه و نازع فیه و تأخر عن البیعة ثم لا خلاف أنه فی المستقبل أظهر البیعة و لم یقم علی ما كان علیه من إظهار الخلاف و النكیر فنقلنا عن أحد الأصلین اللذین كان علیهما من الامتناع عن البیعة و إظهار الخلاف أمر معلوم و لم ینقلنا عن الأصل الآخر الذی هو السخط و الكراهة شی ء فیجب علی من ادعی تغیر الحال أن یدل علی تغیرها و یذكر أمرا معلوما یقتضی ذلك و لا یرجع علینا فیلزمنا أن ندل علی ما ذكرنا لأنا علی ما بیناه متمسكون بالأصل المعلوم و إنما تجب الدلالة علی من ادعی تغییر الحال.
و لیس له أن یجعل البیعة و ترك النكیر دلالة الرضا لأنا قد بینا أن ذلك منقسم و لا ینقل من المعلوم المتحقق بأمر محتمل.
فإن قیل هذه الطریقة التی سلكتموها توجب الشك فی كل إجماع و تمنع
ص: 387
من أن نقطع علی رضا أحد بشی ء من الأشیاء لأنا إنما نعلم الرضا فی كل موضع نثبته فیه بمثل هذه الطریقة و بما هو أضعف منها.
قیل له إن كان لا طریق إلی معرفة الإجماع و رضی الناس بالأمر إلا ما أدعیته فلا طریق إذا إلیه لكن الطریق إلی ذلك واضح و هو أن یعلم أن النكیر لم یرتفع إلا للرضا و أنه لا وجه هناك سواه و هذا قد یعلم ضرورة من شاهد الحال و قد یعلم من غاب عنها بالنقل و غیره حتی لا یرتاب بأن الرضا هو الداعی إلی ترك النكیر أ لا تری أنا نعلم كلنا علما لا یعترضه شك أن بیعة عمر و أبی عبیدة و سالم لأبی بكر كانت عن رضی و موافقة و مبایعة فی الظاهر و الباطن و أنه لا وجه لما أظهروه من البیعة و الموافقة إلا الرضا و لا نعلم ذلك فی أمیر المؤمنین علیه السلام و من جری مجراه فلو كان الطریق واحدا لعلمنا الأمرین علی سواء.
و هذا أحد ما یمكن الاعتماد علیه فی هذا الموضع فیقال لو كان أمیر المؤمنین علیه السلام راضیا و ظاهره كباطنه فی الكف عن النكیر لوجب أن نعلم ذلك من حاله كما علمناه من حال عمر و أبی عبیدة فلما لم یكن ذلك معلوما دل علی اختلاف الحال فیه.
و كیف یشكل علی منصف أن بیعة أمیر المؤمنین علیه السلام لم تكن عن رضا و الأخبار متظاهرة من كل من روی السیر بما یقتضی ذلك حتی أن من تأمل ما روی فی هذا الباب لم یبق علیه شك فی أنه علیه السلام أُلْجِئَ إلی البیعة و صار إلیها بعد المدافعة و المحاجزة لأمور اقتضت ذلك لیس من جملتها الرضا.
فَقَدْ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی بْنِ جَابِرٍ الْبَلاذُرِیُّ وَ حَالُهُ فِی الثِّقَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَ الْبُعْدِ عَنْ مُقَارَبَةِ الشِّیعَةِ وَ الضَّبْطِ لِمَا یَرْوِیهِ مَعْرُوفَةٌ قَالَ حَدَّثَنِی بَكْرُ بْنُ الْهَیْثَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعَمَّرٍ عَنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ قَعَدَ عَنْ بَیْعَتِهِ وَ قَالَ ائْتِنِی بِهِ بِأَعْنَفِ الْعُنْفِ فَلَمَّا أَتَاهُ جَرَی بَیْنَهُمَا كَلَامٌ فَقَالَ لَهُ احْلِبْ حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ وَ اللَّهِ
ص: 388
مَا حِرْصُكَ عَلَی إِمَارَتِهِ الْیَوْمَ إِلَّا لِیُؤَمِّرَكَ غَداً وَ مَا نَنْفَسُ عَلَی أَبِی بَكْرٍ هَذَا الْأَمْرَ وَ لَكِنَّا أَنْكَرْنَا تَرْكَكُمْ مُشَاوَرَتَنَا وَ قُلْنَا إِنَّ لَنَا حَقّاً لَا تَجْهَلُونَهُ ثُمَّ أَتَاهُ فَبَایَعَهُ. (1).
و هذا الخبر یتضمن ما جرت علیه الحال و ما تقوله الشیعة بعینه و قد أنطق اللّٰه به رواتهم.
وَ قَدْ رَوَی الْبَلاذُرِیُّ عَنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ عَنْ سُلَیْمَانَ التَّیْمِیِّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرْسَلَ عُمَرَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یُرِیدُهُ إِلَی الْبَیْعَةِ فَلَمْ یُبَایِعْ فَجَاءَ عُمَرُ وَ مَعَهُ قَبَسٌ فَتَلَقَّتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام عَلَی الْبَابِ فَقَالَتْ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَ تَرَاكَ مُحْرِقاً عَلَیَّ بَابِی قَالَ نَعَمْ وَ ذَلِكِ أَقْوَی فِیمَا جَاءَ بِهِ أَبُوكِ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَبَایَعَ. (2).
و هذا الخبر قد روته الشیعة من طرق كثیرة و إنما الطریف أن یرویه شیوخ محدثی العامة لكنهم كانوا یروون ما سمعوا بالسلامة و ربما تنبهوا علی ما فی بعض ما یروونه علیهم فكفوا عنه (3) و أی اختیار لمن یحرق علیه بابه حتی یبایع.
ص: 389
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ سَعِیدٍ الثَّقَفِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَبِیبٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: وَ اللَّهِ مَا بَایَعَ عَلِیٌّ حَتَّی رَأَی الدُّخَانَ قَدْ دَخَلَ بَیْتَهُ. (1).
وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ مَشَی عُثْمَانُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا ابْنَ عَمِّ إِنَّهُ لَا یَخْرُجُ أَحَدٌ إِلَی قِتَالِ هَذَا الْعَدُوِّ وَ أَنْتَ لَمْ تُبَایِعْ وَ لَمْ یَزَلْ بِهِ حَتَّی مَشَی إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وَ جَدَّ
ص: 390
النَّاسُ فِی الْقِتَالِ. (1).
وَ رَوَی الْبَلاذُرِیُّ عَنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی جزی عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ یُبَایِعْ عَلِیٌّ أَبَا بَكْرٍ حَتَّی مَاتَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا مَاتَتْ ضَرَعَ إِلَی صُلْحِ أَبِی بَكْرٍ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَنْ یَأْتِیَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَا تَأْتِهِ وَحْدَكَ قَالَ فَمَا ذَا یَصْنَعُونَ بِی فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا نَفِسْنَا عَلَیْكَ مَا سَاقَ اللَّهُ إِلَیْكَ مِنْ فَضْلٍ وَ خَیْرٍ وَ لَكِنَّا كُنَّا نَرَی أَنَّ لَنَا فِی هَذَا الْأَمْرِ نَصِیباً اسْتُبِدَّ بِهِ عَلَیْنَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ اللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ قَرَابَتِی فَلَمْ یَزَلْ عَلِیٌّ یَذْكُرُ حَقَّهُ وَ قَرَابَتَهُ حَتَّی بَكَی أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مِیعَادُكَ الْعَشِیَّةُ فَلَمَّا صَلَّی أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ خَطَبَ فَذَكَرَ عَلِیّاً علیه السلام وَ بَیْعَتَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی لَمْ یَحْبِسْنِی عَنْ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ أَلَّا أَكُونَ عَارِفاً بِحَقِّهِ لَكِنَّا كُنَّا نَرَی أَنَّ لَنَا فِی هَذَا الْأَمْرِ نَصِیباً اسْتُبِدَّ بِهِ عَلَیْنَا ثُمَّ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ أَصَبْتَ وَ أَحْسَنْتَ. (2).
ص: 391
و من تأمل هذه الأخبار علم كیف وقعت هذه البیعة و ما الداعی إلیها و لو كانت الحال سلیمة و النیات صافیة و التهمة مرتفعة لما منع عمر أبا بكر من أن یصیر إلی أمیر المؤمنین علیه السلام وحده.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ الثَّقَفِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَرَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ: مَا بَایَعَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَّا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ مَا اجْتُرِئَ عَلَیْهِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ علیها السلام. (1).
وَ رَوَی الثَّقَفِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ فَرْوَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: جَاءَ بُرَیْدَةُ حَتَّی رَكَزَ رَایَتَهُ فِی وَسَطِ أَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ لَا أُبَایِعُ حَتَّی یُبَایِعَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا بُرَیْدَةُ ادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ فَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمْ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنِ اخْتِلَافِهِمُ الْیَوْمَ. (2).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لَهُمْ بَایِعُوا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ خَیَّرُونِی أَنْ یَأْخُذُوا مَا لَیْسَ لَهُمْ أَوْ أُقَاتِلَهُمْ وَ أُفَرِّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِینَ (3).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ قَلِیبِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَبَتْ أَسْلَمُ أَنْ تُبَایِعَ فَقَالُوا مَا كُنَّا نُبَایِعُ حَتَّی یُبَایِعَ بُرَیْدَةُ لِقَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِبُرَیْدَةَ عَلِیٌّ وَلِیُّكُمْ مِنْ بَعْدِی قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا هَؤُلَاءِ إِنَّ هَؤُلَاءِ خَیَّرُونَّا أَنْ یَظْلِمُونِی حَقِّی وَ أُبَایِعَهُمْ فَارْتَدَّ النَّاسُ حَتَّی بَلَغَتِ
ص: 392
الرِّدَّةُ أَحَداً فَاخْتَرْتُ أَنْ أُظْلَمَ حَقِّی وَ إِنْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا (1).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ یَزِیدَ الْأَوْدِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: مَا رَحِمْتُ أَحَداً رَحْمَتِی عَلِیّاً حِینَ أُتِیَ بِهِ مُلَبَّباً فَقِیلَ لَهُ بَایِعْ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالُوا إِذاً نَقْتُلَكَ قَالَ إِذاً تَقْتُلُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ بَایَعَ كَذَا وَ ضَمَّ یَدَهُ الْیُمْنَی. (2).
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ یَزِیدَ الْأَوْدِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: إِنِّی لَجَالِسٌ عِنْدَ أَبِی بَكْرٍ إِذْ جِی ءَ بِعَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ بَایِعْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنْ أَنَا لَمْ أُبَایِعْ قَالَ أَضْرِبُ الَّذِی فِیهِ عَیْنَاكَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ مَدَّ یَدَهُ فَبَایَعَهُ. (3).
و قد روی هذا المعنی من طرق مختلفة و بألفاظ متقاربة المعنی و إن اختلف لفظها و
أنه علیه السلام كان یقول فی ذلك الیوم لَمَّا أُكْرِهَ علی البیعة و حذر من التقاعد عنها یا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی فَلا تُشْمِتْ بِیَ الْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِی مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ و یردد ذلك و یكرره.
و ذكر أكثر ما روی فی هذا المعنی یطول (4) فضلا عن ذكر جمیعه و فیما أشرنا إلیه كفایة و دلالة علی أن البیعة لم تكن عن رضا و اختیار.
فإن قیل كل ما رویتموه فی هذا المعنی أخبار آحاد لا توجب علما.
قلنا كل خبر مما ذكرناه و إن كان واردا من طریق الآحاد فإن معناه الذی تضمنه متواتر و المعول علی المعنی دون اللفظ و من استقری الأخبار وجد معنی إكراهه علیه السلام علی البیعة و أنه دخل فیها مستدفعا للشر و خوفا من تفرق كلمة المسلمین و قد وردت به أخبار كثیرة من طرق مختلفة تخرج عن حد الآحاد
ص: 393
إلی التواتر و بعد فأدون منزلة هذه الأخبار إذا كانت آحادا أن تقتضی الظن و تمنع من القطع علی أنه لم یكن هناك خوف و لا إكراه و إذا كنا لا نعلم أن البیعة وقعت عن رضا و اختیار مع التجویز لأن یكون هناك أسباب إكراه فأولی أن لا نقطع علی الرضا و الاختیار مع الظن لأسباب الإكراه و الخوف فإن قیل التقیة لا تكون إلا عن خوف شدید و لا بد له من أسباب و أمارات تظهر فمتی لم تظهر أسبابه لم یسغ تجویزه و إذا كان غیر جائز فلا تقیة قلنا و أی أسباب و أمارات هی أظهر مما ذكرناه و رویناه هذا إن أردتم بالظهور النقل و الروایة علی الجملة و إن أردتم بالظهور أن ینقله جمیع الأمة و یعلموه و لا یرتابوا به فذاك اقتراح منكم لا ترجعون فیه إلی حجة و لنا أن نقول لكم من أین أوجبتم ذلك و ما المانع من أن ینقل أسباب التقیة قوم و یعرض عن نقلها آخرون لأغراض لهم و صوارف تصرفهم عن النقل و لا خفاء بما فی هذه الدعوی و أمثالها.
علی أن الأمر فی ظهور أسباب التقیة أوضح من أن یحتاج فیه إلی روایة خبر و نقل لفظ مخصوص لأنكم تعلمون أن أمیر المؤمنین علیه السلام تأخر عن البیعة تأخرا علم و ارتفع الخلاف فیه ثم بایع بعد زمان متراخ و إن اختلف فی مدته و لم تكن بیعته و إمساكه عن النكیر الذی كان وقع منه إلا بعد أن استقر الأمر لمن عقد له و بایعه الأنصار و المهاجرون و أجمع علیه فی الظاهر المسلمون و شاع بینهم أن بیعته انعقدت بالإجماع و الاتفاق و أن من خالف علیه كان شاقا لعصا المسلمین مبتدعا فی الدین رادا علی اللّٰه و علی رسوله و بهذا بعینه احتجوا علی من قعد عن البیعة و تأخر عنها فأی سبب للخوف أظهر مما ذكرناه.
و كیف یراد سبب له و لا شی ء یذكر فی هذا الباب إلا و هو أضعف مما أشرنا إلیه و كیف یمكن أمیرَ المؤمنین علیه السلام المقامُ علی خلاف من بایعه جمیع المسلمین و أظهروا الرضا به و السكون إلیه و أن مخالفه مبتدع خارج عن الملة.
و إنما یصح أن یقال إن الخوف لا بد له من أمارة و أسباب تظهر و إن نفیه
ص: 394
واجب عند ارتفاع أسبابه و لو كان أمیر المؤمنین علیه السلام بایع فی الابتداء من الأمر مبتدئا بالبیعة طالبا لها راغبا فیها من غیر تقاعد و من غیر أن تأخذه الألسن باللوم و العذل فیقول واحد حسدت الرجل و یقول آخر أردت الفرقة و وقوع الاختلاف بین المسلمین و یقول آخر متی أقمت علی هذا لم یقاتل أحد أهل الرِّدَّة و یطمع المرتدون فی المسلمین و من غیر أن یتلوم أو یتربص حتی یجتمع المتفرقون و یدخل الخارجون و لا یبقی إلا راض أو متظاهر بالرضا فَأَمَّا وَ الْأَمْرُ جَرَی عَلَی خِلَافِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الذی لا إشكال فیه أنه علیه السلام بایع مستدفعا للشر و فرارا من الفتنة و بعد أن لم یبق عنده بقیة و لا عذر فی المحاجزة و المدافعة.
هذا إذا عوَّلنا فی إمساكه عن النكیر علی الخوف المقتضی للتقیة و قد یجوز أن یكون سبب إمساكه عن النكیر غیر الخوف إما منفردا أو مضموما إلیه و ذلك أنه لا خلاف بیننا و بین من خالفنا فی هذه المسألة أن المنكر إنما یجب إنكاره بشرائط منها أن لا یغلب فی الظن أنه یؤدی إلی منكر هو أعظم منه و أنه متی غلب فی الظن ما ذكرناه لم یجز إنكاره و لعل هذه كانت حال أمیر المؤمنین فی ترك النكیر.
و الشیعة لا تقتصر فی هذا الباب علی التجویز بل تروی روایات كثیرة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله عهد إلی أمیر المؤمنین علیه السلام بذلك و أنذره بأن القوم یدفعونه عن الأمر و یغلبونه علیه و أنه متی نازعهم فیه أدی ذلك إلی الرِّدَّة و رجوع الحرب جذعة و أمره بالإغضاء و الإمساك إلی أن یتمكن من القیام بالأمر و التجویز فی هذا الباب لما ذكرنا كاف.
فإن قیل هذا یؤدی إلی أن یجوز فی كل من ترك إنكار منكر هذا الوجه بعینه فلا نذمه علی ترك نكیره و لا نقطع علی رضاه به.
قلنا لا شك فی أن من رأیناه كافّاً عن نكیر منكر و نحن نجوِّز أن یكون إنما كفَّ عن نكیره لظنه أنه یعقب ما هو أعظم منه فإنا لا نذمه و لا نرمیه أیضا
ص: 395
بالرضا به و إنما نفعل ذلك عند علمنا بارتفاع سائر الأعذار و حصول شرائط جمیع إنكار المنكر و ما نعلم بیننا و بینكم خلافا فی هذا الذی ذكرناه علی الجملة و إنما یقع التناسی للأصول إذا بلغ الكلام إلی الإمامة.
و لیس لأحد أن یقول إن غلبة الظن بأن إنكار المنكر یؤدی إلی ما هو أعظم منه لا بد فیه من أمارات تظهر و تنقل و فی فقد علمنا بذلك دلالة علی أنه لم یكن و ذلك أن الأمارات إنما یجب أن تكون ظاهرة لمن شاهد الحال و غلب فی ظنه ما ذكرناه دون من لم تكن هذه حاله و نحن خارجون عن ذلك و الأمارات الظاهرة فی تلك الحال لمن غلب فی ظنه ما یقتضیه لیست مما یُنْقَلُ و یُرْوَی و إنما یُعْرَفُ بشاهد الحال و ربما ظهرت أیضا لبعض الحاضرین دون بعض
علی أن كل هذا الكلام إنما نتكلفه متی لم نبن كلامنا علی صحة النص علی أمیر المؤمنین علیه السلام و متی بنینا الكلام فی أسباب ترك النكیر علی ما قدمناه من صحة النص ظهر الأمر ظهورا یرفع الشبهة لأنه إذا كان هو علیه السلام المنصوصَ علیه بالإمامة و المشارَ إلیه من بینهم بالخلافة ثم رآهم بعد وفاة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله تنازعوا الأمرَ بینهم تَنَازُعَ من لم یسمعوا فیه نصّا و لا أعطوا فیه عهدا و صاروا إلی إحدی الجهتین بطریقة الاختیار و صمموا علی أن ذلك هو الواجب الذی لا معدل عنه و لا حق سواه علم صلی اللّٰه علیه أن ذلك مویس من نزوعهم و رجوعهم و مخیف من ناحیتهم و أنهم إذا استجازوا إطراح عهد الرسول و اتباع الشبهة فیه فهم بأن یطرحوا إنكار غیره و یعرضوا عن وعظه و تذكیره أولی و أحری.
و لا شبهة علی عاقل فی أن النص إن كان حقا علی ما نقوله و دفع ذلك الدفع فإن النكیر هناك لا ینجع و لا ینفع و إنه مؤد إلی غایة مكروه فاعلیه.
فإن قالوا إنما تأخر علیه السلام استیحاشا من استبدادهم بالأمر دون مشاورته و مطالعته أو لاشتغاله بتجهیز الرسول صلی اللّٰه علیه و آله ثم بأمر
ص: 396
فاطمة علیها السلام.
قیل هذا لا یصح علی مذهبكم لأن مشاورته لا تجب علیهم و عقد الإمامة یتم بمن عقدها و لا یفتقر فی صحته و تمامه إلی حضوره علیه السلام و ما تدَّعونه من خوف الفتنة فهو علیه السلام كان أعلم به و أخوف له فكیف یتأخر علیه السلام عما یجب علیه من أجل أنهم لم یفعلوا ما لا یجب علیهم و كیف یستوحش ممن عدل عن مشاورته و هی غیر واجبة عندهم فی حال السلم و الأمن و هل هذا إلا سوء ثناء علی أمیر المؤمنین علیه السلام و نسبة له إلی ما یتنزه قدره و دینه عنه.
فإن قیل إن هذا یجری مجری امرأة لها إخوة كبار و صغار فتولی أمرها الصغار فی التزویج فإنه لا بد أن یستوحش الكبار من ذلك.
قیل له إن الكبیر متی كان دَیِّناً خائفا من اللّٰه تعالی فإن استیحاشه و ثقل ما یجری علی طبعه لا یجوز أن یبلغ به إلی إظهار الكراهة للعقد و الخلاف فیه و إیهام أنه غیر مُمْضًی و لا صوابٍ و كل هذا جری من أمیر المؤمنین علیه السلام فیكف یضاف إلیه مع المعلوم من خشونة أمیر المؤمنین فی الدین و غضبه له (1) الاستیحاش من الحق و الغضب مما یورد إلیه تحرزا عن الفتنة و تلافیا للفرقة.
و أما الاشتغال بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله فإنه كان ساعة من نهار و التأخر كان شهورا و المقلل قال أیاما و تلك الساعة أیضا كان یمكن فیها إظهار الرضا و المراسلة به بدلا من إظهار السخط و الخلاف.
و أما فاطمة علیها السلام فإنها توفیت بعد أشهر فكیف یشتغل بوفاتها عن البیعة المتقدمة مع تراخیها و عندهم أیضا أنه تأخر عن البیعة أیاما یسیرة و مكثرهم یقول أربعین یوما فكیف یشتغل ما یكون بعد أشهر عما كان قبلها و من أدل دلیل علی أن كفه عن النكیر و إظهار الرضا لم یكن اختیارا و إیثارا بل كان لبعض
ص: 397
ما ذكرناه أنه لا وجه لمبایعته بعد الإباء إلا ما ذكرناه بعینه فإن إباءه المتقدم لا یخلو من وجوه إما أن یكون لاشتغاله بالنبی و ابنته صلوات اللّٰه و سلامه علیهما أو استیحاشا من ترك مشاورته و قد أبطلنا ذلك بما لا زیادة علیه أو لأنه كان ناظرا فی الأمر و مرتئیا فی صحة العقد إما بأن یكون ناظرا فی صلاح المعقود له الإمامة أو فی تكامل شرائط عقد إمامته و وقوعه علی وجه المصلحة فكل ذلك لا یجوز أن یخفی علی أمیر المؤمنین علیه السلام و لا ملتبسا بل كان به أعلم و إلیه أسبق و لو جاز أن یخفی علیه مثله وقتا و وقتین لما جاز أن یستمر علیه الأوقاتَ و یتراخی المدد فی خفائه.
و كیف یشكل علیه صلاح أبی بكر للإمامة و عندهم أن ذلك كان معلوما ضرورة لكل أحد و كذلك عندهم صفات العاقدین و عددهم و شروط العقد الصحیح مما نص النبی صلی اللّٰه علیه و آله علیه و أعلم الجماعة به علی سبیل التفصیل فلم یبق شی ء یرتئی فیه مثل أمیر المؤمنین علیه السلام و ینظر فی إصابته النظر الطویل و لم یبق وجه یحمل علیه إباؤه و امتناعه من البیعة فی الأول إلا ما نذكره من أنها وقعت فی غیر حقها و لغیر مستحقها و ذلك یقتضی أن رجوعه إلیها لم یكن إلا لضرب من التدبیر.
فإن استدلوا علی رضاه بما ادعوه من إظهار المعاونة و المعاضدة و إشارته علیه بقتال أهل الردة فكل ذلك قد مضی الجواب عنه و قد بینا أن ذلك دعوی لا یعلم منه علیه السلام معاضدة و لا مشورة و أن الفتیا یجب علیه من حیث لا یجوز للعالم إذا استفتی عن شی ء أن لا یجیب عنه و ما یروی من دفاعه عن المدینة فإنما فعل لوجوب ذلك علیه و علی كل مسلم لا لمكانهم و أمرهم بل لأنه دفع عن حریمه و حرم النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لیس لهم أن یقولوا إنه لو ادعی الحق لوجد أنصارا كالعباس و الزبیر و أبی سفیان و خالد بن سعید لأنه لا نصرة فیمن ذكر و لا فی أضعافهم إذا كان الجمهور علی خلافه و هذا أظهر من أن یخفی.
و لیس لأحد أن یقول كیف یجوز مع شجاعته و ما خصه اللّٰه به من القوة الخارقة للعادة أن یخاف منهم و لا یقدم علی قتالهم لو لا أنهم كانوا محقین و ذلك
ص: 398
أن شجاعته و إن كانت علی ما ذكرت و أفضل فلا تبلغ إلی أن یغلب جمیع الخلق و یحارب سائر الناس و هو مع الشجاعة بشر یقوی و یضعف و یخاف و یأمن و التقیة جائزة علی البشر الذین یضعفون عن دفع المكروه عنهم.
فإن قیل أ لیس الحسین علیه السلام أظهر النكیر علی بنی أمیة من یزید و غیره و كان یجب أن لا ینقص نكیره عن نكیره و لم یكن فزعه من أبی بكر إلا دون فزعه من یزید.
قیل هذا بعید من الصواب لأنا قد بینا الأسباب المانعة من النكیر و لیس الخوف فی تلك الحال كالخوف من یزید و بنی أمیة و كیف یكون الخوف من مظهر للفسوق و الخَلَاعَة و المَجَانَة متهتك لا مُسْكَةَ عنده و لا شبهة فی أن إمامته ملك و غلبة و أنه لا شرط من شرائط الإمامة فیه كالخوف من مقدم معظم جمیل الظاهر یری أكثر الأمة أن الإمامة له دونه و أنها أدنی منازله و ما الجامع بین الأمرین إلا كالجامع بین الضدین.
علی أن القوم الذین امتنعوا من بیعة یزید قد عرف ما جری علیهم من القتل و المكروه فیه.
علی أن الحسین علیه السلام أظهر الخلاف لما وجد بعض الأعوان علیه و طمع فی معاونة من خذله و قعد عنه ثم إن حاله آلت مع اجتهاده علیه السلام و اجتهاد من اجتهد معه فی نصرته إلی ما آلت إلیه.
و لیس لأحد أن یقول إنه كان بعیدا من التقیة لما انتهت الإمامة إلیه و حین ناضل أهل البصرة و صفین كان واجد الأنصار فكان یجب أن یظهر النكیر و ذلك أن كثیرا من التقیة و إن كان زال فی أیامه فقد بقی كثیر منها لأن أكثر من كان معه كان یعتقد إمامة المتقدمین علیه و أن إمامته ثبتت كما ثبتت إمامة من تقدم بالاختیار فلأجل ذلك لم یتمكن من إظهار جمیع ما فی نفسه و لم ینقض أحكام القوم و أمر قضاته علی أن یحكموا بما كانوا یحكمون و قد بینا ذلك فیما تقدم علی وجه لا یخفی علی من أمعن النظر و أنصف من نفسه
ص: 399
فإن قیل لو جاز التقیة مع فقد أسباب التقیة لم نأمن فی أكثر ما ظهر من النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن یكون علی سبیل التقیة.
قیل هذا باطل لأنا قد بینا أن أسباب التقیة كانت ظاهرة لم تكن مفقودة فأما الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فإنما لم تجز التقیة علیه لأن الشریعة لا تعرف إلا من جهته و لا یوصل إلیها إلا بقوله فمتی جازت التقیة علیه لم یكن لنا إلی العلم بما كُلِّفْنَاهُ طریقٌ و لیس العلم بأن الإمام منصوص علیه موقوفا علی قول الإمام و لا یعلم إلا من جهته حتی یكون تقیته دافعة لطریق العلم فَبَانَ الفرقُ بین الأمرین (1).
ثم یقال له (2) و قد كان فیمن أنكر و امتنع من البیعة مثل خالد بن سعید بن العاص (3) و سلمان و قوله كردید و نكردید (4) و مثل أبی ذر و عمار و المقداد
ص: 400
و غیرهم و أقوالهم فی ذلك معروفة.
فإن قالوا كل هؤلاء بایعوا و تولوا الأمور من قبله و من قبل غیره فلم یبق منهم خلاف.
قیل نحن نسلم أنهم بایعوا فمن أین أنهم رضوا به لأنا قد بینا فی ذلك ما فیه مقنع و إذا كان أمیر المؤمنین علیه السلام مع عظم قدره و علو منزلته قد ألجأته الحال إلی البیعة فأولی أن تلجئ غیره ممن لا یدانیه فی أفعاله.
فإن قیل المروی عن سلمان أنه قال كردید و نكردید و لیس بمقطوع به.
قلنا إن كان خبر السقیفة و شرح ما جری فیها من الأقوال و الأفعال مقطوعا به فقول سلمان مقطوع به لأن كل من روی السقیفة رواه و لیس هذا مما یختص الشیعة بنقله فیتهمونهم فیه و لیس لهم أن یقولوا كیف خاطبهم بالفارسیة و هم عرب و إن كان فیهم من فهم الفارسیة لا یكون إلا آحادا لا یجب قبول قولهم و ذلك أن سلمان و إن تكلم بالفارسیة فقد فسره بقوله أصبتم و أخطأتم أصبتم سنة الأولین و أخطأتم أهل بیت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قوله أَمَا و اللّٰه لو وضعتموها حیث وضعها اللّٰه لأكلتم من فوق رءوسكم و تحت أرجلكم رغدا أما و اللّٰه حیث عدلتم بها عن أهل بیت نبیكم لیطمعن فیها الطلقاء و أبناء الطلقاء حتی روی عن ابن عمر أنه قال ما أبغضت أحدا كبغضی سلمان یوم قال هذا القول و إنی قلت یرید شق عصا المسلمین و وقوع الخلاف بینهم و لا أحببت أحدا كحبی له یوم رأیت مروان بن الحكم علی منبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقلت رحم اللّٰه سلمان لقد طمع فیه الطلقاء و أبناء الطلقاء (1) و غیر ذلك من الألفاظ المنقولة عنه.
و قد یجوز أن یجمع فی إنكاره بین الفارسیة و العربیة لیفهم إنكاره أهل اللغتین معا فَلَمْ یُخَاطِبْ عَلَی هَذَا الْعَرَبَ بِالْفَارْسِیَّةِ فأما قول السائل إِنَّ راوِیَهُ واحدٌ من حیث لا یجوز أن یرویه إلا من فهم الفارسیة فطریف لأن الشی ء قد یرویه من لا یعرف معناه فلعل الناقلین لهذا الكلام كانوا جمیعا أو كان أكثرهم لا یفهم معناه
ص: 401
غیر أنهم نقلوا ما سمعوا و فهم معناه من عرف اللغة أو أخبره عنه من یعرفها.
فإن قالوا قوله كردید و نكردید فیه تثبیت لإمامته قیل هذا باطل لأنه أراد بقوله كردید فعلتم و بقوله نكردید لم تفعلوا و المعنی أنكم عقدتم لمن لا یصلح للأمر و لا یستحقه و عدلتم عن المستحق و هذه عادة الناس فی إنكار ما یجری علی غیر وجهه لأنهم یقولون فعل فلان و لم یفعل و المراد ما ذكرناه و قد صرح سلمان رحمه اللّٰه بذلك فی قوله أصبتم سنة الأولین و أخطأتم أهل بیت نبیكم و قد فسر بالعربیة معنی كلامه.
فإن قالوا أراد أصبتم الحق و أخطأتم المعدن لأن عادة الفرس أن لا یزیل المُلْك عن أهل بیت المَلِك.
قیل الذی یبطل هذا الكلام تفسیر سلمان لكلام نفسه فهو أعرف بمعناه علی أن سلمان رحمة اللّٰه علیه كان أتقی لله و أعرف به من أن یرید من المسلمین أن یسلكوا سنن الأكاسرة و الجبابرة و یعدلوا عما شرعه لهم نبیهم صلی اللّٰه علیه و آله فإن قیل فقد تولی سلمان لعمر المدائن فلو لا أنه كان راضیا بذلك لم یتول ذلك.
قیل ذلك أیضا محمول علی التقیة و ما اقتضی إظهار البیعة و الرضا یقتضیه و لیس لهم أن یقولوا و أی تقیة فی الولایات لأنه غیر ممتنع أن یعرض علیه هذه الولایات لیمتحن بها و یغلب فی ظنه أنه إن عدل عنها و أباها نسب إلی الخلاف و اعتقدت فیه العداوة و لم یأمن المكروه و هذه حال توجب علیه أن یتولی ما عرض علیه و كذلك الكلام فی تولی عمار رحمة اللّٰه علیه الكوفة و نفوذ المقداد فی بعوث القوم.
علی أنه یجوز عندنا تولی الأمر من قبل من لا یستحقه إذا ظن أنه یقوم بما أمر اللّٰه تعالی و یضع الأشیاء فی مواضعها من الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و لعل القوم علموا ذلك أو ظنوه.
ص: 402
و أما أقوال أبی ذر تصریحا و تلویحا فمعروفة مذكورة و لیس لهم أن یقولوا إنه روی عنه تعظیم القوم و مدحهم و ذلك أن ذلك یمكن إذا سلم حمله علی التقیة و الخوف كما قلناه فیما رووه عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
ثم یقال للمعتزلة ما اعتبرتموه من الإجماع فی إمامة أبی بكر یلزم علیه القول بإمامة معاویة لأن الناس بعد صلح الحسن علیه السلام بین نفسین مظهر للرضا ببیعته و بین كافٍّ عن النكیر فیجب أن یكون ذلك دلالة علی إمامته و هم لا یقولون بها فإما أن یقولوا بذلك أو یتركوا الاعتماد علی هذا الضرب من الاستدلال.
فإن قالوا إن معاویة لم یصلح للإمامة لما ظهر منه من الفسق نحو استلحاقه زیادا و قتله حجرا و شقه العصا فی أیام أمیر المؤمنین علیه السلام و مقاتلته إیاه (1) إلی غیر ذلك مما لا یحصی كثرة فلا یصح و الحال هذه أن یدعی الإجماع لأن الإجماع إنما یدعی فیما یصح فأما ما لا یصح فلا یدعی فیه الإجماع و لو ثبت الإجماع علی ما قالوه لعلمنا أنه علی سبیل القهر كما یقع من الملوك علی أنه قد صح و اشتهر الخلاف فی ذلك بل ربما كانوا یظهرون الخلاف بحضرته فلا ینكره و قد كان الحسن و الحسین علیهما السلام و محمد بن علی و ابن عباس و إخوته و غیرهم من قریش یظهرون ذمه و الوقیعة فیه فكیف یدعی الإجماع فی ذلك مع علمنا ضرورة من حال من ذكرناه أنه كان لا یقول بإمامته و لا یدین بها.
قیل هذا تعلیل للنقض لأنه إذا كان لا یصلح للإمامة و قد وجدنا فی الاتفاق علیه و الكف عن منازعته و مخالفته ما وجدناه فیمن تقدم فیجب إما أن یكون إماما أو أن تكون هذه الطریقة لیست مرضیة فی تصحیح الإجماع و كل شی ء یبین به أنه لا یصلح للإمامة یؤكد الإلزام و یؤیده.
و قول السائل إن الإجماع إنما یدل علی ثبوت ما یصح صحیح إلا أنه كان یجب أن یبین أن الإجماع لم یقع هاهنا باعتبار یقتضی أن شروطه لم تتكامل و لا یرجع فی أنه لم یقع مع تكامل شروطه و أسبابه إلی أن المجمع علیه
ص: 403
لا یصلح للإمامة لأن ذلك مناقضة و إن رضوا بهذا القول فالشیعة أیضا یقولون إن من تقدم علی أمیر المؤمنین علیه السلام لا یصلح للإمامة و الإجماع یجب أن یقع علی ما یصح دون ما لا یصح مثل ما قلتموه فأما ادعاء القهر و الغلبة فمما لا یقول لهم المخالف لهم فی إمامة معاویة بمثل ما قالوه لنا فیما تقدم من أن القهر و الغلبة لا بد لهما من أسباب تظهر و تنقل و تعلم فلو كانت هناك غلبة لعلمها الناس كلهم علی سواء و متی ادعوا شیئا مما نقل فی هذا المعنی لم یلتفت إلیه مخالفهم و قال لهم لو كان ذلك صحیحا لنقل إلی و علمته كما علمتموه و قابلهم فی هذا الموضع بمثل ما یقابلنا السائل فی إمامة من تقدم حذو النعل بالنعل و لهذا یقول من ینسب إلی السنة منهم إن إبطال إمامة معاویة و الوقیعة فیه طریق مهیع لأهل الرفض إلی القدح فی إمامة من تقدمه و قولهم إن معاویة كالحلقة للباب یریدون بذلك أن قرع الباب طریق إلی الولوج و سبب للدخول.
فأما ما ادعوه من اشتهار الخلاف من الحسن و الحسین علیهما السلام و فلان و فلان و أنهم كانوا یظهرون ذمه و الوقیعة فیه فیقال لهم من أین علمتم هذا الذی ادعیتموه أ بضرورة أم باستدلال فإن كان بالضرورة قلنا و ما بال علم الضرورة یخصك دون مخالفك و هم أكثر عددا منك و آنس بالأخبار و نقلة الآثار و لیس جاز لك أن تدعی علی مخالفك فی هذا الباب علم الضرورة مع علمك بكثرة عددهم و تدین أكثرهم إلا و تجوزون للشیعة التی تخالفك فی إمامة من تقدم أن تدعی الضرورة علیك فی العلم بإنكار أمیر المؤمنین علیه السلام و أهله و شیعته ظاهرا و باطنا علی المتقدمین علیه و أنه كان یتظلم و یتألم من سلب حقه و الدفع له عن مقامه و هیهات أن یقع بین الأمرین فصل و إن قال أعلم ذلك باستدلال.
قلنا اذكر أیَّ طریق شئت فی تصحیح ما أدعیته من إنكار من سمیته و وصفته حتی نبین بمثله صحة ما رویناه من الإنكار علی من تقدم فإنك لا تقدر إلا أن تروی أخبارا نقلتها أنت و من وافقك و یدفعها مخالفك و یدعی أنها من روایة
ص: 404
أهل الرفض و دسیس من قصده الطعن فی السلف و یقول فیمن یروی هذه الأخبار و یقبلها أكثر مما تقول أنت و أصحابك فیمن یروی ما ذكرناه من الأخبار.
علی أن الظاهر الذی لا یمكن دفعه من القوم الذین أشاروا إلیهم أنهم كانوا یفتخرون علیه بالنسب و ما جری مجراه و كانت تجری بینهم مفاضلة و مفاخرة لا ذكر للإمامة فیها و ما كان یكون ذلك إلا بتعرض من معاویة فإنه كان رجلا عریضا یرید أن یتحدث عنه بالحلم و كان دأبه أن یتحكك (1) بمن یعلم أنه لا یحتمله حتی یصدر منه من الكلام ما یُغْضِی علیه و یعرض عنه فیكون ذلك داعیا إلی وصفه بالحلم و ما كان فی جمیع من ذكره ممن كان یقابله بغلیظ الكلام و شدید إلا من یخاطبه بإمرة المؤمنین فی الحال و یأخذ عطاءه و یتعرض لجوائزه و نوافله فأی إنكار كان مع ما ذكرناه.
و مما یعارض جمیع من خالفنا إجماعهم علی قتل عثمان لأن الناس كانوا بین فریقین أحدهما المؤلب علیه و المتولی لمغالبته و مطالبته بالخلع حتی أدی ذلك إلی قتله و الآخر ممسك عنهم غیر منكر علیهم و ذلك دال عندهم علی الإجماع.
فإن قالوا كیف یدعی الإجماع فی هذا الباب و قد حصل هناك أمران یمنعان من النكیر أحدهما أنه كان غلبة و الثانی ما كان من منع عثمان من القتال فكیف یقابل ما قلناه و قد ثبت أیضا بالنقل ما كان من أمیر المؤمنین علیه السلام من الإنكار حتی بعث الحسن و الحسین علیهما السلام و قنبرا علی ما روی فی ذلك و كیف یدعی فی ذلك الإجماع و عثمان نفسه مع شیعته و أقاربه خارجون منه.
قیل لیس الغلبة أكثر من استیلاء الجمع الكثیر الذین یخشی سطوتهم و یخاف بادرتهم و هذه كانت حال من عقد الإمامة لأبی بكر لأن أكثر الأمة تولاها و مال إلیها و اعتقد أنها السنة و ما یخالفها البدعة فأی غلبة أوضح مما ذكرناه
ص: 405
و كیف یدعی الغلبة فی قتل عثمان و عندهم أن الذین تولوا قتله و باشروا حربه نفر من أهل مصر التف إلیهم قوم من أوباش المدینة ممن یرید الفتنة و یكره الجماعة و أن أكابر المسلمین و وجوه الصحابة و المهاجرین و هم أكثر أهل المدینة و علیهم مدار أمرها و بهم یتم الحل و العقد فیها كانوا لذلك كارهین و علی من أتاه منكرین فأی غلبة یكون من القلیل علی الكثیر و الصغیر علی الكبیر لو لا أن أصحابنا یدفعون الكلام فی الإمامة بما یسنح و یعرض من غیر نكیر فی عواقبه و نتائجه فأما منع عثمان من القتال فعجیب و أی عذر فی منع عثمان لمن قعد عن نصرته و خلا بینه و بین الباغین علیه و النهی عن المنكر واجب و كیف لم یمتنع من القتال لأجل منع عثمان منه من كان معه فی الدار من أقاربه و عبیده و هم له أطوع و بأن ینتهوا إلی أمره أولی و كیف لم یطعه فی المنع من المنكر و الصبر علی إیقاع الفتنة إلا المهاجرون و الأنصار دون أهله و عبیده.
و أما ذكره إنكار أمیر المؤمنین لذلك و بعثه الحسن و الحسین للنصرة و المعاونة فالمعروف أن أمیر المؤمنین علیه السلام كان ینكر قتله و یبرأ من ذلك فی أقوال محفوظة معروفة لأن قتله منكر لا شك فیه و لم یكن لمن تولاه أن یقوم به فأما حصره و مطالبته بخلع نفسه و تسلیم من كان سبب الفتنة ممن كان فی جهته فما یحفظ عن أمیر المؤمنین فی ذلك إنكار بل الظاهر أنه كان بذلك راضیا و بخلافه ساخطا و كیف لا یكون كذلك و هو الذی قام بأمره فی الدفعة الأولی و توسط حتی جری الأمر علی إرادته بعد أن كاد یخرج الأمر إلی ما خرج إلیه فی المرة الثانیة و ضمن عنه لخصومه الإعتاب الجمیل فكان ذلك سببا لتهمته له علیه السلام و مشافهته بأنه لا یتهم سواه فمضی علیه السلام من فوره و جلس فی بیته و أغلق بابه.
فأما بعث الحسن و الحسین فلا نعرفه فی جملة ما یدعی و الذی كان یدعی أنه بعث الحسن علیه السلام و فی ذلك نظر و لو سلم لكان إما بعثه للمنع من الانتهاء بالرجل إلی القتل أو لأنهم كانوا حصروه و منعوه الطعام و الشراب و فی داره حرم و أطفال
ص: 406
و من لا تعلق له بهذا الأمر و هذا منكر یجب علی مثل أمیر المؤمنین علیه السلام دفعه و لو كان أمیر المؤمنین و طلحة و الزبیر و فلان و فلان كارهین لكل ما جری لما وقع شی ء منه و لكانوا متمكنین من دفعه بالید و اللسان و السیف.
فأما قول السائل و كیف یدعی الإجماع و عثمان و شیعته و أقاربه خارجون منه فطریف لأنه إن لم یكن فی هذا الإجماع إلا خروج عثمان عنه فبإزائه خروج سعد بن عبادة و ولده و أهله من الإجماع علی إمامة أبی بكر ممن یقول خصومنا أنا لا نعتد بهم إذا كان فی مقابلته جمیع الأمة فأما من كان معه فی الدار فلم یكن معه من أهله إلا ظاهر الفسق عدو لله تعالی كمروان بن الحكم و ذویه ممن لا یعتبر بخروجه عن الإجماع لارتفاع الشبهة فی أمره أو عبید أوباش طغام لا یَفْرُقُونَ بین الحق و الباطل و لا یكون خلاف مثلهم قادحا فی الإجماع و إذا بلغنا فی هذا الباب إلی أن لا نجد منكرا من جمیع الأمة إلا عبید عثمان و النفر من أقاربه الذین حصروا فی الدار فقد سهلت القضیة و لم یبق فیها شبهة.
و لیس لأحد أن یقول إن هذا طریق إلی إبطال الإجماع فی كل موضع و ذلك أنا قد بینا أن الأمر علی خلاف ما ظنوه و أن الإجماع یثبت و یصح بطرق صحیحة لیست موجودة فیما ادعوه و لا طائل فی إعادة ما مضی (1).
انتهی ملخص تلخیصه قدس سره و كلام أصحابنا فی هذا الباب كثیر لا یناسب ذكره فی هذا الكتاب و فیما أوردنا كفایة لأولی الألباب.
تكملة إذا عرفت أن ما ادعوه من الإجماع الذی هو عمدة الدلیل علی إمامة إمامهم لم یثبت بما أوردوه فی ذلك من الأخبار نرجع و نقول نثبت بتلك الأخبار التی أوردوها لإثبات ذلك عدم استحقاقهم للإمامة بل كفرهم و نفاقهم (2) و وجوب
ص: 407
لعنهم إذ تبین بالمتفق علیه من أخبارهم و أخبارنا أن عمر هم بإحراق بیت فاطمة علیها السلام بأمر أبی بكر أو برضاه و قد كان فیه أمیر المؤمنین و فاطمة و الحسنان صلوات اللّٰه علیهم و
ص: 408
هددهم و آذاهم مع أن رفعة شأنهم عند اللّٰه و عند رسوله صلی اللّٰه علیه و آله مما لا ینكره إلا من خرج عن الإسلام و قد استفاض فی روایاتنا بل فی روایاتهم أیضا أنه روع فاطمة
ص: 409
حتی ألقت ما فی بطنها و قد سبق فی الروایات المتواترة و سیأتی أن إیذاءها صلوات اللّٰه علیها إیذاء للرسول صلی اللّٰه علیه و آله و آذَیَا علیا علیه السلام و
قَدْ تَوَاتَرَ فِی رِوَایَاتِ الْفَرِیقَیْنِ قَوْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ آذَی عَلِیّاً فَقَدْ آذَانِی (1).
و قد قال اللّٰه تعالی إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِیناً (2) و هل یجوّز عاقل خلافة من كان هذا حاله و ماله.
ص: 410
و أجاب عن ذلك قاضی القضاة بأنا لا نصدّق ذلك و لا نجوّزه و لو صح لم یكن طعناً علی عمر لأن له أن یهدّد من امتنع من المبایعة إرادة للخلاف علی المسلمین لكنه غیر ثابت لأن أمیر المؤمنین علیه السلام قد بایع و كذلك الزبیر و المقداد و الجماعة و قد بینا أن التمسك بما تواتر به الخبر من بیعتهم أولی من هذه الروایات الشاذة.
و رد علیه السید رضی اللّٰه عنه فی الشافی أولا بأن خبر الإحراق قد رواه غیر الشیعة ممن لا یتهم علی القوم و أن دفع الروایات من غیر حجة لا یجدی شیئا فروی البلاذری و حاله فی الثقة عند العامة و البعد عن مقاربة الشیعة و الضبط لما یرویه معروفة
عن المدائنی عن سلمة بن محارب عن سلیمان التیمی عن ابن عون أن أبا بكر أرسل إلی علی علیه السلام یریده علی البیعة فلم یبایع فجاء عمر و معه قَبَسٌ فَلَقِیَتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام عَلَی الْبَابِ فَقَالَتْ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَ تَرَاكَ مُحْرِقاً عَلَیَّ دَارِی قَالَ نَعَمْ وَ ذَلِكَ أَقْوَی فِیمَا جَاءَ بِهِ أَبُوكِ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَبَایَعَ (1).
و هذا الخبر قد روته الشیعة من طرق كثیرة و إنما الطریف أن یرویه شیوخ محدثی العامة.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ سَعِیدٍ الثَّقَفِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: وَ اللَّهِ مَا بَایَعَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی رَأَی الدُّخَانَ قَدْ دَخَلَ بَیْتَهُ (2).
و ثانیا بأن ما اعتذر به من حدیث الإحراق إذا صح طریف و أی عذر لمن أراد أن یحرق علی أمیر المؤمنین و فاطمة علیها السلام منزلهما و هل یكون فی ذلك علة تصغی إلیه و إنما یكون مخالفا للمسلمین و خارقا لإجماعهم إذا كان الإجماع قد تقرر و ثبت و إنما یصح لهم الإجماع متی كان أمیر المؤمنین و من قعد عن البیعة ممن انحاز إلی بیت فاطمة علیها السلام داخلا فیه و غیر خارج عنه و أی إجماع یصح مع خلاف أمیر المؤمنین علیه السلام وحده فضلا عن أن یتابعه غیره و هذه زلّته من صاحب
ص: 411
المغنی و ممن حكی احتجاجه.
و بعد فلا فرق بین أن یهدد بالإحراق للعلة التی ذكرها و بین ضرب فاطمة علیها السلام لمثل هذه العلة فإن إحراق المنازل أعظم من ضربها و ما یحسن الكبیر بمن أراد الخلاف علی المسلمین أولی بأن یحسن الصغیر فلا وجه لامتعاض صاحب الكتاب من ضربها بالسوط و تكذیب ناقله و اعتذاره فی غیره بمثل هذا الاعتذار (1).
تمّ بحمد اللّٰه و حسن توفیقه اخراج هذا الجزء من البحار و توشیحه بالتعالیق و الحواشی التی یسرها اللّٰه توضیحا و تأییدا فی هذه العجالة بعد تحقیق النصوص و تخریجها عن مصادرها و اللّٰه ولیّ التوفیق
محمد باقر البهبودی ذو الحجة الحرام 1392
ص: 412
الموضوع/ الصفحه
باب 1 افتراق الأمة بعد النبی صّلی الّله علیه و آله علی ثلاث و سبعین فرقة و أنه یجری فیهم ما جری فی غیرهم من الأمم و ارتدادهم عن الدین 2
باب 2 إخبار اللّٰه تعالی نبیّه و إخبار النبیّ صّلی الّله علیه و آله أمتّه بما جری علی أهل بیته صلوات اللّٰه علیهم من الظلم و العدوان 37
باب 3 تمهید غصب الخلافة و قصّة الصحیفة الملعونة 85
باب 4 ما جری فی السقیفة بعد رحلة النبیّ صلی اللّٰه علیه و آله 175
ص: 413
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).
ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 414