بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 21: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
الآیات؛
الفتح: «سَیَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلی مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ یُرِیدُونَ أَنْ یُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَیَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا یَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِیلًا»(15)
(و قال تعالی): «فَأَنْزَلَ السَّكِینَةَ عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً* وَ مَغانِمَ كَثِیرَةً یَأْخُذُونَها وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً* وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِیرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَیْدِیَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ وَ یَهْدِیَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِیماً»(18-20)
تفسیر:
أقول: قد مر تفسیر الآیات فی باب نوادر الغزوات و باب غزوة الحدیبیة.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه: لما قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة من الحدیبیة مكث بها عشرین لیلة ثم خرج منها غادیا إلی خیبر.
وَ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی مَرْوَانَ الْأَسْلَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ (1) قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی خَیْبَرَ حَتَّی إِذَا كُنَّا قَرِیباً مِنْهَا وَ أَشْرَفْنَا عَلَیْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قِفُوا فَوَقَفَ النَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا أَظْلَلْنَ وَ رَبَّ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ مَا أَقْلَلْنَ وَ رَبَّ الشَّیَاطِینِ وَ مَا أَضْلَلْنَ (2) إِنَّا نَسْأَلُكَ خَیْرَ هَذِهِ الْقَرْیَةِ وَ خَیْرَ أَهْلِهَا وَ خَیْرَ مَا فِیهَا وَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الْقَرْیَةِ وَ شَرِّ أَهْلِهَا وَ شَرِّ مَا فِیهَا قَدِّمُوا (3)
ص: 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ.
وَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی خَیْبَرَ فَسِرْنَا لَیْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ أَ لَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَیْهَاتِكَ (1) وَ كَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِراً فَجَعَلَ یَقُولُ:
لَاهُمَّ لَوْ لَا أَنْتَ مَا اهْتَدَیْنَا (2)*** وَ لَا تَصَدَّقْنَا وَ لَا صَلَّیْنَا (3)
فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَنَیْنَا*** وَ ثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَیْنَا
وَ أَنْزِلَنْ سَكِینَةً عَلَیْنَا*** إِنَّا إِذَا صِیحَ بِنَا أَنَیْنَا
وَ بِالصِّیَاحِ عَوَّلُوا عَلَیْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرٌ قَالَ یَرْحَمُهُ اللَّهُ قَالَ عُمَرُ وَ هُوَ عَلَی جَمَلٍ وَجَبَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ لَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا اسْتَغْفَرَ لِرَجُلٍ قَطُّ یَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ قَالُوا فَلَمَّا جَدَّ الْحَرْبُ وَ تَصَافَّ الْقَوْمُ خَرَجَ یَهُودِیٌّ وَ هُوَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَیْبَرُ أَنِّی مَرْحَبُ*** شَاكِی السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَبَرَزَ (4) إِلَیْهِ عَامِرٌ وَ هُوَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَیْبَرُ أَنِّی عَامِرٌ*** شَاكِی السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ فَوَقَعَ سَیْفُ الْیَهُودِیِّ فِی تُرْسِ عَامِرٍ وَ كَانَ سَیْفُ عَامِرٍ فِیهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ الْیَهُودِیِّ لِیَضْرِبَهُ فَرَجَعَ ذُبَابُ سَیْفِهِ فَأَصَابَ عَیْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ سَلَمَةُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ فَأَتَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أَبْكِی فَقُلْتُ قَالُوا إِنَّ عَامِراً بَطَلَ
ص: 2
عَمَلُهُ فَقَالَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْتُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ فَقَالَ كَذَبَ أُولَئِكَ بَلْ أُوتِیَ مِنَ الْأَجْرِ مَرَّتَیْنِ قَالَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّی إِذَا أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِیدَةٌ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَیْنَا وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَی اللِّوَاءَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (1) وَ نَهَضَ مَنْ نَهَضَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ فَلَقُوا أَهْلَ خَیْبَرَ فَانْكَشَفَ عُمَرُ وَ أَصْحَابُهُ فَرَجَعُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُجَبِّنُهُ أَصْحَابُهُ وَ یُجَبِّنُهُمْ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَخَذَتْهُ الشَّقِیقَةُ فَلَمْ یَخْرُجْ إِلَی النَّاسِ فَقَالَ حِینَ أَفَاقَ مِنْ وَجَعِهِ مَا فَعَلَ النَّاسُ بِخَیْبَرَ فَأُخْبِرَ فَقَالَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ.
وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِیِّ عَنْ أَبِی حَازِمٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ سَهْلٍ (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَوْمَ خَیْبَرَ لَأُعْطِیَنَّ هَذِهِ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ یَدُوكُونَ بِجُمْلَتِهِمْ (3) أَیُّهُمْ یُعْطَاهَا (4) فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّهُمْ یَرْجُونَ أَنْ یُعْطَاهَا فَقَالَ أَیْنَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ یَشْتَكِی عَیْنَیْهِ (5) قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَیْهِ فَأُتِیَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَیْنَیْهِ وَ دَعَا لَهُ فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ یَكُنْ بِهِ وَجَعٌ (6) فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَقَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّی یَكُونُوا مِثْلَنَا قَالَ (7) انْفِذْ عَلَی رِسْلِكَ حَتَّی تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ أَخْبِرْهُمْ بِمَا یَجِبُ عَلَیْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ (8) فَوَ اللَّهِ لَأَنْ یَهْدِیَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِداً خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. (9)
ص: 3
قَالَ سَلَمَةُ فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَ هُوَ یَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَیْبَرُ أَنِّی مَرْحَبٌ الْأَبْیَاتِ.
فَبَرَزَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَةَ ***كَلَیْثِ غَابَاتٍ كَرِیهِ الْمَنْظَرَةِ
أُوفِیهِمُ بِالصَّاعِ كَیْلَ السَّنْدَرَةِ
(1) فَضَرَبَ مَرْحَباً فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ وَ كَانَ الْفَتْحُ عَلَی یَدِهِ (2)
أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحِ.
وَ رَوَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَیْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ یَدِهِ فَتَنَاوَلَ عَلِیٌّ علیه السلام بَابَ الْحِصْنِ فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ یَزَلْ فِی یَدِهِ وَ هُوَ یُقَاتِلُ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ یَدِهِ فَلَقَدْ رَأَیْتُنِی فِی سَبْعَةِ نَفَرٍ أَنَا مِنْهُمْ (3) نَجْهَدُ عَلَی أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَقْلِبَهُ.
و بإسناده عن لیث بن أبی سلیم (4) عن أبی جعفر محمد بن علی علیهم السلام قال حدثنی جابر بن عبد اللّٰه أن علیا علیه السلام حمل الباب یوم خیبر حتی صعد المسلمون علیه فاقتحموها ففتحوها و أنه حرك بعد ذلك فلم یحمله أربعون رجلا..
قال و روی من وجه آخر عن جابر ثم اجتمع علیه سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب.
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی قَالَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَلْبَسُ فِی الْحَرِّ وَ الشِّتَاءِ الْقَبَاءَ الْمَحْشُوَّ الثَّخِینَ وَ مَا یُبَالِی الْحَرَّ فَأَتَانِی أَصْحَابِی فَقَالُوا إِنَّا رَأَیْنَا مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ شَیْئاً فَهَلْ رَأَیْتَ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالُوا رَأَیْنَاهُ یَخْرُجُ عَلَیْنَا فِی الْحَرِّ الشَّدِیدِ فِی الْقَبَاءِ الْمَحْشُوِّ الثَّخِینِ وَ مَا یُبَالِی الْحَرَّ وَ یَخْرُجُ عَلَیْنَا
ص: 4
فِی الْبَرْدِ الشَّدِیدِ فِی الثَّوْبَیْنِ الْخَفِیفَیْنِ وَ مَا یُبَالِی الْبَرْدَ فَهَلْ سَمِعْتَ فِی ذَلِكَ شَیْئاً فَقُلْتُ لَا فَقَالُوا فَسَلْ لَنَا أَبَاكَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ یَسْمُرُ (1) مَعَهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مَا سَمِعْتُ فِی ذَلِكَ شَیْئاً فَدَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَسَمَرَ مَعَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَ وَ مَا شَهِدْتَ مَعَنَا خَیْبَرَ قُلْتُ بَلَی قَالَ أَ وَ مَا رَأَیْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ دَعَا أَبَا بَكْرٍ فَعَقَدَ لَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَی الْقَوْمِ فَانْطَلَقَ فَلَقِیَ الْقَوْمَ ثُمَّ جَاءَ بِالنَّاسِ وَ قَدْ هُزِمُوا (2) فَقَالَ بَلَی قَالَ ثُمَّ بَعَثَ إِلَی عُمَرَ فَعَقَدَ لَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَی الْقَوْمِ فَانْطَلَقَ فَلَقِیَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَ قَدْ هُزِمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ الْیَوْمَ رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ فَدَعَانِی فَأَعْطَانِی الرَّایَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِهِ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ فَمَا وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ حَرّاً وَ لَا بَرْداً.
- و هذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للإمام أبی بكر البیهقی.
ثُمَّ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَفْتَحُ الْحُصُونَ حِصْناً فَحِصْناً وَ یَحُوزُ الْأَمْوَالَ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی حِصْنِ الْوَطِیحِ وَ السَّلَالِمِ وَ كَانَ آخِرَ حُصُونِ خَیْبَرَ افْتَتَحَ وَ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِضْعَ عَشَرَ لَیْلَةً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَ لَمَّا افْتُتِحَ الْقَمُوصُ حِصْنُ ابْنُ أَبِی الْحُقَیْقِ أُتِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِصَفِیَّةَ بِنْتِ (3) حُیَیِّ بْنِ أَخْطَبَ وَ بِأُخْرَی مَعَهَا فَمَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ وَ هُوَ الَّذِی جَاءَ بِهِمَا عَلَی قَتْلَی مِنْ قَتْلَی الْیَهُودِ (4) فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِی مَعَهَا صَفِیَّةُ صَاحَتْ وَ صَكَّتْ وَجْهَهَا وَ حَثَتِ التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهَا فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَعْزِبُوا (5) عَنِّی هَذِهِ الشَّیْطَانَةَ وَ أَمَرَ بِصَفِیَّةَ فَحِیزَتْ خَلْفَهُ وَ أَلْقَی عَلَیْهَا رِدَاءَهُ فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ قَدِ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِبِلَالٍ لَمَّا رَأَی مِنْ تِلْكَ الْیَهُودِیَّةِ مَا رَأَی أَ نُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ یَا بِلَالُ حَیْثُ تَمُرُّ بِامْرَأَتَیْنِ عَلَی قَتْلَی رِجَالِهِمَا.
وَ كَانَتْ صَفِیَّةُ قَدْ رَأَتْ فِی الْمَنَامِ وَ هِیَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِیعِ بْنِ أَبِی الْحُقَیْقِ
ص: 5
أَنَّ قَمَراً وَقَعَ فِی حَجْرِهَا فَعَرَضَتْ رُؤْیَاهَا عَلَی زَوْجِهَا فَقَالَ مَا هَذَا إِلَّا أَنَّكَ تَتَمَنَّیْنَ مَلِكَ الْحِجَازِ مُحَمَّداً وَ لَطَمَ عَلَی وَجْهِهَا لَطْمَةً اخْضَرَّتْ عَیْنُهَا مِنْهَا فَأَتَی بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِهَا أَثَرٌ مِنْهَا فَسَأَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ فَأَخْبَرَتْهُ.
وَ أَرْسَلَ ابْنُ أَبِی الْحُقَیْقِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله انْزِلْ لِأُكَلِّمَكَ (1) قَالَ نَعَمْ فَنَزَلَ وَ صَالَحَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حَقْنِ دِمَاءِ مَنْ فِی حُصُونِهِمْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَ تَرَكَ الذُّرِّیَّةَ لَهُمْ وَ یَخْرُجُونَ مِنْ خَیْبَرَ وَ أَرْضِهَا بِذَرَارِیِّهِمْ وَ یُخَلُّونَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ وَ أَرْضٍ وَ عَلَی الصَّفْرَاءِ وَ الْبَیْضَاءِ وَ الْكُرَاعِ وَ عَلَی الْحَلْقَةِ وَ عَلَی الْبَزِّ إِلَّا ثوب (2) (ثَوْباً) عَلَی ظَهْرِ إِنْسَانٍ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ كَتَمْتُمُونِی شَیْئاً فَصَالَحُوهُ عَلَی ذَلِكَ فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا بَعَثُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْأَلُونَهُ أَنْ یُسَیِّرَهُمْ (3) وَ یَحْقُنَ دِمَاءَهُمْ وَ یُخَلُّونَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْأَمْوَالِ فَفَعَلَ وَ كَانَ مِمَّنْ مَشَی بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَهُمْ فِی ذَلِكَ مُحَیَّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَحَدُ بَنِی حَارِثَةَ فَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَیْبَرَ عَلَی ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُعَامِلَهُمُ الْأَمْوَالَ عَلَی النِّصْفِ وَ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَ أَعْمَرُ لَهَا فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ عَلَی النِّصْفِ عَلَی أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ وَ صَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكَ عَلَی مِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَتْ أَمْوَالُ خَیْبَرَ فَیْئاً بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ كَانَتْ فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَنَّهُمْ لَمْ یُوجِفُوا عَلَیْهَا بِخَیْلٍ وَ لَا رِكَابٍ.
وَ لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَهْدَتْ لَهُ زَیْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ وَ هِیَ ابْنَةُ أَخِی مَرْحَبٍ شَاةً مَصْلِیَّةً (4) وَ قَدْ سَأَلَتْ أَیُّ عُضْوٍ مِنَ الشَّاةِ أَحَبُّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ لَهَا الذِّرَاعُ فَأَكْثَرَتْ فِیهَا السَّمَّ وَ سَمَّتْ (5) سَائِرَ الشَّاةِ ثُمَّ جَاءَتْ بِهَا فَلَمَّا وَضَعَتْهَا بَیْنَ یَدَیْهِ تَنَاوَلَ الذِّرَاعَ فَأَخَذَهَا فَلَاكَ مِنْهَا مَضْغَةً وَ انْتَهَشَ (6)
ص: 6
مِنْهَا وَ مَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَتَنَاوَلَ عَظْماً فَانْتَهَشَ مِنْهُ (1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ارْفَعُوا أَیْدِیَكُمْ فَإِنَّ كَتِفَ هَذِهِ الشَّاةِ تُخْبِرُنِی أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ فَدَعَاهَا (2) فَاعْتَرَفَتْ فَقَالَ مَا حَمَلَكِ عَلَی ذَلِكِ فَقَالَتْ بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِی مَا لَمْ یَخْفَ عَلَیْكَ فَقُلْتُ إِنْ كَانَ نَبِیّاً فَسَیُخْبَرُ وَ إِنْ كَانَ مَلِكاً اسْتَرَحْتُ مِنْهُ فَتَجَاوَزَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مِنْ أَكَلْتِهِ الَّتِی أَكَلَ قَالَ وَ دَخَلَتْ أُمُّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَعُودُهُ فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ بِشْرٍ مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَیْبَرَ الَّتِی أَكَلْتُ بِخَیْبَرَ مَعَ ابْنِكَ تُعَاوِدُنِی فَهَذَا أَوَانُ قُطِعَتْ (3) أَبْهَرِی فَكَانَ (4) الْمُسْلِمُونَ یَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَاتَ شَهِیداً مَعَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ (5).
بیان: قوله من هنیهاتك قال الجزری أی من كلماتك أو من أراجیزك قوله وجبت أی الرحمة أو الشهادة فی مجمع البحار أی وجبت له الجنة و المغفرة التی ترحمت بها علیه و إنه یقتل شهیدا و قال النووی فی شرح الصحیح أی ثبتت له الشهادة و ستقع قریبا و كان معلوما عندهم أنه كل من دعا له النبی صلی اللّٰه علیه و آله هذا الدعاء فی هذا الموطن استشهد.
و فی النهایة فی حدیث ابن الأكوع قالوا یا رسول اللّٰه لو لا متعتنا به أی هلا تركتنا ننتفع به انتهی و قال النووی أی وددنا أنك أخرت الدعاء له فنتمتع بمصاحبته مدة و قال غیره أی لیتك أشركتنا فی دعائه.
و قال الجزری فی النهایة فی حدیث خیبر لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ.
فبات الناس یدوكون تلك
ص: 7
اللیلة أی یخوضون و یموجون فیمن یدفعها إلیه یقال وقع الناس فی دوكة أی خوض و اختلاط و قال النهس أخذ اللحم بأطراف الأسنان و النهش الأخذ بجمیعها. أقول: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه فی قوله تعالی إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِیناً (1) قیل إن المراد بالفتح هنا فتح خیبر.
و روی عن مجمع بن حارثة الأنصاری و كان أحد القراء قال شهدنا الحدیبیة مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلما انصرفنا عنها إذا الناس یهزون الأباعر فقال بعض الناس لبعض ما بال الناس قالوا أوحی إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فخرجنا نوجف فوجدنا النبی صلی اللّٰه علیه و آله واقفا علی راحلته عند كراع الغمیم فلما اجتمع الناس علیه قرأ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِیناً السورة فقال عمر أ فتح هو یا رسول اللّٰه قال نعم فقال (2) و الذی نفسی بیده إنه لفتح فقسمت خیبر علی أهل الحدیبیة لم یدخل فیها أحد إلا من شهدها. (3).
بیان: فی النهایة إذا الناس یهزون الأباعر أی یحثونها و یدفعونها و الوهز شدة الدفع و الوطء انتهی و قد یقرأ بتشدید الزای من الهز و هو إسراع السیر و كراع الغمیم كغراب موضع علی ثلاثة أمیال من عسفان ذكره الفیروزآبادی.
«1»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَزِیزٍ عَنْ سَلَامَةَ بْنِ عَقِیلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (4) فَقَامَ فَتَلَقَّاهُ فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا أَسَرُّ بِافْتِتَاحِی خَیْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ ابْنِ عَمِّی جَعْفَرٍ (5).
«2»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أَهْلَ خَیْبَرَ یُرِیدُونَ أَنْ یَلْقَوْكُمْ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَیْنَا فَمَا ذَا نَرُدُّ عَلَیْهِمْ
ص: 8
قَالَ تَقُولُونَ وَ عَلَیْكُمْ (1).
«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَاهَانَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ خَیْبَرَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ یُقَالُ لَهُ مَرْحَبٌ وَ كَانَ طَوِیلَ الْقَامَةِ عَظِیمَ الْهَامَةِ وَ كَانَتِ الْیَهُودُ تُقَدِّمُهُ لِشَجَاعَتِهِ وَ یَسَارِهِ قَالَ فَخَرَجَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ إِلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا واقَفَهُ قِرْنٌ إِلَّا قَالَ أَنَا مَرْحَبٌ ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِ فَلَمْ یَثْبُتْ لَهُ قَالَ وَ كَانَتْ لَهُ ظِئْرٌ وَ كَانَتْ كَاهِنَةً تَعْجَبُ بِشَبَابِهِ وَ عِظَمِ خَلْقِهِ (2) وَ كَانَتْ تَقُولُ لَهُ قَاتِلْ كُلَّ مَنْ قَاتَلَكَ وَ غَالِبْ كُلَّ مَنْ غَالَبَكَ إِلَّا مَنْ تَسَمَّی عَلَیْكَ بِحَیْدَرَةَ فَإِنَّكَ إِنْ وَقَفْتَ لَهُ هَلَكْتَ قَالَ فَلَمَّا كَثُرَ مُنَاوَشَتُهُ وَ جَزِعَ (3) النَّاسُ بِمُقَاوَمَتِهِ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَأَلُوهُ أَنْ یُخْرِجَ إِلَیْهِ عَلِیّاً علیه السلام فَدَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً وَ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ اكْفِنِی مَرْحَباً فَخَرَجَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ مَرْحَبٌ یُسْرِعُ إِلَیْهِ فَلَمْ یَرَهُ یَعْبَأُ بِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَ أَحْجَمَ عَنْهُ ثُمَّ أَقْدَمَ وَ هُوَ یَقُولُ
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی مَرْحَباً
فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام (4) وَ هُوَ یَقُولُ
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَةَ
فَلَمَّا سَمِعَهَا مِنْهُ مَرْحَبٌ هَرَبَ وَ لَمْ یَقِفْ خَوْفاً مِمَّا حَذَّرَتْهُ مِنْهُ ظِئْرُهُ فَتَمَثَّلَ لَهُ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ حِبْرٍ مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ فَقَالَ إِلَی أَیْنَ یَا مَرْحَبُ فَقَالَ قَدْ تَسَمَّی عَلَیَّ هَذَا الْقِرْنُ بِحَیْدَرَةَ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ فَمَا حَیْدَرَةُ فَقَالَ إِنَّ فُلَانَةَ ظِئْرِی كَانَتْ تُحَذِّرُنِی مِنْ مُبَارَزَةِ رَجُلٍ اسْمُهُ حَیْدَرَةُ وَ تَقُولُ إِنَّهُ قَاتِلُكَ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ شَوْهاً لَكَ لَوْ لَمْ یَكُنْ حَیْدَرَةُ إِلَّا هَذَا وَحْدَهُ لَمَا كَانَ مِثْلُكَ یَرْجِعُ عَنْ مِثْلِهِ تَأْخُذُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ وَ هُنَّ یُخْطِئْنَ أَكْثَرَ مِمَّا یُصِبْنَ وَ حَیْدَرَةُ فِی الدُّنْیَا كَثِیرٌ فَارْجِعْ فَلَعَلَّكَ تَقْتُلُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ سُدْتَ قَوْمَكَ وَ أَنَا فِی ظَهْرِكَ أَسْتَصْرِخُ الْیَهُودَ لَكَ فَرَدَّهُ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا كَفُوَاقِ نَاقَةٍ حَتَّی ضَرَبَهُ عَلِیٌّ ضَرْبَةً سَقَطَ مِنْهَا لِوَجْهِهِ وَ انْهَزَمَ الْیَهُودُ یَقُولُونَ قُتِلَ مَرْحَبٌ قُتِلَ مَرْحَبٌ
ص: 9
قَالَ وَ فِی ذَلِكَ یَقُولُ الْكُمَیْتُ بْنُ یَزِیدَ الْأَسَدِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی مَدْحِهِ علیه السلام شِعْراً:
سَقَی جُرَعَ الْمَوْتِ ابْنُ عُثْمَانَ بَعْدَ مَا*** تَعَاوَرَهَا مِنْهُ وَلِیدٌ وَ مَرْحَبٌ
وَ الْوَلِیدُ هُوَ ابْنُ عُتْبَةَ خَالُ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ (1) مِنْ قُرَیْشٍ وَ مَرْحَبٌ مِنَ الْیَهُودِ (2).
یج، الخرائج و الجرائح عن مكحول مثله مع اختصار و لم یذكر البیتین (3).
«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبِی شِهَابٍ الزُّهْرِیِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ وَ مِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا افْتَتَحَ خَیْبَرَ وَ قَسَّمَهَا عَلَی ثَمَانِیَةَ عَشَرَ سَهْماً كَانَتِ الرِّجَالُ أَلْفاً وَ أَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ وَ الْخَیْلُ مِائَتَا (4) فَرَسٍ وَ أَرْبَعُمِائَةِ سَهْمٍ لِلْخَیْلِ كُلُّ سَهْمٍ مِنَ الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ سَهْماً مِائَةُ سَهْمٍ وَ لِكُلِّ مِائَةِ سَهْمٍ رَأْسٌ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَأْساً وَ عَلِیٌّ رَأْساً (5) وَ الزُّبَیْرُ رَأْساً وَ عَاصِمُ بْنُ عَدِیٍّ رَأْساً فَكَانَ سَهْمُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ عَاصِمِ بْنِ عَدِیٍّ (6).
«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْفَوَارِسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّائِغِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَاتِمٍ عَنْ بُكَیْرِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَلِیٍّ ثَلَاثٌ فَلَأَنْ یَكُونَ لِی وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَلِیٍّ وَ خَلَّفَهُ فِی بَعْضِ مَغَازِیهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِی مَعَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَی أَنْ تَكُونَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ یَوْمَ خَیْبَرَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لِهَذَا قَالَ ادْعُوا لِی عَلِیّاً فَأَتَی عَلِیٌّ أَرْمَدَ الْعَیْنِ فَبَصَقَ فِی عَیْنَیْهِ وَ دَفَعَ إِلَیْهِ الرَّایَةَ فَفَتَحَ عَلَیْهِ وَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ نَدْعُ أَبْناءَنا وَ
ص: 10
أَبْناءَكُمْ (1) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً علیهم السلام وَ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِی (2).
«6»-فس، تفسیر القمی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا (3) فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ غَزْوَةِ خَیْبَرَ وَ بَعَثَ أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ فِی خَیْلٍ إِلَی بَعْضِ قُرَی الْیَهُودِ فِی نَاحِیَةِ فَدَكٍ لِیَدْعُوَهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ یُقَالُ لَهُ مِرْدَاسُ بْنُ نَهِیكٍ الْفَدَكِیُّ فِی بَعْضِ الْقُرَی فَلَمَّا أَحَسَّ بِخَیْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمَعَ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ وَ صَارَ فِی نَاحِیَةِ الْجَبَلِ فَأَقْبَلَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَمَرَّ بِهِ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ فَطَعَنَهُ وَ قَتَلَهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَتَلْتَ رَجُلًا شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذاً مِنَ الْقَتْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا شَقَقْتَ الْغِطَاءَ عَنْ قَلْبِهِ لَا مَا قَالَ بِلِسَانِهِ قَبِلْتَ وَ لَا مَا كَانَ فِی نَفْسِهِ عَلِمْتَ فَحَلَفَ أُسَامَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا یُقَاتِلُ أَحَداً شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَتَخَلَّفَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی حُرُوبِهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِیرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَتَبَیَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً (4).
«7»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ سَعْدَ بْنَ (5) مُعَاذٍ بِرَایَةِ الْأَنْصَارِ إِلَی خَیْبَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً ثُمَّ بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِرَایَةِ الْمُهَاجِرِینَ فَأُتِیَ بِسَعْدٍ جَرِیحاً وَ جَاءَ عُمَرُ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ
ص: 11
اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا تَفْعَلُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ حَتَّی قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ رَجُلًا لَیْسَ بِفَرَّارٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ الْخَبَرَ.
بیان: لعله كان سعد بن عبادة فصحف إذ الفرار منه بعید مع أنه مات یوم قریظة و لم یبق إلی تلك الغزوة.
«8»-لی، الأمالی للصدوق أَخْبَرَنِی سُلَیْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّحْمِیُّ (1) فِیمَا كَتَبَ إِلَیَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رماخس [رُمَاحِسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حَبِیبِ بْنِ قَیْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ بْنِ غَزِیَّةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بِرَمَادَةِ الْقُلَّیْسِیِّینَ رَمَادَةِ الْعُلْیَا وَ كَانَ فِیمَا ذُكِرَ ابْنَ مِائَةٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ حَدَّثَنَا زِیَادُ بْنُ طَارِقٍ الْجُشَمِیِّ وَ كَانَ ابْنَ تِسْعِینَ سَنَةً قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّی أَبُو جَرْوَلٍ زُهَیْرٌ وَ كَانَ رَئِیسَ قَوْمِهِ قَالَ: أَسَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ خَیْبَرَ (2) فَبَیْنَا هُوَ یَمِیزُ الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ إِذْ وَثَبْتُ حَتَّی جَلَسْتُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَسْمَعْتُهُ شِعْراً أُذَكِّرُهُ حِینَ شَبَّ فِینَا وَ نَشَأَ فِی هَوَازِنَ وَ حِینَ أَرْضَعُوهُ فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ:
امْنُنْ عَلَیْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِی كَرَمٍ*** فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَ نَنْتَظِرُ
امْنُنْ عَلَی بَیْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ*** مُفَرَّقٍ شَمْلُهَا فِی دَهْرِهَا عِبَرٌ (3)
أَبْقَتْ لَنَا الْحَرْبُ هُتَّافاً عَلَی حَزَنٍ*** عَلَی قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَ الْغَمَرُ
إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا*** یَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْماً حِینَ یُخْتَبَرُ (4)
امْنُنْ عَلَی نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا*** إِذْ فُوكَ یَمْلَؤُهُ مِنْ مَحْضِهَا (5) الدُّرَرُ
إِذْ أَنْتَ طِفْلٌ صَغِیرٌ كُنْتَ تَرْضَعُهَا*** وَ إِذْ یَزِینُكَ (6) مَا تَأْتِی وَ مَا تَذَرُ
ص: 12
یَا خَیْرَ مَنْ مَرِحَتْ كُمْتُ الْجِیَادِ بِهِ*** عِنْدَ الْهِیَاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ
لَا تَتْرُكَنَّا (1) كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ***وَ اسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهَرُ
إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنَّعْمَاءِ وَ قَدْ كُفِرَتْ (2)*** وَ عِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ مُدَّخَرٌ
فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ*** مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهَرٌ (3)
إِنَّا نُؤَمِّلُ عَفْواً مِنْكَ تُلْبِسُهُ*** هَادِیَ الْبَرِیَّةِ أَنْ تَعْفُوَ وَ تَنْتَصِرَ (4)
فَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا أَنْتَ رَاهِبُهُ*** یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِذْ یُهْدَی لَكَ الظَّفَرُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا مَا كَانَ لِی وَ لِبَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لِلَّهِ وَ لَكُمْ وَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَرَدَّتِ الْأَنْصَارُ مَا كَانَ فِی أَیْدِیهِمَا مِنَ الذَّرَارِیِّ وَ الْأَمْوَالِ (5).
بیان: البیضة الأصل و العشیرة و مجتمع القوم و موضع سلطانهم و یقال شالت نعامتهم إذا ماتوا و تفرقوا كأنهم لم یبق منهم إلا بقیة و النعامة الجماعة ذكره الجزری ثم إن الظاهر أنه كان یوم فتح حنین فصحف كما سیظهر مما سیأتی فی تلك الغزاة.
«9»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: دَفَعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ إِلَیَّ فَمَا بَرِحْتُ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیَّ (6).
«10»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مَرَّ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ یَوْمِ خَیْبَرَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَبَاغَتْ عَلَیْهِ (7).
بیان: الأظهر أنه كان یوم حنین كما فی بعض النسخ أو یوم الأحزاب فصحف.
ص: 13
«11»-شا، الإرشاد ثم تلت الحدیبیة خیبر و كان الفتح فیها لأمیر المؤمنین علیه السلام بلا ارتیاب و ظهر من فضله فی هذه الغزاة ما أجمع علی نقله الرواة و تفرد فیها من المناقب ما لم یشركه فیها (1) أحد من الناس فَرَوَی یَحْیَی بْنُ (2) مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیُّ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ الْیَسَعَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِیمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الْآثَارِ قَالُوا لَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ خَیْبَرَ قَالَ لِلنَّاسِ قِفُوا فَوَقَفَ النَّاسُ فَرَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا أَظْلَلْنَ وَ رَبَّ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ (3) وَ مَا أَقْلَلْنَ وَ رَبَّ الشَّیَاطِینِ وَ مَا أَضْلَلْنَ أَسْأَلُكَ خَیْرَ (4) هَذِهِ الْقَرْیَةِ وَ خَیْرَ مَا فِیهَا وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ مَا فِیهَا. (5) ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فِی الْمَكَانِ ثُمَّ (6) أَقَامَ وَ أَقَمْنَا بَقِیَّةَ یَوْمِنَا وَ مِنْ غَدِهِ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ النَّهَارِ نَادَی مُنَادِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْتَمَعْنَا إِلَیْهِ فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ إِنَّ هَذَا جَاءَنِی وَ أَنَا نَائِمٌ فَسَلَّ سَیْفِی وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ مَنْ یَمْنَعُكَ مِنِّی الْیَوْمَ قُلْتُ اللَّهُ یَمْنَعُنِی مِنْكَ فَشَامَ السَّیْفَ وَ هُوَ جَالِسٌ كَمَا تَرَوْنَ لَا حَرَاكَ بِهِ فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّ فِی عَقْلِهِ شَیْئاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ دَعُوهُ ثُمَّ صَرَفَهُ وَ لَمْ یُعَاقِبْهُ وَ حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ خَیْبَرَ بِضْعاً وَ عِشْرِینَ لَیْلَةً وَ كَانَتِ الرَّایَةُ یَوْمَئِذٍ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَحِقَهُ رَمَدٌ فَمَنَعَهُ (7) مِنَ الْحَرْبِ وَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ یُنَاوِشُونَ (8) الْیَهُودَ مِنْ بَیْنِ أَیْدِی حُصُونِهِمْ وَ جَنْبَاتِهَا فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ فَتَحُوا الْبَابَ وَ قَدْ كَانُوا خَنْدَقُوا عَلَی أَنْفُسِهِمْ خَنْدَقاً وَ خَرَجَ مَرْحَبٌ بِرِجْلِهِ یَتَعَرَّضُ لِلْحَرْبِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص
ص: 14
أَبَا بَكْرٍ (1) فَقَالَ لَهُ خُذِ الرَّایَةَ فَأَخَذَهَا فِی جَمْعٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ (2) فَاجْتَهَدَ فَلَمْ یُغْنِ شَیْئاً فَعَادَ (3) یُؤَنِّبُ الْقَوْمَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ یُؤَنِّبُونَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَعَرَّضَ لَهَا عُمَرُ فَسَارَ بِهَا غَیْرَ بَعِیدٍ ثُمَّ رَجَعَ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ (4) صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَتْ هَذِهِ الرَّایَةُ لِمَنْ حَمَلَهَا جِیئُونِی بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقِیلَ لَهُ إِنَّهُ أَرْمَدُ (5) قَالَ أَرُونِیهِ تُرُونِی رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ یَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا لَیْسَ بِفَرَّارٍ فَجَاءُوا بِعَلِیٍّ علیه السلام یَقُودُونَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا تَشْتَكِی یَا عَلِیُّ قَالَ رَمَدٌ مَا أُبْصِرُ مَعَهُ وَ صُدَاعٌ بِرَأْسِی فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ وَ ضَعْ رَأْسَكَ عَلَی فَخِذِی فَفَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَلِكَ فَدَعَا لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَفَلَ (6) فِی یَدِهِ فَمَسَحَ (7) بِهَا عَلَی عَیْنَیْهِ وَ رَأْسِهِ فَانْفَتَحَتْ عَیْنَاهُ وَ سَكَنَ مَا كَانَ یَجِدُهُ مِنَ الصُّدَاعِ وَ قَالَ فِی دُعَائِهِ (8) اللَّهُمَّ قِهِ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ وَ أَعْطَاهُ الرَّایَةَ وَ كَانَتْ رَایَةً بَیْضَاءَ وَ قَالَ لَهُ خُذِ الرَّایَةَ وَ امْضِ بِهَا فَجَبْرَئِیلُ (9) مَعَكَ وَ النَّصْرُ أَمَامَكَ وَ الرُّعْبُ مَبْثُوثٌ فِی صُدُورِ الْقَوْمِ وَ اعْلَمْ یَا عَلِیُّ أَنَّهُمْ یَجِدُونَ فِی كِتَابِهِمْ أَنَّ الَّذِی یُدَمِّرُ عَلَیْهِمْ اسْمُهُ إِیلِیَا فَإِذَا لَقِیتَهُمْ فَقُلْ أَنَا عَلِیٌّ فَإِنَّهُمْ یُخْذَلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (10) علیه السلام فَمَضَیْتُ بِهَا حَتَّی أَتَیْتُ الْحُصُونَ (11) فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَ عَلَیْهِ مِغْفَرٌ وَ حَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلَ الْبَیْضَةِ عَلَی رَأْسِهِ وَ هُوَ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ
قَدْ عَلِمَتْ خَیْبَرُ أَنِّی مَرْحَبٌ*** شَاكِ السِّلَاحِ (12) بَطَلٌ مُجَرَّبٌ
فَقُلْتُ
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَةَ (13)*** كَلَیْثِ غَابَاتٍ (14) شَدِیدٍ قَسْوَرَةٍ
أَكِیلُكُمْ بِالسَّیْفِ كَیْلَ السَّنْدَرَةِ
ص: 15
وَ اخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَیْنِ فَبَدَرْتُهُ وَ ضَرَبْتُهُ فَقَدَدْتُ الْحَجَرَ وَ الْمِغْفَرَ وَ رَأْسَهُ حَتَّی وَقَعَ السَّیْفُ فِی أَضْرَاسِهِ فَخَرَّ صَرِیعاً. (1).
وَ جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قَالَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْقَوْمِ غُلِبْتُمْ وَ مَا أُنْزِلَ عَلَی مُوسَی (2) فَدَخَلَ فِی قُلُوبِهِمْ (3) مِنَ الرُّعْبِ مَا لَمْ یُمْكِنْهُمْ مَعَهُ الِاسْتِیطَانُ بِهِ وَ لَمَّا قَتَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَرْحَباً رَجَعَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَ أَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ عَلَیْهِمْ دُونَهُ فَصَارَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَیْهِ فَعَالَجَهُ حَتَّی فَتَحَهُ وَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ جَانِبِ الْخَنْدَقِ لَمْ یَعْبُرُوا مَعَهُ فَأَخَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَابَ الْحِصْنِ فَجَعَلَهُ عَلَی الْخَنْدَقِ جِسْراً لَهُمْ حَتَّی عَبَرُوا فَظَفِرُوا (4) بِالْحِصْنِ وَ نَالُوا الْغَنَائِمَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنَ الْحِصْنِ أَخَذَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِیُمْنَاهُ فَدَحَا (5) بِهِ أَذْرُعاً مِنَ الْأَرْضِ وَ كَانَ الْبَابُ یُغْلِقُهُ عِشْرُونَ رَجُلًا (6) وَ لَمَّا فَتَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْحِصْنَ وَ قَتَلَ مَرْحَباً وَ أَغْنَمَ اللَّهُ الْمُسْلِمِینَ أَمْوَالَهُمُ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِیُّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَقُولَ فِیهِ شِعْراً فَقَالَ لَهُ (7) قُلْ فَأَنْشَأَ یَقُولُ:
وَ كَانَ عَلِیٌّ أَرْمَدَ الْعَیْنِ یَبْتَغِی*** دَوَاءً فَلَمَّا لَمْ یُحِسَّ مُدَاوِیاً
شَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُ بِتَفْلِهِ*** فَبُورِكَ مَرْقِیّاً وَ بُورِكَ رَاقِیاً
وَ قَالَ سَأُعْطِی الرَّایَةَ الْیَوْمَ صَارِماً*** كَمِیّاً مُحِبّاً لِلرَّسُولِ مُوَالِیاً
یُحِبُّ إِلَهِی وَ الْإِلَهُ یُحِبُّهُ*** بِهِ یَفْتَحُ اللَّهُ الْحُصُونَ الأَوَابِیَا
فَأَصْفَی بِهَا دُونَ الْبَرِیَّةِ كُلِّهَا*** عَلِیّاً وَ سَمَّاهُ الْوَزِیرَ الْمُوَاخِیَا
وَ قَدْ رَوَی أَصْحَابُ الْآثَارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی (8) إِسْحَاقَ
ص: 16
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِیِّ (1) قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا عَالَجْتُ بَابَ خَیْبَرَ جَعَلْتُهُ مِجَنّاً لِی فَقَاتَلْتُهُمْ (2) بِهِ فَلَمَّا أَخْزَاهُمُ اللَّهُ وَضَعْتُ الْبَابَ عَلَی حِصْنِهِمْ طَرِیقاً ثُمَّ رَمَیْتُ بِهِ فِی خَنْدَقِهِمْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَقَدْ حَمَلْتَ مِنْهُ ثِقَلًا فَقَالَ مَا كَانَ إِلَّا مِثْلَ جُنَّتِیَ الَّتِی فِی یَدِی فِی غَیْرِ ذَلِكَ الْمُقَامِ..
و ذكر أصحاب السیرة أن المسلمین لما انصرفوا من خیبر راموا حمل الباب فلم یقله منهم إلا سبعون (3) رجلا.
و فی حمل أمیر المؤمنین علیه السلام الباب یقول الشاعر:
إن امرأ حمل الرتاج (4) بخیبر*** یوم الیهود بقدرة لمؤید
حمل الرتاج رتاج باب قموصها*** و المسلمون و أهل خیبر حشد
فرمی به و لقد تكلف رده*** سبعون شخصا كلهم متشدد (5)
ردوه بعد تكلف و مشقة*** و مقال بعضهم لبعض ارددوا
و فیه أیضا قال شاعر من شعراء الشیعة یمدح أمیر المؤمنین علیه السلام و یهجو أعداءه علی ما رواه أبو محمد الحسن بن محمد بن جمهور قال قرأت علی أبی عثمان المازنی:
بعث النبی برایة منصورة ***عمر بن حنتمة الدلام الأدلما (6)
فمضی بها حتی إذا برزوا له*** دون القموص نبا (7) و هاب و أحجما
فأتی النبی برایة مردودة*** أ لا تخوف عارها فتذمما
فبكی النبی له و أنبه بها ***و دعا امرأ حسن البصیرة مقدما
فغدا بها فی فیلق و دعا له*** ألا یصد بها و ألا یهزما
فزوی الیهود إلی القموص و قد كسا*** كبش الكتیبة ذا غرار مخذما
ص: 17
و ثنی بناس بعدهم فقراهم*** طلس الذئاب و كل نسر قشعما
ساط الإله بحب آل محمد*** و بحب من والاهم منی الدما
بیان: قال الجوهری شمت السیف أغمدته و شمته سللته من الأضداد قوله یجبن أصحابه أی ینسبهم إلی الجبن
و قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام
أكیلكم بالسیف كیل السندرة
أی أقتلكم قتلا واسعا ذریعا و السندرة مكیال واسع و قیل یحتمل أن یكون اتخذ من السندرة و هی شجرة تعمل منها النبل و القسی و السندرة أیضا العجلة.
أَقُولُ فِی الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَیْهِ علیه السلام:
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَةَ*** ضِرْغَامُ آجَامٍ وَ لَیْثٌ قَسْوَرَةٌ
عَبْلُ الذِّرَاعَیْنِ شَدِیدُ الْقِصَرَةِ*** كَلَیْثِ غَابَاتٍ كَرِیهِ الْمَنْظَرَةِ
أَكِیلُكُمْ بِالسَّیْفِ كَیْلَ السَّنْدَرَةِ*** أَضْرِبُكُمْ ضَرْباً یُبِینُ الْفِقَرَةَ
وَ أَتْرُكُ الْقِرْنَ بِقَاعٍ جَزَرَةٍ*** أَضْرِبُ بِالسَّیْفِ رِقَابَ الْكَفَرَةِ
ضَرْبَ غُلَامٍ مَاجِدٍ حَزَوَّرَهْ ***مَنْ تَرَكَ (2) الْحَقَّ یَقُومُ صَغَرَةً
أَقْتُلُ مِنْهُمْ سَبْعَةً أَوْ عَشَرَةً*** فَكُلُّهُمْ أَهْلُ فُسُوقٍ فَجَرَةٍ
(3).
العبل: الضخم من كل شی ء و القصرة بالتحریك: أصل العنق و جزر السباع: اللحم الذی تأكله و الحزور كجعفر و بتشدید الواو و فتح الزاء أیضا الغلام إذا اشتد و قوی و خدم و صغرة جمع صاغر بمعنی الذلیل و الفیلق الجیش و الغرار بالكسر حد الرمح و السهم و السیف و المخذم بالكسر السیف القاطع و القری الضیافة و الطلس بالكسر الذئب الأمعط أی المتساقط الشعر و القشعم المسن من النسور و الضخم و السوط الخلط.
«12»-قب، المناقب لابن شهرآشوب أَرْكَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ خَیْبَرَ وَ عَمَّمَهُ بِیَدِهِ وَ أَلْبَسَهُ ثِیَابَهُ وَ أَرْكَبَهُ بَغْلَتَهُ ثُمَّ قَالَ امْضِ یَا عَلِیُّ وَ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِكَ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِكَ وَ
ص: 18
عِزْرَائِیلُ أَمَامَكَ وَ إِسْرَافِیلُ وَرَاءَكَ وَ نَصْرُ اللَّهِ فَوْقَكَ وَ دُعَائِی خَلْفَكَ وَ خَبَّرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله رَمْیَهُ بَابَ خَیْبَرَ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَقَدْ أَعَانَهُ عَلَیْهِ أَرْبَعُونَ (1) مَلَكاً.
«13»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی فِی خَبَرِ الشُّورَی بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَهَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ احْتَمَلَ بَابَ خَیْبَرَ یَوْمَ فَتَحْتُ حِصْنَهَا ثُمَّ مَشَی بِهِ سَاعَةً ثُمَّ أَلْقَاهُ فَعَالَجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَلَمْ یُقِلُّوهُ مِنَ الْأَرْضِ (2) قَالُوا لَا (3).
«14»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْأَزْدِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْأَزْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْهَمَّامِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْدِیِّ عَنْ رَبِیعَةَ السَّعْدِیِّ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدِمَ جَعْفَرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَرْضِ خَیْبَرَ فَأَتَاهُ بِالْفَرْعِ مِنَ الْغَالِیَةِ وَ الْقَطِیفَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَدْفَعَنَّ هَذِهِ الْقَطِیفَةَ إِلَی رَجُلٍ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَمَدَّ أَصْحَابُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْنَاقَهُمْ إِلَیْهَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَیْنَ عَلِیٌّ فَوَثَبَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَدَعَا عَلِیّاً علیه السلام فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ خُذْ هَذِهِ الْقَطِیفَةَ إِلَیْكَ فَأَخَذَهَا عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمْهَلَ حَتَّی قَدِمَ الْمَدِینَةَ فَانْطَلَقَ إِلَی الْبَقِیعِ وَ هُوَ سُوقُ الْمَدِینَةِ فَأَمَرَ صَائِغاً فَفَصَّلَ الْقَطِیفَةَ سِلْكاً سِلْكاً فَبَاعَ الذَّهَبَ وَ كَانَ أَلْفَ مِثْقَالٍ فَفَرَّقَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فِی فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ لَمْ یَتْرُكْ (4) مِنَ الذَّهَبِ قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً فَلَقِیَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ غَدٍ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِیهِمْ حُذَیْفَةُ وَ عَمَّارٌ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ أَخَذْتَ بِالْأَمْسِ أَلْفَ مِثْقَالٍ فَاجْعَلْ غَدَائِی الْیَوْمَ وَ أَصْحَابِی هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ وَ لَمْ یَكُنْ عَلِیٌّ علیه السلام یَرْجِعُ یَوْمَئِذٍ إِلَی شَیْ ءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ حَیَاءً مِنْهُ وَ تَكَرُّماً نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ فِی الرَّحْبِ وَ السَّعَةِ ادْخُلْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَنْتَ
ص: 19
وَ مَنْ مَعَكَ قَالَ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ لَنَا ادْخُلُوا قَالَ حُذَیْفَةُ وَ كُنَّا خَمْسَةَ نَفَرٍ أَنَا وَ عَمَّارٌ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَدَخَلْنَا وَ دَخَلَ عَلِیٌّ عَلَی فَاطِمَةَ علیهما السلام یَبْتَغِی عِنْدَهَا شَیْئاً مِنْ زَادٍ فَوَجَدَ فِی وَسَطِ الْبَیْتِ جَفْنَةً مِنْ ثَرِیدٍ تَفُورُ وَ عَلَیْهَا عُرَاقٌ كَثِیرٌ وَ كَأَنَّ رَائِحَتَهَا الْمِسْكُ فَحَمَلَهَا عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی وَضَعَهَا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا حَتَّی تَمَلَّأْنَا وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهَا قَلِیلٌ وَ لَا كَثِیرٌ وَ قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی دَخَلَ عَلَی فَاطِمَةَ علیه السلام وَ قَالَ أَنَّی لَكِ هَذَا الطَّعَامُ یَا فَاطِمَةُ فَرَدَّتْ عَلَیْهِ وَ نَحْنُ نَسْمَعُ قَوْلَهُمَا فَقَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْنَا مُسْتَعْبِراً وَ هُوَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی رَأَیْتُ لِابْنَتِی مَا رَأَی زَكَرِیَّا لِمَرْیَمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَیْها ... الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً فَیَقُولُ لَهَا یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا فَتَقُولُ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ (1).
بیان: فی القاموس فرع كل شی ء أعلاه و من القوم شریفهم و المال الطائل المعد.
«15»-ل، الخصال بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ یَوْمَ الشُّورَی نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ رَجَعَ عُمَرُ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ قَدْ رَدَّ رَایَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنْهَزِماً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا لَیْسَ بِفَرَّارٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ ادْعُوا لِی عَلِیّاً فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَمِدٌ مَا یَطْرِفُ فَقَالَ جِیئُونِی بِهِ فَلَمَّا قُمْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ تَفَلَ فِی عَیْنِی وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّیَ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ إِلَی سَاعَتِی هَذِهِ فَأَخَذْتُ الرَّایَةَ وَ هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِینَ وَ أَظْفَرَنِی بِهِمْ غَیْرِی قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ حِینَ جَاءَ مَرْحَبٌ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی مَرْحَبٌ***شَاكِی السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبٌ
أَطْعَنُ أَحْیَاناً وَ حِیناً أَضْرِبُ
ص: 20
فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ فَضَرَبَنِی وَ ضَرَبْتُهُ وَ عَلَی رَأْسِهِ نَقِیرٌ مِنْ جَبَلٍ (1) لَمْ یَكُنْ (2) تَصْلُحُ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ مِنْ عِظَمِ رَأْسِهِ فَفَلَقْتُ النَّقِیرَ وَ وَصَلَ السَّیْفُ إِلَی رَأْسِهِ فَقَتَلَهُ فَفِیكُمْ أَحَدٌ فَعَلَ هَذَا قَالُوا اللَّهُمَّ لَا (3).
«16»-ج، الإحتجاج عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثِ الشُّورَی قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَیْنَیْهِ وَ أَعْطَاهُ الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ فَلَمْ یَجِدْ حَرّاً وَ لَا بَرْداً غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَتَلَ مَرْحَباً الْیَهُودِیَّ مُبَارَزَةً فَارِسَ الْیَهُودِ غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ احْتَمَلَ بَابَ خَیْبَرَ حِینَ فَتَحَهَا فَمَشَی بِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ ثُمَّ عَالَجَهُ بَعْدَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَلَمْ یُطِیقُوهُ غَیْرِی قَالُوا لَا (4).
«17»-عم، إعلام الوری ثم كانت غزوة خیبر فی ذی الحجة من سنة ست و ذكر الواقدی أنها كانت أول سنة سبع من الهجرة و حاصرهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بضعا و عشرین لیلة و بخیبر أربعة عشر ألف یهودی فی حصونهم فجعل رسول اللّٰه علیه السلام یفتحها حصنا حصنا و كان من أشد حصونهم و أكثرها رجالا القموص فأخذ أبو بكر رایة المهاجرین فقاتل بها ثم رجع منهزما ثم أخذها عمر من الغد فرجع منهزما یجبن الناس و یجبنونه حتی ساء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذلك فَقَالَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ فغدت قریش یقول بعضهم لبعض أما علی فقد كفیتموه فإنه أرمد لا یبصر موضع قدمه وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمَّا سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ لَا مُعْطِیَ لِمَا مَنَعْتَ وَ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَیْتَ فأصبح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اجتمع إلیه الناس قال سعد جلست نصب عینیه ثم جثوت علی ركبتی ثم قمت علی رجلی قائما رجاء أن یدعونی فقال ادعوا لی علیا فصاح الناس من كل جانب إنه أرمد رمدا لا یبصر موضع قدمه فقال أرسلوا إلیه و ادعوه فأتی به یقاد فوضع رأسه علی فخذه
ص: 21
ثم تفل فی عینیه فقام و كأن (1) عینیه جزعتان ثم أعطاه الرایة و دعا له فخرج یهرول هرولة فو اللّٰه ما بلغت أخراهم حتی دخل الحصن قال جابر فأعجلنا أن نلبس أسلحتنا و صاح سعد (2) أربع یلحق بك الناس فأقبل حتی ركزها قریبا من الحصن فخرج إلیه مرحب فی عادته بالیهود فبارزه فضرب رجله فقطعها و سقط و حمل علی علیه السلام و المسلمون علیهم فانهزموا.
قَالَ أَبَانٌ وَ حَدَّثَنِی زُرَارَةُ قَالَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام انْتَهَی إِلَی بَابِ الْحِصْنِ وَ قَدْ أُغْلِقَ فِی وَجْهِهِ فَاجْتَذَبَهُ اجْتِذَاباً وَ تَتَرَّسَ بِهِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَی ظَهْرِهِ وَ اقْتَحَمَ الْحِصْنَ اقْتِحَاماً وَ اقْتَحَمَ الْمُسْلِمُونَ وَ الْبَابُ عَلَی ظَهْرِهِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا لَقِیَ عَلِیٌّ مِنَ النَّاسِ تَحْتَ الْبَابِ أَشَدَّ مِمَّا لَقِیَ مِنَ الْبَابِ ثُمَّ رَمَی بِالْبَابِ رَمْیاً وَ خَرَجَ الْبَشِیرُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَخَلَ الْحِصْنَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَخَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام یَتَلَقَّاهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله بَلَغَنِی (3) نَبَؤُكَ الْمَشْكُورُ وَ صَنِیعُكَ الْمَذْكُورُ قَدْ رَضِیَ اللَّهُ عَنْكَ فَرَضِیتُ أَنَا (4) عَنْكَ فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مَا یُبْكِیكَ یَا عَلِیُّ فَقَالَ فَرَحاً بِأَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ عَنِّی رَاضِیَانِ قَالَ وَ أَخَذَ عَلِیٌّ فِیمَنْ أَخَذَ صَفِیَّةَ بِنْتَ حُیَیٍّ فَدَعَا بِلَالًا فَدَفَعَهَا إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ لَا تَضَعْهَا إِلَّا فِی یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَرَی فِیهَا رَأْیَهُ فَأَخْرَجَهَا بِلَالٌ وَ مَرَّ بِهَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْقَتْلَی وَ قَدْ كَادَتْ تَذْهَبُ رُوحُهَا (5) فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَ نُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ یَا بِلَالُ ثُمَّ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَ تَزَوَّجَهَا.
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ خَیْبَرَ عَقَدَ لِوَاءً ثُمَّ قَالَ مَنْ یَقُومُ إِلَیْهِ (6) فَیَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ وَ هُوَ یُرِیدُ أَنْ یَبْعَثَ بِهِ إِلَی حَوَائِطِ فَدَكَ فَقَامَ الزُّبَیْرُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ أَمِطْ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَیْهِ (7) سَعْدٌ فَقَالَ أَمِطْ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ
ص: 22
یَا عَلِیُّ قُمْ إِلَیْهِ فَخُذْهُ فَأَخَذَهُ فَبَعَثَ بِهِ إِلَی فَدَكَ فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَحْقُنَ دِمَاءَهُمْ فَكَانَتْ حَوَائِطُ فَدَكَ لِرَسُولِ اللَّهِ خَاصّاً خَالِصاً فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْمُرُكَ أَنْ تُؤْتِیَ ذَا الْقُرْبَی حَقَّهُ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ وَ مَنْ قُرْبَایَ (1) وَ مَا حَقُّهَا قَالَ فَاطِمَةُ فَأَعْطِهَا حَوَائِطَ فَدَكَ وَ مَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فِیهَا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاطِمَةَ وَ كَتَبَ لَهَا كِتَاباً جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِیهَا إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ قَالَتْ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِی وَ لِابْنَیَّ.
قَالَ: وَ لَمَّا افْتَتَحَ (2) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْبَرَ أَتَاهُ الْبَشِیرُ بِقُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا (3) أَسَرُّ بِفَتْحِ خَیْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ.
وَ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا نَظَرَ جَعْفَرٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَجَّلَ یَعْنِی مَشَی عَلَی رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إِعْظَاماً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ (4).
وَ رَوَی زُرَارَةُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا اسْتَقْبَلَ جَعْفَراً الْتَزَمَهُ ثُمَّ قَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ (5) قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ قَبْلَ أَنْ یَسِیرَ إِلَی خَیْبَرَ عَمْرَو بْنَ أُمَیَّةَ الضَّمْرِیَّ (6) إِلَی النَّجَاشِیِّ عَظِیمِ الْحَبَشَةِ (7) وَ دَعَاهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَ كَانَ أَمَرَ عَمْراً أَنْ یَتَقَدَّمَ بِجَعْفَرٍ وَ أَصْحَابِهِ فَجَهَّزَ النَّجَاشِیُّ جَعْفَراً وَ أَصْحَابَهُ بِجَهَازٍ حَسَنٍ وَ أَمَرَ لَهُمْ بِكِسْوَةٍ وَ حَمَلَهُمْ فِی سَفِینَتَیْنِ (8).
بیان: قال الجزری الجزع بالفتح الخرز الیمانی و یقال ربع یربع
ص: 23
أی وقف و انتظر و قال فی حدیث خیبر إنه أخذ الرایة فهزها ثم قال من یأخذها بحقها فجاء فلان فقال أنا فقال أمط ثم جاء آخر فقال أمط أی تنح و اذهب و قال الحجل أن یرفع رجلا و یقفز علی الأخری من الفرح و قد یكون بالرجلین إلا أنه قفز و قیل الحجل مشی المقید.
«18»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِجَعْفَرٍ یَا جَعْفَرُ أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أُعْطِیكَ أَ لَا أَحْبُوكَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ یُعْطِیهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً فَتَشَوَّفَ النَّاسُ لِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ إِنِّی أُعْطِیكَ شَیْئاً إِنْ أَنْتَ صَنَعْتَهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ كَانَ خَیْراً لَكَ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا ثُمَّ عَلَّمَهُ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ جَعْفَرٍ عَلَی مَا سَیَأْتِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ (1).
بیان: تشوف للشی ء أی طمح إلیه بصره.
«19»-ل، الخصال ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا جَاءَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنَ الْحَبَشَةِ قَامَ إِلَیْهِ وَ اسْتَقْبَلَهُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ خُطْوَةً وَ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ بَكَی وَ قَالَ لَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ سُرُوراً بِقُدُومِكَ یَا جَعْفَرُ أَمْ بِفَتْحِ اللَّهِ عَلَی أَخِیكَ خَیْبَرَ وَ بَكَی فَرَحاً بِرُؤْیَتِهِ (2).
«20»-یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ بِسْطَامَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ یَلْتَزِمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ افْتَتَحَ خَیْبَرَ أَتَاهُ الْخَبَرُ أَنَّ جَعْفَراً قَدْ قَدِمَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ سُرُوراً بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَوْ بِفَتْحِ خَیْبَرَ قَالَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ جَاءَ جَعْفَرٌ قَالَ فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْتَزَمَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ الْأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ الَّتِی بَلَغَنِی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ جَعْفَراً أَنْ یُصَلِّیَهَا فَقَالَ لَمَّا قَدِمَ علیه السلام عَلَیْهِ قَالَ لَهُ یَا جَعْفَرُ أَ لَا أُعْطِیكَ أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أَحْبُوكَ قَالَ فَتَشَوَّفَ النَّاسُ وَ رَأَوْا
ص: 24
أَنَّهُ یُعْطِیهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً قَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مَتَی مَا صَلَّیْتَهُنَّ غُفِرَ لَكَ مَا بَیْنَهُنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ كُلَّ یَوْمٍ وَ إِلَّا فَكُلَّ یَوْمَیْنِ أَوْ كُلَّ جُمْعَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ یُغْفَرُ لَكَ مَا بَیْنَهُمَا الْخَبَرَ (1).
«21»-قب، المناقب لابن شهرآشوب فُتِحَ خَیْبَرُ فِی الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ لَمَّا رَأَتْ أَهْلُ خَیْبَرَ عَمَلَ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ ابْنُ أَبِی الْحُقَیْقِ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله انْزِلْ فَأُكَلِّمَكَ قَالَ نَعَمْ فَنَزَلَ وَ صَالَحَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حَقْنِ دِمَاءِ مَنْ فِی حُصُونِهِمْ وَ یَخْرُجُونَ مِنْهَا بِثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ فَدَكٍ قِصَّتَهُمْ بَعَثُوا مُحَیَّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْأَلُونَهُ أَنْ یَسْتُرَهُمْ بِأَثْوَابٍ فَلَمَّا نَزَلُوا سَأَلُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُعَامِلَهُمُ الْأَمْوَالَ عَلَی النِّصْفِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِأَهْلِ خَیْبَرَ (2).
«22»-ل، الخصال الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَلَوِیُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ بَیْتِی یَقُولُونَ إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ لَمَّا قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَ كَانَ بِهَا مُهَاجِراً وَ ذَلِكَ یَوْمُ فَتْحِ خَیْبَرَ قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا أَسَرُّ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَوْ بِفَتْحِ خَیْبَرَ (3).
«23»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ قَالَ: كُنْتُ مُجَاوِراً بِمَكَّةَ فَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِنْ أَیْنَ أُحْرِمُ بِالْحَجِّ فَقَالَ مِنْ حَیْثُ أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْجِعْرَانَةِ (4) أَتَاهُ فِی ذَلِكَ الْمَكَانِ فُتُوحٌ الطَّائِفُ وَ فَتْحُ خَیْبَرَ وَ الْفَتْحُ (5).
بیان: لعل خیبر هنا تصحیف حنین كما فی بعض النسخ و یمكن أن یقال كانت البشارة بفتح خیبر فی الحدیبیة و هو قریب من الجعرانة.
ص: 25
«24»-لی، الأمالی للصدوق الصَّائِغُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ بَسَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِیعَةَ عَنِ ابْنِ قُنْبُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَفَعَ الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً فَدَفَعَهَا إِلَی آخَرَ فَرَجَعَ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ قَدْ رَدَّ الرَّایَةَ مُنْهَزِماً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ ادْعُوا لِی عَلِیّاً فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَمِدٌ فَقَالَ ادْعُوهُ فَلَمَّا جَاءَ تَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَیْنَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنْهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ ثُمَّ دَفَعَ الرَّایَةَ إِلَیْهِ وَ مَضَی فَمَا رَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا بِفَتْحِ خَیْبَرَ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا دَنَا مِنَ الْقَمُوصِ أَقْبَلَ أَعْدَاءُ اللَّهِ مِنَ الْیَهُودِ یَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَ الْحِجَارَةِ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی دَنَا مِنَ الْبَابِ فَثَنَی رِجْلَهُ (1) ثُمَّ نَزَلَ مُغْضَباً إِلَی أَصْلِ عَتَبَةِ الْبَابِ فَاقْتَلَعَهُ ثُمَّ رَمَی بِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً قَالَ ابْنُ عَمْرٍو مَا عَجِبْنَا مِنْ فَتْحِ اللَّهِ خَیْبَرَ عَلَی یَدَیْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَكِنَّا عَجِبْنَا مِنْ قَلْعِهِ الْبَابَ وَ رَمْیِهِ خَلْفَهُ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً وَ لَقَدْ تَكَلَّفَ حَمْلَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَمَا أَطَاقُوهُ فَأُخْبِرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَقَدْ أَعَانَهُ عَلَیْهِ أَرْبَعُونَ مَلَكاً (2).
«25»-لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الصُّوفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الْحَبَّالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فِی رِسَالَتِهِ إِلَی سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَیْبَرَ وَ رَمَیْتُ بِهِ خَلْفَ ظَهْرِی أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً بِقُوَّةٍ جَسَدِیَّةٍ وَ لَا حَرَكَةٍ غِذَائِیَّةٍ لَكِنِّی أُیِّدْتُ بِقُوَّةٍ مَلَكُوتِیَّةٍ وَ نَفْسٍ بِنُورِ رَبِّهَا مُضِیئَةٍ (3) وَ أَنَا مِنْ أَحْمَدَ كَالضَّوْءِ مِنَ الضَّوْءِ وَ اللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَی قِتَالِی لَمَا وَلَّیْتُ وَ لَوْ أَمْكَنَتْنِی الْفُرْصَةُ مِنْ رِقَابِهَا لَمَا بَقَّیْتُ وَ مَنْ لَمْ یُبَالِ مَتَی حَتْفُهُ عَلَیْهِ سَاقِطٌ فَجَنَانُهُ فِی الْمُلِمَّاتِ رَابِطٌ (4).
ص: 26
«26»-ل، الخصال فِیمَا أَجَابَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْیَهُودِیَّ الَّذِی سَأَلَ عَنْ عَلَامَاتِ الْأَوْصِیَاءِ أَنْ قَالَ وَ أَمَّا السَّادِسَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّا وَرَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَدِینَةَ أَصْحَابِكَ خَیْبَرَ عَلَی رِجَالٍ مِنَ الْیَهُودِ وَ فُرْسَانِهَا مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهَا فَتَلَقَّوْنَا بِأَمْثَالِ الْجِبَالِ مِنَ الْخَیْلِ وَ الرِّجَالِ وَ السِّلَاحِ وَ هُمْ فِی أَمْنَعِ دَارٍ وَ أَكْثَرِ عَدَدٍ كُلٌّ یُنَادِی یَدْعُو (1) وَ یُبَادِرُ إِلَی الْقِتَالِ فَلَمْ یَبْرُزْ إِلَیْهِمْ مِنْ أَصْحَابِی أَحَدٌ إِلَّا قَتَلُوهُ حَتَّی إِذَا احْمَرَّتِ الْحَدَقُ وَ دُعِیتُ إِلَی النِّزَالِ وَ أَهَمَّتْ كُلَّ امْرِئٍ نَفْسُهُ وَ الْتَفَتَ بَعْضُ أَصْحَابِی إِلَی بَعْضٍ وَ كُلٌّ یَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ انْهَضْ فَأَنْهَضَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی دَارِهِمْ فَلَمْ یَبْرُزْ إِلَیَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ وَ لَا یَثْبُتُ لِی فَارِسٌ إِلَّا طَحَنْتُهُ ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَیْهِمْ شِدَّةَ اللَّیْثِ عَلَی فَرِیسَتِهِ حَتَّی أَدْخَلْتُهُمْ جَوْفَ مَدِینَتِهِمْ مُسَدِّداً عَلَیْهِمْ فَاقْتَلَعْتُ بَابَ حِصْنِهِمْ بِیَدِی حَتَّی دَخَلْتُ عَلَیْهِمْ مَدِینَتَهُمْ وَحْدِی أَقْتُلُ مَنْ یَظْهَرُ فِیهَا مِنْ رِجَالِهَا وَ أَسْبِی مَنْ أَجِدُ مِنْ نِسَائِهَا حَتَّی افْتَتَحْتُهَا وَحْدِی وَ لَمْ یَكُنْ لِی فِیهَا مُعَاوِنٌ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ (2).
«27»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الْحَمَّامِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ عَنْ سُهَیْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ قَالَ عُمَرُ مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ قَبْلَ یَوْمِئِذٍ فَدَعَا عَلِیّاً علیه السلام فَبَعَثَهُ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَقَاتِلْ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْكَ وَ لَا تَلْتَفِتْ فَمَشَی سَاعَةً أَوْ قَالَ قَلِیلًا ثُمَّ وَقَفَ وَ لَمْ یَلْتَفِتْ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَی مَا أُقَاتِلُ النَّاسَ قَالَ قَاتِلْهُمْ حَتَّی یَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَ حِسَابُهُمْ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (3).
«28»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ
ص: 27
بْنِ شَیْبَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَفَعَ خَیْبَرَ إِلَی أَهْلِهَا بِالشَّطْرِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصِّرَامِ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ بِخَرْصِنَا وَ إِنْ شِئْنَا أَخَذْنَا وَ احْتَسَبْنَا لَكُمْ فَقَالُوا هَذَا الْحَقُّ بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ (1).
«29»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَرَجْنَا إِلَی خَیْبَرَ فَإِذَا نَحْنُ بِوَادٍ ملأ (2) [مَلْآنَ مَاءً فَقَدَّرْنَاهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ (3) قَامَةً فَقَالَ النَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَدُوُّ مِنْ وَرَائِنَا وَ الْوَادِی أَمَامَنَا كَمَا قالَ أَصْحابُ مُوسی إِنَّا لَمُدْرَكُونَ فَنَزَلَ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ (4) اللَّهُمَّ إِنَّكَ جَعَلْتَ لِكُلِّ مُرْسَلٍ عَلَامَةً فَأَرِنَا قُدْرَتَكَ (5) فَرَكِبَ وَ عَبَرَتِ الْخَیْلُ وَ الْإِبِلُ لَا تَنْدَی حَوَافِرُهَا وَ أَخْفَافُهَا (6) فَفَتَحُوهُ ثُمَّ أُعْطِیَ بَعْدَهُ فِی أَصْحَابِهِ حِینَ عُبُورِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِیكَرِبَ الْبَحْرَ (7) بِالْمَدَائِنِ بحبشه (8) [بِجَیْشِهِ .
«30»-یج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَمَّا سَارَ إِلَی خَیْبَرَ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الرَّایَةَ إِلَی بَابِ الْحِصْنِ فَحَارَبَهُمْ فَحَمَلَتِ الْیَهُودُ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ وَ لَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَ عُمَرُ الرَّایَةَ فَخَرَجَ بِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ یُجَبِّنُ النَّاسَ (9) فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ یَرْجِعُونَ مُنْهَزِمِینَ یُجَبِّنُونَ أَصْحَابَهُمْ أَمَا لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدِهِ (10) وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام أَرْمَدَ الْعَیْنِ فَتَطَاوَلَ جَمِیعُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا أَمَّا عَلِیٌّ فَإِنَّهُ لَا یُبْصِرُ شَیْئاً لَا سَهْلًا وَ لَا جَبَلًا
ص: 28
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْخَیْمَةِ وَ الرَّایَةُ فِی (1) یَدِهِ فَرَكَزَهَا وَ قَالَ أَیْنَ عَلِیٌّ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَمِدٌ مَعْصُوبُ الْعَیْنَیْنِ قَالَ هَاتُوهُ إِلَیَّ فَأُتِیَ بِهِ یُقَادُ فَفَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَیْنَیْهِ ثُمَّ تَفَلَ فِیهِمَا فَكَأَنَّ عَلِیّاً (2) لَمْ تَرْمَدْ عَیْنَاهُ قَطُّ (3) ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ فَكَانَ عَلِیٌّ یَقُولُ مَا وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ حَرّاً وَ لَا بَرْداً فِی صَیْفٍ وَ لَا شِتَاءٍ ثُمَّ دَفَعَ إِلَیْهِ الرَّایَةَ وَ قَالَ لَهُ سِرْ فِی الْمُسْلِمِینَ إِلَی بَابِ الْحِصْنِ وَ ادْعُهُمْ إِلَی إِحْدَی ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا أَنْ یَدْخُلُوا فِی الْإِسْلَامِ وَ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِینَ وَ عَلَیْهِمْ مَا عَلَیْهِمْ وَ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ وَ إِمَّا أَنْ یُذْعِنوا لِلْجِزْیَةِ (4) وَ الصُّلْحِ وَ لَهُمُ الذِّمَّةُ وَ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ وَ إِمَّا الْحَرْبِ فَإِنِ (5) اخْتَارُوا الْحَرْبَ فَحَارِبْهُمْ فأخذها و سار بها و المسلمون خلفه حتی وافی باب الحصن فاستقبله حماة الیهود و فی أولهم مرحب یهدر (6) كما یهدر البعیر فدعاهم إلی الإسلام فأبوا ثم دعاهم إلی الذمة فأبوا فحمل علیهم أمیر المؤمنین علیه السلام فانهزموا بین یدیه و دخلوا الحصن و ردوا بابه و كان الباب حجرا منقورا فی صخر و الباب من الحجر فی ذلك الصخر المنقور كأنه حجر رحی و فی وسطه ثقب لطیف فرمی أمیر المؤمنین علیه السلام بقوسه من یده الیسری و جعل یده الیسری فی ذلك الثقب الذی فی وسط الحجر دون الیمنی لأن السیف كان فی یده الیمنی ثم جذبه إلیه فانهار الصخر المنقور و صار الباب فی یده الیسری فحملت علیه الیهود فجعل ذلك ترسا له و حمل علیهم فضرب مرحبا فقتله و انهزم الیهود من بین یدیه فرمی عند ذلك الحجر بیده الیسری إلی خلفه فمر الحجر الذی هو الباب علی رءوس الناس من المسلمین إلی أن وقع فی آخر العسكر قال المسلمون فذرعنا المسافة التی مضی فیها الباب فكانت أربعین ذراعا ثم اجتمعنا علی الباب (7) لنرفعه من الأرض و كنا أربعین رجلا حتی تهیأ لنا أن نرفعه قلیلا من الأرض.
ص: 29
«31»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ خَیْبَرَ رَاجِعاً إِلَی الْمَدِینَةِ قَالَ جَابِرٌ وَ صِرْنَا (1) عَلَی وَادٍ عَظِیمٍ قَدِ امْتَلَأَ بِالْمَاءِ فَقَاسُوا عُمْقَهُ بِرُمْحٍ فَلَمْ یَبْلُغْ قَعْرَهُ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَعْطِنَا الْیَوْمَ آیَةً مِنْ آیَاتِ أَنْبِیَائِكَ وَ رُسُلِكَ ثُمَّ ضَرَبَ الْمَاءَ بِقَضِیبِهِ وَ اسْتَوَی عَلَی رَاحِلَتِهِ ثُمَّ قَالَ سِیرُوا خَلْفِی بِاسْمِ اللَّهِ (2) فَمَضَتْ رَاحِلَتُهُ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ فَاتَّبَعَهُ (3) النَّاسُ عَلَی رَوَاحِلِهِمْ وَ دَوَابِّهِمْ فَلَمْ تَتَرَطَّبْ (4) أَخْفَافُهَا وَ لَا حَوَافِرُهَا (5).
«32»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا صَارَ (6) إِلَی خَیْبَرَ كَانُوا قَدْ جَمَعُوا حُلَفَاءَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ غَطَفَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ فَلَمَّا نَزَلَ صلی اللّٰه علیه و آله بِخَیْبَرَ سَمِعَتْ غَطَفَانُ صَائِحاً یَصِیحُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ یَا مَعْشَرَ غَطَفَانَ الْحَقُوا حَیَّكُمْ فَقَدْ خُولِفْتُمْ إِلَیْهِمْ وَ رَكِبُوا مِنْ لَیْلَتِهِمْ وَ صَارُوا إِلَی حَیِّهِمْ مِنَ الْغَدِ فَوَجَدُوهُمْ سَالِمِینَ قَالُوا فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ لِیَظْفَرَ مُحَمَّدٌ بِیَهُودِ خَیْبَرَ فَنَزَلَ صلی اللّٰه علیه و آله تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ نَادَی مُنَادِیهِ قَالُوا فَاجْتَمَعْنَا إِلَیْهِ فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ عَلَیْكُمْ هَذَا جَاءَنِی وَ أَنَا نَائِمٌ وَ سَلَّ سَیْفِی وَ قَالَ مَنْ یَمْنَعُكَ مِنِّی قُلْتُ اللَّهُ یَمْنَعُنِی مِنْكَ فَصَارَ كَمَا تَرَوْنَ لَا حَرَاكَ بِهِ فَقَالَ دَعُوهُ وَ لَمْ یُعَاقِبْهُ وَ لَمَّا فَتَحَ عَلِیٌّ علیه السلام حِصْنَ خَیْبَرَ الْأَعْلَی بَقِیَتْ لَهُمْ قَلْعَةٌ فِیهَا جَمِیعُ أَمْوَالِهِمْ وَ مَأْكُولِهِمْ وَ لَمْ یَكُنْ عَلَیْهَا حَرْبٌ بِوَجْهٍ (7) مِنَ الْوُجُوهِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ مُحَاصِراً لِمَنْ فِیهَا فَصَارَ إِلَیْهِ یَهُودِیٌّ مِنْهُمْ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ تُؤْمِنُنُی عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِی وَ مَالِی وَ وُلْدِی حَتَّی أَدُلَّكَ عَلَی فَتْحِ الْقَلْعَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ آمِنٌ فَمَا دَلَالَتُكَ قَالَ تَأْمُرُ أَنْ یُحْفَرَ هَذَا الْمَوْضِعُ فَإِنَّهُمْ یَصِیرُونَ إِلَی مَاءِ أَهْلِ الْقَلْعَةِ فَیَخْرُجُ وَ یَبْقَوْنَ بِلَا مَاءٍ (8) وَ یُسَلِّمُونَ إِلَیْكَ الْقَلْعَةَ طَوْعاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ یُحْدِثَ اللَّهُ غَیْرَ هَذَا وَ قَدْ أَمَنَّاكَ فَلَمَّا
ص: 30
كَانَ مِنَ الْغَدِ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ بَغْلَتَهُ وَ قَالَ لِلْمُسْلِمِینَ اتَّبِعُونِی وَ سَارَ نَحْوَ الْقَلْعَةِ فَأَقْبَلَتِ السِّهَامُ وَ الْحِجَارَةُ نَحْوَهُ وَ هِیَ تَمُرُّ عَنْ یَمْنَتِهِ وَ یَسْرَتِهِ فَلَا تُصِیبُهُ وَ لَا أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِینَ شَیْ ءٌ مِنْهَا حَتَّی وَصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَابِ الْقَلْعَةِ فَأَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی حَائِطِهَا فَانْخَفَضَ الْحَائِطُ حَتَّی صَارَ مِنَ (1) الْأَرْضِ وَ قَالَ لِلنَّاسِ ادْخُلُوا الْقَلْعَةَ مِنْ رَأْسِ الْحَائِطِ بِغَیْرِ كُلْفَةٍ (2).
بیان: فقد خولفتم إلیهم أی أتی عدوكم حیكم مخالفین لكم فی الطریق فی القاموس هو یخالف فلانة أی یأتیها إذا غاب زوجها.
«33»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَبَاهُ علیه السلام حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَی خَیْبَرَ بِالنِّصْفِ أَرْضَهَا وَ نَخْلَهَا فَلَمَّا أَدْرَكَتِ الثَّمَرَةُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَقَوَّمَ عَلَیْهِمْ قِیمَةً فَقَالَ لَهُمْ إِمَّا أَنْ تَأْخُذُوهُ وَ تُعْطُونِی نِصْفَ الثَّمَرِ (3) وَ إِمَّا أَعْطَیْتُكُمْ نِصْفَ الثَّمَرِ (4) وَ آخُذُهُ فَقَالُوا بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ (5).
«34»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا افْتَتَحَ خَیْبَرَ تَرَكَهَا فِی أَیْدِیهِمْ عَلَی النِّصْفِ فَلَمَّا بَلَغَتِ الثَّمَرَةُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَیْهِمْ فَخَرَصَ عَلَیْهِمْ فَجَاءُوا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا لَهُ إِنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَیْنَا فَأَرْسَلَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مَا یَقُولُ هَؤُلَاءِ قَالَ قَدْ خَرَصْتُ عَلَیْهِمْ بِشَیْ ءٍ فَإِنْ شَاءُوا یَأْخُذُونَ بِمَا خَرَصْتُ وَ إِنْ شَاءُوا أَخَذْنَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ (6).
«35»- أقول قال الكازرونی فی سنة سبع من الهجرة كانت غزوة خیبر فی جمادی الأولی و خیبر علی ثمانیة برد من المدینة و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما
ص: 31
رجع من الحدیبیة أقام بالمدینة بقیة ذی الحجة و بعض المحرم ثم خرج فی بقیة المحرم لسنة سبع و استخلف علی المدینة سباع بن عرفطة الغفاری (1) و أخرج معه أم سلمة فلما نزل بساحتهم أصبحوا و غدوا (2) إلی أعمالهم معهم المساحی و المكاتل فلما نظروا إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قالوا محمد و الخمیس (3) فولوا هاربین إلی حصونهم و جعل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول اللّٰه أكبر خزیت (4) خیبر إنا جیش إذا نزلنا (5) بساحة قوم فساء صباح المنذرین فقاتلوهم أشد القتال و فتحها حصنا حصنا و هی حصون ذوات عدد و أخذ كنز (6) آل أبی الحقیق و كان قد غیبوه فی خربة فدله اللّٰه علیه فاستخرجه و قتل منهم ثلاثة و تسعین (7) رجلا من یهود حتی ألجأهم إلی قصورهم و غلبهم علی الأرض و النخل فصالحهم علی أن یحقن دماءهم و لهم ما حملت ركابهم و للنبی صلی اللّٰه علیه و آله الصفراء و البیضاء و السلاح و یخرجهم و شرطوا للنبی صلی اللّٰه علیه و آله أن لا یكتموه شیئا فإن فعلوا فلا ذمة لهم و لا عهد فلما وجد المال الذی غیبوه فی مسك الجمال (8) سبی نساءهم و غلب علی الأرض و النخل و دفعها إلیهم علی الشطر.
ثم ذكر حدیث الرایة و رجوع أبی بكر و عمر و انهزامهما.
وَ قَوْلَهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَا وَ اللَّهِ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ یَأْخُذُهَا إلی آخر ما مر.
ص: 32
ثم قال قال ابن عباس لما أراد النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن یخرج من خیبر قال القوم الآن نعلم أ سریة صفیة أم امرأة فإن كانت امرأة فسیحجبها و إلا فهی سریة فلما خرج أمر بستر فستر دونها فعرف الناس أنها امرأة فلما أرادت أن تركب أدنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فخذه منها لتركب علیها فأبت و وضعت ركبتها علی فخذه ثم حملها فلما كان اللیل نزل فدخل الفسطاط و دخلت معه و جاء أبو أیوب فبات عند الفسطاط معه السیف واضع رأسه علی الفسطاط فلما أصبح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سمع صوتا فقال من هذا فقال أنا أبو أیوب فقال ما شأنك قال یا رسول اللّٰه جاریة شابة حدیثة عهد بعرس و قد صنعت بزوجها ما صنعت فلم آمنها قلت إن تحركت كنت قریبا منك فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رحمك اللّٰه یا أبا أیوب مرتین و كانت صفیة عروسا بكنانة بن الربیع بن أبی الحقیق حین نزل رسول اللّٰه خیبر فرأت فی المنام كأن الشمس نزلت حتی وقعت علی صدرها فقصت ذلك علی زوجها فقال و اللّٰه ما تمنیت (1) إلا هذا الملك الذی نزل بنا ففتحها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ضرب عنق زوجها فتزوجها.
-و فی بعض الروایات أن صفیة كانت قد رأت فی المنام و هی عروس بكنانة بن الربیع أن قمرا وقع فی حجرها فعرضت رؤیاها علی زوجها فقال ما هذا إلا أنك تمنین ملك الحجاز فلطم وجهها لطمة اخضرت عینها منها فأتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بها و بها أثر منها فسألها ما هو فأخبرته هذا الخبر.
و أتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بزوجها كنانة و كان عنده كنز بنی النضیر فسأله فجحده أن یكون یعلم مكانه فأتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله برجل من الیهود فقال لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إنی قد رأیت كنانة یطیف بهذه الخربة كل غداة فقال رسول اللّٰه أ رأیت إن وجدناه عندك أ نقتلك قال نعم فأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقی فأبی أن یؤدیه فأمر صلی اللّٰه علیه و آله الزبیر بن العوام قال عذبه حتی تستأصل ما عنده و كان الزبیر یقدح بزند فی
ص: 33
صدره حتی أشرف علی نفسه ثم دفعه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخیه محمود بن مسلمة.
و بإسناده عن أنس قال لما افتتح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خیبر قال الحجاج بن علاط یا رسول اللّٰه إن لی بمكة مالا و إن لی بها أهلا أرید أن آتیهم فأنا فی حل إن أنا نلت منك و قلت (1) شیئا فأذن له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یقول ما شاء فأتی امرأته حین (2) قدم و قال اجمعی لی ما كان عندك فإنی أرید أن أشتری من غنائم محمد و أصحابه فإنهم قد استبیحوا و قد أصیبت أموالهم و فشا ذلك فی مكة فانقمع المسلمون و أظهر المشركون فرحا و سرورا فبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب فعقر و جعل لا یستطیع أن یقوم ثم أرسل الغلام إلی الحجاج ویلك ما ذا جئت به و ما ذا تقول فما وعد اللّٰه خیر مما جئت به فقال الحجاج اقرأ علی أبی الفضل السلام و قل له فلیخل لی بعض بیوته لآتیه فإن الخبر علی ما یسره قال فجاء غلامه فلما بلغ الباب قال أبشر یا أبا الفضل قال فوثب العباس فرحا حتی قبل بین عینیه فأخبره بما قال الحجاج فأعتقه قال ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد افتتح خیبر و غنم أموالهم و جرت سهام اللّٰه تعالی فی أموالهم و اصطفی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صفیة و اتخذها لنفسه و خیرها بین أن یعتقها و تكون زوجته أو تلحق بأهلها فاختارت أن یعتقها و تكون زوجته و لكن جئت (3) لمال لی هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأذن لی أن أقول ما شئت فاخف علی ثلاثا ثم اذكر ما بدا لك قال فجمعت امرأته ما كان عندها من حلی و متاع فدفعته إلیه ثم انشمر به فلما كان بعد ثلاث أتی العباس امرأة الحجاج فقال ما فعل زوجك فأخبرته أنه ذهب یوم كذا و كذا و قالت لا یحزنك اللّٰه یا أبا الفضل لقد شق علینا الذی بلغك قال أجل لا یحزننی اللّٰه تعالی و لم یكن بحمد اللّٰه إلا ما أحببنا فتح اللّٰه خیبر
ص: 34
علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اصطفی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صفیة لنفسه فإن كان لك حاجة فی زوجك فالحقی به قالت أظنك و اللّٰه صادقا قال فو اللّٰه إنی لصادق و الأمر علی ما أخبرتك قال ثم ذهب حتی أتی مجلس قریش (1) و هم یقولون إذا مر بهم لا یصیبك إلا خیر یا أبا الفضل قال لم یصبنی إلا خیر بحمد اللّٰه لقد أخبرنی الحجاج أن خیبر فتح اللّٰه علی رسوله و جرت سهام اللّٰه فیها و اصطفی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صفیة لنفسه و قد سألنی أن أخفی عنه ثلاثا و إنما جاء لیأخذ ماله و ما كان له من شی ء هاهنا ثم یذهب قال فرد اللّٰه الكأبة التی بالمسلمین علی المشركین و خرج من كان دخل بیته مكتئبا حتی أتوا العباس فأخبرهم الخبر فسر المسلمون و رد اللّٰه ما كان من كأبة أو غیظ أو حزن علی المشركین. (2).
قوله (3) فانقمع أی انكسر و عقر أی دهش من كراهة الخبر الذی سمعه و انشمر به أی خف به و أسرع به.
«36»-مِنَ الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِمَّا أَنْشَدَهُ فِی غَزَاةِ خَیْبَرَ:
سَتَشْهَدُ لِی بِالْكَرِّ وَ الطَّعْنِ رَایَةٌ ***حَبَانِی بِهَا الطُّهْرُ النَّبِیُّ الْمُهَذَّبُ
وَ تَعْلَمُ أَنِّی فِی الْحُرُوبِ إِذَا الْتَظَتْ*** بِنِیرَانِهَا اللَّیْثُ الْهَمُوسُ الْمُجَرَّبُ
وَ مِثْلِیَ لَاقَی الْهَوْلَ فِی مَفْظِعَاتِهِ ***وَ قَلَّ لَهُ الْجَیْشُ الْخَمِیسُ الْعَطَبْطَبُ (4)
وَ قَدْ عَلِمَ الْأَحْیَاءُ أَنِّی زَعِیمُهَا*** وَ أَنِّی لَدَی الْحَرْبِ الْعُذَیْقُ الْمُرَجَّبُ (5)
بیان: الالتظاء الاشتعال و الالتهاب و قال الجوهری الأسد الهموس الخفی الوطء و قل المضبوط فی النسخ بالقاف و لعل الفاء أنسب من قولهم فل الجیش إذا هزمهم و العطبطب لم أجده فی اللغة و فی الشرح المهلك و الزعیم سید القوم و رئیسهم و العذیق تصغیر العذق بالفتح و هی النخلة و هو
ص: 35
تصغیر تعظیم و الرجبة هو أن تعمد النخلة الكریمة ببناء من حجارة أو خشب إذا خیف علیها لطولها و كثرة حملها أن تقع و قد یكون ترجیبها بأن یجعل حولها شوك لئلا یرقی إلیها و من الترجیب أن تعمد بخشبة ذات شعبتین و قیل أراد بالترجیب التعظیم كل ذلك ذكره فی النهایة.
وَ مِنْهُ فِیهَا:
أَنَا عَلِیٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ***مُهَذَّبٌ ذُو سَطْوَةٍ وَ ذُو غَضَبٍ
غُذِّیتُ (1) فِی الْحَرْبِ وَ عِصْیَانِ النُّؤَبِ*** مِنْ بَیْتِ عِزٍّ لَیْسَ فِیهِ مُنْشَعَبُ
وَ فِی یَمِینِی صَارِمٌ یَجْلُو (2) الْكُرَبَ*** مَنْ یَلْقَنِی یَلْقَی الْمَنَایَا وَ الْعَطَبَ
إِذْ كَفُّ مِثْلِی بِالرُّءُوسِ یَلْتَعِبُ (3)
بیان: و عصیان النؤب أی عدم إطاعة نوائب الدهر لی و غلبتها علی و المنشعب مصدر میمی أو اسم مكان و الانشعاب التفرق و إذ للتعلیل أو ظرف لیلقی.
وَ مِنْهُ فِیهَا مُخَاطِباً لِیَاسِرٍ وَ غَیْرِهِ:
هَذَا لَكُمْ مِنَ الْغُلَامِ الْغَالِبِ ***مِنْ ضَرْبِ صِدْقٍ وَ قَضَاءِ الْوَاجِبِ (4)
وَ فَالِقِ الْهَامَاتِ وَ الْمَنَاكِبِ*** أَحْمِی بِهِ قَمَاقِمَ الْكَتَائِبِ (5)
بیان: القمقام السید و العدد الكثیر و الكتیبة الجیش.
وَ مِنْهُ فِیهَا مُخَاطِباً لِعَنْتَرٍ وَ سَائِرِ عَسْكَرِ خَیْبَرَ:
هَذَا لَكُمْ مَعَاشِرَ الْأَحْزَابِ*** مِنْ فَالِقِ الْهَامَاتِ وَ الرِّقَابِ
فَاسْتَعْجِلُوا لِلطَّعْنِ وَ الضِّرَابِ*** وَ اسْتَبْسِلُوا لِلْمَوْتِ وَ الْمَآبِ
صَیَّرَكُمْ سیفی إلَی الْعَذَابِ***بِعَوْنِ رَبِّی الْوَاحِدِ الْوَهَّابِ(6)
بیان: استبسل طرح نفسه فی الحرب و یرید أن یقتل أو یقتل لا محالة و
ص: 36
المآب المرجع فی الآخرة.
وَ مِنْهُ فِیهِ مُخَاطِباً لِرَبِیعِ بْنِ أَبِی الْحُقَیْقِ:
أَنَا عَلِیٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ***أَحْمِی ذِمَارِی وَ أَذُبُّ عَنْ حَسَبٍ
وَ الْمَوْتُ خَیْرٌ لِلْفَتَی مِنَ الْهَرَبِ (1)
وَ مِنْهُ فِیهَا مُخَاطِباً لِجَمَاهِیرِ أَهْلِ خَیْبَرَ:
أَنَا عَلِیٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ*** مُهَذَّبٌ ذُو سَطْوَةٍ وَ ذُو حَسَبٍ
قِرْنٌ إِذَا لَاقَیْتُ قِرْناً لَمْ أَهَبْ ***مَنْ یَلْقَنِی یَلْقَی الْمَنَایَا وَ الْكُرَبَ (2)
وَ مِنْهُ فِیهَا مُخَاطِباً لِمُرَّةَ بْنِ مَرْوَانَ:
أَنَا عَلِیٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ*** أَخُو النَّبِیِّ الْمُصْطَفَی الْمُنْتَجَبِ
رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَدْ غَلَبَ*** بَیَّنَهُ رَبُّ السَّمَاءِ فِی الْكُتُبِ
وَ كُلُّهُمْ (3) یَعْلَمُ لَا قَوْلَ كَذِبٍ*** وَ لَا بِزُورٍ حِینَ یدء (4) (یَدْوِی) بِالنَّسَبِ
صَافِی الْأَدِیمِ وَ الْجَبِینِ كَالذَّهَبِ*** الْیَوْمَ أُرْضِیهِ بِضَرْبٍ وَ غَضَبٍ
ضَرْبَ غُلَامٍ أَرِبٍ مِنَ الْعَرَبِ*** لَیْسَ بِخَوَّارٍ یُرَی عِنْدَ النُّكَبِ
فَاثْبُتْ لِضَرْبٍ مِنْ حُسَامٍ كَاللَّهَبِ (5)
بیان: حین یدء قال الشارح الداو و الدای الحكایة و لم أجده فیما عندنا من الكتب و فی القاموس دأیت الشی ء كسعیت ختلته و یحتمل أن یكون بالباء الموحدة من الابتداء.
وَ مِنْهُ فِیهَا مُخَاطِباً لِمَرْحَبٍ:
نَحْنُ بَنُو الْحَرْبِ بِنَا سَعِیرُهَا*** حَرْبَ عَوَانٍ حَرُّهَا نَذِیرُهَا
تَحُثُّ رَكْضَ الْخَیْلِ فِی زَفِیرِهَا (6)
وَ مِنْهُ فِیهَا مُجِیباً لِیَاسِرٍ الْخَیْبَرِیِ:
ص: 37
تَبّاً وَ تَعْساً لَكَ یَا ابْنِ الْكَافِرِ*** أَنَا عَلِیٌّ هَازِمُ الْعَسَاكِرِ
أَنَا الَّذِی أَضْرِبُكُمْ وَ نَاصِرِی*** إِلَهُ حَقٍّ وَ لَهُ مُهَاجَرِی
أَضْرِبُكُمْ بِالسَّیْفِ فِی الْمَصَاغِرِ*** أَجُودُ بِالطَّعْنِ وَ ضَرْبٍ طاهر (1) (ظَاهِرٍ)
مَعَ ابْنِ عَمِّی وَ السِّرَاجِ الزَّاهِرِ*** حَتَّی تَدِینُوا لِلْعَلِیِّ الْقَاهِرِ
ضَرْبَ غُلَامٍ صَارِمٍ مُمَاهِرِ (2)
وَ أَیْضاً فِی جَوَابِهِ:
یَنْصُرُنِی رَبِّی خَیْرُ نَاصِرٍ*** آمَنْتُ بِاللَّهِ بِقَلْبٍ شَاكِرٍ
أَضْرِبُ بِالسَّیْفِ عَلَی الْمَغَافِرِ*** مَعَ النَّبِیِّ الْمُصْطَفَی الْمُهَاجِرِ (3)
وَ مِنْهُ فِیهَا مُجِیباً لِأَبِی الْبُلَیْتِ عَنْتَرٍ:
أَنَا عَلِیٌّ الْبَطَلُ الْمُظَفَّرُ*** غَشَمْشَمُ الْقَلْبِ بِذَاكَ أُذْكَرُ
وَ فِی یَمِینِی لِلِّقَاءِ أَخْضَرُ ***یَلْمَعُ مِنْ حافته (حَافَیْهِ) بَرْقٌ یَزْهَرُ (4)
لِلطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ الشَّدِیدِ مُحْضَرُ*** مَعَ النَّبِیِّ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ
اخْتَارَهُ اللَّهُ الْعَلِیُّ الْأَكْبَرُ*** الْیَوْمَ یُرْضِیهِ وَ یُخْزِی عَنْتَرٌ (5)
بیان: قال الجوهری الغشمشم الذی یركب رأسه لا یثنیه شی ء عما یرید و یهوی من شجاعته و إنما عبر عن السیف بالأخضر لأنه من الحدید و هو أسود و العرب یعبر عن السواد بالخضرة أو لكثرة مائه كما یسمی البحر الأخضر.
وَ مِنْهُ فِیهَا قَالَ ارْتَجَزَ دَاوُدُ بْنُ قَابُوسَ فَقَالَ:
یَا أَیُّهَا الْحَامِلُ (6) بِالتَّرَغُّمِ ***مَا ذَا تُرِیدُ مِنْ فَتًی غَشَمْشَمِ
أَرْوَعَ مِفْضَالٍ هَصُورٍ هَیْصَمٍ*** مَا ذَا تَرَی بِبَازِلِ مُعْتَصَمٍ (7)
وَ قَاتِلِ الْقِرْنِ الْجَرِی ءِ الْمُقْدِمِ*** وَ اللَّهِ لَا أُسْلِمُ حَتَّی تُحْرَمِ
ص: 38
فَأَجَابَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ:
اثْبُتْ لَحَاكَ اللَّهُ إِنْ لَمْ تُسْلِمِ*** لِوَقْعِ سَیْفٍ عَجْرَفِیٍّ خِضْرَمٍ
تَحْمِلُهُ مِنِّی بَنَانُ الْمِعْصَمِ*** أَحْمِی بِهِ كَتَائِبِی وَ أَحْتَمِی
إِنِّی وَ رَبِّ الْحَجَرِ الْمُكَرَّمِ*** قَدْ جُدْتُ لِلَّهِ بِلَحْمِی وَ دَمِی (1)
بیان: الترغم التغضب و الغشمشم الشجاع الذی لا یرده شی ء و الأروع الذی یعجبك حسنه و الهصور الأسد و الهیصم الأسد و القوی من الرجال و بزل البعیر انشق نابه لحاك اللّٰه أی لعنك اللّٰه و یقال جمل فیه عجرفة أی قلة مبالاة لسرعته و فلان یتعجرف علی إذا كان یركبه بما یكره و لا یهاب شیئا و عجارف الدهر حوادثه و قال الجوهری الخضرم بالكسر الكثیر العطیة مشبه بالبحر الخضرم و هو الكثیر الماء و كل شی ء كثیر واسع خضرم و المعصم موضع السوار من الساعد و الحجر المكرم الحجر الأسود.
وَ مِنْهُ فِیهَا: مُخَاطِباً لِلْیَهُودِ:
هَذَا لَكُمْ مِنَ الْغُلَامِ الْهَاشِمِیِّ*** مِنْ ضَرْبِ صِدْقٍ فِی ذُرَی الْكَمَائِمِ
ضَرْبَ یقود (2) (نُفُوذٍ) شَعَرَ الْجَمَاجِمِ*** بِصَارِمٍ أَبْیَضَ أَیِّ صَارِمِ
أَحْمِی بِهِ كَتَائِبَ الْقَمَاقِمِ*** عِنْدَ مَجَالِ الْخَیْلِ بِالْأَقَادِمِ (3)
بیان: الكمة القلنسوة المدورة و یقال سید قماقم بالضم لكثرة خیره و بالفتح جمع القمقام و هو السید.
وَ مِنْهُ عِنْدَ قَتْلِ الْخَیْبَرِیِ:
أَنَا عَلِیٌّ وَلَدَتْنِی هَاشِمٌ ***لَیْثٌ حَرُوبٌ لِلرِّجَالِ قَاصِمٌ
مُعْصَوْصَبٌ فِی نَقْعِهَا مَقَادِمُ*** مَنْ یَلْقَنِی یَلْقَاهُ مَوْتٌ هَاجِمٌ (4)
بیان: قصمت الشی ء قصما كسرته و اعصوصب القوم اجتمعوا و النقع الغبار و المقادم جمع مقدام كمفاتح و مفتاح.
ص: 39
«37»-الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ قَالَ: لَمَّا جَاءَتْ صَفِیَّةُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً فَرَأَی فِی وَجْهِهَا شَجَّةً فَقَالَ مَا هَذِهِ وَ أَنْتِ ابْنَةُ الْمُلُوكِ فَقَالَتْ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا قَدِمَ إِلَی الْحِصْنِ هَزَّ الْبَابَ فَاهْتَزَّ الْحِصْنُ وَ سَقَطَ مَنْ كَانَ عَلَیْهِ مِنَ النَّظَّارَةِ (1) وَ ارْتَجَفَ بِیَ السَّرِیرُ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِی فَشَجَّنِی جَانِبُ السَّرِیرِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا صَفِیَّةُ إِنَّ عَلِیّاً عَظِیمٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّهُ لَمَّا هَزَّ الْبَابَ اهْتَزَّ الْحِصْنُ وَ اهْتَزَّتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ غَضَباً لِعَلِیٍّ وَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ لَمَّا سَأَلَهُ عُمَرُ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَقَدِ اقْتَلَعْتَ مَنِیعاً (2) وَ أَنْتَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ خَمِیصاً فَهَلْ قَلَعْتَهَا بِقُوَّةٍ بَشَرِیَّةٍ فَقَالَ مَا قَلَعْتُهَا بِقُوَّةٍ بَشَرِیَّةٍ وَ لَكِنْ قَلَعْتُهَا بِقُوَّةٍ إِلَهِیَّةٍ وَ نَفْسٍ بِلِقَاءِ رَبِّهَا مُطْمَئِنَّةٍ رَضِیَّةٍ وَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ لَمَّا شَطَرَ مَرْحَباً شَطْرَیْنِ وَ أَلْقَاهُ مُجَدَّلًا جَاءَ جَبْرَئِیلُ مِنَ السَّمَاءِ مُتَعَجِّباً فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِمَّ تَعَجَّبْتَ فَقَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُنَادِی فِی صَوَامِعِ جَوَامِعِ (3) السَّمَاوَاتِ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ أَمَّا إِعْجَابِی فَإِنِّی لَمَّا أُمِرْتُ أَنْ أُدَمِّرَ قَوْمَ لُوطٍ حَمَلْتُ مَدَائِنَهُمْ وَ هِیَ سَبْعُ مَدَائِنَ مِنَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَی إِلَی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ الْعُلْیَا عَلَی رِیشَةٍ مِنْ جَنَاحِی وَ رَفَعْتُهَا حَتَّی سَمِعَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ صِیَاحَ دِیَكَتِهِمْ وَ بُكَاءَ أَطْفَالِهِمْ وَ وَقَفْتُ بِهَا إِلَی الصُّبْحِ أَنْتَظِرُ الْأَمْرَ وَ لَمْ أُثْقَلْ بِهَا وَ الْیَوْمَ لَمَّا ضَرَبَ عَلِیٌّ ضَرْبَتَهُ الْهَاشِمِیَّةَ وَ كَبَّرَ أُمِرْتُ أَنْ أَقْبِضَ فَاضِلَ سَیْفِهِ حَتَّی لَا یَشُقَّ الْأَرْضَ وَ تَصِلَ إِلَی الثَّوْرِ الْحَامِلِ لَهَا فَیَشْطُرَهُ شَطْرَیْنِ فَتَنْقَلِبَ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا فَكَانَ فَاضِلُ سَیْفِهِ عَلَیَّ أَثْقَلَ مِنْ مَدَائِنِ لُوطٍ هَذَا وَ إِسْرَافِیلُ وَ مِیكَائِیلُ قَدْ قَبَضَا عَضُدَهُ فِی الْهَوَاءِ (4).
ص: 40
أقول: سیأتی بعض ما یتعلق بتلك الغزوة فی باب أحوال جعفر بن أبی طالب علیهما السلام و فی أبواب فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام و فی احتجاج الحسن علیه السلام علی معاویة و احتجاج سعد علیه.
«1»-قب، المناقب لابن شهرآشوب عم، إعلام الوری ثم بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعد غزوة خیبر فیما رواه الزهری عبد اللّٰه بن رواحة فی ثلاثین راكبا فیهم عبد اللّٰه بن أنیس إلی البشیر بن رازم الیهودی لما بلغه أنه یجمع غطفان لیغزو بهم فأتوه فقالوا أرسلنا (1) إلیك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لیستعملك علی خیبر فلم یزالوا به حتی تبعهم فی ثلاثین رجلا مع كل رجل منهم ردیف من المسلمین فلما صاروا ستة أمیال ندم البشیر فأهوی بیده إلی سیف عبد اللّٰه بن أنیس ففطن له عبد اللّٰه فزجر بعیره ثم اقتحم یسوق بالقوم حتی إذا استمكن من البشیر ضرب رجله فقطعه (2) فاقتحم البشیر و فی یده مخرش من شوحط فضرب به وجه عبد اللّٰه فشجه مأمومة و انكفأ (3) كل رجل من المسلمین علی ردیفه فقتله غیر رجل واحد من الیهود أعجزهم شدا و لم یصب من المسلمین أحد و قدموا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فبصق فی شجة عبد اللّٰه بن أنیس فلم تؤذه حتی مات.
و بعث غالب بن عبد اللّٰه الكلبی إلی أرض بنی مرة فقتل و أسر.
و بعث عیینة بن حصن البدری إلی أرض بنی العنبر فقتل و أسر.
ثم كانت عمرة القضاء سنة سبع اعتمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الذین شهدوا معه الحدیبیة و لما بلغ قریشا ذلك خرجوا متبددین فدخل مكة و طاف بالبیت علی بعیره بیده محجن یستلم به الحجر و عبد اللّٰه بن رواحة أخذ بخطامه و هو یقول:
ص: 41
خلوا بنی الكفار عن سبیله*** خلوا فكل الخیر فی رسوله
إلی آخر ما مر من الأبیات.
و أقام بمكة ثلاثة أیام تزوج بها میمونة بنت الحارث الهلالیة ثم خرج فابتنی بها بسرف و رجع إلی المدینة فأقام بها حتی دخلت سنة ثمان. (1).
بیان: المخرش عصاء معوجة الرأس كالصولجان و الشوحط ضرب من شجر الجبال یتخذ منه القسی و المأمومة الشجة التی بلغت أم الرأس.
«2»- أقول قال الكازرونی فی حوادث سنة سبع و فیها نام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن صلاة الصبح حتی طلعت الشمس.
بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَیْبَرَ سَارَ حَتَّی إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَی عَرَّسَ (2) وَ قَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا اللَّیْلَ فَصَلَّی بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ وَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَی رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَیْنُهُ وَ هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَی رَاحِلَتِهِ فَلَمْ یَسْتَیْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا بِلَالٌ وَ لَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حَتَّی ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلَهُمُ اسْتِیقَاظاً فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَیْ بِلَالُ فَقَالَ بِلَالٌ أَخَذَ بِنَفْسِیَ الَّذِی أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِی أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اقْتَادُوا فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَیْئاً ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَ صَلَّی بِهِمُ الصُّبْحَ فَلَمَّا قَضَی الصَّلَاةَ قَالَ مَنْ نَسِیَ صَلَاةً فَلْیُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِی (3).
أقول: قد مضی الكلام فیه فی باب سهوه صلی اللّٰه علیه و آله.
ثم قال و فیها طلعت الشمس بعد ما غربت لعلی علیه السلام علی ما أَوْرَدَهُ الطَّحَاوِیُّ فِی مُشْكِلِ الْحَدِیثِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ مِنْ (4) طَرِیقَیْنِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُوحَی
ص: 42
إِلَیْهِ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمْ یُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ صَلَّیْتَ یَا عَلِیُّ قَالَ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ فِی طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَیْهِ الشَّمْسَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَرَأَیْتُهَا غَرَبَتْ ثُمَّ رَأَیْتُهَا طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ وَ وَقَعَتْ عَلَی الْجَبَلِ وَ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ بِالصَّهْبَاءِ فِی خَیْبَرَ.
و هذا حدیث ثابت رواته ثقات.
و حكی الطحاوی أن أحمد بن صالح كان یقول لا ینبغی لمن سبیله العلم التخلف عن حفظ حدیث أسماء لأنه من علامات النبوة.
قصة أم حبیبة كانت قد خرجت مهاجرة إلی أرض الحبشة مع زوجها عبید اللّٰه بن جحش فتنصر (1) و ثبتت علی الإسلام روی عن سعید بن العاص قال قالت أم حبیبة رأیت فی المنام كأن عبید اللّٰه بن جحش زوجی أسوأ صورة و أشوهها ففزعت فقلت تغیرت و اللّٰه حاله فإذا هو یقول حین أصبح یا أم حبیبة إنی نظرت فی الدین فلم أر دینا خیرا من النصرانیة و كنت قد دنت بها ثم دخلت فی دین محمد قد رجعت (2) إلی النصرانیة فقلت و اللّٰه ما خیر لك و أخبرته بالرؤیا التی رأیت له فلم یحفل بها (3) و أكب علی الخمر حتی مات فأری فی المنام كأن آتیا یقول یا أم المؤمنین ففزعت فأولتها أن رسول اللّٰه یتزوجنی قالت فما هو إلا أن انقضت عدتی فما شعرت إلا برسول النجاشی علی بابی یستأذن فإذا جاریة له یقال لها أبرهة كانت تقوم علی ثیابه و دهنه فدخلت علی فقالت إن الملك یقول لك إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كتب إلی أن أزوجكه فقلت بشرك اللّٰه بخیر قالت یقول لك الملك وكلی من یزوجك فأرسلت إلی خالد بن سعید بن العاص فوكلته فأعطت (4) أبرهة سوارین من فضة و خدمتین كانتا فی رجلیها و خواتیم (5) فضة كانت فی أصابع رجلیها سرورا بما بشرتها فلما كان العشی
ص: 43
أمر النجاشی جعفر بن أبی طالب و من هناك من المسلمین فحضروا فخطب النجاشی فقال الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهیمن العزیز الجبار أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا عبده و رسوله و أنه الذی بشر به عیسی ابن مریم أما بعد فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كتب إلی أن أزوجه أم حبیبة بنت أبی سفیان فأجبت إلی ما دعا إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد أصدقتها أربعمائة دینار.
ثم سكب الدنانیر بین یدی القوم فتكلم خالد بن سعید فقال الحمد لله أحمده و أستعینه و أستغفره و أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أما بعد فقد أجبت إلی ما دعا إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و زوجته أم حبیبة بنت أبی سفیان فبارك اللّٰه لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
و دفع الدنانیر إلی خالد بن سعید فقبضها ثم أرادوا أن یقوموا فقال اجلسوا فإن سنة الأنبیاء إذا تزوجوا أن یؤكل طعام علی التزویج فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا قالت أم حبیبة فلما أتی بالمال أرسلت إلی أبرهة التی بشرتنی فقلت لها إنی كنت أعطیتك ما أعطیتك یومئذ و لا مال بیدی فهذه خمسون مثقالا فخذیها فاستعینی بها فأخرجت حقا فیه كل ما كنت أعطیتها فردته علی و قالت عزم علی الملك أن لا أرزأك (1) شیئا و أنا الذی أقوم علی ثیابه و دهنه و قد اتبعت دین محمد رسول اللّٰه و أسلمت لله و قد أمر الملك نساءه أن یبعثن إلیك بكل ما عندهن من العطر قالت فلما كان الغد جاءتنی بعدد ورس و عنبر و زباد (2) كثیر فقدمت بكله علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كان یراه علی و عندی و لا ینكره ثم قالت أبرهة حاجتی إلیك أن تقرئی علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله منی السلام و تعلیمه أنی قد اتبعت دینه قالت و كانت هی التی جهزتنی و كانت كلما دخلت علی
ص: 44
تقول لا تنسی (1) حاجتی إلیك فلما قدمت علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أخبرته كیف كانت الخطبة و ما فعلت بی أبرهة فتبسم و أقرأته منها السلام فقال و علیها السلام و رحمة اللّٰه و بركاته و كان لأم حبیبة حین قدم بها المدینة بضع و ثلاثون سنة و لما بلغ أبا سفیان تزویج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أم حبیبة قال ذاك الفحل لا یقرع أنفه.
و قیل إن هذه القصة فی سنة ست.
و فیها قتل شیرویه أباه قال الواقدی كان ذلك فی لیلة الثلاثاء لعشر (2) مضین من جمادی الآخرة سنة سبع لست ساعات مضین من اللیل و روی أنه لما قتل أباه قتل معه سبعة عشر أخا له ذوی أدب و شجاعة فابتلی بالأسقام فبقی بعده ثمانیة أشهر فمات. (3) و فیها وصلت هدیة المقوقس و هی ماریة و سیرین أخت ماریة و یعفور و دلدل كانت بیضاء فاتخذ لنفسه ماریة و وهب سیرین لحسان بن وهب و كان معهم خصی یقال له مایوشنج (4) كان أخا ماریة و بعث ذلك كله (5) مع حاطب بن أبی بلتعة فعرض حاطب الإسلام علی ماریة و رغبها فیه فأسلمت و أسلمت أختها و أقام الخصی علی دینه حتی أسلم بالمدینة (6) و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله معجبا بأم إبراهیم و كانت بیضاء جمیلة و ضرب علیها الحجاب و كان یطؤها بملك الیمین فلما حملت و وضعت إبراهیم قبلتها (7) سلمی مولاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فجاء أبو رافع زوج سلمی فبشر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بإبراهیم فوهب له عبدا و ذلك فی ذی الحجة سنة ثمان فی روایة أخری.
ص: 45
و فیها كانت عمرة القضاء و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أمر أصحابه حین رأوا هلال ذی القعدة أن یعتمروا قضاء لعمرتهم التی صدهم المشركون عنها بالحدیبیة و أن لا یتخلف أحد ممن شهد الحدیبیة فلم یتخلف منهم أحد إلا من استشهد منهم بخیبر و من مات و خرج مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قوم من المسلمین عمارا و كانوا فی عمرة القضیة ألفین و استخلف علی المدینة أبا رهم الغفاری (1) و ساق رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ستین بدنة و جعل علی هدیه ناجیة بن جندب الأسلمی و حمل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله السلاح و الدروع و الرماح و قاد مائة فرس و خرجت قریش من مكة إلی رءوس الجبال و أخلوا مكة فدخل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من الثنیة بطلعة الحجون و عبد اللّٰه بن رواحة أخذ بزمام راحلته (2) فلم یزل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یلبی حتی استلم الركن بمحجنه و أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بلالا فأذن علی ظهر الكعبة و أقام بمكة ثلاثا فلما كان عند الظهر من الیوم الرابع أتاه سهیل بن عمرو و حویطب بن عبد العزی فقالا قد انقضی أجلك فاخرج عنا فأمر أبا رافع ینادی بالرحیل و لا یمسین بها أحد من المسلمین و ركب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی نزل بسرف و هی علی عشرة أمیال من مكة.
و فیها تزوج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله میمونة بنت الحارث زوجه إیاها العباس و كان یلی أمرها و هی أخت أم ولده و كان هذا التزویج بسرف حین نزل بها مرجعه من عمرة القضیة و كانت آخر امرأة تزوجها صلی اللّٰه علیه و آله و بنی بها بسرف. (3) ثم ذكر فی حوادث السنة الثامنة فیها أسلم عمرو بن العاص و خالد بن الولید و عثمان بن طلحة قدموا المدینة فی صفر.
و فیها تزوج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فاطمة بنت الضحاك الكلابیة فلما دخلت
ص: 46
علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و دنا منها قالت أعوذ باللّٰه منك فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عذت بعظیم الحقی بأهلك.
و فیها اتخذ المنبر لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قیل كان ذلك فی سنة سبع و الأول أصح.
وَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَخْطُبُ عَلَی جِذْعِ نَخْلَةٍ (1) فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ لَهَا غُلَامٌ نَجَّارٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِی غُلَاماً نَجَّاراً أَ فَلَا آمُرُهُ یَتَّخِذْ لَكَ مِنْبَراً تَخْطُبُ عَلَیْهِ قَالَ بَلَی قَالَ فَاتَّخَذَ لَهُ مِنْبَراً فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ عَلَی الْمِنْبَرِ قَالَ فَأَنَّ الْجِذْعُ الَّذِی كَانَ یَقُومُ عَلَیْهِ كَأَنِینِ الصَّبِیِّ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذَا بَكَی لِمَا فُقِدَ مِنَ الذِّكْرِ وَ اسْمُ تِلْكَ الْأَنْصَارِیَّةِ عَائِشَةُ وَ اسْمُ غُلَامِهَا النَّجَّارِ یَاقُومُ الرُّومِیُّ (2).
وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ إِلَیْهِ وَ فِیهَا أَنَّهُ صُنِعَ لَهُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ وَ فِیهَا أَنَّهُ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّی تَصَدَّعَ وَ انْشَقَّ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُهُ بِیَدِهِ حَتَّی سَكَنَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی الْمِنْبَرِ فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَ غُیِّرَ ذَلِكَ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَیُّ بْنُ كَعْبٍ وَ كَانَ عِنْدَهُ فِی تِلْكَ الدَّارِ حَتَّی بَلِیَ وَ أَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَ عَادَ رُفَاتاً (3).
بیان: فی النهایة قاد البعیر و اقتاده جره خلفه و منه حدیث الصلاة اقتادوا رواحلهم و قال الخدمة بالتحریك الخلخال و قال القدع الكف و المنع و منه حدیث زواجه بخدیجة قال ورقة بن نوفل محمد یخطب خدیجة هو الفحل لا یقدع أنفه یقال قدعت الفحل و هو أن یكون غیر كریم فإذا أراد ركوب الناقة الكریمة ضرب أنفه بالرمح أو غیره حتی یرتدع و ینكف و یروی بالراء (4) أی إنه كفو كریم لا یرد
«3»-و قال ابن الأثیر فی حوادث السنة السابعة و فیها قدم حاطب من عند
ص: 47
المقوقس بماریة و أختها (1) و بغلته دلدل و حماره یعفور. (2) و فیها كانت سریة بشیر بن سعد والد النعمان بن بشیر الأنصاری إلی بنی مرة (3) فی شعبان فی ثلاثین رجلا أصیب أصحابه و ارتث (4) فی القتلی ثم رجع إلی المدینة.
و فیها كانت سریة غالب بن عبد اللّٰه اللیثی إلی أرض بنی مرة فأصاب مرداس بن بهل (5) حلیفا لهم من جهینة قتله أسامة و رجل من الأنصار قال أسامة لما غشیناه قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه فلم ننزع عنه حتی قتلناه فلما قدمنا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله أخبرناه الخبر فقال كیف نصنع بلا إله إلا اللّٰه.
و فیها كانت سریة غالب بن عبد اللّٰه أیضا فی مائة و ثلاثین راكبا إلی بنی عبد بن تغلبة (6) فأغار علیهم و استاق الغنم إلی المدینة. (7) و فیها كانت سریة بشیر بن سعد إلی نمر و صاب فی شوال.
و فیها كانت عمرة القضاء و تزوج فی سفره هذا بمیمونة بنت الحارث. (8) و فیها كانت غزوة ابن أبی العوجاء السلمی إلی بنی سلیم (9) فلقوه و أصیب هو و أصحابه و قیل بل نجا و أصیب أصحابه.
و قال فی حوادث السنة الثامنة و فیها توفیت زینب بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
و فیها كانت سریة غالب بن عبد اللّٰه اللیثی إلی بنی الملوح (10) فلقیهم الحارث
ص: 48
بن البرصاء اللیثی فأخذوه أسیرا فقال إنما جئت لأسلم فقال له غالب إن كنت صادقا فلن یضرك رباط لیلة و إن كنت كاذبا استوثقنا منك و وكل به بعض أصحابه و قال له إن نازعك فخذ رأسه و أمره بالقیام (1) إلی أن یعود ثم ساروا حتی أتوا بطن الكدید فنزلوا بعد العصر و أرسل جندب الجهنی رئیة (2) لهم قال فقصدت تلا هناك یطلعنی علی الحاضر فانبطحت علیه فخرج منهم رجل فرآنی و معه قوسه و سهمان (3) فرمانی بأحدهما فوضعه فی جنبی قال فنزعته و لم أتحول (4) ثم رمانی بالثانی فوضعه فی رأس منكبی قال فنزعته فلم أتحول (5) فقال أما و اللّٰه لقد خلطه سهمای و لو كان رئیة لتحرك (6) قال فأمهلناهم حتی راحت مواشیهم و احتلبوا و شننا علیهم الغارة فقتلنا منهم و استقنا النعم و رجعنا سراعا و إذا بصریخ القوم فجاءنا ما لا قبل لنا به حتی إذا لم یكن بیننا إلا بطن الوادی بعث اللّٰه بسیل لا یقدر أحد أن یجوزه (7) فلقد رأیتهم ینظرون إلینا لا یقدر أحد أن یتقدم و قدمنا المدینة و كان شعار المسلمین أمت أمت و كان عدتهم بضعة عشر رجلا.
و فیها بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله العلاء بن الحضرمی إلی البحرین و بها المنذر بن شاوی (8) و صالحه المنذر علی أن علی المجوس الجزیة و لا یؤكل ذبائحهم و لا ینكح نساؤهم و قیل إن إرساله كان سنة ست من الهجرة مع الرسل الذین أرسلهم
ص: 49
رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی الملوك. (1) و فیها كانت سریة عمرو بن كعب الغفاری (2) إلی ذات أطلاح فی خمسة عشر رجلا فوجد بها جمعا كثیرا فدعاهم إلی الإسلام فأبوا أن یجیبوا و قتلوا أصحاب عمرو (3) و نجا حتی قدم إلی المدینة و ذات أطلاح من ناحیة الشام (4).
«1»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَیْحٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِیِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مُؤْتَةَ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَی الْجَیْشِ مَعَهُ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَمَضَی النَّاسُ مَعَهُمْ حَتَّی كَانُوا بِنَحْوِ الْبَلْقَاءِ فَلَقِیَهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلٍ مِنَ الرُّومِ وَ الْعَرَبِ فَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَی قَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا مُؤْتَةُ فَالْتَقَی النَّاسُ عِنْدَهَا وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً وَ كَانَ اللِّوَاءُ یَوْمَئِذٍ مَعَ زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّی شَاطَ فِی رِمَاحِ الْقَوْمِ ثُمَّ أَخَذَهُ جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ بِهِ قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا وَ قَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ قَالَ وَ كَانَ جَعْفَرٌ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ عَقَرَ فَرَسَهُ فِی الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقُتِلَ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ (5) فَنَاوَشَ الْقَوْمَ
ص: 50
وَ رَاوَغَهُمْ حَتَّی انْحَازَ بِالْمُسْلِمِینَ مُنْهَزِماً وَ نَجَا بِهِمْ مِنَ الرُّومِ وَ أَنْفَذَ رَجُلًا (1) یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْخَبَرِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَسِرْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَی الْمَسْجِدِ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رِسْلِكَ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ اللِّوَاءَ زَیْدٌ فَقَاتَلَ بِهِ فَقُتِلَ رَحِمَ اللَّهُ زَیْداً ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ وَ قَاتَلَ وَ قُتِلَ رَحِمَ اللَّهُ جَعْفَراً ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ قَاتَلَ فَقُتِلَ فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ فَبَكَی أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمْ حَوْلَهُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا یُبْكِیكُمْ فَقَالُوا وَ مَا لَنَا لَا نَبْكِی وَ قَدْ ذَهَبَ خِیَارُنَا وَ أَشْرَافُنَا وَ أَهْلُ الْفَضْلِ مِنَّا فَقَالَ لَهُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَبْكُوا فَإِنَّمَا مَثَلُ أُمَّتِی مَثَلُ حَدِیقَةٍ قَامَ عَلَیْهَا صَاحِبُهَا فَأَصْلَحَ رَوَاكِبَهَا وَ بَنَی مَسَاكِنَهَا وَ حَلَقَ سَعَفَهَا فَأَطْعَمَتْ عَاماً فَوْجاً ثُمَّ عَاماً فَوْجاً ثُمَّ عَاماً فَوْجاً (2) فَلَعَلَّ آخِرَهَا طَعْماً أَنْ یَكُونَ أَجْوَدَهَا قِنْوَاناً وَ أَطْوَلَهَا شِمْرَاخاً وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَیَجِدَنَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فِی أُمَّتِی خَلَفاً (3) مِنْ حَوَارِیِّهِ قال و قال كعب بن مالك یرثی جعفر بن أبی طالب رضی اللّٰه عنه و المستشهدین معه
هدت العیون (4) و دمع عینك یهمل*** سحا كما و كف الضباب (5) المخضل
و كان ما بین الجوانح و الحشا*** مما تأوبنی شهاب مدخل
وجدا علی النفر الذین تتابعوا*** یوما (6) بمؤتة أسندوا لم ینقلوا (7)
فتغیر القمر المنیر لفقدهم*** و الشمس قد كسفت و كادت تأفل
قوم بهم نصر الإله (8) عباده*** و علیهم نزل الكتاب المنزل
ص: 51
قوم علا بنیانهم من هاشم (1) ***فرع أشم و سودد ما ینقل (2)
و لهدیهم (3) رضی الإله لخلقه*** و بجدهم نصر النبی المرسل
بیض الوجوه تری بطون أكفهم*** تندی إذا اغبر (4) الزمان الممحل (5)
بیان: شاط فلان هلك و فی بعض النسخ بالسین المهملة و السوط الخلط و ساطت نفسی تقلصت و الأول أصح قال فی النهایة فی حدیث زید بن حارثة یوم مؤتة إنه قاتل برایة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی شاط فی رماح القوم أی هلك.
و قال فی جامع الأصول أراد بالاقتحام هنا نزوله عن فرسه مسرعا.
و فی القاموس راغ الرجل و الثعلب روغا و روغانا حاد و مال و المراوغة المصارعة و أن یطلب بعض القوم بعضا و قال انحاز عنه عدل و القوم تركوا مراكزهم و الراكب و الراكبة و الراكوب و الراكوبة و الركابة فسیلة فی أعلی النخل متدلیة لا تبلغ الأرض قوله و حلق سعفها بالحاء المهملة أی أزال زوائدها أو بالمعجمة من خلق العود بتخفیف اللام و تشدیده إذا سواه و السح الصب و السیلان من فوق و الضباب ندی كالغیم أو سحاب رقیق و فی روایة ابن أبی الحدید الرباب مكان الضباب و هو السحاب الأبیض و أخضله بله و تأوبه أتاه لیلا و فرع كل شی ء أعلاه و من القوم شریفهم و الشمم ارتفاع فی الجبل و الأشم السید ذو الأنفة و النفل العطاء و انتفل طلب و منه تبرأ و انتفی (6) و فی بعض النسخ بالغین من نغل الأدیم كفرح إذا فسد و فی بعضها بالقاف.
«2»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِمُؤْتَةَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْمَدِینَةِ قُتِلَ
ص: 52
زَیْدٌ وَ أَخَذَ الرَّایَةَ جَعْفَرٌ ثُمَّ قَالَ قُتِلَ جَعْفَرٌ وَ تَوَقَّفَ وَقْفَةً ثُمَّ قَالَ وَ أَخَذَ الرَّایَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَمْ یُسَارِعْ فِی أَخْذِ الرَّایَةِ كَمُسَارَعَةِ جَعْفَرٍ ثُمَّ قَالَ وَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَیْتِ جَعْفَرٍ إِلَی أَهْلِهِ ثُمَّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّهُمْ قَدْ قُتِلُوا عَلَی تِلْكَ الْهَیْئَةِ (1).
«3»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَسْكَراً إِلَی مُؤْتَةَ وَلَّی عَلَیْهِمْ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ دَفَعَ الرَّایَةَ إِلَیْهِ وَ قَالَ إِنْ قُتِلَ زَیْدٌ فَالْوَالِی عَلَیْكُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ إِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَالْوَالِی عَلَیْكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ سَكَتَ فَلَمَّا سَارُوا وَ قَدْ حَضَرَ هَذَا التَّرْتِیبَ فِی الْوِلَایَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قال رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ (2) (قَالَ) إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِیّاً كَمَا یَقُولُ سَیُقْتَلُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فَقِیلَ لَهُ لِمَ قُلْتَ هَذَا قَالَ لِأَنَّ أَنْبِیَاءَ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانُوا إِذَا بَعَثَ نَبِیٌّ مِنْهُمْ بَعْثاً فِی الْجِهَادِ فَقَالَ (3) إِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَالْوَالِی فُلَانٌ بَعْدَهُ عَلَیْكُمْ فَإِنْ سَمَّی لِلْوِلَایَةِ كَذَلِكَ اثْنَیْنِ (4) أَوْ مِائَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قُتِلَ جَمِیعُ مَنْ ذَكَرَ فِیهِمُ الْوِلَایَاتِ قَالَ جَابِرٌ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی وَقَعَ فِیهِ حَرْبُهُمْ صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَا الْفَجْرَ (5) ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ قَدِ الْتَقَی إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِینَ (6) لِلْمُحَارَبَةِ فَأَقْبَلَ یُحَدِّثُنَا بِكَرَّاتِ بَعْضِهِمْ عَلَی بَعْضٍ إِلَی أَنْ قَالَ قُتِلَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ سَقَطَتِ الرَّایَةُ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَخَذَهَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ تَقَدَّمَ لِلْحَرْبِ بِهَا (7) ثُمَّ قَالَ قَدْ قُطِعَتْ یَدُهُ وَ قَدْ أَخَذَ الرَّایَةَ بِیَدِهِ الْأُخْرَی ثُمَّ قَالَ قُطِعَتْ (8) یَدُهُ الْأُخْرَی وَ قَدْ أَخَذَ (9) الرَّایَةَ فِی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ سَقَطَتِ الرَّایَةُ ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ قَدْ قُتِلَ مِنَ
ص: 53
الْمُشْرِكِینَ كَذَا وَ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ كَذَا فُلَانٌ وَ فُلَانٌ (1) إِلَی أَنْ ذَكَرَ جَمِیعَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ بِأَسْمَائِهِمْ ثُمَّ قَالَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ أَخَذَ الرَّایَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَانْصَرَفَ (2) الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ صَارَ إِلَی دَارِ جَعْفَرٍ فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَأَقْعَدَهُ فِی حَجْرِهِ وَ جَعَلَ یَمْسَحُ عَلَی رَأْسِهِ فَقَالَتْ وَالِدَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَمْسَحُ عَلَی رَأْسِهِ كَأَنَّهُ یَتِیمٌ قَالَ قَدِ اسْتُشْهِدَ جَعْفَرٌ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ دَمَعَتْ عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ قُطِعَتْ یَدَاهُ قَبْلَ أَنْ استشهد (3) (یُسْتَشْهَدَ) وَ قَدْ أَبْدَلَهُ اللَّهُ مِنْ یَدَیْهِ جَنَاحَیْنِ مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ فَهُوَ الْآنَ یَطِیرُ بِهِمَا فِی الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَیْفَ یَشَاءُ (4).
«4»-سن، المحاسن النَّوْفَلِیُّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ مُؤْتَةَ كَانَ جَعْفَرٌ عَلَی فَرَسِهِ فَلَمَّا الْتَقَوْا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرْقَبَهَا (5) بِالسَّیْفِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرْقَبَ فِی الْإِسْلَامِ (6).
«5»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ مِثْلَهُ (7).
«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاطِمَةَ علیها السلام أَنْ تَتَّخِذَ طَعَاماً لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ وَ تَأْتِیَهَا وَ نِسَاؤُهَا (8) ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ أَنْ یُصْنَعَ لِأَهْلِ الْمَیِّتِ (9) ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ طَعَامٌ (10).
سن، المحاسن أبی عن ابن أبی عمیر مثله (11)
ص: 54
- كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن حفص بن البختری و هشام بن سالم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله (1).
«7»-سن، المحاسن بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِی علیه السلام عَنِ الْمَأْتَمِ (2) فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِ قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ دَخَلَ عَلَی أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ امْرَأَةِ جَعْفَرٍ فَقَالَ أَیْنَ (3) بَنِیَّ فَدَعَتْ بِهِمْ وَ هُمْ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ اللَّهِ وَ عَوْنٌ وَ مُحَمَّدٌ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رُءُوسَهُمْ فَقَالَتْ إِنَّكَ تَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَیْتَامٌ فَعَجِبَ (4) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عَقْلِهَا فَقَالَ یَا أَسْمَاءُ أَ لَمْ تَعْلَمِی أَنَّ جَعْفَراً رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ اسْتُشْهِدَ فَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَبْكِی فَإِنَّ اللَّهَ (5) أَخْبَرَنِی أَنَّ لَهُ جَنَاحَیْنِ فِی الْجَنَّةِ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ النَّاسَ وَ أَخْبَرْتَهُمْ بِفَضْلِ جَعْفَرٍ لَا یُنْسَی فَضْلُهُ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عَقْلِهَا ثُمَّ قَالَ (6) ابْعَثُوا إِلَی أَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً فَجَرَتِ السُّنَّةُ (7).
«8»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ جَاءَتْهُ وَفَاةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَیْتَهُ كَثُرَ بُكَاؤُهُ عَلَیْهِمَا جِدّاً وَ یَقُولُ كَانَا یُحَدِّثَانِی وَ یُؤْنِسَانِی فَذَهَبَا جَمِیعاً (8).
«9»-عم، إعلام الوری و كانت غزوة مؤتة فی جمادی من سنة ثمان بعث جیشا عظیما و أمر علی الجیش زید بن حارثة ثم قال فإن أصیب زید فجعفر فإن أصیب جعفر فعبد اللّٰه بن رواحة فإن أصیب فلیرتض المسلمون واحدا فلیجعلوه علیهم.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَلَیْهِمْ جَعْفَراً فَإِنْ قُتِلَ فَزَیْدٌ فَإِنْ قُتِلَ فَابْنُ رَوَاحَةَ ثُمَّ خَرَجُوا حَتَّی نَزَلُوا مَعَانَ فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ مَلِكَ
ص: 55
الرُّومِ قَدْ نَزَلَ بِمَأْرِبَ (1) فِی مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ وَ مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ.
و فی كتاب أبان بن عثمان بلغهم كثرة عدد الكفار من العرب و العجم من لخم و حذام و بلی و قضاعة (2) و انحاز المشركون إلی أرض یقال لها المشارف و إنما سمیت السیوف المشرفیة لأنها طبعت لسلیمان بن داود بها فأقاموا بمعان یومین فقالوا نبعث إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فنخبره بكثرة عدونا حتی یری فی ذلك رأیه فقال عبد اللّٰه بن رواحة یا هؤلاء إنا و اللّٰه ما نقاتل الناس بكثرة و إنما نقاتلهم بهذا الدین الذی أكرمنا اللّٰه به فقالوا صدقت فتهیئوا و هم ثلاثة آلاف حتی لقوا (3) جموع الروم بقریة من قری البلقاء یقال لها شرف ثم انحاز المسلمون إلی مؤتة قریة فوق الأحساء.
وَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: نَعَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جَعْفَراً وَ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ ابْنَ رَوَاحَةَ نَعَاهُمْ قَبْلَ أَنْ یَجِی ءَ خَبَرُهُمْ وَ عَیْنَاهُ تَذْرِفَانِ- رواه البخاری فی الصحیح.
قَالَ أَبَانٌ وَ حَدَّثَنِی الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أُصِیبَ یَوْمَئِذٍ جَعْفَرٌ وَ بِهِ خَمْسُونَ جِرَاحَةً خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ مِنْهَا فِی وَجْهِهِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَا أَحْفَظُ حِینَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّی فَنَعَی لَهَا أَبِی فَأَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَمْسَحُ عَلَی رَأْسِی وَ رَأْسِ أَخِی وَ عَیْنَاهُ تهراقان [تُهْرِقَانِ الدُّمُوعَ حَتَّی تَقْطُرَ (4) لِحْیَتُهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ جَعْفَراً قَدْ قَدِمَ إِلَیْكَ إِلَی أَحْسَنِ الثَّوَابِ فَاخْلُفْهُ فِی ذُرِّیَّتِهِ بِأَحْسَنِ مَا خَلَفْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ فِی ذُرِّیَّتِهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَسْمَاءُ
ص: 56
أَ لَا أُبَشِّرُكِ قَالَتْ بَلَی بِأَبِی وَ أُمِّی (1) یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا فِی الْجَنَّةِ قَالَتْ فَأَعْلِمِ النَّاسَ ذَلِكَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخَذَ بِیَدِی یَمْسَحُ بِیَدِهِ رَأْسِی حَتَّی رَقِیَ إِلَی الْمِنْبَرِ وَ أَجْلَسَنِی أَمَامَهُ عَلَی الدَّرَجَةِ السُّفْلَی وَ الْحُزْنُ یُعْرَفُ عَلَیْهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْءَ كَثِیرٌ [حُزْنُهُ بِأَخِیهِ (2) وَ ابْنِ عَمِّهِ أَلَا إِنَّ جَعْفَراً قَدِ اسْتُشْهِدَ وَ جُعِلَ لَهُ جَنَاحَانِ یَطِیرُ بِهِمَا فِی الْجَنَّةِ ثُمَّ نَزَلَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَخَلَ بَیْتَهُ وَ أَدْخَلَنِی مَعَهُ وَ أَمَرَ بِطَعَامٍ یُصْنَعُ لِأَجْلِی وَ أَرْسَلَ إِلَی أَخِی فَتَغَدَّیْنَا عِنْدَهُ غَدَاءً (3) طَیِّباً مُبَارَكاً وَ أَقَمْنَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فِی بَیْتِهِ نَدُورُ مَعَهُ كُلَّمَا صَارَ فِی بَیْتِ إِحْدَی نِسَائِهِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَی بَیْتِنَا فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أُسَاوِمُ شَاةَ أَخٍ لِی فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِی صَفْقَتِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَمَا بِعْتُ شَیْئاً وَ لَا اشْتَرَیْتُ شَیْئاً إِلَّا بُورِكَ لِی فِیهِ.
قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِفَاطِمَةَ اذْهَبِی فَابْكِی عَلَی ابْنِ عَمِّكِ فَإِنْ لَمْ تَدْعِی بِثُكْلٍ فَمَا قُلْتِ فَقَدْ صَدَقْتِ.
و ذكر محمد بن إسحاق عن عروة قال لما أقبل أصحاب مؤتة تلقاهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و المسلمون معه فجعلوا یحثون علیهم التراب و یقولون یا فرار فررتم (4) فی سبیل اللّٰه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسُوا بِفَرَّارٍ وَ لَكِنَّهُمُ الْكَرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (5).
بیان: قال الفیروزآبادی المعان موضع بطریق حاج الشام و قال مؤتة موضع بمشارف الشام قتل فیه جعفر بن أبی طالب و فیه كان تعمل السیوف.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله إن المرء كثیر (6) لعل المراد بالكثرة هنا العزة كما یكنی عن الذلة بالقلة أی عزة المرء و كثرة أعوانه إنما یكون بأخیه و ابن عمه قوله إن لم تدعی بثكل أی لا تقولی وا ثكلاه ثم كل ما قلت فیه من الفضائل فقد صدقت لكثرة فضائله و قیل المعنی لا تقولی إلا صدقا و لا یخفی بعده.
ص: 57
«10»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْمِیثَمِیِّ (1) عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَسْجِدِ إِذْ خُفِضَ لَهُ كُلُّ رَفِیعٍ وَ رُفِعَ لَهُ كُلُّ خَفِیضٍ حَتَّی نَظَرَ إِلَی جَعْفَرٍ یُقَاتِلُ الْكُفَّارَ قَالَ فَقُتِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُتِلَ جَعْفَرٌ وَ أَخَذَهُ الْمَغْصُ فِی بَطْنِهِ (2).
بیان: المغص بالفتح و یحرك وجع فی البطن و الأظهر إرجاع الضمیر فی أخذه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و إرجاعه إلی جعفر بعید.
أقول: سیأتی بعض أخبار شهادته علیه السلام فی باب فضائله.
«11»-وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَقَالَ إِنْ قُتِلَ زَیْدٌ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَكُنْتُ مَعَهُمْ فِی تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَالْتَمَسْنَا جَعْفَراً فَوَجَدْنَاهُ فِی الْقَتْلَی وَ وَجَدْنَا فِیمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ بِضْعاً وَ تِسْعِینَ مِنْ طَعْنَةٍ وَ رَمْیَةٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَنَّهُ وَقَفَ عَلَی جَعْفَرٍ یَوْمَئِذٍ وَ هُوَ قَتِیلٌ فَعَدَدْتُ خَمْسِینَ بَیْنَ طَعْنَةٍ وَ ضَرْبَةٍ لَیْسَ مِنْهَا شَیْ ءٌ فِی دُبُرِهِ.
«12»-و قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة روی الواقدی عن عمر بن الحكم (3) قال بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الحارث بن عمیر الأزدی فی سنة ثمان إلی ملك بصری بكتاب فلما نزل مؤتة عرض له شرحبیل بن عمرو الغسانی فقال أین ترید قال الشام قال لعلك من رسل محمد قال نعم فأمر به فأوثق رباطا ثم قدمه فضرب عنقه صبرا و لم یقتل لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رسول غیره و بلغ ذلك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فاشتد علیه و ندب الناس و أخبرهم بقتل الحارث فأسرعوا و خرجوا فعسكروا بالجرف فلما صلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الظهر جلس و جلس أصحابه حوله و جاء النعمان بن مهض الیهودی فوقف مع الناس فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 58
زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَمِیرُ النَّاسِ فَإِنْ قُتِلَ زَیْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَإِنْ أُصِیبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَإِنْ أُصِیبَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَلْیَرْتَضِ الْمُسْلِمُونَ بَیْنَهُمْ رَجُلًا فَلْیَجْعَلُوهُ عَلَیْهِمْ فقال النعمان بن مهض یا أبا القاسم إن كنت نبیا فسیصاب من سمیت قلیلا كانوا أو كثیرا إن الأنبیاء فی بنی إسرائیل كانوا إذا استعملوا الرجل علی القوم ثم قالوا إن أصیب فلان فلو سمی مائة أصیبوا جمیعا ثم جعل الیهودی یقول لزید بن حارثة اعهد فلا ترجع إلی محمد أبدا إن كان نبیا قال زید أشهد أنه نبی صادق فلما أجمعوا المسیر و عقد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لهم اللواء بیده دفعه إلی زید بن حارثة و هو لواء أبیض و مشی الناس إلی أمراء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یودعونهم و یدعون لهم و كانوا ثلاثة آلاف فلما ساروا فی معسكرهم ناداهم المسلمون دفع اللّٰه عنكم و ردكم صالحین غانمین. (1).
قلت اتفق المحدثون علی أن زید بن حارثة هو كان الأمیر الأول و أنكرت الشیعة و قالوا كان جعفر بن أبی طالب هو الأمیر الأول فإن قتل فزید بن حارثة فإن قتل فعبد اللّٰه و رووا فی ذلك روایات.
وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَطَبَهُمْ فَأَوْصَاهُمْ فَقَالَ أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ بِمَنْ مَعَكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِینَ خَیْراً اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا تَغْدِرُوا وَ لَا تَغُلُّوا وَ لَا تَقْتُلُوا وَلِیداً وَ إِذَا لَقِیتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَادْعُهُمْ إِلَی إِحْدَی ثَلَاثٍ فَأَیَّتُهُنَّ [مَا] أَجَابُوكَ إِلَیْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَ اكْفُفْ عَنْهُمْ ادْعُهُمْ إِلَی الدُّخُولِ فِی الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلُوهُ فَاقْبَلْ وَ اكْفُفْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَی التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَی دَارِ الْمُهَاجِرِینَ فَإِنْ فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِینَ وَ عَلَیْهِمْ مَا عَلَی الْمُهَاجِرِینَ وَ إِنْ دَخَلُوا فِی الْإِسْلَامِ وَ اخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ یَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِینَ یَجْرِی عَلَیْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَ لَا یَكُونُ لَهُمْ فِی الْفَیْ ءِ وَ لَا فِی الْغَنِیمَةِ شَیْ ءٌ إِلَّا أَنْ
ص: 59
یُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِینَ فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَی إِعْطَاءِ الْجِزْیَةِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَ اكْفُفْ عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَ قَاتِلْهُمْ وَ إِنْ أَنْتَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِینَةٍ فَأَرَادُوا أَنْ تَسْتَنْزِلَهُمْ عَلَی حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تَسْتَنْزِلْهُمْ عَلَی حُكْمِ اللَّهِ وَ لَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَی حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی أَ تُصِیبُ حُكْمَ اللَّهِ فِیهِمْ أَمْ لَا وَ إِنْ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِینَةٍ فَأَرَادُوا أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَ ذِمَّةَ رَسُولِهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَ ذِمَّةَ رَسُولِهِ وَ لَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَ ذِمَّةَ أَبِیكَ وَ ذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَ ذِمَمَ آبَائِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَ ذِمَّةَ رَسُولِهِ.
قَالَ الْوَاقِدِیُّ وَ رَوَی أَبُو صَفْوَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ بُرَیْدٍ (1) قَالَ: خَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مُشَیِّعاً لِأَهْلِ مُؤْتَةَ حَتَّی بَلَغَ ثَنِیَّةَ الْوَدَاعِ فَوَقَفَ وَ وَقَفُوا حَوْلَهُ فَقَالَ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ فَقَاتِلُوا عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ بِالشَّامِ وَ سَتَجِدُونَ فِیهَا رِجَالًا فِی الصَوَامِعِ مُعْتَزِلِینَ النَّاسَ فَلَا تَعَرَّضُوا لَهُمْ وَ سَتَجِدُونَ آخَرِینَ لِلشَّیْطَانِ فِی رُءُوسِهِمْ مَفَاحِصُ (2) فَاقْلَعُوهَا بِالسُّیُوفِ لَا تَقْتُلُنَّ امْرَأَةً وَ لَا صَغِیراً ضَرِعاً وَ لَا كَبِیراً فَانِیاً وَ لَا تَقْطَعُنَّ نَخْلًا وَ لَا شَجَراً وَ لَا تَهْدِمُنَّ بِنَاءً قَالَ فَلَمَّا وَدَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ مُرْنِی (3) بِشَیْ ءٍ أَحْفَظْهُ عَنْكَ قَالَ إِنَّكَ قَادِمٌ غَداً بَلَداً السُّجُودُ بِهِ قَلِیلٌ فَأَكْثِرِ (4) السُّجُودَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ زِدْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْكُرِ اللَّهَ فَإِنَّهُ عَوْنٌ لَكَ عَلَی مَا تَطْلُبُ فَقَامَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّی إِذَا مَضَی ذَاهِباً رَجَعَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ یُحِبُّ الْوَتْرَ فَقَالَ یَا ابْنَ رَوَاحَةَ مَا عَجَزْتَ فَلَا تَعْجَزْ إِنْ أَسَأْتَ عَشْراً أَنْ تُحْسِنَ وَاحِدَةً فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ لَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَهَا.
ص: 60
قال الواقدی و مضی المسلمون و نزلوا وادی القری (1) فأقاموا به أیاما و ساروا حتی نزلوا بمؤتة و بلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من میاه البلقاء فی بكر و بهراء (2) و لخم و جذام و غیرهم مائة ألف مقاتل و علیهم رجل من بلی فأقام المسلمون لیلتین ینظرون فی أمرهم و قالوا نكتب إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فنخبره الخبر فإما أن یردنا أو یزیدنا رجالا فبینا الناس علی ذلك إذ جاءهم عبد اللّٰه بن رواحة فشجعهم و قال و اللّٰه ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد (3) و لا كثرة سلاح و لا كثرة خیل إلا بهذا الدین الذی أكرمنا اللّٰه به انطلقوا فقاتلوا فقد و اللّٰه رأیتنا (4) یوم بدر ما معنا إلا فرسان إنما هی إحدی الحسنیین إما الظهور علیهم فذاك ما وعدنا اللّٰه و رسوله و لیس لوعده خلف و إما الشهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم فی الجنان فشجع الناس علی قول ابن رواحة. قال و روی أبو هریرة قال شهدت مؤتة فلما رأینا المشركین رأینا ما لا قبل لنا به من العدد و السلاح و الكراع و الدیباج و الحریر و الذهب فبرق بصری فقال لی ثابت بن أقرم (5) ما لك یا با هریرة كأنك تری جموعا كثیرة قلت نعم قال لم تشهدنا ببدر إنا لم ننصر بالكثرة.
قال الواقدی فالتقی القوم فأخذ اللواء زید بن حارثة فقاتل حتی قتل طعنوه بالرماح ثم أخذه جعفر فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها فقاتل حتی قتل قیل إنه ضربه رجل من الروم فقطعه نصفین فوقع أحد نصفیه فی كرم هناك فوجد فیه ثلاثون أو بضع و ثلاثون جرحا.
قال و قد روی نافع عن ابن عمر أنه وجد فی بدن جعفر بن أبی طالب اثنتان و سبعون ضربة و طعنة بالسیوف و الرماح.
ص: 61
و قال البلاذری قطعت یداه و لذلك
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهِمَا جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا فِی الْجَنَّةِ.
و لذلك سمی الطیار.
قال ثم أخذ الرایة عبد اللّٰه بن رواحة فنكل (1) یسیرا ثم حمل فقاتل حتی قتل فلما قتل انهزم المسلمون أسوأ هزیمة كانت فی كل وجه ثم تراجعوا فأخذ اللواء ثابت بن أقرم (2) و جعل یصیح یا للأنصار فثاب إلیهم (3) منهم قلیل فقال لخالد بن الولید خذ اللواء یا أبا سلیمان قال خالد لا بل خذه أنت فلك سن و قد شهدت بدرا قال ثابت خذه أیها الرجل فو اللّٰه ما أخذته إلا لك فأخذه خالد و حمل به ساعة و جعل المشركون یحملون علیه حتی دهمه منهم بشر كثیر فانحاز بالمسلمین و انكشفوا راجعین.
قال الواقدی و قد روی أن خالدا ثبت بالناس فلم ینهزموا و الصحیح أن خالدا انهزم بالناس. (4) و روی محمد بن إسحاق قال لما أخذ جعفر بن أبی طالب الرایة قاتل قتالا شدیدا حتی إذا أثخنه (5) القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتی قتل فكان جعفر علیه السلام أول رجل عقر فی الإسلام. (6) قال الواقدی و قال عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه (7) ما لقی جیش بعثوا مبعثا ما لقی أصحاب مؤتة من أهل المدینة لقوهم بالشر حتی إن الرجل لینصرف إلی بیته و أهله فیدق علیهم فیأبون أن یفتحوا له یقولون أ لا تقدمت مع أصحابك فقتلت و جلس الكبراء منهم فی بیوتهم استحیاء من الناس حتی أرسل النبی صلی اللّٰه علیه و آله رجلا رجلا یقول لهم أنتم الكرار فی سبیل اللّٰه فخرجوا.
ص: 62
و روی الواقدی بإسناده (1) عن أسماء بنت عمیس قالت أصبحت فی الیوم الذی أصیب فیه جعفر و أصحابه فأتانی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد منأت أربعین منا من أدم و عجنت عجینی و أخذت بنی فغسلت وجوههم و دهنتهم فدخل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا أسماء أین بنو جعفر فجئت بهم إلیه فضمهم و شمهم ثم ذرفت عیناه فبكی فقلت یا رسول اللّٰه لعله بلغك عن جعفر شی ء قال نعم إنه قتل الیوم فقمت أصیح و اجتمعت إلی النساء فجعل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول یا أسماء لا تقولی هجرا و لا تضربی صدرا ثم خرج حتی دخل علی ابنته فاطمة علیها السلام و هی تقول وا عماه فقال علی مثل جعفر فلتبك الباكیة ثم قال اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا عن أنفسهم الیوم. (2).
و روی أبو الفرج فی كتاب مقاتل الطالبیین أن كنیة جعفر بن أبی طالب أبو المساكین و كان ثالث الإخوة من ولد أبی طالب أكبرهم طالب و بعده عقیل و بعده جعفر و بعده علی علیه السلام و كل واحد منهم أكبر من الآخر بعشر سنین و أمهم جمیعا فاطمة بنت أسد (3) و هی أول هاشمیة ولدت لهاشمی و فضلها كثیر و قربها من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و تعظیمه لها معلوم عند أهل الحدیث قال أبو الفرج و لجعفر علیه السلام فضل (4).
وَ قَدْ وَرَدَ فِیهِ حَدِیثٌ كَثِیرٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا فَتَحَ خَیْبَرَ قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنَ الْحَبَشَةِ فَالْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ یَقُولُ مَا أَدْرِی بِأَیِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحاً بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَمْ بِفَتْحِ خَیْبَرَ.
وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرُ النَّاسِ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عَلِیٌّ علیهم السلام.
قَالَ وَ قَدْ رَوَی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 63
خُلِقَ النَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّی وَ خُلِقْتُ أَنَا وَ جَعْفَرٌ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَالَ مِنْ طِینَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِجَعْفَرٍ أَشْبَهْتَ (1) خَلْقِی وَ خُلُقِی.
و قال ابن عبد البر فی الاستیعاب كانت سن جعفر علیه السلام یوم قتل إحدی و أربعین سنة.
وَ قَدْ رَوَی سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مُثِّلَ لِی جَعْفَرٌ وَ زَیْدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ فِی خَیْمَةٍ مِنْ دُرٍّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَی سَرِیرٍ فَرَأَیْتُ زَیْداً وَ ابْنَ رَوَاحَةَ فِی أَعْنَاقِهِمَا صُدُودٌ وَ رَأَیْتُ جَعْفَراً مُسْتَقِیماً لَیْسَ فِیهِ صُدُودٌ فَسَأَلْتُ فَقِیلَ لِی إِنَّهُمَا حِینَ غَشِیَهُمَا الْمَوْتُ أَعْرَضَا وَ صَدَّا بِوَجْهِهِمَا وَ أَمَّا جَعْفَرٌ فَلَمْ یَفْعَلْ.
و روی الشعبی قال سمعت عبد اللّٰه بن جعفر یقول كنت إذا سألت عمی علیا علیه السلام شیئا فمنعنی أقول له بحق جعفر فیعطینی..
وَ رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَتَاهُ قَتْلُ جَعْفَرٍ وَ زَیْدٍ بِمُؤْتَةَ بَكَی وَ قَالَ أَخَوَایَ وَ مُؤْنِسَایَ وَ مُحَدِّثَایَ (2).
«13»-وَ قَالَ الْكَازَرُونِیُّ بَعْدَ إِیرَادِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ فِی حَوَادِثِ السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ سَرِیَّةُ الْخَبْطِ رُوِیَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ثَلَاثِمِائَةِ رَاكِبٍ وَ أَمِیرُنَا أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِی طَلَبِ عِیرِ قُرَیْشٍ فَأَقَمْنَا عَلَی السَّاحِلِ حَتَّی فَنِیَ زَادُنَا وَ أَكَلْنَا الْخَبَطَ ثُمَّ إِنَّ الْبَحْرَ أَلْقَی إِلَیْنَا دَابَّةً یُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا نِصْفَ شَهْرٍ حَتَّی صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا وَ أَخَذَ أَبُو عُبَیْدَةَ ضِلْعاً مِنْ أَضْلَاعِهَا فَنَصَبَهَا وَ نَظَرَ إِلَی أَطْوَلِ بَعِیرٍ فِی الْجَیْشِ وَ أَطْوَلِ رَجُلٍ فَحَمَلَهُ عَلَیْهِ فَجَازَ تَحْتَهُ وَ قَدْ كَانَ رَجُلٌ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ ثَلَاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْهُ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ كَانُوا یَرَوْنَهُ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ (3).
أَقُولُ وَ رَوَی فِی جَامِعِ الْأُصُولِ بِأَسَانِیدَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: بَعَثَنَا
ص: 64
رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْحُرُقَاتِ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَ لَحِقْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا غَشِینَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَكَفَّ الْأَنْصَارِیُّ وَ طَعَنْتُهُ بِرُمْحِی حَتَّی قَتَلْتُهُ فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أُسَامَةُ أَ قَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قُلْتُ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذاً فَقَالَ أَ قَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَا زَالَ یُكَرِّرُهَا حَتَّی تَمَنَّیْتُ أَنِّی لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْیَوْمِ.
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَرِیَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَیْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِی نَفْسِی مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ قَتَلْتَهُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفاً مِنَ السِّلَاحِ قَالَ أَ فَلَا شَقَقْتَ قَلْبَهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَ قَالَهَا أَمْ لَا فَمَا زَالَ یُكَرِّرُهَا حَتَّی تَمَنَّیْتُ أَنِّی أَسْلَمْتُ یَوْمَئِذٍ (1).
أقول: أورد تلك القصة بعد غزوة مؤتة.
بیان: فی النهایة الضارع النحیف الضاوی الجسم یقال ضرع یضرع فهو ضارع و ضرع بالتحریك و قال منأت الأدیم إذا ألقیته فی الدباغ و یقال له ما دام فی الدباغ منیئة و منه حدیث أسماء بنت عمیس و هی تمعس منیئة لها و فی القاموس صد عنه صدودا أعرض و قال الخبط محركة ورق ینفض بالمخابط و یجفف و یطحن و یخلط بدقیق أو غیره و یوخف بالماء فیؤجره الإبل و كل ورق مخبوط و الجزائر جمع الجزور و هو البعیر.
ص: 65
الآیات؛
وَ الْعادِیاتِ* ضَبْحاً فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً* فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (1)
تفسیر:
قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قیل: بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سریة إلی حی من كنانة فاستعمل علیهم المنذر بن عمرو الأنصاری أحد النقباء فتأخر رجوعهم فقال المنافقون قتلوا جمیعا فأخبر اللّٰه تعالی عنها بقوله وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً
عن مقاتل وَ قِیلَ نَزَلَتِ السُّورَةُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً إِلَی ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَعَثَ إِلَیْهِمْ مِرَاراً غَیْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ وَ سُمِّیَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ ذَاتَ السَّلَاسِلِ لِأَنَّهُ أَسَرَ مِنْهُمْ وَ قَتَلَ وَ سَبَی وَ شَدَّ أُسَارَاهُمْ فِی الْحِبَالِ مُكَتَّفِینَ كَأَنَّهُمْ فِی السَّلَاسِلِ وَ لَمَّا نَزَلَتِ السُّورَةُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی النَّاسِ فَصَلَّی بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ قَرَأَ فِیهَا وَ الْعادِیاتِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ أَصْحَابُهُ هَذِهِ السُّورَةُ لَمْ نَعْرِفْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ ظَفِرَ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَ بَشَّرَنِی بِذَلِكَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ فَقَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام بَعْدَ أَیَّامٍ بِالْأُسَارَی وَ الْغَنَائِمِ.
وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً قیل هی الخیل فی الغزو تعدو فی سبیل اللّٰه عن ابن عباس و أكثر المفسرین قالوا أقسم بالخیل العادیة لغزو الكفار و هی تضبح ضبحا و ضبحها صوت أجوافها إذا عدت لیس بصهیل و لا حمحمة و لكنه صوت نفس و قیل هی الإبل حین ذهبت إلی غزوة بدر تمد أعناقها فی السیر فهی تضبح أی تضبع (2) و هی أن یمد ضبعه فی السیر حتی لا یجد مزیدا روی ذلك عن علی علیه السلام و ابن مسعود (3) و روی
ص: 66
أیضا أنها إبل الحاج تعدو من عرفة إلی المزدلفة و من المزدلفة إلی منی فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً هی الخیل توری النار بحوافرها إذا سارت فی الحجارة و الأرض المخصبة و قال مقاتل یقدحن بحوافرهن النار فی الحجارة قال ابن عباس یرید ضرب الخیل بحوافرها الجبل فأورت منه النار مثل الزناد إذا قدح و قال مجاهد یرید مكر الرجال فی الحروب تقول العرب إذا أراد الرجل أن یمكر بصاحبه أما و اللّٰه لأورین لك بزند وار و لأقدحن لك و قیل هی ألسنة الرجال توری النار من عظیم ما یتكلم (1) به فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً یرید الخیل تغیر بفرسانها علی العدو وقت الصبح و إنما ذكر الصبح (2) لأنهم كانوا یسیرون إلی العدو لیلا فیأتونهم صبحا و قیل یرید الإبل ترفع ركبانها (3) یوم النحر من جمع إلی منی و السنة أن لا ترفع (4) بركبانها حتی تصبح و الإغارة سرعة السیر فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً یقال ثار الغبار أو الدخان و أثرته أی هیجته و الهاء فی به عائد إلی معلوم یعنی بالمكان أو بالوادی فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً أی صرن بعدوهن أو بذلك المكان وسط جمع العدو و قیل یرید جمع منی (5).
«1»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام ثَلَاثِینَ فَرَساً فِی غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَ قَالَ أَتْلُو عَلَیْكَ آیَةً فِی نَفَقَةِ الْخَیْلِ الَّذِینَ (6) یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً هِیَ النَّفَقَةُ عَلَی الْخَیْلِ سِرّاً وَ عَلَانِیَةً (7).
«2»-فس، تفسیر القمی وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ مُوسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً قَالَ هَذِهِ السُّورَةُ
ص: 67
نَزَلَتْ فِی أَهْلِ وَادِی یَابِسٍ (1) قَالَ قُلْتُ (2) وَ مَا كَانَ حَالُهُمْ وَ قِصَّتُهُمْ قَالَ إِنَّ أَهْلَ وَادِی یَابِسٍ (3) اجْتَمَعُوا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ وَ تَعَاقَدُوا وَ تَعَاهَدُوا وَ تَوَاثَقُوا (4) أَنْ لَا یَتَخَلَّفَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ وَ لَا یَخْذُلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَا یَفِرَّ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّی یَمُوتُوا كُلُّهُمْ عَلَی خُلُقٍ وَاحِدٍ (5) وَ یَقْتُلُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام (6) فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (7) فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِمْ وَ مَا تَعَاقَدُوا عَلَیْهِ وَ تَوَافَقُوا (8) وَ أَمَرَهُ أَنْ یَبْعَثَ أَبَا بَكْرٍ إِلَیْهِمْ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَخْبَرَنِی أَنَّ أَهْلَ وَادِی الْیَابِسِ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً (9) قَدِ اسْتَعَدُّوا وَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا أَنْ لَا یَغْدِرَ رَجُلٌ بِصَاحِبِهِ (10) وَ لَا یَفِرَّ عَنْهُ وَ لَا یَخْذُلَهُ حَتَّی یَقْتُلُونِی وَ أَخِی (11) عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَمَرَنِی أَنْ أُسَیِّرَ إِلَیْهِمْ أَبَا بَكْرٍ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ فَخُذُوا (12) فِی أَمْرِكُمْ وَ اسْتَعِدُّوا لِعَدُوِّكُمْ وَ انْهَضُوا إِلَیْهِمْ عَلَی اسْمِ اللَّهِ وَ بَرَكَتِهِ یَوْمَ الِاثْنَیْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ عُدَّتَهُمْ (13) وَ تَهَیَّئُوا وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ بِأَمْرِهِ وَ كَانَ فِیمَا أَمَرَهُ بِهِ أَنْ إِذَا رَآهُمْ (14) أَنْ یَعْرِضَ عَلَیْهِمُ الْإِسْلَامَ
ص: 68
فَإِنْ تَابَعُوا (1) وَ إِلَّا وَاقَعَهُمْ (2) فَقَتَلَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ سَبَی ذَرَارِیَّهُمْ وَ اسْتَبَاحَ أَمْوَالَهُمْ وَ خَرَّبَ ضِیَاعَهُمْ وَ دِیَارَهُمْ فَمَضَی أَبُو بَكْرٍ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فِی أَحْسَنِ عُدَّةٍ وَ أَحْسَنِ هَیْئَةٍ یَسِیرُ بِهِمْ سَیْراً رَفِیقاً حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی أَهْلِ وَادِی الْیَابِسِ فَلَمَّا بَلَغَ الْقَوْمَ نُزُولُ الْقَوْمِ عَلَیْهِمْ وَ نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ أَصْحَابُهُ قَرِیباً مِنْهُمْ خَرَجَ إِلَیْهِمْ مِنْ أَهْلِ وَادِی الْیَابِسِ مِائَتَا رَجُلٍ مُدَجَّجِینَ بِالسِّلَاحِ (3) فَلَمَّا صَادَفُوهُمْ قَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتُمْ وَ أَیْنَ تُرِیدُونَ لِیَخْرُجْ إِلَیْنَا صَاحِبُكُمْ حَتَّی نُكَلِّمَهُ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا أَبُو بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا مَا أَقْدَمَكَ عَلَیْنَا قَالَ أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أَعْرِضَ عَلَیْكُمُ الْإِسْلَامَ وَ أَنْ تَدْخُلُوا (4) فِیمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ وَ لَكُمْ مَا لَهُمْ وَ عَلَیْكُمْ مَا عَلَیْهِمْ وَ إِلَّا فَالْحَرْبُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ قَالُوا لَهُ أَمَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَوْ لَا رَحِمٌ (5) مَاسَّةٌ وَ قَرَابَةٌ قَرِیبَةٌ لَقَتَلْنَاكَ وَ جَمِیعَ أَصْحَابِكَ (6) قَتْلَةً تَكُونُ حَدِیثاً لِمَنْ یَكُونُ بَعْدَكُمْ فَارْجِعْ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ وَ ارْتَجُوا (7) الْعَافِیَةَ فَإِنَّا إِنَّمَا نُرِیدُ (8) صَاحِبَكُمْ بِعَیْنِهِ وَ أَخَاهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأَصْحَابِهِ یَا قَوْمِ الْقَوْمُ أَكْثَرُ مِنْكُمْ أَضْعَافاً وَ أَعَدُّ مِنْكُمْ (9) وَ قَدْ نَأَتْ دَارُكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَارْجِعُوا نُعْلِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِحَالِ الْقَوْمِ فَقَالُوا لَهُ جَمِیعاً خَالَفْتَ یَا أَبَا بَكْرٍ رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا أَمَرَكَ بِهِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ
ص: 69
وَاقِعِ الْقَوْمَ وَ لَا تُخَالِفْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ الشَّاهِدُ (1) یَرَی مَا لَا یَرَی الْغَائِبُ فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ فَأُخْبِرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَقَالَةِ الْقَوْمِ لَهُ وَ مَا رَدَّ عَلَیْهِمْ أَبُو بَكْرٍ (2) فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا بَا بَكْرٍ خَالَفْتَ أَمْرِی (3) وَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ وَ كُنْتَ لِی وَ اللَّهِ عَاصِیاً فِیمَا أَمَرْتُكَ فَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ (4) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ (5) یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ إِنِّی أَمَرْتُ أَبَا بَكْرٍ أَنْ یَسِیرَ إِلَی أَهْلِ وَادِی الْیَابِسِ وَ أَنْ یَعْرِضَ عَلَیْهِمُ الْإِسْلَامَ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی اللَّهِ فَإِنْ أَجَابُوا (6) وَ إِلَّا وَاقَعَهُمْ فَإِنَّهُ (7) سَارَ إِلَیْهِمْ وَ خَرَجَ مِنْهُمْ إِلَیْهِ مِائَتَا رَجُلٍ فَإِذَا سَمِعَ (8) كَلَامَهُمْ وَ مَا اسْتَقْبَلُوهُ بِهِ انْتَفَخَ صَدْرُهُ (9) وَ دَخَلَهُ الرُّعْبُ مِنْهُمْ وَ تَرَكَ قَوْلِی وَ لَمْ یُطِعْ أَمْرِی وَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام أَمَرَنِی عَنِ اللَّهِ أَنْ أَبْعَثَ إِلَیْهِمْ عُمَرَ مَكَانَهُ فِی أَصْحَابِهِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ فَسِرْ یَا عُمَرُ عَلَی اسْمِ اللَّهِ وَ لَا تَعْمَلْ كَمَا (10) عَمِلَ أَبُو بَكْرٍ أَخُوكَ فَإِنَّهُ قَدْ عَصَی اللَّهَ وَ عَصَانِی وَ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ فَخَرَجَ عُمَرُ وَ الْمُهَاجِرُونَ (11) وَ الْأَنْصَارُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَ أَبِی بَكْرٍ یَقْتَصِدُ بِهِمْ فِی سَیْرِهِمْ (12) حَتَّی شَارَفَ الْقَوْمَ وَ كَانَ قَرِیباً مِنْهُمْ حَیْثُ یَرَاهُمْ وَ یَرَوْنَهُ وَ خَرَجَ (13) إِلَیْهِمْ مِائَتَا رَجُلٍ فَقَالُوا لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ لِأَبِی بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ مَعَهُ وَ كَادَ
ص: 70
أَنْ یَطِیرَ قَلْبُهُ مِمَّا رَأَی مِنْ عُدَّةِ الْقَوْمِ وَ جَمْعِهِمْ وَ رَجَعَ یَهْرُبُ مِنْهُمْ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَخْبَرَ مُحَمَّداً (1) بِمَا صَنَعَ عُمَرُ وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ (2) فَصَعِدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ عُمَرُ وَ مَا كَانَ مِنْهُ وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ مُخَالِفاً لِأَمْرِی عَاصِیاً لِقَوْلِی فَقَدِمَ عَلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَةِ (3) مَا أَخْبَرَهُ بِهِ صَاحِبُهُ فَقَالَ لَهُ یَا عُمَرُ عَصَیْتَ اللَّهَ فِی عَرْشِهِ وَ عَصَیْتَنِی وَ خَالَفْتَ قَوْلِی وَ عَمِلْتَ بِرَأْیِكَ لَأَقْبَحَ (4) اللَّهُ رَأْیَكَ وَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام قَدْ أَمَرَنِی أَنْ أَبْعَثَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فِی هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِینَ فَأَخْبَرَنِی (5) أَنَّ اللَّهَ یَفْتَحُ عَلَیْهِ وَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَدَعَا عَلِیّاً وَ أَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَی بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَصْحَابَهُ الْأَرْبَعَةَ آلَافٍ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ سَیَفْتَحُ عَلَیْهِ وَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَخَرَجَ عَلِیٌّ وَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَسَارَ بِهِمْ سَیْراً غَیْرَ سَیْرِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْنَفَ بِهِمْ فِی السَّیْرِ حَتَّی خَافُوا أَنْ یَنْقَطِعُوا (6) مِنَ التَّعَبِ وَ تَحْفَی دَوَابُّهُمْ فَقَالَ لَهُمْ لَا تَخَافُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَمَرَنِی بِأَمْرٍ (7) وَ أَخْبَرَنِی أَنَّ اللَّهَ سَیَفْتَحُ عَلَیَّ وَ عَلَیْكُمْ فَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ عَلَی خَیْرٍ وَ إِلَی خَیْرٍ فَطَابَتْ (8) نُفُوسُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ وَ سَارُوا عَلَی ذَلِكَ السَّیْرِ (وَ) التَّعَبِ (9) حَتَّی إِذَا كَانُوا قَرِیباً مِنْهُمْ حَیْثُ یَرَوْنَهُ وَ یَرَاهُمْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ یَنْزِلُوا وَ سَمِعَ أَهْلُ وَادِی الْیَابِسِ بِمَقْدَمِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابِهِ
ص: 71
فَخَرَجُوا (1) إِلَیْهِ مِنْهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ شَاكِینَ بِالسِّلَاحِ (2) فَلَمَّا رَآهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام خَرَجَ إِلَیْهِمْ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُمْ (3) مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَیْنَ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتُمْ (4) وَ أَیْنَ تُرِیدُونَ قَالَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخُوهُ وَ رَسُولُهُ إِلَیْكُمْ أَدْعُوكُمْ إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ (5) وَ لَكُمْ (6) مَا لِلْمُسْلِمِینَ وَ عَلَیْكُمْ مَا عَلَیْهِمْ (7) مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ فَقَالُوا لَهُ إِیَّاكَ أَرَدْنَا وَ أَنْتَ طَلَبْتَنَا قَدْ سَمِعْنَا مَقَالَتَكَ فَاسْتَعِدَّ (8) لِلْحَرْبِ الْعَوَانِ وَ اعْلَمْ أَنَّا (9) قَاتِلِیكَ وَ قَاتِلِی (10) أَصْحَابِكَ وَ الْمَوْعُودُ فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ غَداً ضَحْوَةً وَ قَدْ أَعْذَرْنَا فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْلَكُمْ تُهَدِّدُونِّی بِكَثْرَتِكُمْ وَ جَمْعِكُمْ فَأَنَا (11) أَسْتَعِینُ بِاللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ الْمُسْلِمِینَ عَلَیْكُمْ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَانْصَرَفُوا إِلَی مَرَاكِزِهِمْ (12) وَ انْصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مَرْكَزِهِ (13) فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ یُحْسِنُوا إِلَی دَوَابِّهِمْ وَ یُقْضِمُوا وَ یُسْرِجُوا (14) فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ صَلَّی بِالنَّاسِ بِغَلَسٍ ثُمَّ غَارَ عَلَیْهِمْ بِأَصْحَابِهِ فَلَمْ یَعْلَمُوا حَتَّی وَطِئَتْهُمُ الْخَیْلُ فَمَا أَدْرَكَ آخِرُ أَصْحَابِهِ حَتَّی قَتَلَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ سَبَی ذَرَارِیَّهُمْ وَ اسْتَبَاحَ أَمْوَالَهُمْ وَ خَرَّبَ (15) دِیَارَهُمْ وَ أَقْبَلَ بِالْأُسَارَی (16) وَ الْأَمْوَالِ مَعَهُ وَ نَزَلَ (17) جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام (18) وَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِینَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ
ص: 72
وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ وَ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَمْ یُصَبْ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلَانِ وَ نَزَلَ فَخَرَجَ (1) یَسْتَقْبِلُ عَلِیّاً فِی جَمِیعِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ حَتَّی لَقِیَهُ عَلَی أَمْیَالٍ (2) مِنَ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا رَآهُ عَلِیٌّ مُقْبِلًا نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ نَزَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی الْتَزَمَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَنَزَلَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِینَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام حَیْثُ (3) نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَقْبَلَ بِالْغَنِیمَةِ وَ الْأُسَارَی وَ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ وَادِی الْیَابِسِ ثُمَّ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام مَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهَا قَطُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ خیبرا (مِنْ خَیْبَرَ) (4) فَإِنَّهَا مِثْلُ خَیْبَرَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (5) وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً یَعْنِی بِالْعَادِیَاتِ الْخَیْلَ تَعْدُو بِالرِّجَالِ وَ الضَّبْحُ ضَبْحُهَا فِی أَعِنَّتِهَا وَ لُجُمِهَا فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً فَقَدْ أَخْبَرَكَ أَنَّهَا غَارَتْ عَلَیْهِمْ صُبْحاً قُلْتُ قَوْلُهُ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قَالَ یَعْنِی الْخَیْلَ (6) یَأْثَرْنَ بِالْوَادِی نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قُلْتُ قَوْلُهُ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ قَالَ لَكَفُورٌ وَ إِنَّهُ عَلی ذلِكَ لَشَهِیدٌ قَالَ یَعْنِیهِمَا (7) جَمِیعاً قَدْ شَهِدَا جَمِیعاً وَادِیَ الْیَابِسِ وَ كَانَا لِحُبِّ الْحَیَاةِ حَرِیصَیْنِ قُلْتُ قَوْلُهُ (8) أَ فَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ قَالَ نَزَلَتِ الْآیَتَانِ فِیهِمَا خَاصَّةً كَانَا یُضْمِرَانِ ضَمِیرَ السَّوْءِ وَ یَعْمَلَانِ بِهِ فَأَخْبَرَ اللَّهُ خَبَرَهُمَا وَ فِعَالَهُمَا فَهَذِهِ قِصَّةُ أَهْلِ وَادِی الْیَابِسِ وَ تَفْسِیرُ الْعَادِیَاتِ (9)
ص: 73
ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً أَیْ عَدْواً عَلَیْهِمْ فِی الضَّبْحِ ضُبَاحُ الْكِلَابِ صَوْتُهَا فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً كَانَتْ بِلَادُهُمْ فِیهَا حِجَارَةٌ فَإِذَا وَطِئَهَا سَنَابِكُ الْخَیْلِ كَانَ (1) یَنْقَدِحُ مِنْهَا النَّارُ فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً أَیْ صَبَّحَهُمْ بِالْغَارَةِ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قَالَ ثَارَتِ الْغُبْرَةُ مِنْ رَكْضِ الْخَیْلِ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ تَوَسَّطَ الْمُشْرِكِینَ بِجَمْعِهِمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ أَیْ كَفُورٌ وَ هُمُ الَّذِینَ أَمَرُوا وَ أَشَارُوا (2) عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ یَدَعَ الطَّرِیقَ مِمَّا حَسَدُوهُ (3) وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام أَخَذَ بِهِمْ عَلَی غَیْرِ الطَّرِیقِ الَّذِی أَخَذَ (4) فِیهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَعَلِمُوا (5) أَنَّهُ یَظْفَرُ بِالْقَوْمِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِأَبِی بَكْرٍ إِنَّ عَلِیّاً غُلَامٌ حَدَثٌ لَا عِلْمَ لَهُ بِالطَّرِیقِ وَ هَذَا طَرِیقٌ مُسْبِعٌ لَا نَأْمَنُ فِیهِ مِنَ السِّبَاعِ فَمَشَوْا (6) إِلَیْهِ فَقَالُوا یَا أَبَا الْحَسَنِ هَذَا الطَّرِیقُ الَّذِی أَخَذْتَ فِیهِ طَرِیقٌ مُسْبِعٌ فَلَوْ رَجَعْتَ إِلَی الطَّرِیقِ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْزَمُوا رِحَالَكُمْ وَ كُفُّوا عَمَّا لَا یَعْنِیكُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِیعُوا فَإِنِّی أَعْلَمُ بِمَا أَصْنَعُ فَسَكَتُوا (7) وَ إِنَّهُ عَلی ذلِكَ لَشَهِیدٌ أَیْ عَلَی الْعَدَاوَةِ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ یَعْنِی حُبَّ الْحَیَاةِ حَیْثُ خَافُوا السِّبَاعَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ فَقَالَ اللَّهُ أَ فَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ أَیْ یُجْمَعُ وَ یُظْهَرُ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ یَوْمَئِذٍ لَخَبِیرٌ (8).
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحْرِ بْنِ طَیْفُورٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام مِثْلَهُ (9) إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بیان رجل مدجج و مدجج أی شاك فی السلاح و حفی من كثرة المشی
ص: 74
أی رقت قدمه أو حافره و العوان من الحروب التی قوتل فیها مرة كأنهم جعلوا الأولی بكرا و أقضم القوم امتاروا شیئا فی القحط و فی بعض لغة الفرس القضم خوردن اسب جو را. (1) قوله علیه السلام یعنیهما أی مصداق الإنسان فی هذه الآیة أبو بكر و عمر.
قال البیضاوی لَكَنُودٌ لكفور من كند النعمة كنودا أو لعاص بلغة كندة أو لبخیل بلغة بنی مالك و هو جواب القسم وَ إِنَّهُ عَلی ذلِكَ و إن الإنسان علی كنوده لَشَهِیدٌ یشهد علی نفسه لظهور أثره علیه أو إن اللّٰه علی كنوده لشهید فیكون وعیدا وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ المال لَشَدِیدٌ لبخیل أو لقوی مبالغ فیه قوله بُعْثِرَ أی بعث و حُصِّلَ جمع محصلا فی الصحف أو میز.
«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی قَالَ شَیْخُ الطَّائِفَةِ قُرِئَ (2) عَلَی أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ شِبْلٍ وَ أَنَا أَسْمَعُ حَدَّثَنَا ظَفَرُ بْنُ حُمْدُونِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ وَ أَبِی الْمَغْرَاءِ الْعِجْلِیِّ قَالا حَدَّثَنَا الْحَلَبِیُّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً قَالَ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِی سَرِیَّةٍ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ (3) أَصْحَابُهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ أَنْتَ صَاحِبُ الْقَوْمِ فَتَهَیَّأْ أَنْتَ وَ مَنْ تُرِیدُ مِنْ فُرْسَانِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ سِرِ اللَّیْلَ (4) وَ لَا یُفَارِقْكَ الْعَیْنُ قَالَ فَانْتَهَی عَلِیٌّ إِلَی مَا
ص: 75
أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَارَ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ وَجْهِ الصُّبْحِ أَغَارَ عَلَیْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً إِلَی آخِرِهَا (1).
بیان: لا یفارقك العین أی لیكن معك جواسیس ینظرون لئلا یكمن لك العدو أو كنایة عن ترك النوم أو عن ترك الحذر و النظر إلی مظان الریبة أو المعنی لا یفارقك عسكرك و كن معهم قال الجوهری جاء فلان فی عین أی فی جماعة.
«4»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا بَعَثَ سَرِیَّةَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَ عَقَدَ الرَّایَةَ وَ سَارَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ حَتَّی إِذَا صَارَ بِهَا بِقُرْبِ الْمُشْرِكِینَ اتَّصَلَ خَبَرُهُمْ فَتَحَرَّزُوا وَ لَمْ یَصِلِ الْمُسْلِمُونَ إِلَیْهِمْ فَأَخَذَ الرَّایَةَ عُمَرُ وَ خَرَجَ مَعَ السَّرِیَّةِ فَاتَّصَلَ بِهِمْ خَبَرُهُمْ (2) فَتَحَرَّزُوا وَ لَمْ یَصِلِ الْمُسْلِمُونَ إِلَیْهِمْ فَأَخَذَ (3) الرَّایَةَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَخَرَجَ فِی السَّرِیَّةِ فَانْهَزَمُوا فَأَخَذَ الرَّایَةَ لِعَلِیٍّ وَ ضَمَّ إِلَیْهِ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ (4) فِی تِلْكَ السَّرِیَّةِ وَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ أَقَامُوا رُقَبَاءَ عَلَی جِبَالِهِمْ یَنْظُرُونَ إِلَی كُلِّ عَسْكَرٍ یَخْرُجُ إِلَیْهِمْ مِنَ الْمَدِینَةِ عَلَی الْجَادَّةِ فَیَأْخُذُونَ حِذْرَهُمْ وَ اسْتِعْدَادَهُمْ فَلَمَّا خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام تَرَكَ الْجَادَّةَ وَ أَخَذَ بِالسَّرِیَّةِ فِی الْأَوْدِیَةِ بَیْنَ الْجِبَالِ فَلَمَّا رَأَی عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ قَدْ فَعَلَ عَلِیٌّ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ سَیَظْفَرُ بِهِمْ فَحَسَدَهُ فَقَالَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ وُجُوهِ السَّرِیَّةِ إِنَّ عَلِیّاً رَجُلٌ غِرٌّ (5) لَا خِبْرَةَ لَهُ بِهَذِهِ الْمَسَالِكِ وَ نَحْنُ أَعْرَفُ بِهَا مِنْهُ وَ هَذَا الطَّرِیقُ الَّذِی تَوَجَّهَ فِیهِ كَثِیرُ السِّبَاعِ وَ سَیَلْقَی النَّاسُ مِنْ مَعَرَّتِهَا أَشَدَّ مَا یُحَاذِرُونَهُ مِنَ الْعَدُوِّ فَسَأَلُوهُ أَنْ یَرْجِعَ عَنْهُ إِلَی الْجَادَّةِ فَعَرَّفُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَلِكَ قَالَ مَنْ كَانَ طَائِعاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مِنْكُمْ فَلْیَتَّبِعْنِی وَ مَنْ أَرَادَ الْخِلَافَ عَلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَلْیَنْصَرِفْ عَنِّی فَسَكَتُوا وَ سَارُوا مَعَهُ فَكَانَ یَسِیرُ بِهِمْ
ص: 76
بَیْنَ الْجِبَالِ فِی اللَّیْلِ (1) وَ یَكْمُنُ فِی الْأَوْدِیَةِ بِالنَّهَارِ وَ صَارَتِ السِّبَاعُ الَّتِی فِیهَا كَالسَّنَانِیرِ إِلَی أَنْ كَبَسَ (2) الْمُشْرِكِینَ وَ هُمْ غَارُّونَ آمِنُونَ وَقْتَ الصُّبْحِ فَظَفِرَ بِالرِّجَالِ وَ الذَّرَارِیِّ وَ الْأَمْوَالِ فَحَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَ شَدَّ الرِّجَالَ فِی الْحِبَالِ كَالسَّلَاسِلِ فَلِذَلِكَ سُمِّیَتْ غَزَاةَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَلَمَّا كَانَتِ الصَّبِیحَةُ الَّتِی أَغَارَ فِیهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْعَدُوِّ وَ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی هُنَاكَ خَمْسُ مَرَاحِلَ خَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی (3) بِالنَّاسِ الْفَجْرَ وَ قَرَأَ وَ الْعادِیاتِ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی وَ قَالَ هَذِهِ سُورَةٌ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَیَّ فِی هَذَا الْوَقْتِ یُخْبِرُنِی فِیهَا بِإِغَارَةِ عَلِیٍّ عَلَی الْعَدُوِّ وَ جَعَلَ حَسَدَهُ لِعَلِیٍّ حَسَداً لَهُ (4) فَقَالَ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَ الْكَنُودُ الْحَسُودُ وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ هَاهُنَا إِذْ هُوَ كَانَ یُحِبُّ الْخَیْرَ وَ هُوَ الْحَیَاةُ حِینَ (5) أَظْهَرَ الْخَوْفَ مِنَ السِّبَاعِ ثُمَّ هَدَّدَهُ اللَّهُ (6).
«5»-شا، الإرشاد ثم كان (7) غزاة السلسلة و ذلك أن أعرابیا جاء عند النبی صلی اللّٰه علیه و آله (8) فجثا بین یدیه و قال له جئتك لأنصح لك قال و ما نصیحتك قال قوم من العرب قد اجتمعوا بوادی الرمل و عملوا علی أن یبیتوك بالمدینة و وصفهم له فأمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن ینادی ب الصلاة جامعة فاجتمع المسلمون و صعد المنبر فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثم قال أیها الناس إن هذا عدو اللّٰه و عدوكم قد عمل علی أن یبیتكم فمن له (9) فقام جماعة من أهل الصفة فقالوا نحن نخرج إلیهم (10) فول علینا من شئت فأقرع بینهم فخرجت القرعة علی ثمانین رجلا منهم و من غیرهم فاستدعی أبا بكر فقال له خذ اللواء و امض إلی بنی سلیم فإنهم قریب من الحرة فمضی
ص: 77
و معه القوم حتی قارب أرضهم و كانت كثیرة الحجارة و الشجر و هم ببطن الوادی و المنحدر إلیه صعب فلما صار أبو بكر إلی الوادی و أراد الانحدار خرجوا إلیه فهزموه و قتلوا من المسلمین جمعا كثیرا فانهزم أبو بكر من القوم فلما ورد (1) علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عقد لعمر بن الخطاب و بعثه إلیهم فكمنوا له تحت الحجارة و الشجر فلما ذهب لیهبط خرجوا إلیه فهزموه فساء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذلك فقال له عمرو بن العاص ابعثنی یا رسول اللّٰه إلیهم فإن الحرب خدعة فلعلی (2) أخدعهم فأنفذه مع جماعة و وصاه فلما صار إلی الوادی خرجوا إلیه فهزموه و قتلوا من أصحابه جماعة و مكث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أیاما یدعو علیهم ثم دعا أمیر المؤمنین علیه السلام (3) فعقد له ثم قال أرسلته كرارا غیر فرار ثم رفع یدیه إلی السماء و قال اللّٰهم إن كنت تعلم أنی رسولك فاحفظنی فیه و افعل به و افعل فدعا له ما شاء اللّٰه و خرج علی بن أبی طالب علیهما السلام و خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لتشییعه و بلغ معه إلی مسجد الأحزاب و علی علی فرس أشقر مهلوب علیه بردان یمانیان و فی یده قناة خطیة فشیعه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و دعا له و أنفذ معه فیمن أنفذ أبا بكر و عمر و عمرو بن العاص فسار بهم علیه السلام نحو العراق متنكبا للطریق حتی ظنوا أنه یرید بهم غیر ذلك الوجه ثم انحدر (4) بهم علی محجة غامضة فسار بهم حتی استقبل الوادی من فمه و كان یسیر اللیل و یكمن النهار فلما قرب من الوادی أمر أصحابه أن یعكموا الخیل و وقفهم مكانا و قال لا تبرحوا و انتبذ (5) أمامهم فأقام ناحیة منهم فلما رأی عمرو بن العاص ما صنع لم یشك أن الفتح یكون له فقال لأبی بكر أنا أعلم بهذه البلاد من علی و فیها ما هو أشد علینا من بنی سلیم و هی الضباع و الذئاب فإن خرجت علینا خفت أن تقطعنا فكلمه یخل عنا نعلو الوادی قال فانطلق أبو بكر فكلمه (6) فأطال فلم یجبه أمیر المؤمنین علیه السلام
ص: 78
حرفا واحدا فرجع إلیهم فقال لا و اللّٰه ما أجابنی حرفا واحدا فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب أنت أقوی علیه فانطلق عمر فخاطبه فصنع به مثل ما صنع بأبی بكر فرجع إلیهم فأخبرهم أنه لم یجبه فقال عمرو بن العاص إنه لا ینبغی لنا أن نضیع أنفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادی فقال له المسلمون و اللّٰه (1) ما نفعل أمرنا رسول اللّٰه أن نسمع لعلی و نطیع فنترك أمره و نطیع لك و نسمع فلم یزالوا كذلك حتی أحس أمیر المؤمنین علیه السلام بالفجر فكبس القوم و هم غارون (2) فأمكنه اللّٰه تعالی منهم فنزلت علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً إلی آخرها فَبَشَّرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ بِالْفَتْحِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَسْتَقْبِلُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَاسْتَقْبَلُوهُ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْدُمُهُمْ فَقَامُوا لَهُ صَفَّیْنِ فَلَمَّا بَصُرَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله تَرَجَّلَ عَنْ فَرَسِهِ (3) فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ارْكَبْ فَإِنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ عَنْكَ رَاضِیَانِ فَبَكَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَرَحاً فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ لَوْ لَا أَنَّنِی أُشْفِقُ أَنْ تَقُولَ فِیكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی الْمَسِیحِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ لَقُلْتُ فِیكَ الْیَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْكَ.
و كان الفتح فی هذه الغزاة لأمیر المؤمنین علیه السلام خاصة بعد أن كان لغیره فیها من الإفساد (4) ما كان و اختص علیه السلام من مدیح النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیها بفضائل لم یحصل منها شی ء لغیره و بان له من المنقبة فیها ما لم یشركه فیه (5) سواه. (6) بیان المهلبة ما غلظ من شعر الذنب و هلبت الفرس نتفت هلبه فهو مهلوب ذكره الجوهری و قال الخط موضع بالیمامة تنسب إلیه الرماح الخطیة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به و یقال عكمت المتاع أی شددته و المراد هنا شد أفواه الدواب لترك صهیلها قوله فكبس القوم أی هجم علیهم
ص: 79
«6»- أقول: ذكر المفید رحمه اللّٰه هذه الغزوة علی هذا الوجه بعد غزوة تبوك و ذكرها علی وجه آخر علی ما فی بعض النسخ القدیمة بعد غزوة بنی قریظة و قبل غزوة بنی المصطلق قال و قد كان من أمیر المؤمنین علیه السلام فی غزوة وادی الرمل و یقال إنها كانت تسمی بغزوة السلسلة (1) ما حفظه العلماء و دونه الفقهاء و نقله أصحاب الآثار و رواه نقلة الأخبار مما ینضاف إلی مناقبه علیه السلام فی الغزوات و یماثل فضائله فی الجهاد و ما توحد به فی معناه من كافة العباد و ذلك.
أن أصحاب السیر ذكروا أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان ذات یوم جالسا إذ جاء أعرابی فجثا بین یدیه ثم قال إنی جئت (2) لأنصحك قال و ما نصیحتك قال قوم من العرب قد عملوا علی أن یبیتوك بالمدینة و وصفهم له قال فأمر أمیر المؤمنین علیه السلام أن ینادی ب الصلاة جامعة فاجتمع المسلمون فصعد المنبر فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثم قال أیها الناس إن هذا عدو اللّٰه و عدوكم قد أقبل علیكم (3) یزعم أنه یبیتكم بالمدینة فمن للوادی فقام رجل من المهاجرین فقال أنا له یا رسول اللّٰه فناوله اللواء و ضم إلیه سبعمائة رجل و قال له امض علی اسم اللّٰه فمضی فوافی القوم ضحوة فقالوا له من الرجل قالوا (4) رسول لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إما أن تقولوا لا إله إلا اللّٰه وحده لا شریك له و أن محمدا عبده و رسوله أو لأضربنكم بالسیف قالوا له ارجع إلی صاحبك فإنا فی جمع لا تقوم له فرجع الرجل فأخبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بذلك فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله من للوادی فقام رجل من المهاجرین فقال أنا له یا رسول اللّٰه قال فدفع إلیه الرایة و مضی ثم عاد بمثل (5) ما عاد به صاحبه الأول فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أین علی بن أبی طالب فقام أمیر المؤمنین علیه السلام فقال أنا ذا یا رسول اللّٰه قال (6)
ص: 80
امض إلی الوادی قال نعم و كانت له عصابة لا یتعصب بها حتی یبعثه النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی وجه شدید فمضی إلی منزل فاطمة علیها السلام فالتمس العصابة منها فقالت أین ترید و أین (1) بعثك أبی قال إلی وادی الرمل فبكت إشفاقا علیه فدخل النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هی علی تلك الحال فقال لها ما لك تبكین أ تخافین أن یقتل بعلك كلا إن شاء اللّٰه فقال له علی علیه السلام لا تنفس علی بالجنة یا رسول اللّٰه ثم خرج و معه لواء النبی صلی اللّٰه علیه و آله فمضی حتی وافی القوم بسحر فأقام حتی أصبح ثم صلی بأصحابه الغداة و صفهم صفوفا و اتكأ علی سیفه مقبلا علی العدو فقال لهم یا هؤلاء أنا رسول رسول اللّٰه إلیكم أن تقولوا لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا (2) عبده و رسوله و إلا أضربنكم بالسیف قالوا (3) ارجع كما رجع صاحباك قال أنا أرجع (4) لا و اللّٰه حتی تسلموا أو أضربكم بسیفی هذا أنا علی بن أبی طالب بن عبد المطلب فاضطرب القوم لما عرفوه ثم اجترءوا علی مواقعته فواقعهم علیه السلام فقتل منهم ستة أو سبعة و انهزم المشركون و ظفر المسلمون و حازوا الغنائم و توجه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله.
فَرُوِیَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِلًا فِی بَیْتِی إِذَا انْتَبَهَ فَزِعاً مِنْ مَنَامِهِ فَقُلْتُ لَهُ اللَّهُ جَارُكَ قَالَ صَدَقْتِ اللَّهُ جَارِی لَكِنْ هَذَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام یُخْبِرُنِی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَادِمٌ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی النَّاسِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَسْتَقْبِلُوا عَلِیّاً علیه السلام فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ لَهُ صَفَّیْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا بَصُرَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله تَرَجَّلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ أَهْوَی إِلَی قَدَمَیْهِ یُقَبِّلُهُمَا فَقَالَ لَهُ صلی اللّٰه علیه و آله ارْكَبْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ رَسُولَهُ عَنْكَ رَاضِیَانِ فَبَكَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَرَحاً وَ انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ تَسَلَّمَ (5) الْمُسْلِمُونَ الْغَنَائِمَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِبَعْضِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِی الْجَیْشِ كَیْفَ رَأَیْتُمْ أَمِیرَكُمْ قَالُوا لَمْ نُنْكِرْ مِنْهُ شَیْئاً إِلَّا أَنَّهُ لَمْ یَؤُمَّ بِنَا فِی صَلَاةٍ إِلَّا قَرَأَ
ص: 81
فِیهَا (1) بِقُلْ هُوَ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَسْأَلُهُ (2) عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ لِمَ لَمْ تَقْرَأْ بِهِمْ فِی فَرَائِضِكَ إِلَّا بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْبَبْتُهَا قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ لَوْ لَا أَنِّی (3) أُشْفِقُ أَنْ تَقُولَ فِیكَ طَوَائِفُ مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ لَقُلْتُ فِیكَ الْیَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنْهُمْ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْكَ.
و قد ذكر كثیر من أصحاب السیر أن فی هذه الغزاة نزل علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً إلی آخرها فتضمنت ذكر الحال فیما فعله أمیر المؤمنین علیه السلام فیها. (4) أقول ذكر فی إعلام الوری تلك القصة علی هذا الوجه مع اختصار (5).
«7»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ مُعَنْعَناً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ إِلَی غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَرَدَّهَا ثُمَّ دَعَا عُمَرَ فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَرَدَّهَا ثُمَّ دَعَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَرَجَعَ فَدَعَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَمْكَنَهُ مِنَ الرَّایَةِ فَسَیَّرَهُمْ مَعَهُ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَسْمَعُوا لَهُ وَ یُطِیعُوهُ قَالَ فَانْطَلَقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِالْعَسْكَرِ وَ هُمْ مَعَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْقَوْمِ فَلَمْ یَكُنْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ إِلَّا جَبَلٌ قَالَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَنْزِلُوا فِی أَسْفَلِ الْجَبَلِ فَقَالَ لَهُمُ ارْكَبُوا دَوَابَّكُمْ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ یَا أَبَا بَكْرٍ وَ أَنْتَ یَا عُمَرُ مَا تَرَوْنَ إِلَی هَذَا الْغُلَامِ أَیْنَ أَنْزَلَنَا فِی وَادٍ كَثِیرِ الْحَیَّاتِ كَثِیرِ الْهَامِّ كَثِیرِ السِّبَاعِ نَحْنُ مِنْهُ عَلَی إِحْدَی ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا سَبُعٌ یَأْكُلُنَا وَ یَأْكُلُ دَوَابَّنَا وَ إِمَّا حَیَّاتٌ تَعْقِرُنَا وَ تَعْقِرُ دَوَابَّنَا وَ إِمَّا یَعْلَمُ بِنَا عَدُوُّنَا فَیَقْتُلُنَا قُومُوا بِنَا إِلَیْهِ قَالَ فَجَاءُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالُوا (6) یَا عَلِیُّ أَنْزَلْتَنَا فِی وَادٍ كَثِیرِ السِّبَاعِ كَثِیرِ الْهَامِ
ص: 82
كَثِیرِ الْحَیَّاتِ نَحْنُ مِنْهُ عَلَی إِحْدَی ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا سَبُعٍ یَأْكُلُنَا وَ یَأْكُلُ دَوَابَّنَا أَوْ حَیَّاتٍ تَعْقِرُنَا وَ تَعْقِرُ دَوَابَّنَا أَوْ یَعْلَمُ بِنَا عَدُوُّنَا فَیُبَیِّتُنَا فَیَقْتُلُنَا قَالَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام أَ لَیْسَ قَدْ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَسْمَعُوا لِی وَ تُطِیعُوا (1) قَالُوا بَلَی قَالَ فَانْزِلُوا فَرَجَعُوا قَالَ فَأَبَوْا أَنْ یَنْقَادُوا وَ اسْتَفَزَّهُمْ خَالِدٌ ثَانِیَةً فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ الْكَلَامَ (2) فَقَالَ لَهُمْ أَ لَیْسَ قَدْ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَسْمَعُوا لِی وَ تُطِیعُوا (3) قَالُوا بَلَی قَالَ فَانْزِلُوا بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ لَیْسَ عَلَیْكُمْ بَأْسٌ قَالَ فَنَزَلُوا وَ هُمْ مَرْعُوبُونَ قَالَ وَ مَا زَالَ عَلِیٌّ لَیْلَتَهُ قَائِماً یُصَلِّی حَتَّی إِذَا كَانَ فِی السَّحَرِ قَالَ لَهُمُ ارْكَبُوا بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ قَالَ فَرَكِبُوا وَ طَلَعَ الْجَبَلُ حَتَّی إِذَا انْحَدَرَ عَلَی الْقَوْمِ فَأَشْرَفَ عَلَیْهِمْ قَالَ لَهُمُ انْزِعُوا عَكْمَةَ دَوَابِّكُمْ قَالَ فَشَمَّتِ الْخَیْلُ رِیحَ الْإِنَاثِ فَصَهَلَتْ فَسَمِعَ الْقَوْمُ صَهِیلَ خَیْلِهِمْ (4) فَوَلَّوْا هَارِبِینَ قَالَ فَقَتَلَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ سَبَی ذَرَارِیَّهُمْ قَالَ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُخَالِطُ (5) الْقَوْمَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ وَ جَاءَتِ الْبِشَارَةُ (6).
«8»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ غَیْرِهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَقْرَعَ بَیْنَ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَبَعَثَ مِنْهُمْ ثَمَانِینَ رَجُلًا وَ مِنْ غَیْرِهِمْ إِلَی بَنِی سُلَیْمٍ وَ وَلَّی عَلَیْهِمْ وَ انْهَزَمُوا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَلَبِثَ بِذَلِكَ أَیَّاماً یَدْعُو عَلَیْهِمْ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ لَهُ ایتِنِی بِبُرْدِیَ النَّجْرَانِیِّ وَ
ص: 83
قَنَاتِیَ الْخَطِّیَّةِ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَدَعَا عَلِیّاً وَ بَعَثَهُ فِی جَیْشٍ إِلَیْهِمْ وَ قَالَ لَقَدْ وَجَّهْتُهُ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ قَالَ فَسَرَّحَ (1) عَلِیّاً قَالَ وَ خَرَجَ مَعَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُشَیِّعُهُ فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ (2) عِنْدَ مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ وَ عَلِیٌّ عَلَی فَرَسٍ أَشْقَرَ وَ هُوَ یُوصِیهِ ثُمَّ وَدَّعَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْصَرَفَ قَالَ وَ سَارَ عَلِیٌّ فِیمَنْ مَعَهُ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْعِرَاقِ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ یُرِیدُ بِهِمْ غَیْرَ ذَلِكَ الْوَجْهِ حَتَّی أَتَی فَمَ الْوَادِی ثُمَّ جَعَلَ یَسِیرُ اللَّیْلَ وَ یَكْمُنُ النَّهَارَ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَعَكَمُوا الْخَیْلَ (3) وَ أَوْقَفَهُمْ وَ قَالَ لَا تَبْرَحُوا وَ انْتَبَذَ أَمَامَهُمْ (4) فَرَامَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْخِلَافَ وَ أَبَی بَعْضٌ حَتَّی إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَغَارَ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ فَمَنَحَهُ اللَّهُ أَكْتَافَهُمْ وَ أَظْهَرَهُ عَلَیْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الْآیَةَ (5) وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَ هُوَ یَقُولُ صَبَّحَ وَ اللَّهِ جَمْعَ الْقَوْمِ ثُمَّ صَلَّی بِالْمُسْلِمِینَ فَقَرَأَ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً قَالَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِائَةً وَ عِشْرِینَ (6) رَجُلًا وَ كَانَ رَئِیسُ الْقَوْمِ الْحَارِثَ بْنَ بِشْرٍ وَ سَبَی مِنْهُ مِائَةً وَ عِشْرِینَ نَاهِداً (7).
بیان: الناهد الجاریة أول ما یرتفع ثدیها.
«9»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِیُّ (8) مُعَنْعَناً عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَیْنَمَا أَجْمَعُ مَا كُنَّا حَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا خَلَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ (9) علیه السلام إِذْ (10) أَقْبَلَ أَعْرَابِیٌّ بَدَوِیٌّ فَتَخَطَّی (11) صُفُوفَ الْمُهَاجِرِینَ وَ
ص: 84
الْأَنْصَارِ حَتَّی جَثَا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی لُجَیْمٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا وَرَاكَ بِمَا جَاءَ لُجَیْمٌ (1) قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتُ خَثْعَمَ (2) وَ قَدْ تَهَیَّئُوا وَ عَبَّئُوا كَتَائِبَهُمْ وَ خَلَّفْتُ الرَّایَاتِ تَخْفِقُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ یَقْدُمُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ مَكِیدَةَ الْخَثْعَمِیُّ فِی خَمْسِمِائَةٍ مِنْ رِجَالِ خَثْعَمَ یَتَأَلَّوْنَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّی أَنْ لَا یَرْجِعُوا حَتَّی یَرِدُوا الْمَدِینَةَ فَیَقْتُلُوكَ (3) وَ مَنْ مَعَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَدَمَعَتْ عَیْنَا النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَبْكَی جَمِیعَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ النَّاسِ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ الْأَعْرَابِیِّ قَالُوا كُلٌّ قَدْ سَمِعْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ مِنْكُمْ یَخْرُجُ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ یَطَئُونَا فِی دِیَارِنَا وَ حَرِیمِنَا لَعَلَّ اللَّهَ یَفْتَحُ عَلَی یَدَیْهِ وَ أَضْمَنُ لَهُ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةَ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا قَالَ أَحَدٌ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَدَمَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ مَعَاشِرَ أَصْحَابِی هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ الْأَعْرَابِیِّ قَالُوا كُلٌّ قَدْ سَمِعْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ مِنْكُمْ یَخْرُجُ إِلَیْهِمْ قَبْلَ أَنْ یَطَئُونَا (4) فِی دِیَارِنَا وَ حَرِیمِنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَفْتَحَ عَلَی یَدَیْهِ وَ أَضْمَنُ لَهُ عَلَی اللَّهِ اثْنَیْ عَشَرَ قَصْراً فِی الْجَنَّةِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا قَالَ أَحَدٌ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَبَیْنَمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَاقِفٌ إِذْ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَاقِفاً وَ دُمُوعُهُ (5) تَنْحَدِرُ كَأَنَّهَا جُمَانٌ انْقَطَعَ سِلْكُهُ عَلَی خَدَّیْهِ لَمْ یَتَمَالَكْ أَنْ رَمَی بِنَفْسِهِ عَنْ بَعِیرِهِ إِلَی الْأَرْضِ ثُمَّ أَقْبَلَ یَسْعَی نَحْوَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ بِرِدَائِهِ الدُّمُوعَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ مَا الَّذِی أَبْكَاكَ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ یَا حَبِیبَ اللَّهِ هَلْ نَزَلَ فِی أُمَّتِكَ شَیْ ءٌ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ یَا عَلِیُّ مَا نَزَلَ فِیهِمْ إِلَّا خَیْرٌ وَ لَكِنْ هَذَا الْأَعْرَابِیُّ حَدَّثَنِی عَنْ رِجَالِ خَثْعَمَ بِأَنَّهُمْ قَدْ عَبَّئُوا كَتَائِبَهُمْ وَ خَفَقَتِ الرَّایَاتُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ یُكَذِّبُونَ
ص: 85
قَوْلِی وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا یَعْرِفُونَ رَبِّی یَقْدُمُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ مَكِیدَةَ الْخَثْعَمِیُّ فِی خَمْسِمِائَةٍ مِنْ رِجَالِ خَثْعَمَ یَتَأَلَّوْنَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَا یَرْجِعُونَ حَتَّی یَرِدُوا الْمَدِینَةَ فَیَقْتُلُونِی وَ مَنْ مَعِی وَ إِنِّی قُلْتُ لِأَصْحَابِی مَنْ مِنْكُمْ یَخْرُجُ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَطَئُونَا فِی دِیَارِنَا وَ حَرِیمِنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَفْتَحَ عَلَی یَدَیْهِ وَ أَضْمَنُ لَهُ عَلَی اللَّهِ اثْنَیْ عَشَرَ قَصْراً فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْ لِی هَذِهِ الْقُصُورَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ بِنَاءُ هَذِهِ الْقُصُورِ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ وَ الْعَنْبَرُ حَصْبَاؤُهَا (1) الدُّرُّ وَ الْیَاقُوتُ تُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ كُثُبُهَا (2) الْكَافُورُ فِی صَحْنِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْ هَذِهِ الْقُصُورِ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهَرٌ مِنْ عَسَلٍ وَ نَهَرٌ مِنْ خَمْرٍ وَ نَهَرٌ مِنْ لَبَنٍ وَ نَهَرٌ مِنْ مَاءٍ مَحْفُوفٍ بِالْأَشْجَارِ وَ الْمَرْجَانِ عَلَی حَافَتَیْ كُلِّ نَهَرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْهَارِ خَیْمَةٌ (3) مِنْ دُرَّةٍ بیْضَاءَ لَا قَطْعَ فِیهَا وَ لَا فَصْلَ قَالَ لَهَا كُونِی فَكَانَتْ یُرَی بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا وَ ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا فِی كُلِّ خَیْمَةٍ سَرِیرٌ مُفَصَّصٌ (4) بِالْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ قَوَائِمُهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ عَلَی كُلِّ سَرِیرٍ حَوْرَاءُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ عَلَی كُلِّ حَوْرَاءَ سَبْعُونَ حُلَّةً خَضْرَاءَ وَ سَبْعُونَ حُلَّةً صَفْرَاءَ وَ یُرَی مُخُّ سَاقِهَا خَلْفَ عَظْمِهَا (5) وَ جِلْدِهَا وَ حُلِیِّهَا وَ حُلَلِهَا كَمَا تُرَی الْخَمْرَةُ الصَّافِیَةُ فِی الزُّجَاجَةِ الْبَیْضَاءِ مُكَلَّلَةً بِالْجَوَاهِرِ لِكُلِّ حَوْرَاءَ سَبْعُونَ ذُؤَابَةً كُلُّ ذُؤَابَةٍ بِیَدِ وَصِیفٍ (6) وَ بِیَدِ كُلِّ وَصِیفٍ مِجْمَرٌ یُبَخِّرُ تِلْكَ الذُّؤَابَةَ (7) یَفُوحُ مِنْ ذَلِكَ الْمِجْمَرِ بُخَارٌ لَا یَفُوحُ بِنَارٍ وَ لَكِنْ بِقُدْرَةِ الْجَبَّارِ قَالَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِدَاكَ أُمِّی وَ أَبِی (8) یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا لَهُمْ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ هَذَا لَكَ وَ أَنْتَ لَهُ انْجُدْ إِلَی الْقَوْمِ فَجَهَّزَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی
ص: 86
خَمْسِینَ وَ مِائَةِ رَجُلٍ (1) مِنَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُهَاجِرِینَ فَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَالَ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ تُجَهِّزُ ابْنَ عَمِّی فِی خَمْسِینَ وَ مِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ إِلَی خَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ (2) وَ فِیهِمُ الْحَارِثُ بْنُ مَكِیدَةَ یُعَدُّ بِخَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِطْ عَنِّی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَوَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ لَوْ كَانُوا عَلَی عَدَدِ الثَّرَی وَ عَلِیٌّ وَحْدَهُ لَأَعْطَی اللَّهُ عَلَیْهِمُ النَّصْرَ (3) حَتَّی یَأْتِیَنَا بِسَبْیِهِمْ أَجْمَعِینَ فَجَهَّزَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ اذْهَبْ یَا حَبِیبِی حِفْظُ اللَّهِ مِنْ تَحْتِكَ وَ مِنْ فَوْقِكَ وَ عَنْ یَمِینِكَ وَ عَنْ شِمَالِكَ اللَّهُ خَلِیفَتِی عَلَیْكَ فَسَارَ عَلِیٌّ علیه السلام بِمَنْ مَعَهُ حَتَّی نَزَلُوا بِوَادٍ خَلْفَ الْمَدِینَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْیَالٍ یُقَالُ لَهُ وَادِی ذِی خُشُبٍ قَالَ فَوَرَدُوا (4) الْوَادِیَ لَیْلًا فَضَلُّوا الطَّرِیقَ قَالَ فَرَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا هَادِیَ كُلِّ ضَالٍّ وَ یَا مُفَرِّجَ كُلِّ مَغْمُومٍ لَا تُقَوِّ عَلَیْنَا ظَالِماً وَ لَا تُظْفِرْ بِنَا عَدُوَّنَا وَ اعهدنا (5)(اهْدِنَا) إِلَی سَبِیلِ الرَّشَادِ قَالَ فَإِذَا الْخَیْلُ یُقْدَحُ بِحَوَافِرِهَا مِنَ الْحِجَارَةِ النَّارُ حَتَّی عَرَفُوا الطَّرِیقَ فَسَلَكُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً یَعْنِی الْخَیْلَ فَالْمُورِیاتِ قَدْحاً قَالَ قَدَحَتِ الْخَیْلُ بِحَوَافِرِهَا مِنَ الْحِجَارَةِ النَّارَ فَالْمُغِیراتِ صُبْحاً قَالَ صَبَّحَهُمْ عَلِیٌّ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَ كَانَ لَا یَسْبِقُهُ (6) أَحَدٌ إِلَی الْأَذَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ الْأَذَانَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ رَاعِی فِی رُءُوسِ هَذِهِ الْجِبَالِ یَذْكُرُ اللَّهَ فَلَمَّا أَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ الرَّاعِی مِنْ أَصْحَابِ السَّاحِرِ الْكَذَّابِ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَا یُقَاتِلُ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَ تَنْزِلَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ قَالَ فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ النَّهَارُ الْتَفَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی صَاحِبِ رَایَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ ارْفَعْهَا فَلَمَّا أَنْ رَفَعَهَا وَ رَآهَا الْمُشْرِكُونَ عَرَفُوهَا وَ قَالَ
ص: 87
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا عَدُوُّكُمُ الَّذِی جِئْتُمْ تَطْلُبُونَهُ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ قَالَ فَخَرَجَ غُلَامٌ مِنَ الْمُشْرِكِینَ مِنْ أَشَدِّهِمْ بَأْساً وَ أَكْفَرِهِمْ كُفْراً (1) فَنَادَی أَصْحَابَ النَّبِیِّ یَا أَصْحَابَ السَّاحِرِ الْكَذَّابِ أَیُّكُمْ مُحَمَّدٌ فَلْیَبْرُزْ إِلَیَّ فَخَرَجَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ یَقُولُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَنْتَ السَّاحِرُ الْكَذَّابُ مُحَمَّدٌ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ قَالَ لَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ مِنْ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْتَ وَ مُحَمَّدٌ شَرَعٌ وَاحِدٌ مَا كُنْتُ أُبَالِی لَقِیتُكَ أَوْ لَقِیتُ مُحَمَّداً ثُمَّ شَدَّ عَلَی عَلِیٍّ وَ هُوَ یَقُولُ
لَاقَیْتَ (لَیْثاً) یَا عَلِیُّ ضَیْغَماً ***قرم (قَرْماً) كریم (كَرِیماً)فِی الْوَغَی (2) (مُشَرِّماً)
لَیْثٌ شَدِیدٌ مِنْ رِجَالِ خَثْعَمَا (3)*** یَنْصُرُ دِیناً مُعْلَماً وَ مُحْكَماً
فَأَجَابَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
لَاقَیْتَ قِرْناً حَدَثاً وَ ضَیْغَماً (4)*** لَیْثاً شَدِیداً فِی الْوَغَی غَشَمْشَماً
أَنَا عَلِیٌّ سَأُبِیرُ (5) خَثْعَمَا*** بِكُلِّ خَطِّیٍّ یُرِی النَّقْعَ دَماً
وَ كُلِّ صَارِمٍ یُثْبِتُ الضَّرْبَ فَیَنْعَمَا (6) (وَ كُلِّ صَارِمٍ ضَرُوبٍ قِمَماً)
ثُمَّ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ فَاخْتَلَفَ بَیْنَهُمَا ضَرْبَتَانِ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیهما السلام ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَی النَّارِ ثُمَّ نَادَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ أَخٌ لِلْمَقْتُولِ وَ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَی النَّارِ ثُمَّ نَادَی عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ مَكِیدَةَ وَ كَانَ صَاحِبَ الْجَمْعِ وَ هُوَ یُعَدُّ بِخَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ وَ هُوَ
ص: 88
الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ قَالَ كَفَوْرٌ وَ إِنَّهُ عَلی ذلِكَ لَشَهِیدٌ قَالَ شَهِیدٌ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَعْنِی بِاتِّبَاعِهِ مُحَمَّداً فَلَمَّا بَرَزَ (1) الْحَارِثُ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَی النَّارِ ثُمَّ نَادَی عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ إِلَیْهِ ابْنُ عَمِّهِ یُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْفَتَّاكِ (2) وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا عَمْرٌو وَ أَبِی الْفَتَّاكُ (3)*** وَ بِیَدِی نَصْلُ سَیْفٍ (بِیَدِی) هَتَّاكٌ
أَقْطَعُ بِهِ الرُّءُوسَ لِمَنْ أَرَی كَذَاكَ
فَأَجَابَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
هاكها (فَهَاكَهَا) مُتْرَعَةً دِهَاقَا*** كَأْسٌ دِهَاقٌ مُزِجَتْ زُعَاقَا
أَبِی امْرُؤٌ إِذَا مَا لَاقَا*** أَقُدُّ الهام (هَاماً) وَ أَجُدُّ سَاقَا (4)
ثُمَّ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیه السلام ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَی النَّارِ ثُمَّ نَادَی عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَلَمْ یَبْرُزْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَشَدَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیْهِمْ حَتَّی تَوَسَّطَ جَمْعَهُمْ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
ص: 89
فَقَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مُقَاتِلِیهِمْ وَ سَبَی ذَرَارِیَّهُمْ وَ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَقْبَلَ بِسَبْیِهِمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ وَ جَمِیعَ أَصْحَابِهِ حَتَّی اسْتَقْبَلَ علی (عَلِیّاً) علیه السلام (1) عَلَی ثَلَاثَةِ أَمْیَالٍ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ أَقْبَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِرِدَائِهِ وَ یُقَبِّلُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ یَبْكِی وَ هُوَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ یَا عَلِیُّ الَّذِی شَدَّ بِكَ أَزْرِی وَ قَوَّی بِكَ ظَهْرِی یَا عَلِیُّ إِنَّنِی سَأَلْتُ اللَّهَ فِیكَ كَمَا سَأَلَ أَخِی مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ أَنْ یُشْرِكَ هَارُونَ فِی أَمْرِهِ وَ قَدْ سَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یَشُدَّ بِكَ أَزْرِی ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَقُولُ مَعَاشِرَ أَصْحَابِی لَا تَلُومُونِی فِی حُبِّ (2) عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنَّمَا حُبِّی عَلِیّاً مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَمَرَنِی أَنْ أُحِبَّ عَلِیّاً وَ أُدْنِیهِ یَا عَلِیُّ مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ حَقِیقٌ (3) عَلَی اللَّهِ أَنْ یُسْكِنَ مُحِبِّیهِ الْجَنَّةَ یَا عَلِیُّ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَبْغَضَنِی فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ أَبْغَضَهُ وَ لَعَنَهُ وَ حَقِیقٌ (4) عَلَی اللَّهِ أَنْ یَقِفَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَوْقِفَ الْبَغْضَاءِ وَ لَا یَقْبَلَ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا (5).
بیان: خفقت الرایة تخفق بالضم و الكسر اضطربت و آلی و تألی أی حلف و الجمان بالضم جمع الجمانة و هی حبة تعمل من الفضة كالدرة و الملاط بالكسر الطین الذی یجعل بین سافتی البناء و قال الفیروزآبادی أنجد عرق و أعان و ارتفع و الدعوة أجابها و النجدة القتال و الشجاعة و الشدة و الضیغم الأسد و القرم بالفتح الفحل و السید و الغشمشم من یركب رأسه فلا یثنیه عن مراده شی ء.
أقول: إنما أوردت تلك الغزوة فی هذا الموضع تبعا للمؤرخین و قد مر أن المفید رحمه اللّٰه ذكرها فی موضعین غیر هذا و اللّٰه أعلم.
ص: 90
الآیات؛
الأسری: «وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِیراً* وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً»(80-81)
القصص: «إِنَّ الَّذِی فَرَضَ عَلَیْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلی مَعادٍ»(85)
التنزیل: «وَ یَقُولُونَ مَتی هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لا یَنْفَعُ الَّذِینَ كَفَرُوا إِیمانُهُمْ وَ لا هُمْ یُنْظَرُونَ* فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ»(28-30)
الفتح: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِیناً* لِیَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ یُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكَ وَ یَهْدِیَكَ صِراطاً مُسْتَقِیماً* وَ یَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِیزاً* هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً»(1-4)
الممتحنة: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ یُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِیَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِی سَبِیلِی وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِی تُسِرُّونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَیْتُمْ وَ ما أَعْلَنْتُمْ وَ مَنْ یَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ* إِنْ یَثْقَفُوكُمْ یَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَ یَبْسُطُوا إِلَیْكُمْ أَیْدِیَهُمْ وَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ* لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَفْصِلُ بَیْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ* قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّی تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ رَبَّنا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَیْكَ أَنَبْنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ* رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ
ص: 91
لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ* لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِیهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ یَرْجُوا اللَّهَ وَ الْیَوْمَ الْآخِرَ وَ مَنْ یَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ* عَسَی اللَّهُ أَنْ یَجْعَلَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الَّذِینَ عادَیْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِیرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ* لا یَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقاتِلُوكُمْ فِی الدِّینِ وَ لَمْ یُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِیارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ* إِنَّما یَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ قاتَلُوكُمْ فِی الدِّینِ وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِیارِكُمْ وَ ظاهَرُوا عَلی إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»(1-9)
(إلی قوله تعالی): «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَكَ عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(12)
النصر: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ* وَ رَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْواجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً»(1-3)
تفسیر:
قال الطبرسی رحمه اللّٰه: فی قوله تعالی رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ قیل معناه أدخلنی المدینة و أخرجنی منها إلی مكة للفتح
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ غَیْرِهِ (1) قَالَ وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ وَ حَوْلَ الْبَیْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ صَنَماً فَجَعَلَ یَطْعَنُهَا وَ یَقُولُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً- أورده البخاری فی الصحیح.
و قال الكلبی فجعل ینكب (2) لوجهه إذا قال ذلك و أهل مكة یقولون ما رأینا رجلا أسحر من محمد. (3) قوله تعالی لَرادُّكَ إِلی مَعادٍ روی عن ابن عباس و غیره أنه وعد بفتح مكة و عوده صلی اللّٰه علیه و آله إلیها.
قوله تعالی قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ قال البیضاوی هو یوم القیامة فإنه یوم نصر المسلمین علی الكفرة و الفصل بینهم و قیل یوم بدر أو یوم فتح مكة و المراد بالذین كفروا المقتولون منهم فیه فإنه لا ینفعهم إیمانهم حال القتل و لا
ص: 92
یمهلون و انطباقه جوابا عن سؤالهم من حیث المعنی باعتبار ما عرف من غرضهم (1) فإنهم لما أرادوا به الاستعجال تكذیبا و استهزاء أجیبوا بما یمنع الاستعجال فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ و لا تبال بتكذیبهم و قیل هو منسوخ بآیة السیف وَ انْتَظِرْ النصرة علیهم إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ الغلبة علیك. (2) قوله تعالی إِنَّا فَتَحْنا قال الطبرسی رضی اللّٰه عنه أی قضینا علیك قضاء ظاهرا أو یسرنا لك یسرا بینا أو أعلمناك علما ظاهرا فیما أنزلنا علیك من القرآن و أخبرناك به من الدین أو أرشدناك إلی الإسلام و فتحنا لك أمر الدین ثم اختلف فی هذا الفتح علی وجوه أحدها أن المراد به فتح مكة وعده اللّٰه ذلك عام الحدیبیة عند انصرافه منها (3) و تقدیره قضینا لك بالنصر علی أهلها و عن جابر قال ما كنا نعلم فتح مكة إلا یوم الحدیبیة. و ثانیها أنه صلح الحدیبیة و ثالثها أنه فتح خیبر و رابعها أن الفتح الظفر علی الأعداء كلهم بالحجج و المعجزات الظاهرة و إعلاء كلمة الإسلام. (4)
و قال فی قوله تعالی لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ نزلت فی حاطب بن أبی بلتعة و ذلك أن سارة مولاة أبی عمرو بن صیفی بن هشام أتت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من مكة إلی المدینة بعد بدر بسنتین فقال لها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أ مسلمة جئت قالت لا قال أ مهاجرة جئت قالت لا قال فما جاء بك قالت كنتم الأصل و العشیرة و الموالی و قد ذهبت موالی و احتجت حاجة شدیدة فقدمت علیكم لتعطونی و تكسونی و تحملونی قال فأین أنت من شبان (5) مكة و كانت مغنیة نائحة قالت ما طلب منی بعد وقعة بدر فحث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علیها بنی عبد المطلب فكسوها و حملوها و أعطوها نفقة و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یتجهز (6) لفتح مكة
ص: 93
فأتاها حاطب بن أبی بلتعة فكتب معها كتابا إلی أهل مكة و أعطاها عشرة دنانیر عن ابن عباس و عشرة دراهم عن مقاتل و كساها بردا علی أن توصل الكتاب إلی أهل مكة و كتب فی الكتاب من حاطب بن أبی بلتعة إلی أهل مكة أن رسول اللّٰه یریدكم فخذوا حذركم.
فخرجت سارة و نزل جبرئیل علیه السلام فأخبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بما فعل فبعث (1) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علیا و عمارا و عمر و الزبیر و طلحة و المقداد بن الأسود و أبا مرثد و كانوا كلهم فرسانا و قال لهم انطلقوا حتی تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعینة معها كتاب من حاطب إلی المشركین فخذوه منها فخرجوا حتی أدركوها فی ذلك المكان الذی ذكره رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا لها أین الكتاب فحلفت باللّٰه ما معها من كتاب فنحوها و فتشوا متاعها فلم یجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع فقال علی علیه السلام و اللّٰه ما كذبنا و لا كذبنا و سل سیفه و قال (2) أخرجی الكتاب و إلا و اللّٰه لأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها قد خبأتها (3) فی شعرها فرجعوا بالكتاب إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأرسل إلی حاطب فأتاه فقال له هل تعرف الكتاب قال نعم قال فما حملك علی ما صنعت فقال یا رسول اللّٰه و اللّٰه ما كفرت منذ أسلمت (4) و لا غششتك منذ صحبتك (5) و لا أجبتهم منذ فارقتهم و لكن لم یكن أحد من المهاجرین إلا و له بمكة من یمنع عشیرته و كنت عزیزا (6) فیهم أی غریبا و كان أهلی بین ظهرانیهم (7) فخشیت علی أهلی فأردت أن أتخذ عندهم یدا و قد علمت أن اللّٰه ینزل بهم بأسه و أن كتابی لا یغنی عنهم شیئا فصدقه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و عذره فقام عمر بن الخطاب و قال دعنی یا رسول اللّٰه أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول اللّٰه و ما یدریك یا عمر لعل اللّٰه اطلع علی أهل
ص: 94
بدر فغفر لهم فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی صَحِیحِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (1) بْنِ أَبِی رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا وَ الْمِقْدَادَ وَ الزُّبَیْرَ وَ قَالَ انْطَلِقُوا حَتَّی تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِینَةً مَعَهَا (2) كِتَابٌ.
و ذكر نحوه. (3) تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ قال البیضاوی أی تقضون إلیهم المودة بالمكاتبة و الباء مزیدة أو إخبار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بسبب المودة وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ حال من فاعل أحد الفعلین (4) یُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِیَّاكُمْ أی من مكة و هو حال من كفروا أو استئناف لبیانه أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ لأن تؤمنوا به إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ عن أوطانكم جِهاداً فِی سَبِیلِی وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِی علة للخروج و عمدة للتعلیق (5) و جواب الشرط محذوف دل علیه لا تتخذوا تُسِرُّونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ بدل من تلقون أو استئناف معناه أی طائل لكم فی إسرار المودة أو الإخبار بسبب المودة وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَیْتُمْ وَ ما أَعْلَنْتُمْ أی منكم و قیل أعلم مضارع و الباء مزیدة و ما موصولة أو مصدریة وَ مَنْ یَفْعَلْهُ مِنْكُمْ أی یفعل الاتخاذ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ أخطأه إِنْ یَثْقَفُوكُمْ یظفروا بكم (6) یَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً لا ینفعكم (7) إلقاء المودة إلیهم وَ یَبْسُطُوا إِلَیْكُمْ أَیْدِیَهُمْ وَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ بما یسوؤكم كالقتل و الشتم وَ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ و تمنوا ارتدادكم و مجیؤه وحده بلفظ الماضی للإشعار بأنهم ودوا ذلك قبل كل شی ء و أن ودادتهم حاصلة و إن لم یثقفوكم لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ قراباتكم وَ لا أَوْلادُكُمْ الذین توالون المشركین لأجلهم یَوْمَ الْقِیامَةِ یَفْصِلُ بَیْنَكُمْ یفرق بینكم بما عراكم من الهول فیفر بعضكم من بعض وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ فیجازیكم علیه قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قدوة اسم لما یؤتسی به فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ صفة ثانیة
ص: 95
أو خبر كان و لكم لغو أو حال من المستكن فی حسنة أو صلة لها لا لأسوة لأنها وصفت إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ ظرف لخبر كان إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ جمع بری ء كظریف و ظرفاء وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ أی بدینكم أو بمعبودكم أو بكم و به فلا نعتد بشأنكم و آلهتكم وَ بَدا بَیْنَنا إلی قوله وَحْدَهُ فتنقلب العداوة و البغضاء ألفة و محبة إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ استثناء من قوله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ رَبَّنا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا متصل بما قبل الاستثناء أو أمر من اللّٰه للمؤمنین بأن یقولوه (1) فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا بأن تسلطهم علینا فیفتنونا بعذاب لا نتحمله لَقَدْ كانَ لَكُمْ تكریر لمزید الحث علی التأسی بإبراهیم و لذلك صدر بالقسم و أبدل قوله لِمَنْ كانَ یَرْجُوا اللَّهَ من لَكُمْ فإنه یدل علی أنه لا ینبغی لمؤمن أن یترك التأسی بهم و أن تركه مؤذن بسوء العقیدة و لذلك عقبه بقوله وَ مَنْ یَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ فإنه جدیر بأن یوعد به الكفرة. (2) قوله تعالی وَ بَیْنَ الَّذِینَ عادَیْتُمْ مِنْهُمْ قال الطبرسی أی من كفار مكة مَوَدَّةً بالإسلام قال مقاتل لما أمر اللّٰه سبحانه المؤمنین بعداوة الكفار عادوا أقرباءهم فنزلت و المعنی أن موالاة الكفار لا تنفع و اللّٰه سبحانه قادر علی أن یوفقهم للإیمان و یحصل المودة بینكم و بینهم و قد فعل ذلك حین أسلموا عام الفتح (3) وَ اللَّهُ قَدِیرٌ علی نقل القلوب من العداوة إلی المودة وَ اللَّهُ غَفُورٌ لذنوب عباده رَحِیمٌ بهم إذا تابوا و أسلموا لا یَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقاتِلُوكُمْ أی لیس ینهاكم عن مخالطة أهل العهد الذین عاهدوكم علی ترك القتال و برهم و معاملتهم بالعدل و هو قوله أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ أی و تعدلوا فیما بینكم و بینهم من الوفاء بالعهد و قیل إن المسلمین استأمروا النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی أن یبروا أقرباءهم
ص: 96
من المشركین و ذلك قبل أن یؤمروا بقتال جمیع المشركین فنزلت هذه الآیة و هی منسوخة بقوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ عن ابن عباس و غیره و قیل إنه عنی بالذین لم یقاتلوكم من آمن من أهل مكة و لم یهاجر (1) إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ أی العادلین و قیل الذین یجعلون لقراباتهم قسطا مما فی بیوتهم من المطعومات إِنَّما یَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ قاتَلُوكُمْ فِی الدِّینِ من أهل مكة و غیرهم وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِیارِكُمْ أی منازلكم و أملاككم وَ ظاهَرُوا عَلی إِخْراجِكُمْ أی العوام و الأتباع الذین عاونوا رؤساءهم علی الباطل أَنْ تَوَلَّوْهُمْ أی ینهاكم عن أن تولوهم و توادوهم و تحبوهم و المعنی أن مكاتبتكم (2) بإظهار سر المؤمنین موالاة لهم. (3) و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَكَ ثم ذكر سبحانه بیعة النساء و كان ذلك یوم فتح مكة لما فرغ النبی صلی اللّٰه علیه و آله من بیعة الرجال و هو علی الصفا جاءته النساء یبایعنه فنزلت الآیة فی مبایعتهن أن یأخذ علیهن هذه الشروط و هی (4) عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً من الأصنام و الأوثان وَ لا یَسْرِقْنَ لا من أزواجهن و لا من غیرهم وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ لا بالوأد و لا بالإسقاط وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ أی بكذب یكذبنه فی مولود یوجد بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ أی لا یلحقن بأزواجهن غیر أولادهم عن ابن عباس و قال الفراء كانت المرأة تلتقط (5) المولود فتقول لزوجها هذا ولدی منك فذلك البهتان المفتری بین أیدیهن و أرجلهن و ذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بین یدیها و رجلیها و لیس المعنی نهیهن من أن یأتین بولد من الزنا فینسبنه إلی الأزواج لأن الشرط بنهی الزنا قد تقدم و قیل البهتان الذی نهین عنه قذف المحصنات و الكذب علی الناس و إضافة الأولاد إلی الأزواج علی البطلان فی
ص: 97
الحاضر و المستقبل من الزمان لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ و هو جمیع ما یأمرهن به لأنه صلی اللّٰه علیه و آله لا یأمر إلا بالمعروف و قیل عنی بالمعروف النهی عن النوح و تمزیق الثیاب و جز الشعر و شق الجیب و خمش الوجه و الدعاء بالویل فَبایِعْهُنَّ علی ذلك وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ من ذنوبهن إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ أی صفوح عنهن رَحِیمٌ منعم علیهن.
وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَایَعَهُنَّ وَ كَانَ عَلَی الصَّفَا وَ كَانَ عُمَرُ أَسْفَلَ مِنْهُ وَ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ مُتَنَقِّبَةً مُتَنَكِّرَةً مَعَ النِّسَاءِ خَوْفاً أَنْ یَعْرِفَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أُبَایِعُكُنَّ عَلَی أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً فَقَالَتْ هِنْدٌ إِنَّكَ لَتَأْخُذُ عَلَیْنَا أَمْراً مَا رَأَیْنَاكَ أَخَذْتَهُ عَلَی الرِّجَالِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَایَعَ الرِّجَالَ یَوْمَئِذٍ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ الْجِهَادِ فَقَطْ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَسْرِقْنَ فَقَالَتْ هِنْدٌ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ وَ إِنِّی أَصَبْتُ مِنْ مَالِهِ هَنَاتٍ فَلَا أَدْرِی أَ یَحِلُّ لِی أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ مَا أَصَبْتِ مِنْ شَیْ ءٍ (1) فِیمَا مَضَی وَ فِیمَا غَبَرَ فَهُوَ لَكِ حَلَالٌ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَرَفَهَا فَقَالَ لَهَا وَ إِنَّكِ لَهِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ نَعَمْ فَاعْفُ عَمَّا سَلَفَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ فَقَالَ وَ لَا تَزْنِینَ فَقَالَتْ هِنْدٌ أَ وَ تَزْنِی الْحُرَّةُ فَتَبَسَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ فَقَالَتْ هِنْدٌ رَبَّیْنَاهُمْ صِغَاراً وَ قَتَلْتُمُوهُمْ كِبَاراً فَأَنْتُمْ وَ هُمْ أَعْلَمُ وَ كَانَ ابْنُهَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ بَدْرٍ فَضَحِكَ عُمَرُ حَتَّی اسْتَلْقَی وَ تَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمَّا قَالَ وَ لَا تَأْتِینَ بِبُهْتَانٍ قَالَتْ هِنْدٌ وَ اللَّهِ إِنَّ الْبُهْتَانَ قَبِیحٌ وَ مَا تَأْمُرُنَا إِلَّا بِالرُّشْدِ وَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَ لَمَّا قَالَ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ قَالَتْ هِنْدٌ مَا جَلَسْنَا مَجْلِسَنَا هَذَا وَ فِی أَنْفُسِنَا أَنْ نَعْصِیَكَ فِی شَیْ ءٍ.
وَ رَوَی الزُّهْرِیُّ عَنْ عَرَفَةَ (2) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُبَایِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآیَةِ أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ مَا مَسَّتْ یَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ إِلَّا امْرَأَةً یَمْلِكُهَا- رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ فِی الصَّحِیحِ.
ص: 98
وَ رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذْ بَایَعَ النِّسَاءَ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَغَمَسَ یَدَهُ فِیهِ ثُمَّ غمس [غَمَسْنَ أَیْدِیَهُنَّ فِیهِ و قیل إنه كان یبایعهن من وراء الثوب- عن الشعبی.
و الوجه فی بیعة النساء مع أنهن لسن من أهل النصرة بالمحاربة هو أخذ العهد علیهن بما یصلح من شأنهن فی الدین و الأنفس (1) و الأزواج و كان ذلك فی صدر الإسلام و لئلا ینفتق بهم فتق لما ضیع من الأحكام (2) فبایعهن النبی صلی اللّٰه علیه و آله حسما (3) لذلك. (4) و قال رضی اللّٰه عنه فی قوله سبحانه إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ علی من عاداك و هم قریش وَ الْفَتْحُ یعنی فتح مكة و هذه بشارة من اللّٰه سبحانه لنبیه بالفتح و النصر قبل وقوع الأمر وَ رَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْواجاً أی جماعة بعد جماعة و زمرة بعد زمرة و المراد بالدین الإسلام و التزام أحكامه و اعتقاد صحته و توطین النفس علی العمل به قال الحسن لما فتح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مكة قالت العرب أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم و قد أجارهم اللّٰه من أصحاب الفیل فلیس لكم به ید (5) فكانوا یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْواجاً أی جماعات كثیرة بعد أن كانوا یدخلون فیه واحدا واحدا و اثنین و اثنین فصارت القبیلة تدخل بأسرها فی الإسلام و قیل فی دین اللّٰه أی فی طاعة اللّٰه و طاعتك فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ هذا أمر من اللّٰه سبحانه بأن ینزهه عما لا یلیق به من صفات النقص و أن یستغفره و وجه وجوب ذلك بالنصر و الفتح أن النعمة تقتضی القیام بحقها و هو شكر المنعم و تعظیمه و الایتمار بأوامره و الانتهاء عن معاصیه (6) فكأنه قال قد حدث أمر یقتضی الشكر و الاستغفار و إن لم یكن ثم ذنب فإن الاستغفار قد یكون عند ذكر المعصیة بما ینافی الإصرار و قد یكون علی وجه التسبیح و الانقطاع إلی اللّٰه سبحانه إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً یقبل توبة من بقی كما یقبل توبة من مضی
قال مقاتل لما نزلت هذه السورة قرأها علی أصحابه
ص: 99
ففرحوا و استبشروا و سمعها العباس فبكی فقال صلی اللّٰه علیه و آله ما یبكیك یا عم فقال أظن أنه قد نعیت إلیك نفسك یا رسول اللّٰه فقال إنه لكما تقول فعاش بعدها سنتین و ما رئی فیهما ضاحكا مستبشرا.
قال و هذه السورة تسمی سورة التودیع
وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نُعِیَتْ إِلَیَّ نَفْسِی بِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ فِی هَذِهِ السَّنَةِ.
و اختلف فی أنهم من أی وجه علموا ذلك و لیس فی ظاهره نعی فقیل لأن التقدیر فسبح بحمد ربك فإنك حینئذ لاحق باللّٰه و ذائق الموت كما ذاق من قبلك من الرسل و عند الكمال یرقب الزوال كما قیل:
إذا تم أمر دنا (1) نقصه***توقع زوالا إذا قیل تم
و قیل لأنه سبحانه أمره بتجدید التوحید و استدراك الفائت بالاستغفار و ذلك مما یلزم عند الانتقال من هذه الدار إلی دار الأبرار.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ السُّورَةُ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كَثِیراً سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ.
وَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِآخِرِهِ لَا یَقُومُ وَ لَا یَقْعُدُ وَ لَا یَجِی ءُ وَ لَا یَذْهَبُ إِلَّا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّی أُمِرْتُ بِهَا ثُمَّ قَرَأَ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ.
وَ فِی رِوَایَةِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَیْكَ.
ثم قال رحمه اللّٰه لما صالح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قریشا عام الحدیبیة كان فی أشراطهم أنه من أحب أن یدخل فی عهد (2) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله دخل فیه فدخلت خزاعة فی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و دخلت بنو بكر فی عهد (3) قریش و كان بین القبیلتین شر قدیم ثم وقعت فیما بعد بین بنی بكر و خزاعة مقاتلة و رفدت قریش بنی بكر بالسلاح و قاتل معهم من قریش من قاتل باللیل مستخفیا و كان ممن أعان
ص: 100
بنی بكر علی خزاعة بنفسه عكرمة بن أبی جهل و سهیل بن عمرو فركب عمرو بن سالم الخزاعی حتی قدم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة و كان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف علیه و هو فی المسجد بین ظهرانی القوم فقال:
لا هم إنی ناشد محمدا*** حلف أبینا و أبیه الأتلدا
إن قریشا أخلفوك الموعدا*** و نقضوا میثاقك المؤكدا
و قتلونا ركعا و سجدا
فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حسبك یا عمرو ثم قام فدخل دار میمونة و قال اسكبی لی ماء فجعل یغتسل و هو یقول لا نصرت إن لم أنصر بنی كعب و هم رهط عمرو بن سالم ثم خرج بدیل بن الورقاء الخزاعی فی نفر من خزاعة حتی قدموا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبروه بما أصیب منهم و مظاهرة قریش بنی بكر علیهم ثم انصرفوا راجعین إلی مكة و قد كان صلی اللّٰه علیه و آله قال للناس كأنكم بأبی سفیان قد جاء لیشدد العقد و یزید فی المدة و سیلقی بدیل بن ورقاء فلقوا أبا سفیان بعسفان و قد بعثته قریش إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله لیشدد العقد فلما لقی أبو سفیان بدیلا قال من أین أقبلت یا بدیل قال سرت فی هذا الساحل و فی بطن هذا الوادی قال ما أتیت محمدا قال لا فلما راح بدیل إلی مكة قال أبو سفیان لئن كان جاء من المدینة لقد علف بها النوی فعمد إلی مبرك ناقته فأخذ (1) من بعرها ففت فرأی فیه (2) النوی فقال أحلف باللّٰه لقد جاء بدیل محمدا ثم خرج أبو سفیان حتی قدم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا محمد احقن دم قومك و أجر بین قریش و زدنا فی المدة فقال أ غدرتم یا أبا سفیان قال لا قال فنحن علی ما كنا علیه فخرج فلقی أبا بكر فقال یا أبا بكر أجر بین قریش قال ویحك و أحد یجیر علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم لقی عمر بن الخطاب فقال له مثل ذلك ثم خرج فدخل علی أم حبیبة فذهب لیجلس علی الفراش فأهوت إلی الفراش فطوته فقال یا بنیة أ رغبة (3) بهذا الفراش عنی فقالت نعم هذا فراش رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما
ص: 101
كنت لتجلس علیه و أنت رجس مشرك ثم خرج فدخل علی فاطمة فقال یا بنت سید العرب تجیرین بین قریش و تزیدین فی المدة فتكونین أكرم سیدة فی الناس فقالت جواری جوار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال أ تأمرین ابنیك أن یجیرا بین الناس قالت و اللّٰه ما بلغ ابنای أن یجیرا بین الناس و ما یجیر علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أحد (1) فقال یا أبا الحسن إنی أری الأمور قد اشتدت علی فانصحنی فقالت أنت شیخ قریش فقم علی باب المسجد و أجر بین قریش ثم الحق بأرضك قال و تری ذلك مغنیا عنی شیئا قال لا و اللّٰه ما أظن ذلك و لكن لا أجد لك غیر ذلك فقام أبو سفیان فی المسجد فقال یا أیها الناس إنی قد أجرت بین قریش ثم ركب بعیره فانطلق فلما أن قدم علی قریش قالوا ما وراك فأخبرهم بالقصة فقالوا و اللّٰه إن زاد ابن أبی طالب علی أن لعب (2) بك فما یغنی عنا ما قلت قال لا و اللّٰه ما وجدت غیر ذلك قال فأمر رسول اللّٰه بالجهاز لحرب مكة و أمر الناس بالتهیؤ و قال اللّٰهم خذ العیون و الأخبار عن قریش حتی نبغتها فی بلادها و كتب حاطب بن أبی بلتعة إلی قریش فأتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الخبر من السماء فبعث علیا علیه السلام و الزبیر حتی أخذا كتابه من المرأة و قد مضت هذه القصة فی سورة الممتحنة.
ثم استخلف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أبا دهم (3) الغفاری و خرج عامدا إلی مكة لعشر مضین من شهر رمضان سنة ثمان فی عشرة آلاف من المسلمین و نحو من أربعمائة فارس و لم یتخلف من المهاجرین و الأنصار عنه أحد و قد كان أبو سفیان بن الحارث بن عبد المطلب و عبد اللّٰه بن أمیة بن المغیرة قد لقیا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بنیق العقاب فیما بین مكة و المدینة فالتمسا الدخول علیه فلم یأذن لهما فكلمته أم سلمة فیهما فقالت یا رسول اللّٰه ابن عمك و ابن عمتك و صهرك قال لا حاجة لی فیهما أما ابن عمی فهو (4) الذی هتك عرضی و أما ابن عمتی و صهری فهو الذی قال لی بمكة ما قال قال فلما خرج (5) الخبر إلیهما بذلك و مع أبی سفیان
ص: 102
بنی له فقال و اللّٰه لیأذنن لی أو لآخذن بید بنی هذا ثم لنذهبن فی الأرض حتی نموت عطشا و جوعا فلما بلغ ذلك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رق لهما فأذن لهما فدخلا علیه فأسلما فلما نزل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مر الظهران و قد غمت (1) الأخبار عن قریش فلا یأتیهم عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خبر خرج فی تلك اللیلة أبو سفیان بن حرب و حكیم بن حزام و بدیل بن ورقاء یتجسسون الأخبار و قد قال العباس للبید (2) یا سوء صباح (3) قریش و اللّٰه لئن بغتها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی بلادها فدخل مكة عنوة إنه لهلاك قریش إلی آخر الدهر فخرج العباس علی بغلة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال أخرج إلی الأراك لعلی أری حطابا أو صاحب لبن أو داخلا یدخل مكة فیخبرهم بمكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فیأتونه و یستأمنونه (4) قال العباس فو اللّٰه إنی لأطوف فی الأراك ألتمس ما خرجت له إذ سمعت صوت أبی سفیان و حكیم بن حزام و بدیل بن ورقاء و سمعت أبا سفیان یقول و اللّٰه ما رأیت كالیوم قط نیرانا فقال بدیل هذه نیران خزاعة فقال أبو سفیان خزاعة ألأم من ذلك قال فعرفت صوته فقلت یا أبا حنظلة یعنی أبا سفیان فقال أبو الفضل فقلت نعم قال لبیك فداك أبی و أمی ما وراك فقلت هذا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وراك قد جاء بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمین قال فما تأمرنی قلت تركب عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فو اللّٰه لئن ظفر بك لیضربن عنقك فردفنی فخرجت أركض به بغلة رسول اللّٰه فكلما مررت بنار من نیران المسلمین قالوا هذا عم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی بغلة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی مررت بنار عمر بن الخطاب فقال یعنی عمر یا أبا سفیان الحمد لله الذی أمكن منك بغیر عهد و لا عقد ثم اشتد نحو رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ركضت البغلة حتی اقتحمت باب القبة و سبقت عمر بما یسبق به الدابة البطیئة الرجل البطی ء فدخل عمر فقال یا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هذا أبو سفیان عدو اللّٰه قد أمكن اللّٰه منه بغیر عهد و لا عقد فدعنی أضرب عنقه فقلت یا رسول اللّٰه
ص: 103
إنی قد أجرته ثم جلست (1) إلی رسول اللّٰه و أخذت برأسه و قلت و اللّٰه لا یناجیه الیوم أحد دونی فلما أكثر فیه عمر قلت مهلا یا عمر فو اللّٰه ما تصنع هذا بالرجل (2) إلا أنه رجل من بنی عبد مناف و لو كان من عدی بن كعب ما قلت هذا قال مهلا یا عباس فو اللّٰه لإسلامك یوم أسلمت كان أحب إلی من إسلام الخطاب لو أسلم فقال صلی اللّٰه علیه و آله اذهب فقد آمناه حتی تغدو به علی بالغداة.
قال فلما أصبح غدوت به علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلما رآه قال ویحك یا أبا سفیان أ لم یأن لك أن تعلم أن لا إله إلا اللّٰه فقال بأبی أنت و أمی ما أوصلك و أكرمك و أرحمك و أحلمك و اللّٰه لقد ظننت أن لو كان معه إله لأغنی یوم بدر و یوم أحد فقال ویحك یا با سفیان أ لم یأن لك أن تعلم أنی رسول اللّٰه فقال بأبی أنت و أمی أما هذه فإن فی النفس منها شیئا قال العباس فقلت له ویحك (3) اشهد بشهادة الحق قبل أن یضرب عنقك فتشهد فقال صلی اللّٰه علیه و آله للعباس انصرف یا عباس فاحبسه عند مضیق الوادی حتی تمر علیه جنود اللّٰه قال فحبسته عند خطم الجبل بمضیق الوادی و مر علیه القبائل قبیلة قبیلة و هو یقول من هؤلاء و من هؤلاء و أقول أسلم و جهینة و فلان حتی مر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الكتیبة الخضراء من المهاجرین و الأنصار فی الحدید لا یری منهم إلا الحدق فقال من هؤلاء یا أبا الفضل قلت هذا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی المهاجرین و الأنصار فقال یا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخیك عظیما فقلت ویحك إنها النبوة فقال نعم إذا و جاء حكیم بن حزام و بدیل بن ورقاء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأسلما و بایعاه فلما بایعاه بعثهما رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بین یدیه إلی قریش یدعوانهم إلی الإسلام و قال من دخل دار أبی سفیان و هو (4) بأعلی مكة فهو آمن و من دخل دار حكیم و هو (5) بأسفل مكة فهو آمن و من أغلق بابه و كف یده فهو آمن.
ص: 104
و لما خرج أبو سفیان و حكیم من عند رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عامدین إلی مكة بعث فی أثرهما الزبیر بن العوام و أمره أن یغرز رایته بأعلی مكة بالحجون و قال لا تبرح حتی آتیك ثم دخل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مكة و ضرب (1) خیمته هناك و بعث سعد بن عبادة فی كتیبة الأنصار فی مقدمته و بعث خالد بن الولید فیمن كان أسلم من قضاعة و بنی سلیم و أمره أن یدخل من أسفل مكة و أن یغرز رایته دون البیوت و أمرهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله جمیعا أن یكفوا أیدیهم و لا یقاتلوا إلا من قاتلهم و أمرهم بقتل أربعة نفر عبد اللّٰه بن سعد بن أبی سرح و الحویرث بن نفیل و ابن خطل (2) و مقیس (3) بن صبابة و أمرهم بقتل قینتین كانتا تغنیان بهجاء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال اقتلوهم و إن وجدتموهم متعلقین بأستار الكعبة فقتل علی علیه السلام الحویرث بن نفیل و إحدی القینتین و أفلتت الأخری و قتل مقیس بن صبابة فی السوق و أدرك ابن خطل و هو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إلیه سعید بن حریث و عمار بن یاسر فسبق سعید عمارا فقتله قال و سعی أبو سفیان إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أخذ غرزه فقبله و قال (4) بأبی أنت و أمی أ ما تسمع ما یقول سعد إنه یقول:
الیوم یوم الملحمة*** الیوم تسبی الحرمة
فقال صلی اللّٰه علیه و آله لعلی علیه السلام أدركه فخذ الرایة منه و كن أنت الذی یدخل بها و أدخلها إدخالا رفیقا فأخذها علی علیه السلام و أدخلها كما أمر و لما دخل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مكة دخل صنادید قریش الكعبة و هم یظنون أن السیف لا یرفع عنهم فَأَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَقَفَ قَائِماً عَلَی بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ (5) أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَ نَصَرَ عَبْدَهُ وَ هَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ (6) أَلَا إِنَّ كُلَّ مَالٍ وَ مَأْثُرَةٍ (7)
ص: 105
وَ دَمٍ یُدَّعَی تَحْتَ قَدَمَیَّ هَاتَیْنِ إِلَّا سَدَانَةَ الْكَعْبَةِ وَ سِقَایَةَ الْحَاجِّ فَإِنَّهُمَا مَرْدُودَتَانِ إِلَی أَهْلِیهِمَا أَلَا إِنَّ مَكَّةَ مُحَرَّمَةٌ بِتَحْرِیمِ اللَّهِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِی وَ لَمْ تَحِلَّ لِی إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَ هِیَ مُحَرَّمَةٌ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ لَا یُخْتَلَی خَلَاهَا وَ لَا یُقْطَعُ شَجَرُهَا وَ لَا یُنَفَّرُ صَیْدُهَا وَ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ثُمَّ قَالَ أَلَا لَبِئْسَ جِیرَانُ النَّبِیِّ كُنْتُمْ لَقَدْ كَذَّبْتُمْ وَ طَرَدْتُمْ وَ أَخْرَجْتُمْ وَ آذَیْتُمْ ثُمَّ مَا رَضِیتُمْ حَتَّی جِئْتُمُونِی فِی بِلَادِی تُقَاتِلُونِی (1) اذْهَبُوا (2) فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ (3) فیخرج القوم فكأنما (4) أنشروا من القبور و دخلوا فی الإسلام و قد كان اللّٰه سبحانه أمكنه من رقابهم عنوة و كانوا له فیئا فلذلك سمی أهل مكة الطلقاء و جاء ابن الزبعری إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أسلم و قال:
یا رسول الملیك (5) إن لسانی*** راتق ما فتقت (6) إذ أنا بور
إذ أباری الشیطان فی سنن الغی*** و من مال میله مبثور (7)
آمن اللحم و العظام لربی*** ثم نفسی (8) الشهید أنت النذیر (9)
وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْفَتْحِ وَ حَوْلَ الْبَیْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ صَنَماً فَجَعَلَ یَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِی یَدِهِ وَ یَقُولُ جاءَ الْحَقُّ وَ ما یُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما یُعِیدُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ أَبَی أَنْ یَدْخُلَ الْبَیْتَ وَ فِیهِ الْآلِهَةُ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ فِی أَیْدِیهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ یَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ.
انتهی
ص: 106
كلام الطبرسی رحمه اللّٰه. و قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة لما حبس العباس أبا سفیان عند الجبل مرت به القبائل علی رایاتها فكان أول من مر به خالد بن الولید فی بنی سلیم و هم ألف لهم لواءان یحمل أحدهما العباس بن مرداس و آخر (1) حفاف بن ندیة و رایة یحملها المقداد فقال أبو سفیان یا أبا الفضل من هؤلاء قال بنو سلیم و علیهم خالد بن الولید قال الغلام قال نعم فلما حاذی خالد العباس و أبا سفیان كبر ثلاثا و كبروا (2) ثم مضوا و مر علی أثره الزبیر بن العوام فی خمسمائة منهم جماعة من المهاجرین و قوم من أفناء العرب (3) و معه رایة سوداء فلما حاذاهما كبر ثلاثا و كبر أصحابه فقال من هذا قال هذا الزبیر قال ابن أختك قال نعم ثم مرت بنو غفار فی ثلاثمائة یحمل رایتهم أبو ذر (4) فلما حاذوهما كبروا ثلاثا قال یا أبا الفضل من هؤلاء قال بنو غفار قال ما لی و لبنی غفار ثم مرت أسلم فی أربعمائة یحمل لوائها بریدة بن الحصیب و لواء آخر مع ناجیة بن الأعجم فلما حاذوه كبروا ثلاثا فسأل عنهم فقال هؤلاء أسلم فقال ما لی و لأسلم ما كان بیننا و بینهم ترة قط ثم مرت بنو كعب بن عمرو بن خزاعة فی خمسمائة یحمل رایتهم بشر بن سفیان (5) فقال من هؤلاء قال كعب بن عمرو قال نعم هؤلاء حلفاء محمد فلما حاذوه كبروا ثلاثا ثم مرت مزینة فی ألف فیها ثلاثة ألویة (6) مع النعمان بن مقرن و بلال بن الحارث و عبد اللّٰه بن عمرو فلما حاذوهما كبروا قال من هؤلاء قال مزینة قال ما لی و لمزینة قد جاءت (7) تقعقع من شواهقها ثم مرت جهینة فی ثمانمائة فیها
ص: 107
أربعة ألویة مع معبد بن خالد و سوید بن صخر و رافع بن مكتب (1) و عبد اللّٰه بن بدر فلما حاذوه كبروا ثلاثا فسأل عنهم فقیل جهینة ثم مرت بنو كنانة بنو لیث و ضمرة و سعد و بكر (2) فی مائتین یحمل لواءهم أبو واقد اللیثی فلما حاذوه (3) كبروا ثلاثا فقال من هؤلاء قال بنو بكر قال نعم هل أهل سوء (4) هؤلاء الذین غزانا محمد لأجلهم أما و اللّٰه ما شوورت فیهم و لا علمته و لقد كنت له كارها حیث بلغنی و لكنه أمر حتم (5) قال العباس لقد خار اللّٰه لك فی غزو محمد إیاكم دخلتم (6) فی الإسلام كافة (7) ثم مرت أشجع و هم ثلاثمائة یحمل لواءهم معقل بن سنان و لواء آخر مع نعیم بن مسعود فكبروا قال من هؤلاء قال أشجع فقال هؤلاء كانوا أشد العرب علی محمد قال العباس نعم و لكن اللّٰه أدخل الإسلام قلوبهم و ذلك من فضل اللّٰه فسكت فقال أ ما مر محمد بعد قال لا و لو رأیت الكتیبة التی هو فیها لرأیت الحدید و الخیل و الرجال و ما لیس لأحد به طاقة فلما طلعت كتیبة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الخضراء طلع سواد شدید و غبرة من سنابك الخیل و جعل الناس یمرون كل ذلك یقول أ ما مر محمد فیقول العباس لا حتی مر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یسیر علی ناقته القصواء بین أبی بكر و أسید بن حضیر و هو یحدثهما فقال له العباس هذا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی كتیبته الخضراء فانظر قال و كان فی تلك الكتیبة وجوه المهاجرین و الأنصار و فیها الألویة و الرایات و كلهم منغمسون فی الحدید لا یری منهم إلا الحدق و كان فی الكتیبة
ص: 108
ألفا درع (1) و رایة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مع سعد بن عبادة و هو أمام الكتیبة فلما حاذاهما سعد نادی یا أبا سفیان:
الیوم یوم الملحمة الیوم تستحل الحرمة
(2) الیوم أذل اللّٰه قریشا فلما حاذاهما رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ناداه أبو سفیان یا رسول اللّٰه أمرت بقتل قومك إن سعدا قال كذا و إنی أنشد اللّٰه فی قومك فأنت أبر الناس و أرحم الناس و أوصل الناس فقال عثمان و عبد الرحمن بن عوف یا رسول اللّٰه إنا لا نأمن سعدا أن یكون منه فی قریش صولة فوقف النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ناداه یا أبا سفیان بل الیوم یوم الرحمة الیوم أعز اللّٰه قریشا و أرسل إلی سعد فعزله عن اللواء. (3)
بیان: الرفد بالكسر العطاء و الإرفاد الإعانة و الحلف بالكسر العهد بین القوم و الحلیف و الأتلد الأقدم و فی بعض الكتب بعد قوله میثاقك المؤكدا:
و زعموا أن لست تدعو أحدا*** فانصر هداك اللّٰه نصرا أیدا
و ادع عباد اللّٰه یأنوا مددا*** فیهم رسول اللّٰه قد تجردا
أبیض كالبدر ینمی أبدا*** إن سیم خسفا وجهه تربدا
قوله أیدا أی قویا ینمی یرتفع و یزداد و سامه خسفا أورد علیه ذلا تربد تغیر و فی القاموس نیق العقاب بالكسر موضع بین الحرمین و فی النهایة فی حدیث الفتح قال للعباس احبس أبا سفیان عند حطم الجبل هكذا جاءت فی كتاب أبی موسی و قال حطم الجبل الموضع الذی حطم منه أی ثلم فبقی منقطعا قال و یحتمل أن یرید عند مضیق الجبل حیث یزحم بعضهم بعضا
ص: 109
و رواه أبو نصر الحمیدی فی كتابه بالخاء المعجمة و فسرها فی غریبه فقال الخطم و الخطمة رعن الجبل و هو الأنف النادر منه و الذی جاء فی كتاب البخاری و هو الذی أخرج الحدیث فیما قرأناه و رأیناه من نسخ كتابه عند حطم الخیل هكذا مضبوطا فإن صحت الروایة به و لم یكن تحریفا من الكتبة فیكون معناه و اللّٰه أعلم أنه یحبسه فی الموضع المتضایق الذی یتحطم فیه الخیل أی یدوس بعضها بعضا و یزحم بعضها بعضا فیراها جمیعها و تكثر فی عینه بمرورها فی ذلك الموضع الضیق و كذلك أراد بحبسه عند خطم الجبل علی ما شرحه الحمیدی فإن الأنف النادر من الجبل یضیق الموضع الذی یخرج فیه.
و قال مر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی كتیبته الخضراء كتیبة خضراء إذا غلب علیها لبس الحدید شبه سواده بالخضرة و العرب تطلق الخضرة علی السواد و قال مآثر العرب مكارمها و مفاخرها التی تؤثر عنها أی تروی و تذكر تحت قدمی هاتین أراد خفاءها و إعدامها و إذلال أمر الجاهلیة و نقض سنتها و قال الخلی مقصورا النبات الرقیق ما دام رطبا و اختلاؤه قطعه انتهی.
و البور بالضم الهالك یستوی فیه الواحد و الكثیر و المذكر و المؤنث و المباراة المجاراة و المسابقة و الثبور الهلاك و الویل و الإهلاك.
«1»-أَقُولُ رَوَی السَّیِّدُ فِی سَعْدِ السُّعُودِ مِنْ تَفْسِیرِ الْكَلْبِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَجَدَ فِی الْحِجْرِ أَصْنَاماً مَصْفُوفَةً حَوْلَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتِّینَ صَنَماً صَنَمُ كُلِّ قَوْمٍ بِحِیَالِهِمْ وَ مَعَهُ مِخْصَرَةٌ بِیَدِهِ فَجَعَلَ یَأْتِی الصَّنَمَ فَیَطْعَنُ فِی عَیْنِهِ (1) أَوْ فِی بَطْنِهِ ثُمَّ یَقُولُ جاءَ الْحَقُّ یَقُولُ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَ زَهَقَ الْباطِلُ یَقُولُ وَ هَلَكَ الشِّرْكُ وَ أَهْلُهُ وَ الشَّیْطَانُ وَ أَهْلُهُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً یَقُولُ هَالِكاً فَجَعَلَ الصَّنَمُ یَنْكَبُّ لِوَجْهِهِ إِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فَجَعَلَ أَهْلُ مَكَّةَ یَتَعَجَّبُونَ وَ یَقُولُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ مَا رَأَیْنَا رَجُلًا أَسْحَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ (2).
ص: 110
«2»-كِتَابُ صِفَاتِ الشِّیعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ (1) عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ قَامَ عَلَی الصَّفَا فَقَالَ یَا بَنِی هَاشِمٍ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ وَ إِنِّی شَفِیقٌ عَلَیْكُمْ لَا تَقُولُوا (2) إِنَّ مُحَمَّداً مِنَّا فَوَ اللَّهِ مَا أَوْلِیَائِی مِنْكُمْ وَ لَا مِنْ غَیْرِكُمْ إِلَّا الْمُتَّقُونَ فَلَا أَعْرِفُكُمْ (3) تَأْتُونِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ تَحْمِلُونَ الدُّنْیَا عَلَی رِقَابِكُمْ وَ یَأْتِی النَّاسُ یَحْمِلُونَ الْآخِرَةَ أَلَا وَ إِنِّی قَدْ أَعْذَرْتُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ فِیمَا بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَیْنَكُمْ وَ إِنَّ لِی عَمَلِی وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ (4).
«3»-د، العدد القویة فِی یَوْمِ الْعِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ (5).
«4»-ب، قرب الإسناد أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْتَ یَوْمَ الْفَتْحِ فَرَأَی فِیهِ صُورَتَیْنِ فَدَعَا بِثَوْبٍ فَبَلَّهُ فِی مَاءٍ ثُمَّ مَحَاهُمَا قَالَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ وَ إِنْ وُجِدَ فِی جَوْفِ الْبَیْتِ وَ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ وَ قَتْلِ مِقْیَسِ بْنِ صُبَابَةَ (6) وَ بِقَتْلِ قرسا (فَرْتَنَا) (7) وَ أُمِّ سَارَةَ (8) قَالَ وَ كَانَتَا قَیْنَتَیْنِ تَزْنِیَانِ (9) وَ تُغَنِّیَانِ بِهِجَاءِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تُحَضِّضَانِ یَوْمَ أُحُدٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (10).
ص: 111
«5»-فس، تفسیر القمی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ نَزَلَتْ فِی حَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ لَفْظُ الْآیَةِ عَامٌّ وَ مَعْنَاهُ خَاصٌّ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِی بَلْتَعَةَ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَ هَاجَرَ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ كَانَ عِیَالُهُ بِمَكَّةَ وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ یَخَافُ (1) [تَخَافُ أَنْ یَغْزُوَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَارُوا إِلَی عِیَالِ حَاطِبٍ وَ سَأَلُوهُمْ أَنْ یَكْتُبُوا إِلَی حَاطِبٍ یَسْأَلُوهُ عَنْ خَبَرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ (2) یُرِیدُ أَنْ یَغْزُوَ مَكَّةَ فَكَتَبُوا إِلَی حَاطِبٍ یَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ حَاطِبٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُ ذَلِكَ وَ دَفَعَ الْكِتَابَ إِلَی امْرَأَةٍ تُسَمَّی صَفِیَّةَ (3) فَوَضَعَتْهُ فِی قُرُونِهَا (4) وَ مَرَّتْ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِی طَلَبِهَا فَلَحِقَاهَا (5) فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیْنَ الْكِتَابُ فَقَالَتْ مَا مَعِی شَیْ ءٌ فَفَتَّشَاهَا (6) فَلَمْ یَجِدَا (7) مَعَهَا شَیْئاً فَقَالَ الزُّبَیْرُ مَا نَرَی مَعَهَا شَیْئاً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَذَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام وَ لَا كَذَبَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ اللَّهِ لَتُظْهِرَنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأُورِدَنَّ (8) رَأْسَكِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ تَنَحَّیَا حَتَّی أُخْرِجَهُ فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ قُرُونِهَا (9) فَأَخَذَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ جَاءَ بِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ یَا حَاطِبُ مَا هَذَا فَقَالَ حَاطِبٌ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَافَقْتُ وَ لَا غَیَّرْتُ وَ لَا بَدَّلْتُ وَ إِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً وَ لَكِنْ أَهْلِی وَ عِیَالِی كَتَبُوا إِلَیَّ بِحُسْنِ صَنِیعِ قُرَیْشٍ إِلَیْهِمْ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُجَازِیَ قُرَیْشاً بِحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (10) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ إِلَی قَوْلِهِ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَفْصِلُ بَیْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (11).
ص: 112
أقول: قد أوردنا نحوه بأسانید فی كتاب أحوال أمیر المؤمنین علیه السلام فی باب تنمره فی ذات اللّٰه.
روی فی كشف الغمة عن الواحدی أنه ذكر فی أسباب نزول القرآن نحوا من ذلك. (1) و روی فی الخرائج نحوه بأدنی تغییر فتركناها حذرا من زیادة التكرار.
«6»-فس، تفسیر القمی یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَكَ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی یَوْمِ (2) فَتْحِ مَكَّةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَعَدَ فِی الْمَسْجِدِ یُبَایِعُ الرِّجَالَ إِلَی صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَعَدَ لِبَیْعَةِ النِّسَاءِ وَ أَخَذَ قَدَحاً مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَ یَدَهُ فِیهِ ثُمَّ قَالَ لِلنِّسَاءِ مَنْ أَرَادَ أَنْ تُبَایِعَ فَلْتُدْخِلْ یَدَهَا فِی الْقَدَحِ (3) فَإِنِّی لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ ثُمَّ قَرَأَ عَلَیْهِنَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ شُرُوطِ الْبَیْعَةِ عَلَیْهِنَّ فَقَالَ عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ فَقَامَتْ أُمُّ حَكِیمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِی أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ لَا نَعْصِیَكَ (4) فِیهِ فَقَالَ أَلَّا تَخْمِشْنَ (5) وَجْهاً وَ لَا تَلْطِمْنَ (6) خَدّاً وَ لَا تَنْتِفْنَ (7) شَعْراً وَ لَا تَمْزِقْنَ (8) جَیْباً وَ لَا تُسَوِّدْنَ (9) ثَوْباً وَ لَا تَدْعُونَ (10) بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ لَا تُقِمْنَ (11) عِنْدَ قَبْرٍ فَبَایَعَهُنَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی (12) هَذِهِ الشُّرُوطِ (13).
ص: 113
«7»-فس، تفسیر القمی وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِیراً فَإِنَّهَا نَزَلَتْ یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دُخُولَهَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ قُلْ یَا مُحَمَّدُ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِیراً أَیْ مُعِیناً (1) وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (2) فَارْتَجَّتْ مَكَّةُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (3).
«8»-فس، تفسیر القمی وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ أَخِ (4) أُمِّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی فَتْحِ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَ (5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَأَعْرَضَ (6) عَنْهُ وَ لَمْ یُجِبْهُ بِشَیْ ءٍ وَ كَانَتْ أُخْتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَخَلَ إِلَیْهَا فَقَالَ یَا أُخْتِی إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ قَبِلَ إِسْلَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ رَدَّ إِسْلَامِی فَلَیْسَ یَقْبَلُنِی كَمَا قَبِلَ غَیْرِی فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ (7) قَالَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِدَ بِكَ جَمِیعُ النَّاسِ إِلَّا أَخِی مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ وَ الْعَرَبِ رَدَدْتَ إِسْلَامَهُ وَ قَبِلْتَ إِسْلَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ (8) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ أَخَاكِ كَذَّبَنِی تَكْذِیباً لَمْ یُكَذِّبْنِی أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ هُوَ الَّذِی قَالَ لِی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً إِلَی قَوْلِهِ كِتاباً نَقْرَؤُهُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَمْ تَقُلْ إِنَّ الْإِسْلَامَ یَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ قَالَ نَعَمْ
ص: 114
فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِسْلَامَهُ (1).
بیان: قال الجزری فیه الإسلام یجب ما قبله و التوبة تجب ما قبلها أی یقطعان و یمحوان ما كان قبلهما من الكفر و المعاصی و الذنوب.
«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ الدِّعْبِلِیِّ عَنْ أَبِی عَلِیِّ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ رَزِینٍ عَنْ أَبِیهِ رَزِینِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی بُدَیْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِیَّ یَقُولُ لَمَّا كَانَ یَوْمُ الْفَتْحِ وَقَّفَنِی الْعَبَّاسُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا یَوْمٌ قَدْ شَرَّفْتَ فِیهِ قَوْماً فَمَا بَالُ خَالِكَ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَ هُوَ قَعِیدُ حَیِّهِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله احْسِرْ عَنْ حَاجِبَیْكَ یَا بُدَیْلُ فَحَسَرْتُ عَنْهُمَا وَ حَدَرْتُ لِثَامِی فَرَأَی سَوَاداً بِعَارِضِی فَقَالَ كَمْ سِنُوكَ یَا بُدَیْلُ فَقُلْتُ سَبْعٌ وَ تِسْعُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ زَادَكَ اللَّهُ جَمَالًا وَ سَوَاداً وَ أَمْتَعَكَ وَ وُلْدَكَ لَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ نَیَّفَ عَلَی السِّتِّینَ وَ قَدْ أَسْرَعَ الشَّیْبُ فِیهِ ارْكَبْ جَمَلَكَ هَذَا الْأَوْرَقَ وَ نَادِ فِی النَّاسِ إِنَّهَا أَیَّامُ أَكْلٍ وَ شَرْبٍ وَ كُنْتُ جَهِیراً فَرَأَیْتُنِی بَیْنَ خِیَامِهِمْ وَ أَنَا أَقُولُ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَكُمْ إِنَّهَا أَیَّامُ أَكْلٍ وَ شَرْبٍ وَ هِیَ لُغَةُ خُزَاعَةَ یَعْنِی الِاجْتِمَاعَ وَ مِنْ هَاهُنَا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فَشَارِبُونَ شَرْبَ الْهِیمِ (2).
بیان: و هو قعید حیه أی قاعد فی قبیلته یجالسهم و لا ینهض لأمر قال الجوهری القعید المقاعد و الجراد الذی لم یستو جناحه بعد و قال قال الأصمعی الأورق من الإبل الذی فی لونه بیاض إلی سواد.
قوله یعنی الاجتماع لم أعرف لهذا الكلام معنی و لعله سقط قوله و بعال كما فی سائر الروایات و الاجتماع تفسیر له لكن قوله و من هاهنا قرأ یدل
ص: 115
علی أنه تفسیر للشرب و لم أر الشرب بهذا المعنی (1) و أما القراءة فلم أعثر إلا علی قراءة شُرْبَ بالضم مصدرا و بالفتح جمع شارب ثم المشهور أن هذا النداء كان فی حجة الوداع لا عام الفتح قال الجزری فی حدیث التشریق إنها أیام أكل و شرب و بعال البعال النكاح و ملاعبة الرجل أهله و المباعلة المباشرة.
«10»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّحَّانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَافَرَ إِلَی بَدْرٍ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ افْتَتَحَ مَكَّةَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ (2).
«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ ثَبِیرِ (3) بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنِ الرِّضَا (4) علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَ الْأَصْنَامُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَ كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ صَنَماً فَجَعَلَ یَطْعَنُهَا بِمِخْصَرَةٍ فِی یَدِهِ وَ یَقُولُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً جاءَ الْحَقُّ وَ ما یُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما یُعِیدُ فَجَعَلَتْ تَكُبُّ (5) لِوَجْهِهَا (6).
«12»-قب، المناقب لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ الثَّعْلَبِیِّ وَ الْقُشَیْرِیِّ وَ الْوَاحِدِیِّ وَ الْقَزْوِینِیِّ وَ مَعَانِی الزَّجَّاجِ وَ مُسْنَدُ الْمَوْصِلِیِّ وَ أَسْبَابُ نُزُولِ الْقُرْآنِ عَنِ الْوَاحِدِیِّ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ یَوْمَ الْفَتْحِ غَلَّقَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ (7) الْعَبْدِیُّ بَابَ الْبَیْتِ وَ صَعِدَ السَّطْحَ فَطَلَبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمِفْتَاحَ مِنْهُ فَقَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أَمْنَعْهُ فَصَعِدَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام السَّطْحَ وَ لَوَی یَدَهُ وَ أَخَذَ الْمِفْتَاحَ مِنْهُ وَ فَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْتَ فَصَلَّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلَهُ الْعَبَّاسُ أَنْ یُعْطِیَهُ الْمِفْتَاحَ
ص: 116
فَنَزَلَ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها فَأَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَرُدَّ الْمِفْتَاحَ إِلَی عُثْمَانَ وَ یَعْتَذِرَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ یَا عَلِیُّ أَكْرَهْتَ وَ أدیت (آذَیْتَ )(1) ثُمَّ جِئْتَ بِرِفْقٍ قَالَ لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی شَأْنِكَ وَ قَرَأَ عَلَیْهِ الْآیَةَ فَأَسْلَمَ عُثْمَانُ فَأَقَرَّهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی یَدِهِ (2).
«13»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمْ یَسْبِ لِأَهْلِهَا ذُرِّیَّةً وَ قَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَی سِلَاحَهُ أَوْ دَخَلَ دَارَ أَبِی سُفْیَانَ فَهُوَ آمِنٌ الْخَبَرَ (3).
«14»-ف، تحف العقول عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: كَانَتْ مُبَایَعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النِّسَاءَ أَنْ یَغْمِسَ یَدَهُ فِی إِنَاءٍ فِیهِ مَاءٌ ثُمَّ یُخْرِجَهَا فَتَغْمِسَ النِّسَاءُ أَیْدِیَهُنَّ فِی ذَلِكَ الْإِنَاءِ بِالْإِقْرَارِ وَ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّصْدِیقِ بِرَسُولِهِ عَلَی مَا أَخَذَ عَلَیْهِنَّ (4).
«15»-شا، الإرشاد یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ فِی الْمَسْجِدِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ صَنَماً وَ قَالَ بَعْضُهَا (5) فِیمَا یَزْعُمُونَ مَشْدُودٌ بِبَعْضِهَا بِالرَّصَاصِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَفّاً مِنْ حَصًی فَرَمَاهَا (6) فِی عَامِ الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ (7) جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فَمَا بَقِیَ فِیهَا (8) صَنَمٌ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَطُرِحَتْ (9) فَكُسِرَتْ (10).
ص: 117
«16»-یج، الخرائج و الجرائح فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِلَالًا فَصَعِدَ عَلَی الْكَعْبَةِ فَقَالَ عِكْرِمَةُ أَكْرَهُ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ أَبِی رَبَاحٍ یَنْهَقُ عَلَی الْكَعْبَةِ وَ حَمِدَ خَالِدُ بْنُ أَسِیدٍ أَنَّ أَبَا عَتَّابٍ تُوُفِّیَ وَ لَمْ یَرَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ لَا أَقُولُ شَیْئاً لَوْ نَطَقْتُ لَظَنَنْتُ أَنَّ هَذِهِ الْجُدُرَ سَتُخْبِرُ بِهِ مُحَمَّداً فَبَعَثَ إِلَیْهِمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأُتِیَ بِهِمْ فَقَالَ عَتَّابٌ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ نَتُوبُ إِلَیْهِ قَدْ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْنَا فَأَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ فَوَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ.
«17»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ قَاصِداً مَكَّةَ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ (1) مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَلَمْ یَشْعُرْ أَهْلُ مَكَّةَ حَتَّی نَزَلَ تَحْتَ الْعَقَبَةِ وَ كَانَ أَبُو سُفْیَانَ وَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ خَرَجَا إِلَی الْعَقَبَةِ یَتَجَسَّسَانِ خَبَراً وَ نَظَرَا إِلَی النِّیرَانِ فَاسْتَعْظَمَا فَلَمَّا یَعْلَمَا لِمَنِ النِّیرَانُ وَ كَانَ الْعَبَّاسُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُسْتَقْبِلًا إِلَی الْمَدِینَةِ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ وَ الصَّحِیحُ أَنَّهُ مُنْذُ یَوْمِ بَدْرٍ كَانَ بِالْمَدِینَةِ فَلَمَّا نَزَلَ تَحْتَ الْعَقَبَةِ رَكِبَ الْعَبَّاسُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَارَ إِلَی الْعَقَبَةِ طَمَعاً أَنْ یَجِدَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَنْ یُنْذِرُهُمْ إِذْ سَمِعَ كَلَامَ أَبِی سُفْیَانَ یَقُولُ لِعِكْرِمَةَ مَا هَذِهِ النِّیرَانُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ یَا أَبَا سُفْیَانَ نَعَمْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ مَا تَرَی أَنْ أَصْنَعَ قَالَ تَرْكَبُ خَلْفِی فَأَصِیرُ بِكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَآخُذُ لَكَ الْأَمَانَ قَالَ وَ تَرَاهُ یُؤْمِنُنِی قَالَ نَعَمْ فَإِنَّهُ إِذَا سَأَلْتُهُ شَیْئاً لَمْ یَرُدَّنِی فَرَكِبَ أَبُو سُفْیَانَ خَلْفَهُ فَانْصَرَفَ (2) عِكْرِمَةُ إِلَی مَكَّةَ فَصَارَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الْعَبَّاسُ هَذَا أَبُو سُفْیَانَ صَارَ مَعِی إِلَیْكَ فَتُؤْمِنُهُ بِسَبَبِی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَسْلِمْ تَسْلَمْ یَا أَبَا سُفْیَانَ فَقَالَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا أَكْرَمَكَ وَ أَحْلَمَكَ قَالَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ قَالَ مَا أَكْرَمَكَ وَ أَحْلَمَكَ قَالَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فَوَكَزَهُ الْعَبَّاسُ وَ قَالَ وَیْلَكَ إِنْ قَالَهَا الرَّابِعَةَ وَ لَمْ تُسْلِمْ قَتَلَكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله خُذْهُ یَا عَمِّ إِلَی خَیْمَتِكَ وَ كَانَتْ قَرِیبَةً فَلَمَّا جَلَسَ فِی الْخَیْمَةِ نَدِمَ عَلَی مَجِیئِهِ مَعَ الْعَبَّاسِ وَ قَالَ فِی نَفْسِهِ مَنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ أَنَا جِئْتُ فَأَعْطَیْتُ بِیَدِی وَ لَوْ كُنْتُ انْصَرَفْتُ
ص: 118
إِلَی مَكَّةَ فَجَمَعْتُ الْأَحَابِیشَ وَ غَیْرَهُمْ فَلَعَلِّی كُنْتُ أَهْزِمُهُ فَنَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ خَیْمَتِهِ فَقَالَ إِذاً كَانَ اللَّهُ یُخْزِیكَ فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ یُرِیدُ أَبُو سُفْیَانَ أَنْ یَجِیئَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَاتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ أَ لَمْ یَأْنِ أَنْ تُسْلِمَ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ قُلْ وَ إِلَّا فَیَقْتُلُكَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَضَحِكَ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رُدَّهُ إِلَی عِنْدِكَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ یُحِبُّ الشَّرَفَ فَشَرِّفْهُ فَقَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَلَمَّا صَلَّی بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ خُذْهُ إِلَی رَأْسِ الْعَقَبَةِ فَأَقْعِدْهُ هُنَاكَ لِیَرَاهُ النَّاسُ (1) جُنُودُ اللَّهِ وَ یَرَاهَا فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ مَا أَعْظَمَ مُلْكَ ابْنِ أَخِیكَ قَالَ الْعَبَّاسُ یَا أَبَا سُفْیَانَ هِیَ نُبُوَّةٌ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقَدَّمْ إِلَی مَكَّةَ فَأَعْلِمْهُمْ بِالْأَمَانِ فَلَمَّا دَخَلَهَا قَالَتْ هِنْدٌ اقْتُلُوا هَذَا الشَّیْخَ الضَّالَّ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ وَ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَصَعِدَ عَلَی ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ فَمَا بَقِیَ صَنَمٌ بِمَكَّةَ إِلَّا سَقَطَ عَلَی وَجْهِهِ فَلَمَّا سَمِعَ وُجُوهُ قُرَیْشٍ الْأَذَانَ قَالَ بَعْضُهُمْ فِی نَفْسِهِ الدُّخُولُ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ خَیْرٌ (2) مِنْ سَمَاعِ هَذَا وَ قَالَ آخَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ (3) الَّذِی لَمْ یَعِشْ وَالِدِی إِلَی هَذَا الْیَوْمِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا فُلَانُ قَدْ قُلْتَ فِی نَفْسِكَ كَذَا وَ یَا فُلَانُ قُلْتَ فِی نَفْسِكَ كَذَا فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی لَمْ أَقُلْ شَیْئاً قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِی فَإِنَّهُمْ لَا یَعْلَمُونَ (4).
«18»-شا، الإرشاد مِنْ مَنَاقِبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَرَادَ فَتْحَ مَكَّةَ سَأَلَ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْ یُعَمِّیَ أَخْبَارَهُ عَلَی قُرَیْشٍ لِیَدْخُلَهَا بَغْتَةً وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ بَنَی الْأَمْرَ فِی مَسِیرِهِ إِلَیْهَا عَلَی الِاسْتِسْرَارِ بِذَلِكَ فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِی بَلْتَعَةَ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ یُخْبِرُهُمْ بِعَزِیمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی فَتْحِهَا وَ أَعْطَی الْكِتَابَ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ وَرَدَتِ الْمَدِینَةَ تَسْتَمِیحُ (5) النَّاسَ وَ تَسْتَبِرُّهُمْ وَ جَعَلَ لَهَا جُعْلًا أَنْ تُوصِلَهُ إِلَی قَوْمٍ سَمَّاهُمْ لَهَا
ص: 119
مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَ أَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَ عَلَی غَیْرِ الطَّرِیقِ فَنَزَلَ الْوَحْیُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ فَاسْتَدْعَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِی قَدْ كَتَبَ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ یُخْبِرُهُمْ بِخَبَرِنَا وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یُعَمِّیَ أَخْبَارَنَا عَلَیْهِمْ وَ الْكِتَابُ مَعَ امْرَأَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ أَخَذَتْ عَلَی غَیْرِ الطَّرِیقِ فَخُذْ سَیْفَكَ وَ الْحَقْهَا وَ انْتَزِعِ الْكِتَابَ مِنْهَا وَ خَلِّهَا وَ صِرْ بِهِ إِلَیَّ ثُمَّ اسْتَدْعَی الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَ قَالَ لَهُ امْضِ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فِی هَذَا الْوَجْهِ فَمَضَیَا وَ أَخَذَا عَلَی غَیْرِ الطَّرِیقِ فَأَدْرَكَا الْمَرْأَةَ فَسَبَقَ إِلَیْهَا الزُّبَیْرُ فَسَأَلَهَا عَنِ الْكِتَابِ الَّذِی مَعَهَا فَأَنْكَرَتْ (1) وَ حَلَفَتْ أَنَّهُ لَا شَیْ ءَ مَعَهَا وَ بَكَتْ فَقَالَ الزُّبَیْرُ مَا أَرَی یَا أَبَا الْحَسَنِ مَعَهَا كِتَاباً فَارْجِعْ بِنَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نُخْبِرْهُ (2) بِبَرَاءَةِ سَاحَتِهَا فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُخْبِرُنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ مَعَهَا كِتَاباً وَ یَأْمُرُنِی بِأَخْذِهِ مِنْهَا وَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ لَا كِتَابَ مَعَهَا ثُمَّ اخْتَرَطَ السَّیْفَ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْهَا فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجِی الْكِتَابَ لَأَكْشِفَنَّكِ ثُمَّ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكِ فَقَالَتْ (3) إِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَأَعْرِضْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ بِوَجْهِكَ عَنِّی فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهَا فَكَشَفَتْ قِنَاعَهَا وَ أَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عَقِیصَتِهَا (4) فَأَخَذَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ صَارَ بِهِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَرَ أَنْ یُنَادَی الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَنُودِیَ فِی النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا إِلَی الْمَسْجِدِ حَتَّی امْتَلَأَ بِهِمْ ثُمَّ صَعِدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی (5) الْمِنْبَرِ وَ أَخَذَ الْكِتَابَ بِیَدِهِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی كُنْتُ سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُخْفِیَ أَخْبَارَنَا (6) عَنْ قُرَیْشٍ وَ إِنَّ رَجُلًا مِنْكُمْ كَتَبَ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ یُخْبِرُهُمْ بِخَبَرِنَا فَلْیَقُمْ صَاحِبُ الْكِتَابِ وَ إِلَّا فَضَحَهُ الْوَحْیُ فَلَمْ یَقُمْ أَحَدٌ فَأَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَقَالَتَهُ ثَانِیَةً وَ قَالَ لِیَقُمْ صَاحِبُ الْكِتَابِ وَ إِلَّا فَضَحَهُ الْوَحْیُ فَقَامَ حَاطِبُ بْنُ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ هُوَ یُرْعَدُ كَالسَّعَفَةِ فِی
ص: 120
یَوْمِ الرِّیحِ الْعَاصِفِ فَقَالَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُ الْكِتَابِ وَ مَا أَحْدَثْتُ نِفَاقاً بَعْدَ إِسْلَامِی وَ لَا شَكّاً بَعْدَ یَقِینِی فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا الَّذِی حَمَلَكَ عَلَی أَنْ كَتَبْتَ هَذَا الْكِتَابَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِی أَهْلًا بِمَكَّةَ وَ لَیْسَ لِی بِهَا عَشِیرَةٌ فَأَشْفَقْتُ أَنْ تَكُونَ دَائِرَةٌ لَهُمْ عَلَیْنَا فَیَكُونُ كِتَابِی هَذَا كَفّاً لَهُمْ عَنْ أَهْلِی وَ یَداً لِی عِنْدَهُمْ وَ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ لِلشَّكِّ (1) فِی الدِّینِ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِی بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ (2) مُنَافِقٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَی اطَّلَعَ عَلَیْهِمْ فَغَفَرَ لَهُمْ أَخْرِجُوهُ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ فَجَعَلَ النَّاسُ یَدْفَعُونَ فِی ظَهْرِهِ حَتَّی أَخْرَجُوهُ وَ هُوَ یَلْتَفِتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَرِقَّ عَلَیْهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِرَدِّهِ وَ قَالَ لَهُ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَ عَنْ جُرْمِكَ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَ لَا تَعُدْ بِمِثْلِ مَا جَنَیْتَ (3).
«19»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْفَتْحُ فِی سَنَةِ ثَمَانٍ وَ بَرَاءَةُ فِی سَنَةِ تِسْعٍ وَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ فِی سَنَةِ عَشْرٍ (4).
«20»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ یُذْكَرَ فِیهَا اسْمُهُ وَ سَعی فِی خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ یَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِینَ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِیمٌ (5) قَالَ الْإِمَامُ قَالَ الْحَسَنُ (6) بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ وَ أَظْهَرَ بِهَا دَعْوَتَهُ وَ نَشَرَ بِهَا كَلِمَتَهُ وَ عَابَ أَعْیَانَهُمْ (7) فِی عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ وَ أَخَذُوهُ وَ أَسَاءُوا مُعَاشَرَتَهُ وَ سَعَوْا فِی خَرَابِ الْمَسَاجِدِ الْمَبْنِیَّةِ كَانَتْ لِلْقَوْمِ (8) مِنْ خِیَارِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ شِیعَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام كَانَ بِفِنَاءِ
ص: 121
الْكَعْبَةِ مَسَاجِدُ یُحْیُونَ فِیهَا مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلُونَ فَسَعَی هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِی خَرَابِهَا وَ أَذَی (1) مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ (2) وَ إِلْجَائِهِ إِلَی الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ نَحْوَ الْمَدِینَةِ الْتَفَتَ خَلْفَهُ إِلَیْهَا وَ قَالَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّنِی (3) أُحِبُّكِ وَ لَوْ لَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِی عَنْكِ لَمَا آثَرْتُ عَلَیْكِ بَلَداً وَ لَا ابْتَغَیْتُ عَلَیْكِ بَدَلًا (4) وَ إِنِّی لَمُغْتَمٌّ عَلَی مُفَارَقَتِكِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ الْعَلِیُّ الْأَعْلَی یَقْرَأُ (5) عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ سَنَرُدُّكَ إِلَی هَذَا الْبَلَدِ ظَافِراً غَانِماً سَالِماً قَادِراً قَاهِراً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنَّ الَّذِی فَرَضَ عَلَیْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلی مَعادٍ یَعْنِی إِلَی مَكَّةَ غَانِماً ظَافِراً فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ فَاتَّصَلَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فَسَخِرُوا مِنْهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِرَسُولِهِ سَوْفَ یُظْفِرُكَ اللَّهُ بِمَكَّةَ (6) وَ یَجْرِی عَلَیْهِمْ حُكْمِی وَ سَوْفَ أَمْنَعُ عَنْ دُخُولِهَا الْمُشْرِكِینَ حَتَّی لَا یَدْخُلُهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا خَائِفاً أَوْ دَخَلَهَا مُسْتَخْفِیاً مِنْ أَنَّهُ إِنْ عُثِرَ عَلَیْهِ قُتِلَ فَلَمَّا حُتِمَ قَضَاءُ اللَّهِ بِفَتْحِ مَكَّةَ وَ اسْتَوْسَقَتْ لَهُ أَمَّرَ عَلَیْهِمْ عَتَّابَ بْنَ أَسِیدٍ فَلَمَّا اتَّصَلَ بِهِمْ خَبَرُهُ قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً لَا یَزَالُ یَسْتَخِفُّ بِنَا حَتَّی وَلَّی عَلَیْنَا غُلَاماً حَدَثَ السِّنِّ ابْنَ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ نَحْنُ مَشَایِخُ ذوی (ذَوُو) الْأَسْنَانِ (7) وَ جِیرَانُ حَرَمِ اللَّهِ الْأَمْنِ (8) وَ خَیْرِ بُقْعَةٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ عَهْداً عَلَی مَكَّةَ (9) وَ كَتَبَ فِی أَوَّلِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جِیرَانِ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ سُكَّانِ حَرَمِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِاللَّهِ مُؤْمِناً وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِهِ فِی أَقْوَالِهِ مُصَدِّقاً وَ فِی أَفْعَالِهِ مُصَوِّباً وَ لِعَلِیٍّ أَخِی مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَ نَبِیِّهِ وَ صَفِیِّهِ وَ وَصِیِّهِ وَ خَیْرِ خَلْقِ اللَّهِ (10) بَعْدَهُ مُوَالِیاً فَهُوَ مِنَّا وَ
ص: 122
إِلَیْنَا وَ مَنْ كَانَ لِذَلِكَ أَوْ لِشَیْ ءٍ مِنْهُ مُخَالِفاً فَسُحْقاً وَ بُعْداً لِأَصْحابِ السَّعِیرِ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ شَیْئاً مِنْ أَعْمَالِهِ وَ إِنْ عَظُمَ وَ كَبُرَ (1) یُصْلِیهِ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً (2) مُخَلَّداً أَبَداً وَ قَدْ قَلَّدَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَتَّابَ بْنَ أَسِیدٍ أَحْكَامَكُمْ وَ مَصَالِحَكُمْ وَ قَدْ فَوَّضَ إِلَیْهِ تَنْبِیهَ غَافِلِكُمْ وَ تَعْلِیمَ جَاهِلِكُمْ وَ تَقْوِیمَ أَوَدِ (3) مُضْطَرِبِكُمْ وَ تَأْدِیبَ مَنْ زَالَ عَنْ أَدَبِ اللَّهِ مِنْكُمْ لِمَا عَلِمَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَیْكُمْ مِنْ مُوَالاةِ (4) مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنْ رُجْحَانِهِ فِی التَّعَصُّبِ لِعَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ فَهُوَ لَنَا خَادِمٌ وَ فِی اللَّهِ أَخٌ وَ لِأَوْلِیَائِنَا مُوَالٍ وَ لِأَعْدَائِنَا مُعَادٍ وَ هُوَ لَكُمْ سَمَاءٌ ظَلِیلَةٌ وَ أَرْضٌ زَكِیَّةٌ وَ شَمْسٌ مُضِیئَةٌ (5) قَدْ فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَی كَافَّتِكُمْ بِفَضْلِ مُوَالاتِهِ وَ مَحَبَّتِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِمَا وَ حَكَّمَهُ (6) عَلَیْكُمْ یَعْمَلُ بِمَا یُرِیدُ اللَّهُ فَلَنْ یُخْلِیَهُ مِنْ تَوْفِیقِهِ كَمَا أَكْمَلَ مِنْ مُوَالاةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ علیهما السلام شَرَفَهُ وَ حَظَّهُ لَا یُؤَامِرُ رَسُولَ اللَّهِ وَ لَا یُطَالِعُهُ (7) بَلْ هُوَ السَّدِیدُ الْأَمِینُ فَلْیَطْمَعِ الْمُطِیعُ مِنْكُمْ بِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِ شَرِیفَ الْجَزَاءِ وَ عَظِیمَ الْحِبَاءِ وَ لْیَتَوَقَّی الْمُخَالِفُ لَهُ شَدِیدَ الْعَذَابِ (8) وَ غَضَبَ الْمَلِكِ الْعَزِیزِ الْغَلَّابِ (9) وَ لَا یَحْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِنْكُمْ فِی (10) مُخَالَفَتِهِ بِصِغَرِ سِنِّهِ فَلَیْسَ الْأَكْبَرُ هُوَ الْأَفْضَلَ بَلِ الْأَفْضَلُ هُوَ الْأَكْبَرُ وَ هُوَ الْأَكْبَرُ فِی مُوَالاتِنَا وَ مُوَالاةِ أَوْلِیَائِنَا وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِنَا فَلِذَلِكَ جَعَلْنَاهُ الْأَمِیرَ عَلَیْكُمْ وَ الرَّئِیسَ عَلَیْكُمْ فَمَنْ أَطَاعَهُ فَمَرْحباً بِهِ وَ مَنْ خَالَفَهُ فَلَا یُبَعِّدِ اللَّهُ غَیْرَهُ قَالَ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِمْ عَتَّابٌ وَ قَرَأَ عَهْدَهُ وَ وَقَفَ فِیهِمْ مَوْقِفاً ظَاهِراً نَادَی فِی جَمَاعَتِهِمْ حَتَّی حَضَرُوهُ وَ قَالَ لَهُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ مَكَّةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَمَانِی بِكُمْ
ص: 123
شِهَاباً مُحْرِقاً لِمُنَافِقِكُمْ (1) وَ رَحْمَةً وَ بَرَكَةً عَلَی مُؤْمِنِكُمْ (2) وَ إِنِّی أَعْلَمُ النَّاسِ بِكُمْ وَ بِمُنَافِقِكُمْ (3) وَ سَوْفَ آمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَیُقَامُ (4) بِهَا ثُمَّ أَتَخَلَّفُ (5) أُرَاعِی النَّاسَ فَمَنْ وَجَدْتُهُ قَدْ لَزِمَ الْجَمَاعَةَ الْتَزَمْتُ لَهُ حَقَّ الْمُؤْمِنِ عَلَی الْمُؤْمِنِ وَ مَنْ وَجَدْتُهُ قَدْ بَعُدَ عَنْهَا فَتَّشْتُهُ (6) فَإِنْ وَجَدْتُ لَهُ عُذْراً عَذَرْتُهُ (7) وَ إِنْ لَمْ أَجِدْ لَهُ عُذْراً ضَرَبْتُ عُنُقَهُ حُكْماً (8) مِنَ اللَّهِ مَقْضِیّاً عَلَی كَافَّتِكُمْ لِأُطَهِّرَ حَرَمَ اللَّهِ مِنَ الْمُنَافِقِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الصِّدْقَ أَمَانَةٌ وَ الْفُجُورَ خِیَانَةٌ وَ لَنْ تَشِیعَ الْفَاحِشَةُ فِی قَوْمٍ إِلَّا ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالذُّلِّ قَوِیُّكُمْ عِنْدِی ضَعِیفٌ حَتَّی آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ وَ ضَعِیفُكُمْ عِنْدِی (9) قَوِیٌّ حَتَّی آخُذَ الْحَقَّ لَهُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ شَرِّفُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ أَنْفُسَكُمْ وَ لَا تُذِلُّوهَا بِمُخَالَفَةِ رَبِّكُمْ فَفَعَلَ وَ اللَّهِ كَمَا قَالَ وَ عَدَلَ وَ أَنْصَفَ وَ أَنْفَذَ الْأَحْكَامَ مُهْتَدِیاً بِهُدَی اللَّهِ غَیْرَ مُحْتَاجٍ إِلَی مُؤَامَرَةٍ وَ لَا مُرَاجَعَةٍ (10).
«21»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلًا (11) قَالَ لَمَّا كَانَ یَوْمُ الْفَتْحِ أَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْنَاماً مِنَ الْمَسْجِدِ وَ كَانَ مِنْهَا صَنَمٌ عَلَی الْمَرْوَةِ وَ طَلَبَتْ إِلَیْهِ قُرَیْشٌ أَنْ یَتْرُكَهُ وَ كَانَ اسْتَحْیَا فَهَمَّ بِتَرْكِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِكَسْرِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ (12).
«22»-عم، إعلام الوری كانت غزوة الفتح فی شهر رمضان من سنة ثمان و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما صالح قریشا عام الحدیبیة دخلت خزاعة فی حلف النبی صلی اللّٰه علیه و آله و عهده و دخلت كنانة فی حلف قریش فلما مضت سنتان من القضیة قعد رجل من كنانة
ص: 124
یروی هجاء رسول اللّٰه فقال له رجل من خزاعة لا تذكر هذا (1) قال و ما أنت و ذاك فقال لئن أعدت لأكسرن فاك فأعادها فرفع الخزاعی یده فضرب بها فاه فاستنصر الكنانی قومه و الخزاعی قومه و كانت كنانة أكثر فضربوهم حتی أدخلوهم الحرم و قتلوا منهم و أعانهم قریش بالكراع و السلاح فركب عمرو بن سالم إلی رسول اللّٰه فخبره الخبر و قال أبیات شعر منها:
لا هم إنی ناشد محمدا*** حلف أبینا و أبیه الأتلدا
إن قریشا أخلفوك الموعدا*** و نقضوا میثاقك المؤكدا
و قتلونا ركعا و سجدا
فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حسبك یا عمرو ثم قام فدخل دار میمونة و قال اسكبوا لی ماء فجعل یغتسل و یقول لا نصرت إن لم أنصر بنی كعب ثم أجمع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی المسیر إلی مكة و قال اللّٰهم خذ العیون عن قریش حتی نأتیها فی بلادها فكتب حاطب بن أبی بلتعة مع سارة مولاة أبی لهب إلی قریش أن رسول اللّٰه خارج إلیكم یوم كذا و كذا فخرجت و تركت الطریق ثم أخذت ذات الیسار فی الحرة فنزل جبرئیل علیه السلام فأخبره فدعا علیا علیه السلام و الزبیر فقال لهما أدركاها و خذا منها الكتاب فخرج علی و الزبیر لا یلقیان أحدا حتی وردا ذا الحلیفة و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله وضع حرسا علی المدینة و كان علی الحرس حارثة بن النعمان فأتیا الحرس فسألاهم فقالوا ما مر بنا أحد ثم استقبلا حطابا فسألاه فقال رأیت امرأة سوداء انحدرت من الحرة فأدركاها فأخذ علی منها الكتاب و ردها إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال فدعا حاطبا فقال له انظر ما صنعت قال أما و اللّٰه إنی لمؤمن باللّٰه و رسوله ما شككت و لكنی رجل لیس لی بمكة عشیرة (2) و لی بها أهل فأردت أن أتخذ عندهم یدا لیحفظونی فیهم فقال عمر بن الخطاب دعنی یا رسول اللّٰه أضرب عنقه فو اللّٰه لقد نافق فقال صلی اللّٰه علیه و آله إنه من أهل بدر و لعل اللّٰه اطلع علیهم
ص: 125
فغفر لهم أخرجوه من المسجد فجعل الناس یدفعون فی ظهره و هو یلتفت إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لیرق علیه فأمر صلی اللّٰه علیه و آله برده و قال قد عفوت عن جرمك فاستغفر ربك و لا تعدل لمثل ما جنیت فأنزل اللّٰه سبحانه یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ إلی صدر السورة.
قَالَ أَبَانٌ وَ حَدَّثَنِی عِیسَی بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّیٌّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا انْتَهَی الْخَبَرُ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ وَ هُوَ بِالشَّامِ بِمَا صَنَعَتْ قُرَیْشٌ بِخُزَاعَةَ أَقْبَلَ (1) حَتَّی دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ احْقُنْ دَمَ قَوْمِكَ وَ أَجِرْ بَیْنَ قُرَیْشٍ (2) وَ زِدْنَا فِی الْمُدَّةِ قَالَ أَ غَدَرْتُمْ یَا بَا سُفْیَانَ قَالَ لَا قَالَ فَنَحْنُ عَلَی مَا كُنَّا عَلَیْهِ فَخَرَجَ فَلَقِیَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ أَجِرْ بَیْنَ قُرَیْشٍ قَالَ وَیْحَكَ وَ أَحَدٌ یُجِیرُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ لَقِیَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ حَبِیبَةَ فَذَهَبَ لِیَجْلِسَ عَلَی الْفِرَاشِ فَأَهْوَتْ إِلَی الْفِرَاشِ فَطَوَتْهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ أَ رَغْبَةً بِهَذَا الْفِرَاشِ عَنِّی قَالَتْ نَعَمْ هَذَا فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كُنْتَ لِتَجْلِسَ عَلَیْهِ وَ أَنْتَ رِجْسٌ مُشْرِكٌ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَی فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ یَا بِنْتَ سَیِّدِ الْعَرَبِ تُجِیرِینَ بَیْنَ قُرَیْشٍ وَ تَزِیدِینَ فِی الْمُدَّةِ فَتَكُونِینَ أَكْرَمَ سَیِّدَةٍ فِی النَّاسِ قَالَتْ جِوَارِی فِی جِوَارِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَتَأْمُرِینَ ابْنَیْكِ أَنْ یُجِیرَا بَیْنَ النَّاسِ قَالَتْ وَ اللَّهِ مَا یَدْرِی ابْنَایَ مَا یُجِیرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ فَخَرَجَ فَلَقِیَ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ أَنْتَ أَمَسُّ الْقَوْمِ بِی رَحِماً وَ قَدِ اعْتَسَرَتْ عَلَیَّ الْأُمُورُ فَاجْعَلْ لِی مِنْهَا وَجْهاً قَالَ أَنْتَ شَیْخُ قُرَیْشٍ تَقُومُ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَتُجِیرُ بَیْنَ قُرَیْشٍ ثُمَّ تَقْعُدُ عَلَی رَاحِلَتِكَ وَ تَلْحَقُ بِقَوْمِكَ (3) قَالَ وَ هَلْ تَرَی ذَلِكَ نَافِعِی قَالَ لَا أَدْرِی فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ أَجَرْتُ بَیْنَ قُرَیْشٍ (4) ثُمَّ رَكِبَ بَعِیرَهُ وَ انْطَلَقَ فَقَدِمَ عَلَی قُرَیْشٍ فَقَالُوا مَا وَرَاكَ قَالَ جِئْتُ
ص: 126
مُحَمَّداً فَكَلَّمْتُهُ فَوَ اللَّهِ مَا رَدَّ عَلَیَّ شَیْئاً ثُمَّ جِئْتُ ابْنَ أَبِی قُحَافَةَ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُ خَیْراً ثُمَّ جِئْتُ إِلَی ابْنِ الْخَطَّابِ فَكَانَ كَذَلِكَ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَی فَاطِمَةَ فَلَمْ تُجِبْنِی ثُمَّ لَقِیتُ عَلِیّاً فَأَمَرَنِی أَنْ أُجِیرَ بَیْنَ النَّاسِ فَفَعَلْتُ قَالُوا هَلْ أَجَازَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ قَالَ لَا قَالُوا وَیْحَكَ لَعِبَ بِكَ الرَّجُلُ أَ وَ أَنْتَ تُجِیرُ بَیْنَ قُرَیْشٍ.
قَالَ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْجُمُعَةِ حِینَ صَلَّی الْعَصْرَ لِلَیْلَتَیْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَخْلَفَ عَلَی الْمَدِینَةِ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَ دَعَا رَئِیسَ كُلِّ قَوْمٍ فَأَمَرَهُ أَنْ یَأْتِیَ قَوْمَهُ فَیَسْتَنْفِرَهُمْ.
قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَصَامَ وَ صَامَ النَّاسُ حَتَّی نَزَلَ كُرَاعَ الْغَمِیمِ فَأَمَرَ بِالْإِفْطَارِ فَأَفْطَرَ وَ أَفْطَرَ النَّاسُ وَ صَامَ قَوْمٌ فَسُمُّوا الْعُصَاةَ لِأَنَّهُمْ صَامُوا ثُمَّ سَارَ علیه السلام حَتَّی نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ وَ مَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ رَجُلٍ وَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ وَ قَدْ عَمِیَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ قُرَیْشٍ فَخَرَجَ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ أَبُو سُفْیَانَ وَ حَكِیمُ بْنُ حِزَامٍ وَ بُدَیْلُ بْنُ وَرْقَاءَ هَلْ یَسْمَعُونَ خَبَراً وَ قَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ یَتَلَقَّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ وَ قَدْ تَلَقَّاهُ بِثَنِیَّةِ الْعِقَابِ.
وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قُبَّتِهِ وَ عَلَی حَرَسِهِ یَوْمَئِذٍ زِیَادُ بْنُ أَسِیدٍ فَاسْتَقْبَلَهُمْ زِیَادٌ فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ یَا أَبَا الْفَضْلِ فَامْضِ إِلَی الْقِبْلَةِ وَ أَمَّا أَنْتُمَا فَارْجِعَا فَمَضَی الْعَبَّاسُ حَتَّی دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی هَذَا ابْنُ عَمِّكَ قَدْ جَاءَ تَائِباً وَ ابْنُ عَمَّتِكَ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِمَا إِنَّ ابْنَ عَمِّی انْتَهَكَ عِرْضِی وَ أَمَّا ابْنُ عَمَّتِی فَهُوَ الَّذِی یَقُولُ بِمَكَّةَ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً فَلَمَّا خَرَجَ الْعَبَّاسُ كَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ وَ قَالَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی ابْنُ عَمِّكَ قَدْ جَاءَ تَائِباً لَا یَكُونُ أَشْقَی النَّاسِ بِكَ وَ أَخِی ابْنُ عَمَّتِكَ وَ صِهْرُكَ فَلَا یَكُونَنَّ شَقِیّاً بِكَ وَ نَادَی أَبُو سُفْیَانَ بْنُ الْحَارِثِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كُنْ (1) لَنَا كَمَا
ص: 127
قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ فَدَعَاهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ وَ دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی أُمَیَّةَ فَقَبِلَ مِنْهُ.
وَ قَالَ الْعَبَّاسُ هُوَ وَ اللَّهِ هَلَاكُ قُرَیْشٍ إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ إِنْ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْوَةً قَالَ فَرَكِبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْضَاءَ وَ خَرَجْتُ أَطْلُبُ الْحَطَّابَةَ أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ لَعَلِّی آمُرُهُ أَنْ یَأْتِیَ قُرَیْشاً فَیَرْكَبُونَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَأْمِنُونَ إِلَیْهِ إِذْ لَقِیتُ أَبَا سُفْیَانَ وَ بُدَیْلَ بْنَ وَرْقَاءَ وَ حَكِیمَ بْنَ حِزَامٍ وَ أَبُو سُفْیَانَ یَقُولُ لِبُدَیْلٍ مَا هَذِهِ النِّیرَانُ قَالَ هَذِهِ خُزَاعَةُ قَالَ خُزَاعَةُ أَقَلُّ وَ أَقَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِیرَانُهُمْ وَ لَكِنْ لَعَلَّ هَذِهِ تَمِیمٌ أَوْ رَبِیعَةُ قَالَ الْعَبَّاسُ فَعَرَفْتُ صَوْتَ أَبِی سُفْیَانَ فَقُلْتُ أَبَا حَنْظَلَةَ قَالَ لَبَّیْكَ فَمَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا الْعَبَّاسُ قَالَ فَمَا هَذِهِ النِّیرَانُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قُلْتُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ قَالَ فَمَا الْحِیلَةُ قَالَ تَرْكَبُ فِی عَجُزِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ فَأَسْتَأْمِنُ لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَأَرْدَفْتُهُ خَلْفِی ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فَكُلَّمَا انْتَهَیْتُ إِلَی نَارٍ قَامُوا إِلَیَّ فَإِذَا رَأَوْنِی قَالُوا هَذَا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَلُّوا سَبِیلَهُ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی بَابِ عُمَرَ فَعَرَفَ أَبَا سُفْیَانَ فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَمْكَنَ مِنْكَ فَرَكَضْتُ الْبَغْلَةَ حَتَّی اجْتَمَعْنَا عَلَی بَابِ الْقُبَّةِ وَ دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هَذَا أَبُو سُفْیَانَ قَدْ أَمْكَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَیْرِ عَهْدٍ وَ لَا عَقْدٍ فَدَعْنِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ الْعَبَّاسُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَبُو سُفْیَانَ وَ قَدْ أَجَرْتُهُ قَالَ أَدْخِلْهُ فَدَخَلَ فَقَامَ (1) بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ وَیْحَكَ (2) یَا بَا سُفْیَانَ أَ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَكْرَمَكَ وَ أَوْصَلَكَ وَ أَحْلَمَكَ أَمَّا اللَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ لَأَغْنَی یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ أَمَّا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ إِنَّ فِی نَفْسِی مِنْهَا لَشَیْئاً قَالَ الْعَبَّاسُ یَضْرِبُ وَ اللَّهِ عُنُقَكَ السَّاعَةَ (3) أَوْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ
ص: 128
فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ (1) تَلَجْلَجَ بِهَا فُوهُ (2) فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ لِلْعَبَّاسِ فَمَا نَصْنَعُ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّی فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اسْلَحْ (3) عَلَیْهِمَا قَالَ أَبُو سُفْیَانَ أُفٍّ لَكَ مَا أَفْحَشَكَ مَا یُدْخِلُكَ یَا عُمَرُ فِی كَلَامِی وَ كَلَامِ ابْنِ عَمِّی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَنْ تَكُونُ اللَّیْلَةَ قَالَ عِنْدَ أَبِی الْفَضْلِ قَالَ فَاذْهَبْ بِهِ یَا أَبَا الْفَضْلِ فَأَبِتْهُ عِنْدَكَ اللَّیْلَةَ وَ اغْدُ بِهِ عَلَیَّ فَلَمَّا أَصْبَحَ سَمِعَ بِلَالًا یُؤَذِّنُ قَالَ مَا هَذَا الْمُنَادِی یَا أَبَا الْفَضْلِ قَالَ هَذَا مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ قُمْ فَتَوَضَّ (4) وَ صَلِّ قَالَ كَیْفَ أَتَوَضَّأُ فَعَلَّمَهُ قَالَ وَ نَظَرَ أَبُو سُفْیَانَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَتَوَضَّأُ وَ أَیْدِی الْمُسْلِمِینَ تَحْتَ شَعْرِهِ فَلَیْسَ قَطْرَةٌ یُصِیبُ (5) رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ فَقَالَ بِاللَّهِ إِنْ رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ قَطُّ كِسْرَی وَ لَا قَیْصَرَ فَلَمَّا صَلَّی غَدَا بِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِی إِلَی قَوْمِكَ فَأُنْذِرَهُمْ وَ أَدْعُوَهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ كَیْفَ أَقُولُ لَهُمْ بَیِّنْ لِی مِنْ ذَلِكَ أَمْراً یَطْمَئِنُّون إِلَیْهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله تَقُولُ لَهُمْ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ شَهِدَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ كَفَّ یَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَ وَضَعَ سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَ الْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ رَجُلٌ یُحِبُّ الْفَخْرَ فَلَوْ خَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِی سُفْیَانَ فَهُوَ آمِنٌ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ دَارِی قَالَ دَارُكَ ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
وَ لَمَّا مَضَی أَبُو سُفْیَانَ قَالَ الْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْیَانَ رَجُلٌ مِنْ شَأْنِهِ الْغَدْرُ وَ قَدْ رَأَی مِنَ الْمُسْلِمِینَ تَفَرُّقاً قَالَ فَأَدْرِكْهُ وَ احْبِسْهُ فِی مَضَایِقِ الْوَادِی حَتَّی یَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ قَالَ فَلَحِقَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ أَبَا حَنْظَلَةَ قَالَ أَ غَدْراً یَا بَنِی هَاشِمٍ قَالَ سَتَعْلَمُ أَنَّ الْغَدْرَ لَیْسَ مِنْ شَأْنِنَا وَ لَكِنْ أَصْبِحْ حَتَّی تَنْظُرَ إِلَی جُنُودِ
ص: 129
اللَّهِ قَالَ الْعَبَّاسُ فَمَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ لَا وَ لَكِنْ هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فِی الْمُقَدِّمَةِ ثُمَّ مَرَّ الزُّبَیْرُ فِی جُهَیْنَةَ وَ أَشْجَعَ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ یَا عَبَّاسُ هَذَا مُحَمَّدٌ قَالَ لَا هَذَا الزُّبَیْرُ فَجَعَلَتِ الْجُنُودُ تَمُرُّ بِهِ حَتَّی مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْأَنْصَارِ ثُمَّ انْتَهَی إِلَیْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِیَدِهِ رَایَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا بَا حَنْظَلَةَ:
الْیَوْمُ یَوْمُ الْمَلْحَمَةِ*** الْیَوْمُ تُسْبَی الْحُرَمَةُ.
یَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ ثَارُكُمْ یَوْمَ الْجَبَلِ فَلَمَّا سَمِعَهَا مِنْ سَعْدٍ خَلَّی الْعَبَّاسَ وَ سَعَی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَاحَمَ (1) حَتَّی مَرَّ تَحْتَ الرِّمَاحِ فَأَخَذَ غَرْزَهُ فَقَبَّلَهَا ثُمَّ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَ مَا تَسْمَعُ مَا یَقُولُ سَعْدٌ وَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ مِمَّا قَالَ سَعْدٌ شَیْ ءٌ.
ثُمَّ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَدْرِكْ سَعْداً فَخُذِ الرَّایَةَ مِنْهُ وَ أَدْخِلْهَا إِدْخَالًا رَفِیقاً فَأَخَذَهَا عَلِیٌّ وَ أَدْخَلَهَا كَمَا أَمَرَ. (2) قَالَ وَ أَسْلَمَ یَوْمَئِذٍ حَكِیمُ بْنُ حِزَامٍ وَ بُدَیْلُ بْنُ وَرْقَاءَ وَ جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَ أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ یَرْكُضُ حَتَّی دَخَلَ مَكَّةَ وَ قَدْ سَطَحَ الْغُبَارُ مِنْ فَوْقِ الْجِبَالِ وَ قُرَیْشٌ لَا تَعْلَمُ وَ أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِی یَرْكُضُ فَاسْتَقْبَلَهُ قُرَیْشٌ وَ قَالُوا مَا وَرَاكَ وَ مَا هَذَا الْغُبَارُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِی خَلْقٍ ثُمَّ صَاحَ یَا آلَ غَالِبٍ الْبُیُوتَ الْبُیُوتَ مَنْ دَخَلَ دَارِی فَهُوَ آمِنٌ فَعَرَفَتْ هِنْدٌ فَأَخَذَتْ تَطْرُدُهُمْ ثُمَّ قَالَتْ اقْتُلُوا الشَّیْخَ الْخَبِیثَ لَعَنَهُ اللَّهُ مِنْ وَافِدِ قَوْمٍ (3) وَ طَلِیعَةِ قَوْمٍ قَالَ وَیْلَكِ إِنِّی رَأَیْتُ ذَاتَ الْقُرُونِ وَ رَأَیْتُ فَارِسَ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ وَ رَأَیْتُ مُلُوكَ كِنْدَةَ وَ فِتْیَانَ حِمْیَرٍ یُسْلِمْنَ (4) آخِرَ النَّهَارِ وَیْلَكِ
ص: 130
اسْكُتِی فَقَدْ وَ اللَّهِ جَاءَ الْحَقُّ وَ دَنَتِ الْبَلِیَّةُ.
قَالَ وَ كَانَ قَدْ عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمُسْلِمِینَ أَنْ لَا یَقْتُلُوا بِمَكَّةَ إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ سِوَی نَفَرٍ كَانُوا یُؤْذُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمْ مِقْیَسُ بْنُ صُبَابَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَ قینتین (قَیْنَتَانِ) كَانَتَا تُغَنِّیَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ اقْتُلُوهُمْ وَ إِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِینَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَأُدْرِكَ ابْنُ خَطَلٍ وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَیْهِ سَعِیدُ بْنُ حُرَیْثٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِیدٌ عَمَّاراً فَقَتَلَهُ وَ قُتِلَ مِقْیَسُ بْنُ صُبَابَةَ فِی السُّوقِ وَ قَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِحْدَی الْقَیْنَتَیْنِ وَ أَفْلَتَتِ الْأُخْرَی وَ قَتَلَ علیه السلام أَیْضاً الْحُوَیْرِثَ بْنَ نُفَیْلِ بْنِ كَعْبٍ (1) وَ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ (2) بِنْتَ أَبِی طَالِبٍ قَدْ آوَتْ نَاساً مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ مِنْهُمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَ قَیْسُ بْنُ السَّائِبِ (3) فَقَصَدَ نَحْوَ دَارِهَا مُقَنَّعاً بِالْحَدِیدِ فَنَادَی أَخْرِجُوا مَنْ آوَیْتُمْ فَجَعَلُوا یَذْرِقُونَ كَمَا یَذْرِقُ الْحُبَارَی خَوْفاً مِنْهُ فَخَرَجَتْ إِلَیْهِ أُمُّ هَانِئٍ وَ هِیَ لَا تَعْرِفُهُ فَقَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أُخْتُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ انْصَرِفْ عَنْ دَارِی فَقَالَ عَلِیٌّ أَخْرِجُوهُمْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَنَزَعَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ فَعَرَفَتْهُ فَجَاءَتْ تَشْتَدُّ حَتَّی الْتَزَمَتْهُ فَقَالَتْ فَدَیْتُكَ حَلَفْتُ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهَا فَاذْهَبِی فَبَرِّی قَسَمَكِ فَإِنَّهُ بِأَعْلَی الْوَادِی قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ فَجِئْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی قُبَّةٍ یَغْتَسِلُ وَ فَاطِمَةُ علیها السلام یستره (تَسْتُرُهُ) فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَلَامِی قَالَ مَرْحَباً بِكِ یَا أُمَّ هَانِئٍ قُلْتُ بِأَبِی وَ أُمِّی مَا لَقِیتُ مِنْ عَلِیٍّ الْیَوْمَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَجَرْتُ مَنْ أَجَرْتِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ إِنَّمَا جِئْتِ یَا أُمَّ هَانِئٍ تَشْكِینَ عَلِیّاً (4) فِی أَنَّهُ أَخَافَ أَعْدَاءَ اللَّهِ وَ أَعْدَاءَ رَسُولِهِ
ص: 131
فَقُلْتُ احْتَمِلِینِی فَدَیْتُكِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ شَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی سَعْیَهُ وَ أَجَرْتُ مَنْ أَجَارَتْ أُمُّ هَانِئٍ لِمَكَانِهَا مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.
قَالَ أَبَانٌ وَ حَدَّثَنِی بَشِیرٌ النَّبَّالُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ مَنِ الْمِفْتَاحُ قَالُوا عِنْدَ أُمِّ شَیْبَةَ فَدَعَا شَیْبَةَ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَی أُمِّكَ فَقُلْ لَهَا تُرْسِلْ بِالْمِفْتَاحِ فَقَالَتْ قُلْ لَهُ قَتَلْتَ مُقَاتِلَنَا وَ تُرِیدُ أَنْ تَأْخُذَ مِنَّا مَكْرُمَتَنَا فَقَالَ لَتُرْسِلِنَّ بِهِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكِ فَوَضَعَتْهُ فِی یَدِ الْغُلَامِ فَأَخَذَهُ وَ دَعَا عُمَرَ فَقَالَ لَهُ هَذَا تَأْوِیلُ رُؤْیَایَ مِنْ قَبْلُ.
ثُمَّ قَامَ صلی اللّٰه علیه و آله فَفَتَحَهُ وَ سَتَرَهُ فَمِنْ یَوْمِئِذٍ یُسْتَرُ ثُمَّ دَعَا الْغُلَامَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ فِیهِ الْمِفْتَاحَ وَ قَالَ رُدَّهُ إِلَی أُمِّكَ قَالَ وَ دَخَلَ صَنَادِیدُ قُرَیْشٍ الْكَعْبَةَ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّ السَّیْفَ لَا یُرْفَعُ عَنْهُمْ فَأَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْتَ وَ أَخَذَ بِعِضَادَتَیِ (1) الْبَابِ ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَ نَصَرَ عَبْدَهُ وَ غَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَظُنُّونَ وَ مَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ فَقَالَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو نَقُولُ خَیْراً وَ نَظُنُّ خَیْراً أَخٌ كَرِیمٌ وَ ابْنُ عَمٍّ قَالَ فَإِنِّی أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ أَخِی یُوسُفُ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ وَ مَالٍ وَ مَأْثُرَةٍ كَانَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَیَّ إِلَّا سِدَانَةَ (2) الْكَعْبَةِ وَ سِقَایَةَ الْحَاجِّ فَإِنَّهُمَا مَرْدُودَتَانِ إِلَی أَهْلِیهِمَا أَلَا إِنَّ مَكَّةَ مُحَرَّمَةٌ بِتَحْرِیمِ اللَّهِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِی وَ لَمْ تَحِلَّ لِی إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهِیَ مُحَرَّمَةٌ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ لَا یُخْتَلَی خَلَاهَا وَ لَا یُقْطَعُ شَجَرُهَا وَ لَا یُنَفَّرُ صَیْدُهَا وَ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ثُمَّ قَالَ أَلَا لَبِئْسَ جِیرَانُ النَّبِیِّ كُنْتُمْ لَقَدْ كَذَّبْتُمْ وَ طَرَدْتُمْ وَ أَخْرَجْتُمْ وَ فَلَلْتُمْ ثُمَّ مَا رَضِیتُمْ حَتَّی جِئْتُمُونِی فِی بِلَادِی تُقَاتِلُونِی فَاذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ فَخَرَجَ الْقَوْمُ كَأَنَّمَا أُنْشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ وَ دَخَلُوا فِی الْإِسْلَامِ.
قَالَ وَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ بِغَیْرِ إِحْرَامٍ وَ عَلَیْهِمُ السِّلَاحُ وَ دَخَلَ
ص: 132
الْبَیْتَ لَمْ یَدْخُلْهُ فِی حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ وَ دَخَلَ وَقْتَ الظُّهْرِ (1) فَأَمَرَ بِلَالًا فَصَعِدَ عَلَی الْكَعْبَةِ وَ أَذَّنَ فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَكْرَهُ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ ابْنِ رِیَاحٍ یَنْهَقُ عَلَی الْكَعْبَةِ وَ قَالَ خَالِدُ بْنُ أَسِیدٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَ أَبَا عَتَّابٍ مِنْ هَذَا الْیَوْمِ أَنْ یَرَی ابْنَ رِیَاحٍ قَائِماً عَلَی الْكَعْبَةِ قَالَ سُهَیْلٌ هِیَ كَعْبَةُ اللَّهِ وَ هُوَ یَرَی وَ لَوْ شَاءَ لَغَیَّرَ قَالَ وَ كَانَ أَقْصَدَهُمْ (2) وَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ شَیْئاً وَ اللَّهِ لَوْ نَطَقْتُ لَظَنَنْتُ أَنَّ هَذِهِ الْجُدُرَ تُخْبِرُ بِهِ مُحَمَّداً وَ بَعَثَ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالُوا فَقَالَ عَتَّابٌ قَدْ وَ اللَّهِ قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ فَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ نَتُوبُ إِلَیْهِ فَأَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ وَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ قَالَ وَ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ دَخَلُوا فِی أَسْفَلِ مَكَّةَ وَ أَخْطَئُوا الطَّرِیقَ فَقُتِلُوا. (3).
أقول: ذكر المفید رحمه اللّٰه فی الإرشاد أكثر تلك (4) القصص بأدنی تغییر (5) تركناها حذرا من التكرار.
بیان: إلی صدر السورة أی إلی آخر الآیات من أول السورة و الصدر أیضا الطائفة من الشی ء و لكن أصبح أی أصبر حتی یتنور الصبح و الإصباح الدخول فی الصباح و یطلق علی الإسفار قال الراغب الصباح أول النهار و هو وقت ما احمر الأفق بحاجب الشمس قوله ثاركم یوم الجبل أی اطلبوا دماءكم التی أریقت یوم أحد و الغرز بالفتح ركاب من جلد و الذرق بالذال و الزای بمعنی و الحباری معروف بالحمق و الجبن و فی المصباح احتملت ما كان منه بمعنی العفو و الإغضاء و الفل الكسر و الضرب و فل الجیش هزمه فقال عتاب أی معتذرا عن أخیه و یحتمل أن یكون هو أیضا قال شیئا.
ص: 133
«23»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ بَایَعَ الرِّجَالَ ثُمَّ جَاءَهُ النِّسَاءُ یُبَایِعْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَكَ عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَكَ فِی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ فَقَالَتْ هِنْدٌ أَمَّا الْوُلْدَ فَقَدْ رَبَّیْنَا صِغَاراً وَ قَتَلْتَهُمْ (1) كِبَاراً وَ قَالَتْ أُمُّ حَكِیمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَ كَانَتْ عِنْدَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِی جَهْلٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ الَّذِی أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ لَا نَعْصِیَكَ فِیهِ فَقَالَ لَا تَلْطِمْنَ خَدّاً وَ لَا تَخْمِشْنَ وَجْهاً وَ لَا تَنْتِفْنَ شَعْراً وَ لَا تَشْقُقْنَ جَیْباً وَ لَا تُسَوِّدْنَ ثَوْباً وَ لَا تَدْعِینَ بِوَیْلٍ فَبَایَعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی هَذَا فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ نُبَایِعُكَ قَالَ إِنَّنِی لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَ یَدَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَقَالَ أَدْخِلْنَ أَیْدِیَكُنَّ فِی هَذَا الْمَاءِ فَهِیَ الْبَیْعَةُ (2).
كا، الكافی علی عن أبیه عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله (3).
«24»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ تَدْرِی كَیْفَ بَایَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النِّسَاءَ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ جَمَعَهُنَّ حَوْلَهُ ثُمَّ دَعَا بِتَوْرِ بِرَامٍ فَصَبَّ فِیهِ نَضُوحاً ثُمَّ غَمَسَ یَدَهُ فِیهِ ثُمَّ قَالَ اسْمَعْنَ یَا هَؤُلَاءِ أُبَایِعُكُنَّ عَلَی أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لَا تَسْرِقْنَ وَ لَا تَزْنِینَ وَ لَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ وَ لَا تَأْتِینَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیكُنَّ وَ أَرْجُلِكُنَّ وَ لَا تَعْصِینَ بُعُولَتَكُنَّ فِی مَعْرُوفٍ أَقْرَرْتُنَّ قُلْنَ نَعَمْ فَأَخْرَجَ یَدَهُ مِنَ التَّوْرِ ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ اغْمِسْنَ أَیْدِیَكُنَّ فَفَعَلْنَ فَكَانَتْ یَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الطَّاهِرَةُ أَطْیَبَ مِنْ أَنْ یَمَسَّ بِهَا كَفَّ أُنْثَی لَیْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ (4).
بیان: التور إناء من صُفْر أو حجارة كالإِجَّانة ذكره الجزریُّ و قال
ص: 134
البُرْمة القِدْر مطلقا و جمعها بِرَام و هی فی الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز و الیمن و قال النضوح بالفتح ضرب من الطیب.
«25»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ضُرِبَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْمَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ شَعْرٍ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَیْهِ الْمَاءَ مِنْ جَفْنَةٍ یُرَی فِیهَا أَثَرُ الْعَجِینِ ثُمَّ تَحَرَّی الْقِبْلَةَ ضُحًی فَرَكَعَ ثَمَانِیَ رَكَعَاتٍ لَمْ یَرْكَعْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ ذَلِكَ وَ لَا بَعْدُ (1).
«26»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ یَوْمَ افْتَتَحَهَا فَتَحَ بَابَ الْكَعْبَةِ فَأَمَرَ بِصُوَرٍ فِی الْكَعْبَةِ فَطُمِسَتْ ثُمَّ أَخَذَ بِعِضَادَتَیِ الْبَابِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَ نَصَرَ عَبْدَهُ وَ هَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ مَا ذَا تَقُولُونَ وَ مَا ذَا تَظُنُّونَ قَالُوا نَظُنُّ خَیْراً وَ نَقُولُ خَیْراً أَخٌ كَرِیمٌ وَ ابْنُ أَخٍ كَرِیمٍ وَ قَدْ قَدَرْتَ قَالَ فَإِنِّی أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِی یُوسُفُ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ أَلَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ یَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَهِیَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ لَا یُنَفَّرُ صَیْدُهَا وَ لَا یُعْضَدُ شَجَرُهَا وَ لَا یُخْتَلَی خَلَاهَا وَ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِلْقَبْرِ وَ الْبُیُوتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا الْإِذْخِرَ (2).
بیان: الطموس الدروس و الانمحاء و عضادتا الباب هما خشبتاه من جانبیه و التثریب التعییر و العضد القطع و الخلی مقصورا النبات الرقیق ما دام رطبا و اختلاؤه قطعه و إنشاد الضالة تعریفها.
«27»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِنَ
ص: 135
اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ یَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ هِیَ حَرَامٌ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِی وَ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِی وَ لَمْ تَحِلَّ (1) لِی إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ (2).
«28»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیِّ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمْ یَسْبِ لَهُمْ ذُرِّیَّةً وَ قَالَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ (3).
«29»- یب، تهذیب الأحكام الطَّاطَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ لَا تُصَلِّ الْمَكْتُوبَةَ فِی جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَدْخُلْهَا فِی حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ وَ لَكِنْ دَخَلَهَا فِی فَتْحِ مَكَّةَ فَصَلَّی فِیهَا رَكْعَتَیْنِ بَیْنَ الْعَمُودَیْنِ وَ مَعَهُ أُسَامَةُ (4).
«30»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم أَبُو الْقَاسِمِ الْعَلَوِیُّ مُعَنْعَناً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ قَالَ قَدِمَتْ سَارَةُ مَوْلَاةُ بَنِی هَاشِمٍ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ إِنِّی مَوْلَاتُكُمْ وَ قَدْ أَصَابَنِی جَهْدٌ وَ أَتَیْتُكُمْ (5) أَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوفِكُمْ فَكُسِیَتْ وَ حُمِلَتْ وَ جُهِّزَتْ وَ عَمَدَتْ حَاطِبَ بْنَ أَبِی بَلْتَعَةَ أَخَا بَنِی أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّی فَكَتَبَ مَعَهَا كِتَاباً لِأَهْلِ مَكَّةَ (6) بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یُجَهِّزُوا وَ عَرَفَ حَاطِبٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُ أَهْلَ مَكَّةَ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ یُحَذِّرُهُمْ وَ جَعَلَ لِسَارَةَ جُعْلًا عَلَی أَنْ تَكْتُمَ عَلَیْهِ وَ تُبَلِّغَ رِسَالَتَهُ فَفَعَلَتْ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی نَبِیِّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلَیْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ
ص: 136
فِی أَثَرِهَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ زُبَیْرَ بْنَ (1) الْعَوَّامِ وَ أَخْبَرَهُمَا خَبَرَ الصَّحِیفَةِ فَقَالَ إِنْ أَعْطَتْكُمُ (2) الصَّحِیفَةَ فَخَلُّوا سَبِیلَهَا وَ إِلَّا فَاضْرِبُوا عُنُقَهَا فَلَحِقَا سَارَةَ فَقَالا أَیْنَ الصَّحِیفَةُ الَّتِی كُتِبَتْ مَعَكِ یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ فَحَلَفَتْ بِاللَّهِ مَا مَعِی (3) كِتَابٌ فَفَتَّشَاهَا فَلَمْ یَجِدَا مَعَهَا شَیْئاً فَهَمَّا بِتَرْكِهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا وَ اللَّهِ مَا كَذَبْنَا وَ لَا كُذِبْنَا فَسَلَّ سَیْفَهُ فَقَالَ أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا أَغْمِدُهُ حَتَّی تُخْرِجِینَ الْكِتَابَ أَوْ یَقَعَ فِی رَأْسِكِ فَزَعَمُوا أَنَّهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَتْ فَلِلَّهِ عَلَیْكُمَا الْمِیثَاقُ إِنْ أُعْطِكُمَا الْكِتَابَ لَا تَقْتُلَانِی وَ لَا تَصْلِبَانِی وَ لَا تَرُدَّانِی إِلَی الْمَدِینَةِ قَالا نَعَمْ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ شَعْرِهَا فَخَلَّیَا سَبِیلَهَا ثُمَّ رَجَعَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْطَیَاهُ الصَّحِیفَةَ فَإِذَا فِیهَا مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ إِنَّ مُحَمَّداً قَدْ نَفَرَ فَإِنِّی لَا أَدْرِی إِیَّاكُمْ أَرَادَ أَوْ غَیْرَكُمْ فَعَلَیْكُمْ بِالْحَذَرِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ تَعْرِفُ هَذَا الْكِتَابَ یَا حَاطِبُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَمَا وَ الَّذِی أَنْزَلَ عَلَیْكَ الْكِتَابَ مَا كَفَرْتُ مُنْذُ آمَنْتُ وَ لَا أَجَبْتُهُمْ مُنْذُ فَارَقْتُهُمْ وَ لَكِنْ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا وَ لَهُمْ (4) بِمَكَّةَ عَشِیرَةٌ غَیْرِی فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ یَداً وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ بِهِمْ بَأْسَهُ وَ نَقِمَتَهُ وَ أَنَّ كِتَابِی لَا یُغْنِی عَنْهُمْ شَیْئاً فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَذَّرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ (5).31- كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمِنْبَرَ یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ تَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا أَلَا إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ طِینٍ أَلَا إِنَّ خَیْرَ عِبَادِ اللَّهِ عَبْدٌ اتَّقَاهُ إِنَّ الْعَرَبِیَّةَ لَیْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ لَكِنَّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ قَصَرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ یُبْلِغْ حَسَبُهُ أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَوْ إِحْنَةٍ وَ الْإِحْنَةُ الشَّحْنَاءُ فَهِیَ تَحْتَ قَدَمِی هَذِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (6).
ص: 137
«32»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی النَّاسِ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ نَخْوَةَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ التَّفَاخُرَ بِآبَائِهَا وَ عَشَائِرِهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ طِینٍ أَلَا وَ إِنَّ خَیْرَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَكْرَمَكُمْ عَلَیْهِ الْیَوْمَ أَتْقَاكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لَهُ أَلَا وَ إِنَّ الْعَرَبِیَّةَ لَیْسَتْ بِأَبٍ وَالِدٍ وَ لَكِنَّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَنْ طُعِنَ بَیْنَكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّهُ یُبْلِغُهُ رِضْوَانَ اللَّهِ حَسَبَهُ أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَظْلِمَةٍ أَوْ إِحْنَةٍ كَانَتْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَهِیَ مَطْلٌ (1) تَحْتَ قَدَمَیَّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (2).
«33»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَیْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ فِی مَسْجِدِ الْخَیْفِ (3) نَضَّرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِی فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ یَبْلُغْهُ یَا أَیُّهَا النَّاسُ لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَیْسَ بِفَقِیهٍ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَی مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا یُغِلُّ عَلَیْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِیحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِیطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ یَدٌ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ یَسْعَی بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ (4).
ص: 138
«34»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِی أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ سِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ الشِّرْكِ قَالَ فَغَضِبَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ سَارَ وَ اللَّهِ فِیهِمْ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْفَتْحِ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَتَبَ إِلَی مَالِكٍ وَ هُوَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ یَوْمَ الْبَصْرَةِ بِأَنْ لَا یَطْعُنَ فِی غَیْرِ مُقْبِلٍ وَ لَا یَقْتُلَ مُدْبِراً وَ لَا یُجَهِّزَ عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ (1).
«1»-شا، الإرشاد ثم اتصل بفتح مكة إنفاذ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خالد بن الولید إلی بنی جذیمة (2) بن عامر و كانوا بالغمیصاء یدعوهم إلی اللّٰه عز و جل و إنما أنفذه إلیهم للترة التی كانت بینه و بینهم و ذلك أنهم كانوا أصابوا فی الجاهلیة نسوة من بنی المغیرة و قتلوا الفاكه بن المغیرة عم خالد بن الولید و قتلوا عوفا أبا عبد الرحمن بن عوف و أنفذه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لذلك و أنفذ معه عبد الرحمن بن عوف للترة أیضا التی كانت بینه و بینهم و لو لا ذلك لما رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خالدا أهلا للإمارة علی المسلمین فكان من أمره ما كان و خالف فیه عهد اللّٰه و عهد رسوله و عمل فیه علی سنة الجاهلیة (3) فبرئ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من صنعه (4) و تلافی فارطه بأمیر المؤمنین علیه السلام. (5) بیان فی القاموس الغمیصاء موضع أوقع فیه خالد بن الولید ببنی جذیمة.
ص: 139
«2»-عم، إعلام الوری بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله السَّرَایَا فِیمَا حَوْلَ مَكَّةَ یَدْعُونَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِقِتَالٍ فَبَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَی بَنِی مُدْلِجٍ فَقَالُوا لَسْنَا عَلَیْكَ وَ لَسْنَا مَعَكَ فَقَالَ النَّاسُ اغْزُهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ لَهُمْ سَیِّداً أَدِیباً أَرِیباً وَ رُبَّ غَازٍ مِنْ بَنِی مُدْلِجٍ شَهِیدٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَیَّةَ الضَّمْرِیَّ إِلَی بَنِی الدِّیلِ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَأَبَوْا أَشَدَّ الْإِبَاءِ فَقَالَ النَّاسُ اغْزُهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَتَاكُمُ الْآنَ سَیِّدُهُمْ قَدْ أَسْلَمَ فَیَقُولُ لَهُمْ أَسْلِمُوا فَیَقُولُونَ نَعَمْ وَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَی بَنِی مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ فَأَسْلَمُوا وَ جَاءَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی بَنِی جُذَیْمَةَ بْنِ عَامِرٍ وَ قَدْ كَانُوا أَصَابُوا فِی الْجَاهِلِیَّةِ مِنْ بَنِی الْمُغِیرَةِ نِسْوَةً وَ قَتَلُوا عَمَّ خَالِدٍ فَاسْتَقْبَلُوهُ وَ عَلَیْهِمُ السِّلَاحُ وَ قَالُوا یَا خَالِدُ إِنَّا لَمْ نَأْخُذِ السِّلَاحَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ نَحْنُ مُسْلِمُونَ فَانْظُرْ فَإِنْ كَانَ بَعَثَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاعِیاً فَهَذِهِ إِبِلُنَا وَ غَنَمُنَا فَاغْدُ عَلَیْهَا فَقَالَ ضَعُوا السِّلَاحَ قَالُوا إِنَّا نَخَافُ مِنْكَ أَنْ تَأْخُذَنَا بِإِحْنَةِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ قَدْ أَمَاتَهَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ بِمَنْ مَعَهُ فَنَزَلُوا قَرِیباً ثُمَّ شَنَّ عَلَیْهِمُ الْخَیْلَ فَقَتَلَ وَ أَسَرَ مِنْهُمْ رِجَالًا ثُمَّ قَالَ لِیَقْتُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أَسِیرَهُ فَقَتَلُوا الْأَسْرَی وَ جَاءَ رَسُولُهُمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِمَا فَعَلَ خَالِدٌ بِهِمْ فَرَفَعَ علیه السلام یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ وَ بَكَی ثُمَّ دَعَا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ اخْرُجْ إِلَیْهِمْ وَ انْظُرْ فِی أَمْرِهِمْ وَ أَعْطَاهُ سَفَطاً مِنْ ذَهَبٍ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ وَ أَرْضَاهُمْ (1).
«3»-أقول قال ابن الأثیر فی الكامل، و فی هذه السنة یعنی سنة ثمان بعد الفتح كانت غزاة خالد بن الولید بنی جذیمة و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد بعث السرایا بعد الفتح فیما حول مكة یدعون الناس إلی اللّٰه و لم یأمرهم بقتال و كان ممن بعث خالد بن الولید بعثه داعیا و لم یبعثه مقاتلا فنزل علی الغمیصاء ماء من میاه بنی جذیمة بن عامر و كانت جذیمة أصابت فی الجاهلیة عوف بن عبد عوف أبا عبد الرحمن و الفاكه بن المغیرة عم خالد و أخذوا ما معهما (2) فلما نزل خالد ذلك الماء أخذ
ص: 140
بنو جذیمة السلاح فقال خالد اخلعوا السلاح (1) فإن الناس قد أسلموا فوضعوا فأمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم علی السیف فقتل من قتل منهم فلما انتهی الخبر إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله رفع یدیه ثم قال اللّٰهم إنی أبرأ إلیك مما صنع خالد ثم أرسل علیا علیه السلام و معه مال و أمره أن ینظر فی أمرهم فودی لهم النساء و الأموال حتی إنه لیدی میلغة (2) الكلب ففضل معه من المال فضلة فقال لهم علی علیه السلام هل بقی لكم مال أو دم لم یؤد قالوا لا قال إنی أعطیكم هذه البقیة احتیاطا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ففعل ثم رجع إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره فقال أصبت و أحسنت (3).
«4»-ل، الخصال بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الشُّورَی نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ علیه السلام بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی بَنِی خُزَیْمَةَ (4) فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمِنْبَرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ یَا عَلِیُّ فَذَهَبْتُ فَوَدَیْتُهُمْ ثُمَّ نَاشَدْتُهُمْ بِاللَّهِ هَلْ بَقِیَ شَیْ ءٌ فَقَالُوا إِذْ نَشَدْتَنَا بِاللَّهِ فَمِیلَغَةُ كِلَابِنَا وَ عِقَالُ بَعِیرِنَا فَأَعْطَیْتُهُمْ لَهُمَا وَ بَقِیَ مَعِی ذَهَبٌ كَثِیرٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ إِیَّاهُ وَ قُلْتُ هَذَا لِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِمَا تَعْلَمُونَ وَ لِمَا لَا تَعْلَمُونَ وَ لِرَوْعَاتِ النِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ ثُمَّ جِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا یَسُرُّنِی (5) یَا عَلِیُّ أَنَّ لِی بِمَا صَنَعْتَ حُمْرَ النَّعَمِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ (6).
ص: 141
«5»-ل، الخصال لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیهما السلام قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی حَیٍّ یُقَالُ لَهُمْ بَنُو الْمُصْطَلِقِ مِنْ بَنِی جُذَیْمَةَ وَ كَانَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ بَنِی مَخْزُومٍ إِحْنَةٌ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَلَمَّا وَرَدَ عَلَیْهِمْ كَانُوا قَدْ أَطَاعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخَذُوا مِنْهُ كِتَاباً فَلَمَّا وَرَدَ عَلَیْهِمْ خَالِدٌ أَمَرَ مُنَادِیاً فَنَادَی بِالصَّلَاةِ فَصَلَّی وَ صَلَّوْا فَلَمَّا كَانَ صَلَاةُ الْفَجْرِ أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی فَصَلَّی وَ صَلَّوْا ثُمَّ أَمَرَ الْخَیْلَ فَشَنُّوا فِیهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلَ وَ أَصَابَ فَطَلَبُوا كِتَابَهُمْ فَوَجَدُوهُ فَأَتَوْا بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَدَّثُوهُ بِمَا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَاسْتَقْبَلَ صلی اللّٰه علیه و آله الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ قَالَ ثُمَّ قُدِّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تِبْرٌ وَ مَتَاعٌ فَقَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ ائْتِ بَنِی جُذَیْمَةَ مِنْ بَنِی الْمُصْطَلِقِ فَأَرْضِهِمْ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ ثُمَّ رَفَعَ علیه السلام قَدَمَیْهِ فَقَالَ یَا عَلِیُّ اجْعَلْ قَضَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِیَّةِ تَحْتَ قَدَمَیْكَ فَأَتَاهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِمْ حَكَمَ فِیهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا عَلِیُّ أَخْبِرْنِی بِمَا صَنَعْتَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَمَدْتُ فَأَعْطَیْتُ لِكُلِّ دَمٍ دِیَةً وَ لِكُلِّ جَنِینٍ غُرَّةً وَ لِكُلِّ مَالٍ مَالًا وَ فَضَلَتْ مَعِی فَضْلَةٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ لِمِیلَغَةِ كِلَابِهِمْ وَ حَبَلَةِ رُعَاتِهِمْ وَ فَضَلَتْ مَعِی فَضْلَةٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ لِرَوْعَةِ نِسَائِهِمْ وَ فَزَعِ صِبْیَانِهِمْ وَ فَضَلَتْ مَعِی فَضْلَةٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ لِمَا یَعْلَمُونَ وَ لِمَا لَا یَعْلَمُونَ وَ فَضَلَتْ مَعِی فَضْلَةٌ فَأَعْطَیْتُهُمْ لِیَرْضَوْا عَنْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَعْطَیْتَهُمْ لِیَرْضَوْا عَنِّی رَضِیَ اللَّهُ عَنْكَ یَا عَلِیُّ إِنَّمَا أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی (1).
بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعثه لیدی قوما قتلهم خالد بن الولید فأعطاهم میلغة الكلب هی الإناء الذی یلغ فیه الكلب یعنی أعطاهم قیمة كل ما ذهب لهم حتی قیمة المیلغة انتهی و الحبلة هنا الرسن أو بالتحریك أی الجنین الساقط من دوابهم و مواشیهم و الأول أظهر.
ص: 142
«6»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِیَّا (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ تَسْنِیمٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ عَلَی صَدَقَاتِ بَنِی الْمُصْطَلِقِ حَیٍّ مِنْ خُزَاعَةَ وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ ذَحْلٌ فَأَوْقَعَ بِهِمْ خَالِدٌ فَقَتَلَ مِنْهُمْ وَ اسْتَاقَ أَمْوَالَهُمْ فَبَلَغَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا فَعَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَبْرَأُ إِلَیْكَ (2) مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِمَالٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُؤَدِّیَ إِلَیْهِمْ دِیَاتِ رِجَالِهِمْ (3) وَ مَا ذَهَبَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَ بَقِیَتْ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ زَعْبَةٌ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ تَفْقِدُونَ شَیْئاً مِنْ مَتَاعِكُمْ (4) فَقَالُوا مَا نَفْقِدُ شَیْئاً إِلَّا مِیلَغَةَ كِلَابِنَا فَدَفَعَ إِلَیْهِمْ مَا بَقِیَ مِنَ الْمَالِ فَقَالَ هَذَا لِمِیلَغَةِ كِلَابِكُمْ وَ مَا أُنْسِیتُمْ مِنْ مَتَاعِكُمْ وَ أَقْبَلَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا صَنَعْتَ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ حَتَّی أَتَی عَلَی حَدِیثِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْضَیْتَنِی رَضِیَ اللَّهُ عَنْكَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ هَادِی أُمَّتِی أَلَا إِنَّ السَّعِیدَ كُلَّ السَّعِیدِ مَنْ أَحَبَّكَ وَ أَخَذَ بِطَرِیقَتِكَ أَلَا إِنَّ الشَّقِیَّ كُلَّ الشَّقِیِّ مَنْ خَالَفَكَ وَ رَغِبَ عَنْ طَرِیقِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ (5).
بیان: الذحل العداوة و طلب المكافاة بالجنایة و الزعبة بفتح الزای المعجمة و ضمها القطعة من المال.
«7»- أقول قَالَ الْكَازِرُونِیُّ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَیْلَةً یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی حُنَیْنٍ وَ قَالَ فِی حَوَادِثِ السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ لَمَّا كَانَ یَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ هَرَبَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِی جَهْلٍ إِلَی الْیَمَنِ وَ خَافَ أَنْ یَقْتُلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَكِیمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ امْرَأَةً
ص: 143
لَهَا عَقْلٌ وَ كَانَتْ قَدِ اتَّبَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءَتْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَ عَمِّی عِكْرِمَةَ قَدْ هَرَبَ مِنْكَ إِلَی الْیَمَنِ وَ خَافَ أَنْ تَقْتُلَهُ فَآمِنْهُ قَالَ قَدْ آمَنْتُهُ بِأَمَانِ اللَّهِ فَمَنْ لَقِیَهُ فَلَا یَتَعَرَّضْ لَهُ فَخَرَجَتْ فِی طَلَبِهِ فَأَدْرَكَتْهُ فِی سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ تِهَامَةَ وَ قَدْ رَكِبَ الْبَحْرَ فَجَعَلَتْ تُلَوِّحُ إِلَیْهِ وَ تَقُولُ یَا ابْنَ عَمِّ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَوْصَلِ النَّاسِ وَ أَبَرِّ النَّاسِ وَ خَیْرِ النَّاسِ لَا تَهْلِكْ نَفْسَكَ وَ قَدِ اسْتَأْمَنْتُ لَكَ فَآمَنَكَ فَقَالَ أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قلت (1) [قَالَتْ نَعَمْ أَنَا كَلَّمْتُهُ فَآمَنَكَ فَرَجَعَ مَعَهَا فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ یَأْتِیكُمْ عِكْرِمَةُ مُهَاجِراً (2) فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ فَإِنَّ سَبَّ الْمَیِّتِ یُؤْذِی الْحَیَّ وَ لَا یَبْلُغُ قَالَ فَقَدِمَ عِكْرِمَةُ فَانْتَهَی إِلَی بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَوْجَتُهُ مَعَهُ مُتَنَقِّبَةً قَالَتْ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِقُدُومِ عِكْرِمَةَ فَاسْتَبْشَرَ وَ قَالَ أَدْخِلِیهِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ أَخْبَرَتْنِی أَنَّكَ آمَنْتَنِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقَتْ (3) فَأَنْتَ آمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّكَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ قُلْتُ أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَ أَوْفَی النَّاسِ أَقُولُ ذَلِكَ وَ إِنِّی لَمُطَأْطِئُ الرَّأْسِ اسْتِحْیَاءً مِنْهُ ثُمَّ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِی كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَیْتُكَهَا أَوْ مَرْكَبٍ أَوْضَعْتُ فِیهِ أُرِیدُ بِهِ إِظْهَارَ الشِّرْكِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعِكْرِمَةَ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِیهَا أَوْ مَنْطِقٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَوْ مَرْكَبٍ أَوْضَعَ فِیهِ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّ عَنْ سَبِیلِكَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُرْنِی بِخَیْرِ مَا تَعْلَمُ فَأَعْمَلَهُ (4) قَالَ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ جَاهِدْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ أَمَا وَ اللَّهِ (5) لَا أَدَعُ نَفَقَةً كُنْتُ أُنْفِقُهَا فِی صَدٍّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لَا قِتَالًا كُنْتُ أُقَاتِلُ فِی صَدٍّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ إِلَّا أَبْلَیْتُ ضِعْفَهُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ ثُمَّ اجْتَهَدَ فِی الْقِتَالِ حَتَّی قُتِلَ فِی خِلَافَةِ أَبِی بَكْرٍ.
ص: 144
و عن أبی ملیكة قال لما كان یوم الفتح ركب عكرمة البحر هاربا فخب (1) بهم البحر فجعل من فی السفینة یدعون اللّٰه عز و جل و یوحدونه فقال ما هذا قالوا هذا مكان لا ینفع فیه إلا اللّٰه عز و جل قال فهذا إله محمد الذی یدعونا إلیه فارجعوا بنا فرجع فأسلم و كانت امرأته أسلمت قبله فكانا علی نكاحهما.
و فیها بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خالد بن الولید إلی العزی لخمس بقین من رمضان لیهدمها فخرج حتی انتهی إلیها فی ثلاثین فهدمها ثم رجع إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره فقال هل رأیت شیئا قال لا قال فإنك لم تهدمها (2) فرجع متغیظا فجرد سیفه فخرجت إلیه امرأة عریانة سوداء ثائرة الرأس فجعل السادن یصیح بها فضربها خالد فقطعها (3) باثنین و رجع فأخبره النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال تلك العزی و قد یئست أن تعبد ببلادكم أبدا و كانت بنخلة و كانت لقریش و جمیع بنی كنانة و كانت أعظم أصنامهم و سدنتها بنو شیبان و قد اختلف فی العزی فقیل إنها شجرة كانت لغطفان یعبدونها و قیل إنها صنم.
و فیها بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عمرو بن العاص إلی سواع و هو صنم هذیل لیهدمه قال عمرو فانتهیت إلیه و عنده السادن فقال ما ترید قلت أمرنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن أهدمه قال لا تقدر قلت لم قال تمنع قلت ویحك هل یسمع أو یبصر فكسرته و أمرت أصحابی فهدموا بیت خزانته فقلت للسادن كیف رأیت (4) قال أسلمت لله.
و فیها بعث سعد بن زید إلی مناة بالمشلل لیهدمها و كانت للأوس و الخزرج و سنان (5) فخرج فی عشرین و ذلك حین فتح مكة فقال السادن ما ترید قال
ص: 145
هدمها قال أنت و ذاك فأقبل یمشی إلیها و خرجت امرأة عریانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالویل و تضرب صدرها فضربها سعد فقتلها و هدموا الصنم (1).
الآیات؛
التوبة: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً وَ ضاقَتْ عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ* ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِینَ* ثُمَّ یَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلی مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(25-27)
(و قال تعالی): «وَ مِنْهُمْ مَنْ یَلْمِزُكَ فِی الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ یُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ یَسْخَطُونَ»(58)
تفسیر:
قوله فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ
قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَرَدَ عَنِ الصَّادِقِینَ علیهما السلام أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهَا كَانَتِ الْمَوَاطِنُ ثَمَانِینَ.
وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ أی فی یوم حنین إِذْ
ص: 146
أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ أی سرتكم و صرتم معجبین بكثرتكم و كان سبب انهزام المسلمین یوم حنین أن بعضهم قال حین رأی كثرة المسلمین لن نغلب الیوم من قلة فانهزموا بعد ساعة و كانوا اثنی عشر ألفا و قیل عشرة آلاف و قیل ثمانیة آلاف و الأول أصح فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً أی فلم تدفع عنكم كثرتكم سوءا وَ ضاقَتْ عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أی برحبها (1) و الباء بمعنی مع و المعنی لم تجدوا من الأرض موضعا للفرار إلیه ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ أی ولیتم عن عدوكم منهزمین ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ أی رحمته التی تسكن إلیها النفس و یزول معها الخوف عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ حین رجعوا إلیهم و قاتلوهم و قیل علی المؤمنین الذین ثبتوا مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی و العباس فی نفر من بنی هاشم عن الضحاك
وَ رَوَی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: السَّكِینَةُ رِیحٌ مِنَ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ طَیِّبَةً لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ وَجْهِ الْإِنْسَانِ فَتَكُونُ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ- أورده العیاشی مسندا.
وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها أراد به جنودا من الملائكة و قیل إن الملائكة نزلوا یوم حنین لتقویة قلوب المؤمنین و تشجیعهم و لم یباشروا القتال یومئذ و لم یقاتلوا إلا یوم بدر خاصة وَ عَذَّبَ الَّذِینَ كَفَرُوا بالقتل و الأسر و سلب الأموال و الأولاد وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِینَ أی ذلك العذاب جزاؤهم علی كفرهم ثُمَّ یَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلی مَنْ یَشاءُ أی یقبل توبة من تاب عن الشرك و رجع إلی طاعة اللّٰه و الإسلام و ندم علی ما فعل من القبیح أو توبة من انهزم من بعد هزیمته. (2) و فی قوله تعالی وَ مِنْهُمْ مَنْ یَلْمِزُكَ قال نزلت فی قسمة غنائم حنین (3) و ذكر روایة أبی سعید الخدری كما سیأتی بروایته فی إعلام الوری و سیأتی تفسیر الآیة فی باب جمل ما جری بینه و بین أصحابه صلی اللّٰه علیه و آله.
«1»-فس، تفسیر القمی وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً وَ ضاقَتْ
ص: 147
عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ غَزَاةِ (1) حُنَیْنٍ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی فَتْحِ مَكَّةَ أَظْهَرَ أَنَّهُ یُرِیدُ هَوَازِنَ وَ بَلَغَ الْخَبَرُ الْهَوَازِنَ (2) فَتَهَیَّئُوا وَ جَمَعُوا الْجُمُوعَ وَ السِّلَاحَ وَ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ هَوَازِنَ إِلَی مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّضْرِیِّ (3) فَرَأَّسُوهُ عَلَیْهِمْ وَ خَرَجُوا وَ سَاقُوا مَعَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِیَّهُمْ وَ مَرُّوا حَتَّی نَزَلُوا بَأَوْطَاسٍ وَ كَانَ دُرَیْدُ بْنُ الصِّمَّةِ الْجُشَمِیُّ فِی الْقَوْمِ وَ كَانَ رَئِیسَ جُشَمَ وَ كَانَ شَیْخاً كَبِیراً قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ (4) فَلَمَسَ الْأَرْضَ بِیَدِهِ فَقَالَ فِی أَیِّ وَادٍ أَنْتُمْ قَالُوا بِوَادِی أَوْطَاسٍ قَالَ نِعْمَ مَجَالُ خَیْلٍ لَا حَزْنٌ ضِرْسٌ وَ لَا سَهْلٌ دَهْسٌ مَا لِی أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِیرِ وَ نَهِیقَ الْحِمَارِ وَ خُوَارَ الْبَقَرِ وَ ثُغَاءَ الشَّاةِ وَ بُكَاءَ الصَّبِیِّ فَقَالُوا (5) إِنَّ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ سَاقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِیَّهُمْ لِیُقَاتِلَ كُلُّ امْرِئٍ عَنْ نَفْسِهِ وَ مَالِهِ وَ أَهْلِهِ فَقَالَ دُرَیْدٌ رَاعِی ضَأْنٍ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ مَا لَهُ وَ لِلْحَرْبِ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِی مَالِكاً فَلَمَّا جَاءَ (6) قَالَ لَهُ یَا مَالِكُ مَا فَعَلْتَ قَالَ سُقْتُ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ أَبْنَاءَهُمْ لِیَجْعَلَ كُلُّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَیَكُونَ أَشَدَّ لِحَرْبِهِ فَقَالَ یَا مَالِكُ إِنَّكَ أَصْبَحْتَ رَئِیسَ (7) قَوْمٍ وَ إِنَّكَ تُقَاتِلُ رَجُلًا كَرِیماً وَ هَذَا الْیَوْمُ لِمَا بَعْدَهُ (8) وَ لَمْ تَصْنَعْ فِی تَقْدِمَةِ بَیْضَةِ هَوَازِنَ إِلَی نُحُورِ الْخَیْلِ شَیْئاً وَیْحَكَ وَ هَلْ یَلْوِی الْمُنْهَزِمُ عَلَی شَیْ ءٍ ارْدُدْ بَیْضَةَ هَوَازِنَ إِلَی عُلْیَا بِلَادِهِمْ وَ مُمْتَنَعِ مَحَالِّهِمْ وَ الْقَ الرِّجَالَ عَلَی مُتُونِ الْخَیْلِ فَإِنَّهُ لَا یَنْفَعُكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَیْفِهِ وَ فَرَسِهِ فَإِنْ كَانَ (9) لَكَ لَحِقَ بِكَ مِنْ وَرَائِكَ وَ إِنْ كَانَتْ عَلَیْكَ لَا تَكُونُ قَدْ فُضِحْتَ فِی أَهْلِكَ وَ عِیَالِكَ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَ كَبِرَ
ص: 148
عِلْمُكَ (1) فَلَمْ یَقْبَلْ مِنْ دُرَیْدٍ فَقَالَ دُرَیْدٌ مَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَ كِلَابٌ قَالُوا لَمْ یَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ غَابَ الْجِدُّ وَ الْحَزْمُ لَوْ كَانَ یَوْمُ عَلَاءٍ وَ سَعَادَةٍ مَا كَانَتْ تَغِیبُ كَعْبٌ وَ لَا كِلَابٌ فَمَنْ حَضَرَهَا مِنْ هَوَازِنَ قَالَ (2) عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ وَ عَوْفُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ ذینك (ذَانِكَ) الْجَذَعَانِ (3) لَا یَنْفَعَانِ وَ لَا یَضُرَّانِ ثُمَّ تَنَفَّسَ دُرَیْدٌ وَ قَالَ حَرْبٌ عَوَانٌ:
(یَا) لَیْتَنِی (4) فِیهَا جَذَعٌ*** أَخُبُّ فِیهَا وَ أَضَعُ
أَقُودُ واطفاء (5) (وَطْفَاءَ) الزَّمَعِ*** كَأَنَّهَا شَاةٌ صَدَعٌ
وَ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اجْتِمَاعُ هَوَازِنَ بِأَوْطَاسٍ فَجَمَعَ القَبَائِلَ وَ رَغَّبَهُمْ فِی الْجِهَادِ وَ وَعَدَهُمُ النَّصْرَ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَهُ أَنْ یَغْنِمَهُ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِیَّهُمْ فَرَغِبَ النَّاسُ وَ خَرَجُوا عَلَی رَایَاتِهِمْ وَ عَقَدَ اللِّوَاءَ الْأَكْبَرَ وَ دَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كُلُّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِرَایَةٍ أَمَرَهُ أَنْ یَحْمِلَهَا وَ خَرَجَ فِی اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ عَشَرَةِ آلَافٍ مِمَّنْ كَانُوا مَعَهُ.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ كَانَ مَعَهُ مِنْ بَنِی سُلَیْمٍ أَلْفُ رَجُلٍ رَئِیسُهُمْ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِیُّ وَ مِنْ مُزَیْنَةَ أَلْفُ رَجُلٍ قَالَ فَمَضَوْا حَتَّی كَانَ مِنَ الْقَوْمِ عَلَی مَسِیرَةِ بَعْضِ لَیْلَةٍ قَالَ وَ قَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ لِقَوْمِهِ لِیُصَیِّرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ اكْسِرُوا جُفُونَ سُیُوفِكُمْ وَ اكْمُنُوا (6) فِی شِعَابِ هَذَا الْوَادِی وَ فِی الشَّجَرِ فَإِذَا كَانَ فِی غَبَشِ الصُّبْحِ (7) فَاحْمِلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ هُدُّوا الْقَوْمَ فَإِنَّ مُحَمَّداً لَمْ یَلْقَ أَحَداً یُحْسِنُ الْحَرْبَ قَالَ فَلَمَّا صَلَّی
ص: 149
رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْغَدَاةَ انْحَدَرَ فِی وَادِی حُنَیْنٍ وَ هُوَ وَادٍ لَهُ انْحِدَارٌ بَعِیدٌ وَ كَانَتْ بَنُو سُلَیْمٍ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ فَخَرَجَ عَلَیْهِمْ (1) كَتَائِبُ هَوَازِنَ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ فَانْهَزَمَتْ بَنُو سُلَیْمٍ وَ انْهَزَمَ مَنْ وَرَاءَهُمْ وَ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا انْهَزَمَ وَ بَقِیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُقَاتِلُهُمْ فِی نَفَرٍ قَلِیلٍ (2) وَ مَرَّ الْمُنْهَزِمُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَلْوُونَ عَلَی شَیْ ءٍ وَ كَانَ الْعَبَّاسُ آخِذاً بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَمِینِهِ وَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ یَسَارِهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُنَادِی یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَیْنَ إِلَیَّ (3) أَنَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ یَلْوِ أَحَدٌ عَلَیْهِ وَ كَانَتْ نَسِیبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ الْمَازِنِیَّةُ تَحْثُو فِی وُجُوهِ الْمُنْهَزِمِینَ التُّرَابَ وَ تَقُولُ أَیْنَ (4) تَفِرُّونَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ وَ مَرَّ بِهَا عُمَرُ فَقَالَتْ لَهُ وَیْلَكَ مَا هَذَا الَّذِی صَنَعْتَ فَقَالَ لَهَا هَذَا أَمْرُ اللَّهِ فَلَمَّا رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْهَزِیمَةَ رَكَضَ نَحْوَ عَلِیٍّ بَغْلَتَهُ فَرَآهُ (5) قَدْ شَهَرَ سَیْفَهُ فَقَالَ (6) یَا عَبَّاسُ اصْعَدْ هَذَا الظَّرِبَ وَ نَادِ یَا أَصْحَابَ الْبَقَرَةِ (7) وَ یَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ إِلَی أَیْنَ تَفِرُّونَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ فَقَالَ- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَ إِلَیْكَ الْمُشْتَكَی وَ أَنْتَ الْمُسْتَعَانُ فَنَزَلَ (8) جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ دَعَوْتَ بِمَا دَعَا بِهِ مُوسَی حَیْثُ فَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَ نَجَّاهُ مِنْ فِرْعَوْنَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی سُفْیَانَ بْنِ الْحَارِثِ نَاوِلْنِی كَفّاً مِنْ حَصًی فَنَاوَلَهُ فَرَمَاهُ فِی وُجُوهِ الْمُشْرِكِینَ ثُمَّ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَمْ تُعْبَدْ
ص: 150
وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْبَدَ لَا تُعْبَدُ فَلَمَّا سَمِعَتِ الْأَنْصَارُ نِدَاءَ الْعَبَّاسِ عَطَفُوا وَ كَسَرُوا جُفُونَ سُیُوفِهِمْ وَ هُمْ یَقُولُونَ لَبَّیْكَ وَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَحْیَوْا أَنْ یَرْجِعُوا إِلَیْهِ وَ لَحِقُوا بِالرَّایَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِلْعَبَّاسِ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا أَبَا الْفَضْلِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْآنَ حَمِیَ الْوَطِیسُ (1) وَ نَزَلَ النَّصْرُ مِنَ السَّمَاءِ وَ انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ وَ كَانُوا یَسْمَعُونَ قَعْقَعَةَ السِّلَاحِ فِی الْجَوِّ وَ انْهَزَمُوا (2) فِی كُلِّ وَجْهٍ وَ غَنَّمَ اللَّهُ (3) رَسُولَهُ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِیَّهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ (4).
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ هُوَ الْقَتْلُ وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِینَ (5) قَالَ وَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی نَضْرِ بْنِ مُعَاوِیَةَ یُقَالُ لَهُ شَجَرَةُ بْنُ رَبِیعَةَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ أَسِیرٌ فِی أَیْدِیهِمْ أَیْنَ الْخَیْلُ الْبُلْقُ وَ الرِّجَالُ عَلَیْهِمُ الثِّیَابُ الْبِیضُ فَإِنَّمَا كَانَ قَتْلُنَا بِأَیْدِیهِمْ وَ مَا كُنَّا نَرَاكُمْ فِیهِمْ إِلَّا كَهَیْئَةِ الشَّامَةِ (6) قَالُوا تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ (7).
بیان: أوطاس موضع علی ثلاث مراحل من مكة و الحزن ما غلظ من الأرض و الضرس بالكسر الأكمة الخشنة و الدهس بالفتح المكان السهل اللین و الرغاء بالضم صوت البعیر و الثغاء بالفتح صوت الشاة و المعز و ما شاكلهما و بیضة القوم مجتمعهم و موضع سلطانهم و یقال لا یلوی أحد علی أحد أی لا یلتفت و لا یعطف علیه و قوله و كبر علمك أی ضعف علمك و أصابه ضعف الكبر و فی بعض النسخ و ساخ علمك أی غار و فی مجمع البیان و ذهب علمك (8) و قال الجزری فیه لیتنی فیها جذعا أی لیتنی كنت شابا عند
ص: 151
ظهور النبوة حتی أبالغ فی نصرتها (1) و قال الجوهری الخبب ضرب من العدو تقول خب الفرس یخب خبا و خبیبا إذا راوح بین یدیه و رجلیه و أخبه صاحبه و قال وضع البعیر و غیره أسرع فی سیره و قال درید:
یا لیتنی فیها جذع*** أخبّ فیها و أضع
و قال الفیروزآبادی الزمع محركة شبه الرعدة تأخذ الإنسان و الدهش و الخوف و قال الصدع محركة من الأوعال و الظباء و الحمر و الإبل الفتی الشاب القوی و تسكن الدال و الغبش محركة بقیة اللیل أو ظلمة آخره و الكتائب جمع كتیبة و هی الجیش و الظرب ككتف الجبل المنبسط أو الصغیر.
«2»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی بْنِ خَلَفٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (2) بْنِ مُوسَی الْعَبْسِیِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ خَیْرٍ (3) الْمَكِّیِّ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَی الطَّائِفِ یَعْنِی إِلَی حُنَیْنٍ فَحَاصَرَهُمْ ثَمَّ إِلَی عَشَرَةٍ أَوْ سَبْعَ عَشَرَةَ فَلَمْ یَفْتَحْهَا ثُمَّ أَوْغَلَ رَوْحَةً أَوْ غَدْوَةً (4) ثُمَّ نَزَلَ ثُمَّ هَجَرَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی لَكُمْ فَرَطٌ وَ إِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَ أُوصِیكُمْ بِعِتْرَتِی خَیْراً ثُمَّ قَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُقِیمُنَّ الصَّلَاةَ وَ لَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْكُمْ رَجُلًا مِنِّی أَوْ كَنَفْسِی فَلَیَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَ مُقَاتِلِیكُمْ وَ لَیَسْبِیَنَّ ذَرَارِیَّكُمْ فَرَأَی أُنَاسٌ أَنَّهُ یَعْنِی أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ فَأَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ هُوَ هَذَا قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لِمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَمَا حَمَلَ أَبَاكَ عَلَی مَا صَنَعَ قَالَ أَنَا وَ اللَّهِ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ (5).
و أخبرنا جماعة عن أبی المفضل عن محمد بن إسحاق بن فروخ عن محمد بن
ص: 152
عثمان بن كرامة فی مسند عبید اللّٰه بن موسی قال و حدثنی محمد بن أحمد بن عبد اللّٰه بن صفوة الضریر و كتبه من أصل كتابه عن یوسف بن سعید بن مسلم المصیصی عن عبید اللّٰه بن موسی عن علی بن خیر (1) عن المطلب بن عبد اللّٰه عن مصعب عن أبیه و ذكر نحوه (2).
«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَفْصٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ الْكَلْبِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: لَمَّا أَوْقَعَ وَ رُبَّمَا قَالَ فَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَوَازِنَ سَارَ حَتَّی نَزَلَ الطَّائِفَ فَحَصَرَ أَهْلَ وَجَّ (3) أَیَّاماً فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ أَنْ یَبْرَحَ (4) عَنْهُمْ لِیَقْدَمَ عَلَیْهِ وَفْدُهُمْ فَیَشْتَرِطَ لَهُ وَ یَشْتَرِطُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَسَارَ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَزَلَ مَكَّةَ فَقَدِمَ عَلَیْهِ نَفَرٌ مِنْهُمْ بِإِسْلَامِ قَوْمِهِمْ وَ لَمْ یَبْخَعِ الْقَوْمُ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَ لَا الزَّكَاةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ لَا خَیْرَ فِی دِینٍ لَا رُكُوعَ فِیهِ وَ لَا سُجُودَ أَمَا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَیُقِیمُنَّ الصَّلَاةَ وَ لَیُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْهِمْ رَجُلًا هُوَ مِنِّی كَنَفْسِی فَلَیَضْرِبُ (5) أَعْنَاقَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ لَیَسْبِیَنَّ ذَرَارِیَّهُمْ هُوَ هَذَا وَ أَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَشَالَهَا (6) فَلَمَّا صَارَ الْقَوْمُ إِلَی قَوْمِهِمْ بِالطَّائِفِ أَخْبَرُوهُمْ بِمَا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقَرُّوا لَهُ بِالصَّلَاةِ وَ أَقَرُّوا لَهُ بِمَا شَرَطَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا اسْتَعْصَی عَلَیَّ أَهْلُ مَمْلَكَةٍ وَ لَا أُمَّةٌ إِلَّا رَمَیْتُهُمْ بِسَهْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا سَهْمُ اللَّهِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مَا بَعَثْتُهُ فِی سَرِیَّةٍ إِلَّا رَأَیْتُ جَبْرَئِیلَ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلَ عَنْ یَسَارِهِ وَ مَلَكاً أَمَامَهُ وَ سَحَابَةً تُظِلُّهُ حَتَّی یُعْطِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَبِیبِی النَّصْرَ وَ الظَّفَرَ (7).
بیان: قال الجوهری بخع بالحق بخوعا أقر به و خضع له.
ص: 153
«4»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ شَیْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ وَ قَدْ قَتَلَ مِنَّا ثَمَانِیَةً كُلٌّ مِنْهُمْ یَحْمِلُ اللِّوَاءَ فَلَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ آیَسْتُ مِمَّا كُنْتُ أَتَمَنَّاهُ مِنْ قَتْلِهِ وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی قَدْ دَخَلَتِ الْعَرَبُ فِی دِینِهِ فَمَتَی أُدْرِكُ ثَارِی مِنْهُ فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَوَازِنُ بِحُنَیْنٍ قَصَدْتُهُمْ لِآخُذَ (1) مِنْهُ غِرَّةً فَأَقْتُلَهُ وَ دَبَّرْتُ فِی نَفْسِی كَیْفَ أَصْنَعُ فَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ وَ بَقِیَ مُحَمَّدٌ وَحْدَهُ وَ النَّفَرُ الَّذِینَ مَعَهُ جِئْتُ مِنْ وَرَائِهِ وَ رَفَعْتُ السَّیْفَ حَتَّی إِذَا كِدْتُ أَحُطُّهُ غُشِیَ فُؤَادِی فَلَمْ أُطِقْ ذَلِكَ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ رُفِعَ إِلَیَّ شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ حَتَّی كَادَ أَنْ یُمْحِیَنِی (2) ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ مُحَمَّدٌ فَقَالَ لِی ادْنُ یَا شَیْبَةُ فَقَاتِلْ وَ وَضَعَ یَدَهُ فِی صَدْرِی فَصَارَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَیَّ وَ تَقَدَّمْتُ (3) وَ قَاتَلْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَوْ عَرَضَ لِی أَبِی لَقَتَلْتُهُ فِی نُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا انْقَضَی الْقِتَالُ دَخَلْنَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی الَّذِی أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَیْرٌ مِمَّا أَرَدْتَهُ لِنَفْسِكَ وَ حَدَّثَنِی بِجَمِیعِ مَا رَوَیْتُهُ (4) فِی نَفْسِی فَقُلْتُ مَا اطَّلَعَ عَلَی هَذَا إِلَّا اللَّهُ وَ أَسْلَمْتُ (5).
بیان: قوله أن یمحینی أی یبطلنی و یذهب بأثری یقال محاه یمحوه محوا و یمحیه محیا و یمحاه و فی بعض النسخ یحمسنی بالحاء المهملة أی یقلینی و یحرقنی و هو أظهر و فی بعضها یمحشنی كما سیأتی.
«5»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا حَاصَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَهْلَ الطَّائِفِ قَالَ (6) عُتْبَةُ بْنُ الْحُصَیْنِ ائْذَنْ لِی حَتَّی آتِیَ حِصْنَ الطَّائِفِ فَأُكَلِّمَهُمْ فَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءَهُمْ فَقَالَ أَدْنُو مِنْكُمْ وَ أَنَا آمِنٌ قَالُوا نَعَمْ وَ عَرَفَهُ أَبُو مِحْجَنٍ فَقَالَ ادْنُ (7) فَدَخَلَ
ص: 154
عَلَیْهِمْ فَقَالَ فِدَاكُمْ أَبِی وَ أُمِّی لَقَدْ سَرَّنِی مَا رَأَیْتُ مِنْكُمْ وَ مَا فِی الْعَرَبِ أَحَدٌ غَیْرُكُمْ وَ اللَّهِ مَا فِی مُحَمَّدٍ مِثْلُكُمْ وَ لَقَدْ قَلَّ الْمَقَامُ وَ طَعَامُكُمْ كَثِیرٌ وَ مَاؤُكُمْ وَافِرٌ لَا تَخَافُونَ قَطْعَهُ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ ثَقِیفٌ لِأَبِی مِحْجَنٍ فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا دُخُولَهُ وَ خَشِینَا أَنْ یُخْبِرَ مُحَمَّداً بِخَلَلٍ إِنْ رَآهُ فِینَا أَوْ فِی حِصْنِنَا فَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ أَنَا كُنْتُ أَعْرَفَ بِهِ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَّا أَشَدَّ عَلَی مُحَمَّدٍ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ قُلْتُ لَهُمُ ادْخُلُوا فِی الْإِسْلَامِ فَوَ اللَّهِ لَا یَبْرَحُ مُحَمَّدٌ مِنْ عُقْرِ دَارِكُمْ حَتَّی تَنْزِلُوا فَخُذُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمَاناً فَخَذَلْتُهُمْ مَا اسْتَطَعْتُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ كَذَبْتَ لَقَدْ قُلْتَ لَهُمْ كَذَا وَ كَذَا وَ عَاتَبَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ وَ لَا أَعُودُ أَبَداً.
بیان: عقر الدار بالضم وسطها و أصلها و قد یفتح.
«6»-شا، الإرشاد ثم كانت غزاة (1) حنین حین استظهر رسول اللّٰه فیها بكثرة الجمع فخرج صلی اللّٰه علیه و آله متوجها إلی القوم فی عشرة آلاف من المسلمین فظن أكثرهم أنهم لم یغلبوا (2) لما شاهدوه من جمعهم و كثرة عدتهم (3) و سلاحهم و أعجب أبا بكر الكثرة یومئذ فقال لن نغلب الیوم من قلة و كان الأمر فی ذلك بخلاف ما ظنوا (4) و عانهم أبو بكر بعجبه بهم فلما التقوا مع المشركین لم یلبثوا حتی انهزموا بأجمعهم و لم یبق منهم مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلا عشرة أنفس (5) تسعة من بنی هاشم خاصة و عاشرهم أیمن ابن أم أیمن فقتل أیمن رحمة اللّٰه علیه و ثبتت التسعة (6) الهاشمیون حتی ثاب إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من كان انهزم فرجعوا أولا فأولا حتی تلاحقوا و كانت لهم الكرة علی المشركین و فی ذلك أنزل اللّٰه تعالی و فی إعجاب أبی بكر بالكثرة وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً وَ ضاقَتْ عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی
ص: 155
رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (1) یعنی أمیر المؤمنین علیا علیه السلام و من ثبت معه من بنی هاشم و هم یومئذ ثمانیة أمیر المؤمنین علیه السلام تاسعهم العباس (2) بن عبد المطلب عن یمین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الفضل بن العباس عن یساره و أبو سفیان بن الحارث ممسك بسرجه عند نفر بغلته (3) و أمیر المؤمنین علیه السلام بین یدیه یضرب بالسیف و نوفل بن الحارث و ربیعة بن الحارث و عبد اللّٰه بن الزبیر بن عبد المطلب و عتبة و معتب ابنا أبی لهب حوله و قد ولت الكافة مدبرین سوی من ذكرناه و فی ذلك یقول مالك بن عبادة الغافقی:
لم یواس النبی غیر بنی هاشم*** عند السیوف یوم حنین
هرب الناس غیر تسعة رهط*** فهم یهتفون بالناس أین (4)
ثم قاموا مع النبی علی الموت*** فآتوا زینا لنا غیر شین
و سوی أیمن الأمین من القوم*** شهیدا فاعتاض قرة عین.
و قال العباس بن عبد المطلب فی هذا المقام:
نصرنا رسول اللّٰه فی الحرب تسعة*** و قد فر من قد فر عنه فأقشعوا
و قولی إذا ما الفضل شد بسیفه*** علی القوم أخری یا بنی لیرجعوا
و عاشرنا لاقی الحمام بنفسه*** لما ناله فی اللّٰه لم یتوجع
(5) یعنی به أیمن ابن أم أیمن رحمه اللّٰه و لما رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هزیمة القوم عنه قال للعباس و كان رجلا جهوریا صیتا ناد بالقوم و ذكرهم العهد فنادی العباس بأعلی صوته یا أهل بیعة الشجرة یا أصحاب سورة البقرة إلی أین تفرون اذكروا العهد الذی عاهدتم علیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و القوم علی وجوههم قد ولوا مدبرین و كانت لیلة ظلماء و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الوادی و المشركون قد خرجوا علیه من شعاب الوادی و جنباته و مضایقه مصلتین سیوفهم (6) و عمدهم و قسیهم
ص: 156
قال فنظر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی الناس ببعض وجهه فی الظلماء فأضاء كأنه القمر لیلة البدر (1) ثم نادی المسلمین أین ما عاهدتم اللّٰه علیه فأسمع أولهم و آخرهم فلم یسمعها رجل إلا رمی بنفسه إلی الأرض فانحدروا (2) إلی حیث كانوا من الوادی حتی لحقوا بالعدو فقاتلوه.
قال (3) و أقبل رجل من هوازن (4) علی جمل (5) أحمر بیده رایة سوداء فی رأس رمح طویل أمام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمین أكب علیهم و إذا فاته الناس رفعه لمن وراءه (6) من المشركین فاتبعوه و هو یرتجز و یقول
أنا أبو جرول لا براح*** حتی نبیح القوم (7) أو نباح.
فصمد له أمیر المؤمنین علیه السلام فضرب عجز بعیره فصرعه ثم ضربه فقطره ثم قال
قد علم القوم لدی الصباح*** أنی فی الهیجاء (8) ذو نصاح
فكانت هزیمة المشركین بقتل أبی جرول لعنه اللّٰه ثم التأم الناس (9) و صفوا للعدو فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَ قُرَیْشٍ نَكَالًا فَأَذِقْ آخِرَهَا نَوَالًا وَ تَجَالَدَ الْمُسْلِمُونَ وَ الْمُشْرِكُونَ فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ فِی رِكَابَیْ سَرْجِهِ حَتَّی أَشْرَفَ عَلَی جَمَاعَتِهِمْ ثُمَّ قَالَ الْآنَ حَمِیَ الْوَطِیسُ:
أَنَا النَّبِیُّ لَا كَذِبَ*** أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ وَلَّی الْقَوْمُ أَدْبَارَهُمْ (10) وَ جِی ءَ بِالْأَسْرَی (11) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُكَتَّفِینَ (12) و لما قتل أمیر المؤمنین علیه السلام أبا جرول و خذل القوم بقتله (13)
ص: 157
وضع القوم (1) سیوفهم فیهم و أمیر المؤمنین علیه السلام یقدمهم حتی قتل بنفسه أربعین رجلا من القوم ثم كانت الهزیمة و الأسر حینئذ و كان أبو سفیان صخر بن حرب بن أمیة فی هذه الغزاة فانهزم فی جملة من انهزم من المسلمین.
و روی (2) عن معاویة بن أبی سفیان أنه قال لقیت أبی منهزما مع بنی أمیة من أهل مكة فصحت به یا ابن حرب و اللّٰه ما صبرت (3) من ابن عمك و لا قاتلت عن دینك و لا كففت هؤلاء الأعراب عن حریمك فقال من أنت قلت معاویة قال ابن هند قلت نعم قال بأبی و أمی ثم وقف و اجتمع (4) معه الناس من أهل مكة و انضمت إلیهم ثم حملنا علی القوم فضعضعناهم و ما زال المسلمون یقتلون المشركین و یأسرون منهم حتی ارتفع النهار فأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالكف (5) و نادی أن لا یقتل أسیر من القوم و كانت هذیل بعث رسولا (6) یقال له ابن الأكوع (7) أیام الفتح عینا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله حتی علم علمه فجاء إلی هذیل بخبره و أسر یوم حنین فمر به عمر بن الخطاب فلما رآه أقبل علی رجل من الأنصار و قال هذا عدو اللّٰه الذی كان علینا عینا ها هو أسیر فاقتله فضرب الأنصاری عنقه و بلغ ذلك النبی صلی اللّٰه علیه و آله فكره ذلك و قال أ لم آمركم أن لا تقتلوا أسیرا و قتل بعده جمیل بن معمر بن زهیر و هو أسیر فبعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی الأنصار و هو مغضب فقال ما حملكم علی قتله و قد جاءكم الرسول أن لا تقتلوا أسیرا فقالوا إنما قتلناه بقول عمر فأعرض رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی كلمه عمیر بن وهب فی الصفح عن ذلك و قسم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله غنائم حنین فی قریش خاصة و أجزل القسم (8) للمؤلفة قلوبهم كأبی سفیان صخر بن حرب و عكرمة
ص: 158
بن أبی جهل و صفوان بن أمیة و الحارث بن هشام و سهیل بن عمرو و زهیر بن أبی أمیة و عبد اللّٰه بن أبی أمیة و معاویة بن أبی سفیان و هشام بن المغیرة و الأقرع بن حابس و عیینة بن حصن فی أمثالهم و قیل إنه جعل للأنصار شیئا یسیرا و أعطی الجمهور لمن سمیناه فغضب قوم من الأنصار لذلك و بلغ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عنهم مقال أسخطه فنادی فیهم فاجتمعوا و قال (1) لهم اجلسوا و لا یقعد معكم أحد من غیركم فَلَمَّا قَعَدُوا جَاءَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَتْبَعُهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا حَتَّی جَلَسَ (2) وَسْطَهُمْ وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّی سَائِلُكُمْ عَنْ أَمْرٍ فَأَجِیبُونِی عَنْهُ فَقَالُوا قُلْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَ لَسْتُمْ كُنْتُمْ ضَالِّینَ فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِی فَقَالُوا بَلَی (3) فَلِلَّهِ الْمِنَّةُ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ أَ لَمْ تَكُونُوا عَلَی شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمُ اللَّهُ بِی قَالُوا بَلَی فَلِلَّهِ الْمِنَّةُ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ أَ لَمْ تَكُونُوا قَلِیلًا فَكَثَّرَكُمُ اللَّهُ بِی قَالُوا بَلَی فَلِلَّهِ الْمِنَّةُ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ أَ لَمْ تَكُونُوا أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَیْنَ قُلُوبِكُمْ بِی قَالُوا بَلَی فَلِلَّهِ الْمِنَّةُ وَ لِرَسُولِهِ ثُمَّ سَكَتَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هُنَیْئَةً (4) ثُمَّ قَالَ أَ لَا تُجِیبُونِی بِمَا عِنْدَكُمْ قَالُوا بِمَ نُجِیبُكَ فِدَاؤُكَ آبَاؤُنَا وَ أُمَّهَاتُنَا قَدْ أَجَبْنَاكَ بِأَنَّ لَكَ الْفَضْلَ وَ الْمَنَّ وَ الطَّوْلَ عَلَیْنَا قَالَ أَمَا لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ وَ أَنْتَ قَدْ كُنْتَ جِئْتَنَا طَرِیداً فَآوَیْنَاكَ وَ جِئْتَنَا خَائِفاً فَآمَنَّاكَ وَ جِئْتَنَا مُكَذَّباً فَصَدَّقْنَاكَ فَارْتَفَعَتْ (5) أَصْوَاتُهُمْ بِالْبُكَاءِ وَ قَامَ شُیُوخُهُمْ وَ سَادَاتُهُمْ إِلَیْهِ فَقَبَّلُوا (6) یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ ثُمَّ قَالُوا رَضِینَا بِاللَّهِ وَ عَنْهُ وَ بِرَسُولِهِ وَ عَنْهُ وَ هَذِهِ أَمْوَالُنَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْسِمْهَا عَلَی قَوْمِكَ وَ إِنَّمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَّا عَلَی غَیْرِ وَغْرِ (7) صَدْرٍ وَ غِلٍّ فِی قَلْبٍ وَ لَكِنَّهُمْ ظَنُّوا سَخَطاً عَلَیْهِمْ وَ تَقْصِیراً (8) لَهُمْ وَ قَدِ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ فَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَ لِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وَ
ص: 159
لِأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ یَرْجِعَ غَیْرُكُمْ بِالشَّاءِ وَ النَّعَمِ وَ تَرْجِعُونَ (1) أَنْتُمْ وَ فِی سَهْمِكُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا بَلَی رَضِینَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَئِذٍ الْأَنْصَارُ كَرِشِی وَ عَیْبَتِی لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِیاً وَ سَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْباً لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ.
وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَی الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَرْبَعاً (2) مِنَ الْإِبِلِ فَسَخِطَهَا وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
أَ تَجْعَلُ نَهْبِی وَ نَهْبَ الْعُبَیْدِ*** بَیْنَ عُیَیْنَةَ وَ الْأَقْرَعِ
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَ لَا حَابِسٌ*** یَفُوقَانِ شَیْخِی فِی الْمَجْمَعِ
وَ مَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا*** وَ مَنْ تَضَعِ الْیَوْمَ لَمْ یُرْفَعِ.
(3) فَبَلَغَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُهُ فَاسْتَحْضَرَهُ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ الْقَائِلُ أَ تَجْعَلُ نَهْبِی وَ نَهْبَ الْعُبَیْدِ بَیْنَ الْأَقْرَعِ وَ عُیَیْنَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی لَسْتَ بِشَاعِرٍ فَقَالَ وَ كَیْفَ قَالَ قَالَ بَیْنَ عُیَیْنَةَ وَ الْأَقْرَعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُمْ یَا عَلِیُّ وَ اقْطَعْ لِسَانَهُ قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ وَ اللَّهِ (4) لَهَذِهِ الْكَلِمَةُ كَانَتْ أَشَدَّ عَلَیَّ مِنْ یَوْمِ خَثْعَمٍ حِینَ أَتَوْنَا فِی دِیَارِنَا فَأَخَذَ بِیَدِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَانْطَلَقَ بِی وَ لَوْ أَدْرِی (5) أَنَّ أَحَداً یُخَلِّصُنِی مِنْهُ لَدَعَوْتُهُ فَقُلْتُ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ لَقَاطِعٌ لِسَانِی قَالَ إِنِّی لَمُمْضٍ فِیكَ مَا أُمِرْتُ قَالَ ثُمَّ مَضَی بِی فَقُلْتُ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ لَقَاطِعٌ لِسَانِی قَالَ إِنِّی لَمُمْضٍ فِیكَ مَا أُمِرْتُ قَالَ فَمَا زَالَ بِی حَتَّی أَدْخَلَنِی الْحَظَائِرَ فَقَالَ لِی اعْقِلْ (6) مَا بَیْنَ أَرْبَعٍ إِلَی مِائَةٍ قَالَ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَكْرَمَكُمْ وَ أَحْلَمَكُمْ وَ أَعْلَمَكُمْ قَالَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَاكَ أَرْبَعاً وَ جَعَلَكَ مَعَ الْمُهَاجِرِینَ فَإِنْ شِئْتَ فَخُذْهَا وَ إِنْ شِئْتَ فَخُذِ الْمِائَةَ وَ
ص: 160
كُنْ مَعَ أَهْلِ (1) الْمِائَةِ قَالَ قُلْتُ أَشِرْ عَلَیَّ قَالَ فَإِنِّی آمُرُكَ أَنْ تَأْخُذَ مَا أَعْطَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَرْضَی قُلْتُ فَإِنِّی أَفْعَلُ وَ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَنَائِمَ حُنَیْنٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ طَوِیلٌ (2) آدَمُ أَحْنَی بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَسَلَّمَ وَ لَمْ یَخُصَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ قَدْ رَأَیْتُكَ وَ مَا صَنَعْتَ فِی هَذِهِ الْغَنَائِمِ قَالَ (3) وَ كَیْفَ رَأَیْتَ قَالَ لَمْ أَرَكَ عَدَلْتَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ وَیْلَكَ إِذَا لَمْ یَكُنِ الْعَدْلُ عِنْدِی فَعِنْدَ مَنْ یَكُونُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ أَ لَا نَقْتُلُهُ قَالَ (4) دَعُوهُ فَإِنَّهُ سَیَكُونُ لَهُ أَتْبَاعٌ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَقْتُلُهُمْ اللَّهُ عَلَی یَدِ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَیْهِ مِنْ بَعْدِی فَقَتَلَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِیمَنْ قَتَلَ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ مِنَ الْخَوَارِجِ (5).
بیان: عانه یعینه عینا أصابه بالعین و أقشع الریح السحاب كشفته فأقشع و انقشع و قولی مبتدأ و أخری خبره أی أحمل حملة أخری و الجملة حالیة أو التقدیر كان قولی و الحمام ككتاب الموت أو قدره و فی النهایة جهوری أی شدید عال و الواو زائدة قوله یا أصحاب سورة البقرة كأنه وبخهم بذلك لقوله تعالی فیها فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ (6) أو لاختتامها بقوله فَانْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ (7) أو لاشتمالها علی آیات الجهاد كقوله تعالی وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (8) و قوله وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّی لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (9) كما ورد فی أخبار العامة هذا مقام الذی أنزل علیه سورة البقرة و قالوا حضها (10) لأن معظم أحكام المناسك فیها سیما ما یتعلق بوقت الرمی انتهی أو لأن أكثر آیات النفاق و ذم المنافقین فیها أو لأنها أول سورة ذكر فیها قصة مخالفة بنی إسرائیل موسی بعبادة العجل و ترك دخول باب حطة و الجهاد مع
ص: 161
العمالقة أو أراد جماعة حفظوا سورة البقرة تعریضا بأنه لا یناسب حالهم تلك فعلهم ذلك هذه الوجوه خطر بالبال فی ذلك و فی أكثر روایات المخالفین یا أصحاب السمرة فقط و هی الشجرة التی بایعوا تحتها بیعة الرضوان و یقال طعنه فقطره تقطیرا أی ألقاه علی أحد قطریه و هما جانباه فتقطر أی سقط.
و قال الجزری فی حدیث حنین الآن حمی الوطیس الوطیس التنور و هو كنایة عن شدة الأمر و اضطرام الحرب و یقال إن هذه الكلمة أول من قالها النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما اشتد البأس یومئذ و لم تسمع قبله و هی من أحسن الاستعارات و قال فی موضع آخر الوطیس شبه التنور و قیل هو الضراب فی الحرب و قیل هو الوطء الذی یطس الناس أی یدقهم و قال الأصمعی هو حجارة مدورة إذا حمیت لم یقدر أحد أن یطأها عبر به عن اشتباك الحرب و قیامها علی ساق و قال فیه الأنصار كرشی و عیبتی أراد أنهم بطانته و موضع سره و أمانته و الذین یعتمد علیهم فی أموره و استعار الكرش و العیبة لذلك لأن المجتر یجمع علفه فی كرشه و الرجل یضع ثیابه فی عیبته و قیل أراد بالكرش الجماعة أی جماعتی و صحابتی یقال علیه كرش من الناس أی جماعة.
و قال الفیروزآبادی الكرش بالكسر و ككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان قوله صلی اللّٰه علیه و آله بین الأقرع و عیینة لعله صلی اللّٰه علیه و آله إنما تعمد ذلك لئلا یجری علی لسانه الشعر فلم یفهم أبو بكر و الآدم من الناس الأسمر.
أقول: زاد الطبرسی رحمه اللّٰه بعد قوله صلی اللّٰه علیه و آله لسلكت شعب الأنصار و لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار و ساق القصة نحوه فی التفسیر. (1).
«7»- شا، الإرشاد لما فض اللّٰه تعالی جمع المشركین بحنین تفرقوا فرقتین فأخذت الأعراب و من تبعهم إلی أوطاس و أخذت ثقیف و من تبعها إلی الطائف فبعث
ص: 162
النبی صلی اللّٰه علیه و آله أبا عامر الأشعری إلی أوطاس فی جماعة منهم أبو موسی الأشعری و بعث أبا سفیان صخرا (1) إلی الطائف فأما أبو عامر فإنه تقدم بالرایة و قاتل حتی قتل دونها فقال المسلمون لأبی موسی أنت ابن عم الأمیر و قد قتل فخذ الرایة حتی نقاتل دونها فأخذها أبو موسی فقاتل المسلمون (2) حتی فتح اللّٰه علیهم و أما أبو سفیان فإنه لقیته ثقیف فضربوه علی وجهه فانهزم و رجع إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال بعثتنی مع قوم لا یرفع بهم الدلاء من هذیل و الأعراب فما أغنوا عنی شیئا فسكت النبی صلی اللّٰه علیه و آله عنه ثم سار بنفسه إلی الطائف فحاصرهم أیاما و أنفذ أمیر المؤمنین علیه السلام فی خیل و أمره أن یطأ ما وجده (3) و یكسر كل صنم وجده فخرج حتی لقیته خیل خثعم فی جمع كثیر فبرز لهم رجل من القوم یقال له شهاب فی غبش الصبح (4) فقال هل من مبارز فقال أمیر المؤمنین علیه السلام من له فلم یقم إلیه أحد فقام إلیه أمیر المؤمنین علیه السلام فوثب أبو العاص بن الربیع زوج بنت النبی (5) صلی اللّٰه علیه و آله فقال تكفاه أیها الأمیر فقال لا و لكن إن قتلت فأنت علی الناس فَبَرَزَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ:
إِنَّ عَلَی كُلِّ رَئِیسٍ حَقَّا*** أَنْ یَرْوِیَ الصَّعْدَةَ أَوْ یُدَقَّا
(6) ثم ضربه و قتله (7) و مضی فی تلك الخیل حتی كسر الأصنام و عاد إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو محاصر أهل الطائف (8) فلما رآه النبی صلی اللّٰه علیه و آله كبر للفتح و أخذ بیده فخلا به و ناجاه طویلا.
فَرَوَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَیَابَةَ وَ الْأَجْلَحُ جَمِیعاً عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا خَلَا بِعَلِیٍ
ص: 163
علیه السلام یَوْمَ الطَّائِفِ أَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَ تُنَاجِیهِ دُونَنَا وَ تَخْلُو بِهِ دُونَنَا فَقَالَ یَا عُمَرُ مَا أَنَا انْتَجَیْتُهُ بَلِ اللَّهُ انْتَجَاهُ قَالَ فَأَعْرَضَ عُمَرُ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا كَمَا قُلْتَ لَنَا قَبْلَ (1) الْحُدَیْبِیَةِ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِینَ فَلَمْ نَدْخُلْهُ وَ صُدِدْنَا عَنْهُ فَنَادَاهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَدْخُلُونَهُ فِی ذَلِكَ الْعَامِ ثم خرج من حصن الطائف نافع بن غیلان بن معتب فی خیل من ثقیف فلقیه أمیر المؤمنین علیه السلام ببطن وج فقتله و انهزم المشركون و لحق القوم الرعب فنزل منهم جماعة إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأسلموا و كان حصار النبی صلی اللّٰه علیه و آله للطائف بضعة (2) عشر یوما. (3).
توضیح: قال الجزری فی حدیث الأحنف
إن علی كل رئیس حقا*** أن یخضب الصعدة أو تندقا
الصعدة القناة التی تنبت مستقیمة و وج بالتشدید اسم بلد بالطائف.
«8»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرَ أَحَدُهُمَا أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ غَنِیمَةِ حُنَیْنٍ وَ كَانَ یُعْطِی الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ یُعْطِی الرَّجُلَ مِنْهُمْ مِائَةَ رَاحِلَةٍ وَ نَحْوَ ذَلِكَ وَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ أُمِرَ فَأَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ أَزَاغَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَ رَانَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ مَا عَدَلْتَ حِینَ قَسَمْتَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَیْلَكَ مَا تَقُولُ أَ لَا تَرَی قَسَمْتُ الشَّاةَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعِی شَاةٌ أَ وَ لَمْ أَقْسِمِ الْبَقَرَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعِی بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ أَ وَ لَمْ أَقْسِمِ الْإِبِلَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعِی بَعِیرٌ وَاحِدٌ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَهُ اتْرُكْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّی نَضْرِبَ عُنُقَ هَذَا الْخَبِیثِ فَقَالَ لَا هَذَا یَخْرُجُ فِی قَوْمٍ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یَجُوزُ تَرَاقِیَهُمْ بَلَی قَاتِلُهُمْ غَیْرِی (4).
«9»- عم، إعلام الوری كان سبب غزوة حنین أن هوازن جمعت له جمعا كثیرا فذكر لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن صفوان بن أمیة عنده مائة درع فسأله ذلك فقال أ غصبا یا محمد
ص: 164
قال لا و لكن عاریة مضمونة (1) قال لا بأس بهذا فأعطاه فخرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی ألفین من مكة و عشرة آلاف كانوا معه فقال أحد أصحابه لن نغلب الیوم من قلة فشق ذلك علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأنزل اللّٰه سبحانه وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الآیة.
و أقبل مالك بن عوف النصری فیمن معه من قبائل قیس و ثقیف فبعث رسول اللّٰه عبد اللّٰه بن أبی حدرد عینا فسمع ابن عوف یقول یا معشر هوازن إنكم أحد العرب و أعده و إن هذا الرجل (2) لم یلق قوما یصدقونه القتال فإذا لقیتموه فاكسروا جفون سیوفكم و احملوا علیه حملة رجل واحد فأتی ابن أبی حدرد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره فقال (3) عمر أ لا تسمع (4) یا رسول اللّٰه ما یقول ابن أبی حدرد فقال قد كنت ضالا فهداك اللّٰه یا عمر و ابن أبی حدرد صادق.
قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ كَانَ مَعَ هَوَازِنَ دُرَیْدُ بْنُ صحة (الصِّمَّةِ) (5) خَرَجُوا بِهِ شَیْخاً كَبِیراً یَتَیَمَّنُونَ بِرَأْیِهِ فَلَمَّا نَزَلُوا بِأَوْطَاسٍ قَالَ نِعْمَ مَجَالُ الْخَیْلِ لَا حَزْنٌ ضِرْسٌ وَ لَا سَهْلٌ دهسن (دَهْسٌ) مَا لِی أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِیرِ وَ نُهَاقَ الْحَمِیرِ وَ بُكَاءَ الصَّغِیرِ قَالُوا سَاقَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِیَّهُمْ قَالَ فَأَیْنَ مَالِكٌ فَدُعِیَ مَالِكٌ لَهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ یَا مَالِكُ أَصْبَحْتَ رَئِیسَ قَوْمِكَ وَ إِنَّ هَذَا یَوْمٌ كَائِنٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَیَّامِ مَا لِی أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِیرِ وَ نُهَاقَ الْحَمِیرِ وَ بُكَاءَ الصَّغِیرِ وَ ثُغَاءَ الشَّاءِ (6) قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ
ص: 165
كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ لِیُقَاتِلَ عَنْهُمْ قَالَ وَیْحَكَ لَمْ تَصْنَعْ شَیْئاً قَدَّمْتَ بَیْضَةَ هَوَازِنَ فِی نُحُورِ الْخَیْلِ وَ هَلْ یَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شَیْ ءٌ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ یَنْفَعْكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَیْفِهِ وَ رُمْحِهِ وَ إِنْ كَانَتْ عَلَیْكَ فُضِحْتَ فِی أَهْلِكَ وَ مَالِكَ قَالَ إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَ كَبِرَ عَقْلُكَ فَقَالَ دُرَیْدٌ إِنْ كُنْتُ قَدْ كَبِرْتُ فَتُورِثُ غَداً قَوْمَكَ ذُلًّا بِتَقْصِیرِ رَأْیِكَ وَ عَقْلِكَ هَذَا یَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ وَ لَمْ أَغِبْ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ حَرْبٌ عَوَانٌ:
یَا لَیْتَنِی فِیهَا جَذَعٌ*** أَخِبُّ فِیهَا وَ أَضَعُ (1)
قال جابر فسرنا حتی إذا استقبلنا وادی حنین كان القوم قد كمنوا فی شعاب الوادی و مضایقه فما راعنا إلا كتائب الرجال بأیدیها السیوف و العمد و القنی فشدوا علینا شدة رجل واحد فانهزم الناس راجعین لا یلوی أحد علی أحد و أخذ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذات الیمین و أحدق ببغلته تسعة من بنی عبد المطلب و أقبل مالك بن عوف یقول أرونی محمدا فأروه فحمل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان رجلا أهوج فلقیه رجل من المسلمین فالتقیا فقتله مالك و قیل إنه أیمن ابن أم أیمن ثم أقدم فرسه فأبی أن یقدم نحو رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و صاح كلدة بن الحنبل (2) و هو أخو صفوان بن أمیة لأمه و صفوان یومئذ مشرك ألا بطل السحر الیوم فقال صفوان اسكت فض اللّٰه فاك فو اللّٰه لأن یربنی (3) رجل من قریش أحب إلی من أن یربنی رجل من هوازن.
قال محمد بن إسحاق و قال شیبة بن عثمان بن أبی طلحة أخو بنی عبد الدار الیوم أدرك ثاری و كان أبوه قتل یوم أحد الیوم أقتل محمدا قال فأدرت برسول اللّٰه لأقتله فأقبل شی ء حتی تغشی فؤادی فلم أطق ذلك فعرفت أنه ممنوع.
و روی عكرمة عن شیبة قال لما رأیت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم حنین قد عری ذكرت أبی و عمی و قتل علی و حمزة إیاهما فقلت أدرك ثاری الیوم من محمد فذهبت لأجیئه عن یمینه فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائما علیه درع بیضاء
ص: 166
كأنها فضة یكشف عنها العجاج فقلت عمه و لن یخذله ثم جئته عن یساره فإذا أنا بأبی سفیان بن الحارث بن عبد المطلب فقلت ابن عمه و لن یخذله ثم جئته من خلفه فلم یبق إلا أن أسوره سورة بالسیف إذ رفع لی شواظ من نار بینی و بینه كأنه برق فخفت أن یمحشنی فوضعت یدی علی بصری و مشیت القهقری وَ الْتَفَتَ رَسُولُ (1) اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا شَیْبُ یَا شَیْبُ ادْنُ مِنِّی اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّیْطَانَ قَالَ فَرَفَعْتُ إِلَیْهِ بَصَرِی وَ لَهُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ سَمْعِی وَ بَصَرِی وَ قَالَ یَا شَیْبُ قَاتِلِ الْكُفَّارَ.
وَ عَنْ مُوسَی بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الرِّكَابَیْنِ وَ هُوَ عَلَی الْبَغْلَةِ فَرَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی اللَّهِ یَدْعُو وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِی اللَّهُمَّ لَا یَنْبَغِی لَهُمْ أَنْ یَظْهَرُوا عَلَیْنَا وَ نَادَی أَصْحَابَهُ وَ ذَمَرَهُمْ یَا أَصْحَابَ الْبَیْعَةِ یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ اللَّهَ اللَّهَ الْكَرَّةَ عَلَی نَبِیِّكُمْ وَ قِیلَ إِنَّهُ قَالَ یَا أَنْصَارَ اللَّهِ وَ أَنْصَارَ رَسُولِهِ (2) یَا بَنِی الْخَزْرَجِ وَ أَمَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَنَادَی فِی الْقَوْمِ بِذَلِكَ (3) فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ أَصْحَابُهُ سِرَاعاً یَبْتَدِرُونَ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْآنَ حَمِیَ الْوَطِیسُ
أَنَا النَّبِیُّ لَا كَذِبٌ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
قال سلمة بن الأكوع و نزل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب ثم استقبل به وجوههم و قال شاهت الوجوه فما خلق اللّٰه منهم إنسانا إلا ملأ عینه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرین و اتبعهم (4) المسلمون فقتلوهم و غنمهم اللّٰه نساءهم و ذراریهم و شاءهم و أموالهم و فر مالك بن عوف حتی دخل حصن الطائف فی ناس من أشراف قومه (5) و أسلم عند ذلك كثیر من أهل مكة حین رأوا نصر اللّٰه و إعزاز دینه.
ص: 167
قَالَ أَبَانٌ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَبَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ حُنَیْنٍ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَأْسٍ وَ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ نَاقَةٍ سِوَی مَا لَا یُعْلَمُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَ خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْأَنْفَالَ وَ الْأَمْوَالَ وَ السَّبَایَا بِالْجِعْرَانَةِ وَ افْتَرَقَ الْمُشْرِكُونَ فِرْقَتَیْنِ فَأَخَذَتِ الْأَعْرَابُ وَ مَنْ تَبِعَهُمْ [إِلَی أَوْطَاسٍ وَ أَخَذَتْ ثَقِیفٌ وَ مَنْ تَبِعَهُمُ الطَّائِفَ وَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِیَّ إِلَی أَوْطَاسٍ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ فَأَخَذَ (1) الرَّایَةَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّی فَتَحَ عَلَیْهِ.
ثم كانت غزوة الطائف سار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی الطائف فی شوال سنة ثمان فحاصرهم بضعة عشر یوما و خرج نافع بن غیلان بن معتب فی خیل من ثقیف فلقیه علی صلی اللّٰه علیه و آله فی خیله فالتقوا ببطن وج فقتله علی علیه السلام و انهزم المشركون و نزل من حصن الطائف إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله جماعة من أرقائهم منهم أبو بكرة و كان عبدا للحارث بن كلدة و المنبعث و كان اسمه المضطجع فسماه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المنبعث و وردان و كان عبدا لعبد اللّٰه بن ربیعة (2) فأسلموا فلما قدم وفد الطائف علی رسول اللّٰه فأسلموا قالوا (3) یا رسول اللّٰه رد علینا رقیقنا الذین أتوك فقال لا أولئك عتقاء اللّٰه.
و ذكر الواقدی عن شیوخه قال شاور رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أصحابه فی حصن الطائف فقال له سلمان الفارسی یا رسول اللّٰه أری أن تنصب المنجنیق علی حصنهم فأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فعمل منجنیق و یقال قدم بالمنجنیق یزید بن زمعة و دبابتین (4)
ص: 168
و یقال خالد بن سعید فأرسل علیهم ثقیف سكك (1) الحدید محماة بالنار فأحرقت الدبابة فأمر رسول اللّٰه بقطع أعنابهم و تحریقها فنادی سفیان بن عبد اللّٰه الثقفی لم تقطع أموالنا إما أن تأخذها إن ظهرت علینا و إما أن تدعها لله و الرحم فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فإنی أدعها لله و الرحم فتركها.
و أنفذ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علیا فی خیل عند محاصرته أهل الطائف و أمر (2) أن یكسر كل صنم وجده فخرج فلقیته (3) جمع كثیر من خثعم فبرز له رجل من القوم و قال هل من مبارز فلم یقم أحد (4) فقام إلیه علی علیه السلام فوثب أبو العاص بن الربیع زوج بنت النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال تكفاه أیها الأمیر فقال لا و لكن إن قتلت فأنت علی الناس فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
إِنَّ عَلَی كُلِّ رَئِیسٍ حَقَّا*** أَنْ تَرْوِیَ الصَّعْدَةَ أَوْ تَنْدَقَّا
ثم ضربه فقتله و مضی حتی كسر الأصنام و انصرف إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو بعد محاصر لأهل الطائف ینتظره فلما رآه كبر و أخذ بیده و خلا به.
فَرَوَی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا خَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ الطَّائِفِ أَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَ تُنَاجِیهِ دُونَنَا وَ تَخْلُو بِهِ دُونَنَا فَقَالَ یَا عُمَرُ مَا أَنَا انْتَجَیْتُهُ بَلِ اللَّهُ انْتَجَاهُ قَالَ فَأَعْرَضَ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا كَمَا قُلْتَ لَنَا یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِینَ مُحَلِّقِینَ فَلَمْ نَدْخُلْهُ وَ صُدِدْنَا عَنْهُ فَنَادَاهُ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَدْخُلُونَهُ ذَلِكَ الْعَامَ. قال فلما قدم علی فكأنما كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی وجل فارتحل فنادی سعید بن عبید ألا إن الحی مقیم فقال لا أقمت و لا ظعنت فسقط فانكسر فخذه.
و عن محمد بن إسحاق قال حاصر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أهل الطائف ثلاثین لیلة أو قریبا من ذلك ثم انصرف عنهم و لم یؤذن فیهم فجاءه وفده فی شهر رمضان فأسلموا.
ثم رجع رسول اللّٰه إلی الجعرانة بمن معه من الناس و قسم بها ما أصاب من
ص: 169
الغنائم (1) یوم حنین فی المؤلفة قلوبهم من قریش و من سائر العرب و لم یكن فی الأنصار منها شی ء قلیل و لا كثیر قیل إنه جعل للأنصار شیئا یسیرا و أعطی الجمهور للمتألفین (2).
قال محمد بن إسحاق و أعطی (3) أبا سفیان بن حرب مائة بعیر و معاویة ابنه مائة بعیر و حكیم بن حزام من بنی أسد بن عبد العزی (4) مائة بعیر و أعطی النضر بن الحارث بن كلدة (5) مائة بعیر و أعطی العلاء بن حارثة الثقفی حلیف بنی وهدة مائة بعیر (6) و أعطی الحارث بن هشام من بنی مخزوم مائة و جبیر بن مطعم من بنی نوفل بن عبد مناف مائة و مالك بن عوف النصری (7) مائة فهؤلاء أصحاب المائة و قیل إنه أعطی علقمة بن علاثة مائة و الأقرع بن حابس مائة و عیینة بن حصن مائة و أعطی العباس بن مرداس (8) أربعا فتسخطها و أنشأ یقول:
أ تجعل نهبی (9) و نهب العبید*** بین عیینة و الأقرع
ص: 170
فما كان حصن و لا حابس*** یفوقان مرداس فی مجمع (1)
و ما كنت دون امرئ منهما*** و من تضع الیوم لا یرفع
و قد كنت فی الحرب ذا تدرأ*** فلم أعط شیئا و لم أمنع
فقال له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أنت القائل أ تجعل نهبی و نهب العبید بین الأقرع و عیینة فقال أبو بكر بأبی أنت و أمی لست بشاعر قال كیف قال فأنشده أبو بكر (2) فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یا علی قم إلیه فاقطع لسانه قال عباس فو اللّٰه لهذه الكلمة كانت أشد علی من یوم خثعم فأخذ علی بیدی فانطلق بی و قلت یا علی إنك لقاطع لسانی قال إنی ممض فیك ما أمرت حتی أدخلنی الحظائر فقال اعقل ما بین أربعة إلی مائة قال قلت بأبی أنتم و أمی ما أكرمكم و أحلمكم و أجملكم و أعلمكم فقال لی إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أعطاك أربعا و جعلك مع المهاجرین فإن شئت فخذها و إن شئت فخذ المائة و كن مع أهل المائة فقال فقلت لعلی علیه السلام أشر أنت علی قال فإنی آمرك أن تأخذ ما أعطاك و ترضی قال فإنی أفعل.
قال و غضب قوم من الأنصار لذلك و ظهر منهم كلام (3) قبیح حتی قال قائلهم لقی الرجل أهله و بنی عمه و نحن أصحاب كل كریهة.
فلما رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما دخل علی الأنصار من ذلك أمرهم أن یقعدوا و لا یقعد معهم غیرهم ثم أتاهم شبه المغضب یتبعه علی علیه السلام حتی جلس وسطهم فقال أ لم آتكم و أنتم علی شفا حفرة من النار فأنقذكم اللّٰه منها بی
ص: 171
قالوا بلی و لله و لرسوله المن و الطول و الفضل علینا قال أ لم آتكم و أنتم أعداء فألف اللّٰه بین قلوبكم بی قالوا أجل ثم قال أ لم آتكم و أنتم قلیل فكثركم اللّٰه بی و قال ما شاء اللّٰه أن یقول ثم سكت ثم قال أ لا تجیبونی قالوا بم نجیبك یا رسول اللّٰه فداك أبونا و أمنا لك المن و الفضل و الطول قال بل لو شئتم قلتم جئتنا طریدا مكذبا فآویناك و صدقناك و جئتنا خائفا فآمناك فارتفعت أصواتهم (1) و قام إلیه شیوخهم فقبلوا یدیه و رجلیه و ركبتیه ثم قالوا رضینا عن اللّٰه و عن رسوله و هذه أموالنا أیضا بین یدیك فاقسمها بین قومك إن شئت فقال یا معشر الأنصار أ وجدتم فی أنفسكم إذ قسمت مالا أتألف به قوما و وكلتم إلی إیمانكم أ ما ترضون أن یرجع غیركم بالشاء و النعم و رجعتم أنتم و رسول اللّٰه فی سهمكم ثم قال صلی اللّٰه علیه و آله الأنصار كرشی و عیبتی لو سلك الناس وادیا و سلك ِ الْأَنْصَار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللّٰهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار و لأبناء أبناء الأنصار قال و قد كان فیما سبی أخته بنت حلیمة فلما قامت علی رأسه قالت یا محمد أختك سبی بنت حلیمة قال فنزع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله برده فبسطه لها فأجلسها علیه ثم أكب علیها (2) یسائلها و هی التی كانت تحضنه إذا كانت (3) أمها ترضعه.
و أدرك وفد هوازن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالجعرانة و قد أسلموا فقالوا یا رسول اللّٰه لنا أصل و عشیرة و قد أصابنا من البلاء ما لم یخف علیك فامنن علینا من اللّٰه علیك و قام خطیبهم زهیر بن صرد فقال یا رسول اللّٰه إنا لو ملحنا الحارث بن أبی شمر أو النعمان بن المنذر ثم ولی منا مثل الذی ولیت لعاد علینا بفضله و عطفه و أنت خیر المكفولین و إنما فی الحظائر (4) خالاتك و بنات خالاتك و حواضنك و بنات حواضنك اللاتی أرضعنك و لسنا نسألك مالا إنما نسألكهن و قد كان
ص: 172
رسول اللّٰه قسم منهن ما شاء اللّٰه فلما كلمته أخته قال أما نصیبی و نصیب بنی عبد المطلب فهو لك و أما ما كان للمسلمین فاستشفعی بی علیهم فلما صلوا الظهر قامت فتكلمت و تكلموا فوهب لها الناس أجمعون (1) إلا الأقرع بن حابس و عیینة بن حصن فإنهما أبیا أن یهبا و قالوا یا رسول اللّٰه إن هؤلاء قوم قد أصابوا من نسائنا فنحن نصیب من نسائهم مثل ما أصابوا فأقرع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بینهم ثم قال اللّٰهم توه سهمیهما فأصاب أحدهما خادما لبنی عقیل و أصاب الآخر خادما لبنی نمیر فلما رأیا ذلك وهبا ما منعا قال و لو لا أن النساء وقعن فی القسمة لوهبهن لها كما وهب ما لم یقع فی القسمة و لكنهن وقعن فی أنصباء (2) الناس فلم یأخذ منهم إلا بطیبة النفس.
وَ رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ فَیْ ءٍ یُصِیبُهُ فردوا إلی الناس نساءهم و أبناءهم قال و كلمته أخته فی مالك بن عوف فقال إن جاءنی فهو آمن فأتاه فرد علیه ماله و أعطاه مائة من الإبل..
وَ رَوَی الزُّهْرِیُّ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: بَیْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُوَ یَقْسِمُ إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَیْصِرَةِ (3) رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَیْلَكَ مَنْ یَعْدِلُ إِنْ أَنَا لَمْ أَعْدِلْ وَ قَدْ خِبْتُ أَوْ خَسِرْتُ إِنْ أَنَا لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِی فِیهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً یُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَ صِیَامَهُ مَعَ صِیَامِهِ (4) یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَنْظُرُ إِلَی نَصْلِهِ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی رِصَافِهِ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی نَضِیِّهِ وَ هُوَ قِدْحُهُ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ فِی قُذَذِهِ فَلَا
ص: 173
یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَ الدَّمَ آیَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَی عَضُدَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ یَخْرُجُونَ عَلَی خَیْرِ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَاتَلَهُمْ وَ أَنَا مَعَهُ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلَ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِیَ بِهِ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَیْهِ عَلَی نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی نَعَتَ- رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ فِی الصَّحِیحِ. (1) قَالُوا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ یَقُولُونَ یَا رَسُولَ اللَّهِ اقْسِمْ عَلَیْنَا فَیْئَنَا حَتَّی أَلْجَئُوهُ إِلَی شَجَرَةٍ فَانْتَزَعَ عَنْهُ رِدَاؤُهُ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسِ رُدُّوا عَلَیَّ رِدَائِی فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ كَانَ عِنْدِی عَدَدُ شَجَرَتِهَا نَعَماً لَقَسَمْتُهُ عَلَیْكُمْ ثُمَّ مَا أَلْفَیْتُمُونِی بَخِیلًا وَ لَا جَبَاناً ثُمَّ قَامَ إِلَی جَنْبِ بَعِیرٍ وَ أَخَذَ مِنْ سَنَامِهِ وَبَرَةً فَجَعَلَهَا بَیْنَ إِصْبَعَیْهِ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا لِی مِنْ فَیْئِكُمْ هَذِهِ الْوَبَرِةِ إِلَّا الْخُمُسُ وَ الْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَیْكُمْ فَأَدُّوا الْخِیَاطَ وَ الْمَخِیطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَ نَارٌ وَ شَنَارٌ عَلَی أَهْلِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِكُبَّةٍ مِنْ خُیُوطِ شَعْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذْتُ هَذَا لِأَخِیطَ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِیرٍ لِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا حَقِّی مِنْهَا فَلَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا إِذَا بَلَغَ الْأَمْرُ هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِی بِهَا وَ رَمَی بِهَا مِنْ یَدِهِ.
ثم خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من الجعرانة (2) فی ذی القعدة إلی مكة فقضی بها عمرته ثم صدر (3) إلی المدینة و خلیفته علی أهل مكة معاذ بن جبل و قال محمد بن إسحاق استخلف عتاب بن أسید و خلف معه معاذا یفقه الناس فی الدین و یعلمهم و حج بالناس فی تلك السنة و هی سنة ثمان عتاب بن أسید و أقام صلی اللّٰه علیه و آله بالمدینة ما بین ذی الحجة إلی رجب. (4).
ص: 174
بیان: قال الجوهری یقال صدقوهم القتال و یقال للرجل الشجاع و الفرس الجواد إنه لذو مصدق بالفتح أی صادق الحملة و صادق الجری كأنه ذو صدق فیما یعدك من ذلك.
و فی القاموس أبو حدرد الأسلمی صحابی و لم یجئ فعلع بتكریر العین غیره و الحدرد القصیر كذا فی التسهیل قوله صلی اللّٰه علیه و آله قد كنت ضالا لعله كان یكذبه لكونه جدید الإسلام فقال صلی اللّٰه علیه و آله أنت أیضا كنت كذلك و النهیق بالفتح و النهاق بالضم صوت الحمار لم أشهده و لم أغب عنه أی أنا حاضر بنفسی لكن لما لم یمكننی القتال فیه و لا تعملون برأیی فكأنی غائب أو إنی و إن لم أر مثل هذا القوم لكن أعلم عاقبة الأمر فیه و العوان من الحرب التی قوتل فیها مرة و كأنه لیس من المصرع.
و فی الدر النظیم أخب فیها تارة ثم أقع.
و فی النهایة فلم یرعنی إلا رجل أخذ بمنكبی أی لم أشعر و إن لم یكن من لفظه كأنه فاجأه بغتة من غیر موعد و لا معرفة فراعه ذلك و أفزعه.
و قال الجوهری رجل أهوج أی طویل و به تسرع و حمق و قال ربیت القوم سستهم أی كنت فوقهم و منه قول صفوان لأن یربنی رجل من قریش أحب إلی من أن یربنی رجل من هوازن.
قوله فأدرت أی رأیی أو نظری أو هو بمعنی درت.
قد عری أی بقی بلا أعوان إلا أن أسوره هكذا فیما عندنا من النسخ بالسین یقال سار الرجل إلیه سورا أی وثب و سرت الحائط أی تسلقته و لعل الأصوب أنه بالصاد من صار الشی ء أی قطعه و فصله و الشواظ بالضم و الكسر لهب لا دخان فیه أو دخان النار و حرها ذكره الفیروزآبادی و قال الماحش المحرق كالممحش و امتحش احترق و قال الذمر الملامة.
و قال الجوهری الذمر الشجاع و ذمرته أذمره ذمرا حثثته و فلان حامی الذمار أی إذا ذمر و غضب حمی.
ص: 175
اللّٰه أی أذكركم اللّٰه فی الكرة و الرجعة إلیه أو أسألكم الكرة.
و قال الفیروزآبادی الدبابة مشددة آلة تتخذ للحروب فتدفع فی أصل الحصن فینقبون و هم فی جوفها قوله علی وجل كنایة عن سرعة ارتحاله صلی اللّٰه علیه و آله بعد مجیئه ألا إن الحی مقیم أی من كان حیا ینبغی أن لا یزول حتی یفتح أو المراد بالحی القبیلة إظهارا لعدم براحه.
و قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا أقمت و لا ظعنت دعاء علیه بعدم قدرته علی الإقامة كما یرید و لا الظعن بنفسه فصار كذلك و قال الجوهری الملح الرضاع و الملح بالفتح مصدر قولك ملحنا لفلان ملحا أرضعناه قوله صلی اللّٰه علیه و آله توه سهمیهما أی أهلك و ضیع من التوی و هو الهلاك و الهاء للسكت أو من التوه و هو الهلاك و الذهاب.
و قال الجزری فی حدیث الخوارج یمرقون من الدین مروق السهم من الرمیة أی یجوزونه و یخرقونه و یبعدونه كما یمرق السهم الشی ء المرمی به و یخرج منه و قال الرصاف هو عقب یلوی علی مدخل النصل فیه و قال فی حدیث الخوارج فینظر فی نضیه النضی نصل السهم و قیل هو السهم قبل أن ینحت إذا كان قدحا و هو أولی لأنه جاء فی الحدیث ذكر النصل بعد النضی و هو من السهم ما بین الریش و النصل و القذذ ریش السهم واحدتها قذة انتهی.
أقول: شبه صلی اللّٰه علیه و آله خروجهم من الدین و عدم انتفاعهم بشی ء منه بسهم رمی به حیوان فخرج منه بحیث لم یبق فی شی ء من أجزاء السهم أثر من أجزاء الحیوان و قال الجزری تدردر أی ترجرج تجی ء و تذهب و الأصل تتدردر فحذف إحدی التاءین تخفیفا و قال الجزری الجعرانة موضع قریب من مكة و هو فی الحل و میقات الإحرام و هی بتسكین العین و التخفیف و قد تكسر و تشدد الراء.
«10»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ عَنْ أَبَانٍ (1) عَنْ عَجْلَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَتَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ یَوْمَ حُنَیْنٍ أَرْبَعِینَ (2).
ص: 176
«11»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤَلَّفَةِ (1) قُلُوبُهُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ وَحَّدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَلَعُوا عِبَادَةَ مَنْ یُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمْ فِی ذَلِكَ شُكَّاكٌ فِی بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَتَأَلَّفَهُمْ بِالْمَالِ وَ الْعَطَاءِ لِكَیْ یَحْسُنَ إِسْلَامُهُمْ وَ یَثْبُتُوا عَلَی دِینِهِمُ الَّذِی دَخَلُوا فِیهِ وَ أَقَرُّوا بِهِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ حُنَیْنٍ تَأَلَّفَ رُؤَسَاءَ الْعَرَبِ (2) (وَ) مِنْ قُرَیْشٍ وَ سَائِرِ مُضَرَ مِنْهُمْ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ عُیَیْنَةُ بْنُ حُصَیْنٍ (3) الْفَزَارِیُّ وَ أَشْبَاهُهُمْ مِنَ النَّاسِ فَغَضِبَتِ الْأَنْصَارُ وَ اجْتَمَعَتْ (4) إِلَی سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْجِعْرَانَةِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْكَلَامِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِی قَسَمْتَ بَیْنَ قَوْمِكَ شَیْئاً أَنْزَلَ اللَّهُ (5) رَضِینَا وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ لَمْ نَرْضَ.
قَالَ زُرَارَةُ وَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَ كُلُّكُمْ عَلَی قَوْلِ سَیِّدِكُمْ (6) فَقَالُوا سَیِّدُنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ قَالُوا فِی الثَّالِثَةِ (7) نَحْنُ عَلَی مِثْلِ قَوْلِهِ وَ رَأْیِهِ قَالَ زُرَارَةُ فَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ فَحَطَّ اللَّهُ نُورَهُمْ وَ فَرَضَ اللَّهُ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَهْماً فِی الْقُرْآنِ (8).
ص: 177
«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ زُرَارَةُ (1) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ فِی قَابِلٍ جَاءُوا بِضِعْفِ الَّذِی أَخَذُوا وَ أَسْلَمَ نَاسٌ كَثِیرٌ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَطِیباً فَقَالَ هَذَا خَیْرٌ أَمِ الَّذِی قُلْتُمْ قَدْ جَاءُوا مِنَ الْإِبِلِ بِكَذَا وَ كَذَا ضِعْفَ مَا أَعْطَیْتُهُمْ وَ قَدْ أَسْلَمَ لِلَّهِ عَالَمٌ وَ نَاسٌ كَثِیرٌ وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِی مَا أُعْطِی كُلَّ إِنْسَانٍ دِیَتَهُ عَلَی أَنْ یُسْلِمَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.
- ثم روی العیاشی بسند آخر عن زرارة عنه علیه السلام مثله (2).
«13»-ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَی وَ مِنْ غَیْرِ هَذَا الْوَجْهِ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حِینَ قَسَمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله غَنَائِمَ حُنَیْنٍ مَا هَذِهِ الْقِسْمَةُ (3) مَا یُرِیدُ اللَّهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ یَا عَدُوَّ اللَّهِ تَقُولُ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَتِهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أُوذِیَ أَخِی مُوسَی بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ قَالَ وَ كَانَ یُعْطِی لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِائَةَ رَاحِلَةٍ (4).
«14»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جماعة عن أبی المفضل عن أحمد بن عبید اللّٰه بن عمار الثقفی (5) عن علی بن محمد بن سلیمان النوفلی سنة خمس و أربعین و مائتین عن أبیه عن یزید بن عبد الملك النوفلی عن أبیه عن المغیرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن أبیه عن جده نوفل أنه كان یحدث عن یوم حنین قال:
فر الناس جمیعا و أعروا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلم یبق معه إلا سبعة نفر من بنی عبد المطلب العباس و ابنه الفضل و علی و أخوه عقیل و أبو سفیان و ربیعة و نوفل بنو الحارث بن عبد المطلب و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مصلت سیفه فی المجتلد و هو علی
ص: 178
بغلته الدلدل و هو یقول:
أنا النبی لا كذب*** أنا ابن عبد المطلب
قال الحارث بن نوفل فحدثنی الفضل بن العباس قال التفت العباس یومئذ و قد أقشع (1) الناس عن بكرة أبیهم فلم یر علیا فیمن ثبت فقال شوهة بوهة (2) أ فی مثل هذه الحال یرغب ابن أبی طالب بنفسه عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو صاحب ما هو صاحبه یعنی المواطن المشهورة له فقلت نقص قولك لابن أخیك یا أبة قال ما ذاك یا فضل قلت أ ما تراه فی الرعیل الأول أ ما تراه فی الرهج قال أشعره لی یا بنی قلت ذو كذا (3) ذو البردة قال فما تلك البرقة قلت سیفه یزیل به بین الأقران فقال بر بن بر فداه عم و خال قال فضرب علی یومئذ أربعین مبارزا كلهم یقده حتی أنفه و ذكره قال و كانت ضرباته مبتكرة. (4).
بیان: قال الفیروزآبادی أعروا صاحبهم تركوه و قال قشع القوم كمنع فرقهم فأقشعوا و هو نادر قوله عن بكرة أبیهم أی عن آخرهم و قد مر و قال الفیروزآبادی شاه وجهه شوها و شوهة قبح و قال البوهة بالضم الصقر سقط ریشه و الرجل الطائش و الأحمق و البوه بالفتح اللعن و الرعیل جماعة الخیل و الرهج و یحرك الغبار و زیله فرقه و قال فی النهایة فی الحدیث كانت ضربات علی مبتكرات لا عوانا أی إن ضربته كانت بكرا یقتل بواحدة منها لا یحتاج أن یعید الضربة ثانیا یقال ضربة بكر إذا كانت قاطعة لا تثنی.
«15»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ سَعِیدٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا بْنِ سَارِیَةَ الْمَكِّیِّ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ كَثِیرِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ
ص: 179
قَدِمَ عَلَیْهِ وَفْدُ أَهْلِ الطَّائِفِ یَا أَهْلَ الطَّائِفِ وَ اللَّهِ لَتُقِیمُنَّ الصَّلَاةَ وَ لَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ عَلَیْكُمْ (1) رَجُلًا كَنَفْسِی یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ یَقْصَعُكُمْ بِالسَّیْفِ فَتَطَاوَلَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ فَأَشَالَهَا (2) ثُمَّ قَالَ هُوَ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ مَا رَأَیْنَا كَالْیَوْمِ فِی الْفَضْلِ قَطُّ (3).
بیان: القصع شدة المضغ و قصع الغلام كمنع ضرب ببسط كفه علی رأسه (4).
«16»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مَرَّ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنْ یَوْمِ حُنَیْنٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَبَاغَتْ عَلَیْهِ (5).
«17»-ل، الخصال بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الشُّورَی نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیَنْتَهِیَنَّ بَنُو وَلِیعَةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِی طَاعَتُهُ كَطَاعَتِی وَ مَعْصِیَتُهُ كَمَعْصِیَتِی یَغْشَاهُمْ بِالسَّیْفِ غَیْرِی قَالُوا اللَّهُمَّ لَا (6).
«18»-ج، الإحتجاج عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ یَوْمَ الشُّورَی نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاجَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الطَّائِفِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ نَاجَیْتَ (7) عَلِیّاً دُونَنَا فَقَالَ لَهُمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَنَا نَاجَیْتُهُ بَلِ اللَّهُ أَمَرَنِی بِذَلِكَ غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ (8) (غَیْرِی) قَالُوا لَا (9).
ص: 180
«19»-أقول: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی مجمع البیان، ذكر أهل التفسیر و أصحاب السیر أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما افتتح مكة خرج منها متوجها إلی حنین لقتال هوازن و ثقیف فی آخر شهر رمضان أو فی شوال سنة ثمان من الهجرة و ذكر القصة نحوا مما مر إلی أن ذكر هزیمة المسلمین و نداء العباس ثم قال فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا و قالوا لبیك لبیك و تبادر الأنصار خاصة و نزل النصر من عند اللّٰه و انهزمت هوازن هزیمة قبیحة فمروا فی كل وجه و لم یزل المسلمون فی آثارهم و مر مالك بن عوف فدخل حصن الطائف و قتل منهم زهاء مائة رجل و أغنم اللّٰه المسلمین أموالهم و نساءهم و أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالذراری و الأموال أن تحدر إلی الجعرانة و ولی علی الغنائم بدیل بن ورقاء الخزاعی و مضی علیه السلام فی أثر القوم فوافی الطائف فی طلب مالك بن عوف و حاصر أهل الطائف بقیة الشهر فلما دخل ذو القعدة انصرف إلی (1) الجعرانة و قسم بها غنائم حنین و أوطاس قال سعید بن المسیب حدثنی رجل كان فی المشركین یوم حنین قال لما التقینا نحن و أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یقفوا لنا حلب شاة فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم حتی انتهینا إلی صاحب البغلة الشهباء یعنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فتلقانا رجال بیض الوجوه فقالوا لنا شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا و ركبوا أكتافنا فكانوا إیاها یعنی الملائكة:.
قال الزهری و بلغنی أن شیبة بن عثمان قال: استدبرت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم حنین و أنا أرید أن أقتله بطلحة بن عثمان و عثمان بن طلحة و كانا قد قتلا یوم أحد فأطلع اللّٰه رسوله علی ما فی نفسی فالتفت إلی و ضرب فی صدری و قال أعیذك باللّٰه یا شیبة فأرعدت فرائصی فنظرت إلیه و هو أحب إلی من سمعی و بصری فقلت أشهد أنك رسول اللّٰه و أن اللّٰه أطلعك علی ما فی نفسی
ص: 181
و قسم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الغنائم بالجعرانة و كان معه من سبی هوازن ستة آلاف من الذراری و النساء و من الإبل و الشاء ما لا یدری عدته قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ مُنَادِیاً فَنَادَی یَوْمَ أَوْطَاسٍ أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَی حَتَّی یَضَعْنَ وَ لَا الْحَیَالَی (1) حَتَّی یُسْتَبْرَأْنَ بِحَیْضَةٍ (2) ثُمَّ أَقْبَلَتْ وُفُودُ هَوَازِنَ وَ قَدِمَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْجِعْرَانَةِ مُسْلِمِینَ وَ قَامَ خَطِیبُهُمْ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَا فِی الْحَظَائِرِ مِنَ السَّبَایَا خَالاتُكَ وَ حَوَاضِنُكَ اللَّاتِی كُنَّ یَكْفُلْنَكَ فَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا ابْنَ أَبِی شِمْرٍ أَوِ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ ثُمَّ أَصَابَنَا مِنْهُمَا مِثْلُ الَّذِی أَصَابَنَا مِنْكَ رَجَوْنَا عَائِدَتَهُمَا وَ عَطْفَهُمَا وَ أَنْتَ خَیْرُ الْمَكْفُولِینَ ثُمَّ أَنْشَدَ أَبْیَاتاً (3) فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّ (4) الْأَمْرَیْنِ أَحَبُّ إِلَیْكُمْ السَّبْیُ أَمِ الْأَمْوَالُ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ خَیَّرْتَنَا بَیْنَ الْحَسَبِ وَ بَیْنَ الْأَمْوَالِ وَ الْحَسَبُ أَحَبُّ إِلَیْنَا وَ لَا نَتَكَلَّمُ فِی شَاةٍ وَ لَا بَعِیرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَمَّا الَّذِی لِبَنِی هَاشِمٍ فَهُوَ لَكُمْ وَ سَوْفَ أُكَلِّمُ لَكُمُ الْمُسْلِمِینَ وَ أَشْفَعُ لَكُمْ فَكَلِّمُوهُمْ وَ أَظْهِرُوا إِسْلَامَكُمْ فَلَمَّا صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْهَاجِرَةَ قَامُوا فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ رَدَدْتُ الَّذِی لِبَنِی هَاشِمٍ وَ الَّذِی بِیَدِی عَلَیْهِمْ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ یُعْطِیَ غَیْرَ مُكْرَهٍ فَلْیَفْعَلْ وَ مَنْ كَرِهَ أَنْ یُعْطِیَ فَلْیَأْخُذِ الْفِدَاءَ وَ عَلَیَّ فِدَاؤُهُمْ فَأَعْطَی النَّاسُ مَا كَانَ بِأَیْدِیهِمْ إِلَّا قَلِیلًا مِنَ النَّاسِ سَأَلُوا الْفِدَاءَ. (5).
ص: 182
بیان: قال الجوهری قولهم هم زهاء مائة قدر مائة.
«20»-قب، المناقب لابن شهرآشوب عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام سَبَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ حُنَیْنٍ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَأْسٍ وَ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ نَاقَةٍ سِوَی مَا لَا یُعْلَمُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَ قَالَ الزُّهْرِیُّ سِتَّةَ آلَافٍ مِنَ الذَّرَارِیِّ وَ النِّسَاءِ وَ مِنَ الْبَهَائِمِ مَا لَا یُحْصَی وَ لَا یُدْرَی (1).
«21»-أقول قَالَ الْكَازِرُونِیُّ فِی الْمُنْتَقَی بَعْدَ تِلْكَ الْغَزَوَاتِ: وَ فِی تِلْكَ السَّنَةِ یَعْنِی الثَّامِنَةَ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ مَلِیكَةَ الْكِنْدِیَّةِ وَ كَانَ قَتَلَ أَبَاهَا یَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَتْ لَهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا تَسْتَحِینَ تَزَوَّجِینَ (2) رَجُلًا قَتَلَ أَبَاكِ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهَا فَفَارَقَهَا وَ فِیهَا وُلِدَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَارِیَةَ فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ كَانَتْ قَابِلَتُهَا مَوْلَاةَ (3) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَتْ إِلَی زَوْجِهَا أَبِی رَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلَاماً فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَشَّرَهُ بِأَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلَاماً فَوَهَبَ لَهُ عَبْداً وَ سَمَّاهُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَقَّ عَنْهُ یَوْمَ سَابِعِهِ وَ حَلَقَ رَأْسَهُ فَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَی الْمَسَاكِینِ وَ أَمَرَهُ بِشَعْرِهِ فَدُفِنَتْ فِی الْأَرْضِ وَ تَنَافَسَتْ فِیهِ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ أَیُّهُنَّ تُرْضِعُهُ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أُمِّ بُرْدَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَیْدٍ وَ زَوْجُهَا الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسٍ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتِی أُمَّ بُرْدَةَ فَیَقِیلَ عِنْدَهَا وَ یُؤْتَی بِإِبْرَاهِیمَ وَ غَارَتْ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اشْتَدَّ عَلَیْهِنَّ حِینَ رُزِقَ مِنْهَا الْوَلَدَ.
وَ رُوِیَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ إِبْرَاهِیمَ جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَبَا إِبْرَاهِیمَ.
وَ رُوِیَ عَنْهُ أَیْضاً قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وُلِدَ اللَّیْلَةَ لِی غُلَامٌ فَسَمَّیْتُهُ بِاسْمِ أَبِی إِبْرَاهِیمَ قَالَ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَی أُمِّ سَیْفٍ امْرَأَةِ قَیْنٍ بِالْمَدِینَةِ یُقَالُ لَهُ أَبُو یُوسُفَ (4).
و فیها ماتت زینب بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كانت أكبر بناته و أول من تزوجت
ص: 183
منهن تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربیع قبل النبوة فولد له علیا و أمامة أما علی فمات فی ولایة عمر و أما أمامة فماتت سنة خمسین. (1) 22 و قال ابن الأثیر فی الكامل،: و فیها بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عمرو بن العاص إلی جیفر و عمرو (2) ابنی الجلندی فأخذ الصدقة من أغنامهم و ردها علی فقرائهم و فیها بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كعب بن عمیر إلی ذات اطلاع من الشام فأصیب هو و أصحابه و فیها بعث أیضا عیینة بن حصن الفزاری إلی بنی العنبر من تمیم فأغار علیهم و سبی منهم نساء. (3).
«23»-وجدت بخط الشیخ محمد بن علی الجبعی رحمه اللّٰه نقلا من خط الشیخ الشهید قدس اللّٰه روحه من طرق العامة مرفوعا إلی أبی عمرو زیاد بن طارق عن أبی جرول (4) زهیر الجشمی قال لما أسرنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم هوازن و ذهب یفرق السبی و النساء أتیته فأنشدته:
امنن علینا رسول اللّٰه فی كرم*** فإنك المرء نرجوه و ننتظر (5)
امنن علی بیضة قد عاقها قدر*** مشتت شملها فی دهرها غیر (6)
أبقت لنا الدهر هتافا علی حزن*** علی قلوبهم الغماء و الغمر
إن لم تداركهم نعماء تنشرها*** یا أرجح الناس حلما حین تختبر (7)
امنن علی نسوة قد كنت ترضعها*** إذ فوك یملؤه من مخضها الدرر
ص: 184
إذ أنت (1) طفل صغیر كنت ترضعها*** و إذ یریبك (2) ما تأتی و ما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته*** و استبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت (3)*** و عندها بعد هذا الیوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه*** من أمهاتك إن العفو منتشر (4)
یا خیر من مرحت كمت الجیاد به*** عند الهیاج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه*** هذی البریة إذ تعفو و تنتصر
فاعف (5) عفا اللّٰه عما أنت راهبه*** یوم القیامة إذ یهدی لك الظفر(6)
قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الشِّعْرَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ لِی وَ لِبَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَهُمْ وَ قَالَ قُرَیْشٌ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ.
قال ابن عساكر هذا غریب تفرد به زیاد بن طارق عن زهیر و هو معدود فی السباعیات.
الآیات؛
التوبة: «قاتِلُوا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ لا یُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا یَدِینُونَ دِینَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّی یُعْطُوا الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ»(29)
ص: 185
(و قال سبحانه): «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِیلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَی الْأَرْضِ أَ رَضِیتُمْ بِالْحَیاةِ الدُّنْیا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا فِی الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ* إِلَّا تَنْفِرُوا یُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِیماً وَ یَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَیْرَكُمْ وَ لا تَضُرُّوهُ شَیْئاً وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ *إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِینَ كَفَرُوا (إلی قوله): انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِیباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَیْهِمُ الشُّقَّةُ وَ سَیَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ یُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَكَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِینَ *لا یَسْتَأْذِنُكَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أَنْ یُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالْمُتَّقِینَ* إِنَّما یَسْتَأْذِنُكَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ ارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِی رَیْبِهِمْ یَتَرَدَّدُونَ* وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قِیلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِینَ* لَوْ خَرَجُوا فِیكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ یَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَ فِیكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ* لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ* وَ مِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ ائْذَنْ لِی وَ لا تَفْتِنِّی أَلا فِی الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَةٌ بِالْكافِرِینَ* إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِیبَةٌ یَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَ یَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ* قُلْ لَنْ یُصِیبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَی اللَّهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ* قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَی الْحُسْنَیَیْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ یُصِیبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَیْدِینا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ* قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ یُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِینَ* وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا یَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالی وَ لا یُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ* فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِی