بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 14

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 14: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب النبوة

أبواب قصص داود علیه السلام

باب 1 عمره و وفاته و فضائله و ما أعطاه اللّٰه و منحه و علل تسمیته و كیفیة حكمه و قضائه

الآیات؛

النساء و الأسری: «وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً»(163و55)

المائدة: «لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ* كانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا یَفْعَلُونَ»(78-79)

الأنعام: «وَ نُوحاً هَدَیْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ»(84)

الأنبیاء: «وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ* فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ وَ كُنَّا فاعِلِینَ* وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ»(78-80)

النمل: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وَ سُلَیْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلی كَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ»(15)

سبأ: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ* أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّی بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ»(10-11)

ص: 1

«1»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَاتَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام یَوْمَ السَّبْتِ مَفْجُوءاً فَأَظَلَّتْهُ الطَّیْرُ بِأَجْنِحَتِهَا وَ مَاتَ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ فِی التِّیهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مُوسَی وَ أَیُّ نَفْسٍ لَا تَمُوتُ (2).

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر محمد بن الحسین مثله.

«2»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ أَرْبَعَةً لِلسَّیْفِ إِبْرَاهِیمَ وَ دَاوُدَ وَ مُوسَی وَ أَنَا الْخَبَرَ (3).

«3»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مَخْتُوناً فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَیْثٌ مَخْتُوناً وَ إِدْرِیسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ (4).

«4»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی دَاوُدَ أَنَّهُ دَاوَی جُرْحَهُ بِوُدٍّ وَ قَدْ قِیلَ دَاوَی وُدَّهُ بِالطَّاعَةِ حَتَّی قِیلَ عَبْدٌ (5).

أقول: سیأتی الخبر فی ذلك فی قصة النملة.

«5»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ أَنْبِیَاءَ مُلُوكاً فِی الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ اسْمُهُ عَیَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَیْمَانُ وَ یُوسُفُ علیهم السلام فَأَمَّا عَیَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مَلَكَ سُلَیْمَانُ وَ أَمَّا یُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِیَهَا لَمْ یُجَاوِزْهَا إِلَی غَیْرِهَا (6).

ص: 2


1- هكذا فی النسخ و هو وهم، و الصحیح كما فی المصدر: محمّد بن الحصین بالصاد.
2- فروع الكافی 1: 31.
3- الخصال 1: 107.
4- عیون الأخبار: 134 علل الشرائع: 198.
5- معانی الأخبار: 19.
6- الخصال 1: 118.

«6»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ إِلَی قَوْلِهِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی دَاوُدَ وَ سُلَیْمَانَ مَا لَمْ یُعْطَ أَحَداً مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ مِنَ الْآیَاتِ عَلَّمَهُمَا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أَلَانَ لَهُمَا الْحَدِیدَ وَ الصُّفْرَ مِنْ غَیْرِ نَارٍ وَ جُعِلَتِ الْجِبَالُ یُسَبِّحْنَ (1)مَعَ دَاوُدَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الزَّبُورَ فِیهِ تَوْحِیدٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ دُعَاءٌ وَ أَخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام (2)وَ أَخْبَارُ الرَّجْعَةِ وَ ذِكْرُ الْقَائِمِ علیه السلام لِقَوْلِهِ وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ (3)

«7»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ أَیْ سَبِّحِی لِلَّهِ وَ الطَّیْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ قَالَ كَانَ دَاوُدُ إِذَا مَرَّ فِی الْبَرَارِی یَقْرَأُ الزَّبُورَ تُسَبِّحُ الْجِبَالُ وَ الطَّیْرُ مَعَهُ وَ الْوُحُوشُ وَ أَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْحَدِیدَ مِثْلَ الشَّمْعِ حَتَّی كَانَ یَتَّخِذُ مِنْهُ مَا أَحَبَّ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام وَ قَوْلُهُ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ قَالَ الدُّرُوعَ وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ قَالَ الْمَسَامِیرِ الَّتِی فِی الْحَلْقَةِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّی بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (4)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ أی قلنا للجبال یا جبال سبِّحی معه عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد قالوا أمر اللّٰه الجبال أن تسبح معه إذا سبح فسبحت معه و تأویله عند أهل اللغة رجِّعی معه التسبیح من آب یئوب و یجوز أن یكون سبحانه فعل فی الجبال ما یأتی به منها التسبیح معجزا له و أما الطیر فیجوز أن یسبح و یحصل له من التمیز ما یتأتی منه ذلك بأن یزید اللّٰه فی فطنته فیفهم ذلك انتهی. (5)

أقول: یمكن أن یكون تسبیح الجبال كنایة عن تسبیح الملائكة الساكنین بها أو بأن خلق اللّٰه الصوت فیها أو علی القول بأن للجمادات شعورا فلا حاجة إلی كثیر تكلف

ص: 3


1- فی نسخة: و جعلت الجبال تسبح مع داود.
2- فی المصدر: و الأئمّة من ذریتهما.
3- تفسیر القمّیّ: 476.
4- تفسیر القمّیّ: 536.
5- مجمع البیان 8: 381.

و أما الطیور فلا دلیل علی عدم تمییزها و قابلیتها للتسبیح مع أن كثیرا من الأخبار دلت علی أن لها تسبیحا و ما سیأتی من قصة النمل یؤیده.

ثم قال رحمه اللّٰه و قیل معناه سیری معه فكانت الجبال و الطیر تسیر معه أینما سار و التأویب السیر بالنهار و قیل معناه ارجعی إلی مراد داود فیما یریده من حفر بئر و استنباط عین و استخراج معدن (1)أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ أی قلنا له اعمل من الحدید دروعا تامات وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ أی عدل فی نسج الدروع و منه قیل لصانعها سراد و زراد و المعنی لا تجعل المسامیر دقاقا فتنفلق و لا غلاظا فتكسر الحلق (2)و قیل السرد المسامیر التی فی حلق الدروع (3).

«8»-فس، تفسیر القمی وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أَیِ الزَّرَدِ (4)لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (5)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ قیل معناه سیرنا الجبال مع داود حیث سار فعبر عن ذلك بالتسبیح لما فیه من الآیة العظیمة التی تدعو إلی تسبیح اللّٰه تعالی و تعظیمه و تنزیهه عن كل ما لا یلیق به و كذلك تسخیر الطیر له تسبیح یدل علی أن مسخرها قادر لا یجوز علیه ما یجوز علی العباد عن الجبائی و علی بن عیسی و قیل إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبیح و كذلك الطیر تسبح معه بالغداة و العشی معجزة له عن وهب و فی قوله وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أی علمناه كیف یصنع الدرع قال قتادة أول من صنع الدرع داود إنما كانت صفائح جعل اللّٰه سبحانه الحدید فی یده كالعجین فهو أول من سردها و حلقها فجمعت الخفة و التحصین و هو قوله لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ أی لیحرزكم و یمنعكم من وقع السلاح فیكم

ص: 4


1- فی المصدر زیادة و هی: و وضع طریق «وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ» فصار فی یده كالشمع یعمل به ما شاء من غیر أن یدخله النار و لا أن یضربه بالمطرقة، عن قتادة.
2- انفلق: انشق، و فی المصدر فتفلق أی فتشق. و فی نسخة: فتنكسر الحلق.
3- مجمع البیان 8: 381 و 382.
4- فی المصدر: یعنی الدرع.
5- تفسیر القمّیّ: 431.

عن السدی و قیل معناه من حربكم أی فی حالة الحرب و القتال و قیل إن سبب إلانة الحدید لداود علیه السلام أنه كان نبیا ملكا و كان یطوف فی ولایته متنكرا یتعرف أحوال عماله و متصرفیه فاستقبله جبرئیل ذات یوم علی صورة آدمی و سلم علیه فرد السلام و قال ما سیرة داود فقال نعمت السیرة لو لا خصلة فیه قال و ما هی قال إنه یأكل من بیت مال المسلمین فشكره و أثنی علیه و قال لقد أقسم داود أنه لا یأكل من بیت مال المسلمین فعلم اللّٰه سبحانه صدقه فألان له الحدید كما قال وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ (1)

«9»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لِدَاوُدَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ قَالَ هِیَ الدِّرْعُ وَ السَّرْدُ تَقْدِیرُ الْحَلْقَةِ بَعْدَ الْحَلْقَةِ (2).

بیان: كأنه تفسیر لتقدیر السرد.

«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَیْدِ قَالَ ذَا الْقُوَّةِ (3).

«11»-فس، تفسیر القمی إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ یَعْنِی إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ (4).

«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَدْعُو أَنْ یُلْهِمَهُ اللَّهُ الْقَضَاءَ بَیْنَ النَّاسِ بِمَا هُوَ عِنْدَهُ تَعَالَی الْحَقُّ فَأَوْحَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ النَّاسَ

ص: 5


1- مجمع البیان 7: 58.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- قصص الأنبیاء مخطوط. و قد أورد المصنّف هذه الآیة و ما بعدها فی الباب الآتی فی ضمن الآیات، و المناسبة تقتضی ایرادها فی هذا الباب.
4- تفسیر القمّیّ: 562.

لَا یَحْتَمِلُونَ ذَلِكَ وَ إِنِّی سَأَفْعَلُ وَ ارْتَفَعَ إِلَیْهِ رَجُلَانِ فَاسْتَعْدَاهُ (1)أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ فَأَمَرَ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ أَنْ یَقُومَ إِلَی الْمُسْتَعْدِی فَیَضْرِبَ عُنُقَهُ فَفَعَلَ فَاسْتَعْظَمَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ ذَلِكَ وَ قَالَتْ رَجُلٌ جَاءَ یَتَظَلَّمُ مِنْ رَجُلٍ فَأَمَرَ الظَّالِمَ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ رَبِّ أَنْقِذْنِی مِنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ (2)قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ سَأَلْتَنِی أَنْ أُلْهِمَكَ الْقَضَاءَ بَیْنَ عِبَادِی بِمَا هُوَ عِنْدِیَ الْحَقُّ وَ إِنَّ هَذَا الْمُسْتَعْدِیَ قَتَلَ أَبَا هَذَا الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ فَأَمَرْتُ فَضَرَبْتَ (3)عُنُقَهُ قَوَداً بِأَبِیهِ وَ هُوَ مَدْفُونٌ فِی حَائِطِ كَذَا وَ كَذَا تَحْتَ شَجَرَةِ كَذَا فَأْتِهِ فَنَادِهِ بِاسْمِهِ فَإِنَّهُ سَیُجِیبُكَ فَسَلْهُ قَالَ فَخَرَجَ دَاوُدُ علیه السلام وَ قَدْ فَرِحَ فَرَحاً شَدِیداً لَمْ یَفْرَحْ مِثْلَهُ فَقَالَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ قَدْ فَرَّجَ اللَّهُ فَمَشَی وَ مَشَوْا مَعَهُ فَانْتَهَی إِلَی الشَّجَرَةِ فَنَادَی یَا فُلَانُ فَقَالَ لَبَّیْكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَتَلَكَ قَالَ فُلَانٌ فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَسَمِعْنَاهُ یَقُولُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ الْعِبَادَ لَا یُطِیقُونَ الْحُكْمَ بِمَا هُوَ عِنْدِیَ الْحُكْمُ فَسَلِ الْمُدَّعِیَ الْبَیِّنَةَ وَ أَضِفِ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ إِلَی اسْمِی (4).

«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُرِیَهُ قَضِیَّةً مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنَّ الَّذِی سَأَلْتَنِی لَمْ أُطْلِعْ عَلَیْهِ (5)أَحَداً مِنْ خَلْقِی وَ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَقْضِیَ بِهِ غَیْرِی قَالَ فَلَمْ یَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ عَادَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ یُرِیَهُ قَضِیَّةً مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ قَالَ فَأَتَاهُ جَبْرَائِیلُ فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ رَبَّكَ شَیْئاً مَا سَأَلَهُ قَبْلَكَ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ یَا دَاوُدُ إِنَّ الَّذِی سَأَلْتَ لَمْ یُطْلِعِ اللَّهُ عَلَیْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَقْضِیَ بِهِ غَیْرُهُ فَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَی دَعْوَتَكَ وَ أَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ إِنَّ أَوَّلَ خَصْمَیْنِ یَرِدَانِ عَلَیْكَ غَداً الْقَضِیَّةُ فِیهِمَا مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ

ص: 6


1- أی استعان به و استنصره.
2- الورطة: كل امر تعسر النجاة منه.
3- هكذا فی النسخ، و لعله مصحف فضرب و ان كان العنق قد یؤنث، و یمكن ان یقرأ بالخطاب. و القود: القصاص و قتل القاتل بدل القتیل.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. اضاف الشی ء إلی الشی ء: اماله و اسنده و ضمه.
5- أطلعه علیه: أظهره له.

دَاوُدُ وَ جَلَسَ فِی مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَتَی شَیْخٌ (1)مُتَعَلِّقٌ بِشَابٍّ وَ مَعَ الشَّابِّ عُنْقُودٌ مِنْ عِنَبٍ فَقَالَ الشَّیْخُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الشَّابَّ دَخَلَ بُسْتَانِی وَ خَرَّبَ كَرْمِی وَ أَكَلَ مِنْهُ بِغَیْرِ إِذْنِی (2)قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ لِلشَّابِّ مَا تَقُولُ فَأَقَرَّ الشَّابُّ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ إِنْ كَشَفْتُ لَكَ مِنْ قَضَایَا الْآخِرَةِ فَقَضَیْتَ بِهَا بَیْنَ الشَّیْخِ وَ الْغُلَامِ لَمْ یَحْتَمِلْهَا قَلْبُكَ وَ لَا یَرْضَی بِهَا قَوْمُكَ (3)یَا دَاوُدُ إِنَّ هَذَا الشَّیْخَ اقْتَحَمَ عَلَی وَالِدِ هَذَا الشَّابِّ فِی بُسْتَانِهِ فَقَتَلَهُ وَ غَصَبَهُ بُسْتَانَهُ (4)وَ أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَنَهَا فِی جَانِبِ بُسْتَانِهِ فَادْفَعْ إِلَی الشَّابِّ سَیْفاً وَ مُرْهُ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَ الشَّیْخِ وَ ادْفَعْ إِلَیْهِ الْبُسْتَانَ وَ مُرْهُ أَنْ یَحْفِرَ فِی مَوْضِعِ كَذَا مِنَ الْبُسْتَانِ وَ یَأْخُذَ مَالَهُ قَالَ فَفَزِعَ دَاوُدُ علیه السلام مِنْ ذَلِكَ وَ جَمَعَ عُلَمَاءَ أَصْحَابِهِ وَ أَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَ أَمْضَی الْقَضِیَّةَ عَلَی مَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ (5).

كا، الكافی علی بن إبراهیم عن أبیه و عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن ابن محبوب مثله (6).

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَی دَاوُدَ النَّبِیِّ فِی بَقَرَةٍ فَجَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ (7)(عَلَی أَنَّهَا لَهُ) وَ جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ عَلَی أَنَّهَا لَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ الْمِحْرَابَ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ أَعْیَانِی أَنْ أَحْكُمَ بَیْنَ هَذَیْنِ فَكُنْ أَنْتَ الَّذِی تَحْكُمُ (8)فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی اخْرُجْ فَخُذِ الْبَقَرَةَ مِنَ الَّذِی هِیَ فِی یَدِهِ وَ ادْفَعْهَا إِلَی آخَرَ وَ اضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ فَضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ (9)وَ قَالُوا جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ وَ جَاءَ هَذَا بِبَیِّنَةٍ مِثْلِ بَیِّنَةِ هَذَا وَ كَانَ أَحَقُّهُمْ بِإِعْطَائِهَا الَّذِی هِیَ فِی یَدِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ

ص: 7


1- فی الكافی: قال فلما أصبح داود جلس فی مجلس القضاء أتاه شیخ.
2- فی الكافی هنا زیادة و هی: و هذا العنقود أخذه بغیر اذنی.
3- فی الكافی: إنی ان كشفت لك عن قضایا الآخرة فقضیت بها بین الشیخ و الغلام لم یحتملها قلبك و لم یرض بها قومك.
4- فی الكافی: و غصب بستانه.
5- القصص مخطوط. أمضی القضیة: أجازها.
6- فروع الكافی 2: 361 و 362.
7- فی الكافی: فجاء هذا ببینة علی أنّها له.
8- فی المصدر: فكن انت الذی یحكم.
9- فی المصدر: فضجت بنو إسرائیل من ذلك.

وَ ضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَعْطَاهَا لِلْآخَرِ فَدَخَلَ دَاوُدُ الْمِحْرَابَ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ ضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بِمَا حَكَمْتَ (1)فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنَّ الَّذِی كَانَتِ الْبَقَرَةُ فِی یَدِهِ لَقِیَ أَبَا الْآخَرِ فَقَتَلَهُ وَ أَخَذَ الْبَقَرَةَ مِنْهُ فَإِذَا جَاءَكَ مِثْلُ هَذَا فَاحْكُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا تَرَی (2)وَ لَا تَسْأَلْنِی أَنْ أَحْكُمَ بَیْنَهُمْ حَتَّی الْحِسَابِ (3).

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن فضالة مثله (4).

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلَی عَهْدِ دَاوُدَ علیه السلام سِلْسِلَةٌ یَتَحَاكَمُ النَّاسُ إِلَیْهَا وَ إِنَّ رَجُلًا أَوْدَعَ رَجُلًا جَوْهَراً فَجَحَدَهُ إِیَّاهُ فَدَعَاهُ إِلَی سِلْسِلَةٍ فَذَهَبَ مَعَهُ إِلَیْهَا وَ قَدْ أَدْخَلَ الْجَوْهَرَ فِی قَنَاةٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَتَنَاوَلَ السِّلْسِلَةَ قَالَ لَهُ أَمْسِكْ هَذِهِ الْقَنَاةَ حَتَّی آخُذَ السِّلْسِلَةَ فَأَمْسَكَهَا وَ دَنَا الرَّجُلُ مِنَ السِّلْسِلَةِ فَتَنَاوَلَهَا وَ أَخَذَهَا وَ صَارَتْ فِی یَدِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ وَ رُفِعَتِ السِّلْسِلَةُ (5).

«16»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَاشَ دَاوُدُ مِائَةَ سَنَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً مُلْكُهُ (6).

«17»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ عِیسَی بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا عُرِضَ عَلَی آدَمَ وُلْدُهُ نَظَرَ إِلَی دَاوُدَ فَأَعْجَبَهُ فَزَادَهُ خَمْسِینَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ قَالَ وَ نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ فَكَتَبَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ صَكّاً

ص: 8


1- فی المصدر: قد ضجت بنو إسرائیل ممّا حكمت.
2- أی بما تری من البینة و بالایمان.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- فروع الكافی 2: 366.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.
6- كمال الدین: 289. و فیه: منها أربعون سنة فی ملكه.

بِالْخَمْسِینَ سَنَةً (1)فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ نَزَلَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ آدَمُ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُمُرِی خَمْسُونَ سَنَةً فَقَالَ فَأَیْنَ الْخَمْسُونَ الَّتِی جَعَلْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ قَالَ فَإِمَّا أَنْ یَكُونَ نَسِیَهَا أَوْ أَنْكَرَهَا فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ شَهِدَا عَلَیْهِ فَقَبَضَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَانَ أَوَّلَ صَكٍّ كُتِبَ فِی الدُّنْیَا (2).

«18»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَهْبَطَ ظُلَلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَی آدَمَ وَ هُوَ بِوَادٍ یُقَالُ لَهُ الرَّوْحَاءُ (3)وَ هُوَ وَادٍ بَیْنَ الطَّائِفِ وَ مَكَّةَ ثُمَّ صَرَخَ بِذُرِّیَّتِهِ وَ هُمْ ذَرٌّ (4)قَالَ فَخَرَجُوا كَمَا یَخْرُجُ النَّحْلُ مِنْ كُورِهَا (5)فَاجْتَمَعُوا عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی فَقَالَ اللَّهُ لِآدَمَ انْظُرْ مَا ذَا تَرَی فَقَالَ آدَمُ ذَرّاً كَثِیراً (6)عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی فَقَالَ اللَّهُ یَا آدَمُ هَؤُلَاءِ ذُرِّیَّتُكَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ ظَهْرِكَ لِآخُذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ لِی بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ لِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ كَمَا أَخَذْتُهُ عَلَیْهِمْ فِی السَّمَاءِ قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ وَ كَیْفَ وَسِعَتْهُمْ ظَهْرِی قَالَ اللَّهُ یَا آدَمُ بِلُطْفِ صَنِیعِی وَ نَافِذِ قَدَرِی قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ فَمَا تُرِیدُ مِنْهُمْ فِی الْمِیثَاقِ قَالَ اللَّهُ أَنْ لَا یُشْرِكُوا بِی شَیْئاً قَالَ آدَمُ فَمَنْ أَطَاعَكَ مِنْهُمْ یَا رَبِّ فَمَا جَزَاؤُهُ قَالَ اللَّهُ أُسْكِنُهُ جَنَّتِی قَالَ آدَمُ فَمَنْ عَصَاكَ فَمَا جَزَاؤُهُ قَالَ أُسْكِنُهُ

ص: 9


1- قد نص فیما تقدم من الاخبار فی قصص آدم علیه السلام و فیما یاتی بعد ذلك أن كتابة الصك صارت سنة بعد ما نسی ذلك آدم علیه السلام فتامل. و یعارضها ذلك و خبر تقدم هناك، و علی ای لا یبعد القول بصدورها تقیة لأنّها تشتمل علی السهو الذی یخالف مذهب الإمامیّة و العامّة رووها بطرق مختلفة. و الصك: كتاب الإقرار بالمال أو غیره.
2- فروع الكافی 2: 348- 349.
3- الروحاء: من عمل الفرع علی نحو من أربعین یوما، أو ست و ثلاثین یوما، أو ثلاثین علی اختلاف ذكره یاقوت، و الفرع: قریة من نواحی المدینة عن یسار السقیا بینها و بین المدینة ثمانیة برد علی طریق مكّة، و قیل أربع لیال. و تقدم فی الحدیث الثانی من الباب الثامن من قصص آدم علیه السلام وادی الدخیاء و غیره، و ذكرنا هناك ما یقتضی المقام، و بذلك یعرف ان ما تقدم هناك مصحف راجع 11: 259.
4- فی نسخة: ثم خرج بذریته و هم ذر.
5- الكور بالضم: موضع الزنابیر.
6- فی نسخة: ذر كثیر.

نَارِی قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ لَقَدْ عَدَلْتَ فِیهِمْ وَ لَیَعْصِیَنَّكَ أَكْثَرُهُمْ إِنْ لَمْ تَعْصِمْهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام ثُمَّ عَرَضَ اللَّهُ عَلَی آدَمَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَعْمَارَهُمْ قَالَ فَمَرَّ آدَمُ بِاسْمِ دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام فَإِذَا عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَقَالَ یَا رَبِّ مَا أَقَلَّ عُمُرَ دَاوُدَ وَ أَكْثَرَ عُمُرِی یَا رَبِّ إِنْ أَنَا زِدْتُ دَاوُدَ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً أَ یُنْفَذُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ یَا آدَمُ قَالَ فَإِنِّی قَدْ زِدْتُهُ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً فَأَنْفِذْ ذَلِكَ لَهُ وَ أَثْبِتْهَا لَهُ عِنْدَكَ وَ اطْرَحْهَا مِنْ عُمُرِی قَالَ فَأَثْبَتَ اللَّهُ لِدَاوُدَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتاً وَ مَحَا مِنْ عُمُرِ آدَمَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتاً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قَالَ فَمَحَا اللَّهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مُثْبَتاً لِآدَمَ وَ أَثْبَتَ لِدَاوُدَ مَا لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ مُثْبَتاً قَالَ فَلَمَّا دَنَا عُمُرُ آدَمَ هَبَطَ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام لِیَقْبِضَ رُوحَهُ فَقَالَ لَهُ آدَمُ علیه السلام یَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُمُرِی ثَلَاثِینَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ أَ لَمْ تَجْعَلْهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام وَ طَرَحْتَهَا مِنْ عُمُرِكَ حَیْثُ عَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِیَاءِ مِنْ ذُرِّیَّتِكَ وَ عَرَضَ عَلَیْكَ أَعْمَارَهُمْ وَ أَنْتَ بِوَادِی الرَّوْحَاءِ فَقَالَ آدَمُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَا أَذْكُرُ هَذَا فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ یَا آدَمُ لَا تَجْهَلْ أَ لَمْ تَسْأَلِ اللَّهَ أَنْ یُثْبِتَهَا لِدَاوُدَ وَ یَمْحُوَهَا مِنْ عُمُرِكَ فَأَثْبَتَهَا لِدَاوُدَ فِی الزَّبُورِ وَ مَحَاهَا مِنْ عُمُرِكَ مِنَ الذِّكْرِ قَالَ فَقَالَ آدَمُ أَحْضِرِ الْكِتَابَ حَتَّی أَعْلَمَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ كَانَ آدَمُ صَادِقاً لَمْ یَذْكُرْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَمِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ أَمَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ أَنْ یَكْتُبُوا بَیْنَهُمْ إِذَا تَدَایَنُوا وَ تَعَامَلُوا إِلَی أَجَلٍ مُسَمًّی لِنِسْیَانِ آدَمَ وَ جُحُودِ مَا جَعَلَ عَلَی نَفْسِهِ (1).

أقول: قد مضت الأخبار فی ذلك فی أبواب قصص آدم علیه السلام و فی بعضها أنه زاد فی عمر داود علیه السلام ستین سنة تمام المائة و هو أوفق بسائر الأخبار و اللّٰه یعلم.

«19»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ شَكَا إِلَی رَبِّهِ الْقَضَاءَ فَقَالَ كَیْفَ أَقْضِی بِمَا لَمْ تَرَ عَیْنِی وَ لَمْ تَسْمَعْ أُذُنِی فَقَالَ اقْضِ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ وَ قَالَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ أَرِنِی

ص: 10


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.

الْحَقَّ كَمَا هُوَ عِنْدَكَ حَتَّی أَقْضِیَ بِهِ فَقَالَ إِنَّكَ لَا تُطِیقُ ذَلِكَ فَأَلَحَّ عَلَی رَبِّهِ حَتَّی فَعَلَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ یَسْتَعْدِی عَلَی رَجُلٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَخَذَ مَالِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ أَنَّ هَذَا الْمُسْتَعْدِیَ قَتَلَ أَبَا هَذَا وَ أَخَذَ مَالَهُ فَأَمَرَ دَاوُدُ بِالْمُسْتَعْدِی فَقُتِلَ فَأَخَذَ مَالَهُ فَدَفَعَهُ إِلَی الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ قَالَ فَعَجِبَ النَّاسُ (1)وَ تَحَدَّثُوا حَتَّی بَلَغَ دَاوُدَ علیه السلام وَ دَخَلَ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا كَرِهَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ یَرْفَعَ ذَلِكَ فَفَعَلَ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنِ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَی اسْمِی یَحْلِفُونَ بِهِ (2).

«20»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسْجِدَ فَاسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ وَ هُوَ یَبْكِی وَ حَوْلَهُ قَوْمٌ یُسْكِتُونَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَبْكَاكَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ شُرَیْحاً قَضَی عَلَیَّ بِقَضِیَّةٍ مَا أَدْرِی مَا هِیَ إِنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ خَرَجُوا بِأَبِی مَعَهُمْ فِی سَفَرِهِمْ فَرَجَعُوا وَ لَمْ یَرْجِعْ أَبِی فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا مَا تَرَكَ مَالًا فَقَدَّمْتُهُمْ إِلَی شُرَیْحٍ فَاسْتَحْلَفَهُمْ وَ قَدْ عَلِمْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ أَبِی خَرَجَ وَ مَعَهُ مَالٌ كَثِیرٌ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ارْجِعُوا فَرَدَّهُمْ جَمِیعاً وَ الْفَتَی مَعَهُمْ إِلَی شُرَیْحٍ فَقَالَ لَهُ یَا شُرَیْحُ كَیْفَ قَضَیْتَ بَیْنَ هَؤُلَاءِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ادَّعَی هَذَا الْفَتَی عَلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِی سَفَرٍ وَ أَبُوهُ مَعَهُمْ فَرَجَعُوا وَ لَمْ یَرْجِعْ أَبُوهُ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ وَ سَأَلْتُهُمْ عَنْ مَالِهِ فَقَالُوا مَا خَلَّفَ شَیْئاً فَقُلْتُ لِلْفَتَی هَلْ لَكَ بَیِّنَةٌ عَلَی مَا تَدَّعِی قَالَ لَا فَاسْتَحْلَفْتُهُمْ فَقَالَ علیه السلام لِشُرَیْحٍ یَا شُرَیْحُ هَیْهَاتَ هَكَذَا تَحْكُمُ فِی مِثْلِ هَذَا فَقَالَ كَیْفَ هَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (3)فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا شُرَیْحُ وَ اللَّهِ لَأَحْكُمَنَّ فِیهِ بِحُكْمٍ مَا حَكَمَ بِهِ خَلْقٌ قَبْلِی إِلَّا دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام یَا قَنْبَرُ ادْعُ لِی شُرْطَةَ الْخَمِیسِ (4)فَدَعَاهُمْ فَوَكَّلَ بِهِمْ (5)

ص: 11


1- فی نسخة. فتعجب الناس.
2- فروع الكافی 2: 359.
3- فی التهذیب: كیف كان هذا یا أمیر المؤمنین؟.
4- الشرطة بالضم: هم اول كتیبة تشهد الحرب و تتهیأ للموت و طائفة من أعوان الولاة، سموا بذلك لانهم اعلموا أنفسهم بعلامات یعرفون بها، و المراد منه هنا لعله الأول. الخمیس: الجیش سمی به لانه مقسوم بخمسة أقسام: المقدّمة و الساقة و المیمنة و المیسرة و القلب، و سئل الأصبغ ابن نباتة: كیف سمیتم شرطة الخمیس؟ فقال: انا ضمنا له الذبح و ضمن لنا الفتح؛ یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام.
5- التهذیب خال عن كلمة «بهم».

بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَجُلًا مِنَ الشُّرْطَةِ ثُمَّ نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی وُجُوهِهِمْ فَقَالَ مَا ذَا تَقُولُونَ أَ تَقُولُونَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ بِأَبِ هَذَا الْفَتَی إِنِّی إِذاً لَجَاهِلٌ ثُمَّ قَالَ فَرِّقُوهُمْ وَ غَطُّوا رُءُوسَهُمْ فَفُرِّقَ بَیْنَهُمْ وَ أُقِیمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَی أُسْطُوَانَةٍ مِنْ أَسَاطِینِ الْمَسْجِدِ وَ رُءُوسُهُمْ مُغَطَّاةٌ بِثِیَابِهِمْ ثُمَّ دَعَا بِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ فَقَالَ هَاتِ صَحِیفَةً وَ دَوَاتاً وَ جَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَالَ إِذَا أَنَا كَبَّرْتُ فَكَبِّرُوا ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ أَفْرِجُوا ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ اكْتُبْ إِقْرَارَهُ وَ مَا یَقُولُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بِالسُّؤَالِ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِی أَیِّ یَوْمٍ خَرَجْتُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ وَ أَبُو هَذَا الْفَتَی مَعَكُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ وَ فِی أَیِّ شَهْرٍ قَالَ فِی شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا (1)قَالَ وَ إِلَی أَیْنَ بَلَغْتُمْ مِنْ سَفَرِكُمْ حِینَ مَاتَ أَبُو هَذَا الْفَتَی قَالَ إِلَی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ وَ فِی أَیِّ مَنْزِلٍ مَاتَ قَالَ فِی مَنْزِلِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ وَ مَا كَانَ مِنْ مَرَضِهِ (2)قَالَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ كَمْ یَوْماً مَرِضَ قَالَ كَذَا وَ كَذَا یَوْماً قَالَ فَمَنْ كَانَ یُمَرِّضُهُ وَ فِی أَیِّ یَوْمٍ مَاتَ وَ مَنْ غَسَّلَهُ وَ أَیْنَ غَسَّلَهُ وَ مَنْ كَفَّنَهُ وَ بِمَا كَفَّنْتُمُوهُ وَ مَنْ صَلَّی عَلَیْهِ وَ مَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ فَلَمَّا سَأَلَهُ عَنْ جَمِیعِ مَا یُرِیدُ كَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ فَارْتَابَ أُولَئِكَ الْبَاقُونَ وَ لَمْ یَشُكُّوا أَنَّ صَاحِبَهُمْ قَدْ أَقَرَّ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی نَفْسِهِ فَأَمَرَ أَنْ یُغَطَّی رَأْسُهُ وَ أَنْ یَنْطَلِقُوا بِهِ إِلَی الْحَبْسِ ثُمَّ دَعَا بِآخَرَ فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ كَلَّا زَعَمْتَ أَنِّی لَا أَعْلَمُ مَا صَنَعْتُمْ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَنَا إِلَّا وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ لَقَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِقَتْلِهِ فَأَقَرَّ ثُمَّ دَعَا بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ كُلُّهُمْ یُقِرُّ بِالْقَتْلِ وَ أَخْذِ الْمَالِ ثُمَّ رَدَّ الَّذِی كَانَ أَمَرَ بِهِ إِلَی السِّجْنِ فَأَقَرَّ أَیْضاً فَأَلْزَمَهُمُ الْمَالَ وَ الدَّمَ وَ قَالَ شُرَیْحٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَیْفَ كَانَ حُكْمُ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ دَاوُدَ النَّبِیَّ علیه السلام مَرَّ بِغِلْمَةٍ یَلْعَبُونَ وَ یُنَادُونَ بَعْضَهُمْ مَاتَ الدِّینُ فَدَعَا مِنْهُمْ غُلَاماً فَقَالَ لَهُ یَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ اسْمِی مَاتَ الدِّینُ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ مَنْ سَمَّاكَ بِهَذَا الِاسْمِ قَالَ أُمِّی

ص: 12


1- فی التهذیب زیادة و هی: فقال: فی ای سنة؟ قال: فی سنة كذا و كذا.
2- فی التهذیب: و ما كان مرضه؟.

فَانْطَلَقَ إِلَی أُمِّهِ فَقَالَ یَا امْرَأَةُ مَا اسْمُ ابْنِكِ هَذَا قَالَتْ مَاتَ الدِّینُ فَقَالَ لَهَا وَ مَنْ سَمَّاهُ بِهَذَا الِاسْمِ قَالَتْ أَبُوهُ قَالَ وَ كَیْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَتْ إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ فِی سَفَرٍ لَهُ وَ مَعَهُ قَوْمٌ وَ هَذَا الصَّبِیُّ حَمْلٌ فِی بَطْنِی فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ وَ لَمْ یَنْصَرِفْ زَوْجِی فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قُلْتُ أَیْنَ مَا تَرَكَ (1)قَالُوا لَمْ یُخَلِّفْ مَالًا فَقُلْتُ أَ وَصَّاكُمْ بِوَصِیَّةٍ فَقَالُوا نَعَمْ زَعَمَ أَنَّكِ حُبْلَی فَمَا وَلَدْتِ مِنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَی فَسَمِّیهِ مَاتَ الدِّینُ فَسَمَّیْتُهُ فَقَالَ أَ تَعْرِفِینَ الْقَوْمَ الَّذِینَ كَانُوا خَرَجُوا مَعَ زَوْجِكِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَحْیَاءٌ هُمْ أَمْ أَمْوَاتٌ قَالَتْ بَلْ أَحْیَاءٌ قَالَ فَانْطَلِقِی بِنَا إِلَیْهِمْ ثُمَّ مَضَی مَعَهَا فَاسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ فَحَكَمَ بَیْنَهُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ فَثَبَّتَ عَلَیْهِمُ الْمَالَ وَ الدَّمَ ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ سَمِّی ابْنَكِ عَاشَ الدِّینُ (2).

یب، تهذیب الأحكام علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن علی بن أبی حمزة عن أبی بصیر عن أبی جعفر علیه السلام مثله (3).

«21»-یه، من لا یحضره الفقیه التَّفْلِیسِیُّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّكَ نِعْمَ الْعَبْدُ لَوْ لَا أَنَّكَ تَأْكُلُ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ وَ لَا تَعْمَلُ بِیَدِكَ شَیْئاً قَالَ فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْحَدِیدِ أَنْ لِنْ لِعَبْدِی دَاوُدَ فَأَلَانَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ الْحَدِیدَ فَكَانَ یَعْمَلُ كُلَّ یَوْمٍ دِرْعاً فَیَبِیعُهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعَمِلَ علیه السلام ثَلَاثَ مِائَةٍ وَ سِتِّینَ دِرْعاً (4)فَبَاعَهَا بِثَلَاثِ مِائَةٍ وَ سِتِّینَ أَلْفاً وَ اسْتَغْنَی عَنْ بَیْتِ الْمَالِ (5).

«22»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ تَعَذَّرَتْ عَلَیْهِ الْحَوَائِجُ فَلْیَلْتَمِسْ طَلَبَهَا یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام (6).

ص: 13


1- فی نسخة: این ماله؟.
2- من لا یحضره الفقیه: 322.
3- التهذیب 2: 96- 97.
4- فی المصدر: فعمل علیه السلام بیده ثلاث مائة و ستین درعا.
5- من لا یحضره الفقیه: 355.
6- روضة الكافی: 143.

«23»-شا، الإرشاد رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ حَكَمَ بَیْنَ النَّاسِ بِحُكْمِ دَاوُدَ لَا یَحْتَاجُ إِلَی بَیِّنَةٍ یُلْهِمُهُ اللَّهُ تَعَالَی فَیَحْكُمُ بِعِلْمِهِ (1).

أقول: قال صاحب الكامل كان داود بن إیشا (2)من أولاد یهودا و كان قصیرا أزرق قلیل الشعر فلما قتل طالوت أتی بنو إسرائیل داود و أعطوه خزائن طالوت و ملكوه علیهم (3)و قیل إن داود ملك قبل أن یقتل جالوت (4)فلما ملك جعله اللّٰه نبیا ملكا و أنزل علیه الزبور و علمه صنعة الدروع و ألان له الحدید و أمر الجبال و الطیر أن یسبحن معه إذا سبح و لم یعط اللّٰه أحدا مثل صوته كان إذا قرأ الزبور تدنو الوحش حتی یؤخذ بأعناقها و كان شدید الاجتهاد كثیر العبادة و البكاء و كان یقوم اللیل و یصوم نصف الدهر و كان یحرسه كل یوم و لیلة أربعة آلاف و كان یأكل من كسب یده أربعة آلاف قیل أصاب الناس فی زمان داود علیه السلام طاعون جازف (5)فخرج بهم إلی موضع بیت المقدس و كان یری الملائكة تعرج منه إلی السماء فلهذا قصده لیدعو فیه فلما وقف موضع الصخرة دعا اللّٰه تعالی فی كشف الطاعون عنهم فاستجاب اللّٰه و رفع الطاعون فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا و كان الشروع فی بنائه لإحدی عشرة سنة مضت من ملكه و توفی قبل أن یستتم بناؤه و أوصی إلی سلیمان بإتمامه.

ثم إن داود علیه السلام توفی و كانت له جاریة تغلق الأبواب كل لیلة و تأتیه بالمفاتیح و یقوم إلی عبادته فأغلقتها لیلة فرأت فی الدار رجلا فقالت من أدخلك الدار قال أنا الذی أدخل علی الملوك بغیر إذن فسمع داود علیه السلام قوله فقال أنت ملك الموت فهلا أرسلت إلی فأستعد للموت قال قد أرسلنا إلیك كثیرا قال من كان رسولك قال أین أبوك و أخوك و جارك و معارفك قال ماتوا قال فهم كانوا رسلی إلیك بأنك تموت

ص: 14


1- الإرشاد: 345.
2- هو داود بن ایشا بن عوبذ بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عمی ناذب بن رام بن حصرون ابن فارص بن یهوذا بن یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم.
3- أی صیروه ملكا.
4- طالوت ظ.
5- الصحیح كما فی المصدر: «طاعون جارف» و الجارف: الموت العام.

كما ماتوا ثم قبضه فلما مات ورث سلیمان ملكه و علمه و نبوته و كان له تسعة عشر ولدا فورثه سلیمان دونهم و كان عمر داود علیه السلام لما توفی مائة صح ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كانت مدة ملكه أربعین سنة (1)24 كتاب البیان، لابن شهرآشوب یقال إن داود علیه السلام جزأ ساعات اللیل و النهار علی أهله فلم یكن ساعة إلا و إنسان من أولاده فی الصلاة فقال تعالی اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً (2)

«25»-نهج، نهج البلاغة وَ إِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ علیه السلام صَاحِبِ الْمَزَامِیرِ وَ قَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَقَدْ كَانَ یَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَیُّكُمْ یَكْفِینِی بَیْعَهَا وَ یَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِیرِ مِنْ ثَمَنِهَا (3).

بیان: قال الفیروزآبادی مزامیر داود علیه السلام ما كان یتغنی به من الزبور و قال ابن أبی الحدید إن داود علیه السلام أعطی من طیب النغم و لذة ترجیع القراءة ما كانت الطیور لأجله تقع علیه و هو فی محرابه و الوحش تسمعه فتدخل بین الناس و لا تنفر منهم لما قد استغرقها من طیب صوته و سفائف الخوص جمع سفیفة و هی النسیجة منه و الخوص ورق النخل (4)

أقول: لعل هذا كان قبل أن ألان اللّٰه له الحدید.

«26»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلَ مَا بُعِثَ كَانَ یَصُومُ حَتَّی یُقَالَ مَا یُفْطِرُ وَ یُفْطِرُ حَتَّی یُقَالَ مَا یَصُومُ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَ صَامَ یَوْماً وَ أَفْطَرَ یَوْماً وَ هُوَ صَوْمُ دَاوُدَ علیه السلام الْخَبَرَ(5).

ص: 15


1- كامل ابن الأثیر 1: 76 و 77 و 78.
2- مخطوط.
3- نهج البلاغة 1: 293.
4- شرح النهج 2: 471.
5- فروع الكافی 1: 187.

الحسین بن محمد عن المعلی عن الوشاء عن حماد بن عثمان عنه علیه السلام مثله (1).

«27»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا وَقَفَ الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ نَظَرَ إِلَی النَّاسِ وَ كَثْرَتِهِمْ فَصَعِدَ الْجَبَلَ فَأَقْبَلَ یَدْعُو فَلَمَّا قَضَی نُسُكَهُ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا دَاوُدُ یَقُولُ لَكَ رَبُّكَ لِمَ صَعِدْتَ الْجَبَلَ ظَنَنْتَ أَنَّهُ یَخْفَی عَلَیَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ ثُمَّ مَضَی بِهِ إِلَی الْبَحْرِ إِلَی جُدَّةَ فَرَسَبَ (2)بِهِ فِی الْمَاءِ مَسِیرَةَ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً فِی الْبَرِّ فَإِذَا صَخْرَةٌ فَفَلَقَهَا فَإِذَا فِیهَا دُودَةٌ فَقَالَ یَا دَاوُدُ یَقُولُ لَكَ رَبُّكَ أَنَا أَسْمَعُ صَوْتَ هَذِهِ فِی بَطْنِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فِی قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ فَظَنَنْتَ أَنَّهُ یَخْفَی عَلَیَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ(3).

بیان: لعله إنما ظن هذا غیره فنسب إلیه لیعلم غیره ذلك أو أنه ظن أن من أدب الدعاء أن لا تكون الأصوات مختلطة فنبه بذلك علی خلافه أو أن فعله لما كان مظنة ذلك عوتب بذلك و إن لم یكن غرضه ذلك و اللّٰه یعلم.

«28»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام لَأَعْبُدَنَّ اللَّهَ الْیَوْمَ عِبَادَةً وَ لَأَقْرَأَنَّ قِرَاءَةً لَمْ أَفْعَلْ مِثْلَهَا قَطُّ فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ فَفَعَلَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِضِفْدِعٍ فِی الْمِحْرَابِ فَقَالَ لَهُ یَا دَاوُدُ أَعْجَبَكَ الْیَوْمَ مَا فَعَلْتَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ قِرَاءَتِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَا یُعْجِبَنَّكَ فَإِنِّی أُسَبِّحُ اللَّهَ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ أَلْفَ تَسْبِیحَةٍ یَتَشَعَّبُ لِی مَعَ كُلِّ تَسْبِیحَةٍ ثَلَاثَةَ آلَافِ تَحْمِیدَةٍ وَ إِنِّی لَأَكُونُ فِی قَعْرِ الْمَاءِ فَیُصَوِّتُ الطَّیْرُ فِی الْهَوَاءِ فَأَحْسَبُهُ جَائِعاً فَأَطْفُو لَهُ (4)عَلَی الْمَاءِ لِیَأْكُلَنِی وَ مَا لِی ذَنْبٌ (5).

ص: 16


1- فروع الكافی 1: 187، و الفاظ الحدیث یخالف ما رواه محمّد بن مسلم بكثیر الا انه بمعناه.
2- رسب الشی ء فی الماء: سقط الی أسفله.
3- فروع الكافی 1: 224.
4- طفا: علا فوق الماء و لم یرسب و منه السمك الطافی و هو الذی یموت فی الماء فیعلو و یظهر.
5- مخطوط.

«29»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ دَاوُدَ النَّبِیَّ علیه السلام كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ فِی مِحْرَابِهِ إِذْ مَرَّتْ بِهِ دُودَةٌ حَمْرَاءُ صَغِیرَةٌ تَدُبُّ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَنَظَرَ إِلَیْهَا دَاوُدُ وَ حَدَّثَ فِی نَفْسِهِ لِمَ خُلِقَتْ هَذِهِ الدُّودَةُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا تَكَلَّمِی فَقَالَتْ لَهُ یَا دَاوُدُ هَلْ سَمِعْتَ حِسِّی أَوِ اسْتَبَنْتَ (1)عَلَی الصَّفَا أَثَرِی فَقَالَ لَهَا دَاوُدُ لَا قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَبِیبِی وَ نَفَسِی وَ حِسِّی وَ یَرَی أَثَرَ مَشْیِی فَاخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ (2).

عَرَائِسُ الثَّعْلَبِیِّ، قَالَ وَهْبٌ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً لَا یَرْقَأُ لَهُ دَمْعَةٌ (3)لَیْلًا وَ لَا نَهَاراً فَقَسَّمَ الدَّهْرَ عَلَی أَرْبَعَةِ أَیَّامٍ یَوْمٌ لِلْقَضَاءِ بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یَوْمٌ لِنِسَائِهِ وَ یَوْمٌ یُسَبِّحُ فِیهِ فِی الْفَیَافِی وَ الْجِبَالِ وَ السَّاحِلِ وَ یَوْمٌ یَخْلُو فِی دَارٍ لَهُ فِیهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِحْرَابٍ فَیَجْتَمِعُ إِلَیْهِ الرُّهْبَانُ فَیَنُوحُ مَعَهُمْ عَلَی نَفْسِهِ وَ یُسَاعِدُونَهُ عَلَی ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ سِیَاحَتِهِ یَخْرُجُ إِلَی الْفَیَافِی فَیَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِیرِ فَیَبْكِی وَ یَبْكِی مَعَهُ الشَّجَرُ وَ الْمَدَرُ وَ الرِّمَالُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ الْحِیتَانُ وَ دَوَابُّ الْبَحْرِ وَ طَیْرُ الْمَاءِ وَ السِّبَاعُ وَ یَبْكِی مَعَهُ الْجِبَالُ وَ الْحِجَارَةُ وَ الدَّوَابُّ وَ الطَّیْرُ حَتَّی یَسِیلَ مِنْ دُمُوعِهِمْ مِثْلَ الْأَنْهَارِ ثُمَّ یَجِی ءُ إِلَی الْبِحَارِ فَیَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْمَزَامِیرِ وَ یَبْكِی فَتَبْكِی مَعَهُ الْحِیتَانُ وَ دَوَابُّ الْبَحْرِ فَإِذَا أَمْسَی رَجَعَ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ نَوْحِهِ عَلَی نَفْسِهِ نَادَی مُنَادِیهِ أَنَّ الْیَوْمَ یَوْمُ نَوْحِ دَاوُدَ عَلَی نَفْسِهِ فَلْیَحْضُرْ مَنْ یُسَاعِدُهُ قَالَ فَیَدْخُلُ الدَّارَ الَّتِی فِیهَا الْمَحَارِیبُ فَیُبْسَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ فُرُشٍ مِنْ مُسُوحٍ (4)حَشْوُهَا اللِّیفُ فَیَجْلِسُ عَلَیْهَا وَ یَجِی ءُ الرُّهْبَانُ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَاهِبٍ عَلَیْهِمُ الْبَرَانِسُ وَ فِی أَیْدِیهِمُ الْعِصِیُّ فَیَجْلِسُونَ فِی تِلْكَ الْمَحَارِیبِ ثُمَّ یَرْفَعُ دَاوُدُ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّوْحِ عَلَی نَفْسِهِ وَ یَرْفَعُ الرُّهْبَانُ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ فَلَا یَزَالُ یَبْكِی حَتَّی یَغْرِقَ الْفِرَاشُ مِنْ

ص: 17


1- أی استوضحته و عرفته بینا.
2- مخطوط أورده المسعودیّ أیضا فی اثبات الوصیة، و فیه: فأوحی اللّٰه إلیه أن تكلمه، فقالت له: أنا علی صغری و تهاونك بی أكثر لذكر اللّٰه منك، یا داود هل سمعت حسی او تبینت اثری؟.
3- أی لا یجف و لا ینقطع.
4- جمع المسح: البلاس یقعد علیه.

دُمُوعِهِ وَ یَقَعَ دَاوُدُ فِیهَا مِثْلَ الْفَرْخِ یَضْطَرِبُ فَیَجِی ءُ ابْنُهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَیَحْمِلُهُ وَ یَأْخُذُ دَاوُدُ مِنْ تِلْكَ الدُّمُوعِ بِكَفَّیْهِ ثُمَّ یَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَ یَقُولُ یَا رَبِّ اغْفِرْ مَا تَرَی فَلَوْ عُدِلَ بُكَاءُ دَاوُدَ وَ دُمُوعُهُ بِبُكَاءِ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ دُمُوعِهِمْ لَعَدَلَهَا وَ قَالَ وَهْبٌ لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَی دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَبْدَأُ بِالدُّعَاءِ وَ یَسْتَغْفِرُ لِلْخَاطِئِینَ قَبْلَ نَفْسِهِ فَیَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْخَاطِئِینَ فَعَسَاكَ تَغْفِرُ لِدَاوُدَ مَعَهُمْ وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ بَعْدَ الْخَطِیئَةِ لَا یُجَالِسُ إِلَّا الْخَاطِئِینَ ثُمَّ یَقُولُ تَعَالَوْا إِلَی دَاوُدَ الْخَاطِئِ وَ لَا یَشْرَبُ شَرَاباً إِلَّا وَ هُوَ مَمْزُوجٌ بِدُمُوعِ عَیْنَیْهِ وَ كَانَ یَذُرُّ عَلَیْهِ الْمِلْحَ وَ الرَّمَادَ (1)فَیَقُولُ وَ هُوَ یَأْكُلُ هَذَا أَكْلُ الْخَاطِئِینَ وَ كَانَ قَبْلَ الْخَطِیئَةِ یَقُومُ نِصْفَ اللَّیْلِ وَ یَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ وَ بَعْدَهَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَ قَامَ اللَّیْلَ كُلَّهُ (2).

ص: 18


1- فیه غرابة ظاهرة و كذا فیما تقدم من قوله: حتی یغرق الفراش من دموعه، و هو بالاغراق و المبالغة أشبه.
2- العرائس: 159.

باب 2 قصة داود علیه السلام و أوریا و ما صدر عنه من ترك الأولی و ما جری بینه و بین حزقیل علیهما السلام «1»

باب 2 قصة داود علیه السلام و أوریا و ما صدر عنه من ترك الأولی و ما جری بینه و بین حزقیل علیهما السلام (1)

الآیات؛

ص: «وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَیْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ* وَ الطَّیْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ* وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَیْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ* وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلی داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ* إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ* قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَیَبْغِی بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ* فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ* یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوی فَیُضِلَّكَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ»(17-26)

تفسیر: «الْأَیْدِ»: القوة، «أَوَّابٌ»: أی رجاع إلی اللّٰه تعالی و مرضاته، «وَ الْإِشْراقِ»: هو حین تشرق الشمس أی تضی ء و تصفو شعاعها و هو وقت الضحی أو وقت شروق الشمس و طلوعها و الحاصل وقت الرواح و الصباح مَحْشُورَةً أی مجموعة إلیه تسبح اللّٰه معه كُلٌّ لَهُ من الجبال و الطیر لأجل تسبیحه رجاع إلی التسبیح وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ أی قویناه بالهیبة و النصرة و كثرة الجنود وَ آتَیْناهُ الْحِكْمَةَ أی النبوة أو كمال العلم و إتقان العمل وَ فَصْلَ الْخِطابِ قیل یعنی الشهود و الأیمان و قیل هو علم القضاء و الفهم إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ أی تصعدوا سور الغرفة تفعل من السور فَفَزِعَ مِنْهُمْ لأنهم

ص: 19


1- فی أكثر النسخ «خرقیل» بالخاء، و كذلك فی الروایات الآتیة.

نزلوا علیه من فوق فی یوم الاحتجاب و الحرس علی الباب وَ لا تُشْطِطْ أی و لَا تَجُرْ علینا فی حكمك إِلی سَواءِ الصِّراطِ أی وسطه و هو العدل و النعجة الأنثی من الضأن أَكْفِلْنِیها أی ملكنیها و حقیقته اجعلنی أكفلها كما أكفل ما تحت یدی و قیل اجعلها كفلی أی نصیبی وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ أی غلبنی فی مخاطبته إیای محاجة بأن جاء بحجاج و لم أقدر رده أو فی مغالبته إیای فی الخطبة وَ قَلِیلٌ ما هُمْ أی و هم قلیل و ما مزیدة للإبهام و التعجب من قلتهم أَنَّما فَتَنَّاهُ أی امتحناه و خَرَّ راكِعاً قال الأكثر أی ساجدا و قیل خر للسجود راكعا أی مصلیا.

«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام لَمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الزَّبُورَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی الْجِبَالِ وَ الطَّیْرِ أَنْ یُسَبِّحْنَ مَعَهُ وَ كَانَ سَبَبُهُ أَنَّهُ إِذَا صَلَّی یَقُومُ وَزِیرُهُ (1)بَعْدَ مَا یَفْرُغُ مِنَ الصَّلَاةِ فَیَحْمَدُ اللَّهَ وَ یُسَبِّحُهُ وَ یُكَبِّرُهُ وَ یُهَلِّلُهُ ثُمَّ یَمْدَحُ الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام نَبِیّاً نَبِیّاً وَ یَذْكُرُ مِنْ فَضْلِهِمْ وَ أَفْعَالِهِمْ وَ شُكْرِهِمْ وَ عِبَادَتِهِمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَ الصَّبْرِ عَلَی بَلَائِهِ وَ لَا یَذْكُرُ دَاوُدَ علیه السلام فَنَادَی دَاوُدُ رَبَّهُ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ أَثْنَیْتَ (2)عَلَی الْأَنْبِیَاءِ بِمَا قَدْ أَثْنَیْتَ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ تُثْنِ عَلَیَّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ هَؤُلَاءِ عِبَادٌ ابْتَلَیْتُهُمْ فَصَبَرُوا وَ أَنَا أُثْنِی عَلَیْهِمْ بِذَلِكَ فَقَالَ یَا رَبِّ فَابْتَلِنِی حَتَّی أَصْبِرَ فَقَالَ یَا دَاوُدُ تَخْتَارُ الْبَلَاءَ عَلَی الْعَافِیَةِ إِنِّی أَبْلَیْتُ هَؤُلَاءِ وَ لَمْ أُعْلِمْهُمْ وَ أَنَا أُبْلِیكَ وَ أُعْلِمُكَ أَنَّهُ یَأْتِیكَ بَلَائِی فِی سَنَةِ كَذَا وَ شَهْرِ كَذَا فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَانَ دَاوُدُ یُفَرِّغُ نَفْسَهُ لِعِبَادَتِهِ یَوْماً وَ یَقْعُدُ فِی مِحْرَابِهِ وَ یَوْمٌ یَقْعُدُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَیَحْكُمُ بَیْنَهُمْ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اشْتَدَّتْ عِبَادَتُهُ وَ خَلَا فِی مِحْرَابِهِ وَ حَجَبَ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ وَ هُوَ فِی مِحْرَابِهِ یُصَلِّی فَإِذَا بِطَائِرٍ قَدْ وَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ جَنَاحَاهُ مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ وَ رِجْلَاهُ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَ رَأْسُهُ وَ مِنْقَارُهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ فَأَعْجَبَهُ جِدّاً وَ نَسِیَ مَا كَانَ فِیهِ فَقَامَ لِیَأْخُذَهُ فَطَارَ الطَّائِرُ فَوَقَعَ عَلَی حَائِطٍ بَیْنَ دَاوُدَ وَ بَیْنَ أُورِیَا بْنِ حَنَانٍ وَ كَانَ دَاوُدُ قَدْ بَعَثَ أُورِیَا فِی بَعْثٍ فَصَعِدَ دَاوُدُ الْحَائِطَ لِیَأْخُذَ

ص: 20


1- فی المصدر: یقوم ببنی إسرائیل وزیره.
2- لعل إسناد الثناء إلیه تعالی كان بواسطة أمره الوزیر بذلك، أو تشریعه ذلك فی التوراة.

الطَّیْرَ وَ إِذَا امْرَأَةُ أُورِیَا جَالِسَةٌ تَغْتَسِلُ فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّ دَاوُدَ نَشَرَتْ شَعْرَهَا وَ غَطَّتْ بِهِ بَدَنَهَا فَنَظَرَ إِلَیْهَا دَاوُدُ وَ افْتَتَنَ بِهَا وَ رَجَعَ إِلَی مِحْرَابِهِ وَ نَسِیَ مَا كَانَ فِیهِ وَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ فِی ذَلِكَ الْبَعْثِ أَنْ یَسِیرُوا إِلَی مَوْضِعِ كَیْتَ وَ كَیْتَ وَ یُوضَعَ التَّابُوتُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ عَدُوِّهِمْ وَ كَانَ التَّابُوتُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ كَانَ رُفِعَ بَعْدَ مُوسَی علیه السلام إِلَی السَّمَاءِ لَمَّا عَمِلَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بِالْمَعَاصِی فَلَمَّا غَلَبَهُمْ جَالُوتُ وَ سَأَلُوا النَّبِیَّ أَنْ یَبْعَثَ إِلَیْهِمْ مَلِكاً یُقَاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَقَدَّسَ وَجْهُهُ بَعَثَ إِلَیْهِمْ طَالُوتَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِمُ التَّابُوتَ وَ كَانَ التَّابُوتُ إِذَا وُضِعَ بَیْنَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَیْنَ أَعْدَائِهِمْ وَ رَجَعَ عَنِ التَّابُوتِ إِنْسَانٌ كُفِّرَ وَ قُتِلَ وَ لَا یَرْجِعُ أَحَدٌ عَنْهُ إِلَّا وَ یُقْتَلُ فَكَتَبَ دَاوُدُ إِلَی صَاحِبِهِ الَّذِی بَعَثَهُ أَنْ ضَعِ التَّابُوتَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ وَ قَدِّمْ أُورِیَا بْنَ حَنَانٍ بَیْنَ یَدَیِ التَّابُوتِ فَقَدَّمَهُ وَ قُتِلَ فَلَمَّا قُتِلَ أُورِیَا دَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ وَ لَمْ یَكُنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أُورِیَا وَ كَانَتْ فِی عِدَّتِهَا وَ دَاوُدُ فِی مِحْرَابِهِ یَوْمَ عِبَادَتِهِ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ مِنْ سَقْفِ الْبَیْتِ وَ قَعَدَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَفَزِعَ دَاوُدُ مِنْهُمَا فَقَالا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ وَ لِدَاوُدَ حِینَئِذٍ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ امْرَأَةً مَا بَیْنَ مَهِیرَةٍ (1)إِلَی جَارِیَةٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِدَاوُدَ إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ أَیْ ظَلَمَنِی وَ قَهَرَنِی فَقَالَ دَاوُدُ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ إِلَی قَوْلِهِ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ قَالَ فَضَحِكَ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَالَ حَكَمَ الرَّجُلُ عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ دَاوُدُ أَ تَضْحَكُ وَ قَدْ عَصَیْتَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهْشِمَ (2)فَاكَ قَالَ فَعَرَجَا وَ قَالَ الْمَلَكُ الْمُسْتَعْدَی عَلَیْهِ لَوْ عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَشْمِ فِیهِ مِنِّی فَفَهِمَ دَاوُدُ الْأَمْرَ وَ ذَكَرَ الْقَضِیَّةَ (3)فَبَقِیَ أَرْبَعِینَ یَوْماً سَاجِداً یَبْكِی لَیْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَا یَقُومُ إِلَّا وَقْتَ الصَّلَاةِ حَتَّی انْخَرَقَ جَبِینُهُ وَ سَالَ الدَّمُ مِنْ عَیْنَیْهِ

ص: 21


1- المهیرة من النساء: الحرة الغالیة المهر.
2- هشم الشی ء: كسره.
3- فی نسخة: و ذكر الخطیئة.

فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً نُودِیَ یَا دَاوُدُ مَا لَكَ أَ جَائِعٌ أَنْتَ فَنُشْبِعَكَ أَمْ ظَمْآنُ فَنُسْقِیَكَ أَمْ عُرْیَانٌ فَنَكْسُوَكَ أَمْ خَائِفٌ فَنُؤَمِّنَكَ فَقَالَ أَیْ رَبِّ وَ كَیْفَ لَا أَخَافُ وَ قَدْ عَمِلْتُ مَا عَلِمْتَ (1)وَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِی لَا یَجُوزُكَ ظُلْمُ ظَالِمٍ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ تُبْ یَا دَاوُدُ فَقَالَ أَیْ رَبِّ وَ أَنَّی لِی بِالتَّوْبَةِ قَالَ صِرْ إِلَی قَبْرِ أُورِیَا حَتَّی أَبْعَثَهُ إِلَیْكَ (2)وَ اسْأَلْهُ أَنْ یَغْفِرَ لَكَ فَإِنْ غَفَرَ لَكَ غَفَرْتُ لَكَ قَالَ یَا رَبِّ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ قَالَ أَسْتَوْهِبُكَ مِنْهُ فَخَرَجَ دَاوُدُ علیه السلام یَمْشِی عَلَی قَدَمَیْهِ وَ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا یَبْقَی حَجَرٌ وَ لَا شَجَرٌ وَ لَا جَبَلٌ وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا یُجَاوِبُهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی جَبَلٍ وَ عَلَیْهِ نَبِیٌّ عَابِدٌ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا سَمِعَ دَوِیَّ الْجِبَالِ وَ صَوْتَ السِّبَاعِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ فَقَالَ هَذَا النَّبِیُّ الْخَاطِئُ فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أَصْعَدَ إِلَیْكَ قَالَ لَا فَإِنَّكَ مُذْنِبٌ فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی حِزْقِیلَ یَا حِزْقِیلُ لَا تُعَیِّرْ دَاوُدَ بِخَطِیئَتِهِ وَ سَلْنِی الْعَافِیَةَ فَنَزَلَ حِزْقِیلُ وَ أَخَذَ بِیَدِ دَاوُدَ وَ أَصْعَدَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِیئَةٍ قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ رَكَنْتَ إِلَی الدُّنْیَا فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا قَالَ بَلَی رُبَّمَا عَرَضَ ذَلِكَ بِقَلْبِی قَالَ فَمَا تَصْنَعُ قَالَ أَدْخُلُ هَذَا الشِّعْبَ فَأَعْتَبِرُ بِمَا فِیهِ قَالَ فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام الشِّعْبَ فَإِذَا بِسَرِیرٍ مِنْ حَدِیدٍ عَلَیْهِ جُمْجُمَةٌ بَالِیَةٌ وَ عِظَامٌ نَخِرَةٌ (3)وَ إِذَا لَوْحٌ مِنْ حَدِیدٍ وَ فِیهِ مَكْتُوبٌ فَقَرَأَهُ دَاوُدُ فَإِذَا فِیهِ أَنَا أَرْوَی بْنُ سَلَمٍ مَلَكْتُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ بَنَیْتُ أَلْفَ مَدِینَةٍ وَ افْتَضَضْتُ أَلْفَ جَارِیَةٍ وَ كَانَ آخِرَ أَمْرِی أَنْ صَارَ التُّرَابُ فِرَاشِی وَ الْحِجَارَةُ وِسَادِی وَ الْحَیَّاتُ وَ الدِّیدَانُ جِیرَانِی فَمَنْ یَرَانِی فَلَا یَغْتَرَّ بِالدُّنْیَا وَ مَضَی دَاوُدُ حَتَّی أَتَی قَبْرَ أُورِیَا فَنَادَاهُ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ نَادَاهُ ثَانِیَةً فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ نَادَاهُ ثَالِثَةً فَقَالَ أُورِیَا مَا لَكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَقَدْ شَغَلْتَنِی عَنْ سُرُورِی وَ قُرَّةِ عَیْنِی قَالَ یَا أُورِیَا اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی خَطِیئَتِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا دَاوُدُ بَیِّنْ لَهُ مَا كَانَ مِنْكَ فَنَادَاهُ دَاوُدُ فَأَجَابَهُ فِی الثَّالِثَةِ فَقَالَ یَا أُورِیَا فَعَلْتُ كَذَا

ص: 22


1- فی نسخة و فی المصدر: و قد عملت ما عملت.
2- فی المصدر: حتی أبعثه لك.
3- نخر العظم: بلی و تفتت.

وَ كَذَا وَ كَیْتَ وَ كَیْتَ (1)فَقَالَ أُورِیَا أَ یَفْعَلُ الْأَنْبِیَاءُ مِثْلَ هَذَا فَنَادَاهُ فَلَمْ یُجِبْهُ فَوَقَعَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی الْأَرْضِ بَاكِیاً فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی صَاحِبِ الْفِرْدَوْسِ لِیَكْشِفْ عَنْهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَقَالَ أُورِیَا لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِمَنْ غَفَرَ لِدَاوُدَ خَطِیئَتَهُ فَقَالَ یَا رَبِّ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ خَطِیئَتَهُ فَرَجَعَ دَاوُدُ علیه السلام إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ إِذَا صَلَّی قَامَ وَزِیرُهُ یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یُثْنِی عَلَیْهِ (2)وَ یُثْنِی عَلَی الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام ثُمَّ یَقُولُ كَانَ مِنْ فَضْلِ نَبِیِّ اللَّهِ دَاوُدَ قَبْلَ الْخَطِیئَةِ كَیْتَ وَ كَیْتَ فَاغْتَمَّ دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ قَدْ وَهَبْتُ لَكَ خَطِیئَتَكَ وَ أَلْزَمْتُ عَارَ ذَنْبِكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ وَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِی لَا تَجُورُ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ یُعَاجِلُوكَ النَّكِیرَ (3)وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ علیه السلام بِامْرَأَةِ أُورِیَا بَعْدَ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ ظَنَّ داوُدُ أَیْ عَلِمَ وَ أَنابَ أَیْ تَابَ وَ ذَكَرَ أَنَّ دَاوُدَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ أَنْ لَا تُقَدِّمْ أُورِیَا بَیْنَ یَدَیِ التَّابُوتِ وَ رُدَّهُ فَقَدِمَ أُورِیَا إِلَی أَهْلِهِ وَ مَكَثَ ثَمَانِیَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ مَاتَ (4).

بیان: اعلم أن هذا الخبر محمول علی التقیة (5)لموافقته لما روته العامة فی ذلك و سیأتی تحقیق القول فیه (6).

«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ وَ الْمُكَتِّبُ وَ الْوَرَّاقُ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: سَأَلَ الرِّضَا علیه السلام عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ فَقَالَ مَا یَقُولُ مَنْ قِبَلَكُمْ فِی دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ یَقُولُونَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ فِی مِحْرَابِهِ یُصَلِّی إِذْ تَصَوَّرَ لَهُ إِبْلِیسُ عَلَی صُورَةِ طَیْرٍ أَحْسَنَ مَا یَكُونُ مِنَ الطُّیُورِ فَقَطَعَ دَاوُدُ صَلَاتَهُ وَ

ص: 23


1- كیت و كیت و قد یكسر آخره: یكنی بهما عن الحدیث و الخبر.
2- المصدر خال عن قوله: و یثنی علیه.
3- فی المصدر: لم یعاجلوك بالنكیر.
4- تفسیر القمّیّ: 562- 565.
5- مع معارضته لروایة ابی الجارود و أبی الصلت و غیرهما.
6- فی الحدیث آلاتی و فی آخر الباب.

قَامَ لِیَأْخُذَ الطَّیْرَ فَخَرَجَ الطَّیْرُ إِلَی الدَّارِ فَخَرَجَ فِی أَثَرِهِ فَطَارَ الطَّیْرُ إِلَی السَّطْحِ فَصَعِدَ فِی طَلَبِهِ فَسَقَطَ الطَّیْرُ فِی دَارِ أُورِیَا بْنِ حَنَانٍ فَاطَّلَعَ دَاوُدُ علیه السلام فِی أَثَرِ الطَّیْرِ فَإِذَا بِامْرَأَةِ أُورِیَا تَغْتَسِلُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهَا هَوَاهَا وَ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ أُورِیَا فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَكَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ أَنْ قَدِّمْ أُورِیَا أَمَامَ الْحَرْبِ (1)فَقُدِّمَ فَظَفِرَ أُورِیَا بِالْمُشْرِكِینَ فَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَی دَاوُدَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ ثَانِیَةً أَنْ قَدِّمْهُ أَمَامَ التَّابُوتِ فَقُدِّمَ فَقُتِلَ أُورِیَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ بِامْرَأَتِهِ قَالَ فَضَرَبَ علیه السلام بِیَدِهِ عَلَی جَبْهَتِهِ وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ لَقَدْ نَسَبْتُمْ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ علیهم السلام إِلَی التَّهَاوُنِ بِصَلَاتِهِ حِینَ خَرَجَ فِی أَثَرِ الطَّیْرِ ثُمَّ بِالْفَاحِشَةِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ خَطِیئَتُهُ فَقَالَ علیه السلام وَیْحَكَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام إِنَّمَا ظَنَّ أَنْ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ الْمَلَكَیْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ فَقَالا خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلی سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِیَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِیها وَ عَزَّنِی فِی الْخِطابِ فَعَجَّلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ فَقَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلی نِعاجِهِ وَ لَمْ یَسْأَلِ الْمُدَّعِیَ الْبَیِّنَةَ عَلَی ذَلِكَ وَ لَمْ یُقْبِلْ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ فَیَقُولَ لَهُ مَا تَقُولُ فَكَانَ هَذَا خَطِیئَةُ حُكْمٍ (2)لَا مَا ذَهَبْتُمْ إِلَیْهِ أَ لَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا قِصَّتُهُ مَعَ أُورِیَا قَالَ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ الْمَرْأَةَ فِی أَیَّامِ دَاوُدَ كَانَتْ إِذَا مَاتَ بَعْلُهَا أَوْ قُتِلَ لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ أَوَّلُ مَنْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قُتِلَ بَعْلُهَا دَاوُدُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ أُورِیَا لَمَّا قُتِلَ وَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَذَلِكَ الَّذِی شُقَّ عَلَی أُورِیَا (3)فَذَلِكَ الَّذِی شُقَّ عَلَی النَّاسِ مِنْ قِبَلِ أُورِیَا.

بیان: قد مر الخبر بتمامه و بیانه مع أخبار أخر فی باب عصمتهم.

ص: 24


1- فی المصدر: أمام التابوت.
2- أی كان خلاف آداب القضاء و الحكم.
3- عیون الأخبار: 107- 108 و فیه: فذلك الذی شق علی الناس من قتل اوریا. قلت فلعل ما فی المتن أصوب.

«3»-ك، إكمال الدین لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام (1)خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا یَبْقَی جَبَلٌ وَ لَا حَجَرٌ وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا جَاوَبَهُ فَمَا زَالَ یَمُرُّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی جَبَلٍ فَإِذَا عَلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ نَبِیٌّ عَابِدٌ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا سَمِعَ دَوِیَّ الْجِبَالِ وَ أَصْوَاتَ السِّبَاعِ وَ الطَّیْرِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ أَ تَأْذَنُ لِی فَأَصْعَدَ إِلَیْكَ قَالَ لَا فَبَكَی دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَیْهِ یَا حِزْقِیلُ لَا تُعَیِّرْ دَاوُدَ وَ سَلْنِی الْعَافِیَةَ فَقَامَ حِزْقِیلُ فَأَخَذَ بِیَدِ دَاوُدَ فَرَفَعَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ دَاوُدُ یَا حِزْقِیلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِیئَةٍ قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ رَكَنْتَ إِلَی الدُّنْیَا فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ شَهْوَتِهَا وَ لَذَّتِهَا قَالَ بَلَی رُبَّمَا عَرَضَ بِقَلْبِی قَالَ فَمَا ذَا تَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ (2)قَالَ أَدْخُلُ هَذَا الشِّعْبَ فَأَعْتَبِرُ بِمَا فِیهِ قَالَ فَدَخَلَ دَاوُدُ النَّبِیُّ علیه السلام الشِّعْبَ فَإِذَا سَرِیرٌ مِنْ حَدِیدٍ عَلَیْهِ جُمْجُمَةٌ بَالِیَةٌ وَ عِظَامٌ فَانِیَةٌ وَ إِذَا لَوْحٌ مِنْ حَدِیدٍ فِیهِ كِتَابَةٌ فَقَرَأَهَا دَاوُدُ علیه السلام فَإِذَا هِیَ أَنَا أَرْوَی سَلَمٍ (3)مَلَكْتُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ بَنَیْتُ أَلْفَ مَدِینَةٍ وَ افْتَضَضْتُ أَلْفَ بِكْرٍ فَكَانَ آخِرَ أَمْرِی أَنْ صَارَ التُّرَابُ فِرَاشِی وَ الْحِجَارَةُ وِسَادَتِی وَ الدِّیدَانُ وَ الْحَیَّاتُ جِیرَانِی فَمَنْ رَآنِی فَلَا یَغْتَرَّ بِالدُّنْیَا (4).

«4»-نبه، تنبیه الخاطر دَخَلَ دَاوُدُ غَاراً مِنْ غِیرَانِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَوَجَدَ حِزْقِیلَ یَعْبُدُ رَبَّهُ وَ قَدْ یَبِسَ

ص: 25


1- فی المصدر: انه قال فی حدیث یذكر فیه قصة داود علیه السلام انه خرج إه. قلت: فالروایات الواردة فی قصة داود علیه السلام و رمیه بما یخالف مذهب الحق كلها واحدة مرجعها إلی هشام بن سالم، و الظاهر أنّه لما كان كثیرا یناظر العامّة و یخالطهم ذكر الصادق علیه السلام قصة داود علیه السلام علی ما یزعمون لتبكیتهم و شناعة آرائهم و بیان مزعمتهم الباطلة، و الا فالمعروف بین المسلمین قدیما و حدیثا أن الإمامیّة و ائمتهم علیهم السلام قائلون بعصمة الأنبیاء و تنزیههم عن السهو و الخطاء و عن كل ما یلطخ أذیالهم المقدّسة بوسمة الخطیئات و الزلات، و حسبك فی ذلك كتاب الشریف المرتضی المعروف بتنزیه الأنبیاء.
2- فی كمال الدین: فما كنت تصنع إذا كان ذلك؟.
3- فی نسخة و فی المصدر: أروی شلم.
4- كمال الدین: 289- 290 أمالی الصدوق: 61.

جِلْدُهُ عَلَی عَظْمِهِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَسْمَعُ صَوْتَ شَبْعَانَ نَاعِمٍ (1)فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا دَاوُدُ قَالَ الَّذِی لَهُ كَذَا وَ كَذَا امْرَأَةً وَ كَذَا وَ كَذَا أَمَةً قَالَ نَعَمْ وَ أَنْتَ فِی هَذِهِ الشِّدَّةِ قَالَ مَا أَنَا فِی شِدَّةٍ وَ لَا أَنْتَ فِی نِعْمَةٍ حَتَّی تَدْخُلَ الْجَنَّةَ (2).

«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُوسَی النَّخَعِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ (3)عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِیمَا یَقُولُ النَّاسُ فِی دَاوُدَ وَ امْرَأَةِ أُورِیَا فَقَالَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ تَقُولُهُ الْعَامَّةُ (4).

«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنِ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ أَخَذْتُ أَحَداً یَزْعُمُ أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهَا لَحَدَدْتُهُ حَدَّیْنِ حَدّاً لِلنُّبُوَّةِ وَ حَدّاً لِمَا رَمَاهُ بِهِ (5).

أقول: روت العامة مثله عن أمیر المؤمنین علیه السلام.

«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَكَی أَحَدٌ بُكَاءَ ثَلَاثَةٍ آدَمَ وَ یُوسُفَ وَ دَاوُدَ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِهِمْ فَقَالَ أَمَّا آدَمُ علیه السلام فَبَكَی حِینَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِی بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَبَكَی حَتَّی تَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ فَأَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ بَكَی حَتَّی هَاجَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَ إِنْ كَانَ لَیَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَیُحْرِقُ مَا نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ (6)وَ أَمَّا یُوسُفُ علیه السلام فَإِنَّهُ كَانَ یَبْكِی عَلَی

ص: 26


1- نعم الرجل: رفه، عیشه: طاب و لان و اتسع.
2- تنبیه الخواطر: 1: 67- 68.
3- هو الحسین أو الحسن- علی اختلاف- بن هاشم بن حیان المكاری أبو عبد اللّٰه الواقفی الثقة فی الحدیث.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. قلت و قد بان من الحدیث و ممّا قبله ما اخترته قبلا، فانت تری كیف ینكر و یشدد الإمام الصّادق علیه السلام علی قائل هذه المزعمة، حتی یقول: لو ظفرت بقائلها لحددته حدین.
5- قصص الأنبیاء مخطوط. قلت و قد بان من الحدیث و ممّا قبله ما اخترته قبلا، فانت تری كیف ینكر و یشدد الإمام الصّادق علیه السلام علی قائل هذه المزعمة، حتی یقول: لو ظفرت بقائلها لحددته حدین.
6- لا تخفی غرابته و غرابة ما قبله. و زفر الرجل أخرج نفسه مع مده إیاه.

أَبِیهِ یَعْقُوبَ وَ هُوَ فِی السِّجْنِ فَتَأَذَّی بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَی أَنْ یَبْكِیَ یَوْماً وَ یَسْكُتَ یَوْماً (1).

«8»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِیِّ (2)عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ أَنِّی قَدْ غَفَرْتُ ذَنْبَكَ وَ جَعَلْتُ عَارَ ذَنْبِكَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ كَیْفَ یَا رَبِّ وَ أَنْتَ لَا تَظْلِمُ قَالَ إِنَّهُمْ لَنْ یُعَاجِلُوكَ بِالنَّكَرَةِ (3).

عَرَائِسُ الثَّعْلَبِیِّ، قَالَ: لَمَّا عَلِمَ دَاوُدُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَلَكَیْنِ أَنَّهُمَا نَزَلَا لِتَنْبِیهِهِ عَلَی الْخَطَإِ خَرَّ سَاجِداً أَرْبَعِینَ یَوْماً لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَ لِوَقْتِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ثُمَّ یَعُودُ سَاجِداً ثُمَّ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا ثُمَّ یَعُودُ فَیَسْجُدُ تَمَامَ أَرْبَعِینَ یَوْماً (4)لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ هُوَ یَبْكِی حَتَّی نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَ رَأْسِهِ وَ هُوَ یُنَادِی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَ كَانَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ الَّذِی یَبْتَلِی الْخَلْقَ بِمَا یَشَاءُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (5)إِلَهِی لَمْ أَتَّعِظْ بِمَا وَعَظْتَ بِهِ غَیْرِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنْتَ خَلَقْتَنِی وَ كَانَ فِی سَابِقِ عِلْمِكَ مَا أَنَا صَائِرٌ إِلَیْهِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی یُغْسَلُ الثَّوْبُ فَیَذْهَبُ دَرَنُهُ وَ وَسَخُهُ وَ الْخَطِیئَةُ لَازِمَةٌ لِی لَا تَذْهَبُ عَنِّی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَمَرْتَنِی أَنْ أَكُونَ لِلْیَتِیمِ كَالْأَبِ الرَّحِیمِ وَ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الرَّحِیمِ (6)فَنَسِیتُ عَهْدَكَ

ص: 27


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
2- لم نقف علی اسمه و علی ترجمته و حاله، مضافا الی إرساله و كون الروایة موقوفة، و الظاهر أن الحدیث قطعة من حدیث هشام بن سالم المتقدم تحت رقم 1.
3- فروع الكافی 1: 343 و فیه: انهم لم یعاجلوك بالنكیر.
4- فی المصدر: خر ساجدا أربعین یوما لا یرفع رأسه الا لحاجة لا بد منها او صلاة مكتوبة، ثم یعود فیسجد تمام أربعین یوما.
5- فی المصدر هنا زیادة و هی هذه: سبحان الحائل بین القلوب، الهی خلیت بینی و بین عدوی إبلیس فلم أتنبه لفتنته إذ زل بی قدمی، سبحان خالق النور؛ الهی تبكی الثكلی علی ولدها اذ فقدته و یبكی داود علی خطیئته، سبحان خالق النور؛ انتهی. قلت: الجملة الثانیة لا تخلو عن غرابة لوضوح أن اللّٰه لا یخلی بین أنبیائه و عدوه إبلیس.
6- فی المصدر: كالزوج العطوف.

سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ فَیُقَالُ هَذَا دَاوُدُ الْخَاطِئُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی بِأَیِّ عَیْنٍ أَنْظُرُ إِلَیْكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الظَّالِمُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ إِلَهِی بِأَیِّ قَدَمٍ أَقُومُ أَمَامَكَ یَوْمَ تَزِلُّ أَقْدَامُ الْخَاطِئِینَ (1)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی الْخَطِیئَةُ لَازِمَةٌ لِی (2)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی مِنْ أَیْنَ یَطْلُبُ الْعَبْدُ الْمَغْفِرَةَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ سَیِّدِهِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی مَطَرَتِ السَّمَاءُ وَ لَمْ تَمْطُرْ حَوْلِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ وَ لَمْ تَعْشَبْ حَوْلِی لِخَطِیئَتِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنَا الَّذِی لَا أُطِیقُ حَرَّ شَمْسِكَ فَكَیْفَ أُطِیقُ حَرَّ نَارِكَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی أَنَا الَّذِی لَا أُطِیقُ صَوْتَ رَعْدِكَ فَكَیْفَ أُطِیقُ صَوْتَ جَهَنَّمَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی كَیْفَ یَسْتَتِرُ الْخَاطِئُونَ بِخَطَایَاهُمْ وَ أَنْتَ شَاهِدُهُمْ حَیْثُ كَانُوا سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی قُرِحَ الْجَبِینُ (3)وَ جَمَدَتِ الْعَیْنَانِ مِنْ مَخَافَةِ الْحَرِیقِ عَلَی جَسَدِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی تُسَبِّحُ لَكَ الطَّیْرُ بِأَصْوَاتٍ ضِعَافٍ تَخَافُكَ وَ أَنَا الْعَبْدُ الْخَاطِئُ الَّذِی لَمْ أَرْعَ وَصِیَّتَكَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی الْوَیْلُ لِدَاوُدَ مِنَ الذَّنْبِ الْعَظِیمِ الَّذِی أَصَابَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (4)إِلَهِی أَسْأَلُكَ یَا إِلَهَ إِبْرَاهِیمَ (5)وَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ أَنْ تُعْطِیَنِی سُؤْلِی فَإِنَّ إِلَیْكَ رَغْبَتِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ اللَّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ اغْفِرْ لِی ذُنُوبِی وَ لَا تُبَاعِدْنِی مِنْ رَحْمَتِكَ بِهَوَایَ (6)اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ دَعْوَةٍ لَا تُسْتَجَابُ وَ صَلَاةٍ لَا تُقْبَلُ وَ عَمَلٍ لَا یُقْبَلُ (7)سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِیمِ ذُنُوبِیَ الَّتِی أَوْبَقَتْنِی (8)سُبْحَانَ

ص: 28


1- فی المصدر زیادة و هی: یوم القیامة من سوء الحساب.
2- فی المصدر: الهی مضت النجوم و كنت أعرفها بأسمائها فتؤنسنی فتركتنی و الخطیئة لازمة لی. قلت: لعل لاضطرابها أسقطه المصنّف.
3- فی المصدر: الهی رق القلب.
4- فی المصدر هنا زیادة و هی هذه: الهی انا المستغیث و انت المغیث فمن یدعو المغیث إلا المستغیث؟ سبحان خالق النور.
5- فی المصدر: الهی أسألك بأبی إبراهیم.
6- فی المصدر: لهوانی فانّك أرحم الراحمین، سبحان خالق النور.
7- فی المصدر: و صلاة لا تقبل، و ذنب لا یغفر و عذاب لا یفتر.
8- فی المصدر: الهی انی أعوذ بك و بنور وجهك الكریم من ذنوبی التی أوبقتنی.

خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی فَرَرْتُ إِلَیْكَ بِذُنُوبِی (1)وَ اعْتَرَفْتُ بِخَطِیئَتِی فَلَا تَجْعَلْنِی مِنَ الْقَانِطِینَ وَ لَا تُخْزِنِی یَوْمَ الدِّینِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ إِلَهِی قَرِحَ الْجَبِینُ (2)وَ فَنِیَتِ الدُّمُوعُ وَ تَنَاثَرَ الدُّودُ مِنْ رُكْبَتَیَّ وَ خَطِیئَتِی أَلْزَمُ بِی مِنْ جِلْدِی سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ قَالُوا فَأَتَاهُ نِدَاءٌ یَا دَاوُدُ أَ جَائِعٌ أَنْتَ فَتُطْعَمَ أَمْ ظَمْآنُ أَنْتَ فَتُسْقَی أَ مَظْلُومٌ أَنْتَ فَتُنْصَرَ وَ لَمْ یُجِبْهُ فِی ذِكْرِ خَطِیئَتِهِ فَصَاحَ صَیْحَةً هَاجَ مَا حَوْلَهُ ثُمَّ نَادَی یَا رَبِّ الذَّنْبَ الَّذِی أَصَبْتُ فَنُودِیَ یَا دَاوُدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ فَلَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّی جَاءَهُ جَبْرَئِیلُ فَرَفَعَهُ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا نَادَی أُورِیَا فَلَمْ یُجِبْهُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فَعَلَ بِزَوْجَتِهِ قَامَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَ جَعَلَ یَحْثُو التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ نَادَی الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ لَهُ حِینَ یُؤْخَذُ بِذَقَنِهِ فَیُدْفَعُ إِلَی الْمَظْلُومِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ الطَّوِیلُ لَهُ حِینَ یُسْحَبُ عَلَی وَجْهِهِ مَعَ الْخَاطِئِینَ إِلَی النَّارِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ الْوَیْلُ لِدَاوُدَ ثُمَّ الْوَیْلُ الطَّوِیلُ لَهُ حِینَ تُقَرِّبُهُ الزَّبَانِیَةُ مَعَ الظَّالِمِینَ إِلَی النَّارِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ قَالَ فَأَتَاهُ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ یَا دَاوُدُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ ذَنْبَكَ وَ رَحِمْتُ بُكَاءَكَ وَ اسْتَجَبْتُ دُعَاءَكَ وَ أَقَلْتُ عَثْرَتَكَ (3)- وَ عَنْ أَبِی الْعَالِیَةِ (4)قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ دَاوُدَ علیه السلام سُبْحَانَكَ إِلَهِی إِذَا ذَكَرْتُ خَطِیئَتِی ضَاقَتْ عَلَیَّ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا وَ إِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ ارْتَدَّتْ إِلَیَّ رُوحِی إِلَهِی أَتَیْتُ أَطِبَّاءَ عِبَادِكَ لِیُدَاوُوا لِی خَطِیئَتِی فَكُلُّهُمْ عَلَیْكَ یَدُلُّنِی- وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَدَّ الدُّمُوعُ فِی وَجْهِ دَاوُدَ علیه السلام خَدِیدَ الْمَاءِ (5)فِی الْأَرْضِ (6).

ص: 29


1- فی المصدر: من ذنوبی.
2- فی المصدر: فرغ الحنین.
3- اختصره المصنّف و هو طویل لا یسعنا ذكره.
4- فی المصدر: اخبرنا ابن فتحویه عن عثمان بن أبی عاتكة أنّه قال إه.
5- فی المصدر: خد الماء. قلت: خد الأرض: شقها. و الخد: جدول الماء.
6- العرائس: 157- 159 قلت: قد سقطت عن المصدر المطبوع جملة كثیرة ممّا أخرجه المصنّف.

تذنیب: قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی استغفار داود علیه السلام من أی شی ء كان فقیل إنه حصل منه علی سبیل الانقطاع إلی اللّٰه تعالی و الخضوع له و التذلل بالعبادة و السجود كما حكی سبحانه عن إبراهیم علیه السلام بقوله وَ الَّذِی أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ (1)و أما قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ فالمعنی أنا قبلناه منه و أثبناه علیه فأخرجه علی لفظ الجزاء مثل قوله یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ (2)و قوله اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (3)فلما كان المقصود من الاستغفار و التوبة القبول قیل فی جوابه غفرنا و هذا قول من ینزه الأنبیاء عن جمیع الذنوب من الإمامیة و غیرهم (4)و من جوز علی الأنبیاء الصغائر قال إن استغفاره علیه السلام كان لصغیرة.

ثم إنهم اختلفوا فی ذلك علی وجوه أحدها أن أوریا بن حنان خطب امرأة فكان أهلها أرادوا أن یزوجوها منه فبلغ داود جمالها فخطبها أیضا فزوجوها منه و قدموه علی أوریا فعوتب داود علیه السلام علی الحرص علی الدنیا عن الجبائی.

و ثانیها أنه أخرج أوریا إلی بعض ثغوره فقتل فلم یجزع علیه جزعه علی أمثاله من جنده (5)إذ مالت نفسه إلی نكاح امرأته فعوتب علی ذلك بنزول الملكین. (6)و ثالثها أنه كان فی شریعته أن الرجل إذا مات و خلف امرأة فأولیاؤه أحق بها إلا أن یرغبوا عن التزویج بها فحینئذ یجوز لغیرهم أن یتزوج بها فلما قتل أوریا خطب داود امرأته و منعت هیبة داود و جلالته أولیاءه أن یخطبوها فعوتب علی ذلك.

و رابعها أن داود كان متشاغلا بالعبادة فأتاه رجل و امرأة محاكمین (7)إلیه فنظر إلی المرأة لیعرفها بعینها و ذلك نظر مباح فمالت نفسه (8)میل الطباع ففصل بینهما

ص: 30


1- الشعراء: 82.
2- النساء: 142.
3- البقرة: 15.
4- و هو الذی اختاره الشریف المرتضی فی تنزیه الأنبیاء و غیره فی غیره.
5- أو قل جزعه علی ذلك علی ما قیل.
6- ذكره و ما قبله الثعلبی أیضا فی العرائس.
7- فی المصدر: متحاكمین.
8- فی المصدر: فمالت نفسه إلیها.

و عاد إلی عبادة ربه فشغله الفكر فی أمرها عن بعض نوافله فعوتب.

و خامسها أنه عوتب علی عجلته فی الحكم قبل التثبت و كان یجب علیه حین سمع الدعوی من أحد الخصمین أن یسأل الآخر عما عنده فیه و لا یحكم علیه قبل ذلك و إنما أنساه التثبت فی الحكم فزعه من دخولهما علیه فی غیر وقت العادة انتهی. (1)و قال الرازی بعد رد الروایة المشهورة و الطعن فیها و إقامة الدلائل علی بطلانها و ذكر بعض الوجوه السابقة و تزییفها.

روی أن جماعة من الأعداء طمعوا فی أن یقتلوا نبی اللّٰه داود علیه السلام و كان له یوم یخلو فیه بنفسه و یشتغل بطاعة ربه فانتهزوا الفرصة فی ذلك الیوم و تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ فلما دخلوا علیه وجدوا عنده أقواما یمنعونه منهم فخافوا و وضعوا كذبا فقالوا خَصْمانِ بَغی بَعْضُنا عَلی بَعْضٍ إلی آخر القصة و لیس فی لفظ القرآن ما یمكن أن یحتج به فی إلحاق الذنب بداود إلا ألفاظ أربعة أحدها قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ و ثانیها قوله فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ و ثالثها قوله وَ أَنابَ و رابعها قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ ثم نقول و هذه الألفاظ لا یدل شی ء منها علی ما ذكروه و تقریره من وجوه:

الأول أنه لما دخلوا علیه لطلب قتله بهذا الطریق و علم داود علیه السلام دعاه الغضب إلی أن یشتغل بالانتقام منهم إلا أنه مال إلی التصفح و التجاوز عنهم طلبا لمرضاة اللّٰه تعالی فكانت هذه الواقعة هی الفتنة لأنها جاریة مجری الابتلاء و الامتحان ثم إنه استغفر ربه مما هم به من الانتقام منهم و تاب عن ذلك الهم وَ أَنابَ فَغَفَرْنا لَهُ (2)ذلِكَ الْقَدْرَ مِنَ الْهَمِّ وَ الْعَزْمِ.

و الثانی أنه و إن غلب علی ظنه أنهم دخلوا علیه لیقتلوه إلا أنه ندم علی ذلك الظن و قال لما لم تقم دلالة و لا أمارة علی أن الأمر كذلك فبئس ما عملت بهم حین ظننت بهم هذا الظن الردی ء فكان هذا هو المراد من قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ منه فغفر اللّٰه له ذلك.

ص: 31


1- مجمع البیان 8: 471- 472.
2- فی المصدر: فغفر له ذلك.

الثالث أن دخولهم علیه كان فتنة لداود إلا أنه علیه السلام استغفر لذلك الداخل العازم علی قتله و قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ أی لاحترام داود علیه السلام و تعظیمه انتهی. (1)و قال البیضاوی أقصی ما فی هذه الإشعار بأنه علیه السلام ود أن یكون له ما لغیره و كان له أمثاله فنبهه اللّٰه بهذه القضیة فاستغفر و أناب عنه انتهی. (2)

أقول: لما ثبت بما قدمنا عصمتهم علیهم السلام عن جمیع الذنوب (3)لا بد من رد ما یدل علی صدور ذنب عنه علیه السلام فی ذلك و أما الوجوه التی یمكن حملها علی ترك الأولی و الأفضل كأكثر الوجوه السالفة فهی محتملة و لا یمكن القطع بها إلا بعد ثبوتها و قد عرفت ما یظهر من الأخبار و اللّٰه یعلم حقیقة الحال (4).

ص: 32


1- مفاتیح الغیب 7: 137.
2- أنوار التنزیل 2: 343.
3- راجع 11: 72- 96.
4- و قد ذكر هذه الوجوه الشریف المرتضی رضوان اللّٰه تعالی علیه فی كتاب تنزیه الأنبیاء ص 91 ممن جوز علی الأنبیاء الصغائر ثمّ عقبها بقوله: و كل هذه الوجوه لا یجوز علی الأنبیاء علیهم السلام، لان فیها ما هو معصیة و قد بینا أن المعاصی لا تجوز علیهم، و فیها ما هو منفر و إن لم یكن معصیة مثل أن یخطب امرأة قد خطبها رجل من أصحابه فتقدم علیه و تزوجها، و أمّا الاشتغال عن النوافل فلا یجوز أن یقع علیه عتاب لانه لیس بمعصیة و لا هو أیضا منفر، فاما من زعم أنّه عرض اوریا للقتل و قدمه أمام التابوت عمدا حتّی یقتل فقوله أوضح فسادا من أن یتشاغل برده، و قد روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال: لا اوتی برجل یزعم أن داود علیه السلام تزوج بامرأة اوریا إلّا جلدته حدین: حد النبوّة و حدّ الإسلام انتهی. و ذكر فی معنی الآیة ما ذكره الطبرسیّ و بعض ما ذكره الرازیّ اخیرا. قلت: قوله فی الاشتغال بالنوافل: فلا یجوز أن یقع علیه عتاب، قلت: هو كذلك فی أفراد الأمة، و أمّا بالنسبة إلی الأنبیاء و الصدیقین و الابرار فهم ربما یعاتبون علی ترك الأولی و فعل ما كان تركه الأولی، و علی أی فأصح الوجوه ما تقدم عن الرضا علیه السلام فی الخبر الثانی.

باب 3 ما أوحی إلیه علیه السلام و صدر عنه من الحكم

الآیات؛

الأنبیاء: «وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ»(105)

تفسیر: قال الطبرسی قدس اللّٰه سره: فیه أقوال: أحدها أن الزبور كتب الأنبیاء و الذكر اللوح المحفوظ. و ثانیها أن الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة و الذكر التوراة. و ثالثها أن الزبور زبور داود و الذكر التوراة أَنَّ الْأَرْضَ أی أرض الجنة و قیل هی الأرض المعروفة یرثها أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُمْ أَصْحَابُ الْمَهْدِیِّ علیه السلام فِی آخِرِ الزَّمَانِ (1)

«1»- كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَ الزَّبُورُ فِی لَیْلَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (2).

و بإسناده (3)عن داود بن حفص عنه علیه السلام عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مثله (4).

«2»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَ سُمِّیَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً فَقَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أُنْزِلَتْ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ الْحَدِیثَ (5).

ص: 33


1- مجمع البیان 7: 66، و قال بعد ذلك: و یدلّ علی ذلك ما رواه الخاص و العام عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم أنّه قال: لو لم یبق من الدنیا إلّا یوم واحد لطول اللّٰه ذلك الیوم حتّی یبعث اللّٰه رجلا صالحا من أهل بیتی یملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا انتهی ثمّ أخرج اخبارا كثیرة عن طرق العامّة فی هذا المعنی.
2- فروع الكافی 1: 206.
3- و الاسناد فی المصدر هكذا: علی بن إبراهیم عن أبیه، و محمّد بن القاسم، عن محمّد بن سلیمان عن داود، عن حفص بن غیاث.
4- أصول الكافی 2: 628 و 629.
5- علل الشرائع: 161، ذكره المصنّف مسندا فی حدیث طویل راجعه.

«3»-لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ الصُّوفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا لِی أَرَاكَ وُحْدَاناً قَالَ هَجَرْتُ النَّاسَ وَ هَجَرُونِی فِیكَ قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ سَاكِتاً قَالَ خَشْیَتُكَ أَسْكَتَتْنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ نَصِباً (1)قَالَ حُبُّكَ أَنْصَبَنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ فَقِیراً وَ قَدْ أَفَدْتُكَ (2)قَالَ الْقِیَامُ بِحَقِّكَ أَفْقَرَنِی قَالَ فَمَا لِی أَرَاكَ مُتَذَلِّلًا قَالَ عَظِیمُ جَلَالِكَ الَّذِی لَا یُوصَفُ ذَلَّلَنِی وَ حَقٌّ ذَلِكَ لَكَ یَا سَیِّدِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَأَبْشِرْ بِالْفَضْلِ مِنِّی فَلَكَ مَا تُحِبُّ یَوْمَ تَلْقَانِی خَالِطِ النَّاسَ وَ خَالِقْهُمْ بِأَخْلَاقِهِمْ وَ زَایِلْهُمْ (3)فِی أَعْمَالِهِمْ تَنَلْ مَا تُرِیدُ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ بِی فَافْرَحْ وَ بِذِكْرِی فَتَلَذَّذْ وَ بِمُنَاجَاتِی فَتَنَعَّمْ فَعَنْ قَلِیلٍ أُخْلِی الدَّارَ مِنَ الْفَاسِقِینَ وَ أَجْعَلُ لَعْنَتِی عَلَی الظَّالِمِینَ (4).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی مِثْلَهُ (5).

«4»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام (6)قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ كَمَا لَا تَضِیقُ الشَّمْسُ عَلَی مَنْ جَلَسَ فِیهَا كَذَلِكَ لَا تَضِیقُ رَحْمَتِی عَلَی مَنْ دَخَلَ فِیهَا وَ كَمَا لَا تَضُرُّ الطِّیَرَةُ مَنْ لَا یَتَطَیَّرُ مِنْهَا كَذَلِكَ لَا یَنْجُو مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُتَطَیِّرُونَ وَ كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ الْمُتَوَاضِعُونَ كَذَلِكَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ الْمُتَكَبِّرُونَ (7).

«5»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَ

ص: 34


1- لعل المعنی: ما لی أراك مجدا مجتهدا فی العبادة متعبا نفسك فیها؟.
2- أی و قد أعطیتك.
3- أی باینهم و فارقهم فی اعمالهم الردیئة و افعالهم الرذیلة.
4- أمالی الصدوق: 118.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.
6- فی المصدر: عن أبیه عن آبائه.
7- أمالی الصدوق: 183- 184.

الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِی لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ فَأُبِیحُهُ جَنَّتِی قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ یُدْخِلُ عَلَی عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ سُرُوراً وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام حَقٌّ لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ لَا یَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ (1).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بإسناده إلی الصدوق مثله (2).

«6»-مع، معانی الأخبار ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام إِنَّ الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِی لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ فَأُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ یُفَرِّجُ عَنِ الْمُؤْمِنِ كُرْبَتَهُ وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام حَقٌّ لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ لَا یَنْقَطِعَ رَجَاؤُهُ مِنْكَ (3).

«7»-ب، قرب الإسناد ابْنُ طَرِیفٍ (4)عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ فِیهِ قَالَ كُرْبَةٌ یُنَفِّسُهَا عَنْ مُؤْمِنٍ بِقَدْرِ تَمْرَةٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ (5).

«8»-ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ دَاوُدَ قَالَ لِسُلَیْمَانَ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تَتْرُكُ الْعَبْدَ حَقِیراً (6)یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا بُنَیَّ عَلَیْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ فَإِنَّ النَّدَامَةَ عَلَی طُولِ الصَّمْتِ مَرَّةً وَاحِدَةً خَیْرٌ مِنَ النَّدَامَةِ عَلَی كَثْرَةِ الْكَلَامِ مَرَّاتٍ یَا بُنَیَّ لَوْ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ كَانَ یَنْبَغِی لِلصَّمْتِ أَنْ یَكُونَ مِنْ ذَهَبٍ (7).

ص: 35


1- أمالی الصدوق: 359.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- معانی الأخبار: 106 عیون الأخبار: 174.
4- هكذا فی النسخ و فیه وهم، و الصحیح كما فی المصدر و كتب الرجال «ظریف» بالظاء و هو الحسن بن ظریف بن ناصح الكوفیّ.
5- قرب الإسناد: 56 و فیه: ان عبدا من عبادی لیأتینی بالحسنة یوم القیامة فاحكم فاحكمه خ بالجنة. فقال داود: و ما تلك الحسنة؟.
6- فی نسخة و فی المصدر: تترك العبد فقیرا.
7- قرب الإسناد: 33.

«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُلَیْمَانَ الزَّاهِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّائِیَّ الْوَاعِظَ یَقُولُ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ یَقُولُ قَرَأْتُ فِی زَبُورِ دَاوُدَ أَسْطُراً مِنْهَا مَا حَفِظْتُ وَ مِنْهَا مَا نَسِیتُ فَمَا حَفِظْتُ قَوْلُهُ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی (1)مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ یُحِبُّنِی أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ عَنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ مُسْتَحْیٍ مِنَ الْمَعَاصِی الَّتِی عَصَانِی بِهَا غَفَرْتُهَا لَهُ وَ أَنْسَیْتُهَا حَافِظَیْهِ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ قَالَ دَاوُدُ یَا رَبِّ وَ مَا هَذِهِ الْحَسَنَةُ قَالَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ دَاوُدُ إِلَهِی لِذَلِكَ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ یَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ (2).

«10»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ یَا ابْنَ آدَمَ كَیْفَ تَتَكَلَّمُ بِالْهُدَی وَ أَنْتَ لَا تُفِیقُ عَنِ الرَّدَی یَا ابْنَ آدَمَ أَصْبَحَ قَلْبُكَ قَاسِیاً وَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ نَاسِیاً (3)فَلَوْ كُنْتَ بِاللَّهِ عَالِماً وَ بِعَظَمَتِهِ عَارِفاً لَمْ تَزَلْ مِنْهُ خَائِفاً وَ لِمَوْعِدِهِ رَاجِیاً وَیْحَكَ كَیْفَ لَا تَذْكُرُ لَحْدَكَ وَ انْفِرَادَكَ فِیهِ وَحْدَكَ (4).

«11»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِیدِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْأُمَوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْأُمَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ إِنَّ الْعَبْدَ لَیَأْتِینِی بِالْحَسَنَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأُحَكِّمُهُ (5)بِهَا فِی الْجَنَّةِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ مَا هَذَا الْعَبْدُ الَّذِی یَأْتِیكَ بِالْحَسَنَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَتُحَكِّمُهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ قَالَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ سَعَی فِی حَاجَةِ أَخِیهِ الْمُسْلِمِ أَحَبَّ قَضَاءَهَا قُضِیَتْ لَهُ أَمْ لَمْ تُقْضَ (6).

ص: 36


1- فی المصدر: اسمع منی.
2- الأمالی: 65.
3- فی المصدر: و أنت لعظمة اللّٰه ناسیا.
4- الأمالی: 126- 127.
5- حكمه: ولاه و أقامه حاكما. حكمه فی الامر: فوض إلیه الحكم.
6- الأمالی: 328.

«12»-فس، تفسیر القمی وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قَالَ الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ قَالَ الْقَائِمُ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ قَالَ وَ الزَّبُورُ فِیهِ مَلَاحِمُ وَ تَحْمِیدٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ دُعَاءٌ (1).

بیان: قال المسعودی أنزل اللّٰه علیه الزبور بالعبرانیة مائة و خمسین سورة و جعله ثلاثة أثلاث فالثلث الأول فیه ما یلقون من بختنصر و ما یكون من أمره فی المستقبل و فی الثلث الثانی ما یلقون من أهل الثور و فی الثلث الثالث مواعظ و ترغیب لیس فیه أمر و لا نهی و لا تحلیل و لا تحریم (2).

«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنْ بَلِّغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ مِنْهُمْ آمُرُهُ بِطَاعَتِی فَیُطِیعُنِی إِلَّا كَانَ حَقّاً عَلَیَّ أَنْ أُعِینَهُ عَلَی طَاعَتِی فَإِنْ سَأَلَنِی أَعْطَیْتُهُ وَ إِنْ دَعَانِی أَجَبْتُهُ وَ إِنِ اعْتَصَمَ بِی عَصَمْتُهُ وَ إِنِ اسْتَكْفَانِی كَفَیْتُهُ وَ إِنْ تَوَكَّلَ عَلَیَّ حَفِظْتُهُ وَ إِنْ كَادَهُ جَمِیعُ خَلْقِی كِدْتُ دُونَهُ (3).

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ الْعِبَادَ تَحَابُّوا بِالْأَلْسُنِ وَ تَبَاغَضُوا بِالْقُلُوبِ وَ أَظْهَرُوا الْعَمَلَ لِلدُّنْیَا وَ أَبْطَنُوا الْغِشَّ وَ الدَّغَلَ (4).

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ رَفَعَهُ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام اذْكُرْنِی فِی أَیَّامِ سَرَّائِكَ حَتَّی أَسْتَجِیبَ لَكَ فِی أَیَّامِ ضَرَّائِكَ (5).

«16»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ

ص: 37


1- تفسیر القمّیّ: 434- 435.
2- مروج الذهب فی هامش الكامل 1: 74.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.

عَنْ إِسْرَائِیلَ رَفَعَهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ علیه السلام أَحِبَّنِی وَ حَبِّبْنِی إِلَی خَلْقِی قَالَ یَا رَبِّ نَعَمْ أَنَا أُحِبُّكَ فَكَیْفَ أُحَبِّبُكَ إِلَی خَلْقِكَ قَالَ اذْكُرْ أَیَادِیَّ عِنْدَهُمْ فَإِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُمْ أَحَبُّونِی(1).

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُوقَةَ عَنْ عِیسَی الْفَرَّاءِ وَ أَبِی عَلِیٍّ الْعَطَّارِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا دَاوُدُ علیه السلام جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ شَابٌّ رَثُّ الْهَیْئَةِ یُكْثِرُ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ وَ یُطِیلُ الصَّمْتَ إِذْ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ أَحَدَّ (2)مَلَكُ الْمَوْتِ النَّظَرَ إِلَی الشَّابِّ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام نَظَرْتَ إِلَی هَذَا فَقَالَ نَعَمْ إِنِّی أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِهِ (3)إِلَی سَبْعَةِ أَیَّامٍ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَرَحِمَهُ دَاوُدُ فَقَالَ یَا شَابُّ هَلْ لَكَ امْرَأَةٌ قَالَ لَا وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام فَأْتِ فُلَاناً رَجُلًا كَانَ عَظِیمَ الْقَدْرِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ دَاوُدَ یَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَنِی ابْنَتَكَ وَ تُدْخِلَهَا اللَّیْلَةَ وَ خُذْ مِنَ النَّفَقَةِ مَا تَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ كُنْ عِنْدَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَبْعَةُ أَیَّامٍ فَوَافِنِی فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَمَضَی الشَّابُّ بِرِسَالَةِ دَاوُدَ علیه السلام فَزَوَّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَ أَدْخَلُوهَا عَلَیْهِ (4)وَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ وَافَی دَاوُدَ یَوْمَ الثَّامِنِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ علیه السلام یَا شَابُّ كَیْفَ رَأَیْتَ مَا كُنْتَ فِیهِ قَالَ مَا كُنْتُ فِی نِعْمَةٍ وَ لَا سُرُورٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتُ فِیهِ قَالَ دَاوُدُ اجْلِسْ فَجَلَسَ وَ دَاوُدُ یَنْتَظِرُ أَنْ یُقْبَضَ رُوحُهُ فَلَمَّا طَالَ قَالَ انْصَرِفْ إِلَی مَنْزِلِكَ فَكُنْ مَعَ أَهْلِكَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الثَّامِنِ (5)فَوَافِنِی هَاهُنَا فَمَضَی الشَّابُّ ثُمَّ وَافَاهُ یَوْمَ الثَّامِنِ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ أُسْبُوعاً آخَرَ ثُمَّ أَتَاهُ وَ جَلَسَ فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ دَاوُدُ أَ لَسْتَ حَدَّثْتَنِی بِأَنَّكَ أُمِرْتَ بِقَبْضِ رُوحِ هَذَا الشَّابِّ إِلَی سَبْعَةِ أَیَّامٍ قَالَ بَلَی فَقَالَ فَقَدْ مَضَتْ ثَمَانِیَةٌ وَ ثَمَانِیَةٌ وَ ثَمَانِیَةٌ قَالَ یَا دَاوُدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی رَحِمَهُ بِرَحْمَتِكَ لَهُ فَأَخَّرَ فِی أَجَلِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً (6).

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ

ص: 38


1- قصص الأنبیاء مخطوط. م.
2- أحد إلیه النظر: بالغ فی النظر إلیه.
3- فی نسخة: انی امرت أن أقبض روحه.
4- أی أدخلها أهلها علیه.
5- كذا.
6- قصص الأنبیاء مخطوط. م.

أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ خَلَادَةَ (1)بِنْتَ أَوْسٍ بَشِّرْهَا بِالْجَنَّةِ وَ أَعْلِمْهَا أَنَّهَا قَرِینَتُكَ فِی الْجَنَّةِ فَانْطَلَقَ إِلَیْهَا فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَیْهَا فَخَرَجَتْ وَ قَالَتْ هَلْ نَزَلَ فِیَّ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ وَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَیَّ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّكِ قَرِینَتِی فِی الْجَنَّةِ وَ أَنْ أُبَشِّرَكِ بِالْجَنَّةِ قَالَتْ أَ وَ یَكُونُ اسْمٌ وَافَقَ اسْمِی قَالَ إِنَّكِ لَأَنْتِ هِیَ قَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ مَا أُكَذِّبُكَ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ نَفْسِی مَا وَصَفْتَنِی بِهِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام أَخْبِرِینِی عَنْ ضَمِیرِكِ وَ سَرِیرَتِكِ مَا هُوَ قَالَتْ أَمَّا هَذَا فَسَأُخْبِرُكَ بِهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَمْ یُصِبْنِی وَجَعٌ قَطُّ نَزَلَ بِی كَائِناً مَا كَانَ وَ مَا نَزَلَ ضُرٌّ بِی حَاجَةٌ وَ جُوعٌ (2)كَائِناً مَا كَانَ إِلَّا صَبَرْتُ عَلَیْهِ وَ لَمْ أَسْأَلِ اللَّهَ كَشْفَهُ عَنِّی حَتَّی یُحَوِّلَهُ اللَّهُ عَنِّی إِلَی الْعَافِیَةِ وَ السَّعَةِ وَ لَمْ أَطْلُبْ بِهَا بَدَلًا وَ شَكَرْتُ اللَّهَ عَلَیْهَا وَ حَمِدْتُهُ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام فَبِهَذَا بَلَغْتِ مَا بَلَغْتِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هَذَا دِینُ اللَّهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِلصَّالِحِینَ (3).

«19»-ختص، الإختصاص قَالَ اللَّهُ لِدَاوُدَ یَا دَاوُدُ احْذَرِ الْقُلُوبَ الْمُعَلَّقَةَ بِشَهَوَاتِ الدُّنْیَا فَإِنَّ عُقُولَهَا مَحْجُوبَةٌ عَنِّی (4).

«20»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ علیه السلام عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ عَارِفاً بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَی شَأْنِهِ حَافِظاً لِلِسَانِهِ (5).

«21»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْمُتَوَاضِعُونَ كَذَلِكَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْمُتَكَبِّرُونَ (6).

ص: 39


1- فی قصص الأنبیاء للجزائری: «جلادة» بالجیم.
2- فی نسخة: و ما نزل ضربی و حاجة و جوع.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- الاختصاص مخطوط.
5- أصول الكافی: 2: 116.
6- أصول الكافی: 2: 123.

«22»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِینَ وَ أَنْذِرِ الصِّدِّیقِینَ قَالَ كَیْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِینَ وَ أُنْذِرُ الصِّدِّیقِینَ قَالَ یَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِینَ أَنِّی أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ أَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ وَ أَنْذِرِ الصِّدِّیقِینَ أَنْ لَا یُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ فَإِنَّهُ لَیْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ (1).

«23»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَنْ أَحَبَّ حَبِیباً صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ مَنْ آنَسَ بِحَبِیبٍ قَبِلَ قَوْلَهُ وَ رَضِیَ فِعْلَهُ وَ مَنْ وَثِقَ بِحَبِیبٍ اعْتَمَدَ عَلَیْهِ وَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی حَبِیبٍ جَدَّ فِی السَّیْرِ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ ذِكْرِی لِلذَّاكِرِینَ وَ جَنَّتِی لِلْمُطِیعِینَ وَ زِیَارَتِی لِلْمُشْتَاقِینَ وَ أَنَا خَاصَّةً لِلْمُطِیعِینَ (2).

«24»-وَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ قُلْ لِفُلَانٍ الْجَبَّارِ إِنِّی لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْیَا عَلَی الدُّنْیَا وَ لَكِنْ لِتَرُدَّ عَنِّی دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَ تَنْصُرَهُ فَإِنِّی آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ أَنْصُرَهُ وَ أَنْتَصِرَ لَهُ مِمَّنْ ظُلِمَ بِحَضْرَتِهِ وَ لَمْ یَنْصُرْهُ (3).

«25»-وَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام اشْكُرْنِی حَقَّ شُكْرِی قَالَ إِلَهِی أَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ شُكْرِی إِیَّاكَ نِعْمَةٌ مِنْكَ فَقَالَ الْآنَ شَكَرْتَنِی (4)وَ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ وَ كَیْفَ كَانَ آدَمُ یَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ قَدْ جَعَلْتَهُ أَبَ أَنْبِیَائِكَ وَ صَفْوَتَكَ وَ أَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ فَقَالَ إِنَّهُ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِی فَكَانَ اعْتِرَافُهُ بِذَلِكَ حَقَّ شُكْرِی (5).

«26»-وَ رُوِیَ أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام خَرَجَ مُصْحِراً مُنْفَرِداً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ مَا لِی أَرَاكَ وَحْدَانِیّاً فَقَالَ إِلَهِی اشْتَدَّ الشَّوْقُ مِنِّی إِلَی لِقَائِكَ وَ حَالَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ خَلْقُكَ (6)

ص: 40


1- أصول الكافی 2: 314.
2- إرشاد القلوب 1: 73- 74 و فیه: للمحبین.
3- إرشاد القلوب 1: 93.
4- فی المصدر: كیف أشكرك حقّ شكرك و شكری ایاك نعمة منك؟ فقال: الآن شكرتنی حق شكری.
5- إرشاد القلوب 1: 150.
6- فی المصدر: و حال بینی و بین خلقك. قلت: ای حال الشوق إلیك بینی و بینهم فتركتهم و اقبلت إلیك.

فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِی بِعَبْدٍ آبِقٍ أُثْبِتْكَ فِی اللَّوْحِ حَمِیداً (1).

«27»-نبه، تنبیه الخاطر رُوِیَ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِی حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ حَقٌّ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ لَا یَغْفُلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ فِیهَا یُنَاجِی رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ فِیهَا یُحَاسِبُ نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ یُفْضِی إِلَی إِخْوَانِهِ (2)الَّذِینَ یَصْدُقُونَهُ عَنْ عُیُوبِ نَفْسِهِ (3)وَ سَاعَةٌ یُخَلِّی بَیْنَ نَفْسِهِ وَ لَذَّتِهَا فِیمَا یَحِلُّ وَ یُحْمَدُ (4)فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ لِتِلْكَ السَّاعَاتِ (5).

«28»-یه، من لا یحضره الفقیه فِی الصَّحِیحِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ عَلَی عَهْدِ دَاوُدَ علیه السلام یَأْتِیهَا رَجُلٌ یَسْتَكْرِهُهَا عَلَی نَفْسِهَا فَأَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی نَفْسِهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ لَا تَأْتِینِی مَرَّةً إِلَّا وَ عِنْدَ أَهْلِكَ مَنْ یَأْتِیهِمْ قَالَ فَذَهَبَ إِلَی أَهْلِهِ فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَأَتَی بِهِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَتَی إِلَیَّ مَا لَمْ یُؤْتَ إِلَی أَحَدٍ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ وَجَدْتُ هَذَا الرَّجُلَ عِنْدَ أَهْلِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ قُلْ لَهُ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ (6).

«29»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُفَضَّلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا اعْتَصَمَ بِی عَبْدٌ مِنْ عِبَادِی دُونَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَرَفْتُ ذَلِكَ مِنْ نِیَّتِهِ ثُمَّ تَكِیدُهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ الْمَخْرَجَ مِنْ بَیْنِهِنَّ وَ مَا اعْتَصَمَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِی بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی عَرَفْتُ ذَلِكَ مِنْ نِیَّتِهِ إِلَّا قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ مِنْ یَدَیْهِ (7)وَ أَسَخْتُ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ (8)وَ لَمْ أُبَالِ بِأَیِّ وَادٍ تَهَالَكَ (9).

ص: 41


1- إرشاد القلوب 1: 208 و فیه: اثبتك فی اللوح جمیلا.
2- أی وصل الیهم.
3- فی نسخة: علی عیوب نفسه.
4- فی المصدر: فیما یحل و یجمل.
5- تنبیه الخواطر 2: 23.
6- من لا یحضره الفقیه: 471.
7- فی المصدر: الا قطعت أسباب السماوات و الأرض من یدیه.
8- قال المصنّف فی مرآة العقول: و اسخت بالخاء المعجمة و تشدید التاء من السخت هو الشدید، و هو من اللغات المشتركة بین العرب و العجم، أی لا ینبت له زرع و لا یخرج له خیر من الأرض، أو من السوخ و هو الانخساف علی بناء الافعال ای خسفت الأرض به، و ربما یقرأ بالحاء المهملة من السیاحة كنایة عن الزلزلة.
9- أصول الكافی 2: 63، و فی نسخة: هلك.

«30»-تم، فلاح السائل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام قُلْ لِلْجَبَّارِینَ لَا یَذْكُرُونِی فَإِنَّهُ لَا یَذْكُرُنِی عَبْدٌ إِلَّا ذَكَرْتُهُ وَ إِنْ ذَكَرُونِی ذَكَرْتُهُمْ فَلَعَنْتُهُمْ (1).

«31»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ فَأُعْجِبَ بِهِ دَاوُدُ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ لَا یُعْجِبْكَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ مُرَاءٍ قَالَ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَأُتِیَ دَاوُدُ فَقِیلَ لَهُ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَالَ ادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ قَالَ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ قَالُوا كَیْفَ لَمْ یَحْضُرْهُ قَالَ فَلَمَّا غُسِّلَ قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَیْراً فَلَمَّا صَلَّوْا عَلَیْهِ قَامَ خَمْسُونَ رَجُلًا فَشَهِدُوا بِاللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً فَلَمَّا دَفَنُوهُ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَا مَنَعَكَ أَنْ تَشْهَدَ فُلَاناً قَالَ الَّذِی أَطْلَعْتَنِی عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِهِ قَالَ إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ وَ لَكِنْ شَهِدَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ فَشَهِدُوا لِی مَا یَعْلَمُونَ إِلَّا خَیْراً فَأَجَزْتُ شَهَادَتَهُمْ عَلَیْهِ وَ غَفَرْتُ لَهُ عِلْمِی فِیهِ (2).

«32»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِیمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَی أَهْلِ الْمِلَلِ قَالَ لِرَأْسِ الْجَالُوتِ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام فِی زَبُورِهِ (3)اللَّهُمَّ ابْعَثْ مُقِیمَ السُّنَّةِ بَعْدَ الْفَتْرَةِ فَهَلْ تَعْرِفُ نَبِیّاً أَقَامَ السُّنَّةَ بَعْدَ الْفَتْرَةِ غَیْرَ مُحَمَّدٍ (4).

«33»-عدة، عدة الداعی فِیمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام مَنِ انْقَطَعَ إِلَیَّ كَفَیْتُهُ وَ مَنْ سَأَلَنِی أَعْطَیْتُهُ وَ مَنْ دَعَانِی أَجَبْتُهُ وَ إِنَّمَا أُؤَخِّرُ دَعْوَتَهُ وَ هِیَ مُعَلَّقَةٌ وَ قَدِ اسْتَجَبْتُهَا حَتَّی یَتِمَّ قَضَائِی فَإِذَا تَمَّ قَضَائِی أَنْفَذْتُ مَا سَأَلَ قُلْ لِلْمَظْلُومِ إِنَّمَا أُؤَخِّرُ دَعْوَتَكَ وَ قَدِ اسْتَجَبْتُهَا لَكَ عَلَی (5)

ص: 42


1- فلاح السائل مخطوط.
2- مخطوط قوله: و غفرت له أی سترت له ما كنت اعلم من عمله.
3- فی المصدر: قال داود علیه السلام فی زبوره و انت تقرؤه.
4- احتجاج الطبرسیّ: 231، توحید الصدوق: 442، عیون الأخبار: 93 و قد اخرج الحدیث بتمامه و شرحه فی كتاب الاحتجاجات راجع 10: 299- 318.
5- فی المصدر: و قد استجبتها لك حتّی یتم قضائی لك علی من ظلمك.

مَنْ ظَلَمَكَ لِضُرُوبٍ كَثِیرَةٍ غَابَتْ عَنْكَ وَ أَنَا أَحْكَمُ الْحَاكِمِینَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ ظَلَمْتَ رَجُلًا فَدَعَا عَلَیْكَ فَتَكُونُ هَذِهِ بِهَذِهِ لَا لَكَ وَ لَا عَلَیْكَ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ دَرَجَةٌ فِی الْجَنَّةِ لَا تَبْلُغُهَا عِنْدِی إِلَّا بِظُلْمِهِ لَكَ لِأَنِّی أَخْتَبِرُ عِبَادِی فِی أَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ رُبَّمَا أَمْرَضْتُ الْعَبْدَ فَقَلَّتْ صَلَاتُهُ وَ خِدْمَتُهُ وَ لَصَوْتُهُ إِذَا دَعَانِی فِی كُرْبَتِهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ صَلَاةِ الْمُصَلِّینَ وَ لَرُبَّمَا صَلَّی الْعَبْدُ فَأَضْرِبُ بِهَا وَجْهَهُ وَ أَحْجُبُ عَنِّی صَوْتَهُ أَ تَدْرِی مَنْ ذَلِكَ یَا دَاوُدُ ذَلِكَ الَّذِی یُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إِلَی حُرَمِ الْمُؤْمِنِینَ بِعَیْنِ الْفِسْقِ وَ ذَلِكَ الَّذِی حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ لَوْ وَلِیَ أَمْراً لَضَرَبَ فِیهِ الْأَعْنَاقَ ظُلْماً یَا دَاوُدُ نُحْ عَلَی خَطِیئَتِكَ كَالْمَرْأَةِ الثَّكْلَی عَلَی وَلَدِهَا لَوْ رَأَیْتَ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ النَّاسَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ قَدْ بَسَطْتُهَا بَسْطَ الْأَدِیمِ وَ ضَرَبْتُ نَوَاحِیَ أَلْسِنَتِهِمْ بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ ثُمَّ سَلَّطْتُ عَلَیْهِمْ مُوَبِّخاً لَهُمْ یَقُولُ یَا أَهْلَ النَّارِ هَذَا فُلَانٌ السَّلِیطُ فَاعْرِفُوهُ كَمْ رَكْعَةٍ طَوِیلَةٍ فِیهَا بُكَاءٌ بِخَشْیَةٍ قَدْ صَلَّاهَا صَاحِبُهَا لَا تُسَاوِی عِنْدِی فَتِیلًا حِینَ نَظَرْتُ فِی قَلْبِهِ فَوَجَدْتُهُ إِنْ سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَ بَرَزَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَ عَرَضَتْ عَلَیْهِ نَفْسَهَا أَجَابَهَا وَ إِنْ عَامَلَهُ مُؤْمِنٌ خَانَهُ (1).

(2)

أَقُولُ: قَالَ السَّیِّدُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ رَأَیْتُ فِی زَبُورِ دَاوُدَ علیه السلام فِی السُّورَةِ الثَّانِیَةِ مَا هَذَا لَفْظُهُ (3)دَاوُدُ إِنِّی جَعَلْتُكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلْتُكَ مُسَبِّحِی وَ نَبِیِّی وَ سَیُتَّخَذُ عِیسَی إِلَهاً مِنْ دُونِی مِنْ أَجْلِ مَا مَكَّنْتُ فِیهِ مِنَ الْقُوَّةِ

ص: 43


1- عدّة الداعی: 22- 23.
2- قال الثعلبی: قال وهب: لما استخلف داود ابنه سلیمان وعظه فقال: یا بنی ایاك و الهزل فان نفعه قلیل و یهیج العداوة بین الاخوان و ایاك و الغضب فان الغضب یستخف صاحبه، و علیك بتقوی اللّٰه و طاعته فانهما یغلبان كل شی ء، و ایاك و كثرة الغیرة علی أهلك من غیر شی ء فان ذلك یورث سوء الظنّ بالناس و ان كانوا برآء، و اقطع طمعك عن الناس فانه هو الغنی، و ایاك و الطمع فهو الفقر الحاضر، و ایاك و ما یعتذر منه من القول، و عود نفسك و لسانك الصدق و الزم الاحسان، و ان استطعت أن یكون یومك خیرا من امسك فافعل، و صل صلاة مودع، و لا تجالس السفهاء، و لا ترد علی عالم، و لا تماره فی الدین، و إذا غضبت فالصق نفسك بالارض و تحول من مكانك، و ارج رحمة اللّٰه فانها واسعة وسعت كل شی ء. منه رحمه اللّٰه.
3- فی المصدر صدر أسقطه المصنّف أو كان سقط عن نسخته و هو هذا: ما یقول الأمم و الشعوب و قد اجتمعوا علی الرب وحده، یریدون لیطفئوا نور اللّٰه و قدسه، یا داود. اه.

وَ جَعَلْتُهُ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِی دَاوُدُ صِفْنِی لِخَلْقِی بِالْكَرَمِ وَ الرَّحْمَةِ وَ أَنِّی عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ دَاوُدُ مَنْ ذَا الَّذِی انْقَطَعَ إِلَیَّ فَخَیَّبْتُهُ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِی أَنَابَ إِلَیَّ فَطَرَدْتُهُ عَنْ بَابِ إِنَابَتِی مَا لَكُمْ لَا تُقَدِّسُونَ اللَّهَ وَ هُوَ مُصَوِّرُكُمْ وَ خَالِقُكُمْ عَلَی أَلْوَانٍ شَتَّی مَا لَكُمْ لَا تَحْفَظُونَ طَاعَةَ اللَّهِ آنَاءَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ تَطْرُدُونَ الْمَعَاصِیَ عَنْ قُلُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ لَا تَمُوتُونَ وَ كَأَنَّ دُنْیَاكُمْ بَاقِیَةٌ لَا تَزُولُ وَ لَا تَنْقَطِعُ (1)وَ لَكُمْ فِی الْجَنَّةِ عِنْدِی أَوْسَعُ وَ أَخْصَبُ لَوْ عَقَلْتُمْ وَ تَفَكَّرْتُمْ وَ سَتَعْلَمُونَ إِذَا حَضَرْتُمْ وَ صِرْتُمْ إِلَیَّ أَنِّی بِمَا تَعْمَلُ الْخَلْقُ بَصِیرٌ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ الْعَاشِرَةِ أَیُّهَا النَّاسُ لَا تَغْفُلُوا عَنِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیَاةُ لِبَهْجَةِ الدُّنْیَا وَ نَضَارَتِهَا (2)بَنِی إِسْرَائِیلَ لَوْ تَفَكَّرْتُمْ فِی مُنْقَلَبِكُمْ وَ مَعَادِكُمْ وَ ذَكَرْتُمُ الْقِیَامَةَ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا لِلْعَاصِینَ قَلَّ ضَحِكُكُمْ وَ كَثُرَ بُكَاؤُكُمْ وَ لَكِنَّكُمْ غَفَلْتُمْ عَنِ الْمَوْتِ وَ نَبَذْتُمْ عَهْدِی وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ اسْتَخْفَفْتُمْ بِحَقِّی كَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ بِمُسِیئِینَ وَ لَا مُحَاسَبِینَ كَمْ تَقُولُونَ وَ لَا تَفْعَلُونَ وَ كَمْ تَعِدُونَ فَتُخْلِفُونَ وَ كَمْ تُعَاهِدُونَ فَتَنْقُضُونَ لَوْ تَفَكَّرْتُمْ فِی خُشُونَةِ الثَّرَی (3)وَ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَ ظُلْمَتِهِ لَقَلَّ كَلَامُكُمْ وَ كَثُرَ ذِكْرُكُمْ وَ اشْتِغَالُكُمْ لِی إِنَّ الْكَمَالَ كَمَالُ الْآخِرَةِ وَ أَمَّا كَمَالُ الدُّنْیَا فَمُتَغَیِّرٌ وَ زَائِلٌ لَا تَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا مِنَ الْآیَاتِ وَ النُّذُرِ وَ حَبَسْتُ الطَّیْرَ فِی جَوِّ السَّمَاءِ یُسَبِّحْنَ وَ یَسْرَحْنَ (4)فِی رِزْقِی وَ أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَ دَاوُدُ اسْمَعْ مَا أَقُولُ وَ مُرْ سُلَیْمَانَ یَقُولُ بَعْدَكَ إِنَّ الْأَرْضَ أُورِثُهَا مُحَمَّداً (5)وَ أُمَّتَهُ وَ هُمْ خِلَافُكُمْ وَ لَا تَكُونُ صَلَاتُهُمْ بِالطَّنَابِیرِ وَ لَا یُقَدِّسُونَ الْأَوْتَارَ فَازْدَدْ مِنْ تَقْدِیسِكَ وَ إِذَا زَمَّرْتُمْ (6)بِتَقْدِیسِی فَأَكْثِرُوا الْبُكَاءَ بِكُلِّ سَاعَةٍ

ص: 44


1- فی المصدر: و كأنّ دنیاكم باقیة للازل و لا تنقطع.
2- فی نسخة: و لا تغرنكم الحیاة الدنیا لبهجة الدنیا و نضارتها. و فی المصدر: و لا تغرنكم الحیاة و بهجة الدنیا و نضارتها، یا بنی إسرائیل. اه.
3- فی المصدر: لو تفكرتم فی خسوفة الثری.
4- سرحت المواشی: ذهبت ترعی.
5- فی المصدر: یرثها محمّد و امته.
6- زمر: غنی بالنفخ فی القصب و نحوه. زمر بالحدیث: بثه و أذاعه. زمر النعام: صوت و لعلّ المراد هنا هو الأخیر. و فی المصدر: زفرتم.

دَاوُدُ قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَجْمَعُوا الْمَالَ مِنَ الْحَرَامِ فَإِنِّی لَا أَقْبَلُ صَلَاتَهُمْ وَ اهْجُرْ أَبَاكَ عَلَی الْمَعَاصِی وَ أَخَاكَ عَلَی الْحَرَامِ وَ اتْلُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ نَبَأَ رَجُلَیْنِ كَانَا عَلَی عَهْدِ إِدْرِیسَ فَجَاءَتْ لَهُمَا تِجَارَةٌ وَ قَدْ فُرِضَتْ عَلَیْهِمَا صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَقَالَ الْوَاحِدُ أَبْدَأُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ قَالَ الْآخَرُ أَبْدَأُ بِتِجَارَتِی وَ أَلْحَقُ أَمْرَ اللَّهِ فَذَهَبَ هَذَا لِتِجَارَتِهِ وَ هَذَا لِصَلَاتِهِ فَأَوْحَیْتُ إِلَی السَّحَابِ فَنَفَخَتْ (1)وَ أَطْلَقَتْ نَاراً وَ أَحَاطَتْ وَ اشْتَغَلَ الرَّجُلُ (2)بِالسَّحَابِ وَ الظُّلْمَةِ فَذَهَبَتْ تِجَارَتُهُ وَ صَلَاتُهُ وَ كُتِبَ عَلَی بَابِهِ انْظُرُوا مَا تَصْنَعُ الدُّنْیَا وَ التَّكَاثُرُ بِصَاحِبِهِ دَاوُدُ إِنَّ الْكَبَائِرَ وَ الْكِبْرَ حَرَدٌ (3)لَا یَتَغَیَّرُ أَبَداً فَإِذَا رَأَیْتَ ظَالِماً قَدْ رَفَعَتْهُ الدُّنْیَا فَلَا تَغْبِطْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَیْنِ إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَیْهِ ظَالِماً أَظْلَمَ مِنْهُ فَیَنْتَقِمَ مِنْهُ وَ إِمَّا أُلْزِمَهُ رَدَّ التَّبِعَاتِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ دَاوُدُ لَوْ رَأَیْتَ صَاحِبَ التَّبِعَاتِ قَدْ جُعِلَ فِی عُنُقِهِ طَوْقٌ مِنْ نَارٍ فَحَاسِبُوا نُفُوسَكُمْ وَ أَنْصِفُوا النَّاسَ وَ دَعُوا الدُّنْیَا وَ زِینَتَهَا یَا أَیُّهَا الْغَفُولُ مَا تَصْنَعُ بِدُنْیَا یَخْرُجُ مِنْهَا الرَّجُلُ صَحِیحاً (4)وَ یَرْجِعُ سَقِیماً وَ یَخْرُجُ فَیَجْبَی (5)جِبَایَةً فَیُكَبَّلُ بِالْحَدِیدِ وَ الْأَغْلَالِ وَ یَخْرُجُ الرَّجُلُ صَحِیحاً فَیُرَدُّ قَتِیلًا وَیْحَكُمْ لَوْ رَأَیْتُمُ الْجَنَّةَ وَ مَا أَعْدَدْتُ فِیهَا لِأَوْلِیَائِی مِنَ النَّعِیمِ لَمَا ذُقْتُمْ دَوَاءَهَا بِشَهْوَةٍ (6)أَیْنَ الْمُشْتَاقُونَ إِلَی لَذِیذِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ أَیْنَ الَّذِینَ جَعَلُوا مَعَ الضَّحِكِ بُكَاءً أَیْنَ الَّذِینَ هَجَمُوا عَلَی مَسَاجِدِی فِی الصَّیْفِ وَ الشِّتَاءِ انْظُرُوا الْیَوْمَ مَا تَرَی أَعْیُنُكُمْ فَطَالَ مَا كُنْتُمْ تَسْهَرُونَ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَاسْتَمْتِعُوا الْیَوْمَ مَا أَرَدْتُمْ فَإِنِّی قَدْ رَضِیتُ عَنْكُمْ أَجْمَعِینَ وَ لَقَدْ كَانَتْ أَعْمَالُكُمُ الزَّاكِیَةُ تَدْفَعُ سَخَطِی عَنْ أَهْلِ الدُّنْیَا یَا رِضْوَانُ اسْقِهِمْ مِنَ الشَّرَابِ الْآنَ فَیَشْرَبُونَ وَ تَزْدَادُ وُجُوهُهُمْ نَضْرَةً فَیَقُولُ رِضْوَانُ هَلْ تَدْرُونَ لِمَ فَعَلْتُ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ تَطَأْ فُرُوجُكُمْ فُرُوجَ الْحَرَامِ وَ لَمْ

ص: 45


1- فی نسخة: ففتحت.
2- فی المصدر: و اشتعل الرجل، قلت: ما فی المتن أصح. و اشتعل فلان: التهب غضبا.
3- فی نسخة: ان التكاثر و الكبر حرب. و فی المصدر: ان البكاء و الكبر خود لا یتغیر. و الكل مصحف.
4- الصحیح كما فی المصدر: یدخلها الرجل صحیحا.
5- جبا یجبو و جبی یجبی الخراج: جمعه. و فی المصدر: فیحیی حیاته. قوله: فیكبل ای یقید.
6- هكذا فی نسخة و فی المصدر، و فی نسخة اخری: لما ذقتم ذوقا بشهوة.

تَغْبِطُوا الْمُلُوكَ وَ الْأَغْنِیَاءَ غَیْرَ الْمَسَاكِینِ یَا رِضْوَانُ أَظْهِرْ لِعِبَادِی مَا أَعْدَدْتُ لَهُمْ ثَمَانِیَةَ ألف (آلَافِ) ضِعْفٍ یَا دَاوُدُ مَنْ تَاجَرَنِی فَهُوَ أَرْبَحُ التَّاجِرِینَ وَ مَنْ صَرَعَتْهُ الدُّنْیَا فَهُوَ أَخْسَرُ الْخَاسِرِینَ وَیْحَكَ یَا ابْنَ آدَمَ مَا أَقْسَی قَلْبَكَ أَبُوكَ وَ أُمُّكَ یَمُوتَانِ وَ لَیْسَ لَكَ عِبْرَةٌ بِهِمَا یَا ابْنَ آدَمَ أَ لَا تَنْظُرُ إِلَی بَهِیمَةٍ مَاتَتْ فَانْتَفَخَتْ وَ صَارَتْ جِیفَةً وَ هِیَ بَهِیمَةٌ وَ لَیْسَ لَهَا ذَنْبٌ وَ لَوْ وُضِعَتْ أَوْزَارُكَ عَلَی الْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ لَهَدَّتْهَا دَاوُدُ وَ عِزَّتِی مَا شَیْ ءٌ أَضَرَّ عَلَیْكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَ أَوْلَادِكُمْ وَ لَا أَشَدَّهُ فِی قُلُوبِكُمْ فِتْنَةً مِنْهَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ عِنْدِی مَرْفُوعٌ وَ أَنَا بِكُلِّ شَیْ ءٍ مُحِیطٌ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَ الْعِشْرِینَ یَا بَنِی الطِّینِ وَ الْمَاءِ الْمَهِینِ (1)وَ بَنِی الْغَفْلَةِ وَ الْغِرَّةِ لَا تُكْثِرُوا الِالْتِفَاتَ إِلَی مَا حَرَّمْتُ عَلَیْكُمْ فَلَوْ رَأَیْتُمْ مَجَارِیَ الذُّنُوبِ لَاسْتَقْذَرْتُمُوهُ وَ لَوْ رَأَیْتُمُ الْعَطِرَاتِ (2)قَدْ عُوفِینَ مِنْ هَیَجَانِ الطَّبَائِعِ فَهُنَّ الرَّاضِیَاتُ فَلَا یَسْخَطْنَ أَبَداً وَ هُنَّ الْبَاقِیَاتُ فَلَا یَمُتْنَ أَبَداً كُلَّمَا اقْتَضَّهَا (3)صَاحِبُهَا رَجَعَتْ بِكْراً أَرْطَبَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ بَیْنَ السَّرِیرِ وَ الْفِرَاشِ أَمْوَاجٌ تَتَلَاطَمُ مِنَ الْخَمْرِ وَ الْعَسَلِ كُلُّ نَهَرٍ یَنْفُذُ مِنْ آخَرَ وَیْحَكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْمُلْكُ الْأَكْبَرُ وَ النَّعِیمُ الْأَطْوَلُ وَ الْحَیَاةُ الرَّغِدَةُ وَ السُّرُورُ الدَّائِمُ وَ النَّعِیمُ الْبَاقِی عِنْدِیَ الدَّهْرُ كُلُّهُ وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی الثَّلَاثِینَ (4)بَنِی آدَمَ رَهَائِنَ الْمَوْتَی (5)اعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ وَ اشْتَرُوهَا بِالدُّنْیَا وَ لَا تَكُونُوا كَقَوْمٍ أَخَذُوهَا لَهْواً وَ لَعِباً وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ قَارَضَنِی نَمَتْ بِضَاعَتُهُ وَ تَوَفَّرَ رِبْحُهَا

ص: 46


1- فی المصدر: یا ابن الماء و الطین.
2- فی المصدر: و لو رأیتم الخطوات الالوان أجسامهن مسكا توقل الجاریة فی كل ساعة بسبعین حلة قد عوفین من هیجان الطبائع فهن الراضیات فلا یسخطن أبدا اه قلت: هكذا فی المصدر، و هو كما تری فیه تصحیفات. قوله: قد عوفین من هیجان الطبائع لعله أراد بذلك سلامتهن من عادات النساء و ما یعرض لهن من الاسقام و الادواء.
3- فی المصدر: افتضها بالفاء. و هما بمعنی واحد ای كلما ازال بكارتهن.
4- فی المصدر: «و فی السورة الثلاثین» و كذا فیما یأتی.
5- فی المصدر: رهائن الموت و هو الصحیح، و الرهائن جمع الرهینة، أی الموت لازم لهم فشبههم فی لزومه لهم و عدم انفكاكه منهم بالرهن فی ید المرتهن.

وَ مَنْ قَارَضَ الشَّیْطَانَ قُرِنَ مَعَهُ مَا لَكُمْ تَتَنَافَسُونَ فِی الدُّنْیَا وَ تَعْدِلُونَ عَنِ الْحَقِّ غَرَّتْكُمْ أَحْسَابُكُمْ فَمَا حَسَبُ امْرِئٍ خُلِقَ مِنَ الطِّینِ إِنَّمَا الْحَسَبُ عِنْدِی هُوَ التَّقْوَی بَنِی آدَمَ إِنَّكُمْ وَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ مِنِّی بُرَآءُ وَ أَنَا مِنْكُمْ بَرِی ءٌ لَا حَاجَةَ لِی فِی عِبَادَتِكُمْ حَتَّی تُسْلِمُوا إِسْلَاماً مُخْلَصاً وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (1)وَ فِی السَّادِسَةِ وَ الْأَرْبَعِینَ بَنِی آدَمَ لَا تَسْتَخِفُّوا بِحَقِّی فَأَسْتَخِفَّ بِكُمْ فِی النَّارِ إِنَّ أَكَلَةَ الرِّبَا تُقَطَّعُ أَمْعَاؤُهُمْ وَ أَكْبَادُهُمْ إِذَا نَاوَلْتُمُ الصَّدَقَاتِ فَاغْسِلُوهَا بِمَاءِ الْیَقِینِ فَإِنِّی أَبْسُطُ یَمِینِی قَبْلَ یَمِینِ الْآخِذِ فَإِذَا كَانَتْ مِنْ حَرَامٍ حَذَفْتُ بِهَا فِی وَجْهِ الْمُتَصَدِّقِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ حَلَالٍ قُلْتُ ابْنُوا لَهُ قُصُوراً فِی الْجَنَّةِ وَ لَیْسَتِ الرِّئَاسَةُ رِئَاسَةَ الْمُلْكِ إِنَّمَا الرِّئَاسَةُ رِئَاسَةُ الْآخِرَةِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی السَّابِعَةِ وَ الْأَرْبَعِینَ أَ تَدْرِی یَا دَاوُدُ لِمَ مَسَخْتُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجَعَلْتُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِیرَ لِأَنَّهُمْ إِذَا جَاءَ الْغَنِیُّ بِالذَّنْبِ الْعَظِیمِ سَاهَلُوهُ وَ إِذَا جَاءَ الْمِسْكِینُ بِأَدْنَی مِنْهُ انْتَقَمُوا مِنْهُ وَجَبَتْ لَعْنَتِی عَلَی كُلِّ مُتَسَلِّطٍ فِی الْأَرْضِ لَا یُقِیمُ الْغَنِیَّ وَ الْفَقِیرَ بِأَحْكَامٍ وَاحِدَةٍ إِنَّكُمْ تَتَّبِعُونَ الْهَوَی فِی الدُّنْیَا (2)أَیْنَ الْمَفَرُّ مِنِّی إِذَا تَخَلَّیْتُ بِكُمْ كَمْ قَدْ نَهَیْتُكُمْ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَی حُرَمِ الْمُؤْمِنِینَ وَ طَالَتْ أَلْسِنَتُكُمْ (3)فِی أَعْرَاضِ النَّاسِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ

ص: 47


1- فی المصدر هنا زیادات لعلها اسقطت عن النسّاخ، أو كانت نسخة سعد السعود الموجودة عند المصنّف ناقصة، و هی: و فی السورة السادسة و الثلاثین: ثیاب العاصی ثقال علی الأبدان و وسخ علی الوجه، و الوسخ ینقطع بالماء، و وسخ الذنوب لا ینقطع الا بالمغفرة، طوبی للذین كان باطنهم أحسن من ظاهرهم، و من كانت له ودائع فرح بها یوم الآزفة، و من عمل بالمعاصی و أسرها من المخلوقین لم یقدر علی اسرارها منی، قد أوفیتكم ما وعدتكم من طیبات الرزق، و نبات البر، و طیر السماء، و من جمیع الثمرات، و رزقتكم ما لم تحتسبوا، و ذلك كله علی الذنوب، معشر الصوام بشر الصائمین بمرتبة الفائزین، و قد أنزلت علی أهل التوراة بما أنزلت علیكم، داود! سوف تحرف كتبی، و یفتری علی كذبا، فمن صدق بكتبی و رسلی فقد أنجح و أفلح و أنا العزیز سبحان خالق النور؛ انتهی.
2- فی نسخة: هب انكم تتبعون الهوی فی الدنیا فاین المفر منی.
3- فی المصدر: و أطالت ألسنتكم. قلت: لعل الصواب: و اطالة السنتكم.

وَ فِی الْخَامِسَةِ وَ السِّتِّینَ أَفْصَحْتُمْ فِی الْخُطْبَةِ وَ قَصَّرْتُمْ فِی الْعَمَلِ فَلَوْ أَفْصَحْتُمْ فِی الْعَمَلِ وَ قَصَّرْتُمْ فِی الْخُطْبَةِ لَكَانَ أَرْجَی لَكُمْ وَ لَكِنَّكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَی آیَاتِی فَاتَّخَذْتُمُوهَا هُزُءاً وَ إِلَی مَظَالِمِی فَاشْتَهَرْتُمْ بِهَا وَ عَلِمْتُمْ أَنْ لَا هَرَبَ مِنِّی وَ أَمِنْتُمْ فَجَائِعَ الدُّنْیَا (1)دَاوُدُ اتْلُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ نَبَأَ رَجُلٍ دَانَتْ لَهُ أَقْطَارُ الْأَرْضِ حَتَّی اسْتَوَی (2)وَ سَعَی فِی الْأَرْضِ فَسَاداً وَ أَخْمَدَ الْحَقَّ وَ أَظْهَرَ الْبَاطِلَ وَ عَمَّرَ الدُّنْیَا وَ حَصَّنَ (3)الْحُصُونَ وَ حَبَسَ الْأَمْوَالَ فَبَیْنَمَا هُوَ فِی غَضَارَةِ (4)دُنْیَاهُ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَی زُنْبُورٍ یَأْكُلُ لَحْمَةَ خَدِّهِ وَ یَدْخُلُ وَ لْیَلْدَغِ الْمَلِكَ فَدَخَلَ الزُّنْبُورُ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ سُتَّارُهُ وَ وُزَرَاؤُهُ وَ أَعْوَانُهُ فَضَرَبَ خَدَّهُ فَتَوَرَّمَتْ وَ تَفَجَّرَتْ مِنْهُ أَعْیُنٌ دَماً وَ قَیْحاً فثیر (فَأُشِیرَ) عَلَیْهِ بِقَطْعٍ مِنْ لَحْمِ (5)وَجْهِهِ حَتَّی كَانَ كُلُّ مَنْ یَجْلِسُ عِنْدَهُ شَمَّ مِنْهُ نَتْناً عَظِیماً (6)حَتَّی دُفِنَ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ فَلَوْ كَانَ لِلْآدَمِیِّینَ عِبْرَةٌ تَرْدَعُهُمْ لَرَدَعَتْهُمْ وَ لَكِنِ اشْتَغَلُوا بِلَهْوِ الدُّنْیَا وَ لَعِبِهِمْ فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یَأْتِیَهُمْ أَمْرِی وَ لَا أُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ (7).

أقول: سیأتی سائر ما نقلنا من الزبور و سائر حكم داود علیه السلام فی كتاب المواعظ إن شاء اللّٰه تعالی.

ص: 48


1- فی المصدر: و أسستم فجائع الدنیا.
2- أی حتّی استولی و ظهر علیها.
3- حصن المكان: جعله حصینا.
4- الغضارة: النعمة و طیب العیش. السعة و الخصب.
5- فی المصدر: و یقطع من لحم وجهه.
6- فی المصدر: فكل من جلس عنده شم من دماغه نتنا عظیما.
7- سعد السعود: 47- 51، و فی المصدر له ذیل فیه مواعظ لم یذكره المصنّف.

باب 4 قصة أصحاب السبت

الآیات؛

البقرة: (قال اللّٰه تعالی): «وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ* فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَیْنَ یَدَیْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ»(55-56)

النساء: «أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ»(47) (و قال تعالی): «قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً»(154)

أعراف: «وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ*فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ* فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ»(163-166)

النحل: «إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَی الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَیَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ»(124)

تفسیر: قیل المعنی إنما جعل السبت لعنة و مسخا علی الذین اختلفوا فیه فحرموه ثم استحلوه فمسخهم و قیل أی إنما فرض تعظیم السبت علی الذین اختلفوا فی أمر الجمعة و هم الیهود و كانوا قد أمروا بتعظیم الجمعة فعدلوا عما أمروا به و قیل المختلفون هم الیهود و النصاری قال بعضهم السبت أعظم الأیام لأنه سبحانه فرغ فیه من خلق الأشیاء و قال آخرون بل الأحد أعظم لأنه ابتدأ خلق الأشیاء فیه و یؤید الوسط ما سیأتی من الخبر.

ص: 49

«1»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْیَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أَمْسَكُوا یَوْمَ السَّبْتِ فَحُرِّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدُ یَوْمَ السَّبْتِ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن علی بن عقبة مثله (2).

«2»-فس، تفسیر القمی إِنَّ أَصْحَابَ السَّبْتِ قَدْ كَانَ أَمْلَی اللَّهُ لَهُمْ حَتَّی أَثْرَوْا (3)وَ قَالُوا إِنَّ السَّبْتَ لَنَا حَلَالٌ وَ إِنَّمَا كَانَ حُرِّمَ عَلَی أَوَّلِینَا وَ كَانُوا یُعَاقَبُونَ عَلَی اسْتِحْلَالِهِمُ السَّبْتَ فَأَمَّا نَحْنُ فَلَیْسَ عَلَیْنَا حَرَامٌ (4)وَ مَا زِلْنَا بِخَیْرٍ مُنْذُ اسْتَحْلَلْنَا وَ قَدْ كَثُرَتْ أَمْوَالُنَا وَ صَحَّتْ أَبْدَانُنَا ثُمَّ أَخَذَهُمُ اللَّهُ لَیْلًا وَ هُمْ غَافِلُونَ(5).

«3»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْكَلْبِیِّ النَّسَّابَةِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْجِرِّیِّ (6)فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَسَخَ طَائِفَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَحْراً فَهُوَ الْجِرِّیُّ وَ الزِّمِّیرُ (7)وَ الْمَارْمَاهِی وَ مَا سِوَی ذَلِكَ وَ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَرّاً فَالْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ وَ الْوَبَرُ (8)وَ الْوَرَلُ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ (9).

بیان: قال الجوهری الورل دابة مثل الضب.

«4»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ آدَمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ

ص: 50


1- علل الشرائع: 35.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
3- أملی لهم أی أمهلهم.
4- هكذا فی النسخ و المصدر، و فی البرهان: فلیس علینا حراما.
5- تفسیر القمّیّ: 168.
6- الجری: نوع من السمك النهری الطویل المعروف بالحتكلیس و یدعونه فی مصر ثعبان الماء و لیس له عظم الا عظم الرأس و السلسلة.
7- الزمیر: نوع من السمك له شوك ناتئ علی ظهره، و أكثر ما یكون فی المیاه العذبة.
8- الوبر: دویبة كالسنور لكنها أصغر منه و هی قصیر الذنب و الأذنین.
9- فروع الكافی 2: 145.

مِهْرَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: فَلَمَّا اسْتَجَابَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِیٍّ مِنْهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً وَ الشِّرْعَةُ وَ الْمِنْهَاجُ سَبِیلٌ وَ سُنَّةٌ (1)وَ كَانَ مِنَ السَّبِیلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِی أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا مُوسَی أَنْ جَعَلَ عَلَیْهِمُ السَّبْتَ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ السَّبْتِ وَ لَمْ یَسْتَحِلَّ أَنْ یَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ سَبَقَتِ الْحِیتَانُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ أَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ (2)وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ وَ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِی نَهَی اللَّهُ عَنْهُ فِیهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ وَ ذَلِكَ حَیْثُ اسْتَحَلُّوا الْحِیتَانَ وَ احْتَبَسُوهَا وَ أَكَلُوهَا یَوْمَ السَّبْتِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ (3)أَشْرَكُوا بِالرَّحْمَنِ وَ لَا شَكُّوا فِی شَیْ ءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ الْخَبَرَ (4).

«5»-فس، تفسیر القمی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ فَإِنَّهَا قَرْیَةٌ كَانَتْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ قَرِیبَةٌ مِنَ الْبَحْرِ وَ كَانَ الْمَاءُ یَجْرِی عَلَیْهَا فِی الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ فَیَدْخُلُ أَنْهَارَهُمْ وَ زُرُوعَهُمْ وَ یَخْرُجُ السَّمَكُ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّی یَبْلُغَ آخِرَ زُرُوعِهِمْ وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ حَرَّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدَ (5)یَوْمَ السَّبْتِ فَكَانُوا یَضَعُونَ الشِّبَاكَ فِی الْأَنْهَارِ لَیْلَةَ الْأَحَدِ وَ یَصِیدُونَ بِهَا السَّمَكَ وَ كَانَ السَّمَكُ یَخْرُجُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ یَوْمَ الْأَحَدِ لَا یَخْرُجُ وَ هُوَ قَوْلُهُ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ فَنَهَاهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ یَنْتَهُوا فَمُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ وَ كَانَ الْعِلَّةُ

ص: 51


1- اختصره المصنّف.
2- هكذا فی المطبوع،والنسخ المخطوطة التی عندنا خالیة عن الحدیث رأسا ،والموجود فی الكافی ومرآت العقول والبرهان هكذا: «وكان من اعظم البست ولم یستحل أن یفعل ذلك من خشیة اللّٰه أدخله الجنة» وهذا هو الصحیح فقواه:من قوم ثمود لعله كانت نسخة المصنف فیها ذلك أووهم النساخ فزادوا فی العبارةذلك من الحدیث الاتی.
3- الصحیح كما فی المصدر: من غیر أنّ یكونوا.
4- أصول الكافی: 2: 28 و 29.
5- فی المصدر: و قد كان اللّٰه قد حرم علیهم الصید.

فِی تَحْرِیمِ الصَّیْدِ عَلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ أَنَّ عِیدَ جَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ كَانَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَخَالَفَ الْیَهُودُ وَ قَالُوا عِیدُنَا السَّبْتُ (1)فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الصَّیْدَ یَوْمَ السَّبْتِ وَ مُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ.

حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ وَجَدْنَا فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ قَوْماً مِنْ أَهْلِ أُبُلَّةَ (2)مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ وَ أَنَّ الْحِیتَانَ كَانَتْ سَبَقَتْ إِلَیْهِمْ یَوْمَ السَّبْتِ (3)لِیَخْتَبِرَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ فِی ذَلِكَ فَشَرَعَتْ إِلَیْهِمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ فِی نَادِیهِمْ وَ قُدَّامَ أَبْوَابِهِمْ فِی أَنْهَارِهِمْ وَ سَوَاقِیهِمْ فَبَادَرُوا إِلَیْهَا فَأَخَذُوا یَصْطَادُونَهَا وَ لَبِثُوا فِی ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا یَنْهَاهُمْ عَنْهَا الْأَحْبَارُ وَ لَا یَمْنَعُهُمُ الْعُلَمَاءُ مِنْ صَیْدِهَا ثُمَّ إِنَّ الشَّیْطَانَ أَوْحَی إِلَی طَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا نُهِیتُمْ عَنْ أَكْلِهَا یَوْمَ السَّبْتِ وَ لَمْ تُنْهَوْا عَنْ صَیْدِهَا (4)فَاصْطَادُوا یَوْمَ السَّبْتِ وَ كُلُوهَا فِیمَا سِوَی ذَلِكَ مِنَ الْأَیَّامِ (5)فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْآنَ نَصْطَادُهَا (6)فَعَتَتْ وَ انْحَازَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَی مِنْهُمْ ذَاتَ الْیَمِینِ فَقَالُوا نَنْهَاهُمْ (7)عَنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ أَنْ تَتَعَرَّضُوا بِخِلَافِ أَمْرِهِ وَ اعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ذَاتَ الْیَسَارِ

ص: 52


1- فی المصدر: عیدنا یوم السبت.
2- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: أیكة، و كلاهما مصحفان، و الصحیح كما فی سعد السعود و فی البرهان نقلا عن تفسیر القمّیّ و العیّاشیّ «أیلة» قال یاقوت: ایلة بالفتح: مدینة علی ساحل بحر القلزم ممّا یلی الشام، و قیل: هی آخر الحجاز و أول الشام، قال أبو زید: أیلة مدینة صغیرة عامرة بها زرع یسیر، و هی مدینة للیهود الذین حرم اللّٰه علیهم صید السمك یوم السبت فخالفوا فمسخوا قردة و خنازیر.
3- هكذا فی نسخ و فی المصدر، و فی سعد السعود: فان الحیتان كانت قد سبقت لهم یوم السبت و لعلّ الصحیح كما فی نسختین: أن قوما من أهل أیلة من قوم ثمود سبقت الحیتان إلیهم یوم السبت قوله: من قوم ثمود أی من ذریتهم و أخلافهم.
4- فی التفسیر: انما نهیتكم عن أكلها یوم السبت فانتهیتم عن صیدها؟.
5- فی التفسیر و سعد السعود: و أكلوها فیما سوی ذلك من الایام.
6- فی سعد السعود: لا الا أن نصطادها.
7- فی التفسیر و فی نسخة: ننهاكم، و فی التفسیر: لخلاف أمره. و فی سعد السعود: فقالوا: اللّٰه اللّٰه ننهاكم. و فیه أیضا لخلاف أمره.

فَتَنَكَّبَتْ (1)فَلَمْ تَعِظْهُمْ فَقَالَتْ لِلطَّائِفَةِ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ قَالَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ یَعْنِی لَمَّا تَرَكُوا مَا وُعِظُوا بِهِ وَ مَضَوْا عَلَی الْخَطِیئَةِ فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِی وَعَظَتْهُمْ لَا وَ اللَّهِ لَا نُجَامِعُكُمْ وَ لَا نُبَایِتُكُمُ اللَّیْلَةَ فِی مَدِینَتِكُمْ هَذِهِ الَّتِی عَصَیْتُمُ اللَّهَ فِیهَا مَخَافَةَ أَنْ یَنْزِلَ بِكُمُ الْبَلَاءُ فَیَعُمُّنَا مَعَكُمْ قَالَ فَخَرَجُوا عَنْهُمْ مِنَ الْمَدِینَةِ مَخَافَةَ أَنْ یُصِیبَهُمُ الْبَلَاءُ فَنَزَلُوا قَرِیباً مِنَ الْمَدِینَةِ فَبَاتُوا تَحْتَ السَّمَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ الْمُطِیعُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ غَدَوْا لِیَنْظُرُوا مَا حَالُ أَهْلِ الْمَعْصِیَةِ فَأَتَوْا بَابَ الْمَدِینَةِ فَإِذَا هُوَ مُصْمَتٌ فَدَقُّوهُ فَلَمْ یُجَابُوا وَ لَمْ یَسْمَعُوا مِنْهَا حِسَّ أَحَدٍ فَوَضَعُوا سُلَّماً عَلَی سُورِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ أَصْعَدُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَشْرَفَ عَلَی الْمَدِینَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالْقَوْمِ قِرَدَةً یَتَعَاوَوْنَ فَقَالَ الرَّجُلُ لِأَصْحَابِهِ یَا قَوْمِ أَرَی وَ اللَّهِ عَجَباً قَالُوا وَ مَا تَرَی قَالَ أَرَی الْقَوْمَ قَدْ صَارُوا قِرَدَةً یَتَعَاوَوْنَ لَهَا أَذْنَابٌ فَكَسَرُوا الْبَابَ قَالَ فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ (2)وَ لَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ فَقَالَ الْقَوْمُ لِلْقِرَدَةِ أَ لَمْ نَنْهَكُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنِّی لَأَعْرِفُ أَنْسَابَهَا (3)مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا یُنْكِرُونَ وَ لَا یُغَیِّرُونَ (4)بَلْ تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَتَفَرَّقُوا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَقَالَ اللَّهُ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (5)

توضیح: قوله لیلة الأحد أی لئلا یرجع ما أتاهم یوم السبت لكنه مخالف لسائر الروایات و السیر و الظاهر أن فیه سقطا و لعله كان هكذا لیلة السبت و یصطادون یوم الأحد قوله علیه السلام إنی لأعرف أنسابها أی أشباهها مجازا أی أعرف جماعة من هذه الأمة أشباه الطائفة الذین لم ینهوا عن المنكر حتی مسخوا و یحتمل أن یكون

ص: 53


1- تنكب عنه: عدل. و فی المصدرین: فسكتت.
2- فی سعد السعود: و لهم أذناب، فكسروا الباب، و دخلوا المدینة، قال: فعرف القردة اشباهها من الانس، و لم تعرف الانس اشباهها من القردة.
3- فی سعد السعود: أشباهها.
4- فی سعد السعود: و لا یقرون.
5- تفسیر القمّیّ 226- 228.

سماهم أنسابهم لتناسب طیناتهم و لا یبعد أن یكون فی الأصل أشباههم (1)و یمكن إرجاع الضمیر إلی هذه الأمة لكنه أبعد و أشد تكلفا.

أقول: قال السید ابن طاوس رأیت فی تفسیر أبی العباس بن عقدة أنه روی عن علی بن الحسن عن عمرو بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن علی بن رئاب عن أبی عبیدة عن أبی جعفر علیه السلام مثله (2).

ثُمَّ قَالَ إِنِّی وَجَدْتُ فِی نُسْخَةِ حَدِیثٍ غَیْرِ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ بَاشَرَتِ الْمُنْكَرَ وَ فِرْقَةٌ أَنْكَرَتْ عَلَیْهِمْ وَ فِرْقَةٌ دَاهَنَتْ أَهْلَ الْمَعَاصِی فَلَمْ تُنْكِرْ وَ لَمْ تُبَاشِرِ الْمَعْصِیَةَ فَنَجَّی اللَّهُ الَّذِینَ أَنْكَرُوا وَ جَعَلَ الْفِرْقَةَ الْمُدَاهِنَةَ ذَرّاً وَ مَسَخَ الْفِرْقَةَ الْمُبَاشِرَةَ لِلْمُنْكَرِ قِرَدَةً ثُمَّ قَالَ وَ لَعَلَّ مَسْخَ الْمُدَاهِنَةِ ذَرّاً لِتَصْغِیرِهِمْ عَظَمَةَ اللَّهِ وَ تَهْوِینِهِمْ بِحُرْمَةِ اللَّهِ فَصَغَّرَهُمُ اللَّهُ (3).

ص: -244

«6»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ فَقَالَ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ أَمَرُوا فَنَجَوْا وَ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ لَمْ یَأْمُرُوا فَمُسِخُوا ذَرّاً وَ صِنْفٌ لَمْ یَأْتَمِرُوا وَ لَمْ یَأْمُرُوا فَهَلَكُوا (4).

بیان: لعل المراد بهلاكهم صیرورتهم قردة.

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی

ص: 54


1- و قد عرفت أنّه كان كذلك فی سعد السعود.
2- سعد السعود: 118- 119.
3- فی سعد السعود: 119 و قد ذكر المصنّف معنی قول ابن طاوس راجعه.
4- روضة الكافی: 158.

لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَقَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی علیه السلام وَ قَالَ إِنَّ الْیَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا وَ أَمْسَكُوا یَوْمَ السَّبْتِ فَحُرِّمَ عَلَیْهِمُ الصَّیْدُ یَوْمَ السَّبْتِ فَعَمَدَ رِجَالٌ مِنْ سُفَهَاءِ الْقَرْیَةِ فَأَخَذُوا مِنَ الْحِیتَانِ- لَیْلَةَ السَّبْتِ وَ بَاعُوا وَ لَمْ یَنْزِلْ بِهِمْ عُقُوبَةٌ فَاسْتَبْشَرُوا وَ فَعَلُوا ذَلِكَ سِنِینَ فَوَعَظَهُمْ طَوَائِفُ فَلَمْ یَسْمَعُوا وَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فَأَصْبَحُوا قِرَدَةً خَاسِئِینَ (1).

«8»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَرَّارٍ (2)قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ كَانَتِ الْقِرَدَةُ هُمُ الْیَهُودُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قُرُوداً(3).

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَیْنَ یَدَیْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ قَالَ لِمَا مَعَهَا یَنْظُرُ إِلَیْهَا مِنْ أَهْلِ الْقُرَی وَ لِمَا خَلْفَهَا قَالَ نَحْنُ وَ لَنَا فِیهَا مَوْعِظَةٌ (4).

بیان: هذا أحد الوجوه التی ذكرت فی تفسیر الآیة مرویا عن ابن عباس و غیره و قیل أی عقوبة للذنوب التی تقدمت علی الاصطیاد و الذنوب التی تأخرت عنه و قیل لما بین یدیها من القری و ما خلفها من القری و سیأتی تأویل آخر عن العسكری علیه السلام.

«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَتْ مَدِینَةٌ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ فَقَالُوا لِنَبِیِّهِمْ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْیُحَوِّلْنَا رَبُّنَا جِرِّیثاً (5)فَإِذَا الْمَدِینَةُ فِی وَسَطِ الْبَحْرِ قَدْ غَرِقَتْ مِنَ اللَّیْلِ وَ إِذَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مُسُوخاً جِرِّیثاً یَدْخُلُ الرَّاكِبُ فِی فِیهَا (6).

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ (7)رَفَعَهُ إِلَی أَحَدِهِمْ علیهم السلام قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَی

ص: 55


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- هكذا فی نسخ و فی البرهان، و فی نسخة: عبد الصمد بن مرار، و ذكر المامقانی عن رجال الشیخ: عبد الصمد بن مداد، و لم اتحقّق صحیحه.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجهما أیضا البحرانیّ فی البرهان 1: 105.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجهما أیضا البحرانیّ فی البرهان 1: 105.
5- الجریث: نوع من السمك.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 2: 43.
7- فی نسخة: عن هارون بن عبد.

أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ وَ قَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ هَذِهِ الْجَرَارِیَّ (1)تُبَاعُ فِی أَسْوَاقِنَا قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ضَاحِكاً ثُمَّ قَالَ قُومُوا لِأُرِیَكُمْ عَجَباً وَ لَا تَقُولُوا فِی وَصِیِّكُمْ إِلَّا خَیْراً فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَوْا شَاطِئَ الْفُرَاتِ فَتَفَلَ فِیهِ تَفْلَةً وَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ فَإِذَا بِجِرِّیثَةٍ رَافِعَةٍ رَأْسَهَا فَاتِحَةٍ فَاهَا فَقَالَ له (لَهَا) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَنْتِ الْوَیْلُ لَكِ وَ لِقَوْمِكِ فقال (فَقَالَتْ) نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الْآیَةَ فَعَرَضَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَلَایَتَكَ فَقَعَدْنَا عَنْهَا فَمَسَخَنَا اللَّهُ فَبَعْضُنَا فِی الْبَرِّ وَ بَعْضُنَا فِی الْبَحْرِ فَأَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَحْرِ فَنَحْنُ الْجَرَارِیُّ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَرِّ فَالضَّبُّ وَ الْیَرْبُوعُ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَیْنَا فَقَالَ أَ سَمِعْتُمْ مَقَالَتَهَا قُلْنَا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ لَتَحِیضُ كَمَا تَحِیضُ نِسَاؤُكُمْ (2).

«12»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَی الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ الْآیَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی أَمَرَ قَوْمَهُ أَنْ یَتَفَرَّغُوا لِلَّهِ فِی كُلِّ سَبْعَةِ أَیَّامٍ یَوْماً یَجْعَلُهُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ هُمُ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ (3).

«13»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ لَمَّا اصْطَادُوا السَّمَكَ فِیهِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ مُبْعَدِینَ عَنْ كُلِّ خَیْرٍ فَجَعَلْناها تِلْكَ الْمَسْخَةَ (4)الَّتِی أَخْزَیْنَاهُمْ وَ لَعَنَّاهُمْ بِهَا نَكالًا عِقَاباً وَ رَدْعاً لِما بَیْنَ یَدَیْها بَیْنَ یَدَیِ الْمَسْخَةِ مِنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُوبِقَاتِ الَّتِی اسْتَحَقُّوا بِهَا الْعُقُوبَاتِ وَ ما خَلْفَها لِلْقَوْمِ الَّذِینَ شَاهَدُوهُمْ بَعْدَ مَسْخِهِمْ یَرْتَدِعُونَ عَنْ مِثْلِ أَفْعَالِهِمْ لَمَّا شَاهَدُوا مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عِقَابِنَا وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یَتَّعِظُونَ بِهَا فَیُفَارِقُونَ الْمُخْزِیَاتِ (5)وَ یَعِظُونَ بِهَا النَّاسَ وَ یُحَذِّرُونَهُمُ الْمُرْدِیَاتِ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْماً یَسْكُنُونَ عَلَی شَاطِئِ بَحْرٍ نَهَاهُمُ اللَّهُ وَ أَنْبِیَاؤُهُ عَنِ اصْطِیَادِ السَّمَكِ فِی یَوْمِ السَّبْتِ فَتَوَسَّلُوا إِلَی حِیلَةٍ لِیُحِلُّوا بِهَا لِأَنْفُسِهِمْ مَا حَرَّمَ

ص: 56


1- فی البرهان: هذه الجریث.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. اخرج البحرانیّ الحدیث أیضا فی البرهان 2: 44.
3- تفسیر القمّیّ: 367.
4- فی المصدر: أی جعلنا تلك المسخة.
5- فی نسخة: فیفارقون المحرمات.

اللَّهُ فَخَدُّوا أَخَادِیدَ (1)وَ عَمِلُوا طُرُقاً تُؤَدِّی إِلَی حِیَاضٍ یَتَهَیَّأُ لِلْحِیتَانِ الدُّخُولُ فِیهَا مِنْ تِلْكَ الطُّرُقِ وَ لَا یَتَهَیَّأُ لَهَا الْخُرُوجُ إِذَا هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ (2)فَجَاءَتِ الْحِیتَانُ یَوْمَ السَّبْتِ جَارِیَةً عَلَی أَمَانِ اللَّهِ لَهَا فَدَخَلَتْ فِی الْأَخَادِیدِ وَ حَصَلَتْ فِی الْحِیَاضِ وَ الْغُدْرَانِ (3)فَلَمَّا كَانَتْ عَشِیَّةُ الْیَوْمِ هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ مِنْهَا إِلَی اللُّجَجِ لِتَأْمَنَ صَائِدَهَا (4)فَرَامَتِ الرُّجُوعَ فَلَمْ تقدروا (تَقْدِرْ) فَبَقِیَتْ لَیْلَتَهَا فِی مَكَانٍ یَتَهَیَّأُ أَخْذُهَا بِلَا اصْطِیَادٍ (5)لِاسْتِرْسَالِهَا فِیهِ وَ عَجْزِهَا عَنِ الِامْتِنَاعِ لِمَنْعِ الْمَكَانِ لَهَا فَكَانُوا (6)یَأْخُذُونَهَا یَوْمَ الْأَحَدِ وَ یَقُولُونَ مَا اصْطَدْنَا فِی السَّبْتِ وَ إِنَّمَا اصْطَدْنَا فِی الْأَحَدِ (7)وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ بَلْ كَانُوا آخِذِینَ لَهَا بِأَخَادِیدِهِمُ الَّتِی عَمِلُوهَا یَوْمَ السَّبْتِ حَتَّی كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ مَالُهُمْ وَ ثَرَاؤُهُمْ وَ تَنَعَّمُوا بِالنِّسَاءِ (8)وَ غَیْرِهِنَّ لِاتِّسَاعِ أَیْدِیهِمْ بِهِ فَكَانُوا فِی الْمَدِینَةِ (9)نَیِّفاً وَ ثَمَانِینَ أَلْفاً فَعَلَ هَذَا مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً (10)وَ أَنْكَرَ عَلَیْهِمُ الْبَاقُونَ كَمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ الْآیَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَعَظُوهُمْ وَ زَجَرُوهُمْ عَذَابَ اللَّهِ (11)وَ خَوَّفُوهُمْ مِنِ انْتِقَامِهِ وَ شَدِیدِ بَأْسِهِ وَ حَذَّرُوهُمْ فَأَجَابُوهُمْ عَنْ وَعْظِهِمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ هَلَاكَ الِاصْطِلَامِ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَأَجَابُوا الْقَائِلِینَ هَذَا لَهُمْ مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا (12)لَهُمْ مَعْذِرَةٌ إِلَی رَبِّكُمْ إِذْ كَلَّفَنَا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ

ص: 57


1- خد الأرض: شقها. و الاخادید جمع الاخدود: الحفرة المستطیلة.
2- فی المصدر: إذا همت بالرجوع منها الی اللجج.
3- الغدران بالضم جمع الغدیر.
4- فی المصدر: لتأمن من صائدها.
5- فی المصدر: یتهیأ أخذها یوم الاحد بلا اصطیاد.
6- فی نسخة: و كانوا.
7- فی نسخة: و انا اصطدنا فی الاحد.
8- فی نسخة من المصدر: و تتمتعوا بالنساء.
9- فی المصدر: و كانوا فی المدینة.
10- فی نسخة: فعمل هذا منهم سبعون الفا.
11- فی المصدر: و زجروهم من عذاب اللّٰه.
12- فی المصدر: هذا القول منا لكم.

النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَنَحْنُ نَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ لِیَعْلَمَ رَبُّنَا مُخَالَفَتَنَا لَهُمْ وَ كَرَاهَتَنَا لِفِعْلِهِمْ (1)قَالُوا وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ وَ نَعِظُهُمْ أَیْضاً لَعَلَّهُمْ تَنْجَعُ فِیهِمُ الْمَوَاعِظُ فَیَتَّقُوا هَذِهِ الْمُوبِقَةَ وَ یَحْذَرُوا عُقُوبَتَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا عَتَوْا حَادُّوا وَ أَعْرَضُوا وَ تَكَبَّرُوا عَنْ قَبُولِهِمُ الزَّجْرَ عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ مُبْعَدِینَ عَنِ الْخَیْرِ مُقْصَیْنَ (2)قَالَ فَلَمَّا نَظَرَ الْعَشَرَةُ آلَافٍ وَ النَّیِّفُ أَنَّ السَّبْعِینَ أَلْفاً لَا یَقْبَلُونَ مَوَاعِظَهُمْ وَ لَا یَحْفِلُونَ (3)بِتَخْوِیفِهِمْ إِیَّاهُمْ وَ تَحْذِیرِهِمْ لَهُمْ اعْتَزَلُوهُمْ إِلَی قَرْیَةٍ أُخْرَی قَرِیبَةٍ مِنْ قَرْیَتِهِمْ وَ قَالُوا إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ یَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابُ اللَّهِ وَ نَحْنُ فِی خِلَالِهِمْ فَأَمْسَوْا لَیْلَةً فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ كُلَّهُمْ قِرَدَةً وَ بَقِیَ بَابُ الْمَدِینَةِ مُغْلَقاً لَا یَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ لَا یَدْخُلُ عَلَیْهِمْ أَحَدٌ (4)وَ تَسَامَعَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْقُرَی فَقَصَدُوهُمْ وَ تَسَنَّمُوا حِیطَانَ الْبَلَدِ (5)فَاطَّلَعُوا عَلَیْهِمْ فَإِذَا كُلُّهُمْ رِجَالُهُمْ وَ نِسَاؤُهُمْ قِرَدَةٌ یَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِی بَعْضٍ یَعْرِفُ هَؤُلَاءِ النَّاظِرُونَ مَعَارِفَهُمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ وَ خُلَطَاءَهُمْ یَقُولُ الْمُطَّلِعُ لِبَعْضِهِمْ أَنْتَ فُلَانٌ أَنْتَ فُلَانٌ فَتَدْمَعُ عَیْنُهُ وَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ (6)فَمَا زَالُوا كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مَطَراً وَ رِیحاً فَجَرَفَتْهُمْ إِلَی الْبَحْرِ (7)وَ مَا بَقِیَ مَسْخٌ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ أَمَّا الَّذِینَ تَرَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْمُصَوَّرَاتِ بِصُوَرِهَا فَإِنَّمَا هِیَ أَشْبَاهُهَا لَا هِیَ بِأَعْیَانِهَا وَ لَا مِنْ نَسْلِهَا ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ اللَّهَ مَسَخَ هَؤُلَاءِ لِاصْطِیَادِهِمُ السَّمَكَ فَكَیْفَ تَرَی عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَالَ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هَتَكَ حُرْمَتَهُ (8)إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ إِنْ لَمْ

ص: 58


1- فی المصدر: مخالفتنا لكم و كراهتنا لفعلكم. قلت: و لعلّ ما فی المتن أصح و كانوا یخاطبون فرقة اخری غیر الذین اعتدوا فی السبت.
2- مقصین أی مبعدین، و فی البرهان: مقصرین.
3- أی لا یبالون به و لا یهتمون له.
4- فی المصدر: فمسخهم اللّٰه كلهم قردة خاسئین، و بقی باب المدینة مغلقا مغلقة خ ل لا یخرج منه احد، و لا یدخله احد.
5- تسنم الشی ء: علاه و ركبه.
6- فی المصدر: و یؤمی برأسه بلا او نعم.
7- أی ذهبت بهم الی البحر.
8- فی المصدر: و هتك حریمه.

یَمْسَخْهُمْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ عَذَابِ الْمَسْخِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَمَا إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ لَوْ كَانُوا حِینَ هَمُّوا بِقَبِیحِ فِعَالِهِمْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَنْ یَعْصِمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَعَصَمَهُمْ وَ كَذَلِكَ النَّاهُونَ لَهُمْ لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَعْصِمَهُمْ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لَعَصَمَهُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یُلْهِمْهُمْ ذَلِكَ وَ لَمْ یُوَفِّقْهُمْ لَهُ فَجَرَتْ مَعْلُومَاتُ اللَّهِ فِیهِمْ عَلَی مَا كَانَ سُطِرَ فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ (1).

بیان: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه فی قوله تعالی وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ أی الذین جاوزوا ما أمروا به من ترك الصید یوم السبت و كانت الحیتان تجتمع فی یوم السبت لأمنها فحبسوها فی السبت و أخذوها فی الأحد فاعتدوا فی السبت أی ظلموا و تجاوزوا ما حد لهم لأن صیدها هو حبسها.

و روی عن الحسن أنهم اصطادوا یوم السبت مستحلین بعد ما نهوا عنه فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ هذا إخبار عن سرعة مسخه إیاهم لا أن هناك أمرا و معناه جعلناهم قردة كقوله فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً (2)قال ابن عباس فمسخهم اللّٰه عقوبة لهم و كانوا یتعاوون و بقوا ثلاثة أیام لم یأكلوا و لم یشربوا و لم یتناسلوا ثم أهلكهم اللّٰه تعالی و جاءت ریح فهبت بهم فألقتهم فی الماء و ما مسخ اللّٰه أمة إلا أهلكها فهذه القردة و الخنازیر لیست من نسل أولئك و لكن مسخ أولئك علی صورة هؤلاء یدل علیه إجماع المسلمین علی أنه لیس فی القردة و الخنازیر من هو من أولاد آدم و لو كانت من أولاد الممسوخین لكانت من بنی آدم و قال مجاهد لم یمسخوا قردة و إنما هو مثل ضربه اللّٰه كما قال كَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً (3)و حكی عنه أیضا أنه قال مسخت قلوبهم فجعلت كقلوب القردة لا تقبل وعظا و لا تتقی زجرا و هذان القولان یخالفان الظاهر الذی أكثر المفسرین علیه من غیر ضرورة تدعو إلیه.

ص: 59


1- تفسیر العسكریّ: 106- 108.
2- فصّلت: 11.
3- الجمعة: 5.

و قوله خاسِئِینَ أی مبعدین عن الخیر و قیل أذلاء صاغرین مطرودین (1)و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ أی مجاورة البحر و قریبة منه و هی أبلة (2)عن ابن عباس و قیل هی مدین عنه أیضا و قیل الطبریة عن الزهری إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ أی یظلمون فیه بصید السمك و یتجاوزون الحد فی أمر السبت إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً أی ظاهرة علی وجه الماء عن ابن عباس و قیل متتابعة عن الضحاك و قیل رافعة رءوسها قال الحسن كانت تشرع إلی أبوابهم مثل الكباش البیض لأنها كانت آمنة یومئذ وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ أی و یوم لا یكون السبت كانت تغوص فی الماء و اختلف فی أنهم كیف اصطادوا فقیل إنهم ألقوا الشبكة فی الماء یوم السبت حتی كان یقع فیها السمك ثم كانوا لا یخرجون الشبكة من الماء إلا یوم الأحد و هذا تسبب محظور و فی روایة عكرمة عن ابن عباس اتخذوا الحیاض فكانوا یسوقون الحیتان إلیها و لا یمكنها الخروج منها فیأخذونها یوم الأحد و قیل إنهم اصطادوها و تناولوها بالید فی یوم السبت كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ أی مثل ذلك الاختبار الشدید نختبرهم بِما كانُوا یَفْسُقُونَ أی بفسقهم و عصیانهم و علی المعنی الآخر لا تأتیهم الحیتان مثل ذلك الإتیان الذی كان منها یوم السبت ثم استأنف فقال نَبْلُوهُمْ وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ أی جماعة مِنْهُمْ أی من بنی إسرائیل الذین لم یصطادوا و كانوا ثلاث فرق فرقة قانصة (3)و فرقة ساكتة و فرقة واعظة فقال الساكتون للواعظین الناهین لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أی یهلكهم اللّٰه و لم یقولوا ذلك كراهیة لوعظهم و لكن لإیاسهم أن یقبل هؤلاء القوم الوعظ فإن الأمر بالمعروف إنما یجب عند عدم الیأس عن القبول عن الجبائی و معناه ما ینفع الوعظ ممن لا یقبل و اللّٰه مهلكهم فی الدنیا بمعصیتهم أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فی الآخرة قالُوا أی قال الواعظون فی جوابهم

ص: 60


1- مجمع البیان 1: 129.
2- فی المصدر: «أیلة» و هو الصحیح كما استظهرنا قبلا.
3- من قنص الطیر: صاده.

مَعْذِرَةً إِلی رَبِّكُمْ معناه موعظتنا إیاهم معذرة إلی اللّٰه و تأدیة لفرضه فی النهی عن المنكر لئلا یقول لنا لم لم تعظوهم وَ لَعَلَّهُمْ بالوعظ یَتَّقُونَ و یرجعون فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أی فلما ترك أهل القریة ما ذكرهم الواعظون به و لم ینتهوا عن ارتكاب المعصیة بصید السمك أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ أی خلصنا الذین ینهون عن المعصیة وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا أنفسهم بِعَذابٍ بَئِیسٍ أی شدید بِما كانُوا یَفْسُقُونَ أی بفسقهم و ذلك العذاب لحقهم قبل أن مسخوا قردة عن الجبائی و لم یذكر حال الفرقة الثالثة هل كانت من الناجیة أو من الهالكة.

و روی عن ابن عباس فیهم ثلاثة أقوال أحدها أنه نجت الفرقتان و هلكت الثالثة و به قال السدی و الثانی أنه هلكت الفرقتان و نجت الفرقة الناهیة و به قال ابن زید و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الثالث التوقف فیه روی عن عكرمة قال دخلت علی ابن عباس و بین یدیه المصحف و هو یبكی و یقرأ هذه الآیة ثم قال قد علمت أن اللّٰه تعالی أهلك الذین أخذوا الحیتان و أنجی الذین نهوهم و لم أدر ما صنع بالذین لم ینهوهم و لم یواقعوا المعصیة و هذا حالنا و اختاره الجبائی و قال الحسن إنه نجی الفرقة الثالثة لأنه لیس شی ء أبلغ فی الأمر بالمعروف و الوعظ من ذكر الوعید و هم قد ذكروا الوعید فقالوا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً و قال قتل المؤمن أعظم و اللّٰه من أكل الحیتان (1)فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ أی عن ترك ما نهوا عنه یعنی لم یتركوا ما نهوا عنه و تمردوا فی الفساد و الجرأة علی المعصیة و أبوا أن یرجعوا عنها قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً أی جعلناهم قردة خاسِئِینَ مبعدین مطرودین و إنما ذكر كن لیدل علی أنه سبحانه لا یمتنع علیه شی ء و أجاز الزجاج أن یكون قیل لهم ذلك بكلام سمعوه فیكون ذلك أبلغ فی الآیة النازلة بهم و حكی ذلك عن أبی الهذیل قال قتادة صاروا قردة لها أذناب تعاووا بعد أن كانوا رجالا و نساء و قیل إنهم بقوا ثلاثة أیام ینظر إلیهم الناس ثم هلكوا و لم یتناسلوا عن ابن عباس قال و لم یمكث مسخ فوق

ص: 61


1- لعله إشارة إلی ما تقدم عن علیّ بن الحسین علیهما السلام من قوله: فكیف تری عند اللّٰه عزّ و جل حال من قتل أولاد رسول اللّٰه و هتك حریمه؟.

ثلاثة أیام و قیل عاشوا سبعة أیام ثم ماتوا عن مقاتل و قیل إنهم توالدوا عن الحسن و لیس بالوجه لأن من المعلوم أن القردة لیست من أولاد آدم كما أن الكلاب لیست منهم

وَ وَرَدَتِ الرِّوَایَةُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَمْسَخْ شَیْئاً فَجَعَلَ لَهُ نَسْلًا وَ عَقِباً.

القصة قیل كانت هذه القصة فی زمن داود علیه السلام.

و عن ابن عباس قال أمروا بالیوم الذی أمرتم به یوم الجمعة فتركوه و اختاروا یوم السبت فابتلوا به و حرم علیهم فیه الصید و أمروا بتعظیمه فكانت الحیتان تأتیهم یوم السبت شرعا بیضا سمانا حتی لا یری الماء من كثرتها فمكثوا كذلك ما شاء اللّٰه لا یصیدون ثم أتاهم الشیطان و قال إنما نهیتم عن أخذها یوم السبت فاتخذوا الحیاض و الشبكات فكانوا یسوقون الحیتان إلیها یوم الجمعة ثم یأخذونها یوم الأحد و عن ابن زید قال أخذ رجل منهم حوتا و ربط فی ذنبه خیطا و شده إلی الساحل ثم أخذه یوم الأحد و شواه فلاموه علی ذلك فلما لم یأته العذاب أخذوا ذلك و أكلوه و باعوه و كانوا نحوا من اثنی عشر ألفا فصار الناس ثلاث فرق علی ما تقدم ذكره فاعتزلتهم الفرقة الناهیة و لم تساكنهم فأصبحوا یوما و لم یخرج من العاصیة أحد فنظروا فإذا هم قردة ففتحوا الباب فدخلوا و كانت القردة تعرفهم و هم لا یعرفونها فجعلت تبكی فإذا قالوا لهم أ لم ننهكم قالت برءوسها أن نعم قال قتادة صارت الشبان قردة و الشیوخ خنازیر (1).

«14»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ قَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام (2).

ص: 62


1- مجمع البیان 4: 491- 492- 493.
2- روضة الكافی: 200.

شی، تفسیر العیاشی عن أبی عبیدة مثله (1).

«15»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الشِّیعَةِ (2)یَدْخُلُونَ فِی أَعْمَالِ السُّلْطَانِ وَ یَعْمَلُونَ لَهُمْ وَ یَجْبُونَ لَهُمْ وَ یُوَالُونَهُمْ (3)قَالَ لَیْسَ هُمْ مِنَ الشِّیعَةِ وَ لَكِنَّهُمْ مِنْ أُولَئِكَ ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ إِلَی قَوْلِهِ وَ لكِنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ قَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانِ عِیسَی (4).

بیان: اعلم أن تلك الروایات اتفقت علی خلاف ما هو المشهور بین المفسرین و المؤرخین من كون المسخ الذی كان فی زمان داود علیه السلام بأنهم صاروا قردة و إنما مسخ أصحاب المائدة خنازیر و قد دل علی الجزء الأول قوله تعالی كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ و الحمل علی سهو النساخ مع اتفاق التفسیرین و الكافی و القصص علیه بعید و الحمل علی غلط الرواة أیضا لا یخلو من بعد و یمكن توجیهه بوجهین الأول أن لا یكون هذا الخبر إشارة إلی قصة أصحاب السبت بل إلی مسخ آخر وقع فی زمان داود علیه السلام و لكن خبر القصص یأبی عنه إلا بتكلف بعید الثانی أنه یمكن أن یكون مسخهم فی الزمانین بالصنفین معا و یكون المقصود فی الآیة جعل بعضهم قردة و یكون التخصیص فی الخبر لعدم توهم التخصیص فی الآیة مع كون الفرد الآخر مذكورا فیها و فی الروایات المشهورة فلا حاجة إلی ذكره و یؤیده أن علی بن إبراهیم ذكر فی الموضعین الصنفین معا.

و قال البیضاوی قیل أهل أبلة (5)لما اعتدوا فی السبت لعنهم اللّٰه علی لسان داود فمسخهم قردة و خنازیر و أصحاب المائدة لما كفروا دعا علیهم عیسی و لعنهم فأصبحوا خنازیر و كانوا خمسة آلاف رجل انتهی (6)و قال الثعلبی فی أصحاب السبت قال قتادة

ص: 63


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
2- فی المصدر: قال: سأل رجل أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن قوم من الشیعة.
3- فی المصدر: و یؤالفونهم.
4- تفسیر القمّیّ: 163.
5- فی المصدر: «أیلة» و قد عرفت قبلا أنّه الصحیح.
6- أنوار التنزیل 1: 353.

ص: 159

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل فی معناه أقوال:

أحدها أن معناه لعنوا علی لسان داود فصاروا قردة و علی لسان عیسی فصاروا خنازیر

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیهما السلام أَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ لَعَنَ أَهْلَ أُبُلَّةَ (1)لَمَّا اعْتَدَوْا فِی سَبْتِهِمْ وَ كَانَ اعْتِدَاؤُهُمْ فِی زَمَانِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَلْبِسْهُمُ اللَّعْنَةَ مِثْلَ الرِّدَاءِ وَ مِثْلَ الْمِنْطَقَةِ عَلَی الْحَقْوَیْنِ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً وَ أَمَّا عِیسَی علیه السلام فَإِنَّهُ لَعَنَ الَّذِینَ أُنْزِلَتْ عَلَیْهِمُ الْمَائِدَةُ ثُمَّ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ.

و ثانیها ما قاله ابن عباس إنه یرید فی الزبور و فی الإنجیل و معنی هذا أن اللّٰه تعالی لعن فی الزبور من یكفر من بنی إسرائیل و فی الإنجیل كذلك.

و ثالثها أن یكون عیسی و داود علیه السلام أعلما أن محمدا نبی مبعوث و لعنا من یكفر به انتهی. (2)و الأبّلة (3)بضم الهمزة و الباء المشددة موضع البصرة الآن و هی إحدی الجنات الأربعة.

ص: 64


1- فی المصدر: أیلة.
2- مجمع البیان 3: 231.
3- قد عرفت أن الصحیح أیلة، و أكثر المصادر مطبقة علیه.

أبواب قصص سلیمان بن داود علیه السلام

باب 5 فضله و مكارم أخلاقه و جمل أحواله

الآیات؛

النساء: «وَ أَوْحَیْنا إِلی إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ عِیسی وَ أَیُّوبَ وَ یُونُسَ وَ هارُونَ وَ سُلَیْمانَ»(163)

الأنعام: «وَ نُوحاً هَدَیْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ»(84)

الأنبیاء: «وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها وَ كُنَّا بِكُلِّ شَیْ ءٍ عالِمِینَ* وَ مِنَ الشَّیاطِینِ مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ وَ یَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ»(81-82)

النمل: «وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وَ سُلَیْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلی كَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ* وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ»(15-16)

سبأ: «وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ* یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ»(12-13)

ص: «وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ* قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ* فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ* وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ* وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ*

ص: 65

هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَیْرِ حِسابٍ* وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفی وَ حُسْنَ مَآبٍ»(34-40)

تفسیر: قال المفسرون: الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها هی الشام و وجه وصف الریح تارة بالعاصفة و أخری بالرخاء بوجوه الأول أنها كانت تارة كذا و تارة كذا بحسب إرادته و الثانی أنها كانت فی بدء الأمر عاصفة لرفع البساط و قلعه ثم كانت تصیر رخاء عند تسییرها و الثالث أن العصف عبارة عن سرعة سیرها و الرخاوة عن كونها لینة طیبة فی نفسها الرابع أن الرخاوة كنایة عن انقیادها له فی كل ما أمرها به.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه و قیل كانت الریح تجری به فی الغداة مسیرة شهر و فی الرواح كذلك و كان یسكن بعلبك (1)و یبنی له بیت المقدس و یحتاج إلی الخروج إلیها و إلی غیرها قال وهب و كان سلیمان یخرج إلی مجلسه فتعكف علیه الطیر و یقوم له الإنس و الجن حتی یجلس علی سریره و یجتمع معه جنوده ثم تحمله الریح إلی حیث أراد.

قوله تعالی مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ أی فی البحر فیخرجون له الجواهر و اللآلی وَ یَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ أی سوی ذلك من الأبنیة كالمحاریب و التماثیل و غیرهما وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ لئلا یهربوا منه و یمتنعوا علیه و قیل من أن یفسدوا ما عملوه. (2)قوله عِلْماً قال أی بالقضاء بین الخلق و بكلام الطیر و الدواب وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ فیه دلالة علی أن الأنبیاء یورثون المال كتوریث غیرهم و قیل إنه ورثه علمه و نبوته و ملكه دون سائر أولاده (3)و الصحیح عند أهل البیت علیهم السلام هو الأول عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ أهل العربیة یقولون لا یطلق النطق علی غیر بنی آدم و إنما یقال الصوت

ص: 66


1- بعلبك بالفتح ثمّ السكون و فتح اللام و الباء ثمّ الكاف مشددة: مدینة قدیمة فیها ابنیة عجیبة و آثار عظیمة و قصور علی أساطین الرخام لا نظیر لها فی الدنیا، بینها و بین دمشق ثلاثة أیّام، و قیل: اثنا عشر فرسخا من جهة الساحل، و هو اسم مركب من بعل- اسم صنم- و بك، اما اسم رجل او جعلوه یبك الاعناق ای یدقها. قاله یاقوت.
2- مجمع البیان 7: 59.
3- فی المصدر: و معنی المیراث هنا انه قام مقامه فی ذلك فاطلق علیه اسم الارث كما اطلق علی الجنة اسم الارث، عن الجبّائیّ، و هذا خلاف للظاهر، و الصحیح اه.

لأن النطق عبارة عن الكلام و لا كلام للطیر إلا أنه لما فهم سلیمان معنی صوت الطیر سماه منطقا مجازا و قیل إنه أراد حقیقة المنطق لأن من الطیر ما له كلام یهجی (1)كالطوطی و قال علی بن عیسی إن الطیر كانت تكلم سلیمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد و منطق الطیر صوت یتفاهم به معانیها علی صیغة واحدة بخلاف منطق الناس الذی یتفاهمون به المعانی علی صیغ مختلفة و لذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها و لم تفهم هی عنا لأن أفهامها مقصورة علی تلك الأمور المخصوصة و لما جعل سلیمان یفهم عنها كان قد علم منطقها وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ أی من كل شی ء یؤتی الأنبیاء و الملوك و قیل من كل شی ء یطلبه طالب لحاجته إلیه و انتفاعه به (2)حَیْثُ أَصابَ أی أراد من النواحی وَ الشَّیاطِینَ أی و سخرنا له الشیاطین وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ أی و سخرنا له آخرین من الشیاطین مشددین فی الأغلال و السلاسل من الحدید و كان یجمع بین اثنین و ثلاثة منهم فی سلسلة لا یمتنعون علیه إذا أراد ذلك بهم عند تمردهم و قیل إنه إنما كان یفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم هذا أی ما تقدم من الملك عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ أی فأعط من الناس من شئت و امنع من شئت بِغَیْرِ حِسابٍ أی لا تحاسب یوم القیامة علی ما تعطی و تمنع (3).

«1»-فس، تفسیر القمی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً قَالَ تَجْرِی مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها قَالَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ الشَّامِ (4).

«2»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام أَرَادَ أَنْ یَسْتَخْلِفَ سُلَیْمَانَ علیه السلام لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیْهِ یَأْمُرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَخْبَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ ضَجُّوا مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا یَسْتَخْلِفُ عَلَیْنَا

ص: 67


1- فی المصدر: كلام مهجی.
2- مجمع البیان 7: 214. و فیه: و قیل: من كل شی ء علما و تسخیرا فی كل ما یصلح ان یكون معلوما لنا او مسخرا لنا غیر أنّ مخرجه مخرج العموم فیكون ابلغ و أحسن.
3- مجمع البیان 8: 477.
4- تفسیر القمّیّ: 431- 432.

حَدَثاً (1)وَ فِینَا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَدَعَا أَسْبَاطَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ بَلَغَتْنِی مَقَالَتُكُمْ فَأَرُونِی عِصِیَّكُمْ فَأَیُّ عَصًا أَثْمَرَتْ فَصَاحِبُهَا وَلِیُّ الْأَمْرِ بَعْدِی فَقَالُوا رَضِینَا وَ قَالَ لِیَكْتُبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ اسْمَهُ عَلَی عَصَاهُ فَكَتَبُوا ثُمَّ جَاءَ سُلَیْمَانُ بِعَصَاهُ فَكَتَبَ عَلَیْهَا اسْمَهُ ثُمَّ أُدْخِلَتْ بَیْتاً وَ أُغْلِقَ الْبَابُ وَ حَرَسَهُ رُءُوسُ أَسْبَاطِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّی بِهِمُ الْغَدَاةَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَأَخْرَجَ عِصِیَّهُمْ وَ قَدْ أَوْرَقَتْ عَصَا سُلَیْمَانَ وَ قَدْ أَثْمَرَتْ فَسَلَّمُوا ذَلِكَ لِدَاوُدَ فَاخْتَبَرَهُ بِحَضْرَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ أَیُّ شَیْ ءٍ أَبْرَدُ قَالَ عَفْوُ اللَّهِ عَنِ النَّاسِ وَ عَفْوُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ قَالَ یَا بُنَیَّ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَحْلَی قَالَ الْمَحَبَّةُ وَ هِیَ رَوْحُ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ فَافْتَرَّ (2)دَاوُدُ ضَاحِكاً فَسَارَ بِهِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ هَذَا خَلِیفَتِی فِیكُمْ مِنْ بَعْدِی ثُمَّ أَخْفَی سُلَیْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَهُ وَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَ اسْتَتَرَ مِنْ شِیعَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَسْتَتِرَ ثُمَّ إِنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ لَهُ ذَاتَ یَوْمٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَكْمَلَ خِصَالَكَ وَ أَطْیَبَ رِیحَكَ وَ لَا أَعْلَمُ لَكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا إِلَّا أَنَّكَ فِی مَئُونَةِ أَبِی فَلَوْ دَخَلْتَ السُّوقَ فَتَعَرَّضْتَ لِرِزْقِ اللَّهِ رَجَوْتُ أَنْ لَا یُخَیِّبَكَ فَقَالَ لَهَا سُلَیْمَانُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا قَطُّ وَ لَا أُحْسِنُهُ فَدَخَلَ السُّوقَ فَجَالَ یَوْمَهُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ یُصِبْ شَیْئاً فَقَالَ لَهَا مَا أَصَبْتُ شَیْئاً قَالَتْ لَا عَلَیْكَ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْیَوْمَ كَانَ غَداً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ إِلَی السُّوقِ فَجَالَ فِیهِ (3)فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ وَ رَجَعَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ یَكُونُ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مَضَی حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا هُوَ بِصَیَّادٍ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ أُعِینَكَ وَ تُعْطِیَنَا شَیْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَعْطَاهُ الصَّیَّادُ سَمَكَتَیْنِ فَأَخَذَهُمَا وَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ إِنَّهُ شَقَّ بَطْنَ إِحْدَاهُمَا فَإِذَا هُوَ بِخَاتَمٍ فِی بَطْنِهَا فَأَخَذَهُ فَصَیَّرَهُ فِی ثَوْبِهِ (4)وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَصْلَحَ السَّمَكَتَیْنِ وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَی مَنْزِلِهِ وَ فَرِحَتِ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ وَ قَالَتْ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَدْعُوَ أَبَوَیَّ حَتَّی یَعْلَمَا أَنَّكَ قَدْ كَسَبْتَ فَدَعَاهُمَا فَأَكَلَا مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ لَهُمْ هَلْ

ص: 68


1- الحدث: الشاب.
2- افتر الرجل: ضحك ضحكا حسنا.
3- فی المصدر: فجال یومه.
4- فی المصدر: فصره فی ثوبه. أی ربطه فی ثوبه.

تَعْرِفُونِی قَالُوا لَا وَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّا لَمْ نَرَ خَیْراً مِنْكَ (1)فَأَخْرَجَ خَاتَمَهُ فَلَبِسَهُ فَخَرَّ عَلَیْهِ الطَّیْرُ وَ الرِّیحُ وَ غَشِیَهُ الْمُلْكُ وَ حَمَلَ الْجَارِیَةَ وَ أَبَوَیْهَا إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ اجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ اسْتَبْشَرُوا بِهِ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِمَّا كَانُوا فِیهِ مِنْ حَیْرَةِ غَیْبَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی إِلَی آصِفَ بْنِ بَرْخِیَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فَلَمْ یَزَلْ بَیْنَهُمْ یَخْتَلِفُ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ ثُمَّ غَیَّبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آصِفَ غَیْبَةً طَالَ أَمَدُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَقِیَ بَیْنَ قَوْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَهُمْ فَقَالُوا لَهُ أَیْنَ الْمُلْتَقَی قَالَ عَلَی الصِّرَاطِ وَ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِغَیْبَتِهِ وَ تَسَلَّطَ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ (2)أَقُولُ تَمَامُ الْخَبَرِ فِی بَابِ قِصَّةِ طَالُوتَ.

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَافْتَرَّ دَاوُدُ ضَاحِكاً

«3»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَمَّا سُلِبَ مُلْكَهُ خَرَجَ عَلَی وَجْهِهِ فَضَافَ رَجُلًا عَظِیماً فَأَضَافَهُ وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِ وَ نَزَلَ سُلَیْمَانُ مِنْهُ مَنْزِلًا عَظِیماً لِمَا رَأَی مِنْ صَلَاتِهِ وَ فَضْلِهِ قَالَ فَزَوَّجَهُ بِنْتَهُ فَقَالَ لَهُ بِنْتُ الرَّجُلِ (3)حِینَ رَأَتْ مِنْهُ مَا رَأَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَطْیَبَ رِیحَكَ وَ أَكْمَلَ خِصَالَكَ لَا أَعْلَمُ فِیكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا إِلَّا أَنَّكَ فِی مَئُونَةِ أَبِی قَالَ فَخَرَجَ حَتَّی أَتَی السَّاحِلَ فَأَعَانَ صَیَّاداً عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَعْطَاهُ السَّمَكَةَ الَّتِی وَجَدَ فِی بَطْنِهَا خَاتَمَهُ (4).

«4»-ج، الإحتجاج فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ كَانَ فِیمَا سَأَلَهُ

ص: 69


1- فی المصدر: الا أنا لم نر إلّا خیرا منك.
2- كمال الدین: 91 و 93- 94.
3- الصحیح كما فی المصدر: فقالت له بنت الرجل.
4- المجالس: 57.

كَیْفَ صَعِدَتِ الشَّیَاطِینُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُمْ أَمْثَالُ النَّاسِ فِی الْخِلْقَةِ وَ الْكَثَافَةِ وَ قَدْ كَانُوا یَبْنُونَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام مِنَ الْبِنَاءِ مَا یَعْجِزُ عَنْهُ وُلْدُ آدَمَ قَالَ علیه السلام غَلُظُوا لِسُلَیْمَانَ كَمَا سُخِّرُوا وَ هُمْ خَلْقٌ رَقِیقٌ غِذَاؤُهُمُ التَّنَسُّمُ (1)وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ صُعُودُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَ لَا یَقْدِرُ الْجِسْمُ الْكَثِیفُ عَلَی الِارْتِقَاءِ إِلَیْهَا إِلَّا بِسُلَّمٍ أَوْ سَبَبٍ (2).

«5»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام أَلْفُ امْرَأَةٍ فِی قَصْرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثُ مِائَةٍ مَهِیرَةٌ (3)وَ سَبْعُمِائَةٍ سُرِّیَّةٌ (4).

«6»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ السُّكَّرَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام (5).

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ مُلْكُ سُلَیْمَانَ مَا بَیْنَ الشَّامَاتِ إِلَی بِلَادِ إِصْطَخْرَ (6).

«8»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یُطْعِمُ أَضْیَافَهُ اللَّحْمَ بِالْحُوَّارَی وَ عِیَالَهُ الْخُشْكَارَ وَ یَأْكُلُ هُوَ الشَّعِیرَ غَیْرَ مَنْخُولٍ (7).

بیان: الخبز الحواری الذی نخل مرة بعد مرة (8)و الخشكار لم أجده فی أكثر كتب اللغة فكأنه معرب مولد و فی كتب الطب و بعض كتب اللغة أنه الخبز المأخوذ من الدقیق غیر المنخول و قیل إنه الخبز الیابس و الأول هو المراد هاهنا.

«9»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لَوْ أَنَّ أَحَداً یَجِدُ إِلَی الْبَقَاءِ سُلَّماً أَوْ لِدَفْعِ

ص: 70


1- فی المصدر: غذاؤهم النسیم.
2- احتجاج الطبرسیّ: 185.
3- المهیرة من النساء: الحرة الغالیة المهر.
4- فروع الكافی 2: 78 و 79.
5- فروع الكافی 2: 174.
6- قصص الأنبیاء مخطوط.
7- دعوات الراوندیّ مخطوط.
8- و الدقیق الابیض.

الْمَوْتِ سَبِیلًا لَكَانَ ذَلِكَ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام الَّذِی سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَ عَظِیمِ الزُّلْفَةِ (1)فَلَمَّا اسْتَوْفَی طُعْمَتَهُ وَ اسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ رَمَتْهُ قِسِیُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ وَ أَصْبَحَتِ الدِّیَارُ مِنْهُ خَالِیَةً وَ الْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ (2).

«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قَالَ كَانُوا ثَمَانِینَ رَجُلًا وَ سَبْعِینَ امْرَأَةً مَا أَغَبَّ الْمِحْرَابَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ یُصَلِّی فِیهِ وَ كَانُوا آلَ دَاوُدَ فَلَمَّا قُبِضَ دَاوُدُ علیه السلام وَلِیَ سُلَیْمَانُ علیه السلام قَالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ وَ كَانَ لَا یَسْمَعُ بِمَلِكٍ فِی نَاحِیَةِ الْأَرْضِ إِلَّا أَتَاهُ حَتَّی یُذِلَّهُ وَ یُدْخِلَهُ فِی دِینِهِ وَ سَخَّرَ الرِّیحَ لَهُ فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَی مَجْلِسِهِ عَكَفَ عَلَیْهِ الطَّیْرُ وَ قَامَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَغْزُوَ أَمَرَ بِمُعَسْكَرِهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَاطاً مِنَ الْخَشَبِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَیْهِ النَّاسَ وَ الدَّوَابَّ وَ آلَةَ الْحَرْبِ كُلَّهَا حَتَّی إِذَا حَمَلَ مَعَهُ مَا یُرِیدُ أَمَرَ الْعَاصِفَ مِنَ الرِّیحِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ الْخَشَبِ فَحَمَلَهُ حَتَّی یَنْتَهِیَ بِهِ إِلَی حَیْثُ یُرِیدُ وَ كَانَ غُدُوُّهَا شَهْراً وَ رَوَاحُهَا شَهْراً(3).

بیان: ما أغب المحراب أی لم یكونوا یأتون المحراب غبا بل كان كل منهم یواظبه (4).

ص: 71


1- الزلفة: القربة. الدرجة. المنزلة.
2- نهج البلاغة 1: 341- 342.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- روی الثعلبی انه نزل كتاب من السماء علی داود علیه السلام مختوما بخاتم من ذهب فیه ثلاث عشرة مسألة، فاوحی اللّٰه الی داود أن سل عنها ابنك سلیمان فان أخبر بهن فهو الخلیفة من بعدك قال: فدعا داود سبعین قسا و سبعین حبرا و أجلس سلیمان بین ایدیهم، فقال: أخبرنی یا بنی ما أقرب الأشیاء؟ و ما ابعد الأشیاء؟ و ما آنس الأشیاء؟ و ما اوحش الأشیاء؟ و ما أحسن الأشیاء؟ و ما أقبح الأشیاء؟ و ما أقل الأشیاء؟ و ما أكثر الأشیاء؟ و ما القائمان؟ و ما المختلفان؟ و ما المتباغضان؟ و ما الامر الذی إذا ركبه الرجل حمد آخره؟ و الامر الذی إذا ركبه الرجل ذمّ آخره؟ قال سلیمان: أما أقرب الأشیاء فالآخرة، و اما ابعد الأشیاء فما فاتك من الدنیا، و اما آنس الأشیاء فجسد فیه روح ناطق، و اما أوحش الأشیاء فجسد بالروح، و اما أحسن الأشیاء فالایمان بعد الكفر، و اما اقبح الأشیاء فالكفر بعد الایمان، و اما أقل الأشیاء فالیقین، و اما أكثر الأشیاء فالشك و اما القائمان فالسماء و الأرض، و اما المختلفان فاللیل و النهار، و اما المتباغضان فالموت و الحیاة، و اما الامر الذی إذا ركبه الرجل حمد آخره فالحلم علی الغضب، و اما الامر الذی إذا ركبه الرجل ذمّ آخره فالحدة علی الغضب. قال: ففك ذلك الخاتم فإذا هذه المسائل سواء علی ما نزل من السماء، فقال القسیسون و الاحبار: ما الشی ء الذی إذا صلح صلح كل شی ء من الإنسان و إذا فسد فسد كل شی ء منه؟ فقال: القلب، فرضوا بخلافته. منه رحمه اللّٰه. قلت: ذكره الثعلبی فی العرائس: 161 و فیه بعد قوله: و ما القائمان: و ما الساعیان؟ و ما المشتركان؟ و أیضا بعد قوله: فالسماء و الأرض: و اما الساعیان فالشمس و القمر، و اما المشتركان فاللیل و النهار. و فیه: ففكوا الخاتم.

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ الْأَصْبَغِ قَالَ: خَرَجَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِیٍّ عَنْ یَمِینِهِ عَلَیْهَا الْإِنْسُ وَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِیٍّ عَنْ یَسَارِهِ عَلَیْهَا الْجِنُّ وَ أَمَرَ الطَّیْرَ فَأَظَلَّتْهُمْ وَ أَمَرَ الرِّیحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّی وَرَدَتْ بِهِمُ الْمَدَائِنَ ثُمَّ رَجَعَ وَ بَاتَ فِی إِصْطَخْرَ ثُمَّ غَدَا فَانْتَهَی إِلَی جَزِیرَةِ بَرْكَاوَانَ (1)ثُمَّ أَمَرَ الرِّیحَ فَخَفَضَتْهُمْ حَتَّی كَادَتْ أَقْدَامُهُمْ یُصِیبُهَا الْمَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَلْ رَأَیْتُمْ مُلْكاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا فَنَادَی مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ لَثَوَابُ تَسْبِیحَةٍ وَاحِدَةٍ أَعْظَمُ مِمَّا رَأَیْتُمْ (2).

فس، تفسیر القمی أبی عن ابن أبی نصر عن أبان عن أبی حمزة مثله (3).

«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِی عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام حِصْنٌ بَنَاهُ الشَّیَاطِینُ لَهُ فِیهِ أَلْفُ بَیْتٍ فِی كُلِّ بَیْتٍ طَرُوقَةٌ مِنْهُنَّ سَبْعُمِائَةِ أَمَةٍ قِبْطِیَّةٍ وَ ثَلَاثُمِائَةِ حُرَّةٍ مَهِیرَةٍ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَی قُوَّةَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا فِی مُبَاضَعَةِ النِّسَاءِ (4)وَ كَانَ یَطُوفُ بِهِنَّ جَمِیعاً وَ یُسْعِفُهُنَّ (5)قَالَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ فَتَحْمِلُ لَهُ الْحِجَارَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ كَیْفَ أَنْتُمْ قَالُوا مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَا نَحْنُ

ص: 72


1- قال یاقوت: بركاوان: ناحیة بفارس. بالفتح و السكون.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. و فی نسخة: و تسبیحة واحدة فی اللّٰه.
3- تفسیر القمّیّ: 568.
4- المباضعة: المجامعة.
5- سعف و اسعف بحاجته: قضاها له.

فِیهِ فَقَالَ إِبْلِیسُ أَ لَیْسَ تَذْهَبُونَ بِالْحِجَارَةِ وَ تَرْجِعُونَ فَرَاغاً قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ سُلَیْمَانَ مَا قَالَ إِبْلِیسُ لِلشَّیَاطِینِ فَأَمَرَهُمْ یَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ ذَاهِبِینَ وَ یَحْمِلُونَ الطِّینَ رَاجِعِینَ إِلَی مَوْضِعِهَا فَتَرَاءَی لَهُمْ إِبْلِیسُ فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ فَشَكَوْا إِلَیْهِ فَقَالَ أَ لَسْتُمْ تَنَامُونَ بِاللَّیْلِ قَالُوا بَلَی قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ مَا قَالَتِ الشَّیَاطِینُ وَ إِبْلِیسُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَعْمَلُوا بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَمَا لَبِثُوا إِلَّا یَسِیراً حَتَّی مَاتَ سُلَیْمَانُ وَ قَالَ خَرَجَ سُلَیْمَانُ یَسْتَسْقِی وَ مَعَهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ فَمَرَّ بِنَمْلَةٍ عَرْجَاءَ (1)نَاشِرَةً جَنَاحَهَا رَافِعَةً یَدَهَا وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِ بَنِی آدَمَ وَ اسْقِنَا فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِمَنْ كَانَ مَعَهُ ارْجِعُوا فَقَدْ شُفِّعَ فِیكُمْ غَیْرُكُمْ (2)وَ فِی خَبَرٍ قَدْ كُفِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ (3).

بیان: قال الجوهری طروقة الفحل أنثاه.

«13»-سن، المحاسن الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً قَطُّ إِلَّا عَاقِلًا وَ بَعْضُ النَّبِیِّینَ أَرْجَحُ مِنْ بَعْضٍ وَ مَا اسْتَخْلَفَ دَاوُدُ سُلَیْمَانَ حَتَّی اخْتَبَرَ عَقْلَهُ وَ اسْتَخْلَفَ دَاوُدُ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِی مُلْكِهِ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ مَلَكَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ فِی مُلْكِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً (4).

«14»-سن، المحاسن أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی الْأَنْصَارِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام أَتَتْهُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ مُسْتَعْدِیَةً عَلَی

ص: 73


1- عرجاء مؤنث اعرج، فهی من اصابته مرض فی رجلها فتمشی مشیة غیر متساویة فیمیل جسدها خطوة الی الیمین و خطوة الی الشمال.
2- شفع لفلان او فیه الی زید: طلب من زید ان یعاونه.
3- قصص الأنبیاء مخطوط، و رواه المسعودیّ فی اثبات الوصیة قال: روی ان القحط اشتد فی زمانه فشكا الناس إلیه ذلك و سألوه ان یستسقی لهم فخرج معهم، فلما ان صار فی بعض الطریق اذا هو بنملة رافعة یدیها الی السماء، واضعة رجلیها فی الأرض و هی تقول. ثم ذكر مثله الا انه قال فلا تهلكنا، و فیه ایضا: فقد سقیتم بغیركم.
4- محاسن البرقی: 193.

الرِّیحِ فَدَعَا سُلَیْمَانُ الرِّیحَ فَقَالَ لَهَا مَا دَعَاكِ إِلَی مَا صَنَعْتِ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ قَالَتْ إِنَّ رَبَّ الْعِزَّةِ بَعَثَنِی إِلَی سَفِینَةِ بَنِی فُلَانٍ لِأُنْقِذَهَا مِنَ الْغَرَقِ وَ كَانَتْ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَی الْغَرَقِ فَخَرَجْتُ فِی سُنَّتِی (1)عَجْلَی إِلَی مَا أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِهِ وَ مَرَرْتُ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَ هِیَ عَلَی سَطْحِهَا فَعَثَرْتُ بِهَا وَ لَمْ أُرِدْهَا فَسَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ یَدُهَا فَقَالَ سُلَیْمَانُ یَا رَبِّ بِمَا أَحْكُمُ عَلَی الرِّیحِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا سُلَیْمَانُ احْكُمْ بِأَرْشِ كَسْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَی أَرْبَابِ السَّفِینَةِ الَّتِی أَنْقَذَتْهَا الرِّیحُ مِنَ الْغَرَقِ فَإِنَّهُ لَا یُظْلَمُ لَدَیَّ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِینَ (2).

«15»-سن، المحاسن عَلِیُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا هِیَ تَمَاثِیلَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ لَكِنِ الشَّجَرِ وَ شِبْهِهِ(3).

كا، الكافی عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن أحمد بن محمد بن أبی نصر عن داود بن الحصین عن الفضل بن العباس مثله (4).

«16»-سر، السرائر مِنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ وَ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْوَشَّاءِ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْ عَنْ زُرَارَةَ عَنْهُ علیه السلام (5)قَالَ: آخِرُ نَبِیٍّ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ (6)سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِمَا أُعْطِیَ فِی الدُّنْیَا (7).

«17»-مكا، مكارم الأخلاق عَنْ زروان الْمَدَائِنِیِّ (8)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: لَقَدْ كَانَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام أَلْفُ امْرَأَةٍ فِی قَصْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ مَهِیرَةٌ وَ سَبْعُمِائَةٍ سُرِّیَّةٌ وَ كَانَ یُطِیفُ بِهِنَّ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ.

ص: 74


1- فی المصدر: فی سنن عجلی.
2- محاسن البرقی: 302، و للحدیث صدر تركه المصنّف هنا.
3- محاسن البرقی: 618.
4- الفروع 2: 226. و فیه: «عن الفضل أبی العباس» و هو الصحیح، و الرجل هو أبو العباس فضل بن عبد الملك البقباق.
5- فی المصدر: شك من الحسن.
6- فی المصدر: آخر من یدخل الجنة من النبیین سلیمان بن داود.
7- السرائر: 467.
8- فی المطبوع: ذروان المدائنی، و لیست له فی كتب التراجم ذكر حتّی یضبط صحیحه.

بیان: طیف تطییفا أكثر الطواف و فی بعض النسخ یطوف أی كان یأتیهن جمیعا إما بالزیارة أو بالجماع أیضا.

«18»-محص، (1)التمحیص عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ آخِرَ الْأَنْبِیَاءِ دُخُولًا إِلَی الْجَنَّةِ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ ذَلِكَ لِمَا أُعْطِیَ مِنَ الدُّنْیَا.

«19»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ الصَّحِیحِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام قَدْ حَجَّ الْبَیْتَ فِی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ وَ الرِّیَاحِ وَ كَسَا الْبَیْتَ الْقَبَاطِیَّ (2).

بیان: القبطیة (3)ثوب ینسب إلی مصر و الجمع قباطی بالضم و الكسر (4).

«20»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَیْتَ الثِّیَابَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام كَسَاهُ الْقَبَاطِیَّ (5).

«21»-فس، تفسیر القمی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ قَالَ كَانَتِ الرِّیحُ تَحْمِلُ كُرْسِیَّ سُلَیْمَانَ فَتَسِیرُ بِهِ فِی الْغَدَاةِ مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ بِالْعَشِیِّ مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ أَیِ الصُّفْرِ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ قَالَ الشَّجَرِ (6)وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أَیْ جَفْنَةٍ كَالْحُفْرَةِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ أَیْ ثَابِتَاتٍ ثُمَّ قَالَ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قَالَ اعْمَلُوا مَا تُشْكَرُونَ عَلَیْهِ (7).

بیان: یمكن قراءة تشكرون علی المعلوم و المجهول و لعل الأخیر أظهر.

تفسیر: قال الطبرسی نور اللّٰه مضجعه: وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ أی و سخرنا لسلیمان الریح غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ أی مسیر غدو تلك الریح المسخرة له مسیرة شهر و مسیر رواحها مسیرة شهر و المعنی أنها كانت تسیر فی الیوم مسیرة شهرین للراكب قال قتادة كانت تغدو مسیرة شهر إلی نصف النهار و تروح مسیرة شهر إلی آخر النهار و قال الحسن كانت تغدو من

ص: 75


1- فی نسخة: ختص و لیست عندنا نسخة الكتابین حتّی یتقین صحیحه.
2- من لا یحضره الفقیه: 213.
3- بضم القاف و كسره و سكون الباء.
4- و قد یشدد الیاء.
5- من لا یحضره الفقیه: 213.
6- أی یعملون تماثیل الشجر.
7- تفسیر القمّیّ: 536- 537.

دمشق فیقیل بإصطخر من أرض أصفهان (1)و بینهما مسیرة شهر للمسرع و تروح من إصطخر فتبیت بكابل و بینهما مسیرة شهر تحمله الریح مع جنوده أعطاه اللّٰه الریح بدلا من الصافنات الجیاد وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ أی أذبنا له عین النحاس و أظهرناها له قالوا جرت له عین الصفر ثلاثة أیام بلیالیهن جعلها اللّٰه له كالماء و إنما یعمل الناس بما أعطی لسلیمان منه (2)وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ المعنی و سخرنا له من الجن من یعمل بحضرته و أمام عینه ما یأمرهم به من الأعمال كما یعمل الآدمی بین یدی الآدمی بأمر ربه تعالی و كان یكلفهم الأعمال الشاقة مثل عمل الطین و غیره و قال ابن عباس سخرهم اللّٰه لسلیمان و أمرهم بطاعته فیما یأمرهم به و فی هذا دلالة علی أنه قد كان من الجن من هو غیر مسخر له وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ المعنی و من یعدل من هؤلاء الجن الذین سخرناهم لسلیمان عما أمرناهم به من طاعة سلیمان نذقه من عذاب السعیر أی عذاب النار فی الآخرة عن أكثر المفسرین و فی هذا دلالة علی أنهم قد كانوا مكلفین و قیل معناه نذیقه العذاب فی الدنیا و أن اللّٰه سبحانه وكل بهم ملكا بیده سوط من نار فمن زاغ منهم عن طاعة سلیمان ضربه ضربة أحرقته یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ و هی البیوت الشریفة (3)و قیل هی القصور و المساجد یتعبد فیها عن قتادة و الجبائی قال و كان مما عملوه بیت المقدس و قد كان اللّٰه عز و جل سلط علی بنی إسرائیل الطاعون فهلك خلق كثیر فی یوم واحد فأمرهم داود علیه السلام أن یغتسلوا و یبرزوا إلی الصعید بالذراری و الأهلین و یتضرعوا إلی اللّٰه تعالی لعله یرحمهم و ذلك صعید بیت المقدس قبل بناء المسجد و ارتفع داود علیه السلام فوق الصخرة فخر ساجدا یبتهل إلی اللّٰه سبحانه و سجدوا معه فلم یرفعوا رءوسهم حتی كشف اللّٰه عنهم الطاعون فلما أن شفع اللّٰه (4)داود فی بنی إسرائیل جمعهم داود بعد ثلاث و قال لهم

ص: 76


1- هكذا فی نسخ و فی المصدر، و فی نسخة: من أرض همدان، و الصحیح أنّها من مدن فارس، بینه و بین شیراز أكثر من عشرة فراسخ.
2- فی المصدر: بما أعطی سلیمان منه.
3- فی المصدر: و هی بیوت الشریعة.
4- أی قبل شفاعته فیهم.

إن اللّٰه تعالی قد من علیكم و رحمكم فجددوا له شكرا بأن تتخذوا من هذا الصعید الذی رحمكم فیه مسجدا ففعلوا و أخذوا فی بناء بیت المقدس فكان داود علیه السلام ینقل الحجارة لهم علی عاتقه و كذلك خیار بنی إسرائیل حتی رفعوه قامة و لداود علیه السلام یومئذ سبع و عشرون و مائة سنة فأوحی اللّٰه تعالی إلی داود أن تمام بنائه یكون علی ید ابنه سلیمان فلما صار داود ابن أربعین و مائة سنة توفاه اللّٰه و استخلف سلیمان فأحب إتمام بیت المقدس فجمع الجن و الشیاطین فقسم علیهم الأعمال یخص كل طائفة منهم بعمل فأرسل الجن و الشیاطین فی تحصیل الرخام و المها (1)الأبیض الصافی من معادنه و أمر ببناء المدینة من الرخام و الصفاح (2)و جعلها اثنی عشر ربضا و أنزل كل ربض منها سبطا من الأسباط فلما فرغ من بناء المدینة ابتدأ فی بناء المسجد فوجه الشیاطین فرقا فرقة یستخرجون الذهب و الیواقیت من معادنها و فرقة یقلعون الجواهر و الأحجار من أماكنها و فرقة یأتونه بالمسك و العنبر و سائر الطیب و فرقة یأتونه بالدر من البحار فأوتی من ذلك بشی ء لا یحصیه إلا اللّٰه تعالی ثم أحضر الصناع و أمرهم بنحت تلك الأحجار حتی صیروها ألواحا و معالجة تلك الجواهر و اللآلی و بنی سلیمان المسجد بالرخام الأبیض و الأصفر و الأخضر و عمده بأساطین الْمَهَا الصافی و سقفه بألواح الجواهر (3)و فصص سقوفه و حیطانه باللآلی و الیواقیت و الجواهر و بسط أرضه بألواح الفیروزج فلم یكن فی الأرض بیت أبهی منه و لا أنور من ذلك المسجد كان یضی ء فی الظلمة كالقمر لیلة البدر فلما فرغ منه جمع إلیه خیار بنی إسرائیل فأعلمهم أنه بناه لله تعالی و اتخذ ذلك الیوم الذی فرغ منه عیدا فلم یزل بیت المقدس علی ما بناه سلیمان حتی إذا غزا بختنصر بنی إسرائیل فخرب المدینة و هدمها و نقض المسجد و أخذ ما فی سقوفه و حیطانه من الذهب و الدرر (4)و الیواقیت و الجواهر فحملها إلی دار مملكته من أرض

ص: 77


1- المها جمع المهاة بالفتح و هی البلورة و الربض بالتحریك: سور المدینة. و مأوی الغنم و الناحیة. و كل ما یؤوی إلیه و یستراح لدیه من مال و بیت و نحوه؛ منه قدس اللّٰه سره.
2- الصفاح بالضم و تشدید الفاء: الحجارة العریضة الرقیقة.
3- فی نسخة: بأنواع الجواهر.
4- فی المصدر: من الذهب و الفضة و الدرر.

العراق قال سعید بن المسیب لما فرغ سلیمان من بناء بیت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سلیمان فلم تنفتح حتی قال فی دعائه بصلوات أبی داود إلا فتحت الأبواب ففرغ له سلیمان (1)عشرة آلاف من قراء بنی إسرائیل خمسة آلاف باللیل و خمسة آلاف بالنهار و لا تأتی ساعة من لیل و لا نهار إلا و یعبد اللّٰه فیها وَ تَماثِیلَ یعنی صورا من نحاس و شبه (2)و زجاج و رخام كانت الجن تعملها.

ثم اختلفوا فقال بعضهم كانت صورا للحیوانات و قال آخرون كانوا یعملون صور السباع و البهائم علی كرسیه لیكون أهیب له فذكروا أنهم صوروا أسدین أسفل كرسیه و نسرین فوق عمودی كرسیه فكان إذا أراد أن یصعد علی الكرسی بسط الأسدان ذراعیهما و إذا علا علی الكرسی نشر النسران أجنحتهما فظللاه من الشمس و یقال إن ذلك كان مما لا یعرفه أحد من الناس فلما حاول بختنصر صعود الكرسی بعد سلیمان حین غلب علی بنی إسرائیل لم یعرف كیف كان یصعد سلیمان علیه السلام فرفع الأسد ذراعیه فضرب ساقه فقدها فخر مغشیا علیه فما جسر أحد بعده أن یصعد ذلك الكرسی قال الحسن و لم تكن یومئذ التصاویر محرمة و هی محظورة فی شریعة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فإنه قال لعن اللّٰه المصورین و یجوز أن یكره ذلك فی زمن دون زمن و قد بین اللّٰه سبحانه أن المسیح علیه السلام كان یصور بأمر اللّٰه من الطین كهیئة الطیر و قال ابن عباس كانوا یعملون صور الأنبیاء و العباد فی المساجد لیقتدی بهم

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا هِیَ تَمَاثِیلُ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ لَكِنَّهَا الشَّجَرُ وَ مَا أَشْبَهَهُ.

وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أی صحاف كالحیاض التی یجبی فیها الماء أی یجمع و كان سلیمان علیه السلام یصلح طعام جیشه فی مثل هذه الجفان فإنه لم یمكنه أن یطعمهم فی مثل قصع الناس لكثرتهم و قیل إنه كان یجمع علی كل جفنة ألف رجل یأكلون بین یدیه وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ أی ثابتات لا تزلن عن أمكنتهن لعظمهن عن قتادة و كانت بالیمن و قیل كانت عظیمة كالجبال یحملونها مع أنفسهم و كان سلیمان علیه السلام یطعم جنده انتهی. (3)

ص: 78


1- فی المصدر: ففتحت ففرغ له سلیمان.
2- الشبه: النحاس الأصفر.
3- مجمع البیان 8: 382.

و قال صاحب الكامل لما توفی داود علیه السلام ملك بعده ابنه سلیمان علیه السلام علی بنی إسرائیل و كان عمره ثلاث عشرة سنة و أتاه مع الملك النبوة (1)و سخر له الجن و الإنس و الشیاطین و الطیر و الریح فكان إذا خرج من بیته إلی مجلسه عكفت علیه الطیر و قام له الإنس و الجن متی یجلس فیه (2)و قیل إنه سخر له الریح و الجن و الشیاطین و الطیر و غیر ذلك بعد أن زال ملكه و أعاده اللّٰه إلیه و كان أبیض جسیما كثیر الشعر یلبس البیاض و كان یأكل من كسبه (3)و كان كثیر الغزو و كان إذا أراد الغزو أمر فعمل بساط من خشب یسع عسكره فیركبون علیه هم و دوابهم و ما یحتاجون إلیه ثم أمر الریح فحملته فسار (4)فی غدوته مسیرة شهر و فی روحته كذلك و كان له ثلاثمائة زوجة و سبعمائة سریة و أعطاه اللّٰه أخیرا أنه لا یتكلم أحد بشی ء إلا حملته الریح فیعلم ما یقول انتهی (5).

«22»-أَعْلَامُ الدِّینِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ بَعَثَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام بَعْضَ عَفَارِیتِهِ وَ بَعَثَ مَعَهُ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا مَعَهُ وَ انْظُرُوا مَا ذَا یَقُولُ فَمَرُّوا بِهِ فِی السُّوقِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ نَظَرَ إِلَی النَّاسِ فَهَزَّ رَأْسَهُ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی بَیْتٍ یَبْكُونَ عَلَی مَیِّتٍ لَهُمْ فَضَحِكَ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی الثُّومِ یُكَالُ كَیْلًا وَ عَلَی الْفُلْفُلِ یُوزَنُ وَزْناً فَضَحِكَ وَ مَرُّوا بِهِ عَلَی قَوْمٍ یَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَی وَ آخَرِینَ فِی بَاطِلٍ فَهَزَّ رَأْسَهُ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَی سُلَیْمَانَ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا مِنْهُ فَسَأَلَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام أَ رَأَیْتَ إِذْ مَرُّوا بِكَ فِی السُّوقِ لِمَ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَی السَّمَاءِ وَ نَظَرْتَ إِلَی الْأَرْضِ وَ النَّاسِ قَالَ عَجِبْتُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَی رُءُوسِ النَّاسِ مَا أَسْرَعَ مَا یَكْتُبُونَ وَ مِنَ النَّاسِ مَا أَسْرَعَ مَا یَمَلُّونَ قَالَ وَ مَرَرْتُ عَلَی أَهْلِ بَیْتٍ یَبْكُونَ عَلَی مَیِّتٍ وَ قَدْ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَضَحِكْتُ قَالَ وَ مَرَرْتُ عَلَی الثُّومِ یُكَالُ كَیْلًا وَ مِنْهُ التِّرْیَاقُ

ص: 79


1- فی المصدر زیادة و هی: و سأل اللّٰه ان یؤتیه ملكا لا ینبغی لاحد من بعده فاستجاب له و سخر.
2- فی المصدر: حتی یجلس.
3- فی المصدر: من كسب یده.
4- فی المصدر: فسارت. أی الریح.
5- الكامل 1: 78. و فیه: إلا حملته الریح إلیه.

وَ عَلَی الْفُلْفُلِ یُوزَنُ وَزْناً وَ هُوَ الدَّاءُ فَتَعَجَّبْتُ وَ نَظَرْتُ إِلَی قَوْمٍ یَذْكُرُونَ اللَّهَ وَ آخَرِینَ فِی بَاطِلٍ فَتَعَجَّبْتُ وَ ضَحِكْتُ (1).

أقول: قد مر فی الباب الأول (2)و غیره فی خبر الشامی أن سلیمان علیه السلام ممن ولد من الأنبیاء مختونا و فی الباب الثانی

عن الرضا علیه السلام أنه كان نقش خاتمه سبحان من ألجم الجن بكلماته.

و فی أبواب قصص داود علیه السلام بعض ما یتعلق بأحواله.

«23»-وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَی الْوَاحِدِیُّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مُلْكَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا فَمَلَكَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ (3)مُلْكَ أَهْلِ الدُّنْیَا كُلِّهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّیَاطِینِ وَ الدَّوَابِّ وَ الطَّیْرِ وَ السِّبَاعِ وَ أُعْطِیَ عِلْمَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْطِقَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ فِی زَمَانِهِ صُنِعَتِ الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ الَّتِی سَمِعَ بِهَا النَّاسُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (4)

أقول: هذا الخبر غریب من حیث اشتماله علی ملك المشارق و المغارب و كون ملكه سبعمائة سنة و مخالف للأخبار المعتبرة من الجهتین معا لكن سیأتی من إكمال الدین فی باب وفاته علیه السلام ما یؤید الثانی.

ثم قال رحمه اللّٰه قال محمد بن كعب بلغنا أن سلیمان بن داود علیه السلام كان عسكره (5)مائة فرسخ خمسة و عشرون للإنس و خمسة و عشرون للجن و خمسة و عشرون للوحش و خمسة و عشرون للطیر و كان له ألف بیت من القواریر علی الخشب فیها ثلاثمائة مهیرة و سبعمائة سریة فیأمر الریح العاصف فترفعه و یأمر الرخاء فتسیر به فأوحی اللّٰه تعالی إلیه و هو یسیر بین السماء و الأرض أنی قد زدت فی ملكك أنه لا یتكلم أحد من

ص: 80


1- اعلام الدین مخطوط.
2- أی باب معنی النبوّة و علة بعثة الأنبیاء.
3- فی المصدر: و ستة أشهر.
4- مجمع البیان 7: 214.
5- فی المصدر: كان معسكره مائة فرسخ.

الخلائق بشی ء إلا جاءت به الریح فأخبرتك و قال مقاتل نسجت الشیاطین لسلیمان علیه السلام بساطا فرسخا فی فرسخ ذهبا فی إبریسم و كان یوضع فیه منبر من ذهب فی وسط البساط فیقعد علیه و حوله ثلاثة آلاف كرسی من ذهب و فضة فیقعد الأنبیاء علی كراسی الذهب و العلماء علی كراسی الفضة و حولهم الناس و حول الناس الجن و الشیاطین و تظله الطیر بأجنحتها حتی لا تقع علیه الشمس و ترفع ریح الصبا البساط مسیرة شهر من الصباح إلی الرواح و من الرواح إلی الصباح. (1)

أقول: روی ابن شهرآشوب فی البیان الخبر الثانی مختصرا و زاد فیه و له تخت من عاج میل فی میل و روی ذلك كله فی عدة الداعی و زاد فی آخره فیحكی أنه مر بحراث فقال لقد أوتی ابن داود ملكا عظیما فألقاه الریح فی أذنه فنزل و مشی إلی الحراث و قال إنما مشیت إلیك لئلا تتمنی ما لا تقدر علیه ثم قال لتسبیحة واحدة یقبلها اللّٰه تعالی خیر مما أوتی آل داود و فی حدیث آخر لأن ثواب التسبیحة یبقی و ملك سلیمان یفنی (2).

«24»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ بَعْدَ عَتَمَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ هَمْهَمَةٌ هَمْهَمَةٌ وَ لَیْلَةٌ مُظْلِمَةٌ خَرَجَ عَلَیْكُمُ الْإِمَامُ عَلَیْهِ قَمِیصُ آدَمَ وَ فِی یَدِهِ خَاتَمُ سُلَیْمَانَ وَ عَصَا مُوسَی (3).

«25»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ فِی حَدَاثَةِ سِنِّكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنْ یَسْتَخْلِفَ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ صَبِیٌّ یَرْعَی الْغَنَمَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُبَّادُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ عُلَمَاؤُهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی أَنْ خُذْ عَصَا الْمُتَكَلِّمِینَ وَ عَصَا سُلَیْمَانَ وَ اجْعَلْهَا فِی بَیْتٍ وَ اخْتِمْ عَلَیْهَا بِخَوَاتِیمِ الْقَوْمِ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَمَنْ كَانَتْ عَصَاهُ قَدْ أَوْرَقَتْ

ص: 81


1- مجمع البیان 7: 215.
2- عدّة الداعی: 191 و 192، و فیه: كان معسكره مائة فرسخ فی مائة فرسخ، و فیه أیضا: و حوله ستمائة الف كرسی من ذهب و فضة.
3- أصول الكافی 1: 231 و 232.

وَ أَثْمَرَتْ فَهُوَ الْخَلِیفَةُ فَأَخْبَرَهُمْ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالُوا قَدْ رَضِینَا وَ سَلَّمْنَا (1).

«26»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام الْقُنْزُعَةُ (2)الَّتِی عَلَی رَأْسِ الْقُنْبُرَةِ (3)مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ أَرَادَ أَنْ یَسْفَدَ (4)أُنْثَاهُ فَامْتَنَعَتْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهَا لَا تَمْتَنِعِی مَا أُرِیدُ إِلَّا أَنْ یُخْرِجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنِّی نَسَمَةً یُذْكَرُ بِهِ فَأَجَابَتْهُ إِلَی مَا طَلَبَ فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَبِیضَ قَالَ لَهَا أَیْنَ تُرِیدِینَ أَنْ تَبِیضِی فَقَالَتْ لَا أَدْرِی أُنَحِّیهِ عَنِ الطَّرِیقِ قَالَ لَهَا إِنِّی أَخَافُ أَنْ یَمُرَّ بِكِ مَارُّ الطَّرِیقِ وَ لَكِنِّی أَرَی لَكِ أَنْ تَبِیضِی قُرْبَ الطَّرِیقِ فَمَنْ یَرَاكِ قُرْبَهُ تَوَهَّمَ أَنَّكِ تَعْرِضِینَ لِلَقْطِ الْحَبِّ مِنَ الطَّرِیقِ فَأَجَابَتْهُ إِلَی ذَلِكَ وَ بَاضَتْ وَ حَضَنَتْ حَتَّی أَشْرَفَتْ عَلَی النِّقَابِ (5)فَبَیْنَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام فِی جُنُودِهِ وَ الطَّیْرُ تُظِلُّهُ فَقَالَتْ لَهُ هَذَا سُلَیْمَانُ قَدْ طَلَعَ عَلَیْنَا بِجُنُودِهِ وَ لَا آمَنُ أَنْ یَحْطِمَنَا وَ یَحْطِمَ بَیْضَنَا فَقَالَ لَهَا إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَرَجُلٌ رَحِیمٌ فَهَلْ عِنْدَكِ شَیْ ءٌ خَبَیْتِهِ لِفِرَاخِكِ (6)إِذَا نَقَبْنَ قَالَتْ نَعَمْ عِنْدِی جَرَادَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكَ أَنْتَظِرُ بِهَا فِرَاخِی إِذَا نَقَبْنَ فَهَلْ عِنْدَكَ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ عِنْدِی تَمْرَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكِ لِفِرَاخِی قَالَتْ فَخُذْ أَنْتَ تَمْرَتَكَ وَ آخُذُ أَنَا جَرَادَتِی وَ نَعْرِضُ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَنُهْدِیهِمَا لَهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ یُحِبُّ الْهَدِیَّةَ فَأَخَذَ التَّمْرَةَ فِی مِنْقَارِهِ وَ أَخَذَتْ هِیَ الْجَرَادَةَ فِی رِجْلَیْهَا ثُمَّ تَعَرَّضَا لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُمَا وَ هُوَ عَلَی عَرْشِهِ بَسَطَ یَدَهُ لَهُمَا فَأَقْبَلَا فَوَقَعَ الذَّكَرُ عَلَی الْیَمِینِ وَ وَقَعَتِ الْأُنْثَی عَلَی الْیَسَارِ وَ سَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا فَأَخْبَرَاهُ فَقَبِلَ هَدِیَّتَهُمَا وَ جَنَّبَ جُنْدَهُ عَنْهُمَا وَ عَنْ بَیْضِهِمَا وَ مَسَحَ عَلَی رَأْسِهِمَا وَ دَعَا لَهُمَا

ص: 82


1- أصول الكافی 1: 383.
2- القنزعة: الخصلة من الشعر تترك علی الرأس.
3- بالضم فسكون: نوع من العصافیر.
4- أی أراد ان یجامعها.
5- حضن الطیر بیضه و علی بیضه: رخم علیها للتفریغ. قوله: علی النقاب من نقب الحائط خرقه، ای حتّی اشرفت علی خرق البیض.
6- فی المصدر: رحیم بنا فهل عندك شی ء هیأته لفراخك إذا نقبن.

بِالْبَرَكَةِ فَحَدَثَتِ الْقُنْزُعَةُ عَلَی رَأْسِهِمَا مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ علیه السلام (1).

«27»-نبه، تنبیه الخاطر رُوِیَ أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام مَرَّ فِی مَوْكِبِهِ وَ الطَّیْرُ تُظِلُّهُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ بِعَابِدٍ (2)مِنْ عُبَّادِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ دَاوُدَ لَقَدْ آتَاكَ اللَّهُ مُلْكاً عَظِیماً فَسَمِعَهُ سُلَیْمَانُ فَقَالَ لَتَسْبِیحَةٌ فِی صَحِیفَةِ مُؤْمِنٍ خَیْرٌ مِمَّا أُعْطِیَ ابْنُ دَاوُدَ إِنَّ مَا أُعْطِیَ ابْنُ دَاوُدَ یَذْهَبُ وَ إِنَّ التَّسْبِیحَةَ تَبْقَی (3).

«28»-وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا أَصْبَحَ تَصَفَّحَ وُجُوهَ الْأَغْنِیَاءِ وَ الْأَشْرَافِ حَتَّی یَجِی ءَ إِلَی الْمَسَاكِینِ وَ یَقْعُدُ مَعَهُمْ وَ یَقُولُ مِسْكِینٌ مَعَ الْمَسَاكِینِ(4).

«29»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مَعَ مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْمُلْكِ یَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ إِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ شَدَّ یَدَیْهِ إِلَی عُنُقِهِ فَلَا یَزَالُ قَائِماً حَتَّی یُصْبِحَ بَاكِیاً وَ كَانَ قُوتُهُ مِنْ سَفَائِفِ الْخُوصِ یَعْمَلُهَا بِیَدِهِ وَ إِنَّمَا سَأَلَ الْمُلْكَ لِیَقْهَرَ مُلُوكَ الْكُفْرِ (5).

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ إِذَا رَكِبَ حَمَلَ أَهْلَهُ وَ سَائِرَ حَشَمِهِ وَ خَدَمِهِ وَ كُتَّابَهُ فِی مَدِینَةٍ مِنْ قَوَارِیرَ لَهَا أَلْفُ سَقْفٍ وَ تِلْكَ السُّقُوفُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ عَلَی قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ قَدِ اتَّخَذَ مَطَابِخَ وَ مَخَابِزَ یَحْمِلُ فِیهَا تَنَانِیرَ الْحَدِیدِ وَ قُدُورَ عِظَامٍ یَسَعُ كُلُّ قِدْرٍ عَشْرَةَ جَزَائِرَ وَ قَدِ اتَّخَذَ مَیَادِینَ لِلدَّوَابِّ أَمَامَهُ فَیَطْبَخُ الطَّبَّاخُونَ وَ یَخْبِزُ الْخَبَّازُونَ وَ تَجْرِی الدَّوَابُّ بَیْنَ یَدَیْهِ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الرِّیحُ تَهْوِی بِهِمْ فَسَارَ مِنْ إِصْطَخْرَ إِلَی الْیَمَنِ فَسَلَكَ الْمَدِینَةَ مَدِینَةَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ سُلَیْمَانُ هَذَا دَارُ هِجْرَةِ نَبِیٍّ فِی آخِرِ الزَّمَانِ طُوبَی لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَ طُوبَی لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَ طُوبَی لِمَنِ اقْتَدَی بِهِ وَ رَأَی حَوْلَ الْبَیْتِ قلت: و الذی رأیته فی كتاب التیجان: 153 لوهب بن منبه أن سلیمان سار الی مكّة فنزل و صلی فیه و مر بقبر إسماعیل فنزل إلیه و ألم به؛ قال: و كان ملك مكّة یومئذ البشر بن لبلغ بن عمرو بن مضاض بن عبد المسیح بن نفیلة بن عبد المدان بن حشرم بن عبد یالیل بن جرهم بن قحطان بن هود النبیّ علیه السلام، و كان البشر عاملا لبلقیس.(6)أَصْنَاماً تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ

ص: 83


1- فروع الكافی 2: 146.
2- فی المصدر. قال: فمر بعابد.
3- تنبیه الخواطر 1: 129- 130.
4- تنبیه الخواطر 1: 203.
5- إرشاد القلوب 1: 192، و فیه: و انما سأل اللّٰه الملك لاجل القوّة و الغلبة علی ملوك الكفّار لیقهرهم بذلك، و قبله سأل اللّٰه القناعة.
6- أی بیت الحرام و لعلّ فی العبارة سقطا و هو: ثم سار إلی مكّة و رأی حول البیت اصناما.

فَلَمَّا جَاوَزَ سُلَیْمَانُ الْبَیْتَ بَكَی الْبَیْتُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْبَیْتِ مَا یُبْكِیكَ قَالَ یَا رَبِّ أَبْكَانِی هَذَا نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَائِكَ وَ قَوْمٌ مِنْ أَوْلِیَائِكَ مَرُّوا عَلَیَّ فَلَمْ یَهْبِطُوا فِیَّ وَ لَمْ یُصَلُّوا عِنْدِی وَ لَمْ یَذْكُرُوكَ بِحَضْرَتِی وَ الْأَصْنَامُ تُعْبَدُ حَوْلِی مِنْ دُونِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنْ لَا تَبْكِ فَإِنِّی سَوْفَ أَمْلَؤُكَ وُجُوهاً سُجَّداً وَ أُنْزِلُ فِیكَ قُرْآناً جَدِیداً وَ أَبْعَثُ مِنْكَ نَبِیّاً فِی آخِرِ الزَّمَانِ أَحَبَّ أَنْبِیَائِی إِلَیَّ وَ أَجْعَلُ فِیكَ عُمَّاراً مِنْ خَلْقِی یَعْبُدُونَنِی وَ أَفْرِضُ عَلَی عِبَادِی فَرِیضَةً یَدُفُّونَ (1)إِلَیْكَ دَفِیفَ النُّسُورِ إِلَی وُكُورِهَا وَ یَحِنُّونَ (2)إِلَیْكَ حَنِینَ النَّاقَةِ إِلَی وَلَدِهَا وَ الْحَمَامَةِ إِلَی بَیْضَتِهَا وَ أُطَهِّرُكَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَ عَبَدَةِ الشَّیْطَانِ قَالَ وَ رُوِیَ أَنَّ سُلَیْمَانَ لَمَّا مَلَكَ بَعْدَ أَبِیهِ أَمَرَ بِاتِّخَاذِ كُرْسِیٍّ لِیَجْلِسَ عَلَیْهِ لِلْقَضَاءِ وَ أَمَرَ بِأَنْ یُعْمَلَ بَدِیعاً مَهُولًا بِحَیْثُ أَنْ لَوْ رَآهُ مُبْطِلٌ أَوْ شَاهِدُ زُورٍ ارْتَدَعَ وَ تَهَیَّبَ قَالَ فَعُمِلَ لَهُ كُرْسِیٌّ مِنْ أَنْیَابِ الْفِیَلَةِ وَ فَصَّصُوهُ بِالْیَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ أَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ وَ حَفَّفُوهُ بِأَرْبَعِ نَخَلَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ شَمَارِیخُهَا (3)الْیَاقُوتُ الْأَحْمَرُ وَ الزُّمُرُّدُ الْأَخْضَرُ عَلَی رَأْسِ نَخْلَتَیْنِ مِنْهَا طَاوُسَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَ عَلَی رَأْسِ الْآخَرَیْنِ نَسْرَانِ مِنْ ذَهَبٍ بَعْضُهَا مُقَابِلًا لِبَعْضٍ وَ جَعَلُوا مِنْ جَنْبَتَیِ الْكُرْسِیِّ أَسَدَیْنِ مِنَ الذَّهَبِ عَلَی رَأْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمُودٌ مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ وَ قَدْ عَقَدُوا عَلَی النَّخَلَاتِ أَشْجَارَ كُرُومٍ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ وَ اتَّخَذُوا عَنَاقِیدَهَا مِنَ الْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ بِحَیْثُ یَظَلُّ عَرِیشُ الْكُرُومِ النَّخْلَ وَ الْكُرْسِیَّ قَالَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا أَرَادَ صُعُودَهُ وَضَعَ قَدَمَیْهِ عَلَی الدَّرَجَةِ السُّفْلَی فَیَسْتَدِیرُ الْكُرْسِیُّ كُلُّهُ بِمَا فِیهِ دَوَرَانَ الرَّحَی الْمُسْرِعَةِ وَ تَنْشُرُ تِلْكَ النُّسُورُ وَ الطَّوَاوِیسُ أَجْنِحَتَهَا وَ تَبْسُطُ الْأَسَدَانِ أَیْدِیَهُمَا فَتَضْرِبَانِ الْأَرْضَ بِأَذْنَابِهِمَا فَكَذَلِكَ كُلُّ دَرَجَةٍ یَصْعَدُهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام فَإِذَا اسْتَوَی بِأَعْلَاهُ أَخَذَ النَّسْرَانِ اللَّذَانِ عَلَی النَّخْلَتَیْنِ تَاجَ سُلَیْمَانَ فَوَضَعَاهُ عَلَی رَأْسِ سُلَیْمَانَ

ص: 84


1- دف: مشی مشیا خفیفا، دف الطائر: حرك جناحیه كالحمام.
2- حن إلیه: اشتاق.
3- شماریخ: جمع الشمروخ: العذق علیه بسر او عنب.

علیه السلام ثُمَّ یَسْتَدِیرُ الْكُرْسِیُّ بِمَا فِیهِ وَ یَدُورُ مَعَهُ النَّسْرَانِ وَ الطَّاوُوسَانِ وَ الْأَسَدَانِ قَائِلَاتٍ (1)بِرُءُوسِهَا إِلَی سُلَیْمَانَ یَنْضَحْنَ (2)عَلَیْهِ مِنْ أَجْوَافِهَا الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ ثُمَّ تَنَاوَلَتْ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ قَائِمَةٌ عَلَی عَمُودٍ مِنْ جَوْهَرٍ مِنْ أَعْمِدَةِ الْكُرْسِیِّ التَّوْرَاةَ فَیَفْتَحُهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ یَقْرَؤُهَا عَلَی النَّاسِ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی فَصْلِ الْقَضَاءِ وَ یَجْلِسُ عُظَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَی كَرَاسِیَّ مِنَ الذَّهَبِ الْمُفَصَّصَةِ بِالْجَوْهَرِ وَ هِیَ أَلْفُ كُرْسِیٍّ عَنْ یَمِینِهِ وَ تَجِی ءُ عُظَمَاءُ الْجِنِّ وَ تَجْلِسُ عَلَی كَرَاسِیِّ الْفِضَّةِ عَنْ یَسَارِهِ وَ هِیَ أَلْفُ كُرْسِیٍّ حَافِّینَ جَمِیعاً بِهِ ثُمَّ یَحُفُّ بِهِمُ الطَّیْرُ فَتُظِلُّهُمْ وَ تَتَقَدَّمُ إِلَیْهِ النَّاسُ لِلْقَضَاءِ فَإِذَا دَعَا بِالْبَیِّنَاتِ وَ الشُّهُودِ لَإِقَامَةِ الشَّهَادَاتِ دَارَ الْكُرْسِیُّ بِمَا فِیهِ مَعَ جَمِیعِ مَا حَوْلَهُ دَوَرَانَ الرَّحَی الْمُسْرِعَةِ وَ یَبْسُطُ الْأَسَدَانِ أَیْدِیَهُمَا وَ یَضْرِبَانِ الْأَرْضَ بَأَذْنَابِهِمَا وَ یَنْشُرُ النَّسْرَانِ وَ الطَّاوُوسَانِ أَجْنِحَتَهُمَا فَیَفْزَعُ مِنْهُ الشُّهُودُ وَ یَدْخُلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ رُعْبٌ وَ لَا یَشْهَدُونَ إِلَّا بِالْحَقِّ (3).

باب 6 معنی قول سلیمان علیه السلام هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی «4»

باب 6 معنی قول سلیمان علیه السلام هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی (4)

«1»-مع، معانی الأخبار ع، علل الشرائع أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی الْمُكَتِّبُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَارُونَ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام أَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ نَبِیُّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَخِیلًا فَقَالَ لَا فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ سُلَیْمَانَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی مَا وَجْهُهُ وَ مَعْنَاهُ فَقَالَ الْمُلْكُ مُلْكَانِ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ وَ إِجْبَارِ النَّاسِ وَ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ كَمُلْكِ آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ مُلْكِ طَالُوتَ وَ مُلْكِ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی أَنْ یَقُولَ إِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ

ص: 85


1- فی نسخة: مائلات.
2- أی ترش علیه المسك.
3- تفسیر الثعلبی «الكشف و البیان» مخطوط لم یطبع الی الآن، و الحدیث كما تری مرویّ عن وهب بن منبه العامی، و فی اخباره شواذ و غرائب.
4- ص: 34.

وَ إِجْبَارِ النَّاسِ فَسَخَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ وَ جَعَلَ غُدُوَّهَا شَهْراً وَ رَوَاحَهَا شَهْراً وَ سَخَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ وَ عُلِّمَ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ مُكِّنَ فِی الْأَرْضِ فَعَلِمَ النَّاسُ فِی وَقْتِهِ وَ بَعْدَهُ أَنَّ مُلْكَهُ لَا یُشْبِهُ مُلْكَ الْمُلُوكِ الْمُخْتَارِینَ (1)مِنْ قِبَلِ النَّاسِ وَ الْمَالِكِینَ بِالْغَلَبَةِ وَ الْجَوْرِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِمَ اللَّهُ أَخِی سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ (2)فَقَالَ لِقَوْلِهِ علیه السلام وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا كَانَ أَبْخَلَهُ بِعِرْضِهِ وَ سُوءِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ الْوَجْهُ الْآخَرُ یَقُولُ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ إِنْ كَانَ أَرَادَ مَا یَذْهَبُ إِلَیْهِ الْجُهَّالُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام قَدْ وَ اللَّهِ أُوتِینَا مَا أُوتِیَ سُلَیْمَانُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَ سُلَیْمَانُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قِصَّةِ سُلَیْمَانَ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (3).

بیان: تأویله علیه السلام للآیة الكریمة یحتمل وجهین الأول أن یكون علیه السلام قدر فی الآیة شیئا و هو قوله أن یقول أی هَبْ لِی مُلْكاً یكون لعظمته (4)بحیث لا یقدر أحد علی أن یقول إنه كملك سائر الملوك مأخوذ بالجور و الغلبة و یؤیده الوجه الأول من وجهی تأویل الخبر حیث بخل بعرضه فی هذا الدعاء و سأل اللّٰه أن یرفع عنه ألسن الناس بأن ملكه مأخوذ بالجور و لا یكون عرضه عرضة لملام لئام الخلق.

الثانی أن یكون المعنی أنه علیه السلام سأل ربه ملكا لا یتهیأ للملوك الجائرین (5)تحصیله بالجور و الغلبة لیكون معجزا له علی نبوته و آیة علی خلافته فلا یمنع هذا الكلام أن یعطی اللّٰه من بعده من الأنبیاء و الأوصیاء أضعاف ما أعطاه فیكون قوله لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی أن یقول بیانا لحاصل المعنی و لازمه لا تقدیرا فی الكلام أی طلب

ص: 86


1- فی نسخة: الجبارین.
2- لم یرو هذا الخبر فی اصولنا المتلقاة من المعصومین، و لا فی شی ء من اخبارنا، و هو من مرویات العامّة القائلین بجواز صدور امثاله من نبی فی حقّ نبی آخر، و سیأتی بعد ذلك ایعاز من المصنّف الی ان الإمام علیه السلام لم اوله و لم یصرح بانه موضوع.
3- معانی الأخبار: 100- 101، علل الشرائع: 35.
4- هكذا فی النسخ، و الصحیح: یكون عظمته.
5- فی نسخة: للملوك الجبارین.

ملكا لم یقدر أحد علی تحصیله بقوته لئلا یقال إن ملكه مأخوذ بالغلبة فلا یكون معجزا له فعلی هذا یكون قوله علیه السلام ما أبخله بعرضه لأنه كان ذلك أیضا مقصودا له ضمنا و إن كان المقصود بالذات كونه معجزا و الظاهر أنه علیه السلام كان یعلم أن الخبر موضوع و إنما أوله تحرزا عن طرح الخبر المشهور بینهم تقیة و لذا ردد علیه السلام بین الوجهین و لو كان صادرا عنه صلی اللّٰه علیه و آله لكان عالما بما أراده به و أما كون ما أعطاه الرسول أفضل (1)فلأنه تعالی أعطی سلیمان ما أعطی و فوض الأمر إلیه فی بذله و منعه و لم یفوض إلیه تعیین أمر بخلاف نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فإنه فوض إلیه الأمر و أمر الناس باتباعه فی كل ما یقول و هذا مبنی علی التفویض و سیأتی تحقیقه فی كتاب الإمامة.

و یحتمل أن یكون الفضل بسبب أنه فوض إلیه إعطاء الأمور الدنیویة و منعها و أعطی النبی صلی اللّٰه علیه و آله الرئاسة العامة فی الدین و الدنیا لجمیع الخلق و فیه شی ء.

و قال الطبرسی فی قوله تعالی رُخاءً أی لینة سهلة و قیل طیبة سریعة و قیل أی مطیعة حَیْثُ أَصابَ أی حیث أراد سلیمان من النواحی (2).

«2»-ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ سُلَیْمَانَ هَبْ لِی (3)مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ قُلْتُ فَأُعْطِیَ الَّذِی دَعَا بِهِ قَالَ نَعَمْ وَ لَمْ یُعْطَ بَعْدَهُ إِنْسَانٌ مَا أُعْطِیَ نَبِیُّ اللَّهِ علیه السلام مِنْ غَلَبَةِ الشَّیْطَانِ فَخَنَقَهُ إِلَی

ص: 87


1- فی الحدیث غموض و اجمال، و الوجهان اللذان ذكرهما المصنّف فی معناه أیضا لا یخلوان عن خفاء و اشكال، و یمكن أن یكون المعنی ان سلیمان علیه السلام كان مختارا فی بذل ما اعطاه اللّٰه و امساكه و كذا امته كانوا مختارین فی قبوله و رده، و لكن امة نبیّنا صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم كانوا مكلفین أن یأخذوا بأمره و ینتهوا بنهیه، و هو أیضا لا یخلو عن تأمل و اللّٰه یعلم و امناؤه. و ذكر الكلینی عن زید الشحام انه قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام فی قوله تعالی: «هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَیْرِ حِسابٍ» قال: اعطی سلیمان ملكا ثمّ جرت هذه الآیة فی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله، و كان له یعطی ما یشاء من یشاء، و یمنع من یشاء ما یشاء، و اعطاه أفضل ممّا أعطی سلیمان لقوله تعالی: «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».
2- مجمع البیان 8: 477.
3- فی المصدر: رب هب لی.

أُسْطُوَانَةٍ (1)حَتَّی أَصَابَ بِلِسَانِهِ (2)یَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ لَا مَا دَعَا بِهِ سُلَیْمَانُ لَأَرَیْتُكُمُوهُ (3).

تذییل: قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه: یسأل عن هذا فیقال إن هذا القول من سلیمان یقتضی الضنة و المنافسة لأنه لم یرض بأن یسأل الملك حتی أضاف إلی ذلك أن یمنع غیره منه و أجیب عنه بأجوبة أحدها أن الأنبیاء لا یسألون إلا ما یؤذن لهم فی مسألته و جائز أن یكون اللّٰه أعلم سلیمان أنه إن سأل ملكا لا یكون لغیره كان أصلح له فی الدین و أعلمه أنه لا صلاح لغیره فی ذلك و لو أن أحدنا صرح فی دعائه بهذا الشرط حتی یقول اللّٰهم اجعلنی أكثر أهل زمانی مالا إذا علمت أن ذلك أصلح لی لكان ذلك منه حسنا جائزا (4)اختاره الجبائی.

و ثانیها أنه یجوز أن یكون علیه السلام التمس من اللّٰه آیة لنبوته یبین بها من غیره و أراد لا ینبغی لأحد غیری ممن أنا مبعوث إلیه و لم یرد من بعده إلی یوم القیامة من النبیین كما یقال أنا لا أطیع أحدا بعدك أی لا أطیع أحدا سواك.

و ثالثها ما قاله المرتضی قدس اللّٰه سره إنه یجوز أن یكون إنما سأل ملك الآخرة و ثواب الجنة و یكون معنی قوله لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی لا یستحقه بعد وصولی إلیه أحد من حیث لا یصلح (5)أن یعمل ما یستحق به ذلك لانقطاع التكلیف.

و رابعها أنه التمس معجزة تختص به كما أن موسی علیه السلام اختص بالعصا و الید (6)و اختص صالح بالناقة و محمد صلی اللّٰه علیه و آله بالقرآن و المعراج

وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ مَا رُوِیَ مَرْفُوعاً

ص: 88


1- هكذا فی نسخة، و فی أخری السوایطة، و فی ثالثة: تحت ابطه، و فی المصدر: الی سوابطه، و الكل مصحف. و فی مجمع البیان الی ساربة.
2- فی المصدر: حتی اصاب لسانه.
3- قرب الإسناد: 81.
4- فی المصدر هنا زیادة و هی هذه: و لا ینسب فی ذلك إلی شح و ضن.
5- فی المصدر: لا یصحّ.
6- فی المصدر: و الید البیضاء.

عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ صَلَّی صَلَاةً فَقَالَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَرَضَ لِی لِیُفْسِدَ عَلِیَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ فَوَدَعْتُهُ (1)وَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَی سَارِیَةٍ (2)حَتَّی تُصْبِحُوا وَ تَنْظُرُوا إِلَیْهِ أَجْمَعِینَ فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَیْمَانَ رَبِّ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئاً خَائِباً أَوْرَدَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ انْتَهَی.(3)

و قال الرازی أجاب القائلون بأن الشیطان استولی علی مملكته معناه أن یعطیه اللّٰه ملكا لا یقدر الشیاطین أن یقوموا مقامه و یسلبونه منه ثم قال بعد ما ذكر بعض الأجوبة السابقة الثالث أن الاحتراز عن طیبات الدنیا مع القدرة علیها أشق من الاحتراز عنها حال عدم القدرة علیها فكأنه قال یا إلهی أعطنی مملكة فائقة علی ممالك البشر بالكلیة حتی أحترز عنها مع القدرة علیها لیصیر ثوابی أكمل و أفضل.

الرابع من الناس من یقول الاحتراز عن لذات الدنیا عسر صعب لأن هذه اللذات حاضرة و سعادات الآخرة نسیئة و النقد یصعب بیعه بالنسیئة فقال سلیمان أعطنی یا رب مملكة تكون أعظم الممالك الممكنة للبشر حتی أنی أبقی مع تلك القدرة الكاملة فی غایة الاحتراز لیظهر للخلق أن حصول الدنیا لا یمنع من خدمة المولی (4)انتهی.

و ذكر البیضاوی وجها آخر و هو أن المعنی لا ینبغی لأحد من بعدی لعظمته كقولك لفلان ما لیس لأحد من الفضل و المال علی إرادة وصف الملك بالعظمة لا أن لا یعطی أحد مثله. (5)

أقول: بعد ثبوت عصمة الأنبیاء و جلالتهم لا بد من حمل ما صدر عنهم علی محمل صحیح مجملا و إن لم یتعین فی نظرنا و ما ذكر من الوجوه محتملة و إن كان بعضها لا یخلو من بعد و ما ذكره الطبرسی أولا أظهر الوجوه (6)و یمكن أن یقال المنع عن غیره

ص: 89


1- أی فتركته.
2- الساریة: الأسطوانة.
3- مجمع البیان 8: 476- 477.
4- مفاتیح الغیب 7: 137.
5- أنوار التنزیل 2: 346.
6- و یحتمل وجه آخر و هو أنّه سأل اللّٰه أن یعطیه ملكا كذلك حتّی یشكر علیه فیستحق بذلك زیادة الثواب و ارتقاء الرتبة، كما شكر ذلك بعد ما اعطاه اللّٰه فی قوله: «رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَدْخِلْنِی بِرَحْمَتِكَ فِی عِبادِكَ الصَّالِحِینَ» و لعله انسب الوجوه، و لا یوجب منقصة، و لیست فیه ضنة و لا شح.

لم یكن علی وجه الضنة بل علی وجه الشفقة لأن ملك الدنیا فی نظرهم خسیس دنی لا یلیق بالمقربین قربه و لما رأی صلاح زمانه فی ذلك سأله اضطرارا و منعه عن غیره إشفاقا علیهم أو یقال إن كلامه مخصوص بمن عدا الأنبیاء و الأوصیاء و هو قریب من الثانی و یحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الإطناب.

باب 7 قصة مروره علیه السلام بوادی النمل و تكلمه معها و سائر ما وصل إلیه من أصوات الحیوانات

الآیات؛

النمل: «وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ فَهُمْ یُوزَعُونَ *حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَدْخِلْنِی بِرَحْمَتِكَ فِی عِبادِكَ الصَّالِحِینَ»(17-19)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: عَلی وادِ النَّمْلِ هو واد بالطائف و قیل بالشام قالَتْ نَمْلَةٌ أی صاحت بصوت خلق اللّٰه لها و لما كان الصوت مفهوما لسلیمان علیه السلام عبر عنه بالقول و قیل كانت رئیسة النمل لا یَحْطِمَنَّكُمْ أی لا یكسرنكم سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ بحطمكم و وطئكم فإنهم لو علموا بمكانكم لم یطئوكم و هذا یدل علی أن سلیمان و جنوده كانوا ركبانا و مشاة علی الأرض و لم تحملهم الریح لأن الریح لو حملتهم بین السماء و الأرض لما خافت النملة أن یطئوها بأرجلهم و لعل هذه القصة كانت قبل تسخیر اللّٰه الریح لسلیمان علیه السلام فإن قیل كیف عرفت النملة سلیمان و جنوده حتی قالت هذه المقالة قلنا إذا كانت مأمورة بطاعته فلا بد أن یخلق اللّٰه لها من الفهم ما

ص: 90

تعرف به أمور طاعته و لا یمتنع أن یكون لها من الفهم ما تستدرك به ذلك و قد علمنا أنها تشق ما تجمع من الحبوب بنصفین مخافة أن تصیبه الندی فینبت إلا الكزبرة فإنها تكسرها بأربع لأنها تنبت إذا قطعت بنصفین (1)فمن هداها إلی هذا فإنه یهدیها إلی تمییز ما یحطمها مما لا یحطمها و قیل إن ذلك كان منها علی سبیل المعجز الخارق للعادة لسلیمان علیه السلام قال ابن عباس فوقف سلیمان علیه السلام بجنوده حتی دخل النمل مساكنه فتبسم ضاحكا من قولها و سبب ضحكه التعجب لأنه رأی ما لا عهد له به و قیل إنه تبسم بظهور عدله حتی عرفه النمل (2)و قیل إن الریح أطارت كلامها إلیه من ثلاثة أمیال حتی سمع ذلك فانتهی إلیها و هی تأمر النمل بالمبادرة فتبسم من حذرها رَبِّ أَوْزِعْنِی أی ألهمنی. (3)أقول قال الرازی فی تفسیره رأیت فی بعض الكتب أن تلك النملة إنما أمرت غیرها بالدخول لأنها خافت أنها إذا رأت سلیمان علی جلالته فربما وقعت فی كفران نعمة اللّٰه و هو المراد بقوله لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ فأمرتها بالدخول فی مساكنها لئلا تری تلك النعم فلا تقع فی كفران نعم اللّٰه (4).

«1»-فس، تفسیر القمی وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ (5)قَعَدَ عَلَی كُرْسِیِّهِ وَ حَمَلَتْهُ الرِّیحُ (6)عَلَی وَادِی النَّمْلِ وَ هُوَ وَادٍ یُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ النَّمْلَ وَ هُوَ قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام إِنَّ لِلَّهِ وَادِیاً یُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ قَدْ حَمَاهُ اللَّهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ وَ هُوَ النَّمْلُ لَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِیُّ (7)مَا قَدَرَتْ عَلَیْهِ فَلَمَّا انْتَهَی سُلَیْمَانُ إِلَی وَادِی النَّمْلِ فَقَالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا

ص: 91


1- فی المصدر: باربع قطع، لانها تنبت إذا شقت بنصفین.
2- فی المصدر: تبسم بظهور عدله حیث بلغ عدله فی الظهور مبلغا عرفه النمل.
3- مجمع البیان 7: 215.
4- مفاتیح الغیب 7: 376.
5- فی المصدر: و الطیر فهم یوزعون.
6- فی المصدر: و حملته الریح فمرت به علی وادی النمل.
7- فی المصدر: البخاتی من الإبل. قلت: البخاتی جمع البختیة: الإبل الخراسانیة.

یَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَّ إِلَی قَوْلِهِ فِی عِبادِكَ الصَّالِحِینَ

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَهُمْ یُوزَعُونَ قَالَ یُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَی آخِرِهِمْ (1).

بیان: قال البیضاوی یُوزَعُونَ أی یحبسون بحبس أولهم علی آخرهم لیتلاحقوا (2).

«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِیُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْغَازِی قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام یَقُولُ عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها قَالَ لَمَّا قَالَتِ النَّمْلَةُ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ (3)حَمَلَتِ الرِّیحُ صَوْتَ النَّمْلَةِ إِلَی سُلَیْمَانَ وَ هُوَ مَارٌّ فِی الْهَوَاءِ وَ الرِّیحُ قَدْ حَمَلَتْهُ فَوَقَفَ وَ قَالَ عَلَیَّ بِالنَّمْلَةِ فَلَمَّا أُتِیَ بِهَا قَالَ سُلَیْمَانُ یَا أَیَّتُهَا النَّمْلَةُ أَ مَا عَلِمْتِ أَنِّی نَبِیُّ اللَّهِ وَ أَنِّی لَا أَظْلِمُ أَحَداً قَالَتِ النَّمْلَةُ بَلَی قَالَ سُلَیْمَانُ فَلِمَ حَذَّرْتِنِیهِمْ ظُلْمِی وَ قُلْتِ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ قَالَتِ النَّمْلَةُ خَشِیتُ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَی زِینَتِكَ فَیَفْتَتِنُوا بِهَا فَیَبْعُدُوا عَنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ (4)ثُمَّ قَالَتِ النَّمْلَةُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ أَبُوكَ دَاوُدُ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام بَلْ أَبِی دَاوُدُ قَالَتِ النَّمْلَةُ فَلِمَ زِیدَ فِی حُرُوفِ اسْمِكَ حَرْفٌ عَلَی حُرُوفِ اسْمِ أَبِیكَ دَاوُدَ قَالَ سُلَیْمَانُ مَا لِی بِهَذَا عِلْمٌ قَالَتِ النَّمْلَةُ لِأَنَّ أَبَاكَ دَاوُدَ دَاوَی جُرْحَهُ بِوُدٍّ فَسُمِّیَ دَاوُدَ وَ أَنْتَ یَا سُلَیْمَانُ أَرْجُو أَنْ تَلْحَقَ بِأَبِیكَ

ص: 92


1- تفسیر القمّیّ: 476 و 478.
2- أنوار التنزیل 2: 195.
3- فی المصدر: و جنوده و هم لا یشعرون.
4- فی نسخة و فی العلل: فیعبدون غیر اللّٰه تعالی ذكره. و فی العیون: فیبعدون عن ذكر اللّٰه تعالی.

ثُمَّ قَالَتِ النَّمْلَةُ هَلْ تَدْرِی لِمَ سُخِّرَتْ لَكَ الرِّیحُ مِنْ بَیْنِ سَائِرِ الْمَمْلَكَةِ (1)قَالَ سُلَیْمَانُ مَا لِی بِهَذَا عِلْمٌ قَالَتِ النَّمْلَةُ یَعْنِی عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ لَوْ سَخَّرْتُ لَكَ جَمِیعَ الْمَمْلَكَةِ كَمَا سَخَّرْتُ لَكَ هَذِهِ الرِّیحَ لَكَانَ زَوَالُهَا مِنْ یَدِكَ كَزَوَالِ الرِّیحِ فَحِینَئِذٍ تَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها (2)

بیان: قال الثعلبی فی تفسیره رأیت فی بعض الكتب و ذكر نحوه و فیه فقالت النملة هل علمت لم سمی أبوك داود فقال لا قالت لأنه داوی جرحه بود هل تدری لم سمیت سلیمان قال لا قالت لأنك سلیم ركنت إلی ما أوتیت لسلامة صدرك و آن لك أن تلحق بأبیك. (3)

أقول: التعلیل الذی ذكرته النملة یحتمل وجوها من التأویل:

الأول و هو الذی ارتضیته أن المعنی أن أباك لما ارتكب ترك الأولی و صار قلبه مجروحا بذلك فداواه بود اللّٰه تعالی و محبته فلذا سمی داود اشتقاقا من الدواء بالود و أنت لما لم ترتكب بعد و أنت سلیم منه سمیت سلیمان فخصوص العلتین للتسمیتین صارتا علة لزیادة اسمك علی اسم أبیك.

ثم لما كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبیه استدركت ذلك بأن ما صدر عنه لم یصر سببا لنقصه بل صار سببا لكمال محبته و تمام مودته و أرجو أن تلحق أنت أیضا بأبیك فی ذلك لیكمل محبتك.

الثانی أن المعنی أن أصل الاسم كان داوی جرحه بود و هو أكثر من اسمك و إنما صار بكثرة الاستعمال داود ثم دعا له و رجاه بقوله أرجو أن تلحق بأبیك أی فی الكمال و الفضل.

الثالث ما ذكره بعض المعاصرین و هو أن المراد أن هذا الاسم مشتمل علی سلیم

ص: 93


1- فی نسخة: من بین سائر الملكة قلت: الملكة: الملك. و المملكة: عز الملك و سلطانه و عبیده، ما تحت أمر الملك من البلاد و العباد.
2- عیون الأخبار: 233، علل الشرائع: 35- 36.
3- الكشف و البیان مخطوط.

أو مأخوذ منه و السلیم قد یستعمل فی الجریح كاللدیغ تفؤلا بصحته و سلامته أو أنت سلیم من المداواة التی حصلت لأبیك فلهذا سمیت سلیمان فالحرف الزائد للدلالة علی وجود الجرح و كما أن الجرح زائد فی البدن أو النفس عن أصل الخلقة كان فی الاسم حرف زائد للدلالة علی ذلك و فیه معنی لطیف و هو أن هذه الزیادة فی الاسم الدالة علی الزیادة فی المسمی لیست مما یزید به الاسم و المسمی كمالا بل قد تكون الزیادة لغیر ذلك.

الرابع ما یفهم مما عنون الصدوق الباب الذی أورد الخبر فیه به (1)حیث قال باب العلة التی من أجلها زید فی حروف اسم سلیمان حرف من حروف اسم أبیه داود فلعله رحمه اللّٰه حمل الخبر علی أن المعنی أنك لما كنت سلیما أرید أن یشتق لك اسم یشتمل علی السلامة و لما كان أبوك داود داوی جرحه بالود و صار كاملا بذلك أراد اللّٰه تعالی أن یكون فی اسمك حرف من حروف اسمه لتلحق به فی الكمال فزید فیه الألف و ما یلزمه لتمام التركیب و صحته من النون فصار سلیمان و إلا لكان السلیم كافیا للدلالة علی السلامة فلذا زید حروف اسمك علی حروف اسم أبیك و لو كان فی الخبر من حروف اسم أبیك كما رأینا فی بعض النسخ كان ألصق بهذا المعنی و قوله أرجو أن تلحق بأبیك أی لتلك الزیادة فیدل ضمنا و كنایة علی أنه إنما زید لذلك و لا یخفی بعده.

«3»-یه، من لا یحضره الفقیه بِإِسْنَادِهِ إِلَی حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ لِیَسْتَسْقِیَ فَوَجَدَ نَمْلَةً قَدْ رَفَعَتْ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِهَا إِلَی السَّمَاءِ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِی آدَمَ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ (2).

أقول: رَوَی الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ سِمَاطُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعَةَ أَكْرَارٍ فَخَرَجَتْ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ یَوْماً وَ قَالَتْ یَا سُلَیْمَانُ أَضِفْنِی الْیَوْمَ فَأَمَرَ أَنْ یُجْمَعَ لَهَا مِقْدَارُ سِمَاطِهِ شَهْراً فَلَمَّا اجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ صَارَ كَالَجَبَلِ الْعَظِیمِ

ص: 94


1- فی كتابه العلل.
2- من لا یحضره الفقیه: 138- 139.

أَخْرَجَتِ الْحُوتُ رَأْسَهَا وَ ابْتَلَعَتْهُ وَ قَالَتْ یَا سُلَیْمَانُ أَیْنَ تَمَامُ قُوتِیَ الْیَوْمَ هَذَا بَعْضُ قُوتِی فَعَجِبَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَقَالَ لَهَا هَلْ فِی الْبَحْرِ دَابَّةٌ مِثْلُكِ فَقَالَتْ أَلْفُ أُمَّةٍ فَقَالَ سُلَیْمَانُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَظِیمِ.

وَ رَوَی غَیْرُهُ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام رَأَی عُصْفُوراً یَقُولُ لِعُصْفُورَةٍ لِمَ تَمْنَعِینَ نَفْسَكِ مِنِّی وَ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ قُبَّةَ سُلَیْمَانَ بِمِنْقَارِی فَأَلْقَیْتُهَا فِی الْبَحْرِ فَتَبَسَّمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ دَعَاهُمَا وَ قَالَ لِلْعُصْفُورِ أَ تُطِیقُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَكِنَّ الْمَرْءَ قَدْ یُزَیِّنُ نَفْسَهُ وَ یُعَظِّمُهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَ الْمُحِبُّ لَا یُلَامُ عَلَی مَا یَقُولُ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِلْعُصْفُورَةِ لِمَ تَمْنَعِینَهُ مِنْ نَفْسِكِ وَ هُوَ یُحِبُّكِ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّهُ لَیْسَ مُحِبّاً وَ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ لِأَنَّهُ یُحِبُّ مَعِی غَیْرِی فَأَثَّرَ كَلَامُ الْعُصْفُورَةِ فِی قَلْبِ سُلَیْمَانَ وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ أَرْبَعِینَ یَوْماً یَدْعُو اللَّهَ أَنْ یُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِمَحَبَّتِهِ وَ أَنْ لَا یُخَالِطَهَا بِمَحَبَّةِ غَیْرِهِ.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام سَمِعَ یَوْماً عُصْفُوراً یَقُولُ لِزَوْجَتِهِ ادْنِی مِنِّی حَتَّی أُجَامِعَكِ لَعَلَّ اللَّهَ یَرْزُقُنَا وَلَداً یَذْكُرُ اللَّهَ فَإِنَّا كَبِرْنَا فَتَعَجَّبَ سُلَیْمَانُ مِنْ كَلَامِهِ وَ قَالَ هَذِهِ النِّیَّةُ خَیْرٌ مِنْ مَمْلَكَتِی.

و قال البیضاوی حكی أنه مر ببلبل یتصوت و یترقص فقال یقول إذا أكلت نصف تمرة فعلی الدنیا العفاء (1)و صاحت فاختة فقال إنها تقول لیت الخلق لم یخلقوا. (2)و قال الزمخشری روی أن قتادة دخل الكوفة و التف علیه الناس (3)فقال سلوا عما شئتم و كان أبو حنیفة حاضرا و هو غلام حدث (4)فقال سلوه عن نملة سلیمان أ كانت ذكرا أم أنثی فسألوه فأفحم فقال أبو حنیفة كانت أنثی بدلیل قوله تعالی

ص: 95


1- العفاء: التراب.
2- أنوار التنزیل 2: 194.
3- أی تجمعوا.
4- الحدث: الشاب.

قالَتْ نَمْلَةٌ و ذلك أن النملة مثل الحمامة و الشاة فی وقوعها علی الذكر و الأنثی فیمیز بینهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر و حمامة أنثی انتهی. (1)و قال ابن الحاجب فی بعض تصانیفه إن تأنیث مثل الشاة و النملة و الحمامة من الحیوانات تأنیث لفظی و لذلك كان قول من زعم أن النملة فی قوله تعالی قالَتْ نَمْلَةٌ أنثی لورود تاء التأنیث فی قالت وهما لجواز أن یكون مذكرا فی الحقیقة و ورود تاء التأنیث كورودها فی فعل المؤنث اللفظی و لذا قیل إفحام قتادة خیر من جواب أبی حنیفة.

أقول: هذا هو الحق و قد ارتضاه الرضی رضی اللّٰه عنه و غیره و الحمد لله الذی فضح من أراد أن یدعی رتبة أمیر المؤمنین علیه السلام بهذه البضاعة من العلم و هذا الناصبی الآخر الذی أراد أعوانه إثبات علو شأنه بأنه تكلم فی بدء شبابه بمثل ذلك. (2)و قال الثعلبی فی تفسیره قال مقاتل كان سلیمان علیه السلام جالسا إذ مر به طائر یطوف فقال لجلسائه هل تدرون ما یقول هذا الطائر الذی مر بنا قالوا أنت أعلم فقال سلیمان إنه قال لی السلام علیك أیها الملك المتسلط علی بنی إسرائیل أعطاك اللّٰه سبحانه و تعالی الكرامة و أظهرك علی عدوك إنی منطلق إلی فروخی ثم أمر بك الثانیة و إنه سیرجع إلینا الثانیة فانظروا إلی رجوعه قال فنظر القوم طویلا إذ مر بهم فقال السلام علیك أیها الملك إن شئت أن تأذن لی كیما أكتسب علی فروخی حتی یشبوا ثم آتیك فافعل بی ما شئت فأخبرهم سلیمان بما قال و أذن له.

و عن كعب قال صاح وَرَشَانٌ (3)عند سلیمان فقال أ تدرون ما تقول قالوا لا قال فإنها تقول لدوا للموت و ابنوا للخراب و صاحت فاختة فقال تقول لیت الخلق

ص: 96


1- الكشّاف 3: 280.
2- و لو كان ما افاد صحیحا لما كان أیضا یدلّ علی فضله و كماله، لجواز أن یكون سمع ذلك من غیره فحفظه. كل ذلك لو كان للقضیة واقع فكیف لو كانت من اصلها مختلقة موضوعة.
3- ورشان بفتح الواو و الراء: نوع من الحمام البری اكدر اللون فیه بیاض فوق ذنبه. و قال الدمیری: هو ساق حر و هو ذكر القماری.

لم یخلقوا و صاح طاوس عنده فقال أ تدرون ما یقول قالوا لا قال فإنه یقول كما تدین تدان و صاح هدهد عنده فقال إنه یقول من لا یرحم لا یرحم و صاح صرد (1)عنده فقال تقول استغفروا اللّٰه یا مذنبین و صاح طوطی فقال یقول كل حی میت و كل جدید بال و صاح خطاف (2)فقال یقول قدموا خیرا تجدوه و هدرت حمامة فقال تقول سبحان ربی الأعلی مل ء سماواته و أرضه و صاح قمری فقال یقول سبحان ربی الأعلی قال و الغراب یدعو علی العشار و الحدأ (3)یقول كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ و القطا (4)یقول من سكت سلم و الببغاء (5)و هو طائر أخضر یقول ویل لمن الدنیا همه و الضفدع یقول سبحان ربی القدوس و الباز یقول سبحان ربی و بحمده و الضفدعة تقول سبحان المذكور بكل مكان.

وَ رُوِیَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ صَاحَ دُرَّاجٌ عِنْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّهُ یَقُولُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی (6)

«4»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، ذَكَرُوا أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ جَالِساً عَلَی شَاطِئِ بَحْرٍ فَبَصُرَ بِنَمْلَةٍ تَحْمِلُ حَبَّةَ قَمْحٍ تَذْهَبُ بِهَا نَحْوَ الْبَحْرِ فَجَعَلَ سُلَیْمَانُ یَنْظُرُ إِلَیْهَا حَتَّی بَلَغَتِ الْمَاءَ فَإِذَا بِضِفْدِعَةٍ قَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْمَاءِ فَفَتَحَتْ فَاهَا فَدَخَلَتِ النَّمْلَةُ فَاهَا وَ غَاصَتِ الضِّفْدِعَةُ فِی الْبَحْرِ سَاعَةً طَوِیلَةً وَ سُلَیْمَانُ یَتَفَكَّرُ فِی ذَلِكَ مُتَعَجِّباً ثُمَّ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ

ص: 97


1- صرد بالضم فسكون: طائر ضخم الرأس أبیض البطن، اخضر الظهر.
2- الخطاف بالفتح: طائر طویل الجناحین، قصیر الرجلین، اسود اللون، و یسمی فی بر الشام بالخطف. قال الدمیری: و یسمی زوار الهند و هو من الطیور القواطع الی الناس تقطع البلاد البعیدة الیهم رغبة فی القرب منهم. قلت: یقال له بالفارسیة: پرستو.
3- جمع الحداة بالكسر: طائر من الجوارح، و العامّة تسمیه الحدیة. قیل: یقال له بالفارسیة: موش گیر.
4- جمع القطاة: طائر فی حجم الحمام قیل: طائر یقال له بالفارسیة: سنگ اشكنك.
5- الببغاء: طائر یسمع كلام الناس فیعیده، قال الدمیری: هو المسمی بالدرة، و هو الطوطی.
6- الكشف و البیان مخطوط.

الْمَاءِ وَ فَتَحَتْ فَاهَا فَخَرَجَتِ النَّمْلَةُ مِنْ فِیهَا وَ لَمْ یَكُنْ مَعَهَا الْحَبَّةُ فَدَعَاهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ سَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا وَ شَأْنِهَا وَ أَیْنَ كَانَتْ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ فِی قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ الَّذِی تَرَاهُ صَخْرَةً مُجَوَّفَةً وَ فِی جَوْفِهَا دُودَةٌ عَمْیَاءُ وَ قَدْ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَی هُنَالِكَ فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا لِطَلَبِ مَعَاشِهَا وَ قَدْ وَكَّلَنِیَ اللَّهُ بِرِزْقِهَا فَأَنَا أَحْمِلُ رِزْقَهَا وَ سَخَّرَ اللَّهُ هَذِهِ الضِّفْدِعَةَ لِتَحْمِلَنِی فَلَا یَضُرُّنِی الْمَاءُ فِی فِیهَا وَ تَضَعُ فَاهَا عَلَی ثَقْبِ الصَّخْرَةِ وَ أَدْخُلُهَا ثُمَّ إِذَا أَوْصَلْتُ رِزْقَهَا إِلَیْهَا خَرَجْتُ مِنْ ثَقْبِ الصَّخْرَةِ إِلَی فِیهَا فَتُخْرِجُنِی مِنَ الْبَحْرِ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ هَلْ سَمِعْتِ لَهَا مِنْ تَسْبِیحَةٍ قَالَتْ نَعَمْ تَقُولُ یَا مَنْ لَا یَنْسَانِی فِی جَوْفِ ِ هَذِهِ الصَّخْرَة تَحْتَ هَذِهِ اللُّجَّةِ بِرِزْقِكَ لَا تَنْسَ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِینَ بِرَحْمَتِكَ (1).

باب 8 تفسیر قوله تعالی فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ و قوله عز و جل وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَناب

الآیات؛

ص: «وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ بِالْعَشِیِّ الصَّافِناتُ الْجِیادُ* فَقالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ* رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ *وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ»(30-34)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: نِعْمَ الْعَبْدُ أی سلیمان إِنَّهُ أَوَّابٌ أی رجاع إلی اللّٰه تعالی فی أموره ابتغاء مرضاته إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ متعلق بنعم أو بِاذْكُرِ المقدر بِالْعَشِیِّ أی بعد زوال الشمس حُبَّ الْخَیْرِ أی الخیل أو المال عَنْ ذِكْرِ رَبِّی أی آثرته علی ذكر ربی (2).

«1»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِلَی قَوْلِهِ حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ وَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ یُحِبُّ الْخَیْلَ

ص: 98


1- دعوات الراوندیّ مخطوط.
2- مجمع البیان 8: 374 و 375.

وَ یَسْتَعْرِضُهَا فَعُرِضَتْ عَلَیْهِ یَوْماً إِلَی أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَاغْتَمَّ مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَرُدَّ عَلَیْهِ الشَّمْسَ حَتَّی یُصَلِّیَ الْعَصْرَ فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَیْهِ الشَّمْسَ إِلَی وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّی صَلَّاهَا ثُمَّ دَعَا بِالْخَیْلِ فَأَقْبَلَ یَضْرِبُ أَعْنَاقَهَا وَ سُوقَهَا بِالسَّیْفِ حَتَّی قَتَلَهَا كُلَّهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ وَ هُوَ أَنَّ سُلَیْمَانَ لَمَّا تَزَوَّجَ بِالْیَمَانِیَّةِ وُلِدَ مِنْهَا ابْنٌ وَ كَانَ یُحِبُّهُ فَنَزَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَی سُلَیْمَانَ وَ كَانَ كَثِیراً مَا یَنْزِلُ عَلَیْهِ فَنَظَرَ إِلَی ابْنِهِ نَظَراً حَدِیداً فَفَزِعَ سُلَیْمَانُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِأُمِّهِ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ نَظَرَ إِلَی ابْنِی نَظْرَةً أَظُنُّهُ قَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ هَلْ لَكُمْ حِیلَةٌ فِی أَنْ تُفِرُّوهُ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ تَحْتَ عَیْنِ الشَّمْسِ فِی الْمَشْرِقِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یُخْرِجُ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ فِی الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ (1)فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یَبْلُغُ ذَلِكَ فَقَالَ آخَرُ أَنَا أَضَعُهُ فِی السَّحَابِ وَ الْهَوَاءِ (2)فَرَفَعَهُ وَ وَضَعَهُ فِی السَّحَابِ فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَهُ فِی السَّحَابِ فَوَقَعَ مَیِّتاً عَلَی كُرْسِیِّ سُلَیْمَانَ فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فَحَكَی اللَّهُ ذَلِكَ فِی قَوْلِهِ وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ فَقَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ وَ الرُّخَاءُ اللَّیِّنَةُ وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أَیْ فِی الْبَحْرِ وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ یَعْنِی مُقَیَّدِینَ قَدْ شُدَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ هُمُ الَّذِینَ عَصَوْا سُلَیْمَانَ علیه السلام حِینَ سَلَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَهُ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَ سُلَیْمَانَ علیه السلام فِی خَاتَمِهِ فَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ حَضَرَتْهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ جَمِیعُ الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ وَ أَطَاعُوهُ فَیَقْعُدُ عَلَی كُرْسِیِّهِ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِیحاً تَحْمِلُ الْكُرْسِیَّ بِجَمِیعِ مَا عَلَیْهِ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ الطَّیْرِ وَ الْإِنْسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْخَیْلِ فَتَمُرُّ بِهَا فِی الْهَوَاءِ إِلَی مَوْضِعٍ یُرِیدُهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَ كَانَ یُصَلِّی الْغَدَاةَ

ص: 99


1- فی المصدر: فی الأرض السابعة.
2- فی المصدر: فی السحاب فی الهواء.

بِالشَّامِ وَ الظُّهْرَ بِفَارِسَ وَ كَانَ یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ أَنْ یَحْمِلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ فَارِسَ یَبِیعُونَهَا بِالشَّامِ فَلَمَّا مَسَحَ أَعْنَاقَ الْخَیْلِ وَ سُوقَهَا بِالسَّیْفِ سَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ دَفَعَ خَاتَمَهُ إِلَی بَعْضِ مَنْ یَخْدُمُهُ فَجَاءَ شَیْطَانٌ فَخَدَعَ خَادِمَهُ وَ أَخَذَ مِنْ یَدِهِ الْخَاتَمَ وَ لَبِسَهُ فَخَرَّتْ عَلَیْهِ (1)الشَّیَاطِینُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوَحْشُ وَ خَرَجَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فِی طَلَبِ الْخَاتَمِ فَلَمْ یَجِدْهُ فَهَرَبَ وَ مَرَّ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ أَنْكَرَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ الشَّیْطَانَ الَّذِی تَصَوَّرَ فِی صُورَةِ سُلَیْمَانَ وَ صَارُوا إِلَی أُمِّهِ فَقَالُوا لَهَا أَ تُنْكِرِینَ مِنْ سُلَیْمَانَ شَیْئاً فَقَالَتْ كَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِی وَ هُوَ الْیَوْمَ یَعْصِینِی (2)وَ صَارُوا إِلَی جَوَارِیهِ وَ نِسَائِهِ وَ قَالُوا أَ تُنْكِرْنَ مِنْ سُلَیْمَانَ شَیْئاً قُلْنَ لَمْ یَكُنْ یَأْتِینَا فِی الْحَیْضِ وَ هُوَ یَأْتِینَا فِی الْحَیْضِ فَلَمَّا خَافَ الشَّیْطَانُ أَنْ یَفْطُنُوا بِهِ أَلْقَی الْخَاتَمَ فِی الْبَحْرِ فَبَعَثَ اللَّهُ سَمَكَةً فَالْتَقَمَتْهُ وَ هَرَبَ الشَّیْطَانُ فَبَقُوا بَنُو إِسْرَائِیلَ یَطْلُبُونَ سُلَیْمَانَ علیه السلام أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَمُرُّ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ تَائِباً إِلَی اللَّهِ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً مَرَّ بِصَیَّادٍ یَصِیدُ السَّمَكَ فَقَالَ لَهُ أُعِینُكَ عَلَی أَنْ تُعْطِیَنِی مِنِ السَّمَكِ شَیْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَلَمَّا اصْطَادَ دَفَعَ إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام سَمَكَةً فَأَخَذَهَا فَشَقَّ بَطْنَهَا وَ ذَهَبَ یَغْسِلُهَا فَوَجَدَ الْخَاتَمَ فِی بَطْنِهَا فَلَبِسَهُ وَ حَوَتْ (3)عَلَیْهِ الشَّیَاطِینُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ رَجَعَ إِلَی مَا كَانَ وَ طَلَبَ ذَلِكَ الشَّیْطَانَ وَ جُنُودَهُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَقَیَّدَهُمْ وَ حَبَسَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الْمَاءِ وَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الصَّخْرِ بِأَسَامِی اللَّهِ فَهُمْ مَحْبُوسُونَ مُعَذَّبُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ وَ لَمَّا رَجَعَ سُلَیْمَانُ إِلَی مُلْكِهِ قَالَ لِآصَفَ بْنِ بَرْخِیَا وَ كَانَ آصَفُ كَاتِبَ سُلَیْمَانَ وَ هُوَ الَّذِی كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ قَدْ عَذَرْتُ النَّاسَ بِجَهَالَتِهِمْ فَكَیْفَ أَعْذِرُكَ فَقَالَ لَا تَعْذِرُنِی فَلَقَدْ عَرَفْتُ الْحُوتَ الَّذِی أَخَذَ خَاتَمَكَ (4)وَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ عَمَّهُ وَ خَالَهُ وَ لَقَدْ قَالَ لِی اكْتُبْ لِی فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَلَمِی لَا یَجْرِی بِالْجَوْرِ فَقَالَ اجْلِسْ وَ لَا تَكْتُبْ فَكُنْتُ أَجْلِسُ وَ لَا أَكْتُبُ شَیْئاً وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِی عَنْكَ یَا سُلَیْمَانُ صِرْتَ تُحِبُّ الْهُدْهُدَ وَ هُوَ أَخَسُ

ص: 100


1- فی نسخة: فحوت، و فی أخری: فحشرت.
2- فی المصدر: و هذا الیوم یبغضنی.
3- فی المصدر: فخرت علیه.
4- فی المصدر: قد عرفت الجن الذی أخذ خاتمك. و هو الصحیح.

الطَّیْرِ مُنْتِناً (1)وَ أَخْبَثُهُ رِیحاً قَالَ إِنَّهُ یُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا الْأَصَمِّ فَقَالَ وَ كَیْفَ یُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا وَ إِنَّمَا یُوَارَی عَنْهُ الْفَخُّ بِكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ حَتَّی یَأْخُذُ بِعَقِبِهِ (2)فَقَالَ سُلَیْمَانُ قِفْ یَا وَقَّافُ إِنَّهُ إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ حَالَ دُونَ الْبَصَرِ(3).

بیان: قوله حتی یأخذ بعقبه أی یأخذ الفخ برجله و فی بعض النسخ بعنقه و فی بعضها رقبته أی یأخذ الفخ أو الصائد رقبته.

و قال الفیروزآبادی الوقاف المتأنی و المحجم عن القتال.

أقول: ما ذكره علی بن إبراهیم فی تأویل تلك الآیات كلها موافقة لروایات المخالفین و إنما أولها علماؤنا علی وجوه أخر

قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْفَقِیهِ، قَالَ زُرَارَةُ وَ الْفُضَیْلُ قُلْنَا لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ رَأَیْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ یَعْنِی كِتَاباً مَفْرُوضاً وَ لَیْسَ یَعْنِی وَقْتَ فَوْتِهَا إِنْ جَازَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ثُمَّ صَلَّاهَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةً مُؤَدَّاةً وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَهَلَكَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام حِینَ صَلَّاهَا بِغَیْرِ وَقْتِهَا وَ لَكِنَّهُ مَتَی ذَكَرَهَا صَلَّاهَا.

ثم قال رحمه اللّٰه إن الجهال من أهل الخلاف یزعمون أن سلیمان علیه السلام اشتغل ذات یوم بعرض الخیل حتی توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخیل و أمر بضرب سوقها و أعناقها و قال إنها شغلتنی عن ذكر ربی و لیس كما یقولون جل نبی اللّٰه سلیمان علیه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم یكن للخیل ذنب فیضرب سوقها و أعناقها لأنها لم تعرض نفسها علیه و لم تشغله و إنما عرضت علیه و هی بهائم غیر مكلفة

وَ الصَّحِیحُ فِی ذَلِكَ مَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام عُرِضَ عَلَیْهِ ذَاتَ یَوْمٍ بِالْعَشِیِّ الْخَیْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَیْهَا حَتَّی تَوارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجابِ فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَیَّ حَتَّی أُصَلِّیَ صَلَاتِی فِی وَقْتِهَا فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَطَفِقَ مَسْحَ سَاقَیْهِ وَ عُنُقِهِ وَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِینَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ

ص: 101


1- فی المصدر: و هو أخس الطیر منبتا.
2- فی نسخة: حتی یؤخذ بعنقه.
3- تفسیر القمّیّ: 565- 568.

لِلصَّلَاةِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ طَلَعَتِ النُّجُومُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَیْمانَ إِلَی قَوْلِهِ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ

و قد أخرجت هذا الحدیث مسندا فی كتاب الفوائد انتهی. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه الصَّافِناتُ الخیل الواقفة علی ثلاث قوائم الواضعة أطراف السنبك (2)الرابع علی الأرض الْجِیادُ السریعة المشی الواسعة الخطو قال مقاتل إنه ورث من أبیه ألف فرس و كان أبوه قد أصاب ذلك من العمالقة و قال الكلبی غزا سلیمان دمشق و نصیبین فأصاب ألف فرس و قال الحسن كانت خیلا خرجت من البحر لها أجنحة و قال المراد بالخیر الخیل هنا فإن العرب تسمی الخیل الخیر و قیل معناه حب المال و كان سلیمان علیه السلام قد صلی الصلاة الأولی و قعد علی كرسیه و الخیل تعرض علیه حتی غابت الشمس.

و فی روایات أصحابنا أنه فاته أول الوقت و قال الجبائی لم یفته الفرض و إنما فاته نفل كان یفعله آخر النهار لاشتغاله بالخیل و قیل إن ذكر ربی كنایة عن كتاب التوراة انتهی. (3)و لنذكر بعض ما ذكر من وجوه التأویل فی تلك الآیات قال السید المرتضی قدس اللّٰه روحه ظاهر الآیة لا یدل علی إضافة قبیح إلی النبی و الروایة إذا كانت مخالفة لما تقتضیه الأدلة لا یلتفت إلیها لو كانت قویة ظاهرة فكیف إذا كانت ضعیفة واهیة و الذی یدل علی ما ذكرناه علی سبیل الجملة أن اللّٰه تعالی ابتدأ الآیة بمدحه و الثناء علیه فقال نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ و لیس یجوز أن یثنی علیه بهذا الثناء ثم یتبعه من غیر فصل بإضافة القبیح إلیه و أنه تلهی بعرض الخیل عن فعل المفروض علیه من الصلاة و الذی یقتضیه الظاهر أن حبه للخیل و شغفه بها كان عن إذن ربه و أمره و بتذكیره إیاه لأن اللّٰه تعالی قد أمرنا بارتباط الخیل و إعدادها لمحاربة الأعداء فلا ینكر أن یكون سلیمان علیه السلام مأمورا بمثل ذلك انتهی. (4)

ص: 102


1- من لا یحضره الفقیه: 53.
2- السنبك: طرف الحافر.
3- مجمع البیان 8: 474- 475.
4- تنزیه الأنبیاء: 93.

ثم اعلم أنهم اختلفوا فی مرجع الضمیر فی قوله تَوارَتْ بِالْحِجابِ و قوله رُدُّوها عَلَیَّ إذ یجوز بحسب ظاهر اللفظ إرجاع الضمیرین إلی الشمس و إن لم یجر لها ذكر بقرینة المقام و لذكر ما له تعلق بها و هو العشی و إلی الخیل و الأول إلی الشمس و الثانی إلی الخیل و بالعكس فقیل بإرجاعهما جمیعا إلی الشمس كما مر فیما رواه الصدوق

وَ رَوَی الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ مَا بَلَغَكَ فِیهَا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ سَمِعْتُ كَعْباً یَقُولُ اشْتَغَلَ سُلَیْمَانُ بِعَرْضِ الْأَفْرَاسِ حَتَّی فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَالَ رُدُّوها عَلَیَّ یَعْنِی الْأَفْرَاسَ وَ كَانَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَأَمَرَ بِضَرْبِ سُوقِهَا وَ أَعْنَاقِهَا بِالسَّیْفِ فَقَتَلَهَا فَسَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ یَوْماً لِأَنَّهُ ظَلَمَ الْخَیْلَ بِقَتْلِهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَذَبَ كَعْبٌ لَكِنِ اشْتَغَلَ سُلَیْمَانُ بِعَرْضِ الْأَفْرَاسِ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَنَّهُ أَرَادَ جِهَادَ الْعَدُوِّ حَتَّی تَوارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجابِ فَقَالَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی لِلْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِالشَّمْسِ رُدُّوها عَلَیَّ فَرُدَّتْ فَصَلَّی الْعَصْرَ فِی وَقْتِهَا وَ إِنَّ أَنْبِیَاءَ اللَّهِ لَا یَظْلِمُونَ وَ لَا یَأْمُرُونَ بِالظُّلْمِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ(1).

و قیل بإرجاعهما معا إلی الخیل و فیه وجهان الأول أنه أمر بإجراء الخیل حتی غابت عن بصره فأمر بردها فمسح سوقها و أعناقها صیانة لها و إكراما لما رأی من حسنها فمن عادة من عرضت علیه الخیل أن یمر یده علی أعرافها و أعناقها و قوائمها و یمكن أن یكون الغرض من ذلك المسح بیان أن إكرامها و حفظها مما یرغب فیه لكونها من أعظم الأعوان علی دفع العدو أو أنه أراد أن یظهر أنه فی ضبط السیاسة و الملك یتصنع إلی حیث یباشر أكثر الأمور بنفسه أو أنه كان أعلم بأحوال الخیل و أمراضها و عیوبها فكان یمسحها و یمسح سوقها و أعناقها حتی یعلم هل فیها ما یدل علی المرض.

الثانی أن یكون المسح هاهنا هو الغسل فإن العرب تسمی الغسل مسحا فكأنه لما رأی حسنها أراد صیانتها و إكرامها فغسل قوائمها و أعناقها.

و قیل بإرجاع الأول إلی الشمس و الثانی إلی الخیل و هذا یحتمل وجوها الأول ما ذكره السید (2)رضی اللّٰه عنه أن المراد أنه عرقبها و مسح سوقها و

ص: 103


1- مجمع البیان 8: 475 مفاتیح الغیب 7: 136.
2- راجع تنزیه الأنبیاء: 94.

أعناقها بالسیف من حیث شغلته عن النافلة (1)و لم یكن ذلك علی سبیل العقوبة لها لكن حتی لا یتشاغل فی المستقبل بها عن الطاعات لأن للإنسان أن یذبح فرسه لأكل لحمه فكیف إذا انضاف إلی ذلك وجه آخر لحسنه. (2)و قد قیل إنه یجوز أن یكون لما كانت الخیل أعز ماله أراد أن یكفر عن تفریطه فی النافلة بذبحها و التصدق بلحمها علی المساكین قالوا فلما رأی حسن الخیل و راقته (3)و أعجبته أراد أن یتقرب إلی اللّٰه بالمعجب له الرائق فی عینه و یشهد بصحة هذا المذهب قوله تعالی لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ الثانی أنه مسح سوقها و أعناقها و جعلها مسبلة (4)فی سبیل اللّٰه.

الثالث أن یكون قوله حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ بیانا لغایة عرض الخیل و استعادته بها من غیر أن یكون فات عنه بسببها شی ء و إنما أمر بردها إكراما لها كما مر و علی هذا فقوله أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی یحتمل وجهین ذكرهما الرازی فی تفسیره. (5)الأول أن یضمن أحببت معنی فعل یتعدی بعن كأنه قیل أبنت حب الخیر عن ذكر ربی و هو التوراة لأن ارتباط الخیل كما أنه فی القرآن ممدوح فكذلك فی التوراة ممدوح.

الثانی أن الإنسان قد یحب شیئا و لكنه لا یحب أن یحبه كالمریض الذی یشتهی ما یضره فی مرضه و أما من أحب شیئا و أحب أن یحبه كان ذلك غایة المحبة فقوله أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ أی أحببت حبی لهذه الخیل ثم قال عَنْ ذِكْرِ رَبِّی بمعنی أن هذه المحبة الشدیدة إنما حصلت عن ذكر اللّٰه و أمره لا عن الشهوة و الهوی و أما الاحتمال الرابع فلم یقل به أحد و إن أمكن توجیهه ببعض الوجوه السابقة فإذا

ص: 104


1- فی المصدر: عن الطاعة.
2- فی المصدر: یحسنه.
3- الروقة فی الخیل: حسن الخلق یعجب الناظر.
4- من سبل المال: جعله فی سبیل اللّٰه و الخیر.
5- مفاتیح الغیب 7: 136.

أحطت خبرا بما حكیته لك علمت أنه یمكن تأویلها بوجوه كثیرة لا یتضمن شی ء منها إثبات ذنب له علیه السلام.

و أما قوله تعالی وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَیْمانَ فاختلف العلماء فی فتنته و زلته و الجسد الذی ألقی علی كرسیه علی أقوال.

الأول ما ذكره الرازی عن بعض رواة المخالفین أن سلیمان بلغه خبر مدینة فی البحر فخرج إلیها بجنوده تحمله الریح فأخذها و قتل ملكها و أخذ بنتا له اسمها جرادة من أحسن الناس وجها فاصطفاها لنفسه و أسلمت فأحبها و كانت تبكی علی أبیها فأمر سلیمان الشیطان فمثل لها صورة أبیها فكستها مثل كسوته و كانت تذهب إلی تلك الصورة بكرة و عشیا مع جواریها یسجدن له فأخبر آصف سلیمان بذلك فكسر الصورة و عاقب المرأة ثم خرج وحده إلی بلاده (1)و فرش الرماد و جلس علیه تائبا إلی اللّٰه تعالی و كانت له أم ولد یقال لها أمینة إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة وضع خاتمه عندها (2)فوضعه عندها یوما و أتاها الشیطان صاحب البحر علی صورة سلیمان و قال یا أمینة خاتمی فتختم به و جلس علی كرسی سلیمان فأتاه الطیر و الجن و الإنس و تغیرت هیئة سلیمان فأتی أمینة لطلب الخاتم فأنكرته فطردته فعرف أن الخطیئة قد أدركته فكان یدور علی البیوت و یتكفف (3)و إذا قال أنا سلیمان حثوا علیه التراب و سبوه ثم أخذ یخدم الصیادین (4)ینقل لهم السمك فیعطونه كل یوم سمكتین فمكث علی هذه الحالة أربعین یوما عدد ما عبد الوثن فی بیته فأنكر آصف و عظماء بنی إسرائیل حكم الشیطان و سأل آصف نساء سلیمان فقلن ما یدع امرأة منا فی دمها و لا یغتسل من جنابة و قیل كان نفذ (5)حكمه فی كل شی ء إلا فیهن ثم طار الشیطان و قذف الخاتم فی البحر فابتلعته سمكة و وقعت السمكة فی ید سلیمان فبقر بطنها فإذا هو بالخاتم فتختم به و وقع ساجدا لله و رجع

ص: 105


1- هكذا فی النسخ و فیه تصحیف و الصحیح كما فی المصدر: الی فلاة.
2- فی المصدر زیادة و هی: و كان ملكه فی خاتمه.
3- أی یمد كفه الیهم یستعطی!.
4- فی المصدر: السماكین. و هو أنسب بما بعده.
5- فی المصدر: و قیل: بل نفذ حكمه.

إلی ملكه و أخذ ذلك الشیطان فحبسها فی صخرة و ألقاها فی البحر فهؤلاء قالوا قوله وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً هو جلوس ذلك الشیطان علی كرسیه عقوبة له ثم قال و اعلم أن أهل التحقیق استبعدوا هذا الكلام من وجوه الأول أن الشیطان لو قدر علی أن یتشبه بالصورة و الخلقة بالأنبیاء فحینئذ لا یبقی اعتماد علی شی ء قطعا فلعل هؤلاء الذین رأوهم الناس فی صورة محمد و موسی و عیسی علیهم السلام ما كانوا أولئك بل كانوا شیاطین تشبهوا بهم فی الصورة (1)و معلوم أن ذلك یبطل الدین بالكلیة.

الثانی أن الشیطان لو قدر علی أن یعامل نبی اللّٰه تعالی بمثل هذه المعاملة لوجب أن یقدر علی مثلها مع جمیع العلماء و الزهاد و حینئذ وجب أن یقتلهم و یمزق تصانیفهم و یخرب دیارهم.

الثالث كیف یلیق بحكمة اللّٰه و إحسانه أن یسلط الشیطان علی أزواج سلیمان (2)و لا شك أنه قبیح.

الرابع لو قلنا إن سلیمان علیه السلام أذن لتلك المرأة فی عبادة تلك الصورة فهذا كفر منه و إن لم یأذن فیه فالذنب علی تلك المرأة فكیف یؤاخذ اللّٰه سلیمان علیه السلام بفعل لم یصدر عنه (3)و قال السید قدس اللّٰه روحه أما ما رواه القصاص الجهال فی هذا الباب فلیس مما یذهب علی عاقل بطلانه و أن مثله لا یجوز علی الأنبیاء علیهم السلام و أن النبوة لا تكون فی خاتم یسلبها الجنی و أن اللّٰه تعالی لا یمكن الجنی من التمثل بصورة النبی و لا غیر ذلك مما افتروا به علی النبی. (4)

أقول: ثم ذكر رحمه اللّٰه وجوها ذكر الطبرسی رحمة اللّٰه علیه مختصرا منها مع غیرها منها أن سلیمان علیه السلام قال یوما فی مجلسه لأطوفن اللیلة علی سبعین امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما یضرب بالسیف فی سبیل اللّٰه و لم یقل إن شاء اللّٰه فطاف

ص: 106


1- فی المصدر هنا زیادة و هی: لاجل الإغواء و الاضلال.
2- و كیف یجعله فقیرا حتّی یتكفف؟!.
3- مفاتیح الغیب 7: 136.
4- تنزیه الأنبیاء: 95.

علیهن فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق ولد

رَوَاهُ أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثُمَّ قَالَ فَوَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ فُرْسَاناً.

فالجسد الذی ألقی علی كرسیه كان هذا ثم أناب إلی اللّٰه تعالی و فرغ إلی الصلاة (1)و الدعاء علی وجه الانقطاع إلیه سبحانه و هذا لا یقتضی أنه وقع منه معصیة صغیرة و لا كبیرة لأنه علیه السلام و إن لم یستثن ذكره (2)لفظا فلا بد من أن یكون استثناه ضمیرا و اعتقادا إذ لو كان قاطعا للقول بذلك لكان مطلقا لما لا یأمن أن یكون كذبا إلا أنه لما لم یذكر لفظة الاستثناء عوتب علی ذلك من حیث ترك ما هو مندوب إلیه.

و منها ما روی أن الجن و الشیاطین لما ولد لسلیمان علیه السلام ابن قال بعضهم لبعض إن عاش له ولد لنلقین منه ما لقینا من أبیه من البلاء فأشفق علیه السلام منهم علیه فاسترضعه فی المزن و هو السحاب فلم یشعر إلا و قد وضع علی كرسیه میتا تنبیها علی أن الحذر لا ینفع عن القدر و إنما عوتب علیه السلام علی خوفه من الشیاطین عن الشعبی و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و منها أنه ولد له میت جسد بلا روح فألقی علی سریره عن الجبائی.

و منها أن الجسد المذكور هو جسد سلیمان لمرض امتحنه اللّٰه تعالی به و تقدیر الكلام و ألقیناه علی كرسیه جسدا لشدة المرض فیكون جسدا منصوبا علی الحال و العرب تقول فی الإنسان إذا كان ضعیفا هو جسد بلا روح و لحم علی وضم (3)ثُمَّ أَنابَ أی رجع إلی حال الصحة عن أبی مسلم و أما (4)ما ذكر عن ابن عباس أنه ألقی شیطان اسمه صخر علی كرسیه و كان ماردا عظیما لا یقوی علیه جمیع الشیاطین و كان نبی اللّٰه سلیمان لا یدخل الكنیف بخاتمه فجاء صخر فی صورة سلیمان حتی أخذ الخاتم من امرأة من نسائه و أقام أربعین یوما فی ملكه و سلیمان هارب و عن مجاهد أن شیطانا اسمه

ص: 107


1- فی نسخة و فی المصدر: فزع الی الصلاة. ای لجأ إلیها.
2- فی نسخة و فی المصدر: و ان لم یستثن ذلك.
3- الوضم: خشبة الجزار التی یقطع علیها اللحم.
4- جواب أما یأتی بعید هذا و هو قوله: فان جمیع ذلك اه.

آصف قال له سلیمان كیف تفتنون الناس قال أرنی خاتمك أخبرك بذلك فلما أعطاه إیاه نبذه فی البحر فذهب ملكه و قعد الشیطان علی كرسیه و منعه اللّٰه تعالی نساء سلیمان فلم یقربهن و كان سلیمان یستطعم فلا یطعم حتی أعطته امرأته یوما حوتا فشق بطنه فوجد خاتمه فیه فرد اللّٰه ملكه (1)و عن السدی أن اسم ذلك الشیطان خیفیق (2)و ما ذكر أن السبب فی ذلك أن اللّٰه سبحانه أمره أن لا یتزوج فی غیر بنی إسرائیل فتزوج من غیرهم و قیل بل السبب فیه أنه وطئ امرأة فی حال الحیض فسال منها الدم فوضع خاتمه و دخل الحمام فجاء الشیطان و أخذه و قیل تزوج امرأة مشركة و لم یستطع أن یكرهها علی الإسلام فعبدت الصنم فی داره أربعین یوما فابتلاه اللّٰه بحدیث الشیطان و الخاتم أربعین یوما و قیل احتجب ثلاثة أیام و لم ینظر فی أمر الناس فابتلی بذلك فإن جمیع (3)ذلك مما لا یعول علیه لأن النبوة لا تكون فی الخاتم و لا یجوز أن یسلبها اللّٰه النبی و لا أن یمكن الشیطان من التمثل بصورة النبی و القعود علی سریره و الحكم بین عباده و باللّٰه التوفیق (4).

ص: 108


1- فی المصدر: فرد اللّٰه علیه ملكه.
2- فی المصدر: حیقیق.
3- جواب لاما.
4- مجمع البیان 8: 475- 476.

باب 9 قصته علیه السلام مع بلقیس

الآیات؛

النمل: «وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ* فَمَكَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ* إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ *وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ* أَلَّا یَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ* اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ* قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ* اذْهَبْ بِكِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ *قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ* إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ *أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ* قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ* قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ* وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ *قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ* وَ إِنِّی مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ بِهَدِیَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ* فَلَمَّا جاءَ سُلَیْمانَ قالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ* ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ* قالَ یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ*قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ* قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما یَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ كَرِیمٌ* قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ* فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ

ص: 109

مِنْ قَبْلِها وَ كُنَّا مُسْلِمِینَ* وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِینَ* قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَ كَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِیرَ* قالَتْ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ»(20-44)

«1»-ختص، الإختصاص أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ فَضَالَةُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا زَادَ الْعَالِمُ عَلَی النَّظَرِ إِلَی مَا خَلْفَهُ وَ مَا بَیْنَ یَدَیْهِ مَدَّ بَصَرِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام ثُمَّ مَدَّ بِیَدِهِ فَإِذَا هُوَ مُمَثَّلٌ بَیْنَ یَدَیْهِ.

«2»-وَ ذَكَرَ عَلِیُّ بْنُ مَهْزِیَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مَا زَادَ صَاحِبُ سُلَیْمَانَ عَلَی أَنْ قَالَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ بَعَرْشِ صَاحِبَةِ سَبَإٍ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ كَیْفَ هَذَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّ أَبِی كَانَ یَقُولُ إِنَّ الْأَرْضَ طُوِیَتْ لَهُ إِذَا أَرَادَ طَوَاهَا.

«3»-فس، تفسیر القمی كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِذَا قَعَدَ عَلَی كُرْسِیِّهِ جَاءَتْ جَمِیعُ الطَّیْرِ الَّتِی سَخَّرَهَا اللَّهُ لِسُلَیْمَانَ فَتُظِلُّ الْكُرْسِیَّ وَ الْبِسَاطَ بِجَمِیعِ مَنْ عَلَیْهِ مِنَ الشَّمْسِ فَغَابَ عَنْهُ الْهُدْهُدُ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ فَوَقَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَوْضِعِهِ فِی حِجْرِ سُلَیْمَانَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ كَمَا حَكَی اللَّهُ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ إِلَی قَوْلِهِ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ أَیْ بِحُجَّةٍ قَوِیَّةٍ فَلَمْ یَمْكُثْ إِلَّا قَلِیلًا إِذْ جَاءَ الْهُدْهُدُ فَقَالَ لَهُ سُلَیْمَانُ أَیْنَ كُنْتَ قَالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ أَیْ بِخَبَرٍ صَحِیحٍ إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هَذَا مِمَّا لَفْظُهُ عَامٌّ وَ مَعْنَاهُ خَاصٌّ لِأَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ أَشْیَاءَ كَثِیرَةً مِنْهَا الذَّكَرُ وَ اللِّحْیَةُ ثُمَّ قَالَ وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ ثُمَّ قَالَ الْهُدْهُدُ أَلَّا یَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ أَیِ الْمَطَرَ وَ فِی الْأَرْضِ النَّبَاتَ (1)ثُمَّ قَالَ سُلَیْمَانُ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ إِلَی قَوْلِهِ ما ذا یَرْجِعُونَ فَقَالَ الْهُدْهُدُ إِنَّهَا فِی عَرْشٍ عَظِیمٍ أَیْ سَرِیرٍ فَقَالَ سُلَیْمَانُ أَلْقِ الْكِتَابَ عَلَی قُبَّتِهَا فَجَاءَ الْهُدْهُدُ فَأَلْقَی الْكِتَابَ فِی حِجْرِهَا فَارْتَاعَتْ مِنْ ذَلِكَ وَ جَمَعَتْ جُنُودَهَا وَ قَالَتْ لَهُمْ كَمَا حَكَی اللَّهُ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ

ص: 110


1- فی المصدر: ای النبات.

أَیْ مَخْتُومٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ أَیْ لَا تَتَكَبَّرُوا عَلَیَّ ثُمَّ قَالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ قالُوا لَهَا كَمَا حَكَی اللَّهُ نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ فَقَالَتْ لَهُمْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ ثُمَّ قَالَتْ إِنْ كَانَ هَذَا نَبِیّاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا یَدَّعِی فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُغْلَبُ وَ لَكِنْ سَأَبْعَثُ إِلَیْهِ بِهَدِیَّةٍ فَإِنْ كَانَ مَلِكاً یَمِیلُ إِلَی الدُّنْیَا قَبِلَهَا وَ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَیْنَا فَبَعَثَتْ إِلَیْهِ حُقّاً فِیهِ جَوْهَرَةٌ عَظِیمَةٌ وَ قَالَتْ لِلرَّسُولِ قُلْ لَهُ یَثْقُبُ هَذِهِ الْجَوْهَرَةَ بِلَا حَدِیدٍ وَ لَا نَارٍ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ فَأَمَرَ سُلَیْمَانُ علیه السلام بَعْضَ جُنُودِهِ مِنَ الدِّیدَانِ فَأَخَذَ خَیْطاً فِی فَمِهِ ثُمَّ ثَقَبَهَا وَ أَخْرَجَ الْخَیْطَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ قَالَ سُلَیْمَانُ لِرَسُولِهَا فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أَیْ لَا طَاقَةَ (1)وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ فَرَجَعَ إِلَیْهَا الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَ بِقُوَّةِ سُلَیْمَانَ فَعَلِمَتْ أَنَّهُ لَا مَحِیصَ لَهَا فَارْتَحَلَتْ وَ خَرَجَتْ (2)نَحْوَ سُلَیْمَانَ فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ سُلَیْمَانَ بِإِقْبَالِهَا نَحْوَهُ قَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ عَفَارِیتِ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ قَالَ سُلَیْمَانُ أُرِیدُ أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَدَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ فَخَرَجَ السَّرِیرُ مِنْ تَحْتِ كُرْسِیِّ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ سُلَیْمَانُ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أَیْ غَیِّرُوهُ نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ قَدْ أَمَرَ أَنْ یُتَّخَذَ لَهَا بَیْتٌ مِنْ قَوَارِیرَ وَ وَضَعَهُ عَلَی الْمَاءِ ثُمَّ قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ فَظَنَّتْ أَنَّهُ مَاءٌ فَرَفَعَتْ ثَوْبَهَا وَ أَبْدَتْ سَاقَیْهَا فَإِذَا عَلَیْهَا شَعْرٌ كَثِیرٌ فَقِیلَ لَهَا إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِیرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ

ص: 111


1- فی المصدر: لا طاقة لهم بها.
2- فی المصدر: فخرجت و ارتحلت.

فَتَزَوَّجَهَا سُلَیْمَانُ وَ هِیَ بِلْقِیسُ بِنْتُ الشَّرْحِ (1)الْجُبَیْرِیَّةُ وَ قَالَ سُلَیْمَانُ لِلشَّیَاطِینِ اتَّخِذُوا لَهَا شَیْئاً یُذْهِبُ هَذَا الشَّعْرَ عَنْهَا فَعَمِلُوا الْحَمَّامَاتِ وَ طَبَخُوا النُّورَةَ (2)فَالْحَمَّامَاتُ وَ النُّورَةُ مِمَّا اتَّخَذَتْهُ الشَّیَاطِینُ لِبِلْقِیسَ وَ كَذَا الْأَرْحِیَةُ الَّتِی تَدُورُ عَلَی الْمَاءِ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام مَعَ عِلْمِهِ مَعْرِفَةَ الْمَنْطِقِ بِكُلِّ لِسَانٍ وَ مَعْرِفَةَ اللُّغَاتِ وَ مَنْطِقِ الطَّیْرِ وَ الْبَهَائِمِ وَ السِّبَاعِ فَكَانَ إِذَا شَاهَدَ الْحُرُوبَ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِیَّةِ وَ إِذَا قَعَدَ لِعُمَّالِهِ وَ جُنُودِهِ وَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ تَكَلَّمَ بِالرُّومِیَّةِ فَإِذَا خَلَا مَعَ نِسَائِهِ (3)تَكَلَّمَ بِالسُّرْیَانِیَّةِ وَ النَّبَطِیَّةِ وَ إِذَا قَامَ فِی مِحْرَابِهِ لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ إِذَا جَلَسَ لِلْوُفُودِ وَ الْخُصَمَاءِ تَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِیَّةِ قَوْلُهُ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً یَقُولُ لَأَنْتِفَنَّ رِیشَهُ قَوْلُهُ أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَّ یَقُولُ لَا تَعْظُمُوا عَلَیَّ قَوْلُهُ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها یَقُولُ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهَا وَ قَوْلُ سُلَیْمَانَ لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ الَّذِی آتَانِی مِنَ الْمُلْكِ أَمْ أَكْفُرُ إِذَا رَأَیْتُ مَنْ هُوَ دُونِی (4)أَفْضَلَ مِنِّی عِلْماً فَعَزَمَ اللَّهُ لَهُ عَلَی الشُّكْرِ (5).

«4»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی زَاهِرٍ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَخِیهِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَرِثَ النَّبِیِّینَ كُلَّهُمْ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی نَفْسِهِ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْلَمُ مِنْهُ قَالَ قُلْتُ إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ صَدَقْتَ وَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام كَانَ یَفْهَمُ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْدِرُ عَلَی هَذِهِ الْمَنَازِلِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ لِلْهُدْهُدِ حِینَ فَقَدَهُ وَ شَكَّ فِی أَمْرِهِ فَقَالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ حِینَ فَقَدَهُ فَغَضِبَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ وَ إِنَّمَا غَضِبَ

ص: 112


1- فی نسخة: الشراحیل، و فی أخری: الشرجیل. و فی العرائس: بنت البشرخ و هو الهذهاذ و فی المحبر و الطبریّ: بنت الیشرح، و فی الكامل: ابنة أنیشرح و هو الهدهاد، ثمّ ذكروا نسبها و فیه اختلاف یطول ذكره.
2- فی نسخة: و طبخوا النورة و الزرنیخ.
3- فی المصدر: فاذا خلا بنسائه.
4- فی نسخة: إذا رأیت من هو أدون.
5- تفسیر القمّیّ: 476- 478.

لِأَنَّهُ كَانَ یَدُلُّهُ عَلَی الْمَاءِ فَهَذَا وَ هُوَ طَائِرٌ قَدْ أُعْطِیَ مَا لَمْ یُعْطَ سُلَیْمَانُ وَ قَدْ كَانَتِ الرِّیحُ وَ النَّمْلُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ الْمَرَدَةُ (1)لَهُ طَائِعِینَ وَ لَمْ یَكُنْ یَعْرِفُ الْمَاءَ تَحْتَ الْهَوَاءِ وَ كَانَ الطَّیْرُ یَعْرِفُهُ وَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُیِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتی وَ قَدْ وَرِثْنَا نَحْنُ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِی فِیهِ مَا تُسَیَّرُ بِهِ الْجِبَالُ وَ تُقَطَّعُ بِهِ الْبُلْدَانُ وَ تُحْیَا بِهِ الْمَوْتَی وَ نَحْنُ نَعْرِفُ الْمَاءَ تَحْتَ الْهَوَاءِ وَ إِنَّ فِی كِتَابِ اللَّهِ لَآیَاتٍ مَا یُرَادُ بِهَا أَمْرٌ إِلَّا أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ بِهِ الْخَبَرَ (2).

بیان: تحت الهواء لعل المراد منه تحت الأرض كما سیأتی فإن الأرض أیضا تحت الهواء أو المراد معرفته حین كونهم علی البساط فی الهواء.

«5»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی وَ غَیْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ شُرَیْسٍ الْوَابِشِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَرِیرِ بِلْقِیسَ حَتَّی تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ وَ نَحْنُ عِنْدَنَا مِنَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اسْتَأْثَرَ (3)بِهِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ عِنْدَهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ(4).

«6»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً كَانَ عِنْدَ آصَفَ حَرْفٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَانْخَرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَبَإٍ فَتَنَاوَلَ عَرْشَ بِلْقِیسَ حَتَّی صَیَّرَهُ إِلَی سُلَیْمَانَ ثُمَّ انْبَسَطَتِ الْأَرْضُ فِی أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ(5).

ص: 113


1- فی نسخة من المصدر: و الشیاطین المردة.
2- أصول الكافی 1: 226.
3- استأثر بالشی ء علی الغیر: استبد به و خص به نفسه.
4- أصول الكافی 1: 230.
5- أصول الكافی 1: 230.

«7»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ سَعْدٍ أَبِی عُمَرَ الْجُلَّابِ (1)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَرِیرِ بِلْقِیسَ ثُمَّ تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ وَ عِنْدَنَا نَحْنُ مِنَ الِاسْمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی اسْتَأْثَرَ بِهِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ الْمَكْتُوبِ عِنْدَهُ (2).

«8»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ الْخَلِیجِیِّ (3)عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ سَعْدٍ أَبِی عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ عَلَی اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ كَاتِبِ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ كَانَ یُوحَی إِلَیْهِ (4)حَرْفٌ وَاحِدٌ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ (5)فَتَكَلَّمَ فَانْخَرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ حَتَّی الْتَفَّتْ فَتَنَاوَلَ السَّرِیرَ وَ إِنَّ عِنْدَنَا مِنَ الِاسْمِ أَحَداً وَ سَبْعِینَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ عِنْدَ اللَّهِ فِی غَیْبِهِ (6).

أقول: قد أوردنا بعض الأخبار فی أبواب الإمامة و بعضها فی أبواب التوحید.

«9»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ ضُرَیْسٍ (7)الْوَابِشِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَوْلُ الْعَالِمِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ قَالَ فَقَالَ یَا جَابِرُ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ اسْمَهُ الْأَعْظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً فَكَانَ عِنْدَ الْعَالِمِ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَانْخَسَفَتِ الْأَرْضُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ السَّرِیرِ

ص: 114


1- حكی عن رجال أنّه سعد بن أبی عمرو الجلاب، و عن نسخة: سعد بن أبی عمر الجلاب و عن الفقیه: سعد أبی عمرو الجلاب، و فی البصائر: عن سعدان عن ابی عمر الجلاب، و لعله مصحف.
2- بصائر الدرجات: 57.
3- هكذا فی نسخ الكتاب و فی المصدر و هو وهم، و صحیحه «الخلنجی» بالنون علی ما فی فهرست النجاشیّ و الشیخ و رجاله، نسبة الی الخلنج، و هو كسمند: شجر فارسی معرب یتخذ من خشبته الأوانی أو كل جفنة و صحفة و آنیة صنعت من خشب ذی طرائق و أساریع موشاة، علی ما حكی عن اللسان فكان الرجل كان یبیع ذلك.
4- فی المصدر: و كان یؤمی إلیه.
5- لعله علی التشبیه.
6- بصائر الدرجات: 57.
7- فی نسخة: شریس الوابشی. و كلاهما كزبیر.

حَتَّی الْتَفَّتِ الْقِطْعَتَانِ (1)وَ حُوِّلَ مِنْ هَذِهِ عَلَی هَذِهِ وَ عِنْدَنَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً وَ حَرْفٌ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ الْمَكْنُونِ عِنْدَهُ (2).

«10»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاءَ بِالنُّورَةِ فَأَخَذَ مِنَ النُّورَةِ بِإِصْبَعِهِ فَشَمَّهُ وَ جَعَلَهُ عَلَی طَرَفِ أَنْفِهِ وَ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ كَمَا أَمَرَنَا بِالنُّورَةِ لَمْ تُحْرِقْهُ النُّورَةُ (3).

«11»-مل، كامل الزیارات أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ سُلَیْمَانَ تَكَلَّمَ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَخُسِفَ مَا بَیْنَ سَرِیرِ سُلَیْمَانَ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ مِنْ سُهُولَةِ الْأَرْضِ وَ حُزُونَتِهَا حَتَّی الْتَقَتِ الْقِطْعَتَانِ فاجْتَرَّ الْعَرْشَ قَالَ سُلَیْمَانُ یُخَیَّلَ إِلَیَّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ سَرِیرِی قَالَ وَ دُحِیَتْ فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ (4).

بیان: ظاهر أكثر تلك الأخبار أن الأرض التی كانت بینه و بین السریر انخسفت و تحركت الأرض التی كان السریر علیها حتی أحضرته عنده فإن قیل كیف انخسفت الأبنیة التی كانت علیها قلنا یحتمل أن تكون تلك الأبنیة تحركت بأمره تعالی یمینا و شمالا و كذا ما علیها من الحیوانات و الأشجار و غیرها و یمكن أن یكون حركة السریر من تحت الأرض بأن غار فی الأرض و طویت و تكاثفت الطبقة التحتانیة حتی خرج من تحت سریره ثم دحیت تلك الطبقة من تحت الأرض.

«12»-ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَا أَبَانُ كَیْفَ تُنْكِرُ النَّاسُ قَوْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قَالَ لَوْ شِئْتُ لَرَفَعْتُ رِجْلِی هَذِهِ فَضَرَبْتُ بِهَا صَدْرَ ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِالشَّامِ فَنَكَسْتُهُ عَنْ سَرِیرِهِ وَ لَا یُنْكِرُونَ تَنَاوُلَ آصَفَ وَصِیِّ سُلَیْمَانَ عَرْشَ بِلْقِیسَ وَ إِتْیَانَهُ سُلَیْمَانَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْهِ طَرْفُهُ أَ لَیْسَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ الْأَنْبِیَاءِ وَ وَصِیُّهُ أَفْضَلَ الْأَوْصِیَاءِ أَ فَلَا

ص: 115


1- هكذا فی المصدر و فی نسخ من الكتاب، و فی نسختین: التقت القطعتان.
2- بصائر الدرجات: 57.
3- فروع الكافی 2: 221.
4- كامل الزیارة: 59.

جَعَلُوهُ كَوَصِیِّ سُلَیْمَانَ علیه السلام حَكَمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّنَا وَ أَنْكَرَ فَضْلَنَا (1).

أقول: قال الشیخ أمین الدین الطبرسی برد اللّٰه مضجعه فی قوله تعالی وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ أی طلبه عند غیبته فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أی ما للهدهد لا أراه و اختلف فی سبب تفقده فقیل إنه احتاج إلیه فی سفره لیدله علی الماء یقال إنه یری الماء فی بطن الأرض كما نراه فی القارورة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ تَفَقَّدَ سُلَیْمَانُ الْهُدْهُدَ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ قَالَ لِأَنَّ الْهُدْهُدَ یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ كَمَا یَرَی أَحَدُكُمُ الدُّهْنَ فِی الْقَارُورَةِ فَنَظَرَ أَبُو حَنِیفَةَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ ضَحِكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یُضْحِكُكَ قَالَ ظَفِرْتُ بِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ الَّذِی یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ لَا یَرَی الْفَخَّ فِی التُّرَابِ حَتَّی تَأْخُذَ بِعُنُقِهِ (2)فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا نُعْمَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ الْقَدَرُ أَغْشَی الْبَصَرَ.

و قیل إنما تفقده لإخلاله بنوبته عن وهب و قیل كانت الطیور تظله من الشمس فلما أخل الهدهد بمكانه بان بطلوع الشمس علیه أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ معناه أ تأخر عصیانا أم غاب لعذر و حاجة قال المبرد لما تفقد سلیمان الطیر و لم یر الهدهد فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ علی تقدیر أنه مع جنوده و هو لا یراه ثم أدركه الشك فشك فی غیبته عن ذلك الجمع بحیث لم یره فقال أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ أی بل أ كان من الغائبین كأنه ترك الكلام الأول و استفهم عن حاله و غیبته ثم أوعده علی غیبته فقال لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أی بنتف ریشه و إلقائه فی الشمس عن ابن عباس و قتادة و مجاهد و قیل بأن أجعله بین أضداده و كما صح نطق الطیر و تكلیفه فی زمانه معجزة له جازت معاتبته علی ما وقع منه من تقصیر فإنه كان مأمورا بطاعته فاستحق العقاب علی غیبته أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أو لأقطعن (3)حلقه عقوبة له علی عصیانه أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ أی بحجة واضحة تكون عذرا له فی الغیبة فَمَكَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ أی فلم یلبث سلیمان إلا زمانا یسیرا حتی جاء الهدهد و قیل معناه فلبث الهدهد فی غیبته قلیلا ثم رجع و علی هذا

ص: 116


1- الاختصاص مخطوط.
2- فی المصدر: حتی یؤخذ بعنقه.
3- فی المصدر: أی لاقطعن.

فیجوز أن یكون التقدیر فمكث فی مكان غیر بعید قال ابن عباس فأتاه الهدهد بحجة فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ أی اطلعت علی ما لم تطلع علیه وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ أی بخبر صادق و سبأ مدینة بأرض الیمن عن قتادة و قیل إن اللّٰه بعث إلی سبإ اثنی عشر نبیا عن السدی.

وَ رَوَی عَلْقَمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ سَبَإٍ فَقَالَ هُوَ رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَیَامَنَ (1)مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَ تَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فَالَّذِینَ تَشَاءَمُوا لَخْمٌ وَ جُذَامُ وَ غَسَّانُ وَ عَامِلَةُ وَ الَّذِینَ تَیَامَنُوا كِنْدَةُ وَ الْأَشْعَرُونَ وَ الْأَزْدُ وَ حِمْیَرٌ وَ مَذْحِجٌ وَ أَنْمَارٌ وَ مِنَ الْأَنْمَارِ خَثْعَمٌ وَ بَجِیلَةُ.

إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ أی تتصرف فیهم بحیث لا یعترض علیها أحد وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ و هذا إخبار عن سعة ملكها أی من كل شی ء من الأموال و ما یحتاج إلیه الملوك من زینة الدنیا قال الحسن و هی بلقیس بنت شراحیل ملكة سبإ و قیل شرحیل (2)ولدها أربعون ملكا آخرهم أبوها قال قتادة و كان أولو مشورتها ثلاثمائة و اثنی عشر قبیلا كل قبیل (3)منهم تحت رایته ألف مقاتل وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ أی سریر أعظم من سریرك و كان مقدمه من ذهب مرصع بالیاقوت الأحمر و الزمرد الأخضر و مؤخره من فضة مكللة (4)بألوان الجواهر و علیه سبعة أبیات علی كل بیت باب مغلق و عن ابن عباس قال كان عرش بلقیس ثلاثین ذراعا فی ثلاثین ذراعا و طوله فی الهواء ثلاثون ذراعا و قال أبو مسلم المراد بالعرش الملك (5)وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ أی عبادتهم للشمس من دون اللّٰه فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ أی صرفهم عن سبیل الحق فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ أَلَّا یَسْجُدُوا قرأ أبو جعفر و الكسائی و رویس عن یعقوب ألا یسجدوا خفیفة اللام و الباقون بالتشدید فعلی الأول إنما هو علی معنی الأمر بالسجود و دخلت الیاء للتنبیه أو علی تقدیر ألا یا قوم اسجدوا لله و قیل إنه أمر من اللّٰه تعالی لجمیع

ص: 117


1- یمن و یأمن لقومه و علی قومه: كان مباركا علیهم.
2- فی المصدر: شرحبیل.
3- الصحیح كما فی المصدر «ثلاثمائة و اثنی عشر قیلا كل قیل اه» و القیل بالفتح: الرئیس.
4- فی المصدر: مكلل.
5- ذلك المعنی لا یناسب قوله تعالی: «أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها».

خلقه بالسجود له و قیل إنه من كلام الهدهد قاله لقوم بلقیس حین وجدهم یسجدون لغیر اللّٰه أو قاله لسلیمان عند عوده إلیه استنكارا لما وجدهم علیه و القراءة بالتشدید علی معنی زین لهم الشیطان ضلالتهم لئلا یسجدوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الخب ء المخبوء و هو ما أحاط به غیره حتی منع من إدراكه و ما یوجده اللّٰه فیخرجه من العدم إلی الوجود یكون بهذه المنزلة و قیل الخب ء الغیب و قیل إن خب ء السماوات المطر و خب ء الأرض النبات و الأشجار وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ أی یعلم السر و العلانیة اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ من كلام الهدهد أو ابتداء إخبار من اللّٰه تعالی (1)فلما سمع سلیمان ما اعتذر به الهدهد فی تأخره قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ ثم كتب سلیمان علیه السلام كتابا و ختمه بخاتمه و دفعه إلیه فذاك قوله اذْهَبْ بِكِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ یعنی إلی أهل سبإ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ أی استتر منهم قریبا بعد إلقاء الكتاب إلیهم فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ أی یرجع بعضهم إلی بعض من القول فمضی الهدهد بالكتاب فألقاه إلیهم فلما رأته بلقیس قالَتْ لقومها یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أی أیها الأشراف إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ قال قتادة أتاها الهدهد و هی نائمة مستلقیة علی قفاها فألقی الكتاب علی نحرها فقرأت الكتاب و قیل كانت لها كوة مستقبلة للشمس تقع الشمس عند ما تطلع فیها فإذا نظرت إلیها سجدت فجاء الهدهد إلی الكوة فسدها بجناحه فارتفعت الشمس و لم تعلم فقامت تنظر فرمی الكتاب إلیها عن وهب و ابن زید فلما أخذت الكتاب جمعت الأشراف و هم ثلاثمائة و اثنا عشر قبیلا (2)ثم قالت لهم إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ سمته كریما لأنه كان مختوما عن ابن عباس و یؤیده الحدیث إكرام الكتاب ختمه و قیل وصفته بالكریم لأنه صدره ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ و قیل لحسن خطه و جودة لفظه و بیانه و قیل لأنه كان ممن یملك الإنس و الجن و الطیر و قد كانت سمعت بخبر سلیمان فسمته كریما لأنه من كریم رفیع الملك عظیم الجاه إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ معناه أن الكتاب من سلیمان و أن المكتوب فیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَلَّا

ص: 118


1- فی المصدر: هاهنا تمام الحكایة لما قاله الهدهد، و یحتمل أن یكون ابتداء إخبار من اللّٰه تعالی.
2- فی المصدر: قیلا.

تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ فإن هذا القدر جملة ما فی الكتاب یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی أی أشیروا علی بالصواب ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّی تَشْهَدُونِ أی ما كنت ممضیة أمرا حتی تحضرون (1)و هذا ملاطفة منها لقومها قالُوا لها فی الجواب نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ أی أصحاب قوة و قدرة و أهل عدد وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ أی و أصحاب شجاعة شدیدة وَ الْأَمْرُ إِلَیْكِ أی إن الأمر مفوض إلیك فی القتال و تركه فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ أی ما الذی تأمریننا به لنمتثله فإن أمرت بالصلح صالحنا و إن أمرت بالقتال قاتلنا قالَتْ مجیبة لهم عن التعریض بالقتال إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوها أی إذا دخلوها عنوة عن قتال و غلبة أهلكوها و خربوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً أی أهانوا أشرافها و كبراءها كی یستقیم لهم الأمر و المعنی أنها حذرتهم مسیر سلیمان إلیهم و دخوله بلادهم و انتهی الخبر عنها و صدقها اللّٰه فیما قالت فقال وَ كَذلِكَ أی و كما قالت هی یَفْعَلُونَ و قیل إن الكلام متصل بعضه ببعض وَ كَذلِكَ یَفْعَلُونَ من قولها وَ إِنِّی مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ أی إلی سلیمان علیه السلام و قومه بِهَدِیَّةٍ أصانعه بذلك عن ملكی فَناظِرَةٌ أی منتظرة بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ بقبول أم رد و إنما فعلت ذلك لأنها عرفت عادة الملوك فی حسن موقع الهدایا عندهم و كان غرضها أن یتبین لها بذلك أنه ملك أو نبی فإن قبل الهدیة تبین أنه ملك و عندها ما یرضیه و إن ردها تبین أنه نبی.

و اختلف فی الهدیة فقیل أهدت إلیه وصفاء و وصائف (2)ألبستهم لباسا واحدا حتی لا یعرف ذكر من أنثی عن ابن عباس و قیل أهدت مائتی غلام و مائتی جاریة ألبست الغلمان لباس الجواری و ألبست الجواری لباس الغلمان عن مجاهد و قیل أهدت له صفائح الذهب فی أوعیة الدیباج فلما بلغ ذلك سلیمان علیه السلام أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فألقی فی الطریق فلما جاءوا رأوه ملقی فی الطریق فی كل مكان فلما رأوا ذلك صغر فی أعینهم ما جاءوا به عن ثابت البنانی و قیل إنها عمدت

ص: 119


1- فی المصدر هنا زیادة و هی: ترید: الا بحضرتكم و مشورتكم، و هذا ملاطفة منها لقومها فی الاستشارة منهم لما تعمل علیه.
2- و صفاء جمع الوصیف: الغلام دون المراهق. و وصائف جمع الوصیفة مؤنث الوصیف.

إلی خمسمائة غلام و خمسمائة جاریة فألبست الجواری الأقبیة و المناطق (1)و ألبست الغلمان فی سواعدهم أساور من ذهب و فی أعناقهم أطواقا من ذهب و فی آذانهم أقراطا و شنوفا (2)مرصعات بأنواع الجواهر و حملت الجواری علی خمسمائة رمكة و الغلمان علی خمسمائة برذون (3)علی كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر و بعثت إلیه خمسمائة لبنة من ذهب و خمسمائة لبنة من فضة و تاجا مكللا بالدر و الیاقوت المرتفع و عمدت إلی حقة فجعلت فیها درة یتیمة غیر مثقوبة و خرزة جزعیة مثقوبة معوجة الثقب و دعت رجلا من أشراف قومها اسمه المنذر بن عمرو و ضمت إلیه رجالا من قومها أصحاب رأی و عقل و كتبت إلیه كتابا بنسخة الهدیة قالت فیها إن كنت نبیا فمیز بین الوصفاء و الوصائف و أخبر بما فی الحقة قبل أن تفتحها و اثقب الدرة ثقبا مستویا و أدخل الخرزة خیطا من غیر علاج إنس و لا جن و قالت للرسول انظر إلیه إذا دخلت علیه فإن نظر إلیك نظر غضب فاعلم أنه ملك فلا یهولنك أمره فأنا أعز منه و إن نظر إلیك نظر لطف فاعلم أنه نبی مرسل. فانطلق الرسول بالهدایا و أقبل الهدهد مسرعا إلی سلیمان فأخبره الخبر فأمر سلیمان الجن أن یضربوا لبنات الذهب و لبنات الفضة ففعلوا ثم أمرهم أن یبسطوا من موضعه الذی هو فیه إلی بضع فراسخ میدانا واحدا بلبنات الذهب و الفضة و أن یجعلوا حول المیدان حائطا شرفها من الذهب و الفضة ففعلوا ثم قال للجن علی بأولادكم فاجتمع خلق كثیر فأقامهم عن یمین المیدان و یساره ثم قعد سلیمان علیه السلام فی مجلسه علی سریره و وضع له أربعة آلاف كرسی عن یمینه و مثلها عن یساره و أمر الشیاطین أن یصطفوا صفوفا فراسخ و أمر الإنس فاصطفوا فراسخ و أمر الوحش و السباع و الهوام و الطیر فاصطفوا فراسخ عن یمینه و یساره فلما دنا القوم من المیدان و نظروا إلی ملك سلیمان تقاصرت إلیهم أنفسهم (4)و رموا بما معهم من الهدایا فلما وقفوا بین یدی

ص: 120


1- الاقبیة جمع القباء. و المناطق جمع المنطقة: ما یشد به الإنسان وسطه، یقال بالفارسیة:كمربند.
2- أقراط: جمع القرط و هو ما یعلق فی شحمة الاذن من درة و نحوها، یقال بالفارسیة: گوشواره و شنوف جمع الشنف: حلی الاذن أیضا، و قیل: ما یعلق فی أعلاها.
3- الرمكة: الفرس تتخذ للنسل. و البرذون: دابة الحمل الثقیلة.
4- تقاصرت نفسه: تضاءلت و صغرت.

سلیمان علیه السلام نظر إلیهم نظرا حسنا بوجه طلق و قال ما وراءكم فأخبره رئیس القوم بما جاءوا به و أعطاه كتاب الملكة فنظر فیه و قال أین الحقة فأتی بها فحركها و جاءه جبرئیل فأخبره بما فی الحقة و قال إن فیها درة یتیمة غیر مثقوبة و خرزة مثقوبة معوجة الثقب فقال الرسول صدقت فاثقب الدرة و أدخل الخیط فی الخرزة فأرسل سلیمان علیه السلام إلی الأرضة فجاءت فأخذت شعرة فی فیها فدخلت فیها حتی خرجت من الجانب الآخر ثم قال من لهذه الخرزة یسلكها الخیط فقالت دودة بیضاء أنا لها یا رسول اللّٰه فأخذت الدودة الخیط فی فیها و دخلت الثقب حتی خرجت من الجانب الآخر ثم میز بین الجواری و الغلمان بأن أمرهم أن یغلسوا وجوههم و أیدیهم فكانت الجاریة تأخذ الماء من الآنیة بإحدی یدیها ثم تجعله علی الید الأخری ثم تضرب به الوجه و الغلام یأخذ من الآنیة یضرب به وجهه و كانت الجاریة تصب علی باطن ساعدها و الغلام علی ظهر الساعد و كانت الجاریة تصب الماء صبا و كان الغلام یحدر الماء (1)علی یده حدرا فمیز بینهم بذلك هذا كله مروی عن وهب (2)و غیره و قیل إنها أیضا أنفذت مع هدایاها عصا كانت تتوارثها ملوك حمیر و قالت أرید أن تعرفنی رأسها من أسفلها و بقدح ماء و قالت تملؤها ماء رواء (3)لیس من الأرض و لا من السماء فأرسل سلیمان العصا إلی الهواء و قال أی الرأسین سبق إلی الأرض فهو أصلها (4)و أمر بالخیل فأجریت حتی عرقت و ملأ القدح من عرقها و قال هذا لیس من ماء الأرض و لا من ماء السماء.

فَلَمَّا جاءَ سُلَیْمانَ أی فلما جاء الرسول سلیمان قالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ أی أ تزیدوننی مالا و هذا استفهام إنكار یعنی أنه لا یحتاج إلی مالهم فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاكُمْ أی ما أعطانی اللّٰه من الملك و النبوة و الحكمة خیر مما أعطاكم من الدنیا و أموالها بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ إذا أهدی بعضكم إلی بعض و أما أنا فلا أفرح بها

ص: 121


1- حدر الشی ء: أنزله من علو إلی أسفل.
2- و أحادیث وهب غیر خالیة من اساطیر و أوهام.
3- الرواء: الماء العذب.
4- فی المصدر: فهو أسفلها.

أشار إلی قلة اكتراثه (1)بأموال الدنیا ثم قال سلیمان للرسول ارْجِعْ إِلَیْهِمْ بما جئت به من الهدایا فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أی لا طاقة لهم بها و لا قدرة لهم علی دفعها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً أی من تلك القریة و من تلك المملكة و قیل من أرضها و ملكها وَ هُمْ صاغِرُونَ أی ذلیلون صغیروا القدر إن لم یأتوا مسلمین (2)فلما رد سلیمان علیه السلام الهدیة و میز بین الغلمان و الجواری إلی غیر ذلك علموا أنه نبی مرسل و أنه لیس كالملوك الذین یغترون بالأموال.

فلما رجع إلیها الرسول و عرفت أنه نبی و أنها لا تقاومه فتجهزت للمسیر إلیه و أخبر جبرئیل علیه السلام سلیمان علیه السلام أنها خرجت من الیمن مقبلة إلیه قالَ سلیمان لأماثل جنده و أشراف عسكره یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ و اختلف فی السبب الذی خص العرش بالطلب علی أقوال:

أحدها أنه أعجبته صفته فأراد أن یراه و ظهر له آثار إسلامها فأحب أن یملك عرشها قبل أَنْ تُسْلِمَ فَیَحْرُمَ علیه أَخْذُ مَالِهَا عن قتادة و ثانیها أنه أراد أن یختبر بذلك عقلها و فطنتها و یختبر هل تعرفه أو تنكره عن ابن زید و قیل أراد أن یجعل دلیلا (3)و معجزة علی صدقه و نبوته لأنها خلفته فی دارها (4)و أوثقته و وكلت به ثقات قومها یحرسونه و یحفظونه عن وهب و قال ابن عباس كان سلیمان علیه السلام رجلا مهیبا لا یبتدئ بالكلام حتی یكون هو الذی یسأل عنه فخرج یوما و جلس علی سریره فرأی رهجا قریبا منه أی غبارا فقال ما هذا قالوا بلقیس یا رسول اللّٰه فقال (5)و قد نزلت منا بهذا المكان و كان ما بین الكوفة و الحیرة علی قدر فرسخ فقال أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها

ص: 122


1- أی قلة اعتنائه بها.
2- فی المصدر: إن لم یأتونی مسلمین.
3- فی المصدر: أن یجعل ذلك دلیلا.
4- فی المصدر: لانها خلفته فی دارها.
5- المصدر خلی عن لفظة فقال.

و قوله مُسْلِمِینَ فیه وجهان أحدهما أنه أراد مؤمنین موحدین و الآخر مستسلمین منقادین علی ما مر بیانه قالَ عِفْرِیتٌ (1)مِنَ الْجِنِّ أی مارد قوی عن ابن عباس أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ أی من مجلسك الذی تقضی فیه عن قتادة وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ أی و إنی علی حمله لقوی و علی الإتیان به فی هذه المدة قادر و علی ما فیه من الذهب و الجواهر أمین و فی هذا دلالة علی أن القدرة قبل الفعل لأنه أخبر بأنه قوی علیه قبل أن یجی ء به و كان سلیمان علیه السلام یجلس فی مجلسه للقضاء غدوة إلی نصف النهار فقال سلیمان علیه السلام أرید أسرع من ذلك فعند ذلك قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ و هو آصف بن برخیا (2)و كان وزیر سلیمان و ابن أخته و كان صدیقا یعرف اسم اللّٰه الأعظم الذی إذا دعی به أجاب عن ابن عباس و قیل إن ذلك الاسم اللّٰه و الذی یلیه الرحمن و قیل هو یا حی یا قیوم و بالعبرانیة أهیا شراهیا (3)و قیل هو یا ذا الجلال و الإكرام عن مجاهد و قیل إنه قال یا إلهنا و إله كل شی ء إلها واحدا لا إله إلا أنت عن الزهری و قیل إن الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ كان رجلا من الإنس یعلم اسم اللّٰه الأعظم اسمه بلخیا عن مجاهد و قیل اسمه اسطوم عن قتادة و قیل هو الخضر علیه السلام عن أبی لهیعة و قیل إن الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ هو جبرئیل علیه السلام أذن اللّٰه له فی طاعة سلیمان و أن یأتیه بالعرش الذی طلبه و قال الجبائی هو سلیمان علیه السلام قال ذلك للعفریت لیریه نعمة اللّٰه علیه و هذا قول بعید لم یؤثر عند أهل التفسیر (4)و أما الكتاب المعرف فی الآیة بالألف و اللام فقیل إنه اللوح المحفوظ و قیل إن المراد به جنس كتب اللّٰه المنزلة علی أنبیائه و لیس المراد به كتابا بعینه و الجنس قد یعرف بالألف و اللام و قیل المراد به كتاب سلیمان علیه السلام إلی بلقیس أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ اختلف فی معناه فقیل یرید قبل أن یصل إلیك من كان منك علی قدر مد البصر

ص: 123


1- قال البغدادیّ فی المحبر: اسمه كودن.
2- قال البغدادیّ فی المحبر: هو آصف بن برخیا بن شمعیاء و اسمه ناطورا.
3- قد تقدم أن صحیحه: إهیه أشر إهیه، و فی المصدر: إهی أشر إهی، و إهیه بمعنی واجب الوجود. و قیل: معنی الجملة: الذی كان و یكون و هو الكائن.
4- فی المصدر: لم یؤثر عن أهل التفسیر، أی لم ینقل عنهم.

عن قتادة و قیل معناه قبل أن یبلغ طرفك مداه و غایته و یرجع إلیك قال سعید بن جبیر قال لسلیمان انظر إلی السماء فما طرف حتی جاء به فوضعه بین یدیه و المعنی حتی یرتد إلیك طرفك بعد مده إلی السماء و قیل ارتداد الطرف إدامة النظر حتی یرتد طرفه خاسئا عن مجاهد فعلی هذا معناه أن سلیمان علیه السلام مد بصره إلی أقصاه و هو یدیم النظر فقبل أن ینقلب إلیه بصره حسیرا یكون قد أتی بالعرش (1)و قال الكلبی خر آصف ساجدا و دعا باسم اللّٰه الأعظم فغار عرشها تحت الأرض حتی نبع عند كرسی سلیمان و ذكر العلماء فی ذلك وجوها.

أحدها أن الملائكة حملته بأمر اللّٰه تعالی. و الثانی أن الریح حملته. و الثالث أن اللّٰه تعالی خلق فیه حركات متوالیة. و الرابع أنه انخرق مكانه حیث هو هناك ثم نبع بین یدی سلیمان. و الخامس

أن الأرض طویت له و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و السادس أنه أعدمه اللّٰه فی موضعه و أعاده فی مجلس سلیمان و هذا لا یصح علی مذهب أبی هاشم و یصح علی مذهب أبی علی الجبائی فإنه یجوز فناء بعض الأجسام دون بعض.

و فی الكلام حذف كثیر لأن التقدیر قال سلیمان له افعل فسأل اللّٰه تعالی فی ذلك فحضر العرش فرآه سلیمان مستقرا عنده (2)أی فلما رأی سلیمان العرش محمولا إلیه موضوعا بین یدیه فی مقدار رجع البصر قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی أی من نعمته علی و إحسانه لدی لأن تیسیر ذلك و تسخیره مع صعوبته و تعذره معجزة له و دلالة علی علو قدره و جلالته و شرف منزلته عند اللّٰه تعالی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ أی لیختبرنی هل أقوم بشكر هذه النعمة أم أكفر بها وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما یَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لأن عائدة شكره و منفعته ترجعان إلیه و تخصانه دون غیره و هذا مثل قوله إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ یعنی غنی عن شكر العباد غیر محتاج إلیه بل هم

ص: 124


1- فی نسخة: قد أتاه بالعرش.
2- فی المصدر: فرآه سلیمان مستقرا عنده «فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ» أی فلما رأی.

المحتاجون إلیه لما لهم فیه من الثواب و الأجر كَرِیمٌ أی متفضل علی عباده شاكرهم و كافرهم و عاصیهم و مطیعهم لا یمنعه كفرهم و عصیانهم من الإفضال علیهم و الإحسان إلیهم قالَ سلیمان نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أی غیروا سریرها إلی حال تنكرها إذا رأته و أراد بذلك اختبار عقلها علی ما قیل نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ أی أ تهتدی إلی معرفة عرشها بفطنتها بعد التغییر أم لا تهتدی إلی ذلك عن سعید بن جبیر و قتادة و قیل أَ تَهْتَدِی أی أ تستدل بعرشها علی قدرة اللّٰه و صحة نبوتی و تهتدی بذلك إلی طریق الإیمان و التوحید أم لا عن الجبائی قال ابن عباس فنزع ما كان علی العرش من الفصوص و الجواهر و قال مجاهد غیر ما كان أحمر و جعل أخضر (1)و ما كان أخضر فجعل أحمر (2)و قال عكرمة زید فیه شی ء و نقص منه شی ء فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ فلم تثبته و لم تنكره فدل ذلك علی كمال عقلها حیث لم تقل لا إذ كان یشبه سریرها لأنها وجدت فیه ما تعرفه و لم تقل نعم إذ وجدت فیه ما غیر و بدل و لأنها خلفته فی بیتها و حمله فی تلك المدة إلی ذلك الموضع غیر داخل فی مقدور البشر قال مقاتل عرفته و لكن شبهوا علیها حین قالوا لها أَ هكَذا عَرْشُكِ فشبهت حین قالت كَأَنَّهُ هُوَ و لو قیل لها أ هذا عرشك لقالت نعم قال عكرمة كانت حكیمة قالت إن قلت هو هو خشیت أن أكذب و إن قلت لا خشیت أن أكذب فقالت كَأَنَّهُ هُوَ شبهته به فقیل لها فإنه عرشك فما أغنی عنك إغلاق الأبواب و كانت قد خلفته وراء سبعة أبواب لما خرجت فقالت وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ بصحة نبوة سلیمان مِنْ قَبْلِها أی من قبل الآیة فی العرش وَ كُنَّا مُسْلِمِینَ طائعین لأمر سلیمان و قیل إنه من كلام سلیمان عن مجاهد (3)و معناه أوتینا العلم بإسلامها و مجیئها طائعة قبل مجیئها (4)وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أی منعها عبادة الشمس عن الإیمان باللّٰه تعالی بعد رؤیة تلك المعجزات (5)عن مجاهد فعلی هذا تكون ما موصولة مرفوعة

ص: 125


1- فی المصدر: فجعله أخضر.
2- فی المصدر: فجعله أحمر.
3- فی نسخة بعد ذلك: و معناه: و اوتینا العلم باللّٰه و قدرته علی ما یشاء من قبل هذه المرة، و كنا مسلمین مخلصین للّٰه بالتوحید؛ و قیل: معناه اه.
4- فی المصدر: و قیل: إنّه من كلام قوم سلیمان، عن الجبّائیّ.
5- فی المصدر: بعد رؤیة تلك المعجز.

الموضع بأنها فاعلة صد و قیل معناه و صدها سلیمان عما كانت تعبده من دون اللّٰه و حال بینها و بینه و منعها عنه فعلی هذا تكون ما فی موضع النصب و قیل معناه منعها الإیمان و التوحید عن الذی كانت تعبده من دون اللّٰه و هو الشمس ثم استأنف فقال إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِینَ أی من قوم یعبدون الشمس قد نشأت فیما بینهم فلم تعرف إلا عبادة الشمس قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ و الصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غیر سقف.

و ذكر أن سلیمان علیه السلام لما أقبلت صاحبة سبإ أمر الشیاطین ببناء الصرح و هو كهیئة السطح المنبسط من قواریر أجری تحته الماء و جمع فی الماء الحیتان و الضفادع و دواب البحر ثم وضع له فیه سریر فجلس علیه و قیل إنه قصر من زجاج كأنه الماء بیاضا و قال أبو عبیدة كل بناء من زجاج أو صخر أو غیر ذلك مونق (1)فهو صرح و إنما أمر سلیمان علیه السلام بالصرح لأنه أراد أن یختبر عقلها و ینظر هل تستدل علی معرفة اللّٰه تعالی بما تری من هذه الآیة العظیمة و قیل إن الجن و الشیاطین خافت أن یتزوجها سلیمان علیه السلام فلا ینفكون من تسخیر سلیمان و ذریته بعده لو تزوجها و ذلك أن أمها كانت جنیة فأساءوا الثناء علیها لیزهدوه فیها و قالوا إن فی عقلها شیئا و إن رجلها كحافر الحمار فلما امتحن ذلك وجدها علی خلاف ما قیل و قیل إنه ذكر له أن علی رجلیها شعرا فلما كشفته بان الشعر فساءه ذلك فاستشار الجن فی ذلك فعملوا الحمامات و طبخوا له النورة و الزرنیخ و كان أول ما صنعت النورة فَلَمَّا رَأَتْهُ أی رأت بلقیس الصرح حَسِبَتْهُ لُجَّةً و هی معظم الماء وَ كَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها لدخول الماء و قیل إنها لما رأت الصرح قالت ما وجد ابن داود عذابا یقتلنی به إلا الغرق و أنفت أن تجی ء فلا تدخل (2)و لم یكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقیها قالَ لها سلیمان إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ أی مملس مِنْ قَوارِیرَ و لیس بماء و لما رأت سریر سلیمان و الصرح قالَتْ رَبِ

ص: 126


1- فی المصدر: موثق.
2- فی المصدر: فأنفت أن تجبن فلا تدخل.

إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی بالكفر الذی كنت علیه وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فحسن إسلامها و قیل إنها لما جلست دعاها سلیمان إلی الإسلام و كانت قد رأت الآیات و المعجزات فأجابته و أسلمت و قیل إنها لما ظنت أن سلیمان علیه السلام یغرقها ثم عرفت حقیقة الأمر قالت ظَلَمْتُ نَفْسِی إذ توهمت علی سلیمان ما توهمت.

و اختلف فی أمرها بعد ذلك فقیل إنها تزوجها سلیمان و أقرها علی ملكها و قیل إنه زوجها من ملك یقال له تبع و ردها إلی أرضها و أمر زوبعة أمیر الجن بالیمن أن یعمل له و یطیع فصنع له المصانع بالیمن (1).

«13»-وَ رَوَی (2)الْعَیَّاشِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: الْتَقَی مُوسَی بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی وَ یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَخِی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام بَعْدَ أَنْ دَارَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ الْمَوَاعِظِ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی طَاعَتِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ یَحْیَی بْنَ أَكْثَمَ سَأَلَنِی عَنْ مَسَائِلَ أُفْتِیهِ فِیهَا فَضَحِكَ فَقَالَ فَهَلْ أَفْتَیْتَهُ فِیهَا قُلْتُ لَا قَالَ وَ لِمَ قُلْتُ لَمْ أَعْرِفْهَا قَالَ وَ مَا هِیَ قُلْتُ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ سُلَیْمَانَ أَ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَی عِلْمِ آصَفَ بْنِ بَرْخِیَا ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الْأُخَرَ قَالَ اكْتُبْ یَا أَخِی بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ سَأَلْتَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فِی كِتَابِهِ قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فَهُوَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا وَ لَمْ یَعْجِزْ سُلَیْمَانُ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا عَرَفَهُ آصَفُ لَكِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ یُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ أَنَّهُ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ سُلَیْمَانَ أَوْدَعَهُ آصَفَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَفَهَّمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ لِئَلَّا یُخْتَلَفَ فِی إِمَامَتِهِ وَ دَلَالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام فِی حَیَاةِ دَاوُدَ علیه السلام لِیَتَعَرَّفَ إِمَامَتَهُ وَ نُبُوَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ لِتَأْكِیدِ الْحُجَّةِ عَلَی الْخَلْقِ (3).

ص: 127


1- مجمع البیان 7: 217- 225.
2- روی الثعلبی أن أبا بلقیس بنت الیشرح كان یلقب بهذهاذ و كان ملكا عظیم الشأن ولده أربعون ملكا، و كان ملك أرض الیمن كلها، و كان یقول لملوك الاطراف: لیس أحد منكم كفوا لی و ابی أن یتزوج فیهم، فزوجوه امرأة من الجن یقال لها ریحانة بنت السكن، و كان الانس اذ ذاك یرون الجن و یخالطونهم فولدت له تلقمة و هی بلقیس. و لم یكن له ولد غیرها. منه رحمه اللّٰه. قلت: رواه فی العرائس: 174 و فیه: البشرخ مكان الیشرح، و الشكر مكان السكن، و بلعمة مكان تلقمة.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.

ف، تحف العقول سأل یحیی بن أكثم و ذكر نحوه (1).

«14»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ اللَّهَ خَصَّ بِسُورَةِ الْفَاتِحَةِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرَّفَهُ بِهَا وَ لَمْ یُشْرِكْ مَعَهُ فِیهَا أَحَداً مِنْ أَنْبِیَائِهِ مَا خَلَا سُلَیْمَانَ علیه السلام فَإِنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَ لَا تَرَاهُ یَحْكِی عَنْ بِلْقِیسَ حِینَ قَالَتْ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ كِتابٌ كَرِیمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (2)

أقول: و قال الثعلبی فی تفسیره قالت العلماء بسیر الأنبیاء إن نبی اللّٰه سلیمان علیه السلام لما فرغ من بناء بیت المقدس عزم علی الخروج إلی أرض الحرم فتجهز للمسیر و استصحب من الجن و الإنس و الشیاطین و الطیر و الوحوش ما بلغ معسكره مائة فرسخ فأمر الریح الرخاء فحملتهم فلما وافی الحرم أقام به ما شاء اللّٰه أن یقیم فكان ینحر كل یوم طول مقامه بمكة خمسة آلاف بدنة و خمسة آلاف ثور و عشرین ألف شاة و قال لمن حضر من أشراف قومه إن هذا مكان یخرج منه نبی عربی صفته كذا و كذا یعطی النصر علی جمیع من ناواه (3)و یبلغ هیبته مسیرة شهر القریب و البعید عنده فی الحق سواء لا تأخذه فی اللّٰه لومة لائم قالوا فبأی دین یدین یا نبی اللّٰه قال بدین الحنیفیة فطوبی لمن أدركه و آمن به و صدقه قالوا فكم بیننا و بین خروجه یا نبی اللّٰه قال ذهاب ألف عام فلیبلغ الشاهد منكم الغائب فإنه سید الأنبیاء و خاتم الرسل و إن اسمه لمثبت فی زبر الأنبیاء قالوا فأقام بمكة حتی قضی نسكه ثم أحب أن یسیر إلی أرض الیمن فخرج من مكة صباحا و سار نحو الیمین یوم نجم سهیل فوافی صنعاء وقت الزوال و ذلك مسیرة شهر فرأی أرض حسنة تزهر خضرتها فأحب النزول بها لیصلی و یتغدی فطلبوا الماء فلم یجدوا و كان دلیله علی الماء الهدهد كان یری الماء من تحت الأرض فینقر الأرض فیعرف موضع الماء و بعده ثم تجی ء الشیاطین فیسلخونه كما یسلخ الإهاب (4)ثم یستخرجون الماء قالوا فلما نزل قال الهدهد إن سلیمان علیه السلام قد اشتغل

ص: 128


1- تحف العقول: 476 و 478، و فیه: لتأكد الحجة علی الخلق.
2- تفسیر الإمام: 10.
3- أی من عاداه.
4- الاهاب: الجلد أو ما لم یدبغ منه.

بالنزول فارتفع نحو السماء فانظر إلی عرض الدنیا و طولها ففعل ذلك و نظر یمینا و شمالا فرأی بستانا لبلقیس فمال إلی الخضرة فوقع فیه فإذا هو بهدهد فهبط علیه و كان اسم هدهد سلیمان یعفور و اسم هدهد الیمن عنقیر (1)فقال عنقیر لیعفور من أین أقبلت و أین ترید قال أقبلت من الشام مع صاحبی سلیمان بن داود قال و من سلیمان بن داود قال ملك الجن و الإنس و الطیر و الوحوش و الشیاطین و الریاح فمن أین أنت قال أنا من هذه البلاد قال و من ملكها قال امرأة یقال لها بلقیس و إن لصاحبكم سلیمان ملكا عظیما و لیس ملك بلقیس دونه فإنها ملكة الیمن كلها و تحت یدها اثنی عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل فهل أنت منطلق معی حتی تنظر إلی ملكها قال أخاف أن یتفقدنی سلیمان فی وقت الصلاة إذا احتاج إلی الماء قال الهدهد الیمانی إن صاحبك لیسره أن تأتیه بخبر هذه الملكة فانطلق معه و نظر إلی بلقیس و ملكها و ما رجع إلی سلیمان علیه السلام إلا وقت العصر فلما طلبه سلیمان علیه السلام فلم یجده دعا عریف (2)الطیور و هو النسر فسأله عنه فقال ما أدری أین هو و ما أرسلته مكانا ثم دعا بالعقاب فقال علی بالهدهد فارتفع فإذا هو بالهدهد مقبلا فانقض (3)نحوه فناشده الهدهد بحق اللّٰه الذی قواك و أغلبك علی إلا رحمتنی و لم تتعرض لی بسوء قال فولی عنه العقاب و قال له ویلك ثكلتك أمك إن نبی اللّٰه حلف أن یعذبك أو یذبحك ثم طارا متوجهین نحو سلیمان فلما انتهی إلی المعسكر تلقته النسر و الطیر فقالوا توعدك نبی اللّٰه فقال الهدهد أ و ما استثنی نبی اللّٰه فقالوا بلی أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ (4)فلما أتیا سلیمان و هو قاعد علی كرسیه قال العقاب قد أتیتك به یا نبی اللّٰه فلما قرب الهدهد منه رفع رأسه و أرخی ذنبه و جناحیه یجرهما علی الأرض تواضعا لسلیمان فأخذ برأسه فمده إلیه فقال أین كنت فقال یا نبی اللّٰه

ص: 129


1- فی نسخة: «عنفیر» و كذا فیما بعده.
2- العریف: من یعرف أصحابه. النقیب.
3- انقض الطائر: هوی لیقع.
4- أی و الاستثناء قوله: أو لیأتینی.

اذكر وقوفك بین یدی اللّٰه تعالی فلما سمع ذلك سلیمان علیه السلام ارتعد و عفا عنه و ساق القصة إلی أن قال و قال مقاتل حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتی وقف علی رأس المرأة و حولها القادة و الجنود فرفرف ساعة و الناس ینظرون حتی رفعت رأسها فألقی الكتاب فی حجرها إلی آخر القصة (1).

باب 10 ما أوحی إلیه و صدر عنه من الحكم و فیه قصة نفش الغنم

الآیات؛

الأنبیاء: «وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ* فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً»(78-79)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: اختلف فی الحكم

فقیل إنه زرع وقعت فیه الغنم لیلا فأكلته و قیل كان كرما قد بدت عناقیده (2)عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و قال الجبائی أوحی اللّٰه إلی سلیمان علیه السلام بما نسخ به حكم داود علیه السلام و لم یكن ذلك عن اجتهاد و هو المعول علیه عندنا (3).

«1»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاشَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ نَجِیحٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام أُوتِینَا مَا أُوتِیَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُؤْتَوْا وَ عُلِّمْنَا مَا عُلِّمَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ یُعَلَّمُوا فَلَمْ نَجِدْ شَیْئاً أَفْضَلَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ الْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ (4).

ص: 130


1- الكشف و البیان مخطوط.
2- فی المصدر هنا زیادة و هی هذه: فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سلیمان: غیر هذا یا نبی اللّٰه، قال: و ما ذاك؟ قال: یدفع الكرم الی صاحب الغنم فیقوم علیه حتّی یعود كما كان، و یدفع الغنم الی صاحب الكرم فیصیب منها حتّی إذا عاد الكرم كما كان، ثمّ دفع كل واحد منهما الی صاحبه ماله، عن ابن مسعود. و روی ذلك عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام.
3- مجمع البیان 7: 57.
4- الخصال 1: 114 و 115. و فیه: فی كل حال.

«2»-فس، تفسیر القمی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ- فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی (1)عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ كَانَ لَهُ كَرْمٌ وَ نَفَشَتْ فِیهِ غَنَمٌ لِرَجُلٍ آخَرَ بِاللَّیْلِ وَ قَضَمَتْهُ (2)وَ أَفْسَدَتْهُ فَجَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام فَاسْتَعْدَی عَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام اذْهَبَا إِلَی سُلَیْمَانَ لِیَحْكُمَ بَیْنَكُمَا فَذَهَبَا إِلَیْهِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ أَكَلَتِ الْأَصْلَ وَ الْفَرْعَ فَعَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ یَدْفَعَ إِلَی صَاحِبِ الْكَرْمِ الْغَنَمَ وَ مَا فِی بَطْنِهَا وَ إِنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ بِالْفَرْعِ وَ لَمْ تَذْهَبْ بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ یَدْفَعُ وُلْدَهَا إِلَی صَاحِبِ الْكَرْمِ وَ كَانَ هَذَا حُكْمَ دَاوُدَ وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ یُعَرِّفَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَصِیُّهُ بَعْدَهُ وَ لَمْ یَخْتَلِفَا فِی الْحُكْمِ وَ لَوِ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا لَقَالَ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمَا شَاهِدِینَ (3).

بیان: نفشت الغنم أی رعت لیلا بلا راع.

«3»-سن، المحاسن بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قَالَ لَمْ یَحْكُمَا إِنَّمَا كَانَا یَتَنَاظَرَانِ فَفَهَّمْناها سُلَیْمانَ

یه، من لا یحضره الفقیه بسنده الصحیح عن جمیل عن زرارة مثله (4).

«4»-یه، من لا یحضره الفقیه بِسَنَدِهِ الصَّحِیحِ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قَالَ كَانَ حُكْمُ دَاوُدَ علیه السلام رِقَابَ الْغَنَمِ وَ الَّذِی فَهَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سُلَیْمَانَ أَنْ یَحْكُمَ لِصَاحِبِ الْحَرْثِ بِاللَّبَنِ وَ الصُّوفِ ذَلِكَ الْعَامَ كُلَّهُ (5).

«5»-یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْمُعَلَّی أَبِی عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ

ص: 131


1- فی نسخة: عبد اللّٰه بن بحر.
2- القضم: الاكل باطراف الأسنان.
3- تفسیر القمّیّ: 431.
4- من لا یحضره الفقیه: 339.
5- من لا یحضره الفقیه: 339.

فِیهِ غَنَمُ الْقَوْمِ فَقَالَ لَا یَكُونُ النَّفَشُ إِلَّا بِاللَّیْلِ إِنَّ عَلَی صَاحِبِ الْحَرْثِ أَنْ یَحْفَظَ الْحَرْثَ بِالنَّهَارِ وَ لَیْسَ عَلَی صَاحِبِ الْمَاشِیَةِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ إِنَّمَا رَعْیُهَا وَ أَرْزَاقُهَا بِالنَّهَارِ فَمَا أَفْسَدَتْ فَلَیْسَ عَلَیْهَا (1)وَ عَلَی صَاحِبِ الْمَاشِیَةِ حِفْظُ الْمَاشِیَةِ بِاللَّیْلِ عَنْ حَرْثِ النَّاسِ فَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّیْلِ فَقَدْ ضَمِنُوا وَ هُوَ النَّفَشُ وَ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام حَكَمَ لِلَّذِی أَصَابَ زَرْعَهُ رِقَابَ الْغَنَمِ وَ حَكَمَ سُلَیْمَانُ علیه السلام الرِّسْلَ وَ الثَّلَّةَ وَ هُوَ اللَّبَنُ وَ الصُّوفُ فِی ذَلِكَ الْعَامِ (2).

«6»-یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إِذْ یَحْكُمانِ فِی الْحَرْثِ قُلْتُ حِینَ حَكَمَا فِی الْحَرْثِ كَانَتْ قَضِیَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی النَّبِیِّینَ قَبْلَ دَاوُدَ إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ دَاوُدَ علیه السلام أَیُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِی الْحَرْثِ فَلِصَاحِبِ الْحَرْثِ رِقَابُ الْغَنَمِ وَ لَا یَكُونُ النَّفْشُ إِلَّا بِاللَّیْلِ وَ إِنَّ عَلَی صَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ یَحْفَظَ بِالنَّهَارِ وَ عَلَی صَاحِبِ الْغَنَمِ حِفْظُ الْغَنَمِ بِاللَّیْلِ فَحَكَمَ دَاوُدُ علیه السلام بِمَا حَكَمَتْ بِهِ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام مِنْ قَبْلِهِ وَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی سُلَیْمَانَ أَیُّ غَنَمٍ نَفَشَتْ فِی الزَّرْعِ فَلَیْسَ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنْ بُطُونِهَا وَ كَذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بَعْدَ سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كُلًّا آتَیْنا حُكْماً وَ عِلْماً فَحَكَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (3).

«7»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَیْثَمِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْإِمَامَةَ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْهُودٌ لِرِجَالٍ مُسَمَّیْنَ لَیْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ یَزْوِیَهَا (4)عَنِ الَّذِی یَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ اتَّخِذْ وَصِیّاً مِنْ أَهْلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِی أَنْ لَا أَبْعَثَ نَبِیّاً إِلَّا وَ لَهُ وَصِیٌّ مِنْ أَهْلِهِ وَ كَانَ لِدَاوُدَ علیه السلام أَوْلَادٌ عِدَّةٌ وَ فِیهِمْ غُلَامٌ كَانَتْ أُمُّهُ عِنْدَ دَاوُدَ علیه السلام وَ كَانَ لَهَا مُحِبّاً فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَیْهَا حِینَ أَتَاهُ الْوَحْیُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَیَّ یَأْمُرُنِی أَنْ

ص: 132


1- فی المصدر: فلیس علیها و علی صاحبها شی ء.
2- تهذیب الأحكام 2: 179.
3- تهذیب الأحكام 2: 179.
4- أی یصرفها عنه و یمنعه ایاها.

أَتَّخِذَ وَصِیّاً مِنْ أَهْلِی فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ فَلْیَكُنِ ابْنِی قَالَ ذَاكِ أُرِیدُ وَ كَانَ السَّابِقُ فِی عِلْمِ اللَّهِ الْمَحْتُومِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سُلَیْمَانُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی دَاوُدَ أَنْ لَا تَعْجَلْ دُونَ أَنْ یَأْتِیَكَ أَمْرِی فَلَمْ یَلْبَثْ دَاوُدُ علیه السلام أَنْ وَرَدَ عَلَیْهِ رَجُلَانِ یَخْتَصِمَانِ فِی الْغَنَمِ وَ الْكَرْمِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ اجْمَعْ وُلْدَكَ فَمَنْ قَضَی بِهَذِهِ الْقَضِیَّةِ فَأَصَابَ فَهُوَ وَصِیُّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَجَمَعَ دَاوُدُ علیه السلام وُلْدَهُ فَلَمَّا أَنِ اقْتَصَّ الْخَصْمَانِ قَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَا صَاحِبَ الْكَرْمِ مَتَی دَخَلَتْ غَنَمُ هَذَا الرَّجُلِ كَرْمَكَ قَالَ دَخَلَتْهُ لَیْلًا قَالَ قَدْ قَضَیْتُ عَلَیْكَ یَا صَاحِبَ الْغَنَمِ بِأَوْلَادِ غَنَمِكَ وَ أَصْوَافِهَا فِی عَامِكَ هَذَا ثُمَّ قَالَ لَهُ دَاوُدُ علیه السلام فَكَیْفَ لَمْ تَقْضِ بِرِقَابِ الْغَنَمِ وَ قَدْ قَوَّمَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكَانَ ثَمَنُ الْكَرْمِ قِیمَةَ الْغَنَمِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِنَّ الْكَرْمَ لَمْ یُجْتَثَّ (1)مِنْ أَصْلِهِ وَ إِنَّمَا أُكِلَ حِمْلُهُ وَ هُوَ عَائِدٌ فِی قَابِلٍ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ الْقَضَاءَ فِی هَذِهِ الْقَضِیَّةِ مَا قَضَی سُلَیْمَانُ بِهِ یَا دَاوُدُ أَرَدْتَ أَمْراً وَ أَرَدْنَا أَمْراً غَیْرَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ علیه السلام عَلَی امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَرَدْنَا أَمْراً وَ أَرَادَ اللَّهُ غَیْرَهُ (2)وَ لَمْ یَكُنْ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ رَضِینَا بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَلَّمْنَا وَ كَذَلِكَ الْأَوْصِیَاءُ علیهم السلام لَیْسَ لَهُمْ أَنْ یَتَعَدَّوْا بِهَذَا الْأَمْرِ فَیُجَاوِزُونَ صَاحِبَهُ إِلَی غَیْرِهِ (3).

بیان: اعلم أنه لما ثبت بالدلائل العقلیة (4)عدم جواز الاجتهاد و الرأی علی الأنبیاء علیهم السلام و أنهم لا یحكمون إلا بالوحی فلذا ذهب بعض أصحابنا و بعض المعتزلة إلی أنه تعالی أوحی إلی سلیمان علیه السلام ما نسخ حكم داود علیه السلام و كان حكم داود علیه السلام أیضا بالوحی و یرد علیه أن شریعة سلیمان لم تكن ناسخة فكیف نسخت ما ثبت فی شریعة موسی علیه السلام. و یمكن الجواب عنه بأنه لم یثبت امتناع نسخ بعض جزئیات الأحكام فی زمن

ص: 133


1- اجتثه: قلعه من أصله.
2- فی المصدر: و أراد اللّٰه أمرا غیره.
3- أصول الكافی 1: 278 و 279.
4- فی نسخة: بالدلائل القطعیة.

غیر أولی العزم من الرسل و أما النسخ الكلی و الإتیان بشریعة مبتدأة فهو مختص بأولی العزم منهم مع أنه یمكن أن یكون موسی علیه السلام أخبر بأن هذا الحكم ثابت إلی زمن سلیمان علیه السلام ثم یتغیر الحكم و الأصوب فی الجواب أن یقال إن الآیة لا تدل علی أن سلیمان علیه السلام حكم بخلاف ما حكم به داود علیه السلام بل یحتمل أن یكون المراد إذ یریدان أن یحكما فی الحرث كما دلت علیه روایة أبی بصیر فی التفسیر و روایة زرارة فهما كانا یتناظران فی ذلك منتظرین للوحی أو كان داود علیه السلام عالما بالحكم و كان یسأل سلیمان علیه السلام لیبین فضله علی الناس فأوحی اللّٰه ذلك إلی سلیمان علیه السلام و یؤیده أن فی خبر معاویة نسب الحكم برقاب الغنم إلی علماء بنی إسرائیل و السؤال الذی اشتمل علیه الخبر محمول علی ما ذكرنا من إرادة ظهور فضله علی بنی إسرائیل.

و أما خبر الحلبی فیمكن أن یكون محمولا علی التقیة و یحتمل أیضا أن یكون المراد بحكم داود الحكم الذی كان شائعا فی زمانه أو الحكم الذی كان یلقیه علی سلیمان لیختبره و یظهر عقله و علمه و كذا القول فی سائر الأخبار و اللّٰه یعلم.

«8»-یه، من لا یحضره الفقیه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ أُمُّ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّیْلِ فَإِنَّ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّیْلِ تَدَعُ الرَّجُلَ فَقِیراً یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

«9»-نبه، تنبیه الخاطر قَالَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِیَّاكَ وَ الْمِرَاءَ فَإِنَّهُ لَیْسَتْ فِیهِ مَنْفَعَةٌ وَ هُوَ یُهَیِّجُ بَیْنَ الْإِخْوَانِ الْعَدَاوَةَ (1).

ص: 134


1- تنبیه الخواطر 2: 12.

باب 11 وفاته علیه السلام و ما كان بعده

الآیات؛

البقرة: «وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ»(102)

سبأ: «فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ»(14)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: وَ اتَّبَعُوا أی الیهود الذین كانوا علی عهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو علی عهد سلیمان علیه السلام أو الأعم أی اقتدوا بما كانت تَتْلُوا الشَّیاطِینُ أی تتبع و تعمل به و قیل تقرأ و قیل تكذب یقال تلا علیه إذا كذب و الشیاطین شیاطین الجن و قیل شیاطین الإنس عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ قیل أی فی ملك سلیمان علی وجهین أحدهما فی عهده و الثانی فی نفس ملك سلیمان كما یقال فلان یطعن فی ملك فلان و قیل معناه علی عهد ملك سلیمان وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ بین بهذا أن ما كانت تتلوه الشیاطین و ترویه كان كفرا إذ برئ سلیمان منه ثم بین أن ذلك الكفر كان من نوع السحر فإن الیهود أضافوا إلی سلیمان السحر و زعموا أن ملكه كان به فبرأه اللّٰه منه و قیل فی السبب الذی لأجله أضافت السحر (1)إلی سلیمان علیه السلام أن سلیمان علیه السلام كان قد جمع كتب السحرة و وضعها فی خزائنه و قیل كتمها تحت كرسیه لئلا یطلع الناس علیها و لا یعملوا بها فلما مات سلیمان علیه السلام استخرجت السحرة تلك الكتب و قالوا إنما تم ملك سلیمان علیه السلام بالسحر و به سخر الجن و الإنس و الطیر و زینوا السحر فی أعین الناس بالنسبة إلی سلیمان علیه السلام و شاع ذلك فی الیهود و قبلوه لعداوتهم لسلیمان علیه السلام وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا بما استخرجوه من السحر أو بما نسبوه إلی سلیمان علیه السلام أو بأنهم سحروا فعبر عن السحر بالكفر

ص: 135


1- فی المصدر: أضافت الیهود السحر الی سلیمان.

یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ أی ألقوا السحر إلیهم فتعلموه أو دلوهم علی استخراجه من تحت الكرسی فتعلموه (1)ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ أی ما دل الجن علی موته إلا الأرضة حیث أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه میت (2)فَلَمَّا خَرَّ أی سقط میتا (3).

«1»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام (4)قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ وَهَبَ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی سَخَّرَ لِیَ الرِّیحَ وَ الْإِنْسَ وَ الْجِنَّ وَ الطَّیْرَ وَ الْوُحُوشَ وَ عَلَّمَنِی مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ آتَانِی مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَعَ جَمِیعِ مَا أُوتِیتُ مِنَ الْمُلْكِ مَا تَمَّ لِی سُرُورُ یَوْمٍ إِلَی اللَّیْلِ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَدْخُلَ قَصْرِی فِی غَدٍ فَأَصْعَدَ أَعْلَاهُ وَ أَنْظُرَ إِلَی مَمَالِكِی فَلَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ عَلَیَّ لِئَلَّا یَرِدَ عَلَیَّ مَا یُنَغِّصُ عَلَیَّ یَوْمِی قَالُوا نَعَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَ عَصَاهُ بِیَدِهِ وَ صَعِدَ إِلَی أَعْلَی مَوْضِعٍ مِنْ قَصْرِهِ وَ وَقَفَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ یَنْظُرُ إِلَی مَمَالِكِهِ مَسْرُوراً بِمَا أُوتِیَ فَرِحاً بِمَا أُعْطِیَ إِذْ نَظَرَ إِلَی شَابٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ وَ اللِّبَاسِ قَدْ خَرَجَ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ زَوَایَا قَصْرِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ سُلَیْمَانُ علیه السلام قَالَ لَهُ مَنْ أَدْخَلَكَ إِلَی هَذَا الْقَصْرِ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَخْلُوَ فِیهِ الْیَوْمَ فَبِإِذْنِ مَنْ دَخَلْتَ فَقَالَ الشَّابُّ أَدْخَلَنِی هَذَا الْقَصْرَ رَبُّهُ وَ بِإِذْنِهِ دَخَلْتُ فَقَالَ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ وَ فِیمَا جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ قَالَ امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ (5)فَهَذَا یَوْمُ سُرُورِی وَ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ لِی سُرُورٌ دُونَ لِقَائِهِ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فَبَقِیَ سُلَیْمَانُ علیه السلام مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ وَ هُوَ مَیِّتٌ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ هُمْ یُقَدِّرُونَ أَنَّهُ حَیٌّ فَافْتَتَنُوا فِیهِ وَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام قَدْ بَقِیَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ هَذِهِ الْأَیَّامَ الْكَثِیرَةَ وَ لَمْ یَتْعَبْ وَ لَمْ

ص: 136


1- مجمع البیان 1: 173 و 174، و اختصر المصنّف بعضه، و نقل معنی بعض آخر.
2- فی المصدر: الا الأرضة و لم یعلموا موته حتّی أكلت عصاه فسقط.
3- مجمع البیان 8: 383 و 384.
4- فی عیون الأخبار بعد ذلك: عن أبیه محمّد بن علیّ علیه السلام.
5- فی المصدر: امض بما امرت به.

یَنَمْ وَ لَمْ یَأْكُلْ وَ لَمْ یَشْرَبْ إِنَّهُ لَرَبُّنَا الَّذِی یَجِبُ عَلَیْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ وَ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام سَاحِرٌ وَ إِنَّهُ یُرِینَا أَنَّهُ وَاقِفٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ یَسْحَرُ أَعْیُنَنَا وَ لَیْسَ كَذَلِكَ فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّ سُلَیْمَانَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ یُدَبِّرُ اللَّهُ أَمْرَهُ بِمَا شَاءَ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرَضَةَ فَدَبَّتْ فِی عَصَاهُ فَلَمَّا أَكَلَتْ جَوْفَهَا انْكَسَرَتِ الْعَصَا وَ خَرَّ سُلَیْمَانُ علیه السلام مِنْ قَصْرِهِ عَلَی وَجْهِهِ فَشَكَرَتِ الْجِنُّ لِلْأَرَضَةِ صَنِیعَهَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا تُوجَدُ الْأَرَضَةُ فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ یَعْنِی عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هَكَذَا وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ (1).

بیان: نسب صاحب الكشاف هذه القراءة إلی ابن مسعود (2)و علی القراءة المشهورة قیل معناه علمت الجن بعد ما التبس علیهم أنهم لا یعلمون الغیب و قیل معناه علمت عامة الجن و ضعفاؤهم أن رؤساءهم لا یعلمون الغیب و قیل المعنی ظهرت الجن و أن بما فی حیزه بدل منه (3)أی ظهر أن الجن لو كانوا یعلمون الغیب ما لبثوا فی العذاب.

«2»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَمَرَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام الْجِنَّ فَصَنَعُوا لَهُ قُبَّةً مِنْ قَوَارِیرَ (4)فَبَیْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ یَنْظُرُ إِلَی الْجِنِّ كَیْفَ یَعْمَلُونَ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ إِذْ حَانَتْ (5)مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ قَالَ مَنْ أَنْتَ (6)قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرِّشَاءَ وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ وَ الْجِنُ

ص: 137


1- علل الشرائع: 36، عیون الأخبار: 146- 147.
2- راجع الكشّاف 3: 453.
3- فی الكشّاف: و أن مع صلتها بدل من الجن بدل الاشتمال.
4- فی التفسیر: فبنوا له بیتا من قواریر.
5- فی كلا المصدرین: «خانت» بالخاء.
6- فی التفسیر: إذا هو برجل ففزع منه و قال: من انت؟.

یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ قَالَ فَمَكَثُوا سَنَةً وَ هُمْ یَدْأَبُونَ (1)لَهُ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ هِیَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْجِنَّ یَشْكُرُونَ الْأَرَضَةَ مَا صَنَعَتْ بِعَصا سُلَیْمَانَ فَمَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ (2).

«3»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ هِیَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَیْمَانَ قَالَ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا (3)مَاءٌ وَ طِینٌ فَلَمَّا هَلَكَ سُلَیْمَانُ علیه السلام وَضَعَ إِبْلِیسُ السِّحْرَ وَ كُتُبَهُ فِی كِتَابٍ ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَی ظَهْرِهِ هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا لِلْمَلِكِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ الْعِلْمِ مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْیَفْعَلْ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِیرِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُ (4)لَهُمْ فَقَرَءُوهُ فَقَالَ الْكَافِرُونَ مَا كَانَ سُلَیْمَانُ یَغْلِبُنَا إِلَّا بِهَذَا وَ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (5)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَلَكَ سُلَیْمَانُ إلی آخر الخبر (6).

ص: 138


1- دأب فی العمل: جد و تعب و استمر علیه. و فی التفسیر: فمكثوا سنة یبنون و ینظرون إلیه و یدانون و یعملون.
2- علل الشرائع: 36.
3- فی المصدر: الا وجد عندها.
4- هكذا فی النسخ و فی المصدر المطبوع، و الصحیح كما فی البرهان: ثم استثاره لهم أی ثمّ أظهره لهم، و فی المصدر: فقرأه.
5- تفسیر القمّیّ: 46 و 47.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.

«4»-فس، تفسیر القمی فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ قَالَ لَمَّا أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام إِنَّكَ مَیِّتٌ أَمَرَ الشَّیَاطِینَ أَنْ یَتَّخِذُوا لَهُ بَیْتاً مِنْ قَوَارِیرَ وَ وَضَعُوهُ فِی لُجَّةِ الْبَحْرِ وَ دَخَلَهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَاتَّكَأَ عَلَی عَصَاهُ وَ كَانَ یَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ الشَّیَاطِینُ حَوْلَهُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ لَا یَجْسُرُونَ أَنْ یَبْرَحُوا فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ حَانَتْ (1)مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ فَفَزِعَ مِنْهُ سُلَیْمَانُ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرِّشَاءَ وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ سَنَةً وَ الْجِنُّ یَعْمَلُونَ لَهُ وَ لَا یَعْلَمُونَ بِمَوْتِهِ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ عَلَی وَجْهِهِ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ (2)كَذَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَ كَانُوا یَقُولُونَ إِنَّ الْجِنَّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ فَلَمَّا سَقَطَ سُلَیْمَانُ علیه السلام عَلَی وَجْهِهِ عَلِمَ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ عَلِمَ الْجِنُّ الْغَیْبَ لَمْ یَعْمَلُوا سَنَةً لِسُلَیْمَانَ علیه السلام وَ هُوَ مَیِّتٌ وَ یَتَوَهَّمُونَهُ حَیّاً قَالَ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَیْمَانَ علیه السلام (3)وَ ذَكَرَ نَحْوَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ مَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ نَبِیِّهِ وَ فِی بَعْضِهَا إِنَّمَا هُوَ.

«5»-ع، علل الشرائع الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ وَ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْجِنَّ شَكَرُوا الْأَرَضَةَ مَا صَنَعْتَ بِعَصَا سُلَیْمَانَ علیه السلام فَمَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ (4).

«6»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَقَدْ شَكَرَتِ الشَّیَاطِینُ الْأَرَضَةَ حِینَ أَكَلَتْ عَصَا سُلَیْمَانَ حَتَّی سَقَطَ وَ قَالُوا عَلَیْكِ الْخَرَابُ وَ عَلَیْنَا الْمَاءُ وَ الطِّینُ

ص: 139


1- فی المصدر: خانت بالخاء.
2- قد عرفت من الزمخشریّ أن هذه القراءة منسوبة الی ابن مسعود.
3- تفسیر القمّیّ: 537.
4- علل الشرائع: 36.

فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَوْضِعٍ إِلَّا رَأَیْتَ مَاءً وَ طِیناً (1).

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ صَبِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی سُلَیْمَانَ علیه السلام أَنَّ آیَةَ مَوْتِكَ أَنَّ شَجَرَةً تَخْرُجُ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (2)یُقَالُ لَهَا الْخُرْنُوبَةُ قَالَ فَنَظَرَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَوْماً إِلَی شَجَرَةٍ قَدْ طَلَعَتْ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (3)فَقَالَ لَهَا سُلَیْمَانُ علیه السلام مَا اسْمُكِ قَالَتِ الْخُرْنُوبَةُ فَوَلَّی مُدْبِراً إِلَی مِحْرَابِهِ حَتَّی قَامَ فِیهِ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ فَقَبَضَهُ اللَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ (4)فَجَعَلَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ یَخْدُمُونَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی أَمْرِهِ كَمَا كَانُوا مِنْ قَبْلُ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ حَیٌّ حَتَّی دَبَّتِ الْأَرَضَةُ فِی عَصَاهُ (5)فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ فَانْكَسَرَتْ وَ وَقَعَ سُلَیْمَانُ علیه السلام إِلَی الْأَرْضِ (6).

كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ أَ فَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ الْآیَةَ (7)

«8»- ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ التَّمِیمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَاشَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً (8).

ص: 140


1- علل الشرائع: 36.
2- فی الكافی: من بیت المقدس. قلت: الخرنوب و الخروب- بضم الخاء و فتحها-: شجرة بریه شوك ذو حمل كالتفاح لكنه بشع، و شامیه ذو حمل كالخیار شنبر الا انه عریض و له ربّ و سویق قاله الفیروزآبادی.
3- فی الكافی: فنظر سلیمان علیه السلام یوما فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بیت المقدس.
4- فی الكافی: قال: فولی سلیمان مدبرا الی محرابه فقام فیه متكئا علی عصاه فقبض روحه من ساعته، قال: فجعلت.
5- فی الكافی: و هم یظنون أنّه حی لم یمت یغدون و یروحون و هو قائم ثابت حتّی دبت الأرضة من عصاه.
6- قصص الأنبیاء مخطوط.
7- روضة الكافی: 144، و فیه: و خر سلیمان علی الأرض.
8- اكمال الدین: 289.

«9»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام اسْتَخْلِفْ عَلَیْنَا ابْنَكَ (1)فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ لَا یَصْلُحُ لِذَلِكَ فَأَلَحُّوا عَلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی سَائِلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَإِنْ أَحْسَنَ الْجَوَابَ فِیهَا اسْتَخْلَفْتُهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَا طَعْمُ الْمَاءِ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ وَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ وَ أَیْنَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ مِنَ الْبَدَنِ وَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ الْقَسَاوَةُ وَ الرِّقَّةُ وَ مِمَّ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ وَ مِمَّ تَكَسُّبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ (2)فَلَمْ یُجِبْهُ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام طَعْمُ الْمَاءِ الْحَیَاةُ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ (3)وَ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ مِنْ شَحْمِ الْكُلْیَتَیْنِ وَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ أَ لَا تَرَی أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ قَلِیلَ الْعَقْلِ قِیلَ لَهُ مَا أَخَفَّ دِمَاغَهُ وَ الْقَسْوَةُ وَ الرِّقَّةُ مِنَ الْقَلْبِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَوَیْلٌ لِلْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ مِنَ الْقَدَمَیْنِ إِذَا أُتْعِبَا فِی الْمَشْیِ (4)یَتْعَبُ الْبَدَنُ وَ إِذَا أُودِعَا أُودِعَ الْبَدَنُ (5)وَ كَسْبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ مِنَ الْیَدَیْنِ إِذَا عُمِلَ بِهِمَا رَدَّتَا عَلَی الْبَدَنِ وَ إِذَا لَمْ یُعْمَلْ بِهِمَا لَمْ تَرُدَّا عَلَی الْبَدَنِ شَیْئاً (6).

تذنیب: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: قیل إن سلیمان علیه السلام كان یعتكف فی مسجد بیت المقدس السنة و السنتین و الشهر و الشهرین و أقل و أكثر یدخل فیه طعامه و شرابه و یتعبد فیه فلما كان فی المرة التی مات فیها لم یكن یصبح یوما إلا و تنبت شجرة كان یسألها سلیمان علیه السلام فتخبره عن اسمها و نفعها و ضرها فرأی یوما نبتا فقال ما اسمك قال الخرنوب قال لأی شی ء أنت قال للخراب فعلم أنه سیموت فقال اللّٰهم أعم علی الجن موتی لیعلم الإنس أنهم لا یعلمون الغیب و كان قد بقی من بنائه سنة و قال لأهله لا تخبروا الجن بموتی حتی یفرغوا من بنائه و دخل محرابه و قام متكئا علی

ص: 141


1- فی المصدر: استخلفه.
2- فی المصدر: و مم متعب البدن و دعته؟ و مم مكسبة البدن و حرمانه.
3- و لعلّ المراد من الطعم هنا الفائدة و النفع، أو أن الحیاة و القوّة لو كانتا ممّا یطعم لكان طعمهما طعم الماء و الخبز.
4- فی المصدر: إذا تعبا. قلت: الدعة: الراحة.
5- فی المصدر: و إذا ودعا ودع البدن، و مكسب البدن اه.
6- تفسیر القمّیّ: 568.

عصاه فمات و بقی قائما سنة و تم البناء ثم سلط اللّٰه علی منسأته الأرضة حتی أكلتها فخر میتا فعرف الجن موته و كانوا یحسبونه حیا لما كانوا یشاهدون من طول قیامه قبل ذلك.

و قیل إن فی إماتته قائما و بقائه كذلك أغراضا منها إتمام البناء و منها أن یعلم الإنس أن الجن لا یعلم الغیب و أنهم فی ادعاء ذلك كاذبون و منها أن یعلم أن من حضر أجله فلا یتأخر إذ لم یتأخر سلیمان علیه السلام مع جلالته و روی أنه أطلعه اللّٰه سبحانه علی حضور وفاته فاغتسل و تحنط و تكفن و الجن فی عملهم

وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ آصَفُ یُدَبِّرُ أَمْرَهُ حَتَّی دَبَّتِ الْأَرَضَةُ.

قال و ذكر أهل التأریخ أن عمر سلیمان علیه السلام كان ثلاثا و خمسین (1)سنة مدة ملكه منها أربعون سنة و ملك و هو ابن ثلاث عشرة سنة و ابتدأ فی بناء بیت المقدس بعد أربع سنین مضین من ملكه و قال رحمه اللّٰه و أما الوجه فی عمل الجن تلك الأعمال العظیمة فهو أن اللّٰه تعالی زاد فی أجسامهم و قوتهم و غیر خلقهم عن خلق الجن الذین لا یرون للطافتهم و رقة أجسامهم علی سبیل الإعجاز الدال علی نبوة سلیمان علیه السلام فكانوا بمنزلة الأسراء فی یده و كانوا تتهیأ لهم الأعمال التی كان یكلفها إیاهم ثم لما مات علیه السلام جعل اللّٰه خلقهم علی ما كانوا علیه فلا یتهیأ لهم فی هذا الزمان شی ء من ذلك انتهی. (2)

أقول: لا استبعاد فی أن یكونوا مخلوقین خلقة یمكنهم التصور بصورة مرئیة و لا استحالة فی أن یجعلهم اللّٰه مع لطافة أجسامهم قادرین علی الأعمال الصعبة كالملك و سیأتی القول فیهم فی كتاب السماء و العالم و قد مضی فی الباب الأول نقلا عن الإحتجاج لذلك وجه.

ص: 142


1- و فی تاریخ الیعقوبی: فمات و له اثنان و خمسون سنة، و كان له یوم ملك اثنتا عشرة سنة و تقدم فی الخبر السابع ما یخالفه و لكنه مجهول، و فی اثبات الوصیة: ملك سبعمائة سنة و ست عشرة سنة و ستة أشهر و اللّٰه یعلم.
2- مجمع البیان 8: 383 و 384.

باب 12 قصة قوم سبإ و أهل الثرثار

الآیات؛

سبأ: «لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ* وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها قُریً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ سِیرُوا فِیها لَیالِیَ وَ أَیَّاماً آمِنِینَ* فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ»(15-19)

«1»-فس، تفسیر القمی لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ قَالَ فَإِنَّ بَحْراً كَانَ مِنَ الْیَمَنِ وَ كَانَ سُلَیْمَانُ أَمَرَ جُنُودَهُ أَنْ یُجْرُوا لَهُمْ (1)خَلِیجاً مِنَ الْبَحْرِ الْعَذْبِ إِلَی بِلَادِ الْهِنْدِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ عَقَدُوا لَهُ عُقْدَةً عَظِیمَةً مِنَ الصَّخْرِ وَ الْكِلْسِ (2)حَتَّی یُفِیضَ عَلَی بِلَادِهِمْ وَ جَعَلُوا لِلْخَلِیجِ مَجَارِیَ وَ كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ یُرْسِلُوا مِنْهُ الْمَاءَ أَرْسَلُوهُ بِقَدْرِ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ وَ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّتَانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمَالٍ عَنْ مَسِیرَةِ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فِیمَنْ یَمُرُّ (3)لَا تَقَعُ عَلَیْهِ الشَّمْسُ مِنِ الْتِفَافِهَا فَلَمَّا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ نَهَاهُمُ الصَّالِحُونَ فَلَمْ یَنْتَهُوا بَعَثَ اللَّهُ عَلَی ذَلِكَ السَّدِّ الْجُرَذَ وَ هِیَ الْفَأْرَةُ الْكَبِیرَةُ فَكَانَتْ تَقْلَعُ الصَّخْرَةَ الَّتِی لَا یَسْتَقِلُّهَا الرَّجُلُ (4)وَ تَرْمِی بِهَا فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ هَرَبُوا وَ تَرَكُوا الْبِلَادَ فَمَا زَالَ الْجُرَذُ تَقْلَعُ الْحَجَرَ حَتَّی خَرَّبُوا ذَلِكَ السَّدَّ فَلَمْ یَشْعُرُوا حَتَّی غَشِیَهُمُ السَّیْلُ وَ خَرَّبَ بِلَادَهُمْ

ص: 143


1- فی المصدر: أن یجروا له.
2- الكلس بالفارسیة: آهك.
3- هكذا فی النسخ، و لعله مصحف فمن یمر و فی المصدر: فیما یمر، و فی البرهان: فیها ثمر لا یقع علیها الشمس.
4- فی المصدر: تقتلع الصخرة التی لا یستقلها الرجال.

وَ قَلَعَ أَشْجَارَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْكَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ إِلَی قَوْلِهِ سَیْلَ الْعَرِمِ أَیِ الْعَظِیمِ الشَّدِیدِ وَ بَدَّلْناهُمْ (1)بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ هُوَ أُمُّ غَیْلَانَ وَ أَثْلٍ قَالَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطَّرْفَاءِ (2)وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا إِلَی قَوْلِهِ بارَكْنا فِیها قَالَ مَكَّةُ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ إِلَی قَوْلِهِ شَكُورٍ (3)

«2»-سن، المحاسن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ (4)عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنِّی لَأَلْعَقُ (5)أَصَابِعِی مِنَ المأدم (الْأُدْمِ) حَتَّی أَخَافُ أَنْ یَرَی خَادِمِی أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جَشَعٍ وَ لَیْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِنَّ قَوْماً أُفْرِغَتْ عَلَیْهِمُ النِّعْمَةُ وَ هُمْ أَهْلُ الثَّرْثَارِ فَعَمَدُوا إِلَی مُخِّ الْحِنْطَةِ فَجَعَلُوهُ خُبْزاً هَجَاءً فَجَعَلُوا یُنَجُّونَ بِهِ صِبْیَانَهُمْ حَتَّی اجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ قَالَ فَمَرَّ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَی امْرَأَةٍ وَ هِیَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِصَبِیٍّ لَهَا فَقَالَ وَیْحَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ لَا تُغَیِّرُوا مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ (6)فَقَالَتْ كَأَنَّكَ تُخَوِّفُنَا بِالْجُوعِ أَمَّا مَا دَامَ ثَرْثَارُنَا یَجْرِی فَإِنَّا لَا نَخَافُ الْجُوعَ قَالَ فَأَسِفَ اللَّهُ (7)عَزَّ وَ جَلَّ وَ ضَعَّفَ لَهُمُ الثَّرْثَارَ وَ حَبَسَ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ نَبْتَ الْأَرْضِ قَالَ فَاحْتَاجُوا إِلَی مَا فِی أَیْدِیهِمْ فَأَكَلُوهُ ثُمَّ احْتَاجُوا إِلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ فَإِنْ كَانَ لَیُقَسَّمُ بَیْنَهُمْ بِالْمِیزَانِ (8).

أقول: قد أوردنا أخبارا كثیرة فی ذلك فی باب آداب الاستنجاء.

«3»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام (9)عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا

ص: 144


1- هكذا فی النسخ و الصحیح كما فی المصحف الشریف و المصدر: و بدلناهم.
2- قیل: طرفاء بالفارسیة: گز.
3- تفسیر القمّیّ: 537 و 538.
4- فی المصدر: عن أبیه، عن عبد اللّٰه بن المغیرة.
5- لعق العسل أو نحوه: لحسه و تناوله بلسانه أو اصبعه.
6- فی المصدر: اتقوا اللّٰه، لا یغیر ما بكم من نعمة.
7- أی فعل فعل من یأسف و یغضب. و فی المصدر: و أضعف لهم الثرثار. أی صیره ضعیفا.
8- محاسن البرقی: 586.
9- فی الكافی فی الاسناد الآتی: أبا عبد اللّٰه علیه السلام.

وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ قُرًی مُتَّصِلَةٌ یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ أَنْهَارٌ جَارِیَةٌ وَ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ فَكَفَرُوا بِأَنْعُمِ اللَّهِ (1)وَ غَیَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ وَ أَخْرَبَ دِیَارَهُمْ وَ ذَهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَبْدَلَهُمْ مَكَانَ جَنَّاتِهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ (2).

كا، الكافی علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن محبوب مثله (3)

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بالإسناد عن الصدوق عن ابن المتوكل عن الحمیری عن ابن عیسی عن ابن محبوب مثله (4)

قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ المراد بسبإ هاهنا القبیلة الذین هم أولاد سبإ بن یشجب بن یعرب بن قحطان فِی مَسْكَنِهِمْ (5)أی فی بلدهم آیَةٌ أی حجة علی وحدانیة اللّٰه عز اسمه و كمال قدرته و علامة علی سبوغ نعمه ثم فسر سبحانه الآیة فقال جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ أی بستانان عن یمین من أتاهما و شماله و قیل عن یمین البلد و شماله و قیل إنه لم یرد جنتین اثنتین و المراد كانت دیارهم علی وتیرة واحدة إذ كانت البساتین عن یمینهم و شمالهم متصلة بعضها ببعض و كان من كثرة النعم أن المرأة كانت تمشی و المكتل (6)علی رأسها فیمتلئ بالفواكه من غیر أن تمس بیدها شیئا و قیل الآیة المذكورة هی أنه لم یكن فی قریتهم بعوضة و لا ذباب و لا برغوث و لا عقرب و لا حیة و كان الغریب إذا دخل بلادهم و فی ثیابه قمل و دواب ماتت عن ابن زید

ص: 145


1- فی الكافی فی الاسناد الآتی: فكفروا نعم اللّٰه عزّ و جلّ و غیروا ما بأنفسهم من عافیة اللّٰه فغیر اللّٰه ما بهم من نعمة، و ان اللّٰه لا یغیر ما بقوم حتّی یغیروا ما بانفسهم، فارسل اللّٰه اه. و فیه: و خرب دیارهم و أذهب أموالهم.
2- روضة الكافی: 395 و 396.
3- أصول الكافی 2: 274.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- هكذا فی النسخ و هو تحریف، و الصحیح كما فی المصدر: فی مسكنهم.
6- المكتل: زنبیل من خوص.

و قیل إن المراد بالآیة خروج الأزهار و الثمار من الأشجار علی اختلاف ألوانها و طعومها و قیل إنها كانت ثلاث عشرة قریة فی كل قریة نبی یدعوهم إلی اللّٰه سبحانه یقولون لهم كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ أی كلوا مما رزقكم اللّٰه فی هذه الجنان و اشكروا له یزدكم من نعمه و استغفروه یغفر لكم بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ أی هذه بلدة مخصبة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات و لیست بسبخة و لیس فیها شی ء من الهوام الموذیة و قیل أراد به صحة هوائها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنه لیس فیها حر یؤذی فی القیظ و لا برد یؤذی فی الشتاء وَ رَبٌّ غَفُورٌ أی كثیر المغفرة للذنوب فَأَعْرَضُوا عن الحق و لم یشكروا اللّٰه سبحانه و لم یقبلوا ممن دعاهم إلی اللّٰه من أنبیائه فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ و ذلك أن الماء كان یأتی أرض سبإ من أودیة الیمن و كان هناك جبلان یجتمع ماء المطر و السیول بینهما فسدوا ما بین الجبلین فإذا احتاجوا إلی الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوا یسقون زروعهم و بساتینهم فلما كذبوا رسلهم و تركوا أمر اللّٰه بعث اللّٰه جرذا نقب ذلك الردم و فاض الماء علیهم فأغرقهم عن وهب. (1)و قال البیضاوی سَیْلَ الْعَرِمِ أی سیل الأمر العرم أی الصعب من عرم الرجل فهو عارم و عرم إذا شرس خلقه و صعب أو المطر الشدید أو الجرذ أضاف إلیه السیل لأنه نقب علیهم سكرا (2)ضربت لهم بلقیس فحقنت (3)به ماء الشجر و تركت فیه نقبا علی مقدار ما یحتاجون إلیه أو المسناة (4)التی عقدت سكرا علی أنه جمع عرمة و هی الحجارة المركومة و قیل اسم واد جاء السیل من قبله و كان ذلك بین عیسی علیه السلام و محمد صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُكُلٍ خَمْطٍ مر بشع (5)فإن الخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة و قیل الأراك أو كل شجر لا شوك له وَ أَثْلٍ وَ شَیْ ءٍ

ص: 146


1- مجمع البیان 8: 386. و فیه: نقبت ذلك الردم. قلت: الردم: السد.
2- فی نسخة: سدا. و السكر بالكسر فالسكون: السد.
3- أی حبست.
4- المسناة: ما یبنی فی وجه السیل.
5- فی المصدر و فی نسخة: ثمر بشع. قلت: شی ء بشع أی كریه الطعم یأخذ بالحلق.

مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ و الأثل هو الطرفاء و لا ثمر له و وصف السدر بالقلة فإن جناه و هو النبق مما یطیب أكله و لذلك یغرس فی البساتین ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِما كَفَرُوا بكفرانهم النعمة أو بكفرهم بالرسل إذ روی أنه بعث إلیهم ثلاثة عشر نبیا فكذبوهم وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْكَفُورَ و هل نجازی بمثل ما فعلنا بهم إلا البلیغ فی الكفران أو الكفر وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها بالتوسعة علی أهلها و هی قری الشام قُریً ظاهِرَةً متواصلة یظهر بعضها لبعض أو راكبة متن الطریق ظاهرة لأبناء السبیل وَ قَدَّرْنا فِیهَا السَّیْرَ بحیث یقیل الغادی فی قریة و یبیت الرائح فی قریة إلی أن یبلغ الشام سِیرُوا فِیها علی إرادة القول بلسان الحال أو المقال لَیالِیَ وَ أَیَّاماً متی شئتم من لیل أو نهار آمِنِینَ فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَیْنَ أَسْفارِنا أشروا النعمة و ملوا العافیة كبنی إسرائیل فسألوا اللّٰه أن یجعل بینهم و بین الشام مفاوز لیتطاولوا فیها علی الفقراء بركوب الرواحل و تزود الأزواد فأجابهم اللّٰه بتخریب القری المتوسطة وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حیث بطروا النعمة و لم یعتدوا بها فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ یتحدث الناس بهم تعجبا و ضرب مثل فیقولون تفرقوا أیدی سبإ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ففرقناهم غایة التفریق حتی لحق غسان منهم بالشام و أنمار بیثرب و جذام بتهامة و الأزد بعمان. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه روی الكلبی عن أبی صالح قال ألقت طریفة الكاهنة إلی عمرو بن عامر الذی یقال له مزیقیا بن ماء السماء و كانت قد رأت فی كهانتها أن سد مأرب سیخرب و أنه سیأتی سیل العرم فیخرب الجنتین فباع عمرو بن عامر أمواله و سار هو و قومه حتی انتهوا إلی مكة فأقاموا بها و ما حولها فأصابتهم الحمی و كانوا ببلد لا یدرون فیه ما الحمی فدعوا طریفة و شكوا إلیها الذی أصابهم فقالت لهم قد أصابنی الذی تشتكون و هو مفرق بیننا قالوا فما ذا تأمرین قالت من كان منكم ذا هم بعید و جمل شدید و مزاد جدید فلیلحق بقصر عمان المشید فكانت أزد عمان ثم قالت من كان منكم ذا جلد و قسر و صبر علی أزمات الدهر (2)فعلیه بالأراك من بطن مر فكانت خزاعة ثم قالت

ص: 147


1- أنوار التنزیل 2: 287- 288.
2- الجلد: الشدة و القوّة. و القسر: القهر و الغلبة. و أزمات الدهر: شدائده و ما یشد به الإنسان من المكاره.

من كان منكم یرید الراسیات فی الوحل المطعمات فی المحل (1)فلیلحق بیثرب ذات النخل فكانت الأوس و الخزرج ثم قالت من كان منكم یرید الخمر و الخمیر و الملك و التأمیر و ملابس التاج و الحریر فلیلحق ببصری و عویر و هما من أرض الشام و كان الذین سكنوها آل جفنة بن غسان ثم قالت من كان منكم یرید الثیاب الرقاق و الخیل العتاق و كنوز الأرزاق و الدم المهراق فلیلحق بأرض العراق و كان الذین سكنوها آل جزیمة الأبرش و من كان بالحیرة و آل محرق (2).

باب 13 قصة أصحاب الرس و حنظلة

الآیات؛

الحج: «فَكَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِیَ ظالِمَةٌ فَهِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِیدٍ»(45)

الفرقان: «وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ»(38)

ق: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِ»(12)

«1»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ تَمِیمٍ یُقَالُ لَهُ عَمْرٌو فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَصْحَابِ الرَّسِّ فِی أَیِّ عَصْرٍ كَانُوا وَ أَیْنَ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَ مَنْ كَانَ مَلِكَهُمْ وَ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ رَسُولًا أَمْ لَا وَ بِمَا ذَا أُهْلِكُوا فَإِنِّی أَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَهُمْ وَ لَا أَجِدُ خَبَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ حَدِیثٍ مَا سَأَلَنِی عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَ لَا یُحَدِّثُكَ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِی إِلَّا عَنِّی وَ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آیَةٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْرِفُ تَفْسِیرَهَا (3)وَ فِی أَیِّ مَكَانٍ نَزَلَتْ مِنْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ وَ فِی أَیِّ وَقْتٍ نَزَلَتْ مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً

ص: 148


1- المحل: الجدب. الجوع الشدید. كنی بها عن النخل.
2- مجمع البیان 8: 387.
3- فی العیون: الا و أنا أعرفها و أعرف تفسیرها.

جَمّاً وَ أَشَارَ إِلَی صَدْرِهِ وَ لَكِنَّ طُلَّابَهُ یَسِیرٌ وَ عَنْ قَلِیلٍ یَنْدَمُونَ لَوْ فَقَدُونِی قَالَ كَانَ مِنْ قِصَّتِهِمْ یَا أَخَا تَمِیمٍ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً یَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ یَافِثُ بْنُ نُوحٍ غَرَسَهَا عَلَی شَفِیرِ عَیْنٍ یُقَالُ لَهَا رُوشَابُ (1)كَانَتْ أُنْبِطَتْ (2)لِنُوحٍ علیه السلام بَعْدَ الطُّوفَانِ وَ إِنَّمَا سُمُّوا أَصْحَابَ الرَّسِّ لِأَنَّهُمْ رَسُّوا نَبِیَّهُمْ فِی الْأَرْضِ (3)وَ ذَلِكَ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام (4)وَ كَانَتْ لَهُمْ اثْنَتَا عَشْرَةَ قَرْیَةً عَلَی شَاطِئِ نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ بِهِمْ سُمِّیَ ذَلِكَ النَّهَرُ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ نَهَرٌ أَغْزَرُ مِنْهُ وَ لَا أَعْذَبُ مِنْهُ وَ لَا قُرًی أَكْثَرُ (5)وَ لَا أَعْمَرُ مِنْهَا تُسَمَّی إِحْدَاهُنَّ أَبَانَ وَ الثَّانِیَةُ آذَرَ وَ الثَّالِثَةُ دَیْ وَ الرَّابِعَةُ بَهْمَنَ وَ الْخَامِسَةُ إِسْفَنْدَارَ وَ السَّادِسَةُ فَرْوَرْدِینَ (6)وَ السَّابِعَةُ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ الثَّامِنَةُ خُرْدَادَ (7)وَ التَّاسِعَةُ مُرْدَادَ وَ الْعَاشِرَةُ تِیرَ وَ الْحَادِیَ عَشْرَةَ مِهْرَ وَ الثَّانِیَ عَشْرَةَ شَهْرِیوَرْدَ (8)وَ كَانَتْ أَعْظَمَ مَدَائِنِهِمْ إِسْفَنْدَارُ وَ هِیَ الَّتِی یَنْزِلُهَا مَلِكُهُمْ وَ كَانَ یُسَمَّی تركوذ بْنَ غابور بْنِ یارش بْنِ سازن (9)بْنِ نُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ فِرْعَوْنَ إِبْرَاهِیمَ وَ بِهَا الْعَیْنُ وَ الصَّنَوْبَرَةُ (10)وَ قَدْ غَرَسُوا فِی كُلِّ قَرْیَةٍ مِنْهَا حَبَّةً مِنْ طَلْعِ تِلْكَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ أَجْرَوْا إِلَیْهَا نَهَراً مِنَ الْعَیْنِ الَّتِی عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ فَنَبَتَتِ الْحَبَّةُ وَ صَارَتْ شَجَرَةً عَظِیمَةً وَ حَرَّمُوا مَاءَ الْعَیْنِ وَ الْأَنْهَارِ فَلَا یَشْرَبُونَ مِنْهَا وَ لَا أَنْعَامُهُمْ وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَتَلُوهُ وَ یَقُولُونَ هُوَ حَیَاةُ آلِهَتِنَا فَلَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ حَیَاتِهَا وَ یَشْرَبُونَ هُمْ وَ أَنْعَامُهُمْ مِنْ نَهَرِ الرَّسِّ الَّذِی عَلَیْهِ

ص: 149


1- فی نسخة: روشتاب. و فی العرائس: دوشان.
2- أنبط البئر: استخرج ماءها. و فی العلل و العرائس «نبعت» و فی النسخة المطبوعة «انبتت» و هو وهم.
3- أی دسوهم فیها و و أدوهم.
4- فی العرائس: و ذلك قبل سلیمان بن داود.
5- فی العیون: و لا قری أكبر منها و لا أعمر منها. و فی العرائس: و لا قری أكثر سكانا و عمرانا منها.
6- فی العلل: پروردین.
7- فی نسخة: و الثامنة آذر، و فی أخری و العلل: آذار.
8- فی كلا المصدرین: شهریور.
9- فی العلل: بركوذ بن غابور بن یارش بن شارب. و فی العرائس: تركون بن عابور بن نوش بن سارب.
10- فی العرائس: و فیها العین التی یسقون منها الصنوبرة التی كانوا یعبدونها، و قد غرسوا.

قُرَاهُمْ وَ قَدْ جَعَلُوا فِی كُلِّ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ فِی كُلِّ قَرْیَةٍ عِیداً یَجْتَمِعُ إِلَیْهِ أَهْلُهَا فَیَضْرِبُونَ عَلَی الشَّجَرَةِ الَّتِی بِهَا كِلَّهً (1)مِنْ حَرِیرٍ فِیهَا مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ ثُمَّ یَأْتُونَ بِشَاءٍ (2)وَ بَقَرٍ فَیَذْبَحُونَهَا قُرْبَاناً لِلشَّجَرَةِ وَ یُشْعِلُونَ فِیهَا النِّیرَانَ بِالْحَطَبِ فَإِذَا سَطَحَ دُخَانُ تِلْكَ الذَّبَائِحِ وَ قُتَارُهَا (3)فِی الْهَوَاءِ وَ حَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ النَّظَرِ إِلَی السَّمَاءِ خَرُّوا لِلشَّجَرَةِ سُجَّداً یَبْكُونَ وَ یَتَضَرَّعُونَ إِلَیْهَا أَنْ تَرْضَی عَنْهُمْ فَكَانَ الشَّیْطَانُ یَجِی ءُ فَیُحَرِّكُ أَغْصَانَهَا وَ یَصِیحُ مِنْ سَاقِهَا صِیَاحَ الصَّبِیِّ إِنِّی قَدْ رَضِیتُ عَنْكُمْ عِبَادِی فَطِیبُوا نَفْساً وَ قَرُّوا عَیْناً فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَ یَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَ یَضْرِبُونَ بِالْمَعَازِفِ (4)وَ یَأْخُذُونَ الدَّسْتْبَنْدَ فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ یَوْمَهُمْ وَ لَیْلَتَهُمْ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ وَ إِنَّمَا سَمَّتِ الْعَجَمُ شُهُورَهَا بِأَبَانْ مَاهَ وَ آذَرْ مَاهَ وَ غَیْرِهِمَا اشْتِقَاقاً مِنْ أَسْمَاءِ تِلْكَ الْقُرَی لِقَوْلِ أَهْلِهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا عِیدُ شَهْرِ كَذَا وَ عِیدُ شَهْرِ كَذَا حَتَّی إِذَا كَانَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی (5)اجْتَمَعَ إِلَیْهَا صَغِیرُهُمْ وَ كَبِیرُهُمْ فَضَرَبُوا عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ الْعَیْنِ سُرَادِقاً مِنْ دِیبَاجٍ عَلَیْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ وَ جَعَلُوا لَهُ اثْنَیْ عَشَرَ بَاباً كُلُّ بَابٍ لِأَهْلِ قَرْیَةٍ مِنْهُمْ وَ یَسْجُدُونَ لِلصَّنَوْبَرَةِ خَارِجاً مِنَ السُّرَادِقِ وَ یُقَرِّبُونَ لَهَا الذَّبَائِحَ أَضْعَافَ مَا قَرَّبُوا لِلشَّجَرَةِ الَّتِی فِی قُرَاهُمْ فَیَجِی ءُ إِبْلِیسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَیُحَرِّكُ الصَّنَوْبَرَةَ تَحْرِیكاً شَدِیداً وَ یَتَكَلَّمُ مِنْ جَوْفِهَا كَلَاماً جَهْوَرِیّاً وَ یَعِدُهُمْ وَ یُمَنِّیهِمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَعَدَتْهُمْ وَ مَنَّتْهُمُ الشَّیَاطِینُ كُلُّهَا فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ مِنَ السُّجُودِ وَ بِهِمْ مِنَ الْفَرَحِ وَ النَّشَاطِ مَا لَا یُفِیقُونَ وَ لَا یَتَكَلَّمُونَ مِنَ الشُّرْبِ وَ الْعَزْفِ (6)فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ اثْنَیْ عَشَرَ یَوْماً وَ لَیَالِیَهَا بِعَدَدِ أَعْیَادِهِمْ سَائِرَ السَّنَةِ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ فَلَمَّا طَالَ

ص: 150


1- الكلة بالكسر: الستر الرقیق. غشاء رقیق یخاط كالبیت یتوقی به من البعوض و یعرف بالناموسیة و یقال بالفارسیة پشه بند و فی العرائس: یضربون علی تلك الشجرة مظلة من حریر فیها اصناف الصور.
2- جمع الشاة.
3- القتار بالضم: الدخان من المطبوخ.
4- المعازف: آلات الطرب كالطنبور و العود.
5- فی العیون: عید شهر قریتهم العظمی.
6- فی العرائس: و لا یتكلمون معه فیدیمون الشرب و المعازف و یكونون.

كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِبَادَتُهُمْ غَیْرَهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ وُلْدِ یَهُودَا بْنِ یَعْقُوبَ فَلَبِثَ فِیهِمْ زَمَاناً طَوِیلًا یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ رُبُوبِیَّتِهِ (1)فَلَا یَتَّبِعُونَهُ فَلَمَّا رَأَی شِدَّةَ تَمَادِیهِمْ فِی الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ وَ تَرْكَهُمْ قَبُولَ مَا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الرُّشْدِ وَ النَّجَاحِ وَ حَضَرَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ عِبَادَكَ أَبَوْا إِلَّا تَكْذِیبِی وَ الْكُفْرَ بِكَ (2)وَ غَدَوْا یَعْبُدُونَ شَجَرَةً لَا تَنْفَعُ وَ لَا تَضُرُّ فَأَیْبِسْ شَجَرَهُمْ أَجْمَعَ وَ أَرِهِمْ قُدْرَتَكَ وَ سُلْطَانَكَ فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَ قَدْ یَبِسَ شَجَرُهُمْ كُلُّهَا فَهَالَهُمْ ذَلِكَ وَ قُطِعَ بِهِمْ وَ صَارُوا فِرْقَتَیْنِ فِرْقَةٌ قَالَتْ سَحَرَ آلِهَتَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِی زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ إِلَیْكُمْ لِیَصْرِفَ وُجُوهَكُمْ عَنْ آلِهَتِكُمْ إِلَی إِلَهِهِ وَ فِرْقَةٌ قَالَتْ لَا بَلْ غَضِبَتْ آلِهَتُكُمْ حِینَ رَأَتْ هَذَا الرَّجُلَ یَعِیبُهَا وَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَدْعُوكُمْ إِلَی عِبَادَةِ غَیْرِهَا فَحَجَبَتْ حُسْنَهَا وَ بَهَاءَهَا لِكَیْ تَغْضَبُوا لَهَا فَتَنْتَصِرُوا مِنْهُ فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی قَتْلِهِ فَاتَّخَذُوا أَنَابِیبَ (3)طِوَالًا مِنْ رَصَاصٍ وَاسِعَةَ الْأَفْوَاهِ ثُمَّ أَرْسَلُوهَا فِی قَرَارِ الْعَیْنِ (4)إِلَی أَعْلَی الْمَاءِ وَاحِدَةً فَوْقَ الْأُخْرَی مِثْلَ الْبَرَابِخِ وَ نَزَحُوا مَا فِیهَا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ حَفَرُوا فِی قَرَارِهَا بِئْراً ضَیِّقَةَ الْمَدْخَلِ عَمِیقَةً وَ أَرْسَلُوا فِیهَا نَبِیَّهُمْ (5)وَ أَلْقَمُوا فَاهَا صَخْرَةً عَظِیمَةً ثُمَّ أَخْرَجُوا الْأَنَابِیبَ مِنَ الْمَاءِ وَ قَالُوا نَرْجُو الْآنَ أَنْ تَرْضَی عَنَّا آلِهَتُنَا إِذَا رَأَتْ أَنَّا قَدْ قَتَلْنَا مَنْ كَانَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَصُدُّنَا عَنْ عِبَادَتِهَا وَ دَفَنَّاهُ تَحْتَ كَبِیرِهَا یَتَشَفَّی مِنْهُ فَیَعُودَ لَنَا نُورُهَا وَ نَضْرَتُهَا كَمَا كَانَ فَبَقُوا عَامَّةَ یَوْمِهِمْ یَسْمَعُونَ أَنِینَ نَبِیِّهِمْ وَ هُوَ یَقُولُ سَیِّدِی قَدْ تَرَی ضِیقَ مَكَانِی وَ شِدَّةَ كَرْبِی فَارْحَمْ ضَعْفَ رُكْنِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ عَجِّلْ بِقَبْضِ رُوحِی وَ لَا تُؤَخِّرْ إِجَابَةَ دَعْوَتِی حَتَّی مَاتَ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِجَبْرَئِیلَ یَا جَبْرَئِیلُ أَ یَظُنُّ عِبَادِی هَؤُلَاءِ الَّذِینَ غَرَّهُمْ

ص: 151


1- فی العرائس: و یعرفهم ربوبیته، فلا یتبعونه و لا یسمعون مقالته، فلما رأی شدة ما هم فیه من الغی و الضلالة.
2- فی العرائس: یا ربّ ان عبادك أبوا تصدیقی و دعوتی الیهم، و ما أرادوا الا تكذیبی و الكفر بك، ثمّ غدوا.
3- انابیب جمع الانبوب: ما بین العقدتین من القصب أو الرمح. و یستعار لكل اجوف مستدیر كالقصب و منه انبوب الماء لقناته. و القناة: ما یحفر فی الأرض لیجری فیه الماء.
4- فی نسخة من العیون: فی قرار الأرض.
5- فی العرائس: فرسوا فیها نبیهم.

حِلْمِی وَ أَمِنُوا مَكْرِی وَ عَبَدُوا غَیْرِی وَ قَتَلُوا رَسُولِی أَنْ یَقُومُوا لِغَضَبِی أَوْ یَخْرُجُوا مِنْ سُلْطَانِی كَیْفَ وَ أَنَا الْمُنْتَقِمُ مِمَّنْ عَصَانِی وَ لَمْ یَخْشَ عِقَابِی وَ إِنِّی حَلَفْتُ بِعِزَّتِی لَأَجْعَلَنَّهُمْ عِبْرَةً وَ نَكَالًا لِلْعَالَمِینَ فَلَمْ یَرُعْهُمْ وَ هُمْ فِی عِیدِهِمْ ذَلِكَ (1)إِلَّا بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَةِ الْحُمْرَةِ فَتَحَیَّرُوا فِیهَا وَ ذُعِرُوا مِنْهَا وَ تَضَامَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ صَارَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِیتٍ یَتَوَقَّدُ (2)وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ فَأَلْقَتْ عَلَیْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْراً یَلْتَهِبُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی النَّارِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مِنْ غَضَبِهِ وَ نُزُولِ نَقِمَتِهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (3).

بیان: روی الثعلبی فی العرائس (4)هذه الروایة عن علی بن الحسین علیهما السلام نحوا مما أوردنا.

قوله علیه السلام و بهم سمی ذلك النهر أی سمی ذلك النهر الرس لفعلهم حیث رسوا نبیهم فیه قال الفیروزآبادی الرس البئر المطویة بالحجارة و بئر كانت لبقیة من ثمود كذبوا نبیهم و رسوه فی بئر و الحفر و الدس و دفن المیت انتهی قوله علیه السلام و حرموا ماء العین یدل علی أن العین التی كانت عند الصنوبرة غیر الرس الذی كان علیه قراهم و الكلة بالكسر الستر الرقیق یخاط كالبیت یتوقی فیه من البق و القترة بالفتح الغبرة و القتار بالضم ریح البخور و القدر و الشواء و المعازف الملاهی قوله و یأخذون الدستبند لعل المراد به ما یسمی بالفارسیة أیضا سنج و یحتمل أن یكون المراد التزین بالأسورة و كلام جهوری أی عال و یظهر منه أن الذین كانوا یتكلمون فی الأشجار الأخر كانوا غیر إبلیس من أعوانه و فی القاموس قطع بزید كعنی فهو مقطوع به عجز من سفره بأی سبب كان أو حیل بینه و بین ما یؤمله و البربخ بالباءین الموحدتین و الخاء المعجمة ما یعمل من الخزف للبئر و مجاری الماء.

«2»-فس، تفسیر القمی أَصْحَابُ الرَّسِّ هُمُ الَّذِینَ هَلَكُوا لِأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوُا الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ

ص: 152


1- فی العلل: فلم یدعهم و فی عیدهم ذلك. و فی العرائس: فبینما هم اذ غشیتهم ریح حمراء.
2- فی العرائس: كحجر كبریت تتوقد.
3- عیون الأخبار: 114- 116 علل الشرائع: 25- 26.
4- راجع العرائس: 87- 88.

وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَ الرَّسُّ نَهَرٌ بِنَاحِیَةِ آذَرْبَایِجَانَ (1).

«3»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی أَصْحَابِ الرَّسِّ أَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَی نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ قَدْ قِیلَ إِنَّ الرَّسَّ هُوَ الْبِئْرُ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ رَسُّوا نَبِیَّهُمْ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ كَانُوا قَوْماً یَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ غَرَسَهَا یَافِثُ بْنُ نُوحٍ فَأَنْبَتَتْ (2)لِنُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ وَ كَانَ نِسَاؤُهُمْ یَشْتَغِلْنَ بِالنِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَةِ الْحُمْرَةِ وَ جَعَلَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِیتٍ یَتَوَقَّدُ وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ فَانْكَفَّتْ عَلَیْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْرَةً تَلْتَهِبُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی النَّارِ (3).

«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ وَ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام عَنْ أَصْحَابِ الرَّسِّ الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ مَنْ هُمْ وَ مِمَّنْ هُمْ وَ أَیَّ قَوْمٍ كَانُوا فَقَالَ كَانَا رَسَّیْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَیْسَ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ كَانَ أَهْلُهُ أَهْلَ بَدْوٍ وَ أَصْحَابَ شَاةٍ وَ غَنَمٍ فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِمْ صَالِحَ النَّبِیِّ علیه السلام رَسُولًا فَقَتَلُوهُ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ وَ عَضَدَهُ بِوَلِیٍّ فَقَتَلُوا الرَّسُولَ وَ جَاهَدَ الْوَلِیُّ حَتَّی أَفْحَمَهُمْ وَ كَانُوا یَقُولُونَ إِلَهُنَا فِی الْبَحْرِ وَ كَانُوا عَلَی شَفِیرِهِ وَ كَانَ لَهُمْ عِیدٌ فِی السَّنَةِ یَخْرُجُ حُوتٌ عَظِیمٌ مِنَ الْبَحْرِ فِی تِلْكَ الْیَوْمِ فَیَسْجُدُونَ لَهُ فَقَالَ وَلِیُّ صَالِحٍ لَهُمْ لَا أُرِیدُ أَنْ تَجْعَلُونِی رَبّاً وَ لَكِنْ هَلْ تُجِیبُونِی إِلَی مَا دَعَوْتُكُمْ إِنْ أَطَاعَنِی ذَلِكَ الْحُوتُ فَقَالُوا نَعَمْ وَ أَعْطَوْهُ عُهُوداً وَ مَوَاثِیقَ فَخَرَجَ حُوتٌ رَاكِبٌ عَلَی أَرْبَعَةِ أَحْوَاتٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ خَرُّوا سُجَّداً فَخَرَجَ وَلِیُّ صَالِحٍ النَّبِیِّ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ ائْتِنِی طَوْعاً أَوْ كَرْهاً بِسْمِ اللَّهِ الْكَرِیمِ فَنَزَلَ عَنْ أَحْوَاتِهِ فَقَالَ الْوَلِیُّ ایتِنِی عَلَیْهِنَّ لِئَلَّا یَكُونَ مِنَ الْقَوْمِ فِی أَمْرِی شَكٌّ فَأَتَی الْحُوتُ إِلَی الْبَرِّ یَجُرُّهَا وَ تَجُرُّهُ إِلَی عِنْدِ وَلِیِّ صَالِحٍ فَكَذَّبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ رِیحاً فَقَذَفَتْهُمْ فِی الْیَمِّ أَیِ الْبَحْرِ وَ مَوَاشِیَهُمْ

ص: 153


1- تفسیر القمّیّ: 643.
2- فی نسخة: فانبطت. و قد تقدم معناه.
3- معانی الأخبار: 19.

فَأَتَی الْوَحْیُ إِلَی وَلِیِّ صَالِحٍ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ الْبِئْرِ وَ فِیهَا الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ فَانْطَلَقَ فَأَخَذَهُ فَفَضَّهُ (1)عَلَی أَصْحَابِهِ بِالسَّوِیَّةِ عَلَی الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ وَ أَمَّا الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَهُمْ قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ نَهَرٌ یُدْعَی الرَّسَّ وَ كَانَ فِیهِمْ أَنْبِیَاءُ كَثِیرَةٌ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ وَ أَیْنَ الرَّسُّ فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ بِمُنْقَطَعِ آذَرْبِیجَانَ وَ هُوَ بَیْنَ حَدِّ إِرْمِینِیَةَ (2)وَ آذَرْبِیجَانَ وَ كَانُوا یَعْبُدُونَ الصُّلْبَانَ (3)فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ ثَلَاثِینَ نَبِیّاً فِی مَشْهَدٍ وَاحِدٍ فَقَتَلُوهُمْ جَمِیعاً فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً وَ بَعَثَ مَعَهُ وَلِیّاً فَجَاهَدَهُمْ وَ بَعَثَ اللَّهُ مِیكَائِیلَ فِی أَوَانِ وُقُوعِ الْحَبِّ وَ الزَّرْعِ فَأَنْضَبَ مَاءَهُمْ (4)فَلَمْ یَدَعْ عَیْناً وَ لَا نَهَراً وَ لَا مَاءً لَهُمْ إِلَّا أَیْبَسَهُ وَ أَمَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَ مَوَاشِیَهُمْ وَ أَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَابْتَلَعَتْ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ تِبْرٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ آنِیَةٍ فَهُوَ لِقَائِمِنَا علیه السلام إِذَا قَامَ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ جُوعاً وَ عَطَشاً فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِیَةٌ وَ بَقِیَ مِنْهُمْ قَوْمٌ مُخْلِصُونَ فَدَعَوُا اللَّهَ أَنْ یُنْجِیَهُمْ بِزَرْعٍ وَ مَاشِیَةٍ وَ مَاءٍ وَ یَجْعَلَهُ قَلِیلًا لِئَلَّا یَطْغَوْا فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَی ذَلِكَ لِمَا عَلِمَ مِنْ صِدْقِ نِیَّاتِهِمْ ثُمَّ عَادَ الْقَوْمُ إِلَی مَنَازِلِهِمْ فَوَجَدُوهَا قَدْ صَارَتْ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا وَ أَطْلَقَ اللَّهُ لَهُمْ نَهَرَهُمْ وَ زَادَهُمْ فِیهِ عَلَی مَا سَأَلُوا فَقَامُوا عَلَی الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّی مَضَی أُولَئِكَ الْقَوْمُ وَ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ نَسْلٌ أَطَاعُوا اللَّهَ فِی الظَّاهِرِ وَ نَافَقُوهُ فِی الْبَاطِنِ وَ عَصَوْا بِأَشْیَاءَ شَتَّی فَبَعَثَ اللَّهُ مَنْ أَسْرَعَ فِیهِمُ الْقَتْلَ فَبَقِیَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الطَّاعُونَ فَلَمْ یُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً وَ بَقِیَ نَهَرُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ مِائَتَیْ عَامٍ لَا یَسْكُنُهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَتَی اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَزَلُوهَا وَ كَانُوا صَالِحِینَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَاحِشَةً وَ اشْتَغَلَ الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ صَاعِقَةً فَلَمْ یُبْقِ مِنْهُمْ بَاقِیَةً (5).

بیان: قوله بموضع ذلك البئر یظهر منه أنهم كانوا دفنوا أموالهم فی بئر سیظهر مما سننقل من روایة الثعلبی أن فیه تصحیفا.

ص: 154


1- أی ففرقه.
2- بكسر اوله و یفتح، و تخفیف الیاء الأخیرة و قد یشدد: اسم لصقع عظیم واسع فی جهة شمال ایران.
3- هكذا فی النسخ، و هو جمع الصلیب. و فی العرائس كما یأتی بعد ذلك: یعبدون النیران.
4- هكذا فی النسخ، و فی العرائس كما یأتی «فانصب» راجعه.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.

«5»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَتْ عَلَیْهِ نِسْوَةٌ فَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنِ السَّحْقِ فَقَالَ حَدُّهَا حَدُّ الزَّانِی فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِی الْقُرْآنِ قَالَ بَلَی قَالَتْ وَ أَیْنَ هُوَ قَالَ هُوَ أَصْحابُ الرَّسِّ (1).

«6»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ هِشَامٍ الصَّیْدَلَانِیِّ (2)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ فَقَالَ بِیَدِهِ هَكَذَا فَمَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَی فَقَالَ هُنَّ اللَّوَاتِی بِاللَّوَاتِی یَعْنِی النِّسَاءَ بِالنِّسَاءِ (3).

قال الثعلبی فی العرائس قال اللّٰه عز و جل وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ و قال كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ اختلف أهل التفسیر و أصحاب الأقاصیص فیهم فقال سعید بن جبیر و الكلبی و الخلیل بن أحمد دخل كلام بعضهم فی بعض و كل أخبر بطائفة من حدیث أصحاب الرس (4)بقیة ثمود قوم صالح علیه السلام و هم أصحاب البئر التی ذكرها اللّٰه تعالی فی قوله وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِیدٍ و كانوا بفلیح الیمامة (5)نزولا علی تلك البئر و كل ركیة لم

ص: 155


1- ثواب الأعمال: 259.
2- فی نسخة: الصیدنانی.
3- فروع الكافی 2: 73.
4- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر: و كل أخبر بطائفة من حدیث أصحاب الرس ان أصحاب الرس اه.
5- فی نسخة: بفلیج الیمامة. و فی المصدر: بفلج الیمامة قال یاقوت فی معجم البلدان: الرس: فی القرآن بئر، یروی انهم كذبوا نبیهم و رسوه فی البئر ای دسوه فیها، و یروی أن الرس قریة بالیمامة یقال لها فلج، و روی أن الرس دیار لطائفة من ثمود، و قیل: إنّه وادی آذربیجان و حدّ آذربیجان ما وراء الرس، و كان بأران علی الرس ألف مدینة فبعث اللّٰه الیهم نبیّا یقال له موسی، و لیس بموسی بن عمران فدعاهم إلی اللّٰه فكذبوه، و مخرج الرس من قالیقلا و یمر بأران ثمّ یمر بورثان ثمّ یمر بالمجمع فیجتمع هو و الكر، و بینهما مدینة البیلقان، و یمر الكر و الرس جمیعا فیصبان فی بحر جرجان، و الرس هذا واد عجیب فیه من السمك اصناف كثیرة و فیه سمك یقال له شورماهی، لا یكون الا فیه، و نهر الرس یخرج الی صحراء البلاسجان و هی الی شاطئ البحر فی الطول من برزند الی برذعة، و فی هذه الصحراء خمسة آلاف قریة و أكثرها خراب، الا أن حیطانها و ابنیتها باقیة لم تتغیر لجودة التربة و صحتها، و یقال: ان تلك القری كانت لاصحاب الرس و یقال: انهم رهط جالوت قتلهم داود و سلیمان علیهما السلام.

تطو بالحجارة و الآجر فهو رس و كان لهم نبی یقال له حنظلة بن صفوان و كان بأرضهم جبل یقال له فتح مصعدا فی السماء میلا و كانت العنقاء ینتابه (1)و هی كأعظم ما یكون من الطیر و فیها من كل لون و سموها العنقاء لطول عنقها و كانت تكون فی ذلك الجبل تنقض علی الطیر تأكلها فجاعت ذات یوم فأعوزها الطیر (2)فانقضت علی صبی فذهبت به ثم إنها انقضت علی جاریة حین ترعرعت فأخذتها فضمتها إلی جناحین لها صغیرین سوی الجناحین الكبیرین فشكوا إلی نبیهم فقال اللّٰهم خذها و اقطع نسلها و سلط علیها آیة تذهب بها فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم یر لها أثر فضربتها العرب (3)مثلا فی أشعارها و حكمها و أمثالها ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبیهم فأهلكهم اللّٰه تعالی.

و: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَلَغَنِی أَنَّهُ كَانَ رسان أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ أَهْلِهِ أَهْلِ بُدُوِّ وَ أَصْحَابِ غَنَمٍ وَ مَوَاشٍ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً فَقَتَلُوهُ ثُمَّ (4)بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا آخَرَ وَ عَضُدِهِ بِوَلِیٍّ فَقَتَلُوا الرَّسُولِ وَ جَاهِدْهُمْ الْوَلِیِّ حَتَّی أفحمهم وَ كَانُوا یَقُولُونَ إِلَهَنَا فِی الْبَحْرِ وَ كَانُوا عَلَی شفیره وَ كَانَ یَخْرُجُ إِلَیْهِمْ مِنْ الْبَحْرِ شَیْطَانٍ فِی كُلِّ شَهْرِ خُرْجَةِ فَیَذْبَحُونَ عِنْدَهُ وَ یَتَّخِذُونَهُ عِیداً فقال لهم الولی أ رأیتم إن خرج إلهكم الذین تدعونه و تعبدونه إلی و أطاعنی أ تجیبوننی إلی ما دعوتكم إلیه فقالوا بلی و أعطوه علی ذلك العهود و المواثیق فانتظر حتی خرج ذلك الشیطان علی صورة حوت راكبا أربعة أحوات و له عنق مستعلیة و علی رأسه مثل التاج فلما نظروا إلیه خروا له سجدا و خرج الولی إلیه فقال ائتنی طوعا أو كرها بسم اللّٰه الكریم فنزل عند ذلك عن أحواته فقال له الولی ایتنی علیهن لئلا یكون من القوم فی أمری شك فأتی الحوت و أتین به حتی أفضین به إلی البر یجرونه (یجررنه) فكذبوه بعد ما رأوا ذلك و نقضوا العهد فأرسل اللّٰه تعالی علیهم ریحا فقذفتهم فی البحر و مواشیهم جمیعا و ما كانوا یملكون من ذهب و فضة فأتی الولی (ولی) الصالح إلی

ص: 156


1- انتابه: أتاه مرة بعد اخری. قصد إلیه. و فی المصدر: تبیت به.
2- أی اعجزه و صعب علیه نیله.
3- فی المصدر: فلم یر لها أثر بعد ذلك فضربت بها العرب مثلا.
4- قد سقط عن المصدر من هنا الی قوله: و اما الآخر.

البحر حتی أخذ التبر و الفضة و الأوانی فقسمها علی أصحابه بالسویة علی الصغیر منهم و الكبیر و انقطع هذا النسل.

و أما الآخر فهم قوم كان لهم نهر یدعی الرس ینسبون إلیه و كان فیهم أنبیاء كثیرة قل یوم یقوم نبی إلا قتل (1)و ذلك النهر بمنقطع آذربیجان بینها و بین إرمینیة فإذا قطعته مدبرا دخلت فی حد إرمینیة و إذا قطعته مقبلا دخلت فی حد آذربیجان یعبدون النیران (2)و هم كانوا یعبدون الجواری العذاری فإذا تمت لإحداهن ثلاثین (3)سنة قتلوها و استبدلوا غیرها و كان عرض نهرهم ثلاثة فراسخ و كان یرتفع فی كل یوم و لیلة حتی یبلغ أنصاف الجبال التی حوله و كان لا ینصبّ فی بر و لا بحر إذا خرج من حدهم یقف و یدور ثم یرجع إلیهم فبعث اللّٰه تعالی إلیهم ثلاثین نبیا فی شهر واحد فقتلوهم جمیعا فبعث اللّٰه عز و جل إلیهم نبیا و أیده بنصره و بعث معه ولیا فجاهدهم فی اللّٰه حق جهاده فبعث اللّٰه تعالی إلیه میكائیل حین نابذوه و كان ذلك فی أوان وقوع الحب فی الزرع (4)و كان إذ ذاك أحوج ما كانوا من الماء ففجر نهرهم فی البحر فانصب ما فی أسفله و أتی عیونه (5)من فوق فسدها و بعث إلیه خمسمائة ألف من الملائكة أعوانا له ففرقوا ما بقی فی وسط النهر (6)ثم أمر اللّٰه تعالی جبرائیل فنزل فلم یدع فی أرضهم عینا و لا نهرا إلا أیبسه بإذن اللّٰه عز و جل و أمر ملك الموت فانطلق إلی المواشی فأماتهم ربضة واحدة (7)و أمر الریاح الأربع الجنوب و الشمال و الدبور و الصباء

ص: 157


1- هكذا فی النسخ و هو لا یخلو عن تصحیف، و الصواب ما فی المصدر: لا یقوم فیهم نبی الا قتلوه.
2- فی المصدر: و كان من حولهم من أهل ارمینیة یعبدون الاوثان، و من قدامهم من اهل آذربیجان یعبدون النیران، و هم كانوا یعبدون الجواری العذاری.
3- هكذا فی النسخ و هو مصحف ثلاثون راجع المصدر.
4- فی المصدر: الأرض مكان الزرع. و فیه: و كانوا عند ذلك احوج ما یكونون الی الماء فحفر نهرهم.
5- فی المصدر: و أتی الی عیونه.
6- فی المصدر: خمسمائة من الملائكة أعوانا له فغرقوا ما بقی فی وسط نهرهم.
7- الربضة بكسر الأول و سكون الثانی: مقتل كل قوم قتلوا فی موقعة واحدة. و فی المصدر: فأماتها دفعة واحدة. و فیه: الارباح الاربع و كذا فیما یأتی.

فضمت ما كان لهم من متاع و ألقی اللّٰه عز و جل علیهم السبات (1)ثم حفت الریاح (2)الأربع المتاع أجمع فهبته (3)فی رءوس الجبال و بطون الأودیة فأما ما كان من حلی أو تبر أو آنیة فإن اللّٰه تعالی أمر الأرض فابتلعته فأصبحوا و لا شاة عندهم و لا بقرة و لا مال یعودون إلیه و لا ماء یشربونه و لا طعام یأكلونه فآمن باللّٰه تعالی عند ذلك قلیل منهم و هداهم إلی غار فی جبل له طریق إلی خلفه فنجوا و كانوا أحدا و عشرین رجلا و أربع نسوة و صبیین و كان عدة الباقین من الرجال و النساء و الذراری ستمائة ألف فماتوا عطشا و جوعا و لم یبق منهم باقیة ثم عاد القوم إلی منازلهم فوجدوها قد صار أعلاها أسفلها فدعا القوم عند ذلك مخلصین أن یجیئهم بزرع و ماء و ماشیة و یجعله قلیلا لئلا یطغوا فأجابهم اللّٰه تعالی إلی ذلك لما علم من صدق نیاتهم و علم منهم الصدق (4)و آلوا أن لا یبعث رسولا ممن قاربهم إلا أعانوه و عضدوه و علم اللّٰه تعالی منهم الصدق فأطلق اللّٰه لهم نهرهم و زادهم علی ما سألوا فأقام أولئك فی طاعة اللّٰه ظاهرا و باطنا حتی مضوا و انقرضوا و حدث بعدهم من نسلهم قوم أطاعوا اللّٰه فی الظاهر و نافقوه فی الباطن فأملی اللّٰه تعالی لهم و كان علیهم قادرا ثم كثرت معاصیهم و خالفوا أولیاء اللّٰه تعالی فبعث اللّٰه عز و جل عدوهم ممن فارقهم و خالفهم فأسرع فیهم القتل و بقیت منهم شرذمة فسلط اللّٰه علیهم الطاعون فلم یبق منهم أحدا و بقی نهرهم و منازلهم مائتی عام لا یسكنها أحد ثم أتی اللّٰه بقرن (5)بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحین سنین ثم أحدثوا فاحشة جعل الرجل یدعو بنته و أخته و زوجته فینیلها (6)جاره و أخاه و صدیقه یلتمس بذلك البر و الصلة ثم ارتفعوا من ذلك إلی نوع آخر ترك الرجال النساء حتی شبقن و استغنوا بالرجال (7)فجاءت النساء

ص: 158


1- السبات بالضم: النوم أو أوله.
2- فی نسخة: ثم جمعت الریاح.
3- فی نسخة: فبثته، و فی المصدر: فرمته.
4- المصدر خلی عن قوله: و علم منهم الصدق. قوله: آلوا ای حلفوا. و فی المصدر: و قالوا: انه لا یبعث اللّٰه رسولا الا ما یلیهم و یقاربهم الا أعانوه و صدقوه و عضدوه.
5- القرن: أهل زمان واحد. و فی المصدر: ثم أتی اللّٰه بقوم بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحین فاقاموا فیها ستین سنة.
6- فی المصدر: فیبیت معها.
7- فی المصدر: و استغنی الرجال بالرجال.

شیطانهن فی صورة امرأة و هی الدلهاث (1)بنت إبلیس و هی أخت الشیصار كانتا فی بیضة واحدة فشبهت إلی النساء (2)ركوب بعضهن بعضا و علمتهن كیف یصنعن فأصل ركوب النساء بعضهن بعضا من الدلهاث فسلط اللّٰه علی ذلك القرن (3)صاعقة فی أول اللیل و خسفا فی آخر اللیل و صیحة مع الشمس فلم یبق منهم باقیة و بادت مساكنهم و لا أحسب منازلهم الیوم تسكن انتهی. (4).

أقول: إنما أوردنا تلك الروایة بطولها لكونها كالشرح لروایتی یعقوب و هشام بل لا یبعد أن یكون من قوله قال بعض العلماء إلی آخره روایة یعقوب بعینها إذ كثیرا ما ینقل الثعلبی روایات الشیعة فی كتابه هكذا و الراوندی رحمه اللّٰه دأبه الاختصار فی الأخبار فكثیرا ما وجدناه ترك من خبر رواه عن الصدوق رحمه اللّٰه أكثر من ثلاثة أرباعه و إنما أوردنا قصة أصحاب الرس فی هذا الموضع لما ورد فی الخبر أنهم كانوا بعد سلیمان علیه السلام و منهم من ذكرها قبل قصص إبراهیم علیه السلام بناء علی أنهم من بقیة قوم ثمود و الصدوق أوردهم بعد قصص إبراهیم و قبل یعقوب علیه السلام و قد ذكرهم اللّٰه فی سورة الفرقان بعد ثمود و فی سورة ق قبلهم.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: وَ أَصْحابَ الرَّسِّ هو بئر رسوا فیها نبیهم أی ألقوه فیها عن عكرمة و قیل إنهم كانوا أصحاب مواش و لهم بئر یقعدون علیها و كانوا یعبدون الأصنام فبعث اللّٰه إلیهم شعیبا فكذبوه فانهار البئر (5)و انخسف بهم الأرض فهلكوا عن وهب و قیل الرس قریة بالیمامة یقال لها فلح قتلوا نبیهم فأهلكهم اللّٰه عن قتادة و قیل كان لهم نبی یسمی حنظلة فقتلوه فأهلكوا عن سعید بن جبیر و الكلبی و قیل هم أصحاب الرس و الرس بئر بأنطاكیة قتلوا فیها حبیبا النجار

ص: 159


1- فی المصدر: الدلهان بالنون و كذا فیما یأتی.
2- فی المصدر: فشبهت للنساء.
3- فی المصدر: علی هؤلاء القوم.
4- العرائس: 86- 87 و فیه: مسكونة مكان تسكن.
5- انهار البناء: انهدم و سقط.

فنسبوا إلیها عن كعب و مقاتل و قیل أصحاب الرس كان نساؤهم سحاقات عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. (1)

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ قال الضحاك هذه البئر كانت بحضرموت فی بلدة یقال لها حاضوراء نزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح و معهم صالح فلما حضروا مات صالح فسمی المكان حضرموت ثم إنهم كثروا فكفروا و عبدوا الأصنام فبعث اللّٰه إلیهم نبیا یقال له حنظلة فقتلوه فی السوق فأهلكهم اللّٰه فماتوا عن آخرهم و عطلت بئرهم و خرب قصر ملكهم (2).

«7»-كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی حَدِیثٍ ذَكَرَ فِیهِ إِتْیَانَ رَجُلٍ جُهَنِیٍّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِسْلَامَهُ عَلَی یَدِهِ وَ أَنَّهُمْ تَحَدَّثُوا یَوْماً فِی ذِكْرِ الْقُبُورِ وَ الْجُهَنِیُّ حَاضِرٌ فَحَدَّثَهُمْ أَنَّ جُهَیْنَةَ بْنَ الْعوسَانِ (3)أَخْبَرَهُ عَنْ أَشْیَاخِهِ أَنَّ سَنَةً (4)نَزَلَتْ بِهِمْ حَتَّی أَكَلُوا ذَخَائِرَهُمْ فَخَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ الْإِزْلِ (5)وَ هُمْ جَمَاعَةٌ فِی طَلَبِ النَّبَاتِ فَجَنَّهُمُ اللَّیْلُ فَأَوَوْا إِلَی مَغَارَةٍ وَ كَانَتِ الْبِلَادُ مَسْبَعَةً وَ هُمْ لَا یَعْلَمُونَ قَالَ فَحَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ مَالِكٌ قَالَ رَأَیْنَا فِی الْغَارِ أَشْبَالًا (6)فَخَرَجْنَا هَارِبِینَ حَتَّی دَخَلْنَا وَهْدَةً مِنْ وِهَادِ الْأَرْضِ (7)بَعْدَ مَا تَبَاعَدْنَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَأَصَبْنَا عَلَی بَابِ الْوَهْدَةِ حَجَراً مُطَبِّقاً فَتَعَاوَنَّا عَلَیْهِ حَتَّی قَلَبْنَاهُ فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَیْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَ فِی یَدِهِ خَاتَمٌ عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ أَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَأْسِهِ كِتَابٌ فِی صَحِیفَةِ نُحَاسٍ فِیهِ بَعَثَنِیَ اللَّهُ إِلَی حِمْیَرٍ وَ هَمْدَانَ وَ الْعَزِیزِ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ بَشِیراً وَ نَذِیراً فَكَذَّبُونِی وَ قَتَلُونِی فَأَعَادُوا الصَّخْرَةَ عَلَی مَا كَانَتْ عَلَیْهِ فِی مَوْضِعِهَا (8).

ص: 160


1- مجمع البیان 7: 170.
2- مجمع البیان 7: 89.
3- فی المصدر: القوسان.
4- السنة: القحط و الجدب.
5- الازل: الضیق و الشدة.
6- الاشبال جمع الشبل: ولد الأسد إذا ادرك الصید.
7- الوهدة: الارض المنخفضة. الهوةفیالارض.
8- كنز الكراجكیّ: 179.

باب 14 قصة شعیا و حیقوق علیه السلام «1»

باب 14 قصة شعیا و حیقوق علیه السلام (1)

«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ قُدْرَتُهُ إِلَی شَعْیَا علیه السلام أَنِّی مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِینَ أَلْفاً مِنْ شِرَارِهِمْ وَ سِتِّینَ أَلْفاً مِنْ خِیَارِهِمْ فَقَالَ علیه السلام هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ فَمَا بَالُ الْأَخْیَارِ فَقَالَ دَاهَنُوا أَهْلَ الْمَعَاصِی فَلَمْ یَغْضَبُوا لِغَضَبِی (2).

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَلِكٌ (3)فِی زَمَانِ شَعْیَا وَ هُمْ مُتَابِعُونَ مُطِیعُونَ لِلَّهِ ثُمَّ إِنَّهُمْ ابْتَدَعُوا الْبِدَعَ فَأَتَاهُمْ مَلِكُ بَابِلَ (4)وَ كَانَ نَبِیُّهُمْ یُخْبِرُهُمْ بِغَضَبِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ مِنَ الْجُنُودِ تَابُوا وَ تَضَرَّعُوا فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا أَنِّی قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ لِصَلَاحِ آبَائِهِمْ وَ مَلِكُهُمْ كَانَ قَرْحَةٌ بِسَاقِهِ وَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا علیه السلام أَنْ مُرْ مَلِكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلْیُوصِ وَصِیَّتَهُ وَ لْیَسْتَخْلِفْ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ فَإِنِّی قَابِضُهُ یَوْمَ كَذَا فَلْیَعْهَدْ عَهْدَهُ فَأَخْبَرَهُ شَعْیَا بِرِسَالَتِهِ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَی التَّضَرُّعِ وَ الدُّعَاءِ وَ الْبُكَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ابْتَدَأْتَنِی بِالْخَیْرِ مِنْ أَوَّلِ یَوْمٍ وَ

ص: 161


1- قال الثعلبی: هو شعیا بن أمضیا كان قبل مبعث زكریا و یحیی، و هو الذی بشر بیت المقدس حین شكا إلیه الخراب، فقال: ابشر فانه یأتیك راكب الحمار و من بعده صاحب البعیر. قلت: الظاهر هو أشعیاه المذكور فی التوراة، قیل: كان هو ابن آموص، و آموص أخو امصیا ملك الیهود، كان فی 700 سنة قبل تولد المسیح علیه السلام. و أمّا حیقوق فهو حبقوق- بالباء- المذكور فی التوراة قیل: كان فی 600 سنة قبل المسیح.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- قال الثعلبی: كان یدعی صدیقة. قلت: لعله صدقیا المذكور فی التوراة.
4- قال الثعلبی: هو سنجاریب ملك بابل. قلت: لعله سنخاریب- بالخاء- المذكور فی التوراة.

سَبَّبْتَهُ لِی وَ أَنْتَ فِیمَا أَسْتَقْبِلُ رَجَائِی وَ ثِقَتِی فَلَكَ الْحَمْدُ بِلَا عَمَلٍ صَالِحٍ سَلَفَ مِنِّی وَ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّی بِنَفْسِی أَسْأَلُكَ أَنْ تُؤَخِّرَ عَنِّیَ الْمَوْتَ وَ تُنْسِئَ (1)لِی فِی عُمُرِی وَ تَسْتَعْمِلَنِی بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَی فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی شَعْیَا أَنِّی رَحِمْتُ تَضَرُّعَهُ وَ اسْتَجَبْتُ دَعْوَتَهُ وَ قَدْ زِدْتُ فِی عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمُرْهُ فَلْیُدَاوِ قَرْحَتَهُ بِمَاءِ التِّینِ فَإِنِّی قَدْ جَعَلْتُهُ شِفَاءً مِمَّا هُوَ فِیهِ وَ أَنِّی قَدْ كَفَیْتُهُ وَ بَنِی إِسْرَائِیلَ مَئُونَةَ عَدُوِّهِمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا جُنُودَ مَلَكِ بَابِلَ مَصْرُوعِینَ فِی عَسْكَرِهِمْ مَوْتَی لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَلِكُهُمْ وَ خَمْسَةُ نَفَرٍ (2)فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی أَصْحَابِهِمْ وَ مَا أَصَابَهُمْ كَرُّوا مُنْهَزِمِینَ إِلَی أَرْضِ بَابِلَ وَ ثَبَتَ بَنُو إِسْرَائِیلَ مُتَوَازِرِینَ عَلَی الْخَیْرِ فَلَمَّا مَاتَ مَلِكُهُمْ ابْتَدَعُوا الْبِدَعَ وَ دَعَا كُلٌّ إِلَی نَفْسِهِ وَ شَعْیَا علیه السلام یَأْمُرُهُمْ وَ یَنْهَاهُمْ فَلَا یَقْبَلُونَ حَتَّی أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ.

وَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ شَعْیَا علیه السلام فَقَالَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ بِی وَ بِأَخِی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام (3).

أقول: قال صاحب الكامل بعد أن ذكر نحوا مما رواه وهب قیل إن شعیا أوحی اللّٰه إلیه لیقوم فی بنی إسرائیل یذكرهم بما یوحی علی لسانه لما كثرت فیهم الأحداث ففعل فعدوا علیه لیقتلوه فهرب منهم فلقیته شجرة فانفلقت له فدخلها و أخذ الشیطان یهدب ثوبه و أراه بنی إسرائیل فوضعوا المنشار علی الشجرة فنشروها حتی قطعوه فی وسطها (4)أقول سیأتی بعض أحواله فی باب قصص بختنصر.

«3»-ج، الإحتجاج ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ید، التوحید عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام فِیمَا احْتَجَّ عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ علیه السلام لِلْجَاثَلِیقِ یَا نَصْرَانِیُّ كَیْفَ عِلْمُكَ بِكِتَابِ شَعْیَا قَالَ أَعْرِفُهُ حَرْفاً حَرْفاً فَقَالَ لَهُ وَ لِرَأْسِ الْجَالُوتِ أَ تَعْرِفَانِ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ یَا قَوْمِ إِنِّی رَأَیْتُ صُورَةَ رَاكِبِ الْحِمَارِ

ص: 162


1- أی تؤخر.
2- قال الثعلبی: و كان أحدهم بخت نصر.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- الكامل 1: 87- 88.

لَابِساً جَلَابِیبَ النُّورِ وَ رَأَیْتُ رَاكِبَ الْبَعِیرِ ضَوْؤُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الْقَمَرِ فَقَالا قَدْ قَالَ ذَلِكَ شَعْیَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ قَالَ شَعْیَا النَّبِیُّ فِیمَا تَقُولُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فِی التَّوْرَاةِ رَأَیْتُ رَاكِبَیْنِ أَضَاءَ لَهُمَا الْأَرْضُ أَحَدُهُمَا عَلَی حِمَارٍ وَ الْآخَرُ عَلَی جَمَلٍ فَمَنْ رَاكِبُ الْحِمَارِ وَ مَنْ رَاكِبُ الْجَمَلِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ لَا أَعْرِفُهُمَا فَخَبِّرْنِی بِهِمَا قَالَ أَمَّا رَاكِبُ الْحِمَارِ فَعِیسَی وَ أَمَّا رَاكِبُ الْجَمَلِ فَمُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تُنْكِرُ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ قَالَ لَا مَا أُنْكِرُهُ ثُمَّ قَالَ الرِّضَا علیه السلام هَلْ تَعْرِفُ حَیْقُوقَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ إِنِّی بِهِ لَعَارِفٌ قَالَ فَإِنَّهُ قَالَ وَ كِتَابُكُمْ یَنْطِقُ بِهِ جَاءَ اللَّهُ بِالْبَیَانِ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَ امْتَلَأَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ تَسْبِیحِ أَحْمَدَ وَ أُمَّتِهِ یَحْمِلُ خَیْلَهُ فِی الْبَحْرِ كَمَا یَحْمِلُ فِی الْبَرِّ یَأْتِینَا بِكِتَابٍ جَدِیدٍ بَعْدَ خَرَابِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ یَعْنِی بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ أَ تَعْرِفُ هَذَا وَ تُؤْمِنُ بِهِ قَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ حَیْقُوقُ النَّبِیُّ وَ لَا نُنْكِرُ قَوْلَهُ (1).

باب 15 قصص زكریا و یحیی علیهما السلام

الآیات؛

آل عمران: «هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ* فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ* قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ *قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِیراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ»(38-41)

مریم: «كهیعص* ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا* إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا* قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا* وَ إِنِّی

ص: 163


1- عیون الأخبار: 91 و 93، احتجاج الطبرسیّ: 229 و 230 و 231، توحید الصدوق: «437»-و 441، و 442 و الحدیث طویل تقدم بتمامه فی كتاب الاحتجاجات. راجع 10: «299»-318.

خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا *یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا* یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا* قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً* قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا* فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا* یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِیًّا* وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً عَصِیًّا* وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا»(1-15)

الأنبیاء: «وَ زَكَرِیَّا إِذْ نادی رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِی فَرْداً وَ أَنْتَ خَیْرُ الْوارِثِینَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ وَهَبْنا لَهُ یَحْیی وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِینَ»(89-90)

«1»-فس، تفسیر القمی وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ قَالَ كَانَتْ لَا تَحِیضُ فَحَاضَتْ (1).

«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ شَبِیبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ یَا ابْنَ شَبِیبٍ أَ صَائِمٌ أَنْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی دَعَا فِیهِ زَكَرِیَّا علیه السلام رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی فَمَنْ صَامَ هَذَا الْیَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِیَّا علیه السلام (2).

«3»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَا عَنَی اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْلِهِ فِی یَحْیَی وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً قَالَ تَحَنُّنَ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ فَمَا بَلَغَ مِنْ تَحَنُّنِ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ كَانَ إِذَا قَالَ یَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ لَبَّیْكَ یَا یَحْیَی (3).

ص: 164


1- تفسیر القمّیّ: 433.
2- عیون الأخبار: 165- 166.
3- أصول الكافی: 2: 534- 535.

«4»-لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ أَبِی شَحْمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ هِشَامٍ الْقُنَانِیِّ (1)عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی قُبَیْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ مِنْ زُهْدِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام أَنَّهُ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَنَظَرَ إِلَی الْمُجْتَهِدِینَ مِنَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ عَلَیْهِمْ مَدَارِعُ الشَّعْرِ وَ بَرَانِسُ الصُّوفِ وَ إِذَا هُمْ قَدْ خَرَقُوا تَرَاقِیَهُمْ وَ سَلَكُوا فِیهَا السَّلَاسِلَ وَ شَدُّوهَا إِلَی سَوَارِی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی ذَلِكَ أَتَی أُمَّهُ فَقَالَ یَا أُمَّاهْ انْسِجِی لِی مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَ بُرْنُساً مِنْ صُوفٍ حَتَّی آتِیَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَأَعْبُدَ اللَّهَ مَعَ الْأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ حَتَّی یَأْتِیَ نَبِیُّ اللَّهِ وَ أُؤَامِرَهُ (2)فِی ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ زَكَرِیَّا علیه السلام أَخْبَرَتْهُ بِمَقَالَةِ یَحْیَی فَقَالَ لَهُ زَكَرِیَّا یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوكَ إِلَی هَذَا وَ إِنَّمَا أَنْتَ صَبِیٌّ صَغِیرٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَهْ أَ مَا رَأَیْتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ سِنّاً مِنِّی قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ قَالَ بَلَی ثُمَّ قَالَ لِأُمِّهِ انْسِجِی لَهُ مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَ بُرْنُساً مِنْ صُوفٍ فَفَعَلَتْ فَتَدَرَّعَ الْمِدْرَعَةَ عَلَی بَدَنِهِ وَ وَضَعَ الْبُرْنُسَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَأَقْبَلَ یَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ الْأَحْبَارِ حَتَّی أَكَلَتْ مِدْرَعَةُ الشَّعْرِ لَحْمَهُ فَنَظَرَ ذَاتَ یَوْمٍ إِلَی مَا قَدْ نَحَلَ مِنْ جِسْمِهِ فَبَكَی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا یَحْیَی أَ تَبْكِی مِمَّا قَدْ نَحَلَ مِنْ جِسْمِكَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَوِ اطَّلَعْتَ إِلَی النَّارِ اطِّلَاعَةً لَتَدَرَّعْتَ مِدْرَعَةَ الْحَدِیدِ فَضْلًا عَنِ الْمَنْسُوجِ فَبَكَی حَتَّی أَكَلَتِ الدُّمُوعُ لَحْمَ خَدَّیْهِ وَ بَدَا لِلنَّاظِرِینَ أَضْرَاسُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهُ فَدَخَلَتْ عَلَیْهِ وَ أَقْبَلَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ اجْتَمَعَ الْأَحْبَارُ وَ الرُّهْبَانُ فَأَخْبَرُوهُ بِذَهَابِ لَحْمِ خَدَّیْهِ فَقَالَ مَا شَعَرْتُ بِذَلِكَ فَقَالَ زَكَرِیَّا علیه السلام یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوكَ إِلَی هَذَا إِنَّمَا سَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یَهَبَكَ لِی لِتَقَرَّ بِكَ عَیْنِی قَالَ أَنْتَ أَمَرْتَنِی بِذَلِكَ یَا أَبَهْ قَالَ وَ مَتَی ذَلِكَ یَا بُنَیَّ قَالَ أَ لَسْتَ الْقَائِلَ إِنَّ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ لَعَقَبَةً لَا یَجُوزُهَا إِلَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ قَالَ بَلَی فَجِدَّ وَ اجْتَهِدْ وَ شَأْنُكَ غَیْرُ شَأْنِی فَقَامَ یَحْیَی فَنَفَضَ مِدْرَعَتَهُ (3)فَأَخَذَتْهُ أُمُّهُ

ص: 165


1- فی نسخة: القنائی. و فی المصدر: القنانی البغدادیّ سنة خمس و ثمانین و مائتین. فهو إما بفتح القاف و نونین بینهما ألف، أو بضم القاف و فتح النون المشددة و بعد الالف یاء.
2- أی اشاوره.
3- أی اسقطها.

فَقَالَتْ أَ تَأْذَنُ یَا بُنَیَّ أَنْ أَتَّخِذَ لَكَ قِطْعَتَیْ لُبُودٍ تُوَارِیَانِ أَضْرَاسَكَ وَ تُنَشِّفَانِ دُمُوعَكَ فَقَالَ لَهَا شَأْنَكِ فَاتَّخَذَتْ لَهُ قِطْعَتَیْ لُبُودٍ تُوَارِیَانِ أَضْرَاسَهُ وَ تُنَشِّفَانِ دُمُوعَهُ حَتَّی ابْتَلَّتَا مِنْ دُمُوعِ عَیْنَیْهِ (1)فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَیْهِ ثُمَّ أَخَذَهُمَا فَعَصَرَهُمَا فَتَحَدَّرَ الدُّمُوعُ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ فَنَظَرَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِلَی ابْنِهِ وَ إِلَی دُمُوعِ عَیْنَیْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا ابْنِی وَ هَذِهِ دُمُوعُ عَیْنَیْهِ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ كَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ یَعِظَ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَإِنْ رَأَی یَحْیَی علیه السلام لَمْ یَذْكُرْ جَنَّةً وَ لَا نَاراً فَجَلَسَ ذَاتَ یَوْمٍ یَعِظُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَقْبَلَ یَحْیَی قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِعَبَاءَةٍ فَجَلَسَ فِی غُمَارِ النَّاسِ (2)وَ الْتَفَتَ زَكَرِیَّا علیه السلام یَمِیناً وَ شِمَالًا فَلَمْ یَرَ یَحْیَی فَأَنْشَأَ یَقُولُ حَدَّثَنِی حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ فِی جَهَنَّمَ جَبَلًا یُقَالُ لَهُ السَّكْرَانُ فِی أَصْلِ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَادٍ یُقَالُ لَهُ الْغَضْبَانُ لِغَضَبِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی ذَلِكَ الْوَادِی جُبٌّ قَامَتُهُ مِائَةُ عَامٍ فِی ذَلِكَ الْجُبِّ تَوَابِیتُ مِنْ نَارٍ فِی تِلْكَ التَّوَابِیتِ صَنَادِیقُ مِنْ نَارٍ وَ ثِیَابٌ مِنْ نَارٍ وَ سَلَاسِلُ مِنْ نَارٍ وَ أَغْلَالٌ مِنْ نَارٍ فَرَفَعَ یَحْیَی علیه السلام رَأْسَهُ فَقَالَ وَا غَفْلَتَاهْ مِنَ السَّكْرَانِ ثُمَّ أَقْبَلَ هَائِماً عَلَی وَجْهِهِ (3)فَقَامَ زَكَرِیَّا علیه السلام مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ یَحْیَی فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّ یَحْیَی قُومِی فَاطْلُبِی یَحْیَی فَإِنِّی قَدْ تَخَوَّفْتُ أَنْ لَا نَرَاهُ إِلَّا وَ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ فَقَامَتْ فَخَرَجَتْ فِی طَلَبِهِ حَتَّی مَرَّتْ بِفِتْیَانٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا لَهَا یَا أُمَّ یَحْیَی أَیْنَ تُرِیدِینَ قَالَتْ أُرِیدُ أَنْ أَطْلُبَ وَلَدِی یَحْیَی ذُكِرَتِ النَّارُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَهَامَ عَلَی وَجْهِهِ فَمَضَتْ أُمُّ یَحْیَی وَ الْفِتْیَةُ مَعَهَا حَتَّی مَرَّتْ بِرَاعِی غَنَمٍ فَقَالَتْ لَهُ یَا رَاعِی هَلْ رَأَیْتَ شَابّاً مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَهَا لَعَلَّكِ تَطْلُبِینَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا قَالَتْ نَعَمْ ذَاكَ وَلَدِی ذُكِرَتِ النَّارُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَهَامَ عَلَی وَجْهِهِ قَالَ إِنِّی تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ عَلَی عَقَبَةِ ثَنِیَّةِ كَذَا وَ كَذَا نَاقِعاً قَدَمَیْهِ (4)فِی الْمَاءِ رَافِعاً بَصَرَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَقُولُ وَ عِزَّتِكَ مَوْلَایَ لَا ذُقْتُ بَارِدَ الشَّرَابِ

ص: 166


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: فبكی حتّی ابتلتا من دموع عینیه.
2- أی فی جماعتهم و لفیفهم.
3- هام علی وجهه: ذهب لا یدری أین یتوجه.
4- من نفع الدواء فی الماء: اقره فیه.

حَتَّی أَنْظُرَ إِلَی مَنْزِلَتِی مِنْكَ فَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ أُمُّ یَحْیَی دَنَتْ مِنْهُ فَأَخَذَتْ بِرَأْسِهِ فَوَضَعَتْهُ بَیْنَ ثَدْیَیْهَا وَ هِیَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ أَنْ یَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَی الْمَنْزِلِ فَانْطَلَقَ مَعَهَا حَتَّی أَتَی الْمَنْزِلَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ یَحْیَی هَلْ لَكَ أَنْ تَخْلَعَ مِدْرَعَةَ الشَّعْرِ وَ تَلْبَسَ مِدْرَعَةَ الصُّوفِ فَإِنَّهُ أَلْیَنُ فَفَعَلَ وَ طُبِخَ لَهُ عَدَسٌ فَأَكَلَ وَ اسْتَوْفَی فَنَامَ فَذَهَبَ بِهِ النَّوْمُ فَلَمْ یَقُمْ لِصَلَاتِهِ (1)فَنُودِیَ فِی مَنَامِهِ یَا یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا أَرَدْتَ دَاراً خَیْراً مِنْ دَارِی وَ جِوَاراً خَیْراً مِنْ جِوَارِی فَاسْتَیْقَظَ فَقَامَ فَقَالَ یَا رَبِّ أَقِلْنِی عَثْرَتِی إِلَهِی فَوَ عِزَّتِكَ لَا أَسْتَظِلُّ بِظِلٍّ سِوَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ قَالَ لِأُمِّهِ نَاوِلِینِی مِدْرَعَةَ الشَّعْرِ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا سَتُورِدَانِیَ الْمَهَالِكَ فَتَقَدَّمَتْ أُمُّهُ فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ الْمِدْرَعَةَ وَ تَعَلَّقَتْ بِهِ فَقَالَ لَهَا زَكَرِیَّا یَا أُمَّ یَحْیَی دَعِیهِ فَإِنَّ وَلَدِی قَدْ كُشِفَ لَهُ عَنْ قِنَاعِ قَلْبِهِ وَ لَنْ یَنْتَفِعَ بِالْعَیْشِ فَقَامَ یَحْیَی علیه السلام فَلَبِسَ مِدْرَعَتَهُ وَ وَضَعَ الْبُرْنُسَ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَجَعَلَ یَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ الْأَحْبَارِ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ (2).

بیان: المدرعة بكسر المیم القمیص و البرنس قلنسوة طویلة كان النساك یلبسونها فی صدر الإسلام و اللبود جمع اللبد و غمار الناس بالضم و الفتح زحمتهم و كثرتهم و ثنیة الجبل منعطفه.

«5»-مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قُدِّسَ سِرُّهُ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ زُهْدِ الصَّادِقِ، عَنْهُ علیه السلام قَالَ: بَكَی یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی ذَهَبَ لَحْمُ خَدَّیْهِ مِنَ الدُّمُوعِ فَوَضَعَ عَلَی الْعَظْمِ لُبُوداً یَجْرِی عَلَیْهَا الدُّمُوعُ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ یَا بُنَیَّ إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یَهَبَكَ لِی لِتَقَرَّ عَیْنِی بِكَ فَقَالَ یَا أَبَهْ إِنَّ عَلَی نِیرَانِ رَبِّنَا مَعَاثِرَ (3)لَا یَجُوزُهَا إِلَّا الْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَتَخَوَّفُ أَنْ آتِیَهَا فَأَزِلَّ مِنْهَا فَبَكَی زَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی غُشِیَ عَلَیْهِ مِنَ الْبُكَاءِ.

«6»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَمْدَانِیِّ (4)عَنْ

ص: 167


1- فیه غرابة و كذا فی قوله: علمت انكما ستوردانی المهالك، و الحدیث مرویّ من طریق العامّة و هم فی نسخة من ذلك و امثاله.
2- أمالی الصدوق: 18- 20.
3- المعاثر: المساقط و المهالك.
4- فی المصدر: عبد اللّٰه بن الفضیل الهمدانیّ.

أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ ثُمَّ مَرَّ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَكِنْ هَذَا لَتَبْكِیَنَّ عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ قَالَ وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام (1).

«7»-ب، قرب الإسناد عَنْهُمَا (2)عَنْ حَنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: زُورُوا الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لَا تَجْفُوهُ فَإِنَّهُ سَیِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ وَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِیهُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ عَلَیْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ (3).

«8»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَقْرَأُ وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی یَعْنِی أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حَتَّی وَهَبَ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ الْكِبَرِ (4).

«9»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّینَوَرِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ سَاقَ الْحَدِیثَ فِی أَحْوَالِ الْقِیَامَةِ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ یُنَادِی الْمُنَادِی وَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَیْنَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أَیْنَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ أَیْنَ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أَیْنَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ أَیْنَ أُمُّ كُلْثُومٍ أُمُّ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا فَیَقُمْنَ الْحَدِیثَ (5).

«10»-فس، تفسیر القمی هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ

ص: 168


1- تفسیر القمّیّ: 616.
2- أی محمّد بن عبد الحمید و عبد الصمد بن محمّد.
3- قرب الإسناد: 48، و للحدیث صدر یأتی فی كتاب المزار ان شاء اللّٰه و أخرجه البحرانیّ فی تفسیره عن كتاب محمّد بن العباس بن الماهیار بإسناده عن جعفر بن محمّد بن قولویه، عن أبیه و محمّد ابن علیّ بن الحسین، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن بكر، عن موسی بن الفضل، عن حنان، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام؛ و عنه قال: حدّثنی محمّد بن الحسن بن الولید، عن محمّد بن الحسن الصفار عن عبد الصمد بن أحمد، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام؛ و عنه بهذا الاسناد عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن الحسین، عن ابن سدیر، عن أبی عبد اللّٰه مثله. قلت: عبد الصمد بن أحمد مصحف محمد.
4- فروع الكافی 2: 82.
5- تفسیر الفرات: 113 و 114.

سَمِیعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ الْحَصُورُ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ وَ الْعَاقِرُ الَّتِی قَدْ یَئِسَتْ مِنَ الْمَحِیضِ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ قالَ زَكَرِیَّا رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ (1)وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِیَّا ظَنَّ أَنَّ الَّذِینَ بَشَّرُوهُ هُمُ الشَّیَاطِینُ (2)وَ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فَخَرِسَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ(3).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: هُنالِكَ أی عند ما رأی عند مریم علیها السلام فاكهة الصیف فی الشتاء و فاكهة الشتاء فی الصیف علی خلاف العادة دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً أی طمع فی رزق الولد من العاقر و قوله طَیِّبَةً أی مباركة و قیل صالحة تقیة نقیة العمل إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ بمعنی قابل الدعاء و مجیب له فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ قیل ناداه جبرئیل أی أتاه النداء من هذا الجنس و قیل نادته جماعة من الملائكة وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أی فی المسجد و قیل فی محراب المسجد أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی سماه اللّٰه بهذا الاسم قبل مولده و اختلف فیه لم سمی بیحیی فقیل لأن اللّٰه أحیا به عقر أمه عن ابن عباس و قیل لأن اللّٰه سبحانه أحیاه بالإیمان عن قتادة و قیل لأنه سبحانه أحیا قلبه بالنبوة و لم یسم قبله أحدا بیحیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ أی بعیسی و علیه جمیع المفسرین إلا ما حكی عن أبی عبیدة أنه قال بكتاب اللّٰه (4)و كان یحیی أكبر سنا من عیسی علیه السلام بستة أشهر و كلف التصدیق به و كان أول من صدقه و شهد أنه كلمة اللّٰه و روحه و كان ذلك إحدی معجزات عیسی و أقوی الأسباب لإظهار أمره فإن الناس كانوا یقبلون قول یحیی لمعرفتهم بصدقه و زهده

ص: 169


1- أضاف فی المصدر: الا رمزا.
2- سیأتی الایعاز من الطبرسیّ الی تخطئة ذلك، و هو تفسیر من علیّ بن إبراهیم لم یسنده الی حدیث و لا الی قائل، نعم سیأتی حدیث یوافق ذلك الا انه مرسل و لم یتابع علیه.
3- تفسیر القمّیّ: 91- 92.
4- فی المصدر: بكتاب من اللّٰه.

وَ سَیِّداً فی العلم و العبادة و قیل فی الحلم و التقوی (1)و حسن الخلق و قیل كریما علی ربه و قیل فقیها عالما و قیل مطیعا لربه و قیل مطاعا و قیل سیدا للمؤمنین بالرئاسة علیهم و الجمیع یرجع إلی أصل واحد وَ حَصُوراً و هو الذی لا یأتی النساء عن ابن عباس و ابن مسعود و الحسن و قتادة و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام (2)و معناه أنه یحصر نفسه عن الشهوات أی یمنعها و قیل الحصور أنه لا یدخل (3)فی اللعب و الأباطیل عن المبرد و قیل العنین و هذا لا یجوز علی الأنبیاء لأنه عیب و ذم و لأن الكلام خرج مخرج المدح وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ أی رسولا شریفا رفیع المنزلة من جملة الأنبیاء قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ أی من أین یكون و قیل كیف یكون لِی غُلامٌ (4)وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ أی أصابنی الشیب و نالنی الهرم قال ابن عباس كان یومئذ ابن عشرین و مائة سنة و كانت امرأته بنت ثمان و تسعین سنة وَ امْرَأَتِی عاقِرٌ أی عقیم لا تلد فإن قیل لم راجع زكریا هذه المراجعة و قد بشره اللّٰه بأن یهب له ذریة طیبة قیل إنما قال ذلك علی سبیل التعرف عن كیفیة حصول الولد أ یعطیهما و هما علی ما كانا علیه من الشیب أم یصرفهما إلی حال الشباب ثم یرزقهما الولد و یحتمل أن یكون اشتبه الأمر علیه أن یعطیه الولد من امرأته العجوز أم من امرأة أخری شابة فقال تعالی كَذلِكَ و تقدیره كذلك الأمر الذی أنتما علیه و علی تلك الحال اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ معناه یرزقك اللّٰه الولد منها فإنه هین علیه و قیل فیه وجه آخر و هو أنه إنما قال ذلك علی سبیل الاستعظام لمقدور اللّٰه تعالی و التعجب الذی یحصل للإنسان عند ظهور آیة عظیمة كمن یقول لغیره كیف سمحت نفسك لإخراج ذلك المال النفیس من یدك تعجبا من جوده و قیل إنه قال ذلك علی وجه التعجب من أنه كیف أجابه اللّٰه إلی مراده فیما دعا و كیف استحق لذلك (5)

ص: 170


1- فی المصدر: فی العلم و التقی.
2- فی المصدر: عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
3- فی المصدر: الحصور: الذی لا یدخل فی اللعب.
4- فی المصدر: ای ولد.
5- فی المصدر: و كیف استحق ذلك.

و من زعم أنه إنما قال ذلك للوسوسة التی خالطت قلبه من الشیطان أو خیلت إلیه أن النداء كان من غیر الملائكة فقد أخطأ لأن الأنبیاء لا بد أن یعرفوا الفرق بین كلام الملك و وسوسة الشیطان (1)و لا یجوز أن یتلاعب الشیطان بهم حتی یختلط علیهم طریق الإفهام ثم سأل اللّٰه سبحانه علامة یعرف بها وقت حمل امرأته لیزید فی العبادة شكرا و قیل لیتعجل السرور قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً أی علامة لوقت الحمل و الولد فجعل اللّٰه تلك العلامة فی إمساك لسانه عن الكلام إلا إیماء من غیر آفة حدثت فیه بقوله قالَ آیَتُكَ أی قال اللّٰه أو جبرئیل أی علامتك أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً أی إیماء و قیل الرمز تحریك الشفتین و قیل أراد به صومه ثلاثة أیام لأنهم كانوا إذا صاموا لم یتكلموا إلا رمزا وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِیراً أی فی هذه الأیام الثلاثة و معناه أنه لما منع عن الكلام عرف أنه لم یمنع عن الذكر لله سبحانه و التسبیح له و ذلك أبلغ فی الإعجاز وَ سَبِّحْ أی نزه اللّٰه و قیل معناه صل (2)بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ آخر النهار و أوله (3).

«11»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَوْحَشَ مَا یَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ یَوْمِ یَلِدُ فَیَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَیَرَی الدُّنْیَا وَ یَوْمِ یَمُوتُ فَیُعَایِنُ الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا وَ یَوْمِ یُبْعَثُ فَیَرَی أَحْكَاماً لَمْ یَرَهَا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ قَدْ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَی یَحْیَی فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ وَ آمَنَ رَوْعَتَهُ فَقَالَ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا (4)

«12»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ ثَبِیرِ بْنِ (5)

ص: 171


1- و الا فیجوز ان یلقی الشیطان الیهم كلاما فیزعم أنّه من اللّٰه، فیبلغه قومه فیعملون و یضلون.
2- أضاف فی المصدر: كما یقال: فرغت من سبحتی أی صلاتی.
3- مجمع البیان 2: 438- 439 و 440.
4- عیون الأخبار: 142.
5- هكذا فی النسخ و المصدر، قال ابن حجر فی لسان المیزان ج 2 ص 82: ثبین بن إبراهیم ابن شیبان روی عن جعفر الصادق، و عنه الحسین بن قاسم، ذكره ابن عقدة فی الشیعة فتأمل.

إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ بِلَالٍ الْمَدَنِیِّ (1)عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ إِبْلِیسَ كَانَ یَأْتِی الْأَنْبِیَاءَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ علیه السلام إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِیحَ علیه السلام یَتَحَدَّثُ عِنْدَهُمْ وَ یُسَائِلُهُمْ وَ لَمْ یَكُنْ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَشَدَّ أُنْساً مِنْهُ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَحْیَی یَا بَا مُرَّةَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ أَنْ أَرُدَّكَ بِمَسْأَلَةٍ فَسَلْنِی مَا شِئْتَ فَإِنِّی غَیْرُ مُخَالِفِكَ فِی أَمْرٍ تُرِیدُهُ فَقَالَ یَحْیَی یَا بَا مُرَّةَ أُحِبُّ أَنْ تَعْرِضَ عَلَیَّ مَصَائِدَكَ وَ فُخُوخَكَ الَّتِی تَصْطَادُ بِهَا بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ وَاعَدَهُ لِغَدٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ یَحْیَی علیه السلام قَعَدَ فِی بَیْتِهِ یَنْتَظِرُ الْمَوْعِدَ وَ أَغْلَقَ عَلَیْهِ الْبَابَ إِغْلَاقاً فَمَا شَعَرَ حَتَّی سَاوَاهُ مِنْ خَوْخَةٍ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ فَإِذَا وَجْهُهُ صُورَةُ وَجْهِ الْقِرْدِ وَ جَسَدُهُ عَلَی صُورَةِ الْخِنْزِیرِ وَ إِذَا عَیْنَاهُ مَشْقُوقَتَانِ طُولًا وَ إِذَا أَسْنَانُهُ وَ فَمُهُ مَشْقُوقٌ طُولًا عَظْماً وَاحِداً بِلَا ذَقَنٍ وَ لَا لِحْیَةٍ (2)وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَیْدٍ یَدَانِ فِی صَدْرِهِ وَ یَدَانِ فِی مَنْكِبِهِ وَ إِذَا عَرَاقِیبُهُ قَوَادِمُهُ وَ أَصَابِعُهُ خَلْفَهُ وَ عَلَیْهِ قَبَاءٌ وَ قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِمِنْطَقَةٍ فِیهَا خُیُوطٌ مُعَلَّقَةٌ بَیْنَ أَحْمَرَ (3)وَ أَصْفَرَ وَ أَخْضَرَ وَ جَمِیعِ الْأَلْوَانِ وَ إِذَا بِیَدِهِ جَرَسٌ عَظِیمٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ وَ إِذَا فِی الْبَیْضَةِ حَدِیدَةٌ مُعَلَّقَةٌ شَبِیهَةٌ بِالْكُلَّابِ (4)فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ یَحْیَی علیه السلام قَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الْمِنْطَقَةُ الَّتِی فِی وَسَطِكَ فَقَالَ هَذِهِ الْمَجُوسِیَّةُ أَنَا الَّذِی سَنَنْتُهَا وَ زَیَّنْتُهَا لَهُمْ فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذِهِ الْخُیُوطُ الْأَلْوَانُ قَالَ لَهُ هَذِهِ جَمِیعُ أَصْبَاغِ النِّسَاءِ لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَصْبَغُ الصِّبْغَ حَتَّی تَقَعَ مَعَ لَوْنِهَا فَأَفْتَتِنَ النَّاسَ بِهَا فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذَا الْجَرَسُ الَّذِی بِیَدِكَ قَالَ هَذَا مَجْمَعُ كُلِّ لَذَّةٍ مِنْ طُنْبُورٍ وَ بَرْبَطٍ وَ مِعْزَفَةٍ وَ طَبْلٍ وَ نَایٍ وَ صُرْنَایٍ (5)وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَیَجْلِسُونَ عَلَی شَرَابِهِمْ فَلَا یَسْتَلِذُّونَهُ

ص: 172


1- فی المصدر: سلیمان بن بلال المدنیّ و لعله الصحیح و هو سلیمان بن بلال التیمی أبو أیّوب و أبو محمّد المدنیّ مولی أبی بكر، المترجم فی رجال الشیخ فی أصحاب الصادق علیه السلام، و اطراه العامّة فی كتبهم بالتوثیق و الاتقان و الصلاح، توفّی سنة 177 علی ما فی التقریب او 172 علی ما حكی عن الذهبی.
2- فی المصدر و فی نسخة: و إذا عیناه مشقوقتان طولا و فمه مشقوق طولا، و إذا اسنانه و فمه عظم واحد بلا ذقن و لا لحیة.
3- فی المصدر: من بین احمر.
4- الكلاب بالفتح و تشدید اللام: حدیدة معطوفة یعلق بها اللحم و غیره.
5- النای: آلة من آلات الطرب ینفخ فیها، و الكلمة من الدخیل و كذا الصرنای.

فَأُحَرِّكُ الْجَرَسَ فِیمَا بَیْنَهُمْ فَإِذَا سَمِعُوهُ اسْتَخَفَّهُمُ (1)الطَّرَبُ فَمِنْ بَیْنِ مَنْ یَرْقُصُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یَشُقُّ ثِیَابَهُ فَقَالَ لَهُ وَ أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَقَرُّ لِعَیْنِكَ قَالَ النِّسَاءُ هُنَّ فُخُوخِی وَ مَصَائِدِی فَإِنِّی إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَیَّ دَعَوَاتُ الصَّالِحِینَ وَ لَعَنَاتُهُمْ صِرْتُ إِلَی النِّسَاءِ فَطَابَتْ نَفْسِی بِهِنَّ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی علیه السلام فَمَا هَذِهِ الْبَیْضَةُ الَّتِی عَلَی رَأْسِكَ قَالَ بِهَا أَتَوَقَّی دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَمَا هَذِهِ الْحَدِیدَةُ الَّتِی أَرَی فِیهَا قَالَ بِهَذِهِ أُقَلِّبُ قُلُوبَ الصَّالِحِینَ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَهَلْ ظَفِرْتَ بِی سَاعَةً قَطُّ قَالَ لَا وَ لَكِنْ فِیكَ خَصْلَةٌ تُعْجِبُنِی قَالَ یَحْیَی فَمَا هِیَ قَالَ أَنْتَ رَجُلٌ أَكُولٌ فَإِذَا أَفْطَرْتَ أَكَلْتَ وَ بَشِمْتَ فَیَمْنَعُكَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ صَلَاتِكَ وَ قِیَامِكَ بِاللَّیْلِ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَإِنِّی أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَلَّا أَشْبَعَ (2)مِنَ الطَّعَامِ حَتَّی أَلْقَاهُ قَالَ لَهُ إِبْلِیسُ وَ أَنَا أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَنِّی لَا أَنْصَحُ مُسْلِماً حَتَّی أَلْقَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَمَا عَادَ إِلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (3).

بیان: الخوخة كوة تؤدی الضوء إلی البیت و العراقیب جمع العرقوب و هو عصب غلیظ فوق عقب الإنسان و قال الفیروزآبادی المعازف الملاهی كالعود و الطنبور و الواحد عزف أو معزف كمنبر و مكنسة و قال البشم محركة التخمة و السأمة بشم كفرح.

«13»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا یَقُولُ ذَكَرَ رَبُّكَ زَكَرِیَّا فَرَحِمَهُ إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی یَقُولُ ضَعُفَ وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا یَقُولُ لَمْ یَكُنْ دُعَائِی خَائِباً عِنْدَكَ وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی یَقُولُ خِفْتُ الْوَرَثَةَ مِنْ بَعْدِی وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ لَمْ یَكُنْ لِزَكَرِیَّا یَوْمَئِذٍ وَلَدٌ یَقُومُ مَقَامَهُ وَ یَرِثُهُ وَ كَانَتْ هَدَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ نُذُورُهُمْ لِلْأَحْبَارِ وَ كَانَ زَكَرِیَّا رَئِیسَ الْأَحْبَارِ وَ كَانَتِ امْرَأَةُ زَكَرِیَّا أُخْتَ مَرْیَمَ بِنْتِ

ص: 173


1- أی اطربهم.
2- فی المصدر: انی لا اشبع.
3- أمالی ابن الطوسیّ: 216- 217.

عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ وَ یَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ (1)وَ بَنُو مَاثَانَ إِذْ ذَاكَ رُؤَسَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ بَنُو مُلُوكِهِمْ وَ هُمْ مِنْ وُلْدِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ زَكَرِیَّا فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا یَقُولُ لَمْ یُسَمَّ بِاسْمِ یَحْیَی أَحَدٌ قَبْلَهُ قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا فَهُوَ الْبُؤْسُ (2)قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا صَحِیحاً مِنْ غَیْرِ مَرَضٍ (3).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا أی هذا خبر رحمة ربك زكریا عبده و یعنی بالرحمة إجابته إیاه حین دعاه و سأله الولد و زكریا اسم نبی من أنبیاء بنی إسرائیل كان من أولاد هارون بن عمران و قیل معناه ذكر ربك عبده بالرحمة إِذْ نادی رَبَّهُ نِداءً خَفِیًّا أی سرا غیر جهر لا یرید به ریاء. (4)و قیل إنما أخفاه لئلا یهزأ به الناس قالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی أی ضعف و إنما أضاف إلی العظم (5)لأنه مع صلابته إذا ضعف فكیف باللحم و العصب وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً أی إن الشیب قد عم الرأس وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِیًّا أی و لم أكن بدعائی إیاك فیما مضی مخیبا محروما و المعنی أنك قد عودتنی حسن الإجابة فلا تخیبنی فیما أسألك (6)وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی و هم الكلالة عن ابن

ص: 174


1- المصدر و نسخة خالیان عن قوله: و یعقوب بن ماثان.
2- هكذا فی نسخ، و فی نسخة: الیؤس، قلت: ای یائس؛ و یحتمل كونه تصحیف الیأس كما یأتی فی كلام المصنّف، و لعلّ المعنی: و قد بلغت من الكبر حالة آیس فیها من ان یتولد منی ولد. و فی المصدر: المیئوس، و یحتمل أن یكون الجمیع مصحف الیبس كما یأتی فی كلام الطبرسیّ.
3- تفسیر القمّیّ: 408- 409.
4- فی المصدر: ای حین دعا ربّه دعاء «خفیا» خافیا سرا غیر جهر بخفیة فی نفسه لا یرید به رباء.
5- فی المصدر: و انما أضاف الوهن الی العظم.
6- فی المصدر: قد عودتنی حسن الإجابة و ما خیبتنی فیما سألتك؛ و لا حرمتنی الاستجابة فیما دعوتك و لا تخیبنی فیما اسألك.

عباس و قیل العصبة عن مجاهد و قیل هم العمومة و بنو العم عن أبی جعفر علیه السلام و قیل بنو العم (1)و كانوا شرار بنی إسرائیل وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً أی عقیما لا تلد فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا ولدا یلینی و یكون أولی بمیراثی یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ و هو یعقوب بن ماثان (2)و أخوه عمران بن ماثان أبو مریم عن الكلبی و مقاتل و قیل هو یعقوب بن إسحاق بن إبراهیم وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا أی مرضیا عندك ممتثلا لأمرك فاستجاب اللّٰه دعاءه و أوحی إلیه یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا أی لم نسم قبله أحدا باسمه.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ كَذَلِكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیٌّ (3)وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً قِیلَ لَهُ وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبُ حَمْرَاءَ وَ كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی علیه السلام وَلَدَ زِناً وَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَلَدَ زِناً.

وَ رَوَی سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ لَا ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلَّا وَ ذَكَرَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ قَالَ یَوْماً مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ رَأْسَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا أُهْدِیَ إِلَی بَغِیٍّ مِنْ بَغَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ.

و قیل إن معنی قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا لم تلد العواقر مثله ولدا و هو كقوله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِیًّا أی مثلا عن ابن عباس و مجاهد قالَ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِیًّا أی قد بلغت من كبر السن إلی حال الیبس

ص: 175


1- اخرج البحرانیّ فی تفسیره عن كتاب محمّد بن العباس بإسناده عن محمّد بن همام، عن سهل بن محمّد، عن محمّد بن إسماعیل العلوی، عن سدیر الصیرفی قال: حدّثنی أبو الحسن موسی بن جعفر علیه السلام قال: كنت عند ابی یوما قاعدا حتّی اتی رجل فوقف به، و قال: فی القوم باقر العلوم و رئیسه محمّد بن علی؟ قیل له: نعم، فجلس طویلا، ثمّ قام إلیه فقال: یا ابن رسول اللّٰه اخبرنی عن قول اللّٰه عزّ و جلّ فی قصة زكریا: «وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً» الآیة؛ قال: نعم، قال: الموالی بنو العم و أحبّ اللّٰه ان یهب له ولیا من صلبه- إلی أن قال-: فانی مخرج من صلبك ولدا یرثك و یرث من آل یعقوب فوهب اللّٰه له یحیی علیه السلام.
2- فی المصدر: «ماتان» بالتاء و كذا فیما بعده.
3- فی المطبوع: سمیا و هو وهم.

و الجفاف و نحول العظم قال قتادة كان له بضع و سبعون سنة (1)قالَ كَذلِكَ أی قال اللّٰه سبحانه الأمر علی ما أخبرتك من هبة الولد علی الكبر قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ أی من قبل یحیی وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً أی شیئا موجودا. (2)

وَ رَوَی الْحَكَمُ بْنُ عُتَیْبَةَ (3)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا وُلِدَ یَحْیَی بَعْدَ الْبِشَارَةِ لَهُ مِنَ اللَّهِ بِخَمْسِ سِنِینَ.

قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً و علامة (4)أستدل بها علی وقت كونه قالَ اللّٰه سبحانه آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَیالٍ سَوِیًّا أی و أنت سوی صحیح سلیم فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ أی من مصلاه فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أی أشار إلیهم و أومأ بیده و قیل كتب لهم فی الأرض أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا أی صلوا بكرة و عشیا و قیل أراد التسبیح بعینه قال ابن جریح أشرف علیهم زكریا علیه السلام من فوق غرفة كان یصلی فیها لا یصعد إلیها إلا بسلم و كانوا یصلون معه الفجر و العشاء فكان یخرج إلیهم فیؤذن لهم (5)بلسانه فلما اعتقل لسانه خرج علی عادته و أذن لهم بغیر كلام فعرفوا عند ذلك أنه قد جاء وقت حمل امرأته بیحیی فمكث ثلاثة أیام لا یقدر علی الكلام معهم و یقدر علی التسبیح و الدعاء ثم قال سبحانه یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ تقدیره فوهبنا له یحیی و أعطیناه الفهم و العقل و قلنا له یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ یعنی التوراة بما قواك اللّٰه علیه و أیدك به و معناه و أنت قادر علی أخذه قوی علی العمل (6)و قیل معناه بجد و صحة عزیمة علی القیام بما فیه وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا أی و آتیناه النبوة فی حال صباه و هو ابن ثلاث سنین عن ابن عباس.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِینَةَ وَ أَنَا أُرِیدُ مِصْرَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیه السلام وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ خُمَاسِیٌّ فَجَعَلْتُ أَتَأَمَّلُهُ

ص: 176


1- فی المصدر: بضع و تسعون سنة.
2- فی المصدر: ای أنشأتك و أجدتك و لم تك شیئا موجودا.
3- فی المصدر: الحكم بن عیینة و هو وهم.
4- فی المصدر: ای دلالة و علامة.
5- فی المصدر: فیأذن لهم.
6- فی المصدر: العمل به.

لِأَصِفَهُ لِأَصْحَابِنَا بِمِصْرَ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ فِی الْإِمَامَةِ كَمَا أَخَذَ فِی النُّبُوَّةِ قَالَ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوی آتَیْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ قَالَ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا فَقَدْ یَجُوزُ أَنْ یُعْطَی الْحُكْمَ ابْنُ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ یَجُوزُ أَنْ یُعْطَاهُ الصَّبِیُّ.

و قیل إن الحكم الفهم

و عن معمر قال إن الصبیان قالوا لیحیی اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت فأنزل اللّٰه تعالی فیه وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا و روی ذلك عن أبی الحسن الرضا علیه السلام.

وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا و الحنان العطف و الرحمة أی و آتیناه رحمة من عندنا و قیل تحننا علی العباد و رقة قلب علیهم لیدعوهم إلی طاعة اللّٰه و قیل محبة منا

و قیل تحنن اللّٰه علیه كان إذا قال یا رب قال له لبیك یا یحیی و هو المروی عن الباقر علیه السلام.

و قیل تعطفا منا وَ زَكاةً أی و عملا صالحا زاكیا أو زكاة لمن قبل دینه حتی یكونوا أزكیاء و قیل یعنی بالزكاة طاعة اللّٰه و الإخلاص و قیل و صدقة تصدق اللّٰه بها علی أبویه و قیل و زكیناه بحسن الثناء علیه وَ كانَ تَقِیًّا أی مخلصا مطیعا متقیا لما نهی اللّٰه عنه قالوا و كان من تقواه أنه لم یعمل خطیئة و لم یهم بها وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ أی بارا بهما وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً أی متكبرا متطاولا علی الخلق عَصِیًّا أی عاصیا لربه وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا أی سلام علیه منا فی هذه الأحوال (1)و قیل سلامة و أمان له منا انتهی ملخص تفسیره رحمه اللّٰه. (2)

أقول: قول علی بن إبراهیم و یعقوب بن ماثان إما عطف علی زكریا أی كانت الرئاسة فی ذلك الزمان لزكریا و یعقوب عم زوجته أو یعقوب مبتدأ و ابن ماثان خبره أی یعقوب الذی ذكره اللّٰه هو ابن ماثان لا ابن إسحاق أو هو مبتدأ و بنو ماثان معطوف

ص: 177


1- فی المصدر: فی هذه الایام. و فیه: و معناه سلامة و امن له یوم ولد من عبث الشیطان به و اغوائه ایاه، و یوم یموت من بلاء الدنیا و من عذاب القبر، و یوم یبعث حیا من هول المطلع و عذاب النار، و انما قال: حیا تأكیدا لقوله: یبعث. و قیل: یبعث مع الشهداء لانهم وصفوا بانهم احیاء. و قیل: ان السلام الأول یوم الولادة تفضل، و الثانی و الثالث علی وجه الثواب و الجزاء.
2- مجمع البیان 6: 502- 503 و 504- 505 و 506.

علیه و قوله رؤساء خبرهما فیكون من قبیل عطف العام علی الخاص. (1)و قال البیضاوی قیل یعقوب كان أخا زكریا أو عمران بن ماثان (2)من نسل سلیمان انتهی. (3)و أما تفسیره العتی بالبؤس أو الیأس (4)فلعله بیان لحاصل المعنی و لازمه قال الجوهری عتی (عتا) الشیخ كبر و ولّی (5).

«14»-ج، الإحتجاج سَأَلَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَائِمَ علیه السلام عَنْ تَأْوِیلِ كهیعص قَالَ علیه السلام هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَیْبِ أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَیْهَا عَبْدَهُ زَكَرِیَّا ثُمَّ قَصَّهَا عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِیَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ فَأَهْبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَعَلَّمَهُ إِیَّاهَا فَكَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ علیهم السلام سُرِّیَ عَنْهُ هَمُّهُ وَ انْجَلَی كَرْبُهُ وَ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ الْحُسَیْنِ علیه السلام خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَ وَقَعَتْ عَلَیْهِ الْبُهْرَةُ فَقَالَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ إِلَهِی مَا بَالِی إِذْ ذَكَرْتُ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ تَسَلَّیْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِی وَ إِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَیْنَ تَدْمَعُ عَیْنِی وَ تَثُورُ زَفْرَتِی فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْ قِصَّتِهِ فَقَالَ كهیعص فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلَاءَ وَ الْهَاءُ هَلَاكُ الْعِتْرَةِ وَ الْیَاءُ یَزِیدُ وَ هُوَ ظَالِمُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ الْعَیْنُ عَطَشُهُ وَ الصَّادُ صَبْرُهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ مَنَعَ فِیهِنَّ النَّاسَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَیْهِ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ كَانَ یُرْثِیهِ إِلَهِی أَ تُفْجِعُ (6)خَیْرَ جَمِیعِ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ إِلَهِی أَ تُنْزِلُ بَلْوَی هَذِهِ الرَّزِیَّةِ بِفِنَائِهِ إِلَهِی أَ تُلْبِسُ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ ثِیَابَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ إِلَهِی أَ تَحُلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ بِسَاحَتِهَا ثُمَّ كَانَ یَقُولُ إِلَهِی ارْزُقْنِی وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَیْنِی عَلَی الْكِبَرِ فَإِذَا رَزَقْتَنِیهِ فَافْتِنِّی

ص: 178


1- و لعله أظهر: فیكون المعنی أن رئاسة الدین و الاحبار كانت لزكریا علیه السلام، و رئاسة الدنیا و الملك لیعقوب بن ماثان و بنی ماثان.
2- فی المصدر: أو كان أخا عمران بن ماثان.
3- أنوار التنزیل 2: 31.
4- فی نسخة: الیؤس.
5- من ولی الرطب: أخذ فی الهیج ای الیبس.
6- فجعه: أوجعه باعدامه ما یتعلق به من أهل أو مال.

بِحُبِّهِ ثُمَّ افْجَعْنِی بِهِ كَمَا تَفْجَعُ مُحَمَّداً حَبِیبَكَ بِوَلَدِهِ فَرَزَقَهُ اللَّهُ یَحْیَی وَ فَجَعَهُ بِهِ وَ كَانَ حَمْلُ یَحْیَی علیه السلام سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ حَمْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام كَذَلِكَ الْخَبَرَ (1) .

بیان: سری عنه الهم علی بناء التفعیل مجهولا انكشف و البهرة بالضم تتابع النفس و انقطاعه من الإعیاء و زفر أخرج نفسه بعد مده إیاه.

«15»-ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ إِلَی وَهْبٍ قَالَ: انْطَلَقَ إِبْلِیسُ یَسْتَقْرِی (2)مَجَالِسَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَجْمَعَ مَا یَكُونُونَ وَ یَقُولُ فِی مَرْیَمَ وَ یَقْذِفُهَا بِزَكَرِیَّا علیه السلام حَتَّی الْتَحَمَ الشَّرُّ (3)وَ شَاعَتِ الْفَاحِشَةُ عَلَی زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا رَأَی زَكَرِیَّا علیه السلام ذَلِكَ هَرَبَ وَ أَتْبَعَهُ سُفَهَاؤُهُمْ وَ شِرَارُهُمْ وَ سَلَكَ فِی وَادٍ كَثِیرِ النَّبْتِ حَتَّی إِذَا تَوَسَّطَهُ انْفَرَجَ لَهُ جِذْعُ شَجَرَةٍ فَدَخَلَ علیه السلام فِیهِ وَ انْطَبَقَتْ عَلَیْهِ الشَّجَرَةُ وَ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ یَطْلُبُهُ مَعَهُمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الشَّجَرَةِ الَّتِی دَخَلَ فِیهَا زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَاسَ لَهُمْ إِبْلِیسُ الشَّجَرَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَی أَعْلَاهَا حَتَّی إِذَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَی مَوْضِعِ الْقَلْبِ مِنْ زَكَرِیَّا علیه السلام أَمَرَهُمْ فَنَشَرُوا بِمِنْشَارِهِمْ وَ قَطَعُوا الشَّجَرَةَ وَ قَطَعُوهُ فِی وَسَطِهَا ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَ تَرَكُوهُ وَ غَابَ عَنْهُمْ إِبْلِیسُ حِینَ فَرَغَ مِمَّا أَرَادَ فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ بِهِ وَ لَمْ یُصِبْ زَكَرِیَّا علیه السلام مِنْ أَلَمِ الْمِنْشَارِ شَیْ ءٌ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَلَائِكَةَ فَغَسَّلُوا زَكَرِیَّا وَ صَلَّوْا عَلَیْهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُدْفَنَ وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام لَا یَتَغَیَّرُونَ وَ لَا یَأْكُلُهُمُ التُّرَابُ وَ یُصَلَّی عَلَیْهِمْ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ یُدْفَنُونَ(4).

«16»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَفْضَی الْأَمْرُ بَعْدَ دَانِیَالَ علیه السلام إِلَی عُزَیْرٍ علیه السلام وَ كَانُوا یَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ وَ یَأْنَسُونَ بِهِ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ فَغَیَّبَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَخْصَهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَ غَابَتِ الْحُجَجُ بَعْدَهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی وُلِدَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ تَرَعْرَعَ فَظَهَرَ وَ لَهُ سَبْعُ سِنِینَ فَقَامَ فِی النَّاسِ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَّرَهُمْ بِأَیَّامِ

ص: 179


1- احتجاج الطبرسیّ: 259.
2- أی یتبعها و یطوف فیها.
3- التحم الشی ء: التصق و تلاءم. التحمت الحرب بینهم: اشتبكت.
4- علل الشرائع: 38.

اللَّهِ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ مِحَنَ الصَّالِحِینَ إِنَّمَا كَانَتْ لِذُنُوبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِینَ وَ وَعَدَهُمُ الْفَرَجَ بِقِیَامِ الْمَسِیحِ علیه السلام بَعْدَ نَیِّفٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ (1).

أقول: تمامه فی باب قصة طالوت.

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وُلِدَ یَحْیَی علیه السلام رُفِعَ إِلَی السَّمَاءِ فَغُذِّیَ بِأَنْهَارِ الْجَنَّةِ حَتَّی فُطِمَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَی أَبِیهِ وَ كَانَ الْبَیْتُ یُضِی ءُ بِنُورِهِ (2).

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ دَعَا زَكَرِیَّا علیه السلام رَبَّهُ فَقَالَ فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیًّا یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ فَبَشَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِیَحْیَی فَلَمْ یَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ وَ خَافَ أَنْ یَكُونَ مِنَ الشَّیْطَانِ فَقَالَ أَنَّی یَكُونُ لِی وَلَدٌ وَ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً فَأُسْكِتَ فَعَلِمَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی (3).

«19»-تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ سَأَلُوهُ عَنْ مَعْنَی الْوَحْیِ فَقَالَ مِنْهُ وَحْیُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهُ وَحْیُ الْإِلْهَامِ وَ مِنْهُ وَحْیُ الْإِشَارَةِ وَ سَاقَهُ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَمَّا وَحْیُ الْإِشَارَةِ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَخَرَجَ عَلی قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحی إِلَیْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِیًّا أَیْ أَشَارَ إِلَیْهِمْ لِقَوْلِهِ (4)تَعَالَی أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (5).

«20»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَلِكاً كَانَ عَلَی عَهْدِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یَكْفِهِ مَا كَانَ عَلَیْهِ مِنَ الطَّرُوقَةِ حَتَّی تَنَاوَلَ امْرَأَةً بَغِیّاً فَكَانَتْ تَأْتِیهِ حَتَّی أَسَنَّتْ فَلَمَّا أَسَنَّتْ هَیَّأَتْ ابْنَتَهَا ثُمَّ قَالَتْ لَهَا إِنِّی أُرِیدُ أَنْ آتِیَ بِكِ الْمَلِكَ فَإِذَا وَاقَعَكِ فَیَسْأَلُكِ مَا حَاجَتُكِ (6)فَقُولِی حَاجَتِی أَنْ تَقْتُلَ یَحْیَی بْنَ

ص: 180


1- اكمال الدین: 91 و 95.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. قوله: فاسكت أی اعتقل لسانه و حبس عن الكلام.
3- قصص الأنبیاء مخطوط. قوله: فاسكت أی اعتقل لسانه و حبس عن الكلام.
4- كذا فی المصدر، و فی النسخ «كقوله» و هو سهو.
5- المحكم و المتشابه: 21.
6- فیه اجمال أو سقط یأتی شرحه بعد ذلك.

زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا وَاقَعَهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا فَقَالَتْ قَتْلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا كَانَ فِی الثَّالِثَةِ بَعَثَ إِلَی یَحْیَی فَجَاءَ بِهِ فَدَعَا بِطَسْتِ ذَهَبٍ فَذَبَحَهُ فِیهَا وَ صَبَّوْهُ عَلَی الْأَرْضِ فَیَرْتَفِعُ الدَّمُ وَ یَعْلُو وَ أَقْبَلَ النَّاسُ یَطْرَحُونَ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَیَعْلُو عَلَیْهِ الدَّمُ حَتَّی صَارَ تَلًّا عَظِیماً وَ مَضَی ذَلِكَ الْقَرْنُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ بُخْتَنَصَّرَ مَا كَانَ رَأَی ذَلِكَ الدَّمَ فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ یَجِدْ أَحَداً یَعْرِفُهُ حَتَّی دُلَّ عَلَی شَیْخٍ كَبِیرٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَنَّهُ كَانَ مِنْ قِصَّةِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام كَذَا وَ كَذَا وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ وَ الدَّمُ دَمُهُ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ لَا جَرَمَ لَأَقْتُلَنَّ عَلَیْهِ حَتَّی یَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَیْهِ سَبْعِینَ أَلْفاً فَلَمَّا وَفَی عَلَیْهِ سَكَنَ الدَّمُ (1).

«21»-وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ إِنَّ هَذِهِ الْبَغِیَّ كَانَتْ زَوْجَةَ مَلِكٍ جَبَّارٍ قَبْلَ هَذَا الْمَلِكِ وَ تَزَوَّجَهَا هَذَا بَعْدَهُ فَلَمَّا أَسَنَّتْ وَ كَانَ لَهَا ابْنَةٌ مِنَ الْمَلِكِ الْأَوَّلِ قَالَتْ لِهَذَا الْمَلِكِ تَزَوَّجْ أَنْتَ بِهَا فَقَالَ لَأَسْأَلُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَذِنَ فَعَلْتُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ لَا یَجُوزُ فَهَیَّأَتْ بِنْتَهَا وَ زَیَّنَتْهَا فِی حَالِ سُكْرِهِ وَ عَرَضَتْهَا عَلَیْهِ فَكَانَ مِنْ حَالِ قَتْلِ یَحْیَی علیه السلام مَا ذُكِرَ فَكَانَ مَا كَانَ (2).

«22»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ زَكَرِیَّا علیه السلام كَانَ خَائِفاً فَهَرَبَ فَالْتَجَأَ إِلَی شَجَرَةٍ فَانْفَرَجَتْ لَهُ وَ قَالَتْ یَا زَكَرِیَّا ادْخُلْ فِیَّ فَجَاءَ حَتَّی دَخَلَ فِیهَا فَطَلَبُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَأَتَاهُمْ إِبْلِیسُ وَ كَانَ رَآهُ فَدَلَّهُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ هُوَ فِی هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَاقْطَعُوهَا وَ قَدْ كَانُوا یَعْبُدُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَقَالُوا لَا نَقْطَعُهَا فَلَمْ یَزَلْ بِهِمْ حَتَّی شَقُّوهَا وَ شَقُّوا زَكَرِیَّا علیه السلام (3).

«23»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِأَوْلِیَائِهِ انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِیَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام بِبُخْتَنَصَّرَ (4).

ص: 181


1- قصص الأنبیاء مخطوط. و الحدیث الآخر لا یخلو عن غرابة.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. و الحدیث الآخر لا یخلو عن غرابة.
3- قصص الأنبیاء مخطوط. و الحدیث الآخر لا یخلو عن غرابة.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. و الحدیث الآخر لا یخلو عن غرابة.

«24»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام بَعَثَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فِی اثْنَیْ عَشَرَ مِنَ الْحَوَارِیِّینَ یُعَلِّمُونَ النَّاسَ وَ یَنْهَاهُمْ عَنْ نِكَاحِ ابْنَةِ الْأُخْتِ قَالَ وَ كَانَ لِمَلِكِهِمْ بِنْتُ أُخْتٍ تُعْجِبُهُ وَ كَانَ یُرِیدُ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا بَلَغَ أُمَّهَا أَنَّ یَحْیَی علیه السلام نَهَی عَنْ مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ أَدْخَلَتْ بِنْتَهَا عَلَی الْمَلِكِ مُزَیَّنَةً فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا قَالَتْ حَاجَتِی أَنْ تَذْبَحَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا فَقَالَ سَلِی غَیْرَ هَذَا فَقَالَتْ لَا أَسْأَلُكَ غَیْرَ هَذَا فَلَمَّا أَبَتْ عَلَیْهِ دَعَا بِطَشْتٍ وَ دَعَا بِیَحْیَی علیه السلام فَذَبَحَهُ فَبَدَرَتْ (1)قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهِ فَوَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ فَلَمْ تَزَلْ تَعْلُو (2)حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ عَلَیْهِمْ فَجَاءَتْهُ عَجُوزٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَدَلَّتْهُ عَلَی ذَلِكَ الدَّمِ فَأَلْقَی فِی نَفْسِهِ أَنْ یَقْتُلَ عَلَی ذَلِكَ الدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّی یَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَیْهَا سَبْعِینَ أَلْفاً فِی سَنَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّی سَكَنَ (3).

«25»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَاقِرَ نَاقَةِ صَالِحٍ كَانَ أَزْرَقَ ابْنَ بَغِیٍّ وَ إِنَّ قَاتِلَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ إِنَّ قَاتِلَ عَلِیٍّ علیه السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ كَانَتْ مُرَادٌ تَقُولُ مَا نَعْرِفُ لَهُ فِینَا أَباً وَ لَا نَسَباً وَ إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام ابْنُ بَغِیٍّ وَ إِنَّهُ لَمْ یَقْتُلِ الْأَنْبِیَاءَ وَ لَا أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَّا أَوْلَادُ الْبَغَایَا وَ قَالَ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا قَالَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ كَذَلِكَ بَكَتِ الشَّمْسُ عَلَیْهِمَا وَ بُكَاؤُهَا أَنْ تَطْلُعَ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبَ حَمْرَاءَ وَ قِیلَ أَیْ بَكَی أَهْلُ السَّمَاءِ وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ (4).

بیان: قد یوجه بكاء السماء و الأرض كما ذكره الراوندی رحمه اللّٰه (5)یمكن أن یقال كنایة عن شدة المصیبة حتی كأنه بكی علیه السماء و الأرض أو عن

ص: 182


1- أی اسرعت و سبقت.
2- فی نسخة: فلم تزل تغلی.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- فی قوله: و قیل: أی بكی إه.

أنه وصل ضرر تلك المصیبة إلی السماء و الأرض و أثرت فیهما و ظهر بها آثار التغیر فیهما أو أنه أمطرت السماء دما (1)و كان یتفجر الأرض دما عبیطا فهذا بكاؤهما كما فسر به فی الخبر و لعل الأخیر أظهر.

«26»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام بَكَی لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ یَبْكِیَا عَلَی أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام (2).

«27»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ قَالَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَی أَحَدٍ قَبْلَ قَتْلِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ بَعْدَهُ حَتَّی قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَبَكَتْ عَلَیْهِ (3).

«28»-مل، كامل الزیارات ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ كَثِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ كَانَ قَاتِلُ

ص: 183


1- كما فی خبر رواه ابن قولویه فی الكامل: 90 باسناد ذكره عن عمر بن وهب عمرو بن ثبیت خ ل عن أبیه، عن علیّ بن الحسین علیه السلام قال: قلت: ای شی ء كان بكاؤها؟ قال: كانت اذا استقبلت بالثوب وقع علیه شبه أثر البراغیث من الدم. و أخرجه فی البرهان عن كتاب محمّد بن العباس عن ابن قولویه الا ان فیه: عمر بن ثابت. و فی خبر آخر رواه ابن قولویه أیضا فی الكامل: لما قتل الحسین بن علیّ علیه السلام امطرت السماء ترابا أحمر. و فی خبر آخر: بكت السماء علی الحسین علیه السلام أربعین صباحا بالدم، و الأرض بكت أربعین صباحا بالسواد، و الشمس بكت أربعین صباحا بالحمرة. راجع الكامل، و قد اخرج البحرانیّ روایات كثیرة تناسب الباب فی تفسیر البرهان عن كتاب تأویل الآیات للسیّد شرف الدین و هو قدّس سرّه أخرجها عن كتاب ما انزل من القرآن فی أهل البیت علیهم السلام للشیخ الاقدم الثقة محمّد بن العباس بن مروان بن الماهیار المعروف بابن الحجام.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. قلت: اخرجه ابن قولویه فی الكامل: 89 بإسناده عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسین، عن وهیب بن حفص النحاس، عن ابی بصیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، و بإسناده عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه، عن محمّد بن الحسین، و فیه: الا علی یحیی بن زكریا و الحسین بن علی علیهما السلام.
3- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه ابن قولویه فی كامل الزیارات: 89 بإسناده عن علیّ بن الحسین بن موسی بن بابویه، الا ان فیه: منذ قتل یحیی بن زكریا.

الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدَ زِناً وَ كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَلَدَ زِناً وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا لَهُمَا وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ (1).

«29»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الَّذِی قَتَلَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدَ زِناً وَ الَّذِی قَتَلَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام وَلَدَ زِناً (2).

«30»-مل، كامل الزیارات أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ (3).

أقول: أوردنا بعض الأخبار فی ذلك فی باب أحوال الحسین علیه السلام.

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ زَكَرِیَّا لَمَّا دَعَا رَبَّهُ أَنْ یَهَبَ لَهُ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِمَا نَادَتْهُ بِهِ فَأَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّوْتَ مِنَ اللَّهِ أُوحِیَ إِلَیْهِ أَنَّ آیَةَ ذَلِكَ أَنْ یُمْسَكَ لِسَانُهُ عَنِ الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ قَالَ لَمَّا أُمْسِكَ لِسَانُهُ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ

ص: 184


1- كامل الزیارات: 79.
2- كامل الزیارات: 78، و أخرجه أیضا فی ص 93 بإسناده عن أبیه، عن محمّد بن الحسن بن مهزیار، عن أبیه، عن علیّ بن مهزیار، عن الحسن بن سعید، عن فضالة بن أیّوب، عن داود بن فرقد مثله، و زاد: و قال: احمرت السماء حین قتل الحسین بن علیّ علیه السلام سنة، ثمّ قال: بكت السماء و الأرض علی الحسین بن علی و یحیی بن زكریا علیهم السلام و حمرتها بكاؤها. و أخرجه البحرانیّ فی التفسیر عن كتاب محمّد بن العباس عن علیّ بن مهزیار، عن أبیه، عن الحسین بن سعید، عن فضالة مثله الا انه اسقط قوله: سنة. قلت: قوله: علی بن مهزیار عن أبیه لا یخلو عن وهم.
3- كامل الزیارات: 78، و أخرجه البحرانیّ فی تفسیره 3: 4 عن كتاب محمّد بن العباس بإسناده عن حمید بن زیاد، عن أحمد بن الحسین بن بكر، و قال: حدّثنا الحسن بن علیّ بن فضال بإسناده الی عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام و ذكر نحوه، و للحدیث فیه صدر و هو هكذا: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول فی قول اللّٰه عزّ و جلّ: «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا» قال: ذلك یحیی بن زكریا لم یكن من قبل له سمیا، و كذلك الحسین علیه السلام لم یكن له من قبل سمیا و لم تبك السماء الا علیهما أربعین صباحا، قلت: فما بكاؤها؟ قال: تطلع الشمس حمراء انتهی و روی الزیادة ابن قولویه فی الكامل بإسناده عن أبیه، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن محمّد بن عیسی، عن الحسن بن علیّ بن فضال، عن ابن بكیر، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربّه نحوه، و فیه: تطلع حمراء و تغرب حمراء.

عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (1).

بیان: یمكن أن یقال اشتبه علیه فی خصوص هذا الموضع لحكمة فاحتاج إلی استعلام ذلك أو یقال إنه علیه السلام إنما فعل ذلك لزیادة الیقین كما فی سؤال إبراهیم علیه السلام.

«32»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قُتِلَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام (2).

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَمَّادٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَمَّا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یَهَبَ لَهُ ذَكَراً فَوَهَبَ اللَّهُ لَهُ یَحْیَی فَدَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ (3)فَقَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِی آیَةً قالَ آیَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فَكَانَ یُومِئُ بِرَأْسِهِ وَ هُوَ الرَّمْزُ (4).

«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ سَیِّداً وَ حَصُوراً الْحَصُورُ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ (5).

«35»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ خِدْمَتُهُ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ خِدْمَتِهِ تَعْدِلُ الصَّلَاةَ فَمِنْ ثَمَّ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ (6).

«36»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی قِصَّةِ یَحْیَی یا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ یَحْیی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا قَالَ لَمْ یَخْلُقْ أَحَداً قَبْلَهُ اسْمُهُ یَحْیَی فَحَكَی اللَّهُ قِصَّتَهُ إِلَی قَوْلِهِ یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا قَالَ وَ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَنَّهُ كَانَ صَبِیّاً فَقَالَ لَهُ الصِّبْیَانُ هَلُمَّ نَلْعَبْ فَقَالَ أَوْهِ وَ اللَّهِ مَا لِلَّعِبِ خُلِقْنَا وَ إِنَّمَا خُلِقْنَا

ص: 185


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و قد ذكر الصدوق الحدیث الأخیر مرسلا فی الفقیه 1: 67.
2- الخصال 2: 28، علل الشرائع: 199، عیون الأخبار: 137، و الحدیث طویل اخرجه بتمامه فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10 ص 75- 82.
3- أی دخله من ذلك شك انه من اللّٰه او من الشیطان. و لا یخفی اضطراب المتن و غرابته.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و قد ذكر الصدوق الحدیث الأخیر مرسلا فی الفقیه 1: 67.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و قد ذكر الصدوق الحدیث الأخیر مرسلا فی الفقیه 1: 67.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و قد ذكر الصدوق الحدیث الأخیر مرسلا فی الفقیه 1: 67.

لِلْجِدِّ لِأَمْرٍ عَظِیمٍ ثُمَّ قَالَ وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا یَعْنِی تَحَنُّناً وَ رَحْمَةً عَلَی وَالِدَیْهِ وَ سَائِرِ عِبَادِنَا وَ زَكاةً یَعْنِی طَهَارَةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ كانَ تَقِیًّا یَتَّقِی الشُّرُورَ وَ الْمَعَاصِیَ وَ بَرًّا بِوالِدَیْهِ مُحْسِناً إِلَیْهِمَا مُطِیعاً لَهُمَا وَ لَمْ یَكُنْ جَبَّاراً عَصِیًّا یَقْتُلُ عَلَی الْغَضَبِ وَ یَضْرِبُ عَلَی الْغَضَبِ لَكِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ لِلَّهِ (1)عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ قَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِیئَةٍ مَا خَلَا یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَإِنَّهُ لَمْ یُذْنِبْ وَ لَمْ یَهُمَّ بِذَنْبٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَالَ أَیْضاً فِی قِصَّةِ یَحْیَی (2)هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ یَعْنِی لَمَّا رَأَی زَكَرِیَّا علیه السلام عِنْدَ مَرْیَمَ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ وَ قَالَ لَهَا یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ أَیْقَنَ زَكَرِیَّا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِذْ كَانَ لَا یَدْخُلُ عَلَیْهَا أَحَدٌ غَیْرُهُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ فِی نَفْسِهِ إِنَّ الَّذِی یَقْدِرُ أَنْ یَأْتِیَ مَرْیَمَ بِفَاكِهَةِ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةِ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ لَقَادِرٌ أَنْ یَهَبَ لِی وَلَداً وَ إِنْ كُنْتُ شَیْخاً وَ كانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَ هُنالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ فَ قالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ یَعْنِی نَادَتْ زَكَرِیَّا وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ قَالَ مُصَدِّقاً بِعِیسَی یُصَدِّقُ یَحْیَی بِعِیسَی (3)وَ سَیِّداً یَعْنِی رَئِیساً فِی طَاعَةِ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ طَاعَتِهِ وَ حَصُوراً وَ هُوَ الَّذِی لَا یَأْتِی النِّسَاءَ وَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ قَالَ وَ كَانَ أَوَّلُ تَصْدِیقِ یَحْیَی بِعِیسَی أَنَّ زَكَرِیَّا كَانَ لَا یَصْعَدُ إِلَی مَرْیَمَ فِی تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ غَیْرُهُ یَصْعَدُ إِلَیْهَا بِسُلَّمٍ فَإِذَا نَزَلَ أَقْفَلَ عَلَیْهَا ثُمَّ فَتَحَ لَهَا مِنْ فَوْقِ الْبَابِ كُوَّةً صَغِیرَةً یَدْخُلُ عَلَیْهَا مِنْهَا الرِّیحُ فَلَمَّا وَجَدَ مَرْیَمَ وَ قَدْ حَبِلَتْ سَاءَهُ ذَلِكَ وَ قَالَ فِی نَفْسِهِ مَا كَانَ یَصْعَدُ إِلَی هَذِهِ أَحَدٌ غَیْرِی وَ قَدْ حَبِلَتْ وَ الْآنَ أَفْتَضِحُ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یَشُكُّونَ أَنِّی أَحْبَلْتُهَا فَجَاءَ إِلَی امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ یَا زَكَرِیَّا لَا تَخَفْ فَإِنَ

ص: 186


1- فی المصدر: ما عبد عبد للّٰه.
2- فی المصدر: فی قصة یحیی و زكریا.
3- المصدر: خلی عن قوله: یصدق یحیی بعیسی.

اللَّهَ لَنْ یَصْنَعَ بِكَ إِلَّا خَیْراً وَ ائْتِنِی بِمَرْیَمَ أَنْظُرْ إِلَیْهَا وَ أَسْأَلْهَا عَنْ حَالِهَا فَجَاءَ بِهَا زَكَرِیَّا علیه السلام إِلَی امْرَأَتِهِ فَكَفَی اللَّهُ مَرْیَمَ مَئُونَةَ الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ فَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَی أُخْتِهَا وَ هِیَ الْكُبْرَی وَ مَرْیَمُ الصُّغْرَی لَمْ تَقُمْ إِلَیْهَا امْرَأَةُ زَكَرِیَّا فَأَذِنَ اللَّهُ لِیَحْیَی وَ هُوَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ فَنَخَسَ فِی بَطْنِهَا وَ أَزْعَجَهَا وَ نَادَی أُمَّهُ تَدْخُلُ إِلَیْكِ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ مُشْتَمِلَةً عَلَی سَیِّدِ رِجَالِ الْعَالَمِینَ فَلَا تَقُومِینَ إِلَیْهَا فَانْزَعَجَتْ وَ قَامَتْ إِلَیْهَا وَ سَجَدَ یَحْیَی وَ هُوَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَذَلِكَ أَوَّلُ تَصْدِیقِهِ (1)فَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2)فِی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّهُمَا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنِ ابْنَیِ الْخَالَةِ یَحْیَی وَ عِیسَی (3).

بیان: نخسه أی غرزه بعود أو إصبع أو نحوهما و فی بعض النسخ بیده ثم اعلم أن المؤرخین اختلفوا فی أن إیشاع أم یحیی هل كانت أخت مریم أو خالته و الخبر یدل علی الأول و سیأتی تأویل آخر الخبر فی قصة المباهلة.

«37»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام جَاءَ إِلَی قَبْرِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُحْیِیَهُ لَهُ فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تُرِیدُ مِنِّی فَقَالَ لَهُ أُرِیدُ أَنْ تُؤْنِسَنِی كَمَا كُنْتَ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ لَهُ یَا عِیسَی مَا سَكَنَتْ عَنِّی حَرَارَةُ الْمَوْتِ وَ أَنْتَ تُرِیدُ أَنْ تُعِیدَنِی إِلَی الدُّنْیَا وَ تَعُودَ إِلَیَّ حَرَارَةُ الْمَوْتِ (4)فَتَرَكَهُ فَعَادَ إِلَی قَبْرِهِ (5).

«38»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، كَانَ یَحْیَی علیه السلام لِبَاسُهُ اللِّیفَ وَ أَكْلُهُ وَرَقَ الشَّجَرَةِ (6).

ص: 187


1- فی المصدر: فذلك أول تصدیقه به.
2- فی نسخة: و لذلك قول رسول اللّٰه.
3- تفسیر العسكریّ: 277- 278.
4- فی نسخة من المصدر: مرارة الموت.
5- فروع الكافی 1: 72.
6- إرشاد القلوب: 162.

«39»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنِّی زَنَیْتُ فَطَهِّرْنِی فَأَمَرَ عِیسَی علیه السلام أَنْ یُنَادَی فِی النَّاسِ لَا یَبْقَی أَحَدٌ إِلَّا خَرَجَ لِتَطْهِیرِ فُلَانٍ فَلَمَّا اجْتَمَعَ وَ اجْتَمَعُوا وَ صَارَ الرَّجُلُ فِی الْحُفْرَةِ نَادَی الرَّجُلُ فِی الْحُفْرَةِ لَا یَحُدَّنِی مَنْ لِلَّهِ تَعَالَی فِی جَنْبِهِ حَدٌّ فَانْصَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا یَحْیَی وَ عِیسَی علیه السلام فَدَنَا مِنْهُ یَحْیَی فَقَالَ لَهُ یَا مُذْنِبُ عِظْنِی فَقَالَ لَهُ لَا تُخَلِّیَنَّ بَیْنَ نَفْسِكَ وَ بَیْنَ هَوَاهَا فَتَرْدَی (1)قَالَ زِدْنِی قَالَ لَا تُعَیِّرَنَّ خَاطِئاً بِخَطِیئَتِهِ قَالَ زِدْنِی قَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ حَسْبِی (2).

«40»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ (3)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: كَانَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام یَبْكِی وَ لَا یَضْحَكُ وَ كَانَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَضْحَكُ وَ یَبْكِی وَ كَانَ الَّذِی یَصْنَعُ عِیسَی علیه السلام أَفْضَلَ مِنَ الَّذِی كَانَ یَصْنَعُ یَحْیَی علیه السلام (4).

«41»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام مِثْلَهُ (5).

أقول: قال صاحب الكامل لما دعا زكریا ربه و سأله الولد بینا هو (6)یصلی فی المذبح الذی لهم فإذا برجل شاب و هو جبرئیل علیه السلام ففزع زكریا منه فقال إن اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ (7)و یحیی أول من آمن بعیسی و صدقه و ذلك أن أمه كانت حاملا (8)فاستقبلت مریم و هی حامل بعیسی علیه السلام فقالت لها یا

ص: 188


1- فی المصدر: فترداك.
2- من لا یحضره الفقیه: 475.
3- فی المصدر: إبراهیم بن مهزم عمن ذكره عن ابی الحسن الأول علیه السلام.
4- أصول الكافی 2: 665.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.
6- فی المصدر: فبینما هو.
7- فی المصدر: یعنی عیسی بن مریم.
8- فی المصدر: كانت حاملا به.

مریم أ حامل أنت قالت لما ذا تسألینی قالت إنی أری (1)ما فی بطنی یسجد لما فی بطنك فذلك تصدیقه و قیل صدق المسیح علیه السلام و له ثلاث سنین و إنما ولد قبل المسیح علیه السلام بثلاث سنین و قیل بستة أشهر و كان یأكل العشب و أوراق الشجر و قیل كان یأكل خبز الشعیر فمر به إبلیس و معه رغیف شعیر فقال أنت تزعم أنك زاهد و قد ادخرت رغیف شعیر فقال یحیی یا ملعون هو القوت فقال إبلیس إن أقل من القوت (2)یكفی لمن یموت فأوحی اللّٰه إلیه اعقل ما یقول لك و نبئ صغیرا فكان یدعو الناس إلی عبادة اللّٰه و یلبس الشعر و لم یكن له دینار و لا درهم و لا بیت یسكن إلیه (3)أینما جنه اللیل أقام و لم یكن له عبد و لا أمة فنهی ملك زمانه عن تزویج بنت أخیه أو بنت زوجته فقتله فلما سمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بیت المقدس فیه أشجار فأرسل الملك فی طلبه فمر زكریا علیه السلام بشجرة فنادته هلم إلی یا نبی اللّٰه فلما أتاها انشقت فدخل فیها فانطبقت علیه فبقی فی وسطها فأتی عدو اللّٰه إبلیس فأخذ هدب ردائه فأخرجه من الشجرة لیصدقوه إذا أخبرهم ثم لقی الطُّلَّبَ (4)فقال لهم ما تریدون فقالوا نلتمس زكریا فقال إنه سحر هذه الشجرة فانشقت له فدخلها قالوا لا نصدقك فأراهم طرف ردائه (5)فأخذوا الفأس و قطعوا الشجرة و شقوها بالمنشار فمات زكریا علیه السلام فیها فسلط اللّٰه علیهم أخبث أهل الأرض فانتقم به منهم و قیل إن السبب فی قتله أن إبلیس جاء إلی مجالس بنی إسرائیل فقذف زكریا بمریم و قال لهم ما أحبلها غیره و هو الذی كان یدخل علیها فطلبوه فهرب إلی آخر ما مر. (6)أقول قال الشیخ فی المصباح فی أول یوم من المحرم استجاب اللّٰه تعالی دعوة

ص: 189


1- فی المصدر: لما انی اری.
2- فی المصدر: ان الاقل من القوت.
3- فی المصدر: و لا مسكن یسكن إلیه.
4- الطلب: جمع الطالب.
5- فی المصدر: قال: فان لی علامة تصدقونی بها فأراهم طرف ردائه.
6- الكامل 1: 170- 171- 174- 175.

زكریا علیه السلام (1)و كذا روی السید فی الإقبال عن المفید (2)و رواه الصدوق فی الفقیه أیضا (3)و سیأتی بعض أخبار هذا الباب فی أبواب قصص مریم و عیسی علیه السلام و بعضها فی باب أحوال بختنصر.

«42»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ عَنِ النَّبِیِّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا رَفَعَ اللَّهُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ اسْتَخْلَفَ فِی قَوْمِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ فَلَمْ یَزَلْ شَمْعُونُ فِی قَوْمِهِ یَقُومُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی اسْتَخْلَصَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بَعَثَ فِی عِبَادِهِ نَبِیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ هُوَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَمَضَی شَمْعُونُ وَ مَلَكَ عِنْدَ ذَلِكَ أَرْدَشِیرُ بْنُ أشكاس (أَشْكَانَ) (4)أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَ فِی ثَمَانِ سِنِینَ مِنْ مُلْكِهِ قَتَلَتِ الْیَهُودُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَجْعَلَ الْوَصِیَّةَ فِی وُلْدِ شَمْعُونَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ مُلُوكِ الْأَرْضِ (5).

بیان: الجمع بین الأخبار الدالة علی تقدم وفاة یحیی علیه السلام علی رفع عیسی علیه السلام و بین ما دل علی تأخرها عنه مشكل إلا أن یحمل بعضها علی التقیة أو یقال إن اللّٰه أحیا یحیی بعد موته و بعثه إلیهم و اللّٰه یعلم (6).

ص: 190


1- راجع مصباح المتهجد: 537.
2- راجع الاقبال 1: 544.
3- راجع من لا یحضره الفقیه: 172.
4- فی نسخة: اردشیر بن زاركا، و لعله مصحف بابكان أو بابك.
5- اكمال الدین: 130، و الحدیث طویل أخرجه بتمامه مسندا فی آخر الكتاب.
6- تتمیم: قد ساق المسعودیّ فی كتابه اثبات الوصیة الوصایة من سلیمان بن داود علیه السلام الی آصف بن برخیا، و منه الی صفورا بن آصف ثمّ الی منبه بن صفورا ثمّ الی هندوا بن منبه ثمّ الی اسفر بن هندوا ثمّ الی ابنه رامن ثمّ الی إسحاق بن رامن ثمّ الی ایم بن إسحاق ثمّ الی زكریا ابن ایم بن إسحاق ثمّ الی الیسابغ ثمّ الی روبیل بن الیسابغ ثمّ بعث اللّٰه المسیح عیسی بن مریم علیه السلام. و قال الیعقوبی: زكریا بن برخیا بن شوا بن نحرائیل بن سهلون بن ارسوا بن شویل بن هود كذا ابن موسی بن عمران. و فی المحبر: زكریا بن بشوی و ابنه یحیی من ولد هارون بن عمران. و قال الثعلبی: هو زكریا بن یوحنا بن ادن بن مسلم بن صدوق بن یجسار بن داود بن سلیمان بن مسلم بن صدیقة بن ناحور بن سدوم ابن ثهفاساطین بن ابیا بن رحبعم بن سلیمان بن داود علیهما السلام.

أبواب قصص عیسی و أمه و أبویها

باب 16 قصص مریم و ولادتها و بعض أحوالها صلوات اللّٰه علیها و أحوال أبیها عمران

الآیات؛

آل عمران: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ* ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ *إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ* فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَ أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَیْها زَكَرِیَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ»(33-37)

(و قال تعالی): «وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ* یا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ* ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یَخْتَصِمُونَ* إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیهاً فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ* وَ یُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ مِنَ الصَّالِحِینَ* قالَتْ رَبِّ أَنَّی یَكُونُ لِی وَلَدٌ وَ لَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللَّهُ یَخْلُقُ ما یَشاءُ إِذا قَضی أَمْراً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ* وَ یُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ رَسُولًا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ أَنِّی قَدْ جِئْتُكُمْ بِآیَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّی أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ

ص: 191

الطَّیْرِ فَأَنْفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْیِ الْمَوْتی بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ* وَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی حُرِّمَ عَلَیْكُمْ وَ جِئْتُكُمْ بِآیَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ* إِنَّ اللَّهَ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ»(42-51)

«1»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ تُؤْتَی بِالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ الَّتِی قَدِ افْتَتَنَتْ فِی حُسْنِهَا فَتَقُولُ یَا رَبِّ حَسَّنْتَ خَلْقِی حَتَّی لَقِیتُ مَا لَقِیتُ فَیُجَاءُ بِمَرْیَمَ علیها السلام فَیُقَالُ أَنْتِ أَحْسَنُ أَمْ هَذِهِ قَدْ حَسَّنَّاهَا فَلَمْ تَفْتَتِنْ (1).

أقول: قد مر تمامه فی باب قصص أیوب علیه السلام.

«2»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُیَیْنَةَ (2)قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فِی الْكِتَابِ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ اصْطَفَاهَا مَرَّتَیْنِ وَ الِاصْطِفَاءُ إِنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فَقَالَ لِی یَا حَكَمُ إِنَّ لِهَذَا تَأْوِیلًا وَ تَفْسِیراً فَقُلْتُ لَهُ فَفَسِّرْهُ لَنَا أَبْقَاكَ اللَّهُ قَالَ یَعْنِی اصْطَفَاهَا أَوَّلًا مِنْ ذُرِّیَّةِ الْأَنْبِیَاءِ الْمُصْطَفَیْنَ الْمُرْسَلِینَ وَ طَهَّرَهَا مِنْ أَنْ یَكُونَ فِی وِلَادَتِهَا مِنْ آبَائِهَا وَ أُمَّهَاتِهَا سِفَاحٌ وَ اصْطَفَاهَا بِهَذَا فِی الْقُرْآنِ یا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی شُكْراً لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ لِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یُخْبِرُهُ بِمَا غَابَ عَنْهُ مِنْ خَبَرِ مَرْیَمَ وَ عِیسَی یَا مُحَمَّدُ ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْكَ فِی مَرْیَمَ وَ ابْنِهَا وَ بِمَا خَصَّهُمَا اللَّهُ بِهِ وَ فَضَّلَهُمَا وَ أَكْرَمَهُمَا حَیْثُ قَالَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ یَا مُحَمَّدُ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ حِینَ إِیتِمَتْ مِنْ أَبِیهَا وَ فِی رِوَایَةِ ابْنِ خُرَّزَادَ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ حِینَ إِیتِمَتْ مِنْ أَبَوَیْهَا وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ یَا مُحَمَّدُ إِذْ یَخْتَصِمُونَ فِی مَرْیَمَ عِنْدَ وِلَادَتِهَا بِعِیسَی أَیُّهُمْ یَكْفُلُهَا وَ یَكْفُلُ وَلَدَهَا قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَبْقَاكَ اللَّهُ فَمَنْ كَفَّلَهَا فَقَالَ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا الْآیَةَ

ص: 192


1- روضة الكافی: 228.
2- هكذا فی النسخ و فی تفسیر البرهان و هو وهم، و الصواب عتیبة.

وَ زَادَ عَلِیُّ بْنُ مَهْزِیَارَ (1)فِی حَدِیثِهِ فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ قَالَ قُلْتُ أَ كَانَ یُصِیبُ مَرْیَمَ مَا یُصِیبُ النِّسَاءَ مِنَ الطَّمْثِ قَالَ نَعَمْ مَا كَانَتْ إِلَّا امْرَأَةً مِنَ النِّسَاءِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ قَالَ قَالَ اسْتَهَمُوا عَلَیْهَا فَخَرَجَ سَهْمُ زَكَرِیَّا فَكَفَلَ بِهَا وَ قَالَ زَیْدُ بْنُ رُكَانَةَ اخْتَصَمُوا فِی بِنْتِ حَمْزَةَ كَمَا اخْتَصَمُوا فِی مَرْیَمَ قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَمْزَةُ اسْتَنَّ السُّنَنَ وَ الْأَمْثَالَ كَمَا اخْتَصَمُوا فِی مَرْیَمَ اخْتَصَمُوا فِی بِنْتِ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ قَالَ نِسَاءُ عَالَمِیهَا قَالَ وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام سَیِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ (2).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ أی اختارك و ألطف لك حتی تفرغت لعبادته و اتباع مرضاته و قیل معناه اصطفاك لولادة المسیح وَ طَهَّرَكِ بالإیمان عن الكفر و بالطاعة عن المعصیة أو طهرك عن الأدناس و الأقذار التی تعرض للنساء مثل الحیض و النفاس حتی صرت صالحة لخدمة المسجد أو طهرك عن الأخلاق الذمیمة و الطبائع الردیئة وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ أی علی نساء عالمی زمانك لأن فاطمة علیها السلام سیدة نساء العالمین

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَعْنَی الْآیَةِ اصْطَفَاكِ مِنْ ذُرِّیَّةِ الْأَنْبِیَاءِ وَ طَهَّرَكِ مِنَ السِّفَاحِ وَ اصْطَفَاكِ لِوِلَادَةِ عِیسَی مِنْ غَیْرِ فَحْلٍ.

و خرج بهذا من أن یكون تكرارا.

أقول: یظهر مما رواه أن فیما عندنا من نسخة العیاشی سقطا. (3)ثم قال یا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ أی اعبدیه و أخلصی له العبادة أو أدیمی الطاعة له أو أطیلی القیام فی الصلاة وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ أی كما یعمل الراكعون

ص: 193


1- الظاهر أن الحدیث كانت له أسناد متعدّدة، و حیث اسقط ناسخ التفسیر الأسانید وقعت الروایة هكذا مشوشة غیر منتظمة.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. أخرجه البحرانیّ أیضا فی تفسیر البرهان 1: 283.
3- و سیأتی تمام ذلك من غیر سقط عن تفسیر القمّیّ تحت رقم 8.

و الساجدون أو یكون ذلك أمرا لها بأن تعمل السجود و الركوع معهم فی الجماعة و قیل معناه و اسجدی لله شكرا و اركعی أی و صلی مع المصلین ثم قال وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ التی یكتبون بها التوراة فی الماء و قیل أقلامهم أقداحهم (1)للاقتراع جعلوا علیها علامات یعرفون بها من یكفل مریم علی جهة القرعة أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یَخْتَصِمُونَ فیه دلالة علی أنهم قد بلغوا فی التشاح (2)علیها إلی حد الخصومة و فی وقت التشاح قولان:

أحدهما حین ولادتها و حمل أمها إیاها إلی الكنیسة فتشاحوا فی الذی یحضنها و یكفل تربیتها و قال بعضهم كان ذلك وقت كبرها و عجز زكریا عن تربیتها. (3)و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ اسمها حَنَّةُ جدة عیسی و كانتا أختین إحداهما عند عمران بن أشهم (4)من ولد سلیمان بن داود علیه السلام و قیل هو عمران بن ماثان عن ابن عباس و مقاتل و لیس عمران أبا موسی و بینهما ألف و ثمان مائة سنة و كان بنو ماثان رءوس بنی إسرائیل و الأخری كانت عند زكریا ایشاع (5)و اسم أبیها فاقود بن فتیل فیحیی و مریم ابنا خالة رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً أی أوجبت لك أن أجعل ما فی بطنی محررا أی خادما للبیعة یخدم فی متعبداتنا و قیل محررا للعبادة أی مخلصا لها و قیل عتیقا خالصا لطاعتك لا أستعمله فی منافعی و لا أصرفه فی الحوائج قالوا و كان المحرر إذا حرر جعل فی الكنیسة یقوم علیها و یكنسها و یخدمها لا یبرح حتی یبلغ الحلم ثم یخیر فإن أحب أن یقیم فیه أقام و إن أحب أن یذهب ذهب حیث شاء قالوا و كانت حَنَّةُ قد أمسك عنها الولد حتی آیست

ص: 194


1- الاقداح جمع القدح بالكسر فالسكون سهم المیسر.
2- تشاحوا علی الشی ء: أراد كل منهم ان یستأثر به.
3- مجمع البیان 2: 440 و 441.
4- فی المصدر: عمران بن الهشم. و فی تاریخ الطبریّ: عمران بن یاشهم. و فی العرائس: عمران بن ساهم.
5- هكذا فی النسخ و فیه سقط، و الصحیح كما فی المصدر: اسمها ایشاع.

فبینما هی تحت شجرة إذ رأت طائرا یزق (1)فرخا له فتحرك نفسها للولد فدعت اللّٰه أن یرزقها ولدا فحملت بمریم فَتَقَبَّلْ مِنِّی أی نذری قبول رضا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِیعُ لما أقول الْعَلِیمُ بما أنوی فَلَمَّا وَضَعَتْها خجلت و استحیت و قالَتْ منكسة رأسها رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی و قیل فیه قولان.

أحدهما أن المراد به الاعتذار من العدول عن النذر لأنها أنثی و الآخر أن المراد تقدیم الذكر فی السؤال لها بأنها أنثی لأن سعیها أضعف و عملها أنقص (2)فقدم ذكرها لیصح القصد لها فی السؤال بقولها وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی لأنها لا تصلح لما یصلح له الذكر و إنما كان یجوز لهم التحریر فی الذكور دون الإناث لأنها لا تصلح لما یصلح الذكر له من التحریر لخدمة بیت المقدس لما یلحقها من الحیض و النفاس و الصیانة عن التبرج للناس و قال قتادة لم یكن التحریر إلا فی الغلمان فیما جرت به العادة و قیل أرادت أن الذكر أفضل من الأنثی علی العموم و أصلح للأشیاء وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ و هی بلغتهم العابدة و الخادمة فیما قیل (3)

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ أَرْبَعٌ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ آسِیَةُ (4)امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ.

وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ خافت علیها ما یغلب علی النساء من الآفات فقالت ذلك و قیل إنما استعاذتها من طعنة الشیطان فی جنبها التی لها یستهل الصبی صارخا فوقاها اللّٰه و ولدها عیسی علیه السلام منه بحجاب و قیل إنما استعاذت من إغواء الشیطان الرجیم إیاها فَتَقَبَّلَها رَبُّها مع أنوثتها و رضی بها فی النذر التی نذرته (5)حَنَّةُ للعبادة فی بیت المقدس و لم یتقبل قبلها أنثی فی ذلك المعنی

ص: 195


1- زق الطائر فرخه: اطعمه بمنقاره.
2- فی المصدر: و عقلها أنقص.
3- فی المصدر هنا زیادة و هی: و كانت مریم أفضل النساء فی وقتها و أجملهن.
4- فی المصدر: و آسیة بنت مزاحم.
5- فی المصدر فی النذر الذی نذرته.

و قیل معناه تكفل بها فی تربیتها و القیام بشأنها عن الحسن و قبوله إیاها أنه ما عرتها علة ساعة فی لیل أو نهار بِقَبُولٍ حَسَنٍ أصله بتقبل حسن و قیل معناه سلك بها طریق السعداء عن ابن عباس وَ أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً أی جعل نشوءها نشوءا حسنا و قیل سوی خلقها فكانت تنبت فی یوم ما ینبت غیرها فی عام عن ابن عباس و قیل أنبتها فی رزقها و غذائها حتی تمت امرأة بالغة تامة عن ابن جریح.

و قال ابن عباس لما بلغت تسع سنین صامت النهار و قامت اللیل و تبتلت حتی غلبت الأحبار وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا بالتشدید أی ضمها اللّٰه عز اسمه إلی زكریا و جعله كفیلها لیقوم بها و بالتخفیف معناه ضمها زكریا إلی نفسه و ضمن القیام بأمرها و قالوا إن أم مریم أتت بها ملفوفة فی خرقة إلی المسجد و قالت دونكم النذیرة فتنافس فیها الأحبار لأنها كانت بنت إمامهم و صاحب قربانهم فقال لهم زكریا علیه السلام أنا أحق بها لأن خالتها عندی فقالت له الأحبار إنها لو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمها التی ولدتها و لكنا نقرع علیها فتكون عند من خرج سهمه فانطلقوا و هم تسعة و عشرون رجلا إلی نهر جار فألقوا أقلامهم فی الماء فارتفع قلم زكریا فوق الماء و رسبت أقلامهم عن ابن إسحاق و جماعة و قیل بل تلبث قلم زكریا (1)و قام فوق الماء كأنه فی طین و جرت أقلامهم مع جریة الماء فذهب بها الماء عن السدی فسهمهم زكریا و قرعهم و كان رأس الأحبار و نبیهم فذلك قوله تعالی وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا قالوا فلما ضم زكریا مریم إلی نفسه بنی لها بیتا و استرضع لها و قال محمد بن إسحاق ضمها إلی خالتها أم یحیی حتی إذا شبت و بلغت مبلغ النساء بنی لها محرابا فی المسجد و جعل بابه فی وسطها لا یرقی إلیها إلا بسلم مثل باب الكعبة و لا یصعد إلیها غیره و كان یأتیها بطعامها و شرابها و دهنها كل یوم كُلَّما دَخَلَ عَلَیْها زَكَرِیَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً یعنی وجد زكریا عندها فاكهة فی غیر أوانها فاكهة الصیف فی الشتاء و فاكهة الشتاء فی الصیف غضا طریا و قیل إنها لم ترضع قط و إنما كان یأتیها رزقها من الجنة قالَ یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا یعنی قال لها زكریا كیف لك و من أین لك هذا

ص: 196


1- فی المصدر: بل ثبت قلم زكریا.

كالمتعجب منه قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أی من الجنة و هذه تكرمة من اللّٰه لها و إن كان ذلك خارقا للعادة فإن عندنا یجوز أن تظهر الآیات الخارقة للعادة علی غیر الأنبیاء من الأولیاء و الأصفیاء و من منع ذلك من المعتزلة قالوا فیه قولین:

أحدهما أنه كان ذلك تأسیسا لنبوة عیسی علیه السلام عن البلخی و الآخر أنه كان بدعاء زكریا علیه السلام لها بالرزق فی الجملة و كانت معجزة له عن الجبائی إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ (1)

«3»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ غَسَّلَ فَاطِمَةَ علیها السلام قَالَ ذَاكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَأَنَّمَا اسْتَفْظَعْتُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ لِی كَأَنَّكَ ضِقْتَ مِمَّا أَخْبَرْتُكَ فَقُلْتُ قَدْ كَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ لَا تَضِیقَنَّ فَإِنَّهَا صِدِّیقَةٌ لَمْ یَكُنْ یُغَسِّلُهَا إِلَّا صِدِّیقٌ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مَرْیَمَ علیها السلام لَمْ یُغَسِّلْهَا إِلَّا عِیسَی علیه السلام (2).

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَیْفٍ عَنْ نَجْمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام ضَمِنَتْ لِعَلِیٍّ علیه السلام عَمَلَ الْبَیْتِ وَ الْعَجِینَ وَ الْخُبْزَ وَ قَمَّ الْبَیْتِ وَ ضَمِنَ لَهَا عَلِیٌّ علیه السلام مَا كَانَ خَلْفَ الْبَابِ نَقْلَ الْحَطَبِ (3)وَ أَنْ یَجِی ءَ بِالطَّعَامِ فَقَالَ لَهَا یَوْماً یَا فَاطِمَةُ هَلْ عِنْدَكِ شَیْ ءٌ قَالَتْ وَ الَّذِی عَظَّمَ حَقَّكَ مَا كَانَ عِنْدَنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ إِلَّا شَیْ ءٌ آثَرْتُكَ بِهِ (4)قَالَ أَ فَلَا أَخْبَرْتِنِی قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَانِی أَنْ أَسْأَلَكَ شَیْئاً فَقَالَ لَا تَسْأَلِی ابْنَ عَمِّكِ شَیْئاً إِنْ جَاءَكِ بِشَیْ ءٍ عَفْواً وَ إِلَّا فَلَا تَسْأَلِیهِ قَالَ فَخَرَجَ علیه السلام فَلَقِیَ رَجُلًا فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ دِینَاراً ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ وَ قَدْ أَمْسَی فَلَقِیَ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَقَالَ لِلْمِقْدَادِ مَا أَخْرَجَكَ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ قَالَ الْجُوعُ وَ الَّذِی عَظَّمَ حَقَّكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَهُوَ أَخْرَجَنِی وَ قَدِ

ص: 197


1- مجمع البیان 2: 434- 435 و 436- 437.
2- فروع الكافی 1: 44، و رواه أیضا فی الأصول 1: 459 بإسناده عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عیسی، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر، عن عبد الرحمن بن سالم. و فی نسخة: كأنّك استضقت. و فی الطریق الثانی: كانی استعظمت.
3- فی نسخة من البرهان: من نقل الحطب.
4- فی البرهان: منذ ثلاث أیّام شی ء نقریك به.

اسْتَقْرَضْتُ دِینَاراً وَ سَأُؤْثِرُكَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَیْهِ فَأَقْبَلَ فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً وَ فَاطِمَةَ تُصَلِّی وَ بَیْنَهُمَا شَیْ ءٌ مُغَطًّی فَلَمَّا فَرَغَتْ أَحْضَرَتْ ذَلِكَ الشَّیْ ءَ فَإِذَا جَفْنَةٌ مِنْ خُبْزٍ وَ لَحْمٍ قَالَ یَا فَاطِمَةُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِمَثَلِكَ وَ مَثَلِهَا قَالَ بَلَی قَالَ مَثَلُ زَكَرِیَّا إِذْ دَخَلَ عَلَی مَرْیَمَ الْمِحْرَابَ فَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا شَهْراً وَ هِیَ الْجَفْنَةُ الَّتِی یَأْكُلُ مِنْهَا الْقَائِمُ علیه السلام وَ هُوَ عِنْدَهُ (1).

«5»-ل، الخصال الْفَامِیُّ وَ ابْنُ مَسْرُورٍ مَعاً عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَیْهِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ السِّهَامُ سِتَّةٌ الْخَبَرَ (2).

یه، من لا یحضره الفقیه أبی عن سعد عن ابن هاشم و ابن یزید عن حماد بن عیسی عمن أخبره عن حریز عنه علیه السلام مثله (3)

بیان: قوله علیه السلام و السهام ستة ظاهره أن السهام فی تلك الواقعة كانت ستة لكون المتنازعین ستة فیدل علی بطلان ما مر فی كلام الطبرسی رحمه اللّٰه أنهم كانوا تسعة و عشرین و یحتمل أن یكون المراد كون سهام القرعة مطلقا ستة إذا لم یزد المطلوب علیها بضم السهام المبهمة كما دل علیه بعض الأخبار لكنه بعید.

«6»-فس، تفسیر القمی وَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها قَالَ مَرْیَمُ لَمْ یَنْظُرْ إِلَیْهَا شَیْ ءٌ فَنَفَخْنا فِیها مِنْ رُوحِنا قَالَ رُوحٌ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ (4).

ص: 198


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه أیضا البحرانیّ فی البرهان 1: 282 و فیه: و هی عندنا.
2- الخصال 1: 75.
3- من لا یحضره الفقیه: 336.
4- تفسیر القمّیّ: 433 و فیه: قال: روح مخلوقة یعنی امرنا.

«7»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْدِیِّ قَالَ: دَخَلَ أَبُو سَعِیدٍ الْمُكَارِی (1)عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَ بَلَغَ مِنْ قَدْرِكَ أَنْ تَدَّعِیَ مَا ادَّعَی آبَاؤُكَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام مَا لَكَ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَكَ وَ أَدْخَلَ الْفَقْرَ بَیْتَكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً فَوَهَبَ لَهُ مَرْیَمَ وَ وَهَبَ لِمَرْیَمَ عِیسَی فَعِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ مِنْ مَرْیَمَ وَ مَرْیَمُ مِنْ عِیسَی وَ مَرْیَمُ وَ عِیسَی وَاحِدٌ وَ أَنَا مِنْ أَبِی وَ أَبِی مِنِّی وَ أَنَا وَ أَبِی شَیْ ءٌ وَاحِدٌ الْخَبَرَ (2).

مع، معانی الأخبار أبی عن محمد العطار عن الأشعری عن إبراهیم بن هاشم عن داود بن محمد النهدی مثله (3).

«8»-فس، تفسیر القمی إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ (4)فَبَشَّرَ عِمْرَانُ زَوْجَتَهُ بِذَلِكَ فَحَمَلَتْ فَقَالَتْ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً لِلْمِحْرَابِ وَ كَانُوا إِذَا نَذَرُوا نَذْراً مُحَرَّراً جَعَلُوا وُلْدَهُمْ لِلْمِحْرَابِ فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی وَ أَنْتَ وَعَدْتَنِی ذَكَراً وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ فَوَهَبَ اللَّهُ لِمَرْیَمَ عِیسَی علیه السلام.

قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبِی

ص: 199


1- هو هاشم او هشام بن حیان أبو سعید المكاری علی اختلاف، ترجمه النجاشیّ و الشیخ و غیرهما، و كان وجها فی الواقفة، ذكر أبو عمرو الكشّیّ الحدیث فی ابنه قال: حدّثنی حمدویه عن الحسن بن موسی قال: كان ابن أبی سعید المكاری واقفا، حدّثنی حمدویه قال: حدّثنی الحسن بن موسی قال: رواه علیّ بن عمر الزیات، عن ابن أبی سعید المكاری قال: دخل علی الرضا علیه السلام فقال له: فتحت بابك للناس و قعدت للناس تفتیهم و لم یكن ابوك یفعل هذا، قال: لیس علی من هارون بأس، فقال له: أطفأ اللّٰه نور قلبك و أدخل الفقر بیتك اما علمت ان اللّٰه أوحی الی مریم أن فی بطنك نبیّا فولدت مریم عیسی؟ ثم ذكر نحو الحدیث مع ذیل.
2- تفسیر القمّیّ: 551.
3- معانی الأخبار: 65- 66، و فیه: النهدی، عن بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبی سعید المكاری. و للحدیث فیه ذیل.
4- فی نسخة: باذنی.

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنْ قُلْنَا لَكُمْ فِی الرَّجُلِ مِنَّا قَوْلًا فَلَمْ یَكُنْ فِیهِ وَ كَانَ فِی وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً مُبَارَكاً یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِی وَ جَاعِلُهُ رَسُولًا إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَحَدَّثَ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَ هِیَ أُمُّ مَرْیَمَ فَلَمَّا حَمَلَتْ بِهَا كَانَ حَمْلُهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غُلَاماً فَلَمَّا وَضَعَتْها أُنْثَی قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی لِأَنَّ الْبِنْتَ لَا تَكُونُ رَسُولًا (1)یَقُولُ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ فَلَمَّا وَهَبَ اللَّهُ لِمَرْیَمَ عِیسَی علیه السلام كَانَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ اللَّهُ بِهِ عِمْرَانَ وَ وَعَدَهُ إِیَّاهُ فَإِذَا قُلْنَا لَكُمْ فِی الرَّجُلِ مِنَّا شَیْئاً وَ كَانَ فِی وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَتْ مَرْیَمُ صَارَتْ فِی الْمِحْرَابِ وَ أَرْخَتْ عَلَی نَفْسِهَا سِتْراً وَ كَانَ لَا یَرَاهَا أَحَدٌ وَ كَانَ یَدْخُلُ عَلَیْهَا زَكَرِیَّا الْمِحْرَابَ فَیَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ وَ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ فَكَانَ یَقُولُ لَهَا أَنَّی لَكِ هذا فَتَقُولُ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ قَالَ اصْطَفَاهَا مَرَّتَیْنِ أَمَّا الْأُولَی فَاصْطَفَاهَا أَیِ اخْتَارَهَا وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَإِنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ غَیْرِ فَحْلٍ فَاصْطَفَاهَا بِذَلِكَ عَلَی نِسَاءِ الْعَالَمِینَ قَوْلُهُ یا مَرْیَمُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ وَ إِنَّمَا هُوَ وَ ارْكَعِی وَ اسْجُدِی ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یَخْتَصِمُونَ قَالَ لَمَّا وُلِدَتْ اخْتَصَمُوا آلُ عِمْرَانَ فِیهَا وَ كُلُّهُمْ قَالُوا نَحْنُ نَكْفُلُهَا فَخَرَجُوا وَ ضَرَبُوا بِالسِّهَامِ بَیْنَهُمْ فَخَرَجَ سَهْمُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَكَفَّلَهَا زَكَرِیَّا علیه السلام قَوْلُهُ وَجِیهاً فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ أَیْ ذُو وَجْهٍ وَ جَاهٍ (2).

«9»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ مَنِیعٍ (3)عَنْ شَیْبَانَ بْنِ

ص: 200


1- فی نسخة: الابنة لا تكون رسولا.
2- تفسیر القمّیّ: 91 و 92، و فیه: ذا وجه و جاه.
3- فی نسخة: عن منیع، و حكی فی ذیل الخصال المطبوع جدیدا عن النسخ المخطوطة أنه أبو العباس بن منیع، قلت: فیهما وهم و الصحیح ما فی المتن و ما فی الخصال المطبوع و الظاهر أنّه أبو القاسم عبد اللّٰه بن محمّد بن عبد العزیز البغوی الحافظ كان ابن بنت أحمد بن منیع البغوی، ولد سنة 214 و توفّی سنة 317. و شیبان بن فروخ هو شیبان بن فروخ أبی شیبة الحبطی الابلی أبو محمّد المتوفی فی سنة 235 أو 236 و له بضع و تسعون سنة. و داود بن أبی الفرات هو داود بن بكر بن أبی الفرات الاشجعی المدنیّ. و علباء بالكسر فالسكون هو ابن أحمر الیشكری البصری كان من القراء.

فَرُّوخَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی الْفُرَاتِ عَنْ عِلْبَاءِ بْنِ أَحْمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَ خُطَطٍ فِی الْأَرْضِ وَ قَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (1).

«10»-ل، الخصال سُلَیْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَیُّوبَ اللَّحْمِیُّ (2)عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی الْفُرَاتِ عَنْ عِلْبَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَ خُطُوطٍ ثُمَّ قَالَ خَیْرُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (3).

«11»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَ مِنَ النِّسَاءِ أَرْبَعاً مَرْیَمَ وَ آسِیَةَ وَ خَدِیجَةَ وَ فَاطِمَةَ الْخَبَرَ (4).

«12»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْمُغِیرَةَ یَزْعُمُ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِی الصَّلَاةَ كَمَا تَقْضِی الصَّوْمَ فَقَالَ مَا لَهُ لَا وَفَّقَهُ اللَّهُ إِنَّ امْرَأَةَ عِمْرَانَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً وَ الْمُحَرَّرُ لِلْمَسْجِدِ لَا یَخْرُجُ مِنْهُ أَبَداً فَلَمَّا

ص: 201


1- الخصال 1: 96 و 1: 164 من الطبعة الجدیدة.
2- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر: اللخمی بالخاء، و هو بفتح اللام و سكون الخاء نسبة الی لخم و هو مالك بن عدی، و لخم و جذام قبیلتان من الیمن، و الرجل هو سلیمان بن أحمد بن أیوب اللخمی أبو القاسم الطبرانی الحافظ، عاش مائة سنة، و سمع و هو ابن ثلاث عشرة سنة و بقی الی سنة ستین و ثلاث مائة.
3- الخصال 1: 96.
4- الخصال 1: 107.

وَضَعَتْ مَرْیَمُ قَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی ... وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی فَلَمَّا وَضَعَتْهَا أَدْخَلَتْهَا الْمَسْجِدَ فَلَمَّا بَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ أُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ أَنَّی كَانَتْ تَجِدُ أَیَّاماً تَقْضِیهَا وَ هِیَ عَلَیْهَا أَنْ تَكُونَ الدَّهْرَ فِی الْمَسْجِدِ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن إسماعیل بن عبد الرحمن الجعفی مثله (2).

«13»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ مِثْلَهُ وَ فِیهِ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا أَدْخَلَتْهَا الْمَسْجِدَ فَسَاهَمَتْ عَلَیْهَا الْأَنْبِیَاءُ فَأَصَابَتِ الْقُرْعَةُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَكَفَّلَهَا زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّی بَلَغَتْ فَلَمَّا بَلَغَتْ مَا تَبْلُغُ النِّسَاءُ خَرَجَتْ فَهَلْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَی أَنْ تَقْضِیَ تِلْكَ الْأَیَّامَ الَّتِی خَرَجَتْ وَ هِیَ عَلَیْهَا أَنْ تَكُونَ الدَّهْرَ فِی الْمَسْجِدِ (3).

أقول: سیأتی شرحه فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه.

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ عِمْرَانَ أَ كَانَ نَبِیّاً فَقَالَ نَعَمْ كَانَ نَبِیّاً مُرْسَلًا إِلَی قَوْمِهِ وَ كَانَتْ حَنَّةُ امْرَأَةُ عِمْرَانَ وَ حَنَّانَةُ امْرَأَةُ زَكَرِیَّا أُخْتَیْنِ فَوُلِدَ لِعِمْرَانَ مِنْ حَنَّةَ مریم وَ وُلِدَ لِزَكَرِیَّا مِنْ حَنَّانَةَ یَحْیَی علیه السلام وَ وَلَدَتْ مَرْیَمُ عِیسَی علیه السلام وَ كَانَ عِیسَی علیه السلام ابْنَ بِنْتِ خَالَتِهِ وَ كَانَ یَحْیَی علیه السلام ابْنَ خَالَةِ مَرْیَمَ وَ خَالَةُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْخَالَةِ (4).

بیان: أی فلذا كان یقال إن یحیی ابن خالة عیسی.

ثم اعلم أن هذا مخالف لما مر و سیأتی أن مریم كانت أخت أم یحیی و لعل أحدهما محمول علی التقیة و یمكن حمل الأخت الوارد فی تلك الأخبار علی المجاز أیضا و یمكن إرجاع ضمیر أختها فی خبر إسماعیل الآتی إلی أم مریم.

ص: 202


1- علل الشرائع: 193.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 282.
3- فروع الكافی 1: 30.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّ جَلَالُهُ أَوْحَی إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً مُبَارَكاً یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَنِّی جَاعِلُهُ رَسُولًا إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَ هِیَ أُمُّ مَرْیَمَ فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غُلَاماً فَقَالَتْ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً فَوَضَعَتْ أُنْثَی فَقَالَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی إِنَّ الْبِنْتَ لَا تَكُونُ رَسُولًا فَلَمَّا أَنْ وَهَبَ اللَّهُ لِمَرْیَمَ عِیسَی بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ اللَّهُ بِهِ عِمْرَانَ (1).

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد و علی بن إبراهیم عن أبیه جمیعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبی بصیر مثله.

«16»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام أَ یَأْتِی الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ بِشَیْ ءٍ ثُمَّ تَأْتِی بِخِلَافِهِ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَتَیْتُكَ بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ الْآیَةَ فَمَا دَخَلُوهَا وَ دَخَلَ أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ وَ قَالَ عِمْرَانُ إِنَّ اللَّهِ وَعَدَنِی أَنْ یَهَبَ لِی غُلَاماً نَبِیّاً فِی سَنَتِی هَذِهِ وَ شَهْرِی هَذَا ثُمَّ غَابَ وَ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ مَرْیَمَ وَ كَفَّلَهَا زَكَرِیَّا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ صَدَقَ نَبِیُّ اللَّهِ وَ قَالَتِ الْآخَرُونَ كَذَبَ فَلَمَّا وَلَدَتْ مَرْیَمُ عِیسَی علیه السلام قَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِی أَقَامَتْ عَلَی صِدْقِ عِمْرَانَ هَذَا الَّذِی وَعَدَنَا اللَّهُ (2).

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها قَالَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ عِیسَی خَمْسَمِائَةِ عَامٍ قَالَ فَأَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَیْهِ مَرْیَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ نَذَرَتْ أُمُّهَا مَا فِی بَطْنِهَا مُحَرَّراً لِلْكَنِیسَةِ فَوَضَعَتْهَا أُنْثَی فَشَبَّتْ فَكَانَتْ تَخْدُمُ الْعُبَّادَ تُنَاوِلُهُمْ حَتَّی بَلَغَتْ وَ أَمَرَ زَكَرِیَّا علیه السلام أَنْ یُتَّخَذَ لَهَا حِجَاباً دُونَ الْعُبَّادِ فَكَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام یَدْخُلُ عَلَیْهَا

ص: 203


1- قصص الأنبیاء مخطوط، و الحدیث الثانی مجهول بمحمّد بن أبی صالح و الحسن بن محمّد بن ابی طلحة، و متنه من البداء الذی تقدم ذكره و معناه و دفع الاشكال عنه فی باب البداء.
2- قصص الأنبیاء مخطوط، و الحدیث الثانی مجهول بمحمّد بن أبی صالح و الحسن بن محمّد بن ابی طلحة، و متنه من البداء الذی تقدم ذكره و معناه و دفع الاشكال عنه فی باب البداء.

فَیَرَی عِنْدَهَا ثَمَرَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ ثَمَرَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ قالَ یا مَرْیَمُ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَالَ عَاشَتْ مَرْیَمُ بَعْدَ عِمْرَانَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ (1).

بیان: لا یخفی ما فی هذا الخبر من الشذوذ و الغرابة و المخالفة لسائر الأخبار و الآثار(2).

«18»-شی، تفسیر العیاشی أَبُو خَالِدٍ الْقَمَّاطُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ امْرَأَةَ عِمْرَانَ لَمَّا نَذَرَتْ مَا فِی بَطْنِهَا مُحَرَّراً قَالَ وَ الْمُحَرَّرُ لِلْمَسْجِدِ إِذَا وَضَعَتْهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ یَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ أَبَداً فَلَمَّا وَلَدَتْ مَرْیَمَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی وَ إِنِّی سَمَّیْتُها مَرْیَمَ وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ فَسَاهَمَ عَلَیْهَا النَّبِیُّونَ فَأَصَابَ الْقُرْعَةُ زَكَرِیَّا وَ هُوَ زَوْجُ أُخْتِهَا وَ كَفَّلَهَا وَ أَدْخَلَهَا الْمَسْجِدَ فَلَمَّا بَلَغَتْ مَا تَبْلُغُ النِّسَاءُ مِنَ الطَّمْثِ وَ كَانَتْ أَجْمَلَ النِّسَاءِ وَ كَانَتْ تُصَلِّی فَتُضِی ءُ الْمِحْرَابَ لِنُورِهَا فَدَخَلَ عَلَیْهَا زَكَرِیَّا فَإِذَا عِنْدَهَا فَاكِهَةُ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةُ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ فَقَالَ أَنَّی لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَهُنَالِكَ دَعا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قَالَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی إِلَی مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ قِصَّةِ زَكَرِیَّا وَ یَحْیَی (3).

«19»-شی، تفسیر العیاشی حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنِّی نَذَرْتُ لَكَ ما فِی بَطْنِی مُحَرَّراً الْمُحَرَّرُ یَكُونُ فِی الْكَنِیسَةِ وَ لَا یَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا وَضَعَتْها أُنْثَی قالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی ... وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی (4)إِنَّ الْأُنْثَی تَحِیضُ فَتَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ الْمُحَرَّرُ لَا یَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ (5).

«20»-شی، تفسیر العیاشی فِی رِوَایَةِ حَرِیزٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: نَذَرَتْ مَا فِی بَطْنِهَا لِلْكَنِیسَةِ

ص: 204


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- مع انه مرسل و مرفوع.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 282.
4- فی نسخة من البرهان: و اللّٰه اعلم بما وضعت و لیس الذكر كالانثی.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.

أَنْ تَخْدُمَ الْعُبَّادَ وَ لَیْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثی فِی الْخِدْمَةِ قَالَ فَشَبَّتْ وَ كَانَتْ تَخْدُمُهُمْ وَ تُنَاوِلُهُمْ حَتَّی بَلَغَتْ فَأُمِرَ زَكَرِیَّا علیه السلام أَنْ یَتَّخِذَ لَهَا حِجَاباً دُونَ الْعِبَادِ فَكَانَ یَدْخُلُ عَلَیْهَا فَیَرَی عِنْدَهَا ثَمَرَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ ثَمَرَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ فَهُنَالِكَ دَعَا وَ سَأَلَ رَبَّهُ زَكَرِیَّا فَوَهَبَ لَهُ یَحْیَی (1).

«21»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً مُبَارَكاً یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ وَ رَسُولًا إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ فَحَمَلَتْ فَوَضَعَتْ مَرْیَمَ فَقَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی وَ الْأُنْثَی لَا تَكُونُ رَسُولًا وَ قَالَ لَهَا عِمْرَانُ إِنَّهُ ذَكَرٌ یَكُونُ نَبِیّاً فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ مَا قَالَتْ فَقَالَ اللَّهُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَكَانَ ذَلِكَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام فَإِنْ قُلْنَا لَكُمْ إِنَّ الْأَمْرَ یَكُونُ فِی أَحَدِنَا فَكَانَ فِی ابْنِهِ وَ ابْنِ ابْنِهِ أَوِ ابْنِ ابْنِ ابْنِهِ فَقَدْ كَانَ فِیهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ (2).

أقول: سیأتی بعض أخبارها فی أبواب أحوال فاطمة علیها السلام.

«22»-لی، الأمالی للصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ (3)رَوَاهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ فِی فَاطِمَةَ علیها السلام وَ مَا یُصِیبُهَا مِنَ الظُّلْمِ بَعْدَهُ ثُمَّ تَرَی نَفْسَهَا ذَلِیلَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِی أَیَّامِ أَبِیهَا عَزِیزَةً فَعِنْدَ ذَلِكَ یُؤْنِسُهَا اللَّهُ تَعَالَی بِالْمَلَائِكَةِ فَنَادَتْهَا بِمَا نَادَتْ بِهِ مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَتَقُولُ یَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ یَا فَاطِمَةُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ ثُمَّ یَبْتَدِئُ بِهَا الْوَجَعُ فَتَمْرَضُ فَیَبْعَثُ اللَّهُ إِلَیْهَا مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ تُمَرِّضُهَا (4)وَ تُؤْنِسُهَا فِی عِلَّتِهَا إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ (5).

ص: 205


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و فی البرهان: و سأل ربّه زكریا أن یهب له ذكرا فوهب له یحیی.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط و أخرجه البحرانیّ و ما تقدم فی البرهان 1: 282.
3- فی فضائل علی و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام، و لم یذكر المصنّف إسناد الحدیث اختصارا و یذكره فی محله و هو هكذا: علی بن أحمد بن موسی الدقاق رحمه اللّٰه قال: حدّثنا محمّد ابن أبی عبد اللّٰه الكوفیّ قال: حدّثنا موسی بن عمران النخعیّ، عن عمه الحسین بن یزید النوفلیّ عن الحسن بن علیّ بن أبی حمزة، عن أبیه، عن سعید بن جبیر، عن ابن عبّاس.
4- مرضه: داواه و اعتنی به فی مرضه.
5- أمالی الصدوق: 69 و 70.

«23»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ (1)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَتْ فَاطِمَةُ مُحَدَّثَةً لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ فَتُنَادِیهَا كَمَا تُنَادِی مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَتَقُولُ یَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلی نِساءِ الْعالَمِینَ یَا فَاطِمَةُ اقْنُتِی لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِی وَ ارْكَعِی مَعَ الرَّاكِعِینَ فَتُحَدِّثُهُمْ وَ یُحَدِّثُونَهَا فَقَالَتْ لَهُمْ ذَاتَ لَیْلَةٍ أَ لَیْسَتِ الْمُفَضَّلَةُ عَلَی نِسَاءِ الْعَالَمِینَ مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَقَالُوا إِنَّ مَرْیَمَ كَانَتْ سَیِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِهَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَكِ سَیِّدَةَ نِسَاءِ عَالَمِكِ وَ عَالَمِهَا وَ سَیِّدَةَ نِسَاءِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ (2).

باب 17 ولادة عیسی علیه السلام

الآیات؛

آل عمران: «إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ»(59)

مریم: «وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ مَرْیَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِیًّا* فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا* قالَتْ إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِیًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِیًّا* قالَتْ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ لَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِیًّا* قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آیَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا وَ كانَ أَمْراً مَقْضِیًّا* فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا* فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلی جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا* فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِی قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِیًّا* وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَیْكِ رُطَباً جَنِیًّا* فَكُلِی وَ اشْرَبِی وَ قَرِّی عَیْناً *فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِی إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْیَوْمَ إِنْسِیًّا* فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا یا مَرْیَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَیْئاً فَرِیًّا* یا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ

ص: 206


1- لم یذكر المصنّف الاسناد اختصارا فهو هكذا: حدّثنا محمّد بن الحسن القطان قال: حدّثنا الحسن بن علیّ العسكریّ، عن محمّد بن زكریا الجوهریّ قال: حدّثنا شعیب بن واقد قال: حدّثنی إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عیسی بن زید بن علیّ قال: سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام.
2- علل الشرائع: 72.

أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِیًّا* فَأَشارَتْ إِلَیْهِ قالُوا كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا* قالَ إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا* وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا* وَ بَرًّا بِوالِدَتِی وَ لَمْ یَجْعَلْنِی جَبَّاراً شَقِیًّا* وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا* ذلِكَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِی فِیهِ یَمْتَرُونَ *ما كانَ لِلَّهِ أَنْ یَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضی أَمْراً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ»(16-35)

الأنبیاء: «وَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِیها مِنْ رُوحِنا وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آیَةً لِلْعالَمِینَ»(91)

التحریم: «وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَ كُتُبِهِ وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِینَ»(12)

«1»-فس، تفسیر القمی وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها قَالَ لَمْ یُنْظَرْ إِلَیْهَا فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا أَیْ رُوحِ اللَّهِ مَخْلُوقَةً (1)وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِینَ أَیْ مِنَ الدَّاعِینَ (2).

«2»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ (3)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الزَّیَّاتِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یُولَدْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام (4).

«3»-ع، علل الشرائع أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُثَنَّی الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَعِشْ مَوْلُودٌ قَطُّ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَیْرَ الْحُسَیْنِ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (5).

ص: 207


1- فی المصدر: أی روح مخلوقة.
2- تفسیر القمّیّ: 688.
3- فی المصدر: علی بن إسماعیل، و هو الصحیح و الظاهر أنّه علیّ بن إسماعیل السندی بقرینة روایته عن محمّد بن عمرو بن سعید الزیات كما یظهر من جامع الرواة.
4- أصول الكافی 1: 464 و 465.
5- علل الشرائع: 79.

«4»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ فِی صِفَةِ الْمِعْرَاجِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِی جَبْرَئِیلُ انْزِلْ فَصَلِّ فَنَزَلْتُ وَ صَلَّیْتُ فَقَالَ لِی تَدْرِی أَیْنَ صَلَّیْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ صَلَّیْتَ بِطُورِ سِینَا حَیْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَی تَكْلِیماً ثُمَّ رَكِبْتُ فَمَضَیْنَا (1)مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لِی انْزِلْ فَصَلِّ فَنَزَلْتُ وَ صَلَّیْتُ فَقَالَ لِی أَ تَدْرِی أَیْنَ صَلَّیْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ صَلَّیْتَ فِی بَیْتِ لَحْمٍ (2)وَ بَیْتُ لَحْمٍ بِنَاحِیَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ حَیْثُ وُلِدَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام الْخَبَرَ (3).

«5»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَتَخَلَّلُ بَسَاتِینَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَی إِلَی نَخْلَةٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَ سَجَدَ فَأَحْصَیْتُ فِی سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِیحَةٍ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَی النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ یَا حَفْصُ إِنَّهَا وَ اللَّهِ النَّخْلَةُ الَّتِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِمَرْیَمَ وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَیْكِ رُطَباً جَنِیًّا (4).

«6»-فس، تفسیر القمی وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ مَرْیَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِیًّا قَالَ خَرَجَتْ إِلَی النَّخْلَةِ الْیَابِسَةِ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً قَالَ فِی مِحْرَابِهَا فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا یَعْنِی جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا قالَتْ إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِیًّا (5)فَقَالَ لَهَا جَبْرَئِیلُ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِیًّا فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ فِی الْعَادَةِ أَنْ تَحْمِلَ الْمَرْأَةُ مِنْ غَیْرِ فَحْلٍ فَقَالَتْ أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ وَ لَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِیًّا وَ لَمْ یَعْلَمْ جَبْرَئِیلُ أَیْضاً كَیْفِیَّةَ الْقُدْرَةِ فَقَالَ لَهَا كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آیَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا وَ كانَ أَمْراً مَقْضِیًّا قَالَ فَنَفَخَ فِی جَیْبِهَا فَحَمَلَتْ بِعِیسَی علیه السلام بِاللَّیْلِ فَوَضَعَتْهُ بِالْغَدَاةِ وَ كَانَ حَمْلُهَا تِسْعَ سَاعَاتٍ (6)

ص: 208


1- فی نسخة: فمضیت.
2- فی نسخة: صلیت ببیت لحم.
3- تفسیر القمّیّ: 368.
4- روضة الكافی: 143- 144.
5- فی المصدر: یعنی ان كنت ممن یتقی اللّٰه.
6- هذا ینافی ما تقدم من أنّه لم یولد لستة أشهر إلّا عیسی بن مریم، و لم یسند القمّیّ ذلك إلی حدیث.

جَعَلَ اللَّهُ الشُّهُورَ لَهَا سَاعَاتٍ ثُمَّ نَادَاهَا جَبْرَئِیلُ وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ أَیْ هُزِّی النَّخْلَةَ الْیَابِسَةَ فَهَزَّتْ وَ كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمَ سُوقاً فَاسْتَقْبَلَهَا الْحَاكَةُ وَ كَانَتِ الْحِیَاكَةُ أَنْبَلَ صِنَاعَةٍ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ فَأَقْبَلُوا عَلَی بِغَالٍ شُهْبٍ فَقَالَتْ لَهُمْ مَرْیَمُ أَیْنَ النَّخْلَةُ الْیَابِسَةُ فَاسْتَهْزَءُوا بِهَا وَ زَجَرُوهَا فَقَالَتْ لَهُمْ جَعَلَ اللَّهُ كَسْبَكُمْ نَزْراً (1)وَ جَعَلَكُمْ فِی النَّاسِ عَاراً ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا قَوْمٌ مِنَ التُّجَّارِ فَدَلُّوهَا عَلَی النَّخْلَةِ الْیَابِسَةِ فَقَالَتْ لَهُمْ جَعَلَ اللَّهُ الْبَرَكَةَ فِی كَسْبِكُمْ وَ أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَیْكُمْ فَلَمَّا بَلَغَتِ النَّخْلَةَ أَخَذَهَا الْمَخَاضُ فَوَضَعَتْ بِعِیسَی فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَیْهِ قَالَتْ یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا مَا ذَا أَقُولُ لِخَالِی وَ مَا ذَا أَقُولُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَنَادَاهَا عِیسَی مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِی قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِیًّا أَیْ نَهَراً وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ أَیْ حَرِّكِی النَّخْلَةَ تُساقِطْ عَلَیْكِ رُطَباً جَنِیًّا أَیْ طَیِّباً وَ كَانَتِ النَّخْلَةُ قَدْ یَبِسَتْ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِیلٍ فَمَدَّتْ یَدَهَا إِلَی النَّخْلَةِ فَأَوْرَقَتْ وَ أَثْمَرَتْ وَ سَقَطَ عَلَیْهَا الرُّطَبُ الطَّرِیُّ وَ طَابَتْ نَفْسُهَا فَقَالَ لَهَا عِیسَی قَمِّطِینِی وَ سَوِّینِی ثُمَّ افْعَلِی كَذَا وَ كَذَا فَقَمَّطَتْهُ وَ سَوَّتْهُ وَ قَالَ لَهَا عِیسَی فَكُلِی وَ اشْرَبِی وَ قَرِّی عَیْناً فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِی إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً وَ صَمْتاً كَذَا نَزَلَتْ فَلَنْ أُكَلِّمَ الْیَوْمَ إِنْسِیًّا فَفَقَدُوهَا فِی الْمِحْرَابِ فَخَرَجُوا فِی طَلَبِهَا وَ خَرَجَ خَالُهَا زَكَرِیَّا علیه السلام فَأَقْبَلَتْ وَ هُوَ فِی صَدْرِهَا وَ أَقْبَلْنَ مُؤْمِنَاتُ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَبْزُقْنَ فِی وَجْهِهَا فَلَمْ تُكَلِّمْهُنَّ حَتَّی دَخَلَتْ فِی مِحْرَابِهَا فَجَاءَ إِلَیْهَا بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ زَكَرِیَّا فَقَالُوا لَهَا یا مَرْیَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَیْئاً فَرِیًّا (2)یا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِیًّا وَ مَعْنَی قَوْلِهِمْ یَا أُخْتَ هَارُونَ أَنَّ هَارُونَ كَانَ رَجُلًا فَاسِقاً زَانِیاً فَشَبَّهُوهَا بِهِ (3)مِنْ أَیْنَ هَذَا الْبَلَاءُ الَّذِی جِئْتِ بِهِ وَ الْعَارُ الَّذِی أَلْزَمْتِهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَشَارَتْ إِلَی عِیسَی فِی الْمَهْدِ فَقَالُوا لَهَا كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا فَأَنْطَقَ اللَّهُ عِیسَی علیه السلام فَقَالَ إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا وَ بَرًّا بِوالِدَتِی وَ لَمْ یَجْعَلْنِی جَبَّاراً

ص: 209


1- النزر: القلیل أی جعل اللّٰه ربحه قلیلا.
2- فی المصدر: أی عظیما من المناهی.
3- راجع ما سیأتی عن الطبرسیّ فی ذلك.

شَقِیًّا وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا ذلِكَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِی فِیهِ یَمْتَرُونَ أَیْ یَتَخَاصَمُونَ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ قَالَ زَكَاةُ الرُّءُوسِ لِأَنَّ كُلَّ النَّاسِ لَیْسَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ وَ إِنَّمَا الْفِطْرَةُ (1)عَلَی الْغَنِیِّ وَ الْفَقِیرِ وَ الصَّغِیرِ وَ الْكَبِیرِ- حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ قَالَ نَفَّاعاً (2).

أقول: فی بعض النسخ بعد قوله فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا زیادة و هی قوله فنطق عیسی علیه السلام بإذن اللّٰه بلسان فصیح و قال إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ أی قدر لی أن أكون صاحب شرع له وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا إلی قوله وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا قیل لا یكون علی الإنسان شی ء أشد من هذه المواطن الثلاثة عند الولادة و قد فارق رفاهیة اعتدال الحرارة الغریزیة و صدم أهوال الدنیا و لمس الأیدی له و هو موجب لصراخه و عند الممات و ما یجده من سكرات الموت و فراق الأحبة و المسكن و مجاورة الأموات الذین لا یتعارفون و لا یتزاورون و عند الحشر و ما یكون من أهوال یوم القیامة فأخبر عیسی علیه السلام أن اللّٰه تعالی قد سلمه و آمنه من الآلام و الأهوال فی هذه الأحوال الثلاث.

«7»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عِیسَی بْنِ حُمَیْدٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ حُمَیْدِ بْنِ قَیْسٍ (3)عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ:

ص: 210


1- فی نسخة: و انها الفطرة.
2- تفسیر القمّیّ: 409- 411.
3- فی المصدر: عن أبیه حمید بن قیس قال: سمعت أبا الحسن علیّ بن الحسین بن علیّ بن الحسین قال: سمعت أبی یقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علیّ بن الحسین یقول: إن أمیر المؤمنین علیه السلام إه.

إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا رَجَعَ مِنْ وَقْعَةِ الْخَوَارِجِ اجْتَازَ بِالزَّوْرَاءِ (1)فَقَالَ لِلنَّاسِ إِنَّهَا الزَّوْرَاءُ فَسِیرُوا وَ جَنِّبُوا عَنْهَا فَإِنَّ الْخَسْفَ أَسْرَعُ إِلَیْهَا مِنَ الْوَتَدِ فِی النُّخَالَةِ فَلَمَّا أَتَی یَمْنَةَ (2)السَّوَادِ إِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ فِی صَوْمَعَةٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ لَا تَنْزِلْ هَذِهِ الْأَرْضَ بِجَیْشِكَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهَا لَا یَنْزِلُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ یُقَاتِلُ (3)فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَكَذَا نَجِدُ فِی كُتُبِنَا فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا وَصِیُّ سَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ فَأَنْتَ إِذَنْ أَصْلَعُ قُرَیْشٍ وَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا ذَلِكَ فَنَزَلَ الرَّاهِبُ إِلَیْهِ فَقَالَ خُذْ عَلَیَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ إِنِّی وَجَدْتُ فِی الْإِنْجِیلِ نَعْتَكَ وَ أَنَّكَ تَنْزِلُ أَرْضَ بَرَاثَا (4)بَیْتَ مَرْیَمَ وَ أَرْضَ عِیسَی علیه السلام (5)فَأَتَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَوْضِعاً

ص: 211


1- قال یاقوت فی المعجم: زوراء: دجلة بغداد، و ارض بذی خیم، و حكی عن الازهری أن مدینة الزوراء ببغداد فی الجانب الشرقی، و عن غیره أنّها مدینة ابی جعفر المنصور و هی فی الجانب الغربی. و دار بناها النعمان بن منذر بالحیرة. و قال: زوراء: فلج، و فلج ما بین الرحیل الی المجازة و هی أول الدهناء. قلت: الظاهر أن المراد هاهنا هو بغداد.
2- فی المصدر: فلما أتی موضعا من أرضها قال: ما هذه الأرض؟ قیل: أرض بحرا، فقال: ارض سباخ جنبوا و یمنوا، فلما أتی یمنة السواد و إذا هو براهب فی صومعة له، فقال له: یا راهب انزل هاهنا، فقال له الراهب: لا تنزل اه.
3- فی المصدر: بجیشه یقاتل.
4- قال یاقوت: براثا محلة كانت فی طرف بغداد فی قبلة الكرخ و جنوبی باب محول، و كان لها جامع مفرد تصلی فیه الشیعة و قد خرب عن آخره، و كذلك المحلة لم یبق لها أثر، فاما الجامع فأدركت أنا بقایا من حیطانه و قد خربت فی عصرنا و استعملت فی الابنیة، و فی سنة 329 فرغ من جامع براثا و اقیمت فیه الخطبة، و كان قبل مسجدا یجتمع فیه قوم من الشیعة یسبون الصحابة فكبسه الراضی باللّٰه و أخذ من وجده فیه و حبسهم و هدمه حتّی سوی به الأرض، و أنهی الشیعة خبره الی بجكم الماكانی أمیر الامراء ببغداد فأمر باعادة بنائه و توسیعه و احكامه، و كانت براثا قبل بناء بغداد قریة یزعمون أن علیّا علیه السلام مربها لما خرج لقتال الحروریة بالنهروان و صلی فی موضع من الجامع المذكور، و ذكر أنّه دخل حماما كان فی هذه القریة، و قیل: بل الحمام كان بالعتیقة محلة ببغداد خربت أیضا.
5- فی المصدر هاهنا زیادة و هی هذه: فقال أمیر المؤمنین علیه السلام: قف و لا تخبرنا بشی ء. ثم أتی موضعا فقال: الكزوا هذه فالكزه برجله علیه السلام إه. قلت: لكزه: ضربه.

فَلَكَزَهُ بِرِجْلِهِ فَانْبَجَسَتْ عَیْنٌ خَرَّارَةٌ (1)فَقَالَ هَذِهِ عَیْنُ مَرْیَمَ الَّتِی أُنْبِعَتْ لَهَا (2)ثُمَّ قَالَ اكْشِفُوا هَاهُنَا عَلَی سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً فَكُشِفَ فَإِذَا بِصَخْرَةٍ بَیْضَاءَ فَقَالَ علیه السلام عَلَی هَذِهِ وَضَعَتْ مَرْیَمُ عِیسَی علیه السلام مِنْ عَاتِقِهَا وَ صَلَّتْ هَاهُنَا (3)ثُمَّ قَالَ أَرْضُ بَرَاثَا هَذِهِ بَیْتُ مَرْیَمَ علیها السلام (4).

«8»-یب، تهذیب الأحكام مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَمْرٍو الزُّهْرِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا قَالَ خَرَجَتْ مِنْ دِمَشْقَ حَتَّی أَتَتْ كَرْبَلَاءَ فَوَضَعَتْهُ فِی مَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ رَجَعَتْ مِنْ لَیْلَتِهَا (5).

«9»-ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ إِلَی وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا أَجَاءَ (6)الْمَخَاضُ مَرْیَمَ علیها السلام إِلی جِذْعِ النَّخْلَةِ اشْتَدَّ عَلَیْهَا الْبَرْدُ فَعَمَدَ یُوسُفُ النَّجَّارُ إِلَی حَطَبٍ فَجَعَلَهُ حَوْلَهَا كَالْحَظِیرَةِ ثُمَّ أَشْعَلَ (7)فِیهِ النَّارَ فَأَصَابَتْهَا سُخُونَةُ الْوَقُودِ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ حَتَّی دَفِئَتْ وَ كَسَرَ لَهَا سَبْعَ جَوْزَاتٍ وَجَدَهُنَّ فِی خُرْجِهِ فَأَطْعَمَهَا فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تُوقِدُ النَّصَارَی النَّارَ فِی لَیْلَةِ الْمِیلَادِ وَ تَلْعَبُ بِالْجَوْزِ (8).

ص: 212


1- من خر الماء: أسمع صوته فهو خرار.
2- فی المصدر: انبعقت لها. قلت: بعق البئر: حفرها.
3- فی المصدر هاهنا زیادة و هی هذه: فنصب أمیر المؤمنین علیه السلام الصخرة و صلی إلیها و أقام هناك أربعة أیّام یتم الصلاة، و جعل الحرم فی خیمة من الموضع علی دعوة، ثمّ قال: أرض براثا هذا بیت مریم علیها السلام، هذا الموضع المقدس صلی فیه الأنبیاء، قال أبو جعفر محمّد بن علیّ علیه السلام: و لقد وجدنا أنّه صلی فیه إبراهیم قبل عیسی علیه السلام انتهی. قلت: قوله: علی دعوة ای علی قرب.
4- أمالی الطوسیّ: 124- 125. قلت: حدیث الراهب و الصخرة ممّا روته الخاصّة و العامّة، و ذكره أهل السیر و نظمه الشعراء و أورد الحمیری فی قصیدته البائیة المذهبة: و لقد سری فیما یسیر بلیلة بعد العشاء بكربلا فی موقف و سیأتی تفصیل القضیة فی محنه، و تقدم الایعاز إلیها فی ج 10: 67- 68.
5- التهذیب 2: 26.
6- فی المصدر: لما الجأ.
7- فی المصدر: اشتعل.
8- علل الشرائع: 38 و الحدیث كما تری من مرویات العامّة.

«10»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْمَسِیحُ أَخْفَی اللَّهُ وِلَادَتَهُ وَ غَیَّبَ شَخْصَهُ لِأَنَّ مَرْیَمَ لَمَّا حَمَلَتْهُ انْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا ثُمَّ إِنَّ زَكَرِیَّا وَ خَالَتَهَا أَقْبَلَا یَقُصَّانِ أَثَرَهَا حَتَّی هَجَمَا عَلَیْهَا وَ قَدْ وَضَعَتْ مَا فِی بَطْنِهَا وَ هِیَ تَقُولُ یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا فَأَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ لِسَانَهُ بِعُذْرِهَا وَ إِظْهَارِ حُجَّتِهَا فَلَمَّا ظَهَرَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی وَ الطَّلَبُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَكَبَّ الْجَبَابِرَةُ وَ الطَّوَاغِیتُ عَلَیْهِمْ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَسِیحِ علیه السلام مَا قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَ اسْتَتَرَ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ وَ الشِّیعَةُ حَتَّی أَفْضَی بِهِمُ الِاسْتِتَارُ إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَأَقَامُوا بِهَا فَفَجَّرَ لَهُمْ (1)فِیهَا الْعُیُونَ الْعَذْبَةَ وَ أَخْرَجَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَ جَعَلَ لَهُمْ فِیهَا الْمَاشِیَةَ (2)وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ سَمَكَةً تُدْعَی الْقُمُدَّ لَا لَحْمٌ لَهَا وَ لَا عَظْمٌ وَ إِنَّمَا هِیَ جِلْدٌ وَ دَمٌ فَخَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی النَّحْلِ أَنْ یَرْكَبَهَا فَرَكِبَهَا فَأَتَتِ النَّحْلُ إِلَی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ وَ نَهَضَ النَّحْلُ وَ تَعَلَّقَ بِالشَّجَرِ فغرس (3)(فَعَرَشَ) وَ بَنَی وَ كَثُرَ الْعَسَلُ وَ لَمْ یَكُونُوا یَفْقِدُونَ شَیْئاً مِنْ أَخْبَارِ الْمَسِیحِ (4).

أقول: تمامه فی قصة طالوت.

«11»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: أَمَّا أُمُّ مَرْیَمَ فَاسْمُهَا مَرْتَا (5)وَ هِیَ وَهِیبَةُ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ أَمَّا الْیَوْمُ الَّذِی حَمَلَتْ فِیهِ مَرْیَمُ فَهُوَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی هَبَطَ فِیهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ وَ لَیْسَ لِلْمُسْلِمِینَ عِیدٌ كَانَ

ص: 213


1- فی المصدر: ففجر اللّٰه لهم.
2- فی المصدر: و أخرج لهم فیها الماشیة.
3- فی المصدر: فعرش. أی بنی عریشا.
4- اكمال الدین: 91 و 95.
5- فی المصدر: مرثا بالثاء المثلثة، قال المصنّف فی مرآة العقول: مرثا فی بعض النسخ بالمثلثة و فی بعضها بالمثناة. و هیبة بمعنی موهوبة و یحتمل التصغیر. و فی خبر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أن اسمها كان حنة كما فی القاموس، و یحتمل أن یكون احدهما اسما و الآخر لقبا، او یكون احدهما موافقا للمشهور بین أهل الكتاب.

أَوْلَی مِنْهُ وَ أَمَّا الْیَوْمُ الَّذِی وَلَدَتْ فِیهِ مَرْیَمُ فَهُوَ یَوْمُ الثَّلَاثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَ نِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ وَ النَّهَرُ الَّذِی وَلَدَتْ عَلَیْهِ مَرْیَمُ عِیسَی هُوَ الْفُرَاتُ فَحَجَبَتْ لِسَانَهَا (1)وَ نَادَی قَیْدُوسُ وُلْدَهُ وَ أَشْیَاعَهُ فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ لِیَنْظُرُوا إِلَی مَرْیَمَ فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ (2).

«12»-یب، تهذیب الأحكام بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ كَثِیرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: یَوْمُ عَاشُورَاءَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وُلِدَ فِیهِ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام (3).

«13»-یه، من لا یحضره الفقیه ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: لَیْلَةُ خَمْسٍ وَ عِشْرِینَ مِنْ ذِی الْقَعْدَةِ وُلِدَ فِیهَا إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ وُلِدَ فِیهَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام الْخَبَرَ (4).

ص: 214


1- فی المصدر: و النهر الذی ولدت علیه مریم عیسی هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات و علیه شجر النخل و الكرم، و لیس یساوی بالفرات شی ء للكروم و النخیل، و أمّا الیوم الذی حجبت فیه لسانها و نادی قیدوس ولده و أشیاعه فأعانوه و اخرجوا آل عمران لینظروا الی مریم فقالوا لها ما قص اللّٰه علیك فی كتابه و علینا فی كتابه فهل فهمته؟ قال: نعم إه. قلت: المخاطب هو نصرانی ورد علیه فارشده الی الإسلام. قال المصنّف فی مرآة العقول: و كون ولادة عیسی علیه السلام بالكوفة علی شاطئ الفرات ممّا وردت فیه اخبار كثیرة، و ربما یستبعد ذلك بانه تواتر عند أهل الكتاب بل عندنا أیضا أن مریم كانت فی بیت المقدس، و كانت محررا لخدمته، و خرجت إلی بیت خالتها أو اختها زوجة زكریا فكیف انتقلت الی الكوفة و الی الفرات مع هذه المسافة البعیدة فی هذه المدة القلیلة؟ و الجواب أن تلك الأمور إنّما تستبعد بالنسبة إلینا، و أمّا بالنسبة إلیها و أمثالها فلا استبعاد فیمكن أن یكون اللّٰه تعالی سیرها فی ساعة واحدة آلاف فراسخ بطی الأرض، و یؤیده قوله تعالی «فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا» أی تنحت بالحمل إلی مكان بعید، هذا علی فرض كون مدة حملها ساعات قلیلة، و إلّا علی فرض كونها تسعة أشهر أو ثمانیة أشهر فیمكن أن یكون ذهابها إلی الكوفة بغیر طی الأرض أیضا، و المشهور بینهم أن ولادته كانت فی بیت لخم بقرب بیت المقدس. قلت: بیت لخم بالمهملة و المعجمة كلاهما صحیح و ان كان الأول أشهر.
2- أصول الكافی 1: 479- 480.
3- التهذیب 1: 437.
4- من لا یحضره الفقیه: 172. الموجود فی المطبوع و روی عن الحسن بن علیّ الوشاء، و لم یذكر بقیة الاسناد.

بیان: لعل الخبر الأول الدال علی كون ولادته فی یوم عاشوراء محمول علی التقیة كما یشهد به بعض الأخبار (1)و كذا الأخبار المختلفة الواردة فی زمان الحمل و موضع الولادة لعل بعضها محمولة علی التقیة لاشتهارها بین المخالفین و اللّٰه یعلم.

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام إِنَّ مَرْیَمَ بُشِّرَتْ بِعِیسَی فَبَیْنَا هِیَ فِی الْمِحْرَابِ إِذْ تَمَثَّلَ لَهَا الرُّوحُ الْأَمِینُ بَشَراً سَوِیّاً قالَتْ إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِیًّا قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِیًّا فَتَفَلَ فِی جَیْبَهَا فَحَمَلَتْ بِعِیسَی فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ وَلَدَتْ وَ قَالَ لَمْ یَكُنْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ شَجَرَةٌ إِلَّا یُنْتَفَعُ بِهَا وَ لَهَا ثَمَرَةٌ وَ لَا شَوْكَ لَهَا حَتَّی قَالَتْ فَجَرَةُ بَنِی آدَمَ كَلِمَةَ السُّوءِ فَاقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَ شَاكَتِ الشَّجَرُ وَ أَتَی إِبْلِیسُ تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَقِیلَ لَهُ وُلِدَ اللَّیْلَةَ وَلَدٌ لَمْ یَبْقَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ صَنَمٌ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ وَ أَتَی الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ یَطْلُبُهُ فَوَجَدَهُ فِی بَیْتِ دَیْرٍ (2)قَدْ حَفَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَذَهَبَ یَدْنُو فَصَاحَتِ الْمَلَائِكَةُ تَنَحَّ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَبُوهُ فَقَالَتْ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ آدَمَ فَقَالَ إِبْلِیسُ لَأُضِلَّنَّ بِهِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ النَّاسِ (3).

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ زِیَادِ بْنِ سُوقَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُیَیْنَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَمَّا قَالَتِ الْعَوَاتِقُ الْفِرْیَةَ وَ هُنَّ سَبْعُونَ لِمَرْیَمَ لَقَدْ جِئْتِ شَیْئاً فَرِیًّا أَنْطَقَ اللَّهُ عِیسَی علیه السلام عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُنَّ وَیْلَكُنَّ تَفْتَرِینَ عَلَی أُمِّی أَنَا عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ حَدّاً بِافْتِرَائِكُنَّ عَلَی أُمِّی قَالَ الْحَكَمُ فَقُلْتُ لِلْبَاقِرِ علیه السلام أَ فَضَرَبَهُنَّ عِیسَی علیه السلام بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ وَ الْمِنَّةُ (4).

«16»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبٍ الْیَمَانِیِّ قَالَ: إِنَّ یَهُودِیّاً سَأَلَ النَّبِیَّ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَ كُنْتَ فِی أُمِّ الْكِتَابِ نَبِیّاً قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُكَ الْمُؤْمِنُونَ مُثْبَتُونَ مَعَكَ قَبْلَ أَنْ یُخْلَقُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا شَأْنُكَ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِالْحِكْمَةِ حِینَ خَرَجْتَ

ص: 215


1- مع أنّه ضعیف بكثیر النواء.
2- هكذا فی النسخ.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ كَمَا تَكَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَی زَعْمِكَ وَ قَدْ كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ نَبِیّاً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ لَیْسَ أَمْرِی كَأَمْرِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أُمٍّ لَیْسَ لَهُ أَبٌ كَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَ لَا أُمٍّ وَ لَوْ أَنَّ عِیسَی علیه السلام حِینَ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَمْ یَنْطِقْ بِالْحِكْمَةِ لَمْ یَكُنْ لِأُمِّهِ عُذْرٌ عِنْدَ النَّاسِ وَ قَدْ أَتَتْ بِهِ مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَ كَانُوا یَأْخُذُونَهَا كَمَا یَأْخُذُونَ بِهِ مِنَ الْمُحْصَنَاتِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْطِقَهُ عُذْراً لِأُمِّهِ (1).

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا بِالْحِیرَةِ فَرَكِبْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمَّا صِرْنَا حِیَالَ قَرْیَةٍ فَوْقَ الْمَاصِرِ قَالَ هِیَ هِیَ حِینَ قَرُبَ مِنَ الشَّطِّ وَ صَارَ عَلَی شَفِیرِ الْفُرَاتِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِی أَیْنَ وُلِدَ عِیسَی علیه السلام قُلْتُ لَا قَالَ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِی أَنَا فِیهِ جَالِسٌ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِی أَیْنَ كَانَتِ النَّخْلَةُ قُلْتُ لَا فَمَدَّ یَدَهُ خَلْفَهُ فَقَالَ فِی هَذَا الْمَكَانِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِی مَا الْقَرَارُ وَ مَا الْمَاءُ الْمَعِینُ قُلْتُ لَا قَالَ هَذَا هُوَ الْفُرَاتُ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِی مَا الرَّبْوَةُ قُلْتُ لَا فَأَشَارَ بِیَدِهِ عَنْ یَمِینِهِ فَقَالَ هَذَا هُوَ الْجَبَلُ إِلَی النَّجَفِ (2)وَ قَالَ إِنَّ مَرْیَمَ ظَهَرَ حَمْلُهَا وَ كَانَتْ فِی وَادٍ فِیهِ خَمْسُمِائَةِ بِكْرٍ یَتَعَبَّدْنَ وَ قَالَ حَمَلَتْهُ تِسْعَ سَاعَاتٍ فَلَمَّا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ خَرَجَتْ مِنَ الْمِحْرَابِ إِلَی بَیْتِ دَیْرٍ لَهُمْ فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلی جِذْعِ النَّخْلَةِ فَوَضَعَتْهُ فَحَمَلَتْهُ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَی قَوْمِهَا فَلَمَّا رَأَوْهَا فَزِعُوا فَاخْتَلَفَ فِیهِ بَنُو إِسْرَائِیلَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ ابْنُ اللَّهِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ وَ قَالَتِ الْیَهُودُ بَلْ هُوَ ابْنُ الْهَنَةِ وَ یُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی مَرْیَمَ الْعَجْوَةُ.

بیان: المآصر بالمد جمع المأصر كمجلس أی المحبس و لعل المراد محابس الماء و الماصر بغیر مد الحاجز بین الشیئین و الحد بین الأرضین و ابن الهنة كنایة عن ولد الزنا بأن یكون المراد بالهنة الشر و القبیح كما تطلق علیه كثیرا و قد یكنی به عن كل جنس فالمعنی ابن رجل.

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ

ص: 216


1- علل الشرائع: 38.
2- فی نسخة: أی النجف.

الْكَرْخِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ (1)عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: أَ تَدْرِی بِمَا حَمَلَتْ مَرْیَمُ (2)قُلْتُ لَا قَالَ مِنْ تَمْرِ صَرَفَانٍ (3)أَتَاهَا بِهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام (4).

سن، المحاسن أَبِی وَ بَكْرُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ وَ فِی آخِرِهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِیلُ فَأَطْعَمَهَا فَحَمَلَتْ (5).

«19»-یر، بصائر الدرجات عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ نَهِیكٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ قَالَ الرَّبْوَةُ نَجَفُ الْكُوفَةِ وَ الْمَعِینُ الْفُرَاتُ.

«20»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام فِی مَسَائِلِهِ الَّتِی سَأَلَ النَّصْرَانِیُّ عَنْهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ النَّهَرُ الَّذِی وَلَدَتْ عَلَیْهِ مَرْیَمُ عِیسَی هَلْ تَعْرِفُهُ قَالَ لَا قَالَ هُوَ الْفُرَاتُ الْخَبَرَ (6).

«21»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِتَّةٌ كَرِهَهَا اللَّهُ تَعَالَی لِی فَكَرِهْتُهَا لِلْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّیَّتِی وَ عَدَّ مِنْهَا الرَّفَثَ فِی الصَّوْمِ قَالَ (7)وَ مَا الرَّفَثُ فِی الصِّیَامِ قَالَ مَا كَرِهَ اللَّهُ لِمَرْیَمَ فِی قَوْلِهِ إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْیَوْمَ إِنْسِیًّا قَالَ قُلْتُ صَمَتَتْ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ قَالَ مِنَ الْكَذِبِ (8).

«22»-نجم، كتاب النجوم ذكر أبو جعفر بن بابویه فی كتاب النبوة فی باب سیاقة حدیث عیسی ابن

ص: 217


1- فی نسخة: الجعفی و هو مصحف، و الرجل هو سلیمان بن جعفر الجعفری.
2- فی المحاسن: أ تدری ممّا حملت مریم.
3- صرفان محركة: تمر رزین صلب المضاغ، أو هو الصیحانی.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- محاسن البرقی: 537.
6- أصول الكافی 1: 480، و الحدیث مكرر، راجع الحدیث 11 و ذیله.
7- فی المصدر: قال: قلت.
8- محاسن البرقی: 10.

مریم علیه السلام فقال ما هذا لفظه و قدم علیها وفد من عظماء المجوس (1)زائرین معظمین لأمر ابنها و قالوا إنا قوم ننظر فی النجوم فلما ولد ابنك طلع بمولوده نجم من نجوم الملك فنظرنا فیه فإذا ملكه ملك نبوة لا یزول عنه و لا یفارقه حتی یرفعه إلی السماء فیجاور ربه عز و جل ما كانت الدنیا مكانها ثم یصیر إلی ملك هو أطول و أبقی مما كان فیه فخرجنا من قبل المشرق حتی رفعنا إلی هذا المكان فوجدنا النجم متطلعا علیه من فوقه فبذلك عرفنا موضعه و قد أهدینا له هدیة جعلناها له قربانا لم یقرب مثله لأحد قط و ذلك أنا وجدنا هذا القربان یشبه أمره و هو الذهب و المر و اللبان (2)لأن الذهب سید المتاع كله و كذلك ابنك هو سید الناس ما كان حیا و لأن المر جبار الجراحات و كذلك ابنك یبرئ اللّٰه به الجراحات و الأمراض و الجنون و العاهات كلها و لأن اللبان یبلغ دخانه السماء و لن یبلغها دخان شی ء غیره (3)و كذلك ابنك یرفعه اللّٰه عز و جل إلی السماء و لیس یرفع من أهل زمانه غیره (4).

«23»-ع، علل الشرائع الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ خَلَقَ اللَّهُ عِیسَی مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَ خَلَقَ سَائِرَ النَّاسِ مِنَ الْآبَاءِ وَ الْأُمَّهَاتِ فَقَالَ لِیَعْلَمَ النَّاسُ تَمَامَ قُدْرَتِهِ وَ كَمَالَهَا وَ یَعْلَمُوا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَی أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً مِنْ أُنْثَی مِنْ غَیْرِ ذَكَرٍ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَی أَنْ یَخْلُقَهُ مِنْ غَیْرِ ذَكَرٍ وَ لَا أُنْثَی وَ إِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَعَلَ ذَلِكَ لِیُعْلَمَ أَنَّهُ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(5).

«24»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنِ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرُّوحِ الَّتِی فِی آدَمَ قَوْلُهُ فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی قَالَ هَذِهِ رُوحٌ مَخْلُوقَةٌ وَ الرُّوحُ الَّتِی فِی عِیسَی مَخْلُوقَةٌ (6).

ص: 218


1- فی المصدر: من علماء المجوس.
2- المر: صمغ، و قیل: دواء كالصبر. و اللبان بالضم: الكندر.
3- فی المصدر: دخان غیره.
4- فرج المهموم: 28.
5- علل الشرائع: 17.
6- أصول الكافی 1: 133.

«25»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ رُوحٌ مِنْهُ قَالَ هِیَ رُوحُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ خَلَقَهَا فِی آدَمَ وَ عِیسَی علیه السلام (1).

أقول: قد مضت الأخبار فی تفسیر الروح فی كتاب التوحید (2)و ستأتی فی كتاب الإمامة إن شاء اللّٰه تعالی.

«26»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَلْقَمَةَ (3)عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ أَ لَمْ یَنْسُبُوا مَرْیَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ إِلَی أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعِیسَی مِنْ رَجُلٍ نَجَّارٍ اسْمُهُ یُوسُفُ الْخَبَرَ (4).

«27»-وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: دَعَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ فِیكَ شَبَهاً مِنْ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام أَحَبَّتْهُ النَّصَارَی حَتَّی أَنْزَلُوهُ بِمَنْزِلَةٍ لَیْسَ بِهَا وَ أَبْغَضَتْهُ الْیَهُودُ حَتَّی بَهَتُوا أُمَّهُ (5).

«28»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَرْیَمَ حَمَلَتْ بِعِیسَی علیه السلام تِسْعَ سَاعَاتٍ كُلُّ سَاعَةٍ شَهْراً (6).

«29»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَ

ص: 219


1- أصول الكافی 1: 133.
2- راجع ج 4: 11- 15.
3- فی المصدر: صالح، عن علقمة.
4- أمالی الصدوق: 63 و 64.
5- نسبوه الی الربوبیة و الالوهیة و عبدوه! و اخری نسبوه الی العصیان و عادوه و سبوه، قال الصادق علیه السلام فی الروایة المتقدمة: یا علقمة ما اعجب اقاویل الناس فی علیّ علیه السلام! كم بین من یقول انه ربّ معبود، و بین من یقول انه عبد عاص للمعبود! و لقد كان قول من ینسبه الی العصیان أهون علیه من قول من ینسبه إلی الربوبیة.
6- روضة الكافی: 232. قوله: شهرا أی كل ساعة له كان بمنزلة شهر من غیره.

الصِّیَامَ لَیْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ قَالَتْ مَرْیَمُ إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أَیْ صَمْتاً (1).

«30»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ (2).

«31»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَتْ نَخْلَةُ مَرْیَمَ علیها السلام الْعَجْوَةَ وَ نَزَلَتْ فِی كَانُونَ (3).

«32»-فض، كتاب الروضة ضه، روضة الواعظین عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِی عَمْرٍو وَ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ فِی وِلَادَةِ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: هَذَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِی قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِیًّا إِلَی قَوْلِهِ إِنْسِیًّا فَكَلَّمَ أُمَّهُ وَقْتَ مَوْلِدِهِ وَ قَالَ حِینَ أَشَارَتْ إِلَیْهِ فَ قالُوا كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا ... إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ فَتَكَلَّمَ علیه السلام فِی وَقْتِ وِلَادَتِهِ فَأُعْطِیَ الْكِتَابَ وَ النُّبُوَّةَ وَ أُوصِیَ بِالصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ فِی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ مِنْ مَوْلِدِهِ وَ كَلَّمَهُمْ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی مِنْ مَوْلِدِهِ (4).

تذنیب: (5)قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: (6)إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ قال ابن عباس یرید جبرئیل یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ففیه قولان أحدهما أنه المسیح سماه كلمة عن ابن عباس و قتادة و جماعة من المفسرین و إنما سمی بذلك لأنه كان بكلمة من اللّٰه من غیر والد و هو قوله كُنْ فَیَكُونُ یدل علیه قوله تعالی

ص: 220


1- فروع الكافی 1: 187، فیه: أی صوما صمتا.
2- فروع الكافی 1: 187.
3- فروع الكافی 2: 177.
4- روضة الواعظین: 72 و 73 الروضة 134 و 135، راجع الأخیر.
5- روی الثعلبی عن مجاهد قال: قالت مریم علیها السلام: كنت إذا خلوت انا و عیسی حدّثنی و حدثته، فإذا شغلنی عنه إنسان سبح فی بطنی و انا اسمع. منه رحمه اللّٰه.
6- هكذا فی النسخ، و الترتیب یقتضی أن یذكر ذلك الی قوله: وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ مَرْیَمَ فی الباب السابق لان الآیات المفسرة مذكورة هناك.

إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ و قیل سمی بذلك لأن اللّٰه تعالی بشر به فی الكتب السالفة كما یقول الذی یخبر بالأمر إذا خرج موافقا لأمره قد جاء كلامی و مما جاء من البشارة به فی التوراة أتانا اللّٰه من سیناء و أشرق من ساعیر و استعلن من جبال فاران و ساعیر هو الموضع الذی بعث منه المسیح علیه السلام و قیل لأن اللّٰه یهدی به كما یهدی بكلمته.

و القول الثانی إن الكلمة بمعنی البشارة كأنه قال ببشارة منه ولد اسمه المسیح و الأول أقوی و یؤیده قوله إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ و إنما ذكر الضمیر فی اسمه و هو عائد إلی الكلمة لأنه واقع علی مذكر فذهب إلی المعنی.

و اختلف فی أنه لم سمی بالمسیح فقیل لأنه مسح بالیمن و البركة عن الحسن و قتادة و سعید و قیل لأنه مسح بالتطهیر من الذنوب و قیل لأنه مسح بدهن زیت بورك فیه و كانت الأنبیاء تتمسح به عن الجبائی و قیل لأنه مسحه جبرئیل بجناحه وقت ولادته لیكون عوذة من الشیطان و قیل لأنه كان یمسح رأس الیتامی لله و قیل لأنه یمسح (1)عین الأعمی فیبصره عن الكلبی و قیل لأنه كان لا یمسح ذا عاهة بیده إلا أبرأه عن ابن عباس فی روایة عطاء و الضحاك و قال أبو عبیدة و هو بالسریانیة مشیحا فعربته العرب عیسی ابن مریم نسبه إلی أمه ردا علی النصاری قولهم (2)إنه ابن اللّٰه وَجِیهاً ذا جاه و قدر و شرف فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ إلی ثواب اللّٰه و كرامته وَ یُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ أی صغیرا و المهد الموضع الذی یمهد لنوم الصبی و یعنی بكلامه فی المهد إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ الآیة و وجه كلامه فی المهد أنه تنزیه لأمه (3)مما قذفت به و جلالة له بالمعجزة التی ظهرت فیه وَ كَهْلًا أی یكلمهم كهلا بالوحی الذی یأتیه من اللّٰه

ص: 221


1- فی المصدر: لانه كان یمسح.
2- فی المصدر: فی قولهم.
3- فی المصدر: تبرئة لامه.

أعلمنا اللّٰه (1)سبحانه أنه یبقی إلی حال الكهولة و فی ذلك إعجاز لكون المخبر فی وفق الخبر. (2)و قیل المراد به الرد علی النصاری بما كان فیه من التقلب فی الأحوال لأن ذلك مناف لصفة الإله وَ مِنَ الصَّالِحِینَ أی و من النبیین مثل إبراهیم و موسی علیهما السلام و قیل إن المراد بالآیة و یكلمهم فی المهد دعاء إلی اللّٰه و كهلا بعد نزوله من السماء لیقتل الدجال و ذلك لأنه رفع إلی السماء و هو ابن ثلاث و ثلاثین سنة و ذلك قبل الكهولة عن زید بن أسلم.

و فی ظهور المعجزة فی المهد قولان أحدهما أنها كانت مقرونة بنبوة المسیح علیه السلام لأنه سبحانه أكمل عقله فی تلك الحال و جعله نبیا و أوحی إلیه بما تكلم به عن الجبائی و قیل كان ذلك علی التأسیس و الإرهاص لنبوته (3)عن ابن الإخشید و یجوز عندنا الوجهان و یجوز أن یكون معجزة لمریم تدل علی طهارتها و براءة ساحتها إذ لا مانع لذلك و قد دلت الأدلة الواضحة علی جوازه و إنما جحدت النصاری كلام المسیح فی المهد مع كونه آیة و معجزة لأن فی ذلك إبطال مذهبهم (4)لأنه قال إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ و هو ینافی قولهم إنه ابن اللّٰه فاستمروا علی تكذیب من أخبر بذلك (5)قالَتْ مریم أَنَّی یَكُونُ لِی أی كیف یكون لی وَلَدٌ وَ لَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ لم تقل ذلك استبعادا و استنكارا بل إنما قالت استفهاما و استعظاما لقدرة اللّٰه تعالی لأن فی طبع البشر التعجب مما خرج عن المعتاد و قیل إنما قالت ذلك لتعلم أن اللّٰه سبحانه یرزقها الولد و هی علی حالتها لم یمسسها بشر أو یقدر لها زوجا ثم یرزقها الولد علی مجری العادة قالَ كَذلِكِ اللَّهُ یَخْلُقُ ما یَشاءُ أی یخلق ما یشاء مثل ذلك فهی حكایة ما قال لها الملك أی یرزقك الولد و أنت علی هذه الحالة لم یمسك بشر إِذا قَضی أَمْراً أی خلق أمرا و قیل إذا قدر أمرا فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ و قیل فی معناه قولان أحدهما أنه إخبار بسرعة حصول مراد اللّٰه تعالی فی كل شی ء أراد حصوله من غیر مهلة و لا معاناة

ص: 222


1- فی المصدر: أعلمها اللّٰه.
2- فی المصدر: لكون المخبر علی وفق الخبر.
3- أرهصه: أسسه و أثبته.
4- فی المصدر: لان فی ذلك ابطالا لمذهبهم.
5- فی المصدر: فاستمروا علی تكذیب من اخبر انه شاهده كذلك.

و لا تكلف سبب و لا أداة و إنما كنی بهذه اللفظة لأنه لا یدخل فی وهم العباد شی ء أسرع من كن فیكون و الآخر أن هذه الكلمة جعلها اللّٰه علامة للملائكة فیما یرید إحداثه و إیجاده لما فیه من المصلحة و الاعتبار و إنما استعمل لفظة الأمر فیما لیس بأمر هنا لیدل ذلك علی أن فعله بمنزلة فعل المأمور فی أنه لا كلفة فیه علی الآمر. (1)و قال رحمه اللّٰه فی قوله وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ مَرْیَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِیًّا أی انفردت من أهلها إلی مكان فی جهة المشرق و قعدت ناحیة منهم قال ابن عباس إنما اتخذت النصاری المشرق قبلة لأنها انتبذت مكانا شرقیا و قیل اتخذت مكانا تنفرد فیه للعبادة لئلا تشتغل بكلام الناس عن الجبائی و قیل تباعدت عن قومها حتی لا یروها عن الأصم و أبی مسلم و قیل إنها تمنت أن تجد خلوة فتفلی رأسها (2)فخرجت فی یوم شدید البرد فجلست فی مشرقة للشمس عن عطاء فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً أی فضربت من دون أهلها لئلا یروها سترا و حاجزا بینها و بینهم فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا یعنی جبرئیل علیه السلام عن ابن عباس و الحسن و قتادة و غیرهم و سماه اللّٰه روحا لأنه روحانی و أضافه إلی نفسه تشریفا له فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا معناه فأتاها جبرئیل فانتصب بین یدیها فی صورة آدمی صحیح لم ینقص منه شی ء و قال أبو مسلم إن الروح الذی خلق منه المسیح علیه السلام تصور لها إنسانا و الأول هو الوجه لإجماع المفسرین علیه و قال عكرمة كانت مریم إذا حاضت خرجت من المسجد و كانت عند خالتها امرأة زكریا أیام حیضها فإذا طهرت عادت إلی بیتها فی المسجد فبینما هی فی مشرقة لها فی ناحیة الدار و قد ضربت بینها و بین أهلها سترا لتغتسل و تمتشط إذ دخل علیها جبرئیل فی صورة رجل شاب أمرد سوی الخلق فأنكرته فاستعاذت باللّٰه منه قالَتْ إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِیًّا معناه إنی أعتصم بالرحمن من شرك فاخرج من عندی إن كنت تقیا.

سؤال: كیف شرطت فی التعوذ منه أن یكون تقیا و التقی لا یحتاج أن یتعوذ منه و إنما یتعوذ من غیر التقی؟

ص: 223


1- مجمع البیان 2: 442 و 443.
2- فلی رأسه أو ثوبه: نقاهما من القمل. و فی نسخة: فتغسل رأسها.

و الجواب أن التقی إذا تعوذ بالرحمن منه ارتدع عما یسخط اللّٰه ففی ذلك تخویف و ترهیب له و هذا كما تقول إن كنت مؤمنا فلا تظلمنی فالمعنی إن كنت تقیا فاتعظ و اخرج.

وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: عَلِمَتْ أَنْ التُّقَی (1)یَنْهَاهُ عَنِ الْمَعْصِیَةِ.

و قیل إن معنی قوله (2)إِنْ كُنْتَ تَقِیًّا ما كنت تقیا حیث استحللت النظر إلی و خلوت بی فلما سمع جبرئیل منه هذا القول قالَ لها إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِیًّا أی ولدا طاهرا من الأدناس و قیل نامیا فی أفعال الخیر و قیل یرید نبیا عن ابن عباس قالَتْ مریم أَنَّی یَكُونُ لِی غُلامٌ أی كیف یكون لی ولد وَ لَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ علی وجه الزوجیة وَ لَمْ أَكُ بَغِیًّا أی و لم أكن زانیة و إنما قالت ذلك لأن الولد فی العادة یكون من إحدی هاتین الجهتین و المعنی أنی لست بذات زوج و غیر ذات الزوج لا تلد إلا عن فجور و لست فاجرة و إنما یقال للفاجرة بغی بمعنی أنها تبغی الزنا أی تطلبه.

و فی هذه الآیة دلالة علی جواز إظهار الكرامات (3)علی غیر الأنبیاء علیهم السلام لأن من المعلوم أن مریم لیست بنبیة و أن رؤیة الملك علی صورة البشر و بشارة الملك إیاها و ولادتها من غیر وطء إلی غیرها من الآیات التی أبانها اللّٰه بها من أكبر المعجزات و من لم یجوز إظهار المعجزات علی غیر النبی اختلفت أقوالهم فی ذلك فقال الجبائی و ابنه إنها معجزات لزكریا و قال البلخی إنها معجزات لعیسی علی سبیل الإرهاص و التأسیس لنبوته قالَ كَذلِكِ أی قال لها جبرئیل حین سمع تعجبها من هذه البشارة الأمر كذلك أی كما وصفت لك قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آیَةً لِلنَّاسِ معناه و لنجعله علامة ظاهرة و آیة باهرة للناس علی نبوته و دلالة علی براءة أمه وَ رَحْمَةً مِنَّا أی و لنجعله نعمة منا علی الخلق یهتدون بسنته (4)وَ كانَ أَمْراً مَقْضِیًّا أی و كان خلق

ص: 224


1- فی المصدر: علمت أن التقی ینهاه التقی عن المعصیة.
2- فی نسخة: معنی قولها.
3- فی المصدر: إظهار المعجزات.
4- فی المصدر: یهتدون بسببه.

عیسی علیه السلام من غیر ذكر أمرا كائنا مفروغا منه محتوما قضی اللّٰه سبحانه بأنه یكون و حكم به فَحَمَلَتْهُ أی فحملت مریم بعیسی و حبلت فی الحال قیل إن جبرئیل أخذ ردن قمیصها (1)بإصبعه فنفخ فیه فحملت مریم من ساعتها و وجدت حس الحمل عن ابن عباس و قیل نفخ فی كمها فحملت عن ابن جریح.

وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ تَنَاوَلَ جَیْبَ مِدْرَعَتِهَا فَنَفَخَ نَفْخَةً فَكَمَلَ الْوَلَدُ فِی الرَّحِمِ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا یَكْمُلُ الْوَلَدُ فِی أَرْحَامِ النِّسَاءِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَخَرَجَتْ مِنَ الْمُسْتَحَمِّ (2)وَ هِیَ حَامِلٌ مُثْقِلٌ فَنَظَرَتْ إِلَیْهَا خَالَتُهَا فَأَنْكَرَتْهَا وَ مَضَتْ مَرْیَمُ عَلَی وَجْهِهَا مُسْتَحْیِیَةً مِنْ خَالَتِهَا وَ مِنْ زَكَرِیَّا.

فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِیًّا أی تنحت بالحمل إلی مكان بعید و قیل معناه انفردت به مكانا بعیدا من قومها حیاء من أهلها و خوفا من أن یتهموها بسوء.

و اختلفوا فی مدة حملها فقیل ساعة واحدة قال ابن عباس لم یكن بین الانتباذ و الحمل إلا ساعة واحدة لأنه تعالی لم یذكر بینهما فصلا لأنه قال فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ ... فَأَجاءَهَا و الفاء للتعقیب و قیل حملت به فی ساعة و صور فی ساعة و وضعته فی ساعة حین زاغت الشمس من یومها و هی بنت عشر سنین عن مقاتل و قیل كانت مدة حملها تسع ساعات و هذا مروی عن أبی عبد اللّٰه و قیل ستة أشهر و قیل ثمانیة أشهر و كان ذلك آیة و ذلك أنه لم یعش مولود وضع لثمانیة أشهر غیره فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ أی أجاءها الطلق (3)أی وجع الولادة إِلی جِذْعِ النَّخْلَةِ فالتجأت إلیها لتستند إلیها عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و السدی قال ابن عباس نظرت مریم إلی أكمة (4)فصعدت مسرعة فإذا علیها جذع النخلة لیس علیها سعف و الجذع ساق النخلة و الألف و اللام دخلت للعهد لا للجنس أی النخلة المعروفة فلما ولدت قالَتْ یا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْیاً مَنْسِیًّا أی شیئا حقیرا متروكا عن ابن عباس و قیل شیئا لا یذكر و لا یعرف عن قتادة و قیل حیضة ملقاة عن عكرمة و الضحاك و مجاهد قال ابن عباس فسمع جبرئیل كلامها

ص: 225


1- الردن: أصل الكم. طرفه الواسع.
2- المستحم: موضع الاستحمام.
3- فی المصدر: ألجأها المخاض.
4- الاكمة: التل. و فی المصدر: فصعدت مسرعة إلیها.

و عرف جزعها فَناداها مِنْ تَحْتِها و كان أسفل منها تحت الأكمة أَلَّا تَحْزَنِی و هو قول السدی و قتادة و الضحاك إن المنادی جبرئیل ناداها من سفح الجبل و قیل ناداها عیسی عن مجاهد و الحسن و وهب و سعید بن جبیر و ابن زید و ابن جریر و الجبائی و إنما تمنت الموت كراهیة لأن یعصی اللّٰه فیها و قیل استحیاء من الناس أن یظنوا بها سوءا عن السدی

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام لِأَنَّهَا لَمْ تَرَ فِی قَوْمِهَا رَشِیداً ذَا فِرَاسَةٍ یُنَزِّهُهَا عَنِ السُّوءِ.

قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِیًّا أی ناداها جبرئیل أو عیسی لیزول ما عندها من الغم و الجزع لا تغتمی قد جعل ربك تحت قدمیك نهرا تشربین منه و تطهرین من النفاس عن ابن عباس و مجاهد و سعید بن جبیر قالوا و كان نهرا قد انقطع الماء عنه فأرسل اللّٰه الماء فیه لمریم و أحیا ذلك الجذع حتی أثمر و أورق و قیل ضرب جبرئیل برجله فظهر ماء عذب و قیل بل ضرب عیسی برجله فظهر عین ماء تجری و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام و قیل السری عیسی علیه السلام عن الحسن و ابن زید و الجبائی و السری هو الرفیع الشریف قال الحسن كان و اللّٰه عبدا سریا وَ هُزِّی إِلَیْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ معناه اجذبی إلیك و الباء مزیدة و قال الفراء تقول العرب هزه و هز به تُساقِطْ عَلَیْكِ رُطَباً جَنِیًّا الجنی بمعنی المجتنی من جنیت الثمرة و اجتنیتها إذا قطعتها

وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام لَمْ تَسْتَشْفِ النُّفَسَاءُ بِمِثْلِ الرُّطَبِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَطْعَمَهُ مَرْیَمَ فِی نِفَاسِهَا.

قال (1)إن الجذع كان یابسا لا ثمر علیه إذ لو كان علیه ثمر لهزته من غیر أن تؤمر به و كان فی الشتاء فصار معجزة لخروج الرطب فی غیر أوانه و لخروجه دفعة واحدة فإن العادة أن یكون نورا أولا ثم یصیر بلحا ثم بسرا (2)و روی أنه لم یكن للجذع رأس و ضربته برجلها فأورق (3)و أثمر و انتثر علیها الرطب جنیا و الشجرة التی لا رأس لها لا تثمر فی العادة.

ص: 226


1- فی المصدر: قالوا.
2- النور بالفتح: الزهر، و بالفارسیة: شكوفه. البلح بالفتح: ثمر النخل ما دام أخضر و لم ینضج و هو كالحصرم من العنب. فاذا اخذ الی الطول و التلون الی الحمرة و الصفرة فهو بسر قال الثعالبی فی ترتیب حمل النخل: أطلعت، ثمّ أبلحت، ثمّ ابسرت، ثمّ أزهت، ثمّ أمعت، ثم أرطبت، ثمّ أتمرت.
3- فی المصدر: فأورقت. و كذا فیما بعده.

و قیل إن تلك النخلة كانت برنیة (1)

و قیل كانت عجوة (2)و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

فَكُلِی وَ اشْرَبِی أی كلی یا مریم من هذا الرطب و اشربی من هذا الماء وَ قَرِّی عَیْناً جاء فی التفسیر و طیبی نفسا و قیل معناه لتبرد عینك سرورا بهذا الولد الذی ترین لأن دمعة السرور باردة و دمعة الحزن حارة و قیل معناه لتسكن عینك سكون سرور برؤیتك ما تحبین فَإِمَّا تَرَیِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فسألك عن ولدك فَقُولِی إِنِّی نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أی صمتا عن ابن عباس و المعنی أوجبت علی نفسی لله أن لا أتكلم و قیل صوما أی إمساكا عن الطعام و الشراب و الكلام عن قتادة و إنما أمرت بالصمت لیكفیها الكلام ولدها بما یبرئ ساحتها (3)عن ابن مسعود و ابن زید و وهب و قیل كان فی بنی إسرائیل من أراد أن یجتهد صام عن الكلام كما یصوم عن الطعام فلا یتكلم الصائم حتی یمسی یدل علی هذا قوله فَلَنْ أُكَلِّمَ الْیَوْمَ إِنْسِیًّا أی إنی صائمة فلا أكلم الیوم أحدا و كان قد أذن لها أن تتكلم بهذا القدر ثم تسكت و لا تتكلم بشی ء آخر عن السدی و قیل كان اللّٰه تعالی أمرها أن تنذر لله الصمت و إذا كلمها أحد تومئ بأنها نذرت صمتا لأنه لا یجوز أن یأمرها بأن تخبر بأنها نذرت و لم تنذر لأن ذلك كذب عن الجبائی فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ أی فأتت مریم بعیسی حاملة له و ذلك أنها لفته فی خرقة و حملته إلی قومها قالُوا یا مَرْیَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَیْئاً فَرِیًّا أی أمرا عظیما بدیعا إذ لم تلد أنثی قبلك من غیر رجل عن قتادة و مجاهد و السدی و قیل أمرا قبیحا منكرا من الافتراء و هو الكذب عن الجبائی.

یا أُخْتَ هارُونَ قیل فیه أقوال أحدهما أن هارون كان رجلا صالحا فی بنی إسرائیل ینسب إلیه كل من عرف بالصلاح عن ابن عباس و قتادة و كعب و ابن زید و المغیرة بن شعبة رفعه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قیل إنه لما مات شیع جنازته أربعون ألفا كلهم یسمی هارون فقولهم یا أُخْتَ هارُونَ معناه یا شبیهة هارون فی الصلاح ما كان هذا معروفا منك

ص: 227


1- قال الفیروزآبادی: البرنی: تمر، معرب أصله برنیك أی الحمل الجید. و قال غیره: نوع من أجود التمر.
2- العجوة: التمر المحشی. و تمر بالمدینة. و هی ضرب من أجود التمر.
3- فی المصدر: بما یبرأ به ساحتها.

و ثانیها أن هارون كان أخاها لأبیها لیس من أمها و كان معروفا بحسن الطریقة عن الكلبی.

و ثالثها أنه هارون أخو موسی علیه السلام فنسبت إلیه لأنها من ولده كما یقال یا أخا تمیم عن السدی.

و رابعها أنه كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر و الفساد فنسبت إلیه و قیل لها یا شبیهته فی قبح فعله عن سعید بن جبیر.

ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِیًّا أی كان أبواك صالحین فمن أین جئت بهذا الولد فَأَشارَتْ إِلَیْهِ أی فأومأت إلی عیسی بأن كلموه و استشهدوه علی براءة ساحتی فتعجبوا من ذلك ثم قالُوا كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا معناه كیف نكلم صبیا فی المهد و قیل صبیا فی الحجر رضیعا و كان المهد حجر أمه الذی تربیه فیه إذ لم تكن هیأت له مهدا عن قتادة و قیل إنهم غضبوا عند إشارتها إلیه و قالوا لسخریتها بنا أشد علینا من زناها فلما تكلم عیسی علیه السلام قالوا إن هذا الأمر عظیم عن السدی.

قالَ عیسی ابن مریم إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ قدم إقراره بالعبودیة لیبطل به قول من یدعی له الربوبیة و كان اللّٰه سبحانه أنطقه بذلك لعلمه بما یقوله الغالون فیه ثم قال آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا أی حكم لی بإیتاء الكتاب و النبوة و قیل إن اللّٰه سبحانه أكمل عقله فی صغره و أرسله إلی عباده و كان نبیا مبعوثا إلی الناس فی ذلك الوقت مكلفا عاقلا و لذلك كانت له تلك المعجزة عن الحسن و الجبائی و قیل إنه كلمهم و هو ابن أربعین یوما عن وهب و قیل یوم ولد عن ابن عباس و أكثر المفسرین و هو الظاهر و قیل إن معناه أنی عبد اللّٰه سیؤتینی الكتاب و سیجعلنی نبیا و كان ذلك معجزة لمریم علیها السلام علی براءة ساحتها وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ أی و جعلنی معلما للخیر عن مجاهد و قیل نفاعا حیثما توجهت (1)و البركة نماء الخیر و المبارك الذی ینمی الخیر به و قیل ثابتا دائما علی الإیمان و الطاعة و أصل البركة الثبوت عن

ص: 228


1- و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام كما تقدم.

الجبائی وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ أی بإقامتهما ما دُمْتُ حَیًّا أی ما بقیت حیا مكلفا وَ بَرًّا بِوالِدَتِی أی جعلنی بارا بها أؤدی شكرها وَ لَمْ یَجْعَلْنِی جَبَّاراً أی متجبرا شَقِیًّا و المعنی أنی بتوفیقه كنت محسنا إلیها حتی لم أكن من الجبابرة الأشقیاء وَ السَّلامُ عَلَیَّ أی و السلامة علی من اللّٰه یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا أی فی هذه الأحوال الثلاث قیل و لما كلمهم عیسی علیه السلام بذلك علموا براءة مریم ثم سكت عیسی فلم یتكلم بعد ذلك حتی بلغ المدة التی یتكلم فیها الصبیان (1)انتهی ملخص تفسیره رحمه اللّٰه.

و قال البیضاوی ذلِكَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ أی الذی تقدم نعته هو عیسی ابن مریم لا ما تصفه النصاری قَوْلَ الْحَقِّ خبر محذوف أی هو قول الحق الذی لا ریب فیه و الإضافة للبیان و الضمیر للكلام السابق أو لتمام القصة و قیل صفة عیسی أو بدله أو خبر ثان و معناه كلمة اللّٰه و قرأ عاصم و ابن عامر و یعقوب قول بالنصب علی أنه مصدر مؤكد الَّذِی فِیهِ یَمْتَرُونَ أی فی أمره یشكون أو یتنازعون فقالت الیهود ساحر و قالت النصاری ابن اللّٰه إِذا قَضی أَمْراً تبكیت لهم بأن من إذا أراد شیئا أوجده بكن كان منزها عن شبه الخلق فی الحاجة فی اتخاذ الولد بإحبال الإناث وَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها من الحلال و الحرام یعنی مریم فَنَفَخْنا فِیها فی عیسی فیها أی أحییناه فی جوفها و قیل فعلنا النفخ فیها مِنْ رُوحِنا من الروح الذی هو بأمرنا وحده أو من جهة روحنا جبرئیل وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها أی قصتهما أو حالهما آیَةً لِلْعالَمِینَ فإن من تأمل حالهما تحقق كمال قدرة الصانع تعالی.

ص: 229


1- مجمع البیان 6: 507 و 508 و 511 و 513.

باب 18 فضله و رفعة شأنه و معجزاته و تبلیغه و مدة عمره و نقش خاتمه و جمل أحواله

الآیات؛

البقرة: «قال اللّٰه تعالی وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» (مرتین:87و253)

آل عمران: «وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ* مِنْ قَبْلُ هُدیً لِلنَّاسِ»(3-4)

المائدة: «وَ قَفَّیْنا عَلی آثارِهِمْ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ آتَیْناهُ الْإِنْجِیلَ فِیهِ هُدیً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ هُدیً وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِینَ»(46) (و قال تعالی): «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَ قالَ الْمَسِیحُ یا بَنِی إِسْرائِیلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْواهُ النَّارُ وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنْ لَمْ یَنْتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ* أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَی اللَّهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ *مَا الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّیقَةٌ كانا یَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَیْفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ الْآیاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّی یُؤْفَكُونَ»(73-75) (و قال تعالی): «لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ»(78) (و قال تعالی): «إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِی عَلَیْكَ وَ عَلی والِدَتِكَ إِذْ أَیَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ بِإِذْنِی فَتَنْفُخُ فِیها فَتَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِی وَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِی وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتی بِإِذْنِی وَ إِذْ كَفَفْتُ بَنِی إِسْرائِیلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَقالَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ *وَ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَی الْحَوارِیِّینَ أَنْ آمِنُوا بِی وَ بِرَسُولِی قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ* إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّكَ أَنْ یُنَزِّلَ

ص: 230

عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ *قالُوا نُرِیدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَیْها مِنَ الشَّاهِدِینَ* قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِیداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آیَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ* قالَ اللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْكُمْ فَمَنْ یَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ»(110-115)

المؤمنون: «وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ آیَةً وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ»(50)

یس: «وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْیَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ* إِذْ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمُ اثْنَیْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَیْكُمْ مُرْسَلُونَ *قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَیْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ* قالُوا رَبُّنا یَعْلَمُ إِنَّا إِلَیْكُمْ لَمُرْسَلُونَ* وَ ما عَلَیْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ* قالُوا إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَیَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِیمٌ* قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ* وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِینَةِ رَجُلٌ یَسْعی قالَ یا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِینَ* اتَّبِعُوا مَنْ لا یَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ* وَ ما لِیَ لا أَعْبُدُ الَّذِی فَطَرَنِی وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ* أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ یُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّی شَفاعَتُهُمْ شَیْئاً وَ لا یُنْقِذُونِ* إِنِّی إِذاً لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ* إِنِّی آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ *قِیلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ *بِما غَفَرَ لِی رَبِّی وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُكْرَمِینَ* وَ ما أَنْزَلْنا عَلی قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَ ما كُنَّا مُنْزِلِینَ* إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ»(13-29)

الزخرف: «إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَیْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرائِیلَ»(59)

(و قال تعالی): «وَ لَمَّا جاءَ عِیسی بِالْبَیِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَ لِأُبَیِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ *فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَیْنِهِمْ فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ یَوْمٍ أَلِیمٍ»(63-65)

الصف: «وَ إِذْ قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یا بَنِی إِسْرائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ»(6)

ص: 231

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ أی المعجزات و قیل الإنجیل وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أی قویناه بجبرئیل و قیل أی الإنجیل و قیل هو الاسم الذی كان عیسی یحیی به الموتی و قیل هو الروح الذی نفخ فیه فأضافه إلی نفسه تشریفا و القدس الطهر و قیل البركة و قیل هو اللّٰه تعالی. (1)وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ آیَةً أی حجة علی قدرتنا علی الاختراع وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ أی و جعلنا مأواهما مكانا مرتفعا مستویا واسعا و الربوة هی الرملة من فلسطین و قیل دمشق و قیل مصر و قیل بیت المقدس و قیل هی حیرة الكوفة و سوادها و القرار مسجد الكوفة و المعین الفرات عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام (2)و قیل ذاتِ قَرارٍ أی ذات موضع استقرار أی هی أرض مستویة یستقر علیها ساكنوها و قیل ذات ثمار إذ لأجلها یستقر فیها ساكنوها وَ مَعِینٍ أی ماء جار ظاهر للعیون (3)أَنْعَمْنا عَلَیْهِ أی بالخلق من غیر أب و بالنبوة وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرائِیلَ أی آیة لهم و دلالة یعرفون بها قدرة اللّٰه تعالی علی ما یرید حیث خلقه من غیر أب فهو مثل لهم یشبهون به ما یریدون من أعاجیب صنع اللّٰه بِالْحِكْمَةِ أی بالنبوة و قیل بالعلم بالتوحید و العدل و الشرائع بَعْضَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ قیل أی كله كقول لبید أو یخترم بعض النفوس حمامها أی كل النفوس و الصحیح أن البعض لا یكون فی معنی

ص: 232


1- مجمع البیان 1: 155 و 152.
2- قال المسعودیّ فی اثبات الوصیة: روی ان جبرئیل نفخ فی جیبها و قد دخلت الی المغتسل للتطهیر فخرجت و قد انتفخ بطنها فخافت من خالتها و من زكریا فخرجت هاربة علی وجهها، و ان نساء بنی إسرائیل و من كان یتعبد معها رأوا بطنها فشتمنها و نتفن شعرها و خمشن وجهها، فانطق اللّٰه المسیح علیه السلام فی بطنها فقال: و حقّ النبیّ المبعوث بعدی فی آخر الزمان لئن أخرجنی اللّٰه من بطن امی مریم لاقیمن علیكم الحد، و مضت مریم علی وجهها حتّی اتت قریة فی غربی الكوفة یقال لها بشوشا، و یروی بانقیا، و هی الیوم تعرف بالنخیلة و فیها عظام هود و شعیب و صالح و عدة من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام فاشتد بها الطلق فاستندت الی جذع نخلة نخرة قد سقط رأسها اه.
3- مجمع البیان 7: 107 و 108. و فیه: ظاهر العیون.

الكل و الذی جاء به عیسی فی الإنجیل إنما هو بعض الذی اختلفوا فیه و بین لهم فی غیر الإنجیل ما احتاجوا إلیه و قیل معناه لأبین لكم ما تختلفون فیه من أمور الدین دون أمور الدنیا و هو المقصود (1)فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ یعنی الیهود و النصاری فی أمر عیسی (2).

«1»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْهُذَلِیِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: مَكَثَ عِیسَی علیه السلام حَتَّی بَلَغَ سَبْعَ سِنِینَ أَوْ ثَمَانَ سِنِینَ فَجَعَلَ یُخْبِرُهُمْ بِمَا یَأْكُلُونَ وَ مَا یَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِهِمْ فَأَقَامَ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ یُحْیِی الْمَوْتَی وَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُعَلِّمُهُمُ التَّوْرَاةَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْإِنْجِیلَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَتَّخِذَ عَلَیْهِمْ حُجَّةً (3).

«2»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ عِیسَی علیه السلام سَأَلُوهُ أَنْ یُحْیِیَ لَهُمْ مَیِّتاً قَالَ فَأَتَی بِهِمْ إِلَی قَبْرِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فَقَالَ لَهُ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ یَا سَامَ بْنَ نُوحٍ قَالَ فَانْشَقَّ الْقَبْرُ ثُمَّ أَعَادَ الْكَلَامَ فَتَحَرَّكَ ثُمَّ أَعَادَ الْكَلَامَ فَخَرَجَ سَامُ بْنُ نُوحٍ فَقَالَ لَهُ عِیسَی أَیُّهُمَا أَحَبُّ إِلَیْكَ تَبْقَی أَوْ تَعُودُ قَالَ فَقَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ بَلْ أَعُودُ إِنِّی لَأَجِدُ حُرْقَةَ الْمَوْتِ أَوْ قَالَ لَدْغَةَ الْمَوْتِ (4)فِی جَوْفِی إِلَی یَوْمِی هَذَا (5).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام مرسلا مثله (6).

«3»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ كَانَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ أَحْیَا أَحَداً بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّی كَانَ لَهُ أَكْلٌ وَ رِزْقٌ وَ مُدَّةٌ وَ وَلَدٌ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّهُ كَانَ لَهُ صَدِیقٌ مُوَاخٍ لَهُ فِی اللَّهِ وَ كَانَ عِیسَی یَمُرُّ بِهِ فَیَنْزِلُ عَلَیْهِ وَ إِنَّ عِیسَی علیه السلام غَابَ عَنْهُ حِیناً ثُمَّ مَرَّ بِهِ لِیُسَلِّمَ عَلَیْهِ فَخَرَجَتْ إِلَیْهِ أُمُّهُ (7)فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ أُمُّهُ مَاتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا أَ تُحِبِّینَ أَنْ تَرَیْهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَهَا إِذَا كَانَ غَدٌ أَتَیْتُكِ حَتَّی أُحْیِیَهُ لَكِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهَا فَقَالَ لَهَا انْطَلِقِی مَعِی إِلَی قَبْرِهِ فَانْطَلَقَا حَتَّی أَتَیَا قَبْرَهُ فَوَقَفَ عِیسَی علیه السلام ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فَانْفَرَجَ الْقَبْرُ وَ خَرَجَ ابْنُهَا حَیّاً فَلَمَّا رَأَتْهُ

ص: 233


1- المصدر خلی عن قوله: و هو المقصود.
2- مجمع البیان 9: 53 و 54.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
4- فی نسخة: لذعة الموت.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
6- قصص الأنبیاء مخطوط.
7- فی البرهان: فخرجت إلیه أمه لتسلم علیه.

أُمُّهُ وَ رَآهَا بَكَیَا فَرَحِمَهُمَا عِیسَی علیه السلام (1)فَقَالَ لَهُ أَ تُحِبُّ أَنْ تَبْقَی مَعَ أُمِّكَ فِی الدُّنْیَا قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَكْلٍ وَ بِرِزْقٍ وَ مُدَّةٍ أَوْ بِغَیْرِ مُدَّةٍ وَ لَا رِزْقٍ وَ لَا أَكْلٍ فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام بَلْ بِرِزْقٍ وَ أَكْلٍ وَ مُدَّةٍ تُعَمَّرُ عِشْرِینَ سَنَةً وَ تَزَوَّجُ وَ یُولَدُ لَكَ قَالَ فَنَعَمْ إِذاً قَالَ فَدَفَعَهُ عِیسَی إِلَی أُمِّهِ (2)فَعَاشَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ تَزَوَّجَ وَ وُلِدَ لَهُ (3).

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد بن عیسی عن الحسن بن محبوب عن أبی جمیلة عن أبان بن تغلب و غیره عنه علیه السلام مثله (4).

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ بَیْنَ دَاوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانَ شَرِیعَةُ عِیسَی أَنَّهُ بُعِثَ بِالتَّوْحِیدِ وَ الْإِخْلَاصِ وَ بِمَا أَوصِیَ بِهِ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی علیهم السلام وَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ الْإِنْجِیلُ وَ أُخِذَ عَلَیْهِ الْمِیثَاقُ الَّذِی أُخِذَ عَلَی النَّبِیِّینَ وَ شُرِّعَ لَهُ فِی الْكِتَابِ إِقَامُ الصَّلَاةِ مَعَ الدِّینِ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تَحْرِیمُ الْحَرَامِ وَ تَحْلِیلُ الْحَلَالِ وَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ فِی الْإِنْجِیلِ مَوَاعِظُ وَ أَمْثَالٌ وَ لَیْسَ فِیهَا قِصَاصٌ وَ لَا أَحْكَامُ حُدُودٍ وَ لَا فَرْضُ مَوَارِیثَ وَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ تَخْفِیفُ مَا كَانَ نَزَلَ عَلَی مُوسَی علیه السلام فِی التَّوْرَاةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ فِی الَّذِی قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی حُرِّمَ عَلَیْكُمْ وَ أَمَرَ عِیسَی مَنْ مَعَهُ مِمَّنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یُؤْمِنُوا بِشَرِیعَةِ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ (5).

«5»-شی، تفسیر العیاشی الْبَرْقِیُّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ أُمُّهُ صِدِّیقَةٌ كانا یَأْكُلانِ الطَّعامَ قَالَ كَانَا یَتَغَوَّطَانِ (6).

ص: 234


1- فی نسخة: فرحمها عیسی علیه السلام.
2- فی البرهان: قال: فنعم إذا، فدفعه عیسی الی أمه. و فی نسخة من التفسیر: قال: فنعم قال: فدفعه فرفعه خ ل عیسی الی أمه.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ و ما قبله فی البرهان 1: 284.
4- روضة الكافی: 337.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 248.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. و أخرجه البحرانیّ فی البرهان 1: 492، و رواه الصدوق فی العیون: 325 فی خبر طویل بإسناده عن تمیم بن عبد اللّٰه بن تمیم القرشیّ رضی اللّٰه عنه قال: حدّثنی ابی قال: حدّثنا أحمد بن علی الأنصاریّ، عن الحسن بن الجهم، عن علیّ بن موسی الرضا علیه السلام.

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل فیه قولان أحدهما أنه احتجاج علی النصاری بأن من ولدته النساء و یأكل الطعام لا یكون إلها للعباد أی أنهما كانا یعیشان بالغذاء كما یعیش سائر الخلق فكیف یكون إلها من لا یقیمه إلا أكل الطعام و الثانی أن ذلك كنایة عن قضاء الحاجة (1).

«6»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: (2)لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ قَالَ الْخَنَازِیرُ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام وَ الْقِرَدَةُ عَلَی لِسَانَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (3).

كا، الكافی عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبی عبیدة مثله (4)بیان قد مر شرحه فی باب قصة أصحاب السبت.

«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْفَیْضِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ عَلَی عِیسَی علیه السلام قَالَ لِلْحَوَارِیِّینَ لَا تَأْكُلُوا مِنْهَا حَتَّی آذَنَ لَكُمْ فَأَكَلَ مِنْهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ بَعْضُ الْحَوَارِیِّینَ یَا رُوحَ اللَّهِ أَكَلَ مِنْهَا فُلَانٌ فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام أَكَلْتَ مِنْهَا قَالَ لَهُ لَا فَقَالَ الْحَوَارِیُّونَ بَلَی وَ اللَّهِ یَا رُوحَ اللَّهِ لَقَدْ أَكَلَ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ عِیسَی صَدِّقْ أَخَاكَ وَ كَذِّبْ بَصَرَكَ (5).

«8»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمَ عِیسَی لَمَّا سَأَلُوهُ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قالَ اللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْكُمْ فَمَنْ یَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ فَأَنْزَلَهَا عَلَیْهِمْ فَمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ بَعْدُ مَسَخَهُ اللَّهُ إِمَّا خِنْزِیراً وَ إِمَّا قِرْداً وَ إِمَّا دُبّاً وَ إِمَّا هِرّاً وَ إِمَّا عَلَی صُورَةِ بَعْضِ الطُّیُورِ وَ الدَّوَابِّ الَّتِی فِی

ص: 235


1- مجمع البیان 3: 230.
2- فی الكافی: قال فی قول اللّٰه اه.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. و أخرجه البحرانیّ فی البرهان.
4- روضة الكافی: 200.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 511.

الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّی مُسِخُوا عَلَی أَرْبَعِمِائَةِ نَوْعٍ مِنَ الْمَسْخِ (1).

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عِیسَی الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْمَائِدَةُ الَّتِی نَزَلَتْ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ مُدْلَاةٌ بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ عَلَیْهَا تِسْعَةُ أَلْوَانٍ وَ تِسْعَةُ أَرْغِفَةٍ (2).

«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْخَنَازِیرَ مِنْ قَوْمِ عِیسَی علیه السلام سَأَلُوا نُزُولَ الْمَائِدَةِ فَلَمْ یُؤْمِنُوا فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ خَنَازِیرَ (3).

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بذار (بُنْدَارَ) (4)قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ كَانَتِ الْخَنَازِیرُ قَوْماً مِنَ الْقَصَّارِینَ كَذَّبُوا بِالْمَائِدَةِ فَمُسِخُوا خَنَازِیرَ (5).

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِعِیسَی أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ لَمْ یَقُلْهُ وَ سَیَقُولُهُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ شَیْئاً كَائِنٌ أَخْبَرَ عَنْهُ خَبَرَ مَا قَدْ كَانَ (6).

«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَوْلَ اللَّهِ لِعِیسَی أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (7)فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَمْراً أَنْ یَكُونَ قَصَّهُ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ كَأَنْ قَدْ كَانَ (8).

ص: 236


1- تفسیر العسكریّ: 234.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ فی البرهان 1: 511 دفعتین، فی إحداهما: تسعة احوتة، و فی الأخری: تسعة الوان. و الظاهر أن الالوان فی المتن مصحفة أنوان؛ و الاحوتة جمع الحوت، و الانوان جمع النون: الحوت.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
4- فی البرهان: عبد الصمد بن بندار، و فی تنقیح المقال عن رجال الشیخ: عبد الصمد بن مدار الصیرفی الكوفیّ من أصحاب الصادق علیه السلام، و فی نسختی من رجال الشیخ: عبد الصمد ابن بلات، و تقدم فیما مضی: عبد الصمد بن برار، و علی ای فالرجل مجهول أبا و حالا.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجهما و ما قبلهما البحرانیّ فی البرهان 1: 511 و 512.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجهما و ما قبلهما البحرانیّ فی البرهان 1: 511 و 512.
7- فی البرهان زیادة: قال اللّٰه بهذا الكلام؟.
8- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ فی البرهان 1: 512.

«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ قَالَ إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً فَاحْتَجَبَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْهَا بِحَرْفٍ فَمِنْ ثَمَّ لَا یَعْلَمُ أَحَدٌ مَا فِی نَفْسِهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی آدَمَ اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً فَتَوَارَثَتْهَا الْأَنْبِیَاءُ حَتَّی صَارَتْ إِلَی عِیسَی فَذَلِكَ قَوْلُ عِیسَی تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی یَعْنِی اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً مِنَ الِاسْمِ الْأَكْبَرِ یَقُولُ أَنْتَ عَلَّمْتَنِیهَا فَأَنْتَ تَعْلَمُهَا وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ یَقُولُ لِأَنَّكَ احْتَجَبْتَ عَنْ خَلْقِكَ بِذَلِكَ الْحَرْفِ فَلَا یَعْلَمُ أَحَدٌ مَا فِی نَفْسِكَ (1).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ إِذْ قالَ اللَّهُ و المعنی إذ یقول اللّٰه یوم القیامة لعیسی یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ هذا و إن خرج مخرج الاستفهام فهو تقریع و تهدید لمن ادعی ذلك علیه من النصاری و قیل أراد بهذا القول تعریف عیسی علیه السلام إن قوما قد اعتقدوا فیه و فی أمه أنهما إلهان و اعترض علی قوله إِلهَیْنِ فقیل لم یعلم فی النصاری من اتخذ مریم إلها و الجواب عنه من وجوه.

أحدها أنهم لما جعلوا المسیح إلها ألزمهم أن یجعلوا والدته أیضا إلها لأن الولد یكون من جنس الوالدة فهذا علی طریق الإلزام لهم.

و الثانی أنهم لما عظموهما تعظیم الآلهة أطلق اسم الإله علیهما.

و الثالث أنه یحتمل أن یكون فیهم من قال بذلك و یعضده ما حكاه الشیخ أبو جعفر قدس اللّٰه روحه عن بعض النصاری أنه قد كان فیما مضی قوم یقال لهم المریمیة یعتقدون فی مریم أنها إله. (2)و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ أی تعلم

ص: 237


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، اخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 513.
2- و یؤید ذلك ما قال الیعقوبی فی تاریخه 1: 123 فی ترجمة قسطنطین و تنصره و جمعه الاساقفة و البطارخة قال: و كان سبب جمع قسطنطین هؤلاء أنّه لما تنصر و حلت النصرانیة بقلبه أراد أن یستقصی علمها فأحصی مقالات أهلها فوجد ثلاث عشرة مقالة؛ فمنها قول من قال: ان المسیح و أمه كانا إلهین.

غیبی و سری و لا أعلم غیبك و سرك و إنما ذكر النفس لمزاوجة الكلام و العادة جاریة بأن الإنسان یسر فی نفسه فصار قوله ما فِی نَفْسِی عبارة عن الإخفاء (1)ثم قال ما فِی نَفْسِكَ علی جهة المقابلة و إلا فاللّٰه منزه عن أن یكون له نفس أو قلب تحل فیه المعانی (2).

«15»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قِیلَ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ مَا لَكَ لَا تَتَزَوَّجُ فَقَالَ وَ مَا أَصْنَعُ بِالتَّزْوِیجِ قَالُوا یُولَدُ لَكَ قَالَ وَ مَا أَصْنَعُ بِالْأَوْلَادِ إِنْ عَاشُوا فَتَنُوا وَ إِنْ مَاتُوا حَزَنُوا (3).

بیان: حزنه (4)بمعنی أحزنه.

«16»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَعْضِ خُطَبِهِ وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَلَقَدْ كَانَ یَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَ یَلْبَسُ الْخَشِنَ (5)وَ كَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَ سِرَاجُهُ بِاللَّیْلِ الْقَمَرَ وَ ظِلَالُهُ فِی الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ فَاكِهَتُهُ وَ رَیْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَ لَا وَلَدٌ یَحْزُنُهُ وَ لَا مَالٌ یَلْفِتُهُ وَ لَا طَمَعٌ یُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَ خَادِمُهُ یَدَاهُ (6).

بیان: كان إدامه الجوع لعل المعنی أن الإنسان إنما یحتاج إلی الإدام لأنه یعسر علی النفس أكل الخبز خالیا عنه فأما مع الجوع الشدید فیلتذ بالخبز و لا یطلب غیره فهو بمنزلة الإدام أو أنه كان یأكل الخبز دون الشبع فكان الجوع مخلوطا به كالإدام و لفته یلفته لواه و صرفه عن رأیه.

ص: 238


1- لعل المراد بقوله: «ما فِی نَفْسِی» علی هذا الوجه نفسی و نفس أمثالی من سائر الأنبیاء علیهم السلام، او المراد ما یخصنی من اثنین و سبعین حرفا، فلا ینافی ما ورد فی سائر الاخبار من اختصاصه علیه السلام ببعض تلك الأسماء و اللّٰه یعلم. منه طاب ثراه.
2- مجمع البیان 3: 268 و 269.
3- الفقیه: 459، باب نوادر النكاح.
4- یحتمل كونه بالتخفیف و التشدید.
5- فی المصدر بعده: و یأكل الجشب.
6- نهج البلاغة 1: 293.

«17»-إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، قَالَ عِیسَی علیه السلام خَادِمِی یَدَایَ وَ دَابَّتِی رِجْلَایَ وَ فِرَاشِی الْأَرْضُ وَ وِسَادِی الْحَجَرُ وَ دِفْئِی فِی الشِّتَاءِ مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَ سِرَاجِی بِاللَّیْلِ الْقَمَرُ وَ إِدَامِیَ الْجُوعُ وَ شِعَارِیَ الْخَوْفُ وَ لِبَاسِیَ الصُّوفُ وَ فَاكِهَتِی وَ رَیْحَانَتِی مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ لِلْوُحُوشِ وَ الْأَنْعَامِ أَبِیتُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ أُصْبِحُ (1)وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ لَیْسَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَغْنَی مِنِّی (2).

«18»-مع، (3)معانی الأخبار الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِیُّ عَنِ ابْنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِشْكِیبَ (4)عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مِهْرَانَ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْإِسْكَافِ (5)عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ قَالَ الرَّبْوَةُ الْكُوفَةُ وَ الْقَرَارُ الْمَسْجِدُ وَ الْمَعِینُ الْفُرَاتُ (6).

«19»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ آیَةً إِلَی قَوْلِهِ وَ مَعِینٍ قَالَ الرَّبْوَةُ الْحِیرَةُ وَ ذَاتُ قَرَارٍ وَ مَعِینٍ الْكُوفَةُ (7).

بیان: لعل المعنی أن القرار هو الكوفة و المعین ماؤها أی الفرات و الحیرة أی كربلاء لقربها منهما أضیفت إلیهما. (8)

ص: 239


1- فی المصدر: ابیت و لیس معی شی ء، و أصبحت و لیس لی شی ء.
2- إرشاد القلوب: 191.
3- فی طبعة أمین الضرب «شی» و هو وهم ظاهر، لان الحدیث مرویّ عن العیّاشیّ بوسائط. و هو موجود فی معانی الأخبار.
4- فی المصدر «اسكیت» بالمهملة و التاء، و الصحیح بالباء الموحدة، فهو اما بالسین المهملة أو بالشین المعجمة علی اختلاف.
5- هكذا فی النسخ و فیه وهم، و الصحیح كما فی المصدر: عن سعد الاسكاف.
6- معانی الأخبار: 106.
7- تفسیر القمّیّ: 446.
8- روی الشیخ بإسناده عن أبی القاسم جعفر بن محمّد بن قولویه و ابن قولویه فی كامل الزیارات عن علیّ بن الحسین بن موسی، عن علیّ بن إبراهیم، عن أبیه، عن علیّ بن الحكم، عن سلیمان بن نهیك، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی قول اللّٰه عزّ و جلّ «وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ» قال: الربوة: نجف الكوفة، و المعین: الفرات.

أَقُولُ: سَیَأْتِی فِی كِتَابِ الْغَیْبَةِ فِی حَدِیثِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتِ الْكَعْبَةُ عَلَی الْبُقْعَةِ بِكَرْبَلَاءَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا اسْكُتِی وَ لَا تَفْخَرِی عَلَیْهَا فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِی نُودِیَ مِنْهَا مُوسَی مِنَ الشَّجَرَةِ وَ إِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِی آوَیْتُ إِلَیْهَا مَرْیَمَ وَ الْمَسِیحَ وَ إِنَّ الدَّالِیَةَ الَّتِی غُسِلَ فِیهَا رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِیهَا وَ فِیهَا غَسَلَتْ مَرْیَمُ عِیسَی علیه السلام وَ اغْتَسَلَتْ لِوِلَادَتِهَا

«20»- فس، تفسیر القمی وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْیَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّا إِلَیْكُمْ مُرْسَلُونَ

أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ بَعَثَ اللَّهُ رَجُلَیْنِ إِلَی أَهْلِ مَدِینَةِ أَنْطَاكِیَةَ فَجَاءَاهُمْ بِمَا لَا یَعْرِفُونَهُ فَغَلَّظُوا عَلَیْهِمَا فَأَخَذُوهُمَا وَ حَبَسُوهُمَا فِی بَیْتِ الْأَصْنَامِ فَبَعَثَ اللَّهُ الثَّالِثَ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ فَقَالَ أَرْشِدُونِی إِلَی بَابِ الْمَلِكِ قَالَ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَی بَابِ الْمَلِكِ قَالَ أَنَا رَجُلٌ كُنْتُ أَتَعَبَّدُ فِی فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْبُدَ إِلَهَ الْمَلِكِ فَأَبْلَغُوا كَلَامَهُ الْمَلِكَ فَقَالَ أَدْخِلُوهُ إِلَی بَیْتِ الْآلِهَةِ فَأَدْخَلُوهُ فَمَكَثَ سَنَةً مَعَ صَاحِبَیْهِ فَقَالَ لَهُمَا بِهَذَا نَنْقُلُ قَوْماً (1)مِنْ دِینٍ إِلَی دِینٍ لَا بِالْخُرْقِ أَ فَلَا رَفَقْتُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا لَا تُقِرَّانِ بِمَعْرِفَتِی ثُمَّ أُدْخِلَ عَلَی الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ بَلَغَنِی أَنَّكَ كُنْتَ تَعْبُدُ إِلَهِی فَلَمْ أَزَلْ وَ أَنْتَ أَخِی فَسَلْنِی حَاجَتَكَ قَالَ مَا لِی حَاجَةٌ أَیُّهَا الْمَلِكُ وَ لَكِنْ رَجُلَیْنِ رَأَیْتُهُمَا فِی بَیْتِ الْآلِهَةِ فَمَا حَالُهُمَا قَالَ الْمَلِكُ هَذَانِ رَجُلَانِ أَتَیَانِی یُضِلَّانِ عَنْ دِینِی (2)وَ یَدْعُوَانِ إِلَی إِلَهٍ سَمَاوِیٍّ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ فَمُنَاظَرَةٌ جَمِیلَةٌ فَإِنْ یَكُنِ الْحَقُّ لَهُمَا اتَّبَعْنَاهُمَا وَ إِنْ یَكُنِ الْحَقُّ لَنَا دَخَلَا مَعَنَا فِی دِینِنَا فَكَانَ لَهُمَا مَا لَنَا وَ عَلَیْهِمَا مَا عَلَیْنَا قَالَ فَبَعَثَ الْمَلِكُ إِلَیْهِمَا فَلَمَّا دَخَلَا إِلَیْهِ قَالَ لَهُمَا صَاحِبُهُمَا مَا الَّذِی جِئْتُمَانِی (3)بِهِ قَالا جِئْنَا نَدْعُو إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ یَخْلُقُ فِی الْأَرْحَامِ مَا یَشَاءُ وَ یُصَوِّرُ كَیْفَ یَشَاءُ وَ أَنْبَتَ الْأَشْجَارَ وَ الثِّمَارَ وَ أَنْزَلَ الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ فَقَالَ لَهُمَا

ص: 240


1- فی المصدر: ینقل قوم.
2- فی نسخة: أتیانی ببطلان دینی، و فی المصدر: أتیا یضلان عن دینی.
3- فی نسخة: جئتما نابه. و فی المصدر: جئتما به.

إِلَهُكُمَا هَذَا الَّذِی تَدْعُوَانِ إِلَیْهِ وَ إِلَی عِبَادَتِهِ إِنْ جِئْنَاكُمَا بِأَعْمَی یَقْدِرُ أَنْ یَرُدَّهُ صَحِیحاً قَالا إِنْ سَأَلْنَاهُ أَنْ یَفْعَلَ فَعَلَ إِنْ شَاءَ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ عَلَیَّ بِأَعْمَی لَا یُبْصِرُ قَطُّ (1)قَالَ فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ لَهُمَا ادْعُوا إِلَهَكُمَا أَنْ یَرُدَّ بَصَرَ هَذَا فَقَامَا وَ صَلَّیَا رَكْعَتَیْنِ فَإِذَا عَیْنَاهُ مَفْتُوحَتَانِ وَ هُوَ یَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ عَلَیَّ بِأَعْمَی آخَرَ فَأُتِیَ بِهِ قَالَ فَسَجَدَ سَجْدَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا الْأَعْمَی بَصِیرٌ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ حُجَّةٌ بِحُجَّةٍ عَلَیَّ بِمُقْعَدٍ فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ فَصَلَّیَا وَ دَعَوَا اللَّهَ فَإِذَا الْمُقْعَدُ قَدْ أُطْلِقَتْ رِجْلَاهُ وَ قَامَ یَمْشِی فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ عَلَیَّ بِمُقْعَدٍ آخَرَ فَأُتِیَ بِهِ فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَانْطَلَقَ الْمُقْعَدُ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أَتَیَا بِحُجَّتَیْنِ وَ أَتَیْنَا بِمِثْلِهِمَا وَ لَكِنْ بَقِیَ شَیْ ءٌ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ هُمَا فَعَلَاهُ دَخَلْتُ مَعَهُمَا فِی دِینِهِمَا ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ بَلَغَنِی أَنَّهُ كَانَ لِلْمَلِكِ ابْنٌ وَاحِدٌ وَ مَاتَ فَإِنْ أَحْیَاهُ إِلَهُهُمَا دَخَلْتُ مَعَهُمَا فِی دِینِهِمَا فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ وَ أَنَا أَیْضاً مَعَكَ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا قَدْ بَقِیَتْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ الْوَاحِدَةُ قَدْ مَاتَ ابْنُ الْمَلِكِ فَادْعُوا إِلَهَكُمَا أَنْ یُحْیِیَهُ قَالَ فَخَرَّا سَاجِدَیْنِ (2)لِلَّهِ وَ أَطَالا السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَا رَأْسَیْهِمَا وَ قَالا لِلْمَلِكِ ابْعَثْ إِلَی قَبْرِ ابْنِكَ تَجِدْهُ قَدْ قَامَ مِنْ قَبْرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَخَرَجَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ فَوَجَدُوهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ یَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ قَالَ فَأُتِیَ بِهِ إِلَی الْمَلِكِ فَعَرَفَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ مَا حَالُكَ یَا بُنَیَّ قَالَ كُنْتُ مَیِّتاً فَرَأَیْتُ رَجُلَیْنِ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّیَ السَّاعَةَ سَاجِدَیْنِ یَسْأَلَانِهِ أَنْ یُحْیِیَنِی فَأَحْیَانِی قَالَ یَا بُنَیَّ فَتَعْرِفُهُمَا إِذَا رَأَیْتَهُمَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَخْرَجَ (3)النَّاسَ جُمْلَةً إِلَی الصَّحْرَاءِ فَكَانَ یَمُرُّ عَلَیْهِ رَجُلٌ رَجُلٌ فَیَقُولُ لَهُ أَبُوهُ انْظُرْ فَیَقُولُ لَا لَا ثُمَّ مَرَّ عَلَیْهِ بِأَحَدِهِمَا (4)بَعْدَ جَمْعٍ كَثِیرٍ فَقَالَ هَذَا أَحَدُهُمَا وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَیْهِ ثُمَّ مَرَّ أَیْضاً بِقَوْمٍ كَثِیرِینَ (5)حَتَّی رَأَی صَاحِبَهُ الْآخَرَ فَقَالَ وَ هَذَا الْآخَرُ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صَاحِبُ

ص: 241


1- فی نسخة: لم یبصر شیئا قط.
2- فی المصدر: فوقعا إلی الأرض ساجدین للّٰه.
3- قال: نعم، فأخرج إه.
4- فی المصدر: ثم مروا علیه بأحدهما.
5- ثم مروا أیضا بقوم كثیر بن.

الرَّجُلَیْنِ أَمَّا أَنَا فَقَدْ آمَنْتُ بِإِلَهِكُمَا وَ عَلِمْتُ أَنَّ مَا جِئْتُمَا بِهِ هُوَ الْحَقُّ فَقَالَ الْمَلِكُ وَ أَنَا أَیْضاً آمَنْتُ بِإِلَهِكُمَا وَ آمَنَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ كُلُّهُمْ (1).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْیَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ أی حین بعث اللّٰه إلیهم المرسلین إِذْ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمُ اثْنَیْنِ أی رسولین من رسلنا فَكَذَّبُوهُما قال ابن عباس ضربوهما و سجنوهما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ أی فقوینا (2)و شددنا ظهورهما برسول ثالث قال شعبة كان اسم الرسولین شمعون و یوحنا و الثالث بولس و قال ابن عباس و كعب صادق و صدوق و الثالث سلوم و قیل إنهم رسل عیسی و هم الحواریون عن وهب و كعب قالا و إنما أضافهم إلی نفسه لأن عیسی علیه السلام أرسلهم بأمره فَقالُوا إِنَّا إِلَیْكُمْ مُرْسَلُونَ قالُوا یعنی أهل القریة ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فلا تصلحون للرسالة وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَیْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا یَعْلَمُ إِنَّا إِلَیْكُمْ لَمُرْسَلُونَ و إنما قالوا ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة فلم یقبلوها وَ ما عَلَیْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ قالُوا أی هؤلاء الكفار إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ أی تشاءمنا بكم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ بالحجارة أو لنشتمنكم وَ لَیَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِیمٌ قالُوا یعنی الرسل طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أی الشؤم كله معكم بإقامتكم علی الكفر باللّٰه تعالی أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ أی أئن ذكرتم قلتم هذا القول و قیل معناه لئن ذكرناكم هددتمونا و هو مثل الأول و قیل معناه إن تدبرتم عرفتم صحة ما قلناه لكم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ معناه لیس فینا ما یوجب التشاؤم بنا و لكنكم متجاوزون عن الحد فی التكذیب للرسل و المعصیة وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِینَةِ رَجُلٌ یَسْعی و كان اسمه حبیبا النجار عن ابن عباس و جماعة من المفسرین و كان قد آمن بالرسل عند ورودهم القریة و كان منزله عند أقصی باب من أبواب المدینة فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل و هموا بقتلهم جاء یعدو و یشتد قالَ یا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِینَ و إنما علم نبوتهم لأنهم لما دعوه قال أ تأخذون علی ذلك أجرا قالوا لا و قیل إنه كان به زمانة أو جذام فأبرءوه فآمن بهم عن ابن عباس.

ص: 242


1- تفسیر القمّیّ: 549- 550.
2- فی المصدر: فقویناهما.

اتَّبِعُوا مَنْ لا یَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ قیل فلما قال هذا أخذوه فرفعوه إلی الملك فقال له الملك أ فأنت تتبعهم قال وَ ما لِیَ لا أَعْبُدُ الَّذِی فَطَرَنِی وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ أی تردون عند البعث أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ یُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ أی إن أراد اللّٰه إهلاكی و الإضرار بی لا تُغْنِ عَنِّی شَفاعَتُهُمْ شَیْئاً أی لا تدفع شفاعتهم عنی شیئا وَ لا یُنْقِذُونِ و لا یخلصونی من ذلك إِنِّی إِذاً لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ إِنِّی آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ أی فاسمعوا قولی و اقبلوه.

ثم إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتی مات فأدخله اللّٰه الجنة و هو حی فیها یرزق و هو قوله قِیلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ و قیل رجموه حتی قتلوه عن قتادة و قیل إن القوم لما أرادوا أن یقتلوه رفعه اللّٰه إلیه فهو فی الجنة و لا یموت إلا بفناء الدنیا و هلاك الجنة عن الحسن و مجاهد و قالا إن الجنة التی دخلها یجوز هلاكها و قیل إنهم قتلوه إلا أن اللّٰه سبحانه أحیاه و أدخله الجنة فلما دخلها قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِی رَبِّی تمنی أن یعلم قومه ما أعطاه اللّٰه من المغفرة و جزیل الثواب لیرغبوا فی مثله و یؤمنوا لینالوا ذلك وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُكْرَمِینَ أی من المدخلین الجنة.

ثم حكی سبحانه ما أنزله بقومه من العذاب فقال وَ ما أَنْزَلْنا عَلی قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أی من بعد قتله أو رفعه مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ یعنی الملائكة أی لم ننتصر منهم بجند من السماء (1)وَ ما كُنَّا مُنْزِلِینَ أی و ما كنا ننزلهم علی الأمم إذا أهلكناهم و قیل معناه و ما أنزلناه علی قومه من بعده رسالة من السماء قطع اللّٰه عنهم الرسالة حین قتلوا رسله إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً أی كان إهلاكهم عن آخرهم بأیسر أمر صیحة واحدة حتی هلكوا بأجمعهم فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أی ساكنون قد ماتوا.

قیل إنهم لما قتلوا حبیب بن موسی النجار (2)غضب اللّٰه علیهم فبعث جبرئیل

ص: 243


1- فی المصدر زیادة: و لم ننزل لاهلاكهم بعد قتلهم الرسل جندا من السماء یقاتلونهم.
2- فی المصدر: حبیب بن مری النجار.

حتی أخذ بعضادتی باب المدینة ثم صاح بهم صیحة فماتوا عن آخرهم لا یسمع لهم حس كالنار إذا طفئت انتهی. (1)و قال الثعلبی فی تفسیره هو حبیب بن مری و قال ابن عباس و مقاتل حبیب بن إسرائیل النجار و قال وهب كان رجلا أسرع فیه الجذام و كان مؤمنا ذا صدقة یجمع كسبه إذا أمسی فیقسمه نصفین فیطعم نصفه عیاله و یتصدق بنصفه و قال قتادة كان حبیب فی غار یعبد ربه فلما بلغه خبر الرسل أتاهم و أظهر دینه و ما هو علیه من التوحید و عبادة اللّٰه فوثب القوم إلیه فقتلوه (2).

«21»-محص، التمحیص عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام هَلْ یَبْتَلِی اللَّهُ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ وَ هَلْ یَبْتَلِی إِلَّا الْمُؤْمِنَ حَتَّی إِنَّ صَاحِبَ یس قَالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ كَانَ مُكَنَّعاً قُلْتُ وَ مَا الْمُكَنَّعُ قَالَ كَانَ بِهِ جُذَامٌ (3).

«22»-لی، الأمالی للصدوق عَلِیُّ بْنُ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِیلَوَیْهِ (4)عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّصْرِ الطَّحَّانِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّ عِیسَی رُوحَ اللَّهِ مَرَّ بِقَوْمٍ مُجَلِّبِینَ فَقَالَ مَا لِهَؤُلَاءِ قِیلَ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ تُهْدَی إِلَی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِی لَیْلَتِهَا هَذِهِ قَالَ یُجَلِّبُونَ الْیَوْمَ وَ یَبْكُونَ غَداً فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَ لِمَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِأَنَّ صَاحِبَتَهُمْ مَیِّتَةٌ فِی لَیْلَتِهَا هَذِهِ فَقَالَ الْقَائِلُونَ بِمَقَالَتِهِ صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ وَ قَالَ أَهْلُ النِّفَاقِ مَا أَقْرَبَ غَداً فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءُوا

ص: 244


1- مجمع البیان 8: 418 و 419 و 421 و 422.
2- الكشف و البیان مخطوط.
3- التمحیص مخطوط. و روی الكلینی فی الأصول 2: 254 فی باب شدة ابتلاء المؤمن بإسناده عن یحیی، عن محمّد بن الحسین، عن صفوان، عن معاویة بن عمار، عن ناجیة قال: قلت لابی جعفر علیه السلام: ان المغیرة یقول: ان المؤمن لا یبتلی بالجذام و لا البرص و لا بكذا و لا بكذا، فقال: ان كان لغافلا عن صاحب یس انه كان مكنعا- ثم ردّ أصابعه فقال: و كانی انظر الی تكنیعه فانذرهم ثمّ عاد الیهم من الغد فقتلوه، ثمّ قال: ان المؤمن یبتلی بكل بلیة و یموت بكل میتة الا انه لا یقتل نفسه انتهی. و أورده مجملا فی الفروع 1: 31 فی باب علل الموت. قلت: قوله: مكنعا من كنع یده أشلها و أیبسها.
4- هكذا فی النسخ و فیه وهم و الصواب: محمّد بن علی ماجیلویه كما فی المصدر.

فَوَجَدُوهَا عَلَی حَالِهَا لَمْ یَحْدُثْ بِهَا شَیْ ءٌ فَقَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّ الَّتِی أَخْبَرْتَنَا أَمْسِ أَنَّهَا مَیِّتَةٌ لَمْ تَمُتْ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام یَفْعَلُ اللَّهُ مَا یَشَاءُ فَاذْهَبُوا بِنَا إِلَیْهَا فَذَهَبُوا یَتَسَابَقُونَ حَتَّی قَرَعُوا الْبَابَ فَخَرَجَ زَوْجُهَا فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام اسْتَأْذِنْ لِی عَلَی صَاحِبَتِكَ قَالَ فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَأَخْبَرَهَا أَنَّ رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ بِالْبَابِ مَعَ عِدَّةٍ قَالَ فَتَخَدَّرَتْ فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَقَالَ لَهَا مَا صَنَعْتِ لَیْلَتَكِ هَذِهِ قَالَتْ لَمْ أَصْنَعْ شَیْئاً إِلَّا وَ قَدْ كُنْتُ أَصْنَعُهُ فِیمَا مَضَی إِنَّهُ كَانَ یَعْتَرِینَا سَائِلٌ فِی كُلِّ لَیْلَةِ جُمُعَةٍ فَنُنِیلُهُ مَا یَقُوتُهُ إِلَی مِثْلِهَا وَ إِنَّهُ جَاءَنِی فِی لَیْلَتِی هَذِهِ وَ أَنَا مَشْغُولَةٌ بِأَمْرِی وَ أَهْلِی فِی مَشَاغِیلَ فَهَتَفَ فَلَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ هَتَفَ فَلَمْ یُجَبْ حَتَّی هَتَفَ مِرَاراً فَلَمَّا سَمِعْتُ مَقَالَتَهُ قُمْتُ مُتَنَكِّرَةً حَتَّی أَنَلْتُهُ كَمَا كُنَّا نُنِیلُهُ فَقَالَ لَهَا تَنَحَّیْ عَنْ مَجْلِسِكِ فَإِذَا تَحْتَ ثِیَابِهَا أَفْعًی مِثْلُ جِذْعَةٍ عَاضٌّ عَلَی ذَنَبِهِ فَقَالَ علیه السلام بِمَا صَنَعْتِ صُرِفَ عَنْكِ هَذَا (1).

بیان: الجلبة اختلاط الصوت و الجذعة بالكسر ساق النخلة.

«23»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْكُوفِیِّینَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یَقُولُ أَصْحَابُكَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ عِیسَی وَ مُوسَی علیهم السلام أَیُّهُمْ أَعْلَمُ قَالَ قُلْتُ مَا یُقَدِّمُونَ عَلَی أُولِی الْعَزْمِ أَحَداً قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ خَاصَمْتَهُمْ (2)بِكِتَابِ اللَّهِ لَحَجَجْتَهُمْ (3) قَالَ قُلْتُ وَ أَیْنَ هَذَا فِی كِتَابِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِی مُوسَی وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ لَمْ یَقُلْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ قَالَ فِی عِیسَی وَ لِأُبَیِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ وَ لَمْ یَقُلْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ قَالَ فِی صَاحِبِكُمْ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (4).

«24»-ج، الإحتجاج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا فِیمَا قَالُوا عِیسَی خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ وَ لِمَ ذَاكَ قَالُوا لِأَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ بِعَقَبَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَجَاءَتْهُ الشَّیَاطِینُ لِیَحْمِلُوهُ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِیلَ أَنِ اضْرِبْ بِجَنَاحِكَ الْأَیْمَنِ

ص: 245


1- أمالی الصدوق: 299 و 300 و فیه: صرف اللّٰه عنك هذا.
2- فی المصدر: لو حاججتهم.
3- أی لغلبتهم بالحجة.
4- بصائر الدرجات: 63.

وُجُوهَ الشَّیَاطِینِ وَ أَلْقِهِمْ فِی النَّارِ فَضَرَبَ بِأَجْنِحَتِهِ وُجُوهَهُمْ وَ أَلْقَاهُمْ فِی النَّارِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أُعْطِیتُ أَنَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرَ (1).

«25»-فس، تفسیر القمی أَنِّی أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ أَیْ أُقَدِّرُ وَ هُوَ خَلْقُ تَقْدِیرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمْ فَإِنَّ عِیسَی كَانَ یَقُولُ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ وَ إِنِّی أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَأَنْفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ الْأَكْمَهُ هُوَ الْأَعْمَی قَالُوا مَا نَرَی الَّذِی تَصْنَعُ إِلَّا سِحْراً فَأَرِنَا آیَةً نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ قَالَ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمْ یَقُولُ مَا أَكَلْتُمْ فِی بُیُوتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا وَ مَا ادَّخَرْتُمْ إِلَی اللَّیْلِ تَعْلَمُونَ أَنِّی صَادِقٌ قَالُوا نَعَمْ فَكَانَ یَقُولُ لِلرَّجُلِ أَكَلْتَ كَذَا وَ كَذَا وَ شَرِبْتَ كَذَا وَ كَذَا وَ رَفَعْتَ كَذَا وَ كَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ یَقْبَلُ مِنْهُ فَیُؤْمِنُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَكْفُرُ وَ كَانَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ آیَةٌ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِینَ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی حُرِّمَ عَلَیْكُمْ هُوَ السَّبْتُ وَ الشُّحُومُ وَ الطَّیْرُ الَّذِی حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ(2).

«26»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَوْحَشَ مَا یَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ یَوْمَ یَلِدُ (3)فَیَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَیَرَی الدُّنْیَا وَ یَوْمَ یَمُوتُ فَیُعَایِنُ الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا وَ یَوْمَ یُبْعَثُ فَیَرَی أَحْكَاماً لَمْ یَرَهَا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ قَدْ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَی یَحْیَی علیه السلام فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ وَ آمَنَ رَوْعَتَهُ فَقَالَ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا (4)

ص: 246


1- احتجاج الطبرسیّ: 28- 29.
2- تفسیر القمّیّ: 92- 93.
3- فی المصدر: یوم یولد و یخرج.
4- عیون الأخبار: 142، الخصال 1: 53.

«27»-فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِیمَا نَاظَرَ بِهِ مَلِكَ الرُّومِ كَانَ عُمُرُ عِیسَی علیه السلام فِی الدُّنْیَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَهْبِطُ إِلَی الْأَرْضِ بِدِمَشْقَ وَ هُوَ الَّذِی یَقْتُلُ الدَّجَّالَ(1).

«28»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام بِصَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ عَبْدُكَ وَ ابْنُ أَمَتِكَ لَبَّیْكَ الْخَبَرَ (2).

كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر مثله (3).

«29»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی الْمَسِیحِ أَنَّهُ كَانَ یَسِیحُ فِی الْأَرْضِ وَ یَصُومُ (4).

«30»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ قَالَ نفاعا (5).

فس، تفسیر القمی محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد عن ابن یزید مثله (6).

«31»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عِیسَی علیه السلام حَرْفَیْنِ اشْتَقَّهُمَا مِنَ الْإِنْجِیلِ طُوبَی لِعَبْدٍ ذُكِرَ اللَّهُ مِنْ أَجْلِهِ وَ وَیْلٌ لِعَبْدٍ نُسِیَ اللَّهُ مِنْ أَجْلِهِ (7).

«32»-ج، الإحتجاج حُمْرَانُ بْنُ أَعْیَنَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رُوحٌ مِنْهُ قَالَ هِیَ مَخْلُوقَةٌ خَلَقَهُ اللَّهُ بِحِكْمَتِهِ فِی آدَمَ وَ عِیسَی علیه السلام (8).

ص: 247


1- تفسیر القمّیّ: 595 و 597 و 598.
2- علل الشرائع: 145.
3- فروع الكافی 1: 223 و 224.
4- معانی الأخبار: 19.
5- معانی الأخبار: 64.
6- تفسیر القمّیّ: 410- 411.
7- عیون الأخبار: 218.
8- احتجاج الطبرسیّ: 176.

«33»-فس، تفسیر القمی إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّكَ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ فَقَالَ عِیسَی اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ قالُوا كَمَا حَكَی اللَّهُ نُرِیدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَیْها مِنَ الشَّاهِدِینَ فَقَالَ عِیسَی اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِیداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آیَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ فَقَالَ اللَّهُ احْتِجَاجاً عَلَیْهِمْ إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْكُمْ فَمَنْ یَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ فَكَانَتْ تَنْزِلُ الْمَائِدَةُ عَلَیْهِمْ فَیَجْتَمِعُونَ عَلَیْهَا وَ یَأْكُلُونَ حَتَّی یَشْبَعُوا ثُمَّ تُرْفَعُ فَقَالَ كُبَرَاؤُهُمْ وَ مُتْرَفُوهُمْ (1)لَا نَدَعُ سَفِلَتَنَا یَأْكُلُونَ مِنْهَا فَرَفَعَ اللَّهُ الْمَائِدَةَ وَ مُسِخُوا الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِیرَ(2).

«34»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ فِی قَوْلِهِ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّكَ قَالَ قِرَاءَتُهَا هَلْ تَسْتَطِیعُ رَبَّكَ یَعْنِی هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَدْعُوَ رَبَّكَ (3).

بیان: هذا قراءة الكسائی حیث قرأ تستطیع بصیغة الخطاب و ربك بالنصب أی تستطیع سؤال ربك.

«35»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنِ الصَّادِقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام فَأَمَّا مُوسَی علیه السلام فَرَجُلٌ طُوَالٌ سَبِطٌ یُشْبِهُ رِجَالَ الزُّطِّ وَ رِجَالَ أَهْلِ شَنُوَّةَ (4)وَ أَمَّا عِیسَی علیه السلام فَرَجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدٌ رَبْعَةٌ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِبْرَاهِیمُ قَالَ انْظُرُوا إِلَی صَاحِبِكُمْ یَعْنِی نَفْسَهُ (5).

«36»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْمَائِدَةُ الَّتِی نَزَلَتْ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَتْ

ص: 248


1- المترف: المتنعم.
2- تفسیر القمّیّ: 177.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
4- هكذا فی النسخ، و لعله مصحف شنوءة، و هم بطن من الازد، و قد مر الكلام فیه فی الباب الأول من قصص موسی و هارون.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.

مُدْلَاةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ عَلَیْهَا تِسْعَةُ أَحْوَاتٍ (1)وَ تِسْعَةُ أَرْغِفَةٍ فَحَسْبُ (2).

شی، تفسیر العیاشی عن عیسی العلوی عن أبیه مثله (3).

«37»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مَائِدَةً عَلَی عِیسَی علیه السلام وَ بَارَكَ لَهُ فِی أَرْغِفَةٍ (4)وَ سُمَیْكَاتٍ حَتَّی أَكَلَ وَ شَبِعَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَ سَبْعُمِائَةٍ (5).

«38»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَ عِیسَی علیه السلام یَبْكِی وَ یَضْحَكُ وَ كَانَ یَحْیَی علیه السلام یَبْكِی وَ لَا یَضْحَكُ وَ كَانَ الَّذِی یَفْعَلُ عِیسَی علیه السلام أَفْضَلَ (6).

«39»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْقُرَشِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ جَبْرَئِیلَ نَزَلَ عَلَیَّ بِكِتَابٍ فِیهِ خَبَرُ الْمُلُوكِ مُلُوكِ الْأَرْضِ قَبْلِی وَ خَبَرُ مَنْ بُعِثَ قَبْلِی مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ هُوَ حَدِیثٌ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَیْهِ قَالَ لَمَّا مَلَكَ أَشْبَخُ بْنُ أَشْجَانَ (7)وَ كَانَ یُسَمَّی الْكَیِّسَ وَ مَلَكَ مِائَتَیْ سَنَةٍ وَ سِتّاً وَ سِتِّینَ سَنَةً فَفِی سَنَةِ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ اسْتَوْدَعَهُ النُّورَ وَ الْعِلْمَ وَ الْحِكْمَةَ (8)وَ جَمِیعَ عُلُومِ الْأَنْبِیَاءِ قَبْلَهُ وَ زَادَهُ الْإِنْجِیلَ وَ بَعَثَهُ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ یَدْعُوهُمْ إِلَی كِتَابِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ

ص: 249


1- قد مر بروایة العیّاشیّ بهذا السند «تسعة الوان» و لعلّ أحدهما تصحیف الآخر. منه طاب ثراه قلت: تقدم الكلام هناك راجع.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط و أخرجه و ما قبله البحرانیّ فی البرهان 1: 511.
4- فی المصدر: فی أربعة أرغفة.
5- تفسیر العسكریّ: 77.
6- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه عنه بالاسناد و عن الكافی بإسناده عن الحسن بن الجهم عن إبراهیم بن مهزم، عن أبی الحسن الأول علیه السلام فی باب قصص زكریا و یحیی علیهما السلام.
7- فی المصدر: اشج بن اشجان.
8- فی المصدر: و الحكم.

فَأَبَی أَكْثَرُهُمْ إِلَّا طُغْیَاناً وَ كُفْراً فَلَمَّا لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ دَعَا رَبَّهُ وَ عَزَمَ عَلَیْهِمْ فَمُسِخَ مِنْهُمْ شَیَاطِینُ لِیُرِیَهُمْ آیَةً فَیَعْتَبِرُوا فَلَمْ یَزِدْهُمْ إِلَّا طُغْیَاناً وَ كُفْراً فَأَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ یَدْعُوهُمْ (1)وَ یُرَغِّبُهُمْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً حَتَّی طَلَبَتْهُ الْیَهُودُ وَ ادَّعَتْ أَنَّهَا عَذَّبَتْهُ وَ دَفَنَتْهُ فِی الْأَرْضِ حَیّاً وَ ادَّعَی بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَ صَلَبُوهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْعَلَ لَهُمْ عَلَیْهِ سُلْطَاناً وَ إِنَّمَا شُبِّهَ لَهُمْ وَ مَا قَدَرُوا عَلَی عَذَابِهِ وَ دَفْنِهِ وَ لَا عَلَی قَتْلِهِ وَ صَلْبِهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ (2)إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا فَلَمْ یَقْتَدِرُوا عَلَی قَتْلِهِ (3)وَ صَلْبِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَی ذَلِكَ كَانَ تَكْذِیباً لِقَوْلِهِ وَ لَكِنْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ بَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَرْفَعَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ وَ عِلْمَ كِتَابِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا خَلِیفَتَهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَلْ شَمْعُونُ یَقُومُ بِأَمْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (4)وَ یَهْتَدِی بِجَمِیعِ مَقَالِ عِیسَی علیه السلام فِی قَوْمِهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یُجَاهِدُ الْكُفَّارَ فَمَنْ أَطَاعَهُ وَ آمَنَ بِهِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَحَدَهُ وَ عَصَاهُ كَانَ كَافِراً حَتَّی اسْتَخْلَصَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَعَثَ فِی عِبَادِهِ نَبِیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ هُوَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَمَضَی شَمْعُونُ وَ مَلَكَ عِنْدَ ذَلِكَ أَرْدَشِیرُ (5).

أقول: تمامه فی باب أحوال الملوك.

«40»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ عِیسَی إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ خَاصَّةً وَ كَانَتْ نُبُوَّتُهُ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَانَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْحَوَارِیِّینَ اثْنَیْ عَشَرَ الْخَبَرَ (6).

«41»-ل، الخصال بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَوَّلُ نَبِیٍّ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ

ص: 250


1- فی المصدر: فمكث یدعوهم.
2- فی المصدر: لقوله عزّ و جلّ.
3- فی المصدر: فلم یقدروا علی قتله.
4- فی المصدر: فلم یزل شمعون فی قومه یقوم بامر اللّٰه عزّ و جلّ.
5- اكمال الدین: 130.
6- اكمال الدین: 122 و 127.

مُوسَی وَ آخِرُهُمْ عِیسَی وَ سِتُّمِائَةِ نَبِیٍّ الْخَبَرَ (1).

«42»-ید، التوحید بِإِسْنَادِهِ عَنْ فَتْحِ بْنِ یَزِیدَ الْجُرْجَانِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ غَیْرُ الْخَالِقِ الْجَلِیلِ خَالِقٌ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ فِی عِبَادِهِ خَالِقِینَ وَ غَیْرَ خَالِقِینَ مِنْهُمْ عِیسَی علیه السلام خَلَقَ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَنَفَخَ فِیهِ فَصَارَ طَائِراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ السَّامِرِیُّ خَلَقَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ (2)إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ فِی كِتَابِ التَّوْحِیدِ (3).

«43»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ بَیْنَ دَاوُدَ وَ عِیسَی علیهما السلام أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَ أُنْزِلَ عَلَی عِیسَی فِی الْإِنْجِیلِ مَوَاعِظُ وَ أَمْثَالٌ وَ حُدُودٌ لَیْسَ فِیهَا قِصَاصٌ وَ لَا أَحْكَامُ حُدُودٍ وَ لَا فَرْضُ مَوَارِیثَ وَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ تَخْفِیفُ مَا كَانَ نَزَلَ عَلَی مُوسَی علیه السلام فِی التَّوْرَاةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی حِكَایَةً عَنْ عِیسَی أَنَّهُ قَالَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِی حُرِّمَ عَلَیْكُمْ وَ أَمَرَ عِیسَی مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یُؤْمِنُوا بِشَرِیعَةِ التَّوْرَاةِ وَ شَرَائِعِ جَمِیعِ النَّبِیِّینَ وَ الْإِنْجِیلِ قَالَ وَ مَكَثَ عِیسَی علیه السلام حَتَّی بَلَغَ سَبْعَ سِنِینَ أَوْ ثَمَانِیاً فَجَعَلَ یُخْبِرُهُمْ بِمَا یَأْكُلُونَ وَ مَا یَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِهِمْ فَأَقَامَ بَیْنَ أَظْهُرِهِمْ یُحْیِی الْمَوْتَی وَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ یُعَلِّمُهُمُ التَّوْرَاةَ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْإِنْجِیلَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یَتَّخِذَ عَلَیْهِمْ حُجَّةً وَ كَانَ یَبْعَثُ إِلَی الرُّومِ رَجُلًا لَا یُدَاوِی أَحَداً إِلَّا بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ وَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ حَتَّی ذُكِرَ ذَلِكَ لِمَلِكِهِمْ فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أُتِیَ بِغُلَامٍ مُنْخَسِفِ الْحَدَقَةِ لَمْ یَرَ شَیْئاً قَطُّ فَأَخَذَ بُنْدُقَتَیْنِ فَبَنْدَقَهُمَا ثُمَّ جَعَلَهُمَا فِی عَیْنَیْهِ وَ دَعَا فَإِذَا هُوَ بَصِیرٌ

ص: 251


1- الخصال 2: 104. و الحدیث طویل و مسند، اسناده: علی بن عبد اللّٰه الاسواری، عن أحمد بن محمّد السجزی، عن عمرو بن حفص، عن عبد اللّٰه بن محمّد بن اسد، عن ابی علی الحسین ابن إبراهیم، عن یحیی بن سعید البصری، عن ابن جریح، عن عطاء، عن عتبة بن عمید اللیثی، عن أبی ذر رحمه اللّٰه.
2- توحید الصدوق: 44 و 46، و الحدیث مسند راجعه.
3- و الحدیث طویل أورده فی أبواب متعدّدة حسب مضمونه، و تقدم فی باب أنّه تعالی خالق كل شی ء ما یناسب المقام راجع 4: 147.

فَأَقْعَدَهُ الْمَلِكُ مَعَهُ وَ قَالَ كُنْ مَعِی وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ مِصْرِی فَأَنْزَلَهُ مَعَهُ بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ثُمَّ إِنَّ الْمَسِیحَ علیه السلام بَعَثَ آخَرَ وَ عَلَّمَهُ مَا بِهِ یُحْیِی الْمَوْتَی فَدَخَلَ الرُّومَ وَ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْ طَبِیبِ الْمَلِكِ فَقَالُوا لِلْمَلِكِ ذَلِكَ قَالَ اقْتُلُوهُ فَقَالَ الطَّبِیبُ لَا تَفْعَلْهُ أَدْخِلْهُ فَإِنْ عَرَفْتَ خَطَأَهُ قَتَلْتَهُ وَ لَكَ الْحُجَّةُ فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَنَا أُحْیِی الْمَوْتَی فَرَكِبَ الْمَلِكُ وَ النَّاسُ إِلَی قَبْرِ ابْنِ الْمَلِكِ وَ كَانَ قَدْ مَاتَ فِی تِلْكَ الْأَیَّامِ فَدَعَا رَسُولُ الْمَسِیحِ وَ أَمَّنَ طَبِیبُ الْمَلِكِ الَّذِی هُوَ رَسُولُ الْمَسِیحِ أَیْضاً الْأَوَّلُ فَانْشَقَّ الْقَبْرُ فَخَرَجَ ابْنُ الْمَلِكِ ثُمَّ جَاءَ یَمْشِی حَتَّی جَلَسَ فِی حِجْرِ أَبِیهِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَنْ أَحْیَاكَ قَالَ فَنَظَرَ فَقَالَ هَذَا وَ هَذَا فَقَامَا فَقَالا إِنَّا رَسُولُ الْمَسِیحِ إِلَیْكَ وَ إِنَّكَ كُنْتَ لَا تَسْمَعُ مِنْ رُسُلِهِ إِنَّمَا تَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ إِذَا أَتَوْكَ فَتَابَعَ وَ أَعْظَمُوا أَمْرَ الْمَسِیحِ علیه السلام حَتَّی قَالَ فِیهِ أَعْدَاءُ اللَّهِ مَا قَالُوا وَ الْیَهُودُ یُكَذِّبُونَهُ وَ یُرِیدُونَ قَتْلَهُ (1).

«44»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ عِیسَی علیه السلام لَمَّا أَرَادَ وَدَاعَ أَصْحَابِهِ جَمَعَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ بِضُعَفَاءِ الْخَلْقِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ الْجَبَابِرَةِ فَوَجَّهَ اثْنَیْنِ إِلَی أَنْطَاكِیَةَ فَدَخَلَا فِی یَوْمِ عِیدٍ لَهُمْ فَوَجَدَاهُمْ قَدْ كَشَفُوا عَنِ الْأَصْنَامِ وَ هُمْ یَعْبُدُونَهَا فَعَجَّلَا عَلَیْهِمْ بِالتَّعْنِیفِ فَشُدَّا بِالْحَدِیدِ وَ طُرِحَا فِی السِّجْنِ فَلَمَّا عَلِمَ شَمْعُونُ بِذَلِكَ أَتَی أَنْطَاكِیَةَ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِمَا فِی السِّجْنِ وَ قَالَ أَ لَمْ أَنْهَكُمَا عَنِ الْجَبَابِرَةِ (2)ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمَا وَ جَلَسَ مَعَ النَّاسِ مَعَ الضُّعَفَاءِ فَأَقْبَلَ یَطْرَحُ كَلَامَهُ الشَّیْ ءَ بَعْدَ الشَّیْ ءِ فَأَقْبَلَ الضَّعِیفُ یَدْفَعُ كَلَامَهُ إِلَی مَنْ هُوَ أَقْوَی مِنْهُ وَ أَخْفَوْا كَلَامَهُ إِخْفَاءً شَدِیداً فَلَمْ یَزَلْ یَتَرَاقَی الْكَلَامُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ مُنْذُ مَتَی هَذَا الرَّجُلُ فِی مَمْلَكَتِی قَالُوا مُنْذُ شَهْرَیْنِ فَقَالَ عَلَیَّ بِهِ فَأَتَوْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ وَقَعَتْ عَلَیْهِ مَحَبَّتُهُ فَقَالَ لَا أَجْلِسُ إِلَّا وَ هُوَ مَعِی فَرَأَی فِی مَنَامِهِ شَیْئاً أَفْزَعَهُ فَسَأَلَ شَمْعُونَ عَنْهُ فَأَجَابَ بِجَوَابٍ حَسَنٍ فَرِحَ بِهِ ثُمَّ أُلْقِیَ عَلَیْهِ فِی الْمَنَامِ مَا أَهَالَهُ فَأَوَّلَهَا لَهُ بِمَا ازْدَادَ بِهِ سُرُوراً فَلَمْ یَزَلْ یُحَادِثُهُ حَتَّی اسْتَوْلَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ فِی

ص: 252


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- فكان شمعون أیضا نهاهم عن ذلك، أو كان نهی المسیح كنهیه.

حَبْسِكَ رَجُلَیْنِ عَابَا عَلَیْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَعَلَیَّ بِهِمَا فَلَمَّا أُتِیَ بِهِمَا قَالَ مَا إِلَهُكُمَا الَّذِی تَعْبُدَانِ قَالا اللَّهُ قَالَ یَسْمَعُكُمَا إِذَا سَأَلْتُمَاهُ وَ یُجِیبُكُمَا إِذَا دَعَوْتُمَاهُ قَالا نَعَمْ قَالَ شَمْعُونُ فَأَنَا أُرِیدُ أَنْ أَسْتَبْرِئَ (1)ذَلِكَ مِنْكُمَا قَالا قُلْ قَالَ هَلْ یَشْفِی لَكُمَا الْأَبْرَصَ قَالا نَعَمْ قَالَ فَأُتِیَ بِأَبْرَصَ فَقَالَ سَلَاهُ أَنْ یَشْفِیَ هَذَا قَالَ فَمَسَحَاهُ فَبَرَأَ قَالَ وَ أَنَا أَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلْتُمَا قَالَ فَأُتِیَ بِآخَرَ فَمَسَحَهُ شَمْعُونُ فَبَرَأَ قَالَ بَقِیَتْ خَصْلَةٌ إِنْ أَجَبْتُمَانِی إِلَیْهَا آمَنْتُ بِإِلَهِكُمَا قَالا وَ مَا هِیَ قَالَ مَیِّتٌ تُحْیِیَانِهِ قَالا نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلَی الْمَلِكِ وَ قَالَ مَیِّتٌ یَعْنِیكَ أَمْرُهُ قَالَ نَعَمْ ابْنِی قَالَ اذْهَبْ بِنَا إِلَی قَبْرِهِ فَإِنَّهُمَا قَدْ أَمْكَنَاكَ مِنْ أَنْفُسِهِمَا (2)فَتَوَجَّهُوا إِلَی قَبْرِهِ فَبَسَطَا أَیْدِیَهُمَا فَبَسَطَ شَمْعُونُ یَدَیْهِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ صُدِعَ الْقَبْرُ وَ قَامَ الْفَتَی فَأَقْبَلَ عَلَی أَبِیهِ فَقَالَ أَبُوهُ مَا حَالُكَ قَالَ كُنْتُ مَیِّتاً فَفَزِعْتُ فَزْعَةً فَإِذَا ثَلَاثَةٌ قِیَامٌ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ بَاسِطُو أَیْدِیهِمْ یَدْعُونَ اللَّهَ أَنْ یُحْیِیَنِی وَ هُمَا هَذَانِ وَ هَذَا فَقَالَ شَمْعُونُ أَنَا لِإِلَهِكُمَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْمَلِكُ أَنَا بِالَّذِی آمَنْتَ بِهِ یَا شَمْعُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ وُزَرَاءُ الْمَلِكِ وَ نَحْنُ بِالَّذِی آمَنَ بِهِ سَیِّدُنَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَلَمْ یَزَلِ الضَّعِیفُ یَتْبَعُ الْقَوِیَّ فَلَمْ یَبْقَ بِالْأَنْطَاكِیَةِ أَحَدٌ إِلَّا آمَنَ بِهِ (3).

«45»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فِی رِوَایَةٍ أَتَتْ عِیسَی امْرَأَةٌ مِنْ كَنْعَانَ بِابْنٍ لَهَا مُزْمَنٍ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ ابْنِی هَذَا زَمِنٌ (4)ادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُبْرِئَ زَمْنَی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَتْ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّ الْكِلَابَ تَنَالُ مِنْ فُضُولِ مَوَائِدِ أَرْبَابِهَا إِذَا رَفَعُوا مَوَائِدَهُمْ فَأَنِلْنَا مِنْ حِكْمَتِكَ مَا نَنْتَفِعُ بِهِ فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ تَعَالَی فِی الدُّعَاءِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَبْرَأَهُ (5).

«46»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلَ أَبِی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ كَانَ عِیسَی یُصِیبُهُ مَا یُصِیبُ وُلِدَ آدَمَ قَالَ نَعَمْ وَ لَقَدْ كَانَ یُصِیبُهُ وَجَعُ الْكِبَارِ فِی صِغَرِهِ وَ یُصِیبُهُ وَجَعُ الصِّغَارِ فِی كِبَرِهِ وَ یُصِیبُهُ الْمَرَضُ وَ كَانَ

ص: 253


1- أی أردت أن استبین ذلك منكما حتّی لا تبقی لی شبهة.
2- أی قد جعلا لك علی انفسهما سلطانا و قدرة تقتلهما إن لم یفعلا ذلك.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- الزمن: المصاب بالزمانة و هی تعطیل بعض القوی.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.

إِذَا مَسَّهُ وَجَعُ الْخَاصِرَةِ فِی صِغَرِهِ وَ هُوَ مِنْ عِلَلِ الْكِبَارِ قَالَ لِأُمِّهِ ابْغِی لِی عَسَلًا وَ شُونِیزاً وَ زَیْتاً فتعجنی (فَاعْجِنِی) بِهِ ثُمَّ ائتنی (ائْتِینِی) بِهِ فَأَتَتْهُ بِهِ فَكَرِهَهُ (1)فَتَقُولُ لِمَ تَكْرَهُهُ وَ قَدْ طَلَبْتَهُ فَیَقُولُ هَاتِیهِ نَعَتُّهُ لَكِ بِعِلْمِ النُّبُوَّةِ وَ أكرهته (أَكْرَهُهُ) لِجَزَعِ الصَّبَا وَ یَشَمُّ الدَّوَاءَ ثُمَّ یَشْرَبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (2).

«47»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام فِی رِوَایَةِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ یَبْكِی بُكَاءً شَدِیداً فَلَمَّا أَعْیَتْ مَرْیَمَ كَثْرَةُ بُكَائِهِ قَالَ لَهَا خُذِی مِنْ لِحَا (3)هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَاجْعَلِی وَجُوراً (4)ثُمَّ اسْقِینِیهِ فَإِذَا سُقِیَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً فَتَقُولُ مَرْیَمُ مَا ذَا أَمَرْتَنِی فَیَقُولُ یَا أُمَّاهْ عِلْمُ النُّبُوَّةِ وَ ضَعْفُ الصَّبَا (5).

«48»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكُمْ بِالْعَدَسِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ مُقَدَّسٌ یُرَقِّقُ الْقَلْبَ وَ یُكْثِرُ الدَّمْعَةَ وَ قَدْ بَارَكَ فِیهِ سَبْعُونَ نَبِیّاً آخِرُهُمْ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام (6).

«49»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا یَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ مِنْ شَرَائِعِهِ السَّیْحُ فِی الْبِلَادِ فَخَرَجَ فِی بَعْضِ سَیْحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَصِیرٌ وَ كَانَ كَثِیرَ اللُّزُومِ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَلَمَّا انْتَهَی عِیسَی إِلَی الْبَحْرِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ یَقِینٍ مِنْهُ فَمَشَی عَلَی ظَهْرِ الْمَاءِ فَقَالَ الرَّجُلُ الْقَصِیرُ حِینَ نَظَرَ إِلَی عِیسَی علیه السلام جَازَهُ بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ یَقِینٍ مِنْهُ فَمَشَی عَلَی الْمَاءِ فَلَحِقَ بِعِیسَی علیه السلام فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ هَذَا عِیسَی رُوحُ اللَّهِ یَمْشِی عَلَی الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِی عَلَی الْمَاءِ فَمَا فَضْلُهُ

ص: 254


1- فی نسخة: فأكرهه.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- اللحاء بالمد- و القصر لغة- ما علی العود من قشره.
4- الوجور بالفتح و الضم: الدواء الذی یصب فی الفم و الحلق.
5- قصص الأنبیاء مخطوط.
6- عیون الأخبار: 207.

عَلَیَّ قَالَ فَرُمِسَ فِی الْمَاءِ فَاسْتَغَاثَ بِعِیسَی علیه السلام فَتَنَاوَلَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا قُلْتَ یَا قَصِیرُ قَالَ قُلْتُ هَذَا رُوحُ اللَّهِ یَمْشِی عَلَی الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِی (1)فَدَخَلَنِی مِنْ ذَلِكَ عُجْبٌ فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام لَقَدْ وَضَعْتَ نَفْسَكَ فِی غَیْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِی وَضَعَكَ اللَّهُ فِیهِ فَمَقَتَكَ اللَّهُ عَلَی مَا قُلْتَ فَتُبْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا قُلْتَ قَالَ فَتَابَ الرَّجُلُ وَ عَادَ إِلَی مَرْتَبَتِهِ الَّتِی وَضَعَهُ اللَّهُ فِیهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا یَحْسُدَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (2).

«50»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام بِصَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ(3).

«51»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ یَزِیدَ الْكُنَاسِیِّ (4)قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام كَانَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ حِینَ تَكَلَّمَ فِی الْمَهْدِ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ زَمَانِهِ فَقَالَ كَانَ یَوْمَئِذٍ نَبِیّاً حُجَّةَ اللَّهِ غَیْرَ مُرْسَلٍ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ حِینَ قَالَ إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ آتانِیَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا وَ جَعَلَنِی مُبارَكاً أَیْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَیًّا قُلْتُ فَكَانَ یَوْمَئِذٍ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی زَكَرِیَّا علیه السلام فِی تِلْكَ الْحَالِ وَ هُوَ فِی الْمَهْدِ فَقَالَ كَانَ عِیسَی فِی تِلْكَ الْحَالِ آیَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِمَرْیَمَ حِینَ تَكَلَّمَ فَعَبَّرَ عَنْهَا وَ كَانَ نَبِیّاً حُجَّةً عَلَی مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ فِی تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ صَمَتَ فَلَمْ یَتَكَلَّمْ

ص: 255


1- فی المصدر: و أنا امشی علی الماء.
2- أصول الكافی 2: 306 و 307.
3- فروع الكافی 1: 223 و 224 و قد مضت الروایة تحت رقم 28 و لذا خطّ علیها فی نسخة خطیة.
4- فی المصدر: برید بالباء الموحدة و فی هامشه: فی بعض النسخ: یزید الكناسی. و استظهر المامقانی أن الصحیح یزید و هو أبو خالد الكناسی، حیث ان الشیخ ذكر برید بالباء فی أصحاب الصادق علیه السلام و بالیاء المثناة فی أصحاب الباقر علیه السلام، و لم یذكره فی أصحاب الباقر علیه السلام برید بالباء الموحدة فحیث ذكر برید عن الباقر علیه السلام فهو وهم و صوابه یزید. قلت: قد ذكر ابن حجر فی لسان المیزان برید الكناسی بالموحدة فی أصحابهما علیهما السلام، قال: برید الكناسی حدث عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه قال الدارقطنی و ابن ماكولا فی المؤتلف و المختلف: انه من شیوخ الشیعة قلت: و ذكره الطوسیّ فی الرواة عن جعفر الصادق. انتهی.

حَتَّی مَضَتْ لَهُ سَنَتَانِ وَ كَانَ زَكَرِیَّا علیه السلام الْحُجَّةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی النَّاسِ بَعْدَ صَمْتِ عِیسَی علیه السلام بِسَنَتَیْنِ ثُمَّ مَاتَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَوَرِثَهُ ابْنُهُ یَحْیَی الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ هُوَ صَبِیٌّ صَغِیرٌ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ یا یَحْیی خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا فَلَمَّا بَلَغَ عِیسَی سَبْعَ سِنِینَ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ حِینَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ فَكَانَ عِیسَی الْحُجَّةَ عَلَی یَحْیَی وَ عَلَی النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ لَیْسَ تَبْقَی الْأَرْضُ یَا بَا خَالِدٍ یَوْماً وَاحِداً بِغَیْرِ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ مُنْذُ یَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علیه السلام وَ أَسْكَنَهُ الْأَرْضَ (1).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصدوق عن أبیه عن سعد عن ابن عیسی مثله (2).

«52»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام قَدْ كُنَّا نَسْأَلُكَ قَبْلَ أَنْ یَهَبَ اللَّهُ لَكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَكُنْتَ تَقُولُ یَهَبُ اللَّهُ لِی غُلَاماً فَقَدْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ فَقَرَّ عُیُونُنَا فَلَا أَرَانَا اللَّهُ یَوْمَكَ فَإِنْ كَانَ كَوْنٌ فَإِلَی مَنْ فَأَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ هُوَ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا ابْنُ ثَلَاثِ سِنِینَ قَالَ وَ مَا یَضُرُّهُ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ قَدْ قَامَ عِیسَی علیه السلام بِالْحُجَّةِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِینَ (3).

بیان: هذا الخبر بظاهره ینافی خبر الكناسی و یمكن أن یوجه بأنه نزل علیه الكتاب فی السنة الثالثة و لم یؤمر بتبلیغه إلی السابعة أو یكون المعنی أنه كان فی ثلاث سنین نبیا و إن كان قبله أیضا كذلك و یحتمل أن یكون ضمیر هو راجعا إلی أبی جعفر علیه السلام (4)أی كان عیسی علیه السلام حجة فی المهد فلا یستبعد أن یكون أبو جعفر علیه السلام إماما و هو ابن ثلاث سنین.

«53»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْخَیْرَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً بَیْنَ یَدَیْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام بِخُرَاسَانَ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ یَا سَیِّدِی إِنْ كَانَ كَوْنٌ فَإِلَی مَنْ قَالَ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ ابْنِی فَكَأَنَّ الْقَائِلَ اسْتَصْغَرَ سِنَّ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام

ص: 256


1- أصول الكافی 1: 382 و 383.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- أصول الكافی 1: 383.
4- بعید جدا.

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام رَسُولًا نَبِیّاً صَاحِبَ شَرِیعَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فِی أَصْغَرَ مِنَ السِّنِّ الَّذِی فِیهِ أَبُو جَعْفَرٍ (1).

«54»-نص، كفایة الأثر عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ (2)عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی احْتَجَّ بِعِیسَی علیه السلام وَ هُوَ ابْنُ سَنَتَیْنِ (3).

«55»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام لَمَّا أَنْ مَرَّ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ رَمَی بِقُرْصٍ مِنْ قُوتِهِ فِی الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَوَارِیِّینَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا وَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قُوتِكَ قَالَ فَعَلْتُ هَذَا لِدَابَّةٍ تَأْكُلُهُ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ وَ ثَوَابُهُ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیمٌ (4).

«56»-یه، من لا یحضره الفقیه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَأَلَ عَنِ الدَّیْرَانِیِّ الَّذِی كَانَ فِی مَسْجِدِ بَرَاثَا وَ أَسْلَمَ عَلَی یَدَیْهِ مَنْ صَلَّی هَاهُنَا قَالَ صَلَّی عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام

ص: 257


1- أصول الكافی 1: 384.
2- فی المصدر: عبد اللّٰه بن جعفر قال: دخلت علی الرضا علیه السلام انا و صفوان بن یحیی و أبو جعفر علیه السلام قائم قد اتی علیه ثلاث سنین، فقلت له: جعلنا اللّٰه فداك ان- و أعوذ باللّٰه حدث حدث فمن یكون بعدك؟ قال: ابنی هذا- و أومأ إلیه- قال: فقلنا له: و هو فی هذا السن؟ قال: نعم و هو فی هذا السن، ان اللّٰه تبارك و تعالی احتج بعیسی علیه السلام و هو ابن سنتین انتهی. قلت: فیه غرابة لان عبد اللّٰه بن جعفر قدم الكوفة سنة نیف و تسعین و مائتین، و كان فی سن من یحمل عنه الحدیث، فسمع أهلها منه و أكثروا، و أبو جعفر الجواد علیه السلام ولد سنة 195، فعلیه فیكون عبد اللّٰه بن جعفر ممن عمر أكثر من 110 سنة و هو بعید جدا، فیحتمل قویا اسقاط فاعل دخلت عن الاسناد، و یؤیده ما ذكره قبل ذلك بإسناده عن علیّ بن محمّد الدقاق قال: حدّثنی محمّد ابن الحسن، عن عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری، عن محمّد بن أحمد بن قتادة، عن الحمودی، عن إسحاق ابن إسماعیل، عن إبراهیم بن أبی محمود قال: كنت واقفا عند رأس أبی الحسن علیّ بن موسی علیه السلام بطوس قال له بعض من كان عنده: ان حدث حدث فالی من؟ قال: الی ابنی محمد، و كان السائل استصغر سن ابی جعفر؛ فقال له أبو الحسن علیّ بن موسی الرضا علیه السلام: ان اللّٰه بعث عیسی بن مریم ثابتا به شریعته فی دون السن الذی اقیم فیه أبو جعفر ثابتا علی شریعته. انتهی. بل یمكن أن یقال باتحاد الحدیثین و ان احدهما منقول بالمعنی فتأمل.
3- كفایة الاثر: 324.
4- فروع الكافی 1: 164.

وَ أُمُّهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ فَأُخْبِرُكَ مَنْ صَلَّی هَاهُنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ الْخَلِیلُ علیه السلام (1).

أقول: قد مضی بعض أحوال عیسی فی باب قصص زكریا و یحیی علیهما السلام و سیأتی خبر الظباء فی أرض كربلاء فی باب إخبار الأنبیاء بشهادة الحسین علیه السلام

وَ قَدْ مَرَّ فِی بَابِ جَوَامِعِ أَحْوَالِ الْأَنْبِیَاءِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ سِتَّةٌ لَمْ یَرْكُضُوا فِی رَحِمٍ وَ عَدَّ مِنْهَا الْخُفَّاشَ الَّذِی عَمِلَهُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام وَ طَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی عِیسَی حَرْفَیْنِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْعِظَامِ كَانَ یُحْیِی بِهِمَا الْمَوْتَی وَ یُبْرِئُ بِهِمَا الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی فی وصف عیسی علیه السلام: وَ یُعَلِّمُهُ الْكِتابَ (2)أراد الكتابة عن ابن جریح قال أعطی اللّٰه تعالی عیسی تسعة أجزاء من الخط و سائر الناس جزءا و قیل أراد به بعض الكتب التی أنزلها اللّٰه تعالی علی أنبیائه سوی التوراة و الإنجیل مثل الزبور و غیره عن أبی علی الجبائی و هو ألیق بالظاهر وَ الْحِكْمَةَ أی الفقه و علم الحلال و الحرام عن ابن عباس و قیل أراد بذلك جمیع ما علمه من أصول الدین وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ إنما أفردهما تنبیها علی جلالة موقعهما وَ رَسُولًا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ أَنِّی قَدْ جِئْتُكُمْ أی قال لهم ذلك لما بعث إلیهم بِآیَةٍ أی بدلالة و حجة مِنْ رَبِّكُمْ دالة علی نبوتی أَنِّی أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ معناه و هذه الآیة أنی أقدر لكم و أصور لكم من الطین مثل صورة الطیر فَأَنْفُخُ فِیهِ أی فی الطیر المقدر من الطین.

و قال فی موضع آخر فِیها أی فی الهیئة المقدرة فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ و قدرته و قیل بأمر اللّٰه تعالی و إنما وصل قوله بِإِذْنِ اللَّهِ بقوله فَیَكُونُ طَیْراً دون ما قبله لأن تصویر الطین علی هیئة الطیر و النفخ فیه مما یدخل تحت مقدور العباد فأما جعل الطین طیرا حتی یكون لحما و دما و خلق الحیاة فیه فمما لا یقدر علیه غیر اللّٰه

ص: 258


1- من لا یحضره الفقیه: 63.
2- أورد الآیة فی الباب الأوّل من أحوال عیسی علیه السلام، و الترتیب یقتضی ایراد تفسیرها هناك.

تعالی فقال بِإِذْنِ اللَّهِ لیعلم أنه فعله تعالی (1)و لیس بفعل عیسی علیه السلام و فی التفسیر أنه صنع من الطین كهیئة الخفاش و نفخ فیه فصار طائرا وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ أی الذی ولد أعمی عن ابن عباس و قتادة و قیل هو الأعمی عن الحسن و السدی وَ الْأَبْرَصَ الذی به وضح.

قال وهب و ربما اجتمع علی عیسی علیه السلام من المرضی فی الیوم خمسون ألفا من أطاق منهم أن یبلغه بلغه و من لم یطق أتاه عیسی علیه السلام یمشی إلیه و إنما كان یداویهم بالدعاء علی شرط الإیمان وَ أُحْیِ الْمَوْتی بِإِذْنِ اللَّهِ إنما أضاف الإحیاء إلی نفسه علی وجه المجاز و التوسع لأن اللّٰه كان یحیی الموتی عند دعائه و قیل إنه أحیا أربعة أنفس عازر و كان صدیقا له و كان قد مات منذ ثلاثة أیام فقال لأخته انطلقی بنا إلی قبره ثم قال اللّٰهم رب السماوات السبع و رب الأرضین السبع إنك أرسلتنی إلی بنی إسرائیل أدعوهم إلی دینك و أخبرهم أنی أحیی الموتی فأحی عازر فخرج من قبره و بقی و ولد له و ابن العجوز مر به میتا علی سریره فدعا اللّٰه عیسی فجلس علی سریره و نزل علی أعناق الرجال و لبس ثیابه و رجع إلی أهله و بقی و ولد له و ابنة العاشر قیل له أ تحییها و قد ماتت أمس فدعا اللّٰه فعاشت و بقیت و ولدت و سام بن نوح دعا باسم اللّٰه الأعظم فخرج من قبره و قد شاب نصف رأسه فقال قد قامت القیامة قال لا و لكنی دعوتك باسم اللّٰه الأعظم قال و لم یكونوا یشیبون فی ذلك الزمان لأن سام بن نوح قد عاش خمسمائة سنة و هو شاب ثم قال له مت قال بشرط أن یعیذنی اللّٰه من سكرات الموت فدعا اللّٰه سبحانه ففعل.

و قال الكلبی كان عیسی علیه السلام یحیی الأموات بیا حی یا قیوم وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمْ كان یقول للرجل تغدیت بكذا و كذا و رفعت إلی بیتك كذا (2)إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً أی حجة و معجزة و دلالة لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ باللّٰه لأن العلم بالمرسل لا بد و أن یكون قبل العلم بالرسول. (3)

ص: 259


1- فی المصدر: لیعلم انه من فعله تعالی.
2- فی المصدر: و رفعت الی اللیل كذا و كذا.
3- مجمع البیان 2: 445 و 466 و فیه بعد قوله: باللّٰه: اذ كان لا یصحّ العلم بمدلول المعجزة الا لمن آمن باللّٰه، لان العلم بالمرسل لا بد أن یكون قبل العلم بالرسول، و فی الآیة دلالة علی أن عیسی علیه السلام كان مبعوثا الی جمیع بنی إسرائیل.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّكَ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قیل فیه أقوال أحدها أن یكون معناه هل یفعل ربك ذلك بمسألتك إیاه لتكون علما علی صدقك و لا یجوز أن یكونوا شكوا فی قدرة اللّٰه سبحانه علی ذلك لأنهم كانوا عارفین مؤمنین و كأنهم سألوه ذلك لیعرفوا صدقه و صحة أمره من حیث لا یعترض علیهم (1)فیه إشكال و لا شبهة و من ثم قالوا وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا كما قال إبراهیم علیه السلام وَ لكِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی عن أبی علی الفارسی.

و ثانیها أن المراد هل یقدر ربك و كان هذا فی ابتداء أمرهم قبل أن یستحكم معرفتهم باللّٰه و لذلك أنكر علیهم عیسی علیه السلام فقال اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ لأنهم لم یستكمل إیمانهم فی ذلك الوقت.

و ثالثها أن یكون معناه هل یستجیب لك ربك و إلیه ذهب السدی فی قوله یرید هل یطیعك ربك إن سألته و هذا علی أن یكون استطاع بمعنی أطاع كما یكون استجاب بمعنی أجاب.

قال الزجاج یحتمل مسألة الحواریین عیسی المائدة ضربین أحدهما أن یكونوا أرادوا أن یزدادوا تثبیتا كما قال إبراهیم علیه السلام رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی (2)و جائز أن تكون مسألتهم المائدة قبل علمهم أنه أبرأ الأكمه و الأبرص و أحیا الموتی.

قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ معناه اتقوا اللّٰه أن تسألوه شیئا لم تسأله الأمم قبلكم و قیل معناه الأمر بالتقوی مطلقا كما أمر اللّٰه سبحانه المؤمنین بها فی قوله یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ (3)عن أبی علی الفارسی و قیل أمرهم أن لا یقترحوا

ص: 260


1- فی المصدر: من حیث لا یعرض علیهم.
2- البقرة: 260.
3- آل عمران: 102.

الآیات و أن لا یقدموا بین یدی اللّٰه و رسوله لأن اللّٰه تعالی قد أراهم البراهین و المعجزات بإحیاء الموتی و غیره مما هو أوكد مما سألوه و طلبوه عن الزجاج. قالُوا أی قال الحواریون نُرِیدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها قیل فی معناه قولان أحدهما أن یكون الإرادة التی هی من أفعال القلوب و یكون التقدیر فیه نرید السؤال من أجل هذا الذی ذكرنا و الآخر أن تكون الإرادة هنا بمعنی المحبة التی هی میل الطباع أی نحب ذلك وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا یجوز أن یكونوا قالوه و هم مستبصرون فی دینهم و معناه نرید أن نزداد یقینا و ذلك أن الدلائل كلما كثرت مكنت المعرفة فی النفس عن عطاء وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا بأنك رسول اللّٰه و هذا یقوی قول من قال إن هذا كان فی ابتداء أمرهم و الصحیح أنهم طلبوا المعاینة و العلم الضروری و التأكید فی الإعجاز وَ نَكُونَ عَلَیْها مِنَ الشَّاهِدِینَ لله بالتوحید و لك بالنبوة و قیل من الشاهدین لك عند بنی إسرائیل إذا رجعنا إلیهم ثم أخبر سبحانه عن سؤال عیسی إیاه فقال قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عن قومه لما التمسوا عنه و قیل إنه إنما سأل ربه ذلك حین أذن له فی السؤال اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَیْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ أی خوانا علیه طعام من السماء تَكُونُ لَنا عِیداً قیل فی معناه قولان أحدهما نتخذ الیوم الذی تنزل فیه عیدا نعظمه نحن و من یأتی بعدنا عن السدی و قتادة و ابن جریح و هو قول أبی علی الجبائی الثانی أن معناه یكون عائدة فضل من اللّٰه (1)و نعمة منه لنا و الأول هو الوجه لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا أی لأهل زماننا و من یجی ء بعدنا و قیل معناه یأكل منها آخر الناس كما یأكل أولهم عن ابن عباس وَ آیَةً مِنْكَ أی دلالة منك عظیمة الشأن فی إزعاج قلوب العباد إلی الإقرار بمدلولها و الاعتراف بالحق الذی یشهد به ظاهرها یدل (2)علی توحیدك و صحة نبوة نبیك وَ ارْزُقْنا أی و اجعل ذلك رزقا لنا و قیل معناه و ارزقنا الشكر علیها عن الجبائی وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ و فی هذا دلالة علی أن العباد قد یرزق بعضهم بعضا لأنه لو لم یكن كذلك لم یصح أن یقال له سبحانه أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ

ص: 261


1- فی المصدر: تكون عائدة فضل من اللّٰه علینا.
2- فی المصدر: تدل.

كما لا یجوز أن یقال أنت خیر الآلهة لما لم یكن غیره إلها قالَ اللَّهُ مجیبا له إلی ما التمسه إِنِّی مُنَزِّلُها یعنی المائدة عَلَیْكُمْ فَمَنْ یَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ بعد إنزالها علیكم فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ قیل فی معناه أقوال:

أحدها أراد عالمی زمانهم (1)فجحد القوم و كفروا بعد نزولها فمسخوا قردة و خنازیر عن قتادة و روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام أنهم مسخوا خنازیر.

و ثانیها أنه أراد عذاب الاستیصال.

و ثالثها أنه أراد جنسا من العذاب لا یعذب به أحدا غیرهم و إنما استحقوا هذا النوع من العذاب بعد نزول المائدة لأنهم كفروا بعد ما رأوا الآیة التی هی من أزجر الآیات عن الكفر بعد سؤالهم لها فاقتضت الحكمة اختصاصهم بفن من العذاب عظیم الموقع كما اختصت آیتهم بفن من الزجر عظیم الموقع.

القصة اختلف العلماء فی المائدة هل نزلت أم لا فقال الحسن و مجاهد إنها لم تنزل و إن القوم لما سمعوا الشرط استعفوا من نزولها و قالوا لا نریدها و لا حاجة لنا فیها فلم تنزل و الصحیح أنها نزلت لقوله سبحانه إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْكُمْ و لا یجوز أن یقع فی خبره الخلف و لأن الأخبار قد استفاضت عن النبی و الصحابة و التابعین فی أنها نزلت قال كعب إنها نزلت یوم الأحد و لذلك اتخذه النصاری عیدا و اختلفوا فی كیفیة نزولها و ما علیها

فَرُوِیَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ خُبْزاً وَ لَحْماً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا عِیسَی علیه السلام طَعَاماً لَا یَنْفَدُ یَأْكُلُونَ مِنْهَا قَالَ فَقِیلَ لَهُمْ فَإِنَّهَا مُقِیمَةٌ لَكُمْ مَا لَمْ تَخُونُوا أَوْ تَخْبَئُوا (2)وَ تَرْفَعُوا فَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ عُذِّبْتُمْ قَالَ فَمَا مَضَی یَوْمُهُمْ حَتَّی خَبَئُوا وَ رَفَعُوا وَ خَانُوا.

و قال ابن عباس إن عیسی ابن مریم قال لبنی إسرائیل صوموا ثلاثین یوما ثم سلوا اللّٰه ما شئتم یعطكموه (3)فصاموا ثلاثین یوما فلما فرغوا قالوا یا عیسی إنا لو عملنا

ص: 262


1- فی المصدر: إنّه أراد عالمی زمانه.
2- فی المصدر: و تخبئوا.
3- فی المصدر: ثم اسألوا اللّٰه ما شئتم یعطیكم.

لأحد من الناس فقضینا عمله لأطعمنا طعاما و إنا صمنا و جعنا فادع اللّٰه أن ینزل علینا مائدة من السماء فأقبلت الملائكة بمائدة یحملونها علیها سبعة أرغفة و سبعة أحوات حتی وضعتها بین أیدیهم (1)فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.

و روی عطاء بن السائب عن زاذان و میسرة قالا كانت إذا وضعت المائدة لبنی إسرائیل اختلفت علیهم الأیدی من السماء بكل طعام إلا اللحم و روی سعید بن جبیر عن ابن عباس قال أنزل علی المائدة كل شی ء إلا الخبز و اللحم و قال عطاء نزل علیها كل شی ء إلا السمك و اللحم و قال عطیة العوفی نزل من السماء سمكة فیها طعم كل شی ء و قال عمار و قتادة كان علیها ثمر من ثمار الجنة و قال قتادة كانت تنزل علیهم بكرة و عشیا حیث كانوا كالمن و السلوی لبنی إسرائیل و قال یمان بن رئاب كانوا یأكلون منها ما شاءوا و روی عطاء بن أبی ریاح عن سلمان الفارسی أنه قال و اللّٰه ما تبع عیسی علیه السلام شیئا من المساوی قط و لا انتهر شیئا (2)و لا قهقه ضحكا و لا ذب ذبابا عن وجهه و لا أخذ علی أنفه من شی ء نتن قط و لا عبث قط و لما سأله الحواریون أن ینزل علیهم مائدة لبس صوفا و بكی و قال اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَیْنا مائِدَةً الآیة فنزلت سفرة حمراء بین غمامتین و هم ینظرون إلیها و هی تهوی منقضة حتی سقطت بین أیدیهم فبكی عیسی علیه السلام و قال اللّٰهم اجعلنی من الشاكرین اللّٰهم اجعلها رحمة و لا تجعلها مثلة و عقوبة و الیهود ینظرون إلیها ینظرون إلی شی ء لم یروا مثله قط و لم یجدوا ریحا أطیب من ریحه فقام عیسی علیه السلام فتوضأ و صلی صلاة طویلة ثم كشف المندیل عنها و قال بسم اللّٰه خیر الرازقین فإذا هو سمكة مشویة لیس علیها فلوسها تسیل سیلا من الدسم و عند رأسها ملح و عند ذنبها خل و حولها من أنواع البقول ما عدا الكراث و إذا خمسة أرغفة علی واحد منها زیتون و علی الثانی عسل و علی الثالث سمن و علی الرابع جبن و علی الخامس قدید فقال شمعون یا روح اللّٰه أ من طعام الدنیا هذا أم من طعام الآخرة فقال عیسی لیس شی ء مما ترون من طعام الدنیا و لا من طعام الآخرة و لكنه شی ء افتعله اللّٰه

ص: 263


1- فی المصدر: حتی وضعوها بین ایدیهم.
2- الصواب كما فی المصدر: و لا انتهر یتیما.

تعالی بالقدرة الغالبة كلوا مما سألتم یمددكم و یزدكم من فضله و قال الحواریون یا روح اللّٰه لو أریتنا من هذه الآیة الیوم آیة أخری فقال عیسی علیه السلام یا سمكة احیی بإذن اللّٰه فاضطربت السمكة و عاد علیها فلوسها و شوكها ففزعوا منها فقال عیسی علیه السلام ما لكم تسألون أشیاء إذا أعطیتموها كرهتموها ما أخوفنی علیكم أن تعذبوا یا سمكة عودی كما كنت بإذن اللّٰه فعادت السمكة مشویة كما كانت قالوا یا روح اللّٰه كن أول من یأكل منها ثم نأكل نحن فقال عیسی معاذ اللّٰه أن آكل منها و لكن یأكل منها من سألها فخافوا أن یأكلوا منها فدعا لها عیسی علیه السلام أهل الفاقة و الزمنی و المرضی و المبتلین فقال كلوا منها و لكم الهناء و لغیركم البلاء فأكل منها ألف و ثلاثمائة رجل و امرأة من فقیر و مریض و مبتلی و كلهم شبعان یتجشی ثم نظر عیسی علیه السلام إلی السمكة فإذا هی كهیئتها كما نزلت من السماء ثم طارت المائدة صعدا و هم ینظرون إلیها حتی توارت عنهم فلم یأكل منها یومئذ زمن إلا صح و لا مریض إلا برأ و لا فقیر إلا استغنی و لم یزل غنیا حتی مات و ندم الحواریون و من لم یأكل منها و كانت إذا نزلت اجتمع الأغنیاء و الفقراء و الصغار و الكبار یتزاحمون علیها فلما رأی ذلك عیسی علیه السلام جعلها نوبة بینهم فلبثت أربعین صباحا تنزل ضحی فلا تزال منصوبة یؤكل منها حتی إذا فاء الفی ء (1)طارت صعدا و هم ینظرون فی ظلها حتی توارت عنهم و كانت تنزل غبا یوما و یوما لا فأوحی اللّٰه تعالی إلی عیسی علیه السلام اجعل مائدتی للفقراء دون الأغنیاء فعظم ذلك علی الأغنیاء حتی شكوا و شككوا الناس فیها فأوحی اللّٰه تعالی إلی عیسی أنی شرطت علی المكذبین شرطا أن من كفر بعد نزولها أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ فقال عیسی إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ فمسخ منهم ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثین رجلا باتوا من لیلهم علی فرشهم مع نسائهم فی دیارهم فأصبحوا خنازیر یسعون فی الطرقات و الكناسات و یأكلون العذرة فی الحشوش (2)فلما رأی الناس ذلك فزعوا إلی عیسی علیه السلام و بكوا و بكی علی الممسوخین

ص: 264


1- أی رجع.
2- الحشوش: جمع الحش: الكنیف و مواضع قضاء الحاجة، و اصله من الحش بمعنی البستان، لانهم كانوا كثیرا ما یتغوطون فی البستان.

أهلوهم فعاشوا ثلاثة أیام ثم هلكوا.

و فی تفسیر أهل البیت علیهم الصلاة و السلام كانت المائدة تنزل علیهم فیجتمعون علیها و یأكلون منها ثم یرفع (1)فقال كبراؤهم و مترفوهم لا ندع سفلتنا یأكلون منها معنا فرفع اللّٰه المائدة ببغیهم و مسخوا قردة و خنازیر انتهی كلامه رحمه اللّٰه. (2)و قال الثعلبی فی تفسیره قالت العلماء بأخبار الأنبیاء بعث عیسی علیه السلام رسولین من الحواریین إلی أنطاكیة فلما قربا من المدینة رأیا شیخا یرعی غنیمات له و هو حبیب صاحب یاسین فسلما علیه فقال الشیخ لهما من أنتما قالا رسولا عیسی ندعوكم من عبادة الأوثان إلی عبادة الرحمن فقال أ معكما آیة قالا نعم نحن نشفی المریض و نبرئ الأكمه و الأبرص بإذن اللّٰه فقال الشیخ إن لی ابنا مریضا صاحب فراش منذ سنین قالا فانطلق بنا إلی منزلك نتطلع حاله فأتی بهما إلی منزله فمسحا ابنه فقام فی الوقت بإذن اللّٰه صحیحا ففشا الخبر فی المدینة و شفی اللّٰه علی یدیهما كثیرا من المرضی و كان لهم ملك یقال له شلاحن (3)و كان من ملوك الروم یعبد الأصنام قالوا فأنهی الخبر إلیه فدعاهما فقال لهما من أنتما قالا رسولا عیسی قال فما آیتكما قالا نبرئ الأكمه و الأبرص و نشفی المرضی بإذن اللّٰه قال و فیم جئتما قالا جئناك ندعوك من عبادة ما لا یسمع و لا یبصر إلی عبادة من یسمع و یبصر فقال الملك و لنا إله سوی آلهتنا قالا نعم من أوجدك و آلهتك قال قوما حتی أنظر فی أمركما فتتبعهما ناس فأخذوهما و ضربوهما فی السوق.

و قال وهب بن منبه بعث عیسی علیه السلام هذین الرسولین إلی أنطاكیة فأتیاها و لم یصلا إلی ملكها فطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات یوم فكبرا و ذكرا اللّٰه فغضب الملك و أمر بهما فأخذا و حبسا و جلد كل واحد منهما مائة جلدة قالوا فلما كذب الرسولان و ضربا بعث عیسی رأس الحواریین شمعون الصفا (4)علی أثرهما لینصرهما فدخل

ص: 265


1- فی المصدر: ثم ترتفع.
2- مجمع البیان 3: 264- 267.
3- لم یذكر اسمه فی مجمع البیان.
4- الصفا: الحجر و النصاری یسمونه بطرس بالیونانیة، و بالسریانیة: كیفاس، و هما بمعنی الحجر. و كان تلامذة المسیح یسمون بالحجر لابتناء المسیحیة و الكنیسة علیهم.

شمعون البلدة متنكرا و جعل یعاشر حاشیة الملك حتی أنسوا به فرفع خبره إلی الملك (1)فدعاه فرضی عشرته و أنس به و أكرمه ثم قال له ذات یوم أیها الملك بلغنی أنك حبست رجلین فی السجن و ضربتهما حین دعواك إلی غیر دینك فهل كلمتهما و سمعت قولهما فقال الملك حال الغضب بینی و بین ذلك قال فإن رأی الملك دعاهما حتی یتطلع ما عندهما (2)فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من أرسلكما إلی هاهنا قالا اللّٰه الذی خلق كل شی ء و لیس له شریك قال لهما شمعون فصفاه و أوجزا فقالا إنه یفعل ما یشاء و یحكم ما یرید قال شمعون و ما آیتكما قالا له ما تتمناه فأمر الملك حتی جاءوا بغلام مطموس العینین موضع عینیه كالجبهة فما زالا یدعوان ربهما حتی انشق موضع البصر فأخذا بندقتین من الطین فوضعاهما فی حدقتیه فصارتا مقلتین یبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك إن أنت سألت (3)إلهك حتی یصنع صنیعا مثل هذا فیكون لك و لإلهك شرفا فقال له الملك لیس لی عنك سر إن إلهنا الذی نعبده لا یبصر و لا یسمع و لا یضر و لا ینفع و كان شمعون إذا دخل الملك بیت الصنم یدخل بدخوله و یصلی كثیرا و یتضرع حتی ظنوا أنه علی ملتهم فقال الملك للرسولین إن قدر إلهكما الذی تعبدانه علی إحیاء میت آمنا به و بكما قالا إلهنا قادر علی كل شی ء فقال الملك إن هاهنا میتا مات منذ سبعة أیام ابن لدهقان و أنا أخذته و لم أدفنه حتی یرجع أبوه و كان غائبا فجاءوا بالمیت و قد تغیر و أروح و جعلا یدعوان ربهما علانیة و جعل شمعون یدعو ربه سرا فقام المیت و قال إنی قمت منذ سبعة أیام و أدخلت فی سبعة أودیة من النار و أنا أحذركم ما أنتم فیه فآمنوا باللّٰه ثم قال فتحت أبواب السماء فنظرت فرأیت شابا حسن الوجه یشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك و من الثلاثة قال شمعون و هذان و أشار إلی صاحبیه فتعجب الملك فلما علم شمعون أن قوله قد أثر فی الملك أخبره بالحال و دعاه فآمن قوم (4)و كان الملك فیمن آمن

ص: 266


1- فی المجمع: و رفعوا خبره الی الملك.
2- فی المجمع: حتی نتطلع ما عندهما.
3- فی المجمع: أ رأیت لو أنت سألت.
4- فی المجمع: دعاه إلی اللّٰه فآمن و آمن من أهل مملكته قوم.

و كفر آخرون انتهی. (1)و ذكر الطبرسی رحمه اللّٰه هذه القصة إلی هذا الموضع ثم قال و قد روی مثل ذلك العیاشی بإسناده عن الثمالی و غیره عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام إلا أن فی بعض الروایات بعث اللّٰه الرسولین إلی أهل أنطاكیة ثم بعث الثالث و فی بعضها أن عیسی أوحی اللّٰه إلیه أن یبعثهما ثم بعث وصیه شمعون لیخلصهما و أن المیت الذی أحیاه اللّٰه بدعائهما كان ابن الملك و ساق الخبر إلی آخر ما أورده علی بن إبراهیم (2)ثم قال و قال ابن إسحاق بل كفر الملك و أجمع هو و قومه علی قتل الرسل فبلغ ذلك حبیبا و هو علی باب المدینة الأقصی فجاء یسعی إلیهم یذكرهم و یدعوهم إلی طاعة الرسل انتهی. (3)و قال صاحب الكامل و الثعلبی فی العرائس لما كانت مریم بمصر نزلت علی دهقان و كانت داره یأوی إلیها الفقراء و المساكین فسرق له مال فلم یتهم إلا المساكین فحزنت مریم فلما رأی عیسی علیه السلام حزن أمه قال أ تریدین أن أدله علی ماله قالت نعم قال إنه أخذه الأعمی و المقعد اشتركا فیه حمل الأعمی المقعد فأخذه فقیل للأعمی لیحمل المقعد فأظهر المقعد العجز فقال له المسیح كیف قویت علی حمله البارحة لما أخذتما المال (4)فاعترفا فأعاداه و نزل بالدهقان أضیاف و لم یكن عنده شراب فاهتم لذلك فلما رآه عیسی علیه السلام دخل

ص: 267


1- الكشف و البیان مخطوط.
2- باختلاف كثیر فی ألفاظه.
3- مجمع البیان 8: 419 و 420.
4- فی العرائس زیادة: فلما سمعوه یقول ذلك ضربوا الاعمی حتّی قام، فلما استقل قائما هوی المقعد إلی كوة الخزانة، فقال عیسی للدهقان: هكذا احتالا علی مالك البارحة، لان الاعمی استعان بقوته و المقعد بعینیه، فقال الاعمی و المقعد: صدق و اللّٰه، فردا علی الدهقان ماله كله، فاخذه الدهقان و وضعه فی خزانته و قال: یا مریم خذی نصفه، فقالت: إنی لم اخلق لذلك، قال الدهقان فاعطیه لابنك؟ قالت: هو أعظم منی شأنا، ثمّ لم یلبث الدهقان أن أعرس لابن له، فصنع عیدا فجمع علیه أهل مصر كلهم فكان یطعمهم شهرین، فلما انقضی ذلك زاره قوم من أهل الشام و لم یعلم الدهقان بهم حتّی نزلوا به و لیس عنده یومئذ شراب.

بیتا للدهقان فیه صفان من جرار فأمر عیسی علیه السلام یده علی أفواهها و هو یمشی فامتلأت شرابا و عمره حینئذ اثنتا عشرة سنة و كان فی الكتاب یحدث الصبیان بما یصنع أهلوهم و بما یأكلون قال وهب بینما عیسی علیه السلام یلعب مع الصبیان إذ وثب غلام علی صبی فضربه علی رجله فقتله فألقاه بین رجلی المسیح متلطخا بالدم (1)فانطلقوا به إلی الحاكم فی ذلك البلد و قالوا قتل صبینا فسأله الحاكم فقال ما قتلته فأرادوا أن یبطشوا به فقال ایتونی بالصبی حتی أسأله من قتله فعجبوا من قوله و أحضروه عند القتیل (2)فدعا اللّٰه تعالی و أحیاه فقال من قتلك فقال قتلنی فلان (3)فقال بنو إسرائیل للقتیل من هذا قال عیسی ابن مریم ثم مات من ساعته.

و قال عطاء سلمت مریم عیسی علیه السلام إلی صباغ یتعلم عنده فاجتمع عند الصباغ ثیاب و عرض له حاجة فقال للمسیح علیه السلام هذه ثیاب مختلفة الألوان و قد جعلت فی كل ثوب خیطا علی اللون الذی تصبغ به فاصبغها حتی أعود من حاجتی هذه فأخذها المسیح و ألقاها فی حب واحد فلما عاد الصباغ سأله عن الثیاب فقال صبغتها فقال أین هی قال فی هذا الحب قال كلها قال نعم قال قد أفسدتها علی أصحابها و تغیظ علیه فقال له المسیح لا تعجل و انظر إلیها فقام و أخرج كل ثوب منها علی اللون الذی أراد صاحبه فتعجب الصباغ منه و علم أن ذلك من اللّٰه تعالی.

و لما عاد عیسی و أمه إلی الشام (4)نزلا بقریة یقال لها ناصرة و بها سمیت

ص: 268


1- فی العرائس زیادة و هی: ما طلع الناس علیه فاتهموه به فأخذوه.
2- فی المجمع: فتعجبوا من قوله و أحضروا عنده القتیل فدعا اللّٰه تعالی فاحیاه.
3- فی المصدر زیادة: یعنی الذی قتله.
4- فی العرائس: قال وهب: لما مات هردوس الملك بعد اثنتی عشر سنة من مولد عیسی علیه السلام أوحی اللّٰه تعالی الی مریم یخبرها بموت هردوس و یأمرها مع ابن عمها یوسف النجّار إلی الشام، فرجع عیسی و أمه و سكنا فی جبل الخلیل فی قریة یقال لها ناصرة و بها سمیت النصاری و كان عیسی علیه السلام یتعلم فی الساعة علم یوم، و فی الیوم علم شهر، و فی الشهر علم سنة، فلما تمت ثلاثون سنة أوحی اللّٰه تعالی إلیه اه.

النصاری فأقام إلی أن بلغ ثلاثین سنة فأوحی اللّٰه إلیه أن یبرز للناس و یدعوهم إلی اللّٰه تعالی و یداوی الزمنی و المرضی و الأكمه و الأبرص و غیرهم من المرضی ففعل ما أمر به فأحبه الناس و كثر أتباعه (1)و حضر یوما طعام بعض الملوك كان دعا الناس إلیه فقعد علی قصعة یأكل منها و لا ینقص قال الملك من أنت قال أنا عیسی ابن مریم فنزل الملك (2)و أتبعه فی نفر من أصحابه فكانوا الحواریین و قیل إن الحواریین هم الصباغ الذی تقدم ذكره و أصحاب له و قیل كانوا صیادین و قیل كانوا قصارین و قیل ملاحین و اللّٰه أعلم. (3)أقول و قال السید بن طاوس فی سعد السعود رأیت فی الإنجیل أن عیسی علیه السلام صعد السفینة و معه تلامیذه و إذا اضطراب عظیم فی البحر حتی كادت السفینة تتغطی بالأمواج و كان هو كالنائم فتقدم إلیه تلامیذه و أیقظوه و قالوا یا سیدنا نجنا لكیلا نهلك فقال لهم یا قلیلی الإیمان ما أخوفكم فعند ذلك قام و انتهر الریاح فصار هدءا عظیما (4)فتعجب الناس (5)و قالوا كیف هذا إن الریاح و البحر لتسمعان منه (6).

ص: 269


1- فی المصدر: و علا ذكره. و فی العرائس بعد ذلك زیادة راجع.
2- فی الكامل: فنزل الملك عن ملكه.
3- الكامل 1: 108، العرائس: 217- 219.
4- الهدء و الهدوء: السكون.
5- فی المصدر: فتعجب الناس من ذلك.
6- سعد السعود: 56.

باب 19 ما جری بینه علیه السلام و بین إبلیس لعنه اللّٰه

«1»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ شَاذَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَضَی لِعِیسَی علیه السلام ثَلَاثُونَ سَنَةً بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَقِیَهُ إِبْلِیسُ عَلَی عَقَبَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ هِیَ عَقَبَةُ أَفِیقٍ (1)فَقَالَ لَهُ یَا عِیسَی أَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنْ تَكَوَّنْتَ مِنْ غَیْرِ أَبٍ قَالَ عِیسَی بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی كَوَّنَنِی وَ كَذَلِكَ كَوَّنَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِی الْمَهْدِ صَبِیّاً قَالَ عِیسَی یَا إِبْلِیسُ بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی أَنْطَقَنِی فِی صِغَرِی وَ لَوْ شَاءَ لَأَبْكَمَنِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَتَنْفُخُ فِیهِ فَیَصِیرُ طَیْراً قَالَ عِیسَی بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی خَلَقَنِی وَ خَلَقَ مَا سَخَّرَ لِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَشْفِی الْمَرْضَی قَالَ عِیسَی بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی بِإِذْنِهِ أَشْفِیهِمْ وَ إِذَا شَاءَ أَمْرَضَنِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ عِیسَی بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی بِإِذْنِهِ أُحْیِیهِمْ وَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ یُمِیتَ مَا أَحْیَیْتُ وَ یُمِیتَنِی قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَعْبُرُ الْبَحْرَ فَلَا تَبْتَلُّ قَدَمَاكَ وَ لَا تَرْسُخُ فِیهِ قَالَ عِیسَی بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی ذَلَّلَهُ لِی وَ لَوْ شَاءَ أَغْرَقَنِی قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّهُ سَیَأْتِی عَلَیْكَ یَوْمٌ تَكُونُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ دُونَكَ وَ أَنْتَ فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ تُدَبِّرُ الْأَمْرَ وَ تُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ فَأَعْظَمَ عِیسَی علیه السلام ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ إِبْلِیسَ الْكَافِرِ اللَّعِینِ فَقَالَ عِیسَی سُبْحَانَ اللَّهِ مِلْ ءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَی نَفْسِهِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ ذَهَبَ عَلَی وَجْهِهِ لَا یَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَیْئاً حَتَّی وَقَعَ فِی اللُّجَّةِ الْخَضْرَاءِ

ص: 270


1- بفتح الهمزة ثمّ الكسر فالسكون.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْجِنِّ تَمْشِی عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ فَإِذَا هِیَ بِإِبْلِیسَ سَاجِداً عَلَی صَخْرَةٍ صَمَّاءَ تَسِیلُ دُمُوعُهُ عَلَی خَدَّیْهِ فَقَامَتْ تَنْظُرُ إِلَیْهِ تَعَجُّباً ثُمَّ قَالَتْ لَهُ وَیْحَكَ یَا إِبْلِیسُ مَا تَرْجُو بِطُولِ السُّجُودِ فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ابْنَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَرْجُو إِذْ أَبَرَّ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ قَسَمَهُ (1)وَ أَدْخَلَنِی نَارَ جَهَنَّمَ أَنْ یُخْرِجَنِی مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ (2).

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بُرَیْدٍ الْقَصْرَانِیِّ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَعِدَ عِیسَی علیه السلام عَلَی جَبَلٍ بِالشَّامِ یُقَالُ لَهُ أَرِیحَا فَأَتَاهُ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ مَلِكِ فِلَسْطِینَ فَقَالَ لَهُ یَا رُوحَ اللَّهِ أَحْیَیْتَ الْمَوْتَی وَ أَبْرَأْتَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ عَنِ الْجَبَلِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام إِنَّ ذَلِكَ أُذِنَ لِی فِیهِ وَ هَذَا لَمْ یُؤْذَنْ لِی فِیهِ (3).

«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ إِبْلِیسُ إِلَی عِیسَی علیه السلام فَقَالَ أَ لَیْسَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ عِیسَی بَلَی قَالَ إِبْلِیسُ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ فَوْقِ الْحَائِطِ فَقَالَ عِیسَی وَیْلَكَ إِنَّ الْعَبْدَ لَا یُجَرِّبُ رَبَّهُ وَ قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی هَلْ یَقْدِرُ رَبُّكَ عَلَی أَنْ یُدْخِلَ الْأَرْضَ فِی بَیْضَةٍ وَ الْبَیْضَةُ كَهَیْئَتِهَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یُوصَفُ بِعَجْزٍ وَ الَّذِی قُلْتَ لَا یَكُونُ یَعْنِی هُوَ مُسْتَحِیلٌ فِی نَفْسِهِ كَجَمْعِ الضِّدَّیْنِ (4).

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَقِیَ إِبْلِیسُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام فَقَالَ هَلْ نَالَنِی مِنْ حَبَائِلِكَ شَیْ ءٌ قَالَ جَدَّتُكَ الَّتِی قَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُها أُنْثی إِلَی قَوْلِهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ (5)

بیان: یعنی كیف ینالك من حبائلی و جدتك دعت حین ولدت والدتك أن یعیذها اللّٰه و ذریتها من شر الشیطان الرجیم و أنت من ذریتها.

ص: 271


1- فی المصدر: إذا ابر ربی عزّ و جلّ قسمه.
2- أمالی الصدوق: 122- 123.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. و الظاهر أن التفسیر من الراوندیّ رحمه اللّٰه.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 282.

باب 20 حواریه و أصحابه و أنهم لم سموا حواریین و أنه لم سمی النصاری نصاری

الآیات؛

آل عمران: «فَلَمَّا أَحَسَّ عِیسی مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ قالَ الْحَوارِیُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ* رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِینَ* وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ»(52-54)

الحدید: «وَ قَفَّیْنا بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ آتَیْناهُ الْإِنْجِیلَ وَ جَعَلْنا فِی قُلُوبِ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً وَ رَهْبانِیَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَیْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعایَتِها فَآتَیْنَا الَّذِینَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ»(27)

الصف: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوارِیِّینَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ قالَ الْحَوارِیُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِینَ»(14)

«1»-فس، تفسیر القمی رَوَی ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ فَلَمَّا أَحَسَّ عِیسی مِنْهُمُ الْكُفْرَ أَیْ لَمَّا سَمِعَ وَ رَأَی أَنَّهُمْ یَكْفُرُونَ وَ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ الَّتِی قَدَّرَهَا اللَّهُ فِی النَّاسِ السَّمْعُ لِلصَّوْتِ وَ الْبَصَرُ لِلْأَلْوَانِ وَ تَمَیُّزِهَا وَ الشَّمُّ لِمَعْرِفَةِ الرَّوَائِحِ الطَّیِّبَةِ وَ الْمُنْتِنَةِ (1)وَ الذَّوْقُ لِلطُّعُومِ وَ تَمَیُّزِهَا وَ اللَّمْسُ لِمَعْرِفَةِ الْحَارِّ وَ الْبَارِدِ وَ اللَّیِّنِ وَ الْخَشِنِ (2).

«2»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام لِمَ سُمِّیَ الْحَوَارِیُّونَ الْحَوَارِیِّینَ قَالَ أَمَّا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ سُمُّوا حَوَارِیِّینَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَصَّارِینَ یُخَلِّصُونَ الثِّیَابَ مِنَ الْوَسَخِ بِالْغَسْلِ وَ هُوَ

ص: 272


1- فی نسخة: و الخبیثة.
2- تفسیر القمّیّ: 93.

اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخُبْزِ الْحُوَّارَی (1)وَ أَمَّا عِنْدَنَا فَسُمِّیَ الْحَوَارِیُّونَ حَوَارِیِّینَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُخْلَصِینَ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ مُخْلِصِینَ لِغَیْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ بِالْوَعْظِ وَ التَّذْكِیرِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَلِمَ سُمِّیَ النَّصَارَی نَصَارَی قَالَ لِأَنَّهُمْ مِنْ قَرْیَةٍ اسْمُهَا نَاصِرَةُ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ نَزَلَتْهَا مَرْیَمُ وَ عِیسَی علیهما السلام بَعْدَ رُجُوعِهِمَا مِنْ مِصْرَ (2).

مع، معانی الأخبار مرسلا مثله (3).

«3»-ل، الخصال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ الشَّهْرَزُورِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحُسَیْنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ (4)عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَةٌ لَمْ یَكْفُرُوا بِالْوَحْیِ طَرْفَةَ عَیْنٍ مُؤْمِنُ آلِ یس وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ آسِیَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ (5).

«9»-أَقُولُ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَارِسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَمْرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَخِیهِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُبَّاقُ (6)الْأُمَمِ ثَلَاثٌ لَمْ یَكْفُرُوا بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ صَاحِبُ یس وَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ فَهُمُ

ص: 273


1- الخبز الحواری: الذی نخل مرة بعد مرة.
2- علل الشرائع: 38، عیون الأخبار: 233 و 234.
3- معانی الأخبار: 19.
4- فی المطبوع: «أبی لهیعة» و هو مصحف، و الصحیح ابن لهیعة بفتح اللام و كسر الهاء و هو عبد اللّٰه بن لهیعة بن عقبة بن فرعان بن ربیعة بن ثوبان الحضرمی الاعدولی- و یقال: النافقی أبو عبد الرحمن المصری الفقیه القاضی المتوفّی سنة 174. و أبو الزبیر هو محمّد بن مسلم بن تدرس الأسدی مولاهم أبو الزبیر المكی المتوفّی سنة 126، ترجمهما العامّة فی كتبهم.
5- الخصال 1: 82.
6- بالضم جمع السابق.

الصِّدِّیقُونَ حَبِیبٌ النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ یس وَ حِزْبِیلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ أَفْضَلُهُمْ (1).

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرَ النَّصَارَی وَ عَدَاوَتَهُمْ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ قَالَ أُولَئِكَ كَانُوا قَوْماً بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ یَنْتَظِرُونَ مَجِی ءَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

«5»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الصَّنْعَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَی الْحَوارِیِّینَ قَالَ أُلْهِمُوا (3).

«6»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ نَاجِیَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام (4)إِنَّ الْمُغِیرَةَ یَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُبْتَلَی بِالْجُذَامِ وَ لَا بِالْبَرَصِ وَ لَا بِكَذَا وَ لَا بِكَذَا فَقَالَ إِنْ كَانَ لَغَافِلًا عَنْ صَاحِبِ یس إِنَّهُ كَانَ مُكَنَّعاً ثُمَّ رُدَّ أَصَابِعُهُ فَقَالَ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی تَكْنِیعِهِ أَتَاهُمْ فَأَنْذَرَهُمْ ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِمْ مِنَ الْغَدِ فَقَتَلُوهُ (5).

بیان: كنعت أصابعه أی تشنجت و یبست و كنع یده تكنیعا جعلها شلا.

«7»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی كَوْكَبِ الدَّمِ (6)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ حَوَارِیَّ عِیسَی علیه السلام كَانُوا شِیعَتَهُ وَ إِنَّ شِیعَتَنَا حَوَارِیُّونَا وَ مَا كَانَ حَوَارِیُّ عِیسَی علیه السلام بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِیِّنَا لَنَا وَ إِنَّمَا قَالَ عِیسَی علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ قالَ الْحَوارِیُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَلَا وَ اللَّهِ مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْیَهُودِ وَ لَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ وَ شِیعَتُنَا وَ اللَّهِ

ص: 274


1- الكشف و البیان مخطوط، و ذكره أیضا فی العرائس: 228.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 493.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 511.
4- فی المصدر: عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
5- أصول الكافی 2: 254.
6- اسمه زكریا.

لَمْ یَزَالُوا مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَنْصُرُونَّا وَ یُقَاتِلُونَ دُونَنَا وَ یُحْرَقُونَ وَ یُعَذَّبُونَ وَ یُشَرَّدُونَ فِی الْبُلْدَانِ جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنَّا خَیْراً (1).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فَلَمَّا أَحَسَّ أی وجد و قیل أبصر و رأی و قیل علم عِیسی مِنْهُمُ الْكُفْرَ و أنهم لا یزدادون إلا إصرارا علی الكفر بعد ظهور الآیات و المعجزات امتحن المؤمنین من قومه بالسؤال و التعرف عما فی اعتقادهم من نصرته قالَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ و قیل إنه لما عرف منهم العزم علی قتله قال من أنصاری إلی اللّٰه و فیه أقوال:

أحدها أن معناه من أعوانی علی هؤلاء الكفار مع معونة اللّٰه تعالی عن السدی و ابن جریح.

و الثانی أن معناه من أنصاری فی السبیل إلی اللّٰه عن الحسن لأنه دعاهم إلی سبیل اللّٰه.

و الثالث أن معناه من أعوانی علی إقامة الدین المؤدی إلی اللّٰه أی إلی نیل ثوابه كقوله إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ (2)و مما یسأل علی هذا أن عیسی إنما بعث للوعظ دون الحرب فلما استنصر علیهم فیقال لهم للحمایة من الكافرین الذین أرادوا قتله عند إظهار الدعوة عن الحسن و مجاهد و قیل أیضا یجوز أن یكون طلب النصرة للتمكین من إقامة الحجة و لتمیز الموافق و المخالف. (3)قالَ الْحَوارِیُّونَ و اختلف فی سبب تسمیتهم بذلك علی أقوال أحدها أنهم سموا بذلك لنقاء ثیابهم عن سعید بن جبیر.

و ثانیها أنهم كانوا قصارین (4)یبیضون الثیاب عن أبی نجیح (5)عن أبی أرطاة.

ص: 275


1- روضة الكافی: 268.
2- الصافّات: 99.
3- فی المصدر: و لتمیز الموافق من المخالف.
4- من حار الثوب و حوره: غسله و بیضه.
5- فی المصدر: ابن أبی نجیح. و هو عبد اللّٰه بن أبی نجیح یسار المكی المتوفّی سنة 131، و ابوه یسار المكی أبو نجیح مولی ثقیف توفّی سنة 109.

و ثالثها أنهم كانوا صیادین یصیدون السمك عن ابن عباس و السدی.

و رابعها أنهم كانوا خاصة الأنبیاء عن قتادة و الضحاك و هذا أوجه لأنهم مدحوا بهذا الاسم كأنه ذهب إلی نقاء قلوبهم كنقاء الثوب الأبیض بالتحویر و قال الحسن الحواری الناصر و الحواریون الأنصار و قال الكلبی الحواریون أصفیاء عیسی علیه السلام و كانوا اثنی عشر رجلا و قال عبد اللّٰه بن المبارك سموا حواریین لأنهم كانوا نورانیین علیهم أثر العباد و نورها و حسنها كما قال تعالی سِیماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (1)نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ معناه نحن أعوان اللّٰه علی الكافرین من قومك أی أعوان رسول اللّٰه أو أعوان دین اللّٰه آمَنَّا بِاللَّهِ أی صدقنا أنه واحد لا شریك له وَ اشْهَدْ یا عیسی بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أی كن شهیدا لنا عند اللّٰه أشهدوه علی إسلامهم لأن الأنبیاء شهداء اللّٰه علی خلقه یوم القیامة كما قال سبحانه وَ یَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِیداً (2)رَبَّنا أی یا ربنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ علی عیسی وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِینَ أی فی جملة الشاهدین بجمیع ما أنزلت لنفوز بما فازوا به و ننال ما نالوا من كرامتك و قیل معناه و اجعلنا مع محمد صلی اللّٰه علیه و آله و أمته عن ابن عباس و قد سماهم اللّٰه شهداء بقوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَی النَّاسِ (3)أی من الشاهدین بالحق من عندك هذا كله حكایة قول الحواریین.

و روی أنهم اتبعوا عیسی و كانوا إذا جاعوا قالوا یا روح اللّٰه جعنا فیضرب بیده علی الأرض سهلا كان أو جبلا فیخرج لكل إنسان منهم رغیفین یأكلهما فإذا عطشوا قالوا یا روح اللّٰه عطشنا فیضرب بیده علی الأرض سهلا كان أو جبلا فیخرج ماء فیشربون قالوا یا روح اللّٰه من أفضل منا إذا شئنا أطعمتنا و إذا شئنا سقیتنا و قد آمنا بك و اتبعناك قال أفضل منكم من یعمل بیده و یأكل من كسبه فصاروا یغسلون الثیاب بالكراء. (4)

ص: 276


1- الفتح: 29.
2- النحل: 84.
3- البقرة: 143.
4- مجمع البیان 2: 447 و 448.

فِی قُلُوبِ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ (1)فی دینه یعنی الحواریین و أتباعهم اتبعوا عیسی علیه السلام رَأْفَةً و هی أشد الرقة وَ رَهْبانِیَّةً ابْتَدَعُوها هی الخصلة من العبادة یظهر فیها معنی الرهبة إما فی لبسة (2)أو انفراد عن الجماعة أو غیر ذلك من الأمور التی یظهر فیها نسك صاحبه و المعنی ابتدعوا رهبانیة لم نكتبها علیهم و قیل هی رفض النساء و اتخاذ الصوامع و قیل هی لحاقهم بالبراری و الجبال فی خبر مرفوع عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فما رعاها الذین من بعدهم حق رعایتها و ذلك لتكذیبهم بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و قیل إن الرهبانیة هی الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة ما كَتَبْناها أی ما فرضناها عَلَیْهِمْ

وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ رَدِیفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حِمَارٍ فَقَالَ یَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ هَلْ تَدْرِی مِنْ أَیْنَ أَحْدَثَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ الرَّهْبَانِیَّةَ فَقُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ ظَهَرَتْ عَلَیْهِمُ الْجَبَابِرَةُ بَعْدَ عِیسَی علیه السلام یَعْمَلُونَ بِمَعَاصِی اللَّهِ فَغَضِبَ أَهْلُ الْإِیمَانِ فَقَاتَلُوهُمْ فَهُزِمَ أَهْلُ الْإِیمَانِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِیلُ فَقَالُوا إِنْ ظَهَرَنَا هَؤُلَاءِ أَفْنَوْنَا وَ لَمْ یَبْقَ لِلدِّینِ أَحَدٌ یَدْعُو إِلَیْهِ فَتَعَالَوْا نَتَفَرَّقْ فِی الْأَرْضِ إِلَی أَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ النَّبِیَّ الَّذِی وَعَدَنَا بِهِ عِیسَی علیه السلام یَعْنُونَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَتَفَرَّقُوا فِی غِیرَانِ الْجِبَالِ وَ أَحْدَثُوا رَهْبَانِیَّةً فَمِنْهُمْ مَنْ تَمَسَّكَ بِدِینِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ رَهْبانِیَّةً ابْتَدَعُوها الْآیَةَ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ أَ تَدْرِی مَا رَهْبَانِیَّةُ أُمَّتِی قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الْهِجْرَةُ وَ الْجِهَادُ وَ الصَّلَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ (3).

مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ أی مع اللّٰه أو فیما یقرب إلی اللّٰه نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ أی أنصار دینه فَآمَنَتْ طائِفَةٌ أی صدقت بعیسی علیه السلام وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ أخری به قال ابن عباس یعنی فی زمن عیسی علیه السلام و ذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق فرقة قالت كان اللّٰه فارتفع و فرقة قالت كان ابن اللّٰه فرفعه إلیه و فرقة قالوا كان عبد اللّٰه و رسوله فرفعه إلیه و هم المؤمنون و اتبع كل فرقة طائفة من الناس فاقتتلوا و ظهرت

ص: 277


1- فی المصدر: و جعلنا فی قلوب الذین اتبعوه.
2- فی المصدر: إما فی كنیسة.
3- مجمع البیان 9: 243.

الفرقتان الكافرتان علی المؤمنین حتی بعث محمد صلی اللّٰه علیه و آله فظهرت الفرقة المؤمنة علی الكافرین و ذلك قوله فَأَیَّدْنَا إلی قوله ظاهِرِینَ أی عالین غالبین و قیل معناه أصبحت حجة من آمن بعیسی علیه السلام ظاهرة بتصدیق محمد صلی اللّٰه علیه و آله بأن عیسی كلمة اللّٰه و روحه و قیل بل أیدوا فی زمانهم علی من كفر بعیسی علیه السلام و قیل فآمنت طائفة بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و كفرت طائفة به فأصبحوا قاهرین لعدوهم بالحجة و القهر و الغلبة (1).

«8»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ (2)قَالَ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ لِی إِلَیْكُمْ حَاجَةٌ اقْضُوهَا لِی قَالُوا قُضِیَتْ حَاجَتُكَ یَا رُوحَ اللَّهِ فَقَامَ فَغَسَلَ أَقْدَامَهُمْ فَقَالُوا كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا یَا رُوحَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْخِدْمَةِ الْعَالِمُ إِنَّمَا تَوَاضَعْتُ هَكَذَا لِكَیْمَا تَتَوَاضَعُوا بَعْدِی فِی النَّاسِ كَتَوَاضُعِی لَكُمْ ثُمَّ قَالَ عِیسَی علیه السلام بِالتَّوَاضُعِ تَعْمَرُ الْحِكْمَةُ لَا بِالتَّكَبُّرِ وَ كَذَلِكَ فِی السَّهْلِ یَنْبُتُ الزَّرْعُ لَا فِی الْجَبَلِ (3).

«9»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لَهُ مَا بَالُ أَصْحَابِ عِیسَی علیه السلام كَانُوا یَمْشُونَ عَلَی الْمَاءِ وَ لَیْسَ ذَلِكَ فِی أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ عِیسَی علیه السلام كُفُوا الْمَعَاشَ وَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ابْتُلُوا بِالْمَعَاشِ (4).

«10»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ إِنَّا لَنَرَی الرَّجُلَ لَهُ عِبَادَةٌ وَ اجْتِهَادٌ وَ خُشُوعٌ وَ لَا یَقُولُ بِالْحَقِّ فَهَلْ یَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَیْئاً فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ الْبَیْتِ (5)مَثَلُ أَهْلِ بَیْتٍ كَانُوا فِی بَنِی

ص: 278


1- مجمع البیان 9: 282.
2- الموجود فی المصدر و فی مرآة العقول: و بهذا الاسناد عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان رفعه. و الاسناد الذی قبله هكذا: أحمد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن محمّد البرقی.
3- أصول الكافی 1: 37.
4- فروع الكافی 1: 347.
5- فی نسخة: ان مثل أهل البیت.

إِسْرَائِیلَ كَانَ لَا یَجْتَهِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً إِلَّا دَعَا فَأُجِیبَ وَ إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمُ اجْتَهَدَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً ثُمَّ دَعَا فَلَمْ یُسْتَجَبْ لَهُ فَأَتَی عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام یَشْكُو إِلَیْهِ مَا هُوَ فِیهِ وَ یَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ لَهُ قَالَ فَتَطَهَّرَ عِیسَی علیه السلام وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ (1)ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا عِیسَی إِنَّ عَبْدِی أَتَانِی مِنْ غَیْرِ الْبَابِ الَّذِی أُوتَی مِنْهُ إِنَّهُ دَعَانِی وَ فِی قَلْبِهِ شَكٌّ مِنْكَ فَلَوْ دَعَانِی حَتَّی یَنْقَطِعَ عُنُقُهُ وَ تَنْتَثِرَ أَنَامِلُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ عِیسَی علیه السلام فَقَالَ علیه السلام تَدْعُو رَبَّكَ وَ أَنْتَ فِی شَكٍّ مِنْ نَبِیِّهِ فَقَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ قَدْ كَانَ وَ اللَّهِ مَا قُلْتَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ یَذْهَبَ بِهِ عَنِّی قَالَ فَدَعَا لَهُ عِیسَی علیه السلام فَتَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ قَبِلَ مِنْهُ وَ صَارَ فِی حَدِّ أَهْلِ بَیْتِهِ (2).

«11»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مُوسَی علیه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِیثٍ لَمْ یَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَیْهِ بِمِصْرَ فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ وَ إِنَّ عِیسَی علیه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِیثٍ فَلَمْ یَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَیْهِ بِتَكْرِیتَ (3)فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِینَ (4).

«12»-ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ج، الإحتجاج عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ یَذْكُرُ فِیهِ احْتِجَاجَ الرِّضَا علیه السلام عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ: قَالَ الْجَاثَلِیقُ لِلرِّضَا علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ حَوَارِیِّ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ كَمْ كَانَ عِدَّتُهُمْ وَ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِنْجِیلِ كَمْ كَانُوا قَالَ الرِّضَا علیه السلام عَلَی الْخَبِیرِ سَقَطْتَ أَمَّا الْحَوَارِیُّونَ فَكَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا وَ كَانَ أَفْضَلُهُمْ وَ أَعْلَمُهُمْ أَلُوقَا (5)وَ أَمَّا عُلَمَاءُ النَّصَارَی فَكَانُوا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ یُوحَنَّا الْأَكْبَرُ بِأَجٍّ (6)وَ یُوحَنَّا بِقِرْقِیسِیَاءَ (7)

ص: 279


1- المصدر خلی عن قوله: ركعتین.
2- أصول الكافی 2: 400.
3- بفتح التاء: بلدة مشهورة بین بغداد و الموصل، منها الی بغداد ثلاثون فرسخا.
4- مخطوط.
5- و هو المسمی عند النصاری لوقا و ینسب إلیه أحد الاناجیل. و فی الاحتجاج: لوقا.
6- هكذا فی العیون، و فی التوحید: بأح، و فی الاحتجاج: باحی، و لم نجد أمكنة بهذه الاسامی و لعلها مصحف «اخی» بضم الالف و تشدید الخاء و القصر: ناحیة من نواحی البصرة فی شرقیّ دجلة ذات أنهار و قری.
7- قرقیسیاء: بكسر القاف و یقصر: بلدة علی الفرات سمیت بقرقیساء بن طهمورث.

وَ یُوحَنَّا الدَّیْلَمِیُّ بزجار (بِرَجَّانَ) (1)وَ عِنْدَهُ كَانَ ذِكْرُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذِكْرُ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أُمَّتِهِ وَ هُوَ الَّذِی بَشَّرَ أُمَّةَ عِیسَی وَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِهِ (2).

أقول: وجدت فی بعض الكتب أن عیسی علیه السلام كان مع بعض الحواریین فی بعض سیاحته فمروا علی بلد فلما قربوا منه وجدوا كنزا علی الطریق فقال من معه ائذن لنا یا روح اللّٰه أن نقیم هاهنا و نحوز هذا الكنز لئلا یضیع فقال علیه السلام لهم أقیموا هاهنا و أنا أدخل البلد و لی فیه كنز أطلبه فلما دخل البلد و جال فیه رأی دارا خربة فدخلها فوجد فیها عجوزة فقال لها أنا ضیفك فی هذه اللیلة و هل فی هذه الدار أحد غیرك قالت نعم لی ابن مات أبوه و بقی یتیما فی حجری و هو یذهب إلی الصحاری و یجمع الشوك و یأتی البلد فیبیعها و یأتینی بثمنها نتعیش به فهیأت لعیسی علیه السلام بیتا فلما جاء ولدها قالت له بعث اللّٰه فی هذه اللیلة ضیفا صالحا یسطع من جبینه أنوار الزهد و الصلاح فاغتنم خدمته و صحبته فدخل الابن علی عیسی علیه السلام و خدمه و أكرمه فلما كان فی بعض اللیل سأل عیسی علیه السلام الغلام عن حاله و معیشته و غیرها فتفرس علیه السلام فیه آثار العقل و الفطانة و الاستعداد للترقی علی مدارج الكمال لكن وجد فیه أن قلبه مشغول بهم عظیم فقال له یا غلام أری قلبك مشغولا بهم لا یبرح فأخبرنی به لعله یكون عندی دواء دائك فلما بالغ عیسی علیه السلام قال نعم فی قلبی هم و داء لا یقدر علی دوائه أحد إلا اللّٰه تعالی فقال أخبرنی به لعل اللّٰه یلهمنی ما یزیله عنك فقال الغلام إنی كنت یوما أحمل الشوك إلی البلد فمررت بقصر ابنة الملك فنظرت إلی القصر فوقع نظری علیها فدخل حبها شغاف (3)قلبی و هو یزداد كل یوم و لا أری لذلك دواء إلا الموت فقال عیسی علیه السلام إن كنت تریدها أنا أحتال لك حتی تتزوجها فجاء الغلام إلی أمه و أخبرها بقوله فقالت أمه یا ولدی إنی لا أظن هذا الرجل یعد بشی ء

ص: 280


1- هكذا فی العیون، و فی التوحید: بزجان، و فی الاحتجاج: بزخار؛ و كلها غیر معروف، نعم الرجان كشداد: واد بنجد و موضع بفارس یقال فیه أرجان أیضا.
2- التوحید: 433 العیون: 89، الاحتجاج: 228، و تقدم الحدیث مفصلا راجع ج 10: 303.
3- الشفاف: غلاف القلب. حبته. و حبة القلب: مهجته.

لا یمكنه الوفاء به فاسمع له و أطعه فی كل ما یقول فلما أصبحوا قال عیسی علیه السلام للغلام اذهب إلی باب الملك فإذا أتی خواص الملك و وزراؤه لیدخلوا علیه قل لهم أبلغوا الملك عنی أنی جئته خاطبا كریمته ثم ائتنی و أخبرنی بما جری بینك و بین الملك فأتی الغلام باب الملك فلما قال ذلك لخاصة الملك ضحكوا و تعجبوا من قوله و دخلوا علی الملك و أخبروه بما قال الغلام مستهزئین به فاستحضره الملك فلما دخل علی الملك و خطب ابنته قال الملك مستهزئا به أنا لا أعطیك ابنتی إلا أن تأتینی من اللآلی و الیواقیت و الجواهر الكبار كذا و كذا و وصف له ما لا یوجد فی خزانة ملك من ملوك الدنیا فقال الغلام أنا أذهب و آتیك بجواب هذا الكلام فرجع إلی عیسی علیه السلام فأخبره بما جری فذهب به عیسی علیه السلام إلی خربة كانت فیها أحجار و مدر كبار فدعا اللّٰه تعالی فصیرها كلها من جنس ما طلب الملك و أحسن منها فقال یا غلام خذ منها ما ترید و اذهب به إلی الملك فلما أتی الملك بها تحیر الملك و أهل مجلسه فی أمره و قالوا لا یكفینا هذا فرجع إلی عیسی علیه السلام فأخبره فقال اذهب إلی الخربة و خذ منها ما ترید و اذهب بها إلیهم فلما رجع بأضعاف ما أتی به أولا زادت حیرتهم و قال الملك إن لهذا شأنا غریبا فخلا بالغلام و استخبره عن الحال فأخبره بكل ما جری بینه و بین عیسی علیه السلام و ما كان من عشقه لابنته فعلم الملك أن الضیف هو عیسی علیه السلام فقال قل لضیفك یأتینی و یزوجك ابنتی فحضر عیسی علیه السلام و زوجها منه و بعث الملك ثیابا فاخرة إلی الغلام فألبسها إیاه و جمع بینه و بین ابنته تلك اللیلة فلما أصبح طلب الغلام و كلمه فوجده عاقلا فهما ذكیا و لم یكن للملك ولد غیر هذه الابنة فجعل الغلام ولی عهده (1)و وارث ملكه و أمر خواصه و أعیان مملكته ببیعته و طاعته.

فلما كانت اللیلة الثانیة مات الملك فجأة و أجلسوا الغلام علی سریر الملك و أطاعوه و سلموا إلیه خزائنه فأتاه عیسی علیه السلام فی الیوم الثالث لیودعه فقال الغلام أیها الحكیم إن لك علی حقوقا لا أقوم بشكر واحد منها لو بقیت أبد الدهر و لكن عرض فی قلبی البارحة أمر لو لم تجبنی عنه لا أنتفع بشی ء مما حصلتها لی فقال و ما هو قال

ص: 281


1- ولی العهد: وریث الملك.

الغلام إنك إذا قدرت علی أن تنقلنی من تلك الحالة الخسیسة إلی تلك الدرجة الرفیعة فی یومین فلم لا تفعل هذا بنفسك و أراك فی تلك الثیاب و فی هذه الحالة فلما أحفی فی السؤال قال له عیسی علیه السلام إن العالم باللّٰه و بدار كرامته و ثوابه و البصیر بفناء الدنیا و خستها و دناءتها لا یرغب إلی هذا الملك الزائل و هذه الأمور الفانیة و إن لنا فی قربه تعالی و معرفته و محبته لذات روحانیة لا نعد تلك اللذات الفانیة عندها شیئا فلما أخبره بعیوب الدنیا و آفاتها و نعیم الآخرة و درجاتها قال له الغلام فلی علیك حجة أخری لم اخترت لنفسك ما هو أولی و أحری و أوقعتنی فی هذه البلیة الكبری فقال له عیسی إنما اخترت لك ذلك لأمتحنك فی عقلك و ذكائك و لیكون لك الثواب فی ترك هذه الأمور المیسرة لك أكثر و أوفی و تكون حجة علی غیرك فترك الغلام الملك و لبس أثوابه البالیة و تبع عیسی علیه السلام فلما رجع عیسی إلی الحواریین قال هذا كنزی الذی كنت أظنه فی هذا البلد فوجدته و الحمد لله.

و ذكر الثعلبی فی العرائس نحوا من ذلك مع اختصار إلی أن قال فكان معه ابن العجوز إلی أن مات فمر به میتا علی سریر (1)فدعا اللّٰه عز و جل عیسی فجلس علی سریره و نزل عن أعناق الرجال و لبس ثیابه و حمل السریر علی عنقه و رجع إلی أهله فبقی و ولد له (2).

ص: 282


1- فی العرائس: و مر به و هو میت علی سریره.
2- العرائس: 220 و 221.

باب 21 مواعظه و حكمه و ما أوحی إلیه صلوات اللّٰه علی نبینا و آله و علیه

الآیات؛

المائدة: «وَ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما یَكُونُ لِی أَنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ* ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِی بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْتَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ* إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ»(116-118)

«1»-فس، تفسیر القمی وَ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ فَلَفْظُ الْآیَةِ مَاضٍ وَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبِلٌ وَ لَمْ یَقُلْهُ بَعْدُ وَ سَیَقُولُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَی زَعَمُوا أَنَّ عِیسَی علیه السلام قَالَ لَهُمْ إِنِّی وَ أُمِّی إِلَهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَجْمَعُ اللَّهُ بَیْنَ النَّصَارَی وَ بَیْنَ عِیسَی فَیَقُولُ لَهُ أَ أَنْتَ قُلْتَ لَهُمْ مَا یَدَّعُونَ عَلَیْكَ فَیَقُولُ عِیسَی سُبْحانَكَ ما یَكُونُ لِی أَنْ أَقُولَ الْآیَةَ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ عِیسَی لَمْ یَقُلْ لَهُمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ هذا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ (1)

«2»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ (2)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أُنْزِلَ الْإِنْجِیلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (3).

«3»-وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَ الْإِنْجِیلُ فِی اثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (4).

ص: 283


1- تفسیر القمّیّ: 178.
2- فی نسخة من الكتاب و المصدر: علی، عن أبیه، عن محمّد بن القاسم.
3- أصول الكافی 2: 628 و 629.
4- فروع الكافی 1: 206.

بیان: لعل الخبر الأول محمول علی نزوله إلی بیت المعمور كما یشعر به صدره الذی تركناه (1)و الثانی علی نزوله إلی الأرض.

«4»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَ سُمِّیَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً قَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أُنْزِلَتْ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ- (2)وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا (3)جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ(4).

«5»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ وَ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام تَوَجَّهَ فِی بَعْضِ حَوَائِجِهِ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِلَبِنَاتٍ ثَلَاثٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام لِأَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا یَقْتُلُ النَّاسَ ثُمَّ مَضَی فَقَالَ أَحَدُهُمْ إِنَّ لِی حَاجَةً قَالَ فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ إِنَّ لِی حَاجَةً فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ لِی حَاجَةٌ فَانْصَرَفَ فَوَافَوْا عِنْدَ الذَّهَبِ ثَلَاثَتُهُمْ فَقَالَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ اشْتَرِ لَنَا طَعَاماً فَذَهَبَ یَشْتَرِی لَهُمَا طَعَاماً فَجَعَلَ فِیهِ سَمّاً لِیَقْتُلَهُمَا كَیْلَا یُشَارِكَاهُ فِی الذَّهَبِ وَ قَالَ الِاثْنَانِ إِذَا جَاءَ قَتَلْنَاهُ كَیْ لَا یُشَارِكَنَا فَلَمَّا جَاءَ قَامَا إِلَیْهِ فَقَتَلَاهُ ثُمَّ تَغَذَّیَا فَمَاتَا فَرَجَعَ إِلَیْهِمْ عِیسَی علیه السلام وَ هُمْ مَوْتَی حَوْلَهُ فَأَحْیَاهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ هَذَا یَقْتُلُ النَّاسَ (5).

«6»-لی، الأمالی للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ قَالَ: قَرَأْتُ فِی الْإِنْجِیلِ یَا عِیسَی جِدَّ فِی أَمْرِی وَ لَا تَهْزَلْ وَ اسْمَعْ وَ أَطِعْ یَا ابْنَ الطَّاهِرَةِ الطُّهْرِ الْبِكْرِ الْبَتُولِ أَنْتَ مِنْ غَیْرِ فَحْلٍ أَنَا خَلَقْتُكَ آیَةً لِلْعَالَمِینَ

ص: 284


1- اذ ذكر فی صدره أن نزول القرآن الی بیت المعمور كان فی لیلة القدر، فعلی هذا یكون نزول الإنجیل الی بیت المعمور فی سنة و الی الأرض فی أخری. منه رحمه اللّٰه.
2- فی المصدر: و غیره من الصحف.
3- فی المصدر: نزلت كلها.
4- علل الشرائع: 161.
5- أمالی الصدوق: 109.

فَإِیَّایَ فَاعْبُدْ وَ عَلَیَّ فَتَوَكَّلْ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ فَسِّرْ لِأَهْلِ سُورِیَا (1)بِالسُّرْیَانِیَّةِ بَلِّغْ مَنْ بَیْنَ یَدَیْكَ أَنِّی أَنَا اللَّهُ الدَّائِمُ الَّذِی لَا أَزُولُ صَدِّقُوا النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ صَاحِبَ الْجَمَلِ وَ الْمِدْرَعَةِ وَ التَّاجِ وَ هِیَ الْعِمَامَةُ وَ النَّعْلَیْنِ وَ الْهِرَاوَةِ (2)وَ هِیَ الْقَضِیبُ الْأَنْجَلَ الْعَیْنَیْنِ (3)الصَّلْتَ الْجَبِینِ (4)الْوَاضِحَ الْخَدَّیْنِ الْأَقْنَی الْأَنْفِ (5)مُفَلَّجَ الثَّنَایَا (6)كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِیقُ فِضَّةٍ كَأَنَّ الذَّهَبَ یَجْرِی فِی تَرَاقِیهِ لَهُ شَعَرَاتٌ مِنْ صَدْرِهِ إِلَی سُرَّتِهِ لَیْسَ عَلَی بَطْنِهِ وَ لَا عَلَی صَدْرِهِ شَعْرٌ أَسْمَرَ اللَّوْنِ دَقِیقَ الْمَسْرُبَةِ (7)شَثْنَ الْكَفِّ وَ الْقَدَمِ (8)إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِیعاً وَ إِذَا مَشَی كَأَنَّمَا یَتَقَلَّعُ مِنَ الصَّخْرَةِ (9)وَ یَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ (10)وَ إِذَا جَاءَ مَعَ الْقَوْمِ بَذَّهُمْ (11)عَرَقُهُ فِی وَجْهِهِ كَاللُّؤْلُؤِ وَ رِیحُ الْمِسْكِ یَنْفَحُ مِنْهُ لَمْ یُرَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ وَ لَا بَعْدَهُ طَیِّبُ الرِّیحِ نَكَّاحُ النِّسَاءِ ذُو النَّسْلِ الْقَلِیلِ إِنَّمَا نَسْلُهُ مِنْ مُبَارَكَةٍ لَهَا بَیْتٌ فِی الْجَنَّةِ لَا صَخَبَ فِیهِ وَ لَا نَصَبَ (12)یَكْفُلُهَا فِی آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا كَفَلَ زَكَرِیَّا أُمَّكَ لَهَا فَرْخَانِ مُسْتَشْهَدَانِ كَلَامُهُ الْقُرْآنُ وَ دِینُهُ الْإِسْلَامُ وَ أَنَا السَّلَامُ طُوبَی لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ وَ شَهِدَ أَیَّامَهُ وَ سَمِعَ كَلَامَهُ قَالَ عِیسَی یَا رَبِّ وَ مَا طُوبَی قَالَ شَجَرَةٌ فِی الْجَنَّةِ أَنَا غَرَسْتُهَا تُظِلُّ الْجِنَانَ أَصْلُهَا مِنْ رِضْوَانٍ مَاؤُهَا مِنْ تَسْنِیمٍ بَرْدُهُ بَرْدُ الْكَافُورِ وَ طَعْمُهُ

ص: 285


1- هكذا فی الكتاب و المصدر، و هو مصحف سوری كبشری: موضع بالعراق من ارض بابل و هی مدینة السریانیین.
2- الهراوة بالكسر: العصا الضخمة كهراوة الفأس و المعول.
3- نجل الرجل: وسعت عینه و حسنت فهو أنجل.
4- أی واسعه.
5- القنا فی الانف: طوله ورقة أرنبته مع حدب فی وسطه.
6- الفلج: فرجة ما بین الثنایا و الرباعیات.
7- المسربة بضم الراء: الشعر المستدق الذی یأخذ من المصدر إلی السرة.
8- أی أنهما یمیلان الی الغلظ و القصر، و قیل: هو الذی فی أنامله غلظ بلا قصر.
9- أراد قوة مشیه كانه یرفع رجلیه من الأرض رفعا قویا لا كمن یمشی اختیالا و یقارب خطاه.
10- أی من موضع منحدر.
11- أی غلبهم فی المشی.
12- الصخب: اختلاط الأصوات. النصب: البلاء. الداء.

طَعْمُ الزَّنْجَبِیلِ مَنْ یَشْرَبْ مِنْ تِلْكَ الْعَیْنِ شَرْبَةً لَا یَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً فَقَالَ عِیسَی اللَّهُمَّ اسْقِنِی مِنْهَا قَالَ حَرَامٌ یَا عِیسَی عَلَی الْبَشَرِ أَنْ یَشْرَبُوا مِنْهَا حَتَّی یَشْرَبَ ذَلِكَ النَّبِیُّ وَ حَرَامٌ عَلَی الْأُمَمِ أَنْ یَشْرَبُوا مِنْهَا حَتَّی یَشْرَبَ أُمَّةُ ذَلِكَ النَّبِیِّ أَرْفَعُكَ إِلَیَّ ثُمَّ أُهْبِطُكَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ لِتَرَی مِنْ أُمَّةِ ذَلِكَ النَّبِیِّ الْعَجَائِبَ وَ لِتُعِینَهُمْ عَلَی اللَّعِینِ الدَّجَّالِ أُهْبِطُكَ فِی وَقْتِ الصَّلَاةِ لِتُصَلِّیَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ (1).

أقول: سیأتی شرحه فی باب شمائل النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

«7»-لی، الأمالی للصدوق الْوَرَّاقُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْأَحْوَلِ (2)عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَامَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ الْجُهَّالَ فَتَظْلِمُوهَا وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ وَ لَا تُعِینُوا الظَّالِمَ عَلَی ظُلْمِهِ فَیَبْطُلَ فَضْلُكُمْ الْخَبَرَ (3).

«8»-ید، التوحید مع، معانی الأخبار لی، الأمالی للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَیَّاشٍ الْقَطَّانِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وُلِدَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام كَانَ ابْنَ یَوْمٍ كَأَنَّهُ ابْنُ شَهْرَیْنِ فَلَمَّا كَانَ ابْنَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَخَذَتْ وَالِدَتُهُ بِیَدِهِ وَ جَاءَتْ بِهِ إِلَی الْكِتَابِ وَ أَقْعَدَتْهُ بَیْنَ یَدَیِ الْمُؤَدِّبِ فَقَالَ لَهُ الْمُؤَدِّبُ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ فَقَالَ لَهُ الْمُؤَدِّبُ قُلْ أَبْجَدْ فَرَفَعَ عِیسَی رَأْسَهُ فَقَالَ وَ هَلْ تَدْرِی مَا أَبْجَدْ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ لِیَضْرِبَهُ فَقَالَ یَا مُؤَدِّبُ لَا تَضْرِبْنِی إِنْ كُنْتَ تَدْرِی وَ إِلَّا فَاسْأَلْنِی حَتَّی أُفَسِّرَ لَكَ فَقَالَ فَسِّرْ لِی فَقَالَ عِیسَی أَمَّا الْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ وَ الْبَاءُ بَهْجَةُ اللَّهِ وَ الْجِیمُ جَمَالُ اللَّهِ وَ الدَّالُ دِینُ اللَّهِ هَوَّزْ الْهَاءُ هَوْلُ جَهَنَّمَ وَ الْوَاوُ وَیْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ وَ الزَّاءُ زَفِیرُ جَهَنَّمَ حُطِّی حُطَّتِ الْخَطَایَا عَنِ الْمُسْتَغْفِرِینَ كَلَمَنْ كَلَامُ اللَّهِ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ سَعْفَصْ صَاعٌ بِصَاعٍ وَ الْجَزَاءُ بِالْجَزَاءِ قَرَشَتْ

ص: 286


1- أمالی الصدوق: 163 و 164.
2- فی المصدر: الحارث بن محمّد بن النعمان الاحول و هو الصحیح، و أخرجه عنه و عن المعانی فی كتاب العلم مطابقا لذلك راجع ج 2: 66 و أخرجه هنالك أیضا عن الأمالی بإسناد آخر.
3- أمالی الصدوق: 183.

قَرَشَهُمْ (1)فَحَشَرَهُمْ فَقَالَ الْمُؤَدِّبُ أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ خُذِی بِیَدِ ابْنِكِ فَقَدْ عُلِّمَ وَ لَا حَاجَةَ لَهُ فِی الْمُؤَدِّبِ (2).

«9»-ل، الخصال بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ الْحَوَارِیُّونَ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام یَا مُعَلِّمَ الْخَیْرِ عَلِّمْنَا أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَشَدُّ فَقَالَ أَشَدُّ الْأَشْیَاءِ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالُوا فَبِمَ یُتَّقَی غَضَبُ اللَّهِ (3)قَالَ بِأَنْ لَا تَغْضَبُوا قَالُوا وَ مَا بَدْءُ الْغَضَبِ قَالَ الْكِبْرُ وَ التَّجَبُّرُ وَ مَحْقَرَةُ النَّاسِ (4).

«10»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ مَسْرُورٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ یُفْعَلُ بِكَ فَلَا تَفْعَلْهُ بِأَحَدٍ وَ إِنْ لَطَمَ أَحَدٌ خَدَّكَ الْأَیْمَنَ فَأَعْطِ الْأَیْسَرَ (5).

«11»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی (6)عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ التَّفْلِیسِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام بِقَبْرٍ یُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا هُوَ لَیْسَ یُعَذَّبُ فَقَالَ یَا رَبِّ مَرَرْتُ بِهَذَا الْقَبْرِ عَامَ أَوَّلَ فَكَانَ صَاحِبُهُ یُعَذَّبُ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ الْعَامَ فَإِذَا هُوَ لَیْسَ یُعَذَّبُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّهُ أَدْرَكَ لَهُ وَلَدٌ صَالِحٌ فَأَصْلَحَ طَرِیقاً وَ آوَی یَتِیماً فَغَفَرْتُ لَهُ بِمَا عَمِلَ ابْنُهُ قَالَ وَ قَالَ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام إِذَا قِیلَ فِیكَ مَا فِیكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَنْبٌ ذُكِّرْتَهُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِنْهُ وَ إِنْ قِیلَ فِیكَ مَا لَیْسَ فِیكَ فَاعْلَمْ أَنَّهَا حَسَنَةٌ كُتِبَتْ لَكَ لَمْ تَتْعَبْ فِیهَا (7).

ص: 287


1- فی المعانی: قرشهم قرشتهم خ ل جهنم.
2- التوحید: 238 و 239. معانی الأخبار: 18، أمالی الصدوق: 190- 191 و أخرجه أیضا فی كتاب العلم و شرح غریب الفاظه، راجع ج 2: 316.
3- فی المصدر: فبم نتقی غضب اللّٰه؟.
4- الخصال 1: 7.
5- أمالی الصدوق: 220.
6- فی المصدر: حدّثنا أحمد بن محمّد بن یحیی العطّار عن أبیه.
7- أمالی الصدوق: 306.

«12»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَا بَنِی آدَمَ اهْرُبُوا مِنَ الدُّنْیَا إِلَی اللَّهِ وَ أَخْرِجُوا قُلُوبَكُمْ عَنْهَا فَإِنَّكُمْ لَا تَصْلُحُونَ لَهَا وَ لَا تَصْلُحُ لَكُمْ وَ لَا تَبْقَوْنَ فِیهَا وَ لَا تَبْقَی لَكُمْ هِیَ الْخَدَّاعَةُ الْفَجَّاعَةُ الْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا الْمَغْبُونُ مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَیْهَا الْهَالِكُ مَنْ أَحَبَّهَا وَ أَرَادَهَا فَتُوبُوا إِلَی بَارِئِكُمْ (1)وَ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا یَوْماً لا یَجْزِی والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَیْئاً أَیْنَ آبَاؤُكُمْ أَیْنَ أُمَّهَاتُكُمْ أَیْنَ إِخْوَتُكُمْ أَیْنَ أَخَوَاتُكُمْ (2)أَیْنَ أَوْلَادُكُمْ دُعُوا فَأَجَابُوا وَ اسْتُودِعُوا الثَّرَی وَ جَاوَرُوا الْمَوْتَی وَ صَارُوا فِی الْهَلْكَی خَرَجُوا عَنِ الدُّنْیَا وَ فَارَقُوا الْأَحِبَّةَ وَ احْتَاجُوا إِلَی مَا قَدَّمُوا وَ اسْتَغْنَوْا عَمَّا خَلَّفُوا (3)فَكَمْ تُوعَظُونَ وَ كَمْ تُزْجَرُونَ (4)وَ أَنْتُمْ لَاهُونَ سَاهُونَ مَثَلُكُمْ فِی الدُّنْیَا مَثَلُ الْبَهَائِمِ هِمَّتُكُمْ بُطُونُكُمْ (5)وَ فُرُوجُكُمْ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ مِمَّنْ خَلَقَكُمْ وَ قَدْ أَوْعَدَ مَنْ عَصَاهُ النَّارَ وَ لَسْتُمْ مِمَّنْ یَقْوَی عَلَی النَّارِ وَ وَعَدَ مَنْ أَطَاعَهُ الْجَنَّةَ وَ مُجَاوَرَتَهُ فِی الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی فَتَنَافَسُوا فِیهِ وَ كُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْصِفُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ تَعَطَّفُوا عَلَی ضُعَفَائِكُمْ وَ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْكُمْ وَ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً وَ كُونُوا عَبِیداً أَبْرَاراً وَ لَا تَكُونُوا مُلُوكاً جَبَابِرَةً وَ لَا مِنَ الْعُتَاةِ الْفَرَاعِنَةِ الْمُتَمَرِّدِینَ عَلَی مَنْ قَهَرَهُمْ بِالْمَوْتِ جَبَّارِ الْجَبَابِرَةِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَ رَبِّ الْأَرَضِینَ وَ إِلَهِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مَالِكِ یَوْمِ الدِّینِ (6)شَدِیدِ الْعِقَابِ أَلِیمِ الْعَذَابِ لَا یَنْجُو مِنْهُ ظَالِمٌ وَ لَا یَفُوتُهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یَعْزُبُ عَنْهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یَتَوَارَی مِنْهُ شَیْ ءٌ أَحْصَی كُلَّ شَیْ ءٍ عِلْمَهُ وَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ فِی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ ابْنَ آدَمَ الضَّعِیفَ أَیْنَ تَهْرُبُ مِمَّنْ یَطْلُبُكَ فِی سَوَادِ لَیْلِكَ وَ بَیَاضِ نَهَارِكَ وَ فِی كُلِ

ص: 288


1- فی المصدر: فتوبوا إلی اللّٰه بارئكم.
2- فی نسخة: أین إخوانكم.
3- فی المصدر: و استغنوا عما خلفوا.
4- فی نسخة: و لا تزجرون.
5- فی نسخة: همكم بطونكم.
6- فی نسخة: ملك یوم الدین.

حَالٍ مِنْ حَالاتِكَ قَدْ أَبْلَغَ مَنْ وَعَظَ وَ أَفْلَحَ مَنِ اتَّعَظَ (1).

«13»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْهُمْ علیهم السلام لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ (2)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا وَعَظَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِهِ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام أَنْ قَالَ لَهُ یَا عِیسَی أَنَا رَبُّكَ وَ رَبُّ آبَائِكَ اسْمِی وَاحِدٌ وَ أَنَا الْأَحَدُ الْمُتَفَرِّدُ بِخَلْقِ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ صُنْعِی وَ كُلُّ خَلْقِی إِلَیَّ رَاجِعُونَ (3)یَا عِیسَی أَنْتَ الْمَسِیحُ بِأَمْرِی وَ أَنْتَ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ بِإِذْنِی وَ أَنْتَ تُحْیِی الْمَوْتَی بِكَلَامِی فَكُنْ إِلَیَّ رَاغِباً وَ مِنِّی رَاهِباً فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ مِنِّی مَلْجَأً إِلَّا إِلَیَّ یَا عِیسَی أُوصِیكَ وَصِیَّةَ الْمُتَحَنِّنِ عَلَیْكَ بِالرَّحْمَةِ حِینَ حَقَّتْ لَكَ مِنِّی الْوَلَایَةُ بِتَحَرِّیكَ (4)مِنِّی الْمَسَرَّةَ فَبُورِكْتَ كَبِیراً وَ بُورِكْتَ صَغِیراً حَیْثُمَا كُنْتَ أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدِی ابْنُ أَمَتِی یَا عِیسَی أَنْزِلْنِی مِنْ نَفْسِكَ كَهَمِّكَ وَ اجْعَلْ ذِكْرِی لِمَعَادِكَ وَ تَقَرَّبْ إِلَیَّ بِالنَّوَافِلِ وَ تَوَكَّلْ عَلَیَّ أَكْفِكَ وَ لَا تَوَلَّ غَیْرِی فَأَخْذُلَكَ (5)یَا عِیسَی اصْبِرْ عَلَی الْبَلَاءِ وَ ارْضَ بِالْقَضَاءِ وَ كُنْ كَمَسَرَّتِی فِیكَ فَإِنَّ مَسَرَّتِی أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَی یَا عِیسَی أَحْیِ ذِكْرِی بِلِسَانِكَ وَ لْیَكُنْ وُدِّی فِی قَلْبِكَ یَا عِیسَی تَیَقَّظْ فِی سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ وَ احْكُمْ لِی بِلَطِیفِ الْحِكْمَةِ (6)یَا عِیسَی كُنْ رَاغِباً وَ رَاهِباً وَ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْیَةِ یَا عِیسَی رَاعِ اللَّیْلَ لِتَحَرِّی مَسَرَّتِی وَ أَظْمِئْ نَهَارَكَ لِیَوْمِ حَاجَتِكَ عِنْدِی یَا عِیسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ جُهْدَكَ لِتُعْرَفَ بِالْخَیْرِ حَیْثُمَا تَوَجَّهْتَ یَا عِیسَی احْكُمْ فِی عِبَادِی بِنُصْحِی وَ قُمْ فِیهِمْ بِعَدْلِی فَقَدْ أَنْزَلْتُ عَلَیْكَ شِفَاءً لِمَا فِی الصُّدُورِ مِنْ مَرَضِ الشَّیْطَانِ.

ص: 289


1- أمالی الصدوق: 331 و 332.
2- و رواه الحسن بن علیّ بن شعبة فی تحف العقول: 496.
3- فی الكافی و التحف: كل إلی راجعون.
4- التحرّی: الاجتهاد فی الطلب و طلب ما هو أحری و أحق.
5- فی الكافی: و لا توكل علی غیری فأخذلك.
6- فی الكافی و التحف: و احكم لی لطیف الحكمة.

كا، الكافی یَا عِیسَی لَا تَكُنْ جَلِیساً لِكُلِّ مَفْتُونٍ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق: یَا عِیسَی حَقّاً أَقُولُ مَا آمَنَتْ بِی خَلِیقَةٌ إِلَّا خَشَعَتْ لِی وَ مَا خَشَعَتْ لِی إِلَّا رَجَتْ ثَوَابِی فَأُشْهِدُكَ أَنَّهَا آمِنَةٌ مِنْ عِقَابِی مَا لَمْ تُغَیِّرْ أَوْ تُبَدِّلْ سُنَّتِی یَا عِیسَی ابْنَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ ابْكِ عَلَی نَفْسِكَ بُكَاءَ مَنْ قَدْ وَدَّعَ الْأَهْلَ وَ قَلَی الدُّنْیَا وَ تَرَكَهَا لِأَهْلِهَا وَ صَارَتْ رَغْبَتُهُ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ (1)یَا عِیسَی كُنْ مَعَ ذَلِكَ تُلِینُ الْكَلَامَ وَ تُفْشِی السَّلَامَ یَقْظَانَ إِذَا نَامَتْ عُیُونُ الْأَبْرَارِ حِذَاراً لِلْمَعَادِ (2)وَ الزَّلَازِلِ الشِّدَادِ وَ أَهْوَالِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ حَیْثُ لَا یَنْفَعُ أَهْلٌ وَ لَا وَلَدٌ وَ لَا مَالٌ یَا عِیسَی اكْحُلْ عَیْنَیْكَ بِمِیلِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ یَا عِیسَی كُنْ خَاشِعاً صَابِراً فَطُوبَی لَكَ إِنْ نَالَكَ مَا وُعِدَ الصَّابِرُونَ یَا عِیسَی رُحْ مِنَ الدُّنْیَا یَوْماً فَیَوْماً وَ ذُقْ مَا قَدْ ذَهَبَ طَعْمُهُ فَحَقّاً أَقُولُ مَا أَنْتَ إِلَّا بِسَاعَتِكَ وَ یَوْمِكَ فَرُحْ مِنَ الدُّنْیَا بِالْبُلْغَةِ وَ لْیَكْفِكَ الْخَشِنُ الْجَشِبُ فَقَدْ رَأَیْتَ إِلَی مَا تَصِیرُ وَ مَكْتُوبٌ مَا أَخَذْتَ وَ كَیْفَ أَتْلَفْتَ یَا عِیسَی إِنَّكَ مَسْئُولٌ فَارْحَمِ الضَّعِیفَ كَرَحْمَتِی إِیَّاكَ وَ لَا تَقْهَرِ الْیَتِیمَ یَا عِیسَی ابْكِ عَلَی نَفْسِكَ فِی الصَّلَاةِ (3)وَ انْقُلْ قَدَمَیْكَ إِلَی مَوَاضِعِ الصَّلَوَاتِ (4)وَ أَسْمِعْنِی لَذَاذَةَ نُطْقِكَ بِذِكْرِی فَإِنَّ صَنِیعِی إِلَیْكَ حَسَنٌ یَا عِیسَی كَمْ مِنْ أُمَّةٍ قَدْ أَهْلَكْتُهَا بِسَالِفِ ذَنْبٍ قَدْ عَصَمْتُكَ مِنْهُ (5)یَا عِیسَی ارْفُقْ بِالضَّعِیفِ وَ ارْفَعْ طَرْفَكَ الْكَلِیلَ إِلَی السَّمَاءِ وَ ادْعُنِی فَإِنِّی مِنْكَ قَرِیبٌ وَ لَا تَدْعُنِی إِلَّا مُتَضَرِّعاً إِلَیَّ وَ هَمُّكَ هَمٌّ وَاحِدٌ فَإِنَّكَ مَتَی تَدْعُنِی (6)كَذَلِكَ أُجِبْكَ یَا عِیسَی إِنِّی لَمْ أَرْضَ بِالدُّنْیَا ثَوَاباً لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ لَا عِقَاباً لِمَنِ انْتَقَمْتُ مِنْهُ (7)یَا عِیسَی إِنَّكَ تَفْنَی وَ أَنَا أَبْقَی وَ مِنِّی رِزْقُكَ وَ عِنْدِی مِیقَاتُ

ص: 290


1- فی الكافی و التحف: فیما عند الهه.
2- فی الكافی: حذرا للمعاد.
3- فی الكافی و التحف: ابك علی نفسك فی الخلوات.
4- فی الكافی و التحف: الی مواقیت الصلوات ای الی مواضعها.
5- فی الكافی و التحف: قد اهلكتها بسالف ذنوب قد عصمتك منها.
6- فی التحف: متی دعوتنی.
7- فی الأمالی: و لا عقابا لمن كان قبلك، و لا عقابا لمن انتقمت منه.

أَجَلِكَ وَ إِلَیَّ إِیَابُكَ وَ عَلَیَّ حِسَابُكَ فَاسْأَلْنِی وَ لَا تَسْأَلْ غَیْرِی فَیَحْسُنَ مِنْكَ الدُّعَاءُ وَ مِنِّی الْإِجَابَةُ یَا عِیسَی مَا أَكْثَرَ الْبَشَرَ وَ أَقَلَّ عَدَدَ مَنْ صَبَرَ الْأَشْجَارُ كَثِیرَةٌ وَ طَیِّبُهَا قَلِیلٌ فَلَا یَغُرَّنَّكَ حُسْنُ شَجَرَةٍ حَتَّی تَذُوقَ ثَمَرَتَهَا یَا عِیسَی لَا یَغُرَّنَّكَ الْمُتَمَرِّدُ عَلَیَّ بِالْعِصْیَانِ یَأْكُلُ رِزْقِی وَ یَعْبُدُ غَیْرِی ثُمَّ یَدْعُونِی عِنْدَ الْكَرْبِ فَأُجِیبُهُ ثُمَّ یَرْجِعُ إِلَی مَا كَانَ (1)أَ فَعَلَیَّ یَتَمَرَّدُ أَمْ لِسَخَطِی یَتَعَرَّضُ (2)فَبِی حَلَفْتُ لَآخُذَنَّهُ أَخْذَةً لَیْسَ لَهُ مِنْهَا مَنْجًی وَ لَا دُونِی مُلْتَجَأٌ أَیْنَ یَهْرُبُ مِنْ سَمَائِی وَ أَرْضِی یَا عِیسَی قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَدْعُونِی وَ السُّحْتُ تَحْتَ أَحْضَانِكُمْ وَ الْأَصْنَامُ فِی بُیُوتِكُمْ فَإِنِّی وَأَیْتُ (3)أَنْ أُجِیبَ مَنْ دَعَانِی وَ أَنْ أَجْعَلَ إِجَابَتِی إِیَّاهُمْ لَعْناً عَلَیْهِمْ حَتَّی یَتَفَرَّقُوا یَا عِیسَی كَمْ أُجْمِلُ النَّظَرَ (4)وَ أُحْسِنُ الطَّلَبَ وَ الْقَوْمُ فِی غَفْلَةٍ لَا یَرْجِعُونَ تَخْرُجُ الْكَلِمَةُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لَا تَعِیهَا قُلُوبُهُمْ یَتَعَرَّضُونَ لِمَقْتِی وَ یَتَحَبَّبُونَ بِی إِلَی الْمُؤْمِنِینَ (5)یَا عِیسَی لِیَكُنْ لِسَانُكَ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَاحِداً وَ كَذَلِكَ فَلْیَكُنْ قَلْبُكَ وَ بَصَرُكَ وَ اطْوِ قَلْبَكَ وَ لِسَانَكَ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ غُضَّ طَرْفَكَ عَمَّا لَا خَیْرَ فِیهِ (6)فَكَمْ نَاظِرِ نَظْرَةٍ زَرَعَتْ فِی قَلْبِهِ شَهْوَةً وَ وَرَدَتْ بِهِ مَوَارِدَ الْهَلَكَةِ (7)یَا عِیسَی كُنْ رَحِیماً مُتَرَحِّماً وَ كُنْ لِلْعِبَادِ كَمَا تَشَاءُ أَنْ یَكُونَ الْعِبَادُ لَكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِینَ وَ لَا تَلْهُ فَإِنَّ اللَّهْوَ یُفْسِدُ صَاحِبَهُ وَ لَا تَغْفُلْ فَإِنَّ الْغَافِلَ مِنِّی بَعِیدٌ وَ اذْكُرْنِی بِالصَّالِحَاتِ حَتَّی أَذْكُرَكَ یَا عِیسَی تُبْ إِلَیَّ بَعْدَ الذَّنْبِ وَ ذَكِّرْ بِیَ الْأَوَّابِینَ وَ آمِنْ بِی وَ تَقَرَّبْ إِلَی

ص: 291


1- فی الكافی و التحف: ثم یرجع الی ما كان علیه.
2- فی الكافی و التحف: فعلی یتمرد أم بسخطی یتعرض؟.
3- فی الكافی و التحف: فانی آلیت. وأیت أی وعدت. آلیت: حلفت.
4- فی الكافی: كم اطیل النظر؟.
5- فی نسخة من الكافی: و یتحببون بقربی الی المؤمنین.
6- فی الكافی: و كف بصرك عما لا خیر فیه. فكم من ناظر نظرة قد زرعت.
7- فی الكافی: موارد حیاض الهلكة.

الْمُؤْمِنِینَ (1)وَ مُرْهُمْ یَدْعُونِی مَعَكَ وَ إِیَّاكَ وَ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّی وَأَیْتُ (2)عَلَی نَفْسِی أَنْ أَفْتَحَ لَهَا بَاباً مِنَ السَّمَاءِ (3)وَ أَنْ أُجِیبَهُ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ یَا عِیسَی اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ السَّوْءِ یُغْوِی (4)وَ أَنَّ قَرِینَ السَّوْءِ یُرْدِی فَاعْلَمْ مَنْ تُقَارِنُ وَ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِخْوَاناً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ یَا عِیسَی تُبْ إِلَیَّ فَإِنَّهُ لَا یَتَعَاظَمُنِی ذَنْبٌ أَنْ أَغْفِرَهُ وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ یَا عِیسَی اعْمَلْ لِنَفْسِكَ فِی مُهْلَةٍ مِنْ أَجَلِكَ قَبْلَ أَنْ لَا یَعْمَلَ لَهَا غَیْرُكَ وَ اعْبُدْنِی لِیَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فَإِنِّی أَجْزِی (5)بِالْحَسَنَةِ أَضْعَافَهَا وَ إِنَّ السَّیِّئَةَ تُوبِقُ صَاحِبَهَا وَ تَنَافَسْ فِی الْعَمَلِ الصَّالِحِ (6)فَكَمْ مِنْ مَجْلِسٍ قَدْ نَهَضَ أَهْلُهُ وَ هُمْ مُجَارُونَ مِنَ النَّارِ یَا عِیسَی ازْهَدْ فِی الْفَانِی الْمُنْقَطِعِ وَ طَأْ رُسُومَ مَنَازِلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَادْعُهُمْ وَ نَاجِهِمْ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ فَخُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنْهُمْ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتَلْحَقُهُمْ فِی اللَّاحِقِینَ یَا عِیسَی قُلْ لِمَنْ تَمَرَّدَ بِالْعِصْیَانِ وَ عَمِلَ بِالْإِدْهَانِ یَسْتَوْقِعُ عُقُوبَتِی (7)وَ یَنْتَظِرُ إِهْلَاكِی إِیَّاهُ سَیُصْطَلَمُ مَعَ الْهَالِكِینَ طُوبَی لَكَ یَا ابْنَ مَرْیَمَ ثُمَّ طُوبَی لَكَ إِنْ أَخَذْتَ بِأَدَبِ إِلَهِكَ الَّذِی یَتَحَنَّنُ عَلَیْكَ تَرَحُّماً وَ بَدَأَكَ بِالنِّعَمِ مِنْهُ تَكَرُّماً وَ كَانَ لَكَ فِی الشَّدَائِدِ لَا تَعْصِهِ یَا عِیسَی فَإِنَّهُ لَا یَحِلُّ لَكَ عِصْیَانُهُ قَدْ عَهِدْتُ إِلَیْكَ كَمَا عَهِدْتُ إِلَی مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ أَنَا عَلَی ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِینَ یَا عِیسَی مَا أَكْرَمْتُ خَلِیقَةً بِمِثْلِ دِینِی وَ لَا أَنْعَمْتُ عَلَیْهَا بِمِثْلِ رَحْمَتِی یَا عِیسَی اغْسِلْ بِالْمَاءِ مِنْكَ مَا ظَهَرَ وَ دَاوِ بِالْحَسَنَاتِ مِنْكَ مَا بَطَنَ فَإِنَّكَ إِلَیَّ رَاجِعٌ.

كا، الكافی یَا عِیسَی أَعْطَیْتُكَ مَا أَنْعَمْتُ بِهِ عَلَیْكَ فَیْضاً مِنْ غَیْرِ تَكْدِیرٍ وَ طَلَبْتُ مِنْكَ قَرْضاً لِنَفْسِكَ فَبَخِلْتَ بِهِ

ص: 292


1- فی الكافی: و تقرب بی الی المؤمنین.
2- فی الكافی: آلیت.
3- فی الكافی: أن أفتح لها بابا من السماء بالقبول.
4- فی الكافی: و اعلم ان صاحب السوء یعدی.
5- فی الكافی: فیه اجزی بالحسنة أضعافها.
6- فی الكافی: قل لمن تمرد علی بالعصیان و عمل بالادهان: لیتوقع عقوبتی.
7- فی الكافی: فامهد لنفسك فی مهلة، و نافس فی العمل الصالح.

عَلَیْهَا لِتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِینَ یَا عِیسَی تَزَیَّنْ بِالدِّینِ وَ حُبِّ الْمَسَاكِینِ وَ امْشِ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً وَ صَلِّ عَلَی الْبِقَاعِ فَكُلُّهَا طَاهِرٌ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی شَمِّرْ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ وَ اقْرَأْ كِتَابِی وَ أَنْتَ طَاهِرٌ وَ أَسْمِعْنِی مِنْكَ صَوْتاً حَزِیناً.

كا، الكافی یَا عِیسَی لَا خَیْرَ فِی لَذَاذَةٍ لَا تَدُومُ وَ عَیْشٍ مِنْ صَاحِبِهِ یَزُولُ یَا ابْنَ مَرْیَمَ لَوْ رَأَتْ عَیْنُكَ مَا أَعْدَدْتُ لِأَوْلِیَائِیَ الصَّالِحِینَ ذَابَ قَلْبُكَ وَ زَهَقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَیْهِ فَلَیْسَ كَدَارِ الْآخِرَةِ دَارٌ تَجَاوَرَ فِیهَا الطَّیِّبُونَ وَ یَدْخُلُ عَلَیْهِمْ فِیهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ هُمْ مِمَّا یَأْتِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا آمِنُونَ دَارٌ لَا یَتَغَیَّرُ فِیهَا النَّعِیمُ وَ لَا یَزُولُ عَنْ أَهْلِهَا یَا ابْنَ مَرْیَمَ نَافِسْ فِیهَا مَعَ الْمُتَنَافِسِینَ فَإِنَّهَا أُمْنِیَّةُ الْمُتَمَنِّینَ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ طُوبَی لَكَ یَا ابْنَ مَرْیَمَ إِنْ كُنْتَ لَهَا مِنَ الْعَامِلِینَ مَعَ آبَائِكَ آدَمَ وَ إِبْرَاهِیمَ فِی جَنَّاتٍ وَ نَعِیمٍ لَا تَبْغِی لَهَا بَدَلًا وَ لَا تَحْوِیلًا كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِالْمُتَّقِینَ یَا عِیسَی اهْرُبْ إِلَیَّ مَعَ مَنْ یَهْرُبُ مِنْ نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ وَ نَارٍ ذَاتِ أَغْلَالٍ وَ أَنْكَالٍ لَا یَدْخُلُهَا رَوْحٌ وَ لَا یَخْرُجُ مِنْهَا غَمٌّ أَبَداً قِطَعٌ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ مَنْ یَنْجُ مِنْهَا یَفُزْ وَ لَنْ یَنْجُوَ مِنْهَا مَنْ كَانَ مِنَ الْهَالِكِینَ هِیَ دَارُ الْجَبَّارِینَ وَ الْعُتَاةِ الظَّالِمِینَ وَ كُلِّ فَظٍّ غَلِیظٍ وَ كُلِّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ یَا عِیسَی بِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ رَكِنَ إِلَیْهَا وَ بِئْسَ الْقَرَارُ دَارُ الظَّالِمِینَ إِنِّی أُحَذِّرُكَ نَفْسَكَ فَكُنْ بِی خَبِیراً یَا عِیسَی كُنْ حَیْثُمَا كُنْتَ مُرَاقِباً لِی وَ اشْهَدْ عَلَی أَنِّی خَلَقْتُكَ وَ أَنْتَ عَبْدِی وَ أَنِّی صَوَّرْتُكَ وَ إِلَی الْأَرْضِ أَهْبَطْتُكَ یَا عِیسَی لَا یَصْلُحُ لِسَانَانِ فِی فَمٍ وَاحِدٍ وَ لَا قَلْبَانِ فِی صَدْرٍ وَاحِدٍ وَ كَذَلِكَ الْأَذْهَانُ یَا عِیسَی لَا تَسْتَیْقِظَنَّ عَاصِیاً وَ لَا تَسْتَنْبِهَنَّ لَاهِیاً وَ افْطِمْ نَفْسَكَ (1)عَنِ الشَّهَوَاتِ الْمُوبِقَاتِ وَ كُلُّ شَهْوَةٍ تُبَاعِدُكَ مِنِّی فَاهْجُرْهَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّی بِمَكَانِ الرَّسُولِ الْأَمِینِ فَكُنْ مِنِّی عَلَی حَذَرٍ وَ اعْلَمْ أَنَّ دُنْیَاكَ مُؤَدِّیَتُكَ إِلَیَّ وَ أَنِّی آخُذُكَ بِعِلْمِی وَ كُنْ ذَلِیلَ النَّفْسِ عِنْدَ ذِكْرِی خَاشِعَ الْقَلْبِ حِینَ تَذْكُرُنِی یَقْظَانَ عِنْدَ نَوْمِ الْغَافِلِینَ یَا عِیسَی هَذِهِ نَصِیحَتِی إِیَّاكَ وَ مَوْعِظَتِی لَكَ فَخُذْهَا مِنِّی فَإِنِّی رَبُّ الْعَالَمِینَ یَا عِیسَی إِذَا صَبَرَ عَبْدِی فِی جَنْبِی كَانَ ثَوَابُ عَمَلِهِ عَلَیَّ وَ كُنْتُ عِنْدَهُ حِینَ یَدْعُونِی وَ كَفَی

ص: 293


1- أی افصل نفسك عن الشهوات، و اقطعها عنها. و الموبقات: المهلكات.

بِی مُنْتَقِماً مِمَّنْ عَصَانِی أَیْنَ یَهْرُبُ مِنِّی الظَّالِمُونَ یَا عِیسَی أَطِبِ الْكَلَامَ وَ كُنْ حَیْثُمَا كُنْتَ عَالِماً مُتَعَلِّماً یَا عِیسَی أَفِضْ بِالْحَسَنَاتِ إِلَیَّ حَتَّی یَكُونَ لَكَ ذِكْرُهَا عِنْدِی وَ تَمَسَّكْ بِوَصِیَّتِی فَإِنَّ فِیهَا شِفَاءً لِلْقُلُوبِ.

لی، الأمالی للصدوق قَالَ: وَ كَانَ فِیمَا وَعَظَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام أَیْضاً أَنْ قَالَ لَهُ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی لَا تَأْمَنْ إِذَا مَكَرْتَ مَكْرِی وَ لَا تَنْسَ عِنْدَ خَلْوَتِكَ بِالذَّنْبِ ذِكْرِی (1).

كا، الكافی یَا عِیسَی حَاسِبْ نَفْسَكَ بِالرُّجُوعِ إِلَیَّ حَتَّی تَتَنَجَّزَ ثَوَابَ مَا عَمِلَهُ الْعَامِلُونَ أُولَئِكَ یُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ وَ أَنَا خَیْرُ الْمُؤْتِینَ (2)یَا عِیسَی كُنْتَ خَلْقاً بِكَلَامِی وَلَدَتْكَ مَرْیَمُ بِأَمْرِیَ الْمُرْسَلُ إِلَیْهَا رُوحِی جَبْرَئِیلُ الْأَمِینُ مِنْ مَلَائِكَتِی حَتَّی قُمْتَ عَلَی الْأَرْضِ حَیّاً تَمْشِی كُلُّ ذَلِكَ فِی سَابِقِ عِلْمِی یَا عِیسَی زَكَرِیَّا بِمَنْزِلَةِ أَبِیكَ وَ كَفِیلُ أُمِّكَ إِذْ یَدْخُلُ عَلَیْهَا الْمِحْرَابَ فَیَجِدُ عِنْدَهَا رِزْقاً وَ نَظِیرُكَ یَحْیَی مِنْ خَلْقِی وَهَبْتُهُ لِأُمِّهِ بَعْدَ الْكِبَرِ مِنْ غَیْرِ قُوَّةٍ بِهَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ أَنْ یَظْهَرَ لَهَا سُلْطَانِی وَ تَظْهَرَ فِیكَ قُدْرَتِی أَحَبُّكُمْ إِلَیَّ أَطْوَعُكُمْ لِی وَ أَشَدُّكُمْ خَوْفاً مِنِّی.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی تَیَقَّظْ وَ لَا تَیْأَسْ مِنْ رَوْحِی وَ سَبِّحْنِی مَعَ مَنْ یُسَبِّحُنِی وَ بِطَیِّبِ الْكَلَامِ فَقَدِّسْنِی.

كا، الكافی یَا عِیسَی كَیْفَ یَكْفُرُ الْعِبَادُ بِی وَ نَوَاصِیهِمْ فِی قَبْضَتِی وَ تَقَلُّبُهُمْ فِی أَرْضِی یَجْهَلُونَ نِعْمَتِی وَ یَتَوَلَّوْنَ عَدُوِّی وَ كَذَلِكَ یَهْلِكُ الْكَافِرُونَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی إِنَّ الدُّنْیَا سِجْنٌ مُنْتِنُ الرِّیحِ وَحْشٌ وَ فِیهَا مَا قَدْ تَرَی مِمَّا قَدْ أَلَحَّ عَلَیْهِ الْجَبَّارُونَ (3)وَ إِیَّاكَ وَ الدُّنْیَا فَكُلُّ نَعِیمِهَا یَزُولُ وَ مَا نَعِیمُهَا إِلَّا قَلِیلٌ.

كا، الكافی یَا عِیسَی ابْغِنِی عِنْدَ وِسَادِكَ تَجِدْنِی وَ ادْعُنِی وَ أَنْتَ لِی مُحِبٌّ فَإِنِّی أَسْمَعُ السَّامِعِینَ أَسْتَجِیبُ

ص: 294


1- فی الكافی: و لا تنس عند خلوات الدنیا ذكری.
2- فی نسخة: اولئك یؤتون أجرهم مرتین.
3- فی الأمالی: یا عیسی ان الدنیا سجن ضیق منتن الریح و خشن و فیها و حسن فیها خ ل ما قد تری ممّا قد ألح علیه الجبارون. و فی الكافی: یا عیسی ان الدنیا سجن منتن الریح و حسن فیها ما قد تری ممّا قد تذابح علیه الجبارون. قال المصنّف فی كتابه مرآة العقول: قوله: حسن فیها أی زین للناس فیها ما قد تری من زخارفها التی اقتتل علیها الجبارون و ذبح بعضهم بعضا لاجلها.

لِلدَّاعِینَ إِذَا دَعَوْنِی یَا عِیسَی خَفْنِی وَ خَوِّفْ بِی عِبَادِی لَعَلَّ الْمُذْنِبِینَ أَنْ یُمْسِكُوا عَمَّا هُمْ عَامِلُونَ بِهِ فَلَا یَهْلِكُوا إِلَّا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ یَا عِیسَی ارْهَبْنِی رَهْبَتَكَ مِنَ السَّبُعِ وَ الْمَوْتِ الَّذِی أَنْتَ لَاقِیهِ فَكُلُّ هَذَا أَنَا خَلَقْتُهُ فَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی إِنَّ الْمُلْكَ لِی وَ بِیَدِی وَ أَنَا الْمَلِكُ فَإِنْ تُطِعْنِی أَدْخَلْتُكَ جَنَّتِی فِی جِوَارِ الصَّالِحِینَ.

كا، الكافی یَا عِیسَی إِنِّی إِنْ غَضِبْتُ عَلَیْكَ لَمْ یَنْفَعْكَ رِضَا مَنْ رَضِیَ عَنْكَ وَ إِنْ رَضِیتُ عَنْكَ لَمْ یَضُرَّكَ غَضَبُ الْمُغْضَبِینَ یَا عِیسَی اذْكُرْنِی فِی نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِی نَفْسِی (1)وَ اذْكُرْنِی فِی مَلَئِكَ أَذْكُرْكَ فِی مَلَإٍ خَیْرٍ مِنْ مَلَإِ الْآدَمِیِّینَ.

كا، الكافی یَا عِیسَی ادْعُنِی دُعَاءَ الْغَرِیقِ (2)الَّذِی لَیْسَ لَهُ مُغِیثٌ یَا عِیسَی لَا تَحْلِفْ (3)بِاسْمِی كَاذِباً فَیَهْتَزَّ عَرْشِی غَضَباً یَا عِیسَی الدُّنْیَا قَصِیرَةُ الْعُمُرِ طَوِیلَةُ الْأَمَلِ وَ عِنْدِی دَارٌ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ یَا عِیسَی قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَیْفَ أَنْتُمْ صَانِعُونَ إِذَا أَخْرَجْتُ لَكُمْ كِتَاباً یَنْطِقُ بِالْحَقِّ فَتَنْكَشِفُ سَرَائِرُ قَدْ كَتَمْتُمُوهَا (4).

كا، الكافی وَ أَعْمَالٌ كُنْتُمْ بِهَا عَامِلِینَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ غَسَلْتُمْ وُجُوهَكُمْ وَ دَنَّسْتُمْ قُلُوبَكُمْ أَ بِی تَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَیَّ تَجْتَرِءُونَ تَتَطَیَّبُونَ بِالطِّیبِ لِأَهْلِ الدُّنْیَا وَ أَجْوَافُكُمْ عِنْدِی بِمَنْزِلَةِ الْجِیَفِ الْمُنْتِنَةِ كَأَنَّكُمْ أَقْوَامٌ مَیِّتُونَ یَا عِیسَی قُلْ لَهُمْ قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَرَامِ وَ أَصِمُّوا أَسْمَاعَكُمْ عَنْ ذِكْرِ الْخَنَاءِ وَ أَقْبِلُوا عَلَیَّ بِقُلُوبِكُمْ فَإِنِّی لَسْتُ أُرِیدُ صُوَرَكُمْ یَا عِیسَی افْرَحْ بِالْحَسَنَةِ فَإِنَّهَا لِی رِضاً وَ ابْكِ عَلَی السَّیِّئَةِ فَإِنَّهَا لِی سَخَطٌ (5)وَ مَا لَا تُحِبَّ أَنْ یُصْنَعَ بِكَ فَلَا تَصْنَعْهُ بِغَیْرِكَ وَ إِنْ لُطِمَ خَدُّكَ الْأَیْمَنُ فَأَعْطِ

ص: 295


1- ذكره ابن شعبة فی التحف و أسقط قوله: اذكرك فی نفسی.
2- فی الكافی: یا عیسی ادعنی دعاء الحزین الغریق.
3- فی الكافی و التحف: لا تحلف بی كاذبا.
4- فی الكافی و التحف: إذا أخرجت لكم كتابا ینطق بالحق و أنتم تشهدون بسرائر قد كتمتموها.
5- فی الكافی و التحف: فانها شین.

الْأَیْسَرَ (1)وَ تَقَرَّبْ إِلَیَّ بِالْمَوَدَّةِ جُهْدَكَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِینَ.

كا، الكافی یَا عِیسَی ذِلَّ (2)لِأَهْلِ الْحَسَنَةِ وَ شَارِكْهُمْ فِیهَا وَ كُنْ عَلَیْهِمْ شَهِیداً وَ قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَا أَخْدَانَ السَّوْءِ وَ الْجُلَسَاءَ عَلَیْهِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أَمْسَخْكُمْ قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ الْحِكْمَةُ تَبْكِی فَرَقاً مِنِّی وَ أَنْتُمْ بِالضَّحِكِ تَهْجُرُونَ أَتَتْكُمْ بَرَاءَتِی أَمْ لَدَیْكُمْ أَمَانٌ مِنْ عَذَابِی أَمْ تَتَعَرَّضُونَ لِعُقُوبَتِی فَبِی حَلَفْتُ لَأَتْرُكَنَّكُمْ مَثَلًا لِلْغَابِرِینَ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ یَا ابْنَ مَرْیَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ بِسَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ حَبِیبِی مِنْهُمْ أَحْمَدَ (3)صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ وَ الْوَجْهِ الْأَقْمَرِ الْمُشْرِقِ بِالنُّورِ الطَّاهِرِ الْقَلْبِ الشَّدِیدِ الْبَأْسِ الْحَیِیِّ (4)الْمُتَكَرِّمِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِینَ وَ سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ عِنْدِی یَوْمَ یَلْقَانِی أَكْرَمُ السَّابِقِینَ عَلَیَّ وَ أَقْرَبُ الْمُرْسَلِینَ مِنِّی الْعَرَبِیُّ الْأُمِّیُّ الدَّیَّانُ بِدِینِی الصَّابِرُ فِی ذَاتِی الْمُجَاهِدُ لِلْمُشْرِكِینَ بِبَدَنِهِ عَنْ دِینِی (5)یَا عِیسَی آمُرُكَ أَنْ تُخْبِرَ بِهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ تَأْمُرَهُمْ أَنْ یُصَدِّقُوا بِهِ وَ یُؤْمِنُوا بِهِ وَ یَتَّبِعُوهُ (6)وَ یَنْصُرُوهُ قَالَ عِیسَی إِلَهِی مَنْ هُوَ قَالَ یَا عِیسَی ارْضَهُ فَلَكَ الرِّضَا قَالَ اللَّهُمَّ رَضِیتُ فَمَنْ هُوَ قَالَ (7)مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی النَّاسِ كَافَّةً أَقْرَبُهُمْ مِنِّی مَنْزِلَةً وَ أَوْجَبُهُمْ عِنْدِی شَفَاعَةً (8)طُوبَاهُ مِنْ نَبِیٍّ وَ طُوبَاهُ لِأُمَّتِهِ

ص: 296


1- فی الكافی و التحف: فاعطه الایسر.
2- فی التحف «دل» بالمهملة أی أرشدهم و لعله مصحف.
3- فی الكافی: فهو أحمد. و فی تحف العقول: و حبیبی أحمد.
4- الحیی: ذو الحیاء.
5- فی الكافی: المجاهد المشركین بیده عن دینی. و فی تحف العقول: المجاهد للمشركین بذبه عن دینی.
6- فی الكافی: و أن یؤمنوا به و أن یتبعوه.
7- فی الكافی: قال عیسی علیه السلام: الهی من هو حتّی ارضیه؟ فلك الرضی، قال هو محمد. و مثله فی تحف العقول الا انه قال: حتی ارضیه ذلك الرضی.
8- فی الكافی و التحف: و أحضرهم شفاعة، طوبی له من نبی و طوبی لامته.

إِنْ هُمْ (1)لَقُونِی عَلَی سَبِیلِهِ یَحْمَدُهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَ یَسْتَغْفِرُ لَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ أَمِینٌ مَیْمُونٌ مُطَیَّبٌ (2)خَیْرُ الْمَاضِینَ وَ الْبَاقِینَ (3)عِنْدِی یَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ إِذَا خَرَجَ أَرْخَتِ السَّمَاءُ عَزَالِیَهَا وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ زَهْرَتَهَا.

كا، الكافی حَتَّی یَرَوُا الْبَرَكَةَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق وَ أُبَارِكُ فِیمَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ كَثِیرُ الْأَزْوَاجِ قَلِیلُ الْأَوْلَادِ یَسْكُنُ بَكَّةَ (4)مَوْضِعَ أَسَاسِ إِبْرَاهِیمَ یَا عِیسَی دِینُهُ الْحَنَفِیَّةُ (5)وَ قِبْلَتُهُ مَكِّیَّةٌ وَ هُوَ مِنْ حِزْبِی وَ أَنَا مَعَهُ فَطُوبَاهُ طُوبَاهُ لَهُ الْكَوْثَرُ (6)وَ الْمَقَامُ الْأَكْبَرُ مِنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ یَعِیشُ أَكْرَمَ مَعَاشٍ وَ یُقْبَضُ شَهِیداً لَهُ حَوْضٌ أَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ (7)إِلَی مَطْلَعِ الشَّمْسِ مِنْ رَحِیقٍ مَخْتُومٍ فِیهِ آنِیَةٌ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ.

كا، الكافی وَ أَكْوَابٌ مِثْلُ مَدَرِ الْأَرْضِ.

لی، الأمالی للصدوق مَاؤُهُ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق عَذْبٌ فِیهِ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ وَ طَعْمُ كُلِّ ثِمَارٍ فِی الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ یَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً أَبْعَثُهُ عَلَی فَتْرَةٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ (8)یُوَافِقُ سِرُّهُ عَلَانِیَتَهُ وَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ لَا یَأْمُرُ النَّاسَ إِلَّا بِمَا یَبْدَؤُهُمْ بِهِ دِینُهُ الْجِهَادُ فِی عُسْرٍ وَ یُسْرٍ تَنْقَادُ لَهُ الْبِلَادُ وَ یَخْضَعُ لَهُ صَاحِبُ الرُّومِ عَلَی دِینِهِ وَ دِینِ أَبِیهِ إِبْرَاهِیمَ وَ یُسَمِّی عِنْدَ الطَّعَامِ وَ یُفْشِی السَّلَامَ وَ یُصَلِّی وَ النَّاسُ نِیَامٌ لَهُ كُلُّ یَوْمٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِیَاتٍ.

كا، الكافی یُنَادِی إِلَی الصَّلَاةِ كَنِدَاءِ الْجَیْشِ بِالشِّعَارِ وَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَفْتَتِحُ بِالتَّكْبِیرِ وَ یَخْتَتِمُ بِالتَّسْلِیمِ وَ یَصُفُّ قَدَمَیْهِ فِی الصَّلَاةِ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ أَقْدَامَهَا وَ یَخْشَعُ

ص: 297


1- فی بعض نسخ الكافی: إذ هم. و فی تحف العقول: انهم.
2- فی الكافی: طیب مطیب.
3- فی الكافی: خیر الباقین عندی.
4- قال یاقوت: بكة: هی مكّة بیت اللّٰه الحرام ابدلت المیم باء؛ و قیل: بكة بطن مكّة. و قیل: موضع البیت و المسجد و مكّة و ما وراءه؛ و قیل: البیت مكّة و ما ولاه بكة، و قال ابن الكلبی سمیت مكّة لأنّها بین جبلین بمنزلة المكوك. و قال أبو عبیدة: بكة اسم لبطن مكّة و ذلك انهم یتباكون فیه أی یزدحمون؛ و قیل: مكّة: موضع البیت، و بكة: موضع القریة؛ و قیل: بكة موضع البیت، و مكّة: الحرم كله. و قیل: بكة: الكعبة و المسجد، و مكّة: ذو طوی و هو بطن مكّة.
5- فی الكافی و الأمالی: دینه الحنیفیة. و فی الكافی: و قبلته یمانیة.
6- فی الكافی و الأمالی: فطوبی له ثمّ طوبی له، له الكوثر. و فیه: أكرم من عاش.
7- فی الكافی و الأمالی: أكبر من بكة.
8- فی الكافی و الأمالی: لم یظمأ أبدا، و ذلك من قسمی له و تفضیلی إیّاه علی فترة بینك و بینه.

لِی قَلْبُهُ.

كا، الكافی وَ رَأْسُهُ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق النُّورُ فِی صَدْرِهِ وَ الْحَقُّ فِی لِسَانِهِ (1)وَ هُوَ مَعَ الْحَقِّ حَیْثُمَا كَانَ.

كا، الكافی أَصْلُهُ یَتِیمٌ ضَالٌّ بُرْهَةً مِنْ زَمَانِهِ عَمَّا یُرَادُ بِهِ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق تَنَامُ عَیْنَاهُ وَ لَا یَنَامُ قَلْبُهُ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَ عَلَی أُمَّتِهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَ یَدِی فَوْقَ أَیْدِیهِمْ إِذَا بَایَعُوهُ (2)فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی

كا، الكافی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق وَفَیْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یَدْرُسُوا (3)كُتُبَهُ وَ لَا یُحَرِّفُوا سُنَّتَهُ وَ أَنْ یُقْرِءُوهُ السَّلَامَ فَإِنَّ لَهُ فِی الْمَقَامِ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ یَا عِیسَی كُلُّ مَا یُقَرِّبُكَ مِنِّی فَقَدْ دَلَلْتُكَ عَلَیْهِ وَ كُلُّ مَا یُبَاعِدُكَ مِنِّی قَدْ نَهَیْتُكَ عَنْهُ (4)فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ (5)یَا عِیسَی إِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ وَ إِنَّمَا اسْتَعْمَلْتُكَ فِیهَا لِتُطِیعَنِی (6)فَجَانِبْ مِنْهَا مَا حَذَّرْتُكَ وَ خُذْ مِنْهَا مَا أَعْطَیْتُكَ عَفْواً.

كا، الكافی یَا عِیسَی.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق انْظُرْ فِی عَمَلِكَ نَظَرَ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ الْخَاطِئِ وَ لَا تَنْظُرْ فِی عَمَلِ غَیْرِكَ نَظَرَ الرَّبِّ (7)وَ كُنْ فِیهَا زَاهِداً وَ لَا تَرْغَبْ فِیهَا فَتَعْطَبَ یَا عِیسَی اعْقِلْ وَ تَفَكَّرْ وَ انْظُرْ فِی نَوَاحِی الْأَرْضِ كَیْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِینَ یَا عِیسَی كُلُّ وَصِیَّتِی نَصِیحَةٌ لَكَ وَ كُلُّ قَوْلِی.

كا، الكافی لَكَ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق حَقٌّ وَ أَنَا الْحَقُّ الْمُبِینُ وَ حَقّاً أَقُولُ لَئِنْ أَنْتَ عَصَیْتَنِی بَعْدَ أَنْ أَنْبَأْتُكَ مَا لَكَ مِنْ دُونِی وَلِیٌّ وَ لَا نَصِیرٌ یَا عِیسَی ذَلِّلْ قَلْبَكَ بِالْخَشْیَةِ وَ انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ ذَنْبٍ حُبُّ الدُّنْیَا فَلَا تُحِبَّهَا فَإِنِّی لَا أُحِبُّهَا یَا عِیسَی أَطِبْ بِی (8)قَلْبَكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرِی فِی الْخَلَوَاتِ وَ اعْلَمْ أَنَّ سُرُورِی أَنْ تُبَصْبِصَ إِلَیَّ وَ كُنْ فِی ذَلِكَ حَیّاً وَ لَا تَكُنْ مَیِّتاً

ص: 298


1- فی الكافی: و الحق علی لسانه و هو علی الحق حیثما كان.
2- الكافی خال عن قوله: إذا بایعوه.
3- فی الكافی: أن لا یدرسوا.
4- فی الكافی: فقد نهیتك عنه.
5- أی فاطلب.
6- الكافی و التحف خالیان عن قوله: لتطیعنی.
7- فی الكافی: و لا تنظر فی عمل غیرك بمنزلة الرب.
8- فی الكافی و التحف: أطب لی.

یَا عِیسَی لَا تُشْرِكْ بِی شَیْئاً وَ كُنْ مِنِّی عَلَی حَذَرٍ وَ لَا تَغْتَرَّ بِالصِّحَّةِ وَ لَا تُغَبِّطْ نَفْسَكَ فَإِنَّ الدُّنْیَا كَفَیْ ءٍ زَائِلٍ وَ مَا أَقْبَلَ مِنْهَا كَمَا أَدْبَرَ فَنَافِسْ فِی الصَّالِحَاتِ جُهْدَكَ وَ كُنْ مَعَ الْحَقِّ حَیْثُمَا كَانَ وَ إِنْ قُطِعْتَ وَ أُحْرِقْتَ بِالنَّارِ فَلَا تَكْفُرْ بِی بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ لَا تَكُنْ مَعَ الْجَاهِلِینَ.

كا، الكافی فَإِنَّ الشَّیْ ءَ یَكُونُ مَعَ الشَّیْ ءِ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق یَا عِیسَی صُبَّ.

كا، الكافی إِلَیَّ.

كا، الكافی لی، الأمالی للصدوق الدُّمُوعَ مِنْ عَیْنَیْكَ وَ اخْشَعْ لِی بِقَلْبِكَ یَا عِیسَی اسْتَغْفِرْنِی (1)فِی حَالاتِ الشِّدَّةِ فَإِنِّی أُغِیثُ الْمَكْرُوبِینَ وَ أُجِیبُ الْمُضْطَرِّینَ وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ(2).

بیان: قال الجزری قد تكرر فیه ذكر المسیح علیه السلام فسمی به لأنه كان لا یمسح بیده ذا عاهة إلا برئ و قیل لأنه كان أمسح الرجل لا أخمص له و قیل لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن و قیل لأنه كان یمسح الأرض أی یقطعها و قیل المسیح الصدیق و قیل هو بالعبرانیة مشیحا فعربت.

قوله تعالی وصیة المتحنن أی أوصیك و قد أحسنت إلیك برحمتی و ربیتك فی درجات الكمال بلطفی حین حقت و فی الكافی حتی حقت أی ثبتت و وجبت لك ولایتی و محبتی بسبب أنك تطلب مسرتی و لا تفعل إلا ما یوجب رضای.

قوله فبوركت البركة النمو و الزیادة أی زید فی علمك و قربك و كمالك فی صغرك و كبرك أو جعلتك ذا بركة فی الید و اللسان بإحیاء الموتی و إبراء ذوی العاهات و تكثیر القلیل من الطعام و الشراب قوله كهمك أی اجعلنی و اتخذنی قریبا منك كقرب همك و ما یخطر ببالك منك أو اهتم بأوامری كما تهتم بأمور نفسك قوله و لا تول غیری أی لا تتخذ غیری ولی أمرك أو لا تجعل حبك لغیری قوله و احكم أی اقض بین الناس بما علمتك من لطائف الحكمة قوله نافس المنافسة الرغبة فی الشی ء و الانفراد به قوله بنصحی أی بما علمتك للحكم بینهم لنصحی لهم أو كما أنی لك ناصح فكن أنت ناصحا لهم.

و قال الفیروزآبادی البتول المنقطعة عن الرجال و مریم العذراء و فاطمة بنت

ص: 299


1- فی الكافی و التحف: استغث بی.
2- روضة الكافی: 131- 141، الأمالی: 308- 312.

سید المرسلین علیهما الصلاة و السلام لانقطاعها عن نساء زمانها و نساء الأمة فضلا و دینا و حسبا و المنقطعة عن الدنیا إلی اللّٰه.

قوله و قلی الدنیا أی أبغضها قوله رح من الدنیا أی اقطع عنك كل یوم شیئا من علائق الدنیا لكیلا یصعب علیك مفارقتها عند حلول أجلك قوله ما أنت إلا بساعتك أی لا تعلم بقاءك بعد تلك الساعة و هذا الیوم فاغتنمها. (1)قوله فرح من الدنیا أی اترك الدنیا و اكتف منها بالبلاغ و الكفاف أو كن بحیث إذا فارقت الدنیا لم تكن أخذت منها سوی البلغة و یحتمل أن یكون المراد بالبلغة ما یبلغ الإنسان من زاد الآخرة إلی درجاتها الرفیعة.

قوله و لیكفك الخشن أی من الثیاب الجشب أی من الطعام و الظاهر كونهما إما صفة للثیاب أو لهما و الجشب الغلیظ قوله إلی ما یصیر أی الثوب و الطعام فإن مصیر الأول إلی البلی و الثانی إلی ما تری.

قوله كرحمتی الكاف إما للتشبیه فی أصل الرحمة لا فی كیفیتها و قدرها أو للتعلیل أی لرحمتی إیاك قوله لذاذة نطقك أی نطقك اللذیذ أو التذاذك بذكری قوله طرفك الكلیل قال الجزری طرف كلیل إذا لم یحقق المنظور به أی لا تحدق النظر إلی السماء حیاء بل انظر بتخشع و یحتمل أن یكون وصف الطرف بالكلال لبیان عجز قوی المخلوقین.

قوله تحت أحضانكم جمع الحضن و هو ما دون الإبط إلی الكشح (2)و هو كنایة عن ضبط الحرام بحفظه و عدم رده إلی أهله و لعل المراد بالأصنام الدراهم و الدنانیر و الذخائر التی كانوا یحرزونها فی بیوتهم و لا یؤدون حق اللّٰه منها

كَمَا وَرَدَ فِی الْخَبَرِ مَلْعُونٌ مَنْ عَبَدَ الدِّینَارَ وَ الدِّرْهَمَ.

قوله لعنا علیهم أی إجابتی للظالمین فیما یطلبون من دنیاهم موجب لبعدهم عن رحمتی و استدراج منی لهم و التفرق إما عن الدعاء أو بالموت.

ص: 300


1- فی نسخة: فاغتنمهما.
2- الابط: باطن الكتف. الكشح: ما بین السرة و وسط الظهر.

قوله مترحما الرحم رقة القلب و الترحم إعمالها و إظهارها قوله و اذكرنی بالصالحات أی بفعل الأعمال الصالحة فإنها مسببة عن ذكره تعالی و ذكره تعالی له إثابته أو ذكره فی الملإ الأعلی بخیر قوله یغوی و فی الكافی یعدی أی یؤثر أخلاقه الذمیمة فیمن یصاحبه یقال أعداه الداء و هو أن یصیبه مثل ما بصاحب الداء.

قوله یردی أی یهلك من یقارنه قوله تعالی هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أی هل تشعر بأحد منهم و تراه أو تسمع صوته و الاصطلام الاستیصال قوله بأدب إلهك أی بالآداب التی أمرك بها إلهك أو المراد التخلق بأخلاق اللّٰه قوله بمثل رحمتی أی الجنة أو المغفرة قوله فیضا أی كثیرا واسعا و الظاهر أن المقصود بهذا الخطاب أمته علیه السلام كقوله تعالی لنبینا صلی اللّٰه علیه و آله لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و الهون السكینة و الوقار قوله و صل علی البقاع هذا خلاف ما هو المشهور من أن جواز الصلاة فی كل البقاع من خصائص نبینا صلی اللّٰه علیه و آله بل كان یلزمهم الصلاة فی معابدهم فیمكن أن یكون هذا الحكم فیهم مختصا بالفرائض أو بغیره من أمته.

قوله شمر أی جد فی العبادة فإن الموت آت و كل ما هو آت قریب قوله و زهقت أی هلكت و اضمحلت قوله مع آبائك أی تكون معهم أو طوبی لك معهم و الأنكال جمع النكل بالكسر و هو القید الشدید قوله فكن بی أی بمعونتی خبیرا بعیوب نفسك أو كن عالما بی و برحمتی و نعمتی و عقوبتی حتی لا تغلبك نفسك قوله مراقبا لی أی تنتظر فضلی و إحسانی و تخاف عذابی و تعلم أنی مطلع علی سرائر أمرك قوله تعالی لا یصلح لسانان فی فم واحد أی بأن تقول فی حضور القوم شیئا و فی غیبتهم غیره أو تمزج الحق بالباطل و لا قلبان فی صدر واحد أی لا یجتمع حبه تعالی و حب غیره فی قلب واحد فلا یجتمعان إلا بأن یكون لك قلبان و هو محال كما قال تعالی ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ (1)قوله تعالی و كذلك الأذهان أی لا یجتمع شیئان متضادان فی ذهن واحد

ص: 301


1- الأحزاب: 4.

كالتوجه إلی اللّٰه و إلی الدنیا و التوكل علی اللّٰه و علی غیره و یحتمل أن یكون ذكر اللسان و القلب تمهیدا لبیان الأخیر أی كما لا یمكن أن یكون فی فم لسانان و فی صدر قلبان فكذلك لا یجوز أن یكون فی ذهن واحد أمران متضادان یصیران منشأین لأمور مختلفة متباینة قوله تعالی لا تستیقظن عاصیا أی لا تنبه غیرك و الحال أنك عاص بل ابدأ بإصلاح نفسك قبل إصلاح غیرك و كذا الفقرة الثانیة و یشكل بأن الاستیقاظ لم یرد متعدیا (1)فیحتمل أن یكون المراد لا یكن تیقظك تیقظا ناقصا مخلوطا بالعصیان أو لا یكن تیقظك عند الموت بعد العصیان فتكون الفقرة الثانیة تأسیسا و هو أولی من التأكید قوله مؤدیتك إلی أی تردك إلی بالموت و أعاقبك بما عملت من معاصیك قوله فی جنبی أی فی قربی أو طاعتی قوله تعالی و أفض من الإفضاء بمعنی الإیصال أو من الإفاضة بمعنی الاندفاع و الإسراع فی السیر أی أقبل إلی بسبب حسناتك أو معها. قوله تعالی بالرجوع إلی أی بسبب أن مرجعك إلی قوله بكلامی أی بلفظ كن من غیر والد قوله و نظیرك یحیی أی فی الزهد و العبادة و سائر الكمالات أو فی الولادة فإنه من حیث تولده من شیخ كبیر یئس من الولد فكأنه أیضا خلق من غیر والد قوله من غیر قوة بها أی كانت یائسة لا تستعد بحسب القوی البشریة عادة لتولده منها.

قوله قد ألح فی الكافی قد تذابح قال الفیروزآبادی تذابحوا ذبح بعضهم بعضا قوله ابغنی عند وسادك أی اطلبنی و تقرب إلی عند ما تتكئ علی وسادك للنوم بذكری تجدنی لك حافظا فی نومك أو قریبا منك مجیبا فی تلك الحال أیضا أو اطلبنی بالعبادة عند إرادة التوسد أو فی الوقت الذی یتوسد فیه الناس تجدنی مفیضا علیك مترحما قوله أذكرك فی نفسی أی أفیض علیك من رحماتی الخاصة من غیر أن یطلع علیها غیری قوله عن ذكر الخناء أی الفحش فی القول و الأخدان جمع الخدن بالكسر و هو الصدیق قوله تعالی الحكمة تبكی إسناد البكاء إلی الحكمة مجازی

ص: 302


1- نعم یوجد ذلك فی المنجد حیث قال: استیقظه: طلب یقظته. نبهه من النوم.

لأنها سببه و یمكن أن یقدر مضاف أی أهل الحكمة و یحتمل علی بعد أن یقرأ علی باب الإفعال قوله تهجرون من الهجر و هو الهزء و قبیح الكلام.

قوله للغابرین أی للباقین قوله یوم یلقانی أی تظهر سیادته فی ذلك الیوم و یحتمل تعلقه بما بعده الدیان بدینی الدیان القهار و الحاكم و القاضی أی یقهرهم علی الدخول فی دین اللّٰه أو یحكم بینهم بحكم اللّٰه أو یتعبد اللّٰه بدین الحق من دان بمعنی عبد و العزلاء فم المزادة الأسفل و الجمع العزالی بكسر اللام و فتحها و إرخاؤها كنایة عن كثرة الأمطار و الخصب و السعة قوله من رحیق مختوم أی من جنسه قال الجزری الرحیق من أسماء الخمر یرید به خمر الجنة و المختوم المصون الذی لم یبتذل لأجل ختامه.

و قال الفیروزآبادی الكوب بالضم كوز لا عروة له أو لا خرطوم و الجمع أكواب و قال الجزری فی الحدیث إن شعار أصحاب النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی الغزو یا منصور أمت أمت (1)أی علامتهم التی كانوا یتعارفون بها فی الحرب قوله یتیم أی بلا أب أو بلا نظیر أو منفرد عن الخلق ضال برهة أی طائفة من زمانه عما یراد به أی الوحی و البعثة أو ضال من بین قومه لا یعرفونه بالنبوة فكأنه ضل عنهم ثم وجدوه و سیأتی شرحه فی كتاب أحوال النبی صلی اللّٰه علیه و آله قوله فارتد لنفسك الارتیاد الطلب أی اطلب لنفسك ما هو خیر لك قوله عفوا أی فضلا و إحسانا أو حلالا طیبا.

قال الفیروزآبادی العفو أحل المال و أطیبه و خیار الشی ء و أجوده و الفضل و المعروف قوله نظر الرب أی النظر فی أعمال الغیر و محاسبتها شأن الرب لا شأن العبد قوله و كن فیها أی فی تلك النظرة أو فی الدنیا قوله أطب بی قلبك أی كن محبا لی راضیا عنی یقال طابت نفسه بكذا أی رضیها و أحبها قوله أن تبصبص إلی قال الجزری یقال بصبص الكلب بذنبه إذا حركه و إنما یفعل ذلك من خوف أو طمع قوله و لا تغبط نفسك الظاهر أنه علی بناء التفعیل یقال غبطهم أی حملهم

ص: 303


1- قال: هو أمر بالموت، و المراد به التفؤل بالنصر بعد الامر بالاماتة مع حصول الغرض للشعار فانهم جعلوا هذه الكلمة علامة بینهم یتعارفون بها لاجل ظلمة اللیل.

علی الغبطة أی لا تجعل نفسك فی أمور الدنیا بحیث یغبطها الناس أو لا تجعل نفسك بحیث تغبط الناس علی ما فی أیدیهم و الأول أظهر قوله فإن الشی ء یكون مع الشی ء أی لكل عمل جزاء أو كل شی ء یكون مع مجانسه فلا تكن مع الجاهلین تكن مثلهم.

«14»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی (1)عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی قَوْمٍ یَبْكُونَ فَقَالَ عَلَی مَا یَبْكِی هَؤُلَاءِ فَقِیلَ یَبْكُونَ عَلَی ذُنُوبِهِمْ قَالَ فَلْیَدَعُوهَا یُغْفَرْ لَهُمْ (2).

«15»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْخَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَأْسَوْا عَلَی مَا فَاتَكُمْ مِنْ دُنْیَاكُمْ إِذَا سَلِمَ دِینُكُمْ كَمَا لَا یَأْسَی أَهْلُ الدُّنْیَا عَلَی مَا فَاتَهُمْ مِنْ دِینِهِمْ إِذَا سَلِمَتْ دُنْیَاهُمْ (3).

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر الحسن بن علی مثله (4).

«16»-ف، تحف العقول مَوَاعِظُ الْمَسِیحِ علیه السلام فِی الْإِنْجِیلِ وَ غَیْرِهِ وَ مِنْ حِكَمِهِ طُوبَی لِلْمُتَرَاحِمِینَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُصْلِحِینَ بَیْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ یَزُورُونَ اللَّهَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمُتَوَاضِعِینَ فِی الدُّنْیَا أُولَئِكَ یَرِثُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ طُوبَی لِلْمَسَاكِینِ لَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ طُوبَی لِلْمَحْزُونِینَ هُمُ الَّذِینَ یُسَرُّونَ طُوبَی لِلَّذِینَ یَجُوعُونَ وَ یَظْمَئُونَ خُشُوعاً هُمُ الَّذِینَ یَسْبِقُونَ (5)طُوبَی لِلْمَسْبُوبِینَ مِنْ أَجْلِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ طُوبَاكُمْ (6)إِذَا حُسِدْتُمْ وَ شُتِمْتُمْ وَ قِیلَ فِیكُمْ كُلُّ كَلِمَةٍ قَبِیحَةٍ كَاذِبَةٍ حِینَئِذٍ فَافْرَحُوا وَ ابْتَهِجُوا فَإِنَّ أَجْرَكُمْ قَدْ كَثُرَ فِی السَّمَاءِ

ص: 304


1- فی المصدر: أحمد بن محمّد بن عیسی عن أبیه.
2- الأمالی: 297.
3- الأمالی: 297.
4- مخطوط.
5- فی المصدر: هم الذین یسقون. و زاد فی نسخة: طوبی للذین یعملون الخیر أصفیاء اللّٰه یدعون.
6- فی المصدر: طوبی لكم.

وَ قَالَ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ تَلُومُونَ النَّاسَ عَلَی الظَّنِّ وَ لَا تَلُومُونَ أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْیَقِینِ (1)یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا تَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ تُقَصِّرُونَ قُمُصَكُمْ وَ تَنْكِسُونَ رُءُوسَكُمْ وَ لَا تَنْزِعُونَ الْغِلَّ (2)مِنْ قُلُوبِكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الْقُبُورِ الْمُشَیَّدَةِ یُعْجِبُ النَّاظِرَ ظَهْرُهَا وَ دَاخِلُهَا عِظَامُ الْمَوْتَی مَمْلُوءَةٌ خَطَایَا یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ یُضِی ءُ لِلنَّاسِ وَ یُحْرِقُ نَفْسَهُ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِی مَجَالِسِهِمْ وَ لَوْ جُثُوّاً عَلَی الرُّكَبِ (3)فَإِنَّ اللَّهَ یُحْیِی الْقُلُوبَ الْمَیْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا یُحْیِی الْأَرْضَ الْمَیْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِیمٌ فَعَلَیْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ (4)حَسَنَةٌ وَ قِلَّةُ وِزْرٍ وَ خِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَ إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ وَ الْمَشَّاءَ إِلَی غَیْرِ أَرَبٍ (5)وَ یُحِبُّ الْوَالِیَ الَّذِی یَكُونُ كَالرَّاعِی لَا یَغْفُلُ عَنْ رَعِیَّتِهِ فَاسْتَحْیُوا اللَّهَ فِی سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْیُونَ النَّاسَ فِی عَلَانِیَتِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَیْكُمْ قَبْلَ أَنْ یُرْفَعَ وَ رَفْعُهُ أَنْ یَذْهَبُ رُوَاتُهُ (6)یَا صَاحِبَ الْعِلْمِ عَظِّمِ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ وَ دَعْ مُنَازَعَتَهُمْ وَ صَغِّرِ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ وَ لَا تَطْرُدْهُمْ وَ لَكِنْ قَرِّبْهُمْ وَ عَلِّمْهُمْ یَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ عَجَزْتَ عَنْ شُكْرِهَا بِمَنْزِلَةِ سَیِّئَةٍ تُؤَاخَذُ عَلَیْهَا یَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَعْصِیَةٍ عَجَزْتَ عَنْ تَوْبَتِهَا بِمَنْزِلَةِ عُقُوبَةٍ تُعَاقَبُ بِهَا یَا صَاحِبَ الْعِلْمِ كُرَبٌ لَا تَدْرِی مَتَی تَغْشَاكَ فَاسْتَعِدَّ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَفْجَأَكَ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَداً مَرَّ بِأَخِیهِ فَرَأَی ثَوْبَهُ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ

ص: 305


1- هنا فی المصدر زیادة و هی: یا عبید الدنیا تحبون أن یقال فیكم ما لیس فیكم، و أن یشار الیكم بالاصابع.
2- الغل: الحقد و الغش.
3- جثا جثوا: جلس علی ركبتیه. و فی نسخة من المصدر: و لو حبوا. من حبا الولد: زحف علی یدیه و بطنه.
4- الدعة: السكینة. الراحة و خفض العیش.
5- الارب: الحاجة. و فی المصدر «أدب». و لعله مصحف.
6- فی المصدر: فعلیكم قبل أن ترفع، و رفعها أن تذهب رواته.

أَ كَانَ كَاشِفاً عَنْهَا أَمْ یَرُدُّ عَلَی مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالُوا بَلْ یَرُدُّ عَلَی مَا انْكَشَفَ مِنْهَا قَالَ كَلَّا بَلْ تَكْشِفُونَ عَنْهَا فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَهُمْ فَقَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ ذَاكَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ یَطَّلِعُ عَلَی الْعَوْرَةِ مِنْ أَخِیهِ فَلَا یَسْتُرُهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْلَمُوا (1)وَ لَا أُعَلِّمُكُمْ لِتُعْجَبُوا بِأَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا مَا تُرِیدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَ لَنْ تَظْفَرُوا بِمَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ إِیَّاكُمْ وَ النَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِی الْقُلُوبِ الشَّهْوَةَ وَ كَفَی بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً طُوبَی لِمَنْ جُعِلَ بَصَرُهُ فِی قَلْبِهِ وَ لَمْ یُجْعَلْ بَصَرُهُ فِی نَظَرِ عَیْنِهِ (2)لَا تَنْظُرُوا فِی عُیُوبِ النَّاسِ كَالْأَرْبَابِ وَ انْظُرُوا فِی عُیُوبِهِمْ كَهَیْئَةِ عَبِیدِ النَّاسِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُبْتَلًی وَ مُعَافًی فَارْحَمُوا الْمُبْتَلَی وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَی الْعَافِیَةِ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ مِنَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَا یَسُوغُ لَهُ شَرَابُهُ حَتَّی یُصَفِّیَهُ مِنَ الْقَذَی (3)وَ لَا یُبَالِی أَنْ یَبْلُغَ أَمْثَالَ الْغِیلَةِ (4)أَ لَمْ تَسْمَعُوا أَنَّهُ قِیلَ لَكُمْ فِی التَّوْرَاةِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ كَافُوا أَرْحَامَكُمْ وَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ أَعْطُوا مَنْ مَنَعَكُمْ وَ أَحْسِنُوا إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكُمْ وَ سَلِّمُوا عَلَی مَنْ سَبَّكُمْ وَ أَنْصِفُوا مَنْ خَاصَمَكُمْ وَ اعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ یُعْفَی عَنْ إِسَاءَتِكُمْ فَاعْتَبِرُوا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكُمْ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَی الْأَبْرَارِ وَ الْفُجَّارِ مِنْكُمْ وَ أَنَّ مَطَرَهُ یَنْزِلُ عَلَی الصَّالِحِینَ وَ الْخَاطِئِینَ مِنْكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تُحِبُّونَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّكُمْ وَ لَا تُحْسِنُونَ إِلَّا إِلَی مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْكُمْ وَ لَا تُكَافِئُونَ إِلَّا مَنْ أَعْطَاكُمْ فَمَا فَضْلُكُمْ إِذاً عَلَی غَیْرِكُمْ قَدْ یَصْنَعُ هَذَا السُّفَهَاءُ الَّذِینَ لَیْسَتْ عِنْدَهُمْ فُضُولٌ وَ لَا لَهُمْ أَحْلَامٌ وَ لَكِنْ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا أَحِبَّاءَ اللَّهِ وَ أَصْفِیَاءَ اللَّهِ فَأَحْسِنُوا إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكُمْ وَ اعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَ سَلِّمُوا عَلَی مَنْ أَعْرَضَ عَنْكُمْ اسْمَعُوا قَوْلِی وَ احْفَظُوا وَصِیَّتِی وَ ارْعَوْا عَهْدِی كَیْمَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ فُقَهَاءَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ قُلُوبَكُمْ بِحَیْثُ تَكُونُ كُنُوزَكُمْ وَ كَذَلِكَ النَّاسُ یُحِبُّونَ

ص: 306


1- فی نسخة: لتعملوا.
2- فی نسخة من المصدر: و لم یجعل قلبه فی نظر عینیه.
3- القذی: ما یقع فی العین أو الشراب من تبنة و نحوها.
4- الغیلة: الاجمة. الشجر الكثیر الملتف. و فی المصدر و فی نسخة: و لا یبالی أن یبلع امثال الفیلة من الحرام.

أَمْوَالَهُمْ وَ تَتُوقُ (1)إِلَیْهَا أَنْفُسُهُمْ فَضَعُوا كُنُوزَكُمْ فِی السَّمَاءِ حَیْثُ لَا یَأْكُلُهَا السُّوسُ وَ لَا یَنَالُهَا اللُّصُوصُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَبْدَ لَا یَقْدِرُ عَلَی أَنْ یَخْدُمَ رَبَّیْنِ وَ لَا مَحَالَةَ أَنْ یُؤْثِرَ أَحَدَهُمَا عَلَی الْآخَرِ وَ إِنْ جَهَدَ كَذَلِكَ لَا یَجْتَمِعُ لَكُمْ حُبُّ اللَّهِ وَ حُبُّ الدُّنْیَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ لَرَجُلٌ عَالِمٌ آثَرَ دُنْیَاهُ عَلَی عِلْمِهِ فَأَحَبَّهَا وَ طَلَبَهَا وَ جَهَدَ عَلَیْهَا حَتَّی لَوِ اسْتَطَاعَ أَنْ یَجْعَلَ النَّاسَ فِی حَیْرَةٍ لَفَعَلَ وَ مَا ذَا یُغْنِی عَنِ الْأَعْمَی سَعَةُ نُورِ الشَّمْسِ وَ هُوَ لَا یُبْصِرُهَا كَذَلِكَ لَا یُغْنِی عَنِ الْعَالِمِ عِلْمُهُ إِذَا هُوَ لَمْ یَعْمَلْ بِهِ مَا أَكْثَرَ ثِمَارَ الشَّجَرِ وَ لَیْسَ كُلُّهَا یَنْفَعُ وَ لَا یُؤْكَلُ (2)وَ مَا أَكْثَرَ الْعُلَمَاءَ وَ لَیْسَ كُلُّهُمْ یَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمَ وَ مَا أَوْسَعَ الْأَرْضَ وَ لَیْسَ كُلُّهَا تُسْكَنُ وَ مَا أَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمِینَ وَ لَیْسَ كُلُّ كَلَامِهِمْ یُصَدَّقُ فَاحْتَفِظُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكَذَبَةَ الَّذِینَ عَلَیْهِمْ ثِیَابُ الصُّوفِ مُنَكِّسُو رُءُوسِهِمْ إِلَی الْأَرْضِ یُزَوِّرُونَ (3)بِهِ الْخَطَایَا یَطْرِفُونَ مِنْ تَحْتِ حَوَاجِبِهِمْ (4)كَمَا تَرْمُقُ الذِّئَابُ وَ قَوْلُهُمْ یُخَالِفُ فِعْلَهُمْ وَ هَلْ یُجْتَنَی مِنَ الْعَوْسَجِ الْعِنَبُ وَ مِنَ الْحَنْظَلِ التِّینُ وَ كَذَلِكَ لَا یُؤَثِّرُ قَوْلُ الْعَالِمِ الْكَاذِبِ إِلَّا زُوراً وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ یَقُولُ یَصْدُقُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزَّرْعَ یَنْبُتُ فِی السَّهْلِ وَ لَا یَنْبُتُ فِی الصَّفَا وَ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمَرُ فِی قَلْبِ الْمُتَوَاضِعِ وَ لَا تَعْمَرُ فِی قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ شَمَخَ بِرَأْسِهِ (5)إِلَی السَّقْفِ شَجَّهُ وَ مَنْ خَفَضَ بِرَأْسِهِ عَنْهُ اسْتَظَلَّ تَحْتَهُ وَ أَكَنَّهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ یَتَوَاضَعْ لِلَّهِ خَفَضَهُ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ إِنَّهُ لَیْسَ عَلَی كُلِّ حَالٍ یَصْلُحُ الْعَسَلُ فِی الزِّقَاقِ وَ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ لَیْسَ عَلَی كُلِّ حَالٍ تَعْمَرُ الْحِكْمَةُ فِیهَا إِنَّ الزِّقَّ مَا لَمْ یَنْخَرِقْ أَوْ یَقْحَلْ أَوْ یَتْفَلْ فَسَوْفَ یَكُونُ لِلْعَسَلِ وِعَاءً وَ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ مَا لَمْ تَخْرِقْهَا الشَّهَوَاتُ وَ یُدَنِّسْهَا الطَّمَعُ وَ یُقْسِیهَا النَّعِیمُ فَسَوْفَ تَكُونُ أَوْعِیَةً لِلْحِكْمَةِ

ص: 307


1- تاق إلیه: اشتاق.
2- فی المصدر: و یؤكل.
3- زور: من الكلام، و زور الشی ء: حسنه و قومه.
4- فی نسخة من المصدر: یرمقون من تحت حواجبهم اه.
5- شمخ برأسه: رفعه.

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَرِیقَ لَیَقَعُ فِی الْبَیْتِ الْوَاحِدِ فَلَا یَزَالُ یَنْتَقِلُ مِنْ بَیْتٍ إِلَی بَیْتٍ حَتَّی تَحْتَرِقَ بُیُوتٌ كَثِیرَةٌ إِلَّا أَنْ یُسْتَدْرَكَ الْبَیْتُ الْأَوَّلُ فَیُهْدَمَ مِنْ قَوَاعِدِهِ فَلَا تَجِدَ فِیهِ النَّارُ مَحَلًّا (1)وَ كَذَلِكَ الظَّالِمُ الْأَوَّلُ لَوْ أُخِذَ عَلَی یَدَیْهِ لَمْ یُوجَدْ مِنْ بَعْدِهِ إِمَامٌ ظَالِمٌ فَیَأْتَمُّونَ (2)بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَجِدِ النَّارُ فِی الْبَیْتِ الْأَوَّلِ خَشَباً وَ أَلْوَاحاً لَمْ تُحْرِقْ شَیْئاً بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ نَظَرَ إِلَی الْحَیَّةِ تَؤُمُّ أَخَاهُ لِتَلْدَغَهُ وَ لَمْ یُحَذِّرْهُ حَتَّی قَتَلَتْهُ فَلَا یَأْمَنْ أَنْ یَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِی دَمِهِ وَ كَذَلِكَ مَنْ نَظَرَ إِلَی أَخِیهِ یَعْمَلُ الْخَطِیئَةَ وَ لَمْ یُحَذِّرْهُ عَاقِبَتَهَا حَتَّی أَحَاطَتْ بِهِ فَلَا یَأْمَنْ أَنْ یَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِی إِثْمِهِ وَ مَنْ قَدَرَ عَلَی أَنْ یُغَیِّرَ الظَّالِمَ ثُمَّ لَمْ یُغَیِّرْهُ فَهُوَ كَفَاعِلِهِ وَ كَیْفَ یَهَابُ الظَّالِمُ وَ قَدْ أَمِنَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا یُنْهَی وَ لَا یُغَیَّرُ عَلَیْهِ وَ لَا یُؤْخَذُ عَلَی یَدَیْهِ فَمِنْ أَیْنَ یُقَصِّرُ الظَّالِمُونَ أَمْ كَیْفَ لَا یَغْتَرُّونَ فَحَسْبُ أَحَدِكُمْ أَنْ یَقُولَ لَا أَظْلِمُ وَ مَنْ شَاءَ فَلْیَظْلِمْ وَ یَرَی الظُّلْمَ فَلَا یُغَیِّرَهُ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَی مَا تَقُولُونَ لَمْ تُعَاقَبُوا مَعَ الظَّالِمِینَ الَّذِینَ لَمْ تَعْمَلُوا بِأَعْمَالِهِمْ حِینَ تَنْزِلُ بِهِمُ الْعَثْرَةُ فِی الدُّنْیَا وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ كَیْفَ تَرْجُونَ أَنْ یُؤْمِنَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَنْتُمْ تَخَافُونَ النَّاسَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَ تُطِیعُونَهُمْ فِی مَعْصِیَتِهِ وَ تَفُونَ لَهُمْ بِالْعُهُودِ النَّاقِضَةِ لِعَهْدِهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا یُؤْمِنُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ ذَلِكَ الْیَوْمِ مَنِ اتَّخَذَ الْعِبَادَ أَرْبَاباً مِنْ دُونِهِ وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ مِنْ أَجْلِ دُنْیَا دَنِیَّةٍ وَ شَهْوَةٍ رَدِیئَةٍ تُفَرِّطُونَ فِی مِلْكِ الْجَنَّةِ وَ تَنْسَوْنَ هَوْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا مِنْ أَجْلِ نِعْمَةٍ زَائِلَةٍ وَ حَیَاةٍ مُنْقَطِعَةٍ تَفِرُّونَ مِنَ اللَّهِ وَ تَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ فَكَیْفَ یُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ وَ إِنَّمَا یُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَ مَنْ یُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ یَكْرَهُ لِقَاءَ مَنْ یَكْرَهُ لِقَاءَهُ وَ كَیْفَ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ وَ أَنْتُمْ تَفِرُّونَ مِنَ الْمَوْتِ وَ تَعْتَصِمُونَ بِالدُّنْیَا فَمَا ذَا یُغْنِی عَنِ الْمَیِّتِ طِیبُ رِیحِ حُنُوطِهِ وَ بَیَاضُ أَكْفَانِهِ وَ كُلُّ ذَلِكَ یَكُونُ فِی التُّرَابِ كَذَلِكَ لَا یُغْنِی عَنْكُمْ بَهْجَةُ دُنْیَاكُمُ الَّتِی زُیِّنَتْ لَكُمْ وَ كُلُّ ذَلِكَ إِلَی سَلْبٍ وَ زَوَالٍ مَا ذَا یُغْنِی عَنْكُمْ نَقَاءُ أَجْسَادِكُمْ وَ صَفَاءُ أَلْوَانِكُمْ وَ إِلَی الْمَوْتِ تَصِیرُونَ وَ فِی التُّرَابِ تُنْسَوْنَ وَ فِی ظُلْمَةِ الْقَبْرِ تُغْمَرُونَ وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا

ص: 308


1- فی نسخة: فلا تجد فیه النار عملا. و فی المصدر: معملا. و المعمل: موضع العمل.
2- كذا فی الكتاب و مصدره، و فی نسخة «فیؤتم به» و هو الأصحّ.

تَحْمِلُونَ السِّرَاجَ فِی ضَوْءِ الشَّمْسِ وَ ضَوْؤُهَا كَانَ یَكْفِیكُمْ وَ تَدَعُونَ أَنْ تَسْتَضِیئُوا بِهَا فِی الظُّلَمِ وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سُخِّرَتْ لَكُمْ كَذَلِكَ اسْتَضَأْتُمْ بِنُورِ الْعِلْمِ لِأَمْرِ الدُّنْیَا وَ قَدْ كُفِیتُمُوهُ وَ تَرَكْتُمْ أَنْ تَسْتَضِیئُوا بِهِ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أُعْطِیتُمُوهُ تَقُولُونَ إِنَّ الْآخِرَةَ حَقٌّ وَ أَنْتُمْ تَمْهَدُونَ الدُّنْیَا وَ تَقُولُونَ إِنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنْتُمْ تَفِرُّونَ مِنْهُ وَ تَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ وَ یَرَی وَ لَا تَخَافُونَ إِحْصَاءَهُ عَلَیْكُمْ فَكَیْفَ (1)یُصَدِّقُكُمْ مَنْ سَمِعَكُمْ فَإِنَّ مَنْ كَذَبَ مِنْ غَیْرِ عِلْمٍ أَعْذَرُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَی عِلْمٍ وَ إِنْ كَانَ لَا عُذْرَ فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْكَذِبِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تُرْكَبْ (2)وَ لَمْ تُمْتَهَنْ وَ تُسْتَعْمَلْ لَتَصْعُبُ وَ یَتَغَیَّرُ خُلُقُهَا وَ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ إِذَا لَمْ تُرَقَّقْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ یَتْبَعْهَا دُءُوبُ الْعِبَادَةِ (3)تَقْسُو وَ تَغْلُظُ مَا ذَا یُغْنِی عَنِ الْبَیْتِ الْمُظْلِمِ أَنْ یُوضَعَ السِّرَاجُ فَوْقَ ظَهْرِهِ وَ جَوْفُهُ وَحْشٌ مُظْلِمٌ كَذَلِكَ لَا یُغْنِی عَنْكُمْ أَنْ یَكُونَ نُورُ الْعِلْمِ بِأَفْوَاهِكُمْ وَ أَجْوَافُكُمْ مِنْهُ وَحْشَةٌ مُعَطَّلَةٌ فَأَسْرِعُوا إِلَی بُیُوتِكُمُ الْمُظْلِمَةِ فَأَنِیرُوا فِیهَا كَذَلِكَ فَأَسْرِعُوا إِلَی قُلُوبِكُمُ الْقَاسِیَةِ بِالْحِكْمَةِ قَبْلَ أَنْ تَرِینَ عَلَیْهَا الْخَطَایَا (4)فَتَكُونَ أَقْسَی مِنَ الْحِجَارَةِ كَیْفَ یُطِیقُ حَمْلَ الْأَثْقَالِ مَنْ لَا یَسْتَعِینُ عَلَی حَمْلِهَا أَمْ كَیْفَ تُحَطُّ أَوْزَارُ مَنْ لَا یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا أَمْ كَیْفَ تَنْقَی ثِیَابُ مَنْ لَا یَغْسِلُهَا وَ كَیْفَ یَبْرَأُ مِنَ الْخَطَایَا مَنْ لَا یُكَفِّرُهَا (5)أَمْ كَیْفَ یَنْجُو مِنْ غَرَقِ الْبَحْرِ مَنْ یَعْبُرُ بِغَیْرِ سَفِینَةٍ وَ كَیْفَ یَنْجُو مِنْ فِتَنِ الدُّنْیَا مَنْ لَمْ یُدَاوِهَا بِالْجِدِّ وَ الِاجْتِهَادِ وَ كَیْفَ یَبْلُغُ مَنْ یُسَافِرُ بِغَیْرِ دَلِیلٍ وَ كَیْفَ یَصِیرُ إِلَی الْجَنَّةِ مَنْ لَا یُبْصِرُ مَعَالِمَ الدِّینِ وَ كَیْفَ یَنَالُ مَرْضَاةَ اللَّهِ مَنْ لَا یُطِیعُهُ وَ كَیْفَ یُبْصِرُ عَیْبَ وَجْهِهِ مَنْ لَا یَنْظُرُ فِی الْمِرْآةِ وَ كَیْفَ یَسْتَكْمِلُ حُبَّ خَلِیلِهِ مَنْ لَا یَبْذُلُ لَهُ بَعْضَ مَا عِنْدَهُ وَ كَیْفَ یَسْتَكْمِلُ حُبَّ رَبِّهِ مَنْ لَا یُقْرِضُهُ بَعْضَ مَا رَزَقَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا لَا یَنْقُصُ الْبَحْرَ أَنْ تَغْرَقَ فِیهِ السَّفِینَةُ وَ لَا یَضُرُّهُ ذَلِكَ شَیْئاً كَذَلِكَ لَا تَنْقُصُونَ اللَّهَ بِمَعَاصِیكُمْ شَیْئاً وَ لَا تَضُرُّونَهُ بَلْ أَنْفُسَكُمْ تَضُرُّونَ وَ إِیَّاهَا تَنْقُصُونَ

ص: 309


1- فی المصدر: و كیف.
2- فی المصدر: إذا لم ترتكب. قلت: ارتكب بمعنی ركب. و امتهن الفرس: استعمله للخدمة و الركوب.
3- فی المصدر: تتبعها دءوب العبادة. قلت دأب فی العمل دءوبا: جد و تعب و استمر علیه.
4- أی قبل أن تغلب علیها الذنوب و الخطایا و غطتها.
5- أی من لم یمحها بالاستغفار.

وَ كَمَا لَا یَنْقُصُ نُورَ الشَّمْسِ كَثْرَةُ مَنْ یَتَقَلَّبُ فِیهَا بَلْ بِهِ یَعِیشُ وَ یَحْیَا كَذَلِكَ لَا یَنْقُصُ اللَّهَ كَثْرَةُ مَا یُعْطِیكُمْ وَ یَرْزُقُكُمْ بَلْ بِرِزْقِهِ تَعِیشُونَ وَ بِهِ تَحْیَوْنَ یَزِیدُ مَنْ شَكَرَهُ إِنَّهُ شَاكِرٌ عَلِیمٌ وَیْلَكُمْ یَا أُجَرَاءَ السَّوْءِ الْأَجْرَ تَسْتَوْفُونَ وَ الرِّزْقَ تَأْكُلُونَ وَ الْكِسْوَةَ تَلْبَسُونَ وَ الْمَنَازِلَ تَبْنُونَ وَ عَمَلَ مَنِ اسْتَأْجَرَكُمْ تُفْسِدُونَ یُوشِكُ رَبُّ هَذَا الْعَمَلِ أَنْ یُطَالِعَكُمْ (1)فَیَنْظُرَ فِی عَمَلِهِ الَّذِی أَفْسَدْتُمْ فَیُنْزِلَ بِكُمْ مَا یُخْزِیكُمْ وَ یَأْمُرَ بِرِقَابِكُمْ فَتُجَذَّ مِنْ أُصُولِهَا (2)وَ یَأْمُرَ بِأَیْدِیكُمْ فَتُقْطَعَ مِنْ مَفَاصِلِهَا ثُمَّ یَأْمُرَ بِجُثَّتِكُمْ (3)فَتُجَرَّ عَلَی بُطُونِهَا حَتَّی تُوضَعَ عَلَی قَوَارِعِ الطَّرِیقِ حَتَّی تَكُونُوا عِظَةً لِلْمُتَّقِینَ وَ نَكَالًا لِلظَّالِمِینَ وَیْلَكُمْ یَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ أَنَّ آجَالَكُمْ تَسْتَأْخِرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ یَنْزِلْ بِكُمْ فَكَأَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِكُمْ فَأَظْعَنَكُمْ فَمِنَ الْآنَ فَاجْعَلُوا الدَّعْوَةَ فِی آذَانِكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَنُوحُوا عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَابْكُوا عَلَی خَطَایَاكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَتَجَهَّزُوا وَ خُذُوا أُهْبَتَكُمْ (4)وَ بَادِرُوا التَّوْبَةَ إِلَی رَبِّكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا یَنْظُرُ الْمَرِیضُ إِلَی طَیِّبِ الطَّعَامِ فَلَا یَلْتَذُّهُ مَعَ مَا یَجِدُهُ مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْیَا لَا یَلْتَذُّ بِالْعِبَادَةِ وَ لَا یَجِدُ حَلَاوَتَهَا مَعَ مَا یَجِدُ مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ كَمَا یَلْتَذُّ الْمَرِیضُ نَعْتَ الطَّبِیبِ الْعَالِمِ بِمَا یَرْجُو فِیهِ مِنَ الشِّفَاءِ فَإِذَا ذَكَرَ مَرَارَةَ الدَّوَاءِ وَ طَعْمَهُ كَدَّرَ عَلَیْهِ الشِّفَاءَ كَذَلِكَ أَهْلُ الدُّنْیَا یَلْتَذُّونَ بِبَهْجَتِهَا وَ أَنْوَاعِ مَا فِیهَا فَإِذَا ذَكَرُوا فَجْأَةَ الْمَوْتِ كَدَّرَهَا عَلَیْهِمْ وَ أَفْسَدَهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ النَّاسِ یُبْصِرُ النُّجُومَ وَ لَكِنْ لَا یَهْتَدِی بِهَا إِلَّا مَنْ یَعْرِفُ مَجَارِیَهَا وَ مَنَازِلَهَا وَ كَذَلِكَ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ وَ لَكِنْ لَا یَهْتَدِی لَهَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا نَقُّوا الْقَمْحَ وَ طَیِّبُوهُ وَ أَدِقُّوا طَحْنَهُ تَجِدُوا طَعْمَهُ وَ یَهْنِئْكُمْ أَكْلُهُ

ص: 310


1- فی نسخة من الكتاب و المصدر: یوشك ربّ هذا العمل أن یطالبكم.
2- أی تقطع أو تكسر من اصولها.
3- فی المصدر: بجثثكم.
4- الاهبة بالضم فسكون: العدة، یقال: أخذ للسفر اهبته.

كَذَلِكَ فَأَخْلِصُوا الْإِیمَانَ وَ أَكْمِلُوهُ تَجِدُوا حَلَاوَتَهُ وَ یَنْفَعْكُمْ غِبُّهُ (1)بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَوْ وَجَدْتُمْ سِرَاجاً یَتَوَقَّدُ بِالْقَطِرَانِ فِی لَیْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَاسْتَضَأْتُمْ بِهِ فَلَمْ یَمْنَعْكُمْ مِنْهُ رِیحُ قَطِرَانِهِ كَذَلِكَ یَنْبَغِی لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الْحِكْمَةَ مِمَّنْ وَجَدْتُمُوهَا مَعَهُ وَ لَا یَمْنَعْكُمْ مِنْهُ سُوءُ رَغْبَتِهِ فِیهَا وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا لَا كَحُكَمَاءَ تَعْقِلُونَ وَ لَا كَحُلَمَاءَ تَفْقَهُونَ وَ لَا كَعُلَمَاءَ تَعْلَمُونَ وَ لَا كَعَبِیدٍ أَتْقِیَاءَ وَ لَا كَأَحْرَارٍ كِرَامٍ تُوشِكُ الدُّنْیَا أَنْ تَقْتَلِعَكُمْ مِنْ أُصُولِكُمْ فَتُقَلِّبَكُمْ عَلَی وُجُوهِكُمْ ثُمَّ تَكُبَّكُمْ عَلَی مَنَاخِرِكُمْ ثُمَّ تَأْخُذَ خَطَایَاكُمْ بِنَوَاصِیكُمْ وَ یَدْفَعَكُمُ الْعِلْمُ مِنْ خَلْفِكُمْ حَتَّی یُسَلِّمَاكُمْ إِلَی الْمَلِكِ الدَّیَّانِ عُرَاةً فُرَادَی فَیَجْزِیَكُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِكُمْ وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا أَ لَیْسَ بِالْعِلْمِ أُعْطِیتُمُ السُّلْطَانَ عَلَی جَمِیعِ الْخَلَائِقِ فَنَبَذْتُمُوهُ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ وَ أَقْبَلْتُمْ عَلَی الدُّنْیَا فَبِهَا تَحْكُمُونَ وَ لَهَا تَمْهَدُونَ وَ إِیَّاهَا تُؤْثِرُونَ وَ تَعْمُرُونَ فَحَتَّی مَتَی أَنْتُمْ لِلدُّنْیَا لَیْسَ لِلَّهِ فِیكُمْ نَصِیبٌ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تُدْرِكُونَ شَرَفَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تُحِبُّونَ فَلَا تَنْتَظِرُوا بِالتَّوْبَةِ غَداً فَإِنَّ دُونَ غَدٍ یَوْماً وَ لَیْلَةً قَضَاءُ اللَّهِ فِیهِمَا یَغْدُو وَ یَرُوحُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ صِغَارَ الْخَطَایَا وَ مُحَقَّرَاتِهَا لَمِنْ مَكَایِدِ إِبْلِیسَ یُحَقِّرُهَا لَكُمْ وَ یُصَغِّرُهَا فِی أَعْیُنِكُمْ وَ تَجْتَمِعُ فَتَكْثُرُ وَ تُحِیطُ بِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْمِدْحَةَ بِالْكَذِبِ وَ التَّزْكِیَةَ فِی الدِّینِ لَمِنْ رَأْسِ الشُّرُورِ الْمَعْلُومَةِ وَ إِنَّ حُبَّ الدُّنْیَا لَرَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَبْلَغَ فِی شَرَفِ الْآخِرَةِ وَ أَعْوَنَ عَلَی حَوَادِثِ الدُّنْیَا مِنَ الصَّلَاةِ الدَّائِمَةِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَقْرَبَ إِلَی الرَّحْمَنِ مِنْهَا فَدُومُوا عَلَیْهَا وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَ كُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ یُقَرِّبُ إِلَی اللَّهِ فَالصَّلَاةُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ وَ آثَرُ عِنْدَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ عَمَلِ الْمَظْلُومِ الَّذِی لَمْ یَنْتَصِرْ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا حِقْدٍ هُوَ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاءِ عَظِیمٌ أَیُّكُمْ رَأَی نُوراً اسْمُهُ ظُلْمَةٌ أَوْ ظُلْمَةً اسْمُهَا نُورٌ كَذَلِكَ لَا یَجْتَمِعُ لِلْعَبْدِ أَنْ یَكُونَ مُؤْمِناً كَافِراً وَ لَا مُؤْثِراً لِلدُّنْیَا رَاغِباً فِی الْآخِرَةِ وَ هَلْ زَرَّاعُ شَعِیرٍ یَحْصُدُ قَمْحاً

ص: 311


1- الغب: العاقبة.

أَوْ زَرَّاعُ قَمْحٍ یَحْصُدُ شَعِیراً كَذَلِكَ یَحْصُدُ كُلُّ عَبْدٍ فِی الْآخِرَةِ مَا زَرَعَ وَ یُجْزَی بِمَا عَمِلَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ فِی الْحِكْمَةِ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَ ضَیَّعَهَا بِسُوءِ فِعْلِهِ وَ رَجُلٌ أَتْقَنَهَا بِقَوْلِهِ وَ صَدَّقَهَا بِفِعْلِهِ وَ شَتَّانَ بَیْنَهُمَا فَطُوبَی لِلْعُلَمَاءِ بِالْفِعْلِ وَ وَیْلٌ لِلْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ لَا یُنَقِّی مِنْ زَرْعِهِ الْحَشِیشَ یَكْثُرُ فِیهِ حَتَّی یَغْمُرَهُ فَیُفْسِدَهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ لَا یُخْرِجُ مِنْ قَلْبِهِ حُبَّ الدُّنْیَا یَغْمُرُهُ حَتَّی لَا یَجِدَ لِحُبِّ الْآخِرَةِ طَعْماً وَیْلَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا اتَّخِذُوا مَسَاجِدَ رَبِّكُمْ سُجُوناً لِأَجْسَادِكُمْ وَ اجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ بُیُوتاً لِلتَّقْوَی وَ لَا تَجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ مَأْوًی لِلشَّهَوَاتِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ أَجْزَعُكُمْ (1)عَلَی الْبَلَاءِ لَأَشَدُّكُمْ حُبّاً لِلدُّنْیَا وَ إِنَّ أَصْبَرَكُمْ عَلَی الْبَلَاءِ لَأَزْهَدُكُمْ فِی الدُّنْیَا وَیْلَكُمْ یَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ أَ لَمْ تَكُونُوا أَمْوَاتاً فَأَحْیَاكُمْ فَلَمَّا أَحْیَاكُمْ مِتُّمْ (2)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا أُمِّیِّینَ فَعَلَّمَكُمْ فَلَمَّا عَلَّمَكُمْ نَسِیتُمْ (3)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا جُفَاةً فَفَقَّهَكُمُ اللَّهُ فَلَمَّا فَقَّهَكُمْ جَهِلْتُمْ (4)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ فَلَمَّا هَدَاكُمْ ضَلَلْتُمْ (5)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا عُمْیاً فَبَصَّرَكُمْ فَلَمَّا بَصَّرَكُمْ عَمِیتُمْ (6)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا صُمّاً فَأَسْمَعَكُمْ فَلَمَّا أَسْمَعَكُمْ صَمَمْتُمْ وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا بُكْماً فَأَنْطَقَكُمْ فَلَمَّا أَنْطَقَكُمْ بَكِمْتُمْ (7)وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَسْتَفْتِحُوا فَلَمَّا فَتَحَ لَكُمْ نَكَصْتُمْ عَلَی أَعْقَابِكُمْ

ص: 312


1- فی المصدر: إن أجزعكم.
2- بخوضكم فی الدنیا و الشهوات، و ترككم الاقبال علی الآخرة، فكنتم خلقتم للآخرة و نعیمها و البقاء فیها فأعرضتم عنها و اقبلتم الی الدنیا فصرتم میتین بل أشدّ خیبة منهم، لانكم فی الآخرة معذبون و عن نعیمها محرومون.
3- حیث إنكم لم تعملوا بما تعلمون فكانكم نسیتم ذلك.
4- بترككم العمل بفقهكم.
5- الهدایة هنا بمعنی إراءة الطریق، أی هدیتم السبیل، فمشیتم علی غیره فضللتم.
6- أی بصركم فلم تبصروا و لم تنفعكم البصائر، حیث إنكم عملتم عمل من لا یبصر شیئا.
7- حیث إنكم تركتم القول فیما أنطقكم له.

وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمْ فَلَمَّا عَزَزْتُمْ قَهَرْتُمْ وَ اعْتَدَیْتُمْ وَ عَصَیْتُمْ وَیْلَكُمْ أَ لَمْ تَكُونُوا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ یَتَخَطَّفَكُمُ (1)النَّاسُ فَنَصَرَكُمْ وَ أَیَّدَكُمْ فَلَمَّا نَصَرَكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ وَ تَجَبَّرْتُمْ فَیَا وَیْلَكُمْ مِنْ ذُلِّ یَوْمِ الْقِیَامَةِ كَیْفَ یُهِینُكُمْ وَ یُصَغِّرُكُمْ وَ یَا وَیْلَكُمْ یَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ عَمَلَ الْمُلْحِدِینَ وَ تَأْمُلُونَ أَمَلَ الْوَارِثِینَ وَ تَطْمَئِنُّونَ بِطُمَأْنِینَةِ الْآمِنِینَ وَ لَیْسَ أَمْرُ اللَّهِ عَلَی مَا تَتَمَنَّوْنَ (2)وَ تَتَخَیَّرُونَ بَلْ لِلْمَوْتِ تَتَوَالَدُونَ وَ لِلْخَرَابِ تَبْنُونَ وَ تَعْمُرُونَ وَ لِلْوَارِثِینَ تَمْهَدُونَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مُوسَی كَانَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِینَ وَ أَنَا أَقُولُ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ صَادِقِینَ وَ لَا كَاذِبِینَ (3)وَ لَكِنْ قُولُوا لَا وَ نَعَمْ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَیْكُمْ بِالْبَقْلِ الْبَرِّیِّ وَ خُبْزِ الشَّعِیرِ وَ إِیَّاكُمْ وَ خُبْزَ الْبُرِّ فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمْ أَنْ لَا تَقُومُوا بِشُكْرِهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ مُعَافًی وَ مُبْتَلًی فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَی الْعَافِیَةِ وَ ارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ سَیِّئَةٍ تَقُولُونَ بِهَا تُعْطَوْنَ جَوَابَهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ إِذَا قَرَّبَ أَحَدُكُمْ قُرْبَانَهُ لِیَذْبَحَهُ فَذَكَرَ أَنَّ أَخَاهُ وَاجِدٌ عَلَیْهِ (4)فَلْیَتْرُكْ قُرْبَانَهُ وَ لْیَذْهَبْ إِلَی أَخِیهِ فَلْیُرْضِهِ (5)ثُمَّ لْیَرْجِعْ إِلَی قُرْبَانِهِ فَلْیَذْبَحْهُ یَا عَبِیدَ السَّوْءِ إِذَا أُخِذَ (6)قَمِیصُ أَحَدِكُمْ فَلْیُعْطِ رِدَاءَهُ مَعَهُ وَ مَنْ لُطِمَ خَدُّهُ مِنْكُمْ فَلْیُمَكِّنْ مِنْ خَدِّهِ الْآخَرِ وَ مَنْ سُخِّرَ مِنْكُمْ مِیلًا فَلْیَذْهَبْ مِیلًا آخَرَ مَعَهُ (7)

ص: 313


1- تخطف الشی ء: استلبه. اجتذبه و انتزعه.
2- فی المصدر: علی ما تمنون.
3- فی المصدر: ان موسی كان یأمركم أن لا تحلفوا باللّٰه صادقین و لا كاذبین و لكن قولوا: لا و نعم اه. و ما فی الكتاب أحسن، و لعله من اسقاط الناسخ.
4- وجد علیه: غضب.
5- فی نسخة: فلیترضه. أی فلیطلب رضاه.
6- فی المصدر: إن اخذ.
7- هذه و ما بعدها من الآداب الخلیقة التی ینبغی رعایتها و المواظبة علیها فی كل ملة ما لا تستلزم معاونة الظالم و تجریه علی ظلمه، فلا تنافی ما ثبت فی شریعة موسی علیه السلام- و عیسی علیه السلام كان مأمورا بتعینها- من قانون القصاص و الجزاء: كقوله تعالی: «وَ كَتَبْنا عَلَیْهِمْ فِیها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ» و كذا لا یصحّ قول من ادعی أن ذلك منسوخ فی شریعتنا، حیث إن الآداب الحسنة لا تنسخ أبدا، و ذلك ممّا لا ریب فیه. و العجب من امة یدعون أنهم من امة عیسی علیه السلام و یسمون أنفسهم بالمسیحیین كیف لم یؤثر فیهم واحد من هذه الآداب الخلقیة؟ بل أدبوا أنفسهم بنقیضها، أ ترونهم إذا اخذ قمیص أحدهم یعطی رداءه أیضا؟! و إذا لطم خده یمكن خده الآخر؟! أو سخر میلا یذهب میلا آخر؟! أم ترونهم علی خلاف ذلك؟ أ لیسوا هم الذین أخذوا رداء العز و السیادة و القادة من الأمم، و ألبسوهم مكانه لبسا الذل و القیادة؟ أ لیسوا سودوا وجوه العالمین بلطام الظلم و الاستبداد؟ أ لیسوا قد سخروا العباد، و خربوا البلاد، و أشاعوا قوانین الظلم و الفساد، و روجوا دساتیر الفحشاء و المنكرات، و هددوا عائلة البشریة كل آن بالسلح الناریة المهلكة؟! أعاذنا اللّٰه و جمیع الأمم من شرورهم.

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَا ذَا یُغْنِی عَنِ الْجَسَدِ إِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ صَحِیحاً وَ بَاطِنُهُ فَاسِداً وَ مَا یُغْنِی (1)عَنْكُمْ أَجْسَادُكُمْ إِذَا أَعْجَبَتْكُمْ وَ قَدْ فَسَدَتْ قُلُوبُكُمْ وَ مَا یُغْنِی عَنْكُمْ أَنْ تُنَقُّوا جُلُودَكُمْ وَ قُلُوبُكُمْ دَنِسَةٌ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تَكُونُوا كَالْمُنْخُلِ یُخْرِجُ الدَّقِیقَ الطَّیِّبَ وَ یُمْسِكُ النُّخَالَةَ كَذَلِكَ أَنْتُمْ تُخْرِجُونَ الْحِكْمَةَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ وَ یَبْقَی الْغِلُّ فِی صُدُورِكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ ابْدَءُوا بِالشَّرِّ فَاتْرُكُوهُ ثُمَّ اطْلُبُوا الْخَیْرَ یَنْفَعْكُمْ فَإِنَّكُمْ إِذَا جَمَعْتُمُ الْخَیْرَ مَعَ الشَّرِّ لَمْ یَنْفَعْكُمُ الْخَیْرُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الَّذِی یَخُوضُ النَّهَرَ لَا بُدَّ أَنْ یُصِیبَ ثَوْبَهُ الْمَاءُ وَ إِنْ جَهَدَ أَنْ لَا یُصِیبَهُ كَذَلِكَ مَنْ یُحِبُّ الدُّنْیَا لَا یَنْجُو مِنَ الْخَطَایَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ طُوبَی لِلَّذِینَ یَتَهَجَّدُونَ مِنَ اللَّیْلِ أُولَئِكَ الَّذِینَ یَرِثُونَ النُّورَ الدَّائِمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَامُوا فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ عَلَی أَرْجُلِهِمْ فِی مَسَاجِدِهِمْ یَتَضَرَّعُونَ إِلَی رَبِّهِمْ رَجَاءَ أَنْ یُنْجِیَهُمْ فِی الشِّدَّةِ غَداً بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الدُّنْیَا خُلِقَتْ مَزْرَعَةً یَزْرَعُ (2)فِیهَا الْعِبَادُ الْحُلْوَ وَ الْمُرَّ وَ الشَّرَّ

ص: 314


1- فی المصدر: و ما تغنی.
2- فی المصدر: تزرع.

وَ الْخَیْرَ الْخَیْرُ لَهُ مَغَبَّةٌ (1)نَافِعَةٌ یَوْمَ الْحِسَابِ وَ الشَّرُّ لَهُ عَنَاءٌ وَ شَقَاءٌ یَوْمَ الْحَصَادِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَكِیمَ یَعْتَبِرُ بِالْجَاهِلِ وَ الْجَاهِلَ یَعْتَبِرُ بِهَوَاهُ أُوصِیكُمْ أَنْ تَخْتِمُوا عَلَی أَفْوَاهِكُمْ بِالصَّمْتِ حَتَّی لَا یَخْرُجَ مِنْهَا مَا لَا یَحِلُّ لَكُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَا تُدْرِكُونَ مَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ وَ لَا تَبْلُغُونَ (2)مَا تُرِیدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا كَیْفَ یُدْرِكُ الْآخِرَةَ مَنْ لَا تَنْقُصُ شَهْوَتُهُ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَا تَنْقَطِعُ مِنْهَا رَغْبَتُهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا مَا الدُّنْیَا تُحِبُّونَ وَ لَا الْآخِرَةَ تَرْجُونَ لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الدُّنْیَا أَكْرَمْتُمُ الْعَمَلَ الَّذِی بِهِ أَدْرَكْتُمُوهَا وَ لَوْ كُنْتُمْ تُرِیدُونَ الْآخِرَةَ عَمِلْتُمْ عَمَلَ مَنْ یَرْجُوهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا إِنَّ أَحَدَكُمْ یُبْغِضُ صَاحِبَهُ عَلَی الظَّنِّ وَ لَا یُبْغِضُ نَفْسَهُ عَلَی الْیَقِینِ وَ أَقُولُ لَكُمْ (3)إِنَّ أَحَدَكُمْ لَیَغْضَبُ إِذَا ذُكِرَ لَهُ بَعْضُ عُیُوبِهِ وَ هِیَ حَقٌّ وَ یَفْرَحُ إِذَا مُدِحَ بِمَا لَیْسَ فِیهِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَرْوَاحَ الشَّیَاطِینِ مَا عُمِّرَتْ فِی شَیْ ءٍ مَا عُمِّرَتْ فِی قُلُوبِكُمْ وَ إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ الدُّنْیَا لِتَعْمَلُوا فِیهَا لِلْآخِرَةِ وَ لَمْ یُعْطِكُمُوهَا لِتَشْغَلَكُمْ عَنِ الْآخِرَةِ وَ إِنَّمَا بَسَطَهَا لَكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ أَعَانَكُمْ بِهَا عَلَی الْعِبَادَةِ وَ لَمْ یُعِنْكُمْ بِهَا عَلَی الْخَطَایَا وَ إِنَّمَا أَمَرَكُمْ فِیهَا بِطَاعَتِهِ وَ لَمْ یَأْمُرْكُمْ فِیهَا بِمَعْصِیَتِهِ وَ إِنَّمَا أَعَانَكُمْ بِهَا عَلَی الْحَلَالِ وَ لَمْ یُحِلَّ لَكُمْ بِهَا الْحَرَامَ وَ إِنَّمَا وَسَّعَهَا لَكُمْ لِتَوَاصَلُوا فِیهَا وَ لَمْ یُوَسِّعْهَا لَكُمْ لِتَقَاطَعُوا فِیهَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْأَجْرَ مَحْرُوصٌ عَلَیْهِ وَ لَا یُدْرِكُهُ إِلَّا مَنْ عَمِلَ لَهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الشَّجَرَةَ لَا تَكْمُلُ إِلَّا بِثَمَرَةٍ طَیِّبَةٍ كَذَلِكَ لَا یَكْمُلُ الدِّینُ إِلَّا بِالتَّحَرُّجِ عَنِ الْمَحَارِمِ

ص: 315


1- المغبة: عاقبة الشی ء.
2- فی المصدر: و لا تبتغون. و ما فی الكتاب أحسن.
3- فی المصدر: بحق أقول لكم.

بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزَّرْعَ لَا یَصْلُحُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَ التُّرَابِ كَذَلِكَ الْإِیمَانُ لَا یَصْلُحُ إِلَّا بِالْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْمَاءَ یُطْفِئُ النَّارَ كَذَلِكَ الْحِلْمُ یُطْفِئُ الْغَضَبَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا یَجْتَمِعُ الْمَاءُ وَ النَّارُ فِی إِنَاءٍ وَاحِدٍ كَذَا لَا یَجْتَمِعُ الْفِقْهُ وَ الْغَیُّ (1)فِی قَلْبٍ وَاحِدٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا یَكُونُ مَطَرٌ بِغَیْرِ سَحَابٍ كَذَلِكَ لَا یَكُونُ عَمَلٌ فِی مَرْضَاةِ الرَّبِّ إِلَّا بِقَلْبٍ تَقِیٍّ (2)بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّفْسَ (3)نُورُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ إِنَّ الْحِكْمَةَ نُورُ كُلِّ قَلْبٍ وَ التَّقْوَی رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ وَ الْحَقَّ بَابُ كُلِّ خَیْرٍ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ بَابُ كُلِّ حَقٍّ وَ مَفَاتِیحُ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَ التَّضَرُّعُ وَ الْعَمَلُ وَ كَیْفَ یُفْتَحُ بَابٌ بِغَیْرِ مِفْتَاحٍ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الرَّجُلَ الْحَكِیمَ لَا یَغْرِسُ شَجَرَةً إِلَّا شَجَرَةً یَرْضَاهَا وَ لَا یَحْمِلُ عَلَی خَیْلِهِ إِلَّا فَرَساً یَرْضَاهُ كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الْعَالِمُ لَا یَعْمَلُ إِلَّا عَمَلًا یَرْضَاهُ رَبُّهُ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الصَّقَالَةَ تُصْلِحُ السَّیْفَ وَ تَجْلُوهُ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ لِلْقَلْبِ تَصْقُلُهُ وَ تَجْلُوهُ وَ هِیَ فِی قَلْبِ الْحَكِیمِ مِثْلُ الْمَاءِ فِی الْأَرْضِ الْمَیْتَةِ تُحْیِی قَلْبَهُ كَمَا یُحْیِی الْمَاءُ الْأَرْضَ الْمَیْتَةَ وَ هِیَ فِی قَلْبِ الْحَكِیمِ مِثْلُ النُّورِ فِی الظُّلْمَةِ یَمْشِی بِهَا فِی النَّاسِ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ نَقْلَ الْحِجَارَةِ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لَا یَعْقِلُ عَنْكَ حَدِیثَكَ كَمَثَلِ الَّذِی یَنْقَعُ الْحِجَارَةَ لِتَلِینَ وَ كَمَثَلِ الَّذِی یَصْنَعُ (4)الطَّعَامَ لِأَهْلِ الْقُبُورِ طُوبَی لِمَنْ حَبَسَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِی یَخَافُ عَلَیْهِ الْمَقْتَ مِنْ رَبِّهِ وَ لَا یُحَدِّثُ حَدِیثاً لَا یَفْهَمُهُ (5)وَ لَا یَغْبِطُ امْرَأً (6)فِی قَوْلِهِ حَتَّی یَسْتَبِینَ لَهُ فِعْلُهُ طُوبَی لِمَنْ تَعَلَّمَ

ص: 316


1- فی نسخة: و العی. و فی نسخة من المصدر: و العمی.
2- فی المصدر: بقلب نقی.
3- فی نسخة من الكتاب و المصدر: ان الشمس. و هو الظاهر.
4- فی المصدر: یضع.
5- فی نسخة من المصدر: الا یفهم.
6- فی المصدر: أمرا.

مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا جَهِلَ وَ عَلَّمَ الْجَاهِلَ مِمَّا عُلِّمَ طُوبَی لِمَنْ عَظَّمَ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ وَ تَرَكَ مُنَازَعَتَهُمْ وَ صَغَّرَ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ وَ لَا یَطْرُدُهُمْ وَ لَكِنْ یُقَرِّبُهُمْ وَ یُعَلِّمُهُمْ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ إِنَّكُمُ الْیَوْمَ فِی النَّاسِ كَالْأَحْیَاءِ مِنَ الْمَوْتَی فَلَا تَمُوتُوا بِمَوْتِ الْأَحْیَاءِ.

وَ قَالَ الْمَسِیحُ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَحْزَنُ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنُ أَنْ أَصْرِفَ عَنْهُ الدُّنْیَا وَ ذَلِكَ أَحَبُّ مَا یَكُونُ إِلَیَّ وَ أَقْرَبُ مَا یَكُونُ مِنِّی وَ یَفْرَحُ أَنْ أُوَسِّعَ عَلَیْهِ فِی الدُّنْیَا وَ ذَلِكَ أَبْغَضُ مَا یَكُونُ إِلَیَّ وَ أَبْعَدُ مَا یَكُونُ مِنِّی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً (1).

بیان: قوله فضول أی فضل علم و كمال و قوله إن قلوبكم بحیث تكون كنوزكم أی قلب كل أحد یكون دائما متعلقا بكنزه الذی یدخره فإن كان كنزكم الأعمال الصالحة التی تكنزونها فی السماء تكون قلوبكم سماویة و الغرض أن تعلق القلب بكنوز الدنیا و زخارفها لا یجتمع مع حبه تعالی قوله یطرفون أی ینظرون و رمقته أرمقه أی نظرت إلیه قوله أو یقحل بالقاف و الحاء المهملة أی ییبس و تفل كفرح تغیرت رائحته قوله أمل الوارثین أی الَّذِینَ یَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ قوله و من سخر علی بناء المجهول من باب التفعیل و التسخیر هو التكلیف و الحمل علی العمل بغیر أجرة قوله و الجاهل یعتبر لعله علی بناء المجهول و یحتمل المعلوم أیضا أی بعد ما یتبع هواه و یجد سوء عاقبته یعتبر به و قال الجزری فیه تحرجوا أن یأكلوا معهم أی ضیقوا علی أنفسهم و تحرج فلان إذا فعل فعلا یخرج به من الحرج أی الإثم و الضیق.

أَقُولُ قَالَ السَّیِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی سَعْدِ السُّعُودِ قَرَأْتُ فِی الْإِنْجِیلِ قَالَ عِیسَی علیه السلام سَمِعْتُمْ مَا قِیلَ لِلْأَوَّلِینَ لَا تَزْنُوا وَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ نَظَرَ إِلَی امْرَأَةٍ فَاشْتَهَاهَا فَقَدْ زَنَی بِهَا فِی قَلْبِهِ إِنْ خَانَتْكَ عَیْنُكَ الْیُمْنَی فَاقْلَعْهَا وَ أَلْقِهَا عَنْكَ لِأَنَّهُ خَیْرٌ

ص: 317


1- تحف العقول: 501- 513.

لَكَ أَنْ تُهْلِكَ أَحَدَ أَعْضَائِكَ وَ لَا تُلْقِیَ جَسَدَكَ كُلَّهُ فِی نَارِ جَهَنَّمَ وَ إِنْ شَكَّكَتْكَ یَدُكَ الْیُمْنَی فَاقْطَعْهَا وَ أَلْقِهَا عَنْكَ فَإِنَّهُ خَیْرٌ لَكَ أَنْ تُهْلِكَ أَحَدَ أَعْضَائِكَ مِنْ أَنْ یَذْهَبَ كُلُّ جَسَدِكَ فِی جَهَنَّمَ. (1)وَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ علیه السلام أَقُولُ لَكُمْ لَا تَهْتَمُّوا مَا ذَا تَأْكُلُونَ (2)وَ لَا مَا ذَا تَشْرَبُونَ وَ لَا لِأَجْسَادِكُمْ مَا تَلْبَسُ أَ لَیْسَ النَّفْسُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَأْكَلِ وَ الْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ انْظُرُوا إِلَی طُیُورِ السَّمَاءِ الَّتِی لَا تَزْرَعُ وَ لَا تَحْصُدُ وَ لَا تَحْزَنُ (3)وَ رَبُّكُمُ السَّمَاوِیُّ یَقُوتُهَا (4)أَ لَیْسَ أَنْتُمْ أَفْضَلَ مِنْهُمْ مَنْ مِنْكُمْ یَهْتَمُّ فَیَقْدِرَ أَنْ یَزِیدَ عَلَی قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً فَلِمَا ذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ (5)وَ قَالَ علیه السلام فِی مَوْضِعٍ آخَرَ أَیُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ یَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزاً فَیُعْطِیَهِ حَجَراً (6)أَوْ یَسْأَلُهُ شَمْلَةً فَیُعْطِیَهِ حَیَّةً فَإِذَا كُنْتُمْ أَنْتُمْ الْأَشْرَارُ تَعْرِفُونَ تُعْطُونَ الْعَطَایَا الصَّالِحَةَ لِأَبْنَائِكُمْ فَكَانَ بِالْأَحْرَی رَبُّكُمْ أَنْ یُعْطِیَكُمُ الْخَیْرَاتِ لِمَنْ یَسْأَلُهُ (7)وَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلَامِیذِهِ ائْذَنْ لِی أَوَّلًا یَا سَیِّدِی أَنْ أَمْضِیَ فَأُوَارِیَ أَبِی فَقَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام دَعِ الْمَوْتَی یَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ وَ اتَّبِعْنِی (8)

«17»- لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْمَسِیحُ علیه السلام یَقُولُ مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ وَ مَنْ

ص: 318


1- سعد السعود: 55 و 56 و فیه: فی نار جهنم.
2- فی المصدر: لا تهتموا لانفسكم ما ذا تأكلون.
3- فی المصدر: و لا تحزن فی الهواء. قلت: لعله مصحف «تحزن» بالخاء.
4- توصیف الرب بالسماوی اما للدلالة علی عظمته تعالی، أو للایعاز إلی انه لیس من المادیات. حیث إنهم كانوا یعتقدون أن عالم العقول و المجردات فوق عالم المادیات فتأمل.
5- سعد السعود: 56.
6- فی المصدر: یسأله ابنه خمرا فیؤتیه جمرا.
7- سعد السعود: 56.
8- سعد السعود: 56.

لَاحَی الرِّجَالَ (1)ذَهَبَتْ مُرُوءَتُهُ (2).

«18»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام یَا عِیسَی مَا أَكْرَمْتُ خَلِیقَةً بِمِثْلِ دِینِی وَ لَا أَنْعَمْتُ عَلَیْهَا بِمِثْلِ رَحْمَتِی اغْسِلْ بِالْمَاءِ مِنْكَ مَا ظَهَرَ وَ دَاوِ بِالْحَسَنَاتِ مَا بَطَنَ فَإِنَّكَ إِلَیَّ رَاجِعٌ فَشَمِّرْ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ وَ أَسْمِعْنِی مِنْكَ صَوْتاً حَزِیناً (3).

«19»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ رَفَعَهُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: مَكْتُوبٌ فِی الْإِنْجِیلِ لَا تَطْلُبُوا عِلْمَ مَا لَا تَعْلَمُونَ (4)وَ لَمَّا عملتم (تَعْمَلُوا) بِمَا عَلِمْتُمْ فَإِنَّ الْعِلْمَ إِذَا لَمْ یُعْمَلْ بِهِ لَمْ یَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً الْخَبَرَ (5).

«20»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: قَالَ الْمَسِیحُ علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ إِنَّمَا الدُّنْیَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا (6).

«21»-ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام الدِّینَارُ دَاءُ الدِّینِ وَ الْعَالِمُ طَبِیبُ الدِّینِ فَإِذَا رَأَیْتُمُ الطَّبِیبَ یَجُرُّ الدَّاءَ إِلَی نَفْسِهِ فَاتَّهِمُوهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ غَیْرُ نَاصِحٍ لِغَیْرِهِ (7).

«22»-ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَیْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ

ص: 319


1- أی نازع الرجال.
2- أمالی الصدوق: 324.
3- أمالی الصدوق: 360.
4- فی المصدر: ما لا تعملون.
5- تفسیر القمّیّ: 587. و فیه: فان العالم إذا لم یعمل به لم یزد بعلمه من اللّٰه الا بعدا.
6- الخصال 1: 34. و للحدیث صدر تركه المصنّف.
7- الخصال 1: 56. و للحدیث صدر أخرجه المصنّف فی كتاب العلم، راجع ج 2: 107.

بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام طُوبَی لِمَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِكْراً وَ نَظَرُهُ عَبَراً وَ وَسِعَهُ بَیْتُهُ وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ (1).

«23»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام یَا عِیسَی هَبْ لِی مِنْ عَیْنَیْكَ الدُّمُوعَ وَ مِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَ اكْحُلْ عَیْنَیْكَ بِمِیلِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ وَ قُمْ عَلَی قُبُورِ الْأَمْوَاتِ فَنَادِهِمْ بِالصَّوْتِ الرَّفِیعِ لَعَلَّكَ تَأْخُذُ مَوْعِظَتَكَ مِنْهُمْ وَ قُلْ إِنِّی لَاحِقٌ فِی اللَّاحِقِینَ (2).

«24»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاسَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ تَعْمَلُونَ لِلدُّنْیَا وَ أَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَ لَا تُرْزَقُونَ (3)فِیهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَیْلَكُمْ عُلَمَاءَ السَّوْءِ الْأُجْرَةَ تَأْخُذُونَ وَ الْعَمَلَ لَا تَصْنَعُونَ یُوشِكُ رَبُّ الْعَمَلِ أَنْ یَطْلُبَ عَمَلَهُ وَ تُوشِكُوا أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الدُّنْیَا إِلَی ظُلْمَةِ الْقَبْرِ كَیْفَ یَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ مَصِیرُهُ إِلَی آخِرَتِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَی دُنْیَاهُ وَ مَا یَضُرُّهُ أَشْهَی إِلَیْهِ مِمَّا یَنْفَعُهُ (4).

«25»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِ الْعَمْرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَرَّ أَخِی عِیسَی علیه السلام بِمَدِینَةٍ وَ فِیهَا رَجُلٌ وَ امْرَأَةٌ یَتَصَایَحَانِ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمَا قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هَذِهِ امْرَأَتِی وَ لَیْسَ بِهَا بَأْسٌ صَالِحَةٌ وَ لَكِنِّی أُحِبُّ فِرَاقَهَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ مَا شَأْنُهَا قَالَ هِیَ خَلَقَةُ الْوَجْهِ مِنْ غَیْرِ كِبَرٍ قَالَ لَهَا یَا امْرَأَةُ أَ تُحِبِّینَ أَنْ یَعُودَ مَاءُ وَجْهِكِ طَرِیّاً قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَهَا إِذَا أَكَلْتِ فَإِیَّاكِ أَنْ تَشْبَعِی (5)لِأَنَّ الطَّعَامَ إِذَا

ص: 320


1- الخصال 1: 142.
2- أمالی الطوسیّ: 8.
3- فی المصدر: و أنتم لا ترزقون فیها بغیر عمل الا بالعمل خ ل.
4- أمالی ابن الطوسیّ: 129 و 130.
5- فی المصدر و نسخة من الكتاب: فایاك أن تشبعین.

تَكَاثَرَ عَلَی الصَّدْرِ فَزَادَ فِی الْقَدْرِ ذَهَبَ مَاءُ الْوَجْهِ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَعَادَ وَجْهُهَا طَرِیّاً (1).

«26»-وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ أَخِی عِیسَی علیه السلام بِمَدِینَةٍ وَ إِذَا فِی ثِمَارِهَا الدُّودُ فَشَكَوْا إِلَیْهِ مَا بِهِمْ فَقَالَ دَوَاءُ هَذَا مَعَكُمْ وَ لَیْسَ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ قَوْمٌ إِذَا غَرَسْتُمُ الْأَشْجَارَ صَبَبْتُمُ التُّرَابَ ثُمَّ صَبَبْتُمُ الْمَاءَ وَ لَیْسَ هَكَذَا یَجِبُ بَلْ یَنْبَغِی أَنْ تَصُبُّوا الْمَاءَ فِی أُصُولِ الشَّجَرِ ثُمَّ تَصُبُّوا التُّرَابَ لِكَیْلَا یَقَعَ فِیهِ الدُّودُ فَاسْتَأْنَفُوا كَمَا وَصَفَ فَذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ (2).

«27»-وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ أَخِی عِیسَی علیه السلام بِمَدِینَةٍ وَ إِذَا وُجُوهُهُمْ صُفْرٌ وَ عُیُونُهُمْ زُرْقٌ فَصَاحُوا إِلَیْهِ وَ شَكَوْا مَا بِهِمْ مِنَ الْعِلَلِ فَقَالَ دَوَاؤُهُ مَعَكُمْ أَنْتُمْ إِذَا أَكَلْتُمُ اللَّحْمَ طَبَخْتُمُوهُ غَیْرَ مَغْسُولٍ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ شَیْ ءٌ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا بِجَنَابَةٍ فَغَسَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ لُحُومَهُمْ فَذَهَبَتْ أَمْرَاضُهُمْ.

«28»-وَ قَالَ: مَرَّ أَخِی عِیسَی علیه السلام بِمَدِینَةٍ وَ إِذَا أَهْلُهَا أَسْنَانُهُمْ مُنْتَثِرَةٌ وَ وُجُوهُهُمْ مُنْتَفِخَةٌ فَشَكَوْا إِلَیْهِ فَقَالَ أَنْتُمْ إِذَا نِمْتُمْ تُطْبِقُونَ أَفْوَاهَكُمْ فَتَغْلِی الرِّیحُ فِی الصُّدُورِ حَتَّی تَبْلُغَ إِلَی الْفَمِ فَلَا یَكُونُ لَهَا مَخْرَجٌ فَتُرَدُّ إِلَی أُصُولِ الْأَسْنَانِ فَیَفْسُدُ الْوَجْهُ فَإِذَا نِمْتُمْ فَافْتَحُوا شِفَاهَكُمْ وَ صَیِّرُوهُ لَكُمْ خُلُقاً فَفَعَلُوا فَذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ (3).

«29»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام فِی خُطْبَتِهِ قَامَ لَهَا (4)فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ أَصْبَحْتُ فِیكُمْ وَ إِدَامِیَ الْجُوعُ وَ طَعَامِی مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْوُحُوشِ وَ الْأَنْعَامِ وَ سِرَاجِیَ الْقَمَرُ وَ فِرَاشِیَ التُّرَابُ وَ وِسَادَتِیَ الْحَجَرُ لَیْسَ لِی بَیْتٌ یَخْرَبُ وَ لَا مَالٌ یَتْلَفُ وَ لَا وَلَدٌ یَمُوتُ وَ لَا امْرَأَةٌ تَحْزَنُ أَصْبَحْتُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ أَمْسَیْتُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ أَنَا أَغْنَی وُلْدِ آدَمَ (5).

«30»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الْأَزْدِیِ

ص: 321


1- علل الشرائع: 169.
2- علل الشرائع: 191.
3- علل الشرائع: 192.
4- فی نسخة من الكتاب و مصدره: فی خطبة قام فیها. و فی نسخة اخری من المصدر: قام بها.
5- معانی الأخبار: 74.

الْعَابِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا فَرْوَةَ الْأَنْصَارِیَّ وَ كَانَ مِنَ السَّائِحِینَ یَقُولُ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ إِنَّ الْبِنَاءَ بِأَسَاسِهِ وَ أَنَا لَا أَقُولُ لَكُمْ كَذَلِكَ قَالُوا فَمَا ذَا تَقُولُ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ آخِرَ حَجَرٍ یَضَعُهُ الْعَامِلُ هُوَ الْأَسَاسُ قَالَ أَبُو فَرْوَةَ إِنَّمَا أَرَادَ خَاتِمَةَ الْأَمْرِ (1).

«31»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شَقِیقٍ الْبَلْخِیِّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: قِیلَ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ أَصْبَحْتُ وَ رَبِّی تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْ فَوْقِی وَ النَّارُ أَمَامِی وَ الْمَوْتُ فِی طَلَبِی لَا أَمْلِكُ مَا أَرْجُو وَ لَا أُطِیقُ دَفْعَ مَا أَكْرَهُ فَأَیُّ فَقِیرٍ أَفْقَرُ مِنِّی الْخَبَرَ (2).

«32»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَخِیهِ سَهْلٍ الْحُلْوَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فِی سِیَاحَتِهِ إِذْ مَرَّ بِقَرْیَةٍ فَوَجَدَ أَهْلَهَا مَوْتَی فِی الطَّرِیقِ وَ الدُّورِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا بِسَخْطَةٍ وَ لَوْ مَاتُوا بِغَیْرِهَا تَدَافَنُوا (3)قَالَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَدِدْنَا أَنَّا عَرَفْنَا قِصَّتَهُمْ فَقِیلَ لَهُ نَادِهِمْ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْقَرْیَةِ قَالَ فَأَجَابَهُ مُجِیبٌ مِنْهُمْ لَبَّیْكَ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ مَا حَالُكُمْ وَ مَا قِصَّتُكُمْ قَالَ أَصْبَحْنَا فِی عَافِیَةٍ وَ بِتْنَا فِی الْهَاوِیَةِ قَالَ فَقَالَ وَ مَا الْهَاوِیَةُ فَقَالَ بِحَارٌ مِنْ نَارٍ فِیهَا جِبَالٌ مِنَ النَّارِ قَالَ وَ مَا بَلَغَ بِكُمْ مَا أَرَی قَالَ حُبُّ الدُّنْیَا وَ عِبَادَةُ الطَّاغُوتِ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِنْ حُبِّكُمُ الدُّنْیَا قَالَ كَحُبِّ الصَّبِیِّ لِأُمِّهِ إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحَ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِنْ عِبَادَتِكُمُ الطَّوَاغِیتَ قَالَ كَانُوا إِذَا أَمَرُونَا أَطَعْنَاهُمْ قَالَ فَكَیْفَ أَنْتَ أَجَبْتَنِی مِنْ بَیْنِهِمْ قَالَ لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلُجُمٍ مِنْ نَارٍ (4)عَلَیْهِمْ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ وَ إِنِّی كُنْتُ فِیهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَصَابَهُمُ الْعَذَابُ أَصَابَنِی مَعَهُمْ فَأَنَا مُتَعَلِّقٌ بِشَعْرَةٍ عَلَی شَفِیرِ (5)جَهَنَّمَ أَخَافُ أَنْ أُكَبْكَبَ فِی النَّارِ (6)قَالَ

ص: 322


1- معانی الأخبار: 99.
2- أمالی الطوسیّ: 49.
3- فی المصدر: لتدافنوا.
4- فی نسخة: لانهم ملجمون بلجام من نار.
5- الشفیر: ناحیة كل شی ء. و من الوادی: ناحیته من أعلاه.
6- كبكب الشی ء: قلبه و صرعه.

فَقَالَ عِیسَی علیه السلام لِأَصْحَابِهِ إِنَّ النَّوْمَ عَلَی الْمَزَابِلِ وَ أَكْلَ خُبْزِ الشَّعِیرِ خَیْرٌ كَثِیرٌ مَعَ سَلَامَةِ الدِّینِ (1).

«33»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عِیسَی بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ التَّفْلِیسِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَی عِیسَی علیه السلام جِدَّ فِی أَمْرِی وَ لَا تَتْرُكْ إِنِّی خَلَقْتُكَ مِنْ غَیْرِ فَحْلٍ آیَةً لِلْعَالَمِینَ أَخْبِرْهُمْ آمِنُوا بِی وَ بِرَسُولِیَ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ نَسْلُهُ مِنْ مُبَارَكَةٍ وَ هِیَ مَعَ أُمِّكَ فِی الْجَنَّةِ طُوبَی لِمَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ وَ أَدْرَكَ زَمَانَهُ وَ شَهِدَ أَیَّامَهُ قَالَ عِیسَی یَا رَبِّ وَ مَا طُوبَی قَالَ شَجَرَةٌ فِی الْجَنَّةِ تَحْتَهَا عَیْنٌ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ یَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً قَالَ عِیسَی یَا رَبِّ اسْقِنِی مِنْهَا شَرْبَةً قَالَ كَلَّا یَا عِیسَی إِنَّ تِلْكَ الْعَیْنَ مُحَرَّمَةٌ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ حَتَّی یَشْرَبَهَا ذَلِكَ النَّبِیُّ وَ تِلْكَ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَی الْأُمَمِ حَتَّی یَدْخُلَهَا أُمَّةُ ذَلِكَ النَّبِیِّ (2).

«34»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام لِجَبْرَئِیلَ مَتَی قِیَامُ السَّاعَةِ فَانْتَفَضَ (3)جَبْرَئِیلُ انْتِفَاضَةً أُغْمِیَ عَلَیْهِ مِنْهَا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ مَا الْمَسْئُولُ أَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ وَ لَهُ مَنْ (فِی) السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَا تَأْتِیكُمْ إِلَّا بَغْتَةً وَ قَالَ الْحَوَارِیُّونَ لِعِیسَی یَا مُعَلِّمَ الْخَیْرِ عَلِّمْنَا أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَشَدُّ قَالَ أَشَدُّ الْأَشْیَاءِ غَضَبُ اللَّهِ قَالُوا فَبِمَا یُتَّقَی غَضَبُ اللَّهِ قَالَ بِأَنْ لَا تَغْضَبُوا قَالُوا وَ مَا بَدْءُ الْغَضَبِ قَالَ الْكِبْرُ وَ التَّجَبُّرُ وَ مَحْقَرَةُ النَّاسِ (4).

«35»-ختص، الإختصاص الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ الشَّامِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام قَالَ دَاوَیْتُ الْمَرْضَی فَشَفَیْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَبْرَأْتُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَالَجْتُ

ص: 323


1- معانی الأخبار: 97، و فیه: خیر كثیر مع عافیة الدنیا و الآخرة مع سلامة الدین.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- أی ارتعد و اضطرب.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

الْمَوْتَی فَأَحْیَیْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَالَجْتُ الْأَحْمَقَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَی إِصْلَاحِهِ فَقِیلَ یَا رُوحَ اللَّهِ وَ مَا الْأَحْمَقُ قَالَ الْمُعْجَبُ بِرَأْیِهِ وَ نَفْسِهِ الَّذِی یَرَی الْفَضْلَ كُلَّهُ لَهُ لَا عَلَیْهِ وَ یُوجِبُ الْحَقَّ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ وَ لَا یُوجِبُ عَلَیْهَا حَقّاً فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ الَّذِی لَا حِیلَةَ فِی مُدَاوَاتِهِ (1).

«36»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی علیه السلام مَرَّ بِقَوْمٍ مُجَلِّبِینَ (2)فَسَأَلَ عَنْهُمْ فَقِیلَ بِنْتُ فُلَانٍ تُهْدَی إِلَی بَیْتِ فُلَانٍ فَقَالَ صَاحِبَتُهُمْ مَیِّتَةٌ مِنْ لَیْلَتِهِمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قِیلَ إِنَّهَا حَیَّةٌ فَذَهَبَ مَعَ النَّاسِ إِلَی دَارِهَا فَخَرَجَ زَوْجُهَا فَقَالَ لَهُ سَلْ زَوْجَتَكَ مَا فَعَلَتِ الْبَارِحَةَ مِنَ الْخَیْرِ فَقَالَتْ مَا فَعَلْتُ شَیْئاً إِلَّا أَنَّ سَائِلًا كَانَ یَأْتِینِی كُلَّ لَیْلَةِ جُمُعَةٍ فِیمَا مَضَی وَ إِنَّهُ جَاءَنَا لَیْلَتَنَا فَهَتَفَ فَلَمْ یُجَبْ فَقَالَ عَزَّ عَلَیَّ أَنَّهَا لَا تَسْمَعُ صَوْتِی وَ عِیَالِی یَبْقَوْنَ اللَّیْلَةَ جِیَاعاً (3)فَقُمْتُ مُتَنَكِّرَةً فَأَنَلْتُهُ مِقْدَارَ مَا كُنْتُ أُنِیلُهُ فِیمَا مَضَی قَالَ عِیسَی علیه السلام تَنَحَّیْ عَنْ مَجْلِسِكِ فَتَنَحَّتْ فَإِذَا تَحْتَ ثِیَابِهَا أَفْعًی عَاضٌّ عَلَی ذَنَبِهِ فَقَالَ بِمَا تَصَدَّقْتِ صُرِفَ عَنْكِ هَذَا (4).

«37»-جا، المجالس للمفید أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ كَانَ الْمَسِیحُ علیه السلام یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ إِنْ كُنْتُمْ أَحِبَّائِی وَ إِخْوَانِی فَوَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ مِنَ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَلَسْتُمْ بِإِخْوَانِی إِنَّمَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوا (5)وَ لَا أُعَلِّمُكُمْ لِتُعْجَبُوا إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا مَا تُرِیدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَ بِصَبْرِكُمْ عَلَی مَا

ص: 324


1- الاختصاص مخطوط.
2- أجلب القوم: ضجوا و اختلطت أصواتهم.
3- فی نسخة: ضیاعا.
4- قصص الأنبیاء مخطوط. و تقدم الحدیث عن الأمالی فی باب فضله علیه السلام مع اختلاف فی ألفاظه و تفصیل.
5- فی المصدر: لتعلموا.

تَكْرَهُونَ وَ إِیَّاكُمْ وَ النَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِی قَلْبِ صَاحِبِهَا الشَّهْوَةَ وَ كَفَی بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً یَا طُوبَی لِمَنْ یَرَی بِعَیْنَیْهِ (1)الشَّهَوَاتِ وَ لَمْ یَعْمَلْ بِقَلْبِهِ الْمَعَاصِیَ مَا أَبْعَدَ مَا قَدْ فَاتَ وَ أَدْنَی مَا هُوَ آتٍ وَیْلٌ لِلْمُغْتَرِّینَ لَوْ قَدْ آزَفَهُمْ مَا یَكْرَهُونَ (2)وَ فَارَقَهُمُ مَا یُحِبُّونَ وَ جَاءَهُمْ مَا یُوعَدُونَ فِی خَلْقِ هَذَا اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ مُعْتَبَرٌ وَیْلٌ لِمَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا هَمَّهُ وَ الْخَطَایَا عَمَلَهُ كَیْفَ یَفْتَضِحُ غَداً عِنْدَ رَبِّهِ وَ لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ فِی غَیْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ الَّذِینَ یُكْثِرُونَ الْكَلَامَ فِی غَیْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَاسِیَةٌ قُلُوبُهُمْ وَ لَكِنْ لَا یَعْلَمُونَ لَا تَنْظُرُوا إِلَی عُیُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ رئایا (رَعَایَا) عَلَیْهِمْ وَ لَكِنِ انْظُرُوا فِی خَلَاصِ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ عَبِیدٌ مَمْلُوكُونَ إِلَی كَمْ یَسِیلُ الْمَاءُ عَلَی الْجَبَلِ لَا یَلِینُ إِلَی كَمْ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ لَا یَلِینُ عَلَیْهَا قُلُوبُكُمْ عَبِیدُ السَّوْءِ فَلَا عَبِیدٌ أَتْقِیَاءُ (3)وَ لَا أَحْرَارٌ كِرَامٌ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الدِّفْلَی یُعْجَبُ بِزَهْرِهَا مَنْ یَرَاهَا وَ یُقْتَلُ مَنْ طَعِمَهَا وَ السَّلَامُ (4).

بیان: قال الفیروزآبادی الدفل بالكسر و كذكری نبت مر فارسیته خرزهره قتال زهره كالورد الأحمر و حمله كالخرنوب (5)

«38»- عدة، عدة الداعی قَالَ عِیسَی علیه السلام بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ كَمَا نظر (6)(یَنْظُرُ) الْمَرِیضُ إِلَی الطَّعَامِ فَلَا یَلْتَذُّ بِهِ مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْیَا لَا یَلْتَذُّ بِالْعِبَادَةِ وَ لَا یَجِدُ حَلَاوَتَهَا مَعَ مَا یَجِدُهُ مِنْ حَلَاوَةِ الدُّنْیَا بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ كَمَا أَنَّ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تُرْكَبْ وَ تُمْتَهَنْ تَصَعَّبَتْ وَ تَغَیَّرَ خُلُقُهَا كَذَلِكَ الْقُلُوبُ إِذَا لَمْ تُرَقَّقْ (7)بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ بِنَصَبِ الْعِبَادَةِ تَقْسُو وَ تَغْلُظُ

ص: 325


1- فی المصدر: بعینه.
2- فی المصدر: قد اریهم. قلت: آزفهم ای أعجلهم.
3- فی المصدر: لا عبید أتقیاء.
4- أمالی المفید: 121 و 122. و فی نسخة: و یتفل من طعمها.
5- خرنوب بالضم نبت معروف فارسیته: جنك جنكك.
6- فی المصدر: ینظر.
7- فی نسخة: إذا لم ترفق.

وَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزِّقَّ إِذَا لَمْ یَنْخَرِقْ یُوشِكُ أَنْ یَكُونَ وِعَاءَ الْعَسَلِ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ إِذَا لَمْ تَخْرِقْهَا الشَّهَوَاتُ أَوْ یُدَنِّسْهَا الطَّمَعُ أَوْ یُقْسِهَا النَّعِیمُ (1)فَسَوْفَ تَكُونُ أَوْعِیَةَ الْحِكْمَةِ (2).

«39»-وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: فِی الْإِنْجِیلِ أَنَّ عِیسَی علیه السلام قَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِی غُدْوَةً رَغِیفاً مِنْ شَعِیرٍ وَ عَشِیَّةً رَغِیفاً مِنْ شَعِیرٍ وَ لَا تَرْزُقْنِی فَوْقَ ذَلِكَ فَأَطْغَی (3).

«40»-نبه، تنبیه الخاطر أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عِیسَی علیه السلام أَنْ كُنْ لِلنَّاسِ فِی الْحِلْمِ كَالْأَرْضِ تَحْتَهُمْ وَ فِی السَّخَاءِ كَالْمَاءِ الْجَارِی وَ فِی الرَّحْمَةِ كَالشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ فَإِنَّهُمَا یَطْلُعَانِ عَلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ (4).

«41»-وَ قَالَ علیه السلام مَنْ ذَا الَّذِی یَبْنِی عَلَی مَوْجِ الْبَحْرِ دَاراً تِلْكُمُ الدُّنْیَا فَلَا تَتَّخِذُوهَا قَرَاراً (5).

«42»-وَ صَنَعَ عِیسَی علیه السلام لِلْحَوَارِیِّینَ طَعَاماً فَلَمَّا أَكَلُوا وَضَّأَهُمْ بِنَفْسِهِ قَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ نَحْنُ أَوْلَی أَنْ نَفْعَلَهُ مِنْكَ قَالَ إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَفْعَلُوهُ بِمَنْ تُعَلِّمُونَ (6).

«43»-وَ قَالَ علیه السلام هَوْلٌ لَا تَدْرِی مَتَی یَغْشَاكَ لِمَ لَا تَسْتَعِدُّ لَهُ (7)قَبْلَ أَنْ یَفْجَأَكَ (8).

«44»-وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام مَنْ أَدَّبَكَ قَالَ مَا أَدَّبَنِی أَحَدٌ رَأَیْتُ قُبْحَ الْجَهْلِ فَجَانَبْتُهُ (9).

ص: 326


1- فی المصدر: النعم.
2- عدّة الداعی: 77.
3- عدّة الداعی: 83.
4- تنبیه الخواطر 1: 80.
5- تنبیه الخواطر 1: 133.
6- تنبیه الخواطر 1: 83.
7- فی المصدر: و قال علیه السلام: لا تدری متی یغشاك الموت لم لا تستعد له؟.
8- تنبیه الخواطر 1: 86.
9- تنبیه الخواطر 1: 96.

«45»-وَ قَالَ علیه السلام طُوبَی لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةً حَاضِرَةً لِمَوْعُودٍ لَمْ یَرَهُ (1).

«46»-وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام مَرَّ مَعَ الْحَوَارِیِّینَ عَلَی جِیفَةٍ (2)فَقَالَ الْحَوَارِیُّونَ مَا أَنْتَنَ رِیحَ هَذَا الْكَلْبِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام مَا أَشَدَّ بَیَاضَ أَسْنَانِهِ (3).

«47»-وَ قَالَ علیه السلام لَا تَتَّخِذُوا الدُّنْیَا رَبّاً فَتَتَّخِذَكُمْ عَبِیداً اكْنِزُوا كَنْزَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا یُضَیِّعُهُ فَإِنَّ صَاحِبَ كَنْزِ الدُّنْیَا یُخَافُ عَلَیْهِ الْآفَةُ وَ صَاحِبُ كَنْزِ اللَّهِ لَا یُخَافُ عَلَیْهِ الْآفَةُ (4).

«48»-وَ قَالَ علیه السلام یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ إِنِّی قَدْ أَكْبَبْتُ لَكُمُ الدُّنْیَا عَلَی وَجْهِهَا فَلَا تَنْعَشُوهَا (5)بَعْدِی فَإِنَّ مِنْ خُبْثِ الدُّنْیَا أَنْ عُصِیَ اللَّهُ فِیهَا وَ إِنَّ مِنْ خُبْثِ الدُّنْیَا أَنَّ الْآخِرَةَ لَا تُدْرَكُ (6)إِلَّا بِتَرْكِهَا فَاعْبُرُوا الدُّنْیَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَصْلَ كُلِّ خَطِیئَةٍ حُبُّ الدُّنْیَا وَ رُبَّ شَهْوَةٍ أَوْرَثَتْ أَهْلَهَا حُزْناً طَوِیلًا (7).

«49»-وَ قَالَ علیه السلام إِنِّی بَطَحْتُ (8)لَكُمُ الدُّنْیَا وَ جَلَسْتُمْ عَلَی ظَهْرِهَا فَلَا یُنَازِعَنَّكُمْ فِیهَا إِلَّا الْمُلُوكُ وَ النِّسَاءُ فَأَمَّا الْمُلُوكُ فَلَا تُنَازِعُوهُمُ الدُّنْیَا فَإِنَّهُمْ لَمْ یَتَعَرَّضُوا لَكُمْ مَا تَرَكْتُمْ دُنْیَاهُمْ وَ أَمَّا النِّسَاءُ فَاتَّقُوهُنَّ بِالصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ (9).

«50»-وَ قَالَ علیه السلام لَا یَسْتَقِیمُ حُبُّ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فِی قَلْبِ مُؤْمِنٍ كَمَا لَا یَسْتَقِیمُ الْمَاءُ وَ النَّارُ فِی إِنَاءٍ وَاحِدٍ (10).

«51»-وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام لَوْ اتَّخَذْتَ بَیْتاً قَالَ یَكْفِینَا خُلْقَانُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا (11).

ص: 327


1- تنبیه الخواطر 1: 96. و فیه: لموعود غائب لم یره.
2- فی المصدر: علی جیفة كلب.
3- تنبیه الخواطر 1: 117.
4- تنبیه الخواطر 1: 129.
5- فی نسخة: فلا تغشوها بعدی.
6- فی المصدر: لا تنال و لا تدرك.
7- تنبیه الخواطر 1: 129.
8- بطحه: ألقاه علی وجهه.
9- تنبیه الخواطر 1: 129. و الخلقان كعثمان جمع الخلق: البالی.
10- تنبیه الخواطر 1: 129. و الخلقان كعثمان جمع الخلق: البالی.
11- تنبیه الخواطر 1: 129. و الخلقان كعثمان جمع الخلق: البالی.

«52»-وَ رُوِیَ أَنَّ عِیسَی علیه السلام اشْتَدَّ بِهِ الْمَطَرُ وَ الرَّعْدُ یَوْماً فَجَعَلَ یَطْلُبُ شَیْئاً یَلْجَأُ إِلَیْهِ فَرُفِعَتْ لَهُ خَیْمَةٌ مِنْ بَعِیدٍ فَأَتَاهَا فَإِذَا فِیهَا امْرَأَةٌ فَحَادَ عَنْهَا (1)فَإِذَا هُوَ بِكَهْفٍ فِی جَبَلٍ فَأَتَاهُ فَإِذَا فِیهِ أَسَدٌ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ وَ قَالَ إِلَهِی لِكُلِّ شَیْ ءٍ مَأْوًی وَ لَمْ تَجْعَلْ لِی مَأْوًی فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ مَأْوَاكَ فِی مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِی وَ عِزَّتِی لَأُزَوِّجَنَّكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِائَةَ حُورِیَّةٍ خَلَقْتُهَا بِیَدِی وَ لَأُطْعِمَنَّ فِی عُرْسِكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ عَامٍ یَوْمٌ مِنْهَا كَعُمُرِ الدُّنْیَا وَ لَآمُرَنَّ مُنَادِیاً یُنَادِی أَیْنَ الزُّهَّادُ فِی الدُّنْیَا احْضُرُوا عُرْسَ الزَّاهِدِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (2).

«53»-وَ قَالَ عِیسَی وَیْلٌ لِصَاحِبِ الدُّنْیَا كَیْفَ یَمُوتُ وَ یَتْرُكُهَا وَ یَأْمَنُهَا وَ تَغُرُّهُ وَ یَثِقُ بِهَا وَ تَخْذُلُهُ وَیْلٌ لِلْمُغْتَرِّینَ كَیْفَ رَهِقَهُمْ مَا یَكْرَهُونَ وَ فَارَقَهُمُ مَا یُحِبُّونَ وَ جَاءَهُمْ مَا یُوعَدُونَ وَ وَیْلٌ لِمَنِ الدُّنْیَا هَمُّهُ وَ الْخَطَایَا أَمَلُهُ كَیْفَ یَفْتَضِحُ غَداً عِنْدَ اللَّهِ (3).

«54»-وَ قِیلَ لِعِیسَی علیه السلام عَلِّمْنَا عَمَلًا وَاحِداً یُحِبُّنَا اللَّهُ عَلَیْهِ قَالَ أَبْغِضُوا الدُّنْیَا یُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (4).

«55»-وَ رُوِیَ أَنَّ عِیسَی علیه السلام كُوشِفَ بِالدُّنْیَا فَرَآهَا فِی صُورَةِ عَجُوزٍ هَتْمَاءَ عَلَیْهَا مِنْ كُلِّ زِینَةٍ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ فَقَالَتْ لَا أُحْصِیهِمْ قَالَ وَ كُلُّهُمْ مَاتَ عَنْكِ أَوْ كُلُّهُمْ طَلَّقَكِ قَالَتْ بَلْ كُلَّهُمْ قَتَلْتُ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام بُؤْساً لِأَزْوَاجِكِ الْبَاقِینَ كَیْفَ تُهْلِكُهُمْ (5)وَاحِداً وَاحِداً وَ لَمْ یَكُونُوا مِنْكِ عَلَی حَذَرٍ (6).

بیان: قال الفیروزآبادی هتم كفرح انكسرت ثنایاه من أصولها فهو أهتم.

«56»-نبه، تنبیه الخاطر أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی عِیسَی إِذَا أَنْعَمْتُ عَلَیْكَ بِنِعْمَةٍ فَاسْتَقْبِلْهَا بِالاسْتِكَانَةِ أُتْمِمْهَا عَلَیْكَ (7).

ص: 328


1- أی فمال عنها.
2- تنبیه الخواطر 1: 132.
3- تنبیه الخواطر 1: 132.
4- تنبیه الخواطر 1: 134.
5- فی المصدر: بؤسا لازواجك الباقین كیف لا یعتبرون بأزواجك الماضین؟ كیف تهلكینهم واحدا واحدا و لا یكونوا منك علی حذر.
6- تنبیه الخواطر 1: 146.
7- تنبیه الخواطر 1: 202.

«57»-وَ قِیلَ بَیْنَمَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام جَالِسٌ وَ شَیْخٌ یَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ وَ یُثِیرُ الْأَرْضَ (1)فَقَالَ عِیسَی علیه السلام اللَّهُمَّ انْزِعْ مِنْهُ الْأَمَلَ فَوَضَعَ الشَّیْخُ الْمِسْحَاةَ وَ اضْطَجَعَ فَلَبِثَ سَاعَةً فَقَالَ عِیسَی اللَّهُمَّ ارْدُدْ إِلَیْهِ الْأَمَلَ فَقَامَ فَجَعَلَ یَعْمَلُ فَسَأَلَهُ عِیسَی عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بَیْنَمَا أَنَا أَعْمَلُ إِذْ قَالَتْ لِی نَفْسِی إِلَی مَتَی تَعْمَلُ وَ أَنْتَ شَیْخٌ كَبِیرٌ فَأَلْقَیْتُ الْمِسْحَاةَ وَ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ قَالَتْ لِی نَفْسِی وَ اللَّهِ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ عَیْشٍ مَا بَقِیتَ فَقُمْتُ إِلَی مِسْحَاتِی(2).

«58»-وَ قَالَ علیه السلام بِمَا ذَا نَفَعَ امْرُؤٌ نَفْسَهُ بَاعَهَا بِجَمِیعِ مَا فِی الدُّنْیَا ثُمَّ تَرَكَ مَا بَاعَهَا بِهِ مِیرَاثاً لِغَیْرِهِ وَ أَهْلَكَ نَفْسَهُ وَ لَكِنْ طُوبَی لِامْرِئٍ خَلَّصَ نَفْسَهُ وَ اخْتَارَهَا عَلَی جَمِیعِ الدُّنْیَا (3).

«59»-وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام ذَمَّ الْمَالَ وَ قَالَ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ فَقِیلَ وَ مَا هُنَّ یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ یَكْسِبُهُ الْمَرْءُ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ إِنْ هُوَ كَسَبَهُ مِنْ حِلِّهِ مَنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ وَ إِنْ هُوَ وَضَعَهُ فِی حَقِّهِ شَغَلَهُ إِصْلَاحُهُ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ (4).

«60»-وَ كَانَ علیه السلام إِذَا مَرَّ بِدَارٍ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا وَ خَلَفَ فِیهَا غَیْرُهُمْ یَقُولُ وَیْحاً لِأَرْبَابِكِ الَّذِینَ وَرِثُوكِ كَیْفَ لَمْ یَعْتَبِرُوا بِإِخْوَانِهِمُ الْمَاضِینَ (5).

«61»-وَ كَانَ یَقُولُ یَا دَارُ تَخْرَبِینَ وَ تَفْنَی سُكَّانُكِ وَ یَا نَفْسُ اعْمَلِی تُرْزَقِی وَ یَا جَسَدُ انْصَبْ تَسْتَرِحْ (6).

«62»-وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ الضَّعِیفَ اتَّقِ رَبَّكَ وَ أَلْقِ طَمَعَكَ وَ كُنْ فِی الدُّنْیَا ضَعِیفاً وَ عَنْ شَهْوَتِكَ عَفِیفاً عَوِّدْ جِسْمَكَ الصَّبْرَ وَ قَلْبَكَ الْفِكْرَ وَ لَا تَحْبِسْ لِغَدٍ رِزْقاً فَإِنَّهَا خَطِیئَةٌ عَلَیْكَ وَ أَكْثِرْ حَمْدَ اللَّهِ عَلَی الْفَقْرِ فَإِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَی مَا تُرِیدُ (7).

ص: 329


1- فی المصدر: و یثیر به الأرض.
2- تنبیه الخواطر 1: 272.
3- تنبیه الخواطر 2: 115.
4- تنبیه الخواطر 2: 118.
5- تنبیه الخواطر 2: 219.
6- تنبیه الخواطر 2: 220.
7- تنبیه الخواطر 2: 229.

«63»-وَ قَالَ علیه السلام النَّوْمُ عَلَی الْمَزَابِلِ (1)وَ أَكْلُ كِسَرِ خُبْزِ الشَّعِیرِ فِی طَلَبِ الْفِرْدَوْسِ یَسِیرٌ (2).

«64»-وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ تَحَبَّبُوا إِلَی اللَّهِ بِبُغْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِی وَ تَقَرَّبُوا إِلَی اللَّهِ بِالتَّبَاعُدِ مِنْهُمْ (3)وَ الْتَمِسُوا رِضَاهُ بِسَخَطِهِمْ (4).

«65»-وَ قَالَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ اسْتَكْثِرُوا مِنَ الشَّیْ ءِ الَّذِی لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ قَالُوا وَ مَا هُوَ قَالَ الْمَعْرُوفُ (5).

«66»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَمَثَّلَتِ الدُّنْیَا لِعِیسَی علیه السلام فِی صُورَةِ امْرَأَةٍ زَرْقَاءَ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ قَالَتْ كَثِیراً قَالَ فَكُلٌّ طَلَّقَكِ قَالَتْ بَلْ كُلًّا قَتَلْتُ قَالَ فَوَیْحَ أَزْوَاجِكِ الْبَاقِینَ كَیْفَ لَا یَعْتَبِرُونَ بِالْمَاضِینَ (6).

«67»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فَضَالَةُ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عِیسَی علیه السلام یَقُولُ هَوْلٌ لَا تَدْرِی مَتَی یَلْقَاكَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَسْتَعِدَّ لَهُ قَبْلَ أَنْ یَفْجَأَكَ (7).

«68»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی علیه السلام اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ الدُّنْیَا وَ مَئُونَةُ الْآخِرَةِ أَمَّا مَئُونَةُ الدُّنْیَا فَإِنَّكَ لَا تَمُدُّ یَدَكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا وَجَدْتَ فَاجِراً قَدْ سَبَقَكَ إِلَیْهَا وَ أَمَّا مَئُونَةُ الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَاناً یُعِینُونَكَ عَلَیْهَا (8).

«69»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ طَرِیفٍ (9)

ص: 330


1- فی نسخة من المصدر: النوم علی الحصیر.
2- تنبیه الخواطر 2: 230.
3- فی المصدر: بالتباعد عنهم.
4- تنبیه الخواطر 2: 235.
5- تنبیه الخواطر 2: 249.
6- مخطوط.
7- مخطوط.
8- روضة الكافی: 144.
9- هكذا فی النسخ: و الصحیح كما فی المصدر «ظریف» بالظاء المعجمة، و الرجل هو الحسن ابن ظریف بن ناصح أبو محمّد الكوفیّ الثقة.

عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ (1).

«70»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ الْكُوفِیِّ جَمِیعاً عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اجْتَمَعَ الْحَوَارِیُّونَ إِلَی عِیسَی علیه السلام فَقَالُوا لَهُ یَا مُعَلِّمَ الْخَیْرِ أَرْشِدْنَا فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ مُوسَی كَلِیمَ اللَّهِ علیه السلام أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی كَاذِبِینَ وَ أَنَا آمُرُكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِینَ وَ لَا صَادِقِینَ قَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ زِدْنَا فَقَالَ إِنَّ مُوسَی نَبِیَّ اللَّهِ علیه السلام أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَزْنُوا وَ أَنَا آمُرُكُمْ أَنْ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِالزِّنَا فَضْلًا عَنْ أَنْ تَزْنُوا فَإِنَّ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالزِّنَا كَانَ كَمَنْ أَوْقَدَ فِی بَیْتٍ مُزَوَّقٍ فَأَفْسَدَ التَّزَاوِیقَ الدُّخَانُ وَ إِنْ لَمْ یَحْتَرِقِ الْبَیْتُ (2).

«71»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتِ الْحَوَارِیُّونَ لِعِیسَی یَا رُوحَ اللَّهِ مَنْ نُجَالِسُ قَالَ مَنْ یُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْیَتُهُ وَ یَزِیدُ فِی عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ وَ یُرَغِّبُكُمْ فِی الْآخِرَةِ عَمَلُهُ (3).

«72»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْخَشَّابِ عَنِ ابْنِ بَقَّاحٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْمَسِیحُ علیه السلام یَقُولُ لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ فِی غَیْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ الَّذِینَ یُكْثِرُونَ الْكَلَامَ (4)قَاسِیَةٌ قُلُوبُهُمْ وَ لَكِنْ لَا یَعْلَمُونَ (5).

«73»-ج، الإحتجاج ید، التوحید ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ یَذْكُرُ فِیهِ احْتِجَاجَ الرِّضَا علیه السلام عَلَی أَرْبَابِ الْمِلَلِ قَالَ: قَالَ الرِّضَا علیه السلام لِلْجَاثَلِیقِ یَا نَصْرَانِیُّ هَلْ تَعْرِفُ

ص: 331


1- أصول الكافی 2: 341.
2- فروع الكافی 2: 70.
3- أصول الكافی 1: 39.
4- فی المصدر: یكثرون الكلام فی غیر ذكر اللّٰه.
5- أصول الكافی 2: 114.

فِی الْإِنْجِیلِ قَوْلَ عِیسَی علیه السلام إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَی رَبِّكُمْ وَ رَبِّی (1)وَ الْبَارِقْلِیطَا جائی (2)(جَاءٍ) هُوَ الَّذِی یَشْهَدُ لِی بِالْحَقِّ كَمَا شَهِدْتُ لَهُ وَ هُوَ الَّذِی یُفَسِّرُ لَكُمْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الَّذِی یُبْدِی فَضَائِحَ الْأُمَمِ وَ هُوَ الَّذِی یَكْسِرُ عَمُودَ الْكُفْرِ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ مَا ذَكَرْتَ شَیْئاً فِی الْإِنْجِیلِ (3)إِلَّا وَ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِهِ فَقَالَ أَ تَجِدُ هَذَا فِی الْإِنْجِیلِ ثَابِتاً قَالَ نَعَمْ قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا جَاثَلِیقُ أَ لَا تُخْبِرُنِی عَنِ الْإِنْجِیلِ الْأَوَّلِ حِینَ افْتَقَدْتُمُوهُ عِنْدَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَ مَنْ وَضَعَ لَكُمْ هَذَا الْإِنْجِیلَ قَالَ لَهُ مَا افْتَقَدْنَا الْإِنْجِیلَ إِلَّا یَوْماً وَاحِداً حَتَّی وَجَدْنَاهُ غَضّاً طَرِیّاً فَأَخْرَجَهُ إِلَیْنَا یُوحَنَّا وَ مَتَّی فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام مَا أَقَلَّ مَعْرِفَتَكَ بِسِرِّ الْإِنْجِیلِ وَ عُلَمَائِهِ (4)فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا تَزْعُمُ فَلِمَ اخْتَلَفْتُمْ فِی الْإِنْجِیلِ وَ إِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِی هَذَا الْإِنْجِیلِ الَّذِی فِی أَیْدِیكُمُ الْیَوْمَ فَلَوْ كَانَ عَلَی الْعَهْدِ الْأَوَّلِ لَمْ تَخْتَلِفُوا فِیهِ وَ لَكِنِّی مُفِیدُكَ عِلْمَ ذَلِكَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا افْتُقِدَ الْإِنْجِیلُ الْأَوَّلُ اجْتَمَعَتِ النَّصَارَی إِلَی عُلَمَائِهِمْ فَقَالُوا لَهُمْ قُتِلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ افْتَقَدْنَا الْإِنْجِیلَ وَ أَنْتُمُ الْعُلَمَاءُ فَمَا عِنْدَكُمْ فَقَالَ لَهُمْ أَلُوقَا وَ مرقابوس (5)إِنَّ الْإِنْجِیلَ فِی صُدُورِنَا وَ نَحْنُ نُخْرِجُهُ إِلَیْكُمْ سِفْراً سِفْراً فِی كُلِّ أَحَدٍ فَلَا تَحْزَنُوا عَلَیْهِ وَ لَا تُخْلُوا الْكَنَائِسَ فَإِنَّا سَنَتْلُوهُ عَلَیْكُمْ فِی كُلِّ أَحَدٍ سِفْراً سِفْراً حَتَّی نَجْمَعَهُ كُلَّهُ فَقَعَدَ أَلُوقَا وَ مرقابوس وَ یُوحَنَّا وَ مَتَّی فَوَضَعُوا لَكُمْ هَذَا الْإِنْجِیلَ بَعْدَ مَا افْتَقَدْتُمُ الْإِنْجِیلَ الْأَوَّلَ وَ إِنَّمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ تلامیذا (تَلَامِیذَ) لِتَلَامِیذِ الْأَوَّلِینَ أَ عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَ الْجَاثَلِیقُ أَمَّا هَذَا فَلَمْ أَعْلَمْهُ (6)وَ قَدْ عَلِمْتُهُ الْآنَ وَ قَدْ بَانَ لِی مِنْ فَضْلِ عِلْمِكَ بِالْإِنْجِیلِ وَ سَمِعْتُ أَشْیَاءَ مِمَّا عَلِمْتُهُ شَهِدَ قَلْبِی أَنَّهَا حَقٌّ فَاسْتَزَدْتُ كَثِیراً مِنَ الْفَهْمِ

ص: 332


1- فی المصدر: ربی و ربكم.
2- فی التوحید: و الفارقلیطا. و فی العیون: و البارقلیطا یعنی محمّد جاء.
3- فی الاحتجاج: من الإنجیل. و فی التوحید: مما فی الإنجیل.
4- فی العیون و الاحتجاج: ما أقل معرفتك بسنن الإنجیل و علمائه!.
5- زاد فی الاحتجاج و یوحنا و متی.
6- فی الاحتجاج: و أمّا قبل هذا فلم أعلمه.

فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام فَكَیْفَ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ قَالَ جَائِزَةٌ هَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ الْإِنْجِیلِ وَ كُلُّ مَا شَهِدُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ وَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ (1)اشْهَدُوا عَلَیْهِ قَالُوا قَدْ شَهِدْنَا ثُمَّ قَالَ لِلْجَاثَلِیقِ بِحَقِّ الِابْنِ وَ أُمِّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ مَتَّی قَالَ إِنَّ الْمَسِیحَ هُوَ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ یَهُوذَا بْنِ خضرون (2)وَ قَالَ مرقابوس فِی نِسْبَةِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ أَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ أَحَلَّهَا فِی الْجَسَدِ الْآدَمِیِّ فَصَارَتْ إِنْسَاناً وَ قَالَ أَلُوقَا إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ كَانَا إِنْسَانَیْنِ مِنْ لَحْمٍ وَ دَمٍ فَدَخَلَ فِیهِمَا رُوحُ الْقُدُسِ ثُمَّ إِنَّكَ تَقُولُ مِنْ شَهَادَةِ عِیسَی علیه السلام عَلَی نَفْسِهِ حَقّاً أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ إِلَّا مَنْ نَزَلَ مِنْهَا إِلَّا رَاكِبُ الْبَعِیرِ خَاتَمُ الْأَنْبِیَاءِ فَإِنَّهُ یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَنْزِلُ فَمَا تَقُولُ فِی هَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ هَذَا قَوْلُ عِیسَی لَا نُنْكِرُهُ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فَمَا تَقُولُ فِی شَهَادَةِ أَلُوقَا وَ مرقابوس وَ مَتَّی عَلَی عِیسَی وَ مَا نَسَبُوهُ إِلَیْهِ قَالَ الْجَاثَلِیقُ كَذَبُوا عَلَی عِیسَی قَالَ الرِّضَا علیه السلام یَا قَوْمِ أَ لَیْسَ قَدْ زَكَّاهُمْ وَ شَهِدَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ الْإِنْجِیلِ وَ قَوْلُهُمْ حَقٌّ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ یَا عَالِمَ الْمُسْلِمِینَ (3)أُحِبُّ أَنْ تُعْفِیَنِی مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ علیه السلام لِرَأْسِ الْجَالُوتِ فِی الْإِنْجِیلِ مَكْتُوبٌ أَنَّ ابْنَ الْبَرَّةِ ذَاهِبٌ وَ الْبَارِقْلِیطَا جائی (جَاءٍ) مِنْ بَعْدِهِ وَ هُوَ یُخَفِّفُ الْآصَارَ وَ یُفَسِّرُ لَكُمْ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ یَشْهَدُ لِی كَمَا شَهِدْتُ لَكُمْ أَنَا جِئْتُكُمْ بِالْأَمْثَالِ وَ هُوَ یَأْتِیكُمْ بِالتَّأْوِیلِ أَ تُؤْمِنُ بِهَذَا فِی الْإِنْجِیلِ قَالَ نَعَمْ (4).

ص: 333


1- فی المصادر: و أهل بیته و غیرهم.
2- هكذا فی النسخ، و فی المصادر: هو ابن داود، و فی التوحید و فی نسخة من العیون: حضرون، و فی الإنجیل: حصرون.
3- فی هامش التوحید: یا أعلم المسلمین خ ل.
4- احتجاج الطبرسیّ: 229 و 230 و 231، توحید الصدوق: 437 و 440 و 442، عیون الأخبار: 91- 94، و فیها: نعم لا أنكره. و تقدم الحدیث بتمامه فی كتاب الاحتجاجات، راجع ج 10 ص 299- 318.

باب 22 تفسیر الناقوس

«1»-لی، الأمالی للصدوق مع، معانی الأخبار صَالِحُ بْنُ عِیسَی الْعِجْلِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْفَقِیهِ (1)عَنْ أَبِی نَصْرٍ الشَّعْرَانِیِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْوَضَّاحِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی إِسْرَائِیلَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ (2)عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: بَیْنَا أَنَا أَسِیرُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِی الْحِیرَةِ إِذَا نَحْنُ بِدَیْرَانِیٍّ یَضْرِبُ بِالنَّاقُوسِ قَالَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَا حَارِثُ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا النَّاقُوسُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ یَضْرِبُ مَثَلَ الدُّنْیَا وَ خَرَابِهَا وَ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً صِدْقاً صِدْقاً إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ غَرَّتْنَا وَ شَغَلَتْنَا وَ اسْتَهْوَتْنَا وَ اسْتَغْوَتْنَا یَا ابْنَ الدُّنْیَا مَهْلًا مَهْلًا یَا ابْنَ الدُّنْیَا دَقّاً دَقّاً یَا ابْنَ الدُّنْیَا جَمْعاً جَمْعاً تَفْنَی الدُّنْیَا قَرْناً قَرْناً مَا مِنْ یَوْمٍ یَمْضِی عَنَّا إِلَّا أَوْهَی (3)مِنَّا رُكْناً قَدْ ضَیَّعْنَا دَاراً تَبْقَی وَ اسْتَوْطَنَّا دَاراً تَفْنَی لَسْنَا نَدْرِی مَا فَرَّطْنَا فِیهَا إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنَا قَالَ الْحَارِثُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ النَّصَارَی یَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالَ لَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَمَا اتَّخَذُوا الْمَسِیحَ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَذَهَبْتُ إِلَی الدَّیْرَانِیِّ فَقُلْتُ لَهُ بِحَقِّ الْمَسِیحِ عَلَیْكَ لَمَّا ضَرَبْتَ بِالنَّاقُوسِ عَلَی الْجِهَةِ الَّتِی تَضْرِبُهَا قَالَ فَأَخَذَ یَضْرِبُ وَ أَنَا أَقُولُ حَرْفاً حَرْفاً حَتَّی بَلَغَ إِلَی قَوْلِهِ إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنَا فَقَالَ بِحَقِّ نَبِیِّكُمْ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قُلْتُ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِی كَانَ مَعِی أَمْسِ قَالَ وَ هَلْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّبِیِّ مِنْ قَرَابَةٍ قُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ قَالَ بِحَقِّ نَبِیِّكُمْ أَ سَمِعَ هَذَا مِنْ نَبِیِّكُمْ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ لِی وَ اللَّهِ إِنِّی وَجَدْتُ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّهُ یَكُونُ فِی آخِرِ الْأَنْبِیَاءِ نَبِیٌّ وَ هُوَ یُفَسِّرُ مَا یَقُولُ النَّاقُوسُ (4).

ص: 334


1- فی الأمالی أبو بكر محمّد بن علیّ بن علی، و فی المعانی أبو بكر محمّد بن محمّد بن علی الفقیه.
2- فی المصدر: أبی إسحاق الهمدانیّ.
3- فی نسخة من المصدر: أوهن.
4- أمالی الصدوق: 136 معانی الأخبار: 68 و 69. و قد أخرجه المصنّف أیضا فی كتاب العلم راجع ج 2: 321.

باب 23 رفعه إلی السماء

الآیات؛

آل عمران: «إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسی إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ جاعِلُ الَّذِینَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ ثُمَّ إِلَیَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَیْنَكُمْ فِیما كُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ* فَأَمَّا الَّذِینَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِینَ* وَ أَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَیُوَفِّیهِمْ أُجُورَهُمْ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الظَّالِمِینَ»(55-57)

النساء: «وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلی مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظِیماً* وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ یَقِیناً* بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً* وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً»(156-159)

«1»-لی، الأمالی للصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا تُوُفِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَامَ الْحَسَنُ علیه السلام خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ الْخَبَرَ (1).

«2»-د، العدد القویة فِی لَیْلَةِ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام (2).

«3»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا مَلَكَ أسیخُ بْنُ أَشْكَانَ (3)

ص: 335


1- أمالی الصدوق: 192.
2- مخطوط.
3- فی نسخة: اسنج. و فی المصدر: اشج بن أشجان، و كان یسمی الكیس، و كان قد ملك إه. و قال المسعودیّ فی اثبات الوصیة: 59 فی ترجمة روبیل بن الیسابغ و شرح ما وقع فی أیامه من ملك دارا و الاسكندر و قتله و ما وقع فی زمانهما: و ملك عند ذلك أشبح بن اشبحان مائتی و ستین سنة، و فی إحدی و خمسین سنة من ملكه بعث اللّٰه عزّ و جلّ المسیح عیسی بن مریم علیه السلام اه. و قال الیعقوبی: كان عیسی علیه السلام فی زمان حیردوس. و فی الكامل: و فی اثنتین و أربعین سنة من ملك هیردوس بن إنطیقوس كانت ولادة المسیح.

وَ مَلَكَ مِائَتَیْنِ وَ سِتّاً وَ سِتِّینَ سَنَةً فَفِی سَنَةِ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ اسْتَوْدَعَهُ النُّورَ وَ الْعِلْمَ وَ الْحِكْمَةَ وَ جَمِیعَ عُلُومِ الْأَنْبِیَاءِ قَبْلَهُ وَ زَادَهُ الْإِنْجِیلَ وَ بَعَثَهُ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ یَدْعُوهُمْ إِلَی كِتَابِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَأَبَی أَكْثَرُهُمْ إِلَّا طُغْیَاناً وَ كُفْراً وَ أَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَمَكَثَ یَدْعُوهُمْ وَ یُرَغِّبُهُمْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً حَتَّی طَلَبَتْهُ الْیَهُودُ وَ ادَّعَتْ أَنَّهَا عَذَّبَتْهُ وَ دَفَنَتْهُ فِی الْأَرْضِ حَیّاً وَ ادَّعَی بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَ صَلَبُوهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْعَلَ لَهُمْ سُلْطَاناً عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا شُبِّهَ لَهُمْ وَ مَا قَدَرُوا عَلَی عَذَابِهِ وَ دَفْنِهِ وَ لَا عَلَی قَتْلِهِ وَ صَلْبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَی إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا فَلَمْ یَقْدِرُوا عَلَی قَتْلِهِ وَ صَلْبِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَی ذَلِكَ كَانَ تَكْذِیباً لِقَوْلِهِ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ بَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَرْفَعَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنِ اسْتَوْدِعْ نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ وَ عِلْمَ كِتَابِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا (1)إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ مُلُوكِ الْأَرْضِ.

«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ (2)حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ علیه السلام وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی رُفِعَ فِیهَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام وَ كَذَلِكَ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام (3).

«5»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ بُهْتاناً عَظِیماً أَیْ قَوْلُهُمْ إِنَّهَا فَجَرَتْ قَوْلُهُ وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِیحَ (4)لَمَّا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (5)

«6»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی علیه السلام وَعَدَ أَصْحَابَهُ لَیْلَةَ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ

ص: 336


1- إكمال الدین: 130.
2- أی خالص طری.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- فی المصدر: المسیح عیسی بن مریم رسول اللّٰه.
5- تفسیر القمّیّ: 146.

عِنْدَ الْمَسَاءِ وَ هُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَأَدْخَلَهُمْ بَیْتاً ثُمَّ خَرَجَ عَلَیْهِمْ مِنْ عَیْنٍ فِی زَاوِیَةِ الْبَیْتِ وَ یَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْمَاءِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیَّ أَنَّهُ رَافِعِی إِلَیْهِ السَّاعَةَ وَ مُطَهِّرِی مِنَ الْیَهُودِ فَأَیُّكُمْ یُلْقَی عَلَیْهِ شَبَحِی فَیُقْتَلَ وَ یُصْلَبَ وَ یَكُونَ مَعِی فِی دَرَجَتِی فَقَالَ شَابٌّ مِنْهُمْ أَنَا یَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ فَأَنْتَ هُوَ ذَا فَقَالَ لَهُمْ عِیسَی أَمَا إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ یَكْفُرُ بِی قَبْلَ أَنْ یُصْبِحَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ كَفْرَةً (1)فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنَا هُوَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ عِیسَی أَ تُحِسُّ بِذَلِكَ فِی نَفْسِكَ فَلْتَكُنْ هُوَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ عِیسَی علیه السلام أَمَا إِنَّكُمْ سَتَفْتَرِقُونَ بَعْدِی عَلَی ثَلَاثِ فِرَقٍ فِرْقَتَیْنِ مُفْتَرِیَتَیْنِ عَلَی اللَّهِ فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٍ تَتْبَعُ شَمْعُونَ صَادِقَةً عَلَی اللَّهِ فِی الْجَنَّةِ ثُمَّ رَفَعَ اللَّهُ عِیسَی إِلَیْهِ مِنْ زَاوِیَةِ الْبَیْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْیَهُودَ جَاءَتْ فِی طَلَبِ عِیسَی مِنْ لَیْلَتِهِمْ فَأَخَذُوا الرَّجُلَ الَّذِی قَالَ لَهُ عِیسَی علیه السلام إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ یَكْفُرُ بِی قَبْلَ أَنْ یُصْبِحَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ كَفْرَةً وَ أَخَذُوا الشَّابَّ الَّذِی أُلْقِیَ عَلَیْهِ شَبَحُ عِیسَی فَقُتِلَ وَ صُلِبَ وَ كَفَرَ الَّذِی قَالَ لَهُ عِیسَی تَكْفُرُ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ كَفْرَةً (2).

«7»-فس، تفسیر القمی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوارِیِّینَ مَنْ أَنْصارِی إِلَی اللَّهِ قالَ الْحَوارِیُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ قَالَ الَّتِی كَفَرَتْ هِیَ الَّتِی قَتَلَتْ شَبِیهَ عِیسَی وَ صَلَبَتْهُ وَ الَّتِی آمَنَتْ هِیَ الَّتِی قَبِلَتْ شَبِیهَ عِیسَی حَتَّی یُقْتَلَ فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آمَنُوا هِیَ الَّتِی لَمْ تَقْتُلْ شَبِیهَ عِیسَی عَلَی الْأُخْرَی فَقَتَلُوهُمْ عَلی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِینَ (3)

«8»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ یُوشَعَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَزِیرِیِّ (4)عَنْ حَمْزَةَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرٍ

ص: 337


1- فی المصدر: اثنی عشر كفرة، و هكذا فیما یأتی.
2- تفسیر القمّیّ: 93.
3- تفسیر القمّیّ: 678، الموجود فی المصدر: و التی آمنت هی التی قبلت، فقتلت الطائفة التی قتلته و صلبته و هو قوله: «فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِینَ» و فی البرهان: و التی آمنت هی التی قتلت الطائفة التی قتلت شبه عیسی هی التی قبلت، فقتلت الطائفة التی قتلته خ و صلبته، و هو قوله إه.
4- فی نسخة: الجزریّ.

عَنْ آبَائِهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْیَهُودُ عَلَی عِیسَی علیه السلام لِیَقْتُلُوهُ بِزَعْمِهِمْ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَغَشَّاهُ بِجَنَاحِهِ وَ طَمَحَ عِیسَی بِبَصَرِهِ فَإِذَا هُوَ بِكِتَابٍ فِی جَنَاحِ جَبْرَئِیلَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَدْعُوكَ بِاسْمِكَ الْوَاحِدِ الْأَعَزِّ وَ أَدْعُوكَ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الصَّمَدِ وَ أَدْعُوكَ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الْعَظِیمِ الْوَتْرِ وَ أَدْعُوكَ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الْكَبِیرِ الْمُتَعَالِ الَّذِی ثَبَّتَ أَرْكَانَكَ كُلَّهَا أَنْ تَكْشِفَ عَنِّی مَا أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَیْتُ فِیهِ فَلَمَّا دَعَا بِهِ عِیسَی علیه السلام أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی جَبْرَئِیلَ ارْفَعْهُ إِلَی عِنْدِی ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلُوا رَبَّكُمْ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا دَعَا بِهِنَّ عَبْدٌ بِإِخْلَاصِ دِینِهِ إِلَّا اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ وَ إِلَّا قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ اشْهَدُوا أَنِّی قَدِ اسْتَجَبْتُ لَهُ بِهِنَّ وَ أَعْطَیْتُهُ سُؤْلَهُ فِی عَاجِلِ دُنْیَاهُ وَ آجِلِ آخِرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ سَلُوا بِهَا وَ لَا تَسْتَبْطِئُوا الْإِجَابَةَ (1).

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام بِمِدْرَعَةِ صُوفٍ مِنْ غَزْلِ مَرْیَمَ وَ مِنْ نَسْجِ مَرْیَمَ وَ مِنْ خِیَاطَةِ مَرْیَمَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی السَّمَاءِ نُودِیَ یَا عِیسَی أَلْقِ عَنْكَ زِینَةَ الدُّنْیَا (2).

«10»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ هُوَ جَبْرَئِیلُ وَ ذَلِكَ حِینَ رَفَعَهُ مِنْ رَوْزَنَةِ (3)بَیْتِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ أَلْقَی شِبْهَهُ عَلَی مَنْ رَامَ قَتْلَهُ فَقُتِلَ بَدَلًا مِنْهُ (4).

«11»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الطَّالَقَانِیُّ عَنْ الْكُوفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ فِی وَصْفِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ أَنَّهُمْ یُقْتَلُونَ بِالسَّیْفِ أَوْ بِالسَّمِّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ علیه السلام مَا شُبِّهَ أَمْرُ أَحَدٍ مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ حُجَجِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ لِلنَّاسِ إِلَّا أَمْرُ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ رُفِعَ مِنَ الْأَرْضِ حَیّاً وَ قُبِضَ رُوحُهُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ رُفِعَ إِلَی السَّمَاءِ وَ رُدَّ عَلَیْهِ رُوحُهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسی إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ حِكَایَةً

ص: 338


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه أیضا البحرانیّ فی البرهان 1: 285.
3- الروزنة: الكوة. معربة.
4- تفسیر الإمام: 148 و 149.

لِقَوْلِ عِیسَی علیه السلام (1)وَ كُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْتَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ الْخَبَرَ (2).

«12»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَ أَمَّا غَیْبَةُ عِیسَی فَإِنَّ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی اتَّفَقَتْ عَلَی أَنَّهُ قُتِلَ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِقَوْلِهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (3)

«13»-وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی الْقَائِمِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله شَبَهاً (4)مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَمَّا شَبَهُهُ مِنْ عِیسَی علیه السلام فَاخْتِلَافُ مَنِ اخْتَلَفَ فِیهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (5)مَا وُلِدَ وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مَاتَ وَ طَائِفَةٌ قَالَتْ قُتِلَ وَ صُلِبَ (6).

«14»-وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: فِی صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ أَرْبَعُ سُنَنٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْبِیَاءَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَمَّا مِنْ عِیسَی فَیُقَالُ إِنَّهُ مَاتَ وَ لَمْ یَمُتْ (7).

أقول: سیأتی الأخبار الكثیرة فی ذلك فی كتاب الغیبة و قد مر فی باب جوامع أحوالهم علیهم السلام

عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّ عِیسَی لَمَّا أَرَادَ الْیَهُودُ قَتْلَهُ دَعَا اللَّهَ بِحَقِّنَا فَنَجَّاهُ مِنَ الْقَتْلِ وَ رَفَعَهُ إِلَیْهِ

«15»- وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَنْزِلُ عَلَی الْقَائِمِ علیه السلام تِسْعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً وَ هُمُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَ عِیسَی لَمَّا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ (8).

ص: 339


1- فی المصدر: لقول عیسی علیه السلام یوم القیامة.
2- عیون الأخبار: 118- 120.
3- كمال الدین: 201 و 202.
4- فی المصدر: سنة. شبهة خ ل.
5- فی المصدر: حتی قالت طائفة منهم.
6- كمال الدین: 188، و فی قوله: قتل و صلب غرابة لم نعرف قائله.
7- كمال الدین: 91.
8- و الأحادیث كلها مسندة فی المصدر كما یأتی فی كتاب الغیبة.

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ بِكُفْرِهِمْ أی بجحود هؤلاء بعیسی وَ قَوْلِهِمْ عَلی مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظِیماً أی أعظم كذب و أشنعه و هو رمیهم إیاها بالفاحشة عن ابن عباس و السدی قال الكلبی مر عیسی علیه السلام برهط فقال بعضهم لبعض قد جاءكم الساحر ابن الساحرة و الفاعل ابن الفاعلة فقذفوه بأمه فسمع ذلك عیسی علیه السلام فقال اللّٰهم أنت ربی خلقتنی و لم أتهم من تلقاء نفسی اللّٰهم العن من سبنی و سب والدتی فاستجاب اللّٰه دعوته فمسخهم خنازیر وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رَسُولَ اللَّهِ یعنی و قول الیهود إنا قتلنا عیسی ابن مریم رسول اللّٰه حكاه اللّٰه سبحانه عنهم أی رسول اللّٰه فی زعمه و قیل إنه من قول اللّٰه سبحانه لا علی وجه الحكایة لهم و تقدیره الذی هو رسولی وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ اختلفوا فی كیفیة التشبیه فروی عن ابن عباس أنه قال لما مسخ اللّٰه الذین سبوا عیسی و أمه بدعائه بلغ ذلك یهودا و هو رأس الیهود فخاف أن یدعو علیه فجمع الیهود و اتفقوا علی قتله فبعث اللّٰه جبرئیل یمنعه منهم و یعینه علیهم و ذلك معنی قوله وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فاجتمع الیهود حول عیسی علیه السلام فجعلوا یسألونه فیقول لهم یا معشر الیهود إن اللّٰه تعالی یبغضكم فثاروا إلیه (1)لیقتلوه فأدخله جبرئیل علیه السلام خوخة البیت (2)الداخل لها روزنة فی سقفها فرفعه جبرئیل إلی السماء فبعث یهودا رأس الیهود رجلا من أصحابه اسمه ططیانوس (3)لیدخل علیه الخوخة فیقتله فدخل فلم یره فأبطأ علیهم فظنوا أنه یقاتله فی الخوخة فألقی اللّٰه علیه شبه عیسی علیه السلام فلما خرج علی أصحابه قتلوه و صلبوه و قیل ألقی علیه شبه وجه عیسی و لم یلق علیه شبه جسده فقال بعض القوم إن الوجه وجه عیسی و الجسد جسد ططیانوس و قال بعضهم إن كان هذا ططیانوس فأین عیسی و إن كان هذا عیسی فأین ططیانوس فاشتبه الأمر علیهم و قال وهب بن منبه أتی عیسی علیه السلام و معه سبعة عشر من الحواریین (4)فی بیت فأحاطوا بهم فلما دخلوا علیهم صیرهم اللّٰه

ص: 340


1- فی المطبوع «فشاروا إلیه» و هو وهم. و فی المصدر: فساروا إلیه.
2- فی المصدر: فی خوخة البیت.
3- فی المصدر: طیطانوس، و كذا فیما یأتی بعده. و فی الكامل: نطلیانوس.
4- فی المصدر: و معه سبعة من الحواریین.

كلهم علی صورة عیسی فقالوا لهم سحرتمونا لتبرزن لنا عیسی أو لنقتلنكم جمیعا فقال عیسی علیه السلام لأصحابه من یشری نفسه منكم الیوم بالجنة فقال رجل منهم اسمه سرجس (1)أنا فخرج إلیهم فقال أنا عیسی فأخذوه و قتلوه و صلبوه و رفع اللّٰه عیسی من یومه ذلك و به قال قتادة و مجاهد و ابن إسحاق و إن اختلفوا فی عدد الحواریین و لم یذكر أحد غیر وهب أن شبهه ألقی علی جمیعهم بل قالوا ألقی شبهه علی واحد و رفع اللّٰه عیسی من بینهم قال الطبری و قول وهب أقوی لأنه لو ألقی شبهه علی واحد منهم مع قول عیسی أیكم یلقی علیه شبهی فله الجنة ثم رأوا عیسی رفع من بینهم لما اشتبه علیهم و لما اختلفوا و إن جاز أن یشتبه علی أعدائهم من الیهود الذین ما عرفوه لكن ألقی شبهه علی جمیعهم و كانوا یرون كل واحد منهم بصورة عیسی فلما قتل أحدهم اشتبه الحال علیهم.

و قال أبو علی الجبائی إن رؤساء الیهود أخذوا إنسانا فقتلوه و صلبوه علی موضع عال و لم یمكنوا أحدا من الدنو إلیه فتغیرت حلیته و قالوا قد قتلنا عیسی لیوهموا بذلك علی عوامهم لأنهم كانوا أحاطوا بالبیت الذی فیه عیسی فلما دخلوه كان عیسی قد رفع من بینهم فخافوا أن یكون ذلك سببا لإیمان الیهود به ففعلوا ذلك و الذین اختلفوا فیه هم غیر الذین صلبوا من صلبوه (2)و إنما هم باقی الیهود و قیل إن الذی دلهم علیه و قال هذا عیسی أحد الحواریین أخذ علی ذلك ثلاثین درهما و كان منافقا ثم إنه ندم علی ذلك و اختنق حتی قتل نفسه و كان اسمه بورس زكریا نوطا (3)و هو ملعون فی النصاری و بعض النصاری یقول إن بورس زكریا نوطا هو الذی شبه لهم فصلبوه و هو یقول لست بصاحبكم أنا الذی دللتكم علیه و قیل إنهم حبسوا المسیح مع عشرة من أصحابه فی بیت فدخل علیهم رجل من الیهود فألقی اللّٰه علیه شبه عیسی و رفع عیسی فقتلوا الرجل عن السدی.

ص: 341


1- فی الكامل: اسمه یوشع.
2- فی المصدر: غیر الذین صلبوه.
3- فی المصدر: بودس زكریا بوطا، و كذا فیما بعده، و لعله هو الذی یسمیه النصاری یهودا اسخریوطی.

وَ إِنَّ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ قیل إنه یعنی بذلك عامتهم لأن علماءهم علموا أنه غیر مقتول عن الجبائی و قیل أراد بذلك جماعتهم اختلفوا (1)فقال بعضهم قتلناه و قال بعضهم لم نقتله ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ أی لم یكن لهم بمن قتلوه علم لكنهم اتبعوا ظنهم فقتلوه ظنا منهم أنه عیسی و لم یكن به و إنما شكّوا فی ذلك لأنهم عرفوا عدة من فی البیت فلما دخلوا علیهم و فقدوا واحدا منهم التبس علیهم أمر عیسی و قتلوا من قتلوه علی شك منهم فی أمر عیسی هذا علی قول من قال لم یتفرق أصحابه حتی دخل علیهم الیهود و أما من قال تفرق أصحابه عنه فإنه یقول كان اختلافهم فی أن عیسی علیه السلام هل كان فیمن بقی أو فیمن خرج اشتبه الأمر علیهم.

و قال الحسن معناه اختلفوا فی عیسی علیه السلام فقالوا مرة هو عبد اللّٰه و مرة هو ابن اللّٰه و مرة هو اللّٰه و قال الزجاج معنی اختلاف النصاری فیه أن منهم من ادعی أنه إله لم یقتل و منهم من قال قتل.

وَ ما قَتَلُوهُ یَقِیناً اختلف فی الهاء فی قتلوه فقیل إنه یعود إلی الظن أی ما قتلوا ظنهم یقینا كما یقال قتلته علما (2)عن ابن عباس و جویبر و معناه ما قتلوا ظنهم الذین اتبعوا فی المقتول الذی قتلوه و هم یحسبونه عیسی یقینا أنه عیسی و لا أنه غیره لكنهم كانوا منه علی شبهة و قیل إن الهاء عائد إلی عیسی علیه السلام یعنی ما قتلوه یقینا أی حقا فهو من تأكید الخبر عن الحسن أراد أن اللّٰه سبحانه نفی عن عیسی القتل علی وجه التحقیق و الیقین بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ یعنی بل رفع اللّٰه عیسی إلیه و لم یصلبوه و لم یقتلوه وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً معناه لم یزل اللّٰه منتقما من أعدائه حكیما فی أفعاله و تقدیراته فاحذروا أیها السائلون محمدا أن ینزل علیكم كتابا من السماء حلول عقوبة بكم كما حل بأوائلكم فی تكذیبهم رسله عن ابن عباس و ما مر فی تفسیر هذه الآیة من أن اللّٰه ألقی شبه عیسی علیه السلام علی غیره فإن ذلك من

ص: 342


1- فی المصدر: جماعة اختلفوا. و هو الصواب.
2- فی المصدر: ما قتلته علما.

مقدور اللّٰه سبحانه بلا خلاف بین المسلمین فیه و یجوز أن یفعله اللّٰه سبحانه علی وجه التغلیظ للمحنة و التشدید فی التكلیف و إن كان ذلك خارقا للعادة فإنه یكون معجزا للمسیح علیه السلام كما روی أن جبرئیل علیه السلام كان یأتی نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة دحیة الكلبی.

و مما یسأل علی هذه الآیة أن یقال قد تواترت الیهود و النصاری مع كثرتهم و اجتمعت علی أن المسیح قتل و صلب فكیف یجوز علیهم أن یخبروا عن الشی ء بخلاف ما هو به و لو جاز ذلك فكیف یوثق بشی ء من الأخبار.

و الجواب أن هؤلاء دخلت علیهم الشبهة كما أخبر اللّٰه سبحانه عنهم بذلك فلم یكن الیهود یعرفون عیسی علیه السلام بعینه و إنما أخبروا أنهم قتلوا رجلا قیل لهم إنه عیسی فهم فی خبرهم صادقون و إن لم یكن المقتول عیسی و إنما اشتبه الأمر علی النصاری لأن شبه عیسی ألقی علی غیره فرأوا من هو علی صورته مقتولا مصلوبا فلم یخبر أحد من الفریقین إلا عما رآه و ظن أن الأمر علی ما أخبر به فلا یؤدی ذلك إلی بطلان الأخبار بحال. (1)و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسی إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ قیل فی معناه أقوال:

أحدها أن المراد به أنی قابضك برفعك من الأرض إلی السماء من غیر وفاة بموت عن الحسن و كعب و ابن جریح و ابن زید و الكلبی و غیرهم و علی هذا القول یكون للمتوفی تأویلان. أحدهما إنی رافعك إلی وافیا لم ینالوا منك شیئا من قولهم توفیت كذا و استوفیته أی أخذته تاما و الآخر إنی متسلمك من قولهم توفیت منك (2)كذا أی تسلمته.

و ثانیها إنی متوفیك وفاة نوم و رافعك إلی فی النوم عن الربیع قال رفعه نائما و یدل علیه قوله وَ هُوَ الَّذِی یَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّیْلِ (3)أی ینیمكم إن النوم أخو

ص: 343


1- مجمع البیان 3: 135- 137.
2- فی المصدر: توفیت منه.
3- الأنعام: 60.

الموت (1)و قوله اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ الَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها (2)و ثالثها إنی متوفیك وفاة موت عن ابن عباس و وهب قالا أماته اللّٰه ثلاث ساعات.

و أما النحویون فیقولون هو علی التقدیم و التأخیر أی إنی رافعك و متوفیك لأن الواو لا توجب الترتیب بدلالة قوله فَكَیْفَ كانَ عَذابِی وَ نُذُرِ (3)و النذر قبل العذاب (4)و هذا مروی عن الضحاك.

وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ مَا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: عِیسَی علیه السلام (5)لَمْ یَمُتْ وَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَیْكُمْ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْیَمَ فِیكُمْ وَ إِمَامُكُمْ مِنْكُمْ رَوَاهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ (6).

فعلی هذا یكون تقدیره إنی قابضك بالموت بعد نزولك من السماء.

و قوله وَ رافِعُكَ إِلَیَّ فیه قولان أحدهما إنی رافعك إلی سمائی. (7)و الآخر أن معناه رافعك إلی كرامتی (8)وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا بإخراجك من بینهم فإنهم أرجاس و قیل تطهیره منعه من كفر یفعلونه بالقتل الذی كانوا هموا به لأن ذلك رجس طهره اللّٰه منه وَ جاعِلُ الَّذِینَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ بالظفر و النصرة أو بالحجة و البرهان قال ابن زید و لهذا لا تری الیهود حیث

ص: 344


1- فی المصدر: لان النوم أخو الموت.
2- الزمر: 42.
3- القمر: 16.
4- فی المصدر هنا زیادة و هی: بدلالة قوله تعالی: «وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولًا».
5- فی المصدر: إن عیسی.
6- أورده البخاری فی صحیحه بطریقه عن أبی هریرة فی باب نزول عیسی بن مریم علیهما السلام ج 1 ص 94، و مسلم فی صحیحه بطرقه عنه فی ج 1 ص 94.
7- فی المصدر: و سمی رفعه إلی السماء رفعا إلیه تفخیما لامر السماء یعنی رافعك لموضع لا یكون علیك إلّا أمری.
8- فی المصدر: كما قال حكایة عن إبراهیم علیه السلام: «إِنِّی ذاهِبٌ إِلی رَبِّی سَیَهْدِینِ» أی الی حیث أمرنی ربی، سمی ذهابه الی الشام ذهابا الی ربّه.

كانوا إلا أذل من النصاری و لهذا أزال اللّٰه الملك عنهم و إن كان ثابتا فی النصاری و قیل المعنی به أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و إنما سماهم تبعا و إن كانت لهم شریعة علی حدة لأنه وجد فیهم التبعیة صورة و معنی أما الصورة فلأنه یقال فلان یتبع فلانا إذا جاء بعده و أما المعنی فلأن نبینا صلی اللّٰه علیه و آله كان مصدقا لعیسی و كتابه و علی أن شریعة نبینا و سائر الأنبیاء متحدة فی أبواب التوحید (1).

باب 24 ما حدث بعد رفعه و زمان الفترة بعده و نزوله من السماء و قصص وصیه شمعون بن حمون الصفا

الآیات؛

الزخرف: «وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها»(61)

تفسیر: المشهور بین المفسرین أن الضمیر راجع إلی عیسی علیه السلام أی نزول عیسی من أشراط (2)الساعة یعلم به قربها فَلا تَمْتَرُنَّ بِها أی بالساعة و قیل الضمیر راجع إلی القرآن.

«1»-ك، إكمال الدین بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَرْفَعَ عِیسَی علیه السلام أَوْحَی إِلَیْهِ أَنِ اسْتَوْدِعْ نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ وَ عِلْمَ كِتَابِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا خَلِیفَتَهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَلْ شَمْعُونُ فِی قَوْمِهِ یَقُومُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَهْتَدِی بِجَمِیعِ مَقَالِ عِیسَی علیه السلام فِی قَوْمِهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یُجَاهِدُ الْكُفَّارَ (3)فَمَنْ أَطَاعَهُ وَ آمَنَ بِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَحَدَهُ وَ عَصَاهُ كَانَ كَافِراً حَتَّی اسْتَخْلَصَ (4)رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ بَعَثَ فِی عِبَادِهِ نَبِیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ هُوَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام فَمَضَی شَمْعُونُ وَ مَلَكَ

ص: 345


1- مجمع البیان ج 2: 449- 450.
2- الاشراط جمع الشرط: العلامة.
3- فی المصدر: و جاهد الكفّار.
4- أی حتّی اختار.

عِنْدَ ذَلِكَ أَرْدَشِیرُ بْنُ أشكاس (1)أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَ فِی ثَمَانِ سِنِینَ مِنْ مُلْكِهِ قَتَلَتِ الْیَهُودُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَجْعَلَ الْوَصِیَّةَ فِی وُلْدِ شَمْعُونَ وَ یَأْمُرَ الْحَوَارِیِّینَ وَ أَصْحَابَ عِیسَی بِالْقِیَامِ مَعَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ (2)إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی بَابِ أَحْوَالِ مُلُوكِ الْأَرْضِ.

«2»-ج، الإحتجاج سَأَلَ نَافِعٌ مَوْلَی ابْنِ عُمَرَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام كَمْ بَیْنَ عِیسَی علیه السلام وَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ سَنَةٍ قَالَ علیه السلام أُجِیبُكَ بِقَوْلِكَ أَمْ بِقَوْلِی قَالَ أَجِبْنِی بِالْقَوْلَیْنِ قَالَ أَمَّا بِقَوْلِی فَخَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ (3).

فس، تفسیر القمی أبی عن ابن محبوب عن الثمالی عن أبی الربیع مثله (4).

«3»-ل، الخصال أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أُمَّةَ عِیسَی افْتَرَقَتْ بَعْدَهُ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِیَةٌ وَ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ الْخَبَرَ (5).

«4»-ل، الخصال بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ تَفَرَّقَتْ عَلَی عِیسَی إِحْدَی وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فَهَلَكَ سَبْعُونَ فِرْقَةً وَ یَتَخَلَّصُ فِرْقَةٌ الْخَبَرَ (6).

«5»-ك، إكمال الدین كَانَتْ لِلْمَسِیحِ علیه السلام غَیْبَاتٌ یَسِیحُ فِیهَا فِی الْأَرْضِ وَ لَا یَعْرِفُ قَوْمُهُ وَ شِیعَتُهُ خَبَرَهُ ثُمَّ ظَهَرَ فَأَوْصَی إِلَی شَمْعُونَ بْنِ حَمُّونَ علیه السلام فَلَمَّا مَضَی شَمْعُونُ غَابَتِ الْحُجَجُ

ص: 346


1- فی المصدر: أردشیر بن زاركا اسكان خ ل و لعله مصحف أردشیر بابكان. نص علی ذلك المسعودیّ فی اثبات الوصیة.
2- كمال الدین: 130.
3- احتجاج الطبرسیّ: 177. و فیه و أمّا بقولك.
4- تفسیر القمّیّ: 217 و 218. و الحدیث طویل تقدم بالفاظه فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10 ص 161.
5- الخصال 2: 141.
6- الخصال 2: 141.

بَعْدَهُ (1)فَاشْتَدَّ الطَّلَبُ وَ عَظُمَتِ الْبَلْوَی وَ دَرَسَ الدِّینُ وَ أُضِیعَتِ الْحُقُوقُ وَ أُمِیتَتِ الْفُرُوضُ وَ السُّنَنُ وَ ذَهَبَ النَّاسُ یَمِیناً وَ شِمَالًا لَا یَعْرِفُونَ أَیّاً مِنْ أَیٍّ فَكَانَتِ الْغَیْبَةُ مِائَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ سَنَةً(2).

«6»-ك، إكمال الدین ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بَقِیَ النَّاسُ بَعْدَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام خَمْسِینَ سَنَةً وَ مِائَتَیْ سَنَةٍ بِلَا حُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ (3).

«7»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ بَیْنَ عِیسَی علیه السلام وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله خَمْسُمِائَةِ عَامٍ مِنْهَا مِائَتَانِ وَ خَمْسُونَ عَاماً لَیْسَ فِیهَا نَبِیٌّ وَ لَا عَالِمٌ ظَاهِرٌ قُلْتُ فَمَا كَانُوا قَالَ كَانُوا مُسْتَمْسِكِینَ (4)بِدِینِ عِیسَی قُلْتُ فَمَا كَانُوا قَالَ مُؤْمِنِینَ ثُمَ

ص: 347


1- ذكر المسعودیّ أسماء الحجج و الأوصیاء و نبذة من أحوالهم فی كتابه اثبات الوصیة، فذكر أن اللّٰه أوحی الی زكریا أن یسلم مواریث الأنبیاء و ما فی یدیه الی عیسی علیه السلام، و قال: و روی فی خبر آخر أن اللّٰه أوحی إلیه أن یستودع النبوّة و مواریث الأنبیاء و ما فی یدیه الی نبی من بنی إسرائیل یقال له الیسابغ، ثمّ شرع فی بیان أحواله إلی أن قال: فلما أراد اللّٰه أن یقبض الیسابغ أوحی إلیه أن یستودع النور و الحكمة و الاسم الأعظم ابنه روبیل و قام روبیل بن الیسابغ علیه السلام بأمر اللّٰه جل و عزّ و تدبیر ما استودعه، و ملك فی أیامه دارا بن شهزادان أربع عشرة سنة، و بعد سنة من ملكه بنی مدینة و سماها داراجرد مصحف دارابجرد و ملك بعده الاسكندر أربع عشرة سنة، و كان بنی بعد سنتین من ملكه مدینة بأصبهان سماها جی، و ملك بعد الاسكندر أشج بن أشجان مائتی سنة، و فی احدی و خمسین سنة من ملكه بعث اللّٰه عزّ و جلّ المسیح عیسی بن مریم علیه السلام. ثم ذكر جملة من أحوال المسیح علیه السلام الی أن قال: و أوصی الی شمعون و أمرهم بطاعته و سلم إلیه الاسم الأعظم و التابوت، و ذكر بعد شمعون یحیی بن زكریا علیه السلام، ثمّ منذر بن شمعون، ثمّ دانیال. ثم قال: و روی فی خبر آخر أن العزیر و دانیال كانا قبل المسیح و یحیی بن زكریا علیهم السلام.
2- كمال الدین: 96.
3- كمال الدین: 96.
4- فی المصدر: متمسكین.

قَالَ علیه السلام وَ لَا تَكُونُ الْأَرْضُ إِلَّا وَ فِیهَا عَالِمٌ (1).

«8»-ك، إكمال الدین عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَتِ الْفَتْرَةُ بَیْنَ عِیسَی علیه السلام وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ ثَمَانِینَ سَنَةً (2).

أقول: تمامه بإسناده فی باب أحوال الملوك و المعول علی الأخبار الأولة و یمكن تأویل هذا الخبر بأن یقال لم یحسب بعض زمان الفترة من أولها لقرب العهد بالدین.

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِیِّ (3)قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ دَعَا رَأْسَ الْجَالُوتِ (4)وَ أُسْقُفَّ النَّصَارَی فَقَالَ إِنِّی سَائِلُكُمَا عَنْ أَمْرٍ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمَا فَلَا تَكْتُمَا ثُمَّ دَعَا أُسْقُفَّ النَّصَارَی فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ الْإِنْجِیلَ عَلَی عِیسَی علیه السلام وَ جَعَلَ عَلَی رِجْلِهِ الْبَرَكَةَ وَ كَانَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أَزَالَ أَلَمَ الْعَیْنِ وَ أَحْیَا الْمَیِّتَ وَ صَنَعَ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ طُیُوراً وَ أَنْبَأَكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فَقَالَ دُونَ هَذَا أَ صَدَقَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بِكَمِ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بَعْدَ عِیسَی فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ لَا فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَذَبْتَ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما یَعْمَلُونَ فَهَذِهِ الَّتِی تَنْجُو (5).

«10»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ رَفَعَهُ (6)إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: یَا خَیْثَمَةُ (7)

ص: 348


1- كمال الدین: 96. قوله: و لا تكون الأرض اه أی لا تكون خالیا من عالم ظاهر أو مستور.
2- كمال الدین: 130 و 131.
3- هو صهیب البكری البصری، یقال: المدنیّ مولی ابن عبّاس، روی عن مولاه ابن عبّاس و علی بن أبی طالب علیه السلام و ابن مسعود.
4- فی البرهان: دعا رأس الجالوت.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 487.
6- فی المصدر: جعفر بن محمّد الفزاری معنعنا عن أبی جعفر علیه السلام.
7- بضم الخاء و سكون الیاء و فتح الثاء.

سَیَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ لَا یَعْرِفُونَ اللَّهَ مَا هُوَ وَ التَّوْحِیدَ حَتَّی یَكُونَ خُرُوجُ الدَّجَّالِ وَ حَتَّی یَنْزِلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام مِنَ السَّمَاءِ وَ یَقْتُلَ اللَّهُ الدَّجَّالَ عَلَی یَدَیْهِ وَ یُصَلِّیَ بِهِمْ رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَ لَا تَرَی أَنَّ عِیسَی علیه السلام یُصَلِّی خَلْفَنَا وَ هُوَ نَبِیٌّ إِلَّا وَ نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْهُ(1).

«11»-ل، الخصال مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ (2)عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مِنْ ذُرِّیَّتِی الْمَهْدِیُّ إِذَا خَرَجَ نَزَلَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِنُصْرَتِهِ فَقَدَّمَهُ وَ صَلَّی خَلْفَهُ (3).

«12»-عم، إعلام الوری حَنَانُ بْنُ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ یَقَعُ فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ لِطَاغِیَةِ زَمَانِهِ إِلَّا الْقَائِمَ الَّذِی یُصَلِّی رُوحُ اللَّهِ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ خَلْفَهُ (4).

أقول: الأخبار الدالة علی أن عیسی علیه السلام ینزل و یصلی خلف القائم عجل اللّٰه فرجه كثیرة و قد أوردتها الخاصة و العامة بطرق مختلفة و سیأتی بعضها فی كتاب الغیبة.

«13»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ (5)قَالَ: قَالَ لِیَ الْحَجَّاجُ یَا شَهْرُ آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ قَدْ أَعْیَتْنِی فَقُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ أَیَّةُ آیَةٍ هِیَ فَقَالَ قَوْلُهُ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَآمُرُ بِالْیَهُودِیِّ وَ النَّصْرَانِیِّ فَتُضْرَبُ عُنُقُهُ (6)ثُمَّ أَرْمَقُهُ بِعَیْنِی فَمَا أَرَاهُ

ص: 349


1- تفسیر فرات: 44، و للحدیث صدر تركه المصنّف.
2- فی الاسناد و هم ظاهر لان معمر بن راشد- و هو الأزدیّ مولاهم أبو عروة البصری نزیل الیمن- مات سنة 154، و هو ابن 58 سنة، فهو لم یدرك النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، و الوهم حصل من تقطیع الحدیث، لان الموجود فی الأمالی: معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد اللّٰه الصادق علیه السلام یقول: أتی یهودی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، ثمّ ذكر حدیثا طویلا الی أن قال: قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: و من ذرّیتی المهدی.
3- لم نجد الحدیث فی الخصال و لكنه موجود فی الأمالی: 131 فالظاهر ان ل مصحف لی.
4- إعلام الوری: 244.
5- بفتح المهملة و الشین.
6- فی نسخة: و اللّٰه إنّی لامر بالیهودی و النصرانی فأضرب عنقه اه.

یُحَرِّكُ شَفَتَیْهِ حَتَّی یَخْمُدَ (1)فَقُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ لَیْسَ عَلَی مَا تَأَوَّلْتَ قَالَ كَیْفَ هُوَ قُلْتُ إِنَّ عِیسَی علیه السلام یَنْزِلُ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ إِلَی الدُّنْیَا فَلَا یَبْقَی أَهْلُ مِلَّةٍ یَهُودِیٌّ وَ لَا نَصْرَانِیٌّ (2)إِلَّا آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یُصَلِّی خَلْفَ الْمَهْدِیِّ قَالَ وَیْحَكَ أَنَّی لَكَ هَذَا وَ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ بِهِ فَقُلْتُ حَدَّثَنِی بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ جِئْتَ وَ اللَّهِ بِهَا مِنْ عَیْنٍ صَافِیَةٍ(3).

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فیه علی أقوال أحدها أن كلا الضمیرین یعودان إلی المسیح أی لیس یبقی أحد من أهل الكتاب من الیهود و النصاری إلا و یؤمنن بالمسیح قبل موت المسیح إذا أنزله اللّٰه إلی الأرض وقت خروج المهدی فی آخر الزمان لقتل الدجال فتصیر الملل كلها ملة واحدة و هی ملة الإسلام الحنیفیة دین إبراهیم علیه السلام عن ابن عباس و أبی مالك و الحسن و قتادة و ابن زید و ذلك حین لا ینفعهم الإیمان و اختاره الطبری قال و الآیة خاصة لمن یكون منهم فی ذلك الزمان ثم ذكر روایة علی بن إبراهیم و قال و ذكر أبو القاسم البلخی مثل ذلك و ضعف الزجاج هذا الوجه قال إن الذین یبقون إلی زمن عیسی علیه السلام من أهل الكتاب قلیل و الآیة تقتضی عموم إیمان أهل الكتاب إلا أن تحمل علی أن جمیعهم یقولون إن عیسی الذی ینزل فی آخر الزمان نحن نؤمن به.

و ثانیها أن الضمیر فی به یعود إلی المسیح و الضمیر فی موته إلی الكتابی و معناه لا یكون أحد من أهل الكتاب یخرج من الدنیا إلا و یؤمن بعیسی علیه السلام قبل موته إذا زال تكلیفه و تحقق الموت و لكن لا ینفعه الإیمان.

و ثالثها أن یكون المعنی لیؤمنن بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله قبل موت الكتابی عن عكرمة و رواه أیضا أصحابنا انتهی. (4)

أقول: یمكن أن یكون الوجه الأول مبنیا علی الرجعة فلا یكون مختصا بأهل الكتاب الموجودین فی ذلك الزمان.

ص: 350


1- فی المصدر: حتی یحمل.
2- فی نسخة: یهودی و لا غیره.
3- تفسیر القمّیّ: 146.
4- مجمع البیان 3: 137 و 138.

باب 25 قصص أرمیا و دانیال و عزیر و بختنصر «1»

باب 25 قصص أرمیا و دانیال و عزیر و بختنصر (1)

الآیات؛

البقرة: «أَوْ كَالَّذِی مَرَّ عَلی قَرْیَةٍ وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلی طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ یَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلی حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آیَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَی الْعِظامِ كَیْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ»(259)

الإسراء: «وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ وَ

ص: 351


1- فی العرائس: ان أرمیا هو ابن خلفیاء، و كان من سبط هارون بن عمران و سمی خضرا لانه جلس علی فروة بیضاء فقام عنها و هی تزهر خضراء. و فی قاموس الإنجیل أنّه ابن حلقیا، و كان فی سنة 600 قبل المسیح علیه السلام تقریبا. و فی الكامل انه ابن حزقیا. و أمّا دانیال فكان من ذریة داود علیه السلام، و اسر فی سنة 606 قبل میلاد المسیح و جی ء به إلی بابل علی ما فی قاموس الإنجیل، و كان بخت نصر رأی رؤیا هائلة فقصها علی دانیال فعبرها فصار بذلك معززا مكرما عند بخت نصر، و كان مقیما عنده الی أن فتح الفرس بابل، فصار عند كورش ملك الفرس فولاه القضاء و جعل إلیه جمیع أمره، و مات بالسوس من اعمال خوزستان. ذكر البغدادیّ فی كتابه المحبر نسب دانیال فقال: هو دانیال بن یخننا بن حزقیا، و هو یوناخین بن صدقیا الملك ابن اهیاقیم بن أوشیا بن أمین بن حزقیا بن أحاذین بن یاثم بن عزریا بن أمصیا بن مهیاس بن أخزیا ابن ربهیا بن رام بن یاهوشا بن أسا بن أبیا بن راحبعم بن سلیمان بن داود علیهما السلام، و ذكرهم الطبریّ و الیعقوبی مع اختلافات. و أمّا عزیز فكان معاصرا لدانیال، و سیأتی قصصه. و اما بخت نصر قال الفیروزآبادی: بخت أصله بوخت و معناه ابن: و نصر كبقم: صنم انتهی. و هو الذی یقال له: نبوكدنصر، و فی قاموس الإنجیل: انه مات فی 561 قبل المسیح علیه السلام، و نسبه علی ما فی الطبریّ: بخت نصر بن نبوزرادان بن سنحاریب- صاحب الموصل و ناحیتها ابن داریوش بن عییری بن تیری بن رویا بن رابیا بن سلامون بن داود بن طامی بن هامل بن هرمان بن فودی بن همول بن درمی بن قمائل بن صامان بن رغما بن نمروذ بن كوش بن حام بن نوح علیه السلام.

لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِیراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَیْكُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَیْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِیراً* إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِیَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً»(4-7)

تفسیر: قال البیضاوی: وَ قَضَیْنا أی أوحینا إلیهم قضاء مقضیا (1)فی التوراة مَرَّتَیْنِ إفسادتین أولاهما مخالفة أحكام التوراة و قتل شعیاء و قتل أرمیا و ثانیتهما قتل زكریا و یحیی و قصد قتل عیسی علیه السلام وَعْدُ أُولاهُما أی وعد (2)عقاب أولاهما عِباداً لَنا بختنصر (3)عامل لهراسف إلی بابل (4)و جنوده و قیل جالوت و قیل سخاریب (5)من أهل نینوی فَجاسُوا ترددوا لطلبكم خِلالَ الدِّیارِ وسطها للقتل و الغارة الْكَرَّةَ أی الدولة و الغلبة عَلَیْهِمْ علی الذین بعثوا علیكم و ذلك بأن ألقی اللّٰه فی قلب بهمن بن إسفندیار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة علیهم فرد أسراءهم إلی الشام و ملك دانیال علیهم فاستولوا علی من كان فیها من أتباع بختنصر أو بأن سلط داود علی جالوت فقتله و النفیر من ینفر مع الرجل من قومه فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ وعد عقوبة المرة الآخرة لِیَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ أی بعثناهم لیسوءوا وجوهكم لیجعلوها بادیة آثار المساءة فیها وَ لِیُتَبِّرُوا لیهلكوا ما عَلَوْا ما غلبوه و استولوا علیه أو مدة علوهم و ذلك بأن سلط اللّٰه علیهم الفرس مرة أخری فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه

ص: 352


1- فی المصدر: وحیا مقضیا مبتوتا.
2- فی المصدر: وعید.
3- قال الطبرسیّ فی مجمع البیان: سلط اللّٰه علیهم سابور ذا الاكتاف ملكا من ملوك فارس فی قتل زكریا، و سلط علیهم فی قتل یحیی بخت نصر. قلت: یقال: ان الذی سلطه اللّٰه علیهم هو كورش.
4- فی المصدر: علی بابل.
5- فی المصدر و فی العرائس: سنجاریب، و فی مجمع البیان و الكامل و الطبریّ: سنحاریب. و فی قاموس الإنجیل: سنخاریب.

جوذر (1)و قیل خردوس قیل دخل صاحب الجیش مذبح قرابینهم فوجد فیه دما یغلی فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم یقبل منا فقال ما صدقونی فقتل علیه ألوفا منهم فلم یهدأ الدم ثم قال إن لم تصدقونی ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم یحیی فقال لمثل هذا ینتقم منكم ربكم ثم قال یا یحیی قد علم ربی و ربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن اللّٰه قبل أن لا أبقی منكم أحدا فسكن. (2)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف المفسرون فی الكرتین قالوا لما عتا بنو إسرائیل فی المرة الأولی سلط اللّٰه علیهم ملك فارس و قیل بختنصر و قیل ملكا من ملوك بابل فخرج إلیهم و حاصرهم و فتح بیت المقدس و قیل إن بختنصر ملك بابل بعد سخاریب (3)و كان من جیش نمرود و كان لزنیة لا أب له فظهر علی بیت المقدس و خرب المسجد و أحرقت التوراة و ألقی الجیف فی المسجد و قتل علی دم یحیی علیه السلام سبعین ألفا و سبی ذراریهم و أغار علیهم و أخرج أحوالهم و سبی سبعین ألفا و ذهب بهم إلی بابل و بقوا فی مدة مائة سنة تستعبدهم المجوس و أولادهم ثم تفضل اللّٰه علیهم بالرحمة و أمر ملكا من ملوك فارس عارفا باللّٰه سبحانه فردهم إلی بیت المقدس فأقامهم به (4)مائة سنة علی الطریقة المستقیمة و الطاعة ثم عادوا إلی الفساد و المعاصی فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه أنطیاخیوس (5)فخرب بیت المقدس و سبی أهله و قیل غزاهم ملك الرومیة و سباهم عن حذیفة و قال محمد بن إسحاق كانت بنو إسرائیل یعصون اللّٰه تعالی و فیهم الأحداث و اللّٰه یتجاوز عنهم و كان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم أن اللّٰه بعث إلیهم شعیا قبل مبعث زكریا (6)و كان لبنی إسرائیل ملك كان شعیا یرشده و یسدده فمرض الملك و جاء

ص: 353


1- فی المصدر: جؤذرذ.
2- أنوار التنزیل 1: 689 و 690. و فیه «فهدأ» مكان «فسكن».
3- فی المصدر: سنحاریب و كذا فیما بعده.
4- فی المصدر: فأقاموا به.
5- فی المصدر: إنطیاخوس.
6- فی المصدر هنا زیادة، هی: و شعیا هو الذی بشر بعیسی علیه السلام و بمحمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

سخاریب إلی باب بیت المقدس بستمائة ألف رایة فدعا اللّٰه شعیا فبرأ الملك و مات جمع سخاریب و لم ینج منهم إلا خمسة نفر منهم سخاریب فهرب و أرسلوا خلفه من أخذه ثم أمر اللّٰه بإطلاقه لیخبر قومه بما نزل بهم فأطلقوه و ملك سخاریب بعد ذلك سبع سنین (1)و استخلف بختنصر ابن ابنه فلبث سبع عشرة سنة و هلك ملك بنی إسرائیل و مرج أمرهم و تنافسوا فی الملك و قتل بعضهم بعضا فقام شعیا فیهم خطیبا فوعظهم فهموا بقتله فهرب و دخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار فبعث اللّٰه إلیهم أرمیا من سبط هارون ثم خرج من بینهم لما رأی من أمرهم و دخل بختنصر و جنوده بیت المقدس و فعل ما فعل ثم رجع إلی بابل بسبایا بنی إسرائیل فكانت هذه الدفعة الأولی و قیل أیضا إن سبب ذلك كان قتل یحیی بن زكریا علیه السلام و إنه دم یحیی لم یزل یغلی حتی قتل بختنصر منهم سبعین ألفا أو اثنین و سبعین ألفا ثم سكن الدم و ذكر الجمیع أن یحیی بن زكریا علیه السلام هو المقتول فی الفساد الثانی قال مقاتل و كان بین الفساد الثانی و الأول مائتا سنة و عشر سنین و قیل إنما غزا بنی إسرائیل فی المرة الأولی بختنصر و المرة الثانیة ملوك فارس و الروم و ذلك حین قتلوا یحیی علیه السلام فقتلوا منهم مائة ألف و ثمانین ألفا و خرب بیت المقدس فلم یزل بعد ذلك خرابا حتی بناه عمر بن الخطاب فلم یدخله بعد ذلك رومی إلا خائفا و قیل إنما غزاهم فی المرة الأولی جالوت و فی الثانیة بختنصر انتهی. (2)و قال صاحب الكامل ما روی من أن بختنصر هو الذی خرب بیت المقدس و قتل بنی إسرائیل عند قتلهم یحیی بن زكریا علیه السلام باطل عند أهل السیر و التواریخ و أهل العلم بأمور الماضین و ذلك بأنهم مجمعون علی أن بختنصر غزا بنی إسرائیل عند قتل نبیهم شعیا فی عهد أرمیا و بین عهد أرمیا و قتل یحیی (3)أربعمائة سنة و إحدی و

ص: 354


1- فی المصدر: و هلك سنحاریب بعد ذلك بسبع سنین.
2- مجمع البیان 6: 329 و 400.
3- و هو علیه السلام قتل بعد میلاد المسیح علیه السلام بثلاثین سنة تقریبا.

ستون سنة عند الیهود و النصاری و یذكرون أن ذلك فی كتبهم و أسفارهم و یوافقهم المجوس فی مدة غزو بختنصر بنی إسرائیل إلی موت الإسكندر و یخالفهم فی مدة ما بین موت الإسكندر و مولد یحیی فیزعمون أن مدة ذلك إحدی و خمسون سنة انتهی. (1)

أقول: ستعرف أن أخبارنا أیضا مختلفة فی ذلك لأنه یظهر من خبر ابن عمارة و خبر ملاقاة داود دانیال و غیرهما كون بختنصر متصلا بزمان سلیمان علیه السلام و یظهر من خبر هارون بن خارجة و أبی بصیر و غیرهما كون خروج بختنصر بعد قتل یحیی علیه السلام و لا یبعد كون بختنصر معمرا (2)و كذا دانیال فیكونا قد أدركا الوقتین معا و یمكن أن یكون إحداهما محمولة علی التقیة و الأخبار الدالة علی كون خروجه بعد قتل یحیی علیه السلام أقوی سندا و قد سبق بعضها فی قصة یحیی و اللّٰه یعلم.

ص: 355


1- الكامل 1: 104. قلت: ذكر ذلك أیضا الثعلبی فی العرائس ثمّ قال: و إنّما الصحیح فی ذلك ما ذكره محمّد بن إسحاق بن یسار قال: عمرت بنو إسرائیل بیت المقدس بعد ما عمرت الشام، و عاد إلیها ملكها بعد خراب بخت نصر ایاها و سبیهم منها، فجعلوا یحدثون الاحداث بعد مهلك عزیز علیه السلام، فبعث اللّٰه فیهم الأنبیاء، ففریقا یكذبون و فریقا یقتلون، حتی كان آخر من بعث إلیهم من انبیائهم زكریا و یحیی و عیسی علیهم السلام و كانوا من آل داود علیه السلام، فمات زكریا و قتل یحیی فلما رفع عیسی من بین ظهورهم و قتلوا یحیی علیه السلام بعث اللّٰه علیهم ملكا من ملوك بابل یقال له كردوس، فسار إلیهم بأهل بابل حتّی دخل علیهم الشام، فلما دخل علیهم أمر رئیسا من رءوس جنوده یقال له بنوا رازادان صاحب القتل، فقال له: إنی حلفت بإلههم لئن ظهرت و ظفرت علی أهل بیت المقدس لاقتلنهم حتّی تسیل دماؤهم فی وسط عسكری، فامره أن یقتلهم، ثمّ ان بنوارازادان دخل بیت المقدس فاقام فی البقعة التی كانوا یقربون فیها قربانهم فوجد فیها دما یغلی، فسألهم عنه فقالوا: هذا دم قربان قربناه فلم یقبل منا، فقال: ما صدقتمونی. الخبر اه ثمّ ذكر نحو ما تقدم فی قصة بخت نصر. و یظهر من المسعودیّ فی اثبات الوصیة أن الذی قتل الناس لقتلهم یحیی علیه السلام هو بخت نصر بن ملت نصر بن بخت نصر الأكبر، و بذلك یرتفع الاشكال بحذافیره.
2- و ربما یؤید ذلك ما ذكره الثعلبی فی العرائس من أن عمر بخت نصر كان أیّام مسخه نیفا و خمسمائة عام و خمسین یوما؛ فتامل.

«1»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا عَمِلَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بِالْمَعَاصِی (1)وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسَلِّطَ عَلَیْهِمْ مَنْ یُذِلُّهُمْ وَ یَقْتُلُهُمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی أَرْمِیَا یَا أَرْمِیَا مَا بَلَدٌ انْتَخَبْتُهُ مِنْ بَیْنِ الْبُلْدَانِ وَ غَرَسْتُ فِیهِ مِنْ كَرَائِمِ الشَّجَرِ فَأَخْلَفَ فَأَنْبَتَ خُرْنُوباً فَأَخْبَرَ أَرْمِیَا أَحْبَارَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا لَهُ رَاجِعْ رَبَّكَ لِیُخْبِرَنَا مَا مَعْنَی هَذَا الْمَثَلِ فَصَامَ أَرْمِیَا سَبْعاً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا أَرْمِیَا أَمَّا الْبَلَدُ فَبَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ أَمَّا مَا أَنْبَتَ فِیهِ فَبَنُو إِسْرَائِیلَ الَّذِینَ أَسْكَنْتُهُمْ فِیهَا فَعَمِلُوا بِالْمَعَاصِی وَ غَیَّرُوا دِینِی وَ بَدَّلُوا نِعْمَتِی كُفْراً فَبِی حَلَفْتُ لَأَمْتَحِنَنَّهُمْ بِفِتْنَةٍ یَظَلُّ الْحَكِیمُ فِیهَا حَیْرَانَ (2)وَ لَأُسَلِّطَنَّ عَلَیْهِمْ شَرَّ عِبَادِی وِلَادَةً وَ شَرَّهُمْ طَعَاماً فَلْیَتَسَلَّطَنَّ عَلَیْهِمْ بِالْجَبْرِیَّةِ فَیَقْتُلُ مُقَاتِلِیهِمْ وَ یَسْبِی حَرِیمَهُمْ وَ یُخْرِبُ بَیْتَهُمُ الَّذِی یَعْتَزُّونَ بِهِ وَ یُلْقِی حَجَرَهُمُ الَّذِی یَفْتَخِرُونَ بِهِ عَلَی النَّاسِ فِی الْمَزَابِلِ مِائَةَ سَنَةٍ فَأَخْبَرَ أَرْمِیَا أَحْبَارَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالُوا لَهُ رَاجِعْ رَبَّكَ فَقُلْ لَهُ مَا ذَنْبُ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ وَ الضُّعَفَاءِ فَصَامَ أَرْمِیَا سَبْعاً ثُمَّ أَكَلَ أَكْلَةً فَلَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ صَامَ سَبْعاً وَ أَكَلَ أَكْلَةً وَ لَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ صَامَ سَبْعاً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا أَرْمِیَا لَتَكُفَّنَّ عَنْ هَذَا أَوْ لَأَرُدَّنَّ وَجْهَكَ إِلَی قَفَاكَ قَالَ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ لِأَنَّكُمْ رَأَیْتُمُ الْمُنْكَرَ فَلَمْ تُنْكِرُوهُ فَقَالَ أَرْمِیَا رَبِّ أَعْلِمْنِی مَنْ هُوَ حَتَّی آتِیَهُ وَ آخُذَ لِنَفْسِی وَ أَهْلِ بَیْتِی مِنْهُ أَمَاناً قَالَ ایتِ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا فَانْظُرْ إِلَی غُلَامٍ أَشَدُّهُمْ زَمَانَةً وَ أَخْبَثُهُمْ وِلَادَةً وَ أَضْعَفُهُمْ جِسْماً وَ أَشَرُّهُمْ غِذَاءً فَهُوَ ذَاكَ فَأَتَی أَرْمِیَا ذَلِكَ الْبَلَدَ فَإِذَا هُوَ بِغُلَامٍ فِی خَانٍ زَمِنٍ مُلْقًی عَلَی مَزْبَلَةٍ وَسْطَ الْخَانِ وَ إِذَا لَهُ أُمٌّ تُزَبِّی (3)بِالْكِسَرِ وَ تَفُتُّ الْكِسَرَ فِی الْقَصْعَةِ وَ تَحْلُبُ عَلَیْهِ خِنْزِیرَةً لَهَا ثُمَّ تُدْنِیهِ مِنْ ذَلِكَ الْغُلَامِ فَیَأْكُلُهُ فَقَالَ أَرْمِیَا إِنْ كَانَ فِی الدُّنْیَا الَّذِی وَصَفَهُ اللَّهُ فَهُوَ هَذَا فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ فَعَرَفَ أَنَّهُ هُوَ فَعَالَجَهُ حَتَّی بَرِئَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَ تَعْرِفُنِی

ص: 356


1- فی المصدر: المعاصی.
2- فی المصدر: یظل فیها الحكیم حیرانا.
3- فی المصدر و فی نسخة «تربی» و هو مصحف و صحیحه بالزای المعجمة یقال: زبی اللحم ای نثره فی الزبیة، و الزبیة: حفیرة یشتوی فیها و یخبز.

قَالَ لَا أَنْتَ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ أَنَا أَرْمِیَا نَبِیُّ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَخْبَرَنِیَ اللَّهُ أَنَّهُ سَیُسَلِّطُكَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَقْتُلُ رِجَالَهُمْ وَ تَفْعَلُ بِهِمْ كَذَا وَ كَذَا (1)قَالَ فَتَاهَ فِی نَفْسِی (2)فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ قَالَ أَرْمِیَا اكْتُبْ لِی كِتَاباً بِأَمَانٍ مِنْكَ فَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ كَانَ یَخْرُجُ فِی الْجَبَلِ وَ یَحْتَطِبُ وَ یُدْخِلُهُ الْمَدِینَةَ وَ یَبِیعُهُ فَدَعَا إِلَی حَرْبِ بَنِی إِسْرَائِیلَ (3)وَ كَانَ مَسْكَنُهُمْ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ بُخْتَنَصَّرُ فِیمَنْ أَجَابَهُ نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ قَدِ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ بَشَرٌ كَثِیرٌ فَلَمَّا بَلَغَ أَرْمِیَا إِقْبَالُهُ نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ اسْتَقْبَلَهُ عَلَی حِمَارٍ لَهُ وَ مَعَهُ الْأَمَانُ الَّذِی كَتَبَهُ لَهُ بُخْتَنَصَّرُ فَلَمْ یَصِلْ إِلَیْهِ أَرْمِیَا مِنْ كَثْرَةِ جُنُودِهِ وَ أَصْحَابِهِ فَصَیَّرَ الْأَمَانَ عَلَی قَصَبَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَ رَفَعَهَا فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا أَرْمِیَا النَّبِیُّ الَّذِی بَشَّرْتُكَ بِأَنَّكَ سَیُسَلِّطُكَ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ (4)وَ هَذَا أَمَانُكَ لِی قَالَ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ آمَنْتُكَ وَ أَمَّا أَهْلُ بَیْتِكَ فَإِنِّی أَرْمِی مِنْ هَاهُنَا إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنْ وَصَلَتْ رَمْیَتِی إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا أَمَانَ لَهُمْ عِنْدِی وَ إِنْ لَمْ تَصِلْ فَهُمْ آمِنُونَ وَ انْتَزَعَ قَوْسَهُ وَ رَمَی نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَحَمَلَتِ الرِّیحُ النُّشَّابَةَ حَتَّی عَلَّقَتْهَا فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ لَا أَمَانَ لَهُمْ عِنْدِی فَلَمَّا وَافَی نَظَرَ إِلَی جَبَلٍ مِنْ تُرَابٍ وَسْطَ الْمَدِینَةِ وَ إِذَا دَمٌ یَغْلِی وَسْطَهُ كُلَّمَا أُلْقِیَ عَلَیْهِ التُّرَابُ خَرَجَ وَ هُوَ یَغْلِی فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالُوا هَذَا نَبِیٌّ كَانَ لِلَّهِ فَقَتَلَهُ مُلُوكُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ دَمُهُ یَغْلِی وَ كُلَّمَا أَلْقَیْنَا عَلَیْهِ التُّرَابَ خَرَجَ یَغْلِی فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ لَأَقْتُلَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَبَداً حَتَّی یَسْكُنَ هَذَا الدَّمُ وَ كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ دَمَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ كَانَ فِی زَمَانِهِ مَلِكٌ جَبَّارٌ یَزْنِی بِنَسَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ یَمُرُّ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَحْیَی اتَّقِ اللَّهَ أَیُّهَا الْمَلِكُ لَا یَحِلُّ لَكَ هَذَا فَقَالَتْ لَهُ مَرْأَةٌ (5)مِنَ اللَّوَاتِی كَانَ یَزْنِی بِهِنَّ حِینَ سَكِرَ أَیُّهَا الْمَلِكُ اقْتُلْ یَحْیَی فَأَمَرَ أَنْ یُؤْتَی بِرَأْسِهِ فَأَتَوْا بِرَأْسِ یَحْیَی علیه السلام فِی الطَّسْتِ وَ كَانَ الرَّأْسُ یُكَلِّمُهُ

ص: 357


1- فی نسخة: و تفعل بهم و تفعل كذا و كذا. و فی المصدر: و تفعل بهم ما تفعل قال اه.
2- فی نسخة: و تاه الغلام فی نفسه.
3- فی المصدر: فدعا إلی حرب بنی إسرائیل فأجابوه.
4- فی نسخة: بشرتك بانك متسلط علی بنی إسرائیل.
5- فی نسخة: فقالت له المرأة اه.

وَ یَقُولُ لَهُ یَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ لَا یَحِلُّ لَكَ هَذَا ثُمَّ غَلَی الدَّمُ فِی الطَّسْتِ حَتَّی فَاضَ إِلَی الْأَرْضِ فَخَرَجَ یَغْلِی وَ لَا یَسْكُنُ وَ كَانَ بَیْنَ قَتْلِ یَحْیَی وَ خُرُوجِ بُخْتَنَصَّرَ مِائَةُ سَنَةٍ وَ لَمْ یَزَلْ بُخْتَنَصَّرُ یَقْتُلُهُمْ وَ كَانَ یَدْخُلُ قَرْیَةً قَرْیَةً فَیَقْتُلُ الرِّجَالَ وَ النِّسَاءَ وَ الصِّبْیَانَ وَ كُلَّ حَیَوَانٍ وَ الدَّمُ یَغْلِی حَتَّی أَفْنَی مَنْ ثَمَّ (1)فَقَالَ بَقِیَ أَحَدٌ فِی هَذِهِ الْبِلَادِ قَالُوا عَجُوزٌ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَبَعَثَ إِلَیْهَا فَضَرَبَ عُنُقَهَا عَلَی الدَّمِ فَسَكَنَ وَ كَانَتْ آخِرَ مَنْ بَقِیَ ثُمَّ أَتَی بَابِلَ فَبَنَی بِهَا مَدِینَةً وَ أَقَامَ وَ حَفَرَ بِئْراً فَأَلْقَی فِیهَا دَانِیَالَ وَ أَلْقَی مَعَهُ اللَّبْوَةَ فَجَعَلَتِ اللَّبْوَةُ تَأْكُلُ طِینَ الْبِئْرِ وَ یَشْرَبُ دَانِیَالُ لَبَنَهَا فَلَبِثَ بِذَلِكَ زَمَاناً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی النَّبِیِّ الَّذِی كَانَ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ أَنِ اذْهَبْ بِهَذَا الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ إِلَی دَانِیَالَ وَ أَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ قَالَ وَ أَیْنَ دَانِیَالُ یَا رَبِّ (2)فَقَالَ فِی بِئْرِ بَابِلَ (3)فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَأَتَاهُ فَأَطْلَعَ فِی الْبِئْرِ فَقَالَ یَا دَانِیَالُ قَالَ لَبَّیْكَ صَوْتٌ غَرِیبٌ قَالَ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ قَدْ بَعَثَ إِلَیْكَ بِالطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَدَلَّاهُ إِلَیْهِ (4)قَالَ فَقَالَ دَانِیَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَنْسَی مَنْ ذَكَرَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یُخَیِّبُ مَنْ دَعَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ كَفَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ یَكِلْهُ إِلَی غَیْرِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَجْزِی بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَجْزِی بِالصَّبْرِ نَجَاةً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَكْشِفُ ضُرَّنَا عِنْدَ كُرْبَتِنَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هُوَ ثِقَتُنَا حِینَ یَنْقَطِعُ الْحِیَلُ مِنَّا (5)وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هُوَ رَجَاؤُنَا حِینَ سَاءَ ظَنُّنَا بِأَعْمَالِنَا قَالَ فَأُرِیَ بُخْتَنَصَّرُ فِی نَوْمِهِ كَأَنَّ رَأْسَهُ مِنْ حَدِیدٍ وَ رِجْلَیْهِ مِنْ نُحَاسٍ وَ صَدْرَهُ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَدَعَا الْمُنَجِّمِینَ فَقَالَ لَهُمْ مَا رَأَیْتُ فَقَالُوا مَا نَدْرِی وَ لَكِنْ قُصَّ عَلَیْنَا مَا

ص: 358


1- فی نسخة و فی المصدر: حتی أفناهم من ثمّ.
2- فی نسخة: و أین هو یا رب.
3- فی المصدر: فی بئر ببابل.
4- دلا الدلو: أرسلها فی البئر. دلاه بالحبل من السطح: أرسله فتدلی.
5- فی المصدر: حین تنقطع الحیل منا.

رَأَیْتَ فِی الْمَنَامِ فَقَالَ وَ أَنَا أُجْرِی عَلَیْكُمُ الْأَرْزَاقَ مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا وَ لَا تَدْرُونَ مَا رَأَیْتُ فِی الْمَنَامِ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا قَالَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ إِنْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ شَیْ ءٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجُبِّ فَإِنَّ اللَّبْوَةَ لَمْ تَتَعَرَّضْ لَهُ وَ هِیَ تَأْكُلُ الطِّینَ وَ تُرْضِعُهُ فَبَعَثَ إِلَی دَانِیَالَ فَقَالَ مَا رَأَیْتُ فِی الْمَنَامِ فَقَالَ رَأَیْتَ كَأَنَّ رَأْسَكَ مِنْ حَدِیدٍ وَ رِجْلَیْكَ مِنْ نُحَاسٍ وَ صَدْرَكَ مِنْ ذَهَبٍ (1)قَالَ هَكَذَا رَأَیْتُ فَمَا ذَاكَ قَالَ قَدْ ذَهَبَ مُلْكُكَ وَ أَنْتَ مَقْتُولٌ إِلَی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ یَقْتُلُكَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَارِسَ قَالَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ عَلَیَّ لَسَبْعَ مَدَائِنَ عَلَی بَابِ كُلِّ مَدِینَةٍ حَرَسٌ وَ مَا رَضِیتُ بِذَلِكَ حَتَّی وَضَعْتُ بَطَّةً مِنْ نُحَاسٍ عَلَی بَابِ كُلِّ مَدِینَةٍ لَا یَدْخُلُ غَرِیبٌ إِلَّا صَاحَتْ عَلَیْهِ حَتَّی یُؤْخَذَ قَالَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْأَمْرَ كَمَا قُلْتُ لَكَ قَالَ فَبَثَّ الْخَیْلَ وَ قَالَ لَا تَلْقَوْنَ أَحَداً مِنَ الْخَلْقِ إِلَّا قَتَلْتُمُوهُ كَائِناً مَنْ كَانَ وَ كَانَ دَانِیَالُ جَالِساً عِنْدَهُ وَ قَالَ لَا تُفَارِقُنِی هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَیَّامَ فَإِنْ مَضَتْ قَتَلْتُكَ (2)فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ مُمْسِیاً أَخَذَهُ الْغَمُّ فَخَرَجَ فَتَلَقَّاهُ غُلَامٌ كَانَ اتَّخَذَهُ ابْناً لَهُ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ (3)وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ فَدَفَعَ إِلَیْهِ سَیْفَهُ وَ قَالَ لَهُ یَا غُلَامُ لَا تَلْقَی أَحَداً مِنَ الْخَلْقِ إِلَّا وَ قَتَلْتَهُ وَ إِنْ لَقِیتَنِی أَنَا فَاقْتُلْنِی فَأَخَذَ الْغُلَامُ سَیْفَهُ فَضَرَبَ بِهِ بُخْتَنَصَّرَ ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ فَخَرَجَ أَرْمِیَا عَلَی حِمَارِهِ وَ مَعَهُ تِینٌ (4)قَدْ تَزَوَّدَهُ وَ شَیْ ءٌ مِنْ عَصِیرٍ فَنَظَرَ إِلَی سِبَاعِ الْبَرِّ وَ سِبَاعِ الْبَحْرِ وَ سِبَاعِ الْجَوِّ تَأْكُلُ تِلْكَ الْجِیَفَ (5)فَفَكَّرَ فِی نَفْسِهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَنَّی یُحْیِی هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ قَدْ أَكَلَتْهُمُ السِّبَاعُ (6)فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مَكَانَهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْ

ص: 359


1- فی نسخة: رأیت كان رأسك من كذا، و رجلیك من كذا، و صدرك من كذا.
2- فی المصدر: فان مضت هذه الثلاثة الأیّام و أنا سالم قتلتك.
3- فی نسخة: كان اتخذه ابنا یخدمه من أهل فارس، و فی أخری كان اتخذه ولدا و كان من أهل فارس. و فی المصدر: كان یخدم ابنا له من أهل فارس.
4- فی المصدر: و معه قین. القین: العبد. و المعنی: كان معه عبد حمله لیستعین به. و الظاهر أنه مصحف و الصحیح ما فی المتن.
5- فی المصدر: تأكل الجیف.
6- فی نسخة: أنی یحیی اللّٰه هؤلاء و قد أكلتهم السباع.

كَالَّذِی مَرَّ عَلی قَرْیَةٍ وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أَیْ أَحْیَاهُ فَلَمَّا رَحِمَ اللَّهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَهْلَكَ بُخْتَنَصَّرَ رَدَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِلَی الدُّنْیَا وَ كَانَ عُزَیْرٌ لَمَّا سَلَّطَ اللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ هَرَبَ وَ دَخَلَ فِی عَیْنٍ وَ غَابَ فِیهَا وَ بَقِیَ أَرْمِیَا مَیِّتاً مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ أَحْیَاهُ اللَّهُ فَأَوَّلُ مَا أَحْیَا مِنْهُ عَیْنَیْهِ (1)فِی مِثْلِ غِرْقِئِ الْبَیْضِ فَنَظَرَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ یَوْماً ثُمَّ نَظَرَ إِلَی الشَّمْسِ وَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَقَالَ أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلی طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ یَتَسَنَّهْ أَیْ لَمْ یَتَغَیَّرْ وَ انْظُرْ إِلی حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آیَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَی الْعِظامِ كَیْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَجَعَلَ یَنْظُرُ إِلَی الْعِظَامِ الْبَالِیَةِ الْمُنْفَطِرَةِ تَجْتَمِعُ إِلَیْهِ وَ إِلَی اللَّحْمِ الَّذِی قَدْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ یَتَأَلَّفُ إِلَی الْعِظَامِ مِنْ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ یَلْتَزِقُ بِهَا حَتَّی قَامَ وَ قَامَ حِمَارُهُ فَقَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (2).

بیان: قوله فأخلف أی فسد من قولهم أخلف الطعام إذا تغیر طعمه و رائحته و أخلف فلان أی فسد أو لم یأت بما هو عادته من قولهم أخلف الوعد أو من قولهم أخلفت النجوم أمحلت فلم یكن فیها مطر و یحتمل أن یكون المراد تغیر أهل القریة و فسادهم و الكسر كعنب جمع الكسرة أی الخبز المتكسر الیابس قوله فتاه أی تكبر أو تحیر و النشاب النبل و اللبوة الأنثی من الأسد.

قوله و كان عزیر هذا إنكار لما ذكره الأكثر من أن القائل كان عزیرا و الغرقئ كزبرج القشرة الملتزقة ببیاض البیض أو البیاض الذی یؤكل.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی أَوْ كَالَّذِی مَرَّ عَلی قَرْیَةٍ و هو عزیر عن قتادة و عكرمة و السدی و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل هو أرمیا عن وهب و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام (3)و قیل هو الخضر (4)عن ابن إسحاق و القریة التی

ص: 360


1- فی المصدر: عیناه، و هو الصحیح.
2- تفسیر القمّیّ: 77- 80.
3- و عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام كما سیأتی فی الاخبار.
4- ذكر الثعلبی أن أرمیا هو الخضر.

مر علیها هی بیت المقدس لما خربه بختنصر عن وهب و قتادة و الربیع و عكرمة و قیل هی الأرض المقدسة عن الضحاك و قیل هی القریة التی خرج منها الألوف حذر الموت عن أبی زید وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها أی خالیة و قیل خراب و قیل ساقطة علی أبنیتها و سقوفها كأن السقوف سقطت و وقع البنیان علیها قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها أی كیف یعمر اللّٰه هذه القریة بعد خرابها و قیل كیف یحیی اللّٰه أهلها بعد ما ماتوا و لم یقل ذلك إنكارا و لا تعجبا و لا ارتیابا و لكنه أحب أن یریه اللّٰه إحیاءها مشاهدة لیحصل له العلم به ضرورة فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أحیاه قالَ كَمْ لَبِثْتَ فی التفسیر أنه سمع نداء من السماء كم لبثت یعنی فی منامك و قیل إن القائل له نبی و قیل ملك و قیل بعض المعمرین ممن شاهده عند موته و إحیائه قالَ لَبِثْتُ یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ لأن اللّٰه تعالی أماته فی أول النهار و أحیاه بعد مائة سنة فی آخر النهار فقال یَوْماً ثم التفت فرأی بقیة من الشمس فقال أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ ثم قال بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ معناه بل لبثت فی مكانك مائة سنة فَانْظُرْ إِلی طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ یَتَسَنَّهْ أی لم تغیره السنون و إنما قال لَمْ یَتَسَنَّهْ علی الواحد لأنه أراد جنس الطعام و الشراب و قیل أراد به الشراب لأنه أقرب المذكورین إلیه و قیل أراد عصیرا و تینا و عنبا و هذه الثلاثة أسرع الأشیاء تغیرا و فسادا فوجد العصیر حلوا و التین و العنب كما جنیا لم یتغیرا وَ انْظُرْ إِلی حِمارِكَ كیف تفرقت أجزاؤه و تبددت عظامه ثم انظر كیف یحییه اللّٰه و إنما قال ذلك لیستدل بذلك علی طول مماته وَ لِنَجْعَلَكَ آیَةً لِلنَّاسِ فعلنا ذلك و قیل معناه فعلنا ذلك إجابة لك إلی ما أردت وَ لِنَجْعَلَكَ آیَةً لِلنَّاسِ أی حجة للناس فی البعث وَ انْظُرْ إِلَی الْعِظامِ كَیْفَ نُنْشِزُها (1)كیف نحییها و بالزای كیف نرفعها من الأرض فنردها إلی أماكنها من الجسد و نركب بعضها علی بعض ثُمَّ نَكْسُوها أی نلبسها لَحْماً و اختلف فیه فقیل أراد عظام حماره و قیل أراد عظامه قالوا أول ما أحیا اللّٰه منه عینه و هو فی مثل غرقئ البیض فجعل ینظر إلی العظام البالیة المتفرقة تجتمع إلیه و إلی اللحم

ص: 361


1- بالراء قراءة أهل الحجاز و البصرة، و بالزای قراءة أهل الكوفة و الشام.

الذی قد أكلته السباع تأتلف إلی العظام من هاهنا و من هاهنا و تلتزق بها (1)حتی قام و قام حماره فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ یعنی ظهر و علم و قیل إنه رجع و قد أحرق بختنصر التوراة فأملاها من ظهر قلبه فقال رجل منهم حدثنی أبی عن جدی أنه دفن التوراة فی كرم فإن أریتمونی كرم جدی أخرجتها لكم فأروه فأخرجها فعارضوا ذلك بما أملی فما اختلفا فی حرف فقالوا فما جعل اللّٰه التوراة فی قلبه إلا و هو ابنه فقالوا عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ فقال (2)أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ أی لم أقل ما قلت عن شك و ارتیاب أو أنه ازداد لما عاین و شاهد یقینا و علما إذ كان قبل ذلك علم استدلال فصار علم ضرورة و معاینة (3).

«2»-ل، الخصال ابْنُ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَلَكَ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَرْبَعَةٌ مُؤْمِنَانِ وَ كَافِرَانِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنَانِ فَسُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَ ذُو الْقَرْنَیْنِ علیه السلام وَ الْكَافِرَانِ نُمْرُودُ وَ بُخْتَنَصَّرُ (4).

«3»-ج، الإحتجاج هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ فِی خَبَرِ الزِّنْدِیقِ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَمَاتَ اللَّهُ أَرْمِیَا النَّبِیَّ الَّذِی نَظَرَ إِلَی خَرَابِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ مَا حَوْلَهُ حِینَ غَزَاهُمْ بُخْتَنَصَّرُ وَ قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ أَحْیَاهُ وَ نَظَرَ إِلَی أَعْضَائِهِ كَیْفَ تَلْتَئِمُ وَ كَیْفَ تُلْبَسُ اللَّحْمَ وَ إِلَی مَفَاصِلِهِ وَ عُرُوقِهِ كَیْفَ تُوصَلُ فَلَمَّا اسْتَوَی قَاعِداً قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (5)

«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْفَحَّامُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ سَیِّدُنَا الصَّادِقُ علیه السلام مَنِ اهْتَمَّ لِرِزْقِهِ كُتِبَ عَلَیْهِ خَطِیئَةٌ إِنَّ دَانِیَالَ كَانَ فِی زَمَنِ مَلِكٍ جَبَّارٍ عَاتٍ أَخَذَهُ فَطَرَحَهُ فِی جُبٍّ وَ طَرَحَ مَعَهُ السِّبَاعَ فَلَمْ تدنو (تَدْنُ)

ص: 362


1- فی المصدر: یلتزم و یلتزق بها.
2- فی المصدر: قال.
3- مجمع البیان 2: 370 و 371.
4- الخصال 1: 121 و 122. و فی ذیله: و اسم ذی القرنین عبد اللّٰه بن ضحاك بن معد.
5- احتجاج الطبرسیّ: 188.

مِنْهُ وَ لَمْ یُخْرِجْهُ (1)فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ أَنِ ائْتِ دَانِیَالَ بِطَعَامٍ قَالَ یَا رَبِّ وَ أَیْنَ دَانِیَالُ قَالَ تَخْرُجُ مِنَ الْقَرْیَةِ فَیَسْتَقْبِلُكَ ضَبُعٌ فَاتْبَعْهُ فَإِنَّهُ یَدُلُّكَ إِلَیْهِ فَأَتَتْ بِهِ الضَّبُعُ إِلَی ذَلِكَ الْجُبِّ فَإِذَا فِیهِ دَانِیَالُ فَأَدْلَی إِلَیْهِ الطَّعَامَ فَقَالَ دَانِیَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَنْسَی مَنْ ذَكَرَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یُخَیِّبُ مَنْ دَعَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ كَفَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ یَكِلْهُ إِلَی غَیْرِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَجْزِی بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً وَ بِالصَّبْرِ نَجَاةً ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ أَبَی إِلَّا أَنْ یَجْعَلَ أَرْزَاقَ الْمُتَّقِینَ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُونَ وَ أَنْ لَا یُقْبَلَ لِأَوْلِیَائِهِ شَهَادَةٌ فِی دَوْلَةِ الظَّالِمِینَ(2).

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصدوق عن ابن الولید عن الصفار عن القاسانی عن الأصبهانی عن المنقری عن حفص عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله (3).

«5»-ك، إكمال الدین الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی إِلَی آصَفَ بْنِ بَرْخِیَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ (4)فَلَمْ یَزَلْ بَیْنَهُمْ تَخْتَلِفُ إِلَیْهِ الشِّیعَةُ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ ثُمَّ غَیَّبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آصَفَ غَیْبَةً طَالَ أَمَدُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَقِیَ بَیْنَ قَوْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَهُمْ فَقَالُوا لَهُ أَیْنَ الْمُلْتَقَی قَالَ عَلَی الصِّرَاطِ وَ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ بِغَیْبَتِهِ وَ تَسَلَّطَ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَجَعَلَ یَقْتُلُ مَنْ یَظْفَرُ بِهِ مِنْهُمْ وَ یَطْلُبُ مَنْ یَهْرُبُ وَ یَسْبِی ذَرَارِیَّهُمْ فَاصْطَفَی مِنَ السَّبْیِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ یَهُودَا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فِیهِمْ دَانِیَالُ وَ اصْطَفَی مِنْ وُلْدِ هَارُونَ عُزَیْراً وَ هُمْ حِینَئِذٍ (5)صِبْیَةٌ صِغَارٌ فَمَكَثُوا فِی یَدِهِ وَ بَنُو إِسْرَائِیلَ فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ وَ الْحُجَّةُ دَانِیَالُ أَسِیرٌ فِی یَدِ بُخْتَنَصَّرَ تِسْعِینَ سَنَةً فَلَمَّا عَرَفَ فَضْلَهُ وَ سَمِعَ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ وَ یَرْجُونَ الْفَرَجَ فِی ظُهُورِهِ وَ عَلَی

ص: 363


1- هكذا فی النسخ، و الصواب كما فی المصدر: فلم تدن منه و لم تجرحه.
2- أمالی ابن الطوسیّ: 188 و 189.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- فی المصدر: بأمر اللّٰه.
5- فی المصدر: و هم یومئذ.

یَدِهِ أَمَرَ أَنْ یُجْعَلَ فِی جُبٍّ عَظِیمٍ وَاسِعٍ وَ یُجْعَلَ مَعَهُ الْأَسَدُ لِیَأْكُلَهُ فَلَمْ یَقْرَبْهُ وَ أَمَرَ أَنْ لَا یُطْعَمَ فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَی یَأْتِیهِ بِطَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ عَلَی یَدِ نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكَانَ یَصُومُ دَانِیَالُ النَّهَارَ وَ یُفْطِرُ اللَّیْلَ عَلَی مَا یُدْلَی إِلَیْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی شِیعَتِهِ وَ قَوْمِهِ الْمُنْتَظِرِینَ لِظُهُورِهِ وَ شَكَّ أَكْثَرُهُمْ فِی الدِّینِ لِطُولِ الْأَمَدِ فَلَمَّا تَنَاهَی الْبَلَاءُ بِدَانِیَالَ وَ بِقَوْمِهِ رَأَی بُخْتَنَصَّرُ فِی الْمَنَامِ كَأَنَّ مَلَائِكَةً مِنَ السَّمَاءِ قَدْ هَبَطَتْ إِلَی الْأَرْضِ أَفْوَاجاً إِلَی الْجُبِّ الَّذِی فِیهِ دَانِیَالُ مُسَلِّمِینَ عَلَیْهِ یُبَشِّرُونَهُ بِالْفَرَجِ فَلَمَّا أَصْبَحَ نَدِمَ عَلَی مَا أَتَی إِلَی دَانِیَالَ فَأَمَرَ أَنْ یُخْرَجَ مِنَ الْجُبِّ فَلَمَّا أُخْرِجَ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ مِمَّا ارْتَكَبَ مِنْهُ مِنَ التَّعْذِیبِ ثُمَّ فَوَّضَ إِلَیْهِ النَّظَرَ فِی أُمُورِ مَمَالِكِهِ وَ الْقَضَاءَ بَیْنَ النَّاسِ فَظَهَرَ مَنْ كَانَ مُسْتَتِراً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَی دَانِیَالَ علیه السلام مُوقِنِینَ بِالْفَرَجِ فَلَمْ یَلْبَثْ إِلَّا الْقَلِیلُ عَنْ تِلْكَ الْحَالِ حَتَّی مَضَی لِسَبِیلِهِ (1)وَ أَفْضَی الْأَمْرُ بَعْدَهُ إِلَی عُزَیْرٍ وَ كَانُوا یَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ وَ یَأْنَسُونَ بِهِ وَ یَأْخُذُونَ عَنْهُ مَعَالِمَ دِینِهِمْ فَغَیَّبَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَخْصَهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَ غَابَتِ الْحُجَجُ بَعْدَهُ وَ اشْتَدَّتِ الْبَلْوَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَتَّی ظَهَرَ یَحْیَی علیه السلام (2).

أقول: تمام الخبر فی باب قصة طالوت.

«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ كَانَ بُخْتَنَصَّرُ مُنْذُ مَلَكَ یَتَوَقَّعُ فَسَادَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یُطِیقُهُمْ إِلَّا بِمَعْصِیَتِهِمْ فَلَمْ یَزَلْ یَأْتِیهِ الْعُیُونُ بِأَخْبَارِهِمْ حَتَّی تَغَیَّرَتْ حَالُهُمْ وَ فَشَتْ فِیهِمُ الْمَعَاصِی وَ قَتَلُوا أَنْبِیَاءَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ إِلَی قَوْلِهِ فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما یَعْنِی بُخْتَنَصَّرَ وَ جُنُودَهُ أَقْبَلُوا فَنَزَلُوا بِسَاحَتِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ فَزِعُوا إِلَی رَبِّهِمْ وَ تَابُوا وَ ثَابَرُوا عَلَی الْخَیْرِ وَ أَخَذُوا عَلَی أَیْدِی سُفَهَائِهِمْ وَ أَنْكَرُوا الْمُنْكَرَ وَ أَظْهَرُوا الْمَعْرُوفَ فَرَدَّ اللَّهُ لَهُمُ الْكَرَّةَ عَلَی بُخْتَنَصَّرَ وَ انْصَرَفُوا بَعْدَ مَا فَتَحُوا الْمَدِینَةَ وَ كَانَ سَبَبُ انْصِرَافِهِمْ أَنَّ سَهْماً وَقَعَ فِی جَبِینِ فَرَسِ بُخْتَنَصَّرَ فَجَمَحَ (3)بِهِ حَتَّی أَخْرَجَهُ

ص: 364


1- فی المصدر: فلم یلبث الا القلیل علی تلك الحال حتّی مات.
2- كمال الدین: 91 و 94 و 95. و فیه: حتی ولد یحیی علیه السلام.
3- جمح الفرس: تغلب علی راكبه و ذهب به لا ینثنی. استعصی.

مِنْ بَابِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ تَغَیَّرُوا فَمَا بَرِحُوا حَتَّی كَرَّ عَلَیْهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَرْمِیَا علیه السلام أَنَّ بُخْتَنَصَّرَ یَتَهَیَّأُ لِلْمَسِیرِ إِلَیْكُمْ وَ قَدْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ یَسْتَتِیبُكُمْ لِصَلَاحِ آبَائِكُمْ وَ یَقُولُ هَلْ وَجَدْتُمْ أَحَداً عَصَانِی فَسَعِدَ بِمَعْصِیَتِی أَمْ هَلْ عَلِمْتُمْ أَحَداً أَطَاعَنِی فَشَقِیَ بِطَاعَتِی وَ أَمَّا أَحْبَارُكُمْ وَ رُهْبَانُكُمْ فَاتَّخَذُوا عِبَادِی خَوَلًا یَحْكُمُونَ فِیهِمْ بِغَیْرِ كِتَابِی حَتَّی أَنْسَوْهُمْ ذِكْرِی وَ أَمَّا مُلُوكُكُمْ وَ أُمَرَاؤُكُمْ فَبَطِرُوا نِعْمَتِی وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا وَ أَمَّا قُرَّاؤُكُمْ وَ فُقَهَاؤُكُمْ فَهُمْ مُنْقَادُونَ لِلْمُلُوكِ یُبَایِعُونَهُمْ عَلَی الْبِدَعِ وَ یُطِیعُونَهُمْ فِی مَعْصِیَتِی وَ أَمَّا الْأَوْلَادُ فَیَخُوضُونَ مَعَ الْخَائِضِینَ وَ فِی كُلِّ ذَلِكَ أُلْبِسُهُمُ الْعَافِیَةَ (1)فَلَأُبْدِلَنَّهُمْ بِالْعِزِّ ذُلًّا وَ بِالْأَمْنِ خَوْفاً إِنْ دَعَوْنِی لَمْ أُجِبْهُمْ وَ إِنْ بَكَوْا لَمْ أَرْحَمْهُمْ.

فَلَمَّا بَلَّغَهُمْ ذَلِكَ نَبِیُّهُمْ كَذَّبُوهُ وَ قَالُوا لَقَدْ أَعْظَمْتَ الْفِرْیَةَ عَلَی اللَّهِ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ مُعَطِّلٌ مَسَاجِدَهُ مِنْ عِبَادَتِهِ فَقَیَّدُوهُ وَ سَجَنُوهُ فَأَقْبَلَ بُخْتَنَصَّرُ وَ حَاصَرَهُمْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّی أَكَلُوا خَلَاهُمْ وَ شَرِبُوا أَبْوَالَهُمْ ثُمَّ بَطَشَ بِهِمْ بَطْشَ الْجَبَّارِینَ بِالْقَتْلِ وَ الصَّلْبِ وَ الْإِحْرَاقِ وَ جَذْعِ الْأُنُوفِ وَ نَزْعِ الْأَلْسُنِ وَ الْأَنْیَابِ وَ وَقْفِ النِّسَاءِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ لَهُمْ صَاحِباً كَانَ یُحَذِّرُهُمْ بِمَا أَصَابَهُمْ فَاتَّهَمُوهُ وَ سَجَنُوهُ فَأَمَرَ بُخْتَنَصَّرُ فَأُخْرِجَ مِنَ السِّجْنِ فَقَالَ لَهُ أَ كُنْتَ تُحَذِّرُ هَؤُلَاءِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ أَنَّی عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَ أَرْسَلَنِیَ اللَّهُ بِهِ إِلَیْهِمْ قَالَ فَكَذَّبُوكَ وَ ضَرَبُوكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَبِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ ضَرَبُوا نَبِیَّهُمْ وَ كَذَّبُوا رِسَالَةَ رَبِّهِمْ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَلْحَقَ بِی فَأُكْرِمَكَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِیمَ فِی بِلَادِكَ آمَنْتُكَ قَالَ أَرْمِیَا علیه السلام إِنِّی لَمْ أَزَلْ فِی أَمَانِ اللَّهِ مُنْذُ كُنْتُ لَمْ أَخْرُجْ مِنْهُ وَ لَوْ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَخْرُجُوا مِنْ أَمَانِهِ لَمْ یَخَافُوكَ فَأَقَامَ أَرْمِیَا علیه السلام مَكَانَهُ بِأَرْضِ إِیلِیَا (2)وَ هِیَ حِینَئِذٍ خَرَابٌ قَدْ هُدِمَ بَعْضُهَا فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ مَنْ بَقِیَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِیُّنَا فَانْصَحْ لَنَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ یُقِیمُوا مَعَهُ فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَی مَلَكِ مِصْرَ نَسْتَجِیرُ فَقَالَ أَرْمِیَا علیه السلام إِنَّ ذِمَّةَ اللَّهِ أَوْفَی الذِّمَمِ فَانْطَلَقُوا إِلَی مِصْرَ وَ تَرَكُوا أَرْمِیَا فَقَالَ لَهُمُ الْمَلِكُ أَنْتُمْ فِی ذِمَّتِی

ص: 365


1- لعله مصحف «البستهم العافیة».
2- ایلیاء بالمد و القصر- و قیل فیه لغة ثالثة حذف الیاء الأولی-: اسم مدینة بیت المقدس.

فَسَمِعَ ذَلِكَ بُخْتَنَصَّرُ فَأَرْسَلَ إِلَی مَلِكِ مِصْرَ ابْعَثْ بِهِمْ إِلَیَّ مُصَفَّدِینَ وَ إِلَّا آذَنْتُكَ بِالْحَرْبِ.

فَلَمَّا سَمِعَ أَرْمِیَا علیه السلام بِذَلِكَ أَدْرَكَتْهُ الرَّحْمَةُ لَهُمْ فَبَادَرَ إِلَیْهِمْ لِیُنْقِذَهُمْ فَوَرَدَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ أَوْحَی إِلَیَّ أَنِّی مُظْهِرٌ بُخْتَنَصَّرَ عَلَی هَذَا الْمَلِكِ وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَی أَرَانِی مَوْضِعَ سَرِیرِ بُخْتَنَصَّرَ الَّذِی یَجْلِسُ عَلَیْهِ بَعْدَ مَا یَظْفَرُ بِمِصْرَ ثُمَّ عَمَدَ فَدَفَنَ أَرْبَعَةَ أَحْجَارٍ فِی نَاحِیَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَصَارَ إِلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَظَفِرَ بِهِمْ وَ أَسَرَهُمْ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَقْسِمَ الْفَیْ ءَ وَ یَقْتُلَ الْأُسَارَی وَ یُعْتِقَ مِنْهُمْ كَانَ مِنْهُمْ أَرْمِیَا فَقَالَ لَهُ بُخْتَنَصَّرُ أَرَاكَ مَعَ أَعْدَائِی بَعْدَ مَا عَرَّضْتُكَ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ فَقَالَ لَهُ أَرْمِیَا علیه السلام إِنِّی جِئْتُهُمْ مُخَوِّفاً أُخْبِرُهُمْ خَبَرَكَ وَ قَدْ وَضَعْتُ لَهُمْ عَلَامَةً تَحْتَ سَرِیرِكَ هَذَا وَ أَنْتَ بِأَرْضِ بَابِلَ ارْفَعْ سَرِیرَكَ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِهِ حَجَراً دَفَنْتُهُ بِیَدِی وَ هُمْ یَنْظُرُونَ فَلَمَّا رَفَعَ بُخْتَنَصَّرُ سَرِیرَهُ وَجَدَ مِصْدَاقَ مَا قَالَ فَقَالَ لِأَرْمِیَا علیه السلام إِنِّی لَأَقْتُلَنَّهُمْ إِذْ كَذَّبُوكَ وَ لَمْ یُصَدِّقُوكَ فَقَتَلَهُمْ وَ لَحِقَ بِأَرْضِ بَابِلَ فَأَقَامَ أَرْمِیَا بِمِصْرَ مُدَّةً فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ الْحَقْ بِإِیلِیَا فَانْطَلَقَ حَتَّی إِذَا رُفِعَ لَهُ شَخْصُ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ رَأَی خَرَاباً عَظِیماً قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ فَنَزَلَ فِی نَاحِیَةٍ وَ اتَّخَذَ مَضْجَعاً ثُمَّ نَزَعَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ أَخْفَی مَكَانَهُ عَلَی جَمِیعِ الْخَلَائِقِ مِائَةَ عَامٍ وَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ سَیُعِیدُ فِیهَا الْمُلْكَ وَ الْعُمْرَانَ فَلَمَّا مَضَی سَبْعُونَ عَاماً أَذِنَ اللَّهُ فِی عِمَارَةِ إِیلِیَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلَكاً إِلَی مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ یُقَالُ لَهُ كُوشَكُ (1)فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكَ أَنْ تَنْفِرَ بِقُوَّتِكَ وَ رِجَالِكَ حَتَّی تَنْزِلَ إِیلِیَا فَتَعْمُرَهَا فَنَدَبَ الْفَارِسِیُّ لِذَلِكَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ قَهْرَمَانٍ (2)وَ دَفَعَ إِلَی كُلِّ قَهْرَمَانٍ أَلْفَ عَامِلٍ بِمَا یَصْلُحُ لِذَلِكَ مِنَ الْآلَةِ وَ النَّفَقَةِ فَسَارَ بِهِمْ فَلَمَّا تَمَّتْ عِمَارَتُهَا بَعْدَ ثَلَاثِینَ سَنَةً أَمَرَ عِظَامَ أَرْمِیَا أَنْ یَحْیَا فَقَامَ حَیّاً كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ. (3).

بیان: ثابر واظب.

ص: 366


1- هكذا فی النسخ. و الذی فی الكامل: أن بشتاسب بن لهراسب امر أن یعمر بیت المقدس و یرجع بنی إسرائیل الی الشام.
2- القهرمان: الوكیل أو أمین الدخل و الخرج.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ لَمَّا انْطَلَقَ بُخْتَنَصَّرُ بِالسَّبْیِ وَ الْأُسَارَی مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ فِیهِمْ دَانِیَالُ وَ عُزَیْرٌ علیهما السلام وَ وَرَدَ أَرْضَ بَابِلَ اتَّخَذَ بَنِی إِسْرَائِیلَ خَوَلًا وَ لَبِثَ سَبْعَ سِنِینَ ثُمَّ إِنَّهُ رَأَی رُؤْیَا عظیما (عَظِیمَةً) امْتَلَأَ مِنْهَا رُعْباً وَ نَسِیَهَا فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَ قَالَ تُخْبِرُونَ بِتَأْوِیلِ رُؤْیَایَ الْمَنْسِیَّةِ إِلَی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ إِلَّا صَلَبْتُكُمْ وَ بَلَغَ دَانِیَالَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الرُّؤْیَا وَ كَانَ فِی السِّجْنِ فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ إِنَّكَ أَحْسَنْتَ صُحْبَتِی فَهَلْ لَكَ أَنْ تُخْبِرَ الْمَلِكَ أَنَّ عِنْدِی عِلْمَ رُؤْیَاهُ وَ تَأْوِیلَهُ فَخَرَجَ صَاحِبُ السِّجْنِ وَ ذَكَرَ لِبُخْتَنَصَّرَ فَدَعَا بِهِ وَ كَانَ لَا یَقِفُ بَیْنَ یَدَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ فَلَمَّا طَالَ قِیَامُ دَانِیَالَ وَ هُوَ لَا یَسْجُدُ لَهُ قَالَ لِلْحَرَسِ اخْرُجُوا وَ اتْرُكُوهُ فَخَرَجُوا فَقَالَ یَا دَانِیَالُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِی فَقَالَ إِنَّ لِی رَبّاً آتَانِی هَذَا الْعِلْمَ عَلَی أَنِّی لَا أَسْجُدُ لِغَیْرِهِ فَلَوْ سَجَدْتُ لَكَ انْسَلَخَ عَنِّیَ الْعِلْمُ فَلَمْ تَنْتَفِعْ بِی فَتَرَكْتُ السُّجُودَ نَظَراً إِلَی ذَلِكَ قَالَ بُخْتَنَصَّرُ وَفَیْتَ لِإِلَهِكَ فَصِرْتَ آمِناً مِنِّی فَهَلْ لَكَ عِلْمٌ بِهَذِهِ الرُّؤْیَا قَالَ نَعَمْ رَأَیْتَ صَنَماً عَظِیماً رِجْلَاهُ فِی الْأَرْضِ وَ رَأْسُهُ فِی السَّمَاءِ أَعْلَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَ وَسَطُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَسْفَلُهُ مِنْ نُحَاسٍ وَ سَاقَاهُ مِنْ حَدِیدٍ وَ رِجْلَاهُ مِنْ فَخَّارٍ فَبَیْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ قَدْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُ وَ عِظَمُهُ وَ إِحْكَامُ صَنْعَتِهِ وَ الْأَصْنَافُ الَّتِی رُكِّبَتْ فِیهِ إِذْ قَذَفَهُ مَلَكٌ بِحَجَرٍ مِنَ السَّمَاءِ فَوَقَعَ عَلَی رَأْسِهِ فَدَقَّهُ حَتَّی طَحَنَهُ فَاخْتَلَطَ ذَهَبُهُ وَ فِضَّتُهُ وَ نُحَاسُهُ وَ حَدِیدُهُ وَ فَخَّارُهُ حَتَّی خُیِّلَ لَكَ أَنَّهُ لَوِ اجْتَمَعَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ عَلَی أَنْ یُمَیِّزُوا بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ لَمْ یَقْدِرُوا وَ حَتَّی خُیِّلَ لَكَ أَنَّهُ لَوْ هَبَّتْ أَدْنَی رِیحٍ لَذَرَّتْهُ لِشِدَّةِ مَا انْطَحَنَ ثُمَّ نَظَرْتَ إِلَی الْحَجَرِ الَّذِی قُذِفَ بِهِ یَعْظُمُ فَیَنْتَثِرُ حَتَّی مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا فَصِرْتَ لَا تَرَی إِلَّا السَّمَاءَ وَ الْحَجَرَ قَالَ بُخْتَنَصَّرُ صَدَقْتَ هَذِهِ الرُّؤْیَا الَّتِی رَأَیْتُهَا فَمَا تَأْوِیلُهَا قَالَ دَانِیَالُ علیه السلام أَمَّا الصَّنَمُ الَّذِی رَأَیْتَ فَإِنَّهَا أُمَمٌ تَكُونُ فِی أَوَّلِ الزَّمَانِ وَ أَوْسَطِهِ وَ آخِرِهِ وَ أَمَّا الذَّهَبُ فَهُوَ هَذَا الزَّمَانُ وَ هَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا وَ أَنْتَ مَلِكُهَا وَ أَمَّا الْفِضَّةُ فَإِنَّهُ یَكُونُ ابْنُكَ یَلِیهَا مِنْ بَعْدِكَ وَ أَمَّا النُّحَاسُ فَأُمَّةُ الرُّومِ وَ أَمَّا الْحَدِیدُ فَأُمَّةُ فَارِسَ وَ أَمَّا الْفَخَّارُ فَأُمَّتَانِ تَمْلِكُهُمَا امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِی شَرْقِیِّ الْیَمَنِ وَ أُخْرَی فِی غَرْبِیِّ الشَّامِ أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِی قُذِفَ بِهِ الصَّنَمُ فَدِینٌ یُفْقِدُهُ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ

ص: 367

فِی الْأُمَّةِ آخِرَ الزَّمَانِ (1)لِیُظْهِرَهُ عَلَیْهَا یَبْعَثُ اللَّهُ نَبِیّاً أُمِّیّاً مِنَ الْعَرَبِ فَیُذِلُّ اللَّهُ لَهُ الْأُمَمَ وَ الْأَدْیَانَ كَمَا رَأَیْتَ الْحَجَرَ ظَهَرَ عَلَی الْأَرْضِ فَانْتَثَرَ فِیهَا. (2)فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ مَا لِأَحَدٍ عِنْدِی یَدٌ أَعْظَمُ مِنْ یَدِكَ وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَجْزِیَكَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ أَرُدَّكَ إِلَی بِلَادِكَ وَ أَعْمُرَهَا لَكَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِیمَ مَعِی فَأُكْرِمَكَ فَقَالَ دَانِیَالُ علیه السلام أَمَّا بِلَادِی أَرْضٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهَا الْخَرَابَ إِلَی وَقْتٍ وَ الْإِقَامَةُ مَعَكَ أَوْثَقُ لِی فَجَمَعَ بُخْتَنَصَّرُ وُلْدَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ خَدَمَهُ وَ قَالَ لَهُمْ هَذَا رَجُلٌ حَكِیمٌ قَدْ فَرَّجَ اللَّهُ بِهِ عَنِّی كُرْبَةً قَدْ عَجَزْتُمْ عَنْهَا وَ قَدْ وَلَّیْتُهُ أَمْرَكُمْ وَ أَمْرِی یَا بَنِیَّ خُذُوا مِنْ عِلْمِهِ وَ إِنْ جَاءَكُمْ رَسُولَانِ أَحَدُهُمَا لِی وَ الْآخَرُ لَهُ فَأَجِیبُوا دَانِیَالَ قَبْلِی فَكَانَ لَا یَقْطَعُ أَمْراً دُونَهُ وَ لَمَّا رَأَوْا قَوْمَ بُخْتَنَصَّرَ ذَلِكَ حَسَدُوا دَانِیَالَ ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ وَ قَالُوا كَانَتْ لَكَ الْأَرْضُ وَ یَزْعُمُ عَدُوُّنَا أَنَّكَ أَنْكَرْتَ عَقْلَكَ قَالَ إِنِّی أَسْتَعِینُ بِرَأْیِ هَذَا الْإِسْرَائِیلِیِّ لِإِصْلَاحِ أَمْرِكُمْ فَإِنَّ رَبَّهُ یُطْلِعُهُ عَلَیْهِ قَالُوا نَتَّخِذُ إِلَهاً یَكْفِیكَ مَا أَهَمَّكَ وَ تَسْتَغْنِی عَنْ دَانِیَالَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَ ذَاكَ فَعَمِلُوا صَنَماً عَظِیماً وَ صَنَعُوا عِیداً وَ ذَبَحُوا لَهُ وَ أَوْقَدُوا نَاراً عَظِیمَةً كَنَارِ نُمْرُودَ وَ دَعَوُا النَّاسَ بِالسُّجُودِ لِذَلِكَ الصَّنَمِ فَمَنْ لَمْ یَسْجُدْ لَهُ أُلْقِیَ فِیهَا.

وَ كَانَ مَعَ دَانِیَالَ علیه السلام أَرْبَعَةُ فِتْیَةٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ یوشالُ وَ یوحینُ وَ غیصوا وَ مریوسُ وَ كَانُوا مُخْلِصِینَ مُوَحِّدِینَ فَأُتِیَ بِهِمْ لِیَسْجُدُوا لِلصَّنَمِ فَقَالَتِ الْفِتْیَةُ هَذَا لَیْسَ بِإِلَهٍ وَ لَكِنْ خَشَبَةٌ صَمَّاءُ عَمِلَهَا الرِّجَالُ فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَسْجُدَ لِلَّذِی خَلَقَهَا فَعَلْنَا فَكَتَفُوهُمْ ثُمَّ رَمَوْا بِهِمْ فِی النَّارِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا طَلَعَ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَوْقَ قَصْرٍ فَإِذَا مَعَهُمْ خَامِسٌ وَ إِذَا بِالنَّارِ قَدْ عَادَتْ جَلِیداً (3)فَامْتَلَأَ رُعْباً فَدَعَا دَانِیَالَ علیه السلام فَسَأَلَهُ عَنْهُمْ فَقَالَ أَمَّا الْفِتْیَةُ فَعَلَی دِینِی یَعْبُدُونَ إِلَهِی وَ لِذَلِكَ أَجَارَهُمْ وَ الْخَامِسُ بَحْرُ الْبَرْدِ (4)أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَی هَؤُلَاءِ نُصْرَةً لَهُمْ فَأَمَرَ بُخْتَنَصَّرُ فَأُخْرِجُوا فَقَالَ لَهُمْ كَیْفَ بِتُّمْ قَالُوا

ص: 368


1- هكذا فی نسخ. و فی نسخة: هذه الأمة، و لعلّ الصحیح: فدین یفقد اللّٰه به هذه الأمة فی آخر الزمان.
2- ذكر الثعلبی فی العرائس النوم و تعبیره علی كیفیة اخری فراجعه.
3- الجلید: ما یجمد علی الأرض من الماء.
4- هكذا فی النسخ، و فی هامش المطبوع حكی عن نسخة: ملك البرد.

بِتْنَا بِأَفْضَلِ لَیْلَةٍ مُنْذُ خُلِقْنَا فَأَلْحَقَهُمْ بِدَانِیَالَ وَ أَكْرَمَهُمْ بِكَرَامَتِهِ حَتَّی مَرَّتْ بِهِمْ ثَلَاثُونَ سَنَةً (1).

«8»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ بُخْتَنَصَّرَ رَأَی رُؤْیَا أَهْوَلَ مِنَ الرُّؤْیَا الْأُولَی وَ نَسِیَهَا أَیْضاً فَدَعَا عُلَمَاءَ قَوْمِهِ قَالَ رَأَیْتُ رُؤْیَا أَخْشَی أَنْ یَكُونَ فِیهَا هَلَاكُكُمْ وَ هَلَاكِی فَمَا تَأْوِیلُهَا فَعَجَزُوا وَ جَعَلُوا عِلَّةَ عَجْزِهِمْ دَانِیَالَ فَأَخْرَجَهُمْ وَ دَعَا دَانِیَالَ علیه السلام فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَأَیْتَ شَجَرَةً عَظِیمَةً شَدِیدَةَ الْخُضْرَةِ فَرْعُهَا فِی السَّمَاءِ عَلَیْهَا طَیْرُ السَّمَاءِ وَ فِی ظِلِّهَا وُحُوشُ الْأَرْضِ وَ سِبَاعُهَا فَبَیْنَمَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَیْهَا قَدْ أَعْجَبَتْكَ بَهْجَتُهَا إِذْ أَقْبَلَ مَلَكٌ یَحْمِلُ حَدِیدَةً كَالْفَأْسِ عَلَی عُنُقِهِ وَ صَرَخَ بِمَلَكٍ آخَرَ فِی بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ یَقُولُ لَهُ كَیْفَ أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَفْعَلَ بِالشَّجَرَةِ أَمَرَكَ أَنْ تَجْتَثَّهَا مِنْ أَصْلِهَا أَمْ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ بَعْضَهَا فَنَادَاهُ الْمَلَكُ الْأَعْلَی إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ خُذْ مِنْهَا وَ أَبْقِ فَنَظَرْتَ إِلَی الْمَلَكِ حَتَّی ضَرَبَ رَأْسَهَا بِفَأْسِهِ فَانْقَطَعَ وَ تَفَرَّقَ مَا كَانَ عَلَیْهَا مِنَ الطَّیْرِ وَ مَا كَانَ تَحْتَهَا مِنَ السِّبَاعِ وَ الْوُحُوشِ وَ بَقِیَ الْجِذْعُ لَا هَیْئَةَ لَهُ وَ لَا حُسْنَ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ فَهَذِهِ الرُّؤْیَا رَأَیْتُهَا فَمَا تَأْوِیلُهَا قَالَ أَنْتَ الشَّجَرَةُ وَ مَا رَأَیْتَ فِی رَأْسِهَا مِنَ الطُّیُورِ فَوُلْدُكَ وَ أَهْلُكَ وَ أَمَّا مَا رَأَیْتَ فِی ظِلِّهَا مِنَ السِّبَاعِ وَ الْوُحُوشِ فَخَوَلُكَ وَ رَعِیَّتُكَ وَ كُنْتَ قَدْ أَغْضَبْتَ اللَّهَ فِیمَا تَابَعْتَ قَوْمَكَ مِنْ عَمَلِ الصَّنَمِ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ كَیْفَ یَفْعَلُ رَبُّكَ بِی قَالَ یَبْتَلِیكَ بِبَدَنِكَ فَیَمْسَخُكَ سَبْعَ سِنِینَ فَإِذَا مَضَتْ رَجَعْتَ إِنْسَاناً كَمَا كُنْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَعَدَ بُخْتَنَصَّرُ یَبْكِی سَبْعَةَ أَیَّامٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْبُكَاءِ ظَهَرَ فَوْقَ بَیْتِهِ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عُقَاباً فَطَارَ وَ كَانَ دَانِیَالُ علیه السلام یَأْمُرُ وُلْدَهُ وَ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ أَنْ لَا یُغَیِّرُوا مِنْ أَمْرِهِ شَیْئاً حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْهِمْ ثُمَّ مَسَخَهُ اللَّهُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ بَعُوضَةً فَأَقْبَلَ یَطِیرُ حَتَّی دَخَلَ بَیْتَهُ فَحَوَّلَهُ اللَّهُ إِنْسَاناً فَاغْتَسَلَ بِالْمَاءِ وَ لَبِسَ الْمُسُوحَ ثُمَّ أَمَرَ بِالنَّاسِ فَجُمِعُوا فَقَالَ إِنِّی وَ إِیَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا یَنْفَعُنَا وَ لَا یَضُرُّنَا وَ إِنَّهُ قَدْ تَبَیَّنَ لِی مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا فِی نَفْسِی أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا وَ هُوَ فِی الْحَقِّ سَوَاءٌ وَ مَنْ خَالَفَنِی ضَرَبْتُهُ بِسَیْفِی حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ إِنِّی قَدْ أَجَّلْتُكُمْ إِلَی اللَّیْلَةِ فَإِذَا أَصْبَحْتُمْ فَأَجِیبُونِی ثُمَّ انْصَرَفَ وَ دَخَلَ بَیْتَهُ وَ

ص: 369


1- قصص الأنبیاء مخطوط.

قَعَدَ عَلَی فِرَاشِهِ فَقَبَضَ اللَّهُ تَعَالَی رُوحَهُ وَ قَصَّ وَهْبٌ قِصَّتَهُ هَذِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ مَا أَشْبَهَ إِیمَانَهُ بِإِیمَانِ السَّحَرَةِ.

«9»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام لَمَّا تُوُفِّیَ بُخْتَنَصَّرُ تَابَعَ النَّاسُ ابْنَهُ وَ كَانَتِ الْأَوَانِی الَّتِی عَمِلَتِ الشَّیَاطِینُ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْیَاقُوتِ غَاصَ عَلَیْهَا الشَّیَاطِینُ حَتَّی اسْتَخْرَجُوهَا مِنْ قُعُورِ الْأَبْحُرِ الصُّمِّ (1)الَّتِی لَا تَعْبُرُ فِیهَا السُّفُنُ وَ كَانَ بُخْتَنَصَّرُ غَنِمَ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ أَوْرَدَهَا أَرْضَ بَابِلَ وَ اسْتَعْمَرَ فِیهِ دَانِیَالَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْآنِیَةَ طَاهِرَةٌ مُقَدَّسَةٌ صَنَعَهَا النَّبِیُّ ابْنُ النَّبِیِّ لِیَسْجُدَ رَبَّهُ عَزَّ وَ عَلَا فَلَا تُدَنِّسْهَا بِلَحْمِ الْخَنَازِیرِ وَ غَیْرِهَا فَإِنَّ لَهَا رَبّاً سَیُعِیدُهَا حَیْثُ كَانَتْ فَلَمْ یُطِعْهُ (2)وَ اعْتَزَلَ دَانِیَالَ وَ أَقْصَاهُ وَ جَفَاهُ وَ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَكِیمَةٌ نَشَأَتْ فِی تَأْدِیبِ دَانِیَالَ تَعِظُهُ وَ تَقُولُ إِنَّ أَبَاكَ كَانَ یَسْتَغِیثُ بِدَانِیَالَ فَأَبَی ذَلِكَ فَعَمِلَ فِی كُلِّ عَمَلِ سَوْءٍ حَتَّی عَجَّتِ الْأَرْضُ مِنْهُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فَبَیْنَا هُوَ فِی عِیدٍ إِذَا بِكَفِّ مَلَكٍ یَكْتُبُ عَلَی الْجِدَارِ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ ثُمَّ غَابَتِ الْكَفُّ وَ الْقَلَمُ وَ بُهِتُوا فَسَأَلُوا دَانِیَالَ بِحَقِّ تَأْوِیلِ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ وَ كَانَ كَتَبَ وُزِنَ فَخَفَّ وَ وَعَدَ فَأَنْجَزَ وَ جَمَعَ فَتَفَرَّقَ فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ عَقْلُكَ وُزِنَ فَخَفَّ فَكَانَ خَفِیفاً فِی الْمِیزَانِ وَ الثَّانِی وَعَدَ أَنْ یُمَلِّكَ فَأَنْجَزَهُ الْیَوْمَ وَ الثَّالِثُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ جَمَعَ لَكَ وَ لِوَالِدِكَ مِنْ قَبْلِكَ مُلْكاً عَظِیماً ثُمَّ تَفَرَّقَ الْیَوْمَ فَلَا یَجْتَمِعُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ لَهُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ یُعَذِّبُكَ اللَّهُ فَأَقْبَلَتْ بَعُوضَةٌ تَطِیرُ حَتَّی دَخَلَتْ فِی إِحْدَی مَنْخِرَیْهِ فَوَصَلَتْ إِلَی دِمَاغِهِ وَ تُؤْذِیهِ فَأَحَبُّ النَّاسِ عِنْدَهُ مَنْ حَمَلَ مِرْزَبَةً (3)یَضْرِبُ بِهَا رَأْسَهُ وَ یَزْدَادُ كُلَّ یَوْمٍ أَلَماً إِلَی أَرْبَعِینَ لَیْلَةً حَتَّی مَاتَ وَ صَارَ إِلَی النَّارِ (4).

بیان: هذه القصص المنقولة عن وهب لیست مما یعتمد علیه (5)و إیمان بختنصر

ص: 370


1- فی نسخة: الصیم. و هو بالكسر و تشدید الیاء: الصلب الشدید.
2- فی نسخة: فأطاعه و هو مصحف.
3- المرزبة: عصیة من حدید.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- لانها لم یرد من طرق أئمتنا أهل العصمة علیهم السلام ما یوافقها و یثبتها.

مخالف لظواهر الأخبار المعتبرة و أما مسخه فقد

وَرَدَ فِی تَوْحِیدِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْمَرْوِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام مَا یُومِئُ إِلَیْهِ حَیْثُ قَالَ علیه السلام وَ تَرَی كَثِیراً مِنَ الْفُسَّاقِ یُعَاجَلُونَ بِالْعُقُوبَةِ إِذَا تَفَاقَمَ طُغْیَانُهُمْ وَ عَظُمَ ضَرَرُهُمْ عَلَی النَّاسِ وَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ كَمَا عُوجِلَ فِرْعَوْنُ بِالْغَرَقِ وَ بُخْتَنَصَّرُ بِالتِّیهِ وَ بِلْبِیسُ بِالْقَتْلِ (1)

«10»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ تَعْبِیرِ الرُّؤْیَا عَنْ دَانِیَالَ علیه السلام أَ هُوَ صَحِیحٌ قَالَ نَعَمْ كَانَ یُوحَی إِلَیْهِ وَ كَانَ نَبِیّاً وَ كَانَ مِمَّنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَأْوِیلَ الْأَحَادِیثِ وَ كَانَ صِدِّیقاً حَكِیماً وَ كَانَ وَ اللَّهِ یَدِینُ بِمَحَبَّتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ جَابِرٌ بِمَحَبَّتِكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ إِی وَ اللَّهِ وَ مَا مِنْ نَبِیٍّ وَ لَا مَلَكٍ إِلَّا وَ كَانَ یَدِینُ بِمَحَبَّتِنَا (2).

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِدَانِیَالَ أَشْتَهِی أَنْ یَكُونَ لِی ابْنٌ مِثْلُكَ فَقَالَ مَا مَحَلِّی مِنْ قَلْبِكَ قَالَ أَجَلُّ مَحَلٍّ وَ أَعْظَمُهُ قَالَ دَانِیَالُ فَإِذَا جَامَعْتَ فَاجْعَلْ هِمَّتَكَ فِیَّ قَالَ فَفَعَلَ الْمَلِكُ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ أَشْبَهُ خَلْقِ اللَّهِ بِدَانِیَالَ (3).

«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عُزَیْرٌ یَا رَبِّ إِنِّی نَظَرْتُ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ وَ إِحْكَامِهَا فَعَرَفْتُ عَدْلَكَ بِعَقْلِی وَ بَقِیَ بَابٌ لَمْ أَعْرِفْهُ إِنَّكَ تَسْخَطُ عَلَی أَهْلِ الْبَلِیَّةِ فَتَعُمُّهُمْ بِعَذَابِكَ وَ فِیهِمُ الْأَطْفَالُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یَخْرُجَ إِلَی الْبَرِّیَّةِ وَ كَانَ الْحَرُّ شَدِیداً فَرَأَی شَجَرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا وَ نَامَ فَجَاءَتْ نَمْلَةٌ فَقَرَصَتْهَا فَدَلَكَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَقَتَلَ مِنَ النَّمْلِ كَثِیراً فَعَرَفَ أَنَّهُ مَثَلٌ ضُرِبَ فَقِیلَ لَهُ یَا عُزَیْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا اسْتَحَقُّوا عَذَابِی قَدَّرْتُ نُزُولَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِ الْأَطْفَالِ فَمَاتُوا أُولَئِكَ بِآجَالِهِمْ وَ هَلَكَ هَؤُلَاءِ بِعَذَابِی (4).

ص: 371


1- و هذا كما تری لم یدلّ علی مسخه. بل یدلّ علی أن اللّٰه تعالی عاجله بالعقوبة و هی التیه و التیه یأتی علی معان و هی الصلف و التكبر. الضلال. القفر یضل فیه. و لعلّ المراد هنا المعنی الأخیر. و لیس من معانیه المسخ، و المعنی الأخیر لا یلازم المسخ.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

بیان: قال الفیروزآبادی القرص أخذك لحم إنسان بإصبعك حتی تؤلمه و لسع البراغیث و القبض و القطع.

«13»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْقُرَشِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَلَكَ بُخْتَنَصَّرُ مِائَةَ سَنَةٍ وَ سَبْعاً وَ ثَمَانِینَ سَنَةً وَ قَتَلَ مِنَ الْیَهُودِ سَبْعِینَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ عَلَی دَمِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ خَرَّبَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ وَ تَفَرَّقَتِ الْیَهُودُ فِی الْبُلْدَانِ وَ فِی سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ الْعُزَیْرَ نَبِیّاً إِلَی أَهْلِ الْقُرَی الَّتِی أَمَاتَ اللَّهُ أَهْلَهَا ثُمَّ بَعَثَهُمْ لَهُ وَ كَانَ مِنْ قُرًی شَتَّی فَهَرَبُوا فَرَقاً مِنَ الْمَوْتِ فَنَزَلُوا فِی جِوَارِ عُزَیْرٍ وَ كَانُوا مُؤْمِنِینَ وَ كَانَ عُزَیْرٌ یَخْتَلِفُ إِلَیْهِمْ وَ یَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَ إِیمَانَهُمْ وَ أَحَبَّهُمْ عَلَی ذَلِكَ وَ آخَاهُمْ عَلَیْهِ فَغَابَ عَنْهُمْ یَوْماً وَاحِداً ثُمَّ أَتَاهُمْ فَوَجَدَهُمْ مَوْتَی صَرْعَی فَحَزِنَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها تَعَجُّباً مِنْهُ حَیْثُ أَصَابَهُمْ وَ قَدْ مَاتُوا أَجْمَعِینَ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَماتَهُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِائَةَ عامٍ وَ هِیَ مِائَةُ سَنَةٍ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ وَ إِیَّاهُمْ وَ كَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ ثُمَّ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِینَ لَمْ یُفْلِتْ (1)مِنْهُمْ وَاحِدٌ عَلَی یَدَیْ بُخْتَنَصَّرَ ثُمَّ مَلَكَ مَهْرَوَیْهِ بْنُ بُخْتَنَصَّرَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً (2)فَأَخَذَ عِنْدَ ذَلِكَ دَانِیَالَ علیه السلام وَ خَدَّ لَهُ (3)خَدّاً فِی الْأَرْضِ وَ طَرَحَ فِیهِ دَانِیَالَ وَ أَصْحَابَهُ وَ شِیعَتَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَلْقَی عَلَیْهِمُ النِّیرَانَ فَلَمَّا رَأَی أَنَّ النَّارَ لَا تَقْرَبُهُمْ (4)وَ لَا تُحْرِقُهُمْ اسْتَوْدَعَهُمُ الْجُبَّ وَ فِیهِ الْأُسُدُ وَ السِّبَاعُ وَ عَذَّبَهُمْ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ (5)حَتَّی خَلَّصَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ هُمُ الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَ دَانِیَالَ علیه السلام أَمَرَهُ أَنْ یَسْتَوْدِعَ (6)نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ مكیخا بْنَ دَانِیَالَ فَفَعَلَ (7).

ص: 372


1- أی لم یتخلص.
2- فی المصدر: و ست و عشرین یوما.
3- أی شق له حفیرة و ألقاه فیها. و فی المصدر: و حفر له جبا.
4- فی المصدر: فلما رأی أن النار لیست تقربهم.
5- فی المصدر: بكل لون من العذاب.
6- فی المصدر: أمره أن استودع.
7- كمال الدین: 130 و 131.

«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ أَوْ كَالَّذِی مَرَّ عَلی قَرْیَةٍ وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ (1)نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ أَرْمِیَا فَقَالَ قُلْ لَهُمْ مَا بَلَدٌ تَنَقَّیْتُهُ مِنْ كَرَائِمِ الْبُلْدَانِ وَ غَرَسْتُ فِیهِ مِنْ كَرَائِمِ الْغَرْسِ وَ نَقَّیْتُهُ مِنْ كُلِّ غَرِیبَةٍ فَأَخْلَفَ فَأَنْبَتَ خُرْنُوباً قَالَ فَضَحِكُوا وَ اسْتَهْزَءُوا بِهِ فَشَكَاهُمْ إِلَی اللَّهِ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ قُلْ لَهُمْ إِنَّ الْبَلَدَ بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ الْغَرْسَ بَنُو إِسْرَائِیلَ تَنَقَّیْتُهُ مِنْ كُلِّ غَرِیبَةٍ وَ نَحَّیْتُ عَنْهُمْ كُلَّ جَبَّارٍ فَأَخْلَفُوا فَعَمِلُوا بِمَعَاصِی اللَّهِ فَلَأُسَلِّطَنَّ عَلَیْهِمْ فِی بَلَدِهِمْ مَنْ یَسْفِكُ دِمَاءَهُمْ وَ یَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ فَإِنْ بَكَوْا إِلَیَّ فَلَمْ أَرْحَمَ بُكَاءَهُمْ وَ إِنْ دَعَوْا لَمْ أَسْتَجِبْ دُعَاءَهُمْ ثُمَّ لَأُخْرِبَنَّهَا مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ لَأَعْمُرَنَّهَا فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ جَزِعَتِ الْعُلَمَاءُ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَنْبُنَا نَحْنُ وَ لَمْ نَكُنْ نَعْمَلُ بِعَمَلِهِمْ فَعَاوِدْ لَنَا رَبَّكَ فَصَامَ سَبْعاً فَلَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ فَأَكَلَ أَكْلَةً ثُمَّ صَامَ سَبْعاً فَلَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ فَأَكَلَ أَكْلَةً ثُمَّ صَامَ سَبْعاً فَلَمَّا أَنْ كَانَ یَوْمُ الْوَاحِدِ وَ الْعِشْرِینَ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ لَتَرْجِعَنَّ عَمَّا تَصْنَعُ أَ تُرَاجِعُنِی فِی أَمْرٍ قَضَیْتُهُ أَوْ لَأَرُدَّنَّ وَجْهَكَ عَلَی دُبُرِكَ ثُمَّ أَوْحَی إِلَیْهِ قُلْ لَهُمْ لِأَنَّكُمْ رَأَیْتُمُ الْمُنْكَرَ فَلَمْ تُنْكِرُوهُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ فَصَنَعَ بِهِمْ مَا قَدْ بَلَغَكَ ثُمَّ بَعَثَ بُخْتَنَصَّرُ إِلَی النَّبِیِّ فَقَالَ إِنَّكَ قَدْ نُبِّئْتَ عَنْ رَبِّكَ وَ حَدَّثْتَهُمْ بِمَا أَصْنَعُ بِهِمْ فَإِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِی فِیمَنْ شِئْتَ وَ إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ فَقَالَ لَا بَلْ أَخْرُجُ فَتَزَوَّدَ عَصِیراً وَ تِیناً وَ خَرَجَ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مَدَّ الْبَصَرِ الْتَفَتَ إِلَیْهَا فَقَالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ أَمَاتَهُ غُدْوَةً وَ بَعَثَهُ عَشِیَّةً قَبْلَ أَنْ تَغِیبَ الشَّمْسُ وَ كَانَ أَوَّلَ شَیْ ءٍ خُلِقَ مِنْهُ عَیْنَاهُ فِی مِثْلِ غِرْقِئِ الْبَیْضِ ثُمَّ قِیلَ لَهُ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ یَوْماً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی الشَّمْسِ لَمْ تَغِبْ قَالَ أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلی طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ یَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلی حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آیَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَی الْعِظامِ كَیْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً قَالَ فَجَعَلَ یَنْظُرُ إِلَی عِظَامِهِ كَیْفَ یَصِلُ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ وَ یَرَی الْعُرُوقَ كَیْفَ یَجْرِی فَلَمَّا اسْتَوَی قَائِماً قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ فِی رِوَایَةِ هَارُونَ (2)فَتَزَوَّدَ عَصِیراً وَ لَبَناً (3).

ص: 373


1- فی البرهان: بعث الی بنی إسرائیل.
2- أی هارون بن خارجة الآتیة بعد ذلك.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 248.

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ وَ فِیهِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ وَ سُمِّیَ بِهِ لِأَنَّهُ رَضَعَ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ وَ كَانَ اسْمُ الْكَلْبِ بُخْتَ وَ اسْمُ صَاحِبِهِ نَصَّرَ وَ كَانَ مَجُوسِیّاً أَغْلَفَ أَغَارَ عَلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ دَخَلَهُ فِی سِتِّمِائَةِ أَلْفِ عَلَمٍ ثُمَّ بَعَثَ بُخْتَنَصَّرُ إِلَی النَّبِیِّ فَقَالَ إِنَّكَ نُبِّئْتَ عَنْ رَبِّكَ وَ خَبَّرْتَهُمْ بِمَا أَصْنَعُ بِهِمْ فَإِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِی وَ إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ قَالَ بَلْ أَخْرُجُ فَتَزَوَّدَ عَصِیراً وَ لَبَناً وَ خَرَجَ (1).

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَصَنَعَ بِهِمْ مَا قَدْ بَلَغَكَ (2)

«16»- شی، تفسیر العیاشی أَبُو طَاهِرٍ الْعَلَوِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا وَلَدٌ أَكْبَرُ مِنْ أَبِیهِ مِنْ أَهْلِ الدُّنْیَا قَالَ نَعَمْ أُولَئِكَ وُلْدُ عُزَیْرٍ حَیْثُ مَرَّ عَلَی قَرْیَةٍ خَرِبَةٍ وَ قَدْ جَاءَ مِنْ ضَیْعَةٍ لَهُ تَحْتَهُ حِمَارٌ وَ مَعَهُ شَنَّةٌ فِیهَا قَتَرٌ (3)وَ كُوزٌ فِیهِ عَصِیرٌ فَمَرَّ عَلَی قَرْیَةٍ خَرِبَةٍ فَقَالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ فَتَوَالَدَ وُلْدُهُ وَ تَنَاسَلُوا ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِ فَأَحْیَاهُ فِی الْمَوْلِدِ الَّذِی أَمَاتَهُ فِیهِ فَأُولَئِكَ وُلْدُهُ أَكْبَرُ مِنْ أَبِیهِمْ (4).

«17»-خص، منتخب البصائر ابْنُ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْكَوَّاءِ الْیَشْكُرِیَّ قَامَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ أَبَا الْمُعْتَمِرِ تَكَلَّمَ آنِفاً بِكَلَامٍ لَا یَحْتَمِلُهُ قَلْبِی فَقَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ یَزْعُمُ أَنَّكَ حَدَّثْتَهُ أَنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّا قَدْ رَأَیْنَا أَوْ سَمِعْنَا بِرَجُلٍ

ص: 374


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- مخطوط.
3- هكذا فی النسخ و فی البرهان، و استظهر فی هامش المطبوع أنّه مصحف «لبن» و الشنة: القربة الخلق.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 1: 248.

أَكْبَرَ سِنّاً مِنْ أَبِیهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَهَذَا الَّذِی كَبُرَ عَلَیْكَ قَالَ نَعَمْ فَهَلْ تُؤْمِنُ أَنْتَ بِهَذَا وَ تَعْرِفُهُ فَقَالَ نَعَمْ وَیْلَكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ افْقَهْ (1)عَنِّی أُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ عُزَیْراً خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ وَ امْرَأَتُهُ فِی شَهْرِهَا وَ لَهُ یَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ سَنَةً فَلَمَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَنْبِهِ وَ أَمَاتَهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فَرَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسِینَ سَنَةً فَاسْتَقْبَلَهُ ابْنُهُ وَ هُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَ رَدَّ اللَّهُ عُزَیْراً فِی السِّنِّ الَّذِی كَانَ بِهِ فَقَالَ مَا یُرِیدُ (2).

«18»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ دَانِیَالَ علیه السلام كَانَ یَتِیماً لَا أُمَّ لَهُ وَ لَا أَبَ وَ إِنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَجُوزاً كَبِیرَةً ضَمَّتْهُ فَرَبَّتْهُ وَ إِنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ لَهُ قَاضِیَانِ وَ كَانَ لَهُمَا صَدِیقٌ وَ كَانَ رَجُلًا صَالِحاً وَ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ بَهِیَّةٌ جَمِیلَةٌ وَ كَانَ یَأْتِی الْمَلِكَ فَیُحَدِّثُهُ وَ احْتَاجَ الْمَلِكُ إِلَی رَجُلٍ یَبْعَثُهُ فِی بَعْضِ أُمُورِهِ فَقَالَ لِلْقَاضِیَیْنِ اخْتَارَا رَجُلًا أُرْسِلْهُ فِی بَعْضِ أُمُورِی فَقَالا فُلَانٌ فَوَجَّهَهُ الْمَلِكُ فَقَالَ الرَّجُلُ لِلْقَاضِیَیْنِ أُوصِیكُمَا بِامْرَأَتِی خَیْراً فَقَالا نَعَمْ فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَكَانَ الْقَاضِیَانِ یَأْتِیَانِ بَابَ الصَّدِیقِ فَعَشِقَا امْرَأَتَهُ فَرَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ فَقَالا لَهَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تفعل (3)(تَفْعَلِی) لَنَشْهَدَنَّ عَلَیْكِ عِنْدَ الْمَلِكِ بِالزِّنَا ثُمَّ لَنَرْجُمَنَّكِ فَقَالَتْ افْعَلَا مَا أَحْبَبْتُمَا فَأَتَیَا الْمَلِكَ فَأَخْبَرَاهُ وَ شَهِدَا عِنْدَهُ أَنَّهَا بَغَتْ فَدَخَلَ الْمَلِكَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِیمٌ وَ اشْتَدَّ بِهَا غَمُّهُ وَ كَانَ بِهَا مُعْجَباً فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ قَوْلَكُمَا مَقْبُولٌ وَ لَكِنِ ارْجُمُوهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ نَادَی فِی الْبَلَدِ الَّذِی هُوَ فِیهِ احْضُرُوا قَتْلَ فُلَانَةَ الْعَابِدَةَ فَإِنَّهَا قَدْ بَغَتْ فَإِنَّ الْقَاضِیَیْنِ قَدْ شَهِدَا عَلَیْهَا بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِی ذَلِكَ وَ قَالَ الْمَلِكُ لِوَزِیرِهِ مَا عِنْدَكَ فِی هَذَا مِنْ حِیلَةٍ فَقَالَ مَا عِنْدِی فِی ذَلِكَ مِنْ شَیْ ءٍ فَخَرَجَ الْوَزِیرُ یَوْمَ الثَّالِثِ وَ هُوَ آخِرُ أَیَّامِهَا فَإِذَا هُوَ بِغِلْمَانٍ عُرَاةٍ یَلْعَبُونَ وَ فِیهِمْ دَانِیَالُ لَا یَعْرِفُهُ (4)فَقَالَ دَانِیَالُ یَا مَعْشَرَ الصِّبْیَانِ تَعَالَوْا حَتَّی أَكُونَ أَنَا الْمَلِكَ وَ تَكُونَ

ص: 375


1- فقه عنه الكلام: فهمه.
2- مختصر بصائر الدرجات: 22، فیه: فقال له ما یرید. و للحدیث ذیل طویل تركه المصنّف.
3- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر لئن لم تفعلی.
4- فی المصدر: و هو لا یعرفه.

أَنْتَ یَا فُلَانُ الْعَابِدَةَ وَ یَكُونَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ الْقَاضِیَیْنِ شَاهِدَیْنِ عَلَیْهَا ثُمَّ جَمَعَ تُرَاباً وَ جَعَلَ سَیْفاً مِنْ قَصَبٍ وَ قَالَ لِلصِّبْیَانِ خُذُوا بِیَدِ هَذَا فَنَحُّوهُ إِلَی مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا وَ خُذُوا بِیَدِ هَذَا فَنَحُّوهُ إِلَی مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ دَعَا بِأَحَدِهِمَا وَ قَالَ لَهُ قُلْ حَقّاً فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقُلْ حَقّاً قَتَلْتُكَ وَ الْوَزِیرُ قَائِمٌ یَنْظُرُ وَ یَسْمَعُ فَقَالَ إِنَّهَا بَغَتْ (1)فَقَالَ مَتَی فَقَالَ یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ مَعَ مَنْ قَالَ مَعَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ وَ أَیْنَ قَالَ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا (2)قَالَ رُدُّوهُ إِلَی مَكَانِهِ وَ هَاتُوا الْآخَرَ فَرَدُّوهُ إِلَی مَكَانِهِ وَ جَاءُوا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ بِمَا تَشْهَدُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّهَا بَغَتْ قَالَ مَتَی قَالَ یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ مَعَ مَنْ قَالَ مَعَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ وَ أَیْنَ قَالَ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا (3)فَخَالَفَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ دَانِیَالُ اللَّهُ أَكْبَرُ شَهِدَا بِزُورٍ یَا فُلَانُ نَادِ فِی النَّاسِ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَی فُلَانَةَ بِزُورٍ فَاحْضُرُوا قَتْلَهُمَا فَذَهَبَ الْوَزِیرُ إِلَی الْمَلِكِ مُبَادِراً فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَبَعَثَ الْمَلِكُ إِلَی الْقَاضِیَیْنِ فَاخْتَلَفَا كَمَا اخْتَلَفَ الْغُلَامَانِ فَنَادَی الْمَلِكُ فِی النَّاسِ وَ أَمَرَ بِقَتْلِهِمَا (4).

«19»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی دَاوُدَ علیه السلام أَنِ ائْتِ عَبْدِی دَانِیَالَ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَیْتَنِیَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَأَتَاهُ دَاوُدُ علیه السلام فَقَالَ یَا دَانِیَالُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یَقُولُ لَكَ إِنَّكَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ وَ عَصَیْتَنِی فَغَفَرْتُ لَكَ فَإِنْ أَنْتَ عَصَیْتَنِیَ الرَّابِعَةَ لَمْ أَغْفِرْ لَكَ فَقَالَ لَهُ دَانِیَالُ قَدْ أَبْلَغْتَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ فِی السَّحَرِ قَامَ دَانِیَالُ فَنَاجَی رَبَّهُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ دَاوُدَ نَبِیَّكَ أَخْبَرَنِی عَنْكَ أَنَّنِی قَدْ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ عَصَیْتُكَ فَغَفَرْتَ لِی وَ أَخْبَرَنِی عَنْكَ أَنِّی إِنْ

ص: 376


1- فی المصدر: فقال: أشهد أنّها بغت.
2- فی المصدر: بموضع كذا و كذا.
3- فی المصدر: بموضع كذا و كذا.
4- فروع الكافی 2: 363 و 364. و للحدیث صدر طویل فی قضایا غریبة لامیر المؤمنین علیه السلام.

عَصَیْتُكَ الرَّابِعَةَ لَمْ تَغْفِرْ لِی فَوَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَئِنْ لَمْ تَعْصِمْنِی لَأَعْصِیَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِیَنَّكَ ثُمَّ لَأَعْصِیَنَّكَ (1).

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن محبوب مثله (2).

«20»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ قَدْ عَمِلَ فِیهِ مَا بَیْنَ الْعَرْشِ إِلَی الْأَرْضِ وَ مَا فِیهَا مِنْ كَثِیرٍ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَ لَا أُحَدِّثُكُمْ (3)قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ الْآبَاءُ وَ الْأُمَّهَاتُ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ نَبِیٌّ فِیمَا كَانَ قَبْلَكُمْ یُقَالُ لَهُ دَانِیَالُ وَ إِنَّهُ أَعْطَی صَاحِبَ مِعْبَرٍ (4)رَغِیفاً لِكَیْ یَعْبُرَ بِهِ فَرَمَی صَاحِبُ الْمِعْبَرِ بِالرَّغِیفِ وَ قَالَ مَا أَصْنَعُ بِالْخُبْزِ هَذَا الْخُبْزُ عِنْدَنَا قَدْ یُدَاسُ بِالْأَرْجُلِ فَلَمَّا رَأَی دَانِیَالُ ذَلِكَ مِنْهُ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ (5)اللَّهُمَّ أَكْرِمِ الْخُبْزَ فَقَدْ رَأَیْتَ یَا رَبِّ مَا صَنَعَ هَذَا الْعَبْدُ وَ مَا قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ (6)عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی السَّمَاءِ أَنْ تَحْبِسَ الْغَیْثَ (7)وَ أَوْحَی إِلَی الْأَرْضِ أَنْ كُونِی طَبَقاً كَالْفَخَّارِ قَالَ فَلَمْ یُمْطَرْ شَیْ ءٌ حَتَّی أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَكَلَ بَعْضاً فَلَمَّا بَلَغَ مِنْهُمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِأُخْرَی وَ لَهُمَا وَلَدَانِ فُلَانَةُ (8)تَعَالَیْ حَتَّی نَأْكُلَ أَنَا وَ أَنْتِ الْیَوْمَ وَلَدِی فَإِذَا جُعْنَا غَداً (9)أَكَلْنَا وَلَدَكِ قَالَتْ لَهَا نَعَمْ فَأَكَلَتَاهُ فَلَمَّا أَنْ جَاعَتَا مِنْ بَعْدُ رَاوَدَتِ الْأُخْرَی عَلَی أَكْلِ وَلَدِهَا فَامْتَنَعَتْ عَلَیْهَا فَقَالَتْ لَهَا بَیْنِی وَ بَیْنَكِ نَبِیُّ اللَّهِ فَاخْتَصَمَا إِلَی دَانِیَالَ فَقَالَ لَهُمَا وَ قَدْ بَلَغَ الْأَمْرُ إِلَی مَا أَرَی قَالَتَا لَهُ

ص: 377


1- أصول الكافی 2: 435 و 436.
2- مخطوط.
3- فی المصدر: ألا أخبركم؟.
4- المعبر: السفینة.
5- فی المصدر: ثم قال.
6- فی المصدر: قال فاوحی اللّٰه.
7- الأصحّ: أن تحبسی الغیث.
8- فی المصدر: یا فلانة.
9- فی المصدر: فاذا كان غدا.

نَعَمْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ وَ أَشَرَّ (1)فَرَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ عُدْ عَلَیْنَا بِفَضْلِكَ وَ فَضْلِ رَحْمَتِكَ وَ لَا تُعَاقِبِ الْأَطْفَالَ وَ مَنْ فِیهِ خَیْرٌ بِذَنْبِ صَاحِبِ الْمِعْبَرِ وَ أَضْرَابِهِ لِنِعْمَتِكَ قَالَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی السَّمَاءَ أَنِ امْطُرِی عَلَی الْأَرْضِ وَ أَمَرَ الْأَرْضَ أَنْ أَنْبِتِی لِخَلْقِی مَا قَدْ فَاتَهُمْ مِنْ خَیْرِكِ فَإِنِّی قَدْ رَحِمْتُهُمْ بِالطِّفْلِ الصَّغِیرِ (2).

«21»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِذَا لَقِیتَ السَّبُعَ فَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ دَانِیَالَ وَ الْجُبِّ مِنْ شَرِّ كُلِّ أَسَدٍ مُسْتَأْسِدٍ (3).

«22»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِیِّ قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی الشَّامِ سَأَلَهُ عَالِمُ النَّصَارَی عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ رَجُلٍ دَنَا مِنِ امْرَأَتِهِ فَحَمَلَتْ بِابْنَیْنِ جَمِیعاً حَمَلَتْهُمَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ وَلَدَتْهُمَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَاتَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَ دُفِنَا فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ فَعَاشَ أَحَدُهُمَا خَمْسِینَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ وَ عَاشَ الْآخَرُ خَمْسِینَ سَنَةً مَنْ هُمَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُمَا عُزَیْرٌ وَ عَزْرَةُ كَانَ حَمْلُ أُمِّهِمَا عَلَی مَا وَصَفْتَ وَ وَضَعَتْهُمَا عَلَی مَا وَصَفْتَ وَ عَاشَ عَزْرَةُ مَعَ عُزَیْرٍ ثَلَاثِینَ سَنَةً ثُمَّ أَمَاتَ اللَّهُ عُزَیْراً مِائَةَ سَنَةٍ وَ بَقِیَ عَزْرَةُ یَحْیَا ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عُزَیْراً فَعَاشَ مَعَ عَزْرَةَ عِشْرِینَ سَنَةً الْخَبَرَ (4).

بیان: قد عرفت اختلاف القوم فی أن الذی أماته اللّٰه مائة عام هل هو أرمیا أو عزیر و قد دلت الروایات علی كل منهما أیضا و لعل الأخبار الدالة علی كونه عزیرا محمولة علی التقیة أو علی ما یوافق روایات أهل الكتاب بأن یكونوا أجابوهم علی معتقدهم و یمكن القول بوقوعه علی كل منهما و إن كانت الآیة وردت فی أحدهما.

«23»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِ

ص: 378


1- فی المصدر: و أشد، قال اه.
2- فروع الكافی 2: 165 و 166.
3- أصول الكافی 2: 571.
4- تفسیر القمّیّ: 88- 90 و فیه: و بقی عزرة حیا.

بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی دَانِیَالَ علیه السلام أَنَّ أَمْقَتَ عَبِیدِی إِلَیَّ الْجَاهِلُ الْمُسْتَخِفُّ بِحَقِّ أَهْلِ الْعِلْمِ التَّارِكُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ وَ أَنَّ أَحَبَّ عَبِیدِی إِلَیَّ التَّقِیُّ الطَّالِبُ لِلثَّوَابِ الْجَزِیلِ اللَّازِمُ لِلْعُلَمَاءِ التَّابِعُ لِلْحُلَمَاءِ الْقَابِلُ عَنِ الْحُكَمَاءِ (1).

«24»-ل، الخصال ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْأَرْبِعَاءِ وَ مَا یُتَطَیَّرُ مِنْهُ فَقَالَ علیه السلام آخِرُ أَرْبِعَاءَ مِنَ الشَّهْرِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ خُرِّبَ بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ أُحْرِقَ مَسْجِدُ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بِإِصْطَخْرَ مِنْ كُورَةِ فَارِسَ (2).

«25»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی عُزَیْرٍ علیه السلام یَا عُزَیْرُ إِذَا وَقَعْتَ فِی مَعْصِیَةٍ فَلَا تَنْظُرْ إِلَی صِغَرِهَا وَ لَكِنِ انْظُرْ مَنْ عَصَیْتَ (3)وَ إِذَا أُوتِیتَ رِزْقاً مِنِّی فَلَا تَنْظُرْ إِلَی قِلَّتِهِ وَ لَكِنِ انْظُرْ مَنْ أَهْدَاهُ وَ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ بَلِیَّةٌ فَلَا تَشْكُ إِلَی خَلْقِی كَمَا لَا أَشْكُوكَ إِلَی مَلَائِكَتِی عِنْدَ صُعُودِ مَسَاوِیكَ وَ فَضَائِحِكَ (4).

باب 26 قصص یونس و أبیه متی

الآیات؛

یونس: «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِیمانُها إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلی حِینٍ»(98)

الأنبیاء: «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ فَنادی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّیْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِی الْمُؤْمِنِینَ»(88)

ص: 379


1- أصول الكافی 1: 35. و للحدیث صدر تركه المصنّف.
2- الخصال 2: 28، علل الشرائع: 199، عیون الأخبار: 137، و الحدیث طویل أخرجه المصنّف مسندا فی احتجاجات أمیر المؤمنین علیه السلام راجع 10: 81.
3- فی نسخة: انظر إلی من عصیت.
4- دعوات الراوندیّ مخطوط.

الصافات: «وَ إِنَّ یُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ* إِذْ أَبَقَ إِلَی الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِیمٌ* فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ* لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ* فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَ هُوَ سَقِیمٌ* وَ أَنْبَتْنا عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ *وَ أَرْسَلْناهُ إِلی مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلی حِینٍ»(139-148)

ن: «وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادی وَ هُوَ مَكْظُومٌ* لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ* فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِینَ»(48-50)

تفسیر: وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ قال الطبرسی یعنی یونس علیه السلام أی لا تكن مثله فی استعجال عقاب قومه (1)و لا تخرج من بین قومك قبل أن یأذن اللّٰه لك كما خرج (2)إِذْ نادی وَ هُوَ مَكْظُومٌ أی دعا ربه فی جوف الحوت و هو محبوس عن التصرف فی الأمور و قیل مكظوم أی مختنق بالغم إذ لم یجد لغیظه شفاء لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ أی لو لا أن أدركته رحمة من ربه بإجابة دعائه و تخلیصه من بطن الحوت لَنُبِذَ أی طرح بِالْعَراءِ أی بالفضاء وَ هُوَ مَذْمُومٌ قد أتی بما یلام علیه (3)لكن اللّٰه تعالی تداركه بنعمة من عنده فنبذ بالعراء و هو غیر مذموم (4).

«1»-فس، تفسیر القمی كَصاحِبِ الْحُوتِ یَعْنِی یُونُسَ علیه السلام لَمَّا دَعَا عَلَی قَوْمِهِ ثُمَّ ذَهَبَ مُغاضِباً لِلَّهِ وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِذْ نادی رَبَّهُ وَ هُوَ مَكْظُومٌ أَیْ مَغْمُومٌ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ قَالَ النِّعْمَةُ الرَّحْمَةُ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ قَالَ الْعَرَاءُ الْمَوْضِعُ الَّذِی لَا سَقْفَ لَهُ (5).

«2»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا رَدَّ اللَّهُ الْعَذَابَ إِلَّا عَنْ قَوْمِ یُونُسَ وَ كَانَ یُونُسُ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ فَیَأْبَوْنَ ذَلِكَ فَهَمَ

ص: 380


1- فی المصدر: فی استعجال عقاب قومه و اهلاكهم.
2- فی المصدر: كما خرج هو.
3- فی المصدر: ملوم قد اتی بما یلام علیه.
4- مجمع البیان 10: 341.
5- تفسیر القمّیّ 693.

أَنْ یَدْعُوَ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ فِیهِمْ رَجُلَانِ عَابِدٌ وَ عَالِمٌ وَ كَانَ اسْمُ أَحَدِهِمَا مَلِیخَا (1)وَ الْآخَرُ اسْمُهُ رُوبِیلُ فَكَانَ الْعَابِدُ یُشِیرُ عَلَی یُونُسَ بِالدُّعَاءِ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ الْعَالِمُ یَنْهَاهُ وَ یَقُولُ لَا تَدْعُ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْتَجِیبُ لَكَ وَ لَا یُحِبُّ هَلَاكَ عِبَادِهِ فَقَبِلَ قَوْلَ الْعَابِدِ وَ لَمْ یَقْبَلْ مِنَ الْعَالِمِ فَدَعَا عَلَیْهِمْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَأْتِیهِمُ الْعَذَابُ فِی سَنَةِ كَذَا وَ كَذَا فِی شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا قَرُبَ الْوَقْتُ خَرَجَ یُونُسُ مِنْ بَیْنِهِمْ مَعَ الْعَابِدِ وَ بَقِیَ الْعَالِمُ فِیهَا فَلَمَّا كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ نَزَلَ الْعَذَابُ فَقَالَ الْعَالِمُ لَهُمْ یَا قَوْمِ افْزَعُوا إِلَی اللَّهِ فَلَعَلَّهُ یَرْحَمُكُمْ وَ یَرُدُّ الْعَذَابَ عَنْكُمْ (2)فَقَالُوا كَیْفَ نَصْنَعُ قَالَ اجْتَمِعُوا وَ اخْرُجُوا إِلَی الْمَفَازَةِ وَ فَرِّقُوا بَیْنَ النِّسَاءِ وَ الْأَوْلَادِ وَ بَیْنَ الْإِبِلِ وَ أَوْلَادِهَا وَ بَیْنَ الْبَقَرِ وَ أَوْلَادِهَا وَ بَیْنَ الْغَنَمِ وَ أَوْلَادِهَا ثُمَّ ابْكُوا وَ ادْعُوا فَذَهَبُوا وَ فَعَلُوا ذَلِكَ وَ ضَجُّوا وَ بَكَوْا فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَ صَرَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَ فَرَّقَ الْعَذَابَ عَلَی الْجِبَالِ وَ قَدْ كَانَ نَزَلَ وَ قَرُبَ مِنْهُمْ فَأَقْبَلَ یُونُسُ یَنْظُرُ (3)كَیْفَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ فَرَأَی الزَّارِعُونَ یَزْرَعُونَ فِی أَرْضِهِمْ قَالَ لَهُمْ مَا فَعَلَ قَوْمُ یُونُسَ فَقَالُوا لَهُ وَ لَمْ یَعْرِفُوهُ إِنَّ یُونُسَ دَعَا عَلَیْهِمْ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ نَزَلَ الْعَذَابُ عَلَیْهِمْ فَاجْتَمَعُوا وَ بَكَوْا فَدَعَوْا فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَ صَرَفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ فَرَّقَ الْعَذَابَ عَلَی الْجِبَالِ فَهُمْ إِذاً یَطْلُبُونَ یُونُسَ لِیُؤْمِنُوا بِهِ فَغَضِبَ یُونُسُ وَ مَرَّ عَلَی وَجْهِهِ مُغَاضِباً بِهِ (4)كَمَا حَكَی اللَّهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا سَفِینَةٌ قَدْ شُحِنَتْ (5)وَ أَرَادُوا أَنْ یَدْفَعُوهَا فَسَأَلَهُمْ یُونُسُ أَنْ یَحْمِلُوهُ فَحَمَلُوهُ فَلَمَّا تَوَسَّطُوا الْبَحْرَ بَعَثَ اللَّهُ حُوتاً عَظِیماً فَحَبَسَ عَلَیْهِمُ السَّفِینَةَ مِنْ قُدَّامِهَا فَنَظَرَ إِلَیْهِ یُونُسُ فَفَزِعَ مِنْهُ وَ صَارَ (6)إِلَی مُؤَخَّرِ السَّفِینَةِ فَدَارَ إِلَیْهِ الْحُوتُ (7)وَ فَتَحَ فَاهُ فَخَرَجَ (8)أَهْلُ السَّفِینَةِ فَقَالُوا فِینَا عَاصٍ فَتَسَاهَمُوا

ص: 381


1- یأتی فی خبر أبی عبیدة الحذاء أن اسمه تنوخا و هو العابد.
2- فی نسخة: فیرد العذاب عنكم.
3- فی نسخة: و ینظر. و فی أخری: لینظر.
4- فی المصدر: مغاضبا للّٰه.
5- شحن السفینة: ملأها.
6- فی نسخة: فصار.
7- فی نسخة: فدار الحوت.
8- فی نسخ: فخرج.

فَخَرَجَ سَهْمُ یُونُسَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ فَأَخْرَجُوهُ فَأَلْقَوْهُ فِی الْبَحْرِ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ مَرَّ بِهِ فِی الْمَاءِ وَ قَدْ سَأَلَ بَعْضُ الْیَهُودِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ سِجْنٍ طَافَ أَقْطَارَ الْأَرْضِ بِصَاحِبِهِ فَقَالَ یَا یَهُودِیُّ أَمَّا السِّجْنُ الَّذِی طَافَ الْأَرْضَ بِصَاحِبِهِ فَإِنَّهُ الْحُوتُ الَّذِی حَبَسَ یُونُسَ فِی بَطْنِهِ فَدَخَلَ فِی بَحْرِ الْقُلْزُمِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی بَحْرِ مِصْرَ ثُمَّ دَخَلَ إِلَی بَحْرِ طَبَرِسْتَانَ ثُمَّ خَرَجَ فِی دِجْلَةَ الْغَوْرَاءِ (1)قَالَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّی لَحِقَتْ بِقَارُونَ وَ كَانَ قَارُونُ هَلَكَ فِی أَیَّامِ مُوسَی علیه السلام وَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً یدخل (یُدْخِلُهُ) فِی الْأَرْضِ كُلَّ یَوْمٍ قَامَةَ رَجُلٍ وَ كَانَ یُونُسُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یَسْتَغْفِرُهُ فَسَمِعَ قَارُونُ صَوْتَهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْنِی فَإِنِّی أَسْمَعُ كَلَامَ آدَمِیٍّ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْهُ فَأَنْظَرَهُ ثُمَّ قَالَ قَارُونُ مَنْ أَنْتَ قَالَ یُونُسُ أَنَا الْمُذْنِبُ الْخَاطِئُ یُونُسُ بْنُ مَتَّی قَالَ فَمَا فَعَلَ الشَّدِیدُ الْغَضِبُ (2)لِلَّهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَیْهَاتَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَ الرَّءُوفُ الرَّحِیمُ عَلَی قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَتْ كُلْثُمُ بِنْتُ عِمْرَانَ الَّتِی كَانَتْ سُمِّیَتْ لِی قَالَ هَیْهَاتَ مَا بَقِیَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ أَحَدٌ فَقَالَ قَارُونُ وَا أَسَفَاهْ عَلَی آلِ عِمْرَانَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ یَرْفَعَ عَنْهُ الْعَذَابَ أَیَّامَ الدُّنْیَا فَرَفَعَ عَنْهُ فَلَمَّا رَأَی یُونُسُ ذَلِكَ نَادَی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْحُوتَ فَلَفَظَهُ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ قَدْ ذَهَبَ جِلْدُهُ وَ لَحْمُهُ وَ أَنْبَتَ اللَّهُ عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ وَ هِیَ الدُّبَّاءُ فَأَظَلَّتْهُ مِنَ الشَّمْسِ فَسَكَنَ (3)ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ الشَّجَرَةَ فَتَنَحَّتْ عَنْهُ وَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ عَلَیْهِ فَجَزِعَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا یُونُسُ لَمْ تَرْحَمْ مِائَةَ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ وَ أَنْتَ تَجْزَعُ مِنْ أَلَمِ سَاعَةٍ فَقَالَ یَا رَبِّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ فَرَدَّ اللَّهُ بَدَنَهُ (4)وَ رَجَعَ إِلَی قَوْمِهِ وَ آمَنُوا بِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَلَوْ لا كانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِیمانُها

ص: 382


1- فی المصدر: دجلة الغور. و فی معجم البلدان: دجلة العوراء- بالعین المهملة-: اسم لدجلة البصرة علم لها.
2- فی نسخة: شدید الغضب.
3- فی المصدر: فاظل به من الشمس فشكر.
4- فی نسخة: فرد اللّٰه صحة بدنه.

إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلی حِینٍ فَقَالُوا فَمَكَثَ یُونُسُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ تِسْعَ سَاعَاتٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِیعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّی یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ یَعْنِی لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَجْبُرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَی الْإِیمَانِ لَفَعَلَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَبِثَ یُونُسُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ نَادَی فِی الظُّلُماتِ ظُلْمَةِ بَطْنِ الْحُوتِ وَ ظُلْمَةِ اللَّیْلِ وَ ظُلْمَةِ الْبَحْرِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ (1)فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ (2)فَأَخْرَجَهُ الْحُوتُ إِلَی السَّاحِلِ ثُمَّ قَذَفَهُ فَأَلْقَاهُ بِالسَّاحِلِ (3)وَ أَنْبَتَ اللَّهُ عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ وَ هُوَ الْقَرْعُ فَكَانَ یَمَصُّهُ وَ یَسْتَظِلُّ بِهِ بِوَرَقِهِ وَ كَانَ تَسَاقَطَ شَعْرُهُ (4)وَ رَقَّ جِلْدُهُ وَ كَانَ یُونُسُ علیه السلام یُسَبِّحُ وَ یَذْكُرُ اللَّهَ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ (5)فَلَمَّا أَنْ قَوِیَ وَ اشْتَدَّ بَعَثَ اللَّهُ دُودَةً فَأَكَلَتْ أَسْفَلَ الْقَرْعِ فَذَبَلَتِ الْقَرْعَةُ (6)ثُمَّ یَبِسَتْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی یُونُسَ فَظَلَّ حَزِیناً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مَا لَكَ حَزِیناً یَا یُونُسُ قَالَ یَا رَبِّ هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِی تَنْفَعُنِی سَلَّطْتَ عَلَیْهَا دُودَةً فَیَبِسَتْ قَالَ یَا یُونُسُ أَ حَزِنْتَ لِشَجَرَةٍ لَمْ تَزْرَعْهَا وَ لَمْ تَسْقِهَا وَ لَمْ تَعْنَ بِهَا (7)أَنْ یَبِسَتْ حِینَ اسْتَغْنَیْتَ عَنْهَا وَ لَمْ تَحْزَنْ لِأَهْلِ نَیْنَوَی أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ أَرَدْتَ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابُ إِنَّ أَهْلَ نَیْنَوَی قَدْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا فَارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَانْطَلَقَ یُونُسُ علیه السلام إِلَی قَوْمِهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ نَیْنَوَی اسْتَحْیَا أَنْ یَدْخُلَ فَقَالَ لِرَاعٍ لَقِیَهُ ایتِ أَهْلَ نَیْنَوَی فَقُلْ لَهُمْ إِنَّ هَذَا یُونُسَ قَدْ جَاءَ قَالَ الرَّاعِی أَ تَكْذِبُ أَ مَا تَسْتَحْیِی وَ یُونُسُ قَدْ غَرِقَ فِی الْبَحْرِ وَ ذَهَبَ قَالَ لَهُ یُونُسُ

ص: 383


1- فی المصدر: سبحانك تبت إلیك انی كنت من الظالمین.
2- فی نسخة: فاستجاب اللّٰه له.
3- فی المصدر: فألقاه الی الساحل.
4- فی المصدر: و كان قد تساقط شعره.
5- فی المصدر: و كان یونس یسبح اللّٰه و یذكره اللیل و النهار.
6- ذیل النبات: قل ماؤه و ذهبت نضارته.
7- فی نسخة: و لم تعبأ بها.

اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ تَشْهَدُ لَكَ أَنِّی یُونُسُ (1)فَلَمَّا أَتَی الرَّاعِی قَوْمَهُ وَ أَخْبَرَهُمْ أَخَذُوهُ وَ هَمُّوا بِضَرْبِهِ فَقَالَ إِنَّ لِی بَیِّنَةً بِمَا أَقُولُ قَالُوا مَنْ یَشْهَدُ قَالَ هَذِهِ الشَّاةُ تَشْهَدُ فَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ صَادِقٌ (2)وَ أَنَّ یُونُسَ قَدْ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَیْهِمْ (3)فَخَرَجُوا یَطْلُبُونَهُ فَوَجَدُوهُ فَجَاءُوا بِهِ وَ آمَنُوا وَ حَسُنَ إِیمَانُهُمْ فَمَتَّعَهُمُ اللَّهُ إِلی حِینٍ وَ هُوَ الْمَوْتُ وَ أَجَارَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ (4).

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً قَالَ هُوَ یُونُسُ وَ مَعْنَی ذَا النُّونِ أَیْ ذَا الْحُوتِ قَوْلُهُ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ قَالَ أَنْزَلَهُ عَلَی أَشَدِّ الْأَمْرَیْنِ فَظَنَّ بِهِ أَشَدَّ الظَّنِّ وَ قَالَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ اسْتَثْنَی فِی هَلَاكِ قَوْمِ یُونُسَ وَ لَمْ یَسْمَعْهُ یُونُسُ قُلْتُ مَا كَانَ حَالُ یُونُسَ لَمَّا ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ قَالَ كَانَ مِنْ أَمْرٍ شَدِیدٍ قُلْتُ وَ مَا كَانَ سَبَبُهُ حَتَّی ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ قَالَ وَكَلَهُ إِلَی نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ- (5)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعَتْ أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی دُعَائِهِ اللَّهُمَّ وَ لَا تَكِلْنِی إِلَی نَفْسِی طَرْفَةَ عَیْنٍ أَبَداً فَسَأَلَتْهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَلَمَةَ وَ مَا یُؤْمِنُنِی وَ إِنَّمَا وَكَلَ اللَّهُ یُونُسَ بْنَ مَتَّی إِلَی نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ (6).

ص: 384


1- فی المصدر هنا زیادة هی هذه: فانطق اللّٰه الشاة له بانه یونس.
2- فی نسخة: فشهدت أنّه صادق.
3- فی المصدر: قد رده اللّٰه الیكم.
4- تفسیر القمّیّ: 293- 296.
5- فی المصدر و فی البرهان: عبد اللّٰه بن سیار.
6- أخرجه المصنّف مختصرا، و أصله فی المصدر: 432 هكذا: قال: كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی بیت أمّ سلمة فی لیلتها، فقدته من الفراش فدخلها من ذلك ما یدخل النساء فقامت تطلبه فی جوانب البیت حتّی انتهت إلیه و هو فی جانب من البیت قائما رافعا یدیه یبكی و هو یقول: «اللّٰهمّ لا تنزع منی صالح ما أعطیتنی أبدا، اللّٰهمّ و لا تكلنی الی نفسی طرفة عین أبدا، اللّٰهمّ لا تشمت بی عدوا و لا حاسدا ابدا، اللّٰهمّ لا تردنی من سوء استنقذتنی منه أبدا» قال: فانصرفت أم سلمة تبكی حتّی انصرف رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لبكائها، فقال لها: ما یبكیك یا أم سلمة؟ فقالت: بأبی أنت و امی یا رسول اللّٰه و لم لا أبكی و أنت بالمكان الذی انت به من اللّٰه قد غفر اللّٰه لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر تسأله أن لا یشمت بك عدوا أبدا، و أن لا یردك فی سوء استنقذك منه أبدا، و أن لا ینزع منك صالح ما اعطاك أبدا، و أن لا یكلك الی نفسك طرفة عین أبدا، فقال: یا أمّ سلمة و ما یؤمننی اه.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً یَقُولُ مِنْ أَعْمَالِ قَوْمِهِ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ یَقُولُ ظَنَّ أَنْ لَنْ یُعَاقَبَ بِمَا صَنَعَ (1).

بیان: قوله تعالی فَلَوْ لا كانَتْ قَرْیَةٌ قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل إن معناه فهلا كان أهل قریة آمنوا فی وقت ینفعهم إیمانهم أعلم اللّٰه سبحانه أن الإیمان لا ینفع عند وقوع العذاب و لا عند حضور الموت الذی لا یشك فیه لكن قوم یونس لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ العذاب عن الزجاج قال و قوم یونس لم یقع بهم العذاب إنما رأوا الآیة التی تدل علی العذاب فمثلهم مثل العلیل الذی یرجو العافیة و یخاف الموت (2)و قیل إن معناه فما كانت قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِیمانُها یرید بذلك لم یكن هذا معروفا لأمة من الأمم كفرت ثم آمنت عند نزول العذاب و كشف عنهم أی لم أفعل هذا بأمة قط إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا عند نزول العذاب (3)كشفت عنهم العذاب بعد ما تدلی علیهم عن قتادة و ابن عباس و قیل إنه أراد بقوله فَلَوْ لا كانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ قوم ثمود فإنه قد جاءهم العذاب یوما فیوما كما جاء قوم یونس إلا أن قوم یونس استدركوا ذلك بالتوبة و أولئك لم یستدركوا فوصف أهل القریة بأنهم سوی قوم یونس لیعرفهم به بعض التعریف إذ كان أخبر عنهم علی سبیل الإخبار عن النكرة عن الجبائی و هذا إنما یصح إذا كان إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ مرفوعا انتهی. (4)قوله أنزله علی أشد الأمرین ظاهره أن المراد أن اللّٰه تعالی لما كلفه أمرا شدیدا و هو الصبر علی وقوع خلاف ما أخبر به ظن به تعالی ظنا شدیدا لا یلیق به أو المعنی أنه لما وكله اللّٰه إلی نفسه و هو أشد الأمور ظن باللّٰه أشد الظن بفرط الرجاء حیث غفل عن عقابه تعالی و سیأتی بسط القول فی تأویل الآیة.

«3»-ع، علل الشرائع الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ

ص: 385


1- تفسیر القمّیّ: 432.
2- هكذا فی النسخ و فیه سقط واضح، و الصحیح كما فی المصدر: مثل العلیل الذی یتوب فی مرضه و هو یرجو العافیة و یخاف الموت.
3- فی المصدر: كشف عنهم العذاب.
4- مجمع البیان 5: 134 و 135.

عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِأَیِّ عِلَّةٍ صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْعَذَابَ عَنْ قَوْمِ یُونُسَ وَ قَدْ أَظَلَّهُمْ وَ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ بِغَیْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ فَقَالَ لِأَنَّهُ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ سَیَصْرِفُهُ عَنْهُمْ لِتَوْبَتِهِمْ وَ إِنَّمَا تَرَكَ إِخْبَارَ یُونُسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرَادَ أَنْ یُفَرِّغَهُ لِعِبَادَتِهِ فِی بَطْنِ الْحُوتِ فَیَسْتَوْجِبَ بِذَلِكَ ثَوَابَهُ وَ كَرَامَتَهُ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله (2)بیان یمكن توجیه الخبر بوجهین الأول أن یكون السؤال عن علة عدم نزول العذاب علیهم دفعة بل بأن أظلهم و لم ینزل بهم حتی تابوا فالجواب أنه لما علم اللّٰه أنهم یتوبون بعد رؤیته جعله مظلا (3)بهم حتی تابوا فصرف عنهم.

الثانی أن یكون السؤال علی ظاهره و یكون الجواب أنهم لما تابوا صرف عنهم و التعرض لحدیث العلم لبیان أنه كان عالما بتوبتهم و إنما لم یخبر یونس للحكمة المذكورة و الأول أظهر لا سیما فی الخبر الآتی.

«4»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ سَمَاعَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ مَا رَدَّ اللَّهُ الْعَذَابَ عَنْ قَوْمٍ قَدْ أَظَلَّهُمْ إِلَّا قَوْمِ یُونُسَ فَقُلْتُ أَ كَانَ قَدْ أَظَلَّهُمْ فَقَالَ نَعَمْ حَتَّی نَالُوهُ بِأَكُفِّهِمْ قُلْتُ فَكَیْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَ كَانَ فِی الْعِلْمِ الْمُثْبَتِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِی لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ أَحَدٌ أَنَّهُ سَیَصْرِفُهُ عَنْهُمْ (4).

«5»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ (5)عَنِ ابْنِ أَبِی

ص: 386


1- علل الشرائع: 37.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و ألفاظه علی ما فی البرهان هكذا: عن أبی بصیر، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: لما أظل قوم یونس العذاب دعوا اللّٰه فصرفه عنهم، قلت: كیف ذلك؟ قال: كان فی العلم أنّه یصرفه عنهم.
3- فی نسخة: مظللة.
4- علل الشرائع: 37.
5- المصدر خال عن قوله: عن أخیه.

عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ یُونُسُ بْنُ مَتَّی علیه السلام بِصَفَائِحِ الرَّوْحَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ كَشَّافَ الْكُرَبِ الْعِظَامِ لَبَّیْكَ الْخَبَرَ (1).

كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر مثله (2).

«6»- كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ سجیم (سُحَیْمٍ) (3)عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ وَ هُوَ رَافِعٌ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ رَبِّ لَا تَكِلْنِی إِلَی نَفْسِی طَرْفَةَ عَیْنٍ أَبَداً لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قَالَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ تَحَدَّرَ الدُّمُوعُ مِنْ جَوَانِبِ لِحْیَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ فَقَالَ یَا ابْنَ أَبِی یَعْفُورٍ إِنَّ یُونُسَ بْنَ مَتَّی وَكَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَفْسِهِ أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ فَأَحْدَثَ ذَلِكَ الظَّنَّ (4)قُلْتُ فَبَلَغَ بِهِ كُفْراً أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَالَ لَا وَ لَكِنَّ الْمَوْتَ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ هَلَاكٌ (5).

«7»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام فِی خَبَرِ ابْنِ الْجَهْمِ أَنَّهُ سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام ذَلِكَ یُونُسُ بْنُ مَتَّی علیه السلام ذَهَبَ مُغَاضِباً لِقَوْمِهِ فَظَنَّ بِمَعْنَی اسْتَیْقَنَ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ أَیْ لَنْ نُضَیِّقَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ وَ مِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ أَیْ ضَیَّقَ عَلَیْهِ فَقَتَرَ فَنادی فِی الظُّلُماتِ ظُلْمَةِ اللَّیْلِ (6)وَ ظُلْمَةِ الْبَحْرِ وَ بَطْنِ الْحُوتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ بِتَرْكِی مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الَّتِی قَدْ فَرَّغْتَنِی لَهَا فِی بَطْنِ الْحُوتِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (7).

ص: 387


1- علل الشرائع: 145.
2- فروع الكافی 1: 223 و 224.
3- الصحیح كما فی المصدر «سحیم» بالحاء المهملة.
4- فی المصدر: فأحدث ذلك الذنب. قلت: الحدیث كما تری ضعیف بمحمّد بن سنان، و سحیم لم یثبت حاله، مع أن معارض بما سیأتی.
5- أصول الكافی 2: 581.
6- فی المصدر: أی ظلمة اللیل، و ظلمة البحر، و ظلمة بطن الحوت.
7- عیون الأخبار: 112.

بیان: بتركی مثل هذه العبادة أی لما عبد اللّٰه تعالی فی بطن الحوت أحسن العبادة و ذكره أحسن الذكر لفراغ باله عن الشواغل خضع لله و أقر بالظلم حیث ترك قبل دخوله فی بطن الحوت مثل تلك العبادة و لعل ذكر الآیة الأخیرة لبیان أنه كان مشتغلا بالتسبیح فی بطن الحوت و یحتمل أن یكون علیه السلام تأول الآیة بأنه لو لم یكن خارجا من بطن الحوت من المسبحین للبث فی بطنه لأنه كان أصلح له و أفرغ لعبادته و لكنه لما كان فی الخارج أیضا من المسبحین و كان یترتب علی خروجه هدایة الخلق أیضا فلذا أخرجناه.

و لنذكر بعض ما قیل من التأویلات فی تلك الآیات قال السید قدس اللّٰه روحه أما من ظن أن یونس علیه السلام خرج مغاضبا لربه من حیث لم ینزل بقومه العذاب فقد خرج فی الافتراء علی الأنبیاء بسوء الظن بهم عن الحد و لیس یجوز أن یغاضب ربه إلا من كان معادیا (1)و جاهلا بأن الحكمة فی سائر أفعاله و هذا لا یلیق بأتباع الأنبیاء من المؤمنین فضلا عمن عصمه اللّٰه و رفع درجته و أقبح من ذلك ظن الجهال أنه ظن أن ربه لا یقدر علیه من جهة القدرة التی یصح بها الفعل و یكاد یخرج عندنا من ظن بالأنبیاء مثل ذلك عن باب التمییز و التكلیف و لكن كان غضبه علیه السلام علی قومه لمقامهم علی تكذیبه و إصرارهم علی الكفر و یأسه من إقلاعهم و توبتهم فخرج من بینهم خوفا من أن ینزل العذاب بهم و هو مقیم بینهم فأما قوله فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ فمعناه أنا لا نضیق علیه المسلك و نشدد علیه المحنة و التكلیف لأن ذلك مما یجوز أن یظنه النبی و لا شك فی أن قول القائل قدرت و قدرت بالتشدید و التخفیف معناه التضییق قال اللّٰه تعالی وَ مَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ (2)و قال تعالی اللَّهُ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَقْدِرُ (3)و قال تعالی وَ أَمَّا

ص: 388


1- فی المصدر:؟؟؟ له.
2- الطلاق: 7.
3- الرعد: 26. و فی المصدر بعد الآیة: ای یوسع و یضیق.

إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَیْهِ رِزْقَهُ (1)و التضییق (2)الذی قدره اللّٰه علیه هو ما لحقه من الحصول فی بطن الحوت و ما لحقه فی ذلك من المشقة الشدیدة إلی أن نجاه اللّٰه تعالی منها و أما قوله تعالی فَنادی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ فهو علی سبیل الانقطاع إلی اللّٰه تعالی و الخضوع بین یدیه و لیس لأحد أن یقول كیف یعترف بأنه كان من الظالمین و لم یقع منه ظلم و ذلك أنه یمكن أن یرید أنی من الذین یقع منهم الظلم فیكون صدقا و إن ورد علی سبیل الخشوع و الخضوع لأن جنس البشر لا یمتنع منه وقوع الظلم و الفائدة فی ذلك التطأمن (3)لله تعالی و التخاضع و نفی التكبر و التجبر كما یقول الإنسان إذا أراد أن یكسر نفسه إنما أنا من البشر و لست من الملائكة و أنا ممن یخطئ و یصیب و هو لا یرید إضافة الخطاء إلی نفسه انتهی. (4)

أقول: علی ما ذكره رحمه اللّٰه یحتمل أن یكون الغرض عد نعمه تعالی علیه بأنی مع كونی ممن یقع منه الظلم عصمتنی عنه فلو وكلتنی إلی نفسی لكنت مثلهم ظالما و لكن بعصمتك نجیتنی و من آداب الدعاء و المسألة عد النعم السالفة للمنعم علی السائل.

ثم قال رحمه اللّٰه و وجه آخر و هو أنا قد بینا فی قصة آدم علیه السلام أن المراد بذلك أنا نقصنا الثواب و بخسنا حظنا منه لأن الظلم فی أصل اللغة النقص و الثلم و من ترك المندوب فقد ظلم نفسه من حیث نقصها ثواب ذلك (5)و أما قوله تعالی فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ فلیس علی ما ظنه الجهال من أنه ثقل علیه أعباء النبوة لضیق خلقه فقذفها و إنما الصحیح أن یونس لم یقو علی الصبر علی تلك المحنة التی ابتلاه اللّٰه بها لغایة الثواب فشكا إلی اللّٰه تعالی منها و سأله الفرج و الخلاص

ص: 389


1- الفجر: 16.
2- فی المصدر: أی ضیق، و التضییق إه.
3- التطامن: الانخفاض و الخشوع.
4- تنزیه الأنبیاء: 99 و 100.
5- فی المصدر: و من ترك المندوب إلیه و هو لو فعله لاستحق الثواب یجوز أن یقول: إنّه ظلم نفسه من حیث نقصها ذلك الثواب.

و لو صبر لكان أفضل فأراد اللّٰه لنبیه صلی اللّٰه علیه و آله أفضل المنازل و أعلاها انتهی. (1)

أقول: لما كان الظاهر من أكثر الأخبار أنه كان هجرته عن القوم بعد العلم بتوبتهم و صرف العذاب عنهم فیحتمل أن یكون غضبه كنایة عن حزنه و أسفه علی طلب العذاب لهم و خوفه من أن یكذبوه بعد رجوعه إلیهم حیث لم یقع ما أخبر به و أما قوله تعالی فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ فالأكثر علی أنه بمعنی التضییق كما مر و قد قیل فیه وجوه أخر:

الأول أن یكون هذا من باب التمثیل یعنی كانت حاله و مثله كحالة من ظن أن لن نقدر علیه فی خروجه من قومه من غیر انتظار لأمر اللّٰه. (2)و الثانی أن یفسر القدر بالقضاء فالمعنی فظن أن لن نقضی علیه بشدة و هو قول مجاهد و قتادة و الضحاك و الكلبی و روایة العوفی عن ابن عباس و اختیار الفراء و الزجاج و یؤیده أنه قرئ فی الشواذ بضم النون و تشدید الدال المكسورة.

و الثالث أن المعنی فظن أن لن نعمل فیه قدرتنا لأن بین القدرة و الفعل مناسبة فلا یبعد جعل أحدهما مجازا عن الآخر.

الرابع أنه استفهام بمعنی التوبیخ.

ثم اختلفوا فی الظلمات فقیل أی فی الظلمة الشدیدة المتكاثفة فی بطن الحوت و قیل ظلمة اللیل و البحر و الحوت و قیل كان حوت (3)فی بطن حوت.

«8»-ل، الخصال الْفَامِیُّ وَ ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَیْهِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ یُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَیُّهُمْ یَكْفُلُ مَرْیَمَ وَ السِّهَامُ سِتَّةٌ ثُمَّ اسْتَهَمُوا فِی یُونُسَ لَمَّا رَكِبَ مَعَ الْقَوْمِ فَوَقَفَتِ السَّفِینَةُ فِی اللُّجَّةِ فَاسْتَهَمُوا فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَی یُونُسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَمَضَی یُونُسُ إِلَی صَدْرِ السَّفِینَةِ فَإِذَا الْحُوتُ فَاتِحٌ فَاهُ فَرَمَی بِنَفْسِهِ الْخَبَرَ (4).

ص: 390


1- تنزیه الأنبیاء: 100 و 101.
2- كما یقول السلطان فیمن فر من خوفه: إنّه ظنّ أن خرج من سلطانی؟ لا یكون ذلك، بل هو فی قبضتی و سلطانی.
3- كذا فی النسخ.
4- الخصال 1: 75.

«9»-مع، معانی الأخبار مَعْنَی یُونُسَ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَأْنِساً لِرَبِّهِ مُغَاضِباً لِقَوْمِهِ وَ صَارَ مُؤْنِساً لِقَوْمِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَیْهِمْ (1).

«10»-یر، بصائر الدرجات ابْنُ مَعْرُوفٍ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ (2)قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ وَلَایَتِی عَلَی أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ أَقَرَّ بِهَا مَنْ أَقَرَّ وَ أَنْكَرَهَا مَنْ أَنْكَرَ أَنْكَرَهَا یُونُسُ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ حَتَّی أَقَرَّ بِهَا (3).

بیان: المراد بالإنكار عدم القبول التام و ما یلزمه من الاستشفاع و التوسل بهم.

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: خَرَجَ یُونُسُ علیه السلام مُغَاضِباً مِنْ قَوْمِهِ لَمَّا رَأَی مِنْ مَعَاصِیهِمْ حَتَّی رَكِبَ مَعَ قَوْمٍ فِی سَفِینَةٍ فِی الْیَمِّ فَعَرَضَ لَهُمْ حُوتٌ لِیُغْرِقَهُمْ فَسَاهَمُوا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ یُونُسُ إِیَّایَ أَرَادَ فَاقْذِفُونِی وَ لَمَّا أَخَذَتِ السَّمَكَةُ یُونُسَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا إِلَیْهَا أَنِّی لَمْ أَجْعَلْهُ لَكِ رِزْقاً فَلَا تكسر (تَكْسِرِی) لَهُ عَظْماً وَ لَا تأكل (تَأْكُلِی) لَهُ لَحْماً قَالَ فَطَافَتْ بِهِ الْبِحَارَ فَنادی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ وَ قَالَ لَمَّا صَارَتِ السَّمَكَةُ فِی الْبَحْرِ الَّذِی فِیهِ قَارُونُ سَمِعَ قَارُونُ صَوْتاً لَمْ یَسْمَعْهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ هُوَ یُونُسُ النَّبِیُّ علیه السلام فِی بَطْنِ الْحُوتِ قَالَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أُكَلِّمَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ یَا یُونُسُ مَا فَعَلَ هَارُونُ قَالَ مَاتَ فَبَكَی قَارُونُ قَالَ مَا فَعَلَ مُوسَی قَالَ مَاتَ فَبَكَی قَارُونُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْ خَفِّفِ الْعَذَابَ عَلَی قَارُونَ لِرِقَّتِهِ عَلَی قَرَابَتِهِ.

ص: 391


1- معانی الأخبار: 19.
2- حبة- بفتح أوله ثمّ موحدة ثقیلة- ابن جوین- بجیم مصغر- العرنیّ- بضم المهملة و فتح الراء بعدها نون أبو قدامة الكوفیّ صدوق له أغلاط، و كان غالیا فی التشیع من الثانیة، و أخطأ من زعم أن له صحبة مات سنة ست، و قیل تسع و سبعین. منه رحمه اللّٰه. قلت: ترجمه بذلك ابن حجر فی التقریب: 92.
3- بصائر الدرجات: 22.

وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ ارْفَعْ عَنْهُ الْعَذَابَ بَقِیَّةَ أَیَّامِ الدُّنْیَا لِرِقَّتِهِ عَلَی قَرَابَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَقُولَ أَنَا خَیْرٌ مِنْ یُونُسَ بْنِ مَتَّی علیه السلام.

بیان: لعل المعنی علی تقدیر صحة الخبر أنه لا ینبغی أن یقول أحد أنا خیر من یونس من حیث المعراج بأن یظن أنی صرت من حیث العروج إلی السماء أقرب إلی اللّٰه تعالی منه فإن نسبته تعالی إلی السماء و الأرض و البحار نسبة واحدة و إنما أرانی اللّٰه تعالی عجائب خلقه فی السماوات و أری یونس عجائب خلقه فی البحار و إنی عبدت اللّٰه فی السماء و هو عبد اللّٰه فی ظلمات البحار و لكن التفضیل من جهات أخر (1).

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ وَجَدْنَا فِی بَعْضِ كُتُبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام حَدَّثَهُ أَنَّ یُونُسَ بْنَ مَتَّی علیه السلام بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَی قَوْمِهِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ كَانَ رَجُلًا یَعْتَرِیهِ الْحِدَّةُ (2)وَ كَانَ قَلِیلَ الصَّبْرِ عَلَی قَوْمِهِ وَ الْمُدَارَاةِ لَهُمْ عَاجِزاً عَمَّا حُمِّلَ مِنْ ثِقَلِ حَمْلِ أَوْقَارِ النُّبُوَّةِ وَ أَعْلَامِهَا وَ أَنَّهُ یُفْسَخُ تَحْتَهَا (3)كَمَا یُفْسَخُ الْجَذَعُ تَحْتَ حِمْلِهِ وَ أَنَّهُ أَقَامَ فِیهِمْ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّصْدِیقِ بِهِ وَ اتِّبَاعِهِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَلَمْ یُؤْمِنْ بِهِ وَ لَمْ یَتَّبِعْهُ مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا رَجُلَانِ اسْمُ أَحَدِهِمَا رُوبِیلُ وَ اسْمُ الْآخَرِ تَنُوخَا (4)وَ كَانَ رُوبِیلُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ الْعِلْمِ وَ النُّبُوَّةِ وَ الْحِكْمَةِ وَ كَانَ قَدِیمَ الصُّحْبَةِ لِیُونُسَ بْنِ مَتَّی مِنْ قَبْلِ أَنْ یَبْعَثَهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ كَانَ تَنُوخَا رَجُلًا مُسْتَضْعَفاً عَابِداً زَاهِداً مُنْهَمِكاً فِی الْعِبَادَةِ (5)وَ لَیْسَ لَهُ

ص: 392


1- و لعلّ المعنی أن أحدا لا یغتر بنفسه حیث لم یصدر عنه ذنب؛ أو یسمع قصة یونس علیه السلام و غضبه حین رأی أن قومه نجا من العذاب فیقول: أنا خیر من یونس؛ لان ترك العصیان و الطاعة لا یكونان الا بعصمة اللّٰه و توفیقه.
2- أی یصیبه البأس و الغضب.
3- كنایة عن ضعف العزم و عدم التحمل فیما یعرض له.
4- تقدم فی خبر جمیل أن اسمه ملیخا.
5- انهمك فی الامر: جد فیه و لج.

عِلْمٌ وَ لَا حُكْمٌ وَ كَانَ رُوبِیلُ صَاحِبَ غَنَمٍ یَرْعَاهَا وَ یَتَقَوَّتُ مِنْهَا وَ كَانَ تَنُوخَا رَجُلًا حَطَّاباً یَحْتَطِبُ عَلَی رَأْسِهِ وَ یَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَ كَانَ لِرُوبِیلَ مَنْزِلَةٌ مِنْ یُونُسَ غَیْرُ مَنْزِلَةِ تَنُوخَا لَعِلْمِ رُوبِیلَ وَ حِكْمَتِهِ وَ قَدِیمِ صُحْبَتِهِ فَلَمَّا رَأَی یُونُسُ علیه السلام أَنَّ قَوْمَهُ لَا یُجِیبُونَهُ وَ لَا یُؤْمِنُونَ بِهِ ضَجِرَ وَ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَی رَبِّهِ وَ كَانَ فِیمَا شَكَا أَنْ قَالَ یَا رَبِّ إِنَّكَ بَعَثْتَنِی إِلَی قَوْمِی وَ لِی ثَلَاثُونَ سَنَةً فَلَبِثْتُ فِیهِمْ أَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِكَ وَ التَّصْدِیقِ بِرِسَالاتِی وَ أُخَوِّفُهُمْ عَذَابَكَ وَ نَقِمَتَكَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَكَذَّبُونِی وَ لَمْ یُؤْمِنُوا بِی وَ جَحَدُوا نُبُوَّتِی وَ اسْتَخَفُّوا بِرِسَالاتِی وَ قَدْ تَوَاعَدُونِی وَ خِفْتُ أَنْ یَقْتُلُونِی فَأَنْزِلْ عَلَیْهِمْ عَذَابَكَ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا یُؤْمِنُونَ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی یُونُسَ أَنَّ فِیهِمُ الْحَمْلَ وَ الْجَنِینَ وَ الطِّفْلَ وَ الشَّیْخَ الْكَبِیرَ وَ الْمَرْأَةَ الضَّعِیفَةَ وَ الْمُسْتَضْعَفَ الْمَهِینَ وَ أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ سَبَقَتْ رَحْمَتِی غَضَبِی لَا أُعَذِّبُ الصِّغَارَ بِذُنُوبِ الْكِبَارِ مِنْ قَوْمِكَ وَ هُمْ یَا یُونُسُ عِبَادِی وَ خَلْقِی وَ بَرِیَّتِی فِی بِلَادِی وَ فِی عَیْلَتِی أُحِبُّ أَنْ أَتَأَنَّاهُمْ وَ أَرْفُقَ بِهِمْ وَ أَنْتَظِرُ تَوْبَتَهُمْ وَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ إِلَی قَوْمِكَ لِتَكُونَ حیطاً عَلَیْهِمْ تَعْطَفَ عَلَیْهِمْ بِالرَّحِمِ الْمَاسَّةِ مِنْهُمْ وَ تَأَنَّاهُمْ بِرَأْفَةِ النُّبُوَّةِ وَ تَصْبِرَ مَعَهُمْ بِأَحْلَامِ الرِّسَالَةِ وَ تَكُونَ لَهُمْ كَهَیْئَةِ الطَّبِیبِ الْمُدَاوِی الْعَالِمِ بِمُدَاوَاةِ الدَّاءِ فَخَرَقْتَ بِهِمْ (1)وَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ قُلُوبَهُمْ بِالرِّفْقِ وَ لَمْ تَسُسْهُمْ بِسِیَاسَةِ الْمُرْسَلِینَ ثُمَّ سَأَلْتَنِی عَنْ سُوءِ نَظَرِكَ الْعَذَابَ لَهُمْ عِنْدَ قِلَّةَ الصَّبْرِ مِنْكَ وَ عَبْدِی نُوحٌ كَانَ أَصْبَرَ مِنْكَ عَلَی قَوْمِهِ وَ أَحْسَنَ صُحْبَةً وَ أَشَدَّ تَأَنِّیاً فِی الصَّبْرِ عِنْدِی وَ أَبْلَغَ فِی الْعُذْرِ فَغَضِبْتُ لَهُ حِینَ غَضِبَ لِی وَ أَجَبْتُهُ حِینَ دَعَانِی فَقَالَ یُونُسُ یَا رَبِّ إِنَّمَا غَضِبْتُ عَلَیْهِمْ فِیكَ وَ إِنَّمَا دَعَوْتُ عَلَیْهِمْ حِینَ عَصَوْكَ فَوَ عِزَّتِكَ لَا أَتَعَطَّفُ عَلَیْهِمْ بِرَأْفَةٍ أَبَداً وَ لَا أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ بِنَصِیحَةِ شَفِیقٍ بَعْدَ كُفْرِهِمْ وَ تَكْذِیبِهِمْ إِیَّایَ وَ جَحْدِهِمْ بِنُبُوَّتِی فَأَنْزِلْ عَلَیْهِمْ عَذَابَكَ فَإِنَّهُمْ لَا یُؤْمِنُونَ أَبَداً فَقَالَ اللَّهُ یَا یُونُسُ إِنَّهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ مِنْ خَلْقِی یَعْمُرُونَ بِلَادِی وَ یَلِدُونَ عِبَادِی وَ مَحَبَّتِی أَنْ

ص: 393


1- أی لم تتصرف فیهم حسن التصرف. و یمكن أن یكون مصحف «حزقت» بالزای من حزق الوتر أو الرباط: جذبه و شده. و حزق الشی ء: عصره و ضغطه فیكون كنایة عن التشدید فی أمرهم.

أَتَأَنَّاهُمْ لِلَّذِی سَبَقَ مِنْ عِلْمِی فِیهِمْ وَ فِیكَ وَ تَقْدِیرِی وَ تَدْبِیرِی غَیْرُ عِلْمِكَ وَ تَقْدِیرِكَ وَ أَنْتَ الْمُرْسَلُ وَ أَنَا الرَّبُّ الْحَكِیمُ وَ عِلْمِی فِیهِمْ یَا یُونُسُ بَاطِنٌ فِی الْغَیْبِ عِنْدِی لَا تَعْلَمُ مَا مُنْتَهَاهُ وَ عِلْمُكَ فِیهِمْ ظَاهِرٌ لَا بَاطِنَ لَهُ یَا یُونُسُ قَدْ أَجَبْتُكَ إِلَی مَا سَأَلْتَ مِنْ إِنْزَالِ الْعَذَابِ عَلَیْهِمْ وَ مَا ذَلِكَ یَا یُونُسُ بِأَوْفَرَ لِحَظِّكَ عِنْدِی وَ لَا أَجْمَلَ لِشَأْنِكَ (1)وَ سَیَأْتِیهِمْ عَذَابٌ فِی شَوَّالٍ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَسَطَ الشَّهْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَعْلِمْهُمْ ذَلِكَ قَالَ فَسُرَّ بِذَلِكَ یُونُسُ وَ لَمْ یَسُؤْهُ وَ لَمْ یَدْرِ مَا عَاقِبَتُهُ فَانْطَلَقَ یُونُسُ إِلَی تَنُوخَا الْعَابِدِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَی قَوْمِهِ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ قَالَ لَهُ انْطَلِقْ حَتَّی أُعْلِمَهُمْ بِمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیَّ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ فَقَالَ تَنُوخَا فَدَعْهُمْ فِی غَمْرَتِهِمْ وَ مَعْصِیَتِهِمْ حَتَّی یُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ یُونُسُ بَلْ نَلْقَی رُوبِیلَ فَنُشَاوِرُهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ عَالِمٌ حَكِیمٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ فَانْطَلَقَا إِلَی رُوبِیلَ فَأَخْبَرَهُ یُونُسُ علیه السلام بِمَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَی قَوْمِهِ فِی شَوَّالٍ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِی وَسَطِ الشَّهْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ لَهُ مَا تَرَی انْطَلِقْ بِنَا حَتَّی أُعْلِمَهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رُوبِیلُ ارْجِعْ إِلَی رَبِّكَ رَجْعَةَ نَبِیٍّ حَكِیمٍ وَ رَسُولٍ كَرِیمٍ وَ سَلْهُ أَنْ یَصْرِفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ فَإِنَّهُ غَنِیٌّ عَنْ عَذَابِهِمْ وَ هُوَ یُحِبُّ الرِّفْقَ بِعِبَادِهِ وَ مَا ذَلِكَ بِأَضَرَّ لَكَ عِنْدَهُ وَ لَا أَسْوَأَ لِمَنْزِلَتِكَ لَدَیْهِ وَ لَعَلَّ قَوْمَكَ بَعْدَ مَا سَمِعْتَ وَ رَأَیْتَ مِنْ كُفْرِهِمْ وَ جُحُودِهِمْ یُؤْمِنُونَ یَوْماً فَصَابِرْهُمْ وَ تَأَنَّهُمْ فَقَالَ لَهُ تَنُوخَا وَیْحَكَ یَا رُوبِیلُ مَا أَشَرْتَ (2)عَلَی یُونُسَ وَ أَمَرْتَهُ بَعْدَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ جَحْدِهِمْ لِنَبِیِّهِ وَ تَكْذِیبِهِمْ إِیَّاهُ وَ إِخْرَاجِهِمْ إِیَّاهُ مِنْ مَسَاكِنِهِ وَ مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ رَجْمِهِ فَقَالَ رُوبِیلُ لِتَنُوخَا اسْكُتْ فَإِنَّكَ رَجُلٌ عَابِدٌ لَا عِلْمَ لَكَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی یُونُسَ فَقَالَ أَ رَأَیْتَ یَا یُونُسُ إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ الْعَذَابَ عَلَی قَوْمِكَ أَنْزَلَهُ (3)فَیُهْلِكُهُمْ جَمِیعاً أَوْ یُهْلِكُ بَعْضاً وَ یَبْقَی بَعْضٌ فَقَالَ لَهُ یُونُسُ بَلْ یُهْلِكُهُمْ جَمِیعاً وَ كَذَلِكَ سَأَلْتُهُ مَا دَخَلَتْنِی لَهُمْ رَحْمَةُ تَعَطُّفٍ فَأُرَاجِعَ اللَّهَ فِیهِمْ وَ أَسْأَلَهُ أَنْ یَصْرِفَ عَنْهُمْ فَقَالَ لَهُ رُوبِیلُ

ص: 394


1- فی البرهان: بأوفر سخطك عندی و لا أحمد لشأنك.
2- فی البرهان: علی ما أشرت.
3- فی البرهان: أ ینزله.

أَ تَدْرِی یَا یُونُسُ لَعَلَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ فَأَحَسُّوا بِهِ أَنْ یَتُوبُوا إِلَیْهِ وَ یَسْتَغْفِرُوا فَیَرْحَمَهُمْ فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ یَكْشِفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَخْبَرْتَهُمْ عَنِ اللَّهِ أَنَّهُ یُنْزِلُ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَتَكُونَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ كَذَّاباً فَقَالَ لَهُ تَنُوخَا وَیْحَكَ یَا رُوبِیلُ لَقَدْ قُلْتَ عَظِیماً یُخْبِرُكَ النَّبِیُّ الْمُرْسَلُ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنَّ الْعَذَابَ یَنْزِلُ عَلَیْهِمْ فَتَرُدُّ قَوْلَ اللَّهِ وَ تَشُكُّ فِیهِ وَ فِی قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُكَ فَقَالَ رُوبِیلُ لِتَنُوخَا لَقَدْ فَشِلَ رَأْیُكَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی یُونُسَ فَقَالَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْیُ وَ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ فِیهِمْ عَلَی مَا أَنْزَلَ عَلَیْكَ فِیهِمْ مِنْ إِنْزَالِ الْعَذَابِ عَلَیْهِمْ وَ قَوْلُهُ الْحَقُّ أَ رَأَیْتَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهَلَكَ قَوْمُكَ كُلُّهُمْ وَ خَرِبَتْ قَرْیَتُهُمْ أَ لَیْسَ یَمْحُو اللَّهُ اسْمَكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَ تَبْطُلُ رِسَالَتُكَ وَ تَكُونُ كَبَعْضِ ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَ یَهْلِكُ عَلَی یَدَیْكَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ (1)فَأَبَی یُونُسُ أَنْ یَقْبَلَ وَصِیَّتَهُ فَانْطَلَقَ وَ مَعَهُ تَنُوخَا مِنَ الْقَرْیَةِ وَ تَنَحَّیَا عَنْهُمْ غَیْرَ بَعِیدٍ وَ رَجَعَ یُونُسُ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنَّهُ یُنْزِلُ الْعَذَابَ (2)عَلَیْكُمْ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِی شَوَّالٍ فِی وَسَطِ الشَّهْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَرَدُّوا عَلَیْهِ قَوْلَهُ فَكَذَّبُوهُ وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ قَرْیَتِهِمْ إِخْرَاجاً عَنِیفاً فَخَرَجَ یُونُسُ علیه السلام وَ مَعَهُ تَنُوخَا مِنَ الْقَرْیَةِ وَ تَنَحَّیَا عَنْهُمْ غَیْرَ بَعِیدٍ وَ أَقَامَا یَنْتَظِرَانِ الْعَذَابَ وَ أَقَامَ رُوبِیلُ مَعَ قَوْمِهِ فِی قَرْیَتِهِمْ حَتَّی إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِمْ شَوَّالٌ صَرَخَ رُوبِیلُ بِأَعْلَی صَوْتِهِ فِی رَأْسِ الْجَبَلِ إِلَی الْقَوْمِ أَنَا رُوبِیلُ شَفِیقٌ عَلَیْكُمْ رَحِیمٌ بِكُمْ هَذَا شَوَّالٌ قَدْ دَخَلَ عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرَكُمْ یُونُسُ نَبِیُّكُمْ وَ رَسُولُ رَبِّكُمْ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنَّ الْعَذَابَ یَنْزِلُ عَلَیْكُمْ فِی شَوَّالٍ فِی وَسَطِ الشَّهْرِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ لَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ رُسُلَهُ فَانْظُرُوا مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ فَأَفْزَعَهُمْ كَلَامُهُ وَ وَقَعَ فِی قُلُوبِهِمْ تَحْقِیقُ نُزُولِ الْعَذَابِ فَأَجْفَلُوا نَحْوَ رُوبِیلَ وَ قَالُوا لَهُ مَا ذَا أَنْتَ تُشِیرُ بِهِ عَلَیْنَا (3)یَا رُوبِیلُ فَإِنَّكَ رَجُلٌ عَالِمٌ حَكِیمٌ لَمْ نَزَلْ نَعْرِفُكَ بِالرِّقَّةِ عَلَیْنَا (4)وَ الرَّحْمَةِ لَنَا وَ قَدْ بَلَغَنَا مَا أَشَرْتَ بِهِ عَلَی یُونُسَ فِینَا فَمُرْنَا

ص: 395


1- فی البرهان: مائة ألف أو یزیدون من الناس.
2- فی البرهان: أوحی إلیه أنی منزل علیكم العذاب.
3- فی البرهان: ما ذا أنت مشیر به علینا.
4- فی المصدر: بالرأفة علینا.

بِأَمْرِكَ وَ أَشِرْ عَلَیْنَا بِرَأْیِكَ فَقَالَ لَهُمْ رُوبِیلُ فَإِنِّی أَرَی لَكُمْ وَ أُشِیرُ عَلَیْكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا وَ تَعْمَدُوا إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِی وَسَطِ الشَّهْرِ أَنْ تَعْدِلُوا الْأَطْفَالَ (1)عَنِ الْأُمَّهَاتِ فِی أَسْفَلِ الْجَبَلِ فِی طَرِیقِ الْأَوْدِیَةِ وَ تَقِفُوا النِّسَاءَ فِی سَفْحِ الْجَبَلِ (2)وَ یَكُونُ هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِذَا رَأَیْتُمْ رِیحاً صَفْرَاءَ أَقْبَلَتْ مِنَ الْمَشْرِقِ فَعِجُّوا (3)الْكَبِیرُ مِنْكُمْ وَ الصَّغِیرُ بِالصُّرَاخِ وَ الْبُكَاءِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ التَّوْبَةِ إِلَیْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ إِلَی السَّمَاءِ وَ قُولُوا رَبَّنَا ظَلَمْنَا وَ كَذَّبْنَا نَبِیَّكَ وَ تُبْنَا إِلَیْكَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ إِنْ لَا تَغْفِرْ لَنَا (4)وَ تَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ الْمُعَذَّبِینَ فَاقْبَلْ تَوْبَتَنَا وَ ارْحَمْنَا یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ ثُمَّ لَا تَمَلُّوا مِنَ الْبُكَاءِ وَ الصُّرَاخِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ التَّوْبَةِ إِلَیْهِ حَتَّی تَتَوَارَی الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ أَوْ یَكْشِفَ اللَّهُ عَنْكُمُ الْعَذَابَ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَجْمَعَ رَأْیُ الْقَوْمِ جَمِیعاً عَلَی أَنْ یَفْعَلُوا مَا أَشَارَ بِهِ عَلَیْهِمْ رُوبِیلُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ الَّذِی تَوَقَّعُوا الْعَذَابَ (5)تَنَحَّی رُوبِیلُ مِنَ الْقَرْیَةِ حَیْثُ یَسْمَعُ صُرَاخَهُمْ وَ یَرَی الْعَذَابَ إِذَا نَزَلَ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَعَلَ قَوْمُ یُونُسَ مَا أَمَرَهُمْ رُوبِیلُ بِهِ فَلَمَّا بَزَغَتِ الشَّمْسُ أَقْبَلَتْ رِیحٌ صَفْرَاءُ مُظْلِمَةٌ مُسْرِعَةٌ لَهَا صَرِیرٌ وَ حَفِیفٌ وَ هَدِیرٌ فَلَمَّا رَأَوْهَا عَجُّوا جَمِیعاً بِالصُّرَاخِ وَ الْبُكَاءِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ تَابُوا إِلَیْهِ وَ اسْتَغْفَرُوهُ وَ صَرَخَتِ الْأَطْفَالُ بِأَصْوَاتِهَا تَطْلُبُ أُمَّهَاتِهَا وَ عَجَّتْ سِخَالُ (6)الْبَهَائِمِ تَطْلُبُ اللَّبَنَ وَ عَجَّتِ الْأَنْعَامُ تَطْلُبُ الرَّعْیَ (7)فَلَمْ یَزَالُوا بِذَلِكَ وَ یُونُسُ وَ تَنُوخَا یَسْمَعَانِ صَیْحَتَهُمْ وَ صُرَاخَهُمْ وَ یَدْعُوَانِ اللَّهَ عَلَیْهِمْ بِتَغْلِیظِ الْعَذَابِ عَلَیْهِمْ وَ رُوبِیلُ فِی مَوْضِعِهِ یَسْمَعُ صُرَاخَهُمْ وَ عَجِیجَهُمْ وَ

ص: 396


1- فی البرهان: أن تعزلوا الاطفال عن الامهات.
2- فی البرهان زیادة هی هذه: و كل المواشی جمیعا عن اطفالها.
3- فی البرهان: فعجوا عجیجا.
4- فی البرهان: و ان لم تغفر لنا.
5- فی البرهان: توقعوا فیه العذاب.
6- جمع السخلة: ولد الشاة.
7- فی البرهان: و عجت سخال البهائم تطلب الثدی، و سغب الانعام تطلب الرعی. قلت: سغب: جاع.

یَرَی مَا نَزَلَ وَ هُوَ یَدْعُو اللَّهَ بِكَشْفِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ فَلَمَّا أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ سَكَنَ غَضَبُ الرَّبِّ تَعَالَی وَ رَحِمَهُمُ الرَّحْمَنُ فَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ وَ قَبِلَ تَوْبَتَهُمْ وَ أَقَالَهُمْ عَثْرَتَهُمْ وَ أَوْحَی إِلَی إِسْرَافِیلَ أَنِ اهْبِطْ إِلَی قَوْمِ یُونُسَ فَإِنَّهُمْ قَدْ عَجُّوا إِلَیَّ بِالْبُكَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ تَابُوا إِلَیَّ وَ اسْتَغْفَرُوا لِی فَرَحِمْتُهُمْ وَ تُبْتُ عَلَیْهِمْ وَ أَنَا اللَّهُ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ أَسْرَعُ إِلَی قَبُولِ تَوْبَةِ عَبْدِیَ التَّائِبِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ قَدْ كَانَ عَبْدِی یُونُسُ وَ رَسُولِی سَأَلَنِی نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَی قَوْمِهِ وَ قَدْ أَنْزَلْتُهُ عَلَیْهِمْ وَ أَنَا اللَّهُ أَحَقُّ مَنْ وَفَی بِعَهْدِهِ وَ قَدْ أَنْزَلْتُهُ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یَكُنِ اشْتَرَطَ یُونُسُ حِینَ سَأَلَنِی أَنْ أُنْزِلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ أَنْ أُهْلِكَهُمْ فَاهْبِطْ إِلَیْهِمْ فَاصْرِفْ عَنْهُمْ مَا قَدْ نَزَلَ بِهِمْ مِنْ عَذَابِی فَقَالَ إِسْرَافِیلُ یَا رَبِّ إِنَّ عَذَابَكَ قَدْ بَلَغَ أَكْتَافَهُمْ وَ كَادَ أَنْ یُهْلِكَهُمْ وَ مَا أَرَاهُ إِلَّا وَ قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَكَیْفَ أَنْزِلُ أَصْرِفُهُ (1)فَقَالَ اللَّهُ كَلَّا إِنِّی قَدْ أَمَرْتُ مَلَائِكَتِی أَنْ یَصْرِفُوهُ (2)وَ لَا یُنْزِلُوهُ عَلَیْهِمْ حَتَّی یَأْتِیَهُمْ أَمْرِی فِیهِمْ وَ عَزِیمَتِیَ فَاهْبِطْ یَا إِسْرَافِیلُ عَلَیْهِمْ وَ اصْرِفْهُ عَنْهُمْ وَ اصْرِفْ بِهِ إِلَی الْجِبَالِ بِنَاحِیَةِ مَفَاوِضِ الْعُیُونِ وَ مَجَارِی السُّیُولِ فِی الْجِبَالِ الْعَادِیَةِ الْمُسْتَطِیلَةِ عَلَی الْجِبَالِ فَأَذِلَّهَا بِهِ وَ لَیِّنْهَا حَتَّی تَصِیرَ مُلَیَّنَةً (3)حَدِیداً جَامِداً فَهَبَطَ إِسْرَافِیلُ عَلَیْهِمْ فَنَشَرَ أَجْنِحَتَهُ فَاسْتَاقَ (4)بِهَا ذَلِكَ الْعَذَابَ حَتَّی ضَرَبَ بِهَا تِلْكَ الْجِبَالَ الَّتِی أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَصْرِفَهُ إِلَیْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ هِیَ الْجِبَالُ الَّتِی بِنَاحِیَةِ الْمُوصِلِ الْیَوْمَ فَصَارَتْ حَدِیداً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلَمَّا رَأَی قَوْمُ یُونُسَ أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ صُرِفَ عَنْهُمْ هَبَطُوا إِلَی مَنَازِلِهِمْ عَنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ وَ ضَمُّوا إِلَیْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَ أَوْلَادَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ وَ حَمِدُوا اللَّهَ عَلَی مَا صَرَفَ عَنْهُمْ وَ أَصْبَحَ یُونُسُ وَ تَنُوخَا یَوْمَ الْخَمِیسِ فِی مَوْضِعِهِمَا الَّذِی كَانَا فِیهِ لَا یَشُكَّانِ أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ نَزَلَ بِهِمْ وَ أَهْلَكَهُمْ جَمِیعاً لَمَّا خَفِیَتْ أَصْوَاتُهُمْ عِنْدَهُمَا (5)فَأَقْبَلَا نَاحِیَةَ الْقَرْیَةِ یَوْمَ الْخَمِیسِ مَعَ

ص: 397


1- فی البرهان: فالی أین أصرف؟.
2- فی نسخة: أن یوقفوه.
3- فی نسخة و فی البرهان: ملتئمة.
4- استاق الماشیة: حثها علی السیر من خلف، عكس قادها.
5- فی البرهان: لما خفیت أصواتهم عنهما.

طُلُوعِ الشَّمْسِ یَنْظُرَانِ إِلَی مَا صَارَ إِلَیْهِ الْقَوْمُ فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْقَوْمِ وَ اسْتَقْبَلَتْهُمُ الْحَطَّابُونَ وَ الْحُمَاةُ (1)وَ الرُّعَاةُ بِأَغْنَامِهِمْ وَ نَظَرُوا إِلَی أَهْلِ الْقَرْیَةِ مُطْمَئِنِّینَ قَالَ یُونُسُ لِتَنُوخَا یَا تَنُوخَا كَذَبَنِیَ الْوَحْیُ وَ كَذَبْتُ وَعْدِیَ لِقَوْمِی وَ لَا عِزَّةَ لِی وَ لَا یَرَوْنَ لِی وَجْهاً أَبَداً (2)بَعْدَ مَا كَذَبَنِیَ الْوَحْیُ فَانْطَلَقَ یُونُسُ هَارِباً عَلَی وَجْهِهِ مُغَاضِباً لِرَبِّهِ نَاحِیَةَ الْبَحْرِ مُسْتَنْكِراً (3)فِرَاراً مِنْ أَنْ یَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ فَیَقُولَ لَهُ یَا كَذَّابُ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ الْآیَةَ وَ رَجَعَ تَنُوخَا إِلَی الْقَرْیَةِ فَلَقِیَ رُوبِیلَ فَقَالَ لَهُ یَا تَنُوخَا أَیُّ الرَّأْیَیْنِ كَانَ أَصْوَبَ وَ أَحَقَّ أَنْ یُتَّبَعَ رَأْیِی أَوْ رَأْیُكَ فَقَالَ لَهُ تَنُوخَا بَلْ رَأْیُكَ كَانَ أَصْوَبَ وَ لَقَدْ كُنْتَ أَشَرْتَ بِرَأْیِ الْحُكَمَاءِ الْعُلَمَاءِ (4)فَقَالَ لَهُ تَنُوخَا أَمَا إِنِّی لَمْ أَزَلْ أَرَی أَنِّی أَفْضَلُ مِنْكَ لِزُهْدِی وَ فَضْلِ عِبَادَتِی حَتَّی اسْتَبَانَ فَضْلُكَ لِفَضْلِ عِلْمِكَ وَ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ التَّقْوَی أَفْضَلُ (5)مِنَ الزُّهْدِ وَ الْعِبَادَةِ بِلَا عِلْمٍ فَاصْطَحَبَا فَلَمْ یَزَالا مُقِیمَیْنِ مَعَ قَوْمِهِمَا وَ مَضَی یُونُسُ عَلَی وَجْهِهِ مُغَاضِباً لِرَبِّهِ فَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِی كِتَابِهِ إِلَی قَوْلِهِ فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلی حِینٍ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام كَمْ كَانَ غَابَ یُونُسُ عَنْ قَوْمِهِ حَتَّی رَجَعَ إِلَیْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ فَآمَنُوا بِهِ وَ صَدَّقُوهُ قَالَ أَرْبَعَةَ أَسَابِیعَ سَبْعاً مِنْهَا فِی ذَهَابِهِ إِلَی الْبَحْرِ وَ سَبْعاً مِنْهَا فِی رُجُوعِهِ إِلَی قَوْمِهِ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَا هَذِهِ الْأَسَابِیعُ شُهُورٌ أَوْ أَیَّامٌ أَوْ سَاعَاتٌ فَقَالَ یَا عُبَیْدَةُ (6)إِنَّ الْعَذَابَ أَتَاهُمْ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِی النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ وَ صُرِفَ عَنْهُمْ مِنْ یَوْمِهِمْ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ یُونُسُ مُغَاضِباً فَمَضَی یَوْمَ الْخَمِیسِ سَبْعَةَ أَیَّامٍ فِی مَسِیرِهِ إِلَی الْبَحْرِ وَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ فِی بَطْنِ الْحُوتِ وَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ تَحْتَ الشَّجَرِ بِالْعَرَاءِ وَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ فِی

ص: 398


1- فی البرهان: و الحمارة. قلت: هم أصحاب الحمیر فی السفر.
2- فی البرهان: لا و عزة ربی لا یرون لی وجهی أبدا.
3- فی البرهان: ناحیة بحر ایلة متنكرا.
4- فی البرهان: و العلماء.
5- فی البرهان: مع أن التقوی أفضل.
6- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی البرهان: یا با عبیدة.

رُجُوعِهِ إِلَی قَوْمِهِ فَكَانَ ذَهَابُهُ وَ رُجُوعُهُ مَسِیرَةَ ثَمَانٍ وَ عِشْرِینَ یَوْماً ثُمَّ أَتَاهُمْ فَآمَنُوا بِهِ وَ صَدَّقُوهُ وَ اتَّبَعُوهُ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ فَلَوْ لا كانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِیمانُها إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْیِ (1):.

ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ مَعَ اخْتِصَارٍ (2)

بیان: قوله یفسخ الفسخ بالسین المهملة و الخاء المعجمة الطرح و النقض و التفریق و بالشین المعجمة و الحاء المهملة تفریج ما بین الرجلین و یقال فشح عنه أی عدل و بالشین المعجمة و الجیم أیضا معناه قریب مما ذكر و یقال أفسج عنی بالسین المهملة و الجیم أی تركنی و خلا عنی و الكل لا یخلو من مناسبة و الجذع الناقة الشابة أو ما دخلت فی الخامسة و الفشل الضعف و الجبن و أجفلوا إلیه أی انقلعوا و أسرعوا إلیه.

و قوله علیه السلام بعد ما كذبنی الوحی أی باعتقاد القوم و قوله مغاضبا لربه أی علی قومه لربه تعالی أی كان غضبه لله تعالی لا للهوی أو خائفا تكذیب قومه لما تخلف عنه من وعد ربه.

«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ یُونُسَ لَمَّا آذَاهُ قَوْمُهُ دَعَا اللَّهَ عَلَیْهِمْ فَأَصْبَحُوا أَوَّلَ یَوْمٍ وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ (3)وَ أَصْبَحُوا الْیَوْمَ الثَّانِیَ وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ (4)قَالَ وَ كَانَ اللَّهُ وَاعَدَهُمْ أَنْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذَابُ حَتَّی نَالُوهُ بِرِمَاحِهِمْ فَفَرَّقُوا بَیْنَ النِّسَاءِ وَ أَوْلَادِهِنَّ وَ الْبَقَرِ وَ أَوْلَادِهَا وَ لَبِسُوا الْمُسُوحَ وَ الصُّوفَ وَ وَضَعُوا الْحِبَالَ فِی أَعْنَاقِهِمْ وَ الرَّمَادَ عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ ضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً إِلَی رَبِّهِمْ (5)وَ قَالُوا آمَنَّا بِإِلَهِ یُونُسَ قَالَ

ص: 399


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 2: 200- 202.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- فی نسخة: و وجوههم صفرة. و فی البرهان: صفر.
4- فی البرهان: و وجوههم سود.
5- فی البرهان: و صاحوا صبحة واحدة الی ربهم.

فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَی جِبَالِ آمِدَ (1)قَالَ وَ أَصْبَحَ یُونُسُ وَ هُوَ یَظُنُّ أَنَّهُمْ هَلَكُوا فَوَجَدَهُمْ فِی عَافِیَةٍ فَغَضِبَ وَ خَرَجَ كَمَا قَالَ اللَّهُ مُغَاضِباً حَتَّی رَكِبَ سَفِینَةً فِیهَا رَجُلَانِ فَاضْطَرَبَتِ السَّفِینَةُ فَقَالَ الْمَلَّاحُ یَا قَوْمِ فِی سَفِینَتِی لَمَطْلُوبٌ فَقَالَ یُونُسُ أَنَا هُوَ وَ قَامَ لِیُلْقِیَ نَفْسَهُ فَأَبْصَرَ السَّمَكَةَ وَ قَدْ فَتَحَتْ فَاهَا فَهَابَهَا وَ تَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلَانِ وَ قَالا لَهُ أَنْتَ وَیْحَكَ وَ نَحْنُ رَجُلَانِ فَسَاهَمَهُمْ (2)فَوَقَعَتِ السِّهَامُ عَلَیْهِ فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ السِّهَامَ إِذَا كَانَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّهَا لَا تُخْطِئُ فَأَلْقَی نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ سَبْعَةً (3)حَتَّی صَارَ إِلَی الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ بِهِ یُعَذَّبُ قَارُونُ فَسَمِعَ قَارُونُ دَوِیّاً (4)فَسَأَلَ الْمَلَكَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ یُونُسُ وَ أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهُ فِی بَطْنِ الْحُوتِ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أُكَلِّمَهُ فَأَذِنَ لَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مُوسَی علیه السلام فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَبَكَی ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ هَارُونَ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ (5)فَبَكَی وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً وَ سَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِ كُلْثُمَ وَ كَانَتْ مُسَمَّاةً لَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا مَاتَتْ فَبَكَی وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِیداً قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ (6)إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنِ ارْفَعْ عَنْهُ الْعَذَابَ بَقِیَّةَ الدُّنْیَا لِرِقَّتِهِ عَلَی قَرَابَتِهِ (7).

«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُعَمَّرٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام إِنَّ یُونُسَ لَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِمَا أَمَرَهُ فَأَعْلَمَ قَوْمَهُ فَأَظَلَّهُمُ الْعَذَابُ فَفَرَّقُوا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ أَوْلَادِهِمْ وَ بَیْنَ الْبَهَائِمِ وَ أَوْلَادِهَا ثُمَ

ص: 400


1- قال یاقوت: آمد بكسر المیم: أعظم دیار بكر.
2- فی البرهان: أنت وحدك ویحك خ و نحن رجلان، نتساهم فتساهموا. فساهم خ.
3- فی البرهان: البحار السبعة. و هو الصواب.
4- فی البرهان: صوتا، مكان دویا.
5- فی البرهان: فقال: یا یونس فما فعل الشدید الغضب للّٰه موسی بن عمران؟ فأخبره أنّه مات قال: فما فعل الرءوف العطوف علی قومه هارون بن عمران؟ فأخبره أنّه مات.
6- فی البرهان: و كانت سمیت له فاخبره أنّها ماتت، فقال: وا أسفاه علی آل عمران، فاوحی اللّٰه.
7- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ فی البرهان 2: 203، و فی نسخة منه: علی قومه.

عَجُّوا إِلَی اللَّهِ وَ ضَجُّوا فَكَفَّ اللَّهُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ فَذَهَبَ یُونُسُ علیه السلام مُغَاضِباً فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَطَافَ بِهِ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ فَقُلْتُ لَهُ كَمْ بَقِیَ فِی بَطْنِ الْحُوتِ قَالَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ لَفَظَهُ الْحُوتُ وَ قَدْ ذَهَبَ جِلْدُهُ وَ شَعْرُهُ فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ فَأَظَلَّتْهُ فَلَمَّا قَوِیَ أَخَذَتْ فِی الْیُبْسِ فَقَالَ یَا رَبِّ شَجَرَةٌ أَظَلَّتْنِی یَبِسَتْ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا یُونُسُ تَجْزَعُ لِشَجَرَةٍ أَظَلَّتْكَ وَ لَا تَجْزَعُ لِ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ مِنَ الْعَذَابِ (1).

بیان: الاختلاف الذی وقع فی تلك الأخبار فی مدة مكثه فی بطن الحوت یشكل رفعه و لعل بعضها محمولة علی التقیة (2).

«15»-قب، المناقب لابن شهرآشوب الثُّمَالِیُّ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَی زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام وَ قَالَ یَا ابْنَ الْحُسَیْنِ أَنْتَ الَّذِی تَقُولُ إِنَّ یُونُسَ بْنَ مَتَّی إِنَّمَا لَقِیَ مِنَ الْحُوتِ مَا لَقِیَ لِأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَیْهِ وَلَایَةُ جَدِّی فَتَوَقَّفَ عِنْدَهَا قَالَ بَلَی ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ قَالَ فَأَرِنِی آیَةَ ذَلِكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (3)فَأَمَرَ بِشَدِّ عَیْنَیْهِ بِعِصَابَةٍ وَ عَیْنَیَّ بِعِصَابَةٍ ثُمَّ أَمَرَ بَعْدَ سَاعَةٍ بِفَتْحِ أَعْیُنِنَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ تَضْرِبُ أَمْوَاجُهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ یَا سَیِّدِی دَمِی فِی رَقَبَتِكَ اللَّهَ اللَّهَ فِی نَفْسِی فَقَالَ هِیهِ وَ أَرِیهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (4)ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا الْحُوتُ قَالَ فَأَطْلَعَ الْحُوتُ رَأْسَهُ مِنَ الْبَحْرِ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِیمِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ یَا وَلِیَّ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا حُوتُ یُونُسَ یَا سَیِّدِی قَالَ أَنْبِئْنَا بِالْخَبَرِ قَالَ یَا سَیِّدِی إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ نَبِیّاً مِنْ آدَمَ إِلَی أَنْ صَارَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ إِلَّا وَ قَدْ عَرَضَ عَلَیْهِ وَلَایَتَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَمَنْ قَبِلَهَا مِنَ الْأَنْبِیَاءِ سَلِمَ وَ تَخَلَّصَ وَ مَنْ تَوَقَّفَ عَنْهَا وَ تَمَنَّعَ مِنْ حَمْلِهَا (5)لَقِیَ مَا لَقِیَ آدَمُ علیه السلام مِنَ الْمَعْصِیَةِ وَ مَا لَقِیَ نُوحٌ علیه السلام

ص: 401


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ عنه أیضا فی البرهان 2: 203.
2- أو الاشتباه من الراوی.
3- فی البرهان: فأرنی برهان ذلك إن كنت من الصادقین.
4- فی البرهان: فقال علیّ بن الحسین علیه السلام: أردت البرهان؟ فقال عبد اللّٰه بن عمر: أرنی إن كنت من الصادقین.
5- تمنع عن الشی ء: كف عنه. و فی المصدر و البرهان: تتعتع فی حملها. و لعله من تتعتع فی الكلام: تردد فیه من عی، فهو كنایة عن عدم القبول و التردد فی حملها.

مِنَ الْغَرَقِ وَ مَا لَقِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام مِنَ النَّارِ وَ مَا لَقِیَ یُوسُفُ علیه السلام مِنَ الْجُبِّ وَ مَا لَقِیَ أَیُّوبُ علیه السلام مِنَ الْبَلَاءِ وَ مَا لَقِیَ دَاوُدُ علیه السلام مِنَ الْخَطِیئَةِ إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ یُونُسَ علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ أَنْ یَا یُونُسُ تَوَلَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً وَ الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِینَ مِنْ صُلْبِهِ فِی كَلَامٍ لَهُ قَالَ فَكَیْفَ أَتَوَلَّی مَنْ لَمْ أَرَهُ وَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَ ذَهَبَ مُغْتَاظاً (1)فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیَّ أَنِ الْتَقِمِی یُونُسَ وَ لَا تُوهِنِی لَهُ عَظْماً فَمَكَثَ فِی بَطْنِی أَرْبَعِینَ صَبَاحاً یَطُوفُ مَعِیَ الْبِحَارَ فِی ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ یُنَادِی أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ قَدْ قَبِلْتُ وَلَایَةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِینَ مِنْ وُلْدِهِ فَلَمَّا أَنْ آمَنَ بِوَلَایَتِكُمْ أَمَرَنِی رَبِّی فَقَذَفْتُهُ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَقَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام ارْجِعْ أَیُّهَا الْحُوتُ إِلَی وَكْرِكَ وَ اسْتَوَی الْمَاءُ (2).

بیان: قوله علیه السلام هیه و أریه الظاهر أن الهاءین للسكت أی هی السمكة أریكها إن كنت من الصادقین كما قلت و یحتمل أن تكون أن مخففة بحذف اللام.

«16»-نبه، تنبیه الخاطر عَلِیُّ بْنُ الْحَكَمِ عَمَّنْ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ النَّبِیَّ علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ أَخْبِرْنِی بِقَرِینِی فِی الْجَنَّةِ وَ نَظِیرِی فِی مَنَازِلِی فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ أَنَّ ذَلِكَ مَتَّی أَبَا یُونُسَ قَالَ فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ فِی زِیَارَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ هُوَ وَ سُلَیْمَانُ ابْنُهُ علیه السلام حَتَّی أَتَیَا مَوْضِعَهُ فَإِذَا هُمَا بِبَیْتٍ مِنْ سَعَفٍ فَقِیلَ لَهُمَا هُوَ فِی السُّوقِ فَسَأَلَا عَنْهُ فَقِیلَ لَهُمَا اطْلُبَاهُ فِی الْحَطَّابِینَ فَسَأَلَا عَنْهُ فَقَالَ لَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ نَحْنُ نَنْتَظِرُهُ الْآنَ یَجِی ءُ فَجَلَسَا یَنْتَظِرَانِهِ إِذَا أَقْبَلَ وَ عَلَی رَأْسِهِ وِقْرٌ مِنْ حَطَبٍ فَقَامَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَأَلْقَی عَنْهُ الْحَطَبَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ قَالَ مَنْ یَشْتَرِی طَیِّباً بِطَیِّبٍ (3) فَسَاوَمَهُ وَاحِدٌ وَ زَادَهُ آخَرُ حَتَّی بَاعَهُ مِنْ بَعْضِهِمْ قَالَ فَسَلَّمَا عَلَیْهِ فَقَالَ انْطَلِقَا بِنَا إِلَی الْمَنْزِلِ وَ اشْتَرَی طَعَاماً بِمَا كَانَ مَعَهُ ثُمَّ طَحَنَهُ وَ عَجَنَهُ فِی نَقِیرٍ لَهُ ثُمَّ أَجَّجَ نَاراً وَ أَوْقَدَهَا ثُمَّ جَعَلَ الْعَجِینَ فِی تِلْكَ النَّارِ وَ جَلَسَ مَعَهُمَا یَتَحَدَّثُ ثُمَّ قَامَ وَ قَدْ نَضِجَتْ خُبَیْزَتُهُ فَوَضَعَهَا فِی النَّقِیرِ وَ

ص: 402


1- فی البرهان: و ذهب مغاضبا.
2- مناقب آل أبی طالب 3: 281، و أخرجه أیضا البحرانیّ فی البرهان 4: 37.
3- فی المصدر: خطبا بطیب.

فَلَقَهَا (1)وَ ذَرَّ عَلَیْهَا مِلْحاً وَ وَضَعَ إِلَی جَنْبِهِ مِطْهَرَةً ملأ (مَلِئَتْ) مَاءً وَ جَلَسَ عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ أَخَذَ لُقْمَةً فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَی فِیهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا ازْدَرَدَهَا (2)قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِأُخْرَی وَ أُخْرَی ثُمَّ أَخَذَ الْمَاءَ فَشَرِبَ مِنْهُ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ فَلَمَّا وَضَعَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ یَا رَبِّ مَنْ ذَا الَّذِی أَنْعَمْتَ عَلَیْهِ وَ أَوْلَیْتَهُ مِثْلَ مَا أَوْلَیْتَنِی قَدْ صَحَّحْتَ بَصَرِی وَ سَمْعِی وَ بَدَنِی وَ قَوَّیْتَنِی حَتَّی ذَهَبْتُ إِلَی الشَّجَرِ لَمْ أَغْرِسْهُ (3)وَ لَمْ أَهْتَمَّ لِحِفْظِهِ جَعَلْتَهُ لِی رِزْقاً وَ سُقْتَ إِلَیَّ مَنِ اشْتَرَاهُ مِنِّی فَاشْتَرَیْتُ بِثَمَنِهِ طَعَاماً لَمْ أَزْرَعْهُ وَ سَخَّرْتَ لِیَ النَّارَ فَأَنْضَجَتْهُ وَ جَعَلْتَنِی آكُلُهُ بِشَهْوَةٍ أَقْوَی بِهِ عَلَی طَاعَتِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ قَالَ ثُمَّ بَكَی قَالَ دَاوُدُ یَا بُنَیَّ قُمْ فَانْصَرِفْ بِنَا فَإِنِّی لَمْ أَرَ عَبْداً قَطُّ أَشْكَرَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا (4).

بیان: قال الجزری النقیر أصل النخلة ینقر وسطه ثم ینبذ فیه التمر و یلقی علیه الماء لیصیر نبیذا.

«17»-فس، تفسیر القمی وَ إِنَّ یُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ إِذْ أَبَقَ یَعْنِی هَرَبَ إِلَی الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ أَیْ أَلْقَی السِّهَامَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ أَیْ مِنَ الْمَغُوصِینَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِیمٌ وَ أَنْبَتْنا عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ قَالَ الدُّبَّاءُ (5).

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه إِذْ أَبَقَ إِلَی الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أی فر من قومه إلی السفینة المملوءة من الناس و الأحمال خوفا من أن ینزل العذاب و هو مقیم فیهم فَساهَمَ یونس القوم بأن ألقوا السهام علی سبیل القرعة أی قارعهم فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِینَ أی من المقروعین عن الحسن و ابن عباس و قیل من المسهومین عن مجاهد و المراد من الملقین فی البحر و اختلف فی سبب ذلك فقیل إنهم أشرفوا علی الغرق فرأوا أنهم إن طرحوا

ص: 403


1- فی المصدر: فلفها.
2- أی بلعها.
3- فی المصدر: حتی ذهبت إلی شجر لم أغرسه.
4- تنبیه الخواطر 1: 18 و 19.
5- تفسیر القمّیّ: 560. قلت: الدباء بالضم و تشدید الباء و المد- و قیل: یجوز القصر-: القرع، و قیل: الدباء أعمّ من القرع لان القرع لا یطلق الا علی الرطب. و قیل: الدباء هو الیابس منه.

واحدا منهم فی البحر لم یغرق الباقون و قیل إن السفینة احتبست فقال الملاحون إن هاهنا عبدا آبقا فإن من عادة السفینة إذا كان فیها آبق لا تجری فلذلك اقترعوا فوقعت القرعة علی یونس ثلاث مرات فعلموا أنه المطلوب فألقی نفسه فی البحر و قیل إنه لما وقعت القرعة علیه ألقوه فی البحر فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ أی ابتلعه و قیل إن اللّٰه سبحانه أوحی إلی الحوت أنی لم أجعل عبدی رزقا لك و لكنی جعلت بطنك له مسجدا فلا تكسرن له عظما و لا تخدشن له جلدا وَ هُوَ مُلِیمٌ أی مستحق اللوم لوم العتاب لا لوم العقاب علی خروجه من بین قومه من غیر أمر ربه و عندنا أن ذلك إنما وقع منه تركا للمندوب و قد یلام الرجل علی ترك المندوب و من یجوز الصغیرة علی الأنبیاء قال قد وقع ذلك صغیرة مكفرة.

و اختلف فی مدة لبثه فی بطن الحوت فقیل كان ثلاثة أیام عن مقاتل بن حیان و قیل سبعة أیام عن عطاء و قیل عشرین یوما عن الضحاك و قیل أربعین یوما عن السدی و مقاتل بن سلیمان و الكلبی فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ أی كان من المصلین فی حال الرخاء فنجاه اللّٰه عند البلاء عن قتادة و قیل كان تسبیحه أنه كان یقول لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ عن سعید بن جبیر.

و قیل مِنَ الْمُسَبِّحِینَ أی من المنزهین اللّٰه عما لا یلیق به لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ أی لصار بطن الحوت قبرا له إلی یوم القیامة فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ أی طرحناه بالمكان الخالی الذی لا نبت فیه و لا شجر و قیل بالساحل ألهم اللّٰه الحوت حتی قذفه و رماه من جوفه علی وجه الأرض وَ هُوَ سَقِیمٌ أی مریض حین ألقاه الحوت وَ أَنْبَتْنا عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ و هو القرع عن ابن مسعود و قیل هو كل نبت یبسط علی وجه الأرض و لا ساق له عن ابن عباس و الحسن.

و روی ابن مسعود (1)قال خرج یونس من بطن الحوت كهیئة فرخ لیس علیه ریش فاستظل بالشجرة من الشمس وَ أَرْسَلْناهُ إِلی مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ قیل إن اللّٰه سبحانه أرسله إلی أهل نینوی من أرض الموصل عن قتادة و كانت رسالته هذه بعد ما نبذه

ص: 404


1- فی المصدر: روی عن ابن مسعود.

الحوت عن ابن عباس فعلی هذا یجوز أن یكون أرسل علی قوم بعد قوم و یجوز أن یكون أرسل إلی الأولین بشریعة فآمنوا بها.

و قیل فی معنی أو فی قوله أَوْ یَزِیدُونَ وجوه.

أحدها أنه علی طریق الإبهام علی المخاطبین كأنه قال أرسلناه إلی إحدی العدتین و ثانیها أن أو تخییر كأن الرائی خیر بین أن یقول هم مائة ألف أو یزیدون عن سیبویه و المعنی أنهم كانوا عددا لو نظر إلیهم الناظر لقال هم مائة ألف أو یزیدون.

و ثالثها أن أو بمعنی الواو كأنه قال و یزیدون عن بعض الكوفیین و قال بعضهم معناه بل یزیدون و هذان القولان الأخیران غیر مرضیین عند المحققین و أجود الأقوال الأول و الثانی.

و اختلف فی الزیادة علی مائة ألف كم هی فقیل عشرون ألفا عن ابن عباس و مقاتل و قیل بضع و ثلاثون ألفا عن الحسن و الربیع و قیل سبعون ألفا عن مقاتل بن حیان.

فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلی حِینٍ حكی سبحانه عنهم أنهم آمنوا باللّٰه و راجعوا التوبة فكشف عنهم العذاب و متعهم بالمنافع و اللذات إلی انقضاء آجالهم. (1)و قال رحمه اللّٰه إن قوم یونس كانوا بأرض نینوی من أرض الموصل و كان یدعوهم إلی الإسلام فأبوا فأخبرهم أن العذاب مُصَبِّحُهُمْ إلی ثلاث إن لم یتوبوا فقالوا إنا لم نجرب علیه كذبا فإن بات (2)فیكم تلك اللیلة فلیس بشی ء و إن لم یبت فاعلموا أن العذاب مصبحكم فلما كان فی جوف اللیل خرج یونس من بین أظهرهم فلما أصبحوا تغشاهم العذاب قال وهب أغامت السماء (3)غیما أسود هائلا یدخن دخانا شدیدا فهبط حتی غشی مدینتهم و اسودت سطوحهم.

ص: 405


1- مجمع البیان 8: 458 و 459.
2- فی المصدر: فانظروا فان بات.
3- اغامت السماء: كانت ذات غیم.

و قال ابن عباس كان العذاب فوق رءوسهم قدر ثلثی میل فلما رأوا ذلك أیقنوا بالهلاك فطلبوا نبیهم فلم یجدوه فخرجوا إلی الصعید بأنفسهم و نسائهم و صبیانهم و دوابهم و لبسوا المسوح و أظهروا التوبة (1)و فرقوا بین كل والدة و ولدها.

قال ابن مسعود بلغ من توبة أهل نینوی أن ترادوا (2)المظالم بینهم حتی أن كان الرجل یأتی إلی الحجر و قد وضع علیه أساس بنیانه فیقلعه و یرده و روی أنه قال شیخ من بقیة علمائهم (3)قولوا یا حی حین لا حی و یا حی محیی الموتی و یا حی لا إله إلا أنت فقالوها فكشف عنهم العذاب و قال ابن مسعود لما ابتلعه الحوت ابتلع الحوت حوت آخر فأهوی به إلی قرار الأرض و كان فی بطنه أربعین لیلة فَنادی فِی الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ فاستجاب اللّٰه له فأمر الحوت فنبذه علی ساحل البحر و هو كالفرخ المتمعط (4)فأنبت اللّٰه عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ فجعل یستظل تحتها و وكل اللّٰه به وعلا (5)یشرب من لبنها إلی أن رده اللّٰه إلی قومه (6)و قیل إنه علیه السلام أرسل إلی قوم غیر قومه الأولین انتهی. (7)و قال صاحب الكامل كان یقطر علیه من شجرة الیقطین اللبن. (8)و قال الشیخ فی المصباح فی الیوم التاسع من المحرم أخرج اللّٰه یونس من بطن الحوت (9).

ص: 406


1- فی المصدر: و أظهروا الایمان و التوبة.
2- فی المصدر: یرادوا.
3- فی المصدر: و روی عن أبی مخلد انه قال: لما غشی قوم یونس العذاب مشوا إلی شیخ من بقیة علمائهم فقالوا له: لقد نزل بنا العذاب فما تری؟ قال: قولوا.
4- المتمعط: الذی سقط شعره من داء یعرض له.
5- الوعل: تیس الجبل.
6- فی المصدر: یشرب من لبنها فیبست الشجرة فبكی علیها، فأوحی اللّٰه تعالی إلیه: تبكی علی شجرة یبست و لا تبكی علی مائة الف أو یزیدون؟ أردت أن اهلكهم؟ فخرج یونس فإذا هو بغلام یرعی فقال: من أنت؟ قال: من قوم یونس، قال: إذا رجعت الیهم فأخبرهم أنك لقیت یونس فأخبرهم الغلام و ردّ اللّٰه علیه بدنه و رجع إلی قومه و آمنوا به.
7- مجمع البیان 5: 135 و 136.
8- الكامل 1: 126.
9- مصباح المتهجد: 528.

باب 27 قصة أصحاب الكهف و الرقیم

الآیات؛

الكهف: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً* إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إِلَی الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً*فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْكَهْفِ سِنِینَ عَدَداً* ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَیُّ الْحِزْبَیْنِ أَحْصی لِما لَبِثُوا أَمَداً* نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً* وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً* هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً* وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما یَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَی الْكَهْفِ یَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یُهَیِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً* وَ تَرَی الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ إِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِیًّا مُرْشِداً* وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ ذاتَ الشِّمالِ وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً *وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْكی طَعاماً فَلْیَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لا یُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً *إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْكُمْ یَرْجُمُوكُمْ أَوْ یُعِیدُوكُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً* وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَیْبَ فِیها إِذْ یَتَنازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَیْهِمْ بُنْیاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلی أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِمْ مَسْجِداً* سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ

ص: 407

وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَ لا تَسْتَفْتِ فِیهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً *وَ لا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِیتَ وَ قُلْ عَسی أَنْ یَهْدِیَنِ رَبِّی لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً* وَ لَبِثُوا فِی كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً* قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا یُشْرِكُ فِی حُكْمِهِ أَحَداً»(9-26)

تفسیر: قال المفسرون اختلف فی معنی الرقیم فقیل إنه كان اسم الوادی الذی كان فیه الكهف و قیل هو اسم الجبل و قیل هو القریة التی خرجوا منها و قیل هو لوح من حجارة كتبوا فیه قصتهم ثم وضعوه علی باب الكهف و قیل جعل ذلك اللوح فی خزائن الملوك لأنه من عجائب الأمور و قیل الرقیم اسم كلبهم و قیل الرقیم كتاب و لذلك الكتاب خبر و لم یخبر اللّٰه عما فیه و قیل إن أصحاب الرقیم هم الثلاثة الذین دخلوا فی غار فانسد علیهم كما سیأتی شرحه وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا أی من الأمر الذی نحن علیه من مفارقة الكفار رَشَداً نصیر بسببه راشدین مهتدین أو اجعل أمرنا كله رشدا كقولك رأیت منك أسدا فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ أی ضربنا علیها حجابا یمنع السماع أی أنمناهم إنامة لا ینبههم فیها الأصوات فحذف المفعول ثُمَّ بَعَثْناهُمْ أیقظناهم لِنَعْلَمَ لیتعلق علمنا تعلقا حالیا مطابقا لتعلقه أولا تعلقا استقبالیا أَیُّ الْحِزْبَیْنِ من المؤمنین و الكافرین من قوم أصحاب الكهف حین وقع بینهم التنازع فی مدة لبثهم و قیل یعنی بالحزبین أصحاب الكهف لما استیقظوا اختلفوا فی مقدار لبثهم إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ قالوا أی شبان و سیأتی فی الخبر تفسیره وَ رَبَطْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أی قویناها و شددنا علیها بالألطاف و الخواطر المقویة للإیمان حتی وطنوا أنفسهم علی إظهار الحق و الثبات علی الدین و الصبر علی المشاق (1)إِذْ قامُوا بین یدی ملكهم لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (2)

ص: 408


1- فی المجمع: و مفارقة الوطن.
2- فی المجمع: معناه ان دعونا مع اللّٰه إلها آخر فلقد قلنا إذا قولا مجاوزا للحق غایة فی البطلان.

و اللّٰه قد قلنا قولا ذا شطط أی ذا بعد عن الحق مفرط فی الظلم عَلَیْهِمْ أی علی عبادتهم (1)بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ أی ببرهان ساطع ظاهر وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ هذا خطاب بعضهم لبعض و قال ابن عباس هذا قول تملیخا مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً أی ما ترفقون و تنتفعون به تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ تمیل عنه و لا یقع شعاعها علیهم فیؤذیهم لأن الكهف كان جنوبیا أو لأن اللّٰه زورها عنهم و الزور المیل ذاتَ الْیَمِینِ أی جهة الیمین تَقْرِضُهُمْ أی تعدل عنهم و تتركهم وَ هُمْ فِی فَجْوَةٍ مِنْهُ أی فی متسع من الكهف یعنی فی وسطه بحیث ینالهم روح الهواء و لا یؤذیهم كرب الغار و لا حر الشمس و ذلك أن باب الكهف كان فی مقابلة بنات نعش و أقرب المشارق و المغارب إلی محاذاته مشرق رأس السرطان و مغربه و أن الشمس إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الأیمن و هو الذی یلی المغرب و تغرب محاذیة لجانبه الأیسر فیقع شعاعها علی جنبیه و یحلل عفونته و یعدل هواه و لا یقع علیهم فیؤذی أجسادهم و یبلی ثیابهم و قیل بل اللّٰه صرف عنهم الشمس بقدرته وَلِیًّا مُرْشِداً من یلیه و یرشده وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقاظاً لانفتاح عیونهم أو لكثرة تقلبهم وَ هُمْ رُقُودٌ أی نیام و نقلبهم كیلا تأكل الأرض ما یلیها من أبدانهم وَ كَلْبُهُمْ أی كلب الراعی الذی تبعهم و قیل إنهم مروا بكلب فتبعهم فطردوه فعاد ففعلوا ذلك مرارا فقال لهم ما تریدون منی لا تخشوا خیانتی فأنا أحب أولیاء اللّٰه فنوموا حتی أحرسكم و قیل كان كلب صیدهم بِالْوَصِیدِ بفناء الكهف و قیل الوصید الباب و قیل العتبة وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً خوفا یملأ صدرك لما ألبسهم اللّٰه من الهیبة أو لعظم أجرامهم و انفتاح عیونهم و قیل لوحشة مكانهم.

و قال الطبرسی روی سعید بن جبیر عن ابن عباس قال غزوت مع معاویة نحو الروم فمروا بالكهف الذی فیه أصحاب الكهف فقال معاویة لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إلیهم فقلت له لیس هذا لك فقد منع ذلك من هو خیر منك قال اللّٰه لَوِ اطَّلَعْتَ الآیة فقال معاویة لا أنتهی حتی أعلم علمهم فبعث رجالا فلما دخلوا الكهف أرسل اللّٰه علیهم ریحا أخرجتهم. (2)

ص: 409


1- فی المجمع: علی عبادتهم غیر اللّٰه.
2- مجمع البیان 6: 456.

وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ أی و كما أنمناهم آیة بعثناهم آیة علی كمال قدرتنا لِیَتَسائَلُوا بَیْنَهُمْ لیسأل بعضهم بعضا فیتعرفوا حالهم و ما صنع اللّٰه بهم فیزدادوا یقینا.

قال المفسرون إنهم دخلوا الكهف غدوة و بعثهم اللّٰه فی آخر النهار فلذلك قالوا یَوْماً فلما رأوا الشمس قالوا أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ قال ابن عباس القائل هو تملیخا رئیسهم بِوَرِقِكُمْ الورق الدراهم فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أی أی أهلها أَزْكی طَعاماً أحل و أطیب أو أكثر و أرخص وَ لْیَتَلَطَّفْ و لیتكلف اللطف فی المعاملة حتی لا یغبن أو فی التخفی حتی لا یعرف یَرْجُمُوكُمْ یقتلوكم بالرجم أو یؤذوكم أو یشتموكم أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ أی أطلعنا علیهم لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث حَقٌّ لأن نومهم و انتباههم كحال من یموت ثم یبعث إِذْ یَتَنازَعُونَ أی فعلنا ذلك حین تنازعوا فی البعث فمنهم من أنكره و منهم من قال ببعث الأرواح دون الأجساد و منهم من أثبت البعث فیهما و قیل إن معناه إذ یتنازعون فی قدر مكثهم و فی عددهم و فیما یفعل بهم بعد أن اطلعوا علیهم فسقطوا میتین فقال بعضهم ماتوا و قال بعضهم ناموا نومهم أول مرة و قالت طائفة نبنی علیهم بنیانا یسكنه الناس و یتخذونه قریة و قال آخرون لنتخذن علیهم مسجدا یصلی فیه.

و قوله رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ اعتراض إما من اللّٰه ردا علی الخائضین فی أمرهم من أولئك المتنازعین أو من المتنازعین فیهم علی عهد الرسول أو من المتنازعین للرد إلی اللّٰه بعد ما تذاكروا أمرهم و تناقلوا الكلام فی أنسابهم و أحوالهم فلم یتحقق لهم ذلك سَیَقُولُونَ أی الخائضون فی قصتهم فی عهد الرسول من أهل الكتاب و المؤمنین ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ قیل هو قول الیهود و قیل قول السید من نصاری نجران وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ قالته النصاری أو العاقب رَجْماً بِالْغَیْبِ یرمون رمیا بالخبر الخفی الذی لا مطلع لهم علیه أو ظنا بالغیب وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ قاله المسلمون و استدل علی هذا باتباعه بقوله قُلْ رَبِّی و اتباع الأولین بقوله رَجْماً بِالْغَیْبِ ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ من الناس قال ابن عباس أنا من ذلك القلیل هم سبعة و ثامنهم كلبهم فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً فلا تجادل فی شأن الفتیة إلا جدالا ظاهرا

ص: 410

غیر متعمق و هو أن تقص علیهم ما فی القرآن من غیر تجهیل لهم أو إلا مراء یشهده الناس و یحضرونه وَ لا تَسْتَفْتِ و لا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال مسترشد.

و اختلف فی قوله وَ لَبِثُوا فِی كَهْفِهِمْ فقیل إنه إخبار عن الواقع و قیل إنه حكایة لكلام أهل الكتاب بقرینة قوله قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ أی ما أبصره و ما أسمعه فلا یخفی علیه شی ء مِنْ وَلِیٍّ أی من یتولی أمورهم.

«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام ابْنُ بَابَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نَضْرٍ (1)الطَّرَسُوسِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ بْنِ قَرْعَةَ الْقَاضِی بِالْبَصْرَةِ عَنْ زِیَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَسَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ فِی عَهْدِ خِلَافَةِ عُمَرَ أَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَقْفَالِ السَّمَاوَاتِ مَا هِیَ وَ عَنْ مَفَاتِیحِ السَّمَاوَاتِ مَا هِیَ وَ عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ مَا هُوَ وَ عَمَّنْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَیْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْیَاءَ مَشَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ لَنْ یُخْلَقُوا فِی الْأَرْحَامِ وَ مَا یَقُولُ الدُّرَّاجُ فِی صِیَاحِهِ وَ مَا یَقُولُ الدِّیكُ وَ الْفَرَسُ وَ الْحِمَارُ وَ الضِّفْدِعُ وَ الْقُنْبُرُ فَنَكَسَ عُمَرُ رَأْسَهُ (2)وَ

ص: 411


1- فی نسخة: «نصر» بالصاد المهملة، و لعلّ الصحیح: الحسن بن علیّ بن نصر الطوسیّ.
2- فی العرائس هنا زیادة هی هكذا: فقالوا له أنت ولی الامر بعد محمّد و صاحبه، و انا نرید أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا علمنا أن الإسلام حقّ و أن محمّدا كان نبیا، و ان لم تخبرنا علمنا أن الإسلام باطل و أن محمّدا لم یكن نبیا، فقال: سلوا عما بدا لكم، قالوا: أخبرنا عن أقفال السماوات. فی العرائس: ما یقول الدراج فی صیاحه؟ و ما یقول الدیك فی صراخه؟ و ما یقول الفرس فی صهیله؟ و ما یقول الضفدع فی نعیقه؟ و ما یقول الحمار فی نهیقه؟ و ما یقول القنبر فی صغیره؟ قال: فنكس عمر رأسه فی الأرض! ثم قال: لا عیب بعمر إذا سئل عما لا یعلم أن یقول: لا أعلم! فوثب الیهود و قالوا: نشهد ان محمّدا لم یكن نبیّا و أن الإسلام باطل؛ فوثب سلمان الفارسیّ و قال للیهود: قفوا قلیلا، ثمّ توجه نحو علیّ بن أبی طالب كرم اللّٰه وجهه حتّی دخل علیه، فقال: یا أبا الحسن اغث الإسلام، فقال: و ما ذاك؟ فاخبره الخبر، فاقبل یرفل فی بردة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم، فلما نظر إلیه عمر وثب قائما فاعتنقه، و قال: یا أبا الحسن أنت لكل معضلة و شدة تدعا فدعا علی كرم اللّٰه وجهه الیهود فقال: سلوا عما بدا لكم، فان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و سلم علمنی ألف باب من العلم فتشعب لی من كل باب الف باب، فسألوه عنها، فقال علی كرم اللّٰه وجهه: ان لی علیكم شریطة.

قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا أَرَی جَوَابَهُمْ إِلَّا عِنْدَكَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ لِی عَلَیْكُمْ شَرِیطَةً إِذَا أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا فِی التَّوْرَاةِ دَخَلْتُمْ فِی دِینِنَا قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا أَقْفَالُ السَّمَاوَاتِ هُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ وَ الْأَمَةَ إِذَا كَانَا مُشْرِكَیْنِ مَا یُرْفَعُ لَهُمَا إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَمَلٌ فَقَالُوا مَا مَفَاتِیحُهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ قَالَ ذَاكَ الْحُوتُ حِینَ ابْتَلَعَ یُونُسَ علیه السلام فَدَارَ بِهِ فِی الْبِحَارِ السَّبْعَةِ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَمَّنْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ قَالَ تِلْكَ نَمْلَةُ سُلَیْمَانَ إِذْ قَالَتْ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنْ خَمْسَةِ أَشْیَاءَ مَشَتْ عَلَی الْأَرْضِ مَا خُلِقُوا فِی الْأَرْحَامِ قَالَ ذَاكَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَصَا مُوسَی قَالُوا فَأَخْبِرْنَا مَا تَقُولُ هَذِهِ الْحَیَوَانَاتُ قَالَ الدُّرَّاجُ یَقُولُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی وَ الدِّیكُ یَقُولُ اذْكُرُوا اللَّهَ یَا غَافِلِینَ وَ الْفَرَسُ یَقُولُ إِذَا مَشَی الْمُؤْمِنُونَ إِلَی الْكَافِرِینَ (1)اللَّهُمَّ انْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی عِبَادِكَ الْكَافِرِینَ وَ الْحِمَارُ یَلْعَنُ الْعَشَّارَ وَ یَنْهَقُ فِی عَیْنِ الشَّیْطَانِ وَ الضِّفْدِعُ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْمَعْبُودِ الْمُسَبَّحِ فِی لُجَجِ الْبِحَارِ وَ الْقُنْبُرُ یَقُولُ اللَّهُمَّ الْعَنْ مُبْغِضِی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَ كَانَتِ الْأَحْبَارُ ثَلَاثَةً فَوَثَبَ اثْنَانِ وَ قَالا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَوَقَفَ الْحِبْرُ الْآخَرُ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ لَقَدْ وَقَعَ فِی قَلْبِی مَا وَقَعَ فِی قُلُوبِ أَصْحَابِی وَ لَكِنْ بَقِیَتْ خَصْلَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْمٍ كَانُوا فِی أَوَّلِ الزَّمَانِ فَمَاتُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِینَ ثُمَّ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ مَا كَانَ قِصَّتُهُمْ فَابْتَدَأَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَرَادَ أَنْ یَقْرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فَقَالَ الْحِبْرُ مَا أَكْثَرَ مَا سَمِعْنَا قُرْآنَكُمْ فَإِنْ كُنْتَ عَالِماً بِهِمْ أَخْبِرْنَا بِقِصَّةِ هَؤُلَاءِ وَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ عَدَدِهِمْ وَ اسْمِ كَلْبِهِمْ وَ اسْمِ كَهْفِهِمْ وَ اسْمِ مَلِكِهِمْ وَ اسْمِ مَدِینَتِهِمْ

ص: 412


1- زاد فی العرائس: الی الجهاد.

فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ یَا أَخَا الْیَهُودِ حَدَّثَنِی مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضِ الرُّومِ مَدِینَةٌ یُقَالُ لَهَا أُقْسُوسُ (1)وَ كَانَ لَهَا مَلِكٌ صَالِحٌ فَمَاتَ مَلِكُهُمْ فَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ فَسَمِعَ بِهِمْ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ یُقَالُ لَهُ دَقْیَانُوسُ (2)فَأَقْبَلَ فِی مِائَةِ أَلْفٍ حَتَّی دَخَلَ مَدِینَةَ أُقْسُوسَ فَاتَّخَذَهَا دَارَ مَمْلَكَتِهِ وَ اتَّخَذَ فِیهَا قَصْراً طُولُهُ فَرْسَخٌ فِی عَرْضِ فَرْسَخٍ وَ اتَّخَذَ فِی ذَلِكَ الْقَصْرِ مَجْلِساً طُولُهُ أَلْفُ ذِرَاعٍ فِی عَرْضِ مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الرُّخَامِ الْمُمَرَّدِ (3)وَ اتَّخَذَ فِی ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَرْبَعَةَ آلَافِ أُسْطُوَانَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ اتَّخَذَ أَلْفَ قِنْدِیلٍ مِنْ ذَهَبٍ لَهَا سَلَاسِلُ مِنَ اللُّجَیْنِ تُسْرَجُ (4)بِأَطْیَبِ الْأَدْهَانِ وَ اتَّخَذَ فِی شَرْقِیِّ الْمَجْلِسِ ثَمَانِینَ كَوَّةً (5)وَ لِغَرْبِیِّهِ كَذَلِكَ وَ كَانَتِ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ طَلَعَتْ فِی الْمَجْلِسِ كَیْفَمَا دَارَتْ وَ اتَّخَذَ فِیهِ سَرِیراً مِنْ ذَهَبٍ طُولُهُ ثَمَانُونَ ذِرَاعاً فِی عَرْضِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً لَهُ قَوَائِمُ مِنْ فِضَّةٍ مُرَصَّعَةً بِالْجَوَاهِرِ وَ عَلَاهُ بِالنَّمَارِقِ وَ اتَّخَذَ مِنْ یَمِینِ السَّرِیرِ ثَمَانِینَ كُرْسِیّاً مِنَ الذَّهَبِ مُرَصَّعَةً بِالزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ فَأَجْلَسَ عَلَیْهَا بَطَارِقَتَهُ وَ اتَّخَذَ مِنْ یَسَارِ السَّرِیرِ ثَمَانِینَ كُرْسِیّاً مِنَ الْفِضَّةِ مُرَصَّعَةً بِالْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ فَأَجْلَسَ عَلَیْهَا هَرَاقِلَتَهُ (6)ثُمَّ عَلَا السَّرِیرَ فَوَضَعَ التَّاجَ عَلَی رَأْسِهِ فَوَثَبَ الْیَهُودِیُّ فَقَالَ مِمَّ كَانَ تَاجُهُ قَالَ مِنَ الذَّهَبِ الْمُشَبَّكِ (7)لَهُ سَبْعَةُ أَرْكَانٍ (8)عَلَی كُلِّ رُكْنٍ لُؤْلُؤَةٌ بَیْضَاءُ تُضِی ءُ كَضَوْءِ الْمِصْبَاحِ فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ وَ اتَّخَذَ خَمْسِینَ غُلَاماً

ص: 413


1- قال الثعلبی: و یقال هی طرسوس كان اسمها فی الجاهلیة اقسوس فلما جاء الإسلام سموها طرسوس. منه رحمه اللّٰه. قلت: قال یاقوت: افسوس بضم الهمزة و سكون الفاء: بلد بثغور طرطوس یقال انه بلد أصحاب الكهف.
2- فی نسخة: دقیوس و كذا فیما یأتی، قال ابن الأثیر: اسمه دقیوس، و یقال: دقیانوس. و زاد فی العرائس: و كان جبارا كافرا.
3- فی نسخة: من الزجاج الممرد.
4- فی نسخة و فی العرائس: تسرج كل لیلة.
5- فی العرائس: مائة و ثمانین.
6- فی نسخة: هرابذته.
7- فی نسخة و فی العرائس: الذهب السبیك.
8- فی العرائس: له تسعة أركان.

مِنْ أَوْلَادِ الْهَرَاقِلَةِ (1)فَقَرْطَقَهُمْ بِقَرَاطِقِ الدِّیبَاجِ الْأَحْمَرِ (2)وَ سَرْوَلَهُمْ بِسَرَاوِیلَاتِ الْحَرِیرِ الْأَخْضَرِ وَ تَوَّجَهُمْ وَ دَمْلَجَهُمْ وَ خَلْخَلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ أَعْمِدَةً مِنَ الذَّهَبِ وَ وَقَفَهُمْ عَلَی رَأْسِهِ وَ اتَّخَذَ سِتَّةَ غِلْمَةٍ وُزَرَاءَهُ فَأَقَامَ ثَلَاثَةً عَنْ یَمِینِهِ وَ ثَلَاثَةً عَنْ یَسَارِهِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ مَا كَانَ أَسْمَاءُ الثَّلَاثَةِ (3)وَ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الَّذِینَ عَنْ یَمِینِهِ أَسْمَاؤُهُمْ تملیخا وَ مكسلمینا وَ میشیلینا (4)وَ أَمَّا الَّذِینَ عَنْ یَسَارِهِ فَأَسْمَاؤُهُمْ مرنوس وَ دیرنوس وَ شاذریوس (5)وَ كَانَ یَسْتَشِیرُهُمْ فِی جَمِیعِ أُمُورِهِ وَ كَانَ یَجْلِسُ فِی كُلِّ یَوْمٍ فِی صَحْنِ دَارِهِ وَ الْبَطَارِقَةُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الْهَرَاقِلَةُ عَنْ یَسَارِهِ وَ یَدْخُلُ ثَلَاثَةُ غِلْمَةٍ فِی یَدِ أَحَدِهِمْ جَامٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ مِنَ الْمِسْكِ الْمَسْحُوقِ وَ فِی یَدِ الْآخَرِ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ مَمْلُوءٌ مِنْ مَاءِ الْوَرْدِ وَ فِی یَدِ الْآخَرِ طَائِرٌ أَبْیَضُ لَهُ مِنْقَارٌ أَحْمَرُ فَإِذَا نَظَرَ الْمَلِكُ إِلَی ذَلِكَ الطَّائِرِ صَفَّرَ بِهِ فَیَطِیرُ الطَّائِرُ حَتَّی یَقَعَ فِی جَامِ مَاءِ الْوَرْدِ فَیَتَمَرَّغُ فِیهِ ثُمَّ یَقَعُ عَلَی جَامِ الْمِسْكِ فَیَحْمِلُ مَا فِی الْجَامِ بِرِیشِهِ وَ جَنَاحِهِ ثُمَّ یُصَفِّرُ بِهِ الثَّانِیَةَ فَیَطِیرُ الطَّائِرُ عَلَی تَاجِ الْمَلِكِ فَیَنْفُذُ مَا فِی رِیشِهِ وَ جَنَاحِهِ عَلَی رَأْسِ الْمَلِكِ (6)فَلَمَّا نَظَرَ الْمَلِكُ إِلَی ذَلِكَ عَتَا وَ تَجَبَّرَ فَادَّعَی الرُّبُوبِیَّةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ دَعَا إِلَی ذَلِكَ

ص: 414


1- فی نسخة: من أولاد البطارقة.
2- فی العرائس: فمنطقهم بمناطق الدیباج الأحمر.
3- فی نسخة: ما كان اسم الثلاثة.
4- فی نسخة: مجسلمینا. و فی العرائس: محسلمینا.
5- فی نسخة: مرطونس و كشطونس و سادنوس. و فی العرائس: مرطلیوس، كشطوس، سادنیوس. و فی مجمع البیان: كمسلمینا و تملیخا و مرطولس و نینونس و سارینونس و دربونس و كشوطینونس و هو الراعی. و فی المحبر: قال الكلبی: هم مسكسملینا، و یملیخا، و مرطولس، و ذنوانس، و دیودنس، و ساربیونس، و كشفوطدبیوس، و بطینوسوس، قال: و اسم الملك الذی هربوا منه دقیانوس، و الملك الذی ظهروا فی زمانه تبدیسوس، و اسم المدینة افسوس، و اسم الرستاق الذی كانوا منه انوس، و اسم الكهف انجلوس و ذكرهم الطبریّ و ابن الأثیر فی تاریخهما مع اختلاف.
6- فی عرائس الثعلبی: فمكث الملك فی ملكه ثلاثین سنة من غیر أن یصیبه صداع و لا وجع و لا حمی و لا لعاب و لا بصاق و لا مخاط فلما رأی ذلك من نفسه و ماله عنا اه منه رحمه اللّٰه.

وُجُوهَ قَوْمِهِ فَكُلُّ مَنْ أَطَاعَهُ عَلَی ذَلِكَ أَعْطَاهُ وَ حَبَاهُ وَ كَسَاهُ وَ كُلُّ مَنْ لَمْ یُبَایِعْهُ قَتَلَهُ فَاسْتَجَابُوا لَهُ رَأْساً وَ اتَّخَذَ لَهُمْ عِیداً فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَبَیْنَا هُمْ ذَاتَ یَوْمٍ فِی عِیدٍ وَ الْبَطَارِقَةُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الْهَرَاقِلَةُ عَنْ یَسَارِهِ إِذْ أَتَاهُ بِطْرِیقٌ فَأَخْبَرَهُ أَنْ عَسَاكِرَ الْفُرْسِ قَدْ غَشِیَهُ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ حَتَّی سَقَطَ التَّاجُ عَنْ رَأْسِهِ (1)فَنَظَرَ إِلَیْهِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِینَ كَانُوا عَنْ یَمِینِهِ یُقَالُ لَهُ تملیخا وَ كَانَ غُلَاماً فَقَالَ فِی نَفْسِهِ لَوْ كَانَ دَقْیَانُوسُ إِلَهاً كَمَا یَزْعُمُ إِذاً مَا كَانَ یَغْتَمُّ وَ لَا یَفْزَعُ وَ مَا كَانَ یَبُولُ وَ لَا یَتَغَوَّطُ وَ مَا كَانَ یَنَامُ وَ لَیْسَ هَذِهِ مِنْ فِعْلِ الْإِلَهِ قَالَ وَ كَانَ الْفِتْیَةُ السِّتَّةُ كُلَّ یَوْمٍ عِنْدَ أَحَدِهِمْ وَ كَانُوا ذَلِكَ الْیَوْمَ عِنْدَ تملیخا فَاتَّخَذَ لَهُمْ مِنْ طَیِّبِ الطَّعَامِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ یَا إِخْوَتَاهْ قَدْ وَقَعَ فِی قَلْبِی شَیْ ءٌ مَنَعَنِیَ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ وَ الْمَنَامَ قَالُوا وَ مَا ذَاكَ یَا تملیخا قَالَ أَطَلْتُ فِكْرِی فِی هَذِهِ السَّمَاءِ فَقُلْتُ مَنْ رَفَعَ سَقْفَهَا مَحْفُوظَةً بِلَا عَمَدٍ وَ لَا عِلَاقَةٍ مِنْ فَوْقِهَا وَ مَنْ أَجْرَی فِیهَا شَمْساً وَ قَمَراً آیَتَانِ مُبْصِرَتَانِ (2)وَ مَنْ زَیَّنَهَا بِالنُّجُومِ ثُمَّ أَطَلْتُ الْفِكْرَ فِی الْأَرْضِ فَقُلْتُ مَنْ سَطَحَهَا عَلَی ظَهْرِ الْیَمِّ الزَّاخِرِ (3)وَ مَنْ حَبَسَهَا بِالْجِبَالِ أَنْ تَمِیدَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ (4)وَ أَطَلْتُ فِكْرِی فِی نَفْسِی مَنْ أَخْرَجَنِی جَنِیناً (5)مِنْ بَطْنِ أُمِّی وَ مَنْ غَذَّانِی وَ مَنْ رَبَّانِی إِنَّ لَهَا صَانِعاً وَ مُدَبِّراً غَیْرَ دَقْیُوسَ الْمَلِكِ وَ مَا هُوَ إِلَّا مَلِكُ الْمُلُوكِ وَ جَبَّارُ السَّمَاوَاتِ فَانْكَبَّتِ الْفِتْیَةُ عَلَی رِجْلَیْهِ یُقَبِّلُونَهَا وَ قَالُوا بِكَ هَدَانَا اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَی الْهُدَی فَأَشِرْ عَلَیْنَا (6)قَالَ فَوَثَبَ تملیخا فَبَاعَ تَمْراً مِنْ حَائِطٍ لَهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ صَرَّهَا فِی رُدْنِهِ (7)وَ رَكِبُوا خُیُولَهُمْ وَ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِینَةِ

ص: 415


1- فی نسخة: علی ناحیة.
2- فی نسخة: آیتین مبصرتین.
3- فی نسخة: علی صمیم الماء الزخار.
4- فی العرائس: و من حبسها و ربطها بالجبال الرواسی لئلا تمید.
5- فی العرائس: فقلت: من اخرجنی جنینا.
6- فی العرائس: فأشر علینا فقال: یا اخوانی ما أجد لی و لكم حیلة الا الهرب من هذا الجبار الی ملك السماوات و الأرض، فقالوا: الرأی ما رأیت، فوثب تملیخا فابتاع تمرا بثلاثة دراهم و صرها فی ردائه.
7- الردن: اصل الكم: طرفه الواسع و كانت العرب تضع فیه الدراهم و الدنانیر. و فی نسخة: صرها فی ردائه.

فَلَمَّا سَارُوا ثَلَاثَةَ أَمْیَالٍ قَالَ لَهُمْ تملیخا یَا إِخْوَتَاهْ جَاءَتْ مَسْكَنَةُ الْآخِرَةِ وَ ذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْیَا انْزِلُوا عَنْ خُیُولِكُمْ وَ امْشُوا عَلَی أَرْجُلِكُمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ فَرَجاً وَ مَخْرَجاً فَنَزَلُوا عَنْ خُیُولِهِمْ وَ مَشَوْا عَلَی أَرْجُلِهِمْ سَبْعَةَ فَرَاسِخَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ فَجَعَلَتْ أَرْجُلُهُمْ تَقْطُرُ دَماً قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمْ رَاعٍ فَقَالُوا یَا أَیُّهَا الرَّاعِی هَلْ مِنْ شَرْبَةِ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَقَالَ الرَّاعِی عِنْدِی مَا تُحِبُّونَ وَ لَكِنْ أَرَی وُجُوهَكُمْ وُجُوهَ الْمُلُوكِ وَ مَا أَظُنُّكُمْ إِلَّا هُرَّاباً مِنْ دَقْیُوسَ الْمَلِكِ قَالُوا یَا أَیُّهَا الرَّاعِی لَا یَحِلُّ لَنَا الْكَذِبُ أَ فَیُنْجِینَا مِنْكَ الصِّدْقُ فَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِمْ فَانْكَبَّ الرَّاعِی عَلَی أَرْجُلِهِمْ یُقَبِّلُهَا وَ یَقُولُ یَا قَوْمِ لَقَدْ وَقَعَ فِی قَلْبِی مَا وَقَعَ فِی قُلُوبِكُمْ وَ لَكِنْ أَمْهِلُونِی حَتَّی أَرُدَّ الْأَغْنَامَ عَلَی أَرْبَابِهَا وَ أَلْحَقَ بِكُمْ فَتَوَقَّفُوا لَهُ فَرَدَّ الْأَغْنَامَ وَ أَقْبَلَ یَسْعَی یَتْبَعُهُ الْكَلْبُ لَهُ (1)قَالَ فَوَثَبَ الْیَهُودِیُّ فَقَالَ یَا عَلِیُّ مَا كَانَ اسْمُ الْكَلْبِ وَ مَا لَوْنُهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ أَمَّا لَوْنُ الْكَلْبِ فَكَانَ أبلقا (2)(أَبْلَقَ) بِسَوَادٍ وَ أَمَّا اسْمُ الْكَلْبِ فَقِطْمِیرٌ فَلَمَّا نَظَرَ الْفِتْیَةُ إِلَی الْكَلْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّا نَخَافُ أَنْ یَفْضَحَنَا بِنِبَاحِهِ فَأَلَحُّوا عَلَیْهِ بِالْحِجَارَةِ فَأَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ ذِكْرُهُ الْكَلْبَ ذَرُونِی حَتَّی أَحْرُسَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَلَمْ یَزَلِ الرَّاعِی یَسِیرُ بِهِمْ حَتَّی عَلَاهُمْ (3)جَبَلًا فَانْحَطَّ بِهِمْ عَلَی كَهْفٍ یُقَالُ لَهُ الْوَصِیدُ (4)فَإِذَا بِفِنَاءِ الْكَهْفِ عُیُونٌ وَ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ فَأَكَلُوا مِنَ الثَّمَرِ وَ شَرِبُوا مِنَ الْمَاءِ وَ جَنَّهُمُ اللَّیْلُ فَأَوَوْا إِلَی الْكَهْفِ وَ رَبَضَ الْكَلْبُ عَلَی بَابِ الْكَهْفِ وَ مَدَّ یَدَیْهِ عَلَیْهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ وَ وَكَّلَ اللَّهُ بِكُلِّ رَجُلٍ مَلَكَیْنِ یُقَلِّبَانِهِ مِنْ ذَاتِ الْیَمِینِ إِلَی ذَاتِ الشِّمَالِ وَ مِنْ ذَاتِ الشِّمَالِ إِلَی الْیَمِینِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا إِلَی خُزَّانِ الشَّمْسِ فَكَانَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْیَمِینِ وَ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (5)

ص: 416


1- فی نسخة: فتبعه كلبه.
2- كذا فی النسخ.
3- فی نسخة: حتی علا بهم.
4- فی العرائس: فوثب الیهودی و قال: یا علی ما اسم ذلك الجبل؟ و ما اسم الكهف؟ قال أمیر المؤمنین: یا أخا الیهود اسم الجبل ناجلوس، و اسم الكهف الوصید.
5- فی العرائس: تزاور عن كهفهم ذات الیمین إذا طلعت، و إذا غربت تقرضهم ذات الشمال.

فَلَمَّا رَجَعَ دَقْیُوسُ (1)مِنْ عِیدِهِ سَأَلَ عَنِ الْفِتْیَةِ فَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا هُرَّاباً فَرَكِبَ فِی ثَمَانِینَ أَلْفَ حِصَانٍ (2)فَلَمْ یَزَلْ یَقْفُو أَثَرَهُمْ حَتَّی عَلَا فَانْحَطَّ إِلَی كَهْفِهِمْ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ إِذَا هُمْ نِیَامٌ فَقَالَ الْمَلِكُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُعَاقِبَهُمْ بِشَیْ ءٍ لَمَا عَاقَبْتُهُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا عَاقَبُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَ لَكِنِ ایتُونِی بِالْبَنَّائِینَ فَسَدَّ بَابَ الْكَهْفِ بِالْكِلْسِ وَ الْحِجَارَةِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قُولُوا لَهُمْ یَقُولُوا لِإِلَهِهِمُ الَّذِی فِی السَّمَاءِ لِیُنَجِّیَهُمْ وَ أَنْ یُخْرِجَهُمْ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا أَخَا الْیَهُودِ فَمَكَثُوا ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَ تِسْعَ سِنِینَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُحْیِیَهُمْ أَمَرَ إِسْرَافِیلَ الْمَلَكَ أَنْ یَنْفُخَ فِیهِمُ الرُّوحَ فَنَفَخَ فَقَامُوا مِنْ رَقْدَتِهِمْ فَلَمَّا أَنْ بَزَغَتِ الشَّمْسُ قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ غَفَلْنَا فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ عَنْ عِبَادَةِ إِلَهِ السَّمَاءِ فَقَامُوا فَإِذَا الْعَیْنُ قَدْ غَارَتْ وَ إِذَا الْأَشْجَارُ قَدْ یَبِسَتْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ أُمُورَنَا لَعَجَبٌ مِثْلُ تِلْكَ الْعَیْنِ الْغَزِیرَةِ قَدْ غَارَتْ وَ الْأَشْجَارُ قَدْ یَبِسَتْ فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَسَّهُمُ الْجُوعُ فَقَالُوا ابْعَثُوا بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْكی طَعاماً فَلْیَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْیَتَلَطَّفْ وَ لا یُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً قَالَ تملیخا لَا یَذْهَبُ فِی حَوَائِجِكُمْ غَیْرِی وَ لَكِنِ ادْفَعْ أَیُّهَا الرَّاعِی ثِیَابَكَ إِلَیَّ قَالَ فَدَفَعَ الرَّاعِی ثِیَابَهُ وَ مَضَی یَؤُمُّ الْمَدِینَةَ فَجَعَلَ یَرَی مَوَاضِعَ لَا یَعْرِفُهَا وَ طَرِیقاً هُوَ یُنْكِرُهَا حَتَّی أَتَی بَابَ الْمَدِینَةِ وَ إِذَا عَلَیْهِ عَلَمٌ أَخْضَرُ مَكْتُوبٌ عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِیسَی رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَجَعَلَ یَنْظُرُ إِلَی الْعَلَمِ وَ جَعَلَ یَمْسَحُ عَیْنَیْهِ وَ یَقُولُ أَرَانِی نَائِماً ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِینَةَ حَتَّی أَتَی السُّوقَ فَأَتَی رَجُلًا خَبَّازاً فَقَالَ أَیُّهَا الْخَبَّازُ مَا اسْمُ مَدِینَتِكُمْ هَذِهِ قَالَ أُقْسُوسُ قَالَ وَ مَا اسْمُ مَلِكِكُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ادْفَعْ إِلَیَّ بِهَذِهِ الْوَرِقِ طَعَاماً فَجَعَلَ الْخَبَّازُ یَتَعَجَّبُ مِنْ ثِقْلِ الدَّرَاهِمِ وَ مِنْ كِبَرِهَا قَالَ فَوَثَبَ الْیَهُودِیُّ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ وَ مَا كَانَ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْهَا قَالَ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَ ثلثی (ثُلُثَا) دِرْهَمٍ (3)فَقَالَ الْخَبَّازُ یَا هَذَا أَنْتَ أَصَبْتَ كَنْزاً فَقَالَ تملیخا مَا هَذَا إِلَّا ثَمَنُ تَمْرٍ بِعْتُهَا مُنْذُ ثَلَاثٍ وَ خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ

ص: 417


1- تقدم ان دقیانوس و دقیوس كلاهما صحیح.
2- فی نسخة و فی العرائس: ثمانین الف فارس.
3- فی العرائس: ثلثا درهم. و هو الصواب.

الْمَدِینَةِ وَ تَرَكْتُ النَّاسَ یَعْبُدُونَ دَقْیُوسَ الْمَلِكَ قَالَ فَأَخَذَ الْخَبَّازُ بِیَدِ تملیخا وَ أَدْخَلَهُ عَلَی الْمَلِكِ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذَا الْفَتَی قَالَ الْخَبَّازُ هَذَا رَجُلٌ أَصَابَ كَنْزاً (1)فَقَالَ الْمَلِكُ یَا فَتَی لَا تَخَفْ فَإِنَّ نَبِیَّنَا عِیسَی علیه السلام أَمَرَنَا أَنْ لَا نَأْخُذَ مِنَ الْكَنْزِ إِلَّا خُمُسَهَا فَأَعْطِنِی خُمُسَهَا وَ امْضِ سَالِماً فَقَالَ تملیخا انْظُرْ أَیُّهَا الْمَلِكُ فِی أَمْرِی مَا أَصَبْتُ كَنْزاً أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِینَةِ فَقَالَ الْمَلِكُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَعْرِفُ بِهَا أَحَداً قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا اسْمُكَ (2)قَالَ اسْمِی تملیخا قَالَ وَ مَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ أَسْمَاءَ أَهْلِ زَمَانِنَا فَقَالَ الْمَلِكُ فَهَلْ لَكَ فِی هَذِهِ الْمَدِینَةِ دَارٌ قَالَ نَعَمْ ارْكَبْ أَیُّهَا الْمَلِكُ مَعِی قَالَ فَرَكِبَ الْمَلِكُ وَ النَّاسُ مَعَهُ فَأَتَی بِهِمْ أَرْفَعَ دَارٍ فِی الْمَدِینَةِ قَالَ تملیخا هَذِهِ الدَّارُ لِی فَقَرَعَ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ شَیْخٌ وَ قَدْ وَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ مِنَ الْكِبَرِ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ فَقَالَ الْمَلِكُ أَتَانَا هَذَا الْغُلَامُ بِالْعَجَائِبِ یَزْعُمُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُهُ فَقَالَ لَهُ الشَّیْخُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا تملیخا بْنُ قسطیكین (3)قَالَ فَانْكَبَّ الشَّیْخُ عَلَی رِجْلَیْهِ یُقَبِّلُهُمَا وَ یَقُولُ هُوَ جَدِّی وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ هَؤُلَاءِ السِّتَّةُ الَّذِینَ خَرَجُوا هُرَّاباً مِنْ دَقْیُوسَ الْمَلِكِ (4)قَالَ فَنَزَلَ الْمَلِكُ عَنْ فَرَسِهِ وَ حَمَلَهُ عَلَی عَاتِقِهِ وَ جَعَلَ النَّاسُ یُقَبِّلُونَ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ فَقَالَ یَا تملیخا مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِی الْكَهْفِ وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ مَلِكٌ مُسْلِمٌ (5)

ص: 418


1- فی العرائس: فغضب الخباز و قال: ألا ترضی ان أصبت كنزا أن تعطینی بعضه حتّی تذكر رجلا جبارا كان یدعی الربوبیة قد مات منذ ثلاث مائة سنة، و تسخر بی؟ ثم أمسكه و اجتمع الناس ثمّ انهم أتوا به الی الملك و كان عاقلا عادلا فقال لهم: ما قصة هذا الفتی؟ قالوا: اصاب كنزا.
2- فی العرائس: قال: فسم لنا، فسمی له نحوا من ألف رجل فما عرفوا منهم رجلا واحدا قالوا: یا هذا ما نعرف هذه الأسماء و لیست هی من أهل زماننا.
3- فی نسخة: ابن فسطین. و فی العرائس: ابن فلسین.
4- و فی العرائس: و لقد كان عیسی علیه السلام أخبرنا بقصتهم و أنهم سیحیون.
5- أی مسلم بعیسی علیه السلام.

وَ مَلِكٌ یَهُودِیٌّ فَرَكِبُوا فِی أَصْحَابِهِمْ فَلَمَّا صَارُوا قَرِیباً مِنَ الْكَهْفِ قَالَ لَهُمْ تملیخا إِنِّی أَخَافُ أَنْ تَسْمَعَ أَصْحَابِی أَصْوَاتَ حَوَافِرِ الْخُیُولِ فَیَظُنُّونَ أَنَّ دَقْیُوسَ الْمَلِكَ قَدْ جَاءَ فِی طَلَبِهِمْ وَ لَكِنْ أَمْهِلُونِی حَتَّی أَتَقَدَّمَ فَأُخْبِرَهُمْ فَوَقَفَ النَّاسُ فَأَقْبَلَ تملیخا حَتَّی دَخَلَ الْكَهْفَ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ اعْتَنَقُوهُ وَ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَجَّاكَ مِنْ دَقْیُوسَ قَالَ تملیخا دَعُونِی عَنْكُمْ وَ عَنْ دَقْیُوسِكُمْ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قَالَ تملیخا بَلْ لَبِثْتُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِینَ وَ قَدْ مَاتَ دَقْیُوسُ وَ انْقَرَضَ قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ وَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام وَ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ (1)وَ قَدْ أَقْبَلَ إِلَیْنَا الْمَلِكُ وَ النَّاسُ مَعَهُ قَالُوا یَا تملیخا أَ تُرِیدُ أَنْ تَجْعَلَنَا فِتْنَةً لِلْعَالَمِینَ قَالَ تملیخا فَمَا تُرِیدُونَ قَالُوا ادْعُ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ نَدْعُوهُ مَعَكَ حَتَّی یَقْبِضَ أَرْوَاحَنَا فَرَفَعُوا أَیْدِیَهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ وَ طَمَسَ اللَّهُ بَابَ الْكَهْفِ عَلَی النَّاسِ فَأَقْبَلَ الْمَلِكَانِ یَطُوفَانِ عَلَی بَابِ الْكَهْفِ سَبْعَةَ أَیَّامٍ لَا یَجِدَانِ لِلْكَهْفِ بَاباً فَقَالَ الْمَلِكُ الْمُسْلِمُ مَاتُوا عَلَی دِینِنَا أَبْنِی عَلَی بَابِ الْكَهْفِ مَسْجِداً وَ قَالَ الْیَهُودِیُّ لَا بَلْ مَاتُوا عَلَی دِینِی أَبْنِی عَلَی بَابِ الْكَهْفِ كَنِیسَةً فَاقْتَتَلَا فَغَلَبَ الْمُسْلِمُ وَ بَنَی مَسْجِداً عَلَیْهِ یَا یَهُودِیُّ أَ یُوَافِقُ هَذَا مَا فِی تَوْرَاتِكُمْ قَالَ مَا زِدْتَ حَرْفاً وَ لَا نَقَصْتَ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ (2).

بیان: هذا مختصر مما رواه الثعلبی فی عرائسه. (3)و اللجین مصغرا الفضة و النمرقة بضم النون و الراء و بكسرهما الوسادة قوله كیفما دارت أقول وجدت فی بعض الكتب هكذا و اتخذ لشرقی المجلس مائتی

ص: 419


1- لم یذكر فی العرائس بعث المسیح علیه السلام و رفعه بل قال: و آمن أهل المدینة باللّٰه العظیم إه. و قد اختلف انهم كانوا قبل المسیح علیه السلام أو بعده، قال ابن الأثیر فی الكامل: و كانت شریعتهم شریعة عیسی علیه السلام و زعم بعضهم أنهم كانوا قبل المسیح و أن المسیح أعلم قومه بهم و ان اللّٰه بعثهم من رقدتهم بعد رفع المسیح، و الأول اصح.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- العرائس: 232- 236. و فیه زیادات كثیرة خرجنا بعضها.

كوة و لغربیه كذلك فكانت الشمس من حین تطلع إلی حین تغیب تدور فی المجلس كیفما دارت و لعله أصوب و البطریق القائد من قواد الروم و هو معرب و الجمع البطارقة و الهرقل بكسر الهاء و القاف ملك الروم.

و قال الجزری القرطق قباء معرب كرته و قد تضم طاؤه و قال الفیروزآبادی القرطق كجندب معرب كرته و قرطقته فتقرطق ألبسته إیاه فلبسه انتهی و الدملج و الدملوج المعضد.

قوله علیه السلام و اتخذ ستة غلمة أقول فی بعض الكتب و اصطفی ستة أغلمة من أولاد العلماء فجعلهم وزراء و فیه فأسماء الذین عن یمینه یملیخا و مكسلمینا و مخسمینا و الذین عن یساره مرطوش و كشطونش و ساذنوش.

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ لَیْلَةٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَی الْبَقِیعِ فَدَعَا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ عَلِیّاً فَقَالَ امْضُوا حَتَّی تَأْتُوا أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ تُقْرِءُوهُمْ مِنِّیَ السَّلَامَ وَ تَقَدَّمْ أَنْتَ یَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّكَ أَسَنُّ الْقَوْمِ ثُمَّ أَنْتَ یَا عُمَرُ ثُمَّ أَنْتَ یَا عُثْمَانُ فَإِنْ أَجَابُوا وَاحِداً مِنْكُمْ وَ إِلَّا تَقَدَّمْ أَنْتَ یَا عَلِیُّ كُنْ آخِرَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ الرِّیحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّی وَضَعَتْهُمْ عَلَی بَابِ الْكَهْفِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ ٍ فَسَلَّمَ فَلَمْ یَرُدُّوا فَتَنَحَّی فَتَقَدَّمَ عُمَرُ فَسَلَّمَ فَلَمْ یَرُدُّوا عَلَیْهِ وَ تَقَدَّمَ عُثْمَانُ وَ سَلَّمَ فَلَمْ یَرُدُّوا عَلَیْهِ وَ تَقَدَّمَ عَلِیٌّ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَهْلَ الْكَهْفِ الَّذِینَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زَادَهُمْ هُدًی وَ رَبَطَ عَلَی قُلُوبِهِمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْكُمْ فَقَالُوا مَرْحَباً بِرَسُولِ اللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا وَصِیَّ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَكَیْفَ عَلِمْتُمْ أَنِّی وَصِیُّ النَّبِیِّ فَقَالُوا إِنَّهُ ضُرِبَ عَلَی آذَانِنَا أَلَّا نُكَلِّمَ إِلَّا نَبِیّاً أَوْ وَصِیَّ نَبِیٍّ فَكَیْفَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ كَیْفَ حَشَمُهُ وَ كَیْفَ حَالُهُ وَ بَالَغُوا فِی السُّؤَالِ وَ قَالُوا خَبِّرْ أَصْحَابَكَ (1)هَؤُلَاءِ أَنَّا لَا نُكَلِّمُ إِلَّا نَبِیّاً أَوْ وَصِیَّ نَبِیٍّ فَقَالَ لَهُمْ أَ سَمِعْتُمْ مَا یَقُولُونَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاشْهَدُوا ثُمَّ حَوَّلُوا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ الْمَدِینَةِ فَحَمَلَتْهُمُ الرِّیحُ حَتَّی وَضَعَتْهُمْ

ص: 420


1- فی نسخة فأخبر أصحابك.

بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِی كَانَ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ رَأَیْتُمْ وَ سَمِعْتُمْ فَاشْهَدُوا قَالُوا نَعَمْ فَانْصَرَفَ النَّبِیُّ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ قَالَ لَهُمْ احْفَظُوا شَهَادَتَكُمْ.

أقول: رواه الثعلبی فی تفسیره بتغییر ما و سیأتی بأسانید فی معجزات النبی و أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه و سلامه علیهما.

«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ بُشْرَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی خَیْثَمَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَیْسَانَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَمَا ثَلَاثَةُ رَهْطٍ یَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَآوَوْا إِلَی غَارٍ فِی جَبَلٍ فَبَیْنَمَا هُمْ فِیهِ انْحَطَّتْ صَخْرَةٌ فَأَطْبَقَتْ عَلَیْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَفْضَلَ أَعْمَالٍ عَمِلْتُمُوهَا فَسَلُوهُ بِهَا لَعَلَّهُ یُفَرِّجُ عَنْكُمْ قَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِی وَالِدَانِ كَبِیرَانِ وَ كَانَتْ لِیَ امْرَأَةٌ وَ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَكُنْتُ أَرْعَی عَلَیْهِمْ فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَیْهِمْ غَنَمِی بَدَأْتُ بِوَالِدَیَّ فَسَقَیْتُهُمَا فَلَمْ آتِ حَتَّی نَامَ أَبَوَایَ فَطَیَّبْتُ الْإِنَاءَ ثُمَّ حَلَبْتُ ثُمَّ قُمْتُ بِحِلَابِی عِنْدَ رَأْسِ أَبَوَیَّ وَ الصِّبْیَةُ یَنْضَاعُونَ عِنْدَ رِجْلِی أَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِهِمْ قَبْلَ أَبَوَیَّ وَ أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی أَضَاءَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَی مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَّجَ لَهُمْ فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِی بِنْتُ عَمٍّ فَأَحْبَبْتُهَا حُبّاً كَانَتْ أَعَزَّ النَّاسِ إِلَیَّ فَسَأَلْتُهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا حَتَّی تَأْتِیَنِی بِمِائَةِ دِینَارٍ فَسَعَیْتُ حَتَّی جَمَعْتُ مِائَةَ دِینَارٍ فَأَتَیْتُهَا بِهَا فَلَمَّا كُنْتُ بَیْنَ رِجْلَیْهَا قَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ عَنْهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فِیهَا فُرْجَةً فَفَرَّجَ اللَّهُ لَهُمْ فِیهَا فُرْجَةً وَ قَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّی كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِیراً بِفَرَقِ ذُرَةٍ فَلَمَّا قَضَی عَمَلَهُ عَرَضْتُ عَلَیْهِ فَأَبَی أَنْ یَأْخُذَهَا وَ رَغِبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَعْتَمِلُ بِهِ حَتَّی جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَراً وَ رُعَاتَهَا فَجَاءَنِی وَ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَ أَعْطِنِی حَقِّی وَ لَا تَظْلِمْنِی فَقُلْتُ لَهُ اذْهَبْ إِلَی تِلْكَ الْبَقَرِ وَ رُعَاتِهَا فَخُذْهَا فَذَهَبَ وَ اسْتَاقَهَا (1)

ص: 421


1- فی المصدر: فذهب فاسناقها.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا مَا بَقِیَ مِنْهَا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا یَتَمَاشَوْنَ (1).

بیان: قال الجوهری أراح إبله أی ردها إلی المراح و أرحت علی الرجل حقه إذا رددته علیه انتهی و انضاع الفرخ صاح و تلوی عند الجوع و فی النهایة الفرق بالتحریك مكیال یسع ستة عشر رطلا انتهی و فی بعض النسخ یفرق بصیغة الفعل و لعله تصحیف.

«4»-فس، تفسیر القمی أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً یَقُولُ قَدْ آتَیْنَاكَ مِنَ الْآیَاتِ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْهُ وَ هُمْ فِتْیَةٌ كَانُوا فِی الْفَتْرَةِ بَیْنَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام وَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الرَّقِیمُ فَهُمَا لَوْحَانِ مِنْ نُحَاسٍ مَرْقُومٌ أَیْ مَكْتُوبٌ فِیهِمَا أَمْرُ الْفِتْیَةِ وَ أَمْرُ إِسْلَامِهِمْ وَ مَا أَرَادَ مِنْهُمْ دَقْیَانُوسُ الْمَلِكُ وَ كَیْفَ كَانَ أَمْرُهُمْ وَ حَالُهُمْ.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَحَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِ سُورَةِ الْكَهْفِ أَنَّ قُرَیْشاً بَعَثُوا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ إِلَی نَجْرَانَ النَّضْرَ بْنَ حَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِیَّ لِیَتَعَلَّمُوا مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی مَسَائِلَ یَسْأَلُونَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجُوا إِلَی نَجْرَانَ إِلَی عُلَمَاءِ الْیَهُودِ فَسَأَلُوهُمُ فَقَالُوا اسْأَلُوهُ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَإِنْ أَجَابَكُمْ فِیهَا عَلَی مَا عِنْدَنَا فَهُوَ صَادِقٌ ثُمَّ سَلُوهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنِ ادَّعَی عِلْمَهَا فَهُوَ كَاذِبٌ قَالُوا وَ مَا هَذِهِ الْمَسَائِلُ قَالُوا اسْأَلُوهُ عَنْ فِتْیَةٍ كَانُوا فِی الزَّمَنِ الْأَوَّلِ فَخَرَجُوا وَ غَابُوا وَ نَامُوا كَمْ بَقُوا فِی نَوْمِهِمْ حَتَّی انْتَبَهُوا وَ كَمْ كَانَ عَدَدُهُمْ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ مَا كَانَ قِصَّتُهُمْ وَ اسْأَلُوهُ عَنْ مُوسَی حِینَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَتَّبِعَ الْعَالِمَ وَ یَتَعَلَّمَ مِنْهُ مَنْ هُوَ وَ كَیْفَ تَبِعَهُ وَ مَا كَانَ قِصَّتُهُ مَعَهُ وَ اسْأَلُوهُ عَنْ طَائِفٍ طَافَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَ مَطْلَعِهَا حَتَّی بَلَغَ سَدَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مَنْ هُوَ وَ كَیْفَ كَانَ قِصَّتُهُ ثُمَّ أَمْلَوْا عَلَیْهِمْ أَخْبَارَ هَذِهِ الثَّلَاثِ الْمَسَائِلِ وَ قَالُوا لَهُمْ إِنْ أَجَابَكُمْ بِمَا قَدْ أَمْلَیْنَا عَلَیْكُمْ فَهُوَ صَادِقٌ وَ إِنْ أَخْبَرَكُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا تُصَدِّقُوهُ قَالُوا

ص: 422


1- أمالی ابن الطوسیّ: 252 و 253. و الحدیث لا یناسب الباب، لان الباب فی ذكر أصحاب الكهف الذین ذكرهم اللّٰه تعالی فی كتابه.

فَمَا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالُوا اسْأَلُوهُ مَتَی تَقُومُ السَّاعَةُ فَإِنِ ادَّعَی عِلْمَهَا فَهُوَ كَاذِبٌ فَإِنَّ قِیَامَ السَّاعَةِ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَرَجَعُوا إِلَی مَكَّةَ وَ اجْتَمَعُوا إِلَی أَبِی طَالِبٍ فَقَالُوا یَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ ابْنَ أَخِیكَ یَزْعُمُ أَنَّ خَبَرَ السَّمَاءِ یَأْتِیهِ وَ نَحْنُ نَسْأَلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَإِنْ أَجَابَنَا عَنْهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ صَادِقٌ وَ إِنْ لَمْ یُخْبِرْنَا (1)عَلِمْنَا أَنَّهُ كَاذِبٌ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ سَلُوهُ عَمَّا بَدَا لَكُمْ فَسَأَلُوهُ عَنِ الثَّلَاثِ الْمَسَائِلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَداً أُخْبِرُكُمْ وَ لَمْ یَسْتَثْنِ (2)فَاحْتَبَسَ الْوَحْیُ عَنْهُ (3)أَرْبَعِینَ یَوْماً حَتَّی اغْتَمَّ النَّبِیُّ وَ شَكَّ أَصْحَابُهُ الَّذِینَ كَانُوا آمَنُوا بِهِ وَ فَرِحَتْ قُرَیْشٌ وَ اسْتَهْزَءُوا وَ آذَوْا وَ حَزِنَ أَبُو طَالِبٍ فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً (4)نَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ بِسُورَةِ الْكَهْفِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ یَا جَبْرَئِیلُ لَقَدْ أَبْطَأْتَ فَقَالَ إِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نَنْزِلَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَأَنْزَلَ أَمْ حَسِبْتَ یَا مُحَمَّدُ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً ثُمَّ قَصَّ قِصَّتَهُمْ فَقَالَ إِذْ أَوَی الْفِتْیَةُ إِلَی الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَیِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً

فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كَانُوا فِی زَمَنِ مَلِكٍ جَبَّارٍ عَاتٍ وَ كَانَ یَدْعُو أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ إِلَی عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَمَنْ لَمْ یُجِبْهُ قَتَلَهُ وَ كَانَ هَؤُلَاءِ (5)قَوْماً مُؤْمِنِینَ یَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَكَّلَ الْمَلِكُ بِبَابِ الْمَدِینَةِ حَرَساً وَ لَمْ یَدَعْ أَحَداً یَخْرُجُ حَتَّی یَسْجُدَ الْأَصْنَامَ وَ خَرَجَ هَؤُلَاءِ بِعِلَّةِ الصَّیْدِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مَرُّوا بِرَاعٍ فِی طَرِیقِهِمْ فَدَعَوْهُ إِلَی أَمْرِهِمْ فَلَمْ یُجِبْهُمْ وَ كَانَ مَعَ الرَّاعِی كَلْبٌ فَأَجَابَهُمُ الْكَلْبُ وَ خَرَجَ مَعَهُمْ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَلَا یَدْخُلُ (6)الْجَنَّةَ مِنَ الْبَهَائِمِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ حِمَارُ بَلْعَمَ (7)بْنِ بَاعُورَاءَ وَ ذِئْبُ یُوسُفَ وَ كَلْبُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

ص: 423


1- فی نسخة: و ان لم یجبنا.
2- أی لم یقل: ان شاء اللّٰه.
3- فی المصدر: فاحتبس الوحی علیه.
4- فی نسخة: أربعین صباحا.
5- فی نسخة: و كانوا هؤلاء.
6- فی المصدر: لا یدخل.
7- فی المصدر: حمارة بلعم.

فَخَرَجَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ مِنَ الْمَدِینَةِ بِعِلَّةِ الصَّیْدِ هَرَباً مِنْ دِینِ ذَلِكَ الْمَلِكِ فَلَمَّا أَمْسَوْا دَخَلُوا ذَلِكَ الْكَهْفَ وَ الْكَلْبُ مَعَهُمْ فَأَلْقَی اللَّهُ عَلَیْهِمُ النُّعَاسَ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَضَرَبْنا عَلَی آذانِهِمْ فِی الْكَهْفِ سِنِینَ عَدَداً فَنَامُوا حَتَّی أَهْلَكَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَلِكَ وَ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ وَ ذَهَبَ ذَلِكَ الزَّمَانُ وَ جَاءَ زَمَانٌ آخَرُ وَ قَوْمٌ آخَرُونَ ثُمَّ انْتَبَهُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كَمْ نِمْنَا هَاهُنَا فَنَظَرُوا إِلَی الشَّمْسِ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَقَالُوا نِمْنَا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ ثُمَّ قَالُوا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ خُذْ هَذَا الْوَرِقَ وَ ادْخُلِ الْمَدِینَةَ مُتَنَكِّراً لَا یَعْرِفُوكَ فَاشْتَرِ لَنَا طَعَاماً فَإِنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِنَا وَ عَرَفُونَا قَتَلُونَا أَوْ رَدُّونَا فِی دِینِهِمْ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَرَأَی الْمَدِینَةَ بِخِلَافِ الَّذِی عَهِدَهَا وَ رَأَی قَوْماً بِخِلَافِ أُولَئِكَ لَمْ یَعْرِفْهُمْ وَ لَمْ یَعْرِفُوا لُغَتَهُ وَ لَمْ یَعْرِفْ لُغَتَهُمْ فَقَالُوا لَهُ مَنْ أَنْتَ وَ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ فَأَخْبَرَهُمْ فَخَرَجَ مَلِكُ تِلْكَ الْمَدِینَةِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَ الرَّجُلُ مَعَهُمْ حَتَّی وَقَفُوا عَلَی بَابِ الْكَهْفِ وَ أَقْبَلُوا یَتَطَلَّعُونَ فِیهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ وَ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ هُمْ خَمْسَةٌ وَ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ هُمْ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ حَجَبَهُمُ اللَّهُ (1)بِحِجَابٍ مِنَ الرُّعْبِ فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ یَقْدَمُ بِالدُّخُولِ عَلَیْهِمْ غَیْرُ صَاحِبِهِمْ وَ إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِمْ وَجَدَهُمْ خَائِفِینَ أَنْ یَكُونُوا أَصْحَابَ دَقْیَانُوسَ شَعَرُوا بِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ صَاحِبُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا نَائِمِینَ هَذَا الزَّمَنَ الطَّوِیلَ وَ أَنَّهُمْ آیَةٌ لِلنَّاسِ فَبَكَوْا وَ سَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یُعِیدَهُمْ إِلَی مَضَاجِعِهِمْ نَائِمِینَ كَمَا كَانُوا ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ یَنْبَغِی أَنْ نَبْنِیَ هَاهُنَا مَسْجِداً وَ نَزُورَهُ (2)فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ فَلَهُمْ فِی كُلِّ سَنَةٍ نَقْلَتَیْنِ یَنَامُونَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ عَلَی جُنُوبِهِمُ الْیُمْنَی وَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ عَلَی جُنُوبِهِمُ الْیُسْرَی (3)وَ الْكَلْبُ مَعَهُمْ قَدْ بَسَطَ ذِرَاعَیْهِ بِفِنَاءِ الْكَهْفِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ أَیْ خَبَرَهُمْ إِلَی قَوْلِهِ بِالْوَصِیدِ أَیْ بِالْفِنَاءِ وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ أَیْ أَنْبَهْنَاهُمْ إِلَی قَوْلِهِ وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ وَ هُمُ الَّذِینَ ذَهَبُوا إِلَی بَابِ الْكَهْفِ (4)إِلَی قَوْلِهِ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 424


1- من قوله حجبهم اللّٰه إلی قوله: كما كانوا كان فی التفسیر الصغیر و لم یكن فی نسخ الكبیر منه طاب ثراه. قلت: هو موجود فی النسخة المطبوعة.
2- فی المصدر: ینبغی أن یبنی هاهنا مسجد نزوره.
3- فی نسخة: جنوبهم الایمن و جنوبهم الایسر.
4- فی المصدر: ذهبوا الی باب الكهف «لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» إلی قوله: «سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ».

قُلْ لَهُمْ رَبِّی أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما یَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِیلٌ ثُمَّ انْقَطَعَ خَبَرُهُمْ فَقَالَ فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلَی قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا حُبِسَ الْوَحْیُ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً لِأَنَّهُ قَالَ لِقُرَیْشٍ غَداً أُخْبِرُكُمْ بِجَوَابِ مَسَائِلِكُمْ وَ لَمْ یَسْتَثْنِ فَقَالَ اللَّهُ وَ لا تَقُولَنَّ إِلَی قَوْلِهِ رَشَداً ثُمَّ عَطَفَ عَلَی الْخَبَرِ الْأَوَّلِ الَّذِی حَكَی عَنْهُمْ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ فَقَالَ وَ لَبِثُوا فِی كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً وَ هُوَ حِكَایَةٌ عَنْهُمْ وَ لَفْظُهُ خَبَرٌ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّهُ حِكَایَةٌ عَنْهُمْ قَوْلُهُ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً یَعْنِی جَوْراً عَلَی اللَّهِ إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَهُ شَرِیكاً وَ قَوْلُهُ لَوْ لا یَأْتُونَ عَلَیْهِمْ بِسُلْطانٍ بَیِّنٍ یَعْنِی بِحُجَّةٍ بَیِّنَةٍ أَنَّ مَعَهُ شَرِیكاً وَ قَوْلُهُ وَ تَحْسَبُهُمْ أَیْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ یَقُولُ تَرَی أَعْیُنَهُمْ مَفْتُوحَةً وَ هُمْ رُقُودٌ یَعْنِی نِیَامٌ وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْیَمِینِ وَ ذاتَ الشِّمالِ فِی كُلِّ عَامٍ مَرَّتَیْنِ لِئَلَّا تَأْكُلَهُمُ الْأَرْضُ وَ قَوْلُهُ فَلْیَنْظُرْ أَیُّها أَزْكی طَعاماً یَقُولُ أَیُّهَا أَطْیَبُ طَعَاماً وَ قَوْلُهُ وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ یَعْنِی أَطْلَعْنَا عَلَی الْفِتْیَةِ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فِی الْبَعْثِ وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَیْبَ فِیها یَعْنِی لَا شَكَّ فِیهَا بِأَنَّهَا كَائِنَةٌ وَ قَوْلُهُ رَجْماً بِالْغَیْبِ یَعْنِی ظَنّاً بِالْغَیْبِ مَا یَسْتَفْتُونَهُمْ وَ قَوْلُهُ فَلا تُمارِ فِیهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً یَقُولُ حَسْبُكَ مَا قَصَصْنَا عَلَیْكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ لا تَسْتَفْتِ فِیهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً یَقُولُ لَا تَسْأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (1).

«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْكَاهِلِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْكَهْفِ فَقَالَ لَوْ كَلَّفَكُمْ قَوْمُكُمْ مَا كَلَّفَهُمْ قَوْمُهُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَهُمْ فَقِیلَ لَهُ وَ مَا كَلَّفَهُمْ قَوْمُهُمْ قَالَ كَلَّفُوهُمُ الشِّرْكَ بِاللَّهِ فَأَظْهَرُوهُ لَهُمْ وَ أَسَرُّوا الْإِیمَانَ حَتَّی جَاءَهُمُ الْفَرَجُ وَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَذَبُوا فَآجَرَهُمْ وَ صَدَقُوا فَآجَرَهُمُ اللَّهُ (2)وَ قَالَ كَانُوا صَیَارِفَةَ كَلَامٍ وَ لَمْ یَكُونُوا صَیَارِفَةَ الدَّرَاهِمِ وَ قَالَ خَرَجَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ عَلَی غَیْرِ مِیعَادٍ فَلَمَّا صَارُوا

ص: 425


1- تفسیر القمّیّ: 392- 396.
2- یعنی أن اللّٰه آجرهم فی كلتا الحالتین حیث إنهم عملوا بما یقتضی التكلیف فی كل حالة.

فِی الصَّحْرَاءِ أَخَذَ هَذَا عَلَی هَذَا وَ هَذَا عَلَی هَذَا الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ ثُمَّ قَالَ أَظْهِرُوا أَمْرَكُمْ فَأَظْهَرُوهُ فَإِذَا هُمْ عَلَی أَمْرٍ وَاحِدٍ وَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ أَسَرُّوا الْإِیمَانَ وَ أَظْهَرُوا الْكُفْرَ فَكَانُوا عَلَی إِظْهَارِهِمُ الْكُفْرَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْهُمْ عَلَی إِسْرَارِهِمُ الْإِیمَانَ وَ قَالَ مَا بَلَغَتْ تَقِیَّةُ أَحَدٍ مَا بَلَغَتْ تَقِیَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَ إِنْ كَانُوا لَیَشُدُّونَ الزَّنَانِیرَ وَ یَشْهَدُونَ الْأَعْیَادَ فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَیْنِ (1).

شی، تفسیر العیاشی عن الكاهلی مثله (2)بیان قوله صیارفة كلام أی كانوا یمیزون كلام الحق من الباطل.

«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَذَبُوا الْمَلِكَ فَأُجِرُوا وَ صَدَقُوا فَأُجِرُوا (3).

«7»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ قَالَ هُمْ قَوْمٌ فُقِدُوا فَكَتَبَ مَلِكُ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَسْمَاءَهُمْ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ فِی صُحُفٍ مِنْ رَصَاصٍ (4).

شی، تفسیر العیاشی عن محمد عن أحمد بن علی عنه علیه السلام مثله (5).

«8»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَنْ

ص: 426


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرج البحرانیّ بعضه فی البرهان 2: 456.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- قصص الأنبیاء: و الظاهر أن قوله علیه السلام: قوم فقدوا تفسیر لاصحاب الكهف، و ما بعده تفسیر للرقیم، فعلیه فالرقیم هو صحف من رصاص كتب فیه اسماؤهم و أخبارهم و ترجمتهم.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجه أیضا البحرانیّ فی البرهان 2: 456، الا أن فیه: هم قوم فروا. و زاد فی آخره: فهو قوله: أصحاب الكهف و الرقیم.

أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ البرادی (1)عَنِ ابْنِ أَبِی أَوْفَی (2)قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ یَسِیحُونَ فِی الْأَرْضِ فَبَیْنَمَا هُمْ یَعْبُدُونَ اللَّهَ فِی كَهْفٍ فِی قُلَّةِ جَبَلٍ حَتَّی بَدَتْ صَخْرَةٌ مِنْ أَعْلَی الْجَبَلِ حَتَّی الْتَقَتْ بَابَ الْكَهْفِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ یَا عِبَادَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَا یُنْجِیكُمْ مِنْهَا وَ بَقِیتُمْ فِیهِ إِلَّا أَنْ تَصْدُقُوا عَنِ اللَّهِ فَهَلُمُّوا مَا عَمِلْتُمْ خَالِصاً لِلَّهِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی طَلَبْتُ جَیِّدَةً لِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا وَ أَعْطَیْتُ فِیهَا مَالًا ضَخْماً حَتَّی إِذَا قَدَرْتُ عَلَیْهَا وَ جَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ ذَكَرْتُ النَّارَ فَقُمْتُ عَنْهَا فَرَقاً مِنْكَ (3)فَارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ قَالَ فَانْصَدَعَتْ حَتَّی نَظَرُوا إِلَی الضَّوْءِ ثُمَّ قَالَ آخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی اسْتَأْجَرْتُ قَوْماً كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا فَرَغُوا أَعْطَیْتُهُمْ أُجُورَهُمْ فَقَالَ رَجُلٌ لَقَدْ عَمِلْتُ عَمَلَ رَجُلَیْنِ وَ اللَّهِ لَا آخُذُ إِلَّا دِرْهَماً ثُمَّ ذَهَبَ وَ تَرَكَ مَالَهُ عِنْدِی فَبَذَرْتُ بِذَلِكَ النِّصْفِ الدِّرْهَمِ فِی الْأَرْضِ فَأَخْرَجَ اللَّهُ بِهِ رِزْقاً وَ جَاءَ صَاحِبُ النِّصْفِ الدِّرْهَمِ فَأَرَادَهُ فَدَفَعْتُ إِلَیْهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ حَقَّهُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَةً مِنْكَ فَارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ قَالَ فَانْفَرَجَتْ حَتَّی نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِی وَ أُمِّی كَانَا نَائِمَیْنِ فَأَتَیْتُهُمَا بِقَصْعَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَخِفْتُ أَنْ أَضَعَهُ فَیَقَعَ فِیهِ هَامَّةٌ وَ كَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا فَیَشُقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِمَا فَلَمْ أَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّی اسْتَیْقَظَا فَشَرِبَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءً لِوَجْهِكَ فَارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَانْفَرَجَتْ حَتَّی سَهَّلَ اللَّهُ لَهُمُ الْمَخْرَجَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَدَقَ اللَّهَ نَجَا (4).

ص: 427


1- فی نسخة: البراری.
2- هو عبد اللّٰه بن أبی أوفی علقمة بن خالد بن الحارث الاسلمی صحابی شهد الحدیبیة، و مات سنة 87 بالكوفة.
3- أی خوفا منك.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

«9»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ أَسَرُّوا الْإِیمَانَ وَ أَظْهَرُوا الْكُفْرَ فَآجَرَهُمُ اللَّهُ مَرَّتَیْنِ (1).

«10»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْهُذَلِیِّ (2)قَالَ: قَالَ لِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام یَا سُلَیْمَانُ مَنِ الْفَتَی قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ الْفَتَی عِنْدَنَا الشَّابُّ قَالَ لِی أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا كُلُّهُمْ كُهُولًا فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ فِتْیَةً بِإِیمَانِهِمْ یَا سُلَیْمَانُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ اتَّقَی فَهُوَ الْفَتَی (3).

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ عَلَی غَیْرِ مَعْرِفَةٍ وَ لَا مِیعَادٍ فَلَمَّا صَارُوا فِی الصَّحْرَاءِ أَخَذَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ فَأَخَذَ هَذَا عَلَی هَذَا وَ هَذَا عَلَی هَذَا ثُمَّ قَالُوا أَظْهِرُوا أَمْرَكُمْ فَأَظْهَرُوهُ فَإِذَا هُمْ عَلَی أَمْرٍ وَاحِدٍ(4).

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْكَهْفِ فَقَالَ كَانُوا صَیَارِفَةَ كَلَامٍ وَ لَمْ یَكُونُوا صَیَارِفَةَ دَرَاهِمَ (5).

«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْبِطِّیخِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَیْهِمْ لَوَلَّیْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَمْ یَعْنِ بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا عَنَی بِهِ الْمُؤْمِنِینَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ لَكِنَّهُ حَالُهُمُ الَّتِی هُمْ عَلَیْهَا (6).

«14»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ دُرُسْتَ الْوَاسِطِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَلَغَتْ تَقِیَّةُ أَحَدٍ تَقِیَّةَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ إِنْ كَانُوا لَیَشْهَدُونَ الْأَعْیَادَ وَ یَشُدُّونَ الزَّنَانِیرَ فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَیْنِ (7).

شی، تفسیر العیاشی عن درست مثله (8).

ص: 428


1- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
2- فی البرهان: الهمدانیّ. النهدی خ ل.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجها و ما قبلها البحرانیّ فی البرهان 2: 456.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجها و ما قبلها البحرانیّ فی البرهان 2: 456.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجها و ما قبلها البحرانیّ فی البرهان 2: 456.
6- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجها و ما قبلها البحرانیّ فی البرهان 2: 456.
7- أصول الكافی 2: 218.
8- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 2: 456 و فیه: ما بلغت تقیة أحد ما بلغت تقیة أصحاب الكهف، كانوا لیشهدون الزنانیر و یشهدون الأعیاد اه.

«15»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام حَدِیثٌ بَلَغَنِی عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قَالَ وَ مَا هُوَ قُلْتُ بَلَغَنِی أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ كَانَ یَقُولُ لَوْ غَلَی دِمَاغُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ مَا اسْتَظَلَّ بِحَائِطِ صَیْرَفِیٍّ وَ لَوْ تَفَرَّثَ كَبِدُهُ (1)عَطَشاً لَمْ یَسْتَسْقِ مِنْ دَارِ صَیْرَفِیٍّ مَاءً وَ هُوَ عَمَلِی وَ تِجَارَتِی وَ عَلَیْهِ نَبَتَ لَحْمِی وَ دَمِی وَ مِنْهُ حَجِّی وَ عُمْرَتِی فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ كَذَبَ الْحَسَنُ خُذْ سَوَاءً وَ أَعْطِ سَوَاءً فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ دَعْ مَا بِیَدِكَ وَ انْهَضْ إِلَی الصَّلَاةِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا صَیَارِفَةً (2).

بیان: لعله علیه السلام إنما ذكر ذلك إلزاما علیهم حیث ظنوا أنهم كانوا صیارفة الدراهم لئلا ینافی ما سبق و الصدوق رحمه اللّٰه قال فی الفقیه بعد إیراد الخبر یعنی صیارفة الكلام و لم یعن صیارفة الدراهم (3)و لعله رحمه اللّٰه ذهب علیه أن هذا المعنی لا یناسب هذا المقام و قد یوجه الخبر علی ما حمله علیه بوجوه:

الأول أن أصحاب الكهف كانوا صیارفة الكلام یمیزون بین الحق و الباطل فینبغی أن تكون أیضا كذلك فلم تنقل هذا الكلام عن الحسن مع أن قوله لیس بحجة و مع ذلك ظاهر الفساد لأن الاستظلال بظل الكافر و الاستسقاء من داره جائز و الصیرفی لا یكون شرا منه و أیضا بیع الصرف من الأمور الضروریة التی تجب كفایة.

الثانی أن یقرأ یعنی و لم یعن علی بناء المجهول فالمراد أن الحسن وهم (4)فی تأویل ما روی فی ذم الصیارفة فإن المعنی بها صیارفة الكلام قال ابن الأثیر فی حدیث الخولانی من طلب صرف الحدیث یبتغی به إقبال وجوه الناس إلیه أراد بصرف

ص: 429


1- تفرت: شق و فتت.
2- فروع الكافی 1: 359- 360.
3- من لا یحضره الفقیه: 354.
4- أی غلط.

الحدیث ما یتكلفه الإنسان من الزیادة فیه علی قدر الحاجة و إنما كره ذلك لما یدخله من الریاء و التصنع لما تخالطه من الكذب انتهی.

أقول: و علی هذا یمكن أن یقرأ علی بناء المعلوم أیضا بأن یكون الضمیران راجعین إلی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.

الثالث أن یكون المعنی أن أصحاب الكهف كانوا صیارفة الكلام كما یقال فلان یحسن صرف الكلام أی تفضیل (1)بعضه علی بعض فأصل الصرف و التمییز لیس بحرام بل هو من الكلام و إنما الحرام ما یصدر عن بعض الصیارفة من الغش و الرباء و غیرهما.

الرابع أن یكون ذكره علیه السلام ذلك بعد رد قول الحسن أمرا بالتقیة بأن أصحاب الكهف كانوا صیارفة كلام یصرفونه عن ظاهره فی مقام التقیة و علیه یمكن أن یحمل خبر الكاهلی.

تتمة قال الثعلبی فی تفسیره قال محمد بن إسحاق مرج (2)أهل الإنجیل و كثرت فیهم الخطایا حتی عبدوا الأصنام و ذبحوا للطواغیت و فیهم بقایا علی دین المسیح علیه السلام متمسكین بعبادة اللّٰه عز و جل و توحیده حتی ظهر فیهم ملك یقال له دقیانوس كان ینزل قری الروم و لا یترك فی قریة ینزلها أحدا إلا فتنه أن یعبد الأصنام و یذبح للطواغیت حتی نزل مدینة أصحاب الكهف و هی أفسوس فلما نزلها كبر ذلك علی أهل الإیمان و هربوا فی كل وجه فبعث الشرط یتبعونهم فیقدمهم إلی الجامع الذی یذبح فیه للطواغیت فیخیرهم بین القتل و بین عبادة الأصنام و الذبح للطواغیت فمنهم من یرغب فی الحیاة و منهم من یأبی أن یعبد غیر اللّٰه تعالی فیقتل فلما رأی ذلك أهل الشدة فی الإیمان باللّٰه عز و جل جعلوا یسلمون أنفسهم للعذاب و القتل فیقتلون و یقطعون ثم یربط ما قطع من أجسادهم علی سور المدینة من نواحیها كلها و علی كل باب من أبوابها

ص: 430


1- فی نسخة: أی یفضل. و الظاهر أن كلاهما مصحفان و الصحیح «تفصیل» بالصاد، یقال: صرف الكلام أی اشتق بعضه من بعض.
2- أی فسد.

حتی عظمت الفتنة فلما رأی ذلك الفتیة حزنوا حزنا شدیدا فقاموا و صاموا و اشتغلوا بالدعاء و التسبیح لله عز و جل و كانوا من أشراف الروم و كانوا ثمانیة نفر فبكوا و تضرعوا و جعلوا یقولون رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً اكشف عن عبادك المؤمنین هذه الفتنة فبینا هم علی ذلك إذ أدركهم الشرط و كانوا قد دخلوا فی مصلی لهم فوجدوهم سجودا علی وجوههم یبكون و یتضرعون إلی اللّٰه عز و جل و یسألونه أن ینجیهم من دقیانوس و فئته فلما رأوهم رفعوا أمرهم إلی دقیانوس و قالوا هؤلاء الفتیة من أهل بیتك یسخرون منك و یعصون أمرك فلما سمع ذلك أتی بهم تفیض أعینهم من الدمع معفرة وجوههم فی التراب فقال لهم اختاروا إما أن تذبحوا لآلهتنا و إما أن أقتلكم فقال مكسلمینا و كان أكبرهم إن لنا إلها ملأ السماوات و الأرض عظمته لن ندعو من دونه إلها أبدا اصنع بنا ما بدا لك و كذا قال أصحابه فأمر بهم فنزع منهم لبوسهم و كان علیهم من لبوس عظمائهم و قال إنی سأؤخركم لأنی أراكم شبانا فلا أحب أن أهلككم حتی أجعل لكم أجلا تذكرون فیه و تراجعون عقولكم ثم أمر بحلیة كانت علیهم من ذهب و فضة فنزعت منهم ثم أخرجوا و انطلق دقیانوس إلی مدینة أخری قریبا منهم فلما رأی الفتیة ذلك ائتمروا بینهم أن یأخذ كل رجل نفقة من بیت أبیه فیتصدقوا بها و یتزودوا مما بقی ثم ینطلقوا إلی كهف قریب من المدینة فی جبل یقال له ینجلوس (1)فیعبدون اللّٰه حتی إذا جاء دقیانوس أتوه فیصنع بهم ما شاء ففعلوا ذلك و اتبعهم كلب كان لهم فاشتغلوا فیه بالصلاة و الصیام و التسبیح و التكبیر و التحمید و كانوا كلما نفدت نفقتهم یذهب یملیخا (2)و كان أجملهم و أجلدهم و یضع ثیابا كان علیه و یأخذ ثیابا كثیاب المساكین الذین یستطعمون فینطلق إلی المدینة فیشتری طعاما و یتسمع (3)و یتجسس لهم الأخبار فلبثوا بذلك ما لبثوا ثم قدم الجبار إلی المدینة فأمر العظماء فذبحوا للطواغیت و كان یملیخا بالمدینة یشتری لأصحابه

ص: 431


1- فی المحبر: اسمه انجلوس.
2- فی نسخة: «تملیخا» و كذا فیما یأتی.
3- یتسمع الرجل: أصغی إلیه.

طعامهم و شرابهم فرجع إلی أصحابه و هو یبكی و معه طعام قلیل فلما أخبرهم فزعوا و وقعوا سجودا یتضرعون إلی اللّٰه تعالی فقال یملیخا یا إخوتاه ارفعوا رءوسكم فاطعموا منه و توكلوا علی ربكم فرفعوا رءوسهم و أعینهم تفیض من الدمع حزنا و خوفا علی أنفسهم فطعموا منه و ذلك مع غروب الشمس ثم جلسوا یتحدثون و یتدارسون و یذكر بعضهم بعضا فبینا هم علی ذلك إذ ضرب اللّٰه علی آذانهم فی الكهف و كلبهم باسط ذراعیه بباب الكهف فأصابه ما أصابهم و نفقتهم عند رءوسهم فلما كان من الغد تفقدهم دقیانوس فأرسل إلی آبائهم فسألهم عنهم فقالوا له أما نحن فلم نعصك فلم تقتلنا بقوم مردة قد ذهبوا بأموالنا فأهلكوها فی أسواق المدینة ثم انطلقوا (1)فارتقوا إلی جبل یدعی ینجلوس فأمر بالكهف أن یسد علیهم و قال دعوهم كما هم فی الكهف یموتوا جوعا و عطشا.

ثم إن رجلین مؤمنین كانا فی بیت الملك یكتمان إیمانهما اسمهما یندروس و رویاس ائتمرا أن یكتبا شأن الفتیة و أنسابهم و أسماءهم و خبرهم فی لوح من رصاص ثم یجعلانه فی تابوت من نحاس ثم یجعلان التابوت فی البنیان و قالا لعل اللّٰه یظهر علی هؤلاء الفتیة قوما مؤمنین قبل یوم القیامة فیعلم من فتح علیهم حین یقرأ هذا الكتاب ففعلا ثم بنیا علیه فبقی دقیانوس ما بقی ثم مات و قومه و قرون بعده كثیرة و خلفت الملوك بعد الملوك.

و قال عبید بن عمیر كانوا فتیانا مطوقین مسورین ذوی ذوائب و كان معهم كلب صیدهم فخرجوا فی عید لهم عظیم فی زی و موكب و أخرجوا معهم آلهتهم و قد قذف اللّٰه فی قلوبهم الإیمان و كان أحدهم وزیر الملك فآمنوا و أخفی كل منهم إیمانه من أصحابه فتفرقوا و عزم كل منهم علی أن یخرج من بین القوم فاجتمعوا تحت شجرة فأظهروا أمرهم فإذا هم علی أمر واحد فانطلقوا إلی الكهف ففقدهم قومهم فطلبوهم فأعمی اللّٰه علیهم أخبارهم فكتبوا أسماءهم و أنسابهم فی لوح فلان و فلان و فلان أبناء ملوكنا فقدناهم فی شهر كذا من سنة كذا فی مملكة فلان بن فلان و وضعوا اللوح فی خزانة الملك.

ص: 432


1- فی نسخة: فارتفعوا.

و قال وهب جاء حواری عیسی علیه السلام إلی مدینة أصحاب الكهف فأراد أن یدخلها فقیل له إن علی بابها صنما لا یدخلها أحد إلا سجد له فكره أن یدخلها فأتی حماما قریبا من تلك المدینة فكان یؤاجر نفسه من الحمامی و یعمل فیه و رأی صاحب الحمام فی حمامه البركة و جعل یقوم علیه و علقه فتیة (1)من أهل المدینة فجعل یخبرهم خبر السماء و الأرض و خبر الآخرة حتی آمنوا به و صدقوه و كانوا علی مثل حاله و كان یشترط علی صاحب الحمام أن اللیل لا یحول بینی و بینه أحد و لا بین الصلاة و كان علی ذلك حتی أتی ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعیره الحواری و قال له أنت ابن الملك تدخل مع هذه فاستحیا فذهب فرجع مرة أخری فقال له مثل ذلك فسبه و انتهره و لم یلتفت حتی دخلا معا و ماتا جمیعا فی الحمام فأتی الملك فقیل له قتل صاحب الحمام ابنك فالتمس فلم یقدر علیه فقال من كان یصحبه فسمی الفتیة فالتمسوا (2)فخرجوا من المدینة فمروا بصاحب لهم فی زرع و هو علی مثل إیمانهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم و معه كلب حتی آواهم اللیل إلی الكهف فدخلوا و قالوا نبیت هاهنا و نصبح إن شاء اللّٰه فترون رأیكم فضرب اللّٰه علی آذانهم فخرج الملك فی أصحابه یتبعونهم حتی وجدوهم قد دخلوا الكهف و كلما أراد الرجل منهم دخوله أرعب فلم یطق أحد دخوله و قال قائل أ لیس لو كنت قدرت علیهم قتلتهم قال بلی قال فابن علیهم باب الكهف و اتركهم فیه یموتوا عطشا و جوعا ففعل.

قال وهب و صبروا بعد ما سد علیهم باب الكهف زمانا بعد زمان ثم إن راعیا أدركه المطر عند الكهف فقال لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمی من المطر فلم یزل یعالجه حتی فتح و رد اللّٰه إلیهم أرواحهم من الغد حین أصبحوا.

و قال محمد بن إسحاق ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح یقال له تندوسیس (3)

ص: 433


1- قال الجوهریّ: العلق: الهوی، و قد علقتها- بالكسر- و علق حبها بقلبه أی هواها. منه رحمه اللّٰه.
2- أی طلبوا.
3- فی المحبر أنّه تیدیسوس.

فلما ملك بقی فی ملكه ثمانیا و ثلاثین (1)سنة فتحزب الناس فی ملكه أحزابا منهم من یؤمن باللّٰه و یعلم أن الساعة حق و منهم من یكذب بها و كبر ذلك علی الملك و بكی إلی اللّٰه عز و جل و تضرع إلیه و حزن حزنا شدیدا فلما فشا ذلك فی ملكه دخل بیته و أغلقه علیه و لبس مسحا (2)و جعل تحته رمادا و جعل یتضرع إلی اللّٰه لیله و نهاره و یبكی مما یری فیه الناس فأحیا اللّٰه الفتیة فجلسوا فرحین مسفرة وجوههم طیبة أنفسهم فسلم بعضهم علی بعض كأنما استیقظوا من ساعتهم التی كانوا یستیقظون لها (3)إذا أصبحوا من لیلتهم ثم قاموا إلی الصلاة فصلوا فلما قضوا صلاتهم قال بعضهم لبعض كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ و كل ذلك فی أنفسهم یسیر فقال لهم یملیخا افتقدتم و التمستم بالمدینة و هو یرید أن یؤتی بكم الیوم فتذبحون للطواغیت أو یقتلكم فما شاء اللّٰه بعد ذلك فعل فقال لهم مكسملینا (4)یا إخوتاه اعلموا أنكم ملاقو اللّٰه و لا تكفروا بعد إیمانكم إذا دعاكم غدا ثم قالوا لیملیخا انطلق إلی المدینة فتسمع ما یقال لنا بها الیوم و ما الذی نذكر به عند دقیانوس و تلطف و لا یشعرن بنا أحد و ابتع لنا طعاما فأتنا به و زدنا علی الطعام الذی جئتنا به أمس فإنه كان قلیلا فقد أصبحنا جیاعا.

فانطلق یملیخا فی الثیاب التی كان یتنكر فیها (5)فلما أتی باب المدینة رأی فوق ظهر الباب علامة تكون لأهل الإیمان فعجب من ذلك فتحول إلی باب آخر فرأی مثل ذلك و رأی ناسا كثیرا محدثین لم یكن رآهم قبل ذلك فجعل یمشی و یعجب ثم دخل المدینة فسمع الناس یحلفون باسم عیسی ابن مریم فزاده فرقا فقال فی نفسه لعل هذه المدینة لیست بالمدینة التی أعرف ثم لقی فتی من أهلها فقال له ما اسم هذه المدینة یا فتی فقال أفسوس فقال فی نفسه لعل بی مسا أو أمرا أذهب عقلی و اللّٰه یحق لی أن أسرع الخروج منها قبل أن أخزی أو یصیبنی شر فدنا من الذین یبیعون الطعام

ص: 434


1- فی نسخة: ثمانین.
2- المسح بالكسر ما یلبس من نسیج الشعر علی البدن تقشفا و قهرا للجسد.
3- فی نسخة: یستیقظون فیها.
4- فی المطبوع «مكسلمینا» فی جمیع الموارد.
5- فی المطبوع: كان یتكدی فیها.

فأخرج الورقة التی كانت معه فأعطاها رجلا منهم فقال یا عبد اللّٰه بعنی بهذا الورق طعاما فأخذها الرجل فنظر إلی ضرب الورق و نقشها فتعجب منها ثم طرحها إلی رجل من أصحابه فنظر إلیها ثم جعلوا یتطارحونها من رجل إلی رجل و یتعجبون منها ثم جعلوا یتسارون بینهم و یقول بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد أصاب كنزا خبیئا فی الأرض منذ زمان و دهر طویل فلما رآهم یتسارون فرق فرقا شدیدا و جعل یرتعد و یظن أنهم عرفوه و إنما یریدون أن یذهبوا به إلی ملكهم دقیانوس و جعل ناس آخر یأتونه فیتعرفونه فقالوا له من أنت یا فتی و ما شأنك و اللّٰه لقد وجدت كنزا من كنوز الأولین و أنت ترید أن تخفیه منا فشاركنا فیه نخف علیك ما وجدت فإنك إن لم تفعل نأت بك السلطان فنسلمك إلیه فیقتلك فقال فی نفسه قد وقعت فی كل شی ء أحذر منه.

ثم قالوا یا فتی إنك لا تستطیع أن تكتم ما وجدت فجعل یملیخا ما یدری ما یقول لهم و ما یرجع إلیهم و فرق حتی لا یحیر جوابا (1)فأخذوا كساءه فطووا فی عنقه ثم جعلوا یقودونه فی سكك المدینة ملبیا حتی سمع به من فیها فقیل أخذ رجل عنده كنز و اجتمع علیه أهل المدینة صغیرهم و كبیرهم فجعلوا ینظرون إلیه و یقولون و اللّٰه ما هذا الفتی من أهل هذه المدینة و ما نعرفه و كان یملیخا ینتظر أن یأتی أبوه و إخوته فیخلصوه منهم و یخاف أن یذهبوا به إلی دقیانوس حتی ذهبوا به إلی رأسی المدینة أربوس و أسلطیوس و كانا رجلین صالحین فقال أحدهما أین الكنز الذی وجدت هذا الورق یشهد علیك أنك وجدت كنزا فقال ما وجدت كنزا و لكن هذا الورق ورق آبائی و نقش هذه المدینة و ضربها و لكن و اللّٰه ما أدری ما شأنی و ما أقول لكما فقال أحدهما ممن أنت فقال أما ما أری فكنت أری أنی من أهل المدینة قالوا فمن أبوك و من یعرفك بها فأنبأهم باسم أبیه فلم یجدوا له أحدا یعرفه و لا أباه فقال له أحدهما أ تظن أنا نرسلك و نصدقك و نقش هذا الورق و ضربها أكثر من ثلاثمائة سنة و أنت غلام شاب تظن أنك تأفكنا و تسخر بنا فقال یملیخا أنبئونی عن شی ء أسألكم عنه قالوا سل

ص: 435


1- من أحار الجواب: رده.

قال ما فعل الملك دقیانوس قالا له لیس نعرف الیوم ملكا یسمی دقیانوس علی وجه الأرض و لم یكن إلا ملك قد هلك منذ زمان و دهر طویل و هلكت بعده قرون كثیرة فقال یملیخا و اللّٰه ما هو بمصدقی أحد من الناس بما أقول (1)لقد كنا فتیة و إن الملك أكرهنا علی عبادة الأوثان و الذبح للطواغیت فهربنا منه عشیة أمس فنمنا فلما انتبهنا خرجت لأشتری لأصحابی و أتجسس الأخبار فإذا أنا كما ترون فانطلقوا معی إلی الكهف الذی فی جبل ینجلوس أریكم أصحابی.

فلما سمع أربوس ذلك قال یا قوم هذه آیة (2)من آیات اللّٰه عز و جل جعلها لكم علی یدی هذا الفتی فانطلقوا جمیعا معه نحو أصحاب الكهف فلما رأی الفتیة أن یملیخا قد احتبس علیهم بطعامهم ظنوا أنه قد أخذه دقیانوس فبینا هم یظنون و یتخوفون إذ سمعوا الأصوات و ظنوا أنهم رسل دقیانوس فقاموا إلی الصلاة و سلم بعضهم إلی بعض و قالوا انطلقوا بنا نأت أخانا یملیخا فإنه الآن بین یدی الجبار فلم یروا إلا أربوس و أصحابه وقوفا علی باب الكهف و سبقهم یملیخا فدخل علیهم یبكی و قص علیهم النبأ كله فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نیاما بأمر اللّٰه ذلك الزمان كله و إنما أوقظوا لیكونوا آیة للناس و تصدیقا للبعث.

ثم دخل أربوس فرأی تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة ففتح التابوت فوجدوا فیه لوحین من رصاص مكتوب فیهما إن مكسملینا و مجسملینا و یملیخا و مرطونس و كسوطونس و بیورس و بكرنوس و بطینوس كانوا فتیة هربوا من ملكهم دقیانوس الجبار مخافة أن یفتنهم عن دینهم فدخلوا هذا الكهف فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسد علیهم بالحجارة و إنا كتبنا شأنهم و خبرهم لیعلمه من بعدهم إن عثر علیهم (3)فلما رأوه عجبوا و حمدوا اللّٰه الذی أراهم آیة البعث ثم دخلوا علیهم فوجدوهم جلوسا مشرقة وجوههم لم تبل ثیابهم فخر أربوس و أصحابه سجدا.

ص: 436


1- فی نسخة: ما أحد من الناس بمصدقی بما أقول.
2- فی نسخة: یا قوم لعلّ هذه آیة.
3- أی إن اطلع علیهم.

فبعث أربوس بریدا إلی ملكهم الصالح تندوسیس أن اعجل لعلك تنظر إلی آیة من آیات اللّٰه أظهرها اللّٰه فی ملكك و جعلها آیة للعالمین لیكون نورا و ضیاء و تصدیقا للبعث فاعجل علی فتیة بعثهم اللّٰه و قد كان توفاهم أكثر من ثلاثمائة سنة فلما أتی الملك الخبر قام و رجع إلیه عقله و ذهب عنه همه و قال أحمدك اللّٰه (1)رب السماوات و الأرض و أعبدك و أسبح لك تطولت علی و رحمتنی برحمتك فلم تطفئ النور الذی كنت جعلت لآبائی فأتاهم مع أهل مدینته.

فلما رأی الفتیة تندوسیس فرحوا به و خروا سجدا علی وجوههم و قام الملك قدامهم ثم اعتنقهم و بكی و هم جلوس بین یدیه علی الأرض یسبحون اللّٰه عز و جل و یحمدونه ثم قالوا للملك نستودعك اللّٰه و نقرأ علیك السلام حفظك اللّٰه و حفظ ملكك و نعیذك باللّٰه من شر الجن و الإنس فبینا الملك قائم إذ رجعوا إلی مضاجعهم فناموا و توفی اللّٰه أنفسهم و قام الملك إلیهم فجعل ثیابه علیهم و أمر أن یجعلوا لكل رجل منهم تابوتا من ذهب فلما أمسوا و نام أتوه فی المنام فقالوا إنا لم نخلق من ذهب و لا فضة و لكنا خلقنا من تراب و إلی التراب نصیر فاتركنا كما كنا فی الكهف علی التراب حتی یبعثنا اللّٰه عز و جل منه فأمر الملك حینئذ بتوابیت من ساج فجعلوا فیها و حجبهم اللّٰه تعالی حین خرجوا من عندهم بالرعب فلم یقدر أحد علی أن یدخل علیهم و أمر الملك فجعل علی باب الكهف مسجدا یصلی فیه و جعل لهم عیدا عظیما و أمر أن یؤتی كل سنة (2).

ص: 437


1- فی نسخة: أحمدك اللّٰهمّ.
2- الكشف و البیان مخطوط.

باب 28 قصة أصحاب الأخدود

الآیات؛

البروج: «وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ* وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ* قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَیْها قُعُودٌ* وَ هُمْ عَلی ما یَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِینَ شُهُودٌ* وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ یُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ* الَّذِی لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ»(1-9)

تفسیر: قال البیضاوی الْأُخْدُودِ الشق فی الأرض النَّارِ بدل من الأخدود بدل اشتمال ذاتِ الْوَقُودِ صفة لها بالعظمة و كثرة ما یرتفع به لهبها إِذْ هُمْ عَلَیْها علی حافة النار قاعدون شُهُودٌ یشهد بعضهم لبعضهم عند الملك بأنه لم یقصر فیما أمره به أو یشهدون علی ما یفعلون یوم القیامة حین تشهد علیهم ألسنتهم و أیدیهم وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ و ما أنكروا منهم (1).

«1»-فس، تفسیر القمی وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ أَیْ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ الشَّاهِدُ یَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ الْمَشْهُودُ یَوْمُ الْقِیَامَةِ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قَالَ كَانَ سَبَبُهُمْ أَنَّ الَّذِی هَیَّجَ الْحَبَشَةَ عَلَی غَزْوَةِ الْیَمَنِ ذَا نُوَاسٍ (2)وَ هُوَ آخِرُ مَنْ مَلَكَ مِنْ حِمْیَرٍ تَهَوَّدَ وَ اجْتَمَعَتْ مَعَهُ حِمْیَرٌ عَلَی الْیَهُودِیَّةِ وَ سَمَّی نَفْسَهُ یُوسُفَ وَ أَقَامَ عَلَی ذَلِكَ حِیناً مِنَ الدَّهْرِ ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّ بِنَجْرَانَ بَقَایَا قَوْمٍ عَلَی دِینِ النَّصْرَانِیَّةِ وَ كَانُوا عَلَی دِینِ عِیسَی علیه السلام وَ عَلَی حُكْمِ الْإِنْجِیلِ وَ رَأْسُ ذَلِكَ الدِّینِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بریامن (یَامِنٍ) (3)حَمَلَهُ أَهْلُ دِینِهِ (4)عَلَی أَنْ یَسِیرَ إِلَیْهِمْ وَ یَحْمِلَهُمْ عَلَی

ص: 438


1- أنوار التنزیل 2: 660- 661.
2- فی تاریخ الیعقوبی: ذو نواس بن أسعد و كان اسمه زرعة. و فی الكامل لابن الأثیر: ذو نواس بن تبان أسعد بن كرب. و فیه عن ابن عبّاس: أن اسمه یوسف بن شرحبیل و كان قبل مولد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بسبعین سنة، و قد فصل الیعقوبی و ابن الأثیر ترجمته و أخباره.
3- فی نسخة: عبد اللّٰه بن یامن. و فی تاریخ الیعقوبی: عبد اللّٰه بن الثامر. و فی الكامل: عبد اللّٰه بن التامر.
4- فی نسخة: و حمله أهل دینه. و فی المصدر: فحمله.

الْیَهُودِیَّةِ وَ یُدْخِلَهُمْ فِیهَا فَسَارَ حَتَّی قَدِمَ نَجْرَانَ فَجَمَعَ مَنْ كَانَ بِهَا عَلَی دِینِ النَّصْرَانِیَّةِ ثُمَّ عَرَضَ عَلَیْهِمْ دِینَ الْیَهُودِیَّةِ وَ الدُّخُولَ فِیهَا فَأَبَوْا عَلَیْهِ فَجَادَلَهُمْ وَ عَرَضَ عَلَیْهِمْ وَ حَرَصَ الْحِرْصَ كُلَّهُ فَأَبَوْا عَلَیْهِ وَ امْتَنَعُوا مِنَ الْیَهُودِیَّةِ وَ الدُّخُولِ فِیهَا وَ اخْتَارُوا الْقَتْلَ فَخَدَّ لَهُمْ خُدُوداً وَ جَمَعَ فِیهَا الْحَطَبَ وَ أَشْعَلَ فِیهِ النَّارَ فَمِنْهُمْ مَنْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ بِالسَّیْفِ وَ مَثَّلَ بِهِمْ كُلَّ مُثْلَةٍ فَبَلَغَ عَدَدُ مَنْ قُتِلَ وَ أُحْرِقَ بِالنَّارِ عِشْرِینَ أَلْفاً وَ أَفْلَتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یُدْعَی دَوْسٌ (1)عَلَی فَرَسٍ لَهُ وَ رَكَضَهُ وَ اتَّبَعُوهُ حَتَّی أَعْجَزَهُمْ فِی الرَّمْلِ وَ رَجَعَ ذُو نُوَاسٍ إِلَی ضَیْعَةٍ فِی جُنُودِهِ (2)فَقَالَ اللَّهُ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ إِلَی قَوْلِهِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِینَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ أَیْ أَحْرَقُوهُمْ ثُمَّ لَمْ یَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِیقِ (3)

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أُسْقُفَّ نَجْرَانَ دَخَلَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَجَرَی ذِكْرُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ فَقَالَ علیه السلام بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی نَبِیّاً حَبَشِیّاً إِلَی قَوْمِهِ وَ هُمْ حَبَشِیَّةٌ فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَكَذَّبُوهُ وَ حَارَبُوهُ وَ ظَفِرُوا بِهِ وَ خَدُّوا الْخُدُودَ وَ جَعَلُوا فِیهَا الْحَطَبَ وَ النَّارَ فَلَمَّا كَانَ حَرّاً قَالُوا لِمَنْ كَانَ عَلَی دِینِ ذَلِكَ النَّبِیِّ اعْتَزِلُوا وَ إِلَّا طَرَحْنَاكُمْ فِیهَا فَاعْتَزَلَ قَوْمٌ كَثِیرٌ وَ قُذِفَ فِیهَا خَلْقٌ كَثِیرٌ حَتَّی وَقَعَتِ امْرَأَةٌ وَ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا مِنْ شَهْرَیْنِ فَقِیلَ لَهَا إِمَّا أَنْ تَرْجِعِی وَ إِمَّا أَنْ تُقْذَفِی فِی النَّارِ فَهَمَّتْ تَطْرَحُ نَفْسَهَا فَلَمَّا رَأَتِ ابْنَهَا رَحِمَتْهُ فَأَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَی الصَّبِیَّ وَ قَالَ یَا أُمَّاهْ أَلْقِی نَفْسَكِ وَ إِیَّایَ فِی النَّارِ فَإِنَّ هَذَا فِی اللَّهِ قَلِیلٌ وَ تَلَا عِنْدَ الصَّادِقِ علیه السلام رَجُلٌ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ فَقَالَ قَتَلَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ وَ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْمَجُوسِ أَیُّ أَحْكَامٍ تَجْرِی فِیهِمْ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ سَكِرَ یَوْماً فَوَقَعَ عَلَی أُخْتِهِ وَ أُمِّهِ فَلَمَّا أَفَاقَ نَدِمَ وَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِ

ص: 439


1- فی المصدر: دوس ذو ثعلبان.
2- فی المصدر: من جنوده.
3- تفسیر القمّیّ: 719.

فَقَالَ لِلنَّاسِ هَذَا حَلَالٌ فَامْتَنَعُوا عَلَیْهِ فَجَعَلَ یَقْتُلُهُمْ وَ حَفَرَ لَهُمُ الْأُخْدُودَ وَ یُلْقِیهِمْ فِیهَا.

بیان: لعل الصادق علیه السلام قرأ قتل علی بناء المعلوم فالمراد بأصحاب الأخدود الكفار كما هو أحد احتمالی القراءة المشهورة و لم ینقل فی الشواذ.

«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هِلَالٍ الصَّیْقَلِ عَنْ شَرِیكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: وَلَّی عُمَرُ رَجُلًا كُورَةً مِنَ الشَّامِ فَافْتَتَحَهَا وَ إِذَا أَهْلُهَا أَسْلَمُوا فَبَنَی لَهُمْ مَسْجِداً فَسَقَطَ ثُمَّ بَنَی فَسَقَطَ ثُمَّ بَنَاهُ فَسَقَطَ فَكَتَبَ إِلَی عُمَرَ بِذَلِكَ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ سَأَلَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ عِنْدَكُمْ فِی هَذَا عِلْمٌ قَالُوا لَا فَبَعَثَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ فَقَالَ هَذَا نَبِیٌّ كَذَّبَهُ قَوْمُهُ فَقَتَلُوهُ وَ دَفَنُوهُ فِی هَذَا الْمَسْجِدِ وَ هُوَ مُتَشَحِّطٌ فِی دَمِهِ (1)فَاكْتُبْ إِلَی صَاحِبِكَ فَلْیَنْبُشْهُ فَإِنَّهُ سَیَجِدُهُ طَرِیّاً لِیُصَلِّ عَلَیْهِ وَ لِیَدْفِنْهُ فِی مَوْضِعِ كَذَا ثُمَّ لِیَبْنِ مَسْجِداً فَإِنَّهُ سَیَقُومُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ بَنَی الْمَسْجِدَ فَثَبَتَ (2).

«4»-وَ فِی رِوَایَةٍ، اكْتُبْ إِلَی صَاحِبِكَ أَنْ یَحْفِرَ مَیْمَنَةَ أَسَاسِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ سَیُصِیبُ فِیهَا رَجُلًا قَاعِداً یَدُهُ عَلَی أَنْفِهِ وَ وَجْهِهِ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ هُوَ قَالَ عَلِیٌّ فَاكْتُبْ إِلَی صَاحِبِكَ فَلْیَعْمَلْ مَا أَمَرْتُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ أَعْلَمْتُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ یَلْبَثْ إِذْ كَتَبَ الْعَامِلُ أَصَبْتُ الرَّجُلَ عَلَی مَا وَصَفْتَ فَصَنَعْتُ الَّذِی أَمَرْتَ فَثَبَتَ الْبِنَاءُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِیٍّ علیه السلام مَا حَالُ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ هَذَا نَبِیُّ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَ قِصَّتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ فِی تَفْسِیرِ الْقُرْآنِ (3).

«5»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً حَبَشِیّاً إِلَی قَوْمِهِ فَقَاتَلَهُمْ فَقُتِلَ أَصْحَابُهُ وَ أُسِرُوا وَ خَدُّوا لَهُمْ أُخْدُوداً مِنْ نَارٍ ثُمَّ نَادَوْا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا فَلْیَعْتَزِلْ وَ مَنْ كَانَ عَلَی دِینِ هَذَا النَّبِیِّ فَلْیَقْتَحِمِ النَّارَ فَجَعَلُوا یَقْتَحِمُونَ (4)وَ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِیٌّ لَهَا فَهَابَتِ النَّارَ

ص: 440


1- تشحط بالدم: تضرج به و تمرغ فیه.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. و قوله: و قصتهم معروفة إه. لعله من كلام الراوندیّ.
3- قصص الأنبیاء مخطوط. و قوله: و قصتهم معروفة إه. لعله من كلام الراوندیّ.
4- فی المصدر: یقتحمون النار.

فَقَالَ لَهَا (1)اقْتَحِمِی قَالَ فَاقْتَحَمَتِ النَّارَ وَ هُمْ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (2)

أَقُولُ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَی مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحِ (3)عَنْ هَدِیَّةَ بْنِ (4)خَالِدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی (5)عَنْ صُهَیْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَ مَلِكٌ فِیمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَهُ سَاحِرٌ (6)فَلَمَّا مَرِضَ السَّاحِرُ قَالَ إِنِّی قَدْ حَضَرَ أَجَلِی فَادْفَعْ إِلَیَّ غُلَاماً أُعَلِّمُهُ السِّحْرَ فَدَفَعَ إِلَیْهِ غُلَاماً وَ كَانَ یَخْتَلِفُ إِلَیْهِ وَ بَیْنَ السَّاحِرِ وَ الْمَلِكِ رَاهِبٌ فَمَرَّ الْغُلَامُ بِالرَّاهِبِ فَأَعْجَبَهُ كَلَامُهُ وَ أَمْرُهُ فَكَانَ یُطِیلُ عِنْدَهُ الْقُعُودَ فَإِذَا أَبْطَأَ عَنِ السَّاحِرِ ضَرَبَهُ وَ إِذَا أَبْطَأَ عَنْ أَهْلِهِ ضَرَبُوهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَی الرَّاهِبِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِذَا اسْتَبْطَأَكَ السَّاحِرُ فَقُلْ حَبَسَنِی أَهْلِی وَ إِذَا اسْتَبْطَأَكَ أَهْلُكَ فَقُلْ حَبَسَنِیَ السَّاحِرُ فَبَیْنَمَا هُوَ ذَاتَ یَوْمٍ إِذَا بِالنَّاسِ قَدْ غَشِیَتْهُمْ (7)دَابَّةٌ عَظِیمَةٌ فَظِیعَةٌ فَقَالَ الْیَوْمَ أَعْلَمُ أَمْرُ السَّاحِرِ أَفْضَلُ أَمْ أَمْرُ الرَّاهِبِ فَأَخَذَ حَجَراً فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَیْكَ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ فَرَمَی فَقَتَلَهَا وَ مَضَی النَّاسُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ الرَّاهِبُ فَقَالَ أَیْ بُنَیَّ إِنَّكَ سَتُبْتَلَی فَإِذَا ابْتُلِیتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَیَّ قَالَ وَ جَعَلَ یُدَاوِی النَّاسَ فَیُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَبَیْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ عَمِیَ

ص: 441


1- فی المصدر: فقال لها صبیها.
2- محاسن البرقی: 249 و 250.
3- راجع صحیح مسلم 8: 229 من طبعة محمّد علی صبیح. أخرج الطبرسیّ مختصره و معناه.
4- هكذا فی النسخ و فی مجمع البیان، و فیه تصحیف، صوابه: هدبة- بضم الهاء و سكون الدال بعدها الباء الموحدة- و یقال له أیضا هداب- بفتح الهاء و تثقیل الدال- و هو الموجود فی صحیح مسلم، قال المقدسی فی الجمع بین رجال الصحیحین ج 2 ص 556: هدبة بن خالد بن الأسود ابن هدبة أبو خالد القیسی البصری أخو أمیّة و یقال: هداب، سمع هما ما عندهما و حماد بن سلمة و سلیمان بن المغیرة عند مسلم، روی عنه البخاری و مسلم، مات سنة ست أو سبع أو ثمان، و قیل: خمس و ثلاثین و مأتین. و ترجمه أیضا ابن حجر فی التقریب: 531 و قال نحو ذلك.
5- فی مجمع البیان: ثابت بن عبد الرحمن بن أبی لیلی و فیه تصحیف، و الصواب ثلب، عن عبد الرحمن، و الظاهر أن ثابت هذا هو البنانی، قال ابن حجر فی تهذیب التهذیب و المقدسی فی الجمع بین رجال الصحیحین فی ترجمة حماد بن سلمة: روی عن ثابت البنانی.
6- فی صحیح مسلم: و كان له ساحر فلما كبر قال للملك: انی قد كبرت فابعث إلی غلاما.
7- فی نسخة: قد حبستهم.

جَلِیسٌ لِلْمَلِكِ فَأَتَاهُ وَ حَمَلَ إِلَیْهِ مَالًا كَثِیراً فَقَالَ اشْفِنِی وَ لَكَ مَا هَاهُنَا فَقَالَ إِنِّی لَا أَشْفِی أَحَداً وَ لَكِنْ یَشْفِی اللَّهُ فَإِنْ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ قَالَ فَآمَنَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ فَذَهَبَ فَجَلَسَ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ یَا فُلَانُ مَنْ شَفَاكَ قَالَ رَبِّی قَالَ أَنَا قَالَ لَا رَبِّی وَ رَبُّكَ اللَّهُ قَالَ أَ وَ إِنَّ لَكَ رَبّاً غَیْرِی قَالَ نَعَمْ رَبِّی وَ رَبُّكَ اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ یَزَلْ بِهِ (1)حَتَّی دَلَّهُ عَلَی الْغُلَامِ فَبَعَثَ إِلَی الْغُلَامِ فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ أَنْ تَشْفِیَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ قَالَ مَا أَشْفِی أَحَداً وَ لَكِنْ رَبِّی یَشْفِی قَالَ أَ وَ إِنَّ لَكَ رَبّاً غَیْرِی قَالَ نَعَمْ رَبِّی وَ رَبُّكَ اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ یَزَلْ بِهِ حَتَّی دَلَّهُ عَلَی الرَّاهِبِ فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ عَلَیْهِ فَنَشَرَهُ حَتَّی وَقَعَ شِقَّیْنِ (2)وَ قَالَ لِلْغُلَامِ ارْجِعْ عَنْ دِینِكَ فَأَبَی فَأَرْسَلَ مَعَهُ نَفَراً فَقَالَ اصْعَدُوا بِهِ جَبَلَ كَذَا وَ كَذَا فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِینِهِ وَ إِلَّا فَدَهْدِهُوهُ مِنْهُ (3)قَالَ فَعَلَوْا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِیهِمْ بِمَ شِئْتَ قَالَ فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَتَدَهْدَهُوا أَجْمَعُونَ وَ جَاءَ إِلَی الْمَلِكِ فَقَالَ مَا صَنَعَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِیهِمُ اللَّهُ فَأَرْسَلَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَی قَالَ انْطَلِقُوا بِهِ فَلَجِّجُوهُ (4)فِی الْبَحْرِ فَإِنْ رَجَعَ وَ إِلَّا فَغَرِّقُوهُ فَانْطَلَقُوا بِهِ فِی قُرْقُورٍ (5)فَلَمَّا تَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِیهِمْ بِمَا شِئْتَ قَالَ فَانْكَفَأَتْ (6)بِهِمُ السَّفِینَةُ وَ جَاءَ حَتَّی قَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ فَقَالَ مَا صَنَعَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِیهِمُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِی حَتَّی تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ اجْمَعِ النَّاسَ ثُمَّ اصْلِبْنِی عَلَی جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِی ثُمَّ ضَعْهُ عَلَی كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ رَبِّ الْغُلَامِ فَإِنَّكَ سَتَقْتُلُنِی قَالَ فَجَمَعَ النَّاسَ وَ صَلَبَهُ ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ فَوَضَعَهُ عَلَی كَبِدِ الْقَوْسِ وَ قَالَ بِاسْمِ رَبِّ الْغُلَامِ وَ رَمَی فَوَقَعَ السَّهْمُ فِی صُدْغِهِ وَ مَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ فَقِیلَ لَهُ

ص: 442


1- فی هامش المطبوع: و فی روایة «فلم یزل یعذبه» فی الموضعین. قلت: هو الموجود فی صحیح مسلم.
2- فی نسخة و فی الصحیح: حتی وقع شقاه.
3- أی فدحرجوه منه.
4- لعل الصحیح: فلججوا فی البحر من لجج القوم: ركبوا اللجة.
5- القرقور بالضم: السفینة الطویلة.
6- أی فانقلبت.

أَ رَأَیْتَ مَا كُنْتَ تَخَافُ قَدْ نَزَلَ وَ اللَّهِ بِكَ آمَنَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فَخُدِّدَتْ عَلَی أَفْوَاهِ السِّكَكِ ثُمَّ أَضْرَمَهَا نَاراً فَقَالَ مَنْ رَجَعَ عَنْ دِینِهِ فَدَعُوهُ وَ مَنْ أَبَی فَأَقْحِمُوهُ فِیهَا فَجَعَلُوا یَقْتَحِمُونَهَا وَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّهْ اصْبِرِی فَإِنَّكِ عَلَی الْحَقِّ (1).

وَ قَالَ ابْنُ الْمُسَیَّبِ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ وَرَدَ عَلَیْهِ أَنَّهُمُ احْتَفَرُوا فَوَجَدُوا ذَلِكَ الْغُلَامَ وَ هُوَ وَاضِعٌ یَدَهُ عَلَی صُدْغِهِ فَكُلَّمَا مُدَّتْ یَدُهُ عَادَتْ إِلَی صُدْغِهِ فَكَتَبَ عُمَرُ وَارُوهُ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُ.

وَ رَوَی سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ أَهْلُ إِسْفَنْدَهَانَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا هُمْ بِیَهُودَ وَ لَا نَصَارَی وَ لَا لَهُمْ كِتَابٌ وَ كَانُوا مَجُوساً فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بَلَی قَدْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَ لَكِنَّهُ رُفِعَ وَ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكاً لَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَی ابْنَتِهِ أَوْ قَالَ عَلَی أُخْتِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَهَا كَیْفَ الْمَخْرَجُ مِمَّا وَقَعْتُ فِیهِ قَالَتْ تَجْمَعُ أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّكَ تَرَی نِكَاحَ الْبَنَاتِ وَ تَأْمُرُهُمْ أَنْ یُحِلُّوهُ فَجَمَعَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَبَوْا أَنْ یُتَابِعُوهُ فَخَدَّ لَهُمْ أُخْدُوداً فِی الْأَرْضِ وَ أَوْقَدَ فِیهِ النِّیرَانَ وَ عَرَضَهُمْ عَلَیْهَا فَمَنْ أَبَی قَبُولَ ذَلِكَ قَذَفَهُ فِی النَّارِ وَ مَنْ أَجَابَ خَلَّی سَبِیلَهُ.

وَ قَالَ الْحَسَنُ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْسَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أُسْقُفِّ نَجْرَانَ یَسْأَلُهُ عَنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ فَأَخْبَرَهُ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ كَمَا ذَكَرْتَ وَ لَكِنْ سَأُخْبِرُكَ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَجُلًا حَبَشِیّاً نَبِیّاً وَ هُمْ حَبَشِیَّةٌ فَكَذَّبُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ وَ أَسَرُوهُ وَ أَسَرُوا أَصْحَابَهُ ثُمَّ بَنَوْا لَهُ حَیْراً (2)ثُمَّ مَلَئُوهُ نَاراً ثُمَّ جَمَعُوا النَّاسَ فَقَالُوا مَنْ كَانَ عَلَی دِینِنَا وَ أَمْرِنَا فَلْیَعْتَزِلْ وَ مَنْ كَانَ عَلَی دِینِ هَؤُلَاءِ فَلْیَرْمِ نَفْسَهُ فِی النَّارِ مَعَهُ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ یَتَهَافَتُونَ فِی النَّارِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِیٌّ لَهَا ابْنُ شَهْرٍ فَلَمَّا هَجَمَتْ عَلَی النَّارِ هَابَتْ وَ رَقَّتْ عَلَی ابْنِهَا فَنَادَاهَا الصَّبِیُّ لَا تَهَابِی وَ ارْمِی بِی وَ بِنَفْسِكِ

ص: 443


1- إلی هناتم الخبر فی صحیح مسلم و فیه اختلافات كثیرة راجعه.
2- الحیر: الحظیرة. و الموضع الذی یتحیر فیه الماء.

فِی النَّارِ فَإِنَّ هَذَا وَ اللَّهِ فِی اللَّهِ قَلِیلٌ فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا فِی النَّارِ وَ صَبِیِّهَا وَ كَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِی الْمَهْدِ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مِیثَمٍ التَّمَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ فَقَالَ كَانُوا عَشَرَةً وَ عَلَی مِثَالِهِمْ عَشَرَةٌ یُقْتَلُونَ فِی هَذَا السُّوقِ.

و قال مقاتل كان أصحاب الأخدود ثلاثة واحد منهم بنجران و الآخر بالشام و الآخر بفارس حرقوا بالنار أما الذی بالشام فهو أنطیاخوس الرومی و أما الذی بفارس فهو بختنصر و أما الذی بأرض العرب فهو یوسف بن ذی نواس فأما ما كان (1)بفارس و الشام فلم ینزل اللّٰه تعالی فیهما قرآنا و أنزل فی الذی كان بنجران و ذلك أن رجلین مسلمین ممن یقرءون الإنجیل أحدهما بأرض تهامة و الآخر بنجران الیمن آجر أحدهما نفسه فی عمل یعمله و جعل یقرأ الإنجیل فرأت ابنة المستأجر النور یضی ء من قراءة الإنجیل فذكرت ذلك لأبیها فرمق (2)حتی رآه فسأله فلم یخبره فلم یزل به حتی أخبره بالدین و الإسلام فتابعه مع سبعة و ثمانین إنسانا من رجل و امرأة و هذا بعد ما رفع عیسی علیه السلام إلی السماء فسمع یوسف بن ذی نواس بن سراحیل بن (3)تبع الحمیری فخد لهم فی الأرض و أوقد فیها فعرضهم علی الكفر فمن أبی قذفه فی النار و من رجع عن دین عیسی علیه السلام لم یقذف فیها و إذا امرأة جاءت و معها ولد صغیر لا یتكلم فلما قامت علی شفیر الخندق نظرت إلی ابنها فرجعت فقال لها یا أماه إنی أری أمامك نارا لا تطفأ فلما سمعت من ابنها ذلك قذفا فی النار فجعلها اللّٰه و ابنها فی الجنة و قذف فی النار سبعة و سبعون. (4)قال ابن عباس من أبی أن یقع فی النار ضرب بالسیاط فأدخل (5)أرواحهم إلی الجنة قبل أن تصل أجسامهم إلی النار (6).

ص: 444


1- الصواب كما فی المصدر: فاما من كان.
2- رمقه: لحظه لحظا خفیفا. أطال النظر إلیه.
3- فی المصدر: «شراحیل» و هو الصحیح.
4- فی المصدر: سبعة و سبعون إنسانا.
5- فی المصدر: فأدخل اللّٰه أرواحهم فی الجنة.
6- مجمع البیان 10: 464- 466.

باب 29 قصة جرجیس علیه السلام

«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ جِرْجِیسَ علیه السلام إِلَی مَلِكٍ بِالشَّامِ یُقَالُ لَهُ دَاذَانَةُ (1)یَعْبُدُ صَنَماً فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْمَلِكُ اقْبَلْ نَصِیحَتِی لَا یَنْبَغِی لِلْخَلْقِ أَنْ یَعْبُدُوا غَیْرَ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَا یَرْغَبُوا إِلَّا إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مِنْ أَیِّ أَرْضٍ أَنْتَ قَالَ مِنَ الرُّومِ قَاطِنِینَ بِفِلَسْطِینَ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ ثُمَّ مَشَّطَ جَسَدَهُ بِأَمْشَاطٍ مِنْ حَدِیدٍ حَتَّی تَسَاقَطَ لَحْمُهُ وَ نَضَحَ جَسَدَهُ بِالْخَلِّ (2)وَ دَلَكَهُ بِالْمُسُوحِ الْخَشِنَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِمَكَاوِی (3)مِنْ حَدِیدٍ تُحْمَی فَیُكْوَی بِهَا جَسَدُهُ وَ لَمَّا لَمْ یُقْتَلْ أَمَرَ بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِیدٍ فَضَرَبُوهَا فِی فَخِذَیْهِ وَ رُكْبَتَیْهِ وَ تَحْتَ قَدَمَیْهِ فَلَمَّا رَأَی أَنَّ ذَلِكَ لَمْ یَقْتُلْهُ أَمَرَ بِأَوْتَادٍ طِوَالٍ مِنْ حَدِیدٍ فَوُقِذَتْ (4)فِی رَأْسِهِ فَسَالَ مِنْهَا دِمَاغُهُ وَ أَمَرَ بِالرَّصَاصِ فَأُذِیبَ وَ صُبَّ عَلَی أَثَرِ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَ بِسَارِیَةٍ (5)مِنْ حِجَارَةٍ كَانَتْ فِی السِّجْنِ لَمْ یَنْقُلْهَا إِلَّا ثَمَانِیَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَوُضِعَتْ عَلَی بَطْنِهِ فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّیْلُ وَ تَفَرَّقَ عَنْهُ النَّاسُ رَآهُ أَهْلُ السِّجْنِ وَ قَدْ جَاءَهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ یَا جِرْجِیسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّتْ عَظَمَتُهُ یَقُولُ اصْبِرْ وَ أَبْشِرْ وَ لَا تَخَفْ إِنَ

ص: 445


1- فی الكامل: دازانة. و فی العرائس: راذانة.
2- أی بل جسده بالخل. و فی المطبوع «نزح» و هو مصحف.
3- المكاوی جمع المكواة: حدیدة یكوی بها.
4- هكذا فی النسخ، و قذه بمعنی ضربه شدیدا حتّی أشرف علی الموت لكنه لا یناسب المقام، و فی الكامل و العرائس: فسمر بها رأسه. و لعله أوفق، یقال: سمر العین أی فقأها بمسامیر محماة.
5- الساریة: الأسطوانة، و عند الملاحین: العمود الذی ینصب فی وسط السفینة لتعلیق القلوع به. و الأول هو المراد هنا.

اللَّهَ مَعَكَ یُخَلِّصُكَ وَ إِنَّهُمْ یَقْتُلُونَكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِی كُلِّ ذَلِكَ أَرْفَعُ عَنْكَ الْأَلَمَ وَ الْأَذَی فَلَمَّا أَصْبَحَ الْمَلِكُ دَعَاهُ فَجَلَدَهُ بِالسِّیَاطِ عَلَی الظَّهْرِ وَ الْبَطْنِ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَی السِّجْنِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَنْ یَبْعَثُوا إِلَیْهِ بِكُلِّ سَاحِرٍ فَبَعَثُوا بِسَاحِرٍ اسْتَعْمَلَ كُلَّ مَا قَدَرَ عَلَیْهِ مِنَ السِّحْرِ فَلَمْ یَعْمَلْ فِیهِ ثُمَّ عَمِلَ إِلَی سَمٍّ فَسَقَاهُ فَقَالَ جِرْجِیسُ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِی یَضِلُّ عِنْدَ صِدْقِهِ كَذِبُ الْفَجَرَةِ وَ سِحْرُ السَّحَرَةِ فَلَمْ یَضُرَّهُ فَقَالَ السَّاحِرُ لَوْ أَنِّی سَقَیْتُ بِهَذَا أَهْلَ الْأَرْضِ لَنُزِعَتْ قُوَاهُمْ وَ شُوِّهَتْ خَلْقُهُمْ وَ عَمِیَتْ أَبْصَارُهُمْ فَأَنْتَ یَا جِرْجِیسُ النُّورُ الْمُضِی ءُ وَ السِّرَاجُ الْمُنِیرُ وَ الْحَقُّ الْیَقِینُ أَشْهَدُ أَنَّ إِلَهَكَ حَقٌّ وَ مَا دُونَهُ بَاطِلٌ آمَنْتُ بِهِ وَ صَدَّقْتُ رُسُلَهُ وَ إِلَیْهِ أَتُوبُ بِمَا فَعَلْتُ فَقَتَلَهُ الْمَلِكُ ثُمَّ أَعَادَ جِرْجِیسَ علیه السلام إِلَی السِّجْنِ وَ عَذَّبَهُ بِأَلْوَانِ الْعَذَابِ ثُمَّ قَطَّعَهُ أَقْطَاعاً وَ أَلْقَاهَا فِی جُبٍّ (1)ثُمَّ خَلَا الْمَلِكُ الْمَلْعُونُ وَ أَصْحَابُهُ عَلَی طَعَامٍ لَهُ وَ شَرَابٍ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی جَلَّ وَ عَلَا إِعْصَاراً أَنْشَأَتْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ وَ جَاءَتْ بِالصَّوَاعِقِ وَ رَجَفَتِ الْأَرْضُ وَ تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ حَتَّی أَشْفَقُوا أَنْ یَكُونَ هَلَاكُهُمْ وَ أَمَرَ اللَّهُ مِیكَائِیلَ فَقَامَ عَلَی رَأْسِ الْجُبِّ وَ قَالَ قُمْ یَا جِرْجِیسُ بِقُوَّةِ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَقَامَ جِرْجِیسُ حَیّاً سَوِیّاً وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَ قَالَ اصْبِرْ وَ أَبْشِرْ فَانْطَلَقَ جِرْجِیسُ حَتَّی قَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ وَ قَالَ بَعَثَنِیَ اللَّهُ لِیَحْتَجَّ بِی عَلَیْكُمْ فَقَامَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ وَ قَالَ آمَنْتُ بِإِلَهِكَ الَّذِی بَعَثَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ وَ شَهِدْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَ جَمِیعَ الْآلِهَةِ دُونَهُ بَاطِلٌ وَ اتَّبَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ آمَنُوا وَ صَدَّقُوا جِرْجِیسَ علیه السلام فَقَتَلَهُمُ الْمَلِكُ جَمِیعاً بِالسَّیْفِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَوْحٍ مِنْ نُحَاسٍ أُوقِدَ عَلَیْهِ النَّارُ حَتَّی احْمَرَّ فَبُسِطَ عَلَیْهِ جِرْجِیسُ وَ أَمَرَ بِالرَّصَاصِ فَأُذِیبَ وَ صُبَّ فِی فِیهِ ثُمَّ ضُرِبَ الْأَوْتَادُ فِی عَیْنَیْهِ وَ رَأْسِهِ ثُمَّ یُنْزَعُ وَ یُفْرَغُ بِالرَّصَاصِ مَكَانَهُ فَلَمَّا رَأَی أَنَ

ص: 446


1- لم یذكر الثعلبی و ابن الأثیر هذا بل ذكرا أن رجلا صنع صورة ثور مجوف ثمّ حشاها نفطا و رصاصا و كبریتا و زرنیخا و أدخل جرجیس فی وسطها، ثمّ أوقد تحت الصورة النار حتی التهب و ذاب كل شی ء فیها و اختلط و مات جرجیس فی جوفها، فلما مات أرسل اللّٰه ریحا عاصفا فملأت السماء سحابا أسود فیه رعد و برق و صواعق، و أرسل اللّٰه إعصارا ملأت بلادهم عجاجا و قتاما حتی اسود ما بین السماء و الأرض، فمكثوا أیّاما متحیرین فی تلك الظلمة لا یفصلون بین اللیل و النهار، و أرسل اللّٰه میكائیل فاحتمل الصورة التی فیها جرجیس حتّی إذا أقلها ضرب بها الأرض ففزع من روعها أهل الشام فخروا لوجوههم صاعقین و انكسرت الصورة فخرج منها جرجیس حیا. انتهی.

ذَلِكَ لَمْ یَقْتُلْهُ فَأُوقِدَ عَلَیْهِ النَّارُ حَتَّی مَاتَ وَ أَمَرَ بِرَمَادِهِ فَذُرَّ فِی الرِّیَاحِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی رِیَاحَ الْأَرَضِینَ فِی اللَّیْلَةِ فَجَمَعَتْ رَمَادَهُ فِی مَكَانٍ فَأَمَرَ مِیكَائِیلَ فَنَادَی جِرْجِیسَ فَقَامَ حَیّاً سَوِیّاً بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْطَلَقَ جِرْجِیسُ إِلَی الْمَلِكِ وَ هُوَ فِی أَصْحَابِهِ فَقَامَ رَجُلٌ وَ قَالَ إِنَّ تَحْتَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْبَراً وَ مَائِدَةً بَیْنَ أَیْدِینَا وَ هِیَ مِنْ عِیدَانٍ شَتَّی مِنْهَا مَا یُثْمِرُ وَ مِنْهَا مَا لَا یُثْمِرُ فَسَلْ رَبَّكَ أَنْ یُلْبِسَ كُلَّ شَجَرَةٍ مِنْهَا لِحَاهَا وَ یُنْبِتَ فِیهَا وَرَقَهَا وَ ثَمَرَهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنِّی أُصَدِّقُكَ فَوَضَعَ جِرْجِیسُ رُكْبَتَیْهِ عَلَی الْأَرْضِ وَ دَعَا رَبَّهُ تَعَالَی عَظُمَ شَأْنُهُ فَمَا بَرِحَ مَكَانَهُ حَتَّی أَثْمَرَ كُلُّ عُودٍ فِیهَا ثَمَرَةً فَأَمَرَ بِهِ الْمَلِكُ فَمُدَّ بَیْنَ الْخَشَبَتَیْنِ وَ وُضِعَ الْمِنْشَارُ عَلَی رَأْسِهِ فَنُشِرَ حَتَّی سَقَطَ الْمِنْشَارُ مِنْ تَحْتِ رِجْلَیْهِ ثُمَّ أَمَرَ بِقِدْرٍ عَظِیمَةٍ فَأُلْقِیَ فِیهَا زِفْتٌ وَ كِبْرِیتٌ وَ رَصَاصٌ وَ أُلْقِیَ فِیهَا جَسَدُ جِرْجِیسَ فَطُبِخَ حَتَّی اخْتَلَطَ ذَلِكَ كُلُّهُ جَمِیعاً فَأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ لِذَلِكَ وَ بَعَثَ اللَّهُ إِسْرَافِیلَ فَصَاحَ صَیْحَةً خَرَّ مِنْهَا النَّاسُ لِوُجُوهِهِمْ ثُمَّ قَلَبَ إِسْرَافِیلُ الْقِدْرَ فَقَالَ قُمْ یَا جِرْجِیسُ بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَامَ حَیّاً سَوِیّاً بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَ انْطَلَقَ جِرْجِیسُ إِلَی الْمَلِكِ وَ لَمَّا رَأَی النَّاسُ عَجِبُوا مِنْهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ وَ قَالَتْ أَیُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ كَانَ لَنَا ثَوْرٌ نَعِیشُ بِهِ فَمَاتَ فَقَالَ لَهَا جِرْجِیسُ خُذِی عَصَایَ هَذِهِ فَضَعِیهَا عَلَی ثَوْرِكِ وَ قُولِی إِنَّ جِرْجِیسَ یَقُولُ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَفَعَلَتْ فَقَامَ حَیّاً فَآمَنَتْ بِاللَّهِ فَقَالَ الْمَلِكُ إِنْ تَرَكْتُ هَذَا السَّاحِرَ أَهْلَكَ قَوْمِی فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ أَنْ یَقْتُلُوهُ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ یُخْرَجَ وَ یُقْتَلَ بِالسَّیْفِ فَقَالَ جِرْجِیسُ علیه السلام لَمَّا أُخْرِجَ لَا تَعْجَلُوا عَلَیَّ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ أَهْلَكْتَ أَنْتَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِی وَ ذِكْرِی صَبْراً لِمَنْ یَتَقَرَّبُ إِلَیْكَ عِنْدَ كُلِّ هَوْلٍ وَ بَلَاءٍ ثُمَّ ضَرَبُوا عُنُقَهُ فَمَاتَ ثُمَّ أَسْرَعُوا إِلَی الْقَرْیَةِ فَهَلَكُوا كُلُّهُمْ (1).

أقول: هذه القصة مذكورة فی التواریخ أطول من ذلك تركنا إیرادها لعدم الاعتماد علی سندها (2).

ص: 447


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- ذكرها الثعلبی مفصلا فی العرائس: 243- 246 و ابن الأثیر فی الكامل 1: 214- 229، و القصة كما تری مرویة من طرق العامّة، و لم یرد من أئمتنا فیها شی ء، و أمرها موكولة الی اللّٰه انه هو العالم بالصواب.

باب 30 قصة خالد بن سنان العبسی علیه السلام

«1»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَعْیَنَ (1)جَمِیعاً عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَرَحَّبَ بِهَا (2)وَ أَخَذَ بِیَدِهَا وَ أَقْعَدَهَا ثُمَّ قَالَ ابْنَةُ نَبِیٍّ ضَیَّعَهُ قَوْمُهُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ دَعَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ یُؤْمِنُوا وَ كَانَتْ نَارٌ یُقَالُ لَهَا نَارُ الْحَدَثَانِ تَأْتِیهِمْ كُلَّ سَنَةٍ فَتَأْكُلُ بَعْضَهُمْ وَ كَانَتْ تَخْرُجُ فِی وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ رَدَدْتُهَا عَنْكُمْ تُؤْمِنُونَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَجَاءَتْ فَاسْتَقْبَلَهَا بِثَوْبِهِ فَرَدَّهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّی دَخَلَتْ كَهْفَهَا وَ دَخَلَ مَعَهَا وَ جَلَسُوا عَلَی بَابِ الْكَهْفِ وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنْ لَا یَخْرُجُ أَبَداً فَخَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا هَذَا وَ كُلُّ هَذَا مِنْ ذَا زَعَمَتْ بَنُو عَبْسٍ أَنِّی لَا أَخْرُجُ وَ جَبِینِی یَنْدَی ثُمَّ قَالَ تُؤْمِنُونَ بِی قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّی مَیِّتٌ یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَادْفِنُونِی فَإِنَّهُ سَیَجِی ءُ عَانَةٌ مِنْ حُمُرٍ یَقْدُمُهَا عَیْرٌ أَبْتَرُ حَتَّی یَقِفَ عَلَی قَبْرِی فَانْبُشُونِی وَ سَلُونِی عَمَّا شِئْتُمْ فَلَمَّا مَاتَ دَفَنُوهُ وَ كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمُ إِذْ جَاءَتِ الْعَانَةُ اجْتَمَعُوا وَ جَاءُوا یُرِیدُونَ نَبْشَهُ فَقَالُوا مَا آمَنْتُمْ بِهِ فِی حَیَاتِهِ فَكَیْفَ تُؤْمِنُونَ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ لَئِنْ نَبَشْتُمُوهُ لَیَكُونَنَّ سُبَّةً عَلَیْكُمْ فَاتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ (3).

بیان: قال السیوطی فی شرح شواهد المغنی ناقلا عن العسكری (4)فی ذكر أقسام النار نار الحرتین كانت فی بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذی من مر بها و هی التی دفنها خالد بن سنان النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

قال خلیل كنار الحرتین لها زفیر تصم مسامع الرجل السمیع انتهی.

ص: 448


1- فی المصدر: علی بن عمرو بن أیمن.
2- رحب بها أی أحسن و فده و دعاه الی الرحب و قال له: مرحبا.
3- روضة الكافی: 342 و 343.
4- هو أبو هلال الحسن بن عبد اللّٰه بن سهل العسكریّ المتوفّی سنة 395 صاحب التصانیف الممتعة.

و قال القزوینی فی كتاب عجائب المخلوقات: نار الحرتین كانت ببلاد عبس و إذا كان اللیل تسطع من الماء و كانت بنو طی ء تنفس منها إبلها من مسیرة ثلاث و ربما بدرت منها عنق فتأتی كل شی ء یقربها فتحرقها و إذا كان النهار كانت دخانا فبعث اللّٰه تعالی خالد بن سنان العبسی و هو أول نبی من بنی إسماعیل فاحتفر لها بئرا و أدخلها فیها و إن الناس ینظرون حتی غیبها و قال الصفدی فی شرح لامیة العجم قال بعضهم النار عند العرب أربعة عشر نارا إلی أن قال و نار الحرتین التی أطفأها اللّٰه بخالد بن سنان العبسی احتفر لها بئرا ثم أدخلها فیها و الناس یرونه ثم اقتحم فیها حتی غیبها و خرج منها انتهی. (1)فظهر أنه كان نار الحرتین فصحف بما تری قوله هذا هذا أی شأنی و أمری هذا و كل هذا من ذا أی من اللّٰه تعالی قوله یندی كیرضی أی یبتل من العرق.

و روی صاحب الكامل (2)هكذا لأدخلنها و هی تلظی و لأخرجن منها و بنانی تندی. (3)و العانة القطیع من حمر الوحش و العیر الحمار الوحشی و الأبتر المقطوع الذنب و السبة بالضم العار أی نبش قبر نبیكم عار لكم أو عدم إیمانكم به مع ظهور تلك المعجزات عار لكم و یؤید الأول ما رواه صاحب الكامل حیث قال و كره

ص: 449


1- و قال الجاحظ فی كتاب الحیوان 1: 217 بعد ذكر النیران و أقسامها: و نار اخری و هی نار الحرتین، و هی نار خالد بن سنان أحد بنی مخزوم من بنی قطیعة بن عبس، و لم یكن فی بنی إسماعیل نبی قبله، و هو الذی أطفأ اللّٰه به نار الحرتین، و كانت حرة ببلاد بنی عبس، فإذا كان اللیل فهی نار تسطع فی السماء، و كانت طیئ تتبین بها إبلها من مسیرة ثلاث، و ربما بدرت منها العنق فتأتی كل شی ء فتحرقه، و إذا كان النهار فانما هی دخان یفور، فبعث اللّٰه خالد بن سنان فاحتفر لها بئرا ثمّ أدخلها فیها و الناس ینظرون، ثمّ اقتحم فیها حتّی غیبها إه.
2- الكامل 1: 131.
3- فی الكامل: و هو یقول: بددا بددا كل هاد مؤد إلی اللّٰه الأعلی، لادخلنها و هی تلظی، و لاخرجن منها و ثیابی تندی. و فی كتاب الحیوان: یقول: كذب ابن راعیة المعز، لاخرجن منها وجبتی تندل.

ذلك بعض لهم و قالوا نخاف إن نبشناه نسبنا العرب بأنا نبشنا میتا لنا فتركوه (1).

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ إِذَا امْرَأَةٌ أَقْبَلَتْ تَمْشِی حَتَّی انْتَهَتْ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهَا مَرْحَباً بِابْنَةِ نَبِیٍّ ضَیَّعَهُ قَوْمُهُ أَخِی خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَبْسِیُّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ خَالِداً دَعَا قَوْمَهُ فَأَبَوْا أَنْ یُجِیبُوهُ وَ كَانَتْ نَارٌ تَخْرُجُ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَتَأْكُلُ مَا تَلِیهَا مِنْ مَوَاشِیهِمْ وَ مَا أَدْرَكَتْ لَهُمْ فَقَالَ لِقَوْمِهِ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ رَدَدْتُهَا عَنْكُمْ أَ تُؤْمِنُونَ بِی وَ تُصَدِّقُونَنِی قَالُوا نَعَمْ فَاسْتَقْبَلَهَا فَرَدَّهَا بِقُوَّةٍ حَتَّی أَدْخَلَهَا غَاراً وَ هُمْ یَنْظُرُونَ فَدَخَلَ مَعَهَا فَمَكَثَ حَتَّی طَالَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ فَقَالُوا إِنَّا لَنَرَاهَا قَدْ أَكَلَتْهُ فَخَرَجَ مِنْهَا فَقَالَ أَ تُجِیبُونَنِی وَ تُؤْمِنُونَ بِی قَالُوا نَارٌ خَرَجَتْ وَ دَخَلَتْ لِوَقْتٍ فَأَبَوْا أَنْ یُجِیبُوهُ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی مَیِّتٌ بَعْدَ كَذَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَادْفِنُونِی ثُمَّ دَعُونِی أَیَّاماً فَانْبُشُونِی ثُمَّ سَلُونِی أُخْبِرْكُمْ بِمَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلَمَّا كَانَ الْوَقْتُ جَاءَ وَ مَا قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ نُصَدِّقْهُ حَیّاً نُصَدِّقُهُ مَیِّتاً فَتَرَكُوهُ وَ إِنَّهُ كَانَ بَیْنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِیسَی علیه السلام وَ لَمْ یَكُنْ بَیْنَهُمَا فَتْرَةٌ (2).

بیان: أی لم تكن فترة كاملة بحیث لا یبعث نبی أصلا.

«3»-ك، إكمال الدین ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ الْخَزَّازِ (3)وَ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: جَاءَتْ ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِیِّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهَا مَرْحَباً یَا بِنْتَ أَخِی وَ صَافَحَهَا وَ أَدْنَاهَا وَ بَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَلَیْهِ إِلَی جَنْبِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ ابْنَةُ نَبِیٍّ ضَیَّعَهُ قَوْمُهُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِیِّ وَ كَانَتْ اسْمُهَا مُحَیَّاةَ ابْنَةَ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ (4).

ص: 450


1- فی كتاب الحیوان: و ذهبوا ینبشونه اختلفوا فصاروا فرقتین، و ابنه عبد اللّٰه فی الفرقة التی أبت أن تنبشه و هو یقول: إذا ادعی ابن المنبوش، فتركوه.
2- قصص الأنبیاء مخطوط.
3- فی المصدر: ابن الولید، عن سعد، عن محمّد بن الولید الخزاز. و هو الصحیح.
4- كمال الدین: 370 و 371.

«4»-ج، الإحتجاج قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی أَسْئِلَةِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْمَجُوسِ هَلْ بُعِثَ إِلَیْهِمْ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ علیه السلام إِنَّ خَالِداً كَانَ عَرَبِیّاً بَدَوِیّاً وَ مَا كَانَ نَبِیّاً وَ إِنَّمَا ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَقُولُهُ النَّاسُ (1).

بیان: الأخبار الدالة علی نبوته أقوی و أكثر.

باب 31 ما ورد بلفظ نبی من الأنبیاء و بعض نوادر أحوالهم و أحوال أممهم و فیه ذكر نبی المجوس

الآیات؛

آل عمران: «وَ كَأَیِّنْ مِنْ نَبِیٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّیُّونَ كَثِیرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الصَّابِرِینَ* وَ ما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ إِسْرافَنا فِی أَمْرِنا وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ* فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْیا وَ حُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ»(146-148)

الأنعام: «وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ»(10)

(و قال تعالی): «وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلی ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّی أَتاهُمْ نَصْرُنا»(34) (و قال تعالی): «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلی أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ یَتَضَرَّعُونَ* فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ ما كانُوا یَعْمَلُونَ* فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَیْ ءٍ حَتَّی إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ»(42-45) (و قال): «وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً»(112)

ص: 451


1- الاحتجاج: 189 و الحدیث طویل أخرجه فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10: 179، و یأتی قطعة منه أیضا فی الباب الآتی تحت رقم 26.

الأعراف: «وَ كَمْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَیاتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ* فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ»(4-5)

یونس: «وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ وَ ما كانُوا لِیُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِی الْقَوْمَ الْمُجْرِمِینَ»(23) (و قال تعالی): «وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ»(47)

هود: «ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُری نَقُصُّهُ عَلَیْكَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِیدٌ *وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِی یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ ما زادُوهُمْ غَیْرَ تَتْبِیبٍ* وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُری وَ هِیَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِیمٌ شَدِیدٌ»(100-102) (و قال تعالی): «فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِیَّةٍ یَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِی الْأَرْضِ إِلَّا قَلِیلًا مِمَّنْ أَنْجَیْنا مِنْهُمْ وَ اتَّبَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِیهِ وَ كانُوا مُجْرِمِینَ* وَ ما كانَ رَبُّكَ لِیُهْلِكَ الْقُری بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ»(116-117)

الرعد: «وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ عِقابِ»(32)

الإسراء: «وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ»(17)

مریم: «وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْیاً»(74) (و قال تعالی): «وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً»(98)

طه: «أَ فَلَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِأُولِی النُّهی»(128)

الأنبیاء: «وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْیَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِینَ* فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها یَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلی ما أُتْرِفْتُمْ فِیهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ* قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ* فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّی جَعَلْناهُمْ حَصِیداً خامِدِینَ»(11-15) (و قال تعالی): «وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ»(41)

الحج: «وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَمْلَیْتُ لَها وَ هِیَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ»(48)

ص: 452

(و قال تعالی): «وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِیٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّی أَلْقَی الشَّیْطانُ فِی أُمْنِیَّتِهِ فَیَنْسَخُ اللَّهُ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ ثُمَّ اللَّهُ آیاتِهِ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ* لِیَجْعَلَ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِینَ لَفِی شِقاقٍ بَعِیدٍ»(52-54)

الشعراء: «وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ* ذِكْری وَ ما كُنَّا ظالِمِینَ»(108-109)

النمل: «قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِینَ»(69)

القصص: «وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْیَةٍ بَطِرَتْ مَعِیشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِیلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ* وَ ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُری حَتَّی یَبْعَثَ فِی أُمِّها رَسُولًا یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِنا وَ ما كُنَّا مُهْلِكِی الْقُری إِلَّا وَ أَهْلُها ظالِمُونَ»(58-59)

التنزیل: «أَ وَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ أَ فَلا یَسْمَعُونَ»(26)

سبأ: «وَ ما أَرْسَلْنا فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ* وَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِینَ»(34-35)

ص: «كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ»(3)

المؤمن: «أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِی الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ»(21-22)

الزخرف: «وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِیٍّ فِی الْأَوَّلِینَ* وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ* فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضی مَثَلُ الْأَوَّلِینَ»(6-8) (و قال تعالی): «وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلی أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ* قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدی مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَیْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ»(23-25)

ص: 453

ق: «وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِیصٍ»(36)

الذاریات: «كَذلِكَ ما أَتَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ»(52)

التغابن: «أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ* ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ یَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوْا وَ اسْتَغْنَی اللَّهُ وَ اللَّهُ غَنِیٌّ حَمِیدٌ»(5-6)

«1»-فس، تفسیر القمی الرِّبِّیُّونَ الْجُمُوعُ الْكَثِیرَةُ وَ الرُّبَّةُ الْوَاحِدَةُ عَشَرَةُ آلَافٍ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ نَبِیِّهِمْ وَ إِسْرافَنا فِی أَمْرِنا یَعْنُونَ خَطَایَاهُمْ (1)وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ یَعْنِی مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ فِی أُمَّتِهِ شَیاطِینُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ أَیْ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تُؤْمِنُوا بِزُخْرُفِ الْقَوْلِ غُرُوراً فَهَذَا وَحْیُ كَذِبٍ (2)قَوْلُهُ فَجاءَها بَأْسُنا بَیاتاً أَیْ عَذَاباً بِاللَّیْلِ أَوْ هُمْ قائِلُونَ یَعْنِی وَقْتَ الْقَیْلُولَةِ نِصْفَ النَّهَارِ (3).

و قال البیضاوی مِنْها قائِمٌ أی باق كالزرع القائم وَ حَصِیدٌ أی و منها عافی الأثر كالزرع المحصود (4).

«2»-فس، تفسیر القمی غَیْرَ تَتْبِیبٍ أَیْ غَیْرَ تَخْسِیرٍ (5)فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ أَیْ طَوَّلْتُ لَهُمُ الْأَمَلَ ثُمَّ أَهْلَكْتُهُمْ (6).

أقول: لعله بیان لحاصل المعنی و الإملاء الإمهال.

ص: 454


1- تفسیر القمّیّ: 108- 109.
2- تفسیر القمّیّ: 201- 202.
3- تفسیر القمّیّ: 211.
4- تفسیر البیضاوی 1: 577.
5- تفسیر القمّیّ: 314.
6- تفسیر القمّیّ: 342.

«3»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْیاً قَالَ عَنَی بِهِ الثِّیَابَ وَ الْأَكْلَ وَ الشُّرْبَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْأَثَاثُ الْمَتَاعُ وَ رِءْیاً الْجَمَالُ وَ الْمَنْظَرُ الْحَسَنُ (1).

«4»-فس، تفسیر القمی تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أَیْ حِسّاً.

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی (2)عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُهُ وَ كَمْ أَهْلَكْنا الْآیَةَ قَالَ أَهْلَكَ اللَّهُ مِنَ الْأُمَمِ مَا لَا یُحْصَوْنَ (3)فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أَیْ ذِكْراً (4).

بیان: قال البیضاوی الركز الصوت الخفی (5).

«5»-فس، تفسیر القمی أَ فَلَمْ یَهْدِ لَهُمْ یَقُولُ یُبَیِّنُ لَهُمْ (6).

و قال البیضاوی یَرْكُضُونَ یهربون مسرعین راكضین دوابهم أو مشبهین بهم من فرط إسراعهم حَصِیداً مثل الحصید و هو النبت المحصود خامِدِینَ میتین من خمدت النار (7)قوله تعالی بَطِرَتْ مَعِیشَتَها أی بسبب معیشتها قال البیضاوی فِی أُمِّها أی فی أصلها التی هی أعمالها (8)لأن أهلها یكون أفطن و أنبل (9).

«6»-فس، تفسیر القمی وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ أَیْ لَیْسَ هُوَ وَقْتَ مَفَرٍّ (10).

و قال البیضاوی

ص: 455


1- تفسیر القمّیّ: 413.
2- فی المصدر: عبد اللّٰه بن موسی.
3- فی المصدر: ما لا تحصون.
4- تفسیر القمّیّ: 416 و 417.
5- أنوار التنزیل 2: 49.
6- تفسیر القمّیّ: 425.
7- أنوار التنزیل 2: 77.
8- أعمال البلد: ما یكون تحت حكمها و یضاف إلیها.
9- أنوار التنزیل 2: 221.
10- تفسیر القمّیّ: 561.

لا هی المشبهة بلیس زیدت علیها تاء التأنیث للتأكید (1)و قال فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ أی فخرقوا فی البلاد و تصرفوا فیها أو جالوا فی الأرض كل مجال حذر الموت هَلْ مِنْ مَحِیصٍ لهم من اللّٰه أو من الموت (2).

«7»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا یَعْنِی مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ فِی أُمَّتِهِ شَیاطِینُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ أَیْ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تُؤْمِنُوا بِزُخْرُفِ الْقَوْلِ غُرُوراً فَهَذَا وَحْیُ كَذِبٍ (3)قَوْلُهُ بَیاتاً أَیْ عَذَاباً بِاللَّیْلِ أَوْ هُمْ قائِلُونَ یَعْنِی نِصْفَ النَّهَارِ (4)قَوْلُهُ بَطِرَتْ مَعِیشَتَها أَیْ كَفَرَتْ (5)قَوْلُهُ مِنْ واقٍ أَیْ مِنْ دَافِعٍ (6)قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً أَیْ مِنْ قُرَیْشٍ (7)قَوْلُهُ فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ أَیْ مَرُّوا (8).

«8»-ع، علل الشرائع بِإِسْنَادِ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی قَوْمِهِ فَبَقِیَ فِیهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَلَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ فَكَانَ لَهُمْ عِیدٌ فِی كَنِیسَةٍ فَأَتْبَعَهُمْ ذَلِكَ النَّبِیُّ فَقَالَ لَهُمْ آمِنُوا بِاللَّهِ قَالُوا لَهُ إِنْ كُنْتَ نَبِیّاً فَادْعُ لَنَا اللَّهَ أَنْ یَجِیئَنَا بِطَعَامٍ عَلَی لَوْنِ ثِیَابِنَا وَ كَانَتْ ثِیَابُهُمْ صَفْرَاءَ فَجَاءَ بِخَشَبَةٍ یَابِسَةٍ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهَا فَاخْضَرَّتْ وَ أَیْنَعَتْ وَ جَاءَتْ بِالْمِشْمِشِ حِمْلًا فَأَكَلُوا فَكُلُّ مَنْ أَكَلَ وَ نَوَی أَنْ یُسْلِمَ عَلَی یَدِ ذَلِكَ النَّبِیِّ خَرَجَ مَا فِی جَوْفِ النَّوَی مِنْ فِیهِ حُلْواً وَ مَنْ نَوَی أَنَّهُ لَا یُسْلِمُ خَرَجَ مَا فِی جَوْفِ النَّوَی مِنْ فِیهِ مُرّاً (9).

«9»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام تَمِیمٌ الْقُرَشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْهَرَوِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَ

ص: 456


1- أنوار التنزیل 2: 337.
2- أنوار التنزیل 2: 460.
3- تفسیر القمّیّ: 201 و 202. تقدم تفسیر الآیة قبل ذلك و هو مكرر.
4- تفسیر القمّیّ: 211.
5- تفسیر القمّیّ: 490.
6- تفسیر القمّیّ: 585.
7- تفسیر القمّیّ: 607.
8- تفسیر القمّیّ: 646.
9- علل الشرائع: 191.

بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام یَقُولُ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ إِذَا أَصْبَحْتَ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یَسْتَقْبِلُكَ فَكُلْهُ وَ الثَّانِی فَاكْتُمْهُ وَ الثَّالِثُ فَاقْبَلْهُ وَ الرَّابِعُ فَلَا تُؤْیِسْهُ وَ الْخَامِسُ فَاهْرُبْ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ مَضَی فَاسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ أَسْوَدُ عَظِیمٌ فَوَقَفَ وَ قَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ آكُلَ هَذَا وَ بَقِیَ مُتَحَیِّراً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ إِنَّ رَبِّی جَلَّ جَلَالُهُ لَا یَأْمُرُنِی إِلَّا بِمَا أُطِیقُ فَمَشَی إِلَیْهِ لِیَأْكُلَهُ فَكُلَّمَا دَنَا مِنْهُ صَغُرَ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ فَوَجَدَهُ لُقْمَةً فَأَكَلَهَا فَوَجَدَهَا أَطْیَبَ شَیْ ءٍ أَكَلَهُ ثُمَّ مَضَی فَوَجَدَ طَسْتاً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَكْتُمَ هَذَا فَحَفَرَ لَهُ وَ جَعَلَهُ فِیهِ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ التُّرَابَ ثُمَّ مَضَی فَالْتَفَتَ فَإِذَا الطَّسْتُ قَدْ ظَهَرَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَمَضَی فَإِذَا هُوَ بِطَیْرٍ وَ خَلْفَهُ بَازِیٌّ فَطَافَ الطَّیْرُ حَوْلَهُ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَقْبَلَ هَذَا فَفَتَحَ كُمَّهُ فَدَخَلَ الطَّیْرُ فِیهِ فَقَالَ لَهُ الْبَازِی أَخَذْتَ صَیْدِی وَ أَنَا خَلْفَهُ مُنْذُ أَیَّامٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ لَا أُؤْیِسَ هَذَا فَقَطَعَ مِنْ فَخِذِهِ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إِلَیْهِ ثُمَّ مَضَی فَلَمَّا مَضَی إِذَا هُوَ بِلَحْمِ مَیْتَةٍ مُنْتِنٍ مَدُودٍ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَهْرُبَ مِنْ هَذَا فَهَرَبَ مِنْهُ وَ رَجَعَ وَ رَأَی فِی الْمَنَامِ كَأَنَّهُ قَدْ قِیلَ لَهُ إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَهَلْ تَدْرِی مَا ذَا كَانَ قَالَ لَا قَالَ لَهُ أَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ الْغَضَبُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا غَضِبَ لَمْ یَرَ نَفْسَهُ وَ جَهِلَ قَدْرَهُ مِنْ عِظَمِ الْغَضَبِ فَإِذَا حَفِظَ نَفْسَهُ وَ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ سَكَنَ غَضَبُهُ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ كَاللُّقْمَةِ الطَّیِّبَةِ الَّتِی أَكَلْتَهَا وَ أَمَّا الطَّسْتُ فَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ إِذَا كَتَمَهُ الْعَبْدُ وَ أَخْفَاهُ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا أَنْ یُظْهِرَهُ لِیُزَیِّنَهُ بِهِ مَعَ مَا یَدَّخِرُ لَهُ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَ أَمَّا الطَّیْرُ فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ بِنَصِیحَةٍ فَاقْبَلْهُ وَ اقْبَلْ نَصِیحَتَهُ وَ أَمَّا الْبَازِی فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ فِی حَاجَةٍ فَلَا تُؤْیِسْهُ وَ أَمَّا اللَّحْمُ الْمُنْتِنُ فَهِیَ الْغِیبَةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا (1).

«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَانِی غَداً فِی حَظِیرَةِ الْقُدْسِ فَكُنْ فِی الدُّنْیَا وَحِیداً غَرِیباً مَهْمُوماً مَحْزُوناً مُسْتَوْحِشاً مِنَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الطَّیْرِ الْوَاحِدِ

ص: 457


1- عیون الأخبار: 152- 153.

فَإِذَا كَانَ اللَّیْلُ آوَی وَحْدَهُ اسْتَوْحَشَ مِنَ الطُّیُورِ اسْتَأْنَسَ بِرَبِّهِ (1).

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ فَأَتَی اللَّهُ بُنْیانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ قَالَ كَانَ بَیْتَ غَدْرٍ یَجْتَمِعُونَ فِیهِ (2).

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی السَّفَاتِجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَرَأَ فَأَتَی اللَّهُ بَیْتَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ یَعْنِی بَیْتَ مَكْرِهِمْ (3).

«13»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ الْجَزَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَائِهِ إِلَی قَوْمِهِ وَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْیَةٍ وَ لَا نَاسٍ (4)كَانُوا عَلَی طَاعَتِی فَأَصَابَهُمْ فِیهَا سَرَّاءُ فَتَحَوَّلُوا عَمَّا أُحِبُّ إِلَی مَا أَكْرَهُ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا یُحِبُّونَ إِلَی مَا یَكْرَهُونَ وَ لَیْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْیَةٍ وَ لَا أَهْلِ بَیْتٍ كَانُوا عَلَی مَعْصِیَتِی فَأَصَابَهُمْ فِیهَا ضَرَّاءُ فَتَحَوَّلُوا عَمَّا أَكْرَهُ إِلَی مَا أُحِبُّ إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا یَكْرَهُونَ إِلَی مَا یُحِبُّونَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ رَحْمَتِی سَبَقَتْ غَضَبِی فَلَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِی فَإِنَّهُ لَا یَتَعَاظَمُ عِنْدِی ذَنْبٌ أَغْفِرُهُ وَ قُلْ لَهُمْ لَا یَتَعَرَّضُوا مُعَانِدِینَ لِسَخَطِی وَ لَا یَسْتَخِفُّوا بِأَوْلِیَائِی فَإِنَّ لِی سَطَوَاتٍ عِنْدَ غَضَبِی لَا یَقُومُ لَهَا شَیْ ءٌ مِنْ خَلْقِی (5).

«14»-كِتَابُ الْمُحْتَضَرِ لِلْحَسَنِ بْنِ سُلَیْمَانَ، مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ وَ الْجِلَاءِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِرَجُلٍ بَعْضُهُ تَحْتَ حَائِطٍ وَ بَعْضُهُ خَارِجٌ قَدْ

ص: 458


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط. و أخرجه البحرانیّ أیضا فی البرهان 2: 367، و أخرج مثله أیضا بإسناده عن محمّد بن مسلم و فی آخره: إذا أرادوا الشر.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط، أخرجه أیضا البحرانیّ فی البرهان 2: 367. و قد عرفت مرارا أن الروایات المشعرة للتحریف مأولة أو مطروحة.
4- فی نسخة من المصدر: و لا أناس.
5- أصول الكافی 2: 274 و 275.

نَقَبَتْهُ الطَّیْرُ وَ مَزَّقَتْهُ الْكِلَابُ ثُمَّ مَضَی فَرُفِعَتْ لَهُ مَدِینَةٌ فَدَخَلَهَا فَإِذَا هُوَ عَظِیمٌ مِنْ عُظَمَائِهَا مَیِّتٌ عَلَی سَرِیرٍ مُسَجًّی بِالدِّیبَاجِ حَوْلَهُ الْمَجَامِرُ فَقَالَ یَا رَبِّ أَشْهَدُ أَنَّكَ حَكَمٌ عَدْلٌ لَا تَجُورُ عَبْدُكَ لَمْ یُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَیْنٍ أَمَتَّهُ بِتِلْكَ الْمِیتَةِ وَ هَذَا عَبْدُكَ لَمْ یُؤْمِنْ بِكَ طَرْفَةَ عَیْنٍ أَمَتَّهُ بِهَذِهِ الْمِیتَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْدِی أَنَا كَمَا قُلْتَ حَكَمٌ عَدْلٌ لَا أَجُورُ ذَاكَ عَبْدِی كَانَتْ لَهُ عِنْدِی سَیِّئَةٌ وَ ذَنْبٌ أَمَتُّهُ بِتِلْكَ الْمِیتَةِ لِكَیْ یَلْقَانِی وَ لَمْ یَبْقَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ وَ هَذَا عَبْدِی كَانَتْ لَهُ عِنْدِی حَسَنَةٌ فَأَمَتُّهُ بِهَذِهِ الْمِیتَةِ لِكَیْ یَلْقَانِی وَ لَیْسَ لَهُ عِنْدِی شَیْ ءٌ (1).

«15»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیُّ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (2)عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِذَا أُطِعْتُ رَضِیتُ وَ إِذَا رَضِیتُ بَارَكْتُ وَ لَیْسَ لِبَرَكَتِی نِهَایَةٌ وَ إِذَا عُصِیتُ غَضِبْتُ وَ إِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ وَ لَعْنَتِی تَبْلُغُ السَّابِعَ مِنَ الْوَرَاءِ (3).

بیان: الوراء ولد الولد.

«16»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: شَكَا نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الضَّعْفَ فَقِیلَ لَهُ اطْبُخِ اللَّحْمَ بِاللَّبَنِ فَإِنَّهُمَا یَشُدَّانِ الْجِسْمَ (4).

«17»-كا، الكافی بِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ شَكَا إِلَی اللَّهِ الضَّعْفَ وَ قِلَّةَ الْجِمَاعِ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِ الْهَرِیسَةِ (5).

ص: 459


1- الحدیث ساقط فی بعض نسخ الكتاب و لم نجده فی المصدر ایضا.
2- هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر: عبید اللّٰه، و هو أبو الحسن الجوانی علی ابن إبراهیم بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبید اللّٰه بن الحسین بن علیّ بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام، المترجم فی كتب رجالنا و یوجد ذكر ابنه محمّد و آبائه فی مقاتل الطالبیین.
3- أصول الكافی 2: 275.
4- فروع الكافی 2: 169.
5- فروع الكافی 2: 170.

«18»-كا، الكافی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: شَكَا نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِلَّةَ النَّسْلِ فَقَالَ كُلِ اللَّحْمَ بِالْبَیْضِ (1).

«19»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ أَنَّ بَعْضَ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ شَكَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَسْوَةَ الْقَلْبِ وَ قِلَّةَ الدَّمْعَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ كُلِ الْعَدَسَ فَأَكَلَ الْعَدَسَ فَرَقَّ قَلْبُهُ وَ كَثُرَتْ دَمْعَتُهُ (2).

«20»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: شَكَا نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْغَمَّ فَأَمَرَهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَكْلِ الْعِنَبِ (3).

«21»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنْ مَرْوَكِ (4)بْنِ عُبَیْدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیّاً إِلَّا وَ مَعَهُ رَائِحَةُ السَّفَرْجَلِ (5).

«22»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی أُسَامَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْعِطْرُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِینَ (6).

«23»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الطِّیبُ فِی الشَّارِبِ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِیِّینَ(7).

ص: 460


1- فروع الكافی 2: 171.
2- فروع الكافی 2: 176. فیه: و جرت دمعته.
3- فروع الكافی 2: 178 فیه: و أمره اللّٰه.
4- مروك بفتح المیم و سكون الراء و فتح الواو هو مروك بن عبید بن سالم أبی حفصة مولی بنی عجل، و اسم مروك صالح، و اسم أبی حفصة زیاد، عده الشیخ فی رجاله من أصحاب الجواد علیه السلام، و قال فی الفهرست: له كتاب. و ترجمه الكشّیّ و النجاشیّ فی رجالهما و وثقه الأول.
5- فروع الكافی 2: 180. و لعله أراد بذلك الترغیب فی أكل السفرجل و أنّه نافع للجسد و أن الأنبیاء كانوا یكثرون أكله حتّی یستشم منهم رائحته، أو كنایة عن أن الأنبیاء كانت اجسادهم كأرواحهم طیبة.
6- فروع الكافی 2: 222.
7- الخصال 2: 155.

«24»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ أُعْطِیَهُنَّ الْأَنْبِیَاءُ الْعِطْرُ وَ الْأَزْوَاجُ وَ السِّوَاكُ (1).

«25»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مَهْدِیٍّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً وَ لَا وَصِیّاً إِلَّا سَخِیّاً (2).

«26»-لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ وَ الدَّقَّاقُ وَ السِّنَانِیُّ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی السَّرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَیْفَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمَجُوسِ الْجِزْیَةُ وَ لَمْ یُنْزَلْ عَلَیْهِمْ كِتَابٌ وَ لَمْ یُبْعَثْ إِلَیْهِمْ نَبِیٌّ فَقَالَ بَلَی یَا أَشْعَثُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ كِتَاباً وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ سَكِرَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَدَعَا بِابْنَتِهِ إِلَی فِرَاشِهِ فَارْتَكَبَهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ تَسَامَعَ بِهِ قَوْمُهُ فَاجْتَمَعُوا إِلَی بَابِهِ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ دَنَّسْتَ عَلَیْنَا دِینَنَا فَأَهْلَكْتَهُ فَاخْرُجْ بِظَهْرِكَ نُقِمْ عَلَیْكَ الْحَدَّ فَقَالَ لَهُمُ اجْتَمِعُوا وَ اسْمَعُوا كَلَامِی فَإِنْ یَكُنْ لِی مَخْرَجٌ مِمَّا ارْتَكَبْتُ وَ إِلَّا فَشَأْنَكُمْ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ لَهُمْ هَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَخْلُقْ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَیْهِ مِنْ أَبِینَا آدَمَ وَ أُمِّنَا حَوَّاءَ قَالُوا صَدَقْتَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ أَ فَلَیْسَ قَدْ زَوَّجَ بَنِیهِ بَنَاتِهِ وَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِیهِ قَالُوا صَدَقْتَ هَذَا هُوَ الدِّیْنُ فَتَعَاقَدُوا عَلَی ذَلِكَ فَمَحَا اللَّهُ مَا فِی صُدُورِهِمْ مِنَ الْعِلْمِ وَ رَفَعَ عَنْهُمُ الْكِتَابَ فَهُمُ الْكَفَرَةُ یَدْخُلُونَ النَّارَ بِغَیْرِ حِسَابٍ وَ الْمُنَافِقُونَ أَشَدُّ حَالًا مِنْهُمْ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ وَ اللَّهِ لَا عُدْتُ إِلَی مِثْلِهَا أَبَداً الْخَبَرَ (3).

«27»-ج، الإحتجاج فِی خَبَرِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْمَجُوسِ أَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً فَإِنِّی أَجِدُ لَهُمْ كُتُباً مُحْكَمَةً وَ مَوَاعِظَ بَلِیغَةً وَ أَمْثَالًا شَافِیَةً یُقِرُّونَ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ لَهُمْ شَرَائِعُ یَعْمَلُونَ بِهَا فَقَالَ علیه السلام مَا مِنْ أُمَّةٍ

ص: 461


1- الفروع 2: 222.
2- الفروع 1: 172 و للحدیث صدر و ذیل تركهما المصنّف.
3- الأمالی: 205- 207 و الحدیث طویل قد اخرج قطعة منه عن كتاب التوحید فی كتاب التوحید راجع ج 4: 27.

إِلَّا خَلَا فِیهَا نَذِیرٌ وَ قَدْ بُعِثَ إِلَیْهِمْ نَبِیٌّ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَنْكَرُوهُ وَ جَحَدُوا كِتَابَهُ قَالَ وَ مَنْ هُوَ فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ علیه السلام إِنَّ خَالِداً كَانَ عَرَبِیّاً بَدَوِیّاً مَا كَانَ نَبِیّاً وَ إِنَّمَا ذَلِكَ شَیْ ءٌ یَقُولُهُ النَّاسُ قَالَ أَ فَزَرْدُشْتُ قَالَ إِنَّ زَرْدُشْتَ أَتَاهُمْ بِزَمْزَمَةٍ وَ ادَّعَی النُّبُوَّةَ فَآمَنَ مِنْهُمْ قَوْمٌ وَ جَحَدَهُ قَوْمٌ فَأَخْرَجُوهُ فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ فِی بَرِّیَّةٍ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمَجُوسِ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَی الصَّوَابِ فِی دَهْرِهِمْ أَمِ الْعَرَبُ قَالَ الْعَرَبُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَی الدِّینِ الْحَنِیفِیِّ مِنَ الْمَجُوسِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَجُوسَ كَفَرَتْ بِكُلِّ الْأَنْبِیَاءِ وَ جَحَدَتْ كُتُبَهَا وَ أَنْكَرَتْ بَرَاهِینَهَا وَ لَمْ تَأْخُذْ بِشَیْ ءٍ مِنْ سُنَنِهَا وَ آثَارِهَا (1)وَ إِنَّ كَیْخُسْرُوَ مَلِكَ الْمَجُوسِ فِی الدَّهْرِ الْأَوَّلِ قَتَلَ ثَلَاثَمِائَةِ نَبِیٍّ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ الْعَرَبُ كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَ الِاغْتِسَالُ مِنْ خَالِصِ شَرَائِعِ الْحَنِیفِیَّةِ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تَخْتَتِنُ وَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِیَاءِ وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ اللَّهِ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ لَا تُغَسِّلُ مَوْتَاهَا وَ لَا تُكَفِّنُهَا وَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ تَرْمِی الْمَوْتَی فِی الصَّحَارِی وَ النَّوَاوِیسِ (2)وَ الْعَرَبُ تُوَارِیهَا فِی قُبُورِهَا وَ تَلْحَدُ لَهَا وَ كَذَلِكَ السُّنَّةُ عَلَی الرُّسُلِ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ حُفِرَ لَهُ قَبْرٌ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَ أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ وَ كَانَتِ الْمَجُوسُ تَأْتِی الْأُمَّهَاتِ وَ تَنْكِحُ الْبَنَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ وَ حَرَّمَتْ ذَلِكَ الْعَرَبُ وَ أَنْكَرَتِ الْمَجُوسُ بَیْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ وَ سَمَّتْهُ بَیْتَ الشَّیْطَانِ وَ الْعَرَبُ كَانَتْ تَحُجُّهُ وَ تُعَظِّمُهُ وَ تَقُولُ بَیْتُ رَبِّنَا وَ تُقِرُّ بِالتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ تَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ (3)وَ تَأْخُذُ وَ كَانَتِ الْعَرَبُ فِی كُلِّ الْأَسْبَابِ أَقْرَبَ إِلَی الدِّینِ الْحَنِیفِ (4)مِنْ الْمَجُوسِ قَالَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِإِتْیَانِ الْأَخَوَاتِ أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ آدَمَ قَالَ فَمَا حُجَّتُهُمْ فِی إِتْیَانِ الْبَنَاتِ وَ الْأُمَّهَاتِ وَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ آدَمُ وَ كَذَلِكَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ سَائِرُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام (5).

ص: 462


1- فی المصدر: و جحدت كتبهم و أنكرت براهینهم و لم تأخذ بشی ء من سننهم و آثارهم.
2- جمع الناووس و الناءوس: مقبرة النصاری، و یطلق علی حجر منقور تجعل فیه جثة المیت.
3- فی المصدر: أهل الكتب.
4- فی المصدر: الدین الحنیفیة. و فی كتاب الاحتجاجات: الدین الحنیفی.
5- احتجاج الطبرسیّ: 189، و الحدیث طویل أخرجه المصنّف فی كتاب الاحتجاجات راجع ج 10: 165- 192 و تقدم هناك شرح بعض ألفاظه الغریبة.

«28»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْمَجُوسِ أَ كَانَ لَهُمْ نَبِیٌّ فَقَالَ نَعَمْ أَ مَا بَلَغَكَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ أَسْلِمُوا وَ إِلَّا نَابَذْتُكُمْ بِحَرْبٍ فَكَتَبُوا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ خُذْ مِنَّا الْجِزْیَةَ وَ دَعْنَا عَلَی عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَكَتَبَ إِلَیْهِمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی لَسْتُ آخُذُ الْجِزْیَةَ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَتَبُوا إِلَیْهِ یُرِیدُونَ بِذَلِكَ تَكْذِیبَهُ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَا تَأْخُذُ الْجِزْیَةَ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ أَخَذْتَ الْجِزْیَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ (1)فَكَتَبَ إِلَیْهِمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْمَجُوسَ كَانَ لَهُمْ نَبِیٌّ فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ أَحْرَقُوهُ أَتَاهُمْ نَبِیُّهُمْ بِكِتَابِهِمْ فِی اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ(2).

«29»-یه، من لا یحضره الفقیه الْمَجُوسُ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْیَةُ لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ سَنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ كَانَ لَهُمْ نَبِیٌّ (3)فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ یُقَالُ لَهُ جَامَاسْتُ كَانَ یَقَعُ فِی اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ فَحَرَّقُوهُ (4).

«30»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ قَوْماً فِیمَا مَضَی قَالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یَرْفَعْ عَنَّا الْمَوْتَ فَدَعَا لَهُمْ فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَوْتَ فَكَثُرُوا حَتَّی ضَاقَتْ عَلَیْهِمُ الْمَنَازِلُ وَ كَثُرَ النَّسْلُ وَ یُصْبِحُ الرَّجُلُ یُطْعِمُ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ وَ أُمَّهُ وَ جَدَّ جَدِّهِ وَ یُوَضِّئُهُمْ وَ یَتَعَاهَدُهُمْ فَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِ الْمَعَاشِ فَقَالُوا سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ یَرُدَّنَا إِلَی حَالِنَا الَّتِی كُنَّا عَلَیْهَا فَسَأَلَ نَبِیُّهُمْ رَبَّهُ فَرَدَّهُمْ إِلَی حَالِهِمْ (5).

«31»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی لَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِی مَسَاجِدِهِمْ فَقَالَ لَا تَكْرَهْ فَمَا مِنْ مَسْجِدٍ بُنِیَ إِلَّا عَلَی قَبْرِ نَبِیٍّ أَوْ وَصِیِّ نَبِیٍّ قُتِلَ فَأَصَابَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ رَشَّةٌ مِنْ دَمِهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ یُذْكَرَ

ص: 463


1- بفتح الأول و الثانی: قصبة بلاد البحرین؛ و قیل غیر ذلك ایضا.
2- فروع الكافی 1: 161.
3- فی المصدر: و كان لهم نبی اسمه زرادشت. و فی نسخة: اسمه دامشت. و فی أخری: دامس. و لعلّ الأخیرین مصحف الأول.
4- من لا یحضره الفقیه: 161.
5- فروع الكافی 1: 72.

فِیهَا فَأَدِّ فِیهَا الْفَرِیضَةَ وَ النَّوَافِلَ وَ اقْضِ فِیهَا مَا فَاتَكَ (1).

«32»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُعَذِّبْ أُمَّةً فِیمَا مَضَی إِلَّا یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَسَطَ الشَّهْرِ (2).

«33»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: صَلَّی فِی مَسْجِدِ الْخَیْفِ سَبْعُمِائَةِ نَبِیٍّ وَ إِنَّ مَا بَیْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ لَمَشْحُونٌ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِیَاءِ وَ إِنَّ آدَمَ لَفِی حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (3).

«34»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ شَبَابٍ الصَّیْرَفِیِّ (4)عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دُفِنَ مَا بَیْنَ الرُّكْنِ الْیَمَانِیِّ وَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ سَبْعُونَ نَبِیّاً أَمَاتَهُمُ اللَّهُ جُوعاً وَ ضُرّاً (5).

«35»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی بَعْضِ أَنْبِیَائِهِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ یَمِیثُ الْخَطِیئَةَ (6)كَمَا تَمِیثُ الشَّمْسُ الْجَلِیدَ (7).

«36»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ فِی مَمْلَكَةِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَّارِینَ أَنِ ائْتِ هَذَا الْجَبَّارَ فَقُلْ لَهُ إِنِّی لَمْ أَسْتَعْمِلْكَ عَلَی سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ اتِّخَاذِ الْأَمْوَالِ وَ إِنَّمَا اسْتَعْمَلْتُكَ لِتَكُفَّ عَنِّی أَصْوَاتَ الْمَظْلُومِینَ فَإِنِّی لَمْ أَدَعْ ظُلَامَتَهُمْ وَ إِنْ كَانُوا كُفَّاراً (8).

ص: 464


1- فروع الكافی 1: 103.
2- فروع الكافی 1: 189 و فیه: الا فی یوم الاربعاء.
3- فروع الكافی 1: 224.
4- فی المصدر: محمّد بن الولید شباب الصیرفی. و هو الصواب.
5- فروع الكافی 1: 224.
6- یمیت أی یذیب. و الجلید: ما یجمد من الماء، أی خلق الحسن یذیب الخطیئة و یذهبها كما تذیب الشمس الجلید.
7- أصول الكافی 2: 100.
8- أصول الكافی 2: 333.

«37»-نهج، نهج البلاغة الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِیَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًی (1)وَ حَرَماً عَلَی غَیْرِهِ وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَی مَنْ نَازَعَهُ فِیهِمَا مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِینَ لِیَمِیزَ الْمُتَوَاضِعِینَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِینَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُیُوبِ إِنِّی خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِینٍ فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِیَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَی آدَمَ بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَیْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِینَ وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِینَ (2)الَّذِی وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِیَّةِ وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبَرِیَّةِ وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ أَ لَا تَرَوْنَ كَیْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِی الدُّنْیَا مَدْحُوراً (3)وَ أَعَدَّ لَهُ فِی الْآخِرَةِ سَعِیراً وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ یَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ یَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِیَاؤُهُ وَ یَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِیبٍ یَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفَّتِ الْبَلْوَی فِیهِ عَلَی الْمَلَائِكَةِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَبْتَلِی خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا یَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْیِیزاً بِالاخْتِبَارِ لَهُمْ وَ نَفْیاً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَ إِبْعَاداً لِلْخُیَلَاءِ مِنْهُمْ فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِیسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِیلَ وَ جَهْدَهُ الْجَهِیدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا یُدْرَی (4)أَ مِنْ سِنِی الدُّنْیَا أَوْ مِنْ سِنِی الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ

ص: 465


1- الحمی: ما یحمی و یدافع عن وصول الغیر إلیه و التصرف فیه.
2- السلف: كل من تقدم من الآباء و ذوی القرابة.
3- أی مطرودا.
4- فی المطبوع هنا هامش نثبته بعینه: فأما قوله: لا ندری ففی نسخة السیّد الرضیّ علی البناء للفاعل، و فی غیرها من النسخ بالبناء للمفعول، و الروایة الأولی تستلزم أنّه علیه السلام ممن لا یدری أن تلك السنین من أی السنین و الثانیة یحتمل فیها كونه ممن یدری ذلك. ابن میثم. و فیه أیضا: لا ندری بالنون فی نسخة السیّد، و علی نسخ غیره بالیاء، و جهده بفتح الجیم: اجتهاده وجده. ابن أبی الحدید. حدكم بالحاء المهملة أی بأسكم و سطوتكم او منعكم و رفعكم. قوله: و له جدكم بالجیم أی تجتهدوا بالخلاص من فتنته بمقاومته و قهره. ابن میثم.

سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِیسَ یَسْلَمُ عَلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِمِثْلِ مَعْصِیَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِیُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِی أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ (1)فِی إِبَاحَةِ حِمًی حَرَّمَهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنْ یُعْدِیَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ یَسْتَفِزَّكُمْ بِخَیْلِهِ وَ رَجِلِهِ (2)فَلَعَمْرِی لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِیدِ وَ أَغْرَقَ لَكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِیدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِیبٍ وَ قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَیْتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ قَذْفاً بِغَیْبٍ بَعِیدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ مُصِیبٍ (3)فَصَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِیَّةِ وَ إِخْوَانُ الْعَصَبِیَّةِ وَ فُرْسَانُ الْكِبْرِ وَ الْجَاهِلِیَّةِ حَتَّی إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَ اسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِیَةُ مِنْهُ فِیكُمْ فَنَجَمَتِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِیِّ إِلَی الْأَمْرِ الْجَلِیِّ اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَیْكُمْ وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ وَ أَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ وَ أَوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ طَعْناً فِی عُیُونِكُمْ وَ حَزّاً فِی حُلُوقِكُمْ وَ دَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وَ قَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وَ سَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَی النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ (4)فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِی دِینِكُمْ جُرْحاً وَ أَوْرَی فِی دُنْیَاكُمْ قَدْحاً مِنَ الَّذِینَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِینَ وَ عَلَیْهِمْ مُتَأَلِّبِینَ فَاجْعَلُوا عَلَیْهِ حَدَّكُمْ (5)وَ لَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَی أَصْلِكُمْ وَ وَقَعَ فِی حَسَبِكُمْ وَ دَفَعَ فِی نَسَبِكُمْ وَ أَجْلَبَ بِخَیْلِهِ عَلَیْكُمْ (6)وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ (7)سَبِیلَكُمْ یَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ یَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِیلَةٍ وَ لَا تَدْفَعُونَ بِعَزِیمَةٍ فِی حَوْمَةِ ذُلٍّ وَ حَلْقَةِ ضِیقٍ وَ عَرْصَةِ مَوْتٍ وَ جَوْلَةِ بَلَاءٍ فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِی قُلُوبِكُمْ مِنْ نِیرَانِ الْعَصَبِیَّةِ

ص: 466


1- الهوادة: المیل و اللین و الرخصة.
2- فی المصدر: و أن یستفزكم بندائه و أن یجلب علیكم بخیله و رجله.
3- فی بعض النسخ: غیر مصیب.
4- المصدر خال عن قوله: لكم.
5- الحد: البأس و ما یعتری من الغضب.
6- فی مجمع البحرین «اجلب علیهم» من الجلبة و هی الصیاح أی صح علیهم بخیلك و رجلك و احشرهم علیهم، یقال: جلب علی فرسه جلبا أی استحثه للعدو و صاح به لیكون هو السابق، و هو ضرب من الخدیعة، و أجلب فیه لغة.
7- أی برجالته و نصرائه.

وَ أَحْقَادِ الْجَاهِلِیَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِیَّةُ تَكُونُ فِی الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّیْطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَی رُءُوسِكُمْ وَ إِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَ خَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ اتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِیسَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَ أَعْوَاناً وَ رَجِلًا وَ فُرْسَاناً وَ لَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَی ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَیْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِیهِ سِوَی مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَ قَدَحَتِ الْحَمِیَّةُ فِی قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ وَ نَفَخَ الشَّیْطَانُ فِی أَنْفِهِ مِنْ رِیحِ الْكِبْرِ الَّذِی أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ وَ أَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِینَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَلَا وَ قَدْ أَمْعَنْتُمْ فِی الْبَغْیِ وَ أَفْسَدْتُمْ فِی الْأَرْضِ مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ وَ مُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِینَ بِالْمُحَارَبَةِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی كِبْرِ الْحَمِیَّةِ وَ فَخْرِ الْجَاهِلِیَّةِ فَإِنَّهُ مَلَاقِحُ الشَّنَآنِ (1)وَ مَنَافِخُ الشَّیْطَانِ اللَّاتِی (2)خَدَعَ بِهَا الْأُمَمَ الْمَاضِیَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِیَةَ حَتَّی أَعْنَقُوا فِی حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَ مَهَاوِی ضَلَالَتِهِ ذُلُلًا عَلَی سِیَاقِهِ سُلُساً فِی قِیَادِهِ أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِیهِ وَ تَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَیْهِ وَ كِبْراً تَضَایَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَ كُبَرَائِكُمُ الَّذِینَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَ تَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وَ أَلْقَوُا الْهَجِینَةَ عَلَی رَبِّهِمْ وَ جَاحَدُوا اللَّهَ عَلَی مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَ مغالبا (مُغَالَبَةً) لِآلَائِهِ فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِیَّةِ وَ دَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وَ سُیُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِیَّةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَیْكُمْ أَضْدَاداً وَ لَا لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً وَ لَا تُطِیعُوا الْأَدْعِیَاءَ (3)الَّذِینَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وَ خَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وَ أَدْخَلْتُمْ فِی

ص: 467


1- الملاقح جمع ملقح كمكرم: الفحول التی تلقح الاناث و تستولد الاولاد. و الشنآن: البغض.
2- فی المصدر: التی.
3- الادعیاء جمع الدعی: من تبنیته أی جعلته لك ابنا. المتهم فی نسبه. الذی یدعی غیر أبیه أو غیر أمه. و لعلّ المراد هنا المعنی الثانی و المراد منهم الاخساء المنتسبون الی الاشراف، و الاشرار المنتسبون إلی الاخبار. قوله: شربتم بصفوكم كدرهم لعل المراد من الصفو الأصالة و الشرف او الخلوص فی العمل، و من الكدر ما یقابلهما، و المعنی انهم استفادوا من شرفكم و أصالتكم أو أنهم خلطوا صافی اخلاصكم بكدر نفاقهم.

حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ وَ هُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ وَ أَحْلَاسُ الْعُقُوقِ اتَّخَذَهُمْ إِبْلِیسُ مَطَایَا ضَلَالٍ وَ جُنْداً بِهِمْ یَصُولُ عَلَی النَّاسِ وَ تَرَاجِمَةً یَنْطِقُ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَ دُخُولًا فِی عُیُونِكُمْ نَفْثاً فِی أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَی نَبْلِهِ (1)وَ مَوْطِی ءَ قَدَمِهِ وَ مَأْخَذَ یَدِهِ فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ صَوْلَاتِهِ وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلَاتِهِ (2)وَ اتَّعِظُوا بِمَثَاوِی خُدُودِهِمْ وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ وَ اسْتَعِیذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِیذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ (3)فَلَوْ رَخَّصَ اللَّهُ فِی الْكِبْرِ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِیهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ (4)وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَیْهِمُ التَّكَابُرَ وَ رَضِیَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ فَأَلْصَقُوا بِالْأَرْضِ خُدُودَهُمْ وَ عَفَّرُوا فِی التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وَ خَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ كَانُوا أَقْوَاماً مُسْتَضْعَفِینَ قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ (5)بِالْمَخْمَصَةِ وَ ابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ وَ امْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ وَ مَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ (6)فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَا وَ السُّخْطَ بِالْمَالِ وَ الْوَلَدِ جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فِی مَوَاضِعِ الْغِنَی وَ الْإِقْتَارِ (7)فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِینَ فِی أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِیَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِینَ فِی أَعْیُنِهِمْ وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ علیه السلام عَلَی فِرْعَوْنَ وَ عَلَیْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ وَ بِأَیْدِیهِمَا الْعِصِیُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَیْنِ یَشْرِطَانِ لِی دَوَامَ الْعِزِّ وَ بَقَاءَ الْمُلْكِ

ص: 468


1- فی نسخة: و نثا فی اسماعكم. و النبل بالفتح: السهام.
2- المثلات بفتح فضم: العقوبات. و المثاوی جمع المثوی: المنزل. و منازل الخدود: المواضع التی توضع الخدود علیها فی القبور. و مصارع الجنوب: مطارحها علی التراب.
3- الطوارق: الدواهی و التقلبات.
4- فی نسخة: لخاصّة أنبیائه و ملائكته. و فی المصدر: لخاصّة أنبیائه و أولیائه.
5- فی المصدر: و قد اختبرهم اللّٰه.
6- من مخض اللبن: حركه لیخرج زبده. و فی نسخة: «محضهم» أی أخلصهم من العیوب و الشرك و النقیصة بسبب المكاره، و فی أخری «محصهم» أی ابتلاهم و اختبرهم، أو خلصهم مما یشوبهم من الذنوب و طهرهم منها.
7- الاقتار: الفقر. و فی المصدر: فی مواضع الغنی و الاقتدار، و قد قال اه.

وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَ الذُّلِّ فَهَلَّا أُلْقِیَ عَلَیْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ وَ احْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَ لُبْسِهِ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْبِیَائِهِ حَیْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ یَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْیَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ یَحْشُرَ مَعَهُمْ طَیْرَ السَّمَاءِ وَ وُحُوشَ الْأَرْضِ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَ اضْمَحَلَّ الْأَنْبَاءُ (1)وَ لَمَا وَجَبَ لِلْمُقَابِلِینَ أُجُورُ الْمُبْتَلَیْنَ (2)وَ لَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِینَ وَ لَا لَزِمَتِ الْأَسْمَاءُ مَعَانِیَهَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِی قُوَّةٍ فِی عَزَائِمِهِمْ وَ ضَعَفَةً فِیمَا تَرَی الْأَعْیُنُ مِنْ حَالاتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ الْقُلُوبَ وَ الْعُیُونَ غِنًی وَ خَصَاصَةٍ تَمْلَأُ الْأَبْصَارَ وَ الْأَسْمَاعَ أَذًی وَ لَوْ كَانَتِ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وَ عِزَّةٍ لَا تُضَامُ وَ مُلْكٍ تَمْتَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَ تُشَدُّ إِلَیْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَی الْخَلْقِ فِی الِاعْتِبَارِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ فِی الِاسْتِكْبَارِ (3)وَ لَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ النِّیَّاتُ مُشْتَرَكَةً وَ الْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ التَّصْدِیقُ بِكُتُبِهِ وَ الْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَ الِاسْتِكَانَةُ لِأَمْرِهِ وَ الِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لَا یَشُوبُهَا مِنْ غَیْرِهَا شَائِبَةٌ وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَی وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِینَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ علیه السلام إِلَی الْآخِرِینَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَیْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ قِیَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْیَا (4)مَدَراً وَ أَضْیَقِ بُطُونِ الْأَوْدِیَةِ قُطْراً بَیْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُیُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًی مُنْقَطِعَةٍ لَا یَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لَا حَافِرٌ وَ لَا ظِلْفٌ (5)

ص: 469


1- فی نسخة: و اضمحل الأشیاء. و فی المصدر: و اضمحلت الانباء.
2- فی هامش المطبوع: مبتلین- بفتح اللام- كالمعطین و المرتضین جمع معطی و مرتضی.
3- فی نسخة: و أبعد لهم من الاستكبار. قوله أهون أی أضعف تأثیرا فی تربیتهم و اتعاظهم بأقوالهم و أبعد لهم أی أشدّ توغلا بهم فی الاستكبار لان الأنبیاء یكونون قدوتهم فی الكبر و العظمة حینئذ.
4- فی المصدر: نتائق الأرض.
5- لا یزكو أی لا ینمو. خف أی ذا خف أی جمال و خیل و بقر و غنم، تعبیر عنها بما ركبت علیه قوائمها.

ثُمَّ أَمَرَ سُبْحَانَهُ آدَمَ علیه السلام وَ وُلْدَهُ أَنْ یَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَایَةً لِمُلْقَی رِحَالِهِمْ تَهْوِی (1)إِلَیْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ (2)قِفَارٍ سَحِیقَةٍ وَ مَهَاوِی (3)فِجَاجٍ عَمِیقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّی یَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلًا یُهِلُّونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ یَرْمُلُونَ عَلَی أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِیلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ (4)مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ابْتِلَاءً عَظِیماً وَ امْتِحَاناً شَدِیداً وَ اخْتِبَاراً مُبِیناً وَ تَمْحِیصاً بَلِیغاً جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً إِلَی جَنَّتِهِ وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ یَضَعَ بَیْتَهُ الْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَیْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمَّ الْأَشْجَارِ (5)دَانِیَ الثِّمَارِ مُلْتَفَّ الْبُنَی (6)مُتَّصِلَ الْقُرَی بَیْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْیَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ زُرُوعٍ نَاضِرَةٍ (7)وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ الْجَزَاءِ عَلَی حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ وَ لَوْ كَانَتِ (8)الْإِسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَیْهَا وَ الْأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا بَیْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِیَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُضَارَعَةَ (9)الشَّكِّ فِی الصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِیسَ عَنِ الْقُلُوبِ وَ لَنَفَی مُعْتَلِجَ الرَّیْبِ (10) مِنَ النَّاسِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَخْتَبِرُ

ص: 470


1- أی تسرع إلیه و تمیل.
2- المفاوز جمع مفازة: الغلاة لا ماء بها.
3- المهاوی: منخفضات الاراضی.
4- إعفاء الشعور: تركها بلا حلق و لا قص.
5- جم الاشجار: كثیرها.
6- البنی جمع البنیة بضم الباء و كسرها: ما ابتنیته.
7- فی المصدر: و ریاض ناضرة.
8- فی المصدر: و لو كان الاساس. و الاساس بكسر الهمزة أو فتحها جمع اس مثلثة أصل البناء.
9- فی نسخة: «مصارعة الشك» و فی المصدر «مسارعة الشك» و لعله أصوب.
10- اعتلجت الامواج : التطمت ، ومنه : اعتلجت الهموم فی صدره ، والمعنی : زال تلاطم الریب والشك من صدور الناس.

عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ یَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْمَجَاهِدِ (1)وَ یَبْتَلِیهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِی نُفُوسِهِمْ وَ لِیَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَی فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی عَاجِلِ الْبَغْیِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْیَدَةُ إِبْلِیسَ الْعُظْمَی وَ مَكِیدَتُهُ الْكُبْرَی الَّتِی تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ فَمَا تُكْدِی أَبَداً وَ لَا تُشْوِی أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلْمِهِ وَ لَا مُقِلًّا فِی طِمْرِهِ (2)وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ بِالصَّلَوَاتِ وَ الزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّیَامِ فِی الْأَیَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِیناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخْشِیعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِیلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِیضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُیَلَاءِ عَنْهُمْ لِمَا فِی ذَلِكَ مِنْ تَعْفِیرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ الْتِصَاقِ (3)كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّیَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِی الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ إِلَی أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ انْظُرُوا إِلَی مَا فِی هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِینَ یَتَعَصَّبُ لِشَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِیهَ الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِیطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَیْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا یُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لَا عِلَّةٌ (4)أَمَّا إِبْلِیسُ فَتَعَصَّبَ عَلَی آدَمَ علیه السلام لِأَصْلِهِ وَ طَعَنَ عَلَیْهِ فِی خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَنَا نَارِیٌّ وَ أَنْتَ طِینِیٌّ وَ أَمَّا الْأَغْنِیَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ (5)الْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَقَالُوا

ص: 471


1- فی المصدر: بأنواع المجاهد. و فی هامش المطبوع: المجاهد جمع المجهدة و هی المشقة. منه رحمه اللّٰه.
2- الطمر بالكسر: الثوب الخلق، و المعنی أن البغی و الظلم و الكبر مصائد إبلیس و أسلحته المهلكة لا ینجو منها العالم فضلا عن الجاهل، و لا الفقیر فضلا عن الغنی.
3- فی نسخة: و إلصاق.
4- فی المصدر: لا یعرف له سبب و لا علة.
5- المترف علی صیغة اسم المفعول: الذی أبطره النعم فأصر علی البغی و یتمتع بما یشاء من اللذات.

نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِینَ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِیَّةِ فَلْیَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ وَ مَحَامِدِ الْأَفْعَالِ وَ مَحَاسِنِ الْأُمُورِ الَّتِی تَفَاضَلَتْ فِیهَا الْمُجَدَاءُ وَ النُّجَدَاءُ مِنْ بُیُوتَاتِ الْعَرَبِ وَ یَعَاسِیبِ القَبَائِلِ بِالْأَخْلَاقِ الرَّغِیبَةِ وَ الْأَحْلَامِ الْعَظِیمَةِ وَ الْأَخْطَارِ الْجَلِیلَةِ وَ الْآثَارِ الْمَحْمُودَةِ فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ (1)وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ الْمَعْصِیَةِ لِلْكِبْرِ وَ الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْیِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْكَظْمِ لِلْغَیْظِ وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ (2)بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَ ذَمِیمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِی الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِی تَفَاوُتِ حَالَیْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ (3)وَ زَاحَتِ الْأَعْدَاءُ (4)لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ الْعَافِیَةُ فِیهِ عَلَیْهِمْ وَ انْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَیْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ (5)الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ التَّحَاضِّ عَلَیْهَا وَ التَّوَاصِی بِهَا وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ (6)وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ (7)وَ تَخَاذُلِ الْأَیْدِی وَ تَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِینَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ قَبْلَكُمْ كَیْفَ كَانُوا فِی حَالِ التَّمْحِیصِ وَ الْبَلَاءِ أَ لَمْ یَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً وَ أَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلَاءً وَ أَضْیَقَ أَهْلِ الدُّنْیَا حَالًا اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِیداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَ جَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِی ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَ قَهْرِ الْغَلَبَةِ لَا یَجِدُونَ حِیلَةً فِی امْتِنَاعٍ وَ لَا سَبِیلًا إِلَی

ص: 472


1- الجوار بالكسر: المجاورة بمعنی الاحتماء بالغیر من الظلم. و الذمام: العهد و الأمان.
2- المثلات: العقوبات.
3- فی نسخة: حالهم.
4- أی تباعدت الاعداء و زالت عنهم. و فی نسخة من المصدر: «راحت» و كأنّه مصحف.
5- «من الاجتناب» بیان لأسباب سعاداتهم.
6- تشاحن الصدور: ملؤها من الحقد و العداوة، و فی نسخة من المصدر: و تشاخص الصدور.
7- تدابر القوم: تعادوا، اختلفوا و تقاطعوا.

دِفَاعٍ حَتَّی إِذْ رَأَی اللَّهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَی الْأَذَی فِی مَحَبَّتِهِ وَ الِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مضائق (مَضَایِقِ) الْبَلَاءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ وَ الْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَ أَئِمَّةً أَعْلَاماً وَ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ (1)الْآمَالُ إِلَیْهِ بِهِمْ فَانْظُرُوا كَیْفَ كَانُوا حَیْثُ كَانَتِ الْأَمْلَاءُ مُجْتَمِعَةً وَ الْأَهْوَاءُ مُتَّفِقَةً وَ الْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً وَ الْأَیْدِی مُتَرَادِفَةً وَ السُّیُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَ الْبَصَائِرُ نَافِذَةً وَ الْعَزَائِمُ وَاحِدَةً أَ لَمْ یَكُونُوا أَرْبَاباً فِی أَقْطَارِ الْأَرَضِینَ وَ مُلُوكاً عَلَی رِقَابِ الْعَالَمِینَ فَانْظُرُوا إِلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ فِی آخِرِ أُمُورِهِمْ حِینَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ تَشَتَّتِ الْأُلْفَةُ وَ اخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الْأَفْئِدَةُ وَ تَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِینَ وَ تَفَرَّقُوا مُتَحَازِبِینَ (2)قَدْ خَلَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ وَ سَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ وَ بَقِیَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِیكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِینَ مِنْكُمْ (3)فَاعْتَبِرُوا (4)بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِیلَ وَ بَنِی إِسْحَاقَ وَ بَنِی إِسْرَائِیلَ علیه السلام فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الْأَحْوَالِ وَ أَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الْأَمْثَالِ (5)تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِی حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ لَیَالِیَ كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ وَ الْقَیَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ یَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِیفِ الْآفَاقِ وَ بَحْرِ الْعِرَاقِ وَ خُضْرَةِ الدُّنْیَا إِلَی مَنَابِتِ الشِّیحِ وَ مَهَافِی الرِّیحِ وَ نَكَدِ الْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِینَ إِخْوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ أَذَلَّ الْأُمَمِ دَاراً وَ أَجْدَبَهُمْ قَرَاراً لَا یَأْوُونَ إِلَی جَنَاحِ دَعْوَةٍ یَعْتَصِمُونَ بِهَا وَ لَا إِلَی ظِلِّ أُلْفَةٍ یَعْتَمِدُونَ عَلَی عِزِّهَا فَالْأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ وَ الْأَیْدِی مُخْتَلِفَةٌ وَ الْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِی بَلَاءِ أَزْلٍ وَ أَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ وَ أَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ وَ أَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ غَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ فَانْظُرُوا إِلَی مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ حِینَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا (6)فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ

ص: 473


1- فی المصدر: ما لم تبلغ.
2- فی نسخة من المصدر: متحاربین.
3- المصدر خلی عن كلمة «منكم».
4- فی المصدر: اعتبروا.
5- الاعتدال: التناسب. و الاشتباه: التشابه.
6- المراد نبیّنا محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

وَ جَمَعَ عَلَی دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ كَیْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَیْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا وَ أَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِیمِهَا وَ الْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِی عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا فَأَصْبَحُوا فِی نِعْمَتِهَا غَرِقِینَ وَ عَنْ خُضْرَةِ عَیْشِهَا فَكِهِینَ قَدْ تَرَبَّعَتِ الْأُمُورُ بِهِمْ فِی ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ وَ آوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَی كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ وَ تَعَطَّفَتِ الْأُمُورُ عَلَیْهِمْ فِی ذُرَی مُلْكٍ ثَابِتٍ فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَی الْعَالَمِینَ وَ مُلُوكٌ فِی أَطْرَافِ الْأَرَضِینَ یَمْلِكُونَ الْأُمُورَ عَلَی مَنْ كَانَ یَمْلِكُهَا عَلَیْهِمْ وَ یُمْضُونَ الْأَحْكَامَ فِیمَنْ كَانَ یُمْضِیهَا فِیهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ وَ لَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ أَلَا وَ إِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَیْدِیَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ وَ ثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَیْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ امْتَنَّ عَلَی جَمَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِیمَا عَقَدَ بَیْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُلْفَةِ الَّتِی یَنْتَقِلُونَ فِی ظِلِّهَا (1)وَ یَأْوُونَ إِلَی كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لَا یَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِینَ لَهَا قِیمَةً لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وَ أَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً (2)وَ بَعْدَ الْمُوَالاةِ أَحْزَاباً مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِهِ وَ لَا تَعْرِفُونَ مِنَ الْإِیمَانِ إِلَّا رَسْمَهُ تَقُولُونَ النَّارَ وَ لَا الْعَارَ كَأَنَّكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الْإِسْلَامَ عَلَی وَجْهِهِ انْتِهَاكاً لِحَرِیمِهِ وَ نَقْضاً لِمِیثَاقِهِ الَّذِی وَضَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ حَرَماً فِی أَرْضِهِ وَ أَمْناً بَیْنَ خَلْقِهِ وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَی غَیْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ثُمَّ لَا جَبْرَئِیلُ وَ لَا مِیكَائِیلُ وَ لَا مُهَاجِرُونَ وَ لَا أَنْصَارٌ یَنْصُرُونَكُمْ إِلَّا الْمُقَارَعَةَ بِالسَّیْفِ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَكُمْ وَ إِنَّ عِنْدَكُمُ الْأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ قَوَارِعِهِ وَ أَیَّامِهِ (3)وَ وَقَائِعِهِ فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِیدَهُ جَهْلًا بِأَخْذِهِ وَ تَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَ یَأْساً مِنْ بَأْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِیَ (4)بَیْنَ أَیْدِیكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَعَنَ السُّفَهَاءَ (5)

ص: 474


1- فی نسخة: یتقلبون فی ظلها.
2- أی صرتم من أعراب البادیة الذین لم یعلموا من الإسلام إلّا احكاما قلیلة، و قد ورد فی الخبر النهی عن التعرب بعد الهجرة، قال الطریحی فی مجمع البحرین: یعنی الالتحاق ببلاد الكفر و الإقامة بها بعد المهاجرة عنها إلی بلاد الإسلام، و كان من رجع من الهجرة الی موضعه من غیر عذر یعدونه كالمرتد.
3- و أیامه أی الأیّام التی انزل فیه العقوبات علی أهل المعاصی. منه رحمه اللّٰه.
4- فی نسخة: الا القرون الماضیة.
5- فی المصدر: فلعن اللّٰه السفهاء.

لِرُكُوبِ الْمَعَاصِی وَ الْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِی أَلَا وَ قَدْ قَطَعْتُمْ قَیْدَ الْإِسْلَامِ وَ عَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ وَ أَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ أَلَا وَ قَدْ أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْیِ وَ النَّكْثِ وَ الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَ أَمَّا الْمَارِقَةُ (1)فَقَدْ دَوَّخْتُ وَ أَمَّا شَیْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِیتُهُ بِصَعْقَةٍ سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ قَلْبِهِ وَ رَجَّةُ صَدْرِهِ وَ بَقِیَتْ بَقِیَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْیِ (2)وَ لَئِنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْكَرَّةِ (3)عَلَیْهِمْ لَأُدِیلَنَّ مِنْهُمْ إِلَّا مَا یَتَشَذَّرُ فِی أَطْرَافِ الْبِلَادِ تَشَذُّراً أَنَا وَضَعْتُ فِی الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ (4)وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِیبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِیصَةِ وَضَعَنِی فِی حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلِیدٌ (5)یَضُمُّنِی إِلَی صَدْرِهِ وَ یَكْنُفُنِی فِی فِرَاشِهِ (6)وَ یُمِسُّنِی جَسَدَهُ وَ یُشِمُّنِی عَرْفَهُ وَ كَانَ یَمْضَغُ الشَّیْ ءَ ثُمَّ یُلْقِمُنِیهِ وَ مَا وَجَدَ لِی كَذْبَةً فِی قَوْلٍ وَ لَا خَطْلَةً فِی فِعْلٍ (7)وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِیماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ یَسْلُكُ بِهِ طَرِیقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَیْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِیلِ أَثَرَ أُمِّهِ یَرْفَعُ لِی فِی كُلِّ یَوْمٍ عَلَماً مِنْ أَخْلَاقِهِ (8)وَ یَأْمُرُنِی بِالاقْتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ یُجَاوِرُ فِی كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ (9)فَأَرَاهُ وَ لَا یَرَاهُ غَیْرِی وَ لَمْ یَجْمَعْ بَیْتٌ وَاحِدٌ یَوْمَئِذٍ فِی الْإِسْلَامِ غَیْرَ رَسُولِ

ص: 475


1- الناكثون: أصحاب الجمل. القاسطون: معاویة و أصحابه. المارقون: الخوارج و من حاربه فی النهروان.
2- هم معاویة و من بقی بعد صفّین.
3- الكرة: الحملة فی الحرب.
4- أی اكابرهم.
5- فی المصدر: و أنا ولد.
6- فی المصدر: و یكنفنی الی فراشه.
7- الخطلة واحدة الخطل: الخطأ ینشأ من عدم الرویة.
8- فی المصدر: من أخلاقه علما.
9- قال ابن میثم: الحراء بالكسر و المد: جبل بمكّة یذكر و یؤنث یصرف و لا یصرف. منه رحمه اللّٰه.

اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَدِیجَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَی نُورَ الْوَحْیِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِیحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّیْطَانِ حِینَ نَزَلَ الْوَحْیُ عَلَیْهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّیْطَانُ قَدْ أَیِسَ (1)مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَی مَا أَرَی إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِیٍّ وَ لَكِنَّكَ وَزِیرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَی خَیْرٍ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالُوا لَهُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَیْتَ عَظِیماً لَمْ یَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَیْتِكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَجَبْتَنَا إِلَیْهِ وَ أَرَیْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِیٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُمْ وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّی تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَیْنَ یَدَیْكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكُمْ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّی سَأُرِیكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِیئُونَ إِلَی خَیْرٍ وَ أَنَّ فِیكُمْ مَنْ یُطْرَحُ فِی الْقَلِیبِ وَ مَنْ یُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ (2)ثُمَّ قَالَ یَا أَیَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِینَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِینَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِی بِعُرُوقِكِ حَتَّی تَقِفِی بَیْنَ یَدَیَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَوَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِیٌّ شَدِیدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّیْرِ حَتَّی وَقَفَتْ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُرَفْرِفَةً وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَی مَنْكِبِی وَ كُنْتُ عَنْ یَمِینِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَی ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْیَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ یَبْقَی نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِیّاً فَكَادَتْ (3)تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْیَرْجِعْ إِلَی نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّی أَوَّلُ (4)مُؤْمِنٍ بِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ (5)بِأَنَّ الشَّجَرَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی

ص: 476


1- المصدر خلی عن لفظة «قد».
2- قال الجزریّ: الأحزاب جمع حزب بالكسر: الطوائف من الناس، و منه حدیث ابن الزبیر أن یحزبهم أی یقویهم و یشد منهم، أو یجعلهم من حزبه، أو یجعلهم أحزابا. منه رحمه اللّٰه.
3- فی نسخة: فكانت.
4- فی المصدر: فانی.
5- فی نسخة: و أول من آمن.

تَصْدِیقاً لِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ (1)فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ عَجِیبُ السِّحْرِ خَفِیفٌ فِیهِ وَ هَلْ یُصَدِّقُكَ فِی أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا یَعْنُونَنِی وَ إِنِّی لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِیمَاهُمْ سِیمَاءُ الصِّدِّیقِینَ وَ كَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّیْلِ وَ مَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ یُحْیُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَسْتَكْبِرُونَ وَ لَا یَعْلُونَ وَ لَا یَغُلُّونَ وَ لَا یُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِی الْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِی الْعَمَلِ (2).

بیان: بهره غلبه و الرواء بضم الراء و الهمز و المد المنظر الحسن و العرف بالفتح الریح الطیبة قوله علیه السلام لا یدری أی لا یدریه أكثر الناس.

قوله علیه السلام بأمر الباء للاستصحاب قوله علیه السلام ملكا أی فی الظاهر لكونه فی السماء و مخلوطا بهم. و قال الجزری الهوادة الرخصة و السكون و المحاباة و قال هذا شی ء حمی أی محظور لا یقرب و أعداه الداء أی أصابه مثل ما بصاحب الداء و الاستفزاز الإزعاج و الاستنهاض علی خفة و إسراع و الرجل اسم جمع لراجل.

قوله علیه السلام لقد فوق أی وضع فوق سهمه علی الوتر و أغرق أی استوفی مد القوس و بالغ فی نزعها لیكون مرماه أبعد و وقع سهامه أشد.

قوله من مكان قریب لقربه بهم و جریانه منهم مجری الدم قوله علیه السلام بظن مصیب فی بعض النسخ غیر مصیب و وجه بوجوه.

الأول أنه قال ما قال لا علی وجه العلم بل علی سبیل التوهم و المصیب الحق هو العلم دون التوهم أو الظن و إن اتفق وقوعهما.

الثانی أن قوله لَأُغْوِیَنَّهُمْ بمعنی الشرك أو الكفر و الذین استثناهم المعصومون من المعاصی و لا ریب فی كون هذا ظن غیر مصیب. (3)الثالث أنه علیه السلام إنما قال ذلك لأن غوایتهم كان منهم اختبارا و تصدیق أبناء

ص: 477


1- فی المصدر: تصدیقا بنبوتك، و اجلالا لسلمتك.
2- نهج البلاغة 1: 372 و 395.
3- لانه لا یظفر باغواء الجمیع بهذا المعنی.

الحمیة له یعود إلی وقوع الغوایة منهم علی وفق ظنه فكان ظنه فی نسبتها إلیه خطأ و بعبارة أخری لما ظن أنه قادر علی إجبارهم علی المعاصی و سلب اختیارهم حكم علیه السلام بخطائه و لعل هذا أصوب.

قوله علیه السلام الجامحة أی النفوس الجامحة (1)من جمح الفرس إذا اعتز راكبه و غلبه و كل ما طلع و ظهر فقد نجم و استفحل أی قوی و اشتد و دلف أی تقدم و قحم فی الأمر رمی بنفسه فیه من غیر رویة.

و الولجة بالتحریك موضع أو كهف یستتر فیه المارة من مطر و غیره و الورطات المهالك.

قوله علیه السلام إثخان الجراحة أی جعلكم واطئین لإثخانها و هو كثرتها كما قیل فهو مفعول ثان للإیطاء و یحتمل أن یكون مفعولا أولا و هو أظهر.

و الحز القطع و الخزائم جمع خزامة و هی حلقة من شعر تجعل فی وترة أنف البعیر فیشد فیها الزمام و وری الزند أی خرجت ناره و القدح إخراجها من الزند و تألبوا تجمعوا.

قوله علیه السلام یقتنصونكم أی یتصیدونكم و الحومة معظم الماء و الحرب و غیرهما و موضع الجار و المجرور نصب علی الحال أی یقتنصونكم فی حومة ذل و الجولة الموضع الذی تجول فیه و النزغ الإفساد و فی النهایة المسلحة القوم الذین یحفظون الثغر من العدو لأنهم یكونون ذوی سلاح أو لأنهم یسكنون المسلحة و هی كالثغر و المرقب یرقبون العدو لئلا یطرقهم علی غفلة انتهی.

و كلمة ما فی قوله علیه السلام من غیر ما فضل زائدة للتأكید و أمعن فی الطلب أی جد و أبعد و المصارحة المكاشفة و المناصبة المعاداة و أعنق أسرع و لیلة ظلماء حندس أی شدیدة الظلمة و المهواة الوهدة یتردی الصید فیها و ذللا بضمتین جمع ذلول و سلسا كذلك جمع سلس و هما بمعنی سهل الانقیاد.

ص: 478


1- فی هامش المطبوع: أی الانفس الجامحة، أو الأخلاق الجامحة. ابن أبی الحدید.

قوله علیه السلام أمرا أی اعتمدوا أمرا قوله علیه السلام تضایقت الصدور به كنایة عن كثرته قوله علیه السلام تكبروا عن حسبهم قیل أی جهلوا أصلهم أنه الطین المنتن فتكبروا.

قوله علیه السلام و ألقوا الهجینة أی نسبوا ما فی الإنسان من القبائح إلی ربهم أو نسبوا الخطاء إلیه تعالی فیما اختار لهم من خلیفة الحق. (1)قوله علیه السلام مكابرة لقضائه أی لحكمه علیهم بمتابعة أئمة الحق أو لما أوجب علیهم من شكر النعمة و الآلاء الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام.

و اعتزاء الجاهلیة نداؤهم یا لفلان فیسمون قبیلتهم فیدعونهم إلی المقاتلة و إثارة الفتنة (2)قوله لنعمه علیكم أضدادا لعل المعنی أن تلك الخصال توجب زوال النعم عنكم فكأنكم أضداد و حساد لنعم اللّٰه علیكم.

قوله علیه السلام شربتم بصفوكم أی شربتم كدرهم مستبدلین ذلك بصفوكم أو متلبسین بصفوكم و الأحلاس جمع حلس بالكسر و هو كساء رقیق یكون علی ظهر البعیر ملازما له فقیل لكل ملازم أمر هو حلس ذلك الأمر ذكره الجزری.

و النفث النفخ استعیر هنا لوساوس الشیطان و فی بعض النسخ نثا من نث الحدیث إذا أفشاه و مصارع جنوبهم مساقطها و لواقح الكبر ما یوجب حصوله. و خفض الجناح كنایة عن لین الجانب و حسن الخلق و الشفقة و المخمصة الجوع و المجهدة المشقة و محصهم بالمهملتین أی خلصهم و طهرهم و بالمعجمتین أی حركهم و زلزلهم و الذهبان بالضم و الكسر جمع الذهب و العقیان بالكسر الذهب الخالص و البلاء الامتحان و الإنباء الإخبار بالوعد و الوعید.

قوله علیه السلام و لا لزمت الأسماء معانیها أی كانت تنفك الأسماء عن المعانی فتصدق الأسماء بدون مسمیاتها كالمؤمن و المسلم و الزاهد و غیرها و الخصاصة الفقر

ص: 479


1- و قیل: أی انهم باحتقار غیرهم من الناس قبحوا خلق اللّٰه لهم.
2- و قیل: تفاخرهم بأنسابهم كل منهم ینتسب الی ابیه و ما فوقه من أجداده، و كثیرا ما یجر التفاخر الی الحرب، و هی انما تكون بدعوة الرؤساء فهم سیوفها.

و ضامه حقه انتقصه و الضیم الظلم.

قوله علیه السلام تمتد نحوه أی یؤمله المؤملون و یرجوه الراجون فإن كل من أمل شیئا یطمح إلیه بصره و یسافر برغبته إلیه فكنی عن ذلك بمد العنق و شد عقد الرحال.

قوله علیه السلام فكانت النیات مشتركة أی بین اللّٰه و بین ما یأملون من الشهوات غیر خالصة له تعالی و حسناتهم مقتسمة بینه تعالی و بین تلك الشهوات أو المعنی أنهم لو كانوا كذلك لآمن بهم جل الخلق للرغبة و الرهبة فلم یتمیز المؤمن و المنافق و المخلص و المرائی و جبل وعر أی غلیظ حزن.

قوله علیه السلام و أقل نتائق الدنیا قال ابن أبی الحدید أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة نتاق أی كثیرة الحبل و الولادة یقال ضیعة منتاق أی كثیرة الریع فجعل علیه السلام الضیاع ذوات المدر التی یثار للحرث نتائق و قال إن مكة أقلها صلاحا للزرع لأن أرضها حجریة (1)و القطر الجانب.

قوله علیه السلام دمثة أی سهلة و كلما كان الرمل أسهل كان أبعد من أن ینبت و من أن یزكو به الدواب لأنها تتعب فی المشی به قوله وشلة أی قلیلة الماء قوله أعطافهم عطفا الرجل جانباه أی یمیلوا جوانبهم معرضین عن كل شی ء متوجهین نحوه و المثابة المرجع و النجعة فی الأصل طلب الكلاء ثم سمی كل من قصد أمرا یروم النفع فیه منتجعا و ثمرة الفؤاد هی سویداء القلب و السحیق البعید و الفج الطریق بین الجبلین و هز المناكب كنایة عن السفر إلیه مشتاقین (2)و قوله یهلون أی یرفعون

ص: 480


1- قال فی النهایة: فی حدیث علیّ علیه السلام «أقل نتائق الدنیا مدرا» النتائق جمع نتیقة فعلیة بمعنی مفعولة من النتق و هو أن یقلع الشی ء فترفعه من مكانه لترمی به؛ هذا هو الأصل و أراد بها هاهنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها فی موضعها. انتهی. و ما ذكرناه فی الأصل ذكر ابن أبی الحدید و لعله أوفق منه رحمه اللّٰه.
2- و قیل: أی یحركوا مناكبهم أی رءوس أكتافهم للّٰه، یرفعون أصواتهم بالتلبیة و ذلك فی السعی و الطواف.

أصواتهم بالتلبیة و الرمل سعی فوق المشی و السرابیل جمع السربال و هو القمیص أی خلعوا المخیط.

قوله ملتف البنی أی مشتبك العمارة (1)و البرة الواحدة من البر و هو الحنطة و الأریاف جمع ریف و هو كل أرض فیها زرع و نخل و قیل هو ما قارب الماء من الأرض و المحدقة المطیفة (2)و الغدق الماء الكثیر و النضارة الحسن و مضارعة الشك مقاربته و فی بعض النسخ بالصاد المهملة (3)و الاعتلاج الاضطراب.

قوله علیه السلام فتحا بضمتین أی مفتوحة و قوله ذللا أی سهلة و وخامة العاقبة رداءتها.

قوله علیه السلام فإنها قیل الضمیر یعود إلی مجموع البغی و الظلم و الكبر و قیل إلی الأخیر باعتبار جعله مصیدة و هی بسكون الصاد و فتح الیاء آلة یصطاد بها و المساورة المواثبة قوله علیه السلام ما تكدی (4)أی لا ترد عن تأثیرها و یقال رمی فأشوی إذا لم یصب المقتل.

قوله علیه السلام ما حرس اللّٰه ما زائدة قوله علیه السلام عتاق الوجوه إما من العتق بمعنی الحریة أو بمعنی الكرم و العتیق الكریم من كل شی ء و الخیار من كل شی ء و النواجم جمع ناجمة و هو ما یطلع و یظهر من الكبر و القدع الكف و المنع و یقال لاط حبه بقلبی یلیط إذا لصق و مواقع النعم الأموال و الأولاد و آثارها هی الترفه و الغناء و التلذذ بها و یحتمل أن یكون الموقع مصدرا و المجداء جمع ماجد و المجد الشرف فی الآباء و الحسب و الكرم یكونان فی الرجل و إن لم یكونا فی آبائه و النجداء الشجعان واحدهم نجید و بیوتات العرب قبائلها و الیعسوب السید و الرئیس و المقدم و الرغیبة المرغوبة قوله علیه السلام لخلال الحمد أی الخصال المحمودة.

ص: 481


1- و قیل: أی كثیر العمران.
2- أی المحیطة من كل جهة.
3- و فی المصدر بالسین المهملة.
4- من أكدی الرجل، لم یظفر بحاجة.

قوله علیه السلام و مدت العافیة علی البناء للمفعول و هو ظاهر أو علی البناء للفاعل من قولهم مد الماء إذا جری و سال قوله علیه السلام و وصلت استعار الوصل لاجتماعهم عن كرامة اللّٰه لهم حال كونهم علی ذلك الأمر و رشح بذكر الحبل و التحاض تفاعل من الحض و هو الحث و التحریص و تواصی القوم أی أوصی بعضهم بعضا و الفقرة واحدة فقر الظهر و یقال لمن أصابته مصیبة شدیدة قد كسرت فقرته و المنة بالضم القوة و الأعباء الأثقال.

قوله علیه السلام فساموهم أی ألزموهم و المرار بالضم شجر مر و استعیر شرب الماء المر لكل من یلقی شدة.

قوله علیه السلام و بلغت الكرامة قوله بهم متعلق بقوله بلغت و قوله لهم بالكرامة و قوله إلیه بقوله لم تذهب (1)و الأملاء جمع الملأ أی الجماعات و الأشراف و الترافد التعاون.

قوله علیه السلام متحازبین أی مختلفین أحزابا و غضارة النعمة طیبها و لذتها قوله علیه السلام فما أشد اعتدال الأحوال أی ما أشبه الأشیاء بعضها ببعض و إن حالكم لشبیهة بحال أولئك.

قوله علیه السلام یحتازونهم أی یبعدونهم و بحر العراق دجلة و الفرات أما الأكاسرة فطردوهم عن بحر العراق و القیاصرة عن الشام و ما فیه من المراعی و المنتجع و الشیح نبت معروف و منابت الشیح أرض العرب و مهافی الریح المواضع التی تهفو فیها الریح أی تهب و هی الفیافی و الصحاری و نكد المعاش ضیقه و قلته و العالة جمع عائل و هو الفقیر و الدبر بالتحریك الجرح الذی یكون فی ظهر البعیر (2)و الجدب قلة الزرع و الشجر و الأزل الضیق و الشدة.

قوله و إطباق جهل بكسر الهمزة أی جهل عام مطبق علیهم أو بفتحها أی

ص: 482


1- و بقوله: ما لم تبلغ علی ما فی المصدر.
2- و الوبر: شعر الجمال، و المراد أنهم كانوا رعاة ظاعنین من واد إلی آخر، لم تكن لهم بلدة و لا حاضرة یعیشون فیها.

جهل متراكم بعضه فوق بعض و وأد البنات قتلهن و شن الغارة علیهم تفریقها علیهم من جمیع جهاتهم قوله علیه السلام و التفت الملة أی كانوا متفرقین فالتفت ملة محمد صلی اللّٰه علیه و آله بهم فجمعتهم یقال التف الحبل بالحطب أی جمعه و التف الحطب بالحبل أی اجتمع به و قوله فی عوائد حال أی جمعتهم الملة كائنة فی عوائد بركتها.

قوله علیه السلام فكهین أی أشرین مرحین (1)فكاهة صادرة عن خضرة عیش النعمة قوله علیه السلام قد تربعت أی أقامت و یقال تعطف الدهر علی فلان أی أقبل حظه و سعادته بعد أن لم یكن كذلك و الذری الأعالی.

قوله علیه السلام لا یغمز یقال غمزه بیده أی نخسه و القناة الرمح و یكنی عن العزیز الذی لا یضام فیقال لا یغمز له قناة أی هو صلب و القناة إذا لم تلن فی ید الغامز كانت أبعد عن الحطم و الكسر.

و قوله لا تقرع لهم صفاة مثل یضرب لمن لا یطمع فی جانبه لعزته و قوته و الصفاة الصخرة و الحجر الأملس.

و قوله بأحكام متعلق بثلمتم و قوله بنعمة متعلق بقوله امتن قوله النار و لا العار أی ادخلوا النار و لا تلتزموا العار. (2)و قال الجوهری كفأت الإناء قلبته و زعم ابن الأعرابی أن أكفأته لغة و كفأت القوم كفاء إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلی غیره قوله إلی غیره الضمیر عائد إلی الإسلام أو إلی اللّٰه قوله فلا تستبطئوا أی فلا تستبعدوا قوله لترك التناهی یقال تناهوا عن المنكر أی نهی بعضهم بعضا و دوخه أی ذلله و شیطان الردهة هو ذو الثدیة (3)

ص: 483


1- أشر :بطر،أی أخذته دهشة وحیرة عند هجوم النعمة . أوطنی با لنعمة إو عندها فصر فها الی غیر وجهها فهو أشر . و مرح الرجل : اشتد فرحه ونشاطه حت جاوز القدر، وتبختر واختال فهو مرح.
2- هكذا فی النسخ، و لعلّ الاصوب: أی ندخل النار و لا نلتزم العار.
3- فی هامش المطبوع: ذو الثدیة لقب رجل اسمه ثرملة فمن قال فی الثدی انه مذكر یقول انما ادخلوا الهاء فی التصغیر لان معناه الید و ذلك ان یده كانت قصیرة مقدار الثدی یدلّ علی ذلك انهم كانوا یقولون فیه ذو الیدیة و ذو الثدیة جمیعا؛ الصحاح.

فقد روی أنه رماه اللّٰه یوم النهر بصاعقة (1)و الردهة نقرة فی الجبل یجتمع فیها الماء و إنما سمی بذلك لأنه وجد بعد موته فی حفرة و قیل هو أحد الأبالسة و الوجبة اضطراب القلب و الرجة الحركة و الزلزلة و أدلت من فلان أی قهرته و غلبته و التشذر التبدد و التفرق و الكلاكل الصدور (2)الواحدة كلكل أی أنا أذللتهم و صرعتهم إلی الأرض و النواجم جمع ناجمة و هی ما علا قدره و طار صیته و الخطل خفة و سرعة و یقال للأحمق العجل خطل قوله لا تفیئون أی لا ترجعون.

قوله علیه السلام فی القلیب أی قلیب بدر (3)و الدوی صوت لیس بالعالی و قصف الطیر اشتد صوته و رفرف الطائر بجناحیه إذا بسطهما عند السقوط علی شی ء یحوم علیه لیقع فوقه و العتو التكبر و التجبر.

قوله خفیف فیه أی سریع قوله علیه السلام و لا یغلون كل من خان خفیة فی شی ء فقد غل.

أقول: إنما أوردت هذه الخطبة الشریفة بطولها لاشتمالها علی جمل قصص الأنبیاء علیهم السلام و علل أحوالهم و أطوارهم و بعثتهم و التنبیه علی فائدة الرجوع إلی قصصهم و النظر فی أحوالهم و أحوال أممهم و غیر ذلك من الفوائد التی لا تحصی و لا تخفی علی من تأمل فیها صلوات اللّٰه علی الخطیب بها.

«38»-كا، الكافی بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَحْلَامَ لَمْ تَكُنْ فِیمَا مَضَی فِی أَوَّلِ الْخَلْقِ وَ إِنَّمَا حَدَثَتْ فَقُلْتُ وَ مَا الْعِلَّةُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ بَعَثَ رَسُولًا إِلَی أَهْلِ زَمَانِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَقَالُوا إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَا لَنَا فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَكْثَرِنَا مَالًا وَ لَا

ص: 484


1- فی هامش المطبوع: ذو الثدیة كسمیة لقب جرقوص بن زهیر كبیر الخوارج، أو هو بالمثناة تحت. منه طاب ثراه.
2- قیل: القرن: القوّة و الشدة، و انما ذكره لتشبههم بالثور، كما ذكر الكلكل لتشبیههم بالجمل. منه رحمه اللّٰه.
3- طرح فیه نیف و عشرون من أكابر قریش.

بِأَعَزِّنَا عَشِیرَةً فَقَالَ إِنْ أَطَعْتُمُونِی أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ عَصَیْتُمُونِی أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ النَّارَ فَقَالُوا وَ مَا الْجَنَّةُ وَ النَّارُ فَوَصَفَ لَهُمْ ذَلِكَ فَقَالُوا مَتَی نَصِیرُ إِلَی ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا مِتُّمْ فَقَالُوا لَقَدْ رَأَیْنَا أَمْوَاتَنَا صَارُوا عِظَاماً وَ رُفَاتاً فَازْدَادُوا لَهُ تَكْذِیباً وَ بِهِ اسْتِخْفَافاً فَأَحْدَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمُ الْأَحْلَامَ فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا وَ مَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ أَرَادَ أَنْ یَحْتَجَّ عَلَیْكُمْ بِهَذَا هَكَذَا تَكُونُ أَرْوَاحُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَ إِنْ بَلِیَتْ أَبْدَانُكُمْ تَصِیرُ الْأَرْوَاحُ إِلَی عِقَابٍ حَتَّی تُبْعَثَ الْأَبْدَانُ (1).

«39»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ فِی الزَّمَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لِرَجُلٍ فِی أُمَّتِهِ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَةً فَأَخْبَرَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَی بَیْتِهِ فَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ بِذَلِكَ (2)فَأَلَحَّتْ عَلَیْهِ أَنْ یَجْعَلَ دَعْوَةً لَهَا فَرَضِیَ فقال (فَقَالَتْ) سَلِ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَنِی أَجْمَلَ نِسَاءِ الزَّمَانِ فَدَعَا الرَّجُلُ فَصَارَتْ كَذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهَا لَمَّا رَأَتْ رَغْبَةَ الْمُلُوكِ وَ الشُّبَّانِ الْمُتَنَعِّمِینَ فِیهَا مُتَوَفِّرَةً زَهِدَتْ فِی زَوْجِهَا الشَّیْخِ الْفَقِیرِ وَ جَعَلَتْ تُغَالِظُهُ وَ تُخَاشِنُهُ وَ هُوَ یُدَارِیهَا وَ لَا یَكَادُ یُطِیقُهَا فَدَعَا اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَهَا كَلْبَةً فَصَارَتْ كَذَلِكَ ثُمَّ أَجْمَعَ أَوْلَادُهَا یَقُولُونَ یَا أَبَهْ إِنَّ النَّاسَ یُعَیِّرُونَّا أَنَّ أُمَّنَا كَلْبَةٌ نَائِحَةٌ وَ جَعَلُوا یَبْكُونَ وَ یَسْأَلُونَهُ أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَهَا كَمَا كَانَتْ فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَی فَصَیَّرَهَا مِثْلَ الَّتِی كَانَتْ فِی الْحَالَةِ الْأُولَی فَذَهَبَتِ الدَّعَوَاتُ الثَّلَاثُ ضَیَاعاً (3).

ص: 485


1- روضة الكافی: 90.
2- فی نسخة: و أخبر زوجته بذلك.
3- دعوات الراوندیّ مخطوط.

باب 32 نوادر أخبار بنی إسرائیل

الآیات؛

البقرة: «یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَنِّی فَضَّلْتُكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ»(122)

المائدة: «وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَیِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِی الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ»(32) (و قال تعالی): «لَقَدْ أَخَذْنا مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمْ رُسُلًا كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوی أَنْفُسُهُمْ فَرِیقاً كَذَّبُوا وَ فَرِیقاً یَقْتُلُونَ* وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِیرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ»(70-71)

الجاثیة: «وَ لَقَدْ آتَیْنا بَنِی إِسْرائِیلَ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلَی الْعالَمِینَ*وَ آتَیْناهُمْ بَیِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ»(16-17)

الحشر: «كَمَثَلِ الشَّیْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ* فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِی النَّارِ خالِدَیْنِ فِیها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ»(16-17)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: عن ابن عباس قال كان فی بنی إسرائیل عابد اسمه برصیصا عبد اللّٰه زمانا من الدهر حتی كان یؤتی بالمجانین یداویهم و یعوذهم فیبرءون علی یده و إنه أتی بامرأة فی شرف قد جنت و كان لها إخوة فأتوه بها و كانت عنده فلم یزل به الشیطان یزین له حتی وقع علیها فحملت فلما استبان حملها قتلها و دفنها فلما فعل ذلك ذهب الشیطان حتی لقی أحد إخوتها فأخبره بالذی فعل الراهب و أنه دفنها فی مكان كذا ثم أتی بقیة إخوتها رجلا رجلا فذكر ذلك له فجعل الرجل یلقی

ص: 486

أخاه فیقول و اللّٰه لقد أتانی آت ذكر لی شیئا یكبر علی ذكره فذكره بعضهم لبعض حتی بلغ ذلك ملكهم فسار الملك و الناس فاستنزلوه فأقر لهم بالذی فعل فأمر به فصلب فلما رفع علی خشبته تمثل له الشیطان فقال أنا الذی ألقیتك فی هذا فهل أنت مطیعی فیما أقول لك أخلصك مما أنت فیه قال نعم قال اسجد لی سجدة واحدة فقال كیف أسجد لك و أنا علی هذه الحالة فقال أكتفی منك بالإیماء فأومأ له بالسجود فكفر باللّٰه و قتل الرجل فأشار اللّٰه تعالی إلی قصته فی هذه الآیة (1).

«1»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ یُقَالُ لَهُ جُرَیْحٌ وَ كَانَ یَتَعَبَّدُ فِی صَوْمَعَةٍ فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ وَ هُوَ یُصَلِّی فَدَعَتْهُ فَلَمْ یُجِبْهَا فَانْصَرَفَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ وَ دَعَتْهُ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهَا فَانْصَرَفَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ وَ دَعَتْهُ فَلَمْ یُجِبْهَا وَ لَمْ یُكَلِّمْهَا فَانْصَرَفَتْ وَ هِیَ تَقُولُ أَسْأَلُ إِلَهَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَخْذُلَكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَتْ فَاجِرَةٌ وَ قَعَدَتْ عِنْدَ صَوْمَعَتِهِ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَادَّعَتْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ جُرَیْحٍ فَفَشَا فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ مَنْ كَانَ یَلُومُ النَّاسَ عَلَی الزِّنَا قَدْ زَنَی وَ أَمَرَ الْمَلِكُ بِصَلْبِهِ فَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ إِلَیْهِ تَلْطِمُ وَجْهَهَا فَقَالَ لَهَا اسْكُتِی إِنَّمَا هَذَا لِدَعْوَتِكِ فَقَالَ النَّاسُ لَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ وَ كَیْفَ لَنَا بِذَلِكَ (2)قَالَ هَاتُوا الصَّبِیَّ فَجَاءُوا بِهِ فَأَخَذَهُ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ فَقَالَ فُلَانٌ الرَّاعِی لِبَنِی فُلَانٍ فَأَكْذَبَ اللَّهُ (3)الَّذِینَ قَالُوا مَا قَالُوا فِی جُرَیْحٍ فَحَلَفَ جُرَیْحٌ أَلَّا یُفَارِقَ أُمَّهُ یَخْدُمُهَا (4).

«2»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ یَحْیَی الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَلِكاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ لَأَبْنِیَنَّ مَدِینَةً لَا یَعِیبُهَا أَحَدٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهَا اجْتَمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی أَنَّهُمْ لَمْ یَرَوْا مِثْلَهَا قَطُّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَوْ أَمِنْتَنِی عَلَی

ص: 487


1- مجمع البیان 9: 265.
2- أی كیف لنا العلم بذلك.
3- أی بین كذبهم.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.

نَفْسِی أَخْبَرْتُكَ بِعَیْبِهَا فَقَالَ لَكَ الْأَمَانُ فَقَالَ لَهَا عَیْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّكَ تَهْلِكُ عَنْهَا وَ الثَّانِی أَنَّهَا تَخْرَبُ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ الْمَلِكُ وَ أَیُّ عَیْبٍ أَعْیَبُ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ فَمَا نَصْنَعُ قَالَ تَبْنِی مَا یَبْقَی وَ لَا یَفْنَی وَ تَكُونُ شَابّاً لَا تَهْرَمُ أَبَداً فَقَالَ الْمَلِكُ لِابْنَتِهِ ذَلِكَ فَقَالَتْ مَا صَدَقَكَ أَحَدٌ غَیْرُهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ(1).

«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ وَ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ فَزَوَّجَهُمَا مِنْ رَجُلَیْنِ وَاحِدٌ زَرَّاعٌ وَ آخَرُ یَعْمَلُ الْفَخَّارَ (2)ثُمَّ إِنَّهُ زَارَهُمَا فَبَدَأَ بِامْرَأَةِ الزَّرَّاعٍ فَقَالَ لَهَا كَیْفَ حَالُكِ قَالَتْ قَدْ زَرَعَ زَوْجِی زَرْعاً كَثِیراً فَإِنْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّمَاءِ فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَالًا ثُمَّ ذَهَبَ إِلَی الْأُخْرَی فَسَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا فَقَالَتْ قَدْ عَمِلَ زَوْجِی فَخَّاراً كَثِیراً فَإِنْ أَمْسَكَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَنَّا فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَالًا فَانْصَرَفَ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ لَهُمَا (3).

«4»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ یُكْثِرُ أَنْ یَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ فَغَاظَ إِبْلِیسَ ذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَیْهِ شَیْطَاناً فَقَالَ قُلِ الْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِیَاءِ فَجَاءَهُ فَقَالَ ذَلِكَ فَتَحَاكَمَا إِلَی أَوَّلِ مَنْ یَطْلُعُ عَلَیْهِمَا عَلَی قَطْعِ یَدِ الَّذِی یَحْكُمُ عَلَیْهِ فَلَقِیَا شَخْصاً فَأَخْبَرَاهُ بِحَالِهِمَا فَقَالَ الْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِیَاءِ فَرَجَعَ (4)وَ هُوَ یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یَقُولُ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ فَقَالَ لَهُ تَعُودُ أَیْضاً فَقَالَ نَعَمْ عَلَی یَدِیَ الْأُخْرَی (5)فَخَرَجَا فَطَلَعَ الْآخَرُ فَحَكَمَ عَلَیْهِ أَیْضاً فَقُطِعَتْ یَدُهُ الْأُخْرَی وَ عَادَ أَیْضاً یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یَقُولُ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ فَقَالَ لَهُ تُحَاكِمُنِی عَلَی ضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ نَعَمْ فَخَرَجَا فَرَأَیَا مِثَالًا فَوَقَفَا عَلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی كُنْتُ حَاكَمْتُ هَذَا وَ قَصَّا عَلَیْهِ قِصَّتَهُمَا

ص: 488


1- قصص الأنبیاء مخطوط.
2- الفخار: الخرف.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- فی قصص الأنبیاء للجزائری: فقطع یده فرجع.
5- فی قصص الأنبیاء للجزائری: علی الید الأخری.

قَالَ فَمَسَحَ یَدَیْهِ فَعَادَتَا ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَ ذَلِكَ الْخَبِیثِ وَ قَالَ هَكَذَا الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (1).

«5»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَاضٍ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ یَقْضِی بِالْحَقِّ فِیهِمْ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِذَا مِتُّ فَاغْسِلِینِی وَ كَفِّنِینِی وَ غَطِّی وَجْهِی وَ ضَعِینِی عَلَی سَرِیرِی فَإِنَّكِ لَا تَرَیْنَ سُوءاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَتْ مَا كَانَ أَمَرَهَا بِهِ ثُمَّ مَكَثَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حِیناً ثُمَّ إِنَّهَا كَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا دُودَةٌ تَقْرِضُ مِنْ مَنْخِرِهِ (2)فَفَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ بِاللَّیْلِ أَتَاهَا فِی مَنَامِهَا یَعْنِی رَأَتْهُ فِی النَّوْمِ (3)فَقَالَ لَهَا فَزِعْتِ مِمَّا رَأَیْتِ قَالَتْ أَجَلْ قَالَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا فِی أَخِیكِ وَ ذَلِكِ أَنَّهُ أَتَانِی وَ مَعَهُ خَصْمٌ لَهُ فَلَمَّا جَلَسَا قُلْتُ اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْحَقَّ لَهُ فَلَمَّا اخْتَصَمَا كَانَ الْحَقُّ لَهُ فَفَرِحْتُ فَأَصَابَنِی مَا رَأَیْتِ لِمَوْضِعِ هَوَایَ مَعَ مُوَافَقَةِ الْحَقِّ لَهُ (4).

«6»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالُوا لِنَبِیٍّ (5)لَهُمُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُمْطِرُ عَلَیْنَا السَّمَاءَ إِذَا أَرَدْنَا فَسَأَلَ رَبَّهُ ذَلِكَ فَوَعَدَهُ أَنْ یَفْعَلَ فَأَمْطَرَ السَّمَاءَ عَلَیْهِمْ كُلَّمَا أَرَادُوا فَزَرَعُوا فَنَمَتْ زُرُوعُهُمْ وَ حَسُنَتْ فَلَمَّا حَصَدُوا لَمْ یَجِدُوا شَیْئاً فَقَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَا الْمَطَرَ لِلْمَنْفَعَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی أَنَّهُمْ لَمْ یَرْضَوْا بِتَدْبِیرِی لَهُمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا (6).

ص: 489


1- قصص الأنبیاء مخطوط و قد أخرجه و ما قبله الجزائریّ أیضا فی قصصه: 248 و 249.
2- قرض الشی ء: قطعه.
3- الظاهر أنّه تفسیر من الراوندیّ.
4- قصص الأنبیاء مخطوط.
5- هو موسی بن عمران علیه السلام كما تقدم.
6- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه و ما قبله و ما بعده الجزائریّ فی قصص الأنبیاء: «251»- و لم یذكر قوله: أو نحو هذا و الظاهر أنّه من كلام المصنّف أو الراوندیّ، و لعله كانت نسخته مطموسة أو مغلوطة، و الحدیث مذكور فی الكافی مسندا، و أخرجه المصنّف فی باب ما ناجی به موسی علیه السلام ربّه، و الحدیث مفصل مشروح، و فیه: یا موسی أنا كنت المقدر لبنی إسرائیل فلم یرضوا بتقدیری فأجبتهم الی ارادتهم فكان ما رأیت.

«7»-وَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ وَرَشَانٌ یُفْرِخُ فِی شَجَرَةٍ وَ كَانَ رَجُلٌ یَأْتِیهِ إِذَا أَدْرَكَ الْفَرْخَانِ فَیَأْخُذُ الْفَرْخَیْنِ فَشَكَا ذَلِكَ الْوَرَشَانُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ إِنِّی سَأَكْفِیكَهُ قَالَ فَأَفْرَخَ الْوَرَشَانُ وَ جَاءَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ رَغِیفَانِ فَصَعِدَ الشَّجَرَةَ (1)وَ عَرَضَ لَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ أَحَدَ الرَّغِیفَیْنِ ثُمَّ صَعِدَ فَأَخَذَ الْفَرْخَیْنِ وَ نَزَلَ بِهِمَا فَسَلَّمَهُ اللَّهُ لِمَا تَصَدَّقَ بِهِ (2).

«8»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَدْ دَعَا اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَهُ غُلَاماً یَدْعُو ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً (3)فَلَمَّا رَأَی أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یُجِیبُهُ قَالَ یَا رَبِّ أَ بَعِیدٌ أَنَا مِنْكَ فَلَا تَسْمَعُ مِنِّی أَمْ قَرِیبٌ أَنْتَ فَلَا تُجِیبُنِی (4)فَأَتَاهُ آتٍ فِی مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ تَدْعُو اللَّهَ بِلِسَانٍ بَذِیٍّ (5)وَ قَلْبٍ عَلَقٍ غَیْرِ نَقِیٍّ وَ بِنِیَّةٍ غَیْرِ صَادِقَةٍ فَأَقْلِعْ مِنْ بَذَائِكَ وَ لْیَتَّقِ اللَّهَ قَلْبُكَ وَ لْتَحْسُنْ نِیَّتُكَ قَالَ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَدَعَا اللَّهَ (6)عَزَّ وَ جَلَّ فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ (7).

كا، الكافی محمد بن یحیی عن ابن عیسی مثله (8).

«9»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ عَاقِلٌ كَثِیرُ الْمَالِ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ یُشْبِهُهُ فِی الشَّمَائِلِ مِنْ زَوْجَةٍ عَفِیفَةٍ وَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ مِنْ زَوْجَةٍ غَیْرِ عَفِیفَةٍ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لَهُمْ هَذَا مَالِی لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ فَلَمَّا تُوُفِّیَ قَالَ

ص: 490


1- فی نسخة: فیصعد الشجرة.
2- قصص الأنبیاء مخطوط. و الورشان: نوع من الحمام البری اكدر اللون فیه بیاض فوق ذنبه. و قیل: هو ذكر القماری.
3- فی الكافی: یدعو ثلاث سنین.
4- فی الكافی: أ بعید أنا منك فلا تسمعنی، أم قریب أنت منی فلا تجیبنی؟ قال اه.
5- فی الكافی: انك تدعو اللّٰه مذ ثلاث سنین بلسان بذی و قلب عات غیر تقی.
6- فی الكافی: ثم دعا اللّٰه.
7- قصص الأنبیاء مخطوط.
8- أصول الكافی 2: 324 و 325.

الْكَبِیرُ أَنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ وَ قَالَ الْأَوْسَطُ أَنَا ذَلِكَ وَ قَالَ الْأَصْغَرُ أَنَا ذَلِكَ فَاخْتَصَمُوا إِلَی قَاضِیهِمْ قَالَ لَیْسَ عِنْدِی فِی أَمْرِكُمْ شَیْ ءٌ انْطَلِقُوا إِلَی بَنِی غَنَّامٍ (1)الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ فَانْتَهَوْا إِلَی وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَأَوْا شَیْخاً كَبِیراً فَقَالَ لَهُمْ ادْخُلُوا إِلَی أَخِی فُلَانٍ فَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّی (2)فَاسْأَلُوهُ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَخَرَجَ شَیْخٌ كَهْلٌ فَقَالَ سَلُوا أَخِیَ الْأَكْبَرَ مِنِّی (3)فَدَخَلُوا عَلَی الثَّالِثِ فَإِذَا هُوَ فِی الْمَنْظَرِ أَصْغَرُ فَسَأَلُوهُ أَوَّلًا عَنْ حَالِهِمْ ثُمَّ مُبَیِّناً لَهُمْ (4)فَقَالَ أَمَّا أَخِیَ الَّذِی رَأَیْتُمُوهُ أَوَّلًا هُوَ الْأَصْغَرُ وَ إِنَّ لَهُ امْرَأَةَ سَوْءٍ تَسُوؤُهُ وَ قَدْ صَبَرَ عَلَیْهَا مَخَافَةَ أَنْ یُبْتَلَی بِبَلَاءٍ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَیْهِ فَهَرَّمَتْهُ وَ أَمَّا الثَّانِی أَخِی فَإِنَّ عِنْدَهُ زَوْجَةً تَسُوؤُهُ وَ تَسُرُّهُ فَهُوَ مُتَمَاسِكُ الشَّبَابِ وَ أَمَّا أَنَا فَزَوْجَتِی تَسُرُّنِی وَ لَا تَسُوؤُنِی وَ لَمْ یَلْزَمْنِی مِنْهَا مَكْرُوهٌ قَطُّ مُنْذُ صَحِبَتْنِی فَشَبَابِی مَعَهَا مُتَمَاسِكٌ وَ أَمَّا حَدِیثُكُمُ الَّذِی هُوَ حَدِیثُ أَبِیكُمْ فَانْطَلِقُوا أَوَّلًا وَ بَعْثِرُوا قَبْرَهُ (5)وَ اسْتَخْرِجُوا عِظَامَهُ وَ أَحْرِقُوهَا ثُمَّ عُودُوا لِأَقْضِیَ بَیْنَكُمْ فَانْصَرَفُوا فَأَخَذَ الصَّبِیُّ سَیْفَ أَبِیهِ وَ أَخَذَ الْأَخَوَانِ الْمَعَاوِلَ فَلَمَّا أَنْ هَمَّا بِذَلِكَ قَالَ لَهُمُ الصَّغِیرُ لَا تُبَعْثِرُوا (6)قَبْرَ أَبِی وَ أَنَا أَدَعُ لَكُمَا حِصَّتِی فَانْصَرَفُوا إِلَی الْقَاضِی فَقَالَ یُقَنِّعُكُمَا هَذَا ائْتُونِی بِالْمَالِ فَقَالَ لِلصَّغِیرِ خُذِ الْمَالَ فَلَوْ كَانَا ابْنَیْهِ لَدَخَلَهُمَا مِنَ الرِّقَّةِ كَمَا دَخَلَ عَلَی الصَّغِیرِ (7).

«10»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ فَرَأَی فِی النَّوْمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ وَقَّتَ لَكَ مِنَ الْعُمُرِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً وَ جَعَلَ نِصْفَ عُمُرِكَ

ص: 491


1- فی قصص الجزائریّ: بنی الاغنام.
2- فی قصص الجزائریّ: فهو أكبر منی سنا.
3- فی قصص الجزائریّ: سلوا أخی الأكبر منی سنا.
4- لم یذكر الجزائریّ قوله: ثم مبینا لهم. و لعله مصحف: ثم بینوا له حالهم.
5- بعثره: بدده. قلب بعضه علی بعض. و فی قصص الجزائریّ: و انبشوا قبره.
6- فی قصص الجزائریّ: لا تنبشوا.
7- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه الجزائریّ فی قصص الأنبیاء: 250.

فِی سَعَةٍ وَ جَعَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِی ضِیقٍ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِمَّا النِّصْفَ الْأَوَّلَ وَ إِمَّا النِّصْفَ الْأَخِیرَ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّ لِی زَوْجَةً صَالِحَةً وَ هِیَ شَرِیكِی فِی الْمَعَاشِ فَأُشَاوِرُهَا فِی ذَلِكَ وَ تَعُودُ إِلَیَّ فَأُخْبِرُكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ رَأَیْتُ فِی النَّوْمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَتْ یَا فُلَانُ اخْتَرِ النِّصْفَ الْأَوَّلَ وَ تَعَجَّلِ الْعَافِیَةَ لَعَلَّ اللَّهَ سَیَرْحَمُنَا وَ یُتِمُّ لَنَا النِّعْمَةَ فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلَةِ الثَّانِیَةِ أَتَی الْآتِی فَقَالَ مَا اخْتَرْتَ فَقَالَ اخْتَرْتُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ فَقَالَ ذَلِكَ لَكَ فَأَقْبَلَتِ الدُّنْیَا عَلَیْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَ لَمَّا ظَهَرَتْ نِعْمَتُهُ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ قَرَابَتُكَ وَ الْمُحْتَاجُونَ فَصِلْهُمْ وَ بِرَّهُمْ وَ جَارُكَ وَ أَخُوكَ فُلَانٌ فَهَبْهُمْ فَلَمَّا مَضَی نِصْفُ الْعُمُرِ وَ جَازَ حَدَّ الْوَقْتِ رَأَی الرَّجُلُ الَّذِی رَآهُ أَوَّلًا فِی النَّوْمِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ شَكَرَ لَكَ ذَلِكَ وَ لَكَ تَمَامَ عُمُرِكَ سَعَةٌ مِثْلُ مَا مَضَی (1).

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَرَجَتِ امْرَأَةٌ بَغِیٌّ عَلَی شَبَابٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَفْتَنَتْهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ الْعَابِدُ فُلَاناً رَآهَا أَفْتَنَتْهُ وَ سَمِعَتْ مَقَالَتَهُمْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أَنْصَرِفُ إِلَی مَنْزِلِی حَتَّی أُفْتِنَهُ فَمَضَتْ نَحْوَهُ فِی اللَّیْلِ فَدَقَّتْ عَلَیْهِ فقال (فَقَالَتْ) آوِی عِنْدَكَ فَأَبَی عَلَیْهَا فَقَالَتْ إِنَّ بَعْضَ شَبَابِ بَنِی إِسْرَائِیلَ رَاوَدُونِی عَنْ نَفْسِی فَإِنْ أَدْخَلْتَنِی وَ إِلَّا لَحِقُونِی وَ فَضَحُونِی فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهَا فَتَحَ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَیْهِ رَمَتْ بِثِیَابِهَا فَلَمَّا رَأَی جَمَالَهَا وَ هَیْئَتَهَا وَقَعَتْ فِی نَفْسِهِ فَضَرَبَ یَدَهُ عَلَیْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَیْهِ نَفْسُهُ وَ قَدْ كَانَ یُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ فَأَقْبَلَ حَتَّی وَضَعَ یَدَهُ عَلَی النَّارِ فَقَالَتْ أَیَّ شَیْ ءٍ تَصْنَعُ فَقَالَ أُحْرِقُهَا لِأَنَّهَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ فَخَرَجَتْ حَتَّی أَتَتْ جَمَاعَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَتِ الْحَقُوا فُلَاناً فَقَدْ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی النَّارِ فَأَقْبَلُوا فَلَحِقُوهُ وَ قَدِ احْتَرَقَتْ یَدُهُ (2).

«12»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ عَابِداً كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَضَافَ امْرَأَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَهَمَّ بِهَا فَأَقْبَلَ كُلَّمَا هَمَّ بِهَا قَرَّبَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِهِ

ص: 492


1- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه الجزائریّ فی القصص: 250 و 251.
2- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه الجزائریّ فی القصص: 251.

إِلَی النَّارِ فَلَمْ یَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّی أَصْبَحَ قَالَ لَهَا اخْرُجِی لَبِئْسَ الضَّیْفُ كُنْتِ لِی (1).

«13»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ وَ كَانَ مُحْتَاجاً فَأَلَحَّتْ عَلَیْهِ امْرَأَتُهُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ فَابْتَهَلَ إِلَی اللَّهِ فِی الرِّزْقِ فَرَأَی فِی النَّوْمِ أَیُّمَا أَحَبُّ إِلَیْكَ دِرْهَمَانِ مِنْ حِلٍّ أَوْ أَلْفَانِ مِنْ حَرَامٍ فَقَالَ دِرْهَمَانِ مِنْ حِلٍّ فَقَالَ تَحْتَ رَأْسِكَ فَانْتَبَهَ فَرَأَی الدِّرْهَمَیْنِ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُمَا وَ اشْتَرَی بِدِرْهَمٍ سَمَكَةً فَأَقْبَلَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ أَقْبَلَتْ عَلَیْهِ كَاللَّائِمَةِ وَ أَقْسَمَتْ أَنْ لَا تَمَسَّهَا فَقَامَ الرَّجُلُ إِلَیْهَا فَلَمَّا شَقَّ بَطْنَهَا إِذَا بِدُرَّتَیْنِ فَبَاعَهُمَا بِأَرْبَعِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (2).

«14»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ جَبَّارٌ وَ إِنَّهُ أُقْعِدَ فِی قَبْرِهِ وَ رُدَّ إِلَیْهِ رُوحُهُ فَقِیلَ لَهُ إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَالَ لَا أُطِیقُهَا فَلَمْ یَزَالُوا یَنْقُصُونَهُ مِنَ الْجَلْدِ وَ هُوَ یَقُولُ لَا أُطِیقُ حَتَّی صَارُوا إِلَی وَاحِدَةٍ قَالَ لَا أُطِیقُهَا قَالُوا لَنْ نَصْرِفَهَا عَنْكَ قَالَ فَلِمَا ذَا تَجْلِدُونَنِی قَالُوا مَرَرْتَ یَوْماً بِعَبْدٍ لِلَّهِ (3)ضَعِیفٍ مِسْكِینٍ مَقْهُورٍ فَاسْتَغَاثَ بِكَ فَلَمْ تُغِثْهُ وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ قَالَ فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً(4).

«15»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: رَوَوْا أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ بَنَی قَصْراً فَجَوَّدَهُ وَ شَیَّدَهُ ثُمَّ صَنَعَ طَعَاماً فَدَعَا الْأَغْنِیَاءَ وَ تَرَكَ الْفُقَرَاءَ فَكَانَ إِذَا جَاءَ الْفَقِیرُ قِیلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِنَّ هَذَا طَعَامٌ لَمْ یُصْنَعْ لَكَ وَ لَا لِأَشْبَاهِكَ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكَیْنِ فِی زِیِّ الْفُقَرَاءِ فَقِیلَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی بِأَنْ یَأْتِیَا فِی زِیِّ الْأَغْنِیَاءِ فَأُدْخِلَا وَ أُكْرِمَا وَ أُجْلِسَا فِی الصَّدْرِ فَأَمَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یَخْسِفَا الْمَدِینَةَ وَ مَنْ فِیهَا.

ص: 493


1- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرج الأول منهما الجزائریّ فی القصص: 251.
2- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرج الأول منهما الجزائریّ فی القصص: 251.
3- فی نسخة: بعبد اللّٰه. و فی قصص الجزائریّ: مررت بعبد من عباد اللّٰه.
4- قصص الأنبیاء مخطوط و أخرجه الجزائریّ أیضا فی قصصه: 252.

«16»-وَ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ الصَّغِیرَ مِنْهُمْ وَ الْكَبِیرَ كَانُوا یَمْشُونَ بِالْعِصِیِّ مَخَافَةَ أَنْ یَخْتَالَ أَحَدٌ فِی مِشْیَتِهِ (1).

«17»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَابِدٌ وَ كَانَ مُحَارَفاً تُنْفِقُ عَلَیْهِ امْرَأَتُهُ فَجَاءَهَا یَوْماً فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ غَزْلًا فَذَهَبَ فَلَا یَشْتَرِی بِشَیْ ءٍ فَجَاءَ إِلَی الْبَحْرِ فَإِذَا هُوَ بِصَیَّادٍ قَدِ اصْطَادَ سَمَكاً كَثِیراً فَأَعْطَاهُ الْغَزْلَ وَ قَالَ انْتَفِعْ فِی شَبَكَتِكَ فَدَفَعَ إِلَیْهِ سَمَكَةً فَأَخَذَهَا وَ خَرَجَ بِهَا إِلَی زَوْجَتِهِ فَلَمَّا شَقَّهَا بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤْلُؤَةٌ فَبَاعَهَا بِعِشْرِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (2).

«18»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ (3)عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ نِعْمَ الْأَرْضُ الشَّامُ وَ بِئْسَ الْقَوْمُ أَهْلُهَا الْیَوْمَ وَ بِئْسَ الْبِلَادُ مِصْرُ أَمَا إِنَّهَا سِجْنُ مَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَمْ یَكُنْ دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِیلَ مِصْرَ إِلَّا مِنْ سَخْطَةٍ وَ مَعْصِیَةٍ مِنْهُمْ لِلَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ یَعْنِی الشَّامَ فَأَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوهَا وَ عَصَوْا فَتَاهُوا فِی الْأَرْضِ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ وَ مَا كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ مِصْرَ وَ دُخُولُهُمُ الشَّامَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ وَ رِضَی اللَّهِ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ آكُلَ شَیْئاً طُبِخَ فِی فَخَّارِ مِصْرَ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَغْسِلَ رَأْسِی مِنْ طِینِهَا مَخَافَةَ أَنْ تُورِثَنِی تُرْبَتُهَا الذُّلَّ وَ تَذْهَبَ بِغَیْرَتِی (4).

«19»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِی عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی بْنِ أَعْیَنَ قَالَ:

ص: 494


1- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه الجزائریّ أیضا فی قصصه: 252. اختال فی مشیته: تبختر و تكبر.
2- مخطوط.
3- فیه إرسال و تقدم قبل ذلك إسناد الصدوق إلی ابن محبوب، فانه یروی عن سعد، عن ابن عیسی، عن ابن محبوب.
4- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه الجزائریّ فی القصص: 252.

قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَدِیثٌ یَرْوِیهِ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ حَدِّثْ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَا حَرَجَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَنُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَا حَرَجَ عَلَیْنَا قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ مَا قَالَ كَفَی بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ یُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ قُلْتُ كَیْفَ هَذَا قَالَ مَا كَانَ فِی الْكِتَابِ (1)أَنَّهُ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَحَدِّثْ أَنَّهُ كَانَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ (2)وَ لَا حَرَجَ (3).

بیان: قال الجزری فیه حدثوا عن بنی إسرائیل و لا حرج أی لا بأس و لا إثم علیكم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم و إن استحال أن یكون فی هذه الأمة مثل ما روی أن ثیابهم كانت تطول و أن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان و غیر ذلك لا أن یحدث عنهم بالكذب و یشهد لهذا التأویل ما جاء فی بعض روایاته فإن فیهم العجائب.

و قیل معناه أن الحدیث عنهم إذا أدیته كما سمعته حقا كان أو باطلا لم یكن علیك إثم لطول العهد و وقوع الفترة بخلاف الحدیث عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأنه إنما یكون بعد العلم بصحة روایته و عدالة راویه.

و قیل معناه أن الحدیث عنهم لیس علی الوجوب لأن قوله صلی اللّٰه علیه و آله فی أول الحدیث بلغوا عنی علی الوجوب ثم أتبعه بقوله و حدثوا عن بنی إسرائیل و لا حرج أی لا حرج علیكم إن لم تحدثوا عنهم.

«20»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَابِدٌ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یُقَارِفْ (4)مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا شَیْئاً فَنَخَرَ إِبْلِیسُ نَخْرَةً فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ جُنُودُهُ فَقَالَ مَنْ لِی بِفُلَانٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَا فَقَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ فَقَالَ مِنْ نَاحِیَةِ النِّسَاءِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَمْ یُجَرِّبِ النِّسَاءَ

ص: 495


1- أی القرآن.
2- أی فی بنی إسرائیل.
3- قصص الأنبیاء مخطوط، و أخرجه المصنّف فی كتاب العلم 2: 159 عن المعانی بالاسناد، و أوردنا هناك تفسیرا للحدیث عن الخطابی فراجعه.
4- أی لم یكتسب، من أمر الدنیا أی من ذنوبها.

فَقَالَ لَهُ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ قَالَ مِنْ نَاحِیَةِ الشَّرَابِ وَ اللَّذَّاتِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَیْسَ هَذَا بِهَذَا قَالَ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ قَالَ مِنْ نَاحِیَةِ الْبِرِّ قَالَ انْطَلِقْ فَأَنْتَ صَاحِبُهُ فَانْطَلَقَ إِلَی مَوْضِعِ الرَّجُلِ فَأَقَامَ حِذَاءَهُ یُصَلِّی قَالَ وَ كَانَ الرَّجُلُ یَنَامُ وَ الشَّیْطَانُ لَا یَنَامُ وَ یَسْتَرِیحُ وَ الشَّیْطَانُ لَا یَسْتَرِیحُ فَتَحَوَّلَ إِلَیْهِ الرَّجُلُ وَ قَدْ تَقَاصَرَتْ إِلَیْهِ نَفْسُهُ وَ اسْتَصْغَرَ عَمَلَهُ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بِأَیِّ شَیْ ءٍ قَوِیتَ عَلَی هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَیْهِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی أَذْنَبْتُ ذَنْباً وَ أَنَا تَائِبٌ مِنْهُ فَإِذَا ذَكَرْتُ الذَّنْبَ قَوِیتُ عَلَی الصَّلَاةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی بِذَنْبِكَ حَتَّی أَعْمَلَهُ وَ أَتُوبَ فَإِذَا فَعَلْتُهُ قَوِیتُ عَلَی الصَّلَاةِ قَالَ ادْخُلِ الْمَدِینَةَ فَسَلْ عَنْ فُلَانَةَ الْبَغِیَّةِ فَأَعْطِهَا دِرْهَمَیْنِ وَ نَلْ مِنْهَا قَالَ وَ مِنْ أَیْنَ لِی دِرْهَمَیْنِ مَا أَدْرِی مَا الدِّرْهَمَیْنِ (1)فَتَنَاوَلَ الشَّیْطَانُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ دِرْهَمَیْنِ فَنَاوَلَهُ إِیَّاهُمَا فَقَامَ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ بِجَلَابِیبِهِ یَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ فُلَانَةَ الْبَغِیَّةِ فَأَرْشَدَهُ النَّاسُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ جَاءَ یَعِظُهَا فَأَرْشَدُوهُ فَجَاءَ إِلَیْهَا فَرَمَی إِلَیْهَا بِالدِّرْهَمَیْنِ وَ قَالَ قُومِی فَقَامَتْ فَدَخَلَتْ مَنْزِلَهَا وَ قَالَتِ ادْخُلْ وَ قَالَتْ إِنَّكَ جِئْتَنِی فِی هَیْئَةٍ لَیْسَ یُؤْتَی مِثْلِی فِی مِثْلِهَا فَأَخْبِرْنِی بِخَبَرِكَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ تَرْكَ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ التَّوْبَةَ وَجَدَهَا وَ إِنَّمَا یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ هَذَا شَیْطَاناً مُثِّلَ لَكَ فَانْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَرَی شَیْئاً فَانْصَرَفَ وَ مَاتَتْ مِنْ لَیْلَتِهَا فَأَصْبَحَتْ فَإِذَا عَلَی بَابِهَا مَكْتُوبٌ احْضُرُوا فُلَانَةَ فَإِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَارْتَابَ النَّاسُ فَمَكَثُوا ثَلَاثاً لَا یَدْفِنُونَهَا ارْتِیَاباً فِی أَمْرِهَا فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام أَنِ ائْتِ فُلَانَةَ فَصَلِّ عَلَیْهَا وَ مُرِ النَّاسَ أَنْ یُصَلُّوا عَلَیْهَا فَإِنِّی قَدْ غَفَرْتُ لَهَا وَ أَوْجَبْتُ لَهَا الْجَنَّةَ بِتَثْبِیطِهَا (2)عَبْدِی فُلَاناً عَنْ مَعْصِیَتِی (3).

إیضاح: فنخر إبلیس أی مد الصوت فی خیاشیمه و قوله تقاصرت إلیه نفسه أی ظهر له التقصیر من نفسه یقال تقاصر أی أظهر القصر و الجلباب القمیص و ثوب

ص: 496


1- كذا فی النسخ و المصدر، و الصواب: الدرهمان.
2- ثبطه عن الامر: عوقه و شغله عنه.
3- روضة الكافی: 384 و 385.

واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطی به ثیابها من فوق كالملحفة و قوله لا أعلمه الشك فیه من الراوی.

«21»-كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ عَابِدٌ وَ كَانَ مُحَارَفاً لَا یَتَوَجَّهُ فِی شَیْ ءٍ فَیُصِیبَ فِیهِ شَیْئاً فَأَنْفَقَتْ عَلَیْهِ امْرَأَتُهُ حَتَّی لَمْ یَبْقَ عِنْدَهَا شَیْ ءٌ فَجَاءُوا یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ نَصْلًا مِنْ غَزْلٍ وَ قَالَتْ لَهُ مَا عِنْدِی غَیْرُهُ انْطَلِقْ فَبِعْهُ وَ اشْتَرِ لَنَا شَیْئاً نَأْكُلْهُ فَانْطَلَقَ بِالنَّصْلِ الْغَزْلِ لِیَبِیعَهُ فَوَجَدَ السُّوقَ قَدْ غُلِقَتْ وَ وَجَدَ الْمُشْتَرِینَ قَدْ قَامُوا وَ انْصَرَفُوا فَقَالَ لَوْ أَتَیْتُ هَذَا الْمَاءَ فَتَوَضَّأْتُ مِنْهُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ مِنْهُ وَ انْصَرَفْتُ فَجَاءَ إِلَی الْبَحْرِ وَ إِذَا هُوَ بِصَیَّادٍ قَدْ أَلْقَی شَبَكَتَهُ فَأَخْرَجَهَا وَ لَیْسَ فِیهَا إِلَّا سَمَكَةٌ رَدِیئَةٌ قَدْ مَكَثَتْ عِنْدَهُ حَتَّی صَارَتْ رِخْوَةً مُنْتِنَةً فَقَالَ لَهُ بِعْنِی هَذِهِ السَّمَكَةَ وَ أُعْطِیكَ هَذَا الْغَزْلَ تَنْتَفِعُ بِهِ فِی شَبَكَتِكَ قَالَ نَعَمْ فَأَخَذَ السَّمَكَةَ وَ دَفَعَ إِلَیْهِ الْغَزْلَ وَ انْصَرَفَ بِالسَّمَكَةِ إِلَی مَنْزِلِهِ فَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ الْخَبَرَ فَأَخَذَتِ السَّمَكَةَ لِتُصْلِحَهَا فَلَمَّا شَقَّتْهَا بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤْلُؤَةٌ فَدَعَتْ زَوْجَهَا فَأَرَتْهُ إِیَّاهَا فَأَخَذَهَا فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَی السُّوقِ فَبَاعَهَا بِعِشْرِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ بِالْمَالِ فَوَضَعَهُ فَإِذَا سَائِلٌ یَدُقُّ الْبَابَ وَ یَقُولُ یَا أَهْلَ الدَّارِ تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَی الْمِسْكِینِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ادْخُلْ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهُ خُذْ إِحْدَی الْكِیسَیْنِ فَأَخَذَ أَحَدَ الْكِیسَیْنِ (1)وَ انْطَلَقَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ بَیْنَمَا نَحْنُ مَیَاسِیرُ إِذْ ذَهَبْتَ بِنِصْفِ یَسَارِنَا فَلَمْ یَكُنْ ذَلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دَقَّ السَّائِلُ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ ادْخُلْ فَدَخَلَ فَوَضَعَ الْكِیسَ فِی مَكَانِهِ ثُمَّ قَالَ كُلْ هَنِیئاً مَرِیئاً إِنَّمَا أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ إِنَّمَا أَرَادَ رَبُّكَ أَنْ یَبْلُوَكَ فَوَجَدَكَ شَاكِراً ثُمَّ ذَهَبَ(2).

توضیح: رجل محارف أی محدود محروم و هو خلاف قولك مبارك و النصل الغزل قد خرج من المغزل.

«22»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ

ص: 497


1- فی المصدر: فاخذ إحداهما.
2- روضة الكافی: 385 و 386.

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ حُمْرَانُ فَقَالَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ لَوْ حَدَّثْتَنَا مَتَی یَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ فَسُرِرْنَا بِهِ قَالَ یَا حُمْرَانُ إِنَّ لَكَ أَصْدِقَاءَ وَ إِخْوَاناً وَ مَعَارِفَ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِیمَا مَضَی مِنَ الْعُلَمَاءِ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ لَمْ یَكُنْ یَرْغَبُ فِی عِلْمِ أَبِیهِ وَ لَا یَسْأَلُهُ عَنْ شَیْ ءٍ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ یَأْتِیهِ وَ یَسْأَلُهُ وَ یَأْخُذُ عَنْهُ فَحَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ تَزْهَدُ فِیمَا عِنْدِی وَ تَقِلُّ رَغْبَتُكَ فِیهِ وَ لَمْ تَكُنْ تَسْأَلُنِی عَنْ شَیْ ءٍ وَ لِی جَارٌ قَدْ كَانَ یَأْتِینِی وَ یَسْأَلُنِی وَ یَأْخُذُ مِنِّی وَ یَحْفَظُ عَنِّی فَإِنِ احْتَجْتَ إِلَی شَیْ ءٍ فَأْتِهِ وَ عَرَّفَهُ جَارَهُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَ بَقِیَ ابْنُهُ فَرَأَی مَلِكُ ذَلِكَ الزَّمَانِ رُؤْیَا فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ فَقِیلَ لَهُ قَدْ هَلَكَ فَقَالَ الْمَلِكُ هَلْ تَرَكَ وَلَداً فَقِیلَ لَهُ نَعَمْ تَرَكَ ابْناً فَقَالَ ایتُونِی بِهِ فَبُعِثَ إِلَیْهِ لِیَأْتِیَ الْمَلِكَ فَقَالَ الْغُلَامُ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی لِمَا یَدْعُونِی الْمَلِكُ وَ مَا عِنْدِی عِلْمٌ وَ لَئِنْ سَأَلَنِی عَنْ شَیْ ءٍ لَأَفْتَضِحَنَّ فَذَكَرَ مَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ بِهِ فَأَتَی الرَّجُلَ الَّذِی كَانَ یَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ أَبِیهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ بَعَثَ إِلَیَّ یَسْأَلُنِی وَ لَسْتُ أَدْرِی فِیمَ بَعَثَ إِلَیَّ وَ قَدْ كَانَ أَبِی أَمَرَنِی أَنْ آتِیَكَ إِنِ احْتَجْتُ إِلَی شَیْ ءٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ لَكِنِّی أَدْرِی فِیمَا بَعَثَ إِلَیْكَ فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَكَ مِنْ شَیْ ءٍ فَهُوَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَقَالَ نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَهُ وَ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ أَنْ یَفِیَ (1)فَأَوْثَقَ لَهُ الْغُلَامُ فَقَالَ إِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْیَا رَآهَا أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقُلْ لَهُ هَذَا زَمَانُ الذِّئْبِ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَ تَدْرِی لِمَا أَرْسَلْتُ إِلَیْكَ فَقَالَ أَرْسَلْتَ إِلَیَّ تُرِیدُ أَنْ تَسْأَلَنِی عَنْ رُؤْیَا رَأَیْتَهَا أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ زَمَانُ الذِّئْبِ فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَقَبَضَهَا الْغُلَامُ وَ انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ أَبَی أَنْ یَفِیَ لِصَاحِبِهِ وَ قَالَ لَعَلِّی لَا أُنْفِدُ هَذَا الْمَالَ وَ لَا آكُلُهُ حَتَّی أَهْلِكَ وَ لَعَلِّی لَا أَحْتَاجُ وَ لَا أُسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الَّذِی سُئِلْتُ عَنْهُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَی رُؤْیَا فَبَعَثَ إِلَیْهِ یَدْعُوهُ فَنَدِمَ عَلَی مَا صَنَعَ وَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا عِنْدِی عِلْمٌ آتِیهِ بِهِ وَ مَا أَدْرِی كَیْفَ أَصْنَعُ بِصَاحِبِی وَ قَدْ غَدَرْتُ بِهِ وَ لَمْ أَفِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَآتِیَنَّهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَأَعْتَذِرَنَّ إِلَیْهِ وَ لَأَحْلِفَنَّ لَهُ فَلَعَلَّهُ یُخْبِرُنِی فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّی قَدْ صَنَعْتُ

ص: 498


1- فی المصدر: أن یفی له.

الَّذِی صَنَعْتُ وَ لَمْ أَفِ لَكَ بِمَا كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ تَفَرَّقَ مَا كَانَ فِی یَدِی وَ قَدِ احْتَجْتُ إِلَیْكَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَخْذُلَنِی أَنَا أُوثِقُ لَكَ أَنْ لَا یَخْرُجَ لِی شَیْ ءٌ إِلَّا كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ قَدْ بَعَثَ إِلَیَّ الْمَلِكُ وَ لَسْتُ أَدْرِی عَمَّا یَسْأَلُنِی فَقَالَ إِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْیَا رَآهَا أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقُلْ لَهُ إِنَّ هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ فَأَتَی الْمَلِكَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لِمَا بَعَثْتُ إِلَیْكَ فَقَالَ إِنَّكَ رَأَیْتَ رُؤْیَا وَ إِنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تَسْأَلَنِی أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ فَقَبَضَهَا وَ انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ تَدَبَّرَ رَأْیَهُ فِی أَنْ یَفِیَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لَا یَفِیَ (1)فَهَمَّ مَرَّةً أَنْ یَفْعَلَ وَ مَرَّةً أَنْ لَا یَفْعَلَ ثُمَّ قَالَ لَعَلِّی لَا أَحْتَاجُ إِلَیْهِ (2)بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ أَبَداً وَ أَجْمَعَ رَأْیَهُ عَلَی الْغَدْرِ وَ تَرْكِ الْوَفَاءِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَی رُؤْیَا فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَنَدِمَ عَلَی مَا صَنَعَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ صَاحِبِهِ وَ قَالَ بَعْدَ غَدْرٍ مَرَّتَیْنِ (3)كَیْفَ أَصْنَعُ وَ لَیْسَ عِنْدِی عِلْمٌ ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْیَهُ عَلَی إِتْیَانِ الرَّجُلِ فَأَتَاهُ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ سَأَلَهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ یَفِی لَهُ وَ أَوْثَقَ لَهُ وَ قَالَ لَا تَدَعْنِی عَلَی هَذِهِ الْحَالِ فَإِنِّی لَا أَعُودُ إِلَی الْغَدْرِ وَ سَأَفِی لَكَ فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ یَدْعُوكَ یَسْأَلُكَ عَنْ رُؤْیَا رَآهَا أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَإِذَا سَأَلَكَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ زَمَانُ الْمِیزَانِ قَالَ فَأَتَی الْمَلِكَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ بَعَثْتُ إِلَیْكَ فَقَالَ إِنَّكَ رَأَیْتَ رُؤْیَا وَ تُرِیدُ أَنْ تَسْأَلَنِی أَیُّ زَمَانٍ هَذَا فَقَالَ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ زَمَانٍ هَذَا قَالَ هَذَا زَمَانُ الْمِیزَانِ فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ فَقَبَضَهَا وَ انْطَلَقَ بِهَا إِلَی الرَّجُلِ فَوَضَعَهَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ قَالَ قَدْ جِئْتُكَ بِمَا خَرَجَ لِی فَقَاسِمْنِیهِ فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ إِنَّ الزَّمَانَ الْأَوَّلَ كَانَ زَمَانَ الذِّئْبِ وَ إِنَّكَ كُنْتَ مِنَ الذِّئَابِ وَ إِنَّ الزَّمَانَ الثَّانِیَ كَانَ زَمَانَ الْكَبْشِ یَهُمُّ وَ لَا یَفْعَلُ وَ كَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تَهُمُّ وَ لَا تَفِی وَ كَانَ هَذَا زَمَانَ الْمِیزَانِ وَ كُنْتَ فِیهِ عَلَی الْوَفَاءِ فَاقْبِضْ مَالَكَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ وَ رَدَّهُ عَلَیْهِ (4).

ص: 499


1- فی المصدر: أولا یفی له.
2- فی المصدر: لعلی أن لا احتاج إلیه.
3- فی نسخة: بعد غدره مرتین.
4- روضة الكافی: 362 و 363.

بیان: قوله علیه السلام إن لك أصدقاء و إخوانا لعل المقصود من إیراد الحكایة بیان أن هذا الزمان لیس زمان الوفاء بالعهود فإن عرفتك زمان ظهور الأمر فلك أصدقاء و معارف فتحدثهم به فیشیع الخبر بین الناس و ینتهی إلی الفساد و العهد بالكتمان لا ینفع لأنك لا تفی به إذ لم یأت بعد زمان المیزان.

أو المعنی أن لك معارف فانظر إلیهم هل یوافقونك فی أمر أو یفون بعهدك فی شی ء فكیف یظهر الإمام علیه السلام فی مثل هذا الزمان.

أو المراد أنه یمكنك استعلام ذلك فانظر فی حال معارفك و إخوانك فمهما رأیت منهم العزم علی الانقیاد و الطاعة و التسلیم التام لإمامهم فاعلم أنه زمان ظهور القائم عجل اللّٰه تعالی فرجه فإن قیامه مشروط بذلك و أهل كل زمان یكون عامتهم علی حالة واحدة كما یظهر من القصة.

قوله و لكنی أدری لعل علمه كان بإخبار ذلك العالم و كان العالم أخذه من الأنبیاء حیث أخبروا بوحی السماء أن الملك سیری تلك الأحلام و هذه تعبیرها أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم یمكنه استنباط أمثال تلك الأمور به علی أنه یحتمل أن یكون نبیا علم ذلك بالوحی.

«23»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ رَجُلًا فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ عَبَدَ اللَّهَ أَرْبَعِینَ سَنَةً ثُمَّ قَرَّبَ قُرْبَاناً فَلَمْ یُقْبَلْ مِنْهُ فَقَالَ لِنَفْسِهِ وَ مَا أُوتِیتُ إِلَّا مِنْكِ وَ مَا الذَّنْبُ إِلَّا لَكِ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِ ذَمُّكَ لِنَفْسِكَ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَتِكَ أَرْبَعِینَ سَنَةً (1).

«24»-نبه، تنبیه الخاطر بَنَی مَلِكٌ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَدِینَةً فَتَنَوَّقَ (2)فِی بِنَائِهَا ثُمَّ صَنَعَ لِلنَّاسِ طَعَاماً وَ نَصَبَ عَلَی بَابِ الْمَدِینَةِ مَنْ یَسْأَلُ عَنْهَا (3)فَلَمْ یَعِبْهَا إِلَّا ثَلَاثَةٌ عَلَیْهِمُ الْأَكْسِیَةُ

ص: 500


1- أصول الكافی 2: 73.
2- أی تجود فی بنائها.
3- فی المصدر: من یسأل عنها عیبها.

فَإِنَّهُمْ قَالُوا رَأَیْنَا عَیْبَیْنِ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا تَخْرَبُ وَ یَمُوتُ صَاحِبُهَا فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُونَ دَاراً تَسْلَمُ مِنْ هَذَیْنِ الْعَیْبَیْنِ قَالُوا نَعَمْ الْآخِرَةَ فَخَلَّی مُلْكَهُ وَ تَعَبَّدَ مَعَهُمْ زَمَاناً ثُمَّ وَدَّعَهُمْ فَقَالُوا هَلْ رَأَیْتَ مِنَّا مَا تَكْرَهُهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ عَرَفْتُمُونِی فَإِنَّكُمْ تُكْرِمُونِّی (1)فَأَصْحَبُ مَنْ لَا یَعْرِفُنِی (2).

«25»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ یَزِیدَ الْكُنَاسِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِتْیَةً مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانُوا مُتَعَبِّدِینَ وَ كَانَتِ الْعِبَادَةُ فِی أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ إِنَّهُمْ خَرَجُوا یَسِیرُونَ فِی الْبِلَادِ لِیَعْتَبِرُوا فَمَرُّوا بِقَبْرٍ عَلَی ظَهْرِ طَرِیقٍ قَدْ سَفَی عَلَیْهِ السَّافِی لَیْسَ یَتَبَیَّنُ مِنْهُ إِلَّا رَسْمُهُ فَقَالُوا لَوْ دَعَوْنَا اللَّهَ السَّاعَةَ فَیَنْشُرَ لَنَا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ فَسَاءَلْنَاهُ كَیْفَ وَجَدَ طَعْمَ الْمَوْتِ فَدَعَوُا اللَّهَ وَ كَانَ دُعَاؤُهُمُ الَّذِی دَعَوُا اللَّهَ بِهِ أَنْتَ إِلَهُنَا یَا رَبَّنَا لَیْسَ لَنَا إِلَهٌ غَیْرُكَ وَ الْبَدِیعُ الدَّائِمُ غَیْرُ الْغَافِلِ الْحَیُّ الَّذِی لَا یَمُوتُ لَكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ شَأْنٌ تَعْلَمُ كُلَّ شَیْ ءٍ بِغَیْرِ تَعْلِیمٍ انْشُرْ لَنَا هَذَا الْمَیِّتَ بِقُدْرَتِكَ قَالَ فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبْرِ رَجُلٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ یَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُمْ مَا یُوقِفُكُمْ عَلَی قَبْرِی فَقَالُوا دَعَوْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ كَیْفَ وَجَدْتَ طَعْمَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ لَقَدْ سَكَنْتُ (3)فِی قَبْرِی تِسْعاً وَ تِسْعِینَ سَنَةً مَا ذَهَبَ عَنِّی أَلَمُ الْمَوْتِ وَ كَرْبُهُ وَ لَا خَرَجَ مَرَارَةُ طَعْمِ الْمَوْتِ مِنْ حَلْقِی فَقَالُوا لَهُ مِتَّ یَوْمَ مِتَّ وَ أَنْتَ عَلَی مَا نَرَی أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنْ لَمَّا سَمِعْتُ الصَّیْحَةَ اخْرُجْ اجْتَمَعَتْ تُرْبَةُ عِظَامِی إِلَی رُوحِی فَبَقِیتُ فِیهِ فَخَرَجْتُ فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرِی مُهْطِعاً إِلَی صَوْتِ الدَّاعِی (4)فَابْیَضَّ لِذَلِكَ رَأْسِی وَ لِحْیَتِی (5).

«26»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ

ص: 501


1- فی المصدر: فأنتم تكرمونی.
2- تنبیه الخواطر 1: 74.
3- فی نسخة من المصدر: لقد مكثت.
4- أی ناظرا و قد رفعت رأسی إلی الداعی.
5- فروع الكافی 1: 72.

أَسْبَاطٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَ كَانَ لَهُ مُحِبّاً فَأُتِیَ فِی مَنَامِهِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ ابْنَكَ لَیْلَةَ یَدْخُلُ بِأَهْلِهِ یَمُوتُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّیْلَةُ وَ بَنَی عَلَیْهِ أَبُوهُ (1)تَوَقَّعَ أَبُوهُ ذَلِكَ فَأَصْبَحَ ابْنُهُ سَلِیماً فَأَتَاهُ أَبُوهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ هَلْ عَمِلْتَ الْبَارِحَةَ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ قَالَ لَا إِلَّا أَنَّ سَائِلًا أَتَی الْبَابَ وَ قَدْ كَانُوا ادَّخَرُوا لِی طَعَاماً فَأَعْطَیْتُهُ السَّائِلَ فَقَالَ بِهَذَا دُفِعَ عَنْكَ (2).

«27»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَوُلِدَ لَهُ غُلَامٌ وَ قِیلَ لَهُ إِنَّهُ یَمُوتُ لَیْلَةَ عُرْسِهِ فَمَكَثَ الْغُلَامُ فَلَمَّا كَانَ لَیْلَةُ عُرْسِهِ نَظَرَ إِلَی شَیْخٍ كَبِیرٍ ضَعِیفٍ فَرَحِمَهُ الْغُلَامُ فَدَعَاهُ فَأَطْعَمَهُ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ أَحْیَیْتَنِی أَحْیَاكَ اللَّهُ قَالَ فَأَتَاهُ آتٍ فِی النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ سَلِ ابْنَكَ مَا صَنَعَ فَسَأَلَهُ فَخَبَّرَهُ بِصُنْعِهِ قَالَ فَأَتَاهُ الْآتِی مَرَّةً أُخْرَی فِی النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَحْیَا لَكَ ابْنَكَ بِمَا صَنَعَ بِالشَّیْخِ (3).

«28»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حُبَیْشٍ (4)عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ (5)عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَجُلٌ شَیْخٌ نَاسِكٌ یَعْبُدُ اللَّهَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَبَیْنَا هُوَ یُصَلِّی وَ هُوَ فِی عِبَادَتِهِ إِذْ بَصُرَ بِغُلَامَیْنِ صَبِیَّیْنِ قَدْ أَخَذَا دِیكاً وَ هُمَا یَنْتِفَانِ رِیشَهُ فَأَقْبَلَ عَلَی مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَ لَمْ یَنْهَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْأَرْضِ أَنْ سِیخِی

ص: 502


1- أی أدخله علی أهله.
2- فروع الكافی 1: 163 فیه: بهذا دفع اللّٰه عنك.
3- فروع الكافی 1: 163.
4- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: أبو القاسم علیّ بن حبشی، ترجمه الشیخ فی رجاله أیضا هكذا قال: علی بن حبشی بن قونی الكاتب خاصی، روی عنه التلعكبری و سمع منه سنة اثنین و ثلاثین و ثلاثمائة الی وقت وفاته و له منه اجازة. و نقل عن الشیخ ابی علی انه «حبش» بغیر یاء.
5- غندر كقنفذ أو جندب.

بِعَبْدِی فَسَاخَتْ بِهِ الْأَرْضُ فَهُوَ یَهْوِی أَبَدَ الْآبِدِینَ (1)وَ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ (2).

«29»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ أَهْبَطَ مَلَكَیْنِ إِلَی قَرْیَةٍ لِیُهْلِكَهُمْ فَإِذَا هُمَا بِرَجُلٍ تَحْتَ اللَّیْلِ (3)قَائِمٌ یَتَضَرَّعُ إِلَی اللَّهِ وَ یَتَعَبَّدُ قَالَ فَقَالَ أَحَدُ الْمَلَكَیْنِ لِلْآخَرِ إِنِّی أُعَاوِدُ رَبِّی فِی هَذَا الرَّجُلِ وَ قَالَ الْآخَرُ بَلْ تَمْضِی لِمَا أُمِرْتَ وَ لَا تُعَاوِدْ رَبِّی فِیمَا قَدْ أَمَرَ بِهِ قَالَ فَعَاوَدَ الْآخَرُ رَبَّهُ فِی ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الَّذِی لَمْ یُعَاوِدْ رَبَّهُ فِیمَا أَمَرَهُ أَنْ أَهْلِكْهُ مَعَهُمْ فَقَدْ حَلَّ بِهِ مَعَهُمْ سَخَطِی إِنَّ هَذَا لَمْ یَتَمَعَّرْ وَجْهُهُ قَطُّ غَضَباً لِی وَ الْمَلَكُ الَّذِی عَاوَدَ رَبَّهُ فِیمَا أُمِرَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَأُهْبِطَ فِی جَزِیرَةٍ فَهُوَ حَتَّی السَّاعَةِ فِیهَا سَاخِطٌ عَلَیْهِ رَبُّهُ (4).

بیان: تمعر وجهه تغیر.

«30»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ مَلِكٌ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَانَ لَهُ قَاضٍ وَ لِلْقَاضِی أَخٌ وَ كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ وَ لَهُ امْرَأَةٌ قَدْ وَلَدَتْهَا الْأَنْبِیَاءُ فَأَرَادَ الْمَلِكُ أَنْ یَبْعَثَ رَجُلًا فِی حَاجَةٍ فَقَالَ لِلْقَاضِی ابْغِنِی رَجُلًا ثِقَةً فَقَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَوْثَقَ مِنْ أَخِی فَدَعَاهُ لِیَبْعَثَهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَ قَالَ لِأَخِیهِ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أُضَیِّعَ امْرَأَتِی فَعَزَمَ عَلَیْهِ فَلَمْ یَجِدْ بُدّاً مِنَ الْخُرُوجِ فَقَالَ لِأَخِیهِ یَا أَخِی إِنِّی لَسْتُ أُخَلِّفُ شَیْئاً أَهَمَّ عَلَیَّ مِنِ امْرَأَتِی فَاخْلُفْنِی فِیهَا وَ تَوَلَّ قَضَاءَ حَاجَتِهَا قَالَ نَعَمْ فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَ قَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ كَارِهَةً لِخُرُوجِهِ فَكَانَ الْقَاضِی یَأْتِیهَا وَ یَسْأَلُهَا عَنْ حَوَائِجِهَا وَ یَقُومُ لَهَا فَأَعْجَبَتْهُ فَدَعَاهَا إِلَی نَفْسِهِ فَأَبَتْ عَلَیْهِ فَحَلَفَ عَلَیْهَا لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَیُخْبِرَنَّ الْمَلِكَ أَنَّهَا قَدْ فَجَرَتْ (5)فَقَالَتِ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ لَسْتُ أُجِیبُكَ إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا طَلَبْتَ فَأَتَی الْمَلِكَ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَةَ أَخِی قَدْ فَجَرَتْ وَ قَدْ حَقَّ ذَلِكَ عِنْدِی (6)فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ طَهِّرْهَا فَجَاءَ إِلَیْهَا فَقَالَ إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَمَرَنِی

ص: 503


1- فی المصدر: و هوی فی الدردون أبد الآبدین قلت: لم نجد الدردون فی المعاجم و لعله مصحف الدردور: موضع فی البحر یجیش ماؤه فیخاف فیه الغرق.
2- أمالی الطوسیّ: 63.
3- هكذا فی النسخ و فی المصدر.
4- أمالی الطوسیّ: 63. و أخرجه أیضا عن كتاب الحسین بن سعید و الكافی راجع رقم 37.
5- فی المصدر: لئن لم تفعلی لنخبرن الملك أنك قد فجرت.
6- أی قد ثبت ذلك عندی.

بِرَجْمِكِ فَمَا تَقُولِینَ تجیبنی (تُجِیبِینِی) وَ إِلَّا رَجَمْتُكِ فَقَالَتْ لَسْتُ أُجِیبُكَ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَأَخْرَجَهَا فَحَفَرَ لَهَا فَرَجَمَهَا وَ مَعَهُ النَّاسُ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ تَرَكَهَا وَ انْصَرَفَ وَ جَنَّ بِهَا اللَّیْلُ وَ كَانَ بِهَا رَمَقٌ فَتَحَرَّكَتْ فَخَرَجَتْ مِنَ الْحَفِیرَةِ ثُمَّ مَشَتْ عَلَی وَجْهِهَا حَتَّی خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِینَةِ فَانْتَهَتْ إِلَی دَیْرٍ فِیهِ دَیْرَانِیٌّ فَنَامَتْ (1)عَلَی بَابِ الدَّیْرِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الدَّیْرَانِیُّ فَتَحَ الْبَابَ فَرَآهَا فَسَأَلَهَا عَنْ قِصَّتِهَا فَخَبَّرَتْهُ فَرَحِمَهَا فَأَدْخَلَهَا الدَّیْرَ وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ صَغِیرٌ لَمْ یَكُنْ لَهُ غَیْرُهُ (2)وَ كَانَ حَسَنَ الْحَالِ فَدَاوَاهَا حَتَّی بَرَأَتْ مِنْ عِلَّتِهَا وَ انْدَمَلَتْ ثُمَّ دَفَعَ إِلَیْهَا ابْنَهُ فَكَانَتْ تُرَبِّیهِ وَ كَانَ لِلدَّیْرَانِیِّ قَهْرَمَانٌ (3)یَقُومُ بِأَمْرِهِ فَأَعْجَبَتْهُ فَدَعَاهَا إِلَی نَفْسِهِ فَأَبَتْ فَجَهَدَ بِهَا فَأَبَتْ فَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلِی لَأَجْهَدَنَّ فِی قَتْلِكِ فَقَالَتْ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَعَمَدَ إِلَی الصَّبِیِّ فَدَقَّ عُنُقَهُ وَ أَتَی الدَّیْرَانِیَّ (فَقَالَ) عَمَدْتَ إِلَی فَاجِرَةٍ قَدْ فَجَرَتْ فَدَفَعْتَ إِلَیْهَا ابْنَكَ فَقَتَلَتْهُ فَجَاءَ الدَّیْرَانِیُ فَلَمَّا رَآهُ (4)قَالَ لَهَا مَا هَذَا فَقَدْ تَعْلَمِینَ صَنِیعِی بِكِ فَأَخْبَرَتْهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ لَهَا لَیْسَ تَطِیبُ نَفْسِی أَنْ تَكُونِی عِنْدِی فَاخْرُجِی فَأَخْرَجَهَا لَیْلًا وَ دَفَعَ إِلَیْهَا عِشْرِینَ دِرْهَماً وَ قَالَ لَهَا تَزَوَّدِی هَذِهِ اللَّهُ حَسْبُكِ فَخَرَجَتْ لَیْلًا فَأَصْبَحَتْ فِی قَرْیَةٍ فَإِذَا فِیهَا مَصْلُوبٌ عَلَی خَشَبَةٍ وَ هُوَ حَیٌّ فَسَأَلَتْ عَنْ قِصَّتِهِ فَقَالُوا عَلَیْهِ دَیْنٌ عِشْرُونَ دِرْهَماً وَ مَنْ كَانَ عَلَیْهِ دَیْنٌ عِنْدَنَا لِصَاحِبِهِ صُلِبَ حَتَّی یُؤَدِّیَ إِلَی صَاحِبِهِ فَأَخْرَجَتِ الْعِشْرِینَ دِرْهَماً وَ دَفَعَتْهَا إِلَی غَرِیمِهِ وَ قَالَتْ لَا تَقْتُلُوهُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ فَقَالَ لَهَا مَا أَحَدٌ أَعْظَمَ عَلَیَّ مِنَّةً مِنْكِ نَجَّیْتِنِی مِنَ الصَّلْبِ وَ مِنَ الْمَوْتِ فَأَنَا مَعَكِ حَیْثُمَا ذَهَبْتِ فَمَضَی مَعَهَا وَ مَضَتْ حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرَأَی جَمَاعَةً وَ سُفُناً فَقَالَ لَهَا اجْلِسِی حَتَّی أَذْهَبَ أَنَا أَعْمَلُ لَهُمْ وَ أَسْتَطْعِمُ وَ آتِیكِ بِهِ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا فِی سَفِینَتِكُمْ هَذِهِ قَالُوا فِی هَذِهِ تِجَارَاتٌ وَ جَوْهَرٌ وَ عَنْبَرٌ وَ أَشْیَاءُ مِنَ التِّجَارَةِ وَ أَمَّا هَذِهِ فَنَحْنُ فِیهَا قَالَ وَ كَمْ یَبْلُغُ مَا فِی سَفِینَتِكُمْ قَالُوا كَثِیراً لَا نُحْصِیهِ قَالَ فَإِنَ

ص: 504


1- فی المصدر: فباتت.
2- فی المصدر: لم یكن له ابن غیره.
3- القهرمان: الوكیل أو امین الدخل و الخرج.
4- فی المصدر: و أتی الدیرانی فقال: عمدت إلی فاجرة قد فجرت فدفعت إلیها ابنك فقتلته فجاء الدیرانی فلما رآه اه.

مَعِی شَیْئاً هُوَ خَیْرٌ مِمَّا فِی سَفِینَتِكُمْ قَالُوا وَ مَا مَعَكَ قَالَ جَارِیَةٌ لَمْ تَرَوْا مِثْلَهَا قَطُّ قَالُوا فَبِعْنَاهَا قَالَ نَعَمْ عَلَی شَرْطِ أَنْ یَذْهَبَ بَعْضُكُمْ فَیَنْظُرَ إِلَیْهَا ثُمَّ یَجِیئَنِی فَیَشْتَرِیَهَا وَ لَا یُعْلِمَهَا وَ یَدْفَعَ إِلَیَّ الثَّمَنَ وَ لَا یُعْلِمَهَا حَتَّی أَمْضِیَ أَنَا فَقَالُوا ذَلِكَ لَكَ فَبَعَثُوا مَنْ نَظَرَ إِلَیْهَا فَقَالَ مَا رَأَیْتُ مِثْلَهَا قَطُّ فَاشْتَرَوْهَا مِنْهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ دَفَعُوا إِلَیْهِ الدَّرَاهِمَ فَمَضَی بِهَا فَلَمَّا أَمْعَنَ (1)أَتَوْهَا فَقَالُوا لَهَا قُومِی وَ ادْخُلِی السَّفِینَةَ قَالَتْ وَ لِمَ قَالُوا قَدِ اشْتَرَیْنَاكِ مِنْ مَوْلَاكِ قَالَتْ مَا هُوَ بِمَوْلَایَ قَالُوا لَتَقُومِینَ أَوْ لَنَحْمِلَنَّكِ فَقَامَتْ وَ مَضَتْ مَعَهُمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی السَّاحِلِ لَمْ یَأْمَنْ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَیْهَا فَجَعَلُوهَا فِی السَّفِینَةِ الَّتِی فِیهَا الْجَوْهَرُ وَ التِّجَارَةُ وَ رَكِبُوا هُمْ فِی السَّفِینَةِ الْأُخْرَی فَدَفَعُوهَا فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ رِیَاحاً فَغَرَّقَتْهُمْ وَ سَفِینَتَهُمْ وَ نَجَتِ السَّفِینَةُ الَّتِی كَانَتْ فِیهَا حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَ رَبَطَتِ السَّفِینَةَ ثُمَّ دَارَتْ فِی الْجَزِیرَةِ فَإِذَا فِیهَا مَاءٌ وَ شَجَرٌ فِیهِ ثَمَرٌ فَقَالَتْ هَذَا مَاءٌ أَشْرَبُ مِنْهُ وَ ثَمَرٌ آكُلُ مِنْهُ أَعْبُدُ اللَّهَ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَأْتِیَ ذَلِكَ الْمَلِكَ فَیَقُولَ إِنَّ فِی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ خَلْقاً مِنْ خَلْقِی فَاخْرُجْ أَنْتَ وَ مَنْ فِی مَمْلَكَتِكَ حَتَّی تَأْتُوا خَلْقِی هَذَا فَتُقِرُّوا لَهُ بِذُنُوبِكُمْ ثُمَّ تَسْأَلُوا ذَلِكَ الْخَلْقَ أَنْ یَغْفِرَ لَكُمْ فَإِنْ غَفَرَ لَكُمْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَخَرَجَ الْمَلِكُ بِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ فَرَأَوُا امْرَأَةً فَتَقَدَّمَ إِلَیْهَا الْمَلِكُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ قَاضِیَّ هَذَا أَتَانِی فَخَبَّرَنِی أَنَّ امْرَأَةَ أَخِیهِ فَجَرَتْ فَأَمَرْتُهُ بِرَجْمِهَا وَ لَمْ یُقِمْ عِنْدِیَ الْبَیِّنَةَ (2)فَأَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَقَدَّمْتُ عَلَی مَا لَا یَحِلُّ لِی فَأُحِبُّ أَنْ تَسْتَغْفِرِی لِی فَقَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ ثُمَّ أَتَی زَوْجُهَا وَ لَا یَعْرِفُهَا فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ لِیَ امْرَأَةٌ وَ كَانَ مِنْ فَضْلِهَا وَ صَلَاحِهَا وَ إِنِّی خَرَجْتُ عَنْهَا وَ هِیَ كَارِهَةٌ لِذَلِكِ فَاسْتَخْلَفْتُ أَخِی عَلَیْهَا فَلَمَّا رَجَعْتُ سَأَلْتُ عَنْهَا فَأَخْبَرَنِی أَخِی أَنَّهَا فَجَرَتْ فَرَجَمَهَا وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ ضَیَّعْتُهَا فَاسْتَغْفِرِی لِی فَقَالَتْ

ص: 505


1- أی ابعد.
2- فی نسخة: و لم تقم عندی البینة.

غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ فَأَجْلَسَتْهُ إِلَی جَنْبِ الْمَلِكِ ثُمَّ أَتَی الْقَاضِی فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ لِأَخِی امْرَأَةٌ وَ إِنَّهَا أَعْجَبَتْنِی فَدَعَوْتُهَا إِلَی الْفُجُورِ فَأَبَتْ فَأَعْلَمْتُ الْمَلِكَ أَنَّهَا قَدْ فَجَرَتْ وَ أَمَرَنِی بِرَجْمِهَا فَرَجَمْتُهَا وَ أَنَا كَاذِبٌ عَلَیْهَا فَاسْتَغْفِرِی لِی قَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَی زَوْجِهَا فَقَالَتْ اسْمَعْ ثُمَّ تَقَدَّمَ الدَّیْرَانِیُّ فَقَصَّ قِصَّتَهُ وَ قَالَ أَخْرَجْتُهَا بِاللَّیْلِ وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ لَقِیَهَا سَبُعٌ فَقَتَلَهَا فَقَالَتْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اجْلِسْ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْقَهْرَمَانُ فَقَصَّ قِصَّتَهُ فَقَالَتْ لِلدَّیْرَانِیِّ اسْمَعْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْمَصْلُوبُ فَقَصَّ قِصَّتَهُ فَقَالَتْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَی زَوْجِهَا فَقَالَتْ أَنَا امْرَأَتُكَ وَ كُلُّ مَا سَمِعْتَ فَإِنَّمَا هُوَ قِصَّتِی وَ لَیْسَتْ لِی حَاجَةٌ فِی الرِّجَالِ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ السَّفِینَةَ وَ مَا فِیهَا وَ تُخَلِّیَ سَبِیلِی فَأَعْبُدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی هَذِهِ الْجَزِیرَةِ فَقَدْ تَرَی مَا لَقِیتُ مِنَ الرِّجَالِ فَفَعَلَ وَ أَخَذَ السَّفِینَةَ وَ مَا فِیهَا وَ خَلَّی سَبِیلَهَا وَ انْصَرَفَ الْمَلِكُ وَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ (1).

«31»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فُلَانٌ مِنْ عِبَادَتِهِ وَ دِینِهِ وَ فَضْلِهِ كَذَا فَقَالَ كَیْفَ عَقْلُهُ قُلْتُ لَا أَدْرِی فَقَالَ إِنَّ الثَّوَابَ عَلَی قَدْرِ الْعَقْلِ إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ یَعْبُدُ اللَّهَ فِی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ خَضْرَاءَ نَضِرَةٍ كَثِیرَةِ الشَّجَرِ طَاهِرَةِ الْمَاءِ (2)وَ إِنَّ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَرَّ بِهِ فَقَالَ یَا رَبِّ أَرِنِی ثَوَابَ عَبْدِكَ هَذَا فَأَرَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ فَاسْتَقَلَّهُ الْمَلَكُ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اصْحَبْهُ فَأَتَاهُ الْمَلَكُ فِی صُورَةِ إِنْسِیٍّ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ عَابِدٌ بَلَغَنِی مَكَانُكَ وَ عِبَادَتُكَ فِی هَذَا الْمَكَانِ فَأَتَیْتُكَ لِأَعْبُدَ اللَّهَ مَعَكَ فَكَانَ مَعَهُ یَوْمَهُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنَّ مَكَانَكَ لَنَزِهٌ وَ مَا یَصْلُحُ إِلَّا لِلْعِبَادَةِ (3)فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ إِنَّ لِمَكَانِنَا هَذَا عَیْباً فَقَالَ لَهُ وَ مَا هُوَ قَالَ لَیْسَ لِرَبِّنَا

ص: 506


1- فروع الكافی 2: 74- 76.
2- فی المطبوع: ظاهرة الماء.
3- فی نسخة: و لا یصلح الا للعبادة.

بَهِیمَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ رَعَیْنَاهُ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ هَذَا الْحَشِیشَ یَضِیعُ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ وَ مَا لِرَبِّكَ حِمَارٌ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ مَا كَانَ یَضِیعُ مِثْلُ هَذَا الْحَشِیشِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْمَلَكِ إِنَّمَا أُثِیبُهُ عَلَی قَدْرِ عَقْلِهِ (1).

«32»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ إِنَّ رَجُلًا رَكِبَ الْبَحْرَ بِأَهْلِهِ فَكُسِرَ بِهِمْ فَلَمْ یَنْجُ مِمَّنْ كَانَ فِی السَّفِینَةِ إِلَّا امْرَأَةُ الرَّجُلِ فَإِنَّهَا نَجَتْ عَلَی لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِینَةِ حَتَّی أَلْجَأَتْ إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَ كَانَ فِی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ رَجُلٌ یَقْطَعُ الطَّرِیقَ وَ لَمْ یَدَعْ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا فَلَمْ یَعْلَمْ إِلَّا وَ الْمَرْأَةُ قَائِمَةٌ عَلَی رَأْسِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیْهَا فَقَالَ إِنْسِیَّةٌ أَمْ جِنِّیَّةٌ فَقَالَتْ إِنْسِیَّةٌ فَلَمْ یُكَلِّمْهَا كَلِمَةً حَتَّی جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمَّا أَنْ هَمَّ بِهَا اضْطَرَبَتْ فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ تَضْطَرِبِینَ فَقَالَتْ أَفْرَقُ مِنْ هَذَا (2)وَ أَوْمَأَتْ بِیَدِهَا إِلَی السَّمَاءِ قَالَ فَصَنَعْتِ مِنْ هَذَا شَیْئاً قَالَتْ لَا وَ عِزَّتِهِ قَالَ فَأَنْتِ تَفْرَقِینَ مِنْهُ هَذَا الْفَرَقَ وَ لَمْ تَصْنَعِی مِنْ هَذَا شَیْئاً وَ إِنَّمَا اسْتَكْرَهْتُكِ اسْتِكْرَاهاً فَأَنَا وَ اللَّهِ أَوْلَی بِهَذَا الْفَرَقِ وَ الْخَوْفِ وَ أَحَقُّ مِنْكِ قَالَ فَقَامَ وَ لَمْ یُحْدِثْ شَیْئاً وَ رَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ وَ لَیْسَ لَهُ هِمَّةٌ (3)إِلَّا التَّوْبَةُ وَ الْمُرَاجَعَةُ فَبَیْنَمَا هُوَ یَمْشِی إِذْ صَادَفَهُ رَاهِبٌ یَمْشِی فِی الطَّرِیقِ فَحَمِیَتْ عَلَیْهِمَا الشَّمْسُ فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلشَّابِّ ادْعُ اللَّهَ یُظِلَّنَا بِغَمَامَةٍ فَقَدْ حَمِیَتْ عَلَیْنَا الشَّمْسُ فَقَالَ الشَّابُّ مَا أَعْلَمُ أَنَّ لِی عِنْدَ رَبِّی حَسَنَةً فَأَتَجَاسَرَ عَلَی أَنْ أَسْأَلَهُ شَیْئاً قَالَ فَأَدْعُو أَنَا وَ تُؤَمِّنُ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ یَدْعُو وَ الشَّابُّ یُؤَمِّنُ (4)فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ أَظَلَّتْهُمَا غَمَامَةٌ فَمَشَیَا تَحْتَهَا مَلِیّاً (5)مِنَ

ص: 507


1- أصول الكافی 1: 12. أخرج المصنّف الحدیث فی كتاب العقل و الجهل عن الأمالی، و تقدم هناك بیان الحدیث راجع 1: 84.
2- أی أخاف منه.
3- فی المصدر: و لیست له همة الا التوبة و المراجعة، فبینا هو یمشی.
4- أمن الرجل: قال آمین.
5- الملی: الطویل من الزمان.

النَّهَارِ ثُمَّ انْفَرَجَتِ (1)الْجَادَّةُ جَادَّتَیْنِ فَأَخَذَ الشَّابُّ فِی وَاحِدَةٍ وَ أَخَذَ الرَّاهِبُ فِی وَاحِدَةٍ فَإِذَا السَّحَابُ (2)مَعَ الشَّابِّ فَقَالَ الرَّاهِبُ أَنْتَ خَیْرٌ مِنِّی لَكَ اسْتُجِیبَ وَ لَمْ یُسْتَجَبْ لِی فَخَبِّرْنِی (3)مَا قِصَّتُكَ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَی حَیْثُ دَخَلَكَ الْخَوْفُ فَانْظُرْ كَیْفَ تَكُونُ فِیمَا تَسْتَقْبِلُ (4).

«33»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ (5)عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَعَبَّدَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یُعَدَّ عَابِداً حَتَّی یَصْمُتَ قَبْلَ ذَلِكَ عَشْرَ سِنِینَ (6).

«34»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ (7)عَنْ أَبِی عُمَارَةَ قَالَ: رُوِّینَا أَنَّ عَابِدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا بَلَغَ الْغَایَةَ فِی الْعِبَادَةِ صَارَ مَشَّاءً فِی حَوَائِجِ النَّاسِ عانبا (عَانِیاً) بِمَا یُصْلِحُهُمْ (8).

«35»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: أَبْطَأْتُ عَنِ الْحَجِّ فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَطَّأَ بِكَ (9)عَنِ الْحَجِّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَكَفَّلْتُ بِرَجُلٍ فَخَفَرَنِی (10)فَقَالَ مَا لَكَ وَ الْكَفَالاتِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا أَهْلَكَتِ الْقُرُونَ الْأُولَی

ص: 508


1- فی نسخة: ثم انفرقت. و فی المصدر: ثم تفرقت.
2- فی المصدر: السحابة.
3- فی المصدر: أخبرنی.
4- أصول الكافی 2: 69 و 70.
5- فی المصدر: أحمد بن محمّد بن أبی نصر، عن محمّد بن عبید اللّٰه قال: سمعت الرضا علیه السلام یقول: لا یكون الرجل عابدا حتّی یكون حلیما، و ان الرجل اه.
6- أصول الكافی 2: 111.
7- فی المصدر: عن أبیه، عن بعض أصحابه، عن أبی عمارة قال: كان حماد بن أبی حنیفة إذا لقینی قال: كرر علی حدیثك فاحدثه قلت: روینا إه. قوله: عانیا من عنی بالامر: اشتغل و اهتم به و أصابه مشقة بسببه، فهو عان.
8- أصول الكافی: 2: 199.
9- فی نسخة من المصدر: ما أبطأ بك؟.
10- خفر فلانا: نقض عهده و غدر به.

ثُمَّ قَالَ إِنَّ قَوْماً أَذْنَبُوا ذُنُوباً كَثِیرَةً فَأَشْفَقُوا مِنْهَا وَ خَافُوا خَوْفاً شَدِیداً فَجَاءَ آخَرُونَ فَقَالُوا ذُنُوبُكُمْ عَلَیْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَافُونِی وَ اجْتَرَأْتُمْ عَلَیَّ (1).

«36»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، رُوِیَ أَنَّ عَابِداً فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ سَأَلَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ یَا رَبِّ مَا حَالِی عِنْدَكَ أَ خَیْرٌ فَأَزْدَادَ فِی خَیْرِی أَوْ شَرٌّ فَأَسْتَعْتِبَ (2)قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ لَیْسَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ قَالَ یَا رَبِّ وَ أَیْنَ عَمَلِی قَالَ كُنْتَ إِذَا عَمِلْتَ خَیْراً أَخْبَرْتَ النَّاسَ بِهِ فَلَیْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا الَّذِی رَضِیتَ بِهِ لِنَفْسِكَ قَالَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِ وَ أَحْزَنَهُ قَالَ فَكَرَّرَ اللَّهُ إِلَیْهِ الرَّسُولَ فَقَالَ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَمِنَ الْآنَ فَاشْتَرِ مِنِّی نَفْسَكَ فِیمَا تَسْتَقْبِلُ بِصَدَقَةٍ تُخْرِجُهَا عَنْ كُلِّ عِرْقٍ كُلَّ یَوْمٍ صَدَقَةً قَالَ یَا رَبِّ أَ وَ یُطِیقُ هَذَا أَحَدٌ فَقَالَ تَعَالَی لَسْتُ أُكَلِّفُكَ إِلَّا مَا تُطِیقُ قَالَ فَمَا ذَا یَا رَبِّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تَقُولُ هَذَا كُلَّ یَوْمٍ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَ سِتِّینَ مَرَّةً یَكُونُ كُلُّ كَلِمَةٍ صَدَقَةً عَنْ كُلِّ عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِكَ قَالَ فَلَمَّا رَأَی بِشَارَةَ ذَلِكَ قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ إِنْ زِدْتَ زِدْتُكَ (3).

«37»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مَلَكَیْنِ إِلَی أَهْلِ مَدِینَةٍ لِیَقْلِبَاهَا عَلَی أَهْلِهَا فَلَمَّا انْتَهَیَا إِلَی الْمَدِینَةِ وَجَدَا رَجُلًا یَدْعُو اللَّهَ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَ مَا تَرَی هَذَا الدَّاعِیَ فَقَالَ قَدْ رَأَیْتُهُ وَ لَكِنْ أَمْضِی لِمَا أَمَرَنِی بِهِ رَبِّی فَقَالَ وَ لَكِنِّی لَا أُحْدِثُ شَیْئاً حَتَّی أَرْجِعَ إِلَی رَبِّی (4)فَعَادَ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ یَا رَبِّ إِنِّی انْتَهَیْتُ إِلَی الْمَدِینَةِ فَوَجَدْتُ عَبْدَكَ فُلَاناً یَدْعُوكَ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْكَ فَقَالَ امْضِ لِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ یَتَمَعَّرْ (5)وَجْهُهُ غَضَباً لِی قَطُّ (6).

ص: 509


1- فروع الكافی 1: 356.
2- أی فاسترضاك و أطلب منك العتبی.
3- دعوات الراوندیّ مخطوط.
4- فی الكافی: لا و لكن لا احدث شیئا حتّی اراجع ربی.
5- فی نسخة: لم یتغیر.
6- مخطوط. و قد أخرجه عن الأمالی قبل ذلك راجع رقم 29.

كا، الكافی محمد بن یحیی عن الحسین بن إسحاق عن علی بن مهزیار عن النضر مثله (1).

«38»-ختص، الإختصاص الصَّدُوقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَمِیلِ الْغَنَوِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ النَّبِیِّینَ لَهُ ثَرْوَةٌ مِنْ مَالٍ وَ كَانَ یُنْفِقُ عَلَی أَهْلِ الضَّعْفِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ أَهْلِ الْحَاجَةِ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ فِی مَالِهِ كَقِیَامِهِ فَلَمْ یَلْبَثِ الْمَالُ أَنْ نَفِدَ وَ نَشَأَ لَهُ ابْنٌ فَلَمْ یَمُرَّ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا تَرَحَّمَ عَلَی أَبِیهِ وَ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یَخِیرَهُ (2)فَجَاءَ إِلَی أُمِّهِ فَقَالَ مَا كَانَ حَالُ أَبِی فَإِنِّی لَا أَمُرُّ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا تَرَحَّمَ عَلَیْهِ وَ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یَخِیرَنِی فَقَالَتْ إِنَّ أَبَاكَ كَانَ رَجُلًا صَالِحاً وَ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِیرٌ فَكَانَ یُنْفِقُ عَلَی أَهْلِ الضَّعْفِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ أَهْلِ الْحَاجَةِ فَلَمَّا أَنْ مَاتَ قُمْتُ فِی مَالِهِ كَقِیَامِهِ فَلَمْ یَلْبَثِ الْمَالُ أَنْ نَفِدَ قَالَ لَهَا یَا أُمَّهْ إِنَّ أَبِی كَانَ مَأْجُوراً فِیمَا یُنْفِقُ وَ كُنْتِ آثِمَةً قَالَتْ وَ لِمَ یَا بُنَیَّ فَقَالَ كَانَ أَبِی یُنْفِقُ مَالَهُ وَ كُنْتِ تُنْفِقِینَ مَالَ غَیْرِكِ قَالَتْ صَدَقْتَ یَا بُنَیَّ وَ مَا أَرَاكَ تُضَیِّقُ عَلَیَّ قَالَ أَنْتِ فِی حِلٍّ وَ سَعَةٍ فَهَلْ عِنْدَكِ شَیْ ءٌ نَلْتَمِسُ بِهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَتْ عِنْدِی مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا أَرَادَ أَنْ یُبَارِكَ فِی شَیْ ءٍ بَارَكَ (3)فَأَعْطَتْهُ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا ثُمَّ خَرَجَ یَلْتَمِسُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مَیِّتٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ مِنْ أَحْسَنِ مَا یَكُونُ هَیْئَةً فَقَالَ أُرِیدُ تِجَارَةً بَعْدَ هَذَا أَنْ آخُذَهُ (4)وَ أُغَسِّلَهُ وَ أُكَفِّنَهُ وَ أُصَلِّیَ عَلَیْهِ وَ أَقْبِرَهُ فَفَعَلَ فَأَنْفَقَ عَلَیْهِ ثَمَانِینَ دِرْهَماً وَ بَقِیَتْ مَعَهُ عِشْرُونَ دِرْهَماً فَخَرَجَ عَلَی وَجْهِهِ یَلْتَمِسُ بِهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ (5)فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدُ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أُرِیدُ أَلْتَمِسُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَ وَ مَا مَعَكَ شَیْ ءٌ تَلْتَمِسُ (6)مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ مَعِی عِشْرُونَ

ص: 510


1- فروع الكافی 1: 343، و فیه «غیظا» مكان «غضبا».
2- أی یجعل الابن ذا خیر.
3- فی المصدر: بارك فیه.
4- فی المصدر: أنا آخذه.
5- فی المصدر: شخص.
6- فی نسخة: تلمس به.

دِرْهَماً قَالَ وَ أَیْنَ یَقَعُ مِنْكَ عِشْرُونَ دِرْهَماً قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا أَرَادَ أَنْ یُبَارِكَ، فِی شَیْ ءٍ بَارَكَ فِیهِ قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ فَأُرْشِدُكَ وَ تُشْرِكُنِی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الدَّارِ یُضِیفُونَكَ فَاسْتَضِفْهُمْ فَإِنَّهُ كُلَّمَا جَاءَكَ الْخَادِمُ مَعَهُ هِرٌّ أَسْوَدُ فَقُلْ لَهُ تَبِیعُ هَذَا الْهِرَّ وَ أَلِحَّ عَلَیْهِ فَإِنَّكَ سَتُضْجِرُهُ فَیَقُولُ أَبِیعُكَهُ بِعِشْرِینَ دِرْهَماً فَإِذَا بَاعَكَهُ فَأَعْطِهِ الْعِشْرِینَ دِرْهَماً وَ خُذْهُ فَاذْبَحْهُ وَ خُذْ رَأْسَهُ فَأَحْرِقْهُ ثُمَّ خُذْ دِمَاغَهُ ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَی مَدِینَةِ كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَلِكَهُمْ أَعْمَی فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ تُعَالِجُهُ وَ لَا یُرْهِبَنَّكَ مَا تَرَی مِنَ الْقَتْلَی وَ الْمُصَلَّبِینَ فَإِنَّ أُولَئِكَ كَانَ یَخْتَبِرُهُمْ عَلَی عِلَاجِهِ فَإِذَا لَمْ یَرَ شَیْئاً قَتَلَهُمْ فَلَا یَهُولَنَّكَ وَ أَخْبِرْ بِأَنَّكَ تُعَالِجُهُ وَ اشْتَرِطْ عَلَیْهِ فَعَالِجْهُ وَ لَا تَزِدْهُ أَوَّلَ یَوْمٍ مِنْ كَحْلَةٍ فَإِنَّهُ سَیَقُولُ لَكَ زِدْنِی فَلَا تَفْعَلْ ثُمَّ اكْحُلْهُ مِنَ الْغَدِ أُخْرَی فَإِنَّكَ سَتَرَی مَا تُحِبُّ فَیَقُولُ لَكَ زِدْنِی فَلَا تَفْعَلْ فَلَمَّا أَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَرِئَ (1)فَقَالَ أَفَدْتَنِی مِلْكِی وَ رَدَدْتَهُ عَلَیَّ وَ قَدْ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِی (2)قَالَ إِنَّ لِی أُمّاً قَالَ فَأَقِمْ مَعِی مَا بَدَا لَكَ فَإِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ فَاخْرُجْ قَالَ فَأَقَامَ فِی مُلْكِهِ سَنَةً یُدَبِّرُهُ بِأَحْسَنِ تَدْبِیرٍ وَ أَحْسَنِ سِیرَةٍ فَلَمَّا أَنْ حَالَ عَلَیْهِ الْحَوْلُ قَالَ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ الِانْصِرَافَ فَلَمْ یَدَعْ شَیْئاً إِلَّا زَوَّدَهُ مِنْ كُرَاعٍ وَ غَنَمٍ (3)وَ آنِیَةٍ وَ مَتَاعٍ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی رَأَی فِیهِ الرَّجُلَ فَإِذَا الرَّجُلُ قَاعِدٌ عَلَی حَالِهِ فَقَالَ مَا وَفَیْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَاجْعَلْنِی فِی حِلٍّ مِمَّا مَضَی قَالَ ثُمَّ جَمَعَ الْأَشْیَاءَ فَفَرَّقَهَا فِرْقَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ تَخَیَّرْ فَتَخَیَّرَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفَیْتُ قَالَ لَا قَالَ وَ لِمَ قَالَ الْمَرْأَةُ مِمَّا أَصَبْتَ قَالَ صَدَقْتَ فَخُذْ مَا فِی یَدِی لَكَ مَكَانَ الْمَرْأَةِ قَالَ وَ لَا آخُذُ (4)مَا لَیْسَ لِی وَ لَا أَتَكَثَّرُ بِهِ قَالَ فَوَضَعَ عَلَی رَأْسِهَا الْمِنْشَارَ

ص: 511


1- هنا حذف و اختصار تقدیره: فمضی الرجل و عالجه فلما أن فعل ذلك بری ء اه.
2- لا یخلو الموضع عن سقط.
3- فی المصدر: من كراع و إبل و غنم.
4- فی المصدر: لا و لا آخذ.

ثُمَّ قَالَ اخْتَرْ (1)فَقَالَ قَدْ وَفَیْتَ وَ كُلُّ مَا مَعَكَ وَ كُلُّ مَا جِئْتَ بِهِ فَهُوَ لَكَ وَ إِنَّمَا بَعَثَنِیَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِأُكَافِیَكَ عَنِ الْمَیِّتِ الَّذِی كَانَ عَلَی الطَّرِیقِ فَهَذَا مُكَافَاتُكَ عَلَیْهِ (2).

«39»-كَنْزُ الْفَوَائِدِ، لِلْكَرَاجُكِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ (3)قَالَ: أَصَابَ بَعْضُ عُمَّالِ مُعَاوِیَةَ مَحْفَراً بِمِصْرَ احْتَفَرَهُ بَعْضُ أَهْلِهَا لِحَاجَتِهِمْ فَأَفْضَی بِهِمْ ذَلِكَ إِلَی مِخْضَبٍ (4)عَظِیمٍ مُطْبَقٍ فَظَنُّوهُ مَالًا فَبَعَثَ الْعَامِلُ إِلَیْهِ أُمَنَاءَهُ لِیَحْفِرُوا مَا فِیهِ فَلَمَّا فَتَحُوهُ أَصَابُوا شَابّاً عَلَیْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَ كِسَاءُ صُوفٍ وَ خُفٌّ إِلَی نِصْفِ سَاقِهِ وَ أَصَابُوا عِنْدَ رَأْسِهِ كِتَاباً بِالْعِبْرَانِیَةِ فِیهِ أَنَا حَبِیبُ بْنُ نَاجِزٍ (5)صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام مَنْ أَرَادَ أَنْ یَأْخُذَ بِالنَّامُوسِ الْأَكْبَرِ فَلْیُخَالِفْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَإِنَّهُمْ قَدْ تؤاكلوا (تَوَاكَلُوا) الْحُكْمَ وَ عَمِلُوا بِالْهَوَی وَ بَاعُوا الرِّضَا وَ تَرَكُوا الْمِنْهَاجَ الَّذِی أُخِذَ عَلَیْهِ مِیثَاقُهُمْ (6).

ص: 512


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر «أجذ» و هو الاصوب، أی اقطعها و انصفها؟ قال: لا قد وفیت.
2- الاختصاص: 214- 216. و الحدیث موقوف غیر خال عن التشویش، و فی بعض مضمونه غرابة.
3- فی نسخة: عبد اللّٰه بن وهب، و عبد اللّٰه بن موهب هو أبو خالد قاضی فلسطین لعمر بن عبد العزیز.
4- المخضب: وعاء لغسل الثیاب أو خضبها.
5- فی المصدر: حبیب بن نویاجر.
6- كنز الكراجكیّ: 180

باب 33 بعض أحوال ملوك الأرض

الآیات؛

الدخان: «أَ هُمْ خَیْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِینَ»(37)

ق: «وَ أَصْحابُ الْأَیْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِیدِ»(14)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: أَ هُمْ خَیْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ أی أ مشركو قریش أظهر نعمة و أكثر أموالا و أعز فی القوة و القدرة أم قوم تبع الحمیری الذی سار بالجیوش حتی حیز الحیرة ثم أتی سمرقند فهدمها ثم بناها و كان إذا كتب كتب باسم الذی ملك برا و بحرا و ضحا و ریحا عن قتادة و سمی تبعا لكثرة أتباعه من الناس و قیل سمی تبعا لأنه تبع من قبله من ملوك الیمن و التبابعة اسم ملوك الیمن فتبع لقب له كما یقال خاقان لملك الترك و قیصر لملك الروم و اسمه أسعد أبو كرب.

وَ رَوَی سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسُبُّوا تُبَّعاً فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ.

و قال كعب نعم الرجل الصالح ذم اللّٰه قومه و لم یذمه.

وَ رَوَی الْوَلِیدُ بْنُ صَبِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ تُبَّعاً قَالَ لِلْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ كُونُوا هَاهُنَا حَتَّی یَخْرُجَ هَذَا النَّبِیُّ أَمَا أَنَا لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ وَ خَرَجْتُ مَعَهُ (1)

«1»- ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمَ سُمِّیَ تُبَّعٌ تُبَّعاً فَقَالَ لِأَنَّهُ كَانَ غُلَاماً كَاتِباً وَ كَانَ یَكْتُبُ لِمَلِكٍ كَانَ قَبْلَهُ فَكَانَ إِذَا كَتَبَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَ ضِحّاً وَ رِیحاً (2)فَقَالَ الْمَلِكُ اكْتُبْ وَ ابْدَأْ بِاسْمِ مَلِكِ الرَّعْدِ فَقَالَ لَا أَبْدَأُ إِلَّا بِاسْمِ

ص: 513


1- مجمع البیان 9: 66.
2- ضحا و ریحا فی أكثر النسخ «صبحا» و هو تصحیف، قال الجوهریّ: قولهم: جاء فلان بالضح و الریح أی بما طلعت علیه الشمس و ما جرت علیه الریح یعنی من الكثرة، و العامّة تقول: بالضیح و الریح؛ و لیس بشی ء. منه رحمه اللّٰه.

إِلَهِی ثُمَّ أَعْطِفُ عَلَی حَاجَتِكَ فَشَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ فَأَعْطَاهُ مُلْكَ ذَلِكَ الْمَلِكِ فَتَابَعَهُ النَّاسُ عَلَی ذَلِكَ فَسُمِّیَ تُبَّعاً (1).

«2»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی و یُرْوَی أَنَّ عُبَیْدَ بْنَ الْأَبْرَصِ الْأَسَدِیَّ قَالَ لِلْمُنْذِرِ بْنِ مَاءِ السَّحَابِ (2)حِینَ حیره (3)(خَیَّرَهُ) وَ أَرَادَ قَتْلَهُ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْأَكْحَلِ وَ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْأَبْجَلِ وَ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْوَرِیدِ فَقَالَ أَبَیْتَ اللَّعْنَ ثَلَاثُ خِصَالٍ كَسَحَائِبِ عَادٍ وَ لَا خَیْرَ فِیهَا لِمُرْتَادٍ.

بیان: الأكحل هو عرق الحیاة أو عرق فی الید و الأبجل عرق غلیظ فی الرجل أو فی الید بإزاء الأكحل و الوریدان عرقان فی العنق و قال الجزری فی قوله أبیت اللعن كان هذا فی تحایا الملوك فی الجاهلیة و الدعاء لهم و معناه أبیت أن تفعل فعلا تلعن بسببه و تذم.

«3»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا یُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ فِی مُلُوكِ فَارِسَ مَلِكٌ یُقَالُ لَهُ روذین جَبَّارٌ عَنِیدٌ عَاتٍ فَلَمَّا اشْتَدَّ فِی مُلْكِهِ فَسَادُهُ فِی الْأَرْضِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالصُّدَاعِ فِی شِقِّ رَأْسِهِ الْأَیْمَنِ حَتَّی مَنَعَهُ مِنَ المَطْعَمِ وَ الْمَشْرَبِ فَاسْتَغَاثَ وَ ذَلَّ وَ دَعَا وُزَرَاءَهُ فَشَكَا إِلَیْهِمْ ذَلِكَ فَأَسْقَوْهُ الْأَدْوِیَةَ وَ أَیِسَ مِنْ سُكُونِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَی روذین عَبْدِیَ الْجَبَّارِ فِی هَیْئَةِ الْأَطِبَّاءِ وَ ابْتَدِئْهُ بِالتَّعْظِیمِ لَهُ وَ الرِّفْقِ بِهِ وَ مَنِّهِ (4)سُرْعَةَ الشِّفَاءِ بِلَا دَوَاءٍ تَسْقِیهِ وَ لَا كَیٍّ تَكْوِیهِ فَإِذَا رَأَیْتَهُ قَدْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَیْكَ فَقُلْ إِنَّ شِفَاءَ دَائِكَ فِی دَمِ صَبِیٍّ رَضِیعٍ بَیْنَ أَبَوَیْهِ یَذْبَحَانِهِ لَكَ طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ فَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ ثَلَاثَ قَطَرَاتٍ فَتَسْعَطُ بِهِ فِی مَنْخِرِكَ الْأَیْمَنِ تَبْرَأُ مِنْ سَاعَتِكَ فَفَعَلَ النَّبِیُ

ص: 514


1- علل الشرائع: 191، عیون الأخبار: 136.
2- هكذا فی النسخ، و الصحیح: ماء السماء و هو اسم أم المنذر سمیت بذلك لحسنها و جمالها. راجع مروج الذهب 2: 98 و غیره من التواریخ فی ملوك الحیرة.
3- حیره: أوقعه فی الحیرة. المرتاد: الطالب.
4- من منی الرجل الشی ء: جعله یتمناه.

ذَلِكَ فَقَالَ الْمَلِكُ مَا أَعْرِفُ فِی النَّاسِ هَذَا قَالَ إِنْ بَذَلْتَ الْعَطِیَّةَ وَجَدْتَ الْبُغْیَةَ (1)قَالَ فَبَعَثَ الْمَلِكُ بِالرُّسُلِ فِی ذَلِكَ فَوَجَدُوا جَنِیناً بَیْنَ أَبَوَیْهِ مُحْتَاجَیْنِ فَأَرْغَبَهُمَا فِی الْعَطِیَّةِ فَانْطَلَقَا بِالصَّبِیِّ إِلَی الْمَلِكِ فَدَعَا بِطَاسٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ شَفْرَةٍ وَ قَالَ لِأُمِّهِ أَمْسِكِی ابْنَكِ فِی حَجْرِكِ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الصَّبِیَّ وَ قَالَ أَیُّهَا الْمَلِكُ كُفَّهُمَا عَنْ ذَبْحِی فَبِئْسَ الْوَالِدَانِ هُمَا أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ الصَّبِیَّ الضَّعِیفَ إِذَا ضِیمَ (2)كَانَ أَبَوَاهُ یَدْفَعَانِ عَنْهُ وَ إِنَّ أَبَوَیَّ ظَلَمَانِی فَإِیَّاكَ أَنْ تُعِینَهُمَا عَلَی ظُلْمِی فَفَزِعَ الْمَلِكُ فَزَعاً شَدِیداً أَذْهَبَ عَنْهُ الدَّاءَ وَ نَامَ روذین فِی تِلْكَ الْحَالَةِ فَرَأَی فِی النَّوْمِ مَنْ یَقُولُ لَهُ إِنَّ الْإِلَهَ الْأَعْظَمَ أَنْطَقَ الصَّبِیَّ وَ مَنَعَكَ وَ مَنَعَ أَبَوَیْهِ مِنْ ذَبْحِهِ وَ هُوَ ابْتَلَاكَ بِالشَّقِیقَةِ لِنَزْعِكَ مِنْ سُوءِ السِّیرَةِ فِی الْبِلَادِ وَ هُوَ الَّذِی رَدَّكَ إِلَی الصِّحَّةِ وَ وَعَظَكَ بِمَا أَسْمَعَكَ فَانْتَبَهَ وَ لَمْ یَجِدْ وَجَعاً وَ عَلِمَ أَنَّ كُلَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی فَسَارَ فِی الْبِلَادِ بِالْعَدْلِ (3).

«4»-ك، إكمال الدین أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْقُرَشِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ جَبْرَئِیلَ نَزَلَ عَلَیَّ بِكِتَابٍ فِیهِ خَبَرُ الْمُلُوكِ مُلُوكِ الْأَرْضِ قَبْلِی وَ خَبَرُ مَنْ بُعِثَ قَبْلِی مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ هُوَ حَدِیثٌ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَیْهِ قَالَ لَمَّا مَلَكَ أَشْبَخُ بْنُ أَشْجَانَ (4)وَ كَانَ یُسَمَّی الْكَیِّسَ وَ مَلَكَ مِائَتَیْنِ (5)وَ سِتّاً وَ سِتِّینَ سَنَةً فَفِی سَنَةِ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ اسْتَوْدَعَهُ النُّورَ وَ الْعِلْمَ وَ الْحِكْمَةَ وَ جَمِیعَ عُلُومِ الْأَنْبِیَاءِ قَبْلَهُ وَ زَادَهُ الْإِنْجِیلَ وَ بَعَثَهُ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ یَدْعُوهُمْ إِلَی كِتَابِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَأَبَی أَكْثَرُهُمْ إِلَّا طُغْیَاناً وَ كُفْراً فَلَمَّا لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ دَعَا رَبَّهُ وَ

ص: 515


1- البغیة بضم الباء و كسرها و كالرضیة: ما یرغب فیه و یطلب.
2- أی إذا ظلم.
3- قصص الأنبیاء مخطوط.
4- فی المصدر و فی إثبات الوصیة للمسعودیّ: أشج بن أشجان.
5- فی المصدر مائتی سنة.

عَزَمَ عَلَیْهِ فَمَسَخَ مِنْهُمْ شَیَاطِینَ لِیُرِیَهُمْ آیَةً فَیَعْتَبِرُوا فَلَمْ یَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا طُغْیَاناً وَ كُفْراً فَأَتَی بَیْتَ الْمَقْدِسِ یَدْعُوهُمْ (1)وَ یُرَغِّبُهُمْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً حَتَّی طَلَبَتْهُ الْیَهُودُ وَ ادَّعَتْ أَنَّهَا عَذَّبَتْهُ وَ دَفَنَتْهُ فِی الْأَرْضِ حَیّاً وَ ادَّعَی بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَ صَلَبُوهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْعَلَ لَهُمْ عَلَیْهِ سُلْطَاناً وَ إِنَّمَا شُبِّهَ لَهُمْ وَ مَا قَدَرُوا عَلَی عَذَابِهِ وَ دَفْنِهِ وَ لَا عَلَی قَتْلِهِ وَ صَلْبِهِ قَوْلُهُ (2)عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَ رافِعُكَ إِلَیَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا فَلَمْ یَقْتَدِرُوا (3)عَلَی قَتْلِهِ وَ صَلْبِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَی ذَلِكَ كَانَ تَكْذِیباً لِقَوْلِهِ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ بَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ علیه السلام فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَرْفَعَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ (4)نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ وَ عِلْمَ كِتَابِهِ شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا خَلِیفَتَهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَلْ شَمْعُونُ یَقُومُ بِأَمْرِ اللَّهِ (5)عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَهْتَدِی بِجَمِیعِ مَقَالِ عِیسَی علیه السلام فِی قَوْمِهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یُجَاهِدُ الْكُفَّارَ فَمَنْ أَطَاعَهُ وَ آمَنَ بِهِ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَحَدَهُ وَ عَصَاهُ كَانَ كَافِراً حَتَّی اسْتَخْلَصَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَعَثَ فِی عِبَادِهِ نَبِیّاً مِنَ الصَّالِحِینَ وَ هُوَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا علیه السلام (6)فَمَضَی شَمْعُونُ (7)وَ مَلَكَ عِنْدَ ذَلِكَ أَرْدَشِیرُ بْنُ أَشْكَانَ- (8)أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَ فِی ثَمَانِیَةِ سِنِینَ (9)مِنْ مُلْكِهِ قَتَلَتِ الْیَهُودُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا علیه السلام فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَجْعَلَ الْوَصِیَّةَ فِی وُلْدِ شَمْعُونَ وَ یَأْمُرَ الْحَوَارِیِّینَ وَ أَصْحَابَ عِیسَی علیه السلام بِالْقِیَامِ مَعَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ عِنْدَهَا مَلَكَ سَابُورُ بْنُ أَرْدَشِیرَ ثَلَاثِینَ سَنَةً

ص: 516


1- فی المصدر: فمكث یدعوهم.
2- فی نسخة و فی المصدر: لقوله.
3- فی المصدر: و لم یقدروا.
4- فی المصدر: أن استودع.
5- فی المصدر: فلم یزل شمعون فی قومه یقوم بأمر اللّٰه عزّ و جلّ و یجتبی یهتدی خ.
6- تقدم اختلاف الروایات فی ذلك فی باب قصة یحیی و زكریا علیهما السلام، و تقدم هناك بیان من المصنّف راجعه.
7- فی نسخة من المصدر: و قبض.
8- فی نسخة من المصدر: أردشیر بن زازكان، و فی المصدر: أردشیر بن زاركا اسكان خ ل و فی إثبات الوصیة: أردشیر بن بابكان و هو الصواب.
9- فی المصدر: و فی ثمان سنین.

حَتَّی قَتَلَهُ اللَّهُ وَ عِلْمُ اللَّهِ وَ نُورُهُ وَ تَفْصِیلُ حِكْمَتِهِ فِی ذُرِّیَّةِ یَعْقُوبَ بْنِ شَمْعُونَ (1)وَ مَعَهُ الْحَوَارِیُّونَ مِنْ أَصْحَابِ عِیسَی علیه السلام وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بُخْتَنَصَّرُ (2)مِائَةَ سَنَةٍ وَ سَبْعاً وَ ثَمَانِینَ سَنَةً وَ قَتَلَ مِنَ الْیَهُودِ سَبْعِینَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ عَلَی دَمِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ خَرَّبَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ وَ تَفَرَّقَتِ الْیَهُودُ فِی الْبُلْدَانِ وَ فِی سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ الْعُزَیْرَ (3)نَبِیّاً إِلَی أَهْلِ الْقُرَی الَّتِی أَمَاتَ اللَّهُ أَهْلَهَا ثُمَّ بَعَثَهُمْ لَهُ وَ كَانُوا مِنْ قُرًی شَتَّی فَهَرَبُوا فَرَقاً مِنَ الْمَوْتِ فَنَزَلُوا فِی جِوَارِ عُزَیْرٍ وَ كَانُوا مُؤْمِنِینَ وَ كَانَ عُزَیْرٌ یَخْتَلِفُ إِلَیْهِمْ وَ یَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَ إِیمَانَهُمْ وَ أَحَبَّهُمْ عَلَی ذَلِكَ وَ آخَاهُمْ عَلَیْهِ فَغَابَ عَنْهُمْ یَوْماً وَاحِداً ثُمَّ أَتَاهُمْ فَوَجَدَهُمْ مَوْتَی صَرْعَی فَحَزِنَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها تَعَجُّباً مِنْهُ حَیْثُ أَصَابَهُمْ وَ قَدْ مَاتُوا أَجْمَعِینَ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَماتَهُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِائَةَ عامٍ وَ هِیَ مِائَةُ سَنَةٍ (4)ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ وَ إِیَّاهُمْ وَ كَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ ثُمَّ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِینَ لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُمْ وَاحِدٌ عَلَی یَدَیْ بُخْتَنَصَّرَ ثُمَّ مَلَكَ مَهْرَوَیْهِ بْنُ بُخْتَنَصَّرَ (5)سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً (6)فَأَخَذَ عِنْدَ ذَلِكَ دَانِیَالَ وَ حَفَرَ لَهُ جُبّاً (7)فِی الْأَرْضِ وَ طَرَحَ فِیهِ دَانِیَالَ وَ أَصْحَابَهُ وَ شِیعَتَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَلْقَی عَلَیْهِمُ النِّیرَانَ فَلَمَّا رَأَی أَنَّ النَّارَ لَا تَقْرَبُهُمْ (8)وَ لَا تُحْرِقُهُمْ اسْتَوْدَعَهُمُ الْجُبَّ وَ فِیهِ الْأُسُدُ وَ السِّبَاعُ وَ عَذَّبَهُمْ بِكُلِّ نَوْعٍ (9)مِنَ الْعَذَابِ حَتَّی خَلَّصَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ هُمُ الَّذِینَ

ص: 517


1- فی اثبات الوصیة: أوحی اللّٰه إلیه أن یجعل الإمامة فی ولد شمعون، فاحضر ولد شمعون و الحواریین من أصحاب عیسی علیه السلام و أمرهم باتباع منذر بن شمعون.
2- تقدم الخلاف فی ذلك و أن بخت نصر كان قبل عیسی علیه السلام أكثر من 600 سنة، و أن الذی اختاره المسعودیّ فی اثبات الوصیة هو بخت نصر بن ملتنصر بن بخت نصر الأكبر.
3- راجع قصة عزیز علیه السلام.
4- فی المصدر: فلبث فیهم مائة سنة.
5- فی المصدر: و ملك بعده مهر فیه بن بخت نصر. و فی اثبات الوصیة: ملك ابنه فهرا.
6- فی المصدر: ست عشر سنة و ست و عشرین یوما.
7- فی نسخة: و خد له خدا فی الأرض.
8- فی المصدر: فلما رأی أن النار لیست تقربهم.
9- فی المصدر: بكل لون.

ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَ دَانِیَالَ علیه السلام أَمَرَهُ أَنْ یَسْتَوْدِعَ (1)نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ مكیخا بْنَ دَانِیَالَ فَفَعَلَ وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ هُرْمُزُ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً (2)وَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ أَرْبَعَةَ أَیَّامٍ وَ مَلَكَ بَعْدَهُ بَهْرَامُ سِتّاً وَ عِشْرِینَ (3)وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ مكیخا بْنُ دَانِیَالَ وَ أَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَ شِیعَتُهُ الصِّدِّیقُونَ غَیْرَ أَنَّهُمْ لَا یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یُظْهِرُوا الْإِیمَانَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ وَ لَا أَنْ یَنْطِقُوا بِهِ وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بَهْرَامُ بْنُ بَهْرَامَ سَبْعَ سِنِینَ (4)وَ فِی زَمَانِهِ انْقَطَعَتِ الرُّسُلُ وَ كَانَتِ الْفَتْرَةُ وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ مكیخا بْنُ دَانِیَالَ وَ أَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ فِی مَنَامِهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ أنشو بْنَ مكیخا وَ كَانَتِ الْفَتْرَةُ بَیْنَ عِیسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ ثَمَانِینَ سَنَةً وَ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ ذُرِّیَّةُ أنشو بْنِ مكیخا یَرِثُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّنْ یَخْتَارُهُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ سَابُورُ بْنُ هُرْمُزَ اثْنَتَیْنِ وَ تِسْعِینَ سَنَةً وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ عَقَدَ التَّاجَ وَ لَبِسَهُ (5)وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ أنشو بْنُ مكیخا وَ مَلَكَ بَعْدَ أَرْدَشِیرَ أَخُو سَابُورَ سَنَتَیْنِ وَ فِی زَمَانِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْفِتْیَةَ أَهْلَ الْكَهْفِ (6)وَ الرَّقِیمِ وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ دسیحا (7)بْنُ أنشو بْنِ مكیخا وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ سَابُورُ بْنُ أَرْدَشِیرَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ دسیحا بْنُ أنشو وَ مَلَكَ بَعْدَهُ یَزْدَجَرْدُ بْنُ سَابُورَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ خَمْسَةَ

ص: 518


1- فی المصدر: أن استودع.
2- فی نسخة: ثلاثة و ثلاثین سنة. و فی مروج الذهب: ملك سنة؛ و قیل: اثنین و عشرین شهرا.
3- فی اثبات الوصیة: ملك ثلاث سنین و ثلاثة أشهر و أربعة أیّام، و فی مروج الذهب: ملك ثلاث سنین.
4- فی اثبات الوصیة: ملك اثنی و عشرین سنة، و فی مروج الذهب: سبع عشرة سنة، و قیل: غیر ذلك. و فی اثبات الوصیة: ثم ملك نرسی بن بهرام بن بهرام، و ملك بعده هرمز ابن نرسی سبع سنین. و فی مروج الذهب زاد بعد بهرام: بهرام بن بهرام بن بهرام و قال: و كان ملكه أربع سنین و أربعة أشهر، و قال: كان ملك نرسی سبع سنین و قیل: و نصفا.
5- فی اثبات الوصیة: و بنی السوس و جندیسابور.
6- فی المصدر: أصحاب الكهف.
7- فی نسخة: رسیحا، و فی المصدر: دشیخا، و فی موضع: دشبحا، و فی اثبات الوصیة: رشیخا.

أَشْهُرٍ وَ تِسْعَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ دسیحا بْنُ أنشو فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ یَقْبِضَ دسیحا أَوْحَی إِلَیْهِ فِی مَنَامِهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَ نُورَهُ وَ تَفْصِیلَ حِكْمَتِهِ نسطورس بْنَ دسیحا فَفَعَلَ وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بَهْرَامُ جُورَ سِتّاً وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ نسطورس بْنُ دسیحا (1)وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ فَیْرُوزُ بْنُ یَزْدَجَرْدَ بْنِ بَهْرَامَ سَبْعاً وَ عِشْرِینَ سَنَةً (2)وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ نسطورس بْنُ دسیحا وَ أَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَقْبِضَهُ إِلَیْهِ أَوْحَی إِلَیْهِ فِی مَنَامِهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَ نُورَهُ وَ حِكْمَتَهُ وَ كُتُبَهُ مرعیدا وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ فلاس (3)بْنُ فَیْرُوزَ أَرْبَعَ سِنِینَ وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ مرعیدا وَ مَلَكَ قُبَادُ بْنُ فَیْرُوزَ ثَلَاثاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ مَلَكَ بَعْدَهُ جَامَاسْفُ أَخُو قُبَادَ سِتّاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً (4)وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ یَوْمَئِذٍ مرعیدا وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ كِسْرَی بْنُ قُبَادَ سِتّاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ ثَمَانِیَةَ أَشْهُرٍ وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ مرعیدا وَ أَصْحَابُهُ وَ شِیعَتُهُ الْمُؤْمِنُونَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَقْبِضَ مرعیدا أَوْحَی إِلَیْهِ فِی مَنَامِهِ أَنْ یَسْتَوْدِعَ (5)نُورَ اللَّهِ وَ حِكْمَتَهُ بَحِیرَا الرَّاهِبَ فَفَعَلَ وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ هُرْمُزُ بْنُ كِسْرَی ثَمَانَ وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً (6)وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ بَحِیرَا وَ أَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَ شِیعَتُهُ الصِّدِّیقُونَ وَ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ كِسْرَی بْنُ هُرْمُزَ أَبَرْوِیزَ وَ وَلِیَ أَمْرَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ بَحِیرَا حَتَّی إِذَا طَالَتِ الْمُدَّةُ وَ انْقَطَعَ الْوَحْیُ وَ اسْتُخِفَّ بِالنِّعَمِ وَ اسْتُوجِبَ الْغِیَرُ وَ دَرَسَ الدِّینُ وَ تُرِكَتِ الصَّلَاةُ وَ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ كَثُرَتِ الْفِرَقُ وَ صَارَ النَّاسُ

ص: 519


1- فی اثبات الوصیة: ثم ملك بعده یزدجرد بن بهرام ابنه ثمان عشر سنة و ثلاثة أشهر و أیاما.
2- هكذا فی النسخ و فی مروج الذهب، و فی اثبات الوصیة: سبع عشرة سنة و لعله مصحف.
3- فی مروج الذهب «بلاس» بالباء و السین: و فی الیعقوبی «بلاش» بالباء و الشین المعجمة.
4- فی نسخة: ستا و أربعین سنة، و فی مروج الذهب: ملك جاماسب نحوا من سنتین.
5- فی المصدر: أن استودع، و كذا فیما قبله.
6- فی المصدر: ثلاث و ثمانین سنة، و فی مروج الذهب و تاریخ الیعقوبی: اثنتی عشرة سنة.

فِی حَیْرَةٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ أَدْیَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ أُمُورٍ مُتَشَتِّتَةٍ وَ سُبُلٍ مُلْتَبَسَةٍ وَ مَضَتْ تِلْكَ الْقُرُونُ كُلُّهَا فَمَضَی صَدْرٌ مِنْهَا عَلَی مِنْهَاجِ نَبِیِّهَا وَ بَدَّلَ آخِرُهَا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَ طَاعَتَهُ عُدْوَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَخْلَصَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَ رِسَالَتِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُشَرَّفَةِ الطَّیِّبَةِ وَ الْجُرْثُومَةِ الْمُتَخَیَّرَةِ (1)الَّتِی اصْطَفَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی سَابِقِ عِلْمِهِ وَ نَافِذِ قَوْلِهِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ خَلْقِهَا وَ جَعَلَهَا مُنْتَهَی خِیَرَتِهِ وَ غَایَةَ صَفْوَتِهِ (2)وَ مَعْدِنَ خَاصَّتِهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ اخْتَصَّهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ اصْطَفَاهُ بِالرِّسَالَةِ وَ أَظْهَرَ بِدِینِهِ الْحَقَّ لِیَفْصِلَ بَیْنَ عِبَادِ اللَّهِ الْقَضَاءَ وَ یُعْطِیَ فِی الْحَقِّ جَزِیلَ الْعَطَاءِ وَ یُحَارِبَ أَعْدَاءَ رَبِّ السَّمَاءِ وَ جَمَعَ عِنْدَ ذَلِكَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عِلْمَ الْمَاضِینَ وَ زَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ الْقُرْآنَ الْحَكِیمَ بِلِسَانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ لَا یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ فِیهِ خَبَرُ الْمَاضِینَ وَ عِلْمُ الْبَاقِینَ (3).

بیان: جرثومة الشی ء بالضم أصله.

«5»-ك، (4)إكمال الدین عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَارِیُّ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ الطُّوسِیَّ یَقُولُ وَ كَانَ قَدْ أَتَی عَلَیْهِ سَبْعٌ وَ تِسْعُونَ سَنَةً عَلَی بَابِ یَحْیَی بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ رَأَیْتُ سَرْبَایَكَ (5)مَلِكَ الْهِنْدِ فِی بَلَدٍ تُسَمَّی صوح- (6)فَسَأَلَتْهُ (7)كَمْ أَتَی عَلَیْكَ

ص: 520


1- فی المصدر: من الشجرة المشرقة الطیبة، و الجرثومة المثمرة.
2- فی المصدر: و علیة صفوته، أی من أشراف القوم و جلتهم، و من أهل الرفعة و الشرف.
3- كمال الدین: 130- 132. قلت: سیأتی خبر بحیرا فی أحوالات نبیّنا محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم. و أخبار الملوك بتفاصیلها مذكورة فی كتب تواریخ الفرس و العرب و لا یسعنا ذكرها و بیان الخلاف فی مدة أعمارهم و ملكهم، و قد أشرنا إلی بعض الخلاف من كتاب اثبات الوصیة لان المظنون أن الصدوق و المسعودیّ أخذا الحدیث من مصدر واحد.
4- فی نسخة كا و هو وهم. و الحدیث لم یوجد فی كمال الدین المطبوع.
5- الصحیح كما فی التراجم «سرباتك» ذكره ابن الأثیر فی أسد الغابة 2: 266 و ابن حجر فی لسان المیزان 3: 10، قال ابن الأثیر بعد ما نقل صدر الحدیث الی قوله: و قبل كتاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: أخرجه أبو موسی، و بحق ما تركه ابن منده و غیره، فان تركه أولی من اثباته، و لو لا شرطنا أننا لا نخل بترجمة ذكروها أو أحدهم لتركنا هذه و أمثالها. و قال ابن حجر بعد نقل صدر الحدیث: قال الذهبی: هذا كذب واضح. قلت: و الحدیث كما تری غیر وارد من طرقنا بل هو من مرویات أهل السنة.
6- فی أسد الغابة: تسمی قنوج.
7- فی نسخة: فسألناه.

مِنَ السِّنِینَ قَالَ تِسْعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً وَ هُوَ مُسْلِمٌ فَزَعَمَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْفَذَ إِلَیْهِ عَشَرَةً مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ وَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ وَ صُهَیْبٌ الرُّومِیُّ وَ سَفِینَةُ وَ غَیْرُهُمْ یَدْعُونَهُ فَدَعَوْهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَأَجَابَ وَ أَسْلَمَ وَ قَبِلَ كِتَابَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ لَهُ كَیْفَ تُصَلِّی مَعَ هَذَا بِهَذَا الضَّعْفِ فَقَالَ لِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِهِمْ الْآیَةَ فَقُلْتُ لَهُ مَا طَعَامُكَ فَقَالَ لِی آكُلُ مَاءَ اللَّحْمِ وَ الْكُرَّاثَ وَ سَأَلْتُهُ هَلْ یَخْرُجُ مِنْكَ شَیْ ءٌ فَقَالَ فِی كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً شَیْ ءٌ یَسِیرٌ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَسْنَانِهِ فَقَالَ أَبْدَلْتُهَا عِشْرِینَ مَرَّةً وَ رَأَیْتُ لَهُ فِی إِسْطَبْلِهِ شَیْئاً مِنَ الدَّوَابِّ أَكْبَرَ مِنَ الْفِیلِ یُقَالُ لَهُ زَنْدَفِیلٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا تَصْنَعُ بِهَذَا قَالَ یَحْمِلُ ثِیَابَ الْخَدَمِ إِلَی الْقَصَّارِ وَ مَمْلَكَتُهُ مَسِیرَةُ أَرْبَعِ سِنِینَ فِی مِثْلِهَا وَ مَدِینَتُهُ طُولُهَا خَمْسُونَ فَرْسَخاً فِی مِثْلِهَا وَ عَلَی كُلِّ بَابٍ مِنْهَا عَسْكَرُ مِائَةِ أَلْفٍ وَ عِشْرِینَ أَلْفاً إِذَا وَقَعَ فِی إِحْدَی الْأَبْوَابِ حَدَثٌ خَرَجَتْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ إِلَی الْحَرْبِ لَا تَسْتَعِینُ بِغَیْرِهَا وَ هُوَ فِی وَسَطِ الْمَدِینَةِ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ دَخَلْتُ الْمَغْرِبَ فَبَلَغْتُ إِلَی الرَّمْلِ رَمْلِ عَالِجٍ وَ صِرْتُ إِلَی قَوْمِ مُوسَی علیه السلام فَرَأَیْتُ سُطُوحَ بُیُوتِهِمْ مُسْتَوِیَةً وَ بَیْدَرَ الطَّعَامِ خَارِجَ الْقَرْیَةِ یَأْخُذُونَ مِنْهُ الْقُوتَ وَ الْبَاقِیَ یَتْرُكُونَهُ هُنَاكَ وَ قُبُورَهُمْ فِی دُورِهِمْ وَ بَسَاتِینَهُمْ مِنَ الْمَدِینَةِ عَلَی فَرْسَخَیْنِ لَیْسَ فِیهِمْ شَیْخٌ وَ لَا شَیْخَةٌ وَ لَمْ أَرَ فِیهِمْ عِلَّةً وَ لَا یَعْتَلُّونَ إِلَی أَنْ یَمُوتُوا وَ لَهُمْ أَسْوَاقٌ إِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ شِرَاءَ شَیْ ءٍ صَارَ إِلَی السُّوقِ فَوَزَنَ لِنَفْسِهِ وَ أَخَذَ مَا یُصِیبُهُ وَ صَاحِبُهُ غَیْرُ حَاضِرٍ وَ إِذَا أَرَادُوا الصَّلَاةَ حَضَرُوا فَصَلُّوا وَ انْصَرَفُوا لَا یَكُونُ بَیْنَهُمْ خُصُومَةٌ وَ لَا كَلَامٌ یُكْرَهُ إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الصَّلَاةَ وَ ذِكْرَ الْمَوْتِ.

«6»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنِی إِسْمَاعِیلُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِیمَا بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ أَنَا وَ صَاحِبٌ لِی فَتَذَاكَرْنَا الْأَنْصَارَ فَقَالَ أَحَدُنَا هُمْ نُزَّاعٌ (1)مِنْ قَبَائِلَ وَ قَالَ أَحَدُنَا هُمْ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ قَالَ فَانْتَهَیْنَا إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ جَالِسٌ فِی ظِلِّ شَجَرَةٍ فَابْتَدَأَ الْحَدِیثَ وَ لَمْ نَسْأَلْهُ فَقَالَ إِنَّ تُبَّعاً

ص: 521


1- بضم النون و تشدید الزای جمع النزیع: الغریب.

لَمَّا أَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ جَاءَ مَعَهُ الْعُلَمَاءُ وَ أَبْنَاءُ الْأَنْبِیَاءِ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی هَذَا الْوَادِی لِهُذَیْلٍ أَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ فَقَالُوا إِنَّكَ تَأْتِی أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ لَعِبُوا بِالنَّاسِ زَمَاناً طَوِیلًا حَتَّی اتَّخَذُوا بِلَادَهُمْ حَرَماً وَ بُنْیَتَهُمْ رَبّاً أَوْ رَبَّةً فَقَالَ إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ قَتَلْتُ مُقَاتِلِیهِمْ وَ سَبَیْتُ ذُرِّیَّتَهُمْ وَ هَدَمْتُ بُنْیَتَهُمْ قَالَ فَسَالَتْ عَیْنَاهُ حَتَّی وَقَعَتَا عَلَی خَدَّیْهِ قَالَ فَدَعَا الْعُلَمَاءَ وَ أَبْنَاءَ الْأَنْبِیَاءِ فَقَالَ انْظُرُونِی فَأَخْبِرُونِی لِمَا أَصَابَنِی هَذَا قَالَ فَأَبَوْا أَنْ یُخْبِرُوهُ حَتَّی عَزَمَ عَلَیْهِمْ قَالُوا حَدِّثْنَا بِأَیِّ شَیْ ءٍ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ قَالَ حَدَّثْتُ نَفْسِی أَنْ أَقْتُلَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ أَسْبِیَ ذُرِّیَّتَهُمْ وَ أَهْدِمَ بُنْیَتَهُمْ فَقَالُوا إِنَّا لَا نَرَی الَّذِی أَصَابَكَ إِلَّا لِذَلِكَ قَالَ وَ لِمَ هَذَا قَالُوا لِأَنَّ الْبَلَدَ حَرَمُ اللَّهِ وَ الْبَیْتَ بَیْتُ اللَّهِ وَ سُكَّانَهُ ذُرِّیَّةُ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ علیه السلام فَقَالَ صَدَقْتُمْ فَمَا مَخْرَجِی مِمَّا وَقَعْتُ فِیهِ قَالُوا تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِغَیْرِ ذَلِكَ فَعَسَی اللَّهُ أَنْ یَرُدَّ عَلَیْكَ قَالَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِخَیْرٍ فَرَجَعَتْ حَدَقَتَاهُ حَتَّی ثَبَتَتَا مَكَانَهُمَا قَالَ فَدَعَا بِالْقَوْمِ الَّذِینَ أَشَارُوا عَلَیْهِ بِهَدْمِهَا فَقَتَلَهُمْ ثُمَّ أَتَی الْبَیْتَ وَ كَسَاهُ وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ثَلَاثِینَ یَوْماً كُلَّ یَوْمٍ مِائَةَ جَزُورٍ حَتَّی حُمِلَتِ الْجِفَانُ إِلَی السِّبَاعِ فِی رُءُوسِ الْجِبَالِ وَ نُثِرَتِ الْأَعْلَافُ فِی الْأَوْدِیَةِ لِلْوَحْشِ ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَنْزَلَ بِهَا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ مِنْ غَسَّانَ وَ هُمُ الْأَنْصَارُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی كَسَاهُ النِّطَاعَ وَ طَیَّبَهُ (1).

إلی هنا انتهی ما أردت إیراده فی المجلد الخامس من بحار الأنوار فی شهر اللّٰه المعظم المكرم شهر رمضان من شهور سنة سبع و سبعین و ألف من الهجرة المقدسة و الحمد لله أولا و آخرا و صلی اللّٰه علی محمد سید المرسلین و أهل بیته الطاهرین المكرمین و لعنة اللّٰه علی أعدائهم أجمعین.

ص: 522


1- فروع الكافی 1: 224.

فهرست ما فی هذا الجزء

الموضوع/ الصفحه

باب 1 عمر داود علیه السلام و وفاته و فضائله و ما أعطاه اللّٰه و منحه و علل تسمیته و كیفیّة حكمه و قضائه؛ و فیه 29 حدیثاً. 1- 18

باب 2 قصّة داود علیه السلام و اوریا و ما صدر عنه من ترك الأولی و ما جری بینه و بین حزقیل علیهما السلام؛ و فیه ثمانیة أحادیث. 19- 32

باب 3 ما أوحی إلی داود علیه السلام و صدر عنه من الحكم؛ و فیه 33 حدیثاً. 33- 48

باب 4 قصّة اصحاب السبت؛ و فیه 15 حدیثاً. 49- 64

باب 5 فضل سلیمان بن داود و مكارم أخلاقه و جمل أحواله علیه السلام؛ و فیه 29 حدیثاً. 65- 85

باب 6 معنی قول سلیمان علیه السلام رَبِّ ... هَبْ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی و فیه حدیثان. 85- 90

باب 7 قصّة مرور سلیمان علیه السلام بوادی النمل و تكلّمه معها و سائر ما وصل إلیه من أصوات الحیوانات؛ و فیه أربعة أحادیث. 90- 98

باب 8 تفسیر قوله تعالی فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ و قوله وَ أَلْقَیْنا عَلی كُرْسِیِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ و فیه حدیث. 98- 108

باب 9 قصّة سلیمان علیه السلام مع بلقیس؛ و فیه 14 حدیثاً. 109- 130 باب 10 ما أوحی إلی سلیمان علیه السلام و صدر عنه من الحكم و فیه قصّة نقش الغنم؛ و فیه تسعة أحادیث. 130- 134

باب 11 وفاة سلیمان علیه السلام و ما كان بعده؛ و فیه تسعة أحادیث. 135- 142

باب 12 قصّة قوم سبأ و أهل الثرثار؛ و فیه ثلاثة أحادیث. 143- 148

باب 13 قصّة أصحاب الرسّ و حنظلة؛ و فیه سبعة أحادیث. 148- 160

باب 14 قصّة شعیا و حیقوق علیهما السلام؛ و فیه ثلاثة أحادیث. 161- 163

باب 15 قصص زكریّا و یحیی علیهما السلام؛ و فیه 42 حدیثاً. 163- 190

ص: 523

باب 16 قصص مریم و ولادتها و بعض أحوالها و أحوال أبیها عمران؛ و فیه 23 حدیثاً. 191- 206

باب 17 ولادة عیسی علیه السلام؛ و فیه 32 حدیثاً. 206- 229

باب 18 فضل عیسی و رفعة شأنه و معجزاته و تبلیغه و مدّة عمره و نقش خاتمه و جمل أحواله؛ و فیه 56 حدیثاً. 230- 269

باب 19 ما جری بین عیسی علیه السلام و بین إبلیس لعنه اللّٰه؛ و فیه أربعة أحادیث. 270- 271

باب 20 حواریّ عیسی و أصحابه و أنّهم لم سمّوا حواریّین و أنّه لم سمّی النصاری نصاری؛ و فیه 12 حدیثاً. 272- 282

باب 21 مواعظ عیسی علیه السلام و حكمه و ما أوحی إلیه؛ و فیه 72 حدیثاً. 283- 333

باب 22 تفسیر الناقوس؛ و فیه حدیث. 334

باب 23 رفع عیسی علیه السلام إلی السماء؛ و فیه 15 حدیثاً. 335- 345

باب 24 ما حدث بعد رفع عیسی علیه السلام و زمان الفترة بعده و نزوله من السماء و قصص وصیّه شمعون بن حمون الصفا؛ و فیه 13 حدیثاً. 345- 350

باب 25 قصص إرمیا و دانیال و عزیر و بخت النصر؛ و فیه 25 حدیثاً. 351- 379

باب 26 قصص یونس علیه السلام و أبیه متّی؛ و فیه 17 حدیثاً. 379- 406

باب 27 قصّة أصحاب الكهف و الرقیم؛ و فیه 15 حدیثاً. 407- 437

باب 28 قصّة أصحاب الأخدود؛ و فیه خمسة أحادیث. 438- 444

باب 29 قصّة جرجیس علیه السلام؛ وفیه حدیث. 445- 447

باب 30 قصّة خالد بن سنان العبسیّ علیه السلام و فیه أربعة أحادیث. 448- 451

باب 31 ما ورد بلفظ نبیّ من الأنبیاء و بعض نوادر أحوالهم و أحوال أممهم و فیه ذكر نبیّ المجوس؛ و فیه 39 حدیثاً. 451- 485

باب 32 نوادر أخبار بنی إسرائیل؛ و فیه 39 حدیثاً. 486- 512

باب 33 بعض أحوال ملوك الأرض؛ و فیه ستّة أحادیث. 513- 522

ص: 524

مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق

بسمه تعالی و تقدّس

لقد یسّر اللّٰه تعالی لنا إتمام هذا المجلّد و بتمامه تمّ كتاب النبوّة و قصص الأنبیاء الذین كانوا قبل نبیّنا محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و یتلوه إن شاء اللّٰه تاریخ سیّدنا محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و قد بذلنا جهدنا فی تصحیحه و تنمیقه و مراجعة أصوله و مآخذه راجعنا فی مقابلته إلی النسخة المطبوعة بطهران فی 1303 المشهورة بطبعة أمین الضرب، و إلی نسخة مخطوطة من مكتبة العالم البارع السیّد جلال الدین الأرمویّ الشهیر بالمحدّث حفظه اللّٰه من حدثان الدهر، و النسخة قوبلت بنسخ متعدّدة أوعزنا إلی خصوصیّاتها و مزیاها فی صدر المجلّد 13 و یری القاری ء صحیفة من صورتها الفتوغرافیّة فی الصفحة الآتیة و كثیراً ما راجعنا عند تضارب النسخ و اختلافها فی متن حدیث أو إسناده إلی كتب أخری قد اخرج فیه ذلك الحدیث، و اعتمدنا فی تخریج أحادیث الكتاب و نصوصه و تعالیقه علی كتب سردنا بعضها فی مقدّمة المجلّد 13 و نوعز إلی عدّة أخری ههنا و هی:

«1»-الإحتجاج للطبرسی طبعة النجف سنة 1350

«2»-الإختصاص للشیخ المفید، تصدّی لطبعه و إخراجه بصورة بهیةّ مزداناً بالتعالیق و الحواشی زمیلنا الفاضل المدقّق علی أكبر الغفّاریّ صاحب مكتبة الصدوق وفّقه اللّٰه، و كانت نسخه المخطوطة فی غایة التشویه و التشویش و لقد أتعب نفسه و بذل جهده و مجهوده فللّٰه درّه و علی اللّٰه أجره و قد خرج من الطبع أكثر من 250 صفحة منه.

«3»-أسد الغابة لابن الأثیر طبع بطهران بالأفست فی الآونة الأخیرة.

«4»-تهذیب التهذیب للعسقلانیّ طبعة هند سنة 1325

«5»-الجمع بین رجال الصحیحین لابن القیسیرانیّ طبعة هند سنة 1323

«6»-الحیوان للجاحظ طبعة بیروت سنة 1374

«7»-الصحیح للمسلم طبعة مصر سنة 1334

ص: 525

«8»-لسان المیزان للعسقلانیّ طبعة هند سنة 1329- 1331

«9»-مجمع البحرین للطریحیّ طبعة إیران طبع مكرراً

«10»-المختسر للحسن بن سلیمان الحلّیّ طبعة النجف سنة 1370

«11»-مختصر البصائر للحسن بن سلیمان الحلّیّ طبعة النجف سنة 1370

«12»-مرآة العقول للعلّامة المجلسیّ طبعة إیران 1325

و لا أنسی الثناء علی من وازرنی و ساعدنی فی مشروعی هذا المقدّس، و الحمد للّٰه أوّلًا و أخراً.

قم المشرّفة: خادم العلم و الدین عبد الرحیم الربّانیّ الشیرازیّ عفی عنه و عن والدیه

ص: 526

تصویر

ص: 527

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا (علیه السلام).

ضا: لفقه الرضا (علیه السلام).

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ (علیه السلام).

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا (علیه السلام).

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.