بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 14: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
الآیات؛
النساء و الأسری: «وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً»(163و55)
المائدة: «لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ* كانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا یَفْعَلُونَ»(78-79)
الأنعام: «وَ نُوحاً هَدَیْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ»(84)
الأنبیاء: «وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ* فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ وَ كُنَّا فاعِلِینَ* وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ»(78-80)
النمل: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وَ سُلَیْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلی كَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ»(15)
سبأ: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ* أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّی بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ»(10-11)
ص: 1
«1»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَاتَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام یَوْمَ السَّبْتِ مَفْجُوءاً فَأَظَلَّتْهُ الطَّیْرُ بِأَجْنِحَتِهَا وَ مَاتَ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ فِی التِّیهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَی وَ أَیُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ (2).
ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر محمد بن الحسین مثله.
«2»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ أَرْبَعَةً لِلسَّیْفِ إِبْرَاهِیمَ وَ دَاوُدَ وَ مُوسَی وَ أَنَا الْخَبَرَ (3).
«3»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مَخْتُوناً فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَیْثٌ مَخْتُوناً وَ إِدْرِیسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ (4).
«4»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی دَاوُدَ أَنَّهُ دَاوَی جُرْحَهُ بِوُدٍّ وَ قَدْ قِیلَ دَاوَی وُدَّهُ بِالطَّاعَةِ حَتَّی قِیلَ عَبْدٌ (5).
أقول: سیأتی الخبر فی ذلك فی قصة النملة.
«5»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ أَنْبِیَاءَ مُلُوكاً فِی الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ اسْمُهُ عَیَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ یُوسُفُ علیهم السلام فَأَمَّا عَیَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مَلَكَ سُلَیْمَانُ وَ أَمَّا یُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِیَهَا لَمْ یُجَاوِزْهَا إِلَی غَیْرِهَا (6).
ص: 2
«6»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ إِلَی قَوْلِهِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی دَاوُدَ وَ سُلَیْمَانَ مَا لَمْ یُعْطَ أَحَداً مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ مِنَ الْآیَاتِ عَلَّمَهُمَا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أَلَانَ لَهُمَا الْحَدِیدَ وَ الصُّفْرَ مِنْ غَیْرِ نَارٍ وَ جُعِلَتِ الْجِبَالُ یُسَبِّحْنَ (1)مَعَ دَاوُدَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الزَّبُورَ فِیهِ تَوْحِیدٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ دُعَاءٌ وَ أَخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام (2)وَ أَخْبَارُ الرَّجْعَةِ وَ ذِكْرُ الْقَائِمِ علیه السلام لِقَوْلِهِ وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ (3)
«7»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ أَیْ سَبِّحِی لِلَّهِ وَ الطَّیْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ قَالَ كَانَ دَاوُدُ إِذَا مَرَّ فِی الْبَرَارِی یَقْرَأُ الزَّبُورَ تُسَبِّحُ الْجِبَالُ وَ الطَّیْرُ مَعَهُ وَ الْوُحُوشُ وَ أَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْحَدِیدَ مِثْلَ الشَّمْعِ حَتَّی كَانَ یَتَّخِذُ مِنْهُ مَا أَحَبَّ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام وَ قَوْلُهُ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ قَالَ الدُّرُوعَ وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ قَالَ الْمَسَامِیرِ الَّتِی فِی الْحَلْقَةِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّی بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (4)
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ أی قلنا للجبال یا جبال سبِّحی معه عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد قالوا أمر اللّٰه الجبال أن تسبح معه إذا سبح فسبحت معه و تأویله عند أهل اللغة رجِّعی معه التسبیح من آب یئوب و یجوز أن یكون سبحانه فعل فی الجبال ما یأتی به منها التسبیح معجزا له و أما الطیر فیجوز أن یسبح و یحصل له من التمیز ما یتأتی منه ذلك بأن یزید اللّٰه فی فطنته فیفهم ذلك انتهی. (5)
أقول: یمكن أن یكون تسبیح الجبال كنایة عن تسبیح الملائكة الساكنین بها أو بأن خلق اللّٰه الصوت فیها أو علی القول بأن للجمادات شعورا فلا حاجة إلی كثیر تكلف
ص: 3
و أما الطیور فلا دلیل علی عدم تمییزها و قابلیتها للتسبیح مع أن كثیرا من الأخبار دلت علی أن لها تسبیحا و ما سیأتی من قصة النمل یؤیده.
ثم قال رحمه اللّٰه و قیل معناه سیری معه فكانت الجبال و الطیر تسیر معه أینما سار و التأویب السیر بالنهار و قیل معناه ارجعی إلی مراد داود فیما یریده من حفر بئر و استنباط عین و استخراج معدن (1)أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ أی قلنا له اعمل من الحدید دروعا تامات وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ أی عدل فی نسج الدروع و منه قیل لصانعها سراد و زراد و المعنی لا تجعل المسامیر دقاقا فتنفلق و لا غلاظا فتكسر الحلق (2)و قیل السرد المسامیر التی فی حلق الدروع (3).
«8»-فس، تفسیر القمی وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أَیِ الزَّرَدِ (4)لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (5)
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ قیل معناه سیرنا الجبال مع داود حیث سار فعبر عن ذلك بالتسبیح لما فیه من الآیة العظیمة التی تدعو إلی تسبیح اللّٰه تعالی و تعظیمه و تنزیهه عن كل ما لا یلیق به و كذلك تسخیر الطیر له تسبیح یدل علی أن مسخرها قادر لا یجوز علیه ما یجوز علی العباد عن الجبائی و علی بن عیسی و قیل إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبیح و كذلك الطیر تسبح معه بالغداة و العشی معجزة له عن وهب و فی قوله وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أی علمناه كیف یصنع الدرع قال قتادة أول من صنع الدرع داود إنما كانت صفائح جعل اللّٰه سبحانه الحدید فی یده كالعجین فهو أول من سردها و حلقها فجمعت الخفة و التحصین و هو قوله لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ أی لیحرزكم و یمنعكم من وقع السلاح فیكم
ص: 4
عن السدی و قیل معناه من حربكم أی فی حالة الحرب و القتال و قیل إن سبب إلانة الحدید لداود علیه السلام أنه كان نبیا ملكا و كان یطوف فی ولایته متنكرا یتعرف أحوال عماله و متصرفیه فاستقبله جبرئیل ذات یوم علی صورة آدمی و سلم علیه فرد السلام و قال ما سیرة داود فقال نعمت السیرة لو لا خصلة فیه قال و ما هی قال إنه یأكل من بیت مال المسلمین فشكره و أثنی علیه و قال لقد أقسم داود أنه لا یأكل من بیت مال المسلمین فعلم اللّٰه سبحانه صدقه فألان له الحدید كما قال وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ (1)
«9»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لِدَاوُدَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ قَالَ هِیَ الدِّرْعُ وَ السَّرْدُ تَقْدِیرُ الْحَلْقَةِ بَعْدَ الْحَلْقَةِ (2).
بیان: كأنه تفسیر لتقدیر السرد.
«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَیْدِ قَالَ ذَا الْقُوَّةِ (3).
«11»-فس، تفسیر القمی إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ یَعْنِی إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ (4).
«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَدْعُو أَنْ یُلْهِمَهُ اللَّهُ الْقَضَاءَ بَیْنَ النَّاسِ بِمَا هُوَ عِنْدَهُ تَعَالَی الْحَقُّ فَأَوْحَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ النَّاسَ
ص: 5
لَا یَحْتَمِلُونَ ذَلِكَ وَ إِنِّی سَأَفْعَلُ وَ ارْتَفَعَ إِلَیْهِ رَجُلَانِ فَاسْتَعْدَاهُ (1)أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ فَأَمَرَ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ أَنْ یَقُومَ إِلَی الْمُسْتَعْدِی فَیَضْرِبَ عُنُقَهُ فَفَعَلَ فَاسْتَعْظَمَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ ذَلِكَ وَ قَالَتْ رَجُلٌ جَاءَ یَتَظَلَّمُ مِنْ رَجُلٍ فَأَمَرَ الظَّالِمَ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ رَبِّ أَنْقِذْنِی مِنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ (2)قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ سَأَلْتَنِی أَنْ أُلْهِمَكَ الْقَضَاءَ بَیْنَ عِبَادِی بِمَا هُوَ عِنْدِیَ الْحَقُّ وَ إِنَّ هَذَا الْمُسْتَعْدِیَ قَتَلَ أَبَا هَذَا الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ فَأَمَرْتُ فَضَرَبْتَ (3)عُنُقَهُ قَوَداً بِأَبِیهِ وَ هُوَ مَدْفُونٌ فِی حَائِطِ كَذَا وَ كَذَا تَحْتَ شَجَرَةِ كَذَا فَأْتِهِ فَنَادِهِ بِاسْمِهِ فَإِنَّهُ سَیُجِیبُكَ فَسَلْهُ قَالَ فَخَرَجَ دَاوُدُ علیه السلام وَ قَدْ فَرِحَ فَرَحاً شَدِیداً لَمْ یَفْرَحْ مِثْلَهُ فَقَالَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ قَدْ فَرَّجَ اللَّهُ فَمَشَی وَ مَشَوْا مَعَهُ فَانْتَهَی إِلَی الشَّجَرَةِ فَنَادَی یَا فُلَانُ فَقَالَ لَبَّیْكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَتَلَكَ قَالَ فُلَانٌ فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَسَمِعْنَاهُ یَقُولُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ الْعِبَادَ لَا یُطِیقُونَ الْحُكْمَ بِمَا هُوَ عِنْدِیَ الْحُكْمُ فَسَلِ الْمُدَّعِیَ الْبَیِّنَةَ وَ أَضِفِ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ إِلَی اسْمِی (4).
«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُرِیَهُ قَضِیَّةً مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ الَّذِی سَأَلْتَنِی لَمْ أُطْلِعْ عَلَیْهِ (5)أَحَداً مِنْ خَلْقِی وَ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَقْضِیَ بِهِ غَیْرِی قَالَ فَلَمْ یَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ عَادَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ یُرِیَهُ قَضِیَّةً مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ قَالَ فَأَتَاهُ جَبْرَائِیلُ فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ رَبَّكَ شَیْئاً مَا سَأَلَهُ قَبْلَكَ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ یَا دَاوُدُ إِنَّ الَّذِی سَأَلْتَ لَمْ یُطْلِعِ اللَّهُ عَلَیْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَقْضِیَ بِهِ غَیْرُهُ فَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَی دَعْوَتَكَ وَ أَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ إِنَّ أَوَّلَ خَصْمَیْنِ یَرِدَانِ عَلَیْكَ غَداً الْقَضِیَّةُ فِیهِمَا مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ
ص: 6
دَاوُدُ وَ جَلَسَ فِی مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَتَی شَیْخٌ (1)مُتَعَلِّقٌ بِشَابٍّ وَ مَعَ الشَّابِّ عُنْقُودٌ مِنْ عِنَبٍ فَقَالَ الشَّیْخُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الشَّابَّ دَخَلَ بُسْتَانِی وَ خَرَّبَ كَرْمِی وَ أَكَلَ مِنْهُ بِغَیْرِ إِذْنِی (2)قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ لِلشَّابِّ مَا تَقُولُ فَأَقَرَّ الشَّابُّ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنْ كَشَفْتُ لَكَ مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَقَضَیْتَ بِهَا بَیْنَ الشَّیْخِ وَ الْغُلَامِ لَمْ یَحْتَمِلْهَا قَلْبُكَ وَ لَا یَرْضَی بِهَا قَوْمُكَ (3)یَا دَاوُدُ إِنَّ هَذَا الشَّیْخَ اقْتَحَمَ عَلَی وَالِدِ هَذَا الشَّابِّ فِی بُسْتَانِهِ فَقَتَلَهُ وَ غَصَبَهُ بُسْتَانَهُ (4)وَ أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَنَهَا فِی جَانِبِ بُسْتَانِهِ فَادْفَعْ إِلَی الشَّابِّ سَیْفاً وَ مُرْهُ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَ الشَّیْخِ وَ ادْفَعْ إِلَیْهِ الْبُسْتَانَ وَ مُرْهُ أَنْ یَحْفِرَ فِی مَوْضِعِ كَذَا مِنَ الْبُسْتَانِ وَ یَأْخُذَ مَالَهُ قَالَ فَفَزِعَ دَاوُدُ علیه السلام مِنْ ذَلِكَ وَ جَمَعَ عُلَمَاءَ أَصْحَابِهِ وَ أَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَ أَمْضَی الْقَضِیَّةَ عَلَی مَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ (5).
كا، الكافی علی بن إبراهیم عن أبیه و عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن ابن محبوب مثله (6).
«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَی دَاوُدَ النَّبِیِّ فِی بَقَرَةٍ فَجَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ (7)(عَلَی أَنَّهَا لَهُ) وَ جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ عَلَی أَنَّهَا لَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ الْمِحْرَابَ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ أَعْیَانِی أَنْ أَحْكُمَ بَیْنَ هَذَیْنِ فَكُنْ أَنْتَ الَّذِی تَحْكُمُ (8)فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی اخْرُجْ فَخُذِ الْبَقَرَةَ مِنَ الَّذِی هِیَ فِی یَدِهِ وَ ادْفَعْهَا إِلَی آخَرَ وَ اضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ فَضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ (9)وَ قَالُوا جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ وَ جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ مِثْلِ بَیِّنَةِ هَذَا وَ كَانَ أَحَقُّهُمْ بِإِعْطَائِهَا الَّذِی هِیَ فِی یَدِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ
ص: 7
وَ ضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَعْطَاهَا لِلْآخَرِ فَدَخَلَ دَاوُدُ الْمِحْرَابَ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ ضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بِمَا حَكَمْتَ (1)فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنَّ الَّذِی كَانَتِ الْبَقَرَةُ فِی یَدِهِ لَقِیَ أَبَا الْآخَرِ فَقَتَلَهُ وَ أَخَذَ الْبَقَرَةَ مِنْهُ فَإِذَا جَاءَكَ مِثْلُ هَذَا فَاحْكُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا تَرَی (2)وَ لَا تَسْأَلْنِی أَنْ أَحْكُمَ بَیْنَهُمْ حَتَّی الْحِسَابِ (3).
كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن فضالة مثله (4).
«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلَی عَهْدِ دَاوُدَ علیه السلام سِلْسِلَةٌ یَتَحَاكَمُ النَّاسُ إِلَیْهَا وَ إِنَّ رَجُلًا أَوْدَعَ رَجُلًا جَوْهَراً فَجَحَدَهُ إِیَّاهُ فَدَعَاهُ إِلَی سِلْسِلَةٍ فَذَهَبَ مَعَهُ إِلَیْهَا وَ قَدْ أَدْخَلَ الْجَوْهَرَ فِی قَنَاةٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَتَنَاوَلَ السِّلْسِلَةَ قَالَ لَهُ أَمْسِكْ هَذِهِ الْقَنَاةَ حَتَّی آخُذَ السِّلْسِلَةَ فَأَمْسَكَهَا وَ دَنَا الرَّجُلُ مِنَ السِّلْسِلَةِ فَتَنَاوَلَهَا وَ أَخَذَهَا وَ صَارَتْ فِی یَدِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ وَ رُفِعَتِ السِّلْسِلَةُ (5).
«16»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَاشَ دَاوُدُ مِائَةَ سَنَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً مُلْكُهُ (6).
«17»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ عِیسَی بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا عُرِضَ عَلَی آدَمَ وُلْدُهُ نَظَرَ إِلَی دَاوُدَ فَأَعْجَبَهُ فَزَادَهُ خَمْسِینَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ قَالَ وَ نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ فَكَتَبَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ صَكّاً
ص: 8
بِالْخَمْسِینَ سَنَةً (1)فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ نَزَلَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ آدَمُ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُمُرِی خَمْسُونَ سَنَةً فَقَالَ فَأَیْنَ الْخَمْسُونَ الَّتِی جَعَلْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ قَالَ فَإِمَّا أَنْ یَكُونَ نَسِیَهَا أَوْ أَنْكَرَهَا فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ شَهِدَا عَلَیْهِ فَقَبَضَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَانَ أَوَّلَ صَكٍّ كُتِبَ فِی الدُّنْیَا (2).
«18»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَهْبَطَ ظُلَلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَی آدَمَ وَ هُوَ بِوَادٍ یُقَالُ لَهُ الرَّوْحَاءُ (3)وَ هُوَ وَادٍ بَیْنَ الطَّائِفِ وَ مَكَّةَ ثُمَّ صَرَخَ بِذُرِّیَّتِهِ وَ هُمْ ذَرٌّ (4)قَالَ فَخَرَجُوا كَمَا یَخْرُجُ النَّحْلُ مِنْ كُورِهَا (5)فَاجْتَمَعُوا عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی فَقَالَ اللَّهُ لِآدَمَ انْظُرْ مَا ذَا تَرَی فَقَالَ آدَمُ ذَرّاً كَثِیراً (6)عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی فَقَالَ اللَّهُ یَا آدَمُ هَؤُلَاءِ ذُرِّیَّتُكَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ ظَهْرِكَ لِآخُذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ لِی بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ لِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ كَمَا أَخَذْتُهُ عَلَیْهِمْ فِی السَّمَاءِ قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ وَ كَیْفَ وَسِعَتْهُمْ ظَهْرِی قَالَ اللَّهُ یَا آدَمُ بِلُطْفِ صَنِیعِی وَ نَافِذِ قَدَرِی قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ فَمَا تُرِیدُ مِنْهُمْ فِی الْمِیثَاقِ قَالَ اللَّهُ أَنْ لَا یُشْرِكُوا بِی شَیْئاً قَالَ آدَمُ فَمَنْ أَطَاعَكَ مِنْهُمْ یَا رَبِّ فَمَا جَزَاؤُهُ قَالَ اللَّهُ أُسْكِنُهُ جَنَّتِی قَالَ آدَمُ فَمَنْ عَصَاكَ فَمَا جَزَاؤُهُ قَالَ أُسْكِنُهُ
ص: 9
نَارِی قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ لَقَدْ عَدَلْتَ فِیهِمْ وَ لَیَعْصِیَنَّكَ أَكْثَرُهُمْ إِنْ لَمْ تَعْصِمْهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام ثُمَّ عَرَضَ اللَّهُ عَلَی آدَمَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَعْمَارَهُمْ قَالَ فَمَرَّ آدَمُ بِاسْمِ دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام فَإِذَا عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَقَالَ یَا رَبِّ مَا أَقَلَّ عُمُرَ دَاوُدَ وَ أَكْثَرَ عُمُرِی یَا رَبِّ إِنْ أَنَا زِدْتُ دَاوُدَ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً أَ یُنْفَذُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ یَا آدَمُ قَالَ فَإِنِّی قَدْ زِدْتُهُ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً فَأَنْفِذْ ذَلِكَ لَهُ وَ أَثْبِتْهَا لَهُ عِنْدَكَ وَ اطْرَحْهَا مِنْ عُمُرِی قَالَ فَأَثْبَتَ اللَّهُ لِدَاوُدَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتاً وَ مَحَا مِنْ عُمُرِ آدَمَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتاً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قَالَ فَمَحَا اللَّهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مُثْبَتاً لِآدَمَ وَ أَثْبَتَ لِدَاوُدَ مَا لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ مُثْبَتاً قَالَ فَلَمَّا دَنَا عُمُرُ آدَمَ هَبَطَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام لِیَقْبِضَ رُوحَهُ فَقَالَ لَهُ آدَمُ علیه السلام یَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ أَ لَمْ تَجْعَلْهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام وَ طَرَحْتَهَا مِنْ عُمُرِكَ حَیْثُ عَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِیَاءِ مِنْ ذُرِّیَّتِكَ وَ عَرَضَ عَلَیْكَ أَعْمَارَهُمْ وَ أَنْتَ بِوَادِی الرَّوْحَاءِ فَقَالَ آدَمُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَا أَذْكُرُ هَذَا فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ یَا آدَمُ لَا تَجْهَلْ أَ لَمْ تَسْأَلِ اللَّهَ أَنْ یُثْبِتَهَا لِدَاوُدَ وَ یَمْحُوَهَا مِنْ عُمُرِكَ فَأَثْبَتَهَا لِدَاوُدَ فِی الزَّبُورِ وَ مَحَاهَا مِنْ عُمُرِكَ مِنَ الذِّكْرِ قَالَ فَقَالَ آدَمُ أَحْضِرِ الْكِتَابَ حَتَّی أَعْلَمَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ كَانَ آدَمُ صَادِقاً لَمْ یَذْكُرْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَمِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ أَمَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ أَنْ یَكْتُبُوا بَیْنَهُمْ إِذَا تَدَایَنُوا وَ تَعَامَلُوا إِلَی أَجَلٍ مُسَمًّی لِنِسْیَانِ آدَمَ وَ جُحُودِ مَا جَعَلَ عَلَی نَفْسِهِ (1).
أقول: قد مضت الأخبار فی ذلك فی أبواب قصص آدم علیه السلام و فی بعضها أنه زاد فی عمر داود علیه السلام ستین سنة تمام المائة و هو أوفق بسائر الأخبار و اللّٰه یعلم.
«19»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ شَكَا إِلَی رَبِّهِ الْقَضَاءَ فَقَالَ كَیْفَ أَقْضِی بِمَا لَمْ تَرَ عَیْنِی وَ لَمْ تَسْمَعْ أُذُنِی فَقَالَ اقْضِ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ وَ قَالَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ أَرِنِی
ص: 10
الْحَقَّ كَمَا هُوَ عِنْدَكَ حَتَّی أَقْضِیَ بِهِ فَقَالَ إِنَّكَ لَا تُطِیقُ ذَلِكَ فَأَلَحَّ عَلَی رَبِّهِ حَتَّی فَعَلَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ یَسْتَعْدِی عَلَی رَجُلٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَخَذَ مَالِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ أَنَّ هَذَا الْمُسْتَعْدِیَ قَتَلَ أَبَا هَذَا وَ أَخَذَ مَالَهُ فَأَمَرَ دَاوُدُ بِالْمُسْتَعْدِی فَقُتِلَ فَأَخَذَ مَالَهُ فَدَفَعَهُ إِلَی الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ قَالَ فَعَجِبَ النَّاسُ (1)وَ تَحَدَّثُوا حَتَّی بَلَغَ دَاوُدَ علیه السلام وَ دَخَلَ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا كَرِهَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ یَرْفَعَ ذَلِكَ فَفَعَلَ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنِ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ (2).
«20»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسْجِدَ فَاسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ وَ هُوَ یَبْكِی وَ حَوْلَهُ قَوْمٌ یُسْكِتُونَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَبْكَاكَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ شُرَیْحاً قَضَی عَلَیَّ بِقَضِیَّةٍ مَا أَدْرِی مَا هِیَ إِنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ خَرَجُوا بِأَبِی مَعَهُمْ فِی سَفَرِهِمْ فَرَجَعُوا وَ لَمْ یَرْجِعْ أَبِی فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا مَا تَرَكَ مَالًا فَقَدَّمْتُهُمْ إِلَی شُرَیْحٍ فَاسْتَحْلَفَهُمْ وَ قَدْ عَلِمْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ أَبِی خَرَجَ وَ مَعَهُ مَالٌ كَثِیرٌ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ارْجِعُوا فَرَدَّهُمْ جَمِیعاً وَ الْفَتَی مَعَهُمْ إِلَی شُرَیْحٍ فَقَالَ لَهُ یَا شُرَیْحُ كَیْفَ قَضَیْتَ بَیْنَ هَؤُلَاءِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ادَّعَی هَذَا الْفَتَی عَلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِی سَفَرٍ وَ أَبُوهُ مَعَهُمْ فَرَجَعُوا وَ لَمْ یَرْجِعْ أَبُوهُ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ وَ سَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا مَا خَلَّفَ شَیْئاً فَقُلْتُ لِلْفَتَی هَلْ لَكَ بَیِّنَةٌ عَلَی مَا تَدَّعِی قَالَ لَا فَاسْتَحْلَفْتُهُمْ فَقَالَ علیه السلام لِشُرَیْحٍ یَا شُرَیْحُ هَیْهَاتَ هَكَذَا تَحْكُمُ فِی مِثْلِ هَذَا فَقَالَ كَیْفَ هَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (3)فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا شُرَیْحُ وَ اللَّهِ لَأَحْكُمَنَّ فِیهِ بِحُكْمٍ مَا حَكَمَ بِهِ خَلْقٌ قَبْلِی إِلَّا دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام یَا قَنْبَرُ ادْعُ لِی شُرْطَةَ الْخَمِیسِ (4)فَدَعَاهُمْ فَوَكَّلَ بِهِمْ (5)
ص: 11
بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَجُلًا مِنَ الشُّرْطَةِ ثُمَّ نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی وُجُوهِهِمْ فَقَالَ مَا ذَا تَقُولُونَ أَ تَقُولُونَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ بِأَبِ هَذَا الْفَتَی إِنِّی إِذاً لَجَاهِلٌ ثُمَّ قَالَ فَرِّقُوهُمْ وَ غَطُّوا رُءُوسَهُمْ فَفُرِّقَ بَیْنَهُمْ وَ أُقِیمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَی أُسْطُوَانَةٍ مِنْ أَسَاطِینِ الْمَسْجِدِ وَ رُءُوسُهُمْ مُغَطَّاةٌ بِثِیَابِهِمْ ثُمَّ دَعَا بِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ فَقَالَ هَاتِ صَحِیفَةً وَ دَوَاتاً وَ جَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَالَ إِذَا أَنَا كَبَّرْتُ فَكَبِّرُوا ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ أَفْرِجُوا ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ اكْتُبْ إِقْرَارَهُ وَ مَا یَقُولُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بِالسُّؤَالِ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِی أَیِّ یَوْمٍ خَرَجْتُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ وَ أَبُو هَذَا الْفَتَی مَعَكُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ وَ فِی أَیِّ شَهْرٍ قَالَ فِی شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا (1)قَالَ وَ إِلَی أَیْنَ بَلَغْتُمْ مِنْ سَفَرِكُمْ حِینَ مَاتَ أَبُو هَذَا الْفَتَی قَالَ إِلَی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ وَ فِی أَیِّ مَنْزِلٍ مَاتَ قَالَ فِی مَنْزِلِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ وَ مَا كَانَ مِنْ مَرَضِهِ (2)قَالَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ كَمْ یَوْماً مَرِضَ قَالَ كَذَا وَ كَذَا یَوْماً قَالَ فَمَنْ كَانَ یُمَرِّضُهُ وَ فِی أَیِّ یَوْمٍ مَاتَ وَ مَنْ غَسَّلَهُ وَ أَیْنَ غَسَّلَهُ وَ مَنْ كَفَّنَهُ وَ بِمَا كَفَّنْتُمُوهُ وَ مَنْ صَلَّی عَلَیْهِ وَ مَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْ جَمِیعِ مَا یُرِیدُ كَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ فَارْتَابَ أُولَئِكَ الْبَاقُونَ وَ لَمْ یَشُكُّوا أَنَّ صَاحِبَهُمْ قَدْ أَقَرَّ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی نَفْسِهِ فَأَمَرَ أَنْ یُغَطَّی رَأْسُهُ وَ أَنْ یَنْطَلِقُوا بِهِ إِلَی الْحَبْسِ ثُمَّ دَعَا بِآخَرَ فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ كَلَّا زَعَمْتَ أَنِّی لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَنَا إِلَّا وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ لَقَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِقَتْلِهِ فَأَقَرَّ ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ كُلُّهُمْ یُقِرُّ بِالْقَتْلِ وَ أَخْذِ الْمَالِ ثُمَّ رَدَّ الَّذِی كَانَ أَمَرَ بِهِ إِلَی السِّجْنِ فَأَقَرَّ أَیْضاً فَأَلْزَمَهُمُ الْمَالَ وَ الدَّمَ وَ قَالَ شُرَیْحٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَیْفَ كَانَ حُكْمُ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ دَاوُدَ النَّبِیَّ علیه السلام مَرَّ بِغِلْمَةٍ یَلْعَبُونَ وَ یُنَادُونَ بَعْضَهُمْ مَاتَ الدِّینُ فَدَعَا مِنْهُمْ غُلَاماً فَقَالَ لَهُ یَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ اسْمِی مَاتَ الدِّینُ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ مَنْ سَمَّاكَ بِهَذَا الِاسْمِ قَالَ أُمِّی
ص: 12
فَانْطَلَقَ إِلَی أُمِّهِ فَقَالَ یَا امْرَأَةُ مَا اسْمُ ابْنِكِ هَذَا قَالَتْ مَاتَ الدِّینُ فَقَالَ لَهَا وَ مَنْ سَمَّاهُ بِهَذَا الِاسْمِ قَالَتْ أَبُوهُ قَالَ وَ كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَتْ إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ فِی سَفَرٍ لَهُ وَ مَعَهُ قَوْمٌ وَ هَذَا الصَّبِیُّ حَمْلٌ فِی بَطْنِی فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ وَ لَمْ یَنْصَرِفْ زَوْجِی فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قُلْتُ أَیْنَ مَا تَرَكَ (1)قَالُوا لَمْ یُخَلِّفْ مَالًا فَقُلْتُ أَ وَصَّاكُمْ بِوَصِیَّةٍ فَقَالُوا نَعَمْ زَعَمَ أَنَّكِ حُبْلَی فَمَا وَلَدْتِ مِنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَی فَسَمِّیهِ مَاتَ الدِّینُ فَسَمَّیْتُهُ فَقَالَ أَ تَعْرِفِینَ الْقَوْمَ الَّذِینَ كَانُوا خَرَجُوا مَعَ زَوْجِكِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَحْیَاءٌ هُمْ أَمْ أَمْوَاتٌ قَالَتْ بَلْ أَحْیَاءٌ قَالَ فَانْطَلِقِی بِنَا إِلَیْهِمْ ثُمَّ مَضَی مَعَهَا فَاسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ فَحَكَمَ بَیْنَهُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ فَثَبَّتَ عَلَیْهِمُ الْمَالَ وَ الدَّمَ ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ سَمِّی ابْنَكِ عَاشَ الدِّینُ (2).
یب، تهذیب الأحكام علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن علی بن أبی حمزة عن أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام مثله (3).
«21»-یه، من لا یحضره الفقیه التَّفْلِیسِیُّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّكَ نِعْمَ الْعَبْدُ لَوْ لَا أَنَّكَ تَأْكُلُ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ وَ لَا تَعْمَلُ بِیَدِكَ شَیْئاً قَالَ فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْحَدِیدِ أَنْ لِنْ لِعَبْدِی دَاوُدَ فَأَلَانَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ الْحَدِیدَ فَكَانَ یَعْمَلُ كُلَّ یَوْمٍ دِرْعاً فَیَبِیعُهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعَمِلَ علیه السلام ثَلَاثَ مِائَةٍ وَ سِتِّینَ دِرْعاً (4)فَبَاعَهَا بِثَلَاثِ مِائَةٍ وَ سِتِّینَ أَلْفاً وَ اسْتَغْنَی عَنْ بَیْتِ الْمَالِ (5).
«22»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَذَّرَتْ عَلَیْهِ الْحَوَائِجُ فَلْیَلْتَمِسْ طَلَبَهَا یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام (6).
ص: 13
«23»-شا، الإرشاد رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ حَكَمَ بَیْنَ النَّاسِ بِحُكْمِ دَاوُدَ لَا یَحْتَاجُ إِلَی بَیِّنَةٍ یُلْهِمُهُ اللَّهُ تَعَالَی فَیَحْكُمُ بِعِلْمِهِ (1).
أقول: قال صاحب الكامل كان داود بن إیشا (2)من أولاد یهودا و كان قصیرا أزرق قلیل الشعر فلما قتل طالوت أتی بنو إسرائیل داود و أعطوه خزائن طالوت و ملكوه علیهم (3)و قیل إن داود ملك قبل أن یقتل جالوت (4)فلما ملك جعله اللّٰه نبیا ملكا و أنزل علیه الزبور و علمه صنعة الدروع و ألان له الحدید و أمر الجبال و الطیر أن یسبحن معه إذا سبح و لم یعط اللّٰه أحدا مثل صوته كان إذا قرأ الزبور تدنو الوحش حتی یؤخذ بأعناقها و كان شدید الاجتهاد كثیر العبادة و البكاء و كان یقوم اللیل و یصوم نصف الدهر و كان یحرسه كل یوم و لیلة أربعة آلاف و كان یأكل من كسب یده أربعة آلاف قیل أصاب الناس فی زمان داود علیه السلام طاعون جازف (5)فخرج بهم إلی موضع بیت المقدس و كان یری الملائكة تعرج منه إلی السماء فلهذا قصده لیدعو فیه فلما وقف موضع الصخرة دعا اللّٰه تعالی فی كشف الطاعون عنهم فاستجاب اللّٰه و رفع الطاعون فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا و كان الشروع فی بنائه لإحدی عشرة سنة مضت من ملكه و توفی قبل أن یستتم بناؤه و أوصی إلی سلیمان بإتمامه.
ثم إن داود علیه السلام توفی و كانت له جاریة تغلق الأبواب كل لیلة و تأتیه بالمفاتیح و یقوم إلی عبادته فأغلقتها لیلة فرأت فی الدار رجلا فقالت من أدخلك الدار قال أنا الذی أدخل علی الملوك بغیر إذن فسمع داود علیه السلام قوله فقال أنت ملك الموت فهلا أرسلت إلی فأستعد للموت قال قد أرسلنا إلیك كثیرا قال من كان رسولك قال أین أبوك و أخوك و جارك و معارفك قال ماتوا قال فهم كانوا رسلی إلیك بأنك تموت
ص: 14
كما ماتوا ثم قبضه فلما مات ورث سلیمان ملكه و علمه و نبوته و كان له تسعة عشر ولدا فورثه سلیمان دونهم و كان عمر داود علیه السلام لما توفی مائة صح ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كانت مدة ملكه أربعین سنة (1)24 كتاب البیان، لابن شهرآشوب یقال إن داود علیه السلام جزأ ساعات اللیل و النهار علی أهله فلم یكن ساعة إلا و إنسان من أولاده فی الصلاة فقال تعالی اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً (2)
«25»-نهج، نهج البلاغة وَ إِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ علیه السلام صَاحِبِ الْمَزَامِیرِ وَ قَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَقَدْ كَانَ یَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَیُّكُمْ یَكْفِینِی بَیْعَهَا وَ یَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِیرِ مِنْ ثَمَنِهَا (3).
بیان: قال الفیروزآبادی مزامیر داود علیه السلام ما كان یتغنی به من الزبور و قال ابن أبی الحدید إن داود علیه السلام أعطی من طیب النغم و لذة ترجیع القراءة ما كانت الطیور لأجله تقع علیه و هو فی محرابه و الوحش تسمعه فتدخل بین الناس و لا تنفر منهم لما قد استغرقها من طیب صوته و سفائف الخوص جمع سفیفة و هی النسیجة منه و الخوص ورق النخل (4)
أقول: لعل هذا كان قبل أن ألان اللّٰه له الحدید.
«26»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلَ مَا بُعِثَ كَانَ یَصُومُ حَتَّی یُقَالَ مَا یُفْطِرُ وَ یُفْطِرُ حَتَّی یُقَالَ مَا یَصُومُ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَ صَامَ یَوْماً وَ أَفْطَرَ یَوْماً وَ هُوَ صَوْمُ دَاوُدَ علیه السلام الْخَبَرَ(5).
ص: 15
الحسین بن محمد عن المعلی عن الوشاء عن حماد بن عثمان عنه علیه السلام مثله (1).
«27»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا وَقَفَ الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ نَظَرَ إِلَی النَّاسِ وَ كَثْرَتِهِمْ فَصَعِدَ الْجَبَلَ فَأَقْبَلَ یَدْعُو فَلَمَّا قَضَی نُسُكَهُ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا دَاوُدُ یَقُولُ لَكَ رَبُّكَ لِمَ صَعِدْتَ الْجَبَلَ ظَنَنْتَ أَنَّهُ یَخْفَی عَلَیَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ ثُمَّ مَضَی بِهِ إِلَی الْبَحْرِ إِلَی جُدَّةَ فَرَسَبَ (2)بِهِ فِی الْمَاءِ مَسِیرَةَ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً فِی الْبَرِّ فَإِذَا صَخْرَةٌ فَفَلَقَهَا فَإِذَا فِیهَا دُودَةٌ فَقَالَ یَا دَاوُدُ یَقُولُ لَكَ رَبُّكَ أَنَا أَسْمَعُ صَوْتَ هَذِهِ فِی بَطْنِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فِی قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ فَظَنَنْتَ أَنَّهُ یَخْفَی عَلَیَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ(3).
بیان: لعله إنما ظن هذا غیره فنسب إلیه لیعلم غیره ذلك أو أنه ظن أن من أدب الدعاء أن لا تكون الأصوات مختلطة فنبه بذلك علی خلافه أو أن فعله لما كان مظنة ذلك عوتب بذلك و إن لم یكن غرضه ذلك و اللّٰه یعلم.
«28»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام لَأَعْبُدَنَّ اللَّهَ الْیَوْمَ عِبَادَةً وَ لَأَقْرَأَنَّ قِرَاءَةً لَمْ أَفْعَلْ مِثْلَهَا قَطُّ فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ فَفَعَلَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِضِفْدِعٍ فِی الْمِحْرَابِ فَقَالَ لَهُ یَا دَاوُدُ أَعْجَبَكَ الْیَوْمَ مَا فَعَلْتَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ قِرَاءَتِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَا یُعْجِبَنَّكَ فَإِنِّی أُسَبِّحُ اللَّهَ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ أَلْفَ تَسْبِیحَةٍ یَتَشَعَّبُ لِی مَعَ كُلِّ تَسْبِیحَةٍ ثَلَاثَةَ آلَافِ تَحْمِیدَةٍ وَ إِنِّی لَأَكُونُ فِی قَعْرِ الْمَاءِ فَیُصَوِّتُ الطَّیْرُ فِی الْهَوَاءِ فَأَحْسَبُهُ جَائِعاً فَأَطْفُو لَهُ (4)عَلَی الْمَاءِ لِیَأْكُلَنِی وَ مَا لِی ذَنْبٌ (5).
ص: 16
«29»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ دَاوُدَ النَّبِیَّ علیه السلام كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ فِی مِحْرَابِهِ إِذْ مَرَّتْ بِهِ دُودَةٌ حَمْرَاءُ صَغِیرَةٌ تَدُبُّ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَنَظَرَ إِلَیْهَا دَاوُدُ وَ حَدَّثَ فِی نَفْسِهِ لِمَ خُلِقَتْ هَذِهِ الدُّودَةُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا تَكَلَّمِی فَقَالَتْ لَهُ یَا دَاوُدُ هَلْ سَمِعْتَ حِسِّی أَوِ اسْتَبَنْتَ (1)عَلَی الصَّفَا أَثَرِی فَقَالَ لَهَا دَاوُدُ لَا قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَبِیبِی وَ نَفَسِی وَ حِسِّی وَ یَرَی أَثَرَ مَشْیِی فَاخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ (2).
عَرَائِسُ الثَّعْلَبِیِّ، قَالَ وَهْبٌ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً لَا یَرْقَأُ لَهُ دَمْعَةٌ (3)لَیْلًا وَ لَا نَهَاراً فَقَسَّمَ الدَّهْرَ عَلَی أَرْبَعَةِ أَیَّامٍ یَوْمٌ لِلْقَضَاءِ بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یَوْمٌ لِنِسَائِهِ وَ یَوْمٌ یُسَبِّحُ فِیهِ فِی الْفَیَافِی وَ الْجِبَالِ وَ السَّاحِلِ وَ یَوْمٌ یَخْلُو فِی دَارٍ لَهُ فِیهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِحْرَابٍ فَیَجْتَمِعُ إِلَیْهِ الرُّهْبَانُ فَیَنُوحُ مَعَهُمْ عَلَی نَفْسِهِ وَ یُسَاعِدُونَهُ عَلَی ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ سِیَاحَتِهِ یَخْرُجُ إِلَی الْفَیَافِی فَیَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِیرِ فَیَبْكِی وَ یَبْكِی مَعَهُ الشَّجَرُ وَ الْمَدَرُ وَ الرِّمَالُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ الْحِیتَانُ وَ دَوَابُّ الْبَحْرِ وَ طَیْرُ الْمَاءِ وَ السِّبَاعُ وَ یَبْكِی مَعَهُ الْجِبَالُ وَ الْحِجَارَةُ وَ الدَّوَابُّ وَ الطَّیْرُ حَتَّی یَسِیلَ مِنْ دُمُوعِهِمْ مِثْلَ الْأَنْهَارِ ثُمَّ یَجِی ءُ إِلَی الْبِحَارِ فَیَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِیرِ وَ یَبْكِی فَتَبْكِی مَعَهُ الْحِیتَانُ وَ دَوَابُّ الْبَحْرِ فَإِذَا أَمْسَی رَجَعَ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ نَوْحِهِ عَلَی نَفْسِهِ نَادَی مُنَادِیهِ أَنَّ الْیَوْمَ یَوْمُ نَوْحِ دَاوُدَ عَلَی نَفْسِهِ فَلْیَحْضُرْ مَنْ یُسَاعِدُهُ قَالَ فَیَدْخُلُ الدَّارَ الَّتِی فِیهَا الْمَحَارِیبُ فَیُبْسَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ فُرُشٍ مِنْ مُسُوحٍ (4)حَشْوُهَا اللِّیفُ فَیَجْلِسُ عَلَیْهَا وَ یَجِی ءُ الرُّهْبَانُ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَاهِبٍ عَلَیْهِمُ الْبَرَانِسُ وَ فِی أَیْدِیهِمُ الْعِصِیُّ فَیَجْلِسُونَ فِی تِلْكَ الْمَحَارِیبِ ثُمَّ یَرْفَعُ دَاوُدُ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّوْحِ عَلَی نَفْسِهِ وَ یَرْفَعُ الرُّهْبَانُ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ فَلَا یَزَالُ یَبْكِی حَتَّی یَغْرِقَ الْفِرَاشُ مِنْ
ص: 17
دُمُوعِهِ وَ یَقَعَ دَاوُدُ فِیهَا مِثْلَ الْفَرْخِ یَضْطَرِبُ فَیَجِی ءُ ابْنُهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَیَحْمِلُهُ وَ یَأْخُذُ دَاوُدُ مِنْ تِلْكَ الدُّمُوعِ بِكَفَّیْهِ ثُمَّ یَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَ یَقُولُ یَا رَبِّ اغْفِرْ مَا تَرَی فَلَوْ عُدِلَ بُكَاءُ دَاوُدَ وَ دُمُوعُهُ بِبُكَاءِ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ دُمُوعِهِمْ لَعَدَلَهَا وَ قَالَ وَهْبٌ لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَی دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَبْدَأُ بِالدُّعَاءِ وَ یَسْتَغْفِرُ لِلْخَاطِئِینَ قَبْلَ نَفْسِهِ فَیَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْخَاطِئِینَ فَعَسَاكَ تَغْفِرُ لِدَاوُدَ مَعَهُمْ وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ بَعْدَ الْخَطِیئَةِ لَا یُجَالِسُ إِلَّا الْخَاطِئِینَ ثُمَّ یَقُولُ تَعَالَوْا إِلَی دَاوُدَ الْخَاطِئِ وَ لَا یَشْرَبُ شَرَاباً إِلَّا وَ هُوَ مَمْزُوجٌ بِدُمُوعِ عَیْنَیْهِ وَ كَانَ یَذُرُّ عَلَیْهِ الْمِلْحَ وَ الرَّمَادَ (1)فَیَقُولُ وَ هُوَ یَأْكُلُ هَذَا أَكْلُ الْخَاطِئِینَ وَ كَانَ قَبْلَ الْخَطِیئَةِ یَقُومُ نِصْفَ اللَّیْلِ وَ یَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ وَ بَعْدَهَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَ قَامَ اللَّیْلَ كُلَّهُ (2).
ص: 18
باب 2 قصة داود علیه السلام و أوریا و ما صدر عنه من ترك الأولی و ما جری بینه و بین حزقیل علیهما السلام (1)
الآیات؛
ص: «وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَیْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ* وَ الطَّیْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ* وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَیْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ* وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلی داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ* إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ* قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَیَبْغِی بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ* فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ* یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوی فَیُضِلَّكَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ»(17-26)
تفسیر: «الْأَیْدِ»: القوة، «أَوَّابٌ»: أی رجاع إلی اللّٰه تعالی و مرضاته، «وَ الْإِشْراقِ»: هو حین تشرق الشمس أی تضی ء و تصفو شعاعها و هو وقت الضحی أو وقت شروق الشمس و طلوعها و الحاصل وقت الرواح و الصباح مَحْشُورَةً أی مجموعة إلیه تسبح اللّٰه معه كُلٌّ لَهُ من الجبال و الطیر لأجل تسبیحه رجاع إلی التسبیح وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ أی قویناه بالهیبة و النصرة و كثرة الجنود وَ آتَیْناهُ الْحِكْمَةَ أی النبوة أو كمال العلم و إتقان العمل وَ فَصْلَ الْخِطابِ قیل یعنی الشهود و الأیمان و قیل هو علم القضاء و الفهم إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ أی تصعدوا سور الغرفة تفعل من السور فَفَزِعَ مِنْهُمْ لأنهم
ص: 19
نزلوا علیه من فوق فی یوم الاحتجاب و الحرس علی الباب وَ لا تُشْطِطْ أی و لَا تَجُرْ علینا فی حكمك إِلی سَواءِ الصِّراطِ أی وسطه و هو العدل و النعجة الأنثی من الضأن أَكْفِلْنِیها أی ملكنیها و حقیقته اجعلنی أكفلها كما أكفل ما تحت یدی و قیل اجعلها كفلی أی نصیبی وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ أی غلبنی فی مخاطبته إیای محاجة بأن جاء بحجاج و لم أقدر رده أو فی مغالبته إیای فی الخطبة وَ قَلِیلٌ ما هُمْ أی و هم قلیل و ما مزیدة للإبهام و التعجب من قلتهم أَنَّما فَتَنَّاهُ أی امتحناه و خَرَّ راكِعاً قال الأكثر أی ساجدا و قیل خر للسجود راكعا أی مصلیا.
«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الزَّبُورَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی الْجِبَالِ وَ الطَّیْرِ أَنْ یُسَبِّحْنَ مَعَهُ وَ كَانَ سَبَبُهُ أَنَّهُ إِذَا صَلَّی یَقُومُ وَزِیرُهُ (1)بَعْدَ مَا یَفْرُغُ مِنَ الصَّلَاةِ فَیَحْمَدُ اللَّهَ وَ یُسَبِّحُهُ وَ یُكَبِّرُهُ وَ یُهَلِّلُهُ ثُمَّ یَمْدَحُ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام نَبِیّاً نَبِیّاً وَ یَذْكُرُ مِنْ فَضْلِهِمْ وَ أَفْعَالِهِمْ وَ شُكْرِهِمْ وَ عِبَادَتِهِمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَ الصَّبْرِ عَلَی بَلَائِهِ وَ لَا یَذْكُرُ دَاوُدَ علیه السلام فَنَادَی دَاوُدُ رَبَّهُ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ أَثْنَیْتَ (2)عَلَی الْأَنْبِیَاءِ بِمَا قَدْ أَثْنَیْتَ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ تُثْنِ عَلَیَّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ هَؤُلَاءِ عِبَادٌ ابْتَلَیْتُهُمْ فَصَبَرُوا وَ أَنَا أُثْنِی عَلَیْهِمْ بِذَلِكَ فَقَالَ یَا رَبِّ فَابْتَلِنِی حَتَّی أَصْبِرَ فَقَالَ یَا دَاوُدُ تَخْتَارُ الْبَلَاءَ عَلَی الْعَافِیَةِ إِنِّی أَبْلَیْتُ هَؤُلَاءِ وَ لَمْ أُعْلِمْهُمْ وَ أَنَا أُبْلِیكَ وَ أُعْلِمُكَ أَنَّهُ یَأْتِیكَ بَلَائِی فِی سَنَةِ كَذَا وَ شَهْرِ كَذَا فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَانَ دَاوُدُ یُفَرِّغُ نَفْسَهُ لِعِبَادَتِهِ یَوْماً وَ یَقْعُدُ فِی مِحْرَابِهِ وَ یَوْمٌ یَقْعُدُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَیَحْكُمُ بَیْنَهُمْ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اشْتَدَّتْ عِبَادَتُهُ وَ خَلَا فِی مِحْرَابِهِ وَ حَجَبَ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ وَ هُوَ فِی مِحْرَابِهِ یُصَلِّی فَإِذَا بِطَائِرٍ قَدْ وَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ جَنَاحَاهُ مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ وَ رِجْلَاهُ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَ رَأْسُهُ وَ مِنْقَارُهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ فَأَعْجَبَهُ جِدّاً وَ نَسِیَ مَا كَانَ فِیهِ فَقَامَ لِیَأْخُذَهُ فَطَارَ الطَّائِرُ فَوَقَعَ عَلَی حَائِطٍ بَیْنَ دَاوُدَ وَ بَیْنَ أُورِیَا بْنِ حَنَانٍ وَ كَانَ دَاوُدُ قَدْ بَعَثَ أُورِیَا فِی بَعْثٍ فَصَعِدَ دَاوُدُ الْحَائِطَ لِیَأْخُذَ
ص: 20
الطَّیْرَ وَ إِذَا امْرَأَةُ أُورِیَا جَالِسَةٌ تَغْتَسِلُ فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّ دَاوُدَ نَشَرَتْ شَعْرَهَا وَ غَطَّتْ بِهِ بَدَنَهَا فَنَظَرَ إِلَیْهَا دَاوُدُ وَ افْتَتَنَ بِهَا وَ رَجَعَ إِلَی مِحْرَابِهِ وَ نَسِیَ مَا كَانَ فِیهِ وَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ فِی ذَلِكَ الْبَعْثِ أَنْ یَسِیرُوا إِلَی مَوْضِعِ كَیْتَ وَ كَیْتَ وَ یُوضَعَ التَّابُوتُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ عَدُوِّهِمْ وَ كَانَ التَّابُوتُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ كَانَ رُفِعَ بَعْدَ مُوسَی علیه السلام إِلَی السَّمَاءِ لَمَّا عَمِلَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بِالْمَعَاصِی فَلَمَّا غَلَبَهُمْ جَالُوتُ وَ سَأَلُوا النَّبِیَّ أَنْ یَبْعَثَ إِلَیْهِمْ مَلِكاً یُقَاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَقَدَّسَ وَجْهُهُ بَعَثَ إِلَیْهِمْ طَالُوتَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِمُ التَّابُوتَ وَ كَانَ التَّابُوتُ إِذَا وُضِعَ بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَیْنَ أَعْدَائِهِمْ وَ رَجَعَ عَنِ التَّابُوتِ إِنْسَانٌ كُفِّرَ وَ قُتِلَ وَ لَا یَرْجِعُ أَحَدٌ عَنْهُ إِلَّا وَ یُقْتَلُ فَكَتَبَ دَاوُدُ إِلَی صَاحِبِهِ الَّذِی بَعَثَهُ أَنْ ضَعِ التَّابُوتَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ وَ قَدِّمْ أُورِیَا بْنَ حَنَانٍ بَیْنَ یَدَیِ التَّابُوتِ فَقَدَّمَهُ وَ قُتِلَ فَلَمَّا قُتِلَ أُورِیَا دَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ وَ لَمْ یَكُنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أُورِیَا وَ كَانَتْ فِی عِدَّتِهَا وَ دَاوُدُ فِی مِحْرَابِهِ یَوْمَ عِبَادَتِهِ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ مِنْ سَقْفِ الْبَیْتِ وَ قَعَدَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَفَزِعَ دَاوُدُ مِنْهُمَا فَقَالا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ وَ لِدَاوُدَ حِینَئِذٍ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ امْرَأَةً مَا بَیْنَ مَهِیرَةٍ (1)إِلَی جَارِیَةٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِدَاوُدَ إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ أَیْ ظَلَمَنِی وَ قَهَرَنِی فَقَالَ دَاوُدُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ إِلَی قَوْلِهِ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ قَالَ فَضَحِكَ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَالَ حَكَمَ الرَّجُلُ عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ دَاوُدُ أَ تَضْحَكُ وَ قَدْ عَصَیْتَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهْشِمَ (2)فَاكَ قَالَ فَعَرَجَا وَ قَالَ الْمَلَكُ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ لَوْ عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَشْمِ فِیهِ مِنِّی فَفَهِمَ دَاوُدُ الْأَمْرَ وَ ذَكَرَ الْقَضِیَّةَ (3)فَبَقِیَ أَرْبَعِینَ یَوْماً سَاجِداً یَبْكِی لَیْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَا یَقُومُ إِلَّا وَقْتَ الصَّلَاةِ حَتَّی انْخَرَقَ جَبِینُهُ وَ سَالَ الدَّمُ مِنْ عَیْنَیْهِ
ص: 21
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً نُودِیَ یَا دَاوُدُ مَا لَكَ أَ جَائِعٌ أَنْتَ فَنُشْبِعَكَ أَمْ ظَمْآنُ فَنُسْقِیَكَ أَمْ عُرْیَانٌ فَنَكْسُوَكَ أَمْ خَائِفٌ فَنُؤَمِّنَكَ فَقَالَ أَیْ رَبِّ وَ كَیْفَ لَا أَخَافُ وَ قَدْ عَمِلْتُ مَا عَلِمْتَ (1)وَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِی لَا یَجُوزُكَ ظُلْمُ ظَالِمٍ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ تُبْ یَا دَاوُدُ فَقَالَ أَیْ رَبِّ وَ أَنَّی لِی بِالتَّوْبَةِ قَالَ صِرْ إِلَی قَبْرِ أُورِیَا حَتَّی أَبْعَثَهُ إِلَیْكَ (2)وَ اسْأَلْهُ أَنْ یَغْفِرَ لَكَ فَإِنْ غَفَرَ لَكَ غَفَرْتُ لَكَ قَالَ یَا رَبِّ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ قَالَ أَسْتَوْهِبُكَ مِنْهُ فَخَرَجَ دَاوُدُ علیه السلام یَمْشِی عَلَی قَدَمَیْهِ وَ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا یَبْقَی حَجَرٌ وَ لَا شَجَرٌ وَ لَا جَبَلٌ وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا یُجَاوِبُهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی جَبَلٍ وَ عَلَیْهِ نَبِیٌّ عَابِدٌ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا سَمِعَ دَوِیَّ الْجِبَالِ وَ صَوْتَ السِّبَاعِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ فَقَالَ هَذَا النَّبِیُّ الْخَاطِئُ فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أَصْعَدَ إِلَیْكَ قَالَ لَا فَإِنَّكَ مُذْنِبٌ فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی حِزْقِیلَ یَا حِزْقِیلُ لَا تُعَیِّرْ دَاوُدَ بِخَطِیئَتِهِ وَ سَلْنِی الْعَافِیَةَ فَنَزَلَ حِزْقِیلُ وَ أَخَذَ بِیَدِ دَاوُدَ وَ أَصْعَدَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِیئَةٍ قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ رَكَنْتَ إِلَی الدُّنْیَا فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا قَالَ بَلَی رُبَّمَا عَرَضَ ذَلِكَ بِقَلْبِی قَالَ فَمَا تَصْنَعُ قَالَ أَدْخُلُ هَذَا الشِّعْبَ فَأَعْتَبِرُ بِمَا فِیهِ قَالَ فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام الشِّعْبَ فَإِذَا بِسَرِیرٍ مِنْ حَدِیدٍ عَلَیْهِ جُمْجُمَةٌ بَالِیَةٌ وَ عِظَامٌ نَخِرَةٌ (3)وَ إِذَا لَوْحٌ مِنْ حَدِیدٍ وَ فِیهِ مَكْتُوبٌ فَقَرَأَهُ دَاوُدُ فَإِذَا فِیهِ أَنَا أَرْوَی بْنُ سَلَمٍ مَلَكْتُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ بَنَیْتُ أَلْفَ مَدِینَةٍ وَ افْتَضَضْتُ أَلْفَ جَارِیَةٍ وَ كَانَ آخِرَ أَمْرِی أَنْ صَارَ التُّرَابُ فِرَاشِی وَ الْحِجَارَةُ وِسَادِی وَ الْحَیَّاتُ وَ الدِّیدَانُ جِیرَانِی فَمَنْ یَرَانِی فَلَا یَغْتَرَّ بِالدُّنْیَا وَ مَضَی دَاوُدُ حَتَّی أَتَی قَبْرَ أُورِیَا فَنَادَاهُ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ نَادَاهُ ثَانِیَةً فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ نَادَاهُ ثَالِثَةً فَقَالَ أُورِیَا مَا لَكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَقَدْ شَغَلْتَنِی عَنْ سُرُورِی وَ قُرَّةِ عَیْنِی قَالَ یَا أُورِیَا اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی خَطِیئَتِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا دَاوُدُ بَیِّنْ لَهُ مَا كَانَ مِنْكَ فَنَادَاهُ دَاوُدُ فَأَجَابَهُ فِی الثَّالِثَةِ فَقَالَ یَا أُورِیَا فَعَلْتُ كَذَا
ص: 22
وَ كَذَا وَ كَیْتَ وَ كَیْتَ (1)فَقَالَ أُورِیَا أَ یَفْعَلُ الْأَنْبِیَاءُ مِثْلَ هَذَا فَنَادَاهُ فَلَمْ یُجِبْهُ فَوَقَعَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی الْأَرْضِ بَاكِیاً فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی صَاحِبِ الْفِرْدَوْسِ لِیَكْشِفْ عَنْهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَقَالَ أُورِیَا لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِمَنْ غَفَرَ لِدَاوُدَ خَطِیئَتَهُ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ خَطِیئَتَهُ فَرَجَعَ دَاوُدُ علیه السلام إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ إِذَا صَلَّی قَامَ وَزِیرُهُ یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یُثْنِی عَلَیْهِ (2)وَ یُثْنِی عَلَی الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام ثُمَّ یَقُولُ كَانَ مِنْ فَضْلِ نَبِیِّ اللَّهِ دَاوُدَ قَبْلَ الْخَطِیئَةِ كَیْتَ وَ كَیْتَ فَاغْتَمَّ دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ قَدْ وَهَبْتُ لَكَ خَطِیئَتَكَ وَ أَلْزَمْتُ عَارَ ذَنْبِكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ وَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِی لَا تَجُورُ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ یُعَاجِلُوكَ النَّكِیرَ (3)وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ علیه السلام بِامْرَأَةِ أُورِیَا بَعْدَ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ ظَنَّ داوُدُ أَیْ عَلِمَ وَ أَنابَ أَیْ تَابَ وَ ذَكَرَ أَنَّ دَاوُدَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ أَنْ لَا تُقَدِّمْ أُورِیَا بَیْنَ یَدَیِ التَّابُوتِ وَ رُدَّهُ فَقَدِمَ أُورِیَا إِلَی أَهْلِهِ وَ مَكَثَ ثَمَانِیَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ مَاتَ (4).
بیان: اعلم أن هذا الخبر محمول علی التقیة (5)لموافقته لما روته العامة فی ذلك و سیأتی تحقیق القول فیه (6).
«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ وَ الْمُكَتِّبُ وَ الْوَرَّاقُ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: سَأَلَ الرِّضَا علیه السلام عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ فَقَالَ مَا یَقُولُ مَنْ قِبَلَكُمْ فِی دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ یَقُولُونَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ فِی مِحْرَابِهِ یُصَلِّی إِذْ تَصَوَّرَ لَهُ إِبْلِیسُ عَلَی صُورَةِ طَیْرٍ أَحْسَنَ مَا یَكُونُ مِنَ الطُّیُورِ فَقَطَعَ دَاوُدُ صَلَاتَهُ وَ
ص: 23
قَامَ لِیَأْخُذَ الطَّیْرَ فَخَرَجَ الطَّیْرُ إِلَی الدَّارِ فَخَرَجَ فِی أَثَرِهِ فَطَارَ الطَّیْرُ إِلَی السَّطْحِ فَصَعِدَ فِی طَلَبِهِ فَسَقَطَ الطَّیْرُ فِی دَارِ أُورِیَا بْنِ حَنَانٍ فَاطَّلَعَ دَاوُدُ علیه السلام فِی أَثَرِ الطَّیْرِ فَإِذَا بِامْرَأَةِ أُورِیَا تَغْتَسِلُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهَا هَوَاهَا وَ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ أُورِیَا فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَكَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ أَنْ قَدِّمْ أُورِیَا أَمَامَ الْحَرْبِ (1)فَقُدِّمَ فَظَفِرَ أُورِیَا بِالْمُشْرِكِینَ فَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَی دَاوُدَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ ثَانِیَةً أَنْ قَدِّمْهُ أَمَامَ التَّابُوتِ فَقُدِّمَ فَقُتِلَ أُورِیَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ بِامْرَأَتِهِ قَالَ فَضَرَبَ علیه السلام بِیَدِهِ عَلَی جَبْهَتِهِ وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ لَقَدْ نَسَبْتُمْ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ علیهم السلام إِلَی التَّهَاوُنِ بِصَلَاتِهِ حِینَ خَرَجَ فِی أَثَرِ الطَّیْرِ ثُمَّ بِالْفَاحِشَةِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ خَطِیئَتُهُ فَقَالَ علیه السلام وَیْحَكَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام إِنَّمَا ظَنَّ أَنْ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ الْمَلَكَیْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ فَقَالا خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ فَعَجَّلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ فَقَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ وَ لَمْ یَسْأَلِ الْمُدَّعِیَ الْبَیِّنَةَ عَلَی ذَلِكَ وَ لَمْ یُقْبِلْ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ فَیَقُولَ لَهُ مَا تَقُولُ فَكَانَ هَذَا خَطِیئَةُ حُكْمٍ (2)لَا مَا ذَهَبْتُمْ إِلَیْهِ أَ لَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا قِصَّتُهُ مَعَ أُورِیَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ الْمَرْأَةَ فِی أَیَّامِ دَاوُدَ كَانَتْ إِذَا مَاتَ بَعْلُهَا أَوْ قُتِلَ لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ أَوَّلُ مَنْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قُتِلَ بَعْلُهَا دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ أُورِیَا لَمَّا قُتِلَ وَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَذَلِكَ الَّذِی شُقَّ عَلَی أُورِیَا (3)فَذَلِكَ الَّذِی شُقَّ عَلَی النَّاسِ مِنْ قِبَلِ أُورِیَا.
بیان: قد مر الخبر بتمامه و بیانه مع أخبار أخر فی باب عصمتهم.
ص: 24
«3»-ك، إكمال الدین لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام (1)خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا یَبْقَی جَبَلٌ وَ لَا حَجَرٌ وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا جَاوَبَهُ فَمَا زَالَ یَمُرُّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی جَبَلٍ فَإِذَا عَلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ نَبِیٌّ عَابِدٌ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا سَمِعَ دَوِیَّ الْجِبَالِ وَ أَصْوَاتَ السِّبَاعِ وَ الطَّیْرِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ أَ تَأْذَنُ لِی فَأَصْعَدَ إِلَیْكَ قَالَ لَا فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ یَا حِزْقِیلُ لَا تُعَیِّرْ دَاوُدَ وَ سَلْنِی الْعَافِیَةَ فَقَامَ حِزْقِیلُ فَأَخَذَ بِیَدِ دَاوُدَ فَرَفَعَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِیئَةٍ قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ رَكَنْتَ إِلَی الدُّنْیَا فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ شَهْوَتِهَا وَ لَذَّتِهَا قَالَ بَلَی رُبَّمَا عَرَضَ بِقَلْبِی قَالَ فَمَا ذَا تَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ (2)قَالَ أَدْخُلُ هَذَا الشِّعْبَ فَأَعْتَبِرُ بِمَا فِیهِ قَالَ فَدَخَلَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام الشِّعْبَ فَإِذَا سَرِیرٌ مِنْ حَدِیدٍ عَلَیْهِ جُمْجُمَةٌ بَالِیَةٌ وَ عِظَامٌ فَانِیَةٌ وَ إِذَا لَوْحٌ مِنْ حَدِیدٍ فِیهِ كِتَابَةٌ فَقَرَأَهَا دَاوُدُ علیه السلام فَإِذَا هِیَ أَنَا أَرْوَی سَلَمٍ (3)مَلَكْتُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ بَنَیْتُ أَلْفَ مَدِینَةٍ وَ افْتَضَضْتُ أَلْفَ بِكْرٍ فَكَانَ آخِرَ أَمْرِی أَنْ صَارَ التُّرَابُ فِرَاشِی وَ الْحِجَارَةُ وِسَادَتِی وَ الدِّیدَانُ وَ الْحَیَّاتُ جِیرَانِی فَمَنْ رَآنِی فَلَا یَغْتَرَّ بِالدُّنْیَا (4).
«4»-نبه، تنبیه الخاطر دَخَلَ دَاوُدُ غَاراً مِنْ غِیرَانِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَوَجَدَ حِزْقِیلَ یَعْبُدُ رَبَّهُ وَ قَدْ یَبِسَ
ص: 25
جِلْدُهُ عَلَی عَظْمِهِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَسْمَعُ صَوْتَ شَبْعَانَ نَاعِمٍ (1)فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا دَاوُدُ قَالَ الَّذِی لَهُ كَذَا وَ كَذَا امْرَأَةً وَ كَذَا وَ كَذَا أَمَةً قَالَ نَعَمْ وَ أَنْتَ فِی هَذِهِ الشِّدَّةِ قَالَ مَا أَنَا فِی شِدَّةٍ وَ لَا أَنْتَ فِی نِعْمَةٍ حَتَّی تَدْخُلَ الْجَنَّةَ (2).
«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُوسَی النَّخَعِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ (3)عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِیمَا یَقُولُ النَّاسُ فِی دَاوُدَ وَ امْرَأَةِ أُورِیَا فَقَالَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ تَقُولُهُ الْعَامَّةُ (4).
«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنِ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ أَخَذْتُ أَحَداً یَزْعُمُ أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهَا لَحَدَدْتُهُ حَدَّیْنِ حَدّاً لِلنُّبُوَّةِ وَ حَدّاً لِمَا رَمَاهُ بِهِ (5).
أقول: روت العامة مثله عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَكَی أَحَدٌ بُكَاءَ ثَلَاثَةٍ آدَمَ وَ یُوسُفَ وَ دَاوُدَ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِهِمْ فَقَالَ أَمَّا آدَمُ علیه السلام فَبَكَی حِینَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِی بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَبَكَی حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ فَأَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ بَكَی حَتَّی هَاجَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَ إِنْ كَانَ لَیَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَیُحْرِقُ مَا نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ (6)وَ أَمَّا یُوسُفُ علیه السلام فَإِنَّهُ كَانَ یَبْكِی عَلَی
ص: 26
أَبِیهِ یَعْقُوبَ وَ هُوَ فِی السِّجْنِ فَتَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَبْكِیَ یَوْماً وَ یَسْكُتَ یَوْماً (1).
«8»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِیِّ (2)عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ أَنِّی قَدْ غَفَرْتُ ذَنْبَكَ وَ جَعَلْتُ عَارَ ذَنْبِكَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ كَیْفَ یَا رَبِّ وَ أَنْتَ لَا تَظْلِمُ قَالَ إِنَّهُمْ لَنْ یُعَاجِلُوكَ بِالنَّكَرَةِ (3).
عَرَائِسُ الثَّعْلَبِیِّ، قَالَ: لَمَّا عَلِمَ دَاوُدُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَلَكَیْنِ أَنَّهُمَا نَزَلَا لِتَنْبِیهِهِ عَلَی الْخَطَإِ خَرَّ سَاجِداً أَرْبَعِینَ یَوْماً لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَ لِوَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ثُمَّ یَعُودُ سَاجِداً ثُمَّ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا ثُمَّ یَعُودُ فَیَسْجُدُ تَمَامَ أَرْبَعِینَ یَوْماً (4)لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ هُوَ یَبْكِی حَتَّی نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَ رَأْسِهِ وَ هُوَ یُنَادِی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَ كَانَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ الَّذِی یَبْتَلِی الْخَلْقَ بِمَا یَشَاءُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (5)إِلَهِی لَمْ أَتَّعِظْ بِمَا وَعَظْتَ بِهِ غَیْرِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنْتَ خَلَقْتَنِی وَ كَانَ فِی سَابِقِ عِلْمِكَ مَا أَنَا صَائِرٌ إِلَیْهِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی یُغْسَلُ الثَّوْبُ فَیَذْهَبُ دَرَنُهُ وَ وَسَخُهُ وَ الْخَطِیئَةُ لَازِمَةٌ لِی لَا تَذْهَبُ عَنِّی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَمَرْتَنِی أَنْ أَكُونَ لِلْیَتِیمِ كَالْأَبِ الرَّحِیمِ وَ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الرَّحِیمِ (6)فَنَسِیتُ عَهْدَكَ
ص: 27
سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ فَیُقَالُ هَذَا دَاوُدُ الْخَاطِئُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی بِأَیِّ عَیْنٍ أَنْظُرُ إِلَیْكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الظَّالِمُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ إِلَهِی بِأَیِّ قَدَمٍ أَقُومُ أَمَامَكَ یَوْمَ تَزِلُّ أَقْدَامُ الْخَاطِئِینَ (1)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی الْخَطِیئَةُ لَازِمَةٌ لِی (2)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی مِنْ أَیْنَ یَطْلُبُ الْعَبْدُ الْمَغْفِرَةَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ سَیِّدِهِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی مَطَرَتِ السَّمَاءُ وَ لَمْ تَمْطُرْ حَوْلِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ وَ لَمْ تَعْشَبْ حَوْلِی لِخَطِیئَتِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنَا الَّذِی لَا أُطِیقُ حَرَّ شَمْسِكَ فَكَیْفَ أُطِیقُ حَرَّ نَارِكَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنَا الَّذِی لَا أُطِیقُ صَوْتَ رَعْدِكَ فَكَیْفَ أُطِیقُ صَوْتَ جَهَنَّمَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی كَیْفَ یَسْتَتِرُ الْخَاطِئُونَ بِخَطَایَاهُمْ وَ أَنْتَ شَاهِدُهُمْ حَیْثُ كَانُوا سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی قُرِحَ الْجَبِینُ (3)وَ جَمَدَتِ الْعَیْنَانِ مِنْ مَخَافَةِ الْحَرِیقِ عَلَی جَسَدِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی تُسَبِّحُ لَكَ الطَّیْرُ بِأَصْوَاتٍ ضِعَافٍ تَخَافُكَ وَ أَنَا الْعَبْدُ الْخَاطِئُ الَّذِی لَمْ أَرْعَ وَصِیَّتَكَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی الْوَیْلُ لِدَاوُدَ مِنَ الذَّنْبِ الْعَظِیمِ الَّذِی أَصَابَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (4)إِلَهِی أَسْأَلُكَ یَا إِلَهَ إِبْرَاهِیمَ (5)وَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ أَنْ تُعْطِیَنِی سُؤْلِی فَإِنَّ إِلَیْكَ رَغْبَتِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ اللَّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ اغْفِرْ لِی ذُنُوبِی وَ لَا تُبَاعِدْنِی مِنْ رَحْمَتِكَ بِهَوَایَ (6)اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ دَعْوَةٍ لَا تُسْتَجَابُ وَ صَلَاةٍ لَا تُقْبَلُ وَ عَمَلٍ لَا یُقْبَلُ (7)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِیمِ ذُنُوبِیَ الَّتِی أَوْبَقَتْنِی (8)سُبْحَانَ
ص: 28
خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی فَرَرْتُ إِلَیْكَ بِذُنُوبِی (1)وَ اعْتَرَفْتُ بِخَطِیئَتِی فَلَا تَجْعَلْنِی مِنَ الْقَانِطِینَ وَ لَا تُخْزِنِی یَوْمَ الدِّینِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی قَرِحَ الْجَبِینُ (2)وَ فَنِیَتِ الدُّمُوعُ وَ تَنَاثَرَ الدُّودُ مِنْ رُكْبَتَیَّ وَ خَطِیئَتِی أَلْزَمُ بِی مِنْ جِلْدِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ قَالُوا فَأَتَاهُ نِدَاءٌ یَا دَاوُدُ أَ جَائِعٌ أَنْتَ فَتُطْعَمَ أَمْ ظَمْآنُ أَنْتَ فَتُسْقَی أَ مَظْلُومٌ أَنْتَ فَتُنْصَرَ وَ لَمْ یُجِبْهُ فِی ذِكْرِ خَطِیئَتِهِ فَصَاحَ صَیْحَةً هَاجَ مَا حَوْلَهُ ثُمَّ نَادَی یَا رَبِّ الذَّنْبَ الَّذِی أَصَبْتُ فَنُودِیَ یَا دَاوُدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ فَلَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّی جَاءَهُ جَبْرَئِیلُ فَرَفَعَهُ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا نَادَی أُورِیَا فَلَمْ یُجِبْهُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فَعَلَ بِزَوْجَتِهِ قَامَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَ جَعَلَ یَحْثُو التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ نَادَی الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ لَهُ حِینَ یُؤْخَذُ بِذَقَنِهِ فَیُدْفَعُ إِلَی الْمَظْلُومِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ الطَّوِیلُ لَهُ حِینَ یُسْحَبُ عَلَی وَجْهِهِ مَعَ الْخَاطِئِینَ إِلَی النَّارِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ الطَّوِیلُ لَهُ حِینَ تُقَرِّبُهُ الزَّبَانِیَةُ مَعَ الظَّالِمِینَ إِلَی النَّارِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ قَالَ فَأَتَاهُ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ یَا دَاوُدُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ ذَنْبَكَ وَ رَحِمْتُ بُكَاءَكَ وَ اسْتَجَبْتُ دُعَاءَكَ وَ أَقَلْتُ عَثْرَتَكَ (3)- وَ عَنْ أَبِی الْعَالِیَةِ (4)قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ دَاوُدَ علیه السلام سُبْحَانَكَ إِلَهِی إِذَا ذَكَرْتُ خَطِیئَتِی ضَاقَتْ عَلَیَّ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا وَ إِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ ارْتَدَّتْ إِلَیَّ رُوحِی إِلَهِی أَتَیْتُ أَطِبَّاءَ عِبَادِكَ لِیُدَاوُوا لِی خَطِیئَتِی فَكُلُّهُمْ عَلَیْكَ یَدُلُّنِی- وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَدَّ الدُّمُوعُ فِی وَجْهِ دَاوُدَ علیه السلام خَدِیدَ الْمَاءِ (5)فِی الْأَرْضِ (6).
ص: 29
تذنیب: قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی استغفار داود علیه السلام من أی شی ء كان فقیل إنه حصل منه علی سبیل الانقطاع إلی اللّٰه تعالی و الخضوع له و التذلل بالعبادة و السجود كما حكی سبحانه عن إبراهیم علیه السلام بقوله وَ الَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ (1)و أما قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ فالمعنی أنا قبلناه منه و أثبناه علیه فأخرجه علی لفظ الجزاء مثل قوله یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ (2)و قوله اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (3)فلما كان المقصود من الاستغفار و التوبة القبول قیل فی جوابه غفرنا و هذا قول من ینزه الأنبیاء عن جمیع الذنوب من الإمامیة و غیرهم (4)و من جوز علی الأنبیاء الصغائر قال إن استغفاره علیه السلام كان لصغیرة.
ثم إنهم اختلفوا فی ذلك علی وجوه أحدها أن أوریا بن حنان خطب امرأة فكان أهلها أرادوا أن یزوجوها منه فبلغ داود جمالها فخطبها أیضا فزوجوها منه و قدموه علی أوریا فعوتب داود علیه السلام علی الحرص علی الدنیا عن الجبائی.
و ثانیها أنه أخرج أوریا إلی بعض ثغوره فقتل فلم یجزع علیه جزعه علی أمثاله من جنده (5)إذ مالت نفسه إلی نكاح امرأته فعوتب علی ذلك بنزول الملكین. (6)و ثالثها أنه كان فی شریعته أن الرجل إذا مات و خلف امرأة فأولیاؤه أحق بها إلا أن یرغبوا عن التزویج بها فحینئذ یجوز لغیرهم أن یتزوج بها فلما قتل أوریا خطب داود امرأته و منعت هیبة داود و جلالته أولیاءه أن یخطبوها فعوتب علی ذلك.
و رابعها أن داود كان متشاغلا بالعبادة فأتاه رجل و امرأة محاكمین (7)إلیه فنظر إلی المرأة لیعرفها بعینها و ذلك نظر مباح فمالت نفسه (8)میل الطباع ففصل بینهما
ص: 30
و عاد إلی عبادة ربه فشغله الفكر فی أمرها عن بعض نوافله فعوتب.
و خامسها أنه عوتب علی عجلته فی الحكم قبل التثبت و كان یجب علیه حین سمع الدعوی من أحد الخصمین أن یسأل الآخر عما عنده فیه و لا یحكم علیه قبل ذلك و إنما أنساه التثبت فی الحكم فزعه من دخولهما علیه فی غیر وقت العادة انتهی. (1)و قال الرازی بعد رد الروایة المشهورة و الطعن فیها و إقامة الدلائل علی بطلانها و ذكر بعض الوجوه السابقة و تزییفها.
روی أن جماعة من الأعداء طمعوا فی أن یقتلوا نبی اللّٰه داود علیه السلام و كان له یوم یخلو فیه بنفسه و یشتغل بطاعة ربه فانتهزوا الفرصة فی ذلك الیوم و تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ فلما دخلوا علیه وجدوا عنده أقواما یمنعونه منهم فخافوا و وضعوا كذبا فقالوا خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ إلی آخر القصة و لیس فی لفظ القرآن ما یمكن أن یحتج به فی إلحاق الذنب بداود إلا ألفاظ أربعة أحدها قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ و ثانیها قوله فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ و ثالثها قوله وَ أَنابَ و رابعها قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ ثم نقول و هذه الألفاظ لا یدل شی ء منها علی ما ذكروه و تقریره من وجوه:
الأول أنه لما دخلوا علیه لطلب قتله بهذا الطریق و علم داود علیه السلام دعاه الغضب إلی أن یشتغل بالانتقام منهم إلا أنه مال إلی التصفح و التجاوز عنهم طلبا لمرضاة اللّٰه تعالی فكانت هذه الواقعة هی الفتنة لأنها جاریة مجری الابتلاء و الامتحان ثم إنه استغفر ربه مما هم به من الانتقام منهم و تاب عن ذلك الهم وَ أَنابَ فَغَفَرْنا لَهُ (2)ذلِكَ الْقَدْرَ مِنَ الْهَمِّ وَ الْعَزْمِ.
و الثانی أنه و إن غلب علی ظنه أنهم دخلوا علیه لیقتلوه إلا أنه ندم علی ذلك الظن و قال لما لم تقم دلالة و لا أمارة علی أن الأمر كذلك فبئس ما عملت بهم حین ظننت بهم هذا الظن الردی ء فكان هذا هو المراد من قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ منه فغفر اللّٰه له ذلك.
ص: 31
الثالث أن دخولهم علیه كان فتنة لداود إلا أنه علیه السلام استغفر لذلك الداخل العازم علی قتله و قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ أی لاحترام داود علیه السلام و تعظیمه انتهی. (1)و قال البیضاوی أقصی ما فی هذه الإشعار بأنه علیه السلام ود أن یكون له ما لغیره و كان له أمثاله فنبهه اللّٰه بهذه القضیة فاستغفر و أناب عنه انتهی. (2)
أقول: لما ثبت بما قدمنا عصمتهم علیهم السلام عن جمیع الذنوب (3)لا بد من رد ما یدل علی صدور ذنب عنه علیه السلام فی ذلك و أما الوجوه التی یمكن حملها علی ترك الأولی و الأفضل كأكثر الوجوه السالفة فهی محتملة و لا یمكن القطع بها إلا بعد ثبوتها و قد عرفت ما یظهر من الأخبار و اللّٰه یعلم حقیقة الحال (4).
ص: 32
الآیات؛
الأنبیاء: «وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ»(105)
تفسیر: قال الطبرسی قدس اللّٰه سره: فیه أقوال: أحدها أن الزبور كتب الأنبیاء و الذكر اللوح المحفوظ. و ثانیها أن الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة و الذكر التوراة. و ثالثها أن الزبور زبور داود و الذكر التوراة أَنَّ الْأَرْضَ أی أرض الجنة و قیل هی الأرض المعروفة یرثها أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُمْ أَصْحَابُ الْمَهْدِیِّ علیه السلام فِی آخِرِ الزَّمَانِ (1)
«1»- كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَ الزَّبُورُ فِی لَیْلَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (2).
و بإسناده (3)عن داود بن حفص عنه علیه السلام عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مثله (4).
«2»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَ سُمِّیَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً فَقَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أُنْزِلَتْ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ الْحَدِیثَ (5).
ص: 33
«3»-لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الصُّوفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا لِی أَرَاكَ وُحْدَاناً قَالَ هَجَرْتُ النَّاسَ وَ هَجَرُونِی فِیكَ قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ سَاكِتاً قَالَ خَشْیَتُكَ أَسْكَتَتْنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ نَصِباً (1)قَالَ حُبُّكَ أَنْصَبَنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ فَقِیراً وَ قَدْ أَفَدْتُكَ (2)قَالَ الْقِیَامُ بِحَقِّكَ أَفْقَرَنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ مُتَذَلِّلًا قَالَ عَظِیمُ جَلَالِكَ الَّذِی لَا یُوصَفُ ذَلَّلَنِی وَ حَقٌّ ذَلِكَ لَكَ یَا سَیِّدِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَأَبْشِرْ بِالْفَضْلِ مِنِّی فَلَكَ مَا تُحِبُّ یَوْمَ تَلْقَانِی خَالِطِ النَّاسَ وَ خَالِقْهُمْ بِأَخْلَاقِهِمْ وَ زَایِلْهُمْ (3)فِی أَعْمَالِهِمْ تَنَلْ مَا تُرِیدُ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ بِی فَافْرَحْ وَ بِذِكْرِی فَتَلَذَّذْ وَ بِمُنَاجَاتِی فَتَنَعَّمْ فَعَنْ قَلِیلٍ أُخْلِی الدَّارَ مِنَ الْفَاسِقِینَ وَ أَجْعَلُ لَعْنَتِی عَلَی الظَّالِمِینَ (4).
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی مِثْلَهُ (5).
«4»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام (6)قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ كَمَا لَا تَضِیقُ الشَّمْسُ عَلَی مَنْ جَلَسَ فِیهَا كَذَلِكَ لَا تَضِیقُ رَحْمَتِی عَلَی مَنْ دَخَلَ فِیهَا وَ كَمَا لَا تَضُرُّ الطِّیَرَةُ مَنْ لَا یَتَطَیَّرُ مِنْهَا كَذَلِكَ لَا یَنْجُو مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُتَطَیِّرُونَ وَ كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ الْمُتَوَاضِعُونَ كَذَلِكَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ الْمُتَكَبِّرُونَ (7).
«5»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَ
ص: 34
الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِی لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ فَأُبِیحُهُ جَنَّتِی قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ یُدْخِلُ عَلَی عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ سُرُوراً وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام حَقٌّ لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ لَا یَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ (1).
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بإسناده إلی الصدوق مثله (2).
«6»-مع، معانی الأخبار ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام إِنَّ الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِی لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ فَأُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ یُفَرِّجُ عَنِ الْمُؤْمِنِ كُرْبَتَهُ وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام حَقٌّ لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ لَا یَنْقَطِعَ رَجَاؤُهُ مِنْكَ (3).
«7»-ب، قرب الإسناد ابْنُ طَرِیفٍ (4)عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ فِیهِ قَالَ كُرْبَةٌ یُنَفِّسُهَا عَنْ مُؤْمِنٍ بِقَدْرِ تَمْرَةٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ (5).
«8»-ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ دَاوُدَ قَالَ لِسُلَیْمَانَ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تَتْرُكُ الْعَبْدَ حَقِیراً (6)یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا بُنَیَّ عَلَیْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ فَإِنَّ النَّدَامَةَ عَلَی طُولِ الصَّمْتِ مَرَّةً وَاحِدَةً خَیْرٌ مِنَ النَّدَامَةِ عَلَی كَثْرَةِ الْكَلَامِ مَرَّاتٍ یَا بُنَیَّ لَوْ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ كَانَ یَنْبَغِی لِلصَّمْتِ أَنْ یَكُونَ مِنْ ذَهَبٍ (7).
ص: 35
«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُلَیْمَانَ الزَّاهِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّائِیَّ الْوَاعِظَ یَقُولُ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ یَقُولُ قَرَأْتُ فِی زَبُورِ دَاوُدَ أَسْطُراً مِنْهَا مَا حَفِظْتُ وَ مِنْهَا مَا نَسِیتُ فَمَا حَفِظْتُ قَوْلُهُ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی (1)مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ یُحِبُّنِی أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ عَنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ مُسْتَحْیٍ مِنَ الْمَعَاصِی الَّتِی عَصَانِی بِهَا غَفَرْتُهَا لَهُ وَ أَنْسَیْتُهَا حَافِظَیْهِ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ قَالَ دَاوُدُ یَا رَبِّ وَ مَا هَذِهِ الْحَسَنَةُ قَالَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ دَاوُدُ إِلَهِی لِذَلِكَ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ یَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ (2).
«10»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ یَا ابْنَ آدَمَ كَیْفَ تَتَكَلَّمُ بِالْهُدَی وَ أَنْتَ لَا تُفِیقُ عَنِ الرَّدَی یَا ابْنَ آدَمَ أَصْبَحَ قَلْبُكَ قَاسِیاً وَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ نَاسِیاً (3)فَلَوْ كُنْتَ بِاللَّهِ عَالِماً وَ بِعَظَمَتِهِ عَارِفاً لَمْ تَزَلْ مِنْهُ خَائِفاً وَ لِمَوْعِدِهِ رَاجِیاً وَیْحَكَ كَیْفَ لَا تَذْكُرُ لَحْدَكَ وَ انْفِرَادَكَ فِیهِ وَحْدَكَ (4).
«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِیدِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْأُمَوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْأُمَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ إِنَّ الْعَبْدَ لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأُحَكِّمُهُ (5)بِهَا فِی الْجَنَّةِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ مَا هَذَا الْعَبْدُ الَّذِی یَأْتِیكَ بِالْحَسَنَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَتُحَكِّمُهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ قَالَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ سَعَی فِی حَاجَةِ أَخِیهِ الْمُسْلِمِ أَحَبَّ قَضَاءَهَا قُضِیَتْ لَهُ أَمْ لَمْ تُقْضَ (6).
ص: 36
«12»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قَالَ الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ قَالَ الْقَائِمُ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ قَالَ وَ الزَّبُورُ فِیهِ مَلَاحِمُ وَ تَحْمِیدٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ دُعَاءٌ (1).
بیان: قال المسعودی أنزل اللّٰه علیه الزبور بالعبرانیة مائة و خمسین سورة و جعله ثلاثة أثلاث فالثلث الأول فیه ما یلقون من بختنصر و ما یكون من أمره فی المستقبل و فی الثلث الثانی ما یلقون من أهل الثور و فی الثلث الثالث مواعظ و ترغیب لیس فیه أمر و لا نهی و لا تحلیل و لا تحریم (2).
«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنْ بَلِّغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ مِنْهُمْ آمُرُهُ بِطَاعَتِی فَیُطِیعُنِی إِلَّا كَانَ حَقّاً عَلَیَّ أَنْ أُعِینَهُ عَلَی طَاعَتِی فَإِنْ سَأَلَنِی أَعْطَیْتُهُ وَ إِنْ دَعَانِی أَجَبْتُهُ وَ إِنِ اعْتَصَمَ بِی عَصَمْتُهُ وَ إِنِ اسْتَكْفَانِی كَفَیْتُهُ وَ إِنْ تَوَكَّلَ عَلَیَّ حَفِظْتُهُ وَ إِنْ كَادَهُ جَمِیعُ خَلْقِی كِدْتُ دُونَهُ (3).
«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ الْعِبَادَ تَحَابُّوا بِالْأَلْسُنِ وَ تَبَاغَضُوا بِالْقُلُوبِ وَ أَظْهَرُوا الْعَمَلَ لِلدُّنْیَا وَ أَبْطَنُوا الْغِشَّ وَ الدَّغَلَ (4).
«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ رَفَعَهُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام اذْكُرْنِی فِی أَیَّامِ سَرَّائِكَ حَتَّی أَسْتَجِیبَ لَكَ فِی أَیَّامِ ضَرَّائِكَ (5).
«16»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ
ص: 37
عَنْ إِسْرَائِیلَ رَفَعَهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ علیه السلام أَحِبَّنِی وَ حَبِّبْنِی إِلَی خَلْقِی قَالَ یَا رَبِّ نَعَمْ أَنَا أُحِبُّكَ فَكَیْفَ أُحَبِّبُكَ إِلَی خَلْقِكَ قَالَ اذْكُرْ أَیَادِیَّ عِنْدَهُمْ فَإِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُمْ أَحَبُّونِی(1).
«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوقَةَ عَنْ عِیسَی الْفَرَّاءِ وَ أَبِی عَلِیٍّ الْعَطَّارِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا دَاوُدُ علیه السلام جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ شَابٌّ رَثُّ الْهَیْئَةِ یُكْثِرُ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ وَ یُطِیلُ الصَّمْتَ إِذْ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ أَحَدَّ (2)مَلَكُ الْمَوْتِ النَّظَرَ إِلَی الشَّابِّ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام نَظَرْتَ إِلَی هَذَا فَقَالَ نَعَمْ إِنِّی أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِهِ (3)إِلَی سَبْعَةِ أَیَّامٍ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَرَحِمَهُ دَاوُدُ فَقَالَ یَا شَابُّ هَلْ لَكَ امْرَأَةٌ قَالَ لَا وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام فَأْتِ فُلَاناً رَجُلًا كَانَ عَظِیمَ الْقَدْرِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ دَاوُدَ یَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَنِی ابْنَتَكَ وَ تُدْخِلَهَا اللَّیْلَةَ وَ خُذْ مِنَ النَّفَقَةِ مَا تَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ كُنْ عِنْدَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَبْعَةُ أَیَّامٍ فَوَافِنِی فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَمَضَی الشَّابُّ بِرِسَالَةِ دَاوُدَ علیه السلام فَزَوَّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَ أَدْخَلُوهَا عَلَیْهِ (4)وَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ وَافَی دَاوُدَ یَوْمَ الثَّامِنِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ علیه السلام یَا شَابُّ كَیْفَ رَأَیْتَ مَا كُنْتَ فِیهِ قَالَ مَا كُنْتُ فِی نِعْمَةٍ وَ لَا سُرُورٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتُ فِیهِ قَالَ دَاوُدُ اجْلِسْ فَجَلَسَ وَ دَاوُدُ یَنْتَظِرُ أَنْ یُقْبَضَ رُوحُهُ فَلَمَّا طَالَ قَالَ انْصَرِفْ إِلَی مَنْزِلِكَ فَكُنْ مَعَ أَهْلِكَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الثَّامِنِ (5)فَوَافِنِی هَاهُنَا فَمَضَی الشَّابُّ ثُمَّ وَافَاهُ یَوْمَ الثَّامِنِ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ أُسْبُوعاً آخَرَ ثُمَّ أَتَاهُ وَ جَلَسَ فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ دَاوُدُ أَ لَسْتَ حَدَّثْتَنِی بِأَنَّكَ أُمِرْتَ بِقَبْضِ رُوحِ هَذَا الشَّابِّ إِلَی سَبْعَةِ أَیَّامٍ قَالَ بَلَی فَقَالَ فَقَدْ مَضَتْ ثَمَانِیَةٌ وَ ثَمَانِیَةٌ وَ ثَمَانِیَةٌ قَالَ یَا دَاوُدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی رَحِمَهُ بِرَحْمَتِكَ لَهُ فَأَخَّرَ فِی أَجَلِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً (6).
«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ
ص: 38
أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ خَلَادَةَ (1)بِنْتَ أَوْسٍ بَشِّرْهَا بِالْجَنَّةِ وَ أَعْلِمْهَا أَنَّهَا قَرِینَتُكَ فِی الْجَنَّةِ فَانْطَلَقَ إِلَیْهَا فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَیْهَا فَخَرَجَتْ وَ قَالَتْ هَلْ نَزَلَ فِیَّ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ وَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَیَّ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّكِ قَرِینَتِی فِی الْجَنَّةِ وَ أَنْ أُبَشِّرَكِ بِالْجَنَّةِ قَالَتْ أَ وَ یَكُونُ اسْمٌ وَافَقَ اسْمِی قَالَ إِنَّكِ لَأَنْتِ هِیَ قَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ مَا أُكَذِّبُكَ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ نَفْسِی مَا وَصَفْتَنِی بِهِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام أَخْبِرِینِی عَنْ ضَمِیرِكِ وَ سَرِیرَتِكِ مَا هُوَ قَالَتْ أَمَّا هَذَا فَسَأُخْبِرُكَ بِهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَمْ یُصِبْنِی وَجَعٌ قَطُّ نَزَلَ بِی كَائِناً مَا كَانَ وَ مَا نَزَلَ ضُرٌّ بِی حَاجَةٌ وَ جُوعٌ (2)كَائِناً مَا كَانَ إِلَّا صَبَرْتُ عَلَیْهِ وَ لَمْ أَسْأَلِ اللَّهَ كَشْفَهُ عَنِّی حَتَّی یُحَوِّلَهُ اللَّهُ عَنِّی إِلَی الْعَافِیَةِ وَ السَّعَةِ وَ لَمْ أَطْلُبْ بِهَا بَدَلًا وَ شَكَرْتُ اللَّهَ عَلَیْهَا وَ حَمِدْتُهُ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام فَبِهَذَا بَلَغْتِ مَا بَلَغْتِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هَذَا دِینُ اللَّهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِلصَّالِحِینَ (3).
«19»-ختص، الإختصاص قَالَ اللَّهُ لِدَاوُدَ یَا دَاوُدُ احْذَرِ الْقُلُوبَ الْمُعَلَّقَةَ بِشَهَوَاتِ الدُّنْیَا فَإِنَّ عُقُولَهَا مَحْجُوبَةٌ عَنِّی (4).
«20»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ علیه السلام عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ عَارِفاً بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَی شَأْنِهِ حَافِظاً لِلِسَانِهِ (5).
«21»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْمُتَوَاضِعُونَ كَذَلِكَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْمُتَكَبِّرُونَ (6).
ص: 39
«22»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِینَ وَ أَنْذِرِ الصِّدِّیقِینَ قَالَ كَیْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِینَ وَ أُنْذِرُ الصِّدِّیقِینَ قَالَ یَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِینَ أَنِّی أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ أَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ وَ أَنْذِرِ الصِّدِّیقِینَ أَنْ لَا یُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ فَإِنَّهُ لَیْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ (1).
«23»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَنْ أَحَبَّ حَبِیباً صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ مَنْ آنَسَ بِحَبِیبٍ قَبِلَ قَوْلَهُ وَ رَضِیَ فِعْلَهُ وَ مَنْ وَثِقَ بِحَبِیبٍ اعْتَمَدَ عَلَیْهِ وَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی حَبِیبٍ جَدَّ فِی السَّیْرِ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ ذِكْرِی لِلذَّاكِرِینَ وَ جَنَّتِی لِلْمُطِیعِینَ وَ زِیَارَتِی لِلْمُشْتَاقِینَ وَ أَنَا خَاصَّةً لِلْمُطِیعِینَ (2).
«24»-وَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ قُلْ لِفُلَانٍ الْجَبَّارِ إِنِّی لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْیَا عَلَی الدُّنْیَا وَ لَكِنْ لِتَرُدَّ عَنِّی دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَ تَنْصُرَهُ فَإِنِّی آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ أَنْصُرَهُ وَ أَنْتَصِرَ لَهُ مِمَّنْ ظُلِمَ بِحَضْرَتِهِ وَ لَمْ یَنْصُرْهُ (3).
«25»-وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام اشْكُرْنِی حَقَّ شُكْرِی قَالَ إِلَهِی أَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ شُكْرِی إِیَّاكَ نِعْمَةٌ مِنْكَ فَقَالَ الْآنَ شَكَرْتَنِی (4)وَ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ كَیْفَ كَانَ آدَمُ یَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ قَدْ جَعَلْتَهُ أَبَ أَنْبِیَائِكَ وَ صَفْوَتَكَ وَ أَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ فَقَالَ إِنَّهُ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِی فَكَانَ اعْتِرَافُهُ بِذَلِكَ حَقَّ شُكْرِی (5).
«26»-وَ رُوِیَ أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام خَرَجَ مُصْحِراً مُنْفَرِداً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ مَا لِی أَرَاكَ وَحْدَانِیّاً فَقَالَ إِلَهِی اشْتَدَّ الشَّوْقُ مِنِّی إِلَی لِقَائِكَ وَ حَالَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ خَلْقُكَ (6)
ص: 40
فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِی بِعَبْدٍ آبِقٍ أُثْبِتْكَ فِی اللَّوْحِ حَمِیداً (1).
«27»-نبه، تنبیه الخاطر رُوِیَ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ حَقٌّ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ لَا یَغْفُلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ فِیهَا یُنَاجِی رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ فِیهَا یُحَاسِبُ نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ یُفْضِی إِلَی إِخْوَانِهِ (2)الَّذِینَ یَصْدُقُونَهُ عَنْ عُیُوبِ نَفْسِهِ (3)وَ سَاعَةٌ یُخَلِّی بَیْنَ نَفْسِهِ وَ لَذَّتِهَا فِیمَا یَحِلُّ وَ یُحْمَدُ (4)فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ لِتِلْكَ السَّاعَاتِ (5).
«28»-یه، من لا یحضره الفقیه فِی الصَّحِیحِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ عَلَی عَهْدِ دَاوُدَ علیه السلام یَأْتِیهَا رَجُلٌ یَسْتَكْرِهُهَا عَلَی نَفْسِهَا فَأَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی نَفْسِهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ لَا تَأْتِینِی مَرَّةً إِلَّا وَ عِنْدَ أَهْلِكَ مَنْ یَأْتِیهِمْ قَالَ فَذَهَبَ إِلَی أَهْلِهِ فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَأَتَی بِهِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَتَی إِلَیَّ مَا لَمْ یُؤْتَ إِلَی أَحَدٍ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ وَجَدْتُ هَذَا الرَّجُلَ عِنْدَ أَهْلِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ قُلْ لَهُ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ (6).
«29»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُفَضَّلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا اعْتَصَمَ بِی عَبْدٌ مِنْ عِبَادِی دُونَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَرَفْتُ ذَلِكَ مِنْ نِیَّتِهِ ثُمَّ تَكِیدُهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ الْمَخْرَجَ مِنْ بَیْنِهِنَّ وَ مَا اعْتَصَمَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِی بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَرَفْتُ ذَلِكَ مِنْ نِیَّتِهِ إِلَّا قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ مِنْ یَدَیْهِ (7)وَ أَسَخْتُ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ (8)وَ لَمْ أُبَالِ بِأَیِّ وَادٍ تَهَالَكَ (9).
ص: 41
«30»-تم، فلاح السائل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام قُلْ لِلْجَبَّارِینَ لَا یَذْكُرُونِی فَإِنَّهُ لَا یَذْكُرُنِی عَبْدٌ إِلَّا ذَكَرْتُهُ وَ إِنْ ذَكَرُونِی ذَكَرْتُهُمْ فَلَعَنْتُهُمْ (1).
«31»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ فَأُعْجِبَ بِهِ دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ لَا یُعْجِبْكَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ مُرَاءٍ قَالَ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَأُتِیَ دَاوُدُ فَقِیلَ لَهُ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَالَ ادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ قَالَ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ قَالُوا كَیْفَ لَمْ یَحْضُرْهُ قَالَ فَلَمَّا غُسِّلَ قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً فَلَمَّا صَلَّوْا عَلَیْهِ قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً فَلَمَّا دَفَنُوهُ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا مَنَعَكَ أَنْ تَشْهَدَ فُلَاناً قَالَ الَّذِی أَطْلَعْتَنِی عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِهِ قَالَ إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ وَ لَكِنْ شَهِدَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ فَشَهِدُوا لِی مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً فَأَجَزْتُ شَهَادَتَهُمْ عَلَیْهِ وَ غَفَرْتُ لَهُ عِلْمِی فِیهِ (2).
«32»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِیمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَی أَهْلِ الْمِلَلِ قَالَ لِرَأْسِ الْجَالُوتِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام فِی زَبُورِهِ (3)اللَّهُمَّ ابْعَثْ مُقِیمَ السُّنَّةِ بَعْدَ الْفَتْرَةِ فَهَلْ تَعْرِفُ نَبِیّاً أَقَامَ السُّنَّةَ بَعْدَ الْفَتْرَةِ غَیْرَ مُحَمَّدٍ (4).
«33»-عدة، عدة الداعی فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَنِ انْقَطَعَ إِلَیَّ كَفَیْتُهُ وَ مَنْ سَأَلَنِی أَعْطَیْتُهُ وَ مَنْ دَعَانِی أَجَبْتُهُ وَ إِنَّمَا أُؤَخِّرُ دَعْوَتَهُ وَ هِیَ مُعَلَّقَةٌ وَ قَدِ اسْتَجَبْتُهَا حَتَّی یَتِمَّ قَضَائِی فَإِذَا تَمَّ قَضَائِی أَنْفَذْتُ مَا سَأَلَ قُلْ لِلْمَظْلُومِ إِنَّمَا أُؤَخِّرُ دَعْوَتَكَ وَ قَدِ اسْتَجَبْتُهَا لَكَ عَلَی (5)
ص: 42
مَنْ ظَلَمَكَ لِضُرُوبٍ كَثِیرَةٍ غَابَتْ عَنْكَ وَ أَنَا أَحْكَمُ الْحَاكِمِینَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ ظَلَمْتَ رَجُلًا فَدَعَا عَلَیْكَ فَتَكُونُ هَذِهِ بِهَذِهِ لَا لَكَ وَ لَا عَلَیْكَ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ دَرَجَةٌ فِی الْجَنَّةِ لَا تَبْلُغُهَا عِنْدِی إِلَّا بِظُلْمِهِ لَكَ لِأَنِّی أَخْتَبِرُ عِبَادِی فِی أَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ رُبَّمَا أَمْرَضْتُ الْعَبْدَ فَقَلَّتْ صَلَاتُهُ وَ خِدْمَتُهُ وَ لَصَوْتُهُ إِذَا دَعَانِی فِی كُرْبَتِهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ صَلَاةِ الْمُصَلِّینَ وَ لَرُبَّمَا صَلَّی الْعَبْدُ فَأَضْرِبُ بِهَا وَجْهَهُ وَ أَحْجُبُ عَنِّی صَوْتَهُ أَ تَدْرِی مَنْ ذَلِكَ یَا دَاوُدُ ذَلِكَ الَّذِی یُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إِلَی حُرَمِ الْمُؤْمِنِینَ بِعَیْنِ الْفِسْقِ وَ ذَلِكَ الَّذِی حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ لَوْ وَلِیَ أَمْراً لَضَرَبَ فِیهِ الْأَعْنَاقَ ظُلْماً یَا دَاوُدُ نُحْ عَلَی خَطِیئَتِكَ كَالْمَرْأَةِ الثَّكْلَی عَلَی وَلَدِهَا لَوْ رَأَیْتَ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ النَّاسَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ قَدْ بَسَطْتُهَا بَسْطَ الْأَدِیمِ وَ ضَرَبْتُ نَوَاحِیَ أَلْسِنَتِهِمْ بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ ثُمَّ سَلَّطْتُ عَلَیْهِمْ مُوَبِّخاً لَهُمْ یَقُولُ یَا أَهْلَ النَّارِ هَذَا فُلَانٌ السَّلِیطُ فَاعْرِفُوهُ كَمْ رَكْعَةٍ طَوِیلَةٍ فِیهَا بُكَاءٌ بِخَشْیَةٍ قَدْ صَلَّاهَا صَاحِبُهَا لَا تُسَاوِی عِنْدِی فَتِیلًا حِینَ نَظَرْتُ فِی قَلْبِهِ فَوَجَدْتُهُ إِنْ سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَ بَرَزَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَ عَرَضَتْ عَلَیْهِ نَفْسَهَا أَجَابَهَا وَ إِنْ عَامَلَهُ مُؤْمِنٌ خَانَهُ (1).
أَقُولُ: قَالَ السَّیِّدُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ رَأَیْتُ فِی زَبُورِ دَاوُدَ علیه السلام فِی السُّورَةِ الثَّانِیَةِ مَا هَذَا لَفْظُهُ (3)دَاوُدُ إِنِّی جَعَلْتُكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلْتُكَ مُسَبِّحِی وَ نَبِیِّی وَ سَیُتَّخَذُ عِیسَی إِلَهاً مِنْ دُونِی مِنْ أَجْلِ مَا مَكَّنْتُ فِیهِ مِنَ الْقُوَّةِ
ص: 43
وَ جَعَلْتُهُ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِی دَاوُدُ صِفْنِی لِخَلْقِی بِالْكَرَمِ وَ الرَّحْمَةِ وَ أَنِّی عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ دَاوُدُ مَنْ ذَا الَّذِی انْقَطَعَ إِلَیَّ فَخَیَّبْتُهُ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِی أَنَابَ إِلَیَّ فَطَرَدْتُهُ عَنْ بَابِ إِنَابَتِی مَا لَكُمْ لَا تُقَدِّسُونَ اللَّهَ وَ هُوَ مُصَوِّرُكُمْ وَ خَالِقُكُمْ عَلَی أَلْوَانٍ شَتَّی مَا لَكُمْ لَا تَحْفَظُونَ طَاعَةَ اللَّهِ آنَاءَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ تَطْرُدُونَ الْمَعَاصِیَ عَنْ قُلُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ لَا تَمُوتُونَ وَ كَأَنَّ دُنْیَاكُمْ بَاقِیَةٌ لَا تَزُولُ وَ لَا تَنْقَطِعُ (1)وَ لَكُمْ فِی الْجَنَّةِ عِنْدِی أَوْسَعُ وَ أَخْصَبُ لَوْ عَقَلْتُمْ وَ تَفَكَّرْتُمْ وَ سَتَعْلَمُونَ إِذَا حَضَرْتُمْ وَ صِرْتُمْ إِلَیَّ أَنِّی بِمَا تَعْمَلُ الْخَلْقُ بَصِیرٌ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ الْعَاشِرَةِ أَیُّهَا النَّاسُ لَا تَغْفُلُوا عَنِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیَاةُ لِبَهْجَةِ الدُّنْیَا وَ نَضَارَتِهَا (2)بَنِی إِسْرَائِیلَ لَوْ تَفَكَّرْتُمْ فِی مُنْقَلَبِكُمْ وَ مَعَادِكُمْ وَ ذَكَرْتُمُ الْقِیَامَةَ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا لِلْعَاصِینَ قَلَّ ضَحِكُكُمْ وَ كَثُرَ بُكَاؤُكُمْ وَ لَكِنَّكُمْ غَفَلْتُمْ عَنِ الْمَوْتِ وَ نَبَذْتُمْ عَهْدِی وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ اسْتَخْفَفْتُمْ بِحَقِّی كَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ بِمُسِیئِینَ وَ لَا مُحَاسَبِینَ كَمْ تَقُولُونَ وَ لَا تَفْعَلُونَ وَ كَمْ تَعِدُونَ فَتُخْلِفُونَ وَ كَمْ تُعَاهِدُونَ فَتَنْقُضُونَ لَوْ تَفَكَّرْتُمْ فِی خُشُونَةِ الثَّرَی (3)وَ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَ ظُلْمَتِهِ لَقَلَّ كَلَامُكُمْ وَ كَثُرَ ذِكْرُكُمْ وَ اشْتِغَالُكُمْ لِی إِنَّ الْكَمَالَ كَمَالُ الْآخِرَةِ وَ أَمَّا كَمَالُ الدُّنْیَا فَمُتَغَیِّرٌ وَ زَائِلٌ لَا تَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا مِنَ الْآیَاتِ وَ النُّذُرِ وَ حَبَسْتُ الطَّیْرَ فِی جَوِّ السَّمَاءِ یُسَبِّحْنَ وَ یَسْرَحْنَ (4)فِی رِزْقِی وَ أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَ دَاوُدُ اسْمَعْ مَا أَقُولُ وَ مُرْ سُلَیْمَانَ یَقُولُ بَعْدَكَ إِنَّ الْأَرْضَ أُورِثُهَا مُحَمَّداً (5)وَ أُمَّتَهُ وَ هُمْ خِلَافُكُمْ وَ لَا تَكُونُ صَلَاتُهُمْ بِالطَّنَابِیرِ وَ لَا یُقَدِّسُونَ الْأَوْتَارَ فَازْدَدْ مِنْ تَقْدِیسِكَ وَ إِذَا زَمَّرْتُمْ (6)بِتَقْدِیسِی فَأَكْثِرُوا الْبُكَاءَ بِكُلِّ سَاعَةٍ
ص: 44
دَاوُدُ قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَجْمَعُوا الْمَالَ مِنَ الْحَرَامِ فَإِنِّی لَا أَقْبَلُ صَلَاتَهُمْ وَ اهْجُرْ أَبَاكَ عَلَی الْمَعَاصِی وَ أَخَاكَ عَلَی الْحَرَامِ وَ اتْلُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ نَبَأَ رَجُلَیْنِ كَانَا عَلَی عَهْدِ إِدْرِیسَ فَجَاءَتْ لَهُمَا تِجَارَةٌ وَ قَدْ فُرِضَتْ عَلَیْهِمَا صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَقَالَ الْوَاحِدُ أَبْدَأُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ قَالَ الْآخَرُ أَبْدَأُ بِتِجَارَتِی وَ أَلْحَقُ أَمْرَ اللَّهِ فَذَهَبَ هَذَا لِتِجَارَتِهِ وَ هَذَا لِصَلَاتِهِ فَأَوْحَیْتُ إِلَی السَّحَابِ فَنَفَخَتْ (1)وَ أَطْلَقَتْ نَاراً وَ أَحَاطَتْ وَ اشْتَغَلَ الرَّجُلُ (2)بِالسَّحَابِ وَ الظُّلْمَةِ فَذَهَبَتْ تِجَارَتُهُ وَ صَلَاتُهُ وَ كُتِبَ عَلَی بَابِهِ انْظُرُوا مَا تَصْنَعُ الدُّنْیَا وَ التَّكَاثُرُ بِصَاحِبِهِ دَاوُدُ إِنَّ الْكَبَائِرَ وَ الْكِبْرَ حَرَدٌ (3)لَا یَتَغَیَّرُ أَبَداً فَإِذَا رَأَیْتَ ظَالِماً قَدْ رَفَعَتْهُ الدُّنْیَا فَلَا تَغْبِطْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَیْنِ إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَیْهِ ظَالِماً أَظْلَمَ مِنْهُ فَیَنْتَقِمَ مِنْهُ وَ إِمَّا أُلْزِمَهُ رَدَّ التَّبِعَاتِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ دَاوُدُ لَوْ رَأَیْتَ صَاحِبَ التَّبِعَاتِ قَدْ جُعِلَ فِی عُنُقِهِ طَوْقٌ مِنْ نَارٍ فَحَاسِبُوا نُفُوسَكُمْ وَ أَنْصِفُوا النَّاسَ وَ دَعُوا الدُّنْیَا وَ زِینَتَهَا یَا أَیُّهَا الْغَفُولُ مَا تَصْنَعُ بِدُنْیَا یَخْرُجُ مِنْهَا الرَّجُلُ صَحِیحاً (4)وَ یَرْجِعُ سَقِیماً وَ یَخْرُجُ فَیَجْبَی (5)جِبَایَةً فَیُكَبَّلُ بِالْحَدِیدِ وَ الْأَغْلَالِ وَ یَخْرُجُ الرَّجُلُ صَحِیحاً فَیُرَدُّ قَتِیلًا وَیْحَكُمْ لَوْ رَأَیْتُمُ الْجَنَّةَ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا لِأَوْلِیَائِی مِنَ النَّعِیمِ لَمَا ذُقْتُمْ دَوَاءَهَا بِشَهْوَةٍ (6)أَیْنَ الْمُشْتَاقُونَ إِلَی لَذِیذِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ أَیْنَ الَّذِینَ جَعَلُوا مَعَ الضَّحِكِ بُكَاءً أَیْنَ الَّذِینَ هَجَمُوا عَلَی مَسَاجِدِی فِی الصَّیْفِ وَ الشِّتَاءِ انْظُرُوا الْیَوْمَ مَا تَرَی أَعْیُنُكُمْ فَطَالَ مَا كُنْتُمْ تَسْهَرُونَ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَاسْتَمْتِعُوا الْیَوْمَ مَا أَرَدْتُمْ فَإِنِّی قَدْ رَضِیتُ عَنْكُمْ أَجْمَعِینَ وَ لَقَدْ كَانَتْ أَعْمَالُكُمُ الزَّاكِیَةُ تَدْفَعُ سَخَطِی عَنْ أَهْلِ الدُّنْیَا یَا رِضْوَانُ اسْقِهِمْ مِنَ الشَّرَابِ الْآنَ فَیَشْرَبُونَ وَ تَزْدَادُ وُجُوهُهُمْ نَضْرَةً فَیَقُولُ رِضْوَانُ هَلْ تَدْرُونَ لِمَ فَعَلْتُ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ تَطَأْ فُرُوجُكُمْ فُرُوجَ الْحَرَامِ وَ لَمْ
ص: 45
تَغْبِطُوا الْمُلُوكَ وَ الْأَغْنِیَاءَ غَیْرَ الْمَسَاكِینِ یَا رِضْوَانُ أَظْهِرْ لِعِبَادِی مَا أَعْدَدْتُ لَهُمْ ثَمَانِیَةَ ألف (آلَافِ) ضِعْفٍ یَا دَاوُدُ مَنْ تَاجَرَنِی فَهُوَ أَرْبَحُ التَّاجِرِینَ وَ مَنْ صَرَعَتْهُ الدُّنْیَا فَهُوَ أَخْسَرُ الْخَاسِرِینَ وَیْحَكَ یَا ابْنَ آدَمَ مَا أَقْسَی قَلْبَكَ أَبُوكَ وَ أُمُّكَ یَمُوتَانِ وَ لَیْسَ لَكَ عِبْرَةٌ بِهِمَا یَا ابْنَ آدَمَ أَ لَا تَنْظُرُ إِلَی بَهِیمَةٍ مَاتَتْ فَانْتَفَخَتْ وَ صَارَتْ جِیفَةً وَ هِیَ بَهِیمَةٌ وَ لَیْسَ لَهَا ذَنْبٌ وَ لَوْ وُضِعَتْ أَوْزَارُكَ عَلَی الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ لَهَدَّتْهَا دَاوُدُ وَ عِزَّتِی مَا شَیْ ءٌ أَضَرَّ عَلَیْكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَ أَوْلَادِكُمْ وَ لَا أَشَدَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ فِتْنَةً مِنْهَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ عِنْدِی مَرْفُوعٌ وَ أَنَا بِكُلِّ شَیْ ءٍ مُحِیطٌ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَ الْعِشْرِینَ یَا بَنِی الطِّینِ وَ الْمَاءِ الْمَهِینِ (1)وَ بَنِی الْغَفْلَةِ وَ الْغِرَّةِ لَا تُكْثِرُوا الِالْتِفَاتَ إِلَی مَا حَرَّمْتُ عَلَیْكُمْ فَلَوْ رَأَیْتُمْ مَجَارِیَ الذُّنُوبِ لَاسْتَقْذَرْتُمُوهُ وَ لَوْ رَأَیْتُمُ الْعَطِرَاتِ (2)قَدْ عُوفِینَ مِنْ هَیَجَانِ الطَّبَائِعِ فَهُنَّ الرَّاضِیَاتُ فَلَا یَسْخَطْنَ أَبَداً وَ هُنَّ الْبَاقِیَاتُ فَلَا یَمُتْنَ أَبَداً كُلَّمَا اقْتَضَّهَا (3)صَاحِبُهَا رَجَعَتْ بِكْراً أَرْطَبَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ بَیْنَ السَّرِیرِ وَ الْفِرَاشِ أَمْوَاجٌ تَتَلَاطَمُ مِنَ الْخَمْرِ وَ الْعَسَلِ كُلُّ نَهَرٍ یَنْفُذُ مِنْ آخَرَ وَیْحَكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْمُلْكُ الْأَكْبَرُ وَ النَّعِیمُ الْأَطْوَلُ وَ الْحَیَاةُ الرَّغِدَةُ وَ السُّرُورُ الدَّائِمُ وَ النَّعِیمُ الْبَاقِی عِنْدِیَ الدَّهْرُ كُلُّهُ وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی الثَّلَاثِینَ (4)بَنِی آدَمَ رَهَائِنَ الْمَوْتَی (5)اعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ وَ اشْتَرُوهَا بِالدُّنْیَا وَ لَا تَكُونُوا كَقَوْمٍ أَخَذُوهَا لَهْواً وَ لَعِباً وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ قَارَضَنِی نَمَتْ بِضَاعَتُهُ وَ تَوَفَّرَ رِبْحُهَا
ص: 46
وَ مَنْ قَارَضَ الشَّیْطَانَ قُرِنَ مَعَهُ مَا لَكُمْ تَتَنَافَسُونَ فِی الدُّنْیَا وَ تَعْدِلُونَ عَنِ الْحَقِّ غَرَّتْكُمْ أَحْسَابُكُمْ فَمَا حَسَبُ امْرِئٍ خُلِقَ مِنَ الطِّینِ إِنَّمَا الْحَسَبُ عِنْدِی هُوَ التَّقْوَی بَنِی آدَمَ إِنَّكُمْ وَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ مِنِّی بُرَآءُ وَ أَنَا مِنْكُمْ بَرِی ءٌ لَا حَاجَةَ لِی فِی عِبَادَتِكُمْ حَتَّی تُسْلِمُوا إِسْلَاماً مُخْلَصاً وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (1)وَ فِی السَّادِسَةِ وَ الْأَرْبَعِینَ بَنِی آدَمَ لَا تَسْتَخِفُّوا بِحَقِّی فَأَسْتَخِفَّ بِكُمْ فِی النَّارِ إِنَّ أَكَلَةَ الرِّبَا تُقَطَّعُ أَمْعَاؤُهُمْ وَ أَكْبَادُهُمْ إِذَا نَاوَلْتُمُ الصَّدَقَاتِ فَاغْسِلُوهَا بِمَاءِ الْیَقِینِ فَإِنِّی أَبْسُطُ یَمِینِی قَبْلَ یَمِینِ الْآخِذِ فَإِذَا كَانَتْ مِنْ حَرَامٍ حَذَفْتُ بِهَا فِی وَجْهِ الْمُتَصَدِّقِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ حَلَالٍ قُلْتُ ابْنُوا لَهُ قُصُوراً فِی الْجَنَّةِ وَ لَیْسَتِ الرِّئَاسَةُ رِئَاسَةَ الْمُلْكِ إِنَّمَا الرِّئَاسَةُ رِئَاسَةُ الْآخِرَةِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السَّابِعَةِ وَ الْأَرْبَعِینَ أَ تَدْرِی یَا دَاوُدُ لِمَ مَسَخْتُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجَعَلْتُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِیرَ لِأَنَّهُمْ إِذَا جَاءَ الْغَنِیُّ بِالذَّنْبِ الْعَظِیمِ سَاهَلُوهُ وَ إِذَا جَاءَ الْمِسْكِینُ بِأَدْنَی مِنْهُ انْتَقَمُوا مِنْهُ وَجَبَتْ لَعْنَتِی عَلَی كُلِّ مُتَسَلِّطٍ فِی الْأَرْضِ لَا یُقِیمُ الْغَنِیَّ وَ الْفَقِیرَ بِأَحْكَامٍ وَاحِدَةٍ إِنَّكُمْ تَتَّبِعُونَ الْهَوَی فِی الدُّنْیَا (2)أَیْنَ الْمَفَرُّ مِنِّی إِذَا تَخَلَّیْتُ بِكُمْ كَمْ قَدْ نَهَیْتُكُمْ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَی حُرَمِ الْمُؤْمِنِینَ وَ طَالَتْ أَلْسِنَتُكُمْ (3)فِی أَعْرَاضِ النَّاسِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ
ص: 47
وَ فِی الْخَامِسَةِ وَ السِّتِّینَ أَفْصَحْتُمْ فِی الْخُطْبَةِ وَ قَصَّرْتُمْ فِی الْعَمَلِ فَلَوْ أَفْصَحْتُمْ فِی الْعَمَلِ وَ قَصَّرْتُمْ فِی الْخُطْبَةِ لَكَانَ أَرْجَی لَكُمْ وَ لَكِنَّكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَی آیَاتِی فَاتَّخَذْتُمُوهَا هُزُءاً وَ إِلَی مَظَالِمِی فَاشْتَهَرْتُمْ بِهَا وَ عَلِمْتُمْ أَنْ لَا هَرَبَ مِنِّی وَ أَمِنْتُمْ فَجَائِعَ الدُّنْیَا (1)دَاوُدُ اتْلُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ نَبَأَ رَجُلٍ دَانَتْ لَهُ أَقْطَارُ الْأَرْضِ حَتَّی اسْتَوَی (2)وَ سَعَی فِی الْأَرْضِ فَسَاداً وَ أَخْمَدَ الْحَقَّ وَ أَظْهَرَ الْبَاطِلَ وَ عَمَّرَ الدُّنْیَا وَ حَصَّنَ (3)الْحُصُونَ وَ حَبَسَ الْأَمْوَالَ فَبَیْنَمَا هُوَ فِی غَضَارَةِ (4)دُنْیَاهُ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَی زُنْبُورٍ یَأْكُلُ لَحْمَةَ خَدِّهِ وَ یَدْخُلُ وَ لْیَلْدَغِ الْمَلِكَ فَدَخَلَ الزُّنْبُورُ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ سُتَّارُهُ وَ وُزَرَاؤُهُ وَ أَعْوَانُهُ فَضَرَبَ خَدَّهُ فَتَوَرَّمَتْ وَ تَفَجَّرَتْ مِنْهُ أَعْیُنٌ دَماً وَ قَیْحاً فثیر (فَأُشِیرَ) عَلَیْهِ بِقَطْعٍ مِنْ لَحْمِ (5)وَجْهِهِ حَتَّی كَانَ كُلُّ مَنْ یَجْلِسُ عِنْدَهُ شَمَّ مِنْهُ نَتْناً عَظِیماً (6)حَتَّی دُفِنَ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ فَلَوْ كَانَ لِلْآدَمِیِّینَ عِبْرَةٌ تَرْدَعُهُمْ لَرَدَعَتْهُمْ وَ لَكِنِ اشْتَغَلُوا بِلَهْوِ الدُّنْیَا وَ لَعِبِهِمْ فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یَأْتِیَهُمْ أَمْرِی وَ لَا أُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (7).
أقول: سیأتی سائر ما نقلنا من الزبور و سائر حكم داود علیه السلام فی كتاب المواعظ إن شاء اللّٰه تعالی.
ص: 48
الآیات؛
البقرة: (قال اللّٰه تعالی): «وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ* فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَیْنَ یَدَیْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ»(55-56)
النساء: «أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ»(47) (و قال تعالی): «قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً»(154)
أعراف: «وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ*فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ»(163-166)
النحل: «إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَی الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَیَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ»(124)
تفسیر: قیل المعنی إنما جعل السبت لعنة و مسخا علی الذین اختلفوا فیه فحرموه ثم استحلوه فمسخهم و قیل أی إنما فرض تعظیم السبت علی الذین اختلفوا فی أمر الجمعة و هم الیهود و كانوا قد أمروا بتعظیم الجمعة فعدلوا عما أمروا به و قیل المختلفون هم الیهود و النصاری قال بعضهم السبت أعظم الأیام لأنه سبحانه فرغ فیه من خلق الأشیاء و قال آخرون بل الأحد أعظم لأنه ابتدأ خلق الأشیاء فیه و یؤید الوسط ما سیأتی من الخبر.
ص: 49
«1»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْیَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أَمْسَكُوا یَوْمَ السَّبْتِ فَحُرِّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدُ یَوْمَ السَّبْتِ (1).
شی، تفسیر العیاشی عن علی بن عقبة مثله (2).
«2»-فس، تفسیر القمی إِنَّ أَصْحَابَ السَّبْتِ قَدْ كَانَ أَمْلَی اللَّهُ لَهُمْ حَتَّی أَثْرَوْا (3)وَ قَالُوا إِنَّ السَّبْتَ لَنَا حَلَالٌ وَ إِنَّمَا كَانَ حُرِّمَ عَلَی أَوَّلِینَا وَ كَانُوا یُعَاقَبُونَ عَلَی اسْتِحْلَالِهِمُ السَّبْتَ فَأَمَّا نَحْنُ فَلَیْسَ عَلَیْنَا حَرَامٌ (4)وَ مَا زِلْنَا بِخَیْرٍ مُنْذُ اسْتَحْلَلْنَا وَ قَدْ كَثُرَتْ أَمْوَالُنَا وَ صَحَّتْ أَبْدَانُنَا ثُمَّ أَخَذَهُمُ اللَّهُ لَیْلًا وَ هُمْ غَافِلُونَ(5).
«3»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْكَلْبِیِّ النَّسَّابَةِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْجِرِّیِّ (6)فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَسَخَ طَائِفَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَحْراً فَهُوَ الْجِرِّیُّ وَ الزِّمِّیرُ (7)وَ الْمَارْمَاهِی وَ مَا سِوَی ذَلِكَ وَ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَرّاً فَالْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ وَ الْوَبَرُ (8)وَ الْوَرَلُ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ (9).
بیان: قال الجوهری الورل دابة مثل الضب.
«4»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ آدَمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ
ص: 50
مِهْرَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: فَلَمَّا اسْتَجَابَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مِنْهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً وَ الشِّرْعَةُ وَ الْمِنْهَاجُ سَبِیلٌ وَ سُنَّةٌ (1)وَ كَانَ مِنَ السَّبِیلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِی أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا مُوسَی أَنْ جَعَلَ عَلَیْهِمُ السَّبْتَ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ السَّبْتِ وَ لَمْ یَسْتَحِلَّ أَنْ یَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ سَبَقَتِ الْحِیتَانُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ أَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ (2)وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ وَ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِی نَهَی اللَّهُ عَنْهُ فِیهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ وَ ذَلِكَ حَیْثُ اسْتَحَلُّوا الْحِیتَانَ وَ احْتَبَسُوهَا وَ أَكَلُوهَا یَوْمَ السَّبْتِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ (3)أَشْرَكُوا بِالرَّحْمَنِ وَ لَا شَكُّوا فِی شَیْ ءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ الْخَبَرَ (4).
«5»-فس، تفسیر القمی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ فَإِنَّهَا قَرْیَةٌ كَانَتْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ قَرِیبَةٌ مِنَ الْبَحْرِ وَ كَانَ الْمَاءُ یَجْرِی عَلَیْهَا فِی الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ فَیَدْخُلُ أَنْهَارَهُمْ وَ زُرُوعَهُمْ وَ یَخْرُجُ السَّمَكُ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّی یَبْلُغَ آخِرَ زُرُوعِهِمْ وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ حَرَّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدَ (5)یَوْمَ السَّبْتِ فَكَانُوا یَضَعُونَ الشِّبَاكَ فِی الْأَنْهَارِ لَیْلَةَ الْأَحَدِ وَ یَصِیدُونَ بِهَا السَّمَكَ وَ كَانَ السَّمَكُ یَخْرُجُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ یَوْمَ الْأَحَدِ لَا یَخْرُجُ وَ هُوَ قَوْلُهُ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ فَنَهَاهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ یَنْتَهُوا فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ وَ كَانَ الْعِلَّةُ
ص: 51
فِی تَحْرِیمِ الصَّیْدِ عَلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ أَنَّ عِیدَ جَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ كَانَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَخَالَفَ الْیَهُودُ وَ قَالُوا عِیدُنَا السَّبْتُ (1)فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الصَّیْدَ یَوْمَ السَّبْتِ وَ مُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ.
حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ قَوْماً مِنْ أَهْلِ أُبُلَّةَ (2)مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ وَ أَنَّ الْحِیتَانَ كَانَتْ سَبَقَتْ إِلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ (3)لِیَخْتَبِرَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ فِی ذَلِكَ فَشَرَعَتْ إِلَیْهِمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ فِی نَادِیهِمْ وَ قُدَّامَ أَبْوَابِهِمْ فِی أَنْهَارِهِمْ وَ سَوَاقِیهِمْ فَبَادَرُوا إِلَیْهَا فَأَخَذُوا یَصْطَادُونَهَا وَ لَبِثُوا فِی ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا یَنْهَاهُمْ عَنْهَا الْأَحْبَارُ وَ لَا یَمْنَعُهُمُ الْعُلَمَاءُ مِنْ صَیْدِهَا ثُمَّ إِنَّ الشَّیْطَانَ أَوْحَی إِلَی طَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا نُهِیتُمْ عَنْ أَكْلِهَا یَوْمَ السَّبْتِ وَ لَمْ تُنْهَوْا عَنْ صَیْدِهَا (4)فَاصْطَادُوا یَوْمَ السَّبْتِ وَ كُلُوهَا فِیمَا سِوَی ذَلِكَ مِنَ الْأَیَّامِ (5)فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْآنَ نَصْطَادُهَا (6)فَعَتَتْ وَ انْحَازَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَی مِنْهُمْ ذَاتَ الْیَمِینِ فَقَالُوا نَنْهَاهُمْ (7)عَنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ أَنْ تَتَعَرَّضُوا بِخِلَافِ أَمْرِهِ وَ اعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ذَاتَ الْیَسَارِ
ص: 52
فَتَنَكَّبَتْ (1)فَلَمْ تَعِظْهُمْ فَقَالَتْ لِلطَّائِفَةِ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ قَالَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ یَعْنِی لَمَّا تَرَكُوا مَا وُعِظُوا بِهِ وَ مَضَوْا عَلَی الْخَطِیئَةِ فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ لَا وَ اللَّهِ لَا نُجَامِعُكُمْ وَ لَا نُبَایِتُكُمُ اللَّیْلَةَ فِی مَدِینَتِكُمْ هَذِهِ الَّتِی عَصَیْتُمُ اللَّهَ فِیهَا مَخَافَةَ أَنْ یَنْزِلَ بِكُمُ الْبَلَاءُ فَیَعُمُّنَا مَعَكُمْ قَالَ فَخَرَجُوا عَنْهُمْ مِنَ الْمَدِینَةِ مَخَافَةَ أَنْ یُصِیبَهُمُ الْبَلَاءُ فَنَزَلُوا قَرِیباً مِنَ الْمَدِینَةِ فَبَاتُوا تَحْتَ السَّمَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ الْمُطِیعُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ غَدَوْا لِیَنْظُرُوا مَا حَالُ أَهْلِ الْمَعْصِیَةِ فَأَتَوْا بَابَ الْمَدِینَةِ فَإِذَا هُوَ مُصْمَتٌ فَدَقُّوهُ فَلَمْ یُجَابُوا وَ لَمْ یَسْمَعُوا مِنْهَا حِسَّ أَحَدٍ فَوَضَعُوا سُلَّماً عَلَی سُورِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ أَصْعَدُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَشْرَفَ عَلَی الْمَدِینَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالْقَوْمِ قِرَدَةً یَتَعَاوَوْنَ فَقَالَ الرَّجُلُ لِأَصْحَابِهِ یَا قَوْمِ أَرَی وَ اللَّهِ عَجَباً قَالُوا وَ مَا تَرَی قَالَ أَرَی الْقَوْمَ قَدْ صَارُوا قِرَدَةً یَتَعَاوَوْنَ لَهَا أَذْنَابٌ فَكَسَرُوا الْبَابَ قَالَ فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ (2)وَ لَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ فَقَالَ الْقَوْمُ لِلْقِرَدَةِ أَ لَمْ نَنْهَكُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنِّی لَأَعْرِفُ أَنْسَابَهَا (3)مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا یُنْكِرُونَ وَ لَا یُغَیِّرُونَ (4)بَلْ تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَتَفَرَّقُوا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَقَالَ اللَّهُ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (5)
توضیح: قوله لیلة الأحد أی لئلا یرجع ما أتاهم یوم السبت لكنه مخالف لسائر الروایات و السیر و الظاهر أن فیه سقطا و لعله كان هكذا لیلة السبت و یصطادون یوم الأحد قوله علیه السلام إنی لأعرف أنسابها أی أشباهها مجازا أی أعرف جماعة من هذه الأمة أشباه الطائفة الذین لم ینهوا عن المنكر حتی مسخوا و یحتمل أن یكون
ص: 53
سماهم أنسابهم لتناسب طیناتهم و لا یبعد أن یكون فی الأصل أشباههم (1)و یمكن إرجاع الضمیر إلی هذه الأمة لكنه أبعد و أشد تكلفا.
أقول: قال السید ابن طاوس رأیت فی تفسیر أبی العباس بن عقدة أنه روی عن علی بن الحسن عن عمرو بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن علی بن رئاب عن أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السلام مثله (2).
ثُمَّ قَالَ إِنِّی وَجَدْتُ فِی نُسْخَةِ حَدِیثٍ غَیْرِ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ بَاشَرَتِ الْمُنْكَرَ وَ فِرْقَةٌ أَنْكَرَتْ عَلَیْهِمْ وَ فِرْقَةٌ دَاهَنَتْ أَهْلَ الْمَعَاصِی فَلَمْ تُنْكِرْ وَ لَمْ تُبَاشِرِ الْمَعْصِیَةَ فَنَجَّی اللَّهُ الَّذِینَ أَنْكَرُوا وَ جَعَلَ الْفِرْقَةَ الْمُدَاهِنَةَ ذَرّاً وَ مَسَخَ الْفِرْقَةَ الْمُبَاشِرَةَ لِلْمُنْكَرِ قِرَدَةً ثُمَّ قَالَ وَ لَعَلَّ مَسْخَ الْمُدَاهِنَةِ ذَرّاً لِتَصْغِیرِهِمْ عَظَمَةَ اللَّهِ وَ تَهْوِینِهِمْ بِحُرْمَةِ اللَّهِ فَصَغَّرَهُمُ اللَّهُ (3).
ص: -244
«6»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ فَقَالَ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ أَمَرُوا فَنَجَوْا وَ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ لَمْ یَأْمُرُوا فَمُسِخُوا ذَرّاً وَ صِنْفٌ لَمْ یَأْتَمِرُوا وَ لَمْ یَأْمُرُوا فَهَلَكُوا (4).
بیان: لعل المراد بهلاكهم صیرورتهم قردة.
«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی
ص: 54
لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَقَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی علیه السلام وَ قَالَ إِنَّ الْیَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا وَ أَمْسَكُوا یَوْمَ السَّبْتِ فَحُرِّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدُ یَوْمَ السَّبْتِ فَعَمَدَ رِجَالٌ مِنْ سُفَهَاءِ الْقَرْیَةِ فَأَخَذُوا مِنَ الْحِیتَانِ- لَیْلَةَ السَّبْتِ وَ بَاعُوا وَ لَمْ یَنْزِلْ بِهِمْ عُقُوبَةٌ فَاسْتَبْشَرُوا وَ فَعَلُوا ذَلِكَ سِنِینَ فَوَعَظَهُمْ طَوَائِفُ فَلَمْ یَسْمَعُوا وَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فَأَصْبَحُوا قِرَدَةً خَاسِئِینَ (1).
«8»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَرَّارٍ (2)قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ كَانَتِ الْقِرَدَةُ هُمُ الْیَهُودُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قُرُوداً(3).
«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَیْنَ یَدَیْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ قَالَ لِمَا مَعَهَا یَنْظُرُ إِلَیْهَا مِنْ أَهْلِ الْقُرَی وَ لِمَا خَلْفَهَا قَالَ نَحْنُ وَ لَنَا فِیهَا مَوْعِظَةٌ (4).
بیان: هذا أحد الوجوه التی ذكرت فی تفسیر الآیة مرویا عن ابن عباس و غیره و قیل أی عقوبة للذنوب التی تقدمت علی الاصطیاد و الذنوب التی تأخرت عنه و قیل لما بین یدیها من القری و ما خلفها من القری و سیأتی تأویل آخر عن العسكری علیه السلام.
«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَتْ مَدِینَةٌ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ فَقَالُوا لِنَبِیِّهِمْ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْیُحَوِّلْنَا رَبُّنَا جِرِّیثاً (5)فَإِذَا الْمَدِینَةُ فِی وَسَطِ الْبَحْرِ قَدْ غَرِقَتْ مِنَ اللَّیْلِ وَ إِذَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مُسُوخاً جِرِّیثاً یَدْخُلُ الرَّاكِبُ فِی فِیهَا (6).
«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ (7)رَفَعَهُ إِلَی أَحَدِهِمْ علیهم السلام قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَی
ص: 55
أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ وَ قَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ هَذِهِ الْجَرَارِیَّ (1)تُبَاعُ فِی أَسْوَاقِنَا قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ضَاحِكاً ثُمَّ قَالَ قُومُوا لِأُرِیَكُمْ عَجَباً وَ لَا تَقُولُوا فِی وَصِیِّكُمْ إِلَّا خَیْراً فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَوْا شَاطِئَ الْفُرَاتِ فَتَفَلَ فِیهِ تَفْلَةً وَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ فَإِذَا بِجِرِّیثَةٍ رَافِعَةٍ رَأْسَهَا فَاتِحَةٍ فَاهَا فَقَالَ له (لَهَا) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَنْتِ الْوَیْلُ لَكِ وَ لِقَوْمِكِ فقال (فَقَالَتْ) نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الْآیَةَ فَعَرَضَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَلَایَتَكَ فَقَعَدْنَا عَنْهَا فَمَسَخَنَا اللَّهُ فَبَعْضُنَا فِی الْبَرِّ وَ بَعْضُنَا فِی الْبَحْرِ فَأَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَحْرِ فَنَحْنُ الْجَرَارِیُّ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَرِّ فَالضَّبُّ وَ الْیَرْبُوعُ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَیْنَا فَقَالَ أَ سَمِعْتُمْ مَقَالَتَهَا قُلْنَا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ لَتَحِیضُ كَمَا تَحِیضُ نِسَاؤُكُمْ (2).
«12»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَی الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ الْآیَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی أَمَرَ قَوْمَهُ أَنْ یَتَفَرَّغُوا لِلَّهِ فِی كُلِّ سَبْعَةِ أَیَّامٍ یَوْماً یَجْعَلُهُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ هُمُ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ (3).
«13»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ لَمَّا اصْطَادُوا السَّمَكَ فِیهِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ مُبْعَدِینَ عَنْ كُلِّ خَیْرٍ فَجَعَلْناها تِلْكَ الْمَسْخَةَ (4)الَّتِی أَخْزَیْنَاهُمْ وَ لَعَنَّاهُمْ بِهَا نَكالًا عِقَاباً وَ رَدْعاً لِما بَیْنَ یَدَیْها بَیْنَ یَدَیِ الْمَسْخَةِ مِنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُوبِقَاتِ الَّتِی اسْتَحَقُّوا بِهَا الْعُقُوبَاتِ وَ ما خَلْفَها لِلْقَوْمِ الَّذِینَ شَاهَدُوهُمْ بَعْدَ مَسْخِهِمْ یَرْتَدِعُونَ عَنْ مِثْلِ أَفْعَالِهِمْ لَمَّا شَاهَدُوا مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عِقَابِنَا وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یَتَّعِظُونَ بِهَا فَیُفَارِقُونَ الْمُخْزِیَاتِ (5)وَ یَعِظُونَ بِهَا النَّاسَ وَ یُحَذِّرُونَهُمُ الْمُرْدِیَاتِ.
وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْماً یَسْكُنُونَ عَلَی شَاطِئِ بَحْرٍ نَهَاهُمُ اللَّهُ وَ أَنْبِیَاؤُهُ عَنِ اصْطِیَادِ السَّمَكِ فِی یَوْمِ السَّبْتِ فَتَوَسَّلُوا إِلَی حِیلَةٍ لِیُحِلُّوا بِهَا لِأَنْفُسِهِمْ مَا حَرَّمَ
ص: 56
اللَّهُ فَخَدُّوا أَخَادِیدَ (1)وَ عَمِلُوا طُرُقاً تُؤَدِّی إِلَی حِیَاضٍ یَتَهَیَّأُ لِلْحِیتَانِ الدُّخُولُ فِیهَا مِنْ تِلْكَ الطُّرُقِ وَ لَا یَتَهَیَّأُ لَهَا الْخُرُوجُ إِذَا هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ (2)فَجَاءَتِ الْحِیتَانُ یَوْمَ السَّبْتِ جَارِیَةً عَلَی أَمَانِ اللَّهِ لَهَا فَدَخَلَتْ فِی الْأَخَادِیدِ وَ حَصَلَتْ فِی الْحِیَاضِ وَ الْغُدْرَانِ (3)فَلَمَّا كَانَتْ عَشِیَّةُ الْیَوْمِ هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ مِنْهَا إِلَی اللُّجَجِ لِتَأْمَنَ صَائِدَهَا (4)فَرَامَتِ الرُّجُوعَ فَلَمْ تقدروا (تَقْدِرْ) فَبَقِیَتْ لَیْلَتَهَا فِی مَكَانٍ یَتَهَیَّأُ أَخْذُهَا بِلَا اصْطِیَادٍ (5)لِاسْتِرْسَالِهَا فِیهِ وَ عَجْزِهَا عَنِ الِامْتِنَاعِ لِمَنْعِ الْمَكَانِ لَهَا فَكَانُوا (6)یَأْخُذُونَهَا یَوْمَ الْأَحَدِ وَ یَقُولُونَ مَا اصْطَدْنَا فِی السَّبْتِ وَ إِنَّمَا اصْطَدْنَا فِی الْأَحَدِ (7)وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ بَلْ كَانُوا آخِذِینَ لَهَا بِأَخَادِیدِهِمُ الَّتِی عَمِلُوهَا یَوْمَ السَّبْتِ حَتَّی كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ مَالُهُمْ وَ ثَرَاؤُهُمْ وَ تَنَعَّمُوا بِالنِّسَاءِ (8)وَ غَیْرِهِنَّ لِاتِّسَاعِ أَیْدِیهِمْ بِهِ فَكَانُوا فِی الْمَدِینَةِ (9)نَیِّفاً وَ ثَمَانِینَ أَلْفاً فَعَلَ هَذَا مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً (10)وَ أَنْكَرَ عَلَیْهِمُ الْبَاقُونَ كَمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ الْآیَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَعَظُوهُمْ وَ زَجَرُوهُمْ عَذَابَ اللَّهِ (11)وَ خَوَّفُوهُمْ مِنِ انْتِقَامِهِ وَ شَدِیدِ بَأْسِهِ وَ حَذَّرُوهُمْ فَأَجَابُوهُمْ عَنْ وَعْظِهِمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ هَلَاكَ الِاصْطِلَامِ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَأَجَابُوا الْقَائِلِینَ هَذَا لَهُمْ مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا (12)لَهُمْ مَعْذِرَةٌ إِلَی رَبِّكُمْ إِذْ كَلَّفَنَا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ
ص: 57
النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَنَحْنُ نَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ لِیَعْلَمَ رَبُّنَا مُخَالَفَتَنَا لَهُمْ وَ كَرَاهَتَنَا لِفِعْلِهِمْ (1)قَالُوا وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ وَ نَعِظُهُمْ أَیْضاً لَعَلَّهُمْ تَنْجَعُ فِیهِمُ الْمَوَاعِظُ فَیَتَّقُوا هَذِهِ الْمُوبِقَةَ وَ یَحْذَرُوا عُقُوبَتَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا عَتَوْا حَادُّوا وَ أَعْرَضُوا وَ تَكَبَّرُوا عَنْ قَبُولِهِمُ الزَّجْرَ عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ مُبْعَدِینَ عَنِ الْخَیْرِ مُقْصَیْنَ (2)قَالَ فَلَمَّا نَظَرَ الْعَشَرَةُ آلَافٍ وَ النَّیِّفُ أَنَّ السَّبْعِینَ أَلْفاً لَا یَقْبَلُونَ مَوَاعِظَهُمْ وَ لَا یَحْفِلُونَ (3)بِتَخْوِیفِهِمْ إِیَّاهُمْ وَ تَحْذِیرِهِمْ لَهُمْ اعْتَزَلُوهُمْ إِلَی قَرْیَةٍ أُخْرَی قَرِیبَةٍ مِنْ قَرْیَتِهِمْ وَ قَالُوا إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ یَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابُ اللَّهِ وَ نَحْنُ فِی خِلَالِهِمْ فَأَمْسَوْا لَیْلَةً فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ كُلَّهُمْ قِرَدَةً وَ بَقِیَ بَابُ الْمَدِینَةِ مُغْلَقاً لَا یَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ لَا یَدْخُلُ عَلَیْهِمْ أَحَدٌ (4)وَ تَسَامَعَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْقُرَی فَقَصَدُوهُمْ وَ تَسَنَّمُوا حِیطَانَ الْبَلَدِ (5)فَاطَّلَعُوا عَلَیْهِمْ فَإِذَا كُلُّهُمْ رِجَالُهُمْ وَ نِسَاؤُهُمْ قِرَدَةٌ یَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِی بَعْضٍ یَعْرِفُ هَؤُلَاءِ النَّاظِرُونَ مَعَارِفَهُمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ وَ خُلَطَاءَهُمْ یَقُولُ الْمُطَّلِعُ لِبَعْضِهِمْ أَنْتَ فُلَانٌ أَنْتَ فُلَانٌ فَتَدْمَعُ عَیْنُهُ وَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ (6)فَمَا زَالُوا كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مَطَراً وَ رِیحاً فَجَرَفَتْهُمْ إِلَی الْبَحْرِ (7)وَ مَا بَقِیَ مَسْخٌ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ أَمَّا الَّذِینَ تَرَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْمُصَوَّرَاتِ بِصُوَرِهَا فَإِنَّمَا هِیَ أَشْبَاهُهَا لَا هِیَ بِأَعْیَانِهَا وَ لَا مِنْ نَسْلِهَا ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ اللَّهَ مَسَخَ هَؤُلَاءِ لِاصْطِیَادِهِمُ السَّمَكَ فَكَیْفَ تَرَی عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَالَ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هَتَكَ حُرْمَتَهُ (8)إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ إِنْ لَمْ
ص: 58
یَمْسَخْهُمْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ عَذَابِ الْمَسْخِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَمَا إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ لَوْ كَانُوا حِینَ هَمُّوا بِقَبِیحِ فِعَالِهِمْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَنْ یَعْصِمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَعَصَمَهُمْ وَ كَذَلِكَ النَّاهُونَ لَهُمْ لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَعْصِمَهُمْ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لَعَصَمَهُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یُلْهِمْهُمْ ذَلِكَ وَ لَمْ یُوَفِّقْهُمْ لَهُ فَجَرَتْ مَعْلُومَاتُ اللَّهِ فِیهِمْ عَلَی مَا كَانَ سُطِرَ فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ (1).
بیان: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه فی قوله تعالی وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ أی الذین جاوزوا ما أمروا به من ترك الصید یوم السبت و كانت الحیتان تجتمع فی یوم السبت لأمنها فحبسوها فی السبت و أخذوها فی الأحد فاعتدوا فی السبت أی ظلموا و تجاوزوا ما حد لهم لأن صیدها هو حبسها.
و روی عن الحسن أنهم اصطادوا یوم السبت مستحلین بعد ما نهوا عنه فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ هذا إخبار عن سرعة مسخه إیاهم لا أن هناك أمرا و معناه جعلناهم قردة كقوله فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً (2)قال ابن عباس فمسخهم اللّٰه عقوبة لهم و كانوا یتعاوون و بقوا ثلاثة أیام لم یأكلوا و لم یشربوا و لم یتناسلوا ثم أهلكهم اللّٰه تعالی و جاءت ریح فهبت بهم فألقتهم فی الماء و ما مسخ اللّٰه أمة إلا أهلكها فهذه القردة و الخنازیر لیست من نسل أولئك و لكن مسخ أولئك علی صورة هؤلاء یدل علیه إجماع المسلمین علی أنه لیس فی القردة و الخنازیر من هو من أولاد آدم و لو كانت من أولاد الممسوخین لكانت من بنی آدم و قال مجاهد لم یمسخوا قردة و إنما هو مثل ضربه اللّٰه كما قال كَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً (3)و حكی عنه أیضا أنه قال مسخت قلوبهم فجعلت كقلوب القردة لا تقبل وعظا و لا تتقی زجرا و هذان القولان یخالفان الظاهر الذی أكثر المفسرین علیه من غیر ضرورة تدعو إلیه.
ص: 59
و قوله خاسِئِینَ أی مبعدین عن الخیر و قیل أذلاء صاغرین مطرودین (1)و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ أی مجاورة البحر و قریبة منه و هی أبلة (2)عن ابن عباس و قیل هی مدین عنه أیضا و قیل الطبریة عن الزهری إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ أی یظلمون فیه بصید السمك و یتجاوزون الحد فی أمر السبت إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً أی ظاهرة علی وجه الماء عن ابن عباس و قیل متتابعة عن الضحاك و قیل رافعة رءوسها قال الحسن كانت تشرع إلی أبوابهم مثل الكباش البیض لأنها كانت آمنة یومئذ وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ أی و یوم لا یكون السبت كانت تغوص فی الماء و اختلف فی أنهم كیف اصطادوا فقیل إنهم ألقوا الشبكة فی الماء یوم السبت حتی كان یقع فیها السمك ثم كانوا لا یخرجون الشبكة من الماء إلا یوم الأحد و هذا تسبب محظور و فی روایة عكرمة عن ابن عباس اتخذوا الحیاض فكانوا یسوقون الحیتان إلیها و لا یمكنها الخروج منها فیأخذونها یوم الأحد و قیل إنهم اصطادوها و تناولوها بالید فی یوم السبت كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ أی مثل ذلك الاختبار الشدید نختبرهم بِما كانُوا یَفْسُقُونَ أی بفسقهم و عصیانهم و علی المعنی الآخر لا تأتیهم الحیتان مثل ذلك الإتیان الذی كان منها یوم السبت ثم استأنف فقال نَبْلُوهُمْ وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ أی جماعة مِنْهُمْ أی من بنی إسرائیل الذین لم یصطادوا و كانوا ثلاث فرق فرقة قانصة (3)و فرقة ساكتة و فرقة واعظة فقال الساكتون للواعظین الناهین لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أی یهلكهم اللّٰه و لم یقولوا ذلك كراهیة لوعظهم و لكن لإیاسهم أن یقبل هؤلاء القوم الوعظ فإن الأمر بالمعروف إنما یجب عند عدم الیأس عن القبول عن الجبائی و معناه ما ینفع الوعظ ممن لا یقبل و اللّٰه مهلكهم فی الدنیا بمعصیتهم أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فی الآخرة قالُوا أی قال الواعظون فی جوابهم
ص: 60
مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ معناه موعظتنا إیاهم معذرة إلی اللّٰه و تأدیة لفرضه فی النهی عن المنكر لئلا یقول لنا لم لم تعظوهم وَ لَعَلَّهُمْ بالوعظ یَتَّقُونَ و یرجعون فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أی فلما ترك أهل القریة ما ذكرهم الواعظون به و لم ینتهوا عن ارتكاب المعصیة بصید السمك أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ أی خلصنا الذین ینهون عن المعصیة وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا أنفسهم بِعَذابٍ بَئِیسٍ أی شدید بِما كانُوا یَفْسُقُونَ أی بفسقهم و ذلك العذاب لحقهم قبل أن مسخوا قردة عن الجبائی و لم یذكر حال الفرقة الثالثة هل كانت من الناجیة أو من الهالكة.
و روی عن ابن عباس فیهم ثلاثة أقوال أحدها أنه نجت الفرقتان و هلكت الثالثة و به قال السدی و الثانی أنه هلكت الفرقتان و نجت الفرقة الناهیة و به قال ابن زید و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الثالث التوقف فیه روی عن عكرمة قال دخلت علی ابن عباس و بین یدیه المصحف و هو یبكی و یقرأ هذه الآیة ثم قال قد علمت أن اللّٰه تعالی أهلك الذین أخذوا الحیتان و أنجی الذین نهوهم و لم أدر ما صنع بالذین لم ینهوهم و لم یواقعوا المعصیة و هذا حالنا و اختاره الجبائی و قال الحسن إنه نجی الفرقة الثالثة لأنه لیس شی ء أبلغ فی الأمر بالمعروف و الوعظ من ذكر الوعید و هم قد ذكروا الوعید فقالوا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً و قال قتل المؤمن أعظم و اللّٰه من أكل الحیتان (1)فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ أی عن ترك ما نهوا عنه یعنی لم یتركوا ما نهوا عنه و تمردوا فی الفساد و الجرأة علی المعصیة و أبوا أن یرجعوا عنها قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً أی جعلناهم قردة خاسِئِینَ مبعدین مطرودین و إنما ذكر كن لیدل علی أنه سبحانه لا یمتنع علیه شی ء و أجاز الزجاج أن یكون قیل لهم ذلك بكلام سمعوه فیكون ذلك أبلغ فی الآیة النازلة بهم و حكی ذلك عن أبی الهذیل قال قتادة صاروا قردة لها أذناب تعاووا بعد أن كانوا رجالا و نساء و قیل إنهم بقوا ثلاثة أیام ینظر إلیهم الناس ثم هلكوا و لم یتناسلوا عن ابن عباس قال و لم یمكث مسخ فوق
ص: 61
ثلاثة أیام و قیل عاشوا سبعة أیام ثم ماتوا عن مقاتل و قیل إنهم توالدوا عن الحسن و لیس بالوجه لأن من المعلوم أن القردة لیست من أولاد آدم كما أن الكلاب لیست منهم
وَ وَرَدَتِ الرِّوَایَةُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَمْسَخْ شَیْئاً فَجَعَلَ لَهُ نَسْلًا وَ عَقِباً.
القصة قیل كانت هذه القصة فی زمن داود علیه السلام.
و عن ابن عباس قال أمروا بالیوم الذی أمرتم به یوم الجمعة فتركوه و اختاروا یوم السبت فابتلوا به و حرم علیهم فیه الصید و أمروا بتعظیمه فكانت الحیتان تأتیهم یوم السبت شرعا بیضا سمانا حتی لا یری الماء من كثرتها فمكثوا كذلك ما شاء اللّٰه لا یصیدون ثم أتاهم الشیطان و قال إنما نهیتم عن أخذها یوم السبت فاتخذوا الحیاض و الشبكات فكانوا یسوقون الحیتان إلیها یوم الجمعة ثم یأخذونها یوم الأحد و عن ابن زید قال أخذ رجل منهم حوتا و ربط فی ذنبه خیطا و شده إلی الساحل ثم أخذه یوم الأحد و شواه فلاموه علی ذلك فلما لم یأته العذاب أخذوا ذلك و أكلوه و باعوه و كانوا نحوا من اثنی عشر ألفا فصار الناس ثلاث فرق علی ما تقدم ذكره فاعتزلتهم الفرقة الناهیة و لم تساكنهم فأصبحوا یوما و لم یخرج من العاصیة أحد فنظروا فإذا هم قردة ففتحوا الباب فدخلوا و كانت القردة تعرفهم و هم لا یعرفونها فجعلت تبكی فإذا قالوا لهم أ لم ننهكم قالت برءوسها أن نعم قال قتادة صارت الشبان قردة و الشیوخ خنازیر (1).
«14»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ قَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام (2).
ص: 62
شی، تفسیر العیاشی عن أبی عبیدة مثله (1).
«15»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الشِّیعَةِ (2)یَدْخُلُونَ فِی أَعْمَالِ السُّلْطَانِ وَ یَعْمَلُونَ لَهُمْ وَ یَجْبُونَ لَهُمْ وَ یُوَالُونَهُمْ (3)قَالَ لَیْسَ هُمْ مِنَ الشِّیعَةِ وَ لَكِنَّهُمْ مِنْ أُولَئِكَ ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ إِلَی قَوْلِهِ وَ لكِنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ قَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی (4).
بیان: اعلم أن تلك الروایات اتفقت علی خلاف ما هو المشهور بین المفسرین و المؤرخین من كون المسخ الذی كان فی زمان داود علیه السلام بأنهم صاروا قردة و إنما مسخ أصحاب المائدة خنازیر و قد دل علی الجزء الأول قوله تعالی كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ و الحمل علی سهو النساخ مع اتفاق التفسیرین و الكافی و القصص علیه بعید و الحمل علی غلط الرواة أیضا لا یخلو من بعد و یمكن توجیهه بوجهین الأول أن لا یكون هذا الخبر إشارة إلی قصة أصحاب السبت بل إلی مسخ آخر وقع فی زمان داود علیه السلام و لكن خبر القصص یأبی عنه إلا بتكلف بعید الثانی أنه یمكن أن یكون مسخهم فی الزمانین بالصنفین معا و یكون المقصود فی الآیة جعل بعضهم قردة و یكون التخصیص فی الخبر لعدم توهم التخصیص فی الآیة مع كون الفرد الآخر مذكورا فیها و فی الروایات المشهورة فلا حاجة إلی ذكره و یؤیده أن علی بن إبراهیم ذكر فی الموضعین الصنفین معا.
و قال البیضاوی قیل أهل أبلة (5)لما اعتدوا فی السبت لعنهم اللّٰه علی لسان داود فمسخهم قردة و خنازیر و أصحاب المائدة لما كفروا دعا علیهم عیسی و لعنهم فأصبحوا خنازیر و كانوا خمسة آلاف رجل انتهی (6)و قال الثعلبی فی أصحاب السبت قال قتادة
ص: 63
ص: 159
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل فی معناه أقوال:
أحدها أن معناه لعنوا علی لسان داود فصاروا قردة و علی لسان عیسی فصاروا خنازیر
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیهما السلام أَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ لَعَنَ أَهْلَ أُبُلَّةَ (1)لَمَّا اعْتَدَوْا فِی سَبْتِهِمْ وَ كَانَ اعْتِدَاؤُهُمْ فِی زَمَانِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَلْبِسْهُمُ اللَّعْنَةَ مِثْلَ الرِّدَاءِ وَ مِثْلَ الْمِنْطَقَةِ عَلَی الْحَقْوَیْنِ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً وَ أَمَّا عِیسَی علیه السلام فَإِنَّهُ لَعَنَ الَّذِینَ أُنْزِلَتْ عَلَیْهِمُ الْمَائِدَةُ ثُمَّ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ.
و ثانیها ما قاله ابن عباس إنه یرید فی الزبور و فی الإنجیل و معنی هذا أن اللّٰه تعالی لعن فی الزبور من یكفر من بنی إسرائیل و فی الإنجیل كذلك.
و ثالثها أن یكون عیسی و داود علیه السلام أعلما أن محمدا نبی مبعوث و لعنا من یكفر به انتهی. (2)و الأبّلة (3)بضم الهمزة و الباء المشددة موضع البصرة الآن و هی إحدی الجنات الأربعة.
ص: 64
الآیات؛
النساء: «وَ أَوْحَیْنا إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ عِیسی وَ أَیُّوبَ وَ یُونُسَ وَ هارُونَ وَ سُلَیْمانَ»(163)
الأنعام: «وَ نُوحاً هَدَیْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ»(84)
الأنبیاء: «وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها وَ كُنَّا بِكُلِّ شَیْ ءٍ عالِمِینَ* وَ مِنَ الشَّیاطِینِ مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ وَ یَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ»(81-82)
النمل: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وَ سُلَیْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلی كَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ* وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ»(15-16)
سبأ: «وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ* یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ»(12-13)
ص: «وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ* قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ* فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ* وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ* وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ*
ص: 65
هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَیْرِ حِسابٍ* وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ»(34-40)
تفسیر: قال المفسرون: الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها هی الشام و وجه وصف الریح تارة بالعاصفة و أخری بالرخاء بوجوه الأول أنها كانت تارة كذا و تارة كذا بحسب إرادته و الثانی أنها كانت فی بدء الأمر عاصفة لرفع البساط و قلعه ثم كانت تصیر رخاء عند تسییرها و الثالث أن العصف عبارة عن سرعة سیرها و الرخاوة عن كونها لینة طیبة فی نفسها الرابع أن الرخاوة كنایة عن انقیادها له فی كل ما أمرها به.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه و قیل كانت الریح تجری به فی الغداة مسیرة شهر و فی الرواح كذلك و كان یسكن بعلبك (1)و یبنی له بیت المقدس و یحتاج إلی الخروج إلیها و إلی غیرها قال وهب و كان سلیمان یخرج إلی مجلسه فتعكف علیه الطیر و یقوم له الإنس و الجن حتی یجلس علی سریره و یجتمع معه جنوده ثم تحمله الریح إلی حیث أراد.
قوله تعالی مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ أی فی البحر فیخرجون له الجواهر و اللآلی وَ یَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ أی سوی ذلك من الأبنیة كالمحاریب و التماثیل و غیرهما وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ لئلا یهربوا منه و یمتنعوا علیه و قیل من أن یفسدوا ما عملوه. (2)قوله عِلْماً قال أی بالقضاء بین الخلق و بكلام الطیر و الدواب وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ فیه دلالة علی أن الأنبیاء یورثون المال كتوریث غیرهم و قیل إنه ورثه علمه و نبوته و ملكه دون سائر أولاده (3)و الصحیح عند أهل البیت علیهم السلام هو الأول عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ أهل العربیة یقولون لا یطلق النطق علی غیر بنی آدم و إنما یقال الصوت
ص: 66
لأن النطق عبارة عن الكلام و لا كلام للطیر إلا أنه لما فهم سلیمان معنی صوت الطیر سماه منطقا مجازا و قیل إنه أراد حقیقة المنطق لأن من الطیر ما له كلام یهجی (1)كالطوطی و قال علی بن عیسی إن الطیر كانت تكلم سلیمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد و منطق الطیر صوت یتفاهم به معانیها علی صیغة واحدة بخلاف منطق الناس الذی یتفاهمون به المعانی علی صیغ مختلفة و لذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها و لم تفهم هی عنا لأن أفهامها مقصورة علی تلك الأمور المخصوصة و لما جعل سلیمان یفهم عنها كان قد علم منطقها وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ أی من كل شی ء یؤتی الأنبیاء و الملوك و قیل من كل شی ء یطلبه طالب لحاجته إلیه و انتفاعه به (2)حَیْثُ أَصابَ أی أراد من النواحی وَ الشَّیاطِینَ أی و سخرنا له الشیاطین وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ أی و سخرنا له آخرین من الشیاطین مشددین فی الأغلال و السلاسل من الحدید و كان یجمع بین اثنین و ثلاثة منهم فی سلسلة لا یمتنعون علیه إذا أراد ذلك بهم عند تمردهم و قیل إنه إنما كان یفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم هذا أی ما تقدم من الملك عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ أی فأعط من الناس من شئت و امنع من شئت بِغَیْرِ حِسابٍ أی لا تحاسب یوم القیامة علی ما تعطی و تمنع (3).
«1»-فس، تفسیر القمی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً قَالَ تَجْرِی مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها قَالَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ الشَّامِ (4).
«2»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام أَرَادَ أَنْ یَسْتَخْلِفَ سُلَیْمَانَ علیه السلام لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیْهِ یَأْمُرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَخْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ ضَجُّوا مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا یَسْتَخْلِفُ عَلَیْنَا
ص: 67
حَدَثاً (1)وَ فِینَا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَدَعَا أَسْبَاطَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ بَلَغَتْنِی مَقَالَتُكُمْ فَأَرُونِی عِصِیَّكُمْ فَأَیُّ عَصًا أَثْمَرَتْ فَصَاحِبُهَا وَلِیُّ الْأَمْرِ بَعْدِی فَقَالُوا رَضِینَا وَ قَالَ لِیَكْتُبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ اسْمَهُ عَلَی عَصَاهُ فَكَتَبُوا ثُمَّ جَاءَ سُلَیْمَانُ بِعَصَاهُ فَكَتَبَ عَلَیْهَا اسْمَهُ ثُمَّ أُدْخِلَتْ بَیْتاً وَ أُغْلِقَ الْبَابُ وَ حَرَسَهُ رُءُوسُ أَسْبَاطِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّی بِهِمُ الْغَدَاةَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَأَخْرَجَ عِصِیَّهُمْ وَ قَدْ أَوْرَقَتْ عَصَا سُلَیْمَانَ وَ قَدْ أَثْمَرَتْ فَسَلَّمُوا ذَلِكَ لِدَاوُدَ فَاخْتَبَرَهُ بِحَضْرَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ أَیُّ شَیْ ءٍ أَبْرَدُ قَالَ عَفْوُ اللَّهِ عَنِ النَّاسِ وَ عَفْوُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ قَالَ یَا بُنَیَّ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَحْلَی قَالَ الْمَحَبَّةُ وَ هِیَ رَوْحُ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ فَافْتَرَّ (2)دَاوُدُ ضَاحِكاً فَسَارَ بِهِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ هَذَا خَلِیفَتِی فِیكُمْ مِنْ بَعْدِی ثُمَّ أَخْفَی سُلَیْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَهُ وَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَ اسْتَتَرَ مِنْ شِیعَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَسْتَتِرَ ثُمَّ إِنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ لَهُ ذَاتَ یَوْمٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَكْمَلَ خِصَالَكَ وَ أَطْیَبَ رِیحَكَ وَ لَا أَعْلَمُ لَكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا إِلَّا أَنَّكَ فِی مَئُونَةِ أَبِی فَلَوْ دَخَلْتَ السُّوقَ فَتَعَرَّضْتَ لِرِزْقِ اللَّهِ رَجَوْتُ أَنْ لَا یُخَیِّبَكَ فَقَالَ لَهَا سُلَیْمَانُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا قَطُّ وَ لَا أُحْسِنُهُ فَدَخَلَ السُّوقَ فَجَالَ یَوْمَهُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ یُصِبْ شَیْئاً فَقَالَ لَهَا مَا أَصَبْتُ شَیْئاً قَالَتْ لَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْیَوْمَ كَانَ غَداً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ إِلَی السُّوقِ فَجَالَ فِیهِ (3)فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ وَ رَجَعَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ یَكُونُ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مَضَی حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا هُوَ بِصَیَّادٍ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ أُعِینَكَ وَ تُعْطِیَنَا شَیْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَعْطَاهُ الصَّیَّادُ سَمَكَتَیْنِ فَأَخَذَهُمَا وَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ إِنَّهُ شَقَّ بَطْنَ إِحْدَاهُمَا فَإِذَا هُوَ بِخَاتَمٍ فِی بَطْنِهَا فَأَخَذَهُ فَصَیَّرَهُ فِی ثَوْبِهِ (4)وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَصْلَحَ السَّمَكَتَیْنِ وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَی مَنْزِلِهِ وَ فَرِحَتِ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ وَ قَالَتْ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَدْعُوَ أَبَوَیَّ حَتَّی یَعْلَمَا أَنَّكَ قَدْ كَسَبْتَ فَدَعَاهُمَا فَأَكَلَا مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ لَهُمْ هَلْ
ص: 68
تَعْرِفُونِی قَالُوا لَا وَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّا لَمْ نَرَ خَیْراً مِنْكَ (1)فَأَخْرَجَ خَاتَمَهُ فَلَبِسَهُ فَخَرَّ عَلَیْهِ الطَّیْرُ وَ الرِّیحُ وَ غَشِیَهُ الْمُلْكُ وَ حَمَلَ الْجَارِیَةَ وَ أَبَوَیْهَا إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ اجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ اسْتَبْشَرُوا بِهِ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِمَّا كَانُوا فِیهِ مِنْ حَیْرَةِ غَیْبَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی إِلَی آصِفَ بْنِ بَرْخِیَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فَلَمْ یَزَلْ بَیْنَهُمْ یَخْتَلِفُ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ ثُمَّ غَیَّبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آصِفَ غَیْبَةً طَالَ أَمَدُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَقِیَ بَیْنَ قَوْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَهُمْ فَقَالُوا لَهُ أَیْنَ الْمُلْتَقَی قَالَ عَلَی الصِّرَاطِ وَ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِغَیْبَتِهِ وَ تَسَلَّطَ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ (2)أَقُولُ تَمَامُ الْخَبَرِ فِی بَابِ قِصَّةِ طَالُوتَ.
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَافْتَرَّ دَاوُدُ ضَاحِكاً
«3»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَمَّا سُلِبَ مُلْكَهُ خَرَجَ عَلَی وَجْهِهِ فَضَافَ رَجُلًا عَظِیماً فَأَضَافَهُ وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِ وَ نَزَلَ سُلَیْمَانُ مِنْهُ مَنْزِلًا عَظِیماً لِمَا رَأَی مِنْ صَلَاتِهِ وَ فَضْلِهِ قَالَ فَزَوَّجَهُ بِنْتَهُ فَقَالَ لَهُ بِنْتُ الرَّجُلِ (3)حِینَ رَأَتْ مِنْهُ مَا رَأَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَطْیَبَ رِیحَكَ وَ أَكْمَلَ خِصَالَكَ لَا أَعْلَمُ فِیكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا إِلَّا أَنَّكَ فِی مَئُونَةِ أَبِی قَالَ فَخَرَجَ حَتَّی أَتَی السَّاحِلَ فَأَعَانَ صَیَّاداً عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَعْطَاهُ السَّمَكَةَ الَّتِی وَجَدَ فِی بَطْنِهَا خَاتَمَهُ (4).
«4»-ج، الإحتجاج فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ كَانَ فِیمَا سَأَلَهُ
ص: 69
كَیْفَ صَعِدَتِ الشَّیَاطِینُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُمْ أَمْثَالُ النَّاسِ فِی الْخِلْقَةِ وَ الْكَثَافَةِ وَ قَدْ كَانُوا یَبْنُونَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام مِنَ الْبِنَاءِ مَا یَعْجِزُ عَنْهُ وُلْدُ آدَمَ قَالَ علیه السلام غَلُظُوا لِسُلَیْمَانَ كَمَا سُخِّرُوا وَ هُمْ خَلْقٌ رَقِیقٌ غِذَاؤُهُمُ التَّنَسُّمُ (1)وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ صُعُودُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَ لَا یَقْدِرُ الْجِسْمُ الْكَثِیفُ عَلَی الِارْتِقَاءِ إِلَیْهَا إِلَّا بِسُلَّمٍ أَوْ سَبَبٍ (2).
«5»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام أَلْفُ امْرَأَةٍ فِی قَصْرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثُ مِائَةٍ مَهِیرَةٌ (3)وَ سَبْعُمِائَةٍ سُرِّیَّةٌ (4).
«6»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ السُّكَّرَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام (5).
«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ مُلْكُ سُلَیْمَانَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ (6).
«8»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یُطْعِمُ أَضْیَافَهُ اللَّحْمَ بِالْحُوَّارَی وَ عِیَالَهُ الْخُشْكَارَ وَ یَأْكُلُ هُوَ الشَّعِیرَ غَیْرَ مَنْخُولٍ (7).
بیان: الخبز الحواری الذی نخل مرة بعد مرة (8)و الخشكار لم أجده فی أكثر كتب اللغة فكأنه معرب مولد و فی كتب الطب و بعض كتب اللغة أنه الخبز المأخوذ من الدقیق غیر المنخول و قیل إنه الخبز الیابس و الأول هو المراد هاهنا.
«9»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لَوْ أَنَّ أَحَداً یَجِدُ إِلَی الْبَقَاءِ سُلَّماً أَوْ لِدَفْعِ
ص: 70
الْمَوْتِ سَبِیلًا لَكَانَ ذَلِكَ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام الَّذِی سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَ عَظِیمِ الزُّلْفَةِ (1)فَلَمَّا اسْتَوْفَی طُعْمَتَهُ وَ اسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ رَمَتْهُ قِسِیُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ وَ أَصْبَحَتِ الدِّیَارُ مِنْهُ خَالِیَةً وَ الْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ (2).
«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قَالَ كَانُوا ثَمَانِینَ رَجُلًا وَ سَبْعِینَ امْرَأَةً مَا أَغَبَّ الْمِحْرَابَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ یُصَلِّی فِیهِ وَ كَانُوا آلَ دَاوُدَ فَلَمَّا قُبِضَ دَاوُدُ علیه السلام وَلِیَ سُلَیْمَانُ علیه السلام قَالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ وَ كَانَ لَا یَسْمَعُ بِمَلِكٍ فِی نَاحِیَةِ الْأَرْضِ إِلَّا أَتَاهُ حَتَّی یُذِلَّهُ وَ یُدْخِلَهُ فِی دِینِهِ وَ سَخَّرَ الرِّیحَ لَهُ فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَی مَجْلِسِهِ عَكَفَ عَلَیْهِ الطَّیْرُ وَ قَامَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَغْزُوَ أَمَرَ بِمُعَسْكَرِهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَاطاً مِنَ الْخَشَبِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَیْهِ النَّاسَ وَ الدَّوَابَّ وَ آلَةَ الْحَرْبِ كُلَّهَا حَتَّی إِذَا حَمَلَ مَعَهُ مَا یُرِیدُ أَمَرَ الْعَاصِفَ مِنَ الرِّیحِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ الْخَشَبِ فَحَمَلَهُ حَتَّی یَنْتَهِیَ بِهِ إِلَی حَیْثُ یُرِیدُ وَ كَانَ غُدُوُّهَا شَهْراً وَ رَوَاحُهَا شَهْراً(3).
بیان: ما أغب المحراب أی لم یكونوا یأتون المحراب غبا بل كان كل منهم یواظبه (4).
ص: 71
«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ الْأَصْبَغِ قَالَ: خَرَجَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِیٍّ عَنْ یَمِینِهِ عَلَیْهَا الْإِنْسُ وَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِیٍّ عَنْ یَسَارِهِ عَلَیْهَا الْجِنُّ وَ أَمَرَ الطَّیْرَ فَأَظَلَّتْهُمْ وَ أَمَرَ الرِّیحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّی وَرَدَتْ بِهِمُ الْمَدَائِنَ ثُمَّ رَجَعَ وَ بَاتَ فِی إِصْطَخْرَ ثُمَّ غَدَا فَانْتَهَی إِلَی جَزِیرَةِ بَرْكَاوَانَ (1)ثُمَّ أَمَرَ الرِّیحَ فَخَفَضَتْهُمْ حَتَّی كَادَتْ أَقْدَامُهُمْ یُصِیبُهَا الْمَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَلْ رَأَیْتُمْ مُلْكاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا فَنَادَی مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ لَثَوَابُ تَسْبِیحَةٍ وَاحِدَةٍ أَعْظَمُ مِمَّا رَأَیْتُمْ (2).
فس، تفسیر القمی أبی عن ابن أبی نصر عن أبان عن أبی حمزة مثله (3).
«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِی عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام حِصْنٌ بَنَاهُ الشَّیَاطِینُ لَهُ فِیهِ أَلْفُ بَیْتٍ فِی كُلِّ بَیْتٍ طَرُوقَةٌ مِنْهُنَّ سَبْعُمِائَةِ أَمَةٍ قِبْطِیَّةٍ وَ ثَلَاثُمِائَةِ حُرَّةٍ مَهِیرَةٍ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَی قُوَّةَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا فِی مُبَاضَعَةِ النِّسَاءِ (4)وَ كَانَ یَطُوفُ بِهِنَّ جَمِیعاً وَ یُسْعِفُهُنَّ (5)قَالَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ فَتَحْمِلُ لَهُ الْحِجَارَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ كَیْفَ أَنْتُمْ قَالُوا مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَا نَحْنُ
ص: 72
فِیهِ فَقَالَ إِبْلِیسُ أَ لَیْسَ تَذْهَبُونَ بِالْحِجَارَةِ وَ تَرْجِعُونَ فَرَاغاً قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ سُلَیْمَانَ مَا قَالَ إِبْلِیسُ لِلشَّیَاطِینِ فَأَمَرَهُمْ یَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ ذَاهِبِینَ وَ یَحْمِلُونَ الطِّینَ رَاجِعِینَ إِلَی مَوْضِعِهَا فَتَرَاءَی لَهُمْ إِبْلِیسُ فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ فَشَكَوْا إِلَیْهِ فَقَالَ أَ لَسْتُمْ تَنَامُونَ بِاللَّیْلِ قَالُوا بَلَی قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ مَا قَالَتِ الشَّیَاطِینُ وَ إِبْلِیسُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَعْمَلُوا بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَمَا لَبِثُوا إِلَّا یَسِیراً حَتَّی مَاتَ سُلَیْمَانُ وَ قَالَ خَرَجَ سُلَیْمَانُ یَسْتَسْقِی وَ مَعَهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ فَمَرَّ بِنَمْلَةٍ عَرْجَاءَ (1)نَاشِرَةً جَنَاحَهَا رَافِعَةً یَدَهَا وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِ بَنِی آدَمَ وَ اسْقِنَا فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِمَنْ كَانَ مَعَهُ ارْجِعُوا فَقَدْ شُفِّعَ فِیكُمْ غَیْرُكُمْ (2)وَ فِی خَبَرٍ قَدْ كُفِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ (3).
بیان: قال الجوهری طروقة الفحل أنثاه.
«13»-سن، المحاسن الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً قَطُّ إِلَّا عَاقِلًا وَ بَعْضُ النَّبِیِّینَ أَرْجَحُ مِنْ بَعْضٍ وَ مَا اسْتَخْلَفَ دَاوُدُ سُلَیْمَانَ حَتَّی اخْتَبَرَ عَقْلَهُ وَ اسْتَخْلَفَ دَاوُدُ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِی مُلْكِهِ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ مَلَكَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِی مُلْكِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً (4).
«14»-سن، المحاسن أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی الْأَنْصَارِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام أَتَتْهُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ مُسْتَعْدِیَةً عَلَی
ص: 73
الرِّیحِ فَدَعَا سُلَیْمَانُ الرِّیحَ فَقَالَ لَهَا مَا دَعَاكِ إِلَی مَا صَنَعْتِ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ قَالَتْ إِنَّ رَبَّ الْعِزَّةِ بَعَثَنِی إِلَی سَفِینَةِ بَنِی فُلَانٍ لِأُنْقِذَهَا مِنَ الْغَرَقِ وَ كَانَتْ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَی الْغَرَقِ فَخَرَجْتُ فِی سُنَّتِی (1)عَجْلَی إِلَی مَا أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِهِ وَ مَرَرْتُ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَ هِیَ عَلَی سَطْحِهَا فَعَثَرْتُ بِهَا وَ لَمْ أُرِدْهَا فَسَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ یَدُهَا فَقَالَ سُلَیْمَانُ یَا رَبِّ بِمَا أَحْكُمُ عَلَی الرِّیحِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا سُلَیْمَانُ احْكُمْ بِأَرْشِ كَسْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَی أَرْبَابِ السَّفِینَةِ الَّتِی أَنْقَذَتْهَا الرِّیحُ مِنَ الْغَرَقِ فَإِنَّهُ لَا یُظْلَمُ لَدَیَّ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِینَ (2).
«15»-سن، المحاسن عَلِیُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا هِیَ تَمَاثِیلَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ لَكِنِ الشَّجَرِ وَ شِبْهِهِ(3).
كا، الكافی عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن أحمد بن محمد بن أبی نصر عن داود بن الحصین عن الفضل بن العباس مثله (4).
«16»-سر، السرائر مِنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ وَ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْوَشَّاءِ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْ عَنْ زُرَارَةَ عَنْهُ علیه السلام (5)قَالَ: آخِرُ نَبِیٍّ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ (6)سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِمَا أُعْطِیَ فِی الدُّنْیَا (7).
«17»-مكا، مكارم الأخلاق عَنْ زروان الْمَدَائِنِیِّ (8)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: لَقَدْ كَانَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام أَلْفُ امْرَأَةٍ فِی قَصْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ مَهِیرَةٌ وَ سَبْعُمِائَةٍ سُرِّیَّةٌ وَ كَانَ یُطِیفُ بِهِنَّ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ.
ص: 74
بیان: طیف تطییفا أكثر الطواف و فی بعض النسخ یطوف أی كان یأتیهن جمیعا إما بالزیارة أو بالجماع أیضا.
«18»-محص، (1)التمحیص عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ آخِرَ الْأَنْبِیَاءِ دُخُولًا إِلَی الْجَنَّةِ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِمَا أُعْطِیَ مِنَ الدُّنْیَا.
«19»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ الصَّحِیحِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام قَدْ حَجَّ الْبَیْتَ فِی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ وَ الرِّیَاحِ وَ كَسَا الْبَیْتَ الْقَبَاطِیَّ (2).
بیان: القبطیة (3)ثوب ینسب إلی مصر و الجمع قباطی بالضم و الكسر (4).
«20»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَیْتَ الثِّیَابَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام كَسَاهُ الْقَبَاطِیَّ (5).
«21»-فس، تفسیر القمی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ قَالَ كَانَتِ الرِّیحُ تَحْمِلُ كُرْسِیَّ سُلَیْمَانَ فَتَسِیرُ بِهِ فِی الْغَدَاةِ مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ بِالْعَشِیِّ مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ أَیِ الصُّفْرِ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ قَالَ الشَّجَرِ (6)وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أَیْ جَفْنَةٍ كَالْحُفْرَةِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ أَیْ ثَابِتَاتٍ ثُمَّ قَالَ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قَالَ اعْمَلُوا مَا تُشْكَرُونَ عَلَیْهِ (7).
بیان: یمكن قراءة تشكرون علی المعلوم و المجهول و لعل الأخیر أظهر.
تفسیر: قال الطبرسی نور اللّٰه مضجعه: وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ أی و سخرنا لسلیمان الریح غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ أی مسیر غدو تلك الریح المسخرة له مسیرة شهر و مسیر رواحها مسیرة شهر و المعنی أنها كانت تسیر فی الیوم مسیرة شهرین للراكب قال قتادة كانت تغدو مسیرة شهر إلی نصف النهار و تروح مسیرة شهر إلی آخر النهار و قال الحسن كانت تغدو من
ص: 75
دمشق فیقیل بإصطخر من أرض أصفهان (1)و بینهما مسیرة شهر للمسرع و تروح من إصطخر فتبیت بكابل و بینهما مسیرة شهر تحمله الریح مع جنوده أعطاه اللّٰه الریح بدلا من الصافنات الجیاد وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ أی أذبنا له عین النحاس و أظهرناها له قالوا جرت له عین الصفر ثلاثة أیام بلیالیهن جعلها اللّٰه له كالماء و إنما یعمل الناس بما أعطی لسلیمان منه (2)وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ المعنی و سخرنا له من الجن من یعمل بحضرته و أمام عینه ما یأمرهم به من الأعمال كما یعمل الآدمی بین یدی الآدمی بأمر ربه تعالی و كان یكلفهم الأعمال الشاقة مثل عمل الطین و غیره و قال ابن عباس سخرهم اللّٰه لسلیمان و أمرهم بطاعته فیما یأمرهم به و فی هذا دلالة علی أنه قد كان من الجن من هو غیر مسخر له وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ المعنی و من یعدل من هؤلاء الجن الذین سخرناهم لسلیمان عما أمرناهم به من طاعة سلیمان نذقه من عذاب السعیر أی عذاب النار فی الآخرة عن أكثر المفسرین و فی هذا دلالة علی أنهم قد كانوا مكلفین و قیل معناه نذیقه العذاب فی الدنیا و أن اللّٰه سبحانه وكل بهم ملكا بیده سوط من نار فمن زاغ منهم عن طاعة سلیمان ضربه ضربة أحرقته یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ و هی البیوت الشریفة (3)و قیل هی القصور و المساجد یتعبد فیها عن قتادة و الجبائی قال و كان مما عملوه بیت المقدس و قد كان اللّٰه عز و جل سلط علی بنی إسرائیل الطاعون فهلك خلق كثیر فی یوم واحد فأمرهم داود علیه السلام أن یغتسلوا و یبرزوا إلی الصعید بالذراری و الأهلین و یتضرعوا إلی اللّٰه تعالی لعله یرحمهم و ذلك صعید بیت المقدس قبل بناء المسجد و ارتفع داود علیه السلام فوق الصخرة فخر ساجدا یبتهل إلی اللّٰه سبحانه و سجدوا معه فلم یرفعوا رءوسهم حتی كشف اللّٰه عنهم الطاعون فلما أن شفع اللّٰه (4)داود فی بنی إسرائیل جمعهم داود بعد ثلاث و قال لهم
ص: 76
إن اللّٰه تعالی قد من علیكم و رحمكم فجددوا له شكرا بأن تتخذوا من هذا الصعید الذی رحمكم فیه مسجدا ففعلوا و أخذوا فی بناء بیت المقدس فكان داود علیه السلام ینقل الحجارة لهم علی عاتقه و كذلك خیار بنی إسرائیل حتی رفعوه قامة و لداود علیه السلام یومئذ سبع و عشرون و مائة سنة فأوحی اللّٰه تعالی إلی داود أن تمام بنائه یكون علی ید ابنه سلیمان فلما صار داود ابن أربعین و مائة سنة توفاه اللّٰه و استخلف سلیمان فأحب إتمام بیت المقدس فجمع الجن و الشیاطین فقسم علیهم الأعمال یخص كل طائفة منهم بعمل فأرسل الجن و الشیاطین فی تحصیل الرخام و المها (1)الأبیض الصافی من معادنه و أمر ببناء المدینة من الرخام و الصفاح (2)و جعلها اثنی عشر ربضا و أنزل كل ربض منها سبطا من الأسباط فلما فرغ من بناء المدینة ابتدأ فی بناء المسجد فوجه الشیاطین فرقا فرقة یستخرجون الذهب و الیواقیت من معادنها و فرقة یقلعون الجواهر و الأحجار من أماكنها و فرقة یأتونه بالمسك و العنبر و سائر الطیب و فرقة یأتونه بالدر من البحار فأوتی من ذلك بشی ء لا یحصیه إلا اللّٰه تعالی ثم أحضر الصناع و أمرهم بنحت تلك الأحجار حتی صیروها ألواحا و معالجة تلك الجواهر و اللآلی و بنی سلیمان المسجد بالرخام الأبیض و الأصفر و الأخضر و عمده بأساطین الْمَهَا الصافی و سقفه بألواح الجواهر (3)و فصص سقوفه و حیطانه باللآلی و الیواقیت و الجواهر و بسط أرضه بألواح الفیروزج فلم یكن فی الأرض بیت أبهی منه و لا أنور من ذلك المسجد كان یضی ء فی الظلمة كالقمر لیلة البدر فلما فرغ منه جمع إلیه خیار بنی إسرائیل فأعلمهم أنه بناه لله تعالی و اتخذ ذلك الیوم الذی فرغ منه عیدا فلم یزل بیت المقدس علی ما بناه سلیمان حتی إذا غزا بختنصر بنی إسرائیل فخرب المدینة و هدمها و نقض المسجد و أخذ ما فی سقوفه و حیطانه من الذهب و الدرر (4)و الیواقیت و الجواهر فحملها إلی دار مملكته من أرض
ص: 77
العراق قال سعید بن المسیب لما فرغ سلیمان من بناء بیت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سلیمان فلم تنفتح حتی قال فی دعائه بصلوات أبی داود إلا فتحت الأبواب ففرغ له سلیمان (1)عشرة آلاف من قراء بنی إسرائیل خمسة آلاف باللیل و خمسة آلاف بالنهار و لا تأتی ساعة من لیل و لا نهار إلا و یعبد اللّٰه فیها وَ تَماثِیلَ یعنی صورا من نحاس و شبه (2)و زجاج و رخام كانت الجن تعملها.
ثم اختلفوا فقال بعضهم كانت صورا للحیوانات و قال آخرون كانوا یعملون صور السباع و البهائم علی كرسیه لیكون أهیب له فذكروا أنهم صوروا أسدین أسفل كرسیه و نسرین فوق عمودی كرسیه فكان إذا أراد أن یصعد علی الكرسی بسط الأسدان ذراعیهما و إذا علا علی الكرسی نشر النسران أجنحتهما فظللاه من الشمس و یقال إن ذلك كان مما لا یعرفه أحد من الناس فلما حاول بختنصر صعود الكرسی بعد سلیمان حین غلب علی بنی إسرائیل لم یعرف كیف كان یصعد سلیمان علیه السلام فرفع الأسد ذراعیه فضرب ساقه فقدها فخر مغشیا علیه فما جسر أحد بعده أن یصعد ذلك الكرسی قال الحسن و لم تكن یومئذ التصاویر محرمة و هی محظورة فی شریعة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فإنه قال لعن اللّٰه المصورین و یجوز أن یكره ذلك فی زمن دون زمن و قد بین اللّٰه سبحانه أن المسیح علیه السلام كان یصور بأمر اللّٰه من الطین كهیئة الطیر و قال ابن عباس كانوا یعملون صور الأنبیاء و العباد فی المساجد لیقتدی بهم
وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا هِیَ تَمَاثِیلُ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ لَكِنَّهَا الشَّجَرُ وَ مَا أَشْبَهَهُ.
وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أی صحاف كالحیاض التی یجبی فیها الماء أی یجمع و كان سلیمان علیه السلام یصلح طعام جیشه فی مثل هذه الجفان فإنه لم یمكنه أن یطعمهم فی مثل قصع الناس لكثرتهم و قیل إنه كان یجمع علی كل جفنة ألف رجل یأكلون بین یدیه وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ أی ثابتات لا تزلن عن أمكنتهن لعظمهن عن قتادة و كانت بالیمن و قیل كانت عظیمة كالجبال یحملونها مع أنفسهم و كان سلیمان علیه السلام یطعم جنده انتهی. (3)
ص: 78
و قال صاحب الكامل لما توفی داود علیه السلام ملك بعده ابنه سلیمان علیه السلام علی بنی إسرائیل و كان عمره ثلاث عشرة سنة و أتاه مع الملك النبوة (1)و سخر له الجن و الإنس و الشیاطین و الطیر و الریح فكان إذا خرج من بیته إلی مجلسه عكفت علیه الطیر و قام له الإنس و الجن متی یجلس فیه (2)و قیل إنه سخر له الریح و الجن و الشیاطین و الطیر و غیر ذلك بعد أن زال ملكه و أعاده اللّٰه إلیه و كان أبیض جسیما كثیر الشعر یلبس البیاض و كان یأكل من كسبه (3)و كان كثیر الغزو و كان إذا أراد الغزو أمر فعمل بساط من خشب یسع عسكره فیركبون علیه هم و دوابهم و ما یحتاجون إلیه ثم أمر الریح فحملته فسار (4)فی غدوته مسیرة شهر و فی روحته كذلك و كان له ثلاثمائة زوجة و سبعمائة سریة و أعطاه اللّٰه أخیرا أنه لا یتكلم أحد بشی ء إلا حملته الریح فیعلم ما یقول انتهی (5).
«22»-أَعْلَامُ الدِّینِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ بَعَثَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام بَعْضَ عَفَارِیتِهِ وَ بَعَثَ مَعَهُ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا مَعَهُ وَ انْظُرُوا مَا ذَا یَقُولُ فَمَرُّوا بِهِ فِی السُّوقِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ نَظَرَ إِلَی النَّاسِ فَهَزَّ رَأْسَهُ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی بَیْتٍ یَبْكُونَ عَلَی مَیِّتٍ لَهُمْ فَضَحِكَ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی الثُّومِ یُكَالُ كَیْلًا وَ عَلَی الْفُلْفُلِ یُوزَنُ وَزْناً فَضَحِكَ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی قَوْمٍ یَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَی وَ آخَرِینَ فِی بَاطِلٍ فَهَزَّ رَأْسَهُ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَی سُلَیْمَانَ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا مِنْهُ فَسَأَلَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام أَ رَأَیْتَ إِذْ مَرُّوا بِكَ فِی السُّوقِ لِمَ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَی السَّمَاءِ وَ نَظَرْتَ إِلَی الْأَرْضِ وَ النَّاسِ قَالَ عَجِبْتُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَی رُءُوسِ النَّاسِ مَا أَسْرَعَ مَا یَكْتُبُونَ وَ مِنَ النَّاسِ مَا أَسْرَعَ مَا یَمَلُّونَ قَالَ وَ مَرَرْتُ عَلَی أَهْلِ بَیْتٍ یَبْكُونَ عَلَی مَیِّتٍ وَ قَدْ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَضَحِكْتُ قَالَ وَ مَرَرْتُ عَلَی الثُّومِ یُكَالُ كَیْلًا وَ مِنْهُ التِّرْیَاقُ
ص: 79
وَ عَلَی الْفُلْفُلِ یُوزَنُ وَزْناً وَ هُوَ الدَّاءُ فَتَعَجَّبْتُ وَ نَظَرْتُ إِلَی قَوْمٍ یَذْكُرُونَ اللَّهَ وَ آخَرِینَ فِی بَاطِلٍ فَتَعَجَّبْتُ وَ ضَحِكْتُ (1).
أقول: قد مر فی الباب الأول (2)و غیره فی خبر الشامی أن سلیمان علیه السلام ممن ولد من الأنبیاء مختونا و فی الباب الثانی
عن الرضا علیه السلام أنه كان نقش خاتمه سبحان من ألجم الجن بكلماته.
و فی أبواب قصص داود علیه السلام بعض ما یتعلق بأحواله.
«23»-وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَی الْوَاحِدِیُّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مُلْكَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا فَمَلَكَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ (3)مُلْكَ أَهْلِ الدُّنْیَا كُلِّهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّیَاطِینِ وَ الدَّوَابِّ وَ الطَّیْرِ وَ السِّبَاعِ وَ أُعْطِیَ عِلْمَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْطِقَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ فِی زَمَانِهِ صُنِعَتِ الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ الَّتِی سَمِعَ بِهَا النَّاسُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (4)
أقول: هذا الخبر غریب من حیث اشتماله علی ملك المشارق و المغارب و كون ملكه سبعمائة سنة و مخالف للأخبار المعتبرة من الجهتین معا لكن سیأتی من إكمال الدین فی باب وفاته علیه السلام ما یؤید الثانی.
ثم قال رحمه اللّٰه قال محمد بن كعب بلغنا أن سلیمان بن داود علیه السلام كان عسكره (5)مائة فرسخ خمسة و عشرون للإنس و خمسة و عشرون للجن و خمسة و عشرون للوحش و خمسة و عشرون للطیر و كان له ألف بیت من القواریر علی الخشب فیها ثلاثمائة مهیرة و سبعمائة سریة فیأمر الریح العاصف فترفعه و یأمر الرخاء فتسیر به فأوحی اللّٰه تعالی إلیه و هو یسیر بین السماء و الأرض أنی قد زدت فی ملكك أنه لا یتكلم أحد من
ص: 80
الخلائق بشی ء إلا جاءت به الریح فأخبرتك و قال مقاتل نسجت الشیاطین لسلیمان علیه السلام بساطا فرسخا فی فرسخ ذهبا فی إبریسم و كان یوضع فیه منبر من ذهب فی وسط البساط فیقعد علیه و حوله ثلاثة آلاف كرسی من ذهب و فضة فیقعد الأنبیاء علی كراسی الذهب و العلماء علی كراسی الفضة و حولهم الناس و حول الناس الجن و الشیاطین و تظله الطیر بأجنحتها حتی لا تقع علیه الشمس و ترفع ریح الصبا البساط مسیرة شهر من الصباح إلی الرواح و من الرواح إلی الصباح. (1)
أقول: روی ابن شهرآشوب فی البیان الخبر الثانی مختصرا و زاد فیه و له تخت من عاج میل فی میل و روی ذلك كله فی عدة الداعی و زاد فی آخره فیحكی أنه مر بحراث فقال لقد أوتی ابن داود ملكا عظیما فألقاه الریح فی أذنه فنزل و مشی إلی الحراث و قال إنما مشیت إلیك لئلا تتمنی ما لا تقدر علیه ثم قال لتسبیحة واحدة یقبلها اللّٰه تعالی خیر مما أوتی آل داود و فی حدیث آخر لأن ثواب التسبیحة یبقی و ملك سلیمان یفنی (2).
«24»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ بَعْدَ عَتَمَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ هَمْهَمَةٌ هَمْهَمَةٌ وَ لَیْلَةٌ مُظْلِمَةٌ خَرَجَ عَلَیْكُمُ الْإِمَامُ عَلَیْهِ قَمِیصُ آدَمَ وَ فِی یَدِهِ خَاتَمُ سُلَیْمَانَ وَ عَصَا مُوسَی (3).
«25»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ فِی حَدَاثَةِ سِنِّكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنْ یَسْتَخْلِفَ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ صَبِیٌّ یَرْعَی الْغَنَمَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُبَّادُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ عُلَمَاؤُهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی أَنْ خُذْ عَصَا الْمُتَكَلِّمِینَ وَ عَصَا سُلَیْمَانَ وَ اجْعَلْهَا فِی بَیْتٍ وَ اخْتِمْ عَلَیْهَا بِخَوَاتِیمِ الْقَوْمِ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَمَنْ كَانَتْ عَصَاهُ قَدْ أَوْرَقَتْ
ص: 81
وَ أَثْمَرَتْ فَهُوَ الْخَلِیفَةُ فَأَخْبَرَهُمْ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالُوا قَدْ رَضِینَا وَ سَلَّمْنَا (1).
«26»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام الْقُنْزُعَةُ (2)الَّتِی عَلَی رَأْسِ الْقُنْبُرَةِ (3)مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ أَرَادَ أَنْ یَسْفَدَ (4)أُنْثَاهُ فَامْتَنَعَتْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهَا لَا تَمْتَنِعِی مَا أُرِیدُ إِلَّا أَنْ یُخْرِجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنِّی نَسَمَةً یُذْكَرُ بِهِ فَأَجَابَتْهُ إِلَی مَا طَلَبَ فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَبِیضَ قَالَ لَهَا أَیْنَ تُرِیدِینَ أَنْ تَبِیضِی فَقَالَتْ لَا أَدْرِی أُنَحِّیهِ عَنِ الطَّرِیقِ قَالَ لَهَا إِنِّی أَخَافُ أَنْ یَمُرَّ بِكِ مَارُّ الطَّرِیقِ وَ لَكِنِّی أَرَی لَكِ أَنْ تَبِیضِی قُرْبَ الطَّرِیقِ فَمَنْ یَرَاكِ قُرْبَهُ تَوَهَّمَ أَنَّكِ تَعْرِضِینَ لِلَقْطِ الْحَبِّ مِنَ الطَّرِیقِ فَأَجَابَتْهُ إِلَی ذَلِكَ وَ بَاضَتْ وَ حَضَنَتْ حَتَّی أَشْرَفَتْ عَلَی النِّقَابِ (5)فَبَیْنَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام فِی جُنُودِهِ وَ الطَّیْرُ تُظِلُّهُ فَقَالَتْ لَهُ هَذَا سُلَیْمَانُ قَدْ طَلَعَ عَلَیْنَا بِجُنُودِهِ وَ لَا آمَنُ أَنْ یَحْطِمَنَا وَ یَحْطِمَ بَیْضَنَا فَقَالَ لَهَا إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَرَجُلٌ رَحِیمٌ فَهَلْ عِنْدَكِ شَیْ ءٌ خَبَیْتِهِ لِفِرَاخِكِ (6)إِذَا نَقَبْنَ قَالَتْ نَعَمْ عِنْدِی جَرَادَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكَ أَنْتَظِرُ بِهَا فِرَاخِی إِذَا نَقَبْنَ فَهَلْ عِنْدَكَ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ عِنْدِی تَمْرَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكِ لِفِرَاخِی قَالَتْ فَخُذْ أَنْتَ تَمْرَتَكَ وَ آخُذُ أَنَا جَرَادَتِی وَ نَعْرِضُ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَنُهْدِیهِمَا لَهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ یُحِبُّ الْهَدِیَّةَ فَأَخَذَ التَّمْرَةَ فِی مِنْقَارِهِ وَ أَخَذَتْ هِیَ الْجَرَادَةَ فِی رِجْلَیْهَا ثُمَّ تَعَرَّضَا لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُمَا وَ هُوَ عَلَی عَرْشِهِ بَسَطَ یَدَهُ لَهُمَا فَأَقْبَلَا فَوَقَعَ الذَّكَرُ عَلَی الْیَمِینِ وَ وَقَعَتِ الْأُنْثَی عَلَی الْیَسَارِ وَ سَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا فَأَخْبَرَاهُ فَقَبِلَ هَدِیَّتَهُمَا وَ جَنَّبَ جُنْدَهُ عَنْهُمَا وَ عَنْ بَیْضِهِمَا وَ مَسَحَ عَلَی رَأْسِهِمَا وَ دَعَا لَهُمَا
ص: 82
بِالْبَرَكَةِ فَحَدَثَتِ الْقُنْزُعَةُ عَلَی رَأْسِهِمَا مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ علیه السلام (1).
«27»-نبه، تنبیه الخاطر رُوِیَ أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام مَرَّ فِی مَوْكِبِهِ وَ الطَّیْرُ تُظِلُّهُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ بِعَابِدٍ (2)مِنْ عُبَّادِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ دَاوُدَ لَقَدْ آتَاكَ اللَّهُ مُلْكاً عَظِیماً فَسَمِعَهُ سُلَیْمَانُ فَقَالَ لَتَسْبِیحَةٌ فِی صَحِیفَةِ مُؤْمِنٍ خَیْرٌ مِمَّا أُعْطِیَ ابْنُ دَاوُدَ إِنَّ مَا أُعْطِیَ ابْنُ دَاوُدَ یَذْهَبُ وَ إِنَّ التَّسْبِیحَةَ تَبْقَی (3).
«28»-وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا أَصْبَحَ تَصَفَّحَ وُجُوهَ الْأَغْنِیَاءِ وَ الْأَشْرَافِ حَتَّی یَجِی ءَ إِلَی الْمَسَاكِینِ وَ یَقْعُدُ مَعَهُمْ وَ یَقُولُ مِسْكِینٌ مَعَ الْمَسَاكِینِ(4).
«29»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مَعَ مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْمُلْكِ یَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ إِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ شَدَّ یَدَیْهِ إِلَی عُنُقِهِ فَلَا یَزَالُ قَائِماً حَتَّی یُصْبِحَ بَاكِیاً وَ كَانَ قُوتُهُ مِنْ سَفَائِفِ الْخُوصِ یَعْمَلُهَا بِیَدِهِ وَ إِنَّمَا سَأَلَ الْمُلْكَ لِیَقْهَرَ مُلُوكَ الْكُفْرِ (5).
وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ إِذَا رَكِبَ حَمَلَ أَهْلَهُ وَ سَائِرَ حَشَمِهِ وَ خَدَمِهِ وَ كُتَّابَهُ فِی مَدِینَةٍ مِنْ قَوَارِیرَ لَهَا أَلْفُ سَقْفٍ وَ تِلْكَ السُّقُوفُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ عَلَی قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ قَدِ اتَّخَذَ مَطَابِخَ وَ مَخَابِزَ یَحْمِلُ فِیهَا تَنَانِیرَ الْحَدِیدِ وَ قُدُورَ عِظَامٍ یَسَعُ كُلُّ قِدْرٍ عَشْرَةَ جَزَائِرَ وَ قَدِ اتَّخَذَ مَیَادِینَ لِلدَّوَابِّ أَمَامَهُ فَیَطْبَخُ الطَّبَّاخُونَ وَ یَخْبِزُ الْخَبَّازُونَ وَ تَجْرِی الدَّوَابُّ بَیْنَ یَدَیْهِ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الرِّیحُ تَهْوِی بِهِمْ فَسَارَ مِنْ إِصْطَخْرَ إِلَی الْیَمَنِ فَسَلَكَ الْمَدِینَةَ مَدِینَةَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ سُلَیْمَانُ هَذَا دَارُ هِجْرَةِ نَبِیٍّ فِی آخِرِ الزَّمَانِ طُوبَی لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَ طُوبَی لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَ طُوبَی لِمَنِ اقْتَدَی بِهِ وَ رَأَی حَوْلَ الْبَیْتِ قلت: و الذی رأیته فی كتاب التیجان: 153 لوهب بن منبه أن سلیمان سار الی مكّة فنزل و صلی فیه و مر بقبر إسماعیل فنزل إلیه و ألم به؛ قال: و كان ملك مكّة یومئذ البشر بن لبلغ بن عمرو بن مضاض بن عبد المسیح بن نفیلة بن عبد المدان بن حشرم بن عبد یالیل بن جرهم بن قحطان بن هود النبیّ علیه السلام، و كان البشر عاملا لبلقیس.(6)أَصْنَاماً تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
ص: 83
فَلَمَّا جَاوَزَ سُلَیْمَانُ الْبَیْتَ بَكَی الْبَیْتُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْبَیْتِ مَا یُبْكِیكَ قَالَ یَا رَبِّ أَبْكَانِی هَذَا نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَائِكَ وَ قَوْمٌ مِنْ أَوْلِیَائِكَ مَرُّوا عَلَیَّ فَلَمْ یَهْبِطُوا فِیَّ وَ لَمْ یُصَلُّوا عِنْدِی وَ لَمْ یَذْكُرُوكَ بِحَضْرَتِی وَ الْأَصْنَامُ تُعْبَدُ حَوْلِی مِنْ دُونِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنْ لَا تَبْكِ فَإِنِّی سَوْفَ أَمْلَؤُكَ وُجُوهاً سُجَّداً وَ أُنْزِلُ فِیكَ قُرْآناً جَدِیداً وَ أَبْعَثُ مِنْكَ نَبِیّاً فِی آخِرِ الزَّمَانِ أَحَبَّ أَنْبِیَائِی إِلَیَّ وَ أَجْعَلُ فِیكَ عُمَّاراً مِنْ خَلْقِی یَعْبُدُونَنِی وَ أَفْرِضُ عَلَی عِبَادِی فَرِیضَةً یَدُفُّونَ (1)إِلَیْكَ دَفِیفَ النُّسُورِ إِلَی وُكُورِهَا وَ یَحِنُّونَ (2)إِلَیْكَ حَنِینَ النَّاقَةِ إِلَی وَلَدِهَا وَ الْحَمَامَةِ إِلَی بَیْضَتِهَا وَ أُطَهِّرُكَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَ عَبَدَةِ الشَّیْطَانِ قَالَ وَ رُوِیَ أَنَّ سُلَیْمَانَ لَمَّا مَلَكَ بَعْدَ أَبِیهِ أَمَرَ بِاتِّخَاذِ كُرْسِیٍّ لِیَجْلِسَ عَلَیْهِ لِلْقَضَاءِ وَ أَمَرَ بِأَنْ یُعْمَلَ بَدِیعاً مَهُولًا بِحَیْثُ أَنْ لَوْ رَآهُ مُبْطِلٌ أَوْ شَاهِدُ زُورٍ ارْتَدَعَ وَ تَهَیَّبَ قَالَ فَعُمِلَ لَهُ كُرْسِیٌّ مِنْ أَنْیَابِ الْفِیَلَةِ وَ فَصَّصُوهُ بِالْیَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ أَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ وَ حَفَّفُوهُ بِأَرْبَعِ نَخَلَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ شَمَارِیخُهَا (3)الْیَاقُوتُ الْأَحْمَرُ وَ الزُّمُرُّدُ الْأَخْضَرُ عَلَی رَأْسِ نَخْلَتَیْنِ مِنْهَا طَاوُسَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَ عَلَی رَأْسِ الْآخَرَیْنِ نَسْرَانِ مِنْ ذَهَبٍ بَعْضُهَا مُقَابِلًا لِبَعْضٍ وَ جَعَلُوا مِنْ جَنْبَتَیِ الْكُرْسِیِّ أَسَدَیْنِ مِنَ الذَّهَبِ عَلَی رَأْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمُودٌ مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ وَ قَدْ عَقَدُوا عَلَی النَّخَلَاتِ أَشْجَارَ كُرُومٍ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ وَ اتَّخَذُوا عَنَاقِیدَهَا مِنَ الْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ بِحَیْثُ یَظَلُّ عَرِیشُ الْكُرُومِ النَّخْلَ وَ الْكُرْسِیَّ قَالَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا أَرَادَ صُعُودَهُ وَضَعَ قَدَمَیْهِ عَلَی الدَّرَجَةِ السُّفْلَی فَیَسْتَدِیرُ الْكُرْسِیُّ كُلُّهُ بِمَا فِیهِ دَوَرَانَ الرَّحَی الْمُسْرِعَةِ وَ تَنْشُرُ تِلْكَ النُّسُورُ وَ الطَّوَاوِیسُ أَجْنِحَتَهَا وَ تَبْسُطُ الْأَسَدَانِ أَیْدِیَهُمَا فَتَضْرِبَانِ الْأَرْضَ بِأَذْنَابِهِمَا فَكَذَلِكَ كُلُّ دَرَجَةٍ یَصْعَدُهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام فَإِذَا اسْتَوَی بِأَعْلَاهُ أَخَذَ النَّسْرَانِ اللَّذَانِ عَلَی النَّخْلَتَیْنِ تَاجَ سُلَیْمَانَ فَوَضَعَاهُ عَلَی رَأْسِ سُلَیْمَانَ
ص: 84
علیه السلام ثُمَّ یَسْتَدِیرُ الْكُرْسِیُّ بِمَا فِیهِ وَ یَدُورُ مَعَهُ النَّسْرَانِ وَ الطَّاوُوسَانِ وَ الْأَسَدَانِ قَائِلَاتٍ (1)بِرُءُوسِهَا إِلَی سُلَیْمَانَ یَنْضَحْنَ (2)عَلَیْهِ مِنْ أَجْوَافِهَا الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ ثُمَّ تَنَاوَلَتْ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ قَائِمَةٌ عَلَی عَمُودٍ مِنْ جَوْهَرٍ مِنْ أَعْمِدَةِ الْكُرْسِیِّ التَّوْرَاةَ فَیَفْتَحُهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ یَقْرَؤُهَا عَلَی النَّاسِ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی فَصْلِ الْقَضَاءِ وَ یَجْلِسُ عُظَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَی كَرَاسِیَّ مِنَ الذَّهَبِ الْمُفَصَّصَةِ بِالْجَوْهَرِ وَ هِیَ أَلْفُ كُرْسِیٍّ عَنْ یَمِینِهِ وَ تَجِی ءُ عُظَمَاءُ الْجِنِّ وَ تَجْلِسُ عَلَی كَرَاسِیِّ الْفِضَّةِ عَنْ یَسَارِهِ وَ هِیَ أَلْفُ كُرْسِیٍّ حَافِّینَ جَمِیعاً بِهِ ثُمَّ یَحُفُّ بِهِمُ الطَّیْرُ فَتُظِلُّهُمْ وَ تَتَقَدَّمُ إِلَیْهِ النَّاسُ لِلْقَضَاءِ فَإِذَا دَعَا بِالْبَیِّنَاتِ وَ الشُّهُودِ لَإِقَامَةِ الشَّهَادَاتِ دَارَ الْكُرْسِیُّ بِمَا فِیهِ مَعَ جَمِیعِ مَا حَوْلَهُ دَوَرَانَ الرَّحَی الْمُسْرِعَةِ وَ یَبْسُطُ الْأَسَدَانِ أَیْدِیَهُمَا وَ یَضْرِبَانِ الْأَرْضَ بَأَذْنَابِهِمَا وَ یَنْشُرُ النَّسْرَانِ وَ الطَّاوُوسَانِ أَجْنِحَتَهُمَا فَیَفْزَعُ مِنْهُ الشُّهُودُ وَ یَدْخُلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ رُعْبٌ وَ لَا یَشْهَدُونَ إِلَّا بِالْحَقِّ (3).
باب 6 معنی قول سلیمان علیه السلام هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی (4)
«1»-مع، معانی الأخبار ع، علل الشرائع أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی الْمُكَتِّبُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَارُونَ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام أَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ نَبِیُّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَخِیلًا فَقَالَ لَا فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ سُلَیْمَانَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی مَا وَجْهُهُ وَ مَعْنَاهُ فَقَالَ الْمُلْكُ مُلْكَانِ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ وَ إِجْبَارِ النَّاسِ وَ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ كَمُلْكِ آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ مُلْكِ طَالُوتَ وَ مُلْكِ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی أَنْ یَقُولَ إِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ
ص: 85
وَ إِجْبَارِ النَّاسِ فَسَخَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ وَ جَعَلَ غُدُوَّهَا شَهْراً وَ رَوَاحَهَا شَهْراً وَ سَخَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ وَ عُلِّمَ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ مُكِّنَ فِی الْأَرْضِ فَعَلِمَ النَّاسُ فِی وَقْتِهِ وَ بَعْدَهُ أَنَّ مُلْكَهُ لَا یُشْبِهُ مُلْكَ الْمُلُوكِ الْمُخْتَارِینَ (1)مِنْ قِبَلِ النَّاسِ وَ الْمَالِكِینَ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِمَ اللَّهُ أَخِی سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ (2)فَقَالَ لِقَوْلِهِ علیه السلام وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا كَانَ أَبْخَلَهُ بِعِرْضِهِ وَ سُوءِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ الْوَجْهُ الْآخَرُ یَقُولُ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ إِنْ كَانَ أَرَادَ مَا یَذْهَبُ إِلَیْهِ الْجُهَّالُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام قَدْ وَ اللَّهِ أُوتِینَا مَا أُوتِیَ سُلَیْمَانُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَ سُلَیْمَانُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قِصَّةِ سُلَیْمَانَ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (3).
بیان: تأویله علیه السلام للآیة الكریمة یحتمل وجهین الأول أن یكون علیه السلام قدر فی الآیة شیئا و هو قوله أن یقول أی هَبْ لِی مُلْكاً یكون لعظمته (4)بحیث لا یقدر أحد علی أن یقول إنه كملك سائر الملوك مأخوذ بالجور و الغلبة و یؤیده الوجه الأول من وجهی تأویل الخبر حیث بخل بعرضه فی هذا الدعاء و سأل اللّٰه أن یرفع عنه ألسن الناس بأن ملكه مأخوذ بالجور و لا یكون عرضه عرضة لملام لئام الخلق.
الثانی أن یكون المعنی أنه علیه السلام سأل ربه ملكا لا یتهیأ للملوك الجائرین (5)تحصیله بالجور و الغلبة لیكون معجزا له علی نبوته و آیة علی خلافته فلا یمنع هذا الكلام أن یعطی اللّٰه من بعده من الأنبیاء و الأوصیاء أضعاف ما أعطاه فیكون قوله لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی أن یقول بیانا لحاصل المعنی و لازمه لا تقدیرا فی الكلام أی طلب
ص: 86
ملكا لم یقدر أحد علی تحصیله بقوته لئلا یقال إن ملكه مأخوذ بالغلبة فلا یكون معجزا له فعلی هذا یكون قوله علیه السلام ما أبخله بعرضه لأنه كان ذلك أیضا مقصودا له ضمنا و إن كان المقصود بالذات كونه معجزا و الظاهر أنه علیه السلام كان یعلم أن الخبر موضوع و إنما أوله تحرزا عن طرح الخبر المشهور بینهم تقیة و لذا ردد علیه السلام بین الوجهین و لو كان صادرا عنه صلی اللّٰه علیه و آله لكان عالما بما أراده به و أما كون ما أعطاه الرسول أفضل (1)فلأنه تعالی أعطی سلیمان ما أعطی و فوض الأمر إلیه فی بذله و منعه و لم یفوض إلیه تعیین أمر بخلاف نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فإنه فوض إلیه الأمر و أمر الناس باتباعه فی كل ما یقول و هذا مبنی علی التفویض و سیأتی تحقیقه فی كتاب الإمامة.
و یحتمل أن یكون الفضل بسبب أنه فوض إلیه إعطاء الأمور الدنیویة و منعها و أعطی النبی صلی اللّٰه علیه و آله الرئاسة العامة فی الدین و الدنیا لجمیع الخلق و فیه شی ء.
و قال الطبرسی فی قوله تعالی رُخاءً أی لینة سهلة و قیل طیبة سریعة و قیل أی مطیعة حَیْثُ أَصابَ أی حیث أراد سلیمان من النواحی (2).
«2»-ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ سُلَیْمَانَ هَبْ لِی (3)مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ قُلْتُ فَأُعْطِیَ الَّذِی دَعَا بِهِ قَالَ نَعَمْ وَ لَمْ یُعْطَ بَعْدَهُ إِنْسَانٌ مَا أُعْطِیَ نَبِیُّ اللَّهِ علیه السلام مِنْ غَلَبَةِ الشَّیْطَانِ فَخَنَقَهُ إِلَی
ص: 87
أُسْطُوَانَةٍ (1)حَتَّی أَصَابَ بِلِسَانِهِ (2)یَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ لَا مَا دَعَا بِهِ سُلَیْمَانُ لَأَرَیْتُكُمُوهُ (3).
تذییل: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه: یسأل عن هذا فیقال إن هذا القول من سلیمان یقتضی الضنة و المنافسة لأنه لم یرض بأن یسأل الملك حتی أضاف إلی ذلك أن یمنع غیره منه و أجیب عنه بأجوبة أحدها أن الأنبیاء لا یسألون إلا ما یؤذن لهم فی مسألته و جائز أن یكون اللّٰه أعلم سلیمان أنه إن سأل ملكا لا یكون لغیره كان أصلح له فی الدین و أعلمه أنه لا صلاح لغیره فی ذلك و لو أن أحدنا صرح فی دعائه بهذا الشرط حتی یقول اللّٰهم اجعلنی أكثر أهل زمانی مالا إذا علمت أن ذلك أصلح لی لكان ذلك منه حسنا جائزا (4)اختاره الجبائی.
و ثانیها أنه یجوز أن یكون علیه السلام التمس من اللّٰه آیة لنبوته یبین بها من غیره و أراد لا ینبغی لأحد غیری ممن أنا مبعوث إلیه و لم یرد من بعده إلی یوم القیامة من النبیین كما یقال أنا لا أطیع أحدا بعدك أی لا أطیع أحدا سواك.
و ثالثها ما قاله المرتضی قدس اللّٰه سره إنه یجوز أن یكون إنما سأل ملك الآخرة و ثواب الجنة و یكون معنی قوله لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی لا یستحقه بعد وصولی إلیه أحد من حیث لا یصلح (5)أن یعمل ما یستحق به ذلك لانقطاع التكلیف.
و رابعها أنه التمس معجزة تختص به كما أن موسی علیه السلام اختص بالعصا و الید (6)و اختص صالح بالناقة و محمد صلی اللّٰه علیه و آله بالقرآن و المعراج
وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ مَا رُوِیَ مَرْفُوعاً
ص: 88
عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ صَلَّی صَلَاةً فَقَالَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَرَضَ لِی لِیُفْسِدَ عَلِیَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ فَوَدَعْتُهُ (1)وَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَی سَارِیَةٍ (2)حَتَّی تُصْبِحُوا وَ تَنْظُرُوا إِلَیْهِ أَجْمَعِینَ فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَیْمَانَ رَبِّ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئاً خَائِباً أَوْرَدَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ انْتَهَی.(3)
و قال الرازی أجاب القائلون بأن الشیطان استولی علی مملكته معناه أن یعطیه اللّٰه ملكا لا یقدر الشیاطین أن یقوموا مقامه و یسلبونه منه ثم قال بعد ما ذكر بعض الأجوبة السابقة الثالث أن الاحتراز عن طیبات الدنیا مع القدرة علیها أشق من الاحتراز عنها حال عدم القدرة علیها فكأنه قال یا إلهی أعطنی مملكة فائقة علی ممالك البشر بالكلیة حتی أحترز عنها مع القدرة علیها لیصیر ثوابی أكمل و أفضل.
الرابع من الناس من یقول الاحتراز عن لذات الدنیا عسر صعب لأن هذه اللذات حاضرة و سعادات الآخرة نسیئة و النقد یصعب بیعه بالنسیئة فقال سلیمان أعطنی یا رب مملكة تكون أعظم الممالك الممكنة للبشر حتی أنی أبقی مع تلك القدرة الكاملة فی غایة الاحتراز لیظهر للخلق أن حصول الدنیا لا یمنع من خدمة المولی (4)انتهی.
و ذكر البیضاوی وجها آخر و هو أن المعنی لا ینبغی لأحد من بعدی لعظمته كقولك لفلان ما لیس لأحد من الفضل و المال علی إرادة وصف الملك بالعظمة لا أن لا یعطی أحد مثله. (5)
أقول: بعد ثبوت عصمة الأنبیاء و جلالتهم لا بد من حمل ما صدر عنهم علی محمل صحیح مجملا و إن لم یتعین فی نظرنا و ما ذكر من الوجوه محتملة و إن كان بعضها لا یخلو من بعد و ما ذكره الطبرسی أولا أظهر الوجوه (6)و یمكن أن یقال المنع عن غیره
ص: 89
لم یكن علی وجه الضنة بل علی وجه الشفقة لأن ملك الدنیا فی نظرهم خسیس دنی لا یلیق بالمقربین قربه و لما رأی صلاح زمانه فی ذلك سأله اضطرارا و منعه عن غیره إشفاقا علیهم أو یقال إن كلامه مخصوص بمن عدا الأنبیاء و الأوصیاء و هو قریب من الثانی و یحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الإطناب.
الآیات؛
النمل: «وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ فَهُمْ یُوزَعُونَ *حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَدْخِلْنِی بِرَحْمَتِكَ فِی عِبادِكَ الصَّالِحِینَ»(17-19)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: عَلی وادِ النَّمْلِ هو واد بالطائف و قیل بالشام قالَتْ نَمْلَةٌ أی صاحت بصوت خلق اللّٰه لها و لما كان الصوت مفهوما لسلیمان علیه السلام عبر عنه بالقول و قیل كانت رئیسة النمل لا یَحْطِمَنَّكُمْ أی لا یكسرنكم سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ بحطمكم و وطئكم فإنهم لو علموا بمكانكم لم یطئوكم و هذا یدل علی أن سلیمان و جنوده كانوا ركبانا و مشاة علی الأرض و لم تحملهم الریح لأن الریح لو حملتهم بین السماء و الأرض لما خافت النملة أن یطئوها بأرجلهم و لعل هذه القصة كانت قبل تسخیر اللّٰه الریح لسلیمان علیه السلام فإن قیل كیف عرفت النملة سلیمان و جنوده حتی قالت هذه المقالة قلنا إذا كانت مأمورة بطاعته فلا بد أن یخلق اللّٰه لها من الفهم ما
ص: 90
تعرف به أمور طاعته و لا یمتنع أن یكون لها من الفهم ما تستدرك به ذلك و قد علمنا أنها تشق ما تجمع من الحبوب بنصفین مخافة أن تصیبه الندی فینبت إلا الكزبرة فإنها تكسرها بأربع لأنها تنبت إذا قطعت بنصفین (1)فمن هداها إلی هذا فإنه یهدیها إلی تمییز ما یحطمها مما لا یحطمها و قیل إن ذلك كان منها علی سبیل المعجز الخارق للعادة لسلیمان علیه السلام قال ابن عباس فوقف سلیمان علیه السلام بجنوده حتی دخل النمل مساكنه فتبسم ضاحكا من قولها و سبب ضحكه التعجب لأنه رأی ما لا عهد له به و قیل إنه تبسم بظهور عدله حتی عرفه النمل (2)و قیل إن الریح أطارت كلامها إلیه من ثلاثة أمیال حتی سمع ذلك فانتهی إلیها و هی تأمر النمل بالمبادرة فتبسم من حذرها رَبِّ أَوْزِعْنِی أی ألهمنی. (3)أقول قال الرازی فی تفسیره رأیت فی بعض الكتب أن تلك النملة إنما أمرت غیرها بالدخول لأنها خافت أنها إذا رأت سلیمان علی جلالته فربما وقعت فی كفران نعمة اللّٰه و هو المراد بقوله لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ فأمرتها بالدخول فی مساكنها لئلا تری تلك النعم فلا تقع فی كفران نعم اللّٰه (4).
«1»-فس، تفسیر القمی وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ (5)قَعَدَ عَلَی كُرْسِیِّهِ وَ حَمَلَتْهُ الرِّیحُ (6)عَلَی وَادِی النَّمْلِ وَ هُوَ وَادٍ یُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ النَّمْلَ وَ هُوَ قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام إِنَّ لِلَّهِ وَادِیاً یُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ قَدْ حَمَاهُ اللَّهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ وَ هُوَ النَّمْلُ لَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِیُّ (7)مَا قَدَرَتْ عَلَیْهِ فَلَمَّا انْتَهَی سُلَیْمَانُ إِلَی وَادِی النَّمْلِ فَقَالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا
ص: 91
یَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ إِلَی قَوْلِهِ فِی عِبادِكَ الصَّالِحِینَ
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَهُمْ یُوزَعُونَ قَالَ یُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَی آخِرِهِمْ (1).
بیان: قال البیضاوی یُوزَعُونَ أی یحبسون بحبس أولهم علی آخرهم لیتلاحقوا (2).
«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِیُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْغَازِی قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام یَقُولُ عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها قَالَ لَمَّا قَالَتِ النَّمْلَةُ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ (3)حَمَلَتِ الرِّیحُ صَوْتَ النَّمْلَةِ إِلَی سُلَیْمَانَ وَ هُوَ مَارٌّ فِی الْهَوَاءِ وَ الرِّیحُ قَدْ حَمَلَتْهُ فَوَقَفَ وَ قَالَ عَلَیَّ بِالنَّمْلَةِ فَلَمَّا أُتِیَ بِهَا قَالَ سُلَیْمَانُ یَا أَیَّتُهَا النَّمْلَةُ أَ مَا عَلِمْتِ أَنِّی نَبِیُّ اللَّهِ وَ أَنِّی لَا أَظْلِمُ أَحَداً قَالَتِ النَّمْلَةُ بَلَی قَالَ سُلَیْمَانُ فَلِمَ حَذَّرْتِنِیهِمْ ظُلْمِی وَ قُلْتِ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ قَالَتِ النَّمْلَةُ خَشِیتُ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَی زِینَتِكَ فَیَفْتَتِنُوا بِهَا فَیَبْعُدُوا عَنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ (4)ثُمَّ قَالَتِ النَّمْلَةُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ أَبُوكَ دَاوُدُ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام بَلْ أَبِی دَاوُدُ قَالَتِ النَّمْلَةُ فَلِمَ زِیدَ فِی حُرُوفِ اسْمِكَ حَرْفٌ عَلَی حُرُوفِ اسْمِ أَبِیكَ دَاوُدَ قَالَ سُلَیْمَانُ مَا لِی بِهَذَا عِلْمٌ قَالَتِ النَّمْلَةُ لِأَنَّ أَبَاكَ دَاوُدَ دَاوَی جُرْحَهُ بِوُدٍّ فَسُمِّیَ دَاوُدَ وَ أَنْتَ یَا سُلَیْمَانُ أَرْجُو أَنْ تَلْحَقَ بِأَبِیكَ
ص: 92
ثُمَّ قَالَتِ النَّمْلَةُ هَلْ تَدْرِی لِمَ سُخِّرَتْ لَكَ الرِّیحُ مِنْ بَیْنِ سَائِرِ الْمَمْلَكَةِ (1)قَالَ سُلَیْمَانُ مَا لِی بِهَذَا عِلْمٌ قَالَتِ النَّمْلَةُ یَعْنِی عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ لَوْ سَخَّرْتُ لَكَ جَمِیعَ الْمَمْلَكَةِ كَمَا سَخَّرْتُ لَكَ هَذِهِ الرِّیحَ لَكَانَ زَوَالُهَا مِنْ یَدِكَ كَزَوَالِ الرِّیحِ فَحِینَئِذٍ تَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها (2)
بیان: قال الثعلبی فی تفسیره رأیت فی بعض الكتب و ذكر نحوه و فیه فقالت النملة هل علمت لم سمی أبوك داود فقال لا قالت لأنه داوی جرحه بود هل تدری لم سمیت سلیمان قال لا قالت لأنك سلیم ركنت إلی ما أوتیت لسلامة صدرك و آن لك أن تلحق بأبیك. (3)
أقول: التعلیل الذی ذكرته النملة یحتمل وجوها من التأویل:
الأول و هو الذی ارتضیته أن المعنی أن أباك لما ارتكب ترك الأولی و صار قلبه مجروحا بذلك فداواه بود اللّٰه تعالی و محبته فلذا سمی داود اشتقاقا من الدواء بالود و أنت لما لم ترتكب بعد و أنت سلیم منه سمیت سلیمان فخصوص العلتین للتسمیتین صارتا علة لزیادة اسمك علی اسم أبیك.
ثم لما كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبیه استدركت ذلك بأن ما صدر عنه لم یصر سببا لنقصه بل صار سببا لكمال محبته و تمام مودته و أرجو أن تلحق أنت أیضا بأبیك فی ذلك لیكمل محبتك.
الثانی أن المعنی أن أصل الاسم كان داوی جرحه بود و هو أكثر من اسمك و إنما صار بكثرة الاستعمال داود ثم دعا له و رجاه بقوله أرجو أن تلحق بأبیك أی فی الكمال و الفضل.
الثالث ما ذكره بعض المعاصرین و هو أن المراد أن هذا الاسم مشتمل علی سلیم
ص: 93
أو مأخوذ منه و السلیم قد یستعمل فی الجریح كاللدیغ تفؤلا بصحته و سلامته أو أنت سلیم من المداواة التی حصلت لأبیك فلهذا سمیت سلیمان فالحرف الزائد للدلالة علی وجود الجرح و كما أن الجرح زائد فی البدن أو النفس عن أصل الخلقة كان فی الاسم حرف زائد للدلالة علی ذلك و فیه معنی لطیف و هو أن هذه الزیادة فی الاسم الدالة علی الزیادة فی المسمی لیست مما یزید به الاسم و المسمی كمالا بل قد تكون الزیادة لغیر ذلك.
الرابع ما یفهم مما عنون الصدوق الباب الذی أورد الخبر فیه به (1)حیث قال باب العلة التی من أجلها زید فی حروف اسم سلیمان حرف من حروف اسم أبیه داود فلعله رحمه اللّٰه حمل الخبر علی أن المعنی أنك لما كنت سلیما أرید أن یشتق لك اسم یشتمل علی السلامة و لما كان أبوك داود داوی جرحه بالود و صار كاملا بذلك أراد اللّٰه تعالی أن یكون فی اسمك حرف من حروف اسمه لتلحق به فی الكمال فزید فیه الألف و ما یلزمه لتمام التركیب و صحته من النون فصار سلیمان و إلا لكان السلیم كافیا للدلالة علی السلامة فلذا زید حروف اسمك علی حروف اسم أبیك و لو كان فی الخبر من حروف اسم أبیك كما رأینا فی بعض النسخ كان ألصق بهذا المعنی و قوله أرجو أن تلحق بأبیك أی لتلك الزیادة فیدل ضمنا و كنایة علی أنه إنما زید لذلك و لا یخفی بعده.
«3»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ إِلَی حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ لِیَسْتَسْقِیَ فَوَجَدَ نَمْلَةً قَدْ رَفَعَتْ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِهَا إِلَی السَّمَاءِ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِی آدَمَ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ (2).
أقول: رَوَی الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ سِمَاطُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعَةَ أَكْرَارٍ فَخَرَجَتْ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ یَوْماً وَ قَالَتْ یَا سُلَیْمَانُ أَضِفْنِی الْیَوْمَ فَأَمَرَ أَنْ یُجْمَعَ لَهَا مِقْدَارُ سِمَاطِهِ شَهْراً فَلَمَّا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ صَارَ كَالَجَبَلِ الْعَظِیمِ
ص: 94
أَخْرَجَتِ الْحُوتُ رَأْسَهَا وَ ابْتَلَعَتْهُ وَ قَالَتْ یَا سُلَیْمَانُ أَیْنَ تَمَامُ قُوتِیَ الْیَوْمَ هَذَا بَعْضُ قُوتِی فَعَجِبَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَقَالَ لَهَا هَلْ فِی الْبَحْرِ دَابَّةٌ مِثْلُكِ فَقَالَتْ أَلْفُ أُمَّةٍ فَقَالَ سُلَیْمَانُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَظِیمِ.
وَ رَوَی غَیْرُهُ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام رَأَی عُصْفُوراً یَقُولُ لِعُصْفُورَةٍ لِمَ تَمْنَعِینَ نَفْسَكِ مِنِّی وَ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ قُبَّةَ سُلَیْمَانَ بِمِنْقَارِی فَأَلْقَیْتُهَا فِی الْبَحْرِ فَتَبَسَّمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ دَعَاهُمَا وَ قَالَ لِلْعُصْفُورِ أَ تُطِیقُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَكِنَّ الْمَرْءَ قَدْ یُزَیِّنُ نَفْسَهُ وَ یُعَظِّمُهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَ الْمُحِبُّ لَا یُلَامُ عَلَی مَا یَقُولُ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِلْعُصْفُورَةِ لِمَ تَمْنَعِینَهُ مِنْ نَفْسِكِ وَ هُوَ یُحِبُّكِ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّهُ لَیْسَ مُحِبّاً وَ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ لِأَنَّهُ یُحِبُّ مَعِی غَیْرِی فَأَثَّرَ كَلَامُ الْعُصْفُورَةِ فِی قَلْبِ سُلَیْمَانَ وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ أَرْبَعِینَ یَوْماً یَدْعُو اللَّهَ أَنْ یُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِمَحَبَّتِهِ وَ أَنْ لَا یُخَالِطَهَا بِمَحَبَّةِ غَیْرِهِ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام سَمِعَ یَوْماً عُصْفُوراً یَقُولُ لِزَوْجَتِهِ ادْنِی مِنِّی حَتَّی أُجَامِعَكِ لَعَلَّ اللَّهَ یَرْزُقُنَا وَلَداً یَذْكُرُ اللَّهَ فَإِنَّا كَبِرْنَا فَتَعَجَّبَ سُلَیْمَانُ مِنْ كَلَامِهِ وَ قَالَ هَذِهِ النِّیَّةُ خَیْرٌ مِنْ مَمْلَكَتِی.
و قال البیضاوی حكی أنه مر ببلبل یتصوت و یترقص فقال یقول إذا أكلت نصف تمرة فعلی الدنیا العفاء (1)و صاحت فاختة فقال إنها تقول لیت الخلق لم یخلقوا. (2)و قال الزمخشری روی أن قتادة دخل الكوفة و التف علیه الناس (3)فقال سلوا عما شئتم و كان أبو حنیفة حاضرا و هو غلام حدث (4)فقال سلوه عن نملة سلیمان أ كانت ذكرا أم أنثی فسألوه فأفحم فقال أبو حنیفة كانت أنثی بدلیل قوله تعالی
ص: 95
قالَتْ نَمْلَةٌ و ذلك أن النملة مثل الحمامة و الشاة فی وقوعها علی الذكر و الأنثی فیمیز بینهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر و حمامة أنثی انتهی. (1)و قال ابن الحاجب فی بعض تصانیفه إن تأنیث مثل الشاة و النملة و الحمامة من الحیوانات تأنیث لفظی و لذلك كان قول من زعم أن النملة فی قوله تعالی قالَتْ نَمْلَةٌ أنثی لورود تاء التأنیث فی قالت وهما لجواز أن یكون مذكرا فی الحقیقة و ورود تاء التأنیث كورودها فی فعل المؤنث اللفظی و لذا قیل إفحام قتادة خیر من جواب أبی حنیفة.
أقول: هذا هو الحق و قد ارتضاه الرضی رضی اللّٰه عنه و غیره و الحمد لله الذی فضح من أراد أن یدعی رتبة أمیر المؤمنین علیه السلام بهذه البضاعة من العلم و هذا الناصبی الآخر الذی أراد أعوانه إثبات علو شأنه بأنه تكلم فی بدء شبابه بمثل ذلك. (2)و قال الثعلبی فی تفسیره قال مقاتل كان سلیمان علیه السلام جالسا إذ مر به طائر یطوف فقال لجلسائه هل تدرون ما یقول هذا الطائر الذی مر بنا قالوا أنت أعلم فقال سلیمان إنه قال لی السلام علیك أیها الملك المتسلط علی بنی إسرائیل أعطاك اللّٰه سبحانه و تعالی الكرامة و أظهرك علی عدوك إنی منطلق إلی فروخی ثم أمر بك الثانیة و إنه سیرجع إلینا الثانیة فانظروا إلی رجوعه قال فنظر القوم طویلا إذ مر بهم فقال السلام علیك أیها الملك إن شئت أن تأذن لی كیما أكتسب علی فروخی حتی یشبوا ثم آتیك فافعل بی ما شئت فأخبرهم سلیمان بما قال و أذن له.
و عن كعب قال صاح وَرَشَانٌ (3)عند سلیمان فقال أ تدرون ما تقول قالوا لا قال فإنها تقول لدوا للموت و ابنوا للخراب و صاحت فاختة فقال تقول لیت الخلق
ص: 96
لم یخلقوا و صاح طاوس عنده فقال أ تدرون ما یقول قالوا لا قال فإنه یقول كما تدین تدان و صاح هدهد عنده فقال إنه یقول من لا یرحم لا یرحم و صاح صرد (1)عنده فقال تقول استغفروا اللّٰه یا مذنبین و صاح طوطی فقال یقول كل حی میت و كل جدید بال و صاح خطاف (2)فقال یقول قدموا خیرا تجدوه و هدرت حمامة فقال تقول سبحان ربی الأعلی مل ء سماواته و أرضه و صاح قمری فقال یقول سبحان ربی الأعلی قال و الغراب یدعو علی العشار و الحدأ (3)یقول كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ و القطا (4)یقول من سكت سلم و الببغاء (5)و هو طائر أخضر یقول ویل لمن الدنیا همه و الضفدع یقول سبحان ربی القدوس و الباز یقول سبحان ربی و بحمده و الضفدعة تقول سبحان المذكور بكل مكان.
وَ رُوِیَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ صَاحَ دُرَّاجٌ عِنْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّهُ یَقُولُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی (6)
«4»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، ذَكَرُوا أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ جَالِساً عَلَی شَاطِئِ بَحْرٍ فَبَصُرَ بِنَمْلَةٍ تَحْمِلُ حَبَّةَ قَمْحٍ تَذْهَبُ بِهَا نَحْوَ الْبَحْرِ فَجَعَلَ سُلَیْمَانُ یَنْظُرُ إِلَیْهَا حَتَّی بَلَغَتِ الْمَاءَ فَإِذَا بِضِفْدِعَةٍ قَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْمَاءِ فَفَتَحَتْ فَاهَا فَدَخَلَتِ النَّمْلَةُ فَاهَا وَ غَاصَتِ الضِّفْدِعَةُ فِی الْبَحْرِ سَاعَةً طَوِیلَةً وَ سُلَیْمَانُ یَتَفَكَّرُ فِی ذَلِكَ مُتَعَجِّباً ثُمَّ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ
ص: 97
الْمَاءِ وَ فَتَحَتْ فَاهَا فَخَرَجَتِ النَّمْلَةُ مِنْ فِیهَا وَ لَمْ یَكُنْ مَعَهَا الْحَبَّةُ فَدَعَاهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ سَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا وَ شَأْنِهَا وَ أَیْنَ كَانَتْ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ فِی قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ الَّذِی تَرَاهُ صَخْرَةً مُجَوَّفَةً وَ فِی جَوْفِهَا دُودَةٌ عَمْیَاءُ وَ قَدْ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَی هُنَالِكَ فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا لِطَلَبِ مَعَاشِهَا وَ قَدْ وَكَّلَنِیَ اللَّهُ بِرِزْقِهَا فَأَنَا أَحْمِلُ رِزْقَهَا وَ سَخَّرَ اللَّهُ هَذِهِ الضِّفْدِعَةَ لِتَحْمِلَنِی فَلَا یَضُرُّنِی الْمَاءُ فِی فِیهَا وَ تَضَعُ فَاهَا عَلَی ثَقْبِ الصَّخْرَةِ وَ أَدْخُلُهَا ثُمَّ إِذَا أَوْصَلْتُ رِزْقَهَا إِلَیْهَا خَرَجْتُ مِنْ ثَقْبِ الصَّخْرَةِ إِلَی فِیهَا فَتُخْرِجُنِی مِنَ الْبَحْرِ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ هَلْ سَمِعْتِ لَهَا مِنْ تَسْبِیحَةٍ قَالَتْ نَعَمْ تَقُولُ یَا مَنْ لَا یَنْسَانِی فِی جَوْفِ ِ هَذِهِ الصَّخْرَة تَحْتَ هَذِهِ اللُّجَّةِ بِرِزْقِكَ لَا تَنْسَ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِینَ بِرَحْمَتِكَ (1).
الآیات؛
ص: «وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ بِالْعَشِیِّ الصَّافِناتُ الْجِیادُ* فَقالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ* رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ *وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ»(30-34)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: نِعْمَ الْعَبْدُ أی سلیمان إِنَّهُ أَوَّابٌ أی رجاع إلی اللّٰه تعالی فی أموره ابتغاء مرضاته إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ متعلق بنعم أو بِاذْكُرِ المقدر بِالْعَشِیِّ أی بعد زوال الشمس حُبَّ الْخَیْرِ أی الخیل أو المال عَنْ ذِكْرِ رَبِّی أی آثرته علی ذكر ربی (2).
«1»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِلَی قَوْلِهِ حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ وَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ یُحِبُّ الْخَیْلَ
ص: 98
وَ یَسْتَعْرِضُهَا فَعُرِضَتْ عَلَیْهِ یَوْماً إِلَی أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَاغْتَمَّ مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَرُدَّ عَلَیْهِ الشَّمْسَ حَتَّی یُصَلِّیَ الْعَصْرَ فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَیْهِ الشَّمْسَ إِلَی وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّی صَلَّاهَا ثُمَّ دَعَا بِالْخَیْلِ فَأَقْبَلَ یَضْرِبُ أَعْنَاقَهَا وَ سُوقَهَا بِالسَّیْفِ حَتَّی قَتَلَهَا كُلَّهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ وَ هُوَ أَنَّ سُلَیْمَانَ لَمَّا تَزَوَّجَ بِالْیَمَانِیَّةِ وُلِدَ مِنْهَا ابْنٌ وَ كَانَ یُحِبُّهُ فَنَزَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَی سُلَیْمَانَ وَ كَانَ كَثِیراً مَا یَنْزِلُ عَلَیْهِ فَنَظَرَ إِلَی ابْنِهِ نَظَراً حَدِیداً فَفَزِعَ سُلَیْمَانُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِأُمِّهِ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ نَظَرَ إِلَی ابْنِی نَظْرَةً أَظُنُّهُ قَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ هَلْ لَكُمْ حِیلَةٌ فِی أَنْ تُفِرُّوهُ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ تَحْتَ عَیْنِ الشَّمْسِ فِی الْمَشْرِقِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یُخْرِجُ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ فِی الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ (1)فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یَبْلُغُ ذَلِكَ فَقَالَ آخَرُ أَنَا أَضَعُهُ فِی السَّحَابِ وَ الْهَوَاءِ (2)فَرَفَعَهُ وَ وَضَعَهُ فِی السَّحَابِ فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَهُ فِی السَّحَابِ فَوَقَعَ مَیِّتاً عَلَی كُرْسِیِّ سُلَیْمَانَ فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فَحَكَی اللَّهُ ذَلِكَ فِی قَوْلِهِ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ فَقَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ وَ الرُّخَاءُ اللَّیِّنَةُ وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أَیْ فِی الْبَحْرِ وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ یَعْنِی مُقَیَّدِینَ قَدْ شُدَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ هُمُ الَّذِینَ عَصَوْا سُلَیْمَانَ علیه السلام حِینَ سَلَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَهُ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَ سُلَیْمَانَ علیه السلام فِی خَاتَمِهِ فَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ حَضَرَتْهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ جَمِیعُ الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ وَ أَطَاعُوهُ فَیَقْعُدُ عَلَی كُرْسِیِّهِ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِیحاً تَحْمِلُ الْكُرْسِیَّ بِجَمِیعِ مَا عَلَیْهِ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ الطَّیْرِ وَ الْإِنْسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْخَیْلِ فَتَمُرُّ بِهَا فِی الْهَوَاءِ إِلَی مَوْضِعٍ یُرِیدُهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ كَانَ یُصَلِّی الْغَدَاةَ
ص: 99
بِالشَّامِ وَ الظُّهْرَ بِفَارِسَ وَ كَانَ یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ أَنْ یَحْمِلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ فَارِسَ یَبِیعُونَهَا بِالشَّامِ فَلَمَّا مَسَحَ أَعْنَاقَ الْخَیْلِ وَ سُوقَهَا بِالسَّیْفِ سَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ دَفَعَ خَاتَمَهُ إِلَی بَعْضِ مَنْ یَخْدُمُهُ فَجَاءَ شَیْطَانٌ فَخَدَعَ خَادِمَهُ وَ أَخَذَ مِنْ یَدِهِ الْخَاتَمَ وَ لَبِسَهُ فَخَرَّتْ عَلَیْهِ (1)الشَّیَاطِینُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوَحْشُ وَ خَرَجَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فِی طَلَبِ الْخَاتَمِ فَلَمْ یَجِدْهُ فَهَرَبَ وَ مَرَّ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ أَنْكَرَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ الشَّیْطَانَ الَّذِی تَصَوَّرَ فِی صُورَةِ سُلَیْمَانَ وَ صَارُوا إِلَی أُمِّهِ فَقَالُوا لَهَا أَ تُنْكِرِینَ مِنْ سُلَیْمَانَ شَیْئاً فَقَالَتْ كَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِی وَ هُوَ الْیَوْمَ یَعْصِینِی (2)وَ صَارُوا إِلَی جَوَارِیهِ وَ نِسَائِهِ وَ قَالُوا أَ تُنْكِرْنَ مِنْ سُلَیْمَانَ شَیْئاً قُلْنَ لَمْ یَكُنْ یَأْتِینَا فِی الْحَیْضِ وَ هُوَ یَأْتِینَا فِی الْحَیْضِ فَلَمَّا خَافَ الشَّیْطَانُ أَنْ یَفْطُنُوا بِهِ أَلْقَی الْخَاتَمَ فِی الْبَحْرِ فَبَعَثَ اللَّهُ سَمَكَةً فَالْتَقَمَتْهُ وَ هَرَبَ الشَّیْطَانُ فَبَقُوا بَنُو إِسْرَائِیلَ یَطْلُبُونَ سُلَیْمَانَ علیه السلام أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَمُرُّ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ تَائِباً إِلَی اللَّهِ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً مَرَّ بِصَیَّادٍ یَصِیدُ السَّمَكَ فَقَالَ لَهُ أُعِینُكَ عَلَی أَنْ تُعْطِیَنِی مِنِ السَّمَكِ شَیْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَلَمَّا اصْطَادَ دَفَعَ إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام سَمَكَةً فَأَخَذَهَا فَشَقَّ بَطْنَهَا وَ ذَهَبَ یَغْسِلُهَا فَوَجَدَ الْخَاتَمَ فِی بَطْنِهَا فَلَبِسَهُ وَ حَوَتْ (3)عَلَیْهِ الشَّیَاطِینُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ رَجَعَ إِلَی مَا كَانَ وَ طَلَبَ ذَلِكَ الشَّیْطَانَ وَ جُنُودَهُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَقَیَّدَهُمْ وَ حَبَسَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الْمَاءِ وَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الصَّخْرِ بِأَسَامِی اللَّهِ فَهُمْ مَحْبُوسُونَ مُعَذَّبُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ وَ لَمَّا رَجَعَ سُلَیْمَانُ إِلَی مُلْكِهِ قَالَ لِآصَفَ بْنِ بَرْخِیَا وَ كَانَ آصَفُ كَاتِبَ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ الَّذِی كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ قَدْ عَذَرْتُ النَّاسَ بِجَهَالَتِهِمْ فَكَیْفَ أَعْذِرُكَ فَقَالَ لَا تَعْذِرُنِی فَلَقَدْ عَرَفْتُ الْحُوتَ الَّذِی أَخَذَ خَاتَمَكَ (4)وَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ عَمَّهُ وَ خَالَهُ وَ لَقَدْ قَالَ لِی اكْتُبْ لِی فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَلَمِی لَا یَجْرِی بِالْجَوْرِ فَقَالَ اجْلِسْ وَ لَا تَكْتُبْ فَكُنْتُ أَجْلِسُ وَ لَا أَكْتُبُ شَیْئاً وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِی عَنْكَ یَا سُلَیْمَانُ صِرْتَ تُحِبُّ الْهُدْهُدَ وَ هُوَ أَخَسُ
ص: 100
الطَّیْرِ مُنْتِناً (1)وَ أَخْبَثُهُ رِیحاً قَالَ إِنَّهُ یُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا الْأَصَمِّ فَقَالَ وَ كَیْفَ یُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا وَ إِنَّمَا یُوَارَی عَنْهُ الْفَخُّ بِكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ حَتَّی یَأْخُذُ بِعَقِبِهِ (2)فَقَالَ سُلَیْمَانُ قِفْ یَا وَقَّافُ إِنَّهُ إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ حَالَ دُونَ الْبَصَرِ(3).
بیان: قوله حتی یأخذ بعقبه أی یأخذ الفخ برجله و فی بعض النسخ بعنقه و فی بعضها رقبته أی یأخذ الفخ أو الصائد رقبته.
و قال الفیروزآبادی الوقاف المتأنی و المحجم عن القتال.
أقول: ما ذكره علی بن إبراهیم فی تأویل تلك الآیات كلها موافقة لروایات المخالفین و إنما أولها علماؤنا علی وجوه أخر
قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْفَقِیهِ، قَالَ زُرَارَةُ وَ الْفُضَیْلُ قُلْنَا لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ رَأَیْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ یَعْنِی كِتَاباً مَفْرُوضاً وَ لَیْسَ یَعْنِی وَقْتَ فَوْتِهَا إِنْ جَازَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ثُمَّ صَلَّاهَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةً مُؤَدَّاةً وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَهَلَكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام حِینَ صَلَّاهَا بِغَیْرِ وَقْتِهَا وَ لَكِنَّهُ مَتَی ذَكَرَهَا صَلَّاهَا.
ثم قال رحمه اللّٰه إن الجهال من أهل الخلاف یزعمون أن سلیمان علیه السلام اشتغل ذات یوم بعرض الخیل حتی توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخیل و أمر بضرب سوقها و أعناقها و قال إنها شغلتنی عن ذكر ربی و لیس كما یقولون جل نبی اللّٰه سلیمان علیه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم یكن للخیل ذنب فیضرب سوقها و أعناقها لأنها لم تعرض نفسها علیه و لم تشغله و إنما عرضت علیه و هی بهائم غیر مكلفة
وَ الصَّحِیحُ فِی ذَلِكَ مَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام عُرِضَ عَلَیْهِ ذَاتَ یَوْمٍ بِالْعَشِیِّ الْخَیْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَیْهَا حَتَّی تَوارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجابِ فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَیَّ حَتَّی أُصَلِّیَ صَلَاتِی فِی وَقْتِهَا فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَطَفِقَ مَسْحَ سَاقَیْهِ وَ عُنُقِهِ وَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِینَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ
ص: 101
لِلصَّلَاةِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ طَلَعَتِ النُّجُومُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ إِلَی قَوْلِهِ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ
و قد أخرجت هذا الحدیث مسندا فی كتاب الفوائد انتهی. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه الصَّافِناتُ الخیل الواقفة علی ثلاث قوائم الواضعة أطراف السنبك (2)الرابع علی الأرض الْجِیادُ السریعة المشی الواسعة الخطو قال مقاتل إنه ورث من أبیه ألف فرس و كان أبوه قد أصاب ذلك من العمالقة و قال الكلبی غزا سلیمان دمشق و نصیبین فأصاب ألف فرس و قال الحسن كانت خیلا خرجت من البحر لها أجنحة و قال المراد بالخیر الخیل هنا فإن العرب تسمی الخیل الخیر و قیل معناه حب المال و كان سلیمان علیه السلام قد صلی الصلاة الأولی و قعد علی كرسیه و الخیل تعرض علیه حتی غابت الشمس.
و فی روایات أصحابنا أنه فاته أول الوقت و قال الجبائی لم یفته الفرض و إنما فاته نفل كان یفعله آخر النهار لاشتغاله بالخیل و قیل إن ذكر ربی كنایة عن كتاب التوراة انتهی. (3)و لنذكر بعض ما ذكر من وجوه التأویل فی تلك الآیات قال السید المرتضی قدس اللّٰه روحه ظاهر الآیة لا یدل علی إضافة قبیح إلی النبی و الروایة إذا كانت مخالفة لما تقتضیه الأدلة لا یلتفت إلیها لو كانت قویة ظاهرة فكیف إذا كانت ضعیفة واهیة و الذی یدل علی ما ذكرناه علی سبیل الجملة أن اللّٰه تعالی ابتدأ الآیة بمدحه و الثناء علیه فقال نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ و لیس یجوز أن یثنی علیه بهذا الثناء ثم یتبعه من غیر فصل بإضافة القبیح إلیه و أنه تلهی بعرض الخیل عن فعل المفروض علیه من الصلاة و الذی یقتضیه الظاهر أن حبه للخیل و شغفه بها كان عن إذن ربه و أمره و بتذكیره إیاه لأن اللّٰه تعالی قد أمرنا بارتباط الخیل و إعدادها لمحاربة الأعداء فلا ینكر أن یكون سلیمان علیه السلام مأمورا بمثل ذلك انتهی. (4)
ص: 102
ثم اعلم أنهم اختلفوا فی مرجع الضمیر فی قوله تَوارَتْ بِالْحِجابِ و قوله رُدُّوها عَلَیَّ إذ یجوز بحسب ظاهر اللفظ إرجاع الضمیرین إلی الشمس و إن لم یجر لها ذكر بقرینة المقام و لذكر ما له تعلق بها و هو العشی و إلی الخیل و الأول إلی الشمس و الثانی إلی الخیل و بالعكس فقیل بإرجاعهما جمیعا إلی الشمس كما مر فیما رواه الصدوق
وَ رَوَی الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ مَا بَلَغَكَ فِیهَا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ سَمِعْتُ كَعْباً یَقُولُ اشْتَغَلَ سُلَیْمَانُ بِعَرْضِ الْأَفْرَاسِ حَتَّی فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَالَ رُدُّوها عَلَیَّ یَعْنِی الْأَفْرَاسَ وَ كَانَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَأَمَرَ بِضَرْبِ سُوقِهَا وَ أَعْنَاقِهَا بِالسَّیْفِ فَقَتَلَهَا فَسَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ یَوْماً لِأَنَّهُ ظَلَمَ الْخَیْلَ بِقَتْلِهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَذَبَ كَعْبٌ لَكِنِ اشْتَغَلَ سُلَیْمَانُ بِعَرْضِ الْأَفْرَاسِ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَنَّهُ أَرَادَ جِهَادَ الْعَدُوِّ حَتَّی تَوارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجابِ فَقَالَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی لِلْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِالشَّمْسِ رُدُّوها عَلَیَّ فَرُدَّتْ فَصَلَّی الْعَصْرَ فِی وَقْتِهَا وَ إِنَّ أَنْبِیَاءَ اللَّهِ لَا یَظْلِمُونَ وَ لَا یَأْمُرُونَ بِالظُّلْمِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ(1).
و قیل بإرجاعهما معا إلی الخیل و فیه وجهان الأول أنه أمر بإجراء الخیل حتی غابت عن بصره فأمر بردها فمسح سوقها و أعناقها صیانة لها و إكراما لما رأی من حسنها فمن عادة من عرضت علیه الخیل أن یمر یده علی أعرافها و أعناقها و قوائمها و یمكن أن یكون الغرض من ذلك المسح بیان أن إكرامها و حفظها مما یرغب فیه لكونها من أعظم الأعوان علی دفع العدو أو أنه أراد أن یظهر أنه فی ضبط السیاسة و الملك یتصنع إلی حیث یباشر أكثر الأمور بنفسه أو أنه كان أعلم بأحوال الخیل و أمراضها و عیوبها فكان یمسحها و یمسح سوقها و أعناقها حتی یعلم هل فیها ما یدل علی المرض.
الثانی أن یكون المسح هاهنا هو الغسل فإن العرب تسمی الغسل مسحا فكأنه لما رأی حسنها أراد صیانتها و إكرامها فغسل قوائمها و أعناقها.
و قیل بإرجاع الأول إلی الشمس و الثانی إلی الخیل و هذا یحتمل وجوها الأول ما ذكره السید (2)رضی اللّٰه عنه أن المراد أنه عرقبها و مسح سوقها و
ص: 103
أعناقها بالسیف من حیث شغلته عن النافلة (1)و لم یكن ذلك علی سبیل العقوبة لها لكن حتی لا یتشاغل فی المستقبل بها عن الطاعات لأن للإنسان أن یذبح فرسه لأكل لحمه فكیف إذا انضاف إلی ذلك وجه آخر لحسنه. (2)و قد قیل إنه یجوز أن یكون لما كانت الخیل أعز ماله أراد أن یكفر عن تفریطه فی النافلة بذبحها و التصدق بلحمها علی المساكین قالوا فلما رأی حسن الخیل و راقته (3)و أعجبته أراد أن یتقرب إلی اللّٰه بالمعجب له الرائق فی عینه و یشهد بصحة هذا المذهب قوله تعالی لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ الثانی أنه مسح سوقها و أعناقها و جعلها مسبلة (4)فی سبیل اللّٰه.
الثالث أن یكون قوله حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ بیانا لغایة عرض الخیل و استعادته بها من غیر أن یكون فات عنه بسببها شی ء و إنما أمر بردها إكراما لها كما مر و علی هذا فقوله أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی یحتمل وجهین ذكرهما الرازی فی تفسیره. (5)الأول أن یضمن أحببت معنی فعل یتعدی بعن كأنه قیل أبنت حب الخیر عن ذكر ربی و هو التوراة لأن ارتباط الخیل كما أنه فی القرآن ممدوح فكذلك فی التوراة ممدوح.
الثانی أن الإنسان قد یحب شیئا و لكنه لا یحب أن یحبه كالمریض الذی یشتهی ما یضره فی مرضه و أما من أحب شیئا و أحب أن یحبه كان ذلك غایة المحبة فقوله أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ أی أحببت حبی لهذه الخیل ثم قال عَنْ ذِكْرِ رَبِّی بمعنی أن هذه المحبة الشدیدة إنما حصلت عن ذكر اللّٰه و أمره لا عن الشهوة و الهوی و أما الاحتمال الرابع فلم یقل به أحد و إن أمكن توجیهه ببعض الوجوه السابقة فإذا
ص: 104
أحطت خبرا بما حكیته لك علمت أنه یمكن تأویلها بوجوه كثیرة لا یتضمن شی ء منها إثبات ذنب له علیه السلام.
و أما قوله تعالی وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ فاختلف العلماء فی فتنته و زلته و الجسد الذی ألقی علی كرسیه علی أقوال.
الأول ما ذكره الرازی عن بعض رواة المخالفین أن سلیمان بلغه خبر مدینة فی البحر فخرج إلیها بجنوده تحمله الریح فأخذها و قتل ملكها و أخذ بنتا له اسمها جرادة من أحسن الناس وجها فاصطفاها لنفسه و أسلمت فأحبها و كانت تبكی علی أبیها فأمر سلیمان الشیطان فمثل لها صورة أبیها فكستها مثل كسوته و كانت تذهب إلی تلك الصورة بكرة و عشیا مع جواریها یسجدن له فأخبر آصف سلیمان بذلك فكسر الصورة و عاقب المرأة ثم خرج وحده إلی بلاده (1)و فرش الرماد و جلس علیه تائبا إلی اللّٰه تعالی و كانت له أم ولد یقال لها أمینة إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة وضع خاتمه عندها (2)فوضعه عندها یوما و أتاها الشیطان صاحب البحر علی صورة سلیمان و قال یا أمینة خاتمی فتختم به و جلس علی كرسی سلیمان فأتاه الطیر و الجن و الإنس و تغیرت هیئة سلیمان فأتی أمینة لطلب الخاتم فأنكرته فطردته فعرف أن الخطیئة قد أدركته فكان یدور علی البیوت و یتكفف (3)و إذا قال أنا سلیمان حثوا علیه التراب و سبوه ثم أخذ یخدم الصیادین (4)ینقل لهم السمك فیعطونه كل یوم سمكتین فمكث علی هذه الحالة أربعین یوما عدد ما عبد الوثن فی بیته فأنكر آصف و عظماء بنی إسرائیل حكم الشیطان و سأل آصف نساء سلیمان فقلن ما یدع امرأة منا فی دمها و لا یغتسل من جنابة و قیل كان نفذ (5)حكمه فی كل شی ء إلا فیهن ثم طار الشیطان و قذف الخاتم فی البحر فابتلعته سمكة و وقعت السمكة فی ید سلیمان فبقر بطنها فإذا هو بالخاتم فتختم به و وقع ساجدا لله و رجع
ص: 105
إلی ملكه و أخذ ذلك الشیطان فحبسها فی صخرة و ألقاها فی البحر فهؤلاء قالوا قوله وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً هو جلوس ذلك الشیطان علی كرسیه عقوبة له ثم قال و اعلم أن أهل التحقیق استبعدوا هذا الكلام من وجوه الأول أن الشیطان لو قدر علی أن یتشبه بالصورة و الخلقة بالأنبیاء فحینئذ لا یبقی اعتماد علی شی ء قطعا فلعل هؤلاء الذین رأوهم الناس فی صورة محمد و موسی و عیسی علیهم السلام ما كانوا أولئك بل كانوا شیاطین تشبهوا بهم فی الصورة (1)و معلوم أن ذلك یبطل الدین بالكلیة.
الثانی أن الشیطان لو قدر علی أن یعامل نبی اللّٰه تعالی بمثل هذه المعاملة لوجب أن یقدر علی مثلها مع جمیع العلماء و الزهاد و حینئذ وجب أن یقتلهم و یمزق تصانیفهم و یخرب دیارهم.
الثالث كیف یلیق بحكمة اللّٰه و إحسانه أن یسلط الشیطان علی أزواج سلیمان (2)و لا شك أنه قبیح.
الرابع لو قلنا إن سلیمان علیه السلام أذن لتلك المرأة فی عبادة تلك الصورة فهذا كفر منه و إن لم یأذن فیه فالذنب علی تلك المرأة فكیف یؤاخذ اللّٰه سلیمان علیه السلام بفعل لم یصدر عنه (3)و قال السید قدس اللّٰه روحه أما ما رواه القصاص الجهال فی هذا الباب فلیس مما یذهب علی عاقل بطلانه و أن مثله لا یجوز علی الأنبیاء علیهم السلام و أن النبوة لا تكون فی خاتم یسلبها الجنی و أن اللّٰه تعالی لا یمكن الجنی من التمثل بصورة النبی و لا غیر ذلك مما افتروا به علی النبی. (4)
أقول: ثم ذكر رحمه اللّٰه وجوها ذكر الطبرسی رحمة اللّٰه علیه مختصرا منها مع غیرها منها أن سلیمان علیه السلام قال یوما فی مجلسه لأطوفن اللیلة علی سبعین امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما یضرب بالسیف فی سبیل اللّٰه و لم یقل إن شاء اللّٰه فطاف
ص: 106
علیهن فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق ولد
رَوَاهُ أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثُمَّ قَالَ فَوَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ فُرْسَاناً.
فالجسد الذی ألقی علی كرسیه كان هذا ثم أناب إلی اللّٰه تعالی و فرغ إلی الصلاة (1)و الدعاء علی وجه الانقطاع إلیه سبحانه و هذا لا یقتضی أنه وقع منه معصیة صغیرة و لا كبیرة لأنه علیه السلام و إن لم یستثن ذكره (2)لفظا فلا بد من أن یكون استثناه ضمیرا و اعتقادا إذ لو كان قاطعا للقول بذلك لكان مطلقا لما لا یأمن أن یكون كذبا إلا أنه لما لم یذكر لفظة الاستثناء عوتب علی ذلك من حیث ترك ما هو مندوب إلیه.
و منها ما روی أن الجن و الشیاطین لما ولد لسلیمان علیه السلام ابن قال بعضهم لبعض إن عاش له ولد لنلقین منه ما لقینا من أبیه من البلاء فأشفق علیه السلام منهم علیه فاسترضعه فی المزن و هو السحاب فلم یشعر إلا و قد وضع علی كرسیه میتا تنبیها علی أن الحذر لا ینفع عن القدر و إنما عوتب علیه السلام علی خوفه من الشیاطین عن الشعبی و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و منها أنه ولد له میت جسد بلا روح فألقی علی سریره عن الجبائی.
و منها أن الجسد المذكور هو جسد سلیمان لمرض امتحنه اللّٰه تعالی به و تقدیر الكلام و ألقیناه علی كرسیه جسدا لشدة المرض فیكون جسدا منصوبا علی الحال و العرب تقول فی الإنسان إذا كان ضعیفا هو جسد بلا روح و لحم علی وضم (3)ثُمَّ أَنابَ أی رجع إلی حال الصحة عن أبی مسلم و أما (4)ما ذكر عن ابن عباس أنه ألقی شیطان اسمه صخر علی كرسیه و كان ماردا عظیما لا یقوی علیه جمیع الشیاطین و كان نبی اللّٰه سلیمان لا یدخل الكنیف بخاتمه فجاء صخر فی صورة سلیمان حتی أخذ الخاتم من امرأة من نسائه و أقام أربعین یوما فی ملكه و سلیمان هارب و عن مجاهد أن شیطانا اسمه
ص: 107
آصف قال له سلیمان كیف تفتنون الناس قال أرنی خاتمك أخبرك بذلك فلما أعطاه إیاه نبذه فی البحر فذهب ملكه و قعد الشیطان علی كرسیه و منعه اللّٰه تعالی نساء سلیمان فلم یقربهن و كان سلیمان یستطعم فلا یطعم حتی أعطته امرأته یوما حوتا فشق بطنه فوجد خاتمه فیه فرد اللّٰه ملكه (1)و عن السدی أن اسم ذلك الشیطان خیفیق (2)و ما ذكر أن السبب فی ذلك أن اللّٰه سبحانه أمره أن لا یتزوج فی غیر بنی إسرائیل فتزوج من غیرهم و قیل بل السبب فیه أنه وطئ امرأة فی حال الحیض فسال منها الدم فوضع خاتمه و دخل الحمام فجاء الشیطان و أخذه و قیل تزوج امرأة مشركة و لم یستطع أن یكرهها علی الإسلام فعبدت الصنم فی داره أربعین یوما فابتلاه اللّٰه بحدیث الشیطان و الخاتم أربعین یوما و قیل احتجب ثلاثة أیام و لم ینظر فی أمر الناس فابتلی بذلك فإن جمیع (3)ذلك مما لا یعول علیه لأن النبوة لا تكون فی الخاتم و لا یجوز أن یسلبها اللّٰه النبی و لا أن یمكن الشیطان من التمثل بصورة النبی و القعود علی سریره و الحكم بین عباده و باللّٰه التوفیق (4).
ص: 108
الآیات؛
النمل: «وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ* فَمَكَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ* إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ *وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ* أَلَّا یَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ* اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ* قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ* اذْهَبْ بِكِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ *قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ* إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ *أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ* قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ* قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ* وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ *قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ* وَ إِنِّی مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ بِهَدِیَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ* فَلَمَّا جاءَ سُلَیْمانَ قالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ* ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ* قالَ یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ*قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ* قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما یَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ كَرِیمٌ* قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ* فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ
ص: 109
مِنْ قَبْلِها وَ كُنَّا مُسْلِمِینَ* وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِینَ* قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَ كَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِیرَ* قالَتْ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ»(20-44)
«1»-ختص، الإختصاص أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ فَضَالَةُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا زَادَ الْعَالِمُ عَلَی النَّظَرِ إِلَی مَا خَلْفَهُ وَ مَا بَیْنَ یَدَیْهِ مَدَّ بَصَرِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام ثُمَّ مَدَّ بِیَدِهِ فَإِذَا هُوَ مُمَثَّلٌ بَیْنَ یَدَیْهِ.
«2»-وَ ذَكَرَ عَلِیُّ بْنُ مَهْزِیَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مَا زَادَ صَاحِبُ سُلَیْمَانَ عَلَی أَنْ قَالَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ بَعَرْشِ صَاحِبَةِ سَبَإٍ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ كَیْفَ هَذَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّ أَبِی كَانَ یَقُولُ إِنَّ الْأَرْضَ طُوِیَتْ لَهُ إِذَا أَرَادَ طَوَاهَا.
«3»-فس، تفسیر القمی كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا قَعَدَ عَلَی كُرْسِیِّهِ جَاءَتْ جَمِیعُ الطَّیْرِ الَّتِی سَخَّرَهَا اللَّهُ لِسُلَیْمَانَ فَتُظِلُّ الْكُرْسِیَّ وَ الْبِسَاطَ بِجَمِیعِ مَنْ عَلَیْهِ مِنَ الشَّمْسِ فَغَابَ عَنْهُ الْهُدْهُدُ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ فَوَقَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَوْضِعِهِ فِی حِجْرِ سُلَیْمَانَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ كَمَا حَكَی اللَّهُ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ إِلَی قَوْلِهِ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ أَیْ بِحُجَّةٍ قَوِیَّةٍ فَلَمْ یَمْكُثْ إِلَّا قَلِیلًا إِذْ جَاءَ الْهُدْهُدُ فَقَالَ لَهُ سُلَیْمَانُ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ أَیْ بِخَبَرٍ صَحِیحٍ إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هَذَا مِمَّا لَفْظُهُ عَامٌّ وَ مَعْنَاهُ خَاصٌّ لِأَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ أَشْیَاءَ كَثِیرَةً مِنْهَا الذَّكَرُ وَ اللِّحْیَةُ ثُمَّ قَالَ وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ ثُمَّ قَالَ الْهُدْهُدُ أَلَّا یَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ أَیِ الْمَطَرَ وَ فِی الْأَرْضِ النَّبَاتَ (1)ثُمَّ قَالَ سُلَیْمَانُ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ إِلَی قَوْلِهِ ما ذا یَرْجِعُونَ فَقَالَ الْهُدْهُدُ إِنَّهَا فِی عَرْشٍ عَظِیمٍ أَیْ سَرِیرٍ فَقَالَ سُلَیْمَانُ أَلْقِ الْكِتَابَ عَلَی قُبَّتِهَا فَجَاءَ الْهُدْهُدُ فَأَلْقَی الْكِتَابَ فِی حِجْرِهَا فَارْتَاعَتْ مِنْ ذَلِكَ وَ جَمَعَتْ جُنُودَهَا وَ قَالَتْ لَهُمْ كَمَا حَكَی اللَّهُ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ
ص: 110
أَیْ مَخْتُومٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ أَیْ لَا تَتَكَبَّرُوا عَلَیَّ ثُمَّ قَالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ قالُوا لَهَا كَمَا حَكَی اللَّهُ نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ فَقَالَتْ لَهُمْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ ثُمَّ قَالَتْ إِنْ كَانَ هَذَا نَبِیّاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا یَدَّعِی فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُغْلَبُ وَ لَكِنْ سَأَبْعَثُ إِلَیْهِ بِهَدِیَّةٍ فَإِنْ كَانَ مَلِكاً یَمِیلُ إِلَی الدُّنْیَا قَبِلَهَا وَ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَیْنَا فَبَعَثَتْ إِلَیْهِ حُقّاً فِیهِ جَوْهَرَةٌ عَظِیمَةٌ وَ قَالَتْ لِلرَّسُولِ قُلْ لَهُ یَثْقُبُ هَذِهِ الْجَوْهَرَةَ بِلَا حَدِیدٍ وَ لَا نَارٍ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ فَأَمَرَ سُلَیْمَانُ علیه السلام بَعْضَ جُنُودِهِ مِنَ الدِّیدَانِ فَأَخَذَ خَیْطاً فِی فَمِهِ ثُمَّ ثَقَبَهَا وَ أَخْرَجَ الْخَیْطَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ قَالَ سُلَیْمَانُ لِرَسُولِهَا فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أَیْ لَا طَاقَةَ (1)وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ فَرَجَعَ إِلَیْهَا الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَ بِقُوَّةِ سُلَیْمَانَ فَعَلِمَتْ أَنَّهُ لَا مَحِیصَ لَهَا فَارْتَحَلَتْ وَ خَرَجَتْ (2)نَحْوَ سُلَیْمَانَ فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ سُلَیْمَانَ بِإِقْبَالِهَا نَحْوَهُ قَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ عَفَارِیتِ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ قَالَ سُلَیْمَانُ أُرِیدُ أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَدَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ فَخَرَجَ السَّرِیرُ مِنْ تَحْتِ كُرْسِیِّ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ سُلَیْمَانُ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أَیْ غَیِّرُوهُ نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ قَدْ أَمَرَ أَنْ یُتَّخَذَ لَهَا بَیْتٌ مِنْ قَوَارِیرَ وَ وَضَعَهُ عَلَی الْمَاءِ ثُمَّ قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ فَظَنَّتْ أَنَّهُ مَاءٌ فَرَفَعَتْ ثَوْبَهَا وَ أَبْدَتْ سَاقَیْهَا فَإِذَا عَلَیْهَا شَعْرٌ كَثِیرٌ فَقِیلَ لَهَا إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِیرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ
ص: 111
فَتَزَوَّجَهَا سُلَیْمَانُ وَ هِیَ بِلْقِیسُ بِنْتُ الشَّرْحِ (1)الْجُبَیْرِیَّةُ وَ قَالَ سُلَیْمَانُ لِلشَّیَاطِینِ اتَّخِذُوا لَهَا شَیْئاً یُذْهِبُ هَذَا الشَّعْرَ عَنْهَا فَعَمِلُوا الْحَمَّامَاتِ وَ طَبَخُوا النُّورَةَ (2)فَالْحَمَّامَاتُ وَ النُّورَةُ مِمَّا اتَّخَذَتْهُ الشَّیَاطِینُ لِبِلْقِیسَ وَ كَذَا الْأَرْحِیَةُ الَّتِی تَدُورُ عَلَی الْمَاءِ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام مَعَ عِلْمِهِ مَعْرِفَةَ الْمَنْطِقِ بِكُلِّ لِسَانٍ وَ مَعْرِفَةَ اللُّغَاتِ وَ مَنْطِقِ الطَّیْرِ وَ الْبَهَائِمِ وَ السِّبَاعِ فَكَانَ إِذَا شَاهَدَ الْحُرُوبَ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِیَّةِ وَ إِذَا قَعَدَ لِعُمَّالِهِ وَ جُنُودِهِ وَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ تَكَلَّمَ بِالرُّومِیَّةِ فَإِذَا خَلَا مَعَ نِسَائِهِ (3)تَكَلَّمَ بِالسُّرْیَانِیَّةِ وَ النَّبَطِیَّةِ وَ إِذَا قَامَ فِی مِحْرَابِهِ لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ إِذَا جَلَسَ لِلْوُفُودِ وَ الْخُصَمَاءِ تَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِیَّةِ قَوْلُهُ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً یَقُولُ لَأَنْتِفَنَّ رِیشَهُ قَوْلُهُ أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ یَقُولُ لَا تَعْظُمُوا عَلَیَّ قَوْلُهُ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها یَقُولُ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهَا وَ قَوْلُ سُلَیْمَانَ لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ الَّذِی آتَانِی مِنَ الْمُلْكِ أَمْ أَكْفُرُ إِذَا رَأَیْتُ مَنْ هُوَ دُونِی (4)أَفْضَلَ مِنِّی عِلْماً فَعَزَمَ اللَّهُ لَهُ عَلَی الشُّكْرِ (5).
«4»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی زَاهِرٍ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَخِیهِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَرِثَ النَّبِیِّینَ كُلَّهُمْ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی نَفْسِهِ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْلَمُ مِنْهُ قَالَ قُلْتُ إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ صَدَقْتَ وَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَفْهَمُ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْدِرُ عَلَی هَذِهِ الْمَنَازِلِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ لِلْهُدْهُدِ حِینَ فَقَدَهُ وَ شَكَّ فِی أَمْرِهِ فَقَالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ حِینَ فَقَدَهُ فَغَضِبَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ وَ إِنَّمَا غَضِبَ
ص: 112
لِأَنَّهُ كَانَ یَدُلُّهُ عَلَی الْمَاءِ فَهَذَا وَ هُوَ طَائِرٌ قَدْ أُعْطِیَ مَا لَمْ یُعْطَ سُلَیْمَانُ وَ قَدْ كَانَتِ الرِّیحُ وَ النَّمْلُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ الْمَرَدَةُ (1)لَهُ طَائِعِینَ وَ لَمْ یَكُنْ یَعْرِفُ الْمَاءَ تَحْتَ الْهَوَاءِ وَ كَانَ الطَّیْرُ یَعْرِفُهُ وَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُیِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتی وَ قَدْ وَرِثْنَا نَحْنُ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِی فِیهِ مَا تُسَیَّرُ بِهِ الْجِبَالُ وَ تُقَطَّعُ بِهِ الْبُلْدَانُ وَ تُحْیَا بِهِ الْمَوْتَی وَ نَحْنُ نَعْرِفُ الْمَاءَ تَحْتَ الْهَوَاءِ وَ إِنَّ فِی كِتَابِ اللَّهِ لَآیَاتٍ مَا یُرَادُ بِهَا أَمْرٌ إِلَّا أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ بِهِ الْخَبَرَ (2).
بیان: تحت الهواء لعل المراد منه تحت الأرض كما سیأتی فإن الأرض أیضا تحت الهواء أو المراد معرفته حین كونهم علی البساط فی الهواء.
«5»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی وَ غَیْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ شُرَیْسٍ الْوَابِشِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَرِیرِ بِلْقِیسَ حَتَّی تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ وَ نَحْنُ عِنْدَنَا مِنَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْتَأْثَرَ (3)بِهِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ عِنْدَهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ(4).
«6»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً كَانَ عِنْدَ آصَفَ حَرْفٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَانْخَرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَبَإٍ فَتَنَاوَلَ عَرْشَ بِلْقِیسَ حَتَّی صَیَّرَهُ إِلَی سُلَیْمَانَ ثُمَّ انْبَسَطَتِ الْأَرْضُ فِی أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ(5).
ص: 113
«7»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ سَعْدٍ أَبِی عُمَرَ الْجُلَّابِ (1)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَرِیرِ بِلْقِیسَ ثُمَّ تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ وَ عِنْدَنَا نَحْنُ مِنَ الِاسْمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی اسْتَأْثَرَ بِهِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ الْمَكْتُوبِ عِنْدَهُ (2).
«8»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ الْخَلِیجِیِّ (3)عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ سَعْدٍ أَبِی عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ كَاتِبِ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ كَانَ یُوحَی إِلَیْهِ (4)حَرْفٌ وَاحِدٌ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ (5)فَتَكَلَّمَ فَانْخَرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ حَتَّی الْتَفَّتْ فَتَنَاوَلَ السَّرِیرَ وَ إِنَّ عِنْدَنَا مِنَ الِاسْمِ أَحَداً وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ فِی غَیْبِهِ (6).
أقول: قد أوردنا بعض الأخبار فی أبواب الإمامة و بعضها فی أبواب التوحید.
«9»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ ضُرَیْسٍ (7)الْوَابِشِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَوْلُ الْعَالِمِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ قَالَ فَقَالَ یَا جَابِرُ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ اسْمَهُ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً فَكَانَ عِنْدَ الْعَالِمِ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَانْخَسَفَتِ الْأَرْضُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ السَّرِیرِ
ص: 114
حَتَّی الْتَفَّتِ الْقِطْعَتَانِ (1)وَ حُوِّلَ مِنْ هَذِهِ عَلَی هَذِهِ وَ عِنْدَنَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ الْمَكْنُونِ عِنْدَهُ (2).
«10»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاءَ بِالنُّورَةِ فَأَخَذَ مِنَ النُّورَةِ بِإِصْبَعِهِ فَشَمَّهُ وَ جَعَلَهُ عَلَی طَرَفِ أَنْفِهِ وَ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ كَمَا أَمَرَنَا بِالنُّورَةِ لَمْ تُحْرِقْهُ النُّورَةُ (3).
«11»-مل، كامل الزیارات أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ سُلَیْمَانَ تَكَلَّمَ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَخُسِفَ مَا بَیْنَ سَرِیرِ سُلَیْمَانَ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ مِنْ سُهُولَةِ الْأَرْضِ وَ حُزُونَتِهَا حَتَّی الْتَقَتِ الْقِطْعَتَانِ فاجْتَرَّ الْعَرْشَ قَالَ سُلَیْمَانُ یُخَیَّلَ إِلَیَّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ سَرِیرِی قَالَ وَ دُحِیَتْ فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ (4).
بیان: ظاهر أكثر تلك الأخبار أن الأرض التی كانت بینه و بین السریر انخسفت و تحركت الأرض التی كان السریر علیها حتی أحضرته عنده فإن قیل كیف انخسفت الأبنیة التی كانت علیها قلنا یحتمل أن تكون تلك الأبنیة تحركت بأمره تعالی یمینا و شمالا و كذا ما علیها من الحیوانات و الأشجار و غیرها و یمكن أن یكون حركة السریر من تحت الأرض بأن غار فی الأرض و طویت و تكاثفت الطبقة التحتانیة حتی خرج من تحت سریره ثم دحیت تلك الطبقة من تحت الأرض.
«12»-ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَا أَبَانُ كَیْفَ تُنْكِرُ النَّاسُ قَوْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قَالَ لَوْ شِئْتُ لَرَفَعْتُ رِجْلِی هَذِهِ فَضَرَبْتُ بِهَا صَدْرَ ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِالشَّامِ فَنَكَسْتُهُ عَنْ سَرِیرِهِ وَ لَا یُنْكِرُونَ تَنَاوُلَ آصَفَ وَصِیِّ سُلَیْمَانَ عَرْشَ بِلْقِیسَ وَ إِتْیَانَهُ سُلَیْمَانَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْهِ طَرْفُهُ أَ لَیْسَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ الْأَنْبِیَاءِ وَ وَصِیُّهُ أَفْضَلَ الْأَوْصِیَاءِ أَ فَلَا
ص: 115
جَعَلُوهُ كَوَصِیِّ سُلَیْمَانَ علیه السلام حَكَمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّنَا وَ أَنْكَرَ فَضْلَنَا (1).
أقول: قال الشیخ أمین الدین الطبرسی برد اللّٰه مضجعه فی قوله تعالی وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ أی طلبه عند غیبته فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أی ما للهدهد لا أراه و اختلف فی سبب تفقده فقیل إنه احتاج إلیه فی سفره لیدله علی الماء یقال إنه یری الماء فی بطن الأرض كما نراه فی القارورة
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ تَفَقَّدَ سُلَیْمَانُ الْهُدْهُدَ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ قَالَ لِأَنَّ الْهُدْهُدَ یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ كَمَا یَرَی أَحَدُكُمُ الدُّهْنَ فِی الْقَارُورَةِ فَنَظَرَ أَبُو حَنِیفَةَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ ضَحِكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یُضْحِكُكَ قَالَ ظَفِرْتُ بِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ الَّذِی یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ لَا یَرَی الْفَخَّ فِی التُّرَابِ حَتَّی تَأْخُذَ بِعُنُقِهِ (2)فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا نُعْمَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ الْقَدَرُ أَغْشَی الْبَصَرَ.
و قیل إنما تفقده لإخلاله بنوبته عن وهب و قیل كانت الطیور تظله من الشمس فلما أخل الهدهد بمكانه بان بطلوع الشمس علیه أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ معناه أ تأخر عصیانا أم غاب لعذر و حاجة قال المبرد لما تفقد سلیمان الطیر و لم یر الهدهد فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ علی تقدیر أنه مع جنوده و هو لا یراه ثم أدركه الشك فشك فی غیبته عن ذلك الجمع بحیث لم یره فقال أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ أی بل أ كان من الغائبین كأنه ترك الكلام الأول و استفهم عن حاله و غیبته ثم أوعده علی غیبته فقال لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أی بنتف ریشه و إلقائه فی الشمس عن ابن عباس و قتادة و مجاهد و قیل بأن أجعله بین أضداده و كما صح نطق الطیر و تكلیفه فی زمانه معجزة له جازت معاتبته علی ما وقع منه من تقصیر فإنه كان مأمورا بطاعته فاستحق العقاب علی غیبته أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أو لأقطعن (3)حلقه عقوبة له علی عصیانه أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ أی بحجة واضحة تكون عذرا له فی الغیبة فَمَكَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ أی فلم یلبث سلیمان إلا زمانا یسیرا حتی جاء الهدهد و قیل معناه فلبث الهدهد فی غیبته قلیلا ثم رجع و علی هذا
ص: 116
فیجوز أن یكون التقدیر فمكث فی مكان غیر بعید قال ابن عباس فأتاه الهدهد بحجة فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ أی اطلعت علی ما لم تطلع علیه وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ أی بخبر صادق و سبأ مدینة بأرض الیمن عن قتادة و قیل إن اللّٰه بعث إلی سبإ اثنی عشر نبیا عن السدی.
وَ رَوَی عَلْقَمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ سَبَإٍ فَقَالَ هُوَ رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَیَامَنَ (1)مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَ تَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فَالَّذِینَ تَشَاءَمُوا لَخْمٌ وَ جُذَامُ وَ غَسَّانُ وَ عَامِلَةُ وَ الَّذِینَ تَیَامَنُوا كِنْدَةُ وَ الْأَشْعَرُونَ وَ الْأَزْدُ وَ حِمْیَرٌ وَ مَذْحِجٌ وَ أَنْمَارٌ وَ مِنَ الْأَنْمَارِ خَثْعَمٌ وَ بَجِیلَةُ.
إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ أی تتصرف فیهم بحیث لا یعترض علیها أحد وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ و هذا إخبار عن سعة ملكها أی من كل شی ء من الأموال و ما یحتاج إلیه الملوك من زینة الدنیا قال الحسن و هی بلقیس بنت شراحیل ملكة سبإ و قیل شرحیل (2)ولدها أربعون ملكا آخرهم أبوها قال قتادة و كان أولو مشورتها ثلاثمائة و اثنی عشر قبیلا كل قبیل (3)منهم تحت رایته ألف مقاتل وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ أی سریر أعظم من سریرك و كان مقدمه من ذهب مرصع بالیاقوت الأحمر و الزمرد الأخضر و مؤخره من فضة مكللة (4)بألوان الجواهر و علیه سبعة أبیات علی كل بیت باب مغلق و عن ابن عباس قال كان عرش بلقیس ثلاثین ذراعا فی ثلاثین ذراعا و طوله فی الهواء ثلاثون ذراعا و قال أبو مسلم المراد بالعرش الملك (5)وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ أی عبادتهم للشمس من دون اللّٰه فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ أی صرفهم عن سبیل الحق فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ أَلَّا یَسْجُدُوا قرأ أبو جعفر و الكسائی و رویس عن یعقوب ألا یسجدوا خفیفة اللام و الباقون بالتشدید فعلی الأول إنما هو علی معنی الأمر بالسجود و دخلت الیاء للتنبیه أو علی تقدیر ألا یا قوم اسجدوا لله و قیل إنه أمر من اللّٰه تعالی لجمیع
ص: 117
خلقه بالسجود له و قیل إنه من كلام الهدهد قاله لقوم بلقیس حین وجدهم یسجدون لغیر اللّٰه أو قاله لسلیمان عند عوده إلیه استنكارا لما وجدهم علیه و القراءة بالتشدید علی معنی زین لهم الشیطان ضلالتهم لئلا یسجدوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الخب ء المخبوء و هو ما أحاط به غیره حتی منع من إدراكه و ما یوجده اللّٰه فیخرجه من العدم إلی الوجود یكون بهذه المنزلة و قیل الخب ء الغیب و قیل إن خب ء السماوات المطر و خب ء الأرض النبات و الأشجار وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ أی یعلم السر و العلانیة اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ من كلام الهدهد أو ابتداء إخبار من اللّٰه تعالی (1)فلما سمع سلیمان ما اعتذر به الهدهد فی تأخره قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ ثم كتب سلیمان علیه السلام كتابا و ختمه بخاتمه و دفعه إلیه فذاك قوله اذْهَبْ بِكِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ یعنی إلی أهل سبإ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ أی استتر منهم قریبا بعد إلقاء الكتاب إلیهم فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ أی یرجع بعضهم إلی بعض من القول فمضی الهدهد بالكتاب فألقاه إلیهم فلما رأته بلقیس قالَتْ لقومها یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أی أیها الأشراف إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ قال قتادة أتاها الهدهد و هی نائمة مستلقیة علی قفاها فألقی الكتاب علی نحرها فقرأت الكتاب و قیل كانت لها كوة مستقبلة للشمس تقع الشمس عند ما تطلع فیها فإذا نظرت إلیها سجدت فجاء الهدهد إلی الكوة فسدها بجناحه فارتفعت الشمس و لم تعلم فقامت تنظر فرمی الكتاب إلیها عن وهب و ابن زید فلما أخذت الكتاب جمعت الأشراف و هم ثلاثمائة و اثنا عشر قبیلا (2)ثم قالت لهم إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ سمته كریما لأنه كان مختوما عن ابن عباس و یؤیده الحدیث إكرام الكتاب ختمه و قیل وصفته بالكریم لأنه صدره ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ و قیل لحسن خطه و جودة لفظه و بیانه و قیل لأنه كان ممن یملك الإنس و الجن و الطیر و قد كانت سمعت بخبر سلیمان فسمته كریما لأنه من كریم رفیع الملك عظیم الجاه إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ معناه أن الكتاب من سلیمان و أن المكتوب فیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَلَّا
ص: 118
تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ فإن هذا القدر جملة ما فی الكتاب یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی أی أشیروا علی بالصواب ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ أی ما كنت ممضیة أمرا حتی تحضرون (1)و هذا ملاطفة منها لقومها قالُوا لها فی الجواب نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ أی أصحاب قوة و قدرة و أهل عدد وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ أی و أصحاب شجاعة شدیدة وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ أی إن الأمر مفوض إلیك فی القتال و تركه فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ أی ما الذی تأمریننا به لنمتثله فإن أمرت بالصلح صالحنا و إن أمرت بالقتال قاتلنا قالَتْ مجیبة لهم عن التعریض بالقتال إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها أی إذا دخلوها عنوة عن قتال و غلبة أهلكوها و خربوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً أی أهانوا أشرافها و كبراءها كی یستقیم لهم الأمر و المعنی أنها حذرتهم مسیر سلیمان إلیهم و دخوله بلادهم و انتهی الخبر عنها و صدقها اللّٰه فیما قالت فقال وَ كَذلِكَ أی و كما قالت هی یَفْعَلُونَ و قیل إن الكلام متصل بعضه ببعض وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ من قولها وَ إِنِّی مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ أی إلی سلیمان علیه السلام و قومه بِهَدِیَّةٍ أصانعه بذلك عن ملكی فَناظِرَةٌ أی منتظرة بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ بقبول أم رد و إنما فعلت ذلك لأنها عرفت عادة الملوك فی حسن موقع الهدایا عندهم و كان غرضها أن یتبین لها بذلك أنه ملك أو نبی فإن قبل الهدیة تبین أنه ملك و عندها ما یرضیه و إن ردها تبین أنه نبی.
و اختلف فی الهدیة فقیل أهدت إلیه وصفاء و وصائف (2)ألبستهم لباسا واحدا حتی لا یعرف ذكر من أنثی عن ابن عباس و قیل أهدت مائتی غلام و مائتی جاریة ألبست الغلمان لباس الجواری و ألبست الجواری لباس الغلمان عن مجاهد و قیل أهدت له صفائح الذهب فی أوعیة الدیباج فلما بلغ ذلك سلیمان علیه السلام أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فألقی فی الطریق فلما جاءوا رأوه ملقی فی الطریق فی كل مكان فلما رأوا ذلك صغر فی أعینهم ما جاءوا به عن ثابت البنانی و قیل إنها عمدت
ص: 119
إلی خمسمائة غلام و خمسمائة جاریة فألبست الجواری الأقبیة و المناطق (1)و ألبست الغلمان فی سواعدهم أساور من ذهب و فی أعناقهم أطواقا من ذهب و فی آذانهم أقراطا و شنوفا (2)مرصعات بأنواع الجواهر و حملت الجواری علی خمسمائة رمكة و الغلمان علی خمسمائة برذون (3)علی كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر و بعثت إلیه خمسمائة لبنة من ذهب و خمسمائة لبنة من فضة و تاجا مكللا بالدر و الیاقوت المرتفع و عمدت إلی حقة فجعلت فیها درة یتیمة غیر مثقوبة و خرزة جزعیة مثقوبة معوجة الثقب و دعت رجلا من أشراف قومها اسمه المنذر بن عمرو و ضمت إلیه رجالا من قومها أصحاب رأی و عقل و كتبت إلیه كتابا بنسخة الهدیة قالت فیها إن كنت نبیا فمیز بین الوصفاء و الوصائف و أخبر بما فی الحقة قبل أن تفتحها و اثقب الدرة ثقبا مستویا و أدخل الخرزة خیطا من غیر علاج إنس و لا جن و قالت للرسول انظر إلیه إذا دخلت علیه فإن نظر إلیك نظر غضب فاعلم أنه ملك فلا یهولنك أمره فأنا أعز منه و إن نظر إلیك نظر لطف فاعلم أنه نبی مرسل. فانطلق الرسول بالهدایا و أقبل الهدهد مسرعا إلی سلیمان فأخبره الخبر فأمر سلیمان الجن أن یضربوا لبنات الذهب و لبنات الفضة ففعلوا ثم أمرهم أن یبسطوا من موضعه الذی هو فیه إلی بضع فراسخ میدانا واحدا بلبنات الذهب و الفضة و أن یجعلوا حول المیدان حائطا شرفها من الذهب و الفضة ففعلوا ثم قال للجن علی بأولادكم فاجتمع خلق كثیر فأقامهم عن یمین المیدان و یساره ثم قعد سلیمان علیه السلام فی مجلسه علی سریره و وضع له أربعة آلاف كرسی عن یمینه و مثلها عن یساره و أمر الشیاطین أن یصطفوا صفوفا فراسخ و أمر الإنس فاصطفوا فراسخ و أمر الوحش و السباع و الهوام و الطیر فاصطفوا فراسخ عن یمینه و یساره فلما دنا القوم من المیدان و نظروا إلی ملك سلیمان تقاصرت إلیهم أنفسهم (4)و رموا بما معهم من الهدایا فلما وقفوا بین یدی
ص: 120
سلیمان علیه السلام نظر إلیهم نظرا حسنا بوجه طلق و قال ما وراءكم فأخبره رئیس القوم بما جاءوا به و أعطاه كتاب الملكة فنظر فیه و قال أین الحقة فأتی بها فحركها و جاءه جبرئیل فأخبره بما فی الحقة و قال إن فیها درة یتیمة غیر مثقوبة و خرزة مثقوبة معوجة الثقب فقال الرسول صدقت فاثقب الدرة و أدخل الخیط فی الخرزة فأرسل سلیمان علیه السلام إلی الأرضة فجاءت فأخذت شعرة فی فیها فدخلت فیها حتی خرجت من الجانب الآخر ثم قال من لهذه الخرزة یسلكها الخیط فقالت دودة بیضاء أنا لها یا رسول اللّٰه فأخذت الدودة الخیط فی فیها و دخلت الثقب حتی خرجت من الجانب الآخر ثم میز بین الجواری و الغلمان بأن أمرهم أن یغلسوا وجوههم و أیدیهم فكانت الجاریة تأخذ الماء من الآنیة بإحدی یدیها ثم تجعله علی الید الأخری ثم تضرب به الوجه و الغلام یأخذ من الآنیة یضرب به وجهه و كانت الجاریة تصب علی باطن ساعدها و الغلام علی ظهر الساعد و كانت الجاریة تصب الماء صبا و كان الغلام یحدر الماء (1)علی یده حدرا فمیز بینهم بذلك هذا كله مروی عن وهب (2)و غیره و قیل إنها أیضا أنفذت مع هدایاها عصا كانت تتوارثها ملوك حمیر و قالت أرید أن تعرفنی رأسها من أسفلها و بقدح ماء و قالت تملؤها ماء رواء (3)لیس من الأرض و لا من السماء فأرسل سلیمان العصا إلی الهواء و قال أی الرأسین سبق إلی الأرض فهو أصلها (4)و أمر بالخیل فأجریت حتی عرقت و ملأ القدح من عرقها و قال هذا لیس من ماء الأرض و لا من ماء السماء.
فَلَمَّا جاءَ سُلَیْمانَ أی فلما جاء الرسول سلیمان قالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ أی أ تزیدوننی مالا و هذا استفهام إنكار یعنی أنه لا یحتاج إلی مالهم فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ أی ما أعطانی اللّٰه من الملك و النبوة و الحكمة خیر مما أعطاكم من الدنیا و أموالها بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ إذا أهدی بعضكم إلی بعض و أما أنا فلا أفرح بها
ص: 121
أشار إلی قلة اكتراثه (1)بأموال الدنیا ثم قال سلیمان للرسول ارْجِعْ إِلَیْهِمْ بما جئت به من الهدایا فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أی لا طاقة لهم بها و لا قدرة لهم علی دفعها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً أی من تلك القریة و من تلك المملكة و قیل من أرضها و ملكها وَ هُمْ صاغِرُونَ أی ذلیلون صغیروا القدر إن لم یأتوا مسلمین (2)فلما رد سلیمان علیه السلام الهدیة و میز بین الغلمان و الجواری إلی غیر ذلك علموا أنه نبی مرسل و أنه لیس كالملوك الذین یغترون بالأموال.
فلما رجع إلیها الرسول و عرفت أنه نبی و أنها لا تقاومه فتجهزت للمسیر إلیه و أخبر جبرئیل علیه السلام سلیمان علیه السلام أنها خرجت من الیمن مقبلة إلیه قالَ سلیمان لأماثل جنده و أشراف عسكره یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ و اختلف فی السبب الذی خص العرش بالطلب علی أقوال:
أحدها أنه أعجبته صفته فأراد أن یراه و ظهر له آثار إسلامها فأحب أن یملك عرشها قبل أَنْ تُسْلِمَ فَیَحْرُمَ علیه أَخْذُ مَالِهَا عن قتادة و ثانیها أنه أراد أن یختبر بذلك عقلها و فطنتها و یختبر هل تعرفه أو تنكره عن ابن زید و قیل أراد أن یجعل دلیلا (3)و معجزة علی صدقه و نبوته لأنها خلفته فی دارها (4)و أوثقته و وكلت به ثقات قومها یحرسونه و یحفظونه عن وهب و قال ابن عباس كان سلیمان علیه السلام رجلا مهیبا لا یبتدئ بالكلام حتی یكون هو الذی یسأل عنه فخرج یوما و جلس علی سریره فرأی رهجا قریبا منه أی غبارا فقال ما هذا قالوا بلقیس یا رسول اللّٰه فقال (5)و قد نزلت منا بهذا المكان و كان ما بین الكوفة و الحیرة علی قدر فرسخ فقال أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها
ص: 122
و قوله مُسْلِمِینَ فیه وجهان أحدهما أنه أراد مؤمنین موحدین و الآخر مستسلمین منقادین علی ما مر بیانه قالَ عِفْرِیتٌ (1)مِنَ الْجِنِّ أی مارد قوی عن ابن عباس أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ أی من مجلسك الذی تقضی فیه عن قتادة وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ أی و إنی علی حمله لقوی و علی الإتیان به فی هذه المدة قادر و علی ما فیه من الذهب و الجواهر أمین و فی هذا دلالة علی أن القدرة قبل الفعل لأنه أخبر بأنه قوی علیه قبل أن یجی ء به و كان سلیمان علیه السلام یجلس فی مجلسه للقضاء غدوة إلی نصف النهار فقال سلیمان علیه السلام أرید أسرع من ذلك فعند ذلك قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ و هو آصف بن برخیا (2)و كان وزیر سلیمان و ابن أخته و كان صدیقا یعرف اسم اللّٰه الأعظم الذی إذا دعی به أجاب عن ابن عباس و قیل إن ذلك الاسم اللّٰه و الذی یلیه الرحمن و قیل هو یا حی یا قیوم و بالعبرانیة أهیا شراهیا (3)و قیل هو یا ذا الجلال و الإكرام عن مجاهد و قیل إنه قال یا إلهنا و إله كل شی ء إلها واحدا لا إله إلا أنت عن الزهری و قیل إن الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ كان رجلا من الإنس یعلم اسم اللّٰه الأعظم اسمه بلخیا عن مجاهد و قیل اسمه اسطوم عن قتادة و قیل هو الخضر علیه السلام عن أبی لهیعة و قیل إن الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ هو جبرئیل علیه السلام أذن اللّٰه له فی طاعة سلیمان و أن یأتیه بالعرش الذی طلبه و قال الجبائی هو سلیمان علیه السلام قال ذلك للعفریت لیریه نعمة اللّٰه علیه و هذا قول بعید لم یؤثر عند أهل التفسیر (4)و أما الكتاب المعرف فی الآیة بالألف و اللام فقیل إنه اللوح المحفوظ و قیل إن المراد به جنس كتب اللّٰه المنزلة علی أنبیائه و لیس المراد به كتابا بعینه و الجنس قد یعرف بالألف و اللام و قیل المراد به كتاب سلیمان علیه السلام إلی بلقیس أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ اختلف فی معناه فقیل یرید قبل أن یصل إلیك من كان منك علی قدر مد البصر
ص: 123
عن قتادة و قیل معناه قبل أن یبلغ طرفك مداه و غایته و یرجع إلیك قال سعید بن جبیر قال لسلیمان انظر إلی السماء فما طرف حتی جاء به فوضعه بین یدیه و المعنی حتی یرتد إلیك طرفك بعد مده إلی السماء و قیل ارتداد الطرف إدامة النظر حتی یرتد طرفه خاسئا عن مجاهد فعلی هذا معناه أن سلیمان علیه السلام مد بصره إلی أقصاه و هو یدیم النظر فقبل أن ینقلب إلیه بصره حسیرا یكون قد أتی بالعرش (1)و قال الكلبی خر آصف ساجدا و دعا باسم اللّٰه الأعظم فغار عرشها تحت الأرض حتی نبع عند كرسی سلیمان و ذكر العلماء فی ذلك وجوها.
أحدها أن الملائكة حملته بأمر اللّٰه تعالی. و الثانی أن الریح حملته. و الثالث أن اللّٰه تعالی خلق فیه حركات متوالیة. و الرابع أنه انخرق مكانه حیث هو هناك ثم نبع بین یدی سلیمان. و الخامس
أن الأرض طویت له و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و السادس أنه أعدمه اللّٰه فی موضعه و أعاده فی مجلس سلیمان و هذا لا یصح علی مذهب أبی هاشم و یصح علی مذهب أبی علی الجبائی فإنه یجوز فناء بعض الأجسام دون بعض.
و فی الكلام حذف كثیر لأن التقدیر قال سلیمان له افعل فسأل اللّٰه تعالی فی ذلك فحضر العرش فرآه سلیمان مستقرا عنده (2)أی فلما رأی سلیمان العرش محمولا إلیه موضوعا بین یدیه فی مقدار رجع البصر قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی أی من نعمته علی و إحسانه لدی لأن تیسیر ذلك و تسخیره مع صعوبته و تعذره معجزة له و دلالة علی علو قدره و جلالته و شرف منزلته عند اللّٰه تعالی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ أی لیختبرنی هل أقوم بشكر هذه النعمة أم أكفر بها وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما یَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لأن عائدة شكره و منفعته ترجعان إلیه و تخصانه دون غیره و هذا مثل قوله إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ یعنی غنی عن شكر العباد غیر محتاج إلیه بل هم
ص: 124
المحتاجون إلیه لما لهم فیه من الثواب و الأجر كَرِیمٌ أی متفضل علی عباده شاكرهم و كافرهم و عاصیهم و مطیعهم لا یمنعه كفرهم و عصیانهم من الإفضال علیهم و الإحسان إلیهم قالَ سلیمان نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أی غیروا سریرها إلی حال تنكرها إذا رأته و أراد بذلك اختبار عقلها علی ما قیل نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ أی أ تهتدی إلی معرفة عرشها بفطنتها بعد التغییر أم لا تهتدی إلی ذلك عن سعید بن جبیر و قتادة و قیل أَ تَهْتَدِی أی أ تستدل بعرشها علی قدرة اللّٰه و صحة نبوتی و تهتدی بذلك إلی طریق الإیمان و التوحید أم لا عن الجبائی قال ابن عباس فنزع ما كان علی العرش من الفصوص و الجواهر و قال مجاهد غیر ما كان أحمر و جعل أخضر (1)و ما كان أخضر فجعل أحمر (2)و قال عكرمة زید فیه شی ء و نقص منه شی ء فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ فلم تثبته و لم تنكره فدل ذلك علی كمال عقلها حیث لم تقل لا إذ كان یشبه سریرها لأنها وجدت فیه ما تعرفه و لم تقل نعم إذ وجدت فیه ما غیر و بدل و لأنها خلفته فی بیتها و حمله فی تلك المدة إلی ذلك الموضع غیر داخل فی مقدور البشر قال مقاتل عرفته و لكن شبهوا علیها حین قالوا لها أَ هكَذا عَرْشُكِ فشبهت حین قالت كَأَنَّهُ هُوَ و لو قیل لها أ هذا عرشك لقالت نعم قال عكرمة كانت حكیمة قالت إن قلت هو هو خشیت أن أكذب و إن قلت لا خشیت أن أكذب فقالت كَأَنَّهُ هُوَ شبهته به فقیل لها فإنه عرشك فما أغنی عنك إغلاق الأبواب و كانت قد خلفته وراء سبعة أبواب لما خرجت فقالت وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ بصحة نبوة سلیمان مِنْ قَبْلِها أی من قبل الآیة فی العرش وَ كُنَّا مُسْلِمِینَ طائعین لأمر سلیمان و قیل إنه من كلام سلیمان عن مجاهد (3)و معناه أوتینا العلم بإسلامها و مجیئها طائعة قبل مجیئها (4)وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أی منعها عبادة الشمس عن الإیمان باللّٰه تعالی بعد رؤیة تلك المعجزات (5)عن مجاهد فعلی هذا تكون ما موصولة مرفوعة
ص: 125
الموضع بأنها فاعلة صد و قیل معناه و صدها سلیمان عما كانت تعبده من دون اللّٰه و حال بینها و بینه و منعها عنه فعلی هذا تكون ما فی موضع النصب و قیل معناه منعها الإیمان و التوحید عن الذی كانت تعبده من دون اللّٰه و هو الشمس ثم استأنف فقال إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِینَ أی من قوم یعبدون الشمس قد نشأت فیما بینهم فلم تعرف إلا عبادة الشمس قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ و الصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غیر سقف.
و ذكر أن سلیمان علیه السلام لما أقبلت صاحبة سبإ أمر الشیاطین ببناء الصرح و هو كهیئة السطح المنبسط من قواریر أجری تحته الماء و جمع فی الماء الحیتان و الضفادع و دواب البحر ثم وضع له فیه سریر فجلس علیه و قیل إنه قصر من زجاج كأنه الماء بیاضا و قال أبو عبیدة كل بناء من زجاج أو صخر أو غیر ذلك مونق (1)فهو صرح و إنما أمر سلیمان علیه السلام بالصرح لأنه أراد أن یختبر عقلها و ینظر هل تستدل علی معرفة اللّٰه تعالی بما تری من هذه الآیة العظیمة و قیل إن الجن و الشیاطین خافت أن یتزوجها سلیمان علیه السلام فلا ینفكون من تسخیر سلیمان و ذریته بعده لو تزوجها و ذلك أن أمها كانت جنیة فأساءوا الثناء علیها لیزهدوه فیها و قالوا إن فی عقلها شیئا و إن رجلها كحافر الحمار فلما امتحن ذلك وجدها علی خلاف ما قیل و قیل إنه ذكر له أن علی رجلیها شعرا فلما كشفته بان الشعر فساءه ذلك فاستشار الجن فی ذلك فعملوا الحمامات و طبخوا له النورة و الزرنیخ و كان أول ما صنعت النورة فَلَمَّا رَأَتْهُ أی رأت بلقیس الصرح حَسِبَتْهُ لُجَّةً و هی معظم الماء وَ كَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها لدخول الماء و قیل إنها لما رأت الصرح قالت ما وجد ابن داود عذابا یقتلنی به إلا الغرق و أنفت أن تجی ء فلا تدخل (2)و لم یكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقیها قالَ لها سلیمان إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ أی مملس مِنْ قَوارِیرَ و لیس بماء و لما رأت سریر سلیمان و الصرح قالَتْ رَبِ
ص: 126
إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی بالكفر الذی كنت علیه وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فحسن إسلامها و قیل إنها لما جلست دعاها سلیمان إلی الإسلام و كانت قد رأت الآیات و المعجزات فأجابته و أسلمت و قیل إنها لما ظنت أن سلیمان علیه السلام یغرقها ثم عرفت حقیقة الأمر قالت ظَلَمْتُ نَفْسِی إذ توهمت علی سلیمان ما توهمت.
و اختلف فی أمرها بعد ذلك فقیل إنها تزوجها سلیمان و أقرها علی ملكها و قیل إنه زوجها من ملك یقال له تبع و ردها إلی أرضها و أمر زوبعة أمیر الجن بالیمن أن یعمل له و یطیع فصنع له المصانع بالیمن (1).
«13»-وَ رَوَی (2)الْعَیَّاشِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: الْتَقَی مُوسَی بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی وَ یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَخِی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام بَعْدَ أَنْ دَارَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ الْمَوَاعِظِ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی طَاعَتِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ یَحْیَی بْنَ أَكْثَمَ سَأَلَنِی عَنْ مَسَائِلَ أُفْتِیهِ فِیهَا فَضَحِكَ فَقَالَ فَهَلْ أَفْتَیْتَهُ فِیهَا قُلْتُ لَا قَالَ وَ لِمَ قُلْتُ لَمْ أَعْرِفْهَا قَالَ وَ مَا هِیَ قُلْتُ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ سُلَیْمَانَ أَ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَی عِلْمِ آصَفَ بْنِ بَرْخِیَا ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الْأُخَرَ قَالَ اكْتُبْ یَا أَخِی بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فِی كِتَابِهِ قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فَهُوَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا وَ لَمْ یَعْجِزْ سُلَیْمَانُ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا عَرَفَهُ آصَفُ لَكِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ یُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ أَنَّهُ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ سُلَیْمَانَ أَوْدَعَهُ آصَفَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَفَهَّمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ لِئَلَّا یُخْتَلَفَ فِی إِمَامَتِهِ وَ دَلَالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فِی حَیَاةِ دَاوُدَ علیه السلام لِیَتَعَرَّفَ إِمَامَتَهُ وَ نُبُوَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ لِتَأْكِیدِ الْحُجَّةِ عَلَی الْخَلْقِ (3).
ص: 127
ف، تحف العقول سأل یحیی بن أكثم و ذكر نحوه (1).
«14»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ اللَّهَ خَصَّ بِسُورَةِ الْفَاتِحَةِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرَّفَهُ بِهَا وَ لَمْ یُشْرِكْ مَعَهُ فِیهَا أَحَداً مِنْ أَنْبِیَائِهِ مَا خَلَا سُلَیْمَانَ علیه السلام فَإِنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَ لَا تَرَاهُ یَحْكِی عَنْ بِلْقِیسَ حِینَ قَالَتْ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (2)
أقول: و قال الثعلبی فی تفسیره قالت العلماء بسیر الأنبیاء إن نبی اللّٰه سلیمان علیه السلام لما فرغ من بناء بیت المقدس عزم علی الخروج إلی أرض الحرم فتجهز للمسیر و استصحب من الجن و الإنس و الشیاطین و الطیر و الوحوش ما بلغ معسكره مائة فرسخ فأمر الریح الرخاء فحملتهم فلما وافی الحرم أقام به ما شاء اللّٰه أن یقیم فكان ینحر كل یوم طول مقامه بمكة خمسة آلاف بدنة و خمسة آلاف ثور و عشرین ألف شاة و قال لمن حضر من أشراف قومه إن هذا مكان یخرج منه نبی عربی صفته كذا و كذا یعطی النصر علی جمیع من ناواه (3)و یبلغ هیبته مسیرة شهر القریب و البعید عنده فی الحق سواء لا تأخذه فی اللّٰه لومة لائم قالوا فبأی دین یدین یا نبی اللّٰه قال بدین الحنیفیة فطوبی لمن أدركه و آمن به و صدقه قالوا فكم بیننا و بین خروجه یا نبی اللّٰه قال ذهاب ألف عام فلیبلغ الشاهد منكم الغائب فإنه سید الأنبیاء و خاتم الرسل و إن اسمه لمثبت فی زبر الأنبیاء قالوا فأقام بمكة حتی قضی نسكه ثم أحب أن یسیر إلی أرض الیمن فخرج من مكة صباحا و سار نحو الیمین یوم نجم سهیل فوافی صنعاء وقت الزوال و ذلك مسیرة شهر فرأی أرض حسنة تزهر خضرتها فأحب النزول بها لیصلی و یتغدی فطلبوا الماء فلم یجدوا و كان دلیله علی الماء الهدهد كان یری الماء من تحت الأرض فینقر الأرض فیعرف موضع الماء و بعده ثم تجی ء الشیاطین فیسلخونه كما یسلخ الإهاب (4)ثم یستخرجون الماء قالوا فلما نزل قال الهدهد إن سلیمان علیه السلام قد اشتغل
ص: 128
بالنزول فارتفع نحو السماء فانظر إلی عرض الدنیا و طولها ففعل ذلك و نظر یمینا و شمالا فرأی بستانا لبلقیس فمال إلی الخضرة فوقع فیه فإذا هو بهدهد فهبط علیه و كان اسم هدهد سلیمان یعفور و اسم هدهد الیمن عنقیر (1)فقال عنقیر لیعفور من أین أقبلت و أین ترید قال أقبلت من الشام مع صاحبی سلیمان بن داود قال و من سلیمان بن داود قال ملك الجن و الإنس و الطیر و الوحوش و الشیاطین و الریاح فمن أین أنت قال أنا من هذه البلاد قال و من ملكها قال امرأة یقال لها بلقیس و إن لصاحبكم سلیمان ملكا عظیما و لیس ملك بلقیس دونه فإنها ملكة الیمن كلها و تحت یدها اثنی عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل فهل أنت منطلق معی حتی تنظر إلی ملكها قال أخاف أن یتفقدنی سلیمان فی وقت الصلاة إذا احتاج إلی الماء قال الهدهد الیمانی إن صاحبك لیسره أن تأتیه بخبر هذه الملكة فانطلق معه و نظر إلی بلقیس و ملكها و ما رجع إلی سلیمان علیه السلام إلا وقت العصر فلما طلبه سلیمان علیه السلام فلم یجده دعا عریف (2)الطیور و هو النسر فسأله عنه فقال ما أدری أین هو و ما أرسلته مكانا ثم دعا بالعقاب فقال علی بالهدهد فارتفع فإذا هو بالهدهد مقبلا فانقض (3)نحوه فناشده الهدهد بحق اللّٰه الذی قواك و أغلبك علی إلا رحمتنی و لم تتعرض لی بسوء قال فولی عنه العقاب و قال له ویلك ثكلتك أمك إن نبی اللّٰه حلف أن یعذبك أو یذبحك ثم طارا متوجهین نحو سلیمان فلما انتهی إلی المعسكر تلقته النسر و الطیر فقالوا توعدك نبی اللّٰه فقال الهدهد أ و ما استثنی نبی اللّٰه فقالوا بلی أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ (4)فلما أتیا سلیمان و هو قاعد علی كرسیه قال العقاب قد أتیتك به یا نبی اللّٰه فلما قرب الهدهد منه رفع رأسه و أرخی ذنبه و جناحیه یجرهما علی الأرض تواضعا لسلیمان فأخذ برأسه فمده إلیه فقال أین كنت فقال یا نبی اللّٰه
ص: 129
اذكر وقوفك بین یدی اللّٰه تعالی فلما سمع ذلك سلیمان علیه السلام ارتعد و عفا عنه و ساق القصة إلی أن قال و قال مقاتل حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتی وقف علی رأس المرأة و حولها القادة و الجنود فرفرف ساعة و الناس ینظرون حتی رفعت رأسها فألقی الكتاب فی حجرها إلی آخر القصة (1).
الآیات؛
الأنبیاء: «وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ* فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً»(78-79)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: اختلف فی الحكم
فقیل إنه زرع وقعت فیه الغنم لیلا فأكلته و قیل كان كرما قد بدت عناقیده (2)عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
و قال الجبائی أوحی اللّٰه إلی سلیمان علیه السلام بما نسخ به حكم داود علیه السلام و لم یكن ذلك عن اجتهاد و هو المعول علیه عندنا (3).
«1»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاشَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ نَجِیحٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام أُوتِینَا مَا أُوتِیَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَوْا وَ عُلِّمْنَا مَا عُلِّمَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُعَلَّمُوا فَلَمْ نَجِدْ شَیْئاً أَفْضَلَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ الْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ (4).
ص: 130
«2»-فس، تفسیر القمی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ- فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی (1)عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ كَانَ لَهُ كَرْمٌ وَ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمٌ لِرَجُلٍ آخَرَ بِاللَّیْلِ وَ قَضَمَتْهُ (2)وَ أَفْسَدَتْهُ فَجَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام فَاسْتَعْدَی عَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام اذْهَبَا إِلَی سُلَیْمَانَ لِیَحْكُمَ بَیْنَكُمَا فَذَهَبَا إِلَیْهِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ أَكَلَتِ الْأَصْلَ وَ الْفَرْعَ فَعَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ یَدْفَعَ إِلَی صَاحِبِ الْكَرْمِ الْغَنَمَ وَ مَا فِی بَطْنِهَا وَ إِنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ بِالْفَرْعِ وَ لَمْ تَذْهَبْ بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ یَدْفَعُ وُلْدَهَا إِلَی صَاحِبِ الْكَرْمِ وَ كَانَ هَذَا حُكْمَ دَاوُدَ وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ یُعَرِّفَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَصِیُّهُ بَعْدَهُ وَ لَمْ یَخْتَلِفَا فِی الْحُكْمِ وَ لَوِ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا لَقَالَ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمَا شَاهِدِینَ (3).
بیان: نفشت الغنم أی رعت لیلا بلا راع.
«3»-سن، المحاسن بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قَالَ لَمْ یَحْكُمَا إِنَّمَا كَانَا یَتَنَاظَرَانِ فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ
یه، من لا یحضره الفقیه بسنده الصحیح عن جمیل عن زرارة مثله (4).
«4»-یه، من لا یحضره الفقیه بِسَنَدِهِ الصَّحِیحِ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قَالَ كَانَ حُكْمُ دَاوُدَ علیه السلام رِقَابَ الْغَنَمِ وَ الَّذِی فَهَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سُلَیْمَانَ أَنْ یَحْكُمَ لِصَاحِبِ الْحَرْثِ بِاللَّبَنِ وَ الصُّوفِ ذَلِكَ الْعَامَ كُلَّهُ (5).
«5»-یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْمُعَلَّی أَبِی عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ
ص: 131
فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ فَقَالَ لَا یَكُونُ النَّفَشُ إِلَّا بِاللَّیْلِ إِنَّ عَلَی صَاحِبِ الْحَرْثِ أَنْ یَحْفَظَ الْحَرْثَ بِالنَّهَارِ وَ لَیْسَ عَلَی صَاحِبِ الْمَاشِیَةِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ إِنَّمَا رَعْیُهَا وَ أَرْزَاقُهَا بِالنَّهَارِ فَمَا أَفْسَدَتْ فَلَیْسَ عَلَیْهَا (1)وَ عَلَی صَاحِبِ الْمَاشِیَةِ حِفْظُ الْمَاشِیَةِ بِاللَّیْلِ عَنْ حَرْثِ النَّاسِ فَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّیْلِ فَقَدْ ضَمِنُوا وَ هُوَ النَّفَشُ وَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام حَكَمَ لِلَّذِی أَصَابَ زَرْعَهُ رِقَابَ الْغَنَمِ وَ حَكَمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام الرِّسْلَ وَ الثَّلَّةَ وَ هُوَ اللَّبَنُ وَ الصُّوفُ فِی ذَلِكَ الْعَامِ (2).
«6»-یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قُلْتُ حِینَ حَكَمَا فِی الْحَرْثِ كَانَتْ قَضِیَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی النَّبِیِّینَ قَبْلَ دَاوُدَ إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ دَاوُدَ علیه السلام أَیُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِی الْحَرْثِ فَلِصَاحِبِ الْحَرْثِ رِقَابُ الْغَنَمِ وَ لَا یَكُونُ النَّفْشُ إِلَّا بِاللَّیْلِ وَ إِنَّ عَلَی صَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ یَحْفَظَ بِالنَّهَارِ وَ عَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ حِفْظُ الْغَنَمِ بِاللَّیْلِ فَحَكَمَ دَاوُدُ علیه السلام بِمَا حَكَمَتْ بِهِ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام مِنْ قَبْلِهِ وَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی سُلَیْمَانَ أَیُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِی الزَّرْعِ فَلَیْسَ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنْ بُطُونِهَا وَ كَذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بَعْدَ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً فَحَكَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (3).
«7»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَیْثَمِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْإِمَامَةَ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْهُودٌ لِرِجَالٍ مُسَمَّیْنَ لَیْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ یَزْوِیَهَا (4)عَنِ الَّذِی یَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ اتَّخِذْ وَصِیّاً مِنْ أَهْلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِی أَنْ لَا أَبْعَثَ نَبِیّاً إِلَّا وَ لَهُ وَصِیٌّ مِنْ أَهْلِهِ وَ كَانَ لِدَاوُدَ علیه السلام أَوْلَادٌ عِدَّةٌ وَ فِیهِمْ غُلَامٌ كَانَتْ أُمُّهُ عِنْدَ دَاوُدَ علیه السلام وَ كَانَ لَهَا مُحِبّاً فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَیْهَا حِینَ أَتَاهُ الْوَحْیُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیَّ یَأْمُرُنِی أَنْ
ص: 132
أَتَّخِذَ وَصِیّاً مِنْ أَهْلِی فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ فَلْیَكُنِ ابْنِی قَالَ ذَاكِ أُرِیدُ وَ كَانَ السَّابِقُ فِی عِلْمِ اللَّهِ الْمَحْتُومِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سُلَیْمَانُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ أَنْ لَا تَعْجَلْ دُونَ أَنْ یَأْتِیَكَ أَمْرِی فَلَمْ یَلْبَثْ دَاوُدُ علیه السلام أَنْ وَرَدَ عَلَیْهِ رَجُلَانِ یَخْتَصِمَانِ فِی الْغَنَمِ وَ الْكَرْمِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ اجْمَعْ وُلْدَكَ فَمَنْ قَضَی بِهَذِهِ الْقَضِیَّةِ فَأَصَابَ فَهُوَ وَصِیُّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَجَمَعَ دَاوُدُ علیه السلام وُلْدَهُ فَلَمَّا أَنِ اقْتَصَّ الْخَصْمَانِ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَا صَاحِبَ الْكَرْمِ مَتَی دَخَلَتْ غَنَمُ هَذَا الرَّجُلِ كَرْمَكَ قَالَ دَخَلَتْهُ لَیْلًا قَالَ قَدْ قَضَیْتُ عَلَیْكَ یَا صَاحِبَ الْغَنَمِ بِأَوْلَادِ غَنَمِكَ وَ أَصْوَافِهَا فِی عَامِكَ هَذَا ثُمَّ قَالَ لَهُ دَاوُدُ علیه السلام فَكَیْفَ لَمْ تَقْضِ بِرِقَابِ الْغَنَمِ وَ قَدْ قَوَّمَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكَانَ ثَمَنُ الْكَرْمِ قِیمَةَ الْغَنَمِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِنَّ الْكَرْمَ لَمْ یُجْتَثَّ (1)مِنْ أَصْلِهِ وَ إِنَّمَا أُكِلَ حِمْلُهُ وَ هُوَ عَائِدٌ فِی قَابِلٍ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ الْقَضَاءَ فِی هَذِهِ الْقَضِیَّةِ مَا قَضَی سُلَیْمَانُ بِهِ یَا دَاوُدُ أَرَدْتَ أَمْراً وَ أَرَدْنَا أَمْراً غَیْرَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَرَدْنَا أَمْراً وَ أَرَادَ اللَّهُ غَیْرَهُ (2)وَ لَمْ یَكُنْ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ رَضِینَا بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَلَّمْنَا وَ كَذَلِكَ الْأَوْصِیَاءُ علیهم السلام لَیْسَ لَهُمْ أَنْ یَتَعَدَّوْا بِهَذَا الْأَمْرِ فَیُجَاوِزُونَ صَاحِبَهُ إِلَی غَیْرِهِ (3).
بیان: اعلم أنه لما ثبت بالدلائل العقلیة (4)عدم جواز الاجتهاد و الرأی علی الأنبیاء علیهم السلام و أنهم لا یحكمون إلا بالوحی فلذا ذهب بعض أصحابنا و بعض المعتزلة إلی أنه تعالی أوحی إلی سلیمان علیه السلام ما نسخ حكم داود علیه السلام و كان حكم داود علیه السلام أیضا بالوحی و یرد علیه أن شریعة سلیمان لم تكن ناسخة فكیف نسخت ما ثبت فی شریعة موسی علیه السلام. و یمكن الجواب عنه بأنه لم یثبت امتناع نسخ بعض جزئیات الأحكام فی زمن
ص: 133
غیر أولی العزم من الرسل و أما النسخ الكلی و الإتیان بشریعة مبتدأة فهو مختص بأولی العزم منهم مع أنه یمكن أن یكون موسی علیه السلام أخبر بأن هذا الحكم ثابت إلی زمن سلیمان علیه السلام ثم یتغیر الحكم و الأصوب فی الجواب أن یقال إن الآیة لا تدل علی أن سلیمان علیه السلام حكم بخلاف ما حكم به داود علیه السلام بل یحتمل أن یكون المراد إذ یریدان أن یحكما فی الحرث كما دلت علیه روایة أبی بصیر فی التفسیر و روایة زرارة فهما كانا یتناظران فی ذلك منتظرین للوحی أو كان داود علیه السلام عالما بالحكم و كان یسأل سلیمان علیه السلام لیبین فضله علی الناس فأوحی اللّٰه ذلك إلی سلیمان علیه السلام و یؤیده أن فی خبر معاویة نسب الحكم برقاب الغنم إلی علماء بنی إسرائیل و السؤال الذی اشتمل علیه الخبر محمول علی ما ذكرنا من إرادة ظهور فضله علی بنی إسرائیل.
و أما خبر الحلبی فیمكن أن یكون محمولا علی التقیة و یحتمل أیضا أن یكون المراد بحكم داود الحكم الذی كان شائعا فی زمانه أو الحكم الذی كان یلقیه علی سلیمان لیختبره و یظهر عقله و علمه و كذا القول فی سائر الأخبار و اللّٰه یعلم.
«8»-یه، من لا یحضره الفقیه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ أُمُّ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّیْلِ فَإِنَّ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّیْلِ تَدَعُ الرَّجُلَ فَقِیراً یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
«9»-نبه، تنبیه الخاطر قَالَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ الْمِرَاءَ فَإِنَّهُ لَیْسَتْ فِیهِ مَنْفَعَةٌ وَ هُوَ یُهَیِّجُ بَیْنَ الْإِخْوَانِ الْعَدَاوَةَ (1).
ص: 134
الآیات؛
البقرة: «وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ»(102)
سبأ: «فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ»(14)
تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: وَ اتَّبَعُوا أی الیهود الذین كانوا علی عهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو علی عهد سلیمان علیه السلام أو الأعم أی اقتدوا بما كانت تَتْلُوا الشَّیاطِینُ أی تتبع و تعمل به و قیل تقرأ و قیل تكذب یقال تلا علیه إذا كذب و الشیاطین شیاطین الجن و قیل شیاطین الإنس عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ قیل أی فی ملك سلیمان علی وجهین أحدهما فی عهده و الثانی فی نفس ملك سلیمان كما یقال فلان یطعن فی ملك فلان و قیل معناه علی عهد ملك سلیمان وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ بین بهذا أن ما كانت تتلوه الشیاطین و ترویه كان كفرا إذ برئ سلیمان منه ثم بین أن ذلك الكفر كان من نوع السحر فإن الیهود أضافوا إلی سلیمان السحر و زعموا أن ملكه كان به فبرأه اللّٰه منه و قیل فی السبب الذی لأجله أضافت السحر (1)إلی سلیمان علیه السلام أن سلیمان علیه السلام كان قد جمع كتب السحرة و وضعها فی خزائنه و قیل كتمها تحت كرسیه لئلا یطلع الناس علیها و لا یعملوا بها فلما مات سلیمان علیه السلام استخرجت السحرة تلك الكتب و قالوا إنما تم ملك سلیمان علیه السلام بالسحر و به سخر الجن و الإنس و الطیر و زینوا السحر فی أعین الناس بالنسبة إلی سلیمان علیه السلام و شاع ذلك فی الیهود و قبلوه لعداوتهم لسلیمان علیه السلام وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا بما استخرجوه من السحر أو بما نسبوه إلی سلیمان علیه السلام أو بأنهم سحروا فعبر عن السحر بالكفر
ص: 135
یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ أی ألقوا السحر إلیهم فتعلموه أو دلوهم علی استخراجه من تحت الكرسی فتعلموه (1)ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ أی ما دل الجن علی موته إلا الأرضة حیث أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه میت (2)فَلَمَّا خَرَّ أی سقط میتا (3).
«1»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام (4)قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ وَهَبَ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی سَخَّرَ لِیَ الرِّیحَ وَ الْإِنْسَ وَ الْجِنَّ وَ الطَّیْرَ وَ الْوُحُوشَ وَ عَلَّمَنِی مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ آتَانِی مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَعَ جَمِیعِ مَا أُوتِیتُ مِنَ الْمُلْكِ مَا تَمَّ لِی سُرُورُ یَوْمٍ إِلَی اللَّیْلِ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَدْخُلَ قَصْرِی فِی غَدٍ فَأَصْعَدَ أَعْلَاهُ وَ أَنْظُرَ إِلَی مَمَالِكِی فَلَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ عَلَیَّ لِئَلَّا یَرِدَ عَلَیَّ مَا یُنَغِّصُ عَلَیَّ یَوْمِی قَالُوا نَعَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَ عَصَاهُ بِیَدِهِ وَ صَعِدَ إِلَی أَعْلَی مَوْضِعٍ مِنْ قَصْرِهِ وَ وَقَفَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ یَنْظُرُ إِلَی مَمَالِكِهِ مَسْرُوراً بِمَا أُوتِیَ فَرِحاً بِمَا أُعْطِیَ إِذْ نَظَرَ إِلَی شَابٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ وَ اللِّبَاسِ قَدْ خَرَجَ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ زَوَایَا قَصْرِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ سُلَیْمَانُ علیه السلام قَالَ لَهُ مَنْ أَدْخَلَكَ إِلَی هَذَا الْقَصْرِ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَخْلُوَ فِیهِ الْیَوْمَ فَبِإِذْنِ مَنْ دَخَلْتَ فَقَالَ الشَّابُّ أَدْخَلَنِی هَذَا الْقَصْرَ رَبُّهُ وَ بِإِذْنِهِ دَخَلْتُ فَقَالَ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ وَ فِیمَا جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ قَالَ امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ (5)فَهَذَا یَوْمُ سُرُورِی وَ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ لِی سُرُورٌ دُونَ لِقَائِهِ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فَبَقِیَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ وَ هُوَ مَیِّتٌ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ هُمْ یُقَدِّرُونَ أَنَّهُ حَیٌّ فَافْتَتَنُوا فِیهِ وَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام قَدْ بَقِیَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ هَذِهِ الْأَیَّامَ الْكَثِیرَةَ وَ لَمْ یَتْعَبْ وَ لَمْ
ص: 136
یَنَمْ وَ لَمْ یَأْكُلْ وَ لَمْ یَشْرَبْ إِنَّهُ لَرَبُّنَا الَّذِی یَجِبُ عَلَیْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ وَ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام سَاحِرٌ وَ إِنَّهُ یُرِینَا أَنَّهُ وَاقِفٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ یَسْحَرُ أَعْیُنَنَا وَ لَیْسَ كَذَلِكَ فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّ سُلَیْمَانَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ یُدَبِّرُ اللَّهُ أَمْرَهُ بِمَا شَاءَ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرَضَةَ فَدَبَّتْ فِی عَصَاهُ فَلَمَّا أَكَلَتْ جَوْفَهَا انْكَسَرَتِ الْعَصَا وَ خَرَّ سُلَیْمَانُ علیه السلام مِنْ قَصْرِهِ عَلَی وَجْهِهِ فَشَكَرَتِ الْجِنُّ لِلْأَرَضَةِ صَنِیعَهَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا تُوجَدُ الْأَرَضَةُ فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ یَعْنِی عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هَكَذَا وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ (1).
بیان: نسب صاحب الكشاف هذه القراءة إلی ابن مسعود (2)و علی القراءة المشهورة قیل معناه علمت الجن بعد ما التبس علیهم أنهم لا یعلمون الغیب و قیل معناه علمت عامة الجن و ضعفاؤهم أن رؤساءهم لا یعلمون الغیب و قیل المعنی ظهرت الجن و أن بما فی حیزه بدل منه (3)أی ظهر أن الجن لو كانوا یعلمون الغیب ما لبثوا فی العذاب.
«2»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَمَرَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام الْجِنَّ فَصَنَعُوا لَهُ قُبَّةً مِنْ قَوَارِیرَ (4)فَبَیْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ یَنْظُرُ إِلَی الْجِنِّ كَیْفَ یَعْمَلُونَ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ إِذْ حَانَتْ (5)مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ قَالَ مَنْ أَنْتَ (6)قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرِّشَاءَ وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ وَ الْجِنُ
ص: 137
یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ قَالَ فَمَكَثُوا سَنَةً وَ هُمْ یَدْأَبُونَ (1)لَهُ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ هِیَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْجِنَّ یَشْكُرُونَ الْأَرَضَةَ مَا صَنَعَتْ بِعَصا سُلَیْمَانَ فَمَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ (2).
«3»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ هِیَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَیْمَانَ قَالَ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا (3)مَاءٌ وَ طِینٌ فَلَمَّا هَلَكَ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَضَعَ إِبْلِیسُ السِّحْرَ وَ كُتُبَهُ فِی كِتَابٍ ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَی ظَهْرِهِ هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا لِلْمَلِكِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ الْعِلْمِ مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْیَفْعَلْ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِیرِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُ (4)لَهُمْ فَقَرَءُوهُ فَقَالَ الْكَافِرُونَ مَا كَانَ سُلَیْمَانُ یَغْلِبُنَا إِلَّا بِهَذَا وَ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (5)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَلَكَ سُلَیْمَانُ إلی آخر الخبر (6).
ص: 138
«4»-فس، تفسیر القمی فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ قَالَ لَمَّا أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام إِنَّكَ مَیِّتٌ أَمَرَ الشَّیَاطِینَ أَنْ یَتَّخِذُوا لَهُ بَیْتاً مِنْ قَوَارِیرَ وَ وَضَعُوهُ فِی لُجَّةِ الْبَحْرِ وَ دَخَلَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَاتَّكَأَ عَلَی عَصَاهُ وَ كَانَ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ الشَّیَاطِینُ حَوْلَهُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ لَا یَجْسُرُونَ أَنْ یَبْرَحُوا فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ حَانَتْ (1)مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ فَفَزِعَ مِنْهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرِّشَاءَ وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ سَنَةً وَ الْجِنُّ یَعْمَلُونَ لَهُ وَ لَا یَعْلَمُونَ بِمَوْتِهِ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ عَلَی وَجْهِهِ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ (2)كَذَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَ كَانُوا یَقُولُونَ إِنَّ الْجِنَّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ فَلَمَّا سَقَطَ سُلَیْمَانُ علیه السلام عَلَی وَجْهِهِ عَلِمَ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ عَلِمَ الْجِنُّ الْغَیْبَ لَمْ یَعْمَلُوا سَنَةً لِسُلَیْمَانَ علیه السلام وَ هُوَ مَیِّتٌ وَ یَتَوَهَّمُونَهُ حَیّاً قَالَ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَیْمَانَ علیه السلام (3)وَ ذَكَرَ نَحْوَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ مَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ نَبِیِّهِ وَ فِی بَعْضِهَا إِنَّمَا هُوَ.
«5»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ وَ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْجِنَّ شَكَرُوا الْأَرَضَةَ مَا صَنَعْتَ بِعَصَا سُلَیْمَانَ علیه السلام فَمَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ (4).
«6»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَقَدْ شَكَرَتِ الشَّیَاطِینُ الْأَرَضَةَ حِینَ أَكَلَتْ عَصَا سُلَیْمَانَ حَتَّی سَقَطَ وَ قَالُوا عَلَیْكِ الْخَرَابُ وَ عَلَیْنَا الْمَاءُ وَ الطِّینُ
ص: 139
فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَوْضِعٍ إِلَّا رَأَیْتَ مَاءً وَ طِیناً (1).
«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ صَبِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام أَنَّ آیَةَ مَوْتِكَ أَنَّ شَجَرَةً تَخْرُجُ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (2)یُقَالُ لَهَا الْخُرْنُوبَةُ قَالَ فَنَظَرَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَوْماً إِلَی شَجَرَةٍ قَدْ طَلَعَتْ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (3)فَقَالَ لَهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام مَا اسْمُكِ قَالَتِ الْخُرْنُوبَةُ فَوَلَّی مُدْبِراً إِلَی مِحْرَابِهِ حَتَّی قَامَ فِیهِ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ فَقَبَضَهُ اللَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ (4)فَجَعَلَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ یَخْدُمُونَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی أَمْرِهِ كَمَا كَانُوا مِنْ قَبْلُ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ حَیٌّ حَتَّی دَبَّتِ الْأَرَضَةُ فِی عَصَاهُ (5)فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ فَانْكَسَرَتْ وَ وَقَعَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِلَی الْأَرْضِ (6).
كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ أَ فَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ الْآیَةَ (7)
«8»- ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَاشَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً (8).
ص: 140
«9»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام اسْتَخْلِفْ عَلَیْنَا ابْنَكَ (1)فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ لَا یَصْلُحُ لِذَلِكَ فَأَلَحُّوا عَلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی سَائِلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَإِنْ أَحْسَنَ الْجَوَابَ فِیهَا اسْتَخْلَفْتُهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَا طَعْمُ الْمَاءِ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ وَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ وَ أَیْنَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ مِنَ الْبَدَنِ وَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ الْقَسَاوَةُ وَ الرِّقَّةُ وَ مِمَّ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ وَ مِمَّ تَكَسُّبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ (2)فَلَمْ یُجِبْهُ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام طَعْمُ الْمَاءِ الْحَیَاةُ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ (3)وَ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ مِنْ شَحْمِ الْكُلْیَتَیْنِ وَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ أَ لَا تَرَی أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ قَلِیلَ الْعَقْلِ قِیلَ لَهُ مَا أَخَفَّ دِمَاغَهُ وَ الْقَسْوَةُ وَ الرِّقَّةُ مِنَ الْقَلْبِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَوَیْلٌ لِلْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ مِنَ الْقَدَمَیْنِ إِذَا أُتْعِبَا فِی الْمَشْیِ (4)یَتْعَبُ الْبَدَنُ وَ إِذَا أُودِعَا أُودِعَ الْبَدَنُ (5)وَ كَسْبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ مِنَ الْیَدَیْنِ إِذَا عُمِلَ بِهِمَا رَدَّتَا عَلَی الْبَدَنِ وَ إِذَا لَمْ یُعْمَلْ بِهِمَا لَمْ تَرُدَّا عَلَی الْبَدَنِ شَیْئاً (6).
تذنیب: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قیل إن سلیمان علیه السلام كان یعتكف فی مسجد بیت المقدس السنة و السنتین و الشهر و الشهرین و أقل و أكثر یدخل فیه طعامه و شرابه و یتعبد فیه فلما كان فی المرة التی مات فیها لم یكن یصبح یوما إلا و تنبت شجرة كان یسألها سلیمان علیه السلام فتخبره عن اسمها و نفعها و ضرها فرأی یوما نبتا فقال ما اسمك قال الخرنوب قال لأی شی ء أنت قال للخراب فعلم أنه سیموت فقال اللّٰهم أعم علی الجن موتی لیعلم الإنس أنهم لا یعلمون الغیب و كان قد بقی من بنائه سنة و قال لأهله لا تخبروا الجن بموتی حتی یفرغوا من بنائه و دخل محرابه و قام متكئا علی
ص: 141
عصاه فمات و بقی قائما سنة و تم البناء ثم سلط اللّٰه علی منسأته الأرضة حتی أكلتها فخر میتا فعرف الجن موته و كانوا یحسبونه حیا لما كانوا یشاهدون من طول قیامه قبل ذلك.
و قیل إن فی إماتته قائما و بقائه كذلك أغراضا منها إتمام البناء و منها أن یعلم الإنس أن الجن لا یعلم الغیب و أنهم فی ادعاء ذلك كاذبون و منها أن یعلم أن من حضر أجله فلا یتأخر إذ لم یتأخر سلیمان علیه السلام مع جلالته و روی أنه أطلعه اللّٰه سبحانه علی حضور وفاته فاغتسل و تحنط و تكفن و الجن فی عملهم
وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ آصَفُ یُدَبِّرُ أَمْرَهُ حَتَّی دَبَّتِ الْأَرَضَةُ.
قال و ذكر أهل التأریخ أن عمر سلیمان علیه السلام كان ثلاثا و خمسین (1)سنة مدة ملكه منها أربعون سنة و ملك و هو ابن ثلاث عشرة سنة و ابتدأ فی بناء بیت المقدس بعد أربع سنین مضین من ملكه و قال رحمه اللّٰه و أما الوجه فی عمل الجن تلك الأعمال العظیمة فهو أن اللّٰه تعالی زاد فی أجسامهم و قوتهم و غیر خلقهم عن خلق الجن الذین لا یرون للطافتهم و رقة أجسامهم علی سبیل الإعجاز الدال علی نبوة سلیمان علیه السلام فكانوا بمنزلة الأسراء فی یده و كانوا تتهیأ لهم الأعمال التی كان یكلفها إیاهم ثم لما مات علیه السلام جعل اللّٰه خلقهم علی ما كانوا علیه فلا یتهیأ لهم فی هذا الزمان شی ء من ذلك انتهی. (2)
أقول: لا استبعاد فی أن یكونوا مخلوقین خلقة یمكنهم التصور بصورة مرئیة و لا استحالة فی أن یجعلهم اللّٰه مع لطافة أجسامهم قادرین علی الأعمال الصعبة كالملك و سیأتی القول فیهم فی كتاب السماء و العالم و قد مضی فی الباب الأول نقلا عن الإحتجاج لذلك وجه.
ص: 142
الآیات؛
سبأ: «لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ* وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها قُریً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُوا فِیها لَیالِیَ وَ أَیَّاماً آمِنِینَ* فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ»(15-19)
«1»-فس، تفسیر القمی لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ قَالَ فَإِنَّ بَحْراً كَانَ مِنَ الْیَمَنِ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ أَمَرَ جُنُودَهُ أَنْ یُجْرُوا لَهُمْ (1)خَلِیجاً مِنَ الْبَحْرِ الْعَذْبِ إِلَی بِلَادِ الْهِنْدِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ عَقَدُوا لَهُ عُقْدَةً عَظِیمَةً مِنَ الصَّخْرِ وَ الْكِلْسِ (2)حَتَّی یُفِیضَ عَلَی بِلَادِهِمْ وَ جَعَلُوا لِلْخَلِیجِ مَجَارِیَ وَ كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ یُرْسِلُوا مِنْهُ الْمَاءَ أَرْسَلُوهُ بِقَدْرِ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّتَانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمَالٍ عَنْ مَسِیرَةِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فِیمَنْ یَمُرُّ (3)لَا تَقَعُ عَلَیْهِ الشَّمْسُ مِنِ الْتِفَافِهَا فَلَمَّا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ نَهَاهُمُ الصَّالِحُونَ فَلَمْ یَنْتَهُوا بَعَثَ اللَّهُ عَلَی ذَلِكَ السَّدِّ الْجُرَذَ وَ هِیَ الْفَأْرَةُ الْكَبِیرَةُ فَكَانَتْ تَقْلَعُ الصَّخْرَةَ الَّتِی لَا یَسْتَقِلُّهَا الرَّجُلُ (4)وَ تَرْمِی بِهَا فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ هَرَبُوا وَ تَرَكُوا الْبِلَادَ فَمَا زَالَ الْجُرَذُ تَقْلَعُ الْحَجَرَ حَتَّی خَرَّبُوا ذَلِكَ السَّدَّ فَلَمْ یَشْعُرُوا حَتَّی غَشِیَهُمُ السَّیْلُ وَ خَرَّبَ بِلَادَهُمْ
ص: 143
وَ قَلَعَ أَشْجَارَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ إِلَی قَوْلِهِ سَیْلَ الْعَرِمِ أَیِ الْعَظِیمِ الشَّدِیدِ وَ بَدَّلْناهُمْ (1)بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ هُوَ أُمُّ غَیْلَانَ وَ أَثْلٍ قَالَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطَّرْفَاءِ (2)وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا إِلَی قَوْلِهِ بارَكْنا فِیها قَالَ مَكَّةُ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ إِلَی قَوْلِهِ شَكُورٍ (3)
«2»-سن، المحاسن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ (4)عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنِّی لَأَلْعَقُ (5)أَصَابِعِی مِنَ المأدم (الْأُدْمِ) حَتَّی أَخَافُ أَنْ یَرَی خَادِمِی أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جَشَعٍ وَ لَیْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِنَّ قَوْماً أُفْرِغَتْ عَلَیْهِمُ النِّعْمَةُ وَ هُمْ أَهْلُ الثَّرْثَارِ فَعَمَدُوا إِلَی مُخِّ الْحِنْطَةِ فَجَعَلُوهُ خُبْزاً هَجَاءً فَجَعَلُوا یُنَجُّونَ بِهِ صِبْیَانَهُمْ حَتَّی اجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ قَالَ فَمَرَّ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَی امْرَأَةٍ وَ هِیَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِصَبِیٍّ لَهَا فَقَالَ وَیْحَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ لَا تُغَیِّرُوا مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ (6)فَقَالَتْ كَأَنَّكَ تُخَوِّفُنَا بِالْجُوعِ أَمَّا مَا دَامَ ثَرْثَارُنَا یَجْرِی فَإِنَّا لَا نَخَافُ الْجُوعَ قَالَ فَأَسِفَ اللَّهُ (7)عَزَّ وَ جَلَّ وَ ضَعَّفَ لَهُمُ الثَّرْثَارَ وَ حَبَسَ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ نَبْتَ الْأَرْضِ قَالَ فَاحْتَاجُوا إِلَی مَا فِی أَیْدِیهِمْ فَأَكَلُوهُ ثُمَّ احْتَاجُوا إِلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ فَإِنْ كَانَ لَیُقَسَّمُ بَیْنَهُمْ بِالْمِیزَانِ (8).
أقول: قد أوردنا أخبارا كثیرة فی ذلك فی باب آداب الاستنجاء.
«3»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام (9)عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا
ص: 144
وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ قُرًی مُتَّصِلَةٌ یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ أَنْهَارٌ جَارِیَةٌ وَ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ فَكَفَرُوا بِأَنْعُمِ اللَّهِ (1)وَ غَیَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ وَ أَخْرَبَ دِیَارَهُمْ وَ ذَهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَبْدَلَهُمْ مَكَانَ جَنَّاتِهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ (2).
كا، الكافی علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن محبوب مثله (3)
ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد عن الصدوق عن ابن المتوكل عن الحمیری عن ابن عیسی عن ابن محبوب مثله (4)
قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ المراد بسبإ هاهنا القبیلة الذین هم أولاد سبإ بن یشجب بن یعرب بن قحطان فِی مَسْكَنِهِمْ (5)أی فی بلدهم آیَةٌ أی حجة علی وحدانیة اللّٰه عز اسمه و كمال قدرته و علامة علی سبوغ نعمه ثم فسر سبحانه الآیة فقال جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ أی بستانان عن یمین من أتاهما و شماله و قیل عن یمین البلد و شماله و قیل إنه لم یرد جنتین اثنتین و المراد كانت دیارهم علی وتیرة واحدة إذ كانت البساتین عن یمینهم و شمالهم متصلة بعضها ببعض و كان من كثرة النعم أن المرأة كانت تمشی و المكتل (6)علی رأسها فیمتلئ بالفواكه من غیر أن تمس بیدها شیئا و قیل الآیة المذكورة هی أنه لم یكن فی قریتهم بعوضة و لا ذباب و لا برغوث و لا عقرب و لا حیة و كان الغریب إذا دخل بلادهم و فی ثیابه قمل و دواب ماتت عن ابن زید
ص: 145
و قیل إن المراد بالآیة خروج الأزهار و الثمار من الأشجار علی اختلاف ألوانها و طعومها و قیل إنها كانت ثلاث عشرة قریة فی كل قریة نبی یدعوهم إلی اللّٰه سبحانه یقولون لهم كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ أی كلوا مما رزقكم اللّٰه فی هذه الجنان و اشكروا له یزدكم من نعمه و استغفروه یغفر لكم بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ أی هذه بلدة مخصبة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات و لیست بسبخة و لیس فیها شی ء من الهوام الموذیة و قیل أراد به صحة هوائها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنه لیس فیها حر یؤذی فی القیظ و لا برد یؤذی فی الشتاء وَ رَبٌّ غَفُورٌ أی كثیر المغفرة للذنوب فَأَعْرَضُوا عن الحق و لم یشكروا اللّٰه سبحانه و لم یقبلوا ممن دعاهم إلی اللّٰه من أنبیائه فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ و ذلك أن الماء كان یأتی أرض سبإ من أودیة الیمن و كان هناك جبلان یجتمع ماء المطر و السیول بینهما فسدوا ما بین الجبلین فإذا احتاجوا إلی الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوا یسقون زروعهم و بساتینهم فلما كذبوا رسلهم و تركوا أمر اللّٰه بعث اللّٰه جرذا نقب ذلك الردم و فاض الماء علیهم فأغرقهم عن وهب. (1)و قال البیضاوی سَیْلَ الْعَرِمِ أی سیل الأمر العرم أی الصعب من عرم الرجل فهو عارم و عرم إذا شرس خلقه و صعب أو المطر الشدید أو الجرذ أضاف إلیه السیل لأنه نقب علیهم سكرا (2)ضربت لهم بلقیس فحقنت (3)به ماء الشجر و تركت فیه نقبا علی مقدار ما یحتاجون إلیه أو المسناة (4)التی عقدت سكرا علی أنه جمع عرمة و هی الحجارة المركومة و قیل اسم واد جاء السیل من قبله و كان ذلك بین عیسی علیه السلام و محمد صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ مر بشع (5)فإن الخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة و قیل الأراك أو كل شجر لا شوك له وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ
ص: 146
مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ و الأثل هو الطرفاء و لا ثمر له و وصف السدر بالقلة فإن جناه و هو النبق مما یطیب أكله و لذلك یغرس فی البساتین ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا بكفرانهم النعمة أو بكفرهم بالرسل إذ روی أنه بعث إلیهم ثلاثة عشر نبیا فكذبوهم وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ و هل نجازی بمثل ما فعلنا بهم إلا البلیغ فی الكفران أو الكفر وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها بالتوسعة علی أهلها و هی قری الشام قُریً ظاهِرَةً متواصلة یظهر بعضها لبعض أو راكبة متن الطریق ظاهرة لأبناء السبیل وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ بحیث یقیل الغادی فی قریة و یبیت الرائح فی قریة إلی أن یبلغ الشام سِیرُوا فِیها علی إرادة القول بلسان الحال أو المقال لَیالِیَ وَ أَیَّاماً متی شئتم من لیل أو نهار آمِنِینَ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا أشروا النعمة و ملوا العافیة كبنی إسرائیل فسألوا اللّٰه أن یجعل بینهم و بین الشام مفاوز لیتطاولوا فیها علی الفقراء بركوب الرواحل و تزود الأزواد فأجابهم اللّٰه بتخریب القری المتوسطة وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حیث بطروا النعمة و لم یعتدوا بها فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ یتحدث الناس بهم تعجبا و ضرب مثل فیقولون تفرقوا أیدی سبإ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ففرقناهم غایة التفریق حتی لحق غسان منهم بالشام و أنمار بیثرب و جذام بتهامة و الأزد بعمان. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه روی الكلبی عن أبی صالح قال ألقت طریفة الكاهنة إلی عمرو بن عامر الذی یقال له مزیقیا بن ماء السماء و كانت قد رأت فی كهانتها أن سد مأرب سیخرب و أنه سیأتی سیل العرم فیخرب الجنتین فباع عمرو بن عامر أمواله و سار هو و قومه حتی انتهوا إلی مكة فأقاموا بها و ما حولها فأصابتهم الحمی و كانوا ببلد لا یدرون فیه ما الحمی فدعوا طریفة و شكوا إلیها الذی أصابهم فقالت لهم قد أصابنی الذی تشتكون و هو مفرق بیننا قالوا فما ذا تأمرین قالت من كان منكم ذا هم بعید و جمل شدید و مزاد جدید فلیلحق بقصر عمان المشید فكانت أزد عمان ثم قالت من كان منكم ذا جلد و قسر و صبر علی أزمات الدهر (2)فعلیه بالأراك من بطن مر فكانت خزاعة ثم قالت
ص: 147
من كان منكم یرید الراسیات فی الوحل المطعمات فی المحل (1)فلیلحق بیثرب ذات النخل فكانت الأوس و الخزرج ثم قالت من كان منكم یرید الخمر و الخمیر و الملك و التأمیر و ملابس التاج و الحریر فلیلحق ببصری و عویر و هما من أرض الشام و كان الذین سكنوها آل جفنة بن غسان ثم قالت من كان منكم یرید الثیاب الرقاق و الخیل العتاق و كنوز الأرزاق و الدم المهراق فلیلحق بأرض العراق و كان الذین سكنوها آل جزیمة الأبرش و من كان بالحیرة و آل محرق (2).
الآیات؛
الحج: «فَكَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِیَ ظالِمَةٌ فَهِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِیدٍ»(45)
الفرقان: «وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ»(38)
ق: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِ»(12)
«1»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ تَمِیمٍ یُقَالُ لَهُ عَمْرٌو فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَصْحَابِ الرَّسِّ فِی أَیِّ عَصْرٍ كَانُوا وَ أَیْنَ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَ مَنْ كَانَ مَلِكَهُمْ وَ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ رَسُولًا أَمْ لَا وَ بِمَا ذَا أُهْلِكُوا فَإِنِّی أَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَهُمْ وَ لَا أَجِدُ خَبَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ حَدِیثٍ مَا سَأَلَنِی عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَ لَا یُحَدِّثُكَ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِی إِلَّا عَنِّی وَ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آیَةٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْرِفُ تَفْسِیرَهَا (3)وَ فِی أَیِّ مَكَانٍ نَزَلَتْ مِنْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ وَ فِی أَیِّ وَقْتٍ نَزَلَتْ مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً
ص: 148
جَمّاً وَ أَشَارَ إِلَی صَدْرِهِ وَ لَكِنَّ طُلَّابَهُ یَسِیرٌ وَ عَنْ قَلِیلٍ یَنْدَمُونَ لَوْ فَقَدُونِی قَالَ كَانَ مِنْ قِصَّتِهِمْ یَا أَخَا تَمِیمٍ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً یَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ یَافِثُ بْنُ نُوحٍ غَرَسَهَا عَلَی شَفِیرِ عَیْنٍ یُقَالُ لَهَا رُوشَابُ (1)كَانَتْ أُنْبِطَتْ (2)لِنُوحٍ علیه السلام بَعْدَ الطُّوفَانِ وَ إِنَّمَا سُمُّوا أَصْحَابَ الرَّسِّ لِأَنَّهُمْ رَسُّوا نَبِیَّهُمْ فِی الْأَرْضِ (3)وَ ذَلِكَ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام (4)وَ كَانَتْ لَهُمْ اثْنَتَا عَشْرَةَ قَرْیَةً عَلَی شَاطِئِ نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ بِهِمْ سُمِّیَ ذَلِكَ النَّهَرُ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ نَهَرٌ أَغْزَرُ مِنْهُ وَ لَا أَعْذَبُ مِنْهُ وَ لَا قُرًی أَكْثَرُ (5)وَ لَا أَعْمَرُ مِنْهَا تُسَمَّی إِحْدَاهُنَّ أَبَانَ وَ الثَّانِیَةُ آذَرَ وَ الثَّالِثَةُ دَیْ وَ الرَّابِعَةُ بَهْمَنَ وَ الْخَامِسَةُ إِسْفَنْدَارَ وَ السَّادِسَةُ فَرْوَرْدِینَ (6)وَ السَّابِعَةُ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ الثَّامِنَةُ خُرْدَادَ (7)وَ التَّاسِعَةُ مُرْدَادَ وَ الْعَاشِرَةُ تِیرَ وَ الْحَادِیَ عَشْرَةَ مِهْرَ وَ الثَّانِیَ عَشْرَةَ شَهْرِیوَرْدَ (8)وَ كَانَتْ أَعْظَمَ مَدَائِنِهِمْ إِسْفَنْدَارُ وَ هِیَ الَّتِی یَنْزِلُهَا مَلِكُهُمْ وَ كَانَ یُسَمَّی تركوذ بْنَ غابور بْنِ یارش بْنِ سازن (9)بْنِ نُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ فِرْعَوْنَ إِبْرَاهِیمَ وَ بِهَا الْعَیْنُ وَ الصَّنَوْبَرَةُ (10)وَ قَدْ غَرَسُوا فِی كُلِّ قَرْیَةٍ مِنْهَا حَبَّةً مِنْ طَلْعِ تِلْكَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ أَجْرَوْا إِلَیْهَا نَهَراً مِنَ الْعَیْنِ الَّتِی عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ فَنَبَتَتِ الْحَبَّةُ وَ صَارَتْ شَجَرَةً عَظِیمَةً وَ حَرَّمُوا مَاءَ الْعَیْنِ وَ الْأَنْهَارِ فَلَا یَشْرَبُونَ مِنْهَا وَ لَا أَنْعَامُهُمْ وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَتَلُوهُ وَ یَقُولُونَ هُوَ حَیَاةُ آلِهَتِنَا فَلَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ حَیَاتِهَا وَ یَشْرَبُونَ هُمْ وَ أَنْعَامُهُمْ مِنْ نَهَرِ الرَّسِّ الَّذِی عَلَیْهِ
ص: 149
قُرَاهُمْ وَ قَدْ جَعَلُوا فِی كُلِّ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ فِی كُلِّ قَرْیَةٍ عِیداً یَجْتَمِعُ إِلَیْهِ أَهْلُهَا فَیَضْرِبُونَ عَلَی الشَّجَرَةِ الَّتِی بِهَا كِلَّهً (1)مِنْ حَرِیرٍ فِیهَا مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ ثُمَّ یَأْتُونَ بِشَاءٍ (2)وَ بَقَرٍ فَیَذْبَحُونَهَا قُرْبَاناً لِلشَّجَرَةِ وَ یُشْعِلُونَ فِیهَا النِّیرَانَ بِالْحَطَبِ فَإِذَا سَطَحَ دُخَانُ تِلْكَ الذَّبَائِحِ وَ قُتَارُهَا (3)فِی الْهَوَاءِ وَ حَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ النَّظَرِ إِلَی السَّمَاءِ خَرُّوا لِلشَّجَرَةِ سُجَّداً یَبْكُونَ وَ یَتَضَرَّعُونَ إِلَیْهَا أَنْ تَرْضَی عَنْهُمْ فَكَانَ الشَّیْطَانُ یَجِی ءُ فَیُحَرِّكُ أَغْصَانَهَا وَ یَصِیحُ مِنْ سَاقِهَا صِیَاحَ الصَّبِیِّ إِنِّی قَدْ رَضِیتُ عَنْكُمْ عِبَادِی فَطِیبُوا نَفْساً وَ قَرُّوا عَیْناً فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَ یَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَ یَضْرِبُونَ بِالْمَعَازِفِ (4)وَ یَأْخُذُونَ الدَّسْتْبَنْدَ فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ یَوْمَهُمْ وَ لَیْلَتَهُمْ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ وَ إِنَّمَا سَمَّتِ الْعَجَمُ شُهُورَهَا بِأَبَانْ مَاهَ وَ آذَرْ مَاهَ وَ غَیْرِهِمَا اشْتِقَاقاً مِنْ أَسْمَاءِ تِلْكَ الْقُرَی لِقَوْلِ أَهْلِهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا عِیدُ شَهْرِ كَذَا وَ عِیدُ شَهْرِ كَذَا حَتَّی إِذَا كَانَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی (5)اجْتَمَعَ إِلَیْهَا صَغِیرُهُمْ وَ كَبِیرُهُمْ فَضَرَبُوا عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ الْعَیْنِ سُرَادِقاً مِنْ دِیبَاجٍ عَلَیْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ وَ جَعَلُوا لَهُ اثْنَیْ عَشَرَ بَاباً كُلُّ بَابٍ لِأَهْلِ قَرْیَةٍ مِنْهُمْ وَ یَسْجُدُونَ لِلصَّنَوْبَرَةِ خَارِجاً مِنَ السُّرَادِقِ وَ یُقَرِّبُونَ لَهَا الذَّبَائِحَ أَضْعَافَ مَا قَرَّبُوا لِلشَّجَرَةِ الَّتِی فِی قُرَاهُمْ فَیَجِی ءُ إِبْلِیسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَیُحَرِّكُ الصَّنَوْبَرَةَ تَحْرِیكاً شَدِیداً وَ یَتَكَلَّمُ مِنْ جَوْفِهَا كَلَاماً جَهْوَرِیّاً وَ یَعِدُهُمْ وَ یُمَنِّیهِمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَعَدَتْهُمْ وَ مَنَّتْهُمُ الشَّیَاطِینُ كُلُّهَا فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ مِنَ السُّجُودِ وَ بِهِمْ مِنَ الْفَرَحِ وَ النَّشَاطِ مَا لَا یُفِیقُونَ وَ لَا یَتَكَلَّمُونَ مِنَ الشُّرْبِ وَ الْعَزْفِ (6)فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ اثْنَیْ عَشَرَ یَوْماً وَ لَیَالِیَهَا بِعَدَدِ أَعْیَادِهِمْ سَائِرَ السَّنَةِ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ فَلَمَّا طَالَ
ص: 150
كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِبَادَتُهُمْ غَیْرَهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ وُلْدِ یَهُودَا بْنِ یَعْقُوبَ فَلَبِثَ فِیهِمْ زَمَاناً طَوِیلًا یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ رُبُوبِیَّتِهِ (1)فَلَا یَتَّبِعُونَهُ فَلَمَّا رَأَی شِدَّةَ تَمَادِیهِمْ فِی الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ وَ تَرْكَهُمْ قَبُولَ مَا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الرُّشْدِ وَ النَّجَاحِ وَ حَضَرَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ عِبَادَكَ أَبَوْا إِلَّا تَكْذِیبِی وَ الْكُفْرَ بِكَ (2)وَ غَدَوْا یَعْبُدُونَ شَجَرَةً لَا تَنْفَعُ وَ لَا تَضُرُّ فَأَیْبِسْ شَجَرَهُمْ أَجْمَعَ وَ أَرِهِمْ قُدْرَتَكَ وَ سُلْطَانَكَ فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَ قَدْ یَبِسَ شَجَرُهُمْ كُلُّهَا فَهَالَهُمْ ذَلِكَ وَ قُطِعَ بِهِمْ وَ صَارُوا فِرْقَتَیْنِ فِرْقَةٌ قَالَتْ سَحَرَ آلِهَتَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِی زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ إِلَیْكُمْ لِیَصْرِفَ وُجُوهَكُمْ عَنْ آلِهَتِكُمْ إِلَی إِلَهِهِ وَ فِرْقَةٌ قَالَتْ لَا بَلْ غَضِبَتْ آلِهَتُكُمْ حِینَ رَأَتْ هَذَا الرَّجُلَ یَعِیبُهَا وَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَدْعُوكُمْ إِلَی عِبَادَةِ غَیْرِهَا فَحَجَبَتْ حُسْنَهَا وَ بَهَاءَهَا لِكَیْ تَغْضَبُوا لَهَا فَتَنْتَصِرُوا مِنْهُ فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی قَتْلِهِ فَاتَّخَذُوا أَنَابِیبَ (3)طِوَالًا مِنْ رَصَاصٍ وَاسِعَةَ الْأَفْوَاهِ ثُمَّ أَرْسَلُوهَا فِی قَرَارِ الْعَیْنِ (4)إِلَی أَعْلَی الْمَاءِ وَاحِدَةً فَوْقَ الْأُخْرَی مِثْلَ الْبَرَابِخِ وَ نَزَحُوا مَا فِیهَا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ حَفَرُوا فِی قَرَارِهَا بِئْراً ضَیِّقَةَ الْمَدْخَلِ عَمِیقَةً وَ أَرْسَلُوا فِیهَا نَبِیَّهُمْ (5)وَ أَلْقَمُوا فَاهَا صَخْرَةً عَظِیمَةً ثُمَّ أَخْرَجُوا الْأَنَابِیبَ مِنَ الْمَاءِ وَ قَالُوا نَرْجُو الْآنَ أَنْ تَرْضَی عَنَّا آلِهَتُنَا إِذَا رَأَتْ أَنَّا قَدْ قَتَلْنَا مَنْ كَانَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَصُدُّنَا عَنْ عِبَادَتِهَا وَ دَفَنَّاهُ تَحْتَ كَبِیرِهَا یَتَشَفَّی مِنْهُ فَیَعُودَ لَنَا نُورُهَا وَ نَضْرَتُهَا كَمَا كَانَ فَبَقُوا عَامَّةَ یَوْمِهِمْ یَسْمَعُونَ أَنِینَ نَبِیِّهِمْ وَ هُوَ یَقُولُ سَیِّدِی قَدْ تَرَی ضِیقَ مَكَانِی وَ شِدَّةَ كَرْبِی فَارْحَمْ ضَعْفَ رُكْنِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ عَجِّلْ بِقَبْضِ رُوحِی وَ لَا تُؤَخِّرْ إِجَابَةَ دَعْوَتِی حَتَّی مَاتَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِجَبْرَئِیلَ یَا جَبْرَئِیلُ أَ یَظُنُّ عِبَادِی هَؤُلَاءِ الَّذِینَ غَرَّهُمْ
ص: 151
حِلْمِی وَ أَمِنُوا مَكْرِی وَ عَبَدُوا غَیْرِی وَ قَتَلُوا رَسُولِی أَنْ یَقُومُوا لِغَضَبِی أَوْ یَخْرُجُوا مِنْ سُلْطَانِی كَیْفَ وَ أَنَا الْمُنْتَقِمُ مِمَّنْ عَصَانِی وَ لَمْ یَخْشَ عِقَابِی وَ إِنِّی حَلَفْتُ بِعِزَّتِی لَأَجْعَلَنَّهُمْ عِبْرَةً وَ نَكَالًا لِلْعَالَمِینَ فَلَمْ یَرُعْهُمْ وَ هُمْ فِی عِیدِهِمْ ذَلِكَ (1)إِلَّا بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَةِ الْحُمْرَةِ فَتَحَیَّرُوا فِیهَا وَ ذُعِرُوا مِنْهَا وَ تَضَامَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ صَارَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِیتٍ یَتَوَقَّدُ (2)وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ فَأَلْقَتْ عَلَیْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْراً یَلْتَهِبُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی النَّارِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مِنْ غَضَبِهِ وَ نُزُولِ نَقِمَتِهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (3).
بیان: روی الثعلبی فی العرائس (4)هذه الروایة عن علی بن الحسین علیهما السلام نحوا مما أوردنا.
قوله علیه السلام و بهم سمی ذلك النهر أی سمی ذلك النهر الرس لفعلهم حیث رسوا نبیهم فیه قال الفیروزآبادی الرس البئر المطویة بالحجارة و بئر كانت لبقیة من ثمود كذبوا نبیهم و رسوه فی بئر و الحفر و الدس و دفن المیت انتهی قوله علیه السلام و حرموا ماء العین یدل علی أن العین التی كانت عند الصنوبرة غیر الرس الذی كان علیه قراهم و الكلة بالكسر الستر الرقیق یخاط كالبیت یتوقی فیه من البق و القترة بالفتح الغبرة و القتار بالضم ریح البخور و القدر و الشواء و المعازف الملاهی قوله و یأخذون الدستبند لعل المراد به ما یسمی بالفارسیة أیضا سنج و یحتمل أن یكون المراد التزین بالأسورة و كلام جهوری أی عال و یظهر منه أن الذین كانوا یتكلمون فی الأشجار الأخر كانوا غیر إبلیس من أعوانه و فی القاموس قطع بزید كعنی فهو مقطوع به عجز من سفره بأی سبب كان أو حیل بینه و بین ما یؤمله و البربخ بالباءین الموحدتین و الخاء المعجمة ما یعمل من الخزف للبئر و مجاری الماء.
«2»-فس، تفسیر القمی أَصْحَابُ الرَّسِّ هُمُ الَّذِینَ هَلَكُوا لِأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوُا الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ
ص: 152
وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَ الرَّسُّ نَهَرٌ بِنَاحِیَةِ آذَرْبَایِجَانَ (1).
«3»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی أَصْحَابِ الرَّسِّ أَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَی نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ قَدْ قِیلَ إِنَّ الرَّسَّ هُوَ الْبِئْرُ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ رَسُّوا نَبِیَّهُمْ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ كَانُوا قَوْماً یَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ غَرَسَهَا یَافِثُ بْنُ نُوحٍ فَأَنْبَتَتْ (2)لِنُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ وَ كَانَ نِسَاؤُهُمْ یَشْتَغِلْنَ بِالنِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَةِ الْحُمْرَةِ وَ جَعَلَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِیتٍ یَتَوَقَّدُ وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ فَانْكَفَّتْ عَلَیْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْرَةً تَلْتَهِبُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی النَّارِ (3).
«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ وَ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام عَنْ أَصْحَابِ الرَّسِّ الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ مَنْ هُمْ وَ مِمَّنْ هُمْ وَ أَیَّ قَوْمٍ كَانُوا فَقَالَ كَانَا رَسَّیْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَیْسَ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ كَانَ أَهْلُهُ أَهْلَ بَدْوٍ وَ أَصْحَابَ شَاةٍ وَ غَنَمٍ فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِمْ صَالِحَ النَّبِیِّ علیه السلام رَسُولًا فَقَتَلُوهُ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ وَ عَضَدَهُ بِوَلِیٍّ فَقَتَلُوا الرَّسُولَ وَ جَاهَدَ الْوَلِیُّ حَتَّی أَفْحَمَهُمْ وَ كَانُوا یَقُولُونَ إِلَهُنَا فِی الْبَحْرِ وَ كَانُوا عَلَی شَفِیرِهِ وَ كَانَ لَهُمْ عِیدٌ فِی السَّنَةِ یَخْرُجُ حُوتٌ عَظِیمٌ مِنَ الْبَحْرِ فِی تِلْكَ الْیَوْمِ فَیَسْجُدُونَ لَهُ فَقَالَ وَلِیُّ صَالِحٍ لَهُمْ لَا أُرِیدُ أَنْ تَجْعَلُونِی رَبّاً وَ لَكِنْ هَلْ تُجِیبُونِی إِلَی مَا دَعَوْتُكُمْ إِنْ أَطَاعَنِی ذَلِكَ الْحُوتُ فَقَالُوا نَعَمْ وَ أَعْطَوْهُ عُهُوداً وَ مَوَاثِیقَ فَخَرَجَ حُوتٌ رَاكِبٌ عَلَی أَرْبَعَةِ أَحْوَاتٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ خَرُّوا سُجَّداً فَخَرَجَ وَلِیُّ صَالِحٍ النَّبِیِّ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ ائْتِنِی طَوْعاً أَوْ كَرْهاً بِسْمِ اللَّهِ الْكَرِیمِ فَنَزَلَ عَنْ أَحْوَاتِهِ فَقَالَ الْوَلِیُّ ایتِنِی عَلَیْهِنَّ لِئَلَّا یَكُونَ مِنَ الْقَوْمِ فِی أَمْرِی شَكٌّ فَأَتَی الْحُوتُ إِلَی الْبَرِّ یَجُرُّهَا وَ تَجُرُّهُ إِلَی عِنْدِ وَلِیِّ صَالِحٍ فَكَذَّبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ رِیحاً فَقَذَفَتْهُمْ فِی الْیَمِّ أَیِ الْبَحْرِ وَ مَوَاشِیَهُمْ
ص: 153
فَأَتَی الْوَحْیُ إِلَی وَلِیِّ صَالِحٍ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ الْبِئْرِ وَ فِیهَا الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ فَانْطَلَقَ فَأَخَذَهُ فَفَضَّهُ (1)عَلَی أَصْحَابِهِ بِالسَّوِیَّةِ عَلَی الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ وَ أَمَّا الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَهُمْ قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ نَهَرٌ یُدْعَی الرَّسَّ وَ كَانَ فِیهِمْ أَنْبِیَاءُ كَثِیرَةٌ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ وَ أَیْنَ الرَّسُّ فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ بِمُنْقَطَعِ آذَرْبِیجَانَ وَ هُوَ بَیْنَ حَدِّ إِرْمِینِیَةَ (2)وَ آذَرْبِیجَانَ وَ كَانُوا یَعْبُدُونَ الصُّلْبَانَ (3)فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ ثَلَاثِینَ نَبِیّاً فِی مَشْهَدٍ وَاحِدٍ فَقَتَلُوهُمْ جَمِیعاً فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً وَ بَعَثَ مَعَهُ وَلِیّاً فَجَاهَدَهُمْ وَ بَعَثَ اللَّهُ مِیكَائِیلَ فِی أَوَانِ وُقُوعِ الْحَبِّ وَ الزَّرْعِ فَأَنْضَبَ مَاءَهُمْ (4)فَلَمْ یَدَعْ عَیْناً وَ لَا نَهَراً وَ لَا مَاءً لَهُمْ إِلَّا أَیْبَسَهُ وَ أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَ مَوَاشِیَهُمْ وَ أَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَابْتَلَعَتْ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ تِبْرٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ آنِیَةٍ فَهُوَ لِقَائِمِنَا علیه السلام إِذَا قَامَ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ جُوعاً وَ عَطَشاً فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِیَةٌ وَ بَقِیَ مِنْهُمْ قَوْمٌ مُخْلِصُونَ فَدَعَوُا اللَّهَ أَنْ یُنْجِیَهُمْ بِزَرْعٍ وَ مَاشِیَةٍ وَ مَاءٍ وَ یَجْعَلَهُ قَلِیلًا لِئَلَّا یَطْغَوْا فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَی ذَلِكَ لِمَا عَلِمَ مِنْ صِدْقِ نِیَّاتِهِمْ ثُمَّ عَادَ الْقَوْمُ إِلَی مَنَازِلِهِمْ فَوَجَدُوهَا قَدْ صَارَتْ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا وَ أَطْلَقَ اللَّهُ لَهُمْ نَهَرَهُمْ وَ زَادَهُمْ فِیهِ عَلَی مَا سَأَلُوا فَقَامُوا عَلَی الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّی مَضَی أُولَئِكَ الْقَوْمُ وَ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ نَسْلٌ أَطَاعُوا اللَّهَ فِی الظَّاهِرِ وَ نَافَقُوهُ فِی الْبَاطِنِ وَ عَصَوْا بِأَشْیَاءَ شَتَّی فَبَعَثَ اللَّهُ مَنْ أَسْرَعَ فِیهِمُ الْقَتْلَ فَبَقِیَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الطَّاعُونَ فَلَمْ یُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً وَ بَقِیَ نَهَرُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ مِائَتَیْ عَامٍ لَا یَسْكُنُهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَتَی اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَزَلُوهَا وَ كَانُوا صَالِحِینَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَاحِشَةً وَ اشْتَغَلَ الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ صَاعِقَةً فَلَمْ یُبْقِ مِنْهُمْ بَاقِیَةً (5).
بیان: قوله بموضع ذلك البئر یظهر منه أنهم كانوا دفنوا أموالهم فی بئر سیظهر مما سننقل من روایة الثعلبی أن فیه تصحیفا.
ص: 154
«5»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَتْ عَلَیْهِ نِسْوَةٌ فَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنِ السَّحْقِ فَقَالَ حَدُّهَا حَدُّ الزَّانِی فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِی الْقُرْآنِ قَالَ بَلَی قَالَتْ وَ أَیْنَ هُوَ قَالَ هُوَ أَصْحابُ الرَّسِّ (1).
«6»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ هِشَامٍ الصَّیْدَلَانِیِّ (2)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ فَقَالَ بِیَدِهِ هَكَذَا فَمَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَی فَقَالَ هُنَّ اللَّوَاتِی بِاللَّوَاتِی یَعْنِی النِّسَاءَ بِالنِّسَاءِ (3).
قال الثعلبی فی العرائس قال اللّٰه عز و جل وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ و قال كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ اختلف أهل التفسیر و أصحاب الأقاصیص فیهم فقال سعید بن جبیر و الكلبی و الخلیل بن أحمد دخل كلام بعضهم فی بعض و كل أخبر بطائفة من حدیث أصحاب الرس (4)بقیة ثمود قوم صالح علیه السلام و هم أصحاب البئر التی ذكرها اللّٰه تعالی فی قوله وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِیدٍ و كانوا بفلیح الیمامة (5)نزولا علی تلك البئر و كل ركیة لم
ص: 155
تطو بالحجارة و الآجر فهو رس و كان لهم نبی یقال له حنظلة بن صفوان و كان بأرضهم جبل یقال له فتح مصعدا فی السماء میلا و كانت العنقاء ینتابه (1)و هی كأعظم ما یكون من الطیر و فیها من كل لون و سموها العنقاء لطول عنقها و كانت تكون فی ذلك الجبل تنقض علی الطیر تأكلها فجاعت ذات یوم فأعوزها الطیر (2)فانقضت علی صبی فذهبت به ثم إنها انقضت علی جاریة حین ترعرعت فأخذتها فضمتها إلی جناحین لها صغیرین سوی الجناحین الكبیرین فشكوا إلی نبیهم فقال اللّٰهم خذها و اقطع نسلها و سلط علیها آیة تذهب بها فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم یر لها أثر فضربتها العرب (3)مثلا فی أشعارها و حكمها و أمثالها ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبیهم فأهلكهم اللّٰه تعالی.
و: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَلَغَنِی أَنَّهُ كَانَ رسان أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ أَهْلِهِ أَهْلِ بُدُوِّ وَ أَصْحَابِ غَنَمٍ وَ مَوَاشٍ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً فَقَتَلُوهُ ثُمَّ (4)بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ وَ عَضُدِهِ بِوَلِیٍّ فَقَتَلُوا الرَّسُولِ وَ جَاهِدْهُمْ الْوَلِیِّ حَتَّی أفحمهم وَ كَانُوا یَقُولُونَ إِلَهَنَا فِی الْبَحْرِ وَ كَانُوا عَلَی شفیره وَ كَانَ یَخْرُجُ إِلَیْهِمْ مِنْ الْبَحْرِ شَیْطَانٍ فِی كُلِّ شَهْرِ خُرْجَةِ فَیَذْبَحُونَ عِنْدَهُ وَ یَتَّخِذُونَهُ عِیداً فقال لهم الولی أ رأیتم إن خرج إلهكم الذین تدعونه و تعبدونه إلی و أطاعنی أ تجیبوننی إلی ما دعوتكم إلیه فقالوا بلی و أعطوه علی ذلك العهود و المواثیق فانتظر حتی خرج ذلك الشیطان علی صورة حوت راكبا أربعة أحوات و له عنق مستعلیة و علی رأسه مثل التاج فلما نظروا إلیه خروا له سجدا و خرج الولی إلیه فقال ائتنی طوعا أو كرها بسم اللّٰه الكریم فنزل عند ذلك عن أحواته فقال له الولی ایتنی علیهن لئلا یكون من القوم فی أمری شك فأتی الحوت و أتین به حتی أفضین به إلی البر یجرونه (یجررنه) فكذبوه بعد ما رأوا ذلك و نقضوا العهد فأرسل اللّٰه تعالی علیهم ریحا فقذفتهم فی البحر و مواشیهم جمیعا و ما كانوا یملكون من ذهب و فضة فأتی الولی (ولی) الصالح إلی
ص: 156
البحر حتی أخذ التبر و الفضة و الأوانی فقسمها علی أصحابه بالسویة علی الصغیر منهم و الكبیر و انقطع هذا النسل.
و أما الآخر فهم قوم كان لهم نهر یدعی الرس ینسبون إلیه و كان فیهم أنبیاء كثیرة قل یوم یقوم نبی إلا قتل (1)و ذلك النهر بمنقطع آذربیجان بینها و بین إرمینیة فإذا قطعته مدبرا دخلت فی حد إرمینیة و إذا قطعته مقبلا دخلت فی حد آذربیجان یعبدون النیران (2)و هم كانوا یعبدون الجواری العذاری فإذا تمت لإحداهن ثلاثین (3)سنة قتلوها و استبدلوا غیرها و كان عرض نهرهم ثلاثة فراسخ و كان یرتفع فی كل یوم و لیلة حتی یبلغ أنصاف الجبال التی حوله و كان لا ینصبّ فی بر و لا بحر إذا خرج من حدهم یقف و یدور ثم یرجع إلیهم فبعث اللّٰه تعالی إلیهم ثلاثین نبیا فی شهر واحد فقتلوهم جمیعا فبعث اللّٰه عز و جل إلیهم نبیا و أیده بنصره و بعث معه ولیا فجاهدهم فی اللّٰه حق جهاده فبعث اللّٰه تعالی إلیه میكائیل حین نابذوه و كان ذلك فی أوان وقوع الحب فی الزرع (4)و كان إذ ذاك أحوج ما كانوا من الماء ففجر نهرهم فی البحر فانصب ما فی أسفله و أتی عیونه (5)من فوق فسدها و بعث إلیه خمسمائة ألف من الملائكة أعوانا له ففرقوا ما بقی فی وسط النهر (6)ثم أمر اللّٰه تعالی جبرائیل فنزل فلم یدع فی أرضهم عینا و لا نهرا إلا أیبسه بإذن اللّٰه عز و جل و أمر ملك الموت فانطلق إلی المواشی فأماتهم ربضة واحدة (7)و أمر الریاح الأربع الجنوب و الشمال و الدبور و الصباء
ص: 157
فضمت ما كان لهم من متاع و ألقی اللّٰه عز و جل علیهم السبات (1)ثم حفت الریاح (2)الأربع المتاع أجمع فهبته (3)فی رءوس الجبال و بطون الأودیة فأما ما كان من حلی أو تبر أو آنیة فإن اللّٰه تعالی أمر الأرض فابتلعته فأصبحوا و لا شاة عندهم و لا بقرة و لا مال یعودون إلیه و لا ماء یشربونه و لا طعام یأكلونه فآمن باللّٰه تعالی عند ذلك قلیل منهم و هداهم إلی غار فی جبل له طریق إلی خلفه فنجوا و كانوا أحدا و عشرین رجلا و أربع نسوة و صبیین و كان عدة الباقین من الرجال و النساء و الذراری ستمائة ألف فماتوا عطشا و جوعا و لم یبق منهم باقیة ثم عاد القوم إلی منازلهم فوجدوها قد صار أعلاها أسفلها فدعا القوم عند ذلك مخلصین أن یجیئهم بزرع و ماء و ماشیة و یجعله قلیلا لئلا یطغوا فأجابهم اللّٰه تعالی إلی ذلك لما علم من صدق نیاتهم و علم منهم الصدق (4)و آلوا أن لا یبعث رسولا ممن قاربهم إلا أعانوه و عضدوه و علم اللّٰه تعالی منهم الصدق فأطلق اللّٰه لهم نهرهم و زادهم علی ما سألوا فأقام أولئك فی طاعة اللّٰه ظاهرا و باطنا حتی مضوا و انقرضوا و حدث بعدهم من نسلهم قوم أطاعوا اللّٰه فی الظاهر و نافقوه فی الباطن فأملی اللّٰه تعالی لهم و كان علیهم قادرا ثم كثرت معاصیهم و خالفوا أولیاء اللّٰه تعالی فبعث اللّٰه عز و جل عدوهم ممن فارقهم و خالفهم فأسرع فیهم القتل و بقیت منهم شرذمة فسلط اللّٰه علیهم الطاعون فلم یبق منهم أحدا و بقی نهرهم و منازلهم مائتی عام لا یسكنها أحد ثم أتی اللّٰه بقرن (5)بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحین سنین ثم أحدثوا فاحشة جعل الرجل یدعو بنته و أخته و زوجته فینیلها (6)جاره و أخاه و صدیقه یلتمس بذلك البر و الصلة ثم ارتفعوا من ذلك إلی نوع آخر ترك الرجال النساء حتی شبقن و استغنوا بالرجال (7)فجاءت النساء
ص: 158
شیطانهن فی صورة امرأة و هی الدلهاث (1)بنت إبلیس و هی أخت الشیصار كانتا فی بیضة واحدة فشبهت إلی النساء (2)ركوب بعضهن بعضا و علمتهن كیف یصنعن فأصل ركوب النساء بعضهن بعضا من الدلهاث فسلط اللّٰه علی ذلك القرن (3)صاعقة فی أول اللیل و خسفا فی آخر اللیل و صیحة مع الشمس فلم یبق منهم باقیة و بادت مساكنهم و لا أحسب منازلهم الیوم تسكن انتهی. (4).
أقول: إنما أوردنا تلك الروایة بطولها لكونها كالشرح لروایتی یعقوب و هشام بل لا یبعد أن یكون من قوله قال بعض العلماء إلی آخره روایة یعقوب بعینها إذ كثیرا ما ینقل الثعلبی روایات الشیعة فی كتابه هكذا و الراوندی رحمه اللّٰه دأبه الاختصار فی الأخبار فكثیرا ما وجدناه ترك من خبر رواه عن الصدوق رحمه اللّٰه أكثر من ثلاثة أرباعه و إنما أوردنا قصة أصحاب الرس فی هذا الموضع لما ورد فی الخبر أنهم كانوا بعد سلیمان علیه السلام و منهم من ذكرها قبل قصص إبراهیم علیه السلام بناء علی أنهم من بقیة قوم ثمود و الصدوق أوردهم بعد قصص إبراهیم و قبل یعقوب علیه السلام و قد ذكرهم اللّٰه فی سورة الفرقان بعد ثمود و فی سورة ق قبلهم.
و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: وَ أَصْحابَ الرَّسِّ هو بئر رسوا فیها نبیهم أی ألقوه فیها عن عكرمة و قیل إنهم كانوا أصحاب مواش و لهم بئر یقعدون علیها و كانوا یعبدون الأصنام فبعث اللّٰه إلیهم شعیبا فكذبوه فانهار البئر (5)و انخسف بهم الأرض فهلكوا عن وهب و قیل الرس قریة بالیمامة یقال لها فلح قتلوا نبیهم فأهلكهم اللّٰه عن قتادة و قیل كان لهم نبی یسمی حنظلة فقتلوه فأهلكوا عن سعید بن جبیر و الكلبی و قیل هم أصحاب الرس و الرس بئر بأنطاكیة قتلوا فیها حبیبا النجار
ص: 159
فنسبوا إلیها عن كعب و مقاتل و قیل أصحاب الرس كان نساؤهم سحاقات عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. (1)
و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ قال الضحاك هذه البئر كانت بحضرموت فی بلدة یقال لها حاضوراء نزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح و معهم صالح فلما حضروا مات صالح فسمی المكان حضرموت ثم إنهم كثروا فكفروا و عبدوا الأصنام فبعث اللّٰه إلیهم نبیا یقال له حنظلة فقتلوه فی السوق فأهلكهم اللّٰه فماتوا عن آخرهم و عطلت بئرهم و خرب قصر ملكهم (2).
«7»-كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی حَدِیثٍ ذَكَرَ فِیهِ إِتْیَانَ رَجُلٍ جُهَنِیٍّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِسْلَامَهُ عَلَی یَدِهِ وَ أَنَّهُمْ تَحَدَّثُوا یَوْماً فِی ذِكْرِ الْقُبُورِ وَ الْجُهَنِیُّ حَاضِرٌ فَحَدَّثَهُمْ أَنَّ جُهَیْنَةَ بْنَ الْعوسَانِ (3)أَخْبَرَهُ عَنْ أَشْیَاخِهِ أَنَّ سَنَةً (4)نَزَلَتْ بِهِمْ حَتَّی أَكَلُوا ذَخَائِرَهُمْ فَخَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ الْإِزْلِ (5)وَ هُمْ جَمَاعَةٌ فِی طَلَبِ النَّبَاتِ فَجَنَّهُمُ اللَّیْلُ فَأَوَوْا إِلَی مَغَارَةٍ وَ كَانَتِ الْبِلَادُ مَسْبَعَةً وَ هُمْ لَا یَعْلَمُونَ قَالَ فَحَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ مَالِكٌ قَالَ رَأَیْنَا فِی الْغَارِ أَشْبَالًا (6)فَخَرَجْنَا هَارِبِینَ حَتَّی دَخَلْنَا وَهْدَةً مِنْ وِهَادِ الْأَرْضِ (7)بَعْدَ مَا تَبَاعَدْنَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَأَصَبْنَا عَلَی بَابِ الْوَهْدَةِ حَجَراً مُطَبِّقاً فَتَعَاوَنَّا عَلَیْهِ حَتَّی قَلَبْنَاهُ فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَیْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَ فِی یَدِهِ خَاتَمٌ عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ أَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَأْسِهِ كِتَابٌ فِی صَحِیفَةِ نُحَاسٍ فِیهِ بَعَثَنِیَ اللَّهُ إِلَی حِمْیَرٍ وَ هَمْدَانَ وَ الْعَزِیزِ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ بَشِیراً وَ نَذِیراً فَكَذَّبُونِی وَ قَتَلُونِی فَأَعَادُوا الصَّخْرَةَ عَلَی مَا كَانَتْ عَلَیْهِ فِی مَوْضِعِهَا (8).
ص: 160
باب 14 قصة شعیا و حیقوق علیه السلام (1)
«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ قُدْرَتُهُ إِلَی شَعْیَا علیه السلام أَنِّی مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِینَ أَلْفاً مِنْ شِرَارِهِمْ وَ سِتِّینَ أَلْفاً مِنْ خِیَارِهِمْ فَقَالَ علیه السلام هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ فَمَا بَالُ الْأَخْیَارِ فَقَالَ دَاهَنُوا أَهْلَ الْمَعَاصِی فَلَمْ یَغْضَبُوا لِغَضَبِی (2).
«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَلِكٌ (3)فِی زَمَانِ شَعْیَا وَ هُمْ مُتَابِعُونَ مُطِیعُونَ لِلَّهِ ثُمَّ إِنَّهُمْ ابْتَدَعُوا الْبِدَعَ فَأَتَاهُمْ مَلِكُ بَابِلَ (4)وَ كَانَ نَبِیُّهُمْ یُخْبِرُهُمْ بِغَضَبِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ مِنَ الْجُنُودِ تَابُوا وَ تَضَرَّعُوا فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا أَنِّی قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ لِصَلَاحِ آبَائِهِمْ وَ مَلِكُهُمْ كَانَ قَرْحَةٌ بِسَاقِهِ وَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا علیه السلام أَنْ مُرْ مَلِكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلْیُوصِ وَصِیَّتَهُ وَ لْیَسْتَخْلِفْ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ فَإِنِّی قَابِضُهُ یَوْمَ كَذَا فَلْیَعْهَدْ عَهْدَهُ فَأَخْبَرَهُ شَعْیَا بِرِسَالَتِهِ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَی التَّضَرُّعِ وَ الدُّعَاءِ وَ الْبُكَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ابْتَدَأْتَنِی بِالْخَیْرِ مِنْ أَوَّلِ یَوْمٍ وَ
ص: 161
سَبَّبْتَهُ لِی وَ أَنْتَ فِیمَا أَسْتَقْبِلُ رَجَائِی وَ ثِقَتِی فَلَكَ الْحَمْدُ بِلَا عَمَلٍ صَالِحٍ سَلَفَ مِنِّی وَ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّی بِنَفْسِی أَسْأَلُكَ أَنْ تُؤَخِّرَ عَنِّیَ الْمَوْتَ وَ تُنْسِئَ (1)لِی فِی عُمُرِی وَ تَسْتَعْمِلَنِی بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَی فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا أَنِّی رَحِمْتُ تَضَرُّعَهُ وَ اسْتَجَبْتُ دَعْوَتَهُ وَ قَدْ زِدْتُ فِی عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمُرْهُ فَلْیُدَاوِ قَرْحَتَهُ بِمَاءِ التِّینِ فَإِنِّی قَدْ جَعَلْتُهُ شِفَاءً مِمَّا هُوَ فِیهِ وَ أَنِّی قَدْ كَفَیْتُهُ وَ بَنِی إِسْرَائِیلَ مَئُونَةَ عَدُوِّهِمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا جُنُودَ مَلَكِ بَابِلَ مَصْرُوعِینَ فِی عَسْكَرِهِمْ مَوْتَی لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَلِكُهُمْ وَ خَمْسَةُ نَفَرٍ (2)فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی أَصْحَابِهِمْ وَ مَا أَصَابَهُمْ كَرُّوا مُنْهَزِمِینَ إِلَی أَرْضِ بَابِلَ وَ ثَبَتَ بَنُو إِسْرَائِیلَ مُتَوَازِرِینَ عَلَی الْخَیْرِ فَلَمَّا مَاتَ مَلِكُهُمْ ابْتَدَعُوا الْبِدَعَ وَ دَعَا كُلٌّ إِلَی نَفْسِهِ وَ شَعْیَا علیه السلام یَأْمُرُهُمْ وَ یَنْهَاهُمْ فَلَا یَقْبَلُونَ حَتَّی أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ.
وَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ شَعْیَا علیه السلام فَقَالَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ بِی وَ بِأَخِی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام (3).
أقول: قال صاحب الكامل بعد أن ذكر نحوا مما رواه وهب قیل إن شعیا أوحی اللّٰه إلیه لیقوم فی بنی إسرائیل یذكرهم بما یوحی علی لسانه لما كثرت فیهم الأحداث ففعل فعدوا علیه لیقتلوه فهرب منهم فلقیته شجرة فانفلقت له فدخلها و أخذ الشیطان یهدب ثوبه و أراه بنی إسرائیل فوضعوا المنشار علی الشجرة فنشروها حتی قطعوه فی وسطها (4)أقول سیأتی بعض أحواله فی باب قصص بختنصر.
«3»-ج، الإحتجاج ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ید، التوحید عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِیمَا احْتَجَّ عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ علیه السلام لِلْجَاثَلِیقِ یَا نَصْرَانِیُّ كَیْفَ عِلْمُكَ بِكِتَابِ شَعْیَا قَالَ أَعْرِفُهُ حَرْفاً حَرْفاً فَقَالَ لَهُ وَ لِرَأْسِ الْجَالُوتِ أَ تَعْرِفَانِ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ یَا قَوْمِ إِنِّی رَأَیْتُ صُورَةَ رَاكِبِ الْحِمَارِ
ص: 162
لَابِساً جَلَابِیبَ النُّورِ وَ رَأَیْتُ رَاكِبَ الْبَعِیرِ ضَوْؤُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الْقَمَرِ فَقَالا قَدْ قَالَ ذَلِكَ شَعْیَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ قَالَ شَعْیَا النَّبِیُّ فِیمَا تَقُولُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فِی التَّوْرَاةِ رَأَیْتُ رَاكِبَیْنِ أَضَاءَ لَهُمَا الْأَرْضُ أَحَدُهُمَا عَلَی حِمَارٍ وَ الْآخَرُ عَلَی جَمَلٍ فَمَنْ رَاكِبُ الْحِمَارِ وَ مَنْ رَاكِبُ الْجَمَلِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ لَا أَعْرِفُهُمَا فَخَبِّرْنِی بِهِمَا قَالَ أَمَّا رَاكِبُ الْحِمَارِ فَعِیسَی وَ أَمَّا رَاكِبُ الْجَمَلِ فَمُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تُنْكِرُ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ قَالَ لَا مَا أُنْكِرُهُ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تَعْرِفُ حَیْقُوقَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ إِنِّی بِهِ لَعَارِفٌ قَالَ فَإِنَّهُ قَالَ وَ كِتَابُكُمْ یَنْطِقُ بِهِ جَاءَ اللَّهُ بِالْبَیَانِ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَ امْتَلَأَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ تَسْبِیحِ أَحْمَدَ وَ أُمَّتِهِ یَحْمِلُ خَیْلَهُ فِی الْبَحْرِ كَمَا یَحْمِلُ فِی الْبَرِّ یَأْتِینَا بِكِتَابٍ جَدِیدٍ بَعْدَ خَرَابِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ یَعْنِی بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ أَ تَعْرِفُ هَذَا وَ تُؤْمِنُ بِهِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ حَیْقُوقُ النَّبِیُّ وَ لَا نُنْكِرُ قَوْلَهُ (1).
الآیات؛
آل عمران: «هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ* فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ* قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ *قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِیراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ»(38-41)
مریم: «كهیعص* ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا* إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا* قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا* وَ إِنِّی
ص: 163
خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا *یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا* یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا* قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً* قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا* فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا* یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِیًّا* وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً عَصِیًّا* وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا»(1-15)
الأنبیاء: «وَ زَكَرِیَّا إِذْ نادی رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِی فَرْداً وَ أَنْتَ خَیْرُ الْوارِثِینَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ وَهَبْنا لَهُ یَحْیی وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِینَ»(89-90)
«1»-فس، تفسیر القمی وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ قَالَ كَانَتْ لَا تَحِیضُ فَحَاضَتْ (1).
«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ شَبِیبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ یَا ابْنَ شَبِیبٍ أَ صَائِمٌ أَنْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی دَعَا فِیهِ زَكَرِیَّا علیه السلام رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی فَمَنْ صَامَ هَذَا الْیَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِیَّا علیه السلام (2).
«3»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَا عَنَی اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْلِهِ فِی یَحْیَی وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً قَالَ تَحَنُّنَ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ فَمَا بَلَغَ مِنْ تَحَنُّنِ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ كَانَ إِذَا قَالَ یَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ لَبَّیْكَ یَا یَحْیَی (3).
ص: 164
«4»-لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ أَبِی شَحْمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِشَامٍ الْقُنَانِیِّ (1)عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی قُبَیْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ مِنْ زُهْدِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام أَنَّهُ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَنَظَرَ إِلَی الْمُجْتَهِدِینَ مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ عَلَیْهِمْ مَدَارِعُ الشَّعْرِ وَ بَرَانِسُ الصُّوفِ وَ إِذَا هُمْ قَدْ خَرَقُوا تَرَاقِیَهُمْ وَ سَلَكُوا فِیهَا السَّلَاسِلَ وَ شَدُّوهَا إِلَی سَوَارِی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی ذَلِكَ أَتَی أُمَّهُ فَقَالَ یَا أُمَّاهْ انْسِجِی لِی مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَ بُرْنُساً مِنْ صُوفٍ حَتَّی آتِیَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَأَعْبُدَ اللَّهَ مَعَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ حَتَّی یَأْتِیَ نَبِیُّ اللَّهِ وَ أُؤَامِرَهُ (2)فِی ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ زَكَرِیَّا علیه السلام أَخْبَرَتْهُ بِمَقَالَةِ یَحْیَی فَقَالَ لَهُ زَكَرِیَّا یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوكَ إِلَی هَذَا وَ إِنَّمَا أَنْتَ صَبِیٌّ صَغِیرٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَهْ أَ مَا رَأَیْتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ سِنّاً مِنِّی قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ قَالَ بَلَی ثُمَّ قَالَ لِأُمِّهِ انْسِجِی لَهُ مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَ بُرْنُساً مِنْ صُوفٍ فَفَعَلَتْ فَتَدَرَّعَ الْمِدْرَعَةَ عَلَی بَدَنِهِ وَ وَضَعَ الْبُرْنُسَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَأَقْبَلَ یَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ الْأَحْبَارِ حَتَّی أَكَلَتْ مِدْرَعَةُ الشَّعْرِ لَحْمَهُ فَنَظَرَ ذَاتَ یَوْمٍ إِلَی مَا قَدْ نَحَلَ مِنْ جِسْمِهِ فَبَكَی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا یَحْیَی أَ تَبْكِی مِمَّا قَدْ نَحَلَ مِنْ جِسْمِكَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَوِ اطَّلَعْتَ إِلَی النَّارِ اطِّلَاعَةً لَتَدَرَّعْتَ مِدْرَعَةَ الْحَدِیدِ فَضْلًا عَنِ الْمَنْسُوجِ فَبَكَی حَتَّی أَكَلَتِ الدُّمُوعُ لَحْمَ خَدَّیْهِ وَ بَدَا لِلنَّاظِرِینَ أَضْرَاسُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهُ فَدَخَلَتْ عَلَیْهِ وَ أَقْبَلَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ اجْتَمَعَ الْأَحْبَارُ وَ الرُّهْبَانُ فَأَخْبَرُوهُ بِذَهَابِ لَحْمِ خَدَّیْهِ فَقَالَ مَا شَعَرْتُ بِذَلِكَ فَقَالَ زَكَرِیَّا علیه السلام یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوكَ إِلَی هَذَا إِنَّمَا سَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یَهَبَكَ لِی لِتَقَرَّ بِكَ عَیْنِی قَالَ أَنْتَ أَمَرْتَنِی بِذَلِكَ یَا أَبَهْ قَالَ وَ مَتَی ذَلِكَ یَا بُنَیَّ قَالَ أَ لَسْتَ الْقَائِلَ إِنَّ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ لَعَقَبَةً لَا یَجُوزُهَا إِلَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ قَالَ بَلَی فَجِدَّ وَ اجْتَهِدْ وَ شَأْنُكَ غَیْرُ شَأْنِی فَقَامَ یَحْیَی فَنَفَضَ مِدْرَعَتَهُ (3)فَأَخَذَتْهُ أُمُّهُ
ص: 165
فَقَالَتْ أَ تَأْذَنُ یَا بُنَیَّ أَنْ أَتَّخِذَ لَكَ قِطْعَتَیْ لُبُودٍ تُوَارِیَانِ أَضْرَاسَكَ وَ تُنَشِّفَانِ دُمُوعَكَ فَقَالَ لَهَا شَأْنَكِ فَاتَّخَذَتْ لَهُ قِطْعَتَیْ لُبُودٍ تُوَارِیَانِ أَضْرَاسَهُ وَ تُنَشِّفَانِ دُمُوعَهُ حَتَّی ابْتَلَّتَا مِنْ دُمُوعِ عَیْنَیْهِ (1)فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَیْهِ ثُمَّ أَخَذَهُمَا فَعَصَرَهُمَا فَتَحَدَّرَ الدُّمُوعُ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ فَنَظَرَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِلَی ابْنِهِ وَ إِلَی دُمُوعِ عَیْنَیْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا ابْنِی وَ هَذِهِ دُمُوعُ عَیْنَیْهِ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ كَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ یَعِظَ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَإِنْ رَأَی یَحْیَی علیه السلام لَمْ یَذْكُرْ جَنَّةً وَ لَا نَاراً فَجَلَسَ ذَاتَ یَوْمٍ یَعِظُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَقْبَلَ یَحْیَی قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِعَبَاءَةٍ فَجَلَسَ فِی غُمَارِ النَّاسِ (2)وَ الْتَفَتَ زَكَرِیَّا علیه السلام یَمِیناً وَ شِمَالًا فَلَمْ یَرَ یَحْیَی فَأَنْشَأَ یَقُولُ حَدَّثَنِی حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ فِی جَهَنَّمَ جَبَلًا یُقَالُ لَهُ السَّكْرَانُ فِی أَصْلِ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَادٍ یُقَالُ لَهُ الْغَضْبَانُ لِغَضَبِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی ذَلِكَ الْوَادِی جُبٌّ قَامَتُهُ مِائَةُ عَامٍ فِی ذَلِكَ الْجُبِّ تَوَابِیتُ مِنْ نَارٍ فِی تِلْكَ التَّوَابِیتِ صَنَادِیقُ مِنْ نَارٍ وَ ثِیَابٌ مِنْ نَارٍ وَ سَلَاسِلُ مِنْ نَارٍ وَ أَغْلَالٌ مِنْ نَارٍ فَرَفَعَ یَحْیَی علیه السلام رَأْسَهُ فَقَالَ وَا غَفْلَتَاهْ مِنَ السَّكْرَانِ ثُمَّ أَقْبَلَ هَائِماً عَلَی وَجْهِهِ (3)فَقَامَ زَكَرِیَّا علیه السلام مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ یَحْیَی فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّ یَحْیَی قُومِی فَاطْلُبِی یَحْیَی فَإِنِّی قَدْ تَخَوَّفْتُ أَنْ لَا نَرَاهُ إِلَّا وَ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ فَقَامَتْ فَخَرَجَتْ فِی طَلَبِهِ حَتَّی مَرَّتْ بِفِتْیَانٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا لَهَا یَا أُمَّ یَحْیَی أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَنْ أَطْلُبَ وَلَدِی یَحْیَی ذُكِرَتِ النَّارُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَهَامَ عَلَی وَجْهِهِ فَمَضَتْ أُمُّ یَحْیَی وَ الْفِتْیَةُ مَعَهَا حَتَّی مَرَّتْ بِرَاعِی غَنَمٍ فَقَالَتْ لَهُ یَا رَاعِی هَلْ رَأَیْتَ شَابّاً مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَهَا لَعَلَّكِ تَطْلُبِینَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا قَالَتْ نَعَمْ ذَاكَ وَلَدِی ذُكِرَتِ النَّارُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَهَامَ عَلَی وَجْهِهِ قَالَ إِنِّی تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ عَلَی عَقَبَةِ ثَنِیَّةِ كَذَا وَ كَذَا نَاقِعاً قَدَمَیْهِ (4)فِی الْمَاءِ رَافِعاً بَصَرَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَقُولُ وَ عِزَّتِكَ مَوْلَایَ لَا ذُقْتُ بَارِدَ الشَّرَابِ
ص: 166
حَتَّی أَنْظُرَ إِلَی مَنْزِلَتِی مِنْكَ فَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ أُمُّ یَحْیَی دَنَتْ مِنْهُ فَأَخَذَتْ بِرَأْسِهِ فَوَضَعَتْهُ بَیْنَ ثَدْیَیْهَا وَ هِیَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ أَنْ یَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَی الْمَنْزِلِ فَانْطَلَقَ مَعَهَا حَتَّی أَتَی الْمَنْزِلَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ یَحْیَی هَلْ لَكَ أَنْ تَخْلَعَ مِدْرَعَةَ الشَّعْرِ وَ تَلْبَسَ مِدْرَعَةَ الصُّوفِ فَإِنَّهُ أَلْیَنُ فَفَعَلَ وَ طُبِخَ لَهُ عَدَسٌ فَأَكَلَ وَ اسْتَوْفَی فَنَامَ فَذَهَبَ بِهِ النَّوْمُ فَلَمْ یَقُمْ لِصَلَاتِهِ (1)فَنُودِیَ فِی مَنَامِهِ یَا یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا أَرَدْتَ دَاراً خَیْراً مِنْ دَارِی وَ جِوَاراً خَیْراً مِنْ جِوَارِی فَاسْتَیْقَظَ فَقَامَ فَقَالَ یَا رَبِّ أَقِلْنِی عَثْرَتِی إِلَهِی فَوَ عِزَّتِكَ لَا أَسْتَظِلُّ بِظِلٍّ سِوَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ قَالَ لِأُمِّهِ نَاوِلِینِی مِدْرَعَةَ الشَّعْرِ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا سَتُورِدَانِیَ الْمَهَالِكَ فَتَقَدَّمَتْ أُمُّهُ فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ الْمِدْرَعَةَ وَ تَعَلَّقَتْ بِهِ فَقَالَ لَهَا زَكَرِیَّا یَا أُمَّ یَحْیَی دَعِیهِ فَإِنَّ وَلَدِی قَدْ كُشِفَ لَهُ عَنْ قِنَاعِ قَلْبِهِ وَ لَنْ یَنْتَفِعَ بِالْعَیْشِ فَقَامَ یَحْیَی علیه السلام فَلَبِسَ مِدْرَعَتَهُ وَ وَضَعَ الْبُرْنُسَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَجَعَلَ یَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ الْأَحْبَارِ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ (2).
بیان: المدرعة بكسر المیم القمیص و البرنس قلنسوة طویلة كان النساك یلبسونها فی صدر الإسلام و اللبود جمع اللبد و غمار الناس بالضم و الفتح زحمتهم و كثرتهم و ثنیة الجبل منعطفه.
«5»-مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قُدِّسَ سِرُّهُ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ زُهْدِ الصَّادِقِ، عَنْهُ علیه السلام قَالَ: بَكَی یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی ذَهَبَ لَحْمُ خَدَّیْهِ مِنَ الدُّمُوعِ فَوَضَعَ عَلَی الْعَظْمِ لُبُوداً یَجْرِی عَلَیْهَا الدُّمُوعُ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ یَا بُنَیَّ إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یَهَبَكَ لِی لِتَقَرَّ عَیْنِی بِكَ فَقَالَ یَا أَبَهْ إِنَّ عَلَی نِیرَانِ رَبِّنَا مَعَاثِرَ (3)لَا یَجُوزُهَا إِلَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَتَخَوَّفُ أَنْ آتِیَهَا فَأَزِلَّ مِنْهَا فَبَكَی زَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی غُشِیَ عَلَیْهِ مِنَ الْبُكَاءِ.
«6»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَمْدَانِیِّ (4)عَنْ
ص: 167
أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ ثُمَّ مَرَّ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَكِنْ هَذَا لَتَبْكِیَنَّ عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ قَالَ وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام (1).
«7»-ب، قرب الإسناد عَنْهُمَا (2)عَنْ حَنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: زُورُوا الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لَا تَجْفُوهُ فَإِنَّهُ سَیِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ وَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِیهُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ عَلَیْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ (3).
«8»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَقْرَأُ وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی یَعْنِی أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حَتَّی وَهَبَ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ الْكِبَرِ (4).
«9»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّینَوَرِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ سَاقَ الْحَدِیثَ فِی أَحْوَالِ الْقِیَامَةِ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ یُنَادِی الْمُنَادِی وَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَیْنَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أَیْنَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ أَیْنَ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أَیْنَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ أَیْنَ أُمُّ كُلْثُومٍ أُمُّ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا فَیَقُمْنَ الْحَدِیثَ (5).
«10»-فس، تفسیر القمی هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ
ص: 168
سَمِیعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ الْحَصُورُ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ وَ الْعَاقِرُ الَّتِی قَدْ یَئِسَتْ مِنَ الْمَحِیضِ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ قالَ زَكَرِیَّا رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ (1)وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِیَّا ظَنَّ أَنَّ الَّذِینَ بَشَّرُوهُ هُمُ الشَّیَاطِینُ (2)وَ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فَخَرِسَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ(3).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: هُنالِكَ أی عند ما رأی عند مریم علیها السلام فاكهة الصیف فی الشتاء و فاكهة الشتاء فی الصیف علی خلاف العادة دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً أی طمع فی رزق الولد من العاقر و قوله طَیِّبَةً أی مباركة و قیل صالحة تقیة نقیة العمل إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ بمعنی قابل الدعاء و مجیب له فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ قیل ناداه جبرئیل أی أتاه النداء من هذا الجنس و قیل نادته جماعة من الملائكة وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أی فی المسجد و قیل فی محراب المسجد أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی سماه اللّٰه بهذا الاسم قبل مولده و اختلف فیه لم سمی بیحیی فقیل لأن اللّٰه أحیا به عقر أمه عن ابن عباس و قیل لأن اللّٰه سبحانه أحیاه بالإیمان عن قتادة و قیل لأنه سبحانه أحیا قلبه بالنبوة و لم یسم قبله أحدا بیحیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ أی بعیسی و علیه جمیع المفسرین إلا ما حكی عن أبی عبیدة أنه قال بكتاب اللّٰه (4)و كان یحیی أكبر سنا من عیسی علیه السلام بستة أشهر و كلف التصدیق به و كان أول من صدقه و شهد أنه كلمة اللّٰه و روحه و كان ذلك إحدی معجزات عیسی و أقوی الأسباب لإظهار أمره فإن الناس كانوا یقبلون قول یحیی لمعرفتهم بصدقه و زهده
ص: 169
وَ سَیِّداً فی العلم و العبادة و قیل فی الحلم و التقوی (1)و حسن الخلق و قیل كریما علی ربه و قیل فقیها عالما و قیل مطیعا لربه و قیل مطاعا و قیل سیدا للمؤمنین بالرئاسة علیهم و الجمیع یرجع إلی أصل واحد وَ حَصُوراً و هو الذی لا یأتی النساء عن ابن عباس و ابن مسعود و الحسن و قتادة و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام (2)و معناه أنه یحصر نفسه عن الشهوات أی یمنعها و قیل الحصور أنه لا یدخل (3)فی اللعب و الأباطیل عن المبرد و قیل العنین و هذا لا یجوز علی الأنبیاء لأنه عیب و ذم و لأن الكلام خرج مخرج المدح وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ أی رسولا شریفا رفیع المنزلة من جملة الأنبیاء قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ أی من أین یكون و قیل كیف یكون لِی غُلامٌ (4)وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ أی أصابنی الشیب و نالنی الهرم قال ابن عباس كان یومئذ ابن عشرین و مائة سنة و كانت امرأته بنت ثمان و تسعین سنة وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ أی عقیم لا تلد فإن قیل لم راجع زكریا هذه المراجعة و قد بشره اللّٰه بأن یهب له ذریة طیبة قیل إنما قال ذلك علی سبیل التعرف عن كیفیة حصول الولد أ یعطیهما و هما علی ما كانا علیه من الشیب أم یصرفهما إلی حال الشباب ثم یرزقهما الولد و یحتمل أن یكون اشتبه الأمر علیه أن یعطیه الولد من امرأته العجوز أم من امرأة أخری شابة فقال تعالی كَذلِكَ و تقدیره كذلك الأمر الذی أنتما علیه و علی تلك الحال اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ معناه یرزقك اللّٰه الولد منها فإنه هین علیه و قیل فیه وجه آخر و هو أنه إنما قال ذلك علی سبیل الاستعظام لمقدور اللّٰه تعالی و التعجب الذی یحصل للإنسان عند ظهور آیة عظیمة كمن یقول لغیره كیف سمحت نفسك لإخراج ذلك المال النفیس من یدك تعجبا من جوده و قیل إنه قال ذلك علی وجه التعجب من أنه كیف أجابه اللّٰه إلی مراده فیما دعا و كیف استحق لذلك (5)
ص: 170
و من زعم أنه إنما قال ذلك للوسوسة التی خالطت قلبه من الشیطان أو خیلت إلیه أن النداء كان من غیر الملائكة فقد أخطأ لأن الأنبیاء لا بد أن یعرفوا الفرق بین كلام الملك و وسوسة الشیطان (1)و لا یجوز أن یتلاعب الشیطان بهم حتی یختلط علیهم طریق الإفهام ثم سأل اللّٰه سبحانه علامة یعرف بها وقت حمل امرأته لیزید فی العبادة شكرا و قیل لیتعجل السرور قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً أی علامة لوقت الحمل و الولد فجعل اللّٰه تلك العلامة فی إمساك لسانه عن الكلام إلا إیماء من غیر آفة حدثت فیه بقوله قالَ آیَتُكَ أی قال اللّٰه أو جبرئیل أی علامتك أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً أی إیماء و قیل الرمز تحریك الشفتین و قیل أراد به صومه ثلاثة أیام لأنهم كانوا إذا صاموا لم یتكلموا إلا رمزا وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِیراً أی فی هذه الأیام الثلاثة و معناه أنه لما منع عن الكلام عرف أنه لم یمنع عن الذكر لله سبحانه و التسبیح له و ذلك أبلغ فی الإعجاز وَ سَبِّحْ أی نزه اللّٰه و قیل معناه صل (2)بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ آخر النهار و أوله (3).
«11»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَوْحَشَ مَا یَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ یَوْمِ یَلِدُ فَیَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَیَرَی الدُّنْیَا وَ یَوْمِ یَمُوتُ فَیُعَایِنُ الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا وَ یَوْمِ یُبْعَثُ فَیَرَی أَحْكَاماً لَمْ یَرَهَا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ قَدْ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَی یَحْیَی فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ وَ آمَنَ رَوْعَتَهُ فَقَالَ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا (4)
«12»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ ثَبِیرِ بْنِ (5)
ص: 171
إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ بِلَالٍ الْمَدَنِیِّ (1)عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ إِبْلِیسَ كَانَ یَأْتِی الْأَنْبِیَاءَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ علیه السلام إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِیحَ علیه السلام یَتَحَدَّثُ عِنْدَهُمْ وَ یُسَائِلُهُمْ وَ لَمْ یَكُنْ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَشَدَّ أُنْساً مِنْهُ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَحْیَی یَا بَا مُرَّةَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ أَنْ أَرُدَّكَ بِمَسْأَلَةٍ فَسَلْنِی مَا شِئْتَ فَإِنِّی غَیْرُ مُخَالِفِكَ فِی أَمْرٍ تُرِیدُهُ فَقَالَ یَحْیَی یَا بَا مُرَّةَ أُحِبُّ أَنْ تَعْرِضَ عَلَیَّ مَصَائِدَكَ وَ فُخُوخَكَ الَّتِی تَصْطَادُ بِهَا بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ وَاعَدَهُ لِغَدٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ یَحْیَی علیه السلام قَعَدَ فِی بَیْتِهِ یَنْتَظِرُ الْمَوْعِدَ وَ أَغْلَقَ عَلَیْهِ الْبَابَ إِغْلَاقاً فَمَا شَعَرَ حَتَّی سَاوَاهُ مِنْ خَوْخَةٍ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ فَإِذَا وَجْهُهُ صُورَةُ وَجْهِ الْقِرْدِ وَ جَسَدُهُ عَلَی صُورَةِ الْخِنْزِیرِ وَ إِذَا عَیْنَاهُ مَشْقُوقَتَانِ طُولًا وَ إِذَا أَسْنَانُهُ وَ فَمُهُ مَشْقُوقٌ طُولًا عَظْماً وَاحِداً بِلَا ذَقَنٍ وَ لَا لِحْیَةٍ (2)وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَیْدٍ یَدَانِ فِی صَدْرِهِ وَ یَدَانِ فِی مَنْكِبِهِ وَ إِذَا عَرَاقِیبُهُ قَوَادِمُهُ وَ أَصَابِعُهُ خَلْفَهُ وَ عَلَیْهِ قَبَاءٌ وَ قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِمِنْطَقَةٍ فِیهَا خُیُوطٌ مُعَلَّقَةٌ بَیْنَ أَحْمَرَ (3)وَ أَصْفَرَ وَ أَخْضَرَ وَ جَمِیعِ الْأَلْوَانِ وَ إِذَا بِیَدِهِ جَرَسٌ عَظِیمٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ وَ إِذَا فِی الْبَیْضَةِ حَدِیدَةٌ مُعَلَّقَةٌ شَبِیهَةٌ بِالْكُلَّابِ (4)فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ یَحْیَی علیه السلام قَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الْمِنْطَقَةُ الَّتِی فِی وَسَطِكَ فَقَالَ هَذِهِ الْمَجُوسِیَّةُ أَنَا الَّذِی سَنَنْتُهَا وَ زَیَّنْتُهَا لَهُمْ فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذِهِ الْخُیُوطُ الْأَلْوَانُ قَالَ لَهُ هَذِهِ جَمِیعُ أَصْبَاغِ النِّسَاءِ لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَصْبَغُ الصِّبْغَ حَتَّی تَقَعَ مَعَ لَوْنِهَا فَأَفْتَتِنَ النَّاسَ بِهَا فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذَا الْجَرَسُ الَّذِی بِیَدِكَ قَالَ هَذَا مَجْمَعُ كُلِّ لَذَّةٍ مِنْ طُنْبُورٍ وَ بَرْبَطٍ وَ مِعْزَفَةٍ وَ طَبْلٍ وَ نَایٍ وَ صُرْنَایٍ (5)وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَیَجْلِسُونَ عَلَی شَرَابِهِمْ فَلَا یَسْتَلِذُّونَهُ
ص: 172
فَأُحَرِّكُ الْجَرَسَ فِیمَا بَیْنَهُمْ فَإِذَا سَمِعُوهُ اسْتَخَفَّهُمُ (1)الطَّرَبُ فَمِنْ بَیْنِ مَنْ یَرْقُصُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یَشُقُّ ثِیَابَهُ فَقَالَ لَهُ وَ أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَقَرُّ لِعَیْنِكَ قَالَ النِّسَاءُ هُنَّ فُخُوخِی وَ مَصَائِدِی فَإِنِّی إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَیَّ دَعَوَاتُ الصَّالِحِینَ وَ لَعَنَاتُهُمْ صِرْتُ إِلَی النِّسَاءِ فَطَابَتْ نَفْسِی بِهِنَّ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی علیه السلام فَمَا هَذِهِ الْبَیْضَةُ الَّتِی عَلَی رَأْسِكَ قَالَ بِهَا أَتَوَقَّی دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَمَا هَذِهِ الْحَدِیدَةُ الَّتِی أَرَی فِیهَا قَالَ بِهَذِهِ أُقَلِّبُ قُلُوبَ الصَّالِحِینَ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَهَلْ ظَفِرْتَ بِی سَاعَةً قَطُّ قَالَ لَا وَ لَكِنْ فِیكَ خَصْلَةٌ تُعْجِبُنِی قَالَ یَحْیَی فَمَا هِیَ قَالَ أَنْتَ رَجُلٌ أَكُولٌ فَإِذَا أَفْطَرْتَ أَكَلْتَ وَ بَشِمْتَ فَیَمْنَعُكَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ صَلَاتِكَ وَ قِیَامِكَ بِاللَّیْلِ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَإِنِّی أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَلَّا أَشْبَعَ (2)مِنَ الطَّعَامِ حَتَّی أَلْقَاهُ قَالَ لَهُ إِبْلِیسُ وَ أَنَا أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَنِّی لَا أَنْصَحُ مُسْلِماً حَتَّی أَلْقَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَمَا عَادَ إِلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (3).
بیان: الخوخة كوة تؤدی الضوء إلی البیت و العراقیب جمع العرقوب و هو عصب غلیظ فوق عقب الإنسان و قال الفیروزآبادی المعازف الملاهی كالعود و الطنبور و الواحد عزف أو معزف كمنبر و مكنسة و قال البشم محركة التخمة و السأمة بشم كفرح.
«13»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا یَقُولُ ذَكَرَ رَبُّكَ زَكَرِیَّا فَرَحِمَهُ إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی یَقُولُ ضَعُفَ وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا یَقُولُ لَمْ یَكُنْ دُعَائِی خَائِباً عِنْدَكَ وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی یَقُولُ خِفْتُ الْوَرَثَةَ مِنْ بَعْدِی وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ لَمْ یَكُنْ لِزَكَرِیَّا یَوْمَئِذٍ وَلَدٌ یَقُومُ مَقَامَهُ وَ یَرِثُهُ وَ كَانَتْ هَدَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ نُذُورُهُمْ لِلْأَحْبَارِ وَ كَانَ زَكَرِیَّا رَئِیسَ الْأَحْبَارِ وَ كَانَتِ امْرَأَةُ زَكَرِیَّا أُخْتَ مَرْیَمَ بِنْتِ
ص: 173
عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ وَ یَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ (1)وَ بَنُو مَاثَانَ إِذْ ذَاكَ رُؤَسَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَنُو مُلُوكِهِمْ وَ هُمْ مِنْ وُلْدِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ زَكَرِیَّا فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا یَقُولُ لَمْ یُسَمَّ بِاسْمِ یَحْیَی أَحَدٌ قَبْلَهُ قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا فَهُوَ الْبُؤْسُ (2)قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا صَحِیحاً مِنْ غَیْرِ مَرَضٍ (3).
بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا أی هذا خبر رحمة ربك زكریا عبده و یعنی بالرحمة إجابته إیاه حین دعاه و سأله الولد و زكریا اسم نبی من أنبیاء بنی إسرائیل كان من أولاد هارون بن عمران و قیل معناه ذكر ربك عبده بالرحمة إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا أی سرا غیر جهر لا یرید به ریاء. (4)و قیل إنما أخفاه لئلا یهزأ به الناس قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی أی ضعف و إنما أضاف إلی العظم (5)لأنه مع صلابته إذا ضعف فكیف باللحم و العصب وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً أی إن الشیب قد عم الرأس وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا أی و لم أكن بدعائی إیاك فیما مضی مخیبا محروما و المعنی أنك قد عودتنی حسن الإجابة فلا تخیبنی فیما أسألك (6)وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی و هم الكلالة عن ابن
ص: 174
عباس و قیل العصبة عن مجاهد و قیل هم العمومة و بنو العم عن أبی جعفر علیه السلام و قیل بنو العم (1)و كانوا شرار بنی إسرائیل وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً أی عقیما لا تلد فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا ولدا یلینی و یكون أولی بمیراثی یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ و هو یعقوب بن ماثان (2)و أخوه عمران بن ماثان أبو مریم عن الكلبی و مقاتل و قیل هو یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا أی مرضیا عندك ممتثلا لأمرك فاستجاب اللّٰه دعاءه و أوحی إلیه یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا أی لم نسم قبله أحدا باسمه.
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَذَلِكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیٌّ (3)وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً قِیلَ لَهُ وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبُ حَمْرَاءَ وَ كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی علیه السلام وَلَدَ زِناً وَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَلَدَ زِناً.
وَ رَوَی سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ لَا ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلَّا وَ ذَكَرَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ قَالَ یَوْماً مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ رَأْسَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا أُهْدِیَ إِلَی بَغِیٍّ مِنْ بَغَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ.
و قیل إن معنی قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا لم تلد العواقر مثله ولدا و هو كقوله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیًّا أی مثلا عن ابن عباس و مجاهد قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا أی قد بلغت من كبر السن إلی حال الیبس
ص: 175
و الجفاف و نحول العظم قال قتادة كان له بضع و سبعون سنة (1)قالَ كَذلِكَ أی قال اللّٰه سبحانه الأمر علی ما أخبرتك من هبة الولد علی الكبر قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ أی من قبل یحیی وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً أی شیئا موجودا. (2)
وَ رَوَی الْحَكَمُ بْنُ عُتَیْبَةَ (3)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا وُلِدَ یَحْیَی بَعْدَ الْبِشَارَةِ لَهُ مِنَ اللَّهِ بِخَمْسِ سِنِینَ.
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً و علامة (4)أستدل بها علی وقت كونه قالَ اللّٰه سبحانه آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا أی و أنت سوی صحیح سلیم فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ أی من مصلاه فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أی أشار إلیهم و أومأ بیده و قیل كتب لهم فی الأرض أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا أی صلوا بكرة و عشیا و قیل أراد التسبیح بعینه قال ابن جریح أشرف علیهم زكریا علیه السلام من فوق غرفة كان یصلی فیها لا یصعد إلیها إلا بسلم و كانوا یصلون معه الفجر و العشاء فكان یخرج إلیهم فیؤذن لهم (5)بلسانه فلما اعتقل لسانه خرج علی عادته و أذن لهم بغیر كلام فعرفوا عند ذلك أنه قد جاء وقت حمل امرأته بیحیی فمكث ثلاثة أیام لا یقدر علی الكلام معهم و یقدر علی التسبیح و الدعاء ثم قال سبحانه یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ تقدیره فوهبنا له یحیی و أعطیناه الفهم و العقل و قلنا له یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ یعنی التوراة بما قواك اللّٰه علیه و أیدك به و معناه و أنت قادر علی أخذه قوی علی العمل (6)و قیل معناه بجد و صحة عزیمة علی القیام بما فیه وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا أی و آتیناه النبوة فی حال صباه و هو ابن ثلاث سنین عن ابن عباس.
وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِینَةَ وَ أَنَا أُرِیدُ مِصْرَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیه السلام وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ خُمَاسِیٌّ فَجَعَلْتُ أَتَأَمَّلُهُ
ص: 176
لِأَصِفَهُ لِأَصْحَابِنَا بِمِصْرَ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ فِی الْإِمَامَةِ كَمَا أَخَذَ فِی النُّبُوَّةِ قَالَ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوی آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ قَالَ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا فَقَدْ یَجُوزُ أَنْ یُعْطَی الْحُكْمَ ابْنُ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ یَجُوزُ أَنْ یُعْطَاهُ الصَّبِیُّ.
و قیل إن الحكم الفهم
و عن معمر قال إن الصبیان قالوا لیحیی اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت فأنزل اللّٰه تعالی فیه وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا و روی ذلك عن أبی الحسن الرضا علیه السلام.
وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا و الحنان العطف و الرحمة أی و آتیناه رحمة من عندنا و قیل تحننا علی العباد و رقة قلب علیهم لیدعوهم إلی طاعة اللّٰه و قیل محبة منا
و قیل تحنن اللّٰه علیه كان إذا قال یا رب قال له لبیك یا یحیی و هو المروی عن الباقر علیه السلام.
و قیل تعطفا منا وَ زَكاةً أی و عملا صالحا زاكیا أو زكاة لمن قبل دینه حتی یكونوا أزكیاء و قیل یعنی بالزكاة طاعة اللّٰه و الإخلاص و قیل و صدقة تصدق اللّٰه بها علی أبویه و قیل و زكیناه بحسن الثناء علیه وَ كانَ تَقِیًّا أی مخلصا مطیعا متقیا لما نهی اللّٰه عنه قالوا و كان من تقواه أنه لم یعمل خطیئة و لم یهم بها وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ أی بارا بهما وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً أی متكبرا متطاولا علی الخلق عَصِیًّا أی عاصیا لربه وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا أی سلام علیه منا فی هذه الأحوال (1)و قیل سلامة و أمان له منا انتهی ملخص تفسیره رحمه اللّٰه. (2)
أقول: قول علی بن إبراهیم و یعقوب بن ماثان إما عطف علی زكریا أی كانت الرئاسة فی ذلك الزمان لزكریا و یعقوب عم زوجته أو یعقوب مبتدأ و ابن ماثان خبره أی یعقوب الذی ذكره اللّٰه هو ابن ماثان لا ابن إسحاق أو هو مبتدأ و بنو ماثان معطوف
ص: 177
علیه و قوله رؤساء خبرهما فیكون من قبیل عطف العام علی الخاص. (1)و قال البیضاوی قیل یعقوب كان أخا زكریا أو عمران بن ماثان (2)من نسل سلیمان انتهی. (3)و أما تفسیره العتی بالبؤس أو الیأس (4)فلعله بیان لحاصل المعنی و لازمه قال الجوهری عتی (عتا) الشیخ كبر و ولّی (5).
«14»-ج، الإحتجاج سَأَلَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَائِمَ علیه السلام عَنْ تَأْوِیلِ كهیعص قَالَ علیه السلام هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَیْبِ أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَیْهَا عَبْدَهُ زَكَرِیَّا ثُمَّ قَصَّهَا عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِیَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ فَأَهْبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَعَلَّمَهُ إِیَّاهَا فَكَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ علیهم السلام سُرِّیَ عَنْهُ هَمُّهُ وَ انْجَلَی كَرْبُهُ وَ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ الْحُسَیْنِ علیه السلام خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَ وَقَعَتْ عَلَیْهِ الْبُهْرَةُ فَقَالَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ إِلَهِی مَا بَالِی إِذْ ذَكَرْتُ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ تَسَلَّیْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِی وَ إِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَیْنَ تَدْمَعُ عَیْنِی وَ تَثُورُ زَفْرَتِی فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْ قِصَّتِهِ فَقَالَ كهیعص فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلَاءَ وَ الْهَاءُ هَلَاكُ الْعِتْرَةِ وَ الْیَاءُ یَزِیدُ وَ هُوَ ظَالِمُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ الْعَیْنُ عَطَشُهُ وَ الصَّادُ صَبْرُهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ مَنَعَ فِیهِنَّ النَّاسَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَیْهِ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ كَانَ یُرْثِیهِ إِلَهِی أَ تُفْجِعُ (6)خَیْرَ جَمِیعِ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ إِلَهِی أَ تُنْزِلُ بَلْوَی هَذِهِ الرَّزِیَّةِ بِفِنَائِهِ إِلَهِی أَ تُلْبِسُ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ ثِیَابَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ إِلَهِی أَ تَحُلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ بِسَاحَتِهَا ثُمَّ كَانَ یَقُولُ إِلَهِی ارْزُقْنِی وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَیْنِی عَلَی الْكِبَرِ فَإِذَا رَزَقْتَنِیهِ فَافْتِنِّی
ص: 178
بِحُبِّهِ ثُمَّ افْجَعْنِی بِهِ كَمَا تَفْجَعُ مُحَمَّداً حَبِیبَكَ بِوَلَدِهِ فَرَزَقَهُ اللَّهُ یَحْیَی وَ فَجَعَهُ بِهِ وَ كَانَ حَمْلُ یَحْیَی علیه السلام سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ حَمْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام كَذَلِكَ الْخَبَرَ (1) .
بیان: سری عنه الهم علی بناء التفعیل مجهولا انكشف و البهرة بالضم تتابع النفس و انقطاعه من الإعیاء و زفر أخرج نفسه بعد مده إیاه.
«15»-ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ إِلَی وَهْبٍ قَالَ: انْطَلَقَ إِبْلِیسُ یَسْتَقْرِی (2)مَجَالِسَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَجْمَعَ مَا یَكُونُونَ وَ یَقُولُ فِی مَرْیَمَ وَ یَقْذِفُهَا بِزَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی الْتَحَمَ الشَّرُّ (3)وَ شَاعَتِ الْفَاحِشَةُ عَلَی زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا رَأَی زَكَرِیَّا علیه السلام ذَلِكَ هَرَبَ وَ أَتْبَعَهُ سُفَهَاؤُهُمْ وَ شِرَارُهُمْ وَ سَلَكَ فِی وَادٍ كَثِیرِ النَّبْتِ حَتَّی إِذَا تَوَسَّطَهُ انْفَرَجَ لَهُ جِذْعُ شَجَرَةٍ فَدَخَلَ علیه السلام فِیهِ وَ انْطَبَقَتْ عَلَیْهِ الشَّجَرَةُ وَ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ یَطْلُبُهُ مَعَهُمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الشَّجَرَةِ الَّتِی دَخَلَ فِیهَا زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَاسَ لَهُمْ إِبْلِیسُ الشَّجَرَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَی أَعْلَاهَا حَتَّی إِذَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَی مَوْضِعِ الْقَلْبِ مِنْ زَكَرِیَّا علیه السلام أَمَرَهُمْ فَنَشَرُوا بِمِنْشَارِهِمْ وَ قَطَعُوا الشَّجَرَةَ وَ قَطَعُوهُ فِی وَسَطِهَا ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَ تَرَكُوهُ وَ غَابَ عَنْهُمْ إِبْلِیسُ حِینَ فَرَغَ مِمَّا أَرَادَ فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ بِهِ وَ لَمْ یُصِبْ زَكَرِیَّا علیه السلام مِنْ أَلَمِ الْمِنْشَارِ شَیْ ءٌ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَلَائِكَةَ فَغَسَّلُوا زَكَرِیَّا وَ صَلَّوْا عَلَیْهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُدْفَنَ وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام لَا یَتَغَیَّرُونَ وَ لَا یَأْكُلُهُمُ التُّرَابُ وَ یُصَلَّی عَلَیْهِمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ یُدْفَنُونَ(4).
«16»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَفْضَی الْأَمْرُ بَعْدَ دَانِیَالَ علیه السلام إِلَی عُزَیْرٍ علیه السلام وَ كَانُوا یَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ وَ یَأْنَسُونَ بِهِ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ فَغَیَّبَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَخْصَهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَ غَابَتِ الْحُجَجُ بَعْدَهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی وُلِدَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ تَرَعْرَعَ فَظَهَرَ وَ لَهُ سَبْعُ سِنِینَ فَقَامَ فِی النَّاسِ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَّرَهُمْ بِأَیَّامِ
ص: 179
اللَّهِ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ مِحَنَ الصَّالِحِینَ إِنَّمَا كَانَتْ لِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِینَ وَ وَعَدَهُمُ الْفَرَجَ بِقِیَامِ الْمَسِیحِ علیه السلام بَعْدَ نَیِّفٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ (1).
أقول: تمامه فی باب قصة طالوت.
«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وُلِدَ یَحْیَی علیه السلام رُفِعَ إِلَی السَّمَاءِ فَغُذِّیَ بِأَنْهَارِ الْجَنَّةِ حَتَّی فُطِمَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَی أَبِیهِ وَ كَانَ الْبَیْتُ یُضِی ءُ بِنُورِهِ (2).
«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ دَعَا زَكَرِیَّا علیه السلام رَبَّهُ فَقَالَ فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ فَبَشَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِیَحْیَی فَلَمْ یَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ وَ خَافَ أَنْ یَكُونَ مِنَ الشَّیْطَانِ فَقَالَ أَنَّی یَكُونُ لِی وَلَدٌ وَ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً فَأُسْكِتَ فَعَلِمَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی (3).
«19»-تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ سَأَلُوهُ عَنْ مَعْنَی الْوَحْیِ فَقَالَ مِنْهُ وَحْیُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهُ وَحْیُ الْإِلْهَامِ وَ مِنْهُ وَحْیُ الْإِشَارَةِ وَ سَاقَهُ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَمَّا وَحْیُ الْإِشَارَةِ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا أَیْ أَشَارَ إِلَیْهِمْ لِقَوْلِهِ (4)تَعَالَی أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (5).
«20»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَلِكاً كَانَ عَلَی عَهْدِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یَكْفِهِ مَا كَانَ عَلَیْهِ مِنَ الطَّرُوقَةِ حَتَّی تَنَاوَلَ امْرَأَةً بَغِیّاً فَكَانَتْ تَأْتِیهِ حَتَّی أَسَنَّتْ فَلَمَّا أَسَنَّتْ هَیَّأَتْ ابْنَتَهَا ثُمَّ قَالَتْ لَهَا إِنِّی أُرِیدُ أَنْ آتِیَ بِكِ الْمَلِكَ فَإِذَا وَاقَعَكِ فَیَسْأَلُكِ مَا حَاجَتُكِ (6)فَقُولِی حَاجَتِی أَنْ تَقْتُلَ یَحْیَی بْنَ
ص: 180
زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا وَاقَعَهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا فَقَالَتْ قَتْلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا كَانَ فِی الثَّالِثَةِ بَعَثَ إِلَی یَحْیَی فَجَاءَ بِهِ فَدَعَا بِطَسْتِ ذَهَبٍ فَذَبَحَهُ فِیهَا وَ صَبَّوْهُ عَلَی الْأَرْضِ فَیَرْتَفِعُ الدَّمُ وَ یَعْلُو وَ أَقْبَلَ النَّاسُ یَطْرَحُونَ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَیَعْلُو عَلَیْهِ الدَّمُ حَتَّی صَارَ تَلًّا عَظِیماً وَ مَضَی ذَلِكَ الْقَرْنُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ بُخْتَنَصَّرَ مَا كَانَ رَأَی ذَلِكَ الدَّمَ فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ یَجِدْ أَحَداً یَعْرِفُهُ حَتَّی دُلَّ عَلَی شَیْخٍ كَبِیرٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَنَّهُ كَانَ مِنْ قِصَّةِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام كَذَا وَ كَذَا وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ وَ الدَّمُ دَمُهُ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ لَا جَرَمَ لَأَقْتُلَنَّ عَلَیْهِ حَتَّی یَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَیْهِ سَبْعِینَ أَلْفاً فَلَمَّا وَفَی عَلَیْهِ سَكَنَ الدَّمُ (1).
«21»-وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ إِنَّ هَذِهِ الْبَغِیَّ كَانَتْ زَوْجَةَ مَلِكٍ جَبَّارٍ قَبْلَ هَذَا الْمَلِكِ وَ تَزَوَّجَهَا هَذَا بَعْدَهُ فَلَمَّا أَسَنَّتْ وَ كَانَ لَهَا ابْنَةٌ مِنَ الْمَلِكِ الْأَوَّلِ قَالَتْ لِهَذَا الْمَلِكِ تَزَوَّجْ أَنْتَ بِهَا فَقَالَ لَأَسْأَلُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَذِنَ فَعَلْتُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ لَا یَجُوزُ فَهَیَّأَتْ بِنْتَهَا وَ زَیَّنَتْهَا فِی حَالِ سُكْرِهِ وَ عَرَضَتْهَا عَلَیْهِ فَكَانَ مِنْ حَالِ قَتْلِ یَحْیَی علیه السلام مَا ذُكِرَ فَكَانَ مَا كَانَ (2).
«22»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ زَكَرِیَّا علیه السلام كَانَ خَائِفاً فَهَرَبَ فَالْتَجَأَ إِلَی شَجَرَةٍ فَانْفَرَجَتْ لَهُ وَ قَالَتْ یَا زَكَرِیَّا ادْخُلْ فِیَّ فَجَاءَ حَتَّی دَخَلَ فِیهَا فَطَلَبُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَأَتَاهُمْ إِبْلِیسُ وَ كَانَ رَآهُ فَدَلَّهُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ هُوَ فِی هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَاقْطَعُوهَا وَ قَدْ كَانُوا یَعْبُدُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَقَالُوا لَا نَقْطَعُهَا فَلَمْ یَزَلْ بِهِمْ حَتَّی شَقُّوهَا وَ شَقُّوا زَكَرِیَّا علیه السلام (3).
«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِأَوْلِیَائِهِ انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِیَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام بِبُخْتَنَصَّرَ (4).
ص: 181
«24»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام بَعَثَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فِی اثْنَیْ عَشَرَ مِنَ الْحَوَارِیِّینَ یُعَلِّمُونَ النَّاسَ وَ یَنْهَاهُمْ عَنْ نِكَاحِ ابْنَةِ الْأُخْتِ قَالَ وَ كَانَ لِمَلِكِهِمْ بِنْتُ أُخْتٍ تُعْجِبُهُ وَ كَانَ یُرِیدُ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا بَلَغَ أُمَّهَا أَنَّ یَحْیَی علیه السلام نَهَی عَنْ مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ أَدْخَلَتْ بِنْتَهَا عَلَی الْمَلِكِ مُزَیَّنَةً فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا قَالَتْ حَاجَتِی أَنْ تَذْبَحَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا فَقَالَ سَلِی غَیْرَ هَذَا فَقَالَتْ لَا أَسْأَلُكَ غَیْرَ هَذَا فَلَمَّا أَبَتْ عَلَیْهِ دَعَا بِطَشْتٍ وَ دَعَا بِیَحْیَی علیه السلام فَذَبَحَهُ فَبَدَرَتْ (1)قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهِ فَوَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ فَلَمْ تَزَلْ تَعْلُو (2)حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ عَلَیْهِمْ فَجَاءَتْهُ عَجُوزٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَلَّتْهُ عَلَی ذَلِكَ الدَّمِ فَأَلْقَی فِی نَفْسِهِ أَنْ یَقْتُلَ عَلَی ذَلِكَ الدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّی یَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَیْهَا سَبْعِینَ أَلْفاً فِی سَنَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّی سَكَنَ (3).
«25»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَاقِرَ نَاقَةِ صَالِحٍ كَانَ أَزْرَقَ ابْنَ بَغِیٍّ وَ إِنَّ قَاتِلَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ إِنَّ قَاتِلَ عَلِیٍّ علیه السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ كَانَتْ مُرَادٌ تَقُولُ مَا نَعْرِفُ لَهُ فِینَا أَباً وَ لَا نَسَباً وَ إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ إِنَّهُ لَمْ یَقْتُلِ الْأَنْبِیَاءَ وَ لَا أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَّا أَوْلَادُ الْبَغَایَا وَ قَالَ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا قَالَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ كَذَلِكَ بَكَتِ الشَّمْسُ عَلَیْهِمَا وَ بُكَاؤُهَا أَنْ تَطْلُعَ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبَ حَمْرَاءَ وَ قِیلَ أَیْ بَكَی أَهْلُ السَّمَاءِ وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ (4).
بیان: قد یوجه بكاء السماء و الأرض كما ذكره الراوندی رحمه اللّٰه (5)یمكن أن یقال كنایة عن شدة المصیبة حتی كأنه بكی علیه السماء و الأرض أو عن
ص: 182
أنه وصل ضرر تلك المصیبة إلی السماء و الأرض و أثرت فیهما و ظهر بها آثار التغیر فیهما أو أنه أمطرت السماء دما (1)و كان یتفجر الأرض دما عبیطا فهذا بكاؤهما كما فسر به فی الخبر و لعل الأخیر أظهر.
«26»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام بَكَی لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ یَبْكِیَا عَلَی أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام (2).
«27»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ قَالَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَی أَحَدٍ قَبْلَ قَتْلِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ بَعْدَهُ حَتَّی قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَبَكَتْ عَلَیْهِ (3).
«28»-مل، كامل الزیارات ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ كَثِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ كَانَ قَاتِلُ
ص: 183
الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدَ زِناً وَ كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَلَدَ زِناً وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا لَهُمَا وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ (1).
«29»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الَّذِی قَتَلَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدَ زِناً وَ الَّذِی قَتَلَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَلَدَ زِناً (2).
«30»-مل، كامل الزیارات أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ (3).
أقول: أوردنا بعض الأخبار فی ذلك فی باب أحوال الحسین علیه السلام.
«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ زَكَرِیَّا لَمَّا دَعَا رَبَّهُ أَنْ یَهَبَ لَهُ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِمَا نَادَتْهُ بِهِ فَأَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّوْتَ مِنَ اللَّهِ أُوحِیَ إِلَیْهِ أَنَّ آیَةَ ذَلِكَ أَنْ یُمْسَكَ لِسَانُهُ عَنِ الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ قَالَ لَمَّا أُمْسِكَ لِسَانُهُ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ
ص: 184
عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (1).
بیان: یمكن أن یقال اشتبه علیه فی خصوص هذا الموضع لحكمة فاحتاج إلی استعلام ذلك أو یقال إنه علیه السلام إنما فعل ذلك لزیادة الیقین كما فی سؤال إبراهیم علیه السلام.
«32»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قُتِلَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام (2).
«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَمَّادٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَمَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یَهَبَ لَهُ ذَكَراً فَوَهَبَ اللَّهُ لَهُ یَحْیَی فَدَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ (3)فَقَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فَكَانَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ هُوَ الرَّمْزُ (4).
«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً الْحَصُورُ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ (5).
«35»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ خِدْمَتُهُ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ خِدْمَتِهِ تَعْدِلُ الصَّلَاةَ فَمِنْ ثَمَّ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ (6).
«36»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی قِصَّةِ یَحْیَی یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا قَالَ لَمْ یَخْلُقْ أَحَداً قَبْلَهُ اسْمُهُ یَحْیَی فَحَكَی اللَّهُ قِصَّتَهُ إِلَی قَوْلِهِ یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا قَالَ وَ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَنَّهُ كَانَ صَبِیّاً فَقَالَ لَهُ الصِّبْیَانُ هَلُمَّ نَلْعَبْ فَقَالَ أَوْهِ وَ اللَّهِ مَا لِلَّعِبِ خُلِقْنَا وَ إِنَّمَا خُلِقْنَا
ص: 185
لِلْجِدِّ لِأَمْرٍ عَظِیمٍ ثُمَّ قَالَ وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا یَعْنِی تَحَنُّناً وَ رَحْمَةً عَلَی وَالِدَیْهِ وَ سَائِرِ عِبَادِنَا وَ زَكاةً یَعْنِی طَهَارَةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ كانَ تَقِیًّا یَتَّقِی الشُّرُورَ وَ الْمَعَاصِیَ وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ مُحْسِناً إِلَیْهِمَا مُطِیعاً لَهُمَا وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً عَصِیًّا یَقْتُلُ عَلَی الْغَضَبِ وَ یَضْرِبُ عَلَی الْغَضَبِ لَكِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ لِلَّهِ (1)عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ قَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِیئَةٍ مَا خَلَا یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَإِنَّهُ لَمْ یُذْنِبْ وَ لَمْ یَهُمَّ بِذَنْبٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَالَ أَیْضاً فِی قِصَّةِ یَحْیَی (2)هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ یَعْنِی لَمَّا رَأَی زَكَرِیَّا علیه السلام عِنْدَ مَرْیَمَ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ وَ قَالَ لَهَا یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ أَیْقَنَ زَكَرِیَّا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِذْ كَانَ لَا یَدْخُلُ عَلَیْهَا أَحَدٌ غَیْرُهُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ فِی نَفْسِهِ إِنَّ الَّذِی یَقْدِرُ أَنْ یَأْتِیَ مَرْیَمَ بِفَاكِهَةِ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةِ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ لَقَادِرٌ أَنْ یَهَبَ لِی وَلَداً وَ إِنْ كُنْتُ شَیْخاً وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَ هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ فَ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ یَعْنِی نَادَتْ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ قَالَ مُصَدِّقاً بِعِیسَی یُصَدِّقُ یَحْیَی بِعِیسَی (3)وَ سَیِّداً یَعْنِی رَئِیساً فِی طَاعَةِ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ طَاعَتِهِ وَ حَصُوراً وَ هُوَ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ قَالَ وَ كَانَ أَوَّلُ تَصْدِیقِ یَحْیَی بِعِیسَی أَنَّ زَكَرِیَّا كَانَ لَا یَصْعَدُ إِلَی مَرْیَمَ فِی تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ غَیْرُهُ یَصْعَدُ إِلَیْهَا بِسُلَّمٍ فَإِذَا نَزَلَ أَقْفَلَ عَلَیْهَا ثُمَّ فَتَحَ لَهَا مِنْ فَوْقِ الْبَابِ كُوَّةً صَغِیرَةً یَدْخُلُ عَلَیْهَا مِنْهَا الرِّیحُ فَلَمَّا وَجَدَ مَرْیَمَ وَ قَدْ حَبِلَتْ سَاءَهُ ذَلِكَ وَ قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا كَانَ یَصْعَدُ إِلَی هَذِهِ أَحَدٌ غَیْرِی وَ قَدْ حَبِلَتْ وَ الْآنَ أَفْتَضِحُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یَشُكُّونَ أَنِّی أَحْبَلْتُهَا فَجَاءَ إِلَی امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ یَا زَكَرِیَّا لَا تَخَفْ فَإِنَ
ص: 186
اللَّهَ لَنْ یَصْنَعَ بِكَ إِلَّا خَیْراً وَ ائْتِنِی بِمَرْیَمَ أَنْظُرْ إِلَیْهَا وَ أَسْأَلْهَا عَنْ حَالِهَا فَجَاءَ بِهَا زَكَرِیَّا علیه السلام إِلَی امْرَأَتِهِ فَكَفَی اللَّهُ مَرْیَمَ مَئُونَةَ الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ فَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَی أُخْتِهَا وَ هِیَ الْكُبْرَی وَ مَرْیَمُ الصُّغْرَی لَمْ تَقُمْ إِلَیْهَا امْرَأَةُ زَكَرِیَّا فَأَذِنَ اللَّهُ لِیَحْیَی وَ هُوَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ فَنَخَسَ فِی بَطْنِهَا وَ أَزْعَجَهَا وَ نَادَی أُمَّهُ تَدْخُلُ إِلَیْكِ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ مُشْتَمِلَةً عَلَی سَیِّدِ رِجَالِ الْعَالَمِینَ فَلَا تَقُومِینَ إِلَیْهَا فَانْزَعَجَتْ وَ قَامَتْ إِلَیْهَا وَ سَجَدَ یَحْیَی وَ هُوَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَذَلِكَ أَوَّلُ تَصْدِیقِهِ (1)فَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2)فِی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّهُمَا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنِ ابْنَیِ الْخَالَةِ یَحْیَی وَ عِیسَی (3).
بیان: نخسه أی غرزه بعود أو إصبع أو نحوهما و فی بعض النسخ بیده ثم اعلم أن المؤرخین اختلفوا فی أن إیشاع أم یحیی هل كانت أخت مریم أو خالته و الخبر یدل علی الأول و سیأتی تأویل آخر الخبر فی قصة المباهلة.
«37»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام جَاءَ إِلَی قَبْرِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُحْیِیَهُ لَهُ فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تُرِیدُ مِنِّی فَقَالَ لَهُ أُرِیدُ أَنْ تُؤْنِسَنِی كَمَا كُنْتَ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ لَهُ یَا عِیسَی مَا سَكَنَتْ عَنِّی حَرَارَةُ الْمَوْتِ وَ أَنْتَ تُرِیدُ أَنْ تُعِیدَنِی إِلَی الدُّنْیَا وَ تَعُودَ إِلَیَّ حَرَارَةُ الْمَوْتِ (4)فَتَرَكَهُ فَعَادَ إِلَی قَبْرِهِ (5).
«38»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، كَانَ یَحْیَی علیه السلام لِبَاسُهُ اللِّیفَ وَ أَكْلُهُ وَرَقَ الشَّجَرَةِ (6).
ص: 187
«39»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنِّی زَنَیْتُ فَطَهِّرْنِی فَأَمَرَ عِیسَی علیه السلام أَنْ یُنَادَی فِی النَّاسِ لَا یَبْقَی أَحَدٌ إِلَّا خَرَجَ لِتَطْهِیرِ فُلَانٍ فَلَمَّا اجْتَمَعَ وَ اجْتَمَعُوا وَ صَارَ الرَّجُلُ فِی الْحُفْرَةِ نَادَی الرَّجُلُ فِی الْحُفْرَةِ لَا یَحُدَّنِی مَنْ لِلَّهِ تَعَالَی فِی جَنْبِهِ حَدٌّ فَانْصَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا یَحْیَی وَ عِیسَی علیه السلام فَدَنَا مِنْهُ یَحْیَی فَقَالَ لَهُ یَا مُذْنِبُ عِظْنِی فَقَالَ لَهُ لَا تُخَلِّیَنَّ بَیْنَ نَفْسِكَ وَ بَیْنَ هَوَاهَا فَتَرْدَی (1)قَالَ زِدْنِی قَالَ لَا تُعَیِّرَنَّ خَاطِئاً بِخَطِیئَتِهِ قَالَ زِدْنِی قَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ حَسْبِی (2).
«40»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ (3)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: كَانَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام یَبْكِی وَ لَا یَضْحَكُ وَ كَانَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَضْحَكُ وَ یَبْكِی وَ كَانَ الَّذِی یَصْنَعُ عِیسَی علیه السلام أَفْضَلَ مِنَ الَّذِی كَانَ یَصْنَعُ یَحْیَی علیه السلام (4).
«41»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام مِثْلَهُ (5).
أقول: قال صاحب الكامل لما دعا زكریا ربه و سأله الولد بینا هو (6)یصلی فی المذبح الذی لهم فإذا برجل شاب و هو جبرئیل علیه السلام ففزع زكریا منه فقال إن اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ (7)و یحیی أول من آمن بعیسی و صدقه و ذلك أن أمه كانت حاملا (8)فاستقبلت مریم و هی حامل بعیسی علیه السلام فقالت لها یا
ص: 188
مریم أ حامل أنت قالت لما ذا تسألینی قالت إنی أری (1)ما فی بطنی یسجد لما فی بطنك فذلك تصدیقه و قیل صدق المسیح علیه السلام و له ثلاث سنین و إنما ولد قبل المسیح علیه السلام بثلاث سنین و قیل بستة أشهر و كان یأكل العشب و أوراق الشجر و قیل كان یأكل خبز الشعیر فمر به إبلیس و معه رغیف شعیر فقال أنت تزعم أنك زاهد و قد ادخرت رغیف شعیر فقال یحیی یا ملعون هو القوت فقال إبلیس إن أقل من القوت (2)یكفی لمن یموت فأوحی اللّٰه إلیه اعقل ما یقول لك و نبئ صغیرا فكان یدعو الناس إلی عبادة اللّٰه و یلبس الشعر و لم یكن له دینار و لا درهم و لا بیت یسكن إلیه (3)أینما جنه اللیل أقام و لم یكن له عبد و لا أمة فنهی ملك زمانه عن تزویج بنت أخیه أو بنت زوجته فقتله فلما سمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بیت المقدس فیه أشجار فأرسل الملك فی طلبه فمر زكریا علیه السلام بشجرة فنادته هلم إلی یا نبی اللّٰه فلما أتاها انشقت فدخل فیها فانطبقت علیه فبقی فی وسطها فأتی عدو اللّٰه إبلیس فأخذ هدب ردائه فأخرجه من الشجرة لیصدقوه إذا أخبرهم ثم لقی الطُّلَّبَ (4)فقال لهم ما تریدون فقالوا نلتمس زكریا فقال إنه سحر هذه الشجرة فانشقت له فدخلها قالوا لا نصدقك فأراهم طرف ردائه (5)فأخذوا الفأس و قطعوا الشجرة و شقوها بالمنشار فمات زكریا علیه السلام فیها فسلط اللّٰه علیهم أخبث أهل الأرض فانتقم به منهم و قیل إن السبب فی قتله أن إبلیس جاء إلی مجالس بنی إسرائیل فقذف زكریا بمریم و قال لهم ما أحبلها غیره و هو الذی كان یدخل علیها فطلبوه فهرب إلی آخر ما مر. (6)أقول قال الشیخ فی المصباح فی أول یوم من المحرم استجاب اللّٰه تعالی دعوة
ص: 189
زكریا علیه السلام (1)و كذا روی السید فی الإقبال عن المفید (2)و رواه الصدوق فی الفقیه أیضا (3)و سیأتی بعض أخبار هذا الباب فی أبواب قصص مریم و عیسی علیه السلام و بعضها فی باب أحوال بختنصر.
«42»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ عَنِ النَّبِیِّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا رَفَعَ اللَّهُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ اسْتَخْلَفَ فِی قَوْمِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ فَلَمْ یَزَلْ شَمْعُونُ فِی قَوْمِهِ یَقُومُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی اسْتَخْلَصَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بَعَثَ فِی عِبَادِهِ نَبِیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ هُوَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَمَضَی شَمْعُونُ وَ مَلَكَ عِنْدَ ذَلِكَ أَرْدَشِیرُ بْنُ أشكاس (أَشْكَانَ) (4)أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَ فِی ثَمَانِ سِنِینَ مِنْ مُلْكِهِ قَتَلَتِ الْیَهُودُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَجْعَلَ الْوَصِیَّةَ فِی وُلْدِ شَمْعُونَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ مُلُوكِ الْأَرْضِ (5).
بیان: الجمع بین الأخبار الدالة علی تقدم وفاة یحیی علیه السلام علی رفع عیسی علیه السلام و بین ما دل علی تأخرها عنه مشكل إلا أن یحمل بعضها علی التقیة أو یقال إن اللّٰه أحیا یحیی بعد موته و بعثه إلیهم و اللّٰه یعلم (6).
ص: 190
الآیات؛
آل عمران: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ* ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ *إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ* فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَ أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَیْها زَكَرِیَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ»(33-37)
(و قال تعالی): «وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ* یا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ* ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یَخْتَصِمُونَ* إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُ