بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 9

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 9: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

كتاب الاحتجاج

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

الحمد لله الذی خَلَقَ الْإِنْسانَ و عَلَّمَهُ الْبَیانَ و سلك به سبل الهدی بعلم الدلیل و منار البرهان و احتج علی عباده برسله و أوصیائهم لیخرجوهم من ظلمات الكفر و الضلالة إلی نور الهدی و الإیمان و نصر أعوان الدین و أنصار الحق و الیقین بالبراهین الباهرة و الحجج القاهرة علی من ضل و أضل من سائر أهل الأدیان و الصلاة علی من جعل الصلاة علیه ذریعة للوصول إلی موائد الكرامة و الإحسان محمد الذی نور اللّٰه به صدور أنبیائه و أصفیائه بلوامع العرفان و علی أهل بیته الذین أكمل اللّٰه بولائهم علی عباده الامتنان و جعلهم خزنة علم القرآن و سدنة بیت الإیقان أما بعد فهذا هو المجلد الرابع من كتاب بحار الأنوار فی بیان ما احتج اللّٰه سبحانه و تعالی و رسوله و حججه صلوات اللّٰه علیهم أجمعین علی المخالفین و المعاندین من أرباب الملل المختلفة و العقائد الزائغة عن الدین المبین و ذكر ما لا یخص بابا من أبواب الكتاب من جوامع علوم الدین و إن فرقت أجزاؤها علی أبواب المناسبة لها تیسیرا للطالبین من مؤلفات تراب أقدام المؤمنین محمد باقر بن محمد تقی حشرهما اللّٰه تعالی مع الأئمة الطاهرین و جعلهما من أفزاع یوم الدین من الآمنین و ممن یؤتی كتابه بفضل ربه بیمین.

باب 1 احتجاج اللّٰه تعالی علی أرباب الملل المختلفة فی القرآن الكریم

ذكر آیات الباب

البقرة: «إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا یُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ عَلی سَمْعِهِمْ وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ* (1)وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِینَ* یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ ما یَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ *فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ بِما كانُوا یَكْذِبُونَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا یَشْعُرُونَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا یَعْلَمُونَ* وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلی شَیاطِینِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ* اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ *(2)أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدی فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِینَ»(6-16) (و قال تعالی): «یا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِی

ص: 2


1- الختم: الاستیثاق من الشی ء و المنع منه، و حیث إن قلوبهم لا ینفذ فیها الانذار و أن أسماعهم تنبو عن الاصغاء إلی قول الحق و عیونهم لا تعتبر بالعبر و لا تنتفع بالنظر كانه استوثقت بالختم و غشیت بالغطاء.
2- العمه: التردد فی الامر من التحیر، قال الرضی فی التلخیص «ص 5»: هاتان استعارتان: فالاولی منها إطلاق صفة الاستهزاء علی اللّٰه سبحانه، و المراد بها أنّه تعالی یجازیهم علی استهزائهم بارصاد العقوبة لهم فسمی الجزاء علی الاستهزاء باسمه، إذ كان واقعا فی مقابلته، و إنّما قلنا: إن الوصف بحقیقة الاستهزاء غیر جائز علیه تعالی لانه عكس أوصاف الحكیم و ضد طرائق الحلیم، و الاستعارة الأخری قوله: «وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ» أی یمد لهم كأنّه یخلیهم، و الامتداد فی عمههم و الجماح فی غیهم إیجابا للحجة و انتظارا للمراجعة، تشبیها بمن أرخی الطول للفرس أو الراحلة لیتنفس خناقها و یتسع مجالها.

خَلَقَكُمْ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ*وَ إِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلی عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ»(21-23) (و قال تعالی): «إِنَّ اللَّهَ لا یَسْتَحْیِی أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَیَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِینَ كَفَرُوا فَیَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا یُضِلُّ بِهِ كَثِیراً وَ یَهْدِی بِهِ كَثِیراً وَ ما یُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِینَ»(26) (و قال تعالی): «یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ* وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلًا وَ إِیَّایَ فَاتَّقُون*ِ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»(40-42) (و قال تعالی): «أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ»(44) (و قال تعالی): «یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَنِّی فَضَّلْتُكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ»(47) (و قال تعالی): «أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ وَ قَدْ كانَ فَرِیقٌ مِنْهُمْ یَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ یُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ *وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ قالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ لِیُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* أَ وَ لا یَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ* وَ مِنْهُمْ أُمِّیُّونَ لا یَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِیَّ (1)وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ* فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ یَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَیْدِیهِمْ ثُمَّ یَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِیَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ وَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا یَكْسِبُونَ»(75-79)

ص: 3


1- الامی: الذی لا یكتب و لا یقرأ من كتاب، و قال قطرب: الامیة: الغفلة و الجهالة فالامی منه و هو قلة المعرفة. و الامانی إمّا من الامنیة و هی التلاوة، أی إلّا أن یتلی علیهم، أو بمعنی الأحادیث المختلقة و الاكاذیب أی لا یعلمون من الكتاب إلّا أحادیث اختلقها رؤساؤهم و أكاذیب یحدث بها علماؤهم، أو المراد أنهم یتمنون علی اللّٰه ما لیس لهم مثل قولهم: لن تمسنا النار إلّا أیاما معدودة، و قولهم: نحن أبناء اللّٰه و أحباؤه.

(و قال تعالی): «وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ (إلی قوله): ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ* وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِیارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ *ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِیقاً مِنْكُمْ مِنْ دِیارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَیْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ یَأْتُوكُمْ أُساری تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَیْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ إلی قوله وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ (1)بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِیلًا ما یُؤْمِنُونَ* وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ یَسْتَفْتِحُونَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الْكافِرِینَ* بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ یَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْیاً أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلی غَضَبٍ وَ لِلْكافِرِینَ عَذابٌ مُهِینٌ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَیْنا وَ یَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِیاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ *(إلی قوله): قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* وَ لَنْ یَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ (إلی قوله): قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ (إلی قوله): یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِینَ عَذابٌ أَلِیمٌ (إلی قوله): أَمْ تُرِیدُونَ

ص: 4


1- قال الرضی فی التلخیص «ص 8»: إما أن یكون غلف جمع أغلف مثل أحمر و حمر، أو یكون جمع غلاف مثل حمار و حمر و یخفف فیقال: حمر، قال أبو عبیدة: كل شی ء فی غلاف فهو أغلف، یقال: سیف أغلف، و قوس غلفاء، و رجل أغلف: إذا لم یختتن، فمن قرأ غلف علی جمع أغلف فالمعنی: أن المشركین قالوا: قلوبنا فی أغطیة عما تقوله، یریدون النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، و نظیر ذلك قوله سبحانه حاكیا عنهم: «وَ قالُوا قُلُوبُنا فِی أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ وَ فِی آذانِنا وَقْرٌ» و من قرأ قلوبنا غلف علی جمع غلاف بالتثقیل و التخفیف فمعنی ذلك أنهم قالوا: قلوبنا أوعیة فارغة لا شی ء فیها فلا تكثر علینا من قولك فانا لا نعی منه شیئا، فكان قولهم هذا علی طریق الاستعفاء من كلامه و الاحتجاز عن دعائه انتهی. قلت: و قیل: إن معناه: قلوبنا أوعیة للعلم تنبیها علی أنا لا نحتاج أن نتعلم منك فلنا غنیة بما عندنا.

أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسی مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ یَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِیمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ* وَدَّ كَثِیرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ یَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِیمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ (إلی قوله): وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ (إلی قوله): وَ قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلی شَیْ ءٍ وَ قالَتِ النَّصاری لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلی شَیْ ءٍ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (إلی قوله): وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ»(83-116) (و قال تعالی): «وَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ لَوْ لا یُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِینا آیَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَیَّنَّا الْآیاتِ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ* إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِیمِ* وَ لَنْ تَرْضی عَنْكَ الْیَهُودُ وَ لَا النَّصاری حَتَّی تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَی اللَّهِ هُوَ الْهُدی وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِی جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ* (إلی قوله): وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصاری تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ»(118-135) (و قال تعالی): «قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِی اللَّهِ وَ هُوَ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ وَ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ *أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِیمَ وَ إِسْماعِیلَ وَ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصاری قُلْ أَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»(139-140) (و قال تعالی): «سَیَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِی كانُوا عَلَیْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (إلی قوله): الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِیقاً مِنْهُمْ لَیَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ»(142-146) (و قال تعالی): «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً (1)یُحِبُّونَهُمْ كَحُبِ

ص: 5


1- أی نظراء و أمثالا.

اللَّهِ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَ لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا إِذْ یَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعَذابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَ قالَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً (1)فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ»(165-167) (و قال سبحانه): «وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَیْنا (2)عَلَیْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا یَعْقِلُونَ *شَیْئاً وَ لا یَهْتَدُونَ وَ مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِی یَنْعِقُ بِما لا یَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً (3)صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَعْقِلُونَ»(170-171) (و قال تعالی): «لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ (إلی قوله): وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ»(177)

ص: 6


1- أی رجعة إلی الدنیا.
2- أی وجدنا علیه آباءنا.
3- نعق الغراب: صاح. المؤذن: رفع صوته بالاذان. الراعی بغنمه: صاح بها و زجرها. قال الطبرسیّ: ثم ضرب اللّٰه مثلا للكفار فی تركهم إجابة من یدعوهم إلی التوحید و ركونهم إلی التقلید فقال: «مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِی یَنْعِقُ» أی یصوت «بِما لا یَسْمَعُ» من البهائم «إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً» و اختلف فی تقدیر الكلام و تأویله علی وجوه: أولها أن المعنی: مثل الذین كفروا فی دعائك إیاهم أی مثل الداعی لهم إلی الایمان كمثل الناعق فی دعائه المنعوق به من البهائم التی لا تفهم، و إنّما تسمع الصوت، فكما أن الانعام لا یحصل لها من دعاء الراعی إلّا السماع دون تفهم المعنی فكذلك الكفّار لا یحصل لهم من دعائك إیاهم إلی الایمان إلّا السماع دون تفهم المعنی لانهم یعرضون عن قبول قولك و ینصرفون عن تأمله فیكونون بمنزلة من لم یعقله و من لم یفهمه، و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام. ثانیها أن یكون المعنی: مثل الذین كفروا و مثلنا، أو مثل الذین كفروا و مثلك یا محمّد كمثل الذی ینعق بما لا یسمع إلّا دعاء و نداء، أی كمثل الانعام المنعوق بها و الناعق الراعی الذی یكلمها و هی لا تعقل. ثالثها أن المعنی: مثل الذین كفرا فی دعائهم الأصنام كمثل الراعی فی دعائه الانعام بتعال و ما جری مجراه من الكلام فكما أن من دعا البهائم یعد جاهلا فداعی الحجارة أشدّ جهلا منه. رابعها أن مثل الذین كفروا فی دعائهم الأصنام و هی لا تعقل كمثل الذی ینعق دعاء و نداء بما لا یسمع صوته جملة، و یكون المثل مصروفا إلی الغنم و ما أشبهها ممّا یسمع و إن لم یفهم. خامسها أن یكون المعنی: و مثل الذین كفروا كمثل الغنم الذی لا یفهم دعاء الناعق.

(و قال سبحانه): «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یُشْهِدُ اللَّهَ عَلی ما فِی قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ* وَ إِذا تَوَلَّی سَعی فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیها وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسادَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ (1)بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ»(204-206) (و قال سبحانه): «سَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ كَمْ آتَیْناهُمْ مِنْ آیَةٍ بَیِّنَةٍ وَ مَنْ یُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ»(211)

آل عمران: «فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِیَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ وَ قُلْ لِلَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْأُمِّیِّینَ أَ أَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَیْكَ الْبَلاغُ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ»(20) (و قال تعالی): «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُدْعَوْنَ إِلی كِتابِ اللَّهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَتَوَلَّی فَرِیقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَیَّاماً مَعْدُوداتٍ وَ غَرَّهُمْ فِی دِینِهِمْ ما كانُوا یَفْتَرُونَ»(23-24) (و قال سبحانه): «إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِینَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ (2)فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ (إلی قوله تعالی): قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلی كَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَیْئاً وَ لا یَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ* یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِی إِبْراهِیمَ وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَ الْإِنْجِیلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ *ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِیما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِیما لَیْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* ما كانَ إِبْراهِیمُ یَهُودِیًّا وَ لا نَصْرانِیًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِیفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ* إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ* وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ یُضِلُّونَكُمْ وَ ما یُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ* یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ* یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَ

ص: 7


1- العزة: الحمیة و الانفة.
2- قال الراغب: أصل البهل كون الشی ء غیر مراعی، و البهل و الابتهال فی الدعاء: الاسترسال فیه و التضرع، و من فسر الابتهال باللعن فلاجل ان الاسترسال هنا لاجل اللعن.

بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِی أُنْزِلَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ* وَ لا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِینَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدی هُدَی اللَّهِ أَنْ یُؤْتی أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِیتُمْ أَوْ یُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ* یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ* وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ یُؤَدِّهِ إِلَیْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِینارٍ لا یُؤَدِّهِ إِلَیْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَیْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَیْسَ عَلَیْنا فِی الْأُمِّیِّینَ سَبِیلٌ وَ یَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ* بَلی مَنْ أَوْفی بِعَهْدِهِ وَ اتَّقی فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَّقِینَ* إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ (1)وَ لا یُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ (2)وَ لا یُزَكِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ *وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقاً یَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ (3)بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَ یَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ یَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ *ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُؤْتِیَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِی مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِیِّینَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ* وَ لا یَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِیِّینَ أَرْباباً أَ یَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (إلی قوله تعالی): أَ فَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ (إلی قوله): كَیْفَ یَهْدِی اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِیمانِهِمْ وَ شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ جاءَهُمُ الْبَیِّناتُ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ»(59-86) (و قال تعالی): «كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* فَمَنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ»(93-95)

ص: 8


1- أی لا نصیب لهم فی الجنة.
2- أی لا یرحمهم اللّٰه یوم القیامة، كما یقول القائل لغیره إذا استرحمه: انظر إلی.
3- لوی الحبل: فتله. لوی رأسه أو برأسه: أماله و أعرض. لوی لسانه بكذا: كنایة عن الكذب و تخرص الحدیث، أی و منهم لفریق یحرفون التوراة تحریفا خفیفا لیخفی و تحسبوه من الكتاب.

(و قال تعالی): «قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ شَهِیدٌ عَلی ما تَعْمَلُونَ* قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَ أَنْتُمْ شُهَداءُ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ تُطِیعُوا فَرِیقاً مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ یَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِیمانِكُمْ كافِرِینَ* وَ كَیْفَ تَكْفُرُونَ وَ أَنْتُمْ تُتْلی عَلَیْكُمْ آیاتُ اللَّهِ وَ فِیكُمْ رَسُولُهُ وَ مَنْ یَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ»(98-101) (و قال تعالی): «وَ لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَیْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ* لَنْ یَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذیً وَ إِنْ یُقاتِلُوكُمْ یُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا یُنْصَرُونَ *ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الذِّلَّةُ أَیْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَیْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا یَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ یَقْتُلُونَ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ* لَیْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ یَتْلُونَ آیاتِ اللَّهِ آناءَ اللَّیْلِ وَ هُمْ یَسْجُدُونَ *یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ یَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِینَ»(110-114) (و قال تعالی): «لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِیرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِیاءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَ قَتْلَهُمُ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ نَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ* ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ* الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَیْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّی یَأْتِیَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِی بِالْبَیِّناتِ وَ بِالَّذِی قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَیِّناتِ وَ الزُّبُرِ وَ الْكِتابِ الْمُنِیرِ* كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ (1)وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ* لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا أَذیً كَثِیراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا فَبِئْسَ ما یَشْتَرُونَ* لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ یَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ یُحِبُّونَ

ص: 9


1- أی ابعد عن النار و نحی عنها.

أَنْ یُحْمَدُوا بِما لَمْ یَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ (1)مِنَ الْعَذابِ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ* وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ»(181-189) (و قال تعالی): «وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ خاشِعِینَ لِلَّهِ لا یَشْتَرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِیلًا* أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ»(199)

النساء: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَ یُرِیدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِیلَ* وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَ كَفی بِاللَّهِ وَلِیًّا وَ كَفی بِاللَّهِ نَصِیراً* مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ یَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَیْنا وَ اسْمَعْ غَیْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَیًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِی الدِّینِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَیْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِیلًا* یا أَیُّهَا الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً (2)فَنَرُدَّها عَلی أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا* إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ وَ مَنْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَری إِثْماً عَظِیماً* أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ یُزَكِّی مَنْ یَشاءُ وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا (3)انْظُرْ كَیْفَ یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ كَفی بِهِ إِثْماً مُبِیناً* أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ (4)وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلًا* أُولئِكَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ یَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیراً *أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ

ص: 10


1- مفازة: منجاة، أی فلا تحسبنهم بمكان ینجون من العذاب.
2- أی نمحو ما فیها من عین و أنف و فم حتّی نجعلها لوحا واحدا كالاقفاء لا تستبین فیها جارحة، قال الرضی قدّس سرّه: هذه استعارة عن مسخ الوجوه، أی یزیل تخاطیطها و معارفها تشبیها بالصحیفة المطموسة التی عمیت سطورها و اشكلت حروفها.
3- الفتیل: ما تفتله بین أصابعك من خیط أو وسخ و یضرب به المثل فی الشی ء الحقیر، قاله الراغب. و یأتی أیضا بمعنی السحاة فی شق النواة.
4- الجبت: الأصنام. و یقال لكل ما عبد من دون اللّٰه. الساحر و الكاهن. خسار الناس. الطاغوت: كل متعد. كل رأس ضلال. الشیطان. الصارف عن طریق الخیر.

مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً* (1)أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً»(44-54) (و قال سبحانه): «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحاكَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ یَكْفُرُوا بِهِ وَ یُرِیدُ الشَّیْطانُ أَنْ یُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِیداً* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلی ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَی الرَّسُولِ رَأَیْتَ الْمُنافِقِینَ یَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً* فَكَیْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ یَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَ تَوْفِیقاً* أُولئِكَ الَّذِینَ یَعْلَمُ اللَّهُ ما فِی قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِی أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِیغاً»(60-63) (و قال تعالی): «وَ یَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَیَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَیْرَ الَّذِی تَقُولُ وَ اللَّهُ یَكْتُبُ ما یُبَیِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا *أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِیهِ اخْتِلافاً كَثِیراً* وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلَّا قَلِیلًا»(81-83) (و قال تعالی): «إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ یَدْعُونَ إِلَّا شَیْطاناً مَرِیداً* لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِیباً مَفْرُوضاً* وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ (2)وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً»(117-119) (و قال تعالی): «لَیْسَ بِأَمانِیِّكُمْ وَ لا أَمانِیِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً یُجْزَ بِهِ وَ لا یَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً»(123) (و قال تعالی): «یَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ

ص: 11


1- النقیر: و قبة فی ظهر النواة، و یضرب به المثل فی الشی ء الطفیف.
2- و لأمنینهم أی لا جعل لهم امنیة. و الامنیة: الصورة الحاصلة فی النفس من تمنی الشی ء. و لیبتكن أی لیقطعن آذان الانعام أو یشققونها. و البتك: قطع الأعضاء و الشعر، و یقاربه البتر و البت و البشك و البتل، لكن الأول یستعمل فی قطع الذنب خاصّة، و الثانی فی قطع الحبل و الوصل و الثالث فی قطع الثوب، و الرابع فی الانقطاع عن النكاح.

سَأَلُوا مُوسی أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَ آتَیْنا مُوسی سُلْطاناً مُبِیناً* وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِیثاقِهِمْ وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِی السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً* فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِآیاتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَیْها بِكُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِیلًا* وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلی مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظِیماً *وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِیحَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِینَ اخْتَلَفُوا فِیهِ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ یَقِیناً* بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِیزاً حَكِیماً *وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً *فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ كَثِیراً* وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ وَ أَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِینَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِیماً* لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ یُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِیمِینَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِیهِمْ أَجْراً عَظِیماً»(153-162) (و قال تعالی): «یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَیْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً* یا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَیْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ یَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا* لَنْ یَسْتَنْكِفَ الْمَسِیحُ أَنْ یَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ مَنْ یَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ یَسْتَكْبِرْ فَسَیَحْشُرُهُمْ إِلَیْهِ جَمِیعاً *فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَیُوَفِّیهِمْ أُجُورَهُمْ وَ یَزِیدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَمَّا الَّذِینَ اسْتَنْكَفُوا وَ اسْتَكْبَرُوا فَیُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِیماً وَ لا یَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً* یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَیْكُمْ نُوراً مُبِیناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا

ص: 12

بِهِ فَسَیُدْخِلُهُمْ فِی رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ وَ یَهْدِیهِمْ إِلَیْهِ صِراطاً مُسْتَقِیماً»(170-176)

المائدة: «وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ (إلی قوله): فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِیَةً یُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ (1)وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلی خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ* وَ مِنَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّا نَصاری أَخَذْنا مِیثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَةَ (2)وَ الْبَغْضاءَ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ وَ سَوْفَ یُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا یَصْنَعُونَ* یا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَكُمْ كَثِیراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِینٌ* یَهْدِی بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ یُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ یَهْدِیهِمْ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ قُلْ فَمَنْ یَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ یُهْلِكَ الْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* وَ قالَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصاری نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ *یا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَكُمْ عَلی فَتْرَةٍ (3)مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِیرٍ وَ لا نَذِیرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِیرٌ وَ نَذِیرٌ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ»(10-19) (و قال سبحانه): «وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَیْدِیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ كَیْفَ یَشاءُ وَ لَیَزِیدَنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْیاناً وَ كُفْراً وَ أَلْقَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ* وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ

ص: 13


1- قال الرضی قدّس سرّه: و المراد بها- و اللّٰه أعلم- أنهم یعكسون الكلام عن حقائقه و یزیلونه عن جهة صوابه حملا له علی أهوائهم و عطفا علی آرائهم.
2- أی فألقینا بینهم العداوة، و أصل الاغراء الالصاق.
3- الفترة: السكون و الانقطاع، أی المدة التی تكون بین كل رسول و رسول.

اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ لَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِیمِ* وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما یَعْمَلُونَ»(64-66) (و قال تعالی): «قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلی شَیْ ءٍ حَتَّی تُقِیمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَیَزِیدَنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْیاناً وَ كُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَی الْقَوْمِ الْكافِرِینَ (إلی قوله سبحانه): لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَ قالَ الْمَسِیحُ یا بَنِی إِسْرائِیلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْواهُ النَّارُ وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنْ لَمْ یَنْتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ *أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَی اللَّهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ* مَا الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّیقَةٌ كانا یَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَیْفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ الْآیاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّی یُؤْفَكُونَ *قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ اللَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ* قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِكُمْ غَیْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِیراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِیلِ* (إلی قوله): تَری كَثِیراً مِنْهُمْ یَتَوَلَّوْنَ الَّذِینَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ فِی الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ* وَ لَوْ كانُوا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبِیِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِیاءَ وَ لكِنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ* لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الْیَهُودَ وَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ قالُوا إِنَّا نَصاری ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَ رُهْباناً (1)وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ* وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَی الرَّسُولِ تَری أَعْیُنَهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ یَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِینَ* وَ ما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَ نَطْمَعُ أَنْ یُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ

ص: 14


1- قیل: قسیس كلمة سریانیة فی الأصل معناها شیخ، و فی العرف الكنسی هو أحد أصحاب المراتب فی الدیانة، و هو بین الاسقف و الشماس. و رهبان: من اتخذ الرهبانیة و هی الاعتزال عن الناس إلی دیر طلبا للتعبد.

الْقَوْمِ الصَّالِحِینَ فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِینَ»(68-85) (و قال تعالی): ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِیلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلی ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَی الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا یَعْلَمُونَ شَیْئاً وَ لا یَهْتَدُونَ»(103-104) (و قال تعالی): «وَ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما یَكُونُ لِی أَنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ* (إلی آخر السورة: 116-120)

الأنعام: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ (إلی قوله): وَ ما تَأْتِیهِمْ مِنْ آیَةٍ مِنْ آیاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِینَ *فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ یَأْتِیهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ *أَ لَمْ یَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِی الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَیْهِمْ مِدْراراً وَ جَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِینَ *وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَیْكَ كِتاباً فِی قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَیْدِیهِمْ لَقالَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ* وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ *وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ *وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ *قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ* إلی قوله تعالی قُلْ أَیُّ شَیْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِیدٌ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ أُوحِیَ إِلَیَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْری قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنَّنِی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ *الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ* (إلی قوله): وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُ إِلَیْكَ وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً (1)وَ إِنْ

ص: 15


1- الاكنة: الاغطیة. و الوقر: الصمم.

یَرَوْا كُلَّ آیَةٍ لا یُؤْمِنُوا بِها حَتَّی إِذا جاؤُكَ یُجادِلُونَكَ یَقُولُ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ *وَ هُمْ یَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ یَنْأَوْنَ عَنْهُ (1)وَ إِنْ یُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ *(إلی قوله): قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُكَ الَّذِی یَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ *وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلی ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّی أَتاهُمْ نَصْرُنا وَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وَ لَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِینَ* وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَیْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِیَ نَفَقاً فِی الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِی السَّماءِ فَتَأْتِیَهُمْ بِآیَةٍ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِینَ* إِنَّما یَسْتَجِیبُ الَّذِینَ یَسْمَعُونَ وَ الْمَوْتی یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلی أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ *إلی قوله تعالی قُلْ أَ رَأَیْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَیْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* بَلْ إِیَّاهُ تَدْعُونَ فَیَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَیْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (إلی قوله): قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلی قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِهِ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ (2)*قُلْ أَ رَأَیْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ یُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ* (إلی قوله): قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِی خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّی مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما یُوحی إِلَیَّ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ *وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْ یُحْشَرُوا إِلی رَبِّهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِیٌّ وَ لا شَفِیعٌ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ* (إلی قوله): قُلْ إِنِّی نُهِیتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِینَ* قُلْ إِنِّی عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی وَ كَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِی ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ یَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَیْرُ الْفاصِلِینَ* قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِی ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِیَ الْأَمْرُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِینَ* (إلی قوله تعالی): قُلْ مَنْ یُنَجِّیكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَ خُفْیَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِینَ*

ص: 16


1- أی یتباعدون عنه، من النأی و هو البعد.
2- أی یعرضون عنها.

قُلِ اللَّهُ یُنَجِّیكُمْ مِنْها وَ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ* قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً (1)وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ* وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَیْكُمْ بِوَكِیلٍ* لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ *وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ وَ إِمَّا یُنْسِیَنَّكَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* (إلی قوله تعالی): قُلْ أَ نَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَنْفَعُنا وَ لا یَضُرُّنا وَ نُرَدُّ عَلی أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِی اسْتَهْوَتْهُ الشَّیاطِینُ فِی الْأَرْضِ حَیْرانَ لَهُ أَصْحابٌ یَدْعُونَهُ إِلَی الْهُدَی ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَی اللَّهِ هُوَ الْهُدی وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِینَ»(1-71) (و قال سبحانه): «وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلی بَشَرٍ مِنْ شَیْ ءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِی جاءَ بِهِ مُوسی نُوراً وَ هُدیً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِیسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِیراً وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِی خَوْضِهِمْ یَلْعَبُونَ *وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُری وَ مَنْ حَوْلَها وَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلی صَلاتِهِمْ یُحافِظُونَ* (إلی قوله تعالی): وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِینَ وَ بَناتٍ بِغَیْرِ عِلْمٍ (2)سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَصِفُونَ* بَدِیعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنَّی یَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ (إلی قوله): قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ

ص: 17


1- أی فرقا مختلفة الاهواء و النزعات.
2- قال الرضی قدس اللّٰه روحه فی التلخیص «ص 38»: هذه استعارة، و المراد انهم ادعوا له سبحانه بنین و بنات بغیر علم، و ذلك مأخوذ من الخرق و هی الأرض الواسعة و جمعها خروق لان الریح تنخرق فیها أی تتسع، و الخرق من الرجال: الكثیر العطاء، فكانه ینخرق به، و الخرقة جماعة الجراد، و الخریق: الریح الشدید الهبوب، و كان معنی قوله تعالی: «وَ خَرَقُوا لَهُ» أی اتسعوا فی دعوی البنین و البنات له و هم كاذبون فی ذلك. و من قرأ: «و خرقوا» بالتشدید فانما أراد تكثیر الفعل من هذا الجنس، و الاختراق و الاختلاق و الاختراع و الابتشاك بمعنی واحد و هو الادعاء للشی ء علی طریق الكذب و الزور.

أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِیَ فَعَلَیْها وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِحَفِیظٍ* وَ كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ وَ لِیَقُولُوا دَرَسْتَ وَ لِنُبَیِّنَهُ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ *اتَّبِعْ ما أُوحِیَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ (إلی قوله سبحانه): وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آیَةٌ لَیُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآیاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ ما یُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا یُؤْمِنُونَ* وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ نَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ *وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَیْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتی وَ حَشَرْنا عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْ ءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِیُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ یَجْهَلُونَ* (إلی قوله): أَ فَغَیْرَ اللَّهِ أَبْتَغِی حَكَماً وَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ إِلَیْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا وَ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ *وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ *وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِی الْأَرْضِ یُضِلُّوكَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَخْرُصُونَ* (إلی قوله): وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ لَیُوحُونَ إِلی أَوْلِیائِهِمْ لِیُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ إلی قوله تعالی وَ إِذا جاءَتْهُمْ آیَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّی نُؤْتی مِثْلَ ما أُوتِیَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَیُصِیبُ الَّذِینَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما كانُوا یَمْكُرُونَ* (إلی قوله): وَ رَبُّكَ الْغَنِیُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما یَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّیَّةِ قَوْمٍ آخَرِینَ* إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ* قُلْ یا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنِّی عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَ* وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِیباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا یَصِلُ إِلَی اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلی شُرَكائِهِمْ ساءَ ما یَحْكُمُونَ* وَ كَذلِكَ زَیَّنَ لِكَثِیرٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِیُرْدُوهُمْ وَ لِیَلْبِسُوا عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما یَفْتَرُونَ *وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ (1)لا یَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَ أَنْعامٌ لا یَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا افْتِراءً عَلَیْهِ سَیَجْزِیهِمْ بِما كانُوا یَفْتَرُونَ* وَ قالُوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلی

ص: 18


1- الحجر: الممنوع منه بتحریمه.

أَزْواجِنا وَ إِنْ یَكُنْ مَیْتَةً فَهُمْ فِیهِ شُرَكاءُ سَیَجْزِیهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِیمٌ عَلِیمٌ* قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَی اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَ ما كانُوا مُهْتَدِینَ* (إلی قوله سبحانه): وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا (1)أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ* فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَ لا یُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِینَ* سَیَقُولُ الَّذِینَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَیْ ءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّی ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ* قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِینَ* قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِینَ یَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ (إلی قوله): وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ *أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلی طائِفَتَیْنِ مِنْ قَبْلِنا وَ إِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِینَ* أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدی مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ صَدَفَ عَنْها سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ *عَنْ آیاتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا یَصْدِفُونَ هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّكَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ* إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِی شَیْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَی اللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا یَفْعَلُونَ* (إلی قوله): قُلْ إِنَّنِی هَدانِی رَبِّی إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* دِیناً قِیَماً (2)مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ* قُلْ إِنَّ صَلاتِی وَ نُسُكِی (3)وَ

ص: 19


1- الحوایا جمع حویة و هی الامعاء.
2- قیما أی ثابتا مقوما لأمور معاشهم و معادهم، أو ثابتا دائما لا ینسخ، و قرئ بالتخفیف من قیام. و الملّة: اسم لما شرع اللّٰه تعالی لعباده علی لسان الأنبیاء، مأخوذة من أمللت الكتاب، و لا تضاف الا الی النبیّ الذی تسند إلیه بخلاف الدین فانه یضاف للّٰه و للنبی و لآحاد امته. حنیفا أی مائلا و عادلا عن كل دین سوی دین اللّٰه، مخلصا فی العبادة للّٰه.
3- النسك: العبادة. كل ما تقرب به إلی اللّٰه الا أن الغالب اطلاقها علی الذبح.

مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ* لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِینَ *قُلْ أَ غَیْرَ اللَّهِ أَبْغِی رَبًّا وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَیْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری ثُمَّ إِلی رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ»(91-141)

الأعراف: المص *كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَیْكَ فَلا یَكُنْ فِی صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْری لِلْمُؤْمِنِینَ *اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ قَلِیلًا ما تَذَكَّرُونَ»(1-3) (و قال سبحانه): «وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَیْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ* قُلْ أَمَرَ رَبِّی بِالْقِسْطِ وَ أَقِیمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ* فَرِیقاً هَدی وَ فَرِیقاً حَقَّ عَلَیْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ *إلی قوله وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلی عِلْمٍ هُدیً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ* (إلی قوله تعالی حاكیا عن نوح (هود) علی نبینا و آله و علیه السلام): أَ تُجادِلُونَنِی فِی أَسْماءٍ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِینَ»(28-71)

(و قال تعالی): «قُلْ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ جَمِیعاً الَّذِی لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ یُحیِی وَ یُمِیتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ (1)الَّذِی یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ كَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»(158)

(و قال سبحانه): «أَ وَ لَمْ یَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِیرٌ مُبِینٌ *أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ وَ أَنْ عَسی أَنْ یَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَهُ یُؤْمِنُونَ (إلی قوله): قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِی نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَیْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَیْرِ وَ ما مَسَّنِیَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِیرٌ وَ بَشِیرٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ* (إلی قوله): أَ یُشْرِكُونَ ما لا یَخْلُقُ شَیْئاً وَ هُمْ یُخْلَقُونَ*

ص: 20


1- قیل: منسوب إلی الأمة الذین لم یكتبوا لكونه علی عادتهم كقولك: عامی لكونه علی عادة العامّة. و قیل: سمی به لانه لم یكن یكتب و لا یقرأ من كتاب، و ذلك فضیلة له لاستغنائه بحفظه و اعتماده علی ضمان اللّٰه منه بقوله: «سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسی و قیل: سمی بذلك لنسبته إلی أم القری.

وَ لا یَسْتَطِیعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَ لا أَنْفُسَهُمْ یَنْصُرُونَ *وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْهُدی لا یَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَیْكُمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ *إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْیَسْتَجِیبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ یَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَیْدٍ یَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْیُنٌ یُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ یَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِیدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ* إِنَّ وَلِیِّیَ اللَّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ یَتَوَلَّی الصَّالِحِینَ *وَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَكُمْ وَ لا أَنْفُسَهُمْ یَنْصُرُونَ *وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْهُدی لا یَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْكَ وَ هُمْ لا یُبْصِرُونَ *خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ *وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ (1)فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ* (إلی قوله تعالی): وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآیَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَیْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما یُوحی إِلَیَّ مِنْ رَبِّی هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ (2)وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ»(184-203)

الأنفال: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ *وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ *إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ *وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِیهِمْ خَیْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما یُحْیِیكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ (3)وَ أَنَّهُ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ* (إلی قوله تعالی): وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ *وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَیْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِیمٍ* وَ ما

ص: 21


1- أی إن نالك من الشیطان وسوسة و نخسة فی القلب بما یعول للإنسان لیصرفك عما امرت به فاستعذ باللّٰه.
2- أی حجج بینة من ربكم.
3- قال الرضی رضوان اللّٰه تعالی علیه: هذه استعارة و المعنی أن اللّٰه تعالی أقرب إلی العبد من قلبه فكانه حائل بینه و بینه من هذا الوجه، أو یكون المعنی انه تعالی قادر علی تبدیل قلب المرء من حال إلی حال، إذ كان سبحانه موصوفا بأنّه مقلب القلوب، و المعنی أنّه ینقلها من حال الامن إلی حال الخوف، و من حال الخوف إلی حال الامن، و من حال المساءة الی حال السرور، و من حال المحبوب الی حال المكروه.

كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ (إلی قوله): وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِیَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (إلی قوله تعالی): قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ یَنْتَهُوا یُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَ إِنْ یَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِینَ»(20-38)

التوبة: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصاری الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ یُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّی یُؤْفَكُونَ* اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا یُشْرِكُونَ *یُرِیدُونَ أَنْ یُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ *هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ كَثِیراً مِنَ الْأَحْبارِ (1)وَ الرُّهْبانِ لَیَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ (إلی قوله): إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا یُحِلُّونَهُ عاماً وَ یُحَرِّمُونَهُ عاماً لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَیُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُیِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ»(30-37)

(و قال تعالی): «وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَیُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِیماناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِیماناً وَ هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ *وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَی رِجْسِهِمْ (2)وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ* أَ وَ لا یَرَوْنَ أَنَّهُمْ یُفْتَنُونَ فِی كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَیْنِ ثُمَّ لا یَتُوبُونَ وَ لا هُمْ یَذَّكَّرُونَ* وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ هَلْ یَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ»(123-127)

ص: 22


1- الاحبار جمع الحبر: العالم و الفقیه، و الحبر: الاثر المستحسن، سمی العالم بذلك لما یبقی من أثر علومهم فی نفوس الناس و من آثار أفعالهم الحسنة المقتدی بها، و الحبر الأعظم عند النصاری: خلف السیّد المسیح علی الأرض. و عند الیهود: رئیس الكهنة.
2- قال السیّد الرضیّ: هذه استعارة ظاهرة، و ذلك أن السورة لا تزید الارجاس رجسا و لا القلوب مرضا بل هی شفاء للصدور و جلاء للقلوب، و لكن المنافقین لما ازدادوا عند نزولها عمی و عمها و ازدادت قلوبهم ارتیابا و مرضا حسن أن یضاف ذلك إلی السورة علی طریقة لاهل اللسان معروفة.

یونس: الر تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ الْحَكِیمِ *أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَیْنا إِلی رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَ بَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِینٌ»(1-2) (و قال تعالی): «وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ قالَ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَیْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما یَكُونُ لِی أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِی إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما یُوحی إِلَیَّ إِنِّی أَخافُ إِنْ عَصَیْتُ رَبِّی عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ* قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَیْكُمْ وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِیكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآیاتِهِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ *وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا یَعْلَمُ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ* (إلی قوله): وَ یَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَیْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِینَ»(15-20) (و قال تعالی): «قُلْ مَنْ یَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَمَّنْ یَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ مَنْ یُخْرِجُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ وَ یُخْرِجُ الْمَیِّتَ مِنَ الْحَیِّ وَ مَنْ یُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَیَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ* فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّی تُصْرَفُونَ *كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَی الَّذِینَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا یُؤْمِنُونَ *قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ قُلِ اللَّهُ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ* قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ یَهْدِی لِلْحَقِّ أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی فَما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ* وَ ما یَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِما یَفْعَلُونَ* وَ ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ یُفْتَری مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَ تَفْصِیلَ الْكِتابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ* أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ یُحِیطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا یَأْتِهِمْ تَأْوِیلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِینَ* وَ مِنْهُمْ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لا یُؤْمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِینَ *وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِی عَمَلِی وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِیئُونَ مِمَّا

ص: 23

أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِی ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ* وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْكَ أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا یَعْقِلُونَ* وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْظُرُ إِلَیْكَ أَ فَأَنْتَ تَهْدِی الْعُمْیَ وَ لَوْ كانُوا لا یُبْصِرُونَ (إلی قوله): وَ یَقُولُونَ مَتی هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِی ضَرًّا وَ لا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا یَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا یَسْتَقْدِمُونَ* قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَیاتاً أَوْ نَهاراً ما ذا یَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَ قَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ* (1)... وَ یَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ قُلْ إِی وَ رَبِّی إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ (إلی قوله): یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ* قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ *قُلْ أَ رَأَیْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَی اللَّهِ تَفْتَرُونَ (إلی قوله): وَ لا یَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ *أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ ما یَتَّبِعُ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَخْرُصُونَ* هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَسْمَعُونَ *قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِیُّ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ* قُلْ إِنَّ الَّذِینَ یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ لا یُفْلِحُونَ (إلی قوله): إِنَّ الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ* وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آیَةٍ حَتَّی یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ (إلی قوله): وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِی الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِیعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّی یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ (إلی قوله): قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما تُغْنِی الْآیاتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا یُؤْمِنُونَ* فَهَلْ یَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَیَّامِ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِینَ* ثُمَّ نُنَجِّی رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَیْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِینَ* قُلْ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِی شَكٍّ مِنْ دِینِی فَلا أَعْبُدُ الَّذِینَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِی

ص: 24


1- سقطت من هنا آیة و هی: «ثُمَّ قِیلَ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ»

یَتَوَفَّاكُمْ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* وَ أَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفاً وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِینَ* وَ لا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَنْفَعُكَ وَ لا یَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِینَ (إلی قوله سبحانه): قُلْ یا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما یَضِلُّ عَلَیْها وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِوَكِیلٍ* وَ اتَّبِعْ ما یُوحی إِلَیْكَ وَ اصْبِرْ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ»(31-109)

هود: «الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آیاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِیمٍ خَبِیرٍ* أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِی لَكُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ وَ بَشِیرٌ *وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ كَبِیرٍ* إِلَی اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* أَلا إِنَّهُمْ یَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِیَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِینَ یَسْتَغْشُونَ ثِیابَهُمْ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (إلی قوله): وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلی أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَیَقُولُنَّ ما یَحْبِسُهُ أَلا یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ (إلی قوله): فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما یُوحی إِلَیْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ یَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِیرٌ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ وَكِیلٌ* أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَیاتٍ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ *فَإِلَّمْ یَسْتَجِیبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (إلی قوله): فَلا تَكُ فِی مِرْیَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یُؤْمِنُونَ»(1-17)

(و قال تعالی): «تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیها إِلَیْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِینَ»(49) (و قال سبحانه): «وَ كُلًّا نَقُصُّ عَلَیْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِی هذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْری لِلْمُؤْمِنِینَ* وَ قُلْ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ *وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ* وَ لِلَّهِ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَیْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»(120-123)

ص: 25

یوسف: «ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَیْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ هُمْ یَمْكُرُونَ* وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِینَ *وَ ما تَسْئَلُهُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ *وَ كَأَیِّنْ مِنْ آیَةٍ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَمُرُّونَ عَلَیْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ* وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ *أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِیَهُمْ غاشِیَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِیَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* قُلْ هذِهِ سَبِیلِی أَدْعُوا إِلَی اللَّهِ عَلی بَصِیرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ* وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِی إِلَیْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُری أَ فَلَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَیْرٌ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا أَ فَلا تَعْقِلُونَ»(102-109)

الرعد: «المر تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ وَ الَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یُؤْمِنُونَ* (إلی قوله تعالی): وَ یَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّیِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلی ظُلْمِهِمْ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِیدُ الْعِقابِ* وَ یَقُولُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (إلی قوله): هُوَ الَّذِی یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ یُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ* وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ وَ یُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَیُصِیبُ بِها مَنْ یَشاءُ وَ هُمْ یُجادِلُونَ فِی اللَّهِ وَ هُوَ شَدِیدُ الْمِحالِ* لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْ ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ لِیَبْلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الْكافِرِینَ إِلَّا فِی ضَلالٍ* وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَ فَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ لا یَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَیْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (إلی قوله سبحانه): (1)أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّیْلُ زَبَداً رابِیاً وَ مِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فِی النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْیَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ یَضْرِبُ

ص: 26


1- هكذا فی النسخ، و الآیة غیر متوسطة بآیة اخری، فقوله: «الی قوله سبحانه» زیادة و لعله من النسّاخ.

اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْكُثُ فِی الْأَرْضِ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (إلی قوله): أَ فَمَنْ یَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمی إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ»(1-19)

(و قال تعالی): «وَ یَقُولُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ أَنابَ (إلی قوله تعالی): كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِی أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَیْهِمُ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ وَ هُمْ یَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ مَتابِ* وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُیِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتی بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِیعاً أَ فَلَمْ یَیْأَسِ الَّذِینَ آمَنُوا أَنْ لَوْ یَشاءُ اللَّهُ لَهَدَی النَّاسَ جَمِیعاً وَ لا یَزالُ الَّذِینَ كَفَرُوا تُصِیبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّی یَأْتِیَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ* وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ عِقابِ* أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلی كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا یَعْلَمُ فِی الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِیلِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (إلی قوله): وَ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ یُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَ لا أُشْرِكَ بِهِ إِلَیْهِ أَدْعُوا وَ إِلَیْهِ مَآبِ* وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِیًّا وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا واقٍ (إلی قوله): وَ إِنْ ما نُرِیَنَّكَ بَعْضَ الَّذِی نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّیَنَّكَ فَإِنَّما عَلَیْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَیْنَا الْحِسابُ (إلی قوله): وَ یَقُولُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»(27-43)

إبراهیم: «الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلی صِراطِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ (إلی قوله): مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ لا یَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلی شَیْ ءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِیدُ* أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِیدٍ وَ ما ذلِكَ عَلَی اللَّهِ بِعَزِیزٍ»(1-20)

ص: 27

(و قال تعالی): «أَ لَمْ تَرَ كَیْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَیِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِی السَّماءِ* تُؤْتِی أُكُلَها كُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ* وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ»(24-26)

(و قال سبحانه): «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ* وَ جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِیرَكُمْ إِلَی النَّارِ»(28-30)

الحجر: «الر تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ وَ قُرْآنٍ مُبِینٍ* رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِینَ *ذَرْهُمْ یَأْكُلُوا وَ یَتَمَتَّعُوا وَ یُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (إلی قوله): وَ قالُوا یا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ* لَوْ ما تَأْتِینا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ* ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِینَ *إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (إلی قوله): وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِیهِ یَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (إلی قوله): وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِیَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِیلَ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِیمُ *وَ لَقَدْ آتَیْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِی وَ الْقُرْآنَ الْعَظِیمَ* لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِینَ *وَ قُلْ إِنِّی أَنَا النَّذِیرُ الْمُبِینُ *كَما أَنْزَلْنا عَلَی الْمُقْتَسِمِینَ* الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ *فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ* عَمَّا كانُوا یَعْمَلُونَ *فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ* إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ* الَّذِینَ یَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ* وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدْرُكَ بِما یَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِینَ *وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّی یَأْتِیَكَ الْیَقِینُ»(1-99)

النحل: «أَتی أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ* یُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ *خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (إلی قوله): أَ فَمَنْ یَخْلُقُ

ص: 28

كَمَنْ لا یَخْلُقُ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (إلی قوله): وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا یَخْلُقُونَ شَیْئاً وَ هُمْ یُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَیْرُ أَحْیاءٍ وَ ما یَشْعُرُونَ أَیَّانَ یُبْعَثُونَ* إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ* لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ* إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ* لِیَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِینَ یُضِلُّونَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما یَزِرُونَ (إلی قوله): وَ قالَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْ ءٍ نَحْنُ وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْ ءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَی الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ (إلی قوله): إِنْ تَحْرِصْ عَلی هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ یُضِلُّ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِینَ (إلی قوله): وَ أَنْزَلْنا إِلَیْكَ الذِّكْرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَیْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَكَّرُونَ* أَ فَأَمِنَ الَّذِینَ مَكَرُوا السَّیِّئاتِ أَنْ یَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ* أَوْ یَأْخُذَهُمْ فِی تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِینَ* أَوْ یَأْخُذَهُمْ عَلی تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ *أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلی ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْیَمِینِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ* وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ* یَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ *وَ قالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَیْنِ اثْنَیْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ* وَ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّینُ واصِباً أَ فَغَیْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ *وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَیْهِ تَجْئَرُونَ *ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِیقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ یُشْرِكُونَ* لِیَكْفُرُوا بِما آتَیْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* وَ یَجْعَلُونَ لِما لا یَعْلَمُونَ نَصِیباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ *وَ یَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما یَشْتَهُونَ *وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثی ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِیمٌ* یَتَواری مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَ یُمْسِكُهُ عَلی هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرابِ أَلا ساءَ ما یَحْكُمُونَ (إلی قوله تعالی): وَ یَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما یَكْرَهُونَ وَ تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنی لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (إلی قوله): وَ ما أَنْزَلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَیِّنَ لَهُمُ الَّذِی اخْتَلَفُوا فِیهِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (إلی

ص: 29

قوله): وَ اللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلی بَعْضٍ فِی الرِّزْقِ فَمَا الَّذِینَ فُضِّلُوا بِرَادِّی رِزْقِهِمْ عَلی ما مَلَكَتْ أَیْمانُهُمْ فَهُمْ فِیهِ سَواءٌ أَ فَبِنِعْمَةِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ (إلی قوله): وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ شَیْئاً وَ لا یَسْتَطِیعُونَ* فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ *ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا یَقْدِرُ عَلی شَیْ ءٍ وَ مَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ یُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَ جَهْراً هَلْ یَسْتَوُونَ* الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ *وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَیْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا یَقْدِرُ عَلی شَیْ ءٍ وَ هُوَ كَلٌّ عَلی مَوْلاهُ أَیْنَما یُوَجِّهْهُ لا یَأْتِ بِخَیْرٍ هَلْ یَسْتَوِی هُوَ وَ مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ هُوَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (إلی قوله): فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَیْكَ الْبَلاغُ الْمُبِینُ *یَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ یُنْكِرُونَها وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (إلی قوله): وَ نَزَّلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ تِبْیاناً لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُدیً وَ رَحْمَةً وَ بُشْری لِلْمُسْلِمِینَ (إلی قوله): وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَیْكُمْ كَفِیلًا إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ* وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما یَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ لَیُبَیِّنَنَّ لَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ ما كُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ* وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* وَ لا تَتَّخِذُوا أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (إلی قوله): وَ إِذا بَدَّلْنا آیَةً مَكانَ آیَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما یُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ* قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِیُثَبِّتَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هُدیً وَ بُشْری لِلْمُسْلِمِینَ* وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّما یُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِی یُلْحِدُونَ إِلَیْهِ أَعْجَمِیٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِیٌّ مُبِینٌ (إلی قوله): ثُمَّ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ»(1-123)

(و قال سبحانه): «ادْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ (إلی قوله): وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ لا تَكُ فِی ضَیْقٍ مِمَّا یَمْكُرُونَ* إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ»(125-128)

ص: 30

الإسراء: «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِیراً* وَ أَنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً (إلی قوله): ذلِكَ مِمَّا أَوْحی إِلَیْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقی فِی جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً* أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِینَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً* إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِیماً* وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّكَّرُوا وَ ما یَزِیدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً* قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما یَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا* سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِیراً (إلی قوله): وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً* وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً* نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوی إِذْ یَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً* انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلًا (إلی قوله): قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا یَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِیلًا *أُولئِكَ الَّذِینَ یَدْعُونَ یَبْتَغُونَ إِلی رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ أَیُّهُمْ أَقْرَبُ وَ یَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ یَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (إلی قوله): وَ إِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً كَبِیراً (إلی قوله سبحانه): قُلْ كُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدی سَبِیلًا (إلی قوله تعالی): وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَیْنا وَكِیلًا*إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَیْكَ كَبِیراً* قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً *وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبی أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً* وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً *أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِیراً *أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا* أَوْ یَكُونَ لَكَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّی هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا*

ص: 31

وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا* قُلْ لَوْ كانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا* قُلْ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً (إلی قوله): قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّی إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْیَةَ الْإِنْفاقِ وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً»(9-100)

(و قال تعالی): «وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِیراً* وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ (1)لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِیلًا* قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا یُتْلی عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً *وَ یَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا* وَ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ یَبْكُونَ وَ یَزِیدُهُمْ خُشُوعاً»(105-109)

الكهف: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلی عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ وَ یُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً* ماكِثِینَ فِیهِ أَبَداً* وَ یُنْذِرَ الَّذِینَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً* ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ یَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً* فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلی آثارِهِمْ إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أَسَفاً»(1-6)

(و قال تعالی): «وَ اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (2)(إلی قوله): وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِینَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها (3)(إلی قوله تعالی): ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً (إلی قوله): وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ الْإِنْسانُ

ص: 32


1- قال الشریف الرضی قدس اللّٰه روحه: معنی فرقناه أی بیناه للناس بنصوع مصباحه و شدوخ أوضاحه حتّی صار كمفرق الرأس فی وضوح مخطه، أو كفرق الصبح فی بیان منبلجه. و قد قال بعضهم: معنی فرقناه أی فصلناه سورا و آیات، فذلك بمنزلة فرق الشعر، و هو تمییز بعضه من بعض حتّی یزول التباسه و یتخلص التفافه.
2- ملتحدا أی ملتجأ تلتجئ إلیه، یقال: التحد إلیه أی التجأ و مال إلیه.
3- السرادق: الفسطاط الذی یمد فوق صحن البیت.

أَكْثَرَ شَیْ ءٍ جَدَلًا* وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی وَ یَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا (إلی قوله): وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآیاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِیَ ما قَدَّمَتْ یَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَی الْهُدی فَلَنْ یَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً»(27-57)

(و قال سبحانه): «أَ فَحَسِبَ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنْ یَتَّخِذُوا عِبادِی مِنْ دُونِی أَوْلِیاءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِینَ نُزُلًا (إلی قوله): قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا یُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً»(102-110)

مریم: «ذلِكَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِی فِیهِ یَمْتَرُونَ *ما كانَ لِلَّهِ أَنْ یَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضی أَمْراً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ* وَ إِنَّ اللَّهَ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ *فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَیْنِهِمْ فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ یَوْمٍ عَظِیمٍ»(34-37)

(و قال تعالی): «وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا أَیُّ الْفَرِیقَیْنِ خَیْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِیًّا* وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْیاً *قُلْ مَنْ كانَ فِی الضَّلالَةِ فَلْیَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا* حَتَّی إِذا رَأَوْا ما یُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السَّاعَةَ فَسَیَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً (إلی قوله): أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی كَفَرَ بِآیاتِنا وَ قالَ لَأُوتَیَنَّ مالًا وَ وَلَداً* أَطَّلَعَ الْغَیْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً *كَلَّا سَنَكْتُبُ ما یَقُولُ وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا* وَ نَرِثُهُ ما یَقُولُ وَ یَأْتِینا فَرْداً *وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِیَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا* كَلَّا سَیَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ یَكُونُونَ عَلَیْهِمْ ضِدًّا (إلی قوله): وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً *لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا *تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا *أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً* وَ ما یَنْبَغِی لِلرَّحْمنِ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً* إِنْ كُلُّ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِی الرَّحْمنِ عَبْداً (إلی قوله): فَإِنَّما یَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِینَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا»(73-97)

طه: «وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا وَ صَرَّفْنا فِیهِ مِنَ الْوَعِیدِ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ

ص: 33

أَوْ یُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً* فَتَعالَی اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یُقْضی إِلَیْكَ وَحْیُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِی عِلْماً»(113-114) (و قال سبحانه): «وَ قالُوا لَوْ لا یَأْتِینا بِآیَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَ وَ لَمْ تَأْتِهِمْ بَیِّنَةُ ما فِی الصُّحُفِ الْأُولی* وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَیْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آیاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزی* قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِیِّ وَ مَنِ اهْتَدی»(133-135)

الأنبیاء: «اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِی غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ* ما یَأْتِیهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ یَلْعَبُونَ* لاهِیَةً قُلُوبُهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوَی الَّذِینَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ* قالَ رَبِّی یَعْلَمُ الْقَوْلَ فِی السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ* بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْیَأْتِنا بِآیَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ* ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها أَ فَهُمْ یُؤْمِنُونَ* وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِی إِلَیْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ *وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا یَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ ما كانُوا خالِدِینَ* ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَیْناهُمْ وَ مَنْ نَشاءُ وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِینَ* لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْكُمْ كِتاباً فِیهِ ذِكْرُكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* (إلی قوله): وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبِینَ* لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِینَ* بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَی الْباطِلِ فَیَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَیْلُ مِمَّا تَصِفُونَ* وَ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ* یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ *أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ یُنْشِرُونَ *لَوْ كانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ *لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ وَ هُمْ یُسْئَلُونَ* أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِیَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِی بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ *وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِی إِلَیْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ* وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ *یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ* وَ مَنْ یَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّی إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِیهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ (إلی قوله

ص: 34

سبحانه): وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (إلی قوله): وَ إِذا رَآكَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ یَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَ هذَا الَّذِی یَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ* خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِیكُمْ آیاتِی فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (إلی قوله): قُلْ مَنْ یَكْلَؤُكُمْ (1)بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ* أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَ لا هُمْ مِنَّا یُصْحَبُونَ* بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتَّی طالَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ أَ فَلا یَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ* قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْیِ وَ لا یَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما یُنْذَرُونَ (إلی قوله تعالی): وَ هذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَ فَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ»(1-50)

(و قال سبحانه): «وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ *إِنَّ فِی هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِینَ* وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ* قُلْ إِنَّما یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ *فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلی سَواءٍ وَ إِنْ أَدْرِی أَ قَرِیبٌ أَمْ بَعِیدٌ ما تُوعَدُونَ* إِنَّهُ یَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَ یَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ *وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ* قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلی ما تَصِفُونَ»(105-112)

الحج: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ یَتَّبِعُ كُلَّ شَیْطانٍ مَرِیدٍ* كُتِبَ عَلَیْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ یُضِلُّهُ وَ یَهْدِیهِ إِلی عَذابِ السَّعِیرِ (إلی قوله تعالی): وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدیً وَ لا كِتابٍ مُنِیرٍ* ثانِیَ عِطْفِهِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَ نُذِیقُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَذابَ الْحَرِیقِ* ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ یَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ* وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ (2)فَإِنْ أَصابَهُ خَیْرٌ

ص: 35


1- أی من یحفظكم و یحرسكم من عذاب اللّٰه إذا صب علیكم لیلا و نهارا.
2- قال السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه: هذه استعارة و المراد- و اللّٰه أعلم-: صفة الإنسان المضطرب الدین الضعیف الیقین الذی لم یثبت فی الحق قدمه و لا استمرت علیه سریرته، فأوهن شبهة تعرض له ینقاد معها و یفارق دینه لها، تشبیها بالقائم علی طرف مهواة، فأدنی عارض یزلقه و أضعف دافع یطرحه.

اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلی وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ *یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُرُّهُ وَ ما لا یَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِیدُ* یَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلی وَ لَبِئْسَ الْعَشِیرُ (إلی قوله): مَنْ كانَ یَظُنُّ أَنْ لَنْ یَنْصُرَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ فَلْیَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَی السَّماءِ ثُمَّ لْیَقْطَعْ فَلْیَنْظُرْ هَلْ یُذْهِبَنَّ كَیْدُهُ ما یَغِیظُ* وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آیاتٍ بَیِّناتٍ وَ أَنَّ اللَّهَ یَهْدِی مَنْ یُرِیدُ (إلی قوله): أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِیرٌ حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ وَ مَنْ یُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ»(3-18)

(و قال سبحانه): «وَ إِنْ یُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ *وَ قَوْمُ إِبْراهِیمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ *وَ أَصْحابُ مَدْیَنَ وَ كُذِّبَ مُوسی فَأَمْلَیْتُ لِلْكافِرِینَ (1)ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ (إلی قوله): أَ فَلَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ یَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ یَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُور*ِ وَ یَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ یَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ* وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَمْلَیْتُ لَها وَ هِیَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ*قُلْ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِیرٌ مُبِینٌ (إلی قوله): ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّ ما یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِیُّ الْكَبِیرُ* أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرٌ* لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ* أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِی الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ یُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ *وَ هُوَ الَّذِی أَحْیاكُمْ ثُمَّ یُمِیتُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ *لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا یُنازِعُنَّكَ فِی الْأَمْرِ وَ ادْعُ إِلی رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلی هُدیً مُسْتَقِیمٍ* وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ اللَّهُ یَحْكُمُ بَیْنَكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ* أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما فِی السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِی كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ*

ص: 36


1- أی أمهلتهم و اطلت مدة تمتعهم.

وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ ما لَیْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ نَصِیرٍ* وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ تَعْرِفُ فِی وُجُوهِ الَّذِینَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ یَكادُونَ یَسْطُونَ بِالَّذِینَ یَتْلُونَ عَلَیْهِمْ آیاتِنا قُلْ أَ فَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ* یا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَیْئاً لا یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ *ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ»(42-74)

المؤمنون: «فَذَرْهُمْ فِی غَمْرَتِهِمْ حَتَّی حِینٍ* أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ *نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ (إلی قوله): وَ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ لَدَیْنا كِتابٌ یَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ* بَلْ قُلُوبُهُمْ فِی غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَ لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ* حَتَّی إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِیهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ یَجْأَرُونَ* لا تَجْأَرُوا الْیَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ *قَدْ كانَتْ آیاتِی تُتْلی عَلَیْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ* مُسْتَكْبِرِینَ بِهِ سامِراً (1)تَهْجُرُونَ *أَ فَلَمْ یَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ یَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِینَ *أَمْ لَمْ یَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ* أَمْ یَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ* وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ بَلْ أَتَیْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ* أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَیْرٌ وَ هُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ* وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* وَ إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ *(2)وَ لَوْ رَحِمْناهُمْ وَ كَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ* وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما یَتَضَرَّعُونَ حَتَّی إِذا فَتَحْنا عَلَیْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِیدٍ إِذا هُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ* وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ* وَ هُوَ الَّذِی ذَرَأَكُمْ فِی الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ *وَ هُوَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ* بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ *قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* لَقَدْ وُعِدْنا

ص: 37


1- أصل السمر: سواد اللیل، و منه قیل: لا آتیك السمر و القمر أی لا آتیك أبدا، ثم استعمل للحدیث باللیل، و منه قوله تعالی: «سامِراً تَهْجُرُونَ» و قولهم: لا أفعله ما سمر بنا سمیر أی ما تحدث الناس لیلا؛ یعنی أبدا.
2- نكب عنه: عدل.

نَحْنُ وَ آباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ* قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ* سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِیَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ یُجِیرُ وَ لا یُجارُ عَلَیْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّی تُسْحَرُونَ* بَلْ أَتَیْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ *عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ فَتَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ *قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی ما یُوعَدُونَ *رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِی فِی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ* وَ إِنَّا عَلی أَنْ نُرِیَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ* ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَصِفُونَ *وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ (1)وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ یَحْضُرُونِ (إلی قوله): أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُونَ* فَتَعالَی اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِیمِ *وَ مَنْ یَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الْكافِرُونَ»(54-117)

النور: «لَقَدْ أَنْزَلْنا آیاتٍ مُبَیِّناتٍ وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا ثُمَّ یَتَوَلَّی فَرِیقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِینَ* وَ إِذا دُعُوا إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَ إِنْ یَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ یَأْتُوا إِلَیْهِ مُذْعِنِینَ* أَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ یَخافُونَ أَنْ یَحِیفَ (2)اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِینَ إِذا دُعُوا إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ أَنْ یَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَخْشَ اللَّهَ وَ یَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ* وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَیَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ* قُلْ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَیْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَیْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِیعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَی الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ (إلی قوله): لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا مُعْجِزِینَ فِی الْأَرْضِ وَ مَأْواهُمُ النَّارُ وَ لَبِئْسَ الْمَصِیرُ»(46-57)

ص: 38


1- همزات الشیاطین:خطراته التی یخطرها یقلب الانسان ووساوسه
2- الحیف: المیل فی الحكم و الجنوح إلی أحد الجانبین.

الفرقان: «تَبارَكَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقانَ (1)عَلی عَبْدِهِ لِیَكُونَ لِلْعالَمِینَ نَذِیراً *الَّذِی لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَرِیكٌ فِی الْمُلْكِ وَ خَلَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِیراً* وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا یَخْلُقُونَ شَیْئاً وَ هُمْ یُخْلَقُونَ وَ لا یَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ لا یَمْلِكُونَ مَوْتاً وَ لا حَیاةً وَ لا نُشُوراً* وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَ أَعانَهُ عَلَیْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَ زُوراً *وَ قالُوا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ اكْتَتَبَها فَهِیَ تُمْلی عَلَیْهِ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا* قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِی یَعْلَمُ السِّرَّ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِیماً *وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ یَأْكُلُ الطَّعامَ وَ یَمْشِی فِی الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَیْهِ مَلَكٌ فَیَكُونَ مَعَهُ نَذِیراً *أَوْ یُلْقی إِلَیْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ یَأْكُلُ مِنْها وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً* انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلًا* تَبارَكَ الَّذِی إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَیْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ یَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (إلی قوله سبحانه): وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِینَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَیَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ یَمْشُونَ فِی الْأَسْواقِ وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصِیراً* وَ قالَ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَری رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِیراً (إلی قوله): وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَیْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِیلًا* وَ لا یَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِیراً (إلی قوله): أَ رَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَیْهِ وَكِیلًا* أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ یَسْمَعُونَ أَوْ یَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا (إلی قوله): فَلا تُطِعِ الْكافِرِینَ وَ جاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِیراً (إلی قوله سبحانه): وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَنْفَعُهُمْ وَ لا یَضُرُّهُمْ وَ كانَ الْكافِرُ عَلی رَبِّهِ ظَهِیراً *وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِیراً *قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلًا* وَ تَوَكَّلْ عَلَی الْحَیِ

ص: 39


1- الفرقان اسم لا مصدر، و تقدیره كتقدیر رجل قنعان أی یقنع به فی الحكم، و الفرقان أبلغ من الفرق لانه یستعمل فی الفرق بین الحق و الباطل، و الفرق یستعمل فی ذلك و فی غیره، و یطلق ذلك علی كلام اللّٰه لانه یفرق بین الحق و الباطل فی الاعتقاد، و الصدق و الكذب فی المقال، و الصالح و الطالح فی الاعمال.

الَّذِی لا یَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفی بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِیراً (إلی قوله): وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً»(1-60)

الشعراء: «طسم* تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ الْمُبِینِ* لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ (1)أَلَّا یَكُونُوا مُؤْمِنِینَ* إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ آیَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِینَ *وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِینَ* فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَیَأْتِیهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ* أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ»(1-8)

(و قال سبحانه): «وَ إِنَّهُ لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعالَمِینَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ *عَلی قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِینَ *بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ* وَ إِنَّهُ لَفِی زُبُرِ الْأَوَّلِینَ* أَ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ آیَةً أَنْ یَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِی إِسْرائِیلَ* وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلی بَعْضِ الْأَعْجَمِینَ* فَقَرَأَهُ عَلَیْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِینَ *كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِی قُلُوبِ الْمُجْرِمِینَ *لا یُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّی یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ* فَیَأْتِیَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* فَیَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ* أَ فَبِعَذابِنا یَسْتَعْجِلُونَ *أَ فَرَأَیْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِینَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا یُوعَدُونَ *ما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یُمَتَّعُونَ (إلی قوله): وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّیاطِینُ* وَ ما یَنْبَغِی لَهُمْ وَ ما یَسْتَطِیعُونَ *إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ* فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِینَ *وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَكَ الْأَقْرَبِینَ *وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّی بَرِی ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ* وَ تَوَكَّلْ عَلَی الْعَزِیزِ الرَّحِیمِ* الَّذِی یَراكَ حِینَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِی السَّاجِدِینَ *إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ *هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلی مَنْ تَنَزَّلُ الشَّیاطِینُ *تَنَزَّلُ عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ* یُلْقُونَ السَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ»(192-223)

النمل: «طس تِلْكَ آیاتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِینٍ* هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ (إلی قوله): وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّی الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِیمٍ عَلِیمٍ»(1-6)

(و قال تعالی): «قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلی عِبادِهِ الَّذِینَ اصْطَفی آللَّهُ خَیْرٌ أَمَّا

ص: 40


1- أی مهلك نفسك أسفا و غما علی اعراضهم عنك و عدم إیمانهم بك. و أصل البخع: أن یبلغ بالذبح البخاع و هو عرق مستبطن الفقار، و ذلك أقصی حدّ الذبح.

یُشْرِكُونَ* أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ* أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَ جَعَلَ لَها رَواسِیَ وَ جَعَلَ بَیْنَ الْبَحْرَیْنِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ* أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَكْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِیلًا ما تَذَكَّرُونَ* أَمَّنْ یَهْدِیكُمْ فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَی اللَّهُ عَمَّا یُشْرِكُونَ* أَمَّنْ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَ مَنْ یَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ (1)(إلی قوله): وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ لا تَكُنْ فِی ضَیْقٍ مِمَّا یَمْكُرُونَ (إلی قوله): وَ إِنَّ رَبَّكَ لَیَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما یُعْلِنُونَ (إلی قوله): إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَقُصُّ عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ أَكْثَرَ الَّذِی هُمْ فِیهِ یَخْتَلِفُونَ* وَ إِنَّهُ لَهُدیً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ *إِنَّ رَبَّكَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْعَلِیمُ* فَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ إِنَّكَ عَلَی الْحَقِّ الْمُبِینِ* إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتی وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ *وَ ما أَنْتَ بِهادِی الْعُمْیِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ یُؤْمِنُ بِآیاتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (إلی قوله): أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِیَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (إلی قوله): إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِی حَرَّمَها وَ لَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ* وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِینَ* وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَیُرِیكُمْ آیاتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»(58-93)

القصص: «وَ لَوْ لا أَنْ تُصِیبَهُمْ مُصِیبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ فَیَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَیْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آیاتِكَ وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِیَ مِثْلَ ما أُوتِیَ مُوسی أَ وَ لَمْ یَكْفُرُوا بِما أُوتِیَ مُوسی مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَ قالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ* قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدی مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ *فَإِنْ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما یَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ *الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ یُؤْمِنُونَ* وَ إِذا یُتْلی عَلَیْهِمْ قالُوا

ص: 41


1- أی إنّه یعلم ما تخفیه صدورهم من عداوة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و مكائدهم.

آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِینَ (إلی قوله): وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدی مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً یُجْبی إِلَیْهِ (1)ثَمَراتُ كُلِّ شَیْ ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ (إلی قوله): قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْكُمُ اللَّیْلَ سَرْمَداً إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِضِیاءٍ أَ فَلا تَسْمَعُونَ* قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِلَیْلٍ تَسْكُنُونَ فِیهِ أَ فَلا تُبْصِرُونَ»(47-71)

(و قال سبحانه): «قُلْ رَبِّی أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدی وَ مَنْ هُوَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* وَ ما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ یُلْقی إِلَیْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِیراً لِلْكافِرِینَ *وَ لا یَصُدُّنَّكَ عَنْ آیاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَیْكَ وَ ادْعُ إِلی رَبِّكَ وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِینَ* وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ»(85-88)

العنكبوت: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِیَ فِی اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَیَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِی صُدُورِ الْعالَمِینَ* وَ لَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِینَ *وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِیلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطایاكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِینَ مِنْ خَطایاهُمْ مِنْ شَیْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* وَ لَیَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَ لَیُسْئَلُنَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَمَّا كانُوا یَفْتَرُونَ»(10-13)

(و قال سبحانه): «مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُیُوتِ لَبَیْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ* إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ *وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ *خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ (إلی قوله): وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ* وَ كَذلِكَ أَنْزَلْنا

ص: 42


1- أی یحمل إلیه و یجمع فیه.

إِلَیْكَ الْكِتابَ فَالَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ وَ ما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ* وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِیَمِینِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ* بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ* وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآیاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِیرٌ مُبِینٌ *أَ وَ لَمْ یَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ یُتْلی عَلَیْهِمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَرَحْمَةً وَ ذِكْری لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ *قُلْ كَفی بِاللَّهِ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ شَهِیداً یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ* وَ یَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّی لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَیَأْتِیَنَّهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ* یَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَةٌ بِالْكافِرِینَ (إلی قوله): وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ (إلی قوله تعالی): وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (إلی قوله): فَإِذا رَكِبُوا فِی الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَی الْبَرِّ إِذا هُمْ یُشْرِكُونَ* لِیَكْفُرُوا بِما آتَیْناهُمْ وَ لِیَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ *أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ یُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَ فَبِالْباطِلِ یُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ یَكْفُرُونَ»(41-67)

الروم: «أَ وَ لَمْ یَتَفَكَّرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّی وَ إِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ* أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ أَثارُوا الْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِیَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ (إلی قوله): ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِی ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِیهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِیفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ* بَلِ اتَّبَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ فَمَنْ یَهْدِی مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِینَ (إلی قوله): وَ إِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِیبِینَ إِلَیْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ یُشْرِكُونَ* لِیَكْفُرُوا بِما

ص: 43

آتَیْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* أَمْ أَنْزَلْنا عَلَیْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ یَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ یُشْرِكُونَ (إلی قوله تعالی): اللَّهُ الَّذِی خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ یُمِیتُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ یَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَیْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (إلی قوله): وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِیحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ یَكْفُرُونَ* فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتی وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ *وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْیِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ یُؤْمِنُ بِآیاتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (إلی قوله تعالی): وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآیَةٍ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ *كَذلِكَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلی قُلُوبِ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ* فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ»(8-60)

لقمان: «الم* تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ الْحَكِیمِ* هُدیً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِینَ (إلی قوله): وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ یَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ* وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِ آیاتُنا وَلَّی مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ یَسْمَعْها كَأَنَّ فِی أُذُنَیْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِیمٍ (إلی قوله): خَلَقَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ *هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِی ما ذا خَلَقَ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ (إلی قوله): وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدیً وَ لا كِتابٍ مُنِیرٍ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ الشَّیْطانُ یَدْعُوهُمْ إِلی عَذابِ السَّعِیرِ* وَ مَنْ یُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَی اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی وَ إِلَی اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ* وَ مَنْ كَفَرَ فَلا یَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَیْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ* نُمَتِّعُهُمْ قَلِیلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلی عَذابٍ غَلِیظٍ* وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ (إلی قوله): وَ إِذا غَشِیَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَی الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ ما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ»(1-22)

ص: 44

التنزیل: «الم* تَنْزِیلُ الْكِتابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ* أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِیرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ* اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا شَفِیعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ (إلی قوله): وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآیاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِینَ مُنْتَقِمُونَ (إلی قوله): أَ وَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ أَ فَلا یَسْمَعُونَ»(1-26)

الأحزاب: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِیراً *وَ داعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً* وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِیراً* وَ لا تُطِعِ الْكافِرِینَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا»(45-48)

سبأ: «وَ الَّذِینَ سَعَوْا فِی آیاتِنا مُعاجِزِینَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ *وَ یَرَی الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ یَهْدِی إِلی صِراطِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ* وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلی رَجُلٍ یُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ* أَفْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِی الْعَذابِ وَ الضَّلالِ الْبَعِیدِ* أَ فَلَمْ یَرَوْا إِلی ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَیْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِیبٍ (إلی قوله تعالی): قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا یَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ وَ ما لَهُمْ فِیهِما مِنْ شِرْكٍ وَ ما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِیرٍ (إلی قوله): قُلْ مَنْ یَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَ إِنَّا أَوْ إِیَّاكُمْ لَعَلی هُدیً أَوْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَ لا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ* قُلْ یَجْمَعُ بَیْنَنا رَبُّنا ثُمَّ یَفْتَحُ بَیْنَنا بِالْحَقِّ وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِیمُ* قُلْ أَرُونِیَ الَّذِینَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ* وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (إلی قوله): وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ یَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَ قالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَریً وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ* وَ ما آتَیْناهُمْ

ص: 45

مِنْ كُتُبٍ یَدْرُسُونَها وَ ما أَرْسَلْنا إِلَیْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِیرٍ (إلی قوله): قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنی وَ فُرادی ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِیرٌ لَكُمْ بَیْنَ یَدَیْ عَذابٍ شَدِیدٍ* قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا عَلَی اللَّهِ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ *قُلْ إِنَّ رَبِّی یَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُیُوبِ* قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما یُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما یُعِیدُ* قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلی نَفْسِی وَ إِنِ اهْتَدَیْتُ فَبِما یُوحِی إِلَیَّ رَبِّی إِنَّهُ سَمِیعٌ قَرِیبٌ»(5-50)

فاطر: «أَ فَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَیْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِما یَصْنَعُونَ (إلی قوله): ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما یَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِیرٍ* إِنْ تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَ لا یُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِیرٍ* یا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَی اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ* إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِیدٍ* وَ ما ذلِكَ عَلَی اللَّهِ بِعَزِیزٍ (إلی قوله): وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ *وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ* وَ ما یَسْتَوِی الْأَحْیاءُ وَ لَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ یُسْمِعُ مَنْ یَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِی الْقُبُورِ* إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِیرٌ *إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ* وَ إِنْ یُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ وَ بِالزُّبُرِ وَ بِالْكِتابِ الْمُنِیرِ* ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ (إلی قوله): وَ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِیرٌ بَصِیرٌ (إلی قوله): قُلْ أَ رَأَیْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِی ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِی السَّماواتِ أَمْ آتَیْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ یَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً (إلی قوله): وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِیرٌ لَیَكُونُنَّ أَهْدی مِنْ إِحْدَی الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِیرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً* اسْتِكْباراً فِی الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّیِّئِ وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (1)فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِینَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِیلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِیلًا»(8-43)

ص: 46


1- قال السیّد الرضیّ قدس اللّٰه روحه: هذه استعارة و المراد ان اللّٰه تعالی یعاقب المشركین علی مكرهم بالمؤمنین فكانما مكروا بأنفسهم و وجهوا الضرر إلیهم لا إلی غیرهم، إذ كان المكر عائدا بالوبال علیهم، و معنی «لا یَحِیقُ» أی لا یحل و لا ینزل و لا یحیط إلّا بهم، و هذه الألفاظ بمعنی واحد.

یس: یس* وَ الْقُرْآنِ الْحَكِیمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ* عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* تَنْزِیلَ الْعَزِیزِ الرَّحِیمِ* لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ* لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلی أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ (إلی قوله): وَ سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا یُؤْمِنُونَ (إلی قوله): أَ لَمْ یَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَیْهِمْ لا یَرْجِعُونَ (إلی قوله): وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَیْنَ أَیْدِیكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ* وَ ما تَأْتِیهِمْ مِنْ آیَةٍ مِنْ آیاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِینَ* وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا أَ نُطْعِمُ مَنْ لَوْ یَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِی ضَلالٍ مُبِینٍ (إلی قوله): وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِی الْخَلْقِ أَ فَلا یَعْقِلُونَ *وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما یَنْبَغِی لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِینٌ* لِیُنْذِرَ مَنْ كانَ حَیًّا وَ یَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَی الْكافِرِینَ (إلی قوله): وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ یُنْصَرُونَ لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ* فَلا یَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ»(1-76)

الصافات: «فَاسْتَفْتِهِمْ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِینٍ لازِبٍ* بَلْ عَجِبْتَ وَ یَسْخَرُونَ *وَ إِذا ذُكِّرُوا لا یَذْكُرُونَ *وَ إِذا رَأَوْا آیَةً یَسْتَسْخِرُونَ *وَ قالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ»(11-15) (و قال سبحانه): «فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ *أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ *أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَیَقُولُونَ *وَلَدَ اللَّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* أَصْطَفَی الْبَناتِ عَلَی الْبَنِینَ* ما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ* أَ فَلا تَذَكَّرُونَ *أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِینٌ *فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ *وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ* سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ* إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ* فَإِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ* ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ بِفاتِنِینَ *إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِیمِ* وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ* وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ *وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ* وَ إِنْ كانُوا لَیَقُولُونَ* لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِینَ* لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ*

ص: 47

فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (إلی قوله): فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّی حِینٍ* وَ أَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ *أَ فَبِعَذابِنا یَسْتَعْجِلُونَ *فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِینَ* وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّی حِینٍ *وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ»(149-179)

ص: «ص وَ الْقُرْآنِ ذِی الذِّكْرِ* بَلِ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ *كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ* وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ *أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عُجابٌ *وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلی آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ یُرادُ* ما سَمِعْنا بِهذا فِی الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ* أَ أُنْزِلَ عَلَیْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَیْنِنا بَلْ هُمْ فِی شَكٍّ مِنْ ذِكْرِی بَلْ لَمَّا یَذُوقُوا عَذابِ* أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِیزِ الْوَهَّابِ* أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما فَلْیَرْتَقُوا فِی الْأَسْبابِ *جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ»(1-11)

(و قال سبحانه): «وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِینَ كَفَرُوا فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ* أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ كَالْفُجَّارِ* كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْكَ مُبارَكٌ لِیَدَّبَّرُوا آیاتِهِ وَ لِیَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»(27-29) (و قال سبحانه): «قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ* رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُمَا الْعَزِیزُ الْغَفَّارُ* قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِیمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ *ما كانَ لِی مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلی إِذْ یَخْتَصِمُونَ *إِنْ یُوحی إِلَیَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِیرٌ مُبِینٌ (إلی قوله): قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ *وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ»(65-88)

الزمر: «تَنْزِیلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ* إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَیْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّینَ* أَلا لِلَّهِ الدِّینُ الْخالِصُ *وَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلْفی إِنَّ اللَّهَ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ فِی ما هُمْ فِیهِ یَخْتَلِفُونَ *إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ *لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفی مِمَّا یَخْلُقُ ما یَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (إلی قوله): وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِیباً إِلَیْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ (1)نَسِیَ ما كانَ یَدْعُوا إِلَیْهِ مِنْ قَبْلُ وَ جَعَلَ لِلَّهِ

ص: 48


1- خوله الشی ء: أعطاه إیّاه متفضلا أو ملكه إیاه.

أَنْداداً لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِیلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (إلی قوله): قُلْ إِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّینَ*وَ أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِینَ* قُلْ إِنِّی أَخافُ إِنْ عَصَیْتُ رَبِّی عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ* قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِینِی* فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ (إلی قوله): أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلی نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَیْلٌ لِلْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِیَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِینُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلی ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَی اللَّهِ یَهْدِی بِهِ مَنْ یَشاءُ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (إلی قوله): وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ* قُرْآناً عَرَبِیًّا غَیْرَ ذِی عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ* ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِیهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ (1)وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ یَسْتَوِیانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ (إلی قوله): أَ لَیْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ یُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِینَ مِنْ دُونِهِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ* وَ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَ لَیْسَ اللَّهُ بِعَزِیزٍ ذِی انْتِقامٍ* وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِیَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِی بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِیَ اللَّهُ عَلَیْهِ یَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ* قُلْ یا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنِّی عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* مَنْ یَأْتِیهِ عَذابٌ یُخْزِیهِ وَ یَحِلُّ عَلَیْهِ عَذابٌ مُقِیمٌ *إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَیْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدی فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما یَضِلُّ عَلَیْها وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِوَكِیلٍ (إلی قوله): أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا یَمْلِكُونَ شَیْئاً وَ لا یَعْقِلُونَ* قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِیعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ* وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَیْنَ عِبادِكَ فِی ما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (إلی قوله): وَ أَنِیبُوا إِلی رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ الْعَذابُ

ص: 49


1- التشاكس: الاختلاف.

بَغْتَةً وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (إلی قوله): قُلْ أَ فَغَیْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّی أَعْبُدُ أَیُّهَا الْجاهِلُونَ *وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ»(1-66)

المؤمن: «ما یُجادِلُ فِی آیاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِینَ كَفَرُوا فَلا یَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِی الْبِلادِ*كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِیَأْخُذُوهُ وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ (1)فَأَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ عِقابِ (إلی قوله): وَ اللَّهُ یَقْضِی بِالْحَقِّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَقْضُونَ بِشَیْ ءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ* أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِی الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ»(4-22)

(و قال سبحانه): «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكارِ* إِنَّ الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ بِغَیْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِیهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ* لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ* وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ لَا الْمُسِی ءُ قَلِیلًا ما تَتَذَكَّرُونَ (إلی قوله): قُلْ إِنِّی نُهِیتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِی الْبَیِّناتُ مِنْ رَبِّی وَ أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِینَ (إلی قوله): أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ أَنَّی یُصْرَفُونَ *الَّذِینَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (إلی قوله): وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَیْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَیْكَ وَ ما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ یَأْتِیَ بِآیَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِیَ بِالْحَقِّ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ»(55-78) (إلی آخر السورة).

السجدة: «حم تَنْزِیلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ *كِتابٌ فُصِّلَتْ آیاتُهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ *بَشِیراً وَ نَذِیراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا یَسْمَعُونَ* وَ قالُوا قُلُوبُنا فِی

ص: 50


1- أی لیبطلوا به الحق.

أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ وَ فِی آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَیْنِنا وَ بَیْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ* قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِیمُوا إِلَیْهِ وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ وَیْلٌ لِلْمُشْرِكِینَ *الَّذِینَ لا یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (إلی قوله): فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ* إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (إلی قوله): وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِیهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ *فَلَنُذِیقَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِیداً وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِی كانُوا یَعْمَلُونَ (إلی قوله): وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَی اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ *وَ لا تَسْتَوِی الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّیِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ *وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ (إلی قوله): إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِیزٌ *لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ* ما یُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِیمٍ* وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِیًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آیاتُهُ ءَ أَعْجَمِیٌّ وَ عَرَبِیٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِینَ آمَنُوا هُدیً وَ شِفاءٌ وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ فِی آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ عَمًی أُولئِكَ یُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِیدٍ (إلی قوله): قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِی شِقاقٍ بَعِیدٍ»(1-52)

حمعسق: «وَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ اللَّهُ حَفِیظٌ عَلَیْهِمْ وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِوَكِیلٍ* وَ كَذلِكَ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ قُرْآناً عَرَبِیًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُری وَ مَنْ حَوْلَها وَ تُنْذِرَ یَوْمَ الْجَمْعِ لا رَیْبَ فِیهِ فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ (إلی قوله): أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِیُّ وَ هُوَ یُحْیِ الْمَوْتی وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ (إلی قوله): شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّی بِهِ نُوحاً وَ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْكَ وَ ما وَصَّیْنا بِهِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی وَ عِیسی أَنْ أَقِیمُوا الدِّینَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِیهِ كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ اللَّهُ یَجْتَبِی إِلَیْهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ یُنِیبُ* وَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِینَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ

ص: 51

بَعْدِهِمْ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ مُرِیبٍ* فَلِذلِكَ فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَیْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ اللَّهُ یَجْمَعُ بَیْنَنا وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ*وَ الَّذِینَ یُحَاجُّونَ فِی اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِیبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عَلَیْهِمْ غَضَبٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ (إلی قوله): قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی وَ مَنْ یَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِیها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ* أَمْ یَقُولُونَ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ یَشَإِ اللَّهُ یَخْتِمْ عَلی قَلْبِكَ وَ یَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ یُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (إلی قوله): اسْتَجِیبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ یَوْمَئِذٍ وَ ما لَكُمْ مِنْ نَكِیرٍ* فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَیْهِمْ حَفِیظاً إِنْ عَلَیْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (إلی قوله): وَ كَذلِكَ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِی مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِیمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِی بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِی إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* صِراطِ اللَّهِ الَّذِی لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ أَلا إِلَی اللَّهِ تَصِیرُ الْأُمُورُ»(1-53)

الزخرف: «حم* وَ الْكِتابِ الْمُبِینِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَ إِنَّهُ فِی أُمِّ الْكِتابِ لَدَیْنا لَعَلِیٌّ حَكِیمٌ* أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِینَ* (1)وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِیٍّ فِی الْأَوَّلِینَ *وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ* فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضی مَثَلُ الْأَوَّلِینَ (إلی قوله سبحانه): وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِینٌ *أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا یَخْلُقُ بَناتٍ وَ أَصْفاكُمْ بِالْبَنِینَ *وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ

ص: 52


1- قال الرضی قدس اللّٰه اسراره: هذه استعارة، یقال: ضربت عنه و أضربت عنه بمعنی واحد، و سواء قولك: ذهبت عنه صفحا و أعرضت عنه صفحا و ضربت و أضربت عنه صفحا، و معنی صفحا هاهنا أی أعرضت عنه بصفحة وجهی، و المراد- و اللّٰه أعلم-: أ فنضرب عنكم بالذكر، فیكون الذكر مرورا لصفحه عنكم من أجل اسرافكم و بغیكم، أی لسنا نفعل ذلك بل نوالی تذكیركم لتتذكروا و نتابع زجركم لتنزجروا، و لما كان سبحانه یستحیل أن یصف نفسه باعراض الصفحة كان الكلام محمولا علی وصف الذكر بذلك علی طریق الاستعارة.

كَظِیمٌ* أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ وَ هُوَ فِی الْخِصامِ غَیْرُ مُبِینٍ* وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ یُسْئَلُونَ* وَ قالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا یَخْرُصُونَ *أَمْ آتَیْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ* بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلی أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ* وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلی أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ* قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدی مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَیْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ (إلی قوله): بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتَّی جاءَهُمُ الْحَقُّ وَ رَسُولٌ مُبِینٌ* وَ لَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَ إِنَّا بِهِ كافِرُونَ* وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ*أَ هُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ (إلی قوله): أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِی الْعُمْیَ وَ مَنْ كانَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ* فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ *أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ* فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِی أُوحِیَ إِلَیْكَ إِنَّكَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ* وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ»(2-45).

(و قال تعالی): «وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ یَصِدُّونَ*وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَیْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرائِیلَ* وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ (إلی قوله): لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ* أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ *أَمْ یَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلی وَ رُسُلُنا لَدَیْهِمْ یَكْتُبُونَ* قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ* سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ*فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یُلاقُوا یَوْمَهُمُ الَّذِی یُوعَدُونَ (إلی قوله): وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ* وَ قِیلِهِ یا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا یُؤْمِنُونَ* فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ»(57-79)

الدخان: «حم* وَ الْكِتابِ الْمُبِینِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا

ص: 53

مُنْذِرِینَ (إلی قوله): بَلْ هُمْ فِی شَكٍّ یَلْعَبُونَ (إلی قوله): فَإِنَّما یَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ* فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ»(1-59)

الجاثیة: «حم* تَنْزِیلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ (إلی قوله): تِلْكَ آیاتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَیْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آیاتِهِ یُؤْمِنُونَ* وَیْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ* یَسْمَعُ آیاتِ اللَّهِ تُتْلی عَلَیْهِ ثُمَّ یُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ یَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِیمٍ* وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آیاتِنا شَیْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ* مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَ لا یُغْنِی عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَیْئاً وَ لا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ* هذا هُدیً وَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ (إلی قوله): قُلْ لِلَّذِینَ آمَنُوا یَغْفِرُوا لِلَّذِینَ لا یَرْجُونَ أَیَّامَ اللَّهِ لِیَجْزِیَ قَوْماً بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (إلی قوله): تعالی ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلی شَرِیعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ یُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً وَ إِنَّ الظَّالِمِینَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُتَّقِینَ* هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ (إلی قوله): أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلی عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلی سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلی بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ* وَ قالُوا ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا وَ ما یُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ»(1-24)

الأحقاف: «حم *تَنْزِیلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّی وَ الَّذِینَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ *قُلْ أَ رَأَیْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِی ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِی السَّماواتِ ائْتُونِی بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا یَسْتَجِیبُ لَهُ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِینَ* وَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِینٌ* أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَیْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِی مِنَ اللَّهِ شَیْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِیضُونَ فِیهِ كَفی بِهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ* قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِی ما یُفْعَلُ بِی وَ لا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ

ص: 54

إِلَّا ما یُوحی إِلَیَّ وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِیرٌ مُبِینٌ*قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَیْراً ما سَبَقُونا إِلَیْهِ وَ إِذْ لَمْ یَهْتَدُوا بِهِ فَسَیَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِیمٌ* وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسی إِماماً وَ رَحْمَةً وَ هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِیًّا لِیُنْذِرَ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ بُشْری لِلْمُحْسِنِینَ (إلی قوله): فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ یَوْمَ یَرَوْنَ ما یُوعَدُونَ لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ یُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ»(1-35)

محمد: «وَ الَّذِینَ كَفَرُوا یَتَمَتَّعُونَ وَ یَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النَّارُ مَثْویً لَهُمْ *وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ هِیَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْیَتِكَ الَّتِی أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ* أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (إلی قوله): وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُ إِلَیْكَ حَتَّی إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِینَ طَبَعَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ»(12-16) (إلی آخر السورة).

الفتح: «إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِیراً* لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا* إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَكَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللَّهَ یَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً»(8-10)

الحجرات: «وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِیكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ یُطِیعُكُمْ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَیْكُمُ الْإِیمانَ وَ زَیَّنَهُ فِی قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَیْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ»(7) (و قال سبحانه): «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ وَ إِنْ تُطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لا یَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَیْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (إلی قوله): قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِینِكُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ* یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَیَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ غَیْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ»(16-18)

ص: 55

ق: «ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِیدِ* بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَیْ ءٌ عَجِیبٌ* أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِیدٌ (إلی قوله): وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِیصٍ* إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَی السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِیدٌ (إلی قوله سبحانه): نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَقُولُونَ وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخافُ وَعِیدِ»(1-45)

الذاریات: «فَفِرُّوا إِلَی اللَّهِ إِنِّی لَكُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ مُبِینٌ* وَ لا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّی لَكُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ مُبِینٌ* كَذلِكَ ما أَتَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَ تَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ* فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ* وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ»(50-55) (إلی آخر السورة).

الطور: «فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ* أَمْ یَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَیْبَ الْمَنُونِ* قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِینَ* أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ* أَمْ یَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا یُؤْمِنُونَ *فَلْیَأْتُوا بِحَدِیثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِینَ *أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَیْرِ شَیْ ءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بَلْ لا یُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَیْطِرُونَ* أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ یَسْتَمِعُونَ فِیهِ فَلْیَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِینٍ* أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ* أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ* أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَیْبُ فَهُمْ یَكْتُبُونَ* أَمْ یُرِیدُونَ كَیْداً فَالَّذِینَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِیدُونَ* أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یُشْرِكُونَ* وَ إِنْ یَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً یَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ* فَذَرْهُمْ حَتَّی یُلاقُوا یَوْمَهُمُ الَّذِی فِیهِ یُصْعَقُونَ *یَوْمَ لا یُغْنِی عَنْهُمْ كَیْدُهُمْ شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ* وَ إِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ* وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْیُنِنا وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ* وَ مِنَ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ»(29-49)

النجم: «وَ النَّجْمِ إِذا هَوی* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوی* وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوی* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحی* عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوی (إلی قوله): أَ فَرَأَیْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی* وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْری* أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثی* تِلْكَ إِذاً

ص: 56

قِسْمَةٌ ضِیزی* إِنْ هِیَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ ما تَهْوَی الْأَنْفُسُ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدی* أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّی* فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَ الْأُولی* وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِی السَّماواتِ لا تُغْنِی شَفاعَتُهُمْ شَیْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَرْضی* إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَیُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِیَةَ الْأُنْثی* وَ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً (إلی قوله): أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی تَوَلَّی* وَ أَعْطی قَلِیلًا وَ أَكْدی* (1)أَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْغَیْبِ فَهُوَ یَری* أَمْ لَمْ یُنَبَّأْ بِما فِی صُحُفِ مُوسی* وَ إِبْراهِیمَ الَّذِی وَفَّی* أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری* وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی* وَ أَنَّ سَعْیَهُ سَوْفَ یُری* ثُمَّ یُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفی»(1-41) (إلی آخر السورة).

القمر: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ* وَ إِنْ یَرَوْا آیَةً یُعْرِضُوا وَ یَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ* وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ* وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِیهِ مُزْدَجَرٌ* حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ* فَتَوَلَّ عَنْهُمْ (إلی قوله سبحانه): وَ لَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ* كَذَّبُوا بِآیاتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِیزٍ مُقْتَدِر*ٍ أَ كُفَّارُكُمْ خَیْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِی الزُّبُرِ* أَمْ یَقُولُونَ نَحْنُ جَمِیعٌ مُنْتَصِرٌ* سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ (إلی قوله): وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْیاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ* وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فَعَلُوهُ فِی الزُّبُرِ* وَ كُلُّ صَغِیرٍ وَ كَبِیرٍ مُسْتَطَرٌ»(1-53)

الرحمن: «الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ (إلی آخر السورة).

الواقعة: «أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ *أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (إلی قوله): أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ *أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ* أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ* أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ* نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً

ص: 57


1- قال الراغب: الكدی: صلابة فی الأرض، یقال: حفر فاكدی: إذا وصل إلی كدیة، و استعیر ذلك للطالب المخفق و المعطی المقل.

وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِینَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ* فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ* إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِیمٌ* فِی كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ* تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ* أَ فَبِهذَا الْحَدِیثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ *وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (إلی قوله): إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْیَقِینِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ»(58-96)

الحدید: «وَ ما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الرَّسُولُ یَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَ قَدْ أَخَذَ مِیثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ* هُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ عَلی عَبْدِهِ آیاتٍ بَیِّناتٍ لِیُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ (إلی قوله تعالی): أَ لَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا یَكُونُوا كَالَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ* اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَیَّنَّا لَكُمُ الْآیاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (إلی قوله): یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِكُمْ كِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ یَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ *لِئَلَّا یَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْ ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ»(8-29)

المجادلة: «إِنَّ الَّذِینَ یُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ قَدْ أَنْزَلْنا آیاتٍ بَیِّناتٍ وَ لِلْكافِرِینَ عَذابٌ مُهِینٌ (إلی قوله): أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ وَ یَحْلِفُونَ عَلَی الْكَذِبِ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ* أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِیداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا یَعْمَلُونَ* اتَّخَذُوا أَیْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ (إلی قوله): اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّیْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ *إِنَّ الَّذِینَ یُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِی الْأَذَلِّینَ* كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِی إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ»(5-21)

الممتحنة: «قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّی تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ

ص: 58

لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ رَبَّنا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَیْكَ أَنَبْنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ (إلی قوله): یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَدْ یَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ»(4-13)

الصف: «وَ إِذْ قالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یا بَنِی إِسْرائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَیِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ* وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُوَ یُدْعی إِلَی الْإِسْلامِ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ *هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»(6-9)

الجمعة: «هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِهِ وَ یُزَكِّیهِمْ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ (إلی قوله): قُلْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِیاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* وَ لا یَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ*قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلی عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(2-8)

المنافقون: «إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ (إلی آخر السورة)

التغابن: «أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ *ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ یَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوْا وَ اسْتَغْنَی اللَّهُ وَ اللَّهُ غَنِیٌّ حَمِیدٌ (إلی قوله تعالی): فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِی أَنْزَلْنا وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ (إلی قوله): وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَإِنَّما عَلی رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِینُ»(5-12)

الطلاق: «الَّذِینَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ ذِكْراً* رَسُولًا یَتْلُوا عَلَیْكُمْ آیاتِ اللَّهِ مُبَیِّناتٍ لِیُخْرِجَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ وَ مَنْ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ یَعْمَلْ صالِحاً یُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً»(1-11) (إلی آخر السورة).

ص: 59

الملك: «هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِی مَناكِبِها (1)وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَیْهِ النُّشُورُ* أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِی السَّماءِ أَنْ یَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِیَ تَمُورُ* أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِی السَّماءِ أَنْ یُرْسِلَ عَلَیْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَیْفَ نَذِیرِ* وَ لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ* أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الطَّیْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ یَقْبِضْنَ ما یُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ بَصِیرٌ *أَمَّنْ هذَا الَّذِی هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ یَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِی غُرُورٍ* أَمَّنْ هذَا الَّذِی یَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِی عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ* أَ فَمَنْ یَمْشِی مُكِبًّا عَلی وَجْهِهِ أَهْدی أَمَّنْ یَمْشِی سَوِیًّا عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* قُلْ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ* قُلْ هُوَ الَّذِی ذَرَأَكُمْ فِی الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ (إلی قوله): قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ»(15-30)

القلم: «ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَیْرَ مَمْنُونٍ* وَ إِنَّكَ لَعَلی خُلُقٍ عَظِیمٍ *فَسَتُبْصِرُ وَ یُبْصِرُونَ* بِأَیِّكُمُ الْمَفْتُونُ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ *فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِینَ* وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ* وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِینٍ *هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِیمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَیْرِ مُعْتَدٍ أَثِیمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِیمٍ *أَنْ كانَ ذا مالٍ وَ بَنِینَ* إِذا تُتْلی عَلَیْهِ آیاتُنا قالَ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ* سَنَسِمُهُ عَلَی الْخُرْطُومِ (إلی قوله): أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِینَ كَالْمُجْرِمِینَ* ما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ* أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِیهِ تَدْرُسُونَ* إِنَّ لَكُمْ فِیهِ لَما تَخَیَّرُونَ* أَمْ لَكُمْ أَیْمانٌ عَلَیْنا بالِغَةٌ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ *سَلْهُمْ أَیُّهُمْ بِذلِكَ زَعِیمٌ* أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْیَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِینَ (إلی قوله): فَذَرْنِی وَ مَنْ یُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِیثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ *وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ كَیْدِی مَتِینٌ *أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ* أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَیْبُ فَهُمْ یَكْتُبُونَ (إلی قوله): وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَیُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ یَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ»(1-52)

ص: 60


1- أی جوانبها و نواحیها.

الحاقة: «فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَ ما لا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِیلًا ما تُؤْمِنُونَ* وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِیلًا ما تَذَكَّرُونَ* تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ* وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنا بَعْضَ الْأَقاوِیلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْیَمِینِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِینَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِینَ* وَ إِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِینَ *وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِینَ* وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَی الْكافِرِینَ* وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ»(39-52)

المعارج: «فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ* عَلی أَنْ نُبَدِّلَ خَیْراً مِنْهُمْ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ *فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یُلاقُوا یَوْمَهُمُ الَّذِی یُوعَدُونَ»(40-42)

نوح: «وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا یَغُوثَ وَ یَعُوقَ وَ نَسْراً»(23)

الجن: «قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّی وَ لا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً* قُلْ إِنِّی لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً* قُلْ إِنِّی لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً* إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ»(20-23) (إلی آخر السورة).

المزمل: «وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَیْهِ تَبْتِیلًا* رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِیلًا* وَ اصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا* وَ ذَرْنِی وَ الْمُكَذِّبِینَ أُولِی النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِیلًا (إلی قوله): إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَیْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَیْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلی فِرْعَوْنَ رَسُولًا (إلی قوله): إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلًا»(8-19)

المدثر: «یا أَیُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ (إلی قوله): ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً *وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً *وَ بَنِینَ شُهُوداً* وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیداً* ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ *كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآیاتِنا عَنِیداً* سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً* إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ* فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ نَظَرَ *ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ *ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ* فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ* إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ* سَأُصْلِیهِ سَقَرَ (إلی قوله): وَ ما

ص: 61

هِیَ إِلَّا ذِكْری لِلْبَشَرِ* كَلَّا وَ الْقَمَرِ* وَ اللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ* إِنَّها لَإِحْدَی الْكُبَرِ* نَذِیراً لِلْبَشَرِ* لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ یَتَقَدَّمَ أَوْ یَتَأَخَّرَ (إلی قوله): فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِینَ *كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ *فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ* بَلْ یُرِیدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْتی صُحُفاً مُنَشَّرَةً *كَلَّا بَلْ لا یَخافُونَ الْآخِرَةَ *كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ* وَ ما یَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوی وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ»(1-56)

القیامة: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ*إِنَّ عَلَیْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ* فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا بَیانَهُ* كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ *وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ»(16-21)

الدهر: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَیْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِیلًا* فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (إلی قوله): إِنَّ هؤُلاءِ یُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ یَذَرُونَ وَراءَهُمْ یَوْماً ثَقِیلًا* نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِیلًا* إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلًا»(23-29)

المرسلات: «أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ»(20) (إلی آخر السورة).

النبأ: «أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً»(6) (إلی آخر السورة).

النازعات: «أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها *وَ أَغْطَشَ لَیْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها* وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها وَ الْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ»(28-33)

عبس: «عَبَسَ وَ تَوَلَّی (إلی آخر السورة).

التكویر: «فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ* وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ *وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ *ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ* وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ* وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ* وَ ما هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِینٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَیْطانٍ رَجِیمٍ* فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ* لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ یَسْتَقِیمَ* وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ»(15-29)

ص: 62

الإنفطار: «یا أَیُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ* الَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ»(6-8)

الإنشقاق: «فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ* وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ* وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ* لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ* فَما لَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ* وَ إِذا قُرِئَ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنُ لا یَسْجُدُونَ* بَلِ الَّذِینَ كَفَرُوا یُكَذِّبُونَ *وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما یُوعُونَ *فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ* إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ»(16-25)

البروج: «بَلِ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی تَكْذِیبٍ *وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِیطٌ* بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِیدٌ* فِی لَوْحٍ مَحْفُوظٍ»(19-22)

الطارق: «وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ* وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ* إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ* وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ* إِنَّهُمْ یَكِیدُونَ كَیْداً* وَ أَكِیدُ كَیْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً»(11-17)

الأعلی: إلی آخر السورة

الغاشیة: «أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ* وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ *وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ *وَ إِلَی الْأَرْضِ كَیْفَ سُطِحَتْ *فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ* إِلَّا مَنْ تَوَلَّی وَ كَفَرَ *فَیُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ* إِنَّ إِلَیْنا إِیابَهُمْ *ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا حِسابَهُمْ»(17-26)

البلد: «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (إلی آخر السورة).

أ لم نشرح: (إلی آخر السورة)

و التین: (إلی آخر السورة)

العلق: (إلی آخر السورة)

البینة: (إلی آخر السورة)

الماعون: (إلی آخر السورة)

الكوثر: (إلی آخر السورة)

الكافرون: (إلی آخر السورة)

النصر: (إلی آخر السورة).

ص: 63

تفسیر الآیات

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَیْهِمْ قیل نزلت فی أبی جهل و خمسة من أهل بیته قتلوا یوم بدر و قیل نزلت فی قوم بأعیانهم من أحبار الیهود ممن كفر بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله عنادا و كتم أمره حسدا و قیل نزلت فی مشركی العرب و قیل هی عامة فی جمیع الكفار أخبر اللّٰه تعالی بأن جمیعهم لا یؤمنون (1)و فی قوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا نزلت فی المنافقین و هم عبد اللّٰه بن أبی بن سلول و جد بن قیس و معتب بن قشیر و أصحابهم و أكثرهم من الیهود (2)و فی قوله وَ إِذا خَلَوْا إِلی شَیاطِینِهِمْ

رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُمْ كُهَّانُهُمْ (3).

و فی قوله إِنَّ اللَّهَ لا یَسْتَحْیِی أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَ بِالْبَعُوضَةِ لِأَنَّ الْبَعُوضَةَ عَلَی صِغَرِ حَجْمِهَا خَلَقَ اللَّهُ فِیهَا جَمِیعَ مَا خَلَقَ فِی الْفِیلِ مَعَ كِبَرِهِ وَ زِیَادَةِ عُضْوَیْنِ آخَرَیْنِ فَأَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ یُنَبِّهَ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی لَطِیفِ خَلْقِهِ وَ عَجِیبِ صَنْعَتِهِ(4).

و فی قوله یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا الخطاب للیهود و النصاری و قیل هو خطاب للیهود الذین كانوا بالمدینة و ما حولها. (5)و فی قوله تعالی وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلًا

رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی هَذِهِ الْآیَةِ قَالَ كَانَ حُیَیُّ بْنُ أَخْطَبَ وَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَ آخَرُونَ مِنَ الْیَهُودِ لَهُمْ مَأْكَلَةٌ عَلَی الْیَهُودِ فِی كُلِّ سَنَةٍ فَكَرِهُوا بُطْلَانَهَا بِأَمْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَرَّفُوا لِذَلِكَ آیَاتٍ مِنَ التَّوْرَاةِ فِیهَا صِفَتُهُ وَ ذِكْرُهُ فَذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِی أُرِیدُ فِی الْآیَةِ (6).

و فی قوله أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ هذه الآیة خطاب لعلماء الیهود و كانوا یقولون لأقربائهم من المسلمین اثبتوا علی ما أنتم علیه و لا یؤمنون هم (7)و فی قوله أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ قیل إنهم علماء الیهود الذین یحرفون التوراة فیجعلون الحلال حراما و الحرام حلالا

ص: 64


1- مجمع البیان 1: 43.
2- مجمع البیان 1: 46.
3- مجمع البیان 1: 51.
4- مجمع البیان 1: 67.
5- مجمع البیان 1: 93.
6- مجمع البیان 1: 95.
7- مجمع البیان 1: 98.

اتباعا لأهوائهم و إعانة لمن یرشونهم (1)و فی قوله وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا إلی قوله لِیُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ

رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْیَهُودِ لَیْسُوا مِنَ الْمُعَانِدِینَ الْمُتَوَاطِئِینَ إِذَا لَقُوا الْمُسْلِمِینَ حَدَّثُوهُمْ بِمَا فِی التَّوْرَاةِ (2)مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَهَاهُمْ كُبَرَاؤُهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا أَ تُخْبِرُونَهُمْ بِمَا فِی التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ فَنَزَلَتِ الْآیَةُ (3).

و فی قوله فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ یَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَیْدِیهِمْ ثُمَّ یَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قیل كتابتهم بأیدیهم أنهم عمدوا إلی التوراة و حرفوا صفة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لیوقعوا الشك بذلك علی المستضعفین من الیهود و هو المروی عن أبی جعفر الباقر علیه السلام و عن جماعة من أهل التفسیر و قیل كان صفته فی التوراة أسمر ربعة فجعلوه آدم طوالا و فی روایة عكرمة عن ابن عباس قال إن أحبار الیهود وجدوا صفة النبی صلی اللّٰه علیه و آله مكتوبة فی التوراة أكحل أعین ربعة حسن الوجه فمحوه من التوراة حسدا و بغیا فأتاهم نفر من قریش فقالوا أ تجدون فی التوراة نبیا منا قالوا نعم نجده طویلا أزرق سبط الشعر ذكره الواحدی بإسناده فی الوسیط (4)و فی قوله وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ یَسْتَفْتِحُونَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا (5)قال ابن عباس كانت الیهود یستفتحون أی یستنصرون علی الأوس و الخزرج برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قبل مبعثه فلما بعثه اللّٰه من العرب و لم یكن من بنی إسرائیل كفروا به و جحدوا ما كانوا یقولونه فیه فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن البراء بن معرور یا معشر الیهود اتقوا اللّٰه و أسلموا فقد كنتم تستفتحون علینا بمحمد و نحن

ص: 65


1- مجمع البیان 1: 142.
2- فی التفسیر المطبوع: لا تخبروهم بما فی التوراة.
3- مجمع البیان 1: 142.
4- مجمع البیان 1: 146، فیه: كانت صفته أسمر ربعة فجعلوه آدم طویلا. قلت: أسمر: من كان لونه بین السواد و البیاض. الربعة: الوسیط القامة، یستعمل للمذكر و المؤنث. قال الثعالبی: إذا علاه أدنی سواد فهو أسمر، فإذا زاد سواده علی الصفرة فهو آدم انتهی. الاعین: الذی عظم سواد عینه فی سعة. الاكحل: ذو الكحل: سواد جفونها خلقة من غیر كحل.
5- مجمع البیان 1: 158.

أهل الشرك و تصفونه و تذكرون أنه مبعوث فقال سلام بن مسلم أخو بنی النضیر ما جاءنا بشی ء نعرفه و ما هو بالذی كنا نذكر لكم فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة. (1)و فی قوله قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ مَا رُوِیَ أَنَّ ابْنَ صُورِیَا وَ جَمَاعَةً مِنْ یَهُودِ أَهْلِ فَدَكَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ سَأَلُوهُ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ نَوْمُكَ فَقَدْ أُخْبِرْنَا عَنْ نَوْمِ النَّبِیِّ الَّذِی یَأْتِی فِی آخِرِ الزَّمَانِ فَقَالَ یَنَامُ عَیْنَایَ وَ قَلْبِی یَقْظَانُ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنَا عَنِ الْوَلَدِ یَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ أَوِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ أَمَّا الْعِظَامُ وَ الْعَصَبُ وَ الْعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُلِ وَ أَمَّا اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الظُّفُرُ وَ الشَّعْرُ فَمِنَ الْمَرْأَةِ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا بَالُ الْوَلَدِ یُشْبِهُ أَعْمَامَهُ لَیْسَ فِیهِ شَبَهٌ مِنْ أَخْوَالِهِ أَوْ یُشْبِهُ أَخْوَالَهُ وَ لَیْسَ فِیِه مِنْ شَبَهِ أَعْمَامِهِ شَیْ ءٌ فَقَالَ أَیُّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ مَا هُوَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ صُورِیَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ إِنْ قُلْتَهَا آمَنْتُ بِكَ وَ اتَّبَعْتُكَ أَیُّ مَلَكٍ یَأْتِیكَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْكَ قَالَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ ذَلِكَ عَدُوُّنَا یَنْزِلُ بِالْقِتَالِ وَ الشِّدَّةِ وَ الْحَرْبِ وَ مِیكَائِیلُ یَنْزِلُ بِالْبِشْرِ وَ الرَّخَاءِ فَلَوْ كَانَ مِیكَائِیلُ هُوَ الَّذِی یَأْتِیكَ لَآمَنَّا بِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ جَوَاباً لِلْیَهُودِ وَ رَدّاً عَلَیْهِمْ. (2).

و فی قوله تعالی لا تَقُولُوا راعِنا كان المسلمون یقولون یا رسول اللّٰه راعنا أی استمع منا فحرفت الیهود هذا اللفظ فقالوا یا محمد راعنا و هم یلحدون إلی الرعونة و یریدون به النقیصة و الوقیعة فلما عوتبوا قالوا نقول كما یقول المسلمون فنهی اللّٰه عن ذلك بقوله لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا و قال قتادة إنها كلمة كانت تقولها الیهود علی وجه الاستهزاء و قال عطاء هی كلمة كانت الأنصار تقولها فی الجاهلیة فنهوا عنها فی الإسلام و قال السدی كان ذلك كلام یهودی بعینه یقال له رفاعة بن زید یرید بذلك الرعونة فنهی المسلمون عن ذلك

وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام هَذِهِ

ص: 66


1- مجمع البیان 1: 158.
2- مجمع البیان 1: 167، و فیه: و میكائیل ینزل بالیسر و الرخاء.

الْكَلِمَةُ سَبٌّ بِالْعِبْرَانِیَّةِ إِلَیْهِ كَانُوا یَذْهَبُونَ.

و قیل كان معناه عندهم اسمع لا سمعت و معنی انْظُرْنا انتظرنا نفهم أو فهمنا و بین لنا أو أقبل علینا. (1)و فی قوله تعالی أَمْ تُرِیدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ اختلف فی سبب نزولها فَرُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَافِعَ بْنَ حَرْمَلَةَ وَ وَهْبَ بْنَ زَیْدٍ قَالا لِرَسُولِ اللَّهِ ائْتِنَا بِكِتَابٍ تُنْزِلُهُ عَلَیْنَا مِنَ السَّمَاءِ نَقْرَؤُهُ وَ فَجِّرْ لَنَا أَنْهَاراً نَتَّبِعْكَ وَ نُصَدِّقْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ وَ قَالَ الْحَسَنُ عَنَی بِذَلِكَ مُشْرِكِی الْعَرَبِ وَ قَدْ سَأَلُوا وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا إلی قوله أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا و قالوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَری رَبَّنا و قال السدی سألت العرب محمدا صلی اللّٰه علیه و آله أن یأتیهم باللّٰه فیروه جهرة

وَ قَالَ مُجَاهِدٌ سَأَلَتْ قُرَیْشٌ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً فَقَالَ لَهُمْ نَعَمْ وَ لَكِنْ یَكُونُ لَكُمْ كَالْمَائِدَةِ لِقَوْمِ عِیسَی عَلَی نَبِیِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَرَجَعُوا.

و قال روی أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سأله قوم أن یجعل لهم ذات أنواط كما كان للمشركین ذات أنواط و هی شجرة كانوا یعبدونها و یعلقون علیها التمر و غیره من المأكولات كما سألوا موسی اجْعَلْ لَنا إِلهاً (2)و فی قوله وَدَّ كَثِیرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ نزلت الآیة فی حی بن أخطب و أخیه أبی یاسر بن أخطب و قد دخلا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله حین قدم المدینة فلما خرجا قیل لحی أ هو نبی فقال هو هو فقیل ما له عندك قال العداوة إلی الموت و هو الذی نقض العهد و أثار الحرب یوم الأحزاب عن ابن عباس و قیل نزلت فی كعب بن الأشرف عن الزهری و قیل فی جماعة من الیهود عن الحسن (3)و فی قوله قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلی شَیْ ءٍ قال ابن عباس إنه لما قدم وفد نجران من النصاری علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أتتهم أحبار الیهود فتنازعوا عند رسول اللّٰه فقال رافع بن حرملة

ص: 67


1- مجمع البیان 1: 178، و فیه: و معنی انظرنا یحتمل وجوها: احدها: انظرنا نفهم و نتبین ما تعلمنا. و الآخر: فقهنا و بین لنا یا محمد. و الثالث: اقبل علینا. و یجوز أن یكون معناه: انظر إلینا فحذف حرف الجر.
2- مجمع البیان 1: 183.
3- مجمع البیان 1: 184. و فیه: فما له عندك؟.

ما أنتم علی شی ء و جحد نبوة عیسی و كفر بالإنجیل فقال رجل من أهل نجران لیست الیهود علی شی ء و جحد نبوة موسی و كفر بالتوراة فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة و الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ مشركو العرب قالوا لمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه إنهم لیسوا علی شی ء أو قالوا إن جمیع الأنبیاء و أممهم لم یكونوا علی شی ء. (1)و فی قوله وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً نزلت فی النصاری حیث قالوا المسیح ابن اللّٰه أو فیهم و فی مشركی العرب حیث قالوا الملائكة بنات اللّٰه سبحانه تنزیها له عن اتخاذ الولد و عن القبائح و الصفات التی لا تلیق به (2)بَلْ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ملكا و الولد لا یكون ملكا للأب لأن البنوة و الملك لا یجتمعان أو فعلا و الفعل لا یكون من جنس الفاعل و الولد لا یكون إلا من جنس أبیه. (3)و فی قوله وَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ هم النصاری عن مجاهد و الیهود عن ابن عباس و مشركو العرب عن الحسن و قتادة و هو الأقرب أَوْ تَأْتِینا آیَةٌ أی موافقة لدعوتنا قَدْ بَیَّنَّا الْآیاتِ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ أی فیما ظهر من الآیات الباهرات الدالة علی صدقه كفایة لمن ترك التعنت و العناد و لو علم اللّٰه فی إظهار ما اقترحوه مصلحة لأظهرها. (4)و فی قوله وَ قالُوا كُونُوا هُوداً عن ابن عباس أن، عبد اللّٰه بن صوریا و كعب بن الأشرف و مالك بن الصیف و جماعة من الیهود و نصاری أهل نجران خاصموا أهل الإسلام كل فرقة تزعم أنها أحق بدین اللّٰه من غیرها فقالت الیهود نبینا موسی أفضل الأنبیاء و كتابنا التوراة أفضل الكتب و قالت النصاری نبینا عیسی أفضل الأنبیاء و كتابنا الإنجیل أفضل الكتب و كل فریق منهما قالوا للمؤمنین كونوا علی دیننا فأنزل اللّٰه هذه الآیة و قیل إن ابن صوریا قال لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما الهدی

ص: 68


1- مجمع البیان 1: 188. قلت: أورد معنی ما قال الطبرسیّ، راجع المصدر.
2- فی التفسیر المطبوع: «سبحانه» أی إجلالا له عن اتخاذ الولد و تنزیها عن القبائح و السوء و الصفات التی لا تلیق به.
3- مجمع البیان 1: 192.
4- مجمع البیان 1: 195.

إلا ما نحن علیه فاتبعنا یا محمد تهتد و قالت النصاری مثل ذلك فنزلت. (1)و فی قوله تعالی وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عن ابن عباس قال دعا النبی صلی اللّٰه علیه و آله الیهود إلی الإسلام فقالوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا فهم كانوا أعلم منا فنزلت هذه الآیة و فی روایة الضحاك عنه أنها نزلت فی كفار قریش. (2)و فی قوله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ قال الحسن نزلت فی المنافقین و قال السدی نزلت فی الأخنس بن شریق كان یظهر الجمیل بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله و المحبة له و الرغبة فی دینه و یبطن خلاف ذلك و

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْثِ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ الدِّینُ وَ بِالنَّسْلِ النَّاسُ (3).

و فی قوله یُدْعَوْنَ إِلی كِتابِ اللَّهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ أی فی نبوة النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو فی أمر إبراهیم و أن دینه الإسلام أو فی أمر الرجم

فَقَدْ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا وَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ خَیْبَرَ زَنَیَا وَ كَانَا مِنْ ذَوِی شَرَفٍ فِیهِمْ وَ كَانَ فِی كِتَابِهِمُ الرَّجْمُ فَكَرِهُوا رَجْمَهُمَا لِشَرَفِهِمَا وَ رَجَوْا أَنْ یَكُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رُخْصَةٌ فِی أَمْرِهِمَا فَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَكَمَ عَلَیْهِمَا بِالرَّجْمِ فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ أَوْفَی وَ بَحْرِیُّ بْنُ عَمْرٍو (نَجْرُ بْنُ عَمْرٍو) جُرْتَ عَلَیْهِمَا یَا مُحَمَّدُ لَیْسَ عَلَیْهِمَا الرَّجْمُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنِی وَ بَیْنَكُمَا التَّوْرَاةُ (4)قَالُوا قَدْ أَنْصَفْتَنَا قَالَ فَمَنْ أَعْلَمُكُمْ بِالتَّوْرَاةِ قَالَ رَجُلٌ أَعْوَرُ یَسْكُنُ فَدَكَ یُقَالُ لَهُ ابْنُ صُورِیَا فَأَرْسَلُوا إِلَیْهِ فَقَدِمَ الْمَدِینَةَ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ قَدْ وَصَفَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ ابْنُ صُورِیَا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ الْیَهُودِ قَالَ كَذَلِكَ یَزْعُمُونَ قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِشَیْ ءٍ مِنَ التَّوْرَاةِ فِیهَا الرَّجْمُ مَكْتُوبٌ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ فَلَمَّا أَتَی عَلَی آیَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ كَفَّهُ عَلَیْهَا وَ قَرَأَ مَا بَعْدَهَا فَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ جَاوَزَهَا وَ قَامَ إِلَی ابْنِ صُورِیَا وَ رَفَعَ كَفَّهُ عَنْهَا وَ قَرَأَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی الْیَهُودِ بِأَنَّ الْمُحْصِنَ وَ الْمُحْصِنَةَ إِذَا زَنَیَا وَ قَامَتْ عَلَیْهِمَا

ص: 69


1- مجمع البیان 1: 216. و فیه: مالك بن الضیف.
2- مجمع البیان 1: 254.
3- مجمع البیان 2: 300.
4- فی التفسیر المطبوع: بینی و بینكم التوراة.

الْبَیِّنَةُ رُجِمَا وَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حُبْلَی انْتُظِرَ بِهَا حَتَّی تَضَعَ مَا فِی بَطْنِهَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْیَهُودِیَّیْنِ فَرُجِمَا فَغَضِبَ الْیَهُودُ لِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی هَذِهِ الْآیَةَ. (1).

و فی قوله إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ قیل نزلت فی وفد نجران العاقب و السید و من معهما قالوا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هل رأیت ولدا من غیر ذكر فنزلت إِنَّ مَثَلَ عِیسی الآیات فقرأها علیهم عن ابن عباس و قتادة و الحسن. (2)و فی قوله تعالی قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا نزلت فی نصاری نجران و قیل فی یهود المدینة و قد رواه أصحابنا أیضا و قیل فی الفریقین من أهل الكتاب. (3)و فی قوله وَ لا یَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ أی لا یتخذ بعضنا عیسی ربا أو لا یتخذ الأحبار أربابا بأن یطیعوهم طاعة الأرباب

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا عَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لَكِنْ حَرَّمُوا لَهُمْ حَلَالًا وَ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً فَكَانَ ذَلِكَ اتِّخَاذَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ (4).

و فی قوله یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ قال ابن عباس و غیره إن أحبار الیهود و نصاری نجران اجتمعوا عند رسول اللّٰه فتنازعوا فی إبراهیم فقالت الیهود ما كان إبراهیم إلا یهودیا و قالت النصاری ما كان إلا نصرانیا فنزلت. (5)و فی قوله وَ قالَتْ طائِفَةٌ قال الحسن و السدی تواطأ أحد عشر رجلا (6)من أحبار یهود خیبر و قری عرنیة و قال بعضهم لبعض ادخلوا فی دین محمد أول النهار باللسان دون الاعتقاد و اكفروا به آخر النهار و قولوا إنا نظرنا فی كتبنا و شاورنا علماءنا فوجدنا محمدا لیس بذلك و ظهر لنا كذبه و بطلان دینه فإذا فعلتم ذلك شك أصحابه فی دینهم و قالوا إنهم أهل الكتاب و هم أعلم به منا فیرجعون عن دینه إلی دینكم و قال مجاهد و مقاتل و الكلبی كان هذا فی شأن القبلة لما حولت إلی الكعبة

ص: 70


1- مجمع البیان 2: 424.
2- مجمع البیان 2: 451.
3- مجمع البیان 2: 455. و فیه: نزلت فی یهود المدینة، عن قتادة و الربیع و ابن جریح، و قد رواه أصحابنا أیضا.
4- مجمع البیان 2: 455.
5- مجمع البیان 2: 456.
6- فی التفسیر المطبوع: اثنا عشر رجلا.

و صلوا شق ذلك علی الیهود فقال كعب بن الأشرف لأصحابه آمنوا بما أنزل علی محمد من أمر الكعبة و صلوا إلیها وجه النهار و ارجعوا إلی قبلتكم آخره لعلهم یشكون. (1)و فی قوله وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ عن ابن عباس قال یعنی بقوله مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ یُؤَدِّهِ إِلَیْكَ عبد اللّٰه بن سلام أودعه رجل ألفا و مائتی أوقیة من ذهب فأداه إلیه و بالآخر فنحاص بن عازوراء و ذلك أن رجلا من قریش استودعه دینارا فخانه و فی بعض التفاسیر أن الذین یؤدون الأمانة فی هذه الأمة النصاری و الذین لا یؤدونها الیهود. (2)و فی قوله إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ نزلت فی جماعة من أحبار الیهود أبی رافع و كنانة بن أبی الحقیق و حیی بن أخطب و كعب بن الأشرف كتموا ما فی التوراة من أمر محمد صلی اللّٰه علیه و آله و كتبوا بأیدیهم غیره و حلفوا أنه من عند اللّٰه لئلا تفوتهم الرئاسة و ما كان لهم علی أتباعهم عن عكرمة و قیل نزلت فی الأشعث بن قیس و خصم له فی أرض قام لیحلف عند رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلما نزلت الآیة نكل الأشعث و اعترف بالحق و رد الأرض.(3)و فی قوله وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقاً قیل نزلت فی جماعة من أحبار الیهود كتبوا بأیدیهم ما لیس فی كتاب اللّٰه من نعت محمد صلی اللّٰه علیه و آله و غیره و أضافوه إلی كتاب اللّٰه و قیل نزلت فی الیهود و النصاری حرفوا التوراة و الإنجیل و ضربوا كتاب اللّٰه بعضه ببعض و ألحقوا به ما لیس منه و أسقطوا منه الدین الحنیف عن ابن عباس. (4)و فی قوله ما كانَ لِبَشَرٍ

قِیلَ إِنَّ أَبَا رَافِعٍ الْقُرَظِیَّ مِنَ الْیَهُودِ وَ رَئِیسَ وَفْدِ نَجْرَانَ قَالا یَا مُحَمَّدُ أَ تُرِیدُ أَنْ نَعْبُدَكَ أَوْ نَتَّخِذَكَ إِلَهاً قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَعْبُدَ غَیْرَ اللَّهِ أَوْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَیْرِ اللَّهِ مَا بِذَلِكَ بَعَثَنِی وَ لَا بِذَلِكَ أَمَرَنِی فَنَزَلَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَطَاءٍ.

و قیل نزلت فی نصاری نجران

وَ قِیلَ إِنَّ رَجُلًا قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ نُسَلِّمُ عَلَیْكَ

ص: 71


1- مجمع البیان 2: 460.
2- مجمع البیان 2: 462.
3- مجمع البیان 2: 463.
4- مجمع البیان 2: 464. و فیه: من بعث النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

كَمَا یُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ أَ فَلَا نَسْجُدُ لَكَ قَالَ لَا یَنْبَغِی أَنْ یُسْجَدَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لَكِنْ أَكْرِمُوا نَبِیَّكُمْ وَ اعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ فَنَزَلَتْ (1).

و فی قوله تعالی كَیْفَ یَهْدِی اللَّهُ قیل نزلت فی رجل من الأنصار یقال له الحارث بن سوید بن الصامت و كان قتل المحذر بن زیاد البلوی غدرا و هرب و ارتد عن الإسلام و لحق بمكة ثم ندم فأرسل إلی قومه أن یسألوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هل لی من توبة فسألوا فنزلت الآیات إلی قوله إِلَّا الَّذِینَ تابُوا فحملها إلیه رجل من قومه فقال إنی لأعلم أنك لصدوق و أن رسول اللّٰه لأصدق منك و أن اللّٰه تعالی أصدق الثلاثة و رجع إلی المدینة و تاب و حسن إسلامه و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل نزلت فی أهل الكتاب الذین كانوا یؤمنون بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله قبل مبعثه ثم كفروا بعد البعث حسدا و بغیا. (2)و فی قوله تعالی كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا أنكر الیهود تحلیل النبی صلی اللّٰه علیه و آله لحوم الإبل فقال صلی اللّٰه علیه و آله كل ذلك كان حلا لإبراهیم علیه السلام فقالت الیهود كل شی ء نحرمه فإنه كان محرما علی نوح و إبراهیم و هلم جرا حتی انتهی إلینا فنزلت. (3)و فی قوله تعالی لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ قیل إنهم كانوا یغرون بین الأوس و الخزرج یذكرونهم الحروب التی كانت بینهم فی الجاهلیة حتی تدخلهم الحمیة و العصبیة فینسلخوا عن الدین فهی فی الیهود خاصة و قیل فی الیهود و النصاری و معناها لم تصدون بالتكذیب بالنبی و إن صفته لیست فی كتبكم. (4)و فی قوله تعالی لَنْ یَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذیً قال مقاتل إن رءوس الیهود مثل كعب بن الأشرف و أبی رافع و أبی یاسر و كنانة و ابن صوریا عمدوا إلی مؤمنیهم كعبد اللّٰه بن سلام و أصحابه فأنبوهم علی إسلامهم فنزلت. (5)و فی قوله تعالی لَیْسُوا سَواءً قیل لما أسلم عبد اللّٰه بن سلام و جماعة قالت

ص: 72


1- مجمع البیان 2: 466.
2- مجمع البیان 2: 471.
3- مجمع البیان 2: 475.
4- مجمع البیان 2: 480.
5- مجمع البیان 2: 487.

أحبار الیهود ما آمن بمحمد إلا أشرارنا فنزلت عن ابن عباس و غیره و قیل نزلت فی أربعین من أهل نجران و اثنین و ثلاثین من الحبشة و ثمانیة من الروم كانوا علی عهد عیسی فصدقوا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله عن عطاء. (1)و فی قوله لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ لما نزل مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قالت الیهود إِنَّ اللَّهَ فَقِیرٌ یستقرض منا وَ نَحْنُ أَغْنِیاءُ قائله حیی بن أخطب عن الحسن و مجاهد و قیل كتب النبی صلی اللّٰه علیه و آله مع أبی بكر إلی یهود بنی قینقاع یدعوهم إلی إقامة الصلاة و إیتاء الزكاة و أن یقرضوا اللّٰه قرضا حسنا فدخل أبو بكر بیت مدارستهم فوجد ناسا كثیرا منهم اجتمعوا إلی رجل منهم یقال له فنحاص بن عازوراء فدعاهم إلی الإسلام و الزكاة و الصلاة فقال فنحاص إن كان ما تقول حقا فإن اللّٰه إذا لفقیر و نحن أغنیاء و لو كان غنیا لما استقرضنا أموالنا فغضب أبو بكر و ضرب وجهه فنزلت. (2)و فی قوله تعالی الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَیْنا قیل نزلت فی جماعة من الیهود منهم كعب بن الأشرف و مالك بن الصیف و وهب بن یهودا و فنحاص بن عازوراء قالوا یا محمد إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَیْنا فی التوراة أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّی یَأْتِیَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ فإن زعمت أن اللّٰه بعثك إلینا فجئنا به لنصدقك فأنزل هذه الآیة عن الكلبی و قیل إن اللّٰه أمر بنی إسرائیل فی التوراة من جاءكم یزعم أنه نبی فلا تصدقوه حتی یأتی بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ حتی یأتیكم المسیح و محمد صلی اللّٰه علیه و آله فإذا أتیاكم فآمنوا بهما بغیر قربان فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ هذا تكذیب لهم فی قولهم و دلالة علی عنادهم و علی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لو أتاهم بالقربان المتقبل كما أرادوا لم یؤمنوا به كما لم یؤمنوا آباؤهم و إنما لم یقطع اللّٰه عذرهم لعلمه سبحانه بأن فی الإتیان به مفسدة لهم و المعجزات تابعة للمصالح و كان ذلك اقتراح فی الأدلة علی اللّٰه و الذی یلزم فی ذلك أن یزیح علتهم بنصب الأدلة فقط. (3)

ص: 73


1- مجمع البیان 2: 488.
2- مجمع البیان 2: 547.
3- مجمع البیان 2: 549. و فیه: مالك بن الصیفی.

و فی قوله تعالی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نزلت فی رفاعة بن زید بن السائب و مالك بن دخشم كانا إذا تكلم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لویا بلسانهما و عاباه عن ابن عباس. (1)و فی قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ قیل نزلت فی رجال من الیهود أتوا بأطفالهم إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا هل علی هؤلاء من ذنب قال لا فقالوا فواللّٰه ما نحن إلا كهیئتهم ما عملناه بالنهار كفر عنا باللیل و ما عملناه باللیل كفر عنا بالنهار فكذبهم اللّٰه تعالی و قیل نزلت فی الیهود و النصاری حین قالوا نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ و قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.(2)و فی قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً قیل كان أبو برزة كاهنا فی الجاهلیة فسافر إلیه ناس (3)ممن أسلم فنزلت و قیل إن كعب بن الأشرف خرج فی سبعین راكبا من الیهود إلی مكة بعد وقعة أحد لیحالفوا قریشا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فینقضوا العهد الذی كان بینهم و بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فنزل كعب علی أبی سفیان فأحسن مثواه و نزلت الیهود فی دور قریش فقال أهل مكة إنكم أهل كتاب و محمد صاحب الكتاب فلا نأمن أن یكون هذا مكرا منكم فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذین الصنمین و آمن بهما ففعل فذلك قوله یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ ثم قال كعب یا أهل مكة لیجی ء منكم ثلاثون و منا ثلاثون نلصق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البیت لنجهدن علی قتال محمد ففعلوا ذلك فلما فرغوا قال أبو سفیان لكعب إنك امرؤ تقرأ الكتاب و تعلم و نحن أمیون لا نعلم فأینا أهدی طریقا و أقرب إلی الحق نحن أم محمد قال كعب اعرضوا علی دینكم فقال أبو سفیان نحن ننحر للحجیج الكوماء و نسقیهم الماء و نقری الضیف و نفك العانی (4)و نصل الرحم و نعمر بیت ربنا و نطوف به و نحن أهل الحرم و محمد فارق دین آبائه و قطع الرحم و فارق الحرم

ص: 74


1- مجمع البیان 3: 53.
2- مجمع البیان 3: 58.
3- فی المصدر: فتنافس إلیه ناس.
4- الكوماء: البعیر الضخم السنام. العانی: الاسیر.

و دیننا القدیم و دین محمد الحدیث فقال كعب أنتم و اللّٰه أهدی سبیلا مما علیه محمد صلی اللّٰه علیه و آله فنزلت. (1)و فی قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَزْعُمُونَ كان بین رجل من الیهود و رجل من المنافقین خصومة فقال الیهودی أخاصم إلی محمد لأنه علم أنه لا یقبل الرشوة و لا یجور فی الحكم و قال المنافق لا بل بینی و بینك كعب بن الأشرف لأنه علم أنه یأخذ الرشوة فنزلت فالطاغوت هو كعب بن الأشرف و قیل إنه كاهن من جهینة أراد المنافق أن یتحاكم إلیه و قیل أراد به ما كانوا یتحاكمون فیه إلی الأوثان بضرب القداح و

عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّ الْمَعْنِیَّ بِهِ كُلُّ مَنْ یُتَحَاكَمُ إِلَیْهِ مِمَّنْ یَحْكُمُ بِغَیْرِ الْحَقِّ(2).

و فی قوله لَوَجَدُوا فِیهِ اخْتِلافاً كَثِیراً أی تناقضا من جهة حق و باطل أو اختلافا فی الأخبار عما یسرون أو من جهة بلیغ و مرذول أو تناقضا كثیرا و ذلك أن كلام البشر إذا طال و تضمن من المعانی ما تضمنه القرآن لم یخل من التناقض فی المعانی و الاختلاف فی اللفظ و كل هذه منفی عن كتاب اللّٰه. (3)و فی قوله إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً فیه أقوال أحدها إلا أوثانا و كانوا یسمون الأوثان باسم الإناث اللات و العزی و منات الثالثة الأخری و أشاف (4)و نائلة عن أبی مالك و السدی و مجاهد و ابن زید و ذكره أبو حمزة الثمالی فی تفسیره قال كان فی كل واحدة منهن شیطانة أنثی تتراءی للسدنة و تكلمهم و ذلك من صنیع إبلیس و هو الشیطان الذی ذكره اللّٰه فقال لعنه اللّٰه قالوا و اللات كان اسما لصخرة و العزی كان

ص: 75


1- مجمع البیان 3: 59.
2- مجمع البیان 3: 66.
3- مجمع البیان 3: 81.
4- هكذا فی المطبوع، و فی نسخة: اناف بالنون، و الصحیح: «اساف» بالسین ككتاب و سحاب صنم وضعها عمرو بن لحی علی الصفا، و نائلة علی المروة و كان یذبح علیهما تجاه الكعبة، و قیل: هما اساف بن عمرو و نائلة بنت سهل كانا شخصین من جرهم، فجرا فی الكعبة فمسخا حجرین فعبدتهما قریش.

اسما لشجرة إلا نقلوهما إلی الوثن و جعلوهما علما علیهما و قیل العزی تأنیث الأعز و اللات تأنیث لفظة اللّٰه و قال الحسن كان لكل حی من العرب وثن یسمونه باسم الأنثی.

و ثانیها أن المراد إلا مواتا عن ابن عباس و الحسن و قتادة فالمعنی ما یعبدون من دون اللّٰه إلا جمادا و مواتا لا یعقل و لا ینطق و لا یضر و لا ینفع (1)فدل ذلك علی غایة جهلهم و ضلالهم و سماها إناثا لاعتقاد مشركی العرب الأنوثة فی كل ما اتضعت منزلته و لأن الإناث من كل جنس أرذله و قال الزجاج لأن الموات یخبر عنها بلفظ التأنیث تقول الأحجار تعجبنی و یجوز أن یكون سماها إناثا لضعفها و قلة خیرها و عدم نصرتها.

و ثالثها أن المعنی إلا ملائكة لأنهم كانوا یزعمون أن الملائكة بنات اللّٰه و كانوا یعبدون الملائكة وَ إِنْ یَدْعُونَ إِلَّا شَیْطاناً مَرِیداً أی ماردا شدیدا فی كفره و عصیانه متمادیا فی شركه و طغیانه.

یسأل عن هذا فیقال كیف نفی فی أول الكلام عبادتهم لغیر الإناث ثم أثبت فی آخره عبادتهم للشیطان فأثبت فی الآخر ما نفاه فی الأول أجاب الحسن عن هذا فقال إنهم لم یعبدوا إلا الشیطان فی الحقیقة لأن الأوثان كانت مواتا ما دعت أحدا إلی عبادتها بل الداعی إلی عبادتها الشیطان فأضیفت العبادة إلیه و قال ابن عباس كان فی كل من أصنامهم شیطان یدعو المشركین إلی عبادتها فلذلك حسن إضافة العبادة إلیهما و قیل لیس فی الآیة إثبات المنفی بل ما یعبدون إلا الأوثان و إلا الشیطان لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِیباً مَفْرُوضاً أی معلوما

وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فِی هَذِهِ الْآیَةِ مِنْ بَنِی آدَمَ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ فِی النَّارِ وَ وَاحِدٌ فِی الْجَنَّةِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ لِلَّهِ وَ سَائِرُهُمْ لِلنَّارِ وَ لِإِبْلِیسَ.

أوردهما أبو حمزة الثمالی فی تفسیره وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ یعنی طول البقاء فی الدنیا فیؤثرونها علی الآخرة و قیل أقول لهم لیس وراءكم بعث و لا نشور و لا جنة و لا نار فافعلوا ما شئتم و قیل معناه

ص: 76


1- فی المصدر: لا تعقل و لا تنطق و لا تنفع.

أمنینهم بالأهواء الباطلة الداعیة إلی المعصیة و أزین لهم شهوات الدنیا و زهراتها وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ أی لیشققن آذانهم و قیل لیقطعن الأذن من أصلها و هو المروی

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هَذَا شَیْ ءٌ قَدْ كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ یَفْعَلُونَهُ یَجْدَعُونَ آذَانَ الْأَنْعَامِ.

و یقال كانوا یفعلونه بالبحیرة و السائبة وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أی دین اللّٰه عن ابن عباس و غیره و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل أراد معنی الخصاء و كرهوا الإخصاء فی البهائم و قیل إنه الوشم و قیل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلی عبادتها. (1)و فی قوله لَیْسَ بِأَمانِیِّكُمْ قیل تفاخر المسلمون و أهل الكتاب فقال أهل الكتاب نبینا قبل نبیكم و كتابنا قبل كتابكم و نحن أولی باللّٰه منكم فقال المسلمون نبینا خاتم النبیین و كتابنا یقضی علی الكتب و دیننا الإسلام فنزلت الآیة فقال أهل الكتاب نحن و أنتم سواء فأنزل اللّٰه تعالی الآیة التی بعدها وَ مَنْ یَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ ففلح المسلمون و قیل لما قالت الیهود نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ و قال أهل الكتاب لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری نزلت. (2)و فی قوله یَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ روی أن كعب بن الأشرف و جماعة من الیهود قالوا یا محمد إن كنت نبیا فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أوتی موسی بالتوراة جملة فنزلت و قیل إنهم سألوا أن ینزل علی رجال منهم بأعیانهم كتابا یأمرهم اللّٰه فیه بتصدیقه و اتباعه و روی أنهم سألوا أن ینزل علیهم كتابا خاصا لهم قال الحسن إنما سألوا ذلك للتعنت و التحكم فی طلب المعجزة لا لظهور الحق و لو سألوه ذلك استرشادا لا عنادا لأعطاهم اللّٰه ذلك. (3)و فی قوله فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ أی كانت حلالا لهم قبل ذلك فلما فعلوا ما فعلوا اقتضت المصلحة تحریم هذه الأشیاء علیهم و هی

ص: 77


1- مجمع البیان 3: 112.
2- مجمع البیان 3: 114.
3- مجمع البیان 3: 133.

ما بین فی قوله سبحانه وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ الآیة. (1)و فی قوله تعالی یا أَهْلَ الْكِتابِ قیل إنه خطاب للیهود و النصاری لأن النصاری غلت فی المسیح فقالوا هو ابن اللّٰه و بعضهم قال هو اللّٰه و بعضهم قال هو ثالث ثلاثة الأب و الابن و روح القدس و الیهود غلت فیه حتی قالوا ولد لغیر رشدة فالغلو لازم للفریقین و قیل للنصاری خاصة وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ هذا خطاب للنصاری أی لا تقولوا آلهتنا ثلاثة و قیل هذا لا یصح لأن النصاری لم یقولوا بثلاثة آلهة و لكنهم یقولون إله واحد ثلاثة أقانیم أب و ابن و روح القدس و معناه لا تقولوا اللّٰه ثلاثة و قد شبهوا قولهم جوهر واحد ثلاثة أقانیم بقولنا سراج واحد ثم نقول إنه ثلاثة أشیاء دهن و قطن و نار و شمس واحدة و إنما هی جسم و ضوء و شعاع و هذا غلط بعید لأنا لا نعنی بقولنا سراج واحد أنه شی ء واحد بل هو أشیاء علی الحقیقة و كذلك الشمس كما تقول عشرة واحدة و إنسان واحد و دار واحدة و إنما هی أشیاء متغایرة فإن قالوا إن اللّٰه شی ء واحد و إله واحد حقیقة فقولهم ثلاثة متناقضة و إن قالوا إنه فی الحقیقة أشیاء كما ذكرناه فقد تركوا القول بالتوحید و التحقوا بالمشبهة و إلا فلا واسطة بین الأمرین انتهی. (2)و قال الرازی فی تفسیره المعنی لا تقولوا إن اللّٰه سبحانه واحد بالجوهر ثلاثة بالأقانیم.

و اعلم أن مذهب النصاری مجهول جدا و الذی یتحصل منهم أنهم أثبتوا ذاتا موصوفا بصفات ثلاثة إلا أنهم و إن سموا تلك الصفات بأنها صفات فهی فی الحقیقة ذوات بدلیل أنهم یجوزون علیها الحلول فی عیسی و فی مریم و لو لا أنها ذوات قائمة بأنفسها لما جوزوا علیها أن یحل فی الغیر و أن یفارق ذاتا إلی أخری فهم و إن كانوا یسمونها بالصفات إلا أنهم فی الحقیقة یثبتون ذواتا متعددة قائمة بأنفسها و ذلك محض الكفر.

ثم قال اختلفوا فی تعیین المبتدإ لقوله ثلاثة علی أقوال الأول ما ذكرناه

ص: 78


1- مجمع البیان 3: 138.
2- مجمع البیان 3: 144.

أی و لا تقولوا الأقانیم ثلاثة الثانی قال الزجاج و لا تقولوا آلهتنا ثلاثة و ذلك لأن القرآن یدل علی أن النصاری یقولون إن اللّٰه و المسیح و مریم ثلاثة آلهة و الدلیل علیه قوله تعالی أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (1)الثالث قال الفراء و لا تقولوا هم ثلاثة كقوله سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ (2)و ذلك لأن ذكر عیسی و مریم مع اللّٰه بهذه العبارة یوهم كونهما إلهین و بالجملة فلا نری مذهبا فی الدنیا أشد ركاكة و بعدا عن العقل من مذهب النصاری. (3)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی فَأَغْرَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ أی بین الیهود و النصاری و قیل المراد بین أصناف النصاری خاصة لأهوائهم المختلفة فی الدین و ذلك أن النسطوریة (4)قالت إن عیسی ابن اللّٰه و الیعقوبیة أن اللّٰه هو

ص: 79


1- المائدة: 116.
2- الكهف: 22.
3- التفسیر الكبیر 3: 346.
4- النسطوریة أو الناطرة: طائفة من المسیحیین ینتسبون إلی نسطوریوس بطربرك القسطنطنیة المتولد فی 428 من المیلاد، و قال الشهرستانی: هم أصحاب نسطور الحكیم الذی ظهر فی زمان المأمون، و تصرف فی الاناجیل بحكم رأیه، قال: إن اللّٰه تعالی واحد ذو أقانیم ثلاثة: الوجود و العلم و الحیاة، و هذه الاقانیم لیست زائدة علی الذات و لا هی هو، و اتحد الكلمة بجسد عیسی علیه السلام كإشراق الشمس فی كوة او علی بلور، او كظهور النقش فی الخاتم، و زعموا أن الابن لم یزل متولدا من الأب و انما تجسد و اتحد بجسد المسیح حین ولد، و الحدث راجع إلی الجسد و الناسوت، فهو إله و إنسان اتحدا، و هما جوهران اقنومان طبیعتان: جوهر قدیم و جوهر محدث، إله تام و إنسان تام، و لم یبطل الاتّحاد قدم القدیم و لا حدوث المحدث، لكنهما صارا مسیحا واحدا و مشیئة واحدة. و الیعقوبیة أو الیعاقبة طائفة اخری ینسبون إلی یعقوب البردعی اسقف الرها، و قیل: انهم أهل مذهب دیسقورس؛ و قیل: غیر ذلك، قال الشهرستانی: انهم قالوا بالاقانیم الثلاثة، إلّا انهم قالوا انقلبت الكلمة لحما و دما فصار الاله هو المسیح و هو الظاهر بجسده بل هو هو. الی آخر ما یطول ذكره. الملكانیة أو الملكائیة، قال الشهرستانی: هم أصحاب ملكا الذی ظهر بالروم و استولی علیها و معظم الروم ملكائیة، قالوا: ان الكلمة اتحدت بجسد المسیح و تدرعت بناسوته، و صرحوا بأن الجوهر غیر الاقانیم، و ذلك كالموصوف و الصفة و عن هذا صرحوا باثبات التثلیث، و قالوا: المسیح ناسوت كلی لا جزئی، و هو قدیم ازلی من قدیم ازلی و لقد ولدت مریم الها ازلیا، و القتل و الصلب وقع علی الناسوت و اللاهوت إه.

المسیح ابن مریم و الملكانیة و هم الروم قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ اللّٰه و عیسی و مریم. (1)و فی قوله نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ قیل إن الیهود قالوا نحن فی القرب من اللّٰه بمنزلة الابن من أبیه و النصاری كما قالوا المسیح ابن اللّٰه جعلوا نفوسهم أبناء اللّٰه و أحباءه لأنهم تأولوا ما فی الإنجیل من قول المسیح أذهب إلی أبی و أبیكم عن الحسن و قیل إن جماعة من الیهود منهم كعب بن الأشرف و كعب بن أسید و زید بن التابوة و غیرهم قالوا لنبی اللّٰه حین حذرهم بنقمات اللّٰه و عقوباته لا تخوفنا فإنا أبناء اللّٰه و أحباؤه و إن غضب علینا فإنما یغضب كغضب الرجل علی ولده یعنی أنه یزول عن قریب عن ابن عباس و قیل إنه لما قال قوم إن المسیح ابن اللّٰه أجری ذلك علی جمیعهم كما تقول العرب هذیل شعراء أی فیهم شعراء. (2)و فی قوله قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أی مقبوضة عن العطاء ممسكة عن الرزق فنسبوه إلی البخل عن ابن عباس و غیره قالوا إن اللّٰه كان قد بسط علی الیهود حتی كانوا من أكثر الناس مالا و أخصبهم ناحیة فلما عصوا اللّٰه فی محمد صلی اللّٰه علیه و آله و كذبوه كف اللّٰه عنهم ما بسط علیهم من السعة فقال عند ذلك فنحاص بن عازوراء یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ و لم یقل إلی عنقه قال أهل المعانی إنما قال فنحاص و لم ینهه الآخرون و رضوا بقوله فأشركهم اللّٰه فی ذلك و قیل معناه ید اللّٰه مكفوفة عن عذابنا فلیس یعذبنا إلا بما یبر به قسمه قدر ما عبد آباؤنا العجل و قیل إنه استفهام و تقدیره أ ید اللّٰه مغلولة عنا حیث قتر المعیشة علینا و قال أبو القاسم البلخی یجوز أن یكون الیهود قالوا قولا و اعتقدوا مذهبا یؤدی إلی أن اللّٰه تعالی یبخل فی حال و یجود فی حالة أخری فحكی ذلك عنهم علی وجه التعجیب منهم و التكذیب لهم و یجوز أن یكونوا قالوا ذلك علی وجه الهزء من حیث لم یوسع علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لیس ینبغی أن یتعجب من قوم یقولون لموسی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ (3)و یتخذون العجل

ص: 80


1- مجمع البیان 3: 173.
2- مجمع البیان 3: 177، و فیه: و النصاری لما قالوا للمسیح: ابن اللّٰه.
3- الأعراف: 137.

إلها أن یقولوا إن اللّٰه یبخل تارة و یجود أخری و قال الحسن بن علی المغربی حدثنی بعض الیهود بمصر أن طائفة منهم قال ذلك. (1)أقول قال الرازی لعله كان فیهم من كان علی مذهب الفلسفة و هو أن اللّٰه تعالی موجب لذاته و أن حدوث الحوادث عنه لا یمكن إلا علی نهج واحد و سنن واحدة و أنه تعالی غیر قادر علی إحداث الحوادث علی غیر الوجوه التی علیها یقع فعبروا عن عدم الاقتدار علی التغییر و التبدیل بغل الید. (2)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله غُلَّتْ أَیْدِیهِمْ فیه أقوال أحدها أنه علی سبیل الإخبار أی غلت أیدیهم فی جهنم و ثانیها أن یكون خرج مخرج الدعاء كما یقال قاتله اللّٰه و ثالثها أن معناه جعلوا بخلاء و ألزموا البخل فهم أبخل قوم فلم یلق یهودی أبدا غیر لئیم بخیل.

كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ أی لحرب محمد صلی اللّٰه علیه و آله و فی هذا دلالة و معجزة لأن اللّٰه أخبر فوافق خبره المخبر فقد كانت الیهود أشد أهل الحجاز بأسا و أمنعهم دارا حتی أن قریشا تعتضد بهم و الأوس و الخزرج تستبق إلی مخالفتهم و تتكثر بنصرتهم فأباد اللّٰه خضراءهم و استأصل شأفتهم و اجتث أصلهم (3)فأجلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بنی النضیر و بنی قینقاع و قتل بنی قریظة و شرد أهل خیبر و غلب علی فدك و دان أهل وادی القری فمحا اللّٰه سبحانه آثارهم صاغرین. (4)و فی قوله لَقَدْ كَفَرَ الَّذِینَ قالُوا هذا مذهب الیعقوبیة منهم لأنهم قالوا إن اللّٰه تعالی اتحد بالمسیح اتحاد الذات فصارا شیئا واحدا و صار الناسوت لاهوتا. (5)

ص: 81


1- مجمع البیان 3: 220، و فیه: الحسین بن علی المغربی و هو الصحیح.
2- التفسیر الكبیر 3: 424.
3- أباد اللّٰه خضراءهم أی أذهب نعمتهم و خصبهم، و یمكن أن یكون المعنی: أهلك اللّٰه معظمهم، من خضراء القوم: معظمهم. و استأصل شأفتهم أی استأصلهم من أصلهم، أو استأصل عداوتهم و أذاهم. اجتثه: قلعه من أصله.
4- مجمع البیان 3: 221.
5- مجمع البیان 3: 228. الناسوت: الطبیعة الانسانیة، أصله الناس، زیدت فی آخره واو و تاء مبالغة كملكوت. و اللاهوت: الالوهة، و أصله: لاه بمعنی إله، و یجوز أن یكون من لاه یلیه بمعنی علا و ارتفع.

و قال الرازی فی تفسیر قول النصاری ثالِثُ ثَلاثَةٍ طریقان الأول قول المفسرین و هو أنهم أرادوا بذلك أن اللّٰه و مریم و عیسی آلهة ثلاثة و الثانی أن المتكلمین حكوا عن النصاری أنهم یقولون جوهر واحد ثلاثة أقانیم أب و ابن و روح القدس و هذه الثلاثة إله واحد كما أن الشمس اسم یتناول القرص و الشعاع و الحرارة و عنوا بالأب الذات و بالابن الكلمة و بالروح الحیاة و أثبتوا الذات و الكلمة و الحیاة و قالوا إن الكلمة التی هی كلام اللّٰه اختلطت بجسد عیسی اختلاط الماء بالخمر و الماء باللبن و زعمت أن الأب إله و الابن إله و الروح إله و الكل إله واحد و اعلم أن هذا معلوم البطلان ببدیهة العقل فإن الثلاثة لا تكون واحدا و الواحد لا یكون ثلاثة و لا نری فی الدنیا مقالة أشد فسادا من مقالة النصاری. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی تَری كَثِیراً مِنْهُمْ أی من الیهود یَتَوَلَّوْنَ الَّذِینَ كَفَرُوا یرید كفار مكة یرید بذلك كعب بن الأشرف و أصحابه حین استحاشوا المشركین علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كما مر

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیه السلام یَتَوَلَّوْنَ الْمُلُوكَ الْجَبَّارِینَ وَ یُزَیِّنُونَ لَهُمْ أَهْوَاءَهُمْ لِیُصِیبُوا مِنْ دُنْیَاهُمْ (2).

و فی قوله تعالی ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ یرید ما حرمها أهل الجاهلیة و البحیرة هی الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن و كان آخرها ذكرا بحروا أذنها (3)و امتنعوا من ركوبها و نحرها و لا تطرد من ماء و لا تمنع من مرعی فإذا لقیها المعیی (4)لم یركبها و قیل إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا فی البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله الرجال و النساء جمیعا و إن كانت أنثی شقوا أذنها فتلك البحیرة ثم لا یجز لها وبر و لا یذكر علیها اسم اللّٰه إن ذكیت و لا

ص: 82


1- التفسیر الكبیر 3: 433، و فیه: و زعموا أن الأب إله.
2- مجمع البیان 3: 232، و فیه: «استجاشوا» بالجیم و هو الصحیح، أی طلبوا منهم المدد و الجیش.
3- أی شقوا اذنها.
4- المعیی: العاجز.

حمل علیها و حرم علی النساء أن یذقن من لبنها شیئا و لا أن ینتفعن بها و كان لبنها و منافعها للرجال خاصة دون النساء حتی تموت فإذا ماتت اشترك الرجال و النساء فی أكلها عن ابن عباس و قیل إن البحیرة بنت السائبة.

وَ لا سائِبَةٍ و هی ما كانوا یسیبونه (1)فإن الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو لبرء من علة أو ما أشبه ذلك فقال ناقتی سائمة فكانت كالبحیرة فی أن لا ینتفع بها و أن لا تخلا عن ماء و لا تمنع من مرعی عن الزجاج و علقمة و قیل هی التی تسیب للأصنام (2)أی تعتق لها و كان الرجل یسیب من ماله ما یشاء فیجی ء به إلی السدنة (3)و هم خدمة آلهتهم فیطعمون من لبنها أبناء السبیل و نحو ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و قیل إن السائبة هی الناقة إذا تابعت بین عشر إناث لیس فیهن ذكر سیبت فلم یركبوها و لم یجزوا وبرها و لم یشرب لبنها إلا ضیف فما نتجت بعد ذلك من أنثی شق أذنها ثم یخلی سبیلها مع أمها.

وَ لا وَصِیلَةٍ و هی فی الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثی فهی لهم و إذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم فإن ولدت ذكرا و أنثی قالوا وصلت أخاها فلم یذبحوا الذكر لآلهتهم عن الزجاج و قیل كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كانت السابع جدیا ذبحوه لآلهتهم و لحمه للرجال دون النساء و إن كانت عناقا استحیوها و كانت من عرض الغنم و إن ولدت فی البطن السابع جدیا و عناقا قالوا إن الأخت وصلت أخاها فمحرمة علینا (4)فحرما جمیعا و كانت المنفعة و اللبن للرجال دون النساء عن ابن مسعود و مقاتل و قیل الوصیلة الشاة إذا أتأمت (5) عشر إناث فی خمسة أبطن لیس فیها ذكر جعلت وصیلة فقالوا قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث عن محمد بن إسحاق.

ص: 83


1- من سیبت الدابّة: تركتها و اهملتها.
2- من سیب الغلام: أعتقه.
3- سدنة بفتحات: الخدم و الحجاب.
4- فی التفسیر المطبوع: فحرمته علینا.
5- أتأمت المرأة : وضعت اثنین فی بطن واحد.

وَ لا حامٍ و هو الذكر من الإبل كانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمی ظهره فلا یحمل علیه و لا یمنع من ماء و لا من مرعی عن ابن عباس و ابن مسعود و غیرهما و قیل إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قیل حمی ظهره فلا یركب عن الفراء.

أعلم اللّٰه سبحانه أنه لم یحرم من هذه الأشیاء شیئا و قال المفسرون

رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَیِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ كَانَ قَدْ مَلَكَ مَكَّةَ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَیَّرَ دِینَ إِسْمَاعِیلَ فَاتَّخَذَ الْأَصْنَامَ وَ نَصَبَ الْأَوْثَانَ وَ بَحَرَ الْبَحِیرَةَ وَ سَیَّبَ السَّائِبَةَ وَ وَصَلَ الْوَصِیلَةَ وَ حَمَی الْحَامِیَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَقَدْ رَأَیْتُهُ فِی النَّارِ تُؤْذِی أَهْلَ النَّارِ رِیحُ قُصْبِهِ (1)وَ یُرْوَی یَجُرُّ قُصْبَهُ فِی النَّارِ (2).

و فی قوله وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَیْكَ كِتاباً نزلت فی النضر بن الحارث و عبد اللّٰه بن أمیة و نوفل بن خویلد قالوا یا محمد لن نؤمن لك حتی تأتینا بكتاب من عند اللّٰه و معه أربعة من الملائكة یشهدون علیه أنه من عند اللّٰه و أنك رسوله وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ أی لما آمنوا به فاقتضت الحكمة استیصالهم و أن لا یمهلهم وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً أی الرسول أو الذی ینزل علیه لیشهد بالرسالة لَجَعَلْناهُ رَجُلًا لأنهم لا یستطیعون أن یروا الملك فی صورته لأن أعین الخلق تحار عن رؤیة الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثیفة وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ قال الزجاج كانوا هم یلبسون علی ضعفتهم فی أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیقولون إنما هذا بشر مثلكم فقال لو أنزلنا ملكا فرأوهم الملك رجلا لكان یلحقهم من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم و هذا احتجاج علیهم بأن الذی طلبوه لا یزیدهم بیانا و قیل معناه و لو أنزلنا ملكا لما عرفوه إلا بالتفكر و هم لا یتفكرون فیبقون فی اللبس الذی كانوا فیه و أضاف اللبس إلی نفسه لأنه یقع عند إنزاله الملائكة. (3)

ص: 84


1- فی النهایة: فیه: رأیت عمرو بن لحی یجر قصبه فی النار، و القصب بالضم: المعی، و جمعه اقصاب؛ و قیل: القصب اسم للامعاء كلها؛ و قیل: هو ما كان اسفل البطن من الامعاء.
2- مجمع البیان 3: 252.
3- مجمع البیان 4: 275- 277.

و فی قوله قُلْ أَیُّ شَیْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قال الكلبی أتی أهل مكة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا ما وجد اللّٰه رسولا غیرك ما نری أحدا یصدقك فیما تقول و لقد سألنا عنك الیهود و النصاری فزعموا أنه لیس لك عندهم ذكر فأرنا من یشهد أنك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كما تزعم فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة. (1)و فی قوله وَ مَنْ بَلَغَ

فِی تَفْسِیرِ الْعَیَّاشِیِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَعْنَاهُ وَ مَنْ بَلَغَ أَنْ یَكُونَ إِمَاماً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ یُنْذِرُ بِالْقُرْآنِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

و فی قوله كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ قال أبو حمزة الثمالی لما قدم النبی صلی اللّٰه علیه و آله المدینة قال عمر لعبد اللّٰه بن سلام إن اللّٰه أنزل علی نبیه أن أهل الكتاب یَعْرِفُونَهُ كَما یَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ فكیف هذه المعرفة قال نعرف نبی اللّٰه بالنعت الذی نعته اللّٰه إذا رأینا فیكم كما یعرف أحدنا ابنه إذا رآه بین الغلمان و ایم اللّٰه الذی یحلف به ابن سلام لأنا بمحمد أشد معرفة منی بابنی فقال له كیف قال عبد اللّٰه عرفته بما نعته اللّٰه لنا فی كتابنا فأشهد أنه هو فأما ابنی فإنی لا أدری ما أحدثت أمه فقال قد وفقت و صدقت و أصبت. (3)و فی قوله وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُ إِلَیْكَ قیل إن نفرا من مشركی مكة منهم النضر بن الحارث و أبو سفیان بن حرب و الولید بن مغیرة و عتبة بن ربیعة و أخوه شیبة و غیرهم جلسوا إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو یقرأ القرآن فقالوا للنضر ما یقول محمد فقال أساطیر الأولین مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضیة و أساطیر الأولین أحادیثهم التی كانوا یسطرونها و قیل معنی الأساطیر الترهات و البسابس (4)مثل حدیث رستم و إسفندیار و غیره مما لا فائدة فیه. (5)

ص: 85


1- مجمع البیان 4: 281.
2- مجمع البیان 4: 282.
3- مجمع البیان 4: 282.
4- الترهات بضم التاء و تشدید الراء جمع ترهة كقبرة و هی الاباطیل و الاقاویل الخالیة من الطائل. البسابس: الاباطیل و الكذب.
5- مجمع البیان 4: 286.

و فی قوله قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُكَ الَّذِی یَقُولُونَ أی ما یقولون إنك شاعر أو مجنون و أشباه ذلك فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ قرأ نافع و الكسائی و الأعشی عن أبی بكر لا یكذبونك بالتخفیف و هو قراءة علی علیه السلام و المروی عن الصادق علیه السلام و الباقون بفتح الكاف و التشدید و فیه وجوه.

أحدها لا یكذبونك بقلوبهم اعتقادا و إن كانوا یظهرون بأفواههم التكذیب عنادا و هو قول الأكثر و یشهد له ما رواه سلام بن مسكین عن أبی یزید المدنی أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لقی أبا جهل فصافحه أبو جهل فقیل له فی ذلك فقال و اللّٰه إنی لأعلم أنه صادق و لكنا متی كنا تبعا لعبد مناف فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة و قال السدی التقی أخنس بن شریق و أبو جهل بن هشام فقال له یا أبا الحكم أخبرنی عن محمد صلی اللّٰه علیه و آله أ صادق هو أم كاذب فإنه لیس هنا أحد غیری و غیرك یسمع كلامنا فقال أبو جهل ویحك و اللّٰه إن محمدا لصادق و ما كذب قط و لكن إذا ذهب بنو قصی باللواء و الحجابة و السقایة و الندوة و النبوة فما ذا یكون لسائر قریش. (1)و ثانیها أن المعنی لا یكذبونك بحجة و لا یتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان و یدل علیه ما روی عن علی علیه السلام أنه كان یقرأ لا یكذبونك و یقول إن المراد بها أنهم لا یأتون بحق هو أحق من حقك.

و ثالثها أن المراد لا یصادفونك كاذبا كما تقول العرب قاتلناكم فما أجبناكم أی ما أصبناكم جبناء و لا یختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفیف لأن أفعلت و فعلت یجوزان فی هذا الموضع و أفعلت هو الأصل فیه.

و رابعها أن المراد لا ینسبونك إلی الكذب فیما أتیت به لأنك كنت عندهم أمینا صدوقا و إنما یدفعون ما أتیت به و یقصدون التكذیب بآیات اللّٰه و روی أن أبا جهل قال للنبی صلی اللّٰه علیه و آله لا نتهمك و لا نكذبك و لكننا نتهم الذی جئت به و نكذبه.

ص: 86


1- و بهذا البیان السخیف صرفوا الخلافة عن أمیر المؤمنین علیّ علیه السلام إلی غیره، حیث قالوا: لا تجتمع النبوّة و الخلافة فی بیت واحد!.

و خامسها أن المراد لا یكذبونك بل یكذبوننی فإن تكذیبك راجع إلی و لست مختصا به لأنك رسول فمن رد علیك فقد رد علی. (1)و فی قوله فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِیَ أی تطلب و تتخذ نَفَقاً فِی الْأَرْضِ أی سربا و مسكنا فی جوف الأرض أَوْ سُلَّماً أی مصعدا إلی السماء فَتَأْتِیَهُمْ بِآیَةٍ أی حجة تلجئهم إلی الإیمان فافعل و قیل فتأتیهم بآیة أفضل مما آتیناهم به فافعل إِنَّما یَسْتَجِیبُ الَّذِینَ یَسْمَعُونَ أی یصغون إلیك و یتفكرون فی آیاتك فإن من لم یتفكر و لم یستدل بالآیات بمنزلة من لم یسمع وَ الْمَوْتی یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ یرید أن الذین لا یصغون إلیك و لا یتدبرون بمنزلة الموتی فلا یجیبون إلی أن یبعثهم اللّٰه یوم القیامة. (2)وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ أی ما اقترحوا علیه من مثل آیات الأولین كعصا موسی و ناقة ثمود وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ ما فی إنزالها من وجوب الاستیصال لهم إذا لم یؤمنوا عند نزولها و ما فی الاقتصار بهم علی ما أوتوه من الآیات من المصلحة. (3)و فی قوله هَلْ یُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ أی الذین یكفرون باللّٰه و یفسدون فی الأرض فإن هلك فیه مؤمن أو طفل فإنما یهلك محنة و یعوضه اللّٰه علی ذلك أعواضا كثیرة یصغر ذلك فی جنبها. (4)و فی قوله هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أی العارف باللّٰه سبحانه العالم بدینه و الجاهل به و بدینه فجعل الأعمی مثلا للجاهل و البصیر مثلا للعارف باللّٰه و بنبیه و فی تفسیر أهل البیت علیهم السلام هل یستوی من یعلم و من لا یعلم (5)و فی قوله الَّذِینَ

ص: 87


1- مجمع البیان 4: 293- 294.
2- فی التفسیر المطبوع: یرید: إن الذین لا یصغون إلیك من هؤلاء الكفّار و لا یتدبرون فیما تقرؤه علیهم و تبینه لهم من الآیات و الحجج بمنزلة الموتی، فكما آیست أن تسمع الموتی كلامك إلی أن یبعثهم فكذلك فأیس من هؤلاء أن تستجیبوا لك، و تقدیره: إنّما یستجیب المؤمن السامع للحق فاما الكافر فهو بمنزلة المیت فلا یجیب إلی أن یبعثه اللّٰه یوم القیامة فیلجئه إلی الایمان إه. و كثیرا ما یختصر المصنّف كلام المفسرین و ینقل معناه.
3- مجمع البیان 4: 296.
4- مجمع البیان 4: 303.
5- مجمع البیان 4: 304.

یَخافُونَ أَنْ یُحْشَرُوا إِلی رَبِّهِمْ یرید المؤمنین یخافون القیامة و أهوالها و قیل معناه یعلمون و

قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَنْذِرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَرْجُونَ الْوُصُولَ إِلَی رَبِّهِمْ بِرَغْبَتِهِمْ فِیمَا عِنْدَهُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ (1)

و فی قوله ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ قیل معناه الذی تطلبونه من العذاب كأن یقولوا یا محمد ائتنا بالذی تعدنا و قیل هی الآیات التی اقترحوها علیه استعجلوه بها فأعلم اللّٰه سبحانه أن ذلك عنده (2)و فی قوله مِنْ فَوْقِكُمْ قیل عنی به الصیحة و الحجارة و الطوفان و الریح أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ عنی به الخسف و قیل مِنْ فَوْقِكُمْ أی من قبل كباركم أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ من سفلتكم و قیل مِنْ فَوْقِكُمْ السلاطین الظلمة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ العبید السوء و من لا خیر فیه و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً أی یخلطكم فرقا مختلفی الأهواء لا تكونون شیعة واحدة و قیل هو أن یكلهم إلی أنفسهم و یخلیهم من ألطافه بذنوبهم السالفة و قیل عنی به یضرب بعضهم ببعض بما یلقیه بینهم من العداوة و العصبیة و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أی قتال بعض و حرب بعض و قیل هو سوء الجوار عن أبی عبد اللّٰه ع.

وَ فِی تَفْسِیرِ الْكَلْبِیِّ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَوَضَّأَ وَ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ وَ صَلَّی فَأَحْسَنَ صَلَاتَهُ ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ لَا یَبْعَثَ عَلَی أُمَّتِهِ عَذَابا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ لَا مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ لَا یُلْبِسَهُمْ شِیَعاً وَ لَا یُذِیقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی سَمِعَ مَقَالَتَكَ وَ إِنَّهُ قَدْ أَجَارَهُمْ مِنْ خَصْلَتَیْنِ وَ لَمْ یُجِرْهُمْ مِنْ خَصْلَتَیْنِ أَجَارَهُمْ مِنْ أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْهِمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِهِمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ لَمْ یُجِرْهُمْ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ الْأُخْرَیَیْنِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا بَقَاءُ أُمَّتِی مَعَ قَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً فَقَامَ وَ عَادَ إِلَی الدُّعَاءِ فَنَزَلَ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الْآیَتَیْنِ (3)فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ تُبْتَلَی بِهَا الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا لِیَتَبَیَّنَ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ لِأَنَّ الْوَحْیَ انْقَطَعَ وَ بَقِیَ السَّیْفُ وَ افْتِرَاقُ الْكَلِمَةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ..

ص: 88


1- مجمع البیان304:4
2- مجمع البیان 4: 310.
3- العنكبوت: 1- 2.

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَمَّا نَزَلَ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ كَیْفَ نَصْنَعُ إِنْ كَانَ كُلَّمَا اسْتَهْزَأَ الْمُشْرِكُونَ بِالْقُرْآنِ قُمْنَا وَ تَرَكْنَاهُمْ فَلَا نَدْخُلُ إِذاً الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ لَا نَطُوفُ بِالْبَیْتِ الْحَرَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما عَلَی الَّذِینَ یَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ أم (أَمَرَهُمْ) بِتَذْكِیرِهِمْ وَ تَبْصِیرِهِمْ مَا اسْتَطَاعُوا (1).

و فی قوله كَالَّذِی اسْتَهْوَتْهُ الشَّیاطِینُ فِی الْأَرْضِ حَیْرانَ اسْتَهْوَتْهُ من قولهم هوی من حالق إذا تردی و یشبه به الذی زل عن الطریق المستقیم و قیل استغوته الغیلان فی المهامة (2)و قیل دعته الشیاطین إلی اتباع الهوی و قیل أهلكته و قیل ذهبت به لَهُ أَصْحابٌ یَدْعُونَهُ إِلَی الْهُدَی أی إلی الطریق الواضح یقولون له ائْتِنا و لا یقبل منهم و لا یصیر إلیهم لأنه قد تحیر لاستیلاء الشیطان علیه. (3)و فی قوله وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ یُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ الصَّیْفِ (4)یُخَاصِمُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْشُدُكَ بِالَّذِی أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَی مُوسَی أَ مَا تَجِدُ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یُبْغِضُ الْحِبْرَ السَّمِینَ وَ كَانَ سَمِیناً فَغَضِبَ وَ قَالَ وَ اللَّهِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلی بَشَرٍ مِنْ شَیْ ءٍ فقالوا (فَقَالَ لَهُ) أَصْحَابُهُ وَیْحَكَ وَ لَا مُوسَی فَنَزَلَتِ الْآیَةُ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ.

و فی روایة أخری عنه أنها نزلت فی الكفار أنكروا قدرة اللّٰه علیهم فمن أقر أن اللّٰه علی كل شی ء قدیر فقد قدر اللّٰه حق قدره و قیل نزلت فی مشركی قریش عن مجاهد و قیل إن الرجل كان فنحاص بن عازوراء و هو قائل هذه المقالة عن السدی و قیل إن الیهود قالت یا محمد أنزل اللّٰه علیك كتابا قال نعم قالوا و اللّٰه ما أنزل اللّٰه من السماء كتابا فنزلت عن ابن عباس تَجْعَلُونَهُ قَراطِیسَ أی كتبا و صحفا متفرقة أو ذا قراطیس أی تودعونه إیاها تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِیراً أی تبدون بعضها و تكتمون بعضها و هو ما فی الكتب من صفات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و الإشارة إلیه وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قیل إنه خطاب للمسلمین و قیل هو

ص: 89


1- مجمع البیان 4: 315 و- 31.
2- الحالق من الجبال: المنیف المرتفع لانبات فیه. المكان المشرف. المهامه جمع المهمه و المهمهة: المفازة البعیدة. البلد المقفر.
3- مجمع البیان 4: 319.
4- فی المصدر: مالك بن الضیف.

خطاب للیهود أی علمتم التوراة فضیعتموه أو علمتم بالقرآن ما لم تعلموا قُلِ اللَّهُ أی اللّٰه أنزل ذلك ثُمَّ ذَرْهُمْ فِی خَوْضِهِمْ أی فیما خاضوا فیه من الباطل و اللعب و هذا الأمر علی التهدید. (1) و فی قوله وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أراد بالجن الملائكة لاستتارهم عن الأعین و قیل إن قریشا كانوا یقولون إن اللّٰه صاهر الجن فحدث بینهم الملائكة فالمراد الجن المعروف و قیل أراد بالجن الشیاطین لأنهم أطاعوا الشیطان فی عبادة الأوثان وَ خَلَقَهُمْ الهاء و المیم عائدة علیهم أی جعلوا للذی خلقهم شركاء لا یخلقون أو علی الجن فالمعنی و اللّٰه خالق الجن فكیف یكونون شركاء و یجوز أن یكون المعنی و خلق الجن و الإنس جمیعا و قیل إن المراد بالآیة المجوس إذ قالوا یزدان و أهرمن و هو الشیطان عندهم فنسبوا خلق المؤذیات و الشرور و الأشیاء الضارة إلی أهرمن و مثلهم الثنویة القائلون بالنور و الظلمة وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِینَ وَ بَناتٍ أی اختلقوا و موهوا و افتروا الكذب علی اللّٰه و نسبوا البنین و البنات إلیه فإن المشركین قالوا الملائكة بنات اللّٰه و النصاری قالوا المسیح ابن اللّٰه و الیهود قالوا عزیر ابن اللّٰه بِغَیْرِ عِلْمٍ أی بغیر حجة. (2)و فی قوله وَ لِیَقُولُوا دَرَسْتَ ذلك یا محمد أی تعلمته من الیهود و هذه اللام لام الصیرورة أی إن السبب الذی أداهم إلی أن قالوا درست هو تلاوة الآیات. (3)و فی قوله وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ قالت قریش یا محمد تخبرنا أن موسی كان معه عصا یضرب به الحجر فتنفجر منه اثنتا عشرة عینا و تخبرنا أن عیسی كان یحیی الموتی و تخبرنا أن ثمود كانت له ناقة فأتنا بآیة من الآیات حتی نصدقك فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی شی ء تحبون أن آتیكم به قالوا اجعل لنا الصفا ذهبا و ابعث لنا بعض موتانا حتی نسألهم عنك أ حق ما تقول أم باطل و أرنا الملائكة یشهدون لك أو ائتنا باللّٰه و الملائكة قبیلا فقال رسول اللّٰه فإن فعلت بعض ما تقولون أ تصدقوننی قالوا نعم و اللّٰه لئن

ص: 90


1- مجمع البیان ٤ : ٣٣٣.
2- مجمع البیان 4: 342- 343.
3- مجمع البیان 4: 346.

فعلت لنتبعنك أجمعین و سأل المسلمون رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن ینزلها علیهم حتی یؤمنوا فقام رسول اللّٰه یدعو أن یجعل الصفا ذهبا فجاء جبرئیل علیه السلام فقال له إن شئت أصبح الصفا ذهبا و لكن إن لم یصدقوا عذبتهم و إن شئت تركتهم حتی یتوب تائبهم فقال علیه السلام بل یتوب تائبهم فأنزل اللّٰه تعالی هذه الآیة عن الكلبی و محمد بن كعب.

جَهْدَ أَیْمانِهِمْ أی مجدین مجتهدین مظهرین الوفاء به إِنَّمَا الْآیاتُ عِنْدَ اللَّهِ أی هو مالكها و القادر علیها فلو علم صلاحكم لأنزلها وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ أی فی جهنم عقوبة لهم أو فی الدنیا بالحیرة وَ حَشَرْنا أی جمعنا عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْ ءٍ أی كل آیة و قیل أی كل ما سألوه قُبُلًا أی معاینة و مقابلة إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ أی أن یجبرهم علی الإیمان و هو المروی عن أهل البیت علیهم السلام.(1)و فی قوله فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِینَ أی من الشاكین فی ذلك و الخطاب للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و المراد به الأمة و قیل الخطاب لغیره أی فلا تكن أیها الإنسان أو أیها السامع (2)وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَخْرُصُونَ أی ما هم إلا یكذبون أو لا یقولون عن علم و لكن عن خرز (3)و تخمین و قال ابن عباس كانوا یدعون النبی صلی اللّٰه علیه و آله و المؤمنین إلی أكل المیتة و یقولون أ تأكلون ما قتلتم و لا تأكلون ما قتل ربكم فهذا إضلالهم. (4)و فی قوله وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ لَیُوحُونَ إِلی أَوْلِیائِهِمْ یعنی علماء الكافرین و رؤساءهم لِیُجادِلُوكُمْ فی استحلال المیتة كما مر و قال عكرمة إن قوما من مجوس فارس كتبوا إلی مشركی قریش فكانوا (5)أولیاءهم فی الجاهلیة أن محمدا و أصحابه یزعمون أنهم یتبعون أمر اللّٰه ثم یزعمون أن ما ذبحوه حلال و ما قتله اللّٰه حرام فوقع ذلك فی نفوسهم فذلك إیحاؤهم إلیهم و قال ابن عباس هم إبلیس و جنوده

ص: 91


1- مجمع البیان 4: 249- 251.
2- مجمع البیان 4: 354. و الظاهر أنّه سقط بعد ذلك قوله: و فی قوله تعالی.
3- هكذا فی المطبوع، و فی النسخة المخطوطة: حرز، و فی المصدر: خرص و هو الصحیح.
4- مجمع البیان 4: 356.
5- فی المصدر: و كان.

لیوحون إلی أولیائهم من الإنس بإلقاء الوسوسة فی قلوبهم. (1)و فی قوله وَ هذا لِشُرَكائِنا یعنی الأوثان و إنما جعل الأوثان شركاءهم لأنهم جعلوا لها نصیبا من أموالهم.

فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا یَصِلُ إِلَی اللَّهِ فیه أقوال أحدها أنهم كانوا یزرعون لله زرعا و للأصنام زرعا فكان إذا زكا الزرع الذی زرعوه لله و لم یزك الزرع الذی زرعوه للأصنام جعلوا بعضه للأصنام و صرفوه إلیها و یقولون إن اللّٰه غنی و الأصنام أحوج و إن زكا الزرع الذی جعلوه للأصنام و لم یزك الزرع الذی زرعوه لله لم یجعلوا منه شیئا لله تعالی و قالوا هو غنی و كانوا یقسمون النعم فیجعلون بعضه لله و بعضه للأصنام فما كان لله أطعموه الضیفان و ما كان للصنم أنفق علی الصنم.

و ثانیها أنه إذا كان اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله تعالی ردوه و إذا اختلط ما جعل لله بما جعل للأصنام تركوه و قالوا اللّٰه أغنی و إذا تخرق الماء من الذی لله فی الذی للأصنام لم یسدوه و إذا تخرق من الذی للأصنام فی الذی لله سدوه و قالوا اللّٰه أغنی عن ابن عباس و قتادة و هو المروی عن أئمتنا ع.

و ثالثها أنه إذا هلك ما جعل للأصنام بدلوه مما جعل لله و إذا هلك ما جعل لله لم یبدلوه مما جعل للأصنام. (2)و فی قوله قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ یعنی الشیاطین الذین زینوا لهم قتل البنات و وأدهن (3)أحیاء خیفة العیلة و الفقر و العار و قیل كان السبب فی تزیین قتل البنات أن النعمان بن المنذر أغار علی قوم فسبی نساءهم و كان فیهن بنت قیس بن عاصم ثم اصطلحوا فأرادت كل امرأة منهن عشیرتها غیر ابنة قیس فإنها أرادت من سباها فحلف قیس لا تولد له بنت إلا وأدها فصار ذلك سنة فیما بینهم. (4)قوله حِجْرٌ أی حرام عنی بذلك الأنعام و الزرع اللذین جعلوهما لآلهتهم و أوثانهم لا یَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ أی لا یأكلها إلا من نشاء أن نأذن له فی

ص: 92


1- مجمع البیان 4: 358.
2- مجمع البیان 4: 370.
3- وأد البنت: دفنها فی التراب حیا.
4- مجمع البیان 4: 371.

أكلها و أعلم سبحانه أن هذا التحریم زعم منهم لا حجة لهم فیه و كانوا لا یحلون ذلك إلا لمن قام بخدمة أصنامهم من الرجال دون النساء وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها أی الركوب علیها و هی السائبة و البحیرة و الحام وَ أَنْعامٌ لا یَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا قیل كانت لهم من أنعامهم طائفة لا یذكرون اسم اللّٰه علیها و لا فی شی ء من شأنها و قیل إنهم كانوا لا یحجون علیها و قیل هی التی إذا ذكوها أهلوا علیها بأصنامهم فلا یذكرون اسم اللّٰه علیها افْتِراءً عَلَیْهِ لأنهم كانوا یقولون إن اللّٰه أمرهم بذلك وَ قالُوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ یعنی ألبان البحائر و السیب عن ابن عباس و غیره و قیل یعنی أجنة البحائر و السیب ما ولد منها حیا فهو خالص للذكور دون النساء و ما ولدت میتا أكله الرجال و النساء و قیل المراد به كلاهما وَ مُحَرَّمٌ عَلی أَزْواجِنا أی إناثنا. (1)و فی قوله فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ معناه فإن لم یجدوا شاهدا یشهد لهم علی تحریمها غیرهم فشهدوا بأنفسهم فلا تشهد أنت معهم. (2)قوله عَلی طائِفَتَیْنِ مِنْ قَبْلِنا أی الیهود و النصاری وَ إِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِینَ أی إنا كنا غافلین عن تلاوة كتبهم. (3)و فی قوله إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً قرأ حمزة و الكسائی فارقوا و هو المروی عن علی ع.

و اختلف فی المعنیین بهذه الآیة علی أقوال أحدها أنهم الكفار و أصناف المشركین و نسختها آیة السیف و ثانیها أنهم الیهود و النصاری لأنهم یكفر بعضهم بعضا و ثالثها أنهم أهل الضلالة و أصحاب الشبهات و البدع من هذه الأمة رواه أبو هریرة و عائشة و هو المروی عن الباقر علیه السلام جعلوا دین اللّٰه أدیانا لإكفار بعضهم بعضا و صاروا أحزابا و فرقا لَسْتَ مِنْهُمْ فِی شَیْ ءٍ هذا خطاب للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و إعلام له أنه لیس منهم فی شی ء و أنه علی المباعدة التامة من أن یجتمع معهم فی

ص: 93


1- مجمع البیان 4: 372- 373.
2- مجمع البیان: 381.
3- مجمع البیان 4: 387.

معنی من مذاهبهم الفاسدة و قیل أی لست من مخالطتهم فی شی ء و قیل لست من قتالهم فی شی ء فنسختها آیة القتال. (1)و فی قوله تعالی فَلا یَكُنْ فِی صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ فیه أقوال أحدها أن معنی الحرج الضیق أی لا یضیق صدرك لتشعب الفكر خوفا من أن لا تقوم بتبلیغ ما أنزل إلیك حق القیام فلیس علیك أكثر من الإنذار.

و ثانیها أن معنی الحرج الشك أی لا یكن فی صدرك شك فیما یلزمك من القیام بحقه.

و ثالثها أن معناه فلا یضیقن صدرك من قومك أن یكذبوك و یجبهوك بالسوء (2)فیما أنزل إلیك

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ قَالَ إِنِّی أَخْشَی أَنْ یُكَذِّبَنِی النَّاسُ وَ یَثْلَغُوا رَأْسِی (3)فَیَتْرُكُوهُ كَالْخُبْزَةِ فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَی الْخَوْفَ عَنْهُ بِهَذِهِ الْآیَةِ (4).

و فی قوله تعالی وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً كنی به عن المشركین الذین كانوا یبدون سوآتهم فی طوافهم فكان یطوف الرجال و النساء عراة یقولون نطوف كما ولدتنا أمهاتنا و لا نطوف فی الثیاب التی قارفنا فیها الذنوب و هم الحمس (5)قال الفراء كانوا یعملون شیئا من سیور مقطعة یشدونه علی حقویهم یسمی حوفا و إن عمل من صوف سمی رهطا و كان تضع المرأة علی قبلها النسعة (6)فتقول

ص: 94


1- مجمع البیان 4: 388- 389.
2- جبهه بالسوء: استقبله به.
3- ثلغ رأسه: شدخه أی كسره، قال الجزریّ فی النهایة: فیه: إذا تثلغوا رأسی كما تثلغ الخبزة، الثلغ: الشدخ، و قیل: ضربك الشی ء الرطب بالشی ء الیابس حتّی یتشدخ.
4- مجمع البیان 4: 395.
5- الحمس جمع الاحمس، و هم قریش و من ولدت قریش و كنانة و جدیلة قیس و من تابعهم فی الجاهلیة، فسموا حمسا لانهم تحمسوا فی دینهم أی تشددوا، أو لالتجائهم بالحمساء، و هی الكعبة.
6- السیور جمع السیر: قدة من الجلد مستطیلة. الحوف: جلد یشق كهیئة الازار تلبسه الصبیان أو نقبة من أدم تقد سیورا. النسع: سیر أو حبل عریض تشد به الرحال، و القطعة منه: النسعة.

الیوم یبدو بعضه أو كله. و ما بدا منه فلا أحله.

تعنی الفرج لأن ذلك لا یستر سترا تاما.

و فی قوله فِی أَسْماءٍ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ أی فی أصنام صنعتموها أنتم و آباؤكم و اخترعتم لها أسماء سمیتموها آلهة و ما فیها من معنی الإلهیة شی ء و قیل معناه تسمیتهم لبعضها أنه یسقیهم المطر و الآخر أنه یأتیهم بالرزق و الآخر أنه یشفی المرضی و الآخر أنه یصحبهم فی السفر ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أی حجة و برهان فَانْتَظِرُوا عذاب اللّٰه فإنه نازل بكم. (1)و فی قوله وَ كَلِماتِهِ أی الكتب المتقدمة و القرآن و الوحی (2)و فی قوله أَ وَ لَمْ یَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ معناه أ و لم یتفكروا هؤلاء الكفار المكذبون بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله فیعلموا أنه لیس بمجنون إذ لیس فی أقواله و أحواله ما یدل علی الجنون ثم ابتدأ بالكلام فقال ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ أی لیس به جنون و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله صعد الصفا و كان یدعو قریشا فخذا فخذا (3)إلی توحید اللّٰه و یخوفهم عذاب اللّٰه فقال المشركون إن صاحبهم قد جن بات لیلا یصوت إلی الصباح فنزلت. (4)و فی قوله تعالی قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ معناه أن معبودی ینصرنی و یدفع كید الكائدین عنی و معبودكم لا یقدر علی نصركم فإن قدرتم لی علی ضر فاجتمعوا أنتم مع أصنامكم و تظاهروا علی كیدی و لا تمهلونی فی الكید و الإضرار فإن معبودی

ص: 95


1- مجمع البیان 4: 437 و 438، و فیه: و لاخر انه یأتیهم بالرزق، و لاخر أنّه یشفی المرضی و لاخر أنّه یصحبهم فی السفر.
2- مجمع البیان 4: 488.
3- فخذا فخذا أی حیا حیا، قال الجزریّ فی النهایة: لما نزلت: «وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَكَ الْأَقْرَبِینَ» بات یفخذ عشیرته، أی ینادیهم فخذا فخذا و هم أقرب العشیرة إلیه، و قد تكرر ذكر الفخذ فی الحدیث و أول العشیرة الشعب، ثمّ القبیلة، ثمّ الفصیلة، ثمّ العمارة، ثمّ البطن، ثمّ الفخذ.
4- مجمع البیان 4: 504- 505، و فیه: أو لم یتفكروا هؤلاء المكذبون بمحمد- صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم- و بنبوّته فی أقواله و أفعاله فیعلموا اه.

یدفع كیدكم عنی وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ أی الأصنام أو المشركین خُذِ الْعَفْوَ أی ما عفا و فضل من أموالهم أو العفو من أخلاق الناس و اقبل المیسور منها و قیل هو العفو فی قبول العذر من المعتذر و ترك المؤاخذة بالإساءة وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ أی بالمعروف وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ أی أعرض عنهم عند قیام الحجة علیهم و الإیاس من قبولهم و لا تقابلهم بالسفه.

و لا یقال هی منسوخة بآیة القتال لأنها عامة خص عنها الكافر الذی یجب قتله بدلیل قال ابن زید لما نزلت هذه الآیة قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله كیف یا رب و الغضب فنزل (1)قوله وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ أی إن نالك من الشیطان وسوسة و نخسة فی القلب أو عرض لك من الشیطان عارض. (2)و فی قوله وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآیَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَیْتَها أی إذا جئتهم بآیة كذبوا بها و إذا أبطأت عنهم یقترحونها و یقولون هلا جئتنا من قبل نفسك فلیس كل ما تقوله وحیا من السماء و قیل إذا لم تأتهم بآیة مقترحة قالوا هلا اخترتها من قبل نفسك فتسأل ربك أن یأتیك بها. (3)و فی قوله كَالَّذِینَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ السماع هنا بمعنی القبول و هؤلاء هم المنافقون (4)و قیل هم أهل الكتاب من الیهود و قریظة و النضیر و قیل إنهم مشركو العرب لأنهم قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ یعنی هؤلاء المشركین الذین لم ینتفعوا بما یسمعون من الحق و لا یتكلمون به و لا یعتقدونه و لا یقرون به فكأنهم صم بكم لا یعقلون كالدواب

قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام نَزَلَتِ الْآیَةُ فِی بَنِی عَبْدِ الدَّارِ لَمْ یَكُنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ غَیْرُ مُصْعَبِ بْنِ عُمَیْرٍ وَ حَلِیفٍ لَهُمْ یُقَالُ لَهُ سُوَیْبِطٌ (5).

ص: 96


1- مجمع البیان 4: 511 و 512.
2- مجمع البیان 4: 513.
3- مجمع البیان 4: 514.
4- فی المصدر: و هؤلاء الكفّار هم المنافقون.
5- مجمع البیان ٤ : ٥٣٢.

و فی قوله لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إنما قالوا ذلك مع ظهور عجزهم عن الإتیان بمثله عداوة و عنادا و قیل إنما قالوا ذلك قبل ظهور عجزهم و كان قائل هذا النضر بن الحارث بن كلدة و أسر یوم بدر فقتله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و عقبة بن أبی معیط و قتله أیضا یوم بدر وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ القائل لذلك النضر بن الحارث أیضا و قیل أبو جهل (1)و فی قوله إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِیَةً المكاء الصفیر و التصدیة ضرب الید علی الید قال ابن عباس كانت قریش یطوفون بالبیت عراة یصفرون و یصفقون و صَلاتُهُمْ معناه دعاؤهم أی یقیمون المكاء و التصدیة مكان الدعاء و التسبیح و قیل أراد لیس لهم صلاة و لا عبادة و إنما یحصل منهم ما هو ضرب من اللّٰهو و اللعب و روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان إذا صلی فی المسجد الحرام قام رجلان من بنی عبد الدار عن یمینه فیصفران و رجلان عن یساره یصفقان بأیدیهما فیخلطان علیه صلاته فقتلهم اللّٰه جمیعا ببدر و لهم یقول و لبقیة بنی عبد الدار فَذُوقُوا الْعَذابَ یعنی عذاب السیف یوم بدر و قیل عذاب الآخرة. (2)و فی قوله تعالی فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِینَ أی فی نصر المؤمنین و كبت أعداء الدین (3)و فی قوله وَ قالَتِ الْیَهُودُ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ قال ابن عباس القائل لذلك جماعة منهم جاءوا إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله منهم سلام بن مشكم و نعمان بن أوفی و شاس بن قیس و مالك بن الصیف فقالوا ذلك و قیل إنما قال ذلك جماعة منهم من قبل و قد انقرضوا و إن عزیرا أملی التوراة من ظهر قلبه علمه جبرئیل علیه السلام فقالوا إنه ابن اللّٰه إلا أن اللّٰه أضاف ذلك إلی جمیعهم و إن كانوا لا یقولون ذلك الیوم كما یقال إن الخوارج یقولون بتعذیب أطفال المشركین و إنما یقوله الأزارقة منهم خاصة و یدل علی أن هذا مذهب الیهود أنهم لم ینكروا ذلك لما سمعوا هذه الآیة مع شدة حرصهم علی تكذیب الرسول صلی اللّٰه علیه و آله یُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِینَ كَفَرُوا أی عباد الأصنام فی عبادتهم لها أو فی عبادتهم للملائكة و قولهم إنهم بنات اللّٰه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ

رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُمَا قَالا أَمَا وَ اللَّهِ مَا

ص: 97


1- مجمع البیان 4: 538- 539.
2- مجمع البیان 4: 540.
3- مجمع البیان 4: 542.

صَامُوا لَهُمْ وَ لَا صَلَّوْا لَهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً وَ حَرَّمُوا عَلَیْهِمْ حَلَالًا فَاتَّبَعُوهُمْ فَعَبَدُوهُمْ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُونَ.

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِی عُنُقِی صَلِیبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ یَا عَدِیُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ قَالَ فَطَرَحْتُهُ وَ انْتَهَیْتُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَةَ حَتَّی فَرَغَ مِنْهَا فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ فَقَالَ أَ لَیْسَ یُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ وَ یُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ قَالَ فَقُلْتُ بَلَی قَالَ فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ (1).

و فی قوله إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ یعنی تأخیر الأشهر الحرم عما رتبها اللّٰه سبحانه علیه و كانت العرب تحرم الأشهر الأربعة و ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهیم و إسماعیل و هم كانوا أصحاب غارات و حروب فربما كان یشق علیهم أن یمكثوا ثلاثة أشهر متوالیة لا یغیرون فیها (2)فكانوا یؤخرون تحریم المحرم إلی صفر فیحرمونه و یستحلون المحرم فیمكثون بذلك زمانا ثم یزول التحریم إلی المحرم (3)و لا یفعلون ذلك إلا فی ذی الحجة و قال ابن عباس معنی قوله زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ أنهم كانوا أحلوا ما حرم اللّٰه و حرموا ما أحل اللّٰه قال الفراء و الذی كان یقوم به رجل من كنانة یقال له نعیم بن تغلبة و كان رئیس الموسم فیقول أنا الذی لا أعاب و لا أخاب و لا یرد لی قضاء فیقولون نعم صدقت أنسئنا شهرا و أخر عنا حرمة المحرم و اجعلها فی صفر و أحل المحرم فیفعل ذلك و الذی كان ینسئها حین جاء الإسلام جنادة بن عوف بن أمیة الكنانی قال ابن عباس و أول من سن النسی ء عمرو بن لحی بن قمعة بن خندف و قال أبو مسلم بل رجل من بنی كنانة یقال له القلمس و قال مجاهد كان المشركون یحجون فی كل شهر عامین فحجوا فی ذی الحجة عامین ثم حجوا فی المحرم عامین ثم حجوا فی صفر عامین و كذلك فی الشهور حتی وافقت الحجة التی قبل حجة الوداع فی ذی القعدة ثم حج النبی

ص: 98


1- مجمع البیان 5: 23.
2- أغار علیهم: هجم و أوقع بهم. و فی التفسیر المطبوع: لا یغزون فیها.
3- فی التفسیر المطبوع: ثم یأول التحریم إلی المحرم.

ص فی العام القابل حجة الوداع فوافقت فی ذی الحجة فذلك حین قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی خطبته ألا إن الزمان قد استدار كهیئته یوم خلق السماوات و الأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متوالیات ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب مفطر الذی (1)بین جمادی و شعبان و أراد علیه السلام بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلی مواضعها و أعاد الحج إلی ذی الحجة و بطل النسی ء لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أی أنهم لم یحلوا شهرا من الحرام إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال و لم یحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرام لیكون موافقة فی العدد. (2)و فی قوله أَنَّهُمْ یُفْتَنُونَ أی یمتحنون فِی كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَیْنِ بالأمراض و الأوجاع أو بالجهاد مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ما یرون من نصرة اللّٰه رسوله و ما ینال أعداءه من القتل و السبی و قیل بالقحط و الجوع و قیل بهتك أستارهم و ما یظهر من خبث سرائرهم وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أی من القرآن و هم حضور مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله كرهوا ما یسمعونه و نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ نظرا یؤمون به هَلْ یَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ و إنما یفعلون ذلك لأنهم منافقون یحذرون أن یعلم بهم فكأنهم یقول بعضهم لبعض هل یراكم من أحد ثم یقومون فینصرفون و إنما یفعلون ذلك مخافة أن تنزل آیة تفضحهم و كانوا لا یقولون ذلك بألسنتهم و لكن ینظرون نظرة من یقول لغیره ذلك و قیل إن المنافقین كان ینظر بعضهم إلی بعض نظر تعنت و طعن فی القرآن ثم یقولون هل یرانا أحد من المسلمین فإذا تحقق لهم أنه لا یراهم أحد من المسلمین بالغوا فیه و إن علموا أنه یراهم واحد كفوا عنه ثُمَّ انْصَرَفُوا عن المجلس أو عن الإیمان صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عن رحمته و ثوابه و قیل إنه دعاء علیهم. (3)

ص: 99


1- هكذا فی المطبوع، و فی نسخة مخطوطة: و رجب مضر الذی. و فی التفسیر المطبوع: و رجب الذی.
2- مجمع البیان 5: 29.
3- مجمع البیان 5: 85- 86.

و فی قوله قالَ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنَا أی لا یؤمنون بالبعث و النشور ائْتِ بِقُرْآنٍ غَیْرِ هذا الذی تتلوه علینا أَوْ بَدِّلْهُ فاجعله علی خلاف ما تقرؤه و الفرق بینهما أن الإتیان بغیره قد یكون معه و تبدیله لا یكون إلا برفعه و قیل معنی قوله بَدِّلْهُ غیر أحكامه من الحلال و الحرام أرادوا بذلك زوال الحظر عنهم و سقوط الأمر منهم و أن یخلی بینهم و بین ما یریدون وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ أی و لا أعلمكم اللّٰه به بأن لا ینزله علی فَقَدْ لَبِثْتُ فِیكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أی أقمت بینكم دهرا طویلا من قبل إنزال القرآن فلم أقرأه علیكم و لا ادعیت نبوة حتی أكرمنی اللّٰه به وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا إنا نعبد هذه الأصنام لتشفع لنا عند اللّٰه و إن اللّٰه أذن لنا فی عبادتها و أنه سیشفعها فینا فی الآخرة و توهموا أن عبادتها أشد فی تعظیم اللّٰه سبحانه من قصده تعالی بالعبادة فجمعوا بین قبیح القول و قبیح الفعل و قبیح التوهم و قیل معناه هؤلاء شفعاؤنا فی الدنیا لإصلاح معاشنا عن الحسن قال لأنهم كانوا لا یقرون بالبعث بدلالة قوله تعالی وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لا یَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ یَمُوتُ (1)قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا یَعْلَمُ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ أی تخبرون اللّٰه بما لا یعلم من حسن عبادة الأصنام و كونها شافعة لأن ذلك لو كان صحیحا لكان تعالی به عالما ففی نفی علمه بذلك نفی المعلوم. (2)و فی قوله تعالی فَسَیَقُولُونَ اللَّهُ فیها دلالة علی أنهم كانوا یقرون بالخالق و إن كانوا مشركین فإن جمهور العقلاء یقرون بالصانع سوی جماعة قلیلة من ملحدة الفلاسفة و من أقر بالصانع علی هذا صنفان موحد یعتقد أن الصانع واحد لا یستحق العبادة غیره و مشرك و هم ضربان فضرب جعلوا لله شریكا فی ملكه یضاده و یناویه و هم الثنویة و المجوس ثم اختلفوا فمنهم من یثبت لله شریكا قدیما كالمانویة و منهم من یثبت لله شریكا محدثا كالمجوس و ضرب آخر لا یجعل لله شریكا فی حكمه

ص: 100


1- النحل: 38.
2- مجمع البیان 5: 97- 98.

و ملكه و لكن یجعل له شریكا فی العبادة یكون متوسطا بینه و بین الصانع و هم أصحاب المتوسطات ثم اختلفوا فمنهم من جعل الوسائط من الأجرام العلویة كالنجوم و الشمس و القمر و منهم من جعل المتوسط من الأجسام السفلیة كالأصنام و نحوها تعالی اللّٰه عما یقول الزائغون عن سبیله علوا كبیرا. (1)و فی قوله تعالی أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی الأصنام لا تهتدی و لا تهدی أحدا و إن هدیت لأنها موات من حجارة و نحوها و لكن الكلام نزل علی أنها إن هدیت اهتدت لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما یعبر عمن یعقل و وصفت بصفة من یعقل و إن لم تكن فی الحقیقة كذلك أ لا تری إلی قوله تعالی (2)إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ و قوله فَادْعُوهُمْ فَلْیَسْتَجِیبُوا لَكُمْ أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ یَمْشُونَ بِها الآیة و كذا قوله إِنْ تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ فأجری علیه اللفظ كما یجری علی من یعلم و قیل المراد بذلك الملائكة و الجن و قیل الرؤساء و المضلون الذین یدعون إلی الكفر و قیل إن المعنی فی قوله لا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدی لا یتحرك إلا أن یحرك بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ یُحِیطُوا بِعِلْمِهِ أی بما لم یعلموه من جمیع وجوهه لأن فی القرآن ما یعلم المراد منه بدلیل و یحتاج إلی الفكر فیه أو الرجوع إلی الرسول فی معرفة مراده مثل المتشابه فالكفار لما لم یعرفوا المراد بظاهره كذبوا به و قیل أی لم یحیطوا بكیفیة نظمه و ترتیبه و هذا كما أن الناس یعرفون ألفاظ الشعر و الخطب و معانیها و ما یمكنهم إبداعها لجهلهم بنظمها و ترتیبها و قال الحسن معناه بل كذبوا بالقرآن من غیر علم ببطلانه و قیل معناه بل كذبوا بما فی القرآن من الجنة و النار و البعث و النشور و الثواب و العقاب. (3)و فی قوله ما ذا یَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ هذا الاستفهام معناه التفظیع و التهویل كما یقول الإنسان لمن هو فی أمر یستوخم عاقبته ما ذا تجنی علی نفسك و

قَالَ

ص: 101


1- مجمع البیان 5: 107.
2- فی التفسیر المطبوع: ألا تری إلی قوله سبحانه: «وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ شَیْئاً وَ لا یَسْتَطِیعُونَ» و قوله: «إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ» إه.
3- مجمع البیان 5: 109- 110.

أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیهما السلام یُرِیدُ بِذَلِكَ عَذَاباً یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَی فَسَقَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِی آخِرِ الزَّمَانِ.

أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ هذا استفهام إنكار و تقدیره أ حین وقع بكم العذاب المقدر الموقت آمنتم به أی باللّٰه أو بالقرآن أو بالعذاب الذی كنتم تنكرونه فیقال لكم الآن تؤمنون به وَ قَدْ كُنْتُمْ بِهِ أی بالعذاب تَسْتَعْجِلُونَ من قبل مستهزءین. (1)و فی قوله قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ قیل فضل اللّٰه الإسلام و رحمته القرآن و قیل بالعكس و

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیهما السلام فَضْلُ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَحْمَتُهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ع.

و روی ذلك الكلبی عن أبی صالح عن ابن عباس. (2)و فی قوله فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالًا یعنی ما حرموا من البحیرة و السائبة و الوصیلة و الحام و أمثالها. (3)و فی قوله وَ لا یَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ أی أقوالهم المؤذیة كقولهم إنك ساحر أو مجنون وَ ما یَتَّبِعُ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ یتحمل ما هاهنا وجهین أحدهما أن یكون بمعنی أی شی ء تقبیحا لفعلهم و الآخر أن یكون نافیة أی و ما یتبعون شركاء فی الحقیقة و یحتمل وجها ثالثا و هو أن یكون بمعنی الذی و یكون منصوبا بالعطف علی من و یكون التقدیر و الذی یتبع الأصنام الذین یدعونهم من دون اللّٰه شركاء. (4)و فی قوله وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِوَكِیلٍ أی ما أنا بحفیظ لكم عن الإهلاك إذا لم تنظروا أنتم لأنفسكم و المعنی أنه لیس علی إلا البلاغ و لا یلزمنی أن أجعلكم مهتدین و أن أنجیكم من النار كما یجب علی من وكل علی متاع أن یحفظه من الضرر. (5)و فی قوله یُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی یعنی یمتعكم فی الدنیا بالنعم السابغة فی الخفض و الدعة و الأمن و السعة إلی الوقت الذی قدر لكم أجل الموت فیه وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ أی ذی إفضال علی غیره بمال أو كلام أو عمل جزاء إفضاله أو كل ذی عمل صالح ثوابه علی قدر عمله أَلا إِنَّهُمْ یَثْنُونَ

ص: 102


1- مجمع البیان 5: 115.
2- مجمع البیان 5: 117.
3- مجمع البیان 5: 118.
4- مجمع البیان 5: 120- 121.
5- مجمع البیان 5: 140.

صُدُورَهُمْ قیل نزلت فی الأخنس بن شریق و كان حلو الكلام یلقی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بما یحب و ینطوی بقلبه علی ما یكره عن ابن عباس و

«5»- رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَخْبَرَنِی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمُشْرِكِینَ إِذَا مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طَأْطَأَ أَحَدُهُمْ رَأْسَهُ وَ ظَهْرَهُ هَكَذَا وَ غَطَّی رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ حَتَّی لَا یَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی هَذِهِ الْآیَةَ.

أَلا إِنَّهُمْ یعنی الكفار و المنافقین یَثْنُونَ صُدُورَهُمْ أی یطوونها علی ما هم علیه من الكفر عن الحسن و قیل معناه یخفون صدورهم (1)لكیلا یسمعوا كتاب اللّٰه و ذكره و قیل یثنونها علی عداوة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قیل إنهم كانوا إذا قعدوا مجلسا علی معاداة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و السعی فی أمره بالفساد انضم بعضهم إلی بعض و ثنی بعضهم صدره إلی صدر بعض یتناجون لِیَسْتَخْفُوا مِنْهُ أی لیخفوا ذلك من اللّٰه تعالی علی القول الأخیر و علی الأقوال الأخر لیستروا ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أَلا حِینَ یَسْتَغْشُونَ ثِیابَهُمْ أی یتغطون بثیابهم ثم یتفاوضون فیما كانوا یدبرونه علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و علی المؤمنین و یكتمونه و قیل كنی باستغشاء ثیابهم عن اللیل لأنهم یتغطون بظلمته. (2)و فی قوله إِلی أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ أی إلی أجل مسمی و وقت معلوم عن ابن عباس و مجاهد و قیل أی إلی جماعة یتعاقبون فیصرون علی الكفر و لا یكون فیهم من یؤمن كما فعلنا بقوم نوح و قیل إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدی عجل اللّٰه فرجه فی آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر یجتمعون فی ساعة واحدة كما یجتمع قزع الخریف (3)و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.(4)و فی قوله فَلَعَلَّكَ تارِكٌ روی عن ابن عباس أن رؤساء مكة من قریش أتوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا یا محمد إن كنت رسولا فحول لنا جبال مكة ذهبا أو ائتنا بملائكة یشهدون لك بالنبوة فأنزل اللّٰه تعالی فَلَعَلَّكَ تارِكٌ الآیة و

رَوَی الْعَیَّاشِیُ

ص: 103


1- فی التفسیر المطبوع: یحنون صدورهم.
2- مجمع البیان 5: 143.
3- فی النهایة: قزعة: قطعة من الغیم و جمعها: قزع؛ و منه حدیث علیّ علیه السلام: فیجتمعون إلیه كما یجتمع قزع الخریف. أی قطع السحاب المتفرق، و إنّما خص الخریف لانه اول الشتاء و السحاب یكون فیه متفرقا غیر متراكم و لا مطبق، ثمّ یجتمع بعضه إلی بعض بعد ذلك.
4- مجمع البیان 5: 144.

بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِنِّی سَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یُؤَاخِیَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَفَعَلَ فَسَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یَجْعَلَكَ وَصِیِّی فَفَعَلَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ فِی شَنٍّ بَالٍ أَحَبُّ إِلَیْنَا مِمَّا سَأَلَ مُحَمَّدٌ رَبَّهُ فَهَلَّا سَأَلَهُ مَلَكاً یَعْضُدُهُ عَلَی عَدُوِّهِ أَوْ كَنْزاً یَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی فَاقَتِهِ فَنَزَلَتِ الْآیَةُ.

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما یُوحی إِلَیْكَ و هو ما فیه سب آلهتهم فلا تبلغهم إیاه خوفا منهم. وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أی و لعلك یَضِیقُ صَدْرُكَ بِما یَقُولُونَ و بما یلحقك من أذاهم و تكذیبهم و قیل باقتراحاتهم أَنْ یَقُولُوا أی كراهة أو مخافة أن یقولوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ كَنْزٌ من المال أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ یشهد له و لیس قوله فَلَعَلَّكَ علی وجه الشك بل المراد به النهی عن ترك أداء الرسالة و الحث علیه كما یقول أحدنا لغیره و قد علم من حاله أنه یطیعه و لا یعصیه و یدعوه غیره إلی عصیانه لعلك تترك بعض ما آمرك به لقول فلان و إنما یقول ذلك لیؤنس من یدعوه إلی ترك أمره.

قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَیاتٍ أی إن كان هذا مفتری علی اللّٰه كما زعمتم فأتوا بعشر سور مثله فی النظم و الفصاحة مفتریات علی زعمكم فإن القرآن نزل بلغتكم و قد نشأت أنا بین أظهركم فإن لم یمكنكم ذلك فاعلموا أنه من عند اللّٰه و هذا صریح فی التحدی و فیه دلالة علی جهة إعجاز القرآن و أنها هی الفصاحة و البلاغة فی هذا النظم المخصوص لأنه لو كان جهة الإعجاز غیر ذلك لما قنع فی المعارضة بالافتراء و الاختلاق لأن البلاغة ثلاث طبقات فأعلی طبقاتها معجز و أدناها و أوسطها ممكن فالتحدی فی الآیة إنما وقع فی الطبقة العلیا منها و لو كان وجه الإعجاز الصرفة لكان الركیك من الكلام أبلغ فی باب الإعجاز و المثل المذكور فی الآیة لا یجوز أن یكون المراد به مثله فی الجنس لأن مثله فی الجنس یكون حكایته فلا یقع بها التحدی و إنما یرجع ذلك إلی ما هو متعارف بین العرب فی تحدی بعضهم بعضا كما اشتهر من مناقضات إمرئ القیس و علقمة و عمرو بن كلثوم و الحارث بن حلزة و جریر و الفرزدق و غیرهم.

وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أی لیعینوكم علی معارضة القرآن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ

ص: 104

فی قولكم إنی افتریته فهذا غایة ما یمكن فی التحدی و المحاجة و فیه الدلالة الواضحة علی إعجاز القرآن لأنه إذا ثبت أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله تحداهم به و أوعدهم بالقتل و الأسر بعد أن عاب دینهم و آلهتهم و ثبت أنهم كانوا أحرص الناس علی إبطال أمره حتی بذلوا مهجهم و أموالهم فی ذلك فإذا قیل لهم افتروا أنتم مثل هذا القرآن و أدحضوا حجته فذلك أیسر و أهون علیكم من كل ما تكلفتموه فعدلوا عن ذلك و صاروا إلی الحرب و القتل و تكلف الأمور الشاقة فذلك من أدل الدلائل علی عجزهم إذ لو قدروا علی معارضته مع سهولة ذلك علیهم لفعلوه لأن العاقل لا یعدل عن الأمر السهل إلی الصعب الشاق مع حصول الغرض بكل واحد منهما فكیف و لو بلغوا غایة أمانیهم فی الأمر الشاق و هو قتله صلی اللّٰه علیه و آله لكان لا یحصل غرضهم من إبطال أمرهم فإن المحق قد یقتل. فإن قیل لم ذكر التحدی مرة بعشر سور و مرة بسورة و مرة بحدیث مثله فالجواب أن التحدی إنما یقع بما یظهر فیه الإعجاز من منظور الكلام فیجوز أن یتحدی مرة بالأقل و مرة بالأكثر فَإِلَّمْ یَسْتَجِیبُوا لَكُمْ قیل إنه خطاب للمسلمین و قیل للكفار أی فإن لم یستجب لكم من تدعونهم إلی المعاونة و قیل للرسول صلی اللّٰه علیه و آله و ذكره بلفظ الجمع تفخیما. (1)و فی قوله ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا أی إن هذه الأخبار لم تكن تعلمها أنت و لا قومك من العرب یعرفونها من قبل إیحائنا إلیك لأنهم لم یكونوا من أهل كتاب و سیر. (2)

ص: 105


1- فی هامش النسخة المقروءة علی المصنّف: لما كانت المذاهب المشهورة فی اعجاز القرآن مترددة بین أن یكون بالصرفة او ببلوغه الدرجة القصوی من الفصاحة و البلاغة، او اشتماله علی العلوم الدقیقة، او علی القصص التی لا یعرفها الا أهل الكتاب، او علی الاخبار بالمغیبات، او عدم وجدان الاختلاف، او بغایة البلاغة و النظم المخصوص معا اختار الأخیر و استدلّ بالآیة علیه بانه لو كان لغیر الفصاحة و النظم مدخلا لما اكتفی بقوله: «مِثْلِهِ مُفْتَرَیاتٍ» اذ الظاهر من المماثلة المماثلة فی النظم و الفصاحة كما كان عادتهم فی معارضة الكلام و التفاخر به، و هذا ینفی الصرفة أیضا لان مثله مخل فی ذلك بل كان الانسب ان یقول: ائتوا بكلام أدون من ذلك، و أیضا الإتیان بالركیك من الكلام كان ادخل فی الصرفة، و بعد فیه كلام للمتامل. منه.
2- مجمع البیان 5: 146 و 147.

و فی قوله ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ أی ما نقوی به قلبك و نطیب به نفسك و نزیدك به ثباتا علی ما أنت علیه من الإنذار و الصبر علی أذی قومك. (1)و فی قوله وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فیه أقوال أحدها أنهم مشركو قریش كانوا یقرون باللّٰه خالقا و محییا و ممیتا و یعبدون الأصنام و یدعونها آلهة عن ابن عباس و الجبائی.

و ثانیها أنها نزلت فی مشركی العرب إذا سئلوا من خلق السماوات و الأرض و ینزل القطر قالوا اللّٰه ثم هم یشركون و كانوا یقولون فی تلبیتهم لبیك لا شریك لك إلا شریك هو لك تملكه و ما ملك عن الضحاك.

و ثالثها أنهم أهل الكتاب آمنوا باللّٰه و الیوم الآخر و التوراة و الإنجیل ثم أشركوا بإنكار القرآن و نبوة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله عن الحسن و هذا القول مع ما تقدمه رواه دارم بن قبیصة عن علی بن موسی الرضا عن جده (2)أبی عبد اللّٰه ع.

و رابعها أنهم المنافقون یظهرون الإیمان و یشركون فی السر عن البلخی و خامسها أنهم المشبهة آمنوا فی الجملة و أشركوا فی التفصیل و روی ذلك عن ابن عباس و سادسها أن المراد بالإشراك شرك الطاعة لا شرك العبادة أطاعوا الشیطان فی المعاصی التی یرتكبونها مما أوجب اللّٰه علیها النار فأشركوا باللّٰه فی طاعته و لم یشركوا باللّٰه فی عبادته (3)عن أبی جعفر علیه السلام.

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْ لَا فُلَانٌ لَهَلَكْتُ وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِیَالِی جَعْلٌ لِلَّهِ شَرِیكاً فِی مُلْكِهِ یَرْزُقُهُ وَ یَدْفَعُ عَنْهُ فَقِیلَ لَهُ لَوْ قَالَ لَوْ لَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیَّ بِفُلَانٍ لَهَلَكْتُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا.

وَ فِی رِوَایَةِ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ حُمْرَانَ عَنْهُمَا علیهما السلام أَنَّهُ شِرْكُ النِّعَمِ.

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّهُ شِرْكٌ لَا یَبْلُغُ بِهِ الْكُفْرَ.

أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِیَهُمْ غاشِیَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أی عقوبة تغشاهم و تحیط بهم. (4)

ص: 106


1- مجمع البیان 5: 204.
2- فی التفسیر المطبوع: عن أبیه، عن جده.
3- فی التفسیر المطبوع: و لم یشركوا باللّٰه شرك عبادة فیعبدون معه غیره.
4- مجمع البیان 5: 267- 268. و فیه: أی أ فأمن هؤلاء الكافرون أن یاتیهم عذاب من اللّٰه سبحانه یعمهم و یحیط بهم؟.

و فی قوله یَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّیِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ أی بالعذاب قبل الرحمة عن ابن عباس و غیره و المثلات العقوبات.

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فیه أقوال أحدها إنما أنت مخوف و هاد لكل قوم و لیس إلیك إنزال الآیات فأنت مبتدأ و منذر خبره و هاد عطف علی منذر و الثانی أن المنذر هو محمد صلی اللّٰه علیه و آله و الهادی هو اللّٰه و الثالث أن معناه و لكل قوم نبی یهدیهم و داع یرشده و الرابع أن المراد بالهادی كل داع إلی الحق

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ الْآیَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا الْمُنْذِرُ وَ عَلِیٌّ الْهَادِی مِنْ بَعْدِی یَا عَلِیُّ بِكَ یَهْتَدِی الْمُهْتَدُونَ.

و روی مثله أبو القاسم الحسكانی بإسناده عن أبی بردة الأسلمی. (1)و فی قوله إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ هذا مثل ضربه اللّٰه لكل من عبد غیر اللّٰه و دعاه رجاء أن ینفعه فمثله كمثل رجل بسط كفیه إلی الماء من مكان بعید لیتناوله و یسكن به غلته و ذلك الماء لا یبلغ فاه لبعد المسافة بینهما فكذلك ما كان یعبده المشركون من الأصنام لا یصل نفعها إلیهم فلا یستجاب دعاؤهم عن ابن عباس و قیل كباسط كفیه إلی الماء أی كالذی یدعو الماء بلسانه و یشیر إلیه بیده فلا یأتیه الماء عن مجاهد و قیل كالذی یبسط كفیه إلی الماء فمات قبل أن یبلغ الماء فاه و قیل إنه یتمثل العرب لمن یسعی فیما لا یدركه فیقول هو كالقابض علی الماء.

وَ ما دُعاءُ الْكافِرِینَ إِلَّا فِی ضَلالٍ أی لیس دعاؤهم الأصنام من دون اللّٰه إلا فی ذهاب عن الحق و الصواب و قیل فی ضلال عن طریق الإجابة و النفع وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ

ص: 107


1- مجمع البیان 6: 278. و الحدیث فیه هكذا: روی أبو القاسم الحسكانی فی كتاب شواهد التنزیل بالاسناد الی إبراهیم بن الحكم بن ظهیر، عن أبیه، عن حكم بن جبیر، عن أبی بردة الاسلمی قال: دعا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بالطهور و عنده علیّ بن أبی طالب، فأخذ رسول اللّٰه بید علی بعد ما تطهر فألزمها بصدره، ثمّ قال: انما انت منذر، ثمّ ردها إلی صدر علی ثمّ قال: و لكل قوم هاد، ثمّ قال: انك منارة الأنام و غایة الهدی، و أمیر القری، و أشهد ذلك انك كذلك.

مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یعنی الملائكة و سائر المكلفین طَوْعاً وَ كَرْهاً أی یجب السجود لله تعالی إلا أن المؤمن یسجد له طوعا و الكافر كرها بالسیف أو یخضعون له إلا أن الكافر یخضع له كرها لأنه لا یمكنه أن یمتنع عن الخضوع لله تعالی لما یحل به من الآلام و الأسقام وَ ظِلالُهُمْ أی و یسجد ظلالهم لله بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ أی العشیات قیل المراد بالظل الشخص فإن من یسجد یسجد معه ظله قال الحسن یسجد ظل الكافر و لا یسجد الكافر و معناه عند أهل التحقیق أنه یسجد شخصه دون قلبه لأنه لا یرید بسجوده عبادة ربه من حیث إنه یسجد للخوف و قیل إن الظلال علی ظاهرها و المعنی فی سجودها تمایلها من جانب إلی جانب و انقیادها للتسخیر (1)بالطول و القصر قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أی المؤمن و الكافر أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ أی الكفر و الإیمان أو الضلالة و الهدی أو الجهل و العلم أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ أی هل جعل هؤلاء الكفار شركاء فی العبادة خلقوا أفعالا مثل خلق اللّٰه تعالی من الأجسام و الألوان و الطعوم و الروائح و القدرة و الحیاة و غیر ذلك فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَیْهِمْ أی فاشتبه لذلك علیهم ما الذی خلق اللّٰه و ما الذی خلق الأوثان فظنوا أن الأوثان تستحق العبادة لأن أفعالها مثل أفعال اللّٰه تعالی فإذا لم یكن ذلك مشتبها إذ كان ذلك كله لله لم یبق شبهة أنه الإله لا تستحق العبادة سواه. (2)و فی قوله تعالی فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها یعنی فاحتمل الأنهار الماء كل نهر بقدره الصغیر علی قدر صغره و الكبیر علی قدر كبره فَاحْتَمَلَ السَّیْلُ زَبَداً رابِیاً أی طافیا عالیا فوق الماء شبه سبحانه الحق و الإسلام بالماء الصافی النافع للخلق و الباطل بالزبد الذاهب باطلا و قیل إنه مثل للقرآن النازل من السماء ثم یحتمل القلوب حظها من الیقین و الشك علی قدرها فالماء مثل للیقین و الزبد مثل للشك عن ابن عباس ثم ذكر المثل الآخر فقال وَ مِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فِی النَّارِ و هو الذهب

ص: 108


1- فی التفسیر المطبوع: و انقیادها بالتسخیر.
2- مجمع البیان 6: 283- 285.

و الفضة و الرصاص و غیره مما یذاب ابْتِغاءَ حِلْیَةٍ أی طلب زینة یتخذ منه كالذهب و الفضة أَوْ مَتاعٍ معناه ابتغاء متاع ینتفع به و هو مثل جواهر الأرض یتخذ منه الأوانی و غیرها زَبَدٌ مِثْلُهُ أی مثل زبد الماء فإن هذه الأشیاء التی تستخرج من المعادن توقد علیها النار لیتمیز الخالص من الخبیث لها أیضا زبد و هو خبثها كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ أی مثل الحق و الباطل فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً أی باطلا متفرقا بحیث لا ینتفع به وَ أَمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ و هو الماء الصافی و الأعیان التی ینتفع بها فَیَمْكُثُ فِی الْأَرْضِ فینتفع به الناس فمثل المؤمن و اعتقاده كمثل هذا الماء المنتفع به فی نبات الأرض و حیاة كل شی ء به و كمثل نفع الفضة و الذهب و سائر الأعیان المنتفع بها و مثل الكافر و كفره كمثل هذا الزبد الذی یذهب جفاء و كمثل خبث الحدید و ما تخرجه النار من وسخ الذهب و الفضة التی لا ینتفع به كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ للناس فی أمر دینهم قال قتادة هذه ثلاثة أمثال ضربها اللّٰه تعالی فی مثل واحد شبه نزول القرآن بالماء الذی ینزل من السماء و شبه القلوب بالأودیة و الأنهار فمن استقصی فی تدبره و تفكر فی معانیه أخذ حظا عظیما منه كالنهر الكبیر الذی یأخذ الماء الكثیر و من رضی بما أداه إلی التصدیق بالحق علی الجملة كان أقل حظا منه كالنهر الصغیر فهذا مثل.

ثم شبه الخطرات و وساوس الشیطان بالزبد یعلو علی الماء و ذلك من خبث التربة لا من الماء و كذا اللّٰه ما یقع فی النفس من الشكوك فمن ذاتها لا من ذات الحق یقول فكما یذهب الزبد باطلا و یبقی صفوة الماء كذلك یذهب مخایل الشك باطلا و یبقی الحق فهذا مثل ثان و المثل الثالث قوله وَ مِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فالكفر مثل هذا الخبث الذی لا ینتفع به و الإیمان مثل الصافی الذی ینتفع به. (1)و فی قوله وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً جواب لو محذوف أی لكان هذا القرآن و قیل أی لما آمنوا أَ فَلَمْ یَیْأَسِ الَّذِینَ آمَنُوا أی أ فلم یعلموا و یتبینوا عن ابن عباس و غیره و قیل معناه أ و لم یعلم الذین آمنوا علما یئسوا معه من أن یكون غیر ما علموه

ص: 109


1- مجمع البیان 6: 287.

و قیل معناه أ فلم ییأس الذین آمنوا من إیمان هؤلاء الذین وصفهم اللّٰه بأنهم لا یؤمنون قارِعَةٌ أی نازلة و داهیة تقرعهم من الحرب و الجدب و القتل و الأسر أَوْ تَحُلُّ قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ قیل إن التاء فی تحل للتأنیث أی تَحُلُّ تلك القارعة قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ فتجاورهم حتی تحصل لهم المخافة منها و قیل إن التاء للخطاب أی تَحُلُّ أنت یا محمد بنفسك قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ یعنی مكة حَتَّی یَأْتِیَ وَعْدُ اللَّهِ بفتح مكة و قیل أی بالإذن لك فی قتالهم و قیل حتی یأتی یوم القیامة.

فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا أی فأمهلتهم و أطلت مدتهم لیتوبوا أو لیتم علیهم الحجة فَكَیْفَ كانَ عِقابِ تفخیم لذلك العقاب أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلی كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ أی أ فمن هو قائم بالتدبیر علی كل نفس و حافظ علی كل نفس أعمالها حتی یجازیها كمن لیس بهذه الصفة من الأصنام و یدل علی المحذوف قوله تعالی وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أی بما یستحقون من الصفات و إضافة الأفعال إلیهم إن كانوا شركاء لله كما یوصف اللّٰه بالخالق و الرازق و المحیی و الممیت و قیل سموهم بالأسماء التی هی صفاتهم ثم انظروا هل تدل صفاتهم علی جواز عبادتهم و اتخاذهم آلهة و قیل معناه أنه لیس لهم اسم له مدخل فی استحقاق الإلهیة و ذلك استحقار لهم و قیل سموهم ما ذا خلقوا أو هل ضروا أو نفعوا أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا یَعْلَمُ فِی الْأَرْضِ أی بل أ تخبرون اللّٰه بشریك له فی الأرض و هو لا یعلمه علی معنی أنه لیس و لو كان لعلم أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ أی أم تقولون مجازا من القول و باطلا لا حقیقة له فالمعنی أنه كلام ظاهر لیس له فی الحقیقة باطن و معنی فهو كلام فقط و قیل أم بظاهر كتاب أنزله اللّٰه سمیتم الأصنام آلهة فبین أنه لیس هاهنا دلیل عقلی و لا سمعی یوجب استحقاق الأصنام الإلهیة بَلْ زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ أی دع ذكر ما كنا فیه زین الشیطان لهم الكفر لأن مكرهم بالرسول كفر منهم و قیل بل زین لهم الرؤساء و الغواة كذبهم و زورهم. (1)و فی قوله وَ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَفْرَحُونَ المراد أصحاب النبی ص

ص: 110


1- مجمع البیان 6: 293- 295.

الذین أعطوا القرآن أو مؤمنو أهل الكتاب. (1)و فی قوله وَ إِنْ ما نُرِیَنَّكَ بَعْضَ الَّذِی نَعِدُهُمْ أی من نصر المؤمنین علیهم و تمكینك منهم بالقتل و الأسر و اغتنام الأموال أَوْ نَتَوَفَّیَنَّكَ أی نقبضك إلینا قبل أن نریك ذلك و بین بهذا أنه یكون بعض ذلك فی حیاته و بعضه بعد وفاته أی فلا تنتظر أن یكون جمیع ذلك فی أیام حیاتك فَإِنَّما عَلَیْكَ أن تبلغهم ما أرسلناك به إلیهم و علینا حسابهم و مجازاتهم. (2)و فی قوله وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قیل هو اللّٰه تعالی و قیل مؤمنو أهل الكتاب و قیل إن المراد به علی بن أبی طالب علیهما السلام و أئمة الهدی علیهم السلام عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام بأسانید. (3)و فی قوله مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أی مثل أعمالهم كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ أی ذرته و نسفته فِی یَوْمٍ عاصِفٍ أی شدید الریح فكما لا یقدر أحد علی جمع ذلك الرماد المتفرق و الانتفاع به فكذلك هؤلاء الكفار لا یَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلی شَیْ ءٍ أی علی الانتفاع بأعمالهم. (4)و فی قوله كَلِمَةً طَیِّبَةً هی كلمة التوحید و قیل كل كلام أمر اللّٰه تعالی كَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِی السَّماءِ أی شجرة زاكیة نامیة راسخة أصولها فی الأرض عالیة أغصانها و ثمارها فی السماء و أراد به المبالغة فی الرفعة و هذه الشجرة قیل هی النخلة (5) و قیل شجرة فی الجنة

ص: 111


1- مجمع البیان 6: 296.
2- مجمع البیان 6: 298.
3- مجمع البیان 6: 301، و الأسانید فی المصدر هكذا: روی عن برید بن معاویة، عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام انه قال: إیانا عنی و علی اولنا و افضلنا و خیرنا بعد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم. و روی عنه عبد اللّٰه بن كثیر انه وضع یده علی صدره، ثمّ قال: عندنا و اللّٰه علم الكتاب كملا. و یؤید ذلك ما روی عاصم بن أبی النجود، عن أبی عبد الرحمن السلمی قال: ما رأیت أحدا اقرأ من علی بن أبی طالب علیه السلام للقرآن. و روی أبو عبد الرحمن أیضا عن عبد اللّٰه بن مسعود قال: لو كنت أعلم أن أحدا أعلم بكتاب اللّٰه منی لاتیته. قال: فقلت له: فعلی؟ قال: أ و لم آته؟.
4- مجمع البیان 6: 309.
5- فی التفسیر المطبوع : روی أنس عن النبی 9 ، أن هذه الشجرة هی النخلة.

وَ رَوَی ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ الشَّجَرَةَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَرْعَهَا عَلِیٌّ علیه السلام وَ غُصْنَ الشَّجَرَةِ (1)فَاطِمَةُ علیها السلام وَ ثِمَارَهَا أَوْلَادُهَا وَ أَوْرَاقَهَا شِیعَتُنَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ شِیعَتِنَا لَیَمُوتُ فَتَسْقُطُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَرَقَةٌ وَ إِنَّ الْمَوْلُودَ مِنْ شِیعَتِنَا لَیُولَدُ فَیُورَقُ مَكَانَ تِلْكَ الْوَرَقَةِ وَرَقَةٌ.

تُؤْتِی أُكُلَها أی تخرج هذه الشجرة ما یؤكل منها كُلَّ حِینٍ أی فی كل ستة أشهر عن ابن عباس و أبی جعفر علیه السلام و قیل أی كل سنة و قیل أی كل غداة و عشیة و قیل فی جمیع الأوقات و قیل إنه سبحانه شبه الإیمان بالنخلة لثبات الإیمان فی قلب المؤمن كثبات النخلة فی منبتها و شبه ارتفاع عمله إلی السماء بارتفاع فروع النخلة و شبه ما یكسبه المؤمنون من بركة الإیمان و ثوابه كل وقت و حین بما ینال من ثمرة النخلة فی أوقات السنة كلها من الرطب و التمر و قیل إن معنی قوله تُؤْتِی أُكُلَها كُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها ما یفتی به الأئمة من آل محمد شیعتهم فی الحلال و الحرام وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ هی كلمة الشرك و الكفر و قیل كل كلام فی معصیة اللّٰه كشجرة خبیثة غیر زاكیة و هی شجرة الحنظل و قیل إنها شجرة هذه صفتها و هو أنه لا قرار لها فی الأرض و قیل إنها الكشوث (2)و

رَوَی أَبُو الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ هَذَا مَثَلُ بَنِی أُمَیَّةَ.

اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ أی استؤصلت و اقتلعت جثته من الأرض ما لَها مِنْ قَرارٍ ما لتلك الشجرة من ثبات فإن الریح تنسفها و تذهب بها فكما أن هذه الشجرة لا ثبات لها و لا بقاء و لا ینتفع بها أحد فكذلك الكلمة الخبیثة لا ینتفع بها صاحبها. (3)و فی قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً أی عرفوا نعمة اللّٰه بمحمد أی عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا و

رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِی أَنْعَمَ بِهَا عَلَی عِبَادِهِ وَ بِنَا یَفُوزُ مَنْ فَازَ(4).

ص: 112


1- فی التفسیر المطبوع و فی نسخ مخطوطة من الكتاب: و عنصر الشجرة فاطمة.
2- الكشوث نبات یلتف علی الشوك و الشجر لا أصل له فی الأرض و لا ورق.
3- مجمع البیان 6: 312- 313.
4- فی المصدر: ذكره علیّ بن إبراهیم فی تفسیره.

و یحتمل أن یكون المراد جمیع نعم اللّٰه بدلوها أقبح التبدیل إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها و اختلف فی المعنی بالآیة

فَرُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ جُبَیْرٍ وَ غَیْرِهِمْ أَنَّهُمْ كُفَّارُ قُرَیْشٍ كَذَّبُوا نَبِیَّهُمْ وَ نَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ وَ الْعَدَاوَةَ.

-وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ بَنُو أُمَیَّةَ وَ بَنُو الْمُغِیرَةِ فَأَمَّا بَنُو أُمَیَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَی حِینٍ وَ أَمَّا بَنُو الْمُغِیرَةِ فَكَفَیْتُمُوهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ.

و قیل إنهم جبلة بن الأیهم و من تبعه من العرب تنصروا و لحقوا بالروم وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ أی دار الهلاك. (1)و فی قوله رُبَما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا أی فی الآخرة إذا صار المسلمون إلی الجنة و الكفار إلی النار ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ أی بالموت أو بعذاب الاستئصال إن لم یؤمنوا أو إلا بالرسالة وَ ما كانُوا إِذاً أی حین تنزل الملائكة مُنْظَرِینَ أی لا یمهلون ساعة.

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ أی القرآن وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ عن الزیادة و النقصان و التغییر و التحریف (2)و قیل نحفظه من كید المشركین فلا یمكنهم إبطاله و لا یندرس و لا ینسی و قیل المعنی و إنا لمحمد حافظون.

وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أی علی هؤلاء المشركین باباً مِنَ السَّماءِ ینظرون إلیه فَظَلُّوا فِیهِ یَعْرُجُونَ أی فظلت الملائكة تصعد و تنزل فی ذلك الباب و قیل فظل هؤلاء المشركون یعرجون إلی السماء من ذلك الباب و شاهدوا ملكوت السماوات لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا أی سدت و غطیت و قیل تحیرت و سكنت عن أن تنظر بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ سحرنا محمد فیخیل الأشیاء إلینا علی خلاف حقیقتها. (3)

ص: 113


1- مجمع البیان 6: 314.
2- فی التفسیر المطبوع: و قیل: معناه: متكفل بحفظه إلی آخر الدهر علی ما هو علیه، فتنقله الأمة عصرا بعد عصر إلی یوم القیامة، لقیام الحجة به علی الجماعة من كل من لزمته دعوة النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، عن الحسن.
3- مجمع البیان 6: 328 و 330 و 331.

و فی قوله لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أی لا ترفعن عینیك من هؤلاء الكفار إلی ما متعناهم و أنعمنا علیهم به أمثالا من النعم من الأموال و الأولاد و غیر ذلك من زهرات الدنیا فیكون أزواجا منصوبا علی الحال و المراد به الأشیاء و الأمثال و قیل لا تنظرن و لا تعظمن فی عینیك و لا تمدهما إلی ما متعنا به أصنافا من المشركین وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ إن لم یؤمنوا و نزل بهم العذاب وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِینَ أی تواضع لهم.

كَما أَنْزَلْنا عَلَی الْمُقْتَسِمِینَ أی أنزلنا القرآن علیك كما أنزلنا علی المقتسمین و هم الیهود و النصاری الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ جمع عضة و أصله عضوة و التعضیة التفریق أی فرقوا و جعلوه أعضاء فآمنوا ببعضه و كفروا ببعضه و قیل سماهم مقتسمین لأنهم اقتسموا كتب اللّٰه فآمنوا ببعضها و كفروا ببعضها و قیل معناه أنی أنذركم عذابا كَما أَنْزَلْنا عَلَی الْمُقْتَسِمِینَ الذین اقتسموا طریق مكة یصدون عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الإیمان به قال مقاتل كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الولید بن المغیرة أیام الموسم یقولون لمن أتی مكة لا تغتروا بالخارج منا و المدعی النبوة فأنزل اللّٰه بهم عذابا فماتوا شر میتة ثم وصفهم فقال الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ أجزاء أجزاء (1)فقالوا سحر و قالوا أساطیر الأولین و قالوا مفتری عن ابن عباس.

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ أی أظهر و أعلن و صرح بما أمرت به غیر خائف وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ أی لا تخاصمهم إلی أن تؤمر بقتالهم أو لا تلتفت إلیهم و لا تخف منهم حَتَّی یَأْتِیَكَ الْیَقِینُ أی الموت. (2)و فی قوله أَمْواتٌ غَیْرُ أَحْیاءٍ أی الأصنام أو الكفار لا جَرَمَ أی حقا و هو بمنزلة الیمین. (3)

ص: 114


1- فی التفسیر المطبوع: أی جزءوه أجزاء.
2- مجمع البیان: 6 344- 347.
3- مجمع البیان 6: 355.

و فی قوله أَوْ یَأْخُذَهُمْ فِی تَقَلُّبِهِمْ أی یأخذهم العذاب فی تصرفهم فی أسفارهم و تجاراتهم و قیل فی تقلبهم فی كل الأحوال لیلا و نهارا فیدخل فیه تقلبهم علی الفراش یمینا و شمالا فَما هُمْ بِمُعْجِزِینَ أی فلیسوا بفائتین و ما یریده اللّٰه بهم من الهلاك لا یمتنع علیه أَوْ یَأْخُذَهُمْ عَلی تَخَوُّفٍ قال الأكثر أی علی تنقص إما بقتل أو بموت أی ینقص من أطرافهم و نواحیهم یأخذ منهم الأول فالأول حتی یأتی علی جمیعهم و قیل فی حال تخوفهم من العذاب یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ أی یتمیل ظلاله عن جانب الیمین و جانب الشمال و معنی سجود الظل دورانه من جانب إلی جانب كما مر و قیل المراد بالظل هو الشخص بعینه و لهذا الإطلاق شواهد فی كلام العرب وَ هُمْ داخِرُونَ أی أذلة صاغرون فنبه تعالی علی أن جمیع الأشیاء تخضع له بما فیها من الدلالة علی الحاجة إلی واضعها و مدبرها فهی فی ذلك كالساجد من العباد وَ لَهُ الدِّینُ واصِباً أی له الطاعة دائمة واجبة علی الدوام من وصب الشی ء وصوبا إذا دام و قیل أی خالصا نَصِیباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ أی ما مر ذكره فی سورة الأنعام من الحرث و الأنعام و غیرها وَ لَهُمْ ما یَشْتَهُونَ أی و یجعلون لأنفسهم ما یشتهونه و یحبونه من البنین وَ هُوَ كَظِیمٌ أی ممتلئ غیظا و حزنا أَ یُمْسِكُهُ عَلی هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرابِ أی یدبر فی أمر البنت المولود له أ یمسكه علی ذل و هوان أم یخفیه فی التراب و یدفنه حیا و هو الوأد الذی كان من عادة العرب و هو أن أحدهم كان یحفر حفیرة صغیرة فإذا ولد له أنثی جعلها فیها و حثا علیها التراب حتی تموت تحته و كانوا یفعلون ذلك مخافة الفقر وَ یَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما یَكْرَهُونَ أی البنات أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنی أی البنون أو المثوبة الحسنی فی الآخرة (1)وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ أی مقدمون معجلون إلی النار. (2)و فی قوله فَمَا الَّذِینَ فُضِّلُوا فیه قولان أحدهما أنهم لا یشركون عبیدهم فی أموالهم و أزواجهم حتی یكونوا فیه سواء و یرون ذلك نقصا فلا یرضون لأنفسهم به و هم یشركون عبادی فی ملكی و سلطانی و یوجهون العبادة و القرب إلیهم كما

ص: 115


1- فی التفسیر المطبوع: و المثوبة الحسنی و هی الجنة.
2- مجمع البیان 6: 353- 369.

یوجهونها إلی و الثانی أن معناه فهؤلاء الذین فضلهم اللّٰه فی الرزق من الأحرار لا یرزقون ممالیكهم بل اللّٰه رازق الملاك و الممالیك فإن الذی ینفقه المولی علی مملوكه إنما ینفقه مما یرزقه اللّٰه فهم سواء فی ذلك. (1)و فی قوله وَ مَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً یرید حرا رزقناه و ملكناه مالا و نعمة فَهُوَ یُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَ جَهْراً لا یخاف من أحد هَلْ یَسْتَوُونَ یرید أن الاثنین المتساویین فی الخلق إذا كان أحدهما مالكا قادرا علی الإنفاق دون الآخر لا یستویان فكیف یسوی بین الحجارة التی لا تعقل و لا تتحرك و بین اللّٰه عز اسمه القادر علی كل شی ء و الرازق لجمیع خلقه و قیل إن هذا المثل للكافر و المؤمن فإن الكافر لا خیر عنده و المؤمن یكسب الخیر وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَیْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا یَقْدِرُ عَلی شَیْ ءٍ من الكلام لأنه لا یفهم و لا یفهم عنه و قیل معناه لا یقدر أن یمیز أمر نفسه وَ هُوَ كَلٌّ عَلی مَوْلاهُ أی ثقل و وبال علی ولیه الذی یتولی أمره أَیْنَما یُوَجِّهْهُ لا یَأْتِ بِخَیْرٍ أی لا منفعة لمولاه فیه أینما یرسله فی حاجة لا یرجع بخیر و لا یهتدی إلی منفعة هَلْ یَسْتَوِی هُوَ أی هذا الأبكم وَ مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ أی و من هو فصیح یأمر بالحق و الصواب وَ هُوَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ أی علی دین قویم و طریق واضح فیما یأتی و یذر و فیه (2)أیضا وجهان أحدهما أنه مثل ضربه اللّٰه تعالی فیمن یؤمل الخیر من جهته و من لا یؤمل منه و أصل الخیر كله من اللّٰه فكیف یسوی بینه و بین شی ء سواه فی العبادة.

و الآخر أنه مثل للكافر و المؤمن فالأبكم الكافر و الذی یأمر بالعدل المؤمن عن ابن عباس و قیل إن الأبكم أبی بن خلف و مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ حمزة و عثمان بن مظعون عن عطاء و قیل إن الأبكم هاشم بن عمرو بن الحارث القرشی و كان قلیل الخیر یعادی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.(3)

ص: 116


1- مجمع البیان 6: 373.
2- أی فی هذا المثل.
3- مجمع البیان 6: 375.

و فی قوله وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها نزلت فی الذین بایعوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی الإسلام فقال سبحانه للمسلمین الذین بایعوه لا یحملنكم قلة المسلمین و كثرة المشركین علی نقض البیعة فإن اللّٰه حافظكم أی اثبتوا علی ما عاهدتم علیه الرسول و أكدتموه بالأیمان و قیل نزلت فی قوم حالفوا قوما فجاءهم قوم و قالوا نحن أكثر منهم و أعز و أقوی فانقضوا ذلك العهد و حالفونا وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها أی لا تكونوا كالمرأة التی غزلت ثم نقضت غزلها من بعد إمرار و فتل للغزل و هی امرأة حمقاء من قریش كانت تغزل مع جواریها إلی انتصاف النهار ثم تأمرهن أن ینقضن ما غزلن و لا تزال ذلك دأبها و اسمها ریطة بنت عمرو بن كعب و كان تسمی خرقاء مكة أَنْكاثاً جمع نكث و هو الغزل من الصوف و الشعر یبرم ثم ینكث و ینقض لیغزل ثانیة تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أی دغلا و خیانة و مكرا أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ أی بسبب أن یكون قوم أكثر من قوم و أمة أعلی من أمة فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها أی فتضلوا عن الرشد بعد أن تكونوا علی هدی. (1)و فی قوله وَ إِذا بَدَّلْنا آیَةً مَكانَ آیَةٍ یعنی إذا نسخنا آیة و آتینا مكانها أخری قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ قال ابن عباس كانوا یقولون یسخر محمد بأصحابه یأمرهم الیوم بأمر و غدا یأمرهم بأمر و إنه لكاذب و یأتیهم بما یقول من عند نفسه وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّما یُعَلِّمُهُ بَشَرٌ قال ابن عباس قالت قریش إنما یعلمه بلعام و كان قینا بمكة رومیا نصرانیا و قال الضحاك أرادوا به سلمان الفارسی قالوا إنه یتعلم القصص منه و قال مجاهد و قتادة أرادوا به عبدا لبنی الحضرمی رومیا یقال له یعیش أو عائش صاحب كتاب و أسلم و حسن إسلامه و قال عبد اللّٰه بن مسلم كان غلامان فی الجاهلیة نصرانیان من أهل عین التمر اسم أحدهما یسار و الآخر جبیر و كانا صیقلین یقرءان كتابا لهما بلسانهم و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ربما مر بهما و استمع قراءتهما فقالوا إنما یتعلم منهما ثم ألزمهم اللّٰه الحجة و أكذبهم بأن قال

ص: 117


1- مجمع البیان: 383.

لِسانُ الَّذِی یُلْحِدُونَ إِلَیْهِ أَعْجَمِیٌّ أی لغة الذی یضیفون إلیه التعلیم و یمیلون إلیه القول أعجمیة و الأعجمی هو الذی لا یفصح و إن كان عربیا وَ هذا لِسانٌ عَرَبِیٌّ مُبِینٌ أی ظاهر بین لا یتشكل (1)یعنی إذا كانت العرب تعجز عن الإتیان بمثله و هو بلغتهم فكیف یأتی به الأعجمی. (2)و فی قوله لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و المراد به غیره لیكون أبلغ فی الزجر (3)مَدْحُوراً أی مطرودا مبعدا عن رحمة اللّٰه. (4)و فی قوله إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا أی لطلبوا طریقا یقربهم إلی مالك العرش لعلمهم بعلوه علیهم و عظمته و قال أكثر المفسرین معناه لطلبوا سبیلا إلی معازة (5)مالك العرش و مغالبته فإن الشریكین فی الإلهیة یكونان متساویین فی صفات الذات و یطلب أحدهما مغالبة صاحبه لیصفو له الملك فیكون إشارة إلی دلیل التمانع. (6)و فی قوله وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قال الكلبی هم أبو سفیان و النضر بن الحارث و أبو جهل و أم جمیل امرأة أبی لهب حجب اللّٰه رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن فكانوا یأتونه و یمرون به و لا یرونه حِجاباً مَسْتُوراً أی ساترا و قیل مستورا عن الأعین لا یبصر إنما هو من قدرة اللّٰه وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ أی ذكرت اللّٰه بالتوحید و أبطلت الشرك وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً أی أعرضوا عنك مدبرین نافرین و المعنی بذلك كفار قریش و قیل هم الشیاطین و قیل إذا سمعوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ولوا و قیل إذا سمعوا قول لا إله إلا اللّٰه.

ص: 118


1- فی التفسیر المطبوع: ظاهر بین لا یتشكك.
2- مجمع البیان 6: 385.
3- مجمع البیان 6: 407، و لم نجد فیه قوله: «لیكون أبلغ فی الزجر».
4- مجمع البیان 6: 416.
5- عازه: عارضه فی العزة.
6- مجمع البیان 6: 417.

نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْكَ أی لیس یخفی علینا حال هؤلاء المشركین و غرضهم فی الاستماع إلیك وَ إِذْ هُمْ نَجْوی أی متناجون و المعنی أنا نعلمهم فی حال ما یصغون إلی سماع قراءتك و فی حال یقومون من عندك و یتناجون فیما بینهم فیقول بعضهم هو ساحر و بعضهم هو كاهن و بعضهم هو شاعر و قیل یعنی به أبا جهل و زمعة بن الأسود و عمرو بن هشام و خویطب بن عبد العزی اجتمعوا و تشاوروا فی أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقال أبو جهل هو مجنون و قال زمعة هو شاعر و قال خویطب هو كاهن ثم أتوا الولید بن المغیرة و عرضوا ذلك علیه فقال هو ساحر إِذْ یَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً أی سحر فاختلط علیه أمره و قیل المراد بالمسحور المخدوع و المعلل و قیل أی ذا سحر أی رئة خلقه اللّٰه بشرا مثلكم و قیل المسحور بمعنی الساحر كالمستور بمعنی الساتر. (1)و فی قوله قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أی الملائكة و المسیح و عزیر و قیل هم الجن لأن قوما من العرب كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَّ عن ابن مسعود قال و أسلم أولئك النفر (2)و بقی الكفار علی عبادتهم. (3)و فی قوله إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ أی أحاط علما بأحوالهم و ما یفعلونه من طاعة أو معصیة وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ فیه أقوال أحدها أن المراد بالرؤیا رؤیة العین و المراد الأسری و ما رآه فی المعراج و ثانیها أنها رؤیا نوم رآها أنه سیدخل مكة و هو بالمدینة فقصدها فصده المشركون فی الحدیبیة حتی شك قوم و ثالثها أن ذلك رؤیا رآها النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی منامه أن قرودا تصعد منبره و تنزل فساءه ذلك و اغتم به و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قالوا علی هذا التأویل إن الشجرة الملعونة فی القرآن هی بنو أمیة أخبره اللّٰه تعالی بتغلبهم علی مقامه و قتلهم ذریته و قیل إن الشجرة الملعونة هی شجرة الزقوم و إنما سمیت فتنة لأن المشركین

ص: 119


1- مجمع البیان 6: 418- 419.
2- فی التفسیر المطبوع: اولئك النفر من الجن.
3- مجمع البیان 6: 422.

قالوا إن النار تحرق الشجر فكیف تنبت الشجرة فی النار و صدق به المؤمنون. (1)و فی قوله وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ

قال ابن عباس إن جماعة من قریش و هم عتبة و شیبة ابنا ربیعة و أبو سفیان بن الحرب و الأسود بن المطلب و زمعة بن الأسود و الولید بن المغیرة و أبو جهل بن هشام و عبد اللّٰه بن أمیة (2)و أمیة بن خلف و العاص بن وائل و نبیه و منبه ابنا الحجاج و النضر بن الحارث و أبو البختری بن هشام اجتمعوا عند الكعبة و قال بعضهم لبعض ابعثوا إلی محمد و كلموه و خاصموه فبعثوا إلیه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك فبادر علیه و آله صلوات اللّٰه و سلامه إلیهم ظنا منه أنه بدا لهم من أمره و كان حریصا علی رشدهم فجلس إلیهم فقالوا یا محمد إنا دعوناك لنعتذر إلیك فلا نعلم قوما أدخل علی قومه ما أدخلت علی قومك شتمت الآلهة و عبت الدین و سفهت الأحلام و فرقت الجماعة فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالا أعطیناك و إن كنت تطلب الشرف سودناك علینا و إن كانت علة غلبت علیك طلبنا لك الأطباء فقال صلی اللّٰه علیه و آله لیس شی ء من ذلك بل بعثنی اللّٰه إلیكم رسولا و أنزل كتابا فإن قبلتم ما جئت به فهو حظكم فی الدنیا و الآخرة و إن تردوه أصبر حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا قالوا فإذا لیس أحد أضیق بلدا منا فاسأل ربك أن یسیر هذه الجبال و یجری لنا أنهارا كأنهار الشام و العراق و أن یبعث لنا من مضی و لیكن فیهم قصی فإنه شیخ صدوق لنسألهم عما تقول أ حق أم باطل فقال ما بهذا بعثت قالوا فإن لم تفعل ذلك فاسأل ربك أن یبعث ملكا یصدقك و یجعل لنا جنات و كنوزا و قصورا من ذهب فقال ما بهذا بعثت و قد جئتكم بما بعثنی اللّٰه تعالی به فإن قبلتم و إلا فهو یحكم بینی و بینكم قالوا فأسقط علینا السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك قال ذاك إلی اللّٰه إن شاء فعل و قال قائل منهم لا نؤمن لك حتی

ص: 120


1- مجمع البیان 6: 423- 424.
2- فی التفسیر المطبوع: عبد اللّٰه بن أبی أمیّة.

تأتی باللّٰه و الملائكة قبیلا فقام النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قام معه عبد اللّٰه بن أمیة (1)المخزومی ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال یا محمد صلی اللّٰه علیه و آله عرض علیك قومك ما عرضوا فلم تقبله ثم سألوك لأنفسهم أمورا فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به فلم تفعل فو اللّٰه لا أؤمن بك أبدا حتی تتخذ سلما إلی السماء ثم ترقی فیه و أنا أنظر و یأتی معك نفر من الملائكة یشهدون لك و كتاب یشهد لك و قال أبو جهل إنه أبی إلا سب الآلهة و شتم الآباء و إنی أعاهد اللّٰه لأحملن حجرا فإذا سجد ضربت به رأسه فانصرف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حزینا لما رأی من قومه فأنزل اللّٰه سبحانه الآیات.

حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً أی تشقق لنا من أرض مكة عینا ینبع منه الماء فی وسط مكة أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً أی قطعا قد تركب بعضها علی بعض و معنی كما زعمت أی كما خوفتنا به من انشقاق السماء و انفطارها أو كما زعمت أنك نبی تأتی بالمعجزات أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا أی كفیلا ضامنا لنا بما تقول و قیل هو جمع القبیلة أی بالملائكة قبیلة قبیلة و قیل أی مقابلین لنا و هذا یدل علی أن القوم كانوا مشبهة مع شركهم أَوْ یَكُونَ لَكَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أی من ذهب و قیل الزخرف النقوش أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ أی تصعد وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ أی و لو فعلت ذلك لم نصدقك حتی تنزل علی كل واحد منا كتابا من السماء شاهدا بصحة نبوتك نقرؤه قُلْ سُبْحانَ رَبِّی أی تنزیها له من كل قبیح و سوء و فی ذلك من الجواب أنكم تتخیرون الآیات و هی إلی اللّٰه سبحانه فهو العالم بالتدبیر الفاعل لما توجبه المصلحة فلا وجه لطلبكم إیاها منی و قیل أی تعظیما له عن أن یحكم علیه عبیده لأن له الطاعة علیهم و قیل إنهم لما قالوا أو تأتی باللّٰه أو ترقی فی السماء إلی عند اللّٰه لاعتقادهم أنه سبحانه جسم قال قُلْ سُبْحانَ رَبِّی عن كونه بصفة الأجسام حتی یجوز علیه المقابلة و النزول و قیل معناه تنزیها له عن أن یفعل المعجزات تابعا للاقتراحات هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا أی هذه الأشیاء لیست فی طاقة البشر فلا أقدر

ص: 121


1- فی التفسیر المطبوع: عبد اللّٰه بن أبی أمیّة.

بنفسی أن آتی بها (1)قُلْ لَوْ كانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ أی ساكنین قاطنین لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا منهم و قیل معناه مطمئنین إلی الدنیا و لذاتها غیر خائفین و لا متعبدین بشرع و قیل معناه لو كان أهل الأرض ملائكة لبعثنا إلیهم ملكا لیكونوا إلی الفهم إلیه أسرع و قیل إن العرب قالوا كنا ساكنین مطمئنین فجاء محمد فأزعجنا و شوش علینا أمرنا فبین اللّٰه سبحانه أنهم لو كانوا ملائكة مطمئنین لأوجبت الحكمة إرسال الرسل إلیهم فكذلك كون الناس مطمئنین لا یمنع من إرسال الرسل إلیهم إذ هم إلیه أحوج من الملائكة. (2)و فی قوله خَشْیَةَ الْإِنْفاقِ أی الفقر و الفاقة وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً أی بخیلا (3)و فی قوله وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ أی و أنزلنا علیك قرآنا فصلناه سورا و آیات أو فرقنا به الحق عن الباطل أو جعلنا بعضه خبرا و بعضه أمرا و بعضه نهیا و بعضه وعدا و بعضه وعیدا أو أنزلناه متفرقا لم ننزله جمیعا إذ كان بین أوله و آخره نیف و عشرون سنة لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُكْثٍ أی علی تثبت و تؤدة لیكون أمكن فی قلوبهم و قیل لتقرأه علیهم مفرقا شیئا بعد شی ء وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِیلًا علی حسب الحاجة و وقوع الحوادث قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا به فإن إیمانكم ینفعكم و لا ینفع غیركم و هذا تهدید لهم إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ أی أعطوا علم التوراة قبل نزول القرآن كعبد اللّٰه بن سلام و غیره و قیل إنهم أهل العلم من أهل الكتاب و غیرهم و قیل إنهم أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله إِذا یُتْلی عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً أی یسقطون علی الوجوه ساجدین و إنما خص الذقن لأن من سجد كان أقرب شی ء منه إلی الأرض ذقنه. (4)و فی قوله قَیِّماً أی معتدلا مستقیما لا تناقض فیه أو قیما علی سائر الكتب

ص: 122


1- فی التفسیر المطبوع: أن اتی بها كما لم یقدر من كان قبلی من الرسل، و اللّٰه تعالی انما یظهر المعجزة علی حسب المصلحة و قد فعل، فلا تطالبونی بما لا یطالب به البشر.
2- مجمع البیان 6: 439- 441.
3- مجمع البیان 6: 443.
4- مجمع البیان 6: 445.

المتقدمة یصدقها و یحفظها و ینفی الباطل عنها و هو الناسخ لشرائعها و قیل قیما لأمور الدین یلزم الرجوع إلیه فیها و قیل دائما لا ینسخ (1)فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلی آثارِهِمْ أی مهلك و قاتل نفسك علی آثار قومك الذین قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً تمردا منهم علی ربهم إِنْ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِیثِ أی بالقرآن أَسَفاً أی حزنا و تلهفا و وجدا بإدبارهم عنك و إعراضهم عن قبول ما آتیتهم به و قیل عَلی آثارِهِمْ أی بعد موتهم. (2)و فی قوله إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ أی إلا طلب أن تأتیهم العادة فی الأولین من عذاب الاستئصال أَوْ یَأْتِیَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا أی مقابلة من حیث یرونها و تأویله أنهم بامتناعهم عن الإیمان بمنزلة من یطلب هذا حتی یؤمن كرها. (3)و فی قوله أَ فَحَسِبَ الَّذِینَ كَفَرُوا أی أ فحسب الذین جحدوا توحید اللّٰه أَنْ یَتَّخِذُوا عِبادِی مِنْ دُونِی أربابا ینصرونهم و یدفعون عنهم عقابی و المراد بالعباد المسیح و الملائكة و قیل معناه أ فحسب الذین كفروا أن یتخذوا من دونی آلهة و إنی لا أغضب لنفسی علیهم و لا أعاقبهم (4)فَمَنْ كانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ أی یطمع لقاء ثوابه. (5)و فی قوله فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَیْنِهِمْ أی الأحزاب من أهل الكتاب فی أمر عیسی علی نبینا و آله و علیه السلام كما مر. (6)و فی قوله قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا أَیُّ الْفَرِیقَیْنِ أی أ نحن أم أنتم خَیْرٌ مَقاماً أی منزلا و مسكنا أو موضع إقامة وَ أَحْسَنُ نَدِیًّا أی مجلسا هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْیاً قال ابن عباس الأثاث المتاع و زینة الدنیا و الرئی المنظر و الهیئة و قیل المعنی بالآیة النضر بن الحارث و ذووه و كانوا یرجلون شعورهم و یلبسون أفخر ثیابهم و یفتخرون بشارتهم (7)و هیئتهم علی أصحاب النبی صلی اللّٰه علیه و آله فَلْیَمْدُدْ

ص: 123


1- فی التفسیر المطبوع: دائما یدوم و یثبت إلی یوم القیامة لا ینسخ.
2- مجمع البیان 6: 449 و 450.
3- مجمع البیان 6: 477.
4- مجمع البیان 6: 497.
5- مجمع البیان 6: 499.
6- مجمع البیان 6: 514.
7- الشارة: الحسن و الجمال. الهیئة: اللباس و الزینة. متاع البیت المستحسن.

لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا أمر معناه الخبر أی جعل اللّٰه جزاء ضلالته أن یمد له بأن یتركه فیها. (1)و فی قوله أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی كَفَرَ بِآیاتِنا أ فرأیت كلمة تعجیب و هو العاص بن وائل و قیل الولید بن المغیرة و قیل هو عام وَ قالَ لَأُوتَیَنَّ مالًا وَ وَلَداً أی فی الجنة استهزاء أو إن أقمت علی دین آبائی و عبادة آلهتی أعطی فی الدنیا مالا و ولدا وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أی نصل له بعض العذاب بالبعض فلا ینقطع أبدا وَ نَرِثُهُ ما یَقُولُ أی ما عنده من المال و الولد. (2)و فی قوله لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا الإد الأمر العظیم أی لقد جئتم بشی ء منكر عظیم شنیع تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ أی أرادت السماوات تنشق لعظم فریتهم و إعظاما لقولهم وَ تَخِرُّ الْجِبالُ أی تسقط هَدًّا أی كسرا شدیدا و قیل معناه هدما وَ ما یَنْبَغِی لِلرَّحْمنِ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً أی لا یلیق به و لیس من صفته اتخاذ الولد لأنه یقتضی حدوثه و احتیاجه (3)و فی قوله قَوْماً لُدًّا أی شدادا فی الخصومة. (4)و فی قوله أَوْ یُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً أی یجدد القرآن لهم عظة و اعتبارا و قیل یحدث لهم شرفا بإیمانهم به.

وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ فیه وجوه أحدها أن معناه لا تعجل بتلاوته قبل أن یفرغ جبرئیل علیه السلام من إبلاغه فإنه صلی اللّٰه علیه و آله كان یقرأ معه و یعجل بتلاوته مخافة نسیانه أی تفهم ما یوحی إلیك إلی أن یفرغ الملك من قراءته و لا تقرأ معه و ثانیها أن معناه لا تقرئ به أصحابك و لا تمله حتی یتبین لك معانیه و ثالثها أن معناه و لا تسأل إنزال القرآن قبل أن یأتیك وحیه لأنه تعالی إنما ینزله بحسب المصلحة وقت الحاجة. (5)

ص: 124


1- مجمع البیان 6: 526.
2- مجمع البیان 6: 528 و 529.
3- مجمع البیان 6: 530 و 532.
4- مجمع البیان 6: 533.
5- مجمع البیان 7: 31- 32.

و فی قوله أَ وَ لَمْ تَأْتِهِمْ بَیِّنَةُ ما فِی الصُّحُفِ الْأُولی أی أ و لم یأتهم فی القرآن بیان ما فی كتب الأولی من أنباء الأمم التی أهلكناهم لما اقترحوا الآیات ثم كفروا بها قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ أی كل واحد منا و منكم منتظر فنحن ننتظر وعد اللّٰه لنا فیكم و أنتم تتربصون بنا الدوائر. (1)و فی قوله بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أی قالوا القرآن المجید تخالیط أحلام رآها فی المنام ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها أی لم یؤمن قبل هؤلاء الكفار من أهل قریة جاءتهم الآیات التی طلبوها فأهلكناهم مصرین علی الكفر أَ فَهُمْ یُؤْمِنُونَ عند مجیئها فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ (2)

و قیل أهل التوراة و الإنجیل و قیل أهل العلم بأخبار الأمم و قیل أهل القرآن فیه ذكركم أی شرفكم إن تمسكتم به أو ذكر ما تحتاجون إلیه من أمر دینكم و دنیاكم. (3)و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبِینَ و إنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار و تذكرة لذوی الاعتبار لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً ما یتلهی به و یلعب لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا من جهة قدرتنا أو من عندنا مما یلیق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة و الأجرام المبسوطة كعادتكم فی رفع السقوف و تزویقها و تسویة الفروش و تزیینها و قیل اللّٰهو الولد بلغة الیمن و قیل الزوجة و المراد الرد علی النصاری بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَی الْباطِلِ الذی من عداده اللّٰهو فَیَدْمَغُهُ فیمحقه.

وَ مَنْ عِنْدَهُ یعنی الملائكة المنزلین منه لكرامتهم بمنزلة المقربین عند الملوك وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ أی و لا یتبعون منه (4)أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ نزلت حین قالوا

ص: 125


1- مجمع البیان 7: 37.
2- فی التفسیر المطبوع: و روی ذلك عن أبی جعفر علیه السلام.
3- مجمع البیان 7: 39 و 40.
4- فی التفسیر المطبوع: و لا یعیون منها.

نتربص به ریب المنون حَتَّی طالَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ أی طالت أعمارهم فحسبوا أن لا یزالوا كذلك و أنه بسبب ما هم فیه. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أی یأتیها أمرنا فینقصها من أطرافها بتخریبها و بموت أهلها و قیل بموت العلماء و روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قَالَ نُقْصَانُهَا ذَهَابُ عَالِمِهَا و قیل معناه نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بظهور النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی من قاتله أرضا فأرضا و قوما فقوما فیأخذ قراهم و أراضیهم. (2)و فی قوله وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قیل الزبور كتب الأنبیاء و الذكر اللوح المحفوظ و قیل الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة و الذكر التوراة و قیل الزبور زبور داود و الذكر التوراة أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ قیل یعنی أرض الجنة یرثها عبادی المطیعون و قیل هی الأرض المعروفة یرثها أمة محمد بالفتوح و

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هُمْ أَصْحَابُ الْمَهْدِیِّ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ.

(3)فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلی سَواءٍ أی أعلمتكم بالحرب إعلاما یستوی نحن و أنتم فی علمه أو علی سواء فی الإیذان لم أبین الحق لقوم دون قوم وَ إِنْ أَدْرِی أی ما أدری أَ قَرِیبٌ أَمْ بَعِیدٌ ما تُوعَدُونَ یعنی أجل القیامة أو الإذن فی حربكم وَ إِنْ أَدْرِی أی ما أدری لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ أی لعل ما آذنتكم به اختبار لكم أو لعل هذه الدنیا فتنة لكم أو لعل تأخیر العذاب محنة و اختبار لكم لترجعوا عما أنتم علیه وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ أی تتمتعون به إلی وقت انقضاء آجالكم. (4)و فی قوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ قیل المراد به النضر بن الحارث و المراد بالشیطان شیطان الإنس لأنه كان یأخذ من الأعاجم و الیهود ما یطعن به علی المسلمین. (5)

ص: 126


1- أنوار التنزیل 2: 77 و 78 و 81 و 83.
2- مجمع البیان 7: 49.
3- و ذكر فی التفسیر ما یدلّ علی ذلك من روایات كثیرة من طرق العامّة راجعه.
4- مجمع البیان 7: 66- 68.
5- مجمع البیان 7: 71.

و فی قوله ثانِیَ عِطْفِهِ أی متكبرا فی نفسه تقول العرب ثنی فلان عطفه إذا تكبر و تجبر و عطفا الرجل جانباه و قیل معناه لاوی عنقه إعراضا و تكبرا وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ أی علی ضعف فی العبادة كضعف القائم علی حرف أی علی طرف جبل و نحوه و قیل أی علی شك و قیل یعبد اللّٰه بلسانه دون قلبه قیل نزلت فی جماعة كانوا یقدمون علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المدینة فكان أحدهم إذا صح جسمه و نتجت فرسه و ولدت امرأته غلاما و كثرت ماشیته رضی به و اطمأن إلیه و إن أصابه وجع و ولدت امرأته جاریة قال ما أصبت فی هذا الدین إلا شرا وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ أی اختبار بجدب و قلة مال انْقَلَبَ عَلی وَجْهِهِ أی رجع عن دینه إلی الكفر. (1)و قال البیضاوی فی قوله تعالی مَنْ كانَ یَظُنُّ أَنْ لَنْ یَنْصُرَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ المعنی أن اللّٰه ناصر رسوله فی الدنیا و الآخرة فمن كان یظن خلاف ذلك و یتوقعه من غیظه و قیل المراد بالنصر الرزق و الضمیر لمن فَلْیَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَی السَّماءِ ثُمَّ لْیَقْطَعْ أی فلیستقص فی إزالة غیظه أو جزعه بأن یفعل كل ما یفعله الممتلئ غضبا أو المبالغ جزعا حتی یمد حبلا إلی سماء بیته فیختنق من قطع إذا اختنق فإن المختنق یقطع نفسه بحبس مجاریه و قیل فلیمدد حبلا إلی سماء الدنیا ثم لیقطع به المسافة حتی یبلغ عنانه فیجتهد فی دفع نصره أو تحصیل رزقه فَلْیَنْظُرْ فلیتصور فی نفسه هَلْ یُذْهِبَنَّ كَیْدُهُ فعله ذلك و سماه علی الأول كیدا لأنه منتهی ما یقدر علیه ما یَغِیظُ غیظه أو الذی یغیظ من نصر اللّٰه و قیل نزلت فی قوم مسلمین استبطئوا نصر اللّٰه لاستعجالهم و شدة غیظهم علی المشركین یَكادُونَ یَسْطُونَ بِالَّذِینَ یَتْلُونَ عَلَیْهِمْ آیاتِنا أی یثبون و یبطشون بهم ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ أی عابد الصنم و معبوده أو الذباب یطلب ما یسلب عن الصنم من الطیب و الصنم یطلب منه الذباب السلب أو الصنم و الذباب كأنه یطلبه لیستنقذ منه ما یسلبه فلو حققت وجدت الصنم أضعف منه بدرجات ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أی ما عرفوه حق معرفته فَذَرْهُمْ فِی غَمْرَتِهِمْ

ص: 127


1- مجمع البیان 7: 75.

أی فی جهالتهم شبهها بالماء الذی یغمر القامة لأنهم مغمورون فیها أو لاعبون فیها حَتَّی حِینٍ أی إلی أن یقتلوا أو یموتوا أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ أن ما نعطیهم و نجعله مددا لهم مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ بیان لما و لیس خبرا له بل خبره نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ و الراجع محذوف و المعنی أن الذی نمدهم به نسارع به فیما فیه خیرهم و إكرامهم بَلْ لا یَشْعُرُونَ أن ذلك الإمداد استدراج وَ لَدَیْنا كِتابٌ یعنی اللوح أو صحیفة الأعمال بَلْ قُلُوبُهُمْ فِی غَمْرَةٍ فی غفلة غامرة لها مِنْ هذا الذی وصف به هؤلاء أو من كتاب الحفظة وَ لَهُمْ أَعْمالٌ خبیثة مِنْ دُونِ ذلِكَ متجاوزة لما وصفوا به أو منحطة (1)عما هم علیه من الشرك هُمْ لَها عامِلُونَ معتادون فعلها حَتَّی إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِیهِمْ متنعّمیهم بِالْعَذابِ یعنی القتل یوم بدر أو الجوع

حین دعا علیهم الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فقال اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَی مُضَرَ وَ اجْعَلْهَا عَلَیْهِمْ سِنِینَ كَسِنِی یُوسُفَ فقحطوا حتی أكلوا الكلاب و الجیف و العظام المحترقة.

إِذا هُمْ یَجْأَرُونَ فأجاءوا الصراخ بالاستغاثة فقیل لهم لا تَجْأَرُوا الْیَوْمَ فَكُنْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ النكوص الرجوع القهقری مُسْتَكْبِرِینَ بِهِ الضمیر للبیت و شهرة استكبارهم و افتخارهم بأنهم قوامه أغنی عن سبق ذكره أو لآیاتی فإنها بمعنی كتابی سامِراً أی یسمرون بذكر القرآن و الطعن فیه تَهْجُرُونَ من الهجر بفتح الهاء إما بمعنی القطیعة أو الهذیان أی تعرضون عن القرآن أو تهذون فی شأنه أو الهجر بالضم الفحش أَ فَلَمْ یَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أی القرآن لیعلموا أنه الحق أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ یَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِینَ من الرسول و الكتاب أو من الأمن من عذاب اللّٰه فلم یخافوا كما خاف آباؤهم الأقدمون وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ بأن كان فی الواقع آلهة لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ كما سبق فی قوله تعالی لَوْ كانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا و قیل لو اتبع الحق أهواءهم و انقلب باطلا لذهب ما قام به العالم فلا یبقی أو لو اتبع الحق الذی جاء به محمد أهواءهم و انقلب شركا لجاء اللّٰه بالقیامة و أهلك

ص: 128


1- فی المصدر: أو متخطیة.

العالم من فرط غضبه أو لو اتبع اللّٰه أهواءهم بأن أنزل ما یشتهونه من الشرك و المعاصی لخرج عن الألوهیة و لم یقدر أن یمسك السماوات و الأرض أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً أجرا علی أداء الرسالة فَخَراجُ رَبِّكَ رزقه فی الدنیا و ثوابه فی العقبی خَیْرٌ لسعته و دوامه وَ لَوْ رَحِمْناهُمْ وَ كَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ یعنی القحط روی أنهم قحطوا حتی أكلوا العلهز (1)فجاء أبو سفیان إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال أنشدك اللّٰه و الرحم أ لست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمین قتلت الآباء بالسیف و الأبناء بالجوع فنزلت وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ یعنی القتل یوم بدر ذا عَذابٍ شَدِیدٍ یعنی الجوع فإنه أشد من القتل و الأسر إِذا هُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ متحیرون آیسون من كل خیر حتی جاءك أعتاهم یستعطفك قُلْ مَنْ بِیَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَیْ ءٍ أی ملكه غایة ما یمكن و قیل خزائنه وَ هُوَ یُجِیرُ یغیث من یشاء و یحرسه وَ لا یُجارُ عَلَیْهِ و لا یغاث أحد و لا یمنع منه و تعدیته بعلی لتضمین معنی النصرة إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ أی لو كان معه آلهة كما یقولون لذهب كل إله منهم بما خلقه و استبد به و امتاز ملكه عن ملك الآخرین و وقع بینهم التحارب و التغالب كما هو حال ملوك الدنیا فلم یكن بیده وحده ملكوت كل شی ء و اللازم باطل بالإجماع و الاستقراء و قیام البرهان علی استناد جمیع الممكنات إلی واجب. (2)

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ قیل نزلت الآیات فی رجل من المنافقین كان بینه و بین رجل من الیهود حكومة فدعاه الیهودی إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و دعاه المنافق إلی كعب بن الأشرف و حكی البلخی أنه كانت بین علی علیه السلام و عثمان منازعة فی أرض اشتراها من علی علیه السلام فخرجت فیها أحجار و أراد ردها بالعیب فلم یأخذها فقال بینی و بینك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال الحكم بن أبی العاص إن حاكمته إلی ابن عمه حكم له فلا تحاكمه إلیه فنزلت

ص: 129


1- فی القاموس: العلهز بالكسر: القراد الضخم. و طعام من الدم و الوبر كان یتخذ فی المجاعة. و الناب المسنة و فیها بقیة. و نبات ینبت ببلاد بنی سلیم.
2- أنوار التنزیل 2: 98 و 111 و 112 و 122 و 127 و فیه: إلی واجب واحد.

الآیات و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام.

أو قریب منه وَ إِنْ یَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ أی و إن علموا أن الحق یقع لهم یَأْتُوا إِلَیْهِ أی إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله مُذْعِنِینَ مسرعین طائعین أَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أی شك فی نبوتك و نفاق أَمِ ارْتابُوا فی عدلك أی رأوا منك ما رابهم لأجله أمرك. (1)و فی قوله وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لما بین اللّٰه سبحانه كراهتهم لحكمه قالوا للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و اللّٰه لو أمرتنا بالخروج من دیارنا و أموالنا لفعلنا فنزلت و المعنی حلفوا باللّٰه أغلظ أیمانهم و قدر طاقتهم أنك إن أمرتنا بالخروج إلی غزواتك لخرجنا قُلْ لهم لا تُقْسِمُوا أی لا تحلفوا و تم الكلام طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أی طاعة حسنة للنبی صلی اللّٰه علیه و آله خالصة صادقة أفضل و أحسن من قسمكم (2)و قیل معناه لیكن منكم طاعة فَإِنَّما عَلَیْهِ ما حُمِّلَ أی كلف و أمر. (3)و فی قوله وَ أَعانَهُ عَلَیْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ قالوا أعان محمد علی هذا القرآن عداس مولی خویطب (4)بن عبد العزی و یسار غلام العلاء بن الحضرمی و حبر مولی عامر و كانوا من أهل الكتاب و قیل إنهم قالوا أعانه قوم من الیهود فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَ زُوراً أی شركا و كذبا و إنما اكتفی بذلك فی جوابهم لتقدم ذكر التحدی و عجزهم عن الإتیان بمثله وَ قالُوا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ أی هذه أحادیث المتقدمین و ما سطروه فی كتبهم اكْتَتَبَها انتسخها و قیل استكتبها فَهِیَ تُمْلی عَلَیْهِ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا أی تملی علیه طرفی نهاره حتی یحفظها و ینسخها. (5)و قال البیضاوی فی قوله تعالی قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِی یَعْلَمُ السِّرَّ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لأنه أعجزكم عن آخركم بفصاحته و تضمنه إخبارا عن مغیبات مستقبلة و أشیاء مكنونة لا یعلمها إلا عالم الأسرار فكیف یجعلونه أساطیر الأولین وَ قالُوا

ص: 130


1- مجمع البیان 7: 150.
2- فی التفسیر المطبوع: من قسمكم بما لا تصدقون به.
3- مجمع البیان 7: 151.
4- فی التفسیر المطبوع: حویطب.
5- مجمع البیان 7: 161.

ما لِهذَا الرَّسُولِ یَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل وَ یَمْشِی فِی الْأَسْواقِ لطلب المعاش كما نمشی و ذلك لعمههم و قصور نظرهم علی المحسوسات فإن تمیز الرسل عمن عداهم لیس بأمور جسمانیة و إنما هو بأحوال نفسانیة. (1)و فی قوله وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ أی الناس لِبَعْضٍ فِتْنَةً أی ابتلاء و من ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنیاء و المرسلین بالمرسل إلیهم أَ تَصْبِرُونَ علة للجعل و المعنی و جعلنا بعضكم لبعض فتنة لنعلم أیكم یصبر (2)و فی قوله كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ أی كذلك أنزلناه متفرقا لنقوی بتفریقه فؤادك علی حفظه و فهمه لأن حاله یخالف حال موسی و داود و عیسی حیث كان أمیا و كانوا یكتبون فلو ألقی إلیه جملة لتعیا بحفظه (3)و لأن نزوله بحسب الوقائع یوجب مزید بصیرة و خوض فی المعنی و لأنه إذا نزل منجما (4)و هو یتحدی بكل نجم فیعجزون عن معارضته زاد ذلك قوة قلبه و لأنه إذا نزل به جبرئیل علیه السلام حالا بعد حال یثبت به فؤاده و منها معرفة الناسخ و المنسوخ و منها انضمام القرائن الحالیة إلی الدلالات اللفظیة فإنه یعین علی البلاغة وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِیلًا أی و قرأناه علیك شیئا بعد شی ء علی تؤدة و تمهل فی عشرین سنة أو فی ثلاث و عشرین سنة وَ لا یَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ بسؤال عجیب إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ الدامغ له فی جوابه وَ أَحْسَنَ تَفْسِیراً أی ما هو أحسن بیانا أو معنی من سؤالهم أو لا یأتونك بحال عجیبة یقولون هلا كانت هذه حاله إلا أعطیناك من الأحوال ما یحق لك فی حكمتنا و ما هو أحسن كشفا لما بعثت له. (5)و فی قوله وَ كانَ الْكافِرُ عَلی رَبِّهِ ظَهِیراً یظاهر الشیطان بالعداوة و الشرك إِلَّا مَنْ شاءَ أی إلا فعل من شاء أَنْ یَتَّخِذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلًا أن یتقرب إلیه فصور ذلك بصورة الأجر من حیث إنه مقصود فعله و استثناه منه قلعا لشبهة الطمع و إظهارا لغایة الشفقة حیث اعتد بإنفاعك نفسك بالتعرض للثواب و التخلص عن

ص: 131


1- أنوار التنزیل 2: 155.
2- أنوار التنزیل 2: 159.
3- كذا فی النسخ.
4- أی فی أوقات معینة.
5- أنوار التنزیل 2: 162.

العقاب أجرا وافیا مرضیا به مقصورا علیه و قیل الاستثناء منقطع معناه لكن من شاء أن یتخذ إلی ربه سبیلا فلیفعل. (1)و فی قوله إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ آیَةً أی دلالة ملجئة إلی الإیمان أو بلیة قاسرة إلیه فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِینَ أقحمت الأعناق لبیان موضع الخضوع و ترك الخبر علی أصله و قیل لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجریت مجراهم و قیل المراد بها الرؤساء أو الجماعات مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف كَرِیمٍ محمود كثیر المنفعة. (2)و فی قوله وَ إِنَّهُ لَفِی زُبُرِ الْأَوَّلِینَ أی و إن ذكره أو معناه لفی الكتب المتقدمة أَ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ آیَةً علی صحة القرآن أو نبوة محمد صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِی إِسْرائِیلَ أن یعرفوه بنعته المذكور فی كتبهم وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلی بَعْضِ الْأَعْجَمِینَ كما هو زیادة فی إعجازه أو بلغة العجم فَقَرَأَهُ عَلَیْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِینَ لفرط عنادهم و استكبارهم أو لعدم فهمهم و استنكافهم من اتباع العجم كَذلِكَ سَلَكْناهُ أی أدخلنا القرآن وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ أی بالقرآن الشَّیاطِینُ كما یزعمه بعض المشركین (3)وَ ما یَنْبَغِی لَهُمْ إنزال ذلك و لا یقدرون علیه إنهم مصروفون عن استماع القرآن ممنوعون بالشهب (4)وَ أَنْذِرْ عَشِیرَتَكَ الْأَقْرَبِینَ الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهمّ و

رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ صَعِدَ الصَّفَا وَ نَادَاهُمْ فَخِذاً فَخِذاً حَتَّی اجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالَ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ خَیْلًا أَ كُنْتُمْ مُصَدِّقِیَّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنیِّ نَذِیرٌ لَكُمْ بَیْنَ یَدَیْ عَذابٍ شَدِیدٍ

وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ لین جانبك لهم مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ینحط الَّذِی یَراكَ حِینَ تَقُومُ إلی التهجد وَ تَقَلُّبَكَ فِی السَّاجِدِینَ و ترددك فی تصفح أحوال المجتهدین كما

رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا نُسِخَ فَرْضُ قِیَامِ اللَّیْلِ طَافَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ

ص: 132


1- أنوار التنزیل 2: 168.
2- أنوار التنزیل 2: 173.
3- فی التفسیر المطبوع: كما زعم المشركون انه من قبیل ما یلقی الشیاطین علی الكهنة.
4- لم نجد ذلك فی أنوار التنزیل، بل هو موجود فی مجمع البیان راجعهما.

بِبُیُوتِ أَصْحَابِهِ لِیَنْظُرَ مَا یَصْنَعُونَ حِرْصاً عَلَی كَثْرَةِ طَاعَاتِهِمْ فَوَجَدَهَا كَبُیُوتِ الزَّنَابِیرِ لِمَا سَمِعَ مِنْ دَنْدَنَتِهِمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَ التَّلَاوَةِ.

أو تصرفك فیما بین المصلین بالقیام و الركوع و السجود و القعود إذا أممتهم تَنَزَّلُ عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ لما بین أن القرآن لا یصح أن یكون مما تنزلت به الشیاطین أكد ذلك بأن بین أن محمدا لا یصلح أن یتنزلوا علیه من وجهین أحدهما أنه إنما یكون علی شریر كذاب كثیر الإثم فإن اتصال الإنسان بالغائبات لما بینهما من التناسب و التواد و حال محمد صلی اللّٰه علیه و آله علی خلاف ذلك و ثانیهما قوله یُلْقُونَ السَّمْعَ أی الأفاكون یلقون السمع إلی الشیاطین فیتلقون منهم ظنونا و أمارات لنقصان علمهم فیضمون إلیها علی حسب تخیلاتهم أشیاء لا یطابق أكثرها و لا كذلك محمد صلی اللّٰه علیه و آله فإنه أخبر عن مغیبات كثیرة لا تحصی و قد طابق كلها و قد فسر الأكثر بالكل لقوله عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ و الأظهر أن الأكثریة باعتبار أقوالهم علی معنی أن هؤلاء قل من یصدق منهم فیما یحكی عن الجنی و قیل الضمائر للشیاطین أی یلقون السمع إلی الملإ الأعلی قبل أن رجموا فیخطفون منهم بعض المغیبات و یوحون به إلی أولیائهم أو یلقون مسموعهم منهم إلی أولیائهم. (1)و فی قوله بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ أی عن الحق الذی هو التوحید (2)و فی قوله لَوْ لا أَنْ تُصِیبَهُمْ مُصِیبَةٌ لو لا الأولی امتناعیة و الثانی تحضیضیة و المعنی لو لا قولهم إذا أصابتهم عقوبة بسبب كفرهم و معاصیهم ربنا هلا أرسلت إلینا رسولا یبلغنا آیاتك فنتبعها و نكون من المصدقین ما أرسلناك هُوَ أَهْدی مِنْهُما أی مما أنزل علی موسی و علی وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ أتبعنا بعضه بعضا فی الإنزال لیتصل التذكیر أو فی النظم لیتقرر الدعوة بالحجة و المواعظ بالمواعید و النصائح بالعبر (3)و فی قوله جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ أی ما یصیبهم من أذیتهم فی الصرف عن الإیمان كَعَذابِ اللَّهِ فی الصرف عن الكفر وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ فتح و غنیمة لَیَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ فی الدین فأشركونا فیه و المراد المنافقون أو قوم ضعف إیمانهم فارتدوا من

ص: 133


1- أنوار التنزیل 2: 188- 190.
2- أنوار التنزیل 2: 203.
3- أنوار التنزیل 2: 218 و 219.

أذی المشركین وَ لَیَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ أی أثقال ما اقترفته أنفسهم وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ و أثقالا أخر معها لما تسببوا له بالإضلال و الحمل علی المعاصی من غیر أن ینقص من أثقال من تبعهم شی ء. (1)و فی قوله مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ فیما اتخذوه معتمدا و متكلا كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً فیما نسجه من الخور (2)و الوهن بل ذلك أوهن فإن لهذا حقیقة و انتفاعا ما أو مثلهم بالإضافة إلی الموحد كمثله بالإضافة إلی رجل یبنی بیتا من حجر و جص و یجوز أن یكون المراد ببیت العنكبوت دینهم سماه به تحقیقا للتمثیل فیكون المعنی و إن أوهن ما یعتمد به فی الدین دینهم (3)و فی قوله وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ أی بالخصلة التی هی أحسن كمعارضة الخشونة باللین و الغضب بالكظم و قیل منسوخ بآیة السیف إذ لا مجادلة أشد منه و جوابه أنه آخر الدواء و قیل المراد به ذوو العهد منهم إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بالإفراط فی الاعتداء و العناد أو بإثبات الولد و قولهم یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أو بنبذ العهد و منع الجزیة فَالَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یُؤْمِنُونَ بِهِ هم عبد اللّٰه بن سلام و أضرابه أو من تقدم عهد الرسول من أهل الكتاب وَ مِنْ هؤُلاءِ أی و من العرب أو أهل مكة أو ممن فی عهد الرسول من أهل الكتاب. (4)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ هم النبی صلی اللّٰه علیه و آله و المؤمنون به لأنهم حفظوه و وعوه و قیل هم الأئمة من آل محمد صلی اللّٰه علیه و آله عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام: وَ یُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أی یقتل الناس بعضهم بعضا فیما حولهم و هم آمنون فی الحرم أَ فَبِالْباطِلِ یُؤْمِنُونَ أی یصدقون بعبادة الأصنام و هی باطلة مضمحلة. (5)

ص: 134


1- أنوار التنزیل 2: 228 و 229.
2- الخور: الفتور و الضعف.
3- أنوار التنزیل 2: 234.
4- أنوار التنزیل 2: 235 و 236.
5- مجمع البیان 8: 288 و 293.

و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ أَثارُوا الْأَرْضَ أی قلبوا وجهها لاستنباط المیاه و استخراج المعادن و زرع البذور و غیرها. (1)و فی قوله ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا فی عبادة الأصنام مِنْ أَنْفُسِكُمْ أی منتزعا من أحواله التی هی أقرب الأمور إلیكم هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِی ما رَزَقْناكُمْ من الأموال و غیرها فَأَنْتُمْ فِیهِ سَواءٌ فتكونون سواء أنتم و هم فیه شركاء یتصرفون فیه كتصرفكم مع أنه بشر مثلكم و أنها معارة لكم تَخافُونَهُمْ أن تستبدوا بتصرف فیه كَخِیفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كما تخاف الأحرار بعضهم من بعض كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ نبینها لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ یستعملون عقولهم فی تدبر الأمثال لِیَكْفُرُوا بِما آتَیْناهُمْ اللام فیه للعاقبة و قیل للأمر بمعنی التهدید كقوله فَتَمَتَّعُوا غیر أنه التفت فیه مبالغة فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة تمتعكم أَمْ أَنْزَلْنا عَلَیْهِمْ سُلْطاناً أی حجة و قیل ذا سلطان أی ملكا معه برهان فَهُوَ یَتَكَلَّمُ تكلم دلالة كقوله كِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْكُمْ بِالْحَقِّ أو نطق بِما كانُوا بِهِ یُشْرِكُونَ بإشراكهم و صحته أو بالأمر الذی بسببه یشركون فی ألوهیته. (2)و فی قوله فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أی فرأوا الأثر أو الزرع فإنه مدلول علیه بما تقدم و قیل السحاب لأنه إذا كان مصفرا لم یمطر فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتی و الكفار مثلهم لما سدوا عن الحق مشاعرهم وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ قید الحكم به لیكون أشد استحالة فإن الأصم المقبل و إن لم یسمع الكلام تفطن منه بواسطة الحركات شیئا وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْیِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ سماهم عمیا لفقدهم المقصود الحقیقی من الأبصار أو لعمی قلوبهم وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ أی و لا یحملنك علی الخفة و القلق الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ بتكذیبهم. (3)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه نزل قوله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ فی النضر بن الحارث كان یتجر فیخرج إلی فارس فیشتری أخبار الأعاجم و یحدث بها قریشا و یقول لهم إن محمدا صلی اللّٰه علیه و آله یحدثكم بحدیث عاد و ثمود و أنا أحدثكم

ص: 135


1- أنوار التنزیل 2: 241.
2- أنوار التنزیل 2: 245 و 246.
3- أنوار التنزیل 2: 249 و 251.

بحدیث رستم و إسفندیار و أخبار الأكاسرة فیستملحون حدیثه و یتركون استماع القرآن عن الكلبی و قیل نزل فی رجل اشتری جاریة تغنیه لیلا و نهارا عن ابن عباس و أكثر المفسرین علی أن المراد بلهو الحدیث الغناء و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و

هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالُوا مِنْهُ الْغِنَاءُ.

و

رُوِیَ أَیْضاً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الطَّعْنُ فِی الْحَقِّ وَ الِاسْتِهْزَاءُ بِهِ.

و ما كان أبو جهل و أصحابه یجیئون به إذ قال یا معشر قریش أ لا أطعمكم من الزقوم الذی یخوفكم به صاحبكم ثم أرسل إلی زبد و تمر و قال هذا هو الزقوم الذی یخوفكم به

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مِنْهُ الْغِنَاءُ.

فعلی هذا فإنه یدخل فیه كل شی ء یلهی عن سبیل اللّٰه و عن طاعته وَ یَتَّخِذَها أی آیات القرآن أو سبیل اللّٰه هُزُواً یستهزئ بها كَأَنَّ فِی أُذُنَیْهِ وَقْراً أی ثقلا یمنعه عن سماع الآیات. (1)و فی قوله بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها إذ لو كان لها عمد لرأیتموها لأنها لو كانت تكون أجساما عظاما حتی یصح منها أن تقل السماوات و لو كانت كذلك لاحتاجت إلی عمد آخر فكان یتسلسل فإذا لا عمد لها و قیل إن المراد بغیر عمد مرئیة و المعنی أن لها عمدا لا ترونها وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أی جبالا ثابتة أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ أی كراهة أن تمید بكم. (2)و فی قوله أَ وَ لَوْ كانَ الشَّیْطانُ یَدْعُوهُمْ جواب لو محذوف تقدیره أ و لو كان الشیطان یدعوهم إِلی عَذابِ السَّعِیرِ لاتبعوهم وَ مَنْ یُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَی اللَّهِ أی و من یخلص دینه لله و یقصد فی أفعاله التقرب إلی اللّٰه وَ هُوَ مُحْسِنٌ فیها فیفعلها علی موجب العلم و مقتضی الشرع فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی أی فقد تعلق بالعروة الوثیقة التی لَا انْفِصامَ لَها وَ إِلَی اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أی و إلی اللّٰه یرجع أواخر الأمور علی وجه لا یكون لأحد التصرف فیها بالأمر و النهی. (3)

ص: 136


1- مجمع البیان 8: 313 و 314.
2- مجمع البیان 8: 314.
3- مجمع البیان 8: 320 و 321.

و فی قوله كَالظُّلَلِ شبه الموج بالسحاب الذی یركب بعضه علی بعض و قیل یرید كالجبال فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ أی عدل فی الوفاء فی البر بما عاهد اللّٰه علیه فی البحر من التوحید له

روی السدی عن مصعب بن سعد عن أبیه قال لما كان یوم فتح مكة أمن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الناس إلا أربعة نفر قال اقتلوهم و إن وجدتموهم متعلقین بأستار الكعبة عكرمة بن أبی جهل و عبد اللّٰه بن أخطل و قیس بن سبابة و عبد اللّٰه بن أبی سرح.

فأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم ریح عاصفة فقال أهل السفینة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغنی عنكم شیئا هاهنا فقال عكرمة لئن لم ینجنی فی البحر إلا الإخلاص ما ینجینی فی البر غیره اللّٰهم إن لك علی عهدا إن أنت عافیتنی مما أنا فیه أنی آتی محمدا حتی أضع یدی فی یده فلأجدنه عفوا كریما فجاء فأسلم و الختر أقبح الغدر. (1)و فی قوله ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِیرٍ مِنْ قَبْلِكَ یعنی قریشا إذ لم یأتهم نبی قبل نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و إن أتی غیرهم من قبائل العرب مثل خالد بن سنان العبسی و قیل یعنی أهل الفترة بین عیسی و محمد صلی اللّٰه علیه و آله لم یأتهم نبی قبله فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ أی فیما قدره ستة أیام ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ بالقهر و الاستعلاء. (2)و فی قوله أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أی سیئ العذاب أَ فَلَمْ یَرَوْا إِلی ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ كیف أحاطت بهم و ذلك أن الإنسان حیثما نظر رأی السماء و الأرض قدامه و خلفه و عن یمینه و شماله فلا یقدر علی الخروج منها كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أی قطعة منها تغطیهم و تهلكهم. (3)وَ ما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِیرٍ أی لیس له سبحانه منهم معاون علی خلق السماوات و الأرض و لا علی شی ء من الأشیاء وَ إِنَّا أَوْ إِیَّاكُمْ لَعَلی هُدیً أَوْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ إنما قال ذلك علی وجه الإنصاف فی الحجاج دون الشك كما یقول القائل أحدنا كاذب و إن كان هو عالما بالكاذب ثُمَّ یَفْتَحُ بَیْنَنا أی یحكم بالحق. (4)

ص: 137


1- مجمع البیان 8: 323.
2- مجمع البیان 8: 325 و 326.
3- مجمع البیان 8: 377 و 379.
4- مجمع البیان 8: 389 و 390.

و قال البیضاوی فی قوله تعالی قُلْ أَرُونِیَ الَّذِینَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ أی لأری بأی صفة ألحقتموهم باللّٰه فی استحقاق العبادة و هو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة علیهم زیادة فی تبكیتهم وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ أی إلا رسالة عامة لهم من الكف فإنها إذا عمتهم فقد كفتهم أن یخرج منها أحد منهم أو إلا جامعا لهم فی الإبلاغ فهی حال من الكاف و التاء للمبالغة وَ ما آتَیْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ یَدْرُسُونَها فیها دلیل علی صحة الإشراك وَ ما أَرْسَلْنا إِلَیْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِیرٍ یدعوهم إلیه و ینذرهم علی تركه و قد بان من قبل أن لا وجه له فمن أین وقع لهم هذه الشبهة قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أرشدكم و أنصح لكم بخصلة واحدة هی ما دل علیه أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ و هو القیام من مجلس رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أو الانتصاب فی الأمر خالصا لوجه اللّٰه معرضا عن المراء و التقلید مَثْنی وَ فُرادی متفرقین اثنین اثنین و واحدا واحدا فإن الازدحام یشوش الخاطر و یخلط القول ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا فی أمر محمد صلی اللّٰه علیه و آله و ما جاء به لتعلموا حقیقته ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ فتعلموا ما به جنون یحمله علی ذلك أو استئناف منبه لهم علی أن ما عرفوا من رجاحة عقله كاف فی ترجیح صدقه فإنه لا یدعه أن یتصدی لادعاء أمر خطیر من غیر وثوق ببرهان فیفتضح علی رءوس الأشهاد و یلقی نفسه إلی الهلاك فكیف و قد انضم إلیه معجزات كثیرة و قیل ما استفهامیة و المعنی ثم تتفكروا أی شی ء به من آثار الجنون قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أی شی ء سألتكم من أجر علی الرسالة فَهُوَ لَكُمْ و المراد نفی السؤال و قیل ما موصولة یراد بها ما سألهم بقوله ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ یَتَّخِذَ إِلی رَبِّهِ سَبِیلًا (1)و قوله لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (2)و اتخاذ السبیل ینفعهم و قرباه قرباهم قُلْ إِنَّ رَبِّی یَقْذِفُ بِالْحَقِّ یلقیه و ینزله علی من یجتبیه من عباده أو یرمی الباطل فیدمغه أو یرمی به إلی أقطار الأرض فیكون وعدا بإظهار الإسلام وَ ما یُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما یُعِیدُ أی زهق الباطل أی الشرك بحیث لم یبق له أثر مأخوذ من هلاك الحی فإنه إذا هلك لم یبق له إبداء و لا إعادة و قیل الباطل إبلیس أو الصنم و المعنی لا ینشئ خلقا

ص: 138


1- الفرقان: 57.
2- الشوری: 23.

و لا یعیده أو لا یبدئ خیرا لأهله و لا یعیده و قیل ما استفهامیة منتصبة بما بعده. (1)و فی قوله أَ فَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً أی كمن لم یزین له بل وفق حتی عرف الحق و استحسن الأعمال و استقبحها علی ما هی علیه فحذف الجواب لدلالة فَإِنَّ اللَّهَ یُضِلُّ مَنْ یَشاءُ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ و قیل تقدیره أ فمن زین له سوء عمله ذهبت نفسك علیهم حسرة فحذف الجواب لدلالة فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَیْهِمْ حَسَراتٍ علیه و معناه فلا تهلك نفسك علیهم للحسرات علی غیهم و إصرارهم علی التكذیب ما یَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِیرٍ هو لفافة النواة وَ لَوْ سَمِعُوا علی سبیل الفرض مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ لعدم قدرتهم علی الإنفاع أو لتبریهم منكم مما تدعون لهم وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ بإشراككم لهم یقرون ببطلانه أو یقولون ما كنتم إیانا تعبدون وَ لا یُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِیرٍ و لا یخبرك بالأمر مخبر مثل خبیر عالم به أخبرك و هو اللّٰه سبحانه فإنه الخبیر به علی الحقیقة دون سائر المخبرین وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ الكافر و المؤمن و قیل مثلان للصنم و لله عز و جل وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ و لا الباطل و لا الحق وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ و لا الثواب و لا العقاب وَ ما یَسْتَوِی الْأَحْیاءُ وَ لَا الْأَمْواتُ تمثیل آخر للمؤمنین و الكافرین أبلغ من الأول و لذلك كرر الفعل و قیل للعلماء و الجهلاء إِنَّ اللَّهَ یُسْمِعُ مَنْ یَشاءُ هدایته فیوفقه لفهم آیاته و الاتعاظ بعظاته وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِی الْقُبُورِ ترشیح لتمثیل المصرین علی الكفر بالأموات و مبالغة فی إقناطه عنهم بِالْبَیِّناتِ بالمعجزات الشاهدة علی نبوتهم وَ بِالزُّبُرِ كصحف إبراهیم وَ بِالْكِتابِ الْمُنِیرِ كالتوراة و الإنجیل علی إرادة التفصیل دون الجمع و یجوز أن یراد بهما واحد و العطف لتغایر الوصفین أَمْ آتَیْناهُمْ كِتاباً ینطق علی أنا اتخذنا شركاء فَهُمْ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْهُ علی حجة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة جعلیة و یجوز أن یكون هم للمشركین وَ لا یَحِیقُ أی لا یحیط فَهَلْ یَنْظُرُونَ ینتظرون إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِینَ سنة اللّٰه فیهم بتعذیب مكذبیهم فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِیلًا وَ لَنْ

ص: 139


1- أنوار التنزیل 2: 290 و 293- 295.

تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِیلًا أی لا یبدلها بجعل غیر التعذیب تعذیبا و لا یحولها بأن ینقله من المكذبین إلی غیرهم. (1)و فی قوله وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَیْنَ أَیْدِیكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ الوقائع التی خلت و العذاب المعد فی الآخرة أو نوازل السماء و نوائب الأرض كقوله أَ فَلَمْ یَرَوْا إِلی ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أو عذاب الدنیا و عذاب الآخرة أو عكسه أو ما تقدم من الذنوب و ما تأخر وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ علی محاویجكم قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا بالصانع یعنی معطلة كانوا بمكة لِلَّذِینَ آمَنُوا تهكما بهم من إقرارهم به و تعلیقهم الأمور بمشیته أَ نُطْعِمُ مَنْ لَوْ یَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ علی زعمكم و قیل قاله مشركو قریش حین استطعمهم فقراء المؤمنین إیهاما بأن اللّٰه لما كان قادرا أن یطعمهم و لم یطعمهم فنحن أحق بذلك و هذا من فرط جهالتهم فإن اللّٰه تعالی یطعم بأسباب منها حث الأغنیاء علی إطعام الفقراء و توفیقهم له. (2)وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ رد لقولهم إن محمدا صلی اللّٰه علیه و آله شاعر أی ما علمناه الشعر بتعلیم القرآن فإنه غیر مقفی و لا موزون و لیس معناه ما یتوخاه (3)الشعراء من التخیلات المرغبة و المنفرة وَ ما یَنْبَغِی لَهُ و ما یصح له الشعر و لا یتأتی له إن أراد قرضه علی ما اختبرتم طبعه نحوا من أربعین سنة و قوله

أنا النبی لا كذب. و أنا ابن عبد المطلب.

و قوله

هل أنت إلا إصبع دمیت. و فی سبیل اللّٰه ما لقیت.

اتفاقی من غیر تكلف و قصد منه إلی ذلك و قد یقع مثله كثیرا فی تضاعیف المنثورات علی أن الخلیل ما عد المشطور من الرجز شعرا هذا و قد روی أنه حرك الباءین و كسر التاء الأولی بلا إشباع و سكن الثانیة و قیل الضمیر للقرآن أی و ما یصح للقرآن أن یكون شعرا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ عظة و إرشاد من اللّٰه وَ قُرْآنٌ مُبِینٌ

ص: 140


1- أنوار التنزیل 2: 297 و 300 و 301 و 305.
2- أنوار التنزیل 2: 313.
3- توخی الامر: تعمده و تطلبه دون سواه.

و كتاب سماوی یتلی فی المعابد ظاهر أنه لیس كلام البشر لما فیه من الإعجاز لِیُنْذِرَ القرآن أو الرسول مَنْ كانَ حَیًّا عاقلا فهما فإن الغافل كالمیت أو مؤمنا فی علم اللّٰه فإن الحیاة الأبدیة بالإیمان و تخصیص الإنذار به لأنه المنتفع به وَ یَحِقَّ الْقَوْلُ و یجب كلمة العذاب عَلَی الْكافِرِینَ المصرین علی الكفر وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً أشركوها به فی العبادة لَعَلَّهُمْ یُنْصَرُونَ رجاء أن ینصروهم فیما حزبهم من الأمور (1)و الأمر بالعكس لأنه لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ معدون لحفظهم و الذب عنهم أو محضرون أثرهم فی النار. (2)و فی قوله فَاسْتَفْتِهِمْ أی فاستخبرهم و الضمیر لمشركی مكة أو لبنی آدم أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا یعنی ما ذكر من الملائكة و السماء و الأرض و ما بینهما و المشارق و الكواكب و الشهب الثواقب و من لتغلیب العقلاء إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِینٍ لازِبٍ و المراد إثبات المعاد و رد استحالتهم بأن استحالة ذلك إما لعدم قابلیة المادة و مادتهم الأصلیة هی الطین اللازب الحاصل من ضم الجزء المائی إلی الجزء الأرضی و هما باقیان قابلان للانضمام بعد و قد علموا أن الإنسان الأول إنما تولد منه إما لاعترافهم بحدوث العالم أو بقصة آدم علی نبینا و آله و علیه السلام و شاهدوا تولد كثیر من الحیوانات منه بلا توسط مواقعة فلزمهم أن یجوزوا إعادتهم كذلك و إما لعدم قدرة الفاعل فإن من قدر علی خلق هذه الأشیاء قدر علی ما لا یعتد به بالإضافة إلیها سیما و من ذلك بدأهم أولا و قدرته ذاتیة لا تتغیر بَلْ عَجِبْتَ من قدرة اللّٰه و إنكارهم البعث وَ یَسْخَرُونَ من تعجبك و تقریرك للبعث. (3)وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً یعنی الملائكة ذكرهم باسم جنسهم وضعا

ص: 141


1- من حزبه الویل: أصابه و اشتد علیه.
2- أنوار التنزیل 2: 317.
3- أنوار التنزیل 2: 321.

منهم أن یبلغوا هذه المرتبة و قیل قالوا إن اللّٰه صاهر الجن فخرجت الملائكة و قیل قالوا اللّٰه و الشیطان أخوان وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ أن الكفرة أو الإنس أو الجنة إن فسرت بغیر الملائكة لَمُحْضَرُونَ فی العذاب سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ من الولد و النسب إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ استثناء من المحضرین منقطع أو متصل إن فسر الضمیر بما یعمهم و ما بینهما اعتراض أو من یصفون فَإِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ عود إلی خطابهم ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ أی علی اللّٰه بِفاتِنِینَ مفسدین الناس بإغوائهم إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِیمِ إلا من سبق فی علم اللّٰه تعالی أنه من أهل النار و یصلاها لا محالة و أنتم ضمیر لهم و لآلهتهم غلب فیه المخاطب علی الغائب و یجوز أن یكون وَ ما تَعْبُدُونَ لما فیه من معنی المقارنة سادا مسد الخبر أی إنكم و آلهتكم قرناء لا تزالون تعبدونها ما أنتم علی ما تعبدونه بفاتنین بباعثین علی طریق الفتنة إلا ضالا مستوجبا للنار مثلكم وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ حكایة اعتراف الملائكة بالعبودیة للرد علی عبدتهم و المعنی و ما منا أحد إلا له مقام معلوم فی المعرفة و العبادة و الانتهاء إلی أمر اللّٰه فی تدبیر العالم و یحتمل أن یكون هذا و ما قبله من قوله سُبْحانَ اللَّهِ من كلامهم لیتصل بقوله وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ فی أداء الطاعة و منازل الخدمة وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المنزهون اللّٰه عما لا یلیق به وَ إِنْ كانُوا لَیَقُولُونَ یعنی مشركی قریش لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِینَ كتابا من الكتب التی نزلت علیهم لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ لأخلصنا العبادة له و لم نخالف مثلهم فَكَفَرُوا بِهِ أی لما جاءهم الذكر الذی هو أشرف الأذكار و المهیمن علیها فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ عاقبة كفرهم فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّی حِینٍ أی یوم بدر و قیل یوم الفتح وَ أَبْصِرْهُمْ علی ما ینالهم حینئذ فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ ما قضینا لك من التأیید و النصرة و الثواب فی الآخرة أَ فَبِعَذابِنا یَسْتَعْجِلُونَ روی أنه لما نزل فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ قالوا متی هذا فنزل فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فإذا نزل العذاب بفنائهم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِینَ أی فبئس صباح المنذرین صباحهم. (1)

ص: 142


1- أنوار التنزیل 2: 235 و 236.

و فی قوله فِی عِزَّةٍ أی استكبار عن الحق وَ شِقاقٍ خلاف لله و لرسوله فَنادَوْا استغاثة أو توبة و استغفارا وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ أی لیس الحین حین مناص و لا هی المشبهة بلیس زیدت علیها تاء التأنیث للتأكید و قیل هی النافیة للجنس أی و لا حین مناص لهم و قیل للفعل و النصب بإضماره أی و لا أری حین مناص. (1)

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قال المفسرون إن أشراف قریش و هم خمسة و عشرون منهم الولید بن المغیرة و هو أكبرهم و أبو جهل و أبی و أمیة ابنا خلف و عتبة و شیبة ابنا ربیعة و النضر بن الحارث أتوا أبا طالب و قالوا أنت شیخنا و كبیرنا و قد أتیناك تقضی بیننا و بین ابن أخیك فإنه سفه أحلامنا و شتم آلهتنا فدعا أبو طالب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال یا ابن أخی هؤلاء قومك یسألونك فقال ما ذا یسألوننی قالوا دعنا و آلهتنا ندعك و إلهك فقال صلی اللّٰه علیه و آله أ تعطوننی كلمة واحدة تملكون بها العرب و العجم فقال له أبو جهل لله أبوك نعطیك ذلك و عشر أمثالها فقال قولوا لا إله إلا اللّٰه فقاموا و قالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً فنزلت هذه الآیات.

و رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَعْبَرَ (2)ثُمَّ قَالَ یَا عَمِّ وَ اللَّهِ لَوْ وُضِعَتِ الشَّمْسُ فِی یَمِینِی وَ الْقَمَرُ فِی شِمَالِی مَا تَرَكْتُ هَذَا الْقَوْلَ حَتَّی أُنْفِذَهُ أَوْ أُقْتَلَ دُونَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ امْضِ لِأَمْرِكَ فَوَ اللَّهِ لَا أَخْذُلُكَ أَبَداً (3).

و قال البیضاوی وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أی و انطلق أشراف قریش من مجلس أبی طالب بعد ما بكتهم (4)رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا و اثبتوا (5)عَلی آلِهَتِكُمْ علی عبادتها إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ یُرادُ إن هذا الأمر لشی ء من ریب الزمان یراد بنا فلا مرد له أو إن هذا الرأی الذی یدعیه من التوحید أو یقصده من الرئاسة و الترفع علی العرب و العجم لشی ء یتمنی أو یریده كل أحد أو إن دینكم یطلب لیؤخذ منكم

ص: 143


1- أنوار التنزیل 2: 237.
2- أی جرت عبرته، و العبرة: الدمعة.
3- مجمع البیان 8: 465.
4- أی غلبهم بالحجة.
5- فی المصدر هكذا: «أَنِ امْشُوا» قائلین بعضهم لبعض: امشوا «وَ اصْبِرُوا» و اثبتوا.

ما سَمِعْنا بِهذا بالذی یقوله فِی الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ فی الملة التی أدركنا علیه آباءنا أو فی ملة عیسی التی هو آخر الملل فإن النصاری یثلثون و یجوز أن یكون حالا من هذا أی ما سمعنا من أهل الكتاب و لا الكهان بالتوحید كائنا فی الملة المترقبة إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ كذب اختلقه أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ بل أ عندهم خزائن رحمته و فی تصرفهم حتی یتخیروا للنبوة من شاءوا أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ أی لیس لهم مدخل فی أمر هذا العالم الجسمانی الذی هو جزء یسیر من خزائنه فمن أین لهم أن یتصرفوا فیها فَلْیَرْتَقُوا فِی الْأَسْبابِ أی إن كان لهم ذلك فلیصعدوا فی المعارج التی یتوصل بها إلی العرش حتی یستووا علیه و یدبروا أمر العالم فینزلوا الوحی إلی من یستصوبونه و السبب فی الأصل هو الوصلة و قیل المراد بالأسباب السماوات لأنها أسباب الحوادث السفلیة جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ أی هم جند ما من الكفار المتحزبین علی الرسل مهزوم مكسور عما قریب فمن أین لهم التدابیر الإلهیة أو فلا تكترث (1)بما یقولون. (2)قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِیمٌ أی ما أنبأتكم به من أنی نذیر من عقوبة من هذه صفته و أنه واحد فی الألوهیة و قیل ما بعده من نبإ آدم ما كانَ لِی مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلی إِذْ یَخْتَصِمُونَ فإن إخباره عن تقاول الملائكة و ما جری بینهم علی ما وردت فی الكتب المتقدمة من غیر سماع و مطالعة كتاب لا یتصور إلا بالوحی (3)وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ المتصنعین بما لست من أهله علی ما عرفتم من حالی فأنتحل النبوة و أتقول القرآن بَعْدَ حِینٍ بعد الموت أو یوم القیامة أو عند ظهور الإسلام. (4)و فی قوله وَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ یحتمل المتخذین من الكفرة و المتخذین من الملائكة و عیسی و الأصنام علی حذف الراجع و إضمار المشركین من غیر ذكر لدلالة المساق علیهم و هو مبتدأ خبره علی الأول ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلْفی بإضمار القول أو إِنَّ اللَّهَ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ و هو متعین علی الثانی

ص: 144


1- أی لا تعبأ به و لا تباله.
2- أنوار التنزیل 2: 339.
3- أنوار التنزیل 2: 350.
4- أنوار التنزیل 2: 352.

و علی هذا یكون القول المضمر بما فی حیزه حالا أو بدلا من الصلة و زلفی مصدر أو حال لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ یَتَّخِذَ وَلَداً كما زعموا لَاصْطَفی مِمَّا یَخْلُقُ ما یَشاءُ إذ لا موجود سواه إلا و هو مخلوقه لقیام الدلالة علی امتناع وجود واجبین و وجوب استناد ما عدا الواجب إلیه و من البین أن المخلوق لا یماثل الخالق فیقوم مقام الولد له ثم قرر ذلك بقوله سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ فإن الألوهیة الحقیقیة تتبع الوجوب المستلزم للوحدة الذاتیة و هی تنافی المماثلة فضلا عن التولد لأن كل واحد من المثلین مركب من الحقیقة المشتركة و التعین المخصوص و القهاریة المطلقة تنافی قبول الزوال المحوج إلی الولد (1)نَسِیَ ما كانَ یَدْعُوا إِلَیْهِ أی نسی الضر الذی كان یدعو اللّٰه إلی كشفه أو ربه الذی كان یتضرع إلیه. (2)أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ خبره محذوف دل علیه قوله فَوَیْلٌ لِلْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أی من أجل ذكره. (3)ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا للمشرك و الموحد رَجُلًا فِیهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ مثل المشرك علی ما یدعیه مذهبه (4)من أن یدعی كل واحد من معبودیه عبودیته و یتنازعوا فیه بعبد یتشارك فیه جمع یتجاذبونه و یتعاورونه فی المهام المختلفة فی تحیره و توزع قلبه و الموحد بمن خلص لواحد لیس لغیره علیه سبیل (5)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ یُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِینَ مِنْ دُونِهِ كانت الكفار تخیفه بالأوثان التی كانوا یعبدونها قالوا أ ما تخاف أن تهلكك آلهتنا (6)و قیل إنه لما قصد خالد لكسر العزی بأمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله قالوا إیاك یا خالد فبأسها شدید فضرب خالد أنفها بالفأس فهشمها فقال

كفرانك یا عزی لا سبحانك سبحان من أهانك

(7)

ص: 145


1- أنوار التنزیل 2: 352.
2- أنوار التنزیل 2: 354.
3- أنوار التنزیل 2: 357.
4- فی المصدر: علی ما یقتضیه مذهبه.
5- أنوار التنزیل 2: 358.
6- فی المصدر: إنا نخاف أن تهلكك آلهتنا.
7- فی المصدر زیادة و هی: انی رأیت اللّٰه قد أهانك. راجع مجمع البیان 8: 499.

أَ وَ لَوْ كانُوا لا یَمْلِكُونَ شَیْئاً من شفاعة وَ لا یَعْقِلُونَ جواب هذا الاستفهام محذوف أی أ و لو كانوا بهذه الصفة تتخذونهم شفعاء و تعبدونهم راجین شفاعتهم قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِیعاً أی لا یشفع أحد إلا بإذنه وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ أی نفرت و قیل انقبضت. (1)و قال البیضاوی وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ أی القرآن أو المأمور به دون المنهی عنه أو العزائم دون الرخص أو الناسخ دون المنسوخ و لعله ما هو أنجی و أسلم كالإنابة و المواظبة علی الطاعة (2)إِنَّ الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ عام فی كل مجادل مبطل و إن نزلت فی مشركی مكة أو الیهود حین قالوا لست صاحبنا بل هو المسیح بن داود یبلغ سلطانه البر و البحر و تسیر معه الأنهار إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ إلا تكبر عن الحق و تعظم عن التفكر و التعلم أو إرادة الرئاسة أو إن النبوة و الملك لا یكون إلا لهم ما هُمْ بِبالِغِیهِ ببالغی دفع الآیات أو المراد لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ فمن قدر علی خلقها أولا من غیر أصل قدر علی خلق الإنسان ثانیا من أصل. (3)فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ أی بالعذاب فی الدنیا و الآخرة قُضِیَ بِالْحَقِّ بإنجاء المحق و تعذیب المبطل وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ المعاندون باقتراح الآیات بعد ظهور ما یغنیهم عنها. (4)و فی قوله قُلُوبُنا فِی أَكِنَّةٍ أی فی أغطیة و هذه تمثیلات لنبو قلوبهم عن إدراك ما یدعوهم إلیه و اعتقاده و مج أسماعهم له و امتناع مواصلتهم و موافقتهم للرسول فَاعْمَلْ علی دینك أو فی إبطال أمرنا إِنَّنا عامِلُونَ علی دیننا أو فی إبطال أمرك. (5)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل إن أبا جهل رفع ثوبا بینه و بین النبی صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 146


1- مجمع البیان 8: 501.
2- أنوار التنزیل 2: 363.
3- أنوار التنزیل 2: 378.
4- أنوار التنزیل 2: 381.
5- أنوار التنزیل 2: 383.

فقال یا محمد أنت من ذاك الجانب و نحن من هذا الجانب فاعمل أنت علی دینك و مذهبك إننا عاملون علی دیننا و مذهبنا فَاسْتَقِیمُوا إِلَیْهِ أی لا تمیلوا عن سبیله و توجهوا إلیه بالطاعة. (1)و فی قوله وَ الْغَوْا فِیهِ أی عارضوه باللغو و الباطل و بما لا یعتد به من الكلام لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ أی لتغلبوه باللغو و الباطل و لا یتمكن أصحابه من الاستماع و قیل الغوا فیه بالتخلیط فی القول و المكاء و الصفیر و قیل معناه ارفعوا أصواتكم فی وجهه بالشعر و الرجز عن ابن عباس و السدی لما عجزوا عن معارضة القرآن احتالوا فی اللبس علی غیرهم و تواصوا بترك استماعه و الإلغاء عند قراءته. (2)و قال البیضاوی فی قوله وَ ما یُلَقَّاها أی ما یلقی هذه السجیة و هی مقابلة الإساءة بالإحسان إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا فإنها تحبس النفس عن الانتقام وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ من الخیر و كمال النفس و قیل الحظ العظیم الجنة. (3)وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِیًّا جواب لقولهم هلا نزل القرآن بلغة العجم لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آیاتُهُ بینت بلسان نفقهه ءَ أَعْجَمِیٌّ وَ عَرَبِیٌّ أ كلام أعجمی و مخاطب عربی إنكار مقرر للتخصیص أُولئِكَ یُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِیدٍ هو تمثیل لهم فی عدم قبولهم و استماعهم له بمن تصیح به من مسافة بعیدة. (4)شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّینِ أی شرع لكم دین نوح علی نبینا و آله و علیه السلام و محمد صلی اللّٰه علیه و آله و من بینهما من أرباب الشرائع علیهم الصلاة و السلام و هو الأصل المشترك فیما بینهم المفسر بقوله أَنْ أَقِیمُوا الدِّینَ و هو الإیمان بما یجب تصدیقه و الطاعة فیه أحكام اللّٰه وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِیهِ و لا تختلفوا فی هذا الأصل أما فروع الشرائع فمختلفة وَ ما تَفَرَّقُوا یعنی الأمم السالفة و قیل أهل الكتاب وَ إِنَّ الَّذِینَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ یعنی أهل الكتاب الذین كانوا فی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أو المشركین الذین أورثوا القرآن من بعد أهل الكتاب فَلِذلِكَ أی فلأجل ذلك التفرق أو الكتاب

ص: 147


1- مجمع البیان 9: 4.
2- مجمع البیان 9: 11.
3- أنوار التنزیل 2: 389.
4- أنوار التنزیل 2: 390.

أو العلم الذی أوتیته لا حُجَّةَ بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ أی لا حجاج بمعنی لا خصومة إذ الحق قد ظهر و لم یبق للمخاصمة مجال وَ الَّذِینَ یُحَاجُّونَ فِی اللَّهِ فی دینه مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِیبَ لَهُ من بعد ما استجاب له الناس و دخلوا فیه أو من بعد ما استجاب اللّٰه لرسوله فأظهر دینه بنصره یوم بدر أو من بعد ما استجاب له أهل الكتاب بأن أقروا بنبوته و استفتحوا به حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ زائلة باطلة. (1)فَإِنْ یَشَإِ اللَّهُ یَخْتِمْ عَلی قَلْبِكَ استبعاد للافتراء عن مثله بالإشعار علی أنه إنما یجترئ علیه من كان مختوما علی قلبه جاهلا بربه و كأنه قال إن یشإ اللّٰه خذلانك یختم علی قلبك لتجترئ بالافتراء علیه و قیل یَخْتِمْ عَلی قَلْبِكَ یمسك القرآن و الوحی عنه أو یربط علیه بالصبر فلا یشق علیك أذاهم. (2)وَ كَذلِكَ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا یعنی ما أوحی إلیه و سماه روحا لأن القلوب تحیا به و قیل جبرئیل علیه السلام و المعنی أرسلناه إلیك بالوحی ما كُنْتَ تَدْرِی مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِیمانُ أی قبل الوحی و هو دلیل علی أنه لم یكن متعبدا قبل النبوة بشرع و قیل المراد هو الإیمان بما لا طریق إلیه إلا السمع وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً أی الروح أو الكتاب أو الإیمان. (3)و فی قوله وَ إِنَّهُ عطف علی إنا فِی أُمِّ الْكِتابِ فی اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماویة لَدَیْنا محفوظا عندنا عن التغییر لَعَلِیٌّ رفیع الشأن فی الكتب السماویة لكونه معجزا من بینها حَكِیمٌ ذو حكمة بالغة أو محكم لا ینسخه غیره أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أ فنذوده و نبعده عنكم مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض و الفاء للعطف علی محذوف أی أ نهملكم فنضرب عنكم الذكر و صفحا مصدر من غیر لفظه فإن تنحیة الذكر عنهم إعراض أو مفعول له أو حال بمعنی صافحین و أصله أن تولی الشی ء صفحة عنقك و قیل إنه بمعنی الجانب فیكون ظرفا أَنْ كُنْتُمْ أی لئن كنتم فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً أی من القوم المسرفین

ص: 148


1- أنوار التنزیل 2: 395 و 396.
2- أنوار التنزیل 2: 398.
3- أنوار التنزیل 2: 402.

لأنه صرف الخطاب عنهم إلی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله مخبرا عنهم وَ مَضی مَثَلُ الْأَوَّلِینَ و سلف فی القرآن قصتهم العجیبة و فیه وعد للرسول صلی اللّٰه علیه و آله و وعید لهم بمثل ما جری علی الأولین وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً أی ولدا فقالوا الملائكة بنات اللّٰه و لعله سماه جزءا كما سمی بعضا لأنه بضعة من الوالد دلالة علی استحالته علی الواحد الحق فی ذاته وَ هُوَ كَظِیمٌ مملوء قلبه من الكرب أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أی أو جعلوا له أو اتخذ من یتربی فی الزینة یعنی البنات وَ هُوَ فِی الْخِصامِ فی المجادلة غَیْرُ مُبِینٍ مقرر لما یدعیه من نقصان العقل و ضعف الرأی وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً كفر آخر تضمنه مقالهم شنع به علیهم و هو جعلهم أكمل العباد و أكرمهم علی اللّٰه أنقصهم رأیا و أخسهم صنفا أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ أ حضروا خلق اللّٰه إیاهم فشاهدوهم إناثا فإن ذلك مما یعلم بالمشاهدة. (1)كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ أی من قبل القرآن قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدی مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَیْهِ آباءَكُمْ أی أ تتبعون آباءكم و لو جئتكم بدین أهدی من دین آبائكم و هو حكایة أمر ماض أوحی إلی النذیر أو خطاب لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یؤید الأول أنه قرأ ابن عامر و حفص قال و قوله قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ أی و إن كان أهدی إقناطا للنذیر من أن ینظروا و یتفكروا فیه بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ المعاصرین للرسول من قریش وَ آباءَهُمْ بالمد فی العمر و النعمة فاغتروا بذلك و انهمكوا فی الشهوات. (2)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ یعنون بالقریتین مكة و الطائف و بالرجل منهما الولید بن المغیرة من مكة و عروة بن مسعود الثقفی من الطائف و قیل عتبة بن ربیعة من مكة و ابن عبد یالیل من الطائف و قیل الولید بن المغیرة من مكة و حبیب بن عمرو الثقفی من الطائف عن ابن عباس و إنما قالوا ذلك لأن الرجلین كانا عظیمین فی قومهما و ذوی الأموال الجسیمة فیهما فدخلت الشبهة علیهم حتی اعتقدوا أن من كان كذلك كان أولی بالنبوة فقال سبحانه ردا علیهم أَ هُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ

ص: 149


1- أنوار التنزیل 2: 402- 405.
2- أنوار التنزیل 2: 406 و 407.

یعنی النبوة بین الخلق ثم قال نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا أی نحن قسمنا الرزق فی المعیشة علی حسب ما علمنا من مصالح عبادنا فلیس لأحد أن یتحكم فی شی ء من ذلك فكما فضلنا بعضهم علی بعض فی الرزق فكذلك اصطفینا للرسالة من شئنا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ أی أفقرنا البعض و أغنینا البعض و لم نفوض ذلك إلیهم مع قلة خطره فكیف نفوض اختیار النبوة إلیهم مع عظم محلها و شرف قدرها لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا معناه أن الوجه فی اختلاف الرزق بین العباد فی الضیق و السعة زیادة علی ما فیه من المصلحة أن فی ذلك تسخیرا من بعض العباد لبعض بإحواجهم إلیهم لیستخدم بعضهم بعضا فینتفع أحدهم بعمل الآخر له فینتظم بذلك قوام أمر العالم و قیل معناه لیملك بعضهم بعضا بما لهم فیتخذونهم عبیدا و ممالیك وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ أی الثواب أو الجنة أو النبوة (1)فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أی فإما نتوفینك فإنا منتقمون من أمتك بعدك أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ أی فی حیاتك ما وعدناهم من العذاب فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ أی قادرون علی الانتقام منهم و عقوبتهم فی حیاتك و بعد وفاتك قال الحسن و قتادة إن اللّٰه أكرم نبیه بأن لم یره تلك النقمة و لم یر فی أمته إلا ما قرت به عینه و قد كان بعده نقمة شدیدة.

و قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أُرِیَ مَا یَلْقَی أُمَّتُهُ بَعْدَهُ فَمَا زَالَ مُنْقَبِضاً وَ لَمْ یَنْبَسِطْ ضَاحِكاً حَتَّی لَقِیَ اللَّهَ تَعَالَی.

وَ رَوَی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ إِنِّی لَأَدْنَاهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًی قَالَ لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمُوهَا لَتَعْرِفُنَّنِی فِی الْكَتِیبَةِ (2)الَّتِی تُضَارِبُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی خَلْفِهِ فَقَالَ أَوْ عَلِیٌّ أَوْ عَلِیٌّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَرَأَیْنَا أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام غَمَزَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی أَثَرِ ذَلِكَ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام.

قیل إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أری الانتقام منهم و هو ما كان من نقمة اللّٰه من

ص: 150


1- مجمع البیان 9: 46.
2- الكتیبة: القطعة من الجیش.

المشركین یوم بدر بعد أن أخرجوه من مكة وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ أی شرف وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن شكر ما جعله اللّٰه لكم من الشرف و قیل عن القرآن و عما یلزمكم من القیام بحقه وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أی سل مؤمنی أهل الكتاب و التقدیر سل أمم من أرسلنا و قیل معناه و سل الأنبیاء و هم الذین جمعوا له لیلة الأسری و كانوا سبعین نبیا منهم موسی و عیسی علی نبینا و آله و علیهما السلام و لم یسألهم لأنه كان أعلم باللّٰه منهم. (1)و فی قوله تعالی وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا اختلف فی المراد وجوه أحدها أن معناه و لما وصف ابن مریم شبها فی العذاب بالآلهة أی فیما قالوه و علی زعمهم و ذلك أنه لما نزل قوله إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ (2)قال المشركون قد رضینا أن تكون آلهتنا حیث یكون عیسی و ذلك قوله إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ یَصِدُّونَ أی یضجون ضجیج المجادلة حیث خاصموك و هو قوله وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ أی لیست آلهتنا خیرا من عیسی فإن كان عیسی فی النار بأنه یعبد من دون اللّٰه فكذلك آلهتنا عن ابن عباس و مقاتل.

و ثانیها أن معناه لما ضرب اللّٰه المسیح مثلا بآدم فی قوله إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ (3)اعترض علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بذلك قوم من كفار قریش فنزلت.

و ثالثها أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما مدح المسیح و أمه و أنه كآدم فی الخاصیة قالوا إن محمدا یرید أن نعبده كما عبدت النصاری عیسی عن قتادة.

و رابعها

مَا رَوَاهُ سَادَةُ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: جِئْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً فَوَجَدْتُهُ فِی مَلَإٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَنَظَرَ إِلَیَّ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّمَا مَثَلُكَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ عِیسَی بْنِ مَرْیَمَ أَحَبَّهُ قَوْمٌ فَأَفْرَطُوا فِی حُبِّهِ فَهَلَكُوا وَ أَبْغَضَهُ قَوْمٌ وَ أَفْرَطُوا فِی بُغْضِهِ فَهَلَكُوا وَ اقْتَصَدَ فِیهِ قَوْمٌ فَنَجَوْا فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ ضَحِكُوا

ص: 151


1- مجمع البیان 9: 49.
2- الأنبیاء: 98.
3- آل عمران: 59.

وَ قَالُوا یُشَبِّهُهُ بِالْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ فَنَزَلَتْ.

وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ أی المسیح أو محمد صلی اللّٰه علیه و آله أو علی علیه السلام لَجَعَلْنا مِنْكُمْ أی بدلا منكم معاشر بنی آدم مَلائِكَةً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ بنی آدم. (1)أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أی بل أبرموا أمرا (2)فی كید محمد صلی اللّٰه علیه و آله و المكر به فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أی محكمون أمرا فی مجازاتهم أَمْ یَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ السر ما یضمره الإنسان فی نفسه و لا یظهره لغیره و النجوی ما یحدث به المحدث غیره فی الخفیة. (3)و قال البیضاوی قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فإن النبی صلی اللّٰه علیه و آله یكون أعلم باللّٰه و بما یصح له و ما لا یصح له و أولی بتعظیم ما یوجب تعظیمه و من حق تعظیم الوالد تعظیم ولده و لا یلزم من ذلك صحة كینونة الولد و عبادته له إذ المحال قد یستلزم المحال (4)و قیل معناه إن كان له ولد فی زعمكم فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ لله الموحدین له أو الآنفین منه أو من أن یكون له ولد من عبد یعبد إذا اشتد أنفه أو ما كان له ولد فأنا أول الموحدین من أهل مكة فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ یصرفون من عبادته إلی عبادة غیره وَ قِیلِهِ و قول الرسول و نصبه للعطف علی سرهم أو علی محل الساعة أو لإضمار فعله أی قال قیله و جره عاصم و حمزة عطفا علی الساعة فَاصْفَحْ عَنْهُمْ فأعرض عن دعوتهم آیسا عن إیمانهم وَ قُلْ سَلامٌ تسلم منكم و متاركة. (5)و فی قوله سبحانه فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آیاتِهِ یُؤْمِنُونَ أی بعد آیات اللّٰه

ص: 152


1- مجمع البیان 9: 53.
2- فی المصدر: بل أحكموا أمرا.
3- مجمع البیان 9: 57.
4- فی المصدر هنا زیادة اسقطها المصنّف للاختصار و هی قوله: بل المراد نفیها علی أبلغ الوجوه، كقوله: «لَوْ كانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» غیر ان «لو» ثمة مشعرة بانتفاء الطرفین و «إن» هنا لا تشعر به و لا بنقیضه فانها لمجرد الشرطیة، بل الانتفاء معلوم بالانتفاء اللازم الدال علی انتفاء ملزومه، و الدلالة علی ان انكاره للولد لیس لعناد و مراء، بل لو كان لكان أولی الناس بالاعتراف به.
5- أنوار التنزیل 2: 413- 415.

و تقدیم اسم اللّٰه للمبالغة و التعظیم كما فی أعجبنی زید و كرمه أو بعد حدیث اللّٰه و هو القرآن و آیاته دلائله المتلوة أو القرآن و العطف لتغایر الوصفین قُلْ لِلَّذِینَ آمَنُوا یَغْفِرُوا أی یعفوا و یصفحوا لِلَّذِینَ لا یَرْجُونَ أَیَّامَ اللَّهِ لا یتوقعون وقائعه بأعدائه من قولهم أیام العرب لوقائعهم أو لا یأملون الأوقات التی وقتها اللّٰه لنصر المؤمنین و ثوابهم و وعدهم بها و قیل إنها منسوخة بآیة القتال لِیَجْزِیَ قَوْماً علة للأمر ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلی شَرِیعَةٍ أی طریقة مِنَ الْأَمْرِ أی أمر الدین هذا أی القرآن أو اتباع الشریعة بَصائِرُ لِلنَّاسِ بینات تبصرهم وجه الفلاح. (1)أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أی ترك متابعة الهدی إلی مطاوعة الهوی فكأنه یعبده و قرئ آلهة هواه لأنه كان أحدهم یستحسن حجرا فیعبده فإذا رأی أحسن منه رفضه إلیه وَ قالُوا ما هِیَ ما الحیاة أو الحال إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا التی نحن فیها نَمُوتُ وَ نَحْیا نكون أمواتا و نطفا و ما قبلها و نحیا بعد ذلك أو نموت بأنفسنا و نحیا ببقاء أولادنا أو یموت بعضنا و یحیا بعض أو یصیبنا الموت و الحیاة فیها و لیس وراء ذلك حیاة و یحتمل أنهم أرادوا به التناسخ فإنه عقیدة أكثر عبدة الأوثان وَ ما یُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ إلا مرور الزمان وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ یعنی نسبة الحوادث إلی حركات الأفلاك و ما یتعلق بها علی الاستقلال أو إنكار البعث أو كلیهما إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ إذ لا دلیل لهم علیه و إنما قالوه بناء علی التقلید و الإنكار لما لم یحسوا به. (2)و فی قوله وَ أَجَلٍ مُسَمًّی و بتقدیر الأجل ینتهی إلیه الكل و هو یوم القیامة أو كل واحد و هو آخر مدة بقائه المقدر له أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ أو بقیة من علم بقیت علیكم من علوم الأولین هل فیها ما یدل علی استحقاقهم للعبادة أو الأمر بها وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا یَسْتَجِیبُ لَهُ إنكار أن یكون أحد أضل من المشركین حیث تركوا عبادة السمیع المجیب القادر الخبیر إلی عبادة من لا یستجیب لهم لو سمع دعاءهم فضلا أن یعلم سرائرهم و یراعی مصالحهم إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ

ص: 153


1- أنوار التنزیل 2: 421 و 423.
2- أنوار التنزیل 2: 424.

ما دامت الدنیا وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ لأنهم إما جمادات و إما عباد مسخرون مشتغلون بأحوالهم قُلْ إِنِ افْتَرَیْتُهُ علی الفرض فَلا تَمْلِكُونَ لِی مِنَ اللَّهِ شَیْئاً أی إن عاجلنی اللّٰه بالعقوبة فلا تقدرون علی دفع شی ء منها فكیف أجترئ علیه و أعرض نفسی للعقاب من غیر توقع نفع و لا دفع ضر من قبلكم هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِیضُونَ فِیهِ تندفعون فیه من القدح فی آیاته قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ بدیعا منهم أدعوكم إلی ما لا یدعون إلیه أو أقدر علی ما لم یقدروا علیه و هو الإتیان بالمقترحات كلها وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ أی عبد اللّٰه بن سلام و قیل موسی علی نبینا و آله و علیه السلام و شهادته ما فی التوراة من نعت الرسول صلی اللّٰه علیه و آله عَلی مِثْلِهِ مثل القرآن و هو ما فی التوراة من المعانی المصدقة للقرآن المطابقة لها أو مثل ذلك و هو كونه من عند اللّٰه إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم و دلیل علی الجواب المحذوف مثل أ لستم ظالمین وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا لأجلهم لَوْ كانَ خَیْراً الإیمان أو ما أتی به محمد صلی اللّٰه علیه و آله ما سَبَقُونا إِلَیْهِ و هم سقاط إذ عامتهم فقراء و موال و رعاة و إنما قاله قریش و قیل بنو عامر و غطفان و أسد و أشجع لما أسلم جهینة و مزنة و أسلم و غفار أو الیهود حین أسلم ابن سلام و أصحابه بَلاغٌ أی هذا الذی وعظتم به أو هذه السورة بلاغ أی كفایة أو تبلیغ من الرسول. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی مِنْ قَرْیَتِكَ الَّتِی أَخْرَجَتْكَ أی أخرجك أهلها و المعنی كم من رجال هم أشد من أهل مكة أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أی علی یقین من دینه و علی حجة واضحة من اعتقاده فی التوحید و الشرائع كَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ هم المشركون و قیل هم المنافقون و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُ إِلَیْكَ یعنی المنافقین (2)قالُوا لِلَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ یعنی الذین آتاهم اللّٰه العلم و الفهم من المؤمنین

عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِنَّا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُخْبِرُنَا بِالْوَحْیِ فَأَعِیهِ أَنَا وَ مَنْ یَعِیهِ فَإِذَا خَرَجْنَا قَالُوا

ص: 154


1- أنوار التنزیل: 426 و 428 و 433.
2- فی المصدر المطبوع: أی و من الكافرین.

ما ذا قالَ آنِفاً

أی أی شی ء قال الساعة و إنما قالوا استهزاء و إظهارا إنا لم نشتغل بوعیه و فهمه (1)و قیل إنما قالوا ذلك لأنهم لم یفهموا معناه و لم یعلموا ما سمعوه و قیل بل قالوا ذلك تحقیرا لقوله صلی اللّٰه علیه و آله أی لم یقل شیئا فیه فائدة و یحتمل أیضا أن یكونوا سألوا ریاء و نفاقا أی لم یذهب عنی من قوله إلا هذا فما ذا قال أعده علی لأحفظه. (2)و فی قوله وَ تُعَزِّرُوهُ أی تنصروه بالسیف و اللسان إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَكَ المراد بیعة الحدیبیة و هی بیعة الرضوان. (3)و فی قوله لَعَنِتُّمْ أی لوقعتم فی عنت و هو الإثم و الهلاك (4)قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا هم قوم من بنی أسد أتوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی سنة جدبة و أظهروا الإسلام و لم یكونوا مؤمنین فی السر إنما كانوا یطلبون الصدقة فأمره اللّٰه سبحانه أن یخبرهم بذلك لیكون آیة معجزة له فقال قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا أی لم تصدقوا علی الحقیقة فی الباطن وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أی استسلمنا مخافة السبی و القتل لا یَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ أی لا ینقصكم من ثواب أعمالكم شَیْئاً قالوا فلما نزلت الآیتان أتوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یحلفون أنهم مؤمنون صادقون فی دعواهم الإیمان فأنزل اللّٰه سبحانه قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِینِكُمْ أی أ تخبرون اللّٰه بالدین الذی أنتم علیه و المعنی أنه سبحانه عالم بذلك فلا یحتاج إلی إخباركم به و كان هؤلاء یقولون آمنا بك من غیر قتال و قاتلك بنو فلان فقال سبحانه یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا أی بأن أسلموا. (5)و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ قبل قومك مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً أی قوة كعاد و ثمود فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ فخرقوا فی البلاد و تصرفوا فیها أو جالوا فی الأرض كل مجال حذر الموت و أصل التنقیب التنقیر عن الشی ء و البحث عنه هَلْ مِنْ مَحِیصٍ أی لهم من اللّٰه أو من الموت و قیل الضمیر فی نقبوا

ص: 155


1- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: و إنّما قالوه استهزاء أو اظهار أنا لم نشتغل أیضا بوعیه و فهمه.
2- مجمع البیان 9: 100- 102.
3- مجمع البیان 9: 112.
4- مجمع البیان 9: 123.
5- مجمع البیان 9: 138 و 139.

لأهل مكة أی ساروا فی أسفارهم فی بلاد القرون فهل رأوا لهم محیصا حتی یتوقعوا مثله لأنفسهم لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أی قلب واع یتفكر فی حقائقه أَوْ أَلْقَی السَّمْعَ و أصغی لاستماعه وَ هُوَ شَهِیدٌ حاضر بذهنه لیفهم معانیه أو شاهد بصدقه فیتعظ بظواهره و ینزجر بزواجره وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبَّارٍ أی بمسلط تقهرهم علی الإیمان أو تفعل بهم ما ترید و إنما أنت داع. (1)أَ تَواصَوْا بِهِ أی كان الأولین و الآخرین منهم أوصی بعضهم بعضا بهذا القول حتی قالوه جمیعا بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ إضراب عن أن التواصی جامعهم لتباعد أیامهم إلی أن الجامع لهم علی هذا القول مشاركتهم فی الطغیان الحامل علیه فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عن مجادلتهم فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ علی الإعراض بعد ما بذلت جهدك فی البلاغ. (2)فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بحمد اللّٰه و إنعامه بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ كما یقولون أَمْ یَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَیْبَ الْمَنُونِ ما یقلق النفوس من حوادث الدهر و قیل المنون الموت قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّی مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِینَ أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكی أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ عقولهم بِهذا التناقض فی القول فإن الكاهن یكون ذا فتنة و دقة نظر و المجنون مغطی عقله و الشاعر یكون ذا كلام موزون متسق مخیل و لا یتأتی ذلك من المجنون أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ مجاوزون الحد فی العناد أَمْ یَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ اختلقه من تلقاء نفسه بَلْ لا یُؤْمِنُونَ فیرمون بهذه المطاعن لكفرهم و عنادهم أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَیْرِ شَیْ ءٍ أم أحدثوا و قدروا من غیر محدث و مقدر فلذلك لا یعبدونه أو من أجل لا شی ء من عبادة و مجازاة أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ یؤید الأول فإن معناه أم خلقوا أنفسهم و لذلك عقبه بقوله أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ و أم فی هذه الآیات منقطعة و معنی الهمزة فیها الإنكار بَلْ لا یُوقِنُونَ أی إذا سئلوا من خلقكم و من خلق السماوات و الأرض قالوا اللّٰه إذ لو أیقنوا ذلك لما أعرضوا عن عبادته أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ خزائن رزقه حتی یرزقوا النبوة من شاءوا أو خزائن علمه

ص: 156


1- أنوار التنزیل 2: 460 و 461.
2- أنوار التنزیل 2: 466 و 467.

حتی یختاروا لها من شاءوا أَمْ هُمُ الْمُصَیْطِرُونَ الغالبون علی الأشیاء یدبرونها كیف شاءوا أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ مرتقی إلی السماء أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً علی تبلیغ الرسالة فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ من التزام غرم مُثْقَلُونَ محملون الثقل فلذلك زهدوا فی اتباعك وَ إِنْ یَرَوْا كِسْفاً قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً یَقُولُوا من فرط طغیانهم و عنادهم سَحابٌ مَرْكُومٌ هذا سحاب تراكم بعضها علی بعض فَإِنَّكَ بِأَعْیُنِنا فی حفظنا بحیث نراك و نكلؤك. (1)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی أَ فَرَأَیْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْری أی أخبرونا عن هذه الآلهة التی تعبدونها من دون اللّٰه و تعبدون معها الملائكة و تزعمون أن الملائكة بنات اللّٰه و قیل معناه أ فرأیتم أیها الزاعمون أن اللات و العزی و منات بنات اللّٰه لأنه كان منهم من یقول إنما نعبد هؤلاء لأنهم بنات اللّٰه و قیل زعموا أن الملائكة بنات اللّٰه و صوروا أصنامهم علی صورهم و عبدوها من دون اللّٰه و اشتقوا لها أسماء من أسماء اللّٰه فقالوا اللات من اللّٰه و العزی من العزیز و قیل إن اللات صنم كانت ثقیف تعبده و العزی صنم أیضا و قیل إنها كانت شجرة سمرة عظیمة لغطفان یعبدونها فبعث إلیها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله خالد بن الولید فقطعها و قال

یا عز كفرانك لا سبحانك إنی رأیت اللّٰه قد أهانك

عن مجاهد و قال قتادة كانت مناة صنما لهذیل بین مكة و المدینة (2)و قال الضحاك و الكلبی كانت فی الكعبة لهذیل و خزاعة یعبدها أهل مكة و قیل اللات و العزی و مناة أصنام من حجارة كانت فی الكعبة یعبدونها و معنی الآیة أخبرونی عن هذه الأصنام هل ضرت أو نفعت أو فعلت ما یجب أن یعدل باللّٰه (3)ثم قال سبحانه منكرا علی كفار قریش قولهم الملائكة بنات اللّٰه و كذلك الأصنام أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثی تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِیزی أی جائرة غیر معتدلة یعنی أن القسمة التی قسمتم من نسبة الإناث إلی اللّٰه و إیثاركم بالبنین قسمة غیر عادلة. (4)

ص: 157


1- أنوار التنزیل 2: 470 و 471.
2- فی المصدر: كانت مناة صنما بقدید بین مكّة و المدینة.
3- فی المصدر: ما یوجب أن یعدل باللّٰه.
4- مجمع البیان 9: 176 و 177.

و فی قوله أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی تَوَلَّی و نزلت الآیات السبع فی عثمان بن عفان كان یتصدق و ینفق ماله فقال له أخوه من الرضاعة عبد اللّٰه بن سعد بن أبی سرح ما هذا الذی تصنع یوشك أن لا یبقی لك شی ء فقال عثمان إن لی ذنوبا و إنی أطلب بما أصنع رضا اللّٰه و أرجو عفوه فقال له عبد اللّٰه أعطنی ناقتك برحلها و أنا أتحمل عنك ذنوبك كلها فأعطاه و أشهد علیه و أمسك عن الصدقة فنزلت أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی تَوَلَّی أی یوم أحد حین ترك المركز و أعطی قلیلا ثم قطع نفقته إلی قوله سَوْفَ یُری فعاد عثمان إلی ما كان علیه عن ابن عباس و جماعة من المفسرین.

و قیل نزلت فی الولید بن المغیرة و كان قد اتبع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی دینه فعیره المشركون و قالوا تركت دین الأشیاخ و ضللتهم و زعمت أنهم فی النار قال إنی خشیت عذاب اللّٰه فضمن له الذی عاتبه إن هو أعطاه شیئا من ماله و رجع إلی شركه أن یتحمل عنه عذاب اللّٰه ففعل فأعطی الذی عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل و منعه تمام ما ضمن له فنزلت أَ فَرَأَیْتَ الَّذِی تَوَلَّی عن الإیمان وَ أَعْطی صاحبه الضامن قَلِیلًا وَ أَكْدی أی بخل بالباقی عن مجاهد و ابن زید.

و قیل نزلت فی العاص بن وائل السهمی و ذلك أنه ربما كان یوافق رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی بعض الأمور عن السدی و قیل نزلت فی رجل قال لأهله جهزونی حتی أنطلق إلی هذا الرجل یرید النبی صلی اللّٰه علیه و آله فتجهز و خرج فلقیه رجل من الكفار فقال له أین ترید فقال محمدا صلی اللّٰه علیه و آله لعلی أصیب من خیره قال له الرجل أعطنی جهازك و أحمل عنك إثمك عن عطاء بن یسار و قیل نزلت فی أبی جهل و ذلك أنه قال و اللّٰه ما یأمرنا محمد صلی اللّٰه علیه و آله إلا بمكارم الأخلاق فذلك قوله وَ أَعْطی قَلِیلًا وَ أَكْدی أی لم یؤمن به عن محمد بن كعب. (1)و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ یَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أی مطرد و هو یدل علی أنهم رأوا قبله آیات أخری مترادفة حتی قالوا ذلك أو محكم من المرة (2)

ص: 158


1- مجمع البیان 9: 178.
2- فی المصدر: أو محكم من المرة، یقال: أمررته فاستمر: إذا احكمته فاستحكم.

أو مستبشع من استمر إذ اشتدت مرارته أو مار ذاهب لا یبقی وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ منته إلی غایة من خذلان أو نصرة فی الدنیا و شقاوة أو سعادة فی الآخرة. (1)أَمْ یَقُولُونَ نَحْنُ جَمِیعٌ جماعة أمرنا مجتمع مُنْتَصِرٌ ممتنع لا نرام أو منتصر من الأعداء لا نغلب أو متناصر ینصر بعضنا بعضا سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ أی الأدبار و إفراده لإرادة الجنس أو لأن كل واحد یولی دبره و قد وقع ذلك یوم بدر وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْیاعَكُمْ أی أشباهكم فی الكفر ممن قبلكم. (2)و فی قوله تعالی أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ أی ما تقذفونه فی الأرحام من النطف أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ تبذرون حبه أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ تنبتونه لَجَعَلْناهُ حُطاماً هشیما فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ تعجبون أو تندمون علی اجتهادكم فیه أو علی ما أصبتم لأجله من المعاصی فتتحدثون فیه و التفكه التنقل بصنوف الفاكهة و قد استعیر للتنقل بالحدیث إِنَّا لَمُغْرَمُونَ لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا من الغرام بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ حرمنا رزقنا أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ من السحاب واحدته مزنة و قیل المزن السحاب الأبیض و ماؤه أعذب لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا أو من الأجیج فإنه یحرق الفم فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ أمثال هذه النعم الضروریة أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ تقدحون أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ یعنی الشجرة التی منه الزناد نَحْنُ جَعَلْناها جعلنا نار الزناد تَذْكِرَةً تبصرة فی أمر البعث أو فی الظلام أو تذكیرا أو أنموذجا لنار جهنم وَ مَتاعاً و منفعة لِلْمُقْوِینَ للذین ینزلون القواء و هی القفر أو للذین خلت بطونهم أو مزاودهم (3)من الطعام من أقوت الدار إذا خلت من ساكنیها فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ فأحدث التسبیح بذكر اسمه أو بذكره فَلا أُقْسِمُ إذ الأمر أوضح من أن یحتاج إلی قسم أو فأقسم و لا مزیدة للتأكید أو فلانا أقسم فحذف المبتدأ و أشبع فتحة لام الابتداء و یدل علیه أنه قرئ فلأقسم أو فلا رد لكلام

ص: 159


1- أنوار التنزیل 2: 478.
2- أنوار التنزیل 2: 471 و 472.
3- جمع المزود: ما یوضع فیه الزاد.

یخالف المقسم علیه بِمَواقِعِ النُّجُومِ بمساقطها أو بمنازلها و مجاریها و قیل النجوم نجوم القرآن و مواقعها أوقات نزولها وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ لما فی القسم به من الدلالة علی عظیم القدرة و كمال الحكمة و فرط الرحمة إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِیمٌ كثیر النفع فِی كِتابٍ مَكْنُونٍ مصون و هو اللوح لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ لا یطلع علی اللوح إلا المطهرون من الكدورات الجسمانیة و هم الملائكة أو لا یمس القرآن إلا المطهرون من الأحداث فیكون نفیا بمعنی نهی أو لا یطلبه إلا المطهرون من الكفر أَ فَبِهذَا الْحَدِیثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ متهاونون به كمن یدهن فی الأمر أی یلین جانبه و لا یتصلب فیه تهاونا به وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أی شكر رزقكم أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ أی بمانحه (1)حیث تنسبونه إلی الأنواء. (2)أَ لَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أ لم یأت وقته یقال أنی الأمر یأنی أنیا و أنا و إنا إذا جاء أناه وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ أی القرآن و هو عطف علی الذكر عطف أحد الوصفین علی الآخر و یجوز أن یراد بالذكر أن یذكر اللّٰه فَطالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ أی فطال علیهم الزمان بطول أعمارهم أو آمالهم أو ما بینهم و بین أنبیائهم. (3)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل إن قوله تعالی أَ لَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا الآیة

ص: 160


1- أی بمعطیه و الانواء جمع النوء: النجم مال للغروب؛ و قیل. معنی النوء سقوط نجم من المنازل فی المغرب و طلوع رقیبه و هو نجم یقابله من ساعته فی المشرق فی كل لیلة إلی ثلاثة یوما، و هكذا كل نجم منها إلی انقضاء السنة ما خلا الجبهة فان لها أربعة عشر یوما، و إنّما سمی نوءا لانه إذا سقط الغارب ناء الطالع، أی نهض و طلع، و ذلك الطلوع هو النوء، و الانواء كانت عندهم ثمانیة و عشرون معروفة المطالع فی أزمنة السنة كلها، یسقط منها فی كل ثلاثة عشرة لیلة نجم فی المغرب مع طلوع الفجر، و یطلع آخر یقابله فی المشرق من ساعته، و كلاهما معلوم مسمی، و انقضاء هذه الثمانیة و عشرین كلها مع انقضاء السنة، ثمّ یرجع الامر إلی النجم الأول، و كانت العرب فی الجاهلیة إذا سقط منها نجم و طلع آخر قالوا: لا بد من أن یكون عند ذلك مطر أو ریاح، فینسبون كل غیث یكون عند ذلك إلی ذلك النجم، فیقولون: مطرنا بنوء الثریا أو بنوء الدبران.
2- أنوار التنزیل 2: 492 و 494.
3- أنوار التنزیل 2: 497 و 489.

نزلت فی المنافقین بعد الهجرة بسنة و ذلك أنهم سألوا سلمان الفارسی ذات یوم فقالوا حدثنا عما فی التوراة فإن فیها عجائب فنزلت الر تِلْكَ آیاتُ الْكِتابِ الْمُبِینِ إلی قوله تعالی لَمِنَ الْغافِلِینَ فخبرهم أن هذا القرآن أحسن القصص و أنفع لهم من غیره فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء اللّٰه ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك فنزلت اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ كِتاباً الآیة فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء اللّٰه ثم عادوا فسألوا سلمان فنزلت هذه الآیة عن الكلبی و مقاتل و قیل نزلت فی المؤمنین و قال ابن مسعود ما كان بین إسلامنا و بین أن عوتبنا بهذه الآیة إلا أربع سنین فجعل المؤمنون یعاتب بعضهم بعضا و قیل إن اللّٰه استبطأ قلوب المؤمنین فعاتبهم علی رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن بهذه الآیة عن ابن عباس و قیل كانت الصحابة بمكة مجدبین فلما هاجروا أصابوا الریف (1)و النعمة فتغیروا عما كانوا علیه فقست قلوبهم و الواجب أن یزدادوا الإیمان و الیقین و الإخلاص فی طول صحبة الكتاب عن محمد بن كعب. (2)و قال البیضاوی فی قوله تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أی بالرسل المتقدمة (3)اتَّقُوا اللَّهَ فیما نهاكم منه وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ محمد صلی اللّٰه علیه و آله یُؤْتِكُمْ كِفْلَیْنِ نصیبین مِنْ رَحْمَتِهِ لإیمانكم بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و إیمانكم بمن قبله و لا یبعد أن یثابوا علی دینهم السابق و إن كان منسوخا ببركة الإسلام و قیل الخطاب للنصاری الذین كانوا فی عصره وَ یَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ یرید المذكور فی قوله یَسْعی نُورُهُمْ أو الهدی الذی یسلك به إلی جناب القدس لِئَلَّا یَعْلَمَ أی لیعلموا و لا مزیدة و یؤیده أنه قرئ لیعلم و لكی یعلم و لأن یعلم بإدغام النون فی الیاء أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْ ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أن هی المخففة و المعنی أنهم لا ینالون شیئا مما ذكر من فضله لأنهم لم یؤمنوا برسوله و هو مشروط بالإیمان به أو لا یقدرون علی شی ء من فضله فضلا أن یتصرفوا فی أعظمه و هو النبوة فیخصونها بمن أرادوا و قیل لا غیر مزیدة

ص: 161


1- الریف: السعة فی المآكل و المشارب. أرض فیها زرع و خصب.
2- مجمع البیان 9: 237.
3- فی نسخة: بالكتب المتقدمة.

و المعنی لئلا یعتقد أهل الكتاب أنه لا یقدر النبی و المؤمنون به علی شی ء من فضل اللّٰه و لا ینالونه فیكون وَ أَنَّ الْفَضْلَ عطفا علی أن لا یعلم. (1)و فی قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ یُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ یعادونهما فإن كلا من المتعادیین فی حد غیر حد الآخر أو یضعون و یختارون حدودا غیر حدودهما كبتوا أخزوا أو أهلكوا و أصل الكبت الكب. (2)أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا أی والوا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ یعنی الیهود ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ لأنهم منافقون مذبذبون بین ذلك وَ یَحْلِفُونَ عَلَی الْكَذِبِ و هو ادعاء الإسلام وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أن المحلوف علیه كذب و

رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ فِی حُجْرَةٍ مِنْ حُجُرَاتِهِ فَقَالَ یَدْخُلُ عَلَیْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ قَلْبُهُ قَلْبُ جَبَّارٍ وَ یَنْظُرُ بِعَیْنِ شَیْطَانٍ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نتیل (نُفَیْلٍ) (3)الْمُنَافِقُ وَ كَانَ أَزْرَقَ فَقَالَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ عَلَامَ تَشْتِمُنِی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا فَعَلَ ثُمَّ جَاءَ بِأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا فَنَزَلَتْ.

اتَّخَذُوا أَیْمانَهُمْ أی التی حلفوا بها جُنَّةً وقایة دون دمائهم و أموالهم فَصَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ فصدوا الناس فی خلال أمنهم عن دین اللّٰه بالتحریش و التثبیط اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ أی استولی علیهم. (4)و فی قوله لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ یعنی عامة الكفار أو الیهود إذ روی أنها نزلت فی بعض فقراء المسلمین كانوا یواصلون الیهود لیصیبوا من ثمارهم قَدْ یَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ لكفرهم بها أو لعلمهم بأنه لا حظ لهم فیها لعنادهم الرسول المنعوت فی التوراة المؤید بالآیات كَما یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ أن یبعثوا أو یثابوا أو ینالهم خیر منهم. (5)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ یعنی العرب و كانت أمة أمیة لا تكتب و لا تقرأ و لم یبعث إلیهم نبی و قیل یعنی أهل مكة لأن مكة تسمی

ص: 162


1- أنوار التنزیل 2: 501.
2- أنوار التنزیل 2: 503.
3- فی نسخة: عبد اللّٰه بن نفیل.
4- أنوار التنزیل 2: 506 و 507.
5- أنوار التنزیل 2: 517.

أم القری وَ یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ الكتاب القرآن و الحكمة الشرائع و قیل إن الحكمة تعم الكتاب و السنة و كل ما أراده اللّٰه تعالی قُلْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ هادُوا أی سموا یهودا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِیاءُ لِلَّهِ أی إن كنتم تظنون علی زعمكم أنكم أنصار اللّٰه و أن اللّٰه ینصركم مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ أنكم أبناء اللّٰه و أحباؤه فإن الموت هو الذی یوصلكم إلیه و

رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَوْ تَمَنَّوْا لَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ.

(1)و قال البیضاوی فی قوله قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا یعنی بالذكر جبرئیل علیه السلام لكثرة ذكره أو لنزوله بالذكر و هو القرآن أو لأنه مذكور فی السماوات أو ذا ذكر أی شرف أو محمدا صلی اللّٰه علیه و آله لمواظبته علی تلاوة القرآن أو تبلیغه و عبر عن إرساله بالإنزال ترشیحا أو لأنه مسبب عن إنزال الوحی إلیه و أبدل عنه رسولا للبیان أو أراد به القرآن و رسولا منصوب بمقدر مثل أرسل أو ذكر أو الرسول مفعوله أو بدله علی أنه بمعنی الرسالة. (2)و فی قوله هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا لینة لیسهل لكم السلوك فیها فَامْشُوا فِی مَناكِبِها أی فی جوانبها أو جبالها فَإِذا هِیَ تَمُورُ تضطرب كَیْفَ نَذِیرِ أی كیف إنذاری فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ أی إنكاری علیهم بإنزال العذاب صافَّاتٍ باسطات أجنحتهن فی الجو عند طیرانها فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها وَ یَقْبِضْنَ و یضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستظهار به علی التحرك ما یُمْسِكُهُنَّ فی الجو علی خلاف الطبع إِلَّا الرَّحْمنُ الشامل رحمته كل شی ء بأن خلقهن علی أشكال و خصائص هیأتهن للجری فی الهواء أَمَّنْ هذَا الَّذِی هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ أی الآلهة إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بإمساك المطر و سائر الأسباب المحصلة و الموصلة له إلیكم أَ فَمَنْ یَمْشِی مُكِبًّا عَلی وَجْهِهِ یقال كببته فأكب (3)و معنی مكبا أنه یعثر كل ساعة و یخر لوجهه لوعورة طریقه (4)و لذلك قابله بقوله أَمَّنْ یَمْشِی سَوِیًّا سالما (5)من العثار

ص: 163


1- مجمع البیان 10: 284 و 287.
2- أنوار التنزیل 2: 528. و فیه: مثل ارسل، أو ذكرا مصدر و الرسول مفعوله أو بدله.
3- كذا فی النسخ و الظاهر: فانكب.
4- فی المصدر: كوعورة طریقه و اختلاف أجزائه.
5- فی المصدر: قائما سالما من العثار.

عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ مستوی الأجزاء أو الجهة و المراد تمثیل المشرك و الموحد بالسالكین و الدینین بالمسلكین و قیل المراد بالمكب الأعمی فإنه یعتسف فینكب و بالسوی البصیر و قیل من یمشی مكبا هو الذی یحشر علی وجهه إلی النار و من یمشی سویا الذی یحشر علی قدمیه إلی الجنة (1)إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً أی غائرا فی الأرض بحیث لا تناله الدلاء مصدر وصف به فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ جار أو ظاهر سهل المأخذ. (2)ن من أسماء الحروف و قیل اسم الحوت و المراد به الجنس أو الیهموت و هو الذی علیه الأرض أو الدواة فإن بعض الحیتان یستخرج منه شی ء أسود یكتب به وَ الْقَلَمِ هو الذی خط اللوح أو الذی یخط به أقسم به لكثرة فوائده وَ ما یَسْطُرُونَ و ما یكتبون ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ جواب القسم و المعنی ما أنت بمجنون منعما علیك بالنبوة و حصافة الرأی (3)وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً علی الاحتمال أو الإبلاغ غَیْرَ مَمْنُونٍ مقطوع أو ممنون به علیك من الناس بِأَیِّكُمُ الْمَفْتُونُ أیكم الذی فتن بالجنون و الباء مزیدة أو بأیكم الجنون علی أن المفتون مصدر كالمعقول و المجلود أو بأی الفریقین منكم المجنون أ بفریق المؤمنین أو بفریق الكافرین أی فی أیهما یوجد من یستحق هذا الاسم وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ بأن تلاینهم بأن تدع نهیهم عن الشرك أو توافقهم فیه أحیانا فَیُدْهِنُونَ فیلاینونك بترك الطعن و الموافقة وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ

ص: 164


1- قال الشریف الرضی قدّس سرّه: هذه استعارة و المراد بها صفة من یتخبط فی الضلال و ینحرف عن طریق الرشاد لانهم یصفون من تلك حاله بأنّه ماش علی وجهه، فیقولون: فلان یمشی علی وجهه و یمضی علی وجهه إذا كان كذلك، و انما شبهوه بالماشی علی وجهه لانه لا ینتفع بمواقع بصره، اذ كان البصر فی الوجه و إذا كان الوجه مكبوبا علی الأرض كان الإنسان كالاعمی الذی لا یسلك جددا و لا یقصد سددا، و من الدلیل علی قوله تعالی: «أَ فَمَنْ یَمْشِی مُكِبًّا» من الكنایات عن عمی البصر قوله تعالی فی مقابلة ذلك: «أَمَّنْ یَمْشِی سَوِیًّا» لان السوی ضد المنقوص فی خلقه و المبتلی فی بعض كرائم جسمه.
2- أنوار التنزیل 2: 535- 537.
3- حصافة الرأی: جودته.

كثیر الحلف فی الحق و الباطل مَهِینٍ حقیر الرأی هَمَّازٍ عیاب مَشَّاءٍ بِنَمِیمٍ نقال للحدیث علی وجه السعایة مَنَّاعٍ لِلْخَیْرِ یمنع الناس عن الخیر من الإیمان و الإنفاق و العمل الصالح مُعْتَدٍ متجاوز فی الظلم أَثِیمٍ كثیر الآثام عُتُلٍّ جاف غلیظ بَعْدَ ذلِكَ بعد ما عد من مثالبه زَنِیمٍ دعی قیل هو الولید بن المغیرة ادعاه أبوه بعد ثمانی عشرة من مولده و قیل الأخنس بن شریق أصله فی ثقیف و عداده فی زهرة أَنْ كانَ ذا مالٍ وَ بَنِینَ إِذا تُتْلی عَلَیْهِ آیاتُنا قالَ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ أی قال ذلك حینئذ لأن كان متمولا (1)مستظهرا بالبنین من فرط غروره لكن العامل مدلول قال لا نفسه لأن ما بعد الشرط لا یعمل فیما قبله و یجوز أن یكون علة للا تطع أی لا تطع من هذه مثالبه لأن كان ذا مال سَنَسِمُهُ بالكی عَلَی الْخُرْطُومِ علی الأنف و قد أصاب أنف الولید جراحة یوم بدر فبقی أثره و قیل هو عبارة عن أن یذله غایة الإذلال أو یسود وجهه یوم القیامة. (2)إِنَّ لَكُمْ فِیهِ لَما تَخَیَّرُونَ أی إن لكم ما تختارونه و تشتهونه و أصله أن لكم بالفتح لأنه المدروس فلما جئت باللام كسرت و تخیر الشی ء و اختیاره أخذ خیره (3)أَمْ لَكُمْ أَیْمانٌ عَلَیْنا عهود مؤكدة بالأیمان بالِغَةٌ متناهیة فی التوكید إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ متعلق بالمقدر فی لكم أی ثابتة لكم علینا إلی یوم القیامة لا نخرج عن عهدتها حتی نحكمكم فی ذلك الیوم أو ببالغة أی أیمان علینا تبلغ ذلك الیوم إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ جواب القسم سَلْهُمْ أَیُّهُمْ بِذلِكَ زَعِیمٌ بذلك الحكم قائم یدعیه و یصححه أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فی هذا القول فَلْیَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِینَ فی دعواهم إذ لا أقل من التقلید سَنَسْتَدْرِجُهُمْ سندنیهم من العذاب درجة درجة بالإمهال و إدامة الصحة و ازدیاد النعمة وَ أُمْلِی لَهُمْ و أمهلهم إِنَّ كَیْدِی مَتِینٌ لا یدفع بشی ء و إنما سمی إنعامه استدراجا بالكید لأنه فی صورته وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَیُزْلِقُونَكَ

ص: 165


1- فی المصدر: لانه كان متمولا.
2- أنوار التنزیل 2: 537 و 538.
3- فی المصدر: فلما جی ء باللام كسرت، و تخیر الشی ء و اختاره: أخذ خیره.

بِأَبْصارِهِمْ إن هی المخففة و اللام دلیلها و المعنی أنهم لشدة عداوتهم ینظرون إلیك شزرا (1)أی غضبا بحیث یكادون یزلون قدمك و یرمونك. (2)و فی قوله بِما تُبْصِرُونَ وَ ما لا تُبْصِرُونَ أی بالمشاهدات و المغیبات و ذلك یتناول الخالق و المخلوقات بأسرها وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنا بَعْضَ الْأَقاوِیلِ سمی الافتراء تقولا لأنه قول متكلف لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْیَمِینِ بیمینه ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِینَ أی نیاط قلبه بضرب عنقه و هو تصویر لإهلاكه بأفظع ما تفعله الملوك بمن یغضبون علیه و هو أن یأخذ القتال بیمینه و یكفحه بالسیف (3)و یضرب جیده و قیل الیمین بمعنی القوة فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ عن القتل أو المقتول حاجِزِینَ دافعین وصف لأحد فإنه عام و الخطاب للناس وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَی الْكافِرِینَ إذا رأوا ثواب المؤمنین به وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ للیقین الذی لا ریب فیه. (4)و فی قوله عَلی أَنْ نُبَدِّلَ خَیْراً مِنْهُمْ أی نهلكهم و نأتی بخلق أمثل منهم (5)أو نعطی محمدا صلی اللّٰه علیه و آله بدلكم و هو خیر منكم و هم الأنصار وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً منحرفا و ملتجأ إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ استثناء من قوله لا أَمْلِكُ فإن التبلیغ إرشاد و إنفاع أو من مُلْتَحَداً أو معناه أن لا أبلغ بلاغا و ما قبله دلیل الجواب وَ رِسالاتِهِ عطف علی بلاغا. (6)وَ تَبَتَّلْ إِلَیْهِ تَبْتِیلًا أی انقطع إلیه بالعبادة و جرد نفسك عما سواه وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا بأن تجانبهم و تدانیهم و لا تكافئهم و تكل أمرهم إلی اللّٰه أُولِی النَّعْمَةِ أرباب التنعم یرید صنادید قریش. (7)ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً نزل فی الولید بن المغیرة و وحیدا حال من الیاء أی ذرنی وحدی معه فأنا أكفیكه أو من التاء أی و من خلقته وحدی لم یشركنی فی

ص: 166


1- شزر الرجل و إلیه: نظر إلیه بجانب عینه مع إعراض أو غضب، شزر فلانا: أصابه بالعین.
2- أنوار التنزیل 2: 540- 542.
3- أی یضربه به.
4- أنوار التنزیل 2: 546.
5- أی خیر منهم و أفضل.
6- أنوار التنزیل 2: 550.
7- أنوار التنزیل 2: 558 و 559.

خلقه أحد أو من العائد المحذوف أی من خلقته فریدا لا مال له و لا ولد أو ذم فإنه كان ملقبا به فسماه اللّٰه تهكما به أو أراد أنه وحید فی الشرارة أو عن أبیه لأنه كان زنیما وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً مبسوطا كثیرا أو ممددا بالنماء و كان له الزرع و الضرع و التجارة وَ بَنِینَ شُهُوداً حضورا معه بمكة یتمتع بلقائهم لا یحتاجون إلی سفر لطلب المعاش استغناء بنعمته و لا یحتاج أن یرسلهم فی مصالحه لكثرة خدمه أو فی المحافل و الأندیة لوجاهتهم قیل كان له عشرة بنین أو أكثر كلهم رجال فأسلم منهم ثلاثة خالد و عمارة و هشام وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیداً و بسطت له الرئاسة و الجاه العریض حتی لقب ریحانة قریش و الوحید أی باستحقاق الرئاسة و التقدم ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ علی ما أوتیه و هو استبعاد لطمعه إما لأنه لا مزید علی ما أوتی أو لأنه لا یناسب ما هو علیه من كفران النعم و معاندة المنعم و لذلك قال كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآیاتِنا عَنِیداً فإنه ردع له عن الطمع و تعلیل للردع علی سبیل الاستئناف بمعاندة آیات المنعم قیل ما زال بعد نزول هذه الآیة فی نقصان ماله حتی هلك سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً سأغشیه عقبة شاقة المصعد و هو مثل لما یلقی من الشدائد و

عَنْهُ علیه السلام الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ یَصَّعَّدُ فِیهِ سَبْعِینَ خَرِیفاً ثُمَّ یَهْوِی فِیهِ كَذَلِكَ أَبَداً.

إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ تعلیل للوعید أو بیان للعناد و المعنی فكر فیما یخیل طعنا فی القرآن و قدر فی نفسه ما یقول فیه فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ تعجیب من تقدیره استهزاء به أو لأنه أصاب أقصی ما یمكن أن یقال علیه من قولهم قتله اللّٰه ما أشجعه.

رُوِیَ أَنَّهُ مَرَّ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقْرَأُ حم السَّجْدَةَ فَأَتَی قَوْمَهُ وَ قَالَ قَدْ سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله آنِفاً كَلَاماً مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً وَ إِنَّ عَلَیْهِ لَطَلَاوَةً (1)وَ إِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ وَ إِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ (2)وَ إِنَّهُ لَیَعْلُو وَ لَا یُعْلَی فَقَالَ قُرَیْشٌ صَبَأَ الْوَلِیدُ (3)فَقَالَ ابْنُ أَخِیهِ أَبُو جَهْلٍ أَنَا أَكْفِیكُمُوهُ فَقَعَدَ إِلَیْهِ حَزِیناً وَ كَلَّمَهُ بِمَا أَحْمَاهُ فَقَامَ فَنَادَاهُمْ

ص: 167


1- الطلاوة بالتثلیث: الحسن و البهجة.
2- من أغدقت الأرض: أخصبت.
3- صبأ: خرج من دین إلی دین آخر.

فَقَالَ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مَجْنُونٌ فَهَلْ رَأَیْتُمُوهُ یُخْنَقُ وَ تَقُولُونَ إِنَّهُ كَاهِنٌ فَهَلْ رَأَیْتُمُوهُ یَتَكَهَّنُ وَ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ شَاعِرٌ فَهَلْ رَأَیْتُمُوهُ یَتَعَاطَی شِعْراً فَقَالُوا لَا فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ أَ مَا رَأَیْتُمُوهُ یُفَرِّقُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ مَوَالِیهِ فَفَرِحُوا بِهِ وَ تَفَرَّقُوا مُسْتَعْجِبِینَ مِنْهُ.

ثُمَّ قُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ تكریر للمبالغة ثُمَّ نَظَرَ أی فی أمر القرآن مرة بعد أخری ثُمَّ عَبَسَ قطب وجهه لما لم یجد فیه طعنا و لم یدر ما یقول أو نظر إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قطب وجهه وَ بَسَرَ إتباع لعبس ثُمَّ أَدْبَرَ عن الحق أو الرسول وَ اسْتَكْبَرَ عن اتباعه فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ یروی و یتعلم وَ ما هِیَ أی سقر أو عدة الخزنة أو السورة إِلَّا ذِكْری لِلْبَشَرِ إلا تذكرة لهم كَلَّا ردع لمن أنكرها أو إنكار لأن یتذكروا بها إِنَّها لَإِحْدَی الْكُبَرِ لإحدی البلایا الكبر لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ یَتَقَدَّمَ أَوْ یَتَأَخَّرَ بدل من لِلْبَشَرِ أی نذیرا للمتمكنین من السبق إلی الخیر أو التخلف عنه أو لمن شاء خبر لأن یتقدم.

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ شبههم فی إعراضهم و نفارهم عن استماع الذكر بحمر نافرة فرت من قسورة أی أسد بَلْ یُرِیدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْتی صُحُفاً مُنَشَّرَةً قراطیس تنشر و تقرأ و ذلك أنهم قالوا للنبی صلی اللّٰه علیه و آله لن نتبعك حتی تأتی كلا منا بكتاب من السماء فیها من اللّٰه إلی فلان اتبع محمدا (1)لا تُحَرِّكْ یا محمد بِهِ بالقرآن لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ لتأخذه علی عجلة مخافة أن ینفلت منك إِنَّ عَلَیْنا جَمْعَهُ فی صدرك وَ قُرْآنَهُ و إثبات قراءته فی لسانك و هو تعلیل للنهی فَإِذا قَرَأْناهُ بلسان جبرئیل علیه السلام علیك فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ قراءته و تكرر فیه حتی یرسخ فی ذهنك ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا بَیانَهُ بیان ما أشكل علیك من معانیه و قیل الخطاب مع الإنسان المذكور و المعنی أنه یؤتی كتابه فیتلجلج لسانه من سرعة قراءته خوفا فیقال له لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ فإن علینا بمقتضی الوعد جمع ما فیه من أعمالك و قراءته فإذا قرأناه فاتبع قراءته بالإقرار أو التأمل فیه ثم إن علینا بیان أمره بالجزاء علیه (2)وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ أی و أحكمنا ربط مفاصلهم بأعصاب وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا

ص: 168


1- أنوار التنزیل 2: 562- 565.
2- أنوار التنزیل 2: 576.

أَمْثالَهُمْ تَبْدِیلًا و إذا شئنا أهلكناهم و بدلنا أمثالهم فی الخلقة و شدة الأسر یعنی النشأة الثانیة و لذلك جی ء بإذا أو بدلناهم غیرهم ممن یطیع و إذا لتحقق القدرة و قوة الداعیة (1)أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ نطفة قذرة ذلیلة فَجَعَلْناهُ فِی قَرارٍ مَكِینٍ هو الرحم إِلی قَدَرٍ مَعْلُومٍ إلی مقدار معلوم من الوقت قدره اللّٰه تعالی للولادة فَقَدَرْنا أی فقدرنا علی رد ذلك أو فقدرناه فَنِعْمَ الْقادِرُونَ نحن وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ بقدرتنا علی ذلك أو علی الإعادة أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً كافتة اسم لما یكفت أی یضم و یجمع أَحْیاءً وَ أَمْواتاً منتصبان علی المفعولیة وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ جبالا ثوابت طوالا وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً بخلق الأنهار و المنابع فیها. (2)فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخر و هی ما سوی النیرین من السیارات و لذلك وصفها بقوله الْجَوارِ الْكُنَّسِ أی السیارات التی تختفی تحت ضوء الشمس وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ إذا أقبل بظلامه أو أدبر وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أی إذا أضاء إِنَّهُ أی القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ یعنی جبرئیل علیه السلام مَكِینٍ ذی مكانة مُطاعٍ فی ملائكته ثَمَّ أَمِینٍ علی الوحی و ثم یحتمل اتصاله بما قبله و ما بعده وَ لَقَدْ رَآهُ رأی رسول اللّٰه جبرئیل بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ بمطلع الشمس الأعلی وَ ما هُوَ و ما محمد صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْغَیْبِ علی ما یخبره من الوحی إلیه و غیره من الغیوب بظنین بمتهم و قرأ نافع و عاصم و حمزة و ابن عامر بِضَنِینٍ من الضن و هو البخل أی لا یبخل بالتبلیغ و التعلیم وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَیْطانٍ رَجِیمٍ بقول بعض المسترقة للسمع و هی نفی لقولهم إنه لكهانة و سحر فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ استضلال لهم فیما یسلكونه فی أمر الرسول و القرآن كقولك لتارك الجادة أین تذهب. (3)ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ أی شی ء خدعك و جرأك علی عصیانه الَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ التسویة جعل الأعضاء سلیمة مسواة معدة لمنافعها و التعدیل جعل البنیة معتدلة متناسبة الأعضاء أو معدلة بما یستعدها من القوی فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أی ركبك فی أی صورة شاءها و ما مزیدة.(4)

ص: 169


1- أنوار التنزیل 2: 573.
2- أنوار التنزیل 2: 575.
3- أنوار التنزیل 2: 588.
4- أنوار التنزیل 2: 589.

فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ الحمرة التی تری فی أفق المغرب وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ و ما جمعه و ستره من الدواب و غیرها وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ اجتمع و تم بدرا لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حالا بعد حال مطابقة لأختها فی الشدة أو مراتب من الشدة بعد المراتب و هی الموت و أهوال القیامة أو هی و ما قبلها من الدواهی علی أنه جمع طبقة لا یَسْجُدُونَ أی لا یخضعون أو لا یسجدون لقراءة آیة السجدة. (1)بِما یُوعُونَ أی یضمرون فی صدورهم من الكفر و العداوة غَیْرُ مَمْنُونٍ أی مقطوع أو ممنون به علیهم (2)وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ترجع فی كل دورة إلی الموضع الذی تحركت عنه و قیل الرجع المطر وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ما یتصدع عنه الأرض من النبات أو الشق بالنبات و العیون إِنَّهُ إن القرآن لَقَوْلٌ فَصْلٌ فاصل بین الحق و الباطل أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً إمهالا یسیرا (3)لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ بمتسلط. (4)و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أی أهلكت مالا كثیرا (5)فی عداوة النبی صلی اللّٰه علیه و آله یفتخر بذلك و قیل هو الحارث بن عامر بن نوفل و ذلك أنه أذنب ذنبا فاستفتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأمره أن یكفر فقال لقد ذهب مالی فی الكفارات و النفقات منذ دخلت فی دین محمد صلی اللّٰه علیه و آله أَ یَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ فیطالبه من أین اكتسبه و فیما أنفقه و قیل إنه كان كاذبا لم ینفق ما قاله. (6)إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی أی لئن رأی نفسه مستغنیة عن ربه بعشیرته و أمواله و قوته قیل إنها نزلت فی أبی جهل بن هشام من هنا إلی آخر

ص: 170


1- فی المصدر: لا یخضعون، أو لا یسجدون لتلاوته.
2- أنوار التنزیل 2: 594.
3- أنوار التنزیل 2: 597.
4- أنوار التنزیل 2: 600.
5- فی المصدر: أنفقت مالا كثیرا.
6- مجمع البیان 10: 493.

السورة إِنَّ إِلی رَبِّكَ الرُّجْعی أی إلی اللّٰه مرجع كل أحد أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی

روی أن أبا جهل قال هل یعفر محمد وجهه بین أظهركم قالوا نعم قال فبالذی یحلف به لئن رأیته یفعل ذلك لأطأن علی رقبته فقیل له ها هو ذلك یصلی فانطلق لیطأ علی رقبته فما فاجأهم إلا و هو ینكص علی عقبیه و یتقی بیدیه فقالوا ما لك یا أبا الحكم قال إن بینی و بینه خندقا من نار و هولا و أجنحة و قال نبی اللّٰه و الذی نفسی بیده لو دنا منی لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فأنزل اللّٰه سبحانه أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی إلی آخر السورة.

أَ رَأَیْتَ إِنْ كانَ عَلَی الْهُدی یعنی محمدا صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوی أی بالإخلاص و التوحید و مخافة اللّٰه تعالی و هاهنا حذف تقدیره كیف یكون حال من ینهاه عن الصلاة أَ رَأَیْتَ إِنْ كَذَّبَ أی أبو جهل وَ تَوَلَّی عن الإیمان. (1)و قال البیضاوی فی قوله تعالی لَمْ یَكُنِ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الیهود و النصاری فإنهم كفروا بالإلحاد فی صفات اللّٰه وَ الْمُشْرِكِینَ و عبدة الأصنام مُنْفَكِّینَ عما كانوا علیه من دینهم أو الوعد باتباع الحق إذا جاءهم الرسول حَتَّی تَأْتِیَهُمُ الْبَیِّنَةُ الرسول أو القرآن فإنه مبین للحق رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بدل من الْبَیِّنَةُ بنفسه أو بتقدیر مضاف أو مبتدأ یَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً صفته أو خبره فِیها كُتُبٌ قَیِّمَةٌ مكتوبات مستقیمة وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ عما كانوا علیه بأن آمن بعضهم أو تردد فی دینه أو عن وعدهم بالإصرار علی الكفر إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّنَةُ وَ ما أُمِرُوا أی فی كتبهم بما فیها إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ لا یشركون حُنَفاءَ مائلین عن العقائد الزائغة وَ یُقِیمُوا الصَّلاةَ وَ یُؤْتُوا الزَّكاةَ و لكنهم حرفوه فعصوا وَ ذلِكَ دِینُ الْقَیِّمَةِ أی دین الملة القیمة. (2)أَ رَأَیْتَ الَّذِی یُكَذِّبُ بِالدِّینِ بالجزاء أو الإسلام فَذلِكَ الَّذِی یَدُعُّ الْیَتِیمَ یدفعه دفعا عنیفا و هو أبو جهل كان وصیا لیتیم فجاءه عریانا یسأله من مال نفسه فدفعه

ص: 171


1- مجمع البیان 10: 515.
2- أنوار التنزیل 2: 613 و 614.

أو أبو سفیان نحر جزورا فسأله یتیم لحما فقرعه بعصاه أو الولید بن المغیرة أو منافق بخیل. (1)

- و قال الطبرسی رحمه اللّٰه نزلت سورة الجحد فی نفر من قریش منهم الحارث بن قیس السهمی و العاص بن وائل و الولید بن المغیرة و الأسود بن عبد یغوث و الأسود بن المطلب بن أسد و أمیة بن خلف قالوا هلم یا محمد فاتبع دیننا و نتبع دینك و نشركك فی أمرنا كله تعبد آلهتنا سنة و نعبد إلهك سنة فإن كان الذی جئت به خیرا مما بأیدینا كنا قد شركناك فیه و أخذنا بحظنا منه و إن كان الذی بأیدینا خیرا مما فی یدیك كنت قد شركتنا فی أمرنا و أخذت بحظك منه فقال معاذ اللّٰه أن أشرك به غیره قالوا فاستلم بعض آلهتنا نصدقك و نعبد إلهك فقال حتی أنظر ما یأتی من عند ربی فنزل قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ السورة فعدل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی المسجد الحرام و فیه الملأ من قریش فقام علی رءوسهم ثم قرأ علیهم حتی فرغ من السورة فآیسوا عند ذلك و آذوه و آذوا أصحابه.

قال ابن عباس و فیهم نزل قوله أَ فَغَیْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّی أَعْبُدُ أَیُّهَا الْجاهِلُونَ قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ یرید قوما معینین لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ أی لا أعبد آلهتكم التی تعبدونها الیوم و فی هذه الحال وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ أی إلهی الذی أعبده الیوم و فی هذه الحال وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ فیما بعد الیوم وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ فیما بعد الیوم من الأوقات المستقبلة و قیل أیضا فی وجه التكرار إن القرآن نزل بلغة العرب و من عادتهم تكریر الكلام للتأكید و الإفهام و قیل أیضا فی ذلك إن المعنی لا أعبد الأصنام التی تعبدونها و لا أنتم عابدون اللّٰه الذی أنا عابده إذا أشركتم به و اتخذتم الأصنام و غیرها تعبدونها من دونه و إنما یعبد اللّٰه من أخلص العبادة له وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ أی لا أعبد عبادتكم فتكون ما مصدریة وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ أی و ما تعبدون عبادتی فأراد فی الأول المعبود و فی الثانی العبادة لَكُمْ دِینُكُمْ وَ لِیَ دِینِ أی لكم جزاء دینكم و لی جزاء دینی فحذف المضاف أو لكم كفركم باللّٰه

ص: 172


1- انوار التنزیل ٢ : ٦٢٠.

و لی دین التوحید و الإخلاص علی الوعید و التهدید كقوله اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ أو المراد بالدین الجزاء. (1)

ما ورد عن المعصومین علیهم السلام فی تفسیر آیات الباب

أقول: أكثر آیات القرآن الكریم مسوقة للاحتجاج و إنما اقتصرنا علی ما أوردنا لكونها أظهر فیه مع أنا قد أوردنا كثیرا منها فی كتاب التوحید و كتاب العدل و المعاد و سیأتی بعضها مع تفسیر كثیر مما أوردنا هاهنا فی كتاب أحوال نبینا صلی اللّٰه علیه و آله.

«1»- م، تفسیر الإمام علیه السلام الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدیً لِلْمُتَّقِینَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام كَذَّبَتْ قُرَیْشٌ وَ الْیَهُودُ بِالْقُرْآنِ وَ قَالُوا سِحْرٌ مُبِینٌ تَقَوَّلَهُ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ الم ذلِكَ الْكِتابُ أَیْ یَا مُحَمَّدُ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِی أَنْزَلْتُهُ عَلَیْكَ وَ هُوَ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِی مِنْهَا أَلِفٌ وَ لَامٌ وَ مِیمٌ وَ هُوَ بِلُغَتِكُمْ وَ حُرُوفِ هِجَائِكُمْ فَأْتُوْا بِمِثْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ فَاسْتَعِینُوا عَلَی ذَلِكَ بِسَائِرِ شُهَدَائِكُمْ ثُمَّ بَیَّنَ أَنَّهُمْ لَا یَقْدِرُونَ عَلَیْهِ بِقَوْلِهِ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی الم هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِی افْتُتِحَ بِالم هُوَ ذلِكَ الْكِتابُ الَّذِی أَخْبَرَ بِهِ مُوسَی وَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَخْبَرُوا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنِّی سَأُنْزِلُهُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ كِتَاباً عَرَبِیّاً عَزِیزاً لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ لا رَیْبَ فِیهِ لَا شَكَّ فِیهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُمْ كَمَا أَخْبَرَهُمْ أَنْبِیَاؤُهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله یَنْزِلُ عَلَیْهِ الْكِتَابُ یَقْرَؤُهُ هُوَ وَ أُمَّتُهُ عَلَی سَائِرِ أَحْوَالِهِمْ (2).

«2»- م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَیْهِمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَدَحَهُمْ ذَكَرَ الْمُنَافِقِینَ الْمُخَالِفِینَ لَهُمْ فِی كُفْرِهِمْ فَقَالَ إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِمَا آمَنَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ تَوْحِیدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِوَصِیِّةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَلِیِّ اللَّهِ وَ وَصِیِّ رَسُولِهِ وَ بِالْأَئِمَّةِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ خِیَارِ عِبَادِهِ الْمَیَامِینَ الْقَوَّامِینَ بِمَصَالِحِ خَلْقِ اللَّهِ سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ خَوَّفْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَمْ تُخَوِّفْهُمْ لا یُؤْمِنُونَ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمِهِ فِیهِمْ وَ هُمُ الَّذِینَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُمْ لَا یُؤْمِنُونَ

ص: 173


1- مجمع البیان 10: 552.
2- تفسیر العسكریّ: 22.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الْبَاقِرُ علیهما السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ وَ ظَهَرَتْ آثَارُ صِدْقِهِ وَ آیَاتُ حَقِّیَّتَهِ وَ بَیِّنَاتُ نُبُوَّتِهِ كَادَتِ الْیَهُودُ أَشَدَّ كَیْدٍ وَ قَصَدُوهُ أَقْبَحَ قَصْدٍ یَقْصِدُونَ أَنْوَارَهُ لِیَطْمِسُوهَا وَ حُجَّتَهُ لِیُبْطِلُوهَا فَكَانَ مِمَّنْ قَصَدَهُ لِلرَّدِّ عَلَیْهِ وَ تَكْذِیبِهِ مَالِكُ بْنُ الصَّیْفِ وَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَ حُیَیُّ بْنُ أَخْطَبَ وَ حدی (جُدَیُ) بْنُ أَخْطَبَ وَ أَبُو یَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ وَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ (1)فَقَالَ مَالِكٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ خَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أَنَّكَ رَسُولُهُ حَتَّی یُؤْمِنَ لَكَ هَذَا الْبِسَاطُ الَّذِی تَحْتِی إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی أَبْوَابِ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَتَمَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ عَلی سَمْعِهِمْ الْآیَةَ قَالَ علیه السلام أَیْ وَسَمَهَا بِسِمَةٍ یَعْرِفُهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ إِذَا نَظَرَ إِلَیْهَا بِأَنَّهُمُ الَّذِینَ لَا یُؤْمِنُونَ وَ عَلی سَمْعِهِمْ وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنِ النَّظَرِ فِیمَا كُلِّفُوهُ وَ قَصَّرُوا فِیمَا أُرِیدَ مِنْهُمْ جَهِلُوا مَا لَزِمَهُمُ الْإِیمَانُ بِهِ فَصَارُوا كَمَنْ عَلَی عَیْنَیْهِ غِطَاءٌ لَا یُبْصِرُ مَا أَمَامَهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَتَعَالَی عَنِ الْعَبَثِ وَ الْفَسَادِ وَ عَنْ مُطَالَبَةِ الْعِبَادِ بِمَا قَدْ مَنَعَهُمْ بِالْقَهْرِ مِنْهُ فَلَا یَأْمُرُهُمْ بَمُغَالَبَتِهِ وَ لَا بِالْمَسِیرِ إِلَی مَا قَدْ صَدَّهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ الْعَذَابَ الْمُعَدَّ لِلْكَافِرِینَ وَ فِی الدُّنْیَا أَیْضاً لِمَنْ یُرِیدُ أَنْ یَسْتَصْلِحَهُ بِمَا یَنْزِلُ بِهِ مِنْ عَذَابِ الِاسْتِصْلَاحِ لِیُنَبِّهَهُ لِطَاعَتِهِ أَوْ مِنْ عَذَابِ الِاصْطِلَامِ لِیُصَیِّرَهُ إِلَی عَدْلِهِ وَ حِكْمَتِهِ (2).

«3»- فس، تفسیر القمی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی قَوْمٍ مُنَافِقِینَ أَظْهَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِسْلَامَ وَ كَانُوا إِذَا رَأَوُا الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ وَ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا نَحْنُ مُؤْمِنُونَ وَ كَانُوا یَقُولُونَ لِلْكُفَّارِ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ

ص: 174


1- فی المصدر: و شیبة.
2- تفسیر العسكریّ: 33 و 36.

یَعْمَهُونَ وَ الِاسْتِهْزَاءُ مِنَ اللَّهِ هُوَ الْعَذَابُ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ أَیْ یَدَعُهُمْ أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدی الضَّلَالَةُ هَاهُنَا الْحَیْرَةُ وَ الْهُدَی الْبَیَانُ وَ اخْتَارُوا الْحَیْرَةَ وَ الضَّلَالَةَ عَلَی الْبَیَانِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ یَعْنِی الَّذِینَ عَبَدُوهُمْ وَ أَطَاعُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ (1).

«4»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ إِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلی عَبْدِنا الْآیَةَ قَالَ الْعَالِمُ علیه السلام فَلَمَّا ضَرَبَ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلْكَافِرِینَ الْمُجَاهِدِینَ الدَّافِعِینَ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمُنَاصِبِینَ الْمُنَافِقِینَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الدَّافِعِینَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَخِیهِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الدَّافِعِینَ أَنْ یَكُونَ مَا قَالَهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هِیَ آیَاتُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُعْجِزَاتُهُ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مُضَافَةً إِلَی آیَاتِهِ الَّتِی بَیَّنَهَا لِعَلِیٍّ علیه السلام بِمَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ لَمْ یَزْدَادُوا إِلَّا عُتُوّاً وَ طُغْیَاناً قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمَرَدَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَ عُتَاةِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ إِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلی عَبْدِنا حَتَّی تَجْحَدُوا أَنْ یَكُونَ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْ یَكُونَ هَذَا الْمُنَزَّلُ عَلَیْهِ كَلَامِی مَعَ إِظْهَارِی عَلَیْهِ بِمَكَّةَ الْبَاهِرَاتِ مِنَ الْآیَاتِ كَالْغَمَامَةِ الَّتِی كَانَ یُظِلُّهُ بِهَا فِی أَسْفَارِهِ وَ الْجَمَادَاتِ الَّتِی كَانَتْ تُسَلِّمُ عَلَیْهِ مِنَ الْجِبَالِ وَ الصُّخُورِ وَ الْأَحْجَارِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كَدِفَاعِهِ قَاصِدِیهِ بِالْقَتْلِ عَنْهُ وَ قَتْلِهِ إِیَّاهُمْ وَ كَالشَّجَرَتَیْنِ الْمُتَبَاعِدَتَیْنِ اللَّتَیْنِ تَلَاصَقَتَا فَقَعَدَ خَلْفَهُمَا لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَرَاجَعَتَا إِلَی أَمْكِنَتِهِمَا (2)كَمَا كَانَتَا وَ كَدُعَائِهِ لِلشَّجَرَةِ فَجَاءَتْهُ مُجِیبَةً خَاضِعَةً ذَلِیلَةً ثُمَّ أَمْرِهِ لَهَا بِالرُّجُوعِ فَرَجَعَتْ سَامِعَةً مُطِیعَةً قَالَ یَا مَعَاشِرَ قُرَیْشٍ وَ الْیَهُودِ وَ یَا مَعَاشِرَ النَّوَاصِبِ الْمُنْتَحِلِینَ لِلْإِسْلَامِ الَّذِینَ هُمْ مِنْهُ بُرَآءُ وَ یَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءَ الْبُلَغَاءَ ذَوِی الْأَلْسُنِ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ مِثْلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مِثْلِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَا یَقْرَأُ وَ لَا یَكْتُبُ وَ لَمْ یَدْرُسْ كِتَاباً وَ لَا اخْتَلَفَ إِلَی عَالِمٍ وَ لَا تَعَلَّمَ مِنْ أَحَدٍ وَ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَهُ فِی أَسْفَارِهِ وَ فِی حَضَرِهِ بَقِیَ كَذَلِكَ أَرْبَعِینَ سَنَةً ثُمَّ أُوتِیَ جَوَامِعَ الْعِلْمِ حَتَّی عَلِمَ عِلْمَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ

ص: 175


1- تفسیر القمّیّ: 30.
2- فی المصدر: ثم تراجعتا إلی مكانهما.

فَإِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِنْ هَذِهِ الْآیَاتِ فَأْتُوا مِنْ مِثْلِ هَذَا الرَّجُلِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ لِیُبَیَّنَ أَنَّهُ كَاذِبٌ (1)لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ فَسَیُوجَدُ لَهُ نَظِیرٌ فِی سَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُمْ مَعَاشِرَ قُرَّاءِ الْكُتُبِ مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی فِی شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ شَرَائِعِهِ وَ مِنْ نَصْبِهِ أَخَاهُ سَیِّدَّ الْوَصِیِّینَ وَصِیّاً بَعْدَ أَنْ أَظْهَرَ لَكُمْ مُعْجِزَاتِهِ الَّتِی مِنْهَا أَنْ كَلَّمَتْهُ ذِرَاعٌ مَسْمُومَةٌ وَ نَاطَقَهُ ذِئْبٌ وَ حَنَّ إِلَیْهِ الْعُودُ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ السَّمَّ الَّذِی دَسَّتْهُ الْیَهُودُ (2)فِی طَعَامِهِمْ وَ قَلَبَ عَلَیْهِمُ الْبَلَاءَ (3)وَ أَهْلَكَهُمْ بِهِ وَ كَثَّرَ الْقَلِیلَ مِنَ الطَّعَامِ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ یَعْنِی مِثْلَ الْقُرْآنِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ (4)فَإِنَّكُمْ لَا تَجِدُونَ فِی سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ سُورَةً كَسُورَةٍ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ وَ كَیْفَ یَكُونُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُتَقَوَّلُ أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ كَلَامِ اللَّهِ وَ كُتُبِهِ یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی ثُمَّ قَالَ لِجَمَاعَتِهِمْ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ادْعُوا أَصْنَامَكُمُ الَّتِی تَعْبُدُونَهَا أَیُّهَا الْمُشْرِكُونَ وَ ادْعُوا شَیَاطِینَكُمْ یَا أَیُّهَا النَّصَارَی وَ الْیَهُودُ وَ ادْعُوا قُرَنَاءَكُمْ مِنَ الْمُلْحِدِینَ یَا مُنَافِقِی الْمُسْلِمِینَ مِنَ النُّصَّابِ لِآلِ مُحَمَّدٍ الطَّیِّبِینَ علیهم السلام وَ سَائِرَ أَعْوَانِكُمْ عَلَی إِرَادَاتِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ بِأَنَّ مُحَمَّداً تَقَوَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَمْ یُنَزِّلْهُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضْلِ عَلِیٍّ عَلَی جَمِیعِ أُمَّتِهِ وَ قَلَّدَهُ سِیَاسَتَهُمْ لَیْسَ بِأَمْرِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِینَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا أَیْ لَمْ تَأْتُوا یَا أَیُّهَا الْمُقَرَّعُونَ بِحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ لَنْ تَفْعَلُوا أَیْ وَ لَا یَكُونُ هَذَا مِنْكُمْ أَبَداً فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِی وَقُودُهَا النَّاسُ أَیْ حَطَبُهَا وَ الْحِجارَةُ تُوقَدُ تَكُونُ عَذَاباً عَلَی أَهْلِهَا أُعِدَّتْ لِلْكافِرِینَ الْمُكَذِّبِینَ بِكَلَامِهِ وَ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّاصِبِینَ الْعَدَاوَةَ لِوَلِیِّهِ وَ وَصِیِّهِ قَالَ فَاعْلَمُوا بِعَجْزِكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَ لَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِینَ لَقَدَرْتُمْ عَلَی مُعَارَضَتِهِ فَلَمَّا عَجَزُوا بَعْدَ التَّقْرِیعِ وَ التَّحَدِّی قَالَ اللَّهُ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ

ص: 176


1- فی المصدر: لتبین أنّه كاذب كما تزعمون.
2- فی المصدر: دسته الیهودیة فی طعامهم.
3- فی نسخة: و غلب علیهم البلاء.
4- فی المصدر: و الكتب المائة و الأربعة عشر.

وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً (1)

«5»- م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ اللَّهَ لا یَسْتَحْیِی أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها الْآیَةَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ یا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ وَ ذَكَرَ الذُّبَابَ فِی قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُباباً الْآیَةَ وَ لَمَّا قَالَ مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ الْآیَةَ وَ ضَرَبَ مَثَلًا فِی هَذِهِ السُّورَةِ بِالَّذِی اسْتَوْقَدَ نَاراً وَ بِالصَّیِّبِ مِنَ السَّمَاءِ قَالَتِ الْكُفَّارُ وَ النَّوَاصِبُ وَ مَا هَذَا مِنَ الْأَمْثَالِ فَیُضْرَبَ یُرِیدُونَ بِهِ الطَّعْنَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ اللَّهُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ لا یَسْتَحْیِی لَا یَتْرُكُ حَیَاءً أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا لِلْحَقِّ یُوضِحُهُ بِهِ عِنْدَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ ما بَعُوضَةً مَا هُوَ بَعُوضَةُ الْمَثَلِ فَما فَوْقَها فَوْقَ الْبَعُوضَةِ وَ هُوَ الذُّبَابُ یَضْرِبُ بِهِ الْمَثَلَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِیهِ صَلَاحَ عِبَادِهِ وَ نَفْعَهُمْ فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ بِوَلَایَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ وَ سَلَّمَ لِرَسُولِ اللَّهِ (2)ص وَ لِلْأَئِمَّةِ أَحْكَامَهُمْ وَ أَخْبَارَهُمْ وَ أَحْوَالَهُمْ وَ لَمْ یُقَابِلْهُمْ فِی أُمُورِهِمْ (3)وَ لَمْ یَتَعَاطَ الدُّخُولَ فِی أَسْرَارِهِمْ وَ لَمْ یُفْشِ شَیْئاً مِمَّا یَقِفُ عَلَیْهِ مِنْهَا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ فَیَعْلَمُونَ یَعْلَمُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ أَنَّهُ الْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ أَرَادَ بِهِ الْحَقَّ وَ إِبَانَتَهُ وَ الْكَشْفَ عَنْهُ وَ إِیضَاحَهُ وَ أَمَّا الَّذِینَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ بِمُعَارَضَتِهِمْ لَهُ فِی عَلِیٍّ بِلِمَ وَ كَیْفَ وَ تَرْكِهِمُ الِانْقِیَادَ لَهُ فِی سَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ فَیَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا یُضِلُّ بِهِ كَثِیراً وَ یَهْدِی بِهِ كَثِیراً یَقُولُ (4)الَّذِینَ كَفَرُوا إِنَّ اللَّهَ یُضِلُّ بِهَذَا الْمَثَلِ كَثِیراً وَ یَهْدِی بِهِ كَثِیراً أَیْ فَلَا مَعْنَی لِلْمَثَلِ لِأَنَّهُ وَ إِنْ نَفَعَ بِهِ مَنْ یَهْدِیهِ فَهُوَ یُضِرُّ بِهِ مَنْ یُضِلُّهُ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ قِیلَهُمْ فَقَالَ وَ ما یُضِلُّ بِهِ أَیْ وَ مَا یُضِلُّ اللَّهُ بِالْمَثَلِ إِلَّا الْفاسِقِینَ الْجَانِینَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ بِتَرْكِ تَأَمُّلِهِ وَ بِوَضْعِهِ عَلَی خِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِوَضْعِهِ عَلَیْهِ (5).

ص: 177


1- تفسیر العسكریّ: 59. التقریع: التعنیف. و التحدی: المباراة و المغالبة.
2- فی المصدر: و سلموا لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- فی المصدر: و لم یقابلوهم.
4- فی المصدر: أی یقول.
5- تفسیر العسكریّ: 82.

بیان: قوله علیه السلام ما هو بعوضة ظاهره أنه علیه السلام قرأ بالرفع كما قرئ به فی الشواذ فكلمة ما إما موصولة حذف صدر صلتها أو موصوفة كذلك و محلها النصب بالبدلیة أو استفهامیة هی المبتدأ و الأظهر فی الخبر الوجهان الأولان.

«6»- م، تفسیر الإمام علیه السلام یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا بَنِی إِسْرائِیلَ وُلْدَ یَعْقُوبَ إِسْرَائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ لَمَّا بَعَثْتُ مُحَمَّداً وَ أَقْرَرْتُهُ بِمَدِینَتِكُمْ وَ لَمْ أُجَشِّمْكُمُ الْحَطَّ وَ التَّرْحَالَ إِلَیْهِ (1)وَ أَوْضَحْتُ عَلَامَاتِهِ وَ دَلَائِلَ صِدْقِهِ لِئَلَّا یَشْتَبِهَ عَلَیْكُمْ حَالُهُ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِی الَّذِی أَخَذَتْهُ عَلَی أَسْلَافِكُمْ أَنْبِیَاؤُكُمْ وَ أَمَرُوهُمْ (2)أَنْ یُؤَدُّوهُ إِلَی أَخْلَافِهِمْ لَیُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ الْعَرَبِیِّ الْقُرَشِیِّ الْهَاشِمِیِّ الْمُتَأَتَّی بِالْآیَاتِ (3)الْمُؤَیَّدِ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِی مِنْهَا أَنْ كَلَّمَتْهُ ذِرَاعٌ مَسْمُومَةٌ وَ نَاطَقَهُ ذِئْبٌ وَ حَنَّ إِلَیْهِ (4)عُودُ الْمِنْبَرِ وَ كَثَّرَ اللَّهُ الْقَلِیلَ مِنَ الطَّعَامِ وَ أَلَانَ لَهُ الصُّلْبَ مِنَ الْأَحْجَارِ وَ صَبَّتْ لَهُ الْمِیَاهُ السَّیَّالَةُ (5)وَ لَمْ یُؤَیِّدْ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَائِهِ بِدَلَالَةٍ إِلَّا جَعَلَ لَهُ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا وَ الَّذِی جَعَلَ مِنْ آیَاتِهِ (6)عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام شَقِیقُهُ وَ رَفِیقُهُ عَقْلُهُ مِنْ عَقْلِهِ وَ عِلْمُهُ مِنْ عِلْمِهِ (7)وَ حِلْمُهُ مِنْ حِلْمِهِ مُؤَیِّدٌ دِینَهُ بِسَیْفِهِ الْبَاتِرِ (8)بَعْدَ أَنْ قَطَعَ مَعَاذِیرَ الْمُعَانِدِینَ بِدَلِیلِهِ الْقَاهِرِ وَ عِلْمِهِ الْفَاضِلِ وَ فَضْلِهِ الْكَامِلِ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الَّذِی أَوْجَبْتُ بِهِ لَكُمْ نَعِیْمَ الْأَبَدِ فِی دَارِ الْكَرَامَةِ وَ مُسْتَقَرِّ الرَّحْمَةِ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ فِی مُخَالَفَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی الْقَادِرُ عَلَی صَرْفِ بَلَاءِ مَنْ یُعَادِیكُمْ عَلَی مُوَافَقَتِی وَ هُمْ لَا یَقْدِرُونَ عَلَی صَرْفِ انْتِقَامِی عَنْكُمْ إِذَا آثَرْتُمْ مُخَالَفَتِی

ص: 178


1- جشمه و أجشمه الامر: كلفه إیاه.
2- فی المصدر: علی أسلافكم انبیاؤهم و امراؤهم و أمروهم خ ل أن یؤدوه إلی أخلافهم لیؤمنوا اه.
3- فی المصدر و فی نسختین مخطوطتین من الكتاب و كذا فی هامش النسخة المقروءة علی المصنّف، المبان بالآیات.
4- حن الیه:اشتاق.
5- فی المصدر و نسخة من الكتاب و كذا فی هامش النسخة المقروءة علی المصنّف: و صلب له المیاه السیالة.
6- فی المصدر: و الذی جعل من أكبر آیاته.
7- فی المصدر: و حكمه من حكمه و حلمه من حلمه.
8- الباتر: القاطع.

وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْیَهُودِ وَ آمِنُوا أَیُّهَا الْیَهُودُ بِما أَنْزَلْتُ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ ذِكْرِ نُبُوَّتِهِ وَ أَنْبَاءِ إِمَامَةِ أَخِیهِ عَلِیٍّ وَ عِتْرَتِهِ الطَّاهِرِینَ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ فَإِنَّ مَثَلَ هَذَا فِی كِتَابِكُمْ (1) أَنَّ مُحَمَّداً النَّبِیَّ سَیِّدُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ الْمُؤَیَّدُ بِسَیِّدِ الْوَصِیِّینَ وَ خَلِیفَةِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَارُوقِ الْأُمَّةِ وَ بَابِ مَدِینَةِ الْحِكْمَةِ وَ وَصِیِّ رَسُولِ الرَّحْمَةِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی الْمُنَزَّلَةِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ عِتْرَتِهِ ثَمَناً قَلِیلًا بِأَنْ تَجْحَدُوا نُبُوَّةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةَ الْإِمَامِ علیه السلام (2)تَعْتَاضُوا مِنْهَا عَرَضَ الدُّنْیَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَ إِنْ كَثُرَ فَإِلَی نَفَادٍ أَوْ خَسَارٍ وَ بَوَارٍ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِیَّایَ فَاتَّقُونِ فِی كِتْمَانِ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمْرِ وَصِیِّهِ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَتَّقُوا لَمْ تَقْدَحُوا فِی نُبُوَّةِ النَّبِیِّ وَ لَا فِی وَصِیَّةِ الْوَصِیِّ بَلْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ قَائِمَةٌ وَ بَرَاهِینُهُ لِذَلِكَ وَاضِحَةٌ وَ قَدْ قَطَعَتْ مَعَاذِیرَكُمْ وَ أَبْطَلَتْ تَمْوِیهَكُمْ (3)وَ هَؤُلَاءِ یَهُودُ الْمَدِینَةِ جَحَدُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ وَ خَانُوهُ وَ قَالُوا نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِیٌّ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَصِیُّهُ وَ لَكِنْ لَسْتَ أَنْتَ ذَاكَ وَ لَا هَذَا یُشِیرُونَ إِلَی عَلِیٍّ فَأَنْطَقَ اللَّهُ ثِیَابَهُمُ الَّتِی عَلَیْهِمْ وَ خِفَافَهُمُ الَّتِی فِی أَرْجُلِهِمْ یَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِلَابِسِهِ كَذَبْتَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ بَلِ النَّبِیُّ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا وَ الْوَصِیُّ عَلِیٌّ هَذَا وَ لَوْ أُذِنَ لَنَا ضَغَطْنَاكُمْ وَ عَقَرْنَاكُمْ (4)وَ قَتَلْنَاكُمْ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ یُمْهِلُهُمْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَیَخْرُجُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ ذُرِّیَّاتٌ طَیِّبَاتٌ مُؤْمِنَاتٌ لَوْ تَزَیَّلُوا (5)لَعَذَّبَ هَؤُلَاءِ عَذَاباً أَلِیماً إِنَّمَا یَعْجَلُ مَنْ یَخَافُ الْفَوْتَ (6).

«7»- فس، تفسیر القمی أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ الْآیَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی الْیَهُودِ قَدْ كَانُوا

ص: 179


1- فی المصدر : فان مثل هذا الذكر فی كتابكم.
2- فی المصدر: بأن تجحدوا نبوة النبیّ و امامة علی و آلهما اه.
3- موه علیه الامر أو الخبر: زوره علیه و زخرفه و لبسه، أو بلغه خلاف ما هو.
4- ضغطه: عصره، و ضیق علیه. عقره: جرحه. نحره.
5- تزیلوا: تفرقوا، أی لو تمیزت ذریاتهم المؤمنات عن أصلابهم لعذب هؤلاء.
6- تفسیر الإمام العسكریّ: 92.

أَظْهَرُوا الْإِسْلَامِ وَ كَانُوا مُنَافِقِینَ وَ كَانُوا إِذَا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ وَ إِذَا لَقُوا الْیَهُودَ قَالُوا نَحْنُ مَعَكُمْ وَ كَانُوا یُخْبِرُونَ الْمُسْلِمِینَ بِمَا فِی التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ كُبَرَاؤُهُمْ وَ عُلَمَاؤُهُمْ أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ لِیُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَ وَ لا یَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ وَ مِنْهُمْ أَیْ مِنَ الْیَهُودِ أُمِّیُّونَ لا یَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِیَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ وَ كَانَ قَوْمٌ مِنْهُمْ یُحَرِّفُونَ التَّوْرَاةَ وَ أَحْكَامَهُ ثُمَّ یَدَّعُونَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِمْ فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ یَكْتُبُونَ الْكِتابَ الْآیَةَ وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَیَّاماً مَعْدُودَةً قَالَ بَنُو إِسْرَائِیلَ لَنْ نُعَذَّبَ إِلَّا الْأَیَّامَ الْمَعْدُودَاتِ الَّتِی عَبَدْنَا فِیهَا الْعِجْلَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ یَا مُحَمَّدُ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً الْآیَةَ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نَزَلَتْ فِی الْیَهُودِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (1).

«8»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام أَیْ وَ اذْكُرُوا یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ حِینَ أَخَذَ مِیثَاقَكُمْ أَیْ أَخَذَ الْمِیثَاقَ عَلَی أَسْلَافِكُمْ (2)وَ عَلَی كُلِّ مَنْ یَصِلُ إِلَیْهِ الْخَبَرُ بِذَلِكَ مِنْ أَخْلَافِهِمُ الَّذِینَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ لَا یَسْفِكْ بَعْضُكُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِیارِكُمْ أَیْ لَا یُخْرِجْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً مِنْ دِیَارِهِمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ الْمِیثَاقِ كَمَا أَقَرَّ بِهِ أَسْلَافُكُمْ وَ الْتَزَمْتُمُوهُ كَمَا الْتَزَمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ بِذَلِكَ الْمِیثَاقِ عَلَی أَسْلَافِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْیَهُودِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ یَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ تُخْرِجُونَ فَرِیقاً مِنْكُمْ مِنْ دِیارِهِمْ غَضَباً وَ قَهْراً تَظاهَرُونَ عَلَیْهِمْ یُظَاهِرُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً عَلَی إِخْرَاجِ مَنْ تُخْرِجُونَهُ مِنْ دِیَارِهِمْ وَ قَتْلِ مَنْ تَقْتُلُونَهُمْ بِغَیْرِ حَقٍّ (3)بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ بِالتَّعَدِّی تَتَعَاوَنُونَ وَ تَتَظَاهَرُونَ وَ إِنْ یَأْتُوكُمْ یَعْنِی

ص: 180


1- تفسیر القمّیّ: 42 و 43.
2- فی المصدر: و اذكروا یا بنی إسرائیل حین اخذنا میثاقكم علی أسلافكم.
3- فی المصدر: و قتل من تقتلونه منهم بغیر حق.

هَؤُلَاءِ الَّذِینَ تُخْرِجُونَهُمْ أَیْ تَرُومُونَ إِخْرَاجَهُمْ وَ قَتْلَهُمْ ظُلْماً إِنْ یَأْتُوكُمْ أُساری قَدْ أَسَرَهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ وَ أَعْدَاؤُهُمْ تُفادُوهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَیْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَعَادَ قَوْلَهُ إِخْراجُهُمْ وَ لَمْ یَقْتَصِرْ عَلَی أَنْ یَقُولَ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَیْكُمْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَرُئِیَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ إِنَّمَا هُوَ مُفَادَاتُهُمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ هُوَ الَّذِی أَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْمُفَادَاتِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ وَ هُوَ الَّذِی حَرَّمَ قَتْلَهُمْ وَ إِخْرَاجَهُمْ فَقَالَ فَإِذَا كَانَ قَدْ حَرَّمَ الْكِتَابُ قَتْلَ النُّفُوسِ وَ الْإِخْرَاجَ مِنَ الدِّیَارِ كَمَا فَرَضَ فِدَاءَ الْأُسَرَاءِ فَمَا بَالُكُمْ تُطِیعُونَ فِی بَعْضٍ وَ تَعْصُونَ فِی بَعْضِ كَأَنَّكُمْ بِبَعْضٍ كَافِرُونَ وَ بِبَعْضٍ مُؤْمِنُونَ ثُمَّ قَالَ فَما جَزاءُ مَنْ یَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ إِلَّا خِزْیٌ ذُلٌّ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا جِزْیَةٌ تُضْرَبُ عَلَیْهِ یُذَلُّ بِهَا وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یُرَدُّونَ إِلی أَشَدِّ الْعَذابِ إِلَی جِنْسِ أَشَدِّ الْعَذَابِ یَتَفَاوَتُ ذَلِكَ عَلَی قَدْرِ تَفَاوُتِ مَعَاصِیهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا یَعْمَلُونَ یَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودُ (1)ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ تَعَالَی أُولئِكَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الْحَیاةَ الدُّنْیا بِالْآخِرَةِ رَضُوا بِالدُّنْیَا وَ حُطَامِهَا بَدَلًا مِنْ نَعِیمِ الْجِنَانِ الْمُسْتَحَقِّ بِطَاعَاتِ اللَّهِ فَلا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ لَا یَنْصُرُهُمْ أَحَدٌ یَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ(2).

«9»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَی الْیَهُودَ فَقَالَ وَ لَمَّا جاءَهُمْ یَعْنِی هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ الَّذِینَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَ إِخْوَانَهُمْ مِنَ الْیَهُودِ جَاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْقُرْآنُ مُصَدِّقٌ ذَلِكَ الْكِتَابُ لِما مَعَهُمْ التَّوْرَاةِ (3)الَّتِی بُیِّنَ فِیهَا أَنَّ مُحَمَّداً الْأَمِینَ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ الْمُؤَیَّدَ بِخَیْرِ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَهُ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ وَ كانُوا یَعْنِی هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ مِنْ قَبْلُ ظُهُورِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بِالرِّسَالَةِ یَسْتَفْتِحُونَ یَسْأَلُونَ الْفَتْحَ وَ الظَّفَرَ عَلَی الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ الْمُنَاوِینَ لَهُمْ (4)وَ كَانَ اللَّهُ یَفْتَحُ لَهُمْ وَ یَنْصُرُهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَلَمَّا جاءَهُمْ أَیْ هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ ما

ص: 181


1- فی المصدر: أی یعمل هؤلاء الیهود.
2- تفسیر الإمام: 136 و 137.
3- فی المصدر: لما معهم من التوراة.
4- المناوین: المعادین.

عَرَفُوا مِنْ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صِفَتِهِ كَفَرُوا بِهِ جَحَدُوا نُبُوَّتَهُ حَسَداً لَهُ وَ بَغْیاً عَلَیْهِ (1).

أقول: سیأتی تمامه فی كتاب أحوال النبی ص.

«10»- م، تفسیر الإمام علیه السلام بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَی الْیَهُودَ وَ عَابَ فِعْلَهُمْ فِی كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَیْ اشْتَرَوْهَا بِالْهَدَایَا وَ الْفُضُولِ الَّتِی كَانَتْ تَصِلُ إِلَیْهِمْ وَ كَانَ اللَّهُ أَمَرَهُمْ بِشِرَائِهَا مِنَ اللَّهِ بِطَاعَتِهِمْ لَهُ لِیَجْعَلَ لَهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ الِانْتِفَاعَ بِهَا دَائِماً فِی نَعِیمِ الْآخِرَةِ فَلَمْ یَشْتَرُوهَا بَلِ اشْتَرَوْهَا بِمَا أَنْفَقُوهُ فِی عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَبْقَی لَهُمْ عِزُّهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ رِئَاسَتُهُمْ عَلَی الْجُهَّالِ وَ یَنَالُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَ أَصَابُوا الْفُضُولَاتِ مِنَ السَّفَلَةِ وَ صَرَفُوهُمْ عَنْ سَبِیلِ الرَّشَادِ وَ وَقَفُوهُمْ عَلَی طُرُقِ الضَّلَالاتِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْیاً أَیْ بِمَا أَنْزَلَ عَلَی مُوسَی مِنْ تَصْدِیقِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَغْیاً أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قَالَ وَ إِنَّمَا كَانَ كُفْرُهُمْ لِبَغْیِهِمْ وَ حَسَدِهِمْ لَهُ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِی أَبَانَ فِیهِ نُبُوَّتَهُ وَ أَظْهَرَ بِهِ آیَتَهُ وَ مُعْجِزَتَهُ ثُمَّ قَالَ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلی غَضَبٍ یَعْنِی رَجَعُوا وَ عَلَیْهِمُ الْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ عَلَی غَضَبٍ فِی أَثَرِ غَضَبٍ وَ الْغَضَبُ الْأَوَّلُ حِینَ كَذَّبُوا بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ الْغَضَبُ الثَّانِی حِینَ كَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَ الْغَضَبُ الْأَوَّلُ أَنْ جَعَلَهُمْ قِرَدَةً خَاسِئِینَ وَ لَعَنَهُمْ عَلَی لِسَانِ عِیسَی علیه السلام وَ الْغَضَبُ الثَّانِی حِینَ سَلَّطَ عَلَیْهِمْ سُیُوفَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ أُمَّتِهِ حَتَّی ذَلَّلَهُمْ بِهَا فَإِمَّا دَخَلُوا فِی الْإِسْلَامِ طَائِعِینَ وَ إِمَّا أَدَّوُا الْجِزْیَةَ صَاغِرِینَ دَاخِرِینَ(2).

«11»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام وَ إِذَا قِیلَ لِهَؤُلَاءِ الْیَهُودِ الَّذِینَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَی الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ الْأَحْكَامِ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَیْنا مِنَ التَّوْرَاةِ وَ یَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ یَعْنِی مَا سِوَاهُ لَا یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ الَّذِی یَقُولُ

ص: 182


1- تفسیر الإمام العسكریّ: 158.
2- تفسیر الإمام العسكریّ: 162.

هَؤُلَاءِ الْیَهُودُ إِنَّهُ وَرَاءَهُ هُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ هُوَ النَّاسِخُ لِلْمَنْسُوخِ الَّذِی تَقَدَّمَهُ (1)قَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ وَ لِمَ كَانَ یَقْتُلُ أَسْلَافُكُمْ أَنْبِیاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ بِالتَّوْرَاةِ أَیْ لَیْسَ فِی التَّوْرَاةِ الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْأَنْبِیَاءِ (2)فَإِذَا كُنْتُمْ تَقْتُلُونَ الْأَنْبِیَاءَ فَمَا آمَنْتُمْ بِمَا أُنْزِلَ عَلَیْكُمْ مِنَ التَّوْرَاةِ لِأَنَّ فِیهَا تَحْرِیمَ قَتْلِ الْأَنْبِیَاءِ وَ كَذَلِكَ إِذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ وَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَیْهِ وَ هُوَ الْقُرْآنُ وَ فِیهِ الْأَمْرُ بِالْإِیمَانِ بِهِ فَأَنْتُمْ مَا آمَنْتُمْ بَعْدُ بِالتَّوْرَاةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَی أَنَّ مَنْ لَا یُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ فَمَا آمَنَ بِالتَّوْرَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْإِیمَانَ بِهِمَا لَا یَقْبَلُ الْإِیمَانَ بِأَحَدِهِمَا إِلَّا مَعَ الْإِیمَانِ بِالْآخَرِ (3).

«12»- م، تفسیر الإمام علیه السلام أَمْ تُرِیدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی علیهما السلام أَمْ تُرِیدُونَ بَلْ تُرِیدُونَ (4) یَا كُفَّارَ قُرَیْشٍ وَ الْیَهُودِ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ مَا تَقْتَرِحُونَهُ مِنَ الْآیَاتِ الَّتِی لَا تَعْلَمُونَ هَلْ فِیهَا صَلَاحُكُمْ أَوْ فَسَادُكُمْ كَما سُئِلَ مُوسی مِنْ قَبْلُ وَ اقْتُرِحَ عَلَیْهِ لِمَا قِیلَ لَهُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ مَنْ یَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِیمانِ بَعْدَ جَوَابِ الرَّسُولِ لَهُ أَنَّ مَا سَأَلَهُ لَا یَصْلُحُ اقْتِرَاحُهُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ (5) وَ بَعْدَ مَا یُظْهِرُ اللَّهُ لَهُ مَا اقْتَرَحَ إِنْ كَانَ صَوَاباً وَ مَنْ یَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِیمانِ بِأَنْ لَا یُؤْمِنَ عَنْ مُشَاهَدَةِ مَا اقْتَرَحَ مِنَ الْآیَاتِ أَوْ لَا یُؤْمِنَ إِذَا عَرَفَ أَنْ لَیْسَ لَهُ أَنْ یَقْتَرِحَ وَ أَنَّهُ یَجِبُ أَنْ یَكْتَفِیَ بِمَا قَدْ أَقَامَهُ اللَّهُ مِنَ الدَّلَالاتِ وَ أَوْضَحَ مِنَ الْبَیِّنَاتِ فَیَتَبَدَّلَ الْكُفْرَ بِالْإِیمَانِ بِأَنْ یُعَانِدَ وَ یَلْتَزِمَ الْحُجَّةَ الْقَائِمَةَ عَلَیْهِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ أَخْطَأَ قَصْدَ الطُّرُقِ الْمُؤَدِّیَةِ إِلَی الْجِنَانِ وَ أَخَذَ فِی الطُّرُقِ الْمُؤَدِّیَةِ إِلَی النِّیرَانِ (6).

ص: 183


1- فی المصدر و فی نسخة من الكتاب: الذی قدمه اللّٰه تعالی.
2- فی نسخة: أی لیست التوراة الامر بقتل الأنبیاء.
3- تفسیر الإمام: 163.
4- فی المصدر: أی بل تریدون.
5- فی المصدر: لا یصلح اقتراحه علی اللّٰه.
6- تفسیر الإمام العسكریّ: 203.

«13»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَدَّ كَثِیرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام وَدَّ كَثِیرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ یَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِیمانِكُمْ كُفَّاراً بِمَا یُورِدُونَهُ عَلَیْكُمْ مِنَ الشُّبَهِ حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لَكُمْ بِأَنْ أَكْرَمَكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ الْمُعْجِزَاتُ (1)الدَّالَّاتُ عَلَی صِدْقِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَضْلِ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا عَنْ جَهْلِهِمْ وَ قَابِلُوهُمْ بِحُجَجِ اللَّهِ وَ ادْفَعُوا بِهَا أَبَاطِیلَهُمْ حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ فِیهِمْ بِالْقَتْلِ یَوْمَ مَكَّةَ فَحِینَئِذٍ تُجْلُونَهُمْ مِنْ بَلَدِ مَكَّةَ وَ مِنْ جَزِیرَةِ الْعَرَبِ وَ لَا تُقِرُّونَ بِهَا كَافِراً إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ لِقُدْرَتِهِ عَلَی الْأَشْیَاءِ قَدَرَ عَلَی مَا هُوَ أَصْلَحُ لَكُمْ فِی تَعَبُّدِهِ إِیَّاكُمْ مِنْ مُدَارَاتِهِمْ وَ مُقَابَلَتِهِمْ بِالْجِدَالِ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ (2)

أقول: و سیأتی تمامه فی أبواب أحوال أصحاب النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

«14»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلی شَیْ ءٍ وَ قالَتِ النَّصاری لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلی شَیْ ءٍ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلی شَیْ ءٍ مِنَ الدِّینِ بَلْ دِینُهُمْ بَاطِلٌ وَ كُفْرٌ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْكِتابَ التَّوْرَاةَ وَ قالَتِ النَّصاری لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلی شَیْ ءٍ مِنَ الدِّینِ بَلْ دِینُهُمْ بَاطِلٌ وَ كُفْرٌ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْكِتابَ الْإِنْجِیلَ- (3) فَقَالَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ مُقَلِّدُون بِلَا حُجَّةٍ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْكِتَابَ فَلَا یَتَأَمَّلُونَهُ لِیَعْمَلُوا بِمَا یُوجِبُهُ فَیَتَخَلَّصُوا مِنَ الضَّلَالَةِ ثُمَّ قَالَ كَذلِكَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِیهِ مِنْ حَیْثُ أَمَرَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ هُمْ مُخْتَلِفُونَ كَقَوْلِ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَؤُلَاءِ یُكَفِّرُ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ یُكَفِّرُ هَؤُلَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَاللَّهُ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما كانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ فِی الدُّنْیَا یُبَیِّنُ ضَلَالَهُمْ وَ فِسْقَهُمْ وَ یُجَازِی كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ وَ قَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِنَّمَا أُنْزِلَتِ الْآیَةُ لِأَنَّ قَوْماً

ص: 184


1- فی المصدر: من بعد ما تبین لهم الحق بالمعجزات.
2- تفسیر الإمام: 212.
3- راجع المصدر فانه خال عن جملة: و هم یتلون الكتاب الإنجیل.

مِنَ الْیَهُودِ وَ قَوْماً مِنَ النَّصَارَی جَاءُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ اقْضِ بَیْنَنَا فَقَالَ قُصُّوا عَلَیَّ قِصَّتَكُمْ فَقَالَتِ الْیَهُودُ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ الْحَكِیمِ وَ أَوْلِیَائِهِ وَ لَیْسَتِ النَّصَارَی عَلَی شَیْ ءٍ مِنَ الدِّینِ وَ الْحَقِّ وَ قَالَتِ النَّصَارَی بَلْ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ الْحَكِیمِ وَ لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلَی شَیْ ءٍ مِنَ الدِّینِ وَ الْحَقِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّكُمْ مُخْطِئُونَ مُبْطِلُونَ فَاسِقُونَ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ فَقَالَتِ الْیَهُودُ فَكَیْفَ نَكُونُ كَافِرِینَ وَ فِینَا كِتَابُ اللَّهِ التَّوْرَاةُ نَقْرَؤُهُ فَقَالَتِ النَّصَارَی كَیْفَ نَكُونُ كَافِرِینَ وَ لَنَا كِتَابُ اللَّهِ الْإِنْجِیلُ نَقْرَؤُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّكُمْ خَالَفْتُمْ أَیُّهَا الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی كِتَابَ اللَّهِ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ فَلَوْ كُنْتُمْ عَامِلِینَ بِالْكِتَابَیْنِ لَمَا كَفَّرَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِغَیْرِ حُجَّةٍ لِأَنَّ كُتَبَ اللَّهِ أَنْزَلَهَا شِفَاءً مِنَ الْعَمَی(الغیّ خ ل) وَ بَیَاناً مِنَ الضَّلَالَةِ یَهْدِی الْعَامِلِینَ بِهَا إِلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ وَ كِتَابُ اللَّهِ إِذَا لَمْ تَعْمَلُوا بِمَا كَانَ فِیهِ كَانَ وَبَالًا عَلَیْكُمْ (1)وَ حُجَّةُ اللَّهِ إِذَا لَمْ تَنْقَادُوا لَهَا كُنْتُمْ لِلَّهِ عَاصِینَ وَ لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِینَ ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْیَهُودِ وَ قَالَ احْذَرُوا أَنْ یَنَالَكُمْ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ وَ خِلَافِ كِتَابِ اللَّهِ مَا أَصَابَ أَوَائِلَكُمُ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِیهِمْ فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ وَ أُمِرُوا بِأَنْ یَقُولُوهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَنْزَلْنا عَلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ عَذَاباً مِنَ السَّمَاءِ طَاعُوناً نَزَلَ بِهِمْ فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً ثُمَّ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ (2)مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً أَیْضاً وَ كَانَ خِلَافُهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَنْ بَلَغُوا الْبَابَ رَأَوْا بَاباً مُرْتَفِعاً فَقَالُوا مَا بَالُنَا نَحْتَاجُ أَنْ نَرْكَعَ عِنْدَ الدُّخُولِ هَاهُنَا ظَنَنَّا أَنَّهُ بَابٌ مُتَطَأْمِنٌ (3)لَا بُدَّ مِنَ الرُّكُوعِ فِیهِ وَ هَذَا بَابٌ مُرْتَفِعٌ إِلَی مَتَی یَسْخَرُ بِنَا هَؤُلَاءِ یَعْنُونَ مُوسَی وَ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ یُسْجِدُونَّا فِی الْأَبَاطِیلِ وَ جَعَلُوا إستاهم (أَسْتَاهَهُمْ) نَحْوَ الْبَابِ وَ قَالُوا بَدَلَ قَوْلِهِمْ حِطَّةٌ الَّذِی أُمِرُوا بِهِ همطا سمقانا (4)یَعْنُونَ حِنْطَةً حَمْرَاءَ فَذَلِكَ تَبْدِیلُهُمْ (5).

ص: 185


1- فی المصدر: و كتاب اللّٰه إذا لم تعملوا به كان وبالا علیكم.
2- فی المصدر: ثم أخذهم بعد قباع فمات إه. و حكی عنه كذلك أیضا فی البرهان.
3- فی النسخة: المقروءة علی المصنّف: انه باب منحط إه. و المتطامن: المنخفض.
4- فی النسخة المقروءة علی المصنّف: هطاسمقانا، و فی المصدر فی طبعیه: همطاشمقاثا. و حكاه فی البرهان هكذا: هطا سمقاثا.
5- تفسیر الإمام: 226 و 227.

«15»- فس، تفسیر القمی وَ أُشْرِبُوا فِی قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ أَیْ أَحَبُّوا الْعِجْلَ حَتَّی عَبَدُوهُ ثُمَّ قَالُوا نَحْنُ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ كُنْتُمْ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ كَمَا تَقُولُونَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ لِأَنَّ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ أَنَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ یَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ قَوْلُهُ تَعَالَی قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ الْآیَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی الْیَهُودِ الَّذِینَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ لَنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَصْدِقَاءَ وَ أَعْدَاءً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَدِیقُكُمْ وَ مَنْ عَدُوُّكُمْ قَالُوا جَبْرَئِیلُ عَدُوُّنَا لِأَنَّهُ یَأْتِی بِالْعَذَابِ وَ لَوْ كَانَ الَّذِی نَزَلَ عَلَیْكَ مِیكَائِیلُ لَآمَنَّا بِكَ فَإِنَّ مِیكَائِیلَ صَدِیقُنَا وَ جَبْرَئِیلَ مَلَكُ الْفَظَاظَةِ وَ الْعَذَابِ وَ مِیكَائِیلُ مَلَكُ الرَّحْمَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ إِلَی قَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِینَ (1).

«16»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لَمَّا آمَنَ الْمُؤْمِنُونَ وَ قَبِلَ وَلَایَةَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ علیهما السلام الْعَاقِلُونَ وَ صَدَّ عَنْهُمَا الْمُعَانِدُونَ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً أَعْدَاءً یَجْعَلُونَهُمْ لِلَّهِ أَمْثَالًا یُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ یُحِبُّونَ تِلْكَ الْأَنْدَادَ مِنَ الْأَصْنَامِ كَحُبِّهِمْ لِلَّهِ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَّخِذِینَ الْأَنْدَادَ مَعَ اللَّهِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِینَ یَرَوْنَ الرُّبُوبِیَّةَ لِلَّهِ لَا یُشْرِكُونَ (2)ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ وَ لَوْ یَرَی الَّذِینَ ظَلَمُوا بِاتِّخَاذِ الْأَصْنَامِ أَنْدَاداً وَ اتِّخَاذِ الْكُفَّارِ وَ الْفُجَّارِ أَمْثَالًا لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا إِذْ یَرَوْنَ الْعَذابَ الْوَاقِعَ بِهِمْ لِكُفْرِهِمْ وَ عِنَادِهِمْ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ (3)لَعَلِمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ یُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ وَ یُكْرِمُ مَنْ یَشَاءُ لَا قُوَّةَ لِلْكُفَّارِ یَمْتَنِعُونَ بِهَا عَنْ عَذَابِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعَذابِ وَ لَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقَابِ لِمَنِ اتَّخَذَ الْأَنْدَادَ مَعَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا الرُّؤَسَاءُ مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا الرَّعَایَا وَ الْأَتْبَاعِ (4)وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ فَنِیَتْ حِیَلُهُمْ وَ لَا

ص: 186


1- تفسیر القمّیّ: 46.
2- فی المصدر: یرون الربوبیة للّٰه وحده لا یشركون به.
3- فی المصدر: أن القوّة للّٰه جمیعا.
4- فی المصدر: ثم قال: «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا» لو رأی هؤلاء الكفّار الذین اتخذوا الانداد حین یتبرأ الذین اتبعوا الرؤساء «مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا» الرعایا و الاتباع «وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ».

یَقْدِرُونَ عَلَی النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بِشَیْ ءٍ وَ قالَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا الْأَتْبَاعُ لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً یَتَمَنَّوْنَ لَوْ كَانَ لَهُمْ رَجْعَةٌ إِلَی الدُّنْیَا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ هُنَاكَ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا هُنَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَذلِكَ كَمَا تَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ یُرِیهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَیْهِمْ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا فِی الدُّنْیَا لِغَیْرِ اللَّهِ فَیَرَوْنَ أَعْمَالَ غَیْرِهِمُ الَّتِی كَانَتْ لِلَّهِ قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ ثَوَابَ أَهْلِهَا وَ رَأَوْا أَعْمَالَ أَنْفُسِهِمْ لَا ثَوَابَ لَهَا إِذْ كَانَتْ لِغَیْرِ اللَّهِ وَ كَانَتْ عَلَی غَیْرِ الْوَجْهِ الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنَ النَّارِ عَذَابُهُمْ سَرْمَدٌ دَائِمٌ إِذْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ كُفْراً لَا یَلْحَقُهُمْ شَفَاعَةُ نَبِیٍّ وَ لَا وَصِیٍّ وَ لَا خَیِّرٍ مِنْ خِیَارِ شِیعَتِهِمْ (1).

«17»- فس، تفسیر القمی وَ مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِی یَنْعِقُ الْآیَةَ فَإِنَّ الْبَهَائِمَ إِذَا زَجَرَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهَا تَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ لَا تَدْرِی مَا یُرِیدُ وَ كَذَلِكَ الْكُفَّارُ إِذَا قَرَأْتَ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ وَ عَرَضْتَ عَلَیْهِمُ الْإِیمَانَ لَا یَعْلَمُونَ مِثْلَ الْبَهَائِمِ (2).

«18»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا فِی عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ وَ اتِّخَاذِهِمُ الْأَنْدَادَ مِنْ دُونِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا كَمَثَلِ الَّذِی یَنْعِقُ بِما لا یَسْمَعُ یَصُوتُ بِمَا لَا یَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً لَا یَفْهَمُ مَا یُرَادُ مِنْهُ فیتعب (فَیُغِیثَ) الْمُسْتَغِیثَ بِهِ وَ یُعِینَ مَنِ اسْتَغَاثَهُ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ مِنَ الْهُدَی فِی اتِّبَاعِهِمُ الْأَنْدَادَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْأَضْدَادَ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ الَّذِینَ سَمَّوْهُمْ بِأَسْمَاءِ خِیَارِ خُلَفَاءِ اللَّهِ وَ لَقَّبُوهُمْ بِأَلْقَابِ أَفَاضِلِ الْأَئِمَّةِ الَّذِینَ نَصَبَهُمُ اللَّهُ لِإِقَامَةِ دِینِ اللَّهِ فَهُمْ لا یَعْقِلُونَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام هَذَا فِی عُبَّادِ الْأَصْنَامِ وَ فِی النُّصَّابِ لِأَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیِّ اللَّهِ هُمْ أَتْبَاعُ إِبْلِیسَ وَ عُتَاةُ مَرَدَتِهِ سَوْفَ یُصَیِّرُونَهُمْ إِلَی الْهَاوِیَةِ (3).

«19»- م، تفسیر الإمام علیه السلام لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَنْ فَضَّلَ عَلِیّاً وَ أَخْبَرَ عَنْ جَلَالَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَبَانَ عَنْ فَضَائِلِ شِیعَتِهِ وَ أَنْصَارِ دَعْوَتِهِ وَ وَبَّخَ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی عَلَی كُفْرِهِمْ وَ

ص: 187


1- تفسیر الإمام: 241.
2- تفسیر القمّیّ: 55.
3- تفسیر القمّیّ: 243.

كِتْمَانِهِمْ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فِی كُتُبِهِمْ (1)بِفَضَائِلِهِمْ وَ مَحَاسِنِهِمْ فَخَرَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی عَلَیْهِمْ فَقَالَ الْیَهُودُ قَدْ صَلَّیْنَا إِلَی قِبْلَتِنَا هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْكَثِیرَةَ وَ فِینَا مَنْ یُحْیِی اللَّیْلَ صَلَاةً إِلَیْهَا وَ هِیَ قِبْلَةُ مُوسَی الَّتِی أَمَرَنَا بِهَا وَ قَالَتِ النَّصَارَی قَدْ صَلَّیْنَا إِلَی قِبْلَتِنَا هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْكَثِیرَةَ وَ فِینَا مَنْ یُحْیِی اللَّیْلَ صَلَاةً إِلَیْهَا وَ هِیَ قِبْلَةُ عِیسَی الَّتِی أَمَرَنَا بِهَا وَ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِیقَیْنِ أَ تَرَی رَبَّنَا یُبْطِلُ أَعْمَالَنَا هَذِهِ الْكَثِیرَةَ وَ صَلَاتَنَا إِلَی قِبْلَتِنَا لِأَنَّا لَا نَتَّبِعُ مُحَمَّداً عَلَی هَوَاهُ فِی نَفْسِهِ وَ أَخِیهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُحَمَّدُ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ لَیْسَ الْبِرَّ الطَّاعَةَ الَّتِی تَنَالُونَ بِهَا الْجِنَانَ وَ تَسْتَحِقُّونَ بِهَا الْغُفْرَانَ وَ الرِّضْوَانَ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ بِصَلَاتِكُمْ أَیُّهَا النَّصَارَی وَ قِبَلَ الْمَغْرِبِ أَیُّهَا الْیَهُودُ وَ أَنْتُمْ لِأَمْرِ اللَّهِ مُخَالِفُونَ وَ عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ مُغْتَاظُونَ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ بِأَنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ یُعَظِّمُ مَنْ یَشَاءُ وَ یُكْرِمُ مَنْ یَشَاءُ وَ یُهِینُ مَنْ یَشَاءُ وَ یُذِلُّهُ لَا رَادَّ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ آمَنَ بِالْیَوْمِ الْآخِرِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ الَّتِی أَفْضَلُ مَنْ یُوَافِیهَا مُحَمَّدٌ سَیِّدُ النَّبِیِّینَ وَ بَعْدَهُ عَلِیٌّ أَخُوهُ وَ صَفِیُّهُ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ الَّتِی لَا یَحْضُرُهَا مِنْ شِیعَةِ مُحَمَّدٍ أَحَدٌ إِلَّا أَضَاءَتْ فِیهَا أَنْوَارُهُ فَصَارَ فِیهَا إِلَی جَنَّاتِ النَّعِیمِ هُوَ وَ إِخْوَانُهُ (2)وَ أَزْوَاجُهُ وَ ذُرِّیَّاتُهُ وَ الْمُحْسِنُونَ إِلَیْهِ وَ الدَّافِعُونَ فِی الدُّنْیَا عَنْهُ وَ لَا یَحْضُرُهَا مِنْ أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ أَحَدٌ إِلَّا غَشِیَتْهُ ظُلُمَاتُهَا فَیَسِیرُ (3)فِیهَا إِلَی الْعَذَابِ الْأَلِیمِ هُوَ وَ شُرَكَاؤُهُ فِی عَقْدِهِ وَ دِینِهِ وَ مَذْهَبِهِ وَ الْمُتَقَرِّبُونَ كَانُوا فِی الدُّنْیَا إِلَیْهِ مِنْ غَیْرِ تَقِیَّةٍ لَحِقَتْهُمْ مِنْهُ الْخَبَرَ (4).

«20»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْآیَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالتَّقْوَی سِرّاً وَ عَلَانِیَةً أَخْبَرَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ فِی النَّاسِ مَنْ یُظْهِرُهَا وَ یُسِرُّ خِلَافَهَا وَ یَنْطَوِی عَلَی مَعَاصِی اللَّهِ فَقَالَ

ص: 188


1- فی المصدر: و كتمانهم لذكر محمّد و علی و آلهما فی كتبهم.
2- فی نسخة من الكتاب و المصدر: و أخواته.
3- فی المصدر: فیصیر.
4- تفسیر الإمام: 248.

یَا مُحَمَّدُ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ بِإِظْهَارِهِ تِلْكَ الدِّینَ وَ الْإِسْلَامَ (1) وَ تَزَیُّنِهِ فِی حَضْرَتِكَ بِالْوَرَعِ وَ الْإِحْسَانِ وَ یُشْهِدُ اللَّهَ عَلی ما فِی قَلْبِهِ بِأَنْ یَحْلِفَ لَكَ بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُخْلِصٌ مُصَدِّقٌ لِقَوْلِهِ بِعَمَلِهِ وَ إِذا تَوَلَّی عَنْكَ أَدْبَرَ سَعی فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیها وَ یَعْصِیَ بِالْكُفْرِ الْمُخَالِفِ لِمَا أَظْهَرَ لَكَ وَ الظُّلْمِ الْمُبَایِنِ لِمَا وَعَدَ مِنْ نَفْسِهِ بِحَضْرَتِكَ وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ بِأَنْ یُحْرِقَهُ أَوْ یُفْسِدَهُ وَ النَّسْلَ بِأَنْ یَقْتُلَ الْحَیَوَانَاتِ فَیَقْطَعَ نَسْلَهَا وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسادَ لَا یَرْضَی بِهِ وَ لَا یَتْرُكُ أَنْ یُعَاقِبَ عَلَیْهِ وَ إِذا قِیلَ لَهُ لِهَذَا الَّذِی یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ اتَّقِ اللَّهَ وَ دَعْ سُوءَ صَنِیعِكَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ الَّذِی هُوَ مُحْتَقِبُهُ (2)فَیَزْدَادُ إِلَی شَرِّهِ شَرّاً وَ یُضِیفُ إِلَی ظُلْمِهِ ظُلْماً فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ جَزَاءً لَهُ عَلَی سُوءِ فِعْلِهِ وَ عَذَاباً وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ تَمْهِیدُهَا وَ یَكُونُ دَائِماً فِیهَا (3).

«21»- فس، تفسیر القمی وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ قَالَ الْحَرْثُ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ الدِّینُ وَ النَّسْلُ النَّاسُ وَ نَزَلَتْ فِی الثَّانِی وَ یُقَالُ فِی مُعَاوِیَةَ (4).

«22»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ بَشَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا قَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ هُمُ الذُّرِّیَّةُ وَ الْحَرْثُ الزَّرْعُ (5).

«23»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُمَا عَنْ قَوْلِهِ وَ إِذا تَوَلَّی سَعی فِی الْأَرْضِ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ فَقَالَ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَ الْحَرْثُ الْأَرْضُ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْحَرْثُ الذُّرِّیَّةُ (6).

«24»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ (7) عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ إِذا تَوَلَّی

ص: 189


1- فی المصدر: و باظهاره لك الدین و الإسلام و تزیینه بحضرتك.
2- احتقب الاثم: جمعه. و فی المصدر: هو مختفیه.
3- تفسیر الإمام: 260، و فیه: «وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ» مهدها.
4- تفسیر القمّیّ: 61.
5- مخطوط.
6- مخطوط.
7- السبیعی بفتح السین منسوب إلی سبیع و هو بطن من همدان، و الرجل هو أبو إسحاق عمرو بن عبد اللّٰه بن علی السبیعی الهمدانیّ الكوفیّ من أعیان التابعین رأی علیّا علیه السلام و كان كثیر الروایة، ولد سنة 29 فی خلافة عثمان، و مات سنة 127، و قیل فی 128 و 129 و 132 ترجمه الشیخ فی رجاله فی باب أصحاب أمیر المؤمنین و الحسن علیهما السلام.

سَعی فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیها وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ بِظُلْمِهِ وَ سُوءِ سِیرَتِهِ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسادَ (1)

«25»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ قَالَ اللَّدُّ الْخُصُومَةُ (2).

«26»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی سَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ كَمْ آتَیْناهُمْ مِنْ آیَةٍ بَیِّنَةٍ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ جَحَدَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ(3).

«27»- فس، تفسیر القمی ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ أَیْ أَنْتُمْ یَا هَؤُلَاءِ حاجَجْتُمْ فِیما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ یَعْنِی بِمَا فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِیما لَیْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ یَعْنِی بِمَا فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَوْلُهُ تَعَالَی وَ تَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَیْ تَعْلَمُونَ مَا فِی التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَكْتُمُونَهُ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الْآیَةَ قَالَ نَزَلَتْ فِی قَوْمٍ مِنَ الْیَهُودِ قَالُوا آمَنَّا بِالَّذِی جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْغَدَاةِ وَ كَفَرُوا بِهِ بِالْعَشِیِّ.

-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِی أُنْزِلَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ وَ هُوَ یُصَلِّی نَحْوَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَعْجَبَ ذَلِكَ الْیَهُودَ فَلَمَّا صَرَفَهُ اللَّهُ عَنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَی الْبَیْتِ الْحَرَامِ وَجَدَتِ الْیَهُودُ مِنْ ذَلِكَ وَ كَانَ صَرْفُ الْقِبْلَةِ فِی صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَالُوا صَلَّی مُحَمَّدٌ الْغَدَاةَ وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَآمِنُوا بِالَّذِی أُنْزِلَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَجْهَ النَّهَارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ یَعْنُونَ الْقِبْلَةَ حِینَ اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ إِلَی قِبْلَتِنَا (4).

«28»- فس، تفسیر القمی ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَیْسَ عَلَیْنا فِی الْأُمِّیِّینَ سَبِیلٌ فَإِنَّ الْیَهُودَ قَالُوا یَحِلُّ لَنَا أَنْ نَأْخُذَ مَالَ الْأُمِّیِّینَ وَ الْأُمِّیُّونَ الَّذِینَ لَیْسَ مَعَهُمْ كِتَابٌ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ

ص: 190


1- مخطوط.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- تفسیر القمّیّ: 94 و 95.

فَقَالَ وَ یَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِیلًا قَالَ یَتَقَرَّبُونَ إِلَی النَّاسِ بِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ فَیَأْخُذُونَ مِنْهُمْ وَ یَخُونُونَهُمْ وَ مَا هُمْ بِمُسْلِمِینَ عَلَی الْحَقِیقَةِ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقاً یَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ الْآیَةَ قَالَ كَانَ الْیَهُودُ یَقْرَءُونَ شَیْئاً لَیْسَ فِی التَّوْرَاةِ وَ یَقُولُونَ هُوَ فِی التَّوْرَاةِ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ قَوْلُهُ ما كانَ لِبَشَرٍ الْآیَةَ أَیْ إِنَّ عِیسَی لَمْ یَقُلْ لِلنَّاسِ إِنِّی خَلَقْتُكُمْ فَكُونُوا عِبَاداً لِی مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لَكِنْ قَالَ لَهُمْ كُونُوا رَبَّانِیِّینَ أَیْ عُلَمَاءَ قَوْلُهُ وَ لا یَأْمُرَكُمْ الْآیَةَ قَالَ كَانَ قَوْمٌ یَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَ قَوْمٌ مِنَ النَّصَارَی زَعَمُوا أَنَّ عِیسَی رَبٌّ وَ الْیَهُودُ قَالُوا عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ لا یَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِیِّینَ أَرْباباً (1)

«29»- فس، تفسیر القمی أَ فَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ قَالَ أَ غَیْرَ هَذَا الَّذِی قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تُقِرُّوا بِمُحَمَّدٍ وَ وَصِیِّهِ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً أَیْ فَرَقاً مِنَ السَّیْفِ (2).

«30»- فس، تفسیر القمی كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ الْآیَةَ قَالَ إِنَّ یَعْقُوبَ كَانَ یُصِیبُهُ عِرْقُ النَّسَا فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْجَمَلِ فَقَالَتِ الْیَهُودُ إِنَّ لَحْمَ الْجَمَلِ مُحَرَّمٌ فِی التَّوْرَاةِ (3)فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ إِنَّمَا حَرَّمَ هَذَا إِسْرَائِیلُ عَلَی نَفْسِهِ وَ لَمْ یُحَرِّمْهُ عَلَی النَّاسِ (4).

«31»- شی، تفسیر العیاشی ابْنُ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ لُحُومَ الْإِبِلِ هَیَّجَ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ یُحَرِّمْهُ (5)وَ لَمْ یَأْكُلْهُ(6).

ص: 191


1- تفسیر القمّیّ: 95 و 96.
2- تفسیر القمّیّ: 97. قوله: فرقا من السیف أی خوفا و فزعا منه.
3- فی المصدر: محرم علی بنی إسرائیل فی التوراة.
4- تفسیر القمّیّ: 97.
5- قوله: فلما أنزلت التوراة لم یحرمه إه لا یخلو بظاهره عن غرابة، لان الظاهر أن الضمیر یرجع الی إسرائیل أی یعقوب، و هو كان قبل موسی و نزول التوراة بكثیر، فلذا أرجع المصنّف الضمیر إلی موسی، راجع الحدیث تحت رقم 46.
6- مخطوط.

«32»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِ اللَّهِ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِی بِالْبَیِّناتِ وَ بِالَّذِی قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ تَقْتُلُوا وَ لَكِنْ لَقَدْ كَانَ هَوَاهُمْ مَعَ الَّذِینَ قَتَلُوا فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ قَاتِلِینَ لِمُتَابَعَةِ هَوَاهُمْ وَ رِضَاهُمْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ (1).

«33»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَاتُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِی بِالْبَیِّناتِ وَ بِالَّذِی قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ قَدْ عَلِمَ أَنْ قَالُوا وَ اللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَ لَا شَهِدْنَا قَالَ وَ إِنَّمَا قِیلَ لَهُمُ ابْرَءُوا مِمَّنْ قَتَلَهُمْ فَأَبَوْا (2).

«34»- فس، تفسیر القمی لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِیرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِیاءُ قَالَ وَ اللَّهِ مَا رَأَوُا اللَّهَ فَیَعْلَمُونَ أَنَّهُ فَقِیرٌ وَ لَكِنَّهُمْ رَأَوْا أَوْلِیَاءَ اللَّهِ فُقَرَاءَ فَقَالُوا لَوْ كَانَ اللَّهُ غَنِیّاً لَأَغْنَی أَوْلِیَاءَهُ فَافْتَخَرُوا عَلَی اللَّهِ بِالْغِنَی وَ أَمَّا قَوْلُهُ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَیْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّی یَأْتِیَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ فَكَانَ عِنْدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ طَسْتٌ كَانُوا یُقَرِّبُونَ فِیهِ الْقُرْبَانَ (3)فَیَضَعُونَهُ فِی الطَّسْتِ فَتَجِی ءُ نَارٌ فَتَقَعُ فِیهِ فَتُحْرِقُهُ فَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَأْتِیَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ كَمَا كَانَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِی بِالْبَیِّناتِ وَ بِالَّذِی قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَیِّناتِ الْآیَاتِ وَ الزُّبُرِ هُوَ كُتُبُ الْأَنْبِیَاءِ (4)وَ الْكِتابِ الْمُنِیرِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ(5).

«35»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَخَذَ

ص: 192


1- مخطوط.
2- مخطوط.
3- فی المصدر: و كانوا یقربون القربان.
4- فی المصدر: هو كتب الأنبیاء بالنبوة.
5- تفسیر القمّیّ: 116.

مِیثَاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ إِذَا خَرَجَ وَ لَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ یَقُولُ نَبَذُوا عَهْدَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا فَبِئْسَ ما یَشْتَرُونَ

«36»- شی، تفسیر العیاشی عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا یَا أَیُّهَا الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ فِی عَلِیٍّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَی أَعْقَابِهَا الْآیَةَ فَأَمَّا قَوْلُهُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ یَعْنِی مُصَدِّقاً بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1).

«37»- فس، تفسیر القمی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ یُزَكِّی مَنْ یَشاءُ قَالَ هُمُ الَّذِینَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِالصِّدِّیقِ وَ الْفَارُوقِ وَ ذِی النُّورَیْنِ قَوْلُهُ وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا قَالَ الْقِشْرَةُ الَّتِی تَكُونُ عَلَی النَّوَاةِ ثُمَّ كَنَّی عَنْهُمْ فَقَالَ انْظُرْ كَیْفَ یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ وَ قَوْلُهُ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلًا قَالَ نَزَلَتْ فِی الْیَهُودِ حِینَ سَأَلَهُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ فَقَالُوا أَ دِینُنُا أَفْضَلُ أَمْ دِینُ مُحَمَّدٍ قَالُوا بَلَی دِینُكُمْ أَفْضَلُ وَ قَدْ رُوِیَ فِیهِ أَیْضاً أَنَّهَا نَزَلَتْ فِی الَّذِینَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَ حَسَدُوا مَنْزِلَتَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ أُولئِكَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ یَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیراً أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً یَعْنِی النُّقْطَةَ الَّتِی فِی ظَهْرِ النَّوَاةِ ثُمَّ قَالَ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ یَعْنِی بِالنَّاسِ هُنَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام عَلی ما

ص: 193


1- الحدیث من الآحاد التی وردت فی تحریف القرآن، و هو لا یوجب علما و لا عملا، علی ان الرجالیین ضعفوا عمرو بن شمر قال النجاشیّ: عمرو بن شمر أبو عبد اللّٰه الجعفی عربی، روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ضعیف جدا، زید أحادیث فی كتب جابر الجعفی ینسب بعضها إلیه، و الامر ملتبس انتهی. و قال العلامة فی الخلاصة بعد ما سرد كلام النجاشیّ: فلا أعتمد علی شی ء مما یرویه. و قال النجاشیّ فی ترجمة جابر: جابر بن یزید أبو عبد اللّٰه و قیل أبو محمّد الجعفی عربی قدیم، لقی ابا جعفر و أبا عبد اللّٰه علیهما السلام، و مات فی أیّامه سنة ثمان و عشرین و مائة، روی عنه جماعة غمز فیهم و ضعفوا، منهم عمرو بن شمر و مفضل بن صالح و منخل بن جمیل و یوسف بن یعقوب، و كان فی نفسه مختلطا إه. و یمكن أن یحمل الحدیث علی أنّها وردت فی علیّ علیه السلام كما أن له نظائر فی غیره من الأحادیث.

آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً وَ هِیَ الْخِلَافَةُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ علیهم السلام.

حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ قَوْلُهُ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ قَالَ النُّبُوَّةَ قُلْتُ وَ الْحِكْمَةَ قَالَ الْفَهْمَ وَ الْقَضَاءَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً قَالَ الطَّاعَةَ الْمَفْرُوضَةَ (1).

«38»- فس، تفسیر القمی یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحاكَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ نَزَلَتْ فِی الزُّبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَإِنَّهُ نَازَعَ رَجُلًا مِنَ الْیَهُودِ فِی حَدِیقَةٍ فَقَالَ الزُّبَیْرُ تَرْضَی (2) بِابْنِ شَیْبَةَ الْیَهُودِیِّ وَ قَالَ الْیَهُودِیُّ نَرْضَی بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ إِلَی قَوْلِهِ رَأَیْتَ الْمُنافِقِینَ یَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً هُمْ أَعْدَاءُ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّهُمْ جَرَتْ فِیهِمْ هَذِهِ الْآیَةُ (3).

«39»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالا الْمُصِیبَةُ هِیَ الْخَسْفُ وَ اللَّهِ بِالْفَاسِقِینَ عِنْدَ الْحَوْضِ قَوْلُ اللَّهِ فَكَیْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ الْآیَةَ (4).

«40»- فس، تفسیر القمی وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ قَالَ الْفَضْلُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الرَّحْمَةُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ(5).

«41»- فس، تفسیر القمی لَیْسَ بِأَمانِیِّكُمْ وَ لا أَمانِیِّ أَهْلِ الْكِتابِ یَعْنِی لَیْسَ مَا تَتَمَنَّوْنَ أَنْتُمْ وَ لَا أَهْلُ الْكِتَابِ أَیْ أَنْ لَا تُعَذَّبُوا بِأَفْعَالِكُمْ قَوْلُهُ وَ لا یُظْلَمُونَ نَقِیراً هِیَ النُّقْطَةُ الَّتِی فِی النَّوَاةِ (6).

«42»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ

ص: 194


1- تفسیر القمّیّ: 128 و 129.
2- فی نسخة: نرضی.
3- تفسیر القمّیّ: 129 و 130.
4- تفسیر القمّیّ: 130.
5- تفسیر القمّیّ: 133.
6- تفسیر القمّیّ: 141، و كلمة أی غیر موجودة فیه.

أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً قَالَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ص.

«43»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الْآیَةَ فَقَالَ هَذِهِ فِینَا نَزَلَتْ خَاصَّةً إِنَّهُ لَیْسَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ علیها السلام یَمُوتُ وَ لَا یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُقِرَّ لِلْإِمَامِ بِإِمَامَتِهِ كَمَا أَقَرَّ وُلْدُ یَعْقُوبَ لِیُوسُفَ حِینَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَیْنا.

«44»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ فِی عِیسَی وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الْآیَةَ فَقَالَ إِنَّمَا إِیمَانُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.

«45»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ لِیَ الْحَجَّاجُ یَا شَهْرُ آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ قَدْ أَعْیَتْنِی فَقُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ أَیَّةُ آیَةٍ هِیَ فَقَالَ قَوْلُهُ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَمُرُّ بِالْیَهُودِیِّ وَ النَّصْرَانِیِّ فَتُضْرَبُ عُنُقُهُ (1)ثُمَّ أَرْمَقُهُ (2)بِعَیْنِی فَمَا أَرَاهُ یُحَرِّكُ شَفَتَیْهِ حَتَّی یَخْمُدَ فَقُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ لَیْسَ عَلَی مَا تَأَوَّلْتَ (3)قَالَ كَیْفَ هُوَ قُلْتُ إِنَّ عِیسَی یَنْزِلُ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ إِلَی الدُّنْیَا فَلَا یَبْقَی أَهْلُ مِلَّةِ یَهُودِیٍّ وَ لَا غَیْرِهِ إِلَّا آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یُصَلِّی خَلْفَ الْمَهْدِیِّ قَالَ وَیْحَكَ أَنَّی لَكَ هَذَا وَ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ بِهِ فَقُلْتُ حَدَّثَنِی بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ جِئْتَ وَ اللَّهِ بِهَا مِنْ عَیْنٍ صَافِیَةٍ (4).

«46»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا الْآیَةَ: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِی أَرْضٍ فَلَمْ تَزْكُ فِی أَرْضِهِ وَ زَرْعِهِ وَ خَرَجَ زَرْعُهُ كَثِیرَ الشَّعِیرِ فَبِظُلْمِ عَمَلِهِ فِی مِلْكِ

ص: 195


1- فی المصدر: فأضرب عنقه.
2- رمقه: لحظه لحظا خفیفا. أطال النظر إلیه.
3- فی المصدر: فلیس علی ما قلت.
4- تفسیر القمّیّ: 146.

رَقَبَةِ الْأَرْضِ أَوْ بِظُلْمٍ لِمُزَارِعِهِ وَ أَكَرَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ كَثِیراً یَعْنِی لُحُومَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ هَكَذَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ فَاقْرَءُوهَا هَكَذَا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیُحِلَّ شَیْئاً فِی كِتَابِهِ ثُمَّ یُحَرِّمَهُ بَعْدَ مَا أَحَلَّهُ وَ لَا یُحَرِّمَ شَیْئاً ثُمَّ یُحِلَّهُ بَعْدَ مَا حَرَّمَهُ قُلْتُ وَ كَذَلِكَ أَیْضاً وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَقَوْلُهُ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ یُهَیِّجُ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا نُزِّلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَمْ یَأْكُلْهُ (1).

بیان: أقول:

رَوَاهُ الْعَیَّاشِیُّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ وَ سَاقَهُ إِلَی قَوْلِهِ یَعْنِی لُحُومَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.

و لعله إنما أسقط الزوائد لإعضالها و عدم استقامة معناها بلا تكلف و الذی سنح لی فی حله أنه علیه السلام قرأ حَرَمْنَا عَلَیْهِمْ بالتخفیف أی جعلناهم محرومین من تلك الطیبات و إنما عدی بعلی بتضمین معنی السخط و نحوه و الحاصل أنهم لما ظلموا أنفسهم بارتكاب المحرمات سلبنا عنهم اللطف و التوفیق حتی ابتدعوا و حرموا الطیبات علی أنفسهم.

ثم استدل علیه السلام علی أن هذه القراءة أولی و هذا المعنی أحری بأن ظلم الیهود كان بعد موسی علی نبینا و آله و علیه السلام و لم ینسخ التوراة كتاب بعده سوی الإنجیل و الیهود لم یعملوا بحكم الإنجیل فتعین أن یكون التحریم من قبل أنفسهم فقوله ثم یحرمه بعد ما أحله أی فی غیر هذا الكتاب و بعد ذهاب النبی الذی نزل علیه الكتاب فلا ینافی نسخ الكتاب بالكتاب و بالسنة ثم سأل السائل عن قوله حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُمَا فقال علیه السلام هنا أیضا كذلك بالتخفیف بهذا المعنی و أما قوله تعالی إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ فهو بالتشدید لأنه مصرح بأنه إنما حرم علی نفسه بفعله و لم یحرمه اللّٰه علیه و یحتمل علی بعد أن یكون المعنی أنه علیه السلام

ص: 196


1- تفسیر القمّیّ: 146- 147.

لما استشهد بالآیة علی أن اللّٰه تعالی قد یذهب ببعض النعم لمعاصی العباد عرف السائل بأن المراد بالتحریم هاهنا ما یناسب هذا المعنی و هو ابتلاؤهم ببلاء لم یمكنهم الانتفاع بها إما بآفة أو بأن یستولی الشیطان علیهم فیحرموها علی أنفسهم ثم أكد ذلك بقوله هكذا أنزلها اللّٰه أی بهذا المعنی و إن لم یختلف اللفظ فاقرءوها هكذا أی قاصدین هذا المعنی لا ما فهمه الناس و الأول أصوب و أما قوله و لم یأكله فالظاهر أن المراد به موسی علی نبینا و آله و علیه السلام أی لم یحرمه موسی علی نبینا و آله و علیه السلام أو الكتاب و لم یأكله موسی تنزها أو لاشتراك العلة بینه و بین إسرائیل و یحتمل أن یكون المعنی أنه نزل فی التوراة أن إسرائیل لم یحرمه و لم یأكله.

«47»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَوْلُهُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَیْكُمْ نُوراً مُبِیناً قَالَ الْبُرْهَانُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النُّورُ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ قُلْتُ قَوْلُهُ صِراطاً مُسْتَقِیماً قَالَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِیمُ عَلِیٌّ علیه السلام (1).

«48»- فس، تفسیر القمی وَ مِنَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّا نَصاری أَخَذْنا مِیثاقَهُمْ قَالَ عَنَی (2)أَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ فَجَعَلُوهُ رَبّاً فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ قَوْلُهُ یا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَكُمْ كَثِیراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ قَالَ یُبَیِّنُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله (3)مَا أَخْفَیْتُمُوهُ مِمَّا فِی التَّوْرَاةِ مِنْ أَخْبَارِهِ وَ یَدَعُ كَثِیراً لَا یُبَیِّنُهُ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِینٌ یَعْنِی بِالنُّورِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام قَوْلُهُ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَكُمْ مُخَاطَبَةٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ یُبَیِّنُ لَكُمْ عَلی فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ قَالَ عَلَی انْقِطَاعٍ مِنَ الرُّسُلِ ثُمَّ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَنْ تَقُولُوا أَیْ لِئَلَّا تَقُولُوا (4)

ص: 197


1- مخطوط.
2- هكذا فی نسخ الكتاب، و فی المصدر: قال: علی أن عیسی. و هو أصح.
3- فی المصدر: یبین لكم النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.
4- تفسیر القمّیّ: 152.

قَوْلُهُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِیكُمْ أَنْبِیاءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً یَعْنِی فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یَجْمَعِ اللَّهُ لَهُمُ النُّبُوَّةَ وَ الْمُلْكَ فِی بَیْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ جَمَعَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«49»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ قَالَ فَقَالَ لِی كَذَا وَ قَالَ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی عُنُقِهِ وَ لَكِنَّهُ قَالَ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْأَشْیَاءِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی یَعْنِی قَوْلَهُمْ فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ.

-وَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: یَعْنُونَ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ لُعِنُوا بِما قالُوا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ (1)

«50»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ كُلَّمَا أَرَادَ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ هَلَكَةَ آلِ مُحَمَّدٍ قَصَمَهُ اللَّهُ (2).

«51»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ قَالَ الْوَلَایَةُ (3).

«52»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ دَعَا رَأْسَ الْجَالُوتِ وَ أُسْقُفَّ النَّصَارَی فَقَالَ إِنِّی سَائِلُكُمَا عَنْ أَمْرٍ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمَا فَلَا تَكْتُمَانِی ثُمَّ دَعَا أُسْقُفَّ النَّصَارَی فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ الْإِنْجِیلَ عَلَی عِیسَی وَ جَعَلَ عَلَی رِجْلِهِ الْبَرَكَةَ وَ كَانَ یُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أَبْرَأَ أَكْمَهَ الْعَیْنِ وَ أَحْیَا الْمَیِّتَ وَ صَنَعَ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ طُیُوراً وَ أَنْبَأَكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فَقَالَ دُونَ هَذَا صدق (أَصْدُقُ) فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بِكَمِ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ بَعْدَ عِیسَی فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ عَلِیٌّ كَذَبْتَ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِی النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما یَعْمَلُونَ فَهَذِهِ الَّتِی تَنْجُو (4).

«53»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی یا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلی شَیْ ءٍ حَتَّی تُقِیمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَیَزِیدَنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْیاناً وَ كُفْراً قَالَ هُوَ وَلَایَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (5)

ص: 198


1- مخطوط.
2- مخطوط.
3- مخطوط.
4- مخطوط.
5- مخطوط.

«54»- فس، تفسیر القمی وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ الْآیَةَ قَالَ قَالُوا قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْأَمْرِ لَا یُحْدِثُ اللَّهُ غَیْرَ مَا قَدَّرَهُ فِی التَّقْدِیرِ الْأَوَّلِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ كَیْفَ یَشاءُ أَیْ یُقَدِّمُ وَ یُؤَخِّرُ وَ یَزِیدُ وَ یَنْقُصُ وَ لَهُ الْبَدَاءُ وَ الْمَشِیَّةُ قَوْلُهُ وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ یَعْنِی الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ قَالَ مِنْ فَوْقِهِمُ الْمَطَرُ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ النَّبَاتُ قَوْلُهُ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْیَهُودِ دَخَلُوا فِی الْإِسْلَامِ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ مُقْتَصِدَةً (1).

«55»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَرْوَانَ (2)عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرَ النَّصَارَی وَ عَدَاوَتَهُمْ فَقُلْتُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ قَالَ أُولَئِكَ كَانُوا قَوْماً بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یَنْتَظِرُونَ مَجِی ءَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (3).

«56»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِیلَةٍ وَ لا حامٍ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِیَّةِ كَانُوا إِذَا وَلَدَتِ النَّاقَةُ وَلَدَیْنِ فِی بَطْنٍ قَالُوا وَصَلَتْ فَلَا یَسْتَحِلُّونَ ذَبْحَهَا وَ لَا أَكْلَهَا وَ إِذَا وَلَدَتْ عَشْراً جَعَلُوهَا سَائِبَةً فَلَا یَسْتَحِلُّونَ ظَهْرَهَا وَ لَا أَكْلَهَا وَ الْحَامُ فَحْلُ الْإِبِلِ لَمْ یَكُونُوا یَسْتَحِلُّونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُحَرِّمْ شَیْئاً مِنْ هَذَا وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ الْبَحِیرَةُ إِذَا وَلَدَتْ وَ وَلَدَ وَلَدُهَا بُحِرَتْ (4).

«57»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ الْآیَةَ فَإِنَّ الْبَحِیرَةَ كَانَتْ إِذَا وَضَعَتِ الشَّاةُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ فَفِی السَّادِسَةِ قَالَتِ الْعَرَبُ قَدْ بُحِرَتْ فَجَعَلُوهَا لِلصَّنَمِ وَ لَا تُمْنَعُ مَاءً وَ لَا مَرْعًی وَ الْوَصِیلَةَ إِذَا وَضَعَتِ الشَّاةُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ ثُمَّ وَضَعَتْ فِی السَّادِسَةِ جَدْیاً وَ عَنَاقاً فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ جَعَلُوا الْأُنْثَی لِلصَّنَمِ وَ قَالُوا وَصَلَتْ أَخَاهَا وَ حَرَّمُوا لَحْمَهَا عَلَی النِّسَاءِ وَ الْحَامَ كَانَ إِذَا كَانَ الْفَحْلُ مِنَ الْإِبِلِ جَدَّ الْجَدِّ قَالُوا حَمَی ظَهْرَهُ

ص: 199


1- تفسیر القمّیّ: ص 159.
2- فی النسخة المقروءة علی المصنّف: عن عمران.
3- مخطوط.
4- مخطوط.

فَسَمَّوْهُ حَاماً فَلَا یُرْكَبُ وَ لَا یُمْنَعُ مَاءً وَ لَا مَرْعًی وَ لَا یُحْمَلُ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (1)

«58»- فس، تفسیر القمی وَ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَفْظُ الْآیَةِ مَاضٍ وَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبِلٌ وَ لَمْ یَقُلْهُ بَعْدُ وَ سَیَقُولُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَی زَعَمُوا أَنَّ عِیسَی قَالَ لَهُمْ إِنِّی وَ أُمِّی إِلَهَانِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَجْمَعُ اللَّهُ بَیْنَ النَّصَارَی وَ بَیْنَ عِیسَی فَیَقُولُ لَهُ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ (2)فَیَقُولُ عِیسَی سُبْحانَكَ ما یَكُونُ لِی أَنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَنْتَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ شَهِیدٌ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ عِیسَی لَمْ یَقُلْ لَهُمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ هذا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ (3)

«59»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِعِیسَی أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ لَمْ یَقُلْهُ وَ سَیَقُولُهُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ شَیْئاً كَائِنٌ أَخْبَرَ عَنْهُ خَبَرَ مَا كَانَ.

-وَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَمْراً أَنْ یَكُونَ قَصَّهُ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ كَأَنْ قَدْ كَانَ (4).

«60»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ قَالَ إِنَّ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ ثَلَاثَةٌ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً فَاحْتَجَبَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْهَا بِحَرْفٍ فَمِنْ ثَمَّ لَا یَعْلَمُ أَحَدٌ مَا فِی نَفْسِهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی آدَمَ اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً مِنَ الِاسْمِ تَوَارَثَتْهَا الْأَنْبِیَاءُ حَتَّی صَارَتْ إِلَی عِیسَی فَذَلِكَ قَوْلُ عِیسَی تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی یَعْنِی اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ حَرْفاً مِنَ الِاسْمِ الْأَكْبَرِ یَقُولُ أَنْتَ عَلَّمْتَنِیهَا فَأَنْتَ تَعْلَمُهَا وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِكَ یَقُولُ لِأَنَّكَ احْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ بِذَلِكَ الْحَرْفِ فَلَا یَعْلَمُ أَحَدٌ مَا فِی نَفْسِكَ (5).

ص: 200


1- تفسیر القمّیّ: 175.
2- فی المصدر: أنت قلت لهم ما یدعون علیك؟ فیقول عیسی.
3- تفسیر القمّیّ: 177.
4- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.
5- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.

«61»- فس، تفسیر القمی قَالَ تَعَالَی حِكَایَةً عَنْ قُرَیْشٍ وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ مَلَكٌ یَعْنِی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ فَأَخْبَرَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْآیَةَ إِذَا جَاءَتْ وَ الْمَلَكُ إِذَا نَزَلَ وَ لَمْ یُؤْمِنُوا هَلَكُوا فَاسْتَعْفَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْآیَاتِ رَأْفَةً مِنْهُ وَ رَحْمَةً عَلَی أُمَّتِهِ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ الشَّفَاعَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ أَیْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ ثُمَّ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ أَیِ انْظُرُوا فِی الْقُرْآنِ وَ أَخْبَارِ الْأَنْبِیَاءِ ثُمَّ انْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ (1)ثُمَّ قَالَ قُلْ لَهُمْ لِمَنْ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ رَدَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلی نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ یَعْنِی أَوْجَبَ الرَّحْمَةَ عَلَی نَفْسِهِ (2).

«62»- شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَبَسُوا عَلَیْهِمْ لَبَسَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ

«63»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ أَیُّ شَیْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِیدٌ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُشْرِكِی أَهْلِ مَكَّةَ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ مَا وَجَدَ اللَّهُ رَسُولًا یُرْسِلُهُ غَیْرَكَ مَا نَرَی أَحَداً یُصَدِّقُكَ بِالَّذِی تَقُولُ وَ ذَلِكَ فِی أَوَّلِ مَا دَعَاهُمْ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ قَالُوا وَ لَقَدْ سَأَلْنَا عَنْكَ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ لَكَ ذِكْرٌ عِنْدَهُمْ فَأْتِنَا بِمَنْ یَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُ شَهِیدٌ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ الْآیَةَ قَالَ أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْری یَقُولُ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ قَالَ قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنَّنِی بَرِی ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (3)

«64»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ

ص: 201


1- فی المصدر: «سِیرُوا فِی الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا» أی انظروا فی القرآن و أخبار الأنبیاء كیف كان عاقبة المكذبین.
2- تفسیر القمی : ١٨١.
3- تفسیر القمّیّ: 182.

وَ أُوحِیَ إِلَیَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ یَعْنِی الْأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وَ هُمْ یُنْذِرُونَ بِهِ النَّاسَ (1).

-وَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَنْ بَلَغَ أَنْ یَكُونَ إِمَاماً مِنْ ذُرِّیَّتِهِ الْأَوْصِیَاءُ فَهُوَ یُنْذِرُ بِالْقُرْآنِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ.

«65»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمَّارِ بْنِ مِیثَمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ الْمُكَذِّبِینَ (2)وَ لَكِنَّهَا مُخَفَّفَةٌ لَا یُكَذِّبُونَكَ لَا یَأْتُونَ بِبَاطِلٍ یُكَذِّبُونَ بِهِ حَقَّكَ.

-وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ قَالَ لَا یَسْتَطِیعُونَ إِبْطَالَ قَوْلِكَ (3).

«66»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُكَ الَّذِی یَقُولُونَ الْآیَةَ فَإِنَّهَا قُرِئَتْ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ التَّكْذِیبِ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ لَا یُكَذِّبُونَكَ أَیْ لَا یَأْتُونَ بِحَقٍّ یُبْطِلُونَ حَقَّكَ.

- حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا حَفْصُ إِنَّ مَنْ صَبَرَ صَبَرَ قَلِیلًا وَ إِنَّ مَنْ جَزِعَ جَزِعَ قَلِیلًا ثُمَّ قَالَ عَلَیْكَ بِالصَّبْرِ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ وَ الرِّفْقِ فَقَالَ وَ اصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا وَ قَالَ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ فَصَبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قَابَلُوهُ بِالْعِظَامِ وَ رَمَوْهُ بِهَا فَضَاقَ صَدْرُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدْرُكَ بِما یَقُولُونَ ثُمَّ كَذَّبُوهُ وَ رَمَوْهُ فَحَزِنَ لِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُكَ الَّذِی یَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا یُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلی ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّی أَتاهُمْ

ص: 202


1- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.
2- فی نسخة: أشدّ التكذیب، و هو الظاهر، و یؤیده ما یأتی عن القمّیّ.
3- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.

نَصْرُنا فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ الصَّبْرَ فَقَعَدُوا (1)وَ ذَكَرُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ كَذَّبُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ صَبَرْتُ فِی نَفْسِی وَ أَهْلِی وَ عِرْضِی وَ لَا صَبْرَ لِی عَلَی ذِكْرِهِمْ إِلَهِی فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلی ما یَقُولُونَ فَصَبَرَ صلی اللّٰه علیه و آله فِی جَمِیعِ أَحْوَالِهِ ثُمَّ بُشِّرَ فِی الْأَئِمَّةِ مِنْ عِتْرَتِهِ وَ وُصِفُوا بِالصَّبْرِ فَقَالَ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْبَدَنِ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنی عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا یَعْرِشُونَ فَقَالَ آیَةُ بُشْرَی وَ انْتِقَامٍ فَأَبَاحَ اللَّهُ قَتْلَ الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وُجِدُوا فَقَتَلَهُمْ عَلَی یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَحِبَّائِهِ وَ عَجَّلَ لَهُ ثَوَابَ صَبْرِهِ مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُ فِی الْآخِرَةِ.

-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَیْكَ إِعْراضُهُمْ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُحِبُّ إِسْلَامَ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَهَدَ بِهِ أَنْ یُسْلِمَ فَغَلَبَ عَلَیْهِ الشَّقَاءُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَیْكَ إِعْراضُهُمْ إِلَی قَوْلِهِ نَفَقاً فِی الْأَرْضِ یَقُولُ سَرَباً وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ نَفَقاً فِی الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِی السَّماءِ قَالَ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَحْفِرَ الْأَرْضَ أَوْ تَصَّعَّدَ السَّمَاءَ أَیْ لَا تَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی أَیْ جَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ مُؤْمِنِینَ وَ قَوْلُهُ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِینَ مُخَاطَبَةٌ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمَعْنَی لِلنَّاسِ ثُمَّ قَالَ إِنَّما یَسْتَجِیبُ الَّذِینَ یَسْمَعُونَ یَعْنِی یَعْقِلُونَ وَ یُصَدِّقُونَ وَ الْمَوْتی یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ أَیْ یُصَدِّقُونَ بِأَنَّ الْمَوْتَی یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَیْهِ آیَةٌ أَیْ هَلَّا نُزِّلَ عَلَیْهِ آیَةٌ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلی أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ قَالَ لَا یَعْلَمُونَ أَنَّ الْآیَةَ إِذَا جَاءَتْ وَ لَمْ یُؤْمِنُوا بِهَا لَهَلَكُوا.

ص: 203


1- فی نسخة: فتعدوا.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلی أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً وَ سَیُرِیكُمْ فِی آخِرِ الزَّمَانِ آیَاتٍ مِنْهَا دَابَّةُ الْأَرْضِ وَ الدَّجَّالُ وَ نُزُولُ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا (1).

«67»- فس، تفسیر القمی قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ أَ رَأَیْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَیْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ ثُمَّ رَدَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ بَلْ إِیَّاهُ تَدْعُونَ فَیَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَیْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ قَالَ تَدْعُونَ اللَّهَ إِذَا أَصَابَكُمْ ضُرٌّ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ عَنْكُمْ ذَلِكَ تَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ أَیْ تَتْرُكُونَ الْأَصْنَامَ (2).

«68»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلی قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِهِ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ لِقُرَیْشٍ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلی قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَرُدُّهَا عَلَیْكُمْ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ أَیْ یَكْذِبُونَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلی قُلُوبِكُمْ یَقُولُ أَخَذَ اللَّهُ مِنْكُمُ الْهُدَی ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ یَقُولُ یُعْرِضُونَ (3)قَوْلُهُ تَعَالَی قُلْ أَ رَأَیْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ یُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ وَ أَصَابَ أَصْحَابَهُ الْجَهْدُ وَ الْعِلَلُ وَ الْمَرَضُ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ أَ رَأَیْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ یُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ أَیْ إِنَّهُ لَا یُصِیبُكُمْ إِلَّا الْجَهْدُ وَ الضُّرُّ فِی الدُّنْیَا فَأَمَّا الْعَذَابُ الْأَلِیمُ الَّذِی فِیهِ الْهَلَاكُ لَا یُصِیبُ إِلَّا الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ (4).

ص: 204


1- تفسیر القمّیّ: 184- 186.
2- تفسیر القمّیّ: 187.
3- فی المصدر: یقول: أخذ اللّٰه منكم الهدی «مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِهِ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ» یقول: یعرضون.
4- تفسیر القمّیّ: 188 و 189.

«69»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ السَّفِلَةُ وَ مَنْ لَا خَیْرَ فِیهِ أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً قَالَ الْعَصَبِیَّةُ وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ سُوءُ الْجِوَارِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ هُوَ الدَّجَّالُ وَ الصَّیْحَةُ (1)أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ وَ هُوَ الْخَسْفُ أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً وَ هُوَ اخْتِلَافٌ فِی الدِّینِ وَ طَعْنُ بَعْضِكُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَ هُوَ أَنْ یَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ كُلُّ هَذَا فِی أَهْلِ الْقِبْلَةِ یَقُولُ اللَّهُ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُمْ قُرَیْشٌ قَوْلُهُ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ یَقُولُ لِكُلِّ نَبَإٍ حَقِیقَةٌ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ وَ قَوْلُهُ لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ أَیْ كَیْ یفقهون (یَفْقَهُوا) قَوْلُهُ وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ یَعْنِی الْقُرْآنَ كَذَّبَتْ بِهِ قُرَیْشٌ قَوْلُهُ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ لِكُلِّ خَبَرٍ وَقْتٌ قَوْلُهُ وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا یَعْنِی الَّذِینَ یُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ وَ یَسْتَهْزِءُونَ بِهِ قَوْلُهُ كَالَّذِی اسْتَهْوَتْهُ الشَّیاطِینُ أَیْ خَدَعَتْهُ قَوْلُهُ لَهُ أَصْحابٌ یَدْعُونَهُ إِلَی الْهُدَی ائْتِنا یَعْنِی ارْجِعْ إِلَیْنَا وَ هُوَ كِنَایَةٌ عَنْ إِبْلِیسَ (2).

«70»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا قَالَ الْكَلَامُ فِی اللَّهِ وَ الْجِدَالُ فِی الْقُرْآنِ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیثٍ غَیْرِهِ قَالَ مِنْهُ الْقَصَّاصُ(3).

بیان: قوله منه القصاص أی ناقلو القصص و الأكاذیب و المراد علماء المخالفین و رواتهم.

«71»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قَالَ لَمْ یَبْلُغُوا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ أَنْ یَصِفُوهُ بِصِفَتِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلی بَشَرٍ مِنْ شَیْ ءٍ وَ هُمْ قُرَیْشٌ وَ الْیَهُودُ فَرَدَّ

ص: 205


1- هكذا فی المطبوع، و فی نسخة: هو الدجال، و الظاهر علی ما فی المصدر و نسخ من الكتاب هو مصحف الدخان، و هو هكذا: قال: هو الدخان و الصیحة.
2- تفسیر القمّیّ: 192 و 193.
3- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.

اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ احْتَجَّ وَ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِی جاءَ بِهِ مُوسی نُوراً وَ هُدیً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِیسَ تُبْدُونَها یَعْنِی تُقِرُّونَ بِبَعْضِهَا وَ تُخْفُونَ كَثِیراً یَعْنِی مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِی خَوْضِهِمْ یَلْعَبُونَ یَعْنِی فِیمَا خَاضُوا فِیهِ مِنَ التَّكْذِیبِ ثُمَّ قَالَ وَ هذا كِتابٌ یَعْنِی الْقُرْآنَ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ یَعْنِی التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُری وَ مَنْ حَوْلَها یَعْنِی مَكَّةَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَتْ أُمَّ الْقُرَی لِأَنَّهَا خُلِقَتْ أَوَّلَ بُقْعَةٍ (1)وَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ یُؤْمِنُونَ بِهِ أَیْ بِالنَّبِیِّ وَ الْقُرْآنِ (2).

«72»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِی جاءَ بِهِ مُوسی نُوراً وَ هُدیً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِیسَ تُبْدُونَها قَالَ كَانُوا یَكْتُمُونَ مَا شَاءُوا وَ یُبْدُونَ مَا شَاءُوا.

فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ علیه السلام قَالَ: كَانُوا یَكْتُبُونَهُ فِی الْقَرَاطِیسِ ثُمَّ یُبْدُونَ مَا شَاءُوا وَ یُخْفُونَ مَا شَاءُوا وَ قَالَ كُلُّ كِتَابٍ أُنْزِلَ فَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ (3).

«73»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی وَ مَنْ عَمِیَ فَعَلَیْها یَعْنِی عَلَی النَّفْسِ وَ ذَلِكَ لِاكْتِسَابِهَا الْمَعَاصِی قَوْلُهُ وَ لِیَقُولُوا دَرَسْتَ قَالَ كَانَتْ قُرَیْشٌ تَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الَّذِی تُخْبِرُنَا بِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ تَتَعَلَّمُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْیَهُودِ وَ تَدْرُسُهُ قَوْلُهُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِینَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ قَوْلُهُ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ یَعْنِی قُرَیْشاً قَوْلُهُ وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ یَقُولُ وَ نُنَكِّسُ قُلُوبَهُمْ.

-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ یَقُولُ وَ نُنَكِّسُ قُلُوبَهُمْ فَیَكُونُ أَسْفَلُ قُلُوبِهِمْ أَعْلَاهَا وَ نُعْمِی أَبْصَارَهُمْ فَلَا یُبْصِرُونَ الْهُدَی كَما لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ یَعْنِی فِی الذَّرِّ وَ الْمِیثَاقِ وَ نَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ أَیْ یَضِلُّونَ ثُمَّ عَرَّفَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله مَا فِی ضَمَائِرِهِمْ وَ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ فَقَالَ وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَیْهِمُ الْمَلائِكَةَ إِلَی قَوْلِهِ قُبُلًا أَیْ عِیَاناً الْآیَةَ قَوْلُهُ وَ هُوَ الَّذِی

ص: 206


1- فی المصدر: لانها أول بقعة خلقت فی وجه الأرض.
2- تفسیر القمّیّ: 197 و 198.
3- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط. و أراد بأهل العلم العلماء من آل محمّد علیهم السلام.

أَنْزَلَ إِلَیْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا یَعْنِی یَفْصِلُ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ قَوْلُهُ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّی نُؤْتی مِثْلَ ما أُوتِیَ رُسُلُ اللَّهِ قَالَ قَالَ الْأَكَابِرُ لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّی نُؤْتَی مِثْلَ مَا أُوتِیَ الرُّسُلُ مِنَ الْوَحْیِ وَ التَّنْزِیلِ قَوْلُهُ بِما كانُوا یَمْكُرُونَ أَیْ یَعْصُونَ اللَّهَ فِی السِّرِّ (1).

«74»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِیباً إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی ساءَ ما یَحْكُمُونَ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا زَرَعُوا زَرْعاً قَالُوا هَذَا لِلَّهِ وَ هَذَا لِآلِهَتِنَا وَ كَانُوا إِذَا سَقَوْهَا فَخَرَقَ الْمَاءُ مِنَ الَّذِی لِلَّهِ فِی الَّذِی لِلْأَصْنَامِ لَمْ یَسُدُّوهُ وَ قَالُوا اللَّهُ أَغْنَی وَ إِذَا خَرَقَ مِنَ الَّذِی لِلْأَصْنَامِ فِی الَّذِی لِلَّهِ سَدُّوهُ وَ قَالُوا اللَّهُ أَغْنَی وَ إِذَا وَقَعَ شَیْ ءٌ مِنَ الَّذِی لِلَّهِ فِی الَّذِی لِلْأَصْنَامِ لَمْ یَرُدُّوهُ وَ قَالُوا اللَّهُ أَغْنَی وَ إِذَا وَقَعَ شَیْ ءٌ مِنَ الَّذِی لِلْأَصْنَامِ فِی الَّذِی لِلَّهِ رَدُّوهُ وَ قَالُوا اللَّهُ أَغْنَی فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَكَی فِعْلَهُمْ وَ قَوْلَهُمْ فَقَالَ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ الْآیَةَ قَوْلُهُ وَ كَذلِكَ زَیَّنَ لِكَثِیرٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ قَالَ یَعْنِی أَسْلَافَهُمْ زَیَّنُوا لَهُمْ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ لِیُرْدُوهُمْ وَ لِیَلْبِسُوا عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ یَعْنِی یُغْرُوهُمْ وَ یَلْبِسُوا عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ قَوْلُهُ وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ قَالَ الْحِجْرُ الْمُحَرَّمُ لا یَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ قَالَ كَانُوا یُحَرِّمُونَهَا عَلَی قَوْمٍ وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها یَعْنِی الْبَحِیرَةَ وَ السَّائِبَةَ وَ الْوَصِیلَةَ وَ الْحَامَ وَ قالُوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ قَالَ كَانُوا یُحَرِّمُونَ الْجَنِینَ الَّذِی یُخْرِجُونَهُ مِنْ بُطُونِ الْأَنْعَامِ عَلَی النِّسَاءِ فَإِذَا كَانَ مَیِّتاً تَأْكُلُهُ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ ثُمَّ قَالَ قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَیْرِ عِلْمٍ أَیْ بِغَیْرِ فَهْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ قَوْمٌ یَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْبَنَاتِ لِلْغِیرَةِ وَ قَوْمٌ كَانُوا یَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْجُوعِ (2).

«75»- فس، تفسیر القمی وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ یَعْنِی الْیَهُودَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لُحُومَ الطَّیْرِ وَ حَرَّمَ عَلَیْهِمُ الشُّحُومَ وَ كَانُوا یُحِبُّونَها إِلَّا مَا كَانَ عَلَی ظُهُورِ الْغَنَمِ

ص: 207


1- تفسیر القمّیّ: ص 200- 203.
2- تفسیر القمّیّ: ص 205 و 206.

أَوْ فِی جَانِبِهِ خَارِجاً مِنَ الْبَطْنِ وَ هُوَ قَوْلُهُ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا یَعْنِی فِی الْجَنْبَیْنِ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ أَیْ كَانَ مُلُوكُ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَمْنَعُونَ فُقَرَاءَهُمْ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الطَّیْرِ وَ الشُّحُومِ فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ بِبَغْیِهِمْ عَلَی فُقَرَائِهِمْ (1).

«76»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلی طائِفَتَیْنِ مِنْ قَبْلِنا یَعْنِی الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی وَ إِنْ كُنَّا لَمْ نَدْرُسْ كُتُبَهُمْ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدی مِنْهُمْ یَعْنِی قُرَیْشاً قَالُوا لَوْ أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَی وَ أَطْوَعَ مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ یَعْنِی الْقُرْآنَ سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ عَنْ آیاتِنا أَیْ یَدْفَعُونَ وَ یَمْنَعُونَ عَنْهَا (2).

«77»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً قَالَ فَارَقُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ صَارُوا أَحْزَاباً.

حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ فَارَقُوا (4)دِینَهُمْ وَ كَانُوا شِیَعاً قَالَ فَارَقَ الْقَوْمُ وَ اللَّهِ دِینَهُمْ (5)

«78»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ كُلَیْبٍ الصَّیْدَاوِیِّ (6)قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ كانُوا شِیَعاً قَالَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقْرَؤُهَا فَارَقُوا دِینَهُمْ قَالَ فَارَقَ وَ اللَّهِ الْقَوْمُ دِینَهُمْ.

ص: 208


1- تفسیر القمّیّ: 207. فی المصدر: و معنی قوله: «جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ» انه كان ملوك بنی إسرائیل اه.
2- تفسیر القمّیّ: 209.
3- بالتصغیر كزبیر.
4- هكذا فیما عندنا من نسخ الكتاب، و فی المصدر المطبوع فی طبعیه: إن الذین فرقوا.
5- تفسیر القمّیّ: 211.
6- كلیب كزبیر، و الصیداوی، منسوب الی صیدا، و اسمه عمرو بن قعین بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزیمة، و الرجل هو كلیب بن معاویة بن جبلة الصیداوی الأسدی أبو محمد، و قیل أبو الحسین، روی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام، و له ابن یسمی محمّد بن كلیب روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، ترجمه الشیخ و النجاشیّ فی فهرستهما، و قد ذكر الكشّیّ فی رجاله روایات فی مدحه.

«79»- فس، تفسیر القمی المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَیْكَ مُخَاطَبَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلا یَكُنْ فِی صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ أَیْ ضِیقٌ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْری لِلْمُؤْمِنِینَ

حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: إِنَّ حُیَیَّ بْنَ أَخْطَبَ وَ أَبَا یَاسِرِ بْنَ أَخْطَبَ وَ نَفَراً مِنَ الْیَهُودِ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا لَهُ أَ لَیْسَ فِیمَا تَذْكُرُ فِیمَا أُنْزِلَ إِلَیْكَ الم قَالَ بَلَی قَالُوا أَتَاكَ بِهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا لَقَدْ بُعِثَ أَنْبِیَاءُ قَبْلَكَ مَا نَعْلَمُ نَبِیّاً مِنْهُمْ أَخْبَرَنَا مُدَّةَ مُلْكِهِ وَ مَا أَكَلَ أُمَّتَهُ غَیْرَكَ قَالَ فَأَقْبَلَ حُیَیُّ بْنُ أَخْطَبَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمُ الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الْمِیمُ أَرْبَعُونَ فَهَذِهِ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ سَنَةً فَعَجَبٌ مِمَّنْ یَدْخُلُ فِی دِینٍ مُدَّةُ مُلْكِهِ وَ أَكْلِ أُمَّتِهِ إِحْدَی وَ سَبْعُونَ سَنَةً قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ هَلْ مَعَ هَذَا غَیْرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ هَاتِهِ قَالَ المص قَالَ هَذَا أَثْقَلُ وَ أَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الْمِیمُ أَرْبَعُونَ وَ الصَّادُ تِسْعُونَ فَهَذِهِ مِائَةٌ وَ إِحْدَی وَ سِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مَعَ هَذِهِ غَیْرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ هَاتِ قَالَ الر قَالَ هَذَا أَثْقَلُ وَ أَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الرَّاءُ مِائَتَانِ ثُمَّ قَالَ فَهَلْ مَعَ هَذَا غَیْرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ هَاتِ قَالَ المر قَالَ هَذَا أَثْقَلُ وَ أَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَ اللَّامُ ثَلَاثُونَ وَ الْمِیمُ أَرْبَعُونَ وَ الرَّاءُ مِائَتَانِ ثُمَّ قَالَ هَلْ مَعَ هَذَا غَیْرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالُوا لَقَدِ الْتَبَسَ عَلَیْنَا أَمْرُكَ فَمَا نَدْرِی مَا أُعْطِیْتَ ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو یَاسِرٍ لِحُیَیٍّ أَخِیهِ وَ مَا یُدْرِیكَ لَعَلَّ مُحَمَّداً قَدْ جُمِعَ لَهُ فِیهِمْ هَذَا كُلُّهُ وَ أَكْثَرُ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ هَذِهِ الْآیَاتِ أُنْزِلَتْ فِیهِمْ مِنْهُ آیاتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ وَ هِیَ تَجْرِی فِی وُجُوهٍ أُخَرَ عَلَی غَیْرِ مَا تَأَوَّلَ حُیَیُّ بْنُ أَخْطَبَ وَ أَخُوهُ وَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ خَاطَبَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَقَالَ اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَیْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ غَیْرَ مُحَمَّدٍ قَلِیلًا ما تَذَكَّرُونَ (1)

«80»- فس، تفسیر القمی وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا أَیْ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ

ص: 209


1- تفسیر القمّیّ: 210 و 211.

قَوْلُهُ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قَالَ خَلَقَهُمْ حِینَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً وَ شَقِیّاً وَ سَعِیداً وَ كَذَلِكَ یَعُودُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مُهْتَدٍ وَ ضَالٌّ (1)

«81»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی لِما یُحْیِیكُمْ قَالَ الْحَیَاةُ الْجَنَّةُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ أَیْ یَحُولُ بَیْنَ مَا یُرِیدُ اللَّهُ وَ بَیْنَ مَا یُرِیدُهُ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما یُحْیِیكُمْ یَقُولُ وَلَایَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنَّ اتِّبَاعَكُمْ إِیَّاهُ وَ وَلَایَتَهُ أَجْمَعُ لِأَمْرِكُمْ وَ أَبْقَی لِلْعَدْلِ فِیكُمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ یَقُولُ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ الْمُؤْمِنِ وَ مَعْصِیَتِهِ أَنْ تَقُودَهُ إِلَی النَّارِ (2)وَ یَحُولُ بَیْنَ الْكَافِرِ وَ بَیْنَ طَاعَتِهِ أَنْ یَسْتَكْمِلَ بِهَا الْإِیمَانَ(3).

«82»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ الْآیَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِقُرَیْشٍ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِی أَنْ أَقْتُلَ جَمِیعَ مُلُوكِ الدُّنْیَا وَ أَجُرَّ الْمُلْكَ إِلَیْكُمْ فَأَجِیبُونِی إِلَی مَا أَدْعُوكُمْ إِلَیْهِ تَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ وَ تَدِینُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ وَ تَكُونُوا مُلُوكاً فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا الَّذِی یَقُولُ مُحَمَّدٌ هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَیْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِیمٍ حَسَداً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ كُنَّا وَ بَنِی هَاشِمٍ كَفَرَسَیْ رِهَانٍ نَحْمِلُ إِذَا حَمَلُوا وَ نَظْعَنُ إِذَا ظَعَنُوا (4)وَ نُوقِدُ إِذَا أَوْقَدُوا فَلَمَّا اسْتَوَی بِنَا وَ بِهِمُ الرَّكْبُ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ مِنَّا نَبِیٌّ لَا نَرْضَی بِذَلِكَ أَنْ یَكُونَ فِی (مِنْ خ ل) بَنِی هَاشِمٍ وَ لَا یَكُونَ فِی (مِنْ خ ل) بَنِی مَخْزُومٍ ثُمَ

ص: 210


1- تفسیر القمّیّ: 214.
2- أی یحول بین المؤمن و معصیته بالتوفیق و التسدید علی الترك، و یحول بین الكافر و الطاعة بالخذلان و التخلیة بینه و بین نفسه الامارة، لا أنّه یجبرهما و یلجئهما إلی ذلك. و فی النسخة المقروءة علی المصنّف بعد ذلك: و اعلموا أن الاعمال بخواتیمها.
3- تفسیر القمّیّ: 248.
4- فی المصدر: و نطعن إذا طعنوا.

قَالَ غُفْرَانَكَ اللَّهُمَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ حِینَ قَالَ غُفْرَانَكَ اللَّهُمَّ فَلَمَّا هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ قَالَ اللَّهُ وَ ما لَهُمْ أَلَّا یُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ یَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِیاءَهُ یَعْنِی قُرَیْشاً مَا كَانُوا أَوْلِیَاءَ مَكَّةَ إِنْ أَوْلِیاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ یَا مُحَمَّدُ فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالسَّیْفِ یَوْمَ بَدْرٍ فَقُتِلُوا (1).

«83»- فس، تفسیر القمی لَمَّا اجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ أَنْ یَدْخُلُوا عَلَی النَّبِیِّ لَیْلًا فَیَقْتُلُوهُ وَ خَرَجُوا إِلَی الْمَسْجِدِ یُصَفِّرُونَ وَ یُصَفِّقُونَ وَ یَطُوفُونَ بِالْبَیْتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِیَةً فَالْمُكَاءُ التَّصْفِیرُ وَ التَّصْدِیَةُ صَفْقُ الْیَدَیْنِ(2).

«84»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ أَمَّا الْمَسِیحُ فَعَصَوْهُ وَ عَظَّمُوهُ فِی أَنْفُسِهِمْ حِینَ زَعَمُوا أَنَّهُ إِلَهٌ وَ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ وَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَالُوا ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَالُوا هُوَ اللَّهُ وَ أَمَّا أَحْبَارُهُمْ وَ رُهْبَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ أَطَاعُوا وَ أَخَذُوا بِقَوْلِهِمْ وَ اتَّبَعُوا مَا أَمَرُوهُمْ بِهِ وَ دَانُوا بِمَا دَعَوْهُمْ إِلَیْهِ فَاتَّخَذُوهُمْ أَرْبَاباً بِطَاعَتِهِمْ لَهُمْ وَ تَرْكِهِمْ أَمْرَ اللَّهِ وَ كُتُبَهُ وَ رُسُلَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ الْأَحْبَارُ وَ الرُّهْبَانُ اتَّبَعُوهُمْ وَ أَطَاعُوهُمْ وَ عَصَوُا اللَّهَ وَ إِنَّمَا ذُكِرَ هَذَا فِی كِتَابِنَا لِكَیْ نَتَّعِظَ بِهِمْ (3)فَعَیَّرَ اللَّهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِمَا صَنَعُوا یَقُولُ اللَّهُ وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا یُشْرِكُونَ (4)

«85»- فس، تفسیر القمی إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ الْآیَةَ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنَانَةَ (5)كَانَ یَقِفُ فِی الْمَوْسِمِ فَیَقُولُ قَدْ أَحْلَلْتُ دِمَاءَ الْمُحِلَّیْنِ طَیٍّ وَ خَثْعَمٍ فِی

ص: 211


1- تفسیر القمّیّ: 253.
2- تفسیر القمّیّ: 252. قلت: و الترتیب یقتضی إیراده قبل الآیة المتقدمة.
3- فی المصدر: لكی یتعظ بهم.
4- تفسیر القمّیّ: 264.
5- تقدم ذكر الخلاف فیه، نقل الطبرسیّ عن الفراء أنّه كان یسمی نعیم بن تغلبة، و عن ابن مسلم أنه رجل من كنانة یقال له القلمس، و أن الذی كان ینساها حین جاء الإسلام جنادة بن عوف بن امیة الكنانیّ، و أول من سن ذلك عمرو بن لحی.

شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَ أَنْسَأْتُهُ وَ حَرَّمْتُ بَدَلَهُ صَفَرَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ یَقُولُ قَدْ أَحْلَلْتُ صَفَرَ وَ أَنْسَأْتُهُ وَ حَرَّمْتُ بَدَلَهُ شَهْرَ الْمُحَرَّمِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ إِلَی قَوْلِهِ زُیِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ (1)

«86»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَزِیدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّهُ لَنْ یَغْضَبَ اللَّهُ لِشَیْ ءٍ كَغَضَبِ الطَّلْحِ وَ السِّدْرِ إِنَّ الطَّلْحَ كَانَتْ كَالْأُتْرُجِّ وَ السِّدْرَ كَالْبِطِّیخِ فَلَمَّا قَالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ نُقِصَتَا حَمْلَهُمَا فَصَغِرَ فَصَارَ لَهُ عَجَمٌ وَ اشْتَدَّ الْعَجَمُ فَلَمَّا أَنْ قَالَتِ النَّصَارَی الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ زَعِرَتَا فَخَرَجَ لَهُمَا هَذَا الشَّوْكُ وَ نُقِصَتَا حَمْلَهُمَا وَ صَارَ السِّدْرُ إِلَی هَذَا الْحَمْلِ وَ ذَهَبَ حَمْلُ الطَّلْحِ فَلَا یَحْمِلُ حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا وَ قَالَ مَنْ سَقَی طَلْحَةً أَوْ سِدْرَةً فَكَأَنَّمَا سَقَی مُؤْمِناً مِنْ ظَمَإٍ (2).

بیان: قیل الطلح شجر الموز و قیل أم غیلان و قیل كل شجر عظیم كثیر الشوك و الخبر ینفی الأول و یمكن أن یكون غضبهما مجازا عن ظهور الغضب فیهما و كفی ذلك فی شرفهما.

«87»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ مَا دَعَوْهُمْ إِلَی عِبَادَةِ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ دَعَوْهُمْ مَا أَجَابُوهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَلَالًا وَ حَرَّمُوا عَلَیْهِمْ حَرَاماً فَأَخَذُوا بِهِ فَكَانُوا أَرْبَابَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَكَانُوا یَعْبُدُونَهُمْ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُونَ (3).

«88»- فس، تفسیر القمی أَ وَ لا یَرَوْنَ أَنَّهُمْ یُفْتَنُونَ فِی كُلِّ عامٍ أَیْ یَمْرَضُونَ قَوْلُهُ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ یَعْنِی الْمُنَافِقِینَ ثُمَّ انْصَرَفُوا أَیْ تَفَرَّقُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْحَقِّ (4)إِلَی الْبَاطِلِ بِاخْتِیَارِهِمُ الْبَاطِلَ عَلَی الْحَقِّ.

«89»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5).

ص: 212


1- تفسیر القمّیّ: 265.
2- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.
3- تفسیر العیّاشیّ: مخطوط.
4- تفسیر القمّیّ: 283.
5- تفسیر القمّیّ: 284.

«90»- فس، تفسیر القمی قالَ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَیْرِ هذا فَإِنَّ قُرَیْشاً قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ائْتِنَا بِقُرْآنٍ غَیْرِ هَذَا فَإِنَّ هَذَا شَیْ ءٌ تَعَلَّمْتَهُ مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی قَوْلُهُ فَقَدْ لَبِثْتُ فِیكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَیْ قَدْ لَبِثْتُ فِیكُمْ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ یُوحَی إِلَیَّ لَمْ آتِكُمْ بِشَیْ ءٍ مِنْهُ حَتَّی أُوحِیَ إِلَیَّ وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بَدِّلْهُ

فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی السَّفَاتِجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی ائْتِ بِقُرْآنٍ غَیْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قُلْ ما یَكُونُ لِی أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِی إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما یُوحی إِلَیَّ یَعْنِی فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْلُهُ وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ كَانَتْ قُرَیْشٌ یَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَ یَقُولُونَ إِنَّمَا نَعْبُدُهُمْ لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلْفی فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَی عِبَادَةِ اللَّهِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا یَعْلَمُ أَیْ لَیْسَ لَهُ شَرِیكٌ یُعْبَدُ (1).

«91»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ الْآیَةَ فَأَمَّا مَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ فَهُوَ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَمَّا مَنْ لَا یَهِدِّی إِلَّا أَنْ یُهْدَی فَهُوَ مَنْ خَالَفَ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ أَهْلَ بَیْتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْهُ علیه السلام قَوْلُهُ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَیاتاً یَعْنِی لَیْلًا أَوْ نَهاراً ما ذا یَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ فَهَذَا عَذَابٌ یَنْزِلُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ عَلَی فَسَقَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ هُمْ یَجْحَدُونَ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَیْهِمْ قَوْلُهُ وَ ما أَنَا عَلَیْكُمْ بِوَكِیلٍ أَیْ لَسْتُ بِوَكِیلٍ عَلَیْكُمْ أَحْفَظُ أَعْمَالَكُمْ إِنَّمَا عَلَیَّ أَنْ أَدْعُوَكُمْ (2).

«92»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آیاتُهُ قَالَ هُوَ الْقُرْآنُ مِنْ لَدُنْ حَكِیمٍ خَبِیرٍ قَالَ مِنْ عِنْدِ حَكِیمٍ خَبِیرٍ وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ یَعْنِی الْمُؤْمِنِینَ قَوْلُهُ وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ فَهُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام

ص: 213


1- تفسیر القمّیّ: 285.
2- تفسیر القمّیّ: 487 و 488 و 496.

قَوْلُهُ وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ عَذابَ یَوْمٍ كَبِیرٍ یَعْنِی الدُّخَانَ وَ الصَّیْحَةَ قَوْلُهُ أَلا إِنَّهُمْ یَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِیَسْتَخْفُوا مِنْهُ یَقُولُ یَكْتُمُونَ مَا فِی صُدُورِهِمْ مِنْ بُغْضِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ آیَةَ الْمُنَافِقِ بُغْضُ عَلِیٍّ علیه السلام فَكَانَ قَوْمٌ یُظْهِرُونَ الْمَوَدَّةَ لِعَلِیٍّ علیه السلام عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُسِرُّونَ بُغْضَهُ فَقَالَ أَلا حِینَ یَسْتَغْشُونَ ثِیابَهُمْ فَإِنَّهُ كَانَ إِذَا حَدَّثَ بِشَیْ ءٍ مِنْ فَضْلِ عَلِیٍّ أَوْ تَلَا عَلَیْهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ نَفَضُوا ثِیَابَهُمْ ثُمَّ قَامُوا یَقُولُ اللَّهُ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ وَ ما یُعْلِنُونَ حِینَ قَامُوا إِنَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ قَوْلُهُ وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلی أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قَالَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا إِلَی خُرُوجِ الْقَائِمِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ فَنَرُدُّهُمْ وَ نُعَذِّبُهُمْ لَیَقُولُنَّ ما یَحْبِسُهُ أَیْ یَقُولُونَ أَمَا لَا یَقُومُ الْقَائِمُ وَ لَا یَخْرُجُ عَلَی حَدِّ الِاسْتِهْزَاءِ فَقَالَ اللَّهُ أَلا یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ قَوْلُهُ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ

-حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی عِمْرَانَ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1)إِمَاماً وَ رَحْمَةً وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَی أُولَئِكَ یُؤْمِنُونَ بِهِ فَقَدَّمُوا وَ أَخَّرُوا فِی التَّأْلِیفِ (2).

بیان: تفسیر الاستغشاء بالنفض غریب لم أظفر به فی اللغة.

«93»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ كَأَیِّنْ مِنْ آیَةٍ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ الْكُسُوفُ وَ الزَّلْزَلَةُ وَ الصَّوَاعِقُ قَوْلُهُ وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَهَذَا شِرْكُ الطَّاعَةِ.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ قَالَ شِرْكُ طَاعَةٍ لَیْسَ بِشِرْكِ عِبَادَةٍ وَ الْمَعَاصِی الَّتِی یَرْتَكِبُونَ فَهِیَ شِرْكُ طَاعَةٍ أَطَاعُوا فِیهَا الشَّیْطَانَ فَأَشْرَكُوا بِاللَّهِ فِی الطَّاعَةِ لِغَیْرِهِ وَ لَیْسَ بِإِشْرَاكِ عِبَادَةٍ أَنْ یَعْبُدُوا غَیْرَ اللَّهِ.

ص: 214


1- المصدر خال عن قوله: یعنی أمیر المؤمنین، و لعله سقط عن الطبع.
2- تفسیر القمّیّ: ص 297 و 298 و 300.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ قُلْ هذِهِ سَبِیلِی أَدْعُوا إِلَی اللَّهِ عَلی بَصِیرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی یَعْنِی نَفْسَهُ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ (1).

«94»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ هُوَ الَّذِی یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً یَعْنِی یَخَافُهُ قَوْمٌ وَ یَطْمَعُ فِیهِ قَوْمٌ أَنْ یُمْطَرُوا وَ یُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ یَعْنِی یَرْفَعُهَا مِنَ الْأَرْضِ وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ أَیِ الْمَلَكُ الَّذِی یَسُوقُ السَّحَابَ وَ هُوَ شَدِیدُ الْمِحالِ أَیْ شَدِیدُ الْغَضَبِ.

-وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْ ءٍ فَهَذَا (2)مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلَّذِینَ یَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَ الَّذِینَ یَعْبُدُونَ الْآلِهَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا یَسْتَجِیبُونَ (3)لَهُمْ بِشَیْ ءٍ وَ لَا یَنْفَعُهُمْ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ لِیَتَنَاوَلَهُ مِنْ بَعِیدٍ وَ لَا یَنَالُهُ (4).

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَیْتُ أَمْراً عَظِیماً فَقَالَ وَ مَا رَأَیْتَ قَالَ كَانَ لِی مَرِیضٌ وَ نُعِتَ لَهُ مَاءٌ مِنْ بِئْرِ الْأَحْقَافِ یَسْتَشْفِی بِهِ فِی بَرَهُوتَ قَالَ فَتَهَیَّأْتُ (5)وَ مَعِی قِرْبَةٌ وَ قَدَحٌ لآِخُذَ مِنْ مَائِهَا وَ أَصُبَّ فِی الْقِرْبَةِ إِذَا شَیْ ءٌ قَدْ هَبَطَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ كَهَیْئَةِ السِّلْسِلَةِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا هَذَا اسْقِنِی السَّاعَةَ السَّاعَةَ أَمُوتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِی وَ رَفَعْتُ إِلَیْهِ الْقَدَحَ لِأَسْقِیَهُ فَإِذَا رَجُلٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ فَلَمَّا ذَهَبْتُ أُنَاوِلُهُ الْقَدَحَ اجْتَذَبَ مِنِّی حَتَّی عَلِقَ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَی الْمَاءِ أَغْتَرِفُ إِذَا أَقْبَلَ الثَّانِیَةَ وَ هُوَ یَقُولُ الْعَطَشَ الْعَطَشَ یَا هَذَا اسْقِنِی السَّاعَةَ أَمُوتُ فَرَفَعْتُ الْقَدَحَ لِأَسْقِیَهُ فَاجْتَذَبَ مِنِّی حَتَّی عَلِقَ بِالشَّمْسِ حَتَّی فَعَلَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ وَ شَدَدْتُ قِرْبَتِی وَ لَمْ أَسْقِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاكَ قَابِیلُ بْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 215


1- تفسیر القمّیّ: 334.
2- فی المصدر: «لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْ ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ لِیَبْلُغَ فاهُ» فهذا اه.
3- فی المصدر: و الذین یعبدون آلهة من دون اللّٰه فلا یستجیبون اه.
4- تفسیر القمّیّ: 337. و فیه: من بعد و لا یناله.
5- فی المصدر: فانتهیت.

وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْ ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ الْآیَةَ قَوْلُهُ وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ قَالَ بِالْعَشِیَّةِ قَالَ ظِلُّ الْمُؤْمِنِ یَسْجُدُ طَوْعاً وَ ظِلُّ الْكَافِرِ یَسْجُدُ كَرْهاً وَ هُوَ نُمُوُّهُمْ وَ حَرَكَتُهُمْ وَ زِیَادَتُهُمْ وَ نُقْصَانُهُمْ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْآیَةَ قَالَ أَمَّا مَنْ یَسْجُدُ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ طَوْعاً فَالْمَلَائِكَةُ یَسْجُدُونَ طَوْعاً وَ مَنْ یَسْجُدُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَنْ وُلِدَ فِی الْإِسْلَامِ فَهُوَ یَسْجُدُ لَهُ طَوْعاً وَ أَمَّا مَنْ یَسْجُدُ لَهُ كَرْهاً فَمَنْ جُبِرَ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ أَمَّا مَنْ لَمْ یَسْجُدْ فَظِلُّهُ یَسْجُدُ لَهُ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِیِّ وَ قَوْلُهُ هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ یَعْنِی الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ أَمَّا الظُّلُمَاتُ فَالْكُفْرُ وَ أَمَّا النُّورُ فَهُوَ الْإِیمَانُ وَ قَوْلُهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها یَقُولُ الْكَبِیرُ عَلَی قَدْرِ كِبَرِهِ وَ الصَّغِیرُ عَلَی قَدْرِ صِغَرِهِ قَوْلُهُ اللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً یَقُولُ أَنْزَلَ الْحَقَّ مِنَ السَّمَاءِ فَاحْتَمَلَتْهُ الْقُلُوبُ بِأَهْوَائِهَا ذُو الْیَقِینِ عَلَی قَدْرِ یَقِینِهِ وَ ذُو الشَّكِّ عَلَی قَدْرِ شَكِّهِ فَاحْتَمَلَ الْهَوَی بَاطِلًا كَثِیراً وَ جَفَاءً فَالْمَاءُ هُوَ الْحَقُّ وَ الْأَوْدِیَةُ هِیَ الْقُلُوبُ وَ السَّیْلُ هُوَ الْهَوَی وَ الزَّبَدُ هُوَ الْبَاطِلُ وَ الْحِلْیَةُ وَ الْمَتَاعُ هُوَ الْحَقُّ قَالَ اللَّهُ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْكُثُ فِی الْأَرْضِ فَالزَّبَدُ وَ خُبْثُ الْحِلْیَةِ هُوَ الْبَاطِلُ وَ الْمَتَاعُ وَ الْحِلْیَةُ هُوَ الْحَقُّ مَنْ أَصَابَ الزَّبَدَ وَ خُبْثَ الْحِلْیَةِ فِی الدُّنْیَا لَمْ یَنْتَفِعْ بِهِ وَ كَذَلِكَ صَاحِبُ الْبَاطِلِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَا یَنْتَفِعُ بِهِ وَ أَمَّا الْحِلْیَةُ وَ الْمَتَاعُ فَهُوَ الْحَقُّ مَنْ أَصَابَ الْحِلْیَةَ وَ الْمَتَاعَ فِی الدُّنْیَا انْتَفَعَ بِهِ وَ كَذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَنْفَعُهُ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ قَوْلُهُ زَبَداً رابِیاً أَیْ مُرْتَفِعاً وَ مِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فِی النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْیَةٍ یَعْنِی مَا یَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَ هُوَ مَثَلٌ أَیْ یَثْبُتُ الْحَقُّ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فِی قُلُوبِ الْكُفَّارِ لَا یَثْبُتُ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً یَعْنِی یَبْطُلُ وَ أَمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْكُثُ فِی الْأَرْضِ وَ هَذَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ

ص: 216

لِلَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنی إِلَی قَوْلِهِ وَ بِئْسَ الْمِهادُ فَالْمُؤْمِنُ إِذَا سَمِعَ الْحَدِیثَ ثَبَتَ فِی قَلْبِهِ رَجَاءَ رَبِّهِ وَ آمَنَ بِهِ (1)وَ هُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الَّذِی یَبْقَی فِی الْأَرْضِ فَیَنْبُتُ النَّبَاتُ وَ الَّذِی لَا یُنْتَفَعُ بِهِ یَكُونُ مِثْلَ الزَّبَدِ الَّذِی تَضْرِبُهُ الرِّیَاحُ فَیَبْطُلُ قَوْلُهُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ قَالَ یَتَمَهَّدُونَ فِی النَّارِ قَوْلُهُ أُولُوا الْأَلْبابِ أَیْ أُولُو الْعُقُولِ (2).

«95»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً الْآیَةَ قَالَ لَوْ كَانَ شَیْ ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ لَكَانَ هَذَا قَوْلُهُ قارِعَةٌ أَیْ عَذَابٌ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا یَزالُ الَّذِینَ كَفَرُوا تُصِیبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ وَ هِیَ النَّقِمَةُ أَوْ تَحُلُّ قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ فَتَحُلُّ بِقَوْمٍ غَیْرِهِمْ فَیَرَوْنَ ذَلِكَ وَ یَسْمَعُونَ بِهِ وَ الَّذِینَ حَلَّتْ بِهِمْ عُصَاةٌ كُفَّارٌ مِثْلُهُمْ وَ لَا یَتَّعِظُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَ لَنْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی یَأْتِیَ وَعْدُ اللَّهِ الَّذِی وَعَدَ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ النَّصْرِ وَ یُخْزِی الْكَافِرِینَ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ فَأَمْلَیْتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ أَیْ طَوَّلْتُ لَهُمُ الْأَمَلَ ثُمَّ أَهْلَكْتُهُمْ (3).

«96»- فس، تفسیر القمی الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ یَعْنِی مِنَ الْكُفْرِ إِلَی الْإِیمَانِ إِلی صِراطِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ وَ الصِّرَاطُ الطَّرِیقُ الْوَاضِحُ وَ إِمَامَةُ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام قَوْلُهُ مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا الْآیَةَ قَالَ مَنْ لَمْ یُقِرَّ بِوَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَطَلَ عَمَلُهُ مِثْلُ الرَّمَادِ الَّذِی تَجِی ءُ الرِّیحُ فَتَحْمِلُهُ (4).

«97»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ مُسْتَنِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی مَثَلًا كَلِمَةً طَیِّبَةً الْآیَةَ قَالَ

ص: 217


1- فی المصدر المطبوع فی سنة 1315: فالمؤمن إذا سمع الحدیث ثبت فی قلبه و أجابه و آمن به. و فی طبعه الآخر «حاربه» بدل «أجابه» فهو لا یخلو عن تصحیف.
2- تفسیر القمّیّ: ص 338- 340.
3- تفسیر القمّیّ: 342.
4- تفسیر القمّیّ: 344 و 345.

الشَّجَرَةُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَسَبُهُ ثَابِتٌ فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ فَرْعُ الشَّجَرَةِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ غُصْنُ الشَّجَرَةِ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ ثَمَرَاتُهَا الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ شِیعَتُهُمْ وَرَقُهَا وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ شِیعَتِنَا لَیَمُوتُ فَتَسْقُطُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَرَقَةٌ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیُولَدُ فَتُورِقُ الشَّجَرَةُ وَرَقَةً قُلْتُ أَ رَأَیْتَ قَوْلَهُ تُؤْتِی أُكُلَها كُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها قَالَ یَعْنِی بِذَلِكَ مَا یُفْتِی الْأَئِمَّةُ شِیعَتَهُمْ فِی كُلِّ حَجٍّ وَ عُمْرَةٍ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ لِأَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ مَثَلًا فَقَالَ وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ.

فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: كَذَلِكَ الْكَافِرُونَ لَا تَصَّعَّدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ وَ بَنُو أُمَیَّةَ لَا یَذْكُرُونَ اللَّهَ فِی مَجْلِسٍ وَ لَا فِی مَسْجِدٍ وَ لَا تَصَّعَّدُ أَعْمَالُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ إِلَّا قَلِیلٌ مِنْهُمْ (1).

«98»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً قَالَ نَزَلَتْ فِی الْأَفْجَرَیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ بَنِی أُمَیَّةَ وَ بَنِی الْمُغِیرَةِ فَأَمَّا بَنُو الْمُغِیرَةِ فَقَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ یَوْمَ بَدْرٍ وَ أَمَّا بَنُو أُمَیَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَی حِینٍ ثُمَّ قَالَ نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِی أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَی عِبَادِهِ وَ بِنَا یَفُوزُ مَنْ فَازَ (2).

«99»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ (3)قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً قَالَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ نَقُولُ هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَیْشٍ بَنُو أُمَیَّةَ وَ بَنُو الْمُغِیرَةِ فَقَالَ بَلَی هِیَ قُرَیْشٌ قَاطِبَةً إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ نَبِیَّهُ فَقَالَ إِنِّی فَضَّلْتُ قُرَیْشاً عَلَی الْعَرَبِ وَ أَنْعَمْتُ عَلَیْهِمْ نِعْمَتِی وَ بَعَثْتُ إِلَیْهِمْ رَسُولًا فَبَدَّلُوا نِعْمَتِی وَ كَذَّبُوا رَسُولِی.

«100»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یُنَادِی مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا

ص: 218


1- تفسیر القمّیّ: 347.
2- تفسیر القمّیّ: 347.
3- الظاهر أنّه عمرو بن سعید بن هلال الثقفی.

مُسْلِمٌ فَیَوْمَئِذٍ یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِینَ قَوْلُهُ وَ یُلْهِهِمُ الْأَمَلُ أَیْ یُشْغِلُهُمْ قَوْلُهُ كِتابٌ مَعْلُومٌ أَیْ أَجَلٌ مَكْتُوبٌ قَوْلُهُ لَوْ ما تَأْتِینا أَیْ هَلَّا تَأْتِینَا قَوْلُهُ وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِینَ قَالُوا لَوْ أَنْزَلْنَا الْمَلَائِكَةَ لَمْ یُنْظَرُوا وَ هَلَكُوا قَوْلُهُ وَ لَقَدْ آتَیْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِی وَ الْقُرْآنَ الْعَظِیمَ یَعْنِی فَاتِحَةَ الْكِتَابِ قَوْلُهُ الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ قَالَ قَسَمُوا الْقُرْآنَ وَ لَمْ یُؤَلِّفُوهُ عَلَی مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ (1)

«101»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ حَمَّادٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَزَلَ بِهِ ضَیْفُهُ فَاسْتَسْلَفَ مِنْ یَهُودِیٍّ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ وَ اللَّهِ یَا مُحَمَّدُ لَا ثَاغِیَةَ وَ لَا رَاغِیَةَ فَعَلَی مَا أَسْلِفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَأَمِینُ اللَّهِ فِی سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ وَ لَوِ ائْتَمَنْتَنِی عَلَی شَیْ ءٍ لَأَدَّیْتُهُ إِلَیْكَ قَالَ فَبَعَثَ بِدَرَقَةٍ لَهُ فَرَهَنَهَا عِنْدَهُ فَنَزَلَتْ عَلَیْهِ وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا (2)

بیان: الثاغیة الغنم و الراغیة الناقة و الدرقة بالتحریك الترس إذا كان من جلود لیس فیه خشب.

«102»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ قَالَ هُمْ قُرَیْشٌ (3)

«103»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها قَالَ نَسَخَتْهَا فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (4)

«104»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ قَالَ: كَانَ الْمُسْتَهْزِءُونَ خَمْسَةً مِنْ قُرَیْشٍ الْوَلِیدَ بْنَ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیَّ وَ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِیَّ وَ الْحَارِثَ بْنَ حَنْظَلَةَ وَ الْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ یَغُوثَ بْنِ وَهْبٍ الزُّهْرِیَّ وَ الْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَدْ أَخْزَاهُمْ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ بِشَرِّ مِیتَاتٍ (5)

ص: 219


1- تفسیر القمّیّ: 348 و 349 و 353.
2- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
3- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
4- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.
5- تفسیر العیّاشیّ مخطوط.

«105»- فس، تفسیر القمی أَتی أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قَالَ نَزَلَتْ لَمَّا سَأَلَتْ قُرَیْشٌ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ قَوْلُهُ یُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ یَعْنِی بِالْقُوَّةِ الَّتِی جَعَلَهَا اللَّهُ فِیهِمْ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ یَقُولُ بِالْكِتَابِ وَ النُّبُوَّةِ (1).

بیان: تأویل الروح بالقوة غریب (2)و سیأتی فی الأخبار أنه خلق أعظم من الملائكة و لعله من بطون الآیة و قوله یَقُولُ بِالْكِتَابِ إما تفسیر للروح أیضا كما ذكره المفسرون أو متعلق بالإنذار.

«106»- فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ لِیَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ الْآیَةَ قَالَ یَعْنِی یَحْمِلُونَ آثَامَهُمْ یَعْنِی الَّذِینَ غَصَبُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ آثَامَ كُلِّ مَنِ اقْتَدَی بِهِمْ (3)قَوْلُهُ فِی تَقَلُّبِهِمْ قَالَ إِذَا جَاءُوا وَ ذَهَبُوا فِی التِّجَارَاتِ وَ فِی أَعْمَالِهِمْ فَیَأْخُذُهُمْ فِی تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ یَأْخُذَهُمْ عَلی تَخَوُّفٍ قَالَ عَلَی تَیَقُّظٍ قَوْلُهُ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ قَالَ تَحْوِیلُ كُلِّ ظِلٍّ (4)خَلَقَهُ اللَّهُ هُوَ سُجُودُهُ لِلَّهِ لِأَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ إِلَّا لَهُ ظِلٌّ یَتَحَرَّكُ بِتَحْرِیكِهِ وَ تَحَرُّكُهُ سُجُودُهُ قَوْلُهُ وَ لَهُ الدِّینُ واصِباً أَیْ وَاجِباً قَوْلُهُ تَجْئَرُونَ أَیْ تَفْزَعُونَ وَ تَرْجِعُونَ وَ یَجْعَلُونَ لِما لا یَعْلَمُونَ نَصِیباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ هُوَ الَّذِی وَصَفْنَاهُ مِمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ یَجْعَلُونَ لِلْأَصْنَامِ نَصِیباً فِی زَرْعِهِمْ

ص: 220


1- تفسیر القمّیّ: 356.
2- قد فسر الروح هنا بالوحی، و بالقرآن، و بالنبوة، و أمّا ما فسره علیّ بن إبراهیم فهو معنی حسن أقرب من معنی الروح، و لكن غریب، لان الظاهر من نظائرها كقوله تعالی: «وَ كَذلِكَ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا» خلاف ذلك، و علیه فیحتمل أن یكون «من» فی قوله: «من أمره» بمعنی الباء، أی ینزل الملائكة بالقوة التی جعلها اللّٰه فیهم بأمره و وحیه علی من یشاء، و أمّا قوله: بالكتاب و النبوّة فهو تفسیر آخر من الإمام علیه السلام للروح، و یحتمل أن یكون تفسیرا لقوله: من أمره بمعنی الذی قلناه.
3- أضاف فی المصدر بعد ذلك: و هو قول الصادق علیه السلام: و اللّٰه ما اهریقت محجمة من دم و لا قرع عصا بعصا و لا غصب فرج حرام و لا اخذ مال من غیر حل الا وزر ذلك فی أعناقهم، من غیر أن ینقص من أوزار العاملین شی ء. راجع تفسیر القمّیّ ص 358.
4- فی طبعة من المصدر: تحریك كل ظل.

وَ إِبِلِهِمْ وَ غَنَمِهِمْ وَ یَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ قَالَ قَالَتْ قُرَیْشٌ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ هُمْ بَنَاتُ اللَّهِ فَنَسَبُوا مَا لَا یَشْتَهُونَ إِلَی اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما یَشْتَهُونَ (1)یَعْنِی مِنَ الْبَنِینَ قَوْلُهُ أَ یُمْسِكُهُ عَلی هُونٍ أَیْ یَسْتَهِینُ بِهِ قَوْلُهُ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ أَیْ مُعَذَّبُونَ قَوْلُهُ فَمَا الَّذِینَ فُضِّلُوا بِرَادِّی رِزْقِهِمْ قَالَ لَا یَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَخُصَّ نَفْسَهُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْمَأْكُولِ دُونَ عِیَالِهِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی تَمِیمِ بْنِ مُرَّةَ وَ یُقَالُ لَهَا رَابِطَةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَیْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَیِّ بْنِ غَالِبٍ (2)كَانَتْ حَمْقَاءَ تَغْزِلُ الشَّعْرَ فَإِذَا غَزَلَتْهُ نَقَضَتْهُ ثُمَّ عَادَتْ فَغَزَلَتْهُ فَقَالَ اللَّهُ كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَ بِالْوَفَاءِ وَ نَهَی عَنْ نَقْضِ الْعَهْدِ فَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا قَوْلُهُ وَ إِذا بَدَّلْنا آیَةً مَكانَ آیَةٍ قَالَ كَانَ إِذَا نُسِخَتْ آیَةٌ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ مُفْتَرٍ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ یَعْنِی جَبْرَئِیلَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ رُوحُ الْقُدُسِ قَالَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ الْقُدُسُ الطَّاهِرُ لِیُثَبِّتَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُهُ لِسانُ الَّذِی یُلْحِدُونَ إِلَیْهِ أَعْجَمِیٌّ قَالَ هُوَ لِسَانُ أَبِی فُكَیْهَةَ مَوْلَی ابْنِ الْخَضْرَمِیِّ (3)كَانَ أَعْجَمِیَّ اللِّسَانِ وَ كَانَ قَدِ اتَّبَعَ نَبِیَّ اللَّهِ وَ آمَنَ بِهِ وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ إِنَّهُ یُعَلِّمُ مُحَمَّداً عِلْمَهُ بِلِسَانِهِ (4)

ص: 221


1- فی المصدر: فقال اللّٰه عزّ و جلّ: وَ یَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما یَشْتَهُونَ
2- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: ریطة و كذا فی مجمع البیان الا أنّه قال: ربطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تمیم بن مرة.
3- هكذا فی بعض النسخ و المصدر، و لكن فی نسخ اخری من الكتاب و كذا فی مجمع البیان: ابن الحضرمی.
4- تفسیر القمّیّ: 360- 362 و 364- 366.

«107»- شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ لَهُ الدِّینُ واصِباً قَالَ وَاجِباً (1)

«108»- فس، تفسیر القمی لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ مُخَاطَبَةٌ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمَعْنَی لِلنَّاسِ وَ هُوَ قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِیَّهُ بِإِیَّاكِ أَعْنِی وَ اسْمَعِی یَا جَارَةُ قَوْلُهُ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا قَالَ لَوْ كَانَتِ الْأَصْنَامُ آلِهَةً كَمَا یَزْعُمُونَ لَصَعَدُوا إِلَی الْعَرْشِ قَوْلُهُ وَ إِذْ هُمْ نَجْوی أَیْ إِذْ هُمْ فِی سِرٍّ یَقُولُونَ هُوَ سَاحِرٌ قَوْلُهُ ظَهِیراً أَیْ مُعِیناً قَوْلُهُ وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ أَخِی أُمِّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی فَتْحِ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی أُمَیَّةَ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَرُدَّ السَّلَامَ عَلَیْهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَ لَمْ یُجِبْهُ بِشَیْ ءٍ وَ كَانَتْ أُخْتُهُ أَمُّ سَلَمَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَخَلَ إِلَیْهَا وَ قَالَ یَا أُخْتِی إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ قَبِلَ إِسْلَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ رَدَّ إِسْلَامِی فَلَیْسَ یَقْبَلُنِی كَمَا قَبِلَ غَیْرِی فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِدَ بِكَ جَمِیعُ النَّاسِ إِلَّا أَخِی مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ وَ الْعَرَبِ رَدَدْتَ إِسْلَامَهُ وَ قَبِلْتَ إِسْلَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَّا أَخِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ أَخَاكِ كَذَّبَنِی تَكْذِیباً لَمْ یُكَذِّبْنِی أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ هُوَ الَّذِی قَالَ لِی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً إِلَی قَوْلِهِ كِتاباً نَقْرَؤُهُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَمْ تَقُلْ إِنَّ الْإِسْلَامَ یَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ (2)قَالَ نَعَمْ فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِسْلَامَهُ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ

ص: 222


1- مخطوط.
2- أی یمحو ما كان قبله من الكفر و المعاصی و الذنوب، من الجب و هو القطع.

یَنْبُوعاً أَیْ عَیْناً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ أَیْ بُسْتَانٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِیراً مِنْ تِلْكَ الْعُیُونِ أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّهُ سَیَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ كِسْفاً لِقَوْلِهِ وَ إِنْ یَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً یَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ وَ قَوْلُهُ أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا وَ الْقَبِیلُ الْكَثِیرُ أَوْ یَكُونَ لَكَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ الْمُزَخْرَفُ بِالذَّهَبِ أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ یَقُولُ مِنَ اللَّهِ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ إِنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ وَ إِنِّی أَنَا بَعَثْتُهُ وَ یَجِی ءُ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ كَتَبَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّی هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا قَوْلُهُ وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی قَالَ قَالَ الْكُفَّارُ لِمَ لَمْ یَبْعَثِ اللَّهُ إِلَیْنَا الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ اللَّهُ لَوْ بَعَثْنَا إِلَیْهِمْ مَلَكاً لَمَا آمَنُوا وَ لَهَلَكُوا وَ لَوْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ فِی الْأَرْضِ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا قَوْلُهُ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ الْآیَةَ قَالَ لَوْ كَانَتِ الْأَمْوَالُ بِیَدِ النَّاسِ لَمَا أَعْطَوُا النَّاسَ شَیْئاً مَخَافَةَ الْفَنَاءِ وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً أَیْ بَخِیلًا قَوْلُهُ عَلی مُكْثٍ أَیْ عَلَی مَهْلٍ (1)

«109»- فس، تفسیر القمی وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً قَالَ هَذَا مُقَدَّمٌ وَ مُؤَخَّرٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الَّذِی أَنْزَلَ عَلَی عَبْدِهِ الْكِتَابَ قَیِّماً وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً فَقَدْ قَدَّمَ حَرْفاً عَلَی حَرْفٍ لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ یَعْنِی یُخَوِّفُ وَ یُحَذِّرُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ یَقُولُ قَاتِلٌ نَفْسَكَ عَلی آثارِهِمْ قَوْلُهُ أَسَفاً أَیْ حُزْناً (2)

«110»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا أَیْ عَظِیماً قَوْلُهُ قَوْماً لُدًّا قَالَ أَصْحَابُ الْكَلَامِ وَ الْخُصُومَةِ (3)

«111»- فس، تفسیر القمی أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَیْ تَأْتُونَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ سَاحِرٌ

ص: 223


1- تفسیر القمّیّ: 380 و 382 و 387 و 388- 391.
2- تفسیر القمّیّ: 391 و 392.
3- تفسیر القمّیّ: 415.

ثُمَّ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ رَبِّی یَعْلَمُ الْقَوْلَ فِی السَّماءِ وَ الْأَرْضِ یَعْنِی مَا یُقَالُ فِی السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ حَكَی اللَّهُ قَوْلَ قُرَیْشٍ فَقَالَ بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ أَیْ هَذَا الَّذِی یُخْبِرُنَا مُحَمَّدٌ یَرَاهُ فِی النَّوْمِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلِ افْتَراهُ أَیْ یَكْذِبُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْیَأْتِنا بِآیَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها أَ فَهُمْ یُؤْمِنُونَ قَالَ كَیْفَ یُؤْمِنُونَ وَ لَمْ یُؤْمِنْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِالْآیَاتِ حَتَّی هَلَكُوا قَوْلُهُ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قَالَ آلُ مُحَمَّدٍ (1)قَوْلُهُ وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ فَإِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِیَّهُ بِمَا یُصِیبُ أَهْلَ بَیْتِهِ بَعْدَهُ وَ ادِّعَاءِ مَنِ ادَّعَی الْخِلَافَةَ دُونَهُمْ اغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً أَیْ نَخْتَبِرُهُمْ (2)قَوْلُهُ وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قَالَ الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُها عِبادِیَ الصَّالِحُونَ قَالَ الْقَائِمُ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ وَ أَصْحَابُهُ قَالَ وَ الزَّبُورُ فِیهِ مَلَاحِمُ وَ تَحْمِیدٌ وَ تَمْجِیدٌ وَ دُعَاءٌ قَوْلُهُ قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ قَالَ مَعْنَاهُ لَا تَدَعِ الْكُفَّارَ وَ الْحَقُّ الِانْتِقَامُ مِنَ الظَّالِمِینَ (3)

«112»- فس، تفسیر القمی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدیً وَ لا كِتابٍ مُنِیرٍ قَالَ نَزَلَتْ فِی أَبِی جَهْلٍ ثانِیَ عِطْفِهِ قَالَ تَوَلَّی عَنِ الْحَقِّ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ قَالَ عَنْ طَرِیقِ اللَّهِ وَ الْإِیمَانِ قَوْلُهُ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ قَالَ عَلَی شَكٍّ فَإِنْ أَصابَهُ خَیْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ الْآیَةَ.

فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی عِمْرَانَ عَنْ یُونُسَ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ طَیَّارٍ (4)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ

ص: 224


1- فی المصدر: قال: آل محمّد هم أهل الذكر. راجع التفسیر: 426.
2- تفسیر القمّیّ: 428.
3- تفسیر القمّیّ: 434.
4- الظاهر أنّه حمزة بن محمّد الطیار.

فِی قَوْمٍ وَحَّدُوا اللَّهَ وَ خَلَعُوا عِبَادَةَ مَنْ دُونَ اللَّهِ وَ خَرَجُوا مِنَ الشِّرْكِ وَ لَمْ یَعْرِفُوا أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهُمْ یَعْبُدُونَ اللَّهَ عَلَی شَكٍّ فِی مُحَمَّدٍ وَ مَا جَاءَ بِهِ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا نَنْظُرُ فَإِنْ كَثُرَتْ أَمْوَالُنَا وَ عُوفِینَا فِی أَنْفُسِنَا وَ أَوْلَادِنَا عَلِمْنَا أَنَّهُ صَادِقٌ وَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ كَانَ غَیْرُ ذَلِكَ نَظَرْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فَإِنْ أَصابَهُ خَیْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلی وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُرُّهُ وَ ما لا یَنْفَعُهُ انْقَلَبَ مُشْرِكاً یَدْعُو غَیْرَ اللَّهِ وَ یَعْبُدُ غَیْرَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ یَعْرِفُ وَ یَدْخُلُ الْإِیمَانُ قَلْبَهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَ یُصَدِّقُ وَ یَزُولُ عَنْ مَنْزِلَتِهِ مِنَ الشَّكِّ إِلَی الْإِیمَانِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَلْبَثُ عَلَی شَكِّهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْقَلِبُ إِلَی الشِّرْكِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ مَنْ كانَ یَظُنُّ أَنْ لَنْ یَنْصُرَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ فَإِنَّ الظَّنَّ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَلَی وَجْهَیْنِ ظَنُّ یَقِینٍ وَ ظَنُّ شَكٍّ فَهَذَا ظَنُّ شَكٍّ قَالَ مَنْ شَكَّ أَنَّ اللَّهَ لَا یُثِیبُهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَلْیَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَی السَّماءِ أَیْ یَجْعَلُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ دَلِیلًا وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الدَّلِیلُ قَوْلُ اللَّهِ فِی سُورَةَ الْكَهْفِ وَ آتَیْناهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً أَیْ دَلِیلًا وَ قَالَ ثُمَّ لْیَقْطَعْ أَیْ یُمَیِّزُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ الْقَطْعَ هُوَ التَّمْیِیزُ قَوْلُهُ وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أَیْ مَیَّزْنَاهُمْ فَقَوْلُهُ ثُمَّ لْیَقْطَعْ أَیْ یُمَیِّزُ فَلْیَنْظُرْ هَلْ یُذْهِبَنَّ كَیْدُهُ ما یَغِیظُ أَیْ حِیلَتُهُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ الْكَیْدَ هُوَ الْحِیلَةُ قَوْلُهُ تَعَالَی كَذلِكَ كِدْنا لِیُوسُفَ أَیِ احْتَلْنَا لَهُ حَتَّی حَبَسَ أَخَاهُ وَ قَوْلُهُ یَحْكِی قَوْلَ فِرْعَوْنَ فَأَجْمِعُوا كَیْدَكُمْ أَیْ حِیلَتُكُمْ قَالَ فَإِذَا وَضَعَ لِنَفْسِهِ سَبَباً وَ مَیَّزَ دَلَّهُ عَلَی الْحَقِّ وَ أَمَّا الْعَامَّةُ فَإِنَّهُمْ رَوَوْا فِی ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ یُصَدِّقْ بِمَا قَالَ اللَّهُ فَلْیُلْقِ حَبْلًا إِلَی سَقْفِ الْبَیْتِ ثُمَّ لْیَخْتَنِقْ (1)

«113»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ أُولئِكَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ یَقُولُ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لَمْ یَسْبِقْهُ أَحَدٌ وَ قَوْلُهُ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِی غَمْرَةٍ مِنْ هذا یَعْنِی مِنَ الْقُرْآنِ وَ لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ یَقُولُ مَا كُتِبَ عَلَیْهِمْ فِی اللَّوْحِ مَا هُمْ لَها عامِلُونَ قَبْلَ أَنْ یُخْلَقُوا هُمْ لِذَلِكَ الْأَعْمَالِ الْمَكْتُوبَةِ عَامِلُونَ

ص: 225


1- تفسیر القمّیّ: 436.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ لَدَیْنا كِتابٌ یَنْطِقُ بِالْحَقِّ أَیْ عَلَیْكُمْ ثُمَّ قَالَ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِی غَمْرَةٍ مِنْ هذا أَیْ فِی شَكٍّ مِمَّا یَقُولُونَ حَتَّی إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِیهِمْ أَیْ كُبَرَاءَهُمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ یَجْأَرُونَ أَیْ یَضِجُّونَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لا تَجْأَرُوا الْیَوْمَ إِلَی قَوْلِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ أَیْ جَعَلْتُمُوهُ سَمَراً وَ هَجَرْتُمُوهُ قَوْلُهُ أَمْ یَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ یَعْنِی بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُهُ وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ قَالَ الْحَقُّ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُهُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ یَعْنِی وَلَایَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1)وَ مِثْلُهُ كَثِیرٌ وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّ الْحَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوِ اتَّبَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُرَیْشاً (2)لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ فَفَسَادُ السَّمَاءِ إِذَا لَمْ تَمْطُرْ وَ فَسَادُ الْأَرْضِ إِذَا لَمْ تَنْبُتْ وَ فَسَادُ النَّاسِ فِی ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ قَالَ إِلَی وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قَالَ عَنِ الْإِمَامِ لَحَادُّونَ (3)ثُمَّ رَدَّ عَلَی الثَّنَوِیَّةِ الَّذِینَ قَالُوا بِإِلَهَیْنِ فَقَالَ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ (4)قَالَ لَوْ كَانَ إِلَهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَمَا زَعَمْتُمْ لَكَانَا یَخْتَلِفَانِ فَیَخْلُقُ هَذَا وَ لَا یَخْلُقُ هَذَا وَ یُرِیدُ هَذَا وَ لَا یُرِیدُ هَذَا وَ لَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْغَلَبَةَ (5)وَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا خَلْقَ إِنْسَانٍ وَ أَرَادَ الْآخَرُ خَلْقَ بَهِیمَةٍ فَیَكُونُ إِنْسَاناً وَ بَهِیمَةً فِی حَالَةٍ

ص: 226


1- فی المصدر هنا زیادة و هی: و قوله: «وَ یَسْتَنْبِئُونَكَ» أی یا محمّد أهل مكّة فی علی «أَ حَقٌّ هُوَ» إمام هو؟ «قُلْ إِی وَ رَبِّی إِنَّهُ لَحَقٌّ» أی لامام.
2- الظاهر ان قوله: رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و أمیر المؤمنین علیه السلام تفسیر للحق، و إلا فیستلزم التحریف الذی یخالفه معظم الإمامیّة بل جلهم، و علی ای فكلامه لا یخلو عن اشكال.
3- -هكذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر: لحائدون أی مائلون و عادلون عنه. و هنا فی المصدر زیادة و هی هكذا: ثم حكی اللّٰه قول الدهریة: «قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ» إلی قوله: «أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ» یعنی أحادیث الاولین، فرد اللّٰه علیهم فقال: «بَلْ أَتَیْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ»
4- ذكر الآیة فی المصدر إلی قوله: «عَلی بَعْضٍ».
5- فی المصدر: و یطلب كل واحد منهما الغلبة.

وَاحِدَةٍ وَ هُوَ مُحَالٌ (1)فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا ثَبَتَ التَّدْبِیرُ وَ الصُّنْعُ لِوَاحِدٍ وَ دَلَّ أَیْضاً التَّدْبِیرُ وَ ثَبَاتُهُ وَ قِوَامُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ عَلَی أَنَّ الصَّانِعَ وَاحِدٌ جَلَّ جَلَالُهُ (2)ثُمَّ قَالَ آنِفاً سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ قَوْلُهُ وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ قَالَ مَا یَقَعُ فِی الْقَلْبِ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّیْطَانِ (3).

«114»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا إِلَی قَوْلِهِ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عُثْمَانَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَیْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِی حَدِیقَةٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ تَرْضَی بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لِعُثْمَانَ لَا تُحَاكِمْهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُ یَحْكُمُ لَهُ عَلَیْكَ وَ لَكِنْ حَاكِمْهُ إِلَی ابْنِ شَیْبَةَ الْیَهُودِیِّ فَقَالَ عُثْمَانُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا أَرْضَی إِلَّا بِابْنِ شَیْبَةَ الْیَهُودِیِّ فَقَالَ ابْنُ شَیْبَةَ لِعُثْمَانَ تَأْتَمِنُونَ مُحَمَّداً عَلَی وَحْیِ السَّمَاءِ وَ تَتَّهِمُونَهُ فِی الْأَحْكَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ وَ إِذا دُعُوا إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ إِلَی قَوْلِهِ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ ذَكَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِینَ إِذا دُعُوا إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ أَنْ یَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا إِلَی قَوْلِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (4).

«115»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ أَعانَهُ عَلَیْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ قَالُوا إِنَّ هَذَا الَّذِی یَقْرَؤُهُ مُحَمَّدٌ وَ یُخْبِرُنَا بِهِ (5)إِنَّمَا یَتَعَلَّمُهُ مِنَ الْیَهُودِ وَ یَسْتَكْتُبُهُ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَی وَ یَكْتُبُ عَنْ

ص: 227


1- فی المصدر: «و هذا غیر موجود» بدل «و هو محال».
2- فی المصدر هنا زیادة و هی هكذا: و ذلك قوله: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ» إلی قوله: «بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ»
3- تفسیر القمّیّ: 447.
4- تفسیر القمّیّ: 460.
5- فی المصدر هنا زیادة و هی هكذا: و یخبرنا بانه من اللّٰه.

رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ ابْنُ قبطَةَ یَنْقُلُهُ عَنْهُ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِیِّ (1).

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِفْكٌ افْتَراهُ قَالَ الْإِفْكُ الْكَذِبُ وَ أَعانَهُ عَلَیْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ یَعْنِی أَبَا فُهَیْكَةَ (2)وَ حِبْراً وَ عَدَّاساً وَ عَابِساً مَوْلَی حُوَیْطِبٍ قَوْلُهُ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ اكْتَتَبَها فَهُوَ قَوْلُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كَلَدَةَ قَالَ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ اكْتَتَبَها مُحَمَّدٌ فَهِیَ تُمْلی عَلَیْهِ بُكْرَةً وَ أَصِیلًا (3)

«116»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَیْ خَادِعٌ (4)قَوْلُهُ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ آیَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِینَ

فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تُخْضِعُ رِقَابَهُمْ یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ وَ هِیَ الصَّیْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ صَاحِبِ الْأَمْرِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ قَوْلُهُ وَ إِنَّهُ لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعالَمِینَ أَیِ الْقُرْآنُ.

وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ حَسَّانَ (5)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ إِنَّهُ لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعالَمِینَ إِلَی قَوْلِهِ مِنَ الْمُنْذِرِینَ قَالَ الْوَلَایَةُ الَّتِی نَزَلَتْ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْغَدِیرِ.

قَوْلُهُ وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلی بَعْضِ الْأَعْجَمِینَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لَوْ نُزِّلَ الْقُرْآنُ عَلَی الْعَجَمِ مَا آمَنَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَ قَدْ نُزِّلَ عَلَی الْعَرَبِ فَآمَنَتْ بِهِ الْعَجَمُ فَهَذِهِ فَضِیلَةُ الْعَجَمِ.

ص: 228


1- فی المصدر هنا زیادة و هی: فحكی قولهم ورد علیهم فقال: «وَ قالَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ» إلی قوله: «بُكْرَةً وَ أَصِیلًا» فرد اللّٰه علیهم فقال: «قل» لهم یا محمّد «أَنْزَلَهُ الَّذِی یَعْلَمُ السِّرَّ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِیماً»
2- هكذا فی النسخ، و فی المصدر: أبا فكیهة، و هكذا تقدم قبل ذلك أیضا.
3- تفسیر القمّیّ: 463.
4- بخع نفسه: انهكها و كاد یهلكها من غضب أو غم، و أمّا المعنی الذی ذكره علی بن إبراهیم فغریب لم نجده فی اللغة، و قد فسره قبل ذلك بقوله: قاتل نفسك، و هو الصحیح راجع رقم 124.
5- فی نسخة: حیان و فی المصدر المطبوع فی 1313: حنان.

وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الَّذِی یَراكَ حِینَ تَقُومُ فِی النُّبُوَّةِ وَ تَقَلُّبَكَ فِی السَّاجِدِینَ قَالَ فِی أَصْلَابِ النَّبِیِّینَ (1).

«117»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدی مَعَكَ قَالَ نَزَلَتْ فِی قُرَیْشٍ حِینَ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْهِجْرَةِ قَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدی مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا (2)

«118»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ قَالَ إِذَا آذَاهُ إِنْسَانٌ أَوْ أَصَابَهُ ضُرٌّ أَوْ فَاقَةٌ أَوْ خَوْفٌ مِنَ الظَّالِمِینَ دَخَلَ مَعَهُمْ فِی دِینِهِمْ فَرَأَی أَنَّ مَا یَفْعَلُونَهُ هُوَ مِثْلُ عَذَابِ اللَّهِ الَّذِی لَا یَنْقَطِعُ قَوْلُهُ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ (3)یَعْنِی الْقَائِمَ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ قَوْلُهُ وَ لْنَحْمِلْ خَطایاكُمْ قَالَ كَانَ الْكُفَّارُ یَقُولُونَ لِلْمُؤْمِنِینَ كُونُوا مَعَنَا فَإِنَّ الَّذِی تَخَافُونَ أَنْتُمْ لَیْسَ بِشَیْ ءٍ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَنَحْمِلُ نَحْنُ ذُنُوبَكُمْ فَیُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ مَرَّتَیْنِ مَرَّةً بِذُنُوبِهِمْ وَ مَرَّةً بِذُنُوبِ غَیْرِهِمْ ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا فِیمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِیّاً فَقَالَ مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً وَ هُوَ الَّذِی نَسَجَهُ الْعَنْكَبُوتُ عَلَی بَابِ الْغَارِ الَّذِی دَخَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ أَوْهَنُ الْبُیُوتِ فَكَذَلِكَ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِیّاً وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ یَعْنِی آلَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام قَوْلُهُ وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ قَالَ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ قَالَ بِالْقُرْآنِ قَوْلُهُ فَالَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یُؤْمِنُونَ بِهِ یَعْنِی آلَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ یَعْنِی أَهْلَ الْإِیمَانِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ قَوْلُهُ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ قَالَ هُمُ الْأَئِمَّةُ علیهم السلام (4).

«119»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا

ص: 229


1- تفسیر القمّیّ: 469 و 474.
2- تفسیر القمّیّ: 490.
3- هكذا فی النسخ و الصحیح كما فی المصدر و المصحف الشریف: و لئن جاء نصر من ربك.
4- تفسیر القمّیّ: 495- 497.

أَنَّ قُرَیْشاً وَ الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا حَجُّوا یُلَبُّونَ وَ كَانَتْ تَلْبِیَتُهُمْ لَبَّیْكَ اللَّهُمَّ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ لَبَّیْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ وَ هِیَ تَلْبِیَةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام فَجَاءَهُمْ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ شَیْخٍ فَقَالَ لَیْسَتْ هَذِهِ تَلْبِیَةَ أَسْلَافِكُمْ قَالُوا وَ مَا كَانَتْ تَلْبِیَتُهُمْ قَالَ كَانُوا یَقُولُونَ لَبَّیْكَ اللَّهُمَّ لَبَّیْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ إِلَّا شَرِیكٌ هُوَ لَكَ فَنَفَرَتْ قُرَیْشٌ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ عَلَی رِسْلِكُمْ (1)حَتَّی آتِیَ عَلَی آخِرِ كَلَامِی فَقَالُوا مَا هُوَ فَقَالَ إِلَّا شَرِیكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَ مَا مَلَكَ (2)أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهُ یَمْلِكُ الشَّرِیكَ وَ مَا مَلَكَ (3)فَرَضُوا بِذَلِكَ وَ كَانُوا یُلَبُّونَ بِهَذَا قُرَیْشٌ خَاصَّةً فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ هَذَا شِرْكٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ الْآیَةَ أَیْ تَرْضَوْنَ أَنْتُمْ فِیمَا تَمْلِكُونَ أَنْ یَكُونَ لَكُمْ فِیهِ شَرِیكٌ وَ إِذَا لَمْ تَرْضَوْا أَنْتُمْ أَنْ یَكُونَ لَكُمْ فِیمَا تَمْلِكُونَهُ شَرِیكٌ فَكَیْفَ تَرْضَوْنَ أَنْ تَجْعَلُوا لِی شَرِیكاً فِیمَا أَمْلِكُ قَوْلُهُ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ أَیْ لَا یُغْضِبَنَّكَ(4).

«120»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ فَهُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كَلَدَةَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَیٍّ وَ كَانَ النَّضْرُ رَاوِیَةً لِأَحَادِیثِ النَّاسِ وَ أَشْعَارِهِمْ قَوْلُهُ هذا خَلْقُ اللَّهِ أَیْ مَخْلُوقُهُ- (5)لِأَنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْفِعْلُ وَ الْفِعْلُ لَا یُرَی (6)قَوْلُهُ وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّبِعْ مَا أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ قَالَ بَلْ أَتَّبِعُ مَا وَجَدْتُ عَلَیْهِ آبَائِی قَوْلُهُ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ أَیْ صَالِحٌ وَ الْخَتَّارُ الْخَدَّاعُ (7).

ص: 230


1- الرسل- بكسر الراء-: الرفق و التسهل، ای استقروا علی رفقكم.
2- فی المصدر: و ما یملك.
3- فی المصدر: و ما ملكه.
4- تفسیر القمّیّ: 500 و 504.
5- فی المصدر: أی مخلوق اللّٰه.
6- فی المصدر: هنا زیادة و هی: و انما أشار إلی المخلوق و إلی السماء و الأرض و الجبال و جمیع الحیوان، فأقام الفعل مقام المفعول.
7- تفسیر القمّیّ: 505 و 509 و 510.

«121»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَأَلَ قَوْمَهُ أَنْ یَوَدُّوا أَقَارِبَهُ وَ لَا یُؤْذُونَهُمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَهُوَ لَكُمْ یَقُولُ ثَوَابُهُ لَكُمْ (1).

«122»- فس، تفسیر القمی احْتَجَّ اللَّهُ عَلَی عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ فَقَالَ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ یَعْنِی یَجْحَدُونَ بِشِرْكِكُمْ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَوْلُهُ وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِی الْقُبُورِ قَالَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ لَا یَسْمَعُونَ مِنْكَ كَمَا لَا یَسْمَعُ أَهْلُ الْقُبُورِ قَوْلُهُ وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ قَالَ لِكُلِّ زَمَانٍ إِمَامٌ ثُمَّ حَكَی عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَ قُرَیْشٍ فَقَالَ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِیرٌ لَیَكُونُنَّ أَهْدی مِنْ إِحْدَی الْأُمَمِ یَعْنِی الَّذِینَ هَلَكُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِیرٌ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

«123»- فس، تفسیر القمی قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یس اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3) عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ قَالَ عَلَی الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ تَنْزِیلَ الْعَزِیزِ الرَّحِیمِ قَالَ الْقُرْآنُ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلی أَكْثَرِهِمْ یَعْنِی لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْعَذَابُ قَوْلُهُ وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِی الْخَلْقِ أَ فَلا یَعْقِلُونَ فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَی الزَّنَادِقَةِ الَّذِینَ یُبْطِلُونَ التَّوْحِیدَ وَ یَقُولُونَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَكَحَ الْمَرْأَةَ وَ صَارَتِ النُّطْفَةُ فِی الرَّحِمِ تَلَقَّتْهُ أَشْكَالٌ مِنَ الْغِذَاءِ وَ دَارَ عَلَیْهِ الْفَلَكُ وَ مَرَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ فَیُولَدُ الْإِنْسَانُ بِالطَّبَائِعِ مِنَ الْغِذَاءِ وَ مُرُورِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَنَقَضَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَوْلَهُمْ فِی حَرْفٍ وَاحِدٍ فَقَالَ وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِی الْخَلْقِ أَ فَلا یَعْقِلُونَ قَالَ لَوْ كَانَ هَذَا كَمَا یَقُولُونَ یَنْبَغِی أَنْ یَزِیدَ الْإِنْسَانُ أَبَداً مَا دَامَتِ الْأَشْكَالُ قَائِمَةً وَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ قَائِمَانِ وَ الْفَلَكُ یَدُورُ فَكَیْفَ صَارَ یَرْجِعُ إِلَی النُّقْصَانِ كُلَّمَا ازْدَادَ فِی الْكِبَرِ إِلَی حَدِّ الطُّفُولِیَّةِ وَ نُقْصَانِ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْقُوَّةِ وَ الْفِقْهِ وَ الْعِلْمِ وَ الْمَنْطِقِ حَتَّی یَنْقُصَ وَ یَنْتَكِسَ فِی الْخَلْقِ وَ لَكِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ وَ تَقْدِیرِهِ

ص: 231


1- تفسیر القمّیّ: 541.
2- تفسیر القمّیّ: 545 و 546.
3- فی المصدر زیادة و هی: و الدلیل علی ذلك قوله: «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ»

قَوْلُهُ وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما یَنْبَغِی لَهُ قَالَ كَانَتْ قُرَیْشٌ تَقُولُ إِنَّ هَذَا الَّذِی یَقُولُهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله شِعْرٌ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ لَمْ یَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ شِعْراً قَطُّ قَوْلُهُ لِیُنْذِرَ مَنْ كانَ حَیًّا یَعْنِی مُؤْمِناً حَیَّ الْقَلْبِ وَ یَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَی الْكافِرِینَ یَعْنِی الْعَذَابَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً إِلَی قَوْلِهِ لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَهُمْ أَیْ لَا یَسْتَطِیعُ الْآلِهَةُ لَهُمْ نَصْراً وَ هُمْ لَهُمْ لِلْآلِهَةِ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (1)

«124»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ مِنْ طِینٍ لازِبٍ یَعْنِی یَلْزَقُ بِالْیَدِ (2)قَوْلُهُ فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ قَالَ قَالَتْ قُرَیْشٌ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ هُمْ بَنَاتُ اللَّهِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَاسْتَفْتِهِمْ الْآیَةَ إِلَی قَوْلِهِ سُلْطانٌ مُبِینٌ أَیْ حُجَّةٌ قَوِیَّةٌ عَلَی مَا یَزْعُمُونَ قَوْلُهُ وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً یَعْنِی أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ الْجِنَّ بَنَاتُ اللَّهِ فَقَالَ وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ یَعْنِی أَنَّهُمْ فِی النَّارِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ إِنْ كانُوا لَیَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِینَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ فَهُمْ كُفَّارُ قُرَیْشٍ كَانُوا یَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِینَ قَاتَلَ اللَّهُ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی كَیْفَ كَذَّبُوا أَنْبِیَاءَهُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ذِكْرٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِینَ یَقُولُ اللَّهُ فَكَفَرُوا بِهِ حِینَ جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلُهُ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِینَ یَعْنِی الْعَذَابَ إِذَا نَزَلَ بِبَنِی أُمَیَّةَ وَ أَشْیَاعِهِمْ فِی آخِرِ الزَّمَانِ قَوْلُهُ وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّی حِینٍ وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ یُبْصِرُونَ فَذَلِكَ إِذَا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ أَبْصَرُوا حِینَ لَا یَنْفَعُهُمُ الْبَصَرُ فَهَذِهِ فِی أَهْلِ الشُّبُهَاتِ وَ الضَّلَالاتِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ(3).

«125»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی فِی عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ یَعْنِی فِی كُفْرٍ قَوْلُهُ فَنادَوْا وَ لاتَ

ص: 232


1- تفسیر القمّیّ: 548 و 553.
2- فی طبعة من المصدر: یلصق بالید.
3- تفسیر القمّیّ: 555 و 560.

حِینَ مَناصٍ أَیْ لَیْسَ هُوَ وَقْتَ مَفَرٍّ قَوْلُهُ إِلَّا اخْتِلاقٌ أَیْ تَخْلِیطٌ قَوْلُهُ مِنَ الْأَحْزابِ یَعْنِی الَّذِینَ تَحَزَّبُوا عَلَیْكَ یَوْمَ الْخَنْدَقِ (1).

حَدَّثَنَا سَعِیدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ یَا مُحَمَّدُ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَیْ عَلَی مَا أَدْعُوكُمْ إِلَیْهِ مِنْ مَالٍ تُعْطُونِیهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِینَ یُرِیدُ مَا أَتَكَلَّفُ هَذَا مِنْ عِنْدِی إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ یُرِیدُ مَوْعِظَةً لِلْعالَمِینَ یُرِیدُ الْخَلْقَ أَجْمَعِینَ وَ لَتَعْلَمُنَّ یَا مَعْشَرَ الْمُشْرِكِینَ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ یُرِیدُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ بَعْدَ الْمَوْتِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (2).

«126»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلْفی وَ ذَلِكَ أَنَّ قُرَیْشاً قَالَتْ إِنَّمَا نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ لِیُقَرِّبُونَا إِلَی اللَّهِ زُلْفَی فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ حَقَّ عِبَادَتِهِ فَحَكَی اللَّهُ قَوْلَهُمْ عَلَی لَفْظِ الْخَبَرِ وَ مَعْنَاهُ حِكَایَةٌ عَنْهُمْ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ یَعْنِی غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ (3).

«127»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ما یُجادِلُ فِی آیاتِ اللَّهِ هُمُ الْأَئِمَّةُ علیهم السلام قَوْلُهُ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ هُمْ أَصْحَابُ الْأَنْبِیَاءِ الَّذِینَ تَحَزَّبُوا وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِیَأْخُذُوهُ یَعْنِی یَقْتُلُوهُ وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ أَیْ خَاصَمُوا لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أَیْ یُبْطِلُوهُ وَ یَدْفَعُوهُ (4).

«128»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ فُصِّلَتْ آیاتُهُ أَیْ بُیِّنَ حَلَالُهَا وَ حَرَامُهَا وَ أَحْكَامُهَا وَ سُنَنُهَا بَشِیراً وَ نَذِیراً أَیْ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ یُنْذِرُ الظَّالِمِینَ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ یَعْنِی عَنِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ فِی أَكِنَّةٍ (5)مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ أَیْ تَدْعُونَا إِلَی مَا لَا نَفْهَمُهُ وَ لَا نَعْقِلُهُ قَوْلُهُ فَاسْتَقِیمُوا إِلَیْهِ أَیْ أَجِیبُوهُ قَوْلُهُ وَ وَیْلٌ لِلْمُشْرِكِینَ هُمُ الَّذِینَ أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ وَ أَشْرَكُوا بِالْأَعْمَالِ.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی

ص: 233


1- تفسیر القمّیّ: 561 و 562.
2- تفسیر القمّیّ: 574.
3- تفسیر القمّیّ: 574 و 577.
4- تفسیر القمّیّ: 582.
5- فی المصدر: «فِی أَكِنَّةٍ» قال: فی غشاوة.

جَمِیلَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا أَبَانُ أَ تَرَی أَنَّ اللَّهَ طَلَبَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ وَ هُمْ یُشْرِكُونَ بِهِ حَیْثُ یَقُولُ وَ وَیْلٌ لِلْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ لا یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ قُلْتُ لَهُ كَیْفَ ذَاكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَسِّرْهُ لِی فَقَالَ وَیْلٌ لِلْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا بِالْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَ هُمْ بِالْأَئِمَّةِ الْآخِرِینَ كَافِرُونَ یَا أَبَانُ إِنَّمَا دَعَا اللَّهُ الْعِبَادَ إِلَی الْإِیمَانِ بِهِ فَإِذَا آمَنُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ افْتَرَضَ عَلَیْهِمُ الْفَرَائِضَ قَوْلُهُ إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ یَعْنِی نُوحاً وَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ النَّبِیِّینَ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَنْتَ قَوْلُهُ وَ الْغَوْا فِیهِ أَیْ صَیِّرُوهُ سُخْرِیَّةً وَ لَغْواً:.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ یَعْنِی الْقُرْآنَ لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ قَالَ لَا یَأْتِیهِ مِنْ قِبَلِ التَّوْرَاةِ وَ لَا مِنْ قِبَلِ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ أَمَّا مِنْ خَلْفِهِ لَا یَأْتِیهِ مِنْ بَعْدِهِ كِتَابٌ یُبْطِلُهُ قَوْلُهُ لَوْ لا فُصِّلَتْ آیاتُهُ ءَ أَعْجَمِیٌّ وَ عَرَبِیٌّ قَالَ لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَعْجَمِیّاً لَقَالُوا كَیْفَ نَتَعَلَّمُهُ وَ لِسَانُنَا عَرَبِیٌّ وَ أَتَیْتَنَا بِقُرآنٍ أَعْجَمِیٍّ فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ یُنَزَّلَ بِلِسَانِهِمْ (1)

«129»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی أَنْ أَقِیمُوا الدِّینَ أَیْ تَعَلَّمُوا الدِّینَ یَعْنِی التَّوْحِیدَ وَ إِقَامَ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءَ الزَّكَاةِ وَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجَّ الْبَیْتِ وَ السُّنَنَ وَ الْأَحْكَامَ الَّتِی فِی الْكُتُبِ وَ الْإِقْرَارَ بِوَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِیهِ أَیْ لَا تَخْتَلِفُوا فِیهِ كَبُرَ عَلَی الْمُشْرِكِینَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الشَّرَائِعِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ یَجْتَبِی إِلَیْهِ مَنْ یَشاءُ أَیْ یَخْتَارُ وَ یَهْدِی إِلَیْهِ مَنْ یُنِیبُ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِینَ اجْتَبَاهُمُ اللَّهُ وَ اخْتَارَهُمْ قَالَ وَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ قَالَ لَمْ یَتَفَرَّقُوا بِجَهْلٍ وَ لَكِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا لَمَّا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ وَ عَرَفُوهُ فَحَسَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ بَغَی بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ لَمَّا رَأَوْا مِنْ تَفَاضُلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَتَفَرَّقُوا فِی الْمَذَاهِبِ وَ أَخَذُوا بِالْآرَاءِ وَ الْأَهْوَاءِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ قَالَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَدَّرَ ذَلِكَ أَنْ یَكُونَ فِی التَّقْدِیرِ الْأَوَّلِ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا وَ أَهْلَكَهُمْ وَ لَمْ یُنْظِرْهُمْ

ص: 234


1- تفسیر القمّیّ: 589- 594.

وَ لَكِنْ أَخَّرَهُمْ إِلَی أَجَلٍ مُسَمًّی الْمَقْدُورِ وَ إِنَّ الَّذِینَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِی شَكٍّ مِنْهُ مُرِیبٍ كِنَایَةٌ عَنِ الَّذِینَ نَقَضُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ فَلِذلِكَ فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ یَعْنِی لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَ الدِّینِ الَّذِی تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَ مُوَالاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِینَ یُحَاجُّونَ فِی اللَّهِ أَیْ یَحْتَجُّونَ عَلَی اللَّهِ بَعْدَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْهِمُ الرُّسُلَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمُ الرُّسُلَ وَ الْكُتُبَ فَغَیَّرُوا وَ بَدَّلُوا ثُمَّ یَحْتَجُّونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَ حُجَّتُهُمْ عَلَی اللَّهِ داحِضَةٌ أَیْ بَاطِلَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثُمَّ قَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً یَعْنِی عَلَی النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی

قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی یَعْنِی فِی أَهْلِ بَیْتِهِ قَالَ جَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا إِنَّا قَدْ آوَیْنَا وَ نَصَرْنَا فَخُذْ طَائِفَةً مِنْ أَمْوَالِنَا فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَی مَا نَابَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً یَعْنِی عَلَی النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی یَعْنِی فِی أَهْلِ بَیْتِهِ ثُمَّ قَالَ أَ لَا تَرَی أَنَّ الرَّجُلَ یَكُونُ لَهُ صَدِیقٌ وَ فِی نَفْسِ ذَلِكَ الرَّجُلِ شَیْ ءٌ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ فَلَا یَسْلَمُ صَدْرُهُ فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا یَكُونَ فِی نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ شَیْ ءٌ عَلَی أُمَّتِهِ فَعَرَضَ عَلَیْهِمُ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَی فَإِنْ أَخَذُوا أَخَذُوا مَفْرُوضاً وَ إِنْ تَرَكُوا تَرَكُوا مَفْرُوضاً قَالَ فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ وَ بَعْضُهُمْ یَقُولُ عَرَضْنَا عَلَیْهِ أَمْوَالَنَا فَقَالَ قَاتِلُوا عَنْ أَهْلِ بَیْتِی مِنْ بَعْدِی وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مَا قَالَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَحَدُوهُ وَ قَالُوا كَمَا حَكَی اللَّهُ أَمْ یَقُولُونَ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَإِنْ یَشَإِ اللَّهُ یَخْتِمْ عَلی قَلْبِكَ قَالَ لَوِ افْتَرَیْتَ وَ یَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ یَعْنِی یُبْطِلُهُ وَ یُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ یَعْنِی بِالْأَئِمَّةِ وَ الْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ (1).

«130»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَیْ نَدَعُكُمْ مُهْمَلِینَ لَا نَحْتَجُّ عَلَیْكُمْ بِرَسُولٍ أَوْ بِإِمَامٍ أَوْ بِحُجَجٍ قَوْلُهُ أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً یَعْنِی مِنْ قُرَیْشٍ قَوْلُهُ

ص: 235


1- تفسیر القمّیّ: 600- 602.

وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً قَالَ قَالَتْ قُرَیْشٌ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ هُمْ بَنَاتُ اللَّهِ قَوْلُهُ أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أَیْ فِی الذَّهَبِ قَوْلُهُ عَلی أُمَّةٍ أَیْ عَلَی مَذْهَبٍ ثُمَّ حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَ قُرَیْشٍ وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ أَیْ هَلَّا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ وَ هُوَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَ الْقَرْیَتَیْنِ مَكَّةُ وَ الطَّائِفُ وَ كَانَ یَحْتَمِلُ الدِّیَاتِ وَ كَانَ عَمَّ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَ هُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ یَعْنِی النُّبُوَّةَ وَ الْقُرْآنَ حِینَ قَالُوا لِمَ لَمْ یُنَزَّلْ عَلَی عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ (1).

أقول: سیأتی تفسیر قوله وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فی باب احتجاج الباقر ع.

«131»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا الْآیَةَ: حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ وَكِیعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ أَبِی الْأَعَزِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَیْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ فِی أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ إِنَّهُ یَدْخُلُ عَلَیْكُمُ السَّاعَةَ شَبِیهُ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَخَرَجَ بَعْضُ مَنْ كَانَ جَالِساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لِیَكُونَ هُوَ الدَّاخِلَ فَدَخَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ الرَّجُلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ أَ مَا رَضِیَ مُحَمَّدٌ أَنْ فَضَّلَ عَلِیّاً عَلَیْنَا حَتَّی یُشَبِّهَهُ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ اللَّهِ لَآلِهَتُنَا الَّتِی كُنَّا نَعْبُدُهَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ یَضِجُّونَ فَحَرَّفُوهَا یَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (2)إِنْ عَلِیٌّ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَیْهِ وَ جَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَحَا اسْمَهُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ خَطَرَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ عِظَمَ شَأْنِهِ عِنْدَهُ تَعَالَی فَقَالَ وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْلُهُ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ یَعْنِی أَوَّلَ الْآنِفِینَ لَهُ أَنْ یَكُونَ لَهُ وَلَدٌ (3).

ص: 236


1- تفسیر القمّیّ: 606- 609.
2- فی نسخة هنا زیادة و هی: خصمون علیا.
3- تفسیر القمّیّ: 611 و 614.

«132»- فس، تفسیر القمی إِنَّا أَنْزَلْناهُ یَعْنِی الْقُرْآنَ فِی لَیْلَةٍ مُبارَكَةٍ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْقَدْرِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِیهَا إِلَی الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نُزِّلَ مِنَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی طُولِ عِشْرِینَ سَنَةً قَوْلُهُ فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ أَیِ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (1).

«133»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَیْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَیْ كَذَّابٍ قَوْلُهُ وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آیاتِنا شَیْئاً یَعْنِی إِذَا رَأَی فَوَضَعَ الْعِلْمَ مَكَانَ الرُّؤْیَةِ قَوْلُهُ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ قَالَ الشِّدَّةُ وَ السُّوءُ.

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ لِلَّذِینَ آمَنُوا یَغْفِرُوا لِلَّذِینَ لا یَرْجُونَ أَیَّامَ اللَّهِ قَالَ قُلْ لِلَّذِینَ مَنَنَّا عَلَیْهِمْ بِمَعْرِفَتِنَا أَنْ یُعَلِّمُوا الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ (2)فَإِذَا عَرَّفُوهُمْ فَقَدْ غَفَرُوا لَهُمْ قَوْلُهُ أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ قَالَ نَزَلَتْ فِی قُرَیْشٍ كُلَّمَا هَوَوْا شَیْئاً عَبَدُوهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلی عِلْمٍ أَیْ عَذَّبَهُ عَلَی عِلْمٍ مِنْهُ فِیمَا ارْتَكَبُوا مِنْ أَمْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ جَرَی ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیمَا فَعَلُوهُ بَعْدَهُ بِأَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ وَ أَزَالُوا الْخِلَافَةَ وَ الْإِمَامَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ أَخْذِهِ الْمِیثَاقَ عَلَیْهِمْ مَرَّتَیْنِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَوْلُهُ تَعَالَی اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ نَزَلَتْ فِی قُرَیْشٍ وَ جَرَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَصْحَابِهِ الَّذِینَ غَصَبُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اتَّخَذُوا إِمَاماً بِأَهْوَائِهِمْ ثُمَّ عَطَفَ عَلَی الدَّهْرِیَّةِ الَّذِینَ قَالُوا لَا نَحْیَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ وَ قالُوا ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا وَ هَذَا مُقَدَّمٌ وَ مُؤَخَّرٌ لِأَنَّ الدَّهْرِیَّةَ لَمْ یُقِرُّوا بِالْبَعْثِ وَ النُّشُورِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ إِنَّمَا قَالُوا نَحْیَا وَ نَمُوتُ وَ مَا یُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ إِلَی قَوْلِهِ یَظُنُّونَ فَهَذَا ظَنُّ شَكٍّ (3).

ص: 237


1- تفسیر القمّیّ: 615 و 617. فیه: تهدید من اللّٰه و وعید، و انتظر إنهم منتظرون.
2- فی المصدر: أن یعرفوا الذین لا یعلمون.
3- تفسیر القمّیّ: 618 و 619.

«134»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ الَّذِینَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ یَعْنِی قُرَیْشاً عَمَّا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ یَا مُحَمَّدُ أَ رَأَیْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ یَعْنِی الْأَصْنَامَ الَّتِی كَانُوا یَعْبُدُونَهَا ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا یَسْتَجِیبُ لَهُ (1)قَالَ مَنْ عَبَدَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ الْكَوَاكِبَ وَ الْبَهَائِمَ وَ الشَّجَرَ وَ الْحَجَرَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْیَاءُ لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِینَ ثُمَّ قَالَ أَمْ یَقُولُونَ یَا مُحَمَّدُ افْتَراهُ- یَعْنِی الْقُرْآنَ أَیْ وَضَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ فَ قُلْ لَهُمْ إِنِ افْتَرَیْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِی مِنَ اللَّهِ شَیْئاً إِنْ أَثَابَنِی أَوْ عَاقَبَنِی عَلَی ذَلِكَ هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِیضُونَ فِیهِ أَیْ تَكْذِبُونَ ثُمَّ قَالَ قُلْ لَهُمْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ أَیْ لَمْ أَكُنْ وَاحِداً مِنَ الرُّسُلِ فَقَدْ كَانَ قَبْلِی أَنْبِیَاءُ (2).

«135»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسْتَمِعُ إِلَیْكَ حَتَّی إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی الْمُنَافِقِینَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ كَانَ إِذَا سَمِعَ شَیْئاً مِنْهُ لَمْ یُؤْمِنْ بِهِ وَ لَمْ یَعِهِ فَإِذَا خَرَجَ قَالَ لِلْمُؤْمِنِینَ مَا ذَا قَالَ مُحَمَّدٌ آنِفاً (3).

«136»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أَیِ اسْتَسْلَمْتُمْ بِالسَّیْفِ وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ قَوْلُهُ لا یَلِتْكُمْ أَیْ لَا یَنْقُصُكُمْ قَوْلُهُ یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نَزَلَتْ فِی عُثْمَانَ یَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ هُوَ یَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَ قَدِ ارْتَفَعَ الْغُبَارُ مِنَ الْحَفْرِ فَوَضَعَ عُثْمَانُ كُمَّهُ عَلَی أَنْفِهِ وَ مَرَّ فَقَالَ عَمَّارٌ

لَا یَسْتَوِی مَنْ یَبْنِی الْمَسَاجِدَا یَظَلُّ فِیهَا رَاكِعاً وَ سَاجِداً

كَمَنْ یَمُرُّ بِالْغُبَارِ حَائِداً یُعْرِضُ عَنْهُ جَاحِداً مُعَانِداً

فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ عُثْمَانُ فَقَالَ یَا ابْنَ السَّوْدَاءِ إِیَّایَ تَعْنِی ثُمَّ أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ لَمْ نَدْخُلْ مَعَكَ فِی الْإِسْلَامِ لِتَسُبَّ أَعْرَاضَنَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَقَلْتُكَ إِسْلَامَكَ فَاذْهَبْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا إِلَی قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ أَیْ لَیْسَ هُمْ صَادِقِینَ (4).

ص: 238


1- فی المصدر: «لا یستجیب لهم یوم القیامة»- الی قوله-: «وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِینَ» قال: اه.
2- تفسیر القمّیّ: 620.
3- تفسیر القمّیّ: 627.
4- تفسیر القمّیّ: 642. و فیه: أی لستم بصادقین.

«137»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ قَالَ هَمَّ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ بِهَلَاكِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَنْزَلَ عَلَی رَسُولِهِ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ یَا مُحَمَّدُ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِی ذَلِكَ فَأَنْزَلَ عَلَیْهِ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ (1)

«138»- فس، تفسیر القمی أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا قَالَ لَمْ یَكُنْ فِی الدُّنْیَا أَحْلَمَ مِنْ قُرَیْشٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَمْ یَقُولُونَ یَا مُحَمَّدُ تَقَوَّلَهُ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَلْ لا یُؤْمِنُونَ أَنَّهُ لَمْ یَتَقَوَّلْهُ وَ لَمْ یُقِمْهُ بِرَأْیِهِ ثُمَّ قَالَ فَلْیَأْتُوا بِحَدِیثٍ مِثْلِهِ أَیْ رَجُلٍ مِثْلِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنْ كانُوا صادِقِینَ ثُمَّ قَالَ أَمْ تَسْئَلُهُمْ یَا مُحَمَّدُ أَجْراً فِیمَا آتَیْتُهُمْ بِهِ فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ أَیْ أَمْ یَقَعُ عَلَیْهِمُ الْغُرْمُ الثَّقِیلُ قَوْلُهُ وَ إِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَقَّهُمْ عَذاباً دُونَ ذلِكَ قَالَ عَذَابُ الرَّجْعَةِ بِالسَّیْفِ قَوْلُهُ فَإِنَّكَ بِأَعْیُنِنا أَیْ بِحِفْظِنَا وَ حِرْزِنَا وَ نِعْمَتِنَا وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ قَالَ لِصَلَاةِ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّیْلِ.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: أَدْبارَ السُّجُودِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ رَكْعَتَیْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ (2)

«139»- فس، تفسیر القمی وَ النَّجْمِ إِذا هَوی قَالَ النَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3)إِذا هَوی لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ فِی الْهَوَاءِ (4)وَ هُوَ قَسَمٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فَضْلٌ لَهُ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ وَ جَوَابُ الْقَسَمِ ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوی وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوی أَیْ لَا یَتَكَلَّمُ بِالْهَوَی إِنْ هُوَ یَعْنِی الْقُرْآنَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحی عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی (5)یَعْنِی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوی یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 239


1- تفسیر القمّیّ: 648.
2- تفسیر القمّیّ: 650.
3- ذكر الطبرسیّ معان أخر للنجم راجع مجمع البیان: ج 9: 172.
4- فی المصدر هنا زیادة و هی: و هذا ردّ علی من انكر المعراج.
5- قال الطبرسیّ: یعنی به جبرئیل، ای القوی فی نفسه و خلقته «ذُو مِرَّةٍ» قال: أی ذو قوة و شدة فی خلقه؛ و قیل: ذو صحة و خلق حسن، و قیل: ذو مرور فی الهواء ذاهبا و جائیا و نازلا و صاعدا «فَاسْتَوی جبرائیل علی صورته التی خلق علیها بعد الخدارة إلی محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم «وَ هُوَ» كنایة عن جبرائیل «بِالْأُفُقِ الْأَعْلی یعنی افق المشرق، و المراد بالاعلی جانب المشرق و هو فوق جانب المغرب فی صعید الأرض لا فی الهواء، قالوا: إن جبرائیل كان یأتی النبیّ صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة الآدمیین فسأله النبیّ صلی اللّٰه علیه و آله أن یریه نفسه علی صورته التی خلق علیها، فأراه نفسه مرتین: مرة فی الأرض و مرة فی السماء اما فی الأرض ففی الافق الأعلی، و ذلك ان محمّدا صلی اللّٰه علیه و آله كان بحراء فطلع له جبرائیل من المشرق فسد الافق إلی المغرب فخر النبیّ صلی اللّٰه علیه و آله مغشیا علیه فنزل جبرائیل فی صورة الآدمیین فضمه إلی نفسه و هو قوله: «ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّی» و تقدیره: ثم تدلی أی قرب بعد بعده و علوه فی الافق الأعلی فدنا من محمّد صلی اللّٰه علیه و آله (إلی ان قال:) و قیل: معناه: استوی جبرائیل و محمّد صلی اللّٰه علیه و آله بالافق الأعلی یعنی السماء الدنیا لیلة المعراج «فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ» أی كان ما بین جبرائیل و رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قاب قوسین، و القوس: ما یرمی به، و قیل: قدر ذراعین، «فَأَوْحی إِلی عَبْدِهِ ما أَوْحی أی فاوحی اللّٰه علی لسان جبرائیل إلی عبد اللّٰه محمّد صلی اللّٰه علیه و آله ما أوحی اللّٰه تعالی إلیه. «إِذْ یَغْشَی السِّدْرَةَ ما یَغْشی قیل: یغشاه الملائكة أمثال الغربان حین یقعن علی الشجر.

قَوْلُهُ وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلی یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ دَنا یَعْنِی الرَّسُولَ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَدَلَّی قَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ ثُمَّ دَنَا فَتَدَانَی فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ قَالَ كَانَ مِنَ اللَّهِ كَمَا بَیْنَ مَقْبَضِ الْقَوْسِ إِلَی رَأْسِ السِّیَةِ (1)أَوْ أَدْنی قَالَ بَلْ أَدْنَی مِنْ ذَلِكَ فَأَوْحی إِلی عَبْدِهِ ما أَوْحی قَالَ وَحْیُ مُشَافَهَةٍ قَوْلُهُ إِذْ یَغْشَی السِّدْرَةَ ما یَغْشی قَالَ لَمَّا رَفَعَ الْحِجَابَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ غَشِیَ نُورُهُ السِّدْرَةَ قَوْلُهُ ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغی أَیْ لَمْ یُنْكِرْ لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْكُبْری قَالَ رَأَی جَبْرَئِیلَ عَلَی سَاقِهِ الدُّرُّ مِثْلَ الْقَطْرِ عَلَی الْبَقْلِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ مَلَأَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَ فَرَأَیْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی قَالَ اللَّاتُ رَجُلٌ وَ الْعُزَّی امْرَأَةٌ قَوْلُهُ وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْری قَالَ كَانَ صَنَمٌ بِالْمِسْكِ خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ عَلَی سِتَّةِ أَمْیَالٍ یُسَمَّی الْمَنَاةَ (2)قَوْلُهُ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِیزی أَیْ نَاقِصَةٌ ثُمَّ قَالَ إِنْ هِیَ یَعْنِی اللَّاتَ وَ الْعُزَّی وَ الْمَنَاةَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ

ص: 240


1- سیة القوس: ما عطف من طرفیها.
2- تقدم فی تفسیر الآیات معان أخر لها.

أَیْ مِنْ حُجَّةٍ قَوْلُهُ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَماری أَیْ بِأَیِّ سُلْطَانٍ تُخَاصِمُ هذا نَذِیرٌ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ النُّذُرِ الْأُولی أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِیثِ تَعْجَبُونَ یَعْنِی مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ أَیْ لَاهُونَ(1).

بیان: هوی یكون بمعنی هبط و بمعنی صعد.140 فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ أَیْ كَانُوا یَعْمَلُونَ بِرَأْیِهِمْ وَ یُكَذِّبُونَ أَنْبِیَاءَهُمْ قَوْلُهُ ما فِیهِ مُزْدَجَرٌ أَیْ مُتَّعَظٌ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْیاعَكُمْ أَیْ أَتْبَاعَكُمْ فِی عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ قَوْلُهُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فَعَلُوهُ فِی الزُّبُرِ أَیْ مَكْتُوبٌ فِی الْكُتُبِ وَ كُلُّ صَغِیرٍ وَ كَبِیرٍ یَعْنِی مِنْ ذَنْبٍ مُسْتَطَرٌ أَیْ مَكْتُوبٌ (2).

«141»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ یَعْنِی النُّطْفَةَ قَوْلُهُ مِنَ الْمُزْنِ قَالَ مِنَ السَّحَابِ قَوْلُهُ أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ أَیْ تُوقِدُونَهَا وَ تَنْتَفِعُونَ بِهَا قَوْلُهُ لِلْمُقْوِینَ أَیْ لِلْمُحْتَاجِینَ قَوْلُهُ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ أَیْ فَأُقْسِمُ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَزَّازِ جَمِیعاً عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی الثَّعْلَبِیِّ وَ لَا أَرَانِی إِلَّا وَ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ الْأَعْلَی قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِیُّ (3)

أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَرَأَ بِهِمُ الْوَاقِعَةَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّی عَرَفْتُ أَنَّهُ سَیَقُولُ قَائِلٌ لِمَ قَرَأَهَا هَكَذَا قَرَأْتُهَا إِنِّی سَمِعْتُ (4)رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ وَ كَانُوا إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ.

وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ

ص: 241


1- تفسیر القمّیّ: 650- 656.
2- تفسیر القمّیّ: 657- 658.
3- هو عبد اللّٰه بن حبیب بن ربیعة السلمی الكوفیّ المقری و لابیه صحبة مات بعد السبعین.
4- كذا فیما عندنا من النسخ؛ و فی المصدر: سیقول قائل من قرءها هكذا؟ قرأتها إنّی سمعت اه.

بَلْ هِیَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (1)

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه قرأ علی علیه السلام و ابن عباس و روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ (2)

«142»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَ لَمْ یَأْنِ یَعْنِی أَ لَمْ یَجِبْ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ یَعْنِی الرَّهَبَ قَوْلُهُ یُؤْتِكُمْ كِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قَالَ نَصِیبَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا یُدْخِلَهُ النَّارَ وَ الثَّانِیَةُ أَنْ یُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ قَوْلُهُ وَ یَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ یَعْنِی الْإِیمَانَ.

أَخْبَرَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ یُؤْتِكُمْ كِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ یَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قَالَ إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ (3)

«143»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَالَ نَزَلَتْ فِی الثَّانِی لِأَنَّهُ مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْیَهُودِ یَكْتُبُ خَبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ فَجَاءَ الثَّانِی إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُكَ تَكْتُبُ عَنِ الْیَهُودِ وَ قَدْ نَهَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَتَبْتُ عَنْهُ مَا فِی التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَتِكَ وَ أَقْبَلَ یَقْرَأُ ذَلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ غَضْبَانُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَیْلَكَ أَ مَا تَرَی غَضَبَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكَ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ إِنِّی إِنَّمَا كَتَبْتُ ذَلِكَ لِمَا وَجَدْتُ فِیهِ مِنْ خَبَرِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا فُلَانُ لَوْ أَنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ فِیهِمْ قَائِماً ثُمَّ أَتَیْتَهُ رَغْبَةً عَمَّا جِئْتُ بِهِ لَكُنْتَ كَافِراً بِمَا جِئْتُ بِهِ (4)

«144»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِنْهُمْ قَالَ الْأُمِّیُّونَ الَّذِینَ لَیْسَ مَعَهُمْ كِتَابٌ.

ص: 242


1- تفسیر القمّیّ: 663.
2- مجمع البیان 9: 224.
3- تفسیر القمی: 665 و 667.
4- تفسیر القمّیّ: 670

قَالَ فَحَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِنْهُمْ قَالَ كَانُوا یَكْتُبُونَ وَ لَكِنْ لَمْ یَكُنْ مَعَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ لَا بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا فَنَسَبَهُمْ إِلَی الْأُمِّیِّینَ قَوْلُهُ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ قَالَ إِنَّ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً أَوْلِیَاءُ اللَّهِ یَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ (1).

«145»- فس، تفسیر القمی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِی أَنْزَلْنا قَالَ یَا أَبَا خَالِدٍ النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ هُمْ وَ اللَّهِ نُورُ اللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ الْخَبَرَ قَوْلُهُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا قَالَ الذِّكْرُ اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالُوا نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ قَوْلُهُ ذَلُولًا أَیْ فِرَاشاً فَامْشُوا فِی مَناكِبِها أَیْ فِی أَطْرَافِهَا (2).

«146»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ أَیْ مَا یَكْتُبُونَ هُوَ قَسَمٌ وَ جَوَابُهُ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ قَوْلُهُ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَیْرَ مَمْنُونٍ أَیْ لَا یَمُنُّ عَلَیْكَ فِیمَا یُعْطِیكَ مِنْ عَظِیمِ الثَّوَابِ (3) قَوْلُهُ وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَیْنا بَعْضَ الْأَقاوِیلِ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْیَمِینِ قَالَ انْتَقَمْنَا مِنْهُ بِقُوَّةٍ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِینَ قَالَ عِرْقٌ فِی الظَّهْرِ یَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ قَالَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِینَ یَعْنِی لَا یَحْجُزُ اللَّهَ أَحَدٌ وَ لَا یَمْنَعُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (4)قَوْلُهُ وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا قَالَ كَانَ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ قَبْلَ نُوحٍ عَلَی نَبِیِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَمَاتُوا فَحَزِنَ عَلَیْهِمُ النَّاسُ فَجَاءَ إِبْلِیسُ فَاتَّخَذَ لَهُمْ صُوَرَهُمْ لِیَأْنَسُوا بِهَا فَأَنِسُوا بِهَا فَلَمَّا جَاءَهُمُ الشِّتَاءُ أَدْخَلُوهُمُ الْبُیُوتَ فَمَضَی ذَلِكَ الْقَرْنُ

ص: 243


1- تفسیر القمّیّ: 677 و 678.
2- تفسیر القمّیّ: 683 و 686 و 689.
3- تفسیر القمّیّ: 690، و فیه: لا نمن علیك فیما نعطیك اه.
4- تفسیر القمّیّ: 695.

وَ جَاءَ الْقَرْنُ الْآخَرُ فَجَاءَهُمْ إِبْلِیسُ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ هَؤُلَاءِ آلِهَةٌ كَانُوا آبَاؤُكُمْ یَعْبُدُونَهَا فَعَبَدُوهُمْ وَ ضَلَّ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِیرٌ فَدَعَا عَلَیْهِمْ نُوحٌ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ قَوْلُهُ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً قَالَ كَانَتْ وَدٌّ صَنَماً لِكَلْبٍ وَ كَانَتْ سُواعٌ لِهُذَیْلٍ وَ یَغُوثُ لِمُرَادٍ وَ یَعُوقُ لِهَمْدَانَ وَ نَسْرٌ لِحُصَیْنٍ قَوْلُهُ قُلْ إِنِّی لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إِنْ كَتَمْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً یَعْنِی مَأْوًی إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ أُبَلِّغُكُمْ مَا أَمَرَنِی اللَّهُ بِهِ مِنْ وَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِی وَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً (1)

«147»- فس، تفسیر القمی یا أَیُّهَا الْمُدَّثِّرُ قَالَ تَدَثَّرَ الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْمُدَّثِّرُ یَعْنِی الْمُتَدَثِّرَ بِثَوْبِهِ (2)قُمْ فَأَنْذِرْ قَالَ هُوَ قِیَامُهُ فِی الرَّجْعَةِ یُنْذِرُ فِیهَا قَوْلُهُ وَ ثِیابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ تَطْهِیرُهَا تَشْمِیرُهَا وَ یُقَالُ شِیعَتُنَا یُطَهِّرُونَ (3)وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ الرُّجْزُ الْخَبِیثُ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ لَا تُعْطِی الْعَطِیَّةَ تَلْتَمِسُ أَكْثَرَ مِنْهَا (4).

بیان: قوله و یقال شیعتنا یطهرون لعل المعنی أن الثیاب كنایة عن الشیعة فأمر صلی اللّٰه علیه و آله بتطهیرهم عن الذنوب و الأخلاق الذمیمة كما قالوا علیهم السلام لشیعتهم فی مواطن أنتم الشعار دون الدثار.

«148»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ كَانَ شَیْخاً كَبِیراً مُجَرَّباً مِنْ دُهَاةِ الْعَرَبِ وَ كَانَ مِنَ الْمُسْتَهْزِءِینَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص

ص: 244


1- تفسیر القمّیّ: 697 و 699.
2- فی طبعة من المصدر: یعنی المتزر بثوبه.
3- لعله كلام مستأنف أورده للتمثیل علی استعمال التطهیر بمعنی التشمیر أی و منه: شیعتنا یطهرون، أی یقصرون الثیاب و لا یسبلونها خیلاء. و قد وردت روایات كثیرة فی الامر بتطهیر الثیاب و فسر بالتقصیر و التشمیر و النهی عن اسبالها خیلاء.
4- تفسیر القمّیّ: 702.

وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْعُدُ فِی الْحِجْرِ وَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَاجْتَمَعَتْ قُرَیْشٌ إِلَی الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ فَقَالُوا یَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ مَا هَذَا الَّذِی یَقُولُ مُحَمَّدٌ شِعْرٌ أَمْ كِهَانَةٌ أَمْ خَطْبٌ فَقَالَ دَعُونِی أَسْمَعْ كَلَامَهُ فَدَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَنْشِدْنِی مِنْ شِعْرِكَ قَالَ مَا هُوَ شِعْرٌ وَ لَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ الْمَلَائِكَةُ وَ أَنْبِیَاؤُهُ وَ رُسُلُهُ فَقَالَ اتْلُ عَلَیَّ مِنْهُ شَیْئاً فَقَرَأَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حم السَّجْدَةَ فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ فَإِنْ أَعْرَضُوا یَا مُحَمَّدُ قُرَیْشٌ فَقُلْ لَهُمْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ قَالَ فَاقْشَعَرَّ الْوَلِیدُ وَ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِی رَأْسِهِ وَ لِحْیَتِهِ وَ مَرَّ إِلَی بَیْتِهِ وَ لَمْ یَرْجِعْ إِلَی قُرَیْشٍ مِنْ ذَلِكَ فَمَشَوْا إِلَی أَبِی جَهْلٍ فَقَالُوا یَا أَبَا الْحَكَمِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ صَبَأَ إِلَی دِینِ مُحَمَّدٍ (1)أَ مَا تَرَاهُ لَمْ یَرْجِعْ إِلَیْنَا فَعَدَا أَبُو جَهْلٍ إِلَی الْوَلِیدِ فَقَالَ لَهُ یَا عَمِّ نَكَّسْتَ رُءُوسَنَا وَ فَضَحْتَنَا وَ أَشْمَتَّ بِنَا عَدُوَّنَا وَ صَبَوْتَ إِلَی دِینِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَا صَبَوْتُ إِلَی دِینِهِ وَ لَكِنِّی سَمِعْتُ كَلَاماً صَعْباً تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجُلُودُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ أَ خَطْبٌ هِیَ قَالَ لَا إِنَّ الْخَطْبَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ وَ هَذَا كَلَامٌ مَنْثُورٌ وَ لَا یُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً قَالَ فَشِعْرٌ هُوَ قَالَ لَا أَمَا إِنِّی قَدْ سَمِعْتُ أَشْعَارَ الْعَرَبِ بَسِیطَهَا وَ مَدِیدَهَا وَ رَمَلَهَا وَ رَجَزَهَا وَ مَا هُوَ بِشِعْرٍ قَالُوا فَمَا هُوَ قَالَ دَعْنِی أُفَكِّرُ فِیهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالُوا لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ مَا تَقُولُ فِیمَا قُلْنَاهُ قَالَ قُولُوا هُوَ سِحْرٌ فَإِنَّهُ أَخَذَ بِقُلُوبِ النَّاسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ فِی ذَلِكَ ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً وَ إِنَّمَا سُمِّیَ وَحِیداً لِأَنَّهُ قَالَ لِقُرَیْشٍ أَنَا أَتَوَحَّدُ بِكِسْوَةِ الْبَیْتِ سَنَةً وَ عَلَیْكُمْ فِی جَمَاعَتِكُمْ سَنَةً وَ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِیرٌ وَ حَدَائِقُ وَ كَانَ لَهُ عَشْرُ بَنِینَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ لَهُ عَشْرُ عَبِیدٍ عِنْدَ كُلِّ عَبْدٍ أَلْفُ دِینَارٍ یَتَّجِرُ بِهَا وَ تِلْكَ الْقِنْطَارُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ وَ یُقَالُ إِنَّ الْقِنْطَارَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ ذَهَباً فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَرْنِی وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً إِلَی قَوْلِهِ صَعُوداً قَالَ جَبَلٌ یُسَمَّی صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ یَعْنِی قَدَّرَهُ كَیْفَ سَوَّاهُ وَ عَدَلَهُ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ قَالَ عَبَسَ وَجْهَهُ وَ بَسَرَ قَالَ لَوَی شِدْقَهُ (2)ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ

ص: 245


1- أی خرج من دیننا إلی دین محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- الشدق بالكسر و الفتح: زاویة الفم من باطن الخدین، یقال: لوی شدقه لمن توسع فی الكلام من غیر احتیاط و احتراز و لمن استهزأ بالناس.

هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ إِلَی قَوْلِهِ سَقَرَ وَادٍ فِی النَّارِ قَوْلُهُ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ یَعْنِی مِنَ الْأَسَدِ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ بَلْ یُرِیدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُؤْتی صُحُفاً مُنَشَّرَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ یُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُصْبِحُ وَ ذَنْبُهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ كَفَّارَتُهُ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی نَبِیِّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَسْأَلُكَ قَوْمُكَ سُنَّةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی الذُّنُوبِ فَإِنْ شَاءُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ وَ أَخَذْنَاهُمْ بِمَا كُنَّا نَأْخُذُ بِهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَرِهَ ذَلِكَ لِقَوْمِهِ (1).

«149»- فس، تفسیر القمی إِنَّ عَلَیْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ قَالَ عَلَی آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله جَمْعُ الْقُرْآنِ وَ قِرَاءَتُهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ قَالَ یَعْنِی اتَّبِعُوا مَا ذَا قَرَءُوهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا بَیانَهُ أَیْ تَفْسِیرَهُ (2)قَوْلُهُ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ یَعْنِی خَلْقَهُمْ قَالَ الشَّاعِرُ

وَ ضَامِرَةٍ شَدَّ الْمَلِیكُ أَسْرَهَا أَسْفَلَهَا وَ ظَهْرَهَا وَ بَطْنَهَا

(3)قَالَ الضَّامِرَةُ یَعْنِی فَرَسَهُ شَدَّ الْمَلِیكُ أَسْرَهَا أَیْ خَلَقَهَا تَكَادُ مَادَّتُهَا قَالَ عُنُقُهَا تَكُونُ شَطْرَهَا أَیْ نِصْفَهَا.

بیان: قوله تكاد مادتها تكون شطرها مصراع آخر لم یورده أولا فذكره عند التفسیر و فی بعض النسخ هذا المصراع مذكور بین المصراعین و المادة بمعنی العنق لم نجد فی اللغة و الظاهر أنه كان هادیها و الهادی العنق فیستقیم الوزن و المعنی.

«150»- فس، تفسیر القمی أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ قَالَ مُنْتِنٌ فَجَعَلْناهُ فِی قَرارٍ مَكِینٍ قَالَ فِی الرَّحِمِ قَوْلُهُ أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً قَالَ الْكِفَاتُ

ص: 246


1- تفسیر القمّیّ: 702- 705.
2- تفسیر القمّیّ: 705.
3- فی المصدر المطبوع: و ضامرة شد الملیك أسرها تكاد ماذنها اسفلها و ظهرها و بطنها و فی طبعة: تكاد مادتها.

الْمَسَاكِنُ وَ قَالَ نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی رُجُوعِهِ مِنْ صِفِّینَ إِلَی الْمَقَابِرِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ أَیْ مَسَاكِنُهُمْ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی بُیُوتِ الْكُوفَةِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْیَاءِ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً قَوْلُهُ وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ قَالَ جِبِالًا مُرْتَفِعَةً وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً أَیْ عَذْباً وَ كُلُّ عَذْبٍ مِنَ الْمَاءِ هُوَ الْفُرَاتُ (1)

«151»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ تَعَالَی أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً قَالَ یَمْهَدُ فِیهَا الْإِنْسَانُ وَ یَهْدَأُ (2)وَ الْجِبالَ أَوْتاداً أَیْ أَوْتَادَ الْأَرْضِ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً قَالَ یَلْبَسُ عَلَی النَّهَارِ وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً قَالَ الشَّمْسُ الْمُضِیئَةُ وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ قَالَ مِنَ السَّحَابِ ماءً ثَجَّاجاً قَالَ صَبّاً عَلَی صَبٍّ قَوْلُهُ وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً قَالَ بَسَاتِینُ مُلْتَفَّةُ الشَّجَرِ (3).

«152»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ أَغْطَشَ لَیْلَها أَیْ أَظْلَمَ وَ أَخْرَجَ ضُحاها أَیِ الشَّمْسَ وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَیْ بَسَطَهَا وَ الْجِبالَ أَرْساها أَیْ أَثْبَتَهَا (4)قَوْلُهُ قَضْباً قَالَ الْقَضْبُ الْقَتُّ (5)وَ حَدائِقَ غُلْباً أَیْ بَسَاتِینَ مُلْتَفَّةً مُجْتَمِعَةً وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا قَالَ الْأَبُّ الْحَشِیشُ لِلْبَهَائِمِ.

حَدَّثَنَا سَعِیدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِیِّ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ یُرِیدُ مَنَافِعَ لَكُمْ وَ لِأَنْعَامِكُمْ (6)

«153»- فس، تفسیر القمی فَلا أُقْسِمُ أَیْ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ وَ هُوَ اسْمُ النُّجُومِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ

ص: 247


1- تفسیر القمّیّ: 708.
2- أی یسكن، و یهدأ بالمكان: یقیم بها.
3- تفسیر القمّیّ: 709.
4- تفسیر القمّیّ: 710.
5- القت: الفصفصة «نبات تعلقه الدوابّ» أو الیابسة منها. حب بری یأكله أهل البادیة بعد دقه و طبخه. و لعله المراد هنا.
6- تفسیر القمّیّ: 712.

قَالَ النُّجُومُ تَكْنِسُ (1)بِالنَّهَارِ فَلَا تَبِینُ وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ قَالَ إِذَا أَظْلَمَ وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ قَالَ إِذَا ارْتَفَعَ وَ هَذَا كُلُّهُ قَسَمٌ وَ جَوَابُهُ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ یَعْنِی ذَا مَنْزِلَةٍ عَظِیمَةٍ عِنْدَ اللَّهِ مَكِینٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ فَهَذَا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُعْطِ أَحَداً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مِثْلَهُ.

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ قَالَ یَعْنِی جَبْرَئِیلَ قُلْتُ قَوْلُهُ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ قَالَ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الْمُطَاعُ عِنْدَ رَبِّهِ الْأَمِینُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قُلْتُ قَوْلُهُ وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ قَالَ یَعْنِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ فِی نَصْبِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَماً لِلنَّاسِ قُلْتُ قَوْلُهُ وَ ما هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِینٍ قَالَ وَ مَا هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی نَبِیِّهِ بِغَیْبِهِ بِضَنِینٍ عَلَیْهِ قُلْتُ وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَیْطانٍ رَجِیمٍ قَالَ یَعْنِی الْكَهَنَةَ الَّذِینَ كَانُوا فِی قُرَیْشٍ فَنَسَبَ كَلَامَهُمْ إِلَی كَلَامِ الشَّیَاطِینِ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُمْ یَتَكَلَّمُونَ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ فَقَالَ وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَیْطانٍ رَجِیمٍ مِثْلَ أُولَئِكَ قُلْتُ قَوْلُهُ فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ قَالَ أَیْنَ تَذْهَبُونَ فِی عَلِیٍّ علیه السلام یَعْنِی وَلَایَتَهُ أَیْنَ تَفِرُّونَ مِنْهَا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ لِمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَهُ عَلَی وَلَایَتِهِ قُلْتُ قَوْلُهُ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ یَسْتَقِیمَ قَالَ أَنْ یَسْتَقِیمَ فِی طَاعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ قُلْتُ قَوْلُهُ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ قَالَ لِأَنَّ الْمَشِیَّةَ إِلَیْهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا إِلَی النَّاسِ (2)

«154»- فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أَیْ لَیْسَ فِیكَ اعْوِجَاجٌ فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ قَالَ لَوْ شَاءَ رَكَّبَكَ عَلَی غَیْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّینِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3)وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ إِنَّ عَلَیْكُمْ لَحافِظِینَ قَالَ الْمَلَكَانِ الْمُوَكَّلَانِ بِالْإِنْسَانِ كِراماً كاتِبِینَ یَكْتُبُونَ الْحَسَنَاتِ وَ السَّیِّئَاتِ

ص: 248


1- كنس الظبی: تغیب و استتر فی كناسه، أی النجوم یستتر بضوء الشمس فلا یشاهد.
2- تفسیر القمّیّ: 714.
3- فی المصدر: قال: برسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله. اه.

قَوْلُهُ فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ أَیِ الْحُمْرَةِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ یَقُولُ إِذْ سَاقَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَی حَیْثُ یَهْلِكُونَ بِهَا وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ إِذَا اجْتَمَعَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ یَقُولُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ یَقُولُ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ لَا تُخْطِئُونَ طَرِیقَهُمْ وَ لَا یُخْطَی شِبْرٌ بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ وَ بَاعٌ بِبَاعٍ حَتَّی أَنْ لَوْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قَالُوا الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی تَعْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ أَعْنِی لَتَنْقُضُنَّ عُرَی الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَیَكُونُ أَوَّلَ مَا تَنْقُضُونَ مِنْ دِینِكُمُ الْأَمَانَةُ (1)وَ آخِرَهُ الصَّلَاةُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ یَحُورَ بَلَی یَرْجِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ قَسَمٌ (2)وَ جَوَابُهُ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أَیْ مَذْهَباً بَعْدَ مَذْهَبٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما یُوعُونَ أَیْ بِمَا یَعِی صُدُورُهُمْ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ أَیْ لَا یُمَنُّ عَلَیْهِمْ (3)

بیان: قوله یقول إذا ساق كل شی ء بیان لحاصل المعنی مع رعایة الاشتقاق الكبیر فی اللفظ أیضا و الهلاك مجاز عن النوم.

«155»- فس، تفسیر القمی وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قَالَ ذَاتُ الْمَطَرِ وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ أَیْ ذَاتِ النَّبَاتِ وَ هُوَ قَسَمٌ وَ جَوَابُهُ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ یَعْنِی مَا مَضَی (4)أَیْ قَاطِعٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ أَیْ لَیْسَ بِالسُّخْرِیَّةِ إِنَّهُمْ یَكِیدُونَ كَیْداً أَیْ یَحْتَالُونَ الْحِیَلَ وَ أَكِیدُ كَیْداً فَهُوَ مِنَ اللَّهِ الْعَذَابُ فَمَهِّلِ الْكافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً قَالَ دَعْهُمْ قَلِیلًا (5)

بیان: قوله یعنی ما مضی أی الضمیر راجع إلی ما مضی من الآیات.

«156»- فس، تفسیر القمی سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَی قَالَ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی الَّذِی

ص: 249


1- فی نسخة: الإمامة. قلت: القذة بالضم و التشدید: ریش السهم. الباع: قدر مد الیدین.
2- فی المصدر زیادة و هی: و هو الذی یظهر بعد مغیب الشمس، و هو قسم اه.
3- تفسیر القمّیّ: 715 و 718.
4- هكذا فی المطبوع و نسخ مخطوطة، و فی المصدر: ماض أی قاطع. و هو الصحیح فلا یحتاج إلی تكلف و بیان.
5- تفسیر القمّیّ: 720.

خَلَقَ فَسَوَّی وَ الَّذِی قَدَّرَ فَهَدی قَالَ قَدَّرَ الْأَشْیَاءَ فِی التَّقْدِیرِ الْأَوَّلِ (1)ثُمَّ هَدَی إِلَیْهَا مَنْ یَشَاءُ قَوْلُهُ وَ الَّذِی أَخْرَجَ الْمَرْعی قَالَ أَیِ النَّبَاتُ فَجَعَلَهُ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ غُثاءً أَحْوی قَالَ یَصِیرُ هَشِیماً بَعْدَ بُلُوغِهِ وَ یَسْوَدُّ قَوْلُهُ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسی أَیْ نُعْلِمُكَ فَلَا تَنْسَی ثُمَّ اسْتَثْنَی فَقَالَ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ النِّسْیَانُ (2)لِأَنَّ الَّذِی لَا یَنْسَی هُوَ اللَّهُ وَ نُیَسِّرُكَ لِلْیُسْری فَذَكِّرْ یَا مُحَمَّدُ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْری سَیَذَّكَّرُ مَنْ یَخْشی بِذِكْرِكَ إِیَّاهُ (3)ثُمَّ قَالَ وَ یَتَجَنَّبُهَا یَعْنِی مَا یَذْكُرُ بِهِ الْأَشْقَی الَّذِی یَصْلَی النَّارَ الْكُبْری قَالَ نَارُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ لا یَمُوتُ فِیها وَ لا یَحْیی یَعْنِی فِی النَّارِ فَیَكُونُ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَ یَأْتِیهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَیِّتٍ (4)قَوْلُهُ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّی قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ فَإِذَا أَخْرَجَهَا قُبِلَتْ صَلَاةُ الْعِیدِ وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی قَالَ صَلَاةُ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَی إِنَّ هذا یَعْنِی مَا قَدْ تَلَوْتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی

حَدَّثَنَا سَعِیدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِیِّ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّهُ یَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما یَخْفی یُرِیدُ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فِی قَلْبِكَ وَ نَفْسِكَ وَ نُیَسِّرُكَ یَا مُحَمَّدُ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ لِلْیُسْری

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ یُرِیدُ الْأَنْعَامَ إِلَی قَوْلِهِ وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَ الْإِبِلِ وَ یَرْفَعَ مِثْلَ السَّمَاءِ وَ یَنْصِبَ مِثْلَ الْجِبَالِ وَ یَسْطَحَ مِثْلَ الْأَرْضِ غَیْرِی وَ یَفْعَلَ (5)مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ أَحَدٌ سِوَایَ قَوْلُهُ فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ أَیْ

ص: 250


1- فی نسخة: من الكتاب و المصدر: بالتقدیر الأول.
2- فی هامش النسخة المقروءة علی المصنّف و كذا المصدر زیادة و هی: النسیان اللغوی هو الترك. و فی طبعة من المصدر: لا یؤمن النسیان و هو الترك.
3- فی طبعة من المصدر هكذا: قال: تذكرته إیّاه ما یتذكر به. و الظاهر أنّه مصحف: بذكرك إیّاه أو بتذكرتك ایاه.
4- إبراهیم: 17.
5- فی نسخة: أو یفعل.

فَعِظْ یَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا أَنْتَ وَاعِظٌ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ قَالَ لَسْتَ بِحَافِظٍ وَ لَا كَاتِبٍ عَلَیْهِمْ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ إِلَّا مَنْ تَوَلَّی وَ كَفَرَ یَقُولُ مَنْ لَمْ یَتَّعِظْ وَ لَمْ یُصَدِّقْكَ وَ جَحَدَ رُبُوبِیَّتِی وَ كَفَرَ نِعْمَتِی فَیُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ یُرِیدُ الْعَذَابَ الشَّدِیدَ الدَّائِمَ إِنَّ إِلَیْنا إِیابَهُمْ یُرِیدُ مَصِیرَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا حِسابَهُمْ أَیْ جَزَاءَهُمْ (1).

«157»- فس، تفسیر القمی لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ أَیْ مَكَّةَ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ قَالَ كَانَتْ قُرَیْشٌ لَا یَسْتَحِلُّونَ أَنْ یَظْلِمُوا أَحَداً فِی هَذَا الْبَلَدِ وَ یَسْتَحِلُّونَ ظُلْمَكَ فِیهِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ قَالَ آدَمُ وَ مَا وَلَدَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ أَیْ مُنْتَصِباً وَ لَمْ یَخْلُقْ مِثْلَهُ شَیْ ءٌ یَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أَیْ مُجْتَمِعاً.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ یَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً قَالَ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ حِینَ عَرَضَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام الْإِسْلَامَ یَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ قَالَ فَأَیْنَ مَا أَنْفَقْتُ فِیكُمْ مَالًا لُبَداً وَ كَانَ قَدْ أَنْفَقَ مَالًا فِی الصَّدِّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ فَقَتَلَهُ عَلِیٌّ ع.

وَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی یَعْقُوبَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَ یَحْسَبُ أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ أَحَدٌ یَعْنِی نَعْثَلَ فِی قَتْلِهِ ابْنَةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً یَعْنِی الَّذِی جَهَّزَ بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی جَیْشِ الْعُسْرَةِ أَ یَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ قَالَ فِی فَسَادٍ كَانَ فِی نَفْسِهِ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِساناً یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ شَفَتَیْنِ یَعْنِی الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ إِلَی وَلَایَتِهِمَا فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ یَقُولُ مَا أَعْلَمَكَ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْقُرْآنِ مَا أَدْرَاكَ فَهُوَ مَا أَعْلَمَكَ یَتِیماً ذا مَقْرَبَةٍ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمَقْرَبَةُ

ص: 251


1- تفسیر القمّیّ: 721 و 722 و 723.

قُرْبَاهُ أَوْ مِسْكِیناً ذا مَتْرَبَةٍ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُتْرِبٌ بِالْعِلْمِ (1)

بیان: ... قال الجوهری نعثل اسم رجل كان طویل اللحیة ... قوله مَا أَعْلَمَكَ لعله جعل ما للتعجب و یحتمل علی بعد أن یكون إشارة إلی ما قیل إن كل موضع فی القرآن فیه وَ ما أَدْراكَ فهو ما قد بینه اللّٰه و ما كان ما یُدْرِیكَ لم یبینه قوله مُتْرِبٌ بِالْعِلْمِ علی بناء الفاعل أی مستغن یقال أترب الرجل إذا استغنی كأنه صار له من المال بقدر التراب ذكره الجوهری.

«158»- فس، تفسیر القمی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّیْبَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَیْسَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: نَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ فَقَالَ وَ مَا أَقْرَأُ قَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِی خَلَقَ یَعْنِی خَلَقَ نُورَكَ الْأَقْدَمَ قَبْلَ الْأَشْیَاءِ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ یَعْنِی خَلَقَكَ مِنْ نُطْفَةٍ وَ شَقَّ مِنْكَ عَلِیّاً اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ یَعْنِی عَلَّمَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ یَعْنِی عَلَّمَ عَلِیّاً مِنَ الْكِتَابَةِ لَكَ مَا لَمْ یَعْلَمْ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ قَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ الَّذِی خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ قَالَ مِنْ دَمٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ قَالَ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ الْكِتَابَةَ الَّتِی بِهَا یَتِمُّ أُمُورُ الدُّنْیَا فِی مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا ثُمَّ قَالَ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی قَالَ إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اسْتَغْنَی یَكْفُرُ وَ یَطْغَی وَ یُنْكِرُ إِنَّ إِلی رَبِّكَ الرُّجْعی قَوْلُهُ أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی قَالَ كَانَ الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ یَنْهَی النَّاسَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ أَنْ یُطَاعَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی قَوْلُهُ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَةِ أَیْ لَنَأْخُذُهُ بِالنَّاصِیَةِ فَنُلْقِیهِ فِی النَّارِ قَوْلُهُ فَلْیَدْعُ نادِیَهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ علیه السلام فَنَادَی أَبُو جَهْلٍ وَ الْوَلِیدُ عَلَیْهِمَا لَعَائِنُ اللَّهِ هَلُمَّ فَاقْتُلُوا مُحَمَّداً فَقَدْ مَاتَ الَّذِی كَانَ نَاصِرَهُ (2)فَقَالَ اللَّهُ فَلْیَدْعُ

ص: 252


1- تفسیر القمّیّ: 725 و 726.
2- فی المصدر: هلموا فاقتلوا محمّدا فقد مات الذی كان ینصره.

نادِیَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِیَةَ قَالَ كَمَا دَعَا إِلَی قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَحْنُ أَیْضاً نَدْعُ الزَّبَانِیَةَ ثُمَّ قَالَ كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ أَیْ لَمْ یُطِیعُوهُ (1)لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَجَارَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ لَمْ یَجْسُرْ عَلَیْهِ أَحَدٌ (2)

بیان: أی لم یطیعوه علی هذا التأویل لعله خبر فی صورة النهی أی قلنا بالخطاب العام لا تُطِعْهُ وَ لَمْ نُوَفِّقْهُمْ لِذَلِكَ.

«159»- فس، تفسیر القمی لَمْ یَكُنِ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ یَعْنِی قُرَیْشاً وَ الْمُشْرِكِینَ مُنْفَكِّینَ (3)قَالَ هُمْ فِی كُفْرِهِمْ حَتَّی تَأْتِیَهُمُ الْبَیِّنَةُ

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْبَیِّنَةُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّنَةُ قَالَ لَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْقُرْآنِ خَالَفُوهُ وَ تَفَرَّقُوا بَعْدَهُ قَوْلُهُ حُنَفاءَ أَیْ طَاهِرینَ قَوْلُهُ وَ ذلِكَ دِینُ الْقَیِّمَةِ أَیْ دِینٌ قَیِّمٌ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِینَ فِی نارِ جَهَنَّمَ قَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ فَارْتَدُّوا وَ كَفَرُوا وَ عَصَوْا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِیَّةِ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ قَالَ نَزَلَتْ فِی آلِ مُحَمَّدٍ ع(4).

«160»- فس، تفسیر القمی أَ رَأَیْتَ الَّذِی یُكَذِّبُ بِالدِّینِ قَالَ نَزَلَتْ فِی أَبِی جَهْلٍ وَ كُفَّارِ قُرَیْشٍ فَذلِكَ الَّذِی یَدُعُّ الْیَتِیمَ أَیْ یَدْفَعُهُ یَعْنِی عَنْ حَقِّهِ وَ لا یَحُضُّ عَلی طَعامِ الْمِسْكِینِ أَیْ لَا یَرْغَبُ فِی إِطْعَامِ الْمِسْكِینِ(5).

«161»- فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ: سَأَلَ أَبُو شَاكِرٍ أَبَا جَعْفَرٍ الْأَحْوَلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَ لا أَنا عابِدٌ

ص: 253


1- فی المصدر: لا یطیعون، و فی طبعة: لا تطیعوه.
2- تفسیر القمّیّ: 730 و 731.
3- فی المصدر المطبوع فی سنة 1315: «لَمْ یَكُنِ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِینَ» یعنی قریشا «منفكین» قال: هم فی كفرهم.
4- تفسیر القمّیّ: 732.
5- تفسیر القمّیّ: 740.

ما عَبَدْتُّمْ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ فَهَلْ یَتَكَلَّمُ الْحَكِیمُ بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَ یُكَرِّرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَلَمْ یَكُنْ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ فِی ذَلِكَ جَوَابٌ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ فَسَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا وَ تَكْرَارِهَا أَنَّ قُرَیْشاً قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَعْبُدُ إِلَهَنَا (1)سَنَةً وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ تَعْبُدُ إِلَهَنَا سَنَةً وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا قَالُوا فَقَالَ فِیمَا قَالُوا تَعْبُدُ إِلَهَنَا سَنَةً قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ فِیمَا قَالُوا وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَ فِیمَا قَالُوا تَعْبُدُ إِلَهَنَا سَنَةً وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَ فِیمَا قَالُوا وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ لَكُمْ دِینُكُمْ وَ لِیَ دِینِ قَالَ فَرَجَعَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ إِلَی أَبِی شَاكِرٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو شَاكِرٍ هَذَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ مِنَ الْحِجَازِ (2).

أقول: سیأتی كثیر من تفاسیر تلك الآیات فی الأبواب الآتیة.

ص: 254


1- فی المصدر: آلهتنا، و كذا فیما یأتی.
2- تفسیر القمّیّ: 741.

أبواب احتجاجات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله

باب 1 ما احتج صلی اللّٰه علیه و آله به علی المشركین و الزنادقة و سائر أهل الملل الباطلة

«1»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ بَلی مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قالُوا یَعْنِی الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی قَالَتِ الْیَهُودُ لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَیْ یَهُودِیّاً وَ قَوْلُهُ أَوْ نَصاری یَعْنِی وَ قَالَتِ النَّصَارَی لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ نَصْرَانِیّاً قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ قَالَ غَیْرُهُمْ قَالَتِ الدَّهْرِیَّةُ الْأَشْیَاءُ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِیَ دَائِمَةٌ مَنْ خَالَفَنَا ضَالٌّ مُخْطِئٌ مُضِلٌّ وَ قَالَتِ الثَّنَوِیَّةُ النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ مَنْ خَالَفَنَا فَقَدْ ضَلَّ وَ قَالَتْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ مَنْ خَالَفَنَا فِی هَذَا ضَلَّ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ الَّتِی یَتَمَنَّوْنَهَا قُلْ لَهُمْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ عَلَی مَقَالَتِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ قَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْجِدَالُ فِی الدِّینِ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام قَدْ نَهَوْا عَنْهُ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لَمْ یَنْهَ عَنْهُ مُطْلَقاً وَ لَكِنَّهُ نَهَی عَنِ الْجِدَالِ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ أَ مَا تَسْمَعُونَ اللَّهَ یَقُولُ وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ قَوْلُهُ تَعَالَی ادْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَالْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ قَدْ قَرَنَهُ الْعُلَمَاءُ بِالدِّینِ وَ الْجِدَالُ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ مُحَرَّمٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَی شِیعَتِنَا وَ كَیْفَ یُحَرِّمُ اللَّهُ الْجِدَالَ جُمْلَةً وَ هُوَ یَقُولُ

ص: 255

وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری قَالَ اللَّهُ تَعَالَی تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ فَجَعَلَ عِلْمَ الصِّدْقِ الْإِتْیَانَ بِالْبُرْهَانِ وَ هَلْ یُؤْتَی بِالْبُرْهَانِ إِلَّا فِی الْجِدَالِ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ قِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ الَّتِی لَیْسَتْ بِأَحْسَنَ قَالَ أَمَّا الْجِدَالُ الَّذِی بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَأَنْ تُجَادِلَ مُبْطِلًا فَیُورِدَ عَلَیْكَ بَاطِلًا فَلَا تَرُدَّهُ بِحُجَّةٍ قَدْ نَصَبَهَا اللَّهُ وَ لَكِنْ تَجْحَدُ قَوْلَهُ أَوْ تَجْحَدُ حَقّاً یُرِیدُ ذَلِكَ الْمُبْطِلُ أَنْ یُعِینَ بِهِ بَاطِلَهُ فَتَجْحَدُ ذَلِكَ الْحَقَّ مَخَافَةَ أَنْ یَكُونَ لَهُ عَلَیْكَ فِیهِ حُجَّةٌ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِی كَیْفَ الْمَخْلَصُ مِنْهُ فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَی شِیعَتِنَا أَنْ یَصِیرُوا فِتْنَةً عَلَی ضُعَفَاءِ إِخْوَانِهِمْ وَ عَلَی الْمُبْطِلِینَ أَمَّا الْمُبْطِلُونَ فَیَجْعَلُونَ ضَعْفَ الضَّعِیفِ مِنْكُمْ إِذَا تَعَاطَی مُجَادَلَتَهُ وَ ضَعْفَ مَا (مَنْ خ ل) فِی یَدِهِ حُجَّةً لَهُ عَلَی بَاطِلِهِ وَ أَمَّا الضُّعَفَاءُ مِنْكُمْ فَتَعْمَی قُلُوبُهُمْ (1)لِمَا یَرَوْنَ مِنْ ضَعْفِ الْمُحِقِّ فِی یَدِ الْمُبْطِلِ وَ أَمَّا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ نَبِیَّهُ أَنْ یُجَادِلَ بِهِ مَنْ جَحَدَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ إِحْیَاءِهِ لَهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی حَاكِیاً عَنْهُ وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِیَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الرَّدِّ عَلَیْهِ قُلْ یَا مُحَمَّدُ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ فَأَرَادَ اللَّهُ مِنْ نَبِیِّهِ أَنْ یُجَادِلَ الْمُبْطِلَ الَّذِی قَالَ كَیْفَ یَجُوزُ أَنْ یَبْعَثَ هَذِهِ الْعِظَامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ فَقَالَ اللَّهُ قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أَ فَیَعْجِزُ مَنِ ابْتَدَأَ بِهِ لَا مِنْ شَیْ ءٍ أَنْ یُعِیدَهُ بَعْدَ أَنْ یَبْلَی بَلِ ابْتِدَاؤُهُ أَصْعَبُ عِنْدَكُمْ مِنْ إِعَادَتِهِ ثُمَّ قَالَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أَیْ إِذَا كَانَ قَدْ كَمَّنَ النَّارَ (2)الْحَارَّةَ فِی الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ الرَّطْبِ ثُمَّ یَسْتَخْرِجُهَا فَعَرَّفَكُمْ أَنَّهُ عَلَی إِعَادَةِ مَنْ بَلِیَ أَقْدَرُ ثُمَّ قَالَ أَ وَ لَیْسَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلی وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِیمُ أَیْ إِذَا كَانَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أَعْظَمَ وَ أَبْعَدَ فِی أَوْهَامِكُمْ

ص: 256


1- فی المصدر و كذا فی الاحتجاج: إذا تعاطی مجادلتهم و ضعف ما فی یده حجة له علی باطلهم و أمّا الضعفاء فتغم قلوبهم.
2- كمن الشی ء: أخفاه.

وَ قَدَرِكُمْ أَنْ یَقْدِرُوا عَلَیْهِ مِنْ إِعَادَةِ الْبَالِی فَكَیْفَ جَوَّزْتُمْ مِنَ اللَّهِ خَلْقَ الْأَعْجَبِ عِنْدَكُمْ وَ الْأَصْعَبِ لَدَیْكُمْ وَ لَمْ تُجَوِّزُوا مِنْهُ مَا هُوَ أَسْهَلُ عِنْدَكُمْ مِنْ إِعَادَةِ الْبَالِی قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَهَذَا الْجِدَالُ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ لِأَنَّ فِیهَا قَطْعَ عُذْرِ الْكَافِرِینَ وَ إِزَالَةَ شُبَهِهِمْ وَ أَمَّا الْجِدَالُ بِغَیْرِ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَأَنْ تَجْحَدَ حَقّاً لَا یُمْكِنُكَ أَنْ تُفَرِّقَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ بَاطِلِ مَنْ تُجَادِلُهُ وَ إِنَّمَا تَدْفَعُهُ عَنْ بَاطِلِهِ بِأَنْ تَجْحَدَ الْحَقَّ فَهَذَا هُوَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّكَ مِثْلُهُ جَحَدَ هُوَ حَقّاً وَ جَحَدْتَ أَنْتَ حَقّاً آخَرَ وَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیُّ علیهما السلام فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ فَجَادَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَهْمَا ظَنَنْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ شَیْ ءٍ فَلَا تَظُنَّنَّ بِهِ مُخَالَفَةَ اللَّهِ أَ لَیْسَ اللَّهُ قَدْ قَالَ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ وَ قَالَ قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ لِمَنْ ضَرَبَ لِلَّهِ مَثَلًا أَ فَتَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَالَفَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فَلَمْ یُجَادِلْ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ لَمْ یُخْبِرْ عَنِ اللَّهِ بِمَا أَمَرَهُ أَنْ یُخْبِرَ بِهِ.

وَ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَبِی الْبَاقِرُ عَنْ جَدِّی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ یَوْماً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَهْلُ خَمْسَةِ أَدْیَانٍ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی وَ الدَّهْرِیَّةُ وَ الثَّنَوِیَّةُ وَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْیَهُودُ نَحْنُ نَقُولُ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قَدْ جِئْنَاكَ یَا مُحَمَّدُ لِنَنْظُرَ مَا تَقُولُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنَا فَنَحْنُ أَسْبَقُ إِلَی الصَّوَابِ مِنْكَ وَ أَفْضَلُ وَ إِنْ خَالَفْتَنَا خَصَمْنَاكَ وَ قَالَتِ النَّصَارَی نَحْنُ نَقُولُ الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ اتَّحَدَ بِهِ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَنْظُرَ مَا تَقُولُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنَا فَنَحْنُ أَسْبَقُ إِلَی الصَّوَابِ مِنْكَ وَ أَفْضَلُ وَ إِنْ خَالَفْتَنَا خَصَمْنَاكَ وَ قَالَتِ الدَّهْرِیَّةُ نَحْنُ نَقُولُ الْأَشْیَاءُ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِیَ دَائِمَةٌ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَنْظُرَ مَا تَقُولُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنَا فَنَحْنُ أَسْبَقُ إِلَی الصَّوَابِ مِنْكَ وَ أَفْضَلُ وَ إِنْ خَالَفْتَنَا خَصَمْنَاكَ وَ قَالَتِ الثَّنَوِیَّةُ نَحْنُ نَقُولُ إِنَّ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَنْظُرَ مَا تَقُولُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنَا فَنَحْنُ أَسْبَقُ إِلَی الصَّوَابِ مِنْكَ وَ أَفْضَلُ وَ إِنْ خَالَفْتَنَا خَصَمْنَاكَ

ص: 257

وَ قَالَتْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ نَحْنُ نَقُولُ إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَنْظُرَ مَا تَقُولُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنَا فَنَحْنُ أَسْبَقُ إِلَی الصَّوَابِ مِنْكَ وَ أَفْضَلُ وَ إِنْ خَالَفْتَنَا خَصَمْنَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آمَنْتُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ كَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَ بِكُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ بَعَثَنِی كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِیراً وَ نَذِیراً حُجَّةً عَلَی الْعَالَمِینَ وَ سَیَرُدُّ كَیْدَ مَنْ یَكِیدُ دِینَهُ فِی نَحْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْیَهُودِ أَ جِئْتُمُونِی لِأَقْبَلَ قَوْلَكُمْ بِغَیْرِ حُجَّةٍ قَالُوا لَا قَالَ فَمَا الَّذِی دَعَاكُمْ إِلَی الْقَوْلِ بِأَنَّ عُزَیْراً ابْنُ اللَّهِ قَالُوا لِأَنَّهُ أَحْیَا لِبَنِی إِسْرَائِیلَ التَّوْرَاةَ بَعْدَ مَا ذَهَبَتْ وَ لَمْ یَفْعَلْ بِهَا هَذَا إِلَّا لِأَنَّهُ ابْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَیْفَ صَارَ عُزَیْرٌ ابْنَ اللَّهِ دُونَ مُوسَی وَ هُوَ الَّذِی جَاءَهُمْ بِالتَّوْرَاةِ وَ رُئِیَ مِنْهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَإِنْ كَانَ عُزَیْرٌ ابْنَ اللَّهِ لِمَا أَظْهَرَ مِنَ الْكَرَامَةِ بِإِحْیَاءِ التَّوْرَاةِ فَلَقَدْ كَانَ مُوسَی بِالْبُنُوَّةِ أَحَقَّ وَ أَوْلَی وَ لَئِنْ كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ إِكْرَامِهِ لِعُزَیْرٍ یُوجِبُ أَنَّهُ ابْنُهُ فَأَضْعَافُ هَذِهِ الْكَرَامَةِ لِمُوسَی تُوجِبُ لَهُ مَنْزِلَةً أَجَلَّ مِنَ الْبُنُوَّةِ وَ إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُرِیدُونَ (1)بِالْبُنُوَّةِ الْوِلَادَةَ عَلَی سَبِیلِ مَا تُشَاهِدُونَهُ فِی دُنْیَاكُمْ هَذِهِ مِنْ وِلَادَةِ الْأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادَ بِوَطْیِ آبَائِهِمْ لَهُنَّ فَقَدْ كَفَرْتُمْ بِاللَّهِ وَ شَبَّهْتُمُوهُ بِخَلْقِهِ وَ أَوْجَبْتُمْ فِیهِ صِفَاتِ الْمُحْدَثِینَ وَ وَجَبَ عِنْدَكُمْ أَنْ یَكُونَ مُحْدَثاً مَخْلُوقاً وَ أَنْ یَكُونَ لَهُ خَالِقٌ صَنَعَهُ وَ ابْتَدَعَهُ قَالُوا لَسْنَا نَعْنِی هَذَا فَإِنَّ هَذَا كُفْرٌ كَمَا ذَكَرْتَ وَ لَكِنَّا نَعْنِی أَنَّهُ ابْنُهُ عَلَی مَعْنَی الْكَرَامَةِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هُنَاكَ وِلَادَةٌ كَمَا یَقُولُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا لِمَنْ یُرِیدُ إِكْرَامَهُ وَ إِبَانَتَهُ بِالْمَنْزِلَةِ (2)عَنْ غَیْرِهِ یَا بُنَیَّ وَ إِنَّهُ ابْنِی لَا عَلَی إِثْبَاتِ وِلَادَتِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ یَقُولُ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ أَجْنَبِیٌّ لَا نَسَبَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ وَ كَذَلِكَ لَمَّا فَعَلَ اللَّهُ بِعُزَیْرٍ مَا فَعَلَ كَانَ قَدِ اتَّخَذَهُ ابْناً عَلَی الْكَرَامَةِ لَا عَلَی الْوِلَادَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذَا مَا قُلْتُهُ لَكُمْ إِنَّهُ إِنْ وَجَبَ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ أَنْ یَكُونَ عُزَیْرٌ ابْنَهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لِمُوسَی أَوْلَی وَ إِنَّ اللَّهَ یَفْضَحُ كُلَّ مُبْطِلٍ بِإِقْرَارِهِ وَ یَقْلِبُ عَلَیْهِ حُجَّتَهُ

ص: 258


1- فی المصدر: لانكم إن كنتم انما تریدون اه.
2- فی نسخة: بمنزلته.

وَ أَمَّا مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ (1)یُؤَدِّیكُمْ إِلَی مَا هُوَ أَكْبَرُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ لَكُمْ لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ إِنَّ عَظِیماً مِنْ عُظَمَائِكُمْ قَدْ یَقُولُ لِأَجْنَبِیٍّ لَا نَسَبَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ یَا بُنَیَّ وَ هَذَا ابْنِی لَا عَلَی طَرِیقِ الْوِلَادَةِ فَقَدْ تَجِدُونَ أَیْضاً هَذَا الْعَظِیمَ یَقُولُ لِأَجْنَبِیٍّ آخَرَ هَذَا أَخِی وَ لآِخَرَ هَذَا شَیْخِی وَ أَبِی (2)وَ لآِخَرَ هَذَا سَیِّدِی وَ یَا سَیِّدِی عَلَی سَبِیلِ الْإِكْرَامِ وَ إِنَّ مَنْ زَادَهُ فِی الْكَرَامَةِ زَادَهُ فِی مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ فَإِذاً یَجُوزُ عِنْدَكُمْ أَنْ یَكُونَ مُوسَی أَخاً لِلَّهِ أَوْ شَیْخاً لَهُ أَوْ أَباً أَوْ سَیِّداً لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ فِی الْإِكْرَامِ مِمَّا لِعُزَیْرٍ كَمَا أَنَّ مَنْ زَادَ رَجُلًا فِی الْإِكْرَامِ قَالَ لَهُ یَا سَیِّدِی وَ یَا شَیْخِی وَ یَا عَمِّی وَ یَا رَئِیسِی عَلَی طَرِیقِ الْإِكْرَامِ وَ أَنَّ مَنْ زَادَهُ فِی الْكَرَامَةِ زَادَهُ فِی مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ أَ فَیَجُوزُ عِنْدَكُمْ أَنْ یَكُونَ مُوسَی أَخاً لِلَّهِ أَوْ شَیْخاً أَوْ عَمّاً أَوْ رَئِیساً أَوْ سَیِّداً أَوْ أَمِیراً لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ فِی الْإِكْرَامِ عَلَی مَنْ قَالَ لَهُ یَا شَیْخِی أَوْ یَا سَیِّدِی أَوْ یَا عَمِّی أَوْ یَا أَمِیرِی أَوْ یَا رَئِیسِی قَالَ فَبُهِتَ الْقَوْمُ وَ تَحَیَّرُوا وَ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ أَجِّلْنَا (3)نَتَفَكَّرْ فِیمَا قُلْتَهُ لَنَا فَقَالَ انْظُرُوا فِیهِ بِقُلُوبٍ مُعْتَقِدَةٍ لِلْإِنْصَافِ یَهْدِكُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی النَّصَارَی فَقَالَ وَ أَنْتُمْ قُلْتُمْ إِنَّ الْقَدِیمَ عَزَّ وَ جَلَّ اتَّحَدَ بِالْمَسِیحِ ابْنِهِ فَمَا الَّذِی أَرَدْتُمُوهُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَرَدْتُمْ أَنَّ الْقَدِیمَ صَارَ مُحْدَثاً لِوُجُودِ هَذَا الْمُحْدَثِ الَّذِی هُوَ عِیسَی أَوِ الْمُحْدَثَ الَّذِی هُوَ عِیسَی صَارَ قَدِیماً لِوُجُودِ الْقَدِیمِ الَّذِی هُوَ اللَّهُ أَوْ مَعْنَی قَوْلِكُمْ إِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَصَّهُ بِكَرَامَةٍ لَمْ یُكْرِمْ بِهَا أَحَداً سِوَاهُ فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الْقَدِیمَ تَعَالَی صَارَ مُحْدَثاً فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ لِأَنَّ الْقَدِیمَ مُحَالٌ أَنْ یَنْقَلِبَ فَیَصِیرَ مُحْدَثاً وَ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الْمُحْدَثَ صَارَ قَدِیماً فَقَدْ أَحَلْتُمْ لِأَنَّ الْمُحْدَثَ أَیْضاً مُحَالٌ أَنْ یَصِیرَ قَدِیماً وَ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ بِأَنِ اخْتَصَّهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی سَائِرِ عِبَادِهِ فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ بِحُدُوثِ عِیسَی وَ بِحُدُوثِ الْمَعْنَی الَّذِی اتَّحَدَ بِهِ مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عِیسَی مُحْدَثاً وَ كَانَ اللَّهُ اتَّحَدَ بِهِ بِأَنْ أَحْدَثَ بِهِ مَعْنًی صَارَ بِهِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَهُ فَقَدْ صَارَ عِیسَی وَ ذَلِكَ الْمَعْنَی مُحْدَثَیْنِ وَ هَذَا

ص: 259


1- فی نسخة: و فی الاحتجاج: و ان ما احتججتم به.
2- فی المصدر: و لاخر هذا أبی.
3- فی النسخة المقروءة علی المصنّف: خلنا.

خِلَافُ مَا بَدَأْتُمْ تَقُولُونَهُ قَالَ فَقَالَتِ النَّصَارَی یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا أَظْهَرَ عَلَی یَدِ عِیسَی مِنَ الْأَشْیَاءِ الْعَجِیبَةِ مَا أَظْهَرَ فَقَدِ اتَّخَذَهُ وَلَداً عَلَی جِهَةِ الْكَرَامَةِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ سَمِعْتُمْ مَا قُلْتُهُ لِلْیَهُودِ فِی هَذَا الْمَعْنَی الَّذِی ذَكَرْتُمُوهُ ثُمَّ أَعَادَ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ كُلَّهُ فَسَكَتُوا إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مِنْهُمْ قَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ أَ وَ لَسْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلُ اللَّهِ قَالَ قَدْ قُلْنَا ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَلِمَ مَنَعْتُمُونَا مِنْ أَنْ نَقُولَ إِنَّ عِیسَی ابْنُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُمَا لَمْ یَشْتَبِهَا لِأَنَّ قَوْلَنَا إِنَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلُ اللَّهِ فَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَلَّةِ أَوِ الْخُلَّةِ فَأَمَّا الْخَلَّةُ فَإِنَّمَا مَعْنَاهَا الْفَقْرُ وَ الْفَاقَةُ وَ قَدْ كَانَ خَلِیلًا إِلَی رَبِّهِ فَقِیراً وَ إِلَیْهِ مُنْقَطِعاً وَ عَنْ غَیْرِهِ مُتَعَفِّفاً مُعْرِضاً مُسْتَغْنِیاً وَ ذَلِكَ لَمَّا أُرِیدَ قَذْفُهُ فِی النَّارِ فَرُمِیَ بِهِ فِی الْمَنْجَنِیقِ فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ أَدْرِكْ عَبْدِی فَجَاءَهُ فَلَقِیَهُ فِی الْهَوَاءِ فَقَالَ كَلِّفْنِی مَا بَدَا لَكَ فَقَدْ بَعَثَنِی اللَّهُ لِنُصْرَتِكَ فَقَالَ بَلْ حَسْبِیَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ إِنِّی لَا أَسْأَلُ غَیْرَهُ وَ لَا حَاجَةَ لِی إِلَّا إِلَیْهِ فَسَمَّاهُ خَلِیلَهُ أَیْ فَقِیرَهُ وَ مُحْتَاجَهُ وَ الْمُنْقَطِعَ إِلَیْهِ عَمَّنْ سِوَاهُ وَ إِذَا جُعِلَ مَعْنَی ذَلِكَ مِنَ الْخُلَّةِ وَ هُوَ أَنَّهُ قَدْ تَخَلَّلَ مَعَانِیَهُ (1)وَ وَقَفَ عَلَی أَسْرَارٍ لَمْ یَقِفْ عَلَیْهَا غَیْرُهُ كَانَ مَعْنَاهُ الْعَالِمَ بِهِ وَ بِأُمُورِهِ وَ لَا یُوجِبُ ذَلِكَ تَشْبِیهَ اللَّهِ بِخَلْقِهِ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ یَنْقَطِعْ إِلَیْهِ لَمْ یَكُنْ خَلِیلَهُ وَ إِذَا لَمْ یَعْلَمْ بِأَسْرَارِهِ لَمْ یَكُنْ خَلِیلَهُ وَ إِنَّ مَنْ یَلِدُهُ الرَّجُلُ وَ إِنْ أَهَانَهُ وَ أَقْصَاهُ لَمْ یَخْرُجْ عَنْ أَنْ یَكُونَ وَلَدَهُ لِأَنَّ مَعْنَی الْوِلَادَةِ قَائِمٌ ثُمَّ إِنْ وَجَبَ لِأَنَّهُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلِی أَنْ تَقِیسُوا (2)أَنْتُمْ فَتَقُولُوا إِنَّ عِیسَی ابْنُهُ وَجَبَ أَیْضاً أَنْ تَقُولُوا لَهُ وَ لِمُوسَی إِنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّ الَّذِی مَعَهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ لَمْ یَكُنْ بِدُونِ مَا كَانَ مَعَ عِیسَی فَقُولُوا إِنَّ مُوسَی أَیْضاً ابْنُهُ وَ إِنَّهُ یَجُوزُ أَنْ تَقُولُوا عَلَی هَذَا الْمَعْنَی إِنَّهُ شَیْخُهُ وَ سَیِّدُهُ وَ عَمُّهُ وَ رَئِیسُهُ وَ أَمِیرُهُ كَمَا ذَكَرْتُهُ لِلْیَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ فِی الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَنَّ عِیسَی قَالَ أَذْهَبُ إِلَی أَبِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ الْكِتَابِ تَعْمَلُونَ (3)فَإِنَّ فِیهِ أَذْهَبُ إِلَی أَبِی وَ أَبِیكُمْ فَقُولُوا إِنَّ جَمِیعَ الَّذِینَ خَاطَبَهُمْ عِیسَی كَانُوا أَبْنَاءَ اللَّهِ كَمَا

ص: 260


1- فی المصدر: و هو انه قد تخلل به معانیه.
2- فی نسخة: ثم ان من اوجب أن یقول علی قول إبراهیم خلیله أن تقیسوا اه.
3- فی نسخة: تعلمون.

كَانَ عِیسَی ابْنَهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِی كَانَ عِیسَی ابْنَهُ ثُمَّ إِنَّ مَا فِی هَذَا الْكِتَابِ یُبْطِلُ عَلَیْكُمْ هَذَا الَّذِی زَعَمْتُمْ أَنَّ عِیسَی مِنْ جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ كَانَ ابْناً لَهُ لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ اخْتَصَّهُ بِمَا لَمْ یَخْتَصَّ بِهِ غَیْرُهُ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِی خَصَّ بِهِ عِیسَی لَمْ یَخُصَّ بِهِ هَؤُلَاءَ الْقَوْمَ الَّذِینَ قَالَ لَهُمْ عِیسَی أَذْهَبُ إِلَی أَبِی وَ أَبِیكُمْ فَبَطَلَ أَنْ یَكُونَ الِاخْتِصَاصُ لِعِیسَی لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَكُمْ بِقَوْلِ عِیسَی لِمَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِثْلُ اخْتِصَاصِ عِیسَی وَ أَنْتُمْ إِنَّمَا حَكَیْتُمْ لَفْظَةَ عِیسَی وَ تَأَوَّلْتُمُوهَا عَلَی غَیْرِ وَجْهِهَا لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ أَبِی وَ أَبِیكُمْ فَقَدْ أَرَادَ غَیْرَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَیْهِ وَ نَحَلْتُمُوهُ (1)وَ مَا یُدْرِیكُمْ لَعَلَّهُ عَنَی أَذْهَبُ إِلَی آدَمَ أَوْ إِلَی نُوحٍ إِنَّ اللَّهَ یَرْفَعُنِی إِلَیْهِمْ وَ یَجْمَعُنِی مَعَهُمْ وَ آدَمَ أَبِی وَ أَبِیكُمْ وَ كَذَلِكَ نُوحٌ بَلْ مَا أَرَادَ غَیْرَ هَذَا فَسَكَتَتِ النَّصَارَی وَ قَالُوا مَا رَأَیْنَا كَالْیَوْمِ مُجَادِلًا وَ لَا مُخَاصِماً وَ سَنَنْظُرُ فِی أُمُورِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الدَّهْرِیَّةِ فَقَالَ وَ أَنْتُمْ فَمَا الَّذِی دَعَاكُمْ إِلَی الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَشْیَاءَ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِیَ دَائِمَةٌ لَمْ تَزَلْ وَ لَا تَزَالُ فَقَالُوا لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ إِلَّا بِمَا نُشَاهِدُ وَ لَمْ نَجِدْ لِلْأَشْیَاءِ مُحْدِثاً (2)فَحَكَمْنَا بِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ وَ لَمْ نَجِدْ لَهَا انْقِضَاءً وَ فَنَاءً فَحَكَمْنَا بِأَنَّهَا لَا تَزَالُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَوَجَدْتُمْ لَهَا قِدَماً أَمْ وَجَدْتُمْ لَهَا بَقَاءً أَبَدَ الْأَبَدِ (3)فَإِنْ قُلْتُمْ إِنَّكُمْ وَجَدْتُمْ ذَلِكَ أَثْبَتُّمْ (4)لِأَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا عَلَی هَیْئَتِكُمْ (5)وَ عُقُولِكُمْ بِلَا نِهَایَةٍ وَ لَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ وَ لَئِنْ قُلْتُمْ هَذَا دَفَعْتُمُ الْعِیَانَ وَ كَذَّبَكُمُ الْعَالِمُونَ الَّذِینَ یُشَاهِدُونَكُمْ قَالُوا بَلْ لَمْ نُشَاهِدْ لَهَا قِدَماً وَ لَا بَقَاءً أَبَدَ الْأَبَدِ (6)قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلِمَ صِرْتُمْ بِأَنْ تَحْكُمُوا بِالْقِدَمِ وَ الْبَقَاءِ دَائِماً لِأَنَّكُمْ لَمْ تُشَاهِدُوا حُدُوثَهَا وَ انْقِضَاؤُهَا أَوْلَی مِنْ تَارِكِ التَّمَیُّزِ لَهَا مِثْلُكُمْ فَیَحْكُمُ لَهَا بِالْحُدُوثِ وَ الِانْقِضَاءِ وَ الِانْقِطَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ یُشَاهِدْ لَهَا

ص: 261


1- فی هامش المصدر: تأولتموه خ ل.
2- فی نسخة: و فی الاحتجاج حدثا.
3- فی المصدر: أبد الآباد.
4- فی نسخة: و فی الاحتجاج: أنهضتم لانفسكم.
5- فی نسخة: لم تزالوا علی ذهنكم و عقولكم.
6- فی المصدر: ابد الآباد.

قِدَماً وَ لَا بَقَاءً أَبَدَ الْأَبَدِ (1)أَ وَ لَسْتُمْ تُشَاهِدُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَاحِدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ أَ فَتَرَوْنَهُمَا لَمْ یَزَالا وَ لَا یَزَالانِ فَقَالُوا نَعَمْ قَالَ أَ فَیَجُوزُ عِنْدَكُمْ اجْتِمَاعُ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَقَالُوا لَا فَقَالَ علیه السلام فَإِذاً یَنْقَطِعَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ فَیَسْبِقَ أَحَدُهُمَا وَ یَكُونَ الثَّانِی جَارِیاً بَعْدَهُ (2)فَقَالُوا كَذَلِكَ هُوَ فَقَالَ قَدْ حَكَمْتُمْ بِحُدُوثِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَیْلٍ وَ نَهَارٍ وَ لَمْ تُشَاهِدُوهُمَا فَلَا تُنْكِرُوا لِلَّهِ قُدْرَةً ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَ تَقُولُونَ مَا قِبَلَكُمْ (3)مِنَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ مُتَنَاهٍ أَمْ غَیْرُ مُتَنَاهٍ فَإِنْ قُلْتُمْ غَیْرُ مُتَنَاهٍ فَقَدْ وَصَلَ إِلَیْكُمْ آخِرٌ بِلَا نِهَایَةَ لِأَوَّلِهِ وَ إِنْ قُلْتُمْ إِنَّهُ مُتَنَاهٍ فَقَدْ كَانَ وَ لَا شَیْ ءَ مِنْهُمَا (4)قَالُوا نَعَمْ قَالَ لَهُمْ أَ قُلْتُمْ إِنَّ الْعَالَمَ قَدِیمٌ غَیْرُ مُحْدَثٍ وَ أَنْتُمْ عَارِفُونَ بِمَعْنَی مَا أَقْرَرْتُمْ بِهِ وَ بِمَعْنَی مَا جَحَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذَا الَّذِی نُشَاهِدُهُ مِنَ الْأَشْیَاءِ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ مُفْتَقِرٌ لِأَنَّهُ لَا قِوَامَ لِلْبَعْضِ إِلَّا بِمَا یَتَّصِلُ بِهِ كَمَا تَرَی الْبِنَاءَ مُحْتَاجاً بَعْضُ أَجْزَائِهِ إِلَی بَعْضٍ وَ إِلَّا لَمْ یَتَّسِقْ وَ لَمْ یَسْتَحْكِمْ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ مَا نَرَی (5)قَالَ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُحْتَاجُ بَعْضُهُ إِلَی بَعْضٍ لِقُوَّتِهِ وَ تَمَامِهِ (6)هُوَ الْقَدِیمَ فَأَخْبِرُونِی أَنْ لَوْ كَانَ مُحْدَثاً كَیْفَ كَانَ یَكُونُ وَ مَا ذَا كَانَتْ تَكُونُ صِفَتُهُ قَالَ فَصَمَتُوا وَ عَلِمُوا (7)أَنَّهُمْ لَا یَجِدُونَ لِلْمُحْدَثِ صِفَةً یَصِفُونَهُ بِهَا إِلَّا وَ هِیَ مَوْجُودَةٌ فِی هَذَا الَّذِی زَعَمُوا أَنَّهُ قَدِیمٌ فَوَجَمُوا (8)وَ قَالُوا سَنَنْظُرُ فِی أَمْرِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الثَّنَوِیَّةِ الَّذِینَ قَالُوا النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ

ص: 262


1- فی المصدر: أبد الآباد.
2- فی المصدر: و یكون الثانی حادثا بعده.
3- فی هامش المصدر: ما تقدم خ ل.
4- فی المصدر: فقد كان حادثا و لا شی ء منها بقدیم.
5- فی المصدر: و كذلك سائر ما ترون.
6- فی المصدر: لقوامه و تمامه.
7- فی نسخة و فی الاحتجاج: فبهتوا و علموا، و فی المصدر: فبهتوا و تحیروا خ ل و علموا.
8- وجم: سكت و عجز عن التكلم من شدة الغیظ أو الخوف. عبس وجهه و أطرق لشدة الحزن. وجم من الامر: أمسك عنه و هو كاره.

فَقَالَ وَ أَنْتُمْ فَمَا الَّذِی دَعَاكُمْ إِلَی مَا قُلْتُمُوهُ مِنْ هَذَا فَقَالُوا لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْعَالَمَ صِنْفَیْنِ خَیْراً وَ شَرّاً وَ وَجَدْنَا الْخَیْرَ ضِدّاً لِلشَّرِّ فَأَنْكَرْنَا أَنْ یَكُونَ فَاعِلٌ وَاحِدٌ یَفْعَلُ الشَّیْ ءَ وَ ضِدَّهُ (1)بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاعِلٌ أَ لَا تَرَی أَنَّ الثَّلْجَ مُحَالٌ أَنْ یُسَخِّنَ كَمَا أَنَّ النَّارَ مُحَالٌ أَنْ تُبَرِّدَ فَأَثْبَتْنَا لِذَلِكَ صَانِعَیْنِ قَدِیمَیْنِ ظُلْمَةً وَ نُوراً فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَلَسْتُمْ قَدْ وَجَدْتُمْ سَوَاداً وَ بَیَاضاً وَ حُمْرَةً وَ صُفْرَةً وَ خُضْرَةً وَ زُرْقَةً وَ كُلُّ وَاحِدٍ ضِدٌّ لِسَائِرِهَا لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ اثْنَیْنِ مِنْهَا فِی مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا كَانَ الْحَرُّ وَ الْبَرْدُ ضِدَّیْنِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِی مَحَلٍّ وَاحِدٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَهَلَّا أَثْبَتُّمْ بِعَدَدِ كُلِّ لَوْنٍ صَانِعاً قَدِیماً لِیَكُونَ فَاعِلُ كُلِّ ضِدٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَلْوَانِ غَیْرَ فَاعِلِ الضِّدِّ الْآخَرِ قَالَ فَسَكَتُوا ثُمَّ قَالَ وَ كَیْفَ اخْتَلَطَ هَذَا النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ وَ هَذَا مِنْ طَبْعِهِ الصُّعُودُ وَ هَذَا مِنْ طَبْعِهِ النُّزُولُ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَرْقاً یَمْشِی إِلَیْهِ وَ الْآخَرَ غَرْباً یَمْشِی إِلَیْهِ أَ كَانَ یَجُوزُ أَنْ یَلْتَقِیَا مَا دَامَا سَائِرَیْنِ عَلَی وُجُوهِهِمَا قَالُوا لَا فَقَالَ وَجَبَ أَنْ لَا یَخْتَلِطَ النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ لِذَهَابِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِی غَیْرِ جِهَةِ الْآخَرِ فَكَیْفَ حَدَثَ هَذَا الْعَالَمُ مِنِ امْتِزَاجِ مَا مُحَالٌ أَنْ یَمْتَزِجَ بَلْ هُمَا مُدَبَّرَانِ جَمِیعاً مَخْلُوقَانِ فَقَالُوا سَنَنْظُرُ فِی أُمُورِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی مُشْرِكِی الْعَرَبِ وَ قَالَ وَ أَنْتُمْ فَلِمَ عَبَدْتُمُ الْأَصْنَامَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَالُوا نَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ أَ وَ هِیَ سَامِعَةٌ مُطِیعَةٌ لِرَبِّهَا عَابِدَةٌ لَهُ حَتَّی تَتَقَرَّبُوا بِتَعْظِیمِهَا إِلَی اللَّهِ فَقَالُوا لَا قَالَ فَأَنْتُمُ الَّذِینَ نَحَتُّمُوهَا (2)بِأَیْدِیكُمْ فَلَأَنْ تَعْبُدَكُمْ هِیَ لَوْ كَانَ یَجُوزُ مِنْهَا الْعِبَادَةُ أَحْرَی مِنْ أَنْ تَعْبُدُوهَا إِذَا لَمْ یَكُنْ أَمَرَكُمْ بِتَعْظِیمِهَا مَنْ هُوَ الْعَارِفُ بِمَصَالِحِكُمْ وَ عَوَاقِبِكُمْ وَ الْحَكِیمُ فِیمَا یُكَلِّفُكُمْ قَالَ فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَلَّ فِی هَیَاكِلِ رِجَالٍ كَانُوا عَلَی هَذِهِ الصُّوَرِ فَصَوَّرْنَا هَذِهِ الصُّوَرَ (3)نُعَظِّمُهَا لِتَعْظِیمِنَا تِلْكَ الصُّوَرَ الَّتِی حَلَّ فِیهَا رَبُّنَا

ص: 263


1- فی هامش المصدر: فانكرنا أن یكون فاعل الشی ء و ضده واحدا خ ل.
2- هكذا فی النسخ و فی المصدر: فانتم الذین تنحتونها.
3- فی المصدر: كانوا علی هذه الصور التی صورناها فصورنا هذه نعظمها.

وَ قَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِنَّ هَذِهِ صَوَرُ أَقْوَامٍ سَلَفُوا كَانُوا مُطِیعِینَ لِلَّهِ قَبْلَنَا فَمَثَّلْنَا صُوَرَهُمْ وَ عَبَدْنَاهَا تَعْظِیماً لِلَّهِ وَ قَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَفَاتَنَا ذَلِكَ فَصَوَّرْنَا صُورَتَهُ فَسَجَدْنَا لَهُ تَقَرُّباً إِلَی اللَّهِ تَعَالَی كَمَا تَقَرَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ كَمَا أُمِرْتُمْ بِالسُّجُودِ بِزَعْمِكُمْ إِلَی جِهَةِ مَكَّةَ (كَعْبَةَ خ ل) فَفَعَلْتُمْ ثُمَّ نَصَبْتُمْ فِی ذَلِكَ الْبَلَدِ بِأَیْدِیكُمْ مَحَارِیبَ سَجَدْتُمْ إِلَیْهَا وَ قَصَدْتُمُ الْكَعْبَةَ لَا مَحَارِیبَكُمْ وَ قَصْدُكُمْ بِالْكَعْبَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا إِلَیْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْطَأْتُمُ الطَّرِیقَ وَ ضَلَلْتُمْ أَمَّا أَنْتُمْ وَ هُوَ یُخَاطِبُ الَّذِینَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ یَحُلُّ فِی هَیَاكِلِ رِجَالٍ كَانُوا عَلَی هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِی صَوَّرْنَاهَا فَصَوَّرْنَا هَذِهِ نُعَظِّمُهَا لِتَعْظِیمِنَا لِتِلْكَ الصُّوَرِ الَّتِی حَلَّ فِیهَا رَبُّنَا فَقَدْ وَصَفْتُمْ رَبَّكُمْ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقَاتِ أَ وَ یَحُلُّ رَبُّكُمْ فِی شَیْ ءٍ حَتَّی یُحِیطَ بِهِ ذَلِكَ الشَّیْ ءُ فَأَیُّ فَرْقٍ بَیْنَهُ إِذاً وَ بَیْنَ سَائِرِ مَا یَحُلُّ فِیهِ مِنْ لَوْنِهِ وَ طَعْمِهِ وَ رَائِحَتِهِ وَ لِینِهِ وَ خُشُونَتِهِ وَ ثِقْلِهِ وَ خِفَّتِهِ وَ لِمَ صَارَ هَذَا الْمَحْلُولُ فِیهِ (1)مُحْدَثاً وَ ذَلِكَ قَدِیماً دُونَ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ مُحْدَثاً وَ هَذَا قَدِیماً وَ كَیْفَ یَحْتَاجُ إِلَی الْمَحَالِّ مَنْ لَمْ یَزَلْ قَبْلَ الْمَحَالِّ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا لَمْ یَزَلْ (2)وَ إِذَا وَصَفْتُمُوهُ بِصِفَةِ الْمُحْدَثَاتِ فِی الْحُلُولِ فَقَدْ لَزِمَكُمْ أَنْ تَصِفُوهُ بِالزَّوَالِ (3)أَمَّا مَا وَصَفْتُمُوهُ بِالزَّوَالِ وَ الْحُدُوثِ فَصِفُوهُ بِالْفَنَاءِ (4)لِأَنَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ مِنْ صِفَاتِ الْحَالِّ وَ الْمَحْلُولِ فِیهِ وَ جَمِیعُ ذَلِكَ یُغَیِّرُ الذَّاتَ فَإِنْ كَانَ لَمْ یَتَغَیَّرْ (5)ذَاتُ الْبَارِی عَزَّ وَ جَلَّ بِحُلُولِهِ فِی شَیْ ءٍ جَازَ أَنْ لَا یَتَغَیَّرَ (6)بِأَنْ یَتَحَرَّكَ وَ یَسْكُنَ وَ یَسْوَدَّ وَ یَبْیَضَّ وَ یَحْمَرَّ وَ

ص: 264


1- فی هامش المصدر: هذا الحال فیه محدثا خ ل.
2- فی المصدر: و هو عزّ و جلّ لا یزال كما لم یزل.
3- فی المصدر: بالزوال و الحدوث.
4- فی نسخة: و ما وصفتموه بالزوال و الحدوث وصفتموه بالفناء. و فی الاحتجاج مثل ذلك إلّا أن فیه: فصفوه بالفناء.
5- فی المصدر: فان جاز أن یتغیر.
6- فی المصدر: جاز ان یتغیر.

یَصْفَرَّ وَ تَحِلَّهُ الصِّفَاتُ الَّتِی تَتَعَاقَبُ عَلَی الْمَوْصُوفِ بِهَا حَتَّی یَكُونَ فِیهِ جَمِیعُ صِفَاتِ الْمُحْدَثِینَ وَ یَكُونَ مُحْدَثاً عَزَّ اللَّهُ تَعَالَی عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا بَطَلَ مَا ظَنَنْتُمُوهُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ یَحُلُّ فِی شَیْ ءٍ فَقَدْ فَسَدَ مَا بَنَیْتُمْ عَلَیْهِ قَوْلَكُمْ قَالَ فَسَكَتَ الْقَوْمُ وَ قَالُوا سَنَنْظُرُ فِی أُمُورِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْفَرِیقِ الثَّانِی فَقَالَ أَخْبِرُونَا عَنْكُمْ إِذَا عَبَدْتُمْ صُوَرَ مَنْ كَانَ یَعْبُدُ اللَّهَ فَسَجَدْتُمْ لَهُ وَ صَلَّیْتُمْ فَوَضَعْتُمُ الْوُجُوهَ الْكَرِیمَةَ عَلَی التُّرَابِ بِالسُّجُودِ لَهَا فَمَا الَّذِی أَبْقَیْتُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ یَلْزَمُ تَعْظِیمُهُ وَ عِبَادَتُهُ أَنْ لَا یُسَاوَی بِهِ عَبْدُهُ أَ رَأَیْتُمْ مَلِكاً أَوْ عَظِیماً إِذَا سَاوَیْتُمُوهُ بِعَبِیدِهِ فِی التَّعْظِیمِ وَ الْخُشُوعِ وَ الْخُضُوعِ أَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ وَضْعٌ مِنَ الْكَبِیرِ كَمَا یَكُونُ زِیَادَةً فِی تَعْظِیمِ الصَّغِیرِ فَقَالُوا نَعَمْ قَالَ أَ فَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مِنْ حَیْثُ تُعَظِّمُونَ اللَّهَ بِتَعْظِیمِ صُوَرِ عِبَادِهِ الْمُطِیعِینَ لَهُ تَزِرُونَ عَلَی رَبِّ الْعَالَمِینَ (1)قَالَ فَسَكَتَ الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ قَالُوا سَنَنْظُرُ فِی أُمُورِنَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْفَرِیقِ الثَّالِثِ لَقَدْ ضَرَبْتُمْ لَنَا مَثَلًا وَ شَبَّهْتُمُونَا بِأَنْفُسِكُمْ وَ لَا سَوَاءَ وَ ذَلِكَ لِأَنَّا عِبَادُ اللَّهِ (2)مَخْلُوقُونَ مَرْبُوبُونَ نَأْتَمِرُ لَهُ فِیمَا أَمَرَنَا وَ نَنْزَجِرُ عَمَّا زَجَرَنَا وَ نَعْبُدُهُ مِنْ حَیْثُ یُرِیدُهُ مِنَّا فَإِذَا أَمَرَنَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَطَعْنَاهُ وَ لَمْ نَتَعَدَّ إِلَی غَیْرِهِ مِمَّا لَمْ یَأْمُرْنَا وَ لَمْ یَأْذَنْ لَنَا لِأَنَّا لَا نَدْرِی لَعَلَّهُ أَرَادَ مِنَّا الْأَوَّلَ وَ هُوَ یَكْرَهُ الثَّانِیَ وَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَتَقَدَّمَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَمَّا أَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَی الْكَعْبَةِ أَطَعْنَا ثُمَّ أَمَرَنَا بِعِبَادَتِهِ بِالتَّوَجُّهِ نَحْوَهَا فِی سَائِرِ الْبُلْدَانِ الَّتِی نَكُونُ بِهَا فَأَطَعْنَا فَلَمْ نَخْرُجْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَیْثُ أَمَرَنَا بِالسُّجُودِ لآِدَمَ لَمْ یَأْمُرْ بِالسُّجُودِ لِصُورَتِهِ الَّتِی هِیَ غَیْرُهُ فَلَیْسَ لَكُمْ أَنْ تَقِیسُوا ذَلِكَ عَلَیْهِ لِأَنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّهُ یَكْرَهُ مَا تَفْعَلُونَ إِذْ لَمْ یَأْمُرْكُمْ بِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَذِنَ لَكُمْ رَجُلٌ فِی دُخُولِ دَارِهِ یَوْماً بِعَیْنِهِ أَ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِغَیْرِ أَمْرِهِ أَوْ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا دَاراً لَهُ أُخْرَی مِثْلَهَا بِغَیْرِ أَمْرِهِ أَوْ وَهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ ثَوْباً مِنْ ثِیَابِهِ أَوْ عَبْداً مِنْ

ص: 265


1- أی تعیبون علیه و تضعون من حقه.
2- فی نسخة و كذا فی الاحتجاج: و ذلك أنا عباد اللّٰه.

عَبِیدِهِ أَوْ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ أَ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَأْخُذُوهُ (1)أَخَذْتُمْ آخَرَ مِثْلَهُ قَالُوا لَا لِأَنَّهُ لَمْ یَأْذَنْ لَنَا فِی الثَّانِی كَمَا أَذِنَ لَنَا فِی الْأَوَّلِ قَالَ فَأَخْبِرُونِی اللَّهُ أَوْلَی بِأَنْ لَا یُتَقَدَّمَ عَلَی مِلْكِهِ بِغَیْرِ أَمْرِهِ أَوْ بَعْضُ الْمَمْلُوكِینَ قَالُوا بَلِ اللَّهُ أَوْلَی بِأَنْ لَا یُتَصَرَّفَ فِی مِلْكِهِ بِغَیْرِ إِذْنِهِ قَالَ فَلِمَ فَعَلْتُمْ وَ مَتَی أَمَرَكُمْ أَنْ تَسْجُدُوا لِهَذِهِ الصُّوَرِ قَالَ فَقَالَ الْقَوْمُ سَنَنْظُرُ فِی أُمُورِنَا وَ سَكَتُوا وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَوَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا أَتَتْ عَلَی جَمَاعَتِهِمْ إِلَّا ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ حَتَّی أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَسْلَمُوا وَ كَانُوا خَمْسَةً وَ عِشْرِینَ رَجُلًا مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ خَمْسَةٌ وَ قَالُوا مَا رَأَیْنَا مِثْلَ حُجَّتِكَ یَا مُحَمَّدُ نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ فَكَانَ فِی هَذِهِ الْآیَةِ رَدّاً عَلَی ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنْهُمْ لَمَّا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَكَانَ رَدّاً عَلَی الدَّهْرِیَّةِ الَّذِینَ قَالُوا الْأَشْیَاءُ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِیَ دَائِمَةٌ ثُمَّ قَالَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فَكَانَ رَدّاً عَلَی الثَّنَوِیَّةِ الَّذِینَ قَالُوا إِنَّ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَ فَكَانَ رَدّاً عَلَی مُشْرِكِی الْعَرَبِ الَّذِینَ قَالُوا إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَی آخِرِهَا فَكَانَ رَدّاً عَلَی مَنِ ادَّعَی مِنْ دُونِ اللَّهِ ضِدّاً أَوْ نِدّاً قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ قُولُوا إِیَّاكَ نَعْبُدُ أَیْ نَعْبُدُ وَاحِداً لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الدَّهْرِیَّةُ إِنَّ الْأَشْیَاءَ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِیَ دَائِمَةٌ وَ لَا كَمَا قَالَتِ الثَّنَوِیَّةُ الَّذِینَ قَالُوا إِنَّ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ وَ لَا كَمَا قَالَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ فَلَا نُشْرِكُ بِكَ شَیْئاً وَ لَا نَدَّعِی مِنْ دُونِكَ إِلَهاً (2)كَمَا یَقُولُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ وَ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی إِنَّ لَكَ وَلَداً تَعَالَیْتَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ قالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصاری وَ قَالَ غَیْرُهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ

ص: 266


1- فی الاحتجاج هنا زیادة و هی: قالوا نعم. قال: فان لم تأخذوه اه.
2- فی المصدر و الاحتجاج: و لا ندعو من دونك الها.

الْكُفَّارِ مَا قَالُوا قَالَ اللَّهُ یَا مُحَمَّدُ تِلْكَ أَمانِیُّهُمْ الَّتِی یَتَمَنَّوْنَهَا بِلَا حُجَّةٍ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ وَ حُجَّتَكُمْ عَلَی دَعْوَاكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ كَمَا أَتَی مُحَمَّدٌ بِبَرَاهِینِهِ الَّتِی سَمِعْتُمُوهَا ثُمَّ قَالَ بَلی مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ یَعْنِی كَمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ آمَنُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا سَمِعُوا بَرَاهِینَهُ وَ حُجَجَهُ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فِی عَمَلِهِ لِلَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ ثَوَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ یَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ حِینَ یَخَافُ الْكَافِرُونَ مَا یُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْعَذَابِ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِالْجِنَانِ تَأْتِیهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ (1)

ج، الإحتجاج بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ الصَّادِقِ علیه السلام الْجِدَالُ فِی الدِّینِ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام قَدْ نَهَوْا عَنْهُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ وَ قَالُوا مَا رَأَیْنَا مِثْلَ حُجَّتِكَ یَا مُحَمَّدُ نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ (2)

بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله من الخلة أو الخلة و الأولی بالفتح و هی بمعنی الفقر و الحاجة و الثانیة بالضم و هی بمعنی غایة الصداقة و المحبة اشتق من الخلال لأن المحبة تخللت قلبه فصارت خلاله أی فی باطنه و قد ذكر اللغویون أنه یحتمل كون الخلیل مشتقا من الخلة بالفتح أو الضم.

قوله صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ حَكَمْتُمْ بِحُدُوثِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَیْلٍ وَ نَهَارٍ تدرج علیه السلام فی الاحتجاج فنزلهم أولا عن مرتبة الإنكار إلی مدرجة الشك بهذا الكلام و حاصله أنكم كثیرا ما تحكمون بأشیاء لم تروها كحكمكم هذا بعدم اجتماع اللیل و النهار فیما سبق من الأزمان فلیس لكم أن تجعلوا عدم مشاهدتكم لشی ء حجة للجزم بإنكاره فلا تنكروا لله قدرة أی فلا تنكروا أن الأشیاء مقدورة لله تعالی و أن اللّٰه خالقها أو لا تنكروا قدرة اللّٰه علی إحداثها من كتم العدم و من غیر مادة ثم أخذ صلی اللّٰه علیه و آله فی إقامة البرهان علی حدوثها و هو یحتمل وجهین.

الأول أن یكون إلی آخر الكلام برهانا واحدا حاصله أنه لا یخلو من أن یكون اللیل و النهار أی الزمان غیر متناه من طرف الأزل منتهیا إلینا أو متناهیا من

ص: 267


1- تفسیر العسكری :218 _227
2- بل ذكره بتمامه، راجع الاحتجاج: 7- 13.

طرف الأزل أیضا فعلی الثانی فالأشیاء لحدوثها لا بد لها من صانع یتقدمها ضرورة فهذا معنی قوله فقد كان و لا شی ء منهما أی كان الصانع قبل وجود شی ء منهما ثم أخذ صلی اللّٰه علیه و آله فی إبطال الشق الأول بأنكم إنما حكمتم بقدمها لئلا تحتاج إلی صانع و العقل السلیم یحكم بأن القدیم الذی لا یحتاج إلی صانع لا بد أن یكون مباینا فی الصفات و الحالات للحادث الذی یحتاج إلی الصانع مع أن ما حكمتم بقدمه لم یتمیز عن الحادث فی شی ء من التغیرات و الصفات و الحالات أو المعنی أن ما یوجب الحكم فی الحادث بكونه محتاجا إلی الصانع من التركب و اعتوار الصفات المتضادة علیه و كونها فی معرض الانحلال و الزوال كلها موجودة فیما حكمتم بقدمه و عدم احتیاجه إلی الصانع فیجب أن یكون هذا أیضا حادثا مصنوعا. الثانی أن یكون قوله أَ تَقُولُونَ إلی قوله قَالَ لَهُمْ أَ قُلْتُمْ برهانا واحدا بأن یكون قوله فَقَدْ وَصَلَ إِلَیْكُمْ آخِرٌ بِلَا نِهَایَةَ لِأَوَّلِهِ إبطالا للشق الأول بالإحالة علی الدلائل التی أقیمت علی إبطال الأمور الغیر المتناهیة المترتبة بناء علی عدم اشتراط وجودها معا فی إجرائها كما زعمه أكثر المتكلمین و یكون بعد ذلك دلیلا واحدا كما مر سیاقه و یمكن أن یقرر ما قبله أیضا برهانا ثالثا علی إثبات الصانع بأن یكون المراد بقوله صلی اللّٰه علیه و آله حَكَمْتُمْ بِحُدُوثِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَیْلٍ وَ نَهَارٍ لبیان أن حكمهم بحدوث كل لیل و نهار یكفی لاحتیاجها إلی الصانع و لا ینفعكم قدم طبیعة الزمان فإن كل لیل و كل نهار لحدوثه بشخصه یكفی لإثبات ذلك.

قوله صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَیْفَ اخْتَلَطَ هَذَا النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ إشارة إلی ما ذكره المانویة من الثنویة و هو أن العالم مصنوع مركب من أصلین قدیمین أحدهما نور و الآخر ظلمة و أنهما أبدیان لم یزلا و لا یزالان ثم اختلفوا فی المزاج و سببه فقال بعضهم كان ذلك بالخبط و الاتفاق و قال بعضهم وجوها ركیكة أخری و قالوا جمیع أجزاء النور أبدا فی الصعود و الارتفاع و أجزاء الظلمة أبدا فی النزول و التسفل فرد النبی صلی اللّٰه علیه و آله علیهم بأنكم إذا اعترفتم بأن النور یقتضی بطبعه الصعود و الظلمة تقتضی بطبعها النزول و لا تعترفون بصانع یقسرهما علی الاجتماع و الامتزاج فمن أین جاء امتزاجهما و اختلاطهما

ص: 268

لیحصل هذا العالم و كیف یتأتی الخبط و الاتفاق مع كون الطبیعتین قاسرتین لهما علی الافتراق و تفصیل القول و بسط الكلام فی أمثال ذلك یوجب الخروج عن موضوع الكتاب و إنما نكتفی بإشارات مقنعة لأولی الألباب فی كل باب.

«2»- م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُنَاظِرُ الْیَهُودَ وَ الْمُشْرِكِینَ إِذَا عَاتَبُوهُ وَ یُحَاجُّهُمْ قَالَ بَلَی مِرَاراً كَثِیرَةً مِنْهَا مَا حَكَی اللَّهُ تَعَالَی مِنْ قَوْلِهِمْ وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ یَأْكُلُ الطَّعامَ وَ یَمْشِی فِی الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَیْهِ مَلَكٌ إِلَی قَوْلِهِ رَجُلًا مَسْحُوراً وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً إِلَی قَوْلِهِ كِتاباً نَقْرَؤُهُ ثُمَّ قِیلَ لَهُ فِی آخِرِ ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ نَبِیّاً كَمُوسَی لَنَزَّلْتَ عَلَیْنَا الصَّاعِقَةَ (1)فِی مَسْأَلَتِنَا إِلَیْكَ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَشَدُّ مِنْ مَسَائِلِ قَوْمِ مُوسَی لِمُوسَی قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قَاعِداً ذَاتَ یَوْمٍ بِمَكَّةَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ إِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَیْشٍ مِنْهُمُ الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیُّ وَ أَبُو الْبَخْتَرِیِّ بْنُ هِشَامٍ وَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیُّ وَ كَانَ مَعَهُمْ جَمْعٌ مِمَّنْ یَلِیهِمْ كَثِیرٌ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ یَقْرَأُ عَلَیْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ وَ یُؤَدِّی إِلَیْهِمْ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْیَهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَقَدِ اسْتَفْحَلَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ (2)وَ عَظُمَ خَطْبُهُ فَتَعَالَوْا نَبْدَأْ بِتَقْرِیعِهِ وَ تَبْكِیتِهِ (3)وَ تَوْبِیخِهِ وَ الِاحْتِجَاجِ عَلَیْهِ وَ إِبْطَالِ مَا جَاءَ بِهِ لِیَهُونَ خَطْبُهُ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ یَصْغَرَ قَدْرُهُ عِنْدَهُمْ فَلَعَلَّهُ أَنْ یَنْزِعَهُ عَمَّا هُوَ فِیهِ (4)مِنْ غَیِّهِ وَ بَاطِلِهِ وَ تَمَرُّدِهِ وَ طُغْیَانِهِ فَإِنِ انْتَهَی وَ إِلَّا عَامَلْنَاهُ بِالسَّیْفِ الْبَاتِرِ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَمَنِ الَّذِی یَلِی كَلَامَهُ وَ مُجَادَلَتَهُ (5)قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیُ

ص: 269


1- فی الاحتجاج: لو كنت نبیّا كموسی أنزلت علینا كسفا من السماء و نزلت علینا الصاعقة.
2- استفحل الامر: تفاقم أی عظم و لم یجر علی استواء.
3- التقریع و التبكیت: التعنیف.
4- فی الاحتجاج: فلعله ینزع عما هو فیه.
5- فی التفسیر: فمن الذی یلی مكالمته و مجادلته.

أَنَا إِلَی ذَلِكَ أَ فَمَا تَرْضَانِی لَهُ قِرْناً حَسِیباً وَ مُجَادِلًا كَفِیّاً قَالَ أَبُو جَهْلٍ بَلَی فَأَتَوْهُ بِأَجْمَعِهِمْ فَابْتَدَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیُّ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ لَقَدِ ادَّعَیْتَ دَعْوَی عَظِیمَةً وَ قُلْتَ مَقَالًا هَائِلًا زَعَمْتَ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ مَا یَنْبَغِی لِرَبِّ الْعَالَمِینَ وَ خَالِقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ أَنْ یَكُونَ مِثْلُكَ رَسُولَهُ بشرا (بَشَرٌ) مِثْلُنَا تَأْكُلُ كَمَا نَأْكُلُ (1)وَ تَمْشِی فِی الْأَسْوَاقِ كَمَا نَمْشِی فَهَذَا مَلِكُ الرُّومِ وَ هَذَا مَلِكُ الْفُرْسِ لَا یَبْعَثَانِ رَسُولًا إِلَّا كَثِیرَ مَالٍ عَظِیمَ حَالٍ (2)لَهُ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ فَسَاطِیطُ (3)وَ خِیَامٌ وَ عَبِیدٌ وَ خُدَّامٌ وَ رَبُّ الْعَالَمِینَ فَوْقَ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَ هُمْ عَبِیدُهُ وَ لَوْ كُنْتَ نَبِیّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ یُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ بَلْ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ إِلَیْنَا نَبِیّاً لَكَانَ إِنَّمَا یَبْعَثُ إِلَیْنَا مَلَكاً لَا بَشَراً مِثْلَنَا مَا أَنْتَ یَا مُحَمَّدُ إِلَّا مَسْحُوراً وَ لَسْتَ بِنَبِیٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ بَقِیَ مِنْ كَلَامِكَ شَیْ ءٌ قَالَ بَلَی لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ إِلَیْنَا رَسُولًا لَبَعَثَ أَجَلَّ مَنْ فِیمَا بَیْنَنَا مَالًا وَ أَحْسَنَهُ حَالًا فَهَلَّا نَزَلَ هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِی تَزْعَمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ عَلَیْكَ وَ انْبَعَثَكَ بِهِ رَسُولًا عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ إِمَّا الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بِمَكَّةَ وَ إِمَّا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیُّ بِالطَّائِفِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ بَقِیَ مِنْ كَلَامِكَ شَیْ ءٌ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ بَلَی لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً بِمَكَّةَ هَذِهِ فَإِنَّهَا ذَاتُ أَحْجَارٍ وَعِرَةٍ وَ جِبَالٍ تَكْسَحُ أَرْضَهَا وَ تَحْفِرُهَا وَ تُجْرِی فِیهَا الْعُیُونَ فَإِنَّنَا إِلَی ذَلِكَ مُحْتَاجُونَ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتَأْكُلُ مِنْهَا وَ تُطْعِمُنَا فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها خِلَالَ تِلْكَ النَّخِیلِ وَ الْأَعْنَابِ تَفْجِیراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً فَإِنَّكَ قُلْتَ لَنَا وَ إِنْ یَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً یَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فَلَعَلَّنَا نَقُولُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا تَأْتِی بِهِ وَ بِهِمْ وَ هُمْ لَنَا مُقَابِلُونَ أَوْ یَكُونَ لَكَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ تُعْطِینَا مِنْهُ وَ تُغْنِینَا بِهِ فَلَعَلَّنَا نَطْغَی فَإِنَّكَ قُلْتَ لَنَا كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی ثُمَّ قَالَ أَوْ تَرْقی

ص: 270


1- زاد فی الاحتجاج: و تشرب كما نشرب.
2- فی المصدرین: كثیر المال عظیم الحال.
3- فی التفسیر: و دور و بساتین و فساطیط.

فِی السَّماءِ أَیْ تَصْعَدَ فِی السَّمَاءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّكَ أَیْ لِصُعُودِكَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیِّ وَ مَنْ مَعَهُ بِأَنْ آمِنُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ رَسُولِی فَصَدِّقُوهُ فِی مَقَالِهِ فَإِنَّهُ مِنْ عِنْدِی ثُمَّ لَا أَدْرِی یَا مُحَمَّدُ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا كُلَّهُ أُؤْمِنُ بِكَ أَوْ لَا أُؤْمِنُ بِكَ بَلْ لَوْ رَفَعْتَنَا إِلَی السَّمَاءِ وَ فَتَحْتَ أَبْوَابَهَا وَ أَدْخَلْتَنَاهَا لَقُلْنَا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا أَوْ سَحَرْتَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ بَقِیَ شَیْ ءٌ مِنْ كَلَامِكَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَ وَ لَیْسَ فِیمَا أَوْرَدْتُهُ عَلَیْكَ كِفَایَةٌ وَ بَلَاغٌ مَا بَقِیَ شَیْ ءٌ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَ أَفْصِحْ عَنْ نَفْسِكَ إِنْ كَانَتْ لَكَ حُجَّةٌ وَ أْتِنَا بِمَا سَأَلْنَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّامِعُ لِكُلِّ صَوْتٍ وَ الْعَالِمُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ تَعْلَمُ مَا قَالَهُ عِبَادُكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ یَأْكُلُ الطَّعامَ وَ یَمْشِی فِی الْأَسْواقِ إِلَی قَوْلِهِ رَجُلًا مَسْحُوراً ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلًا ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ تَبارَكَ الَّذِی إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَیْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ یَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما یُوحی إِلَیْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ الْآیَةَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَبْدَ اللَّهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنِّی آكُلُ الطَّعَامَ كَمَا تَأْكُلُونَ وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لَا یَجُوزُ لِأَجْلِ هَذِهِ أَنْ أَكُونَ لِلَّهِ رَسُولًا فَإِنَّمَا الْأَمْرُ لِلَّهِ یَفْعَلُ ما یَشاءُ وَ یَحْكُمُ ما یُرِیدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ وَ لَیْسَ لَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَیْهِ بِلِمَ وَ كَیْفَ أَ لَا تَرَی أَنَّ اللَّهَ كَیْفَ أَفْقَرَ بَعْضاً وَ أَغْنَی بَعْضاً وَ أَعَزَّ بَعْضاً وَ أَذَلَّ بَعْضاً وَ أَصَحَّ بَعْضاً وَ أَسْقَمَ بَعْضاً وَ شَرَّفَ بَعْضاً وَ وَضَعَ بَعْضاً وَ كُلُّهُمْ مِمَّنْ یَأْكُلُ الطَّعَامَ ثُمَّ لَیْسَ لِلْفُقَرَاءِ أَنْ یَقُولُوا لِمَ أَفْقَرْتَنَا وَ أَغْنَیْتَهُمْ وَ لَا لِلْوُضَعَاءِ أَنْ یَقُولُوا لِمَ وَضَعْتَنَا وَ شَرَّفْتَهُمْ (وَ) لَا لِلزَّمْنَی وَ الضُّعَفَاءِ أَنْ یَقُولُوا لِمَ أَزْمَنْتَنَا وَ أَضْعَفْتَنَا وَ صَحَّحْتَهُمْ وَ لَا لِلْأَذِلَّاءِ أَنْ یَقُولُوا لِمَ أَذْلَلْتَنَا وَ أَعْزَزْتَهُمْ وَ لَا لِقِبَاحِ الصُّوَرِ أَنْ یَقُولُوا لِمَ أَقْبَحْتَنَا وَ جَمَّلْتَهُمْ بَلْ إِنْ قَالُوا ذَلِكَ كَانُوا عَلَی رَبِّهِمْ رَادِّینَ وَ لَهُ فِی أَحْكَامِهِ مُنَازِعِینَ وَ بِهِ كَافِرِینَ وَ لَكَانَ جَوَابُهُ لَهُمْ أَنَا

ص: 271

الْمَلِكُ الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُغْنِی الْمُفْقِرُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُصَحِّحُ الْمُسْقِمُ وَ أَنْتُمُ الْعَبِیدُ لَیْسَ لَكُمْ إِلَّا التَّسْلِیمُ لِی وَ الِانْقِیَادُ لِحُكْمِی فَإِنْ سَلَّمْتُمْ كُنْتُمْ عِبَاداً مُؤْمِنِینَ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ كُنْتُمْ بِی كَافِرِینَ وَ بِعُقُوبَاتِی مِنَ الْهَالِكِینَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ یَا مُحَمَّدُ قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَعْنِی آكُلُ الطَّعَامَ یُوحی إِلَیَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ یَعْنِی قُلْ لَهُمْ أَنَا فِی الْبَشَرِیَّةِ مِثْلُكُمْ وَ لَكِنْ رَبِّی خَصَّنِی بِالنُّبُوَّةِ دُونَكُمْ كَمَا یَخُصُّ بَعْضَ الْبَشَرِ بِالْغِنَی وَ الصِّحَّةِ وَ الْجَمَالِ دُونَ بَعْضٍ مِنَ الْبَشَرِ فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ یَخُصَّنِی أَیْضاً بِالنُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ هَذَا مَلِكُ الرُّومِ وَ مَلِكُ الْفُرْسِ لَا یَبْعَثَانِ رَسُولًا إِلَّا كَثِیرَ الْمَالِ عَظِیمَ الْحَالِ لَهُ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ فَسَاطِیطُ وَ خِیَامٌ وَ عَبِیدٌ وَ خُدَّامٌ وَ رَبُّ الْعَالَمِینَ فَوْقَ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ فَإِنَّهُمْ عَبِیدُهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ التَّدْبِیرُ وَ الْحُكْمُ لَا یَفْعَلُ عَلَی ظَنِّكَ وَ حُسْبَانِكَ وَ لَا بِاقْتِرَاحِكَ بَلْ یَفْعَلُ ما یَشاءُ وَ یَحْكُمُ ما یُرِیدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ لِیُعَلِّمَ النَّاسَ دِینَهُمْ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی رَبِّهِمْ وَ یَكِدَّ نَفْسَهُ فِی ذَلِكَ آنَاءَ لَیْلِهِ وَ نَهَارِهِ فَلَوْ كَانَ صَاحِبَ قُصُورٍ یَحْتَجِبُ فِیهَا وَ عَبِیدٍ وَ خَدَمٍ یَسْتُرُونَهُ عَنِ النَّاسِ أَ لَیْسَ كَانَتِ الرِّسَالَةُ تَضِیعُ وَ الْأُمُورُ تَتَبَاطَأُ أَ وَ مَا تَرَی الْمُلُوكَ إِذَا احْتَجَبُوا كَیْفَ یَجْرِی الْفَسَادُ وَ الْقَبَائِحُ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ بِهِ وَ لَا یَشْعُرُونَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَنِی اللَّهُ وَ لَا مَالَ لِی لِیُعَرِّفَكُمْ قُدْرَتَهُ وَ قُوَّتَهُ وَ أَنَّهُ هُوَ النَّاصِرُ لِرَسُولِهِ لَا تَقْدِرُونَ عَلَی قَتْلِهِ وَ لَا مَنْعِهِ مِنْ رِسَالَتِهِ فَهَذَا أَبْیَنُ فِی قُدْرَتِهِ وَ فِی عَجْزِكُمْ وَ سَوْفَ یُظْفِرُنِی اللَّهُ بِكُمْ فَأُوَسِّعُكُمْ قَتْلًا وَ أَسْراً ثُمَّ یُظْفِرُنِی اللَّهُ بِبِلَادِكُمْ وَ یَسْتَوْلِی عَلَیْهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ دُونِكُمْ وَ دُونَ مَنْ یُوَافِقُكُمْ عَلَی دِینِكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ وَ لَوْ كُنْتَ نَبِیّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ یُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ بَلْ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَبْعَثَ إِلَیْنَا نَبِیّاً لَكَانَ إِنَّمَا یَبْعَثُ لَنَا مَلَكاً لَا بَشَراً مِثْلَنَا فَالْمَلَكُ لَا تُشَاهِدُهُ حَواسُّكُمْ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْهَوَاءِ لَا عِیَانَ مِنْهُ وَ لَوْ شَاهَدْتُمُوهُ بِأَنْ یُزَادَ فِی قُوَی أَبْصَارِكُمْ لَقُلْتُمْ لَیْسَ هَذَا مَلَكاً بَلْ هَذَا بَشَرٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ یَظْهَرُ لَكُمْ بِصُورَةِ الْبَشَرِ الَّذِی قَدْ أَلِفْتُمُوهُ لِتَفْهَمُوا عَنْهُ مَقَالَتَهُ وَ تَعْرِفُوا خِطَابَهُ وَ مُرَادَهُ فَكَیْفَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ الْمَلَكِ وَ أَنَّ مَا یَقُولُهُ حَقٌّ بَلْ إِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً وَ أَظْهَرَ عَلَی

ص: 272

یَدِهِ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِی لَیْسَتْ فِی طَبَائِعِ الْبَشَرِ الَّذِینَ قَدْ عَلِمْتُمْ ضَمَائِرَ قُلُوبِهِمْ فَتَعْلَمُونَ بِعَجْزِكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَ أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنَ اللَّهِ بِالصِّدْقِ لَهُ وَ لَوْ ظَهَرَ لَكُمْ مَلَكٌ وَ ظَهَرَ عَلَی یَدِهِ مَا یَعْجِزُ عَنْهُ الْبَشَرُ لَمْ یَكُنْ فِی ذَلِكَ مَا یَدُلُّكُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَیْسَ فِی طَبَائِعِ سَائِرِ أَجْنَاسِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی یَصِیرَ ذَلِكَ مُعْجِزاً أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الطُّیُورَ الَّتِی تَطِیرُ لَیْسَ ذَلِكَ مِنْهَا بِمُعْجِزٍ لِأَنَّ لَهَا أَجْنَاساً یَقَعُ مِنْهَا مِثْلُ طَیَرَانِهَا وَ لَوْ أَنَّ آدَمِیّاً طَارَ كَطَیَرَانِهَا كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزاً فَاللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَهَّلَ عَلَیْكُمُ الْأَمْرَ وَ جَعَلَهُ بِحَیْثُ یَقُومُ عَلَیْكُمْ حُجَّتُهُ وَ أَنْتُمْ تَقْتَرِحُونَ عِلْمَ الصَّعْبِ (1)الَّذِی لَا حُجَّةَ فِیهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا أَنْتَ إِلَّا رَجُلٌ مَسْحُورٌ فَكَیْفَ أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّی فِی صِحَّةِ التَّمْیِیزِ وَ الْعَقْلِ فَوْقَكُمْ فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَیَّ مُنْذُ نَشَأْتُ إِلَی أَنِ اسْتَكْمَلْتُ أَرْبَعِینَ سَنَةً خِزْیَةً أَوْ ذِلَّةً أَوْ كَذِبَةً أَوْ جِنَایَةً (خَنَاءً) أَوْ خَطأً مِنَ الْقَوْلِ أَوْ سَفَهاً مِنَ الرَّأْیِ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ رَجُلًا یَعْتَصِمُ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِحَوْلِ نَفْسِهِ وَ قُوَّتِهَا أَوْ بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ وَ ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلًا إِلَی أَنْ یُثْبِتُوا عَلَیْكَ عَمًی بِحُجَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ دَعَاوِیهِمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِی یُبَیِّنُ عَلَیْكَ التَّحْصِیلُ بُطْلَانَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ بِمَكَّةَ أَوْ عُرْوَةَ بِالطَّائِفِ فَإِنَّ اللَّهَ لَیْسَ یَسْتَعْظِمُ مَالَ الدُّنْیَا كَمَا تَسْتَعْظِمُهُ أَنْتَ وَ لَا خَطَرَ لَهُ عِنْدَهُ كَمَا لَهُ عِنْدَكَ بَلْ لَوْ كَانَتِ الدُّنْیَا عِنْدَهُ تَعْدِلُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَی كَافِراً بِهِ مُخَالِفاً لَهُ شَرْبَةَ مَاءٍ وَ لَیْسَ قِسْمَةُ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَیْكَ بَلِ اللَّهُ هُوَ الْقَاسِمُ لِلرَّحْمَاتِ وَ الْفَاعِلُ لِمَا یَشَاءُ فِی عَبِیدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ لَیْسَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّنْ یَخَافُ أَحَداً كَمَا تَخَافُهُ أَنْتَ لِمَالِهِ وَ حَالِهِ فَعَرَفْتَهُ (فَتَعْرِفَهُ خ ل) بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لَا مِمَّنْ یَطْمَعُ فِی أَحَدٍ فِی مَالِهِ أَوْ حَالِهِ كَمَا تَطْمَعُ فَتَخُصَّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لَا مِمَّنْ یُحِبُّ أَحَداً مَحَبَّةَ الْهَوَی كَمَا تُحِبُّ فَیُقَدِّمَ مَنْ لَا یَسْتَحِقُّ التَّقْدِیمَ وَ إِنَّمَا مُعَامَلَتُهُ بِالْعَدْلِ فَلَا یُؤْثِرُ لِأَفْضَلِ مَرَاتِبِ الدِّینِ وَ خِلَالِهِ (2)إِلَّا الْأَفْضَلَ فِی طَاعَتِهِ وَ الْأَجَدَّ فِی خِدْمَتِهِ وَ كَذَا لَا یُؤَخِّرُ فِی مَرَاتِبِ

ص: 273


1- فی نسخة: عمل الصعب.
2- فی الاحتجاج: فلا یؤثر الا بالعدل لا فضل مراتب الدین و جلاله.

الدِّینِ وَ خِلَالِهِ (1)إِلَّا أَشَدَّهُمْ تَبَاطُؤاً عَنْ طَاعَتِهِ وَ إِذَا كَانَ هَذَا صِفَتُهُ لَمْ یَنْظُرْ إِلَی مَالٍ وَ لَا إِلَی حَالٍ بَلْ هَذَا الْمَالُ وَ الْحَالُ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ عَلَیْهِ ضَرِیبَةٌ لَازِمَةٌ (2)فَلَا یُقَالُ لَهُ إِذَا تَفَضَّلْتَ بِالْمَالِ عَلَی عَبْدٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَیْهِ بِالنُّبُوَّةِ أَیْضاً لِأَنَّهُ لَیْسَ لِأَحَدٍ إِكْرَاهُهُ عَلَی خِلَافِ مُرَادِهِ وَ لَا إِلْزَامُهُ تَفَضُّلًا لِأَنَّهُ تَفَضَّلَ قَبْلَهُ بِنِعْمَةٍ أَ لَا تَرَی یَا عَبْدَ اللَّهِ كَیْفَ أَغْنَی وَاحِداً وَ قَبَّحَ صُورَتَهُ وَ كَیْفَ حَسَّنَ صُورَةَ وَاحِدٍ وَ أَفْقَرَهُ وَ كَیْفَ شَرَّفَ وَاحِداً وَ أَفْقَرَهُ وَ كَیْفَ أَغْنَی وَاحِداً وَ وَضَعَهُ ثُمَّ لَیْسَ لِهَذَا الْغَنِیِّ أَنْ یَقُولَ هَلَّا أُضِیفَ إِلَی یَسَارِی جَمَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلْجَمِیلِ أَنْ یَقُولَ هَلَّا أُضِیفَ إِلَی جِمَالِی مَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلشَّرِیفِ أَنْ یَقُولَ هَلَّا أُضِیفَ إِلَی شَرَفِی مَالُ فُلَانٍ وَ لَا لِلْوَضِیعِ أَنْ یَقُولَ هَلَّا أُضِیفَ إِلَی ضِعَتِی شَرَفُ فُلَانٍ وَ لَكِنَّ الْحُكْمَ لِلَّهِ یَقْسِمُ كَیْفَ یَشَاءُ وَ یَفْعَلُ كَمَا یَشَاءُ وَ هُوَ حَكِیمٌ فِی أَفْعَالِهِ مَحْمُودٌ فِی أَعْمَالِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَ هُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ یَا مُحَمَّدُ نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا فَأَحْوَجَنَا بَعْضاً إِلَی بَعْضٍ أَحْوَجَ هَذَا إِلَی مَالِ ذَلِكَ وَ أَحْوَجَ ذَلِكَ إِلَی سِلْعَةِ هَذَا وَ إِلَی خِدْمَتِهِ (3)فَتَرَی أَجَلَّ الْمُلُوكِ وَ أَغْنَی الْأَغْنِیَاءِ مُحْتَاجاً إِلَی أَفْقَرِ الْفُقَرَاءِ فِی ضَرْبٍ مِنَ الضُّرُوبِ إِمَّا سِلْعَةٌ مَعَهُ لَیْسَتْ مَعَهُ وَ إِمَّا خِدْمَةٌ یَصْلُحُ لَهَا لَا یَتَهَیَّأُ لِذَلِكَ الْمَلِكِ أَنْ یَسْتَغْنِیَ إِلَّا بِهِ وَ إِمَّا بَابٌ مِنَ الْعُلُومِ وَ الْحِكَمِ هُوَ فَقِیرٌ إِلَی أَنْ یَسْتَفِیدَهَا مِنْ هَذَا الْفَقِیرِ الَّذِی یَحْتَاجُ (4)إِلَی مَالِ ذَلِكَ الْمَلِكِ الْغَنِیِّ وَ ذَلِكَ الْمَلِكُ یَحْتَاجُ إِلَی عِلْمِ هَذَا الْفَقِیرِ أَوْ رَأْیِهِ أَوْ مَعْرِفَتِهِ ثُمَّ لَیْسَ لِلْمَلِكِ أَنْ یَقُولَ هَلَّا اجْتَمَعَ إِلَی مَالِی عِلْمُ هَذَا الْفَقِیرِ وَ لَا لِلْفَقِیرِ أَنْ یَقُولَ هَلَّا اجْتَمَعَ إِلَی رَأْیِی وَ عِلْمِی وَ مَا أَتَصَرَّفُ فِیهِ مِنْ فُنُونِ الْحِكَمِ مَالُ هَذَا الْمَلِكِ الْغَنِیِ

ص: 274


1- فی المصدر: «جلاله» و كذا فیما تقدم.
2- فی الاحتجاج و نسخة من التفسیر: ضریبة لازب. قلت: الضریبة: الجزیة. اللازب: الثابت.
3- فی التفسیر: و هذا إلی خدمته.
4- فی المصدر هكذا: هو فقیر إلی أن یستفیدها من هذا الفقیر، فهذا الفقیر یحتاج اه.

ثُمَّ قَالَ وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ قُلْ لَهُمْ وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ أَیْ مَا یَجْمَعُهُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَمْوَالِ الدُّنْیَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً إِلَی آخِرِ مَا قُلْتَهُ فَإِنَّكَ اقْتَرَحْتَ عَلَی مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ أَشْیَاءَ مِنْهَا مَا لَوْ جَاءَكَ بِهِ لَمْ یَكُنْ بُرْهَاناً لِنُبُوَّتِهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ یَرْتَفِعُ (1)أَنْ یَغْتَنِمَ جَهْلَ الْجَاهِلِینَ وَ یَحْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِمَا لَا حُجَّةَ فِیهِ وَ مِنْهَا مَا لَوْ جَاءَكَ بِهِ كَانَ مَعَهُ هَلَاكُكَ وَ إِنَّمَا یُؤْتَی بِالْحُجَجِ وَ الْبَرَاهِینِ لِیُلْزِمَ عِبَادَ اللَّهِ الْإِیمَانَ بِهَا لَا لِیَهْلِكُوا بِهَا فَإِنَّمَا اقْتَرَحْتَ هَلَاكَكَ وَ رَبُّ الْعَالَمِینَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ وَ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِهِمْ مِنْ أَنْ یُهْلِكَهُمْ بِمَا یَقْتَرِحُونَ وَ مِنْهَا الْمُحَالُ الَّذِی لَا یَصِحُّ وَ لَا یَجُوزُ كَوْنُهُ وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ یُعَرِّفُكَ ذَلِكَ وَ یَقْطَعُ مَعَاذِیرَكَ وَ یَضِیقُ عَلَیْكَ سَبِیلُ مُخَالَفَتِهِ وَ یُلْجِئُكَ بِحُجَجِ اللَّهِ إِلَی تَصْدِیقِهِ حَتَّی لَا یَكُونَ لَكَ عِنْدَ ذَلِكَ مَحِیدٌ وَ لَا مَحِیصٌ (2)وَ مِنْهَا مَا قَدِ اعْتَرَفْتَ عَلَی نَفْسِكَ أَنَّكَ فِیهِ مُعَانِدٌ مُتَمَرِّدٌ لَا تَقْبَلُ حُجَّةً وَ لَا تُصْغِی إِلَی بُرْهَانٍ وَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَدَوَاؤُهُ عَذَابُ اللَّهِ (3)النَّازِلُ مِنْ سَمَائِهِ أَوْ فِی جَحِیمِهِ أَوْ بِسُیُوفِ أَوْلِیَائِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً بِمَكَّةَ هَذِهِ فَإِنَّهَا ذَاتُ حِجَارَةٍ وَ صُخُورٍ وَ جِبَالٍ تَكْسَحُ أَرْضَهَا وَ تَحْفِرُهَا وَ تُجْرِی فِیهَا الْعُیُونَ فَإِنَّنَا إِلَی ذَلِكَ مُحْتَاجُونَ فَإِنَّكَ سَأَلْتَ هَذَا وَ أَنْتَ جَاهِلٌ بِدَلَائِلِ اللَّهِ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ لَوْ فَعَلْتَ هَذَا كُنْتَ مِنْ أَجْلِ هَذَا نَبِیّاً قَالَ لَا قَالَ أَ رَأَیْتَ الطَّائِفَ الَّتِی لَكَ فِیهَا بَسَاتِینُ أَ مَا كَانَ هُنَاكَ مَوَاضِعُ فَاسِدَةٌ صَعْبَةٌ أَصْلَحْتَهَا وَ ذَلَّلْتَهَا وَ كَسَحْتَهَا وَ أَجْرَیْتَ فِیهَا عُیُوناً اسْتَنْبَطْتَهَا قَالَ بَلَی قَالَ وَ هَلْ لَكَ فِیهَا فِی هَذَا نُظَرَاءُ قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَصِرْتَ بِذَلِكَ أَنْتَ وَ هُمْ أَنْبِیَاءُ قَالَ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ لَا یَصِیرُ هَذَا حُجَّةً لِمُحَمَّدٍ

ص: 275


1- فی التفسیر: و رسول اللّٰه یرتفع شأنه عن أن یغتنم اه.
2- فی المصدر: حتی لا یكون عنه محید و لا محیص.
3- فی نسخة: فجزاؤه عذاب اللّٰه.

لَوْ فَعَلَهُ عَلَی نُبُوَّتِهِ فَمَا هُوَ إِلَّا كَقَوْلِكَ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَقُومَ وَ تَمْشِیَ عَلَی الْأَرْضِ أَوْ حَتَّی تَأْكُلَ الطَّعَامَ كَمَا یَأْكُلُ النَّاسُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتَأْكُلَ مِنْهَا وَ تُطْعِمَنَا وَ تُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِیراً أَ وَ لَیْسَ لِأَصْحَابِكَ وَ لَكَ جَنَّاتٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ بِالطَّائِفِ تَأْكُلُونَ وَ تُطْعِمُونَ مِنْهَا وَ تُفَجِّرُونَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِیراً أَ فَصِرْتُمْ أَنْبِیَاءَ بِهَذَا قَالَ لَا قَالَ فَمَا بَالُ اقْتِرَاحِكُمْ (1)عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْیَاءَ لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقْتَرِحُونَ لَمَا دَلَّتْ عَلَی صِدْقِهِ بَلْ لَوْ تَعَاطَاهَا لَدَلَّ تَعَاطِیهَا عَلَی كَذِبِهِ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ یَحْتَجُّ بِمَا لَا حُجَّةَ فِیهِ وَ یَخْتَدِعُ الضُّعَفَاءَ عَنْ عُقُولِهِمْ وَ أَدْیَانِهِمْ وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ یَجِلُّ وَ یَرْتَفِعُ عَنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ إِنْ یَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً یَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فَإِنَّ فِی سُقُوطِ السَّمَاءِ عَلَیْكُمْ هَلَاكَكُمْ وَ مَوْتَكُمْ فَإِنَّمَا تُرِیدُ بِهَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُهْلِكَكَ وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَرْحَمُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ لَا یُهْلِكُكَ وَ لَكِنَّهُ یُقِیمُ عَلَیْكَ حُجَجَ اللَّهِ وَ لَیْسَ حُجَجُ اللَّهِ لِنَبِیِّهِ عَلَی حَسَبِ اقْتِرَاحِ عِبَادِهِ لِأَنَّ الْعِبَادَ جُهَّالٌ بِمَا یَجُوزُ مِنَ الصَّلَاحِ وَ بِمَا لَا یَجُوزُ مِنَ (مِنْهُ خ ل) الْفَسَادِ وَ قَدْ یَخْتَلِفُ اقْتِرَاحُهُمْ وَ یَتَضَادُّ حَتَّی یَسْتَحِیلَ وُقُوعُهُ وَ اللَّهُ لَا یُجْرِی تَدْبِیرَهُ عَلَی مَا یَلْزَمُ بِهِ الْمُحَالُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَلْ رَأَیْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ طَبِیباً كَانَ دَوَاؤُهُ لِلْمَرْضَی عَلَی حَسَبِ اقْتِرَاحَاتِهِمْ وَ إِنَّمَا یَفْعَلُ بِهِ مَا یَعْلَمُ صَلَاحَهُ فِیهِ أَحَبَّهُ الْعَلِیلُ أَوْ كَرِهَهُ فَأَنْتُمُ الْمَرْضَی وَ اللَّهُ طَبِیبُكُمْ فَإِنْ أَنْفَذْتُمْ لِدَوَائِهِ شَفَاكُمْ وَ إِنْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَیْهِ أَسْقَمَكُمْ (2)وَ بَعْدُ فَمَتَی رَأَیْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مُدَّعِی حَقٍّ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَیْهِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِهِمْ فِیمَا مَضَی بَیِّنَةً عَلَی دَعْوَاهُ عَلَی حَسَبِ اقْتِرَاحِ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ إِذاً مَا كَانَ یَثْبُتُ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ دَعْوَی وَ لَا حَقٌّ وَ لَا كَانَ بَیْنَ ظَالِمٍ وَ مَظْلُومٍ وَ لَا بَیْنَ صَادِقٍ وَ كَاذِبٍ فَرْقٌ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا یُقَابِلُونَنَا وَ نُعَایِنُهُمْ

ص: 276


1- اقترح علیه كذا أو بكذا: تحكم و سأله إیّاه بالعنف و من غیر رویة.
2- فی التفسیر و نسخة من الكتاب: و ان تمردتم اشقاكم.

فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُحَالِ الَّذِی لَا خَفَاءَ بِهِ لِأَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَ كَالْمَخْلُوقِینَ یَجِی ءُ وَ یَذْهَبُ وَ یَتَحَرَّكُ وَ یُقَابِلُ شَیْئاً حَتَّی یُؤْتَی بِهِ فَقَدْ سَأَلْتُمُوهُ بِهَذَا الْمُحَالِ وَ إِنَّمَا هَذَا الَّذِی دَعَوْتَ إِلَیْهِ صِفَةُ أَصْنَامِكُمْ الضَّعِیفَةِ الْمَنْقُوصَةِ الَّتِی لَا تَسْمَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَعْلَمُ وَ لَا تُغْنِی عَنْكُمْ شَیْئاً وَ لَا عَنْ أَحَدٍ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ لَكَ ضِیَاعٌ وَ جَنَّاتٌ بِالطَّائِفِ وَ عِقَارٌ بِمَكَّةَ وَ قُوَّامٌ عَلَیْهَا قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَتُشَاهِدُ جَمِیعَ أَحْوَالِهَا بِنَفْسِكَ أَوْ بِسُفَرَاءَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ مُعَامِلِیكَ قَالَ بِسُفَرَاءَ قَالَ أَ رَأَیْتَ لَوْ قَالَ مُعَامِلُوكَ وَ أَكَرَتُكَ وَ خَدَمُكَ لِسُفَرَائِكَ لَا نُصَدِّقُكُمْ فِی هَذِهِ السِّفَارَةِ إِلَّا أَنْ تَأْتُونَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ لِنُشَاهِدَهُ فَنَسْمَعَ مَا تَقُولُونَ عَنْهُ شِفَاهاً كُنْتَ تُسَوِّغُهُمْ هَذَا أَ وَ كَانَ یَجُوزُ لَهُمْ عِنْدَكَ ذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ فَمَا الَّذِی یَجِبُ عَلَی سُفَرَائِكَ أَ لَیْسَ أَنْ یَأْتُوهُمْ عَنْكَ بِعَلَامَةٍ صَحِیحَةٍ تَدُلُّهُمْ عَلَی صِدْقِهِمْ یَجِبُ عَلَیْهِمْ أَنْ یُصَدِّقُوهُمْ قَالَ بَلَی قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ سَفِیرَكَ لَوْ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُمْ هَذَا عَادَ إِلَیْكَ وَ قَالَ قُمْ مَعِی فَإِنَّهُمْ قَدِ اقْتَرَحُوا عَلَیَّ مَجِیئَكَ مَعِی أَ لَیْسَ یَكُونُ لَكَ مُخَالِفاً وَ تَقُولُ لَهُ إِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ لَا مُشِیرٌ وَ آمِرٌ قَالَ بَلَی قَالَ فَكَیْفَ صِرْتَ تَقْتَرِحُ عَلَی رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ مَا لَا تُسَوِّغُ عَلَی أَكَرَتِكَ وَ مُعَامِلِیكَ أَنْ یَقْتَرِحُوهُ عَلَی رَسُولِكَ إِلَیْهِمْ وَ كَیْفَ أَرَدْتَ مِنْ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَنْ یَسْتَذِمَّ عَلَی رَبِّهِ (1)بِأَنْ یَأْمُرَ عَلَیْهِ وَ یَنْهَی وَ أَنْتَ لَا تُسَوِّغُ مِثْلَ هَذَا عَلَی رَسُولِكَ إِلَی أَكَرَتِكَ وَ قُوَّامِكَ هَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لِإِبْطَالِ جَمِیعِ مَا ذَكَرْتَهُ فِی كُلِّ مَا اقْتَرَحْتَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَوْ یَكُونَ لَكَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ وَ هُوَ الذَّهَبُ أَ مَا بَلَغَكَ أَنَّ لِعَظِیمِ مِصْرَ (2)بُیُوتاً مِنْ زُخْرُفٍ قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَصَارَ بِذَلِكَ نَبِیّاً قَالَ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ لَا تُوجِبُ لِمُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتْ لَهُ نُبُوَّةٌ (3)وَ مُحَمَّدٌ لَا یَغْتَنِمُ جَهْلَكَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ ثُمَّ قُلْتَ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ الصُّعُودُ إِلَی السَّمَاءِ أَصْعَبُ مِنَ النُّزُولِ عَنْهَا وَ إِذَا

ص: 277


1- فی التفسیر: أن یستقدم یتقدم خ ل إلی ربّه.
2- فی التفسیر: لعزیز لعظیم خ ل مصر.
3- فی الاحتجاج: فكذلك لا یوجب لمحمّد نبوة لو كان له بیوت.

اعْتَرَفْتَ عَلَی نَفْسِكَ أَنَّكَ لَا تُؤْمِنُ إِذَا صَعِدْتَ فَكَذَلِكَ حُكْمُ النُّزُولِ ثُمَّ قُلْتَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَا أَدْرِی أُومِنُ بِكَ أَوْ لَا أُومِنُ بِكَ فَأَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مُقِرٌّ بِأَنَّكَ تُعَانِدُ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَیْكَ فَلَا دَوَاءَ لَكَ إِلَّا تَأْدِیبُهُ عَلَی یَدِ أَوْلِیَائِهِ الْبَشَرِ (1)أَوْ مَلَائِكَتِهِ الزَّبَانِیَةِ وَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیَّ حِكْمَةً جَامِعَةً (2)لِبُطْلَانِ كُلِّ مَا اقْتَرَحْتَهُ فَقَالَ تَعَالَی قُلْ یَا مُحَمَّدُ سُبْحانَ رَبِّی هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا مَا أَبْعَدَ رَبِّی عَنْ أَنْ یَفْعَلَ الْأَشْیَاءَ عَلَی مَا تَقْتَرِحُهُ الْجُهَّالُ بِمَا یَجُوزُ وَ بِمَا لَا یَجُوزُ وَ هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا لَا یَلْزَمُنِی إِلَّا إِقَامَةُ حُجَّةِ اللَّهِ الَّتِی أَعْطَانِی وَ لَیْسَ لِی أَنْ آمُرَ عَلَی رَبِّی وَ لَا أَنْهَی وَ لَا أُشِیرَ فَأَكُونَ كَالرَّسُولِ الَّذِی بَعَثَهُ مَلِكٌ إِلَی قَوْمٍ مِنْ مُخَالِفِیهِ فَرَجَعَ إِلَیْهِ یَأْمُرُهُ أَنْ یَفْعَلَ بِهِمْ مَا اقْتَرَحُوهُ عَلَیْهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ یَا مُحَمَّدُ هَاهُنَا وَاحِدَةٌ أَ لَسْتَ زَعَمْتَ أَنَّ قَوْمَ مُوسَی احْتَرَقُوا بِالصَّاعِقَةِ لَمَّا سَأَلُوهُ أَنْ یُرِیَهُمُ اللَّهُ جَهْرَةً قَالَ بَلَی قَالَ فَلَوْ كُنْتَ نَبِیّاً لَاحْتَرَقْنَا نَحْنُ أَیْضاً فَقَدْ سَأَلْنَا أَشَدَّ مِمَّا سَأَلَ قَوْمُ مُوسَی لِأَنَّهُمْ زَعَمْتَ أَنَّهُمْ قَالُوا (3)أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً وَ نَحْنُ نَقُولُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِیلًا نُعَایِنُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا جَهْلٍ أَ مَا عَلِمْتَ قِصَّةَ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ علیه السلام لَمَّا رُفِعَ فِی الْمَلَكُوتِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّی وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ قَوَّی اللَّهُ بَصَرَهُ لَمَّا رَفَعَهُ دُونَ السَّمَاءِ حَتَّی أَبْصَرَ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا ظَاهِرِینَ وَ مُسْتَتِرِینَ فَرَأَی رَجُلًا وَ امْرَأَةً عَلَی فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَی آخَرَیْنِ فَدَعَا عَلَیْهِمَا بِالْهَلَاكِ فَهَلَكَا (4)ثُمَّ رَأَی آخَرَیْنِ فَهَمَّ بِالدُّعَاءِ عَلَیْهِمَا فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَا إِبْرَاهِیمُ اكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِی وَ إِمَائِی فَإِنِّی أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِیمُ الْجَبَّارُ (5)الْحَلِیمُ لَا تَضُرُّنِی ذُنُوبُ عِبَادِی وَ إِمَائِی كَمَا لَا تَنْفَعُنِی طَاعَتُهُمْ وَ لَسْتُ

ص: 278


1- فی التفسیر: اولیاءه من البشر.
2- فی التفسیر: حكمة كلمة خ ل جامعة و فی الاحتجاج: حكمة بالغة جامعة.
3- كذا فی النسخ.
4- فی المصدر أضاف ایضا: ثم رأی آخرین فدعا علیهما بالهلاك فهلكا.
5- فی التفسیر: «الحنان» بدل «جبار».

أَسُوسُهُمْ بِشِفَاءِ الْغَیْظِ (1)كَسِیَاسَتِكَ فَاكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِی (2)فَإِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ نَذِیرٌ لَا شَرِیكٌ فِی الْمَمْلَكَةِ وَ لَا مُهَیْمِنٌ عَلَیَّ (3)وَ عِبَادِی مَعِی بَیْنَ خِلَالٍ (4)ثَلَاثٍ إِمَّا تَابُوا إِلَیَّ فَتُبْتُ عَلَیْهِمْ وَ غَفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ وَ سَتَرْتُ عُیُوبَهُمْ وَ إِمَّا كَفَفْتُ عَنْهُمْ عَذَابِی لِعِلْمِی بِأَنَّهُ سَیَخْرُجُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ ذُرِّیَّاتٌ مُؤْمِنُونَ فَأَرْفُقُ بِالْآبَاءِ الْكَافِرِینَ وَ أَتَأَنَّی بِالْأُمَّهَاتِ الْكَافِرَاتِ وَ أَرْفَعُ عَنْهُمْ عَذَابِی لِیَخْرُجَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ فَإِذَا تَزَایَلُوا حَقَّ بِهِمْ (5)عَذَابِی وَ حَاقَ بِهِمْ بَلَائِی وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هَذَا وَ لَا هَذَا فَإِنَّ الَّذِی أَعْدَدْتُهُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِی أَعْظَمُ مِمَّا تُرِیدُهُ بِهِمْ فَإِنَّ عَذَابِی لِعِبَادِی عَلَی حَسَبِ جَلَالِی وَ كِبْرِیَائِی یَا إِبْرَاهِیمُ فَخَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَ عِبَادِی فَإِنِّی أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْكَ وَ خَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَ عِبَادِی فَإِنِّی أَنَا الْجَبَّارُ الْحَلِیمُ الْعَلَّامُ الْحَكِیمُ أُدَبِّرُهُمْ بِعِلْمِی وَ أُنَفِّذُ فِیهِمْ قَضَائِی وَ قَدَرِی ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ یَا أَبَا جَهْلٍ إِنَّمَا دَفَعَ عَنْكَ الْعَذَابَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَیُخْرِجُ مِنْ صُلْبِكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً عِكْرِمَةَ ابْنَكَ وَ سَیَلِی مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِینَ مَا إِنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِیهِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ جَلِیلًا وَ إِلَّا فَالْعَذَابُ نَازِلٌ عَلَیْكَ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ قُرَیْشٍ السَّائِلِینَ لَمَّا سَأَلُوا مِنْ هَذَا إِنَّمَا أُمْهِلُوا لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَیُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ وَ یَنَالُ بِهِ السَّعَادَةَ فَهُوَ لَا یَقْتَطِعُهُ عَنْ تِلْكَ السَّعَادَةِ وَ لَا یَبْخَلُ بِهَا عَلَیْهِ أَوْ مَنْ یُولَدُ مِنْهُ مُؤْمِنٌ فَهُوَ یُنْظِرُ أَبَاهُ (6)لِإِیصَالِ ابْنِهِ إِلَی السَّعَادَةِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَنَزَلَ الْعَذَابُ بِكَافَّتِكُمْ فَانْظُرْ نَحْوَ السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَی أَكْنَافِهَا وَ إِذَا أَبْوَابُهَا مُفَتَّحَةٌ وَ إِذَا النِّیرَانُ نَازِلَةٌ مِنْهَا مُسَامِتَةٌ (7)لِرُءُوسِ الْقَوْمِ تَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّی وَجَدُوا حَرَّهَا بَیْنَ أَكْتَافِهِمْ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ أَبِی جَهْلٍ وَ الْجَمَاعَةِ

ص: 279


1- أی ادبرهم و اتولی امرهم بما یشفی غیظی.
2- فی المصدر: عن عبادی و إمائی.
3- أی و لا الرقیب علی و علی عبادی و لا القائم علی عبادی بأعمالهم و ارزاقهم و آجالهم.
4- الخلال: الخصال.
5- فی المصدر: حل بهم عذابی. قلت: تزایلوا أی تفرقوا و خرجوا من أصلابهم. حاق بهم. أحاط بهم.
6- أی یمهله.
7- أی مقابلة و موازاة لرءوسهم.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا تَرُوعَنَّكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُهْلِكُكُمْ بِهَا وَ إِنَّمَا أَظْهَرَهَا عِبْرَةً لَكُمْ ثُمَّ نَظَرُوا وَ إِذَا قَدْ خَرَجَ مِنْ ظُهُورِ الْجَمَاعَةِ أَنْوَارٌ قَابَلَتْهَا وَ رَفَعَتْهَا وَ دَفَعَتْهَا حَتَّی أَعَادَتْهَا فِی السَّمَاءِ كَمَا جَاءَتْ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْضُ هَذِهِ الْأَنْوَارِ أَنْوَارُ مَنْ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَیُسْعِدُهُ بِالْإِیمَانِ بِی مِنْكُمْ مِنْ بَعْدُ وَ بَعْضُهَا أَنْوَارُ ذُرِّیَّةٍ طَیِّبَةٍ سَتَخْرُجُ عَنْ بَعْضِكُمْ مِمَّنْ لَا یُؤْمِنُ وَ هُمْ یُؤْمِنُونَ (1).

توضیح: استفحل الأمر تفاقم و عظم قوله تكسح أرضها أی تكنسها عن تلك الأحجار قوله فلعلنا نقول ذلك لعل الأظهر فلعلنا لا نقول ذلك (2)و یحتمل أن یكون المعنی افعل ذلك لعلنا نقول ذلك فیكون مصدقا لقولك و حجة لك علینا و كذا الكلام فی قوله فلعلنا نطغی و الضریبة ما یؤدی العبد إلی سیده من الخراج المقدر علیه و یقال استذم الرجل إلی الناس أی أتی بما یذم علیه.

«3»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی شَیْخٍ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَكِیمِیُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو سَعِیدٍ الْبَصْرِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِیرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَشَّارٍ الْمَدَنِیُّ (3)قَالَ حَدَّثَنِی سَعِیدُ بْنُ مِینَا عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ نَفَراً مِنْ قُرَیْشٍ اعْتَرَضُوا الرَّسُولَ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَ الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ وَ الْعَاصُ بْنُ سَعِیدٍ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ وَ تَعْبُدُ مَا نَعْبُدُ (4)فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَ أَنْتَ فِی الْأَمْرِ فَإِنْ یَكُنِ الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ الْحَقَّ فَقَدْ أَخَذْتَ بِحَظِّكَ مِنْهُ وَ إِنْ یَكُنِ الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ الْحَقَّ فَقَدْ أَخَذْنَا بِحَظِّنَا مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قُلْ یا أَیُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ

ص: 280


1- تفسیر العسكریّ: 203- 212. الاحتجاج: 13- 18.
2- بل الأظهر الأول لانه طلب بذلك العذاب.
3- هكذا فی النسخ و الصحیح كما فی المصدر و أمالی المفید: محمّد بن إسحاق بن یسار المدنیّ و هو أبو بكر المدنیّ امام المغازی نزیل العراق المترجم فی رجال الشیخ و رجال العامّة، المتوفی سنة 150 و یقال بعدها. و الحدیث یوجد أیضا فی أمالی المفید: 145.
4- فی المصدر: هلم فلتعبد ما نعبد فنعبد ما تعبد. و فی أمالی المفید مثل ما فی المتن.

ثُمَّ مَشَی أُبَیُّ بْنُ خَلَفٍ بِعَظْمٍ رَمِیمٍ فَفَتَّهُ (1)فِی یَدِهِ ثُمَّ نَفَخَهُ وَ قَالَ أَ تَزْعَمُ أَنَّ رَبَّكَ یُحْیِی هَذَا بَعْدَ مَا تَرَی فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِیَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ (2).

«4»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ أَعْرَابِیّاً أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْیَاءَ فَلَا تَغْضَبْ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَإِنْ كَانَ عِنْدِی أَجَبْتُكَ وَ إِلَّا سَأَلْتُ جَبْرَئِیلَ فَقَالَ أَخْبِرْنَا عَنِ الصُّلَیْعَاءِ وَ عَنِ الْقُرَیْعَاءِ وَ عَنْ أَوَّلِ دَمٍ وَقَعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ عَنْ خَیْرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَ عَنْ شَرِّهَا فَقَالَ یَا أَعْرَابِیُّ هَذَا مَا سَمِعْتُ بِهِ وَ لَكِنْ یَأْتِینِی جَبْرَئِیلُ فَأَسْأَلُهُ فَهَبَطَ فَقَالَ هَذِهِ أَسْمَاءٌ مَا سَمِعْتُ بِهَا قَطُّ فَعَرَجَ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ فَقَالَ أَخْبِرِ الْأَعْرَابِیَّ أَنَّ الصُّلَیْعَاءَ هِیَ الْمِسْبَاخُ الَّتِی یَزْرَعُهَا أَهْلُهَا فَلَا تُنْبِتُ شَیْئاً وَ أَمَّا الْقُرَیْعَاءُ فَالْأَرْضُ الَّتِی یَزْرَعُهَا أَهْلُهَا فَتُنْبِتُ هَاهُنَا طَاقَةً وَ هَاهُنَا طَاقَةً فَلَا یَرْجِعُ إِلَی أَهْلِهَا نَفَقَاتُهُمْ وَ خَیْرُ بِقَاعِ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ وَ شَرُّهَا الْأَسْوَاقُ وَ هِیَ مَیَادِینُ إِبْلِیسَ إِلَیْهَا یَغْدُو وَ إِنَّ أَوَّلَ دَمٍ وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ مَشِیمَةُ حَوَّاءَ حِینَ وَلَدَتْ قَابِیلَ بْنَ آدَمَ.

بیان:

قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام إِنَّ أَعْرَابِیّاً سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الصُّلَیْعَاءِ وَ الْقُرَیْعَاءِ.

الصلیعاء تصغیر الصلعاء الأرض التی لا تنبت و القریعاء أرض لعنها اللّٰه إذا أنبتت أو زرع فیها نبت فی حافیتها (حافتیها) و لم ینبت فی متنها شی ء.

«5»- م، تفسیر الإمام علیه السلام هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَهُمُ اللَّهُ فِی ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِیَ الْأَمْرُ وَ إِلَی اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ قَالَ الْإِمَامُ لَمَّا بَهَرَهُمْ (3)رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِآیَاتِهِ وَ قَدْ رَدَّ مَعَاذِیرَهُمْ بِمُعْجِزَاتِهِ (4)أَبَی بَعْضُهُمُ الْإِیمَانَ وَ اقْتَرَحَ عَلَیْهِ الِاقْتِرَاحَاتِ الْبَاطِلَةَ وَ هِیَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ

ص: 281


1- فت الشی: كسره بالاصابع كسرا صغیرا.
2- أمالی ابن الشیخ: 12.
3- أی غلبهم.
4- فی المصدر: و قطع معاذیرهم بمعجزاته.

لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِیراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَیْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ ِ قَبِیلًا أَوْ سَائِرُ مَا ذُكِرَ فِی الْآیَةِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُحَمَّدُ هَلْ یَنْظُرُونَ أَیْ هَلْ یَنْظُرُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بَعْدَ إِیضَاحِنَا لَهُمُ الْآیَاتِ وَ قَطْعِنَا مَعَاذِیرَهُمْ بِالْمُعْجِزَاتِ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَهُمُ اللَّهُ فِی ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ یَأْتِیَهُمُ الْمَلَائِكَةُ كَمَا كَانُوا اقْتَرَحُوا (1)عَلَیْكَ اقْتِرَاحَهُمُ الْمُحَالَ فِی الدُّنْیَا فِی إِتْیَانِ اللَّهِ الَّذِی لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ وَ إِتْیَانِ الْمَلَائِكَةِ (2)الَّذِینَ لَا یَأْتُونَ إِلَّا مَعَ زَوَالِ هَذَا التَّعَبُّدِ وَ حِینَ وُقُوعِ هَلَاكِ الظَّالِمِینَ بِظُلْمِهِمْ وَ هَذَا وَقْتُ التَّعَبُّدِ (3)لَا وَقْتُ مَجِی ءِ الْأَمْلَاكِ بِالْهَلَاكِ فَهُمْ فِی اقْتِرَاحِهِمْ لِمَجِی ءِ الْأَمْلَاكِ جَاهِلُونَ وَ قُضِیَ الْأَمْرُ أَیْ هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا مَجِی ءَ الْمَلَائِكَةِ فَإِذَا جَاءُوا وَ كَانَ ذَلِكَ قُضِیَ الْأَمْرُ بِهَلَاكِهِمْ وَ إِلَی اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فَهُوَ یَتَوَلَّی الْحُكْمَ فِیمَا یَحْكُمُ بِالْعِقَابِ عَلَی مَنْ عَصَاهُ وَ یُوجِبُ كَرِیمَ الْمَآبِ لِمَنْ أَرْضَاهُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام طَلَبَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْآیَاتِ وَ لَمْ یَقْنَعُوا بِمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْهَا بِمَا فِیهِ الْكِفَایَةُ وَ الْبَلَاغُ حَتَّی قِیلَ لَهُمْ هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَهُمُ اللَّهُ أَیْ إِذَا لَمْ یَقْنَعُوا بِالْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ الدَّافِعَةِ فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ یَأْتِیَهُمُ اللَّهُ وَ ذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّ الْإِتْیَانَ عَلَی اللَّهِ لَا یَجُوزُ (4).

(5)

«6»- كنز الكراجكی، جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ قَوْماً أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا لَهُ أَ لَسْتَ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَهُمْ بَلَی قَالُوا لَهُ وَ هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِی أَتَیْتَ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِهِ إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ إِذَا كَانَ مَعْبُودُهُمْ مَعَهُمْ فِی النَّارِ فَقَدْ عَبَدُوا الْمَسِیحَ أَ فَتَقُولُ إِنَّهُ فِی النَّارِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَیَّ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَ الْمُتَعَارَفُ فِی لُغَتِهَا أَنَّ مَا لِمَا لَا یَعْقِلُ وَ مَنْ لِمَنْ یَعْقِلُ وَ الَّذِی یَصْلُحُ لَهُمَا

ص: 282


1- فی المصدر: فیما كانوا اقترحوا علیك.
2- فی المصدر: لا یجوز علیه الإتیان و الباطل فی اتیان الملائكة اه.
3- فی المصدر: و وقتك هذا وقت التعبد.
4- تفسیر العسكریّ: 265.
5- هذا الروایة غیر موجودة فی بعض النسخ.

جَمِیعاً فَإِنْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ یُرِیدُ الْأَصْنَامَ الَّتِی عَبَدُوهَا وَ هِیَ لَا تَعْقِلُ وَ الْمَسِیحُ علیه السلام لَا یَدْخُلُ فِی جُمْلَتِهَا فَإِنَّهُ یَعْقِلُ وَ لَوْ كَانَ قَالَ إِنَّكُمْ وَ مَنْ تَعْبُدُونَ لَدَخَلَ الْمَسِیحُ فِی الْجُمْلَةِ فَقَالَ الْقَوْمُ صَدَقْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ (1).

باب 2 احتجاج النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی الیهود فی مسائل شتی

«1»- م، تفسیر الإمام علیه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِیَا غُلَامٌ أَعْوَرُ یَهُودِیٌّ تَزْعُمُ الْیَهُودُ أَنَّهُ أَعْلَمُ یَهُودِیٍّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ عُلُومِ أَنْبِیَائِهِ عَنْ مَسَائِلَ كَثِیرَةٍ (2)یُعَنِّتُهُ فِیهَا فَأَجَابَهُ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا لَمْ یَجِدْ إِلَی إِنْكَارِ شَیْ ءٍ مِنْهُ سَبِیلًا فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ مَنْ یَأْتِیكَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ لَوْ كَانَ غَیْرُهُ یَأْتِیكَ بِهَا لَآمَنْتُ بِكَ وَ لَكِنْ جَبْرَئِیلُ عَدُوُّنَا مِنْ بَیْنِ الْمَلَائِكَةِ وَ لَوْ كَانَ مِیكَائِیلُ أَوْ غَیْرُهُ سِوَی جَبْرَئِیلَ یَأْتِیكَ بِهَا لَآمَنْتُ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِمَ اتَّخَذْتُمْ جَبْرَئِیلَ عَدُوّاً قَالَ لِأَنَّهُ نَزَلَ بِالْبَلَاءِ وَ الشِّدَّةِ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ دَفَعَ دَانِیَالَ عَنْ قَتْلِ بُخْتَ نَصَّرَ (3)حَتَّی قَوِیَ أَمْرُهُ وَ أَهْلَكَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ كَذَلِكَ كُلُّ بَأْسٍ وَ شِدَّةٍ لَا یُنْزِلُهَا إِلَّا جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ یَأْتِینَا بِالرَّحْمَةِ

ص: 283


1- كنز الكراجكیّ: ص 285.
2- تجد بعض مسائله فی الخبر الآتی.
3- قال الفیروزآبادی أصل بخت بوخت و معناه: ابن؛ و نصر كبقم: صم، و كان وجد عند الصنم و لم یعرف له اب فنسب إلیه. انتهی. قلت: هو بخت نصر او بنوكد نصر ملك الكلدانیین تولی سنة 607 قبل المسیح و مات سنة 551 أغار بحملاته علی مصر و فتح اورشلیم و نهبها و أحرق أمتعتها فی 588 و أجلی أهل یهوذا إلی بابل، و یأتی الایعاز إلی وقائعه اجمالا فی محله.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَیْحَكَ أَ جَهِلْتَ أَمْرَ اللَّهِ وَ مَا ذَنْبُ جَبْرَئِیلَ إِنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِیمَا یُرِیدُهُ بِكُمْ أَ رَأَیْتُمْ مَلَكَ الْمَوْتِ أَ هُوَ عَدُوُّكُمْ وَ قَدْ وَكَّلَهُ اللَّهُ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْخَلْقِ الَّذِی أَنْتُمْ مِنْهُ أَ رَأَیْتُمُ الْآبَاءَ وَ الْأُمَّهَاتِ إِذَا أَوْجَرُوا الْأَوْلَادَ الْأَدْوِیَةَ (1)الْكَرِیهَةَ لِمَصَالِحِهِمْ أَ یَجِبُ أَنْ یَتَّخِذَهُمْ أَوْلَادُهُمْ أَعْدَاءً مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا وَ لَكِنَّكُمْ بِاللَّهِ جَاهِلُونَ وَ عَنْ حِكْمَتِهِ غَافِلُونَ أَشْهَدُ أَنَّ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ بِأَمْرِ اللَّهِ عَامِلَانِ وَ لَهُ مُطِیعَانِ وَ أَنَّهُ لَا یُعَادِی أَحَدَهُمَا إِلَّا مَنْ عَادَی الْآخَرَ وَ أَنَّهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّ أَحَدَهُمَا وَ یُبْغِضُ الْآخَرَ فَقَدْ كَذَبَ وَ كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ أَخَوَانِ كَمَا أَنَّ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ أَخَوَانِ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَهُوَ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ مَنْ أَبْغَضَهُمَا فَهُوَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ مَنْ أَبْغَضَ أَحَدَهُمَا وَ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّ الْآخَرَ فَقَدْ كَذَبَ وَ هُمَا مِنْهُ بَرِیئَانِ وَ كَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ وَاحِداً مِنِّی وَ مِنْ عَلِیٍّ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّ الْآخَرَ فَقَدْ كَذَبَ وَ كِلَانَا مِنْهُ بَرِیئَانِ وَ اللَّهُ تَعَالَی وَ مَلَائِكَتُهُ وَ خِیَارُ خَلْقِهِ مِنْهُ بُرَآءُ (2).

«2»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِیلَ وَ مِیكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِینَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ الْحُسَیْنُ (3)بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذَمَّ الْیَهُودَ فِی بُغْضِهِمْ لِ جَبْرَئِیلَ الَّذِی كَانَ یُنَفِّذُ قَضَاءَ اللَّهِ فِیهِمْ بِمَا یَكْرَهُونَ وَ ذَمَّهُمْ أَیْضاً وَ ذَمَّ النَّوَاصِبَ فِی بُغْضِهِمْ لِجَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ علیهما السلام وَ مَلَائِكَةِ اللَّهِ النَّازِلِینَ لِتَأْیِیدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی الْكَافِرِینَ حَتَّی أَذَلَّهُمْ بِسَیْفِهِ الصَّارِمِ فَقَالَ قُلْ یَا مُحَمَّدُ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ مِنَ الْیَهُودِ لِرَفْعِهِ مِنْ بُخْتَ نَصَّرَ أَنْ یَقْتُلَهُ دَانِیَالُ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ كَانَ جَنَاهُ بُخْتَ نَصَّرُ حَتَّی بَلَغَ كِتَابُ اللَّهِ فِی الْیَهُودِ أَجَلَهُ وَ حَلَّ بِهِمْ مَا جَرَی فِی سَابِقِ عِلْمِهِ وَ مَنْ كَانَ أَیْضاً عَدُوّاً لِجَبْرَئِیلَ مِنْ سَائِرِ الْكَافِرِینَ وَ مِنْ أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ النَّاصِبِینَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ جَبْرَئِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام مُؤَیِّداً

ص: 284


1- أی جعلوا الدواء فی فیه.
2- تفسیر العسكریّ: ص 164، الاحتجاج: ص 23.
3- فی المصدر: الحسن بن علیّ.

وَ لَهُ عَلَی أَعْدَائِهِ نَاصِراً وَ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجَبْرَئِیلَ لِمُظَاهَرَتِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ مُعَاوَنَتِهِ لَهُمَا وَ إِنْفَاذِهِ لِقَضَاءِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی إِهْلَاكِ أَعْدَائِهِ عَلَی یَدِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَإِنَّهُ یَعْنِی جَبْرَئِیلَ نَزَّلَهُ یَعْنِی نَزَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلی قَلْبِكَ یَا مُحَمَّدُ بِإِذْنِ اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ هُوَ كَقَوْلِهِ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِینَ بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ نَزَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ جَبْرَئِیلُ عَلَی قَلْبِكَ یَا مُحَمَّدُ مُصَدِّقاً مُوَافِقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ كُتُبِ شَیْثٍ وَ غَیْرِهِمْ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ (1)ثُمَّ قَالَ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ لِإِنْعَامِهِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ بَلَغَ مِنْ جَهْلِهِمْ أَنْ قَالُوا نَحْنُ نُبْغِضُ اللَّهَ الَّذِی أَكْرَمَ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً بِمَا یَدَّعِیَانِ وَ جَبْرَئِیلَ وَ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِیلَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَهِیراً لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ ظَهِیراً لِسَائِرِ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْمُرْسَلِینَ كَذَلِكَ وَ مَلائِكَتِهِ یَعْنِی وَ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِمَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمَبْعُوثِینَ لِنُصْرَةِ دِینِ اللَّهِ وَ تَأْیِیدِ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ النُّصَّابِ وَ الْمُعَانِدِینَ بَرِئْتُ مِنْ جَبْرَئِیلَ النَّاصِرِ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ رُسُلِهِ وَ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِرُسُلِ اللَّهِ مُوسَی وَ عِیسَی وَ سَائِرِ الْأَنْبِیَاءِ الَّذِینَ دَعَوْا إِلَی نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةِ عَلِیٍّ علیه السلام (2)ثُمَّ قَالَ وَ جِبْرِیلَ وَ مِیكالَ وَ مَنْ كَانَ (3)عَدُوّاً لِجَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ النَّوَاصِبِ لَمَّا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَلِیٍّ علیه السلام جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ إِسْرَافِیلُ مِنْ خَلْفِهِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ أَمَامَهُ وَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ نَاظِرٌ بِالرِّضْوَانِ إِلَیْهِ نَاصِرُهُ قَالَ بَعْضُ النَّوَاصِبِ فَأَنَا أَبْرَأُ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ حَالُهُمْ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِهَؤُلَاءِ تَعَصُّباً عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِینَ فَاعِلٌ بِهِمْ مَا یَفْعَلُ الْعَدُوُّ بِالْعَدُوِّ مِنْ إِحْلَالِ النَّقِمَاتِ وَ تَشْدِیدِ الْعُقُوبَاتِ

ص: 285


1- قطع من هنا قطعة طویلة فی فضیلة القرآن و لعله یخرجها فی كتاب القرآن.
2- فی المصدر هنا زیادة و هی: و ذلك قول النواصب: برئنا من هؤلاء الرسل الذین دعوا إلی إمامة علی.
3- فی المصدر: أی من كان اه.

وَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَاتَیْنِ الْآیَتَیْنِ مَا كَانَ مِنَ الْیَهُودِ أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنْ قَوْلٍ سَیِّئٍ فِی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ (1)وَ مَا كَانَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ النُّصَّابِ مِنْ قَوْلٍ أَسْوَأَ مِنْهُ فِی اللَّهِ وَ فِی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ سَائِرِ مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَ أَمَّا مَا كَانَ مِنَ النُّصَّابِ فَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا كَانَ لَا یَزَالُ یَقُولُ فِی عَلِیٍّ علیه السلام الْفَضَائِلَ الَّتِی خَصَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَ الشَّرَفَ الَّذِی أَهَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ وَ كَانَ فِی كُلِّ ذَلِكَ یَقُولُ أَخْبَرَنِی بِهِ جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ وَ یَقُولُ فِی بَعْضِ ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ یَفْتَخِرُ جَبْرَئِیلُ عَلَی مِیكَائِیلَ فِی أَنَّهُ عَنْ یَمِینِ عَلِیٍّ علیه السلام الَّذِی هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْیَسَارِ كَمَا یَفْتَخِرُ نَدِیمُ مَلِكٍ عَظِیمٍ فِی الدُّنْیَا یُجْلِسُهُ الْمَلِكُ عَنْ یَمِینِهِ عَلَی النَّدِیمِ الْآخَرِ الَّذِی یُجْلِسُهُ عَلَی یَسَارِهِ وَ یَفْتَخِرَانِ عَلَی إِسْرَافِیلَ الَّذِی خَلْفَهُ فِی الْخِدْمَةِ (2)وَ مَلَكِ الْمَوْتِ الَّذِی أَمَامَهُ بِالْخِدْمَةِ وَ أَنَّ الْیَمِینَ وَ الشِّمَالَ أَشْرَفُ مِنْ ذَلِكَ كَافْتِخَارِ حَاشِیَةِ (3)الْمَلِكِ عَلَی زِیَادَةِ قُرْبِ مَحَلِّهِمْ مِنْ مَلِكِهِمْ وَ كَانَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ أَحَادِیثِهِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَشْرَفُهَا عِنْدَ اللَّهِ أَشَدُّهَا لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حُبّاً وَ إِنَّ قَسَمَ الْمَلَائِكَةِ فِیمَا بَیْنَهَا وَ الَّذِی شَرَّفَ عَلِیّاً عَلَی جَمِیعِ الْوَرَی بَعْدَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَ یَقُولُ مَرَّةً إِنَّ مَلَائِكَةَ السَّمَاوَاتِ وَ الْحُجُبِ لَیَشْتَاقُونَ إِلَی رُؤْیَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ كَمَا تَشْتَاقُ الْوَالِدَةُ الشَّفِیقَةُ إِلَی وَلَدِهَا الْبَارِّ الشَّفِیقِ آخِرِ مَنْ بَقِیَ عَلَیْهَا بَعْدَ عَشَرَةٍ دَفَنَتْهُمْ فَكَانَ هَؤُلَاءِ النُّصَّابُ یَقُولُونَ إِلَی مَتَی یَقُولُ مُحَمَّدٌ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّ ذَلِكَ تَفْخِیمٌ لِعَلِیٍّ وَ تَعْظِیمٌ لِشَأْنِهِ وَ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی خَاصٌّ لِعَلِیٍّ دُونَ سَائِرِ الْخَلْقِ بَرِئْنَا مِنْ رَبٍّ وَ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ هُمْ لِعَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مُفَضِّلُونَ وَ بَرِئْنَا مِنْ رُسُلِ اللَّهِ الَّذِینَ هُمْ لِعَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مُفَضِّلُونَ وَ أَمَّا مَا قَالَهُ الْیَهُودُ فَهُوَ أَنَّ الْیَهُودَ أَعْدَاءُ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ أَتَوْهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُورِیَا فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ نَوْمُكَ فَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا عَنْ نَوْمِ النَّبِیِّ الَّذِی یَأْتِی فِی آخِرِ الزَّمَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَنَامُ عَیْنِی وَ قَلْبِی یَقْظَانُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ

ص: 286


1- فی المصدر: و سائر ملائكة اللّٰه.
2- فی المصدر: بالخدمة.
3- فی هامش المصدر: خاصّة خ ل.

أَخْبِرْنِی یَا مُحَمَّدُ الْوَلَدُ یَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ أَوْ مِنَ الْمَرْأَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الْعِظَامُ وَ الْعَصَبُ وَ الْعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُلِ وَ أَمَّا اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الشَّعْرُ فَمِنَ الْمَرْأَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا بَالُ الْوَلَدِ یُشْبِهُ أَعْمَامَهُ لَیْسَ فِیهِ مِنْ شِبْهِ أَخْوَالِهِ شَیْ ءٌ وَ یُشْبِهُ أَخْوَالَهُ لَیْسَ فِیهِ مِنْ شِبْهِ أَعْمَامِهِ شَیْ ءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ مَاءَ صَاحِبِهِ كَانَ الشِّبْهُ لَهُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَمَّنْ لَا یُولَدُ لَهُ وَ مَنْ یُولَدُ لَهُ فَقَالَ إِذَا مَغَرَتِ النُّطْفَةُ (1)لَمْ یُولَدْ لَهُ إِذَا احْمَرَّتْ وَ كَدِرَتْ وَ إِذَا كَانَتْ صَافِیَةً وُلِدَ لَهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ رَبِّكَ مَا هُوَ فَنَزَلَتْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَی آخِرِهَا فَقَالَ ابْنُ صُورِیَا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ بَقِیَتْ خَصْلَةٌ إِنْ قُلْتَهَا آمَنْتُ بِكَ وَ اتَّبَعْتُكَ أَیُّ مَلَكٍ یَأْتِیكَ بِمَا تَقُولُهُ عَنِ اللَّهِ قَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ ابْنُ صُورِیَا كَانَ ذَلِكَ عَدُوَّنَا مِنْ بَیْنِ الْمَلَائِكَةِ یَنْزِلُ بِالْقَتْلِ وَ الشِّدَّةِ وَ الْحَرْبِ وَ رَسُولُنَا مِیكَائِیلُ یَأْتِی بِالسُّرُورِ وَ الرَّخَاءِ فَلَوْ كَانَ مِیكَائِیلُ هُوَ الَّذِی یَأْتِیكَ آمَنَّا بِكَ لِأَنَّ مِیكَائِیلَ كَانَ یَشُدُّ مُلْكَنَا وَ جَبْرَئِیلُ كَانَ یُهْلِكُ مُلْكَنَا فَهُوَ عَدُوُّنَا لِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَمَا بَدْءُ عَدَاوَتِهِ لَكَ (2)قَالَ نَعَمْ یَا سَلْمَانُ عَادَانَا مِرَاراً كَثِیرَةً وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّ ذَلِكَ عَلَیْنَا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَی أَنْبِیَائِهِ أَنَّ بَیْتَ الْمَقْدِسِ یُخَرَّبُ عَلَی یَدِ رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ بُخْتَ نَصَّرُ وَ فِی زَمَانِهِ وَ أَخْبَرَنَا بِالْحِینِ الَّذِی یُخَرَّبُ فِیهِ (3)وَ اللَّهُ یُحْدِثُ الْأَمْرَ بَعْدَ الْأَمْرِ فَیَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ فَلَمَّا بَلَغْنَا ذَلِكَ الْحِینَ (4)الَّذِی یَكُونُ فِیهِ هَلَاكُ بَیْتِ الْمَقْدِسِ بَعَثَ أَوَائِلُنَا رَجُلًا مِنْ أَقْوِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَفَاضِلِهِمْ نَبِیّاً كَانَ یُعَدُّ مِنْ أَنْبِیَائِهِمْ یُقَالُ لَهُ دَانِیَالُ فِی طَلَبِ بُخْتَ نَصَّرَ لِیَقْتُلَهُ فَحَمَلَ مَعَهُ وِقْرَ (5)مَالٍ لِیُنْفِقَهُ فِی ذَلِكَ فَلَمَّا انْطَلَقَ فِی طَلَبِهِ لَقِیَهُ بِبَابِلَ غُلَاماً ضَعِیفاً مِسْكِیناً لَیْسَ لَهُ قُوَّةٌ وَ لَا مَنَعَةٌ (6)فَأَخَذَهُ

ص: 287


1- مغر الثوب: صبغه بالمغرة، و هی لون الحمرة لیس بناصع.
2- فی المصدر: فما بدؤ عداوته لكم.
3- فی المصدر: و فی نسخة: أخبرنا بالخبر الذی یخرب به.
4- فی المصدر: و فی نسخة: فلما بلغنا ذلك الخبر.
5- الوقر بالكسر: الحمل الثقیل.
6- المنعة: القوّة التی تمنع من یرید أحدا بسوء.

صَاحِبُنَا لِیَقْتُلَهُ فَدَفَعَ عَنْهُ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ لِصَاحِبِنَا إِنْ كَانَ رَبُّكُمْ هُوَ الَّذِی أَمَرَ بِهَلَاكِكُمْ فَإِنَّهُ لَا یُسَلِّطُكَ عَلَیْهِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هَذَا فَعَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ تَقْتُلُهُ فَصَدَّقَهُ صَاحِبُنَا وَ تَرَكَهُ وَ رَجَعَ إِلَیْنَا وَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ وَ قَوِیَ بُخْتَ نَصَّرُ وَ مَلَكَ وَ غَزَانَا وَ خَرَّبَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ فَلِهَذَا نَتَّخِذُهُ عَدُوّاً وَ مِیكَائِیلُ عَدُوٌّ لِجَبْرَئِیلَ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا ابْنَ صُورِیَا بِهَذَا الْعَقْلِ الْمَسْلُوكِ بِهِ غَیْرُ سَبِیلِهِ ضَلَلْتُمْ أَ رَأَیْتُمْ أَوَائِلَكُمْ كَیْفَ بَعَثُوا مَنْ یَقْتُلُ بُخْتَ نَصَّرَ وَ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كُتُبِهِ وَ عَلَی أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ أَنَّهُ یَمْلِكُ وَ یُخَرِّبُ بَیْتَ الْمَقْدِسِ أَرَادُوا تَكْذِیبَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ تَعَالَی فِی أَخْبَارِهِمْ وَ اتَّهَمُوهُمْ فِی أَخْبَارِهِمْ أَوْ صَدَّقُوهُمْ فِی الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ وَ مَعَ ذَلِكَ أَرَادُوا مُغَالَبَةَ اللَّهِ هَلْ كَانَ هَؤُلَاءِ وَ مَنْ وَجَّهُوهُ إِلَّا كُفَّاراً بِاللَّهِ وَ أَیُّ عَدَاوَةٍ تَجُوزُ أَنْ یُعْتَقَدَ لِجَبْرَئِیلَ وَ هُوَ یَصُدُّ عَنْ مُغَالَبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَنْهَی عَنْ تَكْذِیبِ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ ابْنُ صُورِیَا قَدْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَی أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلَی أَلْسُنِ أَنْبِیَائِهِ لَكِنَّهُ یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ قَالَ سَلْمَانُ فَإِذاً لَا تَثِقُوا بِشَیْ ءٍ مِمَّا فِی التَّوْرَاةِ مِنَ الْأَخْبَارِ عَمَّا مَضَی وَ مَا یَسْتَأْنِفُ فَإِنَّ اللَّهَ یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ وَ إِذاً لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ عَزَلَ مُوسَی وَ هَارُونَ عَنِ النُّبُوَّةِ وَ أَبْطَلَا فِی دَعْوَتِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ وَ لَعَلَّ كُلَّ مَا أَخْبَرَاكُمْ أَنَّهُ یَكُونُ لَا یَكُونُ وَ مَا أَخْبَرَاكُمْ أَنَّهُ لَا یَكُونُ یَكُونُ وَ كَذَلِكَ مَا أَخْبَرَاكُمْ عَمَّا كَانَ لَعَلَّهُ لَمْ یَكُنْ وَ مَا أَخْبَرَاكُمْ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَعَلَّهُ كَانَ وَ لَعَلَّ مَا وَعَدَهُ مِنَ الثَّوَابِ یَمْحُوهُ وَ لَعَلَّ مَا تَوَعَّدَ بِهِ مِنَ الْعِقَابِ یَمْحُوهُ فَإِنَّهُ یَمْحُو مَا یَشَاءُ وَ یُثْبِتُ أَنَّكُمْ جَهِلْتُمْ مَعْنَی یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ فَلِذَلِكُمْ أَنْتُمْ بِاللَّهِ كَافِرُونَ وَ لِإِخْبَارِهِ عَنِ الْغُیُوبِ مُكَذِّبُونَ وَ عَنْ دِینِ اللَّهِ مُنْسَلِخُونَ ثُمَّ قَالَ سَلْمَانُ فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجَبْرَئِیلَ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِمِیكَائِیلَ وَ أَنَّهُمَا جَمِیعاً عَدُوَّانِ لِمَنْ عَادَاهُمَا سِلْمَانِ لِمَنْ سَالَمَهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عِنْدَ ذَلِكَ مُوَافِقاً لِقَوْلِ سَلْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فِی مُظَاهَرَتِهِ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَلَی أَعْدَائِهِ وَ نُزُولِهِ بِفَضَائِلِ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ فَإِنَّ جَبْرَئِیلَ نَزَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنْ سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ وَ هُدیً مِنَ الضَّلَالَةِ وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَلَایَةِ عَلِیٍّ وَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ

ص: 288

أَوْلِیَاءُ اللَّهِ حَقّاً إِذَا مَاتُوا عَلَی مُوَالاتِهِمْ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ صَدَّقَ قِیلَكَ وَ وَفَّقَ رَأْیَكَ (1)فَإِنَّ جَبْرَئِیلَ عَنِ اللَّهِ یَقُولُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ أَخَوَانِ مُتَصَافِیَانِ (2)فِی وِدَادِكَ وَ وِدَادِ عَلِیٍّ أَخِیكَ وَ وَصِیِّكَ وَ صَفِیِّكَ وَ هُمَا فِی أَصْحَابِكَ كَجَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ فِی الْمَلَائِكَةِ (3)عَدُوَّانِ لِمَنْ أَبْغَضَ أَحَدَهُمَا وَلِیَّانِ لِمَنْ وَالاهُمَا وَ وَالَی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً عَدُوَّانِ لِمَنْ عَادَی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ أَوْلِیَاءَهُمَا وَ لَوْ أَحَبَّ أَهْلُ الْأَرْضِ سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ كَمَا تُحِبُّهُمَا مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْحُجُبِ وَ الْكُرْسِیِّ وَ الْعَرْشِ لِمَحْضِ وِدَادِهِمَا لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ مُوَالاتِهِمَا لِأَوْلِیَائِهِمَا وَ مُعَادَاتِهِمَا لِأَعْدَائِهِمَا لَمَا عَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَی أَحَداً مِنْهُمْ بِعَذَابٍ الْبَتَّةَ (4).

بیان: قوله إنكم جهلتم معنی یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ لعل مراده رضوان اللّٰه علیه أن البداء إنما یكون فیما لم یخبر به الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام علی سبیل الجزم و الحتم و إلا یلزم تكذیبهم و هذا مما كانوا أخبروا به علی الحتم و أیضا الأمر الذی یكون فیه البداء لا یمكن رفعه بالمغالبة و المعارضة بل بما یتوسل به إلی جنابه تعالی من الدعاء و الصدقة و التوبة و أمثالها كما مر تحقیقه فی باب البداء و اللّٰه یعلم.

«3»- ج، الإحتجاج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْیَهُودِ قَالُوا انْطَلِقُوا بِنَا إِلَی هَذَا الْكَاهِنِ الْكَذَّابِ حَتَّی نُوَبِّخَهُ فِی وَجْهِهِ وَ نُكَذِّبَهُ فَإِنَّهُ یَقُولُ أَنَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَكَیْفَ یَكُونُ رَسُولًا وَ آدَمُ خَیْرٌ مِنْهُ وَ نُوحٌ خَیْرٌ مِنْهُ وَ ذَكَرُوا الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ التَّوْرَاةُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ فَرَضِیَتِ الْیَهُودُ بِالتَّوْرَاةِ فَقَالَتِ الْیَهُودُ آدَمُ خَیْرٌ مِنْكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَهُ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله آدَمُ النَّبِیُّ أَبِی وَ قَدْ أُعْطِیتُ أَنَا أَفْضَلَ مِمَّا أُعْطِیَ آدَمَ فَقَالَتِ الْیَهُودُ مَا ذَلِكَ قَالَ إِنَّ الْمُنَادِی یُنَادِی كُلَّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ

ص: 289


1- فی المصدر: و وثق رأیك.
2- تصافی القوم: أخلص الود بعضهم لبعض.
3- فی نسخة: و هما فی اصحابكما كجبرئیل و میكائیل، و الملائكة عدوان لمن ابغض احدهما.
4- تفسیر العسكریّ: 182- 186، و للحدیث ذیل لم یورده فی الباب.

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ لَمْ یَقُلْ آدَمُ رَسُولُ اللَّهِ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ بِیَدِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَیْسَ بِیَدِ آدَمَ فَقَالَتِ الْیَهُودُ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ قَالَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ قَالَتِ الْیَهُودُ مُوسَی خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِمَ ذَلِكَ قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَّمَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ كَلِمَةٍ وَ لَمْ یُكَلِّمْكَ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أُعْطِیتُ أَنَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا وَ مَا ذَاكَ قَالَ قَوْلُهُ تَعَالَی سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَكْنا حَوْلَهُ وَ حُمِلْتُ عَلَی جَنَاحِ جَبْرَئِیلَ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَجَاوَزْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَی عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوی حَتَّی تَعَلَّقْتُ بِسَاقِ الْعَرْشِ فَنُودِیتُ مِنْ سَاقِ الْعَرْشِ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَیْمِنُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّءُوفُ الرَّحِیمُ فَرَأَیْتُهُ بِقَلْبِی وَ مَا رَأَیْتُهُ بِعَیْنِی فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتِ الْیَهُودُ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا اثْنَانِ قَالُوا نُوحٌ خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِمَ ذَلِكَ قَالُوا لِأَنَّهُ رَكِبَ السَّفِینَةَ فَجَرَتْ عَلَی الْجُودِیِّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أُعْطِیتُ أَنَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا وَ مَا ذَلِكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَانِی نَهَراً فِی السَّمَاءِ مَجْرَاهُ تَحْتَ الْعَرْشِ عَلَیْهِ أَلْفُ أَلْفِ قَصْرٍ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ حَشِیشُهَا الزَّعْفَرَانُ وَ رُضْرَاضُهَا (1)الدُّرُّ وَ الْیَاقُوتُ وَ أَرْضُهَا الْمِسْكُ الْأَبْیَضُ فَذَلِكَ خَیْرٌ لِی وَ لِأُمَّتِی وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنَّا أَعْطَیْناكَ الْكَوْثَرَ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ هَذَا خَیْرٌ مِنْ ذَاكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ ثَلَاثَةٌ قَالُوا إِبْرَاهِیمُ خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی اتَّخَذَهُ خَلِیلًا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنْ كَانَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام خَلِیلَهُ فَأَنَا حَبِیبُهُ مُحَمَّدٌ قَالُوا وَ لِمَ سُمِّیتَ مُحَمَّداً قَالَ سَمَّانِیَ اللَّهُ مُحَمَّداً وَ شَقَّ اسْمِی مِنِ اسْمِهِ هُوَ الْمَحْمُودُ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ وَ أُمَّتِی الْحَامِدُونَ (2)

ص: 290


1- الرضراض: ما صغر و دق من الحصی.
2- فی المصدر: و امتی الحامدون علی كل حال.

قَالَتِ الْیَهُودُ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ هَذَا خَیْرٌ مِنْ ذَاكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ أَرْبَعَةٌ قَالَتِ الْیَهُودُ عِیسَی خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ وَ لِمَ ذَاكَ قَالُوا لِأَنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ بِعَقَبَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَجَاءَتْهُ الشَّیَاطِینُ لِیَحْمِلُوهُ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام أَنِ اضْرِبْ بِجَنَاحِكَ الْأَیْمَنِ وُجُوهَ الشَّیَاطِینِ وَ أَلْقِهِمْ فِی النَّارِ فَضَرَبَ بِأَجْنِحَتِهِ وُجُوهَهُمْ وَ أَلْقَاهُمْ فِی النَّارِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أُعْطِیتُ أَنَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا وَ مَا هُوَ قَالَ أَقْبَلْتُ یَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِینَ وَ أَنَا جَائِعٌ شَدِیدَ الْجَوْعِ فَلَمَّا وَرَدْتُ الْمَدِینَةَ اسْتَقْبَلَتْنِی امْرَأَةٌ یَهُودِیَّةٌ وَ عَلَی رَأْسِهَا جَفْنَةٌ وَ فِی الْجَفْنَةِ جَدْیٌ مَشْوِیٌّ وَ فِی كُمِّهَا شَیْ ءٌ مِنْ سُكَّرٍ فَقَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَحَكَ السَّلَامَةَ وَ أَعْطَاكَ النَّصْرَ وَ الظَّفَرَ عَلَی الْأَعْدَاءِ وَ إِنِّی قَدْ كُنْتُ نَذَرْتُ لِلَّهِ نَذْراً إِنْ أَقْبَلْتَ سَالِماً غَانِماً مِنْ غَزَاةِ بَدْرٍ لَأَذْبَحَنَّ هَذَا الْجَدْیَ وَ لَأَشْوِیَنَّهُ وَ لَأَحْمِلَنَّهُ إِلَیْكَ لِتَأْكُلَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلْتُ عَنْ بَغْلَتِیَ الشَّهْبَاءِ وَ ضَرَبْتُ بِیَدِی إِلَی الْجَدْیِ لآِكُلَهُ فَاسْتَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَی الْجَدْیَ فَاسْتَوَی عَلَی أَرْبَعِ قَوَائِمَ وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ لَا تَأْكُلْنِی فَإِنِّی مَسْمُومٌ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ هَذَا خَیْرٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ خَمْسَةٌ قَالُوا بَقِیَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ نَقُومُ مِنْ عِنْدِكَ قَالَ هَاتُوهُ قَالُوا سُلَیْمَانُ خَیْرٌ مِنْكَ قَالَ وَ لِمَ ذَاكَ قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَّ سَخَّرَ لَهُ الشَّیَاطِینَ وَ الْإِنْسَ وَ الْجِنَّ وَ الرِّیَاحَ وَ السِّبَاعَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدْ سَخَّرَ اللَّهُ لِیَ الْبُرَاقَ وَ هُوَ خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا بِحَذَافِیرِهَا وَ هِیَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ وَجْهُهَا مِثْلُ وَجْهِ آدَمِیٍّ وَ حَوَافِرُهَا مِثْلُ حَوَافِرِ الْخَیْلِ وَ ذَنَبُهَا مِثْلُ ذَنَبِ الْبَقَرِ فَوْقَ الْحِمَارِ وَ دُونَ الْبَغْلِ سَرْجُهُ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ رِكَابُهُ مِنْ دُرَّةٍ بَیْضَاءَ مَزْمُومَةً بِسَبْعِینَ أَلْفَ زِمَامٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَیْهِ جَنَاحَانِ مُكَلَّلَانِ بِالدُّرِّ وَ الْجَوْهَرِ وَ الْیَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ مَكْتُوبٌ بَیْنَ عَیْنَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتِ الْیَهُودُ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ هَذَا خَیْرٌ مِنْ ذَاكَ یَا مُحَمَّدُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أَقَامَ نُوحٌ فِی قَوْمِهِ وَ دَعَاهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عَاماً ثُمَّ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَلَّلَهُمْ فَقَالَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِیلٌ وَ لَقَدْ تَبِعَنِی فِی

ص: 291

سِنِّیَ الْقَلِیلِ وَ عُمُرِیَ الْیَسِیرِ مَا لَمْ یَتْبَعْ نُوحاً فِی طُولِ عُمُرِهِ وَ كِبَرِ سِنِّهِ وَ إِنَّ فِی الْجَنَّةِ عِشْرِینَ وَ مِائَةَ صَفٍّ أُمَّتِی مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفّاً وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ كِتَابِیَ الْمُهَیْمِنَ عَلَی كُتُبِهِمُ النَّاسِخَ لَهَا وَ لَقَدْ جِئْتُ بِتَحْلِیلِ مَا حَرَّمُوا وَ تَحْرِیمِ بَعْضِ مَا أَحَلُّوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَی جَاءَ بِتَحْرِیمِ صَیْدِ الْحِیتَانِ یَوْمَ السَّبْتِ حَتَّی إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ لِمَنِ اعْتَدَی مِنْهُمْ (1)كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ فَكَانُوا وَ لَقَدْ جِئْتُ بِتَحْلِیلِ صَیْدِهَا حَتَّی صَارَ صَیْدُهَا حَلَالًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُحِلَّ لَكُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ جِئْتُ بِتَحْلِیلِ الشُّحُومِ كُلِّهَا وَ كُنْتُمْ لَا تَأْكُلُونَهَا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَّی عَلَیَّ فِی كِتَابِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً ثُمَّ وَصَفَنِیَ اللَّهُ تَعَالَی بِالرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ ذَكَرَ فِی كِتَابِهِ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْكُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَلَّا یُكَلِّمُونِی حَتَّی یَتَصَدَّقُوا بِصَدَقَةٍ وَ مَا كَانَ ذَلِكَ لِنَبِیٍّ قَطُّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ناجَیْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ثُمَّ وَضَعَهَا عَنْهُمْ بَعْدَ أَنِ افْتَرَضَهَا عَلَیْهِمْ بِرَحْمَتِهِ (2).

بیان: لعل ذكرهم لعیسی علی نبینا و آله و علیه السلام كان من جانب النصاری و بزعمهم و إقباله صلی اللّٰه علیه و آله علی أكل الجدی كان قبل نزول حرمة ذبائح أهل الكتاب أو كان لظهور المعجزة لا لقصد الأكل أو كان أخبر أنه ذبحه مسلم (3).

«4»- ج، الإحتجاج عَنْ ثَوْبَانَ (4)قَالَ: إِنَّ یَهُودِیّاً جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ

ص: 292


1- فی المصدر: لمن اعتدی منهم فی صیدها یوم السبت. و لعل «صیدها» مصحف «صیدهم».
2- الاحتجاج: ص 28.
3- أو كانت تظهر بكلماتها هذه و هدیتها الإسلام.
4- الظاهر أنّه ثوبان مولی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، و هو ثوبان بن بجدد؛ و قیل: ابن حجدر یكنی أبا عبد اللّٰه؛ و قیل: ابو عبد الرحمن. و هو من حمر من الیمن؛ و قیل: هو من السراة موضع بین مكّة و الیمن؛ و قیل: هو من سعد العشیرة من مذحج، أصابه سباء فاشتراه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم فأعتقه، و قال له: إن شئت ان تلحق بمن أنت منهم، و ان شئت أن تكون منا أهل البیت، فثبت علی ولاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، و لم یزل معه سفرا و حضرا إلی ان توفی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم، فخرج إلی الشام فنزل إلی الرملة و ابتنی بها دارا، و ابتنی بمصر دارا، و بحمص دارا، و توفی بها سنة أربع و خمسین، و شهد فتح مصر، روی عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم أحادیث ذوات عدد. ترجمه بذلك ابن الأثیر فی أسد الغابة ج 1 ص 249، و له ترجمة فی غیره من كتب التراجم، و ترجمه الشیخ فی رجاله فی أصحاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

أَسْأَلُكَ فَتُخْبِرُنِی فَرَكَضَهُ ثَوْبَانُ بِرِجْلِهِ وَ قَالَ قُلْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا أَدْعُوهُ إِلَّا بِمَا سَمَّاهُ أَهْلُهُ فَقَالَ أَ رَأَیْتَ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ أَیْنَ النَّاسُ یَوْمَئِذٍ فَقَالَ فِی الظُّلْمَةِ دُونَ الْمَحْشَرِ قَالَ فَمَا أَوَّلُ مَا یَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا قَالَ كَبِدُ الْحُوتِ قَالَ فَمَا طَعَامُهُمْ عَلَی أَثَرِ ذَلِكَ قَالَ كَبِدُ الثَّوْرِ قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَی أَثَرِ ذَلِكَ قَالَ السَّلْسَبِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِیٌّ (1)قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْیَضُ غَلِیظٌ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِیقٌ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَراً بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ یَكُونُ الشَّبَهُ (2)وَ إِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ خَرَجَ الْوَلَدُ أُنْثَی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ یَكُونُ الشَّبَهُ (3)ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا كَانَ عِنْدِی شَیْ ءٌ مِمَّا سَأَلْتَنِی عَنْهُ حَتَّی أَنْبَأَنِیهِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مَجْلِسِی هَذَا (4).

-ع، علل الشرائع الدَّقَّاقُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَزَّازِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُوسَی الْفَرَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ یَحْیَی عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی كَثِیرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ یَهُودِیّاً جَاءَ الْخَبَرَ إِلَّا أَنَّ فِیهِ كَبِدُ الْحُوتِ قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ (5).

ص: 293


1- فی المصدر: أ فلا أسألك عن شی ء لا یعلمه إلّا نبی؟.
2- فی المصدر: و من تشبه أباه قبل ذلك یكون الشبه.
3- فی المصدر: و من تشبه أمه قبل ذلك یكون الشبه.
4- الاحتجاج: 29 و فیه: حتی أنبأنیه اللّٰه عزّ و جلّ فی مجلسیّ هذا علی لسان اخی جبرئیل.
5- علل الشرائع: 43.

«5»- لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَنْتَ الَّذِی تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ الَّذِی یُوحَی إِلَیْكَ كَمَا أُوحِیَ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ فَسَكَتَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سَاعَةً ثُمَّ قَالَ نَعَمْ أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ لَا فَخْرَ وَ أَنَا خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالُوا إِلَی مَنْ إِلَی الْعَرَبِ أَمْ إِلَی الْعَجَمِ أَمْ إِلَیْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ یَا مُحَمَّدُ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكُمْ جَمِیعاً قَالَ الْیَهُودِیُّ الَّذِی كَانَ أَعْلَمَهُمْ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ عَشْرِ كَلِمَاتٍ أَعْطَی اللَّهُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ حَیْثُ نَاجَاهُ لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سَلْنِی قَالَ أَخْبِرْنِی یَا مُحَمَّدُ عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِی اخْتَارَهُنَّ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام حَیْثُ بَنَی الْبَیْتَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ الْیَهُودِیُّ فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ بَنَی هَذِهِ الْكَعْبَةَ مُرَبَّعَةً قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ قَالَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ سُمِّیَتِ الْكَعْبَةُ قَالَ النَّبِیُّ لِأَنَّهَا وَسَطُ الدُّنْیَا قَالَ الْیَهُودِیُّ أَخْبِرْنِی عَنْ تَفْسِیرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ بَنِی آدَمَ یَكْذِبُونَ عَلَی اللَّهِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَبَرِّیاً مِمَّا یَقُولُونَ (1)وَ أَمَّا قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْعِبَادَ لَا یُؤَدُّونَ شُكْرَ نِعْمَتِهِ فَحَمِدَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ یَحْمَدُوهُ (2)وَ هُوَ أَوَّلُ الْكَلَامِ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَی أَحَدٍ بِنِعْمَتِهِ فَقَوْلُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ یَعْنِی وَحْدَانِیَّتَهُ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ الْأَعْمَالَ إِلَّا بِهَا وَ هِیَ كَلِمَةُ التَّقْوَی یُثَقِّلُ اللَّهُ بِهَا الْمَوَازِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهِیَ كَلِمَةٌ أَعْلَی الْكَلِمَاتِ وَ أَحَبُّهَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَعْنِی أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَكْبَرَ مِنِّی لَا تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهَا (3)لِكَرَامَتِهَا عَلَی اللَّهِ وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ قَائِلِهَا قَالَ

ص: 294


1- فی العلل: براءة ممّا یقولون.
2- فی هامش النسخة المقروءة علی المصنّف: أن یحمده العباد.
3- فی العلل: و لا تصح الصلاة إلّا بها.

إِذَا قَالَ الْعَبْدُ سُبْحَانَ اللَّهِ سَبَّحَ مَعَهُ مَا دُونَ الْعَرْشِ فَیُعْطَی قَائِلُهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا وَ إِذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِنَعِیمِ الدُّنْیَا مَوْصُولًا بِنَعِیمِ الْآخِرَةِ (1)وَ هِیَ الْكَلِمَةُ الَّتِی یَقُولُهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا وَ یَنْقَطِعُ الْكَلَامُ الَّذِی یَقُولُونَ فِی الدُّنْیَا مَا خَلَا الْحَمْدَ لِلَّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَعْواهُمْ فِیها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِیَّتُهُمْ فِیها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالْجَنَّةُ جَزَاؤُهُ (2)وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ یَقُولُ هَلْ جَزَاءُ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا الْجَنَّةُ (3)فَقَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَدْ أَخْبَرْتَ وَاحِدَةً فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَسْأَلَكَ الثَّانِیَةَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سَلْنِی عَمَّا شِئْتَ وَ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ یُلَقِّنَانِهِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ لِأَیِّ شَیْ ءٍ سُمِّیتَ مُحَمَّداً وَ أَحْمَدَ وَ أَبَا الْقَاسِمِ وَ بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ دَاعِیاً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا مُحَمَّدٌ فَإِنِّی مَحْمُودٌ فِی الْأَرْضِ وَ أَمَّا أَحْمَدُ فَإِنِّی مَحْمُودٌ فِی السَّمَاءِ وَ أَمَّا أَبُو الْقَاسِمِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْسِمُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قِسْمَةَ النَّارِ فَمَنْ كَفَرَ بِی مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ فَفِی النَّارِ وَ یَقْسِمُ قِسْمَةَ الْجَنَّةِ فَمَنْ آمَنَ بِی وَ أَقَرَّ بِنُبُوَّتِی فَفِی الْجَنَّةِ وَ أَمَّا الدَّاعِی فَإِنِّی أَدْعُو النَّاسَ إِلَی دِینِ رَبِّی وَ أَمَّا النَّذِیرُ فَإِنِّی أُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَانِی وَ أَمَّا الْبَشِیرُ فَإِنِّی أُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَنِی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ وَقَّتَ هَذِهِ الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ فِی خَمْسِ مَوَاقِیتَ عَلَی أُمَّتِكَ فِی سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الشَّمْسَ عِنْدَ الزَّوَالِ لَهَا حَلْقَةٌ تَدْخُلُ فِیهَا فَإِذَا دَخَلَتْ فِیهَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَیُسَبِّحُ كُلُّ شَیْ ءٍ دُونَ الْعَرْشِ لِوَجْهِ رَبِّی (4)وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُصَلِّی عَلَیَّ فِیهَا رَبِّی فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 295


1- فی العلل بنعم الآخرة. و فی ما قبله: بنعم الدنیا.
2- فی العلل: فثمنها الجنة.
3- ذكر فی هامش نسخة هنا زیادة عن الاختصاص و هی هذا: و أمّا قوله: اللّٰه أكبر فهی أكبر درجات فی الجنة و أعلاها منزلة عند اللّٰه.
4- فی العلل: بحمد ربی.

عَلَیَّ وَ عَلَی أُمَّتِی فِیهَا الصَّلَاةَ وَ قَالَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُؤْتَی فِیهَا بِجَهَنَّمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُوَفَّقُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنْ یَكُونَ سَاجِداً أَوْ رَاكِعاً أَوْ قَائِماً إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَسَدَهُ عَلَی النَّارِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَهِیَ السَّاعَةُ الَّتِی أَكَلَ فِیهَا آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنَ الْجَنَّةِ فَأَمَرَ اللَّهُ ذُرِّیَّتَهُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ اخْتَارَهَا لِأُمَّتِی فَهِیَ مِنْ أَحَبِّ الصَّلَوَاتِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَحْفَظَهَا مِنْ بَیْنِ الصَّلَوَاتِ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَهِیَ السَّاعَةُ الَّتِی تَابَ اللَّهُ فِیهَا عَلَی آدَمَ علیه السلام وَ كَانَ بَیْنَ مَا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ بَیْنَ مَا تَابَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهَا عَلَیْهِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا وَ فِی أَیَّامِ الْآخِرَةِ یَوْمٌ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَی الْعِشَاءِ (1)فَصَلَّی آدَمُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ رَكْعَةً لِخَطِیئَتِهِ وَ رَكْعَةً لِخَطِیئَةِ حَوَّاءَ وَ رَكْعَةً لِتَوْبَتِهِ فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ الرَّكَعَاتِ عَلَی أُمَّتِی وَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی یُسْتَجَابُ فِیهَا الدُّعَاءُ فَوَعَدَنِی رَبِّی أَنْ یَسْتَجِیبَ لِمَنْ دَعَاهُ فِیهَا وَ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ الَّتِی أَمَرَنِی بِهَا رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ (2)فَسُبْحانَ اللَّهِ حِینَ تُمْسُونَ وَ حِینَ تُصْبِحُونَ وَ أَمَّا صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ ظُلْمَةً وَ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ ظُلْمَةً أَمَرَنِیَ اللَّهُ وَ أُمَّتِی بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ لِتُنَوِّرَ لَهُمُ الْقُبُورَ وَ لِیُعْطَوُا النُّورَ (3)عَلَی الصِّرَاطِ وَ مَا مِنْ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَی صَلَاةِ الْعَتَمَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی جَسَدَهَا عَلَی النَّارِ وَ هِیَ الصَّلَاةُ الَّتِی اخْتَارَهَا اللَّهُ لِلْمُرْسَلِینَ قَبْلِی وَ أَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَإِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَطْلُعُ عَلَی قَرْنَیِ الشَّیْطَانِ (4)فَأَمَرَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أُصَلِّیَ صَلَاةَ الْفَجْرِ (5)قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ أَنْ یَسْجُدَ لَهَا الْكَافِرُ فَتَسْجُدُ أُمَّتِی لِلَّهِ وَ سُرْعَتُهَا أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ وَ هِیَ الصَّلَاةُ الَّتِی تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ

ص: 296


1- فی العلل: ما بین العصر و العشاء.
2- فی العلل: فی قوله: سبحان اللّٰه.
3- فی العلل: و لیعطینی و امتی النور اه.
4- فی العلل: علی قرنی شیطان.
5- فی العلل: صلاة الغداة.

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی لِأَیِّ شَیْ ءٍ تُوَضَّأُ (1)هَذِهِ الْجَوَارِحُ الْأَرْبَعُ وَ هِیَ أَنْظَفُ الْمَوَاضِعِ فِی الْجَسَدِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَنْ وَسْوَسَ الشَّیْطَانُ إِلَی آدَمَ وَ دَنَا آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ نَظَرَ إِلَیْهَا ذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ ثُمَّ قَامَ وَ هُوَ أَوَّلُ قَدَمٍ (2)مَشَتْ إِلَی الْخَطِیئَةِ ثُمَّ تَنَاوَلَ بِیَدِهِ ثُمَّ مَسَّهَا فَأَكَلَ مِنْهَا (3)فَطَارَ الْحُلِیُّ وَ الْحُلَلُ عَنْ جَسَدِهِ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ وَ بَكَی فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ وَ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ الْوُضُوءَ عَلَی هَذِهِ الْجَوَارِحِ الْأَرْبَعِ (4)وَ أَمَرَهُ أَنْ یَغْسِلَ الْوَجْهَ لِمَا نَظَرَ إِلَی الشَّجَرَةِ وَ أَمَرَهُ بِغَسْلِ السَّاعِدَیْنِ إِلَی الْمِرْفَقَیْنِ (5)لِمَا تَنَاوَلَ مِنْهَا وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ لِمَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ (6)وَ أَمَرَهُ بِمَسْحِ الْقَدَمَیْنِ لِمَا مَشَی إِلَی الْخَطِیئَةِ (7)ثُمَّ سَنَّ عَلَی أُمَّتِی الْمَضْمَضَةَ لِتُنَقِّیَ الْقَلْبَ مِنَ الْحَرَامِ وَ الِاسْتِنْشَاقَ لِتَحْرُمَ عَلَیْهِمْ رَائِحَةُ النَّارِ وَ نَتْنُهَا قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ عَامِلِهَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَا یَمَسُّ الْمَاءَ یَتَبَاعَدُ عَنْهُ الشَّیْطَانُ وَ إِذَا تَمَضْمَضَ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَ لِسَانَهُ بِالْحِكْمَةِ فَإِذَا اسْتَنْشَقَ أَمِنَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ وَ رَزَقَهُ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ بَیَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ یَوْمَ تَبْیَضُّ فِیهِ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ فِیهِ وُجُوهٌ وَ إِذَا غَسَلَ سَاعِدَیْهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَغْلَالَ النَّارِ وَ إِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ مَسَحَ اللَّهُ سَیِّئَاتِهِ وَ إِذَا مَسَحَ قَدَمَیْهِ أَجَازَهُ اللَّهُ عَلَی الصِّرَاطِ یَوْمَ تَزِلُّ فِیهِ الْأَقْدَامُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْخَامِسَةِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ أَمَرَ اللَّهُ بِالاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ (8)وَ لَمْ یَأْمُرْ مِنَ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ

ص: 297


1- ذكره الصدوق أیضا فی علل الشرائع: ص 103.
2- فی العلل: ثم قام و مشی إلیها و هی أول قدم اه.
3- فی العلل: ثم تناول بیده منها ممّا علیها فأكل فطار الحلی اه.
4- فی العلل: غسل هذه الجوارح الاربع.
5- فی العلل: بغسل الیدین إلی المرفقین.
6- فی العلل: علی أم رأسه.
7- فی العلل: لما مشی بها إلی الخطیئة.
8- أورده الصدوق أیضا فی علل الشرائع: ص 104 إلی قوله: منهما الوضوء.

الشَّجَرَةِ دَبَّ ذَلِكَ فِی عُرُوقِهِ وَ شَعْرِهِ وَ بَشَرِهِ فَإِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ كُلِّ عِرْقٍ وَ شَعْرَةٍ فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ الْبَوْلُ یَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الشَّرَابِ الَّذِی یَشْرَبُهُ الْإِنْسَانُ وَ الْغَائِطُ یَخْرُجُ مِنْ فَضْلَةِ الطَّعَامِ الَّذِی یَأْكُلُهُ فَعَلَیْهِمْ مِنْهُمَا الْوُضُوءُ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا جَزَاءُ مَنِ اغْتَسَلَ مِنَ الْحَلَالِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا جَامَعَ أَهْلَهُ بَسَطَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ جَنَاحَهُ وَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ فَإِذَا اغْتَسَلَ بَنَی اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ هُوَ سِرٌّ فِیمَا بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ یَعْنِی الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ السَّادِسِ عَنْ خَمْسَةِ أَشْیَاءَ مَكْتُوبَاتٍ فِی التَّوْرَاةِ أَمَرَ اللَّهُ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ یَقْتَدُوا بِمُوسَی فِیهَا مِنْ بَعْدِهِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْشَدْتُكَ بِاللَّهِ إِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكَ تُقِرُّ لِی قَالَ الْیَهُودِیُّ نَعَمْ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَا فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ بِالْعِبْرَانِیَّةِ طاب ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ یَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ فِی السَّطْرِ الثَّانِی اسْمُ وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الثَّالِثِ وَ الرَّابِعِ سِبْطَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ فِی السَّطْرِ الْخَامِسِ أُمِّهِمَا فَاطِمَةَ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا وَ فِی التَّوْرَاةِ اسْمُ وَصِیِّی إِلْیَا وَ اسْمُ السِّبْطَیْنِ شَبَّرَ وَ شَبِیرٍ وَ هُمَا نُورَا فَاطِمَةَ علیها السلام قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ فَضْلِكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِی فَضْلٌ عَلَی النَّبِیِّینَ فَمَا مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا دَعَا عَلَی قَوْمِهِ بِدَعْوَةٍ وَ أَنَا أَخَّرْتُ دَعْوَتِی لِأُمَّتِی لِأَشْفَعَ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَمَّا فَضْلُ أَهْلِ بَیْتِی وَ ذُرِّیَّتِی عَلَی غَیْرِهِمْ كَفَضْلِ الْمَاءِ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ وَ بِهِ حَیَاةُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ حُبُّ أَهْلِ بَیْتِی وَ ذُرِّیَّتِی اسْتِكْمَالُ الدِّینِ وَ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِیناً إِلَی آخِرِ الْآیَةِ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی بِالسَّابِعِ مَا فَضْلُ الرِّجَالَ عَلَی النِّسَاءِ

ص: 298

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَفَضْلِ السَّمَاءِ عَلَی الْأَرْضِ وَ كَفَضْلِ الْمَاءِ عَلَی الْأَرْضِ فَبِالْمَاءِ یَحْیَا الْأَرْضَ وَ بِالرِّجَالِ تَحْیَا النِّسَاءُ لَوْ لَا الرِّجَالُ مَا خُلِقَ النِّسَاءُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ (1)قَالَ الْیَهُودِیُّ لِأَیِّ شَیْ ءٍ كَانَ هَكَذَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ مِنْ طِینٍ وَ مِنْ فَضْلَتِهِ وَ بَقِیَّتِهِ خُلِقَتْ حَوَّاءُ وَ أَوَّلُ مَنْ أَطَاعَ النِّسَاءَ آدَمُ فَأَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ قَدْ بَیَّنَ فَضْلَ الرِّجَالِ عَلَی النِّسَاءِ فِی الدُّنْیَا أَ لَا تَرَی إِلَی النِّسَاءِ كَیْفَ یَحِضْنَ وَ لَا یُمْكِنُهُنَّ الْعِبَادَةُ مِنَ الْقَذَارَةِ وَ الرِّجَالُ لَا یُصِیبُهُمْ شَیْ ءٌ مِنَ الطَّمْثِ (2)قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی لِأَیِّ شَیْ ءٍ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّوْمَ عَلَی أُمَّتِكَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ فَرَضَ عَلَی الْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقِیَ فِی بَطْنِهِ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ فَرَضَ (فَفَرَضَ) اللَّهُ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ ثَلَاثِینَ یَوْماً الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ الَّذِی یَأْكُلُونَهُ بِاللَّیْلِ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَی آدَمَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَی أُمَّتِی ذَلِكَ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الصِّیامُ كَما كُتِبَ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَیَّاماً مَعْدُوداتٍ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَهَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ احْتِسَاباً إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ أَوَّلُهَا یَذُوبُ الْحَرَامَ فِی جَسَدِهِ وَ الثَّانِیَةُ یَقْرُبُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ الثَّالِثَةُ یَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِیئَةَ أَبِیهِ آدَمَ وَ الرَّابِعَةُ یُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْخَامِسَةُ أَمَانٌ مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ السَّادِسَةُ یُعْطِیهِ اللَّهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ السَّابِعَةُ یُطْعِمُهُ اللَّهُ مِنْ ثَمَرَاتِ الْجَنَّةِ (3)قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ التَّاسِعَةِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ أَمَرَ اللَّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْعَصْرَ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی عَصَی فِیهَا آدَمُ رَبَّهُ وَ فَرَضَ

ص: 299


1- زاد فی علل الشرائع: «وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ»
2- رواه الصدوق فی العلل: ص 174 من قوله: ما فضل الرجال علی النساء.
3- رواه الصدوق فی العلل: ص 132 الا أنّه قال: یذوب الحرام من جسده. و قال: و یطعمه من طیبات الجنة.

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی أُمَّتِیَ الْوُقُوفَ وَ التَّضَرُّعَ وَ الدُّعَاءَ فِی أَحَبِّ الْمَوَاضِعِ إِلَیْهِ وَ تَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَنْصَرِفُ فِیهَا النَّاسُ هِیَ السَّاعَةُ الَّتِی تَلَقَّی فِیهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَیْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ ثُمَّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً إِنَّ لِلَّهِ بَاباً فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا یُقَالُ لَهُ بَابُ الرَّحْمَةِ وَ بَابُ التَّوْبَةِ وَ بَابُ الْحَاجَاتِ وَ بَابَ التَّفَضُّلِ وَ بَابُ الْإِحْسَانِ وَ بَابُ الْجُودِ وَ بَابُ الْكَرَمِ وَ بَابُ الْعَفْوِ وَ لَا یَجْتَمِعُ بِعَرَفَاتٍ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَأْهَلَ مِنَ اللَّهِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ هَذِهِ الْخِصَالَ وَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِائَةَ أَلْفِ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ لِلَّهِ رَحْمَةٌ عَلَی أَهْلِ عَرَفَاتٍ یُنْزِلُهَا عَلَی أَهْلِ عَرَفَاتٍ فَإِذَا انْصَرَفُوا أَشْهَدَ اللَّهُ (1)مَلَائِكَتَهُ بِعِتْقِ أَهْلِ عَرَفَاتٍ مِنَ النَّارِ وَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَ نَادَی مُنَادٍ انْصَرِفُوا مَغْفُورِینَ فَقَدْ أَرْضَیْتُمُونِی وَ رَضِیتُ عَنْكُمْ قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْعَاشِرَةِ عَنْ سَبْعِ خِصَالٍ (2)أَعْطَاكَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ بَیْنِ النَّبِیِّینَ وَ أَعْطَی أُمَّتَكَ مِنْ بَیْنِ الْأُمَمِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَانِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ الْأَذَانَ (3)وَ الْجَمَاعَةَ فِی الْمَسْجِدِ وَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِجْهَارَ فِی ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ وَ الرُّخْصَ لِأُمَّتِی (4)عِنْدَ الْأَمْرَاضِ وَ السَّفَرِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی الْجَنَائِزِ وَ الشَّفَاعَةَ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِی قَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِعَدَدِ كُلِّ آیَةٍ أُنْزِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَیَجْزِی بِهَا ثَوَابَهَا (5)وَ أَمَّا الْأَذَانُ فَإِنَّهُ یُحْشَرُ الْمُؤَذِّنُونَ مِنْ أُمَّتِی مَعَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ

ص: 300


1- فی هامش نسخة: و للّٰه مائة رحمة ینزلها علی أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد اللّٰه تلك الملائكة، ختص.
2- فی هامش نسخة: عن تسع خصال. ختص.
3- فی هامش نسخة: زاد: و الإقامة. قلت: فعلی نسخة الاختصاص یعد یوم الجمعة خامسا.
4- فی الخصال: و الرخصة لامتی.
5- فی الخصال: بعدد كل آیة نزلت من السماء ثواب تلاوتها.

وَ أَمَّا الْجَمَاعَةُ فَإِنَّ صُفُوفَ أُمَّتِی فِی الْأَرْضِ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ فِی السَّمَاءِ (1)وَ الرَّكْعَةُ فِی الْجَمَاعَةِ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ رَكْعَةً كُلُّ رَكْعَةٍ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ أَمَّا یَوْمُ الْجُمُعَةِ فَیَجْمَعُ اللَّهُ فِیهِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ لِلْحِسَابِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ مَشَی إِلَی الْجَمَاعَةِ إِلَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ أَهْوَالَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ یَأْمُرُ بِهِ إِلَی الْجَنَّةِ (2)وَ أَمَّا الْإِجْهَارُ فَإِنَّهُ یَتَبَاعَدُ مِنْهُ لَهَبُ النَّارِ بِقَدْرِ مَا یَبْلُغُ صَوْتَهُ وَ یَجُوزُ عَلَی الصِّرَاطِ وَ یُعْطَی السُّرُورَ حَتَّی یَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ أَمَّا السَّادِسُ (3)فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُخَفِّفُ أَهْوَالَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ لِأُمَّتِی كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُصَلِّی عَلَی الْجَنَائِزِ إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ إِلَّا أَنْ یَكُونَ مُنَافِقاً أَوْ عَاقّاً وَ أَمَّا شَفَاعَتِی فَهِیَ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مَا خَلَا أَهْلَ الشِّرْكِ وَ الظُّلْمِ (4)قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَلَمَّا أَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ أَخْرَجَ رَقّاً أَبْیَضَ فِیهِ جَمِیعُ مَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا اسْتَنْسَخْتُهَا إِلَّا مِنَ الْأَلْوَاحِ الَّتِی كَتَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ لَقَدْ قَرَأْتُ فِی التَّوْرَاةِ فَضْلَكَ حَتَّی شَكَكْتُ فِیهَا یَا مُحَمَّدُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَمْحُو اسْمَكَ مُنْذُ أَرْبَعِینَ سَنَةً مِنَ التَّوْرَاةِ كُلَّمَا مَحَوْتُهُ وَجَدْتُهُ مُثْبَتاً فِیهَا وَ لَقَدْ قَرَأْتُ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا یُخْرِجُهَا غَیْرُكَ وَ أَنَّ فِی السَّاعَةِ الَّتِی تُرَدُّ عَلَیْكَ فِیهَا هَذِهِ الْمَسَائِلُ یَكُونُ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِكَ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِكَ وَ وَصِیُّكَ بَیْنَ یَدَیْكَ

ص: 301


1- فی هامش نسخة: فی السماء الرابعة. ختص.
2- فی الخصال: ثم یجازیه الجنة.
3- فی هامش نسخة: و أمّا الرخصة فان اللّٰه یخفف أهوال القیامة علی من رخص من امتی، كما رخص اللّٰه فی القرآن؛ و أمّا الصلاة علی الجنائز فما من مؤمن یصلی علی جنازة إلّا أن یكون شافعا مشفعا. ختص.
4- فی هامش نسخة: و اما شفاعتی ففی أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك و المظالم. ختص.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقْتَ هَذَا جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِی وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِی وَ وَصِیِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بَیْنَ یَدَیَّ فَآمَنَ الْیَهُودِیُّ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ (1)

ل، الخصال بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ سَبْعِ خِصَالٍ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ بَیْنِ النَّبِیِّینَ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ (2)

ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ تَفْسِیرِ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ قَالَ هَلْ جَزَاءُ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا الْجَنَّةَ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ(3)

ع، علل الشرائع بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَیِّ شَیْ ءٍ فَرَضَ هَذِهِ الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ إِلَی قَوْلِهِ تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ (4)

ختص، الإختصاص عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْحَسَنِ (الْحُسَیْنِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِثْلَهُ (5).

أقول: سیأتی شرح أجزاء الخبر فی الأبواب المناسبة لها.

«6»- ع، علل الشرائع وَهْبٌ الْیَمَانِیُّ (6)قَالَ: إِنَّ یَهُودِیّاً سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ

ص: 302


1- الأمالی: ص 112- 118.
2- الخصال 2: 9.
3- علل الشرائع: ص 94.
4- علل الشرائع: ص 120.
5- الاختصاص: مخطوط: و نسخته غیر موجودة عندنا.
6- هو وهب بن منبه بن كامل الیمانیّ الابناوی المتوفی فی 114. و الابناوی نسبة إلی الابناء، كل من ولد بالیمن من أبناء الفرس الذین وجههم كسری مع سیف بن ذی یزن فلیس من العرب و یسمونهم الابناء، و ینسب إلیها همام أخو وهب أیضا و طاوس بن كیسان و غیرهم.

أَ كُنْتَ فِی أُمِّ الْكِتَابِ نَبِیّاً قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُكَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُثْبِتُونَ مَعَكَ قَبْلَ أَنْ یُخْلَقُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا شَأْنُكَ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِالْحِكْمَةِ حِینَ خَرَجْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ كَمَا تَكَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ عَلَی زَعْمِكَ وَ قَدْ كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ نَبِیّاً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ لَیْسَ أَمْرِی كَأَمْرِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ أُمٍّ لَیْسَ لَهُ أَبٌ كَمَا خَلَقَ آدَمَ علیه السلام مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَ لَا أُمٍّ وَ لَوْ أَنَّ عِیسَی حِینَ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَمْ یَنْطِقْ بِالْحِكْمَةِ لَمْ یَكُنْ لِأُمِّهِ عُذْرٌ عِنْدَ النَّاسِ وَ قَدْ أَتَتْ بِهِ مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَ كَانُوا یَأْخُذُونَهَا كَمَا یَأْخُذُونَ بِهِ مِثْلَهَا مِنَ الْمُحْصَنَاتِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْطِقَهُ عُذْراً لِأُمِّهِ (1).

بیان: لعل غرض الیهودی من الكلام بحیث یسمع عامة الناس فلذا لم یذكر صلی اللّٰه علیه و آله كلامه الذی خص بسماعه أهله الأدنون أو لم یتعرض له لعدم إمكان إثباته علی السائل مع إنكاره.

«7»- ع، علل الشرائع الطَّالَقَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الْحَلَّالِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِیلِ الْمحرمِیِّ (2)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمِسْمَعِیِّ (3)عَنْ حُمَیْدٍ الطَّوِیلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی أَرْضٍ یَحْتَرِثُ فَأَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا یَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَ مَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَا یَنْزِعُ الْوَلَدَ إِلَی أَبِیهِ أَوْ إِلَی أُمِّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنِی بِهِنَّ جَبْرَئِیلُ علیه السلام آنِفاً قَالَ هَلْ أَخْبَرَكَ جَبْرَئِیلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ ذَلِكَ عَدُوُّ الْیَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا

ص: 303


1- علل الشرائع: 38.
2- هكذا فی النسخ، و فی نسخة من العلل: المخزومی، و الصحیح: المخرمی بالخاء المعجمة و الراء المكسورة المشددة منسوب الی المخرم و هی محلة ببغداد، نزلها بعض ولد یزید بن المخرم فسمیت به، و الرجل هو محمّد بن الخلیل المخرمی البغدادیّ أبو جعفر الفلاس المتوفی فی سنة المائتین و بضع و ستین، ترجمه ابن حجر فی التقریب ص 444.
3- فی العلل المطبوع: التمیمی المسمعی خ ل.

لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَی الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ یَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِیَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ الْیَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ وَ إِنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِی قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ عَنِّی بَهَتُونِی فَجَاءَتِ الْیَهُودُ فَقَالَ أَیُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالُوا خَیْرُنَا وَ ابْنُ خَیْرِنَا وَ سَیِّدُنَا وَ ابْنُ سَیِّدِنَا قَالَ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا شَرُّنَا وَ ابْنُ شَرِّنَا وَ انْفَضُّوا قَالَ فَقَالَ هَذَا الَّذِی كُنْتُ أَخَافُ مِنْهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ (1).

توضیح: زیادة الكبد هی القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد و هی أهنؤها و أطیبها ذكره الكرمانی فی شرح البخاری و قال نزع الولد إلی أبیه و نحوه أشبهه و قال الجزری فی حدیث ابن سلام إنهم قوم بهت جمع بهوت من بناء المبالغة كصبور و صبر ثم یسكن تخفیفا.

«8»- ع، علل الشرائع الْحَسَنُ بْنُ یَحْیَی بْنِ ضُرَیْسٍ الْبَجَلِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ (2)

أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لِمَ سُمِّیَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً قَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أُنْزِلَتْ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرُهُ مِنَ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ قَالَ فَمَا بَالُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ لَا یَسْتَوِیَانِ فِی الضَّوْءِ وَ النُّورِ قَالَ لَمَّا خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَطَاعَا وَ لَمْ یَعْصِیَا شَیْئاً فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام أَنْ یَمْحُوَ ضَوْءَ الْقَمَرِ فَمَحَاهُ فَأَثَّرَ الْمَحْوُ فِی الْقَمَرِ خُطُوطاً سَوْدَاءَ وَ لَوْ أَنَّ الْقَمَرَ تُرِكَ عَلَی حَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الشَّمْسِ لَمْ یُمْحَ

ص: 304


1- علل الشرائع: 42.
2- الاسناد فی المصدر هكذا: الحسین الحسن خ بن یحیی بن ضریس البجلیّ قال: حدّثنا أبی، قال حدّثنا أبو جعفر عمارة السكونی السریانی، قال: حدّثنا إبراهیم بن عاصم بقزوین، قال: حدّثنا عبد اللّٰه بن هارون الكرخی، قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبد اللّٰه بن یزید بن سلام بن عبد اللّٰه مولی رسول اللّٰه ص، قال: حدّثنی أبی عبد اللّٰه بن یزید، قال: حدّثنی یزید بن سلام.

لَمَا عُرِفَ اللَّیْلُ مِنَ النَّهَارِ وَ لَا النَّهَارُ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَا عَلِمَ الصَّائِمُ كَمْ یَصُومُ وَ لَا عَرَفَ النَّاسُ عَدَدَ السِّنِینَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی لِمَ سُمِّیَ اللَّیْلُ لَیْلًا قَالَ لِأَنَّهُ یُلَایِلُ الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُلْفَةً وَ لِبَاساً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا بَالُ النُّجُومِ تَسْتَبِینَ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقْدَارُهَا سَوَاءٌ قَالَ لِأَنَّ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا بِحَاراً یَضْرِبُ الرِّیحُ أَمْوَاجَهَا فَلِذَلِكَ تَسْتَبِینَ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقْدَارُ النُّجُومِ كُلُّهَا سَوَاءٌ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الدُّنْیَا لِمَ سُمِّیَتِ الدُّنْیَا قَالَ لِأَنَّ الدُّنْیَا دَنِیئَةٌ خُلِقَتْ مِنْ دُونِ الْآخِرَةِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مَعَ الْآخِرَةِ لَمْ یَفْنَ أَهْلُهَا كَمَا لَا یَفْنَی أَهْلُ الْآخِرَةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْقِیَامَةِ لِمَ سُمِّیَتِ الْقِیَامَةَ قَالَ لِأَنَّ فِیهَا قِیَامَ الْخَلْقِ لِلْحِسَابِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی لِمَ سُمِّیَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً قَالَ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ تَجِی ءُ مِنْ بَعْدِ الدُّنْیَا لَا تُوصَفُ سِنِینُهَا وَ لَا تُحْصَی أَیَّامُهَا وَ لَا یَمُوتُ سُكَّانُهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ یَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ یَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سُمِّیَ یَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ قَالَ فَالْإِثْنَیْنِ قَالَ هُوَ الْیَوْمُ الثَّانِی مِنَ الدُّنْیَا قَالَ فَالثَّلَاثَاءَ قَالَ الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْیَا قَالَ فَالْأَرْبِعَاءَ قَالَ الْیَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْیَا قَالَ فَالْخَمِیسَ قَالَ هُوَ یَوْمٌ خَامِسٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ هُوَ یَوْمٌ أَنِیسٌ لُعِنَ فِیهِ إِبْلِیسُ وَ رُفِعَ فِیهِ إِدْرِیسُ علیه السلام قَالَ فَالْجُمُعَةَ قَالَ هُوَ یَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ یَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ هُوَ یَوْمُ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ فَالسَّبْتَ قَالَ یَوْمٌ مَسْبُوتٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَی الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَیَّامٍ وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ لِمَ سُمِّیَ آدَمَ قَالَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ طِینِ الْأَرْضِ وَ أَدِیمِهَا قَالَ فَآدَمُ خُلِقَ مِنَ الطِّینِ كُلِّهِ أَوْ مِنْ طِینٍ وَاحِدٍ قَالَ بَلْ مِنَ الطِّینِ

ص: 305

كُلِّهِ وَ لَوْ خُلِقَ مِنْ طِینٍ وَاحِدٍ لَمَا عَرَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ كَانُوا عَلَی صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فَلَهُمْ فِی الدُّنْیَا مَثَلٌ قَالَ التُّرَابُ فِیهِ أَبْیَضُ وَ فِیهِ أَخْضَرُ وَ فِیهِ أَصْفَرُ وَ فِیهِ أَغْبَرُ وَ فِیهِ أَحْمَرُ وَ فِیهِ أَزْرَقُ وَ فِیهِ عَذْبٌ وَ فِیهِ مِلْحٌ وَ فِیهِ خَشِنٌ وَ فِیهِ لَیِّنٌ وَ فِیهِ أَصْهَبُ فَلِذَلِكَ صَارَ النَّاسُ فِیهِمْ لَیِّنٌ وَ فِیهِمْ خَشِنٌ وَ فِیهِمْ أَبْیَضُ وَ فِیهِمْ أَصْفَرُ وَ أَحْمَرُ وَ أَصْهَبُ وَ أَسْوَدُ عَلَی أَلْوَانِ التُّرَابِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ خُلِقَ مِنْ حَوَّاءَ أَوْ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ قَالَ بَلْ حَوَّاءُ خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ علیه السلام وَ لَوْ كَانَ آدَمُ خُلِقَ مِنْ حَوَّاءَ لَكَانَ الطَّلَاقُ بِیَدِ النِّسَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ بِیَدِ الرِّجَالِ قَالَ فَمِنْ كُلِّهِ خُلِقَتْ أَمْ مِنْ بَعْضِهِ قَالَ بَلْ مِنْ بَعْضِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ كُلِّهِ لَجَازَ الْقِصَاصُ فِی النِّسَاءِ كَمَا یَجُوزُ فِی الرِّجَالِ قَالَ فَمِنْ ظَاهِرِهِ أَوْ بَاطِنِهِ قَالَ بَلْ مِنْ بَاطِنِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ ظَاهِرِهِ لَانْكَشَفْنَ النِّسَاءُ كَمَا یَنْكَشِفُ الرِّجَالُ فَلِذَلِكَ صَارَتِ النِّسَاءُ مُسْتَتِرَاتٌ قَالَ فَمِنْ یَمِینِهِ أَوْ مِنْ شِمَالِهِ قَالَ بَلْ مِنْ شِمَالِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ یَمِینِهِ لَكَانَ لِلْأُنْثَی حَظٌّ كَحَظِّ الذَّكَرِ مِنَ الْمِیرَاثِ فَلِذَلِكَ صَارَ لِلْأُنْثَی سَهْمٌ وَ لِلذَّكَرِ سَهْمَانِ وَ شَهَادَةُ امْرَأَتَیْنِ مِثْلَ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ خُلِقَتْ قَالَ مِنَ الطِّینَةِ الَّتِی فَضَلَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَیْسَرِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْوَادِی الْمُقَدَّسِ لِمَ سُمِّیَ الْمُقَدَّسَ قَالَ لِأَنَّهُ قُدِّسَتْ فِیهِ الْأَرْوَاحُ وَ اصْطُفِیَتْ فِیهِ الْمَلَائِكَةُ وَ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَی تَكْلِیماً قَالَ فَلِمَ سُمِّیَتِ الْجَنَّةُ جَنَّةً قَالَ لِأَنَّهَا جَنِینَةٌ خِیَرَةٌ نَقِیَّةٌ وَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مَرْضِیَّةٌ (1).

بیان: قوله لأنه یلایل الرجال یظهر منه أن الملایلة كان فی الأصل بمعنی الملابسة أو نحوها و لیس هذا المعنی فیما عندنا من كتب اللغة قال الفیروزآبادی لایلته استجرته للیلة و عاملته ملایلة كمیاومة قوله صلی اللّٰه علیه و آله من دون الآخرة أی فی الرتبة أو بعدها زمانا قوله صلی اللّٰه علیه و آله یوم مسبوت قال الجزری قیل سمی یوم السبت لأن اللّٰه تعالی خلق العالم فی ستة أیام آخرها الجمعة و انقطع العمل فسمی الیوم السابع یوم السبت.

ص: 306


1- علل الشرائع: 160.

و قال الفیروزآبادی السبت الراحة و القطع و قال الأشقر من الدواب الأحمر فی مغرة حمرة یحمر منها العرف و الذنب و من الناس من تعلو بیاضه حمرة و قال الصهب محركة حمرة أو شقرة فی الشعر و الأصهب بعیر لیس بشدید البیاض قوله صلی اللّٰه علیه و آله لأنها جنینة أی مستورة عن الخلق و لا یستر إلا ما كان خیرة.

«9»- ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی الْحُسَیْنِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ أَتَاهُ رَهْطٌ مِنَ الْیَهُودِ فَقَالُوا إِنَّا سَائِلُوكَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا عَنْهُ صَدَّقْنَاكَ وَ آمَنَّا بِكَ فَقَالَ عَلَیْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ سَلُوا عَمَّا بَدَا لَكُمْ قَالُوا عَنِ الشَّبَهِ كَیْفَ یَكُونُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَ إِنَّمَا النُّطْفَةُ لِلرَّجُلِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ نُطْفَةَ الرَّجُلِ بَیْضَاءُ غَلِیظَةٌ وَ أَنَّ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ حَمْرَاءُ رَقِیقَةٌ فَأَیَّتُهُمَا غَلَبَتْ صَاحِبَتَهَا كَانَتْ لَهَا الشَّبَهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَمَّا حَرَّمَ إِسْرَائِیلُ عَلَی نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْزِلَ التَّوْرَاةُ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ إِلَیْهِ لُحُومُ الْإِبِلِ وَ أَلْبَانُهَا فَاشْتَكَی شَكْوَی فَلَمَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْهَا حَرَّمَهَا عَلَی نَفْسِهِ لِیَشْكُرَ اللَّهَ بِهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ نَوْمِكَ كَیْفَ هُوَ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ صِفَةِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی تَزْعُمُونَ أَنِّی لَسْتُ بِهِ تَنَامُ عَیْنُهُ وَ قَلْبُهُ یَقْظَانُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ كَذَا نَوْمِی قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ وَ هُوَ الَّذِی یَأْتِیكَ وَ هُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَ هُوَ مَلَكٌ إِنَّمَا یَأْتِی بِالْغِلْظَةِ وَ شِدَّةِ الْأَمْرِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَاتَّبَعْنَاكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ إِلَی قَوْلِهِ أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِیقٌ مِنْهُمْ (1).

«10»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ

ص: 307


1- قصص الأنبیاء، مخطوط.

تَعْلَمُونَ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِینَ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَنِّی فَضَّلْتُكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ وَ اتَّقُوا یَوْماً لا تَجْزِی نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئاً وَ لا یُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا یُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ وَ إِذْ نَجَّیْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَكُمْ وَ فِی ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام خَاطَبَ اللَّهُ بِهَا قَوْماً یَهُوداً لَبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ بِأَنْ زَعَمُوا أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیٌّ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَصِیٌّ وَ لَكِنَّهُمَا یَأْتِیَانِ بَعْدَ وَقْتِنَا هَذَا بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَرْضَوْنَ التَّوْرَاةَ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ حَكَماً قَالُوا بَلَی فَجَاءُوا بِهَا وَ جَعَلُوا یَقْرَءُونَ مِنْهَا خِلَافَ مَا فِیهَا فَقَلَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الطُّومَارَ الَّذِی مِنْهُ كَانُوا یَقْرَءُونَ وَ هُوَ فِی یَدِ قَارِءَیْنِ مِنْهُمْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوَّلُهُ وَ مَعَ الْآخَرِ آخِرُهُ فَانْقَلَبَ ثُعْبَاناً لَهَا رَأْسَانِ وَ تَنَاوَلَ كُلُّ رَأْسٍ مِنْهُمَا یَمِینَ مَنْ هُوَ فِی یَدِهِ وَ جَعَلَتْ (جَعَلَ) تُرَضِّضُهُ وَ تُهَشِّمُهُ (1)وَ یَصِیحُ الرَّجُلَانِ وَ یَصْرُخَانِ وَ كَانَتْ هُنَاكَ طَوَامِیرُ أُخَرُ فَنَطَقَتْ وَ قَالَتْ لَا تَزَالانِ فِی هَذَا الْعَذَابِ حَتَّی تَقْرَءَا مَا فِیهَا مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُبُوَّتِهِ وَ صِفَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِمَامَتِهِ عَلَی مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ فَقَرَءَا صَحِیحاً وَ آمَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اعْتَقَدَا إِمَامَةَ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ وَ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ بِأَنْ تُقِرُّوا بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ مِنْ وَجْهٍ وَ تَجْحَدُوا مِنْ وَجْهٍ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ مِنْ نُبُوَّةِ هَذَا وَ إِمَامَةِ هَذَا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَكْتُمُونَهُ وَ تُكَابِرُونَ عُلُومَكُمْ (حُلُومَكُمْ) وَ عُقُولَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا كَانَ قَدْ جَعَلَ أَخْبَارَكُمْ حُجَّةً ثُمَّ جَحَدْتُمْ لَمْ یُضَیِّعْ هُوَ حُجَّتَهُ بَلْ یُقِیمُهَا مِنْ غَیْرِ حُجَّتِكُمْ فَلَا تُقَدِّرُوا أَنَّكُمْ تُغَالِبُونَ رَبَّكُمْ وَ تُقَاهِرُونَهُ (2)ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَوْمٍ مِنْ مَرَدَةِ الْیَهُودِ وَ مُنَافِقِیهِمْ الْمُحْتَجِنِینَ لِأَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَأْكِلِینَ

ص: 308


1- رضضه: بالغ فی رضه، أی دقه و جرشه. هشم الشی: بالغ فی هشمه أی كسره.
2- فی المصدر هنا قطعة طویلة فی فضل الصلاة و غیرها ترك ذكرها.

لِلْأَغْنِیَاءِ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ بِالْخَیْرِ وَ یَتْرُكُونَهُ وَ یَنْهَوْنَ عَنِ الشَّرِّ وَ یَرْتَكِبُونَهُ فَقَالَ یَا مَعَاشِرَ الْیَهُودِ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ بِالصَّدَقَاتِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ فَلَا تَفْعَلُونَ مَا بِهِ تَأْمُرُونَ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ التَّوْرَاةَ الْآمِرَةَ بِالْخَیْرَاتِ النَّاهِیَةَ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ المُخْبِرَةَ عَنْ عِقَابِ الْمُتَمَرِّدِینَ وَ عَنْ عَظِیمِ الشَّرَفِ الَّذِی یَتَطَوَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَی الطَّائِعِینَ الْمُجْتَهِدِینَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ مَا عَلَیْكُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَی فِی أَمْرِكُمْ بِمَا بِهِ لَا تَأْخُذُونَ وَ فِی نَهْیِكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ فِیهِ مُنْهَمِكُونَ وَ كَانَ هَؤُلَاءِ قوم (قَوْماً) مِنْ رُؤَسَاءِ الْیَهُودِ وَ عُلَمَائِهِمْ احْتَجَنُوا أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ وَ الْمَبَرَّاتِ فَأَكَلُوهَا وَ اقْتَطَعُوهَا ثُمَّ حَضَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ حَرَّشُوا (1)عَلَیْهِ عَوَامَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّداً قَدْ تَعَدَّی طَوْرَهُ وَ ادَّعَی مَا لَیْسَ لَهُ فَجَاءُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَی حَضْرَتِهِ وَ قَدِ اعْتَقَدَ عَامَّتُهُمْ أَنْ یَقَعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقْتُلُوهُ وَ لَوْ أَنَّهُ فِی جَمَاهِیرَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَا یُبَالُونَ بِمَا أَتَاهُمْ بِهِ الدَّهْرُ فَلَمَّا حَضَرُوهُ وَ كَانُوا بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ لَهُ رُؤَسَاؤُهُمْ وَ قَدْ وَاطَئُوا عَوَامَّهُمْ عَلَی أَنَّهُمْ إِذَا أَفْحَمُوا مُحَمَّداً وَضَعُوا عَلَیْهِ سُیُوفَهُمْ فَقَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ جِئْتَ یَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ نَظِیرُ مُوسَی وَ (سَائِرِ) الْأَنْبِیَاءِ الْمُتَقَدِّمِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا قَوْلِی إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَنَعَمْ وَ أَمَّا أَنْ أَقُولَ إِنِّی نَظِیرُ مُوسَی وَ الْأَنْبِیَاءِ فَمَا أَقُولُ هَذَا وَ مَا كُنْتُ لِأُصَغِّرَ مَا قَدْ عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ قَدْرِی بَلْ قَالَ رَبِّی یَا مُحَمَّدُ إِنَّ فَضْلَكَ عَلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِینَ كَفَضْلِی وَ أَنَا رَبُّ الْعِزَّةِ عَلَی سَائِرِ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ وَ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمُوسَی علیه السلام لَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ فُضِّلَ عَلَی جَمِیعِ الْعَالَمِینَ فَغَلُظَ ذَلِكَ عَلَی الْیَهُودِ وَ هَمُّوا أَنْ یَقْتُلُوهُ فَذَهَبُوا یَسُلُّونَ سُیُوفَهُمْ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَجَدَ یَدَیْهِ إِلَی خَلْفِهِ كَالْمَكْتُوفِ یَابِساً لَا یَقْدِرُ أَنْ یُحَرِّكَهُمَا وَ تَحَیَّرُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ رَأَی مَا بِهِمْ مِنَ الْحَیْرَةِ لَا تَجْزَعُوا فَخَیْرٌ (2)أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی بِكُمْ مَنَعَكُمْ مِنَ الْوُثُوبِ عَلَی وَلِیِّهِ وَ حَبَسَكُمْ عَلَی اسْتِمَاعِ حُجَّتِهِ فِی نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِیَّةِ أَخِیهِ عَلِیٍ

ص: 309


1- حرش بین القوم: أغری بعضهم ببعض. و فی المصدر: و قد حشروا علیه عوامهم.
2- فی نسخة: فخیرا اراده اللّٰه تعالی بكم.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَعَاشِرَ الْیَهُودِ هَؤُلَاءِ رُؤَسَاؤُكُمْ كَافِرُونَ وَ لِأَمْوَالِكُمْ مُحْتَجِنُونَ وَ لِحُقُوقِكُمَ بَاخِسُونَ وَ لَكُمْ فِی قِسْمَةٍ مِنْ بَعْدِ مَا اقْتَطَعُوهُ ظَالِمُونَ (1)یَخْفِضُونَ وَ یَرْفَعُونَ فَقَالَتْ رُؤَسَاءُ الْیَهُودِ حَدَثَ عَنْ مَوَاضِعِ الْحُجَّةِ حُجَّةُ نُبُوَّتِكَ وَ وَصِیَّةِ عَلِیٍّ أَخِیكَ هَذَا دَعْوَاكَ الْأَبَاطِیلَ وَ إِغْرَاؤُكَ قَوْمَنَا بِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّ اللَّهَ (2)عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَذِنَ لِنَبِیِّهِ أَنْ یَدْعُوَ بِالْأَمْوَالِ الَّتِی خُنْتُمُوهَا هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءُ وَ مَنْ یَلِیهِمْ فَیُحْضِرَهَا هَاهُنَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ كَذَلِكَ یَدْعُوَ حُسْبَانَاتِكُمْ فَیُحْضِرَهَا لَدَیْهِ وَ یَدْعُوَ مَنْ وَاطَأْتُمُوهُ عَلَی اقْتِطَاعِ أَمْوَالِ الضُّعَفَاءِ فَتَنْطِقُ بِاقْتِطَاعِهِمْ جَوَارِحُهُمْ وَ كَذَلِكَ تَنْطِقُ بِاقْتِطَاعِكُمْ جَوَارِحُكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَلَائِكَةَ رَبِّی (3)أَحْضِرُونِی أَصْنَافَ الْأَمْوَالِ الَّتِی اقْتَطَعَهَا هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ لِعَوَامِّهِمْ فَإِذَا الدَّرَاهِمُ فِی الْأَكْیَاسِ وَ الدَّنَانِیرُ وَ إِذَا الثِّیَابُ وَ الْحَیَوَانَاتُ وَ أَصْنَافُ الْأَمْوَالِ مُنْحَدِرَةٌ عَلَیْهِمْ مِنْ حَالِقٍ حَتَّی اسْتَقَرَّتْ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ائْتُونِی بِحُسْبَانَاتِ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِینَ الَّذِینَ غَالَطُوا بِهَا هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءُ (4)فَإِذَا الْأَدْرَاجُ تَنْزِلُ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ عَلَی الْأَرْضِ قَالَ خُذُوهَا فَأَخَذُوهَا وَ قَرَءُوا فِیهَا نَصِیبَ كُلِّ قَوْمٍ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَلَائِكَةَ رَبِّی اكْتُبُوا تَحْتَ اسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا سَرَقُوهُ مِنْهُ وَ بَیَّنُوهُ فَظَهَرَتْ كِتَابَةٌ بَیِّنَةٌ لَا بَلْ نَصِیبُ كُلِّ قَوْمٍ كَذَا وَ كَذَا فَإِذَا أَنَّهُمْ قَدْ خَانُوهُمْ عَشْرَةَ أَضْعَافِ مَا دَفَعُوا إِلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَلَائِكَةَ رَبِّی مَیِّزُوا بَیْنَ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْحَاضِرَةِ كُلَّ مَا فَضَلَ عَمَّا بَیَّنَهُ هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ لِنُؤَدِّیَ إِلَی مُسْتَحِقِّهِ فَاضْطَرَبَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ وَ جَعَلَتْ یَنْفَصِلُ بَعْضٌ مِنْ بَعْضٍ حَتَّی تَمَیَّزَتْ أَجْزَاءٌ كَمَا ظَهَرَتْ فِی الْكِتَابِ الْمَكْتُوبِ وَ بَیَّنَ أَنَّهُمْ سَرَقُوهُ وَ اقْتَطَعُوهُ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَنْ حَضَرَ مِنْ عَوَامِّهِمْ نَصِیبَهُ وَ بَعَثَ إِلَی مَنْ غَابَ مِنْهُمْ فَأَعْطَاهُ وَ أَعْطَی وَرَثَةَ مَنْ قَدْ مَاتَ وَ فَضَحَ اللَّهُ الْیَهُودَ الرُّؤَسَاءَ وَ غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَی بَعْضِهِمْ وَ بَعْضِ الْعَوَامِّ وَ وَفَّقَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ

ص: 310


1- فی نسخة: و لكم فی قسمة ما اقتطعوه ظالمون.
2- فی المصدر: لا و لكن اللّٰه.
3- فی نسخة: یا ملائكة اللّٰه.
4- فی نسخة و فی المصدر: هؤلاء الفقراء.

فَقَالَ لَهُ الرُّؤَسَاءُ الَّذِینَ هَمُّوا بِالْإِسْلَامِ نَشْهَدُ یَا مُحَمَّدُ أَنَّكَ النَّبِیُّ الْأَفْضَلُ وَ أَنَّ أَخَاكَ هَذَا وَصِیُّكَ هُوَ الْوَصِیُّ الْأَجَلُّ الْأَكْمَلُ فَقَدْ فَضَحَنَا اللَّهُ بِذُنُوبِنَا أَ رَأَیْتَ إِنْ تُبْنَا مِمَّا اقْتَطَعْنَا مَا ذَا یَكُونُ حَالُنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَنْتُمْ فِی الْجِنَانِ رُفَقَاؤُنَا وَ فِی الدُّنْیَا وَ فِی دِینِ اللَّهِ إِخْوَانُنَا وَ یُوَسِّعُ اللَّهُ أَرْزَاقَكُمْ وَ تَجِدُونَ فِی مَوَاضِعِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِی أُخِذَتْ مِنْكُمْ أَضْعَافَهَا وَ یَنْسَی هَؤُلَاءِ الْخَلْقُ فَضِیحَتَكُمْ حَتَّی لَا یَذْكُرَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّكَ یَا مُحَمَّدُ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَفِیُّهُ وَ خَلِیلُهُ وَ أَنَّ عَلِیّاً أَخُوكَ وَ وَزِیرُكَ وَ الْقَیِّمُ بِدِینِكَ وَ النَّائِبُ عَنْكَ وَ الْمُنَاضِلُ دُونَكَ وَ هُوَ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْتُمُ الْمُفْلِحُونَ (1)ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یا بَنِی إِسْرائِیلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْكُمْ أَنْ بَعَثْتُ مُوسَی وَ هَارُونَ إِلَی أَسْلَافِكُمْ بِالنُّبُوَّةِ فَهَدَیْنَاهُمْ إِلَی نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیَّةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِمَامَةِ عِتْرَتِهِ الطَّیِّبِینَ وَ أَخَذْنَا عَلَیْكُمْ بِذَلِكَ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ الَّتِی إِنْ وَفَیْتُمْ بِهَا كُنْتُمْ مُلُوكاً فِی جِنَانِهِ مُسْتَحِقِّینَ لِكَرَامَاتِهِ وَ رِضْوَانِهِ وَ أَنِّی فَضَّلْتُكُمْ عَلَی الْعالَمِینَ هُنَاكَ أَیْ فَعَلْتُهُ بِأَسْلَافِكُمْ فَضَّلْتُهُمْ دِیناً وَ دُنْیَا أَمَّا تَفْضِیلُهُمْ فِی الدِّینِ فَلِقَبُولِهِمْ وَلَایَةَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ وَ أَمَّا فِی الدُّنْیَا فَبِأَنْ ظَلَّلْتُ عَلَیْهِمُ الْغَمَامَ وَ أَنْزَلْتُ عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَی وَ سَقَیْتُهُمْ مِنْ حَجَرٍ مَاءً عَذْباً وَ فَلَقْتُ لَهُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَیْتُهُمْ وَ أَغْرَقْتُ أَعْدَاءَهُمْ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ وَ فَضَّلْتُهُمْ بِذَلِكَ عَلَی عَالَمِی زَمَانِهِمُ الَّذِینَ خَالَفُوا طَرَائِقَهُمْ وَ حَادُوا عَنْ سَبِیلِهِمْ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فَإِذَا كُنْتُ قَدْ فَعَلْتُ هَذَا بِأَسْلَافِكُمْ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لِقَبُولِهِمْ وَلَایَةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَبِالْأَحْرَی (2)أَنْ أَزِیدَكُمْ فَضْلًا فِی هَذَا الزَّمَانِ إِذَا أَنْتُمْ وَفَیْتُمْ بِمَا أَخَذَ مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِیثَاقِ عَلَیْكُمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اتَّقُوا یَوْماً لا تَجْزِی

ص: 311


1- فی المصدر هنا قطعة طویلة لم یذكرها المصنّف.
2- فی نسخة: فبالحری.

نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئاً لَا تَدْفَعُ عَنْهُ عَذَاباً قَدِ اسْتَحَقَّهُ عِنْدَ النَّزْعِ وَ لا یُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لَا تَشْفَعُ لَهَا بِتَأْخِیرِ الْمَوْتِ عَنْهَا وَ لا یُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ لَا یُقْبَلُ فِدَاءٌ مَكَانَهُ یُمَاتُ وَ یُتْرَكُ هُوَ- قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ هَذَا یَوْمُ الْمَوْتِ فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ وَ الْفِدَاءَ لَا یُغْنِی عَنْهُ وَ أَمَّا فِی الْقِیَامَةِ فَإِنَّا وَ أَهْلَنَا نَجْزِی عَنْ شِیعَتِنَا كُلَّ جَزَاءٍ (1).

بیان: قوله احتجنوا بالنون قال الجوهری حجنت الشی ء و احتجنه إذا جذبته بالمحجن إلی نفسك و منه قول قیس بن عاصم علیكم بالمال و احتجانه هو ضمكه إلی نفسك و إمساكك إیاه.

و قال الجزری فیه ما أقطعك العقیق لتحتجنه أی تملكه دون الناس و الاحتجان جمع الشی ء و ضمه إلیك و منه و احتجناه دون غیرنا انتهی. و فی بعض النسخ بالباء أی احتجبوا بالأموال و الأول أظهر و یقال اقتطع من ماله قطعة أخذه و الحالق الجبل المرتفع و یقال جاء من حالق أی من مكان مشرف.

قوله علیه السلام ما سرقوه منه و بینوه أی و ما بینوه و أظهروه و أعطوه مستحقه أو هو بصیغة الأمر خطابا للملائكة و هو أظهر و المناضلة المراماة و المراد هنا مطلق الجهاد قوله و حادوا أی مالوا.

«11»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِیَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما یَهْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ عَسَتْ (2)وَ جَفَّتْ وَ یَبِسَتْ مِنَ الْخَیْرِ وَ الرَّحْمَةِ قُلُوبُكُمْ مَعَاشِرَ الْیَهُودِ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ مِنْ بَعْدِ مَا بَیَّنْتُ مِنَ الْآیَاتِ الْبَاهِرَاتِ فِی زَمَانِ مُوسَی وَ مِنَ الْآیَاتِ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِی شَاهَدْتُمُوهَا مِنْ مُحَمَّدٍ ص

ص: 312


1- تفسیر العسكریّ علیه السلام: 92- 96. و للحدیث ذیل لم یورده المصنّف هنا.
2- فی المصدر: عمت.

فَهِیَ كَالْحِجارَةِ الْیَابِسَةِ لَا تَرْشَحُ بِرُطُوبَةٍ وَ لَا یَنْتَفِضُ مِنْهَا مَا یُنْتَفَعُ بِهِ أَیْ إِنَّكُمْ لَا حَقَّ اللَّهِ تُؤَدُّونَ وَ لَا مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَ لَا مِنْ حَوَاشِیهَا تَتَصَدَّقُونَ وَ لَا بِالْمَعْرُوفِ تَتَكَرَّمُونَ وَ بِهِ تَجُودُونَ وَ لَا الضَّیْفَ تَقْرُونَ وَ لَا مَكْرُوباً تُغِیثُونَ وَ لَا بِشَیْ ءٍ مِنَ الْإِنْسَانِیَّةِ تُعَاشِرُونَ وَ تُعَامِلُونَ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً إِنَّمَا هِیَ فِی قَسَاوَةِ الْأَحْجَارِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً أَبْهَمَ عَلَی السَّامِعِینَ وَ لَمْ یُبَیِّنْ لَهُمْ كَمَا یَقُولُ الْقَائِلُ أَكَلْتُ خُبْزاً أَوْ لَحْماً وَ هُوَ لَا یُرِیدُ بِهِ أَنِّی لَا أَدْرِی مَا أَكَلْتُ بَلْ یُرِیدُ أَنْ یُبْهِمَ عَلَی السَّامِعِ حَتَّی لَا یَعْلَمَ مَا ذَا أَكَلَ وَ إِنْ كَانَ یَعْلَمُ أَنَّهُ مَا قَدْ أَكَلَ وَ لَیْسَ مَعْنَاهُ بَلْ أَشَدُّ قَسْوَةً لِأَنَّ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ غَلَطٌ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ یَرْتَفِعُ أَنْ یَغْلَطَ فِی خَبَرٍ ثُمَّ یَسْتَدْرِكَ عَلَی نَفْسِهِ الْغَلَطَ لِأَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَ بِمَا یَكُونُ وَ مَا لَا یَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَیْفَ كَانَ یَكُونُ وَ إِنَّمَا یَسْتَدْرِكُ الْغَلَطَ عَلَی نَفْسِهِ الْمَخْلُوقُ الْمَنْقُوصُ وَ لَا یُرِیدُ بِهِ أَیْضاً فَهِیَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً أَیْ وَ أَشَدُّ قَسْوَةً لِأَنَّ هَذَا تَكْذِیبُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِی لِأَنَّهُ قَالَ فَهِیَ كَالْحِجَارَةِ فِی الشِّدَّةِ لَا أَشَدَّ مِنْهَا وَ لَا أَلْیَنَ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَشَدُّ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَیْسَ بِأَشَدَّ وَ هَذَا مَثَلٌ لِمَنْ یَقُولُ لَا یَجِی ءُ مِنْ قُلُوبِكُمْ خَیْرٌ لَا قَلِیلٌ وَ لَا كَثِیرٌ (1)فَأَبْهَمَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْأَوَّلِ حَیْثُ قَالَ أَوْ أَشَدُّ وَ بَیَّنَ فِی الثَّانِی أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ لَا بِقَوْلِهِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً بَلْ بِقَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ أَیْ فَهِیَ فِی الْقَسَاوَةِ بِحَیْثُ لَا یَجِی ءُ مِنْهَا الْخَیْرُ وَ فِی الْحِجَارَةِ مَا یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ فَیَجِی ءُ بِالْخَیْرِ وَ الْغِیَاثِ لِبَنِی آدَمَ وَ إِنَّ مِنْها مِنَ الْحِجَارَةِ لَما یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ هُوَ مَا یَقْطُرُ مِنْهَا الْمَاءُ فَهُوَ خَیْرٌ مِنْهَا دُونَ الْأَنْهَارِ الَّتِی یَتَفَجَّرُ مِنْ بَعْضِهَا وَ قُلُوبُهُمْ لَا یَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْخَیْرَاتُ وَ لَا یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْهَا قَلِیلٌ مِنَ الْخَیْرَاتِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ كَثِیراً ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ مِنْها یَعْنِی مِنَ الْحِجَارَةِ لَما یَهْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ إِذَا أَقْسَمَ عَلَیْهَا بِاسْمِ اللَّهِ وَ بِأَسْمَاءِ أَوْلِیَائِهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ

ص: 313


1- فی المصدر هكذا: و لا یرید به أیضا فهی كالحجارة فی الشدة لا أشدّ منها و لا ألین، فإذا قال بعد ذلك: أو أشدّ فقد رجع عن قوله الأول: انها لیست بأشد، هذا مثل أن یقول: لا یجی ء من قبلك خیر لا قلیل و لا كثیر. و فی المصدر المطبوع بهامش تفسیر علیّ بن إبراهیم مثل ما فی المتن.

آلِهِمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ لَیْسَ فِی قُلُوبِكُمْ شَیْ ءٌ مِنْ هَذِهِ الْخَیْرَاتِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بَلْ عَالِمٌ بِهِ یُجَازِیكُمْ عَنْهُ بِمَا هُوَ بِهِ عَادِلٌ عَلَیْكُمْ وَ لَیْسَ بِظَالِمٍ لَكُمْ یُشَدِّدُ حِسَابَكُمْ وَ یُؤْلِمُ عِقَابَكُمْ وَ هَذَا الَّذِی وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ قُلُوبَهُمْ هَاهُنَا نَحْوُ مَا قَالَ فِی سُورَةِ النِّسَاءِ أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً وَ مَا وَصَفَ بِهِ الْأَحْجَارَ هَاهُنَا نَحْوُ مَا وَصَفَ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلی جَبَلٍ لَرَأَیْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ هَذَا التَّقْرِیعُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی لِلْیَهُودِ وَ النَّاصِبِ وَ الْیَهُودُ جَمَعُوا الْأَمْرَیْنِ وَ اقْتَرَفُوا الْخَطِیئَتَیْنِ فَغَلَّظَ عَلَی الْیَهُودِ مَا وَبَّخَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَ ذَوِی الْأَلْسُنِ وَ الْبَیَانِ مِنْهُمْ یَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَهْجُونَا وَ تَدَّعِی عَلَی قُلُوبِنَا مَا اللَّهُ یَعْلَمُ مِنْهَا خِلَافَهُ إِنَّ فِیهَا خَیْراً كَثِیراً نَصُومُ وَ نَتَصَدَّقُ وَ نُوَاسِی الْفُقَرَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا الْخَیْرُ مَا أُرِیدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَی وَ عُمِلَ عَلَی مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ وَ أَمَّا مَا أُرِیدَ بِهِ الرِّیَاءُ وَ السُّمْعَةُ وَ مُعَانَدَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِظْهَارُ الْعِنَادِ لَهُ وَ التَّمَالُكِ وَ الشَّرَفِ عَلَیْهِ فَلَیْسَ بِخَیْرٍ بَلْ هُوَ الشَّرُّ الْخَالِصُ وَبَالٌ عَلَی صَاحِبِهِ یُعَذِّبُهُ اللَّهُ بِهِ أَشَدَّ الْعَذَابِ فَقَالُوا لَهُ یَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَقُولُ هَذَا وَ نَحْنُ نَقُولُ بَلْ مَا نُنْفِقُهُ إِلَّا لِإِبْطَالِ أَمْرِكَ وَ دَفْعِ رِئَاسَتِكَ وَ لِتَفْرِیقِ أَصْحَابِكَ عَنْكَ وَ هُوَ الْجِهَادُ الْأَعْظَمُ نُؤَمِّلُ بِهِ مِنَ اللَّهِ الثَّوَابَ الْأَجَلَّ الْأَجْسَمَ وَ أَقَلُّ أَحْوَالِنَا أَنَّا تَسَاوَیْنَا فِی الدَّعْوَی مَعَكَ فَأَیُّ فَضْلٍ لَكَ عَلَیْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا إِخْوَةَ الْیَهُودِ إِنَّ الدَّعَاوِیَ یَتَسَاوَی فِیهَا الْمُحِقُّونَ وَ الْمُبْطِلُونَ وَ لَكِنْ حُجَجُ اللَّهِ وَ دَلَائِلُهُ تُفَرِّقُ بَیْنَهُمْ فَتَكْشِفُ عَنْ تَمْوِیهِ الْمُبْطِلِینَ وَ تُبَیِّنُ عَنْ حَقَائِقِ الْمُحِقِّینَ وَ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ لَا یَغْتَنِمُ جَهْلَكُمْ وَ لَا یُكَلِّفُكُمُ التَّسْلِیمَ لَهُ بِغَیْرِ حُجَّةٍ وَ لَكِنْ یُقِیمُ عَلَیْكُمْ حُجَّةَ اللَّهِ الَّتِی لَا یُمْكِنُكُمْ دِفَاعُهَا وَ لَا تُطِیقُونَ الِامْتِنَاعَ مِنْ مُوجِبِهَا وَ لَوْ ذَهَبَ مُحَمَّدٌ یُرِیكُمْ آیَةً مِنْ عِنْدِهِ لَشَكَكْتُمْ وَ قُلْتُمْ إِنَّهُ مُتَكَلِّفٌ مَصْنُوعٌ مُحْتَالٌ فِیهِ مَعْمُولٌ أَوْ مُتَوَاطَأٌ عَلَیْهِ وَ إِذَا اقْتَرَحْتُمْ أَنْتُمْ فَأَرَاكُمْ مَا تَقْتَرِحُونَ لَمْ یَكُنْ لَكُمْ أَنْ تَقُولُوا مَعْمُولٌ أَوْ مُتَوَاطَأٌ عَلَیْهِ أَوْ مُتَأَتًّی بِحِیلَةٍ وَ مُقَدِّمَاتٍ فَمَا الَّذِی تَقْتَرِحُونَ فَهَذَا رَبُ

ص: 314

الْعَالَمِینَ قَدْ وَعَدَنِی أَنْ یُظْهِرَ لَكُمْ مَا تَقْتَرِحُونَ لِیَقْطَعَ مَعَاذِیرَ الْكَافِرِینَ مِنْكُمْ وَ یَزِیدَ فِی بَصَائِرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْكُمْ قَالُوا قَدْ أَنْصَفْتَنَا یَا مُحَمَّدُ فَإِنْ وَفَیْتَ بِمَا وَعَدْتَ مِنْ نَفْسِكَ مِنَ الْإِنْصَافِ وَ إِلَّا فَأَنْتَ أَوَّلُ رَاجِعٍ مِنْ دَعْوَاكَ النُّبُوَّةَ وَ دَاخِلٌ فِی غُمَارِ الْأُمَّةِ وَ مُسَلِّمٌ لِحُكْمِ التَّوْرَاةِ لِعَجْزِكَ عَمَّا نَقْتَرِحُهُ عَلَیْكَ وَ ظُهُورِ بَاطِلِ دَعْوَاكَ (1)فِیمَا تَرُومُهُ مِنْ جِهَتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصِّدْقُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ لَا الْوَعِیدُ (2)اقْتَرِحُوا مَا أَنْتُمْ مُقْتَرِحُونَ (3)لِیُقْطَعَ مَعَاذِیرُكُمْ فِیمَا تَسْأَلُونَ فَقَالُوا لَهُ یَا مُحَمَّدُ زَعَمْتَ أَنَّهُ مَا فِی قُلُوبِنَا شَیْ ءٌ مِنْ مُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ وَ مُعَاوَنَةِ الضُّعَفَاءِ وَ النَّفَقَةِ فِی إِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَ إِحْقَاقِ المحق (الْحَقِ) وَ أَنَّ الْأَحْجَارَ أَلْیَنُ مِنْ قُلُوبِنَا وَ أَطْوَعُ لِلَّهِ مِنَّا وَ هَذِهِ الْجِبَالُ بِحَضْرَتِنَا فَهَلُمَّ بِنَا إِلَی بَعْضِهَا فَاسْتَشْهِدْهُ عَلَی تَصْدِیقِكَ وَ تَكْذِیبِنَا فَإِنْ نَطَقَ بِتَصْدِیقِكَ فَأَنْتَ الْمُحِقُّ یَلْزَمُنَا اتِّبَاعُكَ وَ إِنْ نَطَقَ بِتَكْذِیبِكَ أَوْ صَمَتَ فَلَمْ یَرُدَّ جَوَابَكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ الْمُبْطِلُ فِی دَعْوَاكَ الْمُعَانِدُ لِهَوَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ هَلُمُّوا بِنَا إِلَی أَیِّهَا شِئْتُمْ فَأَسْتَشْهِدَهُ لِیَشْهَدَ لِی عَلَیْكُمْ فَخَرَجُوا إِلَی أَوْعَرِ جَبَلٍ رَأَوْهُ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ هَذَا الْجَبَلَ فَاسْتَشْهِدْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْجَبَلِ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الَّذِینَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ خَفَّفَ اللَّهُ الْعَرْشَ عَلَی كَوَاهِلِ (4)ثَمَانِیَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ یَقْدِرُوا عَلَی تَحْرِیكِهِ وَ هُمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ لَا یَعْرِفُ عَدَدَهُمْ غَیْرُ اللَّهِ (5)عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الَّذِینَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ تَابَ اللَّهُ عَلَی آدَمَ وَ غَفَرَ خَطِیئَتَهُ وَ أَعَادَهُ إِلَی مَرْتَبَتِهِ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الَّذِینَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ وَ سُؤَالِ اللَّهِ بِهِمْ رَفَعَ إِدْرِیسَ فِی الْجَنَّةِ مَكَاناً عَلِیّاً لَمَّا شَهِدْتَ لِمُحَمَّدٍ بِمَا أَوْدَعَكَ اللَّهُ بِتَصْدِیقِهِ عَلَی هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ فِی ذِكْرِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ وَ تَكْذِیبِهِمْ فِی جَحْدِهِمْ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 315


1- فی المصدر: و ظهور الباطل فی دعواك.
2- فی المصدر: و فی نسخة: الصدق ینبئ عنكم لا الوعید.
3- فی المصدر: اقترحوا بما أنتم مقترحون.
4- جمع الكاهل: أعلی الظهر ممّا یلی العنق.
5- فی نسخة: الا اللّٰه.

فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ وَ تَزَلْزَلَ وَ فَاضَ عَنْهُ الْمَاءُ وَ نَادَی یَا مُحَمَّدُ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ سَیِّدُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِینَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ قُلُوبَ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ كَمَا وَصَفْتَ أَقْسَی مِنَ الْحِجَارَةِ لَا یَخْرُجُ مِنْهَا خَیْرٌ كَمَا قَدْ یَخْرُجُ مِنَ الْحِجَارَةِ الْمَاءُ سَیْلًا أَوْ تَفَجُّراً (1)وَ أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَاذِبُونَ عَلَیْكَ فِیمَا بِهِ یَقْذِفُونَكَ مِنَ الْفِرْیَةِ عَلَی رَبِّ الْعَالَمِینَ(2).

توضیح: أقول تمامه فی أبواب معجزات النبی صلی اللّٰه علیه و آله و یقال عسا الشی ء إذا یبس و صلب قوله الصدق بینی و بینكم أی یجب أن نصدق فیما نقول و نأتی به و لا نكتفی بالوعد و الوعید و فی بعض النسخ ینبئ عنكم و هو أظهر.

«12»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ تَعَالَی أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام فَلَمَّا بَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ بِمُعْجِزَتِهِ وَ قَطَعَ مَعَاذِیرَهُمْ بِوَاضِحِ دَلَالَتِهِ لَمْ یُمْكِنْهُمْ مُرَاجَعَتُهُ فِی حُجَّتِهِ وَ لَا إِدْخَالُ التَّلْبِیسِ عَلَیْهِ فِی مُعْجِزَاتِهِ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ قَدْ آمَنَّا بِأَنَّكَ الرَّسُولُ الْهَادِی الْمَهْدِیُّ وَ أَنَّ عَلِیّاً أخوك (أَخَاكَ) هُوَ الْوَصِیُّ وَ الْوَلِیُّ وَ كَانُوا إِذَا خَلَوْا بِالْیَهُودِ الْآخَرِینَ یَقُولُونَ لَهُمْ إِنَّ إِظْهَارَنَا لَهُ الْإِیمَانَ بِهِ أَمْكَنُ لَنَا مِنْ مَكْرُوهِهِ وَ أَعْوَنُ لَنَا عَلَی اصْطِلَامِهِ وَ اصْطِلَامِ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّنَا مَعَهُمْ یَقِفُونَنَا عَلَی أَسْرَارِهِمْ وَ لَا یَكْتُمُونَنَا شَیْئاً فَنُطْلِعُ عَلَیْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ فَیَقْصِدُونَ أَذَاهُمْ بِمُعَاوَنَتِنَا وَ مُظَاهَرَتِنَا فِی أَوْقَاتِ اشْتِغَالِهِمْ وَ اضْطِرَابِهِمْ وَ أَحْوَالِ تَعَذُّرِ الْمُدَافَعَةِ وَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْأَعْدَاءِ عَلَیْهِمْ وَ كَانُوا مَعَ ذَلِكَ یُنْكِرُونَ عَلَی سَائِرِ الْیَهُودِ الْإِخْبَارَ لِلنَّاسِ عَمَّا كَانُوا یُشَاهِدْونَهُ مِنْ آیَاتِهِ وَ یُعَایِنُونَهُ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ فَأَظْهَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً رَسُولَهُ عَلَی قُبْحِ اعْتِقَادِهِمْ وَ سُوءِ دَخِیلَاتِهِمْ (3)وَ عَلَی إِنْكَارِهِمْ عَلَی مَنِ اعْتَرَفَ بِمُشَاهَدِهِ مِنْ آیَاتِ مُحَمَّدٍ وَ وَاضِحِ بَیِّنَاتِهِ وَ بَاهِرِ مُعْجِزَاتِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ الَّذِینَ هُمْ بِحُجَجِ اللَّهِ قَدْ بَهَرْتُمُوهُمْ وَ بِآیَاتِ اللَّهِ وَ دَلَائِلِهِ الْوَاضِحَةِ قَدْ قَهَرْتُمُوهُمْ أَنْ یُؤْمِنُوا لَكُمْ وَ یُصَدِّقُوكُمْ

ص: 316


1- فی المصدر أو تفجیرا.
2- تفسیر العسكریّ: 113- 115.
3- فی المصدر: علی سوء اعتقادهم و قبح اخلاقهم. و فی طبعه الآخر أضاف: و دخالتهم.

بِقُلُوبِهِمْ وَ یُبْدُوا فِی الْخَلَوَاتِ لِشَیَاطِینِهِمْ شَرِیفَ أَحْوَالِكُمْ وَ قَدْ كانَ فَرِیقٌ مِنْهُمْ یَعْنِی مِنْ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ فِی أَصْلِ جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ وَ أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِیهِ ثُمَّ یُحَرِّفُونَهُ عَمَّا سَمِعُوهُ إِذَا أَدَّوْهُ إِلَی مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ سَائِرِ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ عَلِمُوا أَنَّهُمْ فِیمَا یَقُولُونَهُ كَاذِبُونَ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ فِی قِیلِهِمْ كَاذِبُونَ (1)ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَی نِفَاقِهِمُ الْآخَرِ- فَقَالَ وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا كَانُوا إِذَا لَقُوا سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً قالُوا آمَنَّا كَإِیمَانِكُمْ إِیمَاناً بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَقْرُوناً بِالْإِیمَانِ بِإِمَامَةِ أَخِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ بِأَنَّهُ أَخُوهُ الْهَادِی وَ وَزِیرُهُ الْمُؤَاتِی (2)وَ خَلِیفَتُهُ عَلَی أُمَّتِهِ وَ مُنْجِزُ عِدَتِهِ وَ الْوَافِی بِذِمَّتِهِ (3)وَ النَّاهِضُ بِأَعْبَاءِ سِیَاسَتِهِ وَ قَیِّمُ الْخَلْقِ الذَّابُّ لَهُمْ عَنْ سَخَطِ الرَّحْمَنِ الْمُوجَبِ لَهُمْ إِنْ أَطَاعُوهُ رَضِیَ الرَّحْمَنُ وَ أَنَّ خَلَفَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ هُمُ النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ (4)وَ الْأَقْمَارُ النَّیِّرَةُ وَ الشَّمْسُ الْمُضِیئَةُ الْبَاهِرَةُ وَ أَنَّ أَوْلِیَاءَهُمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ وَ أَنَّ أَعْدَاءَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَاحِبُ الْمُعْجِزَاتِ وَ مُقِیمُ الدَّلَالاتِ الْوَاضِحَاتِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ كَمَا سَیَأْتِی فِی أَبْوَابِ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَابِ غَزْوَةِ بَدْرٍ إِلَی قَوْلِهِ فَلَمَّا أَفْضَی بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ إِلَی بَعْضٍ قَالُوا أَیَّ شَیْ ءٍ صَنَعْتُمْ أَخْبَرْتُمُوهُمْ (5)بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ

ص: 317


1- فی المصدر هنا زیادة و هی هكذا: و ذلك أنهم لما صاروا مع موسی إلی الجبل فسمعوا كلام اللّٰه و وقفوا علی أوامره و نواهیه، و رجعوا فأدوه إلی من بعدهم فشق علیهم، فاما المؤمنون منهم فثبتوا علی ایمانهم و صدقوا فی نیاتهم، و أمّا أسلاف هؤلاء الیهود الذین نافقوا رسول اللّٰه فی هذا القصة فانهم قالوا لبنی إسرائیل: إن اللّٰه تعالی قال لنا هذا و أمرنا بما ذكرناه لكم و نهانا، و اتبع ذلك بأنكم إن صعب علیكم ما أمرتكم به فلا علیكم أن لا تفعلوه و إن صعب علیكم بما عنه نهیتكم فلا علیكم ان ترتكبوه و تواقعوه، و هم یعلمون أنهم یقولون بقولهم خ ل هذا كاذبون، ثمّ أظهر اللّٰه علی نفاقهم الآخر مع جهلهم فقال: اه اه.
2- فی المصدر: و وزیره الموالی. الموافی خ ل. قلت: المؤاتی: الموافق.
3- فی هامش المصدر: بدینه خ ل.
4- فی المصدر: هم النجوم الظاهرة.
5- فی المصدر: أی شی ء صنعتم «أ تحدثونهم» أخبرتموهم اه.

مِنَ الدَّلَالاتِ عَلَی صِدْقِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةِ أَخِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لِیُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ بِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ هَذَا وَ شَاهَدْتُمُوهُمْ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ وَ لَمْ تُطِیعُوهُ وَ قَدَرُوا بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ یُخْبِرُوهُمْ بِتِلْكَ الْآیَاتِ لَمْ یَكُنْ لَهُ عَلَیْهِمْ حُجَّةٌ فِی غَیْرِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَلا تَعْقِلُونَ أَنَّ هَذَا الَّذِی یُخْبِرُونَهُمْ بِهِ مِمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حُجَّةٌ عَلَیْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَ وَ لا یَعْلَمُونَ یَعْنِی أَ وَ لَا یَعْلَمُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِإِخْوَانِهِمْ أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یُسِرُّونَ مِنْ عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُضْمِرُونَهُ مِنْ أَنَّ إِظْهَارَهُمُ الْإِیمَانَ بِهِ أَمْكَنُ لَهُمْ مِنِ اصْطِلَامِهِ وَ إِبَادَةِ أَصْحَابِهِ (1)وَ ما یُعْلِنُونَ مِنَ الْإِیمَانِ ظَاهِراً لِیُؤْنِسُوهُمْ وَ یَقِفُوا بِهِ عَلَی أَسْرَارِهِمْ فَیُذِیعُونَهَا بِحَضْرَةِ مَنْ یَضُرُّهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ دَبَّرَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله تَمَامَ أَمْرِهِ بِبُلُوغِ غَایَةِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ بِبَعْثِهِ وَ أَنَّهُ یُتِمُّ أَمْرَهُ وَ أَنَّ نِفَاقَهُمْ وَ كَیْدَهُمْ لَا یَضُرُّهُ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ مِنْهُمْ أُمِّیُّونَ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُحَمَّدُ وَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ أُمِّیُّونَ لَا یَقْرَءُونَ الْكِتَابَ وَ لَا یَكْتُبُونَ كَالْأُمِّیِّ مَنْسُوبٌ إِلَی الْأُمِّ أَیْ هُوَ كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَا یَقْرَأُ وَ لَا یَكْتُبُ لَا یَعْلَمُونَ الْكِتَابَ الْمُنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَ لَا الْمُتَكَذَّبَ بِهِ (2)وَ لَا یُمَیِّزُونَ بَیْنَهُمَا إِلَّا أَمانِیَّ أَیْ إِلَّا أَنْ یُقْرَأَ عَلَیْهِمْ وَ یُقَالَ لَهُمْ إِنَّ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ وَ كَلَامُهُ وَ لَا یَعْرِفُونَ إِنْ قُرِئَ مِنَ الْكِتَابِ خِلَافُ مَا فِیهِ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ أَیْ مَا یَقُولُ لَهُمْ (3)رُؤَسَاؤُهُمْ مِنْ تَكْذِیبِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نُبُوَّتِهِ وَ إِمَامَةِ عَلِیٍّ علیه السلام سَیِّدِ عِتْرَتِهِ یُقَلِّدُونَهُمْ (4)مَعَ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَیْهِمْ تَقْلِیدُهُمْ (5)ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ یَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَیْدِیهِمْ الْآیَةَ قَالَ

ص: 318


1- الإبادة: الاهلاك.
2- فی المصدر: و لا المكذوب به.
3- فی نسخة: إن ما یقول لهم.
4- فی المصدر: إلّا ما یقول لهم رؤساؤهم من تكذیب محمّد فی نبوّته و إمامة علی سید عترته و هم یقلدونهم.
5- قطع من هنا قطعة طویلة.

الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَوْمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ كَتَبُوا صِفَةً زَعَمُوا أَنَّهَا صِفَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ خِلَافُ صِفَتِهِ وَ قَالُوا لِلْمُسْتَضْعَفِینَ هَذِهِ صِفَةُ النَّبِیِّ الْمَبْعُوثِ فِی آخِرِ الزَّمَانِ أَنَّهُ طَوِیلٌ عَظِیمُ الْبَدَنِ وَ الْبَطْنِ أَصْهَبُ الشَّعْرِ وَ مُحَمَّدٌ بِخِلَافِهِ وَ هُوَ یَجِی ءُ بَعْدَ هَذَا الزَّمَانِ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ لِتَبْقَی لَهُمْ عَلَی ضُعَفَائِهِمْ رِئَاسَتُهُمْ وَ تَدُومَ لَهُمْ مِنْهُمْ إِصَابَاتُهُمْ وَ یَكُفُّوا أَنْفُسَهُمْ مَئُونَةَ خِدْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خِدْمَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَهْلِ خَاصَّتِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَیْدِیهِمْ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُحَرَّفَاتِ الْمُخَالِفَاتِ لِصِفَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ علیه السلام الشِّدَّةُ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فِی أَسْوَإِ بِقَاعِ جَهَنَّمَ وَ وَیْلٌ لَهُمْ الشِّدَّةُ مِنَ الْعَذَابِ ثَانِیَةً لَهُمْ مُضَافَةً إِلَی الْأُولَی مِمَّا یَكْسِبُونَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِی یَأْخُذُونَهَا إِذَا أَثْبَتُوا عَوَامَّهُمْ عَلَی الْكُفْرِ- بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْجَحْدِ لِوَصِیَّةِ أَخِیهِ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ علیه السلام وَ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَیَّاماً مَعْدُودَةً الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالُوا یَعْنِی الْیَهُودَ الْمُظْهِرِینَ لِلْإِیمَانِ الْمُسِرِّینَ لِلنِّفَاقِ الْمُدْبِرِینَ (1)عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2)وَ ذَوِیهِ بِمَا یَظُنُّونَ أَنَّ فِیهِ عَطَبَهُمْ (3)لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَیَّاماً مَعْدُودَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ أَصْهَارٌ وَ إِخْوَةُ رَضَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یُسِرُّونَ كُفْرَهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَحْبِهِ وَ إِنْ كَانُوا بِهِ عَارِفِینَ صِیَانَةً لَهُمْ لِأَرْحَامِهِمْ وَ أَصْهَارِهِمْ قَالَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ وَ لِمَ تَفْعَلُونَ هَذَا النِّفَاقَ الَّذِی تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَسْخُوطٌ عَلَیْكُمْ مُعَذَّبُونَ أَجَابَهُمْ ذَلِكَ الْیَهُودُ بِأَنَّ مُدَّةَ ذَلِكَ الْعَذَابِ نُعَذَّبُ بِهِ لِهَذِهِ الذُّنُوبِ أَیَّاماً مَعْدُودَةً تَنْقَضِی ثُمَّ نُصِیرُ بَعْدُ فِی النِّعْمَةِ فِی الْجِنَانِ فَلَا نَتَعَجَّلُ الْمَكْرُوهَ فِی الدُّنْیَا لِلْعَذَابِ الَّذِی هُوَ بِقَدْرِ أَیَّامِ ذُنُوبِنَا فَإِنَّهَا تَفْنَی وَ تَنْقَضِی وَ نَكُونُ قَدْ حَصَّلْنَا لِذَاتِ الْحُرِّیَّةِ مِنَ الْخِدْمَةِ وَ لِذَاتِ نِعْمَةِ الدُّنْیَا ثُمَّ لَا نُبَالِی بِمَا یُصِیبُنَا بَعْدُ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ یَكُنْ دَائِماً فَكَأَنَّهُ قَدْ فَنِیَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ یَا مُحَمَّدُ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً أَنَّ عَذَابَكُمْ عَلَی كُفْرِكُمْ

ص: 319


1- فی نسخة: یعنی الیهود المظهرون للایمان، المسرون للنفاق، المدبّرون اه.
2- فی المصدر: الیهود المصرون المظهرون للایمان المسرون للنفاق المدبرون علی رسول اللّٰه.
3- أی یظنون أن فیه هلاكهم.

بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دِفْعِكُمْ لِآیَاتِهِ فِی نَفْسِهِ وَ فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ سَائِرِ خُلَفَائِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ مُنْقَطِعٌ غَیْرُ دَائِمٍ بَلْ مَا هُوَ إِلَّا عَذَابٌ دَائِمٌ لَا نَفَادَ لَهُ فَلَا تَجْتَرُوا عَلَی الْآثَامِ وَ الْقَبَائِحِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِوَلِیِّهِ الْمَنْصُوبِ بَعْدَهُ عَلَی أُمَّتِهِ لِیَسُوسَهُمْ وَ یَرْعَاهُمْ سِیَاسَةَ الْوَالِدِ الشَّفِیقِ الرَّحِیمِ الْكَرِیمِ لِوَلَدِهِ وَ رِعَایَةِ الْحَدَبِ الْمُشْفِقِ عَلَی خَاصَّتِهِ فَلَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَعْدَهُ فَلِذَلِكَ أَنْتُمْ (1)بِمَا تَدَّعُونَ مِنْ فَنَاءِ عَذَابِ ذُنُوبِكُمْ هَذِهِ فِی حِرْزٍ أَمْ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلَی أَنْتُمْ فِی أَیِّهِمَا ادَّعَیْتُمْ كَاذِبُونَ(2).

«13»- م، تفسیر الإمام علیه السلام وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ وَ قَفَّیْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ الْآیَةَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ یُخَاطِبُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ الَّذِینَ أَظْهَرَ مُحَمَّدٌ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الْمُعْجِزَاتِ لَهُمْ عِنْدَ تِلْكَ الْجِبَالِ وَ یُوَبِّخُهُمْ وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ التَّوْرَاةَ الْمُشْتَمِلَ عَلَی أَحْكَامِنَا وَ عَلَی ذِكْرِ فَضْلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ وَ إِمَامَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ خُلَفَائِهِ بَعْدَهُ وَ شَرَفِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِینَ لَهُ وَ سُوءِ أَحْوَالِ الْمُخَالِفِینَ عَلَیْهِ وَ قَفَّیْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَ جَعَلْنَا رَسُولًا فِی أَثَرِ رَسُولٍ وَ آتَیْنا أَعْطَیْنَا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ الْآیَاتِ الْوَاضِحَاتِ إِحْیَاءَ الْمَوْتَی وَ إِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَ الْأَبْرَصِ وَ الْإِنْبَاءَ بِمَا یَأْكُلُونَ وَ مَا یَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِهِمْ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ ذَلِكَ حِینَ رَفَعَهُ مِنْ رَوْزَنَةِ بَیْتِهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ أَلْقَی شِبْهَهُ عَلَی مَنْ رَامَ قَتْلَهُ فَقُتِلَ بَدَلًا مِنْهُ وَ قِیلَ هُوَ الْمَسِیحُ (3).

«14»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِیلًا ما یُؤْمِنُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قالُوا یَعْنِی الْیَهُودَ الَّذِینَ أَرَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُعْجِزَاتِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَهِیَ كَالْحِجارَةِ الْآیَةَ قُلُوبُنَا غُلُفٌ أَوْعِیَةٌ لِلْخَیْرِ وَ الْعُلُومُ قَدْ أَحَاطَتْ بِهَا وَ اشْتَمَلَتْ عَلَیْهَا ثُمَّ هِیَ مَعَ ذَلِكَ لَا نَعْرِفُ لَكَ یَا مُحَمَّدُ فَضْلًا مَذْكُوراً فِی شَیْ ءٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَ لَا عَلَی لِسَانِ أَحَدٍ مِنْ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی رَدّاً عَلَیْهِمْ بَلْ لَیْسَ كَمَا یَقُولُونَ أَوْعِیَةً لِلْعُلُومِ وَ لَكِنْ قَدْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَبْعَدَهُمُ

ص: 320


1- فی المصدر: فكذلك أنتم.
2- تفسیر العسكریّ: 316- 23.
3- تفسیر العسكریّ: 148، و للحدیث ذیل.

اللَّهُ مِنَ الْخَیْرِ فَقَلِیلًا ما یُؤْمِنُونَ قَلِیلٌ إِیمَانُهُمْ یُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ یَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَإِذَا كَذَّبُوا مُحَمَّداً فِی سَائِرِ مَا یَقُولُ فَقَدْ صَارَ مَا كَذَّبُوا بِهِ أَكْثَرَ وَ مَا صَدَّقُوا بِهِ أَقَلَّ وَ إِذَا قُرِئَ غُلْفٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ فِی غِطَاءٍ فَلَا نَفْهَمُ كَلَامَكَ وَ حَدِیثَكَ نَحْوَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قالُوا قُلُوبُنا فِی أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ وَ فِی آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَیْنِنا وَ بَیْنِكَ حِجابٌ وَ كِلَا الْقِرَاءَتَیْنِ حَقٌّ وَ قَدْ قَالُوا بِهَذَا وَ بِهَذَا جَمِیعاً ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَاشِرَ الْیَهُودِ أَ تُعَانِدُونَ رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ تَأْبَوْنَ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ بِذُنُوبِكُمْ مِنَ الْجَاهِلِینَ إِنَّ اللَّهَ لَا یُعَذِّبُ بِهَا أَحَداً وَ لَا یُزِیلُ عَنْ فَاعِلِ هَذَا عَذَابَهُ أَبَداً إِنَّ آدَمَ علیه السلام لَمْ یَقْتَرِحْ عَلَی رَبِّهِ الْمَغْفِرَةَ لِذَنْبِهِ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ فَكَیْفَ تَقْتَرِحُونَهَا أَنْتُمْ مَعَ عِنَادِكُمْ (1).

توضیح: قال الطبرسی رحمه اللّٰه القراءات المشهورة غلف بسكون اللام و روی فی الشواذ غلف بضم اللام عن أبی عمرو فمن قرأ بتسكین اللام فهو جمع الأغلف یقال للسیف إذا كان فی غلاف أغلف و من قرأ بضم اللام فهو جمع غلاف فمعناه أن قلوبنا أوعیة العلم فما بالها لا تفهم.

«15»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً إِلَی قَوْلِهِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا وَبَّخَ هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَطَعَ مَعَاذِیرَهُمْ وَ أَقَامَ عَلَیْهِمُ الْحُجَجَ الْوَاضِحَةَ بِأَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله سَیِّدُ النَّبِیِّینَ وَ خَیْرُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِینَ وَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ (2)وَ خَیْرُ مَنْ یَخْلُفُهُ بَعْدَهُ فِی الْمُسْلِمِینَ وَ أَنَّ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِ هُمُ الْقُوَّامُ بِدِینِ اللَّهِ وَ الْأَئِمَّةُ لِعِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ انْقَطَعَتْ مَعَاذِیرُهُمْ وَ هُمْ لَا یُمْكِنُهُمْ إِیرَادُ حُجَّةٍ وَ لَا شُبْهَةٍ فَجَاءُوا إِلَی أَنْ كَابَرُوا (3)فَقَالُوا لَا نَدْرِی مَا تَقُولُ وَ لَكِنَّا نَقُولُ إِنَّ الْجَنَّةَ خَالِصَةٌ لَنَا مِنْ دُونِكَ یَا مُحَمَّدُ وَ دُونِ عَلِیٍّ وَ دُونِ أَهْلِ دِینِكَ وَ أُمَّتِكَ

ص: 321


1- تفسیر العسكریّ: 156 و للحدیث ذیل.
2- فی نسخة: و أن علیا أمیر المؤمنین.
3- فی نسخة: الی ان تكابروا.

وَ أَنَّا بِكُمْ مُبْتَلَوْنَ وَ مُمْتَحَنُونَ وَ نَحْنُ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ الْمُخْلَصُونَ وَ عِبَادُهُ الْخَیِّرُونَ وَ مُسْتَجَابٌ دُعَاؤُنَا غَیْرُ مَرْدُودٍ عَلَیْنَا بِشَیْ ءٍ مِنْ سُؤَالِنَا رَبَّنَا فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِنَبِیِّهِ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ قُلْ یَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْیَهُودِ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ الْجَنَّةُ وَ نَعِیمُهَا خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ الْأَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَ مُؤْمِنِی الْأُمَّةِ وَ إِنَّكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ ذُرِّیَّتِهِ مُمْتَحَنُونَ وَ إِنَّ دُعَاءَكُمْ مُسْتَجَابٌ غَیْرُ مَرْدُودٍ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِینَ مِنْكُمْ (1)وَ مِنْ مُخَالِفِیكُمْ فَإِنَّ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ ذُرِّیَّتَهُمَا (2)یَقُولُونَ إِنَّهُمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ دُونِ النَّاسِ الَّذِینَ یُخَالِفُونَهُمْ فِی دِینِهِمْ وَ هُمُ الْمُجَابُ دُعَاؤُهُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ مَعَاشِرَ الْیَهُودِ كَمَا تَدَّعُونَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِینَ مِنْكُمْ (3)وَ مِنْ مُخَالِفِیكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ بِأَنَّكُمْ أَنْتُمُ الْمُحِقُّونَ الْمُجَابُ دُعَاؤُكُمْ عَلَی مُخَالِفِیكُمْ فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَمِتِ الْكَاذِبَ مِنَّا وَ مِنْ مُخَالِفِینَا لِیَسْتَرِیحَ مِنْهُ الصَّادِقُونَ وَ لِتَزْدَادَ حُجَّتُكَ (4)وُضُوحاً بَعْدَ أَنْ قَدْ صَحَّتْ وَ وَجَبَتْ (5)ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ مَا عَرَضَ هَذَا عَلَیْهِمْ لَا یَقُولُهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا قَدْ غَصَّ بِرِیقِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ وَ كَانَتِ الْیَهُودُ عُلَمَاءَ بِأَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیّاً علیه السلام وَ مُصَدِّقِیهِمَا هُمُ الصَّادِقُونَ فَلَمْ یَجْسُرُوا أَنْ یَدْعُوا بِذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ إِنْ دَعَوْا فَهُمُ الْمَیِّتُونَ فَقَالَ تَعَالَی وَ لَنْ یَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ یَعْنِی الْیَهُودَ لَنْ یَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِ بِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَ نَبِیِّهِ وَ صَفِیِّهِ وَ بِعَلِیٍّ أَخِی نَبِیِّهِ وَ وَصِیِّهِ وَ بِالطَّاهِرِینَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُنْتَجَبِینَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ الْیَهُودِ إِنَّهُمْ لَا یَجْسُرُونَ أَنْ یَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَ لِذَلِكَ أَمَرَكَ أَنْ تَبْهَرَهُمْ بِحُجَّتِكَ وَ تَأْمُرَهُمْ أَنْ یَدْعُوا عَلَی الْكَاذِبِ لِیَمْتَنِعُوا مِنَ الدُّعَاءِ وَ یَتَبَیَّنَ لِلضُّعَفَاءِ أَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ یَعْنِی تَجِدُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلی حَیاةٍ وَ ذَلِكَ لِإِیَاسِهِمْ مِنْ نَعِیمِ

ص: 322


1- فی نسخة: للكذاب منكم.
2- فی نسخة: فان محمّدا و علیا و ذویهما.
3- فی نسخة: للكذاب منكم.
4- فی المصدر: و لتزداد حجتكم وضوحا.
5- فی النسخة المقروءة علی المصنّف. و وجهت.

الْآخِرَةِ لِانْهِمَاكِهِمْ فِی كُفْرِهِمُ الَّذِینَ (1)یَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا حَظَّ لَهُمْ مَعَهُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ خَیْرَاتِ الْجَنَّةِ وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا قَالَ تَعَالَی هَؤُلَاءِ الْیَهُودُ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَی حَیَاةٍ وَ أَحْرَصُ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا عَلَی حَیَاةٍ یَعْنِی الْمَجُوسَ لِأَنَّهُمْ لَا یَرَوْنَ النَّعِیمَ إِلَّا فِی الدُّنْیَا وَ لَا یُؤَمِّلُونَ خَیْراً فِی الْآخِرَةِ فَلِذَلِكَ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ حِرْصاً عَلَی حَیَاةٍ ثُمَّ وَصَفَ الْیَهُودَ فَقَالَ یَوَدُّ أَحَدُهُمْ یَتَمَنَّی أَحَدُهُمْ لَوْ یُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ أَیِ التَّعْمِیرُ أَلْفَ سَنَةٍ بِمُزَحْزِحِهِ بِمُبَاعِدِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ یُعَمَّرَ تَعْمِیرُهُ وَ إِنَّمَا قَالَ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ یُعَمَّرَ وَ لَمْ یَقُلْ وَ مَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَ مَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ لَكَانَ یَحْتَمِلُ أَنْ یَكُونَ وَ مَا هُوَ یَعْنِی وُدَّهُ وَ تَمَنِّیَهُ بِمُزَحْزِحِهِ فَلَمَّا أَرَادَ وَ مَا تَعْمِیرُهُ قَالَ وَ مَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ أَنْ یُعَمَّرَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ فَعَلَی حَسَبِهِ یُجَازِیهِمْ وَ یَعْدِلُ عَلَیْهِمْ وَ لَا یَظْلِمُهُمْ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا كَاعَتِ الْیَهُودُ عَنْ هَذَا التَّمَنِّی وَ قَطَعَ اللَّهُ مَعَاذِیرَهُمْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ كَاعُوا وَ عَجَزُوا یَا مُحَمَّدُ فَأَنْتَ وَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُخْلَصُونَ لَكَ مُجَابٌ دُعَاؤُكُمْ وَ عَلِیٌّ أَخُوكَ وَ وَصِیُّكَ أَفْضَلُهُمْ وَ سَیِّدُهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَلَی قَالُوا یَا مُحَمَّدُ فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا زَعَمْتَ فَقُلْ لِعَلِیٍّ یَدْعُو اللَّهَ لِابْنِ رَئِیسِنَا هَذَا فَقَدْ كَانَ مِنَ الشَّبَابِ جَمِیلًا نَبِیلًا وَسِیماً قَسِیماً لَحِقَهُ بَرَصٌ وَ جُذَامٌ وَ قَدْ صَارَ حِمًی لَا یُقْرَبُ وَ مَهْجُوراً لَا یُعَاشَرُ یُنَاوِلُ الْخُبْزَ عَلَی أَسِنَّةِ الرِّمَاحِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ائْتُونِی بِهِ فَأُتِیَ بِهِ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابُهُ مِنْهُ إِلَی مَنْظَرٍ فَظِیعٍ سَمِجٍ قَبِیحٍ كَرِیهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا حَسَنٍ ادْعُ اللَّهَ لَهُ بِالْعَافِیَةِ فَإِنَّ اللَّهَ یُجِیبُكَ فِیهِ فَدَعَا لَهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ دُعَائِهِ إِذَا الْفَتَی قَدْ زَالَ عَنْهُ كُلُّ مَكْرُوهٍ وَ عَادَ إِلَی أَفْضَلِ مَا كَانَ عَلَیْهِ مِنَ النُّبْلِ وَ الْجَمَالِ وَ الْوَسَامَةِ وَ الْحُسْنِ فِی الْمَنْظَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْفَتَی یَا فَتَی آمِنْ بِالَّذِی أَغَاثَكَ مِنْ بَلَائِكَ قَالَ الْفَتَی قَدْ آمَنْتُ وَ حَسُنَ إِیمَانُهُ فَقَالَ أَبُوهُ یَا مُحَمَّدُ ظَلَمْتَنِی وَ ذَهَبْتَ مِنِّی بِابْنِی یَا لَیْتَهُ كَانَ أَجْذَمَ

ص: 323


1- فی نسخة: لانهما كهم فی كفرهم الذی.

أَبْرَصَ كَمَا كَانَ وَ لَمْ یَدْخُلْ فِی دِینِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَیَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ خَلَّصَهُ مِنْ هَذِهِ الْآفَةِ وَ أَوْجَبَ لَهُ نَعِیمَ الْجَنَّةِ قَالَ أَبُوهُ یَا مُحَمَّدُ مَا كَانَ هَذَا لَكَ وَ لَا لِصَاحِبِكَ (1)إِنَّمَا جَاءَ وَقْتُ عَافِیَتِهِ فَعُوفِیَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُكَ هَذَا یَعْنِی عَلِیّاً مُجَاباً فِی الْخَیْرِ فَهُوَ أَیْضاً مُجَابٌ فِی الشَّرِّ فَقُلْ لَهُ یَدْعُو عَلَیَّ بِالْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ فَإِنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یُصِیبُنِی لِیَتَبَیَّنَ لِهَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ الَّذِینَ قَدْ اغْتَرُّوا بِكَ أَنَّ زَوَالَهُ عَنِ ابْنِی لَمْ یَكُنْ بِدُعَائِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا یَهُودِیُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ تَهَنَّأْ بِعَافِیَةِ اللَّهِ إِیَّاكَ وَ لَا تَتَعَرَّضْ لِلْبَلَاءِ وَ لِمَا لَا تُطِیقُهُ وَ قَابِلِ النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ فَإِنَّ مَنْ كَفَرَهَا سُلِبَهَا وَ مَنْ شَكَرَهَا امْتَرَی مَزِیدَهَا فَقَالَ الْیَهُودِیُّ مِنْ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَكْذِیبُ عَدُوِّ اللَّهِ الْمُفْتَرِی عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا أُرِیدُ بِهَذَا أَنْ أُعَرِّفَ وَلَدِی أَنَّهُ لَیْسَ مِمَّا قُلْتَ لَهُ وَ ادَّعَیْتَهُ قَلِیلٌ وَ لَا كَثِیرٌ وَ أَنَّ الَّذِی أَصَابَهُ مِنْ خَیْرٍ لَمْ یَكُنْ بِدُعَاءِ عَلِیٍّ صَاحِبِكَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا یَهُودِیُّ هَبْكَ قُلْتَ إِنَّ عَافِیَةَ ابْنِكَ لَمْ یَكُنْ بِدُعَاءِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِنَّمَا صَادَفَ دُعَاؤُهُ وَقْتَ مَجِی ءِ عَافِیَتِهِ أَ رَأَیْتَ لَوْ دَعَا عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیْكَ بِهَذَا الْبَلَاءِ الَّذِی اقْتَرَحْتَهُ فَأَصَابَكَ أَ تَقُولُ إِنَّ مَا أَصَابَنِی لَمْ یَكُنْ بِدُعَائِهِ وَ لَكِنَّهُ صَادَفَ دُعَاؤُهُ وَقْتَ بَلَائِی قَالَ لَا أَقُولُ هَذَا لِأَنَّ هَذَا احْتِجَاجٌ مِنِّی عَلَی عَدُوِّ اللَّهِ فِی دِینِ اللَّهِ وَ احْتِجَاجٌ مِنْهُ عَلَیَّ وَ اللَّهُ أَحْكَمُ مِنْ أَنْ یُجِیبَ إِلَی مِثْلِ هَذَا فَیَكُونَ قَدْ فَتَنَ عِبَادَهُ وَ دَعَاهُمْ إِلَی تَصْدِیقِ الْكَاذِبِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذَا فِی دُعَاءِ عَلِیٍّ علیه السلام لِابْنِكَ كَهُوَ فِی دُعَائِهِ عَلَیْكَ لَا یَفْعَلُ اللَّهُ تَعَالَی مَا یَلْبِسُ بِهِ عَلَی عِبَادِهِ دِینَهُ وَ یُصَدِّقُ بِهِ الْكَاذِبَ عَلَیْهِ فَتَحَیَّرَ الْیَهُودِیُّ لَمَّا بَطَلَتْ عَلَیْهِ شُبْهَتُهُ وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ لِیَفْعَلَ عَلِیٌّ هَذَا بِی إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَبَا حَسَنٍ قَدْ أَبَی الْكَافِرُ إِلَّا عُتُوّاً وَ تَمَرُّداً وَ طُغْیَاناً فَادْعُ عَلَیْهِ بِمَا اقْتَرَحَ وَ قُلِ اللَّهُمَّ ابْتِلِهِ بِبَلَاءِ ابْنِهِ مِنْ قَبْلُ فَقَالَهَا فَأَصَابَ الْیَهُودِیَّ دَاءُ ذَلِكَ الْغُلَامِ مِثْلَ مَا كَانَ فِیهِ الْغُلَامُ مِنَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ اسْتَوْلَی عَلَیْهِ الْأَلَمُ

ص: 324


1- فی نسخة: و لا لاصحابك.

وَ الْبَلَاءُ وَ جَعَلَ یَصْرَخُ وَ یَسْتَغِیثُ وَ یَقُولُ یَا مُحَمَّدُ قَدْ عَرَفْتُ صِدْقَكَ فَأَقِلْنِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ عَلِمَ اللَّهِ صِدْقَكَ لَنَجَاكَ وَ لَكِنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّكَ لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْحَالِ إِلَّا ازْدَدْتَ كُفْراً وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنْ نَجَاكَ آمَنْتَ بِهِ لَجَادَ عَلَیْكَ بِالنَّجَاةِ فَإِنَّهُ الْجَوَادُ الْكَرِیمُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام فَبَقِیَ الْیَهُودِیُّ فِی ذَلِكَ الدَّاءِ وَ الْبَرَصِ أَرْبَعِینَ سَنَةً آیَةً لِلنَّاظِرِینَ وَ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِینَ وَ عَلَامَةً وَ حُجَّةً بَیِّنَةً لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَاقِیَةً لِلْغَابِرِینَ وَ عِبْرَةً لِلْمُتَكَبِّرِینَ وَ بَقِیَ ابْنُهُ كَذَلِكَ مُعَافًی صَحِیحَ الْأَعْضَاءِ وَ الْجَوَارِحِ ثَمَانِینَ سَنَةً عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِینَ وَ تَرْغِیباً لِلْكَافِرِینَ فِی الْإِیمَانِ وَ تَزْهِیداً لَهُمْ فِی الْكُفْرِ وَ الْعِصْیَانِ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ حَلَّ الْبَلَاءُ بِالْیَهُودِیِّ بَعْدَ زَوَالِ الْبَلَاءِ عَنِ ابْنِهِ عِبَادَ اللَّهِ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْكُفْرَ لِنِعَمِ اللَّهِ (1)فَإِنَّهُ مَشُومٌ عَلَی صَاحِبِهِ أَلَا وَ تَقَرَّبُوا إِلَی اللَّهِ بِالطَّاعَاتِ یُجْزِلْ لَكُمُ الْمَثُوبَاتِ وَ قَصِّرُوا أَعْمَارَكُمْ فِی الدُّنْیَا بِالتَّعَرُّضِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فِی الْجِهَادِ لِتَنَالُوا طُولَ أَعْمَارِ الْآخِرَةِ (2)فِی النَّعِیمِ الدَّائِمِ الْخَالِدِ وَ ابْذُلُوا أَمْوَالَكُمْ فِی الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لِیَطُولَ غِنَاؤُكُم فِی الْجَنَّةِ فَقَامَ نَاسٌ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ ضُعَفَاءُ الْأَبْدَانِ قَلِیلُو الْأَعْمَارِ وَ الْأَمْوَالِ لَا نَفِی بِمُجَاهَدَةِ الْأَعْدَاءِ وَ لَا تَفْضُلُ أَمْوَالُنَا عَنْ نَفَقَاتِ الْعِیَالاتِ فَمَا ذَا نَصْنَعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلَا فَلْیَكُنْ صَدَقَاتُكُمْ مِنْ قُلُوبِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ قَالُوا كَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الْقُلُوبُ فَتَقْطَعُونَهَا عَلَی حُبِّ اللَّهِ وَ حُبِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ حُبِّ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ وَ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ حُبِّ الْمُنْتَجَبِینَ لِلْقِیَامِ بِدِینِ اللَّهِ وَ حُبِّ شِیعَتِهِمْ وَ مُحِبِّیهِمْ وَ حُبِّ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْكَفِّ عَنِ اعْتِقَادَاتِ الْعَدَاوَاتِ وَ الشَّحْنَاءِ وَ الْبَغْضَاءِ وَ أَمَّا الْأَلْسِنَةُ فَتُطْلِقُونَهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ الصَّلَاةِ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بِذَلِكَ یَبْلُغُكُمْ أَفْضَلَ الدَّرَجَاتِ وَ یُنِیلُكُمْ بِهِ الْمَرَاتِبَ الْعَالِیَاتِ (3).

ص: 325


1- فی نسخة: بنعم اللّٰه.
2- فی نسخة: طول الاعمار فی الآخرة.
3- تفسیر العسكریّ: 179- 182.

بیان: كاع عنه أی هاب و جبن و الوسیم الحسن الوجه و كذا القسیم بمعناه و یقال هذا شی ء حِمًی علی فِعَلٍ أی محظور لا یقرب و یقال امتری الریح السحاب أی استدره.

«16»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْكَ آیاتٍ بَیِّناتٍ وَ ما یَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ آیاتٍ بَیِّناتٍ دَالَّاتٍ عَلَی صِدْقِكَ فِی نُبُوَّتِكَ مُبَیِّنَاتٍ عَنْ إِمَامَةِ عَلِیٍّ علیه السلام أَخِیكَ وَ وَصِیِّكَ وَ صَفِیِّكَ مُوضِحَاتٍ عَنْ كُفْرِ مَنْ شَكَّ فِیكَ أَوْ فِی أَخِیكَ أَوْ قَابَلَ أَمْرَ وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِخِلَافِ الْقَبُولِ وَ التَّسْلِیمِ ثُمَّ قَالَ وَ ما یَكْفُرُ بِها بِهَذِهِ الْآیَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَی تَفْضِیلِكَ وَ تَفْضِیلِ عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَكَ عَلَی جَمِیعِ الْوَرَی إِلَّا الْفاسِقُونَ الْخَارِجُونَ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ مِنَ الْیَهُودِ الْكَاذِبِینَ وَ النَّوَاصِبِ الْمُتَسَمِّینَ بِالْمُسْلِمِینَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا آمَنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بَعْدَ مَسَائِلِهِ الَّتِی سَأَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَوَابِهِ إِیَّاهُ عَنْهَا قَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ بَقِیَتْ وَاحِدَةٌ وَ هِیَ الْمَسْأَلَةُ الْكُبْرَی وَ الْغَرَضُ الْأَقْصَی مَنِ الَّذِی یَخْلُفُكَ بَعْدَكَ وَ یَقْضِی دُیُونَكَ وَ یُنْجِزُ عِدَاتِكَ وَ یُؤَدِّی أَمَانَاتِكَ وَ یُوضِحُ عَنْ آیَاتِكَ وَ بَیِّنَاتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أُولَئِكَ أَصْحَابِی قُعُودٌ فَامْضِ إِلَیْهِمْ فَسَیَدُلُّكَ النُّورُ السَّاطِعُ فِی دَائِرَةِ غُرَّةِ وَلِیِّ عَهْدِی وَ صَفْحَةِ خَدَّیْهِ وَ سَیَنْطِقُ طُومَارُكَ بِأَنَّهُ هُوَ الْوَصِیُّ وَ سَتَشْهَدُ جَوَارِحُكَ بِذَلِكَ فَصَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَی الْقَوْمِ فَرَأَی عَلِیّاً علیه السلام یَسْطَعُ مِنْ وَجْهِهِ نُورٌ یُبْهِرُ نُورَ الشَّمْسِ وَ نَطَقَ طُومَارُهُ وَ أَعْضَاءُ بَدَنِهِ كُلٌّ یَقُولُ یَا ابْنَ سَلَامٍ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام الْمَالِئُ جِنَانَ اللَّهِ بِمُحِبِّیهِ وَ نِیرَانَهُ بِشَانِئِیهِ الْبَاثُّ دَیْنَ اللَّهِ فِی أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَ آفَاقِهَا وَ النَّافِی الْكُفْرَ عَنْ نَوَاحِیهَا وَ أَرْجَائِهَا فَتُمْسِكُ بِوَلَایَتِهِ تَكُنْ سَعِیداً وَ اثْبُتْ عَلَی التَّسْلِیمِ لَهُ تَكُنْ رَشِیداً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ الْمُصْطَفَی وَ أَمِینُهُ الْمُرْتَضَی وَ أَمِیرُهُ عَلَی جَمِیعِ الْوَرَی

ص: 326

وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَخُوهُ وَ صَفِیُّهُ وَ وَصِیُّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِهِ الْمُنْجِزُ لِعِدَاتِهِ الْمُؤَدِّی لِأَمَانَاتِهِ الْمُوضِحُ لِآیَاتِهِ وَ بَیِّنَاتِهِ الدَّافِعُ لِلْأَبَاطِیلِ بِدَلَائِلِهِ وَ مُعْجِزَاتِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمَا اللَّذَانِ بَشَّرَ بِكُمَا مُوسَی وَ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ دَلَّ عَلَیْكُمَا الْمُخْتَارُونَ مِنَ الْأَصْفِیَاءِ ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ تَمَّتِ الْحُجَجُ وَ انْزَاحَتِ الْعِلَلُ وَ انْقَطَعَتِ الْمَعَاذِیرُ فَلَا عُذْرَ لِی إِنْ تَأَخَّرْتُ عَنْكَ وَ لَا خَیْرَ فِیَّ إِنْ تَرَكْتُ التَّعَصُّبَ لَكَ ثُمَّ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْیَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ وَ إِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا بِإِسْلَامِی وَقَعُوا فِیَّ فَاخْبَأْنِی عِنْدَكَ (1)وَ إِذَا جَاءُوكَ فَسَلْهُمْ عَنِّی لِتَسْمَعَ قَوْلَهُمْ فِیَّ قَبْلَ أَنْ یَعْلَمُوا بِإِسْلَامِی وَ بَعْدَهُ لِتَعْلَمَ أَحْوَالَهُمْ فَخَبَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِهِ ثُمَّ دَعَا قَوْماً مِنَ الْیَهُودِ فَحَضَرُوهُ وَ عَرَضَ عَلَیْهِمْ أَمْرَهُ فَأَبَوْا فَقَالَ بِمَنْ تَرْضَوْنَ حَكَماً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ قَالُوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ وَ أَیُّ رَجُلٍ هُوَ قَالُوا رَئِیسُنَا وَ ابْنُ رَئِیسِنَا وَ سَیِّدُنَا وَ ابْنُ سَیِّدِنَا وَ عَالِمُنَا وَ ابْنُ عَالِمِنَا وَ وَرِعُنَا وَ ابْنُ وَرِعِنَا وَ زَاهِدُنَا وَ ابْنُ زَاهِدِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ رَأَیْتُمْ إِنْ آمَنَ بِی أَ تُؤْمِنُونَ قَالُوا قَدْ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَعَادَهَا وَ أَعَادُوهَا فَقَالَ اخْرُجْ عَلَیْهِمْ یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ أَظْهِرْ مَا قَدْ أَظْهَرَهُ اللَّهُ لَكَ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَ عَلَیْهِمْ وَ هُوَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ الْمَذْكُورُ فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ الْمَدْلُولُ فِیهَا عَلَیْهِ وَ عَلَی أَخِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَلَمَّا سَمِعُوهُ یَقُولُ ذَلِكَ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ سَفِیهُنَا وَ ابْنُ سَفِیهِنَا وَ شَرُّنَا وَ ابْنُ شَرِّنَا وَ فَاسِقُنَا وَ ابْنُ فَاسِقِنَا وَ جَاهِلُنَا وَ ابْنُ جَاهِلِنَا كَانَ غَائِباً عَنَّا فَكَرِهْنَا أَنْ نَغْتَابَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا الَّذِی كُنْتُ أَخَافُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ لَحِقَهُ الْقَصْدُ الشَّدِیدُ مِنْ جِیرَانِهِ مِنَ الْیَهُودِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَمَارَّةِ الْقَیْظِ فِی مَسْجِدِهِ یَوْماً إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَ قَدْ كَانَ بِلَالٌ أَذَّنَ لِلصَّلَاةِ وَ النَّاسُ بَیْنَ قَائِمٍ

ص: 327


1- فی نسخة: و اغتابونی عندك، و الموجود فی المصدر هكذا: و انهم ان سمعوا باسلامی لانكروا بمرتبتی فی علم التوراة و تعظیمهم بی و سندیة قولی عندهم، فاخبأنی عندك فاطلبهم فإذا جاءوك فاسألهم عن حالی و رتبتی بینهم لتسمع اه.

وَ قَاعِدٍ وَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ فَرَآهُ مُتَغَیِّراً وَ إِلَی عَیْنَیْهِ دَامِعَتَیْنِ فَقَالَ مَا لَكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَصَدَتْنِی الْیَهُودُ وَ أَسَاءَتْ جِوَارِی وَ كُلُّ مَاعُونٍ لِی اسْتَعَارُوهُ مِنِّی وَ كَسَرُوهُ وَ أَتْلَفُوهُ وَ مَا اسْتَعَرْتُ مِنْهُمْ مَنَعُونِیهِ ثُمَّ زَادَ أَمْرُهُمْ بَعْدَ هَذَا فَقَدِ اجْتَمَعُوا وَ تَوَاطَئُوا وَ تَحَالَفُوا عَلَی أَنْ لَا یُجَالِسَنِی مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ لَا یُبَایِعَنِی وَ لَا یُشَارِیَنِی (1)وَ لَا یُكَلِّمَنِی وَ لَا یُخَالِطَنِی (2)وَ قَدْ تَقَدَّمُوا بِذَلِكَ إِلَی مَنْ فِی مَنْزِلِی فَلَیْسَ یُكَلِّمُنِی أَهْلِی وَ كُلُّ جِیرَانِنَا یَهُودُ وَ قَدِ اسْتَوْحَشْتُ مِنْهُمْ فَلَیْسَ لِی أُنْسٌ بِهِمْ وَ الْمَسَافَةُ مَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَسْجِدِكَ هَذَا وَ مَنْزِلِكَ بَعِیدَةٌ فَلَیْسَ یُمْكِنُنِی فِی كُلِّ وَقْتٍ یَلْحَقُنِی ضِیقُ صَدْرٍ مِنْهُمْ أَنْ أَقْصِدَ مَسْجِدَكَ أَوْ مَنْزِلَكَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَشِیَهُ مَا كَانَ یَغْشَاهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْیِ عَلَیْهِ مِنْ تَعْظِیمِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی ثُمَّ سُرِّیَ عَنْهُ (3)وَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَیْهِ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ وَ مَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ نَاصِرُكُمُ اللَّهُ عَلَی الْیَهُودِ الْقَاصِدِینَ بِالسُّوءِ لَكَ وَ رَسُولُهُ (4)إِنَّمَا وَلِیُّكَ وَ نَاصِرُكَ (5)وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ صِفَتُهُمْ أَنَّهُمْ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ أَیْ وَ هُمْ فِی رُكُوعِهِمْ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَ مَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ تَوَلَّاهُمْ وَ وَالَی أَوْلِیَاءَهُمْ وَ عَادَی أَعْدَاءَهُمْ وَ لَجَأَ عِنْدَ الْمُهِمَّاتِ إِلَی اللَّهِ ثُمَّ إِلَیْهِمْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ جُنْدَهُ هُمُ الْغالِبُونَ لِلْیَهُودِ وَ سَائِرِ الْكَافِرِینَ أَیْ فَلَا یَهُمَّنَّكَ یَا ابْنَ سَلَامٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ هَؤُلَاءِ أَنْصَارُكَ وَ هُوَ كَافِیكَ شُرُورَ أَعْدَائِكَ وَ ذَائِدٌ عَنْكَ مَكَایِدَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

ص: 328


1- فی المصدر: و لا یشاورنی.
2- فی نسخة: و لا یخاطبنی.
3- سری عنه أی زال عنه ما كان یجده.
4- فی المصدر: انما ولیكم اللّٰه و ناصركم علی الیهود القاصدین بالسوء لك اللّٰه و رسوله، انما ولیكم و ناصركم و الذین آمنوا.
5- فی نسخة: أی انما ولیك و ناصرك.

سَلَامٍ أَبْشِرْ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِیَاءَ خَیْراً مِنْهُمْ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ آمَنُوا فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی سَائِلٍ فَقَالَ هَلْ أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَیْئاً الْآنَ قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ الْمُصَلِّی أَشَارَ إِلَیَّ بِإِصْبَعِهِ أَنْ خُذِ الْخَاتَمَ فَأَخَذْتُهُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ وَ إِلَی الْخَاتَمِ فَإِذَا هُوَ خَاتَمُ عَلِیٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا وَلِیُّكُمْ بَعْدِی وَ أَوْلَی النَّاسِ بَعْدِی (1)عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ ثُمَّ لَمْ یَلْبَثْ عَبْدُ اللَّهِ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی مَرِضَ بَعْضُ جِیرَانِهِ وَ افْتَقَرَ وَ بَاعَ دَارَهُ فَلَمْ یَجِدْ لَهَا مُشْتَرِیاً غَیْرَ عَبْدِ اللَّهِ وَ أُسِرَ آخَرُ مِنْ جِیرَانِهِ فَأُلْجِئَ إِلَی بَیْعِ دَارِهِ فَلَمْ یَجِدْ لَهَا مُشْتَرِیاً غَیْرَ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ یَبْقَ مِنْ جِیرَانِهِ مِنَ الْیَهُودِ أَحَدٌ إِلَّا دَهَتْهُ دَاهِیَةٌ (2)وَ احْتَاجَ مِنْ أَجْلِهَا إِلَی بَیْعِ دَارِهِ فَمَلَكَ عَبْدُ اللَّهِ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ وَ قَلَعَ اللَّهُ تَعَالَی شَأْفَةَ الْیَهُودِ (3)وَ حَوَّلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَی تِلْكَ الدُّورِ قَوْماً مِنْ خِیَارِ الْمُهَاجِرِینَ وَ كَانُوا لَهُ أُنَّاساً وَ جُلَّاساً وَ رَدَّ اللَّهُ كَیْدَ الْیَهُودِ فِی نُحُورِهِمْ وَ طَیَّبَ اللَّهُ عَیْشَ عَبْدِ اللَّهِ بِإِیمَانِهِ بِرَسُولِهِ وَ مُوَالاتِهِ لِعَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِیقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یُؤْمِنُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ هُوَ یُوَبِّخُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودَ الَّذِینَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَ عِنَادُهُمْ وَ هَؤُلَاءِ النُّصَّابُ الَّذِینَ نَكَثُوا مَا أُخِذَ مِنَ الْعَهْدِ عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً وَ وَاثَقُوا وَ عَاقَدُوا لَیَكُونَنَّ لِمُحَمَّدٍ طَائِعِینَ وَ لِعَلِیٍّ بَعْدَهُ مُؤْتَمِرِینَ وَ إِلَی أَمْرِهِ صَابِرِینَ نَبَذَهُ نَبَذَ الْعَهْدَ فَرِیقٌ مِنْهُمْ وَ خَالَفَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی بَلْ أَكْثَرُهُمْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْیَهُودِ وَ النَّوَاصِبِ لا یُؤْمِنُونَ فِی مُسْتَقْبَلِ أَعْمَارِهِمْ لَا یَرْعَوْنَ وَ لَا یَتُوبُونَ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ لِلْآیَاتِ وَ مُعَایَنَتِهِمْ لِلدَّلَالاتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ اثْبُتُوا عَلَی مَا أَمَرَكُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 329


1- فی نسخة: و أولی الناس بالناس بعدی.
2- أی أصابته داهیة.
3- الشأفة: الأصل. العداوة. یقال: استأصل شأفته أی أزاله من أصله. و استأصل اللّٰه شأفتهم أی عداوتهم.

مِنْ تَوْحِیدِ اللَّهِ وَ مِنَ الْإِیمَانِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولِ اللَّهِ وَ مِنَ الِاعْتِقَادِ بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَلِیِّ اللَّهِ وَ لَا یَغُرَّنَّكُمْ صَلَاتُكُمْ وَ صِیَامُكُمْ وَ عِبَادَتُكُمُ السَّالِفَةُ إِنَّمَا تَنْفَعُكُمْ إِنْ وَافَیْتُمُ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ (1)فَمَنْ وَفَی وُفِیَ لَهُ وَ تَفْضُلُ بِالْإِفْضَالِ عَلَیْهِ وَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ اللَّهُ وَلِیُّ الِانْتِقَامِ مِنْهُ وَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِیمِهَا هَذِهِ وَصِیَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِكُلِّ أَصْحَابِهِ وَ بِهَا أَوْصَی حِینَ صَارَ إِلَی الْغَارِ (2).

بیان: حمارة القیظ بتشدید الراء شدة حره و فی المثل استأصل اللّٰه شأفته أی أذهبه اللّٰه.

«17»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَیْرٌ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ لَمَّا جاءَهُمْ جَاءَ الْیَهُودَ وَ مَنْ یَلِیهِمْ مِنَ النَّوَاصِبِ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ الْقُرْآنُ مُشْتَمِلًا عَلَی فَضْلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ علیهما و آلهما السلام (3)وَ إِیجَابِ وَلَایَتِهِمَا وَ وَلَایَةِ أَوْلِیَائِهِمَا وَ عَدَاوَةِ أَعْدَائِهِمَا نَبَذَ فَرِیقٌ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ الْیَهُودُ التَّوْرَاةَ وَ كُتُبَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِمَا فِیهَا وَ حَسَدُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی نُبُوَّتِهِ وَ عَلِیّاً عَلَی وَصِیَّتِهِ وَ جَحَدُوا مَا وَقَفُوا عَلَیْهِ مِنْ فَضَائِلِهِمَا كَأَنَّهُمْ لا یَعْلَمُونَ وَ فَعَلُوا فِعْلَ مَنْ جَحَدَ ذَلِكَ وَ الرَّدَّ لَهُ فِعْلَ مَنْ لَا یَعْلَمُ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَ اتَّبَعُوا هَؤُلَاءِ الْیَهُودُ وَ النَّوَاصِبُ ما تَتْلُوا مَا تَقْرَأُ الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ زَعَمُوا أَنَّ سُلَیْمَانَ بِذَلِكَ السِّحْرِ وَ التَّدْبِیرِ وَ النَّیْرَنْجَاتِ نَالَ مَا نَالَهُ مِنَ الْمُلْكِ الْعَظِیمِ فَصَدُّوهُمْ بِهِ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْیَهُودَ الْمُلْحِدِینَ وَ النَّوَاصِبَ الْمُشْرِكِینَ لَهُمْ فِی إِلْحَادِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضَائِلَ عَلِیٍّ وَ شَاهَدُوا مِنْهُ وَ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام الْمُعْجِزَاتِ الَّتِی أَظْهَرَهَا اللَّهُ تَعَالَی لَهُمْ عَلَی أَیْدِیهِمَا أَفْضَی بَعْضُ الْیَهُودِ وَ النُّصَّابِ إِلَی بَعْضٍ وَ قَالُوا مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا طَالِبَ الدُّنْیَا بِحِیَلٍ وَ مَخَارِیقَ وَ سِحْرٍ وَ نَیْرَنْجَاتٍ تَعَلَّمَهَا وَ عَلَّمَ عَلِیّاً بَعْضَهَا فَهُوَ

ص: 330


1- فی المصدر: إنها لا تنفعكم ان خالفتم العهد و المیثاق.
2- تفسیر العسكریّ: 187- 189. و للحدیث ذیل لعله یخرجه فی حدیث الغار.
3- و فی نسخة: كتاب من عند اللّٰه. و فی المصدر: كتاب من عند اللّٰه القرآن مشتملا علی فضل محمّد اه.

یُرِیدُ أَنْ یَتَمَلَّكَ عَلَیْنَا حَیَاتَهُ (1)وَ یَعْقِدَ الْمُلْكَ لِعَلِیٍّ بَعْدَهُ وَ لَیْسَ مَا یَقُولُهُ عَنِ اللَّهِ بِشَیْ ءٍ إِنَّمَا هُوَ تَقُولُهُ (2)فَیَعْقِدُ عَلَیْنَا وَ عَلَی ضُعَفَاءِ عِبَادِ اللَّهِ بِالسِّحْرِ وَ النَّیْرَنْجَاتِ الَّتِی تَعَلَّمَهَا (3)وَ أَوْفَرُ النَّاسِ حَظّاً مِنْ هَذَا السِّحْرِ- سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الَّذِی مَلَكَ بِسِحْرِهِ الدُّنْیَا كُلَّهَا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّیَاطِینِ وَ نَحْنُ إِذَا تَعَلَّمْنَا بَعْضَ مَا كَانَ تَعَلَّمَهُ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ تَمَكَّنَّا مِنْ إِظْهَارِ مِثْلِ مَا أَظْهَرَهُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ وَ ادَّعَیْنَا لِأَنْفُسِنَا مَا یَجْعَلُهُ مُحَمَّدٌ لِعَلِیٍّ وَ قَدِ اسْتَغْنَیْنَا عَنِ الِانْقِیَادِ لِعَلِیٍّ فَحِینَئِذٍ ذَمَّ اللَّهُ الْجَمِیعَ مِنَ الْیَهُودِ وَ النَّوَاصِبِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ الْآمِرَ بِوَلَایَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَراءَ ظُهُورِهِمْ فَلَمْ یَعْمَلُوا بِهِ وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا كَفَرَةُ الشَّیَاطِینِ مِنَ السِّحْرِ وَ النَّیْرَنْجَاتِ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَیْمَانَ مَلَكَ بِهِ وَ نَحْنُ أَیْضاً بِهِ نَظْهَرُ الْعَجَائِبَ حَتَّی تَنْقَادَ لَنَا النَّاسُ وَ نَسْتَغْنِیَ عَنِ الِانْقِیَادِ لِعَلِیٍّ قَالُوا وَ كَانَ سُلَیْمَانُ كَافِراً وَ سَاحِراً مَاهِراً بِسِحْرِهِ مَلَكَ مَا مَلَكَ وَ قَدَرَ عَلَی مَا قَدَرَ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ وَ قَالَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لَا اسْتَعْمَلَ السِّحْرَ كَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ أَیْ بِتَعْلِیمِهِمُ النَّاسَ السِّحْرَ الَّذِی نَسَبُوهُ إِلَی سُلَیْمَانَ كَفَرُوا (4).

«18»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِینَ عَذابٌ أَلِیمٌ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ وَ كَثُرَ حَوْلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ كَثُرَتْ عَلَیْهِ الْمَسَائِلُ وَ كَانُوا یُخَاطِبُونَهُ بِالْخِطَابِ الشَّرِیفِ الْعَظِیمِ الَّذِی یَلِیقُ بِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی كَانَ قَالَ لَهُمْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِمْ رَحِیماً وَ عَلَیْهِمْ عَطُوفاً وَ فِی إِزَالَةِ الْآثَامِ عَنْهُمْ مُجْتَهِداً حَتَّی إِنَّهُ كَانَ یَنْظُرُ إِلَی كُلِّ مَنْ كَانَ یُخَاطِبُهُ فَیَعْمَلُ عَلَی أَنْ یَكُونَ صَوْتُهُ مُرْتَفِعاً (5)عَلَی صَوْتِهِ لِیَزِیلَ عَنْهُ مَا تَوَعَّدَهُ اللَّهُ بِهِ

ص: 331


1- فی المصدر: فهو یرید أن یتملك علینا فی حیاته.
2- فی المصدر و فی نسخة: إنّما هو قوله. و فی المصدر: لیعقد.
3- فی المصدر: یستعملها.
4- تفسیر العسكریّ: 191 و 192.
5- فی نسخة: فیعمد أن یكون صوته مرتفعا.

مِنْ إِحْبَاطِ أَعْمَالِهِ حَتَّی إِنَّ رَجُلًا أَعْرَابِیّاً نَادَاهُ یَوْماً وَ هُوَ خَلْفَ حَائِطٍ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِیٍّ یَا مُحَمَّدُ فَأَجَابَهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ یُرِیدُ أَنْ لَا یَأْثَمَ الْأَعْرَابِیُّ بِارْتِفَاعِ صَوْتِهِ فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِیُّ أَخْبِرْنِی عَنِ التَّوْبَةِ إِلَی مَتَی تُقْبَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَخَا الْعَرَبِ إِنَّ بَابَهَا مَفْتُوحٌ لِابْنِ آدَمَ لَا یَنْسَدُّ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّكَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ وَ هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً وَ قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام فَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ رَاعِنَا مِنْ أَلْفَاظِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ یُخَاطِبُونَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُونَ رَاعِنَا أَیِ ارْعَ أَحْوَالَنَا وَ اسْمَعْ مِنَّا نَسْمَعْ مِنْكَ وَ كَانَ فِی لُغَةِ الْیَهُودِ اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ فَلَمَّا سَمِعَ الْیَهُودُ الْمُسْلِمِینَ یُخَاطِبُونَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُونَ رَاعِنَا وَ یُخَاطِبُونَ بِهَا قَالُوا كُنَّا نَشْتِمُ (1)مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْآنَ سِرّاً فَتَعَالَوُا الْآنَ نَشْتِمُهُ جَهْراً وَ كَانُوا یُخَاطِبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَقُولُونَ رَاعِنَا یُرِیدُونَ شَتْمَهُ فَتَفَطَّنَ لَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِیُّ فَقَالَ یَا أَعْدَاءَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ أَرَاكُمْ تُرِیدُونَ سَبَّ رَسُولِ اللَّهِ تُوَهِّمُونَا أَنَّكُمْ تَجْرُونَ فِی مُخَاطَبَتِهِ مَجْرَانَا وَ اللَّهِ لَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَ لَوْ لَا أَنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَقْدِمَ عَلَیْكُمْ قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَ الِاسْتِئْذَانِ لَهُ وَ لِأَخِیهِ وَ وَصِیِّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام الْقَیِّمِ بِأُمُورِ الْأُمَّةِ (2)نَائِباً عَنْهُ لَضَرَبْتُ عُنُقَ مَنْ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْكُمْ یَقُولُ هَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُحَمَّدُ مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ یَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَیْنا وَ اسْمَعْ غَیْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَیًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِی الدِّینِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَیْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِیلًا وَ أَنْزَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِینَ عَذابٌ أَلِیمٌ لا تَقُولُوا راعِنا فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ یَتَوَصَّلُ بِهَا أَعْدَاؤُكُمْ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی سَبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 332


1- فی المصدر: إنا كنا نشتم.
2- فی نسخة: القیم بأمور امته.

وَ سَبِّكُمْ وَ شَتْمِكُمْ وَ قُولُوا انْظُرْنا أَیْ قُولُوا بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لَا بِلَفْظَةِ رَاعِنَا فَإِنَّهُ لَیْسَ فِیهَا مَا فِی قَوْلِكُمْ رَاعِنَا وَ لَا یُمْكِنُهُمْ أَنْ یَتَوَصَّلُوا بِهَا إِلَی الشَّتْمِ كَمَا یُمْكِنُهُمْ بِقَوْلِكُمْ رَاعِنَا وَ اسْمَعُوا إِذَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَوْلًا وَ أَطِیعُوا وَ لِلْكافِرِینَ یَعْنِی الْیَهُودَ الشَّاتِمِینَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَذابٌ أَلِیمٌ وَجِیعٌ فِی الدُّنْیَا إِنْ عَادُوا لِشَتْمِهِمْ وَ فِی الْآخِرَةِ بِالْخُلُودِ فِی النَّارِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عِبَادَ اللَّهِ هَذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مِنْ خِیَارِ عِبَادِ اللَّهِ آثَرَ رِضَا اللَّهِ عَلَی سَخَطِ قَرَابَاتِهِ وَ أَصْهَارِهِ مِنَ الْیَهُودِ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ غَضِبَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله رَسُولِ اللَّهِ وَ لِعَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ وَ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُخَاطَبَا بِمَا لَا یَلِیقُ بِجَلَالَتِهِمَا فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ لِتَعَصُّبِهِ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ وَ بَوَّأَهُ فِی الْجَنَّةِ مَنَازِلَ كَرِیمَةً وَ هَیَّأَ لَهُ فِیهَا خَیْرَاتٍ وَاسِعَةً لَا تَأْتِی الْأَلْسُنُ عَلَی وَصْفِهَا وَ لَا الْقُلُوبُ عَلَی تَوَهُّمِهَا (1)وَ الْفِكْرِ فِیهَا وَ لَسَلْكَةٌ مِنْ مَنَادِیلِ مَوَائِدِهِ فِی الْجَنَّةِ (2)خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا فِیهَا وَ زِینَتِهَا وَ لُجَیْنِهَا وَ جَوَاهِرِهَا وَ سَائِرِ أَمْوَالِهَا وَ نَعِیمِهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ فِیهَا رَفِیقَهُ وَ خَلِیطَهُ فَلْیَتَحَمَّلْ غَضَبَ الْأَصْدِقَاءِ وَ الْقَرَابَاتِ وَ لْیُؤْثِرْ لَهُمْ رِضَا اللَّهِ فِی الْغَضَبِ لِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لْیَغْضَبْ إِذَا رَأَی الْحَقَّ مَتْرُوكاً وَ رَأَی الْبَاطِلَ مَعْمُولًا بِهِ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْهُوَیْنَا فِیهِ (3)مَعَ التَّمَكُّنِ وَ الْقُدْرَةِ وَ زَوَالِ التَّقِیَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یَقْبَلُ لَكُمْ عُذْراً عِنْدَ ذَلِكَ(4).

«19»- م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ ما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لَا الْمُشْرِكِینَ أَنْ یُنَزَّلَ عَلَیْكُمْ مِنْ خَیْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام إِنَّ اللَّهَ ذَمَّ الْیَهُودَ وَ الْمُشْرِكِینَ وَ

ص: 333


1- فی هامش المصدر: علی توسمها خ ل.
2- فی نسخة: و لسلكة من فرائده فی الجنة. و فی المصدر: من منادیل موائد نعمتها فی الجنة.
3- فی المصدر: و إیّاكم و التهون و الهوینا خ ل فیه.
4- تفسیر العسكریّ: ص 194- 196، و للحدیث ذیل فی عقاب تارك الامر بالمعروف و النهی عن المنكر و غیره.

النَّوَاصِبَ (1)فَقَالَ ما یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الْیَهُودُ وَ النَّصَارَی وَ لَا الْمُشْرِكِینَ وَ لَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ هُمْ نَوَاصِبُ یَغْتَاظُونَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَ فَضَائِلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِبَانَتِهِ عَنْ شَرِیفِ فَضْلِهِ وَ مَحَلِّهِ أَنْ یُنَزَّلَ عَلَیْكُمْ مِنْ خَیْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ مِنَ الْآیَاتِ الزَّائِدَاتِ فِی شَرَفِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ عَلَیْهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ وَ لَا یَوَدُّونَ أَنْ یَنْزِلَ دَلِیلٌ مُعْجِزٌ مِنَ السَّمَاءِ یُبَیِّنُ عَنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ علیه السلام- (2)فَهُمْ لِأَجْلِ ذَلِكَ یَمْنَعُونَ أَهْلَ دِینِهِمْ مِنْ أَنْ یُحَاجُّوكَ مَخَافَةَ أَنْ تُبْهِرَهُمْ حُجَّتُكَ (3)وَ تُفْحِمَهُمْ مُعْجِزَاتُكَ فَیُؤْمِنَ بِكَ عَوَامُّهُمْ أَوْ یَضْطَرِبُونَ عَلَی رُؤَسَائِهِمْ فَلِذَلِكَ یَصُدُّونَ مَنْ یُرِیدُ لِقَاءَكَ یَا مُحَمَّدُ لِیَعْرِفَ أَمْرَكَ (4)بِأَنَّهُ لَطِیفٌ خَلَّاقٌ سَاحِرُ اللِّسَانِ لَا تراك (تَرَاهُ) وَ لَا یَرَاكَ خَیْرٌ لَكَ وَ أَسْلَمُ لِدِینِكَ وَ دُنْیَاكَ فَهُمْ بِمِثْلِ هَذَا یَصُدُّونَ الْعَوَامَّ عَنْكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ (5)عَلَی مَنْ یُوَفِّقُهُ لِدِینِهِ وَ یَهْدِیهِ إِلَی مُوَالاتِكَ وَ مُوَالاةِ أَخِیكَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ فَلَمَّا قَرَعَهُمْ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَضَرَهُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ فَعَانَدُوهُ وَ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَدَّعِی عَلَی قُلُوبِنَا خِلَافَ مَا فِیهَا مَا نَكْرَهُ أَنْ یَنْزِلَ عَلَیْكَ حُجَّةٌ تَلْزَمُ الِانْقِیَادَ لَهَا فَنَنْقَادَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَا إِنْ عَانَدْتُمْ مُحَمَّداً هَاهُنَا فَسَتُعَانِدُونَ رَبَّ الْعَالَمِینَ إِذَا أَنْطَقَ صَحَائِفُكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَ تَقُولُونَ ظَلَمَتْنَا الْحَفَظَةُ وَ كَتَبُوا عَلَیْنَا مَا لَمْ نَجْتَرِمْهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُسْتَشْهَدُ جَوَارِحُكُمْ فَتَشْهَدُ عَلَیْكُمْ فَقَالُوا لَا تُبَعِّدْ شَاهِدَكَ فَإِنَّهُ فِعْلُ الْكَذَّابِینَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْقِیَامَةِ بُعْدٌ أَرِنَا فِی أَنْفُسِنَا مَا تَدَّعِی لِنَعْلَمَ صِدْقَكَ وَ لَنْ تَفْعَلَهُ لِأَنَّكَ مِنَ الْكَذَّابِینَ

ص: 334


1- فی المصدر: ان اللّٰه تعالی ذمّ الیهود و النصاری و المشركین و النواصب.
2- أضاف فی المصدر: و آلهما.
3- فی نسخة: أن تقهرهم بحجتك.
4- فی نسخة: لیعرفوهم أمرك. و فی نسخة لیغروهم بك.
5- الموجود فی المصدر هكذا: «وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ» و توفیقه لدین الإسلام و موالاة محمّد و علی «مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ» علی من یوفقه لدینه.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام اسْتَشْهِدْ جَوَارِحَهُمْ فَاسْتَشْهَدَهَا عَلِیٌّ علیه السلام فَشَهِدَتْ كُلُّهَا عَلَیْهِمْ أَنَّهُمْ لَا یَوَدُّونَ أَنْ یَنْزِلَ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ آیَةٌ بَیِّنَةٌ وَ حُجَّةٌ مُعْجِزَةٌ لِنُبُوَّتِهِ وَ إِمَامَةِ أَخِیهِ عَلِیٍّ علیه السلام مَخَافَةَ أَنْ تُبْهِرَهُمْ حُجَّتُهُ وَ یُؤْمِنَ بِهِ عَوَامُّهُمْ وَ یَضْطَرِبَ عَلَیْهِ كَثِیرٌ مِنْهُمْ (1)فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ لَسْنَا نَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ الَّتِی تَدَّعِی أَنَّهَا تَشْهَدُ بِهَا جَوَارِحُنَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِینَ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آیَةٍ ادْعُ عَلَیْهِمْ بِالْهَلَاكِ فَدَعَا عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْهَلَاكِ فَكُلُّ جَارِحَةٍ نَطَقَتْ بِالشَّهَادَةِ عَلَی صَاحِبِهَا انفْتَقَتْ حَتَّی مَاتَ مَكَانَهُ فَقَالَ قَوْمٌ آخَرُونَ حَضَرُوا مِنَ الْیَهُودِ مَا أَقْسَاكَ یَا مُحَمَّدُ قَتَلْتَهُمْ أَجْمَعِینَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كُنْتُ أَلِینُ عَلَی مَنِ اشْتَدَّ عَلَیْهِ غَضَبُ اللَّهِ أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ أَنْ یُمْهِلَهُمْ وَ یُقِیلَهُمْ لَفَعَلَ بِهِمْ كَمَا كَانَ فَعَلَ بِمَنْ كَانَ قَبْلُ مِنْ عَبَدَةِ الْعِجْلِ لَمَّا سَأَلُوا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ وَ قَالَ لَهُمْ (2)عَلَی لِسَانِ مُوسَی لَوْ كَانَ دَعَا بِذَلِكَ عَلَی مَنْ قُتِلَ لَأَعْفَاهُ اللَّهُ مِنَ الْقَتْلِ كَرَامَةً لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا الطَّیِّبِینَ علیهم السلام (3).

«20»- ختص، الإختصاص عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَدْعُوَ الْخَلْقَ إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَی الْإِجَابَةِ وَ أَنْذَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْخَلْقَ فَأَمَرَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنْ یَكْتُبَ إِلَی أَهْلِ الْكِتَابِ یَعْنِی الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی وَ یَكْتُبَ كِتَاباً وَ أَمْلَی جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله كِتَابَهُ وَ كَانَ كَاتِبُهُ یَوْمَئِذٍ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ فَكَتَبَ إِلَی یَهُودِ خَیْبَرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمِّیِّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی یَهُودِ خَیْبَرَ أَمَّا بَعْدُ فَ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِ

ص: 335


1- فی نسخة: و یضطرب علی كثیر منهم. و فی المصدر: و یضطرب علیهم كثیر منهم.
2- فی المصدر: و قال اللّٰه لهم.
3- تفسیر العسكریّ: ص 200.

الْعَظِیمِ ثُمَّ وَجَّهَ الْكِتَابَ إِلَی یَهُودِ خَیْبَرَ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَیْهِمْ حَمَلُوهُ وَ أَتَوْا بِهِ رَئِیساً لَهُمْ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِنَّ هَذَا كِتَابُ مُحَمَّدٍ إِلَیْنَا فَاقْرَأْهُ عَلَیْنَا فَقَرَأَهُ فَقَالَ لَهُمْ مَا تَرَوْنَ فِی هَذَا الْكِتَابِ قَالُوا نَرَی عَلَامَةً وَجَدْنَاهَا فِی التَّوْرَاةِ فَإِنْ كَانَ هَذَا محمد (مُحَمَّداً) الَّذِی بَشَّرَ بِهِ مُوسَی وَ دَاوُدُ وَ عِیسَی علیه السلام سَیُعَطِّلُ التَّوْرَاةَ وَ یُحِلُّ لَنَا مَا حُرِّمَ عَلَیْنَا مِنْ قَبْلُ فَلَوْ كُنَّا عَلَی دِینِنَا كَانَ أَحَبَّ إِلَیْنَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ یَا قَوْمِ اخْتَرْتُمُ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ وَ الْعَذَابَ عَلَی الرَّحْمَةِ قَالُوا لَا قَالَ وَ كَیْفَ لَا تَتَّبِعُونَ دَاعِیَ اللَّهِ قَالُوا یَا ابْنَ سَلَامٍ وَ مَا عَلِمْنَا أَنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ فِیمَا یَقُولُ قَالَ فَإِذاً نَسْأَلَهُ عَنِ الْكَائِنِ وَ الْمُكَوِّنِ وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ فَإِنْ كَانَ نَبِیّاً كَمَا یَزْعُمُ فَإِنَّهُ سَیُبَیِّنُ كَمَا بَیَّنَ الْأَنْبِیَاءُ مِنْ قَبْلُ قَالُوا یَا ابْنَ سَلَامٍ سِرْ إِلَی مُحَمَّدٍ حَتَّی تَنْقُضَ كَلَامَهُ وَ تَنْظُرَ كَیْفَ یَرُدُّ عَلَیْكَ الْجَوَابَ فَقَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لَوْ كَانَ هَذَا محمد (مُحَمَّداً) الَّذِی بَشَّرَ بِهِ مُوسَی وَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ كَانَ خَاتَمَ النَّبِیِّینَ فَلَوْ اجْتَمَعَ الثَّقَلَانِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَی أَنْ یَرُدُّوا عَلَی مُحَمَّدٍ حَرْفاً وَاحِداً أَوْ آیَةً مَا اسْتَطَاعُوا بِإِذْنِ اللَّهِ قَالُوا صَدَقْتَ یَا ابْنَ سَلَامٍ فَمَا الْحِیلَةُ قَالَ عَلَیَّ بِالتَّوْرَاةِ فَحُمِلَتِ التَّوْرَاةُ إِلَیْهِ فَاسْتَنْسَخَ مِنْهَا أَلْفَ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَی وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ مِمَّنْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَ أَنَا رَسُولُ الْیَهُودِ إِلَیْكَ مَعَ آیَاتٍ مِنَ التَّوْرَاةِ تُبَیِّنُ لَنَا مَا فِیهَا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی نَعْمَائِهِ یَا ابْنَ سَلَامٍ جِئْتَنِی سَائِلًا أَوْ مُتَعَنِّتاً قَالَ بَلْ سَائِلًا یَا مُحَمَّدُ قَالَ عَلَی الضَّلَالَةِ أَمْ عَلَی الْهُدَی قَالَ بَلْ عَلَی الْهُدَی یَا مُحَمَّدُ

ص: 336

فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَلْ عَمَّا تَشَاء قَالَ أَنْصَفْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْكَ أَ نَبِیٌّ أَنْتَ أَمْ رَسُولٌ قَالَ أَنَا نَبِیٌّ وَ رَسُولٌ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فِی الْقُرْآنِ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَیْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَیْكَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَلَّمَكَ اللَّهُ قَبْلًا قَالَ مَا لِعَبْدٍ أَنْ یُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیاً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی تَدْعُو بِدِینِكَ أَمْ بِدِینِ اللَّهِ قَالَ بَلْ أَدْعُو بِدِینِ اللَّهِ وَ مَا لِی دِینٌ إِلَّا مَا دَیَّنَنَا اللَّهُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی إِلَی مَا تَدْعُو قَالَ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ قَالَ وَ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ دِینٌ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ دِینٌ وَاحِدٌ وَ اللَّهُ تَعَالَی وَاحِدٌ لَا شَرِیكَ لَهُ قَالَ وَ مَا دِینُ اللَّهِ قَالَ الْإِسْلَامُ قَالَ وَ بِهِ دَانَ النَّبِیُّونَ مِنْ قَبْلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَالشَّرَائِعُ قَالَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَ قَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ یَدْخُلُونَ فِیهَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِالْإِیمَانِ أَوْ بِالْعَمَلِ قَالَ مِنْهُمْ مَنْ یَدْخُلُ بِالثَّلَاثَةِ یَكُونُ مُسْلِماً مُؤْمِناً عَامِلًا فَیَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِثَلَاثَةِ أَعْمَالٍ أَوْ یَكُونُ نَصْرَانِیّاً أَوْ یَهُودِیّاً أَوْ مَجُوسِیّاً فَیُسْلِمُ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ وَ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ یَخْلَعُ الْكُفْرَ مِنْ قَلْبِهِ فَیَمُوتُ عَلَی مَكَانِهِ وَ لَمْ یُخَلِّفْ مِنَ الْأَعْمَالِ شَیْئاً فَیَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَذَلِكَ إِیمَانٌ بِلَا عَمَلٍ وَ یَكُونُ یَهُودِیّاً أَوْ نَصْرَانِیّاً یَتَصَدَّقُ وَ یُنْفِقُ فِی غَیْرِ ذَاتِ اللَّهِ فَهُوَ عَلَی الْكُفْرِ وَ الضَّلَالَةِ یَعْبُدُ الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ فَإِذَا مَاتَ عَلَی دِینِهِ كَانَ فَوْقَ عَمَلِهِ فِی النَّارِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا یَتَقَبَّلُ إِلَّا مِنَ الْمُتَّقِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ أَنْزَلَ عَلَیْكَ كِتَاباً قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ أَیُّ كِتَابٍ هُوَ قَالَ الْفُرْقَانُ قَالَ وَ لِمَ سَمَّاهُ فُرْقَاناً قَالَ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرِ أَنْزَلَ فِی غَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمَلًا فِی الْأَلْوَاحِ وَ الْأَوْرَاقِ فَقَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی أَیُّ شَیْ ءٍ مُبْتَدَأُ الْقُرْآنِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ مُؤَخَّرُهُ

ص: 337

قَالَ مُبْتَدَؤُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ مُؤَخَّرُهُ أَبْجَدْ قَالَ مَا تَفْسِیرُ أَبْجَدْ قَالَ الْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ وَ الْبَاءُ بَهَاءُ اللَّهِ وَ الْجِیمُ جَمَالُ اللَّهِ وَ الدَّالُّ دِینُ اللَّهِ وَ إِدْلَالُهُ عَلَی الْخَیْرِ هَوَّزْ الْهَاوِیَةُ حُطِّی حُطُوطُ الْخَطَایَا وَ الذُّنُوبِ سَعْفَصْ صَاعاً بِصَاعٍ حَقّاً بِحَقٍّ فَصّاً بِفَصٍّ یَعْنِی جَوْراً بِجَوْرٍ قَرَشَتْ سَهْمُ اللَّهِ الْمُنْزَلُ فِی كِتَابِهِ الْمُحْكَمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ سُنَّةُ اللَّهِ سَبَقَتْ رَحْمَةُ اللَّهِ غَضَبَهُ قَالَ لَمَّا عَطَسَ آدَمُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فَأَجَابَهُ رَبُّهُ یَرْحَمُكَ رَبُّكَ یَا آدَمُ فَسَبَقَتْ لَهُ ذَلِكَ الْحُسْنَی مِنْ رَبِّهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَعْصِیَ اللَّهَ فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَی بِیَدِهِ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ جَنَّاتِ عَدْنٍ بِیَدِهِ وَ نَصَبَ شَجَرَةَ طُوبَی فِی الْجَنَّةِ بِیَدِهِ وَ خَلَقَ آدَمَ علیه السلام بِیَدِهِ وَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ بِیَدِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَمَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام قَالَ جَبْرَئِیلُ عَمَّنْ قَالَ عَنْ مِیكَائِیلَ قَالَ مِیكَائِیلُ عَمَّنْ قَالَ عَنْ إِسْرَافِیلَ قَالَ إِسْرَافِیلُ عَمَّنْ قَالَ عَنِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَالَ اللَّوْحُ عَمَّنْ قَالَ عَنِ الْقَلَمِ قَالَ الْقَلَمُ عَمَّنْ قَالَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ جَبْرَئِیلَ فِی زِیِّ الْإِنَاثِ أَمْ فِی زِیِّ الذُّكُورِ قَالَ فِی زِیِّ الذُّكُورِ لَیْسَ فِی زِیِّ الْإِنَاثِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا طَعَامُهُ قَالَ طَعَامُهُ التَّسْبِیحُ وَ شَرَابُهُ التَّهْلِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا طُولُ جَبْرَئِیلُ قَالَ إِنَّهُ عَلَی قَدْرِ بَیْنِ الْمَلَائِكَةِ لَیْسَ بِالطَّوِیلِ الْعَالِی وَ لَا بِالْقَصِیرِ الْمُتَدَانِی لَهُ ثَمَانُونَ ذُؤَابَةً وَ قُصَّتُهُ جَعْدَةٌ وَ هِلَالٌ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَغَرُّ أَدْعَجُ مِحْجَلٌ (1)ضَوْؤُهُ بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ كَضَوْءِ النَّهَارِ عِنْدَ ظُلْمَةِ اللَّیْلِ

ص: 338


1- الذؤابة: شعر فی مقدم الرأس. القصة: شعر الناصیة: كل خصلة من الشعر. الاغر: الحسن. الابیض من كل شی ء. دعجت العین: صارت شدیدة السواد مع سعتها، فصاحبها أدعج. و فی الحدیث: امتی الغر المحجلون أی بیض مواضع الوضوء من الأیدی و الاقدام. و الخیل المحجل الذی یرتفع البیاض فی قوائمه إلی موضع القید و یجاوز الارساغ و لا یجاوز الركبتین. قاله الجزریّ فی النهایة.

لَهُ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ جَنَاحاً خَضِراً مُشَبَّكَةً بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ مُخَتَّمَةً بِاللُّؤْلُؤِ وَ عَلَیْهِ وِشَاحٌ (1)بِطَانَتُهُ الرَّحْمَةُ إِزَارُهُ الْكَرَامَةُ ظِهَارَتُهُ الْوَقَارُ رِیشُهُ الزَّعْفَرَانُ وَاضِحُ الْجَبِینِ أَقْنَی الْأَنْفِ (2)سَائِلُ الْخَدَّیْنِ (3)مُدَوَّرُ اللَّحْیَیْنِ حَسَنُ الْقَامَةِ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا یَمَلُّ وَ لَا یَسْهُو قَائِمٌ بِوَحْیِ اللَّهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا الْوَاحِدُ وَ مَا الِاثْنَانِ وَ مَا الثَّلَاثَةُ وَ مَا الْأَرْبَعَةُ وَ مَا الْخَمْسَةُ وَ مَا السِّتَّةُ وَ مَا السَّبْعَةُ وَ مَا الثَّمَانِیَةُ وَ مَا التِّسْعَةُ وَ مَا الْعَشَرَةُ وَ مَا الْأَحَدَ عَشَرَ وَ مَا الِاثْنَا عَشَرَ وَ مَا الثَّلَاثَةَ عَشَرَ وَ مَا الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَ مَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَ مَا السِّتَّةَ عَشَرَ وَ مَا السَّبْعَةَ عَشَرَ وَ مَا الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ وَ مَا التِّسْعَةَ عَشَرَ وَ مَا الْعِشْرُونَ وَ مَا الْأَحَدُ وَ عِشْرُونَ وَ مَا الِاثْنَانِ وَ عِشْرُونَ وَ ثَلَاثَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ سِتَّةٌ وَ عِشْرُونَ وَ سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ ثَمَانِیَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ تِسْعَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ مَا الثَّلَاثُونَ وَ مَا الْأَرْبَعُونَ وَ مَا الْخَمْسُونَ وَ مَا السِّتُّونَ وَ مَا السَّبْعُونَ وَ مَا الثَّمَانُونَ وَ مَا التِّسْعَةُ وَ التِّسْعُونَ وَ مَا الْمِائَةُ قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَمَّا الْوَاحِدُ فَ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ لا شَرِیكَ لَهُ وَ لَا صَاحِبَةَ لَهُ وَ لَا وَلَدَ لَهُ یُحْیِی وَ یُمِیتُ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ أَمَّا الِاثْنَانِ فَآدَمُ وَ حَوَّاءُ كَانَا زَوْجَیْنِ فِی الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ یَخْرُجَا مِنْهَا وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ فَجَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ هُمْ رُؤَسَاءُ الْمَلَائِكَةِ وَ هُمْ عَلَی وَحْیِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَالتَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ وَ أَمَّا الْخَمْسَةُ أُنْزِلَ عَلَیَّ وَ عَلَی أُمَّتِی خَمْسُ صَلَوَاتٍ لَمْ تُنْزَلْ عَلَی مَنْ قَبْلِی وَ لَا تُفْتَرَضُ عَلَی أُمَّةٍ بَعْدِی لِأَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ أَمَّا السِّتَّةُ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ

ص: 339


1- الوشاح: شبه قلادة من نسیج عریض یرصع بالجوهر تشده المرأة بین عاتقها و كشحیها.
2- قنی الانف: ارتفع وسط قصبته و ضاق منخراه فهو أقنی.
3- فی النهایة: فی صفته صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: سائل الاطراف أی ممتدها.

وَ أَمَّا السَّبْعَةُ فَسَبْعُ سَمَاوَاتٍ شِدَادٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةُ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ یَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ وَ أَمَّا التِّسْعَةُ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ وَ أَمَّا الْعَشَرَةُ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ وَ أَمَّا الْأَحَدَ عَشَرَ قَوْلُ یُوسُفَ لِأَبِیهِ یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ أَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ فَالسَّنَةُ تَأْتِی كُلَّ عَامٍ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً جَدِیداً وَ أَمَّا الثَّلَاثَةَ عَشَرَ كَوْكَباً فَهُمْ إِخْوَةُ یُوسُفَ وَ أَمَّا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ فَالْأُمُّ وَ الْأَبُ (1)وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ فَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِنْدِیلًا مِنْ نُورٍ مُعَلَّقاً بَیْنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ طُولُ كُلِّ قِنْدِیلٍ مَسِیرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ وَ أَمَّا الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَی آیَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فِی خَمْسَةَ عَشَرَ یَوْماً خَلَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدیً لِلنَّاسِ وَ بَیِّناتٍ مِنَ الْهُدی وَ الْفُرْقانِ وَ أَمَّا السِّتَّةَ عَشَرَ فَسِتَّةَ عَشَرَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَ أَمَّا السَّبْعَةَ عَشَرَ فَسَبْعَةَ عَشَرَ اسْماً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی مَكْتُوباً بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَزَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْراً فَتُحْرِقُ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ فَثَمَانِیَةَ عَشَرَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ مُعَلَّقٍ بَیْنَ الْكُرْسِیِّ وَ الْحُجُبِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَذَابَتْ صُمُّ الْجِبَالِ الشَّوَامِخِ فَاحْتَرَقَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ مِنْ نُورِ اللَّهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ

ص: 340


1- تفسیر لقول یوسف: «یا أَبَتِ إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ» فالمجموع ثلاثة عشر منه احدی عشر كوكبا و هم اخوة یوسف و الاثنان منه و هو الشمس و القمر أبوه و أمه. و فی نسخة: و اما الثلاثة عشر كوكبا فهم اخوة یوسف و ابواه ظ.

قَالَ وَ أَمَّا التِّسْعَةَ عَشَرَ فَهِیَ سَقَرُ لا تُبْقِی وَ لا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَیْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَ أَمَّا الْعِشْرُونَ أَنْزَلَ الزَّبُورَ عَلَی دَاوُدَ فِی عِشْرِینَ یَوْماً خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فِی الْقُرْآنِ وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً وَ أَمَّا أَحَدٌ وَ عِشْرُونَ فَتَلَا سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَ سَبَّحَتْ مَعَهُ الْجِبَالُ وَ أَمَّا الِاثْنَانِ وَ الْعِشْرُونَ تَابَ اللَّهُ عَلَی دَاوُدَ وَ غَفَرَ لَهُ ذَنْبَهُ وَ لَیَّنَ الْحَدِیدَ یَتَّخِذُ مِنْهُ السَّابِغَاتِ وَ هِیَ الدُّرُوعُ وَ أَمَّا الثَّلَاثَةُ وَ الْعِشْرُونَ أَنْزَلَ الْمَائِدَةَ فِیهِ مِنْ شَهْرِ الصِّیَامِ عَلَی عِیسَی علیه السلام وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ وَ الْعِشْرُونَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسی تَكْلِیماً وَ أَمَّا الْخَمْسَةُ وَ الْعِشْرُونَ فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَی وَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَمَّا السِّتَّةُ وَ الْعِشْرُونَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی مُوسَی التَّوْرَاةَ وَ أَمَّا السَّبْعَةُ وَ الْعِشْرُونَ أَلْقَتِ الْحُوتُ یُونُسَ بْنَ مَتَّی مِنْ بَطْنِهَا وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةُ وَ الْعِشْرُونَ رَدَّ اللَّهُ بَصَرَ یَعْقُوبَ عَلَیْهِ وَ أَمَّا التِّسْعَةُ وَ الْعِشْرُونَ رَفَعَ اللَّهُ إِدْرِیسَ مَكاناً عَلِیًّا وَ أَمَّا الثَّلَاثُونَ وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً وَ أَمَّا الْخَمْسُونَ یَوْماً كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ أَمَّا السِّتُّونَ فَالْأَرْضُ لَهَا سِتُّونَ عِرْقاً وَ النَّاسُ خُلِقُوا عَلَی سِتِّینَ یَوْماً (نَوْعاً) وَ أَمَّا السَّبْعُونَ وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا وَ أَمَّا الثَّمَانُونَ فَشَارِبُ الْخَمْرِ یُجْلَدُ بَعْدَ تَحْرِیمِهِ ثَمَانِینَ سَوْطاً وَ أَمَّا التِّسْعَةُ وَ التِّسْعُونَ لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ أَمَّا الْمِائَةُ فَ الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ علیه السلام كَیْفَ خُلِقَ وَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ خُلِقَ

ص: 341

قَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ بِحَمْدِهِ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُهُ خَلَقَ آدَمَ مِنَ الطِّینِ وَ الطِّینَ مِنَ الزَّبَدِ وَ الزَّبَدَ مِنَ الْمَوْجِ وَ الْمَوْجَ مِنَ الْبَحْرِ وَ الْبَحْرَ مِنَ الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةَ مِنَ النُّورِ وَ النُّورَ مِنَ الْحَرْفِ وَ الْحَرْفَ مِنَ الْآیَةِ وَ الْآیَةَ مِنَ السُّورَةِ وَ السُّورَةَ مِنَ الْیَاقُوتَةِ وَ الْیَاقُوتَةَ مِنْ كُنْ وَ كُنْ مِنْ لَا شَیْ ءَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ لِعَبْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ لِكُلِّ عَبْدٍ مَلَكَانِ مَلَكٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ مَلَكٌ عَنْ شِمَالِهِ الَّذِی عَنْ یَمِینِهِ یَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ وَ الَّذِی عَنْ شِمَالِهِ یَكْتُبُ السَّیِّئَاتِ قَالَ فَأَیْنَ یَقْعُدُ الْمَلَكَانِ وَ مَا قَلَمُهُمَا وَ مَا دَوَاتُهُمَا وَ مَا لَوْحُهُمَا قَالَ مَقْعَدُهُما كَتِفَاهُ وَ قَلَمُهُمَا لِسَانُهُ وَ دَوَاتُهُمَا حَلْقُهُ وَ مِدَادُهُمَا رِیقُهُ وَ لَوْحُهُمَا فُؤَادُهُ یَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُ إِلَی مَمَاتِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ن وَ الْقَلَمِ قَالَ وَ مَا تَفْسِیرُ ن وَ الْقَلَمِ قَالَ النُّونُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وَ الْقَلَمُ نُورٌ سَاطِعٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا طُولُهُ وَ مَا عَرْضُهُ وَ مَا مِدَادُهُ وَ أَیْنَ مَجْرَاهُ قَالَ طُولُ الْقَلَمِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ عَرْضُهُ مَسِیرَةُ ثَمَانِینَ سَنَةً یَخْرُجُ الْمِدَادُ مِنْ بَیْنِ أَسْنَانِهِ یَجْرِی فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ سُلْطَانِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِمَّا هُوَ قَالَ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ أَجْوَافُهُ اللُّؤْلُؤُ بِطَانَتُهُ الرَّحْمَةُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ لَحْظَةً لِرَبِّ الْعَالَمِینَ فِی اللَّوْحِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ لَحْظَةً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی أَیْنَ هَبَطَ آدَمُ علیه السلام قَالَ بِالْهِنْدِ قَالَ حَوَّاءُ قَالَ بِجُدَّةَ قَالَ إِبْلِیسُ قَالَ بِأَصْفَهَانَ قَالَ فَمَا كَانَ لِبَاسُ آدَمَ حَیْثُ أُنْزِلَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ وَرَقَاتٌ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ كَانَ مُتَّزِراً بِوَاحِدَةٍ مُرْتَدِیاً بِالْأُخْرَی وَ مُعْتَمّاً بِالثَّالِثِ قَالَ فَمَا كَانَ لِبَاسُ حَوَّاءَ قَالَ شَعْرُهَا كَانَ یَبْلُغُ الْأَرْضَ قَالَ فَأَیْنَ اجْتَمَعَا قَالَ بِعَرَفَاتٍ

ص: 342

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ رُكْنٍ وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْأَرْضِ قَالَ الرُّكْنَ الَّذِی بِمَكَّةَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی فِی الْقُرْآنِ إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبارَكاً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ خُلِقَ مِنْ حَوَّاءَ أَوْ حَوَّاءُ خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ قَالَ بَلْ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ وَ لَوْ أَنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنْ حَوَّاءَ لَكَانَ الطَّلَاقُ بِیَدِ النِّسَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ بِیَدِ الرِّجَالِ قَالَ مِنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَالَ بَلْ مِنْ بَعْضِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ كُلِّهِ لَجَازَ الْقِصَاصُ فِی النِّسَاءِ كَمَا یَجُوزُ فِی الرِّجَالِ قَالَ فَمِنْ ظَاهِرِهِ أَوْ مِنْ بَاطِنِهِ قَالَ بَلْ مِنْ بَاطِنِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ ظَاهِرِهِ لَكُشِفَتِ النِّسَاءُ كَمَا یَنْكَشِفُ الرِّجَالُ فَلِذَلِكَ النِّسَاءُ مُسْتَتِرَاتٌ قَالَ مِنْ یَمِینِهِ أَوْ مِنْ شِمَالِهِ قَالَ بَلْ مِنْ شِمَالِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ یَمِینِهِ لَكَانَ حَظُّ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَی وَاحِداً فَلِذَلِكَ لِلذَّكَرِ سَهْمَانِ وَ لِلْأُنْثَی سَهْمٌ وَ شَهَادَةُ امْرَأَتَیْنِ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ فَمِنْ أَیِّ مَوْضِعٍ خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ ضِلْعِهِ الْأَیْسَرِ قَالَ مَنْ سَكَنَ الْأَرْضَ قَبْلَ آدَمَ قَالَ الْجِنُّ قَالَ وَ بَعْدَ الْجِنِّ قَالَ الْمَلَائِكَةُ قَالَ وَ بَعْدَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ آدَمُ قَالَ فَكَمْ كَانَ بَیْنَ الْجِنِّ وَ بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ قَالَ فَبَیْنَ الْمَلَائِكَةِ وَ بَیْنَ آدَمَ قَالَ أَلْفَیْ أَلْفِ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ حَجَّ الْبَیْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَنْ حَلَقَ رَأْسَ آدَمَ قَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ مَنْ خَتَنَ آدَمَ قَالَ اخْتَتَنَ بِنَفْسِهِ قَالَ وَ مَنِ اخْتَتَنَ بَعْدَ آدَمَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ علیه السلام قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ رَسُولٍ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْوَحْشِ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بُقْعَةٍ أَضَاءَتْهُ الشَّمْسُ مَرَّةً وَ لَا تَعُودُ أُخْرَی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ لَمَّا ضَرَبَ مُوسَی الْبَحْرَ بِعَصَاهُ انْفَلَقَ الْبَحْرُ بِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ قِطْعَةً وَ أَضَاءَتِ الشَّمْسُ عَلَی أَرْضِهِ فَلَمَّا غَرَّقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ جُنُودَهُ أَطْبَقَ الْبَحْرُ وَ لَا تُضِی ءُ الشَّمْسُ إِلَی تِلْكَ الْبُقْعَةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ

ص: 343

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بَیْتٍ لَهُ اثْنَا عَشَرَ بَاباً أُخْرِجَ مِنْهُ اثْنَا عَشَرَ رِزْقاً لِاثْنَیْ عَشَرَ وَلَداً قَالَ لَمَّا دَخَلَ مُوسَی الْبَحْرَ مَرَّ بِصَخْرَةٍ بَیْضَاءَ مُرَبَّعَةً كَالْبَیْتِ فَشَكَا بَنُو إِسْرَائِیلَ الْعَطَشَ إِلَی مُوسَی فَضَرَبَهَا بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ عَیْناً مِنِ اثْنَیْ عَشَرَ بَاباً (1).

أقول: إلی هنا انتهی ما وجدنا من الخبر و قد كان سقط منه أشیاء فی المنقول منه و كان فیه بعض التصحیف فنقلنا كما وجدنا.

بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا كأنها نقلت بالمعنی و فی القرآن هكذا وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَیْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْكَ أی كل من هؤلاء رسول نبی مثلی.

قوله صلی اللّٰه علیه و آله و مؤخره أبجد لعل المراد بالتأخر التأخر بحسب الرتبة أو أنه یلزم تعلم معانیه بعد تعلم القرآن و أكثر ما فی الخبر مبنی علی ما كان مشهورا بین أهل الكتاب و من خصائصهم لا یعلمها إلا الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و من أخذ عنهم.

باب 3 نادر

«1»- ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِرَاهِبٍ فَكَلَّمَهُ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ دِینَكَ جَدِیدٌ وَ دِینِی خَلَقٌ فَلَوْ قَدْ خَلُقَ دِینُكَ لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیْكَ مِنْ مِثْلِهَا (2)

ص: 344


1- الاختصاص: مخطوط و نسخته غیر موجودة عندنا.
2- قرب الإسناد: ص 40.

فهرست ما فی هذا الجزء

الموضوع/ الصفحه

خطبة الكتاب 1

باب 1 احتجاج اللّٰه تعالی علی أرباب الملل المختلقة فی القرآن الكریم:

ذكر آیات الباب 2- 63

تفسیر الآیات 64- 173

ما ورد عن المعصومین علیهم السلام فی تفسیر آیات الباب؛ و فیه 161 حدیثاً. 173- 254

أبواب احتجاجات الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله

باب 1 احتجاجه صلّی اللّٰه علیه و آله علی المشرككین و الزنادقة و سائر أهل الملل الباطلة و فیه ستّة أحادیث. 255- 283

باب 2 احتجاجه صلّی اللّٰه علیه و آله علی الیهود فی مسائل شتّی؛ و فیه 20 حدیثاً. 283- 344

باب نادر و فیه حدیث واحد 344

ص: 345

إلی هنا تمّ الجزء التّاسع من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة المزدانة بتعالیق نفیسة قیّمة و فوائد جمّة ثمینة؛ و یحوی هذا الجزء 188 حدیثاً فی أربعة أبواب و یتلوه الجزء العاشر و سیصدر قریباً بعون اللّٰه تعالی.

و قد قوبل هذا الجزء من هذا الكتاب القیّم بعدّة نسخ مخطوطة و مطبوعة، منها نسخة ثمینة نفیسة مقروءة علی المصنّف- قدّس سرّه الشریف،- و قد أتحفنا إیّاها الأستاذ المعظّم السیّد محمّد مشكوة- أطال اللّٰه بقاه- فمن الواجب أن نقدّم إلیه ثناءنا العاطر و شكرنا الجزیل؛ وفّقه اللّٰه تعالی و إیّانا لجمیع مرضاته. إنّه ولیّ التوفیق.

یحیی عابدی

ص: 346

تذكار (من المصحّح رحمه اللّٰه تعالی)

اعتمدنا فی تصحیح كتاب الاحتجاجات- هذا الجزء و الذی یلیه- و تخرج احادیثه علی هذه الكتب:

«1»- الاحتجاج للطبرسیّ طبعة: النجف سنة: 1350

«2»- الإرشاد للشیخ المفید طبعة: إیران سنة: 1308

«3»- إرشاد القلوب للدیلمیّ طبعة: النجف دون تاریخ

«4»- الاستیعاب لابن عبد البرّ طبعة: مصر سنة: 1358

«5»- الأمالی للشیخ الصدوق طبعة: إیران سنة: 1374

«6»- الأمالی للشیخ الطوسیّ طبعة: إیران سنة: 1313

«7»- الأمالی للسیّد المرتضی طبعة: مصر سنة: 1325

«8»- بصائر الدرجات للصفّار طبعة إیران سنة: 1285

«9»- تفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام طبعة: إیران سنة: 1315

و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر فی هامش تفسیر علیّ بن إبراهیم طبعة: إیران سنة: 1315

«10»- تحف العقول لابن شعبة طبعة: طهران سنة: 1376

«11»- تفسیر البیضاویّ طبعة إسلامبول سنة: 1303

«12»- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمیّ طبعة: إیران سنة: 1313

و كثیراً ما راجعت طبعه الآخر بسنة 1315

«13»- التوحید للصدوق طبعة: هند سنة: 1321

«14»- الخرائج و الجرائح للراوندیّ طبعة: إیران سنة: 1305

«15»- الخصال للصدوق طبعة: إیران سنة: 1302

«16»- الرجال للكشیّ طبعة: بمبئی سنة: 1317

«17»- الروضة فی الفضائل طبع مع علل الشرائع و المعانی بإیران سنة: 1321

«18»- شرح نهج البلاغة لابن میثم طبعة: إیران سنة: 1276

«19»- صحیفة الرضا علیه السلام طبعة: إیران سنة: 1376

ص: 347

«20»- علل الشرائع و معانی الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1311

«21»- عیون الأخبار للصدوق طبعة: إیران سنة: 1318 22- الغیبة للنعمانیّ طبعة: إیران سنة: 1317

«23»- الفصول المختارة للسیّد المرتضی طبعة النجف دون تاریخ

«24»- الفضائل لابن شاذان طبعة: إیران سنة: 1294

«25»- القامس المحیط للفیروز آبادیّ طبعة الهند دون تاریخ

«26»- قرب الإسناد للحمیریّ طبعة: إیران سنة: 1370

«27»- الكافی للكلینیّ: الاصول طبعة: إیران سنة: 1375

الروضة طبعة: إیران سنة: 1377

«28»- الكشّاف للزمخشریّ طبعة: مصر سنة: 1373

«29»- كمال الدین للصدوق طبعة: إیران سنة: 1301

«30»- كنز الفوائد للكراجكیّ طبعة: إیران سنة: 1322

«31»- مجمع البیان للطبرسیّ طبعة: إیران سنة: 1373

«32»- النهایة لابن الأثیر طبعة: إیران سنة: 1299

«33»- نهج البلاغة للسیّد الرضی طبعة: مصر دون تاریخ

قم المشرفة خادم العلم و الدین عبد الرحیم الربانی الشیرازی

ص: 348

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام.

ضا: لفقه الرضا علیه السلام.

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام.

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام.

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 349

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.