بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 19

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 19: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب تاریخ نبینا صلی اللّٰه علیه و آله

تتمة أبواب أحواله صلی اللّٰه علیه و آله من البعثة إلی نزول المدینة

باب 5 دخوله الشعب و ما جری بعده إلی الهجرة و عرض نفسه علی القبائل و بیعة الأنصار و موت أبی طالب و خدیجة رضی اللّٰه عنهما

«1»-عم، إعلام الوری ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام اجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ فِی دَارِ النَّدْوَةِ وَ كَتَبُوا صَحِیفَةً بَیْنَهُمْ أَنْ لَا یُؤَاكِلُوا بَنِی هَاشِمٍ وَ لَا یُكَلِّمُوهُمْ وَ لَا یُبَایِعُوهُمْ وَ لَا یُزَوِّجُوهُمْ وَ لَا یَتَزَوَّجُوا إِلَیْهِمْ وَ لَا یَحْضُرُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَدْفَعُوا إِلَیْهِمْ مُحَمَّداً فَیَقْتُلُوهُ وَ أَنَّهُمْ یَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَی مُحَمَّدٍ یَقْتُلُونَهُ غِیلَةً أَوْ صِرَاحاً فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا طَالِبٍ جَمَعَ بَنِی هَاشِمٍ وَ دَخَلُوا الشِّعْبَ وَ كَانُوا أَرْبَعِینَ رَجُلًا فَحَلَفَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ بِالْكَعْبَةِ وَ الْحَرَمِ وَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ إِنْ شَاكَتْ مُحَمَّداً شَوْكَةٌ لَأَثِبَنَّ (1) عَلَیْكُمْ یَا بَنِی هَاشِمٍ وَ حَصَّنَ الشِّعْبَ وَ كَانَ یَحْرُسُهُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَإِذَا جَاءَ اللَّیْلُ یَقُومُ بِالسَّیْفِ عَلَیْهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُضْطَجِعٌ ثُمَّ یُقِیمُهُ وَ یُضْجِعُهُ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا یَزَالُ اللَّیْلَ كُلَّهُ هَكَذَا وَ یُوَكِّلُ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ أَخِیهِ بِهِ یَحْرُسُونَهُ بِالنَّهَارِ فَأَصَابَهُمُ الْجَهْدُ وَ كَانَ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ لَا یَجْسُرُ أَنْ یَبِیعَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ شَیْئاً وَ مَنْ بَاعَ مِنْهُمْ شَیْئاً انْتَهَبُوا مَالَهُ وَ كَانَ أَبُو جَهْلٍ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِیُّ وَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ یَخْرُجُونَ إِلَی الطُّرُقَاتِ الَّتِی تَدْخُلُ مَكَّةَ فَمَنْ رَأَوْهُ مَعَهُ مِیرَةٌ (2) نَهَوْهُ أَنْ یَبِیعَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ شَیْئاً وَ یَحْذَرُونَ إِنْ بَاعَ شَیْئاً مِنْهُمْ أَنْ یَنْهَبُوا مَالَهُ وَ كَانَتْ خَدِیجَةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا لَهَا مَالٌ كَثِیرٌ فَأَنْفَقَتْهُ عَلَی

ص: 1


1- لعل الأصحّ: لاتین علیكم. یقال: أتی علیه الدهر أی أهلكه.
2- المیرة: الطعام.

رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الشِّعْبِ وَ لَمْ یَدْخُلْ فِی حَلْفِ الصَّحِیفَةِ مُطْعِمُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَالَ هَذَا ظُلْمٌ وَ خَتَمُوا الصَّحِیفَةَ بِأَرْبَعِینَ خَاتَماً خَتَمَهَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَیْشٍ بِخَاتَمِهِ وَ عَلَّقُوهَا فِی الْكَعْبَةِ وَ تَابَعَهُمْ عَلَی ذَلِكَ أَبُو لَهَبٍ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَخْرُجُ فِی كُلِّ مَوْسِمٍ فَیَدُورُ عَلَی قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَیَقُولُ لَهُمْ تَمْنَعُونَ لِی جَانِبِی حَتَّی أَتْلُوَ عَلَیْكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَ ثَوَابُكُمُ الْجَنَّةُ عَلَی اللَّهِ وَ أَبُو لَهَبٍ فِی أَثَرِهِ فَیَقُولُ لَا تَقْبَلُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِی وَ هُوَ كَذَّابٌ سَاحِرٌ فَلَمْ یَزَلْ هَذَا حَالَهُمْ (1) وَ بَقُوا فِی الشِّعْبِ أَرْبَعَ سِنِینَ لَا یَأْمَنُونَ إِلَّا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَی مَوْسِمٍ وَ لَا یَشْتَرُونَ وَ لَا یُبَایِعُونَ (2) إِلَّا فِی الْمَوْسِمِ وَ كَانَ یَقُومُ بِمَكَّةَ مَوْسِمَانِ فِی كُلِّ سَنَةٍ مَوْسِمُ الْعُمْرَةِ فِی رَجَبٍ وَ مَوْسِمُ الْحَجِّ فِی ذِی الْحِجَّةِ فَكَانَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْمَوَاسِمُ تَخْرُجُ بَنُو هَاشِمٍ مِنَ الشِّعْبِ فَیَشْتَرُونَ وَ یَبِیعُونَ ثُمَّ لَا یَجْسُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ یَخْرُجَ إِلَی الْمَوْسِمِ الثَّانِی وَ أَصَابَهُمُ الْجَهْدُ وَ جَاعُوا وَ بَعَثَتْ قُرَیْشٌ إِلَی أَبِی طَالِبٍ ادْفَعْ إِلَیْنَا مُحَمَّداً حَتَّی نَقْتُلَهُ وَ نُمَلِّكَكَ عَلَیْنَا فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَصِیدَتَهُ اللَّامِیَّةَ یَقُولُ فِیهَا:

وَ لَمَّا رَأَیْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ فِیهِمْ*** وَ قَدْ قَطَعُوا كُلَّ الْعُرَی وَ الْوَسَائِلِ

أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ ابْنَنَا لَا مُكَذَّبٌ*** لَدَیْنَا وَ لَا یَعْنِی بِقَوْلِ الْأَبَاطِلِ

وَ أَبْیَضَ یُسْتَسْقَی الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ*** ثِمَالُ الْیَتَامَی عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ

یَطُوفُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمِ*** فَهُمْ عِنْدَهُ فِی نِعْمَةٍ وَ فَوَاضِلِ

كَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ یُبْزَی مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله (3)*** وَ لَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَ نُقَاتِلْ (4)

وَ نُسْلِمُهُ حَتَّی نُصْرَعَ دُونَهُ***وَ نَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَ الْحَلَائِلِ

ص: 2


1- فی نسخة: هذا حاله.
2- فی نسخة: و لا یبیعون.
3- فی النهایة: فی قصیدة أبی طالب یعاتب قریشا فی أمر النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: كذبتم وبیت اللّٰه یبزی***ولما نطاعن دونه ونناضل یبزی : یقهر ویغلب ، أراد لا یبزی ، فحذف « لا » من جواب القسم وهی مرادة ، أی لایقهر ولم نقاتل عنه وندافع.
4- فی نسخة: و نناضل.

لَعَمْرِی لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْداً بِأَحْمَدَ*** وَ أَحْبَبْتُهُ حُبَّ الْحَبِیبِ الْمُوَاصِلِ

وَ جُدْتُ بِنَفْسِی دُونَهُ وَ حَمَیْتُهُ*** وَ دَارَأْتُ (1) عَنْهُ بِالذَّرَی وَ الْكَوَاهِلِ (2)

فَلَا زَالَ فِی الدُّنْیَا جَمَالًا لِأَهْلِهَا***وَ شَیْئاً لِمَنْ عَادَی وَ زَیْنَ الْمَحَافِلِ

حَلِیماً رَشِیداً حَازِماً غَیْرَ طَائِشٍ***یُوَالِی إِلَهَ الْحَقِّ لَیْسَ بِمَاحِلٍ (3)

فَأَیَّدَهُ رَبُّ الْعِبَادِ بِنَصْرِهِ*** وَ أَظْهَرَ دِیناً حَقُّهُ غَیْرُ بَاطِلٍ

فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الْقَصِیدَةَ آیَسُوا مِنْهُ وَ كَانَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِیعِ وَ هُوَ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ یَأْتِی بِالْعِیرِ بِاللَّیْلِ عَلَیْهَا الْبُرُّ وَ التَّمْرُ إِلَی بَابِ الشِّعْبِ ثُمَّ یَصِیحُ بِهَا فَتَدْخُلُ الشِّعْبَ فَیَأْكُلُهُ بَنُو هَاشِمٍ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ صَاهَرَنَا أَبُو الْعَاصِ فَأَحْمَدْنَا صِهْرَهُ لَقَدْ كَانَ یَعْمِدُ إِلَی الْعِیرِ وَ نَحْنُ فِی الْحِصَارِ فَیُرْسِلُهَا فِی الشِّعْبِ لَیْلًا وَ لَمَّا أَتَی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فِی الشِّعْبِ أَرْبَعُ سِنِینَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَی صَحِیفَتِهِمُ الْقَاطِعَةِ دَابَّةَ الْأَرْضِ فَلَحِسَتْ جَمِیعَ مَا فِیهَا مِنْ قَطِیعَةٍ وَ ظُلْمٍ (4) وَ تَرَكَتْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ (5) وَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَبَا طَالِبٍ فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ وَ لَبِسَ ثِیَابَهُ ثُمَّ مَشَی حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَی قُرَیْشٍ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِیهِ فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ قَالُوا قَدْ ضَجِرَ أَبُو طَالِبٍ وَ جَاءَ الْآنَ لِیُسَلِّمَ ابْنَ أَخِیهِ فَدَنَا مِنْهُمْ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِمْ فَقَامُوا إِلَیْهِ وَ عَظَّمُوهُ وَ قَالُوا قَدْ عَلِمْنَا یَا أَبَا طَالِبٍ أَنَّكَ أَرَدْتَ مُوَاصَلَتَنَا وَ الرُّجُوعَ إِلَی جَمَاعَتِنَا وَ أَنْ تُسَلِّمَ ابْنَ أَخِیكَ إِلَیْنَا قَالَ وَ اللَّهِ مَا جِئْتُ لِهَذَا وَ لَكِنِ ابْنُ أَخِی أَخْبَرَنِی وَ لَمْ یَكْذِبْنِی أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَعَثَ عَلَی صَحِیفَتِكُمُ الْقَاطِعَةِ دَابَّةَ الْأَرْضِ فَلَحِسَتْ

ص: 3


1- أی دافعت عنه.
2- فی نسخة: و الكواكل. أقول: الذری: أعلی الشی ء، أراد به الرءوس، و الكواهل جمع الكاهل: أعلی الظهر ممّا یلی العنق. و الكلاكل جمع الكلكل: الصدر أو ما بین الترقوتین.
3- فی النهایة: و ما حل مصدق أی خصم یجادل، و قیل: ساع، من قولهم: محل بفلان إذا سعی به إلی السلطان.
4- فی المصدر: من قطیعة رحم و ظلم و جور، و تركت اسم اللّٰه.
5- فی نسخة: باسم إله.

جَمِیعَ مَا فِیهَا مِنْ قَطِیعَةِ رَحِمٍ وَ ظُلْمٍ وَ جَوْرٍ وَ ترك (تَرَكَتْ) اسْمَ اللَّهِ فَابْعَثُوا إِلَیَّ صَحِیفَتَكُمْ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ ارْجِعُوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَیْهِ مِنَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ وَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ وَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا دَفَعْتُهُ إِلَیْكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ وَ إِنْ شِئْتُمُ اسْتَحْیَیْتُمُوهُ فَبَعَثُوا إِلَی الصَّحِیفَةِ وَ أَنْزَلُوهَا مِنَ الْكَعْبَةِ وَ عَلَیْهَا أَرْبَعُونَ خَاتَماً فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا نَظَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَی خَاتَمِهِ ثُمَّ فَكُّوهَا فَإِذَا لَیْسَ فِیهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ إِلَّا بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ یَا قَوْمِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُفُّوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَیْهِ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ أَحَدٌ وَ رَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَی الشِّعْبِ (1).

«2»-عم، إعلام الوری وَ قَالَ فِی ذَلِكَ قَصِیدَتَهُ الْبَائِیَّةَ الَّتِی أَوَّلُهَا

أَلَا مَنْ لِهَمِّ آخِرِ اللَّیْلِ مَنْصِبٌ*** وَ شَعْبُ الْعَصَا مِنْ قَوْمِكَ الْمُتَشَعِّبُ

(2) وَ فِیهَا:

وَ قَدْ كَانَ فِی أَمْرِ الصَّحِیفَةِ عِبْرَةٌ*** مَتَی مَا یُخْبِرُ غَائِبُ الْقَوْمِ یُعْجِبُ

مَحَا اللَّهُ مِنْهَا كُفْرَهُمْ وَ عُقُوقَهُمْ ***وَ مَا نَقَمُوا مِنْ نَاطِقِ الْحَقِّ مُعْرِبٌ

وَ أَصْبَحَ مَا قَالُوا مِنَ الْأَمْرِ بَاطِلًا ***وَ مَنْ یَخْتَلِقُ مَا لَیْسَ بِالْحَقِّ یَكْذِبُ

وَ أَمْسَی ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِینَا مُصَدَّقاً*** عَلَی سَخَطٍ مِنْ قَوْمِنَا غَیْرَ مُعْتِبٍ

وَ لَا تَحْسَبُونَا مُسَلِّمِینَ مُحَمَّداً*** لِذِی عِزَّةٍ مِنَّا (3) وَ لَا مُتَعَزِّبٍ

سَتَمْنَعُهُ مِنَّا یَدٌ هَاشِمِیَّةٌ*** مَرْكَبُهَا فِی النَّاسِ خَیْرُ مَرْكَبٍ

(4).

«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام وَ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ نَفَرٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ بَنِی قُصَیٍّ وَ رِجَالٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَلَدَتْهُمْ نِسَاءُ بَنِی هَاشِمٍ مِنْهُمْ مُطْعِمُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُوِیٍّ وَ كَانَ شَیْخاً كَبِیراً كَثِیرَ الْمَالِ لَهُ أَوْلَادٌ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامٍ وَ زُهَیْرُ بْنُ أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیُّ فِی رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ نَحْنُ بُرَآءُ مِمَّا فِی هَذَا الصَّحِیفَةِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا أَمْرٌ قُضِیَ بِلَیْلٍ وَ خَرَجَ النَّبِیُ

ص: 4


1- إعلام الوری: 32- 34، قصص الأنبیاء: مخطوط.
2- فی المصدر: و شعب القضا من قومك المتشعب.
3- فی المصدر: لذی عزة فینا.
4- إعلام الوری: 13.

صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَهْطُهُ مِنَ الشِّعْبِ وَ خَالَطُوا النَّاسَ وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرَیْنِ وَ مَاتَتْ خَدِیجَةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَ وَرَدَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمْرَانِ عَظِیمَانِ وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً وَ دَخَلَ عَلَی أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ وَ قَالَ یَا عَمِّ رَبَّیْتَ صَغِیراً وَ نَصَرْتَ كَبِیراً وَ كَفَّلْتَ یَتِیماً فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِّی خَیْرَ الْجَزَاءِ أَعْطِنِی كَلِمَةً أَشْفَعُ لَكَ بِهَا عِنْدَ رَبِّی (1) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُئِیَ یُحَرِّكُ شَفَتَیْهِ فَأَصْغَی إِلَیْهِ الْعَبَّاسُ (2) یَسْمَعُ قَوْلَهُ فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ عَنْهُ رَأْسَهُ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ قَدْ قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِی سَأَلْتَهُ إِیَّاهَا.

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ وَصَلْتَ رَحِماً (3) وَ جُزِیتَ خَیْراً یَا عَمِّ (4).

«4»-عم، إعلام الوری وَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ أَنَّ خَدِیجَةَ بِنْتَ خُوَیْلِدٍ وَ أَبَا طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَاتَا فِی عَامٍ وَاحِدٍ وَ تَتَابَعَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَصَائِبُ بِهَلَاكِ خَدِیجَةَ وَ أَبِی طَالِبٍ وَ كَانَتْ خَدِیجَةُ وَزِیرَةَ صِدْقٍ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ كَانَ یَسْكُنُ إِلَیْهَا.

وَ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَةَ فِی كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ وَفَاةَ خَدِیجَةَ كَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِی طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ زَعَمَ الْوَاقِدِیُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِینَ وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ وَ أَبُو طَالِبٍ وَ بَیْنَهُمَا خَمْسٌ وَ ثَلَاثُونَ لَیْلَةً (5).

«5»-عم، إعلام الوری فِی كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَعْرِضُ نَفْسَهُ

ص: 5


1- لعله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم قال ذلك، لان أبا طالب رضی اللّٰه عنه كان یتقی من قومه و یكتم إسلامه فأراد أن یعلم قومه ذلك، هذا بعد فرض صحة الروایة و وقوع ذلك، و إلّا فالروایة كما تری مرسلة.
2- فیه تأمل فان العباس كان حینذاك فی حزب المشركین و لم یكن أسلم، و بقی كذلك إلی أن أسلم فی غزوة بدر الكبری.
3- فی النسخة: وصلتك رحم.
4- قصص الأنبیاء: مخطوط.
5- إعلام الوری: 35.

عَلَی قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِی كُلِّ مَوْسِمٍ وَ یُكَلِّمُ كُلَّ شَرِیفِ قَوْمٍ لَا یَسْأَلُهُمْ مَعَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ یُؤْوُوهُ وَ یَمْنَعُوهُ وَ یَقُولُ لَا أُكْرِهُ أَحَداً مِنْكُمْ عَلَی شَیْ ءٍ مَنْ رَضِیَ مِنْكُمْ بِالَّذِی أَدْعُوهُ إِلَیْهِ فَذَاكَ وَ مَنْ كَرِهَ لَمْ أُكْرِهْهُ إِنَّمَا أُرِیدُ أَنْ تُحَرِّزُونِی مِمَّا یُرَادُ بِی مِنَ الْقَتْلِ حَتَّی أُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّی وَ حَتَّی یَقْضِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِی وَ لِمَنْ صَحِبَنِی بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ یَقْبَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَ لَمْ یَأْتِ أَحَداً مِنْ تِلْكَ الْقَبَائِلِ إِلَّا قَالَ قَوْمُ الرَّجُلِ أَعْلَمُ بِهِ أَ تَرَوْنَ أَنَّ رَجُلًا یُصْلِحُنَا وَ قَدْ أَفْسَدَ قَوْمَهُ وَ لَفَظُوهُ فَلَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشَدَّ مَا كَانَ فَعَمَدَ لِثَقِیفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ یُؤْوُوهُ فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ هُمْ سَادَاتُ ثَقِیفٍ یَوْمَئْذٍ وَ هُمْ إِخْوَةُ عَبْدِ یَالِیلِ بْنِ عَمْرٍو وَ حَبِیبُ بْنُ عَمْرٍو وَ مَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو فَعَرَضَ عَلَیْهِمْ نَفْسَهُ وَ شَكَا إِلَیْهِمُ الْبَلَاءَ وَ مَا انْتَهَكَ مِنْهُ قَوْمُهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَنَا أَسْرِقُ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ بَعَثَكَ بِشَیْ ءٍ قَطُّ وَ قَالَ الْآخَرُ أَ عَجْزٌ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُرْسِلَ غَیْرَكَ وَ قَالَ الْآخَرُ وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا أَبَداً وَ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَعْظَمُ شَرَفاً مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَ لَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَی اللَّهِ لَأَنْتَ شَرٌّ مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَ تَهَزَّءُوا بِهِ وَ أَفْشَوْا فِی قَوْمِهِمُ الَّذِی رَاجَعُوهُ بِهِ فَقَعَدُوا لَهُ صَفَّیْنِ عَلَی طَرِیقِهِ فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ صَفَّیْهِمْ كَانَ لَا یَرْفَعُ رِجْلَیْهِ وَ لَا یَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ وَ قَدْ كَانُوا أَعَدُّوهَا حَتَّی أَدْمَوْا رِجْلَیْهِ فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَ رِجْلَاهُ تَسِیلَانِ الدِّمَاءَ فَعَمَدَ إِلَی حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِهِمْ وَ اسْتَظَلَّ فِی ظِلِّ حَبَلَةٍ (1) وَ هُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ فَإِذَا فِی الْحَائِطِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا یَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لَمَّا رَأَیَاهُ أَرْسَلَا إِلَیْهِ غُلَاماً لَهُمَا یُدْعَی عَدَّاسٌ وَ هُوَ نَصْرَانِیٌّ مِنْ أَهْلِ نَیْنَوَی مَعَهُ عِنَبٌ فَلَمَّا جَاءَهُ عَدَّاسٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَیِّ أَرْضٍ أَنْتَ قَالَ أَنَا مِنْ أَهْلِ نَیْنَوَی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَدِینَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ یُونُسَ بْنِ مَتَّی فَقَالَ لَهُ عَدَّاسٌ وَ مَا یُدْرِیكَ مَنْ یُونُسُ بْنُ مَتَّی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ لَا یُحَقِّرُ أَحَداً أَنْ یُبَلِّغَهُ رِسَالَةَ رَبِّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی أَخْبَرَنِی خَبَرَ یُونُسَ بْنِ مَتَّی فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ

ص: 6


1- حبلة: شجر العنب أو قضبانه. و فی المصدر: فی ظل شجرة منهم.

مِنْ شَأْنِ یُونُسَ بْنِ مَتَّی خَرَّ عَدَّاسٌ سَاجِداً لِلَّهِ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ قَدَمَیْهِ وَ هُمَا تَسِیلَانِ الدِّمَاءَ فَلَمَّا بَصُرَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ مَا یَصْنَعُ غُلَامُهُمَا سَكَتَا فَلَمَّا أَتَاهُمَا قَالا لَهُ مَا شَأْنُكَ سَجَدْتَ لِمُحَمَّدٍ وَ قَبَّلْتَ قَدَمَیْهِ وَ لَمْ نَرَكَ فَعَلْتَهُ بِأَحَدٍ مِنَّا قَالَ هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ أَخْبَرَنِی بِشَیْ ءٍ عَرَفْتُهُ مِنْ شَأْنِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَیْنَا یُدْعَی یُونُسُ بْنُ مَتَّی فَضَحِكَا وَ قَالا لَا یَفْتِنَنَّكَ عَنْ نَصْرَانِیَّتِكَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ خَدَّاعٌ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَكَّةَ.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الطَّائِفِ وَ أَشْرَفَ عَلَی مَكَّةَ وَ هُوَ مُعْتَمِرٌ كَرِهَ أَنْ یَدْخُلَ مَكَّةَ وَ لَیْسَ لَهُ فِیهَا مُجِیرٌ فَنَظَرَ إِلَی رَجُلٍ مِنْ قُرَیْشٍ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ سِرّاً فَقَالَ لَهُ ائْتِ الْأَخْنَسَ بْنَ شَرِیقٍ فَقُلْ لَهُ إِنَّ مُحَمَّداً یَسْأَلُكَ أَنْ تُجِیرَهُ حَتَّی یَطُوفَ وَ یَسْعَی فَإِنَّهُ مُعْتَمِرٌ فَأَتَاهُ وَ أَدَّی إِلَیْهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الْأَخْنَسُ إِنِّی لَسْتُ مِنْ قُرَیْشٍ وَ إِنَّمَا أَنَا حَلِیفٌ فِیهِمْ وَ الْحَلِیفُ لَا یُجِیرُ عَلَی الصَّمِیمِ وَ أَخَافُ أَنْ یَخْفِرُوا جِوَارِی فَیَكُونَ ذَلِكَ مَسَبَّةً (1) فَرَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِی شِعْبِ حِرَاءَ مُخْتَفِیاً مَعَ زَیْدٍ فَقَالَ لَهُ ائْتِ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو فَاسْأَلْهُ أَنْ یُجِیرَنِی حَتَّی أَطُوفَ بِالْبَیْتِ وَ أَسْعَی فَأَتَاهُ وَ أَدَّی إِلَیْهِ قَوْلَهُ فَقَالَ لَهُ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ اذْهَبْ إِلَی مُطْعِمِ بْنِ عَدِیٍّ فَاسْأَلْهُ أَنْ یُجِیرَنِی حَتَّی أَطُوفَ وَ أَسْعَی فَجَاءَ إِلَیْهِ وَ أَخْبَرَهُ فَقَالَ أَیْنَ مُحَمَّدٌ فَكَرِهَ أَنْ یُخْبِرَهُ بِمَوْضِعِهِ فَقَالَ هُوَ قَرِیبٌ فَقَالَ ائْتِهِ فَقُلْ لَهُ إِنِّی قَدْ أَجَرْتُكَ فَتَعَالَ وَ طُفْ وَ اسْعَ مَا شِئْتَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ مُطْعِمٌ لِوُلْدِهِ وَ أَخْتَانِهِ (2) وَ أَخِیهِ طُعَیْمَةَ بْنِ عَدِیٍّ خُذُوا سِلَاحَكُمْ فَإِنِّی قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّداً وَ كُونُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ حَتَّی یَطُوفَ وَ یَسْعَی وَ كَانُوا عَشَرَةً فَأَخَذُوا السِّلَاحَ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ رَآهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ هَذَا مُحَمَّدٌ وَحْدَهُ وَ قَدْ مَاتَ نَاصِرُهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ فَقَالَ لَهُ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیٍ

ص: 7


1- یقال: هو من صمیم القوم أی من أصلهم و حاصلهم. و خفر فلانا و أخفره: نقض عهده و غدر به. و المسبة: السب.
2- أختان جمع الختن: زوج الابنة. كل من كان من قبل المرأة مثل الأب و الأخ.

یَا عَمِّ لَا تَتَكَلَّمْ فَإِنَّ أَبَا وَهْبٍ قَدْ أَجَارَ مُحَمَّداً فَوَقَفَ أَبُو جَهْلٍ عَلَی مُطْعِمِ بْنِ عَدِیٍّ فَقَالَ أَبَا وَهْبٍ أَ مُجِیرٌ أَمْ صَابِئٌ (1) قَالَ بَلْ مُجِیرٌ قَالَ إِذاً لَا نَخْفِرُ جِوَارَكَ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ طَوَافِهِ وَ سَعْیِهِ جَاءَ إِلَی مُطْعِمٍ فَقَالَ أَبَا وَهْبٍ قَدْ أَجَرْتَ وَ أَحْسَنْتَ فَرُدَّ عَلَیَّ جِوَارِی قَالَ وَ مَا عَلَیْكَ أَنْ تُقِیمَ فِی جِوَارِی قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أُقِیمَ فِی جِوَارِ مُشْرِكٍ أَكْثَرَ مِنْ یَوْمٍ قَالَ مُطْعِمٌ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِنَّ مُحَمَّداً قَدْ خَرَجَ مِنْ جِوَارِی.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ قَدِمَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَیْسٍ فِی مَوْسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ وَ هُمَا مِنَ الْخَزْرَجِ وَ كَانَ بَیْنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ حَرْبٌ قَدْ بَقُوا فِیهَا دَهْراً طَوِیلًا وَ كَانُوا لَا یَضَعُونَ السِّلَاحَ لَا بِاللَّیْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ كَانَ آخِرُ حَرْبٍ بَیْنَهُمْ یَوْمَ بُعَاثٍ وَ كَانَتْ لِلْأَوْسِ عَلَی الْخَزْرَجِ فَخَرَجَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ ذَكْوَانُ إِلَی مَكَّةَ فِی عُمْرَةِ رَجَبٍ یَسْأَلُونَ الْحِلْفَ عَلَی الْأَوْسِ وَ كَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ صَدِیقاً لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ فَنَزَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ كَانَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ قَوْمِنَا حَرْبٌ وَ قَدْ جِئْنَاكَ نَطْلُبُ الْحِلْفَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ بَعُدَتْ دَارُنَا مِنْ دَارِكُمْ وَ لَنَا شُغُلٌ لَا نَتَفَرَّغُ لِشَیْ ءٍ قَالَ وَ مَا شُغُلُكُمْ وَ أَنْتُمْ فِی حَرَمِكُمْ وَ أَمْنِكُمْ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ خَرَجَ فِینَا رَجُلٌ یَدَّعِی أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ سَفَّهَ أَحْلَامَنَا وَ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ أَفْسَدَ شُبَّانَنَا وَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا فَقَالَ لَهُ أَسْعَدُ مَنْ هُوَ مِنْكُمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ أَوْسَطِنَا شَرَفاً وَ أَعْظَمِنَا بَیْتاً وَ كَانَ أَسْعَدُ وَ ذَكْوَانُ وَ جَمِیعُ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ یَسْمَعُونَ مِنَ الْیَهُودِ الَّذِینَ كَانُوا بَیْنَهُمُ النَّضِیرِ وَ قُرَیْظَةَ وَ قَیْنُقَاعٍ أَنَّ هَذَا أَوَانُ نَبِیٍّ یَخْرُجُ بِمَكَّةَ یَكُونُ مُهَاجَرُهُ بِالْمَدِینَةِ لَنَقْتُلَنَّكُمْ بِهِ یَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ أَسْعَدُ وَقَعَ فِی قَلْبِهِ مَا كَانَ سَمِعَ مِنَ الْیَهُودِ قَالَ فَأَیْنَ هُوَ قَالَ جَالِسٌ فِی الْحِجْرِ وَ إِنَّهُمْ لَا یَخْرُجُونَ مِنْ شِعْبِهِمْ إِلَّا فِی الْمَوْسِمِ فَلَا تَسْمَعْ مِنْهُ وَ لَا تُكَلِّمْهُ فَإِنَّهُ سَاحِرٌ یَسْحَرُكَ بِكَلَامِهِ وَ كَانَ هَذَا فِی وَقْتِ مُحَاصَرَةِ بَنِی هَاشِمٍ فِی الشِّعْبِ فَقَالَ لَهُ أَسْعَدُ فَكَیْفَ أَصْنَعُ وَ أَنَا مُعْتَمِرٌ لَا بُدَّ لِی أَنْ أَطُوفَ بِالْبَیْتِ قَالَ ضَعْ فِی أُذُنَیْكَ الْقُطْنَ فَدَخَلَ أَسْعَدُ الْمَسْجِدَ وَ قَدْ حَشَا أُذُنَیْهِ بِالْقُطْنِ فَطَافَ بِالْبَیْتِ وَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 8


1- صبأ فلان: إذا خرج من دین إلی دین آخر.

جَالِسٌ فِی الْحِجْرِ مَعَ قَوْمٍ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ (1) فَنَظَرَ إِلَیْهِ نَظْرَةً فَجَازَهُ فَلَمَّا كَانَ فِی الشَّوْطِ الثَّانِی قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا أَجِدُ أَجْهَلَ مِنِّی (2) أَ یَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْحَدِیثِ بِمَكَّةَ فَلَا أَتَعَرَّفُهُ حَتَّی أَرْجِعَ إِلَی قَوْمِی فَأُخْبِرَهُمْ ثُمَّ أَخَذَ الْقُطْنَ مِنْ أُذُنَیْهِ وَ رَمَی بِهِ وَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ أَنْعِمْ صَبَاحاً فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا تَحِیَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ فَقَالَ لَهُ أَسْعَدُ إِنَّ عَهْدَكَ بِهَذَا لَقَرِیبٌ إِلَی مَا تَدْعُو یَا مُحَمَّدُ قَالَ إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ أَدْعُوكُمْ إِلَی أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِیَّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبی وَ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (3) فَلَمَّا سَمِعَ أَسْعَدُ هَذَا قَالَ لَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَنَا مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ مِنَ الْخَزْرَجِ وَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ إِخْوَتِنَا مِنَ الْأَوْسِ حِبَالٌ مَقْطُوعَةٌ فَإِنْ وَصَلَهَا اللَّهُ بِكَ وَ لَا أَجِدُ أَعَزَّ مِنْكَ وَ مَعِی رَجُلٌ مِنْ قَوْمِی فَإِنْ دَخَلَ فِی هَذَا الْأَمْرِ رَجَوْتُ أَنْ یُتَمِّمَ اللَّهُ لَنَا أَمْرَنَا فِیكَ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ مِنَ الْیَهُودِ خَبَرَكَ وَ یُبَشِّرُونَنَا بِمَخْرَجِكَ وَ یُخْبِرُونَنَا بِصِفَتِكَ وَ أَرْجُو أَنْ یَكُونَ دَارُنَا دَارَ هِجْرَتِكَ عِنْدَنَا (4) فَقَدْ أَعْلَمَنَا الْیَهُودُ ذَلِكَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی سَاقَنِی إِلَیْكَ وَ اللَّهِ مَا جِئْتُ إِلَّا لِنَطْلُبَ الْحَلْفَ عَلَی قَوْمِنَا وَ قَدْ آتَانَا اللَّهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا أَتَیْتُ لَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ذَكْوَانُ فَقَالَ لَهُ أَسْعَدُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِی كَانَتِ الْیَهُودُ تُبَشِّرُنَا بِهِ وَ تُخْبِرُنَا

ص: 9


1- فی نسخة: و عنده قوم من بنی هاشم.
2- فی نسخة: ما أحد أجهل منی.
3- الأنعام: 151 و 152.
4- فی المصدر: عندنا مقامك.

بِصِفَتِهِ فَهَلُمَّ فَأَسْلِمْ فَأَسْلَمَ ذَكْوَانُ ثُمَّ قَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا یُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ وَ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی أَمْرِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ وَ كَانَ فَتًی حَدَثاً مُتْرَفاً بَیْنَ أَبَوَیْهِ یُكْرِمَانِهِ وَ یُفَضِّلَانِهِ عَلَی أَوْلَادِهِمْ وَ لَمْ یَخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ فَلَمَّا أَسْلَمَ جَفَاهُ أَبَوَاهُ وَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِی الشِّعْبِ حَتَّی تَغَیَّرَ وَ أَصَابَهُ الْجَهْدُ وَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِالْخُرُوجِ مَعَ أَسْعَدَ وَ قَدْ كَانَ تَعَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِیراً فَخَرَجَا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ مَعَهُمَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ فَقَدِمُوا عَلَی قَوْمِهِمْ وَ أَخْبَرُوهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَبَرِهِ فَأَجَابَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ الرَّجُلُ وَ الرَّجُلَانِ وَ كَانَ مُصْعَبٌ نَازِلًا عَلَی أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَ كَانَ یَخْرُجُ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَیَطُوفُ عَلَی مَجَالِسِ الْخَزْرَجِ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ فَیُجِیبُهُ الْأَحْدَاثُ (1) وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیٍّ شَرِیفاً فِی الْخَزْرَجِ وَ قَدْ كَانَ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ اجْتَمَعَتْ عَلَی أَنْ یُمَلِّكُوهُ عَلَیْهِمْ لِشَرَفِهِ وَ سَخَائِهِ وَ قَدْ كَانُوا اتَّخَذُوا لَهُ إِكْلِیلًا (2) احْتَاجُوا فِی تَمَامِهِ إِلَی وَاسِطَةٍ كَانُوا یَطْلُبُونَهَا وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَدْخُلْ مَعَ قَوْمِهِ الْخَزْرَجِ فِی حَرْبِ بُعَاثٍ وَ لَمْ یُعِنْ عَلَی الْأَوْسِ وَ قَالَ هَذَا ظُلْمٌ مِنْكُمْ لِلْأَوْسِ وَ لَا أُعِینُ عَلَی الظُّلْمِ فَرَضِیَتْ بِهِ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ فَلَمَّا قَدِمَ أَسْعَدُ كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ أَسْعَدُ وَ ذَكْوَانُ وَ فَتَرَ أَمْرُهُ فَقَالَ أَسْعَدُ لِمُصْعَبٍ إِنَّ خَالِی سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْأَوْسِ وَ هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ شَرِیفٌ مُطَاعٌ فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَإِنْ دَخَلَ فِی هَذَا الْأَمْرِ تَمَّ لَنَا أَمْرُنَا فَهَلُمَّ نَأْتِی مَحَلَّتَهُمْ فَجَاءَ مُصْعَبٌ مَعَ أَسْعَدَ إِلَی مَحَلَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَعَدَ عَلَی بِئْرٍ مِنْ آبَارِهِمْ وَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ قَوْمٌ مِنْ أَحْدَاثِهِمْ وَ هُوَ یَقْرَأُ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ لِأُسَیْدِ بْنِ حُضَیْرٍ وَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ بَلَغَنِی أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ قَدْ جَاءَ إِلَی مَحَلَّتِنَا مَعَ هَذَا الْقُرَشِیِّ یُفْسِدُ شُبَّانَنَا فَأْتِهِ وَ انْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَ أُسَیْدُ (3) بْنُ حُضَیْرٍ فَنَظَرَ إِلَیْهِ أَسْعَدُ فَقَالَ لِمُصْعَبٍ إِنَّ هَذَا رَجُلٌ شَرِیفٌ فَإِنْ دَخَلَ فِی هَذَا الْأَمْرِ رَجَوْتُ أَنْ یَتِمَّ أَمْرُنَا فَاصْدُقِ اللَّهَ فِیهِ فَلَمَّا قَرُبَ أُسَیْدٌ مِنْهُمْ قَالَ

ص: 10


1- جمع الحدث: الشاب.
2- الاكلیل: التاج.
3- اسید كزبیر، و یقال لابیه: حضیر الكتائب.

یَا أَبَا أُمَامَةَ یَقُولُ لَكَ خَالُكَ لَا تَأْتِنَا فِی نَادِینَا (1) وَ لَا تُفْسِدْ شُبَّانَنَا وَ احْذَرِ الْأَوْسَ عَلَی نَفْسِكَ فَقَالَ مُصْعَبٌ أَ وَ تَجْلِسُ فَنَعْرِضَ عَلَیْكَ أَمْراً فَإِنْ أَحْبَبْتَهُ دَخَلْتَ فِیهِ وَ إِنْ كَرِهْتَهُ نَحَّیْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ فَجَلَسَ فَقَرَأَ عَلَیْهِ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ كَیْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا دَخَلْتُمْ فِی هَذَا الْأَمْرِ قَالَ نَغْتَسِلُ وَ نَلْبَسُ ثَوْبَیْنِ طَاهِرَیْنِ وَ نَشْهَدُ الشَّهَادَتَیْنِ وَ نُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ فَرَمَی بِنَفْسِهِ مَعَ ثِیَابِهِ فِی الْبِئْرِ ثُمَّ خَرَجَ وَ عَصَرَ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ اعْرِضْ عَلَیَّ فَعَرَضَ عَلَیْهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَهَا ثُمَّ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ لِأَسْعَدَ یَا أَبَا أُمَامَةَ أَنَا أَبْعَثُ إِلَیْكَ الْآنَ خَالَكَ وَ أَحْتَالُ عَلَیْهِ فِی أَنْ یَجِیئَكَ (2) فَرَجَعَ أُسَیْدٌ إِلَی سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ سَعْدٌ قَالَ أُقْسِمُ أَنَّ أُسَیْداً قَدْ رَجَعَ إِلَیْنَا بِغَیْرِ الْوَجْهِ الَّذِی ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا وَ أَتَاهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَرَأَ عَلَیْهِ مُصْعَبٌ حم تَنْزِیلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (3) فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ مُصْعَبٌ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَا الْإِسْلَامَ فِی وَجْهِهِ قَبْلَ أَنْ یَتَكَلَّمَ فَبَعَثَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ أُتِیَ بِثَوْبَیْنِ طَاهِرَیْنِ وَ اغْتَسَلَ وَ شَهِدَ الشَّهَادَتَیْنِ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَامَ وَ أَخَذَ بِیَدِ مُصْعَبٍ وَ حَوَّلَهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ أَظْهِرْ أَمْرَكَ وَ لَا تَهَابَنَّ أَحَداً ثُمَّ جَاءَ فَوَقَفَ فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَ صَاحَ یَا بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَا یَبْقَیَنَّ رَجُلٌ وَ لَا امْرَأَةٌ وَ لَا بِكْرٌ وَ لَا ذَاتُ بَعْلٍ وَ لَا شَیْخٌ وَ لَا صَبِیٌّ إِلَّا أَنْ خَرَجَ فَلَیْسَ هَذَا یَوْمُ سَتْرٍ وَ لَا حِجَابٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ كَیْفَ حَالِی عِنْدَكُمْ قَالُوا أَنْتَ سَیِّدُنَا وَ الْمُطَاعُ فِینَا وَ لَا نَرُدُّ لَكَ أَمْراً فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَقَالَ كَلَامُ رِجَالِكُمْ وَ نِسَائِكُمْ وَ صِبْیَانِكُمْ عَلَیَّ حَرَامٌ حَتَّی تَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِذَلِكَ وَ هُوَ الَّذِی كَانَتِ الْیَهُودُ تُخْبِرُنَا بِهِ فَمَا بَقِیَ دَارٌ مِنْ دُورِ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ إِلَّا وَ فِیهَا مُسْلِمٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ وَ حَوَّلَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَیْرٍ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ أَظْهِرْ أَمْرَكَ وَ ادْعُ النَّاسَ عَلَانِیَةً وَ شَاعَ الْإِسْلَامُ بِالْمَدِینَةِ وَ كَثُرَ وَ دَخَلَ فِیهِ مِنَ الْبَطْنَیْنِ جَمِیعاً أَشْرَافُهُمْ وَ

ص: 11


1- النادی: مجلس القوم و مجتمعهم.
2- فی المصدر: و أحتال علیه فی أن یجیبك.
3- فصّلت: 1 و 2.

ذَلِكَ لِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ الْیَهُودِ وَ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْأَوْسَ وَ الْخَزْرَجَ قَدْ دَخَلُوا فِی الْإِسْلَامِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مُصْعَبٌ بِذَلِكَ وَ كَانَ كُلُّ مَنْ دَخَلَ فِی الْإِسْلَامِ مِنْ قُرَیْشٍ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَ عَذَّبُوهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُهُمْ أَنْ یَخْرُجُوا إِلَی الْمَدِینَةِ فَكَانُوا یَتَسَلَّلُونَ رَجُلًا فَرَجُلًا (1) فَیَصِیرُونَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَیُنْزِلُهُمُ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ عَلَیْهِمْ وَ یُوَاسُونَهُمْ.

قَالَ فَلَمَّا قَدِمَتِ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ مَكَّةَ جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُمْ تَمْنَعُونَ لِی جَانِبِی حَتَّی أَتْلُوَ عَلَیْكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَ ثَوَابُكُمْ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةُ قَالُوا نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ فَقَالَ مَوْعِدُكُمُ الْعَقَبَةُ فِی اللَّیْلَةِ الْوُسْطَی مِنْ لَیَالِی التَّشْرِیقِ فَلَمَّا حَجُّوا رَجَعُوا إِلَی مِنًی وَ كَانَ فِیهِمْ مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِیرٌ وَ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِینَ عَلَی دِینِهِمْ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیٍّ فِیهِمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی مِنْ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ فَاحْضُرُوا دَارَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَی الْعَقَبَةِ وَ لَا تُنَبِّهُوا نَائِماً وَ لْیَتَسَلَّلْ وَاحِدٌ فَوَاحِدٌ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَازِلًا فِی دَارِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ حَمْزَةُ وَ عَلِیٌّ وَ الْعَبَّاسُ مَعَهُ فَجَاءَهُ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ فَدَخَلُوا الدَّارَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَمْنَعُونَ لِی جَانِبِی حَتَّی أَتْلُوَ عَلَیْكُمْ كِتَابَ رَبِّی وَ ثَوَابُكُمْ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةُ فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ (2) نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَاشْتَرِطْ لِنَفْسِكَ وَ لِرَبِّكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ تَمْنَعُونَنِی مِمَّا تَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تَمْنَعُونَ أَهْلِی مِمَّا تَمْنَعُونَ أَهْلِیكُمْ وَ أَوْلَادَكُمْ قَالُوا فَمَا لَنَا عَلَی ذَلِكَ قَالَ الْجَنَّةُ تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ فِی الدُّنْیَا وَ تَدِینُ لَكُمُ الْعَجَمُ وَ تَكُونُونَ مُلُوكاً فَقَالُوا قَدْ رَضِینَا فَقَامَ الْعَبَّاسُ بْنُ نَضْلَةَ وَ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ تَعْلَمُونَ عَلَی مَا تُقْدِمُونَ عَلَیْهِ إِنَّمَا تُقْدِمُونَ عَلَی حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَ الْأَبْیَضِ وَ عَلَی حَرْبِ مُلُوكِ الدُّنْیَا فَإِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَتْكُمُ الْمُصِیبَةُ فِی أَنْفُسِكُمْ خَذَلْتُمُوهُ وَ تَرَكْتُمُوهُ فَلَا تُغِرُّوهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنْ كَانَ قَوْمُهُ

ص: 12


1- فی المصدر: رجل فرجل.
2- الصحیح حرام، و هو عبد اللّٰه بن عمرو بن حرام والد جابر الأنصاریّ.

خَالَفُوهُ فَهُوَ فِی عَزٍّ وَ مَنَعَةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ وَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ مَا لَكَ وَ لِلْكَلَامِ یَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ دَمُنَا بِدَمِكَ وَ أَنْفُسُنَا بِنَفْسِكَ فَاشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَ لِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْرِجُوا إِلَیَّ مِنْكُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً یَكْفُلُونَ عَلَیْكُمْ بِذَلِكَ كَمَا أَخَذَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً فَقَالُوا اخْتَرْ مَنْ شِئْتَ فَأَشَارَ جَبْرَئِیلُ إِلَیْهِمْ فَقَالَ هَذَا نَقِیبٌ وَ هَذَا نَقِیبٌ وَ هَذَا نَقِیبٌ حَتَّی اخْتَارَ تِسْعَةً مِنَ الْخَزْرَجِ وَ هُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ (1) أَبُو جَابِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ وَ هُمْ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ كَانَ رَجُلًا مِنَ الْیَمَنِ حَلِیفاً فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَ بَایَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَاحَ بِهِمْ إِبْلِیسُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ الْعَرَبِ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ الصُّبَاةُ (2) مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ عَلَی جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ یُبَایِعُونَهُ عَلَی حَرْبِكُمْ فَأَسْمَعَ أَهْلَ مِنًی فَهَاجَتْ قُرَیْشٌ وَ أَقْبَلُوا بِالسِّلَاحِ وَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ النِّدَاءَ فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ تَفَرَّقُوا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَمِیلَ عَلَیْهِمْ بِأَسْیَافِنَا فَعَلْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ وَ لَمْ یَأْذَنِ اللَّهُ لِی فِی مُحَارَبَتِهِمْ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَخْرُجُ مَعَنَا قَالَ أَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ فَجَاءَتْ قُرَیْشٌ عَلَی بَكْرَةِ أَبِیهَا قَدْ أَخَذُوا السِّلَاحَ وَ خَرَجَ حَمْزَةُ وَ مَعَهُ السَّیْفُ فَوَقَفَ عَلَی الْعَقَبَةِ هُوَ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی حَمْزَةَ قَالُوا مَا هَذَا الَّذِی اجْتَمَعْتُمْ عَلَیْهِ قَالَ مَا اجْتَمَعْنَا وَ مَا هَاهُنَا أَحَدٌ وَ اللَّهِ لَا یَجُوزُ أَحَدٌ هَذِهِ الْعَقَبَةَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَیْفِی فَرَجَعُوا وَ غَدَوْا إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ وَ قَالُوا لَهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ قَوْمَكَ بَایَعُوا مُحَمَّداً عَلَی حَرْبِنَا فَحَلَفَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُمْ

ص: 13


1- تقدم أن الصحیح: حرام.
2- قال الجزریّ فی النهایة: كانت العرب تسمی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله الصابی لانه خرج من دین قریش إلی دین الإسلام، و یسمون من یدخل فی الإسلام مصبوا، لانهم كانوا لا یهمزون، فأبدلوا من الهمزة واوا، و یسمون المسلمین الصباة بغیر همز كانه جمع الصابی غیر مهموز، كقاض و قضاة، و غاز و غزاة.

لَمْ یَفْعَلُوا وَ لَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ وَ أَنَّهُمْ لَمْ یَطَّلِعُوهُ عَلَی أَمْرِهِمْ فَصَدَّقُوهُ وَ تَفَرَّقَتِ الْأَنْصَارُ وَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی مَكَّةَ. (1).

بیان: الحبلة بالضم الكرم أو أصل من أصوله و یحرك و السبة بالضم العار و المسبة الذی یسب الناس و قال الفیروزآبادی بعاث بالعین و بالغین كغراب و یثلث موضع بقرب المدینة و یومه معروف قوله إن عهدك بهذا لقریب لعل المعنی أنك قریب العهد بالتحیة التی حییتك بها فإنها كانت عادة قومك أو بهذه التحیة أی ابتداؤها (2) فاصدق اللّٰه فیه أی ابذل جهدك فی هدایته لتكون صادقا عند اللّٰه فیما تدعی من نصرة دینه و انسل و تسلل خرج فی استخفاء و قال الجزری فی الحدیث جاءت هوازن علی بكرة أبیها هذه كلمة للعرب یریدون بها الكثرة و توفر العدد و أنهم جاءوا جمیعا لم یتخلف منهم أحد و لیس هناك بكرة فی الحقیقة و هی التی یستقی علیها الماء فاستعیرت فی هذا الموضع.

«6»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ فَلَیْسَ لَكَ بِهَا نَاصِرٌ وَ ثَارَتْ قُرَیْشٌ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ هَارِباً حَتَّی جَاءَ إِلَی جَبَلٍ بِمَكَّةَ یُقَالُ لَهُ الْحَجُونُ فَصَارَ إِلَیْهِ (3).

«7»-قب، المناقب لابن شهرآشوب تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ نُبُوَّتِهِ بِتِسْعِ سِنِینَ وَ ثَمَانِیَةِ أَشْهُرٍ وَ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الشِّعْبِ بِشَهْرَیْنِ وَ زَعَمَ الْوَاقِدِیُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِینَ وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ وَ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ لَهُ سِتٌّ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ ثَمَانِیَةُ أَشْهُرٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ یَوْماً وَ یُقَالُ وَ هُوَ

ص: 14


1- إعلام الوری: 35- 40.
2- لعله اعتذار من تحیته بتحیة الجاهلیة، و تركه تحیة الإسلام.
3- أصول الكافی: 449.

ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ أَیَّاماً.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَةَ (1) فِی كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ وَفَاةَ خَدِیجَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِی طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ.

الْمَعْرِفَةُ، (2) عَنِ النَّسَوِیِّ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ عَلَی الْمَوْتَی وَ سُمِّیَ ذَلِكَ الْعَامُ عَامَ الْحُزْنِ وَ لَبِثَ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَهُمَا (3) بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَی الْحَبَشَةِ فَخَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِأَهَالِیهِمْ وَ ذَلِكَ بَعْدَ خَمْسٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَ كَانَ حِصَارُ الشِّعْبِ وَ كِتَابَةُ الصَّحِیفَةِ أَرْبَعَ سِنِینَ وَ قِیلَ ثَلَاثَ سِنِینَ وَ قِیلَ سَنَتَیْنِ فَلَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ خَرَجَ إِلَی الطَّائِفِ وَ أَقَامَ فِیهِ شَهْراً وَ كَانَ مَعَهُ زَیْدُ بْنُ الْحَارِثِ (4) ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی مَكَّةَ وَ مَكَثَ فِیهَا سَنَةً وَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (5) فِی جِوَارِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِیٍّ وَ كَانَ یَدْعُو القَبَائِلَ فِی الْمَوَاسِمِ فَكَانَتْ بَیْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَی بِمِنًی فَبَایَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَزْرَجِ وَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَوْسِ فِی خُفْیَةٍ مِنْ قَوْمِهِمْ وَ هُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ فِطْنَةُ (6) بْنُ عَامِرِ بْنِ حِزَامٍ وَ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ وَ حَارِثَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَ مَرْثَدُ بْنُ الْأَسَدِ وَ أَبُو أُمَامَةَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَ یُقَالُ هُوَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ ذَكَرُوا الْقِصَّةَ وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ صَدَّقُوهُ وَ فِی السَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَ هِیَ الْعَقَبَةُ الثَّانِیَةُ أَنْفَذُوا مَعَهُمْ سِتَّةً أُخْرَی (7) بِالسَّلَامِ وَ الْبَیْعَةِ وَ هُمْ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ وَ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ وَ یَزِیدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ حَلِیفٌ لَهُ وَ یُقَالُ مَسْعُودُ بْنُ الْحَارِثِ وَ عُوَیْمُ بْنُ سَاعِدَةَ حَلِیفٌ لَهُمْ ثُمَّ أَنْفَذَ النَّبِیُ

ص: 15


1- أی قال أبو عبد اللّٰه.
2- أی فی كتاب المعرفة.
3- أی بعد وفاة أبی طالب و خدیجة، و فی المصدر: بعدها أی بعد ذلك العام.
4- فی نسخة: زید بن حارثة.
5- تقدم فی الخبر السابق ما ینافی ذلك فتأمل.
6- فی المنتقی: قطبة بن عامر، یأتی بعد ذلك و هو الصحیح.
7- فی المصدر: آخرین.

مَعَهُمُ ابْنُ عَمِّهِ مُصْعَبُ بْنُ هَاشِمٍ (1) فَنَزَلَ دَارَ أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ فَاجْتَمَعُوا عَلَیْهِ وَ أَسْلَمَ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا دَارَ أُمَیَّةَ بْنِ زَیْدٍ وَ حَطَمَةَ وَ وَائِلٍ وَ وَاقِفٍ فَإِنَّهُمْ أَسْلَمُوا بَعْدَ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ الْخَنْدَقِ وَ فِی السَّنَةِ الْقَابِلَةِ كَانَتْ بَیْعَةُ الحرس (الْحَارِثِ) كَانُوا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ سَبْعِینَ رَجُلًا وَ امْرَأَتَیْنِ وَ اخْتَارَ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً لِیَكُونُوا كُفَلَاءَ قَوْمِهِ تِسْعَةً مِنَ الْخَزْرَجِ وَ ثَلَاثَةً مِنَ الْأَوْسِ فَمِنَ الْخَزْرَجِ أَسْعَدُ وَ جَابِرٌ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ قَمَرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ مِنَ الْقَوَافِلِ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ مِنَ الْأَوْسِ أَبُو الْهَیْثَمِ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ وَ سَعِیدُ بْنُ خَیْثَمَةَ (2).

«8»-یج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ قُرَیْشاً كُلَّهُمُ اجْتَمَعُوا وَ أَخْرَجُوا بَنِی هَاشِمٍ إِلَی شِعْبِ أَبِی طَالِبٍ وَ مَكَثُوا فِیهِ ثَلَاثَ سِنِینَ إِلَّا شَهْراً ثُمَّ أَنْفَقَ أَبُو طَالِبٍ وَ خَدِیجَةُ جَمِیعَ مَالِهِمَا وَ لَا یَقْدِرُونَ عَلَی الطَّعَامِ إِلَّا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَی مَوْسِمٍ فَلَقُوا مِنَ الْجُوعِ وَ الْعُرْیِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ عَلَی صَحِیفَتِهِمُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ كُلَّ مَا فِیهَا إِلَّا اسْمَ اللَّهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی طَالِبٍ فَمَا رَاعَ قُرَیْشاً إِلَّا وَ بنی (بَنُو) هَاشِمٍ عُنُقٌ (3) وَاحِدٌ قَدْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ فَقَالُوا الْجُوعُ أَخْرَجَهُمْ فَجَاءُوا حَتَّی أَتَوُا الْحِجْرَ وَ جَلَسُوا فِیهِ وَ كَانَ لَا یَقْعُدُ فِیهِ صِبْیَانُ قُرَیْشٍ (4) فَقَالُوا یَا أَبَا طَالِبٍ قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُصَالِحَ قَوْمَكَ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ مُخْبِراً (5) ابْعَثُوا إِلَیَّ صَحِیفَتَكُمْ لَعَلَّهُ أَنْ یَكُونَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ صُلْحٌ فِیهَا فَبَعَثُوا إِلَیْهَا وَ هِیَ عِنْدَ أُمِّ أَبِی جَهْلٍ وَ كَانَتْ قَبْلُ فِی الْكَعْبَةِ فَخَافُوا عَلَیْهَا السُّرَّاقَ فَوُضِعَتْ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ خَوَاتِیمُهُمْ عَلَیْهَا فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ هَلْ تُنْكِرُونَ مِنْهَا شَیْئاً قَالُوا لَا قَالَ إِنَّ ابْنَ أَخِی حَدَّثَنِی

ص: 16


1- تقدم فی الخبر السابق انه مصعب بن عمیر، و سیأتی أیضا، و هو الصحیح، و المصدر خال عن قوله: ابن عمه.
2- مناقب آل أبی طالب 1: 150 و 151.
3- العنق: الجماعة.
4- فی نسخة: لا یقعد فیه إلا فتیان قریش.
5- فی نسخة: جئتكم بخیر.

وَ لَمْ یَكْذِبْنِی قَطُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ عَلَی هَذِهِ الصَّحِیفَةِ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ كُلَّ قَطِیعَةٍ وَ إِثْمٍ وَ تَرَكَتْ كُلَّ اسْمٍ هُوَ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً أَقْلَعْتُمْ عَنْ ظُلْمِنَا وَ إِنْ یَكُنْ كَاذِباً نَدْفَعْهُ إِلَیْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ فَصَاحَ النَّاسُ أَنْصَفْتَنَا یَا أَبَا طَالِبٍ فَفُتِحَتْ ثُمَّ أُخْرِجَتْ فَإِذَا هِیَ مَشْرَبَةٌ كَمَا قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ وَ امْتُقِعَتْ (1) وُجُوهُ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَ تَبَیَّنَ لَكُمْ أَیُّنَا أَوْلَی بِالسِّحْرِ وَ الْكِهَانَةِ فَأَسْلَمَ یَوْمَئِذٍ عَالَمٌ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَی شِعْبِهِ ثُمَّ عَیَّرَهُمْ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِیُّ بِمَا صَنَعُوا بِبَنِی هَاشِمٍ (2).

«9»-قب، المناقب لابن شهرآشوب رَوَی الزُّهْرِیُّ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ الْآیَاتِ (3) قَالَ لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ لَمْ یَجِدِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله نَاصِراً وَ نَثَرُوا عَلَی رَأْسِهِ التُّرَابَ قَالَ مَا نَالَ مِنِّی قُرَیْشٌ شَیْئاً حَتَّی مَاتَ أَبُو طَالِبٍ وَ كَانَ یَسْتَتِرُ مِنَ الرَّمْیِ بِالْحَجَرِ الَّذِی عِنْدَ بَابِ الْبَیْتِ مِنْ یَسَارِ مَنْ یَدْخُلُ وَ هُوَ ذِرَاعٌ وَ شِبْرٌ فِی ذِرَاعٍ إِذَا جَاءَهُ مِنْ دَارِ أَبِی لَهَبٍ وَ دَارِ عَدِیِّ بْنِ حُمْرَانَ وَ قَالُوا لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِیّاً لَشَغَلَتْهُ النُّبُوَّةُ عَنِ النِّسَاءِ وَ لَأَمْكَنَهُ جَمِیعُ الْآیَاتِ وَ لَأَمْكَنَهُ مَنْعُ الْمَوْتِ عَنْ أَقَارِبِهِ وَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ وَ خَدِیجَةُ فَنَزَلَ وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ (4) الْآیَةَ.

الزُّهْرِیُّ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِیَ اللَّهُ (5) الْآیَةَ لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ وَ اشْتَدَّ عَلَیْهِ الْبَلَاءُ عَمَدَ إِلَی ثَقِیفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ یُؤْوُوهُ سَادَتُهَا فَلَمْ یَقْبَلُوهُ وَ تَبِعَهُ سُفَهَاؤُهُمْ بِالْأَحْجَارِ وَ دَمَّوْا رِجْلَیْهِ فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَ اسْتَظَلَّ فِی ظِلِّ حَبَلَةٍ مِنْهُ (6) وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَشْكُو إِلَیْكَ مِنْ ضَعْفِ قُوَّتِی وَ قِلَّةِ حِیلَتِی وَ نَاصِرِی وَ هَوَانِی عَلَی النَّاسِ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِیثَ عَدَّاسٍ كَمَا مَرَّ فِی رِوَایَةِ الطَّبْرِسِیِّ.

ص: 17


1- و امتقع مجهولا: تغیر لونه من حزن أو فزع أو ریبة.
2- لم نجده فی الخرائج المطبوع، و أسلفنا قبلا أن نسخة خرائج المصنّف كانت مختلفة مع المطبوع.
3- الأحقاف: 26 و 27.
4- الرعد: 38.
5- التوبة: 129.
6- أی من بستان كما تقدم.

ابْنُ مَسْعُودٍ لَمَّا دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الطَّائِفَ رَأَی عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ جَالِسَیْنِ عَلَی سَرِیرٍ فَقَالا هُوَ یَقُومُ قِبَلَنَا فَلَمَّا قَرُبَ النَّبِیُّ مِنْهُمَا خَرَّ السَّرِیرُ وَ وَقَعَا عَلَی الْأَرْضِ فَقَالا عَجَزَ سِحْرُكَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَأَتَیْتَ الطَّائِفَ (1).

«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: اكْتَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ سِنِینَ لَیْسَ یَظْهَرُ وَ عَلِیٌّ مَعَهُ وَ خَدِیجَةُ ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَصْدَعَ بِمَا یُؤْمَرُ فَظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَی قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَإِذَا أَتَاهُمْ قَالُوا كَذَّابٌ امْضِ عَنَّا (2).

«11»-أَقُولُ قَالَ الْكَازِرُونِیُّ فِی الْمُنْتَقَی وَ غَیْرِهِ فِی سَنَةِ ثَمَانٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَعَاهَدَ قُرَیْشٌ وَ تَقَاسَمَتْ عَلَی مُعَادَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ وَ حَمَی النَّجَاشِیُّ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ حَامَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَ قَامَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دُونَهُ وَ أَبَوْا أَنْ یُسَلِّمُوهُ فَشَا الْإِسْلَامُ فِی القَبَائِلِ وَ اجْتَهَدَ الْمُشْرِكُونَ فِی إِخْفَاءِ ذَلِكَ النُّورِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ فَعَرَفَتْ قُرَیْشٌ أَنَّهُ لَا سَبِیلَ إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یَكْتُبُوا فِیمَا بَیْنَهُمْ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا یُنَاكِحُوهُمْ وَ لَا یُبَایِعُوهُمْ فَكَتَبُوا صَحِیفَةً فِی ذَلِكَ وَ كُتِبَ فِیهَا جَمَاعَةٌ (3) وَ عَلَّقُوهَا بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ عَدَوْا عَلَی مَنْ أَسْلَمَ فَأَوْثَقُوهُمْ وَ آذَوْهُمْ وَ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَیْهِمْ وَ عَظُمَتِ الْفِتْنَةُ فِیهِمْ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِیداً وَ أَبْدَتْ قُرَیْشٌ لِبَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْجَفَاءَ وَ ثَارَ بَیْنَهُمْ شَرٌّ وَ قَالُوا لَا صُلْحَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ وَ لَا رَحِمَ إِلَّا عَلَی قَتْلِ هَذَا الصَّابِئِ فَعَمَدَ أَبُو طَالِبٍ فَأَدْخَلَ الشِّعْبَ ابْنَ أَخِیهِ وَ بَنِی أَبِیهِ وَ مَنِ اتَّبَعَهُمْ فَدَخَلُوا شِعْبَ أَبِی طَالِبٍ وَ آذَوُا النَّبِیَّ وَ الْمُؤْمِنِینَ أَذًی شَدِیداً وَ ضَرَبُوهُمْ فِی كُلِّ طَرِیقٍ وَ حَصَرُوهُمْ فِی شِعْبِهِمْ وَ قَطَعُوا عَنْهُمُ الْمَارَّةَ مِنَ الْأَسْوَاقِ (4) وَ نَادَی مُنَادٍ الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ فِی قُرَیْشٍ أَیُّمَا رَجُلٍ

ص: 18


1- مناقب آل أبی طالب 1: 61 و 62.
2- تفسیر العیّاشیّ: ج 2: 253.
3- فی المصدر: جماعة من قریش.
4- زاد فی المصدر: فلم یدعوا أحدا من الناس یدخل علیهم طعاما و لا شیئا ممّا یرفق به، و كانوا یخرجون من الشعب إلی الموسم، فكانت قریش تباكرهم إلی الاسواق فیشترونها و یغلونها علیهم.

مِنْهُمْ وَجَدْتُمُوهُ عِنْدَ طَعَامٍ یَشْتَرِیهِ فَزِیدُوا عَلَیْهِ فَبَقُوا عَلَی ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِینَ حَتَّی بَلَغَ الْقَوْمَ الْجَهْدُ الشَّدِیدُ حَتَّی سَمِعُوا أَصْوَاتَ صِبْیَانِهِمْ یَتَضَاغَوْنَ أَیْ یَصِیحُونَ مِنَ الْجُوعِ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ وَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ یَكْرَهُونَ مَا فِیهِ بَنُو هَاشِمٍ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّی كَرِهَ عَامَّةُ قُرَیْشٍ مَا أَصَابَ بَنِی هَاشِمٍ وَ أَظْهَرُوا كَرَاهِیَتَهُمْ لِصَحِیفَتِهِمُ الْقَاطِعَةِ الظَّالِمَةِ حَتَّی أَرَادَ رِجَالٌ أَنْ یَبْرَءُوا مِنْهَا وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ یَخَافُ أَنْ یَغْتَالُوا رَسُولَ اللَّهِ لَیْلًا أَوْ سِرّاً وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَوْ رَقَدَ جَعَلَهُ أَبُو طَالِبٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ بَنِیهِ خَشْیَةَ أَنْ یَقْتُلُوهُ وَ یُصْبِحُ قُرَیْشٌ وَ قَدْ سَمِعُوا أَصْوَاتَ صِبْیَانِ بَنِی هَاشِمٍ مِنَ اللَّیْلِ یَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ فَیَجْلِسُونَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَیَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَیَقُولُ الرَّجُلُ لِأَصْحَابِهِ كَیْفَ بَاتَ أَهْلُكَ الْبَارِحَةَ فَیَقُولُونَ بِخَیْرٍ فَیَقُولُ لَكِنْ إِخْوَانُكُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ فِی الشِّعْبِ بَاتَتْ صِبْیَانُهُمْ یَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ فَمِنْهُمْ مَنْ یُعْجِبُهُ مَا یَلْقَی مُحَمَّدٌ وَ رَهْطُهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَكْرَهُ ذَلِكَ فَأَتَی (1) مِنْ قُرَیْشٍ عَلَی ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِی بَنِی هَاشِمٍ سَنَتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً حَتَّی جَهَدَ الْقَوْمُ جَهْداً شَدِیداً لَا یَصِلُ إِلَیْهِمْ شَیْ ءٌ إِلَّا سِرّاً وَ مستخفی (مُسْتَخْفٍ) بِهِ مِمَّنْ أَرَادَ صِلَتَهُمْ مِنْ قُرَیْشٍ حَتَّی رُوِیَ أَنَّ حَكِیمَ بْنَ حِزَامٍ خَرَجَ یَوْماً وَ مَعَهُ إِنْسَانٌ یَحْمِلُ طَعَاماً إِلَی عَمَّتِهِ خَدِیجَةَ بِنْتِ خُوَیْلِدٍ وَ هِیَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الشِّعْبِ إِذْ لَقِیَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ تَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ وَ اللَّهِ لَا تَبْرَحُ أَنْتَ وَ لَا طَعَامُكَ حَتَّی أَفْضَحُكَ عِنْدَ قُرَیْشٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ تَمْنَعُهُ أَنْ یُرْسِلَ إِلَی عَمَّتِهِ بِطَعَامٍ كَانَ لَهَا عِنْدَهُ فَأَبَی أَبُو جَهْلٍ أَنْ یَدَعَهُ فَقَامَ إِلَیْهِ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بِسَاقِ بَعِیرٍ فَشَجَّهُ وَ وَطِئَهُ وَطْئاً شَدِیداً وَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَرِیبٌ یَرَی ذَلِكَ وَ هُمْ یَكْرَهُونَ أَنْ یَبْلُغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ وَ أَصْحَابَهُ فَیُشْمَتُوا بِهِمْ وَ حَتَّی رُوِیَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَمْرِو بْنِ رَبِیعَةَ أَدْخَلَ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ فِی لَیْلَةٍ ثَلَاثَةَ أَحْمَالِ طَعَامٍ فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ قُرَیْشٌ فَمَشَوْا إِلَیْهِ فَكَلَّمُوهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّی غَیْرُ عَائِدٍ لِشَیْ ءٍ یُخَالِفُكُمْ ثُمَّ عَادَ الثَّانِیَةَ فَأَدْخَلَ حَمْلًا أَوْ حَمْلَیْنِ لَیْلًا وَ صَادَفَتْهُ قُرَیْشٌ وَ هَمُّوا بِهِ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ دَعُوهُ رَجُلٌ وَصَلَ رَحِمَهُ

ص: 19


1- فی المصدر: فأقامت قریش.

أَمَا إِنِّی أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ فَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ كَانَ أَجْمَلَ بِنَا وَ وَفَّقَ اللَّهُ هِشَاماً لِلْإِسْلَامِ یَوْمَ الْفَتْحِ. (1) قَالَ وَ فِی سَنَةِ عَشْرٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَارَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جِنَازَةَ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ وَ جَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً یَا عَمِّ.

وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ بَعْدَ أَبِی طَالِبٍ بِأَیَّامٍ وَ لَمَّا مَرِضَتْ مَرَضَهَا الَّذِی تُوُفِّیَتْ فِیهِ دَخَلَ عَلَیْهَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا بِالْكُرْهِ مِنِّی مَا أَرَی مِنْكِ یَا خَدِیجَةُ وَ قَدْ یَجْعَلُ اللَّهُ فِی الْكُرْهِ خَیْراً كَثِیراً أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِی مَعَكِ فِی الْجَنَّةِ مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ وَ كُلْثُمَ أُخْتَ مُوسَی وَ آسِیَةَ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ قَالَتْ وَ قَدْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ بِالرِّفَاءِ وَ الْبَنِینَ وَ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ وَ هِیَ بِنْتُ خَمْسٍ

ص: 20


1- ذكر فی المصدر: هنا قصة الصحیفة مفصلا، و لعلّ نسخة المصنّف كانت ناقصة، نذكرها مزیدا للفائدة، قال: ثم ان اللّٰه عزّ و جلّ برحمته أرسل علی صحیفة قریش التی كتبوها- و فیها تظاهرهم علی بنی هاشم- الأرضة، فلم تدع فیها اسما هو للّٰه عزّ و جلّ الا اكلته، و بقی فیها الظلم و القطیعة و البهتان، فأخبر اللّٰه عزّ و جلّ بذلك رسوله محمّدا صلّی اللّٰه علیه و آله فأخبر أبا طالب، فقال أبو طالب: یا ابن أخی من حدثك هذا و لیس یدخل إلینا أحد، و لا تخرج أنت إلی أحد؟ و لست فی نفسی من أهل الكذب، فقال له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: أخبرنی ربی هذا، فقال له عمه: إن ربك لحق، و أنا أشهد انك صادق، فجمع أبو طالب أهله و لم یخبرهم بما أخبره به رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كراهیة أن یفشوا ذلك الخبر، فیبلغ المشركین فیحتالوا للصحیفة البحث و المكر، فانطلق أبو طالب برهطه حتّی دخلوا المسجد و المشركون من قریش فی ظل الكعبة، فلما ابصروا تباشروا به و ظنوا أن الحصر و البلاء حملهم علی أن یدفعوا إلیهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فیقتلوه، فلما انتهی إلیهم أبو طالب و رهطه رحبوا بهم و قالوا: قد آن لك أن تطیب نفسك عن قتل رجل فی قتله صلاحكم و جماعتكم و فی حیاته فرقتكم و فسادكم، فقال أبو طالب: قد جئتكم فی امر لعله یكون فیه صلاح و جماعة، فاقبلوا ذلك منا، هلموا صحیفتكم التی فیها تظاهركم علینا، فجاءوا بها و لا یشكون الا انهم سیدفعون رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله إلیهم إذا نشروها، فلما جاءوا بصحیفتهم قال أبو طالب: صحیفتكم بینی و بینكم، فان ابن أخی قد أخبرنی و لم یكذبنی ان اللّٰه عزّ و جلّ قد بعث علی صحیفتكم الأرضة، فلم تدع للّٰه فیها اسما الا أكلته، و بقی فیها الظلم و القطیعة و البهتان، فان كان كاذبا فلكم علی ان ادفعه إلیكم تقتلونه، و إن كان صادقا فهل ذلك ناهیكم عن تظاهركم علینا ، فأخذ علیهم المواثیق واخذوا علیه ، فلما نشروها فاذا هی كما قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ، وكانوا هم بالغدر أولی منهم ، واستبشر أبوطالب وأصحابه ، وقالوا : أینا أولی بالقطیعة والبهتان؟ فقال المطعم بن عدی بن نوفل بن عبد مناف ، وهشام ابن عمرو أخو عامر بن لوی بن حارثة ، نحن براء من هذه الصحیفة القاطعة العادیة الظالمة ، ولن نمالی أحدا فی فساد أنفسنا ، وتتابع علی ذلك ناس من اشراف قریش فخرج قوم من شعبهم وقد أصابهم الجهد الشدید ، فقال أبوطالب فی ذلك أشعارا منها : وقد جربوا فیما مضی غب أمرهم***وما عالم امرا كمن لا یجرب وقد كان فی أمر الصحیفة عبرة***متی ما یخبر غائب القوم یعجب محا اللّٰه منهم كفرهم وعقوقهم***وما نقموا من باطل الحق مغرب فاصبح ما قالوا من الامر باطلا***ومن یختلق ما لیس بالحق یكذب فامسی ابن عبداللّٰه فینا مصدقا***علی سخط من قومنا غیر معتب فلا تحسبونا مسلمین محمدا***لدی عزمة منا ولا متعزب ستمنعه منا ید هاشمیة***مركبها فی الناس خیر مركب وكان الذی كتب الصحیفة منصور بن عكرمة بن هاشم فشلت یده فیما یزعمون ، وفی روایة ان اللّٰه تعالی اطلع نبیه صلی اللّٰه علیه و آله علی أمر صحیفتهم ، وأن الارضة قد أكلت ما كان فیها من جور وظلم ، وبقی ما كان من ذكر اللّٰه عزوجل فی موضعی القصة. انتهی. أقول : الروایة الثانیه أصح لما تقدم فی الاخبار وفی شعر أبی طالب.

وَ سِتِّینَ وَ دُفِنَتْ بِالْحَجُونِ وَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْرَهَا وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ سُنَّةُ الْجَنَازَةِ وَ الصَّلَاةِ عَلَیْهَا.

وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صَغِیرٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ وَ خَدِیجَةُ وَ كَانَ بَیْنَهُمَا شَهْرٌ وَ خَمْسَةُ أَیَّامٍ اجْتَمَعَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُصِیبَتَانِ فَلَزِمَ بَیْتَهُ وَ أَقَلَّ الْخُرُوجَ وَ نَالَتْ مِنْهُ قُرَیْشٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَنَالُ وَ لَا تَطْمَعُ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا لَهَبٍ فَجَاءَهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ امْضِ لِمَا أَرَدْتَ وَ مَا كُنْتَ صَانِعاً إِذْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَیّاً فَاصْنَعْهُ لَا وَ اللَّاتِ لَا یُوصَلُ إِلَیْكَ حَتَّی أَمُوتَ وَ سَبَّ ابْنُ غَیْطَلَةَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ أَبُو لَهَبٍ فَنَالَ مِنْهُ فَوَلَّی یَصِیحُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ صَبَأَ أَبُو عُتْبَةَ فَأَقْبَلَتْ قُرَیْشٌ حَتَّی وَقَفُوا عَلَی أَبِی لَهَبٍ فَقَالَ مَا فَارَقْتُ دِینَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَكِنِّی أَمْنَعُ ابْنَ أَخِی أَنْ یُضَامَ (1) حَتَّی یَمْضِیَ لِمَا یُرِیدُ قَالُوا أَحْسَنْتَ وَ أَجْمَلْتَ وَ وَصَلْتَ الرَّحِمَ فَمَكَثَ

ص: 21


1- أی یظلم و یقهر.

رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَلِكَ أَیَّاماً یَذْهَبُ وَ یَأْتِی لَا یَتَعَرَّضُ لَهُ أَحَدٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ هَابُوا أَبَا لَهَبٍ إِذاً جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ وَ أَبُو جَهْلٍ إِلَی أَبِی لَهَبٍ فَاحْتَالا حَتَّی صَرَفَاهُ عَنْ نُصْرَتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله. (1) وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ إِلَی الطَّائِفِ وَ إِلَی ثَقِیفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ تَنَاوَلَتْ قُرَیْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ إِلَی الطَّائِفِ وَ مَعَهُ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ ذَلِكَ فِی لَیَالٍ بَقِینَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ النُّبُوَّةِ فَأَقَامَ بِهَا عَشَرَةَ أَیَّامٍ وَ قِیلَ شَهْراً فَآذَوْهُ وَ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ فَانْصَرَفَ إِلَی مَكَّةَ فَلَمَّا نَزَلَ نَخْلَةَ صَرَفَ اللَّهُ إِلَیْهِ النَّفْرَ مِنَ الْجِنِّ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الطَّائِفِ عَمَدَ إِلَی ظِلِّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ فَجَلَسَ فِیهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَشْكُو إِلَیْكَ ضَعْفَ قُوَّتِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ هَوَانِی عَلَی النَّاسِ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِینَ وَ أَنْتَ رَبِّی إِلَی مَنْ تَكِلُنِی إِلَی بَعِیدٍ یَتَجَهَّمُنِی (2) أَوْ إِلَی عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِی إِنْ لَمْ یَكُنْ بِكَ عَلَیَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِی وَ لَكِنْ عَافِیَتُكَ هِیَ أَوْسَعُ لِی أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِی أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَ صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مِنْ أَنْ یَنْزِلَ بِی غَضَبُكَ أَوْ یَحِلَّ عَلَیَّ سَخَطُكَ لَكِنْ لَكَ الْعُتْبَی (3) حَتَّی تَرْضَی وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ

ص: 22


1- هكذا فی النسخ، و الموجود فی المصدر یغایره و هو هكذا: إذ جاء عقبة ابن أبی معیط و أبو جهل إلی ابی لهب فقالا له: أخبرك ابن أخیك این مدخل أبیك؟ فقال له أبو لهب: یا محمّد این مدخل عبد المطلب؟ قال: مع قومه، فخرج أبو لهب إلیهم فقال:
2- تجهمه: استقبله بوجه عبوس كریه.
3- العتبی: الرضی.

قَالَ وَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ كَانَ یَقِفُ بِالْمَوْسِمِ عَلَی القَبَائِلِ فَیَقُولُ یَا بَنِی فُلَانٍ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ كَانَ خَلْفَهُ أَبُو لَهَبٍ فَیَقُولُ لَا تُطِیعُوهُ وَ أَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كِنْدَةَ فِی مَنَازِلِهِمْ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَبَوْا وَ أَتَی كَلْباً فِی مَنَازِلِهِمْ فَلَمْ یَقْبَلُوا مِنْهُ وَ أَتَی بَنِی حَنِیفَةَ فِی مَنَازِلِهِمْ فَرَدُّوا عَلَیْهِ أَقْبَحَ رَدٍّ.

وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ بِعَائِشَةَ وَ سَوْدَةَ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتَ سِتِّ سِنِینَ حِینَئِذٍ وَ رُوِیَ لَمَّا هَلَكَتْ خَدِیجَةُ جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِیمٍ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَا تَتَزَوَّجُ قَالَ مَنْ قَالَتْ إِنْ شِئْتَ بِكْراً وَ إِنْ شِئْتَ ثَیِّباً قَالَ فَمَنِ الْبِكْرُ قَالَتْ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ قَالَ وَ مَنِ الثَّیِّبُ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَ اٍتَّبَعَتْكَ عَلَی مَا تَقُولُ قَالَ فَاذْهَبِی فَاذْكُرِیهِمَا عَلَیَّ فَذَهَبَتْ إِلَی أَبَوَیْهِمَا وَ خَطَبَتْهُمَا فَقَبِلَا وَ تَزَوَّجَهُمَا وَ فِی سَنَةِ إِحْدَی عَشْرَةَ مِنْ نُبُوَّتِهِ كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِ الْأَنْصَارِ وَ ذَلِكَ مَا رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ فِی الْمَوْسِمِ یَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَی القَبَائِلِ فَبَیْنَا هُوَ عَلَی الْعَقَبَةِ إِذْ لَقِیَ رَهْطاً مِنَ الْخَزْرَجِ فَقَالَ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالُوا مِنَ الْخَزْرَجِ قَالَ أَ فَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ قَالُوا بَلَی فَجَلَسُوا مَعَهُ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَرَضَ عَلَیْهِمُ الْإِسْلَامَ وَ تَلَا عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ وَ كَانَ أُولَئِكَ یَسْمَعُونَ مِنَ الْیَهُودِ أَنَّهُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُ نَبِیٍّ یُبْعَثُ فَلَمَّا كَلَّمَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِیُّ الَّذِی یَعِدُكُمْ بِهِ الْیَهُودُ فَلَا یَسْبِقَنَّكُمْ إِلَیْهِ وَ انْصَرَفُوا رَاجِعِینَ إِلَی بِلَادِهِمْ وَ قَدْ آمَنُوا وَ كَانُوا سِتَّةَ أَنْفُسٍ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَ عَوْنَ بْنَ الْحَارِثِ وَ هُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ وَ رَافِعَ بْنَ مَالِكِ بْنِ عَجْلَانَ وَ قُطَبَةَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حَدِیدَةَ وَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ وَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِینَةَ عَلَی قَوْمِهِمْ ذَكَرُوا لَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَعَوْهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ حَتَّی فَشَا فِیهِمْ دِینَهُمْ فَلَمْ یَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَ فِیهَا ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ فِی سَنَةِ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ مِنْ نُبُوَّتِهِ كَانَ الْمِعْرَاجُ وَ فِی هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ بِیعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَی وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ عَامَئِذٍ إِلَی الْمَوْسِمِ وَ قَدْ قَدِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ

ص: 23

اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَلَقُوهُ بِالْعَقَبَةِ وَ هِیَ الْعَقَبَةُ الْأُولَی فَبَایَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَایَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَی وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَنَا أَحَدُهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفُوا بَعَثَ مَعَهُمْ مُصْعَبَ بْنَ عُمَیْرٍ إِلَی الْمَدِینَةِ یُفَقِّهُ أَهْلَهَا وَ یُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ.

وَ فِی سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ كَانَتْ بِیعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِیَةُ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ إِلَی الْمَوْسِمِ فَلَقِیَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَاعَدُوهُ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ اجْتَمَعْنَا فِی الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ وَ نَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا وَ مَعَهُمُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ نَسِیبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ وَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِیٍّ وَ هِیَ أُمُّ مَنِیعٍ فَبَایَعَنَا وَ جَعَلَ عَلَیْنَا اثنا (اثْنَیْ) عَشَرَ نَقِیباً مِنَّا تِسْعَةً مِنَ الْخَزْرَجِ وَ ثَلَاثَةً مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَخَرَجُوا أَرْسَالًا وَ أَقَامَ هُوَ بِمَكَّةَ یَنْتَظِرُ أَنْ یُؤْذَنَ لَهُ (1).

بیان: الأرسال بالفتح جمع الرسل بالتحریك و هو القطیع من كل شی ء أی زمرا زمرا و یحتمل الإرسال بالكسر و هو الرفق و التؤدة.

«12»-یه، من لا یحضره الفقیه دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی خَدِیجَةَ وَ هِیَ لِمَا بِهَا فَقَالَ لَهَا بِالرَّغْمِ مِنَّا مَا نَرَی بِكِ یَا خَدِیجَةُ فَإِذَا قَدِمْتِ عَلَی ضَرَائِرِكِ فَأَقْرِئِیهِنَّ السَّلَامَ فَقَالَتْ مَنْ هُنَّ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ كُلْثُمُ أُخْتُ مُوسَی وَ آسِیَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قَالَتْ بِالرِّفَاءِ یَا رَسُولَ اللَّهِ.

بیان: قوله هی لما بها اللام ظرفیة أو بمعنی إلی و المعنی أنها كانت فی الاحتضار قوله صلی اللّٰه علیه و آله بالرغم منا ما نری بك قوله ما نری مبتدأ و بالرغم خبر أی ما نری بك متلبس بالرغم و الكراهة منا و الرفاء بالكسر الاتفاق و الالتیام و البركة و النماء

«13»- مصبا، المصباحین فی السادس و العشرین من شهر رجب كانت وفاة أبی طالب رحمة اللّٰه

ص: 24


1- المنتقی فی مولود المصطفی: 65- 77، الباب الخامس فیما كان سنة ثمان من نبوّته صلّی اللّٰه علیه و آله إلی الباب التاسع فیما كان سنة ثلاث عشر من نبوّته. و اختصر المصنّف القضایا المنقولة فیه، و نقل بعضها معنی.

علیه علی قول ابن عیاش (1).

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام إِنَّ أَبَا طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّیَ فِی آخِرِ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ تُوُفِّیَتْ خَدِیجَةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ أَبِی طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَسَمَّی رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ الْعَامَ عَامَ الْحُزْنِ فَقَالَ مَا زَالَتْ قُرَیْشٌ قَاعِدَةً عَنِّی حَتَّی مَاتَ أَبُو طَالِبٍ (2).

«15»-قب، المناقب لابن شهرآشوب كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَی قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِی الْمَوْسِمِ فَلَقِیَ رَهْطاً مِنَ الْخَزْرَجِ فَقَالَ أَ لَا تَجْلِسُونَ أُحَدِّثْكُمْ قَالُوا بَلَی فَجَلَسُوا إِلَیْهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ تَلَا عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ یَا قَوْمِ تَعْلَمُونَ وَ اللَّهِ أَنَّهُ النَّبِیُّ الَّذِی كَانَ یُوعِدُكُمْ بِهِ الْیَهُودُ فَلَا یَسْبِقَنَّكُمْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَأَجَابُوهُ وَ قَالُوا لَهُ إِنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا وَ لَا قَوْمَ بَیْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الشَّرِّ مِثْلَ مَا بَیْنَهُمْ وَ عَسَی أَنْ یَجْمَعَ اللَّهُ بَیْنَهُمْ بِكَ فَسَتَقْدِمُ (3) عَلَیْهِمْ وَ تَدْعُوهُمْ إِلَی أَمْرِكَ وَ كَانُوا سِتَّةَ نَفَرٍ قَالَ فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِینَةَ فَأَخْبَرُوا قَوْمَهُمْ بِالْخَبَرِ فَمَا دَارَ حَوْلٌ إِلَّا وَ فِیهَا حَدِیثُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ أَتَی الْمَوْسِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَلَقُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَایَعُوهُ عَلَی بَیْعَةِ النِّسَاءِ (4) أَلَّا یُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَیْئاً وَ لَا یَسْرِقُوا إِلَی آخِرِهَا ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ بَعَثَ مَعَهُمْ مُصْعَبَ بْنَ عُمَیْرٍ یُصَلِّی بِهِمْ وَ كَانَ بَیْنَهُمْ بِالْمَدِینَةِ یُسَمَّی الْمُقْرِئَ فَلَمْ یَبْقَ دَارٌ فِی الْمَدِینَةِ إِلَّا وَ فِیهَا رِجَالٌ وَ نِسَاءٌ مُسْلِمُونَ إِلَّا دَارُ أُمَیَّةَ وَ حُطَیْمَةَ وَ وَائِلٍ وَ هُمْ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ عَادَ مُصْعَبٌ إِلَی مَكَّةَ وَ خَرَجَ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَی الْمَوْسِمِ مَعَ حُجَّاجِ قَوْمِهِمْ فَاجْتَمَعُوا فِی الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ رَجُلًا وَ امْرَأَتَانِ فِی أَیَّامِ التَّشْرِیقِ بِاللَّیْلِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أُبَایِعُكُمْ عَلَی الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ

ص: 25


1- المصباح: 566.
2- قصص الأنبیاء: مخطوط.
3- فی المصدر: فتقدم.
4- المراد ببیعة النساء ما ورد فی سورة الممتحنة من قوله تعالی: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَكَ عَلی أَنْ لا یُشْرِكْنَ» إلی آخر الآیة: 12.

نُرِیدُ أَنْ تُعَرِّفَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِلَّهِ عَلَیْنَا وَ مَا لَكَ عَلَیْنَا وَ مَا لَنَا عَلَی اللَّهِ فَقَالَ أَمَّا مَا لِلَّهِ عَلَیْكُمْ فَأَنْ تَعْبُدُوهُ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ أَمَّا مَا لِی عَلَیْكُمْ فَتَنْصُرُونَنِی مِثْلَ نِسَائِكُمْ وَ أَبْنَائِكُمْ وَ أَنْ تَصْبِرُوا عَلَی عَضِّ السَّیْفِ وَ إِنْ یُقْتَلَ خِیَارُكُمْ قَالُوا فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ مَا لَنَا عَلَی اللَّهِ قَالَ أَمَّا فِی الدُّنْیَا فَالظُّهُورُ عَلَی مَنْ عَادَاكُمْ وَ فِی الْآخِرَةِ رِضْوَانُهُ وَ الْجَنَّةُ فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعُكَ (1) بِمَا نَمْنَعُ بِهِ أُزُرَنَا فَبَایِعْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَ أَهْلُ الْحَلَفَةِ وَرِثْنَاهَا كِبَاراً عَنْ كِبَارٍ فَقَالَ أَبُو الْهَیْثَمِ إِنَّ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا وَ إِنَّا إِنْ قَطَعْنَاهَا أَوْ قَطَعُوهَا فَهَلْ عَسَیْتَ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَی قَوْمِكَ وَ تَدَعَنَا فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ بَلِ الدَّمُ الدَّمُ وَ الْهَدْمُ الْهَدْمُ أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَ أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ثُمَّ قَالَ أَخْرِجُوا إِلَیَّ مِنْكُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً فَاخْتَارُوا ثُمَّ قَالَ أُبَایِعُكُمْ كَبَیْعَةِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ لِلْحَوَارِیِّینَ كُفَلَاءَ عَلَی قَوْمِهِمْ بِمَا فِیهِمْ وَ عَلَی أَنْ تَمْنَعُونِی مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَ أَبْنَاءَكُمْ فَبَایَعُوهُ عَلَی ذَلِكَ فَصَرَخَ الشَّیْطَانُ فِی الْعَقَبَةِ یَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ هَلْ لَكُمْ فِی مُحَمَّدٍ وَ الصُّبَاةِ مَعَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی حَرْبِكُمْ ثُمَّ نَفَرَ النَّاسُ مِنْ مِنًی وَ فَشَا الْخَبَرُ فَخَرَجُوا فِی الطَّلَبِ فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو فَأَمَّا الْمُنْذِرُ فَأَعْجَزَ الْقَوْمَ وَ أَمَّا سَعْدٌ فَأَخَذُوهُ وَ رَبَطُوهُ بِنِسْعِ (2) رَحْلِهِ وَ أَدْخَلُوهُ مَكَّةَ یَضْرِبُونَهُ فَبَلَغَ خَبَرُهُ إِلَی جُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَ الْحَارِثِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَیَّةَ فَأَتَیَاهُ وَ خَلَّصَاهُ وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُؤْمَرْ إِلَّا بِالدُّعَاءِ وَ الصَّبْرِ عَلَی الْأَذَی وَ الصَّفْحِ عَنِ الْجَاهِلِ فَطَالَتْ قُرَیْشٌ عَلَی الْمُسْلِمِینَ فَلَمَّا كَثُرَ عُتُوُّهُمْ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكُمْ دَاراً وَ إِخْوَاناً تَأْمَنُونَ بِهَا فَخَرَجُوا أَرْسَالًا حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا عَلِیٌّ وَ أَبُو بَكْرٍ فَحَذَرَتْ قُرَیْشٌ خُرُوجَهُ وَ عَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ لِحَرْبِهِمْ فَاجْتَمَعُوا فِی دَارِ النَّدْوَةِ وَ هِیَ دَارُ قُصَیِّ بْنِ

ص: 26


1- فی نسخة: لنمنعنك.
2- النسع: سیر أو حبل عریض طویل تشد به الرحال.

كِلَابٍ یَتَشَاوَرُونَ فِی أَمْرِهِ (1) وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی الْبَابِ الْآتِی بِرِوَایَةِ الشَّیْخِ عَنِ ابْنِ أَبِی هَالَةَ.

بیان: یسمی المقرئ لأنه كان یقرئهم القرآن و قال الجزری فی حدیث بیعة العقبة لنمنعك مما نمنع منه أزرنا أی نساءنا و أهلنا كنی عنهن بالأزر و قیل أراد أنفسنا و قد یكنی عن النفس بالأزر و قال فی قوله و الهدم الهدم یروی بسكون الدال و فتحها فالهدم بالتحریك القبر یعنی أنی أقبر حیث تقبرون و قیل هو المنزل أی منزلكم منزلی و فی الحدیث الآخر المحیا محیاكم و الممات مماتكم أی لا أفارقكم و الهدم بالسكون و الفتح أیضا هو إهدار دم القتیل یقال دماؤهم بینهم هدم أی مهدرة و المعنی إن طلب دمكم فقد طلب دمی و إن أهدر دمكم فقد أهدر دمی لاستحكام الألفة بیننا و هو قول معروف للعرب یقولون دمی دمك و هدمی هدمك و ذلك عند المعاهدة و النصرة و قال فی حدیث بیعة الأنصار نادی الشیطان یا أصحاب الجباجب هی جمع جبجب بالضم و هو المستوی من الأرض لیس بحزن و هی هاهنا أسماء منازل سمیت به قیل لأن كروش الأضاحی تلقی فیها أیام الحج و الجبجبة الكرش یجعل فیها اللحم یتزود فی الأسفار.

ص: 27


1- مناقب آل أبی طالب 1: 156- 158.

باب 6 الهجرة و مبادیها و مبیت علی علیه السلام علی فراش النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ما جری بعد ذلك إلی دخول المدینة

الآیات؛

النساء: «إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً*إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا یَسْتَطِیعُونَ حِیلَةً وَ لا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا* فَأُولئِكَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً* وَ مَنْ یُهاجِرْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یَجِدْ فِی الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِیراً وَ سَعَةً وَ مَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهاجِراً إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ یُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً»(97-100)

الأنفال: «وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ»(30)

(و قال تعالی): «وَ ما لَهُمْ أَلَّا یُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ یَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِیاءَهُ إِنْ أَوْلِیاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ»(34)

(و قال تعالی): «إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الَّذِینَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِی الدِّینِ فَعَلَیْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلی قَوْمٍ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ* وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِی الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِیرٌ* وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الَّذِینَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِیمٌ* وَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی

ص: 28

بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ»(72-75)

التوبة: «إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِینَ كَفَرُوا ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ إِذْ یَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِینَ كَفَرُوا السُّفْلی وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ اللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ»(39)

النحل: «وَ الَّذِینَ هاجَرُوا فِی اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ* الَّذِینَ صَبَرُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ»(41-42)

(و قال تعالی): «مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِیمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَیْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (إلی قوله تعالی): ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ»(106-110)

الحج: «وَ الَّذِینَ هاجَرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَیَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ* لَیُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا یَرْضَوْنَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَلِیمٌ حَلِیمٌ»(58-59)

العنكبوت: «یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ فَإِیَّایَ فَاعْبُدُونِ (إلی قوله تعالی): وَ كَأَیِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ یَرْزُقُها وَ إِیَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ»(56-60)

محمد: «وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ هِیَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْیَتِكَ الَّتِی أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ»(13)

المزمل: «وَ اصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا»(10)

تفسیر: قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ

قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قال أبو حمزة الثمالی: بلغنا أن المشركین یوم بدر لم یخلفوا إذ خرجوا أحدا إلا صبیا أو شیخا كبیرا أو مریضا فخرج معهم ناس ممن تكلم بالإسلام فلما التقی المشركون و

ص: 29

رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نظر الذین كانوا قد تكلموا بالإسلام إلی قلة المسلمین فارتابوا فأصیبوا فیمن أصیب من المشركین فنزلت فیهم الآیة- و هو المروی عن ابن عباس و السدی و قتادة.

و قیل إنهم قیس بن الفاكهة بن المغیرة و الحارث بن زمعة بن الأسود و قیس بن الولید بن المغیرة و أبو العاص بن المنبه بن الحجاج و علی بن أمیة بن خلف عن عكرمة و رواه أبو الجارود عن أبی جعفر علیه السلام قال ابن عباس كنت أنا من المستضعفین و كنت غلاما صغیرا و ذكر عنه أیضا أنه قال كان أبی من المستضعفین من الرجال و كانت أمی من المستضعفات من النساء و كنت أنا من المستضعفین من الولدان تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أی تقبض أرواحهم فِیمَ كُنْتُمْ أی فی أی شی ء كنتم من دینكم علی وجه التقریر أو التوبیخ مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ أی یستضعفنا أهل الشرك باللّٰه فی أرضنا و بلادنا یمنعوننا من الإیمان قالُوا أی الملائكة فَتُهاجِرُوا فِیها أی فتخرجوا من أرضكم و تفارقوا من یمنعكم من الإیمان إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِینَ أی الذین استضعفهم المشركون (1) و یعجزون عن الهجرة لإعسارهم و قلة حیلتهم وَ لا یَهْتَدُونَ سَبِیلًا فی الخلاص من مكة مُراغَماً كَثِیراً وَ سَعَةً أی متحولا من الأرض و سعة فی الرزق و قیل مزحزحا عما یكره و سعة من الضلالة إلی الهدی و قیل مهاجرا فسیحا و متسعا مما كان فیه من الضیق وَ مَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ قیل لما نزلت آیات الهجرة سمعها رجل من المسلمین و هو جندع أو جندب بن ضمرة و كان بمكة فقال و اللّٰه ما أنا ممن استثنی اللّٰه إنی لأجد قوة و إنی لعالم بالطریق و كان مریضا شدید المرض فقال لبنیه و اللّٰه لا أبیت بمكة حتی أخرج منها فإنی أخاف أن أموت فیها فخرجوا یحملونه علی سریر حتی إذا بلغ التنعیم مات فنزلت الآیة عن أبی حمزة الثمالی و عن قتادة و عن سعید بن جبیر و قال عكرمة و خرج جماعة من مكة مهاجرین فلحقهم المشركون و فتنوهم عن دینهم فافتتنوا فأنزل اللّٰه فیهم وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِیَ فِی اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ فكتب بها المسلمون إلیهم ثم نزلت فیهم

ص: 30


1- فی المصدر: «مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ»* و هم الذین یعجزون.

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ مهاجرا من أرض الشرك فارا بدینه إلی اللّٰه و رسوله ثُمَّ یُدْرِكْهُ الْمَوْتُ قبل بلوغه دار الهجرة فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ أی ثواب عمله و جزاء هجرته علی اللّٰه

وَ رَوَی الْحَسَنُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ فَرَّ بِدِینِهِ مِنْ أَرْضٍ إِلَی أَرْضٍ وَ إِنْ كَانَ شِبْراً مِنَ الْأَرْضِ اسْتَوْجَبَ الْجَنَّةَ وَ كَانَ رَفِیقَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا وَ آلِهِمَا (1).

وَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِی قِصَّةِ دَارِ النَّدْوَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ نَفَراً مِنْ قُرَیْشٍ اجْتَمَعُوا فِیهَا وَ هِیَ دَارُ قُصَیِّ بْنِ كِلَابٍ وَ تَئَامَرُوا فِی أَمْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ هِشَامٍ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَیْبَ الْمَنُونِ وَ قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ أَخْرِجُوهُ عَنْكُمْ تَسْتَرِیحُوا مِنْ أَذَاهُ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ مَا هَذَا بِرَأْیٍ وَ لَكِنِ اقْتُلُوهُ بِأَنْ یَجْتَمِعَ عَلَیْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنِ رَجُلٍ فَیَضْرِبُوهُ بِأَسْیَافِهِمْ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرْضَی حِینَئِذٍ بَنُو هَاشِمٍ بِالدِّیَةِ فَصَوَّبَ إِبْلِیسُ هَذَا الرَّأْیَ وَ كَانَ قَدْ جَاءَهُمْ فِی صُورَةِ شَیْخٍ كَبِیرٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَ خَطَّأَ الْأَوَّلِینَ فَاتَّفَقُوا عَلَی هَذَا الرَّأْیِ وَ أَعَدُّوا الرِّجَالَ وَ السِّلَاحَ وَ جَاءَ جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ إِلَی الْغَارِ وَ أَمَرَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَبَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ فَتَّشُوا عَنِ الْفِرَاشِ وَجَدُوا عَلِیّاً وَ قَدْ رَدَّ اللَّهُ مَكْرَهُمْ وَ قَالُوا أَیْنَ مُحَمَّدٌ قَالَ لَا أَدْرِی فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ وَ أَرْسَلُوا فِی طَلَبِهِ فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ وَ مَرُّوا بِالْغَارِ رَأَوْا عَلَی بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ فَقَالُوا لَوْ كَانَ هَاهُنَا لَمْ یَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَی بَابِهِ فَمَكَثَ فِیهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِینَةَ.

الَّذِینَ كَفَرُوا و هم مشركو العرب و منهم عتبة و شیبة ابنا ربیعة و النضر بن حارث و أبو جهل بن هشام و أبو البختری بن هشام و زمعة بن الأسود و حكیم بن حزام و أمیة بن خلف و غیرهم لِیُثْبِتُوكَ أی لیقیدوك فیثبتوك فی الوثاق أو فی الحبس و یسجنوك فی بیت و قیل لیثخنوك بالجراحة و الضرب عن أبان بن

ص: 31


1- مجمع البیان 3: 98- 100.

تغلب و غیره أَوْ یُخْرِجُوكَ أی من مكة إلی طرف من أطراف الأرض و قیل أو یخرجوك علی بعیر و یطردونه حتی یذهب فی وجهه (1) قال و لما هموا بقتل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أخرجوه من مكة أنزل اللّٰه سبحانه وَ ما لَهُمْ أَلَّا یُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ الآیة فعذبهم اللّٰه بالسیف یوم بدر وَ ما كانُوا أَوْلِیاءَهُ أی ما كان المشركون أولیاء المسجد الحرام و إن سعوا فی عمارته و ما أولیاء المسجد الحرام إلا المتقون (2) عن الحسن و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام و قیل ما كانوا أولیاء اللّٰه إن أولیاء اللّٰه إلا المتقون و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا قیل نزلت فی المیراث و كانوا یتوارثون بالهجرة و جعل اللّٰه المیراث للمهاجرین و الأنصار دون ذوی الأرحام و كان الذی آمن و لم یهاجر لم یرث من أجل أنه لم یهاجر و لم ینصر و كانوا یعملون بذلك حتی نزل وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ فنسخت هذا و صار المیراث لذوی الأرحام المؤمنین (3) عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد و السدی وَ الَّذِینَ آوَوْا أی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و المهاجرین بالمدینة و هم الأنصار أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ فی النصرة أو التوارث و قیل فی نفوذ أمان بعضهم علی بعض (4)

وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُمْ كَانُوا یَتَوَارَثُونَ بِالْمُؤَاخَاةِ الْأُولَی.

وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِی الدِّینِ أی إن طلب المؤمنون الذین لم یهاجروا منكم النصرة لهم علی الكفار و إعانتهم فی الدین فَعَلَیْكُمُ النَّصْرُ (5) و المعونة لهم فی

ص: 32


1- مجمع البیان 4: 537.
2- مجمع البیان 4: 539 و 540.
3- زاد فی المصدر: و لا یتوارث أهل الملتین.
4- زاد فی المصدر: فان واحدا من المسلمین لو أمن إنسانا نفذ أمانه علی سائر المسلمین «وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا» إلی المدینة «ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا» أی ما لكم من میراثهم من شی ء حتّی یهاجروا، فحینئذ یحصل بینكم التوارث، فان المیراث كان منقطعا فی ذلك الوقت بین المهاجرین و غیر المهاجرین، و روی عن أبی جعفر علیه السلام اه.
5- فی المصدر: فعلیكم النصر، و المعونة، و لیس علیكم نصرتهم فی غیر الدین.

الدین إِلَّا عَلی قَوْمٍ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ أی إلا أن یطلبوا منكم النصرة علی قوم من المشركین بینكم و بینهم أمان و عهد یجب الوفاء به فلا تنصروهم علیهم لما فیه من نقض العهد وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ أی أنصار بعض أو أولی ببعض فی المیراث إِلَّا تَفْعَلُوهُ أی ما أمرتم به فی الآیة الأولی و الثانیة تَكُنْ فِتْنَةٌ فِی الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِیرٌ علی المؤمنین الذین لم یهاجروا و الفتنة المحنة بالمیل إلی الضلال و الفساد الكبیر ضعف الإیمان. (1) و قال فی قوله تعالی إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ أی إن لم تنصروا النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی قتال العدو فقد فعل اللّٰه به النصر إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِینَ كَفَرُوا من مكة فخرج یرید المدینة ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ یعنی أنه كان هو و أبو بكر فی الغار لیس معهما ثالث (2) و أراد به هنا غار ثور و هو جبل بمكة إِذْ یَقُولُ لِصاحِبِهِ أی إذ یقول الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لأبی بكر لا تَحْزَنْ أی لا تخف إِنَّ اللَّهَ مَعَنا یرید أنه مطلع علینا عالم بحالنا فهو یحفظنا و ینصرنا

قال الزهری لما دخل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أبو بكر الغار أرسل اللّٰه زوجا من الحمام حتی باضا فی أسفل الثقب (3) و العنكبوت حتی نسج بیتا فلما جاء سراقة بن مالك فی طلبهما فرأی بیض الحمام و بیت العنكبوت قال لو دخله أحد لانكسر البیض و تفسخ (4) بیت العنكبوت فانصرف و قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله اللّٰهم أعم أبصارهم فعمیت أبصارهم عن دخوله و جعلوا یضربون یمینا و شمالا حول الغار و قال أبو بكر لو نظروا (5) إلی أقدامهم لرأونا و نزل رجل من قریش فبال علی باب الغار فقال أبو بكر قد أبصرونا یا رسول اللّٰه فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لو أبصرونا ما استقبلونا بعوراتهم.

ص: 33


1- مجمع البیان 4: 561 و 562.
2- زاد فی المصدر: أی و هو أحد اثنین، و معناه فقد نصره اللّٰه منفردا من كل شی ء الا من أبی بكر.
3- فی نسخة: فی اسفل النقب.
4- فی نسخة: و تفتح بیت العنكبوت.
5- فی نسخة، لو نزلوا.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ یعنی علی محمد صلی اللّٰه علیه و آله أی ألقی فی قلبه ما سكن به وَ أَیَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها أی بملائكة یضربون وجوه الكفار و أبصارهم عن أن یروه و قیل قواه بالملائكة (1) یدعون اللّٰه تعالی له و قیل أعانه بالملائكة یوم بدر و قال بعضهم یجوز أن یكون الهاء فی علیه راجعة إلی أبی بكر و هذا بعید لأن الضمائر قبل هذا و بعده تعود إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بلا خلاف (2) فكیف یتخللها ضمیر عائد إلی غیره هذا و قد قال سبحانه فی هذه السورة ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (3) و قال فی سورة الفتح كذلك (4) فتخصیص النبی فی هذه الآیة بالسكینة یدل علی عدم إیمان من معه (5) وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِینَ كَفَرُوا السُّفْلی المراد بكلمتهم وعیدهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله و تخویفهم له أو كلمة الشرك و كلمة اللّٰه وعده بالنصر أو كلمة التوحید. (6) و قال فی قوله تعالی وَ الَّذِینَ هاجَرُوا فِی اللَّهِ نزلت فی المعذبین بمكة مثل صهیب و بلال و عمار و خباب (7) و غیرهم مكنهم اللّٰه فی المدینة و ذكر أن

ص: 34


1- فی المصدر: بملائكة.
2- فی المصدر: و ذلك فی قوله: «إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ» و فی قوله: «إِذْ أَخْرَجَهُ» و قوله: «لِصاحِبِهِ» و قوله فیما بعده: «وَ أَیَّدَهُ».
3- الآیة: 28.
4- فی المصدر: و قال فی سورة الفتح: «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ» أقول: هذا هو الصحیح راجع سورة الفتح 48: 26.
5- لم نجد قوله: «فتخصیص النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله» إلی هما فی المصدر، بل الموجود مكانه هكذا: و قد ذكرت الشیعة فی تخصیص النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی هذه الآیة بالسكینة كلاما رأینا الاضراب عن ذكره أحری لئلا ینسبنا ناسب إلی شی ء انتهی.
6- مجمع البیان 5: 31 و 32.
7- خباب بتشدید الباء الأول كشداد هو خباب بن الارت التمیمی أبو عبد اللّٰه من السابقین إلی الإسلام، و كان یعذب فی اللّٰه، شهد بدرا ثمّ نزل الكوفة و مات بها سنة 37 «و قیل: 39» و ترحم علیه أمیر المؤمنین علیه السلام و قال: رحم اللّٰه خبابا، أسلم راغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا، و ابتلی فی جسمه احوالا، و لن یضیع اللّٰه أجر من أحسن عملا.

صهیبا قال لاهل مكة : أنا رجل كبیر إن كنت معكم لم أنفعكم ، وإن كنت علیكم لم أضرركم ، فخذوا مالی ودعونی ، فأعطاهم ماله ، وهاجر إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ، فقال له أبوبكر : ربح البیع یا صهیب(1) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِی الدُّنْیا حَسَنَةً أی بلدة حسنة و هی المدینة أو حالة حسنة و هی النصر علی الأعداء. (2) و قال فی قوله تعالی إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ نزل فی جماعة أكرهوا و هم عمار و یاسر أبوه و أمه سمیة و صهیب و بلال و خباب عذبوا و قتل أبو عمار و أمه فأعطاهم عمار بلسانه مما أرادوا منه ثم أخبر بذلك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال قوم كفر عمار

فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله كَلَّا إِنَّ عَمَّاراً مَلِی ءٌ إِیمَاناً مِنْ قَرْنِهِ إِلَی قَدَمِهِ وَ اخْتَلَطَ الْإِیمَانُ بِلَحْمِهِ وَ دَمِهِ وَ جَاءَ عَمَّارٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَبْكِی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا وَرَاكَ قَالَ شَرٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّی نِلْتُ مِنْكَ وَ ذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَیْرٍ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ عَیْنَیْهِ وَ یَقُولُ إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لَهُمْ بِمَا قُلْتَ فَنَزَلَتِ الْآیَةُ-

عن ابن عباس و قتادة،و قیل نزلت فی ناس من أهل مكة آمنوا و خرجوا یریدون المدینة فأدركهم قریش و فتنوهم فتكلموا بكلمة الكفر كارهین عن مجاهد و قیل إن یاسر و سمیة أبوا (3) عمار أول شهیدین فی الإسلام و قوله مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ و مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً هو عبد اللّٰه بن سعید (4) بن أبی سرح من بنی عامر بن لوی و أما قوله ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ هاجَرُوا الآیة قیل إنها نزلت فی عباس (5) بن أبی ربیعة أخی أبی جهل من الرضاعة و أبی جندل بن سهیل بن عمرو

ص: 35


1- فی سیرة ابن هشام ٢ : ٨٩ : فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ربح صهیب ، ربح صهیب.
2- مجمع البیان 6: 361.
3- فی المصدر: أبوی عمار.
4- فی المصدر: عبد اللّٰه بن سعد.
5- فی المصدر: عیاش، و هو الصحیح، و الرجل هو عیّاش بن أبی ربیعة بن المغیرة بن عبد اللّٰه بن عمر بن مخزوم القرشیّ المخزومی، و اسم ابیه عمرو و یلقب ذا الرمحین، أسلم قدیما و هاجر الهجرتین. استشهد بالیمامة و قیل: بالیرموك، و قیل: مات سنة 15.

و الولید بن المغیرة و غیرهم من أهل مكة فتنهم المشركون فأعطوهم بعض ما أرادوا ثم إنهم هاجروا بعد ذلك و جاهدوا فنزلت الآیة فیهم وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ أی ساكن بِالْإِیمانِ ثابت علیه فلا حرج علیه فی ذلك وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً أی من اتسع قلبه للكفر و طابت نفسه به مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا أی عذبوا فی اللّٰه و ارتدوا علی الكفر فأعطوهم بعض ما أرادوا لیسلموا من شرهم ثُمَّ جاهَدُوا مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَبَرُوا علی الدین و الجهاد إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها أی من بعد تلك الفتنة أو الفعلة التی فعلوها من التفوه بكلمة الكفر. (1) و قال فی قوله تعالی یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا قیل إنها نزلت فی المستضعفین من المؤمنین بمكة أمروا بالهجرة عنها و نزل قوله وَ كَأَیِّنْ مِنْ دَابَّةٍ فی جماعة كانوا بمكة یؤذیهم المشركون فأمروا بالهجرة إلی المدینة فقالوا كیف نخرج إلیها و لیس لنا بها دار و لا عقار من یطعمنا و من یسقینا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ فاهربوا من أرض یمنعكم أهلها من الإیمان و الإخلاص فی عبادتی.

و قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام معناه إذا عصی اللّٰه فی أرض أنت فیها فاخرج منها إلی غیرها.

وَ كَأَیِّنْ مِنْ دَابَّةٍ أی و كم من دابة لا یكون رزقها مدخرا معدا و قیل معناه لا تطیق حمل رزقها لضعفها و تأكل بأفواهها. (2) و فی قوله تعالی مِنْ قَرْیَتِكَ یعنی مكة الَّتِی أَخْرَجَتْكَ أی أخرجك أهلها و المعنی كم من رجال هم أشد من أهل مكة أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ یدفع عنهم إهلاكنا إیاهم فما الذی یؤمن هؤلاء أن أفعل بهم مثل ذلك. (3) قوله تعالی وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا ذهب المفسرون إلی أن المراد مجانبتهم و مداراتهم و عدم مكافأتهم و لا یبعد أن یكون المراد الهجرة من مكة إلی المدینة.

ص: 36


1- مجمع البیان 6: 387 و 388.
2- مجمع البیان 8: 290 و 291.
3- مجمع البیان 9: 100.

«1»-فس، تفسیر القمی وَ ما كانُوا أَوْلِیاءَهُ یَعْنِی قُرَیْشاً مَا كَانُوا أَوْلِیَاءَ مَكَّةَ إِنْ أَوْلِیاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ یَا مُحَمَّدُ فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالسَّیْفِ یَوْمَ بَدْرٍ فَقُتِلُوا (1).

«2»-فس، تفسیر القمی إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا إِلَی قَوْلِهِ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَانَ فِی أَوَّلِ النُّبُوَّةِ أَنَّ الْمَوَارِیثَ كَانَتْ عَلَی الْأُخُوَّةِ لَا عَلَی الْوِلَادَةِ فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ آخَی بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ بَیْنَ الْأَنْصَارِ وَ الْأَنْصَارِ وَ آخَی بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَكَانَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ (2) یَرِثُهُ أَخُوهُ فِی الدِّینِ وَ یَأْخُذُ الْمَالَ وَ كَانَ مَا تَرَكَ لَهُ دُونَ وَرَثَتِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ أَنْزَلَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلی أَوْلِیائِكُمْ مَعْرُوفاً (3) فَنَسَخَتْ آیَةَ الْأُخُوَّةِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ قَوْلُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا الْآیَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی الْأَعْرَابِ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَدَعَهُمْ فِی دِیَارِهِمْ وَ لَا یُهَاجِرُوا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ عَلَی أَنَّهُ إِنْ أَرَادَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَزَا بِهِمْ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ فِی الْغَنِیمَةِ شَیْ ءٌ وَ أَوْجَبُوا عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ إِنْ أَرَادَهُمُ الْأَعْرَابُ مِنْ غَیْرِهِمْ أَوْ دَهَاهُمْ دَهْمٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ أَنْ یَنْصُرَهُمْ إِلَّا عَلَی قَوْمٍ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهْدٌ وَ مِیثَاقٌ إِلَی مُدَّةٍ وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ یَعْنِی یُوَالِی بَعْضُهُمْ بَعْضاً ثُمَّ قَالَ إِلَّا تَفْعَلُوهُ یَعْنِی إِنْ لَمْ تَفْعَلُوهُ فَوُضِعَ حَرْفٌ مَكَانَ حَرْفٍ تَكُنْ فِتْنَةٌ أَیْ كُفْرٌ فِی الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِیرٌ ثُمَّ قَالَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ قَالَ نَسَخَتْ قَوْلَهُ وَ الَّذِینَ عَقَدَتْ (4) أَیْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِیبَهُمْ (5).

ص: 37


1- تفسیر القمّیّ: ص 253 و 254.
2- فی المصدر: فلما هاجر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة آخی بین المهاجرین و بین الأنصار، فكان إذا مات الرجل إه.
3- الأحزاب: 6.
4- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: «وَ الَّذِینَ عَقَدَتْ» و هو الصحیح راجع سورة النساء: 33.
5- تفسیر القمّیّ: ص 256 و 257.

«3»-فس، تفسیر القمی وَ الَّذِینَ هاجَرُوا فِی اللَّهِ أَیْ هَاجَرُوا وَ تَرَكُوا الْكُفَّارَ فِی اللَّهِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ أَیْ لَنُثَبِّتَنَّهُمْ (1).

«4»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَةٌ یَقُولُ لَا تُطِیعُوا أَهْلَ الْفِسْقِ مِنَ الْمُلُوكِ فَإِنْ خِفْتُمُوهُمْ أَنْ یَفْتِنُوكُمْ عَنْ دِینِكُمْ فَإِنَّ أَرْضِی وَاسِعَةٌ (2).

«5»-فس، تفسیر القمی وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ الْآیَةَ قَالَ إِنَّ الَّذِینَ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ كَانُوا أَشَدَّ قُوَّةً مِنْ قَرْیَتِكَ یَعْنِی أَهْلَ مَكَّةَ الَّذِینَ أَخْرَجُوكَ مِنْهَا فَلَمْ یَكُنْ لَهُمْ نَاصِرٌ (3).

«6»-أَقُولُ قَالَ فِی الْمُنْتَقَی كَانَتِ الْهِجْرَةُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ وَ هِیَ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنْ مُلْكِ كِسْرَی پَرْوِیزَ سَنَةَ تِسْعٍ لِهِرَقْلَ (4) وَ أَوَّلُ هَذِهِ السَّنَةِ الْمُحَرَّمُ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُقِیماً بِمَكَّةَ لَمْ یَخْرُجْ مِنْهَا وَ قَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ خَرَجُوا فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِیُّ (5) اجْتَمَعَ قُرَیْشٌ عَلَی بَابِهِ وَ قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً یَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ بَایَعْتُمُوهُ كُنْتُمْ مُلُوكَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ ثُمَّ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ فَجُعِلَ لَكُمْ جِنَانٌ كَجِنَانِ الْأَرْضِ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ لَكُمْ مِنْهُ الذَّبْحُ ثُمَّ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ فَجُعِلَتْ لَكُمْ نَارٌ تُحْرَقُونَ بِهَا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ حَفْنَةً (6) مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ فَنَثَرَ التُّرَابَ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ هُوَ یَقْرَأُ یس (7) إِلَی قَوْلِهِ

ص: 38


1- تفسیر القمّیّ: 360.
2- تفسیر القمّیّ: 497.
3- تفسیر القمّیّ: 626.
4- هرقل بكسر الهاء و فتح الراء و سكون القاف أو كزبرج: ملك الروم، اول من ضرب الدنانیر، و اول من أحدث البیعة.
5- بضم القاف و فتح الراء منسوب إلی قریظة، و الرجل هو محمّد بن كعب بن سلیم بن أسد أبو حمزة القرظی المدنیّ، كان من فضلاء المدینة، نزل الكوفة مدة، ولد سنة أربعین و توفی بالمدینة سنة 120 و قیل: قبل ذلك، یروی عن ابن عبّاس و ابن عمر و غیرهما.
6- الحفنة: مل ء الكفین.
7- السورة: 36.

وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَیْناهُمْ فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ (1) فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَضَعَ عَلَی رَأْسِهِ التُّرَابَ إِلَّا قُتِلَ یَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی حَیْثُ أَرَادَ فَأَتَاهُمْ آتٍ لَمْ یَكُنْ مَعَهُمْ فَقَالَ مَا تَنْتَظِرُونَ هَاهُنَا قَالُوا مُحَمَّداً قَالَ قَدْ وَ اللَّهِ خَرَجَ مُحَمَّدٌ عَلَیْكُمْ ثُمَّ مَا تَرَكَ مِنْكُمْ رَجُلًا إِلَّا وَ قَدْ وَضَعَ عَلَی رَأْسِهِ التُّرَابَ وَ انْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ فَإِذَا عَلَیْهِ التُّرَابُ ثُمَّ جَعَلُوا یَطَّلِعُونَ فَیَرَوْنَ عَلِیّاً عَلَی الْفِرَاشِ مُتَّشِحاً (2) بِبُرْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولُونَ إِنَّ هَذَا لَمُحَمَّدٌ نَائِمٌ عَلَیْهِ بُرْدُهُ فَلَمْ یَبْرَحُوا كَذَلِكَ حَتَّی أَصْبَحُوا فَقَامَ عَلِیٌّ مِنَ الْفِرَاشِ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنَا الَّذِی كَانَ حَدَّثَنَا بِهِ.

وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ عَنْ أَشْیَاخِهِ أَنَّ الَّذِینَ كَانُوا یَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تِلْكَ اللَّیْلَةَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ أَبُو جَهْلٍ وَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِی الْعَاصِ وَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ وَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ ابْنُ الْغَیْطَلَةَ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ طُعْمَةُ بْنُ عَدِیٍّ وَ أَبُو لَهَبٍ وَ أُبَیُّ بْنُ خَلَفٍ وَ نَبِیهٌ وَ مُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَامَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ الْفِرَاشِ فَسَأَلُوهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا عِلْمَ لِی بِهِ.

و روی أنهم ضربوا علیا و حبسوه ساعة ثم تركوه.

وَ أَوْرَدَ الْغَزَالِیُّ فِی كِتَابِ إِحْیَاءِ الْعُلُومِ أَنَّ لَیْلَةَ بَاتَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ أَنِّی آخَیْتُ بَیْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ الْآخَرِ فَأَیُّكُمَا یُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِحَیَاتِهِ فَاخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَیَاةَ وَ أَحْبَاهَا فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِمَا أَ فَلَا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ آخَیْتُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ فَبَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ یَفْدِیهِ بِنَفْسِهِ وَ یُؤْثِرُهُ بِالْحَیَاةِ اهْبِطَا إِلَی الْأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَكَانَ جَبْرَئِیلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِیكَائِیلُ عِنْدَ رِجْلَیْهِ وَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یُنَادِی بَخْ بَخْ مَنْ مِثْلُكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ یُبَاهِی اللَّهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ

ص: 39


1- الآیة: 9.
2- توشح بثوبه: لبسه أو أدخله تحت ابطه فالقاه علی منكبه.

وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (1).

أَقُولُ وَ سَاقَ حَدِیثَ الْغَارِ إِلَی أَنْ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَتَی الْغَارَ دَعَا بِشَجَرَةٍ فَأَتَتْهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَكُونَ عَلَی بَابِ الْغَارِ وَ بَعَثَ اللَّهُ حَمَامَتَیْنِ فَكَانَتَا عَلَی فَمِ الْغَارِ وَ نَسَجَ الْعَنْكَبُوتُ عَلَی فَمِ الْغَارِ ثُمَّ أَقْبَلَ فِتْیَانُ قُرَیْشٍ وَ كَانَ أَبُو جَهْلٍ قَدْ أَمَرَ مُنَادِیاً یُنَادِی بِأَعْلَی مَكَّةَ وَ أَسْفَلِهَا مَنْ جَاءَ بِمُحَمَّدٍ أَوْ دَلَّ عَلَیْهِ فَلَهُ مِائَةُ بَعِیرٍ أَوْ جَاءَ بِابْنِ أَبِی قُحَافَةَ أَوْ دَلَّ عَلَیْهِ فَلَهُ مِائَةُ بَعِیرٍ فَلَمَّا رَأَوُا الْحَمَامَتَیْنِ وَ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ عَلَی فَمِ الْغَارِ انْصَرَفُوا فَدَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْحَمَامِ وَ فَرَضَ جَزَاءَهُنَّ وَ انْحَدَرْنَ فِی الْحَرَمِ وَ نَهَی عَنْ قَتْلِ الْعَنْكَبُوتِ وَ قَالَ هِیَ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ.

وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَیْدَةَ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ لَا یَتَطَیَّرُ وَ كَانَ یَتَفَأَّلُ وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ جَعَلَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فِیمَنْ یَأْخُذُ نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَرُدُّهُ عَلَیْهِمْ حِینَ تَوَجَّهَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَرَكِبَ بُرَیْدَةُ (2) فِی سَبْعِینَ رَاكِباً مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْ بَنِی سَهْمٍ فَتَلَقَّی نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا بُرَیْدَةُ فَالْتَفَتَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ یَا أَبَا بَكْرٍ بَرَدَ أَمْرُنَا وَ صَلُحَ ثُمَّ قَالَ وَ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله سَلِمْنَا قَالَ مِمَّنْ قَالَ مِنْ بَنِی سَهْمٍ قَالَ خَرَجَ سَهْمُكَ فَقَالَ بُرَیْدَةُ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ بُرَیْدَةُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَأَسْلَمَ بُرَیْدَةُ وَ أَسْلَمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ جَمِیعاً فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ بُرَیْدَةُ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَدْخُلِ الْمَدِینَةَ إِلَّا وَ مَعَكَ لِوَاءٌ فَحَلَّ عِمَامَتَهُ ثُمَّ شَدَّهَا فِی رُمْحٍ ثُمَّ مَشَی بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ تَنْزِلُ عَلَیَّ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ نَاقَتِی هَذِهِ مَأْمُورَةٌ قَالَ بُرَیْدَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَسْلَمَتْ بَنُو سَهْمٍ طَائِعِینَ غَیْرَ مُكْرَهِینَ (3).

ص: 40


1- البقرة: 207.
2- من المدینة متوجها الی مكّة. و الرجل هو بریدة بن الحصیب أبو سهل الاسلمی.
3- المنتقی فی مولود المصطفی: الفصل الثانی فی خروجه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و خروج أبی بكر إلی الغار.

بیان: قال فی الفائق برد أمرنا أی سهل من العیش البارد و هو الناعم السهل و قیل ثبت من برد لی علیه حق خرج سهمك أی ظفرت و أصله أن یجیلوا السهام علی شی ء فمن خرج سهمه حازه.

ثم قال فی المنتقی و روی بالإسناد المتصل عن خرام (1) بن هشام بن جیش (2) عن أبیه عن جده صاحب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما خرج مهاجرا من مكة خرج هو و أبو بكر و مولی أبی بكر عامر بن فهیرة و دلیلهم عبد اللّٰه بن الأریقط فمروا علی خیمة أم معبد الخزاعیة و كانت برزة جلدة تحتبی بفناء الخیمة ثم تسقی و تطعم فسألوها تمرا و لحما یشترون فلم یصیبوا عندها شیئا من ذلك فإذا القوم مرملون مسنتون فقالت و اللّٰه لو كان عندنا شی ء ما أعوزناكم القری فنظر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی شاة فی كسر الخیمة فقال ما هذه الشاة یا أم معبد فقالت شاة خلفها الجهد من الغنم قال هل بها من لبن قالت هی أجهد من ذلك قال أ تأذنین أن أحلبها قالت نعم بأبی أنت و أمی إن رأیت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فمسح بیده ضرعها و سمی اللّٰه عز و جل و دعا لها فی شاتها فتفاجت علیه و درت و اجترت و دعا بإناء یربض الرهط فحلب فیه ثجا حتی علاه البهاء ثم سقاها حتی رویت و سقی أصحابه حتی رووا ثم شرب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله آخرهم ثم أراضوا ثم حلب ثانیا بعد بدء (3) حتی امتلأ الإناء ثم غادره عندها ثم بایعها و ارتحلوا فقل ما لبثت حتی جاء زوجها أبو معبد یسوق أعنزا عجافا یتساوكن هزالا مخاخهن قلیل فلما رأی أبو معبد اللبن عجب و قال من أین لك هذا اللبن یا أم معبد و الشاة عازب (4) حیال و لا حلوبة بالبیت قالت لا و اللّٰه إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا و كذا قال صفیه لی یا أم معبد قالت رأیت رجلا ظاهر الوضاءة

ص: 41


1- فی المصدر: حزام بالحاء المهملة و الزای المعجمة و لعله الصواب.
2- فی نسخة: حبش، و فی أخری: حبیش و لعله الصحیح.
3- فی نسخة: بعد بداء.
4- أی بعید من المرعی.

أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة و فی روایة نحلة و لم یزریه (1) صقلة وسیم قسیم فی عینیه دعج و فی أشفاره غطفة و فی صوته صهل و فی عنقه سطع و فی لحیته كثافة (2) أزج أقرن إن صمت فعلیه الوقار و إن تكلم سما به و علاه البهاء أكمل الناس و أبهاه من بعید و أحسنه و علاه من قریب حلو المنطق فصل لا نزر و لا هذر كأن منطقه خرزات نظم یتحدرن ربعة (3) لا یأس من طول و لا تقتحمه العین من قصر غصن بین غصنین فهو أنضر الثلاثة منظرا و أحسنهم قدرا له رفقاء یحفون به إن قال نصتوا لقوله و إن أمر تبادروا إلی أمره محفود محشود لا عابس و لا مفند. (4) قال أبو معبد هذا و اللّٰه صاحب قریش الذی ذكروا لنا من أمره ما ذكر بمكة و لقد هممت أن أصحبه و لأفعلن إن وجدت إلی ذلك سبیلا فأصبح صوت بمكة عالیا یسمعون الصوت و لا یدرون من صاحبه أبیاتا منها. (5)

فیا لقصی ما زوی اللّٰه عنكم ***به من فعال لا یجازی و سودد

ص: 42


1- فی المصدر: و لم یؤذ به صقله و قال: الصقل: منقطع الاضلاع.
2- قال الجزریّ فی النهایة: فی صفته كث اللحیة، الكثاثة فی اللحیة أن تكون غیر دقیقة و لا طویلة انتهی أقول: الكثافة: الغلظ و الخشونة و الكثرة، و من المحتمل أن یكون الكثافة مصحفا من الكثاثة.
3- فی النهایة: فی صفته صلّی اللّٰه علیه و آله: أطول من المربوع، هو بین الطویل و القصیر یقال: رجل ربعة و مربوع.
4- فی نسخة: و لا معتد به.
5- قوله: «ابیاتا منها» المصدر خال عنه، و لعله من المصنّف، أی ثمّ ذكر ابیاتا منها و ذكر فی المصدر فی صدر الأبیات بیتین لم یذكرهما المصنّف و هما:

لیهن بنی كعب مقام فتاتهم*** و مقعدها للمؤمنین بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها و إنائها*** فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت*** علیه صریحا ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنا لدیها لحالب*** یرددها فی مصدر ثم مورد (1).

فأصبح القوم قد فقدوا نبیهم*** و أخذوا علی خیمتی أم معبد فلما سمع بذلك حسان بن ثابت نشب (2)

یجاوب الهاتفر لقد خاب قوم زال عنهم نبیهم*** و قدس من یسری إلیهم و یقتدی (3)

ترحل عن قوم فزالت عقولهم***و حل علی قوم بنور مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم***و أرشدهم من یتبع الحق یرشد (4)

نبی یری ما لا یری الناس حوله*** و یتلو كتاب اللّٰه فی كل مشهد(5)

لیهن بنی كعب مقام فتاتهم***و مقعدها للمؤمنین بمرصد. (6)

ص: 43


1- فی المصدر فی آخر الأبیات بیت هو: لیهن ابا بكر سعادة جده***بصحبته من یسعد اللّٰه یسعد
2- فی المصدر : شبب.
3- فی المصدر: و یفتدی. و فی المناقب: و یغتدی. راجع ج 18 ص 93.
4- زاد فی المصدر هنا بیتان هما: وهل یستوی ضلال قوم تسفهوا***عمایتهم هادی به كل مهتد وقد نزلت منه علی أهل یثرب***ركاب هدی حلت علیهم بأسعد
5- فی المصدر هنا ایضا بیتان هما : وان قال فی یوم مقالة غائب***فتصدیقها فی الیوم أو فی ضحی الغد لیهن أبابكر صحابة جده***بصحبته من یسعد اللّٰه یسعد أقول : فی المناقب : فتصدیقها فی ضحوة العید أو غد. راجع ج ١٨ ص ٩٣.
6- المنتقی فی مولود المصطفی: الفصل الثالث فیما جری له و طریقه إلی المدینة و قصة أم معبد. أقول : ذكر الطبری فی تاریخه ٢ : ١٠٥ باسناده إلی عبدالحمید بن أبی عبس بن محمد بن أبی عبس بن جبیر ، عن أبیه قال : سمعت قریش قائلا یقول فی اللیل علی أبی قبیس فان یسلم السعدان یصبح محمد * بمكة لا یخشی خلاف المخالف. فلما أصبحوا قال أبوسفیان : من السعدان؟ سعد بكر ، سعد تمیم ، سعد هذیم؟ فلما كان فی اللیلة الثالثة سمعوه یقول : أیا سعد سعد الاوس كن انت ناصرا***ویا سعد سعد الخزرجین الغطارف أجیبا إلی داعی الهدی وتمنیا***علی اللّٰه فی الفردوس منیة عارف فان ثواب اللّٰه للطالب الهدی***جنان من الفردوس ذات رفارف فلما اصبحوا قال أبوسفیان : هو واللّٰه سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.

بیان: قوله برزة أی كبیرة السن تبرز للناس و لا تستر منهم و فی النهایة یقال امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب و مع ذلك عفیفة عاقلة تجلس للناس و تحدثهم من البروز و هو الظهور و الخروج جلدة أی عاقلة و الاحتباء نوع للجلوس معروف و المرملون الذین فنیت أزوادهم و أصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل كما قیل للفقیر الترب و المسنتون الذین لم یصب أرضهم مطر فلم تنبت شیئا و التاء التی فی آخره بدل من حروف العلة الملقاة و صارت كالأصلیة فیه و كسر الخیمة بكسر الكاف و فتحها الشقة السفلی من الخباء ترفع وقتا و ترخی وقتا و قیل هی فی مقدم الخیمة و قیل فی مؤخرها و قیل لكل بیت كسران عن یمین و شمال خلفها الجهد بالفتح أی المشقة و الهزال و التفاج المبالغة فی التفریج ما بین الرجلین درت أرسلت اللبن و اجترت من الجرة (1) و هی ما یخرجها البهیمة من كرشها تمضغها و إنما یفعل ذلك الممتلئ علفا فصارت هذه الشاة كذلك مع ما بها من قلة الاعتلاف یربض أی یروی الرهط حتی یربضوا أی یقعوا علی الأرض للنوم و الاستراحة یحكی سعة الإناء و عظمه و الثج السیلان أی لبنا سائلا كثیرا و البهاء و بیض رغوة اللبن ثم أراضوا و فی بعض الروایات حتی أراضوا أی شربوا عللا بعد نهل حتی رووا من أراض الوادی إذا استنقع فیه الماء و قیل أراضوا أی ناموا علی الأرض و هو البساط و قیل حتی صبوا اللبن علی الأرض قوله ثم بایعها أی أعطاها ثمن اللبن أو اشتری منها شیئا آخر و یحتمل البیعة أیضا عازب أی بعیدة المرعی لا تأوی إلی المنزل

ص: 44


1- بالفتح و الكسر.

فی اللیل غادره أی تركه یتساوكن هزالا أی یتمایلن من الضعف و فی بعض روایاتهم تساوك هزالا و فی بعضها ما تساوك یقال تساوكت الإبل إذا اضطربت أعناقها من الهزال و یقال أیضا جاءت الإبل ما تساوك هزالا أی ما تحرك رءوسها و المخاخ جمع مخ مثل كم و كمام و إنما لم یقل قلیلة لأنه أراد أن مخاخهن شی ء قلیل قال عبید اللّٰه بن حر الجعفی.

إلی اللّٰه نشكو ما نری من جیادنا***تساوك هزلی مخهن قلیل.

و قلة المخ و رقته تدل علی الهزال (1) حیال أی لم تحمل و الوضاءة الحسن أبلج الوجه مشرقه و لیس المراد بلج الحاجب و هو نقارة بین الحاجبین لأنها وصفه بالأقرن (2) نحلة من رواه بالنون و الحاء قال من نحل جسمه نحولا و من رواه بالثاء و الجیم قال هو من قولهم رجل أثجل أی عظیم البطن و لم یزریه صقلة أی لم یصر سببا لحقارته و نحوله و قیل أرادت أنه لم یكن منتفخ الخاصرة جدا و لا ناحلا جدا و یروی بالسین بالإبدال من الصاد و یروی بالصاد و العین و هی صغر الرأس و الوسامة و القسامة الحسن و الغطف بالغین المعجمة طول الأشفار و انعطافها و روی بالعین و هو التثنی و قیل أی طول كأنه طال و انعطف و فی روایة وطف و هو الطول أیضا صهل أی حدة و صلابة من صهیل الخیل و فی روایة صحل بالحاء و هو كالبحة فی الصوت و السطع طول العنق و سما به أی علا به و ارتفع أی بكلامه علی من حوله و قیل علا برأسه أو بیده فصل أی بین ظاهر یفصل بین الحق و الباطل و النزر القلیل و الهذر من الكلام ما لا فائدة فیه قوله لا یأس أی لا یؤیس من طوله لأنه كان إلی الطول أقرب منه إلی القصر و روی لا یائس قیل معناه لا میئوس من أجل طوله فاعل بمعنی مفعول أی لا ییأس مباریه من مطاولته و روی لا باین من طول أی لا یجاوز الناس طولا لا تقتحمه أی لا تحقره أنضر الثلاثة من النضرة و هی الحسن و النعمة محفود أی مخدوم محشود أی تجتمع الناس حوالیه و لا مفند أی لا ینسب إلی الجهل و روی و لا معتد أی

ص: 45


1- الزیادة من النسخة المخطوطة.
2- الزیادة من النسخة المخطوطة.

ظالم و اللام فی قوله یا لقصی للتعجب نحو یا للماء قوله ما زوی اللّٰه عنكم أی ما قبضه منكم و منعه عنكم قوله لیهن أصلها الهناء و طرح الهمزة منه تخفیف و تمهید لوزن الشعر و الصریح اللبن الخالص الذی لم یمزج و الضرة الضرع و قیل لحمه و المزبد الذی علاه الزبد و هو معنی قوله حتی علاه البهاء و هو صفة الصریح و إعرابه بخلاف إعرابه و قیل إنه جر علی الجوار قوله فغادرها رهنا أی ترك الشاة لتكون معجزة له عند من أراد حلبها و تصدیقا لحكایة أم معبد عنه و المرصد موضع الرصد و هم القوم الذین یرصدون الطرق قوله نشب بالنون أی أخذ فی الشعر و علق فیه و یروی شبب أی ابتدأ فی جوابه من تشبیب الكتب و هو الابتداء بها و الأخذ فیها و لیس من تشبیب النساء فی الشعر.

«7»-ل، الخصال قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی جَوَابِ الْیَهُودِیِّ الَّذِی سَأَلَ عَمَّا فِیهِ مِنْ عَلَامَاتِ الْأَوْصِیَاءِ فَقَالَ فِیمَا قَالَ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ قُرَیْشاً لَمْ تَزَلْ تَخَیَّلُ الْآرَاءَ وَ تَعْمَلُ الْحِیَلَ فِی قَتْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی كَانَ آخِرُ مَا اجْتَمَعَتْ فِی ذَلِكَ یَوْمَ الدَّارِ دَارِ النَّدْوَةِ وَ إِبْلِیسُ الْمَلْعُونُ حَاضِرٌ فِی صُورَةِ أَعْوَرِ ثَقِیفٍ فَلَمْ تَزَلْ تَضْرِبُ أَمْرَهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ حَتَّی اجْتَمَعَتْ آرَاؤُهَا عَلَی أَنْ یَنْتَدِبَ مِنْ كُلِّ فَخِذٍ مِنْ قُرَیْشٍ رَجُلٌ ثُمَّ یَأْخُذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَیْفَهُ ثُمَّ یَأْتِیَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ نَائِمٌ عَلَی فِرَاشِهِ فَیَضْرِبُوهُ جَمِیعاً بِأَسْیَافِهِمْ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَیَقْتُلُوهُ فَإِذَا قَتَلُوهُ مَنَعَتْ قُرَیْشٌ رِجَالَهَا وَ لَمْ تُسَلِّمْهَا فَیَمْضِی دَمُهُ هَدَراً فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ وَ أَخْبَرَهُ بِاللَّیْلَةِ الَّتِی یَجْتَمِعُونَ فِیهَا وَ السَّاعَةِ الَّتِی یَأْتُونَ فِرَاشَهُ فِیهَا وَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فِی الْوَقْتِ الَّذِی خَرَجَ فِیهِ إِلَی الْغَارِ فَأَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْخَبَرِ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَضْطَجِعَ فِی مَضْجَعِهِ وَ أَقِیَهُ بِنَفْسِی فَأَسْرَعْتُ إِلَی ذَلِكَ مُطِیعاً لَهُ مَسْرُوراً لِنَفْسِی بِأَنْ أُقْتَلَ دُونَهُ فَمَضَی صلی اللّٰه علیه و آله لِوَجْهِهِ وَ اضْطَجَعْتُ فِی مَضْجَعِهِ وَ أَقْبَلَتْ رِجَالاتُ قُرَیْشٍ مُوقِنَةً فِی أَنْفُسِهَا أَنْ تُقْتَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا اسْتَوَی بِی وَ بِهِمُ الْبَیْتُ الَّذِی أَنَا فِیهِ نَاهَضْتُهُمْ بِسَیْفِی فَدَفَعْتُهُمْ عَنْ نَفْسِی بِمَا قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ وَ النَّاسُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ

ص: 46

فَقَالَ أَ لَیْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

«8»-عم، إعلام الوری ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فس، تفسیر القمی وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ لَمَّا أَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الدَّعْوَةَ بِمَكَّةَ قَدِمَتْ عَلَیْهِ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَمْنَعُونِّی وَ تَكُونُونَ لِی جَاراً حَتَّی أَتْلُوَ عَلَیْكُمْ كِتَابَ رَبِّی وَ ثَوَابُكُمْ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةُ فَقَالُوا نَعَمْ خُذْ لِرَبِّكَ وَ لِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُمْ مَوْعِدُكُمُ الْعَقَبَةُ فِی اللَّیْلَةِ الْوُسْطَی مِنْ لَیَالِی التَّشْرِیقِ فَحَجُّوا وَ رَجَعُوا إِلَی مِنًی وَ كَانَ فِیهِمْ مِمَّنْ قَدْ حَجَّ بَشَرٌ كَثِیرٌ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی مِنْ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانَ اللَّیْلُ فَاحْضُرُوا دَارَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَی الْعَقَبَةِ وَ لَا تُنَبِّهُوا نَائِماً وَ لْیَنْسَلَّ (2) وَاحِدٌ فَوَاحِدٌ فَجَاءَ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ فَدَخَلُوا الدَّارَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَمْنَعُونِّی وَ تُجِیرُونِّی حَتَّی أَتْلُوَ عَلَیْكُمْ كِتَابَ رَبِّی وَ ثَوَابُكُمْ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةُ فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ (3) نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَ لِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ فَقَالَ أَمَّا مَا أَشْتَرِطُ لِرَبِّی فَأَنْ تَعْبُدُوهُ وَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ أَشْتَرِطُ لِنَفْسِی أَنْ تَمْنَعُونِی مِمَّا تَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تَمْنَعُونَ أَهْلِی مِمَّا تَمْنَعُونَ أَهَالِیَكُمْ وَ أَوْلَادَكُمْ فَقَالُوا فَمَا لَنَا عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ الْجَنَّةُ فِی الْآخِرَةِ وَ تَمْلِكُونَ الْعَرَبَ وَ تَدِینُ لَكُمُ الْعَجَمُ فِی الدُّنْیَا وَ تَكُونُونَ مُلُوكاً فِی الْجَنَّةِ (4) فَقَالُوا قَدْ رَضِینَا فَقَالَ أَخْرِجُوا إِلَیَّ مِنْكُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً یَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَیْكُمْ بِذَلِكَ كَمَا أَخَذَ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً فَأَشَارَ إِلَیْهِمْ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا نَقِیبٌ وَ هَذَا نَقِیبٌ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ فَمِنَ الْخَزْرَجِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِزَامٍ (5) أَبُو جَابِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ رَافِعُ بْنُ

ص: 47


1- الخصال 2: 14 و 15.
2- انسل، انطلق فی استخفاء.
3- الصحیح: حرام.
4- قوله: «تكونون ملوكا فی الجنة» تفسیر القمّیّ خال عنه.
5- الصحیح: حرام.

مَالِكٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ عُمَرَ (1) وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ مِنَ الْأَوْسِ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ هُوَ مِنَ الْیَمَنِ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ (2) وَ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ (3) فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَ بَایَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَاحَ إِبْلِیسُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ الْعَرَبِ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ الصُّبَاةُ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ عَلَی جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ یُبَایِعُونَهُ عَلَی حَرْبِكُمْ فَأَسْمَعَ أَهْلُ مِنًی وَ هَاجَتْ قُرَیْشٌ فَأَقْبَلُوا بِالسِّلَاحِ وَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النِّدَاءَ فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ تَفَرَّقُوا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَمِیلَ عَلَیْهِمْ بِأَسْیَافِنَا فَعَلْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ وَ لَمْ یَأْذَنِ اللَّهُ لِی فِی مُحَارَبَتِهِمْ قَالُوا فَتَخْرُجُ مَعَنَا قَالَ أَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ فَجَاءَتْ قُرَیْشٌ عَلَی بَكْرَةِ أَبِیهَا قَدْ أَخَذُوا السِّلَاحَ وَ خَرَجَ حَمْزَةُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُمَا السَّیْفُ فَوَقَفَا عَلَی الْعَقَبَةِ فَلَمَّا نَظَرَتْ قُرَیْشٌ إِلَیْهِمَا قَالُوا مَا هَذَا الَّذِی اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَقَالَ حَمْزَةُ مَا اجْتَمَعْنَا وَ مَا هَاهُنَا أَحَدٌ وَ اللَّهِ لَا یَجُوزُ هَذِهِ الْعَقَبَةَ أَحَدٌ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَیْفِی (4) فَرَجَعُوا إِلَی مَكَّةَ وَ قَالُوا لَا نَأْمَنُ أَنْ یُفْسِدَ أَمْرَنَا وَ یُدْخِلَ وَاحِدٌ مِنْ مَشَایِخِ قُرَیْشٍ فِی دِینِ مُحَمَّدٍ فَاجْتَمَعُوا فِی دَارِ النَّدْوَةِ وَ كَانَ لَا یَدْخُلُ دَارَ النَّدْوَةِ إِلَّا مَنْ أَتَی عَلَیْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَدَخَلُوا أَرْبَعِینَ رَجُلًا مِنْ مَشَایِخِ قُرَیْشٍ وَ جَاءَ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ شَیْخٍ كَبِیرٍ فَقَالَ لَهُ الْبَوَّابُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا شَیْخٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ لَا یَعْدَمُكُمْ (5) مِنِّی رَأْیٌ صَائِبٌ إِنِّی حَیْثُ بَلَغَنِی اجْتِمَاعُكُمْ فِی أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُ لِأُشِیرَ عَلَیْكُمْ فَقَالَ ادْخُلْ فَدَخَلَ إِبْلِیسُ فَلَمَّا أَخَذُوا مَجْلِسَهُمْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِنَّهُ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَعَزَّ مِنَّا نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ تَفِدُ إِلَیْنَا الْعَرَبُ فِی السَّنَةِ

ص: 48


1- هكذا فی النسخ، و الصحیح المنذر بن عمرو.
2- فی نسخة: اسید بن حصین، و فی أخری: أسد بن حضیر و كلاهما مصحفان، و اسید بضم الهمزة، و حضیر بضم الحاء المهملة و فتح الضاد المعجمة، و الرجل هو اسید بن حضیر بن سماك ابن عتیك الأنصاریّ الاشهلی أبو یحیی صحابی، مات سنة 20- 1 و- 21.
3- فی بعض المصادر خثیمة بتقدیم الثاء و هو مصحف، و الصحیح خیثمة بتقدیم الیاء علی الثاء.
4- فی نسخة: الا رویت سیفی هذا من دمه.
5- فی نسخة: لا یعدوكم.

مَرَّتَیْنِ وَ یُكْرِمُونَنَا وَ نَحْنُ فِی حَرَمِ اللَّهِ لَا یَطْمَعُ فِینَا طَامِعٌ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی نَشَأَ فِینَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَكُنَّا نُسَمِّیهِ الْأَمِینَ لِصَلَاحِهِ وَ سُكُونِهِ وَ صِدْقِ لَهْجَتِهِ حَتَّی إِذَا بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ أَكْرَمْنَاهُ ادَّعَی أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ أَخْبَارَ السَّمَاءِ تَأْتِیهِ فَسَفَّهَ أَحْلَامَنَا وَ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ أَفْسَدَ شُبَّانَنَا وَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَسْلَافِنَا فَفِی النَّارِ فَلَمْ یَرِدْ عَلَیْنَا شَیْ ءٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا وَ قَدْ رَأَیْتُ فِیهِ رَأْیاً قَالُوا وَ مَا رَأَیْتَ قَالَ رَأَیْتُ أَنْ نَدُسَّ إِلَیْهِ رَجُلًا مِنَّا لِیَقْتُلَهُ فَإِنْ طَلَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِدَمِهِ (1) أَعْطَیْنَاهُمْ عَشْرَ دِیَاتٍ فَقَالَ الْخَبِیثُ هَذَا رَأْیٌ خَبِیثٌ قَالُوا وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ قَاتِلَ مُحَمَّدٍ مَقْتُولٌ لَا مَحَالَةَ فَمَنْ هَذَا الَّذِی یَبْذُلُ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ إِذَا قُتِلَ مُحَمَّدٌ تَعَصَّبَ (2) بَنُو هَاشِمٍ وَ حُلَفَاؤُهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ وَ إِنَّ بَنِی هَاشِمٍ لَا تَرْضَی أَنْ یَمْشِیَ قَاتِلُ مُحَمَّدٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَیَقَعُ بَیْنَكُمُ الْحُرُوبُ فِی حَرَمِكُمْ وَ تَتَفَانَوْا فَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ فَعِنْدِی رَأْیٌ آخَرُ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ نُلْقِیهِ فِی بَیْتٍ وَ نُلْقِی إِلَیْهِ (3) قُوتَهُ حَتَّی یَأْتِیَهُ رَیْبُ الْمَنُونِ (4) فَیَمُوتَ كَمَا مَاتَ زُهَیْرٌ وَ النَّابِغَةُ وَ إِمْرُؤُ الْقَیْسِ فَقَالَ إِبْلِیسُ هَذَا أَخْبَثُ مِنَ الْآخَرِ قَالَ (5) وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ بَنِی هَاشِمٍ لَا تَرْضَی بِذَلِكَ فَإِذَا جَاءَ مَوْسِمٌ مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ اسْتَغَاثُوا بِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا عَلَیْكُمْ فَأَخْرَجُوهُ قَالَ آخَرُ مِنْهُمْ لَا وَ لَكِنَّا نُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِنَا وَ نَتَفَرَّغُ نَحْنُ لِعِبَادَةِ آلِهَتِنَا فَقَالَ إِبْلِیسُ هَذَا أَخْبَثُ مِنَ الرَّأْیَیْنِ الْمُتَقَدِّمَیْنِ قَالُوا وَ كَیْفَ قَالَ لِأَنَّكُمْ تَعْمَدُونَ إِلَی أَصْبَحِ النَّاسِ وَجْهاً وَ أَنْطَقِ النَّاسِ لِسَاناً وَ أَفْصَحِهِمْ لَهْجَةً فتحملوه (فَتَحْمِلُونَهُ) إِلَی بَوَادِی الْعَرَبِ فَیَخْدَعُهُمْ وَ یَسْحَرُهُمْ بِلِسَانِهِ فَلَا یَفْجَؤُكُمْ إِلَّا وَ قَدْ مَلَأَهَا عَلَیْكُمْ خَیْلًا وَ رَجْلًا فَبَقُوا حَائِرِینَ ثُمَّ قَالُوا لِإِبْلِیسَ فَمَا الرَّأْیُ فِیهِ یَا شَیْخُ قَالَ مَا فِیهِ إِلَّا رَأْیٌ وَاحِدٌ

ص: 49


1- فی تفسیر القمّیّ: فان طلبت بنو هاشم بدیته. و فی إعلام الوری: فان طلبت بنو هاشم دمه.
2- فی نسخة: تعصب. و فی التفسیر: تغضب.
3- فی نسخة: تلقی إلیه. و فی أخری: تلقی علیه. و فی التفسیر: نثبته فی بیت و یلقی علیه قوته.
4- فی نسخة: حتی یأتی علیه ریب المنون.
5- فی نسخة: قالوا.

قَالُوا وَ مَا هِیَ (1) قَالَ یَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْ بُطُونِ قُرَیْشٍ وَ قَبَائِلِ الْعَرَبِ مَا أَمْكَنَ وَ یَكُونُ مَعَهُمْ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ رَجُلٌ فَیَأْخُذُونَ سِكِّینَةً أَوْ حَدِیدَةً أَوْ سَیْفاً فَیَدْخُلُونَ عَلَیْهِ فَیَضْرِبُونَهُ كُلُّهُمْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً حَتَّی یَتَفَرَّقَ دَمُهُ فِی قُرَیْشٍ كُلِّهَا فَلَا یَسْتَطِیعُ بَنُو هَاشِمٍ أَنْ یَطْلُبُوا بِدَمِهِ وَ قَدْ شَارَكُوهُ فِیهِ فَإِنْ سَأَلُوكُمْ أَنْ تُعْطُوهُمُ الدِّیَةَ فَأَعْطُوهُمْ ثَلَاثَ دِیَاتٍ فَقَالُوا نَعَمْ وَ عَشْرَ دِیَاتٍ ثُمَّ قَالَ (2) الرَّأْیُ رَأْیُ الشَّیْخِ النَّجْدِیِّ فَاجْتَمَعُوا فِیهِ وَ دَخَلَ مَعَهُمْ فِی ذَلِكَ أَبُو لَهَبٍ عَمُّ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ قُرَیْشاً قَدِ اجْتَمَعَتْ فِی دَارِ النَّدْوَةِ یُدَبِّرُونَ عَلَیْكَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی ذَلِكَ وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ وَ اجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ أَنْ یَدْخُلُوا عَلَیْهِ لَیْلًا فَیَقْتُلُوهُ وَ خَرَجُوا (3) إِلَی الْمَسْجِدِ یُصَفِّرُونَ وَ یُصَفِّقُونَ وَ یَطُوفُونَ بِالْبَیْتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِیَةً (4).

فالمكاء التصفیر و التصدیة صفق الیدین و هذه الآیة معطوفة علی قوله وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا و قد كتبت بعد آیات كثیرة.

فَلَمَّا أَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَتْ قُرَیْشٌ لِیَدْخُلُوا عَلَیْهِ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ لَا أَدَعُكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَیْهِ بِاللَّیْلِ فَإِنَّ فِی الدَّارِ صِبْیَاناً وَ نِسَاءً وَ لَا نَأْمَنُ أَنْ تَقَعَ یَدٌ خَاطِئَةٌ فَنَحْرِسُهُ اللَّیْلَةَ فَإِذَا أَصْبَحْنَا دَخَلْنَا عَلَیْهِ فَنَامُوا حَوْلَ حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُفْرَشَ لَهُ فَفُرِشَ لَهُ فَقَالَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ افْدِنِی بِنَفْسِكَ قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَمْ عَلَی فِرَاشِی وَ الْتَحِفْ بِبُرْدَتِی فَنَامَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْتَحَفَ بِبُرْدَتِهِ وَ جَاءَ جَبْرَئِیلُ فَأَخَذَ بِیَدِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ عَلَی قُرَیْشٍ وَ هُمْ نِیَامٌ وَ هُوَ یَقْرَأُ عَلَیْهِمْ (5) وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَیْناهُمْ

ص: 50


1- فی التفسیر: و ما هو؟.
2- فی التفسیر: ثم قالوا. و فی إعلام الوری: و قالوا باجمعهم.
3- قوله: و خرجوا إلی قوله: فلما أمسی مختص بتفسیر القمّیّ، و إعلام الوری خال عنه، و أمّا كتاب قصص الأنبیاء فلیست عندنا نسخته حتّی نعلم ما فیه.
4- الأنفال: 35.
5- یس: 9.

فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ وَ قَالَ جَبْرَئِیلُ خُذْ عَلَی طَرِیقِ ثَوْرٍ وَ هُوَ جَبَلٌ عَلَی طَرِیقِ مِنًی لَهُ سَنَامٌ (1) كَسَنَامِ الثَّوْرِ فَدَخَلَ الْغَارَ (2) وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ قُرَیْشٌ وَثَبُوا إِلَی الْحُجْرَةِ وَ قَصَدُوا الْفِرَاشَ فَوَثَبَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی وُجُوهِهِمْ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا لَهُ أَیْنَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَ جَعَلْتُمُونِی عَلَیْهِ رَقِیباً أَ لَسْتُمْ قُلْتُمْ نُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِنَا فَقَدْ خَرَجَ عَنْكُمْ فَأَقْبَلُوا عَلَی أَبِی لَهَبٍ یَضْرِبُونَهُ وَ یَقُولُونَ أَنْتَ تَخْدَعُنَا مُنْذُ اللَّیْلَةِ (3) فَتَفَرَّقُوا فِی الْجِبَالِ وَ كَانَ فِیهِمْ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ یُقَالُ لَهُ أَبُو كُرْزٍ یَقْفُو الْآثَارَ فَقَالُوا یَا أَبَا كُرْزٍ الْیَوْمَ الْیَوْمَ فَوَقَفَ بِهِمْ عَلَی بَابِ حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هَذِهِ قَدَمُ مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ لِأَنَّهَا لَأُخْتُ الْقَدَمِ الَّتِی فِی الْمَقَامِ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَدَّهُ مَعَهُ فَقَالَ أَبُو كُرْزٍ وَ هَذِهِ قَدَمُ أَبِی قُحَافَةَ أَوِ ابْنِهِ ثُمَّ قَالَ وَ هَاهُنَا غَیْرُ (4) ابْنِ أَبِی قُحَافَةَ فَمَا زَالَ بِهِمْ حَتَّی أَوْقَفَهُمْ عَلَی بَابِ الْغَارِ ثُمَّ قَالَ مَا جَازُوا (5) هَذَا الْمَكَانَ إِمَّا أَنْ یَكُونُوا صَعِدُوا إِلَی السَّمَاءِ أَوْ دَخَلُوا (6) تَحْتَ الْأَرْضِ وَ بَعَثَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَی بَابِ الْغَارِ وَ جَاءَ فَارِسٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ الْغَارِ ثُمَّ قَالَ مَا فِی الْغَارِ أَحَدٌ فَتَفَرَّقُوا فِی الشِّعَابِ وَ صَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَذِنَ لِنَبِیِّهِ فِی الْهِجْرَةِ (7).

بیان: قال الجزری فیه جاءت هوازن علی بكرة أبیها هذه كلمة مثل للعرب

ص: 51


1- السنام: حدبة فی ظهر البعیر و الثور.
2- فی إعلام الوری: فمر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و تلقاه أبو بكر فی الطریق فأخذ بیده و مر به، فلما انتهی إلی ثور دخل الغار.
3- فی إعلام الوری: فأقبلوا إلیه یضربونه فمنعهم أبو لهب، و قالوا: أنت كنت تخدعنا منذ اللیلة. أقول: أی قالوا لعلی علیه السلام، لانه بنومه علی فراش رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله خدعهم فكانوا یظنون أنّه النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.
4- فی نسخة: عبر.
5- فی نسخة: ما جاوزوا.
6- فی نسخة: صعدا و دخلا بالتثنیة، فعلیها، فالصحیح: ما جازا. أیضا.
7- تفسیر القمّیّ: 249- 253 و الألفاظ منه، إعلام الوری: 39 و 40 ط 1 و 69- 73 ط 2، و الفاظه یخالف المنقول، قصص الأنبیاء: مخطوط.

یریدون بها الكثرة و توفر العدد و أنهم جاءوا جمیعا لم یتخلف منهم أحد و لیس هناك بكرة فی الحقیقة و هی التی یستقی علیها الماء فاستعیرت فی هذا الموضع و قال الجوهری الندوة و النادی مجلس القوم و متحدثهم (1) و منه سمیت دار الندوة بمكة التی بناها قصی لأنهم كانوا یندون فیها أی یجتمعون فیها للمشاورة انتهی و الدس الإخفاء و الدسیس من تدسه لیأتیك بالأخبار قوله و هاهنا غیر ابن أبی قحافة لعله استفهام إنكاری أی لیس هاهنا أحد یشبه قدمه هذا القدم إلا ابن أبی قحافة و فی بعض النسخ عبر بالعین المهملة و الباء الموحدة كما فی عم و هو أصوب أی أشار إلی موضع عبوره أو مبدإ لحوقه و علی الأول یحتمل أن لا یكون استفهاما إنكاریا بل یكون إشارة إلی موضع قدم شخص آخر (2) تبعهما إلی الغار ثم رجع كما سیأتی.

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَنَّ قُرَیْشاً اجْتَمَعَتْ فَخَرَجَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ أُنَاسٌ ثُمَّ انْطَلَقُوا إِلَی دَارِ النَّدْوَةِ لِیُشَاوِرُوا فِیمَا یَصْنَعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا هُمْ بِشَیْخٍ قَائِمٍ عَلَی الْبَابِ وَ إِذَا ذَهَبُوا إِلَیْهِ لِیَدْخُلُوا قَالَ أَدْخِلُونِی مَعَكُمْ قَالُوا وَ مَنْ أَنْتَ یَا شَیْخُ قَالَ أَنَا شَیْخٌ مِنْ مُضَرَ وَ لِی رَأْیٌ أُشِیرُ بِهِ عَلَیْكُمْ فَدَخَلُوا وَ جَلَسُوا وَ تَشَاوَرُوا وَ هُوَ جَالِسٌ وَ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَی أَنْ یُخْرِجُوهُ فَقَالَ لَیْسَ هَذَا لَكُمْ بِرَأْیٍ إِنْ أَخْرَجْتُمُوهُ أَجْلَبَ (3) عَلَیْكُمُ النَّاسَ فَقَاتَلُوكُمْ قَالُوا صَدَقْتَ مَا هَذَا بِرَأْیٍ ثُمَّ تَشَاوَرُوا فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَی أَنْ یُوثِقُوهُ- (4) قَالَ هَذَا لَیْسَ بِالرَّأْیِ إِنْ فَعَلْتُمْ هَذَا وَ مُحَمَّدٌ رَجُلٌ حُلْوُ اللِّسَانِ أَفْسَدَ عَلَیْكُمْ أَبْنَاءَكُمْ وَ خَدَمَكُمْ وَ مَا یَنْفَعُكُمْ أَحَدُكُمْ إِذَا فَارَقَهُ (5) أَخُوهُ وَ ابْنُهُ أَوِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ تَشَاوَرُوا فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَی أَنْ

ص: 52


1- متحدث القوم: الموضع الذی یتحدثون فیه.
2- و هو هند بن أبی هالة، أو عبد اللّٰه بن اریقط اللیثی علی اختلاف یأتی فی الاخبار، و اختار المقریزی الثانی فی امتاع الاسماع: 39.
3- أجلب: أجمع.
4- أی یشدوه بالوثاق. و الوثاق: ما یشد به من قید و حبل و نحوهما.
5- أی فارق أحدكم اخوه و ابنه او امرأته، أی لا ینفع أحدكم أن تصلب فی دینه و لم یقبل قول محمّد و هو یفسد علی عشیرته دینهم فیفارقونه و فی نسخة: و ما ینفع احدكم، و هو الموجود فی البرهان أیضا.

یَقْتُلُوهُ یَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ بِشَاهِرٍ (1) فَیَضْرِبُونَهُ بِأَسْیَافِهِمْ جَمِیعاً عِنْدَ الْكَتِفَیْنِ (2) ثُمَّ قَرَأَ الْآیَةَ وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ (3).

«10»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ قَالَ لِأَبِی بَكْرٍ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی سَفِینَةِ جَعْفَرٍ فِی أَصْحَابِهِ (4) یَعُومُ فِی الْبَحْرِ وَ أَنْظُرُ إِلَی الْأَنْصَارِ مُحْتَبِینَ فِی أَفْنِیَتِهِمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ تَرَاهُمْ (5) یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرِنِیهِمْ فَمَسَحَ عَلَی عَیْنَیْهِ فَرَآهُمْ فَقَالَ فِی نَفْسِهِ الْآنَ صَدَّقْتُ أَنَّكَ سَاحِرٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ الصِّدِّیقُ (6).

«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ (7) عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُفْیَانَ بْنِ الْعَبَّاسِ (8) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الْأَسْلَمِیِّ (9) عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ

ص: 53


1- هكذا فی النسخ، و فی تفسیر البرهان: و یخرجوا من كل بطن منهم بشاب فیضربونه بأسیافهم فأنزل اللّٰه اه.
2- فی نسخة: عند الكعبین.
3- تفسیر العیّاشیّ: ج 2: 54. و رواه البحرانیّ فی تفسیر البرهان 2: 78.
4- فی نسخة: و أصحابه تعوم، و فی المصدر: فی أصحابه یقوم. و لعله مصحف و تعوم أی تسبح، قال الجزریّ فی النهایة، فی الحدیث: «علموا صبیانكم العوم» العوم: السباحة، یقال عام یعوم عوما.
5- فی نسخة: أ تراهم؟.
6- تفسیر القمّیّ: 265 و 266.
7- فی المصدر: اخبرنا جماعة منهم الحسین بن عبد اللّٰه (و هو مصحف عبید اللّٰه أی الغضائری) و أحمد بن عبدون و أبو طالب بن عرفة و أبو الحسن الصفار (الصقال خ) و أبو علیّ الحسن بن إسماعیل بن اشناس قالوا: حدّثنا أبو المفضل محمّد بن عبد اللّٰه بن المطلب الشیبانی.
8- وصفه فی المصدر بالنحوی.
9- فی نسخة أحمد و هو وهم، و فی المصدر: محمّد بن عمر بن واقد الاسلمی قاضی الشرقیة و هو الصحیح و هو الواقدی المشهور، راجع التقریب: 463 و غیره.

إِسْمَاعِیلَ (1) عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَیْنٍ عَنْ أَبِی غَطَفَانَ (2) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ فِی دَارِ النَّدْوَةِ لِیَتَشَاوَرُوا فِی أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَتَی جَبْرَئِیلُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا یَنَامَ فِی مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَبِیتَ أَمَرَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یَبِیتَ فِی مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَبَاتَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ تَغَشَّی بِبُرْدٍ أَخْضَرَ حَضْرَمِیٍّ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَنَامُ فِیهِ وَ جَعَلَ السَّیْفَ إِلَی جَنْبِهِ فَلَمَّا اجْتَمَعَ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ قُرَیْشٍ یَطِیفُونَ (3) وَ یَرْصُدُونَهُ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمْ جُلُوسٌ عَلَی الْبَابِ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ رَجُلًا (4) فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ ثُمَّ جَعَلَ یَذُرُّهَا (5) عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ هُوَ یَقْرَأُ یس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِیمِ (6) حَتَّی بَلَغَ فَأَغْشَیْناهُمْ فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ (7) فَقَالَ قَائِلٌ مَا تَنْتَظِرُونَ قَالُوا مُحَمَّداً قَالَ خِبْتُمْ وَ خُزِیتُمْ (8) قَدْ وَ اللَّهِ مَرَّ بِكُمْ فَمَا مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَ قَدْ جَعَلَ عَلَی رَأْسِهِ تُرَاباً قَالُوا وَ اللَّهِ مَا أَبْصَرْنَاهُ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ (9).

«12»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ صَفْوَانَ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ جَمِیلٍ عَنْ قَیْسِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ

ص: 54


1- فی المصدر: إبراهیم بن إسماعیل بن أبی حبیبة یعنی الاسلمی. أقول: الرجل مذكور فی التراجم راجع التقریب: 19.
2- بفتحات هو ابن طریف أو ابن مالك المری المدنیّ، قیل: اسمه سعد.
3- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: یطوفون.
4- فی المصدر: عددهم خمسة و عشرون رجلا.
5- أی نثرها.
6- السورة: 36.
7- الآیة: 9.
8- فی المصدر: خبتم و خسرتم.
9- مجالس ابن الشیخ: 284 و 285. و فیه و اللّٰه لقد مر بكم.

مَرْضاتِ اللَّهِ (1) قَالَ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ بَاتَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

«13»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّحْوِیِّ عَنِ الْخَلِیلِ بْنِ أَسَدٍ (3) عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ إِذَا قَرَأَ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قَالَ كَرَّمَ اللَّهُ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ (4).

«14»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ (5) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِیِّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْغَارِ وَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً أَنْ یَنَامَ عَلَی فِرَاشِهِ وَ یَتَغَشَّی بِبُرْدَتِهِ (6) فَبَاتَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُوَطِّناً نَفْسَهُ عَلَی الْقَتْلِ وَ جَاءَتْ رِجَالُ قُرَیْشٍ مِنْ بُطُونِهَا یُرِیدُونَ قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ یَضَعُوا عَلَیْهِ أَسْیَافَهُمْ لَا یَشُكُّونَ أَنَّهُ مُحَمَّدٌ فَقَالُوا أَیْقِظُوهُ لِیَجِدَ أَلَمَ الْقَتْلِ وَ یَرَی السُّیُوفَ تَأْخُذُهُ فَلَمَّا أَیْقَظُوهُ فَرَأَوْهُ عَلِیّاً تَرَكُوهُ وَ تَفَرَّقُوا فِی طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (7).

«15»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ مُحَمَّدِ

ص: 55


1- البقرة: 207.
2- مجالس ابن الشیخ: 285.
3- فی المصدر: الجلیل بن اسود النوشجانی قال: حدّثنا أبو زید سعید بن اوس یعنی الأنصاریّ النحوی.
4- مجالس ابن الشیخ: 285.
5- وصفه فی المصدر بالباغندی و وصف محمّد بن الصباح بالجرجانی و محمّد بن كثیر بالمدائنی أقول: عوف الاعرابی هو عوف بن أبی جمیلة العبدی الهجری أبو سهل البصری المعروف بالاعرابی، و اسم أبی جمیلة بندویه، و یقال: هو اسم أمه، و اسم أبیه رزینة، وثقه العامّة فی كتب تراجمهم، مات فی 146- او- 147. راجع تهذیب التهذیب 8: 166، و التقریب: 403 و خلاصة التهذیب: 253.
6- فی المصدر: یتوشح ببردته.
7- مجالس ابن الشیخ: 285.

بْنِ عُبَیْدٍ (1) عَنْ أَبِی یَحْیَی التَّیْمِیِّ (2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: فَخَرَتْ عَائِشَةُ بِأَبِیهَا وَ مَكَانِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ (3) وَ أَیْنَ أَنْتَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حَیْثُ نَامَ فِی مَكَانِهِ وَ هُوَ یَرَی أَنَّهُ یُقْتَلُ فَسَكَتَتْ وَ لَمْ تُحِرْ جَوَاباً (4).

أَقُولُ سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ إِبْلِیسَ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: تَمَثَّلَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِی أَرْبَعِ صُوَرٍ إِلَی أَنْ قَالَ تَصَوَّرَ یَوْمَ اجْتِمَاعِ قُرَیْشٍ فِی دَارِ النَّدْوَةِ فِی صُورَةِ شَیْخٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَشَارَ عَلَیْهِمْ فِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا أَشَارَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا الْآیَةَ.

«16»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو (5) عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ النُّورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الْقُرَشِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَاتَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَیْلَةَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمُشْرِكِینَ عَلَی فِرَاشِهِ لِیُعَمِّیَ عَلَی قُرَیْشٍ وَ فِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ (6).

«17»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ

ص: 56


1- فی المصدر: محمّد بن عبد المحاربی و فیه وهم و الصحیح عبید، و هو محمّد بن عبید بن محمّد بن واقد المحاربی، أبو جعفر، أو أبو یعلی النحاس الكوفیّ.
2- فی المصدر: التمیمی.
3- هو عبد اللّٰه بن شداد بن الهاد اللیثی أبو الولید المدنیّ، ولد علی عهد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، كان من كبار التابعین الثقات، و كان معدودا فی الفقهاء قال الواقدی: قتل یوم دجیل سنة 81 و قال الثوری: فقد فی الجماجم (سنة 83). ترجمه العامّة و الخاصّة فی تراجمهم.
4- مجالس ابن الشیخ: 285.
5- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: أبو عمر و هو عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّٰه بن محمّد ابن مهدیّ، علی ما فی حدیث قبله.
6- مجالس ابن الشیخ: ص 158.

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْدَةَ بْنِ هُبَیْرَةَ عَنْ أُمِّهِ (1) أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَتْ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْهِجْرَةِ وَ أَنَامَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی فِرَاشِهِ (2) وَ سَجَّاهُ بِبُرْدٍ حَضْرَمِیٍّ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا وُجُوهُ قُرَیْشٍ عَلَی بَابِهِ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَذَرَّهَا عَلَی رُءُوسِهِمْ فَلَمْ یَشْعُرْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَ دَخَلَ عَلَی بَیْتِی فَلَمَّا أَصْبَحَ أَقْبَلَ عَلَیَّ وَ قَالَ أَبْشِرِی یَا أُمَّ هَانِئٍ فَهَذَا جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُنِی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَنْجَی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ عَدُوِّهِ قَالَتْ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ جَنَاحِ الصُّبْحِ إِلَی غَارِ ثَوْرٍ فَكَانَ فِیهِ ثَلَاثاً حَتَّی سَكَنَ عَنْهُ الطَّلَبُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ أَمَرَهُ بِأَمْرِهِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ (3).

بیان: لعل المراد بجناح الصبح أوله شبه أول امتداد ظهوره بالجناح المبسوط و فی القاموس جنوح اللیل إقباله و الجناح الید و العضد و الجانب و نفس الشی ء و من الدر نظم یعرض أو كل ما جعلته فی نظام و الكنف و الناحیة و الطائفة من الشی ء انتهی و ربما یناسب بعض تلك المعانی مع تكلف.

«18»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الثَّقَفِیُّ سَنَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیُّ سَنَةَ خَمْسِینَ وَ مِائَتَیْنِ قَالَ حَدَّثَنِی الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی وَ خَالِی یَعْقُوبُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ (4) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَعِیدٍ الْهَاشِمِیِّ (5) قَالَ حَدَّثَنِیهِ أَبُو عُبَیْدَةَ (6) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بَیْنَ الْقَبْرِ وَ الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِیهِ وَ

ص: 57


1- فی المصدر: عن أبیه، عن أم هانئ. و لعلّ فیه تصحیفا و ما فی الصلب اصح.
2- فی المصدر: فی فراشه. و وشحه ببرد له حضرمی.
3- مجالس ابن الشیخ: 285 و 286.
4- فی المصدر: یعقوب بن الفضل، عن عبد الرحمن إه.
5- فی المصدر: زبیر بن سعید الهاشمی، و لعله زبیر بن سعید بن سلیمان بن سعید بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمی أبو القاسم نزیل المدائن.
6- عرف بكنیته فقط فلم یذكر اسمه فی التراجم، قال ابن حجر فی التقریب بعد عنوانه بذلك: أخو سلة، و قیل: هو هو.

عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ جَمِیعاً عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ حَدَّثَنِیهِ سِنَانُ بْنُ أَبِی سِنَانٍ الدُّؤَلِیُّ وَ كَانَ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَنِی سِنَانُ بْنُ أَبِی سِنَانٍ أَنَّ هِنْدَ بْنَ أَبِی هِنْدِ بْنِ أَبِی هَالَةَ الْأُسَیْدِیَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِیهِ هِنْدِ بْنِ أَبِی هَالَةَ رَبِیبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُمِّهِ خَدِیجَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِیِّ وَ أُخْتِهِ لِأُمِّهِ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ كَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ هِنْدُ بْنُ أَبِی هَالَةَ وَ أَبُو رَافِعٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ جَمِیعاً یُحَدِّثُونَ عَنْ هِجْرَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْمَدِینَةِ وَ مَبِیتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَی فِرَاشِهِ قَالَ وَ صَدْرُ هَذَا الْحَدِیثِ عَنْ هِنْدِ بْنِ أَبِی هَالَةَ وَ اقْتِصَاصُهُ عَنِ الثَّلَاثَةِ هِنْدٍ وَ عَمَّارٍ وَ أَبِی رَافِعٍ وَ قَدْ دَخَلَ حَدِیثُ بَعْضِهِمْ فِی بَعْضٍ قَالُوا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا یَمْنَعُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِعَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمَا یَخْلُصُ إِلَیْهِ امْرُؤٌ بِسُوءٍ مِنْ قَوْمِهِ مُدَّةَ حَیَاتِهِ (1) فَلَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَیْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِغَیَّتِهَا وَ أَصَابَتْهُ بِعَظِیمٍ مِنَ الْأَذَی حَتَّی تَرَكَتْهُ لَقًی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَسْرَعُ مَا وَجَدْنَا فَقْدُكَ یَا عَمِّ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ وَ جُزِیتَ خَیْراً یَا عَمِّ ثُمَّ مَاتَتْ خَدِیجَةُ بَعْدَ أَبِی طَالِبٍ بِشَهْرٍ وَ اجْتَمَعَ بِذَلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حُزْنَانِ حَتَّی عُرِفَ ذَلِكَ فِیهِ قَالَ هِنْدٌ ثُمَّ انْطَلَقَ ذَوُو الطَّوْلِ وَ الشَّرَفِ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَی دَارِ النَّدْوَةِ لِیَرْتَئُوا (2) وَ یَأْتَمِرُوا فِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسَرُّوا ذَلِكَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَبْنِی لَهُ عَلَماً وَ نَتْرُكُ فُرَجاً نَسْتَوْدِعُهُ فِیهِ فَلَا یَخْلُصُ مِنَ الصُّبَاةِ (3) فِیهِ إِلَیْهِ أَحَدٌ وَ لَا نَزَالُ فِی رَفَقٍ مِنَ الْعَیْشِ حَتَّی یَتَضَیَّفَهُ رَیْبُ الْمَنُونِ (4) وَ صَاحِبُ

ص: 58


1- فی المصدر: فما كان یخلص إلیه من قومه أمر یسوؤه مدة حیاته.
2- ارتأی الامر: نظر فیه. تدبره. و فی المصدر: ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قریش إلی دار الندوة لیأتمروا فی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- فلان صبأ: إذا خرج من دین إلی دین غیره، من قولهم: صبأ ناب البعیر: إذ اطلع، و صبأت النجوم: إذا خرجت من مطالعها، و كانت العرب تسمی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم الصابئ لانه خرج من دین قریش إلی دین الإسلام، و یسمون من یدخل الإسلام مصبوا، لانهم كانوا لا یهمزون فابدلوا الهمزة واوا، و یسمون المسلمین الصباة بغیر همزة، كأنّه جمع الصابی غیر مهموز كقاضی و قضاة و غاز و غزاة. قاله الجزریّ فی النهایة.
4- فی المصدر: حتی یذوق طعم المنون.

هَذِهِ الْمَشُورَةِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ وَ أُمَیَّةُ وَ أُبَیٌّ ابْنَا خَلَفٍ فَقَالَ قَائِلٌ كَلَّا مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْیٍ وَ لَئِنْ صَنَعْتُمْ ذَلِكَ لَیَتَنَمَّرَنَّ لَهُ الْحَدِبُ الْحَمِیمُ (1) وَ الْمَوْلَی الْحَلِیفُ ثُمَّ لَیَأْتِیَنَّ الْمَوَاسِمَ وَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ بِالْأَمْنِ فَلَیَنْتَزِعَنَّ مِنْ أُنْشُوطَتِكُمْ (2) قُولُوا قَوْلَكُمْ.

فَقَالَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ شَرِكَهُمَا أَبُو سُفْیَانَ قَالُوا فَإِنَّا نَرَی (3) أَنْ نُرْحِلَ بَعِیراً صَعْباً وَ نُوثِقَ مُحَمَّداً عَلَیْهِ كِتَافاً ثُمَّ نَقْطَعَ الْبَعِیرَ بِأَطْرَافِ الرِّمَاحِ (4) فَیُوشِكُ أَنْ یَقْطَعَهُ بَیْنَ الدَّكَادِكِ إِرْباً إِرْباً فَقَالَ صَاحِبُ رَأْیِهِمْ إِنَّكُمْ لَمْ تَصْنَعُوا بِقَوْلِكُمْ هَذَا شَیْئاً أَ رَأَیْتُمْ إِنْ خَلَصَ بِهِ الْبَعِیرُ سَالِماً إِلَی بَعْضِ الْأَفَارِیقِ فَأَخَذَ بِقُلُوبِهِمْ بِسِحْرِهِ وَ بَیَانِهِ وَ طَلَاقَةِ لِسَانِهِ فَصَبَأَ الْقَوْمُ إِلَیْهِ وَ اسْتَجَابَتِ الْقَبَائِلُ لَهُ قَبِیلَةً فَقَبِیلَةً فَلَیَسِیرَنَّ (5) حِینَئِذٍ إِلَیْكُمْ بِالْكَتَائِبِ وَ الْمَقَانِبِ فَلَتَهْلِكُنَّ كَمَا هَلَكَتْ أَیَادٌ وَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.

قُولُوا قَوْلَكُمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ لَكِنْ أَرَی (6) لَكُمْ أَنْ تَعَمَّدُوا إِلَی قَبَائِلِكُمُ الْعَشَرَةِ فَتَنْتَدِبُوا مِنْ كُلِّ قَبِیلَةٍ مِنْهَا رَجُلًا نَجْداً ثُمَّ تُسَلِّحُوهُ حُسَاماً عَضْباً وَ تَمَهَّدَ الْفِتْیَةُ (7) حَتَّی إِذَا غَسَقَ اللَّیْلُ وَ غَوَّرَ بَیَّتُوا (8) بِابْنِ أَبِی كَبْشَةَ بَیَاتاً فَیَذْهَبُ دَمُهُ فِی قَبَائِلِ قُرَیْشٍ جَمِیعاً فَلَا یَسْتَطِیعُ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو الْمُطَّلِبِ مُنَاهَضَةَ قَبَائِلِ قُرَیْشٍ فِی صَاحِبِهِمْ فَیَرْضَوْنَ حِینَئِذٍ بِالْعَقْلِ مِنْهُمْ فَقَالَ صَاحِبُ رَأْیِهِمْ أَصَبْتَ یَا بَا الْحَكَمِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ هَذَا الرَّأْیُ فَلَا تَعْدِلُنَّ بِهِ رَأْیاً وَ أَوْكِئُوا فِی ذَلِكَ أَفْوَاهَكُمْ حَتَّی

ص: 59


1- فی المصدر: لتسمعن هذا الحدیث الحمیم و المولی الحلیف.
2- فی المصدر: فلینتزعن من أنشوطتكم إلی خلاصه.
3- فی المصدر: قال عتبة و شركه أبو سفیان: فانا نری.
4- فی المصدر: ثم نقصع البعیر باطراف الرماح.
5- فی المصدر: فیسیرون.
6- فی المصدر: لكنی أری.
7- فی نسخة: و تمهل الفتیة.
8- أی، هجموا علیه لیلا. و فی المصدر: أتوا ابن أبی كبشة فقتلوه من ید رجل یضربه فیذهب دمه.

یَسْتَتِبَّ أَمْرُكُمْ فَخَرَجَ الْقَوْمُ عِزِینَ وَ سَبَقَهُمْ بِالْوَحْیِ بِمَا كَانَ مِنْ كَیْدِهِمْ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَتَلَا هَذِهِ الْآیَةَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ جَبْرَئِیلُ بِأَمْرِ اللَّهِ فِی ذَلِكَ وَ وَحْیِهِ وَ مَا عَزَمَ لَهُ مِنَ الْهِجْرَةِ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ لِوَقْتِهِ فَقَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ إِنَّ الرُّوحَ هَبَطَ عَلَیَّ بِهَذِهِ الْآیَةِ آنِفاً یُخْبِرُنِی أَنَّ قُرَیْشاً اجْتَمَعَتْ عَلَی الْمَكْرِ بِی وَ قَتْلِی وَ إِنَّهُ أُوحِیَ إِلَیَّ عَنْ رَبِّی (1) عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِی وَ أَنْ أَنْطَلِقَ (2) إِلَی غَارِ ثَوْرٍ تَحْتَ لَیْلَتِی وَ أَنَّهُ أَمَرَنِی أَنْ آمُرَكَ بِالْمَبِیتِ عَلَی ضِجَاعِی أَوْ قَالَ مَضْجَعِی لِتُخْفِیَ بِمَبِیتِكَ عَلَیْهِ أَثَرِی (3) فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ وَ صَانِعٌ فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ وَ تَسْلَمَنَّ بِمَبِیتِی هُنَاكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَتَبَسَّمَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ ضَاحِكاً وَ أَهْوَی إِلَی الْأَرْضِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا أَنْبَأَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ سَلَامَتِهِ فَكَانَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ شُكْراً وَ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَی الْأَرْضِ بَعْدَ سَجْدَتِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ لَهُ امْضِ لِمَا أُمِرْتَ (4) فِدَاكَ سَمْعِی وَ بَصَرِی وَ سُوَیْدَاءُ قَلْبِی وَ مُرْنِی بِمَا شِئْتَ أَكُنْ فِیهِ كَمَسَرَّتِكَ (5) وَاقِعٌ مِنْهُ بِحَیْثُ مُرَادُكَ وَ إِنْ تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ وَ قَالَ وَ أَنْ أُلْقِیَ عَلَیْكَ شِبْهٌ مِنِّی أَوْ قَالَ شِبْهِی قَالَ إِنْ یَمْنَعْنِی نَعَمْ قَالَ فَارْقُدْ عَلَی فِرَاشِی وَ اشْتَمِلْ بِبُرْدِیَ الْحَضْرَمِیِّ ثُمَّ إِنِّی أُخْبِرُكَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَمْتَحِنُ أَوْلِیَاءَهُ عَلَی قَدْرِ إِیمَانِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ مِنْ دِینِهِ فَأَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِیَاءُ (6) ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ (7) وَ قَدِ امْتَحَنَكَ یَا ابْنَ أُمِّ (8) وَ امْتَحَنَنِی فِیكَ بِمِثْلِ مَا امْتَحَنَ

ص: 60


1- فی المصدر: و أنّه أوحی إلی ربی.
2- فی نسخة: و أنا أنطلق.
3- فی المصدر: لتخفی بمبیتك علیهم أمری (أثری خ).
4- فی المصدر: امض فیما امرت.
5- فی المصدر: اكن فیه لمشیتك واقع منه. و فیه: و ما توفیقی.
6- فی المصدر: الأنبیاء ثمّ الأوصیاء، ثمّ الامثل فالامثل.
7- أی الأشرف فالاشرف، و الأعلی فی الرتبة و المنزلة.
8- فی المصدر: یا بن عم.

بِهِ خَلِیلَهُ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الذَّبِیحَ إِسْمَاعِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَصَبْراً صَبْراً فَ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ ثُمَّ ضَمَّهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی صَدْرِهِ وَ بَكَی إِلَیْهِ وَجْداً بِهِ وَ بَكَی عَلِیٌّ علیه السلام جَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَتْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِی قُحَافَةَ وَ هِنْدَ بْنَ أَبِی هَالَةَ فَأَمَرَهُمَا أَنْ یَقْعُدَا لَهُ بِمَكَانٍ ذَكَرَهُ لَهُمَا مِنْ طَرِیقِهِ إِلَی الْغَارِ وَ لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَانِهِ مَعَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یُوصِیهِ وَ یَأْمُرُهُ فِی ذَلِكَ بِالصَّبْرِ حَتَّی صَلَّی الْعِشَاءَیْنِ ثُمَّ خَرَجَ صلی اللّٰه علیه و آله فِی فَحْمَةِ الْعِشَاءِ (1) وَ الرَّصَدِ مِنْ قُرَیْشٍ قَدْ أَطَافُوا بِدَارِهِ یَنْتَظِرُونَ أَنْ یَنْتَصِفَ اللَّیْلُ وَ تَنَامَ الْأَعْیُنُ فَخَرَجَ وَ هُوَ یَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَةَ وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَیْناهُمْ فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ (2) وَ كَانَ بِیَدِهِ قَبْضَةٌ مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهَا فِی رُءُوسِهِمْ (3) فَمَا شَعِرَ الْقَوْمُ بِهِ حَتَّی تَجَاوَزَهُمْ وَ مَضَی حَتَّی أَتَی إِلَی هِنْدٍ وَ أَبِی بَكْرٍ فَنَهَضَا مَعَهُ (4) حَتَّی وَصَلُوا إِلَی الْغَارِ ثُمَّ رَجَعَ هِنْدٌ إِلَی مَكَّةَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُو بَكْرٍ إِلَی الْغَارِ (5) فَلَمَّا خَلَقَ اللَّیْلُ وَ انْقَطَعَ الْأَثَرُ أَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَذْفاً بِالْحِجَارَةِ وَ الْحُلُمِ (6) فَلَا یَشُكُّونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی إِذَا بَرَقَ الْفَجْرُ وَ أَشْفَقُوا أَنْ یَفْضَحَهُمُ الصُّبْحُ هَجَمُوا عَلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَتْ دُورُ مَكَّةَ یَوْمَئِذٍ سَوَائِبَ لَا أَبْوَابَ لَهَا فَلَمَّا بَصُرَ بِهِمْ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَدِ انْتَضَوُا السُّیُوفَ وَ أَقْبَلُوا عَلَیْهِ بِهَا یَقْدُمُهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَثَبَ بِهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَخَتَلَهُ وَ هَمَزَ یَدَهُ فَجَعَلَ خَالِدٌ یَقْمُصُ قِمَاصَ

ص: 61


1- فی المصدر: فی فحمة العشاء الآخرة. و فی النهایة فحمة العشاء: هی اقباله و اول سواده یقال للظلمة التی بین صلاتی العشاء: الفحمة.
2- یس: 9.
3- فی المصدر: و اخذ بیده قبضة من تراب فرمی بها علی رءوسهم.
4- فی المصدر: فأنهضهما فنهضا معه.
5- فی المصدر: الغار. من دون حرف الجر.
6- فی المصدر: فلما غلق اللیل أبوابه، و أسدل استاره، و انقطع الاثر أقبل القوم علی علیّ علیه السلام یقذفونه بالحجارة، فلا یشكون.

الْبَكْرِ وَ إِذَا لَهُ رُغَاءٌ فَابْذَعَرَّ الصُّبْحُ (1) وَ هُمْ فِی عَرْجِ الدَّارِ مِنْ خَلْفِهِ وَ شَدَّ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِسَیْفِهِ یَعْنِی سَیْفَ خَالِدٍ فَأَجْفَلُوا أَمَامَهُ إِجْفَالَ النَّعَمِ إِلَی ظَاهِرِ الدَّارِ وَ تَبَصَّرُوهُ فَإِذَا (2) عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالُوا وَ إِنَّكَ لَعَلِیٌّ قَالَ أَنَا عَلِیٌّ قَالُوا فَإِنَّا لَمْ نُرِدْكَ فَمَا فَعَلَ صَاحِبُكَ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِهِ وَ قَدْ كَانَ عَلِمَ یَعْنِی عَلِیّاً أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ أَنْجَی نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا كَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ مُضِیِّهِ إِلَی الْغَارِ وَ اخْتِبَائِهِ فِیهِ فَأَذْكَتْ قُرَیْشٌ عَلَیْهِ الْعُیُونَ وَ رَكِبَتْ فِی طَلَبِهِ الصَّعْبَ وَ الذَّلُولَ وَ أُمْهِلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَتَّی إِذَا أَعْتَمَ مِنَ اللَّیْلَةِ الْقَابِلَةِ انْطَلَقَ هُوَ وَ هِنْدُ بْنُ أَبِی هَالَةَ حَتَّی دَخَلَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هِنْداً أَنْ یَبْتَاعَ لَهُ وَ لِصَاحِبِهِ بَعِیرَیْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُ لِی وَ لَكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ رَاحِلَتَیْنِ نَرْتَحِلُهُمَا إِلَی یَثْرِبَ فَقَالَ إِنِّی لَا آخُذُهُمَا وَ لَا أَحَدَهُمَا إِلَّا بِالثَّمَنِ قَالَ فَهِیَ لَكَ بِذَلِكَ فَأَمَرَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَقْبَضَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ وَصَّاهُ بِحِفْظِ ذِمَّتِهِ وَ أَدَاءِ أَمَانَتِهِ وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ تَدْعُو مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْجَاهِلِیَّةِ الْأَمِینَ وَ كَانَتْ تَسْتَوْدِعُهُ وَ تَسْتَحْفِظُهُ أَمْوَالَهَا وَ أَمْتِعَتَهَا وَ كَذَلِكَ مَنْ یَقْدَمُ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ فِی الْمَوْسِمِ وَ جَاءَتْهُ النُّبُوَّةُ وَ الرِّسَالَةِ وَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَمَرَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنْ یُقِیمَ صَارِخاً یَهْتِفُ بِالْأَبْطَحِ غُدْوَةً وَ عَشِیّاً مَنْ كَانَ (3) لَهُ قِبَلَ مُحَمَّدٍ أَمَانَةٌ أَوْ وَدِیعَةٌ فَلْیَأْتِ فَلْنُؤَدِّ إِلَیْهِ أَمَانَتَهُ قَالَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُمْ لَنْ یَصِلُوا مِنَ الْآنَ إِلَیْكَ یَا عَلِیُّ بِأَمْرٍ تَكْرَهُهُ حَتَّی تَقْدِمَ عَلَیَّ فَأَدِّ أَمَانَتِی عَلَی أَعْیُنِ النَّاسِ ظَاهِراً ثُمَّ إِنِّی مُسْتَخْلِفُكَ عَلَی فَاطِمَةَ ابْنَتِی وَ مُسْتَخْلِفٌ رَبِّی عَلَیْكُمَا وَ مُسْتَحْفِظُهُ فِیكُمَا فَأَمَرَهُ أَنْ یَبْتَاعَ رَوَاحِلَ لَهُ وَ لِلِفَوَاطِمِ وَ مَنْ أَزْمَعَ لِلْهِجْرَةِ مَعَهُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ.

قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ فَقُلْتُ لِعُبَیْدِ اللَّهِ یَعْنِی ابْنَ أَبِی رَافِعٍ أَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَجِدُ مَا یُنْفِقُهُ هَكَذَا فَقَالَ إِنِّی سَأَلْتُ أَبِی عَمَّا سَأَلْتَنِی وَ كَانَ یُحَدِّثُ لِی هَذَا الْحَدِیثَ (4)

ص: 62


1- فی المصدر: فجعل خالد یقمص قماص البكر، و یرغو رغاء الجمل، و یذعر و یصیح.
2- فی المصدر: فاذا هو علیّ علیه السلام.
3- فی المصدر: ألا من كان.
4- فی نسخة: یحدث فی هذا الحدیث، و فی المصدر: یحدث بهذا الحدیث.

فَقَالَ وَ أَیْنَ یَذْهَبُ بِكَ عَنْ مَالِ خَدِیجَةَ عَلَیْهَا السَّلَامُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا نَفَعَنِی مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِی (1) مَالُ خَدِیجَةَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَفُكُّ فِی مَالِهَا الْغَارِمَ وَ الْعَانِیَ وَ یَحْمِلُ الْكُلَّ وَ یُعْطِی فِی النَّائِبَةِ وَ یُرْفِدُ فُقَرَاءَ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ بِمَكَّةَ وَ یَحْمِلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْهِجْرَةَ وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ إِذَا رَحَلَتْ عِیرُهَا فِی الرَّحْلَتَیْنِ یَعْنِی رَحْلَةَ الشِّتَاءِ وَ الصَّیْفِ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِیرِ لِخَدِیجَةَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ كَانَتْ أَكْثَرَ قُرَیْشٍ مَالًا وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یُنْفِقُ مِنْهُ مَا شَاءَ فِی حَیَاتِهَا ثُمَّ وَرِثَهَا هُوَ وَ وَلَدُهَا (2) قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ یُوصِیهِ فَإِذَا أَبْرَمْتَ مَا أَمَرْتُكَ (3) مِنْ أَمْرٍ فَكُنْ عَلَی أُهْبَةِ (4) الْهِجْرَةِ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ سِرْ إِلَیَّ لِقُدُومِ كِتَابِی عَلَیْكَ وَ لَا تَلْبَثْ (5) وَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِوَجْهٍ یَؤُمُّ الْمَدِینَةَ وَ كَانَ مُقَامُهُ فِی الْغَارِ ثَلَاثاً وَ مَبِیتُ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی الْفِرَاشِ أَوَّلَ لَیْلَةٍ.

قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ وَ قَدْ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَذْكُرُ (6) مَبِیتَهُ عَلَی الْفِرَاشِ وَ مُقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ:

وَقَیْتُ بِنَفْسِی خَیْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَی*** وَ مَنْ طَافَ بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ وَ بِالْحِجْرِ

مُحَمَّدٌ لَمَّا خَافَ أَنْ یَمْكُرُوا بِهِ***فَوَقَاهُ رَبِّی ذُو الْجَلَالِ مِنَ الْمَكْرِ

وَ بِتُّ أُرَاعِیهِمْ مَتَی یَنْشُرُونَنِی***وَ قَدْ وَطَّنْتُ نَفْسِی عَلَی الْقَتْلِ وَ الْأَسْرِ (7)

وَ بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ فِی الْغَارِ آمِناً***هُنَاكَ وَ فِی حِفْظِ الْإِلَهِ وَ فِی سَتْرٍ

ص: 63


1- فی المصدر: مثل ما نفعنی. و فیه: یفك من مالها.
2- فی المصدر: هو و ولدها بعد مماتها.
3- فی المصدر: و إذا قضیت ما أمرتك.
4- الاهبة: العدة یقال: أخذ للسفر اهبته.
5- فی المصدر: و انتظر قدوم كتابی إلیك و لا تلبث بعده.
6- فی المصدر: و قد قال علیّ بن أبی طالب علیه السلام شعرا یذكر فیه مبیته علی الفراش.
7- و فی بعض الروایات مكان البیت الثانی و الثالث هكذا: رسول إله خاف أن یمكروا به***فنجاه ذو الطول الاله من المكر وبت اراعیهم وما یثبتوننی***فقد وطنت نفسی علی القتل والاسر منه قدس سرّه

أَقَامَ ثَلَاثاً ثُمَّ زُمَّتْ قَلَائِصُ***قَلَائِصُ یَفْرِینَ الْحَصَی أَیْنَمَا تَفْرِی

وَ لَمَّا وَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ نَزَلَ فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ فَأَرَادَهُ (1) أَبُو بَكْرٍ عَلَی دُخُولِهِ الْمَدِینَةَ وَ أَلَاصَهُ (2) فِی ذَلِكَ فَقَالَ فَمَا (3) أَنَا بِدَاخِلِهَا حَتَّی یَقْدَمَ ابْنُ أُمِّی وَ ابْنَتِی (4) عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ.

قَالا قَالَ أَبُو الْیَقْظَانِ فَحَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ مَعَهُ بِقُبَاءَ عَمَّا أَرَادَتْ قُرَیْشٌ مِنَ الْمَكْرِ بِهِ وَ مَبِیتِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی فِرَاشِهِ قَالَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنِّی قَدْ آخَیْتُ بَیْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ صَاحِبِهِ فَأَیُّكُمَا یُؤْثِرُ أَخَاهُ وَ كِلَاهُمَا كَرِهَ (5) الْمَوْتَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمَا عَبْدَایَ أَلَّا كُنْتُمَا مِثْلَ وَلِیِّی عَلِیٍّ آخَیْتُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ نَبِیِّی فَآثَرَهُ بِالْحَیَاةِ عَلَی نَفْسِهِ ثُمَّ ظَلَّ أَوْ قَالَ رَقَدَ عَلَی فِرَاشِهِ یَقِیهِ (6) بِمُهْجَتِهِ اهْبِطَا إِلَی الْأَرْضِ جَمِیعاً فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِیكَائِیلُ عِنْدَ رِجْلَیْهِ وَ جَعَلَ جَبْرَئِیلُ یَقُولُ بَخْ بَخْ مَنْ مِثْلُكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُبَاهِی بِكَ الْمَلَائِكَةَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ مَا كَانَ مِنْ مَبِیتِهِ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ قَالَ أَبِی وَ ابْنُ أَبِی رَافِعٍ ثُمَّ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ كِتَاباً یَأْمُرُهُ فِیهِ بِالْمَسِیرِ إِلَیْهِ وَ قِلَّةِ التَّلَوُّمِ وَ كَانَ الرَّسُولُ إِلَیْهِ أَبَا وَاقِدٍ اللَّیْثِیَّ (7) فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَهَیَّأَ لِلْخُرُوجِ وَ الْهِجْرَةِ

ص: 64


1- فی نسخة: أداره أبو بكر علی دخول المدینة. أقول: لعله الصحیح، و المعنی: حاول إلزامه دخول المدینة.
2- من ألاص یلیص.
3- فی المصدر: ما أنا.
4- فی المصدر: حتی یقدم ابن عمی و ابنتی.
5- فی المصدر: و كلاهما كرها الموت.
6- فی المصدر: یفدیه بمهجته.
7- قیل: اسمه الحارث بن مالك، و قیل: ابن عوف، و قیل: اسمه عوف بن الحارث. مات سنة 68 و هو ابن خمس و ثمانین راجع التقریب: 617.

فَأَذِنَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَتَسَلَّلُوا وَ یَتَخَفَّفُوا (1) إِذَا مَلَأَ اللَّیْلُ بَطْنَ كُلِّ وَادٍ إِلَی ذِی طُوًی (2) وَ خَرَجَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِفَاطِمَةَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ وَ فَاطِمَةَ بِنْتِ الزُّبَیْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ قَدْ قِیلَ هِیَ ضُبَاعَةُ وَ تَبِعَهُمْ أَیْمَنُ بْنُ أُمِّ أَیْمَنَ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُو وَاقِدٍ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَسُوقُ بِالرَّوَاحِلِ فَأَعْنَفَ بِهِمْ فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ ارْفُقْ بِالنِّسْوَةِ أَبَا وَاقِدٍ إِنَّهُنَّ مِنَ الضَّعَائِفِ قَالَ إِنِّی أَخَافُ أَنْ یُدْرِكَنَا الطَّالِبُ أَوْ قَالَ الطُّلَّبُ فَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ ارْبَعْ عَلَیْكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَا عَلِیُّ إِنَّهُمْ لَنْ یَصِلُوا مِنَ الْآنَ إِلَیْكَ بِأَمْرٍ تَكْرَهُهُ ثُمَّ جَعَلَ یَعْنِی عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ یَسُوقُ بِهِنَّ سَوْقاً رَفِیقاً وَ هُوَ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ

لَیْسَ إِلَّا اللَّهَ فَارْفَعْ ظَنَّكَا***یَكْفِیكَ رَبُّ النَّاسِ مَا أَهَمَّكَا

وَ سَارَ فَلَمَّا شَارَفَ ضَجْنَانَ أَدْرَكَهُ الطُّلَّبُ سَبْعُ فَوَارِسَ مِنْ قُرَیْشٍ مُسْتَلْئِمِینَ (3) وَ ثَامِنُهُمْ مَوْلَی الْحَارِثِ بْنِ أُمَیَّةَ یُدْعَی جَنَاحاً فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی أَیْمَنَ وَ أَبِی وَاقِدٍ وَ قَدْ تَرَاءَی الْقَوْمُ فَقَالَ لَهُمَا أَنِیخَا الْإِبِلَ وَ اعْقِلَاهَا وَ تَقَدَّمَ حَتَّی أَنْزَلَ النِّسْوَةَ وَ دَنَا الْقَوْمُ فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُنْتَضِیاً سَیْفَهُ فَأَقْبَلُوا عَلَیْهِ فَقَالُوا ظَنَنْتَ أَنَّكَ یَا غَدَّارُ نَاجٍ بِالنِّسْوَةِ ارْجِعْ لَا أَبَا لَكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالُوا لَتُرْجَعُنَّ رَاغِماً أَوْ لَنَرْجِعَنَّ بِأَكْبَرِكَ سِعْراً (4) وَ أَهْوَنُ بِكَ مِنْ هَالِكٍ وَ دَنَا الْفَوَارِسُ مِنَ النِّسْوَةِ وَ الْمَطَایَا لِیَثُورُوهَا فَحَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهَا فَأَهْوَی لَهُ جَنَاحٌ بِسَیْفِهِ فَرَاغَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ ضَرْبَتِهِ وَ تَخْتُلُهُ عَلِیُّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَضَرَبَهُ عَلَی عَاتِقِهِ فَأَسْرَعَ السَّیْفُ مُضِیّاً فِیهِ حَتَّی مَسَّ كَاثِبَةَ فَرَسِهِ فَكَانَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَشُدُّ عَلَی قَدَمِهِ شَدَّ الْفَرَسِ أَوِ الْفَارِسِ عَلَی فَرَسِهِ فَشَدَّ عَلَیْهِمْ بِسَیْفِهِ وَ هُوَ یَقُولُ (5)

ص: 65


1- فی المصدر: و یتحفظوا.
2- ذو طوی مثلثة الطاء و ینون: موضع قرب مكّة.
3- فی المصدر: متلثمین.
4- فی نسخة و فی المصدر: باكثرك شعرا.
5- فی المصدر: حتی وصل إلی كائبة فرسه، فكان علیه السلام یشد علی قدمیه شد الفرس أو الفارس علی فرسه فغار علی أصحابه فشد علیهم بسیفه شد ضیغم و هو یرتجز و یقول.

خَلُّوا سَبِیلَ الْجَاهِدِ الْمُجَاهِدِ*** آلَیْتُ (1) لَا أَعْبُدُ غَیْرَ الْوَاحِدِ

فَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ عَنْهُ فَقَالُوا لَهُ أَغْنِ (2) عَنَّا نَفْسَكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فَإِنِّی مُنْطَلِقٌ إِلَی ابْنِ عَمِّی رَسُولِ اللَّهِ بِیَثْرِبَ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ أَفْرِیَ (3) لَحْمَهُ وَ أُهَرِیقَ دَمَهُ فَلْیَتَّبِعْنِی أَوْ فَلْیَدْنُ مِنِّی ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی صَاحِبَیْهِ أَیْمَنَ وَ أَبِی وَاقِدٍ فَقَالَ لَهُمَا أَطْلِقَا مَطَایَاكُمَا ثُمَّ سَارَ ظَاهِراً قَاهِراً حَتَّی نَزَلَ ضَجْنَانَ (4) فَتَلَوَّمَ (5) بِهَا قَدْرَ یَوْمِهِ وَ لَیْلَتِهِ وَ لَحِقَ بِهِ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ فِیهِمْ أُمُّ أَیْمَنَ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی لَیْلَتَهُ تِلْكَ هُوَ وَ الْفَوَاطِمُ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ فَاطِمَةُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الزُّبَیْرِ یُصَلُّونَ لِلَّهِ لَیْلَتَهُمْ وَ یَذْكُرُونَهُ قِیَاماً (6) وَ قُعُوداً وَ عَلَی جُنُوبِهِمْ فَلَنْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّی عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ سَارَ لِوَجْهِهِ فَجَعَلَ وَ هُمْ یَصْنَعُونَ ذَلِكَ مَنْزِلًا بَعْدَ مَنْزِلٍ یَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَرْغَبُونَ إِلَیْهِ كَذَلِكَ حَتَّی قَدِمَ الْمَدِینَةَ (7) وَ قَدْ نَزَلَ الْوَحْیُ بِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِهِمْ وَ یَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا إِلَی قَوْلِهِ فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّی لا أُضِیعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثی (8) الذَّكَرُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ الْأُنْثَی فَاطِمَةُ (9) عَلَیْهَا السَّلَامُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ یَقُولُ عَلِیٌ

ص: 66


1- أی حلفت.
2- فی نسخة من المصدر: احبس نفسك.
3- أفری الشی ء قطعه و شقه.
4- ضجنان كسكران: جبل قرب مكّة. و جبل آخر بالبادیة.
5- فی المصدر: فلبث.
6- فی المصدر: طورا یصلون، و طورا یذكرون اللّٰه قیاما إه. و قد سقط تفسیر الفواطم عن المصدر.
7- فی المصدر: ثم سار لوجهه یجوب منزلا بعد منزل لا یفتر عن ذكر اللّٰه، و الفواطم كذلك و غیرهم ممن صحبه حتّی قدموا المدینة.
8- آل عمران: 191- 195.
9- فی نسخة كررت فاطمة ثلاثا. و فی المصدر: الذكر علی، و الأنثی الفواطم المتقدم ذكرهن و هن فاطمة بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت الزبیر.

مِنْ فَاطِمَةَ أَوْ قَالَ الْفَوَاطِمِ وَ هُنَّ مِنْ عَلِیٍّ (1) فَالَّذِینَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أُوذُوا فِی سَبِیلِی وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ وَ تَلَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (2) قَالَ وَ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ أَنْتَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِیمَاناً بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَوَّلُهُمْ هِجْرَةً إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ آخِرُهُمْ عَهْداً بِرَسُولِهِ لَا یُحِبُّكَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ أَوْ كَافِرٌ. (3).

بَیَانٌ: اللَّقَی الْمُلْقَی عَلَی الْأَرْضِ وَ قِیلَ أَصْلُ اللَّقَی أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا طَافُوا خَلَعُوا ثِیَابَهُمْ وَ قَالُوا لَا نَطُوفُ فِی ثِیَابٍ عَصَیْنَا اللَّهَ فِیهَا فَیُلْقُونَهَا عَنْهُمْ وَ یُسَمُّونَ ذَلِكَ الثَّوْبَ لَقًی فَإِذَا قَضَوْا نُسُكَهُمْ لَمْ یَأْخُذُوهَا وَ تَرَكُوهَا بِحَالِهَا مُلْقَاةً وَ الرَّفَقُ بِالتَّحْرِیكِ الْكُدُورَةِ وَ یُقَالُ تَضَیَّفْتُهُ أَیْ نَزَلْتُ بِهِ وَ تَنَمَّرَ تَمَدَّدَ فِی الصَّوْتِ عِنْدَ الْوَعِیدِ وَ تَشَبَّهَ بِالنَّمِرِ وَ لَهُ تَنَكَّرَ وَ تَغَیَّرَ وَ أَوْعَدَهُ وَ حَدِبَ بِالْكَسْرِ تَعَطَّفَ وَ الْأُنْشُوطَةُ كَأُنْبُوبَةُ عُقْدَةٌ یَسْهُلُ انْحِلَالُهَا كَعُقَدِ التِّكَّةِ وَ كَتَفَ فُلَاناً شَدَّ یَدَیْهِ إِلَی خَلْفِهِ بِالْكِتَافِ وَ هُوَ حَبْلٌ یُشَدُّ بِهِ وَ الدَّكَادِكُ جَمْعُ الدَّكْدَاكِ وَ هُوَ أَرْضٌ فِیهَا غِلَظٌ وَ مِنَ الرَّمْلِ مَا تَكَبَّسَ أَوْ مَا الْتَبَدَ مِنْهُ بِالْأَرْضِ وَ الْإِرْبُ بِالْكَسْرِ الْعُضْوُ وَ الْأَفَارِیقُ جَمْعُ أَفْرَاقٍ وَ هُوَ جَمْعُ فِرَقٍ وَ هُوَ جَمْعُ فِرْقَةٍ وَ الطَّلَاوَةُ مُثَلَّثَةً الْحُسْنُ وَ الْبَهْجَةُ وَ الْقَبُولُ وَ الْمَقَانِبُ جَمْعُ الْمِقْنَبِ بِالْكَسْرِ وَ هُوَ جَمَاعَةُ الْخَیْلِ وَ الْفُرْسَانِ وَ النَّجْدُ بِالْفَتْحِ وَ كَكَتِفِ الشُّجَاعُ الْمَاضِی فِیمَا یَعْجِزُ عَنْهُ غَیْرُهُ وَ الْعَضْبُ الْقَطْعُ وَ التَّغْوِیرُ وَ التَّغَوُّرُ الدُّخُولُ فِی الشَّیْ ءِ وَ نَاهَضَهُ قَاوَمَهُ وَ تَنَاهَضُوا فِی الْحَرْبِ یَنْهَضُ كُلٌّ إِلَی صَاحِبِهِ وَ الْعَقْلُ الدِّیَةُ وَ یُقَالُ أَوْكَی عَلَی سَقَائِهِ إِذَا شَدَّهُ بِالْوَكَاءِ وَ هُوَ مَا یُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ وَ اسْتَتَبَّ الْأَمْرُ تَهَیَّأَ وَ اسْتَقَامَ وَ الْعِزَةُ الْفِرْقَةُ مِنَ النَّاسِ وَ الْجَمْعُ عِزُونَ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَی عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ

ص: 67


1- المصدر خال عن قوله: أو قال: الفواطم و هن من علی.
2- أشرنا قبلا، الی موضع الآیة.
3- أمالی ابن الشیخ: 295- 301.

عِزِینَ (1) وَ سُوَیْدَاءُ الْقَلْبِ حَبَّتُهُ وَ الْجَشَعُ أَشَدُّ الْحِرْصِ وَ الرَّصَدُ بِالتَّحْرِیكِ الْقَوْمُ یَرْصُدُونَ وَ یَرْقُبُونَ.

قَوْلُهُ فَلَمَّا خَلَقَ اللَّیْلُ أَیْ مَضَی كَثِیرٌ مِنْهُ كَمَا أَنَّ الثَّوْبَ یَخْلُقُ بِمُضِیِّ الزَّمَانِ عَلَیْهِ قَوْلُهُ وَ الْحُلُمُ قَالَ الْفِیرُوزَآبَادِیُّ الْحَلَمَةُ شَجَرَةُ السَّعْدَانِ و نَبَاتٌ آخَرُ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ هُوَ مَرْبِضُ الضَّبْیَةِ أَوْ كُنَاسُهَا قَوْلُهُ سَوَائِبُ تَسْیِیبُ الدَّوَابِّ إِرْسَالُهَا تَذْهَبُ وَ تَجِی ءُ كَیْفَ شَاءَتْ اسْتُعِیرَ هُنَا لِعَدَمِ الْمَنْعِ مِنَ الدَّارِ وَ كَوْنِهَا بِلَا بَابٍ وَ نَضَا السَّیْفَ وَ انْتَضَاهُ سَلَّهُ مِنْ غِمْدِهِ قَوْلُهُ خَتَلَهُ بِالتَّاءِ أَیْ خَدَعَهُ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَیْ حَبَسَهُ وَ مَنَعَهُ وَ الْهَمْزُ الْغَمْزُ وَ الضَّغْطُ وَ النَّخْسُ وَ الدَّفْعُ وَ الضَّرْبُ وَ الْعَضُّ وَ الْكَسْرُ وَ الْقَمْصُ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ وَ الْبُكْرُ بِالضَّمِّ وَ الْفَتْحِ وَلَدُ النَّاقَةِ أَوِ الْفَتِیُّ مِنْهَا وَ یُقَالُ رَغَا الْبَعِیرُ یَرْغُو رُغَاءً إِذَا ضَجَّ وَ ابْذَعَرَّ (2) تَفَرَّقَ قَوْلُهُ فِی عَرْجِ الدَّارِ أَیْ مُنْعَطَفِهَا أَوْ مَصْعَدِهَا وَ سُلَّمِهَا وَ أَجْفَلَ الْقَوْمُ هَرَبُوا مُسْرِعِینَ وَ یُقَالُ أَذْكَیْتُ عَلَیْهِ الْعُیُونَ إِذَا أَرْسَلْتَ عَلَیْهِ الطَّلَائِعَ قَوْلُهُ أَعْتَمَ أَیْ دَخَلَ فِی الْعَتَمَةِ وَ أَزْمَعَ عَلَی الْأَمْرِ ثَبَتَ عَلَیْهِ عَزْمُهُ وَ الْعَانِی الْأَسِیرُ وَ الْكَلُّ الْعِیَالُ وَ الثِّقْلُ وَ النَّائِبَةُ الْمُصِیبَةُ وَ النَّازِلَةُ وَ مَا یَقَعُ عَلَی الْقَوْمِ مِنَ الدِّیَاتِ وَ غَیْرِهَا وَ الْقَلَائِصُ جَمْعُ الْقَلُوصِ وَ هِیَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ وَ فَرَی الْأَرْضَ سَارَهَا وَ قَطَعَهَا وَ فِی الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَیْتٌ آخَرُ:

أَرَدْتُ بِهِ نَصْرَ الْإِلَهِ تَبَتُّلًا*** وَ أَضْمَرْتُهُ حَتَّی أُوَسَّدَ فِی قَبْرِی

(3) وَ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ یُقَالُ أَلَاصَهُ عَلَی كَذَا أَیْ أَدَارَهُ عَلَی الشَّیْ ءِ الَّذِی یَرُومُهُ مِنْهُ انْتَهَی.

أَقُولُ إِنَّمَا قَالَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ ابْنُ أُمِّی (4) لِأَنَّ فَاطِمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ

ص: 68


1- المعارج: 38.
2- قد عرفت قبلا أن الموجود فی المصدر: یذعر و یصیح، و هو الصحیح.
3- الدیوان: 60.
4- قد عرفت قبلا أن الموجود فی المصدر: یا بن عمی.

مُرَبِّیَةً لَهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ یُلَقِّبُهَا بِالْأُمِّ وَ لِذَا

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَاتَتْ أُمِّی بَلْ وَ اللَّهِ أُمِّی.

وَ التَّلَوُّمُ الِانْتِظَارُ وَ التَّمَكُّثُ قَوْلُهُ أَنْ یَتَسَلَّلُوا أَیْ یَذْهَبُوا خُفْیَةً وَ یَتَخَفَّفُوا أَیْ لَا یَحْمِلُوا مَعَهُمْ شَیْئاً یَثْقُلُ عَلَیْهِمْ وَ رَبَعَ كَمَنَعَ وَقَفَ وَ تَحَبَّسَ وَ مِنْهُ قَوْلُهُمْ ارْبَعْ عَلَیْكَ أَوْ عَلَی نَفْسِكَ أَوْ عَلَی ظَلْعِكَ قَوْلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَیْسَ إِلَّا اللَّهَ أَقُولُ فِی الدِّیوَانِ.

لَا شَیْ ءَ إِلَّا اللَّهُ فَارْفَعْ هَمَّكَا

(1) وَ اسْتَلْأَمَ الرَّجُلُ أَیْ لَبِسَ اللَّأْمَةَ وَ هِیَ الدِّرْعُ وَ الرَّوْغُ الْحِیدُ وَ الْمَیْلُ قَوْلُهُ وَ تَخْتُلُهُ لَعَلَّ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ أَخَذَ السَّیْفَ مِنْ یَدِهِ وَ الْكَاثِبَةُ مِنَ الْفَرَسِ مُقَدَّمُ الْمَنْسَجِ حَیْثُ تَقَعُ عَلَیْهِ یَدُ الْفَارِسِ.

«19»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَقَامَ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ الْبِعْثَةِ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ هَاجَرَ مِنْهَا إِلَی الْمَدِینَةِ بَعْدَ أَنِ اسْتَتَرَ فِی الْغَارِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ الْحَادِی عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ بَقِیَ بِهَا عَشْرَ سِنِینَ (2).

«20»-عم، إعلام الوری ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ فِی الْهِجْرَةِ وَ قَالَ اخْرُجْ عَنْ مَكَّةَ یَا مُحَمَّدُ فَلَیْسَ لَكَ بِهَا نَاصِرٌ بَعْدَ أَبِی طَالِبٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3) وَ أَقْبَلَ رَاعٍ لِبَعْضِ قُرَیْشٍ یُقَالُ لَهُ ابْنُ أُرَیْقِطٍ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ أُرَیْقِطٍ آتَمِنُكَ عَلَی دَمِی فَقَالَ إِذاً وَ اللَّهِ أَحْرِسُكَ وَ أَحْفَظُكَ وَ لَا أَدُلُّ عَلَیْكَ فَأَیْنَ تُرِیدُ یَا مُحَمَّدُ قَالَ یَثْرِبَ قَالَ لَأَسْلِكَنَّ بِكَ مَسْلَكاً لَا یَهْتَدِی فِیهَا أَحَدٌ (4) فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ائْتِ عَلِیّاً وَ بَشِّرْهُ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِی فِی الْهِجْرَةِ فَهَیِّئْ لِی زَاداً وَ رَاحِلَةً وَ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ائْتِ

ص: 69


1- الدیوان: 88.
2- قصص الأنبیاء: مخطوط.
3- فی إعلام الوری: و خرج رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم من الغار.
4- فی إعلام الوری: لا یهتدی إلیه احد.

أَسْمَاءَ ابْنَتِی وَ قُلْ لَهَا تُهَیِّئُ لِی زَاداً وَ رَاحِلَتَیْنِ وَ أَعْلِمْ عَامِرَ بْنَ فُهَیْرَةَ أَمْرَنَا وَ كَانَ مِنْ مَوَالِی أَبِی بَكْرٍ وَ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَ قُلْ لَهُ ائْتِنَا بِالزَّادِ وَ الرَّاحِلَتَیْنِ فَجَاءَ ابْنُ أُرَیْقِطٍ إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَبَعَثَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِزَادٍ وَ رَاحِلَةٍ وَ بَعَثَ ابْنُ فَهِیرَةَ بِزَادٍ وَ رَاحِلَتَیْنِ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْغَارِ وَ أَخَذَ بِهِ ابْنُ أُرَیْقِطٍ عَلَی طَرِیقِ نَخْلَةَ بَیْنَ الْجِبَالِ فَلَمْ یَرْجِعُوا إِلَی الطَّرِیقِ إِلَّا بِقُدَیْدٍ فَنَزَلُوا عَلَی أُمِّ مَعْبَدٍ هُنَاكَ وَ قَدْ مَرَّ حَدِیثُ شَاةِ أُمِّ مَعْبَدٍ وَ الْمُعْجِزَةُ الَّتِی ظَهَرَتْ فِیهَا فِی أَبْوَابِ الْمُعْجِزَاتِ وَ كَذَا حَدِیثُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِیِّ وَ رُسُوخِ قَوَائِمِ فَرَسِهِ فِی الْأَرْضِ وَ غَیْرِهِمَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ فَرَجَعَ عَنْهُ سُرَاقَةُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَافَتْهُ قُرَیْشٌ فَقَالُوا یَا سُرَاقَةُ هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ بَلَغَنِی أَنَّهُ خَرَجَ عَنْكُمْ وَ قَدْ نَفَضْتُ (1) هَذِهِ النَّاحِیَةَ لَكُمْ وَ لَمْ أَرَ أَحَداً وَ لَا أَثَراً فَارْجِعُوا فَقَدْ كَفَیْتُكُمْ مَا هَاهُنَا وَ قَدْ كَانَتِ الْأَنْصَارُ بَلَغَهُمْ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِمْ وَ كَانُوا یَتَوَقَّعُونَ قُدُومَهُ إِلَی أَنْ وَافَی مَسْجِدَ قُبَاءَ وَ نَزَلَ فَخَرَجَ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ یَسْتَبْشِرُونَ بِقُدُومِهِ (2).

إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی الْبَابِ الْآتِی.

«21»-یر، بصائر الدرجات عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُسَاوِرِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْغَارَ طَلَبَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ خَشِیَ أَنْ یَغْتَالَهُ الْمُشْرِكُونَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حِرَاءَ وَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی ثَبِیرٍ فَبَصُرَ بِهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا لَكَ یَا عَلِیُّ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی خَشِیتُ أَنْ یَغْتَالَكَ الْمُشْرِكُونَ فَطَلَبْتُكَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله نَاوِلْنِی یَدَكَ یَا عَلِیُّ فَزَحَفَ الْجَبَلُ حَتَّی خَطَا بِرِجْلِهِ إِلَی الْجَبَلِ الْآخَرِ ثُمَّ رَجَعَ الْجَبَلُ إِلَی قَرَارِهِ (3).

ص: 70


1- نفض المكان: نظر جمیع ما فیه حتّی یتعرفه و نفض الطریق تتبعها.
2- إعلام الوری: 41 و 42، قصص الأنبیاء: مخطوط.
3- بصائر الدرجات: 120.

ختص، الإختصاص إبراهیم بن محمد مثله (1)

بیان: زحف إلیه كمنع مشی قدما و فی بعض النسخ بالراء المهملة و الجیم (2) أی تحرك.

«22»-یر، بصائر الدرجات ابْنُ عِیسَی وَ ابْنُ أَبِی الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْكُنَاسِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْغَارِ وَ مَعَهُ أَبُو الْفَصِیلِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنِّی لَأَنْظُرُ الْآنَ إِلَی جَعْفَرٍ وَ أَصْحَابِهِ السَّاعَةَ تَعُومُ بِهِمْ سَفِینَتُهُمْ فِی الْبَحْرِ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِی مَجَالِسِهِمْ مُحْتَبِینَ بِأَفْنِیَتِهِمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْفَصِیلِ أَ تَرَاهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرِنِیهِمْ قَالَ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ فَنَظَرَ فَرَآهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ رَأَیْتَهُمْ قَالَ نَعَمْ وَ أَسَرَّ فِی نَفْسِهِ أَنَّهُ سَاحِرٌ (3).

بیان: أبو الفصیل أبو بكر و كان یكنی به فی زمانه أیضا لأن الفصیل ولد الناقة و البكر الفتی من الإبل و العوم السباحة و سیر السفینة.

«23»-یر، بصائر الدرجات مُوسَی بْنُ عُمَرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِیحٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ جُعِلْتُ فِدَاكَ سَمَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّیقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَیْفَ قَالَ حِینَ كَانَ مَعَهُ فِی الْغَارِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَأَرَی سَفِینَةَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ تَضْطَرِبُ فِی الْبَحْرِ ضَالَّةً قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ إِنَّكَ لَتَرَاهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَقْدِرُ أَنْ تُرِیَنِیهَا قَالَ ادْنُ مِنِّی قَالَ فَدَنَا مِنْهُ فَمَسَحَ عَلَی عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَرَأَی السَّفِینَةَ وَ هِیَ تَضْطَرِبُ فِی الْبَحْرِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی قُصُورِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ فَقَالَ فِی نَفْسِهِ الْآنَ صَدَّقْتُ أَنَّكَ سَاحِرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ الصِّدِّیقُ أَنْتَ (4).

ص: 71


1- الاختصاص: 324.
2- هو الموجود فی الاختصاص.
3- بصائر الدرجات: 125.
4- بصائر الدرجات: 125.

«24»-یج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ مَشْهُورٌ وَ هُوَ أَنَّهُ فِی تَوَجُّهِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ أَوَی إِلَی غَارٍ بِقُرْبِ مَكَّةَ یَعْتَوِرُهُ النُّزَّالُ وَ یَأْوِی إِلَیْهِ الرِّعَاءُ (1) قَلَّمَا یَخْلُو مِنْ جَمَاعَةٍ نَازِلِینَ یَسْتَرِیحُونَ بِهِ فَأَقَامَ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِ ثَلَاثاً لَا یَطُورُهُ بَشَرٌ وَ خَرَجَ الْقَوْمُ فِی أَثَرِهِ فَصَدَّهُمُ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ بَعَثَ عَنْكَبُوتاً فَنَسَجَتْ عَلَیْهِ فَآیَسَهُمْ مِنَ الطَّلَبِ فِیهِ وَ انْصَرَفُوا وَ هُوَ نَصْبُ أَعْیُنِهِمْ.

بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام و اللّٰه لا أطور به ما سمر سمیر:أی لا أقربه أبدا.

«25»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ نَفَراً مِنْ قُرَیْشٍ اجْتَمَعُوا وَ فِیهِمْ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ أُمَیَّةُ بْنُ أَبِی خَلَفٍ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُونِی (2) كُنْتُمْ مُلُوكاً فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ قَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَی أَبْصَارِهِمْ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَذَرَّهَا عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ قَرَأَ یس حَتَّی بَلَغَ الْعُشْرَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَبَا جَهْلٍ هَذَا یَزْعُمُ أَنِّی أَقُولُ إِنْ خَالَفْتُمُونِی فَإِنَّ لِی فِیكُمْ رِیحاً (3) وَ صَدَقَ وَ أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَامُوا یَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَ لَمْ یَشْعُرُوا بِهِ وَ لَا كَانُوا رَأَوْهُ.

«26»- یج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی خَرَجَ فِیهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْغَارِ كَانَتْ قُرَیْشٌ اخْتَارَتْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ رَجُلًا لِیَقْتُلُوا مُحَمَّداً فَاخْتَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَطْناً كَانَ فِیهِمْ أَبُو لَهَبٍ مِنْ بَطْنِ بَنِی هَاشِمٍ لِیَتَفَرَّقَ دَمُهُ فِی بُطُونِ قُرَیْشٍ فَلَا یُمْكِنَ بَنِی هَاشِمٍ أَنْ یَأْخُذُوا بَطْناً وَاحِداً

ص: 72


1- یعتوره أی ینزله كثیرا، و أوی البیت و إلی البیت: نزل فیه و الرعاء: جمع الراعی أی رعاة الماشیة.
2- فی نسخة: ان اتبعتموه. و المعنی واحد.
3- فی نسخة: ربحا. و لعله مصحف، و لعلّ المراد الریح التی استأصلتهم فی غزوة بدر أو التی كانت بغزوة الأحزاب و فی سیرة ابن هشام: 2: 95 فیكم ذبح، ثمّ بعثتم من بعد موتكم ثمّ جعلت لكم نار تحرقون فیها و فسر فی هامش نسخة أمین الضرب الریح بالغلبة. و القوّة و الرحمة و النصرة. و الدولة. و الشی ء الطیب و الرائحة. عن القاموس و لعلّ الأصحّ ما فی السیرة.

فَیَرْضَوْنَ عِنْدَ ذَلِكَ بِالدِّیَةِ فَیُعْطَوْنَ عَشْرَ دِیَاتٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ لَا یَخْرُجُ اللَّیْلَةَ أَحَدٌ مِنْ دَارِهِ (1) فَلَمَّا نَامَ الرَّسُولُ قَصَدُوا جَمِیعاً إِلَی بَابِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو لَهَبٍ یَا قَوْمِ إِنَّ فِی هَذِهِ الدَّارِ نِسَاءَ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنَاتِهِمْ وَ لَا نَأْمَنُ أَنْ تَقَعَ یَدٌ خَاطِئَةٌ إِذَا وَقَعَتِ الصَّیْحَةُ عَلَیْهِنَّ فَیَبْقَی ذَلِكَ عَلَیْنَا مَسَبَّةً وَ عَاراً إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ فِی الْعَرَبِ وَ لَكِنِ اقْعُدُوا بِنَا جَمِیعاً عَلَی الْبَابِ نَحْرِسُ مُحَمَّداً فِی مَرْقَدِهِ (2) فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَوَاثَبْنَا إِلَی الدَّارِ فَضَرَبْنَاهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ خَرَجْنَا فَإِلَی أَنْ تَجْتَمِعَ النَّاسُ (3) وَ قَدْ أَضَاءَ الصُّبْحُ فَیَزُولُ عَنَّا الْعَارُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَعَدُوا بِالْبَابِ یَحْرُسُونَهُ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَدَعَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ قُرَیْشاً دَبَّرَتْ كَیْتَ وَ كَیْتَ (4) فِی قَتْلِی فَنَمْ عَلَی فِرَاشِی حَتَّی أَخْرُجَ أَنَا مِنْ مَكَّةَ فَقَدْ أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ فَنِمْتُ عَلَی فِرَاشِهِ وَ فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ الْبَابَ وَ خَرَجَ عَلَیْهِمْ وَ هُمْ جَمِیعاً جُلُوسٌ یَنْتَظِرُونَ الْفَجْرَ وَ هُوَ یَقُولُ وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَیْناهُمْ فَهُمْ لا یُبْصِرُونَ (5) وَ مَضَی وَ هُمْ لَا یَرَوْنَهُ فَرَأَی أَبَا بَكْرٍ قَدْ خَرَجَ فِی اللَّیْلِ یَتَجَسَّسُ مِنْ خَبَرِهِ وَ قَدْ كَانَ وَقَفَ عَلَی تَدْبِیرِ قُرَیْشٍ مِنْ جِهَتِهِمْ فَأَخْرَجَهُ مَعَهُ إِلَی الْغَارِ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ تَوَاثَبُوا إِلَی الدَّارِ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنِّی مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَثَبْتُ فِی وُجُوهِهِمْ وَ صِحْتُ بِهِمْ فَقَالُوا عَلِیٌّ قُلْتُ نَعَمْ قَالُوا وَ أَیْنَ مُحَمَّدٌ قُلْتُ خَرَجَ مِنْ بَلَدِكُمْ قَالُوا إِلَی أَیْنَ خَرَجَ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ فَتَرَكُونِی وَ خَرَجُوا فَاسْتَقْبَلَهُمْ أَبُو كُرْزٍ الْخُزَاعِیُّ وَ كَانَ عَالِماً بِقَصَصِ الْآثَارِ فَقَالُوا یَا أَبَا كُرْزِ الْیَوْمَ نُحِبُّ أَنْ تُسَاعِدَنَا فِی قَصَصِ أَثَرِ مُحَمَّدٍ فَقَدْ خَرَجَ

ص: 73


1- فیه إیعاز إلی أن أبا بكر خرج من داره بعد ما نهاه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم عن ذلك.
2- المرقد: المضجع.
3- فی نسخة: فلما اجتمع الناس.
4- كیت و كیت بفتح التاء و قد یكسر: یكنی بهما عن الحدیث و الخبر و تستعملان بلا واو أیضا و لا تستعملان إلّا مكررتین.
5- یس: 9.

عَنِ الْبَلَدِ فَوَقَفَ عَلَی بَابِ الدَّارِ فَنَظَرَ إِلَی أَثَرِ رِجْلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هَذِهِ أَثَرُ قَدَمِ مُحَمَّدٍ وَ هِیَ وَ اللَّهِ أُخْتُ الْقَدَمِ الَّتِی فِی الْمَقَامِ وَ مَضَی بِهِ عَلَی أَثَرِهِ حَتَّی إِذَا صَارَ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی لَقِیَهُ فِیهِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ هُنَا قَدْ صَارَ مَعَ مُحَمَّدٍ آخَرُ وَ هَذِهِ قَدَمُهُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدَمَ أَبِی قُحَافَةَ أَوْ قَدَمَ ابْنِهِ فَمَضَی عَلَی ذَلِكَ إِلَی الْغَارِ فَانْقَطَعَ عَنْهُ الْأَثَرُ وَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْجَةً (1) فَبَاضَتْ عَلَی بَابِ الْغَارِ وَ بَعَثَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَی بَابِ الْغَارِ فَقَالَ مَا جَازَ مُحَمَّدٌ هَذَا الْمَوْضِعَ وَ لَا مَنْ مَعَهُ إِمَّا أَنْ یَكُونَا صَعِدَا إِلَی السَّمَاءِ أَوْ نَزَلَا فِی الْأَرْضِ فَإِنَّ بَابَ هَذَا الْغَارِ كَمَا تَرَوْنَ عَلَیْهِ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ وَ الْقَبْجَةُ حَاضِنَةٌ عَلَی بِیضِهَا بِبَابِ الْغَارِ (2) فَلَمْ یَدْخُلُوا الْغَارَ وَ تَفَرَّقُوا فِی الْجَبَلِ یَطْلُبُونَهُ وَ مِنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اضْطَرَبَ فِی الْغَارِ اضْطِرَاباً شَدِیداً خَوْفاً مِنْ قُرَیْشٍ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَیْهِمْ فَقَعَدَ وَاحِدٌ مِنْ قُرَیْشٍ مُسْتَقْبِلَ الْغَارِ یَبُولُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا قَدْ رَآنَا قَالَ كَلَّا لَوْ رَآنَا مَا اسْتَقْبَلَنَا بِعَوْرَتِهِ وَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَخَفْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا لَنْ یَصِلُوا إِلَیْنَا فَلَمْ یَسْكُنِ اضْطِرَابُهُ فَلَمَّا رَأَی صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ مِنْهُ رَفَسَ (3) ظَهْرَ الْغَارِ فَانْفَتَحَ مِنْهُ بَابٌ إِلَی بَحْرٍ وَ سَفِینَةٍ فَقَالَ لَهُ اسْكُنْ الْآنَ فَإِنَّهُمْ إِنْ دَخَلُوا مِنْ بَابِ الْغَارِ خَرَجْنَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَ رَكِبْنَا السَّفِینَةَ فَسَكَنَ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَالُوا إِلَی أَنْ یُمْسُوا فِی الطَّلَبِ فَیَئِسُوا وَ انْصَرَفُوا وَ وَافَی ابْنُ الْأُرَیْقِطِ بِأَغْنَامٍ یَرْعَاهَا إِلَی بَابِ الْغَارِ وَقْتَ اللَّیْلِ یُرِیدُ مَكَّةَ بِالْغَنَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ أَ فِیكَ مُسَاعَدَةٌ لَنَا قَالَ إِی وَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْقَبْجَةَ عَلَی بَابِ الْغَارِ حَاضِنَةً لِبِیضِهَا وَ لَا نَسَجَ الْعَنْكَبُوتُ عَلَیْهِ إِلَّا وَ أَنْتَ صَادِقٌ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (4) فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی هِدَایَتِكَ فَصِرِ الْآنَ إِلَی عَلِیٍّ فَعَرِّفْهُ مَوْضِعَنَا وَ مُرَّ بِالْغَنَمِ إِلَی أَهْلِهَا إِذْ نَامَ

ص: 74


1- القبج: طائر یشبه الحجل؛ و قیل: هو معرب كبك.
2- فی نسخة: علی باب الغار.
3- رفسه: ضربه. رفس اللحم و نحوه: دقه.
4- فی نسخة: و أنك رسول اللّٰه.

النَّاسُ وَ مُرَّ إِلَی عَبْدِ أَبِی بَكْرٍ فَصَارَ ابْنُ الْأُرَیْقِطِ إِلَی مَكَّةَ وَ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَی عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عَبْدُ أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَعِدَّ لَنَا یَا أَبَا الْحَسَنِ زَاداً وَ رَاحِلَةً وَ ابْعَثْهَا إِلَیْنَا وَ أَصْلِحْ مَا نَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ احْمِلْ وَالِدَتَكَ (1) وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَقْنَا بِهِمَا إِلَی یَثْرِبَ وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَبْدِهِ مِثْلَهُ فَفَعَلَا ذَلِكَ فَأَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ابْنَ الْأُرَیْقِطِ وَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدَهُ.

وَ مِنْهَا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا خَرَجَ وَ هَؤُلَاءِ أَصْبَحُوا مِنْ تِلْكَ اللَّیْلَةِ الَّتِی خَرَجُوا فِیهَا عَلَی حَیِّ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ فَلَمَّا نَظَرَ سُرَاقَةُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَتَّخِذُ یَداً عِنْدَ قُرَیْشٍ وَ رَكِبَ فَرَسَهُ وَ قَصَدَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا قَدْ لَحِقَ بِنَا هَذَا الشَّیْطَانُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ سَیَكْفِینَا أَمْرَهُ فَلَمَّا قَرُبَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ خُذْهُ فَارْتَطَمَ فَرَسُهُ فِی الْأَرْضِ فَصَاحَ یَا مُحَمَّدُ خَلِّصْ فَرَسِی لَا سَعَیْتُ لَكَ فِی مَكْرُوهٍ أَبَداً وَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ بِدُعَاءِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَخَلِّصْهُ فَوَثَبَ الْفَرَسُ فَقَالَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ سَتَمُرُّ بِرِعَائِی وَ عَبِیدِی فَخُذْ سَوْطِی فَكُلُّ مَنْ تَمُرُّ بِهِ فَخُذْ مَا شِئْتَ فَقَدْ حَكَّمْتُكَ فِی مَالِی فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی مَالِكَ قَالَ فَسَلْنِی حَاجَةً قَالَ رُدَّ عَنَّا مَنْ یَطْلُبُنَا مِنْ قُرَیْشٍ فَانْصَرَفَ سُرَاقَةُ فَاسْتَقْبَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی الطَّلَبِ فَقَالَ لَهُمُ انْصَرِفُوا عَنْ هَذَا الطَّرِیقِ فَلَمْ یَمُرَّ فِیهِ أَحَدٌ وَ أَنَا أَكْفِیكُمْ هَذَا الطَّرِیقَ فَعَلَیْكُمْ بِطَرِیقِ الْیَمَنِ وَ الطَّائِفِ.

وَ مِنْهَا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سَارَ حَتَّی نَزَلَ بِخَیْمَةِ أُمِّ مَعْبَدٍ فَطَلَبُوا عِنْدَهَا قِرًی (2) فَقَالَتْ مَا یَحْضُرُنِی شَیْ ءٌ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی شَاةٍ فِی نَاحِیَةِ الْخَیْمَةِ قَدْ تَخَلَّفَتْ مِنَ الْغَنَمِ لِضُرِّهَا فَقَالَ أَ تَأْذَنِینَ (3) فِی حَلَبِهَا قَالَتْ نَعَمْ وَ لَا خَیْرَ فِیهَا فَمَسَحَ یَدَهُ عَلَی ظَهْرِهَا فَصَارَتْ مِنْ أَسْمَنِ مَا یَكُونُ مِنَ الْغَنَمِ ثُمَّ مَسَحَ یَدَهُ عَلَی ظَهْرِهَا فَأَرْخَتْ ضَرْعاً عَجِیباً وَ دَرَّتْ لَبَناً كَثِیراً فَقَالَ یَا أُمَّ مَعْبَدٍ هَاتِی الْعُسَّ (4) فَشَرِبُوا

ص: 75


1- فی نسخة: و اصلح ما تحتاج إلیه لحمل والدتك.
2- القری: ما یقدم للضیف.
3- فی نسخة: أ تأذنینی.
4- العس بالضم: القدح، أو الاناء الكبیر.

جَمِیعاً حَتَّی رَوُوا فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّ مَعْبَدٍ ذَلِكَ قَالَتْ یَا حَسَنَ الْوَجْهِ إِنَّ لِی وَلَداً لَهُ سَبْعُ سِنِینَ وَ هُوَ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ لَا یَتَكَلَّمُ وَ لَا یَقُومُ فَأَتَتْهُ بِهِ فَأَخَذَ تَمْرَةً وَ قَدْ بَقِیَتْ فِی الْوِعَاءِ وَ مَضَغَهَا وَ جَعَلَهَا فِی فِیهِ فَنَهَضَ فِی الْحَالِ وَ مَشَی وَ تَكَلَّمَ وَ جَعَلَ نَوَاهَا فِی الْأَرْضِ فَصَارَتْ فِی الْحَالِ نَخْلَةً وَ قَدْ تَهَدَّلَ الرُّطَبُ مِنْهَا وَ كَانَ كَذَلِكَ صَیْفاً وَ شِتَاءً وَ أَشَارَ مِنَ الْجَوَانِبِ فَصَارَ مَا حَوْلَهَا مَرَاعِیَ وَ رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمَّا تُوُفِّیَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمْ تُرْطِبْ تِلْكَ النَّخْلَةُ وَ كَانَتْ خَضْرَاءَ فَلَمَّا قُتِلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمْ تَخْضَرَّ بَعْدُ وَ كَانَتْ بَاقِیَةً فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ عَلَیْهِ السَّلَامُ سَالَ مِنْهَا الدَّمُ فَیَبِسَتْ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو مَعْبَدٍ وَ رَأَی ذَلِكَ فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِهِ قَالَتْ مَرَّ بِی رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ مِنْ حَالِهِ وَ قِصَّتِهِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ یَا أُمَّ مَعْبَدٍ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ صَاحِبُ أَهْلِ الْمَدِینَةِ الَّذِی هُمْ یَنْتَظِرُونَهُ وَ وَ اللَّهِ مَا أَشُكُّ الْآنَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِی قَوْلِهِ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَلَیْسَ هَذَا إِلَّا مِنْ فِعْلِ اللَّهِ ثُمَّ قَصَدَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَآمَنَ هُوَ وَ أَهْلُهُ.

«27»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَالَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَیْنَ كُنْتَ حَیْثُ ذَكَرَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ (1) فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَیْلَكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ كُنْتُ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ طَرَحَ عَلَیَّ رَیْطَتَهُ فَأَقْبَلَ قُرَیْشٌ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ هِرَاوَةٌ فِیهَا شَوْكُهَا (2) فَلَمْ یُبْصِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلُوا عَلَیَّ یَضْرِبُونِّی حَتَّی یَنْفَطَ جَسَدِی وَ أَوْثَقُونِی بِالْحَدِیدِ وَ جَعَلُونِی فِی بَیْتٍ وَ اسْتَوْثَقُوا الْبَابَ بِقُفْلٍ وَ جَاءُوا بِعَجُوزٍ تَحْرُسُ الْبَابَ فَسَمِعْتُ صَوْتاً یَقُولُ یَا عَلِیُّ فَسَكَنَ الْوَجَعُ فَلَمْ أَجِدْهُ وَ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ فَإِذَا الْحَدِیدُ الَّذِی عَلَیَّ قَدْ تَقَطَّعَ ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً یَا عَلِیُّ فَإِذَا الْبَابُ فُتِحَ وَ خَرَجْتُ وَ الْعَجُوزُ لَا تَعْقِلُ (3).

بیان: الریطة الملاءة إذا كانت قطعة واحدة و لم تكن لفقین و النفطة

ص: 76


1- التوبة: 40.
2- الهراوة العصا الضخمة كصراوة الفأس و المعول. و الشوك: السلاح.
3- لم نجد الحدیث و لا ما تقدم قبله فی الخرائج المطبوع و قد أشرنا كرارا أن نسخة المؤلّف قدس اللّٰه سره كانت تزید علی المطبوع، و كان المطبوع مختصرا منها.

الجدری و البثرة و قد نفطت كفه كفرحت قرحت عملا أو مجلت (1) و أنفطها العمل.

«28»-قب، المناقب لابن شهرآشوب عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ مَا زَالَ أَبُو كُرْزٍ الْخُزَاعِیُّ یَقْفُو أَثَرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَقَفَ عَلَی بَابِ الْحَجَرِ یَعْنِی الْغَارَ فَقَالَ هَذِهِ قَدَمُ مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ أُخْتُ الْقَدَمِ الَّتِی فِی الْمَقَامِ وَ قَالَ هَذِهِ قَدَمُ أَبِی قُحَافَةَ أَوِ ابْنِهِ وَ قَالَ مَا جَازُوا هَذَا الْمَكَانَ إِمَّا أَنْ یَكُونُوا صَعِدُوا فِی السَّمَاءِ أَوْ دَخَلُوا فِی الْأَرْضِ وَ جَاءَ فَارِسٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِی صُورَةِ الْإِنْسِ فَوَقَفَ عَلَی بَابِ الْغَارِ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُمُ اطْلُبُوهُ فِی هَذِهِ الشِّعَابِ فَلَیْسَ هَاهُنَا وَ تَبِعَهُ الْقَوْمُ فَعَمَّی اللَّهُ أَثَرَهُ وَ هُوَ نَصْبُ أَعْیُنِهِمْ وَ صَدَّهُمْ عَنْهُ وَ هُمْ دُهَاةُ الْعَرَبِ وَ كَانَ الْغَارُ ضَیِّقَ الرَّأْسِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّسَعَ بَابُهُ فَدَخَلَ بِالنَّاقَةِ فَعَادَ الْبَابُ وَ ضَاقَ كَمَا كَانَ فِی الْأَوَّلِ.

الْوَاقِدِیُّ لَمَّا خَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْغَارِ فَبَلَغَ الْجَبَلَ وَجَدَهُ مُصْمَتاً (2) فَانْفَرَجَ حَتَّی دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْغَارَ.

زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ أَنَسٌ وَ الْمُغِیرَةُ أَمَرَ اللَّهُ شَجَرَةً صَغِیرَةً فَنَبَتَتْ فِی وَجْهِ الْغَارِ وَ أَمَرَ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ فِی وَجْهِهِ وَ أَمَرَ حَمَامَتَیْنِ وَحْشِیَّتَیْنِ فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ أَنْبَتَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی بَابِ الْغَارِ ثُمَامَةً وَ هِیَ شَجَرَةٌ صَغِیرَةٌ.

الزُّهْرِیُّ وَ لَمَّا قَرُبُوا مِنَ الْغَارِ بِقَدْرِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً تَعَجَّلَ بَعْضُهُمْ لِیَنْظُرَ مَنْ فِیهِ فَرَجَعَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ مَا لَكَ لَا تَنْظُرُ فِی الْغَارِ فَقَالَ رَأَیْتُ حَمَامَتَیْنِ بِفَمِ الْغَارِ فَعَلِمْتُ أَنْ لَیْسَ فِیهِ أَحَدٌ وَ سَمِعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَالَ فَدَعَا لَهُنَّ (3) وَ فَرَضَ جَزَاءَهُنَّ فَانْحَدَرْنَ فِی الْحَرَمِ

ص: 77


1- مجلت یده: ظهر فیها المجل. و المجل أن یكون بین الجلد و اللحم ماء من كثرة العمل. یقال للمجل بالفارسیة: آبله أو تاول.
2- المصمت وزان اسم المفعول: الذی لا جوف له. باب مصمت: مغلق مبهم اغلاقه. حائط مصمت: لا فرجة فیه.
3- أی للحمامات. و الجمع باعتبار جماعة الحمامة و جنسها.

وَ رَأَی أَبُو بَكْرٍ وَاحِداً یَبُولُ قِبَلَهُمْ فَقَالَ قَدْ أَبْصَرُونَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَبْصَرُونَا لَمَا اسْتَقْبَلُونَا بِعَوْرَاتِهِمْ (1).

«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: كَانَتْ خَدِیجَةُ مَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِیجَةَ بِسَنَةٍ فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَنَأَ (2) الْمُقَامَ بِمَكَّةَ وَ دَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِیدٌ وَ أَشْفَقَ عَلَی نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارِ قُرَیْشٍ فَشَكَا إِلَی جَبْرَئِیلَ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ مِنَ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ هَاجِرْ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَیْسَ لَكَ الْیَوْمَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ وَ انْصِبْ لِلْمُشْرِكِینَ حَرْباً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ (3).

«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (4) فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام حِینَ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ اضْطَجَعَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا طَلَبَتْهُ كُفَّارُ قُرَیْشٍ (5).

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَدَی عَلِیٌّ علیه السلام بِنَفْسِهِ لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ یَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَ عَلِیٌّ علیه السلام نَائِمٌ وَ أَبُو بَكْرٍ یَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِیُّ اللَّهِ فَقَالَ أَیْنَ نَبِیُّ اللَّهِ فَقَالَ عَلِیٌّ إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَیْمُونٍ فَأَدْرَكَ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ وَ جَعَلَ علیه السلام یُرْمَی بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ یُرْمَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَتَضَوَّرُ قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فَقَالُوا إِنَّكَ كُنْتَ (6) لَوْ كَانَ صَاحِبُكَ لَا یَتَضَوَّرُ قَدِ اسْتَنْكَرْنَا

ص: 78


1- مناقب آل أبی طالب 1: 111.
2- أی كره و أبغض المقام بها.
3- تفسیر العیّاشیّ ج 1: 257.
4- البقرة: 206.
5- تفسیر العیّاشیّ ج 1: 101.
6- هذا یوافق ما یأتی عن الطبریّ و ابن حنبل، و أمّا سائر الروایات ففیها انه لقیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی الطریق، و لعلّ التوفیق بینهما ان النبیّ صلّی اللّٰه علیه.

ذَلِكَ مِنْكَ (1).

بیان: قال الجزری فیه أنه دخل علی امرأة و هی تتضور من شدة الحمی أی تتلوی و تصیح و تتقلب ظهرا لبطن و قیل تتضور تظهر الضور بمعنی الضر یقال ضاره یضوره و یضیره.

«32»-قب، المناقب لابن شهرآشوب تَارِیخُ الطَّبْرَسِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَزَلَ بِقُبَاءَ عَلَی أُمِّ كُلْثُومٍ (2) بِنْتِ هِدْمٍ وَقْتَ الْهِجْرَةِ لَیْلَتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَرَآهَا تَخْرُجُ كُلَّ لَیْلَةٍ نِصْفَ اللَّیْلِ

ص: 79


1- أی قالوا ذلك بعد ما عرفوه انه علی. و فی نسخة: قد استكثرنا منك. و روی الحدیث الخوارزمی فی مناقبه: 75 بإسناده عن الشیخ الزاهد ابی الحسن علیّ بن أحمد العاصمی الخوارزمی قال: أخبرنی شیخ القضاة إسماعیل بن أحمد الواعظ، أخبرنی والدی أبو بكر أحمد بن الحسین البیهقیّ، أخبرنی أبو عبد اللّٰه الحافظ، أخبرنی أحمد بن جعفر القطیعی، حدّثنی عبد اللّٰه بن أحمد بن حنبل، أخبرنی أبی، حدّثنی یحیی بن معاذ، حدّثنی أبو عوانة، حدّثنا أبو ثلج حدّثنی عمر بن میمون، عن ابن عبّاس. و فیه: و هو یتضور قد لف رأسه فی الثوب لا یخرجه حتی أصبح، ثمّ كشف عن رأسه، فقالوا: انك لئیم، و قد كان صاحبك لا یتضور و نحن نرمیه و انت تتضور، و قد استنكرنا ذلك. أقول : أبوعبداللّٰه الحافظ هو محمد بن عبداللّٰه الحاكم النیسابوری روی الحدیث فی المستدرك ٣ : ١٣٢ واسناد الخوارزمی فیه أوهام لعلها من النساخ والصحیح كما فی المستدرك یحیی بن حماد « وهو ابن أبی زیاد الشیبانی ختن أبی عوانة » حدثنا ابوعوانة ، حدثنا ابوبلج « بفتح الباء وسكون اللام هو الفزاری الواسطی ، ویقال : الكوفی الكبیر ، واسمه یحیی بن سلیم بن بلج ، ویقال : ابن ابی سلیم ، ویقال : یحیی بن الاسود » حدثنا عمرو بن میمون. « هو عمرو بن میمون الاودی ابوعبداللّٰه ، ویقال : ابویحیی مخضرم مشهور ثقة عابد نزل الكوفة مات سنة ٧٤ _ او _ بعدها » وفی المستدرك : انك للئیم. والحدیث فی تفسیر العیاش : ج ١ : ١٠١. واخرجه البحرانی ایضا فی البرهان : ١ : ٢٠٧. وكذا الحدیث الذی قبله.
2- فیه وهم، و قد دخل حدیث فی حدیث آخر، و الصحیح: نزل علی كلثوم بن هدم كما فی سیرة ابن هشام والطبری وامتاع الاسماع وغیرها والرجل أبوقیس كلثوم بن هدم بن امرئ القیس بن الحارث بن زید بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الاوس ، هذا علی قول من یقول : إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله نزل علی كلثوم ، وما علی ما قیل : من انه نزل علی سعد بن خیثمة ، فیلزم أن یكون نزول علی علیه السلام ایضا علیه ، لان المعروف والمشهور بین أصحاب التواریخ انه نزل مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله : وقیل : ان علیا نزل علی امرأة مسلمة لا زوج لها. وفی ذلك الحدیث أن سهل بن حنیف یأتیها فیعطیها شیئا إه والحدیث لم نظفر به فی المناقب ، وقد ذكر فی حدیث آخر انه نزل علی كلثوم بن هدم.

إِلَی طَارِقٍ وَ تَأْخُذُ مِنْهُ شَیْئاً فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ هَذَا سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ قَدْ عَرَفَ أَنِّی امْرَأَةٌ لَا أَحَدَ لِی فَإِذَا أَمْسَی عَدَا عَلَی أَوْثَانِ قَوْمِهِ فَكَسَرَهَا ثُمَّ جَاءَنِی بِهَا وَ قَالَ احْتَطِبِی بِهَذَا فَكَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَحْتَرِمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام وَ مَعِی الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ إِنَّهُمْ یَحْتَجُّونَ عَلَیْنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ قَالَ وَ مَا لَهُمْ فِی ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ قَالَ اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَی رَسُولِهِ وَ مَا ذَكَرَهُ فِیهَا بِخَیْرٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَنَا جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ هَكَذَا تَقْرَءُونَهَا قَالَ هَكَذَا قَرَأْتُهَا.

قَالَ زُرَارَةُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَی رَسُولِهِ أَ لَا تَرَی أَنَّ السَّكِینَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ عَلَی رَسُولِهِ وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِینَ كَفَرُوا السُّفْلی فَقَالَ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِی یَتَكَلَّمُ بِهِ عَتِیقٌ- رَوَاهُ الْحَلَبِیُّ عَنْهُ (1)

«34»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی النَّبِیِّ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْعَلِیَّ الْأَعْلَی یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ (2) وَ یَقُولُ لَكَ إِنَّ أَبَا جَهْلٍ وَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَیْشٍ قَدْ دَبَّرُوا یُرِیدُونَ قَتْلَكَ وَ أَمَرَكَ أَنْ تُبِیتَ (3) عَلِیّاً فِی مَوْضِعِكَ وَ قَالَ لَكَ إِنَّ مَنْزِلَتَهُ مَنْزِلَةُ إِسْمَاعِیلَ الذَّبِیحِ مِنْ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ یَجْعَلُ نَفْسَهُ لِنَفْسِكَ فِدَاءً وَ رُوحَهُ لِرُوحِكَ وِقَاءً وَ أَمَرَكَ

ص: 80


1- تفسیر العیّاشیّ ج 2: 88.
2- فی نسخة: یقرئك السلام.
3- فی نسخة من المصدر: ان تثبت.

أَنْ تَسْتَصْحِبَ أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ إِنْ آنَسَكَ وَ سَاعَدَكَ وَ وَازَرَكَ وَ ثَبَتَ عَلَی مَا یُعَاهِدُكَ وَ یُعَاقِدُكَ كَانَ فِی الْجَنَّةِ مِنْ رُفَقَائِكَ وَ فِی غُرُفَاتِهَا مِنْ خُلَصَائِكَ (1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أَ رَضِیتَ أَنْ أُطْلَبَ (2) فَلَا أُوْجَدَ وَ تُوجَدَ فَلَعَلَّهُ أَنْ یُبَادِرَ إِلَیْكَ الْجُهَّالُ فَیَقْتُلُوكَ قَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِیتُ أَنْ یَكُونَ رُوحِی لِرُوحِكَ وِقَاءً وَ نَفْسِی لِنَفْسِكَ فِدَاءً بَلْ رَضِیتُ أَنْ یَكُونَ رُوحِی وَ نَفْسِی فِدَاءً لِأَخٍ لَكَ أَوْ قَرِیبٍ أَوْ لِبَعْضِ الْحَیَوَانَاتِ تَمْتَهِنُهَا (3) وَ هَلْ أُحِبُّ الْحَیَاةَ إِلَّا لِخِدْمَتِكَ وَ التَّصَرُّفِ بَیْنَ أَمْرِكَ وَ نَهْیِكَ وَ لِمَحَبَّةِ أَوْلِیَائِكَ وَ نُصْرَةِ أَصْفِیَائِكَ وَ مُجَاهَدَةِ أَعْدَائِكَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِیشَ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا سَاعَةً وَاحِدَةً فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ قَدْ قَرَأَ عَلَیَّ كَلَامَكَ هَذَا الْمُوَكَّلُونَ بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَ قَرَءُوا عَلَیَّ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنْ ثَوَابِهِ فِی دَارِ الْقَرَارِ مَا لَمْ یَسْمَعْ بِمِثْلِهِ السَّامِعُونَ وَ لَا رَأَی مِثْلَهُ الرَّاءُونَ وَ لَا خَطَرَ مِثْلَهُ بِبَالِ الْمُتَفَكِّرِینَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی بَكْرٍ أَ رَضِیتَ أَنْ تَكُونَ مَعِی یَا أَبَا بَكْرٍ تُطْلَبُ كَمَا أُطْلَبُ وَ تُعْرَفُ بِأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِی تَحْمِلُنِی عَلَی مَا أَدَّعِیهِ فَتَحْمِلُ عَنِّی أَنْوَاعَ الْعَذَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا أَنَا لَوْ عِشْتُ عُمُرَ الدُّنْیَا أُعَذَّبُ فِی جَمِیعِهَا أَشَدَّ عَذَابٍ لَا یَنْزِلُ عَلَیَّ مَوْتٌ مُرِیحٌ وَ لَا مَنْهَجٌ مُتِیحٌ (4) وَ كَانَ ذَلِكَ فِی مَحَبَّتِكَ لَكَانَ ذَلِكَ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَتَنَعَّمَ فِیهَا وَ أَنَا مَالِكٌ لِجَمِیعِ مَمَالِكِ مُلُوكِهَا فِی مُخَالَفَتِكَ وَ هَلْ أَنَا وَ مَالِی وَ وُلْدِی إِلَّا فِدَاؤُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا جَرَمَ إِنِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِكَ وَ وَجَدَ مَا فِیهِ مُوَافِقاً لِمَا جَرَی عَلَی لِسَانِكَ جَعَلَكَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ مَنْزِلَةِ الرُّوحِ مِنَ الْبَدَنِ كَعَلِیٍّ الَّذِی هُوَ مِنِّی كَذَلِكَ وَ عَلَی فَوْقِ ذَلِكَ لِزِیَادَةِ فَضَائِلِهِ وَ شَرَفِ خِصَالِهِ یَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ مَنْ عَاهَدَ (5) ثُمَّ لَمْ یَنْكُثْ وَ لَمْ یُغَیِّرْ وَ لَمْ یُبَدِّلْ وَ لَمْ یَحْسُدْ مَنْ قَدْ أَبَانَهُ اللَّهُ (6)

ص: 81


1- الحدیث متفرد بهذا التفصیل فتأمل.
2- فی نسخة: إذ اطلب.
3- امتهن الشی ء: احتقره و ابتذله.
4- فی المصدر و فی نسخة: و لا فرج متبح، و فی نسخة اخری: و لا فرج منج.
5- فی نسخة: من عامل اللّٰه. و فی المصدر: من عاهد اللّٰه ثمّ لم ینكثه.
6- فی نسخة من المصدر: من قد أثابه اللّٰه.

بِالتَّفْضِیلِ فَهُوَ مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی وَ إِذَا أَنْتَ مَضَیْتَ عَلَی طَرِیقَةٍ یُحِبُّهَا مِنْكَ رَبُّكَ وَ لَمْ تَتْبَعْهَا بِمَا یُسْخِطُ (1) وَ وَافَیْتَهُ بِهَا إِذَا بَعَثَكَ بَیْنَ یَدَیْهِ كُنْتَ لِوَلَایَةِ اللَّهِ مُسْتَحِقّاً وَ لِمُرَافَقَتِنَا فِی تِلْكَ الْجِنَانِ مُسْتَوْجِباً انْظُرْ أَبَا بَكْرٍ فَنَظَرَ فِی آفَاقِ السَّمَاءِ فَرَأَی أَمْلَاكاً مِنْ نَارٍ عَلَی أَفْرَاسٍ مِنْ نَارٍ بِأَیْدِیهِمْ رِمَاحٌ مِنْ نَارٍ وَ كُلٌّ یُنَادِی یَا مُحَمَّدُ مُرْنَا بِأَمْرِكَ فِی مُخَالِفِیكَ نُطَحْطِحْهُمْ ثُمَّ قَالَ تَسَمَّعْ عَلَی الْأَرْضِ فَتَسَمَّعَ (2) فَإِذَا هِیَ تُنَادِی یَا مُحَمَّدُ مُرْنِی بِأَمْرِكَ فِی أَعْدَائِكَ أَمْتَثِلْ أَمْرَكَ ثُمَّ قَالَ تَسَمَّعْ عَلَی الْجِبَالِ فَسَمِعَهَا تُنَادِی یَا مُحَمَّدُ مُرْنَا بِأَمْرِكَ فِی أَعْدَائِكَ نُهْلِكْهُمْ ثُمَّ قَالَ تَسَمَّعْ عَلَی الْبِحَارِ فَأُحْضِرَتِ الْبِحَارُ بِحَضْرَتِهِ وَ صَاحَتِ أَمْوَاجُهَا یَا مُحَمَّدُ مُرْنَا بِأَمْرِكَ فِی أَعْدَائِكَ نَمْتَثِلْهُ ثُمَّ سَمِعَ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْجِبَالَ وَ الْبِحَارَ كُلٌّ یَقُولُ یَا مُحَمَّدُ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ بِدُخُولِ الْغَارِ لِعَجْزِكَ عَنِ الْكُفَّارِ وَ لَكِنِ امْتِحَاناً وَ ابْتِلَاءً لِیُخَلِّصَ (3) الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ مِنْ عِبَادِهِ وَ إِمَائِهِ بِأَنَاتِكَ (4) وَ صَبْرِكَ وَ حِلْمِكَ عَنْهُمْ یَا مُحَمَّدُ مَنْ وَفَی بِعَهْدِكَ فَهُوَ مِنْ رُفَقَائِكَ فِی الْجِنَانِ وَ مَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ هُوَ مِنْ قُرَنَاءِ إِبْلِیسَ اللَّعِینِ فِی طَبَقَاتِ النِّیرَانِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ الرُّوحِ مِنَ الْبَدَنِ حُبِّبْتَ إِلَیَّ كَالْمَاءِ الْبَارِدِ إِلَی ذِی الْغُلَّةِ الصَّادِی ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا أَبَا حَسَنٍ تَغَشَّ بِبُرْدَتِی فَإِذَا أَتَاكَ الْكَافِرُونَ یُخَاطِبُونَكَ فَإِنَّ اللَّهَ یَقْرِنُ بِكَ تَوْفِیقَهُ وَ بِهِ تُجِیبُهُمْ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو جَهْلٍ وَ الْقَوْمُ شَاهِرُونَ سُیُوفَهُمْ قَالَ لَهُمْ أَبُو جَهْلٍ لَا تَقَعُوا بِهِ وَ هُوَ نَائِمٌ لَا یَشْعُرُ وَ لَكِنِ ارْمُوهُ بِالْأَحْجَارِ لِیَتَنَبَّهَ بِهَا ثُمَّ اقْتُلُوهُ فَرَمَوْهُ بِأَحْجَارٍ ثِقَالٍ صَائِبَةٍ فَكَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ مَا ذَا شَأْنُكُمْ فَعَرَفُوهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ أَ مَا تَرَوْنَ مُحَمَّداً كَیْفَ أَبَاتَ هَذَا وَ نَجَا بِنَفْسِهِ لِتَشْتَغِلُوا بِهِ

ص: 82


1- فی المصدر: و لا تتبعها بما یسخطه.
2- تسمع الرجل و إلیه: أصغی إلیه.
3- فی المصدر: لیتخلص.
4- الاناة: الوقار و الحلم: الانتظار و التمهل.

وَ یَنْجُو مُحَمَّدٌ لَا تَشْتَغِلُوا بِعَلِیٍّ الْمَخْدُوعِ لِیَنْجُوَ بِهَلَاكِهِ مُحَمَّدٌ وَ إِلَّا فَمَا مَنَعَهُ أَنْ یَبِیتَ فِی مَوْضِعِهِ إِنْ كَانَ رَبُّهُ یَمْنَعُ عَنْهُ كَمَا یَزْعُمُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ لِی (1) تَقُولُ هَذَا یَا بَا جَهْلٍ بَلِ اللَّهُ قَدْ أَعْطَانِی مِنَ الْعَقْلِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَی جَمِیعِ حمقاء (حَمْقَی) الدُّنْیَا وَ مَجَانِینِهَا لَصَارُوا بِهِ عُقَلَاءَ وَ مِنَ الْقُوَّةِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَی جَمِیعِ ضُعَفَاءِ الدُّنْیَا لَصَارُوا بِهِ أَقْوِیَاءَ وَ مِنَ الشَّجَاعَةِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَی جَمِیعِ جُبَنَاءِ الدُّنْیَا لَصَارُوا بِهِ شُجْعَاناً وَ مِنَ الْحِلْمِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَی جَمِیعِ سُفَهَاءِ الدُّنْیَا لَصَارُوا بِهِ حُلَمَاءَ وَ لَوْ لَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی أَنْ لَا أُحْدِثَ حَدَثاً حَتَّی أَلْقَاهُ لَكَانَ لِی وَ لَكُمْ شَأْنٌ وَ لَأَقْتُلَنَّكُمْ قَتْلًا وَیْلَكَ یَا أَبَا جَهْلٍ إِنَّ مُحَمَّداً قَدِ اسْتَأْذَنَهُ فِی طَرِیقِهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ الْجِبَالُ وَ الْبِحَارُ فِی إِهْلَاكِكُمْ فَأَبَی إِلَّا أَنْ یَرْفُقَ بِكُمْ وَ یُدَارِیَكُمْ لِیُؤْمِنَ مَنْ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَیُؤْمِنُ مِنْكُمْ وَ یَخْرُجَ مُؤْمِنُونَ مِنْ أَصْلَابِ وَ أَرْحَامِ كَافِرِینَ وَ كَافِرَاتٍ أَحَبَّ اللَّهُ أَنْ لَا یَقْطَعَهُمْ عَنْ كَرَامَتِهِ بِاصْطِلَامِهِمْ (2) وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَهْلَكَكُمْ رَبُّكُمْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ لَا یَدْعُوكُمْ إِلَی طَاعَتِهِ وَ أَنْتُمْ مُضْطَرُّونَ بَلْ مَكَّنَكُمْ بِمَا كَلَّفَكُمْ وَ قَطَعَ مَعَاذِیرَكُمْ فَغَضِبَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامٍ أَخُو أَبِی جَهْلٍ (3) فَقَصَدَهُ بِسَیْفِهِ فَرَأَی الْجِبَالَ قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَقَعَ عَلَیْهِ وَ الْأَرْضَ قَدِ انْشَقَّتْ لِتَخْسِفَ بِهِ وَ أَمْوَاجَ الْبِحَارِ نَحْوَهُ مُقْبِلَةً لِتُغْرِقَهُ فِی الْبَحْرِ وَ رَأَی السَّمَاءَ انْحَطَّتْ لِتَقَعَ عَلَیْهِ فَسَقَطَ سَیْفُهُ وَ خَرَّ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ وَ احْتُمِلَ وَ یَقُولُ أَبُو جَهْلٍ دِیرَ بِهِ (4) لِصَفْرَاءَ هَاجَتْ بِهِ یُرِیدُ أَنْ یُلَبِّسَ عَلَی مَنْ مَعَهُ أَمْرَهُ فَلَمَّا الْتَقَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ صَوْتَكَ فِی مُخَاطَبَتِكَ

ص: 83


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: أنی تقول یا أبا جهل.
2- فی المصدر: أحب اللّٰه أن لا یقتطعهم عن كرامته باصطلامكم. أقول الاصطلام: الاستئصال.
3- خلا المصدر المطبوع و المخطوط الذی عندی عن قوله: «أخو أبی جهل» و هو الصحیح لان أبا البختری و أبا جهل لیسا بأخوین، فان أبا البختری هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزی بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤی. علی قول ابن إسحاق و ابن الكلبی، و العاص بن هاشم علی قول ابن هشام و مصعب الزبیری، و أبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغیرة بن عبد اللّٰه بن عمر بن مخزوم بن یقظة بن مرة بن كعب بن لؤی.
4- فی المصدر: دثر به.

أَبَا جَهْلٍ إِلَی الْعُلْوِ وَ بَلَغَهُ إِلَی الْجِنَانِ فَقَالَ مَنْ فِیهَا مِنَ الْخُزَّانِ وَ الْحُورِ الْحِسَانِ مَنْ هَذَا الْمُتَعَصِّبُ لِمُحَمَّدٍ إِذْ قَدْ كَذَّبُوهُ وَ هَجَرُوهُ قِیلَ لَهُمْ هَذَا النَّائِبُ عَنْهُ وَ الْبَائِتُ عَلَی فِرَاشِهِ یَجْعَلُ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وِقَاءً وَ رُوحَهُ لِرُوحِهِ فِدَاءً فَقَالَ الْخُزَّانُ وَ الْحُورُ الْحِسَانُ یَا رَبَّنَا فَاجْعَلْنَا خُزَّانَهُ وَ قَالَتِ الْحُورُ الْحِسَانُ فَاجْعَلْنَا نِسَاءَهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَنْتُمْ لَهُ وَ لِمَنِ اخْتَارَهُ وَ هُوَ مِنْ أَوْلِیَائِهِ (1) وَ مُحِبِّیهِ یَقْسِمُكُمْ عَلَیْهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَی مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَ الصَّلَاحِ أَ رَضِیتُمْ قَالُوا بَلَی رَبَّنَا وَ سَیِّدَنَا (2).

بیان: متیح بضم المیم أی مهیئ للنجاة و فی النسخ المصححة منج و هو أظهر معنی و طحطحت الشی ء كسرته و فرقته و الغلة بالضم حرارة العطش و الصدی العطش.

«35»-عم، إعلام الوری قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْغَارِ أَنَامَ عَلِیّاً فِی مَكَانِهِ وَ أَلْبَسَهُ بُرْدَهُ فَجَاءَتْ قُرَیْشٌ تُرِیدُ أَنْ یَقْتُلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلُوا یَرْمُونَ عَلِیّاً علیه السلام وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنَّهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَتَضَوَّرُ فَلَمَّا نَظَرُوا إِذَا هُوَ عَلِیٌّ علیه السلام.

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ هَاشِمٍ (3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِی رَافِعٍ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُجَهِّزَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ كَانَ فِی الْغَارِ یَأْتِیهِ بِالطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ اسْتَأْجَرَ لَهُ ثَلَاثَ رَوَاحِلَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ لِدَلِیلِهِمْ رقید- (4) (وَ قِیلَ) وَ خَلَّفَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُخْرِجَ (5) إِلَیْهِ أَهْلَهُ فَأَخْرَجَهُمْ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُؤَدِّیَ

ص: 84


1- فی المصدر: انتم له و لمن یختاره من اولیائه.
2- التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام: 189- 191.
3- فی نسخة: علی بن إبراهیم بن هاشم. أقول: الأول مختصر.
4- هكذا فی نسخة امین الضرب، و فی النسخة المخطوطة: و قید: و فی المصدر: و قیل:
5- فی نسخة: یتخرج إلیه.

عَنْهُ أَمَانَاتِهِ وَ وَصَایَاهُ وَ مَا كَانَ بِمُؤْتَمَنٍ عَلَیْهِ مِنْ مَالٍ فَأَدَّی عَلِیٌّ علیه السلام أَمَانَاتِهِ (1) كُلَّهَا وَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ قُرَیْشاً لَنْ یَفْتَقِدُونِی مَا رَأَوْكَ فَاضْطَجَعَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَتْ قُرَیْشٌ تَرَی (2) رَجُلًا عَلَی فِرَاشِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولُونَ هُوَ مُحَمَّدٌ فَحَبَسَهُمُ اللَّهُ عَنْ طَلَبِهِ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْمَدِینَةِ مَاشِیاً عَلَی رِجْلَیْهِ فَتَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ رَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاعْتَنَقَهُ وَ بَكَی رَحْمَةً (3) مِمَّا رَأَی بِقَدَمَیْهِ مِنَ الْوَرَمِ وَ إِنَّمَا یَقْطُرَانِ دَماً فَدَعَا لَهُ بِالْعَافِیَةِ وَ مَسَحَ رِجْلَیْهِ فَلَمْ یَشْكُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ (4).

«36»-فض، كتاب الروضة یل، الفضائل لابن شاذان قِیلَ لَمَّا آخَی سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ آخَی بَیْنَ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی إِنِّی آخَیْتُ بَیْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ الْآخَرِ فَأَیُّكُمَا یُؤْثِرُ أَخَاهُ بِالْحَیَاةِ عَلَی نَفْسِهِ فَاخْتَارَ كِلَاهُمَا الْحَیَاةَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَلَا تَكُونَا مِثْلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ آخَیْتُ (5) بَیْنَهُ وَ بَیْنَ حَبِیبِی مُحَمَّدٍ فَآثَرَهُ بِالْحَیَاةِ عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ وَ قَدْ بَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ یَفْدِیهِ بِنَفْسِهِ اهْبِطَا فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَهَبَطَا إِلَی الْأَرْضِ فَجَلَسَ جَبْرَئِیلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِیكَائِیلُ عِنْدَ رِجْلَیْهِ وَ هُمَا یَقُولَانِ بَخْ بَخْ لَكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ مَنْ مِثْلُكَ وَ قَدْ بَاهَی اللَّهُ بِكَ مَلَائِكَةَ

ص: 85


1- قال ابن شهرآشوب فی المناقب 1: 334: و استخلفه الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لرد الودائع، لانه كان أمینا، فلما أداها قام علی الكعبة فنادی بصوت رفیع: یا ایها الناس هل من صاحب أمانة؟ هل من صاحب وصیة؟ هل من عدة له قبل رسول اللّٰه؟ فلما لم یأت احد لحق بالنبی صلّی اللّٰه علیه و آله. و قال فی ص 396: و قد ولاه فی ردّ الودائع: لما هاجر إلی المدینة استخلف علیّا علیه السلام فی اهله و ماله، و امره ان یؤدی عنه كل دین و كل ودیعة و أوصی إلیه بقضاء دیونه.
2- فی المصدر: تری.
3- فی المصدر: و رآه النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فاعتنقه و بكی رحمة له.
4- إعلام الوری: 113 ط 1 و 191 و 192 ط 2 و فیها: فلم یشتكهما بعد ذلك.
5- فی المصدر: حیث آخیت.

السَّمَاوَاتِ وَ فَاخَرَ بِكَ (1).

«37»-كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة رَوَی أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ مَیْمُونٍ (2) قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ (3) وَ ذَلِكَ حِینَ نَامَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلْبَسَهُ ثَوْبَهُ وَ جَعَلَهُ مَكَانَهُ وَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ یَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْهِجْرَةَ خَلَّفَ عَلِیّاً علیه السلام لِقَضَاءِ دُیُونِهِ وَ رَدِّ الْوَدَائِعِ الَّتِی كَانَتْ عِنْدَهُ وَ أَمَرَهُ لَیْلَةَ خَرَجَ إِلَی الْغَارِ وَ قَدْ أَحَاطَ الْمُشْرِكُونَ بِالدَّارِ (4) وَ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ اتَّشِحْ بِبُرْدِیَ الْحَضْرَمِیِّ ثُمَّ نَمْ عَلَی فِرَاشِی فَإِنَّهُ لَا یَخْلُصُ (5) إِلَیْكَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ فَأَوْحَی عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ أَنِّی قَدْ آخَیْتُ بَیْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنَ الْآخَرِ فَأَیُّكُمَا یُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَیَاةِ فَاخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَیَاةَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إلیها (إِلَیْهِمَا) أَلَّا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ آخَیْتُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ یَفْدِیهِ بِنَفْسِهِ وَ یُؤْثِرُهُ بِالْحَیَاةِ اهْبِطَا إِلَی الْأَرْضِ

ص: 86


1- الروضة: ص 119، الفضائل: 124 و 125. أقول: روی ذلك الحدیث جماعة من مشایخ العامّة و الخاصّة منهم- علی ما ذكره ابن شهرآشوب- الثعلبی فی تفسیره، و ابن عقب فی ملحمته، و أبو السعادات فی فضائل العشرة، و الغزالی فی الاحیاء و فی كیمیاء السعادة بروایاتهم عن أبی الیقظان، و من الخاصّة: ابن بابویه و ابن شاذان و الكلینی و الطوسیّ و ابن عقدة و البرقی و ابن فیاض، و العبدلی و الصفوانی و الثقفی بأسانیدهم عن ابن عبّاس و أبی رافع و هند ابن أبی هالة. و یأتی ان شاء اللّٰه فی فضائل علیّ علیه السلام الایعاز إلی غیرهم.
2- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: عمر بن میمون، و فی كلیهما تصحیف، و الصحیح عمرو بن میمون. راجع ما قدمنا ذیل الحدیث: 29.
3- فی المصدر: ذلك علیّ بن أبی طالب علیه السلام، شری نفسه؛ و ذلك حین نام علی فراش رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.
4- فی المصدر: و أمره لیلة خروجه إلی الغار و قد أحاط المشركون بالدار أن ینام علی فراشه. و قال له.
5- فی المصدر: لا یلحق.

فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَنَزَلَا فَكَانَ جَبْرَئِیلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِیكَائِیلُ عِنْدَ رِجْلَیْهِ وَ جَبْرَئِیلُ یَقُولُ بَخْ بَخْ مَنْ مِثْلُكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ یُبَاهِی اللَّهُ بِكَ مَلَائِكَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی الْمَدِینَةِ فِی شَأْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ الْآیَةَ.

وَ رَوَی أَخْطَبُ خُوارِزْمَ حَدِیثاً یَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَزَلَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ صَبِیحَةَ یَوْمِ الْغَارِ فَقُلْتُ حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ أَرَاكَ فَرِحاً فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ وَ كَیْفَ لَا أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ قَرَّتْ عَیْنِی بِمَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ أَخَاكَ وَ وَصِیَّكَ وَ إِمَامَ أُمَّتِكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقُلْتُ بِمَا ذَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ قَالَ بَاهَی بِعِبَادَتِهِ الْبَارِحَةَ مَلَائِكَتَهُ وَ قَالَ مَلَائِكَتِی انْظُرُوا إِلَی حُجَّتِی فِی أَرْضِی بَعْدَ نَبِیِّی وَ قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ وَ عَفَّرَ خَدَّهُ فِی التُّرَابِ تَوَاضُعاً لِعَظَمَتِی أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُ إِمَامُ خَلْقِی وَ مَوْلَی بَرِیَّتِی (1).

«38»-مصبا، المصباحین فِی أَوَّلِ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ هَاجَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْ مَبْعَثِهِ وَ فِیهَا كَانَ مَبِیتُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی فِرَاشِهِ وَ كَانَتْ لَیْلَةَ الْخَمِیسِ وَ فِی لَیْلَةِ الرَّابِعِ مِنْهُ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الْغَارِ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْمَدِینَةِ.

«39»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ عَنْ أَبِی بَلْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَیْمُونٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صلی اللّٰه علیه و آله (2) لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْغَارِ فَأَنَامَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَكَانِهِ وَ أَلْبَسَهُ بُرْدَهُ فَجَاءَ (3) قُرَیْشٌ یُرِیدُونَ أَنْ یَقْتُلُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلُوا یَرْمُونَ عَلِیّاً علیه السلام وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنَّهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَلْبَسَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بُرْدَهُ فَجَعَلَ یَتَضَوَّرُ فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالُوا إِنَّكَ لَنَائِمٌ وَ لَوْ كَانَ صَاحِبُكَ مَا

ص: 87


1- كنز جامع الفوائد: 40.
2- خلا المصدر عن قوله: فی علیّ بن أبی طالب.
3- فی المصدر: فجاءت قریش.

تَضَوَّرَ لَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ مِنْكَ (1).

«40»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ صُهَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَقْبَلَ یَقُولُ لِأَبِی بَكْرٍ فِی الْغَارِ اسْكُنْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وَ قَدْ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ وَ هُوَ لَا یَسْكُنُ فَلَمَّا رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَالَهُ قَالَ لَهُ تُرِیدُ أَنْ أُرِیَكَ أَصْحَابِی مِنَ الْأَنْصَارِ فِی مَجَالِسِهِمْ یَتَحَدَّثُونَ وَ أُرِیَكَ جَعْفَراً وَ أَصْحَابَهُ فِی الْبَحْرِ یَغُوصُونَ (2) قَالَ نَعَمْ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِهِ عَلَی وَجْهِهِ فَنَظَرَ إِلَی الْأَنْصَارِ یَتَحَدَّثُونَ وَ نَظَرَ إِلَی جَعْفَرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَصْحَابِهِ فِی الْبَحْرِ یَغُوصُونَ فَأَضْمَرَ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنَّهُ سَاحِرٌ (3).

«41»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْغَارِ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْمَدِینَةِ وَ قَدْ كَانَتْ قُرَیْشٌ جَعَلَتْ لِمَنْ أَخَذَهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَخَرَجَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فِیمَنْ یَطْلُبُ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ اكْفِنِی شَرَّ سُرَاقَةَ بِمَا شِئْتَ فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ فَثَنَی رِجْلَهُ ثُمَّ اشْتَدَّ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِی أَصَابَ قَوَائِمَ فَرَسِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ یُطْلِقَ لِی فَرَسِی فَلَعَمْرِی إِنْ لَمْ یُصِبْكُمْ خَیْرٌ مِنِّی (4) لَمْ یُصِبْكُمْ مِنِّی شَرٌّ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَطْلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَسَهُ فَعَادَ فِی طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ یَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ فَیَأْخُذُ (5) الْأَرْضُ قَوَائِمَ فَرَسِهِ فَلَمَّا أَطْلَقَهُ فِی الثَّالِثَةِ قَالَ یَا مُحَمَّدُ هَذِهِ إِبِلِی بَیْنَ یَدَیْكَ فِیهَا غُلَامِی وَ إِنِ احْتَجْتَ (6) إِلَی ظَهْرٍ أَوْ لَبَنٍ فَخُذْ مِنْهُ وَ

ص: 88


1- تفسیر فرات: 9 و 10 راجع ما قدمنا ذیل الحدیث: 29.
2- تقدم فی أخبار: یعومون بالعین المهملة، أی یسبحون.
3- روضة الكافی: 262.
4- فی نسخة: ان لم یصبكم منی خیر.
5- فی المصدر: فتأخذ الأرض.
6- فی المصدر: فان احتجت. قوله: إلی ظهر أی مركوب.

هَذَا سَهْمٌ مِنْ كِنَانَتِی عَلَامَةً وَ أَنَا أَرْجِعُ فَأَرُدُّ عَنْكَ الطَّلَبَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیمَا عِنْدَكَ (1).

«42»-نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام اقْتَصَّ فِیهِ ذِكْرَ مَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ لَحَاقَهُ بِهِ فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ مَأْخَذَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَطَأُ ذِكْرَهُ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی الْعَرْجِ.

فی كلام طویل فقوله علیه السلام فأطأ ذكره من الكلام الذی رمی إلی غایتی الإیجاز و الفصاحة و أراد أننی كنت أعطی خبره صلی اللّٰه علیه و آله من بدء خروجی إلی أن انتهیت إلی هذا الموضع فكنی ذلك بهذه الكنایة العجیبة (2).

«43»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ (3) وَ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَعَلَّقَ بِهِ ابْنُهُ وَ امْرَأَتُهُ فَقَالُوا نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَذْهَبَ عَنَّا وَ تَدَعَنَا فَنَضِیعَ بَعْدَكَ فَمِنْهُمْ مَنْ یُطِیعُ أَهْلَهُ فَیُقِیمُ فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ أَبْنَاءَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ نَهَاهُمْ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْضِی وَ یَذَرُهُمْ وَ یَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُهَاجِرُوا مَعِی ثُمَّ جَمَعَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ فِی دَارِ الْهِجْرَةِ لَا أَنْفَعُكُمْ بِشَیْ ءٍ أَبَداً فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَبُوءَ بِحُسْنٍ وَ بِصِلَةٍ (4) فَقَالَ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (5).

«44»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصَّوْلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَلَفَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ

ص: 89


1- روضة الكافی 263. و فیه: لا حاجة لنا.
2- نهج البلاغة: القسم الأوّل: 492. فیه و كنی عن ذلك.
3- التغابن: 14.
4- فی نسخة: أمره اللّٰه أن یتقی و یحسن. و فی المصدر: أمره أن یتوق بحسن وصلة.
5- تفسیر القمّیّ: 683.

لَیْسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّامَ كَانَ الرِّضَا علیه السلام بِهَا فَأَفْتَی الْفُقَهَاءُ بِطَلَاقِهَا فَسُئِلَ الرِّضَا علیه السلام فَأَفْتَی أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ فَكَتَبَ الْفُقَهَاءُ رُقْعَةً فَأَنْفَذُوهَا إِلَیْهِ وَ قَالُوا لَهُ مِنْ أَیْنَ قُلْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهَا لَمْ تُطَلَّقْ فَوَقَّعَ علیه السلام فِی رُقْعَتِهِمْ (1) قُلْتُ هَذَا مِنْ رِوَایَتِكُمْ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَ قَدْ كَثُرُوا عَلَیْهِ أَنْتُمْ خَیْرٌ وَ أَصْحَابِی خَیْرٌ وَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ- (2) فَأَبْطَلَ الْهِجْرَةَ وَ لَمْ یَجْعَلْ هَؤُلَاءِ أَصْحَاباً لَهُ فَرَجَعُوا إِلَی قَوْلِهِ (3).

«45»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالُوا سَأَلْنَاهُمَا عَنْ قَوْلِهِ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا (4) قَالا بِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا یَرِثُونَ أَهْلَ الْمَدِینَةِ (5).

«46»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ أَكْرَهَهُ أَهْلُ مَكَّةَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمَانِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (6) فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَهَا

ص: 90


1- وقع العهد أو الفرمان: رسم علیه طغراء السلطان. وقع الكتاب أو الصك: وضع اسمه فی ذیله قوله: فوقع فی رقعتهم أی كتب هذا الجواب فی ذیل رقعتهم و وضع اسمه ذیله.
2- رواه الطیالسی فی مسنده: 293 بإسناده عن شعبة، عن عمرو بن مرة سمع أبا البختری یحدث عن أبی سعید قال: لما نزلت هذه الآیة: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ» قرأها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله حتّی ختمها، ثمّ قال: أنا و اصحابی خیر، و الناس خیر، لا هجرة بعد الفتح.
3- عیون أخبار الرضا: 240. فیه: قال: فرجعوا إلی قوله.
4- الأنفال: 72.
5- تفسیر العیّاشیّ ج 2: 70، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی تفسیر البرهان 2: 98.
6- النحل: 106.

یَا عَمَّارُ إِنْ عَادُوا فَعُدْ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكَ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَعُودَ إِنْ عَادُوا (1).

«47»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا مُنِعَ مِیثَمٌ (2) رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ التَّقِیَّةِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَمَّارٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (3).

«48»-أَقُولُ فِی تَفْسِیرِ النُّعْمَانِیِّ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ فِی كِتَابِ الْقُرْآنِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا هَاجَرَ إِلَی الْمَدِینَةِ آخَی بَیْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ جَعَلَ الْمَوَارِیثَ عَلَی الْأُخُوَّةِ فِی الدِّینِ لَا فِی مِیرَاثِ الْأَرْحَامِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا ... فِی سَبِیلِ اللَّهِ ... أُولئِكَ بَعْضُهُمْ (4) أَوْلِیاءُ بَعْضٍ إِلَی قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا فَأَخْرَجَ الْأَقَارِبَ مِنَ الْمِیرَاثِ وَ أَثْبَتَهُ لِأَهْلِ الْهِجْرَةِ وَ أَهْلِ الدِّینِ خَاصَّةً ثُمَّ عَطَفَ بِالْقَوْلِ فَقَالَ تَعَالَی وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِی الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِیرٌ (5) فَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَصِیرُ مِیرَاثُهُ وَ تَرِكَتُهُ لِأَخِیهِ فِی الدِّینِ دُونَ الْقَرَابَةِ وَ الرَّحِمِ الْوَشِیجَةِ (6) فَلَمَّا قَوِیَ الْإِسْلَامُ أَنْزَلَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ إِلَّا أَنْ

ص: 91


1- أصول الكافی 2: 219، و للحدیث صدر تركه المصنّف.
2- هو میثم التمار رضی اللّٰه عنه من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام له ترجمة ضافیة فی كتب التراجم.
3- أصول الكافی 2: 220.
4- فی الآیة سقط و لعله من النسّاخ: و الصحیح هكذا: «وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الَّذِینَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَمْ یُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلایَتِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ حَتَّی یُهاجِرُوا» فعلیه فقوله: «إلی قوله سبحانه» زائد و لعله كان قبل قوله:
5- الأنفال: 72 و 73.
6- الرحم الوشیجة: أی الرحم المتصلة المشتبكة.

تَفْعَلُوا إِلی أَوْلِیائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِی الْكِتابِ مَسْطُوراً (1) فَهَذَا مَعْنَی نَسْخِ آیَةِ الْمِیرَاثِ (2).

«49»-ل، الخصال عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ فِی خَبَرِ الشُّورَی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ وَقَی (3) رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ جَاءَ الْمُشْرِكُونَ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ فَاضْطَجَعْتُ فِی مَضْجَعِهِ وَ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَحْوَ الْغَارِ وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنِّی أَنَا هُوَ فَقَالُوا أَیْنَ ابْنُ عَمِّكَ فَقُلْتُ لَا أَدْرِی فَضَرَبُونِی حَتَّی كَادُوا یَقْتُلُونَنِی قَالُوا اللَّهُمَّ لَا (4).

«50»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الشُّورَی نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ كَانَ یَبْعَثُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ الطَّعَامَ وَ هُوَ فِی الْغَارِ وَ یُخْبِرُهُ الْأَخْبَارَ (5) غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ اضْطَجَعَ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَرَادَ أَنْ یَسِیرَ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِینَ حِینَ أَرَادُوا قَتْلَهُ غَیْرِی قَالُوا لَا (6).

«51»-قل، إقبال الأعمال ذكر ما فتحه اللّٰه علینا من أسرار هذه المهاجرة و ما فیها من العجائب الباهرة منها تعریف اللّٰه جل جلاله لعباده لو أراد قهر أعداء رسوله محمد صلی اللّٰه علیه و آله ما كان یحتاج إلی مهاجرة لیلا علی تلك المأثرة (7) و كان قادرا أن ینصره و

ص: 92


1- الأحزاب: 6.
2- المحكم و المتشابه: 11 و 12.
3- فی نسخة: ولی.
4- الخصال 2: 123 و 124.
5- فی نسخة: و یخبره بالاخبار.
6- الاحتجاج: 74 و 75.
7- فی المصدر: ما كان یحتاج إلی مهاجرته لیلا علی تلك المساترة. أقول: قال فی القاموس المأثرة و المأثرة: المكرمة المتوارثة. و الحال غیر المرضیة. و لعلّ الصحیح ما فی المصدر و هو المساترة دون المأثرة.

هو بمكة من غیر مخاطرة بآیات و عنایات باهرة كما أنه كان قادرا أن ینصر عیسی ابن مریم علیه السلام علی الیهود بالآیات و العساكر و الجنود فلم تقتض الحكمة الإلهیة إلا رفعه إلی السماوات العلیة و لم یكن له مصلحة فی مقامه فی الدنیا بالكلیة فلیكن العبد راضیا بما یراه مولاه (1) له من التدبیر فی القلیل و الكثیر و لا یكن اللّٰه جل جلاله دون وكیل الإنسان فی أموره الذی یرضی بتدبیره و لا دون جاریته أو زوجته فی داره التی یثق إلیها فی تدبیر أموره.

و منها التنبیه علی أن الذی صحبه إلی الغار علی ما تضمنه (2) وصف صحبته فی الأخبار ما كان یصلح فی تلك الحادثات إلا للهرب و لا فی أوقات الذل و الخوف من الأخطار إلا للتی یصلح لها مثل النساء الضعیفات و الغلمان الذین یصیحون فی الطرقات عند الهرب من المخافات و ما كان یصلح للمقام بعده لیدفع عنه خطر الأعداء و لا أن یكون معه بسلاح و قوة لمنع شی ء من البلاء.

و منها أن الطبری فی تاریخه و أحمد بن حنبل رویا فی كتابیهما أن هذا الرجل المشار إلیه ما كان عارفا بتوجه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أنه جاء إلی مولانا علی علیه السلام فسأله عنه فأخبره أنه توجه فتبعه بعد توجهه حتی ظفر به و تأذی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالخوف منه لما تبعه و عثر بحجر فلق قدمه فقال الطبری فی تاریخه (3) ما هذا لفظه فخرج أبو بكر مسرعا و لحق نبی اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الطریق فسمع جرس (4) أبی بكر فی ظلمة اللیل فحسبه من المشركین فأسرع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یمشی فقطع (5) قبال نعله ففلق إبهامه حجر و كثر دمها فأسرع المشی فخاف أبو بكر أن یشق علی

ص: 93


1- فی نسخة: بما یرید.
2- فی هامش المصدر استظهر أن الصحیح: تصمن.
3- تاریخ الطبریّ 2: 100.
4- فی نسخة: جری أبی بكر. و لعله انسب.
5- فی التاریخ: فانقطع قبال نعله. و فیه: و أسرع السعی. أقول: قبال النعل: زمامها.

رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (1) حین أتاه فانطلقا و رجل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله تسیل (2) دما حتی انتهی إلی الغار مع الصبع فدخلاه و أصبح الذین كانوا یرصدون رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فدخلوا الدار و قام علی علیه السلام علی فراشه (3) فلما دنوا منه عرفوه فقالوا له أین صاحبك قال لا أدری أ و رقیبا كنت علیه أمرتموه بالخروج فخرج فانتهروه و ضربوه و أخرجوه إلی المسجد فحبسوه ساعة ثم تركوه و نجا (4) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

أقول: و ما كان حیث لقیه یتهیأ أن یتركه النبی صلی اللّٰه علیه و آله یبعد منه خوفا أن یلزمه أهل مكة فیخبرهم عنه و هو رجل جبان فیؤخذ النبی صلی اللّٰه علیه و آله و یذهب الإسلام بكماله لأن أبا بكر أراد الهرب من مكة و مفارقة النبی صلی اللّٰه علیه و آله قبل هجرته

علی ما ذكره الطبری فی حدیث الهجرة فقال ما هذا لفظه و كان أبو بكر كثیرا ما یستأذن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الهجرة فیقول له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لا تعجل. (5).

أقول: فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفار له فكیف یؤمن منه الهرب بعد الطلب و كان أخذه معه حیث أدركه من الضرورات التی اقتضاها الاستظهار فی حفظ النبی صلوات اللّٰه و سلامه علیه من كشف حاله لو تركه یرجع عنه فی تلك الساعة و قد جرت العادة أن الهرب مقام تخویف یرغب فی الموافقة علیه قلب الجبان الضعیف و لا روی فیما علمت أن أبا بكر كان معه سلاح یدفع به عدوا عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لا حمل معه شیئا یحتاج إلیه و ما أدری كیف اعتقد المخالفون

ص: 94


1- زاد فی التاریخ: فرفع صوته و تكلم فعرفه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فقام حتّی أتاه.
2- فی التاریخ: تستن دما أقول: أی تنصب. و فی المصدر: تثر، لعله من ثر السحابة أو العین: غزر ماؤها. و فی نسخة منه: تشر و هو مصحف.
3- فی نسخة: و قام علیّ علیه السلام علی فراشه. و فی نسخة من المصدر و فی التاریخ: و قام علیّ علیه السلام عن فراشه.
4- فی التاریخ: و نجی اللّٰه رسوله من مكرهم و أنزل علیه فی ذلك: «وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا» الآیة انتهی ما فی التاریخ.
5- راجع تاریخ الطبریّ 2: 97، ففیه زیادة، یظهر من ابن طاوس ان نسخته كانت خالیة عنها.

أن لهذا الرجل فضیلة فی الموافقة فی الهرب و قد استأذنه مرارا أن یهرب و یترك النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی ید الأعداء الذین یتهددونه بالعطب إن اعتقاد فضیلة لأبی بكر فی هذا الذل من أعجب العجب.

و منها التكدیر (1) علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بجزع صاحبه فی الغار و قد كان یكفی النبی صلی اللّٰه علیه و آله تعلق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار فزاده جزع صاحبه شغلا فی خاطره و لو لم یصحبه لاستراح من كدر جزعه و اشتغال سرائره.

و منها أنه لو كان حزنه شفقة علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو علی ذهاب الإسلام ما كان قد نهی عنه و فیه كشف أن حزنه كان مخالفا لما یراد منه.

و منها أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله ما بقی یأمن إن لم یكن أوحی إلیه أنه لا خوف علیه أن یبلغ صاحبه من الجزع الذی ظهر علیه إلی أن یخرج من الغار و یخبر به الطالبین له من الأشرار فصار معه كالمشغول بحفظ نفسه من ذل صاحبه و ضعفه زیادة علی ما كان مشغولا بحفظ نفسه.

و من أسرار هذه المهاجرة أن مولانا علیا علیه السلام بات علی فراش المخاطرة و جاد بمهجته لمالك الدنیا و الآخرة و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله فاتح أبواب النعم الباطنة و الظاهرة و لو لا ذلك المبیت و اعتقاد الأعداء أن النائم علی الفراش هو سید الأنبیاء صلی اللّٰه علیه و آله لما كانوا صبروا عن طلبه إلی النهار حتی وصل إلی الغار فكانت سلامة صاحب الرسالة من قبل أهل الضلالة صادرة عن تدبیر اللّٰه جل جلاله بمبیت مولانا علی علیه السلام فی مكانه و آیة باهرة لمولانا علی علیه السلام شاهدة بتعظیم شأنه و أنزل اللّٰه جل جلاله فی مقدس قرآنه وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (2) فأخبر أن لمولانا علی علیه السلام كانت بیعا لنفسه الشریفة (3) و طلبا لرضاء اللّٰه جل جلاله دون كل مراد و قد ذكرنا فی الطرائف من روی هذا الحدیث من المخالف و مباهاة اللّٰه جل جلاله تلك اللیلة و جبرئیل و میكائیل فی بیع

ص: 95


1- فی نسخة من المصدر: منها التكسر.
2- تقدم الایعاز إلی موضع الآیة.
3- فی المصدر: فأخبر أن سریرة مولانا علیّ علیه السلام كانت بیعا لنفسه الشریفة.

مولانا علی علیه السلام بمهجته و أنه سمح بما لم یسمح (1) به خواص ملائكته.

و منها أن اللّٰه جل جلاله زاد مولانا علیا علیه السلام من القوة الإلهیة و القدرة الربانیة إلی أنه ما قنع له أن یفدی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بنفسه الشریفة حتی أمره أن یكون مقیما بعده فی مكة مهاجرا للأعداء قد هربه منهم و ستره بالمبیت علی الفراش و غطاه عنهم و هذا ما لا یحتمله قوة البشر إلا بآیات باهرة من واهب النفع و دافع الضرر.

و منها أن اللّٰه جل جلاله لم یقنع لمولانا علی علیه السلام بهذه الغایة الجلیلة حتی زاده من المناقب الجمیلة و جعله أهلا أن یقیم ثلاثة أیام بمكة لحفظ عیال سیدنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أن یسیر بهم ظاهرا علی رغم الأعداء و هو وحید من رجاله (2) و من یساعده علی ما بلغ من المخاطرة إلیه.

و منها أن هذا الاستسلام من مولانا علی علیه السلام للقتل و فدیه النبی صلی اللّٰه علیه و آله أظهر مقاما و أعظم تماما (3) من استسلام جده الذبیح إسماعیل لإبراهیم الخلیل علیه و علیهما السلام لأن ذلك استسلام لوالد شفیق یجوز معه أن یرحمه اللّٰه جل جلاله و یقیله من ذبح ولده كما جری الحال علیه من التوفیق و مولانا علی علیه السلام استسلم للأعداء الذین لا یرحمون و لا یرجون لمسامحة فی البلاء.

ص: 96


1- أی جاد.
2- قال ابن شهرآشوب فی المناقب 1: 335: محمّد الواقدی و أبو الفرج النجدی و أبو الحسن البكری و إسحاق الطبرانی: إن علیا لما عزم علی الهجرة قال له العباس: إن محمّدا ما خرج الا خفیا و قد طلبته قریش أشدّ طلب، و أنت تخرج جهارا فی اناث و هوادج و مال و رجال و نساء، و تقطع بهم السباسب و الشعاب من بین قبائل قریش؟ ما أری لك أن تمضی الا فی خفارة خزاعة، فقال علیّ علیه السلام: ان المنیة شربة مورودة***ا تنز عن وشد للترحیل ان ابن آمنة النبی محمدا***رجل صدوق قال عن جبریل وبت أراعیهم متی ینشروننی***فاللّٰه یردیهم عن التنكیل إنی بربی واثق وبأحمد***وسبیله متلاحق بسبیلی
3- فی نسخة : وأعظم شأنا.

و منها أن إسماعیل كان یجوز أن اللّٰه جل جلاله یكرم إیاه (1) بأنه لا یجد للذبح ألما فإن اللّٰه تعالی قادر أن یجعله سهلا رحمة لأبیه و تكرما (2) و مولانا علی علیه السلام استسلم للذین طبعهم القتل فی الحال علی الاستقصاء و ترك الإبقاء و التعذیب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.

و منها أن ذبح إسماعیل بید أبیه الخلیل علیه السلام ما كان فیه شماتة و مغالبة و مقاهرة من أهل العداوات و إنما هو شی ء من الطاعات المقتضیة للسعادات و العنایات و مولانا علی علیه السلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء و الفتك به بأبلغ غایات الاشتقاء (3) و الاعتداء و التمثیل بمهجته الشریفة (4) و التعذیب له بكل إرادة من الكفار سخیفة.

و منها أن العادة قاضیة و حاكمة أن زعیم العسكر إذا اختفی و اندفع عن مقام الأخطار و انكسر علم القوة و الاقتدار فإنه لا یكلف رعیة المعلقون علیه (5) أن یقفوا موقفا قد فارقه زعیمهم و كان معذورا فی ترك الصبر علیه و مولانا علی علیه السلام كلف الصبر و الثبات علی مقامات قد اختفی فیها زعیمه الذی یعول علیه و انكسر علم القوة الذی تنظر عیون الجیش إلیه فوقف مولانا علی علیه السلام و زعیمه غیر حاضر فهو موقف قاهر فهذا فضل من اللّٰه جل جلاله لمولانا علی علیه السلام باهر بمعجزات تخرق عقول ذوی الألباب و یكشف لك أنه القائم مقامه فی الأسباب.

و منها أن فدیة مولانا علی علیه السلام لسیدنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كانت من أسباب التمكین من مهاجرته و من كل ما جری من السعادات و العنایات بنبوته فیكون مولانا علی علیه السلام قد صار من أسباب التمكین من كل ما جرت حال الرسالة علیه

ص: 97


1- فی نسخة: یكرم أباه.
2- فی نسخة: و تكریما.
3- فی نسخة من الكتاب و مصدره: الأشیاء.
4- فتك به: انتهز منه فرصة فقتله أو جرحه مجاهرة. و التمثیل: العقوبة و التنكیل. و المهجة: الدم، أو دم القلب. الروح.
5- فی المصدر: المتعلقون علیه.

و مشاركا فی (1) كل خیر فعله النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بلغ حاله إلیه و قد اقتصرت فی ذكر أسرار المهاجرة الشریفة النبویة علی هذه المقامات الدینیة و لو أردت باللّٰه جل جلاله أوردت مجلدا منفردا فی هذه الحال و لكن هذا كاف شاف للمنصفین و أهل الإقبال (2).

«52»-الْفَائِقُ لِلزَّمَخْشَرِیِّ، خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِراً إِلَی الْمَدِینَةِ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ مَوْلَی أَبِی بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَیْرَةَ وَ دَلِیلُهُمَا (3) اللَّیْثِیُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَیْقِطٍ فَمَرُّوا عَلَی خَیْمَتَیْ أُمِّ مَعْبَدٍ وَ كَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِی بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ثُمَّ تَسْقِی وَ تُطْعِمُ فَسَأَلُوهَا لَحْماً وَ تَمْراً یَشْتَرُونَهُ مِنْهَا فَلَمْ یُصِیبُوا عِنْدَهَا شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ وَ كَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِینَ مُشْتِینَ وَ رُوِیَ مُسْنِتِینَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی شَاةٍ فِی كَسْرِ الْخَیْمَةِ فَقَالَ مَا هَذِهِ الشَّاةُ یَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ فَقَالَ هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ قَالَتْ هِیَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَ تَأْذَنِینَ أَنْ أَحْلُبَهَا قَالَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی إِنْ رَأَیْتَ بِهَا حَلَباً فَاحْلُبْهَا.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ نَزَلَ هُوَ وَ أَبُو بَكْرٍ بِأُمِّ مَعْبَدٍ وَذْفَانَ مَخْرَجِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَرْسَلَتْ إِلَیْهِمْ شَاةً فَرَأَی فِیهَا بُصْرَةً مِنْ لَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَی ضَرْعِهَا فَقَالَ إِنَّ بِهَذِهِ لَبَناً وَ لَكِنِ ابْغِینِی شَاةً لَیْسَ فِیهَا لَبَنٌ فَبَعَثَتْ إِلَیْهِ بِعِنَاقِ (4) جَذَعَةٍ فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَسَحَ بِیَدِهِ ضَرْعَهَا وَ سَمَّی اللَّهَ وَ دَعَا لَهَا فِی شَاتِهَا (5) فَتَفَاجَتْ عَلَیْهِ وَ دَرَّتْ وَ اجْتَرَّتْ. (6).

ص: 98


1- فی المصدر: و مشاركا له.
2- الإقبال: 592- 596.
3- فی نسخة: و دلیلهم.
4- فی هامش نسخة امین الضرب: العناق: الأنثی من ولد المعز، و فی حدیث الاضحیة عندی عناق جذعة. أی الأنثی من أولاد المعز ما لم یتم له سنة، و الجذع بفتحتین من ولد الشاة ما دخل فی السنة الثانیة علی ما ذكره الفیروزآبادی و غیره، و عن المغرب: الجذع من المعز لسنة، و من الضأن لثمانیة أشهر، و عن حیاة الحیوان: الجذع من الضأن، ما له سنة تامّة و فیه أقوال أخر نادرة.
5- فی المصدر: و دعا لها فی شأنها.
6- فی نسخة: فاجترت.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ أُمِّ مَعْبَدٍ یَا غُلَامُ هَاتِ قَرْواً فَأَتَاهُ بِهِ فَضَرَبَ ظَهْرَ الشَّاةِ فَاجْتَرَّتْ وَ دَرَّتْ وَ دَعَا بِإِنَاءٍ یُرْبِضُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ فِیهِ ثَجّاً حَتَّی عَلَاهُ الْبَهَاءُ وَ رُوِیَ الثُّمَالُ.

ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّی رَوِیَتْ وَ سَقَی أَصْحَابَهُ حَتَّی رَوُوا وَ شَرِبَ آخِرُهُمْ ثُمَّ أَرَاضُوا عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ ثُمَّ حَلَبَ فِیهِ ثَانِیاً بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّی مَلَأَ الْإِنَاءَ ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ثُمَّ بَایَعَهَا ثُمَّ ارْتَحَلُوا عَنْهَا فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّی جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ یَسُوقُ أَعْنُزاً عِجَافاً (1) تُشَارِكْنَ هَزْلًا. (2) وَ رُوِیَ تُسَاوِكُ وَ رُوِیَ تُسَاوِقُ. (3) مُخُّهُنَّ قَلِیلٌ فَلَمَّا رَأَی أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ وَ قَالَ مِنْ أَیْنَ لَكِ هَذَا یَا أُمَّ مَعْبَدٍ وَ الشَّاءُ عَازِبٌ حِیَالٌ (4) وَ لَا حَلُوبَ فِی الْبَیْتِ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ صِفِیهِ لِی یَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ رَأَیْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْخُلُقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ وَ لَمْ تُزْرِ بِهِ صُقْلَةٌ.

وَ رُوِیَ صَعْلَةٌ وَ رُوِیَ لَمْ یعبه (تَعِبْهُ) نُحْلَةٌ وَ لَمْ تُزْرِ بِهِ صُقْلَةٌ وَسِیماً قَسِیماً فِی عَیْنَیْهِ دَعَجٌ وَ فِی أَشْفَارِهِ عَطَفٌ أَوْ قَالَ غَطَفٌ وَ رُوِیَ وَطَفٌ وَ فِی صَوْتِهِ صَحَلٌ وَ فِی عُنُقِهِ سَطَعٌ وَ فِی لِحْیَتِهِ كَثَاثَةٌ أَزَجَّ أَقْرَنَ إِنْ صَمَتَ فَعَلَیْهِ الْوَقَارُ وَ إِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَ عَلَاهُ الْبَهَاءُ أَجْمَلَ النَّاسِ وَ أَبْهَاهُ مِنْ بَعِیدٍ وَ أَحْسَنَهُ وَ أَجْمَلَهُ مِنْ قَرِیبٍ (5) حُلْوَ الْمَنْطِقِ

ص: 99


1- فی نسخة: عجازا. و فی أخری: عجاجا. و لعلّ الصحیح ما فی المتن، قال الجزریّ فی النهایة: فی حدیث أم معبد: تسوق أعنزا عجافا، جمع عجفاء و هی المهزولة من الغنم و غیرها.
2- فی المصدر: هزالا.
3- فی المصدر: ما تساوق.
4- فی النهایة: فی حدیث أم معبد: و الشاء عازب حیال، أی بعیدة المرعی لا تأوی الی المنزل فی اللیل، و الحیال جمع الحائل، و هی التی لم تحمل.
5- فی المصدر: اجل الناس و أبهاهم من بعید و أحسنهم و أجملهم من قریب.

فَصْلٌ لَا نَزْرٌ وَ لَا هَذْرٌ كَأَنَّمَا مَنْطِقُهُ خَرَزَاتٌ نُظُمٌ یَتَحَدَّرْنَ رَبْعَةٌ لَا یَأْسَ (1) مِنْ طُولٍ وَ لَا تَقْتَحِمُهُ عَیْنٌ مِنْ قَصْرٍ غُصْنٌ بَیْنَ غُصْنَیْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَراً وَ أَحْسَنُهُمْ قَدْراً لَهُ رُفَقَاءُ یَحُفُّونَهُ إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ وَ إِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَی أَمْرِهِ مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسٌ وَ لَا مُعْتَدٍ.

قال أبو معبد هو و اللّٰه صاحب قریش الذی ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة لقد هممت أن أصحبه و لأفعلن إن وجدت إلی ذلك سبیلا و لقد أصبح (2) صوت بمكة عالیا یسمعون الصوت و لا یدرون من صاحبه:

جزی اللّٰه رب الناس خیر جزائه***رفیقین قالا خیمتی أم معبد

هما نزلاها بالهدی و اهتدت بهم***فقد فاز من أمسی رفیق محمد

فیا لقصی ما زوی اللّٰه عنكم*** به من فعال لا یجازی (3) و سودد

لیهنئ بنی كعب مقام فتاتهم*** و مقعدها للمؤمنین بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها و إنائها***فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت*** له بصریح ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنا لدیها بحالب***یرددها فی مصدر ثم مورد (4)

ثم قال الزمخشری البرزة العفیفة الرزینة التی یتحدث إلیها الرجال فتبرز لهم و هی كهلة قد خلا بها سن فخرجت عن حد المحجوبات و قد برزت برازة المرمل الذی نفد زاده و فرقت حاله و سخفت من الرمل و هو نسج سخیف و منه الأرملة لرقة حالها بعد قیمها المشتی الداخل فی الشتاء و المسنت الداخل فی السنة و هی القحط و تاؤه بدل من یاء (5) الكسر بالكسر

ص: 100


1- فی نسخة من الكتاب و مصدره: لا یائس من طول.
2- فی المصدر: فأصبح.
3- فی المصدر: لا تجاری.
4- ذكرنا فی صدر الباب الاشعار و الخلاف فیها. راجعه.
5- فی المصدر: و تاؤه بدل من هاء، لان أصل اسنت اسنهت.

و الفتح جانب البیت.

وذفان مخرجه أی حدثان خروجه و هو من توذف إذا مر مرا سریعا البصرة أثر من اللبن یبصر فی الضرع التفاج تفاعل من الفجج و هو أشد من الفحج و منه قوس فجاء. (1) و عن ابنة الخس فی وصف ناقة ضبعة عینها هاج و صلاها راج (2) و تمشی و تفاج.

القرو إناء صغیر یردد فی الحوائج من قروت الأرض إذا جلت فیها و ترددت الإرباض الإرواء إلی أن یثقل الشارب فیربض.

انتصاب ثجا بفعل مضمر أی یثج ثجا أو یحلب لأن فیه معنی ثج و یحتمل أن یكون بمعنی قولك ثاجا نصبا علی الحال المراد بالبهاء و بیض الرغوة و الثمال جمع ثمالة و هی الرغوة أراضوا من أراض الحوض إذا استنقع فیه الماء أی نقعوا بالری مرة بعد أخری تشاركن هزلا أی عمهن الهزال فكأنهن قد اشتركن فیه و التساوك التمایل من الضعف تساوق الغنم تتابعها فی المسیر كأن بعضها یسوق بعضا و المعنی أنها لضعفها و فرط هزالها تتخاذل و یتخلف بعضها عن بعض و الحلوب التی تحلب و هذا مما یستغربه أهل اللغة زاعمین أنه فعول بمعنی مفعولة نظرا إلی الظاهر و الحقیقة أنه بمعنی فاعلة و الأصل فیه أن الفعل كما یسند إلی مباشرة یسند إلی الحامل علیه و المطرق إلی إحداثه و منه قوله إذا رد عافی (3) القدر من یستعیرها و قولهم هزم الأمیر العدو و

ص: 101


1- قوس فجاء: إذا بان وترها عن كبدها.
2- فی القاموس: الخس. بالضم: ابن حابس، رجل من أیاد، و هو أبو هند بنت الخس.
3- العافی: ما یرد فی القدر من مرقته إذا استعیرت. و الشعر لكمیت، تمامه: فلا تسألینی وأسالی ما خلیقتی *** إذا رد عافی القدر من یستعیرها

بنی المدینة ثم قیل علی هذا النهج ناقة حلوب لأنها تحمل علی احتلابها بكونها ذات حلب فكأنها تحلب نفسها لحملها علی الحلب و من ذلك الماء الشروب و الطریق الركوب و أشباههما بلج الوجه بیاضه و إشراقه و منه الحق أبلج الثجلة و الثجل عظم البطن و الصقلة و الصقل طول الصقل و هو الخصر و قیل ضمره و قلة لحمه و قد صقل و هو من باب قولهم (1) صقلت الناقة إذا أضمرتها بالسیر و المعنی أنه لم یكن بمنتفخ الخصر و لا ضامره جدا.

و النحل النحول و الصعلة صغر الرأس یقال صعل (2) و أصعل و امرأة صعلاء القسام الجمال و رجل مقسم الوجه و كأن المعنی أخذ كل موضع منه من الجمال قسما فهو جمیل كله لیس فیه شی ء یستقبح.

العطف طول الأشفار و انعطافها أی تثنیها (3) و الغطف انعطافها و انعطف و انغطف و انغضف أخوات و الوطف الطول الصحل صوت فیه بحة لا تبلغ أن تكون جشة (4) و هو یستحسن لخلوه عن الحدة الموذیة للصماخ السطع طول العنق و رجل أسطع و امرأة سطعاء و هو من سطوع النار سما قیل ارتفع و علا علی جلسائه و قیل علا برأسه أو بیده و یجوز أن یكون الفعل للبهاء أی سماه البهاء و علاه علی سبیل التأكید للمبالغة فی وصفه بالبهاء و الرونق إذا أخذ فی الكلام لأنه كان صلی اللّٰه علیه و آله أفصح العرب فصل مصدر موضوع موضع اسم الفاعل أی منطقه وسط بین النزر و الهذر فاصل بینهما قالوا رجل ربعة فأنثوا و الموصوف مذكر علی تأویل نفس ربعة و مثله غلام یفعة لا یأس من طول یروی أنه كان فریق الربعة (5) فالمعنی أنه لم یكن فی حد الربعة غیر متجاوز له فجعل ذلك القدر

ص: 102


1- فی المصدر: و هو من قولهم.
2- فی المصدر: یقال: رجل صعل.
3- فی المصدر: العطف: طول الاشفار و تثنیها.
4- الجشة بالفتح و الضم: الصوت الخشن.
5- فی المصدر: فویق الربعة. و هو الصحیح.

من تجاوز حد الربعة عدم یأس من بعض الطول و فی تنكیر الطول دلیل علی معنی البعضیة و روی ربعة لا یائس من طول.

یقال فی المنظر المستقبح اقتحمته العین أی ازدرته كأنها وقعت من قبحه فی قحمة و هی الشدة.

محفود مخدوم و أصل الحفد مداركة الخطو محشود مجتمع علیه یعنی أن أصحابه یزفون فی خدمته یجتمعون علیه.

خیمتی نصب علی الظرف أجری المحدود مجری المبهم كبیت الكتاب كما عسل الطریق الثعلب.

اللام فی لقصی للتعجب كالتی فی قولهم یا للدواهی و یا للماء و المعنی تعالوا یا قصی لیتعجب (1) منكم فیما أغفلتموه من حظكم و أضعتموه من عزكم بعصیانكم رسول اللّٰه و إلجائكم إیاه إلی الخروج من بین أظهركم.

و قوله ما زوی اللّٰه عنكم تعجب أیضا معناه أی شی ء زوی اللّٰه عنكم الضرة أصل الضرع الذی لا یخلو من اللبن و قیل هی الضرع كله ما خلا (2) الأَطْبَاء (3).

ص: 103


1- فی المصدر: لنعجب منكم.
2- الاطباء جمع الطبی و هی حلمة الضرع من ذوات خف و ظلف و حافر و السباع.
3- الفائق: 43- 45.

باب 7 نزوله صلی اللّٰه علیه و آله المدینة و بناؤه المسجد و البیوت و جمل أحواله إلی شروعه فی الجهاد

«1»-عم، إعلام الوری رُوِیَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِیِّ قَالَ كَانَ بَیْنَ لَیْلَةِ الْعَقَبَةِ وَ بَیْنَ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَانَتْ بَیْعَةُ الْأَنْصَارِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ قُدُومُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ فِی شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ لِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْهُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ كَانَتِ الْأَنْصَارُ خَرَجُوا یَتَوَكَّفُونَ أَخْبَارَهُ (1) فَلَمَّا أَیِسُوا رَجَعُوا إِلَی مَنَازِلِهِمْ فَلَمَّا رَجَعُوا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وَافَی ذَا الْحُلَیْفَةِ سَأَلَ عَنْ طَرِیقِ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَدَلُّوهُ فَرَفَعَهُ الْآلُ فَنَظَرَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ وَ هُوَ عَلَی أُطُمٍ إِلَی رُكْبَانِ ثَلَاثَةٍ یَمُرُّونَ عَلَی طَرِیقِ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَصَاحَ یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمَةِ (2) هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ وَافَی فَوَقَعَتِ الصَّیْحَةُ بِالْمَدِینَةِ فَخَرَجَ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ وَ الصِّبْیَانُ مُسْتَبْشِرِینَ لِقُدُومِهِ یَتَعَادَوْنَ (3) فَوَافَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَصَدَ مَسْجِدَ قُبَاءَ وَ نَزَلَ وَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ سُرُّوا بِهِ وَ اسْتَبْشَرُوا وَ اجْتَمَعُوا حَوْلَهُ وَ نَزَلَ عَلَی كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ شَیْخٍ مِنْ بَنِی عَمْرٍو صَالِحٍ مَكْفُوفِ الْبَصَرِ وَ اجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ بُطُونُ الْأَوْسِ وَ كَانَتْ بَیْنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ عَدَاوَةٌ فَلَمْ یَجْسُرُوا أَنْ یَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَا كَانَ بَیْنَهُمْ مِنَ الْحُرُوبِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَصَفَّحُ الْوُجُوهَ فَلَا یَرَی أَحَداً مِنَ الْخَزْرَجِ وَ قَدْ كَانَ قَدِمَ عَلَی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ فَنَزَلُوا فِیهِمْ.

وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ جَاءَ النِّسَاءُ وَ الصِّبْیَانُ فَقُلْنَ

ص: 104


1- أی ینتظرون حضوره، و یستخبرون وروده.
2- فی نسخة یا معشر المسلمین. و فیه. فرفعت الصیحة.
3- تعادی القوم: تسابقوا فی العدو و الركض.

طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَیْنَا مِنْ ثَنِیَّاتِ (1) الْوَدَاعِ*** وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَیْنَا مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعٍ

وَ كَانَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ عَبْداً لِبَعْضِ الْیَهُودِ وَ قَدْ كَانَ خَرَجَ مِنْ بِلَادِهِ مِنْ فَارِسَ یَطْلُبُ الدِّینَ الْحَنِیفَ الَّذِی كَانَ أَهْلُ الْكُتُبِ یُخْبِرُونَهُ بِهِ فَوَقَعَ إِلَی رَاهِبٍ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَی بِالشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ وَ صَحِبَهُ فَقَالَ اطْلُبْهُ بِمَكَّةَ فَثَمَّ مَخْرَجُهُ وَ اطْلُبْهُ بِیَثْرِبَ فَثَمَّ مُهَاجَرُهُ فَقَصَدَ یَثْرِبَ فَأَخَذَهُ بَعْضُ الْأَعْرَابِ فَسَبَوْهُ وَ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ فَكَانَ یَعْمَلُ فِی نَخْلِهِ (2) وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ عَلَی النَّخْلَةِ یَصْرِمُهَا (3) فَدَخَلَ عَلَی صَاحِبِهِ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ فَقَالَ یَا بَا فُلَانٍ أَ شَعَرْتَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمَةَ قَدْ قَدِمَ عَلَیْهِمْ نَبِیُّهُمْ فَقَالَ سَلْمَانُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الَّذِی تَقُولُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ مَا لَكَ وَ لِلسُّؤَالِ عَنْ هَذَا أَقْبِلْ عَلَی عَمَلِكَ قَالَ فَنَزَلَ وَ أَخَذَ طَبَقاً فَصَیَّرَ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ الرُّطَبِ وَ حَمَلَهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَذَا قَالَ هَذِهِ صَدَقَةُ تُمُورِنَا بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَوْمٌ غُرَبَاءُ قَدِمْتُمْ هَذِهِ الْبِلَادَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ صَدَقَاتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَمُّوا وَ كُلُوا فَقَالَ سَلْمَانُ فِی نَفْسِهِ وَ عَقَدَ بِإِصْبَعِهِ هَذِهِ وَاحِدَةٌ یَقُولُهَا بِالْفَارِسِیَّةِ ثُمَّ أَتَاهُ بِطَبَقٍ آخَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَذِهِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ رَأَیْتُكَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَ هَذِهِ هَدِیَّةٌ أَهْدَیْتُهَا إِلَیْكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله سَمُّوا وَ كُلُوا وَ أَكَلَ علیه السلام فَعَقَدَ سَلْمَانُ بِیَدِهِ اثْنَتَیْنِ وَ قَالَ هَذِهِ آیَتَانِ (4) یَقُولُهَا بِالْفَارِسِیَّةِ

ص: 105


1- قال یاقوت فی معجم البلدان 2: 85: الثنیة فی الأصل: كل عقبة فی الجبل مسلوكة و ثنیة الوداع بفتح الواو: و هو اسم من التودیع عند الرحیل، و هی ثنیة مشرفة علی المدینة یطؤها من یرید مكّة، و اختلف فی تسمیتها بذلك، فقیل: لانها موضع وداع المسافرین من المدینة إلی مكّة، و قیل: لان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ودع بها بعض من خلفه بالمدینة فی آخر خرجاته، و قیل: فی بعض سرایاه المبعوثة عنه، و قیل: الوداع: اسم واد بالمدینة، و الصحیح انه اسم قدیم جاهلی سمی لتودیع المسافرین انتهی. أقول: و یؤید الأخیر البیت، و یظهر منه انها كانت معروفة عندهم بذلك.
2- فی المصدر: فكان یعمل فی نخلة.
3- صرم النخل و الشجر: جزه.
4- فی المصدر: هذه اثنان.

ثُمَّ دَارَ خَلْفَهُ فَأَلْقَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ كَتِفِهِ الْإِزَارَ فَنَظَرَ سَلْمَانُ إِلَی خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ الشَّامَةِ (1) فَأَقْبَلَ یُقَبِّلُهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ قَدْ خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِی مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا وَ حَدَّثَهُ بِحَدِیثِهِ.

وَ لَهُ حَدِیثٌ فِیهِ طُولٌ. (2) فَأَسْلَمَ وَ بَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ وَ اصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ سَیَجْعَلُ لَكَ فَرَجاً مِنْ هَذَا الْیَهُودِیِّ.

فَلَمَّا أَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَارَقَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ نَزَلَ عَلَی بَعْضِ الْأَنْصَارِ وَ بَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقُبَاءَ نَازِلًا عَلَی كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ (3) فَلَمَّا صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ جَاءَهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مُقَنِّعاً فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ فَرِحَ بِقُدُومِهِ ثُمَّ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ أَسْمَعَ بِكَ فِی مَكَانٍ فَأَقْعُدَ عَنْكَ إِلَّا أَنَّ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَوْسِ مَا تَعْلَمُ فَكَرِهْتُ أَنْ آتِیَهُمْ فَلَمَّا أَنْ كَانَ هَذَا الْوَقْتُ لَمْ أَحْتَمِلْ أَنْ أَقْعُدَ عَنْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْأَوْسِ مَنْ یُجِیرُهُ مِنْكُمْ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ جِوَارُنَا فِی جِوَارِكَ فَأَجِرْهُ قَالَ لَا بَلْ یُجِیرُهُ بَعْضُكُمْ فَقَالَ عُوَیْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ نَحْنُ نُجِیرُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَجَارُوهُ وَ كَانَ یَخْتَلِفُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَتَحَدَّثُ عِنْدَهُ وَ یُصَلِّی خَلْفَهُ فَبَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ خَمْسَةَ عَشَرَ یَوْماً فَجَاءَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ تَدْخُلُ الْمَدِینَةَ فَإِنَّ الْقَوْمَ مُتَشَوِّقُونَ إِلَی نُزُولِكَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَرِیمُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ حَتَّی یُوَافِیَ أَخِی عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ بَعَثَ إِلَیْهِ أَنِ احْمِلِ الْعِیَالَ وَ اقْدَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَحْسَبُ عَلِیّاً یُوَافِی قَالَ بَلَی مَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَبَقِیَ خَمْسَةَ عَشَرَ یَوْماً فَوَافَی عَلِیٌّ علیه السلام بِعِیَالِهِ. (4)

ص: 106


1- الشامة: الخال. و هو بثرة سوداء فی البدن.
2- یأتی إنشاء اللّٰه فی موضعه.
3- فی المصدر: نازلا علی بیت كلثوم.
4- فی امتاع الاسماع: 48: و قدم علی رضی اللّٰه عنه من مكّة للنصف من ربیع الأوّل و رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بقباء لم یرم بعد، و قدم معه صهیب، و ذلك بعد ما ادی علی عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الودائع التی كانت عنده ، وبعد ما كان یسیر اللیل ویكمن النهار حتی تقطرت قدماه ، فاعتنقه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بكی رحمة لما بقدمیه من الورم ، وتفل فی یدیه و امرهما علی قدمیه فلم یشتكهما بعد ذلك حتی قتل رضی اللّٰه عنه ، ونزل علی كلثوم بن الهدم و قیل : علی امرأة ، والراجح انه نزل مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله انتهی. أقول : لعل الصحیح أن علیا علیه السلام قدم للنصف من الربیع علی ما فی كلام المقریزی ، ویؤیده ما فی سیرة ابن هشام وتاریخ الطبری من ان علیا علیه السلام اقام بمكة ثلاث لیال وأیامها حتی أدی الودائع ثم لحق برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فنزل معه علی كلثوم بن هدم ویؤیده أیضا ما ذكره ابن هشام والطبری أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أقام فی بنی عمرو بن عوف یوم الاثنین ویوم الثلثاء ویوم الاربعاء ویوم الخمیس وأسس مسجده مع انهما صرحا بأن علیا علیه السلام شاركه فی بناء المسجد وكان یرتجز ویقول : لا یستوی من یعمر المساجدا***یدأب فیها قائما وقاعدا ومن یری عن الغبار حائدا***وسیأتی فی الاخبار التصریح به أیضا

فَلَمَّا وَافَی كَانَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ یَكْسِرَانِ أَصْنَامَ الْخَزْرَجِ وَ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ شَرِیفٍ فِی بَیْتِهِ صَنَمٌ یَمْسَحُهُ وَ یُطَیِّبُهُ وَ لِكُلِّ بَطْنٍ مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ صَنَمٌ فِی بَیْتٍ لِجَمَاعَةٍ یُكْرِمُونَهُ وَ یَجْعَلُونَ عَلَیْهِ مِنْدِیلًا وَ یَذْبَحُونَ لَهُ فَلَمَّا قَدِمَ (1) الِاثْنَا عَشَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَخْرَجُوهَا مِنْ بُیُوتِهِمْ وَ بُیُوتِ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَلَمَّا قَدِمَ السَّبْعُونَ كَثُرَ الْإِسْلَامُ وَ فَشَا وَ جَعَلُوا یَكْسِرُونَ الْأَصْنَامَ.

قَالَ وَ بَقِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ قُدُومِ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْماً أَوْ یَوْمَیْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَةً فَاجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ (2) فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عِنْدَنَا فَإِنَّا أَهْلُ الْجَدِّ وَ الْجَلَدِ وَ الْحَلْقَةِ (3) وَ الْمَنَعَةِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله خَلُّوا عَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ بَلَغَ الْأَوْسَ وَ الْخَزْرَجَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَبِسُوا السِّلَاحَ وَ أَقْبَلُوا یَعْدُونَ حَوْلَ نَاقَتِهِ

ص: 107


1- أی إلی مكّة قبل هجرة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- قال الیعقوبی فنزل علی كلثوم بن الهدم فلم یلبث الا أیاما حتّی مات كلثوم، و انتقل فنزل علی سعد بن خیثمة فی بنی عمرو بن عوف فمكث أیاما، ثمّ كان سفهاء بنی عمرو و منافقوهم یرجمونه فی اللیل، فلما رأی ذلك قال: ما هذا الجوار؟ فارتحل عنهم.
3- فی نسخة: الحلفة بالفاء.

لَا یَمُرُّ بِحَیٍّ مِنْ أَحْیَاءِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَثَبُوا فِی وَجْهِهِ وَ أَخَذُوا بِزِمَامِ نَاقَتِهِ وَ تَطَلَّبُوا إِلَیْهِ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْهِمْ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ خَلُّوا سَبِیلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ حَتَّی مَرَّ بِبَنِی سَالِمٍ وَ كَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ قُبَاءَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَی بَنِی سَالِمٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ بَنُو سَالِمٍ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلُمَّ إِلَی الْجَدِّ وَ الْجَلَدِ وَ الْحَلْقَةِ (1) وَ الْمَنَعَةِ فَبَرَكَتْ نَاقَتُهُ عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ وَ قَدْ كَانُوا بَنَوْا مَسْجِداً قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ فِی مَسْجِدِهِمْ وَ صَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ (2) وَ خَطَبَهُمْ وَ كَانَ أَوَّلَ مَسْجِدٍ خَطَبَ فِیهِ بِالْجُمُعَةِ وَ صَلَّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَانَ الَّذِینَ صَلَّوْا مَعَهُ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ مِائَةَ رَجُلٍ ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَاقَتَهُ وَ أَرْخَی زِمَامَهَا فَانْتَهَی إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ فَوَقَفَ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَقْدِرُ أَنَّهُ یُعْرَضُ عَلَیْهِ النُّزُولُ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیٍّ بَعْدَ أَنْ ثَارَتِ الْغَیْرَةُ وَ أَخَذَ كُمَّهُ وَ وَضَعَهُ عَلَی أَنْفِهِ یَا هَذَا اذْهَبْ إِلَی الَّذِینَ غَرُّوكَ وَ خَدَعُوكَ وَ أَتَوْا بِكَ فَانْزِلْ عَلَیْهِمْ وَ لَا تَغُشَّنَا فِی دِیَارِنَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَی دُورِ بَنِی الْحُبْلَی الذَّرَّ فَخَرَّبَ دُورَهُمْ فَصَارُوا نُزَّالًا عَلَی غَیْرِهِمْ وَ كَانَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ یُقَالُ لَهُ ابْنُ الْحُبْلَی فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَا یَعْرِضُ فِی قَلْبِكَ مِنْ قَوْلِ هَذَا شَیْ ءٌ فَإِنَّا كُنَّا اجْتَمَعْنَا عَلَی أَنْ نُمَلِّكَهُ عَلَیْنَا وَ هُوَ یَرَی الْآنَ أَنَّكَ قَدْ سَلَبْتَهُ أَمْراً قَدْ كَانَ أَشْرَفَ عَلَیْهِ فَانْزِلْ عَلَیَّ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَیْسَ فِی الْخَزْرَجِ وَ لَا فِی الْأَوْسِ أَكْثَرُ فَمِ بِئْرٍ مِنِّی وَ نَحْنُ أَهْلُ الْجَلَدِ وَ الْعِزِّ فَلَا تُجِزْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَرْخَی زِمَامَ نَاقَتِهِ وَ مَرَّتْ تَخُبُّ بِهِ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِی هُوَ الْیَوْمَ وَ لَمْ یَكُنْ مَسْجِداً إِنَّمَا كَانَ مِرْبَداً لِیَتِیمَیْنِ مِنَ الْخَزْرَجِ یُقَالُ لَهُمَا سَهْلٌ وَ سُهَیْلٌ وَ كَانَا فِی حَجْرِ أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ فَبَرَكَتِ النَّاقَةُ عَلَی بَابِ أَبِی أَیُّوبَ خَالِدِ بْنِ زَیْدٍ (3) فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 108


1- فی نسخة: الحلفة بالفاء.
2- فی الامتاع و سیرة ابن هشام و تاریخ الطبریّ و غیرها انه صلی بهم الجمعة و یأتی ذلك أیضا فی الاخبار، و لعلّ الطبرسیّ أیضا أراد ذلك خصوصا مع قوله بعد ذلك: و كان أول مسجد خطب فیه بالجمعة.
3- فی المصدر: خالد بن یزید. و هو مصحف، و الصحیح: خالد بن زید كما فی المتن.

فَلَمَّا نَزَلَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ وَ سَأَلُوهُ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْهِمْ فَوَثَبَتْ أُمُّ أَبِی أَیُّوبَ إِلَی الرَّحْلِ فَحَلَّتْهُ فَأَدْخَلَتْهُ مَنْزِلَهَا فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَیْهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیْنَ الرَّحْلُ فَقَالُوا أُمُّ أَبِی أَیُّوبَ قَدْ أَدْخَلَتْهُ بَیْتَهَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ وَ أَخَذَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ فَحَوَّلَهَا إِلَی مَنْزِلِهِ.

وَ كَانَ أَبُو أَیُّوبَ لَهُ مَنْزِلٌ أَسْفَلُ وَ فَوْقَ الْمَنْزِلِ غُرْفَةٌ فَكَرِهَ أَنْ یَعْلُوَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی الْعُلْوُ أَحَبُّ إِلَیْكَ أَمِ السُّفْلُ فَإِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَعْلُوَ فَوْقَكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله السُّفْلُ أَرْفَقُ بِنَا لِمَنْ یَأْتِینَا قَالَ أَبُو أَیُّوبَ فَكُنَّا فِی الْعُلْوِ أَنَا وَ أُمِّی فَكُنْتُ إِذَا اسْتَقَیْتُ الدَّلْوَ أَخَافُ أَنْ یَقَعَ مِنْهُ قَطْرَةٌ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُنْتُ أَصْعَدُ وَ أُمِّی إِلَی الْعُلْوِ خَفِیّاً مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُ وَ لَا یَحُسُّ بِنَا وَ لَا نَتَكَلَّمُ إِلَّا خَفِیّاً وَ كَانَ إِذَا نَامَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا نَتَحَرَّكُ وَ رُبَّمَا طَبَخْنَا فِی غُرْفَتِنَا فَنُجِیفُ (1) الْبَابَ عَلَی غُرْفَتِنَا مَخَافَةَ أَنْ یُصِیبَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دُخَانٌ وَ لَقَدْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ لَنَا وَ أُهَرِیقَ الْمَاءُ فَقَامَ أُمُّ أَبِی أَیُّوبَ إِلَی قَطِیفَةٍ لَمْ یَكُنْ لَنَا وَ اللَّهِ غَیْرُهَا فَأَلْقَتْهَا عَلَی ذَلِكَ الْمَاءِ تَسْتَنْشِفُ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ یَسِیلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ وَ كَانَ یَحْضُرُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ كَانَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ یَبْعَثُ إِلَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ غَدَاءً وَ عَشَاءً فِی قَصْعَةِ ثَرِیدٍ عَلَیْهَا عُرَاقٌ فَكَانَ یَأْكُلُ مَعَهُ مَنْ جَاءَ حَتَّی یَشْبَعُونَ ثُمَّ تُرَدُّ الْقَصْعَةُ كَمَا هِیَ وَ كَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ یَبْعَثُ إِلَیْهِ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ عَشَاءً وَ یَتَعَشَّی مَعَهُ مَنْ حَضَرَهُ وَ تُرَدُّ الْقَصْعَةُ كَمَا هِیَ وَ كَانُوا یَتَنَاوَبُونَ فِی بَعْثِ الْغَدَاءِ وَ الْعَشَاءِ إِلَیْهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ قَالَ فَطَبَخَ لَهُ أُسَیْدٌ یَوْماً قِدْراً فَلَمْ یَجِدْ مَنْ یَحْمِلُهَا فَحَمَلَهَا بِنَفْسِهِ وَ كَانَ رَجُلًا شَرِیفاً مِنَ النُّقَبَاءِ فَوَافَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ رَجَعَ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ حَمَلْتَهَا بِنَفْسِكَ قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَجِدْ أَحَداً یَحْمِلُهَا فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ.

وَ فِی كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَدِینَةَ فَلَمَّا

ص: 109


1- أجاف الباب: رده.

دَخَلَهَا جَاءَتِ الْأَنْصَارُ بِرِجَالِهَا وَ نِسَائِهَا فَقَالُوا إِلَیْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ دَعُوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَبَرَكَتْ عَلَی بَابِ أَبِی أَیُّوبَ فَخَرَجَتْ جَوَارٍ مِنْ بَنِی النَّجَّارِ یَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ وَ هُنَّ یَقُلْنَ

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِی النَّجَّارِ***یَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارٍ

فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَ تُحِبُّونَنِی فَقَالُوا بَلَی (1) وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَا وَ اللَّهِ أُحِبُّكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ (2) وَ جَاءَتْهُ الْیَهُودُ قُرَیْظَةُ وَ النَّضِیرُ وَ قَیْنُقَاعُ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ إِلَی مَا تَدْعُو قَالَ إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنِّی الَّذِی تَجِدُونَنِی مَكْتُوباً فِی التَّوْرَاةِ وَ الَّذِی أَخْبَرَكُمْ بِهِ عُلَمَاؤُكُمْ أَنَّ مَخْرَجِی بِمَكَّةَ وَ مُهَاجَرِی فِی هَذِهِ الْحَرَّةِ (3) وَ أَخْبَرَكُمْ عَالِمٌ (4) مِنْكُمْ جَاءَكُمْ مِنَ الشَّامِ فَقَالَ تَرَكْتُ الْخَمْرَ وَ الْخَمِیرَ وَ جِئْتُ إِلَی الْبُؤْسِ (5) وَ التُّمُورِ لِنَبِیٍّ یُبْعَثُ فِی هَذِهِ الْحَرَّةِ مَخْرَجُهُ بِمَكَّةَ وَ مُهَاجَرُهُ هَاهُنَا (6) وَ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَفْضَلُهُمْ یَرْكَبُ الْحِمَارَ وَ یَلْبَسُ الشَّمْلَةَ وَ یَجْتَزِئَ بِالْكِسْرَةِ فِی عَیْنَیْهِ حُمْرَةٌ وَ بَیْنَ كَتِفَیْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَ یَضَعُ سَیْفَهُ عَلَی عَاتِقِهِ لَا یُبَالِی مَنْ لَاقَی وَ هُوَ الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ یَبْلُغُ سُلْطَانُهُ مُنْقَطَعَ الْخُفِّ وَ الْحَافِرِ فَقَالُوا لَهُ قَدْ سَمِعْنَا مَا تَقُولُ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَطْلُبَ مِنْكَ الْهُدْنَةَ عَلَی أَنْ لَا نَكُونَ لَكَ وَ لَا عَلَیْكَ وَ لَا نُعِینَ عَلَیْكَ أَحَداً وَ لَا نَتَعَرَّضَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ لَا تَتَعَرَّضَ لَنَا وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا حَتَّی نَنْظُرَ إِلَی مَا یَصِیرُ أَمْرُكَ وَ أَمْرُ قَوْمِكَ

ص: 110


1- فی المصدر: فقالوا أی.
2- رواه الصدوق فی اكمال الدین: 114 و 115. بإسناده عن علیّ بن إبراهیم. و أخرجه المصنّف فی باب البشائر.
3- فی المصدر: و مهاجری بهذه الحرة.
4- تقدم فی باب البشائر بمولده ان اسمه ابن حواش الحبر راجع ج 15: 206.
5- البؤس: الشدة و الفقر.
6- فی اكمال الدین: لنبی یبعث، هذا أو ان خروجه، یكون مخرجه بمكّة و هذه دار هجرته.

فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی ذَلِكَ وَ كَتَبَ بَیْنَهُمْ كِتَاباً أَلَّا یُعِینُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِلِسَانٍ وَ لَا یَدٍ وَ لَا بِسِلَاحٍ وَ لَا بِكُرَاعٍ (1) فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ لَا بِلَیْلٍ وَ لَا بِنَهَارٍ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلَیْهِمْ شَهِیدٌ (2) فَإِنْ فَعَلُوا فَرَسُولُ اللَّهِ فِی حِلٍّ مِنْ سَفْكِ دِمَائِهِمْ وَ سَبْیِ ذَرَارِیِّهِمْ وَ نِسَائِهِمْ وَ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَ كَتَبَ لِكُلِّ قَبِیلَةٍ مِنْهُمْ كِتَاباً عَلَی حِدَةٍ وَ كَانَ الَّذِی تَوَلَّی أَمْرَ بَنِی النَّضِیرِ حُیَیُّ (3) بْنُ أَخْطَبَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ جُدَیُّ (4) بْنُ أَخْطَبَ وَ أَبُو یَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ مَا عِنْدَكَ قَالَ هُوَ الَّذِی نَجِدُهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ الَّذِی بَشَّرَنَا بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَ لَا أَزَالُ لَهُ عَدُوّاً لِأَنَّ النُّبُوَّةَ خَرَجَتْ مِنْ وُلْدِ إِسْحَاقَ وَ صَارَتْ فِی وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ وَ لَا نَكُونُ تَبَعاً لِوُلْدِ إِسْمَاعِیلَ أَبَداً.

وَ كَانَ الَّذِی وَلِیَ أَمْرَ قُرَیْظَةَ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ وَ الَّذِی وَلِیَ أَمْرَ بَنِی قَیْنُقَاعَ مُخَیْرِیقٌ وَ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مَالًا وَ حَدَائِقَ فَقَالَ لِقَوْمِهِ تَعْلَمُونَ (5) أَنَّهُ النَّبِیُّ الْمَبْعُوثُ فَهَلُمُّوا نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَكُونُ قَدْ أَدْرَكْنَا الْكِتَابَیْنِ فَلَمْ یُجِبْهُ قَیْنُقَاعُ إِلَی ذَلِكَ.

قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی فِی الْمِرْبَدِ بِأَصْحَابِهِ.

فَقَالَ لِأَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ اشْتَرِ هَذَا الْمِرْبَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَسَاوَمَ الْیَتِیمَیْنِ عَلَیْهِ فَقَالا هُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا إِلَّا بِثَمَنٍ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِیرَ وَ كَانَ فِیهِ مَاءٌ مُسْتَنْقَعٌ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فَسِیلَ (6) وَ أَمَرَ بِاللَّبِنِ فَضُرِبَ فَبَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَفَرَهُ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْحِجَارَةِ فَنُقِلَتْ مِنَ الْحَرَّةِ (7) فَكَانَ

ص: 111


1- الكراع یطلق علی الخیل و البغال و الحمیر.
2- فی نسخة: اللّٰه بذلك علیهم شهید.
3- هكذا فی النسخ، و الصحیح: حیی كسمی.
4- جدی بالضم كسمی.
5- فی المصدر: ان كنتم تعلمون.
6- استنقع الماء فی الغدیر أی اجتمع و ثبت، و سال الماء سیلا و سیلانا: جری، مجهوله.
7- الحرة بالفتح: الأرض ذات حجارة نخرة سود كأنّها أحرقت بالنار.

الْمُسْلِمُونَ یَنْقُلُونَهَا فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْمِلُ حَجَراً عَلَی بَطْنِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ أُسَیْدُ بْنُ حُضَیْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِی أَحْمِلْهُ عَنْكَ قَالَ لَا اذْهَبْ فَاحْمِلْ غَیْرَهُ فَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ وَ رَفَعُوهَا مِنَ الْحُفْرَةِ حَتَّی بَلَغَ وَجْهَ الْأَرْضِ ثُمَّ بَنَاهُ أَوَّلًا بِالسَّعِیدَةِ لَبِنَةً لَبِنَةً ثُمَّ بَنَاهُ بِالسَّمِیطِ وَ هُوَ لَبِنَةٌ وَ نِصْفٌ ثُمَّ بَنَاهُ بِالْأُنْثَی وَ الذَّكَرِ لَبِنَتَیْنِ مُخَالِفَتَیْنِ وَ رَفَعَ حَائِطَهُ قَامَةً وَ كَانَ مُؤَخَّرُهُ (1) مِائَةَ ذِرَاعٍ ثُمَّ اشْتَدَّ عَلَیْهِمُ الْحَرُّ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَظْلَلْتَ عَلَیْهِ ظِلًّا فَرَفَعَ صلی اللّٰه علیه و آله أَسَاطِینَهُ فِی مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ إِلَی مَا یَلِی الصَّحْنَ بِالْخَشَبِ ثُمَّ ظَلَّلَهُ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ سَعَفَ النَّخْلِ فَعَاشُوا فِیهِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَقَفْتَ سَقْفاً قَالَ لَا عَرِیشٌ كَعَرِیشِ مُوسَی الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ وَ ابْتَنَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنَازِلَهُ وَ مَنَازِلَ أَصْحَابِهِ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَ خَطَّ لِأَصْحَابِهِ خِطَطاً فَبَنَوْا فِیهِ مَنَازِلَهُمْ وَ كُلٌّ شَرَعَ (2) مِنْهُ بَاباً إِلَی الْمَسْجِدِ وَ خَطَّ لِحَمْزَةَ وَ شَرَعَ بَابَهُ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ خَطَّ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِثْلَ مَا خَطَّ لَهُمْ وَ كَانُوا یَخْرُجُونَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ فَیَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكَ أَنْ تَأْمُرَ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ بَابٌ إِلَی الْمَسْجِدِ أَنْ یَسُدَّهُ وَ لَا یَكُونَ لِأَحَدٍ بَابٌ إِلَی الْمَسْجِدِ إِلَّا لَكَ وَ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ یَحِلُّ لِعَلِیٍّ فِیهِ مَا یَحِلُّ لَكَ فَغَضِبَ أَصْحَابُهُ وَ غَضِبَ حَمْزَةُ وَ قَالَ أَنَا عَمُّهُ یَأْمُرُ بِسَدِّ بَابِی وَ یَتْرُكُ بَابَ ابْنِ أَخِی وَ هُوَ أَصْغَرُ مِنِّی فَجَاءَهُ فَقَالَ یَا عَمِّ لَا تَغْضَبَنَّ مِنْ سَدِّ بَابِكَ وَ تَرْكِ بَابِ عَلِیٍّ فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا أَمَرْتُ بِذَلِكَ (3) وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ تَرْكِ بَابِ عَلِیٍّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِیتُ وَ سَلَّمْتُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ.

قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ بَنَی مَنَازِلَهُ كَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام عِنْدَهُ فَخَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ ثُمَّ خَطَبَهَا عُمَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقِیلَ

ص: 112


1- فی نسخة: و كان مؤخره فی مائة ذراع. و فی المصدر: و كان مؤخره (ذراع) فی مائة ذراع.
2- شرع الباب إلی الطریق أی أنفذه إلیه.
3- فی المصدر: ما أمرت أنا بذلك.

لِعَلِیٍّ علیه السلام لِمَ لَا تَخْطُبُ فَاطِمَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا عِنْدِی شَیْ ءٌ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَسْأَلُكَ شَیْئاً فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَحْیَا أَنْ یَسْأَلَهُ فَرَجَعَ ثُمَّ جَاءَهُ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی فَاسْتَحْیَا فَرَجَعَ ثُمَّ جَاءَهُ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَ لَكَ حَاجَةٌ قَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَعَلَّكَ جِئْتَ خَاطِباً قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ هَلْ عِنْدَكَ شَیْ ءٌ یَا عَلِیُّ قَالَ مَا عِنْدِی یَا رَسُولَ اللَّهِ شَیْ ءٌ إِلَّا دِرْعِی فَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَی اثْنَتَیْ عَشْرَةَ أُوقِیَّةً وَ نَشٍّ (1)وَ دَفَعَ إِلَیْهِ دِرْعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَیِّئْ مَنْزِلًا حَتَّی تُحَوَّلَ فَاطِمَةُ إِلَیْهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَاهُنَا مَنْزِلٌ إِلَّا مَنْزِلُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَ كَانَ لِفَاطِمَةَ علیها السلام یَوْمَ بَنَی بِهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تِسْعُ سِنِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَحْیَیْنَا مِنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَدْ أَخَذْنَا عَامَّةَ مَنَازِلِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ حَارِثَةَ فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَ مَالِی لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ اللَّهِ مَا شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیَّ مِمَّا تَأْخُذُهُ وَ الَّذِی تَأْخُذُهُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِمَّا تَتْرُكُهُ فَجَزَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْراً فَحُوِّلَتْ فَاطِمَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیهما السلام فِی مَنْزِلِ حَارِثَةَ وَ كَانَ فِرَاشُهُمَا إِهَابَ (2)كَبْشٍ جَعَلَا صُوفَهُ تَحْتَ جُنُوبِهِمَا.

قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمَكَّةَ وَ فِی هِجْرَتِهِ حَتَّی أَتَی لَهُ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ (3)فَلَمَّا أَتَی لَهُ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ عَیَّرَتْهُ الْیَهُودُ وَ قَالُوا لَهُ أَنْتَ تَابِعٌ لَنَا تُصَلِّی إِلَی قِبْلَتِنَا وَ نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ فِی الصَّلَاةِ فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ص

ص: 113


1- النش بالفتح: النصف.
2- الاهاب: الجلد. أو ما لم یدبغ منه.
3- اختلف فی تاریخ تحویل القبلة إلی الكعبة، روی علیّ بن إبراهیم: سبعة أشهر بعد مهاجرة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، و قال ابن إسحاق: صرف فی رجب علی رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدینة، و هو المروی عن ابن عبّاس، و اختاره الیعقوبی فی تاریخه، ثمّ قال: و قیل: بسنة و نصف. و روی عن انس بن مالك تسعة أشهر أو عشرة أشهر، و عن معاذ بن جبل ثلاثة عشر شهرا. راجع مجمع البیان 1: 223 و سیرة ابن هشام 2: 176 و تاریخ الیعقوبی 2: 31.

مِنْ ذَلِكَ وَ أَحَبَّ أَنْ یُحَوِّلَ اللَّهُ قِبْلَتَهُ إِلَی الْكَعْبَةِ فَخَرَجَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ نَظَرَ إِلَی آفَاقِ السَّمَاءِ یَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ وَ خَرَجَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ إِلَی مَسْجِدِ بَنِی سَالِمٍ الَّذِی جَمَعَ فِیهِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ كَانَتْ بِالْمَدِینَةِ وَ صَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ هُنَاكَ بِرَكْعَتَیْنِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ رَكْعَتَیْنِ إِلَی الْكَعْبَةِ وَ نَزَلَ عَلَیْهِ قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِی السَّماءِ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها (1) الْآیَاتِ ثُمَّ نَزَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آیَةُ الْقِتَالِ وَ أُذِنَ لَهُ فِی مُحَارَبَةِ قُرَیْشٍ وَ هِیَ قَوْلُهُ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (2).

توضیح: (3) التوكف التوقع و الانتظار و قال الجوهری الآل الذی تراه فی أول النهار و آخره كأنه یرفع الشخوص و لیس هو السراب انتهی.

و فی بعض روایاتهم رأی رجلا مبیضا یزول به السراب قال فی النهایة أی یرفعه و یظهره یقال زال به السراب إذا ظهر شخصه فیه خیالا.

و قال الأطم مثل الأجم یخفف و یثقل و الجمع آطام و هی حصون لأهل المدینة و قال تشوفت إلی الشی ء أی تطلعت یقال النساء یتشوفن إلی السطوح أی ینظرن و یتطاولن قوله لا أریم أی لا أبرح و لا أزول قوله و الحلقة فی بعض النسخ بالحاء المهملة و القاف و هی بالفتح و سكون اللام السلاح و فی بعضها بالفاء و هی بالكسر المعاقدة و المعاهدة علی التعاضد و التساعد.

قوله أكثر فم بئر لعله جعل كثرة الناس فی فم البئر أو كثرة البئر كنایة عن كثرة الأتباع و الأضیاف و الخبب ضرب من العدو.

و قال الجزری فیه إن مسجده كان مربدا لیتیمین المربد الموضع الذی یحبس فیه الإبل و الغنم و به سمی مربد المدینة و البصرة بكسر المیم و فتح

ص: 114


1- البقرة: 144.
2- إعلام الوری: 42- 47 ط 1 و 74- 82 ط 2، و الآیتان فی سورة الحجّ: 39 و 40.
3- فی نسخة: إیضاح.

الباء من ربد بالمكان إذا أقام فیه و ربده إذا حبسه و المربد أیضا الموضع الذی یجعل فیه التمر لینشف.

«2»-كا، الكافی فِی الرَّوْضَةِ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام ابْنَ كَمْ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ أَسْلَمَ فَقَالَ أَ وَ كَانَ كَافِراً قَطُّ إِنَّمَا كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام حَیْثُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله عَشْرُ سِنِینَ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ كَافِراً وَ لَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سَبَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ إِلَی الصَّلَاةِ بِثَلَاثِ سِنِینَ وَ كَانَتْ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الظُّهْرَ رَكْعَتَیْنِ وَ كَذَلِكَ فَرَضَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی مَنْ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّیهَا بِمَكَّةَ رَكْعَتَیْنِ وَ یُصَلِّیهَا عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَیْنِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِینَ حَتَّی هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ وَ خَلَّفَ عَلِیّاً علیه السلام فِی أُمُورٍ لَمْ یَكُنْ یَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَیْرُهُ وَ كَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَكَّةَ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ ذَلِكَ یَوْمُ الْخَمِیسِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ وَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ لِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِقُبَاءَ فَصَلَّی الظُّهْرَ رَكْعَتَیْنِ وَ الْعَصْرَ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ مُقِیماً یَنْتَظِرُ عَلِیّاً علیه السلام یُصَلِّی الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ وَ كَانَ نَازِلًا عَلَی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ یَوْماً یَقُولُونَ لَهُ أَ تُقِیمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَسْجِداً (1) فَیَقُولُ لَا إِنِّی أَنْتَظِرُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ یَلْحَقَنِی وَ لَسْتُ مُسْتَوْطِناً مَنْزِلًا حَتَّی یَقْدَمَ عَلِیٌّ وَ مَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام (2) وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَزَلَ مَعَهُ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ عَلِیٌّ تَحَوَّلَ مِنْ قُبَاءَ إِلَی بَنِی سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَ عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِداً وَ نَصَبَ قِبْلَتَهُ وَ صَلَّی بِهِمْ فِیهِ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَیْنِ وَ خَطَبَ خُطْبَتَیْنِ ثُمَّ رَاحَ مِنْ یَوْمِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ عَلَی نَاقَتِهِ الَّتِی كَانَ قَدِمَ

ص: 115


1- فی المصدر: فنتخذ لك منزلا و مسجدا.
2- فی المصدر: لما قدم علیه علیّ علیه السلام.

عَلَیْهَا وَ عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ لَا یُفَارِقُهُ یَمْشِی بِمَشْیِهِ وَ لَیْسَ یَمُرُّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِبَطْنٍ مِنْ بُطُونِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَامُوا إِلَیْهِ یَسْأَلُونَهُ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْهِمْ فَیَقُولُ لَهُمْ خَلُّوا سَبِیلَ النَّاقَةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَانْطَلَقَتْ بِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی تَرَی وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی یُصَلِّی عِنْدَهُ بِالْجَنَائِزِ فَوَقَفَتْ عِنْدَهُ وَ بَرَكَتْ وَ وَضَعَتْ جِرَانَهَا عَلَی الْأَرْضِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَقْبَلَ أَبُو أَیُّوبَ مُبَادِراً حَتَّی احْتَمَلَ رَحْلَهُ فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ وَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ حَتَّی بُنِیَ لَهُ مَسْجِدُهُ وَ بُنِیَتْ لَهُ مَسَاكِنُهُ وَ مَنْزِلُ عَلِیٍّ علیه السلام فَتَحَوَّلَا إِلَی مَنَازِلِهِمَا فَقَالَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَقْبَلَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَیْنَ فَارَقَهُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی قُبَاءَ فَنَزَلَ بِهِمْ یَنْتَظِرُ قُدُومَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ انْهَضْ بِنَا إِلَی الْمَدِینَةِ فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَ هُمْ یَسْتَرِیثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَیْهِمْ فَانْطَلِقْ بِنَا وَ لَا تَقُمْ هَاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِیّاً فَمَا أَظُنُّهُ یَقْدَمُ إِلَیْكَ إِلَی شَهْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَلَّا مَا أَسْرَعَهُ وَ لَسْتُ أَرِیمُ حَتَّی یَقْدَمَ ابْنُ عَمِّی وَ أَخِی فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحَبُّ أَهْلِ بَیْتِی إِلَیَّ فَقَدْ وَقَانِی بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِینَ قَالَ فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَ اشْمَأَزَّ وَ دَاخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ حَسَدٌ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ عَدَاوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَوَّلَ خِلَافٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْطَلَقَ حَتَّی دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقُبَاءَ حَتَّی یَنْتَظِرَ عَلِیّاً قَالَ فَقُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَمَتَی زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاطِمَةَ علیها السلام مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ بِالْمَدِینَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ (1) بِسَنَةٍ وَ كَانَ لَهَا یَوْمَئِذٍ تِسْعُ سِنِینَ

ص: 116


1- الظاهر ممّا تقدم من الطبرسیّ فی الروایة السابقة أن تزویجها كان بعد الهجرة بقلیل، و هو یوافق ما فی تاریخ الیعقوبی من وقوع التزویج بعد شهرین، و لكن المقریزی صرّح بأنّه وقعت فی صفر. و یأتی ان شاء اللّٰه الكلام حول ذلك فی محله.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ لَمْ یُولَدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ خَدِیجَةَ علیها السلام عَلَی فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا فَاطِمَةُ علیها السلام وَ قَدْ كَانَتْ خَدِیجَةُ مَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِ خَدِیجَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا بِسَنَةٍ (1) فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَئِمَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ وَ دَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِیدٌ وَ أَشْفَقَ عَلَی نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارِ قُرَیْشٍ فَشَكَا إِلَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ اخْرُجْ مِنَ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ هَاجِرْ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَیْسَ لَكَ الْیَوْمَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ وَ انْصِبْ لِلْمُشْرِكِینَ حَرْباً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ فَقُلْتُ فَمَتَی فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ عَلَی مَا هُمْ عَلَیْهِ الْیَوْمَ فَقَالَ بِالْمَدِینَةِ حِینَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ وَ قَوِیَ الْإِسْلَامُ وَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ الْجِهَادَ زَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الصَّلَاةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ فِی الظُّهْرِ رَكْعَتَیْنِ وَ فِی الْعَصْرِ رَكْعَتَیْنِ وَ فِی الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَ فِی الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَیْنِ وَ أَقَرَّ الْفَجْرَ عَلَی مَا فُرِضَتْ لِتَعْجِیلِ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ مِنَ السَّمَاءِ وَ لِتَعْجِیلِ عُرُوجِ مَلَائِكَةِ اللَّیْلِ إِلَی السَّمَاءِ وَ كَانَ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ یَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (2) یَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ وَ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ (3).

بیان: البضع ما بین الثلاث إلی العشرة و جران البعیر بالكسر مقدم عنقه من مذبحه إلی منحره قوله و هم یستریثون أی یستبطئون قوله علی فطرة الإسلام أی بعد بعثته صلی اللّٰه علیه و آله.

قوله علیه السلام لتعجیل نزول ملائكة اللیل.

أقول: تعلیل قصر الصلاة بتعجیل عروج ملائكة اللیل ظاهر و أما تعلیله بتعجیل ملائكة النهار فیمكن أن یوجه بوجوه:

ص: 117


1- تقدم سابقا الخلاف فی المدة التی كانت فیما بین فوتهما راجعه.
2- الإسراء: 78.
3- الروضة: 338- 341.

الأول أن یقال إن صلاة الفجر إذا كانت قصیرة یعجلون فی النزول لیدركوه بخلاف ما إذا كانت طویلة لإمكان تأخیرهم النزول إلی الثالثة أو الرابعة و فیه أن هذا إنما یستقیم إذا لم یكن شهودهم من أول الصلاة لازما و هو خلاف ظاهر الخبر.

الثانی أن یقال لعل الحكمة اقتضت عدم اجتماع ملائكة اللیل و النهار كثیرا فی الأرض فیكون تعجیل عروج ملائكة اللیل أمرا مطلوبا فی نفسه و معللا أیضا بتعجیل نزول ملائكة النهار.

الثالث أن یكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر فی الهواء و یكون المراد بنزولهم نزولهم إلی الأرض فلا ینزلون إلا مع عروج ملائكة اللیل.

الرابع ما قیل إن معناه أنه لما كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجیل لأجل فعل ما هی مأمورة به فی الأرض من كتابة الأعمال و غیرها فكان مما یتعلق بها أول النهار ناسب ذلك تخفیف الصلاة لیشتغلوا بما أمروا به كما أن ملائكة اللیل تتعجل العروج إما لمثل ما ذكر من كونها تتعلق بها أمور بحیث تكون من أول اللیل كعبادة و نحوها بل لو لم یكن إلا أمرها بالعروج إذا انقضت مدة عملها لكفی فتعجیل النزول للفرض المذكور علة للتخفیف كما أن تعجیل العروج علة مع تحصیلهم جمیعا الصلاة معه و لا یضر كون التعجیل فی الأول علة العلة.

ثم اعلم أنه ورد فی الفقیه و العلل هكذا و أقر الفجر علی ما فرضت بمكة لتعجیل عروج ملائكة اللیل إلی السماء و لتعجیل نزول ملائكة النهار إلی الأرض فكانت ملائكة اللیل و ملائكة النهار یشهدون. (1) فعلی هذا یزید احتمال خامس و هو أن یكون قصر الصلاة معللا بتعجیل العروج فقط و أما تعجیل النزول فیكون علة لما بعده أعنی شهود ملائكة اللیل و النهار جمیعا.

ص: 118


1- الفقیه: 121، علل الشرائع 14.

«3»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَنَی مَسْجِدَهُ بِالسَّمِیطِ ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِینَ كَثُرُوا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَزِیدَ فِیهِ فَقَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ فَزِیدَ فِیهِ وَ بَنَاهُ بِالسَّعِیدَةِ ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِینَ كَثُرُوا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَزِیدَ فِیهِ فَقَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ فَزِیدَ فِیهِ وَ بَنَی جِدَارَهُ بِالْأُنْثَی وَ الذَّكَرِ ثُمَّ اشْتَدَّ عَلَیْهِمُ الْحَرُّ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَظُلِّلَ فَقَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ فَأُقِیمَتْ فِیهِ سَوَارِی مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ ثُمَّ طُرِحَتْ عَلَیْهِ الْعَوَارِضُ وَ الْخَصَفُ وَ الْإِذْخِرُ (1) فَعَاشُوا فِیهِ حَتَّی أَصَابَتْهُمُ الْأَمْطَارُ (2) فَجَعَلَ الْمَسْجِدُ یَكِفُ عَلَیْهِمْ (3) فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَطُیِّنَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا عَرِیشٌ كَعَرِیشِ مُوسَی علیه السلام فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ جِدَارُهُ قَبْلَ أَنْ یُظَلَّلَ قَامَةً فَكَانَ إِذَا كَانَ الْفَیْ ءُ ذِرَاعاً وَ هُوَ قَدْرُ مَرْبِضِ عَنْزٍ صَلَّی الظُّهْرَ فَإِذَا كَانَ (4) ضِعْفَ ذَلِكَ صَلَّی الْعَصْرَ وَ قَالَ علیه السلام السَّمِیطُ لَبِنَةٌ لَبِنَةٌ وَ السَّعِیدَةُ لَبِنَةٌ وَ نِصْفٌ وَ الذَّكَرُ وَ الْأُنْثَی لَبِنَتَانِ مُخَالِفَتَانِ (5).

«4»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ (6) عَنْ عُبَیْسِ بْنِ

ص: 119


1- السواری جمع الساریة الأسطوانة. و العوارض: خشب سقف البیت المعرضة. و الخصف جمع الخصفة: الجلة التی یكنز فیه التمر. أی المنسوج من الخوص. و الاذخر: الحشیش الاخضر.
2- فی المصدر: حتی اصابهم المطر.
3- وكف البیت: قطر سقفه.
4- فی المصدر: و إذا كان.
5- فروع الكافی 1: 81.
6- فی نسخة محمّد بن الحسین بن علی.

هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ خَطَّ دَوْرَهَا بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مَنْ بَاعَ رِبَاعَهُ فَلَا تُبَارِكْ لَهُ (1).

بیان: خط دورها بالفتح أی حولها أو بالضم جمع الدار فالمراد بها الدور التی بناها له و لأهل بیته و أصحابه صلی اللّٰه علیه و آله و الرباع بالكسر جمع الربع بالفتح و هی الدار.

«5»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا نَأْتِی الْمَسَاجِدَ الَّتِی حَوْلَ الْمَدِینَةِ فَبِأَیِّهَا أَبْدَأُ فَقَالَ ابْدَأْ بِقُبَاءَ فَصَلِّ فِیهِ وَ أَكْثِرْ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَسْجِدٍ صَلَّی فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی هَذِهِ الْعَرْصَةِ ثُمَّ ائْتِ مَشْرَبَةَ أُمِّ إِبْرَاهِیمَ (2) فَصَلِّ فِیهَا وَ هِیَ مَسْكَنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُصَلَّاهُ ثُمَّ تَأْتِی مَسْجِدَ الْفَضِیحِ (3) فَتُصَلِّی فِیهِ فَقَدْ صَلَّی فِیهِ نَبِیُّكَ صلی اللّٰه علیه و آله (4).

«6»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ

ص: 120


1- فروع الكافی 1: 353.
2- قال الطریحی فی مجمع البحرین: المشربة بفتح المیم، و فتح الراء و ضمها: الغرفة و منه مشربة أم إبراهیم، و إنّما سمیت بذلك لان إبراهیم ابن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ولدته أمه فیها، و تعلقت حین ضربها المخاض بخشبة من خشبة تلك المشربة و قد ذرعت من القبلة إلی الشمال أحد عشر ذرعا.
3- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر: الفضیخ بالخاء المعجمة، و هو مسجد من مساجد المدینة، روی الكلینی بإسناده عن عمّار بن موسی أن فیه ردت الشمس لامیر المؤمنین علی علیه السلام، و روی بإسناده عن لیث المرادی انه سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن مسجد الفضیخ لم سمی مسجد الفضیخ فقال: لنخل یسمی الفضیخ، فلذلك سمی مسجد الفضیخ راجع فروع الكافی 1: 319.
4- فروع الكافی 1: 318.

أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِی أُسِّسَ عَلَی التَّقْوی فَقَالَ مَسْجِدُ قُبَاءَ (1).

«7»-قب، المناقب لابن شهرآشوب سَلْمَانُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ تَعَلَّقَ النَّاسُ بِزِمَامِ النَّاقَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا قَوْمِ دَعُوا النَّاقَةَ فَهِیَ مَأْمُورَةٌ فَعَلَی بَابِ مَنْ بَرَكَتْ فَأَنَا عِنْدَهُ فَأَطْلِقُوا زِمَامَهَا وَ هِیَ تَهِفُّ فِی السَّیْرِ حَتَّی دَخَلَتِ الْمَدِینَةَ فَبَرَكَتْ عَلَی بَابِ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الْمَدِینَةِ أَفْقَرُ مِنْهُ فَانْقَطَعَتْ قُلُوبُ النَّاسِ حَسْرَةً عَلَی مُفَارَقَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَادَی أَبُو أَیُّوبَ یَا أُمَّاهْ افْتَحِی الْبَابَ فَقَدْ قَدِمَ سَیِّدُ الْبَشَرِ وَ أَكْرَمُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی وَ الرَّسُولُ الْمُجْتَبَی فَخَرَجَتْ وَ فَتَحَتِ الْبَابَ وَ كَانَتْ عَمْیَاءَ فَقَالَتْ وَا حَسْرَتَاهْ لَیْتَ كَانَتْ لِی عَیْنٌ أَبْصُرُ بِهَا وَجْهَ سَیِّدِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ أَوَّلُ مُعْجِزَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَدِینَةِ أَنَّهُ وَضَعَ كَفَّهُ عَلَی وَجْهِ أُمِّ أَبِی أَیُّوبَ فَانْفَتَحَتْ عَیْنَاهَا (2).

بیان: الهفیف سرعة السیر.

«8»-قب، المناقب لابن شهرآشوب هَاجَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ وَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ كَانَتْ هِجْرَتُهُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ صَارَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فِی الْغَارِ (3) وَ رُوِیَ سِتَّةُ أَیَّامٍ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ الثَّانِی عَشَرَ مِنْ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ قِیلَ الْحَادِی عَشَرَ وَ هِیَ السَّنَةُ الْأُولَی مِنَ الْهِجْرَةِ فَرَدَّ التَّارِیخَ إِلَی الْمُحَرَّمِ (4) وَ كَانَ نَزَلَ بِقُبَاءَ فِی دَارِ كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ ثُمَّ بِدَارِ خَیْثَمَةَ (5) الْأَوْسِیِّ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ یُقَالُ اثْنَا عَشَرَ

ص: 121


1- فروع الكافی 1: 81.
2- مناقب آل أبی طالب 1: 115 و 116.
3- زاد فی المصدر: لیخیب من قصد إلیه.
4- روی الطبریّ فی تاریخه 2: 110 بإسناده عن ابن شهاب ان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و سلم لما قدم المدینة و قدمها فی شهر ربیع الأوّل امر بالتاریخ، ثمّ قال: فذكر انهم كانوا یؤرخون بالشهر و الشهرین من مقدمه إلی أن تمت السنة. و قد قیل: ان اول من امر بالتاریخ عمر بن الخطاب.
5- هكذا فی النسخ و فی المناقب: و فیه سقط، و الصحیح: سعد بن خیثمة. راجع كتب السیر و التواریخ.

یَوْماً إِلَی بُلُوغِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَهْلِ الْبَیْتِ وَ كَانَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ یَسْتَقْبِلُونَ كُلَّ یَوْمٍ إِلَی قُبَاءَ وَ یَنْصَرِفُونَ فَأَسَّسَ بِقُبَاءَ مَسْجِدَهُمْ وَ خَرَجَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ نَزَلَ الْمَدِینَةَ وَ صَلَّی فِی الْمَسْجِدِ الَّذِی بِبَطْنِ الْوَادِی (1).

قَالَ النَّسَوِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِی الْمَدِینَةِ صَلَاةُ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ عَلَی أَبِی أَیُّوبَ فَلَمَّا أَتَی لِهِجْرَتِهِ شَهْرٌ وَ أَیَّامٌ تَمَّتْ صَلَاةُ الْمُقِیمِ وَ بَعْدَ ثَمَانِیَةِ أَشْهُرٍ آخَی بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ فِیهَا شَرَّعَ الْأَذَانَ (2).

«9»-قب، المناقب لابن شهرآشوب رُوِیَ أَنَّهُ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَقْبِلُونَهُ وَ یَنْصَرِفُونَ عِنْدَ الظَّهِیرَةِ فَدَخَلُوا یَوْماً فَقَدِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَوَّلُ مَنْ رَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ فَلَمَّا رَآهُ صَرَخَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا بَنِی قَیْلَةَ هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ فَنَزَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی كُلْثُومِ بْنِ هِدْمٍ وَ كَانَ یَخْرُجُ فَیَجْلِسُ لِلنَّاسِ فِی بَیْتِ سَعْدِ بْنِ خَیْثَمَةَ وَ كَانَ قِیَامُ عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ لَیَالٍ ثُمَّ لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ مَعَهُ عَلَی كُلْثُومٍ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِی بَیْتِ حَبِیبِ بْنِ إِسَافٍ (3) فَأَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِقُبَاءَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ الثَّلَاثَاءِ وَ الْأَرْبِعَاءِ وَ الْخَمِیسِ وَ أَسَّسَ مَسْجِدَهُ وَ صَلَّی یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی الْمَسْجِدِ الَّذِی فِی بَطْنِ الْوَادِی وَادِی رانوقا (رَانُونَاءَ)- (4) فَكَانَتْ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالْمَدِینَةِ ثُمَّ أَتَاهُ غَسَّانُ (5) بْنُ

ص: 122


1- هو مسجد بنی سالم كما تقدم.
2- مناقب آل أبی طالب 1: 151 و 152.
3- هكذا فی النسخ و فی المناقب، و هو مصحف، و الصحیح خبیب و هو خبیب بن إساف (و یقال: یساف) ابن عنبة بن عمرو بن خدیج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج (بن الاوس) الأنصاریّ راجع امتاع الاسماع: 48 و تاریخ الطبریّ 2: 106، و سیرة ابن هشام 2: 110، أقول: و قیل: نزل علی خارجة بن زید بن أبی زهیر بن مالك بن امرئ القیس بن مالك الاغر راجع المصادر المذكورة قبل ذلك.
4- فی نسخة: رانوفا، و فی سیرة ابن هشام: رانوناء. و ذكره یاقوت أیضا كذلك فی معجم البلدان 3: 19.
5- هكذا فی نسخ الكتاب و مصدره، و هو مصحف: و الصحیح عتبان بن مالك كما فی سیرة ابن هشام ، والرجل هو عتبان بن مالك بن عمرو العجلانی الانصاری السالمی ، صحابی مشهور ، مذكور فی التراجم. وعتبان بالكسر ثم السكون.

مَالِكٍ وَ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ فِی رِجَالٍ مِنْ بَنِی سَالِمٍ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عِنْدَنَا فِی الْعَدَدِ وَ الْعِدَّةِ وَ الْمَنَعَةِ فَقَالَ خَلُّوا سَبِیلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ یَعْنِی نَاقَتَهُ ثُمَّ تَلَقَّاهُ زِیَادُ بْنُ لَبِیدٍ وَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو فِی رِجَالٍ مِنْ بَنِی بَیَاضَةَ فَقَالَ كَذَلِكَ (1) ثُمَّ اعْتَرَضَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِیعِ وَ خَارِجَةُ بْنُ زَیْدٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِی رِجَالٍ مِنْ بَنِی الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ (2) فَانْطَلَقَتْ حَتَّی إِذَا وَازَتْ دَارَ بَنِی مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ بَرَكَتْ عَلَی بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَیْنِ یَتِیمَیْنِ مِنْ بَنِی النَّجَّارِ (3) فَلَمَّا بَرَكَتْ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَنْزِلْ وَ ثَبَتَ فَسَارَتْ غَیْرَ بَعِیدٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا یَثْنِیهَا بِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ (4) إِلَی خَلْفِهَا فَرَجَعَتْ إِلَی مَبْرَكِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَبَرَكَتْ ثُمَّ تَجَلْجَلَتْ وَ رَزَمَتْ (5) وَ وَضَعَتْ جِرَانَهَا فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ احْتَمَلَ أَبُو أَیُّوبَ

ص: 123


1- فی المصدر زیادة هی: ثم اعترضه سعد بن عبادة و المنذر بن عمر و فی رجال من بنی ساعدة. أقول: هی موجودة أیضا فی سیرة ابن هشام.
2- فی السیرة هنا زیادة أسقطها ابن شهرآشوب و هی: فانطلقت حتّی إذا مرت بدار بنی عدی بن النجار- و هم اخواله دنیا: ام عبد المطلب سلمی بنت عمر و إحدی نسائهم- اعترضها سلیط بن قیس و أبو سلیط أسیرة بن أبی خارجة فی رجال من بنی عدی بن النجار، فقالوا یا رسول اللّٰه هلم إلی اخوالك إلی العدد و العدة و المنعة، قال: خلوا سبیلها فانها مأمورة: فخلوا سبیلها فانطلقت إه.
3- زاد فی السیرة: ثم من بنی مالك بن النجار، و هما فی حجر معاذ بن عفراء: سهل و سهیل ابنی عمرو.
4- فی السیرة: ثم التفتت.
5- تجلجلت: تضعضعت و فی السیرة: تحلحلت أی تحركت. و فی النهایة: ثم تلحلحت و أرزمت و وضعت جرانها، تلحلحت أی أقامت و لزمت مكانها و لم تبرح و هو ضد تحلحل. أقول:

رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِی بَیْتِهِ وَ نَزَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ أَبِی أَیُّوبَ وَ سَأَلَ عَنِ الْمِرْبَدِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لِسَهْلٍ وَ سُهَیْلٍ یَتِیمَیْنِ لِمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ فَأَرْضَاهُمَا مُعَاذٌ وَ أَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَ عَمِلَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَفْسِهِ فَعَمِلَ فِیهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ یَرْتَجِزُونَ وَ هُمْ یَعْمَلُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ

لَئِنْ قَعَدْنَا وَ النَّبِیُّ یَعْمَلُ*** فَذَاكَ مِنَّا الْعَمَلُ الْمُضَلَّلُ

وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَا عَیْشَ إِلَّا عَیْشَ الْآخِرَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَ الْمُهَاجِرَةَ (1) وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَقُولُ

لَا یَسْتَوِی مَنْ یَعْمَلُ الْمَسَاجِدَا*** یَدْأَبُ فِیهَا قَائِماً وَ قَاعِداً

وَ مَنْ یَرَی عَنِ الْغُبَارِ حَائِداً

(2)

ص: 124


1- زاد فی السیرة هنا: فدخل عمّار بن یاسر و قد اثقلوه باللبن، فقال: یا رسول اللّٰه قتلونی یحملون علی ما لا یحملون قالت أمّ سلمة زوج النبیّ فرأیت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ینفض و فرته بیده و كان رجلا جعدا و هو یقول: «ویح ابن سمیة، لیسوا بالذین یقتلونك، انما تقتلك الفئة الباغیة» و ارتجز علیّ بن أبی طالب علیه السلام یومئذ إه.
2- فی السیرة: قال ابن هشام: سألت غیر واحد من أهل العلم بالشعر عن هذا الرجز، فقالوا: ان علیّ بن أبی طالب ارتجز به فلا یدری أ هو قائله أم غیره.

ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ بَیْتِ أَبِی أَیُّوبَ إِلَی مَسَاكِنِهِ الَّتِی بُنِیَتْ لَهُ وَ قِیلَ كَانَ مُدَّةُ مُقَامِهِ بِالْمَدِینَةِ إِلَی أَنْ بَنَی الْمَسْجِدَ وَ بُیُوتَهُ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ إِلَی صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ (1).

بیان: قال الجزری فی حدیث سلمان ابنی قیلة یرید الأوس و الخزرج قبیلتی الأنصار و قیلة اسم أم لهم قدیمة و هی قیلة بنت كاهل انتهی.

قوله هذا جدكم أی صاحب جدكم و سلطانكم و یحتمل أن یرید هذا سعدكم و دولتكم.

أقول: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی تفسیر آیة الجمعة (2) قال ابن سیرین جمع أهل المدینة قبل أن یقدم النبی صلی اللّٰه علیه و آله المدینة و قیل قبل أن تنزل الجمعة قالت الأنصار للیهود یوم یجتمعون فیه كل سبعة أیام و للنصاری یوم أیضا مثل ذلك فلنجعل یوما نجتمع فیه فنذكر اللّٰه عز و جل و نشكره أو كما قالوا فقالوا (3) یوم السبت للیهود و یوم الأحد للنصاری فاجعلوه یوم العروبة فاجتمعوا إلی أسعد بن زرارة فصلی بهم یومئذ و ذكرهم فسموه یوم الجمعة حین اجتمعوا إلیه فذبح لهم أسعد بن زرارة شاة فتغدوا و تعشوا من شاة واحدة و ذلك لقلتهم فأنزل اللّٰه تعالی فی ذلك إِذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ الآیة فهذه أول جمعة جمعت فی الإسلام فأما أول جمعة جمعها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بأصحابه فقیل إنه قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مهاجرا حتی نزل قباء علی بنی عمرو بن عوف و ذلك یوم الإثنین لاثنتی عشرة لیلة خلت من شهر ربیع الأول حین الضحی فأقام بقباء یوم الإثنین و الثلاثاء و الأربعاء و الخمیس و أسس مسجدهم ثم خرج من بین أظهرهم یوم الجمعة عامدا المدینة فأدركته صلاة الجمعة فی بنی سالم بن عوف فی بطن واد لهم قد اتخذوا

ص: 125


1- مناقب آل أبی طالب 1: 160 و 161. و الحدیث موجود فی سیرة ابن هشام 1: 112 115، إلی قوله: و قیل.
2- الجمعة: 9.
3- المصدر خال عن قوله: فقالوا.

الیوم فی ذلك الموضع مسجدا و كانت هذه الجمعة أول جمعة جمعها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی الإسلام فخطب فی هذه الجمعة و هی أول خطبة خطبها بالمدینة فیما قیل.

فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی (1) أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِینُهُ وَ أَسْتَغْفِرُهُ وَ أَسْتَهْدِیهِ وَ أُومِنُ بِهِ وَ لَا أَكْفُرُهُ وَ أُعَادِی مَنْ یَكْفُرُهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَی وَ النُّورِ وَ الْمَوْعِظَةِ عَلی فَتْرَةٍ (2) مِنَ الرُّسُلِ وَ قِلَّةٍ مِنَ الْعِلْمِ وَ ضَلَالَةٍ مِنَ النَّاسِ وَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ وَ دُنُوٍّ مِنَ السَّاعَةِ وَ قُرْبٍ مِنَ الْأَجَلِ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَ مَنْ یَعْصِهِمَا (3) فَقَدْ غَوَی وَ فَرَطَ وَ ضَلَّ ضَلالًا بَعِیداً أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهُ خَیْرُ مَا أَوْصَی بِهِ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ أَنْ یَحُضَّهُ (4) عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَنْ یَأْمُرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ فَاحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ (5) وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ عَلَی وَجَلٍ وَ مَخَافَةٍ مِنْ رَبِّهِ عَوْنُ صِدْقٍ عَلَی مَا تَبْغُونَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ مَنْ یُصْلِحُ الَّذِی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ مِنْ أَمْرِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ لَا یَنْوِی بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ یَكُنْ لَهُ ذِكْراً (6) فِی عَاجِلِ أَمْرِهِ وَ ذُخْراً فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ حِینَ یَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَی مَا قَدَّمَ وَ مَا كَانَ مِنْ سِوَی ذَلِكَ یَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها (7) وَ بَیْنَهُ أَمَداً

ص: 126


1- المصدر خال عن كلمة «الذی» و الخطبة مذكورة فی تاریخ الطبریّ 2: 115، و هو أیضا خال عنها.
2- الفترة ما بین الرسولین: الزمان الذی انقطعت فیه الرسالة، كفترة ما بین عیسی علیه السلام و محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- فی نسخة: و من یعص اللّٰه و رسوله. و المتن موافق للمصدر و تاریخ الطبریّ.
4- أی یحثه علی أمر الآخرة، و یحمله علی ما یؤدیه إلی الفوز فیها و النجاة عن شدائدها.
5- فی تاریخ الطبریّ هنا زیادة هی: و لا أفضل من ذلك نصیحة و لا أفضل من ذلك ذكرا.
6- الذكر بالكسر: الصیت. الثناء. الشرف. و الذكر بالضم: التذكر.
7- فی المصدر و فی تاریخ الطبریّ: بینه و بینه.

بَعِیداً وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ وَ الَّذِی صَدَقَ قَوْلُهُ وَ نَجَزَ (1) وَعْدُهُ لَا خُلْفَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ یَقُولُ ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ (2) فَاتَّقُوا اللَّهَ فِی عَاجِلِ أَمْرِهِ (3) وَ آجِلِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ فَإِنَّهُ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یُكَفِّرْ عَنْهُ سَیِّئاتِهِ وَ یُعْظِمْ لَهُ أَجْراً وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِیماً وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ تُوقِی مَقْتَهُ وَ تُوقِی عُقُوبَتَهُ وَ تُوقِی سَخَطَهُ (4) وَ إِنَّ تَقْوَی اللَّهِ تُبَیِّضُ الْوُجُوهَ وَ تُرْضِی الرَّبَّ وَ تَرْفَعُ الدَّرَجَةَ خُذُوا بِحَظِّكُمْ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی جَنْبِ اللَّهِ فَقَدْ عَلَّمَكُمُ اللَّهُ كِتَابَهُ وَ نَهَجَ لَكُمْ سَبِیلَهُ لِیَعْلَمَ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ یَعْلَمَ الْكَاذِبِینَ فَأَحْسِنُوا كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ وَ عَادُوا أَعْدَاءَهُ وَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ (5) حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِینَ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ لَا حَوْلَ (6) وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ (7) وَ اعْمَلُوا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مَنْ یُصْلِحْ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ یَكْفِهِ اللَّهُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ یَقْضِی عَلَی النَّاسِ وَ لَا یَقْضُونَ عَلَیْهِ وَ یَمْلِكُ مِنَ النَّاسِ وَ لَا یَمْلِكُونَ مِنْهُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

(8) فلهذا صارت الخطبة شرطا فی انعقاد الجمعة (9) انتهی.

ص: 127


1- نجز و نجز الحاجة: قضاها. نجز بالوعد: عجله. و فی تاریخ الطبریّ: انجز.
2- ق: 29.
3- فی المصدر و فی تاریخ الطبریّ: أمركم.
4- فی تاریخ الطبریّ: تقوی فی المواضع. و كذا الافعال الآتیة بعد كلها بالتذكیر.
5- فی المصدر: فی سبیل اللّٰه.
6- خلا التارخ عن قوله: و لا حول.
7- فی نسخة بعد ذلك: و اعلموا انه خیر من الدنیا و ما فیها.
8- فی المصدر: اللّٰه أكبر و لا قوة الا باللّٰه العلی العظیم. و مثله تاریخ الطبریّ الا انه خلا عن كلمة: العلی.
9- مجمع البیان 10: 286 و 287. أقول: ذكر ابن هشام و المقریزی اول خطبته صلّی اللّٰه علیه و سلم فی السیرة و امتاع الاسماع و المذكور فیهما یخالف ذلك، و هی هكذا قالا: و كانت أول خطبة خطبها ( رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم فیما بلغنی عن أبی سلمه بن عبدالرحمن : نعوذ باللّٰه أن نقول علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما لم یقل _ السیرة ) أنه قام فیهم فحمد اللّٰه وأثنی علیه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد أیها الناس فقدموا لانفسكم ، تعلمن واللّٰه لیصعقن أحدكم ثم لیدعن غنمه لیس لها راع ، ثم لیقولن له ربه _ ولیس له ترجمان ولا حاجب یحجبه دونه _ ألم یأتك رسولی فبلغك؟ وآتیتك مالا وأفضلت علیك فما قدمت لنفسك؟ فلینظرن یمینا وشمالا فلا یری شیئا. ثم لینظرن قدامه فلا یری غیر جهنم ، فمن استطاع أن یقی وجهه من النار ولو بشق بشقة _ الامتاع ) من تمرة فلیفعل ، ومن لم یجده ( یجد _ ألامتاع ) فبكلمة طیبة ، فان بها تجزی الحسنة عشر أمثالها إلی سبعمائة شعف. والسلام علیكم ( وعلی رسول اللّٰه ) ورحمة اللّٰه و بركاته. فی الامتاع : والسلام علی رسول اللّٰه ورحمة اللّٰه وبركاته. قال ابن هشام : قال ابن اسحاق : ثم خطب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم مرة اخری فقال : ان الحمد لله ، أحمده واستعینه ، نعوذ باللّٰه من شرور أنفسنا وسیئات أعمالنا ، من یهده اللّٰه فلا مضل له ، ومن یضلل فلا هادی له ، وأشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شریك له ، ان أحسن الحدیث كتاب اللّٰه تبارك وتعالی ، قد أفلح من زینه اللّٰه فی قلبه ، وادخله فی الاسلام بعد الكفر واختاره علی ما سواء من أحادیث الناس ، انه أحسن الحدیث وأبلغه ، أحبوا ما أحب اللّٰه ، احبوا اللّٰه من كل قلوبكم ، ولا تملوا كلام اللّٰه وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم ، فانه من كل ما یخلق اللّٰه یختار ویصطفی ، قد سماه اللّٰه خیرته من الاعمال ، ومصطفاه من العباد والصالح من الحدیث ومن كل ما اوتی الناس من الحلال والحرام ، فاعبدوا اللّٰه ولا تشركوا به شیئا ، واتقوه حق تقاته ، واصدقوا اللّٰه صالح ما تقولون بافواهكم ، وتحابوا بروح اللّٰه بینكم ، ان اللّٰه یغضب أن ینكث عهده والسلام علیكم.

و قال فی المنتقی فی حوادث السنة الأولی من الهجرة إنه صلی اللّٰه علیه و آله لبث فی بنی عمرو بن عوف بضع عشرة لیلة و أسس المسجد الذی أُسِّسَ عَلَی التَّقْوی فصلی فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم دخل المدینة.

ثم ذكر كیفیة دخوله المدینة و صلاة الجمعة و الخطبة نحو ما تقدم (1)

ثم قال و إنه لما بنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مسجده طفق ینقل معهم اللبن وَ یَقُولُ وَ هُوَ یَنْقُلُ اللَّبِنَ

هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالُ خَیْبَرَ هَذَا أَبَرُّ رَبِّنَا وَ أَطْهَرُ

ص: 128


1- فی نسخة: نحوا ممّا تقدم.

وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَةِ فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَ الْمُهَاجِرَةَ.

قوله هذا الحمال أی هذا الحمل و المحمول من اللبن أبر عند اللّٰه و أطهر أی أبقی ذخرا و أدوم منفعة لا حمال خیبر من التمر و الزبیب و الطعام المحمول منها الذی یغتبطه حاملوه و الذی كنا من قبل نحمله و نعطیه و الحمال و الحمل واحد و روی بالجیم و له وجه و الأول أظهر.

و فی هذه السنة تكلم الذئب خارج المدینة ینذر برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كما

روی عن أبی هریرة قال جاء ذئب إلی راعی غنم فأخذ منها شاة فطلبه الراعی حتی انتزعها منه فصعد الذئب علی تل فأقعی و استثفر (1) و قال عمدت إلی رزق رزقنیه اللّٰه انتزعته منی فقال الرجل باللّٰه إن رأیت كالیوم ذئب یتكلم قال الذئب أعجب من هذا رجل فی النخلات بین الحرتین یخبركم بما مضی و ما هو كائن عندكم و كان الرجل یهودیا فجاء إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره خبره و صدقه النبی صلی اللّٰه علیه و آله ثم قال صلی اللّٰه علیه و آله إنها أمارة من أمارات الساعة أوشك الرجل أن یخرج فلا یرجع حتی تحدثه نعلاه بما أحدث أهله بعده. (2).

و فی هذه السنة بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی بناته و زوجته سودة بنت زمعة زید بن حارثة و أبا رافع فحملاهن من مكة إلی المدینة و لما رجع عبد اللّٰه بن أریقط إلی مكة أخبر عبد اللّٰه بن أبی بكر بمكان أبیه فخرج عبد اللّٰه بعیال أبیه إلیه و صحبهم طلحة بن عبید اللّٰه و معهم أم رومان أم عائشة و عبد الرحمن حتی قدموا المدینة.

و فی هذه السنة بنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعائشة فی شوال بعد الهجرة بسبعة أشهر و قیل فی السنة الثانیة و الأول أصح و كان تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنین.

و فی هذه السنة زید فی صلاة الحضر و كانت صلاة الحضر و السفر ركعتین غیر

ص: 129


1- أی جعل ذنبه بین فخذیه.
2- فی المصدر: حتی تحدثه نعلاه و سوطه بما أحدث أهله بعده.

المغرب و ذلك بعد مقدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة بشهر.

و فی هذه السنة آخی بین المهاجرین و الأنصار و ذلك أنه لما قدم المدینة آخی بین المهاجرین و الأنصار علی الحق و المواساة یتوارثون بعد الممات دون ذوی الأرحام و كانوا تسعین رجلا خمسة و أربعین رجلا من المهاجرین و خمسة و أربعین رجلا من الأنصار و قیل كانوا خمسین و مائة من الأنصار و خمسین و مائة من المهاجرین (1) و كان ذلك قبل بدر فلما كانت وقعة بدر أنزل اللّٰه تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ (2) نسخت هذه الآیة ما كان قبلها و رجع كل إنسان إلی نسبه و ورثه ذو رحمه.

و فی هذه السنة صام عاشوراء و أمر بصیامه و فی هذه السنة أسلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ

قَالَ أَنَسٌ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّی سَائِلُكَ عَنْ أَشْیَاءَ لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِیٌّ فَإِنْ أَخْبَرْتَنِی بِهَا آمَنْتُ بِكَ قَالَ وَ مَا هُنَّ قَالَ سَأَلَهُ (3) عَنِ الشَّبَهِ وَ عَنْ أَوَّلِ شَیْ ءٍ یَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَ عَنْ أَوَّلِ شَیْ ءٍ یَحْشُرُ النَّاسَ

ص: 130


1- قال المقریزی بعد القول الاول : ویقال : خمسین من هؤلاء ، وخمسین من هؤلاء ، ویقال انه لم یبق من المهاجرین احد الا آخی بینه وبین انصاری ، وقال ابن الجوزی ، وقد أحصیت جملة من آخی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بینهم فكانوا مائة وستین وثمانین رجلا ، كانت المؤاخاة بعد مقدمه بخمسة أشهر وقیل : بثمانیة أشهر ، ثم نسخ التوراث بالمؤاخاة بعد بدر. انتهی كلام المقریزی. أقول : آخی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بین أصحابه مرتین : احدهما فی مكة آخی بین جماعة منهم قبل الهجرة ، والثانیة فی المدینة آخی بین المهاجرین والانصار ولم یمت أحد منهم حتی نزلت سورة الانفال فصارت المواریث للرحمن ، فقد ذكر أسماء بعضهم ، والایعاز إلیها لا یخلو عن فائدة. أما فی المؤخاة الاولی فآخی صلی اللّٰه علیه و آله بین نفسه وعلی بن أبی طالب علیهما السلام ، و آخی بین حمزة بن عبدالمطلب ; وبین زید بن حارثة مولی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وبین أبی بكر وعمر ، وبین عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف ، وبین الزبیر بن العوام و عبداللّٰه بن مسعود ، وبین عبیدة بن الحارث بن المطلب وبلال مولی أبی بكر ، وبین مصعب بن عمیر وسعد بن أبی وقاص ، وبین أبی عبیدة بن الجراح وسالم مولی أبی حذیفة ، وبین سعید بن زید وطلحة بن عبیداللّٰه ، ذكر ذلك أبوجعفر محمد بن حبیب البغدادی فی كتاب المحبر : ٧٠ و ٧١ وأما المؤاخاة الثانیة فقد ذكر ابن هشام فی السیرة ٢ : ١٢٣ _ ١٢٦ وابن حبیب فی المحبر ٧١ : جماعة فنذكر اولا من ذكر الاول ثم نضیف إلیه من أضاف الثانی ، قال ابن هشام : قال ابن اسحاق : وآخی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم بین اصحابه من المهاجرین والانصار ، فقال فیما بلغنا ونعوذ باللّٰه أن نقول علیه ما لم یقل : تآخوا فی اللّٰه أخوین أخوین ثم أخذ بید علی بن أبی طالب فقال : هذا أخی ، فكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سید المرسلین ، وامام المتقین ، ورسول رب العالمین الذی لیس له خطیر ولا نظیر من العباد وعلی بن أبی طالب علیهما السلام أخوین. أقول : هذا هو المشهور بین الخاصة والعامة الا ان ابن حبیب خالف المشهور واتی بقول شاذ وهو انه صلی اللّٰه علیه و آله آخی بین علی بن أبی طالب علیهما السلام وبین سهل بن حنیف وكان حمزة بن عبدالمطلب أسد اللّٰه وأسد رسوله وعم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم وزید بن حارثه أخوین ، وآخی بین جعفر بن أبی طالب وهو بالحبشة ومعاذ بن جبل ، وبین أبی بكر وخارجة بن زید بن أبی زهیر ، وبین عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك أخی بنی سالم بن عوف بن عمرو بن عوف ابن الخزرج « قال ابن حبیب : بینه وبین عویم بن ساعدة ، ویقال : بینه وبین معاذ بن عفراء ، ویقال بینه وبین عتبان » وبین أبی عبیدة بن عبداللّٰه بن الجراح وسعد بن معاذ بن النعمان « فی المحبر : بینه وبین محمد بن مسلمة » وبین عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربیع وبین الزبیر بن العوام وسلمة بن سلامة بن وقش ، ویقال : بل الزبیر وعبداللّٰه بن مسعود : « فی المحبر : بینه وبین كعب بن مالك » وبین عثمان بن عفان وأوس بن ثابت بن المنذر « زاد فی المحبر : ویقال : أبو ( أبی ) عبادة سعد بن عثمان الزرقی » وطلحة بن عبیداللّٰه وكعب بن مالك ( فی المحبر : وأبی ابن مالك ) وبین سعید بن زید بن عمرو بن نفیل وأبی بن كعب ( فی المحبر : ورافع بن مالك ) وبین مصعب بن عمیر بن هاشم وأبی ایوب خالد بن زید ، وبین أبی حذیفة بن عتبة بن ربیعة ، وعباد بن بشر بن وقش ، وبین عمار بن یاسر وحذیفة بن الیمان ، ویقال : ثابت بن قیس ابن الشماس ، وبین أبی ذر والمنذر بن عمر والمعنق ، وبین حاطب بن أبی بلتعة وعویم بن ساعدة وبین سلمان الفارسی وأبی الدرداء عویمر بن ثعلبة ( فی المحبر : ورخیلة بن یخلد ) وبین بلال وأبی رویحة عبداللّٰه بن عبدالرحمن الخثعمی ابن عمیر بن وهب والمنذر بن عمرو ، وبین سعد بن أبی وقاص وسعد بن معاذ ، وبین عبداللّٰه ابن مسعود ومعاذ بن جبل ، وبین عمیر بن عبد عمرو بن نضلة ذی الشمالین وبین یزید بن الحارث الذی یقال له : ابن فسحم ، وبین خباب بن الارت وجبار بن صخر ، وبین المقداد ابن عمرو وجبر بن عتیك ، وبین عمیر بن أبی وقاص وعمرو بن معاذ أخی سعد بن معاذ ، و بین مسعود بن ربیع القاری وبین عبید بن التیهان ، وبین عامر بن فهیرة والحارث بن اوس بن معاذ ، وبین صهیب بن سنان والحارث بن الصمه ، وبین أبی سلمة بن عبدالاسد وسعد بن خیثمة ، وبین شماس بن عثمان بن الشرید وحنظلة بن أبی عامر وبین الارقم بن أبی الارقم وأبی طلحة زید بن سهل ، وبین معتب بن حمراء الخزاعی وثعلبة بن حاطب ، وبین زید بن الخطاب ومعن بن عدی ، وبین واقد بن عبداللّٰه التمیمی أو حصن حلیف بنی عدی وبشر بن البراء بن معرور ، وبین عامر بن ربیعة العنزی ویزید بن المنذر بن السرح وبین عاقل بن أبی البكیر ومبشر بن عبدالمنذر : ویقال : بل مجذر بن زیاد ، وبین عامر بن أبی البكیر وثابت بن قیس بن شماس ، وبین خالد بن أبی البكیر وزید بن الدثنة ، وبین أیاس بن أبی البكیر والحارث بن خزمة ، وبین عثمان بن مظعون وأبی الهیثم بن التیهان ، وبین عبداللّٰه بن مظعون وسهل بن عبید بن المعلی. وبین السائب بن عثمان وحارثة بن سراقة ، وبین معمر بن الحارث ومعاذ بن عفراء. وبین خنیس بن حذافة وأبی عبس بن جبر ، وبین عبداللّٰه بن مخرمة وزاد ابن حبیب فی المحبر : وبین زید بن حارثة واسید بن الخضیر ، وبین أبی مرثد الغنوی و عبادة بن الصامت ، وبین مرثد بن أبی مرثد وأوس بن الصامت ، وبین عبیدة بن الحارث بن المطلب الشهید ببدر وعمیر بن الحمام السلمی وبین الطفیل بن الحارث بن المطلب والمنذر بن محمد بن عقبة بن احیحة بن الجلاح ، وبین الحصین بن الحارث بن المطلب ورافع بن عنجدة ، وبین شجاع بن وهب وأوس بن خولی ، وبین عبداللّٰه بن جحش الاسدی وعاصم بن ثابت أبی الاقلح ، وبین محرز ابن نضلة وعمارة بن حزم وبین سالم مولی أبی حذیفة ومعاذ بن ماعص ، وبین عتبة بن غزوان وأبی دجانة سماك بن خرشة ، وبین سعد مولی عتبة وتمیم موی خراش بن الصمة ، وبین طلیب ابن عبدالعزی بن أبی قیس وفروة بن عمرو ، وبین أبی سبرة بن أبی رهم وسلمة بن سلامة بن وقش ، وبین وهب بن سرح وسوید بن عمرو ، وبین صفوان بن بیضاء ورافع بن المعلی. فكانت المؤاخاة قبل بدر ولم یكن بعد بدر مؤاخاة انتهی ما فی المحبر. أقول : غیر خفی علی المنصف الخبیر ان اتخاذ النبی صلی اللّٰه علیه و آله علیا علیه السلام فی كلتی الدفعتین أخا من بین كبار الصحابة من المهاجرین والانصار خصوصا مع وجود حمزة عمه وجعفر وغیرهما ما كان الا لمزیة جلیة وفضیلة ظاهرة كانت فی علی علیه السلام ، ولم تكن فی أحد من الخلفاء الثلاثة ولا فی اكبر منهم من الصاحبة فتامل وانتظر مزید بیان و احتجاج فیما یأتی فی باب فضائله علیه السلام.
2- الانفال : ٧٥. والاحزاب : ٦.
3- فی نسخة سائلك.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنِی بِهِنَّ جَبْرَئِیلُ آنِفاً قَالَ ذَاكَ عَدُوُّ الْیَهُودِ قَالَ أَمَّا الشَّبَهُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ ذَهَبَ بِالشَّبَهِ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ ذَهَبَتْ بِالشَّبَهِ وَ أَمَّا أَوَّلُ شَیْ ءٍ یَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزَائِدُ كَبِدِ (1) الْحُوتِ وَ أَمَّا أَوَّلُ شَیْ ءٍ یَحْشُرُ النَّاسَ فَنَارٌ تَجِی ءُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَتَحْشُرُهُمْ إِلَی الْمَغْرِبِ فَأَمْسَكَ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْیَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ (2) وَ إِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا بِإِسْلَامِی بَهَتُونِی فَأَخْبِئْنِی عِنْدَكَ وَ ابْعَثْ إِلَیْهِمْ فَسَلْهُمْ عَنِّی فَخَبَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ فَجَاءُوا فَقَالَ أَیُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِیكُمْ قَالُوا هُوَ خَیْرُنَا وَ ابْنُ خَیْرِنَا وَ سَیِّدُنَا وَ ابْنُ سَیِّدِنَا وَ عَالِمُنَا وَ ابْنُ عَالِمِنَا قَالَ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ أَ تُسْلِمُونَ فَقَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ اخْرُجْ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَیْهِمْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا شَرُّنَا وَ ابْنُ شَرِّنَا وَ جَاهِلُنَا وَ ابْنُ جَاهِلِنَا فَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ قَدْ أَخْبَرْتُكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْیَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ.

و فیها أسلم سلمان رضی اللّٰه عنه علی ما سیأتی شرحه. (3) و فیها شرع الأذان.

ص: 131


1- تقدمت مسائل عبداللّٰه بن سلام بروایة علل الشرائع فی كتاب الاحتجاجات ٩ : ٣٠٤ قال المصنف هناك : زیادة الكبد : هی القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد ، وهی أهناها ، و أطیبها. ذكره الكرمانی فی شرح البخاری.
2- بهت جمع بهوت : من یفتری علی غیره الكذب.
3- قوله : « علی ما سیأتی شرحه » من كلام المصنف.

و مما كان فی هذه السنة

ما روی أنه كان امرأة من بنی النجار یقال لها فاطمة بنت النعمان لها تابع من الجن و كان یأتیها فأتاها حین هاجر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فانقض (1) علی الحائط فقالت ما لك لم تأت كما كنت تأتی قال قد جاء النبی الذی یحرم الزنی و الحرام.

و فیها مات البراء بن معرور و كان أول من تكلم لیلة العقبة حین لقی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله السبعون من الأنصار فبایعوه و هو أحد النقباء توفی قبل قدوم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة بشهر فلما قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله انطلق بأصحابه فصلی علی قبره و قال اللّٰهم اغفر له و ارحمه و ارض عنه و قد فعلت و هو أول من مات من النقباء.

و فیها مات أسعد بن زرارة أحد النقباء مات قبل أن یفرغ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من بناء مسجده و دفن بالبقیع و الأنصار یقولون هو أول من دفن فیها و المهاجرون یقولون عثمان بن مظعون

وَ لَمَّا مَاتَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ جَاءَتْ بَنُو النَّجَّارِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا قَدْ مَاتَ نَقِیبُنَا فَنَقِّبْ عَلَیْنَا (2) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا نَقِیبُكُمْ.

و فیها مات كلثوم بن الهدم و كان شریفا كبیر السن قبل قدومه (3) فلما هاجر نزل علیه و نزل علیه جماعة منهم أبو عبیدة و المقداد و خباب فی آخرین

ص: 132


1- أی فصوت.
2- ای اجعل نقیبا علینا ، والنقیب : شاهد القوم وضمینهم وعریفهم وسیدهم.
3- هكذا فی النسخ وفیه سقط : وفی المصدر : اسلم قبل قدومه.

و توفی بعد قدوم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بیسیر.

و فیها مات من المشركین العاص بن وائل السهمی و الولید بن المغیرة بمكة و روی عن الشعبی قال لما حضر الولید بن المغیرة جزع فقال له أبو جهل یا عم ما یجزعك قال و اللّٰه ما بی جزع من الموت و لكنی أخاف أن یظهر دین ابن أبی كبشة بمكة فقال أبو سفیان لا تخف أنا ضامن من أن لا یظهر (1).

باب 8 نوادر الغزوات و جوامعها و ما جری بعد الهجرة إلی غزوة بدر الكبری و فیه غزوة العشیرة و بدر الأولی و النخلة

الآیات؛

البقرة: «كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَ عَسی أَنْ تَكْرَهُوا شَیْئاً وَ هُوَ خَیْرٌ لَكُمْ وَ عَسی أَنْ تُحِبُّوا شَیْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ قُلْ قِتالٌ فِیهِ كَبِیرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَ لا یَزالُونَ یُقاتِلُونَكُمْ حَتَّی یَرُدُّوكُمْ عَنْ دِینِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا» (الآیة)(216-217)

ص: 133


1- المنتقی فی مولود المصطفی صلی اللّٰه علیه و آله : الفصل الخامس فی ذكر تلقی اهل المدینة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

النساء: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِیعاً وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَیُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِیداً وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَیَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ مَوَدَّةٌ یا لَیْتَنِی كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِیماً* فَلْیُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ الَّذِینَ یَشْرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ یُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیُقْتَلْ أَوْ یَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً* وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِیراً* الَّذِینَ آمَنُوا یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الَّذِینَ كَفَرُوا یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِیاءَ الشَّیْطانِ إِنَّ كَیْدَ الشَّیْطانِ كانَ ضَعِیفاً»(71-76)

(و قال تعالی): «فَما لَكُمْ فِی الْمُنافِقِینَ فِئَتَیْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِیدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلًا* وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِیاءَ حَتَّی یُهاجِرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً *إِلَّا الَّذِینَ یَصِلُونَ إِلی قَوْمٍ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ یُقاتِلُوكُمْ أَوْ یُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَیْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ یُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَیْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَیْهِمْ سَبِیلًا* سَتَجِدُونَ آخَرِینَ یُرِیدُونَ أَنْ یَأْمَنُوكُمْ وَ یَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَی الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِیها فَإِنْ لَمْ یَعْتَزِلُوكُمْ وَ یُلْقُوا إِلَیْكُمُ السَّلَمَ وَ یَكُفُّوا أَیْدِیَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أُولئِكُمْ

ص: 134

جَعَلْنا لَكُمْ عَلَیْهِمْ سُلْطاناً مُبِیناً»(88-91)

(و قال سبحانه): «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِیرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَتَبَیَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً»(94)

(و قال سبحانه): «وَ إِذا كُنْتَ فِیهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْیَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْری لَمْ یُصَلُّوا فَلْیُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْیَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَیَمِیلُونَ عَلَیْكُمْ مَیْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَیْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذیً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضی أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِینَ عَذاباً مُهِیناً* فَإِذا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِیمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً* وَ لا تَهِنُوا فِی ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ یَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا یَرْجُونَ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً»(102-104)

المائدة: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْیَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً وَ إِذا

ص: 135

حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ»(2)

(و قال تعالی): «وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلی أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوی»(8)

(و قال تعالی): «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ یَبْسُطُوا إِلَیْكُمْ أَیْدِیَهُمْ فَكَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَی اللَّهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»(11)

(و قال تعالی): «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَ النَّصاری أَوْلِیاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* فَتَرَی الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ یُسارِعُونَ فِیهِمْ یَقُولُونَ نَخْشی أَنْ تُصِیبَنا دائِرَةٌ فَعَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَیُصْبِحُوا عَلی ما أَسَرُّوا فِی أَنْفُسِهِمْ نادِمِینَ* وَ یَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِینَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِینَ»(51-53)

الأنفال: «وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّی لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ یَكُونَ الدِّینُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما یَعْمَلُونَ بَصِیرٌ»(39)

ص: 136

(و قال تعالی): «وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا یُعْجِزُونَ* وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ وَ آخَرِینَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ یَعْلَمُهُمْ وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَیْ ءٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یُوَفَّ إِلَیْكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ* وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ *وَ إِنْ یُرِیدُوا أَنْ یَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِی أَیَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِینَ* وَ أَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً ما أَلَّفْتَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ*یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْقِتالِ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ وَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ یَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ* الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِیكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ وَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ یَغْلِبُوا أَلْفَیْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ»(59-66)

التوبة: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِیاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَی الْإِیمانِ وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِیرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَیْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِی سَبِیلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ*لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ»(23-25)

ص: 137

(و قال تعالی): «وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِینَ كَافَّةً كَما یُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً»(36)

(و قال سبحانه): «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ»(73)

(و قال تعالی): «وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِیَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِینَ یَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَ لْیَجِدُوا فِیكُمْ غِلْظَةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِینَ»(122-123)

الحج: «إِنَّ اللَّهَ یُدافِعُ عَنِ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ* أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ* الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِیَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ یُذْكَرُ فِیهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِیراً وَ لَیَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ»(38-40)

محمد: «وَ یَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِیهَا الْقِتالُ رَأَیْتَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ یَنْظُرُونَ إِلَیْكَ نَظَرَ الْمَغْشِیِّ عَلَیْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلی لَهُمْ*طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَیْراً لَهُمْ*فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ»(20-22)

ص: 138

(إلی قوله تعالی): «فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَی السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ»(335)

الفتح: «هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً* لِیُدْخِلَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ یُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِیماً* وَ یُعَذِّبَ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْمُشْرِكاتِ الظَّانِّینَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِیراً* وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً»(4-7) (إلی قوله تعالی): «قُلْ لِلْمُخَلَّفِینَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلی قَوْمٍ أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ یُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِیعُوا یُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّیْتُمْ مِنْ قَبْلُ یُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِیماً»(16)

(إلی قوله سبحانه): «فَأَنْزَلَ السَّكِینَةَ عَلَیْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً* وَ مَغانِمَ كَثِیرَةً یَأْخُذُونَها وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً* وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِیرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَیْدِیَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ وَ یَهْدِیَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِیماً* وَ أُخْری لَمْ تَقْدِرُوا عَلَیْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیراً* وَ لَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا یَجِدُونَ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً *سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا»(18-23)

الحجرات: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»(15)

الحدید: «لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنی وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ»(10)

الحشر: «وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ خَیْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلی مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* ما أَفاءَ اللَّهُ

ص: 139

عَلی رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُری فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ كَیْ لا یَكُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیاءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ* لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ یَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»(6-8)

الصف: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ یُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ* وَ أُخْری تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِیبٌ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوارِیِّینَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ قالَ الْحَوارِیُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِینَ»(10-14)

التحریم: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ»(9)

تفسیر: «یَسْئَلُونَكَ» قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قال المفسرون بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سریة من المسلمین فأمر علیهم عبد اللّٰه بن جحش الأسدی و هو ابن عم (1) النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ذلك قبل قتال بدر بشهرین علی رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدینة فانطلقوا حتی هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمی فی عیر تجارة لقریش فی آخر یوم جمادی الآخرة (2) و كانوا یرون أنه من جمادی و

ص: 140


1- فی المصدر: ابن عمّة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و هو الصحیح لان أم عبد اللّٰه هی أمیمة بنت عبد المطلب عمّة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و عبد اللّٰه هو عبد اللّٰه بن جحش بن رباب بن یعمر بن صبرة بن مرة بن كثیر بن غنم بن دودان بن أسد بن خزیمة أبو محمّد الأسدی مذكور فی التراجم.
2- فی المصدر: فی یوم آخر من جمادی الآخرة.

هو رجب فاختصم المسلمون فقال قائل منهم هذه غرة (1) من عدو و غنم رزقتموه فلا ندری أ من الشهر الحرام هذا الیوم أم لا فقال قائل منهم لا نعلم هذا الیوم إلا من الشهر الحرام و لا نری أن تستحلوه لطمع أشفیتم علیه (2) فغلب علی الأمر الذین یریدون عرض الحیاة الدنیا فشدوا علی ابن الحضرمی فقتلوه و غنموا عیره فبلغ ذلك كفار قریش و كان ابن الحضرمی أول قتیل قتل بین المشركین و المسلمین و ذلك أول فی ء أصابه المسلمون فركب وفد كفار قریش حتی قدموا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا أ یحل القتال فی الشهر الحرام فأنزل اللّٰه هذه الآیة فالسائلون أهل الشرك علی جهة العیب للمسلمین باستحلالهم القتال فی الشهر الحرام و قیل السائلون أهل الإسلام سألوا ذلك لیعلموا كیف الحكم فیه عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ بدل اشتمال عن الشهر قُلْ قِتالٌ فِیهِ أی فی الشهر الحرام كَبِیرٌ أی ذنب عظیم ثم استأنف و قال وَ صَدٌّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ أی و الصد عن سبیل اللّٰه و الكفر به (3) وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أی و الصد عن المسجد الحرام أو یسألونك (4) عن القتال فی الشهر الحرام و عند المسجد الحرام و قیل معناه و الكفر بالمسجد الحرام وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ یعنی أهل المسجد و هم المسلمون منه أی من المسجد أَكْبَرُ أی أعظم وزرا عِنْدَ اللَّهِ یعنی إخراجهم المسلمین من مكة حین هاجروا إلی المدینة و الظاهر یدل علی أن القتال فی الشهر الحرام كان محرما و قیل إن النبی عقل ابن الحضرمی (5) وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ أی الفتنة فی الدین و هو الكفر أعظم من القتل فی الشهر الحرام یعنی قتل ابن الحضرمی وَ لا یَزالُونَ یُقاتِلُونَكُمْ یعنی أهل مكة حَتَّی یَرُدُّوكُمْ عَنْ دِینِكُمْ

ص: 141


1- فی نسخة: هذه عزة.
2- أی أشرفتم علیه.
3- فی المصدر: و الكفر باللّٰه.
4- أی علی القول الثانی.
5- أی أعطی دیته.

أی یصدوكم عن دین الإسلام (1) و یلجئوكم إلی الارتداد إِنِ اسْتَطاعُوا أی إن قدروا علی ذلك. (2) قوله تعالی خُذُوا حِذْرَكُمْ قال البیضاوی أی تیقظوا و استعدوا للأعداء و الحذر و الحذر كالإثر و الأثر و قیل ما یحذر به كالحزم و السلاح فَانْفِرُوا فاخرجوا إلی الجهاد ثُباتٍ جماعات متفرقین جمع ثبة أَوِ انْفِرُوا جَمِیعاً مجتمعین كركبة واحدة وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَیُبَطِّئَنَّ الخطاب لعسكر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المؤمنین منهم و المنافقین و المبطئون منافقوهم تثاقلوا و تخلفوا عن الجهاد أو یبطئوا غیرهم كما أبطأ ابن أبی (3) ناسا یوم أحد فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ كقتل و هزیمة قالَ أی المبطئ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِیداً حاضرا (4) فیصیبنی ما أصابهم وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ كفتح و غنیمة لَیَقُولَنَّ أكده تنبیها علی فرط تحسرهم كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ مَوَدَّةٌ اعتراض بین الفعل و مفعوله و هو یا لَیْتَنِی كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِیماً للتنبیه علی ضعف عقیدتهم و أن قولهم هذا قول من لا مواصلة بینكم و بینه (5) أو حال عن الضمیر فی لیقولن أو داخل فی المقول أی یقول المبطئ لمن یثبطه من المنافقین و ضعفة المسلمین تطریة و حسدا كأن لم یكن بینكم و بین محمد مودة حیث لم یستعن بكم فتفوزوا بما فاز یا لیتنی كنت معهم و قیل إنه متصل بالجملة الأولی و هو ضعیف (6)

ص: 142


1- فی المصدر: أی یصرفونكم عن دین الإسلام.
2- مجمع البیان 2: 312 و 313.
3- فی المصدر: أو ثبطوا غیرهم كما ثبط ابن أبی، و هو الموجود أیضا فی نسخة.
4- فی المصدر: حاضرا فی تلك الغزاة.
5- زاد فی المصدر: و انما یرید أن یكون معكم لمجرد المال.
6- و قال الطبرسیّ: اعتراض یتصل بما تقدمه، قال: و تقدیره: قال: قد أنعم اللّٰه علی إذ لم اكن معهم شهیدا، كان لم تكن بینكم و بینه مودة، أی لا یعاضدكم علی قتال عدوكم، و لا یرعی الذمام الذی بینكم عن ابی علی الفارسیّ، و قیل: إنّه اعتراض بین القول و التمنی، و تقدیره لیقولن: یا لیتنی كنت معهم فأفوز من الغنیمة فوزا عظیما، كانه لیس بینكم و بینه مودة، ای یتمنی الحضور لا لنصرتكم وانما یتمنی النفع لنفسه ، وقیل : ان الكلام فی موضعه من غیر تقدیم وتأخیر ، ومعناه : ولئن أصابكم فضل من اللّٰه لیقولن هذا المبطئ قول من لا تكون بینه وبین المسلمین مودة ، أی كانه لم یعاقدكم علی الایمان ، ولم یظهر لكم مودة علی حال یا لیتنی كنت معهم ، أی یتمنی الغنیمة دون شهود الحرب ، ولیس هذا من قول المخلصین ، فقد عدوا التخلف فی احدی الحالتین نقمة من اللّٰه ، تمنوا الخروج معهم فی احدی الحالتین لاجل الغنیمة ، ولیس ذلك من أمارة المودة إه.

و المنادی فی یا لَیْتَنِی محذوف أی یا قوم و قیل یا أطلق للتنبیه علی الاتساع فَأَفُوزَ نصب علی جواب التمنی الَّذِینَ یَشْرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا بِالْآخِرَةِ أی الذین یبیعونها بها و المعنی أن بطی ء هؤلاء عن القتال فلیقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم فی طلب الآخرة أو الذین یشترونها و یختارونها علی الآخرة و هم المبطئون و المعنی حثهم علی ترك ما حكی عنهم و المستضعفین عطف علی اللّٰه أی و فی سبیل المستضعفین و هو تخلیصهم من الأسر و صونهم عن العدو أو علی السبیل بحذف المضاف أی و فی خلاص المستضعفین و یجوز نصبه علی الاختصاص فإن سبیل اللّٰه تعالی یعم أبواب الخیر و تخلیص ضعفة المسلمین من أیدی الكفار أعظمها و أخصها مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ بیان للمستضعفین و هم المسلمون الذین بقوا بمكة لصد المشركین أو ضعفهم عن الهجرة مستذلین ممتحنین و إنما ذكر الولدان مبالغة فی الحث و تنبیها علی تناهی ظلم المشركین بحیث بلغ أذاهم الصبیان و قیل المراد به العبید و الإماء و هو جمع ولید. (1)

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قیل یرید بذلك قوما من المسلمین بقوا بمكة و لم یستطیعوا الهجرة منهم سلمة بن هشام و الولید بن الولید و عیاش بن أبی ربیعة و أبو جندل بن سهیل و جماعة كانوا یدعون اللّٰه أن یخلصهم من أیدی المشركین و یخرجهم من مكة و هم الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها أی یقولون فی دعائهم ربنا سهل لنا الخروج من هذه القریة یعنی مكة التی ظلم

ص: 143


1- أنوار التنزیل 1: 286- 288.

أهلها بافتتان المؤمنین عن دینهم و منعهم عن الهجرة وَ اجْعَلْ لَنا بألطافك و تأییدك مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا یلی أمرنا بالكفایة حتی ینقذنا من أیدی الظلمة وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِیراً ینصرنا علی من ظلمنا فاستجاب سبحانه دعاءهم فلما فتح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مكة جعل اللّٰه سبحانه نبیه لهم ولیا فاستعمل علی مكة عتّاب بن أسید فجعله لهم نصیرا و كان ینصف الضعیف من الشدید فأغاثهم اللّٰه تعالی و كانوا (1) أعز بها من الظلمة قبل ذلك فَقاتِلُوا أَوْلِیاءَ الشَّیْطانِ یعنی جمیع الكفار. (2) و قال فی قوله تعالی فَما لَكُمْ فِی الْمُنافِقِینَ اختلفوا فیمن نزلت فیه هذه الآیة فقیل نزلت فی قوم قدموا المدینة من مكة فأظهروا للمسلمین الإسلام ثم رجعوا إلی مكة لأنهم استوخموا المدینة (3) فأظهروا الشرك ثم سافروا ببضائع المشركین إلی الیمامة فأراد المسلمون أن یغزوهم فاختلفوا فقال بعضهم لا نفعل فإنهم مؤمنون و قال الآخرون إنهم مشركون فأنزل اللّٰه فیهم الآیة عن مجاهد و الحسن و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام و قیل نزلت فی الذین تخلفوا عن أحد و قالوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ الآیة فاختلف أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فیهم فقال فریق منهم نقتلهم و قال آخرون لا نقتلهم فنزلت الآیة عن زید بن ثابت وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ أی ردهم إلی حكم الكفار بما أظهروا من الكفر و قیل أهلكهم بكفرهم و قیل خذلهم فأقاموا علی كفرهم أَ تُرِیدُونَ أَنْ تَهْدُوا أی تحكموا بهدایة مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ أی من حكم اللّٰه بضلاله أو خذله و لم یوفقه وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ أی نسبه إلی الضلالة فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلًا أی لن ینفعه أن یحكم غیره بهدایته وَدُّوا أی تمنی هؤلاء المنافقون الذین اختلفتم فی أمرهم لَوْ تَكْفُرُونَ أنتم باللّٰه و رسوله كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فی الكفر فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِیاءَ أی فلا تستنصروهم و لا تستنصحوهم و لا تستعینوا بهم فی الأمور حَتَّی یُهاجِرُوا

ص: 144


1- فی المصدر: فكانوا.
2- مجمع البیان 3: 76.
3- أی وجدوها وخیمة. و الوخیم من البلد: غیر موافق للسكن.

أی یخرجوا من دار الشرك و یفارقوا أهلها فِی سَبِیلِ اللَّهِ أی فی ابتغاء دینه فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الهجرة فَخُذُوهُمْ أیها المؤمنون وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ من أرض اللّٰه من الحل و الحرم وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِیًّا أی خلیلا وَ لا نَصِیراً ینصركم علی أعدائكم إِلَّا الَّذِینَ یَصِلُونَ إِلی قَوْمٍ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ أی إلا من وصل من هؤلاء إلی قوم بینكم و بینهم موادعة و عهد فدخلوا فیهم بالحلف و الجوار فحكمهم حكم أولئك فی حقن دمائهم و اختلف فی هؤلاء فالمروی

عن أبی جعفر علیه السلام أنه قال المراد بقوله قَوْمٍ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ مِیثاقٌ هو هلال بن عویم السلمی (1) واثق عن قومه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال فی موادعته علی أن لا تحیف یا محمد من أتانا و لا نحیف من أتاك (2) فنهی اللّٰه سبحانه أن یعرض (3) لأحد عهد إلیهم.

و به قال السدی و ابن زید و قیل هم بنو مدلج (4) و كان سراقة بن مالك بن جعشم المدلجی جاء إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعد أحد فقال أنشدك اللّٰه و النعمة و أخذ منه میثاقا أن لا یغزو قومه فإن أسلم قریش أسلموا لأنهم كانوا فی عقد قریش فحكم اللّٰه فیهم ما حكم فی قریش ففیهم نزل هذا ذكره عمر بن شیبة ثم استثنی لهم حالة أخری فقال أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أی ضاقت قلوبهم من أَنْ یُقاتِلُوكُمْ أَوْ یُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ فلا علیكم و لا علیهم و إنما عنی به أشجع (5) فإنهم قدموا المدینة فی

ص: 145


1- فی المصدر: هو هلال بن عویمر السلمی.
2- حاف علیه: جار علیه و ظلمه. تحیف الشی ء: تنقصه: و فی نسخة: علی أن لا تخیف یا محمّد من أتانا، و لا نخیف من أتاك.
3- فی المصدر: أن یتعرض.
4- بنو مدلج بضم المیم و سكون الدال و كسر اللام: ینتسب إلی مدلج بن مرة بن عبد مناة ابن كنانة، و هم بطن كبیر من كنانة. و منهم كان علم القیافة.
5- أشجع: حی من غلفان من العدنانیة، غلب علیهم اسم ابیهم. فقیل لهم: أشجع، و هم بنو أشجع بن ریث بن غلفان، و فی العبر: و كانوا هم عرب المدینة النبویّة، و كان سیدهم معقل بن سنان الصحابیّ. راجع نهایة الارب: 42.

سبعمائة یقودهم مسعود بن دخیلة فأخرج إلیهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله أحمال التمر ضیافة و قال نعم الشی ء الهدیة أمام الحاجة و قال لهم ما جاء بكم قالوا لقرب دارنا منك و كرهنا حربك و حرب قومنا یعنون بنی ضمرة (1) الذین بینهم و بینهم عهد لقلتنا فیهم فجئنا لنوادعك فقبل النبی صلی اللّٰه علیه و آله ذلك منهم و وادعهم فرجعوا إلی بلادهم ذكره علی بن إبراهیم فی تفسیره فأمر اللّٰه سبحانه المسلمین أن لا یتعرضوا لهؤلاء وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَیْكُمْ بتقویة قلوبهم فیجترءون علی قتالكم فَلَقاتَلُوكُمْ أی لو فعل ذلك لقاتلوكم فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ یعنی هؤلاء الذین أمر بالكف عن قتالهم بدخولهم فی عهدكم أو بمصیرهم إلیكم (2) حصرت صدورهم أن یقاتلوكم.

فَلَمْ یُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَیْكُمُ السَّلَمَ یعنی صالحوكم و استسلموا لكم فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَیْهِمْ سَبِیلًا یعنی إذا سالموكم فلا سبیل لكم إلی نفوسهم و أموالهم.

قال الحسن و عكرمة نسخت هذه الآیة و التی بعدها و الآیتان فی سورة الممتحنة (3) لا یَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقاتِلُوكُمْ فِی الدِّینِ إلی قوله الظَّالِمُونَ (4) الآیات الأربع بقوله فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ الآیة.

سَتَجِدُونَ آخَرِینَ اختلف فیمن عنی بهذه الآیة فقیل نزلت فی ناس كانوا یأتون النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیسلمون رئاء ثم یرجعون إلی قریش فیرتكسون فی الأوثان یبتغون بذلك أن یأمنوا قومهم و یأمنوا نبی اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأبی اللّٰه ذلك علیهم عن ابن

ص: 146


1- بنو ضمرة بفتح فسكون: بطن من كنانة من العدنانیة، و هم بنو ضمرة بن بكر بن عبد مناة ابن كنانة.
2- فی المصدر: أو بمصیركم الیهم.
3- السورة: 60.
4- الآیتان: 8 و 9.

عباس و مجاهد و قیل نزلت فی نعیم بن مسعود الأشجعی كان ینقل الحدیث بین النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بین المشركین عن السدی و قیل نزلت فی أسد و غطفان (1) عن مقاتل و قیل نزلت فی عیینة بن حصن الفزاری و ذلك أنهم أجدبت بلادهم فجاء إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و وادعه علی أن یقیم ببطن نخل و لا یتعرض له و كان منافقا ملعونا و هو الذی سماه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الأحمق المطاع فی قومه و هو المروی عن الصادق علیه السلام. (2) یُرِیدُونَ أَنْ یَأْمَنُوكُمْ فیظهرون الإسلام وَ یَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ فیظهرون لهم الموافقة لهم فی دینهم كُلَّما رُدُّوا إِلَی الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِیها المراد بالفتنة هنا الشرك و الإركاس الرد أی كلما دعوا إلی الكفر أجابوا و رجعوا إلیه فَإِنْ لَمْ یَعْتَزِلُوكُمْ أیها المؤمنون أی فإن لم یعتزل قتالكم هؤلاء الذین یریدون أن یأمنوكم و یأمنوا قومهم وَ یُلْقُوا إِلَیْكُمُ السَّلَمَ أی لم یستسلموا لكم و لم یصالحوكم وَ لم یَكُفُّوا أَیْدِیَهُمْ عن قتالهم فَخُذُوهُمْ أی فأسروهم وَ اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ أی وجدتموهم سُلْطاناً مُبِیناً أی حجة ظاهرة و قیل عذرا بینا فی القتال. (3) و فی قوله تعالی إِذا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قیل نزلت فی أسامة بن زید و أصحابه بعثهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله سریة (4) فلقوا رجلا قد انحاز بغنم له إلی جبل و كان قد أسلم فقال لهم السلام علیكم لا إله إلا اللّٰه محمد رسول اللّٰه فبدر إلیه أسامة فقتله و استاقوا غنمه عن السدی و روی عن ابن عباس و قتادة أنه لما نزلت الآیة حلف أسامة أن لا یقتل رجلا قال لا إله إلا اللّٰه و بهذا اعتذر إلی علی علیه السلام

ص: 147


1- أسد و غطفان بطنان من العدنانیة.
2- فی المصدر: عن الصادقین علیهما السلام.
3- مجمع البیان 3: 86- 89.
4- فی المصدر: فی سریة. فی النهایة: السریة: طائفة من الجیش یبلغ أقصاها اربعمائة تبعث إلی العدو.

لما تخلف عنه و إن كان عذره غیر مقبول لوجوب طاعة الإمام (1)

و قیل نزلت فی محلم بن خثامة (2) اللیثی و كان بعثه النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی سریة (3) فلقیه عامر بن الأضبط الأشجعی فحیاه بتحیة الإسلام و كان بینهما أَخِیَّةٌ (4) فرماه بسهم فقتله فلما جاء إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله جلس بین یدیه و سأله أن یستغفر له فقال صلی اللّٰه علیه و آله لا غفر اللّٰه لك فانصرف باكیا فما مضت علیه سبعة أیام حتی هلك و دفن فلفظته الأرض فقال صلی اللّٰه علیه و آله لما أخبر به إن الأرض تقبل من هو شر من محلم صاحبكم و لكن اللّٰه أراد أن یعظم من حرمتكم ثم طرحوه بین صدفی (5) الجبل و ألقوا علیه الحجارة.

و نزلت (6) الآیة عن الواقدی و محمد بن إسحاق روایة عن ابن عمر و ابن مسعود (7) و قیل كان صاحب السریة المقداد عن ابن جبیر و قیل أبو الدرداء عن ابن زید إِذا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أی سرتم و سافرتم للغزو و الجهاد فتبینوا أی میزوا بین الكافر و المؤمن و بالثاء و التاء توقفوا و تأنوا حتی تعلموا من یستحق القتل وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْكُمُ السَّلامَ أی حیاكم بتحیة أهل الإسلام أو من

ص: 148


1- فی المصدر: و ان كان عذره غیر مقبول لانه قد دل الدلیل علی وجوب طاعة الامام فی محاربة من حاربه من البغاة، لا سیما و قد سمع النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله یقول: حربك یا علی حربی، و سلمك سلمی.
2- هكذا فی النسختین المطبوعتین. و فی المخطوطة: محكم بن خثامة، و كلاهما مصحفان، و الصحیح كما فی المصدر: محلم بن جثامة باللام و الثاء المشددتین، راجع سیرة ابن هشام 4: 302. ایضا.
3- فی السیرة: بعثه إلی إضم.
4- الاخیة و الاخیة: الحرمة و الذمّة و فی المصدر: إحنة. أی حقد.
5- الصدف: منقطع الجبل أو ناحیته.
6- فی المصدر: فنزلت الآیة.
7- زاد فی المصدر: و أبی حدرد أقول: الصحیح: و ابن أبی حدرد، و هو عبد اللّٰه بن أبی حدرد. راجع السیرة.

استسلم لكم (1) فلم یقاتلكم مظهرا أنه من أهل ملتكم لَسْتَ مُؤْمِناً أی لیس لإیمانك حقیقة و إنما أسلمت خوفا من القتل أو لست بآمن تَبْتَغُونَ أی تطلبون عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا یعنی الغنیمة و المال فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِیرَةٌ أی فی مقدوره تعالی فواضل و نعم و رزق إن أطعتموه فیما أمركم به و قیل معناه ثواب كثیر لمن ترك قتل المؤمن.

كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ اختلف فی معناه فقیل كما كان هذا الذی قتلتموه مستخفیا فی قومه بدینه خوفا علی نفسه منهم كنتم أنتم مستخفین بأدیانكم من قومكم حذرا علی أنفسكم و قیل كما كان هذا المقتول كافرا فهداه اللّٰه كذلك كنتم كفارا فهداكم اللّٰه. (2) و قال البیضاوی أی أول ما دخلتم فی الإسلام تفوهتم بكلمتی الشهادة فحصنتم (3) بها دماءكم و أموالكم من غیر أن یعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ بالاشتهار بالإیمان و الاستقامة فی الدین فَتَبَیَّنُوا و افعلوا بالداخلین فی الإسلام كما فعل اللّٰه بكم. (4) أقول سیأتی تفسیر آیة الصلاة فی غزوة ذات الرقاع.

قوله تعالی شَعائِرَ اللَّهِ قیل مناسك الحج و قیل دین اللّٰه و قیل فرائضه وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ بالقتال فیه أو بالنسی ء وَ لَا الْهَدْیَ ما أهدی إلی الكعبة وَ لَا الْقَلائِدَ أی ذوات القلائد من الهدی و عطفها علی الهدی للاختصاص فإنه أشرف الهدی أو القلائد أنفسها و النهی عن إحلالها مبالغة فی النهی عن التعرض للهدی و القلائد جمع قلادة و هو ما قلد به الهدی من نعل أو لحاء شجر (5) و غیرهما لیعلم به أنه هدی فلا یتعرض له وَ لَا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ

ص: 149


1- فی المصدر: أو من استسلم إلیكم.
2- مجمع البیان 3: 95.
3- فی المصدر: فحصنت.
4- أنوار التنزیل 1: 296.
5- لحاء الشجر: قشره.

بالقتال قاصدین لزیارته یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً أی أن یثیبهم و یرضی عنهم وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ أی و لا یحملنكم أو لا یكسبنكم شَنَآنُ قَوْمٍ أی شدة بغضهم و عداوتهم أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ لأن صدوكم عام الحدیبیة أَنْ تَعْتَدُوا بالانتقام و هو ثانی مفعولی یجرمنكم وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی علی العفو و الإغضاء و متابعة الأمر و مجانبة الهوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ للتشفی و الانتقام.

و قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی رَجُلٍ مِنْ بَنِی رَبِیعَةَ یُقَالُ لَهُ الْحُطَمُ.

و قال السدی أقبل الحطم بن هند البكری حتی أتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وحده و خلف خیله خارج المدینة فقال إلی ما تدعو و قد كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال لأصحابه یدخل علیكم الیوم رجل من بنی ربیعة یتكلم بلسان شیطان فلما أجابه النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال أنظرنی لعلی أسلم و لی من أشاوره فخرج من عنده فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لقد دخل بوجه كافر و خرج بعقب غادر فمر بسرح من سروح المدینة فساقه و انطلق به و هو یرتجز و یقول:

تدلفها اللیل بسواق حطم*** لیس براعی إبل و لا غنم

و لا بجزار علی ظهر وضم*** باتوا نیاما و ابن هند لم ینم

بات یقاسیها غلام كالزلم***خدلج الساقین ممسوح القدم

ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد هدیا فأراد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یبعث إلیه فنزلت هذه الآیة وَ لَا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ.

و هو قول عكرمة و ابن جریح و قال ابن زید نزلت یوم الفتح فی ناس یؤمون البیت من المشركین یهلون بعمرة فقال المسلمون یا رسول اللّٰه إن هؤلاء مشركون مثل هؤلاء دعنا نغیر (1) علیهم فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة (2)

ص: 150


1- اغار علیهم: هجم و أوقع بهم.
2- مجمع البیان 3: 153 و 154.

بیان: یقال دلفت الكتیبة فی الحرب تقدمت یقال دلفناهم قوله بسواق أی بحاد یحدو بالإبل یسوقهن بحدائه و الحطم بضم الحاء و فتح الطاء من صیغ المبالغة من الحطم بمعنی الكسر و الوضم (1) الخشبة و البادیة التی یوضع علیها اللحم و قال الجوهری الزلم بالتحریك القدح قال الشاعر

بات یقاسیها غلام كالزلم***لیس براعی إبل و لا غنم

قوله خدلج الساقین بتشدید اللام أی عظیمهما.

قوله تعالی إِذْ هَمَّ قَوْمٌ قد مر سبب نزولها فی باب معجزاته صلی اللّٰه علیه و آله فی كفایة شر الأعداء قوله لا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَ النَّصاری أَوْلِیاءَ

قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی سبب نزوله و إن كان حكمه عاما لجمیع المؤمنین فقال عطیة بن سعد العوفی و الزهری لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأولیائهم من الیهود آمنوا قبل أن یصیبكم اللّٰه بیوم مثل یوم بدر فقال مالك بن ضیف أعزكم (2) إن أصبتم رهطا من قریش لا علم لهم بالقتال أما لو أردنا أن نستجمع علیكم (3) لم یكن لكم یدان بقتالنا (4) فجاء عبادة بن الصامت الخزرجی إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا رسول اللّٰه إن لی أولیاء من الیهود كثیر عددهم قویة أنفسهم شدیدة شوكتهم و إنی أبرأ إلی اللّٰه و رسوله من ولایتهم و لا مولی (5) إلا اللّٰه و رسوله فقال عبد اللّٰه بن أبی لكنی لا أبرأ من ولایة الیهود لأنی أخاف الدوائر و لا بد لی منهم فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یا أبا الجناب (6) ما نفست به من ولایة الیهود علی عبادة بن

ص: 151


1- الوضم: خشبة الجزار التی یقطع علیها اللحم.
2- فی المصدر: أغركم.
3- فی المصدر: اما لو أمرتنا العزیمة أن نستجمع علیكم.
4- فی نسخة: لم یكن لكم ید أن یغتالنا.
5- فی المصدر: و لا مولی لی.
6- فی المصدر: یا ابا الحباب.

الصامت فهو لك دونه فقال إذا أقبل فأنزل اللّٰه الآیة.

و قال السدی لما كانت وقعة أحد اشتدت علی طائفة من الناس فقال رجل من المسلمین أنا ألحق بفلان الیهودی و آخذ منه أمانا و قال آخر أنا ألحق بفلان النصرانی ببعض أرض الشام و آخذ منه أمانا فنزلت الآیة و قال عكرمة نزلت فی أبی لبابة بن عبد المنذر حین قال لبنی قریظة إذا رضوا بحكم سعد أنه الذبح و المعنی لا تعتمدوا علی الانتصار منهم بهم بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ فی العون و النصرة وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ أی استنصر بهم فَإِنَّهُ مِنْهُمْ أی هو كافر مثلهم فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أی شك و نفاق یعنی ابن أبی یُسارِعُونَ فِیهِمْ أی فی موالاة الیهود و قیل موالاة الیهود و نصاری نجران لأنهم كانوا یمیرونهم (1) دائِرَةٌ أی دولة تدور لأعداء المسلمین علی المسلمین فنحتاج إلی نصرتهم و قیل معناه نخشی أن یدور الدهر علینا بمكروه یعنون الجدب فلا یمیروننا فَعَسَی اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَ بِالْفَتْحِ یعنی فتح مكة و قیل یفتح بلاد المشركین أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فیه إعزاز المسلمین و ظهور الإسلام و قیل إظهار نفاق المنافقین مع الأمر بقتالهم أو موت هذا المنافق أو القتل و السبی لبنی قریظة و الإجلاء لبنی النضیر فَیُصْبِحُوا عَلی ما أَسَرُّوا فِی أَنْفُسِهِمْ من نفاقهم و ولایتهم الیهود و دس الأخبار إلیهم نادِمِینَ وَ یَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا أی صدقوا اللّٰه و رسوله ظاهرا و باطنا تعجبا من نفاق المنافقین أَ هؤُلاءِ الَّذِینَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ حلفوا به جَهْدَ أَیْمانِهِمْ بأغلظ الأیمان و أوكدها إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ أی أنهم مؤمنون و معكم فی معاونتكم (2) حَتَّی لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أی شرك. (3) و قال رحمه اللّٰه فی قوله و لا تحسبن الذین كفروا سبقوا أی لا تحسبن یا محمد أعداءك الكافرین قد سبقوا أمر اللّٰه و أعجزوه و أنهم قد فاتوك فإن اللّٰه سبحانه یظفرك بهم كما وعدك إِنَّهُمْ لا یُعْجِزُونَ أی لا یعجزون اللّٰه و لا یفوتونه حتی لا

ص: 152


1- أی یأتونهم بالطعام و المئونة.
2- مجمع البیان 3: 206.
3- مجمع البیان: 4: 542.

یثقفنهم (1) یوم القیامة أو لا یعجزونك وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ هذا أمر منه سبحانه بأن یعدوا السلاح قبل لقاء العدو روی أن القوة الرمی (2) و قیل إنها اتفاق الكلمة و الثقة باللّٰه تعالی و الرغبة فی ثوابه و قیل الحصون وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ أی ربطها و اقتنائها للغزو تُرْهِبُونَ بِهِ أی تخیفون بما تعدونه لهم عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ یعنی مشركی مكة و كفار العرب وَ آخَرِینَ مِنْ دُونِهِمْ أی و ترهبون كفارا آخرین دون هؤلاء و اختلفوا فی الآخرین فقیل إنهم بنو قریظة و قیل هم أهل فارس و قیل هم المنافقون لا یعلم المسلمون أنهم أعداؤهم و هم أعداؤهم لا تَعْلَمُونَهُمُ أی لا تعرفونهم لأنهم یصلون و یصومون و یقولون لا إله إلا اللّٰه محمد رسول اللّٰه و یختلطون بالمؤمنین اللَّهُ یَعْلَمُهُمْ أی یعرفهم لأنه المطلع علی الأسرار و قیل هم الجن وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَیْ ءٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أی فی الجهاد و فی طاعة اللّٰه یُوَفَّ إِلَیْكُمْ أی یوفر علیكم ثوابه فی الآخرة وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ أی لا تنقصون شیئا منه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ أی مالوا إلی الصلح و ترك الحرب فَاجْنَحْ لَها أی مل إلیها وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ أی فوض أمرك إلی اللّٰه إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ لا تخفی علیه خافیة و قیل إنها منسوخة بقوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و قیل إنهم لیست بمنسوخة لأنها فی الموادعة لأهل الكتاب و الأخری لعبَّاد الأوثان وَ إِنْ یُرِیدُوا أی الذین یطلبون منك الصلح أَنْ یَخْدَعُوكَ بأن تكفوا عن القتال حتی یقووا فیبدءوكم بالقتال من غیر استعداد منكم فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ أی فإن الذی یتولی كفایتك اللّٰه هُوَ الَّذِی أَیَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِینَ أی قواك بالنصر من عنده و بالمؤمنین الذی ینصرونك

«5»-وَ أَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ و أراد بالمؤمنین الأنصار و هم الأوس و الخزرج- عن أبی جعفر علیه السلام.

و السدی و أكثر المفسرین و أراد بتألیف القلوب ما كان بین الأوس و الخزرج من المعاداة و القتال فإنه لم یكن

ص: 153


1- فی المصدر: حتی لا یبعثهم اللّٰه أقول: لعل لفظة «لا» زائدة.
2- بل القوّة ما یتقوی به علی قتال الكفّار من كل سلاح، و ذلك یختلف بحسب الأزمنة و الامكنة.

حیان من العرب بینهما من العداوة مثل ما كان بین هذین الحیین فألف اللّٰه قلوبهم حتی صاروا متوادین متحابین ببركة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و قیل أراد كل متحابین فی اللّٰه لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً ما أَلَّفْتَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ أی لم یمكنك جمع قلوبهم علی الألفة وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ بأن لطف لهم بحسن تدبیره و بالإسلام الذی هداهم إلیه إِنَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ لا یمتنع علیه شی ء یرید فعله و لا یفعل إلا ما تقتضیه الحكمة قال الزجاج و هذا من الآیات العظام و ذلك أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعث إلی قوم أنفتهم شدیدة بحیث لو لطم رجل من قبیلة لطمة قاتل عنه قبیلة فألف الإیمان بین قلوبهم حتی قاتل الرجل أباه و أخاه و ابنه فأعلم اللّٰه سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أی كافیك اللّٰه و یكفیك متبعوك من المؤمنین و قال الحسن معناه اللّٰه حسبك و حسب من اتبعك أی یكفیك و یكفیهم قال الكلبی نزلت هذه الآیة بالبیداء فی غزوة بدر قبل القتال یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْقِتالِ أی رغبهم فیه إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ علی القتال یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ من العدو وَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ یَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا اللفظ خبر و المراد به الأمر بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ أی ذلك النصر من اللّٰه تعالی لكم علی الكفار و الخذلان للكفار بأنكم تفقهون أمر اللّٰه و تصدقونه فیما وعدكم من الثواب فیدعوكم ذلك إلی الصبر علی القتال و الجد فیه و الكفار لا یفقهون أمر اللّٰه و لا یصدقونه و لما علم اللّٰه تعالی أن ذلك یشق علیهم تغیرت المصلحة فی ذلك فقال الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ الحكم فی الجهاد وَ عَلِمَ أَنَّ فِیكُمْ ضَعْفاً أراد به ضعف البصیرة و العزیمة و لم یرد ضعف البدن فَإِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ علی القتال یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ من العدو وَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ یَغْلِبُوا أَلْفَیْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ أی بعلم اللّٰه أو بأمره وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ أی معونة اللّٰه معهم. (1)

ص: 154


1- مجمع البیان 4: 555- 557.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِیاءَ هذا فی أمر الدین فأما فی أمر الدنیا فلا بأس بمجالستهم و معاشرتهم لقوله سبحانه وَ صاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً (1)

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهَا نَزَلَتْ فِی حَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ حَیْثُ كَتَبَ إِلَی قُرَیْشٍ یُخْبِرُهُمْ بِخَبَرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَرَادَ فَتْحَ مَكَّةَ.

و قال ابن عباس لما أمر اللّٰه سبحانه المؤمنین بالهجرة و أرادوا الهجرة فمنهم من تعلقت به زوجته و منهم من تعلق به أبواه و أولاده فكانوا یمنعونهم من الهجرة فیتركون الهجرة لأجلهم فبین سبحانه أن أمر الدین مقدم علی النسب و إذا وجب قطع قرابة الأبوین فالأجنبی أولی إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَی الْإِیمانِ أی اختاروه علیه وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فترك طاعة اللّٰه لأجلهم و أطلعهم علی أسرار المسلمین فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لنفوسهم و الباخسون حقها من الثواب قُلْ یا محمد لهؤلاء المتخلفین عن الهجرة إِنْ كانَ آباؤُكُمْ إلی قوله وَ عَشِیرَتُكُمْ أی أقاربكم وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها أی اكتسبتموها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها أی أن تكسد إذا شغلتم بطاعة اللّٰه و الجهاد وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أی یعجبكم المقام فیها أَحَبَّ إِلَیْكُمْ أی آثر فی نفوسكم مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أی من طاعتهما وَ جِهادٍ فِی سَبِیلِهِ فَتَرَبَّصُوا أی انتظروا حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ أی بحكمه فیكم و قیل بعقوبتكم إما عاجلا أو آجلا فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ

وَرَدَ عَنِ الصَّادِقِینَ علیهم السلام أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهَا كَانَتْ ثَمَانِینَ مَوْطِناً (2).

وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِینَ كَافَّةً أی قاتلوهم جمیعا مؤتلفین غیر مختلفین بأن یكون حالا عن المسلمین و یجوز أن یكون حالا عن المشركین. (3) و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسیف و القتال وَ الْمُنافِقِینَ باللسان و الوعظ و التخویف أو بإقامة الحدود

وَ رُوِیَ فِی قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام

ص: 155


1- لقمان: 15.
2- مجمع البیان 5: 16 و 17.
3- مجمع البیان 5: 28.

جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالْمُنَافِقِینَ قَالُوا لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَكُنْ یُقَاتِلُ الْمُنَافِقِینَ وَ إِنَّمَا كَانَ یَتَأَلَّفُهُمْ وَ لِأَنَّ الْمُنَافِقِینَ لَا یُظْهِرُونَ الْكُفْرَ وَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَی بِكُفْرِهِمْ لَا یُبِیحُ قَتْلَهُمْ إِذَا كَانُوا یُظْهِرُونَ الْإِیمَانَ.

وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ و أسمعهم الكلام الغلیظ الشدید. (1) و فی قوله تعالی وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ قیل كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا خرج غازیا لم یتخلف عنه إلا المنافقون و المعذرون فلما أنزل اللّٰه عیوب المنافقین و بین نفاقهم فی غَزاة تبوك قال المؤمنون و اللّٰه لا نتخلف عن غَزاة یغزوها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لا سریة أبدا فلما أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالسرایا إلی الغزو نفر المسلمون جمیعا و تركوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وحده فنزلت الآیة عن ابن عباس فی روایة الكلبی و قیل إنها نزلت فی ناس من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خرجوا فی البوادی فأصابوا من الناس معروفا و خصبا و دعوا من وجدوا من الناس علی الهدی (2) فقال الناس ما نراكم إلا و قد تركتم صاحبكم و جئتمونا فوجدوا فی أنفسهم من ذلك حرجا و أقبلوا كلهم من البادیة حتی دخلوا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأنزل اللّٰه هذه الآیة عن مجاهد لِیَنْفِرُوا كَافَّةً هذا نفی معناه النهی أی لیس للمؤمنین أن ینفروا إلی الجهاد بأجمعهم و یتركوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله فریدا و قیل معناه لیس علیهم أن ینفروا كلهم من بلادهم إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله لیتعلموا الدین و یضیعوا من وراءهم و یخلوا دیارهم فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ فیه وجوه أحدها فهلا خرج إلی الغزو من كل قبیلة جماعة و یبقی مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله جماعة لیتفقهوا فی الدین یعنی الفرقة القاعدین یتعلمون القرآن و السنن و الفرائض و الأحكام فإذا رجعت السرایا و قد نزل بعدهم القرآن و تعلمه القاعدون قالوا لهم إذا رجعوا إلیهم إن اللّٰه قد أنزل بعدكم علی نبیكم قرآنا و قد تعلمناه فیتعلمه السرایا (3) فذلك قوله

ص: 156


1- مجمع البیان 5: 50.
2- فی المصدر: الی الهدی.
3- فی المصدر: فتتعلمه السرایا.

وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ أی و لیعلموهم القرآن و یخوفوهم به إذا رجعوا إلیهم لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ فلا یعملون بخلافه

وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: كَانَ هَذَا حِینَ كَثُرَ النَّاسُ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ تَنْفِرَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَ تُقِیمَ طَائِفَةٌ لِلتَّفَقُّهِ وَ أَنْ یَكُونَ الْغَزْوُ نَوْباً.

و ثانیها أن التفقه و الإنذار یرجعان إلی الفرقة النافرة و حثها اللّٰه علی التفقه لترجع إلی المتخلفة فتحذرها معنی لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ لیتبصروا و یتیقنوا بما یریهم اللّٰه عز و جل من الظهور علی المشركین و نصرة الدین وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ من الكفار إِذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ من الجهاد فیخبرونهم بنصر اللّٰه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و المؤمنین لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ أن یقاتلوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله فینزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار.

و ثالثها أن التفقه راجع إلی النافرة و التقدیر ما كان لجمیع المؤمنین أن ینفروا إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و یخلوا دیارهم و لكن لینفر إلیه من كل ناحیة طائفة لیسمع كلامه و یتعلم الدین منه ثم ترجع إلی قومها فیبین لهم ذلك و ینذرهم (1) عن الجبائی قال و المراد بالنفر هنا الخروج لطلب العلم الَّذِینَ یَلُونَكُمْ أی من قرب منكم مِنَ الْكُفَّارِ الأقرب منهم فالأقرب فی النسب و الدار قال الحسن كان هذا قبل الأمر بقتال المشركین كافة و قال غیره هذا الحكم قائم الآن لأنه لا ینبغی لأهل بلد أن یخرجوا إلی قتال الأبعد و یدعوا الأقرب و الأدنی لأن ذلك یؤدی إلی الضرر و ربما یمنعهم ذلك عن المضی فی وجهتهم إلا أن تكون بینهم و بین الأقرب موادعة فلا بأس حینئذ بمجاوزة الأقرب إلی الأبعد وَ لْیَجِدُوا فِیكُمْ غِلْظَةً أی شجاعة أو شدة أو صبرا علی الجهاد (2) قوله تعالی إِنَّ اللَّهَ یُدافِعُ عَنِ الَّذِینَ آمَنُوا قال البیضاوی أی غائلة

ص: 157


1- فی المصدر: لتسمع كلامه و تتعلم الدین منه، ثمّ ترجع الی قومها فتبیّن لهم ذلك و تنذرهم.
2- مجمع البیان 5: 83 و 84.

المشركین إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ فی أمانة اللّٰه كَفُورٍ (1) كمن یتقرب إلی الأصنام بذبیحته فلا یرضی فعلهم و لا ینصرهم أُذِنَ رخص للذین یقاتلون المشركین و المأذون فیه محذوف (2) لدلالته علیه و قرأ نافع و ابن عامر و حفص بفتح التاء أی للذین یقاتلونهم المشركون (3) بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا بسبب أنهم ظلموا و هم أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان المشركون یؤذونهم و كانوا یأتونه من بین مضروب و مشجوج (4) یتظلمون إلیه فیقول لهم اصبروا فإنی لم أومر بالقتال حتی هاجر فأنزلت و هی أول آیة نزلت فی القتال بعد ما نهی عنه فی نیف و سبعین آیة وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ وعد لهم بالنصر كما وعد بدفع أذی الكفار عنهم الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ یعنی مكة بِغَیْرِ حَقٍّ بغیر موجب استحقوا به إِلَّا أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ علی طریقة قول النابغة.

و لا عیب فیهم غیر أن سیوفهم***بهن فلول من قراع الكتائب

و قیل منقطع.

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسلیط المؤمنین منهن علی الكافرین لَهُدِّمَتْ لخربت باستیلاء المشركین علی أهل الملل صَوامِعُ صوامع الرهبانیة وَ بِیَعٌ و بیع النصاری وَ صَلَواتٌ و كنائس الیهود و سمیت بها لأنها یصلی فیها و قیل أصله (5) صلوتا بالعبرانیة فعربت وَ مَساجِدُ و مساجد المسلمین

ص: 158


1- فی المصدر: «كفور» لنعمته كمن یتقرب. و فیه: فلا یرتضی.
2- فی المصدر: و المأذون فیه و هو القتال محذوف.
3- فی المصدر: للذین یقاتلهم المشركون.
4- المشجوج: المكسور.
5- و فی المصدر: و قیل: أصلها صلوات بالعبرانیة فعربت. أقول: الظاهر ان صلوات تصحیف من الناسخ، و لعلّ الصحیح ما فی المتن، و قال الطبرسیّ فی مجمع البیان: الصلوات كنائس الیهود یسمونها صلاة فعربت. أقول: الظاهر أنّها مأخوذة من الصلاة، و هی العبادة المخصوصة، و هی كما قیل: كلمة مأخوذة من ارومة سریانیة، و هی فی السریانیة بمعنی أمال و حتی وتضرع وصلی العبادة المعروفة ، وكذلك فی الاكدیة « البابلیة الاشوریة » بمعنی صلی ودعا وتضرع ، وأخذها العبریون عن السریانیین فزادوا علیها ألف الاطلاق أی ( صلوتا ) فعلیه فاطلق علی المحل اسم عبادة تقع فیه.

یُذْكَرُ فِیهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِیراً صفة للأربع أو المساجد خصت بها تفضیلا وَ لَیَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ أی ینصر دینه (1) و قد أنجز اللّٰه وعده بأن سلط المهاجرین و الأنصار علی صنادید العرب و أكاسرة العجم و قیاصرتهم و أورثهم أرضهم و دیارهم إِنَّ اللَّهَ لَقَوِیٌّ علی نصرهم عَزِیزٌ لا یمانعه شی ء. (2) و قال فی قوله تعالی لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ أی هلا نزلت سورة فی أمر الجهاد فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ مبینة لا تشابه فیها وَ ذُكِرَ فِیهَا الْقِتالُ أی الأمر به رَأَیْتَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف فی الدین و قیل نفاق یَنْظُرُونَ إِلَیْكَ نَظَرَ الْمَغْشِیِّ عَلَیْهِ مِنَ الْمَوْتِ جبنا و مخافة فَأَوْلی لَهُمْ فویل لهم أفعل من الولی و هو القرب أو فعلی من آل و معناه الدعاء علیهم بأن یلیهم المكروه أو یئول إلیه أمرهم طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ استئناف أی أمرهم طاعة أو طاعة و قول معروف خیر لهم أو حكایة قولهم لقراءة أبی یقولون طاعة فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ أی جد و هو لأصحاب الأمر و إسناده إلیه مجاز فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ أی فیما زعموا من الحرص علی الجهاد أو الإیمان لَكانَ الصدق خَیْراً لَهُمْ فَهَلْ عَسَیْتُمْ فهل یتوقع منكم إِنْ تَوَلَّیْتُمْ أمور الناس و تأمرتم علیهم أو أعرضتم و تولیتم عن الإسلام أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ تناجزا علی الولایة (3) و تجاذبا لها فَلا تَهِنُوا فلا تضعفوا وَ تَدْعُوا إِلَی السَّلْمِ و لا

ص: 159


1- فی المصدر: من ینصر دینه.
2- أنوار التنزیل 2: 104 و 105.
3- فی نسخة: و تشاجرا علی الولایة. و فی المصدر: و تفاخرا علی الولایة. و لعله مصحف و الصحیح ما فی الصلب. و التناجز: التبارز و التقاتل. أقول: فتأمل فی الآیة و امعن النظر فیها، أ لیست فیها إشارة إلی ما وقع بعد النبیّ الاقدس صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم من التناجز فی أمر الخلافة و القتال علیها و وقوع الفساد و قطع الارحام و ابتزاز الامارة عن أهلها؟.

تدعوا إلی الصلح تذللا و یجوز نصبه بإضمار أن وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ الأغلبون وَ اللَّهُ مَعَكُمْ ناصركم وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ و لن یضیع أعمالكم من وترت الرجل إذا قتلت متعلقا له من قریب أو حمیم فأفردته عنه من الوتر شبه به تعطیل ثواب العمل و إفراده منه. (1) و فی قوله تعالی هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ السَّكِینَةَ الثبات و الطمأنینة فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ حتی یثبتوا حیث تقلق النفوس و تدحض الأقدام لِیَزْدادُوا إِیماناً مَعَ إِیمانِهِمْ یقینا مع یقینهم برسوخ العقیدة و اطمئنان النفس علیها أو أنزل فیها السكون إلی ما جاء به الرسول لیزدادوا إیمانا بالشرائع مع إیمانهم باللّٰه و بالیوم الآخر وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یدبر أمرها فیسلط بعضها علی بعض تارة و یوقع فیما بینهم السلم أخری كما تقتضیه حكمته الظَّانِّینَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ الأمر السوء و هو أن لا ینصر رسوله و المؤمنین عَلَیْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ دائرة ما یظنونه و یتربصونه بالمؤمنین لا یتخطاهم. (2) و قال الطبرسی وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یعنی الملائكة و الجن و الإنس و الشیاطین و المعنی لو شاء لأعانكم بهم و فیه بیان أنه لو شاء لأهلك المشركین لكنه عالم بهم و بما یخرج من أصلابهم فأمهلهم لعلمه و حكمته و لم یأمر بالقتال عن عجز و احتیاج لكن لیعرض المجاهدین لجزیل الثواب قُلْ لِلْمُخَلَّفِینَ الذین تخلفوا عنك فی الخروج إلی الحدیبیة مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ فیما بعد إِلی قَوْمٍ أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ و هم هوازن و حنین و قیل هوازن و ثقیف و قیل بنو حنیفة مع مسیلمة و قیل أهل فارس و قیل الروم و قیل هم أهل صفین أصحاب معاویة تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ یُسْلِمُونَ معناه أن أحد الأمرین لا بد أن یقع لا محالة و تقدیره أو هم یسلمون أی یقرون بالإسلام و یقبلونه و قیل ینقادون لكم فَإِنْ

ص: 160


1- أنوار التنزیل 2: 437- 440.
2- أنوار التنزیل 2: 441 و 442.

تُطِیعُوا أی فی قتالهم كَما تَوَلَّیْتُمْ مِنْ قَبْلُ أی عن الخروج إلی الحدیبیة وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً یعنی فتح خیبر و قیل فتح مكة وَ مَغانِمَ كَثِیرَةً یَأْخُذُونَها یعنی غنائم خیبر و قیل غنائم هوازن وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِیرَةً مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله و من بعده إلی یوم القیامة فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ یعنی غنیمة خیبر وَ كَفَّ أَیْدِیَ النَّاسِ عَنْكُمْ و ذلك أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما قصد خیبر و حاصر أهلها همت قبائل من أسد و غطفان أن یغیروا علی أموال المسلمین و عیالهم بالمدینة فكف اللّٰه أیدیهم عنهم بإلقاء الرعب فی قلوبهم و قیل إن مالك بن عوف و عیینة بن حصین مع بنی أسد و غطفان جاءوا لنصرة الیهود من خیبر فقذف اللّٰه الرعب فی قلوبهم و انصرفوا وَ لِتَكُونَ الغنیمة التی عجلها لهم آیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ علی صدقك حیث وعدتهم أن یصیبوها فوقع المخبر علی وفق الخبر وَ یَهْدِیَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِیماً أی و یزیدكم هدی بالتصدیق بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و ما جاء به مما ترون من عدة اللّٰه فی القرآن بالفتح و الغنیمة وَ أُخْری لَمْ تَقْدِرُوا عَلَیْها أی وعدكم اللّٰه مغانم أخری لم تقدروا علیها بعد أو قریة أخری و هی مكة و قیل هی ما فتح اللّٰه علی المسلمین بعد ذلك إلی الیوم و قیل إن المراد بها فارس و الروم قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها أی قدرة أو علما وَ لَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا من قریش یوم الحدیبیة لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ منهزمین و قیل الذین كفروا من أسد و غطفان الذین أرادوا نهب ذراری المسلمین سُنَّةَ اللَّهِ أی هذه سنتی فی أهل طاعتی و أهل معصیتی أنصر أولیائی و أخذل أعدائی. (1) لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ لأن القتال قبل الفتح كان أشد و الحاجة إلی النفقة و إلی الجهاد كان أكثر و أمس. (2) و فی قوله تعالی وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ قال ابن عباس نزل قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُری فی أموال كفار أهل القری و هم قریظة و بنو النضیر و هما بالمدینة و فدك و هی من المدینة علی ثلاثة أمیال و خیبر و قری عرینة

ص: 161


1- مجمع البیان 9: 111 و 115 و 116 و 123 و 124.
2- مجمع البیان 9: 232.

و ینبع جعلها اللّٰه لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله یحكم فیها ما أراد و أخبر أنها كلها له فقال أناس فهلا قسمها فنزلت الآیة و قیل إن الآیة الأولی بیان أموال بنی النضیر خاصة لقوله وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ مِنْهُمْ و الآیة الثانیة بیان الأموال التی أصیبت بغیر قتال و قیل إنهما واحد و الآیة الثانیة بیان قسم المال الذی ذكره اللّٰه فی الآیة الأولی و

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَنِی النَّضِیرِ إِنْ شِئْتُمْ قَسَمْتُمْ لِلْمُهَاجِرِینَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَ دِیَارِكُمْ وَ تُشَارِكُونَهُمْ فِی هَذِهِ الْغَنِیمَةِ وَ إِنْ شِئْتُمْ كَانَتْ لَكُمْ دِیَارُكم وَ أَمْوَالُكُمْ وَ لَا یُقْسَمُ لَكُمْ شَیْ ءٌ مِنَ الْغَنِیمَةِ فَقَالَ لَهُمُ الْأَنْصَارُ بَلْ نَقْسِمُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا وَ دِیَارِنَا وَ نُؤْثِرُهُمْ بِالْغَنِیمَةِ وَ لَا نُشَارِكُهُمْ فِیهَا فَنَزَلَتْ وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ الْآیَةَ.

مِنْهُمْ أی من الیهود الذین أجلاهم فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ خَیْلٍ وَ لا رِكابٍ من الوجیف سرعة السیر أی لم تسیروا إلیها علی خیل و لا إبل و الركاب الإبل التی تحمل القوم وَ لكِنَّ اللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلی مَنْ یَشاءُ أی یمكنهم من عدوهم من غیر قتال بأن یقذف الرعب فی قلوبهم جعل اللّٰه أموال بنی النضیر لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله خاصة یفعل بها ما یشاء فقسمها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بین المهاجرین و لم یعط الأنصار منها شیئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة و هم أبو دجانة و سهل بن حنیف و الحارث بن صمة مِنْ أَهْلِ الْقُری أی من أموال كفار أهل القری فَلِلَّهِ یأمر فیه بما أحب وَ لِلرَّسُولِ بتملیك اللّٰه إیاه وَ لِذِی الْقُرْبی یعنی أهل بیت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قرابته و هم بنو هاشم وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ منهم كَیْ لا یَكُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیاءِ مِنْكُمْ الدولة الشی ء الذی یتداوله القوم بینهم أی لئلا یكون الفی ء متداولا بین الرؤساء منكم یعمل فیه كما كان یعمل فی الجاهلیة وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ أی ما أعطاكم من الفی ء فارضوا به و ما أمركم به فافعلوه قال الزجاج ثم بین سبحانه من المساكین الذین لهم الحق فقال للفقراء المهاجرین ثم ثنی سبحانه بوصف الأنصار و مدحهم حتی طابت أنفسهم عن الفی ء فقال وَ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِیمانَ الآیة (1)

ص: 162


1- مجمع البیان 9: 260- 262.

وَ أُخْری تُحِبُّونَها أی و تجارة أخری أو خصلة أخری تحبونها عاجلا مع ثواب الآجل نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ أی علی قریش وَ فَتْحٌ قَرِیبٌ أی فتح مكة و قیل فتح فارس و الروم و سائر فتوح الإسلام علی العموم. (1) و قال فی قوله تعالی جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ

رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَرَأَ جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالْمُنَافِقِینَ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُقَاتِلْ مُنَافِقاً قَطُّ إِنَّمَا كَانَ یَتَأَلَّفُهُمْ (2)

1- كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: شِعَارُنَا یَا مُحَمَّدُ یَا مُحَمَّدُ (3) وَ شِعَارُنَا یَوْمَ بَدْرٍ یَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ اقْتَرِبْ وَ شِعَارُ الْمُسْلِمِینَ یَوْمَ أُحُدٍ یَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ وَ یَوْمَ بَنِی النَّضِیرِ یَا رُوحَ الْقُدُسِ أَرِحْ وَ یَوْمَ بَنِی قَیْنُقَاعَ یَا رَبَّنَا لَا یَغْلِبُنَّكَ وَ یَوْمَ الطَّائِفِ یَا رِضْوَانُ وَ شِعَارُ یَوْمِ حُنَیْنٍ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ وَ یَوْمِ الْأَحْزَابِ حم لَا یُنْصَرُونَ وَ یَوْمِ بَنِی قُرَیْظَةَ یَا سَلَامُ أَسْلِمْهُمْ وَ یَوْمِ الْمُرَیْسِیعِ وَ هُوَ یَوْمُ بَنِی الْمُصْطَلِقِ أَلَا إِلَی اللَّهِ الْأَمْرُ وَ یَوْمِ الْحُدَیْبِیَةِ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ وَ یَوْمِ خَیْبَرَ یَوْمِ الْقَمُوصِ یَا عَلِیُّ ائْتِهِمْ مِنْ عَلُ وَ یَوْمِ الْفَتْحِ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً وَ یَوْمِ تَبُوكَ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ وَ یَوْمِ بَنِی الْمُلَوَّحِ أَمِتْ أَمِتْ وَ یَوْمَ صِفِّینَ (4) یَا نَصْرَ اللَّهِ وَ شِعَارُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَا مُحَمَّدُ وَ شِعَارُنَا یَا مُحَمَّدُ (5).

بیان: الشعار ككتاب العلامة فی الحرب و قال الجزری فی حدیث الجهاد إذا ثبتم (6) فقولوا حم لا ینصرون قیل معناه اللّٰهم لا ینصرون و یرید به الخبر لا الدعاء لأنه لو كان دعاء لقال لا ینصروا مجزوما فكأنه قال و اللّٰه

ص: 163


1- مجمع البیان 9: 282.
2- مجمع البیان 10: 319.
3- فی النسخة المخطوطة لفظة یا محمّد غیر متكررة.
4- سیأتی شرح تلك الأیّام فیما بعد.
5- فروع الكافی 1: 340.
6- فی المصدر: إذا بلیتم.

لا ینصرون و قیل إن السور التی أولها حم سور لها شأن فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما یستظهر به علی استنزال النصر من اللّٰه و قوله لا ینصرون كلام مستأنف كأنه حین قال قولوا حم قیل ما ذا یكون إذا قلناها فقال لا ینصرون و قال و فیه كان شعارنا یا منصور أمت و هو أمر بالموت و المراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بینهم یتعارفون بها لأجل ظلمة اللیل انتهی.

و قال الجوهری یقال أتیته من عل الدار بكسر اللام أی من عال و أتیته من عل بضم اللام.

أقول و فی بعض روایات العامة أمت أمت بدون یا منصور فقالوا المخاطب هو اللّٰه تعالی و الظاهر أن المخاطب كل واحد من المقاتلین لا سیما فی هذه الروایة.

«2»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ مُزَیْنَةَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا شِعَارُكُمْ قَالُوا حَرَامٌ قَالَ بَلْ شِعَارُكُمْ حَلَالٌ (1).

«3»-وَ رُوِیَ أَیْضاً أَنَّ شِعَارَ الْمُسْلِمِینَ یَوْمَ بَدْرٍ یَا مَنْصُورُ أَمِتْ وَ شِعَارَ یَوْمِ أُحُدٍ لِلْمُهَاجِرِینَ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ یَا بَنِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) وَ لِلْأَوْسِ یَا بَنِی عَبْدِ اللَّهِ (3).

«4»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام مِثْلَ الْخَبَرَیْنِ وَ فِی آخِرِ الْأَخِیرَةِ یَا بَنِی عُبَیْدِ اللَّهِ (4)

ص: 164


1- فروع الكافی 1: 340.
2- فی النوادر: و للخزرج یا بنی عبد الرحمن. و فی الامتاع للمقریزی: و جعل صلّی اللّٰه علیه و سلم شعار المهاجرین یا بنی عبد الرحمن، و شعار الخزرج یا بنی عبد اللّٰه، و شعار الاوس یا بنی عبید اللّٰه، و یقال: كان شعار رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم یا منصور أمت و فی السیرة لابن هشام 2: 275 و كان شعار أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم یوم بدر أحد أحد.
3- فروع الكافی 1: 340.
4- نوادر الراوندیّ: 33.

«5»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِسَرِیَّةٍ بَعَثَهَا لِیَكُنْ شِعَارُكُمْ حم لَا یُنْصَرُونَ فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی عَظِیمٌ (1).

«6»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ مُسَیْلَمَةَ یَا أَصْحَابَ الْبَقَرَةِ وَ كَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِینَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ أَمِتْ أَمِتْ (2).

«7»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِی رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ یَتَصَدَّقَ بِمَالٍ كَثِیرٍ فَقَالَ الْكَثِیرُ ثَمَانُونَ فَمَا زَادَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ وَ كَانَتْ ثَمَانِینَ مَوْطِناً (3).

«8»-فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ الْمُتَوَكِّلُ قَدِ اعْتَلَّ عِلَّةً شَدِیدَةً فَنَذَرَ إِنْ عَافَاهُ اللَّهُ أَنْ یَتَصَدَّقَ بِدَنَانِیرَ كَثِیرَةٍ أَوْ قَالَ دَرَاهِمَ كَثِیرَةٍ فَعُوفِیَ فَجَمَعَ الْعُلَمَاءَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَاخْتَلَفُوا عَلَیْهِ قَالَ أَحَدُهُمْ عَشَرَةُ آلَافٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا قَالَ لَهُ عُبَادَةُ ابْعَثْ إِلَی ابْنِ عَمِّكَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیه السلام فَاسْأَلْهُ فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْكَثِیرُ ثَمَانُونَ فَقَالَ لَهُ رُدَّ إِلَیْهِ الرَّسُولَ فَقُلْ مِنْ أَیْنَ قُلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِرَسُولِهِ (4) لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ (5) وَ كَانَتِ الْمَوَاطِنُ ثَمَانِینَ مَوْطِناً (6).

كا، الكافی علی بن إبراهیم عن بعض أصحابه مثله (7).

ص: 165


1- نوادر الراوندیّ: 33.
2- نوادر الراوندیّ: 33.
3- معانی الأخبار: 218.
4- المصدر خال من كلمة «لرسوله».
5- التوبة: 25.
6- تفسیر القمّیّ: 260 و 261.
7- فروع الكافی 2: 375.

«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّحْوِیِّ (1) عَنْ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُكَیْمٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ عَنْ حَقِیبَةَ (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَتَبَ إِلَیْهِ كِتَاباً فَرَقَّعَ بِهِ دَلْوَهُ فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ عَمَدْتَ إِلَی كِتَابِ سَیِّدِ الْعَرَبِ فَرَقَّعْتَ بِهِ دَلْوَكَ لَیُصِیبَنَّكَ بَلَاءٌ قَالَ فَأَغَارَتْ عَلَیْهِ خَیْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَرَبَ وَ أُخِذَ كُلُّ قَلِیلٍ وَ كَثِیرٍ هُوَ لَهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ (3) مُسْلِماً فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله انْظُرْ مَا وَجَدْتَ مِنْ مَتَاعِكَ قَبْلَ قِسْمَةِ السِّهَامِ فَخُذْهُ (4).

أقول: سیأتی ذكر بعض غزواته صلی اللّٰه علیه و آله النادرة فی باب أحوال أصحابه صلی اللّٰه علیه و آله.

«10»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَیْشاً إِلَی خَثْعَمٍ فَلَمَّا غَشِیَهُمُ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودِ فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَعْطُوا الْوَرَثَةَ نِصْفَ الْعَقْلِ (5) بِصَلَاتِهِمْ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَلَا إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ نَزَلَ مَعَ مُشْرِكٍ فِی دَارِ الْحَرْبِ (6).

بیان: قال فی النهایة إنما أمر بالنصف لأنهم قد أعانوا علی أنفسهم بمقامهم بین ظهرانی الكفار (7) فكانوا كمن هلك بجنایة نفسه و جنایة غیره فتسقط حصة

ص: 166


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: ابن مخلد قال: أخبرنا أبو عمرو. و أبو عمرو اسمه عثمان بن أحمد بن عبد اللّٰه بن یزید الدقاق المعروف بابن السماك، ذكره الشیخ بنفسه فی عدة أحادیث قبل ذلك (راجع ص 246) و اما محمّد بن عبد اللّٰه فكنیة أبو عمر و علی ما فی الأمالی صلی اللّٰه علیه و آله 244 راجعه.
2- فی المصدر: جفینة، و هو الصحیح علی ما فی أسد الغابة.
3- فی المصدر: ثم جاء بعده مسلما.
4- أمالی ابن الشیخ: 247.
5- العقل: الدیة.
6- فروع الكافی 1: 339.
7- أی بینهم و فی وسطهم.

جنایته من الدیة.

«11»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام مِثْلَهُ (1).

«12»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَقْتُلُوا فِی الْحَرْبِ إِلَّا مَنْ جَرَتْ عَلَیْهِ الْمَوَاسِی (2).

«13»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرُ الْقَوْمِ أَقْطَفُهُمْ دَابَّةً (3).

«14»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمَّا بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْیَمَنِ قَالَ یَا عَلِیُّ لَا تُقَاتِلْ أَحَداً حَتَّی تَدْعُوَهُ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ یَهْدِ اللَّهُ عَلَی یَدِكَ رَجُلًا خَیْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ لَكَ وَلَاؤُهُ (4).

بیان: من جرت علیه المواسی أی من نبتت عانته لأن المواسی إنما تجری علی من أنبت أراد من بلغ الحلم من الكفار ذكره الجزری و قال القطاف تقارب الخطو فی سرعة و منه الحدیث أقطف القوم دابة أمیرهم أی أنهم یسیرون بسیر دابته فیتبعونه كما یتبع الأمیر.

«15»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: قَرَأْتُ فِی كِتَابٍ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَتَبَ كِتَاباً بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ أَنَّ كُلَّ غَازِیَةٍ غَزَتْ بِمَا (5) یُعَقِّبُ بَعْضُهَا بَعْضاً بِالْمَعْرُوفِ وَ الْقِسْطِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّهُ لَا یُجَارُ حُرْمَةٌ (6) إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَ إِنَّ الْجَارَ كَالنَّفْسِ غَیْرَ مُضَارٍّ وَ لَا إِثْمٍ وَ حُرْمَةُ

ص: 167


1- نوادر الراوندیّ: 23.
2- نوادر الراوندیّ: 23.
3- نوادر الراوندیّ: 23.
4- نوادر الراوندیّ: 20.
5- فی سیرة ابن هشام: غزت معنا.
6- فی نسخة من المصدر: فانه لا یجوز حرب. و فی السیرة: و انه لا تجار حرمة.

الْجَارِ عَلَی الْجَارِ كَحُرْمَةِ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ لَا یُسَالِمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِی قِتَالٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ إِلَّا عَلَی عَدْلٍ سَوَاءً (1).

بیان: أقول فی روایات العامة هكذا كل غازیة غزت یعقب بعضها بعضا قال الجزری الغازیة تأنیث الغازی و هی هنا صفة جماعة غازیة و المراد بقوله یعقب بعضها بعضا أن یكون الغزو بینهم نوبا فإذا خرجت طائفة ثم عادت لم تكلف أن تعود ثانیة حتی تعقبها أخری غیرها انتهی و علی روایة الكلینی لعل قوله بما زید من

ص: 168


1- فروع الكافی ١ : ٣٣٦. وفیه : وسواء ، وفی السیرة : الا علی سواء وعدل بینهم أقول : هذه جمل من كتابه صلی اللّٰه علیه و آله انتخبها منه ، والكتاب طویل ذكره ابن هشام فی سیرته : ١١٩ _ ١٢٣ ، وحیث انه یشتمل علی فوائد جمة نذكره تتمیما للفائدة ، وهو هكذا : قال ابن اسحاق : وكتب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم كتابا بین المهاجرین والانصار ، وادع فیه یهود وعاهدهم ، وأقرهم علی دینهم واموالهم واشترط علیهم وشرط لهم : بسم اللّٰه الرحمن الرحیم ، هذا كتاب من محمد النبی صلی اللّٰه علیه وسلم بین المؤمنین و المسلمین من قریش ویثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ، انهم امة واحدة من دون الناس المهاجرون من قریش علی ربعتهم یتعاقلون بینهم ، وهم یفدون عانیهم بالمعروف والقسط بین المؤمنین وبنو عوف علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی وكل طائفة تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین وبنو ساعدة علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی ، وكل طائفة منهم تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو الحرث علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی ، وكل طائفة تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو جشم علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی وكل طائفة منهم تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو النجار علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی وكل طائفة منهم تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو عمرو بن عوف علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی ، وكل طائفة تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو النبیت علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی ، وكل طائفة تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وبنو الاوس علی ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولی ، وكل طائفة منهم تفدی عانیها بالمعروف والقسط بین المؤمنین ، وان المؤمنین لا یتركون مفرحا ( المفرح ، المثقل من الدین الكثیر والعیال ) بینهم أن یعطوه بالمعروف فی فداء او عقل ، ولا یحالف مؤمن مولی مؤمن دونه ، وان المؤمنین المتقین علی من بغی منهم او ابتغی وسیعة ظلم او اثم او عدوان او فساد بین المؤمنین ، وان ایدیهم علیه جمیعا ولو كان ولد احدهم ولا یقتل مؤمن مؤمنا فی كافر ولا ینصر كافرا علی مؤمن ، وان ذمة اللّٰه واحدة یجیر علیهم ادناهم ، وان المؤمنین بعضهم موالی بعض دون الناس ، وأنه من تبعنا من یهود فان له النصر والاسوة غیر مظلومین ولا متناصر علیهم ، وان سلم المؤمنین واحدة : لا یسالم مؤمن دون مؤمن فی قتال فی سبیل اللّٰه الا علی سواء وعدل بینهم ، وان كل غازیة غزت معنا یعقب بعضها بعضا. وان المؤمنین یبئ بعضهم علی بعض بما نال ومادهم فی سبیل اللّٰه ، وان المؤمنین المتقین علی أحسن هدی وأقومه ، وانه لا یجیر مشرك مالا لقریش ولا نفسا ، ولا یحول دونه علی مؤمن ، وانه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بینة فانه قود به الا ان یرضی ولی المقتول ، وان المؤمنین علیه كافة. ولا یحل لهم الاقیام علیه ، وانه لا یحل لمؤمن اقر بما فی هذه الصحیفة وآمن باللّٰه والیوم الاخر ان ینصر محدثا ولا یؤویه ، وانه من نصره او آواه فان علیه لعنة اللّٰه وغضبه یوم القیامة ، ولا یؤخذ منه صرف ولا عدل وانكم مهما اختلفتم فیه من شئ فان مرده إلی اللّٰه عزوجل والی محمد صلی اللّٰه علیه وسلم ، وان الیهود ینفقون مع المؤمنین ما داموا محاربین ، وان یهود بنی عوف امة مع المؤمنین ، للیهود دینهم ، وللمسلمین دینهم ، موالیهم وانفسهم ، الا من ظلم واثم فانه لا یوتغ الا نفسه واهل بیته ، وان لیهود بنی النجار مثل ما لیهود بنی عوف ، وان لیهود بنی الحرث مثل ما لیهود بنی عوف ، وان لیهود بنی ساعدة مثل ما لیهود بنی عوف ، وان لیهود بنی جشم مثل ما لیهود بنی عوف ، وان لیهود بنی الاوس مثل ما لیهود بنی عوف ، وان لیهود بنی ثعلبة مثل ما لیهود بنی عوف ، الا من ظلم واثم فانه لا یوتغ الا نفسه واهل بیته ، وان جفنة بطن من ثعلبة كانفسهم ، وان لبنی الشطیبة مثل ما لیهود بنی عوف ، وان البر دون الاثم ، وان موالی ثعلبة كانفسهم ، وان بطانة یهود كانفسهم وانه لا یخرج منهم احد الا باذن محمد صلی اللّٰه علیه و آله وأنه لا ینحجز علی ثار جرح وانه من فتك فبنفسه فتك وأهل بیته الا من ظلم ، وان اللّٰه علی ابر هذا ، وان علی الیهود نفقتهم وعلی المسلمین نفقتهم ، وان بینهم النصر علی من حارب اهل هذه الصحیفة ، وان بینهم النصح والنصیحة والمر دون الاثم ، وانه لم یاثم امرؤ بحلیفة ، وان النصر للمظلوم ، وان الیهود ینفقون مع المؤمنین ما داموا محاربین وان یثرب حرام جوفها لاهل هذه الصحیفة وان الجار كالنفس غیر مضار ولا اثم ، وانه لا تجار حرمة إلا باذن اهلها ، وانه ما كان بین أهل هذه الصحیفة من حدث او اشتجار یخاف فساده فان مرده إلی اللّٰه عزوجل ، والی محمد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم ، وان اللّٰه علی أتقی ما فی هذه الصحیفة وأبره ، وانه لا تجار قریش ولا من نصرها ، وان بینهم النصر علی من دهم یثرب ، واذا دعوا إلی صلح یصالحونه ( ویلبسونه ) فانهم یصالحونه ویلبسونهم وانهم اذا دعوا إلی مثل ذلك فانه لهم علی المؤمنین الا من حارب فی الدین. علی كل اناس حصتهم من جانبهم الذی قبلهم ، وان یهود الاوس موالیهم وانفسهم علی مثل ما لاهل هذه الصحیفة مع البر الحسن ( المحسن ) من أهل هذه الصحیفة ، وان البر دون الاثم ، لا یكسب كاسب الا علی نفسه ، وان اللّٰه علی اصدق ما فی هذه الصحیفة وابره ، وانه لا یحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم ، وانه من خرج آمن. ومن قعد آمن بالمدینة ، الا من ظلم وأثم ، وان اللّٰه جار لمن بر واتقی ، ومحمد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وسلم.

النساخ (1) و فی التهذیب (2) غزت معنا فقوله یعقب خبر و علی ما فی نسخ الكافی لعل قوله بالمعروف بدل أو بیان لقوله بما یعقب و قوله فإنه لا یجار خبر أی كل طائفة غازیة بما یلزم أن یعقب و یتبع بعضها بعضا فیه و هو المعروف و القسط بین المسلمین فإنه لا یجار أی فلیعلم هذا الحكم و فی بعض النسخ لا یجوز حرب و الأول هو الموافق لنسخ التهذیب أی لا ینبغی أن یجار حرمة كافر إلا بإذن أهل غازیة أی سائر الجیش و إن الجار كالنفس أی من أمنته ینبغی محافظته و رعایته كما تحفظ نفسك غیر مضار إما حال عن المجیر علی صیغة الفاعل أی یجب أن یكون المجیر غیر مضار و لا آثم فی حق المجار أو من المجار فیحتمل بناء المفعول أیضا بل الأول یحتمل ذلك قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا یسالم مؤمن دون مؤمن أی لا یصالح واحد دون أصحابه و إنما یقع الصلح بینهم و بین عدوهم باجتماع ملئهم علی ذلك.

أقول قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی مجمع البیان قال المفسرون جمیع ما غزا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بنفسه ست و عشرون غزاة فأول غزاة غزاها الأبواء ثم غزاة بواط ثم غزاة العشیرة ثم غزاة بدر الأولی ثم بدر الكبری ثم غزاة بنی سلیم ثم غزاة السویق ثم غزاة ذی أمر ثم غزاة أحد ثم غزاة نجران ثم غزاة الأسد ثم

ص: 169


1- أو مصحف « عنا » كما فی التهذیب والسیرة.
2- التهذیب ٢ : ٤٧.

غزاة بنی النضیر ثم غزاة ذات الرقاع ثم غزاة بدر الأخیرة ثم غزاة دومة الجندل ثم غزاة الخندق ثم غزاة بنی قریظة ثم غزاة بنی لحیان ثم غزاة بنی قرد ثم غزاة بنی المصطلق ثم غزاة الحدیبیة ثم غزاة خیبر ثم غزاة الفتح فتح مكة ثم غزاة حنین ثم غزاة الطائف ثم غزاة تبوك قاتل صلی اللّٰه علیه و آله منها فی تسع غزوات غزاة بدر الكبری و هو الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتین من الهجرة و أحد و هو فی شوال سنة ثلاث و الخندق و بنی قریظة فی شوال سنة أربع و بنی المصطلق و بنی لحیان فی شعبان سنة خمس و خیبر سنة ست و الفتح فی رمضان سنة ثمان و حنین و الطائف فی شوال سنة ثمان فأول غزاة غزاها بنفسه و قاتل فیها بدر و آخرها تبوك و أما عدد سرایاه فست و ثلاثون سریة علی ما عد فی مواضعه (1).

«16»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَی سَرْحِ الْمَدِینَةِ فَنَادَی فِیهَا مُنَادٍ یَا سُوءَ صَاحِبَاهْ

ص: 170


1- مجمع البیان ٢ : ٤٩٩ و ٥٠٠.

فَسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْجَبَلِ (1) فَرَكِبَ فَرَسَهُ فِی طَلَبِ الْعَدُوِّ وَ كَانَ أَوَّلَ أَصْحَابِهِ لَحِقَهُ أَبُو قَتَادَةَ عَلَی فَرَسٍ لَهُ وَ كَانَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ سَرْجٌ دَفَّتَاهُ لِیفٌ لَیْسَ فِیهِ أَشَرٌ وَ لَا بَطَرٌ فَطَلَبَ الْعَدُوَّ فَلَمْ یَلْقَوْا أَحَداً وَ تَتَابَعَتِ الْخَیْلُ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْعَدُوَّ قَدِ انْصَرَفَ فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ نَسْتَبِقَ فَقَالَ نَعَمْ فَاسْتَبَقُوا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَابِقاً عَلَیْهِمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ قُرَیْشٍ إِنَّهُ لَهُوَ الْجَوَادُ الْبَحْرُ یَعْنِی فَرَسَهُ (2).

بیان: السرح المال الماشیة و الدف بالفتح الجنب من كل شی ء أو صفحته كالدفة و قال الجزری فیه أنه صلی اللّٰه علیه و آله قال أنا ابن العواتك من سلیم العواتك جمع عاتكة و أصل عاتكة المتضمخة بالطیب و العواتك ثلاث نسوة كن من أمهات النبی صلی اللّٰه علیه و آله إحداهن عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذكوان و هی أم عبد مناف بن قصی و الثانیة عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج و هی أم هاشم بن عبد مناف و الثالثة عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال و هی أم وهب أبی آمنة

ص: 171


1- فی نسخة : فی الجیل وفی المصدر : فی الخیل.
2- فروع الكافی ١ : ٣٤١.

أم النبی صلی اللّٰه علیه و آله فالأولی من العواتك عمة الثانیة و الثانیة عمة الثالثة و بنو سلیم تفخر بهذه الولادة و

قَالَ الْجَوْهَرِیُّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ حُنَیْنِ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكَ مِنْ سُلَیْمٍ.

یعنی جداته و هن تسع عواتك ثلاث منهن من بنی سلیم و قال و یسمی الفرس الواسع الجری بحرا.

«17»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفَضْلِ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ یُقاتِلُوكُمْ أَوْ یُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ قَالَ نَزَلَتْ فِی بَنِی مُدْلِجٍ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا إِنَّا حَصِرَتْ صُدُورُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَسْنَا مَعَكَ وَ لَا مَعَ قَوْمِنَا عَلَیْكَ قَالَ قُلْتُ كَیْفَ صَنَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَادَعَهُمْ إِلَی أَنْ یَفْرُغَ مِنَ الْعَرَبِ ثُمَّ یَدْعُوَهُمْ فَإِنْ أَجَابُوا وَ إِلَّا قَاتَلَهُمْ (1).

«18»-قب، المناقب لابن شهرآشوب لَمَّا كَانَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ بِقَوْلِهِ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ الْآیَةَ وَ قَلَّدَ فِی عُنُقِهِ سَیْفاً وَ فِی رِوَایَةٍ لَمْ یَكُنْ لَهُ غِمْدٌ فَقَالَ لَهُ حَارِبْ بِهَذَا قَوْمَكَ حَتَّی یَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

أَهْلُ السِّیَرِ (2) أَنَّ جَمِیعَ مَا غَزَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَفْسِهِ سِتٌّ وَ عِشْرُونَ غَزْوَةً

ص: 172


1- روضة الكافی : ٣٢٧.
2- قد اشرنا كرارا معمول لفعل محذوف أی قال أو روی.

عَلَی هَذَا النَّسَقِ الْأَبْوَاءُ بُوَاطُ (1) الْعُشَیْرَةُ بَدْرٌ الْأُولَی (2) بَدْرٌ الْكُبْرَی السَّوِیقُ (3) ذی (ذُو) أَمْرٍ- (4) أُحُدٌ نَجْرَانُ بَنُو سُلَیْمٍ الْأَسَدُ بَنُو النَّضِیرِ ذَاتُ الرِّقَاعِ بَدْرٌ الْآخِرَةُ دُومَةُ الْجَنْدَلِ الْخَنْدَقُ بَنُو قُرَیْظَةَ بَنُو لِحْیَانَ بَنُو قَرَدٍ بَنُو الْمُصْطَلِقِ الْحُدَیْبِیَةُ خَیْبَرُ الْفَتْحُ حُنَیْنٌ الطَّائِفُ تَبُوكُ وَ یُلْحَقُ بِهَا بَنُو قَیْنُقَاعَ قَاتَلَ فِی تِسْعٍ وَ هِیَ بَدْرٌ الْكُبْرَی وَ أُحُدٌ وَ الْخَنْدَقُ وَ بنی (بَنُو) قُرَیْظَةَ وَ بنی (بَنُو) الْمُصْطَلِقِ وَ بنی (بَنُو) لِحْیَانَ وَ خَیْبَرُ وَ الْفَتْحُ وَ حُنَیْنٌ وَ الطَّائِفُ

ص: 173


1- لم یذكر الابواء فی المصدر، و لعله سقط عن المطبوع، و غزوة الابواء اول غزوة وقعت فی الإسلام، و یقال لها غزوة و دان أیضا، قال المقریزی فی امتاع الاسماع: 53: غزا رسول اللّٰه و دان و هو جبل بین مكّة و المدینة، و بینه و بین الابواء ستة أمیال فخرج فی صفر علی رأس أحد عشر شهرا یعترض عیرا لقریش و استخلف علی المدینة سعد بن عبادة رضی اللّٰه عنه فبلغ الابواء فلم یلق كیدا، فوادع بنی ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة مع سیدهم مخشی بن عمرو علی ان لا یكثروا علیه و لا یعینوا علیه احدا، و كتب بینه و بینهم كتابا و رجع، فكانت غیبته خمس عشر لیلة، و یقال لهذه أیضا: غزاة الابواء، و هی اول غزاة غزاها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بنفسه و كان لواء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی هذه الغزاة ابیض یحمله حمزة رضی اللّٰه عنه انتهی.
2- ذكرها المقریزی فی الامتاع: 54 بعد غزوة بواط و یقال لها: غزوة سفوان أیضا، قال: خرج رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی ربیع الأوّل علی رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره فی طلب كرز بن جابر الفهدی و قد أغار علی سرح المدینة، حتی بلغ وادیا یقال له:
3- قال ابن هشام: سمیت غزوة السویق فیما حدّثنی أبو عبیدة ان أكثر ما طرح القوم من ازوادهم السویق، فهجم المسلمون علی سویق كثیر فسمیت غزوة السویق أقول: ذكر ابن هشام بعد غزوة بدر الكبری غزوة بنی سلیم و بعدها غزوة السویق، و المقریزی ذكر بعد بدر الكبری غزوة بنی قینقاع ثمّ غزوة السویق.
4- قال یاقوت فی معجم البلدان 1: 252: أمر بلفظ الفعل من أمر یأمر: موضع غزاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ، قال الواقدی : هو من ناحیة النخیل وهو بنجد من دیار غطفان ، وكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خرج فی ربیع الاول فی سنة ثلاث للهجرة لجمع بلغه انه اجتمع من محارب وغیرهم ، فهرب القوم منهم إلی رؤوس الجبال ، وزعیمها دعثور بن الحارث المحاربی انتهی. وفی الامتاع ١١٠ كانت غزوة ذی أمر بنجد ، خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی یوم الخمیس الثامن عشر من ربیع الاول علی رأس خمسة وعشرین شهرا فی قول الواقدی ، وذكر ابن اسحاق انها كانت فی المحرم سنة ثلاث ، ومعه اربعمائة و خمسون ، فیهم عدة افراس ، واستخلف علی المدینة عثمان بن عفان ، وذلك انه بلغه أن جمعا من بنی ثعلبة بن سعد بن ذبیان بن بغیض بن ریث بن غطفان ، وبنی محارب بن خصفة ابن قیس بذی امر قد تجمعوا یریدون أن یصیبوا من اطرافه صلی اللّٰه علیه وسلم ، جمعهم دعثور ابن الحارث من بنی محارب اه. وستأتی قصتها قریبا ، ثم ذكر المقریزی وابن هشام بعد ذلك غزوة بنی سلیم ، وذكر بعد غزوة بنی سلیم غزوة احد فی كلام المقریزی ، وغزوة بنی قینقاع ثم احد فی كلام ابن هشام. وفی غیرها من الغزوات أیضا خلاف ستأتی الاشارة إلیه فی موضعها.

وَ أَمَّا سَرَایَاهُ فَسِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ أَوَّلُهَا سَرِیَّةُ حَمْزَةَ لَقِیَ أَبَا جَهْلٍ بِسِیفِ الْبَحْرِ فِی ثَلَاثِینَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ فِی ذِی الْقَعْدَةِ بَعَثَ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ فِی طَلَبِ عِیرٍ (1) ثُمَّ عُبَیْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فِی سِتِّینَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ نَحْوَ الْجُحْفَةِ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ فَتَرَامَوْا بِالْأَحْیَاءِ (2).

ابْنُ إِسْحَاقَ وَ غَزَا فِی رَبِیعٍ الْآخِرِ إِلَی قُرَیْشٍ وَ بَنِی ضَمْرَةَ وَ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ الْفِهْرِیِّ حَتَّی بَلَغَ بُوَاطَ السَّنَةَ الثَّانِیَةَ فِی صَفَرٍ غَزَا وَدَّانَ حَتَّی بَلَغَ الْأَبْوَاءَ وَ فِی رَبِیعٍ الْآخِرِ غَزْوَةَ الْعُشَیْرَةِ مِنْ بَطْنِ یَنْبُعَ وَ وَادَعَ فِیهَا بَنِی مُدْلِجٍ وَ ضَمْرَةَ وَ أَغَارَ كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِیُّ عَلَی سَرْحِ الْمَدِینَةِ فَاسْتَخْلَفَ عَلَی الْمَدِینَةِ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ خَرَجَ حَتَّی بَلَغَ وَادِی سَفَوَانَ (3) بَدْرٍ الْأُولَی وَ حَامِلُ لِوَائِهِ عَلِیٌّ ثُمَّ بَعَثَ فِی آخِرِ رَجَبٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِی أَصْحَابِهِ لِیَرْصُدَ قُرَیْشاً فَقَتَلَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِیمِیُّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ الْحَضْرَمِیَ

ص: 174


1- فی نسخة: فی طلب عبد.
2- الاحیاء: ماء من بطن رابغ. ذكره المقریزی غیر معرف.
3- سفوان بالفتحات.

وَ هَرَبَ الْحَكَمُ بْنُ كَیْسَانَ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الدَّارِ وَ أَخُوهُ (1) وَ اسْتَأْمَنَ الْبَاقُونَ وَ اسْتَاقُوا الْعِیرَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْقِتَالِ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ ذَلِكَ تَحْتَ النَّخْلَةِ فَسُمِّیَ غَزْوَةَ النَّخْلَةِ فَنَزَلَ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ الْآیَةَ فَأَخَذَ الْعِیرَ وَ فَدَی الْأَسِیرَیْنِ ثُمَّ غَزَا بَدْرَ الْكُبْرَی (2).

«19»-أَقُولُ فِی تَفْسِیرِ النُّعْمَانِیِّ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ فِی كِتَابِ الْقُرْآنِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی ذِكْرِ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ وَ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَهُ فِی بَدْءِ أَمْرِهِ أَنْ یَدْعُوَ بِالدَّعْوَةِ فَقَطْ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِیراً وَ داعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِیراً وَ لا تُطِعِ الْكافِرِینَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا فَبَعَثَهُ اللَّهُ بِالدَّعْوَةِ فَقَطْ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا یُؤْذِیَهُمْ فَلَمَّا أَرَادُوهُ بِمَا هَمُّوا بِهِ مِنْ تَبْیِیتٍ (3) أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِالْهِجْرَةِ وَ فَرَضَ عَلَیْهِ الْقِتَالَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ فَلَمَّا أَمَرَ النَّاسَ بِالْحَرْبِ جَزِعُوا وَ خَافُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ یَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْیَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْیَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ إِلَی قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ فَنَسَخَتْ آیَةُ الْقِتَالِ آیَةَ الْكَفِّ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ بَدْرٍ وَ عَرَفَ اللَّهُ تَعَالَی حَرَجَ الْمُسْلِمِینَ أَنْزَلَ عَلَی نَبِیِّهِ وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَلَمَّا قَوِیَ الْإِسْلَامُ وَ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَی السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ فَنَسَخَتْ

ص: 175


1- فی الامتاع و سیرة ابن هشام: عثمان بن عبد اللّٰه بن المغیرة المخزومی و نوفل بن عبد اللّٰه بن المغیرة المخزومی.
2- مناقب آل أبی طالب 1: 161 و 162.
3- فی المصدر: بما هموا به من بیته.

هَذِهِ الْآیَةُ الْآیَةَ الَّتِی أُذِنَ لَهُمْ فِیهَا أَنْ یَجْنَحُوا ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِی آخِرِ السُّورَةِ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَرَضَ الْقِتَالَ عَلَی الْأُمَّةِ فَجَعَلَ عَلَی الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَنْ یُقَاتِلَ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ إِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ ثُمَّ نَسَخَهَا سُبْحَانَهُ فَقَالَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِیكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ فَنَسَخَ بِهَذِهِ الْآیَةِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَ مَنْ فَرَّ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فِی الْحَرْبِ إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْمُشْرِكِینَ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلَیْنِ لِرَجُلٍ لَمْ یَكُنْ فَارّاً مِنَ الزَّحْفِ وَ إِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ رَجُلَیْنِ لِرَجُلٍ كَانَ فَارّاً مِنَ الزَّحْفِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ نُسِخَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً یَعْنِی الْیَهُودَ حِینَ هَادَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزَاةِ تَبُوكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی قاتِلُوا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ هُمْ صاغِرُونَ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآیَةُ تِلْكَ الْهُدْنَةَ (1).

«20»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ (2) أَسَرَتْهُ خَیْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُمَّ أَمْكِنِّی مِنْ ثُمَامَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی مُخَیِّرُكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ أَقْتُلُكَ قَالَ إِذاً تَقْتُلَ عَظِیماً أَوْ أُفَادِیكَ قَالَ إِذاً تَجِدُنِی غَالِیاً أَوْ أَمُنُّ عَلَیْكَ قَالَ إِذاً تَجِدُنِی شَاكِراً قَالَ فَإِنِّی قَدْ مَنَنْتُ عَلَیْكَ قَالَ فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ قَدْ وَ اللَّهِ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَیْثُ رَأَیْتُكَ وَ مَا كُنْتُ لِأَشْهَدَ بِهَا وَ أَنَا فِی الْوَثَاقِ (3).

ص: 176


1- المحكم و المتشابه: 9 و 11 و 15، و تقدم ذكر مواضع الآیات فی صدر الباب.
2- هو ثمامة بن اثال بن النعمان بن مسلمة بن عبید بن ثعلبة بن یربوع بن ثعلبة بن الدؤل ابن حنیفة، سید أهل الیمامة، خرج معتمرا فظفر به خیل لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بنجد فجاءوا به. توجد ترجمته فی كتب التراجم.
3- روضة الكافی: 299 و 300. و فیه: و انك محمّد رسول اللّٰه.

«21»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَرَادَ أَنْ یَبْعَثَ سَرِیَّةً دَعَاهُمْ فَأَجْلَسَهُمْ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ یَقُولُ سِیرُوا بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَغُلُّوا وَ لَا تُمَثِّلُوا وَ لَا تَغْدِرُوا وَ لَا تَقْتُلُوا شَیْخاً فَانِیاً وَ لَا صَبِیّاً وَ لَا امْرَأَةً وَ لَا تَقْطَعُوا شَجَراً إِلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا إِلَیْهَا وَ أَیُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَدْنَی الْمُسْلِمِینَ أَوْ أَفْضَلِهِمْ نَظَرَ إِلَی رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَهُوَ جَارٌ حَتَّی یَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ فَإِنْ تَبِعَكُمْ فَأَخُوكُمْ فِی الدِّینِ وَ إِنْ أَبَی فَأَبْلِغُوهُ مَأْمَنَهُ وَ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ عَلَیْهِ (1).

بیان: الغلول الخیانة فی المغنم و السرقة من الغنیمة قبل القسمة و الغل بالكسر الغش و الحقد و یقال مثل بالقتیل إذا جدع أنفه و أذنه و مذاكیره أو شیئا من أطرافه و أما مثل بالتشدید فهو للمبالغة إلا أن تضطروا إلیها یمكن أن یكون استثناء من الجمیع أو من الأخیر فقط بإرجاع الضمیر إلی الشجرة و النظر هنا كنایة عن الأمان و ستأتی الأحكام مفصلة فی كتاب الجهاد إن شاء اللّٰه تعالی.

«22»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ وَ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا بَعَثَ سَرِیَّةً دَعَا بِأَمِیرِهَا فَأَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ وَ أَجْلَسَ أَصْحَابَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قَالَ سِیرُوا بِسْمِ اللَّهِ.

وَ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِیثِ الْأَوَّلِ

ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ نَظَرَ إِلَی رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فِی أَقْصَی الْعَسْكَرِ فَأَدْنَاهُ فَهُوَ جَارٌ (2)

23- كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُلْقَی السَّمُّ فِی

ص: 177


1- فروع الكافی 1: 334.
2- فروع الكافی 1: 335.

بِلَادِ الْمُشْرِكِینَ (1).

«24»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مَا بَیَّتَ (2) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَدُوّاً قَطُّ (3).

«25»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِ أَهْلِ الْحَرْبِ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یُرْسَلَ عَلَیْهِمُ الْمَاءُ أَوْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ أَوْ تُرْمَی بِالْمَنَاجِیقِ (4) حَتَّی یُقْتَلُوا وَ فِیهِمُ النِّسَاءُ وَ الصِّبْیَانُ وَ الشَّیْخُ الْكَبِیرُ وَ الْأُسَارَی مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ التُّجَّارُ فَقَالَ یُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ وَ لَا یُمْسَكُ عَنْهُمْ لِهَؤُلَاءِ وَ لَا دِیَةَ عَلَیْهِمْ لِلْمُسْلِمِینَ وَ لَا كَفَّارَةَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ النِّسَاءِ كَیْفَ سَقَطَتِ الْجِزْیَةُ عَنْهُنَّ وَ رُفِعَتْ عَنْهُنَّ فَقَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ قِتَالِ النِّسَاءِ وَ الْوِلْدَانِ فِی دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ یُقَاتِلُوا فَإِنْ قَاتَلَتْ أَیْضاً فَأَمْسِكْ عَنْهَا مَا أَمْكَنَكَ وَ لَمْ تَخَفْ (5) حَالًا (6).

«26»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا بَعَثَ بِسَرِیَّةٍ دَعَا لَهَا (7).

ص: 178


1- فروع الكافی 1: 334.
2- أی لم یهجمه لیلا.
3- فروع الكافی 1: 334 و 335.
4- هكذا فی النسخ و فی المصدر: بالمجانیق.
5- فی نسخة من الكتاب و مصدره: و لم تخف خللا.
6- الفروع: 1: 335 و فی الحدیث ذیل: فلما نهی عن قتلهن فی دار الحرب كان فی دار الإسلام أولی، و لو امتنعت ان تؤدی الجزیة لم یمكن قتلها، فلما لم یمكن قتلها رفعت الجزیة عنها، و لو امتنع الرجال ان یؤدوا الجزیة كانوا ناقضین للعهد و حلت دماؤهم و قتلهم لان قتل الرجال مباح فی دار الشرك، و كذا المقعد من أهل الذمّة و الاعمی و الشیخ الفانی و المرء.
7- الفروع 1: 335.

«27»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا بَعَثَ أَمِیراً لَهُ عَلَی سَرِیَّةٍ أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی خَاصَّةِ نَفْسِهِ ثُمَّ فِی أَصْحَابِهِ عَامَّةً ثُمَّ یَقُولُ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَعَالَی قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَ لَا تَغْدِرُوا وَ لَا تَغُلُّوا وَ لَا تُمَثِّلُوا وَ لَا تَقْتُلُوا وَلِیداً وَ لَا مُتَبَتِّلًا فِی شَاهِقٍ وَ لَا تُحْرِقُوا النَّخْلَ وَ لَا تُغْرِقُوهُ بِالْمَاءِ وَ لَا تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَ لَا تُحْرِقُوا زَرْعاً لِأَنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ لَا تَعْقِرُوا مِنَ الْبَهَائِمِ مِمَّا یُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِلَّا مَا لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ أَكْلِهِ وَ إِذَا لَقِیتُمْ عَدُوّاً لِلْمُسْلِمِینَ فَادْعُوهُمْ إِلَی إِحْدَی ثَلَاثٍ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكُمْ إِلَیْهَا فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ وَ كُفُّوا عَنْهُمْ وَ ادْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ فَإِنْ دَخَلُوا فِیهِ فَاقْبَلُوهُ مِنْهُمْ وَ كُفُّوا عَنْهُمْ وَ ادْعُوهُمْ إِلَی الْهِجْرَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ وَ كُفُّوا عَنْهُمْ وَ إِنْ أَبَوْا أَنْ یُهَاجِرُوا وَ اخْتَارُوا دِیَارَهُمْ وَ أَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوا فِی دَارِ الْهِجْرَةِ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ أَعْرَابِ الْمُؤْمِنِینَ یَجْرِی عَلَیْهِمْ مَا یَجْرِی عَلَی أَعْرَابِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا یَجْرِی لَهُمْ فِی الْفَیْ ءِ وَ لَا فِی الْقِسْمَةِ شَیْ ءٌ (1) إِلَّا أَنْ یُهَاجِرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَإِنْ أَبَوْا هَاتَیْنِ فَادْعُوهُمْ إِلَی إِعْطَاءِ الْجِزْیَةِ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صَاغِرُونَ فَإِنْ أَعْطَوُا الْجِزْیَةَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَ كُفَّ عَنْهُمْ وَ إِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ وَ جَاهِدْهُمْ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ إِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ الْحِصْنِ فَأَرَادُوكَ عَلَی أَنْ یَنْزِلُوا عَلَی حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا تَنْزِلْ بِهِمْ وَ لَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَی حُكْمِكُمْ ثُمَّ اقْضِ فِیهِمْ بَعْدَ مَا شِئْتُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ عَلَی حُكْمِ اللَّهِ لَمْ تَدْرُوا تُصِیبُوا حُكْمَ اللَّهِ فِیهِمْ أَمْ لَا وَ إِذَا حَاصَرْتَ (2) أَهْلَ حِصْنٍ فَإِنْ آذَنُوكَ عَلَی أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَی ذِمَّةِ اللَّهِ وَ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ وَ لَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَی ذِمَمِكُمْ وَ ذِمَمِ آبَائِكُمْ وَ إِخْوَانِكُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَ ذِمَمَ آبَائِكُمْ وَ إِخْوَانِكُمْ كَانَ أَیْسَرَ عَلَیْكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَ ذِمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (3).

ص: 179


1- فی نسخة: و لا فی الغنیمة شی ء.
2- فی المصدر: و إذا حاصرتم.
3- فروع الكافی 1: 335.

بیان: الولید الصبی و العبد و التبتل الانقطاع عن الدنیا إلی اللّٰه و الشاهق الجبل المرتفع و العقر ضرب قوائم الدابة بالسیف و هی قائمة و یستعمل فی القتل و الإهلاك مطلقا قوله صلی اللّٰه علیه و آله إلی إعطاء الجزیة أی إن كانوا أهل الكتاب (1).

«28»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ قَالَ أَخْبَرَنِی النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ الْبَجَلِیُّ (2) عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ (3) قَالَ: قَالَ لِیَ الْحَجَّاجُ- (4) وَ سَأَلَنِی عَنْ خُرُوجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَشَاهِدِهِ فَقُلْتُ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَدْراً فِی ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَ شَهِدَ أُحُداً فِی سِتِّمِائَةٍ وَ شَهِدَ الْخَنْدَقَ فِی تِسْعِمِائَةٍ فَقَالَ عَمَّنْ قُلْتَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ ضَلَّ وَ اللَّهِ مَنْ سَلَكَ غَیْرَ سَبِیلِهِ (5).

«29»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَشْیَمَ عَنْ صَفْوَانَ وَ الْبَزَنْطِیِّ قَالا قَالَ (6) مَا أُخِذَ بِالسَّیْفِ فَذَلِكَ إِلَی الْإِمَامِ یُقَبِّلُهُ بِالَّذِی یَرَی كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 180


1- او من كان بمنزلتهم كالمجوس.
2- فی المصدر و فی جامع الروات فی ترجمة الثمالی: البلخیّ، و الظاهر أنّه وهم و الصحیح البجلیّ، ترجمه ابن حجر فی تقریب التهذیب: 522 و فی تهذیب التهذیب 10: 434 قال:
3- لعله شهر بن حوشب الأشعریّ الشامیّ مولی أسماء بنت یزید بن السكن المتوفّی سنة 112: و روایته عن الإمام الصّادق علیه السلام فی حیاة الحجاج غیر مستبعد، لانه علیه السلام كان عند وفاة الحجاج ابن 12 سنة فتأمل.
4- لعله حجاج بن یوسف الثقفی الامیر الظالم المبیر المتوفّی سنة 95.
5- فروع الكافی 1: 340.
6- للحدیث صدر تركه المصنّف هنا، و هو: قالا: ذكرنا له الكوفة و ما وضع علیها من الخراج و ما سار فیها أهل بیته، فقال: من أسلم طوعا تركت ارضه فی یده و اخذ منه العشر مما سقت السماء و الأنهار، و نصف العشر ممّا كان بالرشا فیما عمروه منها، و ما لم یعمروه منها اخذه الامام فقبله ممن یعمره، و كان للمسلمین و علی المتقبلین فی حصصهم العشر و نصف العشر، و لیس فی أقل من خمسة اوساق شی ء من الزكاة، و ما اخذ اه. و لعلّ الضمیر فی قوله: له، یرجع إلی الامام أبی الحسن الرضا علیه السلام و ابن اشیم هو علیّ بن أحمد بن اشیم.

صلی اللّٰه علیه و آله بِخَیْبَرَ قَبَّلَ سَوَادَهَا وَ بَیَاضَهَا یَعْنِی أَرْضَهَا وَ نَخْلَهَا وَ النَّاسُ یَقُولُونَ لَا یَصْلُحُ قَبَالَةُ الْأَرْضِ وَ النَّخْلِ وَ قَدْ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْبَرَ وَ عَلَی الْمُتَقَبِّلِینَ سِوَی قَبَالَةِ الْأَرْضِ الْعُشْرُ وَ نِصْفُ الْعُشْرِ فِی حِصَصِهِمْ وَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الطَّائِفِ أَسْلَمُوا وَ جَعَلُوا عَلَیْهِمُ الْعُشْرَ وَ نِصْفَ الْعُشْرِ وَ إِنَّ مَكَّةَ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْوَةً (1) فَكَانُوا أُسَرَاءَ فِی یَدِهِ فَأَعْتَقَهُمْ وَ قَالَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ (2).

«30»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِخَمْسَةِ أَسْیَافٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ فَلَا تُغْمَدُ حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَسَیْفٌ عَلَی مُشْرِكِی الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا یَعْنِی آمَنُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِی الدِّینِ (3) فَهَؤُلَاءِ لَا یُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَمْوَالُهُمْ وَ ذَرَارِیُّهُمْ سَبْیٌ عَلَی مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُ سَبَی وَ عَفَا وَ قَبِلَ الْفِدَاءَ وَ السَّیْفُ الثَّانِی عَلَی أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (4) نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ نَسَخَهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ قاتِلُوا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ لا یُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا یَدِینُونَ دِینَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّی یُعْطُوا الْجِزْیَةَ عَنْ یَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (5) فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْجِزْیَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَ مَا لَهُمْ فَیْ ءٌ وَ

ص: 181


1- فی نسخة: و ان مكّة فتحت عنوة.
2- فروع الكافی 1: 144.
3- هكذا فی الكتاب و مصدره، و الآیة هكذا: «فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِیلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» راجع التوبة: 5، و أمّا قوله: «فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِی الدِّینِ» هو الآیة 11، و الظاهر ان الوهم من الروات.
4- البقرة: 83.
5- التوبة: 30.

ذَرَارِیُّهُمْ سَبْیٌ وَ إِذَا قَبِلُوا الْجِزْیَةَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ حَرُمَ عَلَیْنَا سَبْیُهُمْ وَ حَرُمَتْ أَمْوَالُهُمْ وَ حَلَّتْ لَنَا مَنَاكِحُهُمْ (1) وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی دَارِ الْحَرْبِ حَلَّ لَنَا سَبْیُهُمْ وَ أَمْوَالُهُمْ وَ لَمْ تَحِلَّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَ لَمْ یُقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا الدُّخُولُ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْیَةُ أَوِ الْقَتْلُ وَ السَّیْفُ الثَّالِثُ سَیْفٌ عَلَی مُشْرِكِی الْعَجَمِ یَعْنِی التُّرْكَ وَ الدَّیْلَمَ وَ الْخَزَرَ (2) قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّی إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (3) فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ یَعْنِی بَعْدَ السَّبْیِ مِنْهُمْ وَ إِمَّا فِداءً (4) یَعْنِی الْمُفَادَاةَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهَؤُلَاءِ لَنْ یُقْبَلَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ أَوِ الدُّخُولُ فِی الْإِسْلَامِ وَ لَا یَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ مَا دَامُوا فِی دَارِ الْحَرْبِ (5).وَ الْخَبَرُ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ.

«31»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ بِسَرِیَّةٍ فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضَوُا الْجِهَادَ الْأَصْغَرَ وَ بَقِیَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ قَالَ جِهَادُ النَّفْسِ (6).

«32»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام مِثْلَهُ (7).

ص: 182


1- فی جواز نكاح أهل الذمّة خلاف بین أصحابنا و أكثرهم علی المنع فی الدائم و الجواز فی الانقطاع.
2- فی نسخة: و الخوز.
3- زاد فی النسختین المطبوعتین هنا: فاما قوله: «فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها» فاما قوله اه. و النسخة المخطوطة و المصدر خالیان عنه، و هو زیادة كما تری.
4- و الآیة فی سورة محمد: 4 و صدرها: فَإِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ.
5- فروع الكافی 1: 329.
6- فروع الكافی 1: 330.
7- نوادر الراوندیّ: 21.

«33»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ (1).

«34»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اعْتَمَّ أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِیُّ (2) وَ أَرْخَی عَذَبَةَ الْعِمَامَةِ مِنْ خَلْفِهِ بَیْنَ كَتِفَیْهِ ثُمَّ جَعَلَ یَتَبَخْتَرُ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذِهِ لَمِشْیَةٌ یُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَی إِلَّا عِنْدَ الْقِتَالِ (3).

بیان: عذبة كل شی ء طرفه و الاعتذاب أن یسبل للعمامة عذبتین من خلفها.

«35»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَیْدٍ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (4) فِی الْمُهَاجِرِینَ الَّذِینَ أَخْرَجَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ دِیَارِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ أُحِلَّ لَهُمْ جِهَادُهُمْ بِظُلْمِهِمْ إِیَّاهُمْ وَ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْقِتَالِ الْخَبَرَ (5).

«36»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا صَالَحَ الْأَعْرَابَ عَلَی أَنْ یَدَعَهُمْ فِی دِیَارِهِمْ وَ لَا یُهَاجِرُوا عَلَی إِنْ دَهِمَهُ مِنْ عَدُوِّهِ دَهْمٌ أَنْ یَسْتَنْفِرَهُمْ فَیُقَاتِلَ بِهِمْ وَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْغَنِیمَةِ نَصِیبٌ (6).

ص: 183


1- نوادر الراوندیّ: 9.
2- قال المقریزی فی الامتاع: 86، و قال صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: «ان الملائكة قد سومت فسوموا» فاعلموا بالصوف فی مغافرهم و قلانسهم، و كان أربعة یعلمون فی الزحوف، فكان حمزة معلما بریشة نعامة، و علی معلما بصوفة بیضاء، و الزبیر معلما بعصابة صفراء، و أبو دجانة معلما بعصابة حمراء.
3- نوادر الراوندیّ: 20.
4- الحجّ: 39.
5- فروع الكافی 1: 331. و الحدیث طویل راجعه.
6- فروع الكافی 1: 333 و 334 و الحدیث طویل راجعه.

بیان: فی القاموس الدهماء العدد الكثیر و دهمك كسمع و منع غشیك و أی الدهم هو أی أی الخلق هو.

«37»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ جَمِیعاً عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ بِالنِّسَاءِ فِی الْحَرْبِ حَتَّی یُدَاوِینَ الْجَرْحَی وَ لَمْ یَقْسِمْ لَهُنَّ مِنَ الْفَیْ ءِ وَ لَكِنَّهُ نَفَّلَهُنَّ (1).

«38»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَجْرَی الْخَیْلَ الَّتِی أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَصْبَاءِ (2) إِلَی مَسْجِدِ بَنِی زُرَیْقٍ وَ سَبَّقَهَا مِنْ ثَلَاثِ نَخَلَاتٍ فَأَعْطَی السَّابِقَ عَذْقاً وَ أَعْطَی الْمُصَلِّیَ عَذْقاً وَ أَعْطَی الثَّالِثَ عَذْقاً (3).

«39»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَجْرَی الْخَیْلَ وَ جَعَلَ سَبَقَهَا (4) أَوَاقِیَّ مِنْ فِضَّةٍ (5).

بیان: تضمیر الفرس و إضماره أن تعلفه حتی یسمن ثم ترده إلی القوت من الحصباء الظاهر أنه تصحیف الحفیا بالفاء قال فی النهایة فی حدیث السباق ذكر الحفیا بالمد و القصر موضع بالمدینة علی أمیال و بعضهم یقدم الیاء علی الفاء انتهی. (6)

ص: 184


1- فروع الكافی 1: 340.
2- فی المصدر: الحصی. و الظاهر ان كلاهما مصحفان.
3- فروع الكافی 1: 341.
4- السبق: ما یتراهن علیه المتسابقون.
5- فروع الكافی 1: 341.
6- و قال یاقوت فی معجم البلدان 2: 276: حفیاء بالفتح ثمّ السكون، و یاء و الف ممدود موضع قرب المدینة، اجری منه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الخیل فی السباق، قال الحازمی: ورواه غیره بالفتح والقصر ، وقال البخاری : قال سفیان : بین الحفیا إلی الثنیه خمسة أمیال أو ستة ، وقال ابن عقبة : ستة أو سبعة ، وقد ضبطه بعضهم بالضم والقصر وهو خطأ ، كذا قال عیاض وقال فی ٣٣٢ : حیفاء كأنه تأنیث ، وهو موضع بالمدینة. منه اجری النبی صلی اللّٰه علیه و آله الخیل فی المسابقة.

و بنو زریق خلق من الأنصار من ثلاث نخلات لعل كلمة من بمعنی علی كما فی قوله و نصرناه من القوم (1) أو للسببیة و المصلی الذی یلی السابق و العذق بالفتح النخلة بحملها.

«40»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ (2) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ (3) قَالَ الرَّمْیُ (4).

«41»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَزَاةً فَعَطِشَ النَّاسُ عَطَشاً شَدِیداً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مَنْ یَنْبَعِثُ (5) بِالْمَاءِ فَضَرَبَ النَّاسُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَی فَرَسٍ أَشْقَرَ بَیْنَ یَدَیْهِ قِرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ وَ بَارِكْ فِی الْأَشْقَرِ (6).

ص: 185


1- الأنبیاء: 77، تمام الآیة: «وَ نَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِینَ».
2- فی المصدر: طریف مهملة، و لعله تصحیف من الطابع، و الرجل هو الحسن بن ظریف ابن ناصح الكوفیّ أبو محمد، ثقة صاحب نوادر.
3- الأنفال: 60، ذكرنا أن تفسیر القوّة بالرمی من ذكر المصادیق.
4- فروع الكافی 1: 341.
5- فی المصدر و فی كتاب الجعفریات هل من مغیث بالماء.
6- نوادر الراوندیّ: 34. و فیه: اللّٰهمّ بارك فی الاشقر، ثمّ جاء رجل آخر علی فرس بین یدیه قربة من ماء فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: اللّٰهمّ بارك فی الاشقر، ثمّ قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: شقرها خیارها، و كمیتها صلابها، و دهمها ملوكها، فلعن اللّٰه من جزی عرافها و اذنابها مذابها! انتهی و الظاهر أن (جزی) مصحف (جزّ) و الحدیث یوجد فی كتاب الجعفریات: 86، و أحادیث نوادر الراوندیّ معظمها مستخرجة من الجعفریات.

«42»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزَاةٍ وَ مَعَهُ فَرَسٌ (1) وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَأْنِسُ إِلَی صَهِیلِهِ فَفَقَدَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَقَالَ مَا فَعَلَ فَرَسُكَ فَقَالَ اشْتَدَّ عَلَیَّ شِبَعُهُ (2) فَخَصَیْتُهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَثَّلْتَ بِهِ (3) الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی أَنْ یَقُومَ الْقِیَامَةُ (4) الْخَبَرَ (5).

«43»-عم، إعلام الوری قال أهل السیر و المفسرون إن جمیع ما غزا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بنفسه ست و عشرون غزوة و إن جمیع سرایاه التی بعثها و لم یخرج معها ست و ثلاثون سریة و قاتل صلی اللّٰه علیه و آله من غزواته فی تسع غزوات و هی بدر و أحد و الخندق و بنو قریظة و المصطلق و خیبر و الفتح و حنین و الطائف فأول سریة بعثها أنه بعث حمزة بن عبد المطلب (6) فی ثلاثین راكبا فساروا حتی بلغوا سِیفَ البحر من أرض جهینة (7) فلقوا أبا جهل بن هشام فی ثلاثین و مائة راكب من المشركین (8) فحجز بینهم مجدی (9) بن عمرو الجهنی فرجع الفریقان و لم یكن بینهما قتال.

ص: 186


1- فی الجعفریات: 87: ان رجلا من خرش كان مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و مع الخرشی فرس.
2- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: شغبه، و الشغب: تحریك الشر، و لعله كنایة عن شدة الشهوة، و فی الجعفریات: شغنه و هو مصحف، و الظاهر ان الكل مصحف و الصحیح (شبقه).
3- فی المصدر: مثلت به مثلت به. و فی الجعفریات: مه مه مثلت به.
4- فی المصدر و الجعفریات: إلی یوم القیامة.
5- نوادر الراوندیّ: 34، الجعفریات: 86 و 87.
6- فی الامتاع: و كان ذلك علی رأس سبعة أشهر من مقدمه المدینة. و فی سیرة ابن هشام ان رایة عبیدة بن الحارث كان اول رایة عقدها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی الإسلام ثمّ قال: بعض الناس یقول: كانت رایة حمزة اول رایة عقدها رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لاحد من المسلمین و ذلك أن بعثه و بعث عبیدة كانا معا، فشبه ذلك علی الناس.
7- فی سیرة ابن هشام و الامتاع: الی سیف البحر من ناحیة العیص، و العیص: من ناحیة ذی المروة علی ساحل البحر بطریق قریش التی كانوا یأخذون منها الی الشام. قاله یاقوت.
8- فی السیرة و الامتاع: فی ثلاثمائة راكب من أهل مكّة.
9- فی نسخة: عدی بن عمرو. و هو مصحف راجع السیرة 2: 230 و الامتاع: 51.

ثم غزا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أول غزوة غزاها فی صفر علی رأس اثنی عشر شهرا (1) من مَقْدَمِهِ المدینةَ حتی بلغ الأبواء یرید قریشا و بنی ضمرة ثم رجع و لم یلق كیدا فأقام بالمدینة بقیة صفر و صدرا من شهر ربیع الأول.

و بعث فی مقامه ذلك عبیدة بن الحارث فی ستین راكبا من المهاجرین لیس فیهم أحد من الأنصار و كان أول لواء عقده رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فالتقی هو و المشركون علی ماء یقال له أحیا (2) و كانت بینهم الرمایة و علی المشركین أبو سفیان بن حرب. (3) ثم غزا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی شهر ربیع الآخر (4) یرید قریشا حتی بلغ (5) بواط و لم یلق كیدا. (6) ثم غزا غزوة العشیرة (7) یرید قریشا حتی نزل العشیرة من بطن ینبع و أقام بها بقیة جمادی الأولی و لیالی من جمادی الآخرة و وادع فیها بنی مدلج و حلفاءهم من بنی ضمرة (8) فَرُوِیَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ رَفِیقَیْنِ

ص: 187


1- اشرنا قبل ذلك إلی خلاف فی ذلك و فی غیره.
2- فی الامتاع: أحیاء (بالمد) من بطن رابغ، و فی السیرة: حتی بلغ ماء بالحجاز باسفل ثنیة المرة.
3- قال فی الامتاع: و أبو سفیان فی مائتین.
4- فی سیرة ابن هشام و الامتاع: فی ربیع الأوّل، و زاد فی الأخیر: علی رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره.
5- بواط بضم الباء و فتح الواو مخففة، و عن بعض انه بالفتح و قد یضم، و فی الامتاع و السیرة انه من ناحیة رضوی، و عن الزرقانی انه جبل من جبال جهینة بقرب ینبع علی أربعة برد من المدینة، و عن السهیلی ان بواط جبلان فرعان لاصل واحد، أحدهما جلسی، و الآخر غوری، و رضوی بفتح فسكون: جبل بالمدینة علی أربعة برد من المدینة.
6- فی سیرة ابن هشام: فلبث بها بقیة شهر ربیع الآخر و بعض جمادی الأولی.
7- بالتصغیر.
8- لعل المراد جماعة من بنی ضمرة التی كانوا حلفاء لبنی مدلج و لم تكن و ادعوه فی غزوة الابواء.

فِی غَزْوَةِ الْعُشَیْرَةِ فَقَالَ لِی عَلِیٌّ هَلْ لَكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فِی هَذَا النَّفْرِ مِنْ بَنِی مُدْلِجٍ یَعْمَلُونَ فِی عَیْنٍ لَهُمْ (1) نَنْظُرُ كَیْفَ یَعْمَلُونَ فَأَتَیْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إِلَیْهِمْ سَاعَةً ثُمَّ غَشِیَنَا النَّوْمُ فَعَمَدْنَا إِلَی صَوْرٍ (2) مِنَ النَّخْلِ فِی دَقْعَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فَنِمْنَا فِیهِ فَوَ اللَّهِ مَا هَبَّنَا (3) إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ بِقَدَمِهِ فَجَلَسْنَا وَ قَدْ تَتَرَّبْنَا مِنْ تِلْكَ الدَّقْعَاءِ فَیَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَبَا تُرَابٍ لِمَا عَلَیْهِ مِنَ التُّرَابِ (4) فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْقَی النَّاسِ قُلْنَا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْمَرُ ثَمُودَ الَّذِی عَقَرَ النَّاقَةَ وَ الَّذِی یَضْرِبُكَ یَا عَلِیُّ عَلَی هَذِهِ وَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ حَتَّی یَبُلَّ مِنْهَا هَذِهِ وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی لِحْیَتِهِ.

ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْعُشَیْرَةِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَمْ یُقِمْ بِهَا عَشْرَ لَیَالٍ حَتَّی أَغَارَ كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِیُّ عَلَی سَرْحِ الْمَدِینَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی طَلَبِهِ حَتَّی بَلَغَ وَادِیاً یُقَالُ لَهُ سَفَوَانُ مِنْ نَاحِیَةِ بَدْرٍ وَ هِیَ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَی وَ حَامِلُ لِوَائِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ اسْتَخْلَفَ عَلَی الْمَدِینَةِ زَیْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَ فَاتَهُ كُرْزٌ فَلَمْ یُدْرِكْهُ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقَامَ جُمَادَی وَ رجب (رَجَباً) وَ شَعْبَانَ وَ كَانَ بَعَثَ (5) بَیْنَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ فِی ثَمَانِیَةِ رَهْطٍ فَرَجَعَ وَ لَمْ یَلْقَ كَیْداً.

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ (6) إِلَی نَخْلَةَ وَ قَالَ كُنْ بِهَا حَتَّی

ص: 188


1- ذكر الحدیث مسندا ابن هشام فی السیرة، و فیه اختلافات لفظیة مع ما ذكره المصنّف، و زاد فیه: و فی نخل.
2- الصور: النخل الصغار.
3- فی المصدر: ما اهبنا و هو الصحیح، أی ما ایقظنا.
4- فی السیرة: مالك یا أبا تراب، لما یری علیه من التراب، ثمّ قال: الا احدثكما بأشقی الناس رجلین؟ و فیه: احیمر.
5- ذكره ابن هشام بعد العشیرة. و ذكر عن بعض انه كان بعد بعث حمزة و ذكر انه خرج حتی بلغ الخرار من ارض الحجاز، و فی الامتاع: الخرار من الجحفة قریبا من خم.
6- فی السیرة: فی رجب مقفله من بدر الأولی، و فی الامتاع: فی رجب علی رأس سبعة عشر شهرا. أی من مهاجره. و فی الأول: و بعث معه ثمانیة رهط من المهاجرین لیس فیهم من الأنصار احد.

تَأْتِیَنَا بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ قُرَیْشٍ وَ لَمْ یَأْمُرْهُ بِقِتَالٍ وَ ذَلِكَ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ كَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ قَالَ اخْرُجْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَتَّی إِذَا سِرْتَ یَوْمَیْنِ فَافْتَحْ كِتَابَكَ وَ انْظُرْ فِیهِ (1) وَ امْضِ لِمَا أَمَرْتُكَ فَلَمَّا سَارَ یَوْمَیْنِ وَ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِیهِ أَنِ امْضِ حَتَّی تَنْزِلَ نَخْلَةَ فَتَأْتِیَنَا مِنْ أَخْبَارِ قُرَیْشٍ بِمَا یَصِلُ إِلَیْكَ مِنْهُمْ (2) فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ حِینَ قَرَأَ الْكِتَابَ سَمْعاً وَ طَاعَةً مَنْ كَانَ لَهُ رَغْبَةٌ فِی الشَّهَادَةِ فَلْیَنْطَلِقْ مَعِی فَمَضَی مَعَهُ الْقَوْمُ حَتَّی إِذَا نَزَلُوا نَخْلَةَ مَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِیِّ وَ الْحَكَمُ بْنُ كَیْسَانَ وَ عُثْمَانُ وَ الْمُغِیرَةُ (3) ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ مَعَهُمْ تِجَارَةٌ قَدِمُوا بِهَا مِنَ الطَّائِفِ أُدْمٌ وَ زَبِیبٌ فَلَمَّا رَآهُمُ الْقَوْمُ أَشْرَفَ لَهُمْ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (4) وَ كَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَقَالُوا عُمَّارٌ (5) لَیْسَ عَلَیْكُمْ مِنْهُمْ بَأْسٌ وَ ائْتَمَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَ هِیَ آخِرُ یَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ فَقَالُوا لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَتَقْتُلُونَهُمْ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ لَیَدْخُلُنَّ هَذِهِ اللَّیْلَةَ مَكَّةَ فَلَیَمْنَعُنَّ مِنْكُمْ فَأَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَی قَتْلِهِمْ فَرَمَی وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِیمِیُّ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِیِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَ اسْتَأْمَنَ (6) عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحَكَمُ بْنُ كَیْسَانَ وَ هَرَبَ الْمُغِیرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (7) فَأَعْجَزَهُمْ وَ اسْتَاقُوا الْعِیرَ فَقَدِمُوا بِهَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 189


1- فی المصدر: و انظر ما فیه.
2- ذكر ابن هشام فی السیرة: الكتاب هكذا: «إذا نظرت فی كتابی هذا فامض حتّی تنزل نخلة بین مكّة و الطائف فترصد بها قریشا و تعلم لنا من اخبارهم» و ذكره المقریزی فی الامتاع هكذا: «سر حتّی تأتی بطن نخلة علی اسم اللّٰه و بركاته، و لا تكرهن أحدا من أصحابك علی المسیر معك، و امض لامری فیمن تبعك حتّی تأتی بطن نخلة علی اسم اللّٰه و بركاته، فترصد بها عیر قریش ». أقول : بطن نخلة هو بستان ابن عامر الذی بقرب مكة.
3- فی السیرة و الامتاع: عثمان و نوفل ابنا عبد اللّٰه بن المغیرة المخزومیان.
4- فی السیرة و الامتاع: فأشرف لهم عكاشة بن محصن.
5- أی قوم عمّار أی معتمرون یریدون زیارة البیت الحرام.
6- لعل الصحیح: و استأسروا. و فی السیرة: و استأسر. و فی الامتاع: فاسروا.
7- الصحیح: نوفل بن عبد اللّٰه بن المغیرة. كما قدمناه.

فَقَالَ لَهُمْ وَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْقِتَالِ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ أَوْقَفَ الْأَسِیرَیْنِ وَ الْعِیرَ وَ لَمْ یَأْخُذْ مِنْهَا شَیْئاً وَ سُقِطَ فِی أَیْدِی الْقَوْمِ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا وَ قَالَتْ قُرَیْشٌ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ (1) الْآیَةَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَلِكَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْعِیرَ (2) وَ فِدَاءَ الْأَسِیرَیْنِ وَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ نَطْمَعُ لَنَا أَنْ یَكُونَ غَزَاةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِمْ إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هاجَرُوا إِلَی قَوْلِهِ أُولئِكَ یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ (3) الْآیَةَ وَ كَانَتْ هَذِهِ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَیْنِ. (4).

بیان: السیف بالكسر ساحل البحر و الأبواء بفتح الهمزة و سكون الباء و المد جبل بین مكة و المدینة و عنده بلد ینسب إلیه و قال الفیروزآبادی بواط كغراب جبال جهینة علی أبراد من المدینة منه غزوة بواط اعترض فیها صلی اللّٰه علیه و آله لعیر قریش و قال ذو العشیرة (5) موضع بناحیة ینبع غزوتها مشهورة و الصور بالفتح الجماعة من النخل و لا واحد له من لفظه و الدقعاء التراب و الأرض لا نبات بها و یقال هب من نومه یهب أی استیقظ و أهببته أنا و یقال سقط فی یدیه علی بناء المجهول أی ندم نطمع لنا أن یكون غزاة قالوا ذلك علی سبیل الیأس (6) أی لا نطمع ثواب الغزوة فیما فعلنا بل نرضی أن لا یكون

ص: 190


1- تقدم ذكر موضع الآیة فی صدر الباب.
2- فی المصدر: المال.
3- البقرة: 218.
4- إعلام الوری: 47 و 48 ط 1 و 83 و 84 ط 2.
5- ذكر قبلا انه بالتصغیر.
6- أو علی سبیل الرجاء، قال ابن هشام: فلما تجلی عن عبد اللّٰه بن جحش و أصحابه ما كانوا فیه- حین نزل القرآن- طمعوا فی الاجر، فقالوا یا رسول اللّٰه أ نطمع أن تكون لنا غزوة نعطی فیها أجر المجاهدین؟ فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ فیهم الآیة، فوضعهم اللّٰه عزّ و جلّ من ذلك علی أعظم الرجاء انتهی قال ابن هشام: قال ابن إسحاق: و قد ذكر بعض آل عبد اللّٰه بن جحش ان اللّٰه عزّ و جلّ قسم الفی ء حین احله فجعل أربعة اخماسه لمن افاءه: و خمسه إلی اللّٰه و رسوله فوقع علی ما كان عبداللّٰه بن جحش صنع فی تلك العیر (كان قسمه قبل ذلك كذلك) وقال ابن هشام : هی أول غنیمة غنمها المسلمون ، وعمرو بن الحضرمی اول من قتله المسلمون ، وعثمان بن عبداللّٰه والحكم بن كیسان اول من أسر المسلمون.

لنا وزر فرجاهم سبحانه رحمته بقوله أُولئِكَ یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ كما قال البیضاوی نزلت أیضا فی السریة لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فلیس لهم أجر.

«44»-نهج، نهج البلاغة فِی حَدِیثِهِ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَیْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَی الْعَدُوِّ مِنْهُ.

قال السید رضی اللّٰه عنه و معنی ذلك أنه كان إذا عظم الخوف من العدو و اشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلی قتال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بنفسه فینزل اللّٰه تعالی النصر علیهم به و یأمنون ما كانوا یخافونه بمكانه و قوله علیه السلام إذا احمر البأس كنایة عن اشتداد الأمر و قد قیل فی ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمی الحرب بالنار التی تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها و مما یقوی ذلك قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قد رأی مجتلد الناس (1) یوم حنین و هی حرب هوازن الآن حمی الوطیس و الوطیس مستوقد النار فشبه ما استحر من جلاد القوم باحتدام (2) النار و شدة التهابها (3).

«45»-فس، تفسیر القمی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ قُلْ قِتالٌ فِیهِ كَبِیرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ بَعَثَ السَّرَایَا إِلَی الطُّرُقَاتِ الَّتِی تَدْخُلُ مَكَّةَ تَتَعَرَّضُ لِعِیرِ قُرَیْشٍ حَتَّی بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَی نَخْلَةَ وَ هِیَ بُسْتَانُ بَنِی عَامِرٍ لِیَأْخُذُوا عِیرَ قُرَیْشٍ أَقْبَلَتْ مِنَ الطَّائِفِ عَلَیْهَا الزَّبِیبُ وَ الْأُدْمُ وَ الطَّعَامُ فَوَافَوْهَا وَ قَدْ نَزَلَتِ الْعِیرُ وَ فِیهِمْ عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِیِّ (4) وَ كَانَ

ص: 191


1- أی تضاربهم.
2- الاحتدام: شدة اتقاد النار.
3- نهج البلاغة ج 2: 26.
4- فی المصدر: عمرو بن عبد اللّٰه الحضرمی.

حَلِیفاً لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ فَلَمَّا نَظَرَ ابْنُ الْحَضْرَمِیِّ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَ أَصْحَابِهِ فَزِعُوا وَ تَهَیَّئُوا لِلْحَرْبِ وَ قَالُوا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَصْحَابَهُ أَنْ یَنْزِلُوا وَ یَحْلَقُوا رُءُوسَهُمْ فَنَزَلُوا وَ حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ فَقَالَ ابْنُ الْحَضْرَمِیِّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُمَّارٌ لَیْسَ عَلَیْنَا مِنْهُمْ بَأْسٌ فَاطْمَأَنُّوا وَ وَضَعُوا السِّلَاحَ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَقُتِلَ ابْنُ الْحَضْرَمِیِّ وَ أَفْلَتَ أَصْحَابُهُ وَ أَخَذُوا الْعِیرَ بِمَا فِیهَا وَ سَاقُوهَا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ (1) مِنْ رَجَبٍ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَعَزَلُوا الْعِیرَ وَ مَا كَانَ عَلَیْهَا فَلَمْ یَنَالُوا مِنْهَا شَیْئاً فَكَتَبَتْ قُرَیْشٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّكَ اسْتَحْلَلْتَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ سَفَكْتَ فِیهَا الدَّمَ وَ أَخَذْتَ الْمَالَ وَ كَثُرَ الْقَوْلُ فِی هَذَا (2) وَ جَاءَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یَحِلُّ الْقَتْلُ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ قُلْ قِتالٌ فِیهِ كَبِیرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ قَالَ الْقِتَالُ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ عَظِیمٌ وَ لَكِنَّ الَّذِی فَعَلَتْ بِكَ قُرَیْشٌ یَا مُحَمَّدُ مِنَ الصَّدِّ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَ إِخْرَاجِكَ مِنْهُ هُوَ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ یَعْنِی الْكُفْرَ بِاللَّهِ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ (3).

أقول: قال فی المنتقی فی حوادث السنة الثانیة من الهجرة فی هذه السنة تزوج علی بن أبی طالب علیهما السلام فاطمة علیها السلام بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی صفر للیال (4) بقین منه و بنی بها فی ذی الحجة و قد روی أنه تزوجها فی رجب بعد مقدم رسول اللّٰه

ص: 192


1- وهم من القمّیّ او من الروات او من النسّاخ، و الصحیح: فی آخر یوم من رجب.
2- فی المصدر: و أكثروا القول فی هذه.
3- تفسیر القمّیّ: 61 و 62. و الآیة فی البقرة: 184.
4- قال المقریزی أیضا فی الامتاع: 54 انه تزوج فی صفر علی رأس أحد عشر شهرا من مهاجره صلّی اللّٰه علیه و آله. و سیأتی الكلام فی ذلك فی محله.

صلی اللّٰه علیه و آله المدینة بخمسة أشهر و بنی بها مرجعه من بدر و الأول أصح و روی عن بعض أهل التاریخ أن تزویجها كان فی شهر ربیع الأول من سنه اثنتین من الهجرة و بنی بها فیها و ولدت الحسن علیه السلام فی هذه السنة و قیل بل ولد الحسن علیه السلام منتصف شهر رمضان من سنة ثلاث و الحسین علیه السلام فی سنة أربع و قیل كان بین ولادة الحسن علیه السلام و العلوق بالحسین علیه السلام خمسون لیلة و ولد الحسین علیه السلام للیال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

و فی هذه السنة كانت سریة عبد اللّٰه بن جحش (1) و فی هذه السنة حولت القبلة إلی الكعبة كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یصلی بمكة ركعتین بالغداة و ركعتین بالعشی فلما عرج به إلی السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان فی غیر المغرب للمسافر و للمقیم أربع ركعات (2) فلما هاجر النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة أمر أن یصلی نحو بیت المقدس لئلا یكذبه الیهود لأن نعته صلی اللّٰه علیه و آله فی التوراة أنه صاحب قبلتین و كانت الكعبة أحب القبلتین إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأمره اللّٰه تعالی أن یصلی إلی الكعبة قال محمد بن حبیب الهاشمی حولت فی الظهر یوم الثلاثاء للنصف من شعبان زار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أم بشر بن البراء بن معرور فی بنی سلمة فتغدی هو و أصحابه و جاءت الظهر فصلی بأصحابه فی مسجد القبلتین ركعتین من الظهر إلی الشام ثم أمر أن یستقبل الكعبة و هو راكع فی الركعة الثانیة فاستدار إلی الكعبة فدارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة فسمی مسجد القبلتین.

و قال الواقدی كان هذا یوم الإثنین للنصف من رجب علی رأس سبعة عشر شهرا و عن البراء علی رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا و عن السدی علی رأس ثمانیة عشر شهرا من مهاجره صلی اللّٰه علیه و آله. (3)

ص: 193


1- فی المصدر: و ذلك كان فی رجب علی رأس سبعة عشر من الهجرة، بعثه فی اثنی عشر رجلا من المهاجرین كل اثنین یعتقبان بعیرا الی بطن نخلة إه.
2- فی نسخة: و للمقیم أربع ركعات فی الثلاث.
3- كان الأولی ان یذكر تحول القبلة فی الباب الآتی.

و فی هذه السنة كان بناء مسجد قباء

روی عن أبی سعید الخدری قال لما صرفت القبلة إلی الكعبة أتی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مسجد قباء فقدم جدار المسجد إلی موضعه الیوم و أسسه بیده و نقل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه الحجارة لبنائه و كان یأتیه كل سبت ماشیا.

و قال أبو أیوب الأنصاری هو المسجد الذی أُسِّسَ عَلَی التَّقْوی و فی هذه السنة نزلت فریضة رمضان فی شعبان هذه السنة و أمر بزكاة الفطر علی ما

روی عن أبی سعید الخدری قال نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلی الكعبة بشهر فی شعبان علی رأس ثمانیة عشر شهرا من مهاجر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن یفرض الزكاة فی الأموال.

و فی هذه السنة خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم العید فصلی بالناس صلاة العید و حملت بین یدیه العنزة إلی المصلی فصلی إلیها.

و فی هذه السنة كانت غزوة بدر (1).

ص: 194


1- المنتقی فی مولود المصطفی: الباب الثانی فیما كان فی سنة اثنین من الهجرة. و ما ذكره المصنّف مختار منه.

باب 9 تحول القبلة

الآیات؛

البقرة: «سَیَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِی كانُوا عَلَیْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَی النَّاسِ وَ یَكُونَ الرَّسُولُ عَلَیْكُمْ شَهِیداً وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَی الَّذِینَ هَدَی اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ *قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِی السَّماءِ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَیْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَ إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ لَیَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ»(142-144)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: سَیَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ أی سوف یقول الجهال و هم الكفار الذین هم بعض الناس ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِی كانُوا عَلَیْها أی أی شی ء حولهم و صرفهم یعنی المسلمین عن بیت المقدس الذی كانوا یتوجهون إلیه فی صلاتهم و اختلف فی الذین قالوا ذلك فقال ابن عباس و غیره هم الیهود و قال الحسن هم مشركو العرب فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما تحول إلی الكعبة من بیت المقدس قالوا یا محمد رغبت عن قبلة آبائك ثم رجعت إلیها فلترجعن إلی دینهم و قال السدی هم المنافقون قالوا ذلك استهزاء بالإسلام و اختلف فی سبب مقالتهم ذلك فقیل إنهم قالوا ذلك علی وجه الإنكار للنسخ عن ابن عباس و قیل إنهم قالوا یا محمد ما ولاك عن قبلتك التی كنت علیها ارجع إلی قبلتنا نتبعك و نؤمن بك أرادوا بذلك فتنته عن ابن عباس أیضا و قیل إنما

ص: 195

قال ذلك مشركو العرب لیوهموا أن الحق ما هم علیه (1) قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ یتصرف فیها علی ما تقتضیه حكمته عن ابن عباس (2) كانت الصلاة إلی بیت المقدس بعد مقدم النبی صلی اللّٰه علیه و آله المدینة سبعة عشر شهرا و عن البراء بن عازب قال صلیت مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نحو بیت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم صرفنا نحو الكعبة أورده مسلم فی الصحیح (3) و عن أنس إنما كان ذلك تسعة أشهر أو عشرة أشهر و عن معاذ ثلاثة عشر شهرا

وَ رَوَاهُ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ (4) بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: تَحَوَّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَی الْكَعْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً (5) إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ بَعْدَ مُهَاجَرِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ صَلَّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ ثُمَّ وَجَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْكَعْبَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْیَهُودَ كَانُوا یُعَیِّرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَقُولُونَ أَنْتَ تَابِعٌ لَنَا تُصَلِّی إِلَی قِبْلَتِنَا فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً وَ خَرَجَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ یَنْظُرُ إِلَی آفَاقِ السَّمَاءِ یَنْتَظِرُ مِنَ اللَّهِ فِی ذَلِكَ أَمْراً فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ فِی مَسْجِدِ بَنِی سَالِمٍ قَدْ صَلَّی مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَیْنِ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَأَخَذَ بِعَضُدَیْهِ وَ حَوَّلَهُ إِلَی الْكَعْبَةِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِی السَّماءِ الْآیَةَ فَكَانَ صَلَّی (6) رَكْعَتَیْنِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ رَكْعَتَیْنِ إِلَی الْكَعْبَةِ فَقَالَتِ الْیَهُودُ وَ السُّفَهَاءُ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِی

ص: 196


1- فی المصدر: و أمّا الوجه فی الصرف عن القبلة الأولی ففیه قولان: أحدهما انه لما علم اللّٰه تعالی ذلك من تغیر المصلحة، و الآخر انه لما بینه سبحانه بقوله: «لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ» لانهم كانوا بمكّة امروا ان یتوجهوا إلی بیت المقدس لیتمیزوا من المشركین الذین كانوا یتوجهون إلی الكعبة، فلما انتقل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم الی المدینة كانت الیهود یتوجهون الی بیت المقدس فامروا بالتوجه إلی الكعبة لیتمیزوا من اولئك.
2- فی المصدر: و عن ابن عبّاس.
3- راجع صحیح مسلم 2: 66.
4- فی المصدر: و روی علیّ بن إبراهیم.
5- فی المصدر: ثلاث عشر سنة. و فیه: و بعد مهاجرته.
6- فی المصدر: و كان صلی.

كانُوا عَلَیْها.

قال الزجاج إنما أمر بالصلاة إلی بیت المقدس لأن مكة و بیت اللّٰه الحرام كانت العرب آلفة بحجها (1) فأحب اللّٰه (2) أن یمتحن القوم بغیر ما آلفوه لیظهر من یتبع الرسول ممن لا یتبعه (3) وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها قیل معنی كُنْتَ عَلَیْها صرت علیها و أنت علیها یعنی الكعبة و قیل و هو الأصح یعنی بیت المقدس أی ما صرفناك عن القبلة التی كنت علیها أو ما جعلنا القبلة التی كنت علیها فصرفناك عنها إِلَّا لِنَعْلَمَ أی لیعلم حزبنا من النبی و المؤمنین أو لیحصل المعلوم موجودا أو لنعاملكم معاملة المختبر أو لأعلم مع غیری مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ أی یؤمن به و یتبعه فی أقواله و أفعاله مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ أی الذین ارتدوا لما حولت القبلة أو المراد كل مقیم علی كفره وَ إِنْ كانَتْ أی القبلة أو التحویلة و مفارقة القبلة الأولی و قیل أی الصلاة لَكَبِیرَةً أی لثقیلة یعنی التحویلة إلی بیت المقدس لأن العرب لم تكن قبلة أحب إلیهم من الكعبة أو إلی الكعبة.

وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ قیل فیه أقوال أحدها أنه لما حولت القبلة قال ناس كیف بأعمالنا التی كنا نعمل فی قبلتنا الأولی فنزلت و قیل إنهم قالوا كیف بمن مات من إخواننا قبل ذلك و كان قد مات أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و كانا من النقباء فقال وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ أی صلاتكم إلی بیت المقدس و یمكن حمل الإیمان علی أصله. (4) و ثانیها أنه لما ذكر ما علیهم من المشقة فی التحویلة أتبعه بذكر ما لهم عنده بذلك من المثوبة و أنه لا یضیع ما عملوه من الكلفة

ص: 197


1- فی المصدر: لان مكّة بیت اللّٰه الحرام كانت العرب آلفة لحجها.
2- فی نسخة: فأوجب اللّٰه.
3- مجمع البیان 1: 222 و 223.
4- فی المصدر: علی اصله فی التصدیق ای لا یضیع تصدیقكم بأمر تلك القبلة.

و ثالثها أنه لما ذكر إنعامه علیهم بالتولیة إلی الكعبة ذكر السبب الذی استحقوا به ذلك الإنعام و هو إیمانهم بما حملوه أولا فقال وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ الذی استحققتم به تبلیغ محبتكم فی التوجه إلی الكعبة. (1) قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ أَحَبَّ الْقِبْلَتَیْنِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِجَبْرَئِیلَ وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ صَرَفَنِی عَنْ قِبْلَةِ الْیَهُودِ إِلَی غَیْرِهَا فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ وَ أَنْتَ كَرِیمٌ عَلَی رَبِّكَ فَادْعُ رَبَّكَ وَ سَلْهُ ثُمَّ ارْتَفَعَ جَبْرَئِیلُ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُدِیمُ النَّظَرَ إِلَی السَّمَاءِ رَجَاءَ أَنْ یَأْتِیَهُ جَبْرَئِیلُ بِالَّذِی سَأَلَ رَبَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ أَیْ قَدْ نَرَی تَقَلُّبَ وَجْهِكَ یَا مُحَمَّدُ فِی السَّمَاءِ لِانْتِظَارِ الْوَحْیِ فِی أَمْرِ الْقِبْلَةِ.

و فی سببه وجهان: (2) أحدهما أنه كان وعد بتحویل القبلة عن بیت المقدس فكان یفعل ذلك انتظارا و توقعا للموعود و الثانی أنه كان یكره قبلة بیت المقدس و یهوی قبلة الكعبة و كان لا یسأل اللّٰه ذلك لأنه لا یجوز للأنبیاء أن یسألوا اللّٰه شیئا من غیر أن یؤذن لهم فیه لأنه یجوز أن لا تكون فیه مصلحة فلا یجابون إلی ذلك فیكون ذلك فتنة لقومهم و اختلف فی سبب إرادته صلی اللّٰه علیه و آله تحویل القبلة إلی الكعبة فقیل لأن الكعبة كانت قبلة أبیه إبراهیم و قبلة آبائه و قیل لأن الیهود قالوا تخالفنا یا محمد فی دیننا و تتبع قبلتنا (3) و قیل إن الیهود قالوا ما دری محمد و أصحابه أین قبلتهم حتی هدیناهم و قیل كانت العرب یحبون الكعبة و یعظمونها غایة التعظیم فكان فی التوجه إلیها استمالة لقلوبهم لیكونوا أحرص علی الصلاة إلیها و كان صلی اللّٰه علیه و آله حریصا علی استدعائهم إلی الدین فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها أی تحبها محبة الطباع لا أنه كان یسخط القبلة الأولی وَ إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ أی علماء الیهود و النصاری لَیَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ أی تحویل القبلة حق مأمور به و إنما

ص: 198


1- مجمع البیان 1: 255.
2- فی المصدر: و قیل: فی سبب تقلیب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله وجهه فی السماء قولان.
3- فی المصدر: لان الیهود قالوا: یخالفنا محمّد فی دیننا و یتبع قبلتنا.

علموا ذلك لأنه كان فی بشارة الأنبیاء لهم أنه یكون نبی من صفاته كذا و كذا و كان فی صفاته أن یصلی إلی القبلتین (1) و روی أنهم قالوا عند التحویل ما أمرت بهذا یا محمد و إنما هو شی ء تبتدعه من تلقاء نفسك مرة إلی هنا (2) و مرة إلی هنا فأنزل اللّٰه هذه الآیة و بین أنهم یعلمون خلاف ما یقولون وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ أی لیس اللّٰه بغافل عما یعمل هؤلاء من كتمان صفة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و المعاندة (3) انتهی. (4) أقول سیأتی مزید توضیح و تفسیر للآیات فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه تعالی.

«1»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا صَرَفَ اللَّهُ نَبِیَّهُ إِلَی الْكَعْبَةِ عَنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ رَأَیْتَ صَلَاتَنَا الَّتِی كُنَّا نُصَلِّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ مَا حَالُنَا فِیهَا وَ حَالُ مَنْ مَضَی مِنْ أَمْوَاتِنَا وَ هُمْ یُصَلُّونَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ فَسَمَّی الصَّلَاةَ إِیمَاناً الْخَبَرَ (5).

«2»-یب، تهذیب الأحكام الطَّاطَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَتَی صُرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْكَعْبَةِ فَقَالَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ بَدْرٍ (6).

«3»-یب، تهذیب الأحكام الطَّاطَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ أَمَرَهُ بِهِ قَالَ نَعَمْ إِنَ

ص: 199


1- فی نسخة: انه یصلی الی القبلتین.
2- فی نسخة: مرة إلی هذا.
3- فی نسخة: و المعاندة له.
4- مجمع البیان 1: 227، أقول: ما ذكره المصنّف مختصر ممّا فی المصدر و مختار منه.
5- تفسیر العیّاشیّ ج 1: 63.
6- التهذیب 1: 145.

رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُقَلِّبُ وَجْهَهُ فِی السَّمَاءِ فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِی نَفْسِهِ فَقَالَ قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِی السَّماءِ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها (1).

بیان: قوله أمره (2) لعل غرض السائل أن القبلة الأولی أیضا كانت مأمورا بها قال نعم (3) و شرع فی بیان أمر آخر.

«4»-یب، تهذیب الأحكام الطَّاطَرِیُّ عَنْ وُهَیْبٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی سَیَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِی كانُوا عَلَیْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ فَقُلْتُ لَهُ اللَّهُ أَمَرَهُ أَنْ یُصَلِّیَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ نَعَمْ أَ لَا تَرَی أَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَی الَّذِینَ هَدَی اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ قَالَ إِنَّ بَنِی عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَتَوْهُمْ وَ هُمْ فِی الصَّلَاةِ قَدْ صَلَّوْا (4) رَكْعَتَیْنِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَقِیلَ لَهُمْ إِنَّ نَبِیَّكُمْ قَدْ صُرِفَ إِلَی الْكَعْبَةِ فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ وَ جَعَلُوا الرَّكْعَتَیْنِ الْبَاقِیَتَیْنِ إِلَی الْكَعْبَةِ فَصَلَّوْا صَلَاةً وَاحِدَةً إِلَی قِبْلَتَیْنِ فَلِذَلِكَ سُمِّیَ مَسْجِدُهُمْ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَیْنِ (5).

«5»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ فَكَانَ یَجْعَلُ الْكَعْبَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَلَا وَ أَمَّا إِذَا هَاجَرَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَنَعَمْ حَتَّی حُوِّلَ إِلَی الْكَعْبَةِ (6).

ص: 200


1- التهذیب 1: 145 و 146.
2- الظاهر ان الحدیث متحد مع یأتی، و احدهما نقل بالمعنی فوقع اختلاف فی اللفظ و اضطراب فی المعنی.
3- فی نسخة: فأنعم علیه السلام. أقول أی قال: نعم.
4- فی المصدر: و قد صلوا.
5- التهذیب 1: 146.
6- فروع الكافی 1: 79.

«6»-یه، من لا یحضر الفقیه صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْبَیْتِ الْمُقَدَّسِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمَكَّةَ وَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْراً بِالْمَدِینَةِ ثُمَّ عَیَّرَتْهُ الْیَهُودُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّكَ تَابِعٌ لِقِبْلَتِنَا فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً فَلَمَّا كَانَ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ (1) خَرَجَ صلی اللّٰه علیه و آله یُقَلِّبُ وَجْهَهُ فِی آفَاقِ السَّمَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّی الْغَدَاةَ فَلَمَّا صَلَّی مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَیْنِ جَاءَهُ جِبْرِیلُ فَقَالَ لَهُ قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِی السَّماءِ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها الْآیَةَ ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَی الْكَعْبَةِ وَ حَوَّلَ مَنْ خَلْفَهُ وُجُوهَهُمْ حَتَّی قَامَ الرِّجَالُ مَقَامَ النِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ مَقَامَ الرِّجَالِ فَكَانَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ آخِرُهَا إِلَی الْكَعْبَةِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ مَسْجِداً بِالْمَدِینَةِ وَ قَدْ صَلَّی أَهْلُهُ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَتَیْنِ فَحَوَّلُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَكَانَ أَوَّلُ صَلَاتِهِمْ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ آخِرُهَا إِلَی الْكَعْبَةِ فَسُمِّیَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَیْنِ (2) فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ صَلَاتُنَا إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ تَضِیعُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ یَعْنِی صَلَاتَكُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ قَدْ أَخْرَجْتُ الْخَبَرَ فِی ذَلِكَ عَلَی وَجْهِهِ فِی كِتَابِ النُّبُوَّةِ (3).

أقول: سیأتی

فِی تَفْسِیرِ النُّعْمَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا بُعِثَ كَانَتِ الصَّلَاةُ إِلَی قِبْلَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ سُنَّةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ.

و قد أخبرنا اللّٰه فی كتابه بما قصه فی ذكر موسی علیه السلام أن یجعل بیته قبلة و هو قوله وَ أَوْحَیْنا إِلی مُوسی وَ أَخِیهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُیُوتاً وَ اجْعَلُوا بُیُوتَكُمْ قِبْلَةً (4) و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی أول مبعثه یصلی إلی بیت المقدس جمیع أیام مقامه (5) بمكة و بعد هجرته إلی المدینة بأشهر فعیرته الیهود و قالوا إنك تابع لقبلتنا فأحزن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذلك منهم فأنزل اللّٰه تعالی

ص: 201


1- فی نسخة من المصدر: فی نصف اللیل.
2- فی نسخة من المصدر: ذو القبلتین.
3- من لا یحضره الفقیه 1: 88.
4- یونس: 87.
5- فی المصدر: جمیع أیّام بقائه بمكّة.

علیه و هو یقلب وجهه فی السماء و ینتظر الأمر قَدْ نَری تَقَلُّبَ وَجْهِكَ إلی قوله لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَیْكُمْ حُجَّةٌ یعنی الیهود فی هذا الموضع ثم أخبرنا اللّٰه عز و جل ما العلة (1) التی من أجلها لم یحول قبلته من أول مبعثه فقال تبارك و تعالی وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ یَنْقَلِبُ عَلی عَقِبَیْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَی الَّذِینَ هَدَی اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ فسمی سبحانه الصلاة هاهنا إیمانا (2).

باب 10 غزوة بدر الكبری

الآیات؛

آل عمران: «قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلی جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ* قَدْ كانَ لَكُمْ آیَةٌ فِی فِئَتَیْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ أُخْری كافِرَةٌ یَرَوْنَهُمْ مِثْلَیْهِمْ رَأْیَ الْعَیْنِ وَ اللَّهُ یُؤَیِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ یَشاءُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِی الْأَبْصارِ»(12-13)

(و قال سبحانه): «وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِینَ أَ لَنْ یَكْفِیَكُمْ أَنْ یُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِینَ» (3) (123-124)

النساء: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ یَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْیَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ

ص: 202


1- فی المصدر: بالعلة.
2- المحكم و المتشابه: 12 و 13. أقول قد أشرنا إلی مواضع الآیات فی صدر الباب و قد تقدم عن المنتقی فی الباب السابق ما یناسب الباب.
3- من هنا وقعت المقابلة علی نسخة المصنّف و هی النسخة الاصلیة.

خَشْیَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْیا قَلِیلٌ وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِمَنِ اتَّقی وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِیلًا* أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ حَدِیثاً»(77-78)

الأنفال: «یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ (إلی قوله سبحانه): كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَیْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لَكارِهُونَ* یُجادِلُونَكَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَیَّنَ كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ* وَ إِذْ یَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَیْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَ یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ یَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِینَ* لِیُحِقَّ الْحَقَّ وَ یُبْطِلَ الْباطِلَ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ* إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّی مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ* وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْری وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ* إِذْ یُغَشِّیكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ یُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ یُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ وَ لِیَرْبِطَ عَلی قُلُوبِكُمْ وَ یُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ* إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا سَأُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ یُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ* ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَ أَنَّ لِلْكافِرِینَ عَذابَ النَّارِ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ* وَ مَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَه إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَیِّزاً إِلی فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ* فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ* ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَیْدِ الْكافِرِینَ* إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَیْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِیَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَیْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَ

ص: 203

اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ»(1-19)

(و قال سبحانه): «إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِیَصُدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ فَسَیُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَیْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ یُغْلَبُونَ»(36)

(إلی قوله تعالی): «لِیَمِیزَ اللَّهُ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَ یَجْعَلَ الْخَبِیثَ بَعْضَهُ عَلی بَعْضٍ فَیَرْكُمَهُ جَمِیعاً فَیَجْعَلَهُ فِی جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ* قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ یَنْتَهُوا یُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَ إِنْ یَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِینَ»(37-38)

(و قال سبحانه): «وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلی عَبْدِنا یَوْمَ الْفُرْقانِ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْیا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوی وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِی الْمِیعادِ وَ لكِنْ لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ* إِذْ یُرِیكَهُمُ اللَّهُ فِی مَنامِكَ قَلِیلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِیراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِی الْأَمْرِ وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ* وَ إِذْ یُرِیكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَیْتُمْ فِی أَعْیُنِكُمْ قَلِیلًا وَ یُقَلِّلُكُمْ فِی أَعْیُنِهِمْ لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَ إِلَی اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا لَقِیتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِیحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ* وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ اللَّهُ بِما یَعْمَلُونَ مُحِیطٌ* وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ* إِذْ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِینُهُمْ وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ* وَ لَوْ تَری إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ* ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ»(41-51)

(و قال سبحانه): «ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری حَتَّی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ تُرِیدُونَ

ص: 204

عَرَضَ الدُّنْیا وَ اللَّهُ یُرِیدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ* لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِیما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ*فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَیِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ* یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ* وَ إِنْ یُرِیدُوا خِیانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ»(67-71)

الحج: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ فَالَّذِینَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ»(19)

تفسیر: قوله تعالی «قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا»

قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُرَیْشاً بِبَدْرٍ وَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ جَمَعَ الْیَهُودَ فِی سُوقِ قَیْنُقَاعَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ احْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مِثْلَ الَّذِی نَزَلَ بِقُرَیْشٍ یَوْمَ بَدْرٍ وَ أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ بِكُمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ وَ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّی نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَ تَجِدُونَ ذَلِكَ فِی كِتَابِكُمْ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ لَا یَغُرَّنَّكَ أَنَّكَ لَقِیتَ قَوْماً أَغْمَاراً (1) لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ فَأَصَبْتَ مِنْهُمْ فُرْصَةً أَنَّا وَ اللَّهِ لَوْ قَابَلْنَاكَ لَعَرَفْتَ إِنَّا نَحْنُ النَّاسُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ- و روی أیضا عن عكرمة و ابن جبیر عن ابن عباس و رواه أصحابنا أیضا.

و قیل نزلت فی مشركی مكة ستغلبون یوم بدر عن مقاتل و قیل نزلت فی الیهود لما قتل الكفار ببدر و هزموا قالت الیهود إنه النبی الأمی الذی بشرنا به موسی صلی اللّٰه علیه و آله و نجده فی كتابنا بنعته و صفته و إنه لا ترد له رایة ثم قال بعضهم لبعض لا تعجلوا حتی تنظروا إلی وقعة أخری فلما كان یوم أحد و نكب (2) أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله شكوا و قالوا لا و اللّٰه ما هو هذا (3) فغلب علیهم الشقاء فلم یسلموا و قد كان بینهم و بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عهد إلی مدة (4) فنقضوا ذلك العهد

ص: 205


1- الاغمار جمع الغمر بالتثلیث: الجاهل و من لم یجرب الأمور.
2- أی اصابوا النكبة. و النكبة: المصیبة.
3- فی المصدر: ما هو به.
4- فی المصدر: عهد إلی مدة لم تنقض.

قبل أجله و انطلق كعب بن الأشرف (1) إلی مكة فی ستین راكبا فوافقهم و أجمعوا أمرهم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لتكونن كلمتنا واحدة ثم رجعوا إلی المدینة فأنزل اللّٰه فیهم هذه الآیة عن الكلبی عن أبی صالح عن ابن عباس. (2) و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی قَدْ كانَ لَكُمْ آیَةٌ نزلت الآیة فی قصة بدر و كانت المسلمون ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا علی عدة أصحاب طالوت الذین جاوزوا معه النهر سبعة و سبعون رجلا من المهاجرین و مائتان و ستة و ثلاثون رجلا من الأنصار و كان صاحب لواء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و المهاجرین علی بن أبی طالب علیهما السلام و صاحب رایة الأنصار سعد بن عبادة (3) و كانت الإبل فی جیش رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سبعین بعیرا و الخیل فرسین فرس للمقداد بن الأسود و فرس لمرثد بن أبی مرثد و كان معهم من السلاح ستة أدرع و ثمانیة سیوف و جمیع من استشهد یومئذ أربعة عشر ستة من المهاجرین و ثمانیة من الأنصار و اختلف فی عدة المشركین فروی عن علی علیه السلام و ابن مسعود أنهم كانوا ألفا و عن قتادة و عروة بن الزبیر و الربیع كانوا بین تسعمائة إلی ألف و كان خیلهم مائة فرس و رئیسهم عتبة بن ربیعة بن عبد شمس و كان حرب بدر أول مشهد شهده رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان سبب ذلك عیر أبی سفیان و الخطاب فی الآیة للیهود الذین نقضوا العهد أو للناس جمیعا ممن حضر الوقعة و قیل للمشركین و الیهود آیَةٌ أی حجة و علامة و معجزة دالة علی صدق محمد صلی اللّٰه علیه و آله فِی فِئَتَیْنِ الْتَقَتا أی فرقتین اجتمعتا ببدر من المسلمین و الكافرین فِئَةٌ تُقاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أی فی دینه و طاعته و هم الرسول و أصحابه وَ أُخْری أی و فرقة أخری كافِرَةٌ و هم مشركو أهل مكة یَرَوْنَهُمْ مِثْلَیْهِمْ رَأْیَ الْعَیْنِ أی فی ظاهر العین و اختلف فی معناه فقیل معناه یری المسلمون المشركین مثلی عدد

ص: 206


1- هو من الیهود الذین یحقدون علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، كان من طیئ ثمّ احد بنی نبهان و أمه من بنی النضیر.
2- مجمع البیان 2: 413.
3- و قال فی ص 498 و قیل: سعد بن معاذ.

أنفسهم قللهم اللّٰه فی أعینهم حتی رأوهم ستمائة و ستة و عشرین رجلا تقویة لقلوبهم و ذلك أن المسلمین قد قیل لهم فَإِنْ یَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ یَغْلِبُوا مِائَتَیْنِ فأراهم اللّٰه عددهم حسب ما حد لهم من العدد الذی یلزمهم أن یقدموا علیهم و لا یحجموا عنهم و قد كانوا ثلاثة أمثالهم ثم ظهر العدد القلیل علی العدد الكثیر عن ابن مسعود و جماعة من العلماء و قیل الرؤیة للمشركین یعنی یری المشركون المسلمین ضعفی ما هم علیه فإن اللّٰه تعالی قبل القتال قلل المسلمین فی أعینهم لیجترءوا علیهم و لا یتفرقوا (1) فلما أخذوا فی القتال كثرهم فی أعینهم لیجبنوا و قلل المشركین فی أعین المسلمین لیجترءوا علیهم و تصدیق ذلك قوله تعالی وَ إِذْ یُرِیكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَیْتُمْ فِی أَعْیُنِكُمْ قَلِیلًا وَ یُقَلِّلُكُمْ فِی أَعْیُنِهِمْ الآیة و ذلك أحسن أسباب النصر للمؤمنین و الخذلان للكافرین و هذا قول السدی و هذا القول إنما یتأتی علی قراءة من قرأ بالیاء فأما قول من قرأ بالتاء فلا یحتمله إلا القول الأول علی أن یكون الخطاب للیهود الذین لم یحضروا و هم المعنیون بقوله قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ و هم یهود بنی قینقاع فكأنه قال ترون أیها الیهود المشركین مثلی المسلمین مع أن اللّٰه أظفرهم علیهم فلا تغتروا بكثرتكم و اختار البلخی هذا الوجه و یكون الخطاب (2) للمسلمین الذین حضروا الوقعة أی ترون أیها المسلمون المشركین مثلی المسلمین قال الفراء یحتمل قوله یَرَوْنَهُمْ مِثْلَیْهِمْ یعنی ثلاثة أمثالهم (3) و المعنی ترونهم مثلیهم مضافا إلیهم فذلك ثلاث أمثالهم قال و المعجز فیه إنما كان من جهة غلبة القلیل الكثیر. (4)

ص: 207


1- فی المصدر: و لا ینصرفوا.
2- فی المصدر: أو یكون الخطاب.
3- فی المصدر: لانك إذا قلت: عندی الف و أحتاج إلی مثلها فأنت تحتاج إلی الفین، لانك ترید أحتاج إلی مثلها مضافا إلیها لا بمعنی بدلا منها، فكانك قلت: أحتاج إلی مثلیها، و إذا قلت: أحتاج إلی مثلیها فانت تحتاج إلی ثلاثة آلاف، فكذلك فی الآیة المعنی یرونهم إه. أقول: ذلك قول بعید لا یساعده الظاهر.
4- زاد فی المصدر هنا: و انكر هذا الوجه الزجاج لمخالفته لظاهر الكلام، و ما جاء فی آیة الأنفال من تقلیل الاعداد.

فإن قیل كیف یصح تقلیل الأعداد مع حصول الرؤیة و ارتفاع الموانع و هل هذا إلا قول من یجوز أن یكون عنده أجسام لا یدركها أو یدرك بعضها دون بعض قلنا یحتمل التقلیل (1) فی أعین المؤمنین بأن یظنوهم قلیلی العدد لا أنهم أدركوا بعضهم دون بعض لأن العلم بما یدركه الإنسان جملة غیر العلم بما یدركه مفصلا و لأنا قد ندرك جمعا عظیما بأسرهم و نشك فی أعدادهم حتی یقع الخلاف فی حرز عددهم. (2) و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ أی بتقویة قلوبكم و بما أمدكم به من الملائكة و بإلقاء الرعب فی قلوب أعدائكم وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ أی ضعفاء عن المقاومة قلیلو العدد و العدة

وَ یُرْوَی عَنْ بَعْضِ الصَّادِقِینَ علیهما السلام أَنَّهُ قَرَأَ وَ أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ.

و قال لا یجوز وصفهم بأنهم أذلة و فیهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ

هُوَ إِخْبَارٌ بِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِقَوْمِهِ أَ لَنْ یَكْفِیَكُمْ یَوْمَ بَدْرٍ أَنْ جَعَلَ رَبُّكُمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَدَداً لَكُمْ.

و قال ابن عباس و غیره إن الإمداد بالملائكة كان یوم بدر و قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة إلا یوم البدر و كانوا فی غیره من الأیام عدة و مددا و قال الحسن كان جمیعهم خمسة آلاف فمعناه یمددكم ربكم بتمام خمسة آلاف و قال غیره كانوا ثمانیة آلاف فمعناه بخمسة آلاف أخر و قیل إن الوعد بالإمداد بالملائكة كان یوم أحد وعدهم اللّٰه المدد إن صبروا مُنْزَلِینَ أنزلهم اللّٰه من السماء إلی الأرض لنصرتكم. (3) أقول: سیأتی تتمة تلك الآیات فی غزوة أحد.

و فی قوله مُسَوِّمِینَ (4) قال عروة نزلت الملائكة یوم بدر علی خیل بلق علیهم عمائم صفر و

قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَتْ عَلَیْهِمْ عَمَائِمُ بِیضٌ أَرْسَلُوا

ص: 208


1- فی المصدر: یحتمل أن یكون التقلیل.
2- مجمع البیان 2: 415 و 416.
3- مجمع البیان 2: 498 و 499، و المصنّف اختار منه.
4- لم یذكر هذه الآیة فی الآیات و هی: «بَلی إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ یَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا یُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ» قال الطبرسیّ: «وَ یَأْتُوكُمْ» یعنی المشركین ان رجعوا إلیكم « من فورهم هذا » أی من وجههم هذا ، عن ابن عباس والحسن وقتادة والربیع والسدی ، وعلی هذا فانما هو من فور الابتدار لهم وهو ابتداؤه ، وقیل : معناه من غضبهم هذا ، عن مجاهد وأبی صالح والضحاك ، وكانوا قد غضبوا یوم احد لیوم بدر مما لقوا ، فهو من فور الغضب وهو غلیانه اه. یأتی تمامه فی غزوة احد. وقال فی ( مسومین ) : بالكسر ای معلمین أعلموا انفسهم ، و ( مسومین ) بالفتح سومهم اللّٰه ای علمهم ، قال ابن عباس والحسن وقتادة وغیرهم : كانوا اعلموا بالصوف فی نواحی الخیل واذنابها.

أَذْنَابَهَا بَیْنَ أَكْتَافِهِمْ.

و قیل مسومین أی مرسلین. (1) و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ قال الكلبی نزلت فی عبد الرحمن بن عوف الزهری و المقداد بن الأسود الكندی و قدامة بن مظعون الجمحی (2) و سعد بن أبی وقاص و كانوا یلقون من المشركین أذی شدیدا و هم بمكة قبل أن یهاجروا إلی المدینة فیشكون إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یقولون یا رسول اللّٰه ائذن لنا فی قتال هؤلاء فإنهم قد آذونا فلما أمروا بالقتال و بالمسیر إلی بدر شق علی بعضهم فنزلت الآیة كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ أی أمسكوا عن قتال الكفار فإنی لم أؤمر بقتالهم فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ و هم بالمدینة إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ أی جماعة منهم یَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْیَةِ اللَّهِ أی یخافون القتل من الناس كما یخافون الموت من اللّٰه (3) و قیل یخافون عقوبة الناس بالقتل كما یخافون عقوبة اللّٰه أَوْ أَشَدَّ خَشْیَةً قیل أو هنا بمعنی الواو و قیل لإبهام الأمر علی المخاطب وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ قال الحسن لم یقولوا ذلك كراهة (4) لأمر اللّٰه تعالی و لكن

ص: 209


1- مجمع البیان 2: 499 فیه: قال السدی: معنی (مسومین) مرسلین من الناقة المرسلة ای المرسلة فی المرعی.
2- الزهری بضم فسكون نسبة إلی زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤی. و الكندی بكسر فسكون: نسبة إلی كندة و هی قبیلة كبیرة من الیمن. و الجمحی بضم ففتح: نسبة إلی بنی جمح و هم بطن من قریش، و هو جمح بن عمرو بن هصیص بن كعب بن لؤی.
3- زاد هنا فی المصدر: و قیل: یخافون الناس أن یقتلوهم كما یخافون اللّٰه أن یتوفاهم.
4- فی المصدر: كراهیة.

لدخول الخوف علیهم بذلك علی ما یكون من طبع البشر و یحتمل أن یكون قالوا (1) ذلك استفهاما لا إنكارا و قیل إنما قالوا ذلك لأنهم ركنوا إلی الدنیا و آثروا نعیمها لَوْ لا أَخَّرْتَنا أی هلا أخرتنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ و هو إلی أن نموت بآجالنا و الفتیل ما تفتله بیدك من الوسخ ثم تلقیه عن ابن عباس و قیل ما فی شق النواة لأنه كالخیط المفتول و البروج القصور و قیل بروج السماء و قیل البیوت التی فوق الحصون و قیل الحصون و القلاع و المشیدة المجصصة أو المزینة و قیل المطولة فی ارتفاع وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ یَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قیل القائلون هم الیهود قالوا ما زلنا نعرف النقص فی ثمارنا و مزارعنا منذ قدم علینا هذا الرجل فالمراد بالحسنة الخصب و المطر و بالسیئة الجدب و القحط و قیل هم المنافقون عبد اللّٰه بن أبی و أصحابه الذین تخلفوا عن القتال یوم أحد قالوا (2) للذین قتلوا فی الجهاد لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا فالمعنی إن یصبهم ظفر و غنیمة قالوا هذه من عند اللّٰه و إن یصبهم مكروه و هزیمة قالوا هذه من عندك و بسوء تدبیرك و قیل هو عام فی الیهود و المنافقین و قیل هو حكایة عمن سبق ذكرهم قبل الآیة و هم الذین یقولون رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ (3) قوله تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف المفسرون فی الأنفال هاهنا فقیل هی الغنائم التی غنمها النبی صلی اللّٰه علیه و آله یوم بدر عن ابن عباس و صحت الروایة

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُمَا قَالا إِنَّ الْأَنْفَالَ كُلُّ مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِغَیْرِ قِتَالٍ وَ كُلُّ أَرْضٍ انْجَلَی أَهْلُهَا عَنْهَا بِغَیْرِ قِتَالٍ وَ مِیرَاثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَ قَطَائِعُ الْمُلُوكِ إِذَا كَانَتْ فِی أَیْدِیهِمْ مِنْ غَیْرِ غَصْبٍ وَ الْآجَامُ وَ بُطُونُ الْأَوْدِیَةِ وَ الْأَرَضُونَ الْمَوَاتُ-.

و غیر ذلك مما هو مذكور فی مواضعه و

قَالا هِیَ لِلَّهِ

ص: 210


1- فی المصدر: أن یكونوا قالوا.
2- فی المصدر: و قالوا.
3- مجمع البیان 3: 77 و 78. و المنقول فی الكتاب مختصر و مختار من المصدر.

وَ لِلرَّسُولِ وَ بَعْدَهُ لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ یَصْرِفُهُ حَیْثُ یَشَاءُ مِنْ مَصَالِحِ نَفْسِهِ لَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهِ شَیْ ءٌ.

وَ قَالا إِنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ كَانَتْ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله خَاصَّةً فَسَأَلُوهُ أَنْ یُعْطِیَهُمْ.

و قد صح أن قراءة أهل البیت یسألونك الأنفال فقال سبحانه قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ و كذلك ابن مسعود و غیره إنما قرءوا كذلك علی هذا التأویل فعلی هذا فقد اختلفوا فی كیفیة سؤالهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال هؤلاء إن أصحابه سألوه أن یقسم غنیمة بدر بینهم فأعلمه اللّٰه (1) سبحانه أن ذلك لله و لرسوله دونهم و لیس لهم فی ذلك شی ء و روی ذلك أیضا عن ابن عباس و غیره (2) و قالوا إن عن صلة و معناه یسألونك الأنفال أن تعطیهم و یؤید هذا القول قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ إلی آخر الآیة ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم هی منسوخة بآیة الغنیمة و قیل لیست بمنسوخة و هو الصحیح (3) و قال آخرون إنهم سألوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن حكم الأنفال و علمها أنها لمن هی (4) و قال آخرون إنهم سألوه عن الغنائم و قسمتها و أنها حلال أم حرام كما كانت حراما علی من قبلهم فبین لهم أنها حلال و اختلفوا أیضا فی سبب سؤالهم فقال

ابن عباس إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال یوم بدر من جاء بكذا فله كذا و من جاء بأسیر فله كذا فتسارع الشبان و بقی الشیوخ تحت الرایات فلما انقضی الحرب طلب الشبان ما كان قد نفلهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله به فقال الشیوخ كنا ردا لكم (5) و لو وقعت علیكم الهزیمة لرجعتم إلینا و جری بین أبی الیسر بن عمرو الأنصاری أخی بنی سلمة و بین سعد بن معاذ كلام فنزع اللّٰه تعالی الغنائم منهم و جعلها لرسوله یفعل بها ما

ص: 211


1- فی المصدر: فأعلمهم اللّٰه.
2- و هم ابن جریح و الضحّاك و عكرمة و الحسن و اختاره الطبریّ. راجع المصدر.
3- علله فی المصدر بقوله: لان النسخ یحتاج إلی دلیل و لا تنافی بین هذه الآیة و آیة الخمس.
4- فی المصدر: عن حكم الأنفال و عملها فقالوا: لمن الأنفال، و تقدیره «یسألونك عن الأنفال لمن هی» و لهذا جاء الجواب بقوله: «قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ» انتهی أقول: لعل عملها مصحف علمها.
5- الردء: الناصر و العون.

یشاء فقسمها بینهم بالسویة و قال عبادة بن الصامت اختلفنا فی النفل و ساءت فیه أخلاقنا فنزعه اللّٰه من أیدینا فجعله إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقسمه بیننا علی السواء و كان ذلك فی تقوی اللّٰه و طاعته و صلاح ذات البین.

و قال سعد بن أبی وقاص قتل أخی عمیر یوم بدر فقتلت سعید بن العاص بن أمیة و أخذت سیفه و كان یسمی ذا الكتیفة فجئت به إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و استوهبته منه فقال لیس هذا لی و لا لك اذهب فاطرحه فی القبض (1) فطرحت و رجعت و بی ما لا یعلمه إلا اللّٰه من قتل أخی و أخذ سلبی (2) و قلت عسی أن یعطی هذا لمن لم یبل ببلائی فما جاوزت إلا قلیلا حتی جاءنی الرسول و قد أنزل اللّٰه تعالی یَسْئَلُونَكَ الآیة فخفت أن یكون قد نزل فی شی ء فلما انتهیت إلی رسول اللّٰه قال یا سعد إنك سألتنی السیف و لیس لی و إنه قد صار لی فاذهب و خذه فهو لك.

و قال علی بن طلحة عن ابن عباس كانت الغنائم لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خاصة لیس لأحد فیها شی ء و ما أصاب سرایا المسلمین من شی ء أتوه به فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول (3) فسألوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یعطیهم منها فنزلت الآیة و قال ابن جریح اختلف من شهد بدرا من المهاجرین و الأنصار فی الغنیمة و كانوا ثلاثا فنزلت الآیة و ملكها اللّٰه رسوله یقسمها كما أراه اللّٰه و قال مجاهد هی الخمس و ذلك أن المهاجرین قالوا لم یرفع منا هذا الخمس لم یخرج منا (4) فقال اللّٰه قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ یقسمانها كما شاءا و (5) ینفلان منها ما شاءا و یرضخان منها ما شاءا فَاتَّقُوا اللَّهَ باتباع ما یأمركم

ص: 212


1- قال المصنّف فی هامش الكتاب: القبض بالتحریك: بمعنی المقبوض و هو ما جمع من الغنیمة قبل أن تقسم ذكره الجزریّ.
2- السلب بفتح السین و اللام هو فعل بمعنی مفعول أی مسلوب، و هو ما یأخذه أحد القرنین فی الحرب من قرنه ممّا یكون علیه و معه من ثیاب و سلاح و دابة و غیرها.
3- الغلول: الخیانة فی المغنم و السرقة من الغنیمة قبل القسمة.
4- فی المصدر: و لم یخرج منا.
5- فی المصدر: أو، و كذا فیما بعده.

اللّٰه و رسوله به و احذروا مخالفة أمرهما وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ أی ما بینكم من الخصومة و المنازعة وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أی اقبلوا ما أمرتم به فی الغنائم و غیرها إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ مصدقین للرسول فیما یأتیكم به و فی تفسیر الكلبی أن الخمس لم یكن مشروعا یومئذ و إنما شرع یوم أحد و فیه أنه لما نزلت هذه الآیة عرف المسلمون أنه لا حق لهم فی الغنیمة و أنها لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا یا رسول اللّٰه سمعا و طاعة فاصنع ما شئت فنزل قوله وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أی ما غنمتم بعد بدر

و روی أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قسم غنائم بدر علی سواء و لم یخمس. (1).

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَیْتِكَ الكاف فی قوله كَما أَخْرَجَكَ یتعلق بما دل علیه قوله قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ لأن هذا فی معنی (2) نزعها من أیدیهم بالحق كما أخرجك ربك بالحق (3) فالمعنی قل الأنفال لله ینزعها عنكم مع كراهتكم و مشقة ذلك علیكم لأنه أصلح لكم كما أخرجك ربك من بیتك مع كراهة فریق من المؤمنین ذلك لأن الخروج كان أصلح لكم من كونكم فی بیتكم و المراد بالبیت هنا المدینة یعنی خروج النبی صلی اللّٰه علیه و آله منها إلی بدر و قیل یتعلق بیجادلونك أی یجادلونك فی الحق كارهین له كما جادلوك حین أخرجك ربك كارهین للخروج كراهیة طباع فقال بعضهم كیف نخرج و نحن قلیل و العدو كثیر و قال بعضهم كیف نخرج علی عمیاء لا ندری إلی العیر نخرج أم إلی القتال فشبه جدالهم بخروجهم لأن القوم جادلوه بعد خروجهم كما جادلوه عند الخروج فقالوا هلا أخبرتنا بالقتال فكنا نستعد لذلك فهذا هو جدالهم و قیل یعمل فیه معنی الحق بتقدیر هذا الذكر الحق كما أخرجك ربك من بیتك بالحق

ص: 213


1- مجمع البیان 4: 517 و 518، فیه: علی بواء أی علی سواء و لم یخمس. و ما ذكره المصنّف مختار و مختصر من المصدر.
2- فی المصدر: لان فی هذا معنی.
3- فی المصدر: كما اخرجك من بیتك بالحق.

فمعناه أن هذا خیر لكم كما أن إخراجك من بیتك علی كراهیة جماعة منكم خیر لكم و قریب منه ما جاء فی حدیث أبی حمزة الثمالی فاللّٰه ناصرك كما أخرجك من بیتك و قوله بِالْحَقِّ أی بالوحی و ذلك أن جبرئیل أتاه و أمره بالخروج و قیل معناه أخرجك و معك الحق و قیل أخرجك بالحق الذی وجب علیك و هو الجهاد وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أی طائفة منهم لَكارِهُونَ لذلك للمشقة التی لحقتهم یُجادِلُونَكَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَیَّنَ معناه یجادلونك فیما دعوتهم إلیه بعد ما عرفوا صحته و صدقك بالمعجزات و مجادلتهم قولهم هلا أخبرتنا بذلك و هم یعلمون أنك لا تأمرهم عن اللّٰه إلا بما هو حق و صواب و كانوا یجادلون فیه لشدته علیهم یطلبون بذلك رخصة لهم فی التخلف عنه أو فی تأخیر الخروج إلی وقت آخر و قیل معناه یجادلونك فی القتال یوم بدر بعد ما تبین صوابه كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ أی كان هؤلاء الذین یجادلونك فی لقاء العدو لشدة القتال علیهم حیث لم یكونوا مستعدین له و لكراهتهم له من حیث الطبع كانوا بمنزلة من یساق إلی الموت و هم یرونه عیانا و ینظرون إلی أسبابه (1) وَ إِذْ یَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّها لَكُمْ یعنی و اذكروا و اشكروا اللّٰه إذ یعدكم اللّٰه أن إحدی الطائفتین لكم إما العیر و إما النفیر وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَیْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ أی تودون أن لكم العیر و صاحبها أبو سفیان لئلا تلحقكم مشقة دون النفیر و هو الجیش من قریش قال الحسن كان المسلمون یریدون العیر و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یرید ذات الشوكة كنی بالشوكة عن الحرب لما فی الحرب من الشدة و قیل الشوكة السلاح وَ یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ معناه و اللّٰه أعلم بالمصالح منكم فأراد أن یظهر الحق بلطفه و یعز الإسلام و یظفركم علی وجوه القریش (2) و یهلكهم علی أیدیكم بكلماته السابقة و عداته فی قوله تعالی وَ لَقَدْ

ص: 214


1- فی المصدر: و هم ینظرون إلیه و إلی اسبابه.
2- هكذا فی النسخ و فی نسخة المصنّف أیضا. و هو من سهو القلم و الصحیح كما فی المصدر: قریش بلا حرف تعریف.

سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِینَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (1) و قوله لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (2) و قیل بِكَلِماتِهِ أی بأمره لكم بالقتال وَ یَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِینَ أی یستأصلهم فلا یبقی منهم أحدا یعنی كفار العرب لِیُحِقَّ الْحَقَّ أی لیظهر الإسلام وَ یُبْطِلَ الْباطِلَ أی الكفر بإهلاك أهله وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ أی الكافرون و ذكر البلخی عن الحسن أن قوله وَ إِذْ یَعِدُكُمُ اللَّهُ نزلت قبل قوله كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ و هی فی القراءة بعدها.

القصة.

قال أصحاب السیر و ذكر أبو حمزة و علی بن إبراهیم فی تفسیرهما دخل حدیث بعضهم فی بعض أقبل أبو سفیان بعیر قریش من الشام و فیها أموالهم و هی اللطیمة (3) فیها أربعون راكبا من قریش فندب النبی صلی اللّٰه علیه و آله أصحابه للخروج إلیها لیأخذوها و قال لعل اللّٰه أن ینفلكموها (4) فانتدب الناس فخف بعضهم و ثقل بعضهم و لم یظنوا أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یلقی كیدا و لا حربا فخرجوا لا یریدون إلا أبا سفیان و الركب لا یرونها إلا غنیمة لهم فلما سمع أبو سفیان بمسیر النبی صلی اللّٰه علیه و آله استأجر ضمضم بن عمرو الغفاری فبعثه إلی مكة و أمره أن یأتی قریشا فیستنفرهم و یخبرهم

ص: 215


1- الصافّات: 171- 173.
2- التوبة: 33 و الصف: 9.
3- فی النهایة: قال أبو جهل: یا قوم اللطیمة اللطیمة أی ادركوها. و اللطیمة: الجمال التی تحمل العطر و البز غیر المیرة. قال المقریزی فی الامتاع: 66: كانت العیر ألف بعیر فیها أموال عظام، و لم یبق بمكّة قرشی و لا قرشیة له مثقال فصاعدا إلا بعث به فی العیر، فیقال: إن فیها لخمسین ألف دینار، و یقال: اقل.
4- فی نسخة المصنّف: أن ینفلكموهما. و هو وهم من سهو القلم.

أن محمدا قد تعرض لعیرهم فی أصحابه (1) فخرج ضمضم سریعا إلی مكة و كانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت (2) فیما یری النائم قبل مقدم ضمضم بن عمرو بثلاث لیال أن رجلا أقبل علی بعیر له ینادی یا آل غالب اغدوا إلی مصارعكم ثم وافی بجمله علی أبی قبیس فأخذ حجرا فدهدهه (3) من الجبل فما ترك دارا من دور قریش إلا أصابته منه فلذة (4) فانتبهت فزعة من ذلك فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربیعة فقال عتبة هذه مصیبة تحدث فی قریش و فشت الرؤیا فیهم و بلغ ذلك أبا جهل فقال هذه نبیة ثانیة فی بنی عبد المطلب و اللات و العزی لننظرن ثلاثة أیام فإن كان ما رأت حقا و إلا لنكتبن كتابا بینا أنه ما من أهل بیت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بنی هاشم فلما كان الیوم الثالث أتاهم ضمضم ینادیهم بأعلی الصوت یا آل غالب یا آل غالب اللطیمة اللطیمة العیر العیر أدركوا و ما أراكم تدركون أن محمدا و الصباة (5) من أهل یثرب قد خرجوا یتعرضون

ص: 216


1- فی الامتاع: استأجروه بعشرین مثقالا، و أمره أبو سفیان صخر بن حرب بن أمیّة ان یخبر قریشا ان محمّدا قد عرض لعیرهم، و أمره ان یجدع بعیره إذا دخل مكّة، و یحول رحله، و یشق قمیصه من قبله و دبره، و یصیح الغوث الغوث انتهی أقول: كان من عادة العرب ان یعملوا ذلك حین یریدون ان ینذروا قومهم بالشر المستأصل.
2- فی سیرة ابن هشام 2: 245 قالت: رأیت راكبا اقبل علی بعیر له حتّی وقف بالابطح ثمّ صرخ بأعلی صوته: الا انفروا یا آل غدر لمصارعكم فی ثلاث، فأری الناس اجتمعوا إلیه ثمّ دخل المسجد و الناس یتبعونه، فبینما هم حوله مثل به بعیره علی ظهر الكعبة: ثم صرخ بمثلها:
3- دهدهه: دحرجه فتدحرج.
4- الفلذة: القطعة.
5- قال الجزریّ فی النهایة: صبأ فلان: إذا خرج من دین إلی دین غیره، و كانت العرب تسمی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم الصابئ، لانه خرج من دین قریش الی دین الإسلام، و یسمون من یدخل فی الإسلام مصبوا، لانهم لا یهمزون فابدلوا من الهمزة واوا، و یسمون المسلمین الصباة بغیر همز، كانه جمع الصابی غیر مهموز كقاض و قضاة، و غاز و غزاة.

لعیركم فتهیئوا للخروج و ما بقی أحد من عظماء قریش إلا أخرج مالا لتجهیز الجیش و قالوا من لم یخرج نهدم داره و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب و عقیل بن أبی طالب و أخرجوا معهم القیان (1) یضربون الدفوف و خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا فلما كان بقرب بدر أخذ عینا للقوم فأخبره بهم.

و فی حدیث أبی حمزة الثمالی بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عینا له علی العیر اسمه عدی فلما قدم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره أین فارق العیر نزل جبرئیل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره بنفیر المشركین من مكة فاستشار أصحابه فی طلب العیر و حرب النفیر فقام أبو بكر فقال یا رسول اللّٰه إنها قریش و خیلاؤها ما آمنت منذ كفرت و لا ذلت منذ عزت و لم نخرج علی أهبة الحرب. (2) و فی حدیث أبی حمزة قال أبو بكر أنا عالم بهذا الطریق فارق عدی العیر بكذا و كذا و ساروا و سرنا فنحن و القوم علی بدر یوم كذا و كذا كأنا فرسا رهان فقال صلی اللّٰه علیه و آله اجلس فجلس ثم قام عمر بن الخطاب فقال مثل ذلك فقال اجلس فجلس (3) ثم قام المقداد فقال یا رسول اللّٰه إنها قریش و خیلاؤها و قد آمنا بك و صدقنا و شهدنا أن ما جئت به حق و اللّٰه لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا و شوك الهراس (4) لخضناه معك و اللّٰه لا نقول لك ما قالت بنو إسرائیل لموسی فَاذْهَبْ

ص: 217


1- جمع القینة: المغنیة أو أعم.
2- الاهبة بالضم: العدة، یقال أخذ للسفر اهبته و فی المصدر: لم تخرج علی هیئة الحرب.
3- حرف كلام أبی بكر و عمر فی السیرة و الامتاع، فابن هشام اختصره و قال: فتكلما و أحسنا، و لم یذكر ما قالاه و المقریزی ذكره بنحو یوافق كلام المقداد، و لكن الصحیح ما ذكره الطبرسیّ، و یدلّ علیه ان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لم یدع لهما، بل دعا للمقداد بخیر. راجع الامتاع: 74 و السیرة 2: 253.
4- الجمر: النار المتقدة. الغضا: شجر من الاثل خشبه من اصلب الخشب و جمره یبقی زمنا طویلا لا ینطفئ. و الهراس: شجر كبیر الشوك.

أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (1) و لكنا نقول امض لأمر ربك فإنا معك مقاتلون فجزاه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خیرا علی قوله ذلك ثم قال أشیروا علی أیها الناس و إنما یرید الأنصار لأن أكثر الناس منهم و لأنهم حین بایعوه بالعقبة قالوا إنا برآء من ذمتك حتی تصل إلی دارنا ثم أنت فی ذمتنا نمنعك مما نمنع آباءنا و نساءنا (2) فكان صلی اللّٰه علیه و آله یتخوف أن لا یكون الأنصار تری علیها نصرته إلا علی من دهمه بالمدینة من عدو و أن لیس علیهم أن ینصروه بخارج المدینة فقام سعد بن معاذ فقال بأبی أنت و أمی یا رسول اللّٰه كأنك أردتنا فقال نعم فقال بأبی أنت و أمی یا رسول اللّٰه إنا قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به حق من عند اللّٰه فمرنا بما شئت و خذ من أموالنا ما شئت و اترك منها ما شئت و اللّٰه لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك و لعل اللّٰه أن یریك ما تقر به عینك فسر بنا علی بركة اللّٰه ففرح بذلك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال سیروا علی بركة اللّٰه فإن اللّٰه وعدنی إحدی الطائفتین وَ لَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ و اللّٰه لكأنی أنظر إلی مصرع أبی جهل بن هشام و عتبة بن ربیعة و شیبة بن ربیعة و فلان و فلان و أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالرحیل و خرج إلی بدر و هو بئر.

و فی حدیث أبی حمزة و بدر رجل من جهینة و الماء ماؤه و إنما سمی الماء باسمه. (3)

و أقبلت قریش و بعثوا عبیدها لیستقوا من الماء فأخذهم أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (4) و قالوا لهم من أنتم قالوا نحن عبید قریش (5) قالوا فأین العیر قالوا لا علم

ص: 218


1- المائدة: 27.
2- فی المصدر: ابناءنا و نساءنا.
3- لعله إلی هنا مختص بحدیث الثمالی و بعده مشترك.
4- فی السیرة هم علیّ بن أبی طالب و الزبیر بن العوام و سعد بن أبی وقاص فی نفر اخری.
5- ذكر فی السیرة اثنین منهم و هما: اسلم غلام بنی الحجاج، و عریض أبو یسار غلام.

لنا بالعیر فأقبلوا یضربونهم و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یصلی فانفتل من صلاته و قال إن صدقوكم ضربتموهم و إن كذبوكم تركتموهم فأتوه بهم فقال لهم من أنتم قالوا یا محمد نحن عبید قریش قال كم القوم قالوا لا علم لنا بعددهم قال كم ینحرون كل یوم من جزور قالوا تسعة إلی عشرة فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله القوم تسعمائة إلی ألف رجل (1) فأمر صلی اللّٰه علیه و آله بهم فحبسوا و بلغ ذلك قریشا ففزعوا و ندموا علی مسیرهم و لقی عتبة بن ربیعة أبا البختری بن هشام فقال أ ما تری هذا البغی و اللّٰه ما أبصر موضع قدمی خرجنا لنمنع عیرنا و قد أفلتت فجئنا بغیا و عدوانا و اللّٰه ما أفلح قوم بغوا قط و لوددت ما فی العیر (2) من أموال بنی عبد مناف ذهبت و لم نسر هذا المسیر فقال له أبو البختری إنك سید من سادات قریش فسر فی الناس و تحمل العیر التی أصابها محمد صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمی فإنه حلیفك فقال له علی ذلك و ما علی أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلة یعنی أبا جهل فصر إلیه و أعلمه أنی حملت العیر و دم ابن الحضرمی و هو حلیفی و علی عقله (3) قال فقصدت خباه و أبلغته ذلك فقال إن عتبة یتعصب لمحمد فإنه من بنی عبد مناف و ابنه معه و یرید أن یخذل بین الناس لا و اللات و العزی حتی نقحم علیهم یثرب أو نأخذهم أساری فندخلهم مكة و تتسامع العرب بذلك و كان أبو حذیفة بن عتبة مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان أبو سفیان (4)

ص: 219


1- و ذكر فی السیرة أنّه سألهما عن مكان القوم فقالا: هم و اللّٰه من وراء هذا الكثیب الذی تری بالعدوة القصوی، و سأل عن اشرافهم فقالا: عتبة بن ربیعة، و شیبة بن ربیعة، و أبو البختری بن هشام، و حكیم بن حزام، و نوفل بن خویلد، و الحارث بن عامر بن نوفل، و طعیمة بن عدی بن نوفل، و النضر بن الحارث، و زمعة بن الأسود، و أبو جهل بن هشام، و أمیّة بن خلف، و نبیه و منبه ابنا الحجاج، و سهیل بن عمرو، و عمرو بن عبد ود فأقبل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم علی الناس فقال: هذه مكّة قد القت إلیكم افلاذ كبدها.
2- فی المصدر: لوددت ان ما فی العیر.
3- العقل: الدیة.
4- فی سیرة ابن هشام: و أقبل أبو سفیان بن حرب حتّی تقدم العیر حذرا، حتی ورد الماء فقال المجدی بن عمرو ( وكان علی الماء ) ، هل احسست احدا؟ فقال : ما رأیت احدا انكره الا انی رأیت راكبین قد اناخا إلی هذ التل ثم استقیا فی شن لهما ثم انطلقا ( كانا هما بسبس بن عمرو وعدی بن أبی الزغباء نزلا بدرا فاستقیا منها ) فأتی أبوسفیان مناخهما فأخذ من ابعار بعیرهما ففته فاذا فیه النوی ، فقال : واللّٰه هذه علائف یثرب ، فرجع إلی أصحابه سریعا فضرب وجه عیره عن الطریق فساحل بها ، وترك بدرا بیسار ، وانطلق حتی أسرع ، و اقبلت قریش فلما نزلوا الجحفة رأی جهیم بن الصلت بن مخرمة بن ( عبد ) المطلب بن عبد مناف رؤیا ، فقال : انی رأیت فیما یری النائم. وأنی لبین النائم والیقظان اذ نظرت إلی رجل قد اقبل علی فرس حتی وقف ومعه بعیر له ، ثم قال : قتل عتبة بن ربیعة ، وشیبة بن ربیع وأبوالحكم بن هشام وامیة بن خلف ، وفلان وفلان _ فعدد رجالا ممن قتل یوم بدر من اشراف قریش _ ثم رأیته ضرب فی لبة بعیره ثم أرسله فی العسكر ، فما بقی خباء من اخبیة العسكر الا اصابه نضخ من دمه ، قال : فبلغت أبا جهل فقال : وهذا أیضا نبی اخر من بنی عبدالمطلب ، سیعلم غدا من المقتول ان نحن التقینا. قال ابن إسحاق : ولما رأی أبوسفیان أنه قد احرز عیره أرسل إلی قریش : انكم خرجتم لتمنعوا عیركم ورجالكم وأموالكم ، فقد نجاه لله فارجعوا ، فقال أبوجهل بن هشام ، واللّٰه لا نرجع حتی نرد بدرا ( وكان بدر موسما من مواسم العرب تجتمع لهم به سوق كل عام ) فنقم علیه ثلاثا ، فننحر الجزر ، ونطعم الطعام ، ونسقی الخمر ، وتعزف علینا القیان ، وتسمع بنا العرب وبمسیرنا وجمعنا ، فلا یزالون یهابوننا ابدا بعدها فامضوا. وقال الاخنس بن شریق بن عمرو بن وهب الثقفی _ وكان حلیفا لبنی زهرة وهم بالجحفة _ یا بنی زهرة قد نجی اللّٰه لكم أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل ، وانما نفرتم لتمنعوه وماله ، فاجعلوا بی جبنها وارجعوا ، فانه لا حاجة لكم بان تخرجوا فی غیر ضیعة ، لا ما یقول هذا ، یعنی أبا جهل ، فرجعوا ، فلم یشهدها زهری واحد ، اطاعوه وكان فیهم مطاعا. ولم یكن بقی من قریش بطن الا وقد نفر منهم ناس الا بنی عدی بن كعب لم یخرج منهم رجل واحد فرجعت بنو زهرة مع الاخنس بن شریق فلم یشهد بدرا من هاتین القبیلتین احد ، و مضی القوم. انتهی اقول : وذكر رجوع طالب بن أبی طالب وسیأتی ذكره.

لما جاز بالعیر بعث إلی قریش قد نجی اللّٰه عیركم فارجعوا و دعوا محمدا و العرب و ادفعوه بالراح (1) ما اندفع و إن لم ترجعوا فردوا القیان فلحقهم الرسول فی

ص: 220


1- قال المصنّف فی الهامش: الراح جمع الراحة، و لعلّ المعنی أنكم ان امكنكم دفعه بالاسهل فلا تتعرضوا للاشق، و الراح أیضا الخمر و الارتیاح، و لعلّ الأول أنسب.

الجحفة فأراد عتبة أن یرجع فأبی أبو جهل و بنو مخزوم و ردوا القیان من الجحفة قال و فزع أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما بلغهم كثرة قریش و استغاثوا و تضرعوا فأنزل اللّٰه سبحانه إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ.

قال ابن عباس لما كان یوم بدر و اصطف القوم للقتال قال أبو جهل اللّٰهم أولانا بالنصر فانصره (1) و استغاث المسلمون فنزلت الملائكة و نزل قوله إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ إلی آخره و

قِیلَ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَظَرَ إِلَی كَثْرَةِ عَدَدِ الْمُشْرِكِینَ وَ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِینَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ لَا تُعْبَدُ فِی الْأَرْضِ فَمَا زَالَ یَهْتِفُ رَبَّهُ مَادّاً یَدَیْهِ حَتَّی سَقَطَ رِدَاؤُهُ مِنْ مَنْكِبِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ الْآیَةَ.

وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ لَمَّا أَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَنَّهُ اللَّیْلُ أَلْقَی اللَّهُ عَلَی أَصْحَابِهِ النُّعَاسَ وَ كَانُوا قَدْ نَزَلُوا فِی مَوْضِعٍ كَثِیرِ الرَّمْلِ لَا تَثْبُتُ فِیهِ قَدَمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْمَطَرَ رَذَاذاً حَتَّی لَبَّدَ الْأَرْضَ (2) وَ ثَبَتَتْ أَقْدَامُهُمْ وَ كَانَ الْمَطَرُ عَلَی قُرَیْشٍ مِثْلَ الْعَزَالِی (3) وَ أَلْقَی اللَّهُ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ كَمَا قَالَ سَأُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ الْآیَةَ.

قوله إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ أی تستجیرون بربكم یوم بدر من أعدائكم و

ص: 221


1- فی الامتاع: و استفتح أبو جهل یومئذ فقال: اللّٰهمّ اقطعنا للرحم، و آتانا بما لا یعلم فأحنه الغداة فأنزل اللّٰه: «إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَیْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِیَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَیْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ» و قال یومئذ: ما تنقم الحرب العوان منی***بازل عامین حدیث سنی لمثل هذا ولدتنی امی
2- الرذاذ : المطر الضعیف لبد المطر الارض : رشها. ولبد الشئ : لصق بعضه ببعض حتی صار كاللبد.
3- العزالی و العزالی جمع العزلاء: مصب الماء من القربة و نحوها. و أنزلت السماء عزالیها إشارة إلی شدة وقع المطر.

تسألونه النصر علیهم لقلتكم و كثرتهم فلم یكن لكم مفزع إلا التضرع إلیه و الدعاء له فی كشف الضر عنكم فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّی مُمِدُّكُمْ أی مرسل إلیكم مددا لكم بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ أی متبعین ألفا آخر من الملائكة لأن مع كل واحد منهم ردف له (1) و قیل معناه مترادفین متتابعین و كانوا ألفا بعضهم فی أثر بعض و قیل بألف من الملائكة جاءوا علی آثار المسلمین (2) وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْری وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ أی ما جعل الإمداد بالملائكة إلا بشری لكم بالنصر و لتسكن (3) به قلوبكم و تزول الوسوسة عنها و إلا فملك واحد كاف للتدمیر علیهم كما فعل جبرئیل بقوم لوط فأهلكهم بریشة واحدة و اختلف فی أن الملائكة هل قاتلت یوم بدر أم لا فقیل ما قاتلت و لكن شجعت و كثرت سواد المسلمین و بشرت بالنصر و قیل إنها قاتلت قال مجاهد إما أمدهم بألف مقاتل من الملائكة فأما ما قاله فی آل عمران بثلاثة آلاف و بخمسة آلاف فإنه للبشارة و روی عن ابن مسعود أنه سأله أبو جهل من أین كان یأتینا الضرب و نری الشخص قال من قبل الملائكة فقال هم غلبونا لا أنتم و عن ابن عباس أن الملائكة قاتلت یوم بدر و قتلت وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا بالملائكة و لا بكثرة العدد إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ لا یمنع عن مراده حَكِیمٌ فی أفعاله إِذْ یُغَشِّیكُمُ النُّعاسَ هو أول النوم قبل أن یثقل أَمَنَةً أی أمانا مِنْهُ أی من العدو و قیل من اللّٰه فإن الإنسان لا یأخذه النوم فی حال الخوف فآمنهم اللّٰه تعالی بزوال الرعب عن قلوبهم و أیضا فإنه قواهم بالاستراحة علی القتال من الغد (4) وَ یُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً أی مطرا لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ و ذلك لأن المسلمین قد سبقهم الكفار إلی الماء فنزلوا علی كثیب رمل و أصبحوا محدثین مجنبین و أصابهم الظمأ و وسوس

ص: 222


1- هكذا فی الكتاب، و الصحیح كما فی المصدر: ردفا.
2- فی المصدر: علی اثر المسلمین.
3- فی نسخة: لتطمئن به.
4- فی المصدر: من العدو.

إلیهم الشیطان و قال إن عدوكم قد سبقكم إلی الماء و أنتم تصلون مع الجنابة و الحدث و تسوخ أقدامكم فی الرمل فمطرهم اللّٰه حتی اغتسلوا به من الجنابة و تطهروا به من الحدث و تلبدت به أرضهم و أوحلت أرض عدوهم وَ یُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ أی وسوسته بما مضی ذكره أو الجنابة التی أصابتكم بالاحتلام وَ لِیَرْبِطَ عَلی قُلُوبِكُمْ أی و لیشد علی قلوبكم أی یشجعها وَ یُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ بتلبید الأرض و قیل بالصبر و قوة القلب إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ یعنی الملائكة الذین أمد بهم المسلمین أَنِّی مَعَكُمْ بالمعونة و النصرة فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا أی بشروهم بالنصر و كان الملك یسیر أمام الصف فی صورة الرجل و یقول أبشروا فإن اللّٰه ناصركم و قیل معناه قاتلوا معهم المشركین أو ثبتوهم بأشیاء تلقونها فی قلوبهم یقوون بها سَأُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ أی الخوف من أولیائی فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ یعنی الرءوس لأنها فوق الأعناق قال عطا یرید كل هامة و جمجمة و جائز أن یكون هذا أمرا للمؤمنین و أن یكون أمرا للملائكة و هو الظاهر قال ابن الأنباری إن الملائكة حین أمرت بالقتال لم تعلم أین تقصد بالضرب من الناس فعلمهم اللّٰه تعالی وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ یعنی الأطراف من الیدین و الرجلین و قیل یعنی أطراف الأصابع اكتفی به عن جملة الید و الرجل ذلِكَ العذاب و الأمر بضرب الأعناق و الأطراف و تمكین المسلمین منهم بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أی بسبب أنهم خالفوا اللّٰه و رسوله و حاربوهما وَ مَنْ یُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ فی الدنیا بالإهلاك و فی الآخرة بالتخلید فی النار ذلِكُمْ أی هذا الذی أعددت لكم من الأسر و القتل فی الدنیا فَذُوقُوهُ عاجلا وَ أَنَّ لِلْكافِرِینَ آجلا عَذابَ النَّارِ تمام القصة

و لما أصبح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم بدر عبأ أصحابه فكان فی عسكره فرسان فرس للزبیر بن العوام (1) و فرس للمقداد بن الأسود و كان فی عسكره

ص: 223


1- و یقال لمرثد بن أبی مرثد الغنوی، و یقال لفرس المقداد: سبحة، و لفرس مرثد:

سبعون جملا كانوا یتعاقبون علیها و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی بن أبی طالب علیهما السلام و مرثد بن أبی مرثد الغنوی یتعاقبون علی جمل لمرثد بن أبی مرثد و كان فی عسكر قریش أربعمائة فرس و قیل مائتا فرس فلما نظرت قریش إلی قلة أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال أبو جهل ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إلیهم عبیدنا لأخذوهم أخذا بالید و قال عتبة بن ربیعة أ تری لهم كمینا أو مددا فبعثوا عمر بن وهب الجمحی و كان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتی طاف علی عسكر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم رجع فقال ما لهم كمین و لا مدد و لكن نواضح یثرب قد حملت الموت الناقع أ ما ترونهم خرسا لا یتكلمون یتلمظون تلمظ الأفاعی ما لهم ملجأ إلا سیوفهم و ما أراهم یولون حتی یقتلوا و لا یقتلون حتی یقتلوا بعددهم فارتئوا رأیكم فقال له أبو جهل كذبت و جبنت فأنزل اللّٰه سبحانه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها فبعث إلیهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا معاشر قریش إنی أكره أن أبدأكم فخلونی و العرب و ارجعوا فقال عتبة ما رد هذا قوم قط فأفلحوا ثم ركب جملا له أحمر فنظر إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو یجول بین العسكرین و ینهی عن القتال فقال صلی اللّٰه علیه و آله إن یك عند أحد خیر فعند صاحب الجمل الأحمر و إن یطیعوه یرشدوا و خطب عتبة فقال فی خطبته یا معاشر قریش أطیعونی الیوم و اعصونی الدهر إن محمدا له إل (1) و ذمة و هو ابن عمكم فخلوه و العرب فإن یك صادقا فأنتم أعلی عینا به و إن یك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره فغاظ أبا جهل قوله و قال له جبنت و انتفخ سحرك فقال یا مصفرا استه (2) مثلی یجبن ستعلم قریش أینا ألأم و أجبن و أینا المفسد لقومه و لبس درعه و تقدم هو و أخوه شیبة و ابنه الولید و

ص: 224


1- الال: العهد: القرابة.
2- فی النهایة: فی حدیث بدر قال عتبة لابی جهل: یا مصفر استه، رماه بالابنة و أنّه كان یزعفر استه، و قیل: هی كلمة تقال المتنعم المترف الذی لم تحنكه التجارب و الشدائد، و قیل: أراد یا مضرط نفسه من الصفیر، و هو الصوت بالفم و الشفتین، كانه قال: یا ضراط، نسبه إلی الجبن و الخور انتهی و زاد ابن الجوزی: و قیل: كان به برص فكان یردعه بالزعفران.

قال یا محمد أخرج إلینا أكفاءنا من قریش فبرز إلیه ثلاثة نفر من الأنصار (1) و انتسبوا لهم فقالوا ارجعوا إنما نرید الأكفاء من قریش فنظر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی عبیدة بن الحارث بن عبد المطلب و كان له یومئذ سبعون سنة فقال قم یا عبیدة و نظر إلی حمزة فقال قم یا عم ثم نظر إلی علی فقال قم یا علی و كان أصغر القوم فاطلبوا بحقكم الذی جعله اللّٰه لكم فقد جاءت قریش بخیلائها و فخرها ترید أن تطفئ نور اللّٰه وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ ثم قال یا عبیدة علیك بعتبة بن ربیعة و قال لحمزة علیك بشیبة و قال لعلی علیه السلام علیك بالولید فمروا حتی انتهوا إلی القوم فقالوا أكفاء كرام فحمل عبیدة علی عتبة فضربه علی رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبیدة علی ساقه فأطنها (2) فسقطا جمیعا و حمل شیبة علی حمزة فتضاربا بالسیفین حتی انثلما و حمل أمیر المؤمنین علیه السلام علی الولید فضربه علی حبل عاتقه فأخرج السیف من إبطه قال علی علیه السلام لقد أخذ الولید یمینه بشماله (3) فضرب بها هامتی فظننت أن السماء وقعت علی الأرض ثم اعتنق حمزة و شیبة فقال المسلمون یا علی أ ما تری الكلب نهز عمك (4) فحمل علیه علی علیه السلام فقال یا عم طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شیبة فأدخل حمزة رأسه فی صدره فضربه علی فطرح نصفه ثم جاء إلی عتبة و به رمق فأجهز علیه.

و فی روایة أخری أنه برز حمزة لعتبة و برز عبیدة لشیبة و برز علی للولید فقتل حمزة عتبة و قتل عبیدة شیبة و قتل علی الولید و ضرب شیبة رِجْل عبیدة فقطعها فاستنقذه حمزة و علی و حمل عبیدة حمزة و علی حتی أتیا به رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فاستعبر (5) فقال یا رسول اللّٰه أ لست شهیدا قال بلی أنت أول شهید من أهل

ص: 225


1- فی السیرة: و هم عوف و معوذ ابنا الحارث، و رجل آخر یقال: هو عبد اللّٰه بن رواحة.
2- أی قطعها.
3- فی المصدر: بیساره.
4- نهزه: دفعه و ضربه. و فی المصدر: اما تری أن الكلب قد نهز عمك.
5- أی جرت دمعه.

بیتی (1) و قال أبو جهل لقریش لا تعجلوا و لا تبطروا كما بطر ابنا ربیعة علیكم بأهل یثرب فاجزروهم جزرا و علیكم بقریش فخذوهم أخذا حتی ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التی هم علیها و جاء إبلیس فی صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال لهم أنا جار لكم ادفعوا إلی رایتكم فدفعوا إلیهم رایة المیسرة و كانت الرایة مع بنی عبد الدار فنظر إلیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال لأصحابه غضوا أبصاركم و عضوا علی النواجد و رفع یده فقال یا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ثم أصابه الغشی فسری عنه و هو یسلت العرق عن وجهه (2) فقال هذا جبرئیل قد أتاكم فی ألف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ.

و روی أبو أمامة بن سهل بن حنیف عن أبیه قال لقد رأینا (3) یوم بدر و إن أحدنا یشیر بسیفه إلی المشرك فیقع رأسه من جسده قبل أن یصل إلیه السیف.

قال ابن عباس حدثنی رجل من بنی غفار قال أقبلت أنا و ابن عم لی حتی صعدنا فی جبل یشرف بنا علی بدر و نحن مشركان ننتظر الوقعة علی من تكون الدبرة (4) فبینا نحن هناك إذ دنت منا سحابة فسمعنا فیها حمحمة الخیل فسمعنا قائلا یقول أَقْدِمْ حَیْزُومُ (5) و قال فأما ابن عمی فانكشف قناع قلبه فمات مكانه و أما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.

وَ رَوَی عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَوْمَ بَدْرٍ هَذَا جَبْرَئِیلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَیْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ- أورده البخاری فی الصحیح (6)

ص: 226


1- قال المقریزی: و مات رضی اللّٰه عنه عند رجوعه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم إلی المدینة بالصفراء.
2- سری عنه: زال عنه ما كان یجده من الهم. و یسلت العرق عن وجهه أی یمسحه و یلقیه.
3- فی نسخة المصنّف: لقد رأیتنا. و فی المصدر: لقد رأینا یوم بدر أن احدنا.
4- الدبرة: الهزیمة.
5- قیل: الحیزوم: اسم فرس جبرئیل.
6- صحیح البخاریّ 5: 103.

قال عكرمة قال أبو رافع مولی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب و كان الإسلام قد دخلنا أهل البیت و أسلمت أم الفضل و أسلمت و كان العباس یهاب قومه و یكره أن یخالفهم و كان یكتم إسلامه و كان ذا مال كثیر متفرق فی قومه و كان أبو لهب عدو اللّٰه قد تخلف عن بدر و بعث مكانه العاص بن هشام بن المغیرة و كذلك صنعوا لم یتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قریش كبته اللّٰه و أخزاه و وجدنا فی أنفسنا قوة و عزا قال و كنت رجلا ضعیفا و كنت أعمل القداح أنحتها فی حجرة زمزم فو اللّٰه إنی لجالس فیها أنحت القداح و عندی أم الفضل جالسة و قد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل الفاسق أبو لهب یجر رجلیه حتی جلس علی طنب (1) الحجرة و كان ظهره إلی ظهری فبینا هو جالس إذ قال الناس هذا أبو سفیان بن الحارث بن عبد المطلب و قد قدم فقال أبو لهب هلم إلی یا ابن أخی فعندك الخبر فجلس إلیه و الناس قیام علیه فقال یا ابن أخی أخبرنی كیف كان أمر الناس قال لا شی ء و اللّٰه إن كان إلا أن لقیناهم فمنحناهم أكتافنا یقتلوننا و یأسروننا كیف شاءوا و ایم اللّٰه مع ذلك ما لمت الناس لقینا رجالا بیضا علی خیل بلق بین السماء و الأرض ما تلیق (2) شیئا و لا یقوم لها شی ء قال أبو رافع فرفعت طرف الحجرة بیدی ثم قلت تلك الملائكة قال فرفع أبو لهب یده فضرب وجهی ضربة شدیدة فثاورته فاحتملنی و ضرب (3) بی الأرض ثم برك علی یضربنی و كنت رجلا ضعیفا فقامت أم الفضل إلی عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة و قالت تستضعفه إن غاب عنه سیده فقام مولیا ذلیلا

ص: 227


1- الطنب: حبل طویل یشد به سرادق البیت.
2- قال المصنّف فی هامش الكتاب: قال الفیروزآبادی: لاق به: لاذ به، و لا یلیق بك، لا یعلق، و ما یلیق درهما من جوده ما یمسكه.
3- فی المصدر: فضرب.

فو اللّٰه ما عاش إلا سبع لیال حتی رماه اللّٰه بالعدسة (1) فقتله و لقد تركه ابناه لیلتین أو ثلاث ما یدفنانه حتی أنتن فی بیته و كانت قریش تتقی العدسة كما یتقی الناس الطاعون حتی قال لهما رجل من قریش أ لا تستحیان أن أباكما قد أنتن فی بیته لا تغیبانه فقالا إنا نخشی هذه القرحة قال فانطلقا فإنا معكما فما غسلوه إلا قذفا بالماء علیه من بعید ما یمسونه ثم احتملوه فدفنوه بأعلی مكة إلی جدار و قذفوا علیه الحجارة حتی واروه.

و روی مقسم (2) عن ابن عباس قال كان الذی أسر العباس أبا الیسر كعب بن عمرو أخا بنی سلمة و كان أبو الیسر رجلا مجموعا و كان العباس رجلا جسیما فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی الْیُسْرِ كَیْفَ أَسَرْتَ الْعَبَّاسَ یَا أَبَا الْیُسْرِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أَعَانَنِی عَلَیْهِ رَجُلٌ مَا رَأَیْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَ لَا بَعْدَهُ هَیْئَتُهُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَیْهِ مَلَكٌ كَرِیمٌ.

یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قیل خطاب لأهل بدر و قیل عام إِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا زَحْفاً أی متدانین لقتالكم فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ أی فلا تنهزموا وَ مَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ أی من یجعل ظهره إلیهم یوم القتال و وجهه إلی جهة الانهزام إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أی إلا تاركا موقفا إلی موقف آخر أصلح للقتال من الأول أَوْ مُتَحَیِّزاً إِلی فِئَةٍ أی منحازا منضما إلی جماعة من المسلمین یریدون العود إلی القتال لیستعین بهم فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أی احتمل غضب اللّٰه و استحقه و قیل رجع (3) به ثم نفی سبحانه أن یكون المسلمون قتلوا المشركین یوم بدر فقال فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ و إنما نفی الفعل عمن هو فعله علی الحقیقة

ص: 228


1- العدسة: بثرة تشبه العدسة تخرج فی موضع من الجسد من جنس الطاعون تقتل صاحبها غالبا.
2- مقسم بكسر اوله، ابن بجرة بالضم فسكون و یقال: نجدة بفتح النون، أبو القاسم مولی عبد اللّٰه بن الحارث، و یقال له: مولی ابن عبّاس للزومه له، مات سنة 101.
3- فی المصدر: و قیل: رجع بغضب من اللّٰه.

و نسبه إلی نفسه و لیس بفعل له من حیث كانت أفعاله تعالی كالسبب لهذا الفعل و المؤدی إلیه من إقداره إیاهم و معونته لهم و تشجیع قلوبهم و إلقاء الرعب فی قلوب أعدائهم حتی قتلوا وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی

ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِینَ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَ غَیْرِهِ أَنَّ جَبْرَئِیلَ قَالَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ خُذْ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَارْمِهِمْ بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا الْتَقَی الْجَمْعَانِ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَعْطِنِی قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْوَادِی (1) فَنَاوَلَهُ كَفّاً مِنْ حَصًی عَلَیْهِ تُرَابٌ فَرَمَی بِهِ فِی وُجُوهِ الْقَوْمِ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَلَمْ یَبْقَ مُشْرِكٌ إِلَّا دَخَلَ فِی عَیْنِهِ وَ فَمِهِ وَ مَنْخِرِیهِ مِنْهَا شَیْ ءٌ ثُمَّ رَدِفَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ یَقْتُلُونَهُمْ وَ یَأْسِرُونَهُمْ وَ كَانَتْ تِلْكَ الرَّمْیَةُ سَبَبَ هَزِیمَةِ الْقَوْمِ.

وَ قَالَ قَتَادَةُ وَ أَنَسٌ ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ یَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَ حَصَیَاتٍ فَرَمَی بِحَصَاةٍ فِی مَیْمَنَةِ الْقَوْمِ وَ حَصَاةٍ فِی مَیْسَرَةِ الْقَوْمِ وَ حَصَاةٍ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَانْهَزَمُوا فَعَلَی هَذَا إِنَّمَا أَضَافَ الرَّمْیَ إِلَی نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا یَقْدِرُ أَحَدٌ غَیْرَهُ عَلَی مِثْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ عَجَائِبِ الْمُعْجِزَاتِ.

وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً أی و لینعم به علیهم نعمة حسنة و الضمیر (2) راجع إلی النصر أو إلیه تعالی إِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ لدعائكم عَلِیمٌ بأفعالكم و ضمائركم ذلِكُمْ موضعه رفع و التقدیر الأمر ذلكم الإنعام أو ذلكم الذی ذكرت وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَیْدِ الْكافِرِینَ بإلقاء الرعب فی قلوبهم و تفریق كلمتهم إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ قیل إنه خطاب للمشركین فإن أبا جهل قال یوم بدر حین التقی الفئتان اللّٰهم أقطعنا للرحم (3) و آتانا بما لا نعرف فانصرنا علیه و فی حدیث أبی حمزة قال أبو جهل اللّٰهم ربنا دیننا القدیم و دین محمد الحدیث فأی الدینین كان أحب إلیك و أرضی عندك فانصر أهله الیوم فالمعنی أن تستنصروا لإحدی الفئتین فقد جاءكم النصر أی نصر محمد و أصحابه

ص: 229


1- فی المصدر: من حصا الوادی.
2- فی المصدر: و الضمیر فی «منه».
3- فی نسخة: اللّٰهمّ ان محمّدا اقطعنا للرحم. و المصدر موافق للمتن.

و قیل إنه خطاب للمؤمنین أی إن تستنصروا علی أعدائكم فقد جاءكم النصر بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ تَنْتَهُوا عن الكفر (1) و قتال الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ خَیْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ أی و إن تعودوا أیها المشركون إلی قتال المسلمین نعد بأن ننصرهم علیكم وَ لَنْ تُغْنِیَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَیْئاً أی و لن تدفع عنكم جماعتكم شیئا وَ لَوْ كَثُرَتْ الفئة وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ بالنصر و الحفظ (2) إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا قیل نزلت فی أبی سفیان بن حرب استأجر یوم أحد ألفین من الأحابیش (3) یقاتل بهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله سوی من استحاشهم (4) من العرب و قیل نزلت فی المطعمین یوم بدر و كانوا اثنی عشر رجلا أبو جهل بن هشام و عتبة و شیبة ابنا ربیعة و نبیه و منبه ابنا الحجاج و أبو البختری بن هشام و النضر بن الحارث و حكیم بن حزام و أبی بن خلف (5) و زمعة بن الأسود و الحارث بن عامر بن نوفل و

ص: 230


1- فی المصدر: أی من الكفر.
2- مجمع البیان 4: 520- 531.
3- الاحابیش جمع الاحبوش و الاحبوشة. الجماعة من الناس لیسوا من قبیلة واحدة.
4- أی سوی من جمعهم. و فی نسخة: استحاثهم. و فی المصدر: سوی من استجاشهم من العرب، و فیهم یقول كعب بن مالك: فجئنا إلی موج من البحر وسطهم***احابیش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ، ونحن بقیة***ثلاث مئین ان كثرنا فأربع
5- هكذا فی الكتاب ومصدره ، وفی الامتاع : امیة بن خلف وهو الصحیح ، قال المقریزی : وخرجت قریش بالقیان والدفاف یغنین فی كل منهل ، وینحرون الجزر ، وهم تسعمائة و خمسون مقاتلا ، وكان المطعمون : أبوجهل نحر عشرا ، وامیة بن خلف نحر تسعا ، وسهیل ابن عمرو بن عبد شمس اخو بنی عامر بن لؤی نحر عشرا ، وشیبة بن ربیعة نحر عشرا ، ومنبه ونبیه ابنا الحجاج نحرا عشرا ، والعباس بن عبدالمطلب نحر عشرا ، وأبوالبختری العاص ابن هشام بن الحارث بن أسد نحر عشرا ، وذكر موسی بن عقبة أن اول من نحر لقریش أبوجهل بن هشام بمر الظهران عشر جزائر ، ثم نحر لهم صفوان بن امیة بعسفان تسع جزائر ثم نحر لهم سهیل بن عمرو بقدید عشر جزائر ، ومضوا من قدید إلی مناة من البحر فظلوا فیها و اقاموا یوما فنحر لهم شیبة بن ربیعة تسع جزائر ، ثم اصبحوا بالجحفة فنحر لهم عتبة بن ربیعة عشر جزائر ، ثم اصبحوا بالابواء فنحر لهم قیس بن قیس تسع جزائر ، ثم نحر عباس بن عبدالمطلب عشر جزائر ، ثم نحر لهم الحارث بن عامر بن نوفل تسعا ، ثم نحر لهم أبوالبختری علی ماء بدر عشر جزائر ونحر مقیس السهمی علی ماء بدر تسعا ثم شغلتهم الحرب فاكلوا من أزوادهم انتهی وذكرهم ابن حبیب فی المحبر : ١٦٢ مثل ما ذكر المقریزی اولا الا انه زاد عتبة ، وقال : ونحر عشرا ، ثم قال : فذكر محمد بن عمر المزنی : ان قریشا كفأت قدور العباس ولم تطعمها لعلمها بمیله إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله انتهی.

العباس بن عبد المطلب كلهم من قریش و كان كل یوم یطعم واحد منهم عشر جزر (1) و كانت النوبة یوم الهزیمة للعباس و قیل لما أصیبت قریش یوم بدر و رجع فلهم (2) إلی مكة مشی صفوان بن أمیة و عكرمة بن أبی جهل فی رجال من قریش أصیب آباؤهم و إخوانهم ببدر فكلموا أبا سفیان بن حرب و من كانت له فی تلك العیر تجارة فقالوا یا معشر قریش إن محمدا قد وتركم (3) و قتل خیاركم فأعینونا بهذا المال الذی أفلت علی حربه لعلنا أن ندرك منه ثارا بمن أصیب منا ففعلوا فأنزل اللّٰه فیهم هذه الآیة یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فی قتال الرسول و المؤمنین لِیَصُدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ أی لیمنعوا بذلك الناس عن دین اللّٰه الذی أتی به محمد صلی اللّٰه علیه و آله فَسَیُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَیْهِمْ حَسْرَةً من حیث إنهم لا ینتفعون بذلك الإنفاق لا فی الدنیا و لا فی الآخرة بل یكون وبالا علیهم ثُمَّ یُغْلَبُونَ فی الحرب و فیه من الإعجاز ما لا یخفی وَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِلی جَهَنَّمَ یُحْشَرُونَ أی بعد تحسرهم فی الدنیا و وقوع الظفر بهم لِیَمِیزَ اللَّهُ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ أی نفقة الكافرین من نفقة المؤمنین وَ یَجْعَلَ الْخَبِیثَ بَعْضَهُ عَلی بَعْضٍ أی نفقة المشركین بعضها علی بعض

ص: 231


1- فی نسخة المصنّف: عشر جزورا.
2- قال المصنّف فی الهامش: الفل: القوم المنهزمون من الفل بالكسر و هو مصدر سمی به، و یقع علی الواحد و الاثنین و الجمع، ذكره الجزریّ.
3- وتره: أصابه بظلم او مكروه. افزعه.

فَیَرْكُمَهُ أی فیجمعه جَمِیعاً فی الآخرة فَیَجْعَلَهُ فِی جَهَنَّمَ فیعاقبهم بها (1) و قیل معناه لیمیز الكافر من المؤمن فی الدنیا بالغلبة و النصر و الأسماء الحسنة و الأحكام المخصوصة و فی الآخرة بالثواب و الجنة و قیل بأن یجعل الكافر فی جهنم و المؤمن فی الجنة فیجعل الكافرین فی جهنم بعضهم علی بعض (2) یضیقها علیهم أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ لأنهم قد اشتروا بالإنفاق فی المعصیة عذاب اللّٰه.

قوله تعالی فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِینَ أی سنة اللّٰه فی آبائكم و عادته فی نصر المؤمنین و كبت أعداء الدین. (3) قوله تعالی وَ ما أَنْزَلْنا عَلی عَبْدِنا یَوْمَ الْفُرْقانِ یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ أی فأیقنوا أن اللّٰه ناصركم إذ كنتم قد شاهدتم من نصره ما قد شاهدتم أو المعنی و یجوز أن یكون آمَنْتُمْ بِاللَّهِ (4) معناه اعلموا أنما غنمتم من شی ء فأن لله خمسه و للرسول یأمران فیه بما یریدان إن كنتم آمنتم باللّٰه فاقبلوا ما أمرتم به من الغنیمة و اعملوا به وَ ما أَنْزَلْنا عَلی عَبْدِنا أی و آمنتم بما أنزلنا علی محمد من القرآن و قیل من النصر و قیل من الملائكة أی علمتم أن ظفركم علی عدوكم كان بنا یَوْمَ الْفُرْقانِ یعنی یوم بدر لأن اللّٰه تعالی فرق فیه بین المسلمین و المشركین بإعزاز هؤلاء و قمع أولئك یَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ جمع المسلمین و هم ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا و جمع الكافرین و هم بین تسعمائة إلی ألف من صنادید قریش و رؤسائهم فهزموهم و قتلوا منهم زیادة علی السبعین و أسروا منهم مثل ذلك و كان یوم بدر یوم الجمعة لسبع عشرة لیلة مضت من شهر رمضان (5) من سنة اثنتین من الهجرة علی رأس

ص: 232


1- فی المصدر: فیعاقبهم به.
2- فی المصدر: و یجعل الخبیث بعضه علی بعض فی جهنم.
3- مجمع البیان 4: 541 و 542.
4- هكذا فی النسختین المطبوعتین، و فی نسخة المصنّف: او المعنی اعلموا انما غنمتم.
5- ذكره ابن هشام فی السیرة و قال: قال ابن إسحاق: كما حدّثنی أبو جعفر محمّد بن علی بن الحسین علیهم السلام انتهی. أقول: اراد الإمام الباقر علیه السلام.

ثمانیة عشر شهرا و قیل كان التاسع عشر من شهر رمضان و قد روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْیا العدوة شفیر الوادی و للوادی عدوتان و هما جانباه و الدنیا تأنیث الأدنی قال ابن عباس یرید و اللّٰه قدیر علی نصركم و أنتم أقلة أذلة إذ أنتم نزول بشفیر الوادی الأقرب إلی المدینة وَ هُمْ یعنی المشركین أصحاب النفیر بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوی أی نزول بالشفیر الأقصی من المدینة وَ الرَّكْبُ یعنی أبا سفیان و أصحابه و هم العیر أَسْفَلَ مِنْكُمْ أی فی موضع أسفل منكم إلی ساحل البحر قال الكلبی كانوا علی شط البحر بثلاثة أمیال فذكر اللّٰه سبحانه مقاربة الفئتین من غیر میعاد و ما كان المسلمون فیه من قلة الماء و الرمل الذی تسوخ فیه الأرجل مع قلة العدة و العدد و ما كان المشركون فیه من كثرة العدة و العدد و نزولهم علی الماء و العیر أسفل منهم و فیها أموالهم ثم مع هذا كله نصر المسلمین علیهم لیعلم أن النصر من عنده تعالی وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِی الْمِیعادِ معناه لو تواعدتم أیها المسلمون الاجتماع فی الموضع الذی اجتمعتم فیه ثم بلغكم كثرة عددهم مع قلة عددكم لتأخرتم فنقضتم المیعاد أو لأخلفتم بما یعرض من العوائق و القواطع فذكر المیعاد لتأكید أمره فی الإنفاق و لو لا لطف اللّٰه مع ذلك لوقع الاختلاف وَ لكِنْ قدر اللّٰه التقاءكم و جمع بینكم و بینهم علی غیر میعاد لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا أی كائنا لا محالة و هو إعزاز الدین و أهله و إذلال الشرك و أهله لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ أی فعل ذلك لیموت من مات منهم بعد قیام الحجة علیه بما رأی من المعجزات الباهرة للنبی صلی اللّٰه علیه و آله فی حروبه و غیرها و یعیش من عاش منهم بعد قیام الحجة و قیل إن البینة هی ما وعد اللّٰه من النصر للمؤمنین علی الكافرین صار ذلك حجة علی الناس فی صدق النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیما أتاهم به من عند اللّٰه تعالی و قیل معناه لیهلك من ضل بعد قیام الحجة علیه فیكون حیاة الكافر و بقاؤه هلاكا له و یحیا من اهتدی بعد قیام

ص: 233

الحجة علیه و یكون بقاء من بقی علی الإیمان حیاة له و قوله عَنْ بَیِّنَةٍ أی بعد بیان وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِیعٌ لأقوالهم عَلِیمٌ بما فی ضمائرهم إِذْ یُرِیكَهُمُ اللَّهُ العامل فی إذ ما تقدم و تقدیره آتاكم النصر إذ كنتم بشفیر الوادی إذ یریكهم اللّٰه و قیل العامل فیه محذوف أی اذكر یا محمد إذ یریك اللّٰه یا محمد هؤلاء المشركین الذین قاتلوكم یوم بدر فِی مَنامِكَ قَلِیلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِیراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِی الْأَمْرِ معناه یریكهم اللّٰه فی نومك قلیلا لتخبر المؤمنین بذلك فیجترءوا علی قتالهم و هو قول أكثر المفسرین و هذا جائز لأن الرؤیا فی النوم هو تصور یتوهم معه الرؤیة فی الیقظة و لا یكون إدراكا و لا علما بل كثیر مما یراه الإنسان فی نومه یكون تعبیره بالعكس مما رآه كما یكون تعبیر البكاء ضحكا قال الرمانی و یجوز أن یرید اللّٰه (1) الشی ء فی المنام علی خلاف ما هو به لأن الرؤیا فی المنام تخیل للمعنی من غیر قطع و إن جامعه قطع مع الإنسان علی المعنی و إنما ذلك علی مثل ما یخیل السراب ماء من غیر قطع علی أنه ماء و لا یجوز أن یلهمه اعتقادا للشی ء علی خلاف ما هو به لأن ذلك یكون جهلا لا یجوز أن یفعله اللّٰه سبحانه و الرؤیا علی أربعة أقسام رؤیا من اللّٰه تعالی و لها تأویل و رؤیا من وساوس الشیطان و رؤیا من غلبة الأخلاط و رؤیا من الأفكار و كلها أضغاث أحلام إلا الرؤیا التی من قبل اللّٰه التی هی إلهام فی المنام و رؤیا النبی صلی اللّٰه علیه و آله هذه كانت بشارة له و للمؤمنین بالغلبة و قال الحسن معنی قوله فِی مَنامِكَ فی موضع نومك أی فی عینك التی تنام بها و لیس من الرؤیا فی النوم و هو قول البلخی و هذا بعید وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِیراً علی ما كانوا علیه لجبنتم عن قتالهم و ضعفتم و لتنازعتم فی أمر القتال وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ أی المؤمنین عن الفشل و التنازع إِنَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أی بما فی قلوبهم (2) وَ إِذْ یُرِیكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَیْتُمْ فِی أَعْیُنِكُمْ قَلِیلًا أضاف الرؤیة فی النوم إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأن رؤیا الأنبیاء لا یكون إلا حقا و أضاف رؤیة العین إلی المسلمین قلل اللّٰه المشركین

ص: 234


1- فی المصدر: و یجوز أن یری اللّٰه.
2- فی المصدر: ای بما فی قلوبكم، یعلم انكم لو علمتم كثرة عدوكم لرغبتم عن القتال.

فی أعین المؤمنین لیشتد بذلك طمعهم فیهم و جرأتهم علیهم و قلل المؤمنین فی أعین المشركین لئلا یتأهبوا لقتالهم و لا یكترثوا بهم (1) فیظفر بهم المؤمنون و ذلك قوله وَ یُقَلِّلُكُمْ فِی أَعْیُنِهِمْ و قد وردت الروایة عن ابن مسعود أنه قال قلت لرجل بجنبی تراهم سبعین رجلا فقال هم قریب من مائة و قد روی أن أبا جهل كان یقول خذوهم بالأیدی أخذا و لا تقاتلوهم و متی قیل كیف قللهم اللّٰه فی أعینهم مع رؤیتهم لهم فالقول إنه یجوز أن یكون ذلك لبعض الأسباب المانعة من الرؤیة إما بغبار أو ما شاكله فیتخیلونهم بأعینهم قلیلا من غیر رؤیة عن الصحة لجمیعهم و ذلك بلطف من ألطافه تعالی (2) إِذا لَقِیتُمْ فِئَةً أی جماعة كافرة فَاثْبُتُوا لقتالهم وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً مستعینین به علی قتالهم (3) وَ لا تَنازَعُوا فی لقاء العدو فَتَفْشَلُوا أی فتجبنوا عن عدوكم وَ تَذْهَبَ رِیحُكُمْ أی صولتكم و قوتكم أو نصرتكم أو دولتكم و قیل إن المعنی ریح النصر التی یبعثها اللّٰه مع من ینصره علی من یخذله و منه قوله صلی اللّٰه علیه و آله نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور.

وَ اصْبِرُوا علی قتال الأعداء إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ بالنصر و المعونة وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بَطَراً أی بطرین یعنی قریشا خرجوا من مكة لیحموا عیرهم فخرجوا معهم بالقیان و المعازف یشربون الخمور و تعزف علیهم القیان وَ رِئاءَ النَّاسِ قیل إنهم كانوا یدینون بعبادة الأصنام فلما أظهروا التقرب بذلك إلی الناس كانوا مراءین و قیل إنهم وردوا بدرا لیروا الناس أنهم لا یبالون بالمسلمین و فی قلوبهم من الرعب ما فیه فسمی اللّٰه سبحانه ذلك رئاء وَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ أی و یمنعون غیرهم عن دین اللّٰه وَ اللَّهُ بِما یَعْمَلُونَ مُحِیطٌ أی عالم بأعمالهم.

ص: 235


1- أكترث له: بالی به، یقال: هو لا یكترث لهذا الامر ای لا یعبأ به و لا یبالیه.
2- فی المصدر: و ذلك لطف من الطاف اللّٰه تعالی.
3- زاد فی المصدر: و متوقعین النصر من قبله علیهم، و قیل: معناه و اذكروا ما وعدكم اللّٰه تعالی من النصر علی الاعداء فی الدنیا و الثواب فی الآخرة لیدعوكم ذلك إلی الثبات فی القتال.

قال ابن عباس لما رأی أبو سفیان أنه أحرز عیره أرسل إلی قریش أن ارجعوا فقال أبو جهل و اللّٰه لا نرجع حتی نرد بدرا و كان بدر موسما من مواسم العرب یجتمع لهم بها سوق كل عام فنقیم بها ثلاثا و ننحر الجزر و نطعم الطعام و نسقی الخمور و تعزف علینا القیان و تسمع بنا العرب فلا یزالون یهابوننا أبدا فوافوها فسقوا كئوس المنایا و ناحت علیهم النوائح وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ أی حسنها فی نفوسهم و ذلك أن إبلیس حسن لقریش مسیرهم إلی بدر لقتال النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ أی لا یغلبكم أحد من الناس لكثرة عددكم و قوتكم وَ إِنِّی مع ذلك جارٌ لَكُمْ أی ناصر لكم و دافع عنكم السوء و قیل معناه و إنی عاقد لكم عقد الأمان من عدوكم فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أی التقت الفرقتان نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ أی رجع القهقری منهزما وراءه وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ أی رجعت عما كنت ضمنت لكم من الأمان و السلامة لأنی أری من الملائكة الذین جاءوا لنصر المسلمین ما لا ترون و كان إبلیس یعرف الملائكة و هم كانوا لا یعرفونه إِنِّی أَخافُ اللَّهَ أی أخاف عذاب اللّٰه علی أیدی من أراهم وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ لا یطاق عقابه و قیل معناه أنی أخاف أن یكون قد حل الوقت الذی أنظرت إلیه فإن الملائكة لا ینزلون إلا لقیام الساعة أو للعقاب و قال قتادة كذب عدو اللّٰه ما به من مخافة و لكنه علم أنه لا قوة له و لا منعة و ذلك عادة عدو اللّٰه لمن أطاعه حتی إذا التقی الحق و الباطل أسلمهم و تبرأ منهم و علی هذا فیكون قوله أَری ما لا تَرَوْنَ معناه أعلم ما لا تعلمون و أخاف اللّٰه أن یهلكنی فیمن یهلك و اختلف فی ظهور الشیطان یوم بدر كیف كان

فقیل إن قریشا لما أجمعت للمسیر ذكرت الذی (1) بینها و بین بنی بكر بن عبد مناة (2) بن كنانة من الحرب فكاد ذلك أن یثنیهم (3) فجاء إبلیس

ص: 236


1- فی نسخة: ذكرت التی.
2- فی المصدر: عبد مناف. و الظاهر أنّه مصحف و لعله من النسّاخ، ذكر ابن هشام فی السیرة الحرب بین كنانة و قریش و تحاجزهم عند وقعة بدر، و فیه مثل ما فی الكتاب: عند مناة.
3- أی یصرفهم عن ذلك و فی نسخة یثبطهم. و یقال ثبطه عن الامر أی اثقله و اقعده و شغله عنه.

فی جند من الشیطان فتبدی (1) لهم فی صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكنانی ثم- المدلجی و كان من أشراف كنانة فقال لهم لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ أی مجیر لكم من كنانة فلما رأی إبلیس الملائكة نزلوا من السماء و علم أنه لا طاقة له بهم نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ عن ابن عباس و غیره و قیل إنهم لما التقوا كان إبلیس فی صف المشركین آخذا بید الحارث بن هشام فنكص علی عقبیه فقال له الحارث یا سراق (2) أین أ تخذلنا علی هذه الحالة فقال له إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ فقال و اللّٰه ما تری إلا جعاسیس (3) یثرب فدفع فی صدر الحارث و انطلق و انهزم الناس فلما قدموا مكة فقالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال و اللّٰه ما شعرت بمسیركم حتی بلغنی هزیمتكم قالوا إنك أتیتنا یوم كذا فحلف لهم فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشیطان- روی ذلك عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام.

و قیل إن إبلیس لا یجوز أن یقدر علی خلع صورته و لبس صورة سراقة و لكن اللّٰه جعل إبلیس فی صورة سراقة علما للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و إنما فعل ذلك لأنه علم أنه لو لم یدع المشركین إنسان إلی قتال المسلمین فإنهم لا یخرجون من دیارهم حتی یقاتلوهم (4) المسلمون لخوفهم من بنی كنانة فصوره بصورة سراقة حتی تم المراد فی إعزاز الدین عن الجبائی و جماعة و قیل إن إبلیس لم یتصور فی صورة إنسان و إنما قال ذلك لهم علی وجه الوسوسة عن الحسن و الأول هو المشهور فی التفاسیر.

و رأیت فی كلام الشیخ المفید رضی اللّٰه عنه أنه یجوز أن یقدر اللّٰه تعالی الجن و من جری مجراهم علی أن یتجمعوا و یعتمدوا ببعض جواهرهم علی بعض حتی

ص: 237


1- تبدی: ظهر.
2- فی المصدر: یا سراقة.
3- فی المصدر: ما نری إلا جعاسیس یثرب. و فی النهایة: الجعاسیس: اللئام فی الخلق و الخلق، الواحد جعسوس بالضم و منه الحدیث: أ تخوفنا بجعاسیس یثرب.
4- فی المصدر: حتی یقاتلهم المسلمون.

یتمكن الناس من رؤیتهم و یتشبهوا بغیرهم من أنواع الحیوان لأن أجسامهم من الرقة علی ما یمكن ذلك فیها و قد وجدنا الإنسان یجمع الهواء و یفرقه و یغیر صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغییر و أعیانها لم تزد و لم تنقص و قد استفاض الخبر بأن إبلیس تراءی لأهل دار الندوة فی صورة شیخ من أهل نجد و حضر یوم بدر فی صورة سراقة و أن جبرئیل علیه السلام ظهر لأصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة دحیة الكلبی قال و غیر محال أیضا أن یغیر اللّٰه صورهم و یكشفها فی بعض الأحوال فیراهم الناس لضرب من الامتحان.

إِذْ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ هذا یتعلق بما قبله معناه و إذ زین لهم الشیطان أعمالهم إذ یقول المنافقون و هم الذین یبطنون الكفر و یظهرون الإیمان وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ و هم الشاكون فی الإسلام مع إظهارهم كلمة الإیمان و قیل إنهم فئة (1) من قریش أسلموا بمكة و احتبسهم آباؤهم فخرجوا مع قریش یوم بدر و هم قیس بن الولید بن المغیرة و علی بن أمیة بن خلف و العاص بن المنبه (2) بن الحجاج و الحارث بن زمعة و أبو قیس بن الفاكه بن المغیرة لما رأوا قلة المسلمین قالوا غَرَّ هؤُلاءِ دِینُهُمْ أی غر المسلمین دینهم حتی خرجوا مع قلتهم لأجل دینهم إلی قتال المشركین مع كثرتهم و لم یحسنوا النظر لأنفسهم حتی اغتروا بقول رسولهم فبین اللّٰه تعالی أنهم هم المغرورون بقوله وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ أی و من یسلم لأمر اللّٰه و یثق به و یرض بفعله و إن قل عددهم فإن اللّٰه تعالی ینصرهم علی أعدائهم و هو عزیز لا یغلب فكذلك لا یغلب من یتوكل علیه و هو حكیم یضع الأمور مواضعها علی ما تقتضیه الحكمة وَ لَوْ تَری یا محمد إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ أی یقبضون أرواحهم عند الموت یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ یرید أستاههم و قیل وجوههم ما أقبل منهم و أدبارهم ما أدبر منهم و المراد یضربون أجسادهم من قدامهم و من خلفهم و المراد

ص: 238


1- فی المصدر: انهم فتیة.
2- فی المصدر: «منبه» بلا حرف تعریف.

بهم قتلی بدر عن ابن عباس و ابن جبیر و أكثر المفسرین و قیل معناه سیضربهم الملائكة عند الموت

و روی الحسن أن رجلا قال یا رسول اللّٰه إنی رأیت بظهر أبی جهل مثل الشراك فقال صلی اللّٰه علیه و آله ذلك ضرب الملائكة.

و روی مجاهد أن رجلا قال للنبی صلی اللّٰه علیه و آله إنی حملت علی رجل من المشركین فذهبت لأضربه فندر (1) رأسه فقال سبقك إلیه الملائكة.

وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ أی و تقول الملائكة للكفار استخفافا بهم ذوقوا عذاب الحریق بعد هذا فی الآخرة و قیل إنه كان مع الملائكة یوم بدر مَقامِعُ مِنْ حَدِیدٍ كلما ضربوا المشركین بها التهب النار فی جراحاتهم فذلك قوله وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ ذلِكَ أی ذلك العذاب (2) بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیكُمْ أی بما قدمتم و فعلتم وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ لا یظلم عباده فی عقوبتهم من حیث إنه إنما عاقبهم بجنایاتهم علی قدر استحقاقهم. (3) ما كانَ لِنَبِیٍّ أی لیس له و لا فی عهد اللّٰه إلیه أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری من المشركین لیفدیهم أو یمن علیهم حَتَّی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ أی حتی یبالغ فی قتل المشركین و قهرهم لیرتدع بهم من ورائهم و قال أبو مسلم الإثخان الغلبة علی البلدان و التذلیل لأهلها یعنی حتی یتمكن فی الأرض تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیا هذا خطاب لمن دون النبی صلی اللّٰه علیه و آله من المؤمنین الذین رغبوا فی أخذ الفداء من الأسری و رغبوا فی الحرب للغنیمة قال الحسن و ابن عباس یرید یوم بدر یقول أخذتم الفداء من الأسری فی أول وقعة كانت لكم من قبل أن تثخنوا فی الأرض و عرض الدنیا مال الدنیا لأنه بعرض الزوال (4) وَ اللَّهُ یُرِیدُ الْآخِرَةَ أی یرید لكم ثواب الآخرة

ص: 239


1- أی سقط رأسه.
2- فی المصدر: أی ذلك العقاب لكم.
3- مجمع البیان 4: 544- 551.
4- فی المصدر بمعرض الزوال.

لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِیما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ قیل فی معناه أقوال: أحدها لو لا ما مضی من حكم اللّٰه أن لا یعذب قوما حتی یبین لهم ما یتقون و أنه لم یبین لكم أن لا تأخذوا الفداء لعذبكم بأخذ الفداء عن ابن جریح و ثانیها لو لا أن اللّٰه حكم لكم بإباحة الغنائم و الفداء فی أم الكتاب و هو اللوح المحفوظ لمسكم فیما استحللتم قبل الإباحة عذاب عظیم فإن الغنائم لم تحل لأحد قبلكم عن ابن عباس.

و ثالثها لو لا كتاب من اللّٰه سبق و هو القرآن فآمنتم به و استوجبتم بالإیمان به الغفران لمسكم العذاب.

و رابعها أن الكتاب الذی سبق قوله وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَیِّباً هذا إباحة منه سبحانه للمؤمنین أن یأكلوا مما غنموا من أموال المشركین.

القصة كان القتلی من المشركین یوم بدر سبعین قتل منهم علی بن أبی طالب سبعة و عشرین و كان الأسری أیضا سبعین و لم یؤسر أحد من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فجمعوا الأساری و قرنوهم فی الحبال و ساقوهم علی أقدامهم و قتل من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله تسعة رجال منهم سعد بن خیثمة و كان من النقباء من الأوس و عن محمد بن إسحاق قال استشهد من المسلمین یوم بدر أحد عشر رجلا أربعة من قریش و سبعة من الأنصار و قیل ثمانیة و قتل من المشركین بضعة و أربعون رجلا

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ وَ النَّاسُ مَحْبُوسُونَ بِالْوَثَاقِ بَاتَ سَاهِراً أَوَّلَ اللَّیْلِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ مَا لَكَ لَا تَنَامُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله سَمِعْتُ أَنِینَ عَمِّیَ الْعَبَّاسِ فِی وَثَاقِهِ فَأَطْلَقُوهُ فَسَكَتَ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ رَوَی عُبَیْدَةُ السَّلْمَانِیُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ یَوْمَ بَدْرٍ فِی الْأُسَارَی إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ وَ إِنْ شِئْتُمْ فَادَیْتُمُوهُمْ وَ اسْتَشْهَدَ مِنْكُمْ بِعِدَّتِهِمْ وَ كَانَتِ الْأُسَارَی سَبْعِینَ فَقَالُوا بَلْ نَأْخُذُ الْفِدَاءَ فَنَسْتَمْتِعُ بِهِ وَ نَتَقَوَّی بِهِ عَلَی عَدُوِّنَا یَسْتَشْهِدُ مِنَّا بِعِدَّتِهِمْ قَالَ

ص: 240

عُبَیْدَةُ طَلَبُوا الْخَیْرَتَیْنِ كِلْتَیْهِمَا فَقُتِلَ مِنْهُمْ یَوْمُ أُحُدٍ سَبْعُونَ.

و فی كتاب علی بن إبراهیم لما قتل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله النضر بن الحارث و عقبة بن أبی معیط خافت الأنصار أن یقتل الأساری قالوا یا رسول اللّٰه قتلنا سبعین و هم قومك و أسرتك أ تجذ أصلهم (1) فخذ یا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله منهم الفداء و قد كانوا أخذوا ما وجدوه من الغنائم فی عسكر قریش فلما طلبوا إلیه و سألوه نزلت ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری الآیات فأطلق لهم ذلك و كان أكثر الفداء أربعة آلاف درهم و أقله ألف درهم فبعثت قریش بالفداء أولا فأولا و بعثت زینب بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من فدی (2) زوجها أبی العاص بن الربیع و بعثت قلائد لها كانت خدیجة جهزتها بها و كان أبو العاص ابن أخت خدیجة فلما رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله تلك القلائد قال رحم اللّٰه خدیجة هذه قلائد هی جهزتها بها فأطلقه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بشرط أن یبعث إلیه زینب و لا یمنعها من اللحوق به فعاهده علی ذلك و وفی له.

و روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كره أخذ الفداء حتی رأی سعد بن معاذ كراهیة ذلك فی وجهه فقال یا رسول اللّٰه هذا أول حرب لقینا فیه المشركین و الإثخان فی القتل أحب إلینا من استبقاء الرجال و قال عمر بن الخطاب یا رسول اللّٰه كذبوك و أخرجوك فقدمهم و اضرب أعناقهم و مكن علیا من عقیل فیضرب عنقه و مكنی من فلان أضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر و قال أبو بكر أهلك و قومك استأن بهم (3) و استبقهم و خذ منهم فدیة تكون لنا قوة علی الكفار.

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیهما السلام كَانَ الْفِدَاءُ یَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ بِأَرْبَعِینَ أُوقِیَّةً وَ الْأُوقِیَّةُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالًا إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّ فِدَاءَهُ كَانَ مِائَةَ أُوقِیَّةٍ وَ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ حِینَ أُسِرَ عِشْرُونَ أُوقِیَّةً ذَهَباً فَقَالَ النَّبِیُّ ذَلِكَ غَنِیمَةٌ فَفَادِ نَفْسَكَ وَ ابْنَیْ أَخِیكَ نَوْفَلًا وَ عَقِیلًا فَقَالَ لَیْسَ مَعِی شَیْ ءٌ فَقَالَ أَیْنَ الذَّهَبُ الَّذِی

ص: 241


1- جذ: قطع: كسر.
2- فی المصدر: فبعث زینب بنت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فداء زوجها.
3- استأنی فی الامر و به تنظر و ترفق.

سَلَّمْتَهُ إِلَی أُمِّ الْفَضْلِ وَ قُلْتَ إِنْ حَدَثَ بِی حَدَثٌ فَهُوَ لَكِ وَ لِلْفَضْلِ وَ عَبْدِ اللَّهِ وَ قُثَمَ فَقَالَ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا اطَّلَعَ عَلَی هَذَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی..

ثم خاطب اللّٰه سبحانه نبیه صلی اللّٰه علیه و آله فقال یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ إنما ذكر الأیدی لأن من كان فی وثاقهم فهو بمنزلة من یكون فی أیدیهم لاستیلائهم علیه مِنَ الْأَسْری یعنی أسراء بدر الذین أخذ منهم الفداء إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً أی إسلاما و إخلاصا أو رغبة فی الإیمان و صحة نیة یُؤْتِكُمْ أی یعطكم خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ من الفداء إما فی الدنیا و الآخرة و إما فی الآخرة روی عن العباس بن عبد المطلب أنه قال نزلت هذه الآیة فی و فی أصحابی كان معی عشرون أوقیة ذهبا فأخذت منی فأعطانی اللّٰه مكانها عشرین عبدا كل منهم یضرب بمال كثیر و أدناهم یضرب بعشرین ألف درهم مكان العشرین أوقیة و أعطانی زمزم و ما أحب أن لی بها جمیع أموال أهل مكة و أنا أنتظر المغفرة من ربی

قال قتادة ذكر لنا أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما قدم علیه مال البحرین ثمانون ألفا و قد توضأ لصلاة الظهر فما صلی یومئذ حتی فرقه و أمر العباس أن یأخذ منه و یحثی (1) فأخذ و كان العباس یقول هذا خیر مما أخذ منا (2) و أرجو المغفرة.

وَ إِنْ یُرِیدُوا أی الذین أطلقتهم من الأساری خِیانَتَكَ بأن یعودوا حربا لك (3) أو ینصروا عدوا علیك فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ بأن خرجوا إلی بدر و قاتلوا مع المشركین و قیل بأن أشركوا باللّٰه و أضافوا إلیه ما لا یلیق به فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ أی فأمكنك منهم یوم بدر بأن غلبوا و أسروا و سیمكنك منهم ثانیا إن خانوك وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بما فی نفوسكم حَكِیمٌ فیما یفعله (4).

ص: 242


1- فی نسخة: و یجبی.
2- فی المصدر: اخذ منی.
3- فی المصدر: بان یعدوا حربا لك.
4- مجمع البیان 4: 558- 560.

«1»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا كَانُوا أَذِلَّةً وَ فِیهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّمَا نَزَلَ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ (1).

«2»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ قَالَ الْعِیرُ أَوْ قُرَیْشٌ (2).

قوله ذاتِ الشَّوْكَةِ قال ذات الشوكة الحرب قال تودون العیر لا الحرب وَ یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ قال الكلمات الأئمة قوله شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أی عادوا اللّٰه و رسوله قوله زَحْفاً أی یدنو بعضكم من بعض إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ یعنی یرجع (3) أَوْ مُتَحَیِّزاً إِلی فِئَةٍ یعنی یرجع إلی صاحبه و هو الرسول و الإمام فَقَدْ كفر و باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ثم قال فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ أی أنزل الملائكة حتی قتلوهم ثم قال وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی یعنی الحصا الذی حمله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و رمی به فی وجوه قریش و قال شاهت الوجوه ثم قال ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَیْدِ الْكافِرِینَ أی مضعف كیدهم و حیلتهم و مكرهم (4) قوله إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ الآیة قال نزلت فی قریش لما وافاهم ضمضم و أخبرهم بخروج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی طلب العیر فأخرجوا أموالهم و حملوا و أنفقوا و خرجوا إلی محاربة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ببدر فقتلوا و صاروا إلی النار و كان ما أنفقوا حسرة علیهم قوله إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْیا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوی یعنی قریشا حین نزلوا (5) بالعدوة الیمانیة و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حیث نزل بالعدوة الشامیة وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ و هی العیر التی أفلتت ثم قال وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ للحرب لما وفیتم وَ لكِنْ اللّٰه جمعكم من غیر

ص: 243


1- تفسیر القمّیّ: 111.
2- تفسیر القمّیّ: 236.
3- فی المصدر: یعنی راجع.
4- تفسیر القمّیّ: 248.
5- فی نسخة: حیث نزلوا.

میعاد كان بینكم لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ قال یعلم من بقی أن اللّٰه ینصره قوله إِذْ یُرِیكَهُمُ اللَّهُ فِی مَنامِكَ قَلِیلًا فالمخاطبة لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و المعنی لأصحابه أراهم اللّٰه قریشا فی منامهم أنهم قلیل و لو أراهم كثیرا لفزعوا (1).

«3»-فس، تفسیر القمی كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَیْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لَكارِهُونَ یُجادِلُونَكَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَیَّنَ كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عِیراً لِقُرَیْشٍ خَرَجَتْ إِلَی الشَّامِ فِیهَا خَزَائِنُهُمْ فَأَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ لِیَأْخُذُوهَا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ وَعَدَهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ إِمَّا الْعِیرَ أَوْ قُرَیْشَ (2) إِنْ أَظْفَرَ بِهِمْ (3) فَخَرَجَ فِی ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَلَمَّا قَارَبَ بَدْراً كَانَ أَبُو سُفْیَانَ فِی الْعِیرِ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ خَرَجَ یَتَعَرَّضُ الْعِیرَ خَافَ خَوْفاً شَدِیداً وَ مَضَی إِلَی الشَّامِ فَلَمَّا وَافَی النَّقِرَةَ (4) اكْتَرَی ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْخُزَاعِیَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِیرَ وَ أَعْطَاهُ قَلُوصاً وَ قَالَ لَهُ امْضِ إِلَی قُرَیْشٍ وَ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً وَ الصُّبَاةَ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ قَدْ خَرَجُوا یَتَعَرَّضُونَ لِعِیرِكُمْ فَأَدْرِكُوا الْعِیرَ وَ أَوْصَاهُ أَنْ یَخْرِمَ نَاقَتَهُ وَ یَقْطَعَ أُذُنَهَا حَتَّی یَسِیلَ الدَّمُ وَ یَشُقَّ ثَوْبَهُ مِنْ قُبُلٍ وَ دُبُرٍ فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ وَلَّی وَجْهَهُ إِلَی ذَنَبِ الْبَعِیرِ وَ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ وَ قَالَ یَا آلَ غَالِبٍ یَا آلَ غَالِبٍ اللَّطِیمَةَ اللَّطِیمَةَ الْعِیرَ الْعِیرَ أَدْرِكُوا أَدْرِكُوا وَ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَ فَإِنَّ مُحَمَّداً وَ الصُّبَاةَ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ قَدْ خَرَجُوا یَتَعَرَّضُونَ لِعِیرِكُمْ

ص: 244


1- تفسیر القمّیّ: 254 و 255 فیه: و لو أراكهم كثیرا لفزعوا.
2- فی المصدر: و اما قریش.
3- فی نسخة: ان ظفر بهم.
4- النقرة: كل ارض متصوبة فی هبط. و فی نسخة: النفرة، و هی القوم الذین ینفرون معك او یتنافرون فی القتال، أو هم الجماعة یتقدمون فی الامر. و نفرة الرجل: اسرته و من یتعصبون له. و فی المصدر: البهرة. و بهرة الوادی: وسطه، و البهرة أیضا: موضع بنواحی المدینة، و اقصی ماء یلی قرقری بالیمامة.

فَخَرَجَ ضَمْضَمٌ یُبَادِرُ إِلَی مَكَّةَ وَ رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ فِی مَنَامِهَا بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ كَانَ رَاكِباً قَدْ دَخَلَ مَكَّةَ یُنَادِی یَا آلَ غُدَرَ یَا آلَ غُدَرَ (1) اغْدُوا إِلَی مَصَارِعِكُمْ صُبْحَ ثَالِثَةٍ ثُمَّ وَافَی بِجَمَلِهِ عَلَی أَبِی قُبَیْسٍ فَأَخَذَ حَجَراً فَدَهْدَهَ مِنَ الْجَبَلِ (2) فَمَا تَرَكَ دَاراً مِنْ دُورِ قُرَیْشٍ إِلَّا أَصَابَهُ مِنْهُ فِلْذَةٌ وَ كَانَ وَادِی مَكَّةَ قَدْ سَالَ مِنْ أَسْفَلِهِ دَماً فَانْتَبَهَتْ ذَعِرَةً فَأَخْبَرَتِ الْعَبَّاسَ بِذَلِكَ فَأَخْبَرَ الْعَبَّاسُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ فَقَالَ عُتْبَةُ هَذِهِ مُصِیبَةٌ تَحْدُثُ فِی قُرَیْشٍ وَ فَشَتِ (3) الرُّؤْیَا فِی قُرَیْشٍ وَ بَلَغَ (4) ذَلِكَ أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ مَا رَأَتْ عَاتِكَةُ هَذِهِ الرُّؤْیَا وَ هَذِهِ نَبِیَّةٌ ثَانِیَةٌ فِی بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَنَنْتَظِرَنَّ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَإِنْ كَانَ مَا رَأَتْ حَقّاً فَهُوَ كَمَا رَأَتْ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ لَنَكْتُبَنَّ بَیْنَنَا كِتَاباً أَنَّهُ مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَكْذَبَ رِجَالًا وَ لَا نِسَاءً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَلَمَّا مَضَی یَوْمٌ قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا یَوْمٌ قَدْ مَضَی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا یَوْمَانِ قَدْ مَضَیَا فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ وَافَی ضَمْضَمٌ (5) یُنَادِی فِی الْوَادِی یَا آلَ غَالِبٍ یَا آلَ غَالِبٍ اللَّطِیمَةَ اللَّطِیمَةَ الْعِیرَ الْعِیرَ أَدْرِكُوا وَ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَ فَإِنَّ مُحَمَّداً وَ الصُّبَاةَ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ قَدْ خَرَجُوا یَتَعَرَّضُونَ لِعِیرِكُمُ الَّتِی فِیهَا خَزَائِنُكُمْ فَتَصَایَحَ النَّاسُ بِمَكَّةَ وَ تَهَیَّئُوا لِلْخُرُوجِ وَ قَامَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامٍ وَ مُنَبِّهٌ وَ نَبِیهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ وَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَیْلِدٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ اللَّهِ مَا أَصَابَكُمْ مُصِیبَةٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ أَنْ یَطْمَعَ مُحَمَّدٌ وَ الصُّبَاةُ مِنْ أَهْلِ یَثْرِبَ أَنْ یَتَعَرَّضُوا لِعِیرِكُمُ الَّتِی فِیهَا خَزَائِنُكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا قُرَشِیٌّ وَ لَا قُرَشِیَّةٌ إِلَّا وَ لَهَا فِی هَذَا الْعِیرِ نَشٌّ (6) فَصَاعِداً وَ إِنَّهُ لَمِنَ الذُّلِّ (7) وَ الصَّغَارِ أَنْ یَطْمَعَ مُحَمَّدٌ فِی أَمْوَالِكُمْ

ص: 245


1- یا آل عدی یا آل فهر خ ل. و فی المصدر: یا آل غدر یا آل فهر.
2- فی المصدر: فدهدهه من الجبل.
3- فی المصدر: فبثت الرؤیا.
4- فبلغ خ ل.
5- أتی ضمصم خ ل.
6- نشرة خ ل. شی ء خ.
7- فی المصدر: ان هو الا الذل.

وَ یُفَرِّقَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ مَتْجَرِكُمْ فَأَخْرِجُوا وَ أَخْرَجَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ خَمْسَمِائَةِ دِینَارٍ (1) وَ جَهَّزَ بِهَا وَ أَخْرَجَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ مَا بَقِیَ أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ قُرَیْشٍ إِلَّا أَخْرَجُوا مَالًا وَ حَمَلُوا وَ قَوُوا (2) وَ خَرَجُوا عَلَی الصَّعْبِ وَ الذَّلُولِ لَا یَمْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ خَرَجَ مَعَهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ وَ عَقِیلُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ أَخْرَجُوا مَعَهُمُ الْقِیَانَ (3) یَشْرَبُونَ الْخُمُورَ (4) وَ یَضْرِبُونَ بِالدُّفُوفِ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَلَمَّا كَانَ بِقُرْبِ بَدْرٍ عَلَی لَیْلَةٍ مِنْهَا بَعَثَ بَسِیسَ بْنَ أَبِی الزَّغْبَا وَ عَدِیَّ بْنَ عَمْرٍو (5) یَتَجَسَّسَانِ خَبَرَ الْعِیرِ فَأَتَیَا مَاءَ بَدْرٍ وَ أَنَاخَا رَاحِلَتَیْهِمَا وَ اسْتَعْذَبَا مِنَ الْمَاءِ وَ سَمِعَا جَارِیَتَیْنِ قَدْ تَشَبَّثَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَی یُطَالِبُهَا (6) بِدِرْهَمٍ كَانَ لَهَا عَلَیْهَا فَقَالَتْ عِیرُ قُرَیْشٍ نَزَلَتْ أَمْسِ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا وَ هِیَ تَنْزِلُ غَداً هَاهُنَا وَ أَنَا أَعْمَلُ لَهُمْ وَ أَقْضِیكَ فَرَجَعَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (7) فَأَخْبَرَاهُ بِمَا سَمِعَا فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ بِالْعِیرِ فَلَمَّا شَارَفَ بَدْراً تَقَدَّمَ الْعِیرَ وَ أَقْبَلَ وَحْدَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَاءِ بَدْرٍ وَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ مِنْ جُهَیْنَةَ یُقَالُ لَهُ كَسْبٌ (8) الْجُهَنِیُّ فَقَالَ لَهُ یَا كَسْبُ هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِمُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ قَالَ لَا قَالَ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَئِنْ كَتَمْتَنَا أَمْرَ مُحَمَّدٍ لَا تَزَالُ قُرَیْشٌ لَكَ

ص: 246


1- خمسة مائة دینار خ ل.
2- فی المصدر: و حملوا وقودا.
3- فی المصدر: القینات.
4- الخمر خ ل.
5- بشیر بن أبی الزغباء و مجدی بن عمرو خ ل. و فی المصدر: بسیر بن أبی الدعناء و مجدی ابن عمر، و فی الامتاع: و قدم صلّی اللّٰه علیه و سلم عدی بن أبی الزغباء سنان بن سبیع بن ثعلبة ابن ربیعة الجهنیّ، و بسبس بن عمرو بن ثعلبة بن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبیان الذبیانی.
6- و تطالبها خ ل.
7- إلی أصحاب رسول اللّٰه خ ل. أقول: و فی المصدر: فرجعا أصحاب رسول اللّٰه إلیه فاخبراه.
8- ذكرنا قبل ذلك ورود أبی سفیان بدرا و انه سال مجدی بن عمرو عن ذلك.

مُعَادِیَةً آخِرَ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَّا وَ لَهُ شَیْ ءٌ فِی هَذَا الْعِیرِ (1) فَلَا تَكْتُمْنِی فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا لِی عِلْمٌ بِمُحَمَّدٍ وَ مَا بَالُ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ بِالتُّجَّارِ (2) إِلَّا أَنِّی رَأَیْتُ فِی هَذَا الْیَوْمِ رَاكِبَیْنِ أَقْبَلَا فَاسْتَعْذَبَا مِنَ الْمَاءِ وَ أَنَاخَا رَاحِلَتَیْهِمَا (3) وَ رَجَعَا فَلَا أَدْرِی مَنْ هُمَا فَجَاءَ أَبُو سُفْیَانَ إِلَی مَوْضِعِ مُنَاخِ إِبِلِهِمَا فَفَتَّ أَبْعَارَ الْإِبِلِ بِیَدِهِ فَوَجَدَ فِیهَا النَّوَی فَقَالَ هَذِهِ عَلَائِفُ یَثْرِبَ هَؤُلَاءِ وَ اللَّهِ عُیُونُ مُحَمَّدٍ فَرَجَعَ مُسْرِعاً وَ أَمَرَ بِالْعِیرِ فَأَخَذَ بِهَا نَحْوَ سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ تَرَكُوا الطَّرِیقَ وَ مَرُّوا مُسْرِعِین وَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْعِیرَ قَدْ أَفْلَتَتْ وَ أَنَّ قُرَیْشاً قَدْ أَقْبَلَتْ لِمَنْعِ عِیرِهَا وَ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ وَ وَعَدَهُ النَّصْرَ وَ كَانَ نَازِلًا بِالصَّفْرَاءِ (4) فَأَحَبَّ أَنْ یَبْلُوَ الْأَنْصَارَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا وَعَدُوهُ أَنْ یَنْصُرُوهُ وَ كَانَ فِی الدَّارِ (5) فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعِیرَ قَدْ جَازَتْ وَ أَنَّ قُرَیْشاً قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ عِیرَهَا وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِی بِمُحَارَبَتِهِمْ فَجَزِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ ذَلِكَ وَ خَافُوا خَوْفاً شَدِیداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشِیرُوا عَلَیَّ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهَا قُرَیْشٌ وَ خُیَلَاؤُهَا مَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ وَ لَا ذَلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَ لَمْ نَخْرُجْ (6) عَلَی هَیْئَةِ الْحَرْبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اجْلِسْ فَجَلَسَ فَقَالَ أَشِیرُوا عَلَیَّ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَةِ أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ اجْلِسْ ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قُرَیْشٌ وَ خُیَلَاؤُهَا وَ قَدْ آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ وَ شَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخُوضَ جَمْرَ الْغَضَا وَ شَوْكَ الْهَرَاسِ لَخُضْنَا مَعَكَ وَ لَا نَقُولُ لَكَ مَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِمُوسَی فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ

ص: 247


1- إلا و له فی هذا العیر نشرة فصاعدا خ ل أقول: فی المصدر: لیس أحد من قریش إلا و له فی هذا العیر نش فصاعدا.
2- ما لی علم بمحمّد و آله بالتخبار خ ل.
3- و اناخا راحلتیهما فی هذا المكان خ ل.
4- ماء الصفراء خ ل. أقول: الصحیح: الصفراء، و هی قریة بین جبلین یقال لأحدهما: مسلح و للآخر: مخرئ. راجع سیرة ابن هشام 2: 253.
5- فی المصدر: ان ینصروه فی الدار.
6- فی نسخة و فی المصدر: و لم یخرج.

رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (1) وَ لَكِنَّا نَقُولُ اذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ (2) فَجَزَاهُ النَّبِیُّ خَیْراً ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَشِیرُوا عَلَیَّ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ أَرَدْتَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَعَلَّكَ خَرَجْتَ عَلَی أَمْرٍ قَدْ أُمِرْتَ بِغَیْرِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ وَ شَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ وَ خُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ وَ اتْرُكْ مِنْهُ (3) مَا شِئْتَ وَ الَّذِی أَخَذْتَ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنَ الَّذِی تَرَكْتَ وَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخُوضَ هَذَا الْبَحْرَ لَخُضْنَا (4) مَعَكَ فَجَزَاهُ خَیْراً ثُمَّ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا خُضْتُ هَذَا الطَّرِیقَ قَطُّ وَ مَا لِی بِهِ عِلْمٌ وَ قَدْ خَلَفْنَا بِالْمَدِینَةِ قَوْماً لَیْسَ نَحْنُ بِأَشَدَّ جِهَازاً لَكَ مِنْهُمْ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ الْحَرْبُ لَمَا تَخَلَّفُوا وَ لَكِنْ نَعُدُّ لَكَ الرَّوَاحِلَ وَ نَلْقَی عَدُوَّنَا فَإِنَّا صُبُرٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَنْجَادٌ فِی الْحَرْبِ وَ إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ یُقِرَّ اللَّهُ عَیْنَكَ بِنَا فَإِنْ یَكُ مَا تُحِبُّ فَهُوَ ذَاكَ وَ إِنْ یَكُ غَیْرَ ذَلِكَ قَعَدْتَ عَلَی رَوَاحِلِكَ (5) فَلَحِقْتَ بِقَوْمِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ یُحْدِثُ اللَّهُ غَیْرَ ذَلِكَ كَأَنِّی بِمَصْرَعِ فُلَانٍ هَاهُنَا وَ بِمَصْرَعِ فُلَانٍ هَاهُنَا وَ بِمَصْرَعِ أَبِی جَهْلٍ وَ عُتْبَةِ بْنِ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةِ بْنِ رَبِیعَةَ وَ مُنَبِّهٍ وَ نَبِیهٍ ابْنَیِ الْحَجَّاجِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِی إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ وَ لَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ الْمِیعَادَ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهَذِهِ الْآیَةِ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَیْتِكَ بِالْحَقِّ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِالرَّحِیلِ حَتَّی نَزَلَ عِشَاءً عَلَی مَاءِ بَدْرٍ وَ هِیَ الْعُدْوَةُ الشَّامِیَّةُ وَ أَقْبَلَتْ قُرَیْشٌ فَنَزَلَتْ (6) بِالْعُدْوَةِ الْیَمَانِیَّةِ وَ بَعَثَتْ عَبِیدَهَا

ص: 248


1- المائدة: 24.
2- فی المصدر: و لكنا نقول: امض لامر ربك فانا معك مقاتلون.
3- و اترك منها خ ل.
4- لخضناه خ ل.
5- راحلتك خ ل.
6- و نزلت خ ل.

تَسْتَعْذِبُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخَذُوهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَبَسُوهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ عَبِیدُ قُرَیْشٍ قَالُوا فَأَیْنَ الْعِیرُ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا بِالْعِیرِ فَأَقْبَلُوا یَضْرِبُونَهُمْ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی فَانْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ إِنْ صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ وَ إِنْ كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ عَلَیَّ بِهِمْ فَأَتَوْا بِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ نَحْنُ عَبِیدُ قُرَیْشٍ قَالَ كَمِ الْقَوْمُ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا بِعَدَدِهِمْ قَالَ كَمْ یَنْحَرُونَ فِی كُلِّ یَوْمٍ جَزُوراً قَالُوا تِسْعَةٌ إِلَی عَشَرَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تِسْعُمِائَةٍ إِلَی أَلْفٍ قَالَ فَمَنْ فِیهِمْ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ وَ عَقِیلُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِمْ فَحُبِسُوا (1) وَ بَلَغَ قُرَیْشاً ذَلِكَ (2) فَخَافُوا خَوْفاً شَدِیداً وَ لَقِیَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ أَبَا الْبَخْتَرِیِّ بْنَ هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ أَ مَا تَرَی هَذَا الْبَغْیَ وَ اللَّهِ مَا أَبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمَیَّ خَرَجْنَا لِنَمْنَعَ عِیرَنَا وَ قَدْ أَفْلَتَتْ فَجِئْنَا بَغْیاً وَ عُدْوَاناً وَ اللَّهِ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ بَغَوْا وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ مَا فِی الْعِیرِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ ذَهَبٌ كُلُّهُ وَ لَمْ نَسِرْ هَذَا الْمَسِیرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ إِنَّكَ سَیِّدٌ مِنْ سَادَاتِ قُرَیْشٍ فَتَحَمَّلِ الْعِیرَ الَّتِی أَصَابَهَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ بِنَخْلَةَ (3) وَ دَمَ ابْنِ الْحَضْرَمِیِّ فَإِنَّهُ حَلِیفُكَ فَقَالَ عُتْبَةُ أَنْتَ عَلَیَّ بِذَلِكَ وَ مَا عَلَی أَحَدٍ مِنَّا (4) خِلَافٌ إِلَّا ابْنَ الْحَنْظَلِیَّةِ یَعْنِی أَبَا جَهْلٍ فَصِرْ (5) إِلَیْهِ وَ أَعْلِمْهُ أَنِّی قَدْ تَحَمَّلْتُ الْعِیرَ الَّتِی قَدْ أَصَابَهَا مُحَمَّدٌ وَ دَمَ ابْنِ الْحَضْرَمِیِّ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ فَقَصَدْتُ خِبَاءَهُ وَ إِذَا هُوَ قَدْ أَخْرَجَ دِرْعاً لَهُ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَبَا الْوَلِیدِ بَعَثَنِی إِلَیْكَ بِرِسَالَةٍ فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا وَجَدَ عُتْبَةُ رَسُولًا غَیْرَكَ فَقُلْتُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ غَیْرُهُ أَرْسَلَنِی مَا جِئْتُ وَ لَكِنَّ أَبَا الْوَلِیدِ سَیِّدُ الْعَشِیرَةِ فَغَضِبَ غَضْبَةً أُخْرَی فَقَالَ تَقُولُ سَیِّدُ الْعَشِیرَةِ فَقُلْتُ أَنَا أَقُولُهُ

ص: 249


1- فخبسوهم خ ل.
2- فی المصدر: فبلغ قریش ذلك.
3- فتحمل العیر التی قد أصابها محمّد و أصحابه بنخلة خ ل. أقول: و فی المصدر: و تحمل العیر التی أصابها محمّد و أصحابه بنخیلة.
4- من ذلك خ ل.
5- فی المصدر: فسر إلیه.

وَ قُرَیْشٌ كُلُّهَا تَقُولُهُ إِنَّهُ قَدْ تَحَمَّلَ الْعِیرَ (1) وَ دَمَ ابْنِ الْحَضْرَمِیِّ فَقَالَ إِنَّ عُتْبَةَ أَطْوَلُ النَّاسِ لِسَاناً وَ أَبْلَغُهُ فِی الْكَلَامِ (2) وَ یَتَعَصَّبُ لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ ابْنُهُ مَعَهُ وَ یُرِیدُ أَنْ یُخَدِّرَ النَّاسَ (3) لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّی حَتَّی نُقْحِمَ عَلَیْهِمْ بِیَثْرِبَ وَ نَأْخُذَهُمْ أُسَارَی فَنُدْخِلَهُمْ مَكَّةَ وَ تَتَسَامَعَ الْعَرَبُ بِذَلِكَ وَ لَا یَكُونَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَتْجَرِنَا أَحَدٌ نَكْرَهُهُ وَ بَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَثْرَةُ قُرَیْشٍ فَفَزِعُوا فَزَعاً شَدِیداً وَ شَكَوْا وَ بَكَوْا وَ اسْتَغَاثُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّی مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْری وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ فَلَمَّا أَمْسَی (4) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَنَّهُ اللَّیْلُ أَلْقَی اللَّهُ عَلَی أَصْحَابِهِ النُّعَاسَ حَتَّی نَامُوا وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیْهِمُ الْمَاءَ (5) وَ كَانَ نُزُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَوْضِعٍ لَا یَثْبُتُ فِیهِ الْقَدَمُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ السَّمَاءَ (6) وَ لَبَّدَ الْأَرْضَ حَتَّی ثَبَتَتْ (7) أَقْدَامُهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذْ یُغَشِّیكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ یُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ یُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ وَ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله احْتَلَمَ وَ لِیَرْبِطَ عَلی قُلُوبِكُمْ وَ یُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ وَ كَانَ الْمَطَرُ عَلَی قُرَیْشٍ مِثْلَ الْعَزَالِی وَ عَلَی (8) أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَذَاذاً بِقَدْرِ مَا لَبَّدَ (9) الْأَرْضَ وَ خَافَتْ قُرَیْشٌ خَوْفاً شَدِیداً فَأَقْبَلُوا

ص: 250


1- و ما اصاب محمّد بنخلة خ ل- أقول: المصدر خال عن ذلك.
2- فی المصدر: و ابلغهم فی الكلام.
3- یخذل خ ل یحذر خ. أقول: و فی المصدر: ان یحذر بین الناس.
4- و لما أمسی خ ل.
5- السماء خ ل.
6- الماء خ ل.
7- یثبت خ ل.
8- و كان علی خ ل.
9- یلبد خ ل.

یَتَحَارَسُونَ یَخَافُونَ الْبَیَاتَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ ادْخُلَا فِی الْقَوْمِ وَ ائْتُونَا بِأَخْبَارِهِمْ فَكَانَا یَجُولَانِ بِعَسْكَرِهِمْ لَا یَرَوْنَ إِلَّا خَائِفاً ذَعِراً إِذَا صَهَلَ الْفَرَسُ وَ ثَبَتَ عَلَی جَحْفَلَتِهِ (1) فَسَمِعُوا مُنَبِّهَ بْنَ الْحَجَّاجِ یَقُولُ:

لَا یَتْرُكُ (2) الْجُوعُ لَنَا مَبِیتاً*** لَا بُدَّ أَنْ نَمُوتَ أَوْ نُمِیتَا

قَالَ قَدْ وَ اللَّهِ كَانُوا شَبَاعَی وَ لَكِنَّهُمْ مِنَ الْخَوْفِ قَالُوا هَذَا وَ أَلْقَی اللَّهُ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَأُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَبَّأَ أَصْحَابَهُ وَ كَانَ فِی عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فرسین (3) (فَرَسَانِ) فَرَسٌ لِلزُّبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَ فَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ وَ كَانَتْ فِی عَسْكَرِهِ سَبْعُونَ جَمَلًا یَتَعَاقَبُونَ عَلَیْهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِی مَرْثَدٍ الْغَنَوِیُّ عَلَی جَمَلٍ یَتَعَاقَبُونَ عَلَیْهِ وَ الْجَمَلُ لِمَرْثَدٍ وَ كَانَ فِی عَسْكَرِ قُرَیْشٍ أَرْبَعُمِائَةِ فَرَسٍ فَعَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ قَالَ (4) غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالْقِتَالِ وَ لَا یَتَكَلَّمَنَّ أَحَدٌ فَلَمَّا نَظَرَتْ قُرَیْشٌ إِلَی قِلَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَبُو جَهْلٍ مَا هُمْ إِلَّا أَكَلَةُ رَأْسٍ لَوْ بَعَثْنَا إِلَیْهِمْ عَبِیدَنَا لَأَخَذُوهُمْ أَخْذاً بِالْیَدِ فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ أَ تَرَی لَهُمْ كَمِیناً وَ مَدَداً فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ (5) وَهْبٍ الْجُمَحِیَّ وَ كَانَ فَارِساً شُجَاعاً فَجَالَ بِفَرَسِهِ حَتَّی طَافَ بِعَسْكَرِ (6) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ صَعِدَ فِی الْوَادِی وَ صَوَّبَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی قُرَیْشٍ فَقَالَ مَا لَهُمْ كَمِینٌ وَ لَا مَدَدٌ وَ لَكِنْ نَوَاضِحُ یَثْرِبَ قَدْ حَمَلَتِ الْمَوْتَ النَّاقِعَ أَ مَا تَرَوْنَهُمْ خُرْسٌ لَا یَتَكَلَّمُونَ یَتَلَمَّظُونَ تَلَمُّظَ الْأَفَاعِی مَا لَهُمْ

ص: 251


1- فی المصدر: إذا سمعوا صهیل الفرس وثبوا علی جحفلته.
2- لم یترك خ ل.
3- فی المصدر المطبوع: فرسان.
4- فقال خ ل.
5- عمر بن وهب خ ل.
6- علی عسكر خ ل.

مَلْجَأٌ إِلَّا سُیُوفَهُمْ وَ مَا أَرَاهُمْ یُوَلُّونَ حَتَّی یُقْتَلُوا وَ لَا یُقْتَلُونَ حَتَّی یَقْتُلُوا بِعَدَدِهِمْ (1)فَارْتَئُوا رَأْیَكُمْ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ كَذَبْتَ وَ جَبُنْتَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ حِینَ نَظَرْتَ إِلَی سُیُوفِ أَهْلِ یَثْرِبَ وَ فَزِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ نَظَرُوا إِلَی كَثْرَةِ قُرَیْشٍ وَ قُوَّتِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی رَسُولِهِ وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَا یَجْنَحُونَ وَ لَا یُجِیبُونَ إِلَی السِّلْمِ وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ لِتَطَیُّبِ قُلُوبِ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی قُرَیْشٍ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ (2)قُرَیْشٍ مَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَبْدَأَ بِكُمْ فَخَلُّونِی وَ الْعَرَبَ فَإِنْ أَكُ صَادِقاً فَأَنْتُمْ أَعْلَی بِی عَیْناً وَ إِنْ أَكُ كَاذِباً كَفَتْكُمْ ذُؤْبَانُ الْعَرَبِ أَمْرِی فَارْجِعُوا فَقَالَ عُتْبَةُ وَ اللَّهِ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ رَدُّوا هَذَا ثُمَّ رَكِبَ جَمَلًا لَهُ أَحْمَرَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَجُولُ فِی الْعَسْكَرِ وَ یَنْهَی عَنِ الْقِتَالِ فَقَالَ إِنْ یَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ خَیْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ إِنْ یُطِیعُوهُ یَرْشُدُوا فَأَقْبَلَ عُتْبَةُ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ اجْتَمِعُوا وَ اسْمَعُوا ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ یُمْنٌ مَعَ رَحْبٍ فَرَحْبٌ مَعَ یُمْنٍ (3)یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ أَطِیعُونِی الْیَوْمَ وَ اعْصُونِیَ الدَّهْرَ وَ ارْجِعُوا إِلَی مَكَّةَ وَ اشْرَبُوا الْخُمُورَ وَ عَانِقُوا الْحُورَ فَإِنَّ مُحَمَّداً لَهُ إِلٌّ وَ ذِمَّةٌ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّكُمْ فَارْجِعُوا وَ لَا تَرُدُّوا رَأْیِی (4)وَ إِنَّمَا تُطَالِبُونَ مُحَمَّداً بِالْعِیرِ الَّتِی أَخَذَهَا مُحَمَّدٌ بِنَخْلَةَ وَ دَمِ ابْنِ الْحَضْرَمِیِّ وَ هُوَ حَلِیفِی وَ عَلَیَّ عَقْلُهُ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ ذَلِكَ غَاظَهُ وَ قَالَ إِنَّ عُتْبَةَ أَطْوَلُ النَّاسِ لِسَاناً وَ أَبْلَغُهُمْ فِی الْكَلَامِ وَ لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَیْشٌ بِقَوْلِهِ لَیَكُونَنَّ سَیِّدَ قُرَیْشٍ آخِرَ الدَّهْرِ ثُمَّ قَالَ یَا عُتْبَةُ نَظَرْتَ إِلَی سُیُوفِ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ جَبُنْتَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ وَ تَأْمُرُ النَّاسَ بِالرُّجُوعِ وَ كَانَ عَلَی فَرَسٍ فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ فَقَالَ النَّاسُ یَقْتُلُهُ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ فَقَالَ أَ مِثْلِی یَجْبُنُ وَ سَتَعْلَمُ قُرَیْشٌ الْیَوْمَ أَیُّنَا الْأَلْأَمُ وَ الْأَجْبَنُ وَ أَیُّنَا الْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ لَا یَمْشِی

ص: 252


1- بقدرهم خ ل.
2- یا معاشر خ ل.
3- و رحب مع یمن.
4- آرائی خ ل.

إِلَّا أَنَا وَ أَنْتَ إِلَی الْمَوْتِ عِیَاناً ثُمَّ قَالَ:

هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***وَ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ

ثُمَّ أَخَذَ بِشَعْرِهِ یَجُرُّهُ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَقَالُوا یَا أَبَا الْوَلِیدِ اللَّهَ اللَّهَ لَا تَفُتَّ (1) فِی أَعْضَادِ النَّاسِ تَنْهَی عَنْ شَیْ ءٍ تَكُونُ أَوَّلَهُ فَخَلَّصُوا أَبَا جَهْلٍ مِنْ یَدِهِ فَنَظَرَ عُتْبَةُ إِلَی أَخِیهِ شَیْبَةَ وَ نَظَرَ إِلَی ابْنِهِ الْوَلِیدِ فَقَالَ قُمْ یَا بُنَیَّ فَقَامَ ثُمَّ لَبِسَ دِرْعَهُ وَ طَلَبُوا لَهُ بَیْضَةً تَسَعُ رَأْسَهُ فَلَمْ یَجِدُوهَا لِعِظَمِ هَامَتِهِ (2) فَاعْتَجَرَ (3) بِعِمَامَتَیْنِ ثُمَّ أَخَذَ سَیْفَهُ وَ تَقَدَّمَ هُوَ وَ أَخُوهُ وَ ابْنُهُ وَ نَادَی یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَیْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَیْشٍ فَبَرَزَ إِلَیْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَوْدٍ وَ مُعَوِّدٍ (4) وَ عَوْفٍ بَنِی عَفْرَاءَ فَقَالَ عُتْبَةُ مَنْ أَنْتُمْ انْتَسِبُوا لِنَعْرِفَكُمْ (5) فَقَالُوا نَحْنُ بَنُو عَفْرَاءَ أَنْصَارُ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَقَالُوا ارْجِعُوا فَإِنَّا لَسْنَا إِیَّاكُمْ نُرِیدُ إِنَّمَا نُرِیدُ الْأَكْفَاءَ مِنْ قُرَیْشٍ فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِ ارْجِعُوا وَ كَرِهَ أَنْ یَكُونَ أَوَّلُ الْكَرَّةِ بِالْأَنْصَارِ فَرَجَعُوا وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَهُمْ ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عُبَیْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ قُمْ یَا عُبَیْدَةُ فَقَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ بِالسَّیْفِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ قُمْ یَا عَمِّ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ قُمْ یَا عَلِیُّ وَ كَانَ أَصْغَرَهُمْ (6) سِنّاً فَقَامُوا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسُیُوفِهِمْ فَقَالَ (7)

ص: 253


1- تفت فی أعضاء الناس خ ل.
2- الهامة: رأس كل شی ء.
3- فاعتم خ ل.
4- عوز و معوز خ ل. أقول: فی نسخة من المصدر: عود و معود، و فی المطبوع: عوذ و معوذ و ذكرنا سابقا عن السیرة انهم. عوف و معوذ و عبد اللّٰه بن رواحة، و فی الامتاع: معاذ و معوذ و عوف، و یقال: ثالثهم عبد اللّٰه بن رواحة.
5- نعرفكم خ ل.
6- و كان أصغر القوم خ ل.
7- فی نسخة: و اذهبوا فاطلبوا. و فی المصدر المطبوع و المخطوط: و كان اصغرهم فاطلبوا بحقكم.

فَاطْلُبُوا بِحَقِّكُمُ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَقَدْ جَاءَتْ قُرَیْشٌ بِخُیَلَائِهَا وَ فَخْرِهَا تُرِیدُ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اللَّهِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عُبَیْدَةُ عَلَیْكَ بِعُتْبَةَ وَ قَالَ لِحَمْزَةَ عَلَیْكَ بِشَیْبَةَ وَ قَالَ لِعَلِیٍّ عَلَیْكَ بِالْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ فَمَرُّوا حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی الْقَوْمِ فَقَالَ عُتْبَةُ مَنْ أَنْتُمْ انْتَسِبُوا نَعْرِفْكُمْ فَقَالَ عُبَیْدَةُ أَنَا عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ كُفْوٌ كَرِیمٌ فَمَنْ هَذَانِ فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ كُفْوَانِ كَرِیمَانِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَوْقَفَنَا وَ إِیَّاكُمْ بِهَذَا الْمَوْقِفِ فَقَالَ شَیْبَةُ لِحَمْزَةَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ فَقَالَ لَهُ شَیْبَةُ لَقَدْ لَقِیتَ أَسَدَ الْحَلْفَاءِ (1) فَانْظُرْ كَیْفَ تَكُونُ صَوْلَتُكَ یَا أَسَدَ اللَّهِ فَحَمَلَ عُبَیْدَةُ عَلَی عُتْبَةَ فَضَرَبَهُ عَلَی رَأْسِهِ ضَرْبَةً فَلَقَ هَامَتَهُ وَ ضَرَبَ عُتْبَةُ عُبَیْدَةَ عَلَی سَاقِهِ فَقَطَعَهَا وَ سَقَطَا جَمِیعاً وَ حَمَلَ حَمْزَةُ عَلَی شَیْبَةَ فَتَضَارَبَا بِالسَّیْفَیْنِ حَتَّی انْثَلَمَا وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَتَّقِی بِدَرَقَتِهِ وَ حَمَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ فَضَرَبَهُ عَلَی حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَخْرَجَ السَّیْفَ مِنْ إِبْطِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ فَأَخَذَ یَمِینَهُ الْمَقْطُوعَةَ بِیَسَارِهِ فَضَرَبَ بِهَا هَامَتِی فَظَنَنْتُ أَنَّ السَّمَاءَ وَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ اعْتَنَقَ حَمْزَةُ وَ شَیْبَةُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ یَا عَلِیُّ أَ مَا تَرَی الْكَلْبَ قَدْ نَهَزَ (2) عَمَّكَ فَحَمَلَ عَلَیْهِ عَلِیٌّ ثُمَّ قَالَ یَا عَمِّ طَأْطِئْ رَأْسَكَ وَ كَانَ حَمْزَةُ أَطْوَلَ مِنْ شَیْبَةَ فَأَدْخَلَ حَمْزَةُ رَأْسَهُ فِی صَدْرِهِ فَضَرَبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی رَأْسِهِ فَطَیَّرَ (3) نِصْفَهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَی عُتْبَةَ وَ بِهِ رَمَقٌ فَأَجْهَزَ عَلَیْهِ وَ حُمِلَ عُبَیْدَةُ بَیْنَ (4) حَمْزَةَ وَ عَلِیٍّ حَتَّی أَتَیَا بِهِ (5) رَسُولَ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَعْبَرَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَ لَسْتُ شَهِیداً فَقَالَ بَلَی أَنْتَ أَوَّلُ شَهِیدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَ عَمُّكَ حَیّاً لَعَلِمَ أَنِّی أَوْلَی بِمَا قَالَ مِنْهُ قَالَ وَ أَیَّ أَعْمَامِی تَعْنِی فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ حَیْثُ یَقُولُ

ص: 254


1- اسد الاحلاف خ ل.
2- انهر خ ل بهر خ ل أقول: فی المصدر المطبوع: بهر، و فی المخطوط: أبهر.
3- فی المصدر المطبوع: فطنّ نصفه.
4- المصدر المطبوع خال عن لفظة بین.
5- حتی أتوا خ ل.

كَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ یُبْزَی (1) مُحَمَّدٌ***وَ لَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَ نُنَاضِلْ

وَ نُسْلِمُهُ حَتَّی نُصْرَعَ حَوْلَهُ***وَ نَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَ الْحَلَائِلِ

فَقَالَ (2) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرَی ابْنَهُ كَاللَّیْثِ الْعَادِی بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ابْنَهُ الْآخَرَ فِی جِهَادِ اللَّهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ سَخِطْتَ عَلَیَّ فِی هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَالَ مَا سَخِطْتُ عَلَیْكَ وَ لَكِنْ ذَكَرْتَ عَمِّی فَانْقَبَضْتُ لِذَلِكَ وَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ لِقُرَیْشٍ لَا تَعْجَلُوا وَ لَا تَبْطَرُوا كَمَا عَجِلَ وَ بَطِرَ ابْنَا رَبِیعَةَ عَلَیْكُمْ بِأَهْلِ یَثْرِبَ فَاجْزَرُوهُمْ جَزْراً وَ عَلَیْكُمْ بِقُرَیْشٍ فَخُذُوهُمْ أَخْذاً حَتَّی نُدْخِلَهُمْ مَكَّةَ فَنُعَرِّفَهُمْ ضَلَالَتَهُمُ الَّتِی كَانُوا عَلَیْهَا وَ كَانَ فِتْیَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ أَسْلَمُوا بِمَكَّةَ فَاحْتَبَسَهُمْ آبَاؤُهُمْ فَخَرَجُوا مَعَ قُرَیْشٍ إِلَی بَدْرٍ وَ هُمْ عَلَی الشَّكِّ وَ الِارْتِیَابِ وَ النِّفَاقِ مِنْهُمْ قَیْسُ بْنُ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ أَبُو قَیْسِ بْنُ الْفَاكِهَةِ وَ الْحَارِثُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ عَلِیُّ بْنُ أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَ الْعَاصُ بْنُ الْمُنَبِّهِ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی قِلَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3) قَالُوا مَسَاكِینُ هَؤُلَاءِ غَرَّهُمْ دِینُهُمْ فَیُقْتَلُونَ السَّاعَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی رَسُولِهِ إِذْ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِینُهُمْ وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ وَ جَاءَ إِبْلِیسُ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ إِلَی قُرَیْشٍ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا جَارُكُمْ ادْفَعُوا إِلَیَّ رَایَتَكُمْ فَدَفَعُوهَا إِلَیْهِ وَ جَاءَ بِشَیَاطِینِهِ یَهُولُ بِهِمْ عَلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُخَیِّلُ إِلَیْهِمْ وَ یُفْزِعُهُمْ وَ أَقْبَلَتْ قُرَیْشٌ یَقْدُمُهَا إِبْلِیسُ مَعَهُ الرَّایَةُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِدِ (4) وَ لَا تَسُلُّوا

ص: 255


1- فی نسخة: نخلی، و فی المصدر المطبوع: نبری (نخلی خ ل) و فی المخطوط یبری و جمیعها مصحف نبزی أی نغلب علیه و نسلبه و هو الموجود فی سیرة ابن هشام، ذكره ابن هشام فی السیرة 1: 290 و ذكره أیضا فی ص 394 الا انه بدل المصرع الثانی بقوله: و لما تروا یوما لدی الشعب قائما و هو من قصیدة اخری. قوله: و نناضل أی نرامی بالسهام. و الحلائل: الزوجات.
2- فقال له خ ل. أقول: هو الموجود فی المصدر المخطوط.
3- أصحاب محمّد خ ل.
4- هكذا فی الكتاب. و فیه وهم، و الصحیح: النواجذ بالذال كما یأتی.

سَیْفاً حَتَّی آذَنَ لَكُمْ ثُمَّ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ لَا تُعْبَدُ (1) وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْبَدَ لَا تُعْبَدُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْغَشْیُ فَسُرِّیَ عَنْهُ وَ هُوَ یَسْلُتُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ وَ یَقُولُ هَذَا جَبْرَئِیلُ قَدْ أَتَاكُمْ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ قَالَ فَنَظَرْنَا فَإِذَا بِسَحَابَةٍ سَوْدَاءَ فِیهَا بَرْقٌ لَائِحٌ قَدْ وَقَعَتْ عَلَی عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَائِلٌ یَقُولُ أَقْدِمْ حَیْزُومُ أَقْدِمْ حَیْزُومُ وَ سَمِعْنَا قَعْقَعَةَ السِّلَاحِ مِنَ الْجَوِّ (2) وَ نَظَرَ إِبْلِیسُ إِلَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَتَرَاجَعَ وَ رَمَی (3) بِاللِّوَاءِ فَأَخَذَ نَبِیهُ (4) بْنُ الْحَجَّاجِ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ ثُمَّ قَالَ وَیْلَكَ یَا سُرَاقَةُ تَفُتُّ فِی أَعْضَادِ النَّاسِ فَرَكَلَهُ إِبْلِیسُ رَكْلَةً (5) فِی صَدْرِهِ وَ قَالَ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ تَری إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ وَ حَمَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی إِبْلِیسَ فَطَلَبَهُ حَتَّی غَاصَ فِی الْبَحْرِ وَ قَالَ رَبِّ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی مِنَ الْبَقَاءِ إِلَی یَوْمِ الدِّینِ وَ رُوِیَ فِی خَبَرٍ أَنَّ إِبْلِیسَ الْتَفَتَ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ هُوَ فِی الْهَزِیمَةِ فَقَالَ یَا هَذَا أَ بَدَا لَكُمْ فِیمَا أَعْطَیْتُمُونَا فَقِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ تَرَی كَانَ یَخَافُ أَنْ یَقْتُلَهُ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ كَانَ یَضْرِبُهُ ضَرْبَةً یَشِینُهُ مِنْهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا سَأُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ قَالَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ فَقَدْ جَاءَتْ قُرَیْشٌ بِخُیَلَائِهَا وَ فَخْرِهَا تُرِیدُ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اللَّهِ وَ یَأْبَی اللَّهُ

ص: 256


1- لم تعبد خ ل.
2- فی الجو خ ل.
3- فرمی خ ل.
4- منبه بن الحجاج خ ل أقول: هو الموجود فی المصدر.
5- فوكزه إبلیس و كزة خ ل.

إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ خَرَجَ أَبُو جَهْلٍ مِنْ بَیْنِ الصَّفَّیْنِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَقْطَعَنَا الرَّحِمَ (1) وَ آتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُهُ فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ (2) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَیْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِیَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَیْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَفّاً مِنْ حَصًی فَرَمَی بِهِ فِی وُجُوهِ قُرَیْشٍ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَبَعَثَ اللَّهُ رِیَاحاً تَضْرِبُ وُجُوهَ (3) قُرَیْشٍ فَكَانَتِ الْهَزِیمَةُ فَقَالَ (4) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ لَا یُفْلِتَنَّ (5) فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ وَ أُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ وَ الْتَقَی عَمْرُو بْنُ الْجَمُوعِ (6) مَعَ أَبِی جَهْلٍ فَضَرَبَ عَمْرٌو أَبَا جَهْلٍ عَلَی فَخِذِهِ وَ ضَرَبَ أَبُو جَهْلٍ عَمْراً عَلَی یَدِهِ فَأَبَانَهَا مِنَ الْعَضُدِ فَعَلِقَتْ بِجَلْدَةٍ (7) فَاتَّكَأَ عَمْرٌو عَلَی یَدِهِ بِرِجْلِهِ ثُمَّ رَمَی فِی السَّمَاءِ فَانْقَطَعَتِ الْجَلْدَةُ (8) وَ رَمَی بِیَدِهِ وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ انْتَهَیْتُ إِلَی أَبِی جَهْلٍ وَ هُوَ یَتَشَحَّطُ فِی دَمِهِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَخْزَاكَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَخْزَی اللَّهُ عَبْدَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ (9) لِمَنِ الدِّینُ وَیْلَكَ (10) قُلْتُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ إِنِّی قَاتِلُكَ وَ وَضَعْتُ رِجْلِی عَلَی عُنُقِهِ (11) فَقَالَ لَقَدِ ارْتَقَیْتَ مُرْتَقًی صَعْباً

ص: 257


1- فی المصدر المطبوع: اللّٰهمّ ان محمّدا أقطعنا الرحم.
2- فی المصدر: أجنه الغداة.
3- فی وجوه قریش خ ل أقول و هو الموجود فی المصدر.
4- ثم قال خ ل.
5- لا یفلتنك خ ل. أقول: و فی المصدر: لا یغلبك.
6- فی المصدر: عمرو بن الجموح و فی سیرة ابن هشام: معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بنی سلمة، و فیه: ان عكرمة ضرب علی عاتق معاذ فطرح یده فتعلقت بجلدة من جنبه، و نحوه أیضا فی الامتاع.
7- فتعلقت بالجلد.
8- حتی انقطعت الجلدة خ ل. أقول: هو الموجود فی المصدر.
9- عبد أم عبد خ ل.
10- فی سیرة ابن هشام: أخبرنی لمن الدائرة الیوم.
11- علی عاتقه خ ل.

یَا رُوَیْعِیَ الْغَنَمِ أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَشَدَّ مِنْ قَتْلِكَ إِیَّایَ فِی هَذَا الْیَوْمِ إِلَّا تَوَلَّی قَتْلِی رَجُلٌ مِنَ الْمُطَّلِبِینَ (1) أَوْ رَجُلٌ مِنَ الْأَحْلَافِ فَاقْتَلَعْتُ (2) بَیْضَةً كَانَتْ عَلَی رَأْسِهِ فَقَتَلْتُهُ وَ أَخَذْتُ رَأْسَهُ وَ جِئْتُ بِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْبُشْرَی هَذَا رَأْسُ أَبِی جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَسَجَدَ لِلَّهِ شُكْراً وَ أَسَرَ أَبُو بِشْرٍ (3) الْأَنْصَارِیُّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ عَقِیلَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ أَعَانَكَ عَلَیْهِمَا أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلٌ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ (4) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْعَبَّاسِ افْدِ نَفْسَكَ وَ ابْنَ أَخِیكَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كُنْتُ أَسْلَمْتُ وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ اسْتَكْرَهُونِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْلَامِكَ إِنْ یَكُنْ مَا تَذْكُرُ حَقّاً فَإِنَّ اللَّهَ یَجْزِیكَ عَلَیْهِ فَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كُنْتَ عَلَیْنَا ثُمَّ قَالَ یَا عَبَّاسُ إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمُ اللَّهَ فَخَصَمَكُمْ ثُمَّ قَالَ افْدِ نَفْسَكَ وَ ابْنَ أَخِیكَ وَ قَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ أَخَذَ مَعَهُ أَرْبَعِینَ أُوقِیَّةً مِنْ ذَهَبٍ فَغَنِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِلْعَبَّاسِ افْدِ نَفْسَكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ احْسُبْهَا مِنْ فِدَائِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَا ذَاكَ شَیْ ءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْكَ فَافْدِ نَفْسَكَ وَ ابْنَ أَخِیكَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ فَلَیْسَ لِی مَالٌ غَیْرُ الَّذِی ذَهَبَ مِنِّی (5) قَالَ بَلَی الْمَالُ الَّذِی خَلَّفْتَهُ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ بِمَكَّةَ فَقُلْتَ لَهَا إِنْ یَحْدُثْ (6) عَلَیَّ حَدَثٌ فَاقْسِمُوهُ بَیْنَكُمْ فَقَالَ لَهُ (7) أَ تَتْرُكُنِی وَ أَنَا أَسْأَلُ النَّاسَ بِكَفِّی فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ فِی ذَلِكَ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا

ص: 258


1- من المطیبین خ ل.
2- فانقلعت خ ل.
3- فی المصدر: أبو الیسر.
4- ثیاب بیاض خ ل. أقول: هو الموجود فی المصدر.
5- ذهب منی إلیك خ ل.
6- و قلت لها: ان حدث خ ل.
7- فقال العباس له خ ل.

أُخِذَ مِنْكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ قَالَ وَ إِنْ یُرِیدُوا خِیانَتَكَ فِی عَلِیٍّ (1) فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فِیكَ (2) فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَقِیلٍ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ یَا بَا یَزِیدَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ مُنَبِّهَ وَ نَبِیهَ ابنا (ابْنَیِ) الْحَجَّاجِ وَ نَوْفَلَ بْنَ خُوَیْلِدٍ وَ أُسِرَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَقَالَ عَقِیلٌ إِذاً لَمْ تُنَازَعُوا (3) فِی تِهَامَةَ فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَثْخَنْتَ الْقَوْمَ وَ إِلَّا فَارْكَبْ أَكْتَافَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ قَوْلِهِ وَ كَانَ الْقَتْلَی بِبَدْرٍ سَبْعِینَ وَ الْأُسَارَی سَبْعِینَ قَتَلَ مِنْهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ سَبْعَةً وَ عِشْرِینَ وَ لَمْ یُؤْسِرْ أَحَداً فَجَمَعُوا الْأُسَارَی وَ قَرَنُوهُمْ فِی الْحِبَالِ وَ سَاقُوهُمْ عَلَی أَقْدَامِهِمْ وَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تِسْعَةُ رِجَالٍ فِیهِمْ (4) سَعْدُ بْنُ خَیْثَمَةَ وَ كَانَ مِنَ النُّقَبَاءِ فَرَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5) وَ نَزَلَ الْأَثِیلَ (6) عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ هُوَ مِنْ بَدْرٍ عَلَی سِتَّةِ أَمْیَالٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ وَ إِلَی نَضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ هُمَا فِی قِرَانٍ وَاحِدٍ فَقَالَ النَّضْرُ لِعُقْبَةَ یَا عُقْبَةُ أَنَا وَ أَنْتَ مَقْتُولَانِ قَالَ عُقْبَةُ مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ قَالَ نَعَمْ لِأَنَّ مُحَمَّداً نَظَرَ (7) إِلَیْنَا نَظْرَةً رَأَیْتُ فِیهَا الْقَتْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ عَلَیَّ بِالنَّضْرِ وَ عُقْبَةَ وَ

ص: 259


1- لعله من النسّاخ، أو تفسیر من المصنّف.
2- لفظة «فیك» غیر موجودة فی المصحف و المصدر.
3- فی المصدر: إذا لا تنازعوا.
4- منهم خ ل.
5- فرحل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله من بدر خ ل. أقول: و هو موجود فی نسخة مخطوطة من المصدر.
6- قال یاقوت فی معجم البلدان 1: 94: الاثیل تصغیر الاثل: موضع قرب المدینة، و هناك عین ماء لال جعفر بن أبی طالب، بین بدر و وادی الصفراء، و یقال له: ذو اثیل، و حكی عن ابن السكیت انه بتشدید الیاء، و كان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة عند منصرفه من بدر.
7- فی المصدر: قد نظر الینا.

كَانَ النَّضْرُ رَجُلًا جَمِیلًا عَلَیْهِ شَعْرٌ فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ (1) فَجَرَّهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّضْرُ یَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ (2) بِالرَّحِمِ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ إِلَّا أَجْرَیْتَنِی (3) كَرَجُلٍ مِنْ قُرَیْشٍ إِنْ قَتَلْتَهُمْ قَتَلْتَنِی وَ إِنْ فَادَیْتَهُمْ فَادَیْتَنِی وَ إِنْ أَطْلَقْتَهُمْ أَطْلَقْتَنِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا رَحِمَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ قَطَعَ اللَّهُ الرَّحِمَ بِالْإِسْلَامِ قَدِّمْهُ یَا عَلِیُّ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ (4) فَقَالَ عُقْبَةُ یَا مُحَمَّدُ أَ لَمْ تَقُلْ لَا تُصْبَرُ قُرَیْشٌ أَیْ لَا یُقْتَلُونَ صَبْراً قَالَ وَ أَنْتَ مِنْ قُرَیْشٍ إِنَّمَا أَنْتَ عِلْجٌ مِنْ أَهْلِ صَفُّورِیَةَ لَأَنْتَ فِی الْمِیلَادِ أَكْبَرُ مِنْ أَبِیكَ الَّذِی تُدْعَی لَهُ (5) لَیْسَ مِنْهَا قَدِّمْهُ یَا عَلِیُّ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَدَّمَهُ (6) وَ ضَرَبَ عُنُقَهُ فَلَمَّا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّضْرَ وَ عُقْبَةَ خَافَتِ الْأَنْصَارُ أَنْ یَقْتُلَ الْأُسَارَی كُلَّهُمْ فَقَامُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَتَلْنَا سَبْعِینَ وَ أَسَرْنَا سَبْعِینَ وَ هُمْ قَوْمُكَ وَ أُسَارَاكَ (7) هَبْهُمْ لَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ خُذْ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ وَ أَطْلِقْهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری حَتَّی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیا وَ اللَّهُ یُرِیدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِیما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَیِّباً قَالَ فَأَطْلَقَ لَهُمْ أَنْ یَأْخُذُوا الْفِدَاءَ وَ یُطْلِقُوهُمْ وَ شَرَطَ أَنَّهُ یُقْتَلُ مِنْهُمْ فِی عَامٍ قَابِلٍ بِعَدَدِ مَنْ یَأْخُذُوا مِنْهُمُ الْفِدَاءَ فَرَضُوا مِنْهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ أُحُدٍ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعُونَ (8) رَجُلًا فَقَالَ

ص: 260


1- فأخذه بشعره خ ل. أقول: و هو الموجود فی نسخة مخطوطة من المصدر.
2- فی المصدر: أسألك بالرحم الذی بینی و بینك.
3- الا ما اجریتنی خ ل. أقول: مثله موجود فی نسخة مخطوطة من المصدر عندی.
4- زاد فی المصدر المطبوع: فقدمه و ضرب عنقه.
5- فی المصدر المطبوع: تدعی إلیه و فیه تدعی بالیاء و التاء كلتیهما، و فی المصدر المخطوط كذلك الا أن فیه «له».
6- فقدمه علی خ ل. أقول: هذا یوافق ما فی النسخة المخطوطة الموجودة عندنا.
7- و أسرتك خ ل. أقول: فی نسختنا المخطوطة من المصدر: و اسراؤك.
8- سبعین خ ل. أقول: هو موجود فی نسختنا المخطوطة من المصدر، و المتن اصوب.

مَنْ بَقِیَ مِنْ أَصْحَابِهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الَّذِی أَصَابَنَا وَ قَدْ كُنْتَ تَعِدُنَا بِالنَّصْرِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْها بِبَدْرٍ قَتَلْتُمْ سَبْعِینَ وَ أَسَرْتُمْ سَبْعِینَ قُلْتُمْ أَنَّی هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (1) بِمَا اشْتَرَطْتُمْ. (2).

بَیَانٌ الْقَلُوصُ مِنَ النَّاقَةِ هِیَ الشَّابَّةُ وَ الصُّبَاةُ جَمْعُ الصَّابِی وَ أَصْلُهُ مَهْمُوزٌ وَ هُوَ مَنْ خَرَجَ مِنْ دِینٍ إِلَی غَیْرِهِ وَ كَانَ الْكُفَّارُ یُسَمُّونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابَهُ الصُّبَاةَ وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی حَدِیثِ بَدْرٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ اللَّطِیمَةَ اللَّطِیمَةَ أَیْ أَدْرِكُوهَا وَ هِیَ مَنْصُوبَةٌ وَ اللَّطِیمَةُ الْجَمَّالُ الَّتِی تَحْمِلُ الْعِطْرَ وَ الْبَزَّ غَیْرُ الْمِیرَةِ قَوْلُهُ یَا آلَ غَالِبٍ لَعَلَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ تَفَؤُّلًا أَوْ لِأَنَّهُمْ مِنْ وُلْدِ لُؤَیِّ بْنِ غَالِبٍ وَ قَالَ فِی النِّهَایَةِ قَالَ عُرْوَةُ لِلْمُغِیرَةِ یَا غُدَرُ غُدَرُ مَعْدُولٌ عَنْ غَادِرٍ لِلْمُبَالَغَةِ یُقَالُ لِلذَّكَرِ غُدَرُ وَ لِلْأُنْثَی غَدَارِ كَقَطَامِ وَ هُمَا مُخْتَصَّانِ بِالنِّدَاءِ فِی الْغَالِبِ وَ مِنْهُ حَدِیثُ عَاتِكَةَ یَا لَغُدَرُ یَا لَفُجَرُ انْتَهَی.

وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ مَكَانَ یَا آلَ غُدَرَ مُكَرَّراً یَا آلَ عَدِیٍّ یَا آلَ فِهْرٍ وَ هُوَ أَظْهَرُ وَ الْفِلْذَةُ بِالْكَسْرِ الْقِطْعَةُ قَوْلُهُ نَشٌّ فَصَاعِداً النَّشُّ عِشْرُونَ دِرْهَماً نِصْفُ أُوقِیَّةٍ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ نَشْرٌ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَ هُوَ الرَّائِحَةُ الطَّیِّبَةُ وَ لَعَلَّهُ هُنَا كِنَایَةٌ عَنْ قَلِیلٍ مِنَ الطِّیبِ.

وَ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ اسْتَعْذَبَ الْقَوْمُ مَاءَهُمْ إِذَا اسْتَقَوْه عَذْباً وَ یُسْتَعْذَبُ لِفُلَانٍ مِنْ بِئْرِ كَذَا أَیْ یُسْتَقَی لَهُ وَ قَالَ فَتَّ الشَّیْ ءَ كَسَرَهُ.

وَ الْخُیَلَاءُ بِضَمِّ الْخَاءِ أَوْ كَسْرِهَا وَ فَتْحِ الْیَاءِ الْكِبْرُ وَ الْغَضَاةُ شَجَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ نَارُهَا تَبْقَی كَثِیراً وَ الْجَمْعُ الْغَضَا وَ الْهَرَاسُ كَسَحَابٍ شَجَرٌ شَائِكٌ ثَمَرُهُ كَالنَّبَقِ وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ رَجُلٌ نَجِدٌ وَ نَجُدٌ أَیْ شَدِیدُ الْبَأْسِ

وَ مِنْهُ حَدِیثُ عَلِیٍّ أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَأَمْجَادٌ أَنْجَادٌ.

أَیْ أَشِدَّاءُ شُجْعَانٌ.

قَوْلُهُ أَنْتَ عَلَیَّ بِذَلِكَ أَیْ شَاهِدٌ عَلَیَّ أَوْ ضَامِنٌ عَلَیَّ بِذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْ نَخْدُرَ بَیْنَ النَّاسِ أَیْ نَجْلِسَ فِی الْخُدُورِ مَعَ النِّسَاءِ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ أَنْ یُحْذَرَ النَّاسُ وَ

ص: 261


1- آل عمران: 165.
2- تفسیر القمّیّ: 236- 248.

فِی بَعْضِهَا أَنْ یُخْذَلَ أَیْ یُحْمَلَ النَّاسُ عَلَی الْخِذْلَانِ وَ تَرْكِ الْحَرْبِ وَ هُوَ أَصْوَبُ وَ الْعَزَالِی جَمْعُ الْعَزْلَاءِ وَ هُوَ فَمُ الْمَزَادَةِ الْأَسْفَلِ شِبْهُ اتِّسَاعِ الْمَطَرِ وَ انْدِفَاقُهُ بِالَّذِی یَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْمَزَادَةِ وَ الرَّذَاذُ الْمَطَرُ الضَّعِیفُ وَ الْجَحْفَلَةُ بِمَنْزِلَةِ الشَّفَةِ لِلْخَیْلِ وَ الْبِغَالِ وَ الْحَمِیرِ وَ الْأَكْلَةُ الْمَرَّةُ مِنَ الْأَكْلِ وَ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ وَ الطُّعْمَةُ وَ النَّاقِعُ الْقَاتِلُ وَ الْبَالِغُ وَ نَقَعَ الْمَوْتُ كَثُرَ وَ السَّحْرُ بِالْفَتْحِ وَ الضَّمِّ وَ التَّحْرِیكِ الرِّیَةُ قَالَ الْجَزَرِیُّ انْتَفَخَ سَحْرُكَ أَیْ رِیَتُكَ یُقَالُ ذَلِكَ لِلْجَبَانِ.

قَوْلُهُ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَیْ لَیْسَ الِابْتِدَاءُ بِقِتَالِ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِقِتَالِكُمْ وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی حَدِیثِ النَّجَاشِیِّ وَ كَانُوا بِهِمْ أَعْلَی عَیْناً أَیْ أَبْصَرَ بِهِمْ وَ أَعْلَمَ بِحَالِهِمْ وَ قَالَ یُقَالُ لِصَعَالِیكِ الْعَرَبِ وَ لُصُوصِهَا ذُوبَانٌ لِأَنَّهُمْ كَالذِّئَابِ وَ الذُوبَانُ جَمْعُ ذِئْبٍ وَ الْأَصْلُ فِیهِ الْهَمْزُ لَكِنَّهُ خُفِّفَ فَانْقَلَبَتْ وَاواً.

قَوْلُهُ یُمْنٌ مَعَ رَحْبٍ أَیْ مَا أَعْظَمَكُمْ وَ أَوْصَاكُمْ بِهِ مُشْتَمِلٌ عَلَی الْمَیْمَنَةِ وَ السَّعَةِ ثُمَّ السَّعَةُ وَ الْمَیْمَنَةُ وَ الْإِلُّ بِالْكَسْرِ الْعَهْدُ وَ الْحَلْفُ وَ الْجَارُ وَ الْقَرَابَةُ

وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام:

هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***إِذْ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ

هَذَا مَثَلٌ أَوَّلُ مَنْ قَالَهُ عَمْرٌو ابْنُ أُخْتِ جُذَیْمَةَ الْأَبْرَشِ كَانَ یَجْنِی الْكَمْأَةَ (1) مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ فَكَانُوا إِذَا وَجَدُوا خِیَارَ الْكَمْأَةِ أَكَلُوهَا وَ إِذَا وَجَدَهَا عَمْرٌو جَعَلَهَا فِی كُمِّهِ حَتَّی یَأْتِیَ بِهَا خَالَهُ وَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَصَارَتْ مَثَلًا.

قَوْلُهُ اللَّهَ اللَّهَ بِكَسْرِهِمَا بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ أَوْ بِنَصْبِهِمَا بِتَقْدِیرِ اذْكُرْ أَوْ نَحْوِهِ یُقَالُ فَتَّ عَضُدِی وَ هَدَّ رُكْنِی وَ فَتَّ فِی سَاعِدِهِ أَیْ أَضْعَفَهُ وَ الِاعْتِجَارُ لَفُّ الْعِمَامَةِ دُونَ التَّلَحِّی وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ الْأَحْلَافُ سِتُّ قَبَائِلَ عَبْدُ الدَّارِ

ص: 262


1- جنی: تناول الثمر من أصله. الكمأة: نبات یقال له: شحم الأرض، و نبات الرعد، یوجد فی الربیع تحت الأرض، و هو أصل مستدیر كالقلقاس لا ساق له و لا عرق، یمیل الی الغبرة و یقال له بالتركیة: قارچ، و بالفارسیة: سمالو، و سمادوع، و بالشیرازیة: هكلو، و بالیونانیة اوزونا.

وَ جُمَحُ وَ مَخْزُومٌ وَ عُدَیٌّ وَ كَعْبٌ وَ سَهْمٌ (1) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ أَخَذَ مَا فِی أَیْدِی عَبْدِ الدَّارِ مِنَ الْحِجَابَةِ وَ الرِّفَادَةِ (2) وَ اللِّوَاءِ وَ السِّقَایَةِ وَ أَبَتْ عَبْدُ الدَّارِ عَقْدَ كُلِّ قَوْمٍ عَلَی أَمْرِهِمْ حَلْفاً مُؤَكَّداً عَلَی أَنْ لَا یَتَخَاذَلُوا فَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ جَفْنَةً مَمْلُوَّةً طِیباً فَوَضَعَتْهَا لِأَحْلَافِهِمْ وَ هُمْ أَسَدٌ وَ زُهْرَةُ وَ تَیْمٌ (3) فِی الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ غَمَسَ الْقَوْمُ أَیْدِیَهُمْ فِیهَا وَ تَعَاقَدُوا وَ تَعَاقَدَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَ حُلَفَاؤُهَا حَلْفاً آخَرَ مُؤَكَّداً فَسُمُّوا الْأَحْلَافَ لِذَلِكَ انْتَهَی. (4) وَ انْثَلَمَ السَّیْفُ وَ تَثَلَّمَ انْكَسَرَ حَرْفُهُ وَ الدَّرَقَةُ مُحَرَّكَةً التُّرْسُ مِنْ جِلْدٍ بِلَا خَشَبٍ

ص: 263


1- جمح بضم الجیم و فتح المیم، بنو جمح: بطن من قریش و هو جمح بن عمرو بن هصیص ابن كعب بن لؤی بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. و عبد الدار: بطن من قصی بن كلاب من العدنانیة و مخزوم: بطن من لوی بن غالب بن قریش. و عدی: بطن من لؤی بن غالب و هو عدی بن كعب بن لؤی، و بنو سهم بطن من هصص و هم بنو عمرو بن هصص بن كعب بن لؤی، و لم یذكر ابن هشام و البغدادیّ كعب، بل قالا: عدی بن كعب. فعندهما الاحلاف خمس.
2- حجابة الكعبة هی سدانتها و تولی حفظها، و كان فی أیدی الحجبة مفتاحها، و الرفادة هو شی ء كانت قریش تترافد به فی الجاهلیة، أی تتعاون فیخرج كل إنسان بقدر طاقته فیجمعون مالا عظیما فیشترون به الطعام و الزبیب للنبیذ و یطعمون الناس و یسقونهم أیّام موسم الحجّ حتّی ینقضی.
3- بنو اسد هم بنو اسد بن عبد العزی بن قصی. و بنو زهرة: بطن من بنی مرة بن كلاب من قریش من العدنانیة، و هم بنو زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب. و بنو تیم بطن من قریش من بنی مرة بن كعب، و هم بنو تیم بن مرة بن كعب، و زاد ابن هشام فی السیرة 1: 143 و البغدادیّ فی المحبر: 166، بنی الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة فیمن حلف مع بنی عبد مناف، و یقال لهؤلاء: المطیبون، و لا حلاف عبد الدار الاحلاف، قال البغدادیّ: و انما سموا مطیبین و احلافا لان بنی قصی لما تناسلوا أرادوا اخذ ما فی أیدی بنی عبد الدار و كان قصی قد جعل لعبد الدار الحجابة و الندوة و السقایة و الرفادة و اللواء، فابی بنو عبد الدار ان یتجافوا عن هذه الأشیاء لهم فتحازبت قریش فأخرجت عاتكة بنت عبد المطلب مركنا فیه طیب فغمست القبائل التی فی حزب بنی عبد مناف ایدیها فی الطیب و احتلفوا فسموا المطیبین، و نحر الآخرون جزورا و غمسوا أیدیهم فی دمه، و لعق رجل من بنی عدی من ذلك الدم لعقة، فلعقوا و احتلفوا فسموا الاحلاف.
4- قال ابن هشام فی السیرة: و خرجت عامر بن لؤی و محارب بن فهر فلم یكونوا مع واحد من الفریقین.

وَ لَا عَقَبٍ قَوْلُهُ قَدْ نَهَزَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ بِالنُّونِ وَ الزَّاءِ الْمُعْجَمَةِ یُقَالُ نَهَزَهُ أَیْ ضَرَبَهُ وَ دَفَعَهُ وَ النَّهْزَةُ الْفُرْصَةُ وَ انْتَهَزْتُهَا اغْتَنَمْتُهَا وَ فِی بَعْضِهَا انْهَرَّ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ إِمَّا مِنَ الْهَرِیرِ وَ هُوَ نُبَاحُ الْكَلْبِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنْهَرْتُ الدَّمَ أَیْ أَرْسَلْتُهُ وَ أَنْهَرْتُ الطَّعْنَةَ وَسَّعْتُهَا وَ فِی بَعْضِهَا بَهَرَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَهَرَهُ أَیْ غَلَبَهُ قَوْلُهُ فَاجْزُرُوهُمْ أَیْ فَاقْتُلُوهُمْ كَمَا یَجْزُرُ الْجَزَّارُ الْإِبِلَ.

وَ قَالَ الْجَزَرِیُّ النَّوَاجِذُ (1) مِنَ الْأَسْنَانِ الَّتِی تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ وَ الْأَظْهَرُ الْأَشْهُرُ أَنَّهَا أَقْصَی الْأَسْنَانِ وَ عَضَّ عَلَی نَاجِذِهِ (2) صَبَرَ وَ تَصَلَّبَ فِی الْأُمُورِ.

وَ یُقَالُ انْسَرَی الْهَمُّ عَنِّی وَ سُرِّیَ أَیِ انْكَشَفَ وَ سَلَتَ الدَّمَ أَیْ أَمَاطَهُ وَ قَالَ الْفِیرُوزَآبَادِیُّ الْحَیْزُومُ فَرَسُ جَبْرَئِیلَ.

أَقُولُ لَعَلَّ الْقَائِلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یُخَاطِبُ فَرَسَهُ وَ یَحُثُّهُ قَالَ فِی النِّهَایَةِ فِی حَدِیثِ بَدْرٍ أَقْدِمْ حَیْزُومُ هُوَ أَمْرٌ بِالْإِقْدَامِ وَ هُوَ التَّقَدُّمُ فِی الْحَرْبِ وَ الْإِقْدَامُ الشَّجَاعَةُ وَ قَدْ تُكْسَرُ هُمَزَةُ أَقْدِمْ وَ یَكُونُ أَمْراً بِالتَّقْدِیمِ لَا غَیْرُ وَ الصَّحِیحُ الْفَتْحُ مِنْ أَقْدَمَ وَ حَیْزُومُ جَاءَ فِی التَّفْسِیرِ أَنَّهُ اسْمُ فَرَسِ جَبْرَئِیلَ أَرَادَ أَقْدِمْ یَا حَیْزُومُ فَحُذِفَ حَرْفُ النِّدَاءِ وَ الْیَاءُ فِیهِ زَائِدَةٌ انْتَهَی.

وَ الرَّكْلُ الضَّرْبُ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ فَوَكَزَهُ إِبْلِیسُ وَكْزَةً یُقَالُ وَكَزَهُ أَیْ ضَرَبَهُ وَ دَفَعَهُ أَوْ ضَرَبَهُ بِجَمِیعِ یَدِهِ عَلَی ذَقَنِهِ قَوْلُهُ فَأَحِنْهُ أَیْ فَأَهْلِكْهُ فِی غَدَاةِ هَذَا الْیَوْمِ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ الْحَیْنُ بِالْفَتْحِ الْهَلَاكُ یُقَالُ حَانَ الرَّجُلُ أَیْ هَلَكَ وَ أَحَانَهُ اللَّهُ.

قَوْلُهُ وَ إِلَّا فَارْكَبْ أَكْتَافَهُمْ كِنَایَةٌ عَنْ تَعَاقُبِهِمْ وَ اتِّبَاعِ مُدَبِّرِهِمْ یُقَالُ قَرَنْتُهُمَا قَرْناً إِذَا جَمَعْتَهُمَا فِی حَبْلٍ وَاحِدٍ وَ ذَلِكَ الْحَبْلُ یُسَمَّی الْقِرَانَ بِالْكَسْرِ وَ یُقَالُ قُتِلَ فُلَانٌ صَبْراً إِذَا حُبِسَ عَلَی الْقَتْلِ حَتَّی یُقْتَلَ وَ الْعِلْجُ الرَّجُلُ مِنْ

ص: 264


1- هكذا فی نسخة المصنّف و سائر النسخ، و فی النهایة: النواجذ. و عض علی ناجذه كلاهما بالذال المعجمة و هما الصحیحان، و النواجد بالدال المهملة بمعنی آخر.
2- هكذا فی نسخة المصنّف و سائر النسخ، و فی النهایة: النواجذ. و عض علی ناجذه كلاهما بالذال المعجمة و هما الصحیحان، و النواجد بالدال المهملة بمعنی آخر.

كُفَّارِ الْعَجَمِ قَوْلُهُ أَكْبَرُ مِنْ أَبِیكَ أَیْ لَسْتَ أَنْتَ ابْنَ مَنْ تَدَّعِی أَنَّهُ أَبُوكَ لِأَنَّكَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنَ الرَّجُلِ الَّذِی لَیْسَ مِنْ أَهْلِ صَفُّورِیَةُ وَ تَدَّعِی أُبُوَّتَهُ لَكَ فَالضَّمِیرُ فِی قَوْلِهِ مِنْهَا رَاجِعٌ إِلَی الصَّفُّورِیَةِ.

«4»-ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ أَبِی كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ مِنَ الْعَبَّاسِ یَوْمَ بَدْرٍ دَنَانِیرَ كَانَتْ مَعَهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدِی غَیْرُهَا فَقَالَ فَأَیْنَ الَّذِی اسْتَخْبَیْتَهُ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ (1) رَسُولُ اللَّهِ مَا كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ حِینَ اسْتَخْبَیْتُهَا (2).

«5»-ب، قرب الإسناد بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: أُتِیَ (3) النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَالٍ دَرَاهِمَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْعَبَّاسِ یَا عَبَّاسُ ابْسُطْ رِدَاكَ وَ خُذْ مِنْ هَذَا الْمَالِ طَرَفاً فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ طَائِفَةً ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَبَّاسُ هَذَا مِنَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (4)

«6»-م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ قَالَ: أَرْسَلَ أَبُو جَهْلٍ بَعْدَ الْهِجْرَةِ رِسَالَةً إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ أَنْ قَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْخُیُوطَ (5) الَّتِی فِی رَأْسِكَ هِیَ الَّتِی ضَیَّقَتْ عَلَیْكَ مَكَّةَ وَ رَمَتْ بِكَ إِلَی یَثْرِبَ وَ إِنَّهَا لَا تَزَالُ بِكَ حَتَّی تَنْفِرَكَ (6) وَ تَحُثَّكَ عَلَی مَا یُفْسِدُكَ وَ یُتْلِفَكَ (7) إِلَی أَنْ تُفْسِدَهَا عَلَی أَهْلِهَا وَ تُصْلِیَهُمْ حَرَّ نَارٍ (8)

ص: 265


1- و أشهد انك خ ل.
2- قرب الإسناد: ص 11.
3- فی المصدر: اوتی.
4- قرب الإسناد: 12. و الآیة تقدمت فی صدر الباب.
5- صدر الحدیث غیر مذكور فی التفسیر، بل فیه: و محمّد هو الذی لما جاءه رسول أبی جهل یتهدده و یقول: یا محمّد ان الخیوط اه.
6- نفره: جعله ینفر. حثه علی كذا: حضه و نشطه علی فعله.
7- فی التفسیر المطبوع: یبلغك. و لعله مصحف.
8- فی التفسیر المطبوع: و تصلیهم حزنا. و فی نسختی المخطوطة: و تصلیهم حرنا. و لعلهما مصحفان.

تُعَدِّیكَ طَوْرُكَ (1) وَ مَا أَرَی ذَلِكَ إِلَّا وَ سَیَئُولُ إِلَی أَنْ تَثُورَ عَلَیْكَ قُرَیْشٌ ثَوْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِقَصْدِ آثَارِكَ وَ دَفْعِ ضَرَرِكَ وَ بَلَائِكَ فَتَلْقَاهُمْ بِسُفَهَائِكَ الْمُغْتَرِّینَ بِكَ وَ یُسَاعِدُكَ عَلَی ذَلِكَ مَنْ هُوَ كَافِرٌ بِكَ مُبْغِضٌ لَكَ فَیُلْجِؤُهُ إِلَی مُسَاعَدَتِكَ وَ مُظَافَرَتِكَ (2) خَوْفُهُ لِأَنْ یَهْلِكَ بِهَلَاكِكَ وَ یَعْطَبَ عِیَالُهُ بِعَطَبِكَ وَ یَفْتَقِرَ هُوَ وَ مَنْ یَلِیهِ بِفَقْرِكَ وَ بِفَقْرِ شِیعَتِكَ (3) إِذْ یَعْتَقِدُونَ (4) أَنَّ أَعْدَاءَكَ إِذَا قَهَرُوكَ وَ دَخَلُوا دِیَارَهُمْ عَنْوَةً (5) لَمْ یُفَرِّقُوا بَیْنَ مَنْ وَالاكَ وَ عَادَاكَ وَ اصْطَلَمُوهُمْ (6) بِاصْطِلَامِهِمْ لَكَ وَ أَتَوْا عَلَی عِیَالاتِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ بِالسَّبْیِ وَ النَّهْبِ كَمَا یَأْتُونَ عَلَی أَمْوَالِكَ وَ عِیَالِكَ وَ قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَ بَالَغَ مَنْ أَوْضَحَ (7) فَأُدِّیَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (8) وَ هُوَ بِظَاهِرِ الْمَدِینَةِ بِحَضْرَةِ كَافَّةِ أَصْحَابِهِ وَ عَامَّةِ الْكُفَّارِ (9) مِنْ یَهُودِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هَكَذَا أَمَرَ الرَّسُولَ لِیُجَبِّنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یُغْرِیَ (10) بِالْوَثُوبِ عَلَیْهِ سَائِرَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْكَافِرِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلرَّسُولِ قَدْ أَطْرَیْتَ مَقَالَتَكَ وَ اسْتَكْمَلْتَ رِسَالَتَكَ قَالَ بَلَی قَالَ فَاسْمَعِ الْجَوَابَ إِنَّ أَبَا جَهْلٍ بِالْمَكَارِهِ وَ الْعَطَبِ یَتَهَدَّدُنِی وَ رَبُّ الْعَالَمِینَ بِالنَّصْرِ وَ الظَّفَرِ یَعِدُنِی وَ خَبَرُ اللَّهِ أَصْدَقُ وَ الْقَبُولُ (11) مِنَ اللَّهِ أَحَقُّ لَنْ یَضُرَّ مُحَمَّداً مَنْ

ص: 266


1- الطور: الحد. القدر.
2- مظاهرتك خ ل.
3- فی التفسیر المطبوع و نسخة اخری: متبعیك.
4- أو یعتقدون خ ل.
5- عنوة: أی قهرا و قسرا.
6- أی استأصلوهم.
7- أوضع خ ل.
8- فی التفسیر: الی محمّد و فی الاحتجاج إلی محمّد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
9- فی التفسیر المطبوع: و عامة الكفّار به.
10- فی التفسیر: و یغروا.
11- و القول خ ل.

خَذَلَهُ أَوْ یَغْضِبُ عَلَیْهِ (1) بَعْدَ أَنْ یَنْصُرَهُ اللَّهُ وَ یَتَفَضَّلَ بِجُودِهِ وَ كَرَمِهِ عَلَیْهِ قُلْ لَهُ یَا أَبَا جَهْلٍ إِنَّكَ رَاسَلْتَنِی بِمَا أَلْقَاهُ فِی خَلَدِكَ الشَّیْطَانُ وَ أَنَا أُجِیبُكَ بِمَا أَلْقَاهُ فِی خَاطِرِیَ الرَّحْمَنُ إِنَّ الْحَرْبَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ كَائِنَةٌ إِلَی تِسْعَةٍ وَ عِشْرِینَ (2) وَ إِنَّ اللَّهَ سَیَقْتُلُكَ فِیهَا بِأَضْعَفِ أَصْحَابِی وَ سَتُلْقَی أَنْتَ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ ذَكَرَ عَدَداً مِنْ قُرَیْشٍ فِی قَلِیبِ بَدْرٍ مُقَتَّلِینَ أَقْتُلُ مِنْكُمْ سَبْعِینَ وَ آسِرُ مِنْكُمْ سَبْعِینَ أَحْمِلُهُمْ عَلَی الْفِدَاءِ الثَّقِیلِ ثُمَّ نَادَی جَمَاعَةَ (3) مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْیَهُودِ وَ سَائِرِ الْأَخْلَاطِ (4) أَ لَا تُحِبُّونَ أَنْ أُرِیَكُمْ مَصْرَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا بَلَی قَالَ (5) هَلُمُّوا إِلَی بَدْرٍ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُلْتَقَی وَ الْمَحْشَرَ وَ هُنَاكَ الْبَلَاءَ الْأَكْبَرَ لِأَضَعَ قَدَمِی عَلَی مَوَاضِعِ مَصَارِعِهِمْ ثُمَّ سَتَجِدُونَهَا لَا تَزِیدُ وَ لَا تَنْقُصُ وَ لَا تَتَغَیَّرُ وَ لَا تَتَقَدَّمُ وَ لَا تَتَأَخَّرُ لَحْظَةً وَ لَا قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً فَلَمْ یَخْفَ ذَلِكَ عَلَی أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ یُجِبْهُ إِلَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَحْدَهُ وَ قَالَ نَعَمْ بِسْمِ اللَّهِ فَقَالَ الْبَاقُونَ نَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَی مَرْكُوبٍ وَ آلَاتٍ وَ نَفَقَاتٍ وَ لَا یُمْكِنُنَا الْخُرُوجُ إِلَی هُنَاكَ وَ هُوَ مَسِیرَةُ أَیَّامٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِسَائِرِ الْیَهُودِ فَأَنْتُمْ مَا ذَا تَقُولُونَ قَالُوا نَحْنُ نُرِیدُ أَنْ نَسْتَقِرَّ فِی بُیُوتِنَا وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِی مُشَاهَدَةِ مَا أَنْتَ فِی ادِّعَائِهِ مُحِیلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا نَصَبَ عَلَیْكُمْ بِالْمَصِیرِ إِلَی هُنَاكَ اخْطُوا خُطْوَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ اللَّهَ یَطْوِی الْأَرْضَ لَكُمْ وَ یُوصِلُكُمْ فِی الْخُطْوَةِ الثَّانِیَةِ إِلَی هُنَاكَ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَتَشَرَّفُ (6) بِهَذِهِ الْآیَةِ وَ قَالَ الْكَافِرُونَ وَ الْمُنَافِقُونَ سَوْفَ نَمْتَحِنُ هَذَا الْكَذَّابَ

ص: 267


1- فی نسختی المخطوطة من التفسیر: أو تعصب علیه.
2- فی الاحتجاج و التفسیر: الی تسعة و عشرین یوما.
3- جمیع خ ل.
4- و قال لهم خ. أقول: المصدر خال عنه.
5- المصدر خال عن قوله: قالوا: بلی، قال.
6- فلنتشرف خ ل، أقول: هو موجود أیضا فی المصدر.

لِیُقْطَعَ (1) عُذْرُ مُحَمَّدٍ وَ یَصِیرَ دَعْوَاهُ حُجَّةً وَاضِحَةً عَلَیْهِ وَ فَاضِحَةً لَهُ فِی كَذِبِهِ قَالَ فَخَطَا الْقَوْمُ خُطْوَةً ثُمَّ الثَّانِیَةَ فَإِذَا هُمْ عِنْدَ بِئْرِ بَدْرٍ فَعَجِبُوا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ اجْعَلُوا الْبِئْرَ الْعَلَامَةَ وَ اذْرَعُوا مِنْ عِنْدِهَا كَذَا ذِرَاعاً فَذَرَعُوا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی آخِرِهَا قَالَ هَذَا مَصْرَعُ أَبِی جَهْلٍ یَجْرَحُهُ (2) فُلَانٌ الْأَنْصَارِیُّ وَ یُجَهِّزُ عَلَیْهِ (3) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَضْعَفُ أَصْحَابِی ثُمَّ قَالَ اذْرَعُوا مِنَ الْبِئْرِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ ثُمَّ جَانِبٍ آخَرَ ثُمَّ جَانِبٍ آخَرَ (4) كَذَا وَ كَذَا ذِرَاعاً وَ ذِرَاعاً وَ ذَكَرَ أَعْدَادَ الْأَذْرُعِ مُخْتَلِفَةً فَلَمَّا انْتَهَی كُلُّ عَدَدٍ إِلَی آخِرِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مَصْرَعُ عُتْبَةَ وَ ذَلِكَ مَصْرَعُ الْوَلِیدِ وَ هَذَا مَصْرَعُ شَیْبَةَ وَ سَیُقْتَلُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ إِلَی أَنْ سَمَّی تَمَامَ سَبْعِینَ مِنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ سَیُؤْسَرُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ إِلَی أَنْ ذَكَرَ سَبْعِینَ مِنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ نَسَبَ الْمَنْسُوبِینَ إِلَی الْآبَاءِ مِنْهُمْ وَ نَسَبَ الْمَوَالِیَ مِنْهُمْ إِلَی مَوَالِیهِمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْقَفْتُمْ عَلَی مَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ قَالُوا بَلَی قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ كَائِنٌ بَعْدَ ثَمَانِیَةٍ وَ عِشْرِینَ یَوْماً مِنَ الْیَوْمِ فِی الْیَوْمِ التَّاسِعِ وَ الْعِشْرِینَ وَعْداً مِنَ اللَّهِ مَفْعُولًا وَ قَضَاءً حَتْماً لَازِماً (5).

بیان: الخلد بالتحریك الروع و القلب.

«7»-فس، تفسیر القمی وَ ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَغُلَّ وَ مَنْ یَغْلُلْ یَأْتِ بِما غَلَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ (6) نَزَلَتْ فِی حَرْبِ بَدْرٍ وَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ كَانَ فِی الْغَنِیمَةِ الَّتِی أَصَابُوهَا یَوْمَ بَدْرٍ قَطِیفَةً حَمْرَاءَ فَفُقِدَتْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا لَنَا لَا نَرَی الْقَطِیفَةَ

ص: 268


1- لینقطع خ ل أقول: یوجد هذا فی الاحتجاج و فی نسختی المخطوطة من التفسیر.
2- یقتله خ ل أقول: یوجد ذلك فی الاحتجاج، و اما التفسیر فهو مثل ما فی المتن.
3- و یجهز علیه خ و یجز عنقه خ ل.
4- هكذا فی نسخة المصنّف، و فی الاحتجاج: ثم من جانب آخر ثمّ من جانب آخر، و أمّا التفسیر فذكر «ثم من جانب آخر» مرة واحدة.
5- الاحتجاج للطبرسیّ: 20 و 21، التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام:
6- آل عمران: 161.

مَا أَظُنُّ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1) أَخَذَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ وَ ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَغُلَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ فُلَاناً قَدْ غَلَّ قَطِیفَةً فَاحْتَفَرَهَا هُنَالِكَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِحَفْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَأَخْرَجَ الْقَطِیفَةَ (2).

«8»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ هِیَ الْقُرَی الَّتِی قَدْ خَرِبَتْ وَ انْجَلَی أَهْلُهَا فَهِیَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ مَا كَانَ لِلْمُلُوكِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ وَ مَا كَانَ مِنْ أَرْضِ الْجِزْیَةِ لَمْ یُوجَفْ عَلَیْهَا (3) بِخَیْلٍ وَ لَا رِكَابٍ وَ كُلُّ أَرْضٍ لَا رَبَّ لَهَا وَ الْمَعَادِنُ مِنْهَا وَ مَنْ مَاتَ وَ لَیْسَ لَهُ مَوْلًی فَمَالُهُ مِنَ الْأَنْفَالِ وَ قَالَ نَزَلَتْ یَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی ثَلَاثِ فِرَقٍ فَصِنْفٌ كَانُوا عِنْدَ خَیْمَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (4) وَ صِنْفٌ أَغَارُوا عَلَی النَّهْبِ وَ فِرْقَةٌ طَلَبَتِ الْعَدُوَّ وَ أَسَرُوا وَ غَنِمُوا فَلَمَّا جَمَعُوا الْغَنَائِمَ وَ الْأُسَارَی تَكَلَّمَتِ الْأَنْصَارُ فِی الْأُسَارَی فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری حَتَّی یُثْخِنَ فِی الْأَرْضِ (5) فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُمْ الْأُسَارَی وَ الْغَنَائِمَ تَكَلَّمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ كَانَ مِمَّنْ أَقَامَ عِنْدَ خَیْمَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مُنِعْنَا أَنْ نَطْلُبَ الْعَدُوَّ زَهَادَةً فِی الْجِهَادِ وَ لَا جُبْناً عَنِ الْعَدُوِّ وَ لَكِنَّا خِفْنَا أَنْ نُعْرِیَ (6) مَوْضِعَكَ فَتَمِیلَ عَلَیْكَ خَیْلُ الْمُشْرِكِینَ وَ قَدْ أَقَامَ عِنْدَ الْخَیْمَةِ وُجُوهُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ لَمْ یَشْكُ (7) أَحَدٌ مِنْهُمْ فِیمَا حَسِبْتُهُ (8) وَ النَّاسُ كَثِیرُونَ (9) یَا رَسُولَ اللَّهِ

ص: 269


1- فی المصدر: الا ان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- تفسیر القمّیّ: 115.
3- الایجاف: سرعة السیر.
4- رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله خ ل.
5- اشرنا الی موضع الآیة فی صدر الباب.
6- أی نهمله و نخلیه. و فی المصدر: نعدی.
7- لم یشد خ ل.
8- المصدر خال عن قوله: فیما حسبته.
9- فی المصدر المطبوع: و الناس كثیر. و فی نسختی المخطوطة: و الناس كثیرة.

وَ الْغَنَائِمُ قَلِیلَةٌ وَ مَتَی نُعْطِی هَؤُلَاءِ لَمْ یَبْقَ لِأَصْحَابِكَ شَیْ ءٌ (1) وَ خَافَ أَنْ یَقْسِمَ رَسُولُ اللَّهِ الْغَنَائِمَ وَ أَسْلَابَ الْقَتْلَی بَیْنَ مَنْ قَاتَلَ وَ لَا یُعْطِیَ مَنْ تَخَلَّفَ عَلَی (2) خَیْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْئاً فَاخْتَلَفُوا فِیمَا بَیْنَهُمْ حَتَّی سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا لِمَنْ هَذِهِ الْغَنَائِمُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فَرَجَعَ النَّاسُ وَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْغَنِیمَةِ شَیْ ءٌ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ (3) وَ قَسَمَهُ (4) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَهُمْ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تُعْطِی فَارِسَ الْقَوْمِ الَّذِی یَحْمِیهِمْ مِثْلَ مَا تُعْطِی الضَّعِیفَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ هَلْ تُنْصَرُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ قَالَ فَلَمْ یُخَمِّسْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِبَدْرٍ وَ قَسَمَهُ بَیْنَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ یَأْخُذُ الْخُمُسَ بَعْدَ بَدْرٍ وَ نَزَلَ قَوْلُهُ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَرْبِ بَدْرٍ (5).

«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَیْدٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیَّ رَحِمَهُ اللَّهُ یَقُولُ تَمَثَّلَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِی أَرْبَعِ صُوَرٍ تَمَثَّلَ یَوْمَ بَدْرٍ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِیِّ فَقَالَ لِقُرَیْشٍ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ الْخَبَرَ (6).

ص: 270


1- لم تبق لاصحابك شیئا خ ل.
2- عنده خ ل. أقول: فی المصدر المطبوع: و لا یعطی من تخلف علیه عند خیمة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و مثله فی نسختی المخطوطة الا أنّه لم یذكر فیها «علیه».
3- اشرنا إلی موضع الآیة و إلی التی قبلها فی صدر الباب.
4- فقسم خ ل أقول: فی المصدر: فقسمه.
5- تفسیر القمّیّ: 235 و 236.
6- أمالی ابن الشیخ: 111 ذیله: و تصور یوم العقبة فی صورة منبه بن الحجاج فنادی ان محمّدا و الصباة معه عند العقبة فادركوهم، فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله للانصار: لا تخافوا فان صوته لن یعدوه ، وتصور یوم اجتماع قریش فی دار الندوة فی صورة شیخ من أهل نجد ، واشار علیهم فی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بما أشار ، فأنزل اللّٰه تعالی : « واذ یمكر بك الذین كفروا لیثبتوك أو یقتلوك أو یخرجوك ویمكرون ویمكر اللّٰه واللّٰه خیر الماكرین » وتصور یوم قبض النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة المغیرة بن شعبة فقال : أیها الناس لا تجعلوها كسروانیة ولا قیصرانیة ، وسعوها فتسع فلا تردوها فی بنی هاشم فتنظر بها الحبالی.

«10»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عَمْرٍو عَنْ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ بَدْرٍ وَ أُسِرَتِ الْأَسْرَی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا تَرَوْنَ فِی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُمُ الَّذِینَ كَذَّبُوكَ وَ أَخْرَجُوكَ فَاقْتُلْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ قَوْمُكَ وَ عَشِیرَتُكَ وَ لَعَلَّ اللَّهَ یَسْتَنْقِذُهُمْ بِكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَنْتَ بِوَادٍ كَثِیرِ الْحَطَبِ فَاجْمَعْ حَطَباً فَأَلْهِبْ فِیهِ نَاراً وَ أَلْقِهِمْ فِیهِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَطَعَكَ رَحِمُكَ قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ فَدَخَلَ وَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِی قَوْلِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا اخْتِلَافُكُمْ یَا أَیُّهَا النَّاسُ فِی قَوْلِ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ إِنَّمَا مَثَلُهُمَا مَثَلُ إِخْوَةٍ لَهُمَا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمَا نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام قَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَی الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِینَ دَیَّاراً (2) وَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصانِی فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (3) وَ قَالَ مُوسَی رَبَّنَا اطْمِسْ

ص: 271


1- هكذا فی نسخة المصنّف، و فی المصدر: أبو عمر، و هو عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّٰه بن محمّد بن مهدیّ، حدث الشیخ الطوسیّ فی سنة 410 فی منزله ببغداد فی درب الزعفرانی رحبة ابن مهدیّ، و أحمد هو أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعید بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ المشهور، و أحمد بن یحیی یلقب بالصوفی، و عبد الرحمن هو ابن شریك بن عبد اللّٰه النخعیّ راجع الأمالی: 161 و 166.
2- نوح: 26.
3- إبراهیم: 36. و فیها: فمن.

عَلی أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلی قُلُوبِهِمْ فَلا یُؤْمِنُوا حَتَّی یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ (1) وَ قَالَ عِیسَی إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (2) ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ بِكُمْ عَیْلَةً فَلَا یَنْقَلِبَنَّ (3) مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا سَهْلَ بْنَ بَیْضَاءَ (4) وَ قَدْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ یَذْكُرُ الْإِسْلَامَ بِمَكَّةَ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یُحِرْ (5) قَالَ فَلَقَدْ جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ مَتَی تَقَعُ عَلَیَّ الْحِجَارَةُ فَإِنِّی قَدَّمْتُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ثُمَّ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِلَّا سَهْلَ بْنَ بَیْضَاءَ قَالَ فَفَرِحْتُ فَرَحاً مَا فَرِحْتُ مِثْلَهُ قَطُّ قَالَ الْأَعْمَشُ فَكَانَ فِدَاؤُهُمْ سِتِّینَ أُوقِیَّةً (6).

بیان: أثر الوضع فی أكثر أجزاء الخبر ظاهر لا سیما فی قوله مثل إخوة لهما (7) كما سنوضحه فی كتاب الفتن إن شاء اللّٰه تعالی (8).

«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ حَشِیشٍ (9) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ (10)

ص: 272


1- یونس: 88.
2- المائدة: 118.
3- فی المصدر: فلا ینفلتن.
4- هو سهل بن وهب بن ربیعة بن عمرو بن عامر بن ربیعة بن هلال بن مالك بن ضبة ابن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشیّ، و اسم أمه بیضاء.
5- أی فلم یرد جوابا.
6- أمالی الشیخ: 168.
7- و فی ذكره الآیات، حیث إنهم علیهم السلام لم یختلفوا فی موضوع واحد، بل كل قال فی موضوع ما یراه المقتضی له.
8- و الخبر من مرویات العامّة و مجعولاتهم و فی رواته من لا یعتمد علی روایته عندهم أیضا. راجع كتب تراجمهم.
9- قد تكرر اسمه فی الأمالی ففی اول حدیث رواه الشیخ عنه: محمّد بن علیّ بن خشیش ابن نصر بن جعفر بن إبراهیم التمیمی. و ذكر فی عدة من الأحادیث خنیس بالخاء ثمّ النون فالیاء، و لم نعرف ضبطه صحیحا.
10- فی المصدر: الأسفرایینی.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الضَّبِّیِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَتْلَی بَدْرٍ فَقَالَ جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ عِصَابَةٍ شَرّاً لَقَدْ كَذَّبْتُمُونِی صَادِقاً وَ خَوَّنْتُمْ أَمِیناً (2) ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَبِی جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَعْتَی عَلَی اللَّهِ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا أَیْقَنَ بِالْهَلَاكِ وَحَّدَ اللَّهَ وَ إِنَّ هَذَا لَمَّا أَیْقَنَ بِالْهَلَاكِ دَعَا بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّی (3).

«12»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی (4) عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَوْمَ بَدْرٍ لَا تَأْسِرُوا (5) أَحَداً مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّمَا أُخْرِجُوا كُرْهاً (6).

«13»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّحَّانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَافَرَ إِلَی بَدْرٍ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ (7) وَ افْتَتَحَ مَكَّةَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ (8).

«14»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْعَبَّاسُ الْمَدِینَةَ سَهِرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَقِیلَ

ص: 273


1- فی المصدر: علی بن عبد اللّٰه.
2- فی الامتاع: جزاكم اللّٰه عنی من عصابة شرا، فقد خونتمونی أمینا، و كذبتمونی صادقا.
3- أمالی ابن الشیخ: 195.
4- الموجود فی المصدر: ابن عقدة، عن علیّ بن محمّد بن علی الحسینی عن جعفر بن محمّد بن عیسی.
5- هكذا فی الكتاب و مصدره، و استظهر المصنّف فی هامش النسخة. أنه مصحف لا تقتلوا.
6- أمالی ابن الشیخ: 218.
7- فی سیرة ابن هشام: و خرج صلّی اللّٰه علیه و آله فی لیال مضت من شهر رمضان و قال: و كانت وقعة بدر یوم الجمعة صبیحة سبع عشرة من شهر رمضان، قال ابن إسحاق: كما حدّثنی أبو جعفر محمّد بن علیّ بن الحسین علیه السلام.
8- أمالی ابن الشیخ: 218.

لَهُ فِی ذَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ حِسَّ (1) الْعَبَّاسِ فِی وَثَاقِهِ فَأُطْلِقَ فَقَالَ یَا عَبَّاسُ (2) افْدِ نَفْسَكَ وَ ابْنَیْ أَخِیكَ عَقِیلًا وَ نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ فَإِنَّكَ ذُو مَالٍ فَقَالَ إِنِّی كُنْتُ مُسْلِماً وَ لَكِنْ قَوْمِی اسْتَكْرَهُوا عَلَیَّ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ أَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ كُنْتَ عَلَیْنَا فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أُخِذَ مِنِّی عِشْرُونَ أُوقِیَّةً مِنْ ذَهَبٍ (3) فَاحْسُبْهَا لِی مِنْ فَدَائِی قَالَ لَا ذَلِكَ شَیْ ءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْكَ قَالَ فَإِنَّهُ (4) لَیْسَ لِی مَالٌ قَالَ فَأَیْنَ الْمَالُ الَّذِی دَفَعْتَ بِمَكَّةَ إِلَی أُمِّ الْفَضْلِ حِینَ خَرَجْتَ فَقُلْتَ إِنْ أَصَابَنِی فِی سَفَرِی هَذَا شَیْ ءٌ فَلِلْفَضْلِ كَذَا وَ لِقُثَمَ كَذَا وَ لِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا وَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ كَذَا قَالَ فَوَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدٌ غَیْرِی وَ غَیْرُهَا فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5).

«15»-شا، الإرشاد و أما الجهاد الذی ثبتت به قواعد الإسلام و استقرت بثبوتها (6) شرائع الملة و الأحكام فقد تخصص منه أمیر المؤمنین علیه السلام بما اشتهر ذكره فی الأنام و استفاض الخبر به بین الخاص و العام و لم یختلف (7) فیه العلماء و لا تنازع فی صحته الفهماء (8) و لا شك فیه إلا غفل لم یتأمل الأخبار و لا دفعه أحد ممن نظر فی الآثار إلا معاند بهات لا یستحی (9) من العار فمن ذلك ما كان منه صلی اللّٰه علیه و آله فی غزاة بدر المذكورة فی القرآن و هی أول حرب كان به الامتحان و ملأت رهبتها (10)

ص: 274


1- فی المطبوع: حنین.
2- فی المصدر: فقال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: یا عبّاس.
3- فی المصدر: من الذهب.
4- فی المصدر: إنّه.
5- الخرائج: 184.
6- فی المصدر: بثبوته.
7- و لم تختلف خ.
8- الفقهاء خ ل.
9- لا یستحیی خ ل.
10- فی المصدر: و ملات رهبته.

صدور المعدودین من المسلمین فی الشجعان و راموا التأخر عنها لخوفهم منها و كراهتهم (1) لها علی ما جاء به محكم الذكر فی التبیان حیث یقول جل اسمه فیما قص من نبئهم (2) علی الشرح له و البیان كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَیْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لَكارِهُونَ یُجادِلُونَكَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَیَّنَ كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ فی الآی المتصلة بذلك إلی قوله تعالی وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ اللَّهُ بِما یَعْمَلُونَ مُحِیطٌ (3) إلی آخر السورة فإن الخبر عن أحوالهم فیها یتلو بعضه (4) بعضا و إن اختلفت ألفاظه اتفقت معانیه و كان من جملة خبر هذا الغزاة أن المشركین حضروا بدرا مصرین علی القتال مستظهرین فیه بكثرة الأموال و العدد و العدة و الرجال و المسلمون إذ ذاك نفر قلیل عددهم هناك و حضرته طوائف منهم بغیر اختیار و شهدته علی الكراهة منها (5) و الاضطرار فتحدثهم قریش بالبراز و دعتهم إلی المصافة و النزال و اقترحت فی اللقاء منهم الأكفاء و تطاولت الأنصار لمبارزتهم فمنعهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله من ذلك فقال (6) لهم إن القوم دعوا الأكفاء منهم ثم أمر علیا أمیر المؤمنین علیه السلام بالبروز إلیهم و دعا حمزة بن عبد المطلب و عبیدة بن الحارث رضوان اللّٰه علیهما أن یبرزا معه فلما اصطفوا لهم لم یثبتهم القوم (7) لأنهم كانوا قد تغفروا فسألوهم من أنتم فانتسبوا لهم فقالوا أكفاء كرام و نشبت (8) الحرب بینهم و بارز الولید أمیر المؤمنین علیه السلام فلم یلبثه حتی قتله

ص: 275


1- تخوفهم منها و كراهیتهم لها خ ل.
2- من نیاتهم خ ل. أقول: فی المصدر: فیما قص به من نبئهم.
3- أشرنا إلی موضع الآیات فی صدر الباب.
4- بعضها خ ل.
5- علی الكره منها له خ ل.
6- و قال خ ل.
7- أی لم یعرفهم، یقال: اثبت الامر ای عرفه حقّ المعرفة.
8- نشبت الحرب بینهم أی ثارت و اشتبكت.

و بارز عتبة حمزة رضی اللّٰه عنه فقتله حمزة و بارز شیبة عبیدة رضی اللّٰه عنه فاختلفت بینهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبیدة فاستنقذه أمیر المؤمنین علیه السلام بضربة بدر (1) بها شیبة فقتله و شركه فی ذلك حمزة رضی اللّٰه عنه فكان قتل هؤلاء الثلاثة أول وهن لحق المشركین و ذل دخل علیهم و رهبة اعتراهم (2) بها الرعب من المسلمین و ظهر بذلك أمارات نصر المسلمین (3) ثم بارز أمیر المؤمنین علیه السلام العاص بن سعید بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواه فلم یلبثه أن قتله (4) و برز إلیه حنظلة بن أبی سفیان فقتله (5) و برز إلیه بعده طعیمة بن (6) عدی فقتله و قتل بعده نوفل بن خویلد (7) و كان من شیاطین قریش و لم یزل یقتل واحدا منهم بعد واحد حتی أتی علی شطر المقتولین منهم و كانوا سبعین رجلا (8) تولی كافة من حضر بدرا من المسلمین مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومین قتل الشطر منهم و تولی أمیر المؤمنین علیه السلام قتل الشطر الآخر وحده بمعونة اللّٰه له و تأییده و توفیقه و نصره و كان الفتح له بذلك و علی یدیه (9) و ختم الأمر بمناولة النبی صلی اللّٰه علیه و آله كفا من الحصی فرمی بها (10) فی وجوههم و قال لهم شاهت الوجوه فلم یبق أحد منهم

ص: 276


1- بدر: سبق.
2- أی اصابهم.
3- المؤمنین خ ل.
4- ذكره ابن هشام أیضا فی السیرة.
5- فی السیرة قتله زید ابن حارثة، و یقال: اشترك فیه حمزة و علی و زید رضی اللّٰه عنهم فیما قال ابن هشام.
6- هو طعیمة بن عدی بن نوفل بن عبد مناف.
7- هو نوفل بن خویلد بن أسد، و هو ابن العدویة عدی خزاعة، و كان من شیاطین قریش.
8- قتیلا خ ل.
9- فی المصدر: و كان الفتح له بذلك علی یدیه.
10- فرمی به خ ل.

إلا ولی الدبر بذلك منهزما و كفی اللّٰه المؤمنین القتال بأمیر المؤمنین علیه السلام (1) فی نصرة الدین من خاصة آل الرسول علیه و آله السلام و من أیدهم به من الملائكة الكرام كما قال اللّٰه تعالی وَ كَفَی اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ الْقِتالَ وَ كانَ اللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزاً (2) شا، الإرشاد قد أثبتت رواة العامة (3) و الخاصة معا أسماء الذین تولی أمیر المؤمنین علیه السلام قتلهم ببدر من المشركین علی اتفاق فیما نقلوه من ذلك و اصطلاح فكان ممن سموه الولید بن عتبة كما قدمناه و كان شجاعا جریا وقاحا فتاكا (4) تهابه الرجال و العاص بن سعید و كان هولا عظیما تهابه الأبطال و هو الذی حاد عنه (5) عمر بن الخطاب و قصته فیما ذكرناه مشهورة نحن نبینها فیما نورده بعد إن شاء اللّٰه تعالی و طعیمة بن عدی بن نوفل و كان من رءوس أهل الضلال و نوفل بن خویلد و كان من أشد المشركین عداوة لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كانت قریش تقدمه و تعظمه و تطیعه و هو الذی قرن أبا بكر و طلحة قبل الهجرة بمكة و أوثقهما بحبل و عذبهما یوما إلی اللیل حتی سئل فی أمرهما و لما عرف رسول اللّٰه علیه السلام حضوره بدرا سأل اللّٰه أن یكفیه أمره فقال اللّٰهم اكفنی نوفل بن خویلد فقتله أمیر المؤمنین علیه السلام و زمعة بن الأسود (6) و الحارث بن زمعة و النضر بن الحارث بن عبد الدار (7) و عمیر بن عثمان بن كعب بن تیم (8) عم طلحة بن عبید اللّٰه و

ص: 277


1- و شركائه خ.
2- الإرشاد: 34- 36.
3- منهم ابن إسحاق و ابن هشام فی السیرة راجع سیرة ابن هشام 2: 355- 363.
4- فاتكا خ ل أقول: یوجد ذلك فی المصدر.
5- حاد عنه ای مال.
6- زاد فی المصدر هنا: عقیل بن الأسود، و ذكره ابن هشام أیضا فی السیرة الا انه قال:
7- هو النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار، من بنی عبد الدار بن قصی، قتله صبرا عند رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بالصفراء، و قال ابن هشام: بالاثیل، و یقال: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار.
8- فی السیرة: و من بنی تیم بن مرة: عمیر بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تیم.

عثمان و مالك ابنا عبید اللّٰه أخوا طلحة بن عبید اللّٰه و مسعود بن أمیة بن المغیرة (1) و قیس بن (2) الفاكه بن المغیرة و حذیفة بن أبی حذیفة بن المغیرة و أبو قیس ابن الولید بن المغیرة و حنظلة بن أبی سفیان و عمرو بن مخزوم و أبو منذر بن أبی رفاعة و منبه بن الحجاج السهمی و العاص بن منبه و علقمة بن كلدة و أبو العاص بن قیس بن عدی (3) و معاویة بن المغیرة بن أبی العاص و لوذان بن ربیعة و عبد اللّٰه بن المنذر بن أبی رفاعة (4) و مسعود بن أمیة بن المغیرة و حاجب بن السائب بن عویمر (5) و أوس بن المغیرة (6) بن لوذان و زید بن ملیص و عاصم بن أبی عوف و سعید بن وهب حلیف بنی عامر (7) و معاویة بن عامر بن عبد القیس (8) و عبد اللّٰه بن جمیل بن زهیر بن الحارث بن أسد و السائب بن مالك و أبو الحكم بن الأخنس و هشام بن أبی أمیة بن المغیرة (9) فذلك خمسة (10) و ثلاثون

ص: 278


1- فی المصدر و سیرة ابن هشام: مسعود بن أبی أمیّة.
2- فی السیرة: أبو قیس.
3- فی السیرة: ابن سعید بن سهیم.
4- فی السیرة: عبد اللّٰه بن المنذر بن أبی رفاعة بن عائذ.
5- فی السیرة: عویمر بن عمرو بن عابد بن (عبد بن) عمران بن مخزوم، و یقال:
6- فی السیرة: أوس بن معیر بن لوذان بن سعد بن جمح. عده من بنی جمح.
7- فی السیرة: معبد بن وهب حلیف بن عامر، من بنی كلب بن عوف بن كعب بن عامر ابن لیث.
8- فی المصدر: معاویة بن عبد القیس. و فی السیرة: و من بنی عامر بن لؤی: معاویة بن عامر حلیف لهم من عبد القیس قتله علیّ بن أبی طالب.
9- فی السیرة: هشام بن أبی حذیفة بن المغیرة قتله صهیب بن سنان. أقول: لعله رجل آخر. و لم یذكر ابن هشام بعض من ذكره المفید، و زاد علی من ذكر: عقبة بن أبی عمرو بن امیة بن عبد شمس، و عامر بن عبد اللّٰه حلیف بن عبد شمس من بنی انمار بن بغیض و حرملة ابن عمرو حلیف بنی مخزوم علی قول، و قال فی عتبة: اشترك فی قتله عبیدة بن الحارث و حمزة و علی.
10- فی المصدر: ستة. و هو مصحف.

رجلا سوی من اختلف فیه أو شرك أمیر المؤمنین علیه السلام فیه غیره و هم أكثر من شطر المقتولین ببدر علی ما قدمناه (1).

«17»-شا، الإرشاد رَوَی شُعْبَةُ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثِ بْنِ مُضَرِّبٍ (2) قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ لَقَدْ حَضَرْنَا بَدْراً وَ مَا فِینَا فَارِسٌ غَیْرُ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَ لَقَدْ رَأَیْتُنَا لَیْلَةَ بَدْرٍ وَ مَا فِینَا إِلَّا مَنْ نَامَ غَیْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُ كَانَ مُنْتَصِباً فِی أَصْلِ شَجَرَةٍ یُصَلِّی فِیهَا وَ یَدْعُو حَتَّی الصَّبَاحِ (3).

«18»-شا، الإرشاد عَلِیُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (4) بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ یَوْمَ بَدْرٍ اصْطَفَّتْ قُرَیْشٌ أَمَامَهَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ أَخُوهُ شَیْبَةُ وَ ابْنُهُ الْوَلِیدُ فَنَادَی عُتْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَیْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَیْشٍ فَبَدَرَ إِلَیْهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ شُبَّانِ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُمْ عُتْبَةُ مَنْ أَنْتُمْ فَانْتَسِبُوا لَهُ فَقَالَ لَهُمْ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَی مُبَارَزَتِكُمْ إِنَّمَا طَلَبْنَا بَنِی عَمِّنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْأَنْصَارِ ارْجِعُوا إِلَی مَوَاقِفِكُمْ ثُمَّ قَالَ قُمْ یَا عَلِیُّ قُمْ یَا حَمْزَةُ قُمْ یَا عُبَیْدَةُ قَاتِلُوا عَلَی حَقِّكُمُ الَّذِی بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِیَّكُمْ إِذْ جَاءُوا بِبَاطِلِهِمْ لِیُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ فَقَامُوا فَصَافُّوا الْقَوْمَ (5) وَ كَانَ عَلَیْهِمُ الْبَیْضُ وَ لَمْ یُعْرَفُوا (6) فَقَالَ لَهُمْ عُتْبَةُ تَكَلَّمُوا فَإِنْ كُنْتُمْ أَكْفَاءَنَا قَاتَلْنَاكُمْ فَقَالَ حَمْزَةُ أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ فَقَالَ عُتْبَةُ كُفْوٌ كَرِیمٌ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا عَلِیُّ بُنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَالَ عُبَیْدَةُ أَنَا عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

ص: 279


1- إرشاد المفید: 36 و 37.
2- هكذا فی الكتاب و مصدره، و الموجود فی التقریب: 91: حارثة بن مضرب بتشدید الراء المكسورة.
3- إرشاد المفید: 37.
4- محمّد بن عبید اللّٰه خ ل أقول: یوجد ذلك أیضا فی المصدر و هو الصحیح، و عبد اللّٰه مصحف.
5- فصفوا للقوم خ ل. أقول: فی المصدر: فصافوا للقوم.
6- فلم یعرفوا خ ل.

فَقَالَ عُتْبَةُ لِابْنِهِ الْوَلِیدِ قُمْ یَا وَلِیدُ فَبَرَزَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَا إِذْ ذَاكَ أَصْغَرَ الْجَمَاعَةِ سِنّاً فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ أَخْطَأَتْ ضَرْبَةُ الْوَلِیدِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ اتَّقَی بِیَدِهِ الْیُسْرَی ضَرْبَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَبَانَهَا فَرُوِیَ أَنَّهُ كَانَ یَذْكُرُ بَدْراً وَ قَتْلَهُ الْوَلِیدَ فَقَالَ فِی حَدِیثِهِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی وَمِیضِ خَاتَمِهِ فِی شِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً أُخْرَی فَصَرَعْتُهُ وَ سَلَبْتُهُ فَرَأَیْتُ بِهِ رَدْعاً مِنْ خَلُوقٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَرِیبُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ ثُمَّ بَارَزَ عُتْبَةُ حَمْزَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ وَ مَشَی عُبَیْدَةُ وَ كَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ إِلَی شَیْبَةَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ فَأَصَابَ ذُبَابُ (1) سَیْفِ شَیْبَةَ عَضَلَةِ سَاقِ عُبَیْدَةَ فَقَطَعَهَا وَ اسْتَنْقَذَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ حَمْزَةُ مِنْهُ وَ قَتَلَا شَیْبَةَ وَ حُمِلَ عُبَیْدَةُ مِنْ مَكَانِهِ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ وَ فِی قَتْلِ عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ وَ الْوَلِیدِ تَقُولُ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ:

أَیَا عَیْنُ جُودِی بِدَمْعٍ سَرِبٍ (2)*** عَلَی خَیْرِ خِنْدِفٍ لَمْ یَنْقَلِبْ

تَدَاعَی لَهُ رَهْطُهُ غُدْوَةً*** بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو الْمُطَّلِبِ

یُذِیقُونَهُ حَدَّ أَسْیَافِهِمْ*** یُعِرُّونَهُ (3) بَعْدَ مَا قَدْ شَجِبَ

وَ رَوَی الْحَسَنُ بْنُ حُمَیْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِیلَ عُمَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَقَدْ تَعَجَّبْتُ یَوْمَ بَدْرٍ مِنْ جُرْأَةِ الْقَوْمِ وَ قَدْ قَتَلْتُ الْوَلِیدَ بْنَ عُتْبَةَ وَ قَتَلَ حَمْزَةُ عُتْبَةَ وَ شَرِكْتُهُ فِی قَتْلِ شَیْبَةَ إِذْ أَقْبَلَ إِلَیَّ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَلَمَّا دَنَا مِنِّی ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ فَسَالَتْ عَیْنَاهُ وَ لَزِمَ الْأَرْضَ قَتِیلًا.

وَ رَوَی أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِیُّ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَیْسَانَ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِسَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَتَحَدَّثُ (4) عِنْدَهُ فَانْطَلَقَا قَالَ فَأَمَّا عُثْمَانُ فَصَارَ إِلَی مَجْلِسِهِ الَّذِی یَشْتَهِیهِ (5) وَ

ص: 280


1- ذباب السیف: طرفه الذی یضرب به.
2- فی سیرة ابن هشام: أ عینی جودا بدمع سرب.
3- یجرونه خ ل. أقول: فی السیرة: یعلونه بعد ما قد عطب. و فیه أبیات اخری.
4- فنحدث خ ل.
5- یستحقه خ ل.

أَمَّا أَنَا فَمِلْتُ إِلَی نَاحِیَةِ (1) الْقَوْمِ فَنَظَرَ إِلَیَّ عُمَرُ وَ قَالَ مَا لِی أَرَاكَ كَأَنَّ فِی نَفْسِكَ عَلَیَّ شَیْئاً أَ تَظُنُّ أَنِّی قَتَلْتُ أَبَاكَ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی كُنْتُ قَاتِلَهُ وَ لَوْ قَتَلْتُهُ لَمْ أَعْتَذِرْ مِنْ قَتْلِ كَافِرٍ وَ لَكِنِّی مَرَرْتُ بِهِ فِی یَوْمِ بَدْرٍ فَرَأَیْتُهُ یَبْحَثُ لِلْقِتَالِ كَمَا یَبْحَثُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ وَ إِذَا شَدْقَاهُ قَدْ أَزْبَدَا كَالْوَزَغِ فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ هِبْتُهُ وَ رُغْتُ عَنْهُ فَقَالَ إِلَی أَیْنَ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَ صَمَدَ (2) لَهُ عَلِیٌّ فَتَنَاوَلَهُ فَوَ اللَّهِ مَا رِمْتُ مَكَانِی حَتَّی قَتَلَهُ قَالَ وَ كَانَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَاضِراً فِی الْمَجْلِسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ غَفْراً ذَهَبَ الشِّرْكُ بِمَا فِیهِ وَ مَحَا الْإِسْلَامُ مَا تَقَدَّمَ فَمَا لَكَ تُهَیِّجُ النَّاسَ عَلَیَّ فَكَفَّ عُمَرُ فَقَالَ سَعِیدٌ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ یَسُرُّنِی أَنْ یَكُونَ قَاتِلُ أَبِی غَیْرَ ابْنِ عَمِّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.

وَ أَنْشَأَ الْقَوْمُ فِی حَدِیثٍ آخَرَ:

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ یَزِیدَ بْنِ رُومَانَ (3) عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ أَنَّ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ أَقْبَلَ یَوْمَ بَدْرٍ نَحْوَ طُعَیْمَةَ بْنِ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلٍ فَشَجَرَهُ بِالرُّمْحِ وَ قَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لَا تُخَاصِمُنَا فِی اللَّهِ بَعْدَ الْیَوْمِ أَبَداً.

وَ رَوَی عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ: لَمَّا عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حُضُورَ نَوْفَلِ بْنِ خُوَیْلِدٍ بَدْراً قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِی نَوْفَلًا فَلَمَّا انْكَشَفَتْ قُرَیْشٌ رَآهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ تَحَیَّرَ لَا یَدْرِی مَا یَصْنَعُ فَصَمَدَ لَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَنَشَبَ فِی حَجَفَتِهِ وَ انْتَزَعَهُ (4) مِنْهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ سَاقَهُ وَ كَانَتْ دِرْعُهُ مُشَمَّرَةً فَقَطَعَهَا ثُمَّ أَحْجَزَ عَلَیْهِ فَقَتَلَهُ فَلَمَّا عَادَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله سَمِعَهُ یَقُولُ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِنَوْفَلٍ فَقَالَ أَنَا قَتَلْتُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَبَّرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَجَابَ دَعْوَتِی فِیهِ (5).

ص: 281


1- فی ناحیة خ ل.
2- صمد فلا ناوله و إلیه: قصده.
3- ذوبان خ ل. أقول: الصحیح رومان، و الرجل هو یزید بن رومان المدنیّ مولی آل الزبیر المتوفّی سنة 130. ذكره ابن حجر فی تقریب التهذیب: 558.
4- فانتزعه خ ل.
5- إرشاد المفید: 37- 39.

بیان: الومیض اللمعان و الردع الزعفران أو لطخ منه و أثر الطیب فی الجسد و السرب السائل قولها قد شجب فی بعض النسخ بالجیم المكسورة أی هلك و فی بعضها بالحاء أی تغیر و راغ إلی كذا مال إلیه سرا و حاد قوله ما رمت بكسر الراء أی ما زلت عن مكانی و الغفر الستر و شجره بالرمح طعنه و الحجفة الترس.

«19»-قب، المناقب لابن شهرآشوب شا، الإرشاد وَ فِیمَا صَنَعَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِبَدْرٍ قَالَ أُسَیْدُ بْنُ أَبِی إِیَاسٍ یُحَرِّضُ مُشْرِكِی قُرَیْشٍ عَلَیْهِ:

فِی كُلِّ مَجْمَعِ غَایَةٍ أَخْزَاكُمْ ***جَذَعٌ أَبَرَّ عَلَی الْمَذَاكِی الْقُرَّحِ

لِلَّهِ دَرُّكُمْ أَ لَمَّا تُنْكِرُوا (1)*** قَدْ (2) یُنْكِرُ الْحُرُّ الْكَرِیمُ وَ یَسْتَحِی

هَذَا ابْنُ فَاطِمَةَ الَّذِی أَفْنَاكُمْ ***ذَبْحاً وَ قِتْلَةَ (3) قَعْصَةٍ لَمْ یُذْبَحْ

أَعْطُوهُ خَرْجاً وَ اتَّقُوا تَضْرِیبَهُ (4)*** فِعْلَ الذَّلِیلِ وَ بَیْعَةً لَمْ تُرْبَحْ

أَیْنَ الْكُهُولُ وَ أَیْنَ كُلُّ دِعَامَةٍ*** فِی الْمُعْضِلَاتِ وَ أَیْنَ زَیْنُ الْأَبْطَحِ

أَفْنَاهُمْ قَعْصاً وَ ضَرْباً یَفْتَرِی (5)*** بِالسَّیْفِ یُعْمِلُ حَدَّهُ لَمْ یَصْفَحْ

أَفْنَاهُمْ ضَرْباً بِكُلِّ مُهَنَّدٍ*** صَلْتٍ وَ حَدُّ غَرَارِهِ لَمْ یَصْفَحْ (6)

بیان: الغایة الرایة و الجذع بالتحریك الأسد و الشاب الحدث أبر أی أصدق أو أوفی و یقال أبر علی القوم أی غلبهم و المذاكی الخیل التی قد أتی علیها بعد قروحها سنة أو سنتان و قرح الحافر قروحا إذا انتهت أسنانه فإنما تنتهی فی خمس سنین لأنه فی السنة الأولی حولی ثم جذع ثم ثنی ثم رباع ثم قارح و الجمع قرح و یقال ضربه فأقعصه أی قتله مكانه و

ص: 282


1- تنصفوا خ ل.
2- قد ینصف خ ل.
3- قتلا خ ل.
4- بضریبة خ ل.
5- یعتری خ ل. أقول: یوجد ذلك فی المصدر.
6- مناقب آل أبی طالب 2: 313، إرشاد المفید: 39.

القعص الموت الوحی (1) و الافتراء كأنه مبالغة فی الفری و هو الشق و القطع و قال الجوهری قال أبو عبیدة یقال ضربه بصفح السیف و العامة تقول بصفح السیف مفتوحة أی بعرضه و صفحته إذا ضربته بالسیف مصحفا أی بعرضه.

«20»-قب، المناقب لابن شهرآشوب ابْنُ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَزِعُوا لَمَّا فَاتَ عِیرُ أَبِی سُفْیَانَ وَ أَدْرَكَهُمُ الْقِتَالُ فَبَاتُوا لَیْلَتَهُمْ فَحَلَمُوا وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ مَاءٌ فَوَقَعَتِ الْوَسْوَسَةُ فِی نُفُوسِهِمْ لِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمَطَرَ قَوْلُهُ إِذْ یُغَشِّیكُمُ النُّعاسَ فَرَأَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِهِ قِلَّةَ قُرَیْشٍ قَوْلُهُ إِذْ یُرِیكَهُمُ اللَّهُ فِی مَنامِكَ قَلِیلًا فَلَمَّا الْتَقَی الْجَمْعَانِ اسْتَحْقَرَ كُلُّ جَیْشٍ صَاحِبَهُ قَوْلُهُ إِذِ الْتَقَیْتُمْ وَ كَانَتِ الْمُسْلِمُونَ یَخَافُونَ فَنَزَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا لَقِیتُمْ فِئَةً وَ قَوْلُهُ فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فَزَعَمَ أَبُو جَهْلٍ أَنَّهُمْ جَزَرُ سُیُوفِهِمْ وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْزَنُ وَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ لَا یُخْلِفُ اللَّهُ الْمِیعَادَ فَنَزَلَ یُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَ قَوْلُهُ إِذْ یُوحِی رَبُّكَ فَسَاعَدَهُمْ إِبْلِیسُ عَلَی صُورَةِ سُرَاقَةَ فَلَمَّا أَدْرَكَ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ نَكَصَ إِبْلِیسُ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ فَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ یَضْرِبُونَ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَ فَوْقَ الْبَنَانِ بِعَمَدِهِمْ وَ رَمَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَبْضَةٍ مِنَ الْحَصَی فِی وُجُوهِهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَأَصَابَ عَیْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَانْهَزَمُوا فَنَزَلَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ وَ وَجَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَبَا جَهْلٍ مَصْرُوعاً مِنْ ضَرْبَةِ مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَفْرَاءَ (2) فَكَانَ یَجُزُّ رَأْسَهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا رُوَیْعِیَ الْغَنَمِ لَقَدِ ارْتَقَیْتَ مُرْتَقًی صَعْباً (3).

«21»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَقَالَ مَهْ لَیْسَ هَكَذَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ إِنَّمَا نَزَلَتْ وَ أَنْتُمْ قَلِیلٌ (4).

ص: 283


1- الوحی: السریع.
2- فی السیرة و الامتاع: ضربه معاذ بن عمرو بن الجموع ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه، ثمّ ضربه معوذ (و معاذ) و عوف ابنا عفراء. فی الامتاع فترك و به رمق.
3- مناقب آل أبی طالب 1: 122 و 123.
4- تفسیر العیّاشیّ 1: 196، و الآیة أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.

«22»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلَهُ أَبِی (1) عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ قَالَ لَیْسَ هَكَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَذَلَّ اللَّهُ رَسُولَهُ قَطُّ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ وَ أَنْتُمْ قَلِیلٌ.

عیسی عن صفوان عن ابن سنان مثله (2).

«23»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ رِبْعِیٍّ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ وَ مَا كَانُوا أَذِلَّةً وَ رَسُولُ اللَّهِ فِیهِمْ عَلَیْهِ وَ عَلَی آلِهِ السَّلَامُ (3).

«24»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَتْ عَلَی الْمَلَائِكَةِ الْعَمَائِمُ الْبِیضُ الْمُرْسَلَةُ یَوْمَ بَدْرٍ (4).

«25»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ مُسَوِّمِینَ قَالَ الْعَمَائِمُ قَالَ اعْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ فَسَوَّمَ لَهَا مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ (5).

«26»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ ضُرَیْسِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ نَصَرُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ فِی الْأَرْضِ مَا صَعِدُوا بَعْدُ وَ لَا یَصْعَدُونَ حَتَّی یَنْصُرُوا صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ (6) وَ هُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ (7).

ص: 284


1- لعله مصحف «سئل» او أن فاعل قال عبد اللّٰه بن سنان.
2- تفسیر العیّاشیّ 1: 196.
3- تفسیر العیّاشیّ 1: 196.
4- تفسیر العیّاشیّ 1: 196.
5- تفسیر العیّاشیّ 1: 196 و فیه: قال: العمائم اعتم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فسد لها.
6- أی المهدی الذی بشر بخروجه النبیّ المعظم صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فی روایات متواترة من الخاصّة و العامّة، و هو الامام محمّد بن الحسن العسكریّ المهدی المنتظر الامام الثانی عشر علیه السلام.
7- تفسیر العیّاشیّ 1: 197.

«27»-قب، المناقب لابن شهرآشوب رُوِیَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ أَبُو الْیَسَرِ الْأَنْصَارِیُّ بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَسَرَنِی إِلَّا ابْنُ أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقَ عَمِّی ذَلِكَ مَلَكٌ كَرِیمٌ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُهُ بِجَلَحَتِهِ (1) وَ حُسْنِ وَجْهِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ أَیَّدَنِی اللَّهُ بِهِمْ عَلَی صُورَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِیَكُونَ ذَلِكَ أَهْیَبَ فِی صُدُورِ الْأَعْدَاءِ وَ قَالَ أَبُو الْیَسَرِ الْأَنْصَارِیُّ رَأَیْتَ الْعَبَّاسَ آنِفاً وَ عَقِیلًا مَعَهُمَا رَجُلٌ عَلَی فَرَسٍ أَبْلَقَ عَلَیْهِ ثِیَابٌ (2) یَقُودُ الْعَبَّاسَ وَ عَقِیلًا فَدَفَعَهُمَا إِلَی عَلِیٍّ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ هَذَانِ عَمُّكَ وَ أَخُوكَ فَدُونَكَهُمَا (3) فَأَنْتَ أَوْلَی بِهِمَا فَحَكَی ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ دَفَعَهُمَا إِلَیْكَ:.

الْفُصُولُ وَ الْعُیُونُ وَ الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْمُفِیدِ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَدِیثِ بَدْرٍ لَقَدْ كَانَ یُسْأَلُ الْجَرِیحُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَیُقَالُ مَنْ جَرَحَكَ فَیَقُولُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَإِذَا قَالَهَا مَاتَ.

فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ، عَنْ أَحْمَدَ وَ خَصَائِصُ الْعَلَوِیَّةِ عَنِ النَّطَنْزِیِّ قَالَ الْحَارِثُ لَمَّا كَانَتْ لَیْلَةُ بَدْرٍ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ یَسْتَسْقِی لَنَا مِنَ الْمَاءِ فَأَحْجَمَ النَّاسُ فَقَامَ عَلِیٌّ فَاحْتَضَنَ (4) قِرْبَةً ثُمَّ أَتَی بِئْراً بَعِیدَةَ الْقَعْرِ مُظْلِمَةً فَانْحَدَرَ فِیهَا فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَأَهَّبُوا لِنُصْرَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَرْبِهِ (5) فَهَبَطُوا مِنَ السَّمَاءِ لَهُمْ لَغَطٌ (6) یُذْعَرُ مَنْ یَسْمَعُهُ فَلَمَّا حَاذُوا الْبِئْرَ فَسَلَّمُوا (7) عَلَیْهِ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ إِكْرَاماً وَ تَبْجِیلًا.

ص: 285


1- الجلحة: موضع انحسار الشعر عن جانبی الرأس و الرجل أجلح.
2- فی المصدر: علیه ثیاب بیض.
3- دونك: اسم فعل بمعنی خذ، أی خذهما.
4- أی جعلها فی حضنه. و الحضن: ما دون الابط إلی الكشح، أو الصدر و العضدان و ما بینهما.
5- فی المصدر: و حزبه.
6- اللغط: الصوت و الجلبة. أو أصوات مبهمة لا تفهم.
7- فی المصدر: سلموا علیه.

مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ الْفَلَكِیُّ الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً فِی غَزْوَةِ بَدْرٍ أَنْ یَأْتِیَهُ بِالْمَاءِ حِینَ سَكَتَ أَصْحَابُهُ عَنْ إِیرَادِهِ فَلَمَّا أَتَی الْقَلِیبَ وَ مَلَأَ الْقِرْبَةَ (1) فَأَخْرَجَهَا جَاءَتْ رِیحٌ فَأَهْرَقَتْهُ (2) ثُمَّ عَادَ إِلَی الْقَلِیبِ وَ مَلَأَ الْقِرْبَةَ فَجَاءَتْ رِیحٌ فَأَهْرَقَتْهُ وَ هَكَذَا فِی الثَّالِثَةِ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ مَلَأَهَا فَأَتَی (3) بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الرِّیحُ الْأُولَی فَجَبْرَئِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَلَّمُوا عَلَیْكَ وَ الرِّیحُ الثَّانِیَةُ مِیكَائِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَلَّمُوا عَلَیْكَ وَ الرِّیحُ الثَّالِثَةُ إِسْرَافِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةُ سَلَّمُوا عَلَیْكَ وَ فِی رِوَایَةٍ وَ مَا أَتَوْكَ إِلَّا لِیَحْفَظُوكَ.

وَ قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اللَّیْثِ وَ كَانَ یَقُولُ كَانَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافِ مَنْقَبَةٍ وَ ثَلَاثَةُ مَنَاقِبَ.

ثُمَّ یَرْوِی هَذَا الْخَبَرَ (4).

«28»-شی، تفسیر العیاشی أَبُو عَلِیٍّ الْمَحْمُودِیُّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ فِی قَوْلِ اللَّهِ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ (5) قَالَ إِنَّمَا أَرَادَ وَ أَسْتَاهَهُمْ (6) إِنَّ اللَّهَ كَرِیمٌ یَكْنِی (7).

«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ سَمِعَ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أُتِیَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَالٍ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ ابْسُطْ رِدَاكَ فَخُذْ مِنْ هَذَا الْمَالِ طَرَفاً قَالَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ طَرَفاً مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مِمَّنْ قَالَ (8) اللَّهُ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری (9) إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی

ص: 286


1- فی المصدر: فملا القربة الماء.
2- فی نسخة المصنّف: فهراقته. و لعله مصحف فاهرقته.
3- فی المصدر فأتی بها.
4- مناقب آل أبی طالب 2: 79 و 80.
5- الآیة أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
6- جمع الاست: العجز.
7- تفسیر العیّاشیّ 2: 65 و فیه: یكن.
8- هذا ممّا قال خ ل أقول: یوجد ذلك فی المصدر.
9- فی نسخة المصنّف و المصدر: من الأساری. و لعله وهم من نساخ التفسیر.

قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ (1)

«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ إِذْ یَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَیْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ فَقَالَ الشَّوْكَةُ الَّتِی فِیهَا الْقِتَالُ (2).

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ قَالَ إِلْهَامٌ (3).

«32»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ یُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ قَالَ لَا یَدْخُلُنَا (4) مَا یَدْخُلُ النَّاسَ مِنَ الشَّكِّ (5).

بیان: لعله علیه السلام قال هذا فی تفسیر قوله تعالی یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (6) فذكره الراوی هاهنا أو المراد أن الرجز الذی حصل لهم هو الشك و نحن مبرءون من ذلك.

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كُلَیْبٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی قَالَ عَلِیٌّ نَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْقَبْضَةَ الَّتِی رَمَی بِهَا (7).

وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ أَنَّ عَلِیّاً نَاوَلَهُ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهَا.

«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: نَاوَلَ

ص: 287


1- تفسیر العیّاشیّ 2: 69، و الآیة أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
2- تفسیر العیّاشیّ 2: 49، و الآیة قد أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
3- تفسیر العیّاشیّ 2: 50، و الآیة قد أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
4- لعل المعنی ان الخطاب فی الآیة غیر شامل للنبی صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و لعلی علیه السلام، بل هو إلی سائر المسلمین، لان الشك من رجز الشیطان، و هو لا یدخلنا.
5- تفسیر العیّاشیّ 2: 50، و الآیة أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
6- الأحزاب: 33.
7- تفسیر العیّاشیّ 2: 52.

رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ الَّتِی رَمَی بِهَا فِی وُجُوهِ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ اللَّهُ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمی (1).

«35»-قب، المناقب لابن شهرآشوب فِی الصَّحِیحَیْنِ (2) أَنَّهُ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَی هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی سِتَّةِ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْكُفَّارِ تَبَارَزُوا یَوْمَ بَدْرٍ وَ هُمْ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ وَ عَلِیٌّ وَ الْوَلِیدُ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ.

وَ قَالَ الْبُخَارِیُّ وَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ یُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِیهِمْ.

و به قال عطاء و ابن خیثم (3) و قیس بن عباد و سفیان الثوری و الأعمش و سعید

ص: 288


1- تفسیر العیّاشیّ 2: 52، و الآیة قد أشرنا إلی موضعها فی صدر الباب.
2- لفظ الحدیث فی صحیح البخاریّ 5: 95 هكذا: حدّثنی محمّد بن عبد اللّٰه الرقاشی حدّثنا معتمر قال: سمعت أبی یقول: حدّثنا أبو مجلز، عن قیس بن عباد، عن علیّ بن أبی طالب رضی اللّٰه عنه أنّه قال: «انا اول من یجثو بین یدی الرحمن للخصومة یوم القیامة» و قال قیس ابن عباد: و فیهم أنزلت: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ» قال: هم الذین تبارزوا یوم بدر حمزة و علی و عبیدة (أو أبو عبیدة) بن الحارث و شیبة بن ربیعة و عتبة و الولید بن عتبة.
3- هكذا فی نسخة المصنّف، و فیه وهم، و الصحیح خثیم بتقدیم الثاء مصغرا، و الرجل هو عبد اللّٰه بن عثمان بن خثیم القارئ المكی أبو عثمان المتوفّی سنة 132.

بن جبیر و ابن عباس ثم قال ابن عباس و فَالَّذِینَ كَفَرُوا یعنی عتبة و شیبة و الولید قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ (1) الآیات و أنزل فی أمیر المؤمنین و حمزة و عبیدة إِنَّ اللَّهَ یُدْخِلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ إلی قوله صِراطِ الْحَمِیدِ (2)

أَسْبَابُ النُّزُولِ، رَوَی قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: فِینَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ فِی مُبَارِزِینَا یَوْمَ بَدْرٍ إِلَی قَوْلِهِ عَذابَ الْحَرِیقِ (3).

وَ رَوَی جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَ قَوْلُهُ أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئاتِ (4) یَوْمَ بَدْرٍ فِی هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ.

شُعْبَةُ وَ قَتَادَةُ وَ عَطَاءٌ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكی (5) أَضْحَكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ یَوْمَ بَدْرٍ الْمُسْلِمِینَ وَ أَبْكَی كُفَّارَ مَكَّةَ حَتَّی قُتِلُوا وَ دَخَلُوا النَّارَ.

الْبَاقِرُ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ بَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ (6) نَزَلَتْ فِی حَمْزَةَ وَ عَلِیٍّ وَ عُبَیْدَةَ.

تفسیر أبی یوسف النسوی و قبیصة بن عقبة عن الثوری عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس فی قوله أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآیة نزلت فی علی و حمزة و عبیدة كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ (7) عتبة و شیبة و الولید.

الكلبی نزلت فی بدر یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (8)

ص: 289


1- الحجّ: 19.
2- الحجّ: 23 و 24.
3- الحجّ: 19- 22.
4- الجاثیة: 21.
5- النجم: 43.
6- البقرة: 25.
7- ص: 28.
8- الأنفال: 64.

أورده النطنزی فی الخصائص عن الحداد عن أبی نعیم.

وَ الصَّادِقُ وَ الْبَاقِرُ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ.

المؤرخ و صاحب الأغانی و محمد بن إسحاق كان صاحب رایة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم بدر علی بن أبی طالب علیه السلام و لما التقی الجمعان تقدم عتبة و شیبة و الولید و قالوا یا محمد أخرج إلینا أكفاءنا من قریش فتطاولت الأنصار لمبارزتهم فدفعهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أمر علیا و حمزة و عبیدة بالمبارزة فحمل عبیدة علی عتبة فضربه علی رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبیدة علی ساقه فأطنها فسقطا جمیعا و حمل شیبة علی حمزة فتضاربا بالسیف حتی انثلما و حمل علی علی الولید فضربه علی حبل عاتقه خرج (1) السیف من إبطه.

و فی إبانة الفلكی أن الولید كان إذا رفع ذراعه ستر وجهه من عظمها و غلظها.

ثم اعتنق حمزة و شیبة فقال المسلمون یا علی أ ما تری هذا الكلب یهر عمك فحمل علی علیه ثم قال یا عم طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شیبة فأدخل حمزة رأسه فی صدره فضربه علی فطرح نصفه ثم جاء إلی عتبة و به رمق فأجهز علیه.

و كان حسان قال (2) فی قتل عمرو بن عبد ود:

و لقد رأیت غداة بدر عصبة***ضربوك ضربا غیر ضرب المحضر (3)

ص: 290


1- فی المصدر: و خرج.
2- فی المصدر: یقول.
3- فی المصدر: المحصر بالصاد، و فی سیرة ابن هشام 3: 305: الحسر بضم الحاء المهملة و تشدید السین مفتوحة، جمع حاسر و هو الذی لا درع له، و فی هامشه: و تروی بالخاء المعجمة و السین المهملة و هو جمع خاسر و هو اسم فاعل من الخسران و هو الهلاك.

أصبحت لا تدعی لیوم كریهة*** یا عمرو أو لجسیم أمر منكر

فأجابه بعض بنی عامر:

كذبتم و بیت اللّٰه لم تقتلوننا***و لكن بسیف الهاشمیین فافخروا

بسیف بن عبد اللّٰه أحمد فی الوغی*** (1) بكف علی نلتم ذاك فاقصروا

و لم تقتلوا عمرو بن ود***و لا ابنه و لكنه الكفو الهزبر الغضنفر

علی الذی فی الفخر طال ثناؤه***فلا تكثروا الدعوی علیه فتفجروا

ببدر خرجتم للبراز فردكمشیوخ قریش جهرة و تأخروا(2)

فلما أتاهم حمزة و عبیدة***و جاء علی بالمهند یخطر

فقالوا نعم أكفاء صدق فأقبلوا***إلیهم سراعا إذ بغوا و تجبروا

فجال علی جولة هاشمیة***فدمرهم لما عتوا و تكبروا

و فی مجمع البیان أنه قتل سبعة و عشرین مبارزا و فی الإرشاد قتل خمسة و ثلاثین و قال زید بن وهب قال أمیر المؤمنین علیه السلام و ذكر حدیث بدر و قتلنا من المشركین سبعین و أسرنا سبعین.

محمد بن إسحاق أكثر قتلی المشركین یوم بدر كان لعلی.

الزمخشری فی الفائق

قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ رَأَیْتُ عَلِیّاً یُحَمْحِمُ فَرَسَهُ وَ هُوَ یَقُولُ:

بَازِلُ عَامَیْنِ حَدِیثُ سِنِّی*** سَنَحْنَحُ اللَّیْلِ كَأَنِّی جِنِّیٌّ

لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِی أُمِّی

الْمَرْزُبَانِیُّ فِی كِتَابِ أَشْعَارِ الْمُلُوكِ وَ الْخُلَفَاءِ أَنَّ عَلِیّاً أَشْجَعُ الْعَرَبِ حَمَلَ یَوْمَ بَدْرٍ وَ زَعْزَعَ الْكَتِیبَةَ وَ هُوَ یَقُولُ:

لَنْ یَأْكُلُوا التَّمْرَ بِظَهْرِ مَكَّةَ***مِنْ بَعْدِهَا حَتَّی تَكُونَ الرَّكَّةُ

ص: 291


1- فی المصدر: الوغی و هو الصحیح. و الوغی: الحرب.
2- فتأخروا خ ل.

عبد اللّٰه بن رواحة:

لیهن علیا (1) یوم بدر حضوره***و مشهده بالخیر ضربا مرعبلا

و كائن له من مشهد غیر خامل***یظل له رأس الكمی مجدلا.

و غادر كبش القوم فی القاع ثاویا*** تخال علیه الزعفران المعللا.

صریعا ینوء (2) القشعمان برأسه***و تدنو إلیه الضبع طولا لتأكلا

و قالت هند فی عتبة و شیبة:

أیا عین جودی بدمع سرب (3)*** علی خیر خندف لم ینقلب

تداعی له رهطه غدوة***بنو هاشم و بنو المطلب

یذیقونه حد أسیافهم***یعرونه (4) بعد ما قد شحب. (5)

و وجدت فی كتاب المقنع قول هند:

أبی و عمی و شقیق بكری***أخی الذی كان كضوء البدر

بهم كسرت یا علی ظهری(6)

بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام بازل عامین حدیث سنی.

البازل من الإبل الذی تم له ثمانی سنین و دخل فی التاسعة و حینئذ یطلع نابه و تكمل قوته ثم یقال له بعد ذلك بازل عام و بازل عامین یقول أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة.

و رجل سنحنح لا ینام اللیل و یقال رعبل اللحم أی قطعه و الكمی

ص: 292


1- فی المصدر: لیهن علی.
2- ناء ینوء: نهض بجهد و مشقة***ناء به: نهض به مثقلا.
3- فی سیرة ابن هشام: أ عینی جودا بدمع سرب.
4- فی السیرة: یعلونه بعد ما قد عطب. و للقصیدة أبیات اخری ذكره ابن هشام.
5- شحب لونه: تغیر من جوع أو مرض أو نحوهما. و فی المصدر و نسخة امین الضرب:
6- مناقب آل أبی طالب 2: 311- 313.

كغنی الشجاع و المجدل الصریع و غادر كبش القوم أی ترك شجاعهم و رئیسهم ثاویا أی مقیما المعللا أی طلی به مرة بعد أخری یقال عله ضربا أی تابع علیه الضرب و العلیلة المرأة المطیبة طیبا بعد طیب و القشعمان العظیم الذكر من النسور.

«36»-عم، إعلام الوری إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ عَلِیّاً لَیْلَةَ بَدْرٍ أَنْ یَأْتِیَهُ بِالْمَاءِ حِینَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ یَلْتَمِسُ لَنَا الْمَاءَ فَسَكَتُوا عَنْهُ فَقَالَ عَلِیٌّ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ الْقِرْبَةَ وَ أَتَی الْقَلِیبَ فَمَلَأَهَا فَلَمَّا أَخْرَجَهَا جَاءَتْ رِیحٌ فَهَرَاقَتْهُ (1) ثُمَّ عَادَ إِلَی الْقَلِیبِ فَمَلَأَهَا فَجَاءَتْ رِیحٌ فَهَرَاقَتْهُ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ مَلَأَهَا فَأَتَی بِهَا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الرِّیحُ الْأُولَی فَجَبْرَئِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَلَّمُوا عَلَیْكَ وَ الرِّیحُ الثَّانِیَةُ مِیكَائِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَلَّمُوا عَلَیْكَ وَ الرِّیحُ الثَّالِثَةُ إِسْرَافِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَلَّمُوا عَلَیْكَ- رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِی رَافِعٍ (2).

«37»-كشف، كشف الغمة قال الواقدی فی كتاب المغازی جمیع من یحصی قتله من المشركین ببدر تسعة و أربعون رجلا منهم من قتله علی و شرك فی قتله اثنان و عشرون رجلا شرك فی أربعة و قتل بانفراده ثمانیة عشر و قیل إنه قتل بانفراده تسعة بغیر خلاف و هم الولید بن عتبة بن ربیعة خال معاویة قتله مبارزة و العاص بن سعید بن العاص بن أمیة و عامر بن عبد اللّٰه و نوفل بن خویلد بن أسد و كان من شیاطین قریش و مسعود بن أبی أمیة بن المغیرة و قیس بن الفاكه و عبد اللّٰه بن المنذر بن أبی رفاعة و العاص بن منبه بن الحجاج و حاجب بن السائب و أما الذین شاركه فی قتلهم غیره فهم حنظلة بن أبی سفیان أخو معاویة و عبیدة بن الحارث و زمعة و عقیل ابنا الأسود بن عبد المطلب و أما الذین اختلف الناقلون فی أنه علیه السلام قتلهم أو غیره فهم طعیمة بن عدی و عمیر بن عثمان بن

ص: 293


1- فی المصدر: فأهرقته. و كذا فیما بعد.
2- إعلام الوری 113 و 114. ط 1 و 192 ط 2 و فیهما: محمّد بن عبد اللّٰه.

عمرو و حرملة بن عمرو و أبو قیس بن الولید بن المغیرة و أبو العاص بن قیس و أوس الجمحی و عقبة بن أبی معیط صبرا و معاویة بن عامر (1) فهذه عدة من قیل إنه علیه السلام قتلهم فی هذه الروایة غیر النضر بن الحارث فإنه قتله صبرا بعد القفول (2) من بدر هذا من طرق الجمهور (3).

«38»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ ذَرِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ قُرَیْشٌ إِلَی بَدْرٍ وَ أَخْرَجُوا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَهُمْ خَرَجَ طَالِبُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَنَزَلَ رُجَّازُهُمْ وَ هُمْ یَرْتَجِزُونَ وَ نَزَلَ طَالِبُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:

یَا رَبِّ إِمَّا تُعَزِّزَنَّ (4) بِطَالِبٍ*** فِی مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبِ

فِی مِقْنَبِ الْمُغَالِبِ الْمُحَارِبِ*** بِجَعْلِهِ الْمَسْلُوبَ غَیْرَ السَّالِبِ

وَ جَعْلِهِ الْمَغْلُوبَ غَیْرَ الْغَالِبِ

فَقَالَتْ قُرَیْشٌ إِنَّ هَذَا لَیَغْلِبُنَا فَرَدُّوهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ (5).

بیان: المقنب بالكسر جماعة الخیل و الفرسان (6) و رأیت فی بعض كتب السیر هكذا:

یا رب إما خرجوا (7) بطالب***فی مقنب من هذه المقانب

فاجعلهم المغلوب غیر الغالب***و ارددهم المسلوب غیر السالب

و قال ابن الأثیر فی الكامل (8) فی ذكر قصة بدر و كان بین طالب بن أبی طالب

ص: 294


1- ذكرنا قبل ذلك أسماءهم و ما قیل فیها من الاختلاف.
2- القفول: الرجوع من السفر.
3- كشف الغمّة: 53.
4- فی المصدر و النسخة المطبوعة بالحروف و الكامل و تاریخ الطبریّ: یغزون.
5- روضة الكافی: 375.
6- و قیل: ما بین الثلاثین إلی الأربعین. و قیل أو دون المائة أو زهاء ثلاثمائة.
7- فی مرآة العقول: اخرجوا.
8- الكامل لابن الأثیر 2: 85، و ذكره الطبریّ أیضا فی التاریخ 2: 143 و 144.

و هو فی القوم و بین بعض قریش محاورة فقالوا و اللّٰه لقد عرفنا أن هواكم مع محمد (1) فرجع طالب فیمن رجع إلی مكة و قیل إنه أخرج كرها (2) فلم یوجد فی الأسری و لا فی القتلی و لا فیمن رجع إلی مكة و هو الذی یقول:

یا رب إما یغزون طالب*** فی مقنب من هذه المقانب

فلیكن المسلوب غیر السالب*** و لیكن المغلوب غیر الغالب

انتهی.

فظهر مما نقلنا من الكتابین أنه لم یكن راضیا بتلك المقاتلة و كان یرید ظفر النبی صلی اللّٰه علیه و آله إما لأنه كان قد أسلم كما یدل علیه ما رواه الكلینی مرسلا أو لمحبة القرابة فالذی یخطر بالبال فی توجیه ما فی الخبر أن یكون قوله بجعله بدل اشتمال لقوله بطالب أی إما تجعل الرسول غالبا بمغلوبیة طالب حال كونه فی مقانب عسكر مخالفیه الذین یطلبون الغلبة علیه بأن تجعل طالبا مسلوب الثیاب و السلاح غیر سالب لأحد من عسكر النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بجعله مغلوبا منهم غیر غالب علیهم و یحتمل أن یكون المراد إما تقوین قریشا بطالب حال كونه فی طائفة من تلك الطوائف تكون غالبة و تكون غلبة الطالب بأن یجعل المسلوب بحیث لا یرجع و یصیر سالبا و كذلك المغلوب و لا یخفی بعده و یؤید الأول أیضا أن فی نسخة قدیمة من الكافی عندنا هكذا:

یا رب إما یغزون بطالب***فی مقنب من هذه المقانب

فی مقنب المغالب المحارب***فاجعله المسلوب غیر السالب

و اجعله المغلوب غیر غالب

و علی الوجهین إما بالتخفیف و تعززن بالتشدید علی بناء التفعیل و

ص: 295


1- فی تاریخ الطبریّ: و اللّٰه لقد عرفنا یا بنی هاشم ان خرجتم معنا ان هواكم مع محمد.
2- فی الكامل: انما كان خرج كرها. و فی تاریخ الطبریّ: قال أبو جعفر: و أمّا ابن الكلبی فانه قال فیما حدثت عنه: شخص طالب بن أبی طالب إلی بدر مع المشركین اخرج كرها اه. و فیه: و كان شاعرا و هو الذی یقول إه.

یمكن أن یقرأ إما بالكسر مشددا للتردید و یكون مقابله مقدرا أی و إما تردنه و تعززن بكسر الزاء المخففة مؤكدا بالخفیفة و الیاء فی قوله بطالب للتعدیة (1) فیكون قوله بجعله متعلقا بتعززن و أما قولهم لیغلبنا فعلی الأول و الثالث المعنی أنه یرید غلبة الخصوم علینا أو یسیر تخاذله سببا لغلبتهم علینا و علی الثانی المعنی أنه یفخر علینا و یظن أنما نغلب علیهم بإعانته و قوته.

«39»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مَلَكٍ وَ سَعِیدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَلَكٍ مُعَنْعَناً عَنِ السُّدِّیِّ قَالَ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ (2) الْآیَتَیْنِ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَ فِی عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ الْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ وَ شَیْبَةِ بْنِ رَبِیعَةَ بَارَزَهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (3) كَوَاسِطَةِ الْقِلَادَةِ فِی الْمُؤْمِنِینَ وَ هَؤُلَاءِ (4) الثَّلَاثَةُ كَوَاسِطَةِ الْقِلَادَةِ فِی الْكُفَّارِ (5).

«40»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عُبَیْدَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ مُعَنْعَناً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِیرِینَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی الَّذِینَ یُبَارِزُونَ یَوْمَ بَدْرٍ قَالَ لَمَّا كَانَ یَوْمُ بَدْرٍ بَرَزَ عُتْبَةُ (6) وَ شَیْبَةُ ابْنَا رَبِیعَةَ وَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ فَقَالَ عُتْبَةُ یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَیْنَا أَكْفَاءَنَا فَقَامَ فِتْیَةٌ مِنَ

ص: 296


1- فی نسخة المصنّف: للتوریة. و لعله من سهو القلم.
2- تقدم الایعاز إلی موضع الآیة فی صدر الباب.
3- خلا المصدر عن قوله: یوم القیامة.
4- فی المصدر: و هذه الثلاثة.
5- تفسیر فرات: 98. و روی فیه أیضا بإسناده عن أحمد بن الحسن بن إسماعیل بن صبیح معنعنا عن قیس بن عبادة قال نزلت هذه الآیة فی الذین تبارزوا یوم بدر: (هذان) خصمان اختصموا فی ربهم و هم علیّ بن أبی طالب علیه السلام و حمزة بن عبد المطلب و عبیدة بن الحارث، و عتبة بن ربیعة و شیبة بن ربیعة و الولید بن عتبة انتهی، أقول: عبادة مصحف عباد، و لعله من النسّاخ و الرجل قیس بن عباد الضبعی أبو عبد اللّٰه البصری، مخضرم، مات بعد الثمانین. و الحدیث قد تقدم عن الصحیحین.
6- فی المصدر: نزلت هذه الآیة فی الذین تبارزوا یوم بدر برز عتبة اه.

الْأَنْصَارِ (1) فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ اجْلِسُوا قَدْ أَحْسَنْتُمْ فَلَمَّا رَأَی حَمْزَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُهُ قَامَ حَمْزَةُ ثُمَّ قَامَ عَلِیٌّ ثُمَّ قَامَ عُبَیْدَةُ عَلَیْهِمُ الْبَیْضُ قَالَ لَهُمْ عُتْبَةُ تَكَلَّمُوا یَا أَهْلَ الْبَیْضِ نَعْرِفْكُمْ فَقَالَ حَمْزَةُ أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ قَالَ عَلِیٌّ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ قَالَ عُبَیْدَةُ أَنَا عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالُوا أَكْفَاءٌ كِرَامٌ فَتَبَارَزَ حَمْزَةُ عُتْبَةَ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ وَ تَبَارَزَ عَلِیٌّ الْوَلِیدَ فَقَتَلَهُ عَلِیٌّ وَ تَبَارَزَ عُبَیْدَةُ شَیْبَةَ فَامْتَعَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمَالَ عَلَیْهِ عَلِیٌّ فَأَجَازَ عَلَیْهِ وَ احْتَمَلَ عُبَیْدَةَ أَصْحَابُهُ وَ كَانُوا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ كَوَاسِطَةِ الْقِلَادَةِ مِنَ الْقِلَادَةِ وَ كَانُوا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُشْرِكِینَ كَوَاسِطَةِ الْقِلَادَةِ مِنَ الْقِلَادَةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ حَتَّی بَلَغَ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ (2) فَهَذَا فِی هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِینَ وَ نَزَلَتْ إِنَّ اللَّهَ یُدْخِلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ حَتَّی بَلَغَ إِلی صِراطِ الْحَمِیدِ (3) فَهَذَا فِی هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِینَ (4).

«41»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی هَمَّامٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام (5) فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُسَوِّمِینَ قَالَ الْعَمَائِمُ اعْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَدَلَهَا مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ اعْتَمَّ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَسَدَلَهَا مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ (6).

«42»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ

ص: 297


1- فی المصدر: فقام فئة من الأنصار.
2- هكذا فی نسخة المصنّف، و لعله من سهو القلم. و الصحیح كما فی المصدر و المصحف الشریف: و ذوقوا. راجع سورة الحجّ: 19- 22.
3- الحجّ: 24.
4- تفسیر فرات: 100.
5- خلا المصدر عن كلمة: (قال) .
6- فروع الكافی 3: 208.

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ (1) قَالَ: كَانَتْ عَلَی الْمَلَائِكَةِ الْعَمَائِمُ الْبِیضُ الْمُرْسَلَةُ یَوْمَ بَدْرٍ (2).

«43»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْكُوفِیُّ مُعَنْعَناً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ كَالْفُجَّارِ (3) قَالَ نَزَلَتِ الْآیَةُ فِی ثَلَاثَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَهُمُ الْمُتَّقُونَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَ فِی ثَلَاثَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ هُمُ (4) الْمُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَعَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَعُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ وَ هُمُ الَّذِینَ یُبَارِزُونَ (5) یَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَ عَلِیٌّ الْوَلِیدَ وَ قَتَلَ حَمْزَةُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ وَ قَتَلَ عُبَیْدَةُ شَیْبَةَ (6).

«44»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادِ بْنِ عِیسَی بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِی فُضَیْلٌ الْبَرَاجِمِیُّ (7) قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِیُّ (8) أَمِیرٌ وَ كَانَ فِی الْمَسْجِدِ عِنْدَ زَمْزَمَ فَقَالَ ادْعُوا لِی قَتَادَةَ قَالَ فَجَاءَ شَیْخٌ أَحْمَرُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ فَدَنَوْتُ (9) لِأَسْمَعَ فَقَالَ خَالِدٌ یَا قَتَادَةُ أَخْبِرْنِی بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ وَ أَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ وَ أَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ

ص: 298


1- فی المصدر: عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام.
2- فروع الكافی 2: 208.
3- ص: 28.
4- فی المصدر: فهم المفسدون.
5- فی المصدر: تبارزوا.
6- تفسیر فرات: 131.
7- فی المصدر: البرجمی. و البرجمی نسبة الی البراجم و هی قبیلة من تمیم.
8- بفتح القاف و سكون السین نسبة إلی قسر بن عبقر بن انمار بن أراش بن عمرو بن الغوث، بطن من بجیلة، و الرجل هو خالد بن عبد اللّٰه بن یزید بن أسد القسری امیر الحجاز ثمّ العراق، قتل سنة 126.
9- فدنوت منه خ ل.

الْأَمِیرَ أُخْبِرُكَ بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ وَ أَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ وَ أَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ وَاحِدَةٌ قَالَ خَالِدٌ وَیْحَكَ وَاحِدَةٌ قَالَ نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ قَالَ أَخْبِرْنِی قَالَ بَدْرٌ قَالَ وَ كَیْفَ ذَا قَالَ إِنَّ بَدْراً أَكْرَمُ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ بِهَا أَكْرَمَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ هِیَ أَعَزُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ بِهَا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ هِیَ أَذَلُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِی الْعَرَبِ فَلَمَّا قُتِلَتْ قُرَیْشٌ یَوْمَئِذٍ ذَلَّتِ الْعَرَبُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِنْ كَانَ فِی الْعَرَبِ یَوْمَئِذٍ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَیْلَكَ یَا قَتَادَةُ أَخْبِرْنِی بِبَعْضِ أَشْعَارِهِمْ قَالَ خَرَجَ أَبُو جَهْلٍ یَوْمَئِذٍ وَ قَدْ أَعْلَمَ (1) لِیُرَی مَكَانُهُ وَ عَلَیْهِ عِمَامَةٌ حَمْرَاءُ وَ بِیَدِهِ تُرْسٌ مُذَهَّبٌ وَ هُوَ یَقُولُ:

مَا تَنْقِمُ الْحَرْبُ الشَّمُوسُ مِنِّی*** بَازِلُ عَامَیْنِ حَدِیثُ السِّنِ

لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِی أُمِّی

(2) فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِنْ كَانَ ابْنُ أَخِی لَأَفْرَسَ مِنْهُ یَعْنِی خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ وَ كَانَتْ أُمُّهُ قُشَیْرِیَّةً (3) وَیْلَكَ یَا قَتَادَةُ مَنِ الَّذِی یَقُولُ

أُوفِی بِمِیعَادِی وَ أَحْمِی عَنْ حَسَبِ

فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ لَیْسَ هَذَا یَوْمَئِذٍ هَذَا یَوْمُ أُحُدٍ خَرَجَ طَلْحَةُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ وَ هُوَ یُنَادِی مَنْ یُبَارِزُ فَلَمْ یَخْرُجْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُجَهِّزُونَّا بِأَسْیَافِكُمْ إِلَی النَّارِ وَ نَحْنُ نُجَهِّزُكُمْ بِأَسْیَافِنَا إِلَی الْجَنَّةِ فَلْیَبْرُزَنَّ إِلَیَّ رَجُلٌ یُجَهِّزُنِی بِسَیْفِهِ إِلَی النَّارِ وَ أُجَهِّزُهُ بِسَیْفِی إِلَی الْجَنَّةِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَقُولُ

ص: 299


1- اعلم: أی وضع لنفسه علامة یعرف بها.
2- قال المصنّف فی مرآة العقول: و قد روی هذا عن أمیر المؤمنین علیه السلام أیضا هكذا: قد عرف الحرب العوان أنی***بازل عامین حدیث السن سنحنح اللیل كأنی جنی***استقبل الحرب بكل فن معی سلاحی ومعی مجنسی***وصارم یذهب كل ضغن أمض به كل عدو عنی***لمثل هذا ولدتنی امی
3- قسریة خ ل. أقول : وهو الصحیح وان كان فی المصدر ایضا خلافه

أَنَا ابْنُ ذِی الْحَوْضَیْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ***وَ هَاشِمِ الْمُطْعِمِ فِی الْعَامِ السَّغِبِ

أُوفِی بِمِیعَادِی وَ أَحْمِی عَنْ حَسَبِ

فَقَالَ خَالِدٌ لَعَنَهُ اللَّهُ كَذَبَ لَعَمْرُ اللَّهِ (1)وَ اللَّهِ أَبُو تُرَابٍ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَالَ الشَّیْخُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ ائْذَنْ لِی فِی الاِنْصِرَافِ قَالَ فَقَامَ الشَّیْخُ یُفَرِّجُ النَّاسَ بِیَدِهِ وَ خَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ زِنْدِیقٌ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ زِنْدِیقٌ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ (2) .

إیضاح: قتادة (3)من أكابر محدثی العامة من تابعی البصرة قوله إن كان فی العرب كلمة إن مخففة أو هی بالفتح أی لأن كان و لعله لعنه اللّٰه حملته الحمیة و الكفر علی أن یتعصب للمشركین بأنهم لم یذلوا بقتل هؤلاء بل كان فیهم أعز منهم أو لأبی سفیان و سائر بنی أمیة و خالد بن الولید فإنهم كانوا یومئذ بین المشركین و یحتمل علی بعد أن یكون مراده أن غلبة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو سید العرب كان یكفی لعزهم قوله و قد أعلم أی جعل لنفسه أو لفرسه علامة یعرف بها قال الفیروزآبادی :أعلم الفرس علق علیه صوفا ملونا فی الحرب و نفسه وسمها بسیماء الحرب كعلمها و قال الجوهری :أعلم الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان فهو معلم قوله ما تنقم یقال نقمت علی الرجل أی عتبت علیه و نقمت الأمر بالفتح و الكسر كرهته و شمس الفرس شموسا و شماسا منع ظهره فهو شموس و رجل شموس صعب الخلق و الظاهر أن كلمة ما للاستفهام و یحتمل النفی و المآل واحد أی لا یقدر الحرب الذی لا یقدر علیه بسهولة و لا یطیع المرء فیما یرید منه أن یعیبنی أی یظهر عیبی (4)و البازل و

ص: 300


1- فی المصدر:لعمری.
2- روضة الكافی 110-113.
3- هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزیز بن عمرو بن ربیعة بن الحارث بن سدوس بن شیبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علیّ بن بكر بن وائل السدوسی البصری التابعی،من اعیان علماء أهل السنة،یروی عن انس و ابن المسیب و الحسن البصری و غیرهم و یروی عنه الأعمش و حمید الطویل و شعبة و الاوزاعی،و وصفوه بالجلالة و الحفظ و الفضل و رموه بالتدلیس:توفّی سنة 117 عن 56 سنة و قیل:سنة 118.
4- فی مرآة العقول:و لا تطیع المرء فیما یرید منها أن تنتقم منی أو تعیبنی أو تظهر عیبی.

الحدیث كأنهما حالان عن الضمیر المجرور فی قوله منی أو مرفوعان بالخبریة لمحذوف قوله و كانت أمه قشیریة أی لذلك قال ابن أخی لأن خالدا كانت أمه من قبیلته و الأصوب قسریة كما فی بعض النسخ لأن خالدا مشهور بالقسری كما مر فی صدر الحدیث و التجهیز إعداد ما یحتاج إلیه المسافر أو العروس أو المیت و یحتمل أن یكون من أجهز علی الجریح أی أثبت قتله و أسرعه و تمم علیه قوله علیه السلام أنا ابن ذی الحوضین یعنی اللذین صنعهما عبد المطلب عند زمزم لسقایة الحاج قوله علیه السلام فی العام السغب بكسر الغین أی عام المجاعة و القحط یقال سغب كفرح و نصر جاع فهو سغب بالكسر قوله علیه السلام أوفی بمیعادی أی مع الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فی نصره قوله و أحمی عن حسب أی أرفع العار عن أحسابی و أحساب آبائی و یحتمل أن یقرأ بكسر السین أی عن ذی حسب و هو الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لكنه بعید.

«45»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ فِی هَذِهِ الْآیَةِ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ (1) قَالَ نَزَلَتْ فِی الْعَبَّاسِ وَ عَقِیلٍ وَ نَوْفَلٍ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی یَوْمَ بَدْرٍ أَنْ یُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ فَأُسِرُوا فَأَرْسَلَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ انْظُرْ مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ فَمَرَّ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَحَادَ عَنْهُ (2) فَقَالَ لَهُ عَقِیلٌ یَا ابْنَ أُمِّ عَلَیَّ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتَ مَكَانِی قَالَ فَرَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ هَذَا أَبُو الْفَضْلِ فِی یَدِ فُلَانٍ وَ هَذَا عَقِیلٌ فِی یَدِ فُلَانٍ وَ هَذَا نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ فِی یَدِ فُلَانٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی انْتَهَی إِلَی عَقِیلٍ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا یَزِیدَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ إِذاً لَا تُنَازَعُونَ (3) فِی تِهَامَةَ فَقَالَ (4) إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمُ الْقَوْمَ وَ

ص: 301


1- أشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
2- فی تفسیر العیاشی : فجاز عنه.
3- لا تنازعونی خ ل.
4- قال المصنف فی مرآت العقول : فقال أی عقیل ، قوله : اكتافهم ای اتبعوهم وشدوا خلفهم وان اثخنتموهم فخلوهم ، وقیل القائل النبی صلی اللّٰه علیه و آله ، وركوب الاكتاف كنایة عن شد وثاقهم ، ای ان ضعفوا بالجراحات فلا یقدرون علی الهرب فخلوهم والا فشدوهم لئلا یهربوا وتكونوا راكبین علی اكتافهم أی مسلطین علیهم. انتهی. أقول : وفیما تقدم عن تفسر القمی فی اول الباب هكذا : فقال عقیل : إذا لم تنازعوا فی تهامة ، فان كنت قد اثخنت القوم والا فاركب اكتافهم فتبسم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من قوله.

إِلَّا فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ قَالَ فَجِی ءَ بِالْعَبَّاسِ فَقِیلَ لَهُ افْدِ نَفْسَكَ وَ افْدِ ابْنَ أَخِیكَ (1) فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ تَتْرُكُنِی أَسْأَلُ قُرَیْشاً فِی كَفِّی فَقَالَ أَعْطِ مَا خَلَّفْتَ (2) عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ وَ قُلْتَ لَهَا إِنْ أَصَابَنِی فِی وَجْهِی هَذَا شَیْ ءٌ فَأَنْفِقِیهِ عَلَی وُلْدِكِ وَ نَفْسِكِ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ أَخِی مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا فَقَالَ أَتَانِی بِهِ جَبْرَئِیلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ فَقَالَ وَ مَحْلُوفِهِ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ إِلَّا أَنَا وَ هِیَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَرَجَعَ الْأَسْرَی كُلُّهُمْ مُشْرِكِینَ إِلَّا الْعَبَّاسُ وَ عَقِیلٌ وَ نَوْفَلٌ كَرَّمَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ وَ فِیهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قُلْ لِمَنْ فِی أَیْدِیكُمْ مِنَ الْأَسْری (3) إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً إِلَی آخِرِ الْآیَةِ (4).

شی، تفسیر العیاشی عن معاویة بن عمار مثله (5) بیان قوله صلی اللّٰه علیه و آله و أبو البختری هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد و لم یقبل أمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله ذلك الیوم و قتل فالضمیر فی قوله علیه السلام فأسروا راجع إلی بنی هاشم و أبو البختری لم یكن من بنی هاشم لكن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد كان نهی عن قتله أیضا قال ابن أبی الحدید قال الواقدی نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن قتل أبی البختری و كان قد لبس السلاح بمكة یوما قبل الهجرة فی بعض ما كان ینال النبی صلی اللّٰه علیه و آله من الأذی و قال لا یعرض الیوم أحد لمحمد بأذی إلا وضعت فیه السلاح

ص: 302


1- ابنی اخیك خ ل أقول : هو الموجود فی تفسیر العیاشی ونسخة من الروضة
2- فی الروضة وتفسیر العیاشی : مما خلفت.
3- فی نسخة المصنف وتفسیر العیاشی : من الاساری.
4- روضة الكافی : ٢٠٢ ط ٢.
5- تفسیر العیاشی ٢ : ٦٨ و ٦٩.

فشكر ذلك له النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قال أبو داود المازنی فلحقته یوم بدر فقلت له إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن قتلك إن أعطیت (1) بیدك قال و ما ترید إلی إن كان قد نهی عن قتلی فقد كنت أبلیته ذلك فأما أن أعطی بیدی فو اللات و العزی لقد علمت نسوة بمكة أنی لا أعطی بیدی و قد عرفت أنك لا تدعنی فافعل الذی ترید فرماه أبو داود بسهم و قال اللّٰهم سهمك و أبو البختری عبدك فضعه فی مقتله و أبو البختری دارع ففتق السهم الدرع فقتله.

قال الواقدی و یقال إن المجذر بن زیاد قتل أبا البختری و هو لا یعرفه و قال المجذر فی ذلك شعرا (2) عرف منه أنه قاتله.

و فی روایة محمد بن إسحاق أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی یوم بدر عن قتل أبی البختری و اسمه الولید بن هشام لأنه كان أكف الناس عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بمكة كان لا یؤذیه و لا یبلغه عنه شی ء یكرهه و كان فیمن قام فی نقض الصحیفة التی كتبتها قریش علی بنی هاشم فلقیه المجذر بن زیاد البلوی حلیف الأنصار فقال له إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهانا عن قتلك و مع أبی البختری زمیل له خرج معه من مكة یقال له جنادة بن ملیحة فقال أبو البختری و زمیلی قال المجذر و اللّٰه ما نحن بتاركی زمیلك ما نهانا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلا عنك وحدك قال إذا و اللّٰه لأموتن أنا و هو جمیعا لا تتحدث عنی نساء أهل مكة أنی تركت زمیلی حرصا علی الحیاة فنازله المجذر و ارتجز أبو البختری فقال:

لن یسلم ابن حرة زمیله***حتی یموت أو یری سبیله

ثم اقتتلا فقتله المجذر فجاء إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبره و قال الذی بعثك بالحق لقد جهدت أن یستأسر فآتیك به فأبی إلا القتال فقاتلته فقتلته ثم

ص: 303


1- أعطی بیده : انقاد.
2- والشعر فی سیرة ابن هشام ٢ : ٢٧٠ و ٢٧١.

قال قال محمد بن إسحاق و قد كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی فی أول الوقعة أن یقتل أحد من بنی هاشم.

و روی بإسناده عن ابن عباس أنه قال قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأصحابه إنی قد عرفت أن رجالا من بنی هاشم و غیرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقی منكم أحدا من بنی هاشم فلا یقتله و من لقی أبا البختری فلا یقتله و من لقی العباس عم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلا یقتله فإنه إنما أخرج مستكرها. (1).

قوله صلی اللّٰه علیه و آله ابن أخیك یعنی عقیلا و فی بعض النسخ ابنی أخیك أی ابنی أخویك نوفلا و عقیلا

كما روی ابن أبی الحدید عن محمد بن إسحاق قال لما قدم بالأساری إلی المدینة قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله افد نفسك یا عباس و ابنی أخویك عقیل بن أبی طالب و نوفل بن الحارث و حلیفك عقبة بن عمرو فإنك ذو مال إلی قوله ثم فدی نفسه و ابنی أخویه. (2).

قوله علیه السلام و محلوفه الظاهر أنه كان حلف باللات و العزی فكره علیه السلام التكلم به فعبر هكذا و فی الكشاف (3) أنه حلف باللّٰه فیحتمل أن یكون بكراهة أصل الحلف.

«46»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ إِبْلِیسُ یَوْمَ بَدْرٍ یُقَلِّلُ الْمُؤْمِنِینَ فِی أَعْیُنِ الْكُفَّارِ وَ یُكَثِّرُ الْكُفَّارَ فِی أَعْیُنِ النَّاسِ (4) فَشَدَّ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِالسَّیْفِ فَهَرَبَ مِنْهُ وَ

ص: 304


1- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید : ٣ : ٣٣٥ ط مصر.
2- شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید : ٣ : ٣٤٥ ط مصر.
3- تفسیر الكشاف ٢ : ١٨٦ فیه : فقال العباس : وما یدریك؟ قال : أخبرنی به ربی ، قال العباس : فانا أشهد انك صادق ، وان لا إله إلا اللّٰه وأنك عبده ورسوله ، واللّٰه لم یطلع علیه احد الا اللّٰه ، ولقد دفعته إلیها فی سواد اللیل ، ولقد كنت مرتابا فی امرك ، فاما إذا أخبرتنی بذلك فلا ریب اه.
4- فی المصدر : ویكثر الكفار فی أعین المسلمین.

هُوَ یَقُولُ یَا جَبْرَئِیلُ إِنِّی مُؤَجَّلٌ (1) حَتَّی وَقَعَ فِی الْبَحْرِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَیِّ شَیْ ءٍ كَانَ یَخَافُ وَ هُوَ مُؤَجَّلٌ قَالَ یَقْطَعُ بَعْضَ أَطْرَافِهِ (2).

«47»-ك، إكمال الدین ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی الْقَائِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی ظَهْرِ النَّجَفِ رَكِبَ (3) فَرَساً أَدْهَمَ أَبْلَقَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ شِمْرَاخٌ (4) ثُمَّ یَنْتَفِضُ بِهِ فَرَسُهُ فَلَا یَبْقَی أَهْلُ بَلْدَةٍ إِلَّا وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ مَعَهُمْ فِی بِلَادِهِمْ فَإِذَا نَشَرَ رَایَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله انْحَطَّ عَلَیْهِ (5) ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كُلُّهُمْ یَنْظُرُونَ الْقَائِمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ هُمُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی السَّفِینَةِ وَ الَّذِینَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَیْثُ أُلْقِیَ فِی النَّارِ وَ كَانُوا مَعَ عِیسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ حِینَ رُفِعَ وَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مُسَوِّمِینَ وَ مُرْدِفِینَ وَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً مَلَائِكَةُ یَوْمِ بَدْرٍ وَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ الَّذِینَ هَبَطُوا یُرِیدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلَمْ یُؤْذَنْ لَهُمْ (6).

أقول: سیأتی مثله بأسانید جمة فی كتاب الغیبة.

«48»-ب، قرب الإسناد ابْنُ طَرِیفٍ (7) عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْتَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ الْبَدْرِ (8) إِلَی الْمَاءِ فَانْتَدَبَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَخَرَجَ وَ كَانَتْ لَیْلَةً بَارِدَةً ذَاتَ رِیحٍ وَ ظُلْمَةٍ فَخَرَجَ بِقِرْبَتِهِ فَلَمَّا كَانَ إِلَی الْقَلِیبِ

ص: 305


1- فی المصدر : انی مؤجل ، انی مؤجل.
2- الروضة : ٢٧٧.
3- فی المصدر : كانی انظر إلی القائم علیه السلام علی ظهر النجف فاذا استوی علی ظهر النجف ركب فرسا.
4- الشمراخ : غرة الفرس إذا دقت وسالت.
5- فی المصدر : انحط إلیه.
6- اكمال الدین : ٣٧٧ و ٣٧٨. وللحدیث ذیل یأتی فی كتاب الغیبة.
7- هكذا فی نسخة المصنف وغیرها وهو مصحف ظریف بالظاء المعجمة.
8- هكذا فی نسخة المصنف وغیرها وهو مصحف والصحیح : بدر كما فی المصدر أیضا و فیه : استندب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الناس لیلة بدر.

لَمْ یَجِدْ دَلْواً فَنَزَلَ فِی الْجُبِّ تِلْكَ السَّاعَةَ فَمَلَأَ قِرْبَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ فَاسْتَقْبَلَتْهُ رِیحٌ شَدِیدَةٌ فَجَلَسَ حَتَّی مَضَتْ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَجَلَسَ حَتَّی مَضَتْ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَی فَجَلَسَ حَتَّی مَضَتْ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا حَبَسَكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ لَقِیتُ رِیحاً ثُمَّ رِیحاً ثُمَّ رِیحاً شَدِیدَةً فَأَصَابَتْنِی قَشْعَرِیرَةٌ فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا كَانَ ذَاكَ (1) یَا عَلِیُّ فَقَالَ لَا فَقَالَ ذَاكَ (2) جَبْرَئِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَدْ سَلَّمَ عَلَیْكَ وَ سَلَّمُوا ثُمَّ مَرَّ مِیكَائِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلَّمَ عَلَیْكَ وَ سَلَّمُوا ثُمَّ مَرَّ إِسْرَافِیلُ وَ أَلْفٌ (3) مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلَّمَ عَلَیْكَ وَ سَلَّمُوا (4).

«49»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ مِثْلَهُ بِأَدْنَی تَغْیِیرٍ (5) وَ زَادَ فِی آخِرِهِ وَ هُمْ مَدَدٌ لَنَا وَ هُمُ الَّذِینَ رَآهُمْ إِبْلِیسُ

ص: 306


1- فی المصدر : ذلك.
2- فی المصدر : ذلك.
3- فی المصدر : فی الف.
4- قرب الاسناد : ٥٣. أقول : وفی ذلك یقول السید الحمیری اسماعیل بن محمد فی قصیدة : اقسم باللّٰه وآلائه***والمرء عما قال مسؤول إن علی بن أبی طالب***علی التقی والبر مجبول وإنه كان الامام الذی***له علی الامة تفضیل ذاك الذی سلم فی لیلة***علیه میكال وجبریل میكال فی ألف وجبریل فی***ألف ویتلوهم سرافیل لیلة بدر مددا انزلوا***كأنهم طیر أبابیل فسلموا لما أتوا حذوه***وذاك إعظام وتبجیل
5- الفاظ الخبر فیه : هكذا : قال : لما عطش القوم یوم بدر انطلق علی بالقربة یستقی وهو علی القلیب اذ جاءت ریح شدیدة ، ثم مضت فلبث ما بدا له ، ثم جاءت ریح اخری ثم مضت ثم جاءته اخری كاد أن تشغله وهو علی القلیب ثم جلس حتی مضی ، فلما رجع إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أخبره بذلك ، فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله : اما الریح الاولی ( فیها ) جبرئیل مع الف من الملائكة ، والثانیة فیها میكائیل مع الف من الملائكة والثالثة فیها إسرافیل مع الف من الملائكة ، وقد سلموا علیك وهم مدد لنا اه.

فَ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ یَمْشِی الْقَهْقَرَی حِینَ یَقُولُ (1) إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ (2)

50- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ الْآیَةَ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ لَمَّا أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَنَازِلِ شُهَدَائِهِمْ یَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْجَنَّةِ (3) رَغِبُوا فِی ذَلِكَ وَ قَالُوا اللَّهُمَّ أَرِنَا قِتَالًا نَسْتَشْهِدُ فِیهِ فَأَرَاهُمُ اللَّهُ إِیَّاهُ یَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ یَثْبُتُوا إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ (4).

«51»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ (5) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی بَیَانِ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَكَّةَ وَ إِحْرَامِهِ وَ مَنْعِ قُرَیْشٍ الْمُسْلِمِینَ وَ إِرَادَتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصُّلْحَ وَ عَدَمِ رِضَا الْأُمَّةِ بِهِ وَ إِرَاءَتِهِمُ الْحَرْبَ وَ هَزِیمَتِهِمْ مِنْ قُرَیْشٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَرَجَعَ (6) أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُسْتَحْیِینَ وَ أَقْبَلُوا یَعْتَذِرُونَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِی یَوْمَ بَدْرٍ إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمْ إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّی مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِی یَوْمَ أُحُدٍ إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلی أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ یَدْعُوكُمْ فِی أُخْراكُمْ أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِی یَوْمَ كَذَا وَ یَوْمَ كَذَا (7)

ص: 307


1- فی المصدر : حتی یقول.
2- تفسیر العیاشی ٢ : ٦٥. وأشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
3- فی المصدر : لما أخبرهم اللّٰه عزوجل بالذی فعل بشهدائهم یوم بدر ومنازلهم من الجنة.
4- تفسیر القمی : ١٠٨.
5- فی المصدر المطبوع وفی نسختی المخطوطة : ابن یسار ، وفی اخری ابن سیار ، والظاهر انهما مصحفان والصحیح ما فی المتن ، وابن یسار وهو محمد بن الفضیل وان امكن روایته عن الصادق علیه السلام الا ان المتعارف فی الاخبار التعبیر باسمه ، ولم نظفر بمورد عبر عنه بابن یسار.
6- فی المصدر : وتراجع.
7- فی المصدر : ألستم أصحابی یوم كذا؟ ألستم أصحابی یوم كذا؟

فَاعْتَذَرُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَدِمُوا عَلَی مَا كَانَ مِنْهُمْ الْخَبَرَ (1).

«52»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِنْ یُرِیدُوا أَنْ یَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ (2) قَالَ نَزَلَتْ فِی الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ رُوِیَ عَنِ الْإِمَامِ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنْ یُرِیدُوا أَنْ یَخْدَعُوكَ الْآیَةَ قَالَ هُمُ الَّذِینَ اسْتَشَارَهُمُ الرَّسُولُ فِی أَمْرِ قُرَیْشٍ بِبَدْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قُرَیْشٌ وَ خُیَلَاؤُهَا وَ إِنَّهَا مَا آمَنَتْ قَطُّ الْحَدِیثَ فَقَالَ تَعَالَی فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ قَالَ هُمُ الْأَنْصَارُ وَ كَانَ أَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَ نصرتهم (نَصَرَ بِهِمْ) نَبِیَّهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً ما أَلَّفْتَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ فَالَّذِینَ أَلَّفَ اللَّهُ بَیْنَ قُلُوبِهِمُ الْأَنْصَارُ خَاصَّةً (3).

«53»-ل، الخصال الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنِیِّ (4) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ صَالِحٍ الْعَبَّاسِیِّ عَنْ أَبِیهِ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ فِی الْخَمْسَةِ الْمُسْتَهْزِءِینَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5) ثُمَّ قَالَ الصَّدُوقُ وَ یُقَالُ فِی خَبَرٍ آخَرَ فِی الْأَسْوَدِ

ص: 308


1- تفسیر القمی ٦٣١ و ٦٣٣.
2- الموجود فی المصدر المطبوع ونسختین مخطوطتین عندی منه هكذا : قوله تعالی : « وان یریدوا أن یخدعوك فان حسبك اللّٰه هو الذی ایدك بنصره وبالمؤمنین والف بین قلوبهم لو انفقت ما فی الارض جمیعا ما الفت بین قلوبهم ولكن اللّٰه الف بینهم » قال : نزلت فی الاوس والخزرج وفی روایة أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام قال : ان هؤلاء قوم كانوا معه من قریش ، فقال اللّٰه تعالی : « فان حسبك اللّٰه هو الذی ایدك بنصره وبالمؤمنین والف بین قلوبهم لو انفقت ما فی الارض جمیعا ما الفت بین قلوبهم ولكن اللّٰه الف بینهم إنه عزیز حكیم » فهم الانصار ، وكان بین الاوس والخزرج حرب شدید وعداوة فی الجاهلیة ، فالف اللّٰه بین قلوبهم ونصر بهم نبیه ، فالذین الف بین قلوبهم الانصار خاصة انتهی. أقول : الظاهر أن نسخة المصنف كانت تامة ونسختنا وقع فیها سقط.
3- تفسیر القمی : ٢٥٥ و ٢٥٦.
4- فی المصدر : الحسنی. وذكره المصنف ایضا كذلك فیما تقدم فی باب المعجزات.
5- تقدم الحدیث بتمامه فی باب معجزاته فی كفایة شر الاعداء راجع ج ١٨ : ٥٥.

بْنَ عَبْدِ یَغُوثَ قَوْلٌ آخَرُ یُقَالُ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قَدْ دَعَا عَلَیْهِ أَنْ یُعْمِیَ اللَّهُ بَصَرَهُ وَ أَنْ یُثْكِلَهُ وَلَدَهُ فَلَمَّا كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ جَاءَ حَتَّی صَارَ إِلَی كُدَی (1) فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ فَعَمِیَ وَ بَقِیَ حَتَّی أَثْكَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَلَدَهُ یَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ مَاتَ (2).

«54»-فس، تفسیر القمی وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ قَالَ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَخْرَجَتْهُ قُرَیْشٌ مِنْ مَكَّةَ وَ هَرَبَ مِنْهُمْ إِلَی الْغَارِ طَلَبُوهُ لِیَقْتُلُوهُ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَی یَوْمَ بَدْرٍ فَقُتِلَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ غَیْرُهُمْ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طُلِبَ بِدِمَائِهِمْ (3).

«55»-فس، تفسیر القمی أَمْ یَقُولُونَ نَحْنُ جَمِیعٌ مُنْتَصِرٌ سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ (4) قَالَ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ قَدِ اجْتَمَعْنَا لِنَنْتَصِرَ وَ نَقْتُلَكَ یَا مُحَمَّدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَمْ یَقُولُونَ یَا مُحَمَّدُ نَحْنُ جَمِیعٌ مُنْتَصِرٌ سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ یَعْنِی یَوْمَ بَدْرٍ حِینَ هُزِمُوا وَ أُسِرُوا وَ قُتِلُوا (5).

«56»-فس، تفسیر القمی سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (6) قَالَ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ لَمَّا

ص: 309


1- كدی بالضم والقصر : الثنیة السفلی مما یلی باب العمرة ، وكداء بالفتح والمد : الثنیة العلیاء بمكة مما یلی المقابر وهو المعلی .
2- الخصال ١ : ١٣٤.
3- تفسیر القمی : ٤٤٢ فیه طلب بدمائهم فقتل الحسین علیه السلام وآل محمد صلی اللّٰه علیه وآله وسلم بغیا وعدوانا وهو قول یزید لعنه اللّٰه حین تمثل بهذا الشعر : لیت اشیاخی ببدر شهدوا***جزع الخزرج من وقع الاسل لاهلوا واستهلوا فرحا***ثم قالوا : یا یزید لا تشل ثم ذكر اشعارا اخری یأتی فی موضعه ، ثم قال : فقال اللّٰه تبارك وتعالی : « ومن عاقب » یعنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله « بمثل ما عوقب به » یعنی الحسین علیه السلام ارادوا ان یقتلوه « ثم بغی علیه لینصرنه اللّٰه » بالقائم علیه السلام من ولده. أقول : والایة فی الحج : ٦٠.
4- القمر : ٤٤ و ٤٥.
5- تفسیر القمی : ٦٥٧.
6- المعارج : ١.

اصْطَفَّتِ الْخَیْلَانِ یَوْمَ بَدْرٍ رَفَعَ أَبُو جَهْلٍ یَدَیْهِ (1) فَقَالَ اللَّهُمَّ أَقْطَعَنَا لِلرَّحِمِ وَ آتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُ فَأَحِنْهُ الْعَذَابَ (2) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (3).

«57»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ (4) فَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمَخْزُومِیُّ وَ هُوَ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (5) فَهُوَ أَخُوهُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمَخْزُومِیُّ قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ یَوْمَ بَدْرٍ (6).

«58»-ید، التوحید بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبٍ الْقُرَشِیِّ (7) عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: رَأَیْتُ الْخَضِرَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْمَنَامِ قَبْلَ بَدْرٍ بِلَیْلَةٍ فَقُلْتُ لَهُ عَلِّمْنِی شَیْئاً أُنْصَرُ بِهِ عَلَی الْأَعْدَاءِ فَقَالَ قُلْ یَا هُوَ یَا مَنْ لَا هُوَ إِلَّا هُوَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَصَصْتُهَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ عُلِّمْتَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ وَ كَانَ (8) عَلَی لِسَانِی یَوْمَ بَدْرٍ (9).

أقول: سیأتی تمامه بإسناده فی كتاب الدعاء و غیره.

«59»-تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ بَدْرٍ وَ عَرَفَ اللَّهُ حَرَجَ الْمُسْلِمِینَ أَنْزَلَ عَلَی نَبِیِّهِ وَ إِنْ (10) جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ

ص: 310


1- یده خ ل.
2- فی المصدر المطبوع : فأجأه العذاب.
3- تفسیر القمی : ٦٩٥.
4- الانشقاق : ٧.
5- الانشقاق : ١٠.
6- تفسیر القمی : ٧١٨.
7- الموجود فی المصدر : حدثنی أبی ، عن أبیه ، عن أمیر المؤمنین علیه السلام نعم روی الحدیث الذی باسناده عن وهب راجعه.
8- فی المصدر : فكان.
9- التوحید : ٧٤ و ٧٥.
10- هكذا فی نسخة المصنف ، والصحیح : « وإن » راجع سورة الانفال : ٦١ والمصدر.

لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَلَمَّا قَوِیَ الْإِسْلَامُ وَ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فَلا تَهِنُوا (1) وَ تَدْعُوا إِلَی السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآیَةَ الَّتِی أُذِنَ لَهُمْ فِیهَا أَنْ یَجْنَحُوا وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ أَمَّا الْجِدَالُ وَ مَعَانِیهِ فِی كِتَابِ اللَّهِ (2) وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لَكارِهُونَ یُجادِلُونَكَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَیَّنَ كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ (3) وَ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَدْرٍ كَانَ خُرُوجُهُ فِی طَلَبِ الْعَدُوِّ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ وَعَدَنِی أَنْ أَظْفِرَ بِالْعِیرِ أَوْ بِقُرَیْشٍ فَخَرَجُوا مَعَهُ عَلَی هَذَا فَلَمَّا أَفْلَتَتِ الْعِیرُ وَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِقِتَالِ قُرَیْشٍ أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ إِنَّ قُرَیْشاً قَدْ أَقْبَلَتْ وَ قَدْ وَعَدَنِی اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ أَمَرَنِی بِقِتَالِ قُرَیْشٍ قَالَ فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّا لَمْ نَخْرُجْ (4) عَلَی أُهْبَةِ الْحَرْبِ قَالَ وَ أَكْثَرَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْكَلَامَ وَ الْجِدَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِذْ یَعِدُكُمُ اللَّهُ (5) الْآیَةَ وَ سَاقَهُ إِلَی أَنْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ (6) یُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَیْدِ بْنِ عَامِرٍ وَ كَانَ عَمَّ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَانَ قَتَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً (7).

أقول: سیأتی فی غزوة أحد بعض أخبار الباب.

«60»-ختص، الإختصاص ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 311


1- الصحیح : « فلا تهنوا » راجع سورة محمد : ٣٥. ولعل التصحیف من ناسخ التفسیر.
2- زاد فی المصدر : فقوله تعالی.
3- الانفال : ٥ و ٦.
4- فی المصدر : انا لم نخرج.
5- تقدم ذكر موضع الایة فی صدر الباب.
6- قد اسقط المصنف قطعة طویلة من الحدیث لا تتعلق بالباب ، وذكره هذه الجملة للایعاز إلی أن الرجل كان ممن شهد بدرا.
7- المحكم والمتشابه : ١٠ و ١١ و ٨١ و ٨٢ و ٩٢.

إِسْمَاعِیلَ الْعَلَوِیِّ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ الدَّامَغَانِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ (2) قَالَ: إِنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ فِی عَدَدِ الْأُسَارَی عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَحَدَ أَنْ یَكُونَ لَهُ الْفِدَاءُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یُخْبِرُهُ بِدَفِینٍ لَهُ مِنْ ذَهَبٍ فَبَعَثَ عَلِیّاً عَلَیْهِ السَّلَامُ فَأَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِ أُمِّ الْفَضْلِ (3) وَ أَخْبَرَ الْعَبَّاسَ بِمَا أَخْبَرَهُ جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَأَذِنَ لِعَلِیٍّ وَ أَعْطَاهُ عَلَامَةَ الَّذِی دَفَنَ فِیهِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ یَا ابْنَ أَخِی مَا فَاتَنِی مِنْكَ أَكْثَرُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَلَمَّا أَحْضَرَ عَلِیٌّ الذَّهَبَ قَالَ الْعَبَّاسُ أَفْقَرْتَنِی یَا ابْنَ أَخِی فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنْ (4) یَعْلَمِ اللَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ خَیْراً یُؤْتِكُمْ خَیْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ (5).

«61»-أَقُولُ رَوَی السَّیِّدُ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ، مِنْ تَفْسِیرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ

ص: 312


1- فی المصدر : محمد بن احمد بن محمد بن اسماعیل العلوی ، ولعله مصحف.
2- الحدیث طویل فیما جری بین الامام موسی الكاظم علیه السلام وهارون الرشید وفیه مسائل سألها عنه علیه السلام من جملتها التی ذكره المصنف وصدر هذه المسألة هكذا : قال (هارون) ، أخبرنی عن قولكم : لیس للعم مع ولد الصلب میراث ، فقلت : أسألك یا أمیر المؤمنین بحق اللّٰه وبحق رسوله صلی اللّٰه علیه و آله أن تعفینی من تأویل هذه الایة وكشفها ، وهی عند العلماء مستورة. فقال : إنك قد ضمنت لی أن تجیب فیما أسألك ولست اعفیك. فقلت فجدد لی الامان ، فقال : قد امنتك. فقلت : ان النبی صلی اللّٰه علیه و آله لم یورث من قدر علی الهجرة فلم یهاجر ، وان عمی العباس قدر علی الهجرة فلم یهاجر ، وانما كان فی عدد الاساری اه.
3- لم نجد هذه الجملة فی غیر هذا الحدیث ولعله منفرد به.
4- أشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
5- الاختصاص : ٥٦ و ٥٧ ذیله : وقوله : « والذین آمنوا ولم یهاجروا ما لكم من ولایتهم من شئ حتی یهاجروا » ثم قال : « وان استنصروكم فی الدین فعلیكم النصر » فرأیته قد اغتم اه.

عَلِیِّ بْنِ مَرْوَانَ (1) قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِیمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ (2) عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی محلث (مِجْلَزٍ) عَنْ قَیْسِ بْنِ عَبَّادٍ (3) عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ یَجْثُو لِلْخُصُومَةِ بَیْنَ یَدَیِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَیْسٌ وَ فِیهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ (4) قَالَ هُمُ الَّذِینَ تَبَارَزُوا یَوْمَ بَدْرٍ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ وَ شَیْبَةُ وَ عُتْبَةُ وَ الْوَلِیدُ.

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ لِلْبَرَازِ وَ خَرَجَ عُبَیْدُ اللَّهِ (5) بْنُ رَوَاحَةَ مِنْ نَاحِیَةٍ أُخْرَی قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَكُونَ الْحَرْبُ أَوَّلَ مَا لَقِیَ بِالْأَنْصَارِ (6) فَبَدَأَ بِأَهْلِ بَیْتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُرُوهُمْ أَنْ یَرْجِعُوا إِلَی مَصَافِّهِمْ

ص: 313


1- هو محمد بن العباس بن علی بن مروان بن الماهیا ، أبوعبداللّٰه البزاز المعروف بابن الحجام ، قال النجاشی بعد ترجمته بما ذكرنا : ثقة ثقة من أصحابنا عین سدید كثیر الحدیث ، له كتاب المقنع فی الفقه ، كتاب الدواجن ، كتاب ما نزل من القرآن فی أهل البیت علیهم السلام وقال جماعة من اصحابنا ، إنه كتاب لم یصنف فی معناه مثله ، وقیل : إنه الف ورقه انتهی. أقول : وكتابه هذا قد ظفر به ابن طاووس فروی بعض أحادیثه فی بعض كتبه ، منها ذلك الحدیث ، ثم ظفر به شرف الدین الشولستانی قدس سرّه فاخرج منه روایات فی كتابه تأویل الایات وملخصه كنز الفوائد ، ونسخة مخطوطة من الكنز موجودة عندی والحدیث یوجد فی ص ١٧٠ منه سورة الحج.
2- فی المصدر وفی كنز الفوائد : مسلم.
3- هكذا فی نسخة المصنف : وفی سعد السعود : حدثنا أبومجاهد عن قیس بن عبادة : وكلاهما مصحفان والصحیح أبومجلز عن قیس بن عباد. واوردنا الحدیث مسندا من صحیح البخاری قبل ذلك.
4- أشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
5- هكذا فی نسخة المصنف والمصدر ، وفی نسخة امین الضرب اثبت عبداللّٰه أیضا بدلا وهو الصحیح ، والرجل عبداللّٰه بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القیس الخزرجی الانصاری الشاعر استشهد بموته سنة ٨. راجع التقریب : ٢٦٥.
6- فی المصدر : اول ما لقی الانصار.

إِنَّمَا یُرِیدُ الْقَوْمُ بَنِی عَمِّهِمْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَبَرَزُوا بَیْنَ یَدَیْهِ بِالسِّلَاحِ فَقَالَ اجْعَلَاهُ بَیْنَكُمَا وَ خَافَ عَلَیْهِ الْحَدَاثَةَ فَقَالَ اذْهَبُوا فَقَاتِلُوا عَنْ حَقِّكُمْ وَ بِالدِّینِ الَّذِی بُعِثَ بِهِ نَبِیُّكُمْ إِذْ جَاءُوا بِبَاطِلِهِمْ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ اذْهَبُوا فِی حِفْظِ اللَّهِ أَوْ فِی عَوْنِ اللَّهِ فَخَرَجُوا یَمْشُونَ حَتَّی إِذَا كَانُوا قَرِیباً حَیْثُ یَسْمَعُونَ الصَّوْتَ فَصَاحَ بِهِمْ عُتْبَةُ انْتَسِبُوا نَعْرِفْكُمْ فَإِنْ تَكُونُوا أَكْفَاءَ نُقَاتِلْكُمْ وَ فِیهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ فَالَّذِینَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ فَقَالَ عُبَیْدَةُ أَنَا عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَ قَرِیبَ السِّنِّ مِنْ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ أَكْبَرُ الْمُسْلِمِینَ (1) فَقَالَ هُوَ كُفْوٌ كَرِیمٌ ثُمَّ قَالَ لِحَمْزَةَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَا أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ أَنَا صَاحِبُ الْحَلْفَاءِ فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ سَتَرَی صَوْلَتَكَ الْیَوْمَ یَا أَسَدَ اللَّهِ وَ أَسَدَ رَسُولِهِ قَدْ لَقِیتَ أَسَدَ الْمُطَیِّبِینَ فَقَالَ لِعَلِیٍّ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ یَا وَلِیدُ دُونَكَ الْغُلَامُ فَأَقْبَلَ الْوَلِیدُ یَشْتَدُّ إِلَی عَلِیٍّ قَدْ تَنَوَّرَ وَ تَخَلَّقَ (2) عَلَیْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ بِیَدِهِ السَّیْفُ قَالَ عَلِیٌّ قَدْ ظَلَّ (3) عَلَیَّ فِی طُولِ نَحْوٍ مِنْ ذِرَاعٍ فَخَتَلْتُهُ حَتَّی ضَرَبْتُ یَدَهُ الَّتِی فِیهَا السَّیْفُ فَبَدَرَتْ یَدُهُ وَ بَدَرَ السَّیْفُ (4) حَتَّی نَظَرْتُ إِلَی بَصِیصِ الذَّهَبِ فِی الْبَطْحَاءِ وَ صَاحَ صَیْحَةً أَسْمَعَ أَهْلَ الْعَسْكَرَیْنِ فَذَهَبَ مُوَلًّی نَحْوَ أَبِیهِ وَ شَدَّ عَلَیْهِ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَضَرَبَ فَخِذَهُ فَسَقَطَ وَ قَامَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ:

أَنَا ابْنُ ذِی الْحَوْضَیْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ*** وَ هَاشِمِ الْمُطْعِمِ فِی الْعَامِ السَّغِبِ

أُوفِی بِمِیثَاقِی وَ أَحْمِی عَنْ حَسَبٍ

ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَطَعَ فَخِذَهُ قَالَ فَفِی ذَلِكَ تَقُولُ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ

ص: 314


1- زاد فی المصدر هنا : أنا الاسد فی الجلسة.
2- فی المصدر : قد تحلق.
3- قد طال خ ل.
4- فی المصدر : فندر یده وندر السیف.

أَبِی وَ عَمِّی وَ شَقِیقِ بَكْرِی (1)*** أَخِی الَّذِی كَانُوا كَضَوْءِ (2) الْبَدْرِ

بِهِمْ كَسَرْتَ یَا عَلِیُّ ظَهْرِی

ثُمَّ تَقَدَّمَ شَیْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَالْتَقَیَا فَضَرَبَهُ شَیْبَةُ فَرَمَی رِجْلَهُ وَ ضَرَبَهُ عُبَیْدَةُ فَأَسْرَعَ السَّیْفُ فِیهِ فَأَقْطَعَهُ فَسَقَطَا جَمِیعاً وَ تَقَدَّمَ حَمْزَةُ وَ عُتْبَةُ فَتَكَادَمَا الْمَوْتَ طَوِیلًا وَ عَلِیٌّ قَائِمٌ عَلَی الْوَلِیدِ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ فَصَاحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ یَا عَلِیُّ مَا تَرَی الْكَلْبَ قَدْ بَهَرَ عَمَّكَ فَلَمَّا أَنْ سَمِعَهَا أَقْبَلَ یَشْتَدُّ نَحْوَ عُتْبَةَ فَحَانَتْ مِنْ عُتْبَةَ الْتِفَاتَةٌ إِلَی عَلِیٍّ فَرَآهُ وَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ یَشْتَدُّ فَاغْتَنَمَ عُتْبَةُ حَدَاثَةَ سَنِّ عَلِیٍّ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ فَلَحِقَهُ حَمْزَةُ قَبْلَ أَنْ یَصِلَ إِلَی عَلِیٍّ فَضَرَبَهُ فِی حَبْلِ الْعَاتِقِ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ فَأَجْهَزَ عَلَیْهِ قَالَ وَ أَبُو حُذَیْفَةَ (3) بْنُ عُتْبَةَ إِلَی جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ فَارْبَدَّ وَجْهُهُ (4) وَ تَغَیَّرَ لَوْنُهُ وَ هُوَ یَتَنَفَّسُ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ صَبْراً یَا أَبَا حُذَیْفَةَ حَتَّی قُتِلُوا ثُمَّ أَقْبَلَا إِلَی عُبَیْدَةَ حَتَّی احْتَمَلَاهُ فَسَالَ الْمُخُّ عَلَی أَقْدَامِهِمَا ثُمَّ اشْتَدُّوا بِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5) فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَسْتُ شَهِیداً قَالَ بَلَی قَالَ لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَیّاً لَعَلِمَ أَنِّی أَوْلَی بِهَذَا الْبَیْتِ مِنْهُ حَیْثُ یَقُولُ:

وَ نُسْلِمُهُ حَتَّی نُصَرَّعَ حَوْلَهُ*** وَ نَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَ الْحَلَائِلِ

(6).

بیان: البصیص البریق و قال الفیروزآبادی كدمه عضه بأدنی فمه أو أثر فیه بحدیدة و الدابة تكادم الحشیش إذا لم تستمكن منه.

«62»-عم، إعلام الوری أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ كَفّاً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَاهُ إِلَیْهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ

ص: 315


1- فی المصدر : وشقیقی بكر.
2- فی المصدر : كصنو البدر.
3- فی المصدر : فكان أبوحذیفة.
4- اربد وجهه : تغیر. وفی المصدر : قد اربد وجهه.
5- فی المصدر : ثم استدنوا به إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله.
6- سعد السعود : ١٠٢ _ ١٠٤.

الْوُجُوهُ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا اشْتَغَلَ بِفَرْكِ (1) عَیْنِهِ وَ قَتَلَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِیهَا الْوَلِیدَ بْنَ عُتْبَةَ وَ كَانَ شُجَاعاً فَاتِكاً وَ الْعَاصَ بْنَ سَعِیدٍ وَ طُعَیْمَةَ بْنَ عَدِیٍّ وَ نَوْفَلَ بْنَ خُوَیْلِدٍ وَ هُوَ الَّذِی قَرَنَ أَبَا بَكْرٍ وَ طَلْحَةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِحَبْلٍ وَ عَذَّبَهُمَا یَوْماً إِلَی اللَّیْلِ وَ هُوَ عَمُّ الزُّبَیْرِ.

وَ رَوَی جَابِرٌ عَنِ الْبَاقِرِ (2) عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَقَدْ تَعَجَّبْتُ یَوْمَ بَدْرٍ مِنْ جُرْأَةِ الْقَوْمِ وَ قَدْ قَتَلْتُ الْوَلِیدَ بْنَ عُتْبَةَ إِذْ أَقْبَلَ إِلَیَّ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَلَمَّا دَنَا مِنِّی ضَرَبْتُهُ بِالسَّیْفِ فَسَالَتْ عَیْنَاهُ وَ لَزِمَ الْأَرْضَ قَتِیلًا وَ قَتَلَ زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَ الْحَارِثَ بْنَ زَمْعَةَ وَ عُمَیْرَ بْنَ عُثْمَانَ عَمَّ طَلْحَةَ وَ عُثْمَانَ وَ مَالِكاً أَخَوَیْ طَلْحَةَ فِی جَمَاعَةٍ وَ هُمْ سِتَّةٌ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا وَ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَ ذُو الشِّمَالَیْنِ (3) عَمْرُو بْنُ نَضْلَةَ وَ مِهْجَعٌ مَوْلَی عُمَرَ وَ عُمَیْرُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ صَفْوَانُ بْنُ أَبِی الْبَیْضَاءِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْبَاقُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ (4).

«63»-ل، الخصال عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ فِی خَبَرِ الشُّورَی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَجِی ءَ بِالْمَاءِ كَمَا بَعَثَنِی فَذَهَبْتُ حَتَّی حَمَلْتُ الْقِرْبَةَ عَلَی ظَهْرِی وَ مَشَیْتُ بِهَا فَاسْتَقْبَلَتْنِی رِیحٌ فَرَدَّتْنِی حَتَّی أَجْلَسَتْنِی ثُمَّ قُمْتُ فَاسْتَقْبَلَتْنِی رِیحٌ فَرَدَّتْنِی حَتَّی أَجْلَسَتْنِی ثُمَّ قُمْتُ فَجِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی مَا حَبَسَكَ فَقَصَصْتُ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ قَدْ جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَنِی أَمَّا الرِّیحُ الْأُولَی فَجَبْرَئِیلُ كَانَ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یُسَلِّمُونَ عَلَیْكَ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَمِیكَائِیلُ فِی أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یُسَلِّمُونَ عَلَیْكَ غَیْرِی قَالُوا اللَّهُمَّ لَا الْخَبَرَ (5).

ص: 316


1- فركه : دلكه وحكه.
2- خلا المصدر عن قوله : عن الباقر علیه السلام.
3- سیأتی الكلام فیه وفی غیره فی حدیث الواقدی.
4- اعلام الوری : ٥٠ و ٥٩ ط ١ و ٨١ ط ٢.
5- الخصال ٢ : ١٢١. والخبر مسند طویل ذكره المصنف مرسلا ولم یذكر تمامه لعدم الحاجة إلیه ، ویأتی باقیه فی محله. والمشهور زیادة الریح الثالثة وهو اسرافیل مع الف من الملائكة. كما تقدم قبل ذلك. ویأتی أیضا بعد ذلك وفی أبواب فضائله علیه السلام.

«64»-ج، الإحتجاج عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خَبَرِ الشُّورَی قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهِ (1) فِی وُجُوهِ الْكُفَّارِ فَانْهَزَمُوا غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ نُودِیَ بِاسْمِهِ (2) یَوْمَ بَدْرٍ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ غَیْرِی قَالُوا لَا قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ سَلَّمَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ فِی ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَوْمَ بَدْرٍ غَیْرِی قَالُوا لَا (3).

بیان: المشهور فی الأخبار أن النداء بلا سیف إنما كان یوم أحد و لعله من تصحیف الرواة مع أنه یحتمل أن یكون النداء به فی الیومین معا.

«65»-كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجِعَابِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی الْحَرْبِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ (4) عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ بَدْرٍ قَائِماً یُصَلِّی وَ یَبْكِی وَ یَسْتَعْبِرُ (5) وَ یَخْشَعُ وَ یَخْضَعُ كَاسْتِطْعَامِ الْمِسْكِینِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی وَ یَخِرُّ سَاجِداً وَ یَخْشَعُ فِی سُجُودِهِ وَ یُكْثِرُ التَّضَرُّعَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قَدْ أَنْجَزْنَا وَعْدَكَ وَ أَیَّدْنَاكَ بِابْنِ عَمِّكَ عَلِیٍّ وَ مَصَارِعُهُمْ عَلَی یَدَیْهِ وَ كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ بِهِ فَعَلَیْنَا فَتَوَكَّلْ وَ عَلَیْهِ فَاعْتَمِدْ فَأَنَا خَیْرُ مَنْ

ص: 317


1- فی المصدر : قبضة من التراب فرمی بها.
2- فی المصدر : نودی باسمه من السماء.
3- الاحتجاج : ٧٣.
4- هكذا فی النسخ وفی المصدر وفیه وهم ، والصحیح جریج بالجیم فی آخره أیضا ، والرجل هو عبدالملك بن عبدالعزیز بن جریج الاموی مولاهم أبوالولید وأبوخالد المكی الفقیه احد أعلام أهل السنة ، یروی عن ابن أبی ملیكة وعكرمة مرسلا وعن طاوس مسألة ، ومجاهد ونافع وغیرهم ، قال ابن المدینی : لم یكن فی الارض احد اعلم بعطاء عن ابن جریج ویروی عنه یحیی بن سعید والاوزاعی والسفیانان وخلق ، قال أبونعیم مات سنة ١٥٠. یوجد ترجمته فی تراجم القوم. راجع خلاصة تهذیب الكمال : ٢٠٧ وتقریب التهذیب : ٣٣٣ و ٦٢١.
5- استعبر : جرت عبرته أی دمعته.

تَوَكَّلْتَ (1) عَلَیْهِ وَ هُوَ أَفْضَلُ مَنِ اعْتُمِدَ عَلَیْهِ (2).

«67»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی وَ الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَادَةَ (3) بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَیْسَانَ (4) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِیِّ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ (5) فَإِنَّمَا مَثَلُنَا وَ مَثَلُكُمْ مَثَلُ نَبِیٍّ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ لِلْقِتَالِ فَإِنِّی سَأَنْصُرُكَ فَجَمَعَهُمْ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ وَ مِنْ غَیْرِ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَیْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّی انْهَزَمُوا ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَی الْقِتَالِ فَإِنِّی سَأَنْصُرُكَ فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ تَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَیْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّی انْهَزَمُوا ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ ادْعُ قَوْمَكَ إِلَی الْقِتَالِ فَإِنِّی سَأَنْصُرُكَ فَدَعَاهُمْ فَقَالُوا وَعَدْتَنَا النَّصْرَ فَمَا نُصِرْنَا فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ إِمَّا أَنْ یَخْتَارُوا الْقِتَالَ أَوِ النَّارَ فَقَالَ یَا رَبِّ الْقِتَالُ أَحَبُّ (6) مِنَ النَّارِ فَدَعَاهُمْ فَأَجَابَهُ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ فَتَوَجَّهَ بِهِمْ فَمَا ضَرَبُوا بِسَیْفٍ وَ لَا طَعَنُوا بِرُمْحٍ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ (7).

«68»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ

ص: 318


1- توكل خ ل.
2- كنز الكراجكی : ١٣٦.
3- هكذا فی نسخة المصنف وغیرها والصحیح كما فی المصدر : عباد بن یعقوب. و هو أبوسعید الرواجنی المشهور بین العامة والخاصة.
4- فی المصدر : عمرو بن كیسان.
5- خلا المصدر عن لفظة : « قال » وفیه صدر اسقطه المصنف وهو : كم الرباط عندكم؟ قلت أربعون ، قال : لكن رباطنا رباط الدهر : ومن ارتبط فینا دابة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده ، ومن ارتبط فینا سلاحا كان له وزنه ما كان عنده ، لا تجزعوا من مرة ولا مرتین ولا من ثلاث ولا من أربع ، فانما مثلنا اه.
6- فی المصدر : احب إلی.
7- روضة الكافی : ٣٨١ و ٣٨٢.

اللَّهِ أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْها قَالَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ أَصَابُوا بِبَدْرٍ مِائَةً وَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا وَ أَسَرُوا سَبْعِینَ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ أُحُدٍ أُصِیبَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ سَبْعُونَ رَجُلًا قَالَ فَاغْتَمُّوا بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِیبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَیْها (1)

«69»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (2) عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ الزُّبَیْرُ شَهِدَ بَدْراً قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنَّهُ فَرَّ یَوْمَ الْجَمَلِ فَإِنْ كَانَ قَاتَلَ الْمُؤْمِنِینَ (3) فَقَدْ هَلَكَ بِقِتَالِهِ إِیَّاهُمْ وَ إِنْ كَانَ قَاتَلَ كُفَّاراً فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ وَلَّاهُمْ دُبُرَهُ (4).

«70»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ خَیْرُ الْماكِرِینَ (5) قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ كَانَ لَقِیَ مِنْ قَوْمِهِ بَلَاءً شَدِیداً حَتَّی أَتَوْهُ ذَاتَ یَوْمٍ وَ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّی طَرَحُوا عَلَیْهِ رَحِمَ شَاةٍ فَأَتَتْهُ ابْنَتُهُ وَ هُوَ سَاجِدٌ لَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ فَرَفَعَتْهُ عَنْهُ وَ مَسَحَتْهُ ثُمَّ أَرَاهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الَّذِی یُحِبُّ أَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ وَ لَیْسَ مَعَهُ غَیْرُ فَارِسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ كَانَ مَعَهُ یَوْمَ الْفَتْحِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً حَتَّی جَعَلَ أَبُو سُفْیَانَ وَ الْمُشْرِكُونَ یَسْتَغِیثُونَ (6).

«71»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ وَ أَصْحَابُهُ (7).

«72»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ

ص: 319


1- تفسیر العیاشی ١ : ٢٠٥ والایة فی سورة آل عمران : ١٦٥.
2- المراد الامام الباقر والصادق علیهما السلام كلما ذكر فی اسناد.
3- ای فی یوم الجمل.
4- تفسیر العیاشی ٢ : ٥١ والایة فی الانفال : ١٦.
5- الانفال : ٣٠.
6- تفسیر العیاشی ٢ : ٥٤ ذیله : ثم لقی أمیر المؤمنین علیه السلام من الشدة والبلاء و التظاهر علیه ولم یكن معه احد من قومه بمنزلته ، اما حمزة فقتل یوم احد ، واما جعفر فقتل یوم موت.
7- تفسیر العیاشی ٢ : ٦٥ ، والایة فی الانفال : ٤٢.

مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: السُّنَّةُ فِینَا فِی الصَّلَاةِ عَلَی الْمَیِّتِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یُكَبِّرُ عَلَی أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعاً وَ تِسْعاً (1).

«73»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ أَبِی الدَّیْلَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ (2) و قد مضی تمامه فی أبواب أحوال آدم علیه السلام.

«74»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی الْقَائِمِ عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَلْوِیَةِ الْخَبَرَ (3).

و سیأتی أخبار كثیرة فی بیان هذا العدد فی كتاب الغیبة و باب الرجعة.

«75»-نی، الغیبة للنعمانی أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ عَنِ النَّهَاوَنْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ (4) أَنَّهُ قَالَ: أَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُخْلِفَ وَقْتَ الْمُوَقِّتِینَ وَ هِیَ رَایَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَزَلَ (بِهَا) جَبْرَئِیلُ یَوْمَ بَدْرٍ سَرِیَّةً (5) ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا هِیَ وَ اللَّهِ قُطْنٌ وَ لَا كَتَّانٌ وَ لَا خَزٌّ (6) وَ لَا حَرِیرٌ قُلْتُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ قَالَ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ نَشَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ لَفَّهَا وَ دَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 320


1- اكمال الدین : ١٢٣ و ١٢٤.
2- قصص الانبیاء : مخطوط ، ولیست نسخته عندی ، وتقدم الحدیث بتمامه فی باب احوال آدم علیه السلام راجع ١١ : ٢٦٧.
3- اكمال الدین : ٣٧٨. والحدیث مسند راجعه.
4- فی المصدر : حدثنا أبوسلیمان احمد بن هوذة قال : حدثنا ابراهیم بن اسحاق النهاوندی بنهاوند سنة ثلاث وستین ومائتین ، قال : حدثنا عبداللّٰه بن حماد الانصاری فی شهر رمضان سنة تسع وعشرین ومائتین قال : حدثنا عبداللّٰه بن سنان ، عن أبی عبداللّٰه جعفر بن محمد علیهما السلام.
5- فی المصدر : سیر به. ولعله مصحف.
6- فی المصدر : ولا قز.

ثُمَّ لَفَّهَا (1) وَ هِیَ عِنْدَنَا هُنَاكَ لَا یَنْشُرُهَا أَحَدٌ حَتَّی یَقُومَ الْقَائِمُ فَإِذَا قَامَ نَشَرَهَا فَلَمْ یَبْقَ فِی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ أَحَدٌ إِلَّا آلَفَهَا وَ یَسِیرُ الرُّعْبُ قُدَّامَهَا شَهْراً وَ عَنْ یَمِینِهَا شَهْراً وَ عَنْ یَسَارِهَا شَهْراً الْخَبَرَ (2).

«76»-أَقُولُ رُوِیَ فِی الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَی رَسُولَهُ*** بَلَاءَ عَزِیزٍ ذِی اقْتِدَارٍ وَ ذِی فَضْلٍ

بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ ***وَ لَاقُوا هَوَاناً مِنْ إِسَارٍ وَ مِنْ قَتْلٍ

فَأَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ*** وَ كَانَ أَمِینُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ

فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنَ اللَّهِ مُنْزَلٍ*** مُبَیَّنَةٍ آیَاتُهُ لِذَوِی الْعَقْلِ

فَآمَنَ أَقْوَامٌ كِرَامٌ وَ أَیْقَنُوا*** وَ أَمْسَوْا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْتَمِعِی الشَّمْلِ

وَ أَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ*** فَزَادَهُمُ (3) الرَّحْمَنُ خَبْلًا عَلَی خَبْلٍ

وَ أَمْكَنَ مِنْهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَهُ ***وَ قَوْماً غِضَاباً فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ

بِأَیْدِیهِمْ بِیضٌ خِفَافٌ قَوَاطِعُ*** وَ قَدْ حَادَثُوهَا بِالْجَلَاءِ وَ بِالصَّقْلِ

فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ نَاشِئٍ ذِی حَمِیَّةٍ*** صَرِیعاً وَ مِنْ ذِی نَجْدَةٍ مِنْهُمْ كَهْلٍ

وَ تَبْكِی عُیُونُ النَّائِحَاتِ عَلَیْهِمْ ***تَجُودُ بِإِرْسَالِ (4) الرَّشَاشِ وَ بِالْوَبْلِ

نَوَائِحُ تَبْكِی عُتْبَةَ الْغَیَّ وَ ابْنَهُ*** وَ شَیْبَةُ تَنْعَاهُ وَ تَنْعَی أَبَا جَهْلٍ

وَ ذَا الذَّحْلِ تُنْعَی وَ ابْنُ جُذْعَانِ فِیهِمْ*** مُسْلِبَةٌ حَرَّی مُبَیِّنَةُ الثُّكْلِ

ص: 321


1- فی المصدر : ودفعها إلی علی علیه السلام فلم تزل عند علی علیه السلام حتی كان یوم البصرة فنشرها أمیر المؤمنین علیه السلام ففتح اللّٰه علیه ثم لفها انتهی أقول : وباقی الحدیث فی المصدر بذلك الاسناد ، ثم رواه فی ص ١٦٦ باسناد آخر عن أبی بصیر ، وفیه : ویسیر الرعب قدامها شهرا وورائها شهرا وعن یمینها اه.
2- غیبة النعمانی : ١٥٦ و ١٦٦ راجعه.
3- فی نسخة المصنف : فزادها.
4- باشبال خ ل.

ثَوَی (1) مِنْهُمْ فِی بِئْرِ بَدْرٍ عِصَابَةٌ*** ذَوُو (2) نَجْدَاتٍ فِی الْحُزُونِ وَ فِی السَّهْلِ

دَعَا الْغَیُّ مِنْهُمْ مَنْ دَعَا فَأَجَابَهُ ***وَ لِلْغَیِّ أَسْبَابٌ مُقَطَّعَةُ الْوَصْلِ

فَأَضْحَوْا لَدَی دَارِ الْجَحِیمِ بِمَعْزِلِ*** عَنِ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ فِی أَشْغَلِ الشُّغُلِ (3)

بیان: الإبلاء الإنعام و الزیغ المیل عن استقامة و الخبل الفساد فی العقل و محادثة السیف جلاؤه و الناشئ الحدث السن و الذحل الحقد و العداوة.

«77»-وَ فِی الدِّیوَانِ أَیْضاً قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُخَاطِباً لِلْوَلِیدِ:

تَبّاً وَ تَعْساً لَكَ یَا ابْنَ عُتْبَةَ ***أَسْقِیكَ مِنْ كَأْسِ الْمَنَایَا شَرْبَةً

وَ لَا أُبَالِی بَعْدَ ذَلِكَ غِبَّهُ(4).

بیان: تبا و تعسا أی ألزمك اللّٰه خسرانا و هلاكا و ضمیر غبه راجع إلی السقی و غب الشی ء عاقبته.

«78»-وَ مِنْهُ فِی تِلْكَ الْغَزَاةِ:

وَ الْخَیْلُ جَالَتْ یَوْمَهَا غِضَابُهَا*** بِمِرْبَطٍ سِرْبَالُهَا تُرَابُهَا

وَسَطِ مَنَایَا بَیْنَهَا أَحْقَابُهَا*** الْیَوْمَ عَنِّی یَنْجَلِی جِلْبَابُهَا(5).

بیان: الضمائر راجعة إلی الحرب و المربط بالكسر الرسن و الحقب بالتحریك حبل یشد به الرحل إلی بطن البعیر.

«79»-وَ مِنْهُ فِیهَا:

قَدْ عُرِفَ الْحَرْبُ الْعَوَانُ عَنِّی*** بَازِلُ عَامَیْنِ حَدِیثُ سِنِّی

سَنَحْنَحُ اللَّیْلِ كَأَنِّی جِنِّیٌّ*** أَسْتَقْبِلُ الْحَرْبَ بِكُلِّ فَنٍ

ص: 322


1- ثوی المكان وفیه وبه : أقام ، ثوی الرجل : مات ویمكن ان یكون ثوی بصیغة المجهول ای دفن.
2- فی نسخة المصنف : ذوی.
3- دیوان أمیر المؤمنین علیه السلام : ١٠٧.
4- دیوان أمیر المؤمنین علیه السلام : ٢٢ فیه : بعد ذاك.
5- دیوان أمیر المؤمنین علیه السلام : ٢٢ و ٢٣.

مَعِی سِلَاحِی وَ مَعِی مِجَنِّی*** وَ صَارِمٌ یُذْهِبُ كُلَّ ضِغْنٍ

أُقْصِی بِهِ كُلَّ عَدُوٍّ عَنِّی*** لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِی أُمِّی(1).

بیان: العوان من الحرب التی قوتل فیها مرة و جعل أمی قافیة لقرب مخرج المیم من النون و هذا مجوز عند العرب.

«80»-قب، المناقب لابن شهرآشوب ثُمَّ غَزَا صلی اللّٰه علیه و آله بَدْرَ الْكُبْرَی وَ هُوَ یَوْمُ الْفُرْقَانِ قَوْلُهُ تَعَالَی كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ (2) السُّورَةَ وَ قَوْلُهُ قَدْ كانَ لَكُمْ آیَةٌ وَ بَدْرٌ مَا بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ.

و قال الشعبی و الثمالی بئر منسوبة إلی بدر الغفاری و قال الواقدی هو اسم الموضع خرج صلی اللّٰه علیه و آله (3) سابع شهر رمضان و یقال ثالثه فی ثلاثمائة و سبعة عشر رجلا فی عدة أصحاب طالوت منهم ثمانون راكبا أو سبعون و یقال سبعة و سبعین رجلا من المهاجرین و مائتین و ثلاثین رجلا من الأنصار و كان المقداد فارسا فقط یعتقب النفر علی البعیر الواحد و كان بین النبی صلی اللّٰه علیه و آله و بین أبی مرثد (4) بعیر و یقال فرس و كان معهم من السلاح ستة أدرع و ثمانیة سیوف قاصدا إلی أبی سفیان و عتبة بن أبی ربیعة فی أربعین من قریش أو سبعین فأخبر (5) بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله فأخذوا علی الساحل و استصرخوا إلی أهل مكة علی لسان ضمضم (6) الغفاری قال ابن قتیبة خرجوا تسعمائة و خمسین و یقال ألف و مائتان و خمسون و یقال ثلاثة آلاف و معهم مائتا فرس (7) یقودونها و القیان یضربن بالدفوف و یتغنین بهجاء المسلمین و لم یكن من قریش بطن إلا خرج منهم ناس إلا

ص: 323


1- دیوان أمیر المؤمنین علیه السلام : ١٤٠ و ١٤١.
2- أشرت فی صدر الباب إلی موضعها وموضع ما یأتی بعدها.
3- فی المصدر : وذلك ان النبی صلی اللّٰه علیه وآله خرج.
4- فی المصدر : أبی مرثد الغنوی.
5- فی المصدر : فاخبروا.
6- فی المصدر : ضمضم بن عمرو الغفاری.
7- فی المصدر : مائتا فارس.

من بنی زهرة و بنی عدی بن كعب و أخرج فیهم طالب كرها فلم یوجد فی القتلی و الأسری.

الْكَلْبِیُّ وَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ كَانَ إِبْلِیسُ فِی صَفِّ الْمُشْرِكِینَ آخِذاً بِیَدِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ یَا سَرَّاقُ إِلَی أَیْنَ أَ تَخْذُلُنَا عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَالَ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا تَرَی إِلَّا جَعَاسِیسَ یَثْرِبَ فَدَفَعَ فِی صَدْرِ الْحَارِثِ وَ انْطَلَقَ وَ انْهَزَمَ النَّاسُ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْعَرِیشِ (1) اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ الْیَوْمَ لَا تُعْبَدُ بَعْدَ الْیَوْمِ فَنَزَلَ إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبَّكُمْ (2) فَخَرَجَ یَقُولُ سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ (3) الْآیَةَ فَأَیَّدَهُ اللَّهُ (4) بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ وَ كَثَّرَهُمْ فِی أَعْیُنِ الْمُشْرِكِینَ وَ قَلَّلَ الْمُشْرِكِینَ فِی أَعْیُنِهِمْ..

وَ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ مُسَوِّمِینَ (5) كَانَ عَلَیْهِمْ عَمَائِمُ بِیضٌ أَرْسَلُوهَا بَیْنَ أَكْتَافِهِمْ.

و قال عروة كانوا علی خیل بلق علیهم عمائم صفر.

الحسن و قتادة كانوا أعلموا بالصوف فی نواصی الخیل و أذنابها.

ص: 324


1- العریش : كل ما یستظل به. أقول : وقد بنی له صلی اللّٰه علیه و آله عریش قبل الحرب قال ابن هشام فی السیرة : قال ابن اسحاق : حدثنی عبداللّٰه بن أبی بكر انه حدث ان سعد بن معاذ رضی اللّٰه عنه قال : یا نبی اللّٰه الا نبنی لك عریشا تكون فیه ونعد عندك ركائبك. ثم نلقی عدونا. فان اعزنا اللّٰه وأظهرنا علی عدونا كان ذلك ما احببنا ، وان كانت الاخری جلست علی ركائبك فلحقت بما وراءنا من قومنا. فقد تخلف عنك اقوام یا نبی اللّٰه ما نحن باشد حبا لك منهم ، ولو ظنوا انك تلقی حربا ما تخلفوا عنك ، یمنعك اللّٰه بهم یناصحوك ویجاهدون معك ، فاثنی علیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خیرا ودعا له بخیر ، ثم بنی لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله عریش فكان فیه.
2- أشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
3- القمر : ٤٥.
4- فی المصدر : أمده اللّٰه.
5- اشرنا إلی موضع الایات فی صدر الباب.

ابن عباس و سمع غفاری فی سحابة حمحمة الخیل و قائل یقول أقدم حیزوم.

الْبُخَارِیُّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ هَذَا جَبْرَئِیلُ أَخَذَ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَیْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ.

الثَّعْلَبِیُّ وَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ (1) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ نَاوِلْنِی كَفّاً مِنْ حَصْبَاءٍ فَنَاوَلَهُ فَرَمَی بِهِ فِی وُجُوهِ الْقَوْمِ فَمَا بَقِیَ أَحَدٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَیْنُهُ مِنَ الْحَصْبَاءِ وَ فِی رِوَایَةِ غَیْرِهِ وَ أَفْوَاهُهُم وَ مَنَاخِرُهُمْ.

قال أنس رمی بثلاث حصیات فی المیمنة و المیسرة و القلب.

قال ابن عباس وَ لِیُبْلِیَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً (2) یعنی و هزم الكفار لیغنم النبی و الوصی علیهما السلام و كان الأسری سبعین و یقال أربع و أربعون و لم یؤسر أحد من المسلمین و الشهداء كانوا أربعة عشر و أخذ الفداء من كل مشرك أربعین أوقیة و من العباس مائة و قالوا كان أكثر من أربعة آلاف درهم فنزل عتابا فی الفداء و الأسری ما كانَ لِنَبِیٍّ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَسْری (3) و قد كان كتب فی اللوح المحفوظ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ (4) و كان القتال بالسابع عشر من شهر رمضان و كان لواؤه مع مصعب بن عمیر و رایته مع علی علیه السلام و یقال رایته مع علی علیه السلام و رایة الأنصار مع سعد بن عبادة. (5) بیان الجعاسیس اللئام فی الخلق و الخلق الواحد جعسوس بالضم.

«81»-ل، الخصال بِالْإِسْنَادِ (6) عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خَبَرِ الْیَهُودِیِّ الَّذِی سَأَلَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ

ص: 325


1- أشرنا إلی موضع الایات فی صدر الباب
2- أشرنا إلی موضع الایات فی صدر الباب
3- أشرنا إلی موضع الایات فی صدر الباب
4- أشرنا إلی موضع الایات فی صدر الباب
5- مناقب آل أبی طالب ١ : ١٦٢ _ ١٦٤. أقول : قال ابن حجر فی التقریب فی ترجمة سعد بن عبادة : وقع فی صحیح مسلم انه شهد بدرا. والمعروف عند أهل المغازی انه تهیا للخروج فنهس فاقام.
6- الحدیث مسند فی المصدر ولم یذكر المصنف اسناده اختصارا راجعه.

عَمَّا امْتَحَنَهُ اللَّهُ بِهِ فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ ابْنَیْ رَبِیعَةَ وَ ابْنَ عُتْبَةَ كَانُوا فُرْسَانَ قُرَیْشٍ دَعَوْا إِلَی الْبِرَازِ یَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ یَبْرُزْ لَهُمْ خَلْقٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَأَنْهَضَنِی رَسُولُ اللَّهِ مَعَ صَاحِبَیَّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَ قَدْ فَعَلَ وَ أَنَا أَحْدَثُ أَصْحَابِی سِنّاً وَ أَقَلُّهُمْ لِلْحَرْبِ تَجْرِبَةً فَقَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِیَدِی وَلِیداً وَ شَیْبَةَ سِوَی مَنْ قَتَلْتُ مِنْ جَحَاجِحَةِ قُرَیْشٍ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ سِوَی مَنْ أَسَرْتُ وَ كَانَ مِنِّی أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِی وَ اسْتُشْهِدَ ابْنُ عَمِّی فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَیْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

بیان: الجحاجحة جمع الجحجاح و هو السید الكریم.

«82»-وَ قَالَ الْكَازِرُونِیُّ فِی الْمُنْتَقَی قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: جَلَسَ عُمَیْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِیُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَیَّةَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُوَ فِی الْحِجْرِ وَ كَانَ عُمَیْرٌ شَیْطَاناً مِنْ شَیَاطِینِ قُرَیْشٍ وَ كَانَ یُؤْذِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابَهُ بِمَكَّةَ وَ كَانَ ابْنُهُ وُهَیْبُ بْنُ عُمَیْرٍ فِی أُسَارَی بَدْرٍ فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَلِیبِ وَ مُصَابَهُمْ فَقَالَ صَفْوَانُ وَ اللَّهِ لَیْسَ فِی الْعَیْشِ خَیْرٌ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُ عُمَیْرٌ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لَا دَیْنٌ عَلَیَّ لَیْسَ لَهُ عِنْدِی قَضَاءٌ وَ عِیَالٌ أَخْشَی عَلَیْهِمُ الضَّیْعَةَ بَعْدِی لَرَكِبْتُ إِلَی مُحَمَّدٍ حَتَّی أَقْتُلَهُ فَإِنَّ لِی قِبَلَهُمْ عِلَّةً ابْنِی أَسِیرٌ فِی أَیْدِیهِمْ فَقَالَ صَفْوَانُ فَعَلَیَّ دَیْنُكَ أَنَا أَقْضِیهِ عَنْكَ وَ عِیَالُكَ مَعَ عِیَالِی أُوَاسِیهِمْ أُسْوَتَهُمْ مَا بَقُوا قَالَ عُمَیْرٌ فَاكْتُمْ عَلَیَّ شَأْنِی وَ شَأْنَكَ قَالَ أَفْعَلُ ثُمَّ إِنَّ عُمَیْراً أَمَرَ بِسَیْفِهِ فَشُحِذَ لَهُ (2) وَ سُمَّ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّی قَدِمَ الْمَدِینَةَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ انْعِمُوا صَبَاحاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِیَّةٍ خَیْرٍ مِنْ تَحِیَّتِكَ یَا عُمَیْرُ بِالسَّلَامِ تَحِیَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَا جَاءَ بِكَ یَا عُمَیْرُ قَالَ جِئْتُ لِهَذَا الْأَسِیرِ الَّذِی فِی أَیْدِیكُمْ فَأَحْسِنُوا فِیهِ قَالَ فَمَا بَالُ السَّیْفِ فِی عُنُقِكَ قَالَ قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُیُوفٍ وَ هَلْ أَغْنَتْ شَیْئاً قَالَ اصْدُقْنِی بِالَّذِی جِئْتَ لَهُ قَالَ مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِیُ

ص: 326


1- الخصال ٢ : ١٥. والحدیث طویل.
2- أی أحده.

صلی اللّٰه علیه و آله بَلَی قَعَدْتَ أَنْتَ وَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ فِی الْحِجْرِ فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ الْقَلِیبِ مِنْ قُرَیْشٍ ثُمَّ قُلْتَ لَوْ لَا دَیْنٌ عَلَیَّ وَ عَلَیَّ عِیَالِی لَخَرَجْتُ حَتَّی أَقْتُلَ مُحَمَّداً فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَیْنِكَ وَ عِیَالِكَ عَلَی أَنْ تَقْتُلَنِی وَ اللَّهُ حَائِلٌ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَقَالَ عُمَیْرٌ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ كُنَّا نُكَذِّبُكَ وَ هَذَا أَمْرٌ لَمْ یَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَ صَفْوَانُ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَانِی لِلْإِسْلَامِ وَ سَاقَنِی هَذَا الْمَسَاقِ ثُمَّ تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِی دِینِهِ وَ عَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ وَ أَطْلِقُوا لَهُ أَسِیرَهُ فَفَعَلُوا ثُمَّ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی كُنْتُ جَاهِداً فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ شَدِیدَ الْأَذَی لِمَنْ كَانَ عَلَی دِینِ اللَّهِ وَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِی فَأَقْدَمَ مَكَّةَ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَهْدِیَهُمْ وَ إِلَّا آذَیْتُهُمْ فِی دِینِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُوذِی أَصْحَابَكَ فِی دِینِهِمْ فَأَذِنَ لَهُ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ صَفْوَانُ حِینَ خَرَجَ عُمَیْرٌ یَقُولُ لِقُرَیْشٍ أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِیكُمُ الْآنَ فِی أَیَّامٍ تُنْسِیكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ وَ كَانَ صَفْوَانُ یَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانَ حَتَّی قَدِمَ رَاكِبٌ فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلَامِهِ فَحَلَفَ أَنْ لَا یُكَلِّمَهُ أَبَداً وَ لَا یَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَداً فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا یَدْعُو إِلَی الْإِسْلَامِ وَ یُؤْذِی مَنْ خَالَفَهُ فَأَسْلَمَ عَلَی یَدَیْهِ نَاسٌ كَثِیرَةٌ.

وَ رُوِیَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّی لَوَاقِفٌ یَوْمَ بَدْرٍ فِی الصَّفِّ فَنَظَرْتُ عَنْ یَمِینِی وَ عَنْ شِمَالِی فَإِذَا أَنَا بَیْنَ غُلَامَیْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِیثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّیْتُ لَوْ كُنْتُ بَیْنَ أَضْلُعٍ أَقْوَی مِنْهُمَا فَغَمَزَنِی أَحَدُهُمَا فَقَالَ یَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَیْهِ یَا ابْنَ أَخِی قَالَ بَلَغَنِی أَنَّهُ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ رَأَیْتُهُ لَمْ یُفَارِقْ سَوَادِی سَوَادَهُ حَتَّی یَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا قَالَ فَغَمَزَنِی الْآخَرُ فَقَالَ لِی مِثْلَهَا فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَلَمْ أَنْشَبْ (1) أَنْ نَظَرْتُ إِلَی أَبِی جَهْلٍ یَجُولُ فِی النَّاسِ فَقُلْتُ لَهُمَا أَ لَا تَرَیَانِ هَذَا صَاحِبَكُمَا الَّذِی تَسْأَلَانِ عَنْهُ فَابْتَدَرَاهُ بِسَیْفَیْهِمَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّی قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ أَیُّكُمَا قَتَلَهُ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ

ص: 327


1- أی لم ألبث.

قَالَ هَلْ مَسَحْتُمَا سَیْفَكُمَا (1) قَالا لَا فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی السَّیْفَیْنِ فَقَالَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ وَ قَضَی بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو وَ هُمَا مُعَاذُ بْنُ عَمْرٍو وَ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ ضَرَبَ أَبَا جَهْلٍ هُوَ وَ أَخُوهُ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّی أَثْبَتَاهُ فَعَطَفَ عَلَیْهِمَا فَقَتَلَهُمَا ثُمَّ وَقَعَ صَرِیعاً فَدَفَّفَ (2) عَلَیْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ (3).

«83»-أقول قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة، قال الواقدی بلغ رسول اللّٰه أن عیر قریش فصلت من مكة ترید الشام و قد جمعت قریش فیها أموالها فندب لها أصحابه و خرج یعترضها علی رأس ستة عشر شهرا من مهاجره فخرج فی خمسین و مائة و یقال فی مائتین و لم یلق العیر و فاتته ذاهبة إلی الشام و هذه غزاة ذی العشیرة رجع منها إلی المدینة و لم یلق حربا فلما تحین انصراف العیر من الشام قافلة ندب أصحابه لها و بعث طلحة بن عبید اللّٰه و سعید بن زید قبل خروجه من المدینة بعشر لیال یتجسسان خبر العیر و ندب رسول اللّٰه المسلمین و قال هذه عیر قریش فیها أموالهم لعل اللّٰه أن یغنمكموها فأسرع من أسرع حتی إن كان الرجل لیساهم أباه فی الخروج فكان ممن ساهم أباه سعد بن خیثمة فخرج سهم سعد فقتل ببدر و أبطأ عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كثیر من أصحابه و كرهوا خروجه و كان فی ذلك كلام كثیر و اختلاف و تخلف بعضهم من أهل النیات و البصائر لم یظنوا أنه یكون قتال إنما هو الخروج للغنیمة و لو ظنوا أنه یكون قتال لما تخلفوا منهم أسید بن حضیر و خرج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی انتهی إلی المكان المعروف بالبقع (4) و هی بیوت السقیا و هی متصلة ببیوت المدینة فضرب عسكره هناك و عرض

ص: 328


1- فی المصدر : سیفیكما.
2- دفف علیه أی اجهز علیه وأتم قتله.
3- المنتقی فی مولود المصطفی : ١١٣ و ١١٤ ، الباب الثانی فیما كان فی سنة اثنین من الهجرة.
4- البقع بضم الباء وسكون القاف قال یاقوت فی معجم البلدان ١ : ٤٧٢ : البقع : اسم بئر بالمدینة ، وقال الواقدی : البقع من السقیا التی بنقب بنی دینار.

المقاتلة دعا یومئذ لأهل المدینة فقال اللّٰهم إن إبراهیم عبدك و خلیلك و نبیك دعاك لأهل مكة و إنی محمد عبدك و نبیك أدعوك لأهل المدینة أن تبارك لهم فی صاعهم و مدهم و ثمارهم اللّٰهم حبب إلینا المدینة و اجعل ما بها من الوباء بخم اللّٰهم إنی حرمت ما بین لابتیها كما حرم إبراهیم خلیلك مكة فراح صلی اللّٰه علیه و آله من السقیا لاثنتی عشرة لیلة مضت من شهر رمضان و خرج المسلمون معه فكانت الإبل سبعین بعیرا و كانوا یتعاقبون الإبل الاثنین و الثلاثة و الأربعة فكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی بن أبی طالب علیه السلام و مرثد بن أبی مرثد و یقال زید بن حارثة مكان مرثد یتعاقبون بعیرا.

قال الواقدی فروی معاذ بن رفاعة عن أبیه قال خرجت مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی بدر و كان كل ثلاثة یتعاقبون بعیرا فكنت أنا و أخی خلاد بن أبی رافع (1) علی بكر لنا و معنا یزید بن عامر (2) فكنا نتعاقب فسرنا حتی إذا كنا بالروحاء برك علینا بكرنا و أعیا فقال أخی اللّٰهم إن لك علی نذرا لئن رددتنا إلی المدینة لأنحرنه فمر بنا النبی صلی اللّٰه علیه و آله و نحن علی تلك الحال فقلنا یا رسول اللّٰه برك علینا بكرنا فدعا بماء فتمضمض و توضأ فی إناء ثم قال افتحا فاه فصبه فی فیه ثم علی رأسه ثم علی عنقه ثم علی حاركه (3) ثم علی سنامه ثم علی عجزه ثم علی ذنبه ثم قال اركبا و مضی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلحقناه أسفل من المنصرف و إن بكرنا لینفر بنا حتی إذا كنا بالمصلی راجعین من بدر برك علینا فنحره أخی فقسم لحمه و تصدق به.

ص: 329


1- هكذا فی نسخة المصنف ، وفیه وهم ، والصحیح ما فی المصدر : خالد بن رافع. نص علی انه رافع ابن حجر فی التقریب ٤٩٥ فی أخیه حیث قال : معاذ بن رفاعة بن رافع الانصاری الزرقی المدنی. راجع ایضا اسد الغابة ٢ : ٧٢ ففیه خالد بن رافع.
2- عبیدة خ ل. أقول : فی المصدر ایضا عبیدة بن یزید بن عامر ، ولم نجد له فی كتب التراجم ذكرا ، ولعل الصحیح ما فی المتن ، فیكون هو یزید بن عامر بن حدیدة بن غنم بن كعب بن سلمة الانصاری الخزرجی السلمی ، ترجمه ابن الاثیر فی اسد الغابة ٥ : ١١٦ وقال : شهد العقبة وبدرا واحدا.
3- الحارك : اعلی الكاهل.

قال الواقدی و قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حین فصل من بیوت السقیا اللّٰهم إنهم حفاة فاحملهم و عراة فاكسهم و جیاع فأشبعهم و عالة فأغنهم من فضلك فما رجع أحد منهم یرید أن یركب إلا وجد ظهرا للرجل البعیر و البعیران و اكتسی من كان عاریا و أصابوا طعاما من أزوادهم و أصابوا فداء الأسری فأغنی به كل عائل.

قال و كان معهم فرسان فرس لمرثد و فرس للمقداد بن عمرو حلیف بنی زهرة و یقال فرس للزبیر.

قال الواقدی و لحقت قریش بالشام فی عیرها و كانت العیر ألف بعیر و كان فیها أموال عظام و لم یبق بمكة قرشی و لا قرشیة له مثقال فصاعدا إلا بعث به فی العیر فلما أخبر أبو سفیان أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله یرید أن یتعرض للعیر بعث ضمضم بن عمرو إلی مكة ثم ذكر رؤیا عاتكة ثم قال قال الواقدی و كان عمرو بن العاص یحدث بعد ذلك فیقول لقد رأیت كل هذا و لقد رأیت فی دارنا فلقة من الصخرة التی انفلقت من أبی قبیس و لقد كان ذلك عبرة.

قال الواقدی و لما تهیئوا للخروج (1) و أخرج عتبة و شیبة دروعا لهما فنظر إلیهما مولاهما عداس و هما یصلحان دروعهما و آلة حربهما فقال ما تریدان فقالا أ لم تر إلی الرجل الذی أرسلناك إلیه بالعنب فی كرمنا بالطائف (2) قال نعم قالا نخرج فتقاتله فبكی و قال لا تخرجا فو اللّٰه إنه لنبی فأبیا فخرجا و خرج معهما فقتل ببدر معهما.

قال و استقسمت قریش بالأزلام (3) عند هبل للخروج فاستقسم أمیة بن

ص: 330


1- خلا المصدر عن قوله : ولما تهیأوا للخروج.
2- تقدمت قصته قبلا فی ذكر خروجه إلی الطائف وما لقی هناك.
3- قال الجزری فی النهایة ٣ : ٢٨٥ : الاستقسام : طلب القسم الذی قسم له وقدر مما لم یقسم ولم یقدر ، وهو استفعال منه ، وكانوا اذا أراد أحدهم سفرا او تزویجا او نحو ذلك من المهام ضرب بالازلام وهی القداح. وكان علی بعضها مكتوب : امرنی ربی ، وعلی الاخر نهانی ربی وعلی الاخر غفل ، فان خرج أمرنی مضی لشأنه ، وان خرج نهانی أمسك ، وان خرج الغفل عاد آجالها وضرب بها اخری إلی ان یخرج الامر أو النهی انتهی والغفل : ما لا علامة فیه.

خلف و عتبة و شیبة بالآمر و الناهی فخرج القدح الناهی فأجمعوا المقام حتی أزعجهم أبو جهل فقال ما استقسمت و لا نتخلف عن عیرنا. (1) و روی عن حكیم بن حزام قال ما توجهت وجها قط كان أكره إلی من مسیری إلی بدر و لا بان لی فی وجه قط ما بان لی قبل أن أخرج قال قدم ضمضم فصاح بالنفیر فاستقسمت بالأزلام كل ذلك یخرج الذی أكره ثم خرجت علی ذلك حتی نزلنا مر الظهران فنحر ابن الحنظلیة جزورا منها بها حیاة فما بقی خبأ من أخبیة العسكر إلا أصابه من دمها فكان هذا بینا ثم هممت بالرجوع ثم أذكر ابن الحنظلیة و شومه فیردنی حتی مضیت لوجهی و لقد رأیت حین بلغنا الثنیة البیضاء إذا عداس جالس علیها و الناس یمرون إذ مر علینا ابنا ربیعة فوثب علیهما و أخذ بأرجلهما فی غرزهما و هو یقول بأبی أنتما و أمی إنه لرسول اللّٰه و ما تساقان إلا إلی مصارعكما و إن عینیه لتسیلان دمعا علی خدیه فأردت أن أرجع أیضا ثم مضیت فمر به العاص بن منبه بن الحجاج فوقف علیه حین ولی عتبة و شیبة فقال ما یبكیك قال یبكینی سیدای و سیدا أهل الوادی یخرجان إلی مصارعهما و یقاتلان رسول اللّٰه فقال العاص و إن محمدا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فانتفض عداس انتفاضة و اقشعر جلده ثم بكی و قال إی و اللّٰه إنه رسول اللّٰه إلی الناس كافة قال فأسلم العاص بن منبه و مضی و هو علی الشك حتی قتل مع المشركین علی شك و ارتیاب و یقال رجع عداس و لم یشهد بدرا و یقال شهد بدرا و قتل قال الواقدی و القول الأول أثبت عندنا.

قال فلما أجمعوا علی المسیر ذكروا الذی بینهم و بین بنی بكر من العداوة و خافوهم علی من یخلفونه فتصور لهم إبلیس فی صورة سراقة فقال یا معشر قریش قد عرفتم شرفی و مكانی فی قومی أنا لكم جار إن یأتیكم كنانة بشی ء تكرهونه فخرجوا سراعا بالقیان و الدفوف یتغنین فی كل منهل و ینحرون الجزر و خرجوا

ص: 331


1- شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید : ٣ : ٣٢٣.

بتسعمائة و خمسین مقاتلا و قادوا مائة فرس بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ و كانت الإبل سبعمائة بعیر و كان أهل الخیل كلهم دارعا و كانوا مائة و كان فی الرجالة دروع سوی ذلك فلما انتهوا إلی الجحفة رأی جهیم بن الصلت بین النوم و الیقظة رجل أقبل علی فرس معه بعیر له حتی وقف علیه فقال قتل عتبة بن ربیعة و شیبة بن ربیعة و زمعة بن الأسود و أمیة بن خلف و أبو البختری و أبو الحكم و نوفل بن خویلد فی رجال سماهم من أشراف قریش و أسر سهیل بن عمرو و فر الحارث بن هشام عن أخیه قال و كأن قائلا یقول و اللّٰه إنی لأظنهم الذین یخرجون إلی مصارعهم قال ثم أراه ضرب فی لبة بعیره فأرسله فی العسكر فقال أبو جهل و هذا نبی آخر من بنی عبد مناف ستعلم غدا من المقتول نحن أو محمد و أصحابه.

قال فلما أفلت أبو سفیان بالعیر أرسل یأمرهم بالرجوع فأبوا و ردوا القیان و أما رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فكان صبیحة أربع عشرة من شهر رمضان بعرق الظبیة فجاء أعرابی قد أقبل من تهامة فقال له أصحاب النبی صلی اللّٰه علیه و آله هل لك علم بأبی سفیان قال ما لی بأبی سفیان علم قالوا تعال فسلم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال أ و فیكم رسول اللّٰه قالوا نعم قال فأیكم رسول اللّٰه قالوا هذا فقال أنت رسول اللّٰه قال نعم قال فما فی بطن ناقتی هذه إن كنت صادقا فقال سلمة بن سلامة بن وقش (1) نكحتها فهی حبلی منك فكره رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مقالته و أعرض عنه.

قال الواقدی و سار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی أتی الروحاء لیلة الأربعاء للنصف من شهر رمضان فقال لأصحابه هذا أفضل أودیة العرب و صلی فلما رفع رأسه من الركعة الأخیرة من وتره لعن الكفرة و دعا علیهم فقال اللّٰهم لا تفلتن أبا جهل بن هشام فرعون هذه الأمة اللّٰهم لا تفلتن زمعة بن الأسود اللّٰهم أسخن عین أبی زمعة اللّٰهم أعم بصر أبی زمعة (2) اللّٰهم لا تفلتن سهیل بن عمر ثم دعا

ص: 332


1- فی سیرة ابن هشام : قال له سلمة بن سلامة بن وقش : لا تسأل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وأقبل علی فانا أخبرك عن ذلك ، نزوت علیها ففی بطنها منك سخلة ، فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله وسلم : « مه افحشت علی الرجل » ثم اعرض عن سلمة.
2- فی الامتاع : اللّٰهم واسخن عین ابی زمعة بزمعة.

لقوم من قریش فقال اللّٰهم أنج سلمة بن هشام و عیاش بن أبی ربیعة (1) و المستضعفین من المؤمنین قال و نزل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وادی بدر عشاء لیلة الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان فبعث علیا علیه السلام و الزبیر و سعد بن أبی وقاص و بسبس بن عمرو یتجسسون علی الماء فوجدوا روایا قریش فیها سقاؤهم فأسروهم و أفلت بعضهم و أتی (2) بهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو قائم یصلی فسألهم المسلمون فقالوا نحن سقاء قریش بعثونا نسقیهم من الماء فضربوهم فلما أن لقوهم بالضرب (3) قالوا نحن لأبی سفیان و نحن فی العیر و هذا العیر بهذا الفوز (4) فكانوا إذا قالوا ذلك یمسكون عن ضربهم فسلم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من صلاته ثم قال إن صدقوكم ضربتموهم و إن كذبوكم تركتموهم فلما أصبحوا عدل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الصفوف و خطب المسلمین فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَحُثُّكُمْ عَلَی مَا حَثَّكُمُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنْهَاكُمْ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَظِیمٌ شَأْنُهُ یَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَ یُحِبُّ الصِّدْقَ وَ یُعْطِی عَلَی الْخَیْرِ أَهْلَهُ عَلَی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ بِهِ یُذْكَرُونَ وَ بِهِ یَتَفَاضَلُونَ وَ إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ بِمَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْحَقِّ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ فِیهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَا ابْتَغَی بِهِ وَجْهَهُ وَ إِنَّ الصَّبْرَ فِی مَوَاطِنِ الْبَأْسِ مِمَّا یُفَرِّجُ اللَّهُ بِهِ الْهَمَّ وَ یُنْجِی بِهِ مِنَ الْغَمِّ تُدْرِكُونَ (5) بِهِ النَّجَاةَ فِی الْآخِرَةِ فِیكُمْ نَبِیُّ اللَّهِ یُحَذِّرُكُمْ وَ یَأْمُرُكُمْ فَاسْتَحْیُوا الْیَوْمَ أَنْ یَطَّلِعَ اللَّهُ عَلَی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِكُمْ یُمْقِتُكُمْ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ (6) تَعَالَی یَقُولُ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ

ص: 333


1- ابی دبیلة خ ل. أقول : وهو موجود ایضا فی المصدر وهو مصحف ، والصحیح ما فی المتن ، ویوجد مثله فی الامتاع وقال ابن حجر فی التقریب : ٤٠٦ : عیاش بن أبی ربیعة بن عبداللّٰه بن عمر بن مخزوم القرشی المخزومی ، واسم ابیه عمرو ، ویلقب ذا الرمحین ، اسلم قدیما. وهاجر هجرتین ، وكان احد من یدعو له النبی صلی اللّٰه علیه و آله من المستضعفین. واستشهد بالیمامة وقیل : بالیرموك ، وقیل : مات سنة خمس عشرة.
2- فی غیر نسخة المصنف : اتوا بهم
3- فی المصدر : فلما أذلقوهم بالضرب. أقول : ای بالغوا فی ضربهم.
4- فی المصدر : بهذا القوز. أقول : القوز : المستدیر من الرمل والكثیب المشرف.
5- ذكر المقریزی الخطبة فی الامتاع : ٨١ وفیه : وتدركون النجاة فی الاخرة.
6- فی الامتاع : فان اللّٰه یقول.

أَنْفُسَكُمْ (1) انْظُرُوا إِلَی الَّذِی (2) أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ كِتَابِهِ وَ أَرَاكُمْ مِنْ آیَاتِهِ وَ مَا أَعَزَّكُمْ (3) بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ لَهُ یَرْضَ (4) رَبُّكُمْ عَنْكُمْ وَ أَبْلُوا رَبَّكُمْ فِی هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَمْراً تَسْتَوْجِبُوا بِهِ الَّذِی وَعَدَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ (5) وَ مَغْفِرَتِهِ فَإِنَّ وَعْدَهُ حَقٌّ وَ قَوْلَهُ صِدْقٌ وَ عِقَابَهُ شَدِیدٌ وَ إِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ بِاللَّهِ الْحَیِّ الْقَیُّومِ إِلَیْهِ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا وَ بِهِ اعْتَصَمْنَا وَ عَلَیْهِ تَوَكَّلْنا وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ وَ یَغْفِرُ (6) اللَّهُ لِی وَ لِلْمُسْلِمِینَ.

قَالَ الْوَاقِدِیُّ وَ لَمَّا رَأَی رَسُولُ اللَّهِ قُرَیْشاً تَصَوَّبُ مِنَ الْوَادِی (7) قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَ عَلَیَّ الْكِتَابَ وَ أَمَرْتَنِی بِالْقِتَالِ وَ وَعَدْتَنِی إِحْدَی الطَّائِفَتَیْنِ وَ إِنَّكَ (8) لا تُخْلِفُ الْمِیعادَ اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَیْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُیَلَائِهَا وَ فَخْرِهَا تُحَادُّكَ (9) وَ تُكَذِّبُ رَسُولَكَ اللَّهُمَّ نَصَرَكَ الَّذِی وَعَدْتَنِی اللَّهُمَّ أَحِنْهُمُ الْغَدَاةَ (10).

أقول: ثم ذكر مبارزة عتبة و شیبة و الولید.

ثم قال قال الواقدی ثم قال عتبة لابنه قم یا ولید فقام الولید و قام إلیه علی علیه السلام و كانا أصغر النفر فاختلفا ضربتین فقتله علی علیه السلام ثم قام عتبة و قام إلیه حمزة فاختلفا ضربتین فقتله حمزة رضی اللّٰه عنه ثم قام شیبة و قام إلیه عبیدة و هو یومئذ أسن أصحاب رسول اللّٰه فضرب شیبة رجل عبیدة بذباب السیف فأصاب عضلة ساقه

ص: 334


1- المؤمن : ١١.
2- فی الذی خ ل. وفی الامتاع : انظروا الذی.
3- فی الامتاع : وأعزكم به بعد الذلة
4- فی الامتاع : یرضی به ربكم عنكم.
5- فی الامتاع : تستوجبوا الذی وعدكم به من رحمته.
6- خلا الامتاع من العاطف.
7- زاد فی الامتاع : وكان اول من طلع زمعة بن الاسود علی فرس یتبعه ابنه ، فاستجال بفرسه یرید ان یتبوأ للقوم منزلا ، قال صلی اللّٰه علیه وآله اه.
8- فی الامتاع : وأنت.
9- فی المصدر : تخاذل. ولعله تصحیف من النساخ.
10- شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید ٣ : ٣١٨ _ ٣٣١.

فقطعها و كر حمزة و علی علیهما السلام علی شیبة فقتلاه و نزلت فیهم هذه الآیة هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ (1).

و روی محمد بن إسحاق أن عتبة بارز عبیدة و شیبة حمزة فقتل حمزة شیبة لم یمهله أن قتله و لم یمهل علی علیه السلام الولید أن قتله و اختلف عبیدة و عتبة بینهما ضربتین كلاهما أثبت صاحبه و كر حمزة و علی علی عتبة بأسیافهما حتی دففا علیه و احتملا صاحبهما إلی الصف.

قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ هَذِهِ الرِّوَایَةُ تُوَافِقُ مَا یَذْكُرُهُ: أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی كَلَامِهِ إِذْ یَقُولُ لِمُعَاوِیَةَ وَ عِنْدِی السَّیْفُ الَّذِی أَعْضَضَتُ بِهِ أَخَاكَ وَ خَالَكَ وَ جَدَّكَ یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَقُولُ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَدْ عَرَفْتُ مَوَاضِعَ (2) نِصَالِهَا فِی أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ

و اختار البلاذری روایة الواقدی و قال هذا هو المناسب لأحوالهم من طریق السن لأن شیبة أسن الثلاثة فجعل بإزاء عبیدة و هو أسن الثلاثة.

قال الواقدی روی عروة عن عائشة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله جعل شعار المهاجرین یوم بدر یا بنی عبد الرحمن و شعار الخزرج یا بنی عبد اللّٰه و شعار الأوس یا بنی عبید اللّٰه.

قال و روی زید بن علی بن الحسین علیهم السلام أن شعار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان یوم بدر یا منصور أمت.

قال الواقدی و نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن قتل أبی البختری و قد مر ذكره و عن قتل الحارث بن عامر بن نوفل و كان كارها للخروج إلی بدر فلقیه خبیب بن یساف فقتله و لا یعرفه و عن قتل زمعة بن الأسود فقتله ثابت بن الجذع و لا یعرفه.

قال الواقدی و كان عقبة بن أبی معیط قال شعرا بعد هجرة النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة فبلغ النبی صلی اللّٰه علیه و آله ذلك فقال اللّٰهم أكبه لمنخره و اصرعه فجمح (3) به فرسه

ص: 335


1- اشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
2- فی المصدر : مواقع.
3- جمع الفرس : تغلب علی راكبه وذهب به لا ینثنی.

یوم بدر فأخذه عبد اللّٰه بن سلمة أسیرا فأمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله عاصم بن الأفلح (1) فضرب عنقه صبرا قال و كان عبد الرحمن بن عوف یحدث و یقول إنی لأجمع أدراعا یوم بدر بعد أن ولی الناس فإذا أمیة بن خلف و كان لی صدیقا فی الجاهلیة و معه ابنه علی فنادانی مرتین فأجبته فقال نحن خیر لك من أدراعك هذه فقلت امضیا فجعلت أسوقهما أمامی و قد رأی أمیة أنه قد أمن بعض الأمن إذ بصر به بلال فنادی یا معشر الأنصار أمیة بن خلف رأس الكفر لا نجوت إن نجوت قال لأنه كان یعذبه بمكة فأقبلت الأنصار كأنهم عوذ حنت إلی أولادها حتی طرحوا أمیة علی ظهره فحمیته فلم ینفع فأقبل إلیه خبیب بن یساف فضربه حتی قتله و قد كان أمیة ضرب خبیبا حتی قطع یده من المنكب فأعادها النبی صلی اللّٰه علیه و آله فالتحمت و استوت و أقبل علی بن أمیة فعرض (2) له الخباب بن المنذر فقطع رجله فصاح صیحة ما سمع مثلها قط و لقیه عمار فضربه ضربة فقتله و روی فی قتل أمیة وجوه أخر قال و كان الزبیر بن عوام یقول لقیت یومئذ عبیدة بن سعید بن العاص علی فرس علیه لأمة كاملة لا یری منه إلا عیناه فطعنت فی عینه فوقع فوطئت برجلی علی خده حتی أخرجت العنزة مع حدقته و أخذ رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله تلك العنزة فكانت تحمل بین یدیه قال و أقبل عاصم بن أبی عوف السهمی لما جال الناس و اختلطوا كأنه ذئب و هو یقول یا معشر قریش علیكم بالقاطع مفرق الجماعة الآتی بما لا یعرف محمد لا نجوت إن نجا فاعترضه أبو دجانة (3) فقتله فأقبل معبد بن وهب فضرب أبا دجانة ضربة برك منها أبو دجانة ثم انتهض و أقبل

ص: 336


1- فی المصدر عاصم بن أبی الافلح. وفی الامتاع والسیرة : عاصم بن ثابت بن أبی الاقلح. بالقاف ، ومثله فی اسد الغابة ، وفیه : اسم ابی الاقلح : بن عصمة : وقال ابن هشام فی السیرة : ویقال : قتله علی بن أبی طالب رضی اللّٰه عنه فیما ذكر لی ابن شهاب الزهری و غیره من أهل العلم.
2- فی المصدر : فتعرض.
3- ابودجانة بضم الدال وفتح الجیم المخففة ، اسمه سماك بن خرشة ، وكان مشهورا بكنیته ، وكان من الشجعان المشهورین بالشجاعة.

علی معبد فضربه ضربات لم یصنع سیفه شیئا حتی وقع معبد لحفرة (1) أمامه لا یراها و نزل علیه أبو دجانة فذبحه ذبحا و أخذ سلبه.

قال الواقدی و لما رأت بنو مخزوم مقتل من قتل قالوا أبو الحكم لا یخلص (2) إلیه فاجتمعوا و أحدقوا به و أجمعوا أن یلبسوا لأمة أبی جهل رجلا منهم فألبسوها عبد اللّٰه بن المنذر فصمد له علی علیه السلام فقتله و مضی عنه و هو یقول أنا ابن عبد المطلب.

ثم ألبسوها أبا قیس بن الفاكه فصمد له حمزة و هو یراه أبا جهل فضربه فقتله و هو یقول خذها و أنا ابن عبد المطلب ثم ألبسوها حرملة بن عمرو فصمد له علی علیه السلام فقتله ثم أرادوا أن یلبسوها خالد بن الأعلم فأبی قال معاذ بن عمرو بن الجموح فنظرت یومئذ إلی أبی جهل فی مثل الحرجة (3) و هم یقولون أبو الحكم لا یخلص إلیه فعرفت أنه هو فقلت و اللّٰه لأموتن دونه الیوم أو لأخلصن إلیه فصمدت له حتی إذا أمكنتنی منه غرة حملت علیه فضربته ضربة طرحت رجله من الساق فشبهتها النواة تنزو من تحت المراضح (4) فأقبل ابنه عكرمة علی فضربنی علی عاتقی فطرح یدی من العاتق إلا أنه بقیت جلدة فذهبت أسحب یدی بتلك الجلدة خلفی فلما آذتنی وضعت علیها رجلی ثم تمطیت علیها فقطعتها ثم لاقیت عكرمة و هو یلوذ كل ملاذ فلو كانت یدی معی لرجوت یومئذ أن أصیبه و مات معاذ فی زمن عثمان فروی أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نفل معاذ بن عمرو سیف أبی جهل و أنه عند آل معاذ الیوم و به فل و قیل قتل أبا جهل ابنا الحارث قال وَ فَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِ أَبِی جَهْلٍ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَنْجَزْتَ مَا وَعَدْتَنِی فَتَمِّمْ عَلَیَّ نِعْمَتَكَ.

ص: 337


1- فی المصدر : بحفرة.
2- ای لا یصل إلیه العدو.
3- الحرجة : الشجر الملتف. شجره بین الاشجار لا یوصل الیها.
4- فی المصدر : المراضخ. وفی سیرة ابن هشام : فواللّٰه ما شبهتها حین طاحت الا بالنواة تطیح من تحت مرضخة النوی حین یضرب بها انتهی والمرضخة : الحجر الذی یكسر به النوی هی والمرضحة بالحاء المهملة معناهما واحد.

قَالَ الْوَاقِدِیُّ وَ حَدَّثَنِی مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِیُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ اللَّهُمَّ اكْفِنِی نَوْفَلَ بْنَ الْعَدَوِیَّةِ و هو نوفل بن خویلد من بنی أسد و أقبل نوفل یومئذ یصیح و هو مرعوب قد رأی قتل أصحابه و كان فی أول ما التقی (1) هم و المسلمون یصیح بصوت له زجل (2) رافعا عقیرته (3) یا معشر قریش إن هذا الیوم العلا و الرفعة فلما رأی قریشا قد انكشفت جعل یصیح بالأنصار ما حاجتكم إلی دمائنا أ ما ترون من تقتلون أ ما لكم فی اللبن من حاجة فأسره جبار بن صخر فهو یسوقه أمامه فجعل نوفل یقول لجبار و رأی علیا علیه السلام مقبلا نحوه یا أخا الأنصار من هذا و اللات و العزی إنی لأری رجلا إنه لیریدنی قال جبار هذا علی بن أبی طالب قال نوفل تاللّٰه ما رأیت كالیوم رجلا أسرع فی قومه فصمد له علی علیه السلام فضربه فنشب سیفه (4) فی جحفته ساعة ثم نزعه فضرب به ساقیه و درعه مشمرة فقطعهما ثم أجهز علیه فقتله فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من له علم بنوفل بن خویلد قال علی علیه السلام أنا قتلته فكبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال الحمد لله الذی أجاب دعوتی فیه.

قال الواقدی و أقبل العاص بن سعید بن العاص یبحث للقتال فالتقی هو و علی فقتله علی علیه السلام قال الواقدی و كان علی علیه السلام یحدث فیقول إنی یومئذ بعد ما متع النهار و نحن و المشركون قد اختلطت صفوفنا و صفوفهم خرجت فی أثر رجل منهم فإذا رجل من المشركین علی كثیب رمل و سعد بن خیثمة و هما یقتتلان حتی قتل المشرك سعدا و المشرك مقنع فی الحدید و كان فارسا فاقتحم عن فرسه فعرفنی و هو معلم فنادانی هلم یا ابن أبی طالب إلی البراز فعطفت علیه فانحط إلی مقبلا و كنت

ص: 338


1- فی المصدر : ما التقوا.
2- زجل : رفع صوته وأجلب ، یقال : سحاب ذو زجل : ذو رعد.
3- رفع عقیرته ای صوته. والعقیرة : صوت المغنی والباكی والقارئ.
4- فی المصدر : سیف علی.

رجلا قصیرا فانحططت راجعا لكی ینزل إلی كرهت أن یعلونی (1) فقال یا ابن أبی طالب فررت فقلت قریب مفر ابن الشتراء فلما استقرت قدمای و ثبت أقبل فلما دنا منی ضربنی فاتقیت بالدرقة فوقع سیفه فلحج (2) فضربته علی عاتقه و هی ذارع (3) فارتعش و لقد قط (4) سیفی درعه فظننت أن سیفی سیقتله فإذا بریق سیف من ورائی فطأطأت رأسی و وقع (5) السیف فأطن قحف رأسه بالبیضة و هو یقول خذها و أنا ابن عبد المطلب فالتفت فإذا هو حمزة عمی و المقتول طعیمة بن عدی.

قال فی روایة محمد بن إسحاق إن طعیمة قتله علی بن أبی طالب علیه السلام و قیل قتله حمزة.

و روی محمد بن إسحاق قال و خرج النبی صلی اللّٰه علیه و آله من العریش إلی الناس فینظر القتال فحرض المسلمین و قال كل امرئ بما أصاب و قال و الذی نفسی بیده لا یقاتلهم الیوم (6) فی حمله فیقتل صابرا محتسبا مقبلا غیر مدبر إلا أدخله اللّٰه الجنة فقال عمر بن حمام الجوینی (7) و فی یده تمرات یأكلهن بخ بخ أ فما بینی و بین أن أدخل الجنة إلا أن یقتلنی هؤلاء ثم قذف التمرات من یده و أخذ سیفه فقاتل القوم حتی قتل.

قال محمد بن إسحاق و حدثنی عاصم بن عمرو بن قتادة أن عوف بن الحارث و هو ابن عفراء قال لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم بدر یا رسول اللّٰه ما یضحك الرب من عبده قال غمسه یده فی العدو حاسرا فنزع عوف درعا كانت علیه و قذفها ثم أخذ سیفه فقاتل القوم حتی قتل.

ص: 339


1- فی المصدر : كرهت ان یعلو بی.
2- لحج السیف : نشب فی الغمد أو الدرقة فلا یخرج.
3- فی المصدر وهو دارع.
4- أی قطع.
5- ویقع خ ل.
6- رجل خ ل.
7- فی المصدر : عمر بن حمام اخو أبی سلمة.

قَالَ الْوَاقِدِیُّ وَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَفّاً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَرَمَاهُمْ بِهَا وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ اللَّهُمَّ أَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ لَا یَلْوُونَ عَلَی شَیْ ءٍ وَ الْمُسْلِمُونَ یَتْبَعُونَهُمْ یَقْتُلُونَ وَ یَأْسِرُونَ.

قال الواقدی و حدثنی عمر بن عثمان عن عكاشة بن محصن قال انقطع سیفی یوم بدر فأعطانی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عودا فإذا هو سیف أبیض طویل فقاتلت به حتی هزم اللّٰه المشركین و لم یزل ذلك السیف عند عكاشة حتی هلك.

قال و قد روی رجال من بنی عبد الأشهل عدة قالوا انكسر سیف سلمة بن أسهل (1) بن جریش یوم بدر فبقی أعزل (2) لا سلاح معه فأعطاه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قضیبا كان فی یده من عراجین ابن طاب (3) فقال اضرب به فإذا سیف جید فلم یزل عنده حتی قتل یوم جسر أبی عبید. (4).

قال الواقدی و أصاب حارثة بن سراقة و هو یكرع فی الحوض سهم من المشركین فوقع فی نحره فمات فلقد شرب القوم آخر النهار من دمه و بلغ أمه و أخته و هما بالمدینة مقتله فقالت أمه و اللّٰه لا أبكی علیه حتی یقدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأسأله فإن كان فی الجنة لم أبك علیه و إن كان فی النار بكیته

ص: 340


1- فی المصدر : سلمة بن اشهل بن جریش. وفی اسد الغابة. سلمة بن أسلم بن حریش ابن عدی بن مخدعة بن حارث بن الحارث بن الخزرج الانصاری الاوسی یكنی ابا سعد. كان حلیفا لبنی عبد الاشهل.
2- الاعزل : من لا سلاح معه.
3- ابن طاب : نوع من انواع تمر المدینة منسوب إلی ابن طاب رجل من أهلها ، یقال : عذق ابن طاب ، ورطب ابن طاب ، وتمر ابن طاب.
4- فی المصدر : أبی عبیدة ، وهو مصحف ، والرجل هو أبوعبید بن مسعود الثقفی والد المختار بن أبی عبید ، ویوم الجسر هو یوم قس الناطف ویقال له أیضا : یوم المروحة ، وفی ذلك الیوم وقعة بین المسلمین والفرس قرب الحیرة ، وذلك فی سنة ١٣ للهجرة فی خلافة عمر بن الخطاب ، وقتل یومئذ أبی عبید. وقس الناطف : موضع قریب من الكوفة علی شاطئ الفرات الشرقی ، والمروحة : موضع بشاطئ الفرات الغربی.

لعمر و اللّٰه (1) (لعمر اللّٰه) فأعولته فلما قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من بدر جاءت أمه إلیه فقالت یا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد عرفت موضع حارثة من قلبی (2) فأردت أن أبكی علیه ثم قلت لا أفعل حتی أسأل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عنه فإن كان فی الجنة لم أبكه و إن كان فی النار بكیته فأعولته فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله هبلت أ جنة واحدة إنها جنان كثیرة و الذی نفسی بیده إنه لفی الفردوس الأعلی قالت لا أبكی علیه أبدا قال و دعا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حینئذ بماء فی إناء فغمس یده فیه و مضمض فاه ثم ناول أم حارثة بن سراقة فشربت ثم ناولت ابنتها فشربت ثم أمرهما فنضحتا فی جیوبهما ثم رجعتا من عند النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ما بالمدینة امرأتان أقر عینا منهما و لا أسر.

قال الواقدی فلما رجعت قریش إلی مكة قام فیهم أبو سفیان بن حرب فقال یا معشر قریش لا تبكوا علی قتلاكم و لا تنح علیهم نائحة و لا یندبهم شاعر و أظهروا الجلد و العزاء فإنكم إذا نحتم علیهم نائحة و بكیتموهم بالشعر أذهب ذلك غیظكم فأكلكم عن عداوة محمد و أصحابه مع أن محمدا و أصحابه إن بلغهم ذلك شمتوا بكم فتكون أعظم المصیبتین و لعلكم تدركون ثاركم فالدهن و النساء علی حرام حتی أغزو محمدا فمكث (3) قریش شهرا لا یبكیهم شاعر و لا تنوح علیهم نائحة و مشت نساء من قریش إلی هند بنت عتبة فقلن أ لا تبكین علی أبیك و أخیك و عمك و أهل بیتك فقالت حلاقی (4) أنا أبكیهم فیبلغ محمدا و أصحابه فیشمتوا بنا و نساء بنی الخزرج لا و اللّٰه حتی أثار محمدا و أصحابه و الدهن علی حرام إن دخل رأسی حتی نغزو محمدا و اللّٰه لو أعلم أن الحزن یذهب من قلبی لبكیت و لكن لا یذهبه إلا أن أری ثاری بعینی من قتلة الأحبة فمكثت علی حالها لا تقرب الدهن و لا قربت فراش

ص: 341


1- فی المصدر : لعمر اللّٰه. وهو الصحیح.
2- فی المصدر : فی قلبی.
3- فی المصدر : فمكثت قریش.
4- حلافی خ ل أقول : فی المصدر : حلافی أن ابكیهم.

أبی سفیان من یوم حلفت حتی كانت وقعة أحد.

و الواقدی بإسناده عن ابن عباس قال لما تواقف الناس أغمی علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ساعة ثم كشف عنه فبشر المؤمنین بجبرئیل فی جند من الملائكة فی میمنة الناس و میكائیل فی جند آخر فی میسرة الناس و إسرافیل فی جند آخر خلف الناس و كان إبلیس قد تصور للمشركین فی صورة سراقة بن جعشم یذمر المشركین و یخبرهم أنه لا غالب لكم من الناس فلما أبصر عدو اللّٰه الملائكة نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ فتشبث به الحارث بن هشام و هو یری أنه سراقة لما سمع من كلامه فضرب صدر الحارث فسقط الحارث و انطلق إبلیس لا یری حتی وقع فی البحر و رفع یدیه قائلا یا رب موعدك الذی وعدتنی و أقبل أبو جهل علی أصحابه یحضهم علی القتال و قال لا یغرنكم خذلان سراقة إیاكم فإنما كان علی میعاد من محمد و أصحابه سیعلم إذا رجعنا إلی قدید (1) ما نصنع بقومه و لا یحولنكم مقتل عتبة و شیبة و الولید فإنهم عجلوا و بطروا حین قاتلوا و ایم اللّٰه لا نرجع الیوم حتی نقرن محمدا و أصحابه فی الحبال فلا ألفین أحدا منكم قتل أحدا منهم و لكن خذوهم أخذا نعرفهم بالذی صنعوا لمفارقتهم دینكم و رغبتهم عما كان یعبد آباؤهم.

قال الواقدی و حدثنی عتبة بن یحیی عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبیه قال إن كنا لنسمع لإبلیس یومئذ خوارا و دعاء بالثبور (2) و التصور فی صورة سراقة بن جعشم حتی هرب فاقتحم البحر و رفع یدیه مادا لهما یقول یا رب ما وعدتنی و لقد كانت قریش بعد ذلك تعیر سراقة بما صنع یومئذ فیقول و اللّٰه ما صنعت شیئا.

فروی عن عمارة اللیثی قال حدثنی شیخ صیاد من الحی كان یومئذ علی ساحل البحر قال سمعت صیاحا یا ویلاه یا ویلاه قد ملأ الوادی یا حرباه یا حرباه فنظرت فإذا سراقة بن جعشم فدنوت منه فقلت ما لك فداك أبی و أمی

ص: 342


1- قدید مصغرا : موضع بین مكة والمدینة.
2- فی المصددر : بالثبور والویل ، وتصور.

فلم یرجع إلی شیئا ثم أراه اقتحم البحر و رفع یدیه مادا یقول یا رب ما وعدتنی فقلت فی نفسی جن و بیت اللّٰه سراقة و ذلك حین زاغت الشمس و ذاك عند انهزامهم یوم بدر.

قال الواقدی قالوا كان سیماء الملائكة عمائم قد أرخوها بین أكتافهم خضرا و صفرا و حمرا من نور و الصوف فی نواصی خیلهم.

وَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ سَوَّمَتْ فَسَوِّمُوا فَأَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ بِالصُّوفِ فِی مَغَافِرِهِمْ وَ قَلَانِسِهِمْ.

قال الواقدی فروی عن سهل بن عمرو قال لقد رأیت یوم بدر رجالا بیضا علی خیل بلق بین السماء و الأرض معلمین یقتلون و یأسرون.

و حدثنی عبد الرحمن بن الحارث عن أبیه عن جده عبید (1) عن أبی رهم الغفاری عن ابن عم له قال بینا أنا و ابن عم لی علی ماء بدر فلما رأینا قلة من مع محمد و كثرة قریش قلنا إذا التقت الفئتان عمدنا إلی عسكر محمد و أصحابه فانتهبناه فانطلقنا نحو المجنبة الیسری من أصحاب محمد و نحن نقول هؤلاء ربع قریش فبینا نحن نمشی فی المیسرة إذ جاءت سحابة فغشیتنا فرفعنا أبصارنا لها (2) و سمعنا أصوات الرجال و السلاح و سمعنا قائلا یقول لفرسه أقدم حیزوم و سمعناهم یقولون رویدا تتام أخراكم فنزلوا علی میمنة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم جاءت أخری مثل تلك فكانت مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله فنظرنا إلی أصحاب محمد و إذا هم علی الضعف من قریش فمات ابن عمی و أما أنا فتماسكت و أخبرت النبی صلی اللّٰه علیه و آله بذلك و أسلمت.

و عن حمزة بن صهیب عن أبیه قال ما أدری كم ید مقطوعة و ضربة جائفة لم یدم كلمها یوم بدر قد رأیتها قال و روی أبو بردة قال جئت یوم بدر بثلاثة أرؤس فوضعتها بین یدی رسول اللّٰه فقلت یا رسول اللّٰه أما اثنان فقتلتهما و أما الثالث

ص: 343


1- فی المصدر : عبیدة بن أبی عبیدة.
2- فی الامتاع : فرفعنا ابصارنا إلیها ، فسمعنا.

فإنی رأیت رجلا طویلا أبیض ضربه فتدهدی (1) أمامه فأخذت رأسه فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذاك فلان من الملائكة..

قال الواقدی و كان ابن عباس یقول لم یقاتل الملائكة إلا یوم بدر و قال كان الملك یتصور فی صورة من یعرفه المسلمون من الناس لیثبتهم فیقول إنی قد دنوت من المشركین فسمعتهم یقولون لو حملوا علینا ما ثبتنا لهم و لیسوا بشی ء فاحملوا علیهم و ذلك قول اللّٰه تعالی إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا (2) الآیة.

وَ رُوِیَ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ أَبِی جَیْشٍ (3) الْأَسَدِیَّ كَانَ یُحَدِّثُ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَسَرَنِی یَوْمَ بَدْرٍ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَ لَمَّا انْهَزَمَتْ قُرَیْشٌ انْهَزَمْتُ مَعَهَا فَأَدْرَكَنِی رَجُلٌ أَبْیَضُ طَوِیلٌ عَلَی فَرَسٍ أَبْلَقَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَأَوْثَقَنِی رِبَاطاً وَ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَجَدَنِی مَرْبُوطاً وَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یُنَادِی فِی الْعَسْكَرِ مَنْ أَسَرَ هَذَا فَلَیْسَ أَحَدٌ یَزْعُمُ أَنَّهُ أَسَرَنِی حَتَّی انْتَهَی بِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ابْنَ أَبِی جَیْشٍ (4) مَنْ أَسَرَكَ قُلْتُ لَا أَعْرِفُهُ وَ كَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِالَّذِی رَأَیْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَسَرَهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَرِیمٌ اذْهَبْ یَا ابْنَ عَوْفٍ بِأَسِیرِكَ فَذَهَبَ بِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

و عن حكیم بن حزام قال التقینا فاقتتلنا فسمعت صوتا وقع من السماء إلی الأرض مثل وقع الحصاة فی الطست و قبض النبی صلی اللّٰه علیه و آله القبضة فرمی بها فانهزمنا و قال نوفل بن معاویة انهزمنا یوم بدر و نحن نسمع كوقع الحصی فی الطساس بین أیدینا و من خلفنا فكان ذلك أشد الرعب علینا.

و روی الواقدی عن سعید بن المسیب قال أمن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من الأسری

ص: 344


1- هكذا فی النسخ ، وهو مصحف فتدهدی ، أو فتدهده كما فی المصدر.
2- أشرنا إلی موضع الایة فی صدر الباب.
3- الصیحح كما فی المصدر : السائب بن أبی حبیش ، وهو ابن المطلب بن أسد ، من بنی أسد بن عبدالعزی بن قصی ذكره ابن هشام فی سیرته.
4- الصیحح كما فی المصدر : السائب بن أبی حبیش ، وهو ابن المطلب بن أسد ، من بنی أسد بن عبدالعزی بن قصی ذكره ابن هشام فی سیرته.

یوم بدر أبا غرة (1) عمرو بن عبد اللّٰه الجمحی و كان شاعرا فأعتقه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال له إن لی خمس بنات لیس لهن شی ء فتصدق بی علیهن یا محمد ففعل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذلك و قال أبو غرة (2) أعطیت موثقا أن لا أقاتلك و لا أكثر علیك أبدا فأرسله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (3) فلما خرجت قریش إلی أحد جاء صفوان بن أمیة فقال اخرج معنا قال إنی قد أعطیت محمدا موثقا أن لا أقاتله و لا أكثر علیه أبدا و قد من علی و لم یمن علی غیری حتی قتله أو أخذ منه الفداء فضمن له صفوان أن یجعل بناته مع بناته إن قتل و إن عاش أعطاه مالا كثیرا لا یأكله عیاله فخرج أبو غرة (4) یدعو العرب و یحشرها ثم خرج مع قریش یوم أحد فأسر (5) و لم یؤسر غیره من قریش فقال یا محمد إنما خرجت كرها و لی بنات فامنن علی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیْنَ مَا أَعْطَیْتَنِی مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِیثَاقِ لَا وَ اللَّهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَیْكَ (6)

ص: 345


1- فی سیرة ابن هشام أبا عزة بالعین المهملة والزای المعجمة ، وقال : هو عمرو بن عبداللّٰه بن عثمان بن اهیب بن حذافة بن جمح.
2- فی سیرة ابن هشام أبا عزة بالعین المهملة والزای المعجمة ، وقال : هو عمرو بن عبداللّٰه بن عثمان بن اهیب بن حذافة بن جمح.
3- فی سیرة ابن هشام : فقال أبوعزة فی ذلك یمدح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ویذكر فضله فی قومه : من مبلغ عنی الرسول محمدا***بأنك حق والملیك حمید وانت امرؤ تدعو إلی الحق والهدی***علیك من اللّٰه العظیم شهید وانت امرؤ بوئت فینا مباءة***لها درجات سهلة وصعود فانك من حاربته لمحارب***شقی ومن سالمته لسعید ولكن إذا ذكرت بدرا وأهله***تأوب مابی حسرة وقعود
4- فی سیرة ابن هشام أبا عزة بالعین المهملة والزای المعجمة ، وقال : هو عمرو بن عبداللّٰه بن عثمان بن اهیب بن حذافة بن جمح.
5- قال ابن هشام : وأسر بعد رجوعه صلی اللّٰه علیه و آله من حمراء الاسد ، وذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خرج ثانی یوم أحد من المدینة فی طلب العدو ، فاقام بحمراء الاسد ( وهی من المدینة علی ثمانیة امیال)الاثنین والثلاثاء والاربعاء ثم رجع إلی المدینة. وسیأتی شرح ذلك بعد غزوة احد.
6- فی المصدر : عارضتك. وفی سیرة ابن هشام ٣ : ٥٦ لا تمسح عارضیك بمكة (بعدها و) تقول : خدعت محمدا مرتین ، اضرب عنقه یا زبیر فضرب عنقه. قال ابن هشام : وبلغنی عن سعید بن المسیب أنه قال : قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله : « ان المؤمن لا یلدغ من جحر مرتین ، اضرب عنقه یا عاصم بن ثابت » فضرب عنقه.

بِمَكَّةَ تَقُولُ سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَیْنِ فَقَتَلَهُ: فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَئِذٍ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَیْنِ.

قال الواقدی و أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم بدر بالقلیب أن تعور ثم أمر بالقتلی فطرحوا فیها كلهم إلا أمیة بن خلف فإنه كان مسمنا انتفخ من یومه فلما أرادوا أن یلقوه تزایل لحمه فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله اتركوه فأقروه و ألقوا علیه من التراب و الحجارة ما غیبه ثم وقف علی أهل القلیب فناداهم رجلا رجلا هل وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فإنی قد وجدت ما وعدنی ربی حقا بئس القوم كنتم لنبیكم (1) كذبتمونی و صدقنی الناس و أخرجتمونی و آوانی الناس و قاتلتمونی و نصرنی الناس فقالوا یا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أ تنادی قوما قد ماتوا فقال لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ لَا یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یُجِیبُونِی.

قال الواقدی و كان انهزام قریش حین زالت الشمس فأقام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ببدر و أمر عبد اللّٰه بن كعب بقبض الغنائم و حملها و أمر نفرا من أصحابه أن یعینوه فصلی العصر ببدر ثم راح فمر بالأثیل (2) قبل غروب الشمس فنزل به و بات (3) و بأصحابه جراح و لیست بالكثیرة و أمر ذكوان بن عبد قیس أن یحرس المسلمین حتی كان آخر اللیل فارتحل.

و روی أنه صلی اللّٰه علیه و آله صلی العصر بالأثیل فلما صلی ركعة تبسم فلما سلم سئل عن تبسمه فقال مر بی میكائیل و علی جناحه النقع فتبسم إلی و قال

ص: 346


1- فی السیرة : بئس عشیرة النبی كنتم لنبیكم.
2- الاثیل تصغیر الاثل : موضع قرب المدینة بین بدر ووادی الصفراء قاله یاقوت فی معجم البلدان ١ : ٩٤ وقال : وقتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة عند منصرفه من بدر انتهی وقال ابن هشام : قتله بالصفراء قتله علی بن أبی طالب علیهما السلام.
3- فی المصدر : وبات به.

إننی كنت فی طلب القوم و أتانی جبرئیل علی فرس أنثی معقود الناصیة قد عصم ثنیته (1) الغبار فقال یا محمد إن ربی بعثنی إلیك و أمرنی أن لا أفارقك حتی ترضی فهل رضیت فقلت نعم.

قال الواقدی و أقبل رسول اللّٰه بالأسری حتی إذا كان بعرق الظبیة أمر عاصم بن ثابت بن أبی الأفلح (2) أن یضرب عنق عقبة بن أبی معیط و كان أسره عبد اللّٰه بن سلمة فجعل عقبة یقول یا ویلی علام أقتل یا معشر قریش من بین من هاهنا قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لعداوتك لله و لرسوله فقال یا محمد منك أفضل (3) فاجعلنی كرجل من قومی إن قتلتهم قتلتنی و إن مننت علیهم مننت علی و إن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم یا محمد من للصبیة فقال النار قدمه یا عاصم فاضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه (4) فقال النبی صلی اللّٰه علیه و آله بئس الرجل كنت و اللّٰه ما علمت كافرا باللّٰه و برسوله و بكتابه مؤذیا لنبیه فأحمد اللّٰه الذی قتلك و أقر عینی منك.

و قال الواقدی و قدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من الأثیل زید بن حارثة و عبد اللّٰه بن رواحة یبشران الناس بالمدینة فقدم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالأسری و علیهم شقران (5)

ص: 347


1- ثنیتیه خ ل وهو الموجود فی المصدر.
2- ذكرنا سابقا أن الصحیح : الاقلح بالقاف.
3- فی المصدر : منك فضل؟
4- قال ابن هشام بعدما ذكر عاصم اولا : ویقال : قتله علی بن أبی طالب رضی اللّٰه عنه فیما ذكر لی ابن شهاب الزهری وغیره من أهل العلم. وقال : قال ابن إسحاق : ولقی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بذلك الموضع أبوهند مولی فروة بن عمرو البیاضی بحمیت (ای بزق) مملوء حیسا ، وكان قد تخلف عن بدر ، ثم شهد المشاهد كلها مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وهو كان حجام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ، فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله : « إنما أبوهند امرؤ من الانصار فأنكحوه وانكحوا إلیه » ففعلوا. قال ابن إسحاق : ثم مضی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله حتی قدم المدینة قبل الاساری بیوم.
5- شقران بضم فسكون مولی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه آله قیل : اسمه صالح.

و هم تسعة و أربعون رجلا الذین أحصوا و هم سبعون فی الأصل مجمع علیه لا شك فیه إلا أنه لم یحص سائرهم و لقی الناس رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالروحاء یهنئونه بفتح اللّٰه علیه.

و قال محمد بن إسحاق كان أبو العاص بن الربیع ختن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله زوج ابنته زینب و كان أبو العاص من رجال مكة المعدودین مالا و أمانة و تجارة و كانت خدیجة خالته فسألت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یزوجه زینب و كان صلی اللّٰه علیه و آله لا یخالف خدیجة و ذلك قبل أن ینزل علیه الوحی فزوجه إیاها فكان أبو العاص من خدیجة بمنزلة ولدها فلما أكرم اللّٰه رسوله بنبوته آمنت به خدیجة و بناته كلهن و صدقنه و شهدن أن ما جاء به حق و دن بدینه و ثبت أبو العاص علی شركه و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد زوج عتبة بن أبی لهب إحدی ابنتیه رقیة أو أم كلثوم و ذلك قبل أن ینزل علیه فلما أنزل علیه الوحی و باری (1) قومه بأمر اللّٰه باعدوه فقال بعضهم لبعض إنكم قد فرغتم محمدا من همه أخذتم عنه بناته و أخرجتموهن من عیاله فردوا علیه بناته فأشغلوه بهن فمشوا إلی أبی العاص فقالوا فارق صاحبتك بنت محمد صلی اللّٰه علیه و آله و نحن ننكحك أی امرأة شئت من قریش فقال لاها اللّٰه إذن لا أفارق صاحبتی و ما أحب أن لی بها امرأة من قریش فكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا ذكره یثنی علیه خیرا فی صهره ثم مشوا إلی الفاسق عتبة بن أبی لهب فقالوا له طلق بنت محمد و نحن ننكحك أی امرأة شئت من قریش فقال إن أنتم زوجتمونی ابنة أبان بن سعید بن العاص أو ابنة سعید بن العاص فارقتها فزوجوه ابنة سعید بن العاص ففارقها و لم یكن دخل بها فأخرجها اللّٰه من یده كرامة لها و هوانا له ثم خلف علیها عثمان بن عفان بعده و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مغلوبا علی أمره بمكة لا یحل و لا یحرم و كان الإسلام فرق بین زینب و أبی العاص إلا أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان لا یقدر و هو بمكة أن یفرق بینهما فأقامت معه علی إسلامها و هو علی شركه حتی

ص: 348


1- بادی خ ل. أقول : فی المصدر : ونادی.

هاجر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة و بقیت زینب بمكة مع أبی العاص فلما سارت قریش إلی بدر سار أبو العاص معهم فأصیب فی الأسری یوم بدر فأتی به النبی صلی اللّٰه علیه و آله فكان عنده مع الأساری فلما بعث أهل مكة فی فداء أساراهم بعثت زینب فی فداء أبی العاص بعلها بمال و كان فیما بعثت به قلادة كانت خدیجة أمها أدخلتها بها علی أبی العاص لیلة زفافها علیه فلما رآها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رق لها شدیدة و قال للمسلمین إن رأیتم أن تطلقوا لها أسیرها و تردوا علیها ما بعثت به من الفداء فافعلوا فقالوا نعم یا رسول اللّٰه نفدیك بأنفسنا و أموالنا فردوا علیها ما بعثت به و أطلقوا لها أبا العاص بغیر فداء.

قال ابن أبی الحدید قرأت علی النقیب (1) أبی جعفر یحیی بن أبی زید البصری العلوی هذا الخبر فقال أ تری أبا بكر و عمر لم یشهدا هذا المشهد أ ما كان یقتضی التكرم (2) و الإحسان أن یطیب قلب فاطمة علیها السلام و یستوهب لها من المسلمین أ تقصر منزلتها عند رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من منزلة زینب أختها و هی سیدة نساء العالمین هذا إذا لم یثبت لها حق لا بالنحلة و لا بالإرث فقلت له فدك بموجب الخبر الذی رواه أبو بكر قد صار حقا من حقوق المسلمین فلم یجز له أن یأخذه منهم فقال و فداء أبی العاص قد صار حقا من حقوق المسلمین و قد أخذه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله منهم فقلت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صاحب الشریعة و الحكم حكمه و لیس أبو بكر كذلك فقال ما قلت هلا أخذه أبو بكر من المسلمین قهرا فدفعه إلی فاطمة علیها السلام و إنما قلت هلا استنزل المسلمین عنه و استوهب (3) منهم لها كما

ص: 349


1- هو شرف الدین أبوجعفر یحیی بن أبی طالب محمد بن محمد بن أبی زید الحسنی النقیب ، قد بالغ فی الثناء علیه ابن أبی الحدید فی شرحه علی نهج البلاغة ووصفه بالوثاقة والامانة والبعد عن الهوی والتعصب ، والانصاف فی الجدال ، مع غزارة العلم وسعة الفهم وكمال فی العقل
2- فی المصدر ، التكریم.
3- فی المصدر : واستوهبه.

استوهب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فداء أبی العاص أ تراه لو قال هذه بنت نبیكم صلی اللّٰه علیه و آله قد حضرت لطلب هذه النخلات أ فتطیبون عنها نفسا كانوا منعوها ذلك فقلت له قد قال قاضی القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد نحو ذلك قال إنهما لم یأتیا بحسن فی شرع التكرم و إن كان ما أتیاه حسنا فی الدین.

قال محمد بن إسحاق و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما أطلق سبیل أبی العاص أخذ علیه فیما نری أو شرط علیه فی إطلاقه أو إن أبا العاص وعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ابتداء بأن یحمل زینب إلیه إلی المدینة أو لم یظهر ذلك من أبی العاص و لا من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلا أنه لما خلی سبیله و خرج إلی مكة بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعده زید بن حارثة و رجلا من الأنصار و قال لهما كونا بمكان كذا (1) حتی تمر بكما زینب فتصحبانها حتی تأتیانی بها فخرجا نحو مكة و ذلك بعد بدر بشهر فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبیها فأخذت تتجهز.

قال محمد بن إسحاق فحدثت عن زینب أنها قالت بینا أنا أتجهز للحوق بأبی إذ لقیتنی هند بنت عتبة فقالت أ لم تبلغنی (2) یا بنت محمد أنك تریدین اللحوق بأبیك فقلت ما أردت ذلك فقالت أی بنت عم لا تفعلی إن كانت لك حاجة فی متاع أو فیما یرفق (3) بك فی سفرك أو مال تبلغین به إلی أبیك فإن عندی حاجتك فلا تضطنی منی فإنه لا یدخل بین النساء ما یدخل بین الرجال قالت و ایم اللّٰه إنی لأظنها حینئذ صادقة ما أظنها قالت حینئذ إلا لتفعل و لكنی خفتها فأنكرت أن أكون أرید ذلك قالت و تجهزت حتی فرغت من جهازی فحملنی أخو بعلی و هو كنانة بن الربیع.

قال محمد بن إسحاق قدم لها كنانة بن الربیع بعیرا فركبته و أخذ قوسه و كنانته و خرج بها نهارا یقود بعیرها و هی فی هودج لها و تحدث بذلك الرجال من

ص: 350


1- فی السیرة : كونا ببطن یأجج.
2- فی المصدر : الم یبلغنی.
3- فی السیرة : ان كانت لك حاجة بمتاع مما یرفق.

قریش و النساء و تلاومت فی ذلك و أشفقت (1) أن تخرج ابنة محمد من بینهم علی تلك الحال فخرجوا فی طلبها سراعا حتی أدركوها بذی طوی فكان أول من سبق إلیها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد و نافع بن عبد القیس الفهری فروعها هبار بالرمح و هی فی الهودج و كانت حاملا فلما رجعت طرحت ذا بطنها (2) و كانت من خوفها رأت دما و هی فی الهودج فلذلك أباح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یوم فتح مكة دم هبار بن الأسود.

قال ابن أبی الحدید و هذا الخبر أیضا قرأته علی النقیب أبی جعفر فقال إذا كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أباح دم هبار لأنه روع زینب فألقت ذا بطنها و ظاهر الحال أنه لو كان (3) لأباح دم من روع فاطمة علیها السلام حتی ألقت ذا بطنها فقلت أروی عنك ما یقوله قوم إن فاطمة روعت فألقت المحسن (4) فقال لا تروه عنی و لا ترو عنی بطلانه فإنی متوقف فی هذا الموضع لتعارض الأخبار عندی فیه. (5) أقول ظاهر أن النقیب رحمه اللّٰه عمل التقیة فی إظهار الشك فی ذلك من ابن أبی الحدید أو من غیره (6) و إلا فالأمر أوضح من ذلك كما سیأتی فی كتاب الفتن.

ثم قال قال الواقدی فبرك حموها كنانة بن الربیع و نثل (7) كنانته بین یدیه

ص: 351


1- استظهر المصنّف فی الهامش أنّه مصحف أنفت.
2- فی المصدر: ما فی بطنها.
3- فی المصدر: لو كان حیا.
4- العجب من جماعة من أعاظم العامّة حیث ذكروا لعلی علیه السلام ابنا اسمه محسن، و لم یتعرضوا لحاله، و لم یذكروا فیه شیئا. و سنذكرهم ان شاء اللّٰه فی محله.
5- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3: 334- 352.
6- حیث أنّه كان یومئذ فی عاصمة بغداد، و هی مل ء من المتعصبین من أهل السنة و فی مقدمهم الخلیفة و رجال الدولة، فلو كان یفشی ذلك الحدیث منه لما كان یسلم من الاذی، و ربما وقعت الفتنة بین الشیعة و أهل السنة لذلك.
7- فی السیرة و تاریخ الطبریّ و الكامل: فنثر. أقول: أی رمی نبلها متفرقة بین یدیه.

ثم أخذ منها سهما فوضعه فی كبد قوسه و قال أحلف باللّٰه لا یدنو الیوم منها رجل إلا وضعت فیه سهما فتكركر الناس عنه قال و جاء أبو سفیان بن حرب فی جلة قریش فقالوا أیها الرجل اكفف عنا نبلك حتی نكلمك فكف فأقبل أبو سفیان حتی وقف علیه فقال إنك لم تحسن و لم تصب خرجت بالمرأة علی رءوس الناس علانیة جهارا و قد عرفت مصیبتنا و نكبتنا و ما دخل علینا من محمد أبیها فیظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهارا أن ذلك عن ذل أصابنا و أن ذلك منا وهن و ضعف لعمری ما لنا فی حبسها عن أبیها من حاجة و ما فیها من ثار (1) و لكن ارجع بالمرأة حتی إذا هدأت الأصوات و تحدث الناس بردها سلها سلا خفیا (2) فألحقها بأبیها فردها كنانة إلی مكة فأقامت بها لیالی حتی إذا هدأ الصوت عنها حملها بعیرها (3) و خرج بها لیلا حتی سلمها إلی زید بن حارثة و صاحبه فقدما بها علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

قال البلاذری روی أن هبار بن الأسود كان ممن عرض لزینب بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حین حملت من مكة إلی المدینة فكان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یأمر سرایاه إن ظفروا به أن یحرقوه بالنار ثم قال لا یعذب بالنار إلا رب النار و أمرهم إن ظفروا به أن یقطعوا یدیه و رجلیه و یقتلوه (4) فلم یظفروا به حتی إذا كان یوم الفتح هرب هبار ثم قدم علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالمدینة و یقال أتاه بالجعرانة حین فرغ من أمر حنین فمثل بین یدیه و هو یقول أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أنك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقبل إسلامه.

قال محمد بن إسحاق فأقام أبو العاص بمكة علی شركه و أقامت زینب عند

ص: 352


1- فی السیرة و تاریخ الطبریّ: و ما لنا فی ذلك من ثؤرة.
2- فی السیرة و تاریخ الطبریّ: فسلها سرا.
3- فی المصدر: حملها علی بعیرها.
4- روی نحوه ابن هشام فی السیرة 2: 302 و فیه: ان ظفرتم بهبار بن الأسود أو الرجل الآخر الذی سبق معه إلی زینب فحرقوهما بالنار اه قال ابن هشام: و قد سمی ابن إسحاق الرجل فی حدیثه و قال: هو نافع بن عبد قیس. راجعه.

أبیها صلی اللّٰه علیه و آله بالمدینة قد فرق بینهما الإسلام حتی إذا كان الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلی الشام بمال له و أموال لقریش أبضعوا بها معه (1) و كان رجلا مأمونا فلما فرغ من تجارته و أقبل قافلا لقیته سریة لرسول اللّٰه فأصابوا ما معه و أعجزهم هو هاربا فخرجت السریة بما أصابت من ماله حتی قدمت به علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و خرج أبو العاص تحت اللیل حتی دخل علی زینب منزلها فاستجار بها فأجارته و إنما جاء فی طلب ماله الذی أصابته تلك السریة فلما كبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی صلاة الصبح و كبر الناس معه (2) صرخت زینب من صفة النساء أیها الناس إنی قد آجرت أبا العاص بن الربیع فصلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بالناس الصبح فلما سلم من الصلاة أقبل علیهم فقال أیها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما و الذی نفس محمد بیده ما علمت بشی ء مما كان حتی سمعتم (3) أنه یجیر علی الناس (4) أدناهم ثم انصرف فدخل علی ابنته زینب فقال أی بنیة أكرمی مثواه و أحسنی قراه و لا یصلن (5) إلیك فإنك لا تحلین له ثم بعث إلی تلك السریة الذین كانوا أصابوا ماله فقال لهم إن هذا الرجل منا بحیث (6) علمتم و قد أصبتم له مالا فإن تحسنوا و تردوا علیه الذی له فإنا نحب ذلك و إن أبیتم فهو فی ء اللّٰه الذی أفاءه علیكم و أنتم (7) أحق به فقالوا یا رسول اللّٰه بل

ص: 353


1- أی جعلوها بضاعة له.
2- فی السیرة: فلما خرج رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الی الصبح- كما حدّثنی یزید ابن رومان- فكبر و كبر الناس اه و مثله فی الطبریّ.
3- فی السیرة: «ما علمت بشی ء من ذلك حتّی سمعت ما سمعتم» و مثله فی الطبریّ الا ان فیه: ما علمت بشی ء كان.
4- فی السیرة و تاریخ الطبریّ و الكامل: علی المسلمین.
5- فی السیرة و الكامل: و لا یخلصن إلیك. و فی تاریخ الطبریّ: و لا یخلص إلیك.
6- فی السیرة و تاریخ الطبریّ: حیث قد علمتم.
7- فی السیرة و تاریخ الطبریّ: فانتم.

نرده علیه فردوا علیه ماله و متاعه حتی أن الرجل كان یأتی بالحبل و یأتی الآخر بالشنة و یأتی الآخر بالإداوة و الآخر بالشظاظ (1) حتی ردوا ماله و متاعه بأسره من عند آخره و لم یفقد منه شیئا ثم احتمل إلی مكة فلما قدمها أدی إلی كل ذی مال من قریش ماله ممن كان بضع معه بشی ء حتی إذا فرغ من ذلك قال لهم یا معشر قریش هل بقی لأحد منكم عندی مال لم یأخذه قالوا لا فجزاك اللّٰه خیرا لقد وجدناك وفیا كریما قال فإنی أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا رسول اللّٰه و اللّٰه ما منعنی من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا أنی أردت أن آكل أموالكم و أذهب بها فإذا سلمها اللّٰه لكم و أداها إلیكم فإنی أشهدكم أنی قد أسلمت و اتبعت دین محمد ثم خرج سریعا حتی قدم علی رسول اللّٰه المدینة.

قال محمد بن إسحاق فحدثنی داود بن الحصین (2) عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رد زینب بعد ست سنین علی أبی العاص بالنكاح الأول لم یحدث شیئا. (3).

قال الواقدی حدثنی إسحاق بن یحیی قال سألت نافع بن جبیر كیف كان الفداء قال أرفعهم أربعة آلاف إلی ثلاثة آلاف إلی ألفین إلی ألف إلی (4) قوم

ص: 354


1- الشنة: السقاء البالی. و الاداوة: المطهرة التی یتوضأ بها. و الشظاظ: خشبة عقفاء تدخل فی عروتی الجوالق.
2- فی نسخة المصنّف: الحسین بالسین، و هو سهو قلمه الشریف. و الحدیث مرویّ عنه فی السیرة 2: 304 و تاریخ الطبریّ 2: 167، و هو مترجم فی التقریب: 147 بقوله: داود ابن الحصین الاموی مولاهم أبو سلیمان المدنیّ ثقة الا فی عكرمة، و رمی برای الخوارج، من السادسة مات سنة 135.
3- زاد ابن الأثیر فی الكامل 2: 95: و قیل: بنكاح جدید.
4- فی المصدر: الا قوما لا مال لهم.

لا مال لهم (1) من علیهم رسول اللّٰه (2) صلی اللّٰه علیه و آله.

و أما أسماء أساری بدر و من أسرهم فقال الواقدی أسر من بنی هاشم العباس بن عبد المطلب أسره أبو الیسر كعب بن عمرو و عقیل بن أبی طالب و أسره عبید بن (3) أوس الظفری و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أسره جبار بن صخر و أسر حلیف لبنی هاشم من بنی فهر اسمه عتبة فهؤلاء أربعة.

و من بنی المطلب بن عبد مناف السائب بن عبید و عبید بن عمرو بن علقمة (4) أسرهما سلمة بن أسلم و كانا لا مال لهما ففك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عنهما لغیر فدیة.

و من بنی عبد شمس عقبة بن أبی معیط المقتول صبرا علی ید عاصم بن ثابت بأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أسره عبد اللّٰه بن سلمة (5) العجلانی و الحارث بن وحرة (6)

ص: 355


1- قال المقریزی فی الامتاع: 101 و كان فی الاسری من یكتب، و لم یكن فی الأنصار من یحسن الكتابة، و كان منهم من لا مال له، فیقبل منه أن یعلم عشرة من الغلمان الكتابة و یخلی سبیله، فیومئذ تعلم زید بن ثابت الكتابة فی جماعة من غلمان الأنصار خرج الامام أحمد من حدیث عكرمة عن ابن عبّاس قال: كان ناس من الاسری یوم بدر لم یكن لهم فداء فجعل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فداءهم ان یعلموا أولاد الأنصار الكتابة، قال: فجاء غلام یبكی إلی أبیه، فقال: ما شأنك! قال: ضربنی معلمی قال: الخبیث یطلب بذحل بدر، و اللّٰه لا تأتیه ابدا، و قال عامر الشعبی: كان فداء الاسری من أهل بدر أربعین اوقیة، أربعین اوقیة، فمن لم یكن عنده علم عشرة من المسلمین، فكان زید بن ثابت ممن علم.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3: 352- 354.
3- فی المصدر: عبیدة بن أوس. و هو مصحف، نسبه ابن الأثیر فی أسد الغابة 3: 346 فقال: عبید بن اوس بن مالك بن سواد بن كعب الأنصاریّ الظفری و هو أبو النعمان یقال له:
4- فی سیرة ابن هشام: نعمان بن عمرو بن علقمة بن المطلب. و ذكره ابن الأثیر أیضا فی أسد الغابة فی ترجمة سلمة بن الاسلم راجع أسد الغابة 2: 332. و زاد ابن هشام فی بنی المطلب:
5- فی المصدر: عبد اللّٰه بن أبی سلمة، و فیه وهم. راجع أسد الغابة 3: 177.
6- فی سیرة ابن هشام: الحارث بن أبی وجزة بن أبی عمرو بن أمیّة بن عبد شمس. و یقال: ابن أبی وحرة.

بن أبی عمرو بن أمیة أسره سعد بن أبی وقاص فقدم فی فدائه الولید بن عقبة فافتداه بأربعة آلاف و عمرو بن أبی سفیان أسره علی بن أبی طالب علیه السلام و صار بالقرعة فی سهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأطلقه بغیر فدیة أطلقه بسعد بن النعمان من بنی معاویة (1) خرج معتمرا فحبس بمكة فلم یطلقه المشركون حتی أطلق رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عمرو بن أبی سفیان و أبو العاص بن الربیع أسره خراش بن الصمة فقدم فی فدائه عمرو بن الربیع أخوه و حلیف لهم یقال له أبو ریشة افتداه عمرو بن الربیع أیضا و عمرو بن الأزرق افتكه عمرو بن الربیع أیضا و كان قد صار فی سهم تمیم مولی خراش بن الصمة و عقبة بن الحارث (2) الحضرمی أسره عمارة بن حزم فصار فی القرعة لأبی بن كعب افتداه عمرو بن أبی سفیان و أبو العاص بن نوفل أسره عمار بن یاسر قدم فی فدائه ابن عمه فهؤلاء ثمانیة. (3) و من بنی نوفل بن عبد مناف عدی بن الخیار أسره خراش بن الصمة و عثمان بن عبد شمس حلیفهم أسره حارثة بن النعمان و أبو ثور أسره أبو مرثد الغنوی فهؤلاء ثلاثة (4) افتداهم جبیر بن مطعم.

و من بنی عبد الدار أبو عزیز بن عمیر أسره أبو الیسر ثم صار بالقرعة لمحرز بن نضلة (5) قال الواقدی أبو عزیز هذا هو أخو مصعب بن عمیر لأبیه و أمه و قال مصعب لمحرز بن نضلة اشدد یدیك به فإن له أما بمكة كثیرة المال فقال له أبو عزیز هذه وصایتك بی یا أخی قال مصعب إنه أخی دونك فبعثت فیه أمه أربعة آلاف

ص: 356


1- ذكره ابن هشام فی السیرة 2: 294 و قال: سعد بن النعمان بن اكال أخو بنی عمرو ابن عوف ثمّ أحد بنی معاویة.
2- فی السیرة: عقبة بن عبد الحارث بن الحضرمی.
3- و زاد ابن هشام: خالد بن اسید بن أبی العیص، و أبا العریض یسار مولی العاص بن أمیّة.
4- راد ابن هشام: نبهان مولی لهم.
5- فی المصدر: لمحرز بن أبی نضلة، و فیه وهم، و لعله مصحف محرز بن نضلة أبی نضلة لان محرز كانت كنیته أبا نضلة. راجع أسد الغابة 4: 307.

و الأسود بن عامر أسره حمزة رضی اللّٰه عنه فهذان اثنان قدم فی فدائهما طلحة بن أبی طلحة.

و من بنی أسد بن عبد العزی السائب بن أبی حبیش (1) أسره عبد الرحمن بن عوف و عثمان بن الحویرث (2) أسره حاطب بن أبی بلتعة و سالم بن شماخ أسره سعد بن أبی وقاص فهؤلاء ثلاثة (3) قدم فی فدائهم عثمان بن أبی حبیش (4) بأربعة آلاف لكل رجل منهم.

و من بنی تمیم (5) بن مرة مالك بن عبد اللّٰه بن عثمان أسره قطبة بن عامر فمات فی المدینة أسیرا.

و من بنی مخزوم خالد بن هشام أسره سواد بن غزیة و أمیة بن أبی حذیفة أسره بلال و عثمان بن عبد اللّٰه و كان أفلت یوم نخلة أسره واقد بن عبد اللّٰه یوم بدر فقدم فی فداء هؤلاء الثلاثة عبد اللّٰه بن أبی ربیعة افتدی كل واحد منهم بأربعة آلاف و الولید بن الولید بن المغیرة أسره عبد اللّٰه بن جحش فقدم فی فدائه أخواه خالد و هشام فتمتنع (فتمنع) عبد اللّٰه حتی افتكاه بأربعة آلاف فلما افتدیاه خرجا به حتی بلغا به ذا الحلیفة فأفلت فأتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأسلم فقیل أ لا أسلمت قبل أن تفتدی قال كرهت أن أسلم حتی أكون أسوة بقومی و یقال أسره سلیط بن قیس و قیس بن السائب أسره عبدة بن الحسحاس (6) فحبسه عنده حینا حتی فداه أخوه فروة بأربعة آلاف.

ص: 357


1- جیش خ ل. أقول: الصحیح ما فی المتن: ذكرناه سابقا.
2- فی سیرة ابن هشام: الحویرث بن عباد بن عثمان بن اسد. قال ابن هشام: هو الحارث ابن عائذ بن عثمان بن أسد.
3- زاد ابن هشام منهم: عبد اللّٰه بن حمید بن زهیر بن الحارث.
4- جیش خ ل. أقول: قدمنا أنّه مصحف.
5- تیم خ ل. أقول: الموجود فی المصدر: تمیم. و لم یذكر ابن هشام من بنی تمیم احدا بل ذكر من بنی تیم رجلین: احدهما مسافع بن عیاض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد ابن تیم، و ثانیهما: جابر بن الزبیر حلیف لهم.
6- و یقال أیضا: الخشخاش. و فی اسمه اختلاف راجع أسد الغابة 3: 337.

و من بنی أبی رفاعة صیفی بن أبی رفاعة و كان لا مال له أسره رجل من المسلمین فمكث عنده ثم أرسله و أبو المنذر بن أبی رفاعة افتدی بألفین و عبد اللّٰه بن السائب (1) افتدی بألف درهم أسره سعد بن أبی وقاص و المطلب بن حنطب أسره أبو أیوب الأنصاری و لم یكن له مال فأرسله بعد حین و خالد بن الأعلم حلیف لبنی مخزوم.

و قال محمد بن إسحاق و روی أنه كان أول المنهزمین من أسره الخباب بن المنذر (2) و قدم فی فدائه عكرمة بن أبی جهل فهؤلاء عشرة. (3) و من بنی جمح عبد اللّٰه بن أبی بن خلف أسره فروة بن عمرو قدم فی فدائه أبوه فتمتنع (فتمنع) به فروة حینا و أبو غرة (4) عمرو بن عبد اللّٰه أطلقه النبی صلی اللّٰه علیه و آله بغیر فدیة و وهب بن عمیر أسره رفاعة بن رافع و قدم أبوه عمیر فی فدائه فأسلم فأرسل النبی صلی اللّٰه علیه و آله له ابنه بغیر فداء و ربیعة بن دراج و كان لا مال له فأخذ منه (5) بشی ء یسیر و أرسل و الفاكه مولی أمیة بن خلف أسره سعد بن أبی وقاص فهؤلاء خمسة (6) و من بنی سهم بن عمرو أبو وداعة بن صبیرة (7) فداه ابنه المطلب بأربعة آلاف و فروة بن حنیس (8) أسره ثابت بن أقزم (9) و فداه عمرو بن قیس بأربعة

ص: 358


1- فی السیرة: عبد اللّٰه بن أبی السائب.
2- الظاهر أن لفظة (من) زیادة، و كذا حرف التعریف فی الخباب، و یقال لخباب:
3- لان بنی رفاعة أیضا من بنی مخزوم، و هو رفاعة بن عابد بن عبد اللّٰه بن عمرو بن مخزوم.
4- فی السیرة: أبو عزة.
5- فاخدمه خ ل.
6- و زاد ابن هشام فی السیرة منهم ستة اخری: عمرو بن أبی بن خلف، و ابارهم بن عبد اللّٰه حلیف لهم، و قال: و حلیف لهم ذهب عنی اسمه، و مولیین لامیة بن خلف، أحدهما:
7- فی السیرة: أبو وداعة بن ضبیرة بن سعید بن سعد بن سهم، كان اول اسیر افتدی به من اسری بدر.
8- فی المصدر: خنیس و فی السیرة: فروة بن قیس بن عدی بن حذافة بن سعید بن سهم.
9- فی أسد الغابة: اقرم بالراء المهملة.

آلاف و حنظلة بن قبیصة أسره عثمان بن مظعون و الحجاج بن الحارث أسره عبد الرحمن بن عوف فأفلت فأخذه أبو داود المازنی فهؤلاء أربعة. (1) و من بنی مالك (2) سهیل بن عمرو أسره مالك بن الدخشم و فداه مكرز بن حفص بأربعة آلاف و عبد (3) بن زمعة أسره عمیر (4) بن عوف و عبد العزی بن مشنوء (5) سماه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بعد إسلامه عبد الرحمن أسره النعمان بن مالك فهؤلاء ثلاثة. (6) و من بنی فهر الطفیل بن أبی قبیع (7) فهؤلاء ستة و أربعون أسیرا (8) و فی كتاب الواقدی أنه كان الأساری الذین أحصوا و عرفوا تسعة و أربعین و روی الواقدی عن سعید بن المسیب قال كانت الأساری سبعین و أن القتلی كانوا زیادة علی سبعین إلا أن المعروفین من الأسری هم الذین ذكرناهم و الباقون لم یذكر المؤرخون أسماءهم. (9) قال ابن أبی الحدید القول فیمن استشهد من المسلمین ببدر قال الواقدی حدثنی عبد اللّٰه بن جعفر قال سألت الزهری كم استشهد من المسلمین ببدر قال

ص: 359


1- زاد ابن هشام منهم: اسلم مولی نبیه بن الحجاج.
2- فی السیرة: من بنی عامر بن لؤی و هو الصحیح، لان سهیل من بنی عامر، و هو سهیل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر.
3- فی المصدر المطبوع: عبد اللّٰه. و هو وهم.
4- عمر خ ل. أقول: لعل كلاهما مصحفان عن عمرو.
5- فی السیرة: عبد الرحمن بن منشوء ابن وقدان بن قیس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر. و قال المحشی فی هامش السیرة: فی أكثر أصول الكتاب:
6- زاد فی السیرة منهم: حبیب بن جابر، و السائب بن مالك.
7- فی نسخة أمین الضرب: قنبع خ ل. و فی السیرة: قنیع.
8- و زاد ابن هشام منهم: عتبة بن عمرو بن جحدم، و شافع و شفیع حلیفان لهم من الیمن.
9- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3: 354- 356.

أربعة عشر ستة من المهاجرین و ثمانیة من الأنصار.

قال فمن بنی المطلب بن عبد مناف عبیدة بن الحارث قتله شیبة و فی روایة الواقدی قتله عتبة فدفنه النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالصفراء.

و من بنی زهرة عمیر بن أبی وقاص قتله عمرو بن عبد (1) فارس الأحزاب و عمیر بن عبد ود (2) ذو الشمالین حلیف لبنی زهرة قتله أبو أسامة الجشمی. (3) و من بنی عدی عاقل بن أبی البكیر (4) حلیف لهم من بنی سعد قتله مالك بن زهیر و مهجع مولی عمر بن الخطاب قتله عامر بن الحضرمی و یقال إن مهجعا أول من قتل من المهاجرین.

و من بنی الحارث بن فهر صفوان بن بیضاء قتله طعیمة بن عدی. (5) و من الأنصار ثم من بنی عمرو بن عوف مبشر بن عبد المنذر قتله أبو ثور و سعد بن خیثمة قتله عمرو بن عبد ود و یقال طعیمة بن عدی.

و من بنی عدی بن النجار (6) حارثة بن سراقة رماه جنان (7) بن العرقة بسهم فأصاب حنجرته فقتله.

و من بنی مالك (8) بن النجار عوف (9) و معوذ ابنا عفراء قتلهما أبو جهل

ص: 360


1- فی المصدر: عبد ود. و هو الصحیح.
2- فی السیرة: ذو الشمالین بن عبد عمرو بن نضلة. و فی أسد الغابة بروایة أبی عمرو، عمیر بن عبد عمرو بن نضلة. راجع.
3- فی أسد الغابة: قتله أسامة الجشمی.
4- فی السیرة و أسد الغابة: عاقل ابن البكیر. و فی الثانی: كان اسمه عافل بالفاء فلما اسلم سماه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عاقلا بالقاف.
5- زاد فی المصدر هنا: و هؤلاء الستة من المهاجرین.
6- فی السیرة: و من بنی النجار.
7- فی أسد الغابة و الامتاع: حبان العرقة.
8- فی السیرة: و من بنی غنم بن مالك بن النجار.
9- عوذ خ ل. أقول: الموجود فی السیرة: (عوف) مثل المتن.

و من بنی سلمة عمیر بن الحمام بن الجموح قتله خالد بن الأعلم و یقال إنه أول قتیل قتل من الأنصار و قد روی أن أول قتیل منهم حارثة بن سراقة.

و من بنی زریق (1) رافع بن المعلی قتله عكرمة بن أبی جهل.

و من بنی الحارث بن الخزرج یزید بن الحارث قتله نوفل بن معاویة فهؤلاء الثمانیة من الأنصار و روی عن ابن عباس أن آنسة مولی النبی صلی اللّٰه علیه و آله قتل ببدر و روی أن معاذ بن ماعص (2) جرح ببدر فمات من جراحته بالمدینة و أن عبید بن السكن جرح فاشتكی جرحه فمات منه. (3) القول فیمن قتل من المشركین و أسماء قاتلیهم.

قال الواقدی فمن بنی عبد شمس حنظلة بن أبی سفیان قتله علی علیه السلام و الحارث بن الحضرمی قتله عمار بن یاسر و عامر بن الحضرمی قتله عاصم بن ثابت (4) و عمیر بن أبی عمیر و ابنه مولیان لهم قتل سالم مولی حذیفة (5) الأب و لم یذكر من قتل الابن و عبیدة بن سعید بن العاص قتله الزبیر بن العوام و العاص بن سعید بن العاص قتله علی علیه السلام و عقبة بن أبی معیط قتله عاصم بن ثابت (6)

ص: 361


1- فی السیرة: «و من بنی حبیب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم: رافع بن المعلی» و ذكر ابن الأثیر فی أسد الغابة مثل ذلك، ثمّ قال: و قال ابن شهاب فی تسمیة من شهد بدرا: «استشهد بها من الأنصار من الاوس من بنی زریق: رافع بن المعلی» ثم قال:
2- فی أسد الغابة: معاذ بن ماعض، و قیل: ناعض، و قیل: معاض بن قیس بن خلدة بن عامر بن زریق الأنصاریّ.
3- شرح نهج البلاغة 3: 356 و 357.
4- فی السیرة: قتل عامرا عمّار بن یاسر، و قتل الحارث، النعمان بن عصر حلیف الاوس.
5- فی المصدر و السیرة: مولی أبی حذیفة. و فی المصدر: ابنه. مكان الابن.
6- فی السیرة: و یقال: قتله علیّ بن أبی طالب علیه السلام.

صبرا بالسیف بأمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله و روی البلاذری أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صلبه بعد قتله فكان أول مصلوب فی الإسلام.

و عتبة بن ربیعة قتله حمزة (1) رضی اللّٰه عنه و شیبة قتله (2) عبیدة بن الحارث و حمزة و علی الثلاثة اشتركوا فی قتله و الولید بن عتبة قتله علی علیه السلام و عامر بن عبد اللّٰه حلیف لهم قتله علی علیه السلام و قیل قتله سعد بن معاذ فهؤلاء اثنا عشر. (3) و من بنی نوفل بن عبد مناف الحارث بن نوفل (4) قتله خبیب بن یساف (5) و طعیمة بن عدی یكنی أبا الریان قتله حمزة فی روایة الواقدی و قتله علی علیه السلام فی روایة محمد بن إسحاق و روی البلاذری أنه أسر فقتله النبی صلی اللّٰه علیه و آله صبرا علی ید حمزة فهؤلاء اثنان.

و من بنی أسد زمعة بن الأسود قتله أبو دجانة و قیل قتله ثابت بن الجذع (6) و الحارث بن زمعة قتله علی علیه السلام و عقیل بن الأسود قتله علی و حمزة علیهما السلام و قال الواقدی حدثنی أبو معشر قال قتله علی علیه السلام وحده.

و أبو البختری العاص بن هشام قتله المجذر بن زیاد و قیل أبو داود المازنی و قیل أبو الیسر و نوفل بن خویلد قتله علی علیه السلام فهؤلاء خمسة. (7) و من بنی عبد الدار النضر بن الحارث قتله علی علیه السلام صبرا بالسیف بأمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و زید بن ملیص مولی عمر بن هاشم (8) من بنی عبد الدار قتله علی

ص: 362


1- فی السیرة: قتله عبیدة بن الحارث، قال ابن هشام: اشترك فیه هو و حمزة و علی.
2- فی السیرة: قتله حمزة بن عبد المطلب.
3- استدرك ابن هشام علیّ بن إسحاق فذكر من بنی عبد شمس: وهب بن الحارث من بنی انمار بن بغیض حلیف لهم، و عامر بن زید حلیف لهم من الیمن.
4- فی السیرة: الحارث بن عامر بن نوفل.
5- فی أسد الغابة: خبیب بن إساف، و قیل: یساف.
6- فی السیرة: و یقال: اشترك فیه حمزة و علیّ بن أبی طالب و ثابت.
7- زاد ابن هشام فی السیرة منهم: عتبة بن زید حلیف لهم من الیمن و عمیر مولی لهم.
8- فی السیرة: مولی عمیر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.

علیه السلام و قیل بلال فهؤلاء اثنان. (1) و من بنی تیم بن مرة عمیر بن عثمان قتله علی علیه السلام و عثمان بن مالك قتله صهیب فهؤلاء اثنان (2) و لم یذكر البلاذری عثمان.

و من بنی مخزوم ثم من بنی المغیرة أبو جهل عمرو بن هشام ضربه معاذ بن عمرو و معوذ و عوف ابنا عفراء و دفف (3) علیه عبد اللّٰه بن مسعود و العاص بن هاشم خال عمر بن الخطاب قتله عمر و یزید بن تمیم حلیف لهم (4) قتله عمار بن یاسر و قیل قتله علی علیه السلام.

و من بنی الولید (5) بن المغیرة أبو قیس بن الولید أخو خالد قتله علی علیه السلام. (6) و من بنی الفاكه بن المغیرة أبو قیس بن الفاكه قتله حمزة (7) و قیل الخباب بن المنذر. (8) و من بنی أمیة بن المغیرة مسعود بن أبی أمیة قتله علی علیه السلام.

و من بنی عائذ بن عبد اللّٰه ثم من بنی رفاعة أمیة بن عائذ قتله سعد بن الربیع و أبو المنذر بن أبی رفاعة (9) قتله معن بن عدی و عبد اللّٰه بن أبی رفاعة (10) قتله

ص: 363


1- زاد ابن هشام منهم فی السیرة: نبیه بن زید بن ملیص، و عبید بن سلیط حلیف لهم من قیس.
2- و زاد ابن هشام: مالك بن عبید اللّٰه بن عثمان و هو أخو طلحة بن عبید اللّٰه، أسر فمات فی الأساری فعد فی القتلی، و یقال: عمرو بن عبد اللّٰه بن جدعان.
3- فی المصدر و السیرة: ذفف علیه بالذال المعجمة، و هو و «دفف» بمعنی واحد أی أسرع قتله.
4- فی السیرة: و یزید بن عبد اللّٰه، حلیف لهم من بنی تمیم.
5- هؤلاء و من بعدهم أیضا معدودون من بنی مخزوم.
6- و فی قول ذكره أیضا ابن هشام: حمزة رضی اللّٰه عنه.
7- فی السیرة: قتله علیّ بن أبی طالب علیه السلام، و یقال: قتله عمّار بن یاسر.
8- تقدم ان الصحیح: خباب بن المنذر، و یقال أیضا: حباب.
9- فی السیرة: و المنذر بن أبی رفاعة.
10- فی السیرة و عبد اللّٰه بن المنذر بن أبی رفاعة.

علی علیه السلام و زهیر بن أبی رفاعة قتله أبو أسید الساعدی و السائب بن أبی رفاعة قتله عبد الرحمن بن عوف.

و من بنی أبی السائب المخزومی سائب (1) بن أبی السائب قتله الزبیر و الأسود بن عبد الأسد قتله حمزة و حلیف لهم من طی ء و هو عمرو بن شیبان (2) قتله یزید بن رقیش (3) و حلیف آخر و هو جبار بن سفیان (4) قتله أبی بردة بن نیار.

و من بنی عمران بن مخزوم حاجز بن (5) السائب قتله علی علیه السلام و روی البلاذری أن حاجزا هذا و أخاه عویمرا قتلهما علی و عویمر بن عمرو قتله النعمان بن أبی مالك (6) فهؤلاء تسعة عشر. (7) و من بنی جمح بن عمرو أمیة بن خلف قتله خبیب بن یساف (8) و بلال شركا فیه و قیل بل قتله رفاعة بن رافع (9) و علی بن أمیة قتله عمار بن یاسر و أوس بن المغیرة (10) قتله علی علیه السلام و عثمان بن مظعون شركا فیه فهؤلاء ثلاثة. (11)

ص: 364


1- فی المصدر و السیرة: السائب.
2- شیثان خ ل. و فی السیرة: سفیان.
3- قیس خ ل. أقول: و هو الموجود فی المصدر أیضا، لكن السیرة یوافق المتن.
4- فی السیرة: جابر بن سفیان.
5- فی السیرة: حاجب، و یقال عائذ (بن عبد) بن عمران بن مخزوم، و یقال: حاجز ابن السائب.
6- فی السیرة: و عویمر بن السائب بن عویمر، قتله النعمان بن مالك القوقلی.
7- و زاد ابن هشام فی السیرة منهم: أبو مسافع الأشعریّ حلیف لهم، قتله أبو دجانة الساعدی و حرملة بن عمرو حلیف لهم، قتله خارجة بن زید بن أبی زهیر، و یقال: بل علیّ بن أبی طالب علیه السلام، و رفاعة بن أبی رفاعة بن عائذ قتله سعد بن الربیع، و حذیفة بن أبی حذیفة بن المغیرة، قتله سعد بن أبی وقاص، و هشام بن أبی حذیفة بن المغیرة، قتله صهیب بن سنان و عائذ بن السائب بن عویمر: اسر ثمّ افتدی فمات فی الطریق من جراحة جرحه ایاها حمزة بن عبد المطلب، و عمیر حلیف لهم من طیئ و خیار حلیف لهم من القارة.
8- تقدم أنّه اساف، و قیل: یساف.
9- فی المصدر: أبو رفاعة. و لعله مصحف.
10- المعبر خ ل. أقول: فی السیرة: اوس بن معیر بن لؤذان بن سعد بن جمح.
11- زاد ابن هشام فی السیرة: سبرة بن مالك حلیف لهم.

و من بنی سهم منبه بن الحجاج قتله أبو الیسر و قیل علی و قیل أبو أسید و نبیه بن الحجاج قتله علی علیه السلام (1) و العاص بن منبه بن الحجاج قتله علی علیه السلام و أبو العاص بن قیس قتله أبو دجانة قال الواقدی و حدثنی أبو معشر عن أصحابه قالوا قتله علی علیه السلام (2) و عاصم بن أبی عوف قتله أبو دجانة (3) فهؤلاء خمسة. (4) و من بنی عامر ثم من بنی مالك معاویة بن عبد قیس حلیف لهم قتله عكاشة بن محصن (5) و سعید بن وهب حلیف لهم من كلب قتله أبو دجانة فهؤلاء اثنان.

فجمیع من قتل ببدر فی روایة الواقدی من المشركین فی الحرب و صبرا اثنان و خمسون قتل علی علیه السلام منهم مع الذین شرك فی قتلهم أربعة و عشرین رجلا (6) و قد كثرت الروایة أن المقتولین ببدر كانوا سبعین و لكن الذین عرفوا و حفظت أسماؤهم من ذكرناه و فی روایة الشیعة أن زمعة بن الأسود قتله علی علیه السلام (7) و الأشهر فی الروایة أنه قتل الحارث بن زمعة و أن زمعة قتله أبو دجانة (8) انتهی ما أردنا إیراده من كلام ابن أبی الحدید.

بیان العوذ جمع عائذ و هی الناقة إذا وضعت و بعد ما تضع أیاما حتی یقوی ولدها و الحرجة بالتحریك مجتمع شجر ملتف و المرضاح الحجر الذی یرضح به النوی أی یدق و یقال رفع فلان عقیرته أی صوته أ ما لكم فی اللبن من حاجة أی تأسرون فتأخذون فداءهم إبلا لها لبن ذكره الجزری.

و متع النهار ارتفع و فی النهایة فی حدیث بدر فقلت قریب مفر ابن الشتراء

ص: 365


1- فی السیرة: قتله حمزة بن عبد المطلب و سعد بن أبی وقاص اشتركا فیه.
2- ذكره ابن هشام أیضا، و زاد: و یقال: النعمان بن مالك القوقلی.
3- قال ابن هشام: قتله أبو الیسر أخو بنی سلمة.
4- و زاد ابن هشام علیهم: الحارث بن منبه بن الحجاج، قتله صهیب، و عامر بن أبی عوف أخو عاصم، قتله عبد اللّٰه بن سلمة العجلانی، و یقال: ابو دجانة.
5- فی السیرة: معاویة بن عامر حلیف لهم من عبد القیس، قتله علیّ بن أبی طالب، و یقال: قتله عكاشة.
6- راجع من ذكرناه أیضا فی التعالیق السابقة: یزید علی هؤلاء.
7- قد عرفت فیما سبق ان القول فی ذلك لیس منحصرا بالشیعة، بل قاله غیرهم أیضا.
8- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 3: 357- 358.

هو رجل كان یقطع الطریق یأتی الرفقة فیدنو منهم حتی إذا هموا به نأی قلیلا ثم عاودهم حتی یصیب منهم غرة المعنی أن مفرهم قریب و سیعود فصار مثلا و قال فلحج أی نشب فیه و قال فأطن أی جعله یطن من صوت القطع و أصله من الطنین و هو صوت الشی ء الصلب و قال قحف الرأس هو الذی فوق الدماغ انتهی.

و ضحك الرب تعالی كنایة عن غایة رضاه و غمس الید فی العدو كنایة عن دخوله بینهم و جهده فی مقاتلتهم و حسرت كمی عن ذراعی كشفت و الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع و الأعزل الذی لا سلاح معه و ابن طاب نوع من أنواع تمر المدینة منسوب إلی ابن طاب رجل من أهلها یقال عذق ابن طاب و رطب ابن طاب و تمر ابن طاب ذكره الجزری.

و قال فی حدیث أم حارثة وَیْحَكِ أَ وَ هَبِلْتِ هو بفتح الهاء و كسر الباء و قد استعاره هاهنا لفقد المیز و العقل مما أصابها من الثُّكْل بولدها كأنه قال أَ فَقَدْتِ عَقْلَكِ بِفَقْدِ ابْنِكِ حَتَّی جَعَلْتِ الْجِنَانَ جَنَّةً وَاحِدَةً انتهی فأكلكم لعله من الكلال بمعنی الإعیاء فقالت حلاقی بالقاف أی یا منیتی أقبلی فهذه أوانك قال فی القاموس و كقطام و سحاب المنیة انتهی و فی بعض النسخ بالفاء أی تمنعنی محالفتی قریشا أن لا أبكیهم و ذمرته كنصرته حثثته و التذامر التحاض علی القتال.

و فی النهایة مجنبة الجیش هی التی تكون فی المیمنة و المیسرة و هما مجنبتان و النون مكسورة و قیل هی الكتیبة التی تأخذ إحدی ناحیتی الطریق و الأول أصح.

قال فتتامت إلیه قریش أی جاءته متوافرة متتابعة و فی القاموس تتاموا جاءوا كلهم و قالوا دهده الحجر فتدهده دحرجه فتدحرج كتدهدی فتدهدی انتهی.

حتی أقتله أی عرضه للقتل نحو أبعت الثوب و تقول عورت الركیة إذا طممتها و سددت أعینها التی ینبع منها الماء و النقع الغبار.

و فی النهایة فیه أن جبرئیل جاء یوم بدر و قد عصم ثنیته الغبار أی لزق به و المیم بدل من الباء و قال فی الباء فی حدیث بدر لما فزع منها أتاه جبرئیل و قد عصب رأسه الغبار أی ركبه و علق به من عصب الریق فاه أی لصق به و یروی

ص: 366

عصم بالمیم و قال عرق الظبیة بضم الظاء موضع علی ثلاثة أمیال من الروحاء به مسجد للنبی صلی اللّٰه علیه و آله انتهی.

و باری قومه أی عارضهم و فی بعض النسخ بالدال أی جاهرهم بالعداوة و قال الجوهری ها للتنبیه قد یقسم بها یقال لا ها اللّٰه ما فعلت أی لا و اللّٰه أبدلت الهاء من الواو و إن شئت حذفت الألف التی بعد الهاء و إن شئت أثبت.

و فی النهایة لا تضطنی عنی أی لا تبخلی بانبساطك إلی و هو افتعال من الضنی المرض و الطاء بدل من التاء انتهی.

و أقول كذا ذكره فی ضنی (1) من المعتل و ما ذكره من المعنی یدل علی أنه من الضن من باب المضاعف من الضنة و هو البخل و هو أظهر فیكون بتشدید النون.

و فی القاموس نثل الكنانة استخرج نبلها و نثرها فتكركر الناس عنه أی اندفعوا و رجعوا یقال كركرته عنی أی دفعته و رددته.

كلمة المصحّح

بسمه تعالی و له الحمد

إلی هنا انتهی الجزء التاسع عشر من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفیسة حسب تجزئتنا و هو الجزء الخامس من المجلّد السادس فی تاریخ نبیّنا الأكرم صّلی الّله علیه و آله حسب تجزئة المصنّف أعلی اللّٰه مقامه.

و لقد بذلنا الجهد عند طبعها فی التصحیح فخرج بعون اللّٰه و مشیئته نقیّا من الأغلاط إلّا نزراً زهیداً زاع عنه البصر و حسر عنه النظر و اللّٰه الموفّق و المعین.

محمد باقر البهبودیّ من لجنة التحقیق و التصحیح لدار الكتب الإسلامیّة

ص: 367


1- هكذا فی الكتاب و مصدره، و الصحیح: ضنی. لانه من باب علم.

مراجع التصحیح و التخریج

بسم اللّٰه الرحمن الرحیم و الحمد للّٰه ربّ العالمین و الصلاة علی سیّدنا محمّد و آله الطاهرین

اما بعد: فقد وفّقنا اللّٰه تعالی- و له الشكر و المنّة- لتصحیح الكتاب و تنمیقه و تحقیق نصوصه و أسانیده و مراجعة مصادره و مآخذه، مزداناً بتعالیق مختصرة لا غنی عنها و كان مرجعنا فی المقابلة و التصحیح مضافاً إلی أصول الكتاب و النسخة المطبوعة المشهورة بطبعة أمین الضرب، الطبعة الحروفیّة عدّة نسخ مخطوطة جیّدة فی غایة الدقّة و الإتقان:

منها النسخة الثمینة الأصلیّة التی هی بخطّ المؤلّف رضوان اللّٰه علیه تفضّل بها العالم العامل حجّة الإسلام الحاجّ السیّد مهدیّ الصدر العاملیّ الأصبهانیّ صاحب الوعظ و إمام الجماعة فی عاصمة طهران و هی ممّا ورثه من أبیه الفقید السعید الخطیب المشهور الحاجّ السیّد (صدر الدین العاملیّ) رحمة اللّٰه علیه، و قد قابلناه علی تلك النسخة الموجودة عندنا من باب غزوة البدر الكبری إلی آخر الكتاب.

و منها نسخة مخطوطة بخط نعمة اللّٰه بن محمّد مهدیّ الإصطهباناتیّ استكتبها عام 1278 ه.

و منها نسخة مخطوطة أخری مصحّحة بتصحیح محمّد محسن ابن أبی تراب مؤرّخة بعام 1226

تفضّل بهما الفاضل البارع الأستاذ المعظّم السیّد جلال الدین الأرمویّ الشهیر بالمحدّث و یأتی مزید توضیح بالنسبة إلی هاتین النسختین مع صورهما الفتوغرافیّة فی الجزء الثانی و العشرون الذی یتمّ به تاریخ نبیّنا الأكرم صّلی الّله علیه و آله إنشاء اللّٰه تعالی.

و كان مرجعنا فی تخریج أحادیثه و تعالیقه كتباً أوعزنا إلی بعضها فی المجلّدات السابقة

قم المشرفة- عبد الرحیم الربانیّ الشیرازیّ

ص: 368

تصویر

صورة فتوغرافیة من نسخة المؤلف قدّس سرّه و هی آخر صحیفة من غزوة بدر الكبری.

ص: 369

فهرست ما فی هذا الجزء

الموضوع/ الصفحه

الباب 5 دخوله الشعب و ما جری بعده إلی الهجرة، و عرض نفسه علی القبائل و بیعة الأنصار و موت أبی طالب و خدیجة رضی اللّٰه عنهما 27- 1

الباب 6 الهجرة و مبادیها، و مبیت علیّ علیه السلام علی فراش النبیّ صّلی الّله علیه و آله و ما جری بعد ذلك إلی دخول المدینة 103- 28

الباب 7 نزوله صّلی الّله علیه و آله المدینة و بناؤه المسجد و البیوت و جمل أحواله إلی شروعه فی الجهاد 133- 104

الباب 8 نوادر الغزوات و جوامعها و ما جری بعد الهجرة إلی غزوة بدر الكبری و فیه غزوة العشیرة و بدر الأولی و النخلة 194- 133

الباب 9 تحوّل القبلة 202- 195

الباب 10 غزوة بدر الكبری 367- 202

ص: 370

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).

ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 371

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.