بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 6

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 7: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب العدل و المعاد

تتمة أبواب العدل

باب 19 عفو اللّٰه تعالی و غفرانه و سعة رحمته و نعمه علی العباد

الآیات؛

البقرة: «فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِینَ»(64) (و قال تعالی): «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ» (فی موضعین: 173 و 182) (و قال تعالی): «وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ»(207) (و قال تعالی): «وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(218) (و قال تعالی): «وَ اللَّهُ یَدْعُوا إِلَی الْجَنَّةِ وَ الْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَ یُبَیِّنُ آیاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ»(221) (و قال تعالی): «وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمٌ»(225) (و قال تعالی): «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(226) (و قال): «وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِیمٌ»(235) (و قال): «وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْعالَمِینَ»(251)

آل عمران: «وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ»(30) (و قال تعالی): «قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ*یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ»(73-74) (و قال تعالی): «وَ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(129) (و قال): «وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ»(152) (و قال): «وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِیمٌ»(155) (و قال تعالی): «وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِیمٍ»(174)

النساء: «إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِیماً»(23) (و قال): «وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(25) (و قال): «وَ اللَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْكُمْ و قال یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْكُمْ»(28) (و قال): «إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِیماً»(29) (و قال): «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً»(43) (و قال تعالی): «إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ»(48) (و قال): «لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِیماً»(64) (و قال): «فَأُولئِكَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً»(99)

المائدة: «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(3) (و قال): «یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ»(18) (و قال تعالی): «فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(34) (و قال تعالی): «أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ»(40)

الأنعام: «فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ»(147)

الأعراف: «قالَ عَذابِی أُصِیبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ»(156)

الأنفال: «قُلْ لِلَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ یَنْتَهُوا یُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ»(38)

التوبة: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِینَ مَرَّةً فَلَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ»(80) (و قال تعالی): «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(102) (و قال تعالی): «وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا یَتُوبُ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ»(106) (و قال تعالی): «ما كانَ لِلنَّبِیِّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِینَ وَ لَوْ كانُوا أُولِی قُرْبی مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِیمِ»(113) (و قال تعالی): «إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِیمٌ»(117) (و قال تعالی): «إِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ»(120) (و قال تعالی): «لِیَجْزِیَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا یَعْمَلُونَ»(121)

یوسف: «قالَ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ»(92)

إبراهیم: «یَدْعُوكُمْ لِیَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ یُؤَخِّرَكُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی»(10)

الحجر: «نَبِّئْ عِبادِی أَنِّی أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِیمُ* وَ أَنَّ عَذابِی هُوَ الْعَذابُ الْأَلِیمُ»(49-50)

الأسری: «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ یَشَأْ یَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ یَشَأْ یُعَذِّبْكُمْ»(54)

النور: «وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِیمٌ»(10) (و قال تعالی): «وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ»(20) (و قال تعالی): «أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(22)

القصص: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَیْرٌ مِنْها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلا یُجْزَی الَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا یَعْمَلُونَ»(84)

ص: 2

الأحزاب: «وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِیراً»(47)

فاطر: «وَ لَوْ یُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلی ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ یُؤَخِّرُهُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِیراً»(45)

الزمر: «قُلْ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ»(53)

المؤمن: «إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَی النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَشْكُرُونَ»(61)

حمعسق: «وَ مَنْ یَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِیها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ»(23)

الفتح: «وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً»(14)

الحجرات: «وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(5)

النجم: «إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ»(32)

الحدید: «وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ»(9) (و قال تعالی): «وَ یَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ *لِئَلَّا یَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْ ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ»(28-29)

«1»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْقَطَّانُ وَ النَّقَّاشُ وَ الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها قَالَ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا رَبٌّ یَغْفِرُ لَهَا.

بیان: قیل اللام بمعنی علی أی إن أسأتم فعلی أنفسكم و قیل أی فلها الجزاء و العقاب و ما فی الخبر مبنی علی الاكتفاء ببعض الكلام و هو شائع.

«2»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِیبٍ عَنْ أَبِی الْعَیْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْعَرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَطَّلِعُ عَلَیْهِ غَفَرَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ عُیَیْنَةَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ

ص: 3

یَشْهَدَ عَلَیْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ كَثِیراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ (1) فَإِذَا كَانَ الظَّنُّ هُوَ الْمُرْدِیَ كَانَ ضِدُّهُ هُوَ الْمُنْجِیَ.

«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ النَّهْدِیِّ (2) عَنْ جُنْدَبٍ (3) الْغِفَارِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ یَوْماً وَ اللَّهِ لَا یَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ ذَا الَّذِی تَأَلَّی عَلَیَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ فَإِنِّی قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَ أَحْبَطْتُ عَمَلَ الْمُتَأَلِّی بِقَوْلِهِ لَا یَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ.

بیان: قال الجزری فیه من یتألی علی اللّٰه یكذبه أی من حكم علیه و حلف كقولك و اللّٰه لیدخلن اللّٰه فلانا النار و هو من الألیّة الیمین یقال آلی یؤلی إیلاء و تألی یتألی تألیا و الاسم الألیة و منه الحدیث مَنِ الْمُتَأَلِّی عَلَی اللَّهِ.

«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُلَیْمَانَ الزَّاهِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّائِیَّ الْوَاعِظَ یَقُولُ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ یَقُولُ قَرَأْتُ فِی زَبُورِ دَاوُدَ أَسْطُراً مِنْهَا مَا حَفِظْتُ وَ مِنْهَا مَا نَسِیتُ فَمَا حَفِظْتُ قَوْلُهُ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ یُحِبُّنِی أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ

ص: 4


1- حم السجدة: 22- 23 أرداكم أی أهلككم، نسب الهلاك إلی الظنّ لانه كان سببا لهلاكهم، و إنّما أهلكهم اللّٰه سبحانه جزاء علی أفعالهم القبیحة، و ظنونهم السیئة
2- بفتح النون و سكون الهاء، هو عبد الرحمن بن مل- بلام ثقیلة و المیم مثلثة- قال ابن حجر فی التقریب: مشهور بكنیته، مخضرم، من كبار الثانیة، ثقة، ثبت، عابد، مات سنة 95 و قیل: بعدها، و عاش 130 سنة، و قیل: أكثر.
3- بضم الجیم، و سكون النون، و فتح الدال المهملة، هو جندب بن جنادة، أبو ذر الغفاری، الصحابیّ الكبیر، أول من حیی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بتحیة الإسلام، و فیه قال النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: ما أظلت الخضراء، و لا أقلت الغبراء علی ذی لهجة أصدق من أبی ذر، و قال صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: أبو ذرّ فی امتی شبیه عیسی بن مریم فی زهده و ورعه. و مناقبه كثیرة جدا، نفاه عثمان إلی الربذة فمات فیها سنة 32 و صلی علیه ابن مسعود، له خطبة یشرح فیها الأمور بعد النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم.

یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی وَ هُوَ مُسْتَحْیٍ مِنَ الْمَعَاصِی الَّتِی عَصَانِی بِهَا غَفَرْتُهَا لَهُ وَ أَنْسَیْتُهَا حَافِظَیْهِ یَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّی مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِی بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ قَالَ دَاوُدُ یَا رَبِّ وَ مَا هَذِهِ الْحَسَنَةُ قَالَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ دَاوُدُ إِلَهِی لِذَلِكَ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ یَنْقَطِعَ (1) رَجَاؤُهُ مِنْكَ.

«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَزَّازِ عَنْ إِلْیَاسَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالِهِمْ فَأَیْنَ عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ (2).

«6»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فُضَیْلُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ادْعُ اللَّهَ لِی فَإِنَّ لِیَ ذُنُوباً كَثِیرَةً فَقَالَ مَهْ یَا أَبَا عُبَیْدَةَ لَا یَكُونُ الشَّیْطَانُ عَوْناً عَلَی نَفْسِكَ(3) إِنَّ عَفْوَ اللَّهِ لَا یُشْبِهُهُ شَیْ ءٌ.

«7»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَأُحَدِّثَنَّكُمْ بِحَدِیثٍ یَحِقُّ عَلَی كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ یَعِیَهُ(4) فَحَدَّثَنَا بِهِ غَدَاةً وَ نَسِینَاهُ عَشِیَّةً قَالَ فَرَجَعْنَا إِلَیْهِ فَقُلْنَا لَهُ الْحَدِیثُ الَّذِی حَدَّثْتَنَاهُ بِهِ غَدَاةً نَسِینَاهُ وَ قُلْتَ هُوَ حَقُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ یَعِیَهُ فَأَعِدْهُ عَلَیْنَا فَقَالَ إِنَّهُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ یُذْنِبُ ذَنْباً فَیَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ فِی الدُّنْیَا إِلَّا كَانَ أَجَلَّ وَ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ یَعُودَ عَلَیْهِ بِعُقُوبَةٍ فِی الْآخِرَةِ وَ قَدْ أَجَّلَهُ فِی الدُّنْیَا وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ.

«8»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ مَخْلَدٍ عَنِ الرَّزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَیْثَمِ الْقَاضِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ

ص: 5


1- فی المصدر: كذلك لا ینبغی لمن عرفك ان یقطع.
2- فی المصدر بعد ذلك: ان للّٰه عتقاء من النار. م.
3- أی عونا علی هلاك نفسك بیأسك و قنوطك عن رحمة اللّٰه.
4- أی جدیر لكل مسلم و حقیق علیه أن یقبله و یتدبره و یحفظه.

عَبَّاسٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَمْصَمِ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَیْحِ بْنِ عُبَیْدٍ قَالَ كَانَ جُبَیْرُ بْنُ نُفَیْرٍ(1) یُحَدِّثُ أَنَّ رِجَالًا سَأَلُوا النُّوَاسَ بْنَ سِمْعَانَ(2)

فَقَالُوا مَا أَرْجَی شَیْ ءٍ سَمِعْتَ لَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النُّوَاسُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ مَاتَ وَ هُوَ لَا یُشْرِكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَیْئاً فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ مَغْفِرَتُهُ إِنْ شَاءَ أَنْ یَغْفِرَ لَهُ قَالَ نُوَاسٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ لَا یَمُوتَ أَحَدٌ تَحِلُّ لَهُ مَغْفِرَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا غَفَرَ لَهُ.

«9»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لِی أَنْ أُعَذِّبَهُ وَ أَنَّ لِی أَنْ أَعْفُوَ عَنْهُ عَفَوْتُ عَنْهُ.

سن، المحاسن أبی عمن ذكره عن العلاء عن محمد بن مسلم مثله.

«10»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ رُوزْبِهُ وَ كَانَ مِنَ الزَّیْدِیَّةِ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا مِنْ عَبْدٍ یَعْمَلُ عَمَلًا لَا یَرْضَاهُ اللَّهُ إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ أَوَّلًا فَإِذَا ثَنَّی سَتَرَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَإِذَا ثَلَّثَ أَهْبَطَ اللَّهُ مَلَكاً فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ یَقُولُ لِلنَّاسِ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا.

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ هَارُونَ شَیْخٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْهُ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَةَ وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام الثَّوْبَ وَ الشَّیْ ءَ لَمْ تَسْأَلْهُ إِیَّاهُ أَعْطَاكَ.

«12»-یج، الخرائج و الجرائح قَالَ أَبُو هَاشِمٍ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَیَعْفُو یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَفْواً یُحِیطُ عَلَی الْعِبَادِ (3) حَتَّی یَقُولَ أَهْلُ الشِّرْكِ وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِینَ فَذَكَرْتُ

ص: 6


1- بالنون و الفاء مصغرا، هو جبیر بن نفیر بن مالك الحضرمی، وثقه ابن حجر و قال: جلیل من الثانیة، مخضرم و لابیه صحبة، مات سنة 80 و قیل: بعدها.
2- بالنون المفتوحة و الواو المشددة، هو ابن سمعان بن خالد الكلابی أو الأنصاریّ، صحابی مشهور، سكن الشام، قاله ابن حجر. و یوجد ذكره فی باب أصحاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم من رجال الشیخ.
3- فی الخرائج المطبوع هكذا: عفوا لا یخطر علی بال العباد.

فِی نَفْسِی حَدِیثاً حَدَّثَنِی بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَرَأَ (1)إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ مَنْ أَشْرَكَ (2) فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ وَ تَنَمَّرْتُ(3) لِلرَّجُلِ فَأَنَا أَقُولُ فِی نَفْسِی إِذْ أَقْبَلَ عَلَیَّ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ یَشاءُ بِئْسَمَا قَالَ هَذَا (4) وَ بِئْسَمَا رَوَی.

«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی مَعْمَرٍ السَّعْدِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِی قَوْلِهِ إِنَّ رَبِّی عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ یَعْنِی أَنَّهُ عَلَی حَقٍّ یَجْزِی بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً وَ بِالسَّیِّئِ سَیِّئاً وَ یَعْفُو عَمَّنْ یَشَاءُ وَ یَغْفِرُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی.

«14»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُ إِنِّی لَأَسْتَحْیِی مِنْ عَبْدِی وَ أَمَتِی یَشِیبَانِ فِی الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُعَذِّبُهُمَا.

«15»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، رَوَی أَنَّ فِی الْعَرْشِ تِمْثَالًا لِكُلِّ عَبْدٍ فَإِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِالْعِبَادَةِ رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ تِمْثَالَهُ وَ إِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِالْمَعْصِیَةِ أَمَرَ اللَّهُ بَعْضَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی یَحْجُبُوهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ لِئَلَّا تَرَاهُ الْمَلَائِكَةُ فَذَلِكَ مَعْنَی قَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِیلَ وَ سَتَرَ الْقَبِیحَ.

«16»-وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام سَمِعْتُ اللَّهَ یَقُولُ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لا یَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ یَمُوتُ أَ فَتَرَاكَ یَجْمَعُ بَیْنَ أَهْلِ الْقِسْمَیْنِ فِی دَارٍ وَاحِدَةٍ وَ هِیَ النَّارُ.

«17»-عدة، عدة الداعی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ یَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا كَانَ لِی قِبَلَكُمْ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكُمْ وَ قَدْ بَقِیَتِ التَّبِعَاتُ (5) بَیْنَكُمْ فَتَوَاهَبُوا وَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِی.

أقول: سیأتی الأخبار فی ذلك فی أبواب الحشر.

فائدة قال العلامة الدوانی فی شرح العقائد المعتزلة و الخوارج أوجبوا عقاب صاحب الكبیرة إذا مات بلا توبة و حرموا علیه العفو و استدلوا علیه بأن اللّٰه تعالی

ص: 7


1- فی المصدر: قد قرأ. م.
2- فی نسخة: و من المشرك.
3- أی تنكرت و تغیرت. و فی الخرائج المطبوع: و همزت للرجل، و انتهرت الرجل خ ل.
4- فی المصدر: قال ذلك الرجل. م.
5- التبعة: ما یترتب علی الفعل من الخیر أو الشر، الا أن استعماله فی الشر أكثر، و هو المراد هاهنا.

أوعد مرتكب الكبیرة بالعقاب فلو لم یعاقب لزم الخلف فی وعده و الكذب فی خبره و هما محالان ثم قال بعد ذكر أجوبة مردودة الوجه فی الجواب ما أشرنا إلیه سابقا من أن الوعد و الوعید مشروطان بقیود و شروط معلومة من النصوص فیجوز التخلف بسبب انتفاء بعض تلك الشروط و أن الغرض منها إنشاء الترغیب و الترهیب.

ثم قال و اعلم أن بعض العلماء ذهب إلی أن الخلف فی الوعید جائز علی اللّٰه تعالی و ممن صرح به الواحدی فی التفسیر الوسیط فی قوله تعالی فی سورة النساء وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ (1)الآیة حیث قال و الأصل فی هذا أن اللّٰه تعالی یجوز أن یخلف الوعید و إن كان لا یجوز أن یخلف الوعد و بهذا وردت السنة عن رسول اللّٰه ص

فِیمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیُّ حَدَّثَنَا زَكَرِیَّا بْنُ یَحْیَی السَّاجِیُّ وَ أَبُو جَعْفَرٍ السُّلَمِیُّ وَ أَبُو یَعْلَی الْمَوْصِلِیُّ قَالُوا حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِی حَزْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَیَّالِیِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَی عَمَلِهِ ثَوَاباً فَهُوَ مُنْجِزٌ لَهُ وَ مَنْ أَوْعَدَهُ عَلَی عَمَلِهِ عِقَاباً فَهُوَ بِالْخِیَارِ.

و أخبرنا أبو بكر حدثنا محمد بن عبد اللّٰه بن حمزة حدثنا أحمد بن الخلیل الأصمعی قال جاء عمرو بن عبید إلی أبی عمرو بن العلاء و قال یا أبا عمرو یخلف اللّٰه ما وعده قال لا قال أ فرأیت من أوعده اللّٰه علی عمل عقابا أ یخلف اللّٰه وعیده فیه فقال أبو عمرو من العجمة أتیت یا أبا عثمان إن الوعد غیر الوعید إن العرب لا یعد عیبا و لا خلفا أن یعد شرا ثم لم یفعله بل یری ذلك كرما و فضلا و إنما الخلف أن یعد خیرا ثم لم یفعله (2)قال فأوجدنی هذا العرب قال نعم أ ما سمعت قول الشاعر

ص: 8


1- النساء: 93.
2- و هذا ممّا اشتبه فیه الامر علی أبی عمرو فعد حكم المعنی حكما للفظ حتّی أنشد فیه الشعر مع أن البحث عقلی لا لفظی و ای ربط لمسألة خلف الوعید باللغة حتّی یختلف الحكم بالعربیة و العجمیة؟ و لهذا الاشتباه نظائر كثیرة فی الأبحاث الكلامیة یعثر علیه المتتبع؛ و حقیقة الامر أن الوفاء بالوعد واجب بحسب قضاء الفطرة غیر أن كرامة النفس و نشر الرحمة ربما یحكمان علی هذا الحكم بحسب المصلحة فیقدمان علیه أثرا و هو العفو عند المجازاة من غیر أن یبطلا أصل الامر و النهی حتّی یعود إلی التناقض أو ما یشبهه فافهم ذلك. ط.

و إنی إذا أوعدته أو وعدته لمخلف إیعادی و منجز موعدی.

و الذی ذكره أبو عمرو مذهب الكرام و مستحسن عند كل أحد خلف الوعید كما قال السری الموصلی

إذا وعد السراء أنجز وعده. و إن أوعد الضراء فالعفو مانعه.

و أحسن یحیی بن معاذ فی هذا المعنی حیث قال الوعد و الوعید حق فالوعد حق العباد علی اللّٰه تعالی إذ من ضمن أنهم إذا فعلوا ذلك أن یعطیهم كذا فالوفاء حقهم علیه و من أولی بالوفاء من اللّٰه و الوعید حق علی العباد قال لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فإن شاء عفا و إن شاء أخذ لأنه حقه و هو أولی بالعفو و الكرم إنه غفور رحیم انتهی لفظه.

و قیل إن المحققین علی خلافه كیف و هو تبدیل للقول و قد قال اللّٰه تعالی ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ (1) قلت إن حمل آیات الوعید علی إنشاء التهدید فلا خلف لأنه حینئذ لیس خبرا بحسب المعنی و إن حمل علی الإخبار كما هو الظاهر فیمكن أن یقال بتخصیص المذنب المغفور عن عمومات الوعید بالدلائل المنفصلة و لا خلف علی هذا التقدیر أیضا فلا یلزم تبدل القول و أما إذا لم نقل بأحد هذین الوجهین فیشكل التفصی عن لزوم التبدل و الكذب اللّٰهم إلا أن یحمل آیات الوعید علی استحقاق ما أوعد به لا علی وقوعه بالفعل و فی الآیة المذكورة إشارة إلی ذلك حیث قال فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها انتهی.

و قال الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی كتاب العیون و المحاسن حكی أبو القاسم الكعبی فی كتاب الغرر عن أبی الحسین الخیاط قال حدثنی أبو مجالد قال مر أبو عمرو بن العلاء بعمرو بن عبید و هو یتكلم فی الوعید قال إنما أتیتم من العجمة لأن العرب لا یری ترك الوعید ذما و إنما یری ترك الوعد ذما و أنشد

و إنی و إن أوعدته و وعدته لأخلف إیعادی و أنجز موعدی

قال فقال له عمرو أ فلیس تسمی تارك الإیعاد مخلفا قال بلی قال فتسمی

ص: 9


1- ق: 29.

اللّٰه تعالی مخلفا إذا لم یفعل ما أوعده قال لا قال فقد أبطلت شهادتك.

قال الشیخ رحمه اللّٰه و وجدت أبا القاسم قد اعتمد علی هذا الكلام و استحسنه و رأیته قد وضعه فی أماكن شتی من كتبه و احتج به علی أصحابنا الراجئة فیقال له إن عمرو بن عبید ذهب عن موضع الحجة فی الشعر و غالط أبا عمرو بن العلاء و جهل موضع المعتمد من كلامه و ذلك أنه إذا كانت العرب و العجم و كل عاقل یستحسن العفو بعد الوعید و لا یعلقون بصاحبه ذما فقد بطل أن یكون العفو من اللّٰه تعالی مع الوعید قبیحا لأنه لو جاز أن یكون منه قبیحا ما هو حسن فی الشاهد عند كل عاقل لجاز أن یكون منه حسنا ما هو قبیح فی الشاهد عند كل عاقل و هذا نقض العدل و المصیر إلی قول أهل الجور و الجبر مع أنه إذا كان العفو مستحسنا مع الخلف فهو أولی بأن یكون حسنا مع عدم الخلف و نحن إذا قلنا إن اللّٰه سبحانه یعفو مع الوعید فإنما نقول إنه توعد بشرط یخرجه من الخلف فی وعیده لأنه حكیم لا یعبث و إذا كان حسن العفو فی الشاهد منا یغمر قبح الخلف حتی یسقط الذم علیه و هو لو حصل فی موضع لم یجزیه العفو أو ما حاصل فی معناه من الحسن لكان الذم علیه قائما و یجعل وجود الخلف كعدمه فی ارتفاع اللوم علیه فهو فی إخراج الشرط المشهور عن القبح إلی صفة الحسن و إیجاب الحمد و الشكر لصاحبه أحری و أولی من إخراجه الخلف عما كان یستحق علیه من الذم عند حسن العفو و أوضح فی باب البرهان و هذا بین لمن تدبره.

و شی ء آخر و هو أنا لا نطلق علی كل تارك للإیعاد الوصف بأنه مخلف لأنه یجوز أن یكون قد شرط فی وعیده شرطا أخرجه به عن الخلف و إن أطلقنا ذلك فی البعض فلإحاطة العلم به أو عدم الدلیل علی الشرط فنحكم علی الظاهر فإن كان أبو عمرو بن العلاء أطلق القول فی الجواب إطلاقا فإنما أراد به الخصوص دون العموم و تكلم علی معنی البیت الذی استشهد به و ما رأیت أعجب من متكلم یقطع علی حسن معنی مع مضامته لقبیح و یجعل حسنه مسقطا للذم علی القبیح ثم یمتنع من حسن ذلك المعنی مع تعریه من ذلك القبیح ثم یفتخر بهذه النكتة عند أصحابه و یستحسن احتجاجه المؤدی إلی هذه المناقضة و لكن العصبیة ترین القلوب.

ص: 10

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها

اشارة

الآیات؛

البقرة: «فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1) فَتابَ عَلَیْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(37) (و قال تعالی): «وَ إِذْ قالَ مُوسی لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلی بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَیْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(54) (و قال): «وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَیْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(128) (و قال تعالی): «إِلَّا الَّذِینَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ بَیَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَیْهِمْ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(160) (و قال تعالی): «إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ»(222) (و قال تعالی): «وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ»(279)

آل عمران: «إِلَّا الَّذِینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(89) (و قال تعالی): «لَیْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ أَوْ یُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ»(128)

النساء: «وَ الَّذانِ یَأْتِیانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِیماً* إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَی اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِنْ قَرِیبٍ فَأُولئِكَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً *وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً»(16-18) (و قال تعالی): «یُرِیدُ اللَّهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمْ وَ یَهْدِیَكُمْ سُنَنَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ یَتُوبَ عَلَیْكُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ*وَ اللَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْكُمْ»(26-27) (و قال تعالی): «إِلَّا الَّذِینَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَ أَخْلَصُوا دِینَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ»(146)

المائدة: «وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِیمٌ *إِلَّا الَّذِینَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(33-34) (و قال تعالی): «فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ

ص: 11


1- تلقی الكلمات: استقبالها بالاخذ و القبول و العمل بها، أی أخذها من ربّه علی سبیل الطاعة و رغب إلی اللّٰه فیها. و یاتی تفسیر الكلمات فی محله.

اللَّهَ یَتُوبُ عَلَیْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(39) (و قال تعالی): «وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِیرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ»(71) (و قال تعالی): «أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَی اللَّهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(74)

الأنعام: «وَ إِذا جاءَكَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِآیاتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَیْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلی نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(54)

الأعراف: «فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَیْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ»(143) (و قال تعالی): «وَ الَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ»(153)

التوبة: «فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَیْرٌ لَكُمْ»(3) (و قال تعالی): «فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِیلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(5) (و قال تعالی): «فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِی الدِّینِ (و قال عز و جل): وَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلی مَنْ یَشاءُ»(15) (و قال تعالی): «فَإِنْ یَتُوبُوا یَكُ خَیْراً لَهُمْ»(74) (و قال سبحانه): «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(102) (و قال جل شأنه): «أَ لَمْ یَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(104) (و قال تعالی): «وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا یَتُوبُ عَلَیْهِمْ»(106) (و قال سبحانه): التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ:(112) (و قال تعالی): «ثُمَّ تابَ عَلَیْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِیمٌ»(117) (و قال سبحانه): «ثُمَّ تابَ عَلَیْهِمْ لِیَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ»(118)

هود: «وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی وَ یُؤْتِ كُلَّ ذِی فَضْلٍ فَضْلَهُ»(3) (و قال تعالی-ناقلا عن هود-): «وَ یا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ یُرْسِلِ السَّماءَ عَلَیْكُمْ مِدْراراً وَ یَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلی قُوَّتِكُمْ»(52) (و قال -ناقلا عن صالح علیه السلام-): «فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّی قَرِیبٌ مُجِیبٌ»(61)

ص: 12

النحل: «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ»(119)

مریم: «إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا یُظْلَمُونَ شَیْئاً»(60)

طه: «وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی»(82) (و قال سبحانه): «ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَیْهِ وَ هَدی»(122)

النور: «إِلَّا الَّذِینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ»(5) (و قال سبحانه): «وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِیمٌ»(10) (و قال تعالی): «وَ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ جَمِیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»(31)

الفرقان: «إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً* وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ مَتاباً»(70-71)

القصص: «قالَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ»(16) (و قال تعالی): «فَأَمَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَعَسی أَنْ یَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِینَ»(67)

التنزیل: «قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لا یَنْفَعُ الَّذِینَ كَفَرُوا إِیمانُهُمْ وَ لا هُمْ یُنْظَرُونَ»(29)

الأحزاب: «وَ یُعَذِّبَ الْمُنافِقِینَ إِنْ شاءَ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِیماً»(24) (و قال تعالی): «لِیُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ یَتُوبَ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً»(73)

الزمر: «وَ أَنِیبُوا إِلی رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ»(54)

المؤمن: «غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ»(3) (و قال تعالی): «فَاغْفِرْ لِلَّذِینَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَكَ»(7)

حمعسق: «وَ هُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ»(25)

ص: 13

الأحقاف: «إِنِّی تُبْتُ إِلَیْكَ وَ إِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ»(15)

الحجرات: «وَ مَنْ لَمْ یَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»(11) (و قال تعالی): «وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِیمٌ»(12)

المجادلة: «فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ»(13)

التحریم: «إِنْ تَتُوبا إِلَی اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (1)(4) (و قال تعالی): «قانِتاتٍ تائِباتٍ»(5) (و قال سبحانه): «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسی رَبُّكُمْ أَنْ یُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ وَ یُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ»(8)

المزمل: «عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَیْكُمْ»(20)

البروج: «إِنَّ الَّذِینَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ یَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ»(10)

النصر: «وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً»(3)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه: إِلَّا الَّذِینَ تابُوا أی ندموا علی ما قدموا وَ أَصْلَحُوا نیاتهم فیما یستقبل من الأوقات وَ بَیَّنُوا اختلف فیه فقال أكثر المفسرین بینوا ما كتموه من البشارة بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله و قیل بینوا التوبة و إصلاح السریرة بالإظهار لذلك فإن من ارتكب المعصیة سرا كفاه التوبة سرا و من أظهر المعصیة یجب علیه أن یظهر التوبة و قیل بینوا التوبة بإصلاح العمل فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَیْهِمْ أی أقبل توبتهم وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِیمُ هذه اللفظة للمبالغة إما لكثرة ما یقبل التوبة و إما لأنه لا یرد تائبا منیبا أصلا و وصفه نفسه بالرحیم عقیب التواب یدل علی أن إسقاط العقاب بعد التوبة تفضل من اللّٰه سبحانه و رحمة من جهته علی ما قاله أصحابنا و أنه غیر واجب عقلا علی ما ذهب

ص: 14


1- قال الطبرسیّ رحمه اللّٰه: ثم خاطب سبحانه عائشة و حفصة فقال: «إِنْ تَتُوبا إِلَی اللَّهِ» من التعاون علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بالایذاء و التظاهر علیه فقد حقّ علیكما التوبة و وجب علیكما الرجوع إلی الحق؛ «فَقَدْ صَغَتْ» أی مالت «قُلُوبُكُما» إلی الاثم؛ عن ابن عبّاس و مجاهد. و قیل: معناه: ضاقت قلوبكما عن سبیل الاستقامة و عدلت عن الثواب إلی ما یوجب الاثم و قیل: تقدیره: إن تتوبا إلی اللّٰه یقبل توبتكما. و قیل: إنّه شرط فی معنی الامر، أی توبا إلی اللّٰه فقد صغت قلوبكما.

إلیه المعتزلة فإن قالوا قد یكون الفعل الواجب نعمة إذا كان منعما بسببه كالثواب و العوض لما كان منعما بالتكلیف و بالآلام التی یستحق بها الأعواض جاز أن یطلق علیهما اسم النعمة فالجواب أن ذلك إنما قلناه فی الثواب و العوض ضرورة و لا ضرورة هاهنا تدعو إلی ارتكابه.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِنَّمَا التَّوْبَةُ معناه لا توبة مقبولة عَلَی اللَّهِ أی عند اللّٰه إلا لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِنْ قَرِیبٍ و اختلف فی معنی قوله بجهالة علی وجوه أحدها أن كل معصیة یفعلها العبد جهالة و إن كانت علی سبیل العمد لأنه یدعو إلیها الجهل و یزینها للعبد عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و قتادة و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و ثانیها أن معنی قوله تعالی بِجَهالَةٍ أنهم لا یعلمون كنه ما فیه من العقوبة كما یعلم الشی ء ضرورة عن الفراء.

و ثالثها أن معناه أنهم یجهلون أنها ذنوب و معاص فیفعلونها إما بتأویل یخطئون فیه و إما بأن یفرطوا فی الاستدلال علی قبحها عن الجبائی و ضعف الرمانی هذا القول لأنه بخلاف ما أجمع علیه المفسرون و لأنه یوجب أن لا یكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله إِنَّمَا التَّوْبَةُ یفید أنها لهؤلاء دون غیرهم و قال أبو العالیة و قتادة أجمعت الصحابة علی أن كل ذنب أصابه العبد فبجهالة و قال الزجاج إنما قال بجهالة لأنهم فی اختیارهم اللذة الفانیة علی اللذة الباقیة جهال فهو جهل فی الاختیار و معنی یَتُوبُونَ مِنْ قَرِیبٍ أی یتوبون قبل الموت لأن ما بین الإنسان و بین الموت قریب فالتوبة مقبولة قبل الیقین بالموت و قال الحسن و الضحاك و ابن عمر القریب ما لم یعاین الموت و قال السدی هو ما دام فی الصحة قبل المرض و الموت.

وَ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قِیلَ فَإِنْ عَادَ وَ تَابَ مِرَاراً قَالَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ قِیلَ إِلَی مَتَی قَالَ حَتَّی یَكُونَ الشَّیْطَانُ هُوَ الْمَحْسُورَ.

وَ فِی كِتَابِ مَنْ لَا یَحْضُرُهُ الْفَقِیهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِیرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ

ص: 15

وَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِیرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِیَوْمٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ یَوْماً لَكَثِیرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِیرَةٌ مَنْ تَابَ وَ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ.

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا الْخَبَرَ بِعَیْنِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِی آخِرِهِ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِیرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ یُغَرْغِرَ بِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ.

وَ رَوَی أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا هَبَطَ إِبْلِیسُ قَالَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَتِكَ لَا أُفَارِقُ ابْنَ آدَمَ حَتَّی تُفَارِقَ رُوحُهُ جَسَدَهُ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ عَظَمَتِی لَا أَحْجُبُ التَّوْبَةَ عَنْ عَبْدِی حَتَّی یُغَرْغِرَ بِهَا.

فَأُولئِكَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ أی یقبل توبتهم وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ حَكِیماً فِیمَا یُعَامِلُهُمْ بِهِ وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ المقبولة التی تنفع صاحبها لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ أی المعاصی و یصرون علیها و یسوفون التوبة حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ أی أسبابه من معاینة ملك الموت و انقطع الرجاء من الحیاة و هو حال الیأس التی لا یعلمها أحد غیر المحتضر قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ أی فلیس عند ذلك توبة و أجمع أهل التأویل علی أن هذه قد تناولت عصاة أهل الإسلام إلا ما روی عن الربیع أنه قال إنها فی المنافقین و هذا لا یصح لأن المنافقین من جملة الكفار و قد بین الكفار بقوله وَ لَا الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أی و لیست التوبة أیضا للذین یموتون علی الكفر ثم یندمون بعد الموت أُولئِكَ أَعْتَدْنا أی هیأنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً أی موجعا إنما لم یقبل اللّٰه عز اسمه التوبة فی حال البأس و الیأس من الحیاة لأنه یكون العبد ملجئا هناك إلی فعل الحسنات و ترك القبائح فیكون خارجا من حد التكلیف إذ لا یستحق علی فعله المدح و لا الذم و إذا زال عنه التكلیف لم تصح منه التوبة و لهذا لم یكن أهل الآخرة مكلفین و لا تقبل توبتهم انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

أقول: قال بعض المفسرین و من لطف اللّٰه بالعباد أن أمر قابض الأرواح بالابتداء فی نزعها من أصابع الرجلین ثم یصعد شیئا فشیئا إلی أن تصل إلی الصدر ثم تنتهی إلی الحلق لیتمكن فی هذه المهلة من الإقبال بالقلب علی اللّٰه تعالی و الوصیة و التوبة ما

ص: 16

لم یعاین و الاستحلال و ذكر اللّٰه تعالی فیخرج روحه و ذكر اللّٰه علی لسانه فیرجی بذلك حسن خاتمته رزقنا اللّٰه ذلك بمنه و كرمه.

قوله تعالی قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ قال المفسرون أی یوم القیامة فإنه یوم نصر المسلمین علی الكفرة و الفصل بینهم و قیل یوم بدر أو یوم فتح مكة و المراد بالذین كفروا المقتولون منهم فیه فإنه لا ینفعهم إیمانهم حال القتل و لا یمهلون.

ثم اعلم أن المفسرین اختلفوا فی تفسیر التوبة النصوح علی أقوال منها أن المراد توبة تنصح الناس أی تدعوهم إلی أن یأتوا بمثلها لظهور آثارها الجمیلة فی صاحبها أو ینصح صاحبها فیقلع عن الذنوب ثم لا یعود إلیها أبدا.

و منها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه اللّٰه سبحانه من قولهم عسل نصوح إذا كان خالصا من الشمع بأن یندم علی الذنوب لقبحها و كونها خلاف رضی اللّٰه تعالی لا لخوف النار مثلا.

و منها أن النصوح من النصاحة و هی الخیاطة لأنها تنصح من الدین ما مزقته الذنوب أو یجمع بین التائب و بین أولیائه و أحبائه كما تجمع الخیاطة بین قطع الثوب. (1) و منها أن النصوح وصف للتائب و إسناده إلی التوبة من قبیل الإسناد المجازی أی توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها علی أكمل ما ینبغی أن تكون علیه حتی تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلیة و سیأتی فی الأخبار تفسیرها ببعض تلك الوجوه.

ص: 17


1- أو من نصح الغیث البلد: إذا سقاه حتّی اتصل نبته فلم یكن فیه فضاء، لان التوبة تسقی و تحیی القلب المیت بارتكاب المعاصی و المحرمات، و تصفیه من الكدورات العارضة من مزاولة القبائح و المنكرات، و تصقله و تجلوه عن رین الشبهات، فتحیط به و تشغله و لم تترك فیه محلا للعزم علی الرجوع، و العود إلی المحظور. و قیل: توبة نصوح أی صادقة. و قال الجزریّ فی النهایة: و فی حدیث ابی: سألت النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم عن التوبة النصوح، فقال: هی الخالصة التی لا یعاود بعدها الذنب. و فعول من أبنیة المبالغة یقع علی الذكر و الأنثی، فكأن الإنسان بالغ فی نصح نفسه بها.

ثم اعلم أن من القوم من استدل بالخبر الذی نقله من الفقیه علی جواز النسخ قبل الفعل لأنه علیه السلام نسخ السنة بالشهر و الشهر بالیوم و فیه نظر إذ یمكن أن یكون هذا التدریج لبیان اختلاف مراتب التوبة فإن التوبة الكاملة هی ما كانت قبل الموت بسنة لیأتی منه تدارك لما فات منه من الطاعات و إزالة لما أثرت فیه الذنوب من الكدورات و الظلمات ثم إن لم یتأت منه و لم یمهل لذلك فلا بد من شهر لتدارك شی ء مما فات و إزالة قلیل من آثار السیئات و هكذا و أما توبة وقت الاحتضار فهی لأهل الاضطرار و الغرغرة تردد الماء و غیره من الأجسام المائعة فی الحلق و المراد هنا تردد الروح وقت النزع.

«1»-ك، إكمال الدین أَبِی عَنْ سَعْدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْعَامِرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَ لِلَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِیهَا حُجَّةٌ یُعَرِّفُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ یَدْعُو إِلَی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَنْقَطِعُ الْحُجَّةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعِینَ یَوْماً قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَإِذَا رُفِعَتِ الْحُجَّةُ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ التَّوْبَةِ وَ لَمْ یَنْفَعْ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُرْفَعَ الْحُجَّةُ أُولَئِكَ شِرَارُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَ هُمُ الَّذِینَ تَقُومُ عَلَیْهِمُ الْقِیَامَةُ.

«2»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ إِنَّ آدَمَ علیه السلام قَالَ یَا رَبِّ سَلَّطْتَ عَلَیَّ الشَّیْطَانَ وَ أَجْرَیْتَهُ مِنِّی مَجْرَی الدَّمِ(1)فَاجْعَلْ لِی شَیْئاً فَقَالَ یَا آدَمُ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ هَمَّ مِنْ

ص: 18


1- روی العامّة أیضا ان الشیطان یجری من ابن آدم مجری الدم قال بعضهم: ذهب قوم ممن ینتمی إلی ظاهر العلم إلی أن المراد به أن الشیطان لا یفارق ابن آدم ما دام حیا، كما لا یفارقه دمه، و حكی هذا عن الازهری، و قال: هذا طریق ضرب المثل، و الجمهور من علماء الأمة أجروا ذلك علی ظاهره، و قالوا: إن الشیطان جعل له هذا القدر من التطرق إلی باطن الآدمی بلطافة هیئته، لمحنة الابتلاء، و یجری فی العروق التی هی مجاری الدم من الآدمی إلی أن یصل إلی قلبه فیوسوسه علی حسب ضعف إیمان العبد و قلة ذكره و كثرة غفلته، و یبعد عنه و یقل تسلطه و سلوكه إلی باطنه بمقدار قوة إیمانه و یقظته و دوام ذكره و إخلاص عمله، و ما رواه المفسرون عن ابن عبّاس قال: ان اللّٰه جعل الشیاطین من بنی آدم مجری الدم، و صدور بنی آدم مساكن لهم یؤید لما ذهب إلیه الجمهور، و هم یسمون وسوسته لمة الشیطان. و من ألطافه تعالی أنّه هیأ ذوات الملائكة علی ذلك الوصف من أجل لطافتهم، و أعطاهم قوة الحفظ لبنی آدم و قوة الالمام فی بواطنهم و تلقین الخیر لهم فی مقابلة لمة الشیطان، كما روی أن للملك لمة بابن آدم، و للشیطان لمة، لمة الملك إیعاد بالخیر و تصدیق بالحق، و لمة الشیطان إیعاد بالشر و تكذیب بالحق. قاله المصنّف فی شرحه علی الكافی.

ذُرِّیَّتِكَ بِسَیِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَیْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَیْهِ سَیِّئَةٌ وَ مَنْ هَمَّ مِنْهُمْ بِحَسَنَةٍ فَإِنْ لَمْ یَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سَیِّئَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ غَفَرْتُ لَهُ قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ جَعَلْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ وَ بَسَطْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ (1)حَتَّی تَبْلُغَ النَّفْسُ هَذِهِ قَالَ یَا رَبِّ حَسْبِی.

ین ابن أبی عمیر مثله.

«3»- یه، من لا یحضر الفقیه سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ قَالَ ذَلِكَ إِذَا عَایَنَ أَمْرَ الْآخِرَةِ.

«4»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِیرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِیرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجُمْعَةٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْجُمُعَةَ لَكَثِیرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِیَوْمٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْیَوْمَ لَكَثِیرٌ(2)مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ یُعَایِنَ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ.

«5»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ یَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ یُغَرْغِرْ تُوبُوا إِلَی رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِیَةِ قَبْلَ أَنْ تَشْتَغِلُوا وَ صِلُوا الَّذِی بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ إِیَّاهُ.

«6»-ف، تحف العقول لی، الأمالی للصدوق عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَا شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ.

ص: 19


1- فی الكافی: أو قال: بسطت.
2- فی المصدر: إن یوما لكثیر. م.

«7»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی قَوْمٍ یَبْكُونَ فَقَالَ عَلَی مَا یَبْكِی هَؤُلَاءِ فَقِیلَ یَبْكُونَ عَلَی ذُنُوبِهِمْ قَالَ فَلْیَدَعُوهَا یُغْفَرْ لَهُمْ.

ثو، ثواب الأعمال أبی عن محمد بن یحیی عن الحسین بن إسحاق عن علی بن مهزیار عن الحسین بن سعید عن محمد بن خالد عن ابن المغیرة مثله.

«8»-فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ یَتُوبُ الْعَبْدُ ثُمَّ لَا یَرْجِعُ فِیهِ وَ أَحَبُّ (1) عِبَادِ اللَّهِ إِلَی اللَّهِ الْمُتَّقِی التَّائِبُ (2).

«9»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیٍّ الْجَهْضَمِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَفَی بِالنَّدَمِ تَوْبَةً.

بیان: إذ الندامة الصادقة تستلزم العزم علی الترك فی المستقبل غالبا أو المعنی أنه فرد من التوبة و إن لم یؤثر ما تؤثر التوبة الكاملة.

«10»-ل، الخصال حَمْزَةُ الْعَلَوِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَلْزَمُ الْحَقُّ لِأُمَّتِی فِی أَرْبَعٍ یُحِبُّونَ التَّائِبَ وَ یَرْحَمُونَ الضَّعِیفَ وَ یُعِینُونَ الْمُحْسِنَ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُذْنِبِ (3)

«11»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَكُونُ سَجِیَّتُهُ (4) الْكَذِبَ وَ لَا الْبُخْلَ وَ لَا الْفُجُورَ وَ لَكِنْ رُبَّمَا أَلَمَّ (5) بِشَیْ ءٍ مِنْ هَذَا لَا یَدُومُ عَلَیْهِ فَقِیلَ لَهُ

ص: 20


1- فی المصدر: و ان أحبّ. م.
2- فی نسخة: المفتن التواب. و فی أخری: المتقی الثابت.
3- فی نسخة: للذنب.
4- السجیة: الطبیعة و الخلق.
5- ألم: باشر اللمم أی صغار الذنوب.

أَ فَیَزْنِی قَالَ نَعَمْ هُوَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ وَ لَكِنْ لَا یُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ.

«12»-ل، الخصال الْعَسْكَرِیُّ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُنْذِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ التَّوْبَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الشُّكْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الصَّبْرَ لَمْ یُحْرَمِ الْأَجْرَ.

«13»-ل، الخصال الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ فِی نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَتْ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَیْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِیئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ.

«14»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ادْخُلُوا فِی مَحَبَّتِهِ فَ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ وَ الْمُؤْمِنُ تَوَّابٌ.

«15»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَثَلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَثَلِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ تَائِبٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ تَائِبَةٍ.

صح، صحیفة الرضا علیه السلام عن الرضا عن آبائه علیهم السلام مثله.

«16»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

«17»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمُقْرِی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُوسَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ أَبِی خَالِدٍ عَنِ الْعَیْنِیِّ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ

ص: 21

سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَقُولُ الْعَجَبُ مِمَّنْ یَقْنَطُ وَ مَعَهُ الْمِمْحَاةُ فَقِیلَ لَهُ وَ مَا الْمِمْحَاةُ قَالَ الِاسْتِغْفَارُ.

«18»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَعَطَّرُوا بِالاسْتِغْفَارِ لَا تَفْضَحْكُمْ رَوَائِحُ الذُّنُوبِ.

«19»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ تابَ عَلَیْهِمْ قَالَ هِیَ الْإِقَالَةُ (1).

«20»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَخِیرَ علیه السلام عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ مَا هِیَ فَكَتَبَ علیه السلام أَنْ یَكُونَ الْبَاطِنُ كَالظَّاهِرِ وَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ.

«21»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ هُوَ صَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ (2) وَ الْخَمِیسِ وَ الْجُمُعَةِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه معناه أن یصوم هذه الأیام ثم یتوب.

«22»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ هُوَ أَنْ یَكُونَ بَاطِنُ الرَّجُلِ كَظَاهِرِهِ وَ أَفْضَلَ.

«23»-وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ تَوْبَةَ النَّصُوحِ (3) هُوَ أَنْ یَتُوبَ الرَّجُلُ مِنْ ذَنْبٍ وَ یَنْوِیَ أَنْ لَا یَعُودَ إِلَیْهِ أَبَداً.

«24»-فس، تفسیر القمی وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِ

ص: 22


1- أی هی الصفح عنه و الاعراض عن ذنبه.
2- فی المصدر: یوم الاربعاء و یوم فی الخمیس و یوم فی الجمعة. م.
3- فی المصدر: ان التوبة النصوح. م.

وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِیماً قَالَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً عَلَی دِینِهِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ وَ مَنْ قَتَلَ نَبِیّاً أَوْ وَصِیَّ نَبِیٍّ فَلَا تَوْبَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا یَكُونُ مِثْلَهُ فَیُقَادَ بِهِ (1)وَ قَدْ یَكُونُ الرَّجُلُ بَیْنَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی یَقْتُلُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِینَ عَلَی أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَإِذَا دَخَلَ فِی الْإِسْلَامِ مَحَاهُ اللَّهُ عَنْهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِسْلَامُ یَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ أَیْ یَمْحُو لِأَنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ (2) فَإِذَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ فِی الشِّرْكِ قُبِلَتْ فِیمَا سِوَاهُ فَأَمَّا قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام لَیْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ فَإِنَّهُ عَنَی مَنْ قَتَلَ نَبِیّاً أَوْ وَصِیّاً فَلَیْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ لِأَنَّهُ لَا یُقَادُ أَحَدٌ بِالْأَنْبِیَاءِ وَ بِالْأَوْصِیَاءِ إِلَّا الْأَوْصِیَاءُ وَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْأَوْصِیَاءُ لَا یَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ غَیْرُ النَّبِیِّ وَ الْوَصِیِّ لَا یَكُونُ مِثْلَ النَّبِیِّ وَ الْوَصِیِّ فَیُقَادَ بِهِ وَ قَاتِلُهُمَا لَا یُوَفَّقُ بِالتَّوْبَةِ.

«25»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنُ قُتَیْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَدَانِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام لِأَیِّ عِلَّةٍ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ آمَنَ بِهِ وَ أَقَرَّ بِتَوْحِیدِهِ قَالَ لِأَنَّهُ آمَنَ عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ وَ الْإِیمَانُ عِنْدَ رُؤْیَةِ الْبَأْسِ غَیْرُ مَقْبُولٍ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ فِی السَّلَفِ وَ الْخَلَفِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِینَ فَلَمْ یَكُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً وَ هَكَذَا فِرْعَوْنُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِی آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِیلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقِیلَ لَهُ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ الْخَبَرَ.

«26»-لی، الأمالی للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُوسَی بْنِ دَاوُدَ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الدَّوْسِیِّ قَالَ: دَخَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَاكِیاً فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا یُبْكِیكَ یَا مُعَاذُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِالْبَابِ شَابّاً

ص: 23


1- فی النهایة: ای لا یكون مثله فیقتل به بدلا منه. م.
2- فی المصدر: الا ان أعظم الذنوب عند اللّٰه هو الشرك باللّٰه. م.

طَرِیَّ الْجَسَدِ (1) نَقِیَّ اللَّوْنِ حَسَنَ الصُّورَةِ یَبْكِی عَلَی شَبَابِهِ بُكَاءَ الثَّكْلَی عَلَی وَلَدِهَا یُرِیدُ الدُّخُولَ عَلَیْكَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَدْخِلْ عَلَیَّ الشَّابَّ یَا مُعَاذُ فَأَدْخَلَهُ عَلَیْهِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا یُبْكِیكَ یَا شَابُّ قَالَ كَیْفَ لَا أَبْكِی وَ قَدْ رَكِبْتُ ذُنُوباً (2) إِنْ أَخَذَنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبَعْضِهَا أَدْخَلَنِی نَارَ جَهَنَّمَ وَ لَا أَرَانِی إِلَّا سَیَأْخُذُنِی بِهَا وَ لَا یَغْفِرُ لِی أَبَداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَیْئاً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُشْرِكَ بِرَبِّی شَیْئاً قَالَ أَ قَتَلْتَ النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ لَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی(3) فَقَالَ الشَّابُّ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِیهَا مِنَ الْخَلْقِ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِیهَا مِنَ الْخَلْقِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ السَّمَاوَاتِ وَ نُجُومِهَا وَ مِثْلَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِ كَهَیْئَةِ الْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ وَیْحَكَ(4)یَا شَابُّ ذُنُوبُكَ أَعْظَمُ أَمْ رَبُّكَ فَخَرَّ الشَّابُّ لِوَجْهِهِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّی مَا شَیْ ءٌ أَعْظَمَ مِنْ رَبِّی رَبِّی أَعْظَمُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ مِنْ كُلِّ عَظِیمٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَلْ یَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِیمَ إِلَّا الرَّبُّ الْعَظِیمُ قَالَ الشَّابُّ لَا وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ سَكَتَ الشَّابُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَیْحَكَ یَا شَابُّ أَ لَا تُخْبِرُنِی بِذَنْبٍ وَاحِدٍ مِنْ ذُنُوبِكَ قَالَ بَلَی أُخْبِرُكَ إِنِّی كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ سَبْعَ سِنِینَ أُخْرِجُ الْأَمْوَاتَ وَ أَنْزِعُ الْأَكْفَانَ فَمَاتَتْ جَارِیَةٌ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا حُمِلَتْ إِلَی قَبْرِهَا وَ دُفِنَتْ وَ انْصَرَفَ عَنْهَا أَهْلُهَا وَ جَنَّ عَلَیْهِمُ اللَّیْلُ أَتَیْتُ قَبْرَهَا فَنَبَشْتُهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُهَا وَ نَزَعْتُ مَا كَانَ عَلَیْهَا مِنْ أَكْفَانِهَا وَ تَرَكْتُهَا مُتَجَرِّدَةً عَلَی شَفِیرِ قَبْرِهَا وَ مَضَیْتُ مُنْصَرِفاً

ص: 24


1- طری الغصن أو اللحم: كان غضا لینا فهو طری.
2- أی اقترفتها.
3- الرواسی: الجبال الثوابت الرواسخ.
4- كلمة ترحم و توجع، و قد یأتی بمعنی المدح و التعجب، و قیل: إنها بمعنی الویل؛ تقول: ویح لزید، و ویحا لزید، و ویحه؛ علی الابتداء أو باضمار فعل، كأنّك قلت: ألزمه اللّٰه ویحا.

فَأَتَانِی الشَّیْطَانُ فَأَقْبَلَ یُزَیِّنُهَا لِی وَ یَقُولُ أَ مَا تَرَی بَطْنَهَا وَ بَیَاضَهَا أَ مَا تَرَی وَرِكَیْهَا (1) فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ لِی هَذَا حَتَّی رَجَعْتُ إِلَیْهَا وَ لَمْ أَمْلِكْ نَفْسِی حَتَّی جَامَعْتُهَا وَ تَرَكْتُهَا مَكَانَهَا فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَائِی یَقُولُ یَا شَابُّ وَیْلٌ (2) لَكَ مِنْ دَیَّانِ یَوْمِ الدِّینِ یَوْمَ یَقِفُنِی وَ إِیَّاكَ كَمَا تَرَكْتَنِی عُرْیَانَةً فِی عَسَاكِرِ الْمَوْتَی وَ نَزَعْتَنِی مِنْ حُفْرَتِی وَ سَلَبْتَنِی أَكْفَانِی وَ تَرَكْتَنِی أَقُومُ جُنُبَةً إِلَی حِسَابِی فَوَیْلٌ لِشَبَابِكَ مِنَ النَّارِ فَمَا أَظُنُّ أَنِّی أَشَمُّ رِیحَ الْجَنَّةِ أَبَداً فَمَا تَرَی لِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله تَنَحَّ عَنِّی یَا فَاسِقُ إِنِّی أَخَافُ أَنْ أَحْتَرِقَ بِنَارِكَ فَمَا أَقْرَبَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ علیه السلام یَقُولُ وَ یُشِیرُ إِلَیْهِ حَتَّی أَمْعَنَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ فَذَهَبَ فَأَتَی الْمَدِینَةَ فَتَزَوَّدَ مِنْهَا ثُمَّ أَتَی بَعْضَ جِبَالِهَا فَتَعَبَّدَ فِیهَا وَ لَبِسَ مِسْحاً (3) وَ غَلَّ یَدَیْهِ جَمِیعاً إِلَی عُنُقِهِ وَ نَادَی یَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ بُهْلُولٌ (4) بَیْنَ یَدَیْكَ مَغْلُولٌ یَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِی تَعْرِفُنِی وَ زَلَّ مِنِّی مَا تَعْلَمُ سَیِّدِی یَا رَبِّ أَصْبَحْتُ (5) مِنَ النَّادِمِینَ وَ أَتَیْتُ نَبِیَّكَ تَائِباً فَطَرَدَنِی وَ زَادَنِی خَوْفاً فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَةِ سُلْطَانِكَ أَنْ لَا تُخَیِّبَ رَجَائِی سَیِّدِی وَ لَا تُبْطِلْ دُعَائِی وَ لَا تُقَنِّطْنِی مِنْ رَحْمَتِكَ فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ لَیْلَةً تَبْكِی لَهُ السِّبَاعُ وَ الْوُحُوشُ فَلَمَّا تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعُونَ یَوْماً وَ لَیْلَةً رَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ مَا فَعَلْتَ فِی حَاجَتِی إِنْ كُنْتَ اسْتَجَبْتَ دُعَائِی وَ غَفَرْتَ خَطِیئَتِی فَأَوْحِ إِلَی نَبِیِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ لِی دُعَائِی وَ لَمْ تَغْفِرْ لِی خَطِیئَتِی وَ أَرَدْتَ عُقُوبَتِی فَعَجِّلْ بِنَارٍ تُحْرِقُنِی أَوْ عُقُوبَةٍ فِی الدُّنْیَا تُهْلِكُنِی وَ خَلِّصْنِی مِنْ فَضِیحَةِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً یَعْنِی الزِّنَا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ یَعْنِی بِارْتِكَابِ ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا

ص: 25


1- الورك بالفتح و الكسر و ككتف: ما فوق الفخذ، و الجمع أوراك.
2- الویل: حلول الشر. الهلاك. و یدعی به لمن وقع فی هلكة یستحقها، و كلمة عذاب و واد فی جهنم، أو بئر أو باب لها.
3- بكسر المیم و سكون السین ما یلبس من نسیج الشعر علی البدن تقشفا و قهرا للجسد.
4- لعله بمعنی المبتهل و المتضرع، أو بمعنی الملعون، أو كان الرجل یسمی بذلك. و أمّا ما فی المعاجم و كتب اللغة من أنّه بمعنی الضحّاك و السیّد الجامع لكل خیر فلا یناسب المقام.
5- فی المصدر: انی أصبحت. م.

وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ یَقُولُ خَافُوا اللَّهَ فَعَجَّلُوا التَّوْبَةَ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ أَتَاكَ عَبْدِی یَا مُحَمَّدُ تَائِباً فَطَرَدْتَهُ فَأَیْنَ یَذْهَبُ وَ إِلَی مَنْ یَقْصِدُ وَ مَنْ یَسْأَلُ أَنْ یَغْفِرَ لَهُ ذَنْباً غَیْرِی ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ یَقُولُ لَمْ یُقِیمُوا عَلَی الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ وَ هُوَ یَتْلُوهَا وَ یَتَبَسَّمُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ یَدُلُّنِی عَلَی ذَلِكَ الشَّابِّ التَّائِبِ فَقَالَ مُعَاذٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَمَضَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَصْحَابِهِ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ فَصَعِدُوا إِلَیْهِ یَطْلُبُونَ الشَّابَّ فَإِذَا هُمْ بِالشَّابِّ قَائِمٌ بَیْنَ صَخْرَتَیْنِ مَغْلُولَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ تَسَاقَطَتْ أَشْفَارُ عَیْنَیْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ سَیِّدِی قَدْ أَحْسَنْتَ خَلْقِی وَ أَحْسَنْتَ صُورَتِی فَلَیْتَ شِعْرِی مَا ذَا تُرِیدُ بِی أَ فِی النَّارِ تُحْرِقُنِی أَوْ فِی جِوَارِكَ تُسْكِنُنِی اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ الْإِحْسَانَ إِلَیَّ وَ أَنْعَمْتَ عَلَیَّ فَلَیْتَ شِعْرِی مَا ذَا یَكُونُ آخِرُ أَمْرِی إِلَی الْجَنَّةِ تَزُفُّنِی (1) أَمْ إِلَی النَّارِ تَسُوقُنِی اللَّهُمَّ إِنَّ خَطِیئَتِی أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مِنْ كُرْسِیِّكَ الْوَاسِعِ وَ عَرْشِكَ الْعَظِیمِ فَلَیْتَ شِعْرِی تَغْفِرُ خَطِیئَتِی أَمْ تَفْضَحُنِی بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ نَحْوَ هَذَا وَ هُوَ یَبْكِی وَ یَحْثُو التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهِ (2) وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ السِّبَاعُ وَ صَفَّتْ فَوْقَهُ الطَّیْرُ وَ هُمْ یَبْكُونَ لِبُكَائِهِ فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَطْلَقَ یَدَیْهِ مِنْ عُنُقِهِ وَ نَفَضَ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ یَا بُهْلُولُ أَبْشِرْ فَإِنَّكَ عَتِیقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ هَكَذَا تَدَارَكُوا الذُّنُوبَ كَمَا تَدَارَكَهَا بُهْلُولٌ ثُمَّ تَلَا عَلَیْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ وَ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

«27»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْیَهُودِ یَأْتِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَثِیراً حَتَّی اسْتَخَفَّهُ وَ رُبَّمَا أَرْسَلَهُ فِی حَاجَتِهِ وَ رُبَّمَا كَتَبَ لَهُ الْكِتَابَ إِلَی قَوْمِهِ

ص: 26


1- من زف العروس إلی زوجها أی أهداها.
2- أی یصب التراب علی رأسه.

فَافْتَقَدَهُ أَیَّاماً فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ تَرَكْتُهُ فِی آخِرِ یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا فَأَتَاهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ كَانَ لَهُ علیه السلام بَرَكَةٌ لَا یُكَلِّمُ أَحَداً إِلَّا أَجَابَهُ فَقَالَ یَا فُلَانُ (1) فَفَتَحَ عَیْنَهُ وَ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَی أَبِیهِ فَلَمْ یَقُلْ لَهُ شَیْئاً ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَانِیَةً وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَالْتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَی أَبِیهِ فَلَمْ یَقُلْ لَهُ شَیْئاً ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الثَّالِثَةَ فَالْتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَی أَبِیهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَقُلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا فَقَالَ الْغُلَامُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَاتَ مَكَانَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِیهِ اخْرُجْ عَنَّا ثُمَّ قَالَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ اغْسِلُوهُ وَ كَفِّنُوهُ وَ أْتُونِی بِهِ أُصَلِّی عَلَیْهِ ثُمَّ خَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْجَی بِیَ الْیَوْمَ نَسَمَةً مِنَ النَّارِ.

«28»-ف، تحف العقول عَنْ كُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْعَبْدُ یُصِیبُ الذَّنْبَ فَیَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ فَمَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ یَا ابْنَ زِیَادٍ التَّوْبَةُ قُلْتُ بَسْ(2) قَالَ لَا قُلْتُ فَكَیْفَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً یَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِالتَّحْرِیكِ قُلْتُ وَ مَا التَّحْرِیكُ قَالَ الشَّفَتَانِ وَ اللِّسَانُ یُرِیدُ أَنْ یَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْحَقِیقَةِ قُلْتُ وَ مَا الْحَقِیقَةُ قَالَ تَصْدِیقٌ فِی الْقَلْبِ وَ إِضْمَارُ أَنْ لَا یَعُودَ إِلَی الذَّنْبِ الَّذِی اسْتَغْفَرَ مِنْهُ قَالَ كُمَیْلٌ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِینَ (3) قَالَ لَا قَالَ كُمَیْلٌ فَكَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَی الْأَصْلِ بَعْدُ قَالَ كُمَیْلٌ فَأَصْلُ الِاسْتِغْفَارِ مَا هُوَ قَالَ الرُّجُوعُ إِلَی التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِی اسْتَغْفَرْتَ مِنْهُ وَ هِیَ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْعَابِدِینَ وَ تَرْكُ الذَّنْبِ وَ الِاسْتِغْفَارُ اسْمٌ وَاقِعٌ لِمَعَانٍ سِتٍّ أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَی مَا مَضَی وَ الثَّانِی الْعَزْمُ عَلَی تَرْكِ الْعَوْدِ أَبَداً وَ الثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّیَ حُقُوقَ الْمَخْلُوقِینَ الَّتِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ الرَّابِعُ أَنْ تُؤَدِّیَ حَقَّ اللَّهِ فِی كُلِّ فَرْضٍ وَ الْخَامِسُ أَنْ تُذِیبَ اللَّحْمَ الَّذِی نَبَتَ عَلَی السُّحْتِ وَ الْحَرَامِ حَتَّی یَرْجِعَ الْجِلْدُ إِلَی عَظْمِهِ ثُمَ

ص: 27


1- فی المصدر: یا غلام. م.
2- أی حسب و كفایة؛ كلمة مأخوذة من الفارسیة.
3- فی المصدر: فاذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرین؟. م.

تُنْشِئَ فِیمَا بَیْنَهُمَا لَحْماً جَدِیداً وَ السَّادِسُ أَنْ تُذِیقَ الْبَدَنَ أَلَمَ الطَّاعَاتِ كَمَا أَذَقْتَهُ لَذَّاتِ الْمَعَاصِی.

«29»-عدة، عدة الداعی رُوِیَ عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أُعْطِیَ مُؤْمِنٌ قَطُّ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجَائِهِ لَهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِیَابِ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهُ تَعَالَی لَا یُعَذِّبُ عَبْداً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ وَ تَقْصِیرِهِ فِی رَجَائِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِیَابِهِ الْمُؤْمِنِینَ الْخَبَرَ.

«30»-ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ النَّبِیِّ عَلَی نَبِیِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَا دَاوُدُ إِنَّ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً ثُمَّ رَجَعَ وَ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَ اسْتَحْیَا مِنِّی عِنْدَ ذِكْرِهِ غَفَرْتُ لَهُ وَ أَنْسَیْتُهُ الْحَفَظَةَ وَ أَبْدَلْتُهُ الْحَسَنَةَ وَ لَا أُبَالِی وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ.

«31»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللَّهُ فَسَتَرَ عَلَیْهِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قُلْتُ وَ كَیْفَ یَسْتُرُ عَلَیْهِ قَالَ یُنْسِی مَلَكَیْهِ مَا كَتَبَا عَلَیْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ أَوْحَی إِلَی جَوَارِحِهِ اكْتُمِی عَلَیْهِ ذُنُوبَهُ وَ أَوْحَی إِلَی بِقَاعِ الْأَرْضِ اكْتُمِی عَلَیْهِ مَا كَانَ یَعْمَلُ عَلَیْكِ مِنَ الذُّنُوبِ فَیَلْقَی اللَّهَ حِینَ یَلْقَاهُ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ یَشْهَدُ عَلَیْهِ بِشَیْ ءٍ مِنَ الذُّنُوبِ (1)

«32»-ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ بَشِیرٍ عَنِ الْمَسْعُودِیِّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أُمِرَتْ جَوَارِحُهُ أَنْ تَسْتُرَ عَلَیْهِ وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ أَنْ تَكْتُمَ عَلَیْهِ وَ أُنْسِیَتِ الْحَفَظَةُ مَا كَانَتْ تَكْتُبُ عَلَیْهِ (2).

«33»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بَیَّاعِ

ص: 28


1- فی المصدر: علیه بالذنوب. م.
2- فی نسخة: ما كانت كتبت علیه.

السَّابِرِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَابَ فِی سَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِیرَةٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ فِی شَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِیرٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ فِی یَوْمِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ یَوْماً لَكَثِیرٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ یَعْنِی حَلْقَهُ تَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر عن سلمة عن جابر عنه علیه السلام مثله.

«34»-ثو، ثواب الأعمال مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فُضُولًا مِنْ رِزْقِهِ یَنْحَلُهُ مِنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ (1) وَ اللَّهُ بَاسِطٌ یَدَیْهِ عِنْدَ كُلِّ فَجْرٍ لِمُذْنِبِ اللَّیْلِ هَلْ یَتُوبُ فَیَغْفِرَ لَهُ وَ یَبْسُطُ یَدَیْهِ (2)عِنْدَ مَغِیبِ الشَّمْسِ لِمُذْنِبِ النَّهَارِ هَلْ یَتُوبُ فَیَغْفِرَ لَهُ.

«35»-سن، المحاسن أَبِی رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَعِدَ الْمِنْبَرَ بِالْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الذُّنُوبَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ أَمْسَكَ فَقَالَ لَهُ حَبَّةُ الْعُرَنِیُّ (3) یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ(4) فَسِّرْهَا لِی فَقَالَ مَا ذَكَرْتُهَا إِلَّا وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أُفَسِّرَهَا وَ لَكِنَّهُ عَرَضَ لِی بُهْرٌ (5)حَالَ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْكَلَامِ نَعَمْ الذُّنُوبُ ثَلَاثَةٌ فَذَنْبٌ مَغْفُورٌ وَ ذَنْبٌ غَیْرُ مَغْفُورٍ وَ ذَنْبٌ نَرْجُو لِصَاحِبِهِ وَ نَخَافُ عَلَیْهِ قِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَبَیِّنْهَا لَنَا قَالَ نَعَمْ أَمَّا الذَّنْبُ الْمَغْفُورُ فَعَبْدٌ عَاقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی ذَنْبِهِ فِی الدُّنْیَا فَاللَّهُ أَحْكَمُ وَ أَكْرَمُ أَنْ یُعَاقِبَ عَبْدَهُ مَرَّتَیْنِ وَ أَمَّا الذَّنْبُ الَّذِی لَا یُغْفَرُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ

ص: 29


1- أی یعطیه من یشاء.
2- بسط الید هنا كنایة عن البذل و الاعطاء.
3- هو حبة- بالحاء المفتوحة و الباء المشددة المفتوحة- ابن جوین- بالنون مصغرا كما فی رجال الشیخ و تقریب ابن حجر؛ أو بالراء كما فی القاموس- أبو قدامة العرنیّ- بضم العین المهملة و فتح الراء، منسوب إلی عرینة كجهینة قبیلة من العرب- عده الشیخ و العلامة و غیرهما من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام من الیمن، و قال ابن حجر فی التقریب بعد عنوانه و ضبطه: صدوق، له أغلاط، و كان غالیا فی التشیع، من الثانیة، مات سنة ست و قیل: تسع و سبعین.
4- فی المصدر: یا أمیر المؤمنین قلت: الذنوب ثلاثة ثمّ امسكت؛ فقال له: ما ذكرتها اه م.
5- البهر بضم الباء و سكون الهاء: انقطاع النفس من الاعیاء.

لِبَعْضٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا بَرَزَ لِخَلْقِهِ أَقْسَمَ قَسَماً عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا یَجُوزُنِی ظُلْمُ ظَالِمٍ وَ لَوْ كَفٌّ بِكَفٍّ وَ لَوْ مَسْحَةٌ بِكَفٍّ وَ نَطْحَةٌ (1) مَا بَیْنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ إِلَی الشَّاةِ الْجَمَّاءِ فَیَقْتَصُّ اللَّهُ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّی لَا یَبْقَی لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ ثُمَّ یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ إِلَی الْحِسَابِ وَ أَمَّا الذَّنْبُ الثَّالِثُ فَذَنْبٌ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَی عَبْدِهِ وَ رَزَقَهُ التَّوْبَةَ فَأَصْبَحَ خَاشِعاً مِنْ ذَنْبِهِ رَاجِیاً لِرَبِّهِ فَنَحْنُ لَهُ كَمَا هُوَ لِنَفْسِهِ نَرْجُو لَهُ الرَّحْمَةَ وَ نَخَافُ عَلَیْهِ الْعِقَابَ.

بیان: لعل المراد بالكف أولا المنع و الزجر و بالثانی الید و یحتمل أن یكون المراد بهما معا الید أی تضرر كف إنسان بكف آخر بغمز و شبهه أو تلذذ كف بكف و المراد بالمسحة بالكف ما یشتمل علی إهانة و تحقیر أو تلذذ و یمكن حمل التلذذ فی الموضعین علی ما إذا كان من امرأة ذات بعل أو قهرا بدون رضی الممسوح لیكون من حق الناس و الجماء التی لا قرن لها قال فی النهایة فیه إن اللّٰه لیدین الجماء من ذوات القرن الجماء التی لا قرن لها و یدین أی یجزی انتهی و أما الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصیر فی شرائط التوبة.

«36»-ف، تحف العقول عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: تَأْخِیرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَ طُولُ التَّسْوِیفِ حَیْرَةٌ وَ الِاعْتِلَالُ عَلَی اللَّهِ هَلَكَةٌ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ وَ لا یَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ

«37»-یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام كَانَ فِی الْحَجِّ وَ مَعَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ علیه السلام فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ جَلَسَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ قَالَ سَلْ ابْنِی جَعْفَراً قَالَ فَتَحَوَّلَ الرَّجُلُ فَجَلَسَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَسْأَلُكَ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ أَسْأَلُكَ عَنْ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْباً عَظِیماً قَالَ أَفْطَرَ یَوْماً فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ زَنَی فِی شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قَتَلَ النَّفْسَ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إِنْ كَانَ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام مَشَی إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ حَلَفَ أَنْ لَا یَعُودَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ مِنْ شِیعَتِهِ فَلَا بَأْسَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ یَا وُلْدَ فَاطِمَةَ ثَلَاثاً هَكَذَا

ص: 30


1- نطح الثور و نحوه: أصابه بقرنه.

سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ ذَهَبَ فَالْتَفَتَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ عَرَفْتَ الرَّجُلَ قَالَ لَا قَالَ ذَلِكَ الْخَضِرُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُعَرِّفَكَهُ.

بیان: لعل فی الخبر سقطا و إنما أوردته كما وجدته و یحتمل أن یكون السائل غرضه السؤال عن حال من جمع بین تلك الأعمال و یكون سؤاله علیه السلام علی الإعجاز لعلمه بالمراد و یكون المراد بالجواب أن المقتول إن كان من الشیعة فلیمش إلی البیت لكمال قبول التوبة و إلا فلا بأس و لو كان الضمیر راجعا إلی القاتل فلا بد من ارتكاب تكلف فی قوله علیه السلام فلا بأس به.

«38»-مص، مصباح الشریعة قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام التَّوْبَةُ حَبْلُ اللَّهِ وَ مَدَدُ عِنَایَتِهِ وَ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ مُدَاوَمَةِ التَّوْبَةِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنَ الْعِبَادِ لَهُمْ تَوْبَةٌ فَتَوْبَةُ الْأَنْبِیَاءِ مِنِ اضْطِرَابِ السِّرِّ وَ تَوْبَةُ الْأَصْفِیَاءِ مِنَ التَّنَفُّسِ وَ تَوْبَةُ الْأَوْلِیَاءِ مِنْ تَلْوِینِ الْخَطَرَاتِ وَ تَوْبَةُ الْخَاصِّ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَیْرِ اللَّهِ وَ تَوْبَةُ الْعَامِّ مِنَ الذُّنُوبِ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْرِفَةٌ وَ عِلْمٌ فِی أَصْلِ تَوْبَتِهِ وَ مُنْتَهَی أَمْرِهِ وَ ذَلِكَ یَطُولُ شَرْحُهُ هَاهُنَا فَأَمَّا تَوْبَةُ الْعَامِّ فَأَنْ یَغْسِلَ بَاطِنَهُ بِمَاءِ الْحَسْرَةِ وَ الِاعْتِرَافِ بِالْجِنَایَةِ دَائِماً وَ اعْتِقَادِ النَّدَمِ عَلَی مَا مَضَی وَ الْخَوْفِ عَلَی مَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِهِ وَ لَا یَسْتَصْغِرَ ذُنُوبَهُ فَیَحْمِلَهُ ذَلِكَ إِلَی الْكَسَلِ وَ یُدِیمَ الْبُكَاءَ وَ الْأَسَفَ عَلَی مَا فَاتَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ یَحْبِسَ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ یَسْتَغِیثَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی لِیَحْفَظَهُ عَلَی وَفَاءِ تَوْبَتِهِ وَ یَعْصِمَهُ عَنِ الْعَوْدِ إِلَی مَا سَلَفَ وَ یَرُوضَ نَفْسَهُ فِی مَیْدَانِ الْجَهْدِ وَ الْعِبَادَةِ وَ یَقْضِیَ عَنِ الْفَوَائِتِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَ یَرُدَّ الْمَظَالِمَ وَ یَعْتَزِلَ قُرَنَاءَ السَّوْءِ وَ یَسْهَرَ لَیْلَهُ وَ یَظْمَأَ نَهَارَهُ وَ یَتَفَكَّرَ دَائِماً فِی عَاقِبَتِهِ وَ یستهین [یَسْتَعِینَ بِاللَّهِ سَائِلًا مِنْهُ الِاسْتِقَامَةَ فِی سَرَّائِهِ وَ ضَرَّائِهِ وَ یَثْبُتَ عِنْدَ الْمِحَنِ وَ الْبَلَاءِ كَیْلَا یَسْقُطَ عَنْ دَرَجَةِ التَّوَّابِینَ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ طَهَارَةً مِنْ ذُنُوبِهِ وَ زِیَادَةً فِی عَمَلِهِ وَ رِفْعَةً فِی دَرَجَاتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْكاذِبِینَ

بیان: من التنفس أی بغیر ذكر اللّٰه و فی بعض النسخ علی بناء التفعیل من تنفیس الهم أی تفریجه أی من الفرح و النشاط و الظاهر أنه مصحف و تلوین الخطرات إخطار الأمور المتفرقة بالبال و عدم اطمئنان القلب بذكر اللّٰه.

ص: 31

«39»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً لَمْ یَرْضَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ یَكُونَ إِبْلِیسُ نَظِیراً لَهُ فِی دِینِهِ وَ فِی كِتَابِ اللَّهِ نَجَاةٌ مِنَ الرَّدَی وَ بَصِیرَةٌ مِنَ الْعَمَی وَ دَلِیلٌ إِلَی الْهُدَی وَ شِفَاءٌ لِمَا فِی الصُّدُورِ فِیمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ مَعَ التَّوْبَةِ قَالَ اللَّهُ وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ وَ قَالَ وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً فَهَذَا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَ اشْتَرَطَ مَعَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ الْإِقْلَاعِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فَإِنَّهُ یَقُولُ إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ وَ هَذِهِ الْآیَةُ تَدُلُّ عَلَی أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لَا یَرْفَعُهُ إِلَی اللَّهِ إِلَّا الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ التَّوْبَةُ.

«40»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ ع فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ قَالَ الْإِصْرَارُ أَنْ یُذْنِبَ الْعَبْدُ وَ لَا یَسْتَغْفِرَ وَ لَا یُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِالتَّوْبَةِ فَذَلِكَ الْإِصْرَارُ.

«41»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی قَالَ لِهَذِهِ الْآیَةِ تَفْسِیرٌ یَدُلُّ ذَلِكَ التَّفْسِیرُ عَلَی أَنَّ اللَّهَ لَا یَقْبَلُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا إِلَّا مِمَّنْ لَقِیَهُ بِالْوَفَاءِ مِنْهُ بِذَلِكَ التَّفْسِیرِ وَ مَا اشْتَرَطَ فِیهِ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَی اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ یَعْنِی كُلَّ ذَنْبٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ وَ إِنْ كَانَ بِهِ عَالِماً فَهُوَ جَاهِلٌ حِینَ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ فِی مَعْصِیَةِ رَبِّهِ وَ قَدْ قَالَ فِی ذَلِكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَحْكِی قَوْلَ یُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ فَنَسَبَهُمْ إِلَی الْجَهْلِ لِمُخَاطَرَتِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ.

«42»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ قَالَ هُوَ الْفَرَّارُ تَابَ حِینَ لَمْ یَنْفَعْهُ التَّوْبَةُ وَ لَمْ یُقْبَلْ مِنْهُ.

«43»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ هَذِهِ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ لَمْ یَكُنْ لِلْعَالِمِ تَوْبَةٌ وَ كَانَتْ لِلْجَاهِلِ تَوْبَةٌ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر عن جمیل بن دراج عنه علیه السلام مثله

ص: 32

بیان: ظاهره الفرق بین العالم و الجاهل فی قبول التوبة عند مشاهدة أحوال الآخرة و هو مخالف لما ذهب إلیه المتكلمون من عدم قبول التوبة فی ذلك الوقت مطلقا و عدم الفرق فی التوبة مطلقا بین العالم و الجاهل و یمكن توجیهه بوجهین الأول أن یكون المراد بالعالم من شاهد أحوال الآخرة و بالجاهل من لم یشاهدها لأن بلوغ النفس إلی الحنجرة قد ینفك عن المشاهدة.

الثانی أن یكون المراد نفی التوبة الكاملة عن العالم فی هذا الوقت دون الجاهل مع حمل تلك الحالة علی عدم المشاهدة إذ العالم غیر معذور فی تأخیرها إلی هذا الوقت.

«44»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَ إِبْلِیسُ أَوَّلَ مَنْ نَاحَ وَ أَوَّلَ مَنْ تَغَنَّی وَ أَوَّلَ مَنْ حَدَا قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ تَغَنَّی قَالَ فَلَمَّا أَهْبَطَ حَدَا بِهِ قَالَ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عَلَی الْأَرْضِ نَاحَ فَأَذْكَرَهُ مَا فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ رَبِّ هَذَا الَّذِی جَعَلْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ الْعَدَاوَةَ لَمْ أَقْوَ عَلَیْهِ وَ أَنَا فِی الْجَنَّةِ وَ إِنْ لَمْ تُعِنِّی عَلَیْهِ لَمْ أَقْوَ عَلَیْهِ فَقَالَ اللَّهُ السَّیِّئَةُ بِالسَّیِّئَةِ وَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَی سَبْعِ مِائَةٍ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ لَا یُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلَّا جَعَلْتُ مَعَهُ مَلَكاً أَوْ مَلَكَیْنِ یَحْفَظَانِهِ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ (1)فِی الْجَسَدِ مَا دَامَ فِیهَا الرُّوحُ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَ لَا أُبَالِی قَالَ حَسْبِی.

«45»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الزُّبَیْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً تَابَ إِلَی اللَّهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ مَطْهَرَةٌ مِنْ دَنَسِ الْخَطِیئَةِ وَ مَنْقَذَةٌ مِنْ شَفَا (2) الْهَلَكَةِ فَرَضَ اللَّهُ بِهَا عَلَی نَفْسِهِ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِینَ فَقَالَ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلی نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً

ص: 33


1- فی نسخة: مفروضة.
2- شفا كعصا: طرف كل شی ء و جانبه، و یضرب به المثل فی القرب من الهلاك.

«46»-م، تفسیر الإمام علیه السلام أَتَی أَعْرَابِیٌّ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ التَّوْبَةِ إِلَی مَتَی تُقْبَلُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ بَابَهَا مَفْتُوحٌ لِابْنِ آدَمَ لَا یُسَدُّ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّكَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ وَ هِیَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً.

«47»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِهِ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً قَالَ هُمُ التَّوَّابُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ.

«48»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ بِأَبِی وَ أُمِّی إِنِّی أَدْخُلُ كَنِیفاً لِی وَ لِی جِیرَانٌ وَ عِنْدَهُمْ جَوَارٍ یَتَغَنَّیْنَ وَ یَضْرِبْنَ بِالْعُودِ فَرُبَّمَا أَطَلْتُ الْجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّی لَهُنَّ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا هُوَ شَیْ ءٌ آتِیهِ بِرِجْلِی إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِی فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قَالَ بَلَی وَ اللَّهِ فَكَأَنِّی لَمْ أَسْمَعْ هَذِهِ الْآیَةَ قَطُّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ عَجَمِیٍّ وَ لَا مِنْ عَرَبِیٍّ لَا جَرَمَ (1)أَنِّی لَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَنِّی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَاغْتَسِلْ وَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ فَإِنَّكَ كُنْتَ مُقِیماً عَلَی أَمْرٍ عَظِیمٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ عَلَی ذَلِكَ احْمَدِ اللَّهَ وَ سَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا یَكْرَهُ إِنَّهُ لَا یَكْرَهُ إِلَّا الْقَبِیحَ (2) وَ الْقَبِیحَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلًا.

«49»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عِیسَی بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ وَ إِنَّهُ لَیَذْكُرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِینَ سَنَةً فَیَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَیَغْفِرُ لَهُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَیُنْسَی ذَنْبَهُ لِئَلَّا یَسْتَغْفِرَ اللَّهَ.

«50»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ

ص: 34


1- لا جرم بفتح الجیم و الراء، أو بضم الجیم و سكون الراء، أو ككرم أی لا بد، أو لا محالة أو حقا، و قد تحول إلی معنی القسم فیقال: لا جرم لافعلن.
2- فی نسخة: إلّا كل القبیح.

الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ احْتَجَّ فِیهِ عَلَی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَأَمَّا الْقَرَابَةُ فَقَدْ نَفَعَتِ الْمُشْرِكَ وَ هِیَ وَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ أَنْفَعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ فِی الْمَوْتِ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْفَعْ لَكَ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَمْ یَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَهُ وَ یَعِدُ إِلَّا مَا یَكُونُ مِنْهُ عَلَی یَقِینٍ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ غَیْرِ شَیْخِنَا أَعْنِی أَبَا طَالِبٍ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَیْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ حَتَّی إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّی تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً الْخَبَرَ.

بیان: لعل هذا للإلزام علی العامة لقولهم بكفر أبی طالب علیه السلام و یحتمل أن یكون المراد أنه لما كان السؤال فی ذلك الوقت مع علمه صلی اللّٰه علیه و آله بإیمانه لعلم الناس بإیمانه فلو لم یكن للإیمان فی هذا الوقت فائدة لم یحصل الغرض.

«51»-جع، جامع الأخبار قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله التَّائِبُ إِذَا لَمْ یَسْتَبِنْ أَثَرُ التَّوْبَةِ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ یُرْضِی الْخُصَمَاءَ وَ یُعِیدُ الصَّلَوَاتِ وَ یَتَوَاضَعُ بَیْنَ الْخَلْقِ وَ یَتَّقِی نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ یُهَزِّلُ رَقَبَتَهُ بِصِیَامِ النَّهَارِ وَ یُصَفِّرُ لَوْنَهُ بِقِیَامِ اللَّیْلِ وَ یَخْمُصُ بَطْنَهُ (1) بِقِلَّةِ الْأَكْلِ وَ یُقَوِّسُ ظَهْرَهُ مِنْ مَخَافَةِ النَّارِ وَ یُذِیبُ عِظَامَهُ شَوْقاً إِلَی الْجَنَّةِ وَ یُرِقُّ قَلْبَهُ مِنْ هَوْلِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ یُجَفِّفُ جِلْدَهُ عَلَی بَدَنِهِ بِتَفَكُّرِ الْأَجَلِ فَهَذَا أَثَرُ التَّوْبَةِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْعَبْدَ عَلَی هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ تَائِبٌ نَاصِحٌ لِنَفْسِهِ.

«52»-وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرُونَ مَنِ التَّائِبُ قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ وَ لَمْ یُرْضِ الْخُصَمَاءَ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یَزِدْ فِی الْعِبَادَةِ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُغَیِّرْ لِبَاسَهُ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُغَیِّرْ رُفَقَاءَهُ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُغَیِّرْ مَجْلِسَهُ (2)فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُغَیِّرْ فِرَاشَهُ وَ وِسَادَتَهُ (3) فَلَیْسَ بِتَائِبٍ

ص: 35


1- خمص بطنه: فرغ و ضمر.
2- فی نسخة: مجلسه و طعامه.
3- مثلثة الواو: المخدة أو أعم منها كما فی فقه اللغة للثعالبی، فانه قال: المصدغة و المخدة للرأس: المنبذة التی تنبذ أی تطرح للزائر و غیره. النمرقة واحدة النمارق و هی التی تصف،- و قد نطق بها القرآن- المسند: الوسادة التی یستند إلیها، المسورة: التی یتكأ علیها، الحسبانة ما صغر منها، الوسادة تجمعها كلها.

وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُغَیِّرْ خُلُقَهُ وَ نِیَّتَهُ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یَفْتَحْ قَلْبَهُ وَ لَمْ یُوَسِّعْ كَفَّهُ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُقَصِّرْ أَمَلَهُ وَ لَمْ یَحْفَظْ لِسَانَهُ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ یُقَدِّمْ (1) فَضْلَ قُوتِهِ مِنْ بَدَنِهِ فَلَیْسَ بِتَائِبٍ وَ إِذَا اسْتَقَامَ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ فَذَاكَ التَّائِبُ.

«53»-نبه، تنبیه الخاطر جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ الْجُعْفِیُّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ قَالَ الْإِصْرَارُ أَنْ یُذْنِبَ وَ لَا یُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِتَوْبَةٍ فَذَاكَ الْإِصْرَارُ.

«54»-سَیْفُ بْنُ یَعْقُوبَ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْمُقِیمُ عَلَی الذَّنْبِ وَ هُوَ مِنْهُ مُسْتَغْفِرٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ.

«55»-ابْنُ فَضَّالٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا خَصْلَتَیْنِ أَنْ یُقِرُّوا لَهُ بِالنِّعَمِ فَیَزِیدَهُمْ وَ بِالذُّنُوبِ فَیَغْفِرَهَا لَهُمْ.

«56»-وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ مَا یَنْجُو مِنَ الذَّنْبِ إِلَّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ (3).

«57»-وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً وَ هُوَ ضَاحِكٌ دَخَلَ النَّارَ وَ هُوَ بَاكٍ.

«58»-نهج، نهج البلاغة مَا كَانَ اللَّهُ لِیَفْتَحَ عَلَی عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّیَادَةِ وَ لَا لِیَفْتَحَ عَلَی عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْإِجَابَةِ وَ لَا لِیَفْتَحَ عَلَی عَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ وَ یُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْمَغْفِرَةِ.

«59»-نهج، نهج البلاغة قَالَ علیه السلام لِقَائِلٍ بِحَضْرَتِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَ تَدْرِی مَا الِاسْتِغْفَارُ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ دَرَجَةُ الْعِلِّیِّینَ وَ هُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَی سِتَّةِ مَعَانٍ أَوَّلُهَا النَّدَمُ

ص: 36


1- فی النسخ كلها: «و لم یقدم» بالقاف، و لعله بالفاء من قولهم: فدم الابریق و علی الابریق وضع الفدام علیه، و الفدام مصفاة صغیرة أو خرقة تجعل علی فم الابریق لیصفی بها ما فیه.
2- الظاهر: یوسف بن یعقوب.
3- یأتی الحدیث مسندا تحت رقم 66 عن الاحمسی عمن ذكره.

عَلَی مَا مَضَی وَ الثَّانِی الْعَزْمُ عَلَی تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَیْهِ أَبَداً وَ الثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَی الْمَخْلُوقِینَ حُقُوقَهُمْ حَتَّی تَلْقَی اللَّهَ أَمْلَسَ (1) لَیْسَ عَلَیْكَ تَبِعَةٌ وَ الرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَی كُلِّ فَرِیضَةٍ عَلَیْكَ ضَیَّعْتَهَا فَتُؤَدِّیَ حَقَّهَا وَ الْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَی اللَّحْمِ الَّذِی نَبَتَ عَلَی السُّحْتِ (2) فَتُذِیبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّی یَلْصَقَ الْجِلْدُ بِالْعَظْمِ وَ یَنْشَأَ بَیْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِیدٌ وَ السَّادِسُ أَنْ تُذِیقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلَاوَةَ الْمَعْصِیَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

بیان: ما سوی الأولین عند جمهور المتكلمین من شرائط كمال التوبة كما ستعرف.

«60»-نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَنْ یَعِظَهُ لَا تَكُنْ مِمَّنْ یَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَیْرِ الْعَمَلِ وَ یُرْجِئُ التَّوْبَةَ (3) بِطُولِ الْأَمَلِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی أَنْ قَالَ علیه السلام إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ الْمَعْصِیَةَ وَ سَوَّفَ التَّوْبَةَ (4).

«61»-نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ التَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الشُّكْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ.

و تصدیق ذلك فی كتاب اللّٰه سبحانه قال اللّٰه عز و جل فی الدعاء ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قال فی الاستغفار وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً و قال فی الشكر لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّكُمْ و قال فی التوبة إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَی اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِنْ قَرِیبٍ فَأُولئِكَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً ما، الأمالی للشیخ الطوسی الحسین بن إبراهیم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكریا عن الحسن بن فضال عن علی بن عقبة عن أبی كهمش عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله(5).

ص: 37


1- الاملس: ضد الخشن، قال ابن میثم: استعار لفظ الاملس لنفاء الصحیفة من الآثام.
2- بالضم: المال من كسب حرام، و قال الثعالبی فی فقه اللغة: كل حرام قبیح الذكر یلزم منه العار كثمن الكلب فهو سحت.
3- یرجئ بالتشدید أی یؤخر المعصیة.
4- أسلف: قدم؛ و سوف: أخر. و الموعظة بتمامه فی ص 181 من ج 2 ط مصر.
5- الی قوله: و تصدیق ذلك اه. م.

«62»-نهج، نهج البلاغة وَ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْخَیْرِ مَا هُوَ فَقَالَ لَیْسَ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَیْرَ أَنْ یَكْثُرَ عِلْمُكَ (1)وَ یَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِیَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَ لَا خَیْرَ فِی الدُّنْیَا إِلَّا لِرَجُلَیْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ یَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ یُسَارِعُ فِی الْخَیْرَاتِ (2) وَ لَا یَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَی وَ كَیْفَ یَقِلُّ مَا یُتَقَبَّلُ.

«63»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ یُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ هُوَ تَابَ لَمْ یَكْتُبْ عَلَیْهِ شَیْئاً وَ إِنْ لَمْ یَفْعَلْ كُتِبَتْ عَلَیْهِ سَیِّئَةٌ فَأَتَاهُ عَبَّادٌ الْبَصْرِیُّ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ مَا مِنْ عَبْدٍ یُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ لَیْسَ هَكَذَا قُلْتُ وَ لَكِنِّی قُلْتُ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ یُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارِهِ هَكَذَا قُلْتُ.

«64»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فَضَالَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَی اللَّهِ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ(3).

«65»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَیِّئَةً أُجِّلَ فِیهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ یُكْتَبْ عَلَیْهِ.

«66»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیٍّ الْأَحْمَسِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا یَنْجُو مِنَ الذَّنْبِ إِلَّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ.

«67»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر عَلِیُّ بْنُ الْمُغِیرَةِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام أَلَا إِنَّ اللَّهَ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِینَ یَتُوبُ مِنْ رَجُلٍ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ فِی أَرْضٍ قَفْرٍ وَ عَلَیْهَا طَعَامُهُ وَ شَرَابُهُ فَبَیْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ لَا یَدْرِی مَا یَصْنَعُ وَ لَا أَیْنَ یَتَوَجَّهُ حَتَّی وَضَعَ رَأْسَهُ لِیَنَامَ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِی رَاحِلَتِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ هُوَ ذِهْ

ص: 38


1- فی نسخة: علمك و عملك.
2- الظاهر أن ما یأتی بعد كلام آخر له، و لیس ملحقا بما قبله.
3- فی نسخة: المحسن التواب.

فَاقْبِضْهَا فَقَامَ إِلَیْهَا فَقَبَضَهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِینَ یَتُوبُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ حِینَ وَجَدَ رَاحِلَتَهُ (1).

«68»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الْكِنَانِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ یَتُوبُ الْعَبْدُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا یَعُودُ فِیهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ سَأَلْتُ عَنْهَا أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ یَتُوبُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا یَعُودُ فِیهِ وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَی اللَّهِ الْمُفَتَّنُونَ التَّوَّابُونَ.

«69»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ هُوَ الذَّنْبُ الَّذِی لَا یَعُودُ فِیهِ أَبَداً قُلْتُ وَ أَیُّنَا لَمْ یَعُدْ فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُفَتَّنَ (2) التَّوَّابَ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر مثله.

«70»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَی التَّائِبِینَ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَوْ أَعْطَی خَصْلَةً مِنْهَا جَمِیعَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَنَجَوْا بِهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ فَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ لَمْ یُعَذِّبْهُ وَ قَوْلُهُ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَیْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِینَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِیمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِی وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ وَ قِهِمُ السَّیِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّیِّئاتِ یَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِینَ لا یَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا یَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا یَزْنُونَ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ یَلْقَ أَثاماً یُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ

ص: 39


1- یأتی الحدیث بإسناد آخر عن ابی عبیدة تحت رقم 73.
2- قال الجزریّ فی النهایة: «إِنَّ الَّذِینَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ» قال: فتنوهم بالنار، أی امتحنوهم و عذبوهم، و منه الحدیث «المؤمن خلق مفتنا» أی ممتحنا یمتحنه اللّٰه بالذنب ثمّ یتوب، ثمّ یعود ثمّ یتوب، یقال: فتنته افتنه فتنا و فتونا: إذا امتحنته. و یقال فیها: أفتنته أیضا؛ و هو قلیل

یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ یَخْلُدْ فِیهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً

«71»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: یَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ ذُنُوبُ الْمُؤْمِنِ إِذَا تَابَ مِنْهَا مَغْفُورَةٌ لَهُ فَلْیَعْمَلِ الْمُؤْمِنُ لِمَا یَسْتَأْنِفُ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَیْسَتْ إِلَّا لِأَهْلِ إِیمَانٍ قُلْتُ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ عَادَ فِی التَّوْبَةِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ أَ تَرَی الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ یَنْدَمُ عَلَی ذَنْبِهِ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَی مِنْهُ وَ یَتُوبُ ثُمَّ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ قُلْتُ فَإِنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً یُذْنِبُ ثُمَّ یَتُوبُ وَ یَسْتَغْفِرُ فَقَالَ كُلَّمَا عَادَ الْمُؤْمِنُ بِالاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ عَادَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ فَإِیَّاكَ أَنْ تُقَنِّطَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.

«72»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ (1) مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ قَالَ هُوَ الْعَبْدُ یَهُمُّ بِالذَّنْبِ ثُمَّ یَتَذَكَّرُ فَیُمْسِكُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ.

«73»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَ زَادَهُ فِی لَیْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَجَدَهَا فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ حِینَ وَجَدَهَا (2).

«74»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ (3)

ص: 40


1- الطوف: المشی حول الشی ء، و منه الطائف: لمن یدور حول البیت حافظا، و منه استعیر الطائف من الجن و الخیال و الحادثة و غیرها، قال تعالی: «إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ» و هو الذی یدور علی الإنسان من الشیطان یرید اقتناصه. قاله الراغب فی مفرداته.
2- تقدم الحدیث بإسناد آخر عن أبی عبیدة تحت رقم 67 أبسط من هذا.
3- فی المصدر: العبد المفتن التواب. م.

وَ مَنْ لَا یَكُونُ ذَلِكَ (1)مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ.

«75»-كا، الكافی مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ أَبِی یَعْقُوبَ بَیَّاعِ الْأَرُزِّ (2) عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ وَ الْمُقِیمُ عَلَی الذَّنْبِ وَ هُوَ مُسْتَغْفِرٌ مِنْهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ.

«76»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غَدَاةٍ إِلَی اللَّیْلِ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ یُكْتَبْ عَلَیْهِ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر مثله.

«77»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی جَمِیعاً عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ یُكْتَبْ عَلَیْهِ (3)وَ إِنْ مَضَتِ السَّاعَاتُ وَ لَمْ یَسْتَغْفِرْ كُتِبَتْ عَلَیْهِ سَیِّئَةٌ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیُذَكَّرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِینَ سَنَةً حَتَّی یَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ فَیَغْفِرَ لَهُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَیُنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ.

«78»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَدَخَلَ عَلَیْهِ حُمْرَانُ بْنُ أَعْیَنَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَشْیَاءَ فَلَمَّا هَمَّ حُمْرَانُ بِالْقِیَامِ قَالَ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أُخْبِرُكَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ لَنَا وَ أَمْتَعَنَا بِكَ (4)إِنَّا نَأْتِیكَ فَمَا نَخْرُجُ

ص: 41


1- أی المراجعة إلی الذنب بعد التوبة.
2- هو یوسف بن السخت، أورده العلامة فی القسم الثانی من الخلاصة و ترجمه بقوله: یوسف بن السخت- بالسین المهملة، و الخاء المعجمة، و التاء المنقطة فوقها النقطتین- بصری، ضعیف، مرتفع القول، استثناه القمیون من نوادر الحكمة. انتهی. و أضاف الفاضل المامقانی إلی الضبط ضم السین و سكون الخاء، و حكی أن الوحید مال إلی إصلاح حاله.
3- فی المصدر: علیه شی ء.
4- أی صیرنا ننتفع و نلتذ بك زمانا طویلا.

مِنْ عِنْدِكَ حَتَّی تَرِقُّ قُلُوبُنَا وَ تَسْلُو أَنْفُسُنَا عَنِ الدُّنْیَا وَ یَهُونُ عَلَیْنَا مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ ثُمَّ نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ فَإِذَا صِرْنَا مَعَ النَّاسِ وَ التُّجَّارِ أَحْبَبْنَا الدُّنْیَا قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّمَا هِیَ الْقُلُوبُ (1) مَرَّةً تَصْعُبُ وَ مَرَّةً تَسْهُلُ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَمَا إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ نَخَافُ عَلَیْنَا النِّفَاقَ قَالَ فَقَالَ وَ لِمَ تَخَافُونَ ذَلِكَ قَالُوا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ فَذَكَّرْتَنَا وَ رَغَّبْتَنَا وَجِلْنَا وَ نَسِینَا الدُّنْیَا وَ زَهِدْنَا حَتَّی كَأَنَّنَا نُعَایِنُ الْآخِرَةَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ نَحْنُ عِنْدَكَ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ وَ دَخَلْنَا هَذِهِ الْبُیُوتَ وَ شَمِمْنَا الْأَوْلَادَ وَ رَأَیْنَا الْعِیَالَ وَ الْأَهْلَ یَكَادُ أَنْ نُحَوَّلَ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِی كُنَّا عَلَیْهَا عِنْدَكَ حَتَّی كَأَنَّا لَمْ نَكُنْ عَلَی شَیْ ءٍ أَ فَتَخَافُ عَلَیْنَا أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ نِفَاقاً فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَلَّا إِنَّ هَذِهِ خُطُوَاتُ الشَّیْطَانِ فَیُرَغِّبُكُمْ فِی الدُّنْیَا وَ اللَّهِ لَوْ تَدُومُونَ عَلَی الْحَالَةِ الَّتِی وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَا لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ مَشَیْتُمْ عَلَی الْمَاءِ وَ لَوْ لَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ فَتَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً حَتَّی یُذْنِبُوا ثُمَّ یَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ فَیَغْفِرَ لَهُمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ وَ قَالَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ.

اختتام فیه مباحث رائقة
الأول فی وجوب التوبة

و لا خلاف فی وجوبها فی الجملة و الأظهر أنها إنما تجب لما لم یكفّر من الذنوب كالكبائر و الصغائر التی أصرّت علیها فإنها ملحقة بالكبائر و الصغائر التی لم یجتنب معها الكبائر فأما مع اجتناب الكبائر فهی مكفّرة إذا لم یصرّ علیها و لا یحتاج إلی التوبة عنها لقوله تعالی إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَیِّئاتِكُمْ و سیأتی تحقیق القول فی ذلك فی باب الكبائر إن شاء اللّٰه تعالی.

قال المحقق الطوسی قدس اللّٰه روحه فی التجرید التوبة واجبة لدفعها الضرر و لوجوب الندم علی كل قبیح أو إخلال بواجب.

ص: 42


1- قال المصنّف قدّس سرّه فی شرح الحدیث فی كتابه مرآة العقول: إنّما هی القلوب أی إنّما سمی بالقلب لتقلب أحواله، مرة تصعب اه.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی شرحه: التوبة هی الندم علی المعصیة لكونها معصیة و العزم علی ترك المعاودة فی المستقبل لأن ترك العزم یكشف عن نفی الندم و هی واجبة بالإجماع لكن اختلفوا فذهب جماعة من المعتزلة إلی أنها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فیها ذلك و لا تجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر و قال آخرون إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل و قال آخرون إنها تجب من كل صغیر و كبیر من المعاصی أو الإخلال بالواجب سواء تاب منها قبل أو لم یتب.

و قد استدل المصنف علی وجوبها بأمرین الأول أنها دافعة للضرر الذی هو العقاب أو الخوف فیه و دفع الضرر واجب الثانی أنا نعلم قطعا وجوب الندم علی فعل القبیح أو الإخلال بالواجب إذا عرفت هذا فنقول إنها تجب من كل ذنب لأنها تجب من المعصیة لكونها معصیة و من الإخلال بواجب لكونه كذلك و هذا عامّ فی كل ذنب و إخلال بواجب انتهی.

أقول ظاهر كلامه وجوب التوبة عن الذنب الذی تاب منه و لعله نظر إلی أن الندم علی القبیح واجب فی كل حال و كذا ترك العزم علی الحرام واجب دائما و فیه أن العزم علی الحرام ما لم یأت به لا یترتّب علیه إثم كما دلت علیه الأخبار الكثیرة إلا أن یقول إن العفو عنه تفضّلا لا ینافی كونه منهیا عنه كالصغائر المكفّرة و أما الندم علی ما صدر عنه فلا نسلم وجوبه بعد تحقیق الندم سابقا و سقوط العقاب و إن كان القول بوجوبه أقوی.

الثانی اختلف المتكلمون فی أنه هل تتبعض التوبة أم لا

و الأول أقوی لعموم النصوص و ضعف المعارض.

قال المحقق فی التجرید و یندم علی القبیح لقبحه و إلا انتفت و خوف النار إن كان الغایة فكذلك و كذا الإخلال فلا تصح من البعض و لا یتم القیاس علی الواجب و لو اعتقد فیه الحسن صحت و كذا المستحقر و التحقیق أن ترجیح الداعی إلی الندم عن البعض یبعث علیه و إن اشترك الداعی فی الندم علی القبیح كما فی الداعی إلی الفعل و لو اشترك الترجیح اشترك وقوع الندم و به یتأوّل كلام أمیر المؤمنین و أولاده

ص: 43

علیهم السلام و إلا لزم الحكم ببقاء الكفر علی التائب منه المقیم علی صغیرة.

و قال العلامة اختلف شیوخ المعتزلة هنا فذهب أبو هاشم (1)إلی أن التوبة لا تصح من قبیح دون قبیح و ذهب أبو علی (2) إلی جواز ذلك و المصنف رحمه اللّٰه استدل علی مذهب أبی هاشم بأنا قد بینا بأنه یجب أن یندم علی القبیح لقبحه و لو لا ذلك لم تكن مقبولة و القبح حاصل فی الجمیع فلو تاب من قبیح دون قبیح كشف ذلك عن كونه تائبا عنه لا لقبحه و احتج أبو علی بأنه لو لم تصح التوبة من قبیح دون قبیح لم یصح الإتیان بواجب دون واجب و التالی باطل بیان الشرطیة أنه كما یجب علیه ترك القبیح لقبحه كذا بجب علیه فعل الواجب لوجوبه فلو لزم من اشتراك القبائح فی القبح عدم صحة التوبة من بعضها لزم من اشتراك الواجبات فی الوجوب عدم صحة الإتیان بواجب دون آخر و أما بطلان التالی فبالإجماع إذ لا خلاف فی صحة صلاة من أخل بالصوم.

و أجاب أبو هاشم بالفرق بین ترك القبیح لقبحه و فعل الواجب لوجوبه بالتعمیم فی الأول دون الثانی فإن من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه لا یقدم علی أكل كل حامض لاتحاد الجهة فی المنع و لو أكل الرمانة لحموضتها لم یلزم أن یأكل كل رمانة حامضة فافترقا.

و إلیه أشار المصنف رحمه اللّٰه و لا یتم القیاس علی الواجب أی لا یتم قیاس ترك القبیح لقبحه علی فعل الواجب لوجوبه و قد تصح التوبة من قبیح دون قبیح إذا اعتقد التائب فی بعض القبائح أنها حسنة و تاب عما یعتقده قبیحا فإنه تقبل توبته لحصول الشرط فیه و هو ندمه علی القبیح لقبحه و إذا كان هناك فعلان أحدهما عظیم القبح و الآخر صغیره و هو مستحقر بالنسبة إلیه حتی لا یكون معتدا به و یكون وجوده بالنسبة إلی

ص: 44


1- هو عبد السلام بن أبی علی محمّد بن عبد الوهاب، یلقب هو و أبوه أبو علیّ بالجبّائیّ، و كلاهما من رؤساء المعتزلة و لهما مقالات فی الكلام علی مذهب الاعتزال، توفی أبو هاشم سنة 321. و كانت ولادته سنة 247.
2- أی محمّد بن عبد الوهاب الجبّائیّ المتوفّی سنة 303، و قد أوعزنا سابقا إلی ترجمته.

العظیم كعدمه حتی تاب فاعل القبیح عن العظیم فإنه تقبل توبته و مثال ذلك أن الإنسان إذا قتل ولد غیره و كسر له قلما ثم تاب و أظهر الندم علی قتل الولد دون كسر القلم فإنه تقبل توبته و لا یعتد العقلاء بكسر القلم و إن كان لا بد من أن یندم علی جمیع إساءته و كما أن كسر القلم حال قتل الولد لا یعد إساءة فكذا العزم.

ثم قال رحمه اللّٰه و لما فرغ من تقریر كلام أبی هاشم ذكر التحقیق فی هذا المقام و تقریره أن نقول الحق أنه یجوز التوبة عن قبیح دون قبیح لأن الأفعال تقع بحسب الدواعی و تنتفی الصوارف فإذا ترجح الداعی وقع الفعل إذا عرفت هذا فنقول یجوز أن یرجح فاعل القبائح دواعیه إلی الندم علی بعض القبائح دون بعض و إن كانت القبائح مشتركة فی أن الداعی یدعو إلی الندم علیها و ذلك بأن یقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب أو كثرة الزواجر عنه أو الشناعة عند العقلاء عند فعله و لا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا یندم علیها و هذا كما فی دواعی الفعل فإن الأفعال الكثیرة قد تشترك فی الدواعی ثم یؤثر صاحب الدواعی بعض تلك الأفعال علی بعض بأن یترجح دواعیه إلی ذلك الفعل بما یقترن به من زیادة الدواعی فلا استبعاد فی كون قبح الفعل داعیا إلی العدم ثم یقترن ببعض القبائح زیادة الدواعی إلی الندم علیه فیرجح لأجلها الداعی إلی الندم علی ذلك البعض و لو اشتركت القبائح فی قوة الدواعی اشتركت فی وقوع الندم علیها و لم یصح الندم علی البعض دون الآخر و علی هذا ینبغی أن یحمل كلام أمیر المؤمنین علی علیه السلام و كلام أولاده كالرضا و غیره علیه السلام حیث نقل عنهم نفی تصحیح التوبة عن بعض القبائح دون بعض لأنه لو لا ذلك لزم خرق الإجماع و التالی باطل فالمقدم مثله بیان الملازمة أن الكافر إذا تاب عن كفره و أسلم و هو مقیم علی الكذب إما أن یحكم بإسلامه و تقبل توبته من الكفر أو لا و الثانی خرق الإجماع لاتفاق المسلمین علی إجراء حكم المسلم علیه و الأول هو المطلوب و قد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر و عدم قبول توبته و إسلامه و لكن لا یمتنع إطلاق اسم الإسلام علیه.

ص: 45

الثالث

اعلم أن العزم علی عدم العود إلی الذنب فیما بقی من العمر لا بد منه فی التوبة كما عرفت و هل إمكان صدوره منه فی بقیة العمر شرط حتی لو زنی ثم جب (1) و عزم علی أن یعود إلی الزنا علی تقدیر قدرته علیه لم تصح توبته أم لیس بشرط فتصح الأكثر علی الثانی بل نقل بعض المتكلمین إجماع السلف علیه و أولی من هذا بصحة التوبة من تاب فی مرض مخوف غلب علی ظنه الموت فیه و أما التوبة عند حضور الموت و تیقن الفوت و هو المعبر عنه بالمعاینة فقد انعقد الإجماع علی عدم صحتها و قد مر ما یدل علیه من الآیات و الأخبار.

الرابع فی أنواع التوبة

قال العلامة رحمه اللّٰه: التوبة إما أن تكون من ذنب یتعلق به تعالی خاصة أو یتعلق به حق الآدمی.

و الأول إما أن یكون فعل قبیح كشرب الخمر و الزنا أو إخلالا بواجب كترك الزكاة و الصلاة فالأول یكفی فی التوبة منه الندم علیه و العزم علی ترك العود إلیه و أما الثانی فتختلف أحكامه بحسب القوانین الشرعیة فمنه ما لا بد مع التوبة من فعله أداء كالزكاة و منه ما یجب معه القضاء كالصلاة و منه ما یسقطان عنه كالعیدین و هذا الأخیر یكفی فیه الندم و العزم علی ترك المعاودة كما فی فعل القبیح و أما ما یتعلق به حق الآدمی فیجب فیه الخروج إلیهم منه فإن كان أخذ مال وجب رده علی مالكه أو ورثته إن مات و لو لم یتمكن من ذلك وجب العزم علیه و كذا إن كان حد قذف و إن كان قصاصا وجب الخروج إلیهم منه بأن یسلم نفسه إلی أولیاء المقتول فإما أن یقتلوه أو یعفوا عنه بالدیة أو بدونها و إن كان فی بعض الأعضاء وجب تسلیم نفسه لیقتص منه فی ذلك العضو إلی المستحق من المجنی علیه أو الورثة و إن كان إضلالا وجب إرشاد من أضله و رجوعه مما اعتقده بسببه من الباطل إن أمكن ذلك و اعلم أن هذه التوابع لیست أجزاء من التوبة فإن العقاب سقط بالتوبة ثم إن قام المكلف بالتبعات كان ذلك إتماما للتوبة من جهة المعنی لأن ترك التبعات لا یمنع من سقوط العقاب بالتوبة عما تاب منه بل یسقط العقاب و یكون ترك القیام بالتبعات بمنزلة ذنوب مستأنفة یلزمه التوبة منها نعم التائب إذا فعل التبعات بعد إظهار توبته كان ذلك دلالة

ص: 46


1- أی استؤصل ذكره و خصیاه.

علی صدق الندم و إن لم یقم بها أمكن جعله دلالة علی عدم صحة الندم ثم قال رحمه اللّٰه المغتاب إما أن یكون قد بلغه اغتیابه أو لا و یلزم الفاعل للغیبة فی الأول الاعتذار عنه إلیه لأنه أوصل إلیه ضرر الغم فوجب علیه الاعتذار منه و الندم علیه و فی الثانی لا یلزمه الاعتذار و لا الاستحلال منه لأنه لم یفعل به ألما و فی كلا القسمین یجب الندم لله تعالی لمخالفة النهی و العزم علی ترك المعاودة.

و قال المحقق فی التجرید و فی إیجاب التفصیل مع الذكر إشكال و قال العلامة ذهب قاضی القضاة (1) إلی أن التائب إن كان عالما بذنوبه علی التفصیل وجب علیه التوبة عن كل واحدة منها مفصلا و إن كان یعلمها علی الإجمال وجب علیه التوبة كذلك مجملا و إن كان یعلم بعضها علی التفصیل و بعضها علی الإجمال وجب علیه التوبة عن المفصل بالتفصیل و عن المجمل بالإجمال و استشكل المصنف رحمه اللّٰه إیجاب التفصیل مع الذكر لإمكان الاجتزاء بالندم علی كل قبیح وقع منه و إن لم یذكره مفصلا.

ثم قال المحقق رحمه اللّٰه و فی وجوب التجدید إشكال و قال العلامة قدس سره إذا تاب المكلف عن معصیة ثم ذكرها هل یجب علیه تجدید التوبة قال أبو علی نعم بناء علی أن المكلف القادر بقدرة لا ینفك عن الضدین إما الفعل أو الترك فعند ذكر المعصیة إما أن یكون نادما علیها أو مصرا علیها و الثانی قبیح فیجب الأول.

و قال أبو هاشم لا یجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما.

ثم قال المحقق و كذا المعلول مع العلة و قال الشارح إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل یجب علیه الندم علی المعلول أو علی العلة أو علیهما مثاله الرامی إذا رمی قبل الإصابة قال الشیوخ علیه الندم علی الإصابة لأنها هی القبیح و قد صارت فی حكم الموجود لوجوب حصوله عند حصول السبب و قال القاضی یجب علیه ندمان أحدهما علی الرمی لأنه قبیح و الثانی علی كونه مولدا للقبیح و لا یجوز أن یندم علی المعلول لأن الندم علی القبیح إنما هو لقبحه و قبل وجوده لا قبح.

ص: 47


1- هو عبد الجبار المعتزلی، ابن أحمد بن عبد الجبار الهمدانیّ الأسدآبادی، شیخ معتزلة عصره، المتوفّی سنة 415.
الخامس اعلم أنه لا خلاف بین المتكلمین فی وجوب التوبة سمعا

و اختلفوا فی وجوبها عقلا فأثبته المعتزلة لدفعها ضرر العقاب قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه هذا لا یدل علی وجوب التوبة عن الصغائر ممن یجتنب الكبائر لكونها مكفرة و لهذا ذهبت البهشمیة (1) إلی وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا نعم الاستدلال بأن الندم علی القبیح من مقتضیات العقل الصحیح یعم القسمین و أما فوریة الوجوب فقد صرح بها المعتزلة فقالوا یلزم بتأخیرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أیضا حتی أن من أخر التوبة عن الكبیرة ساعة واحدة فقد فعل كبیرتین و ساعتین أربع كبائر الأولتان و ترك التوبة عن كل منهما و ثلاث ساعات ثمان كبائر و هكذا و أصحابنا یوافقونهم علی الفوریة لكنهم لم یذكروا هذا التفصیل فیما رأیته من كتبهم الكلامیة.

السادس سقوط العقاب بالتوبة

مما أجمع علیه أهل الإسلام و إنما الخلاف فی أنه هل یجب علی اللّٰه حتی لو عاقب بعد التوبة كان ظلما أو هو تفضل یفعله سبحانه كرما منه و رحمة بعباده فالمعتزلة علی الأول و الأشاعرة علی الثانی و إلی الثانی ذهب شیخ الطائفة فی كتاب الاقتصاد و العلامة الحلی رحمه اللّٰه فی بعض كتبه الكلامیة و توقف المحقق الطوسی طاب ثراه فی التجرید و مختار الشیخین هو الظاهر من الأخبار و أدعیة الصحیفة الكاملة و غیرها و هو الذی اختاره الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه و نسبه إلی أصحابنا كما عرفت و دلیل الوجوب ضعیف مدخول كما لا یخفی علی من تأمل فیه.

أقول: أثبتنا بعض أخبار التوبة فی باب الاستغفار و باب صفات المؤمن و باب صفات خیار العباد و باب جوامع المكارم و سیأتی تحقیق الكبائر و الصغائر و الذنوب و أنواعها و حبط الصغائر بترك الكبائر فی أبوابها إن شاء اللّٰه تعالی.

ص: 48


1- اتباع أبی علی و أبی هاشم الجبائیین، و هؤلاء فرقة من المعتزلة، انفردوا عنهم بأمور كإثبات إرادات حادثة لا فی محل یكون الباری تعالی بها موصوفا، و تعظیما لا فی محل إذا أراد أن یعظم ذاته، و فناء لا فی محل إذا أراد أن یفنی العالم، و قالا: بأنه تعالی متكلم بكلام یخلقه فی محل و حقیقة الكلام أصوات مقطعة، و حروف منظومة، و المتكلم من فعل الكلام، و قالا بأنّه تعالی لا یری بالابصار فی دار القرار، و إن المعرفة و شكر المنعم و معرفة الحسن و القبح واجبات عقلیة و أن الذم و العقاب لیسا علی الفعل، و إن التوبة لا تصح من العاجز بعد العجز عن مثله إلی غیر ذلك ممّا هو مذكور فی تراجم الفرق، و كتب الملل و النحل، كالملل للشهرستانی، و الفرق بین الفرق للبغدادیّ.

باب 21 نفی العبث و ما یوجب النقص من الاستهزاء و السخریة و المكر و الخدیعة عنه تعالی و تأویل الآیات فیها

الآیات؛

البقرة: «اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ»(15)

النساء: «یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ»(142)

الأنفال: «وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ»(30)

التوبة: «فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ»(79)

یونس: «قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً»(21)

الرعد: «وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِیعاً»(42)

النمل: «وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ»(50)

الطارق: «إِنَّهُمْ یَكِیدُونَ كَیْداً *وَ أَكِیدُ كَیْداً *فَمَهِّلِ الْكافِرِینَ أَمْهِلْهُمْ رُوَیْداً»(15-17)

تفسیر: قال البیضاوی: اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (1) یجازیهم علی استهزائهم سمّی جزاء

ص: 49


1- قال الرضی رضوان اللّٰه تعالی علیه فی تلخیص البیان فی مجازات القرآن: و هاتان استعارتان: فالاولی منهما إطلاق صفة الاستهزاء علی اللّٰه سبحانه، و المراد بها أنّه یجازیهم علی استهزائهم بارصاد العقوبة لهم فسمی الجزاء علی الاستهزاء باسمه، إذ كان واقعا فی مقابلته، و إنّما قلنا: إن الوصف بحقیقة الاستهزاء غیر جائز علیه تعالی لانه عكس أوصاف الحكیم و ضد طرائق الحلیم. و الاستعارة الأخری قوله تعالی: «وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ» أی یمد لهم كأنّه یخلیهم، و الامتداد عمههم و الجماح فی غیهم إیجابا للحجة و انتظارا للمراجعة، تشبیها بمن أرخی الطول للفرس أو الراحلة لیتنفس خناقها و یتسع مجالها. و ربما حمل قوله سبحانه: «یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا» علی أنّه استعارة فی بعض الأقوال، و هو أن یكون المعنی: أنهم یمنون أنفسهم أن لا یعاقبوا و قد علموا أنهم مستحقون للعقاب، فقد أقاموا أنفسهم بذلك مقام المخادعین؛ و لذلك قال سبحانه: «وَ ما یَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ» لان اللّٰه تعالی لا یجوز علیه الخداع و لا تخفی عنه الاسرار، و إذا حمل قوله سبحانه: «یُخادِعُونَ اللَّهَ» علی أن المراد به یخادعون رسول اللّٰه كان من باب إسقاط المضاف، و جری مجری قوله: «وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ» و أراد أهل القریة.

الاستهزاء باسمه كما سمّی جزاء السیئة سیئة إما لمقابلة اللفظ باللفظ أو لكونه مماثلا له فی القدر أو یرجع وبال الاستهزاء علیهم فیكون كالمستهزئ بهم أو ینزل بهم الحقارة و الهوان الذی هو لازم الاستهزاء و الغرض منه أو یعاملهم معاملة المستهزئ أما فی الدنیا فبإجراء أحكام المسلمین علیهم و استدراجهم بالإمهال و زیادة فی النعمة علی التمادی فی الطغیان و أما فی الآخرة فبأن یفتح لهم و هم فی النار بابا إلی الجنة فیسرعون نحوه فإذا صاروا إلیه سدّ علیهم الباب و ذلك قوله تعالی فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ من مد الجیش و أمده إذا زاده و قواه لا من المد فی العمر فإنه یعدی باللام و المعتزلة قالوا لما منعهم اللّٰه ألطافه التی یمنحها المؤمنین و خذلهم بسبب كفرهم و إصرارهم و سدهم طریق التوفیق علی أنفسهم فتزایدت بسببه قلوبهم رینا و ظلمة و تزاید قلوب المؤمنین انشراحا و نورا أو مكّن الشیطان من إغوائهم فزادهم طغیانا أسند ذلك إلی اللّٰه تعالی إسناد الفعل إلی المسبّب و أضاف الطغیان إلیهم لئلا یتوهّم أن إسناد الفعل إلیه علی الحقیقة و مصداق ذلك أنه لما أسند المدّ إلی الشیاطین أطلق الغیّ و قال وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِّ و قیل أصله نمد لهم یعنی نملی لهم و نمد فی أعمارهم كی ینتبهوا و یطیعوا فما زادوا إلا طغیانا و عمها فحذفت اللام و عدی الفعل بنفسه كما فی قوله تعالی وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ أو التقدیر یمدهم استصلاحا و هم مع ذلك یعمهون فی طغیانهم.

و قال فی قوله تعالی یُخادِعُونَ اللَّهَ الخدع أن توهم غیرك خلاف ما تخفیه من المكروه لتنزله عما هو بصدده و خداعهم مع اللّٰه لیس علی ظاهره لأنه لا تخفی علیه خافیة و لأنهم لم یقصدوا خدیعته بل المراد إما مخادعة رسوله علی حذف المضاف أو علی أن معاملة الرسول معاملة اللّٰه من حیث إنه خلیفته كما قال مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ و إما أن صورة صنعهم مع اللّٰه من إظهار الإیمان و استبطان الكفر و صنع اللّٰه معهم بإجراء أحكام المسلمین علیهم استدراجا لهم و امتثال الرسول و المؤمنین أمر اللّٰه فی إخفاء حالهم مجازاة لهم بمثل صنیعهم صورة صنیع المتخادعین.

و قال فی قوله تعالی وَ یَمْكُرُ اللَّهُ برد مكرهم أو بمجازاتهم علیه أو بمعاملة

ص: 50

الماكرین معهم بأن أخرجهم إلی بدر و قلل المسلمین فی أعینهم حتی حملوا علیهم فقتلوا وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ إذ لا یؤبه بمكرهم دون مكره و إسناد أمثال هذا إنما یحسن للمزاوجة و لا یجوز إطلاقها ابتداء لما فیه من إیهام الذم و قال فی قوله سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ جازاهم علی سخریتهم.

«1»-ید، التوحید مع، معانی الأخبار ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُعَاذِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ عَنْ قَوْلِهِ اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ عَنْ قَوْلِهِ وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ عَنْ قَوْلِهِ یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَسْخَرُ وَ لَا یَسْتَهْزِئُ وَ لَا یَمْكُرُ وَ لَا یُخَادِعُ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُجَازِیهِمْ جَزَاءَ السُّخْرِیَّةِ وَ جَزَاءَ الِاسْتِهْزَاءِ وَ جَزَاءَ الْمَكْرِ وَ الْخَدِیعَةِ تَعَالَی اللَّهُ عَمَّا یَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِیراً.

ج، الإحتجاج مرسلا مثله.

«2»-م، تفسیر الإمام علیه السلام یُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ ما یَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ قَالَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام لَمَّا نَصَبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ(1) وَ أَمَرَ عُمَرَ وَ تَمَامَ تِسْعَةٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ أَنْ یُبَایِعُوهُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ تَوَاطَئُوا بَیْنَهُمْ أَنْ یَدْفَعُوا هَذَا الْأَمْرَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَنْ یُهْلِكُوهُمَا كَانَ مِنْ مُوَاطَاتِهِمْ أَنْ قَالَ أَوَّلُهُمْ مَا اعْتَدَدْتُ بِشَیْ ءٍ كَاعْتِدَادِی بِهَذِهِ الْبَیْعَةِ وَ لَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ یَفْسَحَ اللَّهُ بِهَا لِی فِی قُصُورِ الْجِنَانِ وَ یَجْعَلَنِی فِیهَا مِنْ أَفْضَلِ النُّزَّالِ وَ السُّكَّانِ وَ قَالَ ثَانِیهِمْ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَثِقْتُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ إِلَّا بِهَذِهِ الْبَیْعَةِ وَ اللَّهِ مَا یَسُرُّنِی أَنْ نَقَضْتُهَا أَوْ نَكَثْتُ بَعْدَ مَا أَعْطَیْتُ وَ أنَّ لِی طِلَاعَ مَا بَیْنَ الثَّرَی إِلَی الْعَرْشِ لَآلِیَ رَطْبَةً وَ جَوَاهِرَ فَاخِرَةً وَ قَالَ ثَالِثُهُمْ وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صِرْتُ مِنَ الْفَرَحِ بِهَذِهِ الْبَیْعَةِ وَ مِنَ السُّرُورِ الْفَسِیحِ مِنَ الْآمَالِ فِی رِضْوَانِ اللَّهِ مَا أَیْقَنْتُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُ أَهْلِ الْأَرْضِ كُلُّهَا عَلَیَّ لَمُحِّصَتْ عَنِّی بِهَذِهِ الْبَیْعَةِ وَ حَلَفَ عَلَی مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَتَابَعَ بِمِثْلِ هَذَا الِاعْتِذَارِ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَ الْمُتَمَرِّدِینَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یُخادِعُونَ اللَّهَ

ص: 51


1- قال الفیروزآبادی فی القاموس: غدیر خم: موضعه علی ثلاثة أمیال من الجحفة بین الحرمین.

یَعْنِی یُخَادِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِأَیْمَانِهِمْ خِلَافَ مَا فِی جَوَانِحِهِمْ وَ الَّذِینَ آمَنُوا كَذَلِكَ أَیْضاً الَّذِینَ سَیِّدُهُمْ وَ فَاضِلُهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ وَ ما یَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ مَا یَضُرُّونَ بِتِلْكَ الْخَدِیعَةِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنْهُمْ وَ عَنْ نُصْرَتِهِمْ وَ لَوْ لَا إِمْهَالُهُ لَهُمْ مَا قَدَرُوا عَلَی شَیْ ءٍ مِنْ فُجُورِهِمْ وَ طُغْیَانِهِمْ وَ ما یَشْعُرُونَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَ أَنَّ اللَّهَ یُطْلِعُ نَبِیَّهُ عَلَی نِفَاقِهِمْ وَ كَذِبِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ وَ یَأْمُرُهُ بِلَعْنِهِمْ فِی لَعْنَةِ الظَّالِمِینَ النَّاكِثِینَ وَ ذَلِكَ اللَّعْنُ لَا یُفَارِقُهُمْ فِی الدُّنْیَا یَلْعَنُهُمْ خِیَارُ عِبَادِ اللَّهِ وَ فِی الْآخِرَةِ یُبْتَلَوْنَ بِشَدَائِدِ عِقَابِ اللَّهِ وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا إِلَی قَوْلِهِ یَعْمَهُونَ قَالَ مُوسَی علیه السلام وَ إِذَا لَقِیَ هَؤُلَاءِ النَّاكِثُونَ لِلْبَیْعَةِ الْمُوَاطِئُونَ(1) عَلَی مُخَالَفَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ دَفْعِ الْأَمْرِ عَنْهُ الَّذِینَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا كَإِیمَانِكُمْ إِذَا لَقُوا سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً قَالُوا آمَنَّا بِمُحَمَّدٍ وَ سَلَّمْنَا لَهُ بَیْعَةَ عَلِیٍّ وَ فَضْلَهُ كَمَا آمَنْتُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَهُمْ وَ ثَانِیَهُمْ وَ ثَالِثَهُمْ إِلَی تَاسِعِهِمْ رُبَّمَا كَانُوا یَلْتَقُونَ فِی بَعْضِ طُرُقِهِمْ مَعَ سَلْمَانَ وَ أَصْحَابِهِ فَإِذَا لَقُوهُمْ اشْمَأَزُّوا مِنْهُمْ وَ قَالُوا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ السَّاحِرِ وَ الْأَهْوَجِ یَعْنُونَ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً علیه السلام فَیَقُولُ أَوَّلُهُمْ انْظُرُوا كَیْفَ أَسْخَرُ مِنْهُمْ وَ أَكُفُّ عَادِیَتَهُمْ عَنْكُمْ فَإِذَا الْتَقَوْا قَالَ أَوَّلُهُمْ مَرْحَباً بِسَلْمَانَ ابْنِ الْإِسْلَامِ وَ یَمْدَحُهُ بِمَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ وَ كَذَا كَانَ یَمْدَحُ تَمَامَ الْأَرْبَعَةِ فَلَمَّا جَازُوا عَنْهُمْ كَانَ یَقُولُ الْأَوَّلُ كَیْفَ رَأَیْتُمْ سُخْرِیَّتِی لِهَؤُلَاءِ وَ كَفِّی عَادِیَتَهُمْ عَنِّی وَ عَنْكُمْ فَیَقُولُ لَهُ لَا نَزَالُ بِخَیْرٍ مَا عِشْتَ لَنَا فَیَقُولُ لَهُمْ فَهَكَذَا فَلْتَكُنْ مُعَامَلَتُكُمْ لَهُمْ إِلَی أَنْ تَنْتَهِزُوا الْفُرْصَةَ فِیهِمْ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ اللَّبِیبَ الْعَاقِلَ مَنْ تَجَرَّعَ عَلَی الْغُصَّةِ حَتَّی یَنَالَ الْفُرْصَةَ ثُمَّ یَعُودُونَ إِلَی أَخْدَانِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِینَ الْمُتَمَرِّدِینَ الْمُشَارِكِینَ لَهُمْ فِی تَكْذِیبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیمَا أَدَّاهُ إِلَیْهِمْ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذِكْرِ تَفْضِیلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَصْبِهِ إِمَاماً عَلَی كَافَّةِ الْمُسْلِمِینَ قَالُوا لَهُمْ إِنَّا مَعَكُمْ فِیمَا وَاطَأْنَاكُمْ عَلَیْهِ مِنْ دَفْعِ عَلِیٍّ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ إِنْ كَانَتْ لِمُحَمَّدٍ كَائِنَةٌ فَلَا یَغُرَّنَّكُمْ وَ لَا یُهَوِّلَنَّكُمْ مَا تَسْمَعُونَهُ مِنَّا مِنْ تَقْرِیظِهِمْ وَ تَرَوْنَا نَجْتَرِئُ عَلَیْهِمْ مِنْ مُدَارَاتِهِمْ فَإِنَّا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ بِهِمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ یُجَازِیهِمْ جَزَاءَ اسْتِهْزَائِهِمْ فِی الدُّنْیَا

ص: 52


1- أی الموافقون و المساهمون.

وَ الْآخِرَةِ وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ یُمْهِلُهُمْ وَ یَتَأَنَّی بِهِمْ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی التَّوْبَةِ وَ یَعِدُهُمْ إِذَا تَابُوا الْمَغْفِرَةَ وَ هُمْ یَعْمَهُونَ لَا یَرْعَوُونَ عَنْ قَبِیحٍ وَ لَا یَتْرُكُونَ أَذًی بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ یُمْكِنُهُمْ إِیصَالُهُ إِلَیْهِمَا إِلَّا بَلَغُوهُ قَالَ الْعَالِمُ علیه السلام أَمَّا اسْتِهْزَاءُ اللَّهِ بِهِمْ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ إِجْرَاؤُهُ إِیَّاهُمْ عَلَی ظَاهِرِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِینَ لِإِظْهَارِهِمُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ أَمَّا اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ فِی الْآخِرَةِ فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَقَرَّهُمْ فِی دَارِ اللَّعْنَةِ وَ الْهَوَانِ وَ عَذَّبَهُمْ بِتِلْكَ الْأَلْوَانِ الْعَجِیبَةِ مِنَ الْعَذَابِ وَ أَقَرَّ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِینَ فِی الْجِنَانِ بِحَضْرَةِ مُحَمَّدٍ صَفِیِّ اللَّهِ الْمَلِكِ الدَّیَّانِ أَطْلَعَهُمْ عَلَی هَؤُلَاءِ الْمُسْتَهْزِءِینَ بِهِمْ فِی الدُّنْیَا حَتَّی یَرَوْا مَا هُمْ فِیهِ مِنْ عَجَائِبِ اللَّعَائِنِ وَ بَدَائِعِ النَّقِمَاتِ فَیَكُونَ لَذَّتُهُمْ وَ سُرُورُهُمْ بِشَمَاتَتِهِمْ كَلَذَّتِهِمْ وَ سُرُورِهِمْ بِنَعِیمِهِمْ فِی جِنَانِ رَبِّهِمْ فَالْمُؤْمِنُونَ یَعْرِفُونَ أُولَئِكَ الْكَافِرِینَ الْمُنَافِقِینَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ الْكَافِرُونَ وَ الْمُنَافِقُونَ یَنْظُرُونَ فَیَرَوْنَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ كَانُوا بِهِمْ فِی الدُّنْیَا یَسْخَرُونَ لِمَا كَانُوا مِنْ مُوَالاةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا یَعْتَقِدُونَ فَیَرْونَهُمْ فِی أَنْوَاعِ الْكَرَامَةِ وَ النَّعِیمِ فَیَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ الْمُشْرِفُونَ عَلَی هَؤُلَاءِ الْكَافِرِینَ الْمُنَافِقِینَ یَا فُلَانُ وَ یَا فُلَانُ وَ یَا فُلَانُ حَتَّی یُنَادُوهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مَا بَالُكُمْ فِی مَوَاقِفِ خِزْیِكُمْ مَاكِثُونَ هَلُمُّوا إِلَیْنَا نَفْتَحْ لَكُمْ أَبْوَابَ الْجِنَانِ لِتَخَلَّصُوا مِنْ عَذَابِكُمْ وَ تَلْحَقُوا بِنَا فَیَقُولُونَ یَا وَیْلَنَا أَنَّی لَنَا هَذَا فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ انْظُرُوا إِلَی هَذِهِ الْأَبْوَابِ فَیَنْظُرُونَ إِلَی أَبْوَابٍ مِنَ الْجِنَانِ مُفَتَّحَةٍ یُخَیَّلُ إِلَیْهِمْ أَنَّهَا إِلَی جَهَنَّمَ الَّتِی فِیهَا یُعَذَّبُونَ وَ یَقْدِرُونَ أَنَّهُمْ یَتَمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ یَخْلَصُوا إِلَیْهَا فَیَأْخُذُونَ فِی السِّبَاحَةِ فِی بِحَارِ حَمِیمِهَا وَ عَدْواً مِنْ بَیْنِ أَیْدِی زَبَانِیَتِهَا (1) وَ هُمْ یَلْحَقُونَهُمْ یَضْرِبُونَهُمْ بِأَعْمِدَتِهِمْ وَ مِرْزَبَاتِهِمْ(2) وَ سِیَاطِهِمْ فَلَا یَزَالُونَ هَكَذَا یَسِیرُونَ هُنَاكَ وَ هَذِهِ الْأَصْنَافُ مِنَ الْعَذَابِ تَمَسُّهُمْ حَتَّی إِذَا قَدَرُوا أَنْ قَدْ بَلَغُوا تِلْكَ الْأَبْوَابَ وَجَدُوهَا مَرْدُومَةً (3)عَنْهُمْ وَ

ص: 53


1- قال الجوهریّ: الزبانیة عند العرب: الشرط. و سموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إلیها.
2- جمع المرزبة و قد یشدد الباء: عصیة من حدید.
3- أی مسدودة.

تُدَهْدِهُهُمُ الزَّبَانِیَةُ (1) بِأَعْمِدَتِهَا فَتُنَكِّسُهُمْ إِلَی سَوَاءِ الْجَحِیمِ وَ یَسْتَلْقِی أُولَئِكَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَی فُرُشِهِمْ فِی مَجَالِسِهِمْ یَضْحَكُونَ مِنْهُمْ مُسْتَهْزِءِینَ بِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَالْیَوْمَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ یَضْحَكُونَ عَلَی الْأَرائِكِ یَنْظُرُونَ.

بیان: قال فی القاموس الهوج محركة طول فی حمق و طیش و تسرع و الهوجاء الناقة المسرعة.

أقول: سیأتی تمام الخبر فی موضعه إن شاء اللّٰه تعالی.

باب 22 عقاب الكفار و الفجار فی الدنیا

الآیات؛

الرعد: «إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ»(11)

الكهف: «وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَیْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ»(الآیات: 32-44)

طه: «فَإِنَّ لَكَ فِی الْحَیاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ»(97) (2)

حمعسق: «وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ* وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ فِی الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ»(30-31)

ن: «إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَیَصْرِمُنَّها مُصْبِحِینَ* وَ لا یَسْتَثْنُونَ *فَطافَ عَلَیْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ* فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِیمِ* فَتَنادَوْا مُصْبِحِینَ* أَنِ اغْدُوا عَلی حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِینَ *فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ یَتَخافَتُونَ* أَنْ لا یَدْخُلَنَّهَا الْیَوْمَ عَلَیْكُمْ مِسْكِینٌ* وَ غَدَوْا عَلی حَرْدٍ قادِرِینَ* فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ* قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ *فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ یَتَلاوَمُونَ* قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا

ص: 54


1- أی و تدحرجهم الزبانیة.
2- أی لا مماسة و لا مخالطة، لا أمس و لا امس، عوقب السامری فی الدنیا بالمنع من مخالطة الناس، و حرم علیهم مكالمته و مخالطته و مجالسته و مؤاكلته، فإذا اتفق أن یماس أحدا حم الماس و الممسوس، فكان یهیم فی البریة مع الوحش، و إذا لقی أحدا قال: لا مساس، أی لا تقربنی و لا تماسنی.

طاغِینَ* عَسی رَبُّنا أَنْ یُبْدِلَنا خَیْراً مِنْها إِنَّا إِلی رَبِّنا راغِبُونَ *كَذلِكَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ»(17-33)

تفسیر: لَیَصْرِمُنَّها أی لیقطعنها وَ لا یَسْتَثْنُونَ أی لا یقولون إن شاء اللّٰه طائِفٌ أی بلاء طائف كَالصَّرِیمِ أی كالبستان الذی صرمت ثماره (1) وَ هُمْ یَتَخافَتُونَ أی یتشاورون بینهم خفیة عَلی حَرْدٍ (2) أی نكد من حردت السنة إذا لم یكن فیها مطر قادِرِینَ عند أنفسهم علی صرامها و سیأتی تفسیر سائر الآیات و تأویلها فی مواضعها.

«1»-فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ لا یَزالُ الَّذِینَ كَفَرُوا تُصِیبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ وَ هِیَ النَّقِمَةُ أَوْ تَحُلُّ قَرِیباً مِنْ دارِهِمْ فَتَحُلُّ بِقَوْمٍ غَیْرِهِمْ فَیَرَوْنَ ذَلِكَ وَ یَسْمَعُونَ بِهِ وَ الَّذِینَ حَلَّتْ بِهِمْ عُصَاةٌ كُفَّارٌ مِثْلُهُمْ وَ لَا یَتَّعِظُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَ لَنْ یَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّی یَأْتِیَ وَعْدُ اللَّهِ الَّذِی وَعَدَ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ النَّصْرِ وَ خِزْیِ الْكَافِرِینَ.

«2»-فس، تفسیر القمی وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَیْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَیْنَهُما زَرْعاً قَالَ نَزَلَتْ فِی رَجُلٍ كَانَ لَهُ بُسْتَانَانِ كَبِیرَانِ عَظِیمَانِ كَثِیرُ الثِّمَارِ كَمَا حَكَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِیهِمَا نَخْلٌ وَ زَرْعٌ وَ مَاءٌ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ فَقِیرٌ فَافْتَخَرَ الْغَنِیُّ عَلَی الْفَقِیرِ وَ قَالَ لَهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً ثُمَّ دَخَلَ بُسْتَانَهُ وَ قَالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ (3) هذِهِ أَبَداً وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْها مُنْقَلَباً فَقَالَ لَهُ الْفَقِیرُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّی وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّی أَحَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِیرُ لِلْغَنِیِّ فَهَلَّا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِیرُ فَعَسی

ص: 55


1- و قیل: الصریم: اللیل ای صارت سوداء كاللیل لاحتراقها.
2- قال الشیخ فی التبیان: «وَ غَدَوْا عَلی حَرْدٍ» فالحرد: القصد، قال الحسن: معناه علی جهة من الفاهة. و قال مجاهد: معناه علی جد من أمرهم. و قال سفیان: معناه علی حنق. و قیل معناه علی منع، من قولهم: حاردت السنة: إذا منعت قطرها، و الأصل القصد، و قوله: «قادِرِینَ» معناه: مقدرین أنهم یصرمون ثمارها؛ و یجوز أن یكون المراد: و غدوا علی حرد قادرین عند أنفسهم علی صرام جنتهم.
3- أی أن تهلك.

رَبِّی أَنْ یُؤْتِیَنِ خَیْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ یُرْسِلَ عَلَیْها حُسْباناً (1) مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِیداً زَلَقاً (2) أَیْ مُحْتَرِقاً أَوْ یُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَوَقَعَ فِیهَا مَا قَالَ الْفَقِیرُ فِی ذَلِكَ (3) اللَّیْلَةِ فَأَصْبَحَ الْغَنِیُّ یُقَلِّبُ كَفَّیْهِ (4) عَلَی مَا أَنْفَقَ فِیهَا وَ هِیَ خاوِیَةٌ (5) عَلی عُرُوشِها وَ یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّی أَحَداً وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ یَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مُنْتَصِراً وَ هَذِهِ عُقُوبَةُ الْغَنِیِّ (6).

«3»-عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَاعِداً فَأُتِیَ بِامْرَأَةٍ قَدْ صَارَ وَجْهُهَا قَفَاهَا فَوَضَعَ یَدَهُ الْیُمْنَی فِی جَبِینِهَا وَ یَدَهُ الْیُسْرَی مِنْ خَلْفِ ذَلِكَ ثُمَّ عَصَرَ وَجْهَهَا عَنِ الْیَمِینِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فَرَجَعَ وَجْهُهَا فَقَالَ احْذَرِی أَنْ تَفْعَلِی كَمَا فَعَلْتِ قَالُوا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا فَعَلَتْ فَقَالَ ذَلِكَ مَسْتُورٌ إِلَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهِ فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ كَانَتْ لِی ضَرَّةٌ فَقُمْتُ أُصَلِّی فَظَنَنْتُ أَنَّ زَوْجِی مَعَهَا فَالْتَفَتُّ إِلَیْهَا فَرَأَیْتُهَا قَاعِدَةً وَ لَیْسَ هُوَ مَعَهَا فَرَجَعَ وَجْهُهَا عَلَی مَا كَانَ.

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَمْرٍو الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ إِنَّ أَبِی كَانَ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَضَی قَضَاءً حَتْماً لَا یُنْعِمُ عَلَی عَبْدِهِ بِنِعْمَةٍ فَیَسْلُبَهَا إِیَّاهُ قَبْلَ أَنْ یُحْدِثَ الْعَبْدُ مَا یَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ سَلْبَ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ

«5»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ

ص: 56


1- بضم الحاء، قال الراغب فی مفرداته: قیل: نارا و عذابا و إنّما هو فی الحقیقة ما یحاسب علیه فیجازی بحسبه انتهی. و قیل: أصل السهام التی ترمی لتجری فی طلق واحد و كان ذلك من رمی الاساورة، و الحسبان: المرامی الكثیرة. و قیل: بردا.
2- أرض زاق: لمساء لیس بها شی ء.
3- فی المصدر: فی تلك اللیلة. م.
4- تقلیب الكف عبارة عن الندم ذكرا لحال ما یوجد علیه النادم، أی فاصبح یصفق ندامة.
5- خاویة أی ساقطة من خوی النجم: إذا سقط، أو خالیة من خلی المنزل: إذا خلی من أهله و كل مرتفع أظلك من سقف أو كرم أو بیت فهو عرش.
6- فی المصدر: فهذه عقوبة البغی. م.

ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ فَصَارَ الْأَمْرُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی.

«6»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ الْمَكْفُوفِ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی كِتَابٍ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا سَیِّدِی عَلِّمْ مَوْلَاكَ مَا لَا یُقْبَلُ لِقَائِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا لَا یُؤَخَّرُ لِفَاعِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِی وُعِدَ عَلَیْهِ نُوحٌ وَ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِی لَا یُعَذَّبُ قَائِلُهُ وَ كَیْفَ یُلْفَظُ بِهِمَا وَ مَا مَعْنَی قَوْلِهِ وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ قَوْلِهِ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدایَ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِی وَ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ كَیْفَ تَغْیِیرُ الْقَوْمِ مَا بِأَنْفُسِهِمْ حَتَّی یُغَیِّرَ مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَكَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَافَأَكُمُ اللَّهُ عَنِّی بِتَضْعِیفِ الثَّوَابِ وَ الْجَزَاءِ الْحَسَنِ الْجَمِیلِ وَ عَلَیْكُمْ جَمِیعاً السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ الِاسْتِغْفَارُ أَلْفٌ وَ التَّوَكُّلُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدایَ مَنْ قَالَ بِالْإِمَامَةِ وَ اتَّبَعَ أَمْرَكُمْ بِحُسْنِ طَاعَتِهِمْ وَ أَمَّا التَّغَیُّرُ إِنَّهُ لَا یُسِی ءُ إِلَیْهِمْ حَتَّی یَتَوَلَّوْا ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِخَطَایَاهُمْ وَ ارْتِكَابِهِمْ مَا نُهِیَ عَنْهُ وَ كَتَبَ بِخَطِّهِ.

«7»-نهج، نهج البلاغة وَ ایْمُ اللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِی غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَیْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَی رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ.

توضیح: فی غضّ نعمة أی فی نعمة غضّة طریّة ناضرة و الوله بالتحریك الحزن و الخوف و الشارد النافر.

«8»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام اتَّقُوا الذُّنُوبَ وَ حَذِّرُوهَا إِخْوَانَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا الْعُقُوبَةُ إِلَی أَحَدٍ أَسْرَعَ مِنْهَا إِلَیْكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تُؤَاخَذُونَ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

«9»-وَ قَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام مَا مِنْ مُؤْمِنٍ تُصِیبُهُ رَفَاهِیَةٌ فِی دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا ابْتُلِیَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ حَتَّی یَتَوَفَّرَ حَظُّهُ فِی دَوْلَةِ الْحَقِّ.

ص: 57

باب 23 علل الشرائع و الأحكام

اشارة

الآیات؛

المائدة: «ما یُرِیدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ یُرِیدُ لِیُطَهِّرَكُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(6)

الأعراف: «قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ»(28)

حمعسق: «اللَّهُ الَّذِی أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِیزانَ»(17)

الرحمن: «وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِیزانَ* أَلَّا تَطْغَوْا فِی الْمِیزانِ»(7-8)

تفسیر: قد فسر جماعة من المفسرین المیزان فی الآیتین بالشرع و بعضهم بالعدل و بعضهم بالمیزان المعروف و أما الأخبار ففیها ثلاثة فصول:

الفصل الأول العلل التی رواها الفضل بن شاذان

«1»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ع، علل الشرائع حَدَّثَنِی عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّیْسَابُورِیُّ الْعَطَّارُ بِنَیْسَابُورَ فِی شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ وَ ثَلَاثِ مِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ النَّیْسَابُورِیُّ قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ وَ حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ نُعَیْمِ بْنِ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ النَّیْسَابُورِیُّ إِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِی هَلْ یَجُوزُ أَنْ یُكَلِّفَ الْحَكِیمُ(1) عَبْدَهُ فِعْلًا مِنَ الْأَفَاعِیلِ لِغَیْرِ عِلَّةٍ وَ لَا مَعْنِیٍّ قِیلَ لَهُ لَا یَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَكِیمٌ غَیْرُ عَابِثٍ وَ لَا جَاهِلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِی لِمَ كَلَّفَ الْخَلْقَ قِیلَ لِعِلَلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مِنْ تِلْكَ الْعِلَلِ مَعْرُوفَةٌ مَوْجُودَةٌ هِیَ أَمْ غَیْرُ مَعْرُوفَةٍ وَ لَا مَوْجُودَةٍ قِیلَ بَلْ هِیَ مَعْرُوفَةٌ وَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا فَإِنْ قَالَ أَ تَعْرِفُونَهَا أَنْتُمْ أَمْ لَا تَعْرِفُونَهَا قِیلَ لَهُمْ مِنْهَا مَا نَعْرِفُهُ وَ مِنْهَا مَا لَا نَعْرِفُهُ فَإِنْ قَالَ فَمَا أَوَّلُ الْفَرَائِضِ قِیلَ (2) الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِرَسُولِهِ وَ حُجَّتِهِ علیه السلام وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 58


1- فی العلل: هل یكلف الحكیم. م.
2- فی العیون: قیل له. م.

فَإِنْ قَالَ لِمَ أَمَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ (1)بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ بِرُسُلِهِ(2)وَ حُجَجِهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِیلَ لِعِلَلٍ كَثِیرَةٍ مِنْهَا أَنَّ مَنْ لَمْ یُقِرَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَجْتَنِبْ مَعَاصِیَهُ وَ لَمْ یَنْتَهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَ لَمْ یُرَاقِبْ أَحَداً فِیمَا یَشْتَهِی وَ یَسْتَلِذُّ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ فَإِذَا فَعَلَ النَّاسُ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ وَ ارْتَكَبَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا یَشْتَهِی وَ یَهْوَاهُ مِنْ غَیْرِ مُرَاقَبَةٍ لِأَحَدٍ كَانَ فِی ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ وَ وُثُوبُ بَعْضِهِمْ عَلَی بَعْضٍ فَغَصَبُوا الْفُرُوجَ وَ الْأَمْوَالَ وَ أَبَاحُوا الدِّمَاءَ وَ النِّسَاءَ وَ السَّبْیَ وَ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْ غَیْرِ حَقٍّ وَ لَا جَرَمَ فَیَكُونُ فِی ذَلِكَ خَرَابُ الدُّنْیَا وَ هَلَاكُ الْخَلْقِ وَ فَسَادُ الْحَرْثِ وَ النَّسْلِ وَ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَكِیمٌ وَ لَا یَكُونُ الْحَكِیمُ وَ لَا یُوصَفُ (3) بِالْحِكْمَةِ إِلَّا الَّذِی یَحْظُرُ الْفَسَادَ وَ یَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَ یَزْجُرُ عَنِ الظُّلْمِ وَ یَنْهَی عَنِ الْفَوَاحِشِ وَ لَا یَكُونُ حَظْرُ الْفَسَادِ وَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاحِ وَ النَّهْیُ عَنِ الْفَوَاحِشِ إِلَّا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَ النَّاهِی فَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ بِغَیْرِ إِقْرَارٍ بِاللَّهِ وَ لَا مَعْرِفَتِهِ لَمْ یَثْبُتْ أَمْرٌ بِصَلَاحٍ وَ لَا نَهْیٌ عَنْ فَسَادٍ إِذْ لَا آمِرَ وَ لَا نَاهِیَ وَ مِنْهَا أَنَّا وَجَدْنَا الْخَلْقَ قَدْ یُفْسِدُونَ بِأُمُورٍ بَاطِنَةٍ مَسْتُورَةٍ عَنِ الْخَلْقِ فَلَوْ لَا الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَشْیَتُهُ بِالْغَیْبِ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ إِذَا خَلَا بِشَهْوَتِهِ وَ إِرَادَتِهِ یُرَاقِبُ أَحَداً فِی تَرْكِ مَعْصِیَةٍ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ وَ ارْتِكَابِ كَبِیرَةٍ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ مَسْتُوراً (4)عَنِ الْخَلْقِ غَیْرَ مُرَاقَبٍ لِأَحَدٍ وَ كَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ هَلَاكُ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ فَلَمْ یَكُنْ قِوَامُ الْخَلْقِ وَ صَلَاحُهُمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ مِنْهُمْ بِعَلِیمٍ خَبِیرٍ یَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَی آمِرٍ بِالصَّلَاحِ نَاهٍ عَنِ الْفَسَادِ لَا تَخْفَی عَلَیْهِ خَافِیَةٌ لِیَكُونَ فِی ذَلِكَ انْزِجَارٌ لَهُمْ عَمَّا یَخْلُونَ (5) بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَیْهِمْ (6) مَعْرِفَةُ الرُّسُلِ وَ الْإِقْرَارُ بِهِمْ وَ الْإِذْعَانُ لَهُمْ بِالطَّاعَةِ قِیلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ یَكُنْ (7) فِی خَلْقِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ وَ قُوَاهُمْ مَا یَكْمُلُونَ لِمَصَالِحِهِمْ (8) وَ كَانَ

ص: 59


1- فی العلل: لم امر الخلق. م.
2- فی العلل: برسوله. م.
3- فی المصدر: و لا یكون حكیما و لا یوصف. م.
4- فی العلل: إذا فعل ذلك مستورا. م.
5- فی العلل عما یحلون به. م.
6- فی العلل: فان قال قائل: فلم وجب علیكم. م.
7- فی العیون: لما إن لم یكن؛ و فی العلل: لما لم یكتف. م.
8- فی العلل بعد قوله: و قواهم: ما یثبتون به لمباشرة الصانع عزّ و جلّ حتّی یكلمهم و یشافههم و كان الصانع اه. م.

الصَّانِعُ مُتَعَالِیاً عَنْ أَنْ یُرَی(1) وَ كَانَ ضَعْفُهُمْ وَ عَجْزُهُمْ عَنْ إِدْرَاكِهِ ظَاهِراً لَمْ یَكُنْ بُدٌّ (2) مِنْ رَسُولٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ مَعْصُومٍ یُؤَدِّی إِلَیْهِمْ أَمْرَهُ وَ نَهْیَهُ وَ أَدَبَهُ وَ یَقِفُهُمْ عَلَی مَا یَكُونُ بِهِ إِحْرَازُ مَنَافِعِهِمْ (3) وَ دَفْعُ مَضَارِّهِمْ إِذْ لَمْ یَكُنْ فِی خَلْقِهِمْ مَا یَعْرِفُونَ بِهِ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ وَ مَضَارِّهِمْ فَلَوْ لَمْ یَجِبْ عَلَیْهِمْ مَعْرِفَتُهُ وَ طَاعَتُهُ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ فِی مَجِی ءِ الرَّسُولِ مَنْفَعَةٌ وَ لَا سَدُّ حَاجَةٍ وَ لَكَانَ یَكُونُ إِتْیَانُهُ عَبَثاً لِغَیْرِ مَنْفَعَةٍ وَ لَا صَلَاحٍ وَ لَیْسَ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْحَكِیمِ الَّذِی أَتْقَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ أُولِی الْأَمْرِ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ قِیلَ لِعِلَلٍ كَثِیرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَمَّا وَقَعُوا عَلَی حَدٍّ مَحْدُودٍ وَ أُمِرُوا أَنْ لَا یَتَعَدَّوْا ذَلِكَ الْحَدَّ (تِلْكَ الْحُدُودَ) لِمَا فِیهِ مِنْ فَسَادِهِمْ لَمْ یَكُنْ یَثْبُتُ ذَلِكَ وَ لَا یَقُومُ إِلَّا بِأَنْ یَجْعَلَ عَلَیْهِمْ فِیهِ أَمِیناً یَمْنَعُهُمْ مِنَ التَّعَدِّی وَ الدُّخُولِ فِیمَا حُظِرَ عَلَیْهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ (4) كَذَلِكَ لَكَانَ أَحَدٌ لَا یَتْرُكُ لَذَّتَهُ وَ مَنْفَعَتَهُ لِفَسَادِ غَیْرِهِ فَجَعَلَ عَلَیْهِمْ قَیِّماً یَمْنَعُهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَ یُقِیمُ فِیهِمُ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ وَ مِنْهَا أَنَّا (5)لَا نَجِدُ فِرْقَةً مِنَ الْفِرَقِ وَ لَا مِلَّةً مِنَ الْمِلَلِ بَقُوا وَ عَاشُوا إِلَّا بِقَیِّمٍ وَ رَئِیسٍ لِمَا لَا بُدَّ لَهُمْ (6) مِنْهُ فِی أَمْرِ الدِّینِ وَ الدُّنْیَا فَلَمْ یَجُزْ فِی حِكْمَةِ الْحَكِیمِ أَنْ یَتْرُكَ الْخَلْقَ مِمَّا یَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ فَیُقَاتِلُونَ بِهِ عَدُوَّهُمْ وَ یَقْسِمُونَ بِهِ (7) فَیْئَهُمْ وَ یُقِیمُ (8) لَهُمْ جُمُعَتَهُمْ وَ جَمَاعَتَهُمْ وَ یَمْنَعُ ظَالِمَهُمْ مِنْ مَظْلُومِهِمْ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ یَجْعَلْ لَهُمْ إِمَاماً قَیِّماً أَمِیناً حَافِظاً مُسْتَوْدَعاً لَدَرَسَتِ الْمِلَّةُ وَ ذَهَبَ الدِّینُ وَ غُیِّرَتِ السُّنَّةُ وَ الْأَحْكَامُ وَ لَزَادَ فِیهِ الْمُبْتَدِعُونَ وَ نَقَصَ مِنْهُ الْمُلْحِدُونَ وَ شَبَّهُوا ذَلِكَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا(9)الْخَلْقَ مَنْقُوصِینَ مُحْتَاجِینَ

ص: 60


1- فی العلل: متعالیا عن أن یری و یباشر. م.
2- فی المصدرین: لم یكن بدلهم. م.
3- فی العلل: اجتلاب منافعهم. م.
4- فی العلل: ذلك لو لم یكن لكان. م.
5- فی العلل لم نجد. م.
6- فی العیون: و لما لا بدّ لهم. م.
7- لیس فی العیون لفظة به. م.
8- فی العلل و یقیمون به. م.
9- فی العلل: اذ قد وجدنا. م.

غَیْرَ كَامِلِینَ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ وَ اخْتِلَافِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ أَنْحَائِهِمْ (1) فَلَوْ لَمْ یَجْعَلْ لَهُمْ قَیِّماً حَافِظاً (2) لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله لَفَسَدُوا عَلَی نَحْوِ مَا بَیَّنَّا وَ غُیِّرَتِ الشَّرَائِعُ وَ السُّنَنُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْإِیمَانُ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ فَإِنْ قِیلَ فَلِمَ لَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ فِی الْأَرْضِ إِمَامَانِ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قِیلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّ الْوَاحِدَ لَا یَخْتَلِفُ فِعْلُهُ وَ تَدْبِیرُهُ وَ الِاثْنَیْنِ لَا یَتَّفِقُ فِعْلُهُمَا وَ تَدْبِیرُهُمَا وَ ذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ اثْنَیْنِ إِلَّا مُخْتَلِفَیِ الْهَمِّ وَ الْإِرَادَةِ فَإِذَا كَانَا اثْنَیْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَمُّهُمَا وَ إِرَادَتُهُمَا وَ تَدْبِیرُهُمَا وَ كَانَا كِلَاهُمَا مُفْتَرِضَیِ الطَّاعَةِ لَمْ یَكُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَی بِالطَّاعَةِ مِنْ صَاحِبِهِ فَكَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْخَلْقِ وَ التَّشَاجُرُ وَ الْفَسَادُ ثُمَّ لَا یَكُونُ أَحَدٌ مُطِیعاً لِأَحَدِهِمَا إِلَّا وَ هُوَ عَاصٍ لِلْآخَرِ فَتَعُمُّ الْمَعْصِیَةُ أَهْلَ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا یَكُونُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ السَّبِیلُ إِلَی الطَّاعَةِ وَ الْإِیمَانِ وَ یَكُونُونَ إِنَّمَا أَتَوْا فِی ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الصَّانِعِ الَّذِی وَضَعَ لَهُمْ بَابَ الِاخْتِلَافِ(3) وَ التَّشَاجُرِ (4)إِذْ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِ الْمُخْتَلِفَیْنِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَا إِمَامَیْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَصْمَیْنِ أَنْ یَدْعُوَ (5) إِلَی غَیْرِ مَا یَدْعُو إِلَیْهِ صَاحِبُهُ فِی الْحُكُومَةِ ثُمَّ لَا یَكُونُ أَحَدُهُمَا أَوْلَی بِأَنْ یُتَّبَعَ مِنْ صَاحِبِهِ فَتَبْطُلُ الْحُقُوقُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْحُدُودُ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَا یَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْحُجَّتَیْنِ أَوْلَی بِالنُّطْقِ (6) وَ الْحُكْمِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ مِنَ الْآخَرِ فَإِذَا كَانَ هَذَا كَذَلِكَ وَجَبَ عَلَیْهِمَا أَنْ یَبْتَدِئَا بِالْكَلَامِ وَ لَیْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ یَسْبِقَ صَاحِبَهُ بِشَیْ ءٍ إِذَا كَانَا فِی الْإِمَامَةِ شِرْعاً وَاحِداً فَإِنْ جَازَ لِأَحَدِهِمَا السُّكُوتُ جَازَ (7) السُّكُوتُ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ إِذَا جَازَ لَهُمَا السُّكُوتُ بَطَلَتِ الْحُقُوقُ وَ الْأَحْكَامُ وَ عُطِّلَتِ الْحُدُودُ وَ صَارَتِ (8) النَّاسُ كَأَنَّهُمْ لَا إِمَامَ لَهُمْ

ص: 61


1- فی العلل: حالاتهم. م.
2- فی العلل: لم یجعل فیها حافظا. م.
3- فی العلل بعد ذلك: و سبب التشاجر اذ امرهم. م.
4- فی العیون بعد ذلك: و الفساد. م.
5- فی العلل: الی غیر الذی یدعو. م.
6- فی العلل: بالنظر. م.
7- فی العلل: جاز للآخر. م.
8- فی العلل: و حار صار خ ل الناس. م.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ غَیْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ علیه السلام قِیلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِمَامُ مُفْتَرَضَ الطَّاعَةِ لَمْ یَكُنْ بُدٌّ مِنْ دَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَیْهِ وَ یَتَمَیَّزُ بِهَا مِنْ غَیْرِهِ وَ هِیَ الْقَرَابَةُ الْمَشْهُورَةُ وَ الْوَصِیَّةُ الظَّاهِرَةُ لِیُعْرَفَ مِنْ غَیْرِهِ وَ یُهْتَدَی إِلَیْهِ بِعَیْنِهِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ فِی غَیْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ لَكَانَ قَدْ فَضَّلَ مَنْ لَیْسَ بِرَسُولٍ عَلَی الرُّسُلِ إِذْ جَعَلَ أَوْلَادَ الرُّسُلِ أَتْبَاعاً لِأَوْلَادِ أَعْدَائِهِ كَأَبِی جَهْلٍ وَ ابْنِ أَبِی مُعَیْطٍ لِأَنَّهُ قَدْ یَجُوزُ بِزَعْمِهِ أَنْ یَنْتَقِلَ ذَلِكَ فِی أَوْلَادِهِمْ إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِینَ فَیَصِیرَ أَوْلَادُ الرَّسُولِ تَابِعِینَ وَ أَوْلَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِهِ مَتْبُوعِینَ وَ كَانَ الرَّسُولُ أَوْلَی بِهَذِهِ الْفَضِیلَةِ مِنْ غَیْرِهِ وَ أَحَقَّ وَ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ إِذَا أَقَرُّوا لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَ أَذْعَنُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ لَمْ یَتَكَبَّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَنْ یَتَّبِعَ وُلْدَهُ وَ یُطِیعَ ذُرِّیَّتَهُ وَ لَمْ یَتَعَاظَمْ ذَلِكَ فِی أَنْفُسِ النَّاسِ وَ إِذَا كَانَ فِی غَیْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِی نَفْسِهِ أَنَّهُ أَوْلَی بِهِ مِنْ غَیْرِهِ وَ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرُ وَ لَمْ تَسْخَ (1) أَنْفُسُهُمْ بِالطَّاعَةِ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُمْ دُونَهُمْ فَكَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ دَاعِیَةٌ لَهُمْ إِلَی الْفَسَادِ وَ النِّفَاقِ وَ الِاخْتِلَافِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَیْهِمُ الْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَاحِدٌ أَحَدٌ قِیلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ یَجِبْ عَلَیْهِمُ الْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ لَجَازَ (2) أَنْ یَتَوَهَّمُوا مُدَبِّرَیْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ إِذَا جَازَ ذَلِكَ لَمْ یَهْتَدُوا إِلَی الصَّانِعِ لَهُمْ مِنْ غَیْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَانَ لَا یَدْرِی لَعَلَّهُ إِنَّمَا یَعْبُدُ غَیْرَ الَّذِی خَلَقَهُ وَ یُطِیعُ غَیْرَ الَّذِی أَمَرَهُ فَلَا یَكُونُونَ عَلَی حَقِیقَةٍ مِنْ صَانِعِهِمْ وَ خَالِقِهِمْ وَ لَا یَثْبُتُ عِنْدَهُمْ أَمْرُ آمِرٍ وَ لَا نَهْیُ نَاهٍ إِذْ لَا یَعْرِفُ الْآمِرَ بِعَیْنِهِ وَ لَا النَّاهِیَ مِنْ غَیْرِهِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ یَكُونَ اثْنَیْنِ لَمْ یَكُنْ أَحَدُ الشَّرِیكَیْنِ أَوْلَی بِأَنْ یُعْبَدَ وَ یُطَاعَ مِنَ الْآخَرِ وَ فِی إِجَازَةِ أَنْ یُطَاعَ ذَلِكَ الشَّرِیكُ إِجَازَةُ أَنْ لَا یُطَاعَ اللَّهُ وَ فِی أَنْ لَا یُطَاعَ (3)

ص: 62


1- فی العیون المطبوع و لم تسبح. م.
2- فی العلل: لو لم یجب ذلك علیهم لجاز لهم. م.
3- فی العیون: و فی اجازة ان لا یطاع اللّٰه. م.

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَ بِجَمِیعِ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِثْبَاتُ كُلِّ بَاطِلٍ وَ تَرْكُ كُلِّ حَقٍّ وَ تَحْلِیلُ كُلِّ حَرَامٍ وَ تَحْرِیمُ كُلِّ حَلَالٍ وَ الدُّخُولُ فِی كُلِّ مَعْصِیَةٍ وَ الْخُرُوجُ مِنْ كُلِّ طَاعَةٍ وَ إِبَاحَةُ كُلِّ فَسَادٍ وَ إِبْطَالٌ لِكُلِّ حَقٍّ (1) وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ یَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَجَازَ لِإِبْلِیسَ أَنْ یَدَّعِیَ أَنَّهُ ذَلِكَ الْآخَرُ حَتَّی یُضَادَّ اللَّهَ تَعَالَی فِی جَمِیعِ حُكْمِهِ وَ یَصْرِفَ الْعِبَادَ إِلَی نَفْسِهِ فَیَكُونُ فِی ذَلِكَ أَعْظَمُ الْكُفْرِ وَ أَشَدُّ النِّفَاقِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَیْهِمُ الْإِقْرَارُ لِلَّهِ بِأَنَّهُ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ قِیلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنْ یَكُونُوا قَاصِدِینَ نَحْوَهُ بِالْعِبَادَةِ وَ الطَّاعَةِ دُونَ غَیْرِهِ غَیْرَ مُشْتَبِهٍ عَلَیْهِمْ أَمْرُ رَبِّهِمْ وَ صَانِعِهِمْ وَ رَازِقِهِمْ(2) وَ مِنْهَا أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ یَعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ لَمْ یَدْرُوا لَعَلَّ رَبَّهُمْ وَ صَانِعَهُمْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ (3) الَّتِی نَصَبَتْهَا لَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النِّیرَانُ إِذَا كَانَ جَائِزاً أَنْ یَكُونَ عَلَیْهِمْ مُشَبَّهَةً (4) وَ كَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ الْفَسَادُ وَ تَرْكُ طَاعَاتِهِ كُلِّهَا وَ ارْتِكَابُ مَعَاصِیهِ كُلِّهَا عَلَی قَدْرِ مَا یَتَنَاهَی إِلَیْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ هَذِهِ الْأَرْبَابِ وَ أَمْرِهَا وَ نَهْیِهَا وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ یَجِبْ عَلَیْهِمْ أَنْ یَعْرِفُوا أَنْ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ لَجَازَ عِنْدَهُمْ أَنْ یَجْرِیَ عَلَیْهِ مَا یَجْرِی عَلَی الْمَخْلُوقِینَ مِنَ الْعَجْزِ وَ الْجَهْلِ وَ التَّغْیِیرِ وَ الزَّوَالِ وَ الْفَنَاءِ وَ الْكَذِبِ وَ الِاعْتِدَاءِ وَ مَنْ جَازَتْ عَلَیْهِ هَذِهِ الْأَشْیَاءُ لَمْ یُؤْمَنْ فَنَاؤُهُ وَ لَمْ یُوثَقْ بِعَدْلِهِ وَ لَمْ یُحَقَّقْ قَوْلُهُ وَ أَمْرُهُ وَ نَهْیُهُ وَ وَعْدُهُ وَ وَعِیدُهُ وَ ثَوَابُهُ وَ عِقَابُهُ وَ فِی ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ وَ إِبْطَالُ الرُّبُوبِیَّةِ فَإِنْ قَالَ لِمَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی الْعِبَادَ وَ نَهَاهُمْ قِیلَ لِأَنَّهُ لَا یَكُونُ بَقَاؤُهُمْ وَ صَلَاحُهُمْ إِلَّا بِالْأَمْرِ وَ النَّهْیِ وَ الْمَنْعِ عَنِ الْفَسَادِ وَ التَّغَاصُبِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ تَعَبَّدَهُمْ قِیلَ لِئَلَّا یَكُونُوا نَاسِینَ لِذِكْرِهِ وَ لَا تَارِكِینَ لِأَدَبِهِ وَ لَا لَاهِینَ عَنْ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ إِذْ كَانَ فِیهِ صَلَاحُهُمْ وَ قِوَامُهُمْ فَلَوْ تُرِكُوا بِغَیْرِ تَعَبُّدٍ لَطَالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ

ص: 63


1- فی المصدرین: و إبطال كل حق. م.
2- فی العیون بعد ذلك: بهذا الأصنام. م.
3- فی نسخة: لعل ربهم وضع لهم هذه الأصنام.
4- فی نسخة: مشبها.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ قِیلَ لِأَنَّ فِی الصَّلَاةِ الْإِقْرَارَ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ هُوَ صَلَاحٌ عَامٌّ لِأَنَّ فِیهِ خَلْعَ الْأَنْدَادِ وَ الْقِیَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ بِالذُّلِّ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ وَ طَلَبِ الْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ وَضْعَ الْجَبْهَةِ عَلَی الْأَرْضِ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ لِیَكُونَ الْعَبْدُ ذَاكِراً لِلَّهِ تَعَالَی غَیْرَ نَاسٍ لَهُ وَ یَكُونَ خَاشِعاً وَجِلًا مُتَذَلِّلًا طَالِباً رَاغِباً فِی الزِّیَادَةِ لِلدِّینِ وَ الدُّنْیَا مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الِانْزِجَارِ عَنِ الْفَسَادِ وَ صَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ لِئَلَّا یَنْسَی الْعَبْدُ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَیَبْطَرَ (1) وَ یَطْغَی وَ لِیَكُونَ فِی ذِكْرِ خَالِقِهِ وَ الْقِیَامِ بَیْنَ یَدَیْ رَبِّهِ زَاجِراً لَهُ عَنِ الْمَعَاصِی وَ حَاجِزاً وَ مَانِعاً عَنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْوُضُوءِ وَ بُدِئَ بِهِ قِیلَ لِأَنْ یَكُونَ الْعَبْدُ طَاهِراً إِذَا قَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ عِنْدَ مُنَاجَاتِهِ إِیَّاهُ مُطِیعاً لَهُ فِیمَا أَمَرَهُ نَقِیّاً مِنَ الْأَدْنَاسِ وَ النَّجَاسَةِ مَعَ مَا فِیهِ مِنْ ذَهَابِ الْكَسَلِ وَ طَرْدِ النُّعَاسِ وَ تَزْكِیَةِ الْفُؤَادِ لِلْقِیَامِ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ فَإِنْ قَالَ لِمَ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَی الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ وَ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ قِیلَ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ فَإِنَّمَا (2)یَنْكَشِفُ مِنْ جَوَارِحِهِ وَ یَظْهَرُ مَا وَجَبَ فِیهِ الْوُضُوءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِوَجْهِهِ یَسْجُدُ وَ یَخْضَعُ وَ بِیَدِهِ یَسْأَلُ وَ یَرْغَبُ وَ یَرْهَبُ وَ یَتَبَتَّلُ وَ یَنْسُكُ (3)وَ بِرَأْسِهِ یَسْتَقْبِلُ فِی رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ وَ بِرِجْلَیْهِ یَقُومُ وَ یَقْعُدُ

ص: 64


1- بطر یبطر بطرا: أخذته دهشة و حیرة عند هجوم النعمة. طغی بالنعمة أو عندها فصرفها إلی غیر وجهها. بطر الحق: تكبر عنه و لم یقبله.
2- فی العلل: قائما.
3- أصل الرغبة: السعة فی الشی ء یقال: رغب الشی ء: اتسع، و الرغبة و الرغب و الرغبی: السعة فی الإرادة، قال تعالی: وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً، قاله الراغب. و فی لسان العرب: الرغب بفتح الراء و ضمها و الرغب بفتح الراء و الغین و الرغبة، و الرغبوت، و الرغبی بفتح الراء و ضمها و الرغباء: الضراعة و المسألة، و فی حدیث الدعاء: رغبة و رهبة إلیك. و فیه أن الرهبة الخوف و الفزع. و قال الراغب: الرهبة و الرهب: مخافة مع تحرز و اضطراب. و التبتل: الانقطاع إلی اللّٰه فی العبادة و إخلاص النیة انقطاعا یختص به، و أصله من بتل الشی ء: قطعه و أبانه من غیره، و سمیت فاطمة علیها سلام اللّٰه البتول لانقطاعها إلی اللّٰه، و عن نساء زمانها و نساء الأمة عملا و حسبا و دینا. و النسك: العبادة و التطوع بقربة، و فی الحدیث الرغبة: تبسط یدیك و تظهر باطنهما، و الرهبة: تبسط یدیك تظهر ظهرهما. و التبتل: تحرك السبابة الیسری ترفعها فی السماء رسلا و تضعها؛ كل ذلك فی حال الدعاء و التضرع.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْغَسْلُ عَلَی الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ وَ جُعِلَ الْمَسْحُ عَلَی الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ لَمْ یُجْعَلْ ذَلِكَ غَسْلًا كُلُّهُ أَوْ مَسْحاً كُلُّهُ قِیلَ لِعِلَلٍ شَتَّی مِنْهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ الْعُظْمَی إِنَّمَا هِیَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ إِنَّمَا یَكُونُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ بِالْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ لَا بِالرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَا یُطِیقُونَ فِی كُلِّ وَقْتٍ غَسْلَ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ یَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ فِی الْبَرْدِ وَ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ وَ أَوْقَاتٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ أَخَفُّ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الْفَرَائِضُ عَلَی قَدْرِ أَقَلِّ النَّاسِ طَاقَةً مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ ثُمَّ عُمَّ فِیهَا الْقَوِیُّ وَ الضَّعِیفُ وَ مِنْهَا أَنَّ الرَّأْسَ وَ الرِّجْلَیْنِ لَیْسَا هُمَا فِی كُلِّ وَقْتٍ بَادِیَیْنِ ظَاهِرَیْنِ كَالْوَجْهِ وَ الْیَدَیْنِ لِمَوْضِعِ الْعِمَامَةِ وَ الْخُفَّیْنِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ مِنَ الطَّرَفَیْنِ خَاصَّةً وَ مِنَ النَّوْمِ دُونَ سَائِرِ الْأَشْیَاءِ قِیلَ لِأَنَّ الطَّرَفَیْنِ هُمَا طَرِیقُ النَّجَاسَةِ وَ لَیْسَ لِلْإِنْسَانِ طَرِیقٌ تُصِیبُهُ النَّجَاسَةُ مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا مِنْهُمَا فَأُمِرُوا بِالطَّهَارَةِ عِنْدَ مَا تُصِیبُهُمْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَّا النَّوْمُ فَإِنَّ النَّائِمَ (1)إِذَا غَلَبَ عَلَیْهِ النَّوْمُ یُفْتَحُ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْهُ وَ اسْتَرْخَی وَ كَانَ أَغْلَبُ الْأَشْیَاءِ عَلَیْهِ فِی الْخُرُوجِ مِنْهُ الرِّیحَ فَوَجَبَ عَلَیْهِ الْوُضُوءُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ یُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنْ هَذِهِ النَّجَاسَةِ كَمَا أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ قِیلَ لِأَنَّ هَذَا شَیْ ءٌ دَائِمٌ غَیْرُ مُمْكِنٍ لِلْخَلْقِ الِاغْتِسَالُ مِنْهُ كُلَّمَا یُصِیبُ ذَلِكَ وَ لا یُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ الْجَنَابَةُ لَیْسَ (2) هِیَ أَمْراً دَائِماً إِنَّمَا هِیَ شَهْوَةٌ یُصِیبُهَا إِذَا أَرَادَ وَ یُمْكِنُهُ تَعْجِیلُهَا وَ تَأْخِیرُهَا الْأَیَّامَ الثَّلَاثَةَ وَ الْأَقَلَّ وَ الْأَكْثَرَ وَ لَیْسَ ذَلِكَ هَكَذَا فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ یُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْخَلَاءِ وَ هُوَ أَنْجَسُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ أَقْذَرُ قِیلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْجَنَابَةَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ وَ هُوَ شَیْ ءٌ یَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ جَسَدِهِ وَ الْخَلَاءُ لَیْسَ هُوَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا هُوَ غِذَاءٌ یَدْخُلُ مِنْ بَابٍ وَ یَخْرُجُ مِنْ بَابٍ.

ص: 65


1- فی العیون: فلان النائم. م.
2- فی المصدرین لیست. م.

أقول: فی بعض نسخ علل الشرائع زیادة هی هذه.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَ الِاسْتِنْجَاءُ فَرْضاً قِیلَ لِأَنَّهُ لَا یَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ یَقُومَ بَیْنَ یَدَیِ الْجَبَّارِ وَ شَیْ ءٌ مِنْ ثِیَابِهِ وَ جَسَدِهِ نَجِسٌ.

قال مصنف هذا الكتاب غلط الفضل و ذلك لأن الاستنجاء به لیس بفرض و إنما هو سنة (1)رجعنا إلی كلام الفضل انتهی.

و لنرجع إلی المشترك بین الكتابین.

فَإِنْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَذَانِ لِمَ أُمِرُوا بِهِ قِیلَ لِعِلَلٍ كَثِیرَةٍ مِنْهَا أَنْ یَكُونَ تَذْكِیراً لِلسَّاهِی وَ تَنْبِیهاً لِلْغَافِلِ وَ تَعْرِیفاً لِمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ وَ اشْتَغَلَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ لِیَكُونَ ذَلِكَ دَاعِیاً إِلَی عِبَادَةِ الْخَالِقِ مُرَغِّباً فِیهَا مُقِرّاً لَهُ بِالتَّوْحِیدِ مُجَاهِراً بِالْإِیمَانِ مُعْلِناً بِالْإِسْلَامِ مُؤَذِّناً لِمَنْ نَسِیَهَا (2) وَ إِنَّمَا یُقَالُ مُؤَذِّنٌ لِأَنَّهُ یُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِیهِ بِالتَّكْبِیرِ قَبْلَ التَّسْبِیحِ وَ التَّهْلِیلِ وَ التَّحْمِیدِ (3) قِیلَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ یَبْدَأَ بِذِكْرِهِ وَ اسْمِهِ لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَی فِی التَّكْبِیرِ فِی أَوَّلِ الْحَرْفِ وَ فِی التَّسْبِیحِ وَ التَّهْلِیلِ وَ التَّحْمِیدِ اسْمُ اللَّهِ فِی آخِرِ الْحَرْفِ فَبُدِئَ بِالْحَرْفِ الَّذِی اسْمُ اللَّهِ فِی أَوَّلِهِ لَا فِی آخِرِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ مَثْنَی مَثْنَی قِیلَ لِأَنْ یَكُونَ مُكَرَّراً فِی آذَانِ الْمُسْتَمِعِینَ مُؤَكَّداً عَلَیْهِمْ إِنْ سَهَا أَحَدٌ عَنِ الْأَوَّلِ لَمْ یَسْهُ عَنِ الثَّانِی وَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَذَانُ مَثْنَی مَثْنَی فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّكْبِیرُ فِی أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعاً قِیلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَذَانِ إِنَّمَا یَبْدُو غَفْلَةً وَ لَیْسَ قَبْلَهُ كَلَامٌ یَتَنَبَّهُ الْمُسْتَمِعُ لَهُ فَجُعِلَ ذَلِكَ تَنْبِیهاً لِلْمُسْتَمِعِینَ لِمَا بَعْدَهُ فِی الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ بَعْدَ التَّكْبِیرِ شَهَادَتَیْنِ قِیلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْإِیمَانِ التَّوْحِیدُ وَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ الثَّانِیَ الْإِقْرَارُ بِالرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَ أَنَّ طَاعَتَهُمَا

ص: 66


1- الظاهر عدم ورود هذا الاشكال كما یأتی عن المصنّف قدّس سرّه فی البیان الآتی.
2- فی العلل: لمن یتناهی. م.
3- فی العیون و بعض نسخ الكتاب ذكر التهلیل فقط و كذا فیما یأتی بعده. م.

وَ مَعْرِفَتَهُمَا مَقْرُونَتَانِ وَ أَنَّ أَصْلَ الْإِیمَانِ إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ فَجَعَلَ شَهَادَتَیْنِ(1) فِی الْأَذَانِ كَمَا جَعَلَ فِی سَائِرِ الْحُقُوقِ شَهَادَتَیْنِ فَإِذَا أُقِرَّ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ أُقِرَّ لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ فَقَدْ أُقِرَّ بِجُمْلَةِ الْإِیمَانِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِیمَانِ إِنَّمَا هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ بَعْدَ الشَّهَادَتَیْنِ الدُّعَاءُ إِلَی الصَّلَاةِ قِیلَ لِأَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا وُضِعَ لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ إِلَی الصَّلَاةِ فَجُعِلَ النِّدَاءُ إِلَی الصَّلَاةِ فِی وَسَطِ الْأَذَانِ فَقَدَّمَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَهَا أَرْبَعاً التَّكْبِیرَتَیْنِ وَ الشَّهَادَتَیْنِ وَ أَخَّرَ بَعْدَهَا أَرْبَعاً یَدْعُو إِلَی الْفَلَاحِ حَثّاً عَلَی الْبِرِّ وَ الصَّلَاةِ ثُمَّ دَعَا إِلَی خَیْرِ الْعَمَلِ مُرَغِّباً فِیهَا وَ فِی عَمَلِهَا وَ فِی أَدَائِهَا ثُمَّ نَادَی بِالتَّكْبِیرِ وَ التَّهْلِیلِ لِیُتِمَّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً كَمَا أَتَمَّ قَبْلَهَا أَرْبَعاً وَ لِیَخْتِمَ كَلَامَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی كَمَا فَتَحَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی (2) فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ آخِرُهَا التَّهْلِیلَ وَ لَمْ یُجْعَلْ آخِرُهَا التَّكْبِیرَ كَمَا جُعِلَ فِی أَوَّلِهَا التَّكْبِیرُ قِیلَ لِأَنَّ التَّهْلِیلَ اسْمُ اللَّهِ فِی آخِرِهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یَخْتِمَ الْكَلَامَ بِاسْمِهِ كَمَا فَتَحَهُ بِاسْمِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ یُجْعَلْ بَدَلَ التَّهْلِیلِ التَّسْبِیحُ أَوِ التَّحْمِیدُ وَ اسْمُ اللَّهِ فِی آخِرِهِمَا-(3) قِیلَ لِأَنَّ التَّهْلِیلَ هُوَ إِقْرَارٌ لِلَّهِ تَعَالَی بِالتَّوْحِیدِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ هُوَ أَوَّلُ الْإِیمَانِ وَ أَعْظَمُ التَّسْبِیحِ وَ التَّحْمِیدِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِی الِاسْتِفْتَاحِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ الْقِیَامِ وَ الْقُعُودِ بِالتَّكْبِیرِ قِیلَ لِلْعِلَّةِ الَّتِی ذَكَرْنَاهَا فِی الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ الدُّعَاءَ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَ لِمَ جَعَلَ فِی الرَّكْعَةِ الثَّانِیَةِ الْقُنُوتَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قِیلَ لِأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ یَفْتَحَ قِیَامَهُ لِرَبِّهِ وَ عِبَادَتَهُ بِالتَّحْمِیدِ وَ التَّقْدِیسِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ یَخْتِمَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِیَكُونَ فِی الْقِیَامِ عِنْدَ الْقُنُوتِ طُولٌ (4)

ص: 67


1- فی العلل: فجعلت شهادتین شهادتین كما جعل اه. م.
2- فی العلل: بذكر اللّٰه و تحمیده تعالی كما فتحه بذكر اللّٰه و تحمیده تعالی. م.
3- فی العلل: فی آخر الحرف من هذین الحرفین. م.
4- فی العلل: بعض الطول. م.

فَأَحْرَی أَنْ یُدْرِكَ الْمُدْرِكُ الرُّكُوعَ فَلَا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ(1) فِی الْجَمَاعَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْقِرَاءَةِ فِی الصَّلَاةِ قِیلَ لِئَلَّا یَكُونَ الْقُرْآنُ مَهْجُوراً مُضَیَّعاً وَ لِیَكُونَ مَحْفُوظاً (2)فَلَا یَضْمَحِلَّ وَ لَا یُجْهَلَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ بِالْحَمْدِ فِی كُلِّ قِرَاءَةٍ دُونَ سَائِرِ السُّوَرِ قِیلَ لِأَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ (3)وَ الْكَلَامِ جُمِعَ فِیهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَیْرِ وَ الْحِكْمَةِ مَا جُمِعَ فِی سُورَةِ الْحَمْدِ وَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّمَا هُوَ أَدَاءٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی خَلْقِهِ مِنَ الشُّكْرِ وَ شُكْرٌ لِمَا وَفَّقَ عَبْدَهُ لِلْخَیْرِ رَبِّ الْعالَمِینَ تَمْجِیدٌ لَهُ وَ تَحْمِیدٌ وَ إِقْرَارٌ بِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الْمَالِكُ لَا غَیْرُهُ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ اسْتِعْطَافٌ وَ ذِكْرٌ لِآلَائِهِ وَ نَعْمَائِهِ (4)عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ إِقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمُجَازَاةِ وَ إِیجَابٌ لَهُ مُلْكَ الْآخِرَةِ كَمَا أَوْجَبَ لَهُ مُلْكَ الدُّنْیَا إِیَّاكَ نَعْبُدُ رَغْبَةٌ وَ تَقَرُّبٌ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِخْلَاصٌ بِالْعَمَلِ لَهُ دُونَ غَیْرِهِ وَ إِیَّاكَ نَسْتَعِینُ اسْتِزَادَةٌ مِنْ تَوْفِیقِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ اسْتِدَامَةٌ لِمَا أَنْعَمَ عَلَیْهِ وَ نَصَرَهُ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِیمَ اسْتِرْشَادٌ لِأَدَبِهِ وَ اعْتِصَامٌ بِحَبْلِهِ وَ اسْتِزَادَةٌ فِی الْمَعْرِفَةِ بِرَبِّهِ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ كِبْرِیَائِهِ صِراطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ تَوْكِیدٌ فِی السُّؤَالِ وَ الرَّغْبَةِ وَ ذِكْرٌ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَی أَوْلِیَائِهِ وَ رَغْبَةٌ فِی ذَلِكَ النِّعَمِ (5)غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ اسْتِعَاذَةٌ مِنْ أَنْ یَكُونَ مِنَ الْمُعَانِدِینَ الْكَافِرِینَ الْمُسْتَخِفِّینَ بِهِ وَ بِأَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ وَ لَا الضَّالِّینَ اعْتِصَامٌ مِنْ أَنْ یَكُونَ مِنَ الضَّالِّینَ الَّذِینَ ضَلُّوا عَنْ سَبِیلِهِ مِنْ غَیْرِ مَعْرِفَةٍ وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً فَقَدِ اجْتَمَعَ فِیهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَیْرِ وَ الْحِكْمَةِ فِی أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْیَا مَا لَا یَجْمَعُهُ شَیْ ءٌ مِنَ الْأَشْیَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْبِیحُ فِی الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ قِیلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنْ یَكُونَ

ص: 68


1- فی العلل: الركعتان. م.
2- فی العلل: بل یكون محفوظا مدروسا. م.
3- فی العیون: فی القرآن. م.
4- فی العلل: و ذكر لربه و نعمائه. م.
5- فی نسخة: تلك النعم. و فی العلل: مثل ذلك النعم.

الْعَبْدُ مَعَ خُضُوعِهِ وَ خُشُوعِهِ وَ تَعَبُّدِهِ وَ تَوَرُّعِهِ وَ اسْتِكَانَتِهِ وَ تَذَلُّلِهِ وَ تَوَاضُعِهِ وَ تَقَرُّبِهِ إِلَی رَبِّهِ مُقَدِّساً لَهُ مُمَجِّداً مُسَبِّحاً مُعَظِّماً (1) شَاكِراً لِخَالِقِهِ وَ رَازِقِهِ وَ لِیَسْتَعْمِلَ التَّسْبِیحَ وَ التَّحْمِیدَ كَمَا اسْتَعْمَلَ التَّكْبِیرَ وَ التَّهْلِیلَ وَ لِیَشْغَلَ قَلْبَهُ وَ ذِهْنَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَلَا یَذْهَبَ بِهِ الْفِكْرُ وَ الْأَمَانِیُّ إِلَی غَیْرِ اللَّهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَیْنِ وَ لِمَ زِیدَ عَلَی بَعْضِهَا رَكْعَةٌ وَ عَلَی بَعْضِهَا رَكْعَتَانِ وَ لَمْ یُزَدْ عَلَی بَعْضِهَا شَیْ ءٌ قِیلَ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هِیَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَإِذَا نَقَصَتْ(2) مِنْ وَاحِدٍ فَلَیْسَتْ هِیَ صَلَاةً فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْعِبَادَ لَا یُؤَدُّونَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِی لَا صَلَاةَ أَقَلُّ مِنْهَا بِكَمَالِهَا وَ تَمَامِهَا وَ الْإِقْبَالِ عَلَیْهَا فَقَرَنَ إِلَیْهَا رَكْعَةً لِیَتِمَّ بِالثَّانِیَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْأُولَی فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْعِبَادَ لَا یُؤَدُّونَ هَاتَیْنِ الرَّكْعَتَیْنِ بِتَمَامِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ كَمَالِهِ فَضَمَّ إِلَی الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ لِیَكُونَ فِیهِمَا تَمَامُ الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ یَكُونُ شُغُلُ النَّاسِ فِی وَقْتِهَا أَكْثَرَ لِلِانْصِرَافِ إِلَی الْأَوْطَانِ وَ الْأَكْلِ وَ الْوُضُوءِ وَ التَّهْیِئَةِ لِلْمَبِیتِ فَزَادَ فِیهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً لِیَكُونَ أَخَفَّ عَلَیْهِمْ وَ لِأَنْ تَصِیرَ رَكَعَاتُ الصَّلَاةِ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ فَرْداً ثُمَّ تَرَكَ الْغَدَاةَ عَلَی حَالِهَا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ فِی وَقْتِهَا أَكْثَرُ وَ الْمُبَادَرَةَ إِلَی الْحَوَائِجِ فِیهَا أَعَمُّ وَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ فِیهَا أَخْلَی مِنَ الْفِكْرِ لِقِلَّةِ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ بِاللَّیْلِ وَ لِقِلَّةِ الْأَخْذِ وَ الْإِعْطَاءِ فَالْإِنْسَانُ فِیهَا أَقْبَلُ عَلَی صَلَاتِهِ مِنْهُ فِی غَیْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ (3)الْفِكْرَ أَقَلُّ لِعَدَمِ الْعَمَلِ مِنَ اللَّیْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ (4)التَّكْبِیرُ فِی الِاسْتِفْتَاحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ قِیلَ (5)لِأَنَّ الْفَرْضَ

ص: 69


1- فی العیون: مطیعا. م.
2- فی العیون: فان انقضت. م.
3- فی العیون: لان الذكر قد تقدم العمل من اللیل. م.
4- فی العلل: فلم جعل فی الاستفتاح سبع تكبیرات؟ قیل انما جعل ذلك لان التكبیر فی الصلاة الأولی التی هی الأصل اه. م.
5- فی العیون و بعض نسخ الكتاب: قیل: إنّما جعل ذلك إلخ. م.

مِنْهَا وَاحِدٌ وَ سَائِرَهَا سُنَّةٌ وَ إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْبِیرَ فِی الرَّكْعَةِ الْأُولَی الَّتِی هِیَ الْأَصْلُ كُلَّهُ سَبْعُ تَكْبِیرَاتٍ تَكْبِیرَةِ الِاسْتِفْتَاحِ وَ تَكْبِیرَةِ الرُّكُوعِ وَ تَكْبِیرَتَیِ السُّجُودِ وَ تَكْبِیرَةٍ أَیْضاً لِلرُّكُوعِ وَ تَكْبِیرَتَیْنِ لِلسُّجُودِ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِنْسَانُ أَوَّلَ الصَّلَاةِ سَبْعَ تَكْبِیرَاتٍ فَقَدْ أَحْرَزَ التَّكْبِیرَ كُلَّهُ (1)فَإِنْ سَهَا فِی شَیْ ءٍ مِنْهَا أَوْ تَرَكَهَا لَمْ یَدْخُلْ عَلَیْهِ نَقْصٌ فِی صَلَاتِهِ.

أَقُولُ وَ فِی الْعِلَلِ كَمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ كَبَّرَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ سَبْعَ تَكْبِیرَاتٍ أَجْزَأَهُ وَ یُجْزِی تَكْبِیرَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إِنْ لَمْ یُكَبِّرْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ عَنْهُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا عَنَی بِذَلِكَ إِذَا تَرَكَهَا سَاهِیاً أَوْ نَاسِیاً.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ غَلِطَ الْفَضْلُ أَنَّ تَكْبِیرَةَ الِافْتِتَاحِ فَرِیضَةٌ وَ إِنَّمَا هِیَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ رَجَعْنَا إِلَی كَلَامِ الْفَضْلِ أَقُولُ رَجَعْنَا إِلَی الْمُشْتَرَكِ.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَیْنِ (2)قِیلَ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مِنْ فِعْلِ الْقِیَامِ وَ السُّجُودَ مِنْ فِعْلِ الْقُعُودِ وَ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَی النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقِیَامِ فَضُوعِفَ السُّجُودُ لِیَسْتَوِیَ بِالرُّكُوعِ فَلَا یَكُونَ بَیْنَهُمَا تَفَاوُتٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا هِیَ رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّشَهُّدُ بَعْدَ الرَّكْعَتَیْنِ قِیلَ لِأَنَّهُ كَمَا قُدِّمَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ الْأَذَانُ وَ الدُّعَاءُ وَ الْقِرَاءَةُ فَكَذَلِكَ أَیْضاً أُمِرَ (3)بَعْدَهَا بِالتَّشَهُّدِ وَ التَّحْمِیدِ وَ الدُّعَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْلِیمُ تَحْلِیلَ الصَّلَاةِ وَ لَمْ یُجْعَلْ بَدَلُهُ تَكْبِیراً أَوْ تَسْبِیحاً أَوْ ضَرْباً آخَرَ قِیلَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِی الدُّخُولِ فِی الصَّلَاةِ تَحْرِیمُ الْكَلَامِ لِلْمَخْلُوقِینَ وَ التَّوَجُّهُ إِلَی الْخَالِقِ كَانَ تَحْلِیلُهَا كَلَامَ الْمَخْلُوقِینَ وَ الِانْتِقَالَ عَنْهَا وَ ابْتِدَاءُ الْمَخْلُوقِینَ بِالْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّسْلِیمِ

ص: 70


1- فی العلل: فقد علم اجزاء التكبیر كله. م.
2- فی العلل: ركعة بركوع و سجدتین. م.
3- فی العلل: أخر. م.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الْقِرَاءَةُ فِی الرَّكْعَتَیْنِ الْأُولَیَیْنِ وَ التَّسْبِیحُ فِی الْأُخْرَیَیْنِ قِیلَ لِلْفَرْقِ بَیْنَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عِنْدِهِ وَ مَا فَرَضَهُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْجَمَاعَةُ قِیلَ لِأَنْ لَا یَكُونَ الْإِخْلَاصُ وَ التَّوْحِیدُ وَ الْإِسْلَامُ وَ الْعِبَادَةُ لِلَّهِ إِلَّا ظَاهِراً مَكْشُوفاً مَشْهُوداً لِأَنَّ فِی إِظْهَارِهِ حُجَّةً عَلَی أَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِیَكُونَ الْمُنَافِقُ الْمُسْتَخِفُّ مُؤَدِّیاً لِمَا أَقَرَّ بِهِ یُظْهِرُ الْإِسْلَامَ (1)وَ الْمُرَاقَبَةَ وَ لِتَكُونَ شَهَادَاتُ النَّاسِ بِالْإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ جَائِزَةً مُمْكِنَةً مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الْمُسَاعَدَةِ عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوَی وَ الزَّجْرِ عَنْ كَثِیرٍ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الْجَهْرُ فِی بَعْضِ الصَّلَاةِ وَ لَمْ یُجْعَلْ فِی بَعْضٍ قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِی یُجْهَرُ فِیهَا إِنَّمَا هِیَ صَلَوَاتٌ تُصَلَّی فِی أَوْقَاتٍ مُظْلِمَةٍ فَوَجَبَ أَنْ یُجْهَرَ فِیهَا لِأَنْ یَمُرَّ الْمَارُّ فَیَعْلَمَ أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ صَلَّی وَ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ یَرَ جَمَاعَةً تُصَلِّی سَمِعَ وَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ وَ الصَّلَاتَانِ اللَّتَانِ لَا یُجْهَرُ فِیهِمَا فَإِنَّهُمَا بِالنَّهَارِ وَ فِی أَوْقَاتٍ مُضِیئَةٍ فَهِیَ تُدْرَكُ مِنْ جِهَةِ الرُّؤْیَةِ فَلَا یَحْتَاجُ فِیهَا إِلَی السَّمَاعِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الصَّلَوَاتُ فِی هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَ لَمْ تُقَدَّمْ وَ لَمْ تُؤَخَّرْ قِیلَ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَشْهُورَةَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِی تَعُمُّ أَهْلَ الْأَرْضِ فَیَعْرِفُهَا الْجَاهِلُ وَ الْعَالِمُ أَرْبَعَةٌ غُرُوبُ الشَّمْسِ مَعْرُوفٌ (2)تَجِبُ عِنْدَهُ الْمَغْرِبُ وَ سُقُوطُ الشَّفَقِ مَشْهُورٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ وَ طُلُوعُ الْفَجْرِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْغَدَاةُ وَ زَوَالُ الشَّمْسِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الظُّهْرُ وَ لَمْ یَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَجُعِلَ وَقْتُهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِی قَبْلَهَا (3)وَ عِلَّةٌ أُخْرَی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ أَنْ

ص: 71


1- فی المصدرین: بظاهر الإسلام: م.
2- فی العلل: مشهور معرفتها. م.
3- الموجود فی العلل هكذا: و زوال الشمس و إیفاء الفی ء معلوم فوجب عنده الظهر، و لم یكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الأوقات الأربعة فجعل وقتها الفراغ من الصلاة التی قبلها إلی أن یصیر الظل من كل شی ء أربعة أضعافه انتهی. و الظاهر أن الجملة الأخیرة سقطت من قلم النسّاخ من المتن، لما أن المصنّف سیشیر فی شرحه للحدیث إلیها.

یَبْدَأَ النَّاسُ فِی كُلِّ عَمَلٍ أَوَّلًا بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَمَرَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَنْ یَبْدَءُوا بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ یَنْتَشِرُوا فِیمَا أَحَبُّوا مِنْ مَرَمَّةِ (1)دُنْیَاهُمْ فَأَوْجَبَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ عَلَیْهِمْ فَإِذَا كَانَ نِصْفُ النَّهَارِ وَ تَرَكُوا مَا كَانُوا فِیهِ مِنَ الشُّغُلِ (2)وَ هُوَ وَقْتٌ یَضَعُ النَّاسُ فِیهِ ثِیَابَهُمْ وَ یَسْتَرِیحُونَ وَ یَشْتَغِلُونَ بِطَعَامِهِمْ وَ قَیْلُولَتِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَبْدَءُوا أَوَّلًا بِذِكْرِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الظُّهْرَ ثُمَّ یَتَفَرَّغُوا لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا قَضَوْا وَطَرَهُمْ (3)وَ أَرَادُوا الِانْتِشَارَ فِی الْعَمَلِ لِآخِرِ النَّهَارِ بَدَءُوا أَیْضاً بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ صَارُوا إِلَی مَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْعَصْرَ ثُمَّ یَنْتَشِرُونَ فِیمَا شَاءُوا مِنْ مَرَمَّةِ دُنْیَاهُمْ فَإِذَا جَاءَ اللَّیْلُ وَ وَضَعُوا زِینَتَهُمْ وَ عَادُوا إِلَی أَوْطَانِهِمْ ابْتَدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ ثُمَّ یَتَفَرَّغُونَ (4)لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْمَغْرِبَ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ النَّوْمِ وَ فَرَغُوا مِمَّا كَانُوا بِهِ مُشْتَغِلِینَ أَحَبَّ أَنْ یَبْدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَتِهِ وَ طَاعَتِهِ ثُمَّ یَصِیرُونَ إِلَی مَا شَاءُوا أَنْ یَصِیرُوا إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ فَیَكُونُوا قَدْ بَدَءُوا فِی كُلِّ عَمَلٍ بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَیْهِمُ الْعَتَمَةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ یَنْسَوْهُ وَ لَمْ یَغْفُلُوا عَنْهُ وَ لَمْ تَقْسُ قُلُوبُهُمْ وَ لَمْ تَقِلَّ رَغْبَتُهُمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا لَمْ یَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ أَوْجَبَهَا بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَمْ یُوجِبْهَا بَیْنَ الْعَتَمَةِ وَ الْغَدَاةِ أَوْ بَیْنَ الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ قِیلَ لِأَنَّهُ لَیْسَ وَقْتٌ عَلَی النَّاسِ أَخَفَّ وَ لَا أَیْسَرَ وَ لَا أَحْرَی أَنْ یَعُمَّ فِیهِ الضَّعِیفَ (5)وَ الْقَوِیَّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ عَامَّتَهُمْ یَشْتَغِلُونَ فِی أَوَّلِ النَّهَارِ بِالتِّجَارَاتِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ الذَّهَابِ فِی الْحَوَائِجِ وَ إِقَامَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَرَادَ أَنْ لَا یَشْغَلَهُمْ عَنْ طَلَبِ مَعَاشِهِمْ وَ مَصْلَحَةِ دُنْیَاهُمْ وَ لَیْسَ یَقْدِرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَی قِیَامِ اللَّیْلِ وَ لَا یَشْعُرُونَ بِهِ (6)وَ لَا یَنْتَبِهُونَ لِوَقْتِهِ لَوْ كَانَ وَاجِباً وَ لَا یُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَی عَنْهُمْ وَ لَمْ یَجْعَلْهَا فِی أَشَدِّ الْأَوْقَاتِ عَلَیْهِمْ وَ لَكِنْ جَعَلَهَا فِی أَخَفِّ الْأَوْقَاتِ عَلَیْهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُرِیدُ اللَّهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُرِیدُ بِكُمُ الْعُسْرَ

ص: 72


1- فی العلل: من مئونة. م.
2- فی العلل: ما كانوا من شغل. م.
3- فی العلل: ظهرهم. م.
4- فی العلل: یتضرعون. م.
5- فی العلل: و لا اثر فیه للضعیف. م.
6- فی العلل و فی نسخة من الكتاب: و لا یشتغلون به. م.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ یُرْفَعُ الْیَدَانِ فِی التَّكْبِیرِ قِیلَ لِأَنَّ رَفْعَ الْیَدَیْنِ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الِابْتِهَالِ وَ التَّبَتُّلِ وَ التَّضَرُّعِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ (1)عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ الْعَبْدُ فِی وَقْتِ ذِكْرِهِ مُتَبَتِّلًا مُتَضَرِّعاً مُبْتَهِلًا وَ لِأَنَّ فِی وَقْتِ رَفْعِ الْیَدَیْنِ إِحْضَارَ النِّیَّةِ وَ إِقْبَالَ الْقَلْبِ عَلَی مَا قَالَ وَ قَصَدَ.

أقول فی العلل لأن الفرض من الذكر إنما هو الاستفتاح و كل سنة فإنما تؤدی علی جهة الفرض فلما أن كان فی الاستفتاح الذی هو الفرض رفع الیدین أحب أن یؤدوا السنة علی جهة ما یؤدون الفرض و لنرجع إلی المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَلَاةُ السُّنَّةِ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِینَ رَكْعَةً قِیلَ لِأَنَّ الْفَرِیضَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَجُعِلَتِ السُّنَّةُ مِثْلَیِ الْفَرِیضَةِ كَمَالًا لِلْفَرِیضَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَلَاةُ السُّنَّةِ فِی أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ لَمْ تُجْعَلْ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ قِیلَ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَوْقَاتِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ بِالْأَسْحَارِ فَأَحَبَّ (2)أَنْ یُصَلَّی لَهُ فِی كُلِّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ إِذَا فُرِّقَتِ السُّنَّةُ فِی أَوْقَاتٍ شَتَّی كَانَ أَدَاؤُهَا أَیْسَرَ وَ أَخَفَّ مِنْ أَنْ تُجْمَعَ كُلُّهَا فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَیْنِ وَ إِذَا كَانَتْ بِغَیْرِ إِمَامٍ رَكْعَتَیْنِ وَ رَكْعَتَیْنِ قِیلَ لِعِلَلٍ شَتَّی مِنْهَا أَنَّ النَّاسَ یَتَخَطَّوْنَ إِلَی الْجُمُعَةِ (3)مِنْ بُعْدٍ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْهُمْ لِمَوْضِعِ التَّعَبِ الَّذِی صَارُوا إِلَیْهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ یَحْبِسُهُمْ لِلْخُطْبَةِ وَ هُمْ مُنْتَظِرُونَ لِلصَّلَاةِ وَ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِی صَلَاةٍ (4)فِی حُكْمِ التَّمَامِ وَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَتَمُّ وَ أَكْمَلُ لِعِلْمِهِ وَ فِقْهِهِ وَ عَدْلِهِ وَ فَضْلِهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْجُمُعَةَ عِیدٌ وَ صَلَاةَ الْعِیدِ رَكْعَتَانِ وَ لَمْ تُقْصَرْ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَیْنِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ قِیلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَشْهَدٌ عَامٌّ فَأَرَادَ أَنْ یَكُونَ الْإِمَامُ سَبَباً لِمَوْعِظَتِهِمْ وَ تَرْغِیبِهِمْ فِی الطَّاعَةِ وَ تَرْهِیبِهِمْ مِنَ

ص: 73


1- فی المصدرین: فاحب اللّٰه. م.
2- فی العلل: فاوجب. م.
3- أی یتجاوزون و یتسابقون إلیها.
4- فی العلل: فی الصلاة. م.

الْمَعْصِیَةِ وَ تَوْفِیقِهِمْ عَلَی مَا أَرَادَ (1)مِنْ مَصْلَحَةِ دِینِهِمْ وَ دُنْیَاهُمْ وَ یُخْبِرُهُمْ بِمَا وَرَدَ عَلَیْهِمْ مِنَ الْآفَاتِ وَ مِنَ الْأَهْوَالِ الَّتِی لَهُمْ فِیهَا الْمَضَرَّةُ وَ الْمَنْفَعَةُ (2)فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ خُطْبَتَیْنِ قِیلَ لِأَنْ یَكُونَ وَاحِدَةٌ لِلثَّنَاءِ وَ التَّمْجِیدِ وَ التَّقْدِیسِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْأُخْرَی لِلْحَوَائِجِ وَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ الدُّعَاءِ وَ مَا یُرِیدُ أَنْ یُعَلِّمَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ مَا فِیهِ (3)الصَّلَاحُ وَ الْفَسَادُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَ جُعِلَتْ فِی الْعِیدَیْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قِیلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَمْرٌ دَائِمٌ وَ تَكُونُ فِی الشَّهْرِ مِرَاراً وَ فِی السَّنَةِ كَثِیراً (4)فَإِذَا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَی النَّاسِ مَلُّوا وَ تَرَكُوا وَ لَمْ یُقِیمُوا عَلَیْهِ وَ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَجُعِلَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِیُحْتَبَسُوا عَلَی الصَّلَاةِ وَ لَا یَتَفَرَّقُوا وَ لَا یَذْهَبُوا وَ أَمَّا الْعِیدَیْنِ فَإِنَّمَا هُوَ فِی السَّنَةِ مَرَّتَیْنِ (5)وَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَ الزِّحَامُ فِیهِ أَكْثَرُ وَ النَّاسُ فِیهِ أَرْغَبُ فَإِنْ تَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَقِیَ عَامَّتُهُمْ وَ لَیْسَ هُوَ بِكَثِیرٍ فَیَمَلُّوا وَ یَسْتَخِفُّوا بِهِ.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّٰه جاء هذا الخبر هكذا.

وَ الْخُطْبَتَانِ فِی الْجُمُعَةِ وَ الْعِیدَیْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَتَیْنِ الْأُخْرَاوَیْنِ (6)وَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَتَیْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ لَمْ یَكُنِ النَّاسُ یَقِفُونَ (7)عَلَی خُطْبَتِهِ وَ یَقُولُونَ مَا نَصْنَعُ بِمَوَاعِظِهِ وَ قَدْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْخُطْبَتَیْنِ لِیَقِفَ النَّاسُ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ (8)فَلَا یَتَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ یَكُونُ عَلَی فَرْسَخَیْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

ص: 74


1- فی العلل: أرادوا. م.
2- فی العلل بعد هذه العبارة: و لا یكون الصائر فی الصلاة منفصلا و لیس بفاعل غیره ممن یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة. م.
3- فی العیون: بما فیه. م.
4- و یكون فی الشهور و السنة كثیرا. م.
5- فی العیون: و اما العیدان فانما هو فی السنة مرتان. و هو الموافق للقواعد. م.
6- فی العیون: الأخیرتین. م.
7- فی العلل: لیقفوا. م.
8- لیس فی العلل بعد قوله: «للصلاة» شی ء. م.

قِیلَ لِأَنَّ مَا یُقَصَّرُ فِیهِ الصَّلَاةُ بَرِیدَانِ (1)ذَاهِباً أَوْ بَرِیدٌ ذَاهِباً وَ جَائِیاً وَ الْبَرِیدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَوَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَی مَنْ هُوَ عَلَی نِصْفِ الْبَرِیدِ الَّذِی یَجِبُ فِیهِ التَّقْصِیرُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یَجِی ءُ فَرْسَخَیْنِ(2) وَ یَذْهَبُ فَرْسَخَیْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ هُوَ نِصْفُ طَرِیقِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ زِیدَ فِی صَلَاةِ السُّنَّةِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قِیلَ تَعْظِیماً لِذَلِكَ الْیَوْمِ وَ تَفْرِقَةً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ سَائِرِ الْأَیَّامِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ قُصِّرَتِ الصَّلَاةُ فِی السَّفَرِ قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِیَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ السَّبْعُ إِنَّمَا زِیدَتْ فِیهَا (3)

بَعْدُ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ (4)تِلْكَ الزِّیَادَةَ لِمَوْضِعِ سَفَرِهِ (5)وَ تَعَبِهِ وَ نَصَبِهِ وَ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَ ظَعْنِهِ (6)وَ إِقَامَتِهِ لِئَلَّا یَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعِیشَتِهِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَعَطُّفاً عَلَیْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا لَمْ تُقَصَّرْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُقَصَّرَةٌ (7)فِی الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ یَجِبُ التَّقْصِیرُ فِی ثَمَانِیَةِ فَرَاسِخَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قِیلَ لِأَنَّ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ مَسِیرَةُ یَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَ الْقَوَافِلِ وَ الْأَثْقَالِ فَوَجَبَ التَّقْصِیرُ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ التَّقْصِیرُ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ (8)قِیلَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ یَجِبْ فِی مَسِیرَةِ یَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِی مَسِیرَةِ سَنَةٍ (9)وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ یَوْمٍ یَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ فَإِنَّمَا هُوَ نَظِیرُ هَذَا الْیَوْمِ فَلَوْ لَمْ یَجِبْ فِی هَذَا الْیَوْمِ لَمَا وَجَبَ فِی نَظِیرِهِ إِذَا كَانَ نَظِیرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَیْنَهُمَا فَإِنْ قَالَ قَدْ یَخْتَلِفُ السَّیْرُ (10)فَلِمَ جَعَلْتَ أَنْتَ (11)مَسِیرَةَ یَوْمٍ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ قِیلَ لِأَنَّ ثَمَانِیَةَ فَرَاسِخَ هِیَ مَسِیرُ الْجِمَالِ وَ الْقَوَافِلِ (12)وَ هُوَ السَّیْرُ الَّذِی یَسِیرُهُ الْجَمَّالُونَ وَ الْمُكَارُونَ

ص: 75


1- فی بریدان ذاهب وكذا فی الفقرة الاخری
2- فی المصدرین: علی فرسخین.
3- فی العیون: علیها. م.
4- فی العیون: عنهم. و فی العلل: فخفف اللّٰه تلك اه.
5- فی العیون: لموضع السفر. م.
6- الظعن: السیر و الترحال.
7- فی المصدرین: مقصورة. م.
8- فی العیون: فی مسیرة یوم لا أكثر. م.
9- فی العلل: مسیرة الف سنة. م.
10- فی العلل هاهنا زیادة و هی هذه: و ذلك ان سیر البقر إنّما هو أربعة، و سیر الفرس عشرین فرسخا.
11- فی العیون: جعلت مسیرة. م.
12- فی العلل بعد هذه الفقرة: و هو الغالب علی المسیر و هو أعظم السیر الذی یسیره الجمالون و المكارون. م.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ تُرِكَ (1)تَطَوُّعُ النَّهَارِ وَ لَا یُتْرَكُ تَطَوُّعُ اللَّیْلِ قِیلَ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَا تَقْصِیرَ فِیهَا فَلَا تَقْصِیرَ فِی تَطَوُّعِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تَقْصِیرَ (2)فِیهَا فَلَا تَقْصِیرَ فِیمَا بَعْدَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ وَ كَذَلِكَ الْغَدَاةُ لَا تَقْصِیرَ فِیمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنْ قَالَ فَمَا بَالُ الْعَتَمَةِ مُقَصَّرَةٌ وَ لَیْسَ تُتْرَكُ رَكْعَتَاهَا قِیلَ إِنَّ تِلْكَ الرَّكْعَتَیْنِ لَیْسَتَا مِنَ الْخَمْسِینَ وَ إِنَّمَا هِیَ زِیَادَةٌ فِی الْخَمْسِینَ تَطَوُّعاً لِیُتِمَّ بِهَا بَدَلَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِیضَةِ رَكْعَتَیْنِ مِنَ النَّوَافِلِ (3)فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَازَ لِلْمُسَافِرِ وَ الْمَرِیضِ أَنْ یُصَلِّیَا صَلَاةَ اللَّیْلِ فِی أَوَّلِ اللَّیْلِ قِیلَ لِاشْتِغَالِهِ وَ ضَعْفِهِ لِیُحْرِزَ صَلَاتَهُ فَیَسْتَرِیحَ (4)الْمَرِیضُ فِی وَقْتِ رَاحَتِهِ وَ یَشْتَغِلَ الْمُسَافِرُ بِأَشْغَالِهِ وَ ارْتِحَالِهِ وَ سَفَرِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ عَلَی الْمَیِّتِ قِیلَ لِیَشْفَعُوا لَهُ وَ یَدْعُوا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ فِی وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَحْوَجَ إِلَی الشَّفَاعَةِ فِیهِ وَ الطَّلَبِ (5)وَ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ دُونَ أَنْ یُكَبَّرَ أَرْبَعاً أَوْ سِتّاً (6)قِیلَ إِنَّ الْخَمْسَ إِنَّمَا أُخِذَتْ مِنَ الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ.

أقول فی العلل و ذلك أنه لیس فی الصلاة تكبیرة مفروضة إلا تكبیرة الافتتاح فجمعت التكبیرات المفروضات فی الیوم و اللیلة فجعلت صلاة علی المیت و لنرجع علی [إلی المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ یَكُنْ فِیهَا رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ قِیلَ لِأَنَّهُ (7)إِنَّمَا یُرِیدُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الشَّفَاعَةَ لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِی قَدْ تَخَلَّی مِمَّا خَلَّفَ (8)وَ احْتَاجَ إِلَی مَا قَدَّمَ

ص: 76


1- فی العلل: ترك فی السفر. م.
2- فی العلل: لا تقصر و كذا فی الفقرتین الأخراوین. م.
3- فی المصدرین: من التطوع. م.
4- فی العلل: فیشرع م.
5- فی العلل: و الدعاء. م.
6- فی العلل: دون ان تصیر اربعا أو ستا. م.
7- فی العلل هاهنا زیادة و هی قوله: لم یكن یرید بهذه الصلاة التذلل و الخضوع إنّما أرید بها الشفاعة.
8- فی المصدرین عما خلف. م.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ بِغُسْلِ الْمَیِّتِ قِیلَ لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ كَانَ الْغَالِبُ عَلَیْهِ النَّجَاسَةَ وَ الْآفَةَ وَ الْأَذَی فَأَحَبَّ أَنْ یَكُونَ طَاهِراً إِذَا بَاشَرَ أَهْلَ الطَّهَارَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ یَلُونَهُ وَ یُمَاسُّونَهُ فِیمَا بَیْنَهُمْ نَظِیفاً مُوَجَّهاً بِهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (1)وَ لَیْسَ مِنْ مَیِّتٍ یَمُوتُ إِلَّا خَرَجَتْ مِنْهُ الْجَنَابَةُ فَلِذَلِكَ أَیْضاً وَجَبَ الْغُسْلُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِكَفْنِ الْمَیِّتِ قِیلَ لِیَلْقَی رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ طَاهِرَ الْجَسَدِ وَ لِئَلَّا تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ لِمَنْ یَحْمِلُهُ وَ یَدْفِنُهُ وَ لِئَلَّا یَظْهَرَ النَّاسُ عَلَی بَعْضِ حَالِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ (2)وَ لِئَلَّا یَقْسُوَ الْقَلْبُ مِنْ كَثْرَةِ النَّظَرِ إِلَی مِثْلِ ذَلِكَ لِلْعَاهَةِ وَ الْفَسَادِ وَ لِیَكُونَ أَطْیَبَ لِأَنْفُسِ الْأَحْیَاءِ وَ لِئَلَّا یُبْغِضَهُ حَمِیمٌ فَیُلْقِیَ ذِكْرَهُ وَ مَوَدَّتَهُ فَلَا یَحْفَظَهُ فِیمَا خَلَّفَ وَ أَوْصَاهُ وَ أَمَرَ بِهِ وَ أَحَبَّ (3)فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِدَفْنِهِ قِیلَ لِئَلَّا یَظْهَرَ النَّاسُ عَلَی فَسَادِ جَسَدِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ وَ تَغَیُّرِ رِیحِهِ وَ لَا یَتَأَذَّی بِهِ الْأَحْیَاءُ بِرِیحِهِ وَ بِمَا یَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنَ الْآفَةِ (4)وَ الْفَسَادِ وَ لِیَكُونَ مَسْتُوراً عَنِ الْأَوْلِیَاءِ وَ الْأَعْدَاءِ فَلَا یَشْمَتَ عَدُوٌّ وَ لَا یَحْزَنَ صَدِیقٌ (5)فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ مَنْ یَغْسِلُهُ بِالْغُسْلِ قِیلَ لِعِلَّةِ الطَّهَارَةِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ نَضْحِ الْمَیِّتِ لِأَنَّ الْمَیِّتَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الرُّوحُ بَقِیَ مِنْهُ أَكْثَرُ آفَتِهِ (6)فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ یَجِبِ الْغُسْلُ عَلَی مَنْ مَسَّ شَیْئاً مِنَ الْأَمْوَاتِ غَیْرِ الْإِنْسَانِ كَالطَّیْرِ وَ الْبَهَائِمِ وَ السِّبَاعِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ قِیلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ كُلَّهَا مُلَبَّسَةٌ رِیشاً وَ صُوفاً وَ شَعَراً وَ وَبَراً وَ هَذَا كُلُّهُ ذَكِیٌّ (7)وَ لَا یَمُوتُ وَ إِنَّمَا یُمَاسُّ مِنْهُ الشَّیْ ءُ الَّذِی هُوَ ذَكِیٌّ مِنَ الْحَیِّ وَ الْمَیِّتِ.

ص: 77


1- فی العلل هكذا: و قد روی عن بعض الأئمّة علیهم السلام أنّه قال: لیس من میت إلخ.
2- فی العیون بعد هذه الفقرة: و تغیر ریحه. م.
3- قد اضطربت النسخ فی هذه الجملة ففی العیون: و امر به واجبا كان او ندبا. و فی العلل: امر به واجب. و فی بعض نسخ الكتاب: امر به بواجب. م.
4- فی العلل بعد قوله الآفة: و الدنس. م.
5- فی العیون: فلا یشمت عدوه و لا یحزن صدیقه. م.
6- فی العلل هنا زیادة و هی هذه: و لئلا یلهج الناس به و بمماسته، إذ قد غلبت علیه علة النجاسة و الآفة.
7- فی العیون: ذكی طاهر. م.

أقول: فِی الْعِلَلِ الَّذِی قَدْ أُلْبِسَهُ وَ عَلَاهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَوَّزْتُمُ الصَّلَاةَ عَلَی الْمَیِّتِ بِغَیْرِ وُضُوءٍ قِیلَ لِأَنَّهُ لَیْسَ فِیهَا رُكُوعٌ وَ لَا سُجُودٌ وَ إِنَّمَا هِیَ دُعَاءٌ وَ مَسْأَلَةٌ وَ قَدْ یَجُوزُ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَسْأَلَهُ عَلَی أَیِّ حَالٍ كُنْتَ وَ إِنَّمَا یَجِبُ الْوُضُوءُ فِی الصَّلَاةِ الَّتِی فِیهَا رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ (1)و لنرجع إلی المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَوَّزْتُمُ الصَّلَاةَ عَلَیْهِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَ بَعْدَ الْفَجْرِ قِیلَ لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِی وَقْتِ الْحُضُورِ وَ الْعِلَّةِ وَ لَیْسَتْ هِیَ مُوَقَّتَةً كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَ إِنَّمَا هِیَ صَلَاةٌ تَجِبُ فِی وَقْتِ حُدُوثِ الْحَدَثِ لَیْسَ لِلْإِنْسَانِ فِیهِ اخْتِیَارٌ وَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ یُؤَدَّی وَ جَائِزٌ أَنْ یُؤَدَّی الْحُقُوقُ فِی أَیِّ وَقْتٍ كَانَ إِذَا لَمْ یَكُنِ الْحَقُّ مُوَقَّتاً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ لِلْكُسُوفِ صَلَاةٌ قِیلَ لِأَنَّهُ آیَةٌ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یُدْرَی أَ لِرَحْمَةٍ ظَهَرَتْ أَمْ لِعَذَابٍ فَأَحَبَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَفْزَعَ أُمَّتُهُ إِلَی خَالِقِهَا وَ رَاحِمِهَا عِنْدَ ذَلِكَ لِیَصْرِفَ عَنْهُمْ شَرَّهَا وَ یَقِیَهُمْ مَكْرُوهَهَا كَمَا صَرَفَ عَنْ قَوْمِ یُونُسَ حِینَ تَضَرَّعُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ عَشْرَ رَكَعَاتٍ قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِی نَزَلَ فَرْضُهَا مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ أَوَّلًا فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ فَإِنَّمَا هِیَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَجُمِعَتْ تِلْكَ الرَّكَعَاتُ هَاهُنَا وَ إِنَّمَا جُعِلَ فِیهَا السُّجُودُ لِأَنَّهُ لَا یَكُونُ صَلَاةٌ فِیهَا رُكُوعٌ إِلَّا وَ فِیهَا سُجُودٌ وَ لِأَنْ یَخْتِمُوا صَلَاتَهُمْ أَیْضاً بِالسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ (2)وَ إِنَّمَا جُعِلَتْ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ نَقَصَ سُجُودُهَا مِنْ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ لَا تَكُونُ صَلَاةً لِأَنَّ أَقَلَّ الْفَرْضِ مِنَ السُّجُودِ فِی الصَّلَاةِ لَا یَكُونُ إِلَّا عَلَی أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ یُجْعَلْ بَدَلُ الرُّكُوعِ سُجُوداً قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ قَائِماً أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ قَاعِداً وَ لِأَنَّ الْقَائِمَ یَرَی الْكُسُوفَ وَ الِانْجِلَاءَ وَ السَّاجِدُ لَا یَرَی فَإِنْ قَالَ فَلِمَ غُیِّرَتْ عَنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ الَّتِی افْتَرَضَهَا اللَّهُ قِیلَ لِأَنَّهُ صَلَّی لِعِلَّةِ

ص: 78


1- ظاهر العبارة ان قوله: الذی قد البسه إلی قوله: ركوع و سجود مختص بالعلل و لیس فی العیون؛ و لكن فی العیون المطبوع لم یسقط شی ء غیر قوله: الذی قد البسه و علاه. م.
2- فی العلل: بالسجود و الخضوع و الخشوع. م.

تَغَیُّرِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَ هُوَ الْكُسُوفُ فَلَمَّا تَغَیَّرَتِ الْعِلَّةُ تَغَیَّرَ الْمَعْلُولُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ یَوْمُ الْفِطْرِ الْعِیدَ قِیلَ لِأَنْ یَكُونَ لِلْمُسْلِمِینَ مَجْمَعاً یَجْتَمِعُونَ فِیهِ وَ یَبْرُزُونَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَحْمَدُونَهُ عَلَی مَا مَنَّ عَلَیْهِمْ فَیَكُونَ یَوْمَ عِیدٍ وَ یَوْمَ اجْتِمَاعٍ وَ یَوْمَ فِطْرٍ وَ یَوْمَ زَكَاةٍ وَ یَوْمَ رَغْبَةٍ وَ یَوْمَ تَضَرُّعٍ وَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ یَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ یَحِلُّ فِیهِ الْأَكْلُ وَ الشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ مَجْمَعٌ یَحْمَدُونَهُ فِیهِ وَ یُقَدِّسُونَهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّكْبِیرُ فِیهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فِی غَیْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ قِیلَ لِأَنَّ التَّكْبِیرَ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِیمٌ لِلَّهِ وَ تَمْجِیدٌ عَلَی مَا هَدَی وَ عَافَی كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ (1)وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلی ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ فِیهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِیرَةً قِیلَ لِأَنَّهُ یَكُونُ فِی رَكْعَتَیْنِ (2)اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِیرَةً فَلِذَلِكَ جُعِلَ فِیهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِیرَةً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ سَبْعٌ فِی الْأُولَی وَ خَمْسٌ فِی الْآخِرَةِ (3)وَ لَمْ یُسَوَّ بَیْنَهُمَا قِیلَ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِی صَلَاةِ الْفَرِیضَةِ أَنْ یُسْتَفْتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِیرَاتٍ فَلِذَلِكَ بُدِئَ هَاهُنَا بِسَبْعِ تَكْبِیرَاتٍ وَ جُعِلَ فِی الثَّانِیَةِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ لِأَنَّ التَّحْرِیمَ مِنَ التَّكْبِیرِ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ خَمْسُ تَكْبِیرَاتٍ وَ لِیَكُونَ التَّكْبِیرُ فِی الرَّكْعَتَیْنِ جَمِیعاً وَتْراً وَتْراً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّوْمِ قِیلَ لِكَیْ یَعْرِفُوا أَلَمَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ فَیَسْتَدِلُّوا (4)عَلَی فَقْرِ الْآخِرَةِ وَ لِیَكُونَ الصَّائِمُ خَاشِعاً ذَلِیلًا مُسْتَكِیناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً عَارِفاً صَابِراً لِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ فَیَسْتَوْجِبَ الثَّوَابَ مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الِانْكِسَارِ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ لِیَكُونَ ذَلِكَ وَاعِظاً لَهُمْ فِی الْعَاجِلِ وَ رَائِضاً لَهُمْ عَلَی أَدَاءِ

ص: 79


1- لیست هذه الجملة موجودة فی العلل.
2- فی العلل: الركعتین، و فی العیون: كل ركعتین. م.
3- فی العلل: فی الأولی سبع و خمس فی الثانیة؛ و فی العیون: سبع تكبیرات فی الأولی و خمس فی الثانیة. م.
4- فی العلل: و یستدلوا؛ و فی العیون: فلیستدلوا. م.

مَا كَلَّفَهُمْ وَ دَلِیلًا (1)فِی الْآجِلِ وَ لِیَعْرِفُوا شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ عَلَی أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِی الدُّنْیَا فَیُؤَدُّوا إِلَیْهِمْ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُمْ فِی أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ قَالَ لِمَ جُعِلَ الصَّوْمُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الشُّهُورِ قِیلَ لِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ الْقُرْآنَ وَ فِیهِ فَرَّقَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدیً لِلنَّاسِ وَ بَیِّناتٍ مِنَ الْهُدی وَ الْفُرْقانِ وَ فِیهِ نُبِّئَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِیهِ لَیْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَ فِیها یُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِیمٍ وَ هِیَ رَأْسُ السَّنَةِ یُقَدَّرُ فِیهَا مَا یَكُونُ فِی السَّنَةِ مِنْ خَیْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ مَضَرَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ أَجَلٍ وَ لِذَلِكَ سُمِّیَتْ لَیْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قِیلَ لِأَنَّهُ قُوَّةُ الْعِبَادِ الَّتِی یُعَمُّ فِیهَا الْقَوِیُّ وَ الضَّعِیفُ وَ إِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَی الْفَرَائِضَ عَلَی أَغْلَبِ الْأَشْیَاءِ وَ أَعَمِّ الْقُوَی (2)ثُمَّ رَخَّصَ لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ رَغَّبَ أَهْلَ الْقُوَّةِ فِی الْفَضْلِ وَ لَوْ كَانُوا یَصْلُحُونَ عَلَی أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَنَقَصَهُمْ وَ لَوِ احْتَاجُوا إِلَی أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَزَادَهُمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَا تَصُومُ وَ لَا تُصَلِّی قِیلَ لِأَنَّهَا فِی حَدِّ النَّجَاسَةِ فَأَحَبَّ أَنْ لَا تَعْبُدَ إِلَّا طَاهِراً (3)وَ لِأَنَّهُ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَتْ تَقْضِی الصِّیَامَ (4)وَ لَا تَقْضِی الصَّلَاةَ قِیلَ لِعِلَلٍ شَتَّی فَمِنْهَا أَنَّ الصِّیَامَ لَا یَمْنَعُهَا مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهَا وَ خِدْمَةِ زَوْجِهَا وَ إِصْلَاحِ بَیْتِهَا وَ الْقِیَامِ بِأُمُورِهَا (5)وَ الِاشْتِغَالِ بِمَرَمَّةِ مَعِیشَتِهَا وَ الصَّلَاةُ تَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ مِرَاراً فَلَا تَقْوَی عَلَی ذَلِكَ وَ الصَّوْمُ لَیْسَ كَذَلِكَ وَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ فِیهَا عَنَاءٌ وَ تَعَبٌ وَ اشْتِغَالُ الْأَرْكَانِ وَ لَیْسَ فِی الصَّوْمِ شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ لَیْسَ فِیهِ اشْتِغَالُ الْأَرْكَانِ

ص: 80


1- فی المصدرین: و دلیلا لهم. م.
2- فی نسخة: القوم.
3- فی العلل: فاحب ان لا یتعبد إلّا طاهرة؛ و فی العیون: فاحب اللّٰه أن لا تعبده إلّا طاهرا. م.
4- فی العیون: الصوم. م.
5- فی العیون: بامرها. م.

وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ وَقْتٍ یَجِی ءُ إِلَّا تَجِبُ عَلَیْهَا فِیهِ صَلَاةٌ جَدِیدَةٌ فِی یَوْمِهَا وَ لَیْلَتِهَا وَ لَیْسَ الصَّوْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَیْسَ كُلَّمَا حَدَثَ یَوْمٌ وَجَبَ عَلَیْهَا الصَّوْمُ وَ كُلَّمَا حَدَثَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَیْهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ أَوْ سَافَرَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ یَخْرُجْ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ لَمْ یُفِقْ مِنْ مَرَضِهِ حَتَّی یَدْخُلَ عَلَیْهِ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ وَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ لِلْأَوَّلِ وَ سَقَطَ الْقَضَاءُ فَإِذَا أَفَاقَ بَیْنَهُمَا أَوْ أَقَامَ وَ لَمْ یَقْضِهِ وَجَبَ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ وَ الْفِدَاءُ قِیلَ لِأَنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ إِنَّمَا وَجَبَ عَلَیْهِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ فِی ذَلِكَ الشَّهْرِ فَأَمَّا الَّذِی لَمْ یُفِقْ فَإِنَّهُ لَمَّا أَنْ مَرَّ (1)عَلَیْهِ السَّنَةُ كُلُّهَا وَ قَدْ غَلَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَلَمْ یَجْعَلْ لَهُ السَّبِیلَ إِلَی أَدَائِهِ سَقَطَ عَنْهُ وَ كَذَلِكَ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِ مِثْلَ الْمُغْمَی الَّذِی یُغْمَی عَلَیْهِ یَوْماً وَ لَیْلَةً فَلَا یَجِبُ عَلَیْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَی الْعَبْدِ فَهُوَ أَعْذَرُ لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ الشَّهْرَ وَ هُوَ مَرِیضٌ فَلَمْ یَجِبْ عَلَیْهِ الصَّوْمُ فِی شَهْرِهِ وَ لَا سَنَتِهِ لِلْمَرَضِ الَّذِی كَانَ فِیهِ وَ وَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَیْهِ صَوْمٌ فَلَمْ یَسْتَطِعْ أَدَاءَهُ فَوَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ ... فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْكِیناً وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَفِدْیَةٌ مِنْ صِیامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَأَقَامَ الصَّدَقَةَ مَقَامَ الصِّیَامِ إِذَا عَسُرَ عَلَیْهِ فَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ یَسْتَطِعْ إِذْ ذَاكَ فَهُوَ الْآنَ یَسْتَطِیعُ قِیلَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَیْهِ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ وَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ لِلْمَاضِی لِأَنَّهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَیْهِ صَوْمٌ فِی كَفَّارَةٍ فَلَمْ یَسْتَطِعْهُ فَوَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ وَ إِذَا وَجَبَ الْفِدَاءُ سَقَطَ الصَّوْمُ وَ الصَّوْمُ سَاقِطٌ وَ الْفِدَاءُ لَازِمٌ فَإِنْ أَفَاقَ فِیمَا بَیْنَهُمَا وَ لَمْ یَصُمْهُ وَجَبَ عَلَیْهِ الْفِدَاءُ لِتَضْیِیعِهِ وَ الصَّوْمُ لِاسْتِطَاعَتِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَوْمُ السُّنَّةِ قِیلَ لِیَكْمُلَ بِهِ صَوْمُ الْفَرْضِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ فِی كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ فِی كُلِّ عَشَرَةِ أَیَّامٍ یَوْماً قِیلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فَمَنْ صَامَ فِی كُلِ

ص: 81


1- فی العیون: مرت. م.

عَشَرَةِ أَیَّامٍ یَوْماً فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ كَمَا قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فِی الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ فَمَنْ وَجَدَ شَیْئاً غَیْرَ الدَّهْرِ فَلْیَصُمْهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَوَّلَ خَمِیسٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَ آخِرَ خَمِیسٍ مِنَ الْعَشْرِ الْآخِرِ وَ أَرْبِعَاءَ فِی الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ قِیلَ أَمَّا الْخَمِیسُ فَإِنَّهُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یُعْرَضُ كُلَّ خَمِیسٍ أَعْمَالُ الْعِبَادِ إِلَی اللَّهِ (1)فَأَحَبَّ أَنْ یُعْرَضَ عَمَلُ الْعَبْدِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ هُوَ صَائِمٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ آخِرَ خَمِیسٍ قِیلَ لِأَنَّهُ إِذَا عُرِضَ عَمَلُ ثَمَانِیَةِ أَیَّامٍ وَ الْعَبْدُ صَائِمٌ كَانَ أَشْرَفَ وَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ یُعْرَضَ عَمَلُ یَوْمَیْنِ وَ هُوَ صَائِمٌ وَ إِنَّمَا جُعِلَ أَرْبِعَاءُ فِی الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ لِأَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النَّارَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ فِیهِ أَهْلَكَ اللَّهُ الْقُرُونَ الْأُولَی وَ هُوَ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فَأَحَبَّ أَنْ یَدْفَعَ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ نَحْسَ ذَلِكَ الْیَوْمِ بِصَوْمِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ فِی الْكَفَّارَةِ عَلَی مَنْ لَمْ یَجِدْ تَحْرِیرَ رَقَبَةٍ الصِّیَامُ دُونَ الْحَجِّ وَ الصَّلَاةِ وَ غَیْرِهِمَا قِیلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَ الْحَجَّ وَ سَائِرَ الْفَرَائِضِ مَانِعَةٌ لِلْإِنْسَانِ مِنَ التَّقَلُّبِ فِی أَمْرِ دُنْیَاهُ وَ مَصْلَحَةِ مَعِیشَتِهِ مَعَ تِلْكَ الْعِلَلِ الَّتِی ذَكَرْنَاهَا فِی الْحَائِضِ الَّتِی تَقْضِی الصِّیَامَ وَ لَا تَقْضِی الصَّلَاةَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَیْهِ صَوْمُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ دُونَ أَنْ یَجِبَ عَلَیْهِ شَهْرٌ وَاحِدٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قِیلَ لِأَنَّ الْفَرْضَ الَّذِی فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْخَلْقِ هُوَ شَهْرٌ وَاحِدٌ فَضُوعِفَ هَذَا الشَّهْرُ فِی الْكَفَّارَةِ (2)تَوْكِیداً وَ تَغْلِیظاً عَلَیْهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ مُتَتَابِعَیْنِ قِیلَ لِئَلَّا یَهُونَ عَلَیْهِ الْأَدَاءُ فَیَسْتَخِفَّ بِهِ لِأَنَّهُ إِذَا قَضَاهُ مُتَفَرِّقاً هَانَ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ بِالْحَجِّ قِیلَ لِعِلَّةِ الْوِفَادَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَلَبِ الزِّیَادَةِ وَ الْخُرُوجِ مِنْ كُلِّ مَا اقْتَرَفَ الْعَبْدُ تَائِباً مِمَّا مَضَی مُسْتَأْنِفاً لِمَا یَسْتَقْبِلُ مَعَ

ص: 82


1- فی نسخة: علی اللّٰه.
2- فی العیون: فی كفّارته. م.

مَا فِیهِ مِنْ إِخْرَاجِ الْأَمْوَالِ وَ تَعَبِ الْأَبْدَانِ وَ الِاشْتِغَالِ عَنِ الْأَهْلِ وَ الْوَلَدِ وَ حَظْرِ الْأَنْفُسِ عَنِ اللَّذَّاتِ شَاخِصاً فِی الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ ثَابِتاً ذَلِكَ عَلَیْهِ دَائِماً مَعَ الْخُضُوعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ التَّذَلُّلِ مَعَ مَا فِی ذَلِكَ لِجَمِیعِ الْخَلْقِ مِنَ الْمَنَافِعِ.

أقول: فی العلل كُلُّ ذلك لطلب الرَّغبة إلی اللّٰه و الرَّهبة منه و ترك قساوة القلب و خَسارة الأنفس و نسیان الذكر و انقطاع الرجاء و الأمل و تجدید الحقوق و حَظْر الأنفس عن الفساد مع ما فی ذلك من المنافع لجمیع مَنْ «المشترك».

فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ مَنْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ مِمَّنْ یَحِجُّ وَ مِمَّنْ لَا یَحِجُّ مِنْ بَیْنِ تَاجِرٍ وَ جَالِبٍ وَ بَائِعٍ وَ مُشْتَرٍ وَ كَاسِبٍ وَ مِسْكِینٍ وَ مُكَارٍ وَ فَقِیرٍ وَ قَضَاءِ حَوَائِجِ أَهْلِ الْأَطْرَافِ فِی الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنِ لَهُمُ الِاجْتِمَاعُ فِیهَا مَعَ مَا فِیهِ مِنَ التَّفَقُّهِ وَ نَقْلِ أَخْبَارِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام إِلَی كُلِّ صُقْعٍ وَ نَاحِیَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ وَ لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قِیلَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْفَرَائِضَ عَلَی أَدْنَی الْقَوْمِ قُوَّةً كَمَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ یَعْنِی شَاةً لِیَسَعَ لَهُ الْقَوِیُّ وَ الضَّعِیفُ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْفَرَائِضِ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَی أَدْنَی الْقَوْمِ قُوَّةً (1)وَ كَانَ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ الْحَجُّ الْمَفْرُوضُ وَاحِداً ثُمَّ رَغَّبَ بَعْدُ أَهْلَ الْقُوَّةِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالتَّمَتُّعِ إِلَی الْحَجِّ (2)قِیلَ ذلِكَ تَخْفِیفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ لِأَنْ یَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ إِحْرَامِهِمْ وَ لَا یَطُولَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ فَیَدْخُلَ (3)عَلَیْهِمُ الْفَسَادُ وَ أَنْ یَكُونَ الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَیْنِ جَمِیعاً فَلَا تُعَطَّلَ الْعُمْرَةُ وَ لَا تَبْطُلَ وَ لَا یَكُونَ الْحَجُّ مُفْرَداً مِنَ الْعُمْرَةِ وَ یَكُونَ بَیْنَهُمَا فَصْلٌ وَ تَمْیِیزٌ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِی الْحَجِ

ص: 83


1- فی العیون: مرة. م.
2- فی العیون: بالتمتع بالعمرة الی الحجّ؛ و فی العلل بالتمتع فی الحجّ.
3- فی العیون: فیتداخل. م.

إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ سَاقَ الْهَدْیَ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ أَنْ یُحِلَّ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ لَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ النَّاسَ وَ لِذَلِكَ قَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِی مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا أَمَرْتُكُمْ وَ لَكِنِّی سُقْتُ الْهَدْیَ وَ لَیْسَ لِسَائِقِ الْهَدْیِ أَنْ یُحِلَّ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ نَخْرُجُ حُجَّاجاً وَ رُءُوسُنَا تَقْطُرُ مِنْ مَاءِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ إِنَّكَ لَنْ تُؤْمِنَ بِهَذَا أَبَداً.

أقول: لیس فی العلل قوله و قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی قوله لن تؤمن بهذا و هو موجود فی العیون و فی العلل مكانه زیادة لیست فیه و هی هذه و یكون بینهما فصل و تمییز و أن لا یكون الطواف بالبیت محظورا لأن المحرم إذا طاف بالبیت قد أحل إلا لعلة فلو لا التمتع لم یكن للحاج أن یطوف لأنه إن طاف أحل و فسد إحرامه و یخرج منه قبل أداء الحج و لأن یجب علی الناس الهدی و الكفارة فیذبحون و ینحرون و یتقربون إلی اللّٰه جل جلاله فلا تبطل هراقة الدماء و الصدقة علی المسلمین و لنرجع إلی المشترك بین الكتابین.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ وَقْتُهَا عَشْرَ ذِی الْحِجَّةِ قِیلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَحَبَّ أَنْ یُعْبَدَ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ فِی أَیَّامِ التَّشْرِیقِ فَكَانَ أَوَّلُ مَا حَجَّتْ إِلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ طَافَتْ بِهِ فِی هَذَا الْوَقْتِ فَجَعَلَهُ سُنَّةً وَ وَقْتاً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَأَمَّا النَّبِیُّونَ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ غَیْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِنَّمَا حَجُّوا فِی هَذَا الْوَقْتِ فَجُعِلَتْ سُنَّةً فِی أَوْلَادِهِمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْإِحْرَامِ قِیلَ لِأَنْ یَخْشَعُوا قَبْلَ دُخُولِ حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمْنِهِ وَ لِئَلَّا یَلْهُوا وَ یَشْتَغِلُوا بِشَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ زِینَتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ یَكُونُوا جَادِّینَ فِیمَا فِیهِ قَاصِدِینَ نَحْوَهُ مُقْبِلِینَ عَلَیْهِ بِكُلِّیَّتِهِمْ مَعَ مَا فِیهِ مِنَ التَّعْظِیمِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِنَبِیِّهِ (1)وَ التَّذَلُّلِ لِأَنْفُسِهِمْ عِنْدَ قَصْدِهِمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وِفَادَتِهِمْ إِلَیْهِ رَاجِینَ ثَوَابَهُ

ص: 84


1- فی العیون و لبیته و اعلم أنّه كان بین المصدرین و بینهما مع نسخ الكتاب اختلافات جزئیة عدا ما ذكرنا، و زوائد و نواقص لا یعبأ بها، أعرضنا عن التعرض لذكرها لعدم اختلال المعنی و تغیره بتركها. م.

رَاهِبِینَ مِنْ عِقَابِهِ مَاضِینَ نَحْوَهُ مُقْبِلِینَ إِلَیْهِ بِالذُّلِّ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ اللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

«2»-ع، علل الشرائع ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّیْسَابُورِیُّ الْعَطَّارُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ النَّیْسَابُورِیُّ قَالَ: قُلْتُ لِلْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ لَمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ هَذِهِ الْعِلَلَ أَخْبِرْنِی عَنْ هَذِهِ الْعِلَلِ أَ ذَكَرْتَهَا عَنِ الِاسْتِنْبَاطِ وَ الِاسْتِخْرَاجِ وَ هِیَ مِنْ نَتَائِجِ الْعَقْلِ أَوْ هِیَ مِمَّا سَمِعْتَهُ وَ رَوَیْتَهُ فَقَالَ لِی مَا كُنْتُ لِأَعْلَمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا فَرَضَ وَ لَا مُرَادَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا شَرَعَ وَ سَنَّ وَ لَا عِلَلَ (1)ذَلِكَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِی بَلْ سَمِعْتُهَا مِنْ مَوْلَایَ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَ الشَّیْ ءَ بَعْدَ الشَّیْ ءِ فَجَمَعْتُهَا فَقُلْتُ فَأُحَدِّثُ بِهَا عَنْكَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ نَعَمْ.

«3»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام وَ حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ نُعَیْمِ بْنِ شَاذَانَ النَّیْسَابُورِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ هَذِهِ الْعِلَلَ مِنْ مَوْلَایَ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام مُتَفَرِّقَةً فَجَمَعْتُهَا وَ أَلَّفْتُهَا.

بیان: قوله منها أن من لم یقرّ أقول لعل الفرق بین الوجه الأول و الثانی هو أن المحذور فی الوجه الأول عدم تحقق الأفعال الحسنة و عدم ترك الأفعال القبیحة و فی ذلك فساد الخلق و عدم بقائهم و اختلال نظامهم و فی الثانی المحذور عدم تحقق الأمر و النهی اللذین هما مقتضی حكمة الحكیم فلو فرض الإتیان بالأفعال الحسنة و الانتهاء عن الأعمال الفاحشة بدون أمر اللّٰه تعالی و نهیه أیضا لتم الوجه الثانی بدون الأول و الفرق بین الأول و الثالث هو أن الأول جار فی الأمور الظاهرة بخلاف الثالث فإنه مختص بالأمور الباطنة فلو فرض أن یكون للناس حیاء یردعهم عن إظهار الفواحش و الظلم و الفساد لتم الوجه الثالث أیضا بخلاف الأول. قوله فلو لم یجب علیهم معرفته أی الرسول قوله ثم اختلف همهما أقول لعل المقصود نفی إمامة من كان فی عصر الأئمة علیهم السلام من أئمة الضلال إذ كانت آراؤهم مخالفة لآراء أئمتنا و أفعالهم مناقضة لأفعالهم و یحتمل أن یكون إلزاما علی المخالفین

ص: 85


1- فی المصدرین: و لا اعلل.

إذ هم قائلون باجتهاد النبی و الإمام فی الأحكام و الاجتهاد مظنة الاختلاف كما یقولون فی أمیر المؤمنین علیه السلام و معاویة ثم اعلم أن المراد بالإمامین الأمیران علی طائفة واحدة أو اللذان تكون لهما الرئاسة العامة و إلا فینتقض باجتماع الأنبیاء الكثیرین فی عصر واحد فی زمن بنی إسرائیل قوله منها أن یكونوا قاصدین أقول لعل المنظور فی الوجه الأول عدم تعیین شی ء للعبادة لأنه یحتمل أن یكون كل شی ء ربهم حتی الأشیاء التی لم یعبدها أحد و فی الثانی إضلال الناس بعبادة الأصنام و أشباهها باحتمال أن تكون هی ربهم و یحتمل أن یكون المراد بالوجه الأول هو أنه لا بد لهم من معرفة ربهم لتصح العبادة له و لا یمكنهم المعرفة بالكنه و أقرب الوجوه التی تصل إلیها عقول الخلق هو معرفته تعالی بأنه لا یشبه شیئا من الأشیاء فی ذاته و صفاته و یحتمل أن یكون غرض السائل من الإقرار بأنه لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ الإقرار بجمیع الصفات الثبوتیة و السلبیة فإن جمیعها راجعة إلیه داخلة فیه إجمالا و لعل هذا أظهر. قوله لأن فی الصلاة الإقرار بالربوبیة أقول إما لأنها مشتملة علی الإقرار بالربوبیة فی رب العالمین و علی التوحید فی التشهد و علی الإخلاص فی إِیَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِیَّاكَ نَسْتَعِینُ و إما لأن أصل عبادته تعالی دون غیره خلع للأنداد و إقرار بالربوبیة و أما الزجر عن الفساد فلأن من خواص الصلاة أنها تصلح صاحبها و تزجره عن الفساد كما قال تعالی إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ (1)و لا أقل أنه فی حال الصلاة ینزجر عن المعاصی و بعدها یستحیی عن ارتكاب كثیر منها و اسم كان الضمیر الراجع إلی المصلی و خبره الظرف و زاجرا و حاجزا منصوبان بالحالیة. (2)قوله علیه السلام لیسا هما فی كل وقت بادیین أی لا یحصل فیهما الكثافة و القذارة مثل ما یحصل فی الوجه و الیدین قوله و ذلك لأن الاستنجاء به لیس بفرض أقول لم یقید الفضل الاستنجاء بالماء حتی یرد علیه إیراد الصدوق مع أنه یمكن تخصیصه

ص: 86


1- العنكبوت: 45.
2- و یحتمل زیادة كلمة فی اشتباها من النسّاخ، أو كان فی الأصل زاجرا و حاجزا و مانعا مرفوعات.

بالمتعدی أو یقال إن مراده الأعم من الوجوب التخییری و یمكن توجیه كلامه بأن الفرض فی عرف الحدیث ما ثبت وجوبه بالقرآن و الاستنجاء لم یثبت وجوبه بنص القرآن حتی یكون فرضا و یرد علیه أن استعمال الفرض فی الوجوب بالمعنی الأعم أیضا شائع و غایة الأمر أن یكون مجازا فی عرفهم و ارتكابه لتوجیه الكلام مجوز. قوله و تعریفا لمن جهل الوقت یمكن تخصیصه بمن لا یمكنه العلم بدخول الوقت و یحتمل أن یكون المراد أنه یتنبه لاحتمال دخول الوقت فیحصل العلم به مع أنه سیأتی كثیر من الأخبار الدالة علی جواز الاعتماد علی المؤذنین فی دخول الوقت. قوله مجاهرا بالإیمان أی الصلاة كما قال اللّٰه تعالی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَكُمْ (1)أو للتكلم بالكلمتین (2)قوله فجعل الأولین یفهم منه أن التكبیرتین الأولیین لیستا من الأذان و إنما هما من المقدمات الخارجة عنه و به یمكن الجمع بین الأخبار المختلفة فی ذلك قوله لیكون لعل الأظهر و لیكون. قوله إنما هو أداء أی علمهم طریق الشكر أو حمد نفسه بدلا عن خلقه و قوله و شكر تخصیص بعد التعمیم قوله و إقرار بأنه هو الخالق لأن المراد بالعالم ما یعلم به الصانع و هو كل ما سوی اللّٰه و جمع لیدل علی جمیع أنواعه فإذا كان تعالی خالق الجمیع و مدبرهم فیكون هو الواجب تعالی و غیره آثاره. قوله علیه السلام استعطاف لأن ذكره تعالی بالرحمانیة و الرحیمیة نوع من طلب الرحمة بل أكمل أفراده. قوله لأن التكبیر فی الركعة الأولی فی العلل فی الصلوات الأول و هو الصواب أی التكبیرات الافتتاحیة إذ الأولی افتتاح للقراءة و الثانیة افتتاح للركوع و الثالثة للسجود الأول و الرابعة للسجود الثانی و هكذا إلی تمام الركعتین و لیست التكبیرات التی للرفع من الركوع و السجود بافتتاحیة.

ص: 87


1- البقرة: 143.
2- أی الشهادتین. و یحتمل أن یكون المراد بالایمان مجموع الشهادتین و الدعوة إلی الصلاة و إلی خیر العمل.

قوله غلط الفضل أقول بل اشتبه علی الصدوق رحمه اللّٰه إذ الظاهر أن تكبیرة الافتتاح فریضة لقوله تعالی وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (1)و لذا تبطل الصلاة بتركها عمدا و سهوا علی أنه یحتمل أن یكون مراده بالفرض الواجب كما مر و العجب من الصدوق أنه مع ذكره فی آخر الخبر أن هذا العلل كلها مأخوذة عن الرضا علیه السلام و تصریحه فی سائر كتبه بأنها مرویة عنه علیه السلام كیف یجتری علی الاعتراض علیها و لعله ظن أن الفضل أدخل بینها بعض كلامه فما لا یوافق مذهبه یحمله علی أنه من كلام الفضل و یعترض علیه و فیه أیضا ما لا یخفی. قوله إلی أن یصیر فی كل شی ء أربعة أضعافه أقول هذه العبارة غیر موجودة فی العیون و فیه أنه لا یوافق شیئا من الأخبار المختلفة الواردة فی آخر وقت العصر فإنه لم یرد فی شی ء من الأخبار أكثر من المثلین و لعل فیه تصحیفا و لذا أسقطه فی العیون. قوله و لأن فی وقت رفع الیدین أقول لعل المعنی أن فی وقت ذكر اللّٰه تعالی یناسب التضرع و الابتهال خصوصا فی وقت هذا الذكر المخصوص لأنه وقت إحضار النیة و إقبال القلب فیكون التضرع و الابتهال أنسب و لما كان هذا الوجه إنما یناسب تكبیرة الاستفتاح ذكر لاطراده فی سائر التكبیرات وجها آخر علی ما فی العلل و لعل التضرع و الابتهال فی رفع الیدین إنما هو لدلالته علی اختصاص الكبریاء باللّٰه و نفیه عما سواه و أنه تعالی لا یدرك بالأخماس و الحواس الظاهرة و الباطنة كما سیأتی فی علل الصلاة. قوله علیه السلام فجعلت السنة مثلی الفریضة قال الوالد العلامة رحمه اللّٰه لأن الغالب فی أحوال الناس أنهم لا یمكنهم لتشبثهم بعلائقهم إحضار القلب فی أكثر من ثلث الصلاة فلما صارت النافلة مثلی الفریضة أمكن تحصیل ثلث المجموع و هو یساوی عدد الفریضة. قوله علیه السلام و لم تقصر لمكان الخطبتین الأظهر أنه لا یختص بالوجه الأخیر بل الغرض دفع توهم أنها صلاة مقصورة كصلاة السفر و ذلك لأن الخطبتین فیها بمنزلة الركعتین فلیست بمقصورة أو الغرض بیان عدم جواز إیقاعها فی السفر بتوهم

ص: 88


1- المدّثّر: 3.

أنها صلاة مقصورة إذ الخطبة من شرائطها فلا یتحقق بدونها و معها لیست بمقصورة لأنها بمنزلة الركعتین و یمكن أن یقرأ لم بكسر اللام استفهاما أی إنما تقصر العید لمكان خطبتیه. قوله علیه السلام و المنفعة أقول كأنها معطوفة علی الأهوال و لا یبعد أن یكون الأهوال تصحیف الأحوال و بعد ذلك فی نسخ العلل زیادة لیست فی العیون و هی هذه و لا یكون الصائر فی الصلاة منفصلا و لیس بفاعل غیره ممن یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة و لعله لإغلاقه و عدم وضوح معناه أسقطه عن العیون و یمكن توجیهه بوجوه. الأول أن یكون المراد بیان كون حالة الخطبة حالة متوسطة بین حالة الصلاة و غیرها فیكون تقدیر الكلام أنه لا یكون الصائر فی الصلاة أی المتلبس بها منفصلا عنها فی غیر یوم الجمعة و فی یوم الجمعة فی حال الخطبة كذلك لأنه كالداخل فی الصلاة لاشتراط كثیر من أحكام الصلاة فیها و كونها عوضا عن الركعتین و لیس بداخل حقیقة فیها و لیس فاعل غیر الصلاة یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة و یوم الجمعة كذلك لأن الإمام فی الخطبة یؤم الناس من حیث یلزمهم الاجتماع إلیه و الاستماع لكلامه كالاستماع لقراءته حال الصلاة و لیست الخطبة بصلاة حقیقة فالباء فی قوله بفاعل زائدة و الضمیر فی غیره راجع إلی الصلاة بتأویل الفعل. الثانی أن یرجع المعنی إلی الأول و یوجه العبارة بوجه آخر بأن یكون و لیس بفاعل عطف تفسیر لقوله منفصلا و یكون قوله و غیره حالا للصائر و قوله ممن یؤم صفة لغیره أو حالا أخری للصائر و حاصل المعنی أن الصائر فی الصلاة الذی یكون غیر إمام الجمعة و یؤم الناس فی غیر یوم الجمعة لا یكون منفصلا عن الصلاة غیر فاعل لها بخلاف یوم الجمعة فإنه كذلك فی حال الخطبة و لیس فی هذا الوجه شی ء من التكلیفین السابقین. الثالث أن یكون ممن یؤم خبر كان و قوله منفصلا و قوله لیس بفاعل غیره حالین للصائر فیكون لبیان علة أخری للخطبة و الحاصل أنه إنما جعلت الخطبة لئلا یكون الصائر فی صلاة الجمعة حال كونه منفصلا ممتازا عن سائر الأئمة و لا یفعلها

ص: 89

غیره ممن یؤم الناس فی غیر الجمعة إذ یشترط فی الخطبة العلم بما یعظ الناس و یأمرهم به و العمل بها و لا یشترك ذلك فی سائر الأئمة و هذا وجه قریب و إن كان فیه بعد ما لفظا بل الأظهر عندی أنه كان فی الأصل لیكون أی إنما جعلت الخطبة لیكون الإمام فی تلك الصلاة منفصلا ممتازا و لا یفعل تلك الصلاة غیره من أئمة الصلوات فی سائر الأیام و فی هذا الوجه و فی قوله فأراد أن یكون للأمیر إشعار بأن هذه الصلاة إنما یفعلها الأمراء أو المنصوبون من قبل الإمام علیه السلام. الرابع أن یكون قوله ممن یؤم متعلقا بقوله منفصلا و یكون قوله و لیس بفاعل غیره تفسیرا لقوله منفصلا و یكون حاصل الكلام أنه إنما جعلت الخطبة لئلا یكون المصلی فی یوم الجمعة منفصلا عن المصلی فی غیره بأن یكون صلاته ركعتین فإنها مع الخطبتین بمنزلة أربع ركعات. قوله و الخطبتان فی الجمعة و العیدین بعد الصلاة أقول لم یذهب إلی هذا القول فیما علمنا أحد من علمائنا غیره فی هذین الكتابین و سیأتی القول فی ذلك فی بابه قوله فوجبت الجمعة علی من هو علی نصف البرید فی مناسبة هذا الأصل الحكم خفاء و لعله مبنی علی ما لا یصل إلیه علمنا من المناسبات الواقعیة و یمكن أن یقال لما كان الغالب فی المسافرین الركبان و القوافل المحملة المثقلة إنما تقطع فی بیاض الأیام القصار ثمانیة فراسخ و التكلیف بحضور صلاة الجمعة یتعلق بالركبان و المشاة و الغالب فیهم المشاة و الماشی یسیر غالبا نصف الراكب فلذا جعل هنا نصف ما جعل للمسافر أو أن لیوم الجمعة أعمالا أخری غیر الصلاة فجعل نصفه للصلاة و نصفه لسائر الأعمال فلو وجب علیهم المسیر أكثر من فرسخین لم یتیسر له سائر الأعمال و اللّٰه یعلم. قوله لیلقی ربه طاهر الجسد أی لا یصیر جسده كثیفا من تراب القبر و غیره و المراد بملاقاة الرب ملاقاة ملائكته و رحمته قوله لأن هذه الأشیاء كلها ملبّسة لعل المعنی أنه لما كان غالب المماسة فیها هكذا فلذا رفع الغسل من رأس فلا یتوهم منه وجوب الغسل بمس ما تحله الحیاة منها قوله علیه السلام یری الكسوف أی آثاره من ضوء الشمس و القمر.

ص: 90

قوله علیه السلام فلما تغیرت العلة أی المناسب لهذا العلة الدالة علی نزول العذاب زیادة تضرع و استكانة لیست فی سائر الصلوات فلذا زید فی ركوعاتها قوله لأن أول شهور السنة علة للتقیید بسنة الأكل قوله لأنه یكون فی ركعتین اثنتا عشرة تكبیرة أی مع تكبیرة القنوت. قوله فلذلك جعل فیها أی فی القیام فقط و إلا فالمجموع أزید بعدد ما زید فیها و یقال راض الفرس ریاضا و ریاضة ذلله فهو رائض قوله و فیه فرق أی فی شهر رمضان بسبب نزول القرآن و یحتمل إرجاع الضمیر إلی القرآن. قوله علیه السلام و فیه نبئ محمد صلی اللّٰه علیه و آله لعل النبوة و الوحی كان فی شهر رمضان و الرسالة و الأمر بالتبلیغ كان فی شهر رجب. قوله علیه السلام لأنه كان بمنزلة من وجب علیه صوم أقول لعل التعلیل مبنی علی أن وقت القضاء هو ما بین الرمضانین إذ لا یجوز له التأخیر اختیارا عنه فلما كان فیما بین ذلك معذورا سهل اللّٰه علیه و قبل منه الفداء و لم یكن اللّٰه لیجمع علیه العوض و المعوض فلذا أسقط القضاء عنه بعد القدرة لانتقال فرضه إلی شی ء آخر قوله لأنه إذا عرض عمل ثمانیة أیام كذا فی العیون و فی العلل ثلاثة أیام و علی التقدیرین یشكل فهمه أما علی الأول فیمكن توجیهه بوجهین الأول أن یقال العرض غیر مختص بعمل الأسبوع بل یعرض عمل ما مر من الشهر فی كل خمیس و إذا لم یكن فی العشر الآخر خمیسان فلیس مورد هذه العلة و إذا كان فیه خمیسان ففیه ثلاثة احتمالات الأول أن یكون الخمیس الأول الحادی و العشرین و الخمیس الثانی الثامن و العشرین الثانی أن یكون الخمیس الثانی التاسع و العشرین الثالث أن یكون الخمیس الثانی الثلاثین و هذا الأخیر أیضا لیس بداخل فی المفروض لأن المفروض هو ما علم دخول خمیسین فیه أوّلا و هاهنا غیر معلوم لاحتمال أن لا یكون للشهر سلخ فبقی الاحتمالان الأولان و فی الثانی منهما یكون استیعاب الخمیس الأول لأعمال الشهر أكثر كالثانی فلذا خصه بالذكر فنقول دخول أعمال الشهر إلی العشرین معلوم فیهما فأما بعده فما یدخل فی عرض الخمیس الأول منه یومان أی یوم و بعض یوم و یدخل فی

ص: 91

الثانی زائدا علی هذا ثمانیة أیام أی سبعة أیام و بعض یوم فبعض الخمیس الأول حسب من الیومین و بعضه من الثمانیة فالمراد بقوله إذا عرض عمل ثمانیة أیام أی زائدا علی ما سیأتی من الیومین و علی ما هو المعلوم دخوله فیهما من العشرین علی أنه یحتمل أن یكون المعروض فی الخمیس عمل العشر فلا یحتاج إلی إضافة العشرین و یمكن أن یقال أخذ فی الخمیس الأول أكثر محتملاته و فی الخمیس الثانی أقل محتملاته استظهارا و تأكیدا إذ علی ما قررنا أكثر محتملات الخمیس الأول أن یدخل فیه عرض عمل یومین من العشر بأن یكون فی الثانی و العشرین أقل محتملات الثانی أن یدخل فیه ثمانیة بأن یكون الأول فی الحادی و العشرین و علی هذا یندفع و یرتفع أكثر التكلفات. الثانی أن یكون المعروض فی الخمیس عمل الأسبوع فقط لكن لما خص كل عشر بصوم یوم كان الأنسب أن یكون ما یعرض فی خمیس العشر الآخر أكثر استیعابا لأیامه فإذا عرض فی الخمیس الأول فما هو من احتمالیه أكثر استیعابا هو أن یشمل یومین منه كما مر بیانه و إذا عرض فی الخمیس الثانی یستوعب ثمانیة أیام من ذلك العشر علی كل احتمال من الاحتمالات فیكون أولی بالصوم و أما علی الثانی فیمكن توجیهه أیضا بوجهین الأول أنه إذا لزمه صوم الخمیس الثانی ففی بعض الشهور أی ما یكون سلخه الخمیس یلزمه احتیاطا صوم خمیسین كما ورد فی أخبار أخر فیعرض عمله فی ثلاثة أیام و هو صائم فی بعض الأحیان (1)بخلاف ما إذا كان المستحب صوم الخمیس الأول من العشر الآخر فإنه یكون دائما عرض العمل فی الشهر فی یومین و هو صائم. الثانی أن یكون المقصود من السؤال بیان علة جعل الخمیس الثانی بعد الأربعاء سواء كان فی العشر الوسط أو فی العشر الأخیر و سواء كان الخمیس الأول من العشر الأخیر أو الثانی منه فالمراد بالجواب أنه إنما جعل هذا الخمیس بعد الأربعاء لأن یعرض فیه صوم ثلاثة أیام فی هذا الشهر مع أنه یكون فی یوم العرض صائما أیضا و علی التقادیر لا یخلو من تكلف. قوله علیه السلام و استخف بالإیمان أی بأعماله و المراد هنا الصوم و سائر ما تلزم فیه

ص: 92


1- فی نسخة: الایام.

الكفارة و یحتمل أن یكون بفتح الهمزة بناء علی إطلاق الیمین علی النذر و أن كفارته كذلك. قوله علیه السلام لعلة الوفادة الوفد القوم یجتمعون و یردون البلاد الواحد وافد و كذا من یقصد الأمراء بالزیادة و الاسترفاد و الانتجاع یقال وفد یفد وفادة قوله ثابتا ذلك علیه دائما أی فی مدة مدیدة زائدا علی أزمنة سائر الطاعات قوله علیه السلام و لأن یجب علی الناس الهدی لعله مبنی علی أن هدی التمتع جبران لا نسك فیكون قوله و الكفارة عطف تفسیر.

الفصل الثانی ما ورد من ذلك بروایة ابن سنان

«1»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ الصَّحَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام كَتَبَ إِلَیْهِ بِمَا فِی هَذَا الْكِتَابِ جَوَابَ كِتَابِهِ إِلَیْهِ یَسْأَلُهُ عَنْهُ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ یَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُحِلَّ شَیْئاً وَ لَمْ یُحَرِّمْهُ لِعِلَّةٍ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَبُّدِ لِعِبَادِهِ بِذَلِكَ قَدْ ضَلَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ضَلَالًا بَعِیداً وَ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ جَائِزاً أَنْ یَسْتَعْبِدَهُمْ بِتَحْلِیلِ مَا حَرَّمَ وَ تَحْرِیمِ مَا أَحَلَّ حَتَّی یَسْتَعْبِدَهُمْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ وَ أَعْمَالِ الْبِرِّ كُلِّهَا وَ الْإِنْكَارِ لَهُ وَ لِرُسُلِهِ وَ كُتُبِهِ وَ الْجُحُودِ بِالزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ تَحْرِیمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِی فِیهَا فَسَادُ التَّدْبِیرِ وَ فَنَاءُ الْخَلْقِ إِذِ الْعِلَّةُ فِی التَّحْلِیلِ وَ التَّحْرِیمِ التَّعَبُّدُ لَا غَیْرُهُ فَكَانَ كَمَا أَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ قَوْلَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا كُلَّ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَفِیهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَ بَقَاؤُهُمْ وَ لَهُمْ إِلَیْهِ الْحَاجَةُ الَّتِی لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهَا وَ وَجَدْنَا الْمُحَرَّمَ مِنَ الْأَشْیَاءِ لَا حَاجَةَ لِلْعِبَادِ إِلَیْهِ وَ وَجَدْنَاهُ مُفْسِداً دَاعِیاً إِلَی الْفَنَاءِ وَ الْهَلَاكِ ثُمَّ رَأَیْنَاهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ أَحَلَّ بَعْضَ مَا حَرَّمَ فِی وَقْتِ الْحَاجَةِ لِمَا فِیهِ مِنَ الصَّلَاحِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ نَظِیرَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ

ص: 93

إِذَا اضْطُرَّ إِلَیْهِ الْمُضْطَرُّ لِمَا فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الصَّلَاحِ وَ الْعِصْمَةِ وَ دَفْعِ الْمَوْتِ فَكَیْفَ دَلَّ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّهُ لَمْ یُحِلَّ إِلَّا لِمَا فِیهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَبْدَانِ وَ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ كَذَلِكَ وَصَفَ فِی كِتَابِهِ وَ أَدَّتْ عَنْهُ رُسُلُهُ وَ حُجَجُهُ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَوْ یَعْلَمُ الْعِبَادُ كَیْفَ كَانَ بَدْءُ الْخَلْقِ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ وَ قَوْلُهُ علیه السلام لَیْسَ بَیْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ إِلَّا شَیْ ءٌ یَسِیرٌ یُحَوِّلُهُ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَی شَیْ ءٍ فَیَصِیرُ حَلَالًا وَ حَرَاماً.

بیان: قوله بما فی هذا الكتاب جواب كتابه إلیه هذا كلام الصدوق و لما فرق فی كتاب العلل هذه العلل الواردة فی هذا الخبر علی الأبواب المناسبة لها ذكر صدر الخبر و أشار إلی أن ما فرقه كلها من تتمة هذا الخبر و لعله أسقط هذا مما رواه فی العیون اختصارا أو لم یكن هذا فی بعض ما أورده هناك من الأسانید. قوله علیه السلام فكان كما أبطل اللّٰه یحتمل أن یكون أنا وجدنا اسم كان و كما أبطل اللّٰه خبره أی یبطل ذلك وجداننا كما یبطله صریح الآیات الدالة علی أن الأحكام الشرعیة معللة بالحكم الكاملة و یحتمل أن یكون إنا وجدنا استئنافا. قوله علیه السلام كیف كان بدء الخلق أی لأی علة خلقهم و لأی حكمة كلفهم لم یختلفوا فی أمثال تلك المسائل المتعلقة بذلك قوله علیه السلام یحوله من شی ء إلی شی ء أی اختلاف الأحوال و الأوقات و الأزمان یوجب تغیر الحكم لتبدل الحكمة كحرمة المیتة فی حال الاختیار و حلیتها فی حال الاضطرار و كحرمة الأجنبیة بدون الصیغة و حلیتها معها فظهر أن دقائق الحكم مرعیة فی كل حكم من الأحكام.

«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الرَّبِیعِ الصَّحَّافُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی الْمُجَاوِرُ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی الْبَرْقِیُ

ص: 94

بِالرَّیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام كَتَبَ إِلَیْهِ فِی جَوَابِ مَسَائِلِهِ عِلَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ النَّظَافَةُ وَ تَطْهِیرُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ أَذَاهُ وَ تَطْهِیرُ سَائِرِ جَسَدِهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ خَارِجَةٌ مِنْ كُلِّ جَسَدِهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَیْهِ تَطْهِیرُ جَسَدِهِ كُلِّهِ وَ عِلَّةُ التَّخْفِیفِ فِی الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَ أَدْوَمُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَضِیَ فِیهِ بِالْوُضُوءِ لِكَثْرَتِهِ وَ مَشَقَّتِهِ وَ مَجِیئِهِ بِغَیْرِ إِرَادَةٍ مِنْهُ وَ لَا شَهْوَةٍ وَ الْجَنَابَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالاسْتِلْذَاذِ مِنْهُمْ وَ الْإِكْرَاهِ لِأَنْفُسِهِمْ وَ عِلَّةُ غُسْلِ الْعِیدِ وَ الْجُمُعَةِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْسَالِ لِمَا فِیهِ مِنْ تَعْظِیمِ الْعَبْدِ رَبَّهُ وَ اسْتِقْبَالِهِ الْكَرِیمَ الْجَلِیلَ وَ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِ وَ لِیَكُونَ لَهُمْ یَوْمَ عِیدٍ مَعْرُوفٍ یَجْتَمِعُونَ فِیهِ عَلَی ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَجَعَلَ فِیهِ الْغُسْلَ تَعْظِیماً لِذَلِكَ الْیَوْمِ وَ تَفْضِیلًا لَهُ عَلَی سَائِرِ الْأَیَّامِ وَ زِیَادَةً فِی النَّوَافِلِ وَ الْعِبَادَةِ وَ لِیَكُونَ تِلْكَ طَهَارَةً لَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ وَ عِلَّةُ غُسْلِ الْمَیِّتِ أَنَّهُ یُغَسَّلُ لِأَنَّهُ یُطَهَّرُ وَ یُنَظَّفُ مِنْ أَدْنَاسِ أَمْرَاضِهِ وَ مَا أَصَابَهُ مِنْ صُنُوفِ عِلَلِهِ لِأَنَّهُ یَلْقَی الْمَلَائِكَةَ وَ یُبَاشِرُ أَهْلَ الْآخِرَةِ فَیُسْتَحَبُّ إِذَا وَرَدَ عَلَی اللَّهِ وَ لَقِیَ أَهْلَ الطَّهَارَةِ وَ یُمَاسُّونَهُ وَ یُمَاسُّهُمْ أَنْ یَكُونَ طَاهِراً نَظِیفاً مُوَجَّهاً بِهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِیُطْلَبَ بِهِ وَ یُشْفَعَ لَهُ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی أَنَّهُ یَخْرُجُ مِنْهُ الْأَذَی (1)الَّذِی مِنْهُ خُلِقَ فَیُجْنِبُ فَیَكُونُ غُسْلُهُ لَهُ وَ عِلَّةُ اغْتِسَالِ مَنْ غَسَلَهُ أَوْ مَسَّهُ فَظَاهِرَةٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ نَضْحِ الْمَیِّتِ لِأَنَّ الْمَیِّتَ إِذَا خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْهُ بَقِیَ أَكْثَرَ آفَةً فَلِذَلِكَ یُتَطَهَّرُ مِنْهُ وَ یُطَهَّرُ وَ عِلَّةُ الْوُضُوءِ الَّتِی مِنْ أَجْلِهَا صَارَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَیْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَیْنِ فَلِقِیَامِهِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتِقْبَالِهِ إِیَّاهُ بِجَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ وَ مُلَاقَاتِهِ بِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِینَ فَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ وَ غَسْلُ الْیَدَیْنِ لِیَقْلِبَهُمَا وَ یَرْغَبَ بِهِمَا وَ یَرْهَبَ وَ یَتَبَتَّلَ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَیْنِ لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَانِ مَكْشُوفَانِ یَسْتَقْبِلُ بِهِمَا فِی حَالاتِهِ وَ لَیْسَ فِیهِمَا مِنَ الْخُضُوعِ وَ التَّبَتُّلِ مَا فِی الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَیْنِ

ص: 95


1- فی المصدر: المنی الاذی خ ل. م.

وَ عِلَّةُ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَ تَحْصِینِ أَمْوَالِ الْأَغْنِیَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِیَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَ الْبَلْوَی كَمَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِكُمْ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ (1)وَ أَنْفُسِكُمْ بِتَوْطِینِ الْأَنْفُسِ عَلَی الصَّبْرِ مَعَ مَا فِی ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الطَّمَعِ فِی الزِّیَادَةِ مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ الْعَطْفِ عَلَی أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْحَثِّ لَهُمْ عَلَی الْمُوَاسَاةِ وَ تَقْوِیَةِ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَعُونَةِ لَهُمْ عَلَی أَمْرِ الدِّینِ وَ هُمْ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَی وَ عِبْرَةٌ لَهُمْ لِیَسْتَدِلُّوا عَلَی فَقْرِ الْآخِرَةِ بِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِّ فِی ذَلِكَ عَلَی الشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَا خَوَّلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ یَصِیرُوا مِثْلَهُمْ فِی أُمُورٍ كَثِیرَةٍ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (2)وَ الصَّدَقَاتِ وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَ عِلَّةُ الْحَجِّ الْوِفَادَةُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَلَبُ الزِّیَادَةِ وَ الْخُرُوجُ مِنْ كُلِّ مَا اقْتَرَفَ وَ لِیَكُونَ تَائِباً مِمَّا مَضَی مُسْتَأْنِفاً لِمَا یَسْتَقْبِلُ وَ مَا فِیهِ مِنِ اسْتِخْرَاجِ الْأَمْوَالِ وَ تَعَبِ الْأَبْدَانِ وَ حَظْرِهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ وَ التَّقَرُّبِ بِالْعِبَادَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الذُّلِّ شَاخِصاً فِی الْحَرِّ (3)وَ الْبَرْدِ وَ الْخَوْفِ وَ الْأَمْنِ دَائِباً فِی ذَلِكَ دَائِماً وَ مَا فِی ذَلِكَ لِجَمِیعِ الْخَلْقِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْهُ تَرْكُ قَسَاوَةِ الْقَلْبِ وَ جَسَارَةِ الْأَنْفُسِ وَ نِسْیَانِ الذِّكْرِ وَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ وَ الْأَمَلِ وَ تَجْدِیدُ الْحُقُوقِ وَ حَظْرُ النَّفْسِ عَنِ الْفَسَادِ وَ مَنْفَعَةُ مَنْ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ مَنْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ مِمَّنْ یَحِجُّ وَ مَنْ لَا یَحِجُّ مِنْ تَاجِرٍ وَ جَالِبٍ وَ بَائِعٍ وَ مُشْتَرٍ وَ كَاسِبٍ وَ مِسْكِینٍ وَ قَضَاءُ حَوَائِجِ أَهْلِ الْأَطْرَافِ وَ الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنِ لَهُمُ الِاجْتِمَاعُ فِیهَا كَذَلِكَ لِیَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ عِلَّةُ فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْفَرَائِضَ عَلَی أَدْنَی الْقَوْمِ قُوَّةً فَمِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ الْحَجُّ الْمَفْرُوضُ وَاحِدٌ ثُمَّ رَغَّبَ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَلَی قَدْرِ طَاقَتِهِمْ

ص: 96


1- فی المصدر: «لَتُبْلَوُنَّ فِی أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ» فی اموالكم بإخراج الزكاة اه. م.
2- فی المصدر: فی أداء الزكاة. م.
3- فی المصدر: شاخصا إلیه فی الحر. م.

وَ عِلَّةُ وَضْعِ الْبَیْتِ وَسَطَ الْأَرْضِ أَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِی مِنْ تَحْتِهِ دُحِیَتِ الْأَرْضُ وَ كُلُّ رِیحٍ تَهُبُّ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الرُّكْنِ الشَّامِیِّ وَ هِیَ أَوَّلُ بُقْعَةٍ وُضِعَتْ فِی الْأَرْضِ لِأَنَّهَا الْوَسَطُ لِیَكُونَ الْفَرْضُ لِأَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ فِی ذَلِكَ سَوَاءً وَ سُمِّیَتْ مَكَّةُ مَكَّةَ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا یَمْكُونَ فِیهَا وَ كَانَ یُقَالُ لِمَنْ قَصَدَهَا قَدْ مَكَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِیَةً فَالْمُكَاءُ الصَّفِیرُ وَ التَّصْدِیَةُ صَفْقُ الْیَدَیْنِ وَ عِلَّةُ الطَّوَافِ بِالْبَیْتِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ فَرَدُّوا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْجَوَابَ فَنَدِمُوا فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ اسْتَغْفَرُوا فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَتَعَبَّدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعِبَادُ فَوَضَعَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَیْتاً بِحِذَاءِ الْعَرْشِ یُسَمَّی الضُّرَاحَ ثُمَّ وَضَعَ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا بَیْتاً یُسَمَّی الْمَعْمُورَ بِحِذَاءِ الضُّرَاحِ ثُمَّ وَضَعَ هَذَا الْبَیْتَ بِحِذَاءِ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ علیه السلام فَطَافَ بِهِ فَتَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ فَجَرَی ذَلِكَ فِی وُلْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ عِلَّةُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا أَخَذَ مِیثَاقَ بَنِی آدَمَ الْتَقَمَهُ الْحَجَرُ فَمِنْ ثَمَّ كَلَّفَ النَّاسَ تَعَاهُدَ ذَلِكَ الْمِیثَاقِ وَ مِنْ ثَمَّ یُقَالُ عِنْدَ الْحَجَرِ أَمَانَتِی أَدَّیْتُهَا وَ مِیثَاقِی تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِی بِالْمُوَافَاةِ وَ مِنْهُ قَوْلُ سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَیَجِیئَنَّ الْحَجَرُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِثْلَ أَبِی قُبَیْسٍ لَهُ لِسَانٌ وَ شَفَتَانِ یَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ وَ الْعِلَّةُ الَّتِی مِنْ أَجْلِهَا سُمِّیَتْ مِنًی مِنًی أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام قَالَ هُنَاكَ لِإِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَمَنَّ عَلَی رَبِّكَ مَا شِئْتَ فَتَمَنَّی إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی نَفْسِهِ أَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ مَكَانَ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ كَبْشاً یَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ فِدَاءً لَهُ فَأُعْطِیَ مُنَاهُ وَ عِلَّةُ الصَّوْمِ لِعِرْفَانِ مَسِّ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ لِیَكُونَ الْعَبْدُ ذَلِیلًا مُسْتَكِیناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً صَابِراً وَ یَكُونَ ذَلِكَ دَلِیلًا لَهُ عَلَی شَدَائِدِ الْآخِرَةِ مَعَ مَا فِیهِ مِنَ الِانْكِسَارِ لَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَاعِظاً لَهُ فِی الْعَاجِلِ دَلِیلًا عَلَی الْآجِلِ لِیَعْلَمَ شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ حَرَّمَ قَتْلَ النَّفْسِ لِعِلَّةِ فَسَادِ الْخَلْقِ فِی تَحْلِیلِهِ لَوْ أَحَلَّ وَ فَنَائِهِمْ وَ فَسَادِ التَّدْبِیرِ

ص: 97

وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عُقُوقَ الْوَالِدَیْنِ لِمَا فِیهِ مِنَ الْخُرُوجِ عَنِ التَّوْقِیرِ (1)لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ التَّوْقِیرِ لِلْوَالِدَیْنِ وَ تَجَنُّبِ كُفْرِ النِّعْمَةِ وَ إِبْطَالِ الشُّكْرِ وَ مَا یَدْعُو مِنْ ذَلِكَ إِلَی قِلَّةِ النَّسْلِ وَ انْقِطَاعِهِ لِمَا فِی الْعُقُوقِ مِنْ قِلَّةِ تَوْقِیرِ الْوَالِدَیْنِ وَ الْعِرْفَانِ بِحَقِّهِمَا وَ قَطْعِ الْأَرْحَامِ وَ الزُّهْدِ مِنَ الْوَالِدَیْنِ فِی الْوَلَدِ وَ تَرْكِ التَّرْبِیَةِ لِعِلَّةِ تَرْكِ الْوَلَدِ بِرَّهُمَا وَ حَرَّمَ الزِّنَا لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَسَادِ مِنْ قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَ ذَهَابِ الْأَنْسَابِ وَ تَرْكِ التَّرْبِیَةِ لِلْأَطْفَالِ وَ فَسَادِ الْمَوَارِیثِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَ حَرَّمَ أَكْلَ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً لِعِلَلٍ كَثِیرَةٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَانُ مَالَ الْیَتِیمِ ظُلْماً فَقَدْ أَعَانَ عَلَی قَتْلِهِ إِذِ الْیَتِیمُ غَیْرُ مُسْتَغْنٍ وَ لَا مُحْتَمِلٍ لِنَفْسِهِ وَ لَا عَلِیمٍ بِشَأْنِهِ وَ لَا لَهُ مَنْ یَقُومُ عَلَیْهِ وَ یَكْفِیهِ كَقِیَامِ وَالِدَیْهِ فَإِذَا أَكَلَ مَالَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ وَ صَیَّرَهُ إِلَی الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ مَعَ مَا خَوَّفَ اللَّهُ تَعَالَی وَ جَعَلَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْیَخْشَ الَّذِینَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ فَلْیَتَّقُوا اللَّهَ وَ كَقَوْلِ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ فِی أَكْلِ مَالِ الْیَتِیمِ عُقُوبَتَیْنِ عُقُوبَةً فِی الدُّنْیَا وَ عُقُوبَةً فِی الْآخِرَةِ فَفِی تَحْرِیمِ مَالِ الْیَتِیمِ اسْتِغْنَاءُ الْیَتِیمِ (2)وَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ وَ السَّلَامَةُ لِلْعَقِبِ أَنْ یُصِیبَهُ مَا أَصَابَهُ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَعَ مَا فِی ذَلِكَ مِنْ طَلَبِ الْیَتِیمِ بِثَارِهِ إِذَا أَدْرَكَ وَ وُقُوعِ الشَّحْنَاءِ وَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ حَتَّی یَتَفَانَوْا وَ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی الْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ لِمَا فِیهِ مِنَ الْوَهْنِ فِی الدِّینِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِالرُّسُلِ وَ الْأَئِمَّةِ الْعَادِلَةِ علیهم السلام وَ تَرْكِ نُصْرَتِهِمْ عَلَی الْأَعْدَاءِ وَ الْعُقُوبَةِ لَهُمْ عَلَی إِنْكَارِ مَا دُعُوا إِلَیْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ إِظْهَارِ الْعَدْلِ وَ تَرْكِ الْجَوْرِ وَ إِمَاتَةِ الْفَسَادِ لِمَا فِی ذَلِكَ مِنْ جُرْأَةِ الْعَدُوِّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ وَ مَا یَكُونُ فِی ذَلِكَ مِنَ السَّبْیِ وَ الْقَتْلِ وَ إِبْطَالِ دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ غَیْرِهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ حَرَّمَ التَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِلرُّجُوعِ عَنِ الدِّینِ وَ تَرْكِ الْمُؤَازَرَةِ لِلْأَنْبِیَاءِ وَ الْحُجَجِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ إِبْطَالِ حَقِّ كُلِّ ذِی حَقٍّ لَا لِعِلَّةِ سُكْنَی الْبَدْوِ

ص: 98


1- فی نسخة: التوفیق.
2- فی المصدر: استبقاء الیتیم. م.

وَ كَذَلِكَ لَوْ عَرَفَ الرَّجُلُ الدِّینَ كَامِلَةً لَمْ یَجُزْ لَهُ مُسَاكَنَةُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَ الْخَوْفِ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ أَنْ یَقَعَ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلْمِ وَ الدُّخُولُ مَعَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَ التَّمَادِی فِی ذَلِكَ وَ حَرَّمَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلَّذِی أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی خَلْقِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَ ذِكْرِ اسْمِهِ عَلَی الذَّبَائِحِ الْمُحَلَّلَةِ وَ لِئَلَّا یُسَوِّیَ بَیْنَ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَیْهِ وَ بَیْنَ مَا جُعِلَ عِبَادَةً لِلشَّیَاطِینِ وَ الْأَوْثَانِ لِأَنَّ فِی تَسْمِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِقْرَارَ بِرُبُوبِیَّتِهِ وَ تَوْحِیدِهِ وَ مَا فِی الْإِهْلَالِ لِغَیْرِ اللَّهِ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ وَ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَی غَیْرِهِ لِیَكُونَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَسْمِیَتُهُ عَلَی الذَّبِیحَةِ فَرْقاً بَیْنَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَ بَیْنَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ حَرَّمَ سِبَاعَ الطَّیْرِ الْوَحْشِ كُلَّهَا لِأَكْلِهَا مِنَ الْجِیَفِ وَ لُحُومِ النَّاسِ وَ الْعَذِرَةِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَلَائِلَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْوَحْشِ وَ الطَّیْرِ وَ مَا حَرَّمَ كَمَا قَالَ أَبِی علیه السلام كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ حَرَامٌ وَ كُلُّ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ مِنَ الطَّیْرِ فَحَلَالٌ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی یُفَرِّقُ بَیْنَ مَا أُحِلَّ مِنَ الطَّیْرِ وَ مَا حُرِّمَ قَوْلُهُ علیه السلام كُلْ مَا دَفَّ وَ لَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ وَ لَهَا مَخَالِیبُ كَمَخَالِیبِ السِّنَّوْرِ وَ سِبَاعِ الْوَحْشِ فَجَرَتْ مَجْرَاهَا مَعَ قَذَرِهَا فِی نَفْسِهَا وَ مَا یَكُونُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ كَمَا یَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ لِأَنَّهَا مَسْخٌ وَ عَلَیْهِ تَحْرِیمُ الرِّبَا إِنَّمَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ لِمَا فِیهِ مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَرَی الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَیْنِ كَانَ ثَمَنُ الدِّرْهَمِ دِرْهَماً وَ ثَمَنُ الْآخَرِ بَاطِلًا فَبَیْعُ الرِّبَا وَ شِرَاهُ وَكْسٌ عَلَی كُلِّ حَالٍ عَلَی الْمُشْتَرِی وَ عَلَی الْبَائِعِ فَحَظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّبَا لِعِلَّةِ فَسَادِ الْأَمْوَالِ كَمَا حَظَرَ عَلَی السَّفِیهِ أَنْ یُدْفَعَ إِلَیْهِ مَالُهُ لِمَا یُتَخَوَّفُ عَلَیْهِ مِنْ إِفْسَادِهِ حَتَّی یُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ (1)فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا وَ بَیْعَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَیْنِ یَداً بِیَدٍ وَ عِلَّةُ تَحْرِیمِ الرِّبَا بَعْدَ الْبَیِّنَةِ لِمَا فِیهِ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْحَرَامِ الْمُحَرَّمِ وَ هِیَ كَبِیرَةٌ بَعْدَ الْبَیَانِ وَ تَحْرِیمِ اللَّهِ لَهَا وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِالْمُحَرِّمِ لِلْحَرَامِ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِذَلِكَ دُخُولٌ فِی الْكُفْرِ

ص: 99


1- فی بعض النسخ: رشده. م.

وَ عِلَّةُ تَحْرِیمِ الرِّبَا بِالنَّسِیئَةِ لِعِلَّةِ ذَهَابِ الْمَعْرُوفِ وَ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَ رَغْبَةِ النَّاسِ فِی الرِّبْحِ وَ تَرْكِهِمُ الْقَرْضَ وَ الْقَرْضُ مِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ وَ لِمَا فِی ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ وَ فَنَاءِ الْأَمْوَالِ وَ حَرَّمَ الْخِنْزِیرَ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِظَةً لِلْخَلْقِ وَ عِبْرَةً وَ تَخْوِیفاً وَ دَلِیلًا عَلَی مَا مُسِخَ عَلَی خِلْقَتِهِ وَ لِأَنَّ غِذَاءَهُ أَقْذَرُ الْأَقْذَارِ مَعَ عِلَلٍ كَثِیرَةٍ وَ كَذَلِكَ حَرَّمَ الْقِرْدَ لِأَنَّهُ مُسِخَ مِثْلَ الْخِنْزِیرِ وَ جُعِلَ عِظَةً وَ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ وَ دَلِیلًا عَلَی مَا مُسِخَ عَلَی خِلْقَتِهِ وَ صُورَتِهِ وَ جَعَلَ فِیهِ شَیْئاً مِنَ الْإِنْسَانِ (1)لِیَدُلَّ عَلَی أَنَّهُ مِنَ الْخَلْقِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِ وَ حُرِّمَتِ الْمَیْتَةُ لِمَا فِیهَا مِنْ فَسَادِ الْأَبْدَانِ وَ الْآفَةِ وَ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَجْعَلَ التَّسْمِیَةَ سَبَباً لِلتَّحْلِیلِ وَ فَرْقاً بَیْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الدَّمَ كَتَحْرِیمِ الْمَیْتَةِ لِمَا فِیهِ مِنْ فَسَادِ الْأَبْدَانِ وَ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَ یُبْخِرُ الْفَمَ وَ یُنَتِّنُ الرِّیحَ وَ یُسِیئُ الْخُلُقَ وَ یُورِثُ الْقَسْوَةَ لِلْقَلْبِ وَ قِلَّةَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ حَتَّی لَا یُؤْمَنَ أَنْ یَقْتُلَ وَلَدَهُ وَ وَالِدَهُ وَ صَاحِبَهُ وَ حَرَّمَ الطِّحَالَ لِمَا فِیهِ مِنَ الدَّمِ وَ لِأَنَّ عِلَّتَهُ وَ عِلَّةَ الدَّمِ وَ الْمَیْتَةِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ یَجْرِی مَجْرَاهَا فِی الْفَسَادِ وَ عِلَّةُ الْمَهْرِ وَ وُجُوبِهِ عَلَی الرِّجَالِ وَ لَا یَجِبُ عَلَی النِّسَاءِ أَنْ یُعْطِینَ أَزْوَاجَهُنَّ لِأَنَّ عَلَی الرَّجُلِ مَئُونَةَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَائِعَةٌ نَفْسَهَا وَ الرَّجُلَ مُشْتَرٍ وَ لَا یَكُونُ الْبَیْعُ إِلَّا بِثَمَنٍ وَ لَا الشِّرَاءُ بِغَیْرِ إِعْطَاءِ الثَّمَنِ مَعَ أَنَّ النِّسَاءَ مَحْظُورَاتٌ عَنِ التَّعَامُلِ وَ الْمَجِی ءِ (2)مَعَ عِلَلٍ كَثِیرَةٍ وَ عِلَّةُ تَزْوِیجِ الرَّجُلِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَ تَحْرِیمِ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ كَانَ الْوَلَدُ مَنْسُوباً إِلَیْهِ وَ الْمَرْأَةُ لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ یُعْرَفِ الْوَلَدُ لِمَنْ هُوَ إِذْ هُمْ مُشْتَرِكُونَ فِی نِكَاحِهَا وَ فِی ذَلِكَ فَسَادُ الْأَنْسَابِ وَ الْمَوَارِیثِ وَ الْمَعَارِفِ

ص: 100


1- فی المصدر: شبها من الإنسان. م.
2- فی نسخة: المتجر.

وَ عِلَّةُ تَزْوِیجِ الْعَبْدِ اثْنَتَیْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ نِصْفُ رَجُلٍ حُرٍّ فِی الطَّلَاقِ وَ النِّكَاحِ لَا یَمْلِكُ نَفْسَهُ وَ لَا لَهُ مَالٌ إِنَّمَا یُنْفِقُ عَلَیْهِ مَوْلَاهُ وَ لِیَكُونَ ذَلِكَ فَرْقاً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْحُرِّ وَ لِیَكُونَ أَقَلَّ لِاشْتِغَالِهِ عَنْ خِدْمَةِ مَوَالِیهِ وَ عِلَّةُ الطَّلَاقِ ثَلَاثاً لِمَا فِیهِ مِنَ الْمُهْلَةِ فِیمَا بَیْنَ الْوَاحِدَةِ إِلَی الثَّلَاثِ لِرَغْبَةٍ تَحْدُثُ أَوْ سُكُونِ غَضَبٍ إِنْ كَانَ وَ لِیَكُونَ ذَلِكَ تَخْوِیفاً وَ تَأْدِیباً لِلنِّسَاءِ وَ زَجْراً لَهُنَّ عَنْ مَعْصِیَةِ أَزْوَاجِهِنَّ فَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ الْفُرْقَةَ وَ الْمُبَایَنَةَ لِدُخُولِهَا فِیمَا لَا یَنْبَغِی مِنْ مَعْصِیَةِ زَوْجِهَا وَ عِلَّةُ تَحْرِیمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِیقَاتٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَداً عُقُوبَةً لِئَلَّا یُتَلَاعَبَ بِالطَّلَاقِ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ الْمَرْأَةُ وَ لِیَكُونَ نَاظِراً فِی أَمْرِهِ مُتَیَقِّظاً مُعْتَبِراً وَ لِیَكُونَ یَأْساً لَهُمَا مِنَ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِیقَاتٍ وَ عِلَّةُ طَلَاقِ الْمَمْلُوكِ اثْنَتَیْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَمَةِ عَلَی النِّصْفِ فَجَعَلَهُ اثْنَتَیْنِ احْتِیَاطاً لِكَمَالِ الْفَرَائِضِ وَ كَذَلِكَ فِی الْفَرْقِ فِی الْعِدَّةِ لِلْمُتَوَفَّی (1)عَنْهَا زَوْجُهَا وَ عِلَّةُ تَرْكِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِی الطَّلَاقِ وَ الْهِلَالِ لِضَعْفِهِنَّ عَنِ الرُّؤْیَةِ وَ مُحَابَاتِهِنَّ النِّسَاءَ فِی الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ لَا یَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ إِلَّا فِی مَوْضِعِ ضَرُورَةٍ مِثْلِ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَ مَا لَا یَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَیْهِ كَضَرُورَةِ تَجْوِیزِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا لَمْ یُوجَدْ غَیْرُهُمْ وَ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ مُسْلِمَیْنِ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَیْرِكُمْ كَافِرَیْنِ وَ مِثْلِ شَهَادَةِ الصِّبْیَانِ عَلَی الْقَتْلِ إِذَا لَمْ یُوجَدْ غَیْرُهُمْ وَ الْعِلَّةُ فِی شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فِی الزِّنَا وَ اثْنَیْنِ فِی سَائِرِ الْحُقُوقِ لِشِدَّةِ حَدِّ الْمُحْصَنِ لِأَنَّ فِیهِ الْقَتْلَ فَجُعِلَتِ الشَّهَادَةُ فِیهِ مُضَاعَفَةً مُغَلَّظَةً لِمَا فِیهِ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ وَ ذَهَابِ نَسَبِ وَلَدِهِ وَ لِفَسَادِ الْمِیرَاثِ وَ عِلَّةُ تَحْلِیلِ مَالِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ بِغَیْرِ إِذْنِهِ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِلْوَالِدِ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّكُورَ مَعَ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِمَئُونَتِهِ صَغِیراً وَ كَبِیراً وَ الْمَنْسُوبُ إِلَیْهِ وَ الْمَدْعُوُّ لَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِیكَ وَ لَیْسَتِ الْوَالِدَةُ كَذَلِكَ

ص: 101


1- فی نسخة: المتوفی.

لَا تَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْأَبِ لِأَنَّ الْأَبَ مَأْخُوذٌ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ وَ لَا تُؤْخَذُ الْمَرْأَةُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهَا وَ الْعِلَّةُ فِی أَنَّ الْبَیِّنَةَ فِی جَمِیعِ الْحُقُوقِ عَلَی الْمُدَّعِی وَ الْیَمِینَ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ مَا خَلَا الدَّمَ لِأَنَّ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ جَاحِدٌ وَ لَا یُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَیِّنَةِ عَلَی الْجُحُودِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَ صَارَتِ الْبَیِّنَةُ فِی الدَّمِ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ وَ الْیَمِینُ عَلَی الْمُدَّعِی لِأَنَّهُ حَوْطٌ یَحْتَاطُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ لِئَلَّا یَبْطُلَ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ لِیَكُونَ ذَلِكَ زَاجِراً وَ نَاهِیاً لِلْقَاتِلِ لِشِدَّةِ إِقَامَةِ الْبَیِّنَةِ عَلَیْهِ لِأَنَّ مَنْ یَشْهَدُ عَلَی أَنَّهُ لَمْ یَفْعَلْ قَلِیلٌ وَ أَمَّا عِلَّةُ الْقَسَامَةِ أَنْ جُعِلَتْ خَمْسِینَ رَجُلًا فَلِمَا فِی ذَلِكَ مِنَ التَّغْلِیظِ وَ التَّشْدِیدِ وَ الِاحْتِیَاطِ لِئَلَّا یَهْدِرَ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ عِلَّةُ قَطْعِ الْیَمِینِ مِنَ السَّارِقِ لِأَنَّهُ یُبَاشِرُ الْأَشْیَاءَ غَالِباً بِیَمِینِهِ وَ هِیَ أَفْضَلُ أَعْضَائِهِ وَ أَنْفَعُهَا لَهُ فَجُعِلَ قَطْعُهَا نَكَالًا وَ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ لِئَلَّا یَبْتَغُوا أَخْذَ الْأَمْوَالِ مِنْ غَیْرِ حِلِّهَا وَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا یُبَاشِرُ السَّرِقَةَ بِیَمِینِهِ وَ حُرِّمَ غَصْبُ الْأَمْوَالِ وَ أَخْذُهَا مِنْ غَیْرِ حِلِّهَا لِمَا فِیهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ وَ الْفَسَادُ مُحَرَّمٌ لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَنَاءِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَ حُرِّمَ السَّرِقَةُ لِمَا فِیهَا مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ وَ قَتْلِ الْأَنْفُسِ لَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً وَ لِمَا یَأْتِی فِی التَّغَاصُبِ مِنَ الْقَتْلِ وَ التَّنَازُعِ وَ التَّحَاسُدِ وَ مَا یَدْعُو إِلَی تَرْكِ التِّجَارَاتِ وَ الصِّنَاعَاتِ فِی الْمَكَاسِبِ وَ اقْتِنَاءِ الْأَمْوَالِ إِذَا كَانَ الشَّیْ ءُ الْمُقْتَنَی لَا یَكُونُ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ وَ عِلَّةُ ضَرْبِ الزَّانِی عَلَی جَسَدِهِ بِأَشَدِّ الضَّرْبِ لِمُبَاشَرَتِهِ الزِّنَا وَ اسْتِلْذَاذِ الْجَسَدِ كُلِّهِ بِهِ فَجُعِلَ الضَّرْبُ عُقُوبَةً لَهُ وَ عِبْرَةً لِغَیْرِهِ وَ هُوَ أَعْظَمُ الْجِنَایَاتِ وَ عِلَّةُ ضَرْبِ الْقَاذِفِ وَ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِینَ جَلْدَةً لِأَنَّ فِی الْقَذْفِ نَفْیَ الْوَلَدِ وَ قَطْعَ النَّسْلِ وَ ذَهَابَ النَّسَبِ وَ كَذَلِكَ شَارِبُ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ إِذَا شَرِبَ هَذَی وَ إِذَا هَذَی افْتَرَی فَوَجَبَ حَدُّ الْمُفْتَرِی وَ عِلَّةُ الْقَتْلِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ فِی الثَّالِثَةِ عَلَی الزَّانِی وَ الزَّانِیَةِ لِاسْتِخْفَافِهِمَا وَ قِلَّةِ مُبَالاتِهِمَا بِالضَّرْبِ حَتَّی كَأَنَّهُمَا مُطْلَقٌ لَهُمَا ذَلِكَ الشَّیْ ءُ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی أَنَّ الْمُسْتَخِفَّ بِاللَّهِ وَ بِالْحَدِّ كَافِرٌ فَوَجَبَ عَلَیْهِ الْقَتْلُ لِدُخُولِهِ فِی الْكُفْرِ

ص: 102

وَ عِلَّةُ تَحْرِیمِ الذُّكْرَانِ لِلذُّكْرَانِ وَ الْإِنَاثِ لِلْإِنَاثِ لِمَا رُكِّبَ فِی الْإِنَاثِ وَ مَا طُبِعَ عَلَیْهِ الذُّكْرَانُ وَ لِمَا فِی إِتْیَانِ الذُّكْرَانِ الذُّكْرَانَ وَ الْإِنَاثِ لِلْإِنَاثِ مِنِ انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَ فَسَادِ التَّدْبِیرِ وَ خَرَابِ الدُّنْیَا وَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَی الْبَقَرَ وَ الْغَنَمَ وَ الْإِبِلَ لِكَثْرَتِهَا وَ إِمْكَانِ وُجُودِهَا وَ تَحْلِیلِ بَقَرِ الْوَحْشِ وَ غَیْرِهَا مِنْ أَصْنَافِ مَا یُؤْكَلُ مِنَ الْوَحْشِ الْمُحَلَّلَةِ لِأَنَّ غِذَاءَهَا غَیْرُ مَكْرُوهٍ وَ لَا مُحَرَّمٍ وَ لَا هِیَ مُضِرَّةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَ لَا مُضِرَّةٌ بِالْإِنْسِ وَ لَا فِی خَلْقِهَا تَشْوِیهٌ وَ كُرِهَ أَكْلُ لُحُومِ الْبِغَالِ وَ الْحَمِیرِ الْأَهْلِیَّةِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَی ظُهُورِهَا وَ اسْتِعْمَالِهَا وَ الْخَوْفِ مِنْ قِلَّتِهَا لَا لِقَذَرِ خَلْقِهَا وَ لَا قَذَرِ غِذَائِهَا وَ حُرِّمَ النَّظَرُ إِلَی شُعُورِ النِّسَاءِ الْمَحْجُوبِ بِالْأَزْوَاجِ وَ إِلَی غَیْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ لِمَا فِیهِ مِنْ تَهْیِیجِ الرِّجَالِ وَ مَا یَدْعُو التَّهْیِیجُ إِلَیْهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ الدُّخُولِ فِیمَا لَا یَحِلُّ وَ لَا یَجْمُلُ (1)وَ كَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ الشُّعُورَ إِلَّا الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِی لا یَرْجُونَ نِكاحاً فَلَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُناحٌ أَنْ یَضَعْنَ ثِیابَهُنَّ غَیْرَ مُتَبَرِّجاتٍ أَیْ غَیْرَ الْجِلْبَابِ فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَی شُعُورِ مِثْلِهِنَّ وَ عِلَّةُ إِعْطَاءِ النِّسَاءِ نِصْفَ مَا یُعْطَی الرِّجَالَ مِنَ الْمِیرَاثِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ أَخَذَتْ وَ الرَّجُلَ یُعْطِی فَلِذَلِكَ وُفِّرَ عَلَی الرِّجَالِ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی فِی إِعْطَاءِ الذَّكَرِ مِثْلَیْ مَا تُعْطَی الْأُنْثَی لِأَنَّ الْأُنْثَی فِی عِیَالِ الذَّكَرِ إِنِ احْتَاجَتْ وَ عَلَیْهِ أَنْ یَعُولَهَا وَ عَلَیْهِ نَفَقَتُهَا وَ لَیْسَ عَلَی الْمَرْأَةِ أَنْ تَعُولَ الرَّجُلَ وَ لَا تُؤْخَذَ بِنَفَقَتِهِ إِذَا احْتَاجَ فَوَفَّرَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الرِّجَالِ لِذَلِكَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ وَ عِلَّةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَا تَرِثُ مِنَ الْعَقَارِ شَیْئاً إِلَّا قِیمَةَ الطُّوبِ وَ النِّقْضِ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا یُمْكِنُ تَغْیِیرُهُ وَ قَلْبُهُ وَ الْمَرْأَةُ یَجُوزُ أَنْ یَنْقَطِعَ مَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَهُ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ یَجُوزُ تَغْیِیرُهَا وَ تَبْدِیلُهَا وَ لَیْسَ الْوَلَدُ وَ الْوَالِدُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا یُمْكِنُ التَّفَصِّی مِنْهُمَا وَ الْمَرْأَةُ یُمْكِنُ الِاسْتِبْدَالُ بِهَا فَمَا یَجُوزُ أَنْ یَجِی ءَ وَ یَذْهَبَ كَانَ مِیرَاثُهُ فِیمَا یَجُوزُ تَبْدِیلُهُ وَ تَغْیِیرُهُ إِذْ أَشْبَهَهُ وَ كَانَ الثَّابِتُ الْمُقِیمُ عَلَی حَالِهِ لِمَنْ كَانَ مِثْلَهُ فِی الثَّبَاتِ وَ الْقِیَامِ.

ص: 103


1- فی نسخة: و لا یحمد.

توضیح: قوله علیه السلام لأنه أكثر الضمیر راجع إلی كل واحد من البول و الغائط و قوله و أدوم عطف تفسیر لقوله أكثر قوله علیه السلام و مشقته لأنه اشتغال بفعل لا استلذاذ فیه. قوله علیه السلام و الإكراه لأنفسهم أی بإرادتهم كأن المرید لشی ء یكره نفسه علیه و الأظهر أنه تصحیف و لا إكراه ثم اعلم أن الاختیار فی الجنابة مبنی علی الغالب إذ الاحتلام یقع بغیر اختیار. قوله لما فیه من تعظیم العبد الضمیر راجع إلی العید أو إلی الغسل قوله علیه السلام و زیادة فی النوافل أی ثوابها أو هو نفسه زیادة فیها. قوله علیه السلام لیطلب به أی لیطلب الناس الأجر بسببه للصلاة علیه و تشییعه و دفنه و یؤیده ما فی العلل لیطلب وجهه إلی وجه اللّٰه و رضاه و فی بعض نسخ العیون لیطالب فیه فیكون قوله و یشفع له عطفا تفسیریا له. قوله علیه السلام لأنهما ظاهران مكشوفان علة لأصل المسح و قوله و لیس فیهما علة للاكتفاء به بدون الغسل. قوله علیه السلام و تحصین أموال الأغنیاء أی حفظها من الضیاع فإن أداء الزكاة یوجب عدم تلفها و ضیاعها قوله علیه السلام و الحث لهم أی للأغنیاء علی المواساة بإعطاء أصل الزكاة أو لأن إعطاء الزكاة یوجب تزكیة النفس عن البخل و هذا أنسب بلفظ المواساة إذ هی المساهمة و المساواة فی المال بأن یعطی الفقراء مثل ما یأخذ لنفسه قوله علیه السلام من الحث فی ذلك أی فی الاستدلال و العبرة قوله علیه السلام فی أمور كثیرة متعلق بقوله الشكر لله أو بمقدر أی تحصل تلك الفضائل فی أمور كثیرة. قوله علیه السلام و منه متعلق بالرهبة كما أن إلی اللّٰه متعلق بالرغبة قوله علیه السلام و تجدید الحقوق عطف علی الترك كما أن ما قبله معطوف علی مدخوله. قوله علیه السلام و علة وضع البیت وسط الأرض أی لم یقال إنه وضع وسط الأرض لأن الأرض دحیت من تحته إلی أطراف الأرض فلذا یقال إنه الوسط أو المراد

ص: 104

بالوسط وسط المعمورة تقریبا لكون بعض العمارة فی العرض الجنوبی أیضا و یحتمل علی بعد أن یكون الوسط بمعنی الأشرف و علی الاحتمال الأول یمكن أن یكون هبوب الریح أیضا علة أخری لكونه وسطا قوله علیه السلام كانوا یمكون فیها هذا لا یساعده الاشتقاق إلا أن یقال كان أصل مكة مكوة فصارت بكثرة الاستعمال هكذا أو یقال كان أصل المكاء المك فقلبت الكاف الثانیة من باب أملیت و أمللت أو یقال إن بیان ذلك لیس لبیان مبدإ الاشتقاق بل لبیان أن الذین كان ذلك فعالهم أهلكهم و نقصهم یقال مكة أهلكه و نقصه و یمكن أن یكون مبنیا علی الاشتقاق الكبیر. قوله علیه السلام لیعلم فیه لف و نشر فإن العلم بحال أهل الفقر فی الدنیا علة لكونه واعظا و العلم بحال أهل الفقر فی الآخرة علة لكونه دلیلا. قوله علیه السلام من قتل الأنفس أی للتغایر قوله علیه السلام و العقوبة لهم لعلها معطوفة علی نصرتهم أو علی الأعداء و علی التقدیرین ضمیر الجمع راجع إلی الأعداء أو إلی الرسول و الأئمة و دعوا علی المعلوم أو علی المجهول. قوله علیه السلام و كذلك لو عرف الرجل أی أن التعرب بعد الهجرة إنما یحرم لتضمنه ترك نصرة الأنبیاء و الحجج علیهم السلام و ترك الحقوق اللازمة بین المسلمین و الرجوع إلی الجهل لا لخصوص كونه فی الأصل من أهل البادیة إذ یحرم علی من كمل علمه من غیر أهل البادیة أیضا أن یساكنهم لتلك العلة أو المعنی أنه لیس لخصوص سكنی البادیة مدخل فی ذلك بل لا یجوز لمن كمل علمه أن یساكن أهل الجهل من أهل القری و البلاد أیضا و فی العلل و لذلك و هو أظهر قوله علیه السلام و الخوف علیه كأنه معطوف علی الجهل أی مساكنة جماعة یخاف علیه من مجالستهم الضلال و ترك الحق و یحتمل أن یكون معطوفا علی ذلك إذا كان لذلك و علی التقدیرین المراد عدم جواز مساكنة من یخاف علیه فی مجالستهم (1)ترك الدین أو الوقوع فی المحرمات. قوله علیه السلام فجعل اللّٰه عز و جل المفعول الثانی لجعل قوله كل ذی ناب أی لما كانت العلة فی حرمتها أكلها اللحوم و افتراسها الحیوانات جعل ضابط الحكم ما

ص: 105


1- فی نسخة: من مجالستهم.

یدل علیه من الناب و المخلب و قوله و علة أخری یمكن أن یكون لبیان قاعدة أخری ذكرها استطرادا و یكون المراد بالعلة القاعدة و یحتمل أن یكون الصفیف أیضا من علامات الجلادة و السبعیة و لا یبعد أن یكون و علة أخری كلام ابن سنان أدخلها بین كلامه علیه السلام بقرینة تغییر الأسلوب و أما عدم القانصة فمن لوازم سباع الطیر غالبا. قوله علیه السلام وكس أی نقص قوله علیه السلام علی المشتری متعلق بالبیع و قوله علیه السلام علی البائع متعلق بالشراء علی اللف و النشر قوله علیه السلام بالحرام المحرم أی المبین حرمته. قوله علیه السلام و لما أراد اللّٰه لما كانت المیتة نوعین الأول أن یكون موتها بغیر الذبح فیجمد الدم فی بدنها و یورث أكلها فساد الأبدان و الآفة و الثانی أن یكون ترك التسمیة أو الاستقبال فقوله لما أراد اللّٰه لهذا الفرد منها أی العلة فیها أمر آخر یرجع إلی صلاح أدیانهم لا أبدانهم. قوله علیه السلام احتیاطا لكمال الفرائض أی لیس لثلاث تطلیقات نصف لعدم تنصف الطلاق فإما أن یؤخذ واحد أو اثنان فاختیر الاثنان لرعایة الاحتیاط. قوله علیه السلام و لا تؤخذ المرأة أی مع وجود الوالد و قدرته علی الإنفاق قوله علیه السلام لما ركب فی الإناث أی من المیل إلی الرجال أو من العضو الذی یناسب وطی الرجال لهن. و قال فی النهایة الجلباب الإزار و الرداء و قیل الملحفة و قیل هو كالمقنعة تغطی به المرأة رأسها و ظهرها و صدرها و قیل ثوب أوسع من الخمار و دون الرداء انتهی و قد ورد فی الأخبار المعتبرة أنها تضع من الثیاب الجلباب و هذا الخبر یدل علی أنه لا تضعه و لعل لفظ غیر زید من النساخ كما هو فی بعض النسخ أو المراد بالجلباب ما یكشف بوضعه سائر الجسد غیر الشعر و ما یجوز لهن كشفه إذ قد فسر بالقمیص أیضا. قوله علیه السلام و علیه نفقتها لعل المراد أنه یجبر الرجال علی نفقة النساء كالبنت

ص: 106

و الأم و إن كان فقیرا إذا كان قادرا علی الكسب بخلاف العكس و الطوب بالضم الآجر و سیأتی توضیح تلك العلل فی الأبواب المناسبة لها.

«3»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام یَقُولُ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِمَا فِیهَا مِنَ الْفَسَادِ وَ مِنْ تَغْیِیرِهَا عُقُولَ شَارِبِیهَا وَ حَمْلِهَا إِیَّاهُمْ عَلَی إِنْكَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْفِرْیَةِ عَلَیْهِ وَ عَلَی رُسُلِهِ وَ سَائِرِ مَا یَكُونُ مِنْهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَ الْقَتْلِ وَ الْقَذْفِ وَ الزِّنَا وَ قِلَّةِ الِاحْتِجَازِ مِنْ شَیْ ءٍ مِنَ الْحَرَامِ فَبِذَلِكَ قَضَیْنَا عَلَی كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ یَأْتِی مِنْ عَاقِبَتِهَا مَا یَأْتِی مِنْ عَاقِبَةِ الْخَمْرِ فَلْیَجْتَنِبْ مَنْ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ یَتَوَلَّانَا وَ یَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا كُلَّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُ لَا عِصْمَةَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ شَارِبِیهَا.

الفصل الثالث فی نوادر العلل و متفرقاتها

«1»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ زَیْنَبَ بِنْتِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فِی خُطْبَتِهَا فِی مَعْنَی فَدَكَ لِلَّهِ فِیكُمْ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَیْكُمْ وَ بَقِیَّةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَیْكُمْ كِتَابُ اللَّهِ بَیِّنَةٌ بَصَائِرُهُ وَ آیٌ مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ وَ بُرْهَانٌ مُتَجَلِّیَةٌ ظَوَاهِرُهُ مُدِیمٌ لِلْبَرِیَّةِ اسْتِمَاعُهُ وَ قَائِدٌ إِلَی الرِّضْوَانِ أَتْبَاعَهُ وَ مُؤَدٍّ إِلَی النَّجَاةِ أَشْیَاعَهُ فِیهِ تِبْیَانُ حُجَجِ اللَّهِ الْمُنِیرَةِ وَ مَحَارِمِهِ الْمُحَرَّمَةِ وَ فَضَائِلِهِ الْمُدَوَّنَةِ وَ جُمَلِهِ الْكَافِیَةِ وَ رُخَصِهِ الْمَوْهُوبَةِ وَ شَرَائِعِهِ الْمَكْتُوبَةِ وَ بَیِّنَاتِهِ الْجَالِیَةِ فَفَرَضَ الْإِیمَانَ تَطْهِیراً مِنَ الشِّرْكِ وَ الصَّلَاةَ تَنْزِیهاً مِنَ الْكِبْرِ وَ الزَّكَاةَ زِیَادَةً فِی الرِّزْقِ وَ الصِّیَامَ تَثْبِیتاً لِلْإِخْلَاصِ وَ الْحَجَّ تَسْلِیَةً لِلدِّینِ وَ الْعَدْلَ مُسْكاً لِلْقُلُوبِ وَ الطَّاعَةَ نِظَاماً لِلْمِلَّةِ وَ الْإِمَامَةَ لَمّاً مِنَ الْفُرْقَةِ وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَ الصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَی الِاسْتِیجَابِ وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ وَ بِرَّ الْوَالِدَیْنِ وِقَایَةً عَنِ السَّخَطِ (1)وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ الْوَفَاءَ لِلنَّذْرِپ

ص: 107


1- فی نسخة: من السخط.

تَعَرُّضاً لِلْمَغْفِرَةِ وَ تَوْفِیَةَ الْمَكَایِیلِ وَ الْمَوَازِینِ تَغْیِیراً لِلْبَخْسَةِ وَ اجْتِنَابَ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ حَجْباً عَنِ اللَّعْنَةِ وَ اجْتِنَابَ السَّرِقَةِ إِیجَاباً لِلْعِفَّةِ وَ مُجَانَبَةَ أَكْلِ أَمْوَالِ الْیَتَامَی إِجَارَةً مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعَدْلَ فِی الْأَحْكَامِ إِینَاساً لِلرَّعِیَّةِ وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الشِّرْكَ إِخْلَاصاً لِلرُّبُوبِیَّةِ فَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ فِیمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ انْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه أخبرنا علی بن حاتم عن محمد بن أسلم عن عبد الجلیل الباقطانی عن الحسن بن موسی الخشاب عن عبد اللّٰه بن محمد العلوی عن رجال من أهل بیته عن زینب بنت علی عن فاطمة علیها السلام بمثله

وَ أَخْبَرَنِی عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْمِصْرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ یَحْیَی النَّاشِبِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الْعَبْسِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی الْمَعْمَرِیِّ عَنْ حَفْصٍ الْأَحْمَرِ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَمَّتِهِ زَیْنَبَ بِنْتِ عَلِیٍّ عَنْ فَاطِمَةَ علیها السلام بِمِثْلِهِ وَ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ فِی اللَّفْظِ.

بیان: قولها و بقیة أی من رحمته أقامها مقام نبیكم قولها بصائره أی دلائله المبصرة الواضحة. قولها علیها السلام مدیم للبریة استماعه أی ما دام القرآن بینهم لا ینزل علیهم العذاب كما ورد فی الأخبار هذا إذا قرئ استماعه بالرفع و إذا قرئ بالنصب فالمعنی أنه یجب علی الخلائق استماعه و العمل به إلی یوم القیامة أو لا یكرر بتكرر الاستماع و لا یخلق بكثرة التلاوة. قولها اتباعه بصیغة المصدر لیناسب ما تقدمه أو الجمع لیوافق ما بعده و فی الفقیه المنورة مكان المنیرة و المحدودة مكان المحرمة و المندوبة مكان المدونة. قولها و شرائعها المكتوبة أی الواجبة أو المقرّرة و الجالیة الواضحة قولها تثبیتا للإخلاص لأنه أمر عدمی لیس فیه ریاء و السناء الرفعة قولها مسكا للقلوب أی یمسكها عن الخوف و القلق و الاضطراب أو عن الجور و الظلم. قولها علیها السلام و الطاعة أی طاعة اللّٰه و النبی و الإمام و اللم الاجتماع قولها

ص: 108

علیها السلام معونة علی الاستیجاب أی طلب إیجاب المطلوب و الظفر به و فی بعض النسخ الاستنجاب أی طلب نجابة النفس. قولها علیها السلام منماة للعدد أی إذا وصلهم أحبوه و أعانوه فیكثر عدد أتباعه و أحبائه بهم أو یزید اللّٰه أولاده و أحفاده و سیأتی شرح تمام الخطبة مفصلا فی كتاب الفتن إن شاء اللّٰه تعالی.

«2»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الدَّیْرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْوَرَّاقِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ مَعْمَرٍ بن [عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لِی یَا أَحْمَدُ الْإِسْلَامُ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَ قَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِیهَا أَوَّلُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ هِیَ الْكَلِمَةُ وَ الثَّانِیَةُ الصَّلَاةُ وَ هِیَ الطُّهْرُ وَ الثَّالِثَةُ الزَّكَاةُ وَ هِیَ الْفِطْرَةُ وَ الرَّابِعَةُ الصَّوْمُ وَ هِیَ الْجُنَّةُ وَ الْخَامِسَةُ الْحَجُّ وَ هِیَ الشَّرِیعَةُ وَ السَّادِسَةُ الْجِهَادُ وَ هُوَ الْعِزُّ وَ السَّابِعَةُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ هُوَ الْوَفَاءُ وَ الثَّامِنَةُ النَّهْیُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ هُوَ الْحُجَّةُ وَ التَّاسِعَةُ الْجَمَاعَةُ وَ هِیَ الْأُلْفَةُ وَ الْعَاشِرَةُ الطَّاعَةُ وَ هِیَ الْعِصْمَةُ قَالَ قَالَ حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ إِنَّ مَثَلَ هَذَا الدِّینِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ (1)الْإِیمَانُ أَصْلُهَا وَ الصَّلَاةُ عُرُوقُهَا وَ الزَّكَاةُ مَاؤُهَا وَ الصَّوْمُ سَعَفُهَا وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرَقُهَا وَ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ ثَمَرُهَا فَلَا تَكْمُلُ شَجَرَةٌ إِلَّا بِالثَّمَرِ كَذَلِكَ الْإِیمَانُ لَا یَكْمُلُ إِلَّا بِالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ.

إیضاح: قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هی الكلمة أی هی الكلمة الجامعة التامة التی تستحق أن تسمی كلمة أو هی مع الشهادة بالرسالة التی هی قرینتها كلمة بها یحكم بالإسلام. قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هی الطهر أی مطهرة من الذنوب قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هی الفطرة تطلق الفطرة علی دین الإسلام لأن الناس مفطورون علیه و الحمل هنا للمبالغة فی بیان اشتراط الإیمان بالزكاة. قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هی الشریعة أی من أعظم الشرائع و لذا سمی اللّٰه تعالی تركه

ص: 109


1- فی نسخة: نابتة.

كفرا قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هو العز أی یوجب عز الدین و غلبته علی سائر الأدیان قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هو الوفاء أی بعهد اللّٰه حیث أخذ عهدهم علی الأمر بالمعروف قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هو الحجة أی إتمام الحجة لله علی الخلق قوله صلی اللّٰه علیه و آله الجماعة أی فی الصلاة أو الاجتماع علی الحق قوله صلی اللّٰه علیه و آله و هی العصمة أی تعصم الناس عن الذنوب و عن استیلاء الشیطان و السعف بالتحریك أغصان النخیل.

«3»-ع، علل الشرائع أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ شَیْ ءٍ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ یُجْعَلْ شَیْ ءٌ إِلَّا لِشَیْ ءٍ.

بیان: أی لم یشرع اللّٰه تعالی حكما من الأحكام إلا لحكمة من الحكم و لم یحلل الحلال إلا لحسنه و لم یحرم الحرام إلا لقبحه لا كما تقوله الأشاعرة من نفی الغرض و إنكار الحسن و القبح العقلیین و یمكن أن یعم بحیث یشمل الخلق و التقدیر أیضا فإنه تعالی لم یخلق شیئا أیضا إلا لحكمة كاملة و علة باعثة و علی نسخة الباء أیضا یرجع إلی ما ذكرنا بأن تكون سببیة و یحتمل أن تكون للملابسة أی لم یخلق و لم یقدر شیئا فی الدنیا إلا متلبسا بحكم من الأحكام یتعلق به و هو مخزون عند أهله من الأئمة علیهم السلام.

«4»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْیَرَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ مَنْ أَغْیَرُ مِمَّنْ حَرَّمَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ

«5»-نهج، نهج البلاغة قب، المناقب لابن شهرآشوب قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَی الْإِیمَانَ تَطْهِیراً مِنَ الشِّرْكِ وَ الصَّلَاةَ تَنْزِیهاً عَنِ الْكِبْرِ وَ الزَّكَاةَ تَسْبِیباً لِلرِّزْقِ وَ الصِّیَامَ ابْتِلَاءً لِإِخْلَاصِ الْمُحِقِّ وَ الْحَجَّ تَقْوِیَةً لِلدِّینِ (1)وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ وَ النَّهْیَ

ص: 110


1- فی النهج: و الصیام ابتلاء لاخلاص الخلق، و الحجّ تقربة للدین. أی سببا لتقرب أهل الدین بعضهم من بعض إذ یجتمعون من جمیع الاقطار فی مقام واحد لغرض واحد. و علی ما فی المتن فالمعنی ظاهر، إذ الحجّ عبادة تستلزم اجتماع أكثر أهل الملّة فی مجمع واحد علی غایة من الذلة و الخضوع و الانقیاد، فمن یری من الملوك و غیرهم هذا المجتمع و المحشد عظم الدین فی عینه و لم یطمع فیهم ففی ذلك تقویة الدین و إعزاز للمسلمین.

عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ إِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ وَ تَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِیناً لِلْعَقْلِ وَ مُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِیجَاباً لِلْعِفَّةِ وَ تَرْكَ الزِّنَا تَحْقِیقاً لِلنَّسَبِ وَ تَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِیراً لِلنَّسْلِ وَ الشَّهَادَاتِ (1)اسْتِظْهَاراً عَلَی الْمُجَاحَدَاتِ وَ تَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِیفاً لِلصِّدْقِ وَ السَّلَامَ أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ وَ الْإِمَامَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ (2)وَ الطَّاعَةَ تَعْظِیماً لِلسُّلْطَانِ (3)

«6»-قب، المناقب لابن شهرآشوب مِمَّا أَجَابَ الرِّضَا علیه السلام بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ لِصَبَّاحِ بْنِ نَصْرٍ الْهِنْدِیِّ وَ عِمْرَانَ الصَّابِی عَنْ مَسَائِلِهِمَا قَالَ عِمْرَانُ الْعَیْنُ نُورٌ مُرَكَّبَةٌ أَمِ الرُّوحُ تُبْصِرُ الْأَشْیَاءَ مِنْ مَنْظَرِهَا قَالَ علیه السلام الْعَیْنُ شَحْمَةٌ وَ هُوَ الْبَیَاضُ وَ السَّوَادُ وَ النَّظَرُ لِلرُّوحِ دَلِیلُهُ أَنَّكَ تَنْظُرُ فِیهِ فَتَرَی صُورَتَكَ فِی وَسَطِهِ وَ الْإِنْسَانُ لَا یَرَی صُورَتَهُ إِلَّا فِی مَاءٍ أَوْ مِرْآةٍ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ صَبَّاحٌ فَإِذَا عَمِیَتِ الْعَیْنُ كَیْفَ صَارَتِ الرُّوحُ قَائِمَةً وَ النَّظَرُ ذَاهِبٌ قَالَ كَالشَّمْسِ طَالِعَةً یَغْشَاهَا الظَّلَامُ قَالا (4)أَیْنَ تَذْهَبُ الرُّوحُ قَالَ أَیْنَ یَذْهَبُ الضَّوْءُ الطَّالِعُ مِنَ الْكُوَّةِ (5)فِی الْبَیْتِ إِذَا سُدَّتِ الْكُوَّةُ قَالَ أَوْضِحْ لِی ذَلِكَ قَالَ الرُّوحُ مَسْكَنُهَا فِی الدِّمَاغِ وَ شُعَاعُهَا مُنْبَثٌّ فِی الْجَسَدِ بِمَنْزِلَةِ الشَّمْسِ دَارَتُهَا فِی السَّمَاءِ وَ شُعَاعُهَا مُنْبَسِطٌ عَلَی الْأَرْضِ فَإِذَا غَابَتِ الدَّارَةُ فَلَا شَمْسَ وَ إِذَا قُطِعَتِ الرَّأْسُ فَلَا رُوحَ قَالا فَمَا بَالُ الرَّجُلِ یَلْتَحِی دُونَ الْمَرْأَةِ قَالَ علیه السلام زَیَّنَ اللَّهُ الرِّجَالَ بِاللِّحَی وَ جَعَلَهَا فَصْلًا یُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَی الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ

ص: 111


1- و فی نسخة من النهج: و الشهادة. قیل: هی الموت فی نصر الحق لیستعان بذلك علی قهر الجاحدین له فیبطل جحوده. و قیل: هی الاخبار بما شاهده و شهده، و غایتها استظهار المستشهد علی مجاهدة خصمه كی لا یضیع لو لم یكن بینهما شاهد.
2- و فی نسخة من النهج: و الامانات نظاما للامة. قیل: لانه إذا روعیت الأمانة فی الاعمال أدی كل عامل ما یجب علیه فتنتظم شئون الأمة، أما لو كثرت الخیانات فقد فسدت و كثر الاهمال فاختل النظام.
3- فی النهج: تعظیما للإمامة.
4- فی المصدر: قال. م.
5- بضم الكاف و فتحها مع الواو المشددة المفتوحة: الخرق فی الحائط.

قَالَ عِمْرَانُ مَا بَالُ الرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُؤَنَّثاً وَ الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ مُذَكَّرَةً قَالَ علیه السلام عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ وَ صَارَ الْغُلَامُ مِنْهَا فِی الرَّحِمِ مَوْضِعَ الْجَارِیَةِ كَانَ مُؤَنَّثاً وَ إِذَا صَارَتِ الْجَارِیَةُ مَوْضِعَ الْغُلَامِ كَانَتْ مُذَكَّرَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الْغُلَامِ فِی الرَّحِمِ مِمَّا یَلِی مَیَامِنَهَا وَ الْجَارِیَةِ مِمَّا یَلِی مَیَاسِرَهَا وَ رُبَّمَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدَیْنِ فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ فَإِنْ عَظُمَ ثَدْیَاهَا جَمِیعاً تَحْمِلُ تَوْأَمَیْنِ وَ إِنْ عَظُمَ أَحَدُ ثَدْیَیْهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِیلًا عَلَی أَنَّهَا تَلِدُ وَاحِداً إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّدْیُ الْأَیْمَنُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَراً وَ إِذَا كَانَ الْأَیْسَرُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ أُنْثَی وَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَضَمُرَ ثَدْیُهَا الْأَیْمَنُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ غُلَاماً وَ إِذَا ضَمُرَ (1)ثَدْیُهَا الْأَیْسَرُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ أُنْثَی وَ إِذَا ضَمُرَا جَمِیعاً تُسْقِطُهُمَا جَمِیعاً قَالا مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ الطُّولُ وَ الْقِصَرُ فِی الْإِنْسَانِ فَقَالَ مِنْ قِبَلِ النُّطْفَةِ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الذَّكَرِ فَاسْتَدَارَتْ جَاءَ الْقِصَرُ وَ إِنْ اسْتَطَالَتْ جَاءَ الطُّولُ قَالَ صَبَّاحٌ مَا أَصْلُ الْمَاءِ قَالَ علیه السلام أَصْلُ الْمَاءِ خَشْیَةُ اللَّهِ بَعْضُهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ یَسْلُكُهُ فِی الْأَرْضِ یَنَابِیعَ وَ بَعْضُهُ مَاءٌ عَلَیْهِ (2)الْأَرَضُونَ وَ أَصْلُهُ وَاحِدٌ عَذْبٌ فُرَاتٌ قَالَ فَكَیْفَ مِنْهَا عُیُونُ نِفْطٍ وَ كِبْرِیتٍ وَ قَارٍ (3)وَ مِلْحٍ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ قَالَ غَیَّرَهُ الْجَوْهَرُ وَ انْقَلَبَتْ كَانْقِلَابِ الْعَصِیرِ خَمْراً وَ كَمَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ فَصَارَتْ خَلًّا وَ كَمَا یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خَالِصاً قَالَ فَمِنْ أَیْنَ أُخْرِجَتْ أَنْوَاعُ الْجَوَاهِرِ قَالَ انْقَلَبَ مِنْهَا كَانْقِلَابِ النُّطْفَةِ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ خِلْقَةً مُجْتَمِعَةً مَبْنِیَّةً عَلَی الْمُتَضَادَّاتِ الْأَرْبَعِ قَالَ عِمْرَانُ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ خُلِقَتْ مِنَ الْمَاءِ وَ الْمَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فَكَیْفَ صَارَتِ الْأَرْضُ بَارِدَةً یَابِسَةً قَالَ سُلِبَتِ النَّدَاوَةُ فَصَارَتْ یَابِسَةً قَالَ الْحَرُّ أَنْفَعُ أَمِ الْبَرْدُ قَالَ بَلِ الْحَرُّ أَنْفَعُ مِنَ الْبَرْدِ لِأَنَّ الْحَرَّ مِنْ حَرِّ الحیات [الْحَیَاةِ] وَ الْبَرْدَ مِنْ بَرْدِ الْمَوْتِ وَ كَذَلِكَ السُّمُومُ الْقَاتِلَةُ الْحَارُّ مِنْهَا أَسْلَمُ وَ أَقَلُّ ضَرَراً مِنَ السُّمُومِ الْبَارِدَةِ

ص: 112


1- أی هزل و دق و قل لحمه.
2- فی نسخة: علته.
3- فی المصدر: فكیف منها عیون نفط و كبریت و منها قار. و القار مادة سوداء تطلی بها السفن یقال بالفارسیة: قیر.

وَ سَأَلَاهُ عَنْ عِلَّةِ الصَّلَاةِ فَقَالَ طَاعَةٌ أَمَرَهُمْ بِهَا وَ شَرِیعَةٌ حَمَلَهُمْ عَلَیْهَا وَ فِی الصَّلَاةِ تَوْقِیرٌ لَهُ وَ تَبْجِیلٌ وَ خُضُوعٌ مِنَ الْعَبْدِ إِذَا سَجَدَ وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ فَوْقَهُ رَبّاً یَعْبُدُهُ وَ یَسْجُدُ لَهُ وَ سَأَلَاهُ عَنِ الصَّوْمِ فَقَالَ علیه السلام امْتَحَنَهُمْ بِضَرْبٍ مِنَ الطَّاعَةِ كَیْمَا یَنَالُوا بِهَا عِنْدَهُ الدَّرَجَاتِ لِیُعَرِّفَهُمْ فَضْلَ مَا أَنْعَمَ عَلَیْهِمْ مِنْ لَذَّةِ الْمَاءِ وَ طِیبِ الْخُبُزِ وَ إِذَا عَطِشُوا یَوْمَ صَوْمِهِمْ ذَكَرُوا یَوْمَ الْعَطَشِ الْأَكْبَرِ فِی الْآخِرَةِ وَ زَادَهُمْ ذَلِكَ رَغْبَةً فِی الطَّاعَةِ وَ سَأَلَاهُ لِمَ حَرَّمَ الزِّنَا قَالَ لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ ذَهَابِ الْمَوَارِیثِ وَ انْقِطَاعِ الْأَنْسَابِ لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ فِی الزِّنَا مَنْ أَحْبَلَهَا وَ لَا الْمَوْلُودُ یَعْلَمُ مَنْ أَبُوهُ وَ لَا أَرْحَامَ مَوْصُولَةَ وَ لَا قَرَابَةَ مَعْرُوفَةَ.

بیان: الدارة الحلقة و الشعر المستدیر علی قرن الإنسان أو موضع الذؤابة أطلقت هنا علی جرم الشمس مجازا قوله علیه السلام خشیة اللّٰه أی لما نظر اللّٰه بالهیبة فی الدرة صارت ماء كما ورد فی الخبر و النظر مجاز فلذا نسب الماء إلی الخشیة و یحتمل أن یكون تصحیف خلقة اللّٰه.

«7»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فَضَالَةُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ أَبِی رَجَاءٍ (1)عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی سُخَیْلَةَ (2)عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: بَیْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا قَصَدَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ

ص: 113


1- قال النجاشیّ فی ص 122 من رجاله: زیاد بن عیسی أبو عبیدة الحذاء كوفیّ، مولی ثقة، روی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام، و أخته حمادة بنت رجاء. و قیل: بنت الحسن روت عن أبی عبد اللّٰه، قاله ابن نوح، عن أبی سعید. و قال الحسن بن علیّ بن فضال: و من أصحاب أبی جعفر أبو عبیدة الحذاء و اسمه زیاد، مات فی حیاة أبی عبد اللّٰه علیه السلام. قال سعد بن عبد اللّٰه الأشعریّ: و من أصحاب أبی جعفر أبو عبیدة و هو زیاد بن أبی رجاء، كوفیّ، ثقة، صحیح، و اسم أبی رجاء منذر، و قیل: زیاد بن أحرم و لم یصحّ. و قال العقیقی العلوی: أبو عبیدة زیاد الحذاء، و كان حسن المنزلة عند آل محمّد صلّی اللّٰه علیه و علیهم و كان زامل أبا جعفر علیه السلام إلی مكّة، له كتاب یرویه علیّ بن رئاب. انتهی. أقول: الظاهر من كلام النجاشیّ اتّحاد زیاد بن أبی رجاء و أبی عبیدة الحذاء، فعلیه یحتمل إمّا زیادة كلمة عن فی السند و إرساله لغرابة روایة زیاد و هو من أصحاب الصادقین علیهما السلام عن أبی سخیلة و هو من أصحاب علیّ علیه السلام؛ و إمّا كون أبی عبیدة كنیة لشخص آخر مجهول غیر الحذاء، و فی نسخة من البحار عن عبیدة باسقاط كلمة «أبی».
2- مصغرا، و حكی المامقانی فی فصل الكنی عن رجال البرقی أن اسمه عاصم بن طریف، و أنه مجهول من أصحاب علیّ علیه السلام.

یَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَمْلُوكُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ابْتُلِیَ بِكَ وَ بُلِیتَ بِهِ لِیَنْظُرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَیْفَ تَشْكُرُ وَ یَنْظُرَ كَیْفَ یَصْبِرُ.

«8»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ إِنَّ مِنْ عِبَادِی مَنْ یَسْأَلُنِی الشَّیْ ءَ مِنْ طَاعَتِی لِأُحِبَّهُ فَأَصْرِفُ ذَلِكَ عَنْهُ لِكَیْ لَا یُعْجِبَهُ عَمَلُهُ.

«9»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ لَا أَنَّ الذَّنْبَ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ مَا خَلَّی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَیْنَ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ وَ بَیْنَ ذَنْبٍ أَبَداً.

ع، (1)علل الشرائع أبی عن سعد عن ابن عیسی عن علی بن الحكم عن ابن أسباط رفعه إلی أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله.

«10»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ الثَّوَابَ عَلَی طَاعَتِهِ وَ الْعِقَابَ عَلَی مَعْصِیَتِهِ زِیَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نَقِمَتِهِ وَ حِیَاشَةً لَهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ (2)

«11»-وَ قَالَ علیه السلام فِی الْقَاصِعَةِ وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَی وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِینَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی الْآخِرِینَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَیْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِی جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِیَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ (3)بُقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ (4)الدُّنْیَا مَدَراً إِلَی قَوْلِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ

ص: 114


1- من هنا إلی آخر الباب سقط عن طبع أمین الضرب و هو موجود فی نسخة المصنّف بخطه الشریف.
2- من حاش الإبل: جمعها و ساقها.
3- الوهر بالتسكین: الصعب: ضد السهل.
4- النتائق جمع نتیقة: البقاع المرتفعة، سمیت مكّة بذلك لارتفاعها و ارتفاع بنائها و شهرتها و علوها من الأرض.

یَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْمَجَاهِدِ وَ یَبْتَلِیهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِی نُفُوسِهِمْ وَ لِیَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً (1)إِلَی فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی عَاجِلِ الْبَغْیِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِینَ بِالصَّلَوَاتِ وَ الزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّیَامِ فِی الْأَیَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِیناً لِأَطْرَافِهِمْ (2)وَ تَخْشِیعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِیلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِیضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُیَلَاءِ عَنْهُمْ لِمَا فِی ذَلِكَ مِنْ تَعْفِیرِ عَتَاقِ الْوُجُوهِ (3)بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ إِلْصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ (4)مِنَ الصِّیَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِی الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ إِلَی أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ انْظُرُوا إِلَی مَا فِی هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ (5)

إلی آخر ما سیأتی مشروحا فی آخر المجلد الخامس (6)

ص: 115


1- بضمتین أی مفتوحة موسعة.
2- المراد بالاطراف هنا الأیدی و الارجل.
3- عتاق الوجوه: كرامها و حسانها، و هو جمع عتیق من عتق: إذا رقت بشرته.
4- المتون: الظهور.
5- القمع: القهر. النواجم: الطوالع جمع ناجمة. القدع: الكف و المنع.
6- و هو كتاب النبوّة، فی باب ما ورد بلفظ نبی من الأنبیاء و بعض نوادر أحوالهم.

أبواب الموت و ما یلحقه إلی وقت البعث و النشور

باب 1 حكمة الموت و حقیقته و ما ینبغی أن یعبر عنه

الآیات؛

الملك: «الَّذِی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْغَفُورُ»(3)

تفسیر: قال الطبرسی أی خلق الموت للتعبد بالصبر علیه و الحیاة للتعبد بالشكر علیها أو الموت للاعتبار و الحیاة للتزود و قیل قدم الموت لأنه إلی القهر أقرب أو لأنه أقدم لِیَبْلُوَكُمْ أی لیعاملكم معاملة المختبر بالأمر و النهی فیجازی كلا بقدر عمله و قیل لیبلوكم أیكم أكثر ذكرا للموت و أحسن له استعدادا و علیه صبرا و أكثر امتثالا فی الحیاة.

«1»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ قَوْماً أَتَوْا نَبِیّاً لَهُمْ فَقَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ (1)یَرْفَعْ عَنَّا الْمَوْتَ فَدَعَا لَهُمْ فَرَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْهُمُ الْمَوْتَ وَ كَثُرُوا حَتَّی ضَاقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ وَ كَثُرَ النَّسْلُ وَ كَانَ الرَّجُلُ یُصْبِحُ فَیَحْتَاجُ أَنْ یُطْعِمَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ جَدَّهُ وَ جَدَّ جَدِّهِ وَ یُوَضِّیَهُمْ (2)وَ یَتَعَاهَدَهُمْ فَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِ الْمَعَاشِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا سَلْ رَبَّكَ أَنْ یَرُدَّنَا إِلَی آجَالِنَا الَّتِی كُنَّا عَلَیْهَا فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَدَّهُمْ إِلَی آجَالِهِمْ.

ص: 116


1- فی المصدر: ربنا. م.
2- أی ینظفهم. و فی المصدر: یرضیهم.

كا، الكافی علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر مثله (1)

«2»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الْحَیَاةُ وَ الْمَوْتُ خَلْقَانِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ فَدَخَلَ فِی الْإِنْسَانِ لَمْ یَدْخُلْ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا وَ خَرَجَتْ (2)مِنْهُ الْحَیَاةُ.

«3»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَیْنٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَقُولُ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِفُلَانٍ فَقَالَ ذَا مَكْرُوهٌ فَقِیلَ فُلَانٌ یَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَ مَا تَرَاهُ یَفْتَحُ فَاهُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَذَلِكَ حِینَ یَجُودُ بِهَا لِمَا یَرَی مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ كَانَ بِهَا ضَنِیناً.

بیان: قال الجزری الاستیثار الانفراد بالشی ء و منه الحدیث إذا استأثر اللّٰه بشی ء فاله عنه انتهی أقول لعل كراهة ذلك لإشعاره بأنه قبل ذلك لم یكن اللّٰه متفردا بالقدرة و التدبیر فیه أو لإیمائه إلی افتقاره سبحانه بذلك و انتفاعه تعالی به.

«4»-ع، علل الشرائع عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا صَارَ الْإِنْسَانُ یَأْكُلُ وَ یَشْرَبُ بِالنَّارِ وَ یُبْصِرُ وَ یَعْمَلُ بِالنُّورِ وَ یَسْمَعُ وَ یَشَمُّ بِالرِّیحِ وَ یَجِدُ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ بِالْمَاءِ وَ یَتَحَرَّكُ بِالرُّوحِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَهَكَذَا الْإِنْسَانُ خُلِقَ مِنْ شَأْنِ الدُّنْیَا وَ شَأْنِ الْآخِرَةِ فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ بَیْنَهُمَا صَارَتْ حَیَاتُهُ فِی الْأَرْضِ لِأَنَّهُ نَزَلَ مِنْ شَأْنِ السَّمَاءِ إِلَی الدُّنْیَا فَإِذَا فَرَّقَ اللَّهُ بَیْنَهُمَا صَارَتْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ الْمَوْتَ تَرُدُّ شَأْنَ الْأُخْرَی إِلَی السَّمَاءِ فَالْحَیَاةُ فِی الْأَرْضِ وَ الْمَوْتُ فِی السَّمَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یُفَرَّقُ بَیْنَ الْأَرْوَاحِ وَ الْجَسَدِ فَرُدَّتِ الرُّوحُ وَ النُّورُ إِلَی (3)الْقُدْرَةِ [الْقُدُسِ الْأُولَی وَ تُرِكَ الْجَسَدُ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الدُّنْیَا وَ إِنَّمَا فَسَدَ الْجَسَدُ فِی الدُّنْیَا لِأَنَّ الرِّیحَ تُنَشِّفُ الْمَاءَ فَیَیْبَسُ فَیَبْقَی الطِّینُ فَیَصِیرُ رُفَاتاً وَ یَبْلَی وَ یَرْجِعُ

ص: 117


1- الا أن فیه: فردهم إلی حالهم. م.
2- فی المصدر: و قد خرجت. م.
3- فی المصدر: إلی القدرة القدس خ ل الأولی. م.

كُلٌّ إِلَی جَوْهَرِهِ الْأَوَّلِ وَ تَحَرَّكَتِ الرُّوحُ (1)بِالنَّفْسِ حَرَكَتَهَا مِنَ الرِّیحِ فَمَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ فَهُوَ نُورٌ مُؤَیَّدٌ بِالْعَقْلِ وَ مَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْكَافِرِ فَهُوَ نَارٌ مُؤَیَّدٌ بِالنُّكْرِ(2) فَهَذِهِ صُورَةُ نَارٍ وَ هَذِهِ صُورَةُ نُورٍ وَ الْمَوْتُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ وَ نَقِمَةٌ عَلَی الْكَافِرِینَ.

أقول: سیأتی الخبر بتمامه و أسناده و شرحه فی كتاب السماء و العالم.

«5»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، (3)قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ لَا ثَلَاثَةٌ فِی ابْنِ آدَمَ مَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ شَیْ ءٌ الْمَرَضُ وَ الْمَوْتُ وَ الْفَقْرُ وَ كُلُّهُنَّ فِیهِ وَ إِنَّهُ لَمَعَهُنَّ وَثَّابٌ.

باب 2 علامات الكبر و أن ما بین الستین إلی السبعین معترك المنایا و تفسیر أرذل العمر

الآیات؛

النحل: «وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ یَتَوَفَّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْ لا یَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَیْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ قَدِیرٌ»(70)

الحج: «یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَیِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِی الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ یُتَوَفَّی وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْلا یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً»(5)

یس: «وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِی الْخَلْقِ أَ فَلا یَعْقِلُونَ»(68)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ أی أدون العمر و أوضعه أی یبقیه حتی یصیر إلی حال الهرم و الخوف فیظهر النقصان فی جوارحه و حواسه و عقله.

ص: 118


1- فی المصدر: و حركت تحركت خ ل الأرواح الروح خ ل.
2- فی المصدر: النكر له. م.
3- سقط هذا الخبر عن طبع أمین الضرب و هو موجود فی نسخة المصنّف بخطه الشریف.

و روی عن علی علیه السلام أَنَّ أَرْذَلَ الْعُمُرِ خَمْسٌ وَ سَبْعُونَ سَنَةً.

و روی مثل ذلك عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و عن قتادة تسعون سنة. لِكَیْلا یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً أی لیرجع إلی حال الطفولیة بنسیان ما كان علمه لأجل الكبر فكأنه لا یعلم شیئا مما كان علیه و قیل لیقل علمه بخلاف ما كان علیه فی حال شبابه.

«1»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ الصَّبَّاحِ مَوْلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمَّا مَرَرْنَا بِأُحُدٍ قَالَ تَرَی الثَّقْبَ الَّذِی فِیهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَرَاهُ وَ عَلَامَةُ الْكِبَرِ ثَلَاثٌ كَلَالُ الْبَصَرِ وَ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ وَ رِقَّةُ الْقَدَمِ.

«2»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِی طَالِبٍ لَمْ یَكُنْ حَضَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَجَاءَهُ قَوْمٌ فَلَمَّا جَلَسَ أَمْسَكَ الْقَوْمُ كَأَنَّ عَلَی رُءُوسِهِمُ الطَّیْرَ فَكَانُوا فِی ذِكْرِ الْفُقَرَاءِ (1)وَ الْمَوْتِ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ ابْتِدَاءً مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا بَیْنَ السِّتِّینَ إِلَی السَّبْعِینَ مُعْتَرَكُ الْمَنَایَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام الْفُقَرَاءُ مِحَنُ الْإِسْلَامِ.

«3»-فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ مِائَةَ سَنَةٍ فَهِیَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ.

«4»-ل، الخصال رُوِیَ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمِائَةَ فَذَلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ.

«5»-وَ رُوِیَ أَنَّ أَرْذَلَ الْعُمُرِ أَنْ یَكُونَ عَقْلُهُ عَقْلَ ابْنِ سَبْعِ سِنِینَ (2)

«6»-ف، تحف العقول عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ یَوْماً إِنَّ أَكْلَ الْبِطِّیخِ یُورِثُ الْجُذَامَ فَقِیلَ لَهُ أَ لَیْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَتَی عَلَیْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ لَمْ یَأْمَنْ أَنْ تُصِیبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ.

ص: 119


1- فی المصدر: الفقر. و كذا فی الفقرة الأخیرة. م.
2- فی المصدر: عقل سبع سنین. م.

«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَقَدِ انْتَهَی مُنْتَهَاهُ وَ إِذَا بَلَغَ إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ فَهُوَ فِی النُّقْصَانِ وَ یَنْبَغِی لِصَاحِبِ الْخَمْسِینَ أَنْ یَكُونَ كَمَنْ هُوَ فِی النَّزْعِ.

«8»-(1)

دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُسْلِمُ إِذَا ضَعُفَ مِنَ الْكِبَرِ یَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ أَنْ یَكْتُبَ لَهُ فِی حَالِهِ تِلْكَ مَا كَانَ یَعْمَلُ وَ هُوَ شَابٌّ نَشِیطٌ مُجْتَمِعٌ.

«9»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْعُمُرُ الَّذِی أَعْذَرَ اللَّهُ فِیهِ إِلَی ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً.

باب 3 الطاعون و الفرار منه

باب 3 الطاعون و الفرار منه (2)

الآیات؛

البقرة: «أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَی النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَشْكُرُونَ»(243)

تفسیر: قیل نزلت فی أهل داوردان قریة قبل واسط وقع فیهم طاعون فخرجوا هاربین فأماتهم اللّٰه فمر بهم حزقیل (3) و قد عریت عظامهم و تفرقت أوصالهم فتعجب من ذلك فأوحی اللّٰه إلیه ناد فیهم أن قوموا بإذن اللّٰه فنادی فقاموا یقولون سبحانك اللّٰهم و بحمدك لا إله إلا أنت و قیل نزلت فی قوم من بنی إسرائیل دعاهم ملكهم إلی الجهاد ففروا حذر الموت فأماتهم اللّٰه ثمانیة أیام ثم أحیاهم.

ص: 120


1- (*)سقط هذا الخبر و تالیه عن طبع أمین الضرب و هما موجودان فی نسخة المصنّف بخطه الشریف.
2- الطاعون: مرض معروف، هو بثر و ورم مؤلم جدا، یخرج مع لهب، و یسود ما حوالیه أو یخضر أو یحمر حمرة بنفسجیة كدرة، و یحصل معه خفقان القلب و القی ء، و یخرج فی المراق و الآباط غالبا و الأیدی و الأصابع و سائر الجسد. قاله النووی فی تهذیب الأسماء و اللغات.
3- هو حزقیل بن بوری و یلقب بابن العجوز، من سلالة لاوی أحد أنبیاء بنی إسرائیل، یأتی ذكره فی كتاب النبوّة.

«1»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبائه عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: قِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السلام أَخْبِرْنَا عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ عَذَابُ اللَّهِ لِقَوْمٍ (1)وَ رَحْمَةٌ لِآخَرِینَ قَالُوا وَ كَیْفَ تَكُونُ الرَّحْمَةُ عَذَاباً قَالَ أَ مَا تَعْرِفُونَ أَنَّ نِیرَانَ جَهَنَّمَ عَذَابٌ عَلَی الْكُفَّارِ وَ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ مَعَهُمْ فِیهَا فَهِیَ رَحْمَةٌ عَلَیْهِمْ.

ع، علل الشرائع الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاصِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْجَوَادِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ مثله.

«2»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الطَّاعُونُ مِیتَةٌ وَحِیَّةٌ.

صح، صحیفة الرضا علیه السلام عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ.

بیان: وحیّة أی سریعة.

«3»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْقَوْمُ یَكُونُونَ فِی الْبَلَدِ یَقَعُ فِیهَا الْمَوْتُ أَ لَهُمْ أَنْ یَتَحَوَّلُوا عَنْهَا إِلَی غَیْرِهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَابَ قَوْماً بِذَلِكَ فَقَالَ أُولَئِكَ كَانُوا رَتَبَةً بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَثْبُتُوا فِی مَوْضِعِهِمْ وَ لَا یَتَحَوَّلُوا مِنْهُ إِلَی غَیْرِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِیهِمُ الْمَوْتُ تَحَوَّلُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَی غَیْرِهِ فَكَانَ تَحْوِیلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَی غَیْرِهِ كَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ.

بیان: فی بعض النسخ رئیة بالهمزة من الرؤیة أی كانوا یتراءون العدوّ و یترقّبونهم و فی بعضها رتبة بالتاء قبل الباء الموحّدة أی رتّبوا و أثبتوا بإزاء العدوّ.

«4»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ: سَأَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنِ الطَّاعُونِ یَقَعُ فِی بَلْدَةٍ وَ أَنَا فِیهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِی الْقَرْیَةِ وَ أَنَا فِیهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِی الدَّارِ وَ أَنَا فِیهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَإِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 121


1- فی نسخة: عذاب لقوم.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ الْفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ كَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِی قَوْمٍ كَانُوا یَكُونُونَ فِی الثُّغُورِ فِی نَحْوِ الْعَدُوِّ فَیَقَعُ الطَّاعُونُ فَیُخَلُّونَ أَمَاكِنَهُمْ وَ یَفِرُّونَ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فِیهِمْ.

«5»-وَ رُوِیَ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ فِی أَهْلِ مَسْجِدٍ فَلَیْسَ لَهُمْ أَنْ یَفِرُّوا مِنْهُ إِلَی غَیْرِهِ.

بیان: یمكن أن یكون الروایة الأخیرة علی تقدیر صحتها محمولة علی الكراهة جمعا بینها و بین ما سبق و الظاهر أن لخصوصیة المسجد مدخلا و لیس لبیان الفرد الخفی

لِمَا رَوَاهُ عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِی كِتَابِ الْمَسَائِلِ، عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَبَاءِ (1)یَقَعُ فِی الْأَرْضِ هَلْ یَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَهْرُبَ مِنْهُ قَالَ یَهْرُبُ مِنْهُ مَا لَمْ یَقَعْ فِی مَسْجِدِهِ الَّذِی یُصَلِّی فِیهِ فَإِذَا وَقَعَ فِی أَهْلِ مَسْجِدِهِ الَّذِی یُصَلِّی فِیهِ فَلَا یَصْلُحُ الْهَرَبُ مِنْهُ

«6»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام جَعْفَرُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیَّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ هَرَبُوا مِنْ بِلَادِهِمْ مِنَ الطَّاعُونِ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْیَةِ فَحَظَرُوا عَلَیْهِمْ حَظِیرَةً (2)فَلَمْ یَزَالُوا فِیهَا حَتَّی نَخِرَتْ عِظَامُهُمْ (3)فَصَارُوا رَمِیماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَعَجَّبَ مِنْهُمْ وَ مِنْ كَثْرَةِ الْعِظَامِ الْبَالِیَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَ تُحِبُّ أَنْ أُحْیِیَهُمْ لَكَ فَتُنْذِرَهُمْ فَقَالَ نَعَمْ یَا رَبِّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ نَادِهِمْ فَقَالَ أَیَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِیَةُ قُومِی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا أَحْیَاءً أَجْمَعُونَ یَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ.

«7»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی یَرْفَعُهُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: دَعَا نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَی قَوْمِهِ فَقِیلَ لَهُ أُسَلِّطُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَقَالَ لَا فَقِیلَ لَهُ فَالْجُوعَ فَقَالَ لَا

ص: 122


1- قال ابن منظور فی لسان العرب: الوباء: الطاعون بالقصر و المد و الهمز، و قیل: هو كل مرض عام.
2- الحظیرة: ما یحاط بالشی ء خشبا أو قصبا.
3- أی بلیت و تفتّت.

فَقِیلَ لَهُ مَا تُرِیدُ فَقَالَ مَوْتٌ دَفِیفٌ یَحْزُنُ الْقَلْبَ وَ یُقِلُّ الْعَدَدَ فَأُرْسِلَ عَلَیْهِمُ الطَّاعُونُ.

«8»-فس، تفسیر القمی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا الْآیَةَ قَالَ إِنَّهُ كَانَ وَقَعَ طَاعُونٌ بِالشَّامِ فِی بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ هَرَباً مِنَ الطَّاعُونِ فَصَارُوا إِلَی مَفَازَةٍ فَمَاتُوا فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّهُمْ وَ كَانُوا حَتَّی إِنَّ الْمَارَّ فِی تِلْكَ الطُّرُقِ كَانَ یُنَحِّی عِظَامَهُمْ بِرِجْلِهِ عَنِ الطَّرِیقِ ثُمَّ أَحْیَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَدَّهُمْ إِلَی مَنَازِلِهِمْ وَ عَاشُوا دَهْراً طَوِیلًا ثُمَّ مَاتُوا وَ دُفِنُوا.

«9»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ وَ غَیْرِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ وَ كَانُوا سَبْعِینَ أَلْفَ بَیْتٍ وَ كَانَ الطَّاعُونُ یَقَعُ فِیهِمْ فِی كُلِّ أَوَانٍ فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ الْأَغْنِیَاءُ لِقُوَّتِهِمْ وَ بَقِیَ فِیهَا الْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ فَكَانَ الْمَوْتُ یَكْثُرُ فِی الَّذِینَ أَقَامُوا وَ یَقِلُّ فِی الَّذِینَ خَرَجُوا فَیَقُولُ الَّذِینَ خَرَجُوا لَوْ كُنَّا أَقَمْنَا لَكَثُرَ فِینَا الْمَوْتُ وَ یَقُولُ الَّذِینَ أَقَامُوا لَوْ كُنَّا خَرَجْنَا لَقَلَّ فِینَا الْمَوْتُ قَالَ فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ جَمِیعاً أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ وَ أَحَسُّوا بِهِ خَرَجُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِالطَّاعُونِ خَرَجُوا جَمِیعاً وَ تَنَحَّوْا عَنِ الطَّاعُونِ حَذَرَ الْمَوْتِ فَسَارُوا فِی الْبِلَادِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِمَدِینَةٍ خَرِبَةٍ قَدْ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ أَفْنَاهُمُ الطَّاعُونُ فَنَزَلُوا بِهَا فَلَمَّا حَطُّوا رِحَالَهُمْ وَ اطْمَأَنُّوا بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوتُوا جَمِیعاً فَمَاتُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ وَ صَارُوا رَمِیماً عِظَاماً تَلُوحُ وَ كَانُوا عَلَی طَرِیقِ الْمَارَّةِ فَكَنَسَتْهُمُ الْمَارَّةُ فَنَحَّوْهُمْ وَ جَمَعُوهُمْ فِی مَوْضِعٍ فَمَرَّ بِهِمْ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ یُقَالُ لَهُ حِزْقِیلُ فَلَمَّا رَأَی تِلْكَ الْعِظَامَ بَكَی وَ اسْتَعْبَرَ (1)وَ قَالَ یَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ لَأَحْیَیْتَهُمُ السَّاعَةَ كَمَا أَمَتَّهُمْ فَعَمَرُوا بِلَادَكَ وَ وَلَدُوا عِبَادَكَ وَ عَبَدُوكَ مَعَ مَنْ یَعْبُدُكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ أَ فَتُحِبُ

ص: 123


1- أی جرت عبرته أی دمعته.

ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ یَا رَبِّ فَأَحْیِهِمْ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ قُلْ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ الَّذِی أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَقُولَهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فَلَمَّا قَالَ حِزْقِیلُ ذَلِكَ الْكَلَامَ نَظَرَ إِلَی الْعِظَامِ یَطِیرُ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ فَعَادُوا أَحْیَاءً یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ یُكَبِّرُونَهُ وَ یُهَلِّلُونَهُ فَقَالَ حِزْقِیلُ عِنْدَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ یَزِیدَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِیهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ.

«10»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، سُئِلَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام عَنِ الطَّاعُونِ أَ نَبْرَأُ مِمَّنْ یَلْحَقُهُ فَإِنَّهُ مُعَذَّبٌ فَقَالَ علیه السلام إِنْ كَانَ عَاصِیاً فَابْرَأْ مِنْهُ طُعِنَ أَوْ لَمْ یُطْعَنْ (1)وَ إِنْ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُطِیعاً فَإِنَّ الطَّاعُونَ مِمَّا تُمَحَّصُ بِهِ ذُنُوبُهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَذَّبَ بِهِ قَوْماً وَ یَرْحَمُ بِهِ آخَرِینَ وَاسِعَةٌ قُدْرَتُهُ لِمَا یَشَاءُ أَ مَا تَرَوْنَ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیَاءً لِعِبَادِهِ وَ مُنْضِجاً لِثِمَارِهِمْ وَ مُبْلِغاً لِأَقْوَاتِهِمْ وَ قَدْ یُعَذِّبُ بِهَا قَوْماً یَبْتَلِیهِمْ بِحَرِّهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِذُنُوبِهِمْ وَ فِی الدُّنْیَا بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ.

باب 4 حب لقاء اللّٰه و ذم الفرار من الموت

الآیات؛

البقرة: «قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* وَ لَنْ یَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ* وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلی حَیاةٍ وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا یَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ یُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ یُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ»(94-96)

آل عمران: «وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَیْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ»(143) (و قال تعالی): «الَّذِینَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ»(168)

ص: 124


1- أی أصابه الطاعون أولا.

النساء: «أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ»(78)

یونس: «إِنَّ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِینَ هُمْ عَنْ آیاتِنا غافِلُونَ* أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ»(7-8)

الأحزاب: «قُلْ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِیلًا»(16)

الجمعة: «قُلْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِیاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ *وَ لا یَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلی عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(6-8)

تفسیر: خالِصَةً أی خاصة بكم و الخطاب للیهود لقولهم لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لأنه من أیقن أنه من أهل الجنة اشتاقها و أحب التخلص إلیها من الدار ذات الشوائب بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ أی من موجبات النار و روی أنهم لو تمنوا الموت لغص (1)كل إنسان بریقه فمات مكانه و ما بقی علی وجه الأرض یهودی وَ مِنَ الَّذِینَ أَشْرَكُوا أی أحرص منهم أو خبر مبتداء محذوف صفته یَوَدُّ أَحَدُهُمْ أی و منهم ناس یود أحدهم و علی هذا أیضا یحتمل أن یكون المراد بالمشركین الیهود لقولهم عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ و الزحزحة التبعید و یحتمل أن یكون المراد عذاب الآخرة أو الأعم فیكون الزحزحة كنایة عن رفعه عنهم إذ بمقدار زیادة العمر یبعد عنهم عذاب البرزخ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ أی الحرب فإنها من أسباب الموت أو الموت بالشهادة و هو توبیخ لمن لم یشهد بدرا و تمنی الجهاد ثم شهد أحدا و فر لا یَرْجُونَ لِقاءَنا أی لا یتوقعونه لإنكارهم البعث أو لا یخافون عقابنا إذ قد یكون الرجاء بمعنی الخوف فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ الخطاب و إن توجه ظاهرا إلی الیهود لكنه تعریض عام لكل من یدعی ولایة اللّٰه و یكره الموت.

«1»-فس، تفسیر القمی فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ قَالَ إِنَّ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ

ص: 125


1- غص بالطعام أو الماء اعترض فی حلقه شی ء منه فمنعه التنفس.

أَوْلِیَاءُ اللَّهِ یَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ

«2»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَیْمَنَ عَنْ دَاوُدَ الْأَبْزَارِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: یُنَادِی مُنَادٍ كُلَّ یَوْمٍ لِدْ لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعْ لِلْفَنَاءِ وَ ابْنِ لِلْخَرَابِ (1)

«3»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِی بِمَا أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ یَا أَبَا عُبَیْدَةَ مَا أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِنْسَانٌ إِلَّا زَهِدَ فِی الدُّنْیَا.

«4»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَوْتَ الْمَوْتَ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِیهِ جَاءَ بِالرَّوْحِ وَ الرَّاحَةِ وَ الْكَرَّةِ الْمُبَارَكَةِ إِلَی جَنَّةٍ عَالِیَةٍ لِأَهْلِ دَارِ الْخُلُودِ الَّذِینَ كَانَ لَهَا سَعْیُهُمْ وَ فِیهَا رَغْبَتُهُمْ وَ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِیهِ جَاءَ بِالشِّقْوَةِ وَ النَّدَامَةِ وَ الْكَرَّةِ الْخَاسِرَةِ إِلَی نَارٍ حَامِیَةٍ (2)لِأَهْلِ دَارِ الْغُرُورِ الَّذِینَ كَانَ لَهَا سَعْیُهُمْ وَ فِیهَا رَغْبَتُهُمْ.

«5»-وَ قَالَ: إِذَا اسْتَحَقَّتْ وِلَایَةُ الشَّیْطَانِ وَ الشَّقَاوَةُ جَاءَ الْأَمَلُ بَیْنَ الْعَیْنَیْنِ وَ ذَهَبَ الْأَجَلُ وَرَاءَ الظَّهْرِ.

«6»-قَالَ وَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّ الْمُؤْمِنِینَ أَكْیَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ أَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَاداً لَهُ.

«7»-وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ فِی فِرَارِهِ مَا مِنْهُ یَفِرُّ وَ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَیْهِ وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ.

أقول سیأتی شرحه فی باب شهادة أمیر المؤمنین علیه السلام (3)

ص: 126


1- اللام فی الجمل الثلاثة للعاقبة.
2- فی نسخة: خاصّة.
3- قال رضی اللّٰه عنه هناك: قوله: كل امرئ لاق فی فراره أی من الأمور المقدرة الحتمیة كالموت، قال اللّٰه تعالی: «قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ» و إنّما قال علیه السلام: فی فراره، لان كل أحد یفر دائما من الموت و إن كان تبعدا، و المساق مصدر میمی، فیحتمل أن یكون المراد بالاجل منتهی العمر و المساق ما یساق إلیه، و أن یكون المراد به المدة فالمساق زمان السوق و قوله علیه السلام: و الهرب منه موافاته من حمل اللازم علی الملزوم، فان الإنسان ما دام یهرب من موته بحركات و تصرفات یفنی عمره فیها فكان الهرب منه موافاته، و المعنی: أنه إذا قدر زوال عمر أو دولة فكل ما یدبره الإنسان لرفع ما یهرب منه یصیر سببا لحصوله، إذ تأثیر الأدویة و الأسباب باذنه تعالی، مع أنّه عند حلول الأجل یصیر أحذق الاطباء أجهلهم و یغفل عما ینفع المریض و هكذا فی سائر الأمور انتهی.

«8»-لی، الأمالی للصدوق الدَّقَّاقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَبْضَ رُوحِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَهْبَطَ اللَّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ دَاعٍ أَمْ نَاعٍ قَالَ بَلْ دَاعٍ یَا إِبْرَاهِیمُ فَأَجِبْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَهَلْ رَأَیْتَ خَلِیلًا یُمِیتُ خَلِیلَهُ قَالَ فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّی وَقَفَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ إِلَهِی قَدْ سَمِعْتَ مَا قَالَ خَلِیلُكَ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ اذْهَبْ إِلَیْهِ وَ قُلْ لَهُ هَلْ رَأَیْتَ حَبِیباً یَكْرَهُ لِقَاءَ حَبِیبِهِ إِنَّ الْحَبِیبَ یُحِبُّ لِقَاءَ حَبِیبِهِ.

«9»-ل، الخصال ابْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ فَقَالَ مَا لِی لَا أُحِبُّ الْمَوْتَ فَقَالَ لَهُ أَ لَكَ مَالٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدَّمْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ ثَمَّ لَا تُحِبُّ الْمَوْتَ.

«10»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقِیناً لَا شَكَّ فِیهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا یَقِینَ فِیهِ مِنَ الْمَوْتِ.

«11»-ل، الخصال الْفَامِیُّ وَ ابْنُ مَسْرُورٍ مَعاً عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمَا ذَا أَحْبَبْتَ لِقَاءَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا رَأَیْتُهُ قَدِ اخْتَارَ لِی دِینَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ أَنْبِیَائِهِ عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِی أَكْرَمَنِی بِهَذَا لَیْسَ یَنْسَانِی فَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ.

«12»-ید، التوحید الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام مِثْلَهُ.

ص: 127

«13»-ل، الخصال الْخَلِیلُ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ عَنْ قُتَیْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی عَمْرٍو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِیدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: شَیْئَانِ یَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ یَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ الْمَوْتُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَ یَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَ قِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ.

«14»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَحَبَّ الْحَیَاةَ ذَلَّ.

«15»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ قَدْ سَئِمْتُ الدُّنْیَا فَأَتَمَنَّی عَلَی اللَّهِ الْمَوْتَ فَقَالَ تَمَنَّ الْحَیَاةَ لِتُطِیعَ لَا لِتَعْصِیَ فَلَأَنْ تَعِیشَ فَتُطِیعَ خَیْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَمُوتَ فَلَا تَعْصِیَ وَ لَا تُطِیعَ.

«16»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِی عَمْرٍو عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَاقِدِیِّ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الزُّهْرِیِّ عَنْ یَزِیدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِیَّةِ (1)عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ (2)قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَجُلٍ یَعُودُهُ وَ هُوَ شَاكٍ فَتَمَنَّی الْمَوْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ فَإِنَّكَ إِنْ تَكُ مُحْسِناً تَزْدَدْ إِحْسَاناً إِلَی إِحْسَانِكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُسِیئاً (3)فَتُؤَخَّرُ لِتَسْتَعْتِبَ فَلَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ.

ص: 128


1- بكسر الفاء و تخفیف الراء بعدها مهملة. و یقال: القرشیة، أوردها ابن حجر فی فصل النساء من التقریب، و وثقها.
2- اسمها لبابة بتخفیف الباء، بنت الحارث بن حزن بن بجیر بن الهزم الهلالیة، زوج العباس ابن عبد المطلب، و اخت میمونة زوج النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله، عدها الشیخ فی رجاله من أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله. و قیل: إنها أول امرأة أسلمت بعد خدیجة؛ حكی عن ابن حبان أنّها ماتت بعد العباس فی خلافة عثمان، و أوردها النسابة البغدادیّ محمّد بن حبیب ابن أمیّة بن عمرو الهاشمی المتوفّی سنة 245 فی كتابه المحبر فی فصل المنجبات من النساء فقال: ولدت الفضل: الردف، و عبد اللّٰه الحبر، و عبید اللّٰه الجواد، و معبدا- شهیدا بافریقیة- و عبد الرحمن- شهیدا بافریقیة- و قثم- شهیدا بسمرقند- بنی العباس بن عبد المطلب، مات الفضل بالشام فی طاعون عمواس، و عبد اللّٰه بالطائف، و عبید اللّٰه بالمدینة. انتهی.
3- فی المصدر: و ان تك. م.

«17»-مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَ مَنْ أَبْغَضَ لِقَاءَ اللَّهِ أَبْغَضَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ فَقَالَ لَیْسَ ذَاكَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ الْمُعَایَنَةِ إِذَا رَأَی مَا یُحِبُّ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنْ أَنْ یَتَقَدَّمَ وَ اللَّهُ یُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ هُوَ یُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ حِینَئِذٍ وَ إِذَا رَأَی مَا یَكْرَهُ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَبْغَضَ إِلَیْهِ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُبْغِضُ لِقَاءَهُ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر القاسم بن محمد مثله.

«18»-مع، معانی الأخبار مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُونُسَ الْمُعَاذِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا صَدِیقٌ وَ كَانَ مَاجِناً فَتَبَاطَی عَلَیْهِ أَیَّاماً فَجَاءَهُ یَوْماً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْتُ بِخِلَافِ مَا أُحِبُّ وَ یُحِبُّ اللَّهُ وَ یُحِبُّ الشَّیْطَانُ فَضَحِكَ الْحَسَنُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُحِبُّ أَنْ أُطِیعَهُ وَ لَا أَعْصِیَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ الشَّیْطَانُ یُحِبُّ أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ وَ لَا أُطِیعَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ لَا أَمُوتَ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا بَالُنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ لَا نُحِبُّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَسَنُ عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ وَ عَمَرْتُمْ دُنْیَاكُمْ فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ النُّقْلَةَ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَی الْخَرَابِ.

توضیح الماجن من لا یبالی قولا و فعلا.

«19»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ شُعَیْبٍ الْعَقَرْقُوفِیِّ (1)قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام شَیْ ءٌ یُرْوَی عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 129


1- بالعین المهملة و القاف المثناة المفتوحتین، ثمّ الراء المهملة الساكنة، ثمّ القاف و الواو، ثمّ الفاء الموحدة، ثمّ الیاء، نسبة إلی عقرقوف، و هو علی ما حكی عن مراصد الاطلاع قریة من نواحی نهر عیسی، بینها و بین بغداد أربع فراسخ، إلی جانبها تل عظیم یری من خمسة فراسخ أو اكثر، و فی وسطه بناء باللبن و القصب؛ و الرجل هو شعیب بن یعقوب ابن اخت یحیی بن القاسم أبی بصیر، روی عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام، ثقة، عین، له كتاب یرویه حماد بن عیسی و غیره.

أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ ثَلَاثَةٌ یُبْغِضُهَا النَّاسُ وَ أَنَا أُحِبُّهَا أُحِبُّ الْمَوْتَ وَ أُحِبُّ الْفَقْرَ وَ أُحِبُّ الْبَلَاءَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَیْسَ عَلَی مَا تَرْوُونَ (1)إِنَّمَا عَنَی الْمَوْتُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنَ الْحَیَاةِ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ الْفَقْرُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنَ الْغِنَی فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ وَ الْبَلَاءُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنَ الصِّحَّةِ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ.

جا، المجالس للمفید أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزیار عن ابن فضال مثله.

«20»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَسَنِ الطَّحَّانِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا یَبْلُغُ أَحَدُكُمْ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی یَكُونَ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ یَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنَ الْحَیَاةِ وَ الْفَقْرُ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنَ الْغِنَی وَ الْمَرَضُ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنَ الصِّحَّةِ قُلْنَا وَ مَنْ یَكُونُ كَذَلِكَ قَالَ كُلُّكُمْ ثُمَّ قَالَ أَیُّمَا أَحَبُّ إِلَی أَحَدِكُمْ یَمُوتُ فِی حُبِّنَا أَوْ یَعِیشُ فِی بُغْضِنَا فَقُلْتُ نَمُوتُ وَ اللَّهِ فِی حُبِّكُمْ أَحَبُّ إِلَیْنَا قَالَ وَ كَذَلِكَ الْفَقْرُ وَ الْغِنَی وَ الْمَرَضُ وَ الصِّحَّةُ قُلْتُ إِی وَ اللَّهِ.

«21»-لی، الأمالی للصدوق عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْیَسُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ذِكْراً لِلْمَوْتِ.

«22»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْمُغِیرَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا أَنْزَلَ الْمَوْتَ حَقَّ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ.

«23»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر حَمَّادُ بْنُ عِیسَی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ إِلَی سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ لَا السُّجُودُ لِلَّهِ وَ مُجَالَسَةُ قَوْمٍ یَتَلَفَّظُونَ طَیِّبَ الْكَلَامِ كَمَا یُتَلَفَّظُ طَیِّبُ التَّمْرِ لَتَمَنَّیْتُ الْمَوْتَ.

«24»-لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ

ص: 130


1- فی نسخة: علی ما یرون.

أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍّ (1)قَالَ: إِنَّ شَابّاً مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ یَأْتِی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ یُكْرِمُهُ وَ یدینه (2) [یُدْنِیهِ] فَقِیلَ لَهُ إِنَّكَ تُكْرِمُ هَذَا الشَّابَّ وَ تدینه [تُدْنِیهِ] وَ هُوَ شَابُّ سَوْءٍ یَأْتِی الْقُبُورَ فَیَنْبُشُهَا بِاللَّیَالِی فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَعْلِمُونِی قَالَ فَخَرَجَ الشَّابُّ فِی بَعْضِ اللَّیَالِی یَتَخَلَّلُ الْقُبُورَ فَأُعْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِذَلِكَ فَخَرَجَ لِیَنْظُرَ مَا یَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَ وَقَفَ نَاحِیَةً یَنْظُرُ إِلَیْهِ مِنْ حَیْثُ لَا یَرَاهُ الشَّابُّ قَالَ فَدَخَلَ قَبْراً قَدْ حَفَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِی اللَّحْدِ وَ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا وَیْحِی إِذَا دَخَلْتُ لَحْدِی وَحْدِی وَ نَطَقَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِی فَقَالَتْ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا قَدْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَ أَنْتَ عَلَی ظَهْرِی فَكَیْفَ وَ قَدْ صِرْتَ فِی بَطْنِی بَلْ وَیْحِی إِذَا نَظَرْتُ إِلَی الْأَنْبِیَاءِ وُقُوفاً وَ الْمَلَائِكَةِ صُفُوفاً فَمِنْ عَدْلِكَ غَداً مَنْ یُخَلِّصُنِی وَ مِنَ الْمَظْلُومِینَ مَنْ یَسْتَنْقِذُنِی وَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ مَنْ یُجِیرُنِی عَصَیْتُ مَنْ لَیْسَ بِأَهْلٍ أَنْ یُعْصَی عَاهَدْتُ رَبِّی مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَلَمْ یَجِدْ عِنْدِی صِدْقاً وَ لَا وَفَاءً وَ جَعَلَ یُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ وَ یَبْكِی فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ الْتَزَمَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ عَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ نِعْمَ النَّبَّاشُ نِعْمَ النَّبَّاشُ مَا أَنْبَشَكَ لِلذُّنُوبِ وَ الْخَطَایَا ثُمَّ تَفَرَّقَا.

«25»-ب، قرب الإسناد الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَحْیُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَیَاءِ قَالُوا وَ مَا نَفْعَلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِینَ فَلَا یَبِیتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَ أَجَلُهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ لْیَحْفَظِ الرَّأْسَ وَ مَا وَعَی وَ الْبَطْنَ وَ مَا حَوَی وَ لْیَذْكُرِ الْقَبْرَ وَ الْبِلَی وَ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَلْیَدَعْ زِینَةَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا.

بیان: و ما وعی أی و لیحفظ ما وعاه الرأس من البصر و السمع و اللسان و غیرها من المشاعر عن ارتكاب ما یسخط اللّٰه و لیحفظ البطن و ما حواه من الطعام و الشراب أن یكونا من حرام و یمكن أن یعمّ البطن بحیث یشمل الفرج أیضا.

ص: 131


1- عبایة بفتح العین و تخفیف الباء و فتح الیاء، و ربعی بكسر الراء و سكون الباء و العین المهملة المكسورة ثمّ الیاء هو عبایة بن عمرو بن ربعی، عده الشیخ فی رجاله من أصحاب أمیر المؤمنین و الحسن علیهما السلام، و عده البرقی- علی ما حكی- من خواص علیّ علیه السلام
2- أی یحسن إلیه.

«26»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ یَوْمِ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَ قِیَامِكُمْ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُهَوَّنْ عَلَیْكُمُ الْمَصَائِبُ.

«27»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَمْ مِنْ غَافِلٍ یَنْسِجُ ثَوْباً لِیَلْبَسَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ یَبْنِی بَیْتاً لِیَسْكُنَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ.

«28»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ.

«29»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی فِیمَا أَوْصَی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ وَفَاتِهِ قَصِّرِ الْأَمَلَ وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ وَ ازْهَدْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّكَ رَهْنُ مَوْتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ صَرِیعُ سُقْمٍ (1)

«30»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی فِیمَا كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْمَوْتَ لَیْسَ مِنْهُ (2)فَوْتٌ فَاحْذَرُوا قَبْلَ وُقُوعِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّكُمْ طَرْدُ الْمَوْتِ إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیكُمْ وَ الدُّنْیَا تُطْوَی خَلْفَكُمْ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَیْهِ أَنْفُسُكُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَثِیراً مَا یُوصِی أَصْحَابَهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَیَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ هَادِمُ اللَّذَّاتِ حَائِلٌ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الشَّهَوَاتِ.

«31»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بَشِیرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عَبَّادٍ الْمِنْقَرِیِّ (3)

ص: 132


1- قوله: «رهن موت» شبه علیه السلام الموت للزومه الإنسان و عدم انفكاك الإنسان منه بالرهن فی ید المرتهن. و الغرض: الهدف. و الصریع بمعنی مصروع أی المطروح علی الأرض و الساقط علیها، لان طبیعة الإنسان دائما یصارع المرض و السقم و یدافعه حتّی تضعف و یغلب علیه المرض و السقم فیصرعها و یطرحها علی الأرض، فهو إمّا زمن مقعد علی فراشه، و إمّا راكب علی سریره و نعشه.
2- فی نسخة: فیه.
3- نسبة إلی منقر وزان منبر؛ أبی بطن من سعد و هو منقر بن عبید بن مقاعس.

عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَنَّ الْبَهَائِمَ یَعْلَمُونَ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِیناً.

بیان: لا ینافی هذا الخبر ما سیأتی من الأخبار فی أن الموت مما لم تبهم عنه البهائم إذ المعنی فیه لو علموا كما تعلمون من خصوصیات الموت و شدائده فلا ینافی علمهم بأصل الموت أو المراد أنهم لو كانوا مكلفین و علموا ما أوعد اللّٰه من العقاب لما كانوا غافلین كغفلتكم و لذا قال صلی اللّٰه علیه و آله من الموت.

«32»-مص، مصباح الشریعة قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام ذِكْرُ الْمَوْتِ یُمِیتُ الشَّهَوَاتِ فِی النَّفْسِ وَ یَقْلَعُ مَنَابِتَ الْغَفْلَةِ وَ یُقَوِّی الْقَلْبَ بِمَوَاعِدِ اللَّهِ وَ یُرِقُّ الطَّبْعَ وَ یَكْسِرُ أَعْلَامَ الْهَوَی وَ یُطْفِئُ نَارَ الْحِرْصِ وَ یُحَقِّرُ الدُّنْیَا وَ هُوَ مَعْنَی مَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِكْرُ سَاعَةٍ خَیْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا یَحُلُّ أَطْنَابَ خِیَامِ الدُّنْیَا وَ یَشُدُّهَا فِی الْآخِرَةِ وَ لَا یُشَكُّ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ عَلَی ذَاكِرِ الْمَوْتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَ مَنْ لَا یَعْتَبِرُ بِالْمَوْتِ وَ قِلَّةِ حِیلَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ وَ طُولِ مُقَامِهِ فِی الْقَبْرِ وَ تَحَیُّرِهِ فِی الْقِیَامَةِ فَلَا خَیْرَ فِیهِ.

: (1)قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ فَقِیلَ وَ مَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْمَوْتُ فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ عَلَی الْحَقِیقَةِ فِی سَعَةٍ إِلَّا ضَاقَتْ عَلَیْهِ الدُّنْیَا وَ لَا فِی شِدَّةٍ إِلَّا اتَّسَعَتْ عَلَیْهِ وَ الْمَوْتُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَ آخِرُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الدُّنْیَا فَطُوبَی لِمَنْ أُكْرِمَ عِنْدَ النُّزُولِ بِأَوَّلِهَا وَ طُوبَی لِمَنْ أُحْسِنَ مُشَایَعَتُهُ فِی آخِرِهَا وَ الْمَوْتُ أَقْرَبُ الْأَشْیَاءِ مِنْ بَنِی آدَمَ وَ هُوَ یَعُدُّهُ أَبْعَدَ فَمَا أَجْرَأَ الْإِنْسَانَ عَلَی نَفْسِهِ وَ مَا أَضْعَفَهُ مِنْ خَلْقٍ وَ فِی الْمَوْتِ نَجَاةُ الْمُخْلِصِینَ وَ هَلَاكُ الْمُجْرِمِینَ وَ لِذَلِكَ اشْتَاقَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْمَوْتِ وَ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ.

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَ مَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.

ص: 133


1- یحتمل أن یكون ذلك و الحدیث الآتی بعده من بقیة كلام الإمام الصّادق علیه السلام استشهد بهما علی ما قال أولا من الترغیب فی ذكر الموت، أو یكونان خبرین مرسلین من جامع المصباح و الظاهر من المصنّف الأول.

بیان: قوله علیه السلام و ذلك أی فكر الساعة الذی هو خیر من عبادة سنة و حلّ أطناب خیام الدنیا كنایة عن قطع العلائق عنها و عن شهواتها و كذا شدها فی الآخرة عبارة عن جعل ما یأخذه و یدعه فی الدنیا لتحصیل الآخرة.

«33»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْكَافِرِ الْمَوْتُ خَیْرٌ لَهُ أَمِ الْحَیَاةُ فَقَالَ الْمَوْتُ خَیْرٌ لِلْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ یَقُولُ وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ.

«34»-سر، السرائر مِنْ كِتَابِ أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ قُولَوَیْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بَلَغَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَوْتُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ جَاءَ خَبَرٌ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ یَمُتْ فَكَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَانَا خَبَرٌ ارْتَاعَ لَهُ إِخْوَانُكَ (1)ثُمَّ جَاءَ تَكْذِیبُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَأَنْعَمَ ذَلِكَ أَنْ سُرِرْنَا وَ إِنَّ السُّرُورَ وَشِیكُ الِانْقِطَاعِ (2)یَبْلُغُهُ عَمَّا قَلِیلٍ تَصْدِیقُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَهَلْ أَنْتَ كَائِنٌ كَرَجُلٍ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ فَسَأَلَ الرَّجْعَةَ (3)فَأُسْعِفَ بِطَلِبَتِهِ فَهُوَ مُتَأَهِّبٌ بِنَقْلِ مَا سَرَّهُ مِنْ مَالِهِ إِلَی دَارِ قَرَارِهِ لَا یَرَی أَنَّ لَهُ مَالًا غَیْرَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ دَائِبَانِ (4)فِی نَقْصِ الْأَعْمَارِ وَ إِنْفَادِ الْأَمْوَالِ وَ طَیِّ الْآجَالِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ قَدْ صَبَّحَا عاداً وَ ثَمُودَ ... وَ قُرُوناً بَیْنَ ذلِكَ كَثِیراً فَأَصْبَحُوا قَدْ وَرَدُوا عَلَی رَبِّهِمْ وَ قَدِمُوا عَلَی أَعْمَالِهِمْ وَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ غَضَّانِ جَدِیدَانِ لَا یُبْلِیهِمَا مَا مَرَّا بِهِ یَسْتَعِدَّانِ لِمَنْ بَقِیَ بِمِثْلِ مَا أَصَابَا مَنْ مَضَی (5)وَ اعْلَمْ أَنَّمَا أَنْتَ نَظِیرُ إِخْوَانِكَ وَ أَشْبَاهِكَ مَثَلُكَ كَمَثَلِ الْجَسَدِ قَدْ نُزِعَتْ قُوَّتُهُ فَلَمْ یَبْقَ إِلَّا حُشَاشَةُ نَفْسِهِ یَنْتَظِرُ الدَّاعِیَ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّا نَعِظُ بِهِ ثُمَّ نَقْصُرُ عَنْهُ.

ص: 134


1- ارتاع منه و له: فزع و تفزع.
2- أی سریع الانقطاع و قریبه.
3- فی السرائر المطبوع: قد ذاق الموت و عاین ما بعده یسأل الرجعة.
4- دأب فی العمل: جد و تعب و استمر علیه فهو دائب. و فی السرائر المطبوع: و اعلم أن اللیل و النهار لم یزالا دائبین فی قصر نقص خ ل الاعمار.
5- فی نسخة: یستعدان لمن بقی أن یصیباه ما أصابا من مضی.

بیان: فأنعم ذلك أی أقر عیون إخوانك یقال نعم اللّٰه بك عینا و أنعم اللّٰه بك عینا و أنعم صباحا و یقال ما أنعمنا بك أی ما أقدمك فسررنا بلقائك و أنعمت علی فلان أی أصرت إلیه نعمة و الحشاش و الحشاشة بضمهما بقیة الروح فی الجسد فی المرض.

«35»-ضه، روضة الواعظین قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْیَسُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ذِكْراً لِلْمَوْتِ.

«36»-وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَتِهِ فَإِنَّ الْغَایَةَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ وَرَاءَكُمْ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ (1)

ص: 135


1- قال السیّد فی نهج البلاغة بعد ایراده هذا الكلام: إن هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللّٰه سبحانه و بعد كلام رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بكل كلام لمال به راجحا و برز علیه سابقا، فأما قوله علیه السلام: «تخففوا تلحقوا» فما سمع كلام أقل منه مسموعا و لا أكثر محصولا و ما أبعد غورها من كلمة!، و أنقع نطفتها من حكمة!، و قد نبهنا فی كتاب الخصائص علی عظم قدرها و شرف جوهرها انتهی. منه أقول: و قال بعض الشارحین: الغایة: الثواب و العقاب، و النعیم و الشقاء، فعلیكم أن تعدوا للغایة ما یصل بكم إلیها، و لا تستبطئوها فان الساعة التی تصیبونها فیها- و هی القیامة- آزفة إلیكم فكأنها فی تقربها نحوكم و تقلیل المسافة بینها و بینكم بمنزلة سائق یسوقكم إلی ما تسیرون إلیه، سبق السابقون بأعمالهم إلی الحسنی فمن أراد اللحاق بهم فعلیه أن یتخفف من أثقال الشهوات و أوزار العناء فی تحصیل اللذات، و یحفز بنفسه عن هذه الفانیات فیلحق بالذین فازوا بعقبی الدار، و أصله الرجل یسعی و هو غیر مثقل بما یحمله یكون أجدر أن یلحق الذین سبقوه. قال ابن میثم: كون الساعة وراءهم فلان الإنسان لما كان بطبعه ینفر من الموت و یفر منه و كانت العادة فی الهارب من الشی ء أن یكون وراءه المهروب منه و كانت الموت متأخرا عن وجود الإنسان و لاحقا تأخرا و لحوقا عقلیا أشبه المهروب منه المتأخر اللاحق هربا و تأخرا و لحوقا حسیا فلا جرم استعیر لفظ المحسوسة و هی الوراء. و أمّا كونهم تحدوهم فلان الحادی لما كان من شأنه سوق الإبل بالحداء و كان تذكر الموت و سماع نوادبه مزعجا للنفوس إلی الاستعداد للامور الآخرة و الاهبة للقاء اللّٰه سبحانه فهو یحملها علی قطع عقبات طریق الآخرة، كما یحمل الحادی الإبل علی قطع الطریق البعیدة الوعرة لا جرم أشبه الحادی فاسند الحداء إلیه. قوله: «تخففوا تلحقوا» لما نبههم بكون الغایة أمامهم و أن الساعة تحدوهم فی سفر واجب و كان السابق إلی الغایة من ذلك السفر هو الفائز برضوان اللّٰه و قد علم أن التخفیف و قطع العلائق فی الاسفار سبب للسبق و الفوز بلحوق السابقین لا جرم أمرهم بالتخفیف لغایة اللحوق فی كلمتین فالاولی منهما قوله: «تخففوا» و كنی بهذا الامر عن الزهد الحقیقی الذی هو أقوی أسباب السلوك إلی اللّٰه سبحانه، و هو عبارة عن حذف كل شاغل عن التوجه إلی القبلة الحقیقیة، و الاعراض عن متاع الدنیا و طیباتها، فان ذلك تخفیف للاوزار المانعة عن الصعود فی درجات الابرار، و الموجبة لحلول دار البوار، و هی كنایة باللفظ المستعار و هذا الامر فی معنی الشرط. و الثانیة قوله: «تلحقوا» و هو جزاء الشرط، أی إن تتخففوا تلحقوا. إلی آخر كلامه و من شاء فلیراجعه.

«37»-وَ قَالَ أَیْضاً فِی خُطْبَتِهِ فَمَا یَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ یَخَافُهُ وَ لَا یُعْطَی الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ جَرَی فِی عِنَانِ أَمَلِهِ عَثَرَ بِهِ أَجَلُهُ وَ إِذَا كُنْتَ فِی إِدْبَارٍ وَ الْمَوْتُ فِی إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَی الْحَذَرَ الْحَذَرَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ حَتَّی كَأَنَّهُ غَفَرَ.

«38»-وَ تَبِعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا یَضْحَكُ فَقَالَ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِیهَا عَلَی غَیْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِیهَا عَلَی غَیْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ الَّذِی نَرَی مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِیلٍ إِلَیْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ قَدْ نَسِینَا كُلَّ وَاعِظٍ وَ وَاعِظَةٍ وَ رُمِینَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ نَسِیَ الْمَوْتَ وَ هُوَ یَرَی الْمَوْتَ وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْیَسِیرِ (1)

«39»-قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا وَ شَوَّقْنَاكُمْ فَلَمْ تَشْتَاقُوا أَعْلِمِ الْقَتَّالِینَ أَنَّ لِلَّهِ سَیْفاً لَا یَنَامُ وَ هُوَ جَهَنَّمُ أَبْنَاءَ الْأَرْبَعِینَ أَوْفُوا لِلْحِسَابِ أَبْنَاءَ الْخَمْسِینَ زَرْعٌ قَدْ دَنَا حَصَادُهُ أَبْنَاءَ السِّتِّینَ مَا ذَا قَدَّمْتُمْ وَ مَا ذَا أَخَّرْتُمْ أَبْنَاءَ السَّبْعِینَ عُدُّوا أَنْفُسَكُمْ فِی الْمَوْتَی أَبْنَاءَ الثَّمَانِینَ تُكْتَبُ لَكُمُ الْحَسَنَاتُ وَ لَا تُكْتَبُ عَلَیْكُمُ السَّیِّئَاتُ أَبْنَاءَ التِّسْعِینَ أَنْتُمْ أُسَرَاءُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ ثُمَّ قَالَ مَا یَقُولُ كَرِیمٌ أَسَرَ رَجُلًا مَا ذَا یَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ یُطْعِمُهُ وَ یَسْقِیهِ وَ یَفْعَلُ بِهِ فَقَالَ مَا تَرَی اللَّهَ صَانِعاً بِأَسِیرِهِ.

بیان: الغایة الموت أو الجنة و النار قوله علیه السلام ینتظر بأولكم أی إنما ینتظر ببعث الأولین و نشرهم مجی ء الآخرین و موتهم لقد ستر أی الذنوب حتی

ص: 136


1- أورده السیّد فی نهج البلاغة فی باب المختار من حكم أمیر المؤمنین علیه السلام. و السفر بفتح السین و سكون الفاء: مسافرون. نبوّئهم أی ننزلهم. فی أجداثهم أی قبورهم. الجائحة: الآفة تهلك الأصل و الفرع.

كأنه قد غفرها فاحذروا عقاب ما ستره و اشكروه علی هذا الستر و یحتمل علی بعد أن یكون المعنی ستر الموت عن الخلائق بحیث یظنون أنه رفع عنهم لكثرة غفلتهم عنه قوله أوفوا أی أكملوا و سلموا ما طلب منكم من الأعمال لأنكم تحاسبون علیها قوله زرع أی أنتم أو أعمالكم.

«40»-تم، فلاح السائل فِی كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ مَوْلَانَا عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: مَا رَأَیْتُ إِیمَاناً مَعَ یَقِینٍ أَشْبَهَ مِنْهُ بِشَكٍّ عَلَی هَذَا الْإِنْسَانِ إِنَّهُ كُلَّ یَوْمٍ یُوَدِّعُ إِلَی الْقُبُورِ وَ یُشَیِّعُ وَ إِلَی غُرُورِ الدُّنْیَا یَرْجِعُ وَ عَنِ الشَّهْوَةِ وَ الذُّنُوبِ لَا یُقْلِعُ فَلَوْ لَمْ یَكُنْ لِابْنِ آدَمَ الْمِسْكِینِ ذَنْبٌ یَتَوَكَّفُهُ وَ لَا حِسَابٌ یَقِفُ عَلَیْهِ إِلَّا مَوْتٌ یُبَدِّدُ شَمْلَهُ وَ یُفَرِّقُ جَمْعَهُ وَ یؤتم [یُوتِمُ وُلْدَهُ لَكَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُحَاذِرَ مَا هُوَ فِیهِ بِأَشَدِّ النُّصُبِ وَ التَّعَبِ وَ لَقَدْ غَفَلْنَا عَنِ الْمَوْتِ غَفْلَةَ أَقْوَامٍ غَیْرِ نَازِلٍ بِهِمْ وَ رَكَنَّا إِلَی الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتِهَا رُكُونَ أَقْوَامٍ قَدْ أَیْقَنُوا بِالْمُقَامِ وَ غَفَلْنَا عَنِ الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ غَفْلَةَ أَقْوَامٍ لَا یَرْجُونَ حِسَاباً وَ لَا یَخَافُونَ عِقَاباً.

بیان: لعل الضمیر فی قوله علیه السلام منه راجع إلی الموت المتقدم ذكره فی الروایة أو المعلوم بقرینة المقام و قوله علی الإنسان متعلق بقوله أشبه و الظاهر أنه سقط منه شی ء و التوكف التوقع أی یتوقع و ینتظر عقابه.

«41»-جع، جامع الأخبار قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ التَّفَكُّرِ ذِكْرُ الْمَوْتِ فَمَنْ أَثْقَلَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَجَدَ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ.

«42»-وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لِأَنَّكُمْ عَمَّرْتُمُ الدُّنْیَا وَ خَرَّبْتُمُ الْآخِرَةَ فَتَكْرَهُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنْ عُمْرَانٍ إِلَی خَرَابٍ قِیلَ لَهُ فَكَیْفَ تَرَی قُدُومَنَا عَلَی اللَّهِ قَالَ أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ یَقْدَمُ عَلَی أَهْلِهِ وَ أَمَّا الْمُسِی ءُ فَكَالْآبِقِ یَقْدَمُ عَلَی مَوْلَاهُ قِیلَ فَكَیْفَ تَرَی حَالَنَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَعْرِضُوا أَعْمَالَكُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِی نَعِیمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِی جَحِیمٍ قَالَ الرَّجُلُ فَأَیْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ

«43»-كِتَابُ الدُّرَّةِ الْبَاهِرَةِ، قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ

ص: 137

فَقَالَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ الِاشْتِمَالُ عَلَی الْمَكَارِمِ ثُمَّ لَا یُبَالِی أَ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ لَا یُبَالِی ابْنُ أَبِی طَالِبٍ أَ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَمْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ.

«44»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَتَمَنَیَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِفَتْرٍ نَزَلَ بِهِ.

«45»-وَ قَالَ: لَا تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَإِنَّ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ شَدِیدٌ وَ إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ یَطُولَ عُمُرُهُ وَ یَرْزُقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَی دَارِ الْخُلُودِ.

«46»-وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَقِیَّةُ عُمُرِ الْمَرْءِ لَا قِیمَةَ لَهُ یُدْرِكُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ وَ یُحْیِی مَا مَاتَ.

أقول: سیأتی أخبار الاستعداد للموت فی باب موضوع له فی كتاب المكارم.

تحقیق مقام لرفع شكوك و أوهام ربما یتوهم التنافی بین الآیات و الأخبار الدالة علی حبّ لقاء اللّٰه و بین ما یدل علی ذم طلب الموت و ما ورد فی الأدعیة من استدعاء طول العمر و بقاء الحیاة و ما روی من كراهة الموت عن كثیر من الأنبیاء و الأولیاء و یمكن الجواب عنه بوجوه الأول ما ذكره الشهید رحمه اللّٰه فی الذكری من أن حب لقاء اللّٰه غیر مقید بوقت فیحمل علی حال الاحتضار و معاینة ما یحب و استشهد لذلك بما مر من خبر عبد الصمد بن بشیر. (1)الثانی أن الموت لیس نفس لقاء اللّٰه فكراهته من حیث الألم الحاصل منه لا یستلزم كراهة لقاء اللّٰه و هذا لا ینفع فی كثیر من الأخبار.

الثالث أن ما ورد فی ذم كراهة الموت فهی محمولة علی ما إذا كرهه لحب الدنیا و شهواتها و التعلق بملاذها و ما ورد بخلاف ذلك علی ما إذا كرهه لطاعة اللّٰه تعالی و تحصیل مرضاته و توفیر ما یوجب سعادة النشأة الأخری و یؤیده خبر سلمان. (2)الرابع أن كراهة الموت إنما تذم إذا كانت مانعة من تحصیل السعادات الأخرویة بأن یترك الجهاد و الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر و هجران الظالمین لحب الحیاة

ص: 138


1- الواقع تحت رقم 17.
2- الواقع تحت رقم 23.

و البقاء و الحاصل أن حب الحیاة الفانیة الدنیویة إنما یذم إذا آثرها علی ما یوجب الحیاة الباقیة الأخرویة و یدل علیه خبر شعیب العقرقوفی و فضیل بن یسار (1)و هذا الوجه قریب من الوجه الثالث.

الخامس أن العبد یلزم أن یكون فی مقام الرضا بقضاء اللّٰه فإذا اختار اللّٰه له الحیاة فیلزمه الرضا بها و الشكر علیها فلو كره الحیاة و الحال هذه فقد سخط ما ارتضاه اللّٰه له و علم صلاحه فیه و هذا مما لا یجوز و إذا اختار اللّٰه تعالی له الموت یجب أن یرضی بذلك و یعلم أن صلاحه فیما اختاره اللّٰه له فلو كره ذلك كان مذموما و أما الدعاء لطلب الحیاة و البقاء لأمره تعالی بذلك فلا ینافی الرضاء بالقضاء و كذا فی الصحة و المرض و الغنی و الفقر و سائر الأحوال المتضادة یلزم الرضا بكل منها فی وقته و أمرنا بالدعاء لطلب خیر الأمرین عندنا فما ورد فی حب الموت إنما هو إذا أحب اللّٰه تعالی ذلك لنا و أما الاقتراح علیه فی ذلك و طلب الموت فهو كفر لنعمة الحیاة غیر ممدوح عقلا و شرعا كطلب المرض و الفقر و أشباه ذلك و هذا وجه قریب و یؤیده كثیر من الآیات و الأخبار و اللّٰه تعالی یعلم.

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كیفیة نزعه للروح

الآیات؛

الأنعام: «وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ یُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ»(61)

الأعراف: «حَتَّی إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا یَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَیْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَ شَهِدُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِینَ»(37)

یونس: «وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِی یَتَوَفَّاكُمْ»(104)

النحل: «الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ»(28) (و قال تعالی): «الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ»(32)

ص: 139


1- الواقعان تحت رقمی 19 و 20.

التنزیل: «قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلی رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ»(11)

الزمر: «اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ الَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها فَیُمْسِكُ الَّتِی قَضی عَلَیْهَا الْمَوْتَ وَ یُرْسِلُ الْأُخْری إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی»(42)

تفسیر: وَ هُوَ الْقاهِرُ أی المقتدر المستولی علی عباده وَ یُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً أی ملائكة یحفظون أعمالكم و یحصونها علیكم تَوَفَّتْهُ أی تقبض روحه رُسُلُنا یعنی أعوان ملك الموت وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ لا یضیعون و لا یقصرون فیما أمروا به من ذلك حَتَّی إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا أی ملك الموت و أعوانه یَتَوَفَّوْنَهُمْ أی یقبضون أرواحهم و قیل معناه حتی إذا جاءتهم الملائكة لحشرهم یتوفونهم إلی النار یوم القیامة قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أی ذهبوا عنا و افتقدناهم فلا یقدرون علی الدفع عنا و بطلت عبادتنا إیاهم.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی وُكِّلَ بِكُمْ أی وكل بقبض أرواحكم عن ابن عباس قال جعلت الدنیا بین یدی ملك الموت مثل جام یأخذ منها ما شاء إذا قضی علیه الموت من غیر عناء و خطوته ما بین المشرق و المغرب و قیل إن له أعوانا كثیرة من ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فعلی هذا المراد بملك الموت الجنس و یدل علیه قوله تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و قوله تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ و أما إضافة التوفی إلی نفسه فی قوله یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها فلأنه سبحانه خلق الموت و لا یقدر علیه أحد سواه.

«1»-ج، الإحتجاج فِی خَبَرِ الزِّنْدِیقِ الْمُدَّعِی لِلتَّنَاقُضِ فِی الْقُرْآنِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ قَوْلِهِ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ وَ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ فَهُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یَتَوَلَّی ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَ فِعْلُ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فِعْلُهُ لِأَنَّهُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ فَاصْطَفَی جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَ سَفَرَةً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ وَ هُمُ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِیهِمْ اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ

ص: 140

تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْصِیَةِ تَوَلَّی (1)قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ النَّقِمَةِ وَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَ النَّقِمَةِ یَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَ فِعْلُهُمْ فِعْلُهُ وَ كُلُّ مَا یَأْتُونَهُ مَنْسُوبٌ إِلَیْهِ وَ إِذَا كَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ فِعْلُ مَلَكِ الْمَوْتِ فِعْلُ اللَّهِ لِأَنَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ عَلَی یَدِ مَنْ یَشَاءُ وَ یُعْطِی وَ یَمْنَعُ وَ یُثِیبُ وَ یُعَاقِبُ عَلَی یَدِ مَنْ یَشَاءُ وَ إِنَّ فِعْلَ أُمَنَائِهِ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ

«2»-فس، (2)تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عن هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِیَدِهِ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ لَا یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا مُقْبِلًا عَلَیْهِ ثَبُّهُ كَهَیْئَةِ الْحَزِینِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ مَشْغُولٌ فِی قَبْضِ الْأَرْوَاحِ فَقُلْتُ أَدْنِنِی مِنْهُ یَا جَبْرَئِیلُ لِأُكَلِّمَهُ فَأَدْنَانِی مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ كُلُّ مَنْ مَاتَ أَوْ هُوَ مَیِّتٌ فِیمَا بَعْدُ أَنْتَ تَقْبِضُ رُوحَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَ تَحْضُرُهُمْ بِنَفْسِكَ قَالَ نَعَمْ مَا الدُّنْیَا كُلُّهَا عِنْدِی فِیمَا سَخَّرَهَا اللَّهُ لِی وَ مَكَّنَنِی مِنْهَا إِلَّا كَدِرْهَمٍ فِی كَفِّ الرَّجُلِ یُقَلِّبُهُ كَیْفَ یَشَاءُ وَ مَا مِنْ دَارٍ فِی الدُّنْیَا إِلَّا وَ أَدْخُلُهَا فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ (3)وَ أَقُولُ إِذَا بَكَی أَهْلُ الْبَیْتِ عَلَی مَیِّتِهِمْ لَا تَبْكُوا عَلَیْهِ فَإِنَّ لِی إِلَیْكُمْ عَوْدَةً وَ عَوْدَةً حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْكُمْ أَحَدٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَفَی بِالْمَوْتِ طَامَّةً (4)یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَطَمُّ (5)وَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَوْتِ.

«3»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 141


1- فی المصدر: تولت. م.
2- فی المطبوع «ن» و هو وهم من النسّاخ و الصحیح «فس» أی تفسیر علیّ بن إبراهیم.
3- أی فی أوقات الصلوات، علی ما فی حدیث آخر یأتی تحت رقم 44 من الباب الآتی.
4- الطامة: الداهیة تفوق ما سواها.
5- أی أعظم و أفقم.

صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ رَجُلًا قَاعِداً رِجْلٌ لَهُ فِی الْمَشْرِقِ وَ رِجْلٌ (1)فِی الْمَغْرِبِ وَ بِیَدِهِ لَوْحٌ یَنْظُرُ فِیهِ وَ یُحَرِّكُ رَأْسَهُ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ مَنْ هَذَا فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام (2)

«4»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ ارْتِفَاعِی فِی عُلُوِّی لَأُذِیقَنَّكَ طَعْمَ الْمَوْتِ كَمَا أَذَقْتَ عِبَادِی.

«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلَهُ (3)

«6»-ید، التوحید الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ مَطَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ أَبِی مَعْمَرٍ السَّعْدَانِیِّ فِی خَبَرِ مَنْ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُدَّعِیاً لِلتَّنَاقُضِ فِی الْقُرْآنِ قَالَ علیه السلام أَمَّا قَوْلُهُ قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی وُكِّلَ بِكُمْ (4)وَ قَوْلُهُ اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ قَوْلُهُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ وَ قَوْلُهُ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ وَ قَوْلُهُ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَیْفَ یَشَاءُ وَ یُوَكِّلُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ یَشَاءُ بِمَا یَشَاءُ أَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُوَكِّلُهُ بِخَاصَّتِهِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَ یُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً بِمَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ الْمَلَائِكَةُ الَّذِینَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَكَّلَهُمْ بِخَاصَّةِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ إِنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (5)یُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَیْفَ یَشَاءُ وَ لَیْسَ كُلُّ الْعِلْمِ یَسْتَطِیعُ صَاحِبُ الْعِلْمِ أَنْ یُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النَّاسِ لِأَنَّ مِنْهُمُ الْقَوِیَ

ص: 142


1- فی المصدر: و رجل له. م.
2- فی المصدر: قال: هذا ملك الموت. م.
3- الا ان فیه: و ارتفاعی فی علو مكانی. م.
4- فی المصدر بعد هذه الجملة: ثم الی ربكم ترجعون. م.
5- لیس فی المصدر قوله: إنّه تبارك و تعالی. م.

وَ الضَّعِیفَ وَ لِأَنَّ مِنْهُ مَا یُطَاقُ حَمْلُهُ وَ مِنْهُ مَا لَا یُطَاقُ حَمْلُهُ إِلَّا مَنْ یُسَهِّلُ اللَّهُ لَهُ (1)حَمْلَهُ وَ أَعَانَهُ عَلَیْهِ مِنْ خَاصَّةِ أَوْلِیَائِهِ وَ إِنَّمَا یَكْفِیكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ الْمُحْیِی الْمُمِیتُ وَ أَنَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ عَلَی یَدَیْ مَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَ غَیْرِهِمْ.

أقول تمامه فی كتاب القرآن.

«7»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا یَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا یَسْتَقْدِمُونَ قَالَ هُوَ الَّذِی سُمِّیَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ علیه السلام فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ.

«8»-جع، جامع الأخبار قَالَ إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ علیه السلام لِمَلَكِ الْمَوْتِ هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تُرِیَنِی صُورَتَكَ الَّتِی تَقْبِضُ فِیهَا رُوحَ الْفَاجِرِ قَالَ لَا تُطِیقُ ذَلِكَ قَالَ بَلَی قَالَ فَأَعْرِضْ عَنِّی فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَسْوَدَ قَائِمِ الشَّعْرِ مُنْتِنِ الرِّیحِ أَسْوَدِ الثِّیَابِ یَخْرُجُ مِنْ فِیهِ وَ مَنَاخِرِهِ لَهِیبُ النَّارِ وَ الدُّخَانُ فَغُشِیَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَوْ لَمْ یَلْقَ الْفَاجِرُ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا صُورَةَ وَجْهِكَ لَكَانَ حَسْبَهُ.

«9»-نهج، نهج البلاغة مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام ذَكَرَ فِیهَا مَلَكَ الْمَوْتِ هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّی أَحَداً بَلْ كَیْفَ یَتَوَفَّی الْجَنِینَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ أَ یَلِجُ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِی أَحْشَائِهَا كَیْفَ یَصِفُ إِلَهَهُ مَنْ یَعْجِزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ.

«10»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِ شَعْرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلَّا وَ مَلَكُ الْمَوْتِ یَتَصَفَّحُهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.

بیان: لعل الأظهر مدر مكان وبر.

«11»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ لَحْظَةِ مَلَكِ

ص: 143


1- فی المصدر: الا ان یسهل اللّٰه له.

الْمَوْتِ قَالَ أَ مَا رَأَیْتَ النَّاسَ یَكُونُونَ جُلُوساً فَتَعْتَرِیهِمُ السَّكْتَةُ (1)فَمَا یَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَتِلْكَ لَحْظَةُ مَلَكِ الْمَوْتِ حَیْثُ یَلْحَظُهُمْ.

: ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن علوان مثله.

«12»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مَلَكِ الْمَوْتِ یُقَالُ (2)الْأَرْضُ بَیْنَ یَدَیْهِ كَالْقَصْعَةِ یَمُدُّ یَدَهُ حَیْثُ یَشَاءُ فَقَالَ نَعَمْ.

«13»-یه، من لا یحضره الفقیه قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قِیلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ علیه السلام كَیْفَ تَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ وَ بَعْضُهَا فِی الْمَغْرِبِ وَ بَعْضُهَا فِی الْمَشْرِقِ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ أَدْعُوهَا فَتُجِیبُنِی قَالَ وَ قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام إِنَّ الدُّنْیَا بَیْنَ یَدَیَّ كَالْقَصْعَةِ بَیْنَ یَدَیْ أَحَدِكُمْ یَتَنَاوَلُ مِنْهَا مَا یَشَاءُ وَ الدُّنْیَا عِنْدِی كَالدِّرْهَمِ فِی كَفِّ أَحَدِكُمْ یُقَلِّبُهُ كَیْفَ شَاءَ.

«14»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ أَرْبَعَةً اخْتَارَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ مَلَكَ الْمَوْتِ علیه السلام.

«15»-یه، من لا یحضره الفقیه سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی وُكِّلَ بِكُمْ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ وَ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ تَری إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ یَمُوتُ فِی السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِی جَمِیعِ الْآفَاقِ مَا لَا یُحْصِیهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَیْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی جَعَلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَقْبِضُونَ الْأَرْوَاحَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْإِنْسِ یَبْعَثُهُمْ فِی حَوَائِجِهِمْ فَتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ یَتَوَفَّاهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ مَا یَقْبِضُ هُوَ وَ یَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ.

ص: 144


1- فی المصدر: السكینة السكتة خ ل. م.
2- فی المصدر: فقال الأرض. و الظاهر ان النسخة مغلوطة لتكرر الجواب بناء علیه. م.

«16»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ مَوْلَی أَبَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ یَعْلَمُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ مَنْ یَقْبِضُ قَالَ لَا إِنَّمَا هِیَ صِكَاكٌ (1)تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ اقْبِضْ نَفْسَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ.

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الحسین بن إبراهیم القزوینی عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكریا عن الحسن بن فضال عن علی بن عقبة مثله.

«17»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْمِیثَمِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا قَالَ فَمَا هُوَ (2)عِنْدَكَ قُلْتُ عَدَدُ الْأَیَّامِ قَالَ إِنَّ الْآبَاءَ وَ الْأُمَّهَاتِ یُحْصُونَ ذَلِكَ لَا وَ لَكِنَّهُ عَدَدُ الْأَنْفَاسِ.

«18»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ إِلَی قَوْلِهِ تَعْمَلُونَ قَالَ تَعُدُّ (3)السِّنِینَ ثُمَّ تَعُدُّ الشُّهُورَ ثُمَّ تَعُدُّ الْأَیَّامَ ثُمَّ تَعُدُّ السَّاعَاتِ ثُمَّ یَعُدُّ النَّفَسَ فَ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا یَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا یَسْتَقْدِمُونَ

ب، قرب الإسناد ابن سعد عن الأزدی مِثْلَهُ.

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما یلحق المؤمن و الكافر عنده

الآیات؛

النساء: «إِنَّ الَّذِینَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِیمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِیها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً»(97)

ص: 145


1- وزان بحار جمع الصك و هو الكتاب.
2- فی المصدر: ما هو عندك؟. م.
3- فی المصدر: بعد السنین ثمّ بعد الشهور؛ و هكذا. م.

الأنفال: «وَ لَوْ تَری إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ»(50)

یونس: «الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْری فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ لا تَبْدِیلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ»(63-64)

الأحزاب: «تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلامٌ»(44)

السجدة: «إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»(30)

محمد: «فَكَیْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ»(27)

ق: «وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِیدُ»(19) (1)

الواقعة: «فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَ أَنْتُمْ حِینَئِذٍ تَنْظُرُونَ *وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ* فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ *تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ* فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ* وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ *وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ الضَّالِّینَ *فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ* وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ»(83-94)

المنافقین: «وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَیَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِی إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِینَ»(10)

القیامة: «كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِیَ* وَ قِیلَ مَنْ راقٍ *وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ* وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* (2)إِلی رَبِّكَ یَوْمَئِذٍ الْمَساقُ»(26-30)

ص: 146


1- قال الرضی رحمه اللّٰه: هذه استعارة، و المراد بسكرة الموت هاهنا الكرب الذی یتغشی المحتضر عند الموت فیفقد تمییزه و یفارق معه معقوله، فشبه تعالی بالسكرة من الشراب، إلّا أن تلك السكرة منعمة، و هذه السكرة مؤلمة. و قوله: «بالحق» یحتمل معنیین: إحداهما أن یكون و جاءت بالحق من أمر الآخرة حتّی عرفه الإنسان اضطرارا و رآه جهارا، و الآخر أن یكون المراد بالحق هاهنا أی بالموت الذی هو الحق. تلخیص البیان ص 228.
2- قال السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی ص 268 من تلخیص البیان: هذه استعارة علی أكثر الأقوال و المراد به- و اللّٰه أعلم- صفة الشدتین المجتمعین علی المرء من فراق الدنیا و لقاء أسباب الآخرة، و قد ذكرنا فیما تقدم مذهب العرب فی العبارة عن الامر الشدید و الخطب الفظیع بذكر الكشف عن الساق و القیام علی ساق، و قد یجوز أیضا أن یكون الساق هاهنا جمع ساقة كما قالوا: حاجة و حاج، و غایة و غای، و الساقة: هم الذین یكونون فی أعقاب الناس یحفزونهم علی السیر، و هذا فی صفة أحوال الآخرة و سوق الملائكة للناس إلی القیامة، فكأنّه تعالی وصف الملائكة السابقین بالكثرة (بالكرة خ) حتی یلتف بعضهم ببعض من شدة الحفز و عنیف السیر و السوق، و ممّا یقوی ذلك قوله تعالی: «إِلی رَبِّكَ یَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» و الوجه الأوّل أقرب، و هذا الوجه أغرب. انتهی. أقول: قوله: الملائكة السابقین هكذا فی النسخ و لعلّ الصحیح «السائقین».

الفجر: «یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً* فَادْخُلِی فِی عِبادِی* وَ ادْخُلِی جَنَّتِی»(27-30)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه تَوَفَّاهُمُ أی تَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ الْمَلائِكَةُ ملك الموت أو ملك الموت و غیره فإن الملائكة تتوفی و ملك الموت یتوفی و اللّٰه یتوفی و ما یفعله ملك الموت أو الملائكة یجوز أن یضاف إلی اللّٰه تعالی إذا فعلوه بأمره و ما تفعله الملائكة جاز أن یضاف إلی ملك الموت إذا فعلوه بأمره فِیمَ كُنْتُمْ أی فی أی شی ء كنتم من دینكم علی وجه التقریر لهم و التوبیخ لفعلهم قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِینَ فِی الْأَرْضِ یستضعفنا أهل الشرك باللّٰه فی أرضنا و بلادنا و یمنعوننا من الإیمان باللّٰه و اتباع رسوله وَ لَوْ تَری یا محمد إِذْ یَتَوَفَّی الَّذِینَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ أی یقبضون أرواحهم عند الموت یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ یرید أستاههم و لكن اللّٰه سبحانه كنی عنها و قیل وجوههم ما أقبل منهم و أدبارهم ما أدبر منهم و المراد یضربون أجسادهم من قدامهم و من خلفهم و المراد بهم قتلی بدر و قیل معناه سیضربهم الملائكة عند الموت وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ أی و تقول الملائكة للكفار استخفافا بهم ذوقوا عذاب الحریق بعد هذا فی الآخرة و قیل إنه كان مع الملائكة یوم بدر مقامع من حدید كلما ضربوا المشركین بها التهبت النار فی جراحاتهم فذلك قوله وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ الَّذِینَ آمَنُوا أی صدقوا باللّٰه و وحدانیته وَ كانُوا یَتَّقُونَ مع ذلك معاصیه لَهُمُ الْبُشْری فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ قیل فیه أقوال.

أحدها أن البشری فی الحیاة الدنیا هی ما بشرهم اللّٰه تعالی به فی القرآن علی

ص: 147

الأعمال الصالحة و نظیره قوله تعالی: وَ بَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ و قوله یُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ و ثانیها أن البشارة فی الحیاة الدنیا بشارة الملائكة للمؤمنین عند موتهم أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ و ثالثها أنها فی الدنیا الرؤیا الصالحة یراها المؤمن لنفسه أو تری له و فی الآخرة الجنة و هی ما تبشرهم الملائكة عند خروجهم من القبور و فی القیامة إلی أن یدخلوا الجنة یبشرونهم بها حالا بعد حال و هو المروی عن أبی جعفر علیه السلام و روی ذلك فی حدیث مرفوع عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ رَوَی عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یَا عُقْبَةُ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا هَذَا الدِّینَ الَّذِی أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ إِلَی هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْوَرِیدِ الْخَبَرَ بِطُولِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ.

و قیل إن المؤمن یفتح له باب إلی الجنة فی قبره فیشاهد ما أعد له فی الجنة قبل دخولها لا تَبْدِیلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أی لا خلف لما وعد اللّٰه و لا خلاف.

و فی قوله تعالی تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلامٌ روی عن البراء (1)أنه قال یوم یلقون ملك الموت لا یقبض روح مؤمن إلا سلم علیه.

و فی قوله إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أی استمروا علی أن اللّٰه ربهم وحده لم یشركوا به شیئا أو ثم استقاموا علی طاعته و أداء فرائضه

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَالَ هِیَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ یَعْنِی عِنْدَ الْمَوْتِ: وَ رُوِیَ ذَلِكَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام.

و قیل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم فی الموقف بالبشارة من اللّٰه تعالی و قیل إن البشری تكون فی ثلاثة مواطن عند الموت و فی القبر و عند البعث أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا أی یقولون لهم لا تخافوا عقاب اللّٰه و لا تحزنوا لفوت الثواب و قیل لا تخافوا ما أمامكم من أمور الآخرة و لا تحزنوا علی ما وراءكم و علی ما خلفتم من أهل و ولد.

ص: 148


1- بالباء المفتوحة و الراء المهملة، و الالف و الهمزة.

و قیل لا تخافوا و لا تحزنوا علی ذنوبكم فإنی أغفرها لكم و قیل إن الخوف یتناول المستقبل و الحزن یتناول الماضی أی لا تخافوا فیما یستقبل من الأوقات و لا تحزنوا علی ما مضی.

وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ أی غمرة الموت (1)و شدته التی تغشی الإنسان و تغلب علی عقله بِالْحَقِّ أی أمر الآخرة حتی عرفه صاحبه و اضطر إلیه و قیل معناه جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ الذی هو الموت ذلِكَ أَیْ ذَلِكَ الْمَوْتُ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِیدُ أی تهرب و تمیل.

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أی فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم عند الموت وَ أَنْتُمْ یا أهل المیت حِینَئِذٍ تَنْظُرُونَ أی ترون تلك الحال و قد صار إلی أن یخرج نفسه و قیل معناه تنظرون لا یمكنكم الدفع و لا تملكون شیئا وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْكُمْ بالعلم و القدرة وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ ذلك و لا تعلمونه و قیل معناه و رسلنا الذین یقبضون روحه أقرب إلیه منكم و لكن لا تبصرون رسلنا فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ تَرْجِعُونَها یعنی فهلا ترجعون نفس من یعز علیكم إذا بلغت الحلقوم و تردونها إلی موضعها إن كنتم غیر مجزیین بثواب و عقاب و غیر محاسبین و قیل أی غیر مملوكین و قیل أی غیر مبعوثین و المراد أن الأمر لو كان كما تقولونه من أنه لا بعث و لا حساب و لا جزاء و لا إله یحاسب و یجازی فهلا رددتم الأرواح و النفوس من حلوقكم إلی أبدانكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ فی قولكم فإذا لم تقدروا علی ذلك فاعلموا أنه من تقدیر مقدر حكیم و تدبیر مدبر علیم.

فَأَمَّا إِنْ كانَ ذلك المحتضر مِنَ الْمُقَرَّبِینَ عند اللّٰه فَرَوْحٌ أی فله روح و هو الراحة و الاستراحة من تكالیف الدنیا و مشاقها و قیل الروح الهواء الذی تستلذه النفس و یزیل عنها الهم وَ رَیْحانٌ یعنی الرزق فی الجنة و قیل هو الریحان المشموم من ریحان الجنة یؤتی به عند الموت فیشمه.

و قیل الروح الرحمة و الریحان كل نباهة و شرف و قیل الروح النجاة

ص: 149


1- غمرة الشی ء: شدته و مزدحمه، غمرة الموت: مكارهه و شدائده.

من النار و الریحان الدخول فی دار القرار و قیل روح فی القبر و ریحان فی الجنة و قیل روح فی القبر و ریحان فی القیامة. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ أی فتری فیهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قیل معناه فسلام لك أیها الإنسان الذی هو من أصحاب الیمین من عذاب اللّٰه و سلمت علیك ملائكة اللّٰه قال الفراء فسلام لك إنك من أصحاب الیمین فحذف إنك و قیل معناه فسلام لك منهم فی الجنة لأنهم یكونون معك و یكون لك بمعنی علیك.

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ أی فنزلهم الذی أعد لهم من الطعام و الشراب من حمیم جهنم وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ أی إدخال نار عظیمة كَلَّا أی لیس یؤمن الكافر بهذا و قیل معناه حقا إِذا بَلَغَتِ أی النفس أو الروح التَّراقِیَ أی العظام المكتنفة بالحلق و كنی بذلك عن الإشفاء علی الموت وَ قِیلَ مَنْ راقٍ أی و قال من حضره هل من راق أی من طبیب شاف یرقیه و یداویه فلا یجدونه أو قالت الملائكة من یرقی بروحه أ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب و قال الضحاك أهل الدنیا یجهزون البدن و أهل الآخرة یجهزون الروح وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ أی و علم عند ذلك أنه الفراق من الدنیا و الأهل و المال و الولد و جاء فی الحدیث أن العبد لیعالج كرب الموت و سكراته و مفاصله یسلم بعضها علی بعض تقول علیك السلام تفارقنی و أفارقك إلی یوم القیامة.

وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ فیه وجوه أحدها التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنیا و الثانی التفت حال الموت بحال الحیاة و الثالث التفت ساقاه عند الموت لأنه تذهب القوة فتصیر كجلد یلتف بعضه ببعض و قیل هو أن یضطرب فلا یزال یمد إحدی رجلیه و یرسل الأخری و یلف إحداهما بالأخری و قیل هو التفاف الساقین فی الكفن و الرابع التفت ساق الدنیا بساق الآخرة و هو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع و المعنی فی الجمیع أنه تتابعت علیه الشدائد فلا یخرج من شدة إلا جاء أشد منها.

إِلی رَبِّكَ یَوْمَئِذٍ الْمَساقُ أی مساق الخلائق إلی المحشر الذی لا یملك فیه الأمر

ص: 150

و النهی إلا اللّٰه تعالی و قیل یسوق الملك بروحه إلی حیث أمر اللّٰه به إن كان من أهل الجنة فإلی علیین و إن كان من أهل النار فإلی سجین.

یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ بالإیمان المؤمنة الموقنة بالثواب و البعث و قیل المطمئنة الآمنة بالبشارة بالجنة عند الموت و یوم البعث و قیل النفس المطمئنة التی یبیض وجهها و تعطی كتابها بیمینها فحینئذ تطمئن ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ أی یقال لها عند الموت و قیل عند البعث ارجعی إلی ثواب ربك و ما أعده لك من النعیم و قیل ارجعی إلی الموضع الذی یختص اللّٰه سبحانه بالأمر و النهی فیه دون خلقه و قیل إن المراد ارجعی إلی صاحبك و جسدك فیكون الخطاب للروح أن ترجع إلی الجسد راضِیَةً بثواب اللّٰه مَرْضِیَّةً أعمالها التی عملتها و قیل راضیة عن اللّٰه بما أعدلها مرضیة رضی عنها ربها بما عملت من طاعته و قیل راضیة بقضاء اللّٰه فی الدنیا حتی رضی اللّٰه عنها و رضی باعتقادها و أفعالها فَادْخُلِی فِی عِبادِی أی فی زمرة عبادی الصالحین المصطفین الذین رضیت عنهم وَ ادْخُلِی جَنَّتِی التی وعدتكم بها و أعددت نعیمكم فیها (1)

«1»-ل، الخصال ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّاسُ اثْنَانِ وَاحِدٌ أَرَاحَ وَ آخَرُ اسْتَرَاحَ فَأَمَّا الَّذِی اسْتَرَاحَ فَالْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ اسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْیَا وَ بَلَائِهَا وَ أَمَّا الَّذِی أَرَاحَ فَالْكَافِرُ إِذَا مَاتَ أَرَاحَ الشَّجَرَ وَ الدَّوَابَّ وَ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ.

«2»-مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ.

«3»-جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَوْتُ كَفَّارَةٌ لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِینَ.

ص: 151


1- سیأتی فی تفسیر الآیة حدیث عن الكافی فی باب ما یعاین المؤمن عند الموت تحت رقم 50.

«4»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُؤْمِنُ وَ مَا یَجِبُ مِنْ حَقِّهِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی یَا أَبَا الْفَضْلِ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ فَقُلْتُ بَلَی فَحَدِّثْنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِذَا قَبَضَ اللَّهُ رُوحَ الْمُؤْمِنِ صَعِدَ مَلَكَاهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالا یَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ نِعْمَ الْعَبْدُ كَانَ سَرِیعاً إِلَی طَاعَتِكَ بَطِیئاً عَنْ مَعْصِیَتِكَ وَ قَدْ قَبَضْتَهُ إِلَیْكَ فَمَا تَأْمُرُنَا مِنْ بَعْدِهِ فَیَقُولُ الْجَلِیلُ الْجَبَّارُ اهْبِطَا إِلَی الدُّنْیَا وَ كُونَا عِنْدَ قَبْرِ عَبْدِی وَ مَجِّدَانِی وَ سَبِّحَانِی وَ هَلِّلَانِی وَ كَبِّرَانِی وَ اكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِی حَتَّی أَبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ.

أقول: سیأتی تمامه فی باب قضاء حاجة المؤمن.

«5»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ضَوْءٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَتَرَدَّدُ عَنْهُ تَرَدُّدِی عَنْ قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ (1)یَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ فَإِذَا حَضَرَهُ أَجَلُهُ الَّذِی لَا یُؤَخَّرُ فِیهِ (2)بَعَثْتُ إِلَیْهِ بِرَیْحَانَتَیْنِ مِنَ الْجَنَّةِ تُسَمَّی إِحْدَاهُمَا الْمُسْخِیَةُ وَ الْأُخْرَی الْمُنْسِیَةُ فَأَمَّا الْمُسْخِیَةُ فَتُسْخِیهِ عَنْ مَالِهِ (3)وَ أَمَّا الْمُنْسِیَةُ فَتُنْسِیهِ أَمْرَ الدُّنْیَا.

«6»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السلام صِفْ لَنَا الْمَوْتَ قَالَ علیه السلام لِلْمُؤْمِنِ كَأَطْیَبِ رِیحٍ یَشَمُّهُ فَیَنْعُسُ (4)لِطِیبِهِ وَ یَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَ الْأَلَمُ كُلُّهُ عَنْهُ وَ لِلْكَافِرِ كَلَسْعِ الْأَفَاعِی وَ لَدْغِ الْعَقَارِبِ أَوْ أَشَدَّ قِیلَ فَإِنَّ قَوْماً یَقُولُونَ إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ نَشْرٍ بِالْمَنَاشِیرِ (5)وَ قَرْضٍ بِالْمَقَارِیضِ وَ رَضْخٍ بِالْأَحْجَارِ وَ تَدْوِیرِ قُطْبِ الْأَرْحِیَةِ عَلَی الْأَحْدَاقِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ عَلَی

ص: 152


1- فی المصدر: اتردد فیه مثل ترددی عند قبض روح المؤمن. م.
2- فی المصدر: لا تأخیر فیه. م.
3- كأنّه من سخوت نفسی عن الشی ء ای تركته و لم تنازعنی إلیه نفسی.
4- أی تأخذه فترة فی حواسه فقارب النوم.
5- جمع المنشار و هی آلة ذات أسنان ینشر بها الخشب و نحوه.

بَعْضِ الْكَافِرِینَ وَ الْفَاجِرِینَ أَ لَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ مَنْ یُعَایِنُ تِلْكَ الشَّدَائِدَ فَذَلِكُمُ الَّذِی هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا لَا مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْیَا قِیلَ فَمَا بَالُنَا نَرَی كَافِراً یَسْهُلُ عَلَیْهِ النَّزْعُ فَیَنْطَفِئُ وَ هُوَ یُحَدِّثُ وَ یَضْحَكُ وَ یَتَكَلَّمُ وَ فِی الْمُؤْمِنِینَ أَیْضاً مَنْ یَكُونُ كَذَلِكَ وَ فِی الْمُؤْمِنِینَ وَ الْكَافِرِینَ مَنْ یُقَاسِی عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ هَذِهِ الشَّدَائِدَ فَقَالَ مَا كَانَ مِنْ رَاحَةٍ لِلْمُؤْمِنِینَ هُنَاكَ فَهُوَ عَاجِلُ ثَوَابِهِ وَ مَا كَانَ مِنْ شَدِیدَةٍ فَتَمْحِیصُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ لِیَرِدَ الْآخِرَةَ نَقِیّاً نَظِیفاً مُسْتَحِقّاً لِثَوَابِ الْأَبَدِ لَا مَانِعَ لَهُ دُونَهُ وَ مَا كَانَ مِنْ سُهُولَةٍ هُنَاكَ عَلَی الْكَافِرِ فَلِیُوَفَّی أَجْرَ حَسَنَاتِهِ فِی الدُّنْیَا لِیَرِدَ الْآخِرَةَ وَ لَیْسَ لَهُ إِلَّا مَا یُوجِبُ عَلَیْهِ الْعَذَابَ وَ مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ عَلَی الْكَافِرِ هُنَاكَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ عَذَابِ اللَّهِ لَهُ بَعْدَ نَفَادِ حَسَنَاتِهِ (1)ذَلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا یَجُورُ.

ع، علل الشرائع مع، معانی الأخبار المفسر عن أحمد بن الحسن الحسینی عن الحسن بن علی الناصری عن أبیه عن أبی جعفر الثانی عن أبیه عن جده عن الصادق علیه السلام مثله.

«7»-مع، معانی الأخبار الْهَمَدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَانَ خَیِّراً عَنْ عَمَّارٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً أَقْسَمَ عَلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا یُمِیتَهُ مَا أَمَاتَهُ أَبَداً وَ لَكِنْ إِذَا حَضَرَ أَجَلُهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ رِیحَیْنِ رِیحاً یُقَالُ لَهُ الْمُنْسِیَةُ وَ رِیحاً یُقَالُ لَهُ الْمُسْخِیَةُ فَأَمَّا الْمُنْسِیَةُ فَإِنَّهَا تُنْسِیهِ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ فَأَمَّا الْمُسْخِیَةُ فَإِنَّهَا تُسْخِی نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْیَا حَتَّی یَخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی.

«8»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی مَا یُحِبُّ إِلَّا أَنْ یَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی وَ تَأْتِیهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَیْنُهُ وَ یُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ.

بیان: الاغتباط كون الإنسان علی حال یغبطه الناس و یتمنون حاله.

«9»-مع، معانی الأخبار الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاصِرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْجَوَادِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صِفْ

ص: 153


1- لیس فی المصدر قوله: بعد نفاد حسناته. م.

لَنَا الْمَوْتَ فَقَالَ عَلَی الْخَبِیرِ سَقَطْتُمْ هُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ یَرِدُ عَلَیْهِ إِمَّا بِشَارَةٌ بِنَعِیمِ الْأَبَدِ وَ إِمَّا بِشَارَةٌ بِعَذَابِ الْأَبَدِ وَ إِمَّا تَحْزِینٌ (1)وَ تَهْوِیلٌ وَ أَمْرُهُ مُبْهَمٌ لَا تَدْرِی مِنْ أَیِّ الْفِرَقِ هُوَ فَأَمَّا وَلِیُّنَا الْمُطِیعُ لِأَمْرِنَا فَهُوَ الْمُبَشَّرُ بِنَعِیمِ الْأَبَدِ وَ أَمَّا عَدُوُّنَا الْمُخَالِفُ عَلَیْنَا فَهُوَ الْمُبَشَّرُ بِعَذَابِ الْأَبَدِ وَ أَمَّا الْمُبْهَمُ أَمْرُهُ الَّذِی لَا یُدْرَی مَا حَالُهُ فَهُوَ الْمُؤْمِنُ الْمُسْرِفُ عَلَی نَفْسِهِ لَا یَدْرِی مَا یَئُولُ إِلَیْهِ حَالُهُ یَأْتِیهِ الْخَبَرُ مُبْهَماً مَخُوفاً ثُمَّ لَنْ یُسَوِّیَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَعْدَائِنَا لَكِنْ یُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَتِنَا فَاعْمَلُوا وَ أَطِیعُوا وَ لَا تَتَّكِلُوا (2)وَ لَا تَسْتَصْغِرُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ مِنَ الْمُسْرِفِینَ مَنْ لَا تَلْحَقُهُ شَفَاعَتُنَا إِلَّا بَعْدَ عَذَابِ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ.

وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَا الْمَوْتُ الَّذِی جَهِلُوهُ قَالَ أَعْظَمُ سُرُورٍ یَرِدُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ إِذَا نُقِلُوا عَنْ دَارِ النَّكَدِ إِلَی نَعِیمِ الْأَبَدِ وَ أَعْظَمُ ثُبُورٍ یَرِدُ عَلَی الْكَافِرِینَ إِذَا نُقِلُوا عَنْ جَنَّتِهِمْ إِلَی نَارٍ لَا تَبِیدُ وَ لَا تَنْفَدُ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: لَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام نَظَرَ إِلَیْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِهِمْ لِأَنَّهُمْ كُلَّمَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ تَغَیَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ وَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَانَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ خَصَائِصِهِ تُشْرِقُ أَلْوَانُهُمْ وَ تَهْدَأُ جَوَارِحُهُمْ وَ تَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا لَا یُبَالِی بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام صَبْراً بَنِی الْكِرَامِ فَمَا الْمَوْتُ إِلَّا قَنْطَرَةٌ یَعْبُرُ بِكُمْ عَنِ الْبُؤْسِ وَ الضَّرَّاءِ إِلَی الْجِنَانِ الْوَاسِطَةِ وَ النَّعِیمِ الدَّائِمَةِ فَأَیُّكُمْ یَكْرَهُ أَنْ یَنْتَقِلَ مِنْ سِجْنٍ إِلَی قَصْرٍ وَ مَا هُوَ لِأَعْدَائِكُمْ إِلَّا كَمَنْ یَنْتَقِلُ مِنْ قَصْرٍ إِلَی سِجْنٍ وَ عَذَابٍ إِنَّ أَبِی حَدَّثَنِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الدُّنْیَا (3)سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْمَوْتُ جِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَی جِنَانِهِمْ وَ جِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَی جَحِیمِهِمْ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ.

ص: 154


1- فی المصدر: تخوین تخویف خ ل. م.
2- فی المصدر: فاعلموا و اطیعوا و لا تتكلموا. م.
3- فی المصدر: الدنیا.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَا الْمَوْتُ قَالَ لِلْمُؤْمِنِ كَنَزْعِ ثِیَابٍ وَسِخَةٍ قَمِلَةٍ وَ فَكِّ قُیُودٍ وَ أَغْلَالٍ ثَقِیلَةٍ وَ الِاسْتِبْدَالِ بِأَفْخَرِ الثِّیَابِ وَ أَطْیَبِهَا رَوَائِحَ وَ أَوْطَإِ الْمَرَاكِبِ وَ آنَسِ الْمَنَازِلِ وَ لِلْكَافِرِ كَخَلْعِ ثِیَابٍ فَاخِرَةٍ وَ النَّقْلِ عَنْ مَنَازِلَ أَنِیسَةٍ وَ الِاسْتِبْدَالِ بِأَوْسَخِ الثِّیَابِ وَ أَخْشَنِهَا وَ أَوْحَشِ الْمَنَازِلِ وَ أَعْظَمِ الْعَذَابِ.

وَ قِیلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مَا الْمَوْتُ قَالَ هُوَ النَّوْمُ الَّذِی یَأْتِیكُمْ كُلَّ لَیْلَةٍ إِلَّا أَنَّهُ طَوِیلٌ مُدَّتُهُ لَا یُنْتَبَهُ مِنْهُ إِلَّا یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَمَنْ رَأَی فِی نَوْمِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْفَرَحِ مَا لَا یُقَادِرُ قَدْرَهُ وَ مِنْ أَصْنَافِ الْأَهْوَالِ مَا لَا یُقَادِرُ قَدْرَهُ فَكَیْفَ حَالُ فَرَحٍ فِی النَّوْمِ وَ وَجَلٍ فِیهِ هَذَا هُوَ الْمَوْتُ فَاسْتَعِدُّوا لَهُ.

بیان: النكد الشدة و العسر و الثبور الهلاك.

«10»-مع، معانی الأخبار الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: دَخَلَ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَلَی رَجُلٍ قَدْ غَرِقَ فِی سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ هُوَ لَا یُجِیبُ دَاعِیاً فَقَالُوا لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَدِدْنَا لَوْ عَرَفْنَا كَیْفَ الْمَوْتُ وَ كَیْفَ حَالُ صَاحِبِنَا فَقَالَ الْمَوْتُ هُوَ الْمِصْفَاةُ تُصَفِّی الْمُؤْمِنِینَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ فَیَكُونُ آخَرُ أَلَمٍ یُصِیبُهُمْ كَفَّارَةَ آخِرِ وِزْرٍ بَقِیَ عَلَیْهِمْ وَ تُصَفِّی الْكَافِرِینَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ فَیَكُونُ آخِرُ لَذَّةٍ أَوْ رَاحَةٍ تَلْحَقُهُمْ هُوَ آخِرَ ثَوَابِ حَسَنَةٍ تَكُونُ لَهُمْ وَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ نُخِلَ (1)مِنَ الذُّنُوبِ نَخْلًا وَ صُفِّیَ مِنَ الْآثَامِ تَصْفِیَةً وَ خُلِّصَ حَتَّی نُقِّیَ كَمَا یُنَقَّی الثَّوْبُ مِنَ الْوَسَخِ وَ صَلُحَ لِمُعَاشَرَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فِی دَارِنَا دَارِ الْأَبَدِ.

«11»-مع، معانی الأخبار بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الرِّضَا علیه السلام فَعَادَهُ فَقَالَ كَیْفَ تَجِدُكَ قَالَ لَقِیتُ الْمَوْتَ بَعْدَكَ یُرِیدُ مَا لَقِیَهُ مِنْ شِدَّةِ مَرَضِهِ فَقَالَ كَیْفَ لَقِیتَهُ فَقَالَ أَلِیماً شَدِیداً فَقَالَ مَا لَقِیتَهُ إِنَّمَا لَقِیتَ مَا یُنْذِرُكَ بِهِ وَ یُعَرِّفُكَ بَعْضَ حَالِهِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُسْتَرِیحٌ بِالْمَوْتِ وَ مُسْتَرَاحٌ بِهِ مِنْهُ

ص: 155


1- نخل الدقیق: غربله و أزال نخالته، و نخل الشی ء: اختاره و صفاه.

فَجَدِّدِ الْإِیمَانَ بِاللَّهِ وَ بِالْوَلَایَةِ تَكُنْ مُسْتَرِیحاً فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ (1)

«12»-مع، معانی الأخبار بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: قِیلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَا بَالُ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِینَ یَكْرَهُونَ الْمَوْتَ قَالَ لِأَنَّهُمْ جَهِلُوهُ فَكَرِهُوهُ وَ لَوْ عَرَفُوهُ وَ كَانُوا مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَحَبُّوهُ وَ لَعَلِمُوا أَنَّ الْآخِرَةَ خَیْرٌ لَهُمْ مِنَ الدُّنْیَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بَالُ الصَّبِیِّ وَ الْمَجْنُونِ یَمْتَنِعُ مِنَ الدَّوَاءِ الْمُنَقِّی لِبَدَنِهِ وَ النَّافِی لِلْأَلَمِ عَنْهُ قَالَ لِجَهْلِهِمْ بِنَفْعِ الدَّوَاءِ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِیّاً إِنَّ مَنِ اسْتَعَدَّ لِلْمَوْتِ حَقَّ الِاسْتِعْدَادِ فَهُوَ (2)أَنْفَعُ لَهُ مِنْ هَذَا الدَّوَاءِ لِهَذَا الْمُتَعَالِجِ أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ عَرَفُوا مَا یُؤَدِّی إِلَیْهِ الْمَوْتُ مِنَ النَّعِیمِ لَاسْتَدْعَوْهُ وَ أَحَبُّوهُ أَشَدَّ مَا یَسْتَدْعِی الْعَاقِلُ الْحَازِمُ الدَّوَاءَ لِدَفْعِ الْآفَاتِ وَ اجْتِلَابِ السَّلَامَةِ.

«13»-مع، معانی الأخبار بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: دَخَلَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام عَلَی مَرِیضٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَبْكِی وَ یَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ تَخَافُ مِنَ الْمَوْتِ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ أَ رَأَیْتَكَ إِذَا اتَّسَخْتَ وَ تَقَذَّرْتَ وَ تَأَذَّیْتَ مِنْ كَثْرَةِ الْقَذَرِ وَ الْوَسَخِ عَلَیْكَ وَ أَصَابَكَ قُرُوحٌ وَ جَرَبٌ وَ عَلِمْتَ أَنَّ الْغَسْلَ فِی حَمَّامٍ یُزِیلُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَ مَا تُرِیدُ أَنْ تَدْخُلَهُ فَتَغْسِلَ ذَلِكَ عَنْكَ أَوْ تَكْرَهُ أَنْ تَدْخُلَهُ فَیَبْقَی ذَلِكَ عَلَیْكَ قَالَ بَلَی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَذَلِكَ الْمَوْتُ هُوَ ذَلِكَ الْحَمَّامُ هُوَ آخِرُ مَا بَقِیَ عَلَیْكَ مِنْ تَمْحِیصِ ذُنُوبِكَ وَ تَنْقِیَتِكَ مِنْ سَیِّئَاتِكَ فَإِذَا أَنْتَ وَرَدْتَ عَلَیْهِ وَ جَاوَرْتَهُ فَقَدْ نَجَوْتَ مِنْ كُلِّ غَمٍّ وَ هَمٍّ وَ أَذًی وَ وَصَلْتَ إِلَی كُلِّ سُرُورٍ وَ فَرَحٍ فَسَكَنَ الرَّجُلُ وَ نَشِطَ وَ اسْتَسْلَمَ وَ غَمَّضَ عَیْنَ نَفْسِهِ وَ مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام عَنِ الْمَوْتِ مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ التَّصْدِیقُ بِمَا لَا یَكُونُ.

حَدَّثَنَا أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ لَمْ یَكُنْ مَیِّتاً فَإِنَّ الْمَیِّتَ هُوَ الْكَافِرُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ یُخْرِجُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ وَ یُخْرِجُ الْمَیِّتَ مِنَ الْحَیِّ یَعْنِی الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ وَ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ.

ص: 156


1- یأتی الحدیث مرسلا فی باب ما یعاین المؤمن تحت رقم 46 عن دعوات الراوندیّ فی صورة مفصلة.
2- فی المصدر: لهو. م.

بیان: قوله علیه السلام هو التصدیق بما لا یكون أی هو ما یستلزم التصدیق بأمور لا تكون بزعمه أی لا یتوقع حصولها مما یشاهده من غرائب أحوال النشأة الآخرة أو المعنی أن الموت أمر التصدیق به تصدیق بما لا یكون إذ المؤمن لا یموت بالموت و الكافر أیضا لا یموت بالموت بل كان میتا قبله ففیه حذف مضاف أی التصدیق بالموت تصدیق بما لا یكون.

«14»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: مَا مِنَ الشِّیعَةِ عَبْدٌ یُقَارِفُ أَمْراً نَهَیْنَاهُ عَنْهُ فَیَمُوتُ حَتَّی یُبْتَلَی بِبَلِیَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمَّا فِی مَالٍ وَ إِمَّا فِی وَلَدٍ وَ إِمَّا فِی نَفْسِهِ حَتَّی یَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ وَ إِنَّهُ لَیَبْقَی عَلَیْهِ الشَّیْ ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَیُشَدَّدُ بِهِ عَلَیْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ.

«15»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِیلَوَیْهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا مُفَضَّلُ إِیَّاكَ وَ الذُّنُوبَ وَ حَذِّرْهَا شِیعَتَنَا فَوَ اللَّهِ مَا هِیَ إِلَی أَحَدٍ أَسْرَعَ مِنْهَا إِلَیْكُمْ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَتُصِیبُهُ الْمَعَرَّةُ مِنَ السُّلْطَانِ وَ مَا ذَاكَ إِلَّا بِذُنُوبِهِ وَ إِنَّهُ لَیُصِیبُهُ السُّقْمُ وَ مَا ذَاكَ إِلَّا بِذُنُوبِهِ وَ إِنَّهُ لَیُحْبَسُ عَنْهُ الرِّزْقُ وَ مَا هُوَ إِلَّا بِذُنُوبِهِ وَ إِنَّهُ لَیُشَدَّدُ عَلَیْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ مَا هُوَ إِلَّا بِذُنُوبِهِ حَتَّی یَقُولَ مَنْ حَضَرَهُ لَقَدْ غُمَّ بِالْمَوْتِ فَلَمَّا رَأَی مَا قَدْ دَخَلَنِی قَالَ أَ تَدْرِی لِمَ ذَاكَ یَا مُفَضَّلُ قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَا تُؤَاخَذُونَ بِهَا فِی الْآخِرَةِ وَ عُجِّلَتْ لَكُمْ فِی الدُّنْیَا.

بیان: قال الفیروزآبادی المعرة الإثم و الأذی و الغرم و الدیة و الخیانة قوله علیه السلام لقد غم بالموت أی صار مغموما متألما بالموت غایة الغم لشدته و قال الجوهری غم یومنا بالفتح فهو یوم غم إذا كان یأخذ بالنفس من شدة الحر.

«16»-مع، معانی الأخبار أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الصَّلْتِ (1)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنَّا مَعَهُ فِی جِنَازَةٍ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ بَارَكَ اللَّهُ

ص: 157


1- أقول: الموجود فی نسخة المصنّف و المطبوع و نسخة مخطوطة اخری من البحار علی بن الصلت و الظاهر أنّه لا یصحّ لان علیّ بن الصلت لم یدرك أبا عبد اللّٰه علیه السلام، و لعله تصحیف علی بن الصامت كما فی معانی الأخبار المطبوع، فلیراجع الحدیث فی ص 108 منه.

لِی فِی الْمَوْتِ وَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَضْلٌ إِذَا بُورِكَ لَكَ فِی الْمَوْتِ فَقَدْ بُورِكَ لَكَ فِیمَا بَعْدَهُ.

«17»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لِأَیِّ عِلَّةٍ إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ وَجَدَ لَهُ مَسّاً وَ حَیْثُ رُكِّبَتْ لَمْ یَعْلَمْ بِهِ قَالَ لِأَنَّهُ نَمَا عَلَیْهَا الْبَدَنُ.

بیان: قوله علیه السلام لأنه نما علیها البدن أی إن الألم إنما هو لألفة الروح بالبدن لنموه علیها لا لمحض الإخراج حتی یكون لإدخال الروح أیضا ألم أو أنه لما نما علیها البدن و بلغ حدا یعرف الآلام و الأوجاع فلذا یتألم بإخراج الروح بخلاف حالة الإدخال فإنه قبل دخول الروح ما كان یجد شیئا لعدم الحیاة و بعده لا ألم یحس به و یحتمل وجها ثالثا و هو أن السائل لما توهم أن الروح یدخل حقیقة فی البدن سأل عن الحكمة فی عدم تأثر البدن بدخول الروح و تأثره بالخروج مع أن العكس أنسب فأجاب علیه السلام بأن الروح الحیوانی لا یدخل من خارج فی البدن بل إنما تتولد فیه و ینمو البدن علیها (1)و المس أول ما یحس به من التعب و الألم منه.

«18»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَوْحَشَ مَا یَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ یَوْمَ یُولَدُ وَ یَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَیَرَی الدُّنْیَا وَ یَوْمَ یَمُوتُ فَیُعَایِنُ الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا وَ یَوْمَ یُبْعَثُ فَیَرَی أَحْكَاماً لَمْ یَرَهَا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ قَدْ سَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی یَحْیَی علیه السلام فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ وَ آمَنَ رَوْعَتَهُ فَقَالَ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَوَاطِنِ فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا

ص: 158


1- لو بدل رحمه اللّٰه الروح الحیوانی بالروح الانسانی انطبق علی الحركة الجوهریة القائلة بكون الروح الانسانی إحدی مراتب البدن الاستكمالیة كما یدلّ علیه قوله تعالی: «ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ» الآیة و المدرك للذة و الالم هو النفس فیتم البیان؛ فالروح حدوثه كمال للبدن و هو نفسه فلا یشعر به، و مفارقته مفارقة ما أنس به بالتعلق و التصرف فیوجب التألم. ط.

«19»-ل، الخصال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَشَدُّ سَاعَاتِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ السَّاعَةُ الَّتِی یُعَایِنُ فِیهَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقُومُ فِیهَا مِنْ قَبْرِهِ وَ السَّاعَةُ الَّتِی یَقِفُ فِیهَا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَإِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِمَّا إِلَی النَّارِ ثُمَّ قَالَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ یَا ابْنَ آدَمَ حِینَ تُوضَعُ فِی قَبْرِكَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِینَ یُحْمَلُ النَّاسُ عَلَی الصِّرَاطِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِینَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ ثُمَّ تَلَا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قَالَ هُوَ الْقَبْرُ وَ إِنَّ لَهُمْ فِیهِ لَ مَعِیشَةً ضَنْكاً وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَبْرَ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی رَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ عَلِمَ سَاكِنُ السَّمَاءِ سَاكِنَ الْجَنَّةِ مِنْ سَاكِنِ النَّارِ فَأَیُّ الرَّجُلَیْنِ أَنْتَ وَ أَیُّ الدَّارَیْنِ دَارُكَ.

«20»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قِیلَ مَنْ راقٍ قَالَ ذَاكَ قَوْلُ ابْنِ آدَمَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ هَلْ مِنْ طَبِیبٍ هَلْ مِنْ دَافِعٍ (1)قَالَ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ یَعْنِی فِرَاقَ الْأَهْلِ وَ الْأَحِبَّةِ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قَالَ الْتَفَّتِ الدُّنْیَا بِالْآخِرَةِ قَالَ إِلی رَبِّكَ یَوْمَئِذٍ الْمَساقُ إِلَی رَبِّ الْعَالَمِینَ یَوْمَئِذٍ الْمَصِیرُ.

«21»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مِثْلَهُ (2)

«22»-لی، الأمالی للصدوق ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الطَّالَقَانِیُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیه السلام الْوَفَاةُ بَكَی فَقِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَبْكِی وَ مَكَانُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَانُكَ الَّذِی أَنْتَ بِهِ (3)

ص: 159


1- فی الأمالی المطبوع: هل من طبیب؟ هل من راق؟ الخ.
2- مع اختلاف فی الألفاظ م.
3- فی الأمالی: و مكانك من رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الذی انت به. م.

وَ قَدْ قَالَ فِیكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَالَ وَ قَدْ حَجَجْتَ عِشْرِینَ حَجَّةً مَاشِیاً وَ قَدْ قَاسَمْتَ رَبَّكَ مَالَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّی النَّعْلَ وَ النَّعْلَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّمَا أَبْكِی لِخَصْلَتَیْنِ لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ.

«23»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام مِثْلَهُ وَ فِیهِ وَ قَدْ حَجَجْتَ عِشْرِینَ حَجَّةً رَاكِباً وَ عِشْرِینَ حَجَّةً مَاشِیاً.

و ما فی روایة الصدوق أظهر.

«24»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَیْ ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِی عَنِ الْمُؤْمِنِ فَإِنِّی أُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ یَكْرَهُ الْمَوْتَ فَأَزْوِیهِ عَنْهُ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ لَاكْتَفَیْتُ بِهِ عَنْ جَمِیعِ خَلْقِی وَ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ إِیمَانِهِ أُنْساً لَا یَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَی أَحَدٍ.

«25»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِیَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنِّی مُسْتَذِلُّ عَبْدِیَ الْمُؤْمِنِ وَ مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَیْ ءٍ كَتَرَدُّدِی فِی مَوْتِ الْمُؤْمِنِ إِنِّی لَأُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ یَكْرَهُ الْمَوْتَ فَأَصْرِفُهُ عَنْهُ وَ إِنَّهُ لَیَدْعُونِی فِی أَمْرٍ (1)فَأَسْتَجِیبُ لَهُ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَهُ (2)وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ فِی الدُّنْیَا إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ عَبِیدِی مُؤْمِنٌ لَاسْتَغْنَیْتُ بِهِ عَنْ جَمِیعِ خَلْقِی وَ لَجَعَلْتُ لَهُ مِنْ إِیمَانِهِ أُنْساً لَا یَسْتَوْحِشُ فِیهِ إِلَی أَحَدٍ.

بیان: قوله تعالی فأستجیب له لما هو خیر له أی أعطیه عوضا عما یسألنی من الأمور الفانیة ما أعلمه أنه خیر له من اللذات الباقیة.

«26»-سن، المحاسن أَبِی عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی سَلَّامٍ النَّحَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ اللَّهِ لَا یَصِفُ عَبْدٌ هَذَا الْأَمْرَ فَتَطْعَمَهُ النَّارُ قُلْتُ إِنَّ فِیهِمْ مَنْ یَفْعَلُ وَ یَفْعَلُ فَقَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ ابْتَلَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَحَدَهُمْ فِی جَسَدِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَ إِلَّا ضَیَّقَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی رِزْقِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ

ص: 160


1- فی المصدر: فی الامر. م.
2- لیست هذه الجملة الی قوله: عن جمیع خلقی موجودة فی المصدر؛ و فیه أیضا: «اجعل له» بدل «لجعلت له». م.

وَ إِلَّا شَدَّدَ اللَّهُ عَلَیْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهَ وَ لَا ذَنْبَ لَهُ ثُمَّ یُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.

«27»-سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رَجُلٌ یَعْمَلُ بِكَذَا وَ كَذَا فَلَمْ أَدَعْ شَیْئاً إِلَّا قُلْتُهُ وَ هُوَ یَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ فَقَالَ هَذَا یُرْجَی لَهُ وَ النَّاصِبُ لَا یُرْجَی لَهُ وَ إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَا یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُسَلِّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ شَیْئاً یُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ بِهِ إِمَّا فَقْراً وَ إِمَّا مَرَضاً.

«28»-جع، جامع الأخبار قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَوْ یَرَوْنَ مَكَانَهُ وَ یَسْمَعُونَ كَلَامَهُ لَذَهَلُوا عَنْ مَیِّتِهِمْ وَ لَبَكَوْا عَلَی نُفُوسِهِمْ حَتَّی إِذَا حُمِلَ الْمَیِّتُ عَلَی نَعْشِهِ رَفْرَفَ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ وَ هُوَ یُنَادِی یَا أَهْلِی وَ یَا وُلْدِی لَا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْیَا كَمَا لَعِبَتْ بِی فَجَمَعْتُ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ وَ غَیْرِ حِلِّهِ ثُمَّ خَلَّفْتُهُ لِغَیْرِی فَالْمَهْنَأُ لَهُ وَ التَّبِعَةُ عَلَیَّ فَاحْذَرُوا مِثْلَ مَا حَلَّ بِی وَ قِیلَ مَا مِنْ مَیِّتٍ یَمُوتُ حَتَّی یَتَرَاءَی لَهُ مَلَكَانِ الْكَاتِبَانِ عَمَلَهُ فَإِنْ كَانَ مُطِیعاً قَالا لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَیْراً فَرُبَّ مَجْلِسِ صِدْقٍ أَجْلَسْتَنَا وَ عَمَلٍ صَالِحٍ قَدْ أَحْضَرْتَنَا وَ إِنْ كَانَ فَاجِراً قَالا لَا جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَیْراً فَرُبَّ مَجْلِسِ سَوْءٍ قَدْ أَجْلَسْتَنَا وَ عَمَلٍ غَیْرِ صَالِحٍ قَدْ أَحْضَرْتَنَا وَ كَلَامٍ قَبِیحٍ قَدْ أَسْمَعْتَنَا.

«29»-وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَضِیَ اللَّهُ عَنْ عَبْدٍ قَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ اذْهَبْ إِلَی فُلَانٍ فَأْتِنِی بِرُوحِهِ حَسْبِی مِنْ عَمَلِهِ قَدْ بَلَوْتُهُ فَوَجَدْتُهُ حَیْثُ أُحِبُّ فَیَنْزِلُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ مَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَهُمْ قُضْبَانُ الرَّیَاحِینِ وَ أُصُولُ الزَّعْفَرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ یُبَشِّرُهُ بِبِشَارَةٍ سِوَی بِشَارَةِ صَاحِبِهِ وَ یَقُومُ الْمَلَائِكَةُ صَفَّیْنِ لِخُرُوجِ رُوحِهِ مَعَهُمْ الرَّیْحَانُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَیْهِمْ إِبْلِیسُ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ ثُمَّ صَرَخَ فَیَقُولُ لَهُ جُنُودُهُ مَا لَكَ یَا سَیِّدَنَا فَیَقُولُ أَ مَا تَرَوْنَ مَا أُعْطِیَ هَذَا الْعَبْدُ مِنَ الْكَرَامَةِ أَیْنَ كُنْتُمْ عَنْ هَذَا قَالُوا جَهَدْنَا بِهِ فَلَمْ یُطِعْنَا.

«30»-كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة أَبُو طَاهِرٍ الْمُقَلَّدُ بْنُ غَالِبٍ عَنْ رِجَالِهِ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِلِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ سَاجِدٌ یَبْكِی حَتَّی عَلَا نَحِیبُهُ وَ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ بِالْبُكَاءِ فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ

ص: 161

الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ أَمْرَضَنَا بُكَاؤُكَ وَ أَمَضَّنَا وَ شَجَانَا (1)وَ مَا رَأَیْنَاكَ قَدْ فَعَلْتَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ قَطُّ فَقَالَ كُنْتُ سَاجِداً أَدْعُو رَبِّی بِدُعَاءِ الْخَیْرَاتِ فِی سَجْدَتِی فَغَلَبَنِی عَیْنِی فَرَأَیْتُ رُؤْیَا هَالَتْنِی وَ أَقْلَقَتْنِی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً وَ هُوَ یَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ طَالَتْ غَیْبَتُكَ فَقَدْ اشْتَقْتُ إِلَی رُؤْیَاكَ وَ قَدْ أَنْجَزَ لِی رَبِّی مَا وَعَدَنِی فِیكَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الَّذِی أَنْجَزَ لَكَ فِیَّ قَالَ أَنْجَزَ لِی فِیكَ وَ فِی زَوْجَتِكَ وَ ابْنَیْكَ وَ ذُرِّیَّتِكَ فِی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی فِی عِلِّیِّینَ قُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَشِیعَتُنَا قَالَ شِیعَتُنَا مَعَنَا وَ قُصُورُهُمْ بِحِذَاءِ قُصُورِنَا وَ مَنَازِلُهُمْ مُقَابِلَ مَنَازِلِنَا قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا لِشِیعَتِنَا فِی الدُّنْیَا قَالَ الْأَمْنُ وَ الْعَافِیَةُ قُلْتُ فَمَا لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ یَحْكُمُ الرَّجُلُ فِی نَفْسِهِ وَ یُؤْمَرُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِطَاعَتِهِ قُلْتُ فَمَا لِذَلِكَ حَدٌّ یُعْرَفُ قَالَ بَلَی إِنَّ أَشَدَّ شِیعَتِنَا لَنَا حُبّاً یَكُونُ خُرُوجُ نَفْسِهِ كَشُرْبِ أَحَدِكُمْ فِی یَوْمِ الصَّیْفِ الْمَاءَ الْبَارِدَ الَّذِی یَنْتَقِعُ بِهِ الْقُلُوبُ وَ إِنَّ سَائِرَهُمْ لَیَمُوتُ كَمَا یُغْبَطُ أَحَدُكُمْ عَلَی فِرَاشِهِ كَأَقَرِّ مَا كَانَتْ عَیْنُهُ بِمَوْتِهِ.

«31»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم أَبُو الْقَاسِمِ الْعَلَوِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ یُسْتَكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَی خُرُوجِ نَفْسِهِ قَالَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلُ بَیْتِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ جَمِیعُ الْأَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ لَكِنِ اكْنُوا عَنِ اسْمِ فَاطِمَةَ وَ یَحْضُرُهُ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ عِزْرَائِیلُ علیه السلام (2)قَالَ فَیَقُولُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ یُحِبُّنَا وَ یَتَوَلَّانَا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَیَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّهُ مِمَّنْ كَانَ یُحِبُّ عَلِیّاً وَ ذُرِّیَّتَهُ فَأَحِبَّهُ وَ قَالَ جَبْرَئِیلُ لِمِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ علیهم السلام مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ یَقُولُونَ جَمِیعاً لِمَلَكِ الْمَوْتِ إِنَّهُ مِمَّنْ كَانَ یُحِبُّ مُحَمَّداً وَ آلَهُ یَتَوَلَّی عَلِیّاً وَ ذُرِّیَّتَهُ فَارْفُقْ بِهِ قَالَ فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ الَّذِی اخْتَارَكُمْ وَ كَرَّمَكُمْ وَ اصْطَفَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ وَ خَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ لَأَنَا أَرْفَقُ بِهِ مِنْ وَالِدٍ رَفِیقٍ وَ أَشْفَقُ عَلَیْهِ مِنْ أَخٍ شَفِیقٍ ثُمَّ قَامَ إِلَیْهِ

ص: 162


1- أمضه الامر: أحرقه و شق علیه. أمضه الجرح و نحوه: أوجعه. و شجا الرجل: أحزنه.
2- فی المصدر: و عزرائیل و ملك الموت. م.

مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رَقَبَتِكَ أَخَذْتَ رِهَانَ أَمَانِكَ فَیَقُولُ نَعَمْ فَیَقُولُ الْمَلَكُ فَبِمَا ذَا فَیَقُولُ بِحُبِّی مُحَمَّداً وَ آلَهُ وَ بِوَلَایَتِی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ ذُرِّیَّتَهُ فَیَقُولُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَحْذَرُ فَقَدْ آمَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ أَتَاكَ اللَّهُ بِهِ افْتَحْ عَیْنَیْكَ فَانْظُرْ إِلَی مَا عِنْدَكَ قَالَ فَیَفْتَحُ عَیْنَیْهِ فَیَنْظُرُ إِلَیْهِمْ وَاحِداً وَاحِداً وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَنْظُرُ إِلَیْهَا فَیَقُولُ لَهُ هَذَا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ وَ هَؤُلَاءِ رُفَقَاؤُكَ أَ فَتُحِبُّ اللَّحَاقَ بِهِمْ أَوِ الرُّجُوعَ إِلَی الدُّنْیَا قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ مَا رَأَیْتَ شُخُوصَهُ (1)وَ رَفْعَ حَاجِبَیْهِ إِلَی فَوْقٍ مِنْ قَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لِی إِلَی الدُّنْیَا وَ لَا الرُّجُوعِ إِلَیْهَا وَ یُنَادِیهِ مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ یَسْمَعُهُ وَ یَسْمَعُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَی مُحَمَّدٍ وَ وَصِیِّهِ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً بِالْوَلَایَةِ مَرْضِیَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِی فِی عِبادِی مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ ادْخُلِی جَنَّتِی غَیْرَ مَشُوبَةٍ.

بیان: قوله علیه السلام و لكن اكنوا عن اسم فاطمة أی لا تصرّحوا باسمها علیها السلام لئلا یصیر سببا لإنكار الضعفاء من الناس.

قوله علیه السلام من قوله لا حاجة أی رفع حاجبیه إشارة إلی الإباء و الامتناع عن الرجوع إلی الدنیا قوله علیه السلام غیر مشوبة أی حال كون الجنة غیر مشوبة بالمحن و الآلام.

«32»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی بْنِ زَكَرِیَّا الدِّهْقَانُ مُعَنْعَناً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ الْإِفْرِیقِیَّ یَقُولُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْمُؤْمِنِ أَ یُسْتَكْرَهُ عَلَی قَبْضِ رُوحِهِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ قُلْتُ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّهُ إِذَا حَضَرَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ جَزِعَ فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لَا تَجْزَعْ فَوَ اللَّهِ لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ (2)مِنْ وَالِدٍ رَحِیمٍ لَوْ حَضَرَكَ افْتَحْ عَیْنَیْكَ وَ انْظُرْ قَالَ وَ یَتَهَلَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ الزَّهْرَاءُ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ قَالَ فَیَنْظُرُ إِلَیْهِمْ فَیَسْتَبْشِرُ بِهِمْ

ص: 163


1- شخص الشی ء: ارتفع. شخص بصره: فتح عینیه فلم یطرف، شخص المیت بصره و ببصره: رفعه. و فی المصدر: شخصه.
2- فی المصدر: و اشفق علیك. م.

فَمَا رَأَیْتَ شُخُوصَهُ (1)قُلْتُ بَلَی قَالَ فَإِنَّمَا یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ یَشْخَصُ الْمُؤْمِنُ وَ الْكَافِرُ قَالَ وَیْحَكَ إِنَّ الْكَافِرَ یَشْخَصُ مُنْقَلِباً إِلَی خَلْفِهِ لِأَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِنَّمَا یَأْتِیهِ لِیَحْمِلَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَ الْمُؤْمِنَ أَمَامَهُ وَ یُنَادِی رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَوْقَ الْأُفُقِ الْأَعْلَی وَ یَقُولُ یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً فَادْخُلِی فِی عِبادِی وَ ادْخُلِی جَنَّتِی فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام إِنِّی قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أُخَیِّرَكَ الرُّجُوعَ إِلَی الدُّنْیَا وَ الْمُضِیَّ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنْ إسْلَالِ رُوحِهِ (2)

«33»-نهج، نهج البلاغة لَا یَنْزَجِرُ مِنَ اللَّهِ بِزَاجِرٍ وَ لَا یَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظٍ وَ هُوَ یَرَی الْمَأْخُوذِینَ عَلَی الْغِرَّةِ (3)حَیْثُ لَا إِقَالَةَ وَ لَا رَجْعَةَ كَیْفَ نَزَلَ بِهِمْ مَا كَانُوا یَجْهَلُونَ وَ جَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا مَا كَانُوا یَأْمَنُونَ (4)وَ قَدِمُوا مِنَ الْآخِرَةِ عَلَی مَا كَانُوا یُوعَدُونَ فَغَیْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ (5)اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَ حَسْرَةُ الْفَوْتِ فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ وَ تَغَیَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِیهِمْ وُلُوجاً فَحِیلَ بَیْنَ أَحَدِهِمْ وَ بَیْنَ مَنْطِقِهِ وَ إِنَّهُ لَبَیْنَ أَهْلِهِ یَنْظُرُ بِبَصَرِهِ وَ یَسْمَعُ بِأُذُنِهِ عَلَی صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِ وَ بَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ وَ یُفَكِّرُ فِیمَ أَفْنَی عُمُرَهُ وَ فِیمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ وَ یَتَذَكَّرُ أَمْوَالًا جَمَعَهَا أَغْمَضَ فِی مَطَالِبِهَا (6)وَ أَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا (7)وَ مُشْتَبِهَاتِهَا قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ جَمْعِهَا (8)وَ أَشْرَفَ عَلَی فِرَاقِهَا تَبْقَی

ص: 164


1- فی المصدر: شخصه. م.
2- من سل الشی ء من الشی ء: إذا انتزعه و أخرجه برفق.
3- بكسر الغین المعجمة أی بغتة و علی غفلة.
4- من الموت و ما بعده، لان الغافل حال انهماكه فی لذات الدنیا و اشتغاله باللّٰهو و اللعب فیها لا یعرض له خوف الموت، بل یكون آمنا منه و غافلا عنه.
5- أی لا یمكن توصیف ما نزل بهم من الاهوال و الحسرات حقیقة، بل كل ما یقال فی ذلك تمثیل یقرب ذلك إلی ذهن الفاهم.
6- أی تساهل فی وجوه اكتسابها، لم یفرق بین حلالها و حرامها، فكأنّه أغمض عینیه و أطبق جفنیها فلم ینظر إلی حرامها و مشتبهها.
7- الصرح: الخالص من كل شی ء.
8- تبعات بفتح فكسر: ما یطالبه به الناس من حقوقهم فیها أو ما یحاسبه به اللّٰه من منع حقه منها و تخطی حدود شرعه فی جمعها.

لِمَنْ وَرَاءَهُ یُنَعَّمُونَ بِهَا (1)فَیَكُونُ الْمَهْنَأُ لِغَیْرِهِ (2)وَ الْعِبْ ءُ عَلَی ظَهْرِهِ وَ الْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ بِهَا یَعَضُّ یَدَهُ نَدَامَةً عَلَی مَا أَصْحَرَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ وَ یَزْهَدُ فِیمَا كَانَ یَرْغَبُ فِیهِ أَیَّامَ عُمُرِهِ وَ یَتَمَنَّی أَنَّ الَّذِی كَانَ یَغْبِطُهُ بِهَا وَ یَحْسُدُهُ عَلَیْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ فَلَمْ یَزَلِ الْمَوْتُ یُبَالِغُ فِی جَسَدِهِ حَتَّی خَالَطَ سَمْعَهُ (3)فَصَارَ بَیْنَ أَهْلِهِ لَا یَنْطِقُ بِلِسَانِهِ وَ لَا یَسْمَعُ بِسَمْعِهِ یُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ فِی وُجُوهِهِمْ یَرَی حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ وَ لَا یَسْمَعُ رَجْعَ كَلَامِهِمْ ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ الْتِیَاطاً فَقَبَضَ بَصَرَهُ كَمَا قَبَضَ سَمْعَهُ وَ خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ فَصَارَ جِیفَةً بَیْنَ أَهْلِهِ قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ وَ تَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ لَا یُسْعِدُ بَاكِیاً وَ لَا یُجِیبُ دَاعِیاً ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَی مَخَطٍّ مِنَ الْأَرْضِ (4)وَ أَسْلَمُوهُ فِیهِ إِلَی عَمَلِهِ وَ انْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ حَتَّی إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ.

إلی آخر ما سیأتی فی باب صفة المحشر بیان ما كانوا یجهلون أی من تفصیل أهواله و سكراته أو لعدم استعدادهم له كأنهم جاهلون و الولوج الدخول و المصرّحات یحتمل الحلال الصریح و الحرام الصریح و العب ء بالكسر الحمل (5)و یقال غلق الرهن یغلق غلوقا إذا بقی فی ید المرتهن لا یقدر راهنه علی فكّه علی ما أصحر له أی انكشف و أصله الخروج إلی الصحراء و الضمیر فی أمره راجع إلی الموت أو المرء و لا یسمع رجع كلامهم أی ما یتراجعونه بینهم من الكلام و الالتیاط الالتصاق قد أوحشوا من جانبه أی و جعلوا مستوحشین و المستوحش المهموم الفزع.

«34»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ (6)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ

ص: 165


1- الموجود فی النهج: ینعمون فیها و یتمتعون بها.
2- المهنأ: ما أتاك بلا مشقة.
3- فی النهج: حتی خالط لسانه سمعه. أی شارك السمع اللسان عن أداء وظیفته، و فیه إشارة إلی أن ما تبطل أولا من الأعضاء اللسان، ثمّ السمع، ثمّ البصر.
4- المخط: موضع الخط: كنایة عن القبر، یخط أولا ثمّ یحفر. و یروی بالحاء، و محط القوم: منزلهم، قاله ابن میثم.
5- و الثقل.
6- الصحیح كما فی الكافی و المرآة: سهل بن زیاد، عن محمّد بن علی، عن محمّد بن الفضیل.

أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ آیَةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ یَبْیَضُّ وَجْهُهُ أَشَدَّ مِنْ بَیَاضِ لَوْنِهِ وَ یَرْشَحُ جَبِینُهُ وَ یَسِیلُ مِنْ عَیْنَیْهِ كَهَیْئَةِ الدُّمُوعِ فَیَكُونُ ذَلِكَ خُرُوجَ نَفْسِهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ تَخْرُجُ نَفْسُهُ سَیْلًا مِنْ شِدْقِهِ (1)كَزَبَدِ الْبَعِیرِ أَوْ كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُ الْبَعِیرِ.

«35»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ إِدْرِیسَ الْقُمِّیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْمُرُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَیَرُدُّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ لِیُهَوِّنَ عَلَیْهِ وَ یُخْرِجَهَا مِنْ أَحْسَنِ وَجْهِهَا فَیَقُولُ النَّاسُ لَقَدْ شُدِّدَ عَلَی فُلَانٍ الْمَوْتُ وَ ذَلِكَ تَهْوِینٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ وَ قَالَ یُصْرَفُ عَنْهُ إِذَا كَانَ مِمَّنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَوْ مِمَّنْ أَبْغَضَ اللَّهُ أَمْرَهُ أَنْ یُجْذَبَ الْجَذْبَةَ الَّتِی بَلَغَتْكُمْ بِمِثْلِ السَّفُّودِ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَیَقُولُ النَّاسُ لَقَدْ هُوِّنَ عَلَی فُلَانٍ الْمَوْتُ.

بیان: قوله علیه السلام فیرد نفس المؤمن أی یرد الروح إلی بدنه بعد قرب النزع مرة بعد أخری لئلا یشق علیه مفارقة الدنیا دفعة و الكافر یصرف عنه ذلك و قیل یراه منزله فی الجنة ثم یرد إلیه الروح كاملا لیرضی بالموت و یهون علیه أو یرد علیه روحه مرة بعد أخری لیخفف بذلك سیئاته و یهون علیه أمره الآخرة و الأول أظهر و السفّود بالتشدید الحدیدة التی یشوی بها اللحم.

«36»-فس، تفسیر القمی فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أَیْ عَلَی وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا قَالَ كُنَّا نَحْرُسُكُمْ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ فِی الْآخِرَةِ أَیْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ لَكُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ یَعْنِی فِی الْجَنَّةِ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِیمٍ

«37»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَیِّتَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْثَقَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا اسْتَقَرَّ (2)

ص: 166


1- الشدق: جانب الفم.
2- قال المصنّف قدس اللّٰه روحه فی كتابه مرآة العقول- بعد تضعیفه الحدیث-: الایثاق إما علی الحقیقة و إن لم تر الوثاق، أو هو كنایة عن أن بعد رؤیته لا تبقی له قوة تقدر علی الحركة، و قال الوالد رحمه اللّٰه: یوثقه بالبشارة بما أعد اللّٰه له، أو بإراءة الجنة و مراتبها المعدة له، أو بمشاهدته؛ كما تری أنّه إذا رأی الشخص أسدا كأنّه یتوثق و لا یمكنه الحركة، أو بأنیاب المنیة، أو بغیر ذلك ممّا لا یعلمه إلّا اللّٰه تعالی و حججه علیهم السلام.

«38»-یه، من لا یحضره الفقیه سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ یَتَوَفَّی مَلَكُ الْمَوْتِ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَیَقِفُ مِنَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ مَوْتِهِ مَوْقِفَ الْعَبْدِ الذَّلِیلِ مِنَ الْمَوْلَی فَیَقُومُ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ لَا یَدْنُو مِنْهُ حَتَّی یَبْدَأَ (1)بِالتَّسْلِیمِ وَ یُبَشِّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

«39»-لی، الأمالی للصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً فَإِذَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ تَرَاءَی لَهُ فِی صُورَةِ شَابٍّ عَلَیْهِ حُلَّةٌ مِنْ دِیبَاجٍ أَخْضَرَ عَلَی فَرَسٍ مِنْ أَفْرَاسِ الْجِنَانِ وَ بِیَدِهِ حَرِیرٌ أَخْضَرُ مُمَسَّكٌ بِالْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَ بِیَدِهِ قَدَحٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ مِنْ شَرَابِ الْجِنَانِ فَسَقَاهُ إِیَّاهُ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهِ یُهَوِّنُ عَلَیْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ یَأْخُذُ رُوحَهُ فِی تِلْكَ الْحَرِیرِ فَیَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةٌ یَسْتَنْشِقُهَا أَهْلُ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَیَظَلُّ فِی قَبْرِهِ رَیَّانَ حَتَّی یَرِدَ حَوْضَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله.

أقول سیأتی الحدیث بإسناده فی كتاب الصوم.

«40»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حُذَیْفَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَافْتَقَدَهُ فَقَالَ أَیْنَ صَاحِبُكُمْ قَالُوا مَرِیضٌ قَالَ امْشُوا بِنَا نَعُودُهُ فَقَامُوا مَعَهُ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَی الرَّجُلِ إِذَا هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِوَلِیِّ اللَّهِ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِكَلَامٍ سَمِعَهُ مَنْ حَضَرَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی أَرْفُقُ بِالْمُؤْمِنِینَ وَ لَوْ ظَهَرْتُ لِأَحَدٍ لَظَهَرْتُ لَكَ.

عد، العقائد الِاعْتِقَادُ فِی الْمَوْتِ قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صِفْ لَنَا الْمَوْتَ فَقَالَ عَلَی الْخَبِیرِ سَقَطْتُمْ.

و ساق الحدیث إلی آخر ما رویناه من كتاب معانی الأخبار عن كل إمام فی ذلك (2)و قال الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی شرحه ترجم الباب بالموت و ذكره غیره و قد كان ینبغی أن یذكر حقیقة الموت أو یترجم الباب بمآل الموت و عاقبة الأموات

ص: 167


1- فی المصدر: حتی یبدأه. م.
2- تقدم الحدیث تحت رقم 9.

فالموت هو مضادّ الحیاة یبطل معه النموّ و یستحیل معه الإحساس و هو من فعل اللّٰه تعالی لیس لأحد فیه صنع و لا یقدر علیه أحد إلا اللّٰه تعالی قال اللّٰه سبحانه وَ هُوَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ (1)فأضاف الإحیاء و الإماتة إلی نفسه و قال الَّذِی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2)فالحیاة ما كان بها النمو و الإحساس و یصح معها القدرة و العلم و الموت ما استحال معه النمو و الإحساس و لم یصح معه القدرة و العلم و فعل اللّٰه تعالی الموت بالأحیاء لنقلهم من دار العمل و الامتحان إلی دار الجزاء و المكافاة و لیس یمیت اللّٰه عبدا إلا و إماتته أصلح له من بقائه و لا یحییه إلا و حیاته أصلح له من موته و كل ما یفعله اللّٰه تعالی بخلقه فهو أصلح لهم و أصوب فی التدبیر و قد یمتحن اللّٰه تعالی كثیرا من خلقه بالآلام الشدیدة قبل الموت و یعفی آخرین من ذلك و قد یكون الألم المتقدم للموت ضربا من العقوبة لمن حل به و یكون استصلاحا له و لغیره و یعقبه نفعا عظیما و عوضا كثیرا و لیس كل من صعب علیه خروج نفسه كان بذلك معاقبا و لا كل من سهل علیه الأمر فی ذلك كان به مكرما مثابا و قد ورد الخبر (3)بأن الآلام التی تتقدم الموت تكون كفارات لذنوب المؤمنین و تكون عقابا للكافرین و تكون الراحة قبل الموت استدراجا للكافرین و ضربا من ثواب المؤمنین و هذا أمر مغیب عن الخلق لم یظهر اللّٰه تعالی أحدا من خلقه علی إرادته فیه تنبیها له حتی یمیز له حال الامتحان من حال العقاب و حال الثواب من حال الاستدراج تغلیظا للمحنة لیتم التدبیر الحكمی فی الخلق.

فأما ما ذكره أبو جعفر من أحوال الموتی بعد وفاتهم فقد جاءت الآثار به علی التفصیل و قد أورد بعض ما جاء فی ذلك إلا أنه لیس مما ترجم به الباب فی شی ء و الموت علی كل حال أحد بشارات المؤمن إذ كان أول طرقه إلی محل النعیم و به یصل إلی ثواب الأعمال الجمیلة فی الدنیا و هو أول شدة تلحق الكافر من شدائد العقاب

ص: 168


1- المؤمن: 68.
2- الملك: 2.
3- تقدم فی الباب أخبار عدیدة تدلّ علی ذلك.

و أول طرقه إلی حلول العقاب إذ كان اللّٰه تعالی جعل الجزاء علی الأعمال بعده و صیره سببا لنقله من دار التكلیف إلی دار الجزاء و حال المؤمن بعد موته أحسن من حاله قبله و حال الكافر بعد موته أسوأ من حاله قبله إذ المؤمن صائر إلی جزائه بعد مماته و الكافر صائر إلی جزائه بعد مماته.

«41»-وَ قَدْ جَاءَ الْحَدِیثُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام أَنَّهُمْ قَالُوا الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ الْقَبْرُ بَیْتُهُ وَ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ وَ الدُّنْیَا جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْقَبْرُ سِجْنُهُ وَ النَّارُ مَأْوَاهُ.

«42»-وَ رُوِیَ عَنْهُمْ علیهم السلام أَنَّهُمْ قَالُوا الْخَیْرُ كُلُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الشَّرُّ كُلُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ لَا حَاجَةَ بِنَا مَعَ نَصِّ الْقُرْآنِ بِالْعَوَاقِبِ إِلَی الْأَخْبَارِ وَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ جَزَاءَ الصَّالِحِینَ فَبَیَّنَهُ وَ ذَكَرَ عِقَابَ الْفَاسِقِینَ فَفَصَّلَهُ وَ فِی بَیَانِ اللَّهِ وَ تَفْصِیلِهِ غِنًی عَمَّا سِوَاهُ انْتَهَی.

أقول: سیأتی خبر طویل یشتمل علی تكلم سلمان مع الأموات فی باب أحواله رضی اللّٰه عنه.

«43»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إِلَی قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ فَقَالَ إِنَّهَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أُرِیَ (1)مَنْزِلَهُ فِی الْجَنَّةِ فَیَقُولُ رُدُّونِی إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی أُخْبِرَ أَهْلِی بِمَا أَرَی فَیُقَالُ لَهُ لَیْسَ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلٌ.

«44»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِی فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ أَبْشِرْ یَا مُحَمَّدُ فَإِنِّی بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِیقٌ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ أَنِّی أَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَیَجْزَعُ أَهْلُهُ فَأَقُومُ فِی نَاحِیَةٍ مِنْ دَارِهِمْ فَأَقُولُ مَا هَذَا الْجَزَعُ فَوَ اللَّهِ مَا تَعَجَّلْنَاهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَ مَا كَانَ لَنَا فِی قَبْضِهِ مِنْ ذَنْبٍ فَإِنْ تَحْتَسِبُوهُ وَ تَصْبِرُوا تُؤْجَرُوا وَ إِنْ تَجْزَعُوا تَأْثَمُوا وَ تُوزَرُوا وَ اعْلَمُوا أَنَّ لَنَا فِیكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ إِنَّهُ لَیْسَ فِی شَرْقِهَا وَ لَا فِی غَرْبِهَا (2)أَهْلُ بَیْتِ

ص: 169


1- فی المصدر: ثم اری. م.
2- الضمیر فی الكلمتین یرجع إلی الأرض، و لم یذكرها اعتمادا علی القرینة.

مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ (1)إِلَّا وَ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ لَأَنَا أَعْلَمُ بِصَغِیرِهِمْ وَ كَبِیرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ أَرَدْتُ قَبْضَ رُوحِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ عَلَیْهَا حَتَّی یَأْمُرَنِی رَبِّی بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا یَتَصَفَّحُهُمْ فِی مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ یُوَاظِبُ عَلَیْهَا عِنْدَ مَوَاقِیتِهَا لَقَّنَهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ نَحَّی عَنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ إِبْلِیسَ.

«45»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مِثْلَهُ بِأَدْنَی تَغْیِیرٍ.

بیان: استدل بهذا الخبر علی أن القابض لأرواح غیر الإنسان من الحیوانات أیضا هو ملك الموت علیه السلام و فیه نظر.

«46»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ اشْتَكَی عَیْنَهُ فَعَادَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا هُوَ یَصِیحُ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله (2)أَ جَزَعاً أَمْ وَجَعاً فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا وَجِعْتُ وَجَعاً قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ لِقَبْضِ رُوحِ الْكَافِرِ نَزَلَ مَعَهُ سَفُّودٌ مِنْ نَارٍ فَنَزَعَ رُوحَهُ بِهِ فَتَصِیحُ جَهَنَّمُ فَاسْتَوَی عَلِیٌّ علیه السلام جَالِساً فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَعِدْ عَلَیَّ حَدِیثَكَ فَقَدْ أَنْسَانِی وَجَعِی مَا قُلْتَ ثُمَّ قَالَ هَلْ یُصِیبُ ذَلِكَ أَحَداً مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ نَعَمْ حَاكِمٌ جَائِرٌ وَ آكِلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً وَ شَاهِدُ زُورٍ.

«47»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِیسَی بْنَ مَرْیَمَ علیه السلام جَاءَ إِلَی قَبْرِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُحْیِیَهُ لَهُ فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تُرِیدُ مِنِّی فَقَالَ لَهُ أُرِیدُ أَنْ تُؤْنِسَنِی كَمَا كُنْتَ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ لَهُ یَا عِیسَی مَا سَكَنَتْ عَنِّی حَرَارَةُ الْمَوْتِ (3)وَ أَنْتَ تُرِیدُ أَنْ تُعِیدَنِی إِلَی

ص: 170


1- أراد من أهل بیت المدر أهل القری، و من أهل بیت الوبر أهل البوادی و أهل الفساطیط و الخیم.
2- فی المصدر: فقال النبیّ. م.
3- فی نسخة من الكافی: مرارة السوق. و فی الوافی: حزازة السوق. و هو وجع فی القلب من الغیظ و نحوه. و السوق بالفتح: النزع كأنّ روح الإنسان تساق لتخرج من بدنه.

الدُّنْیَا وَ تَعُودَ عَلَیَّ حَرَارَةُ الْمَوْتِ فَتَرَكَهُ فَعَادَ إِلَی قَبْرِهِ.

بیان: لعل ذوق حرارة الموت إنما یكون بعد استمرار التعیش فی الدنیا و عود التعلقات كما كانت.

«48»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ یَزِیدَ الْكُنَاسِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِتْیَةً مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانُوا مُتَعَبِّدِینَ وَ كَانَتِ الْعِبَادَةُ فِی أَوْلَادِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ إِنَّهُمْ خَرَجُوا یَسِیرُونَ فِی الْبِلَادِ لِیَعْتَبِرُوا فَمَرُّوا بِقَبْرٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ (1)قَدْ سَفَی عَلَیْهِ السَّافِی لَیْسَ یَتَبَیَّنُ مِنْهُ إِلَّا رَسْمُهُ (2)فَقَالُوا لَوْ دَعَوْنَا اللَّهَ السَّاعَةَ فَیَنْشُرَ لَنَا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ فَسَاءَلْنَاهُ كَیْفَ وَجَدَ طَعْمَ الْمَوْتِ فَدَعَوُا اللَّهَ وَ كَانَ دُعَاؤُهُمُ الَّذِی دَعَوُا اللَّهَ بِهِ أَنْتَ إِلَهُنَا یَا رَبَّنَا لَیْسَ لَنَا إِلَهٌ غَیْرُكَ وَ الْبَدِیعُ الدَّائِمُ غَیْرُ الْغَافِلِ الْحَیُّ الَّذِی لَا یَمُوتُ لَكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ شَأْنٌ تَعْلَمُ كُلَّ شَیْ ءٍ بِغَیْرِ تَعْلِیمٍ انْشُرْ لَنَا هَذَا الْمَیِّتَ بِقُدْرَتِكَ قَالَ فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبْرِ رَجُلٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ یَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُمْ مَا یُوقِفُكُمْ عَلَی قَبْرِی فَقَالُوا دَعَوْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ كَیْفَ وَجَدْتَ طَعْمَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ لَقَدْ سَكَنْتُ (3)فِی قَبْرِی تِسْعاً وَ تِسْعِینَ سَنَةً مَا ذَهَبَ عَنِّی أَلَمُ الْمَوْتِ وَ كَرْبُهُ وَ لَا خَرَجَ مَرَارَةُ طَعْمِ الْمَوْتِ مِنْ حَلْقِی فَقَالُوا لَهُ مِتَّ یَوْمَ مِتَّ وَ أَنْتَ عَلَی مَا نَرَی أَبْیَضَ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ قَالَ لَا وَ لَكِنْ لَمَّا سَمِعْتُ الصَّیْحَةَ اخْرُجْ اجْتَمَعَتْ تُرْبَةُ عِظَامِی إِلَی رُوحِی فَبَقِیتُ فِیهِ فَخَرَجْتُ فَزِعاً شَاخِصاً بَصَرِی مُهْطِعاً (4)إِلَی صَوْتِ الدَّاعِی فَابْیَضَّ لِذَلِكَ رَأْسِی وَ لِحْیَتِی.

توضیح: قال الجزری السافی الریح التی تسفی التراب.

ص: 171


1- فی المصدر: علی ظهر طریق الطریق خ ل. م.
2- فی المصدر: لیس منه الا رسمه. م.
3- فی المصدر: سكنت مكثت خ ل. م.
4- هطع كمنع هطعا و هطوعا: أسرع مقبلا خائفا، و أقبل ببصره علی الشی ء و لا یقلع عنه، و أهطع: مد عنقه و صوب رأسه.

«49»-محص، التمحیص عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُ تَعَالَی مَا مِنْ عَبْدٍ أُرِیدُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِلَّا ابْتَلَیْتُهُ فِی جَسَدِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَ إِلَّا سَلَّطْتُ عَلَیْهِ سُلْطَاناً فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَ إِلَّا ضَیَّقْتُ عَلَیْهِ فِی رِزْقِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَ إِلَّا شَدَّدْتُ عَلَیْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ حَتَّی یَأْتِیَنِی وَ لَا ذَنْبَ لَهُ ثُمَّ أُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَ مَا مِنْ عَبْدٍ أُرِیدُ أَنْ أُدْخِلَهُ النَّارَ إِلَّا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَمَامَ طَلِبَتِهِ عِنْدِی وَ إِلَّا آمَنْتُ خَوْفَهُ مِنْ سُلْطَانِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَمَامَ طَلِبَتِهِ عِنْدِی وَ إِلَّا وَسَّعْتُ عَلَیْهِ رِزْقَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَمَامَ طَلِبَتِهِ عِنْدِی وَ إِلَّا یَسَّرْتُ عَلَیْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ حَتَّی یَأْتِیَنِی وَ لَا حَسَنَةَ لَهُ ثُمَّ أُدْخِلُهُ النَّارَ.

أقول: سیأتی مثله بأسانید فی باب شدة ابتلاء المؤمن و باب علة ابتلائه.

«50»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْغَضَائِرِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ صَالِحٍ الصُّوفِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لِلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام صِفْ لَنَا الْمَوْتَ قَالَ لِلْمُؤْمِنِ كَأَطْیَبِ طِیبٍ یَشَمُّهُ فَیَنْعُسُ لِطِیبِهِ وَ یَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَ الْأَلَمُ عَنْهُ وَ الْكَافِرِ (1)كَلَسْعِ الْأَفَاعِی وَ لَدْغِ الْعَقَارِبِ وَ أَشَدَّ.

«51»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله النَّاسُ اثْنَانِ رَجُلٌ أَرَاحَ وَ رَجُلٌ اسْتَرَاحَ فَأَمَّا الَّذِی اسْتَرَاحَ (2)فَالْمُؤْمِنُ اسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْیَا وَ نَصَبِهَا وَ أَفْضَی إِلَی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ كَرِیمِ ثَوَابِهِ وَ أَمَّا الَّذِی أَرَاحَ فَالْفَاجِرُ أَرَاحَ (3)مِنْهُ النَّاسُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ أَفْضَی إِلَی مَا قَدَّمَ.

«52»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، رُوِیَ بِأَنَّ الْمُحْتَضَرَ یَحْضُرُهُ صَفٌّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ یَمِینِهِ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ خُضْرٌ وَ صَفٌّ عَنْ یَسَارِهِ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ سُودٌ وَ یَنْتَظِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِیقَیْنِ فِی قَبْضِ رُوحِهِ وَ الْمَرِیضُ یَنْظُرُ إِلَی هَؤُلَاءِ مَرَّةً وَ إِلَی هَؤُلَاءِ أُخْرَی وَ یَبْعَثُ اللَّهُ

ص: 172


1- كذا فی النسخ و الظاهر: للكافر.
2- لیس فی المصدر جملة «فاما الذی استراح». م.
3- فی المصدر: راح.

مَلَكاً إِلَی الْمُؤْمِنِ یُبَشِّرُهُ وَ یَأْمُرُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَنْ یَتَرَاءَی لَهُ فِی أَحْسَنِ صُورَةٍ فَإِذَا أَخَذَ فِی قَبْضِ رُوحِهِ وَ ارْتَقَی إِلَی رُكْبَتَیْهِ شَفَعَ إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ قَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَنْزِلَ إِلَی عَبْدِهِ أَنْ یُرَخِّصَ لَهُ فِی تَوْدِیعِ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ فَیَقُولُ لَهُ أَنْتَ مُخَیَّرٌ بَیْنَ أَنْ أَمْسَحَ عَلَیْكَ جَنَاحِی أَوْ تَنْظُرَ إِلَی مِیكَائِیلَ فَیَقُولُ أَیْنَ مِیكَائِیلُ فَإِذَا بِهِ وَ قَدْ نَزَلَ فِی جَوْقٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَیَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ یُسَلِّمُ عَلَیْهِ فَإِذَا بَلَغَتِ الرُّوحُ إِلَی بَطْنِهِ وَ سُرَّتِهِ شَفَعَ إِلَی مِیكَائِیلَ أَنْ یُمْهِلَهُ فَیَقُولُ لَهُ أَنْتَ مُخَیَّرٌ بَیْنَ أَنْ أَمْسَحَ عَلَیْكَ جَنَاحِی أَوْ تَنْظُرَ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَخْتَارُ النَّظَرَ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَتَضَاحَكُ وَ یَأْمُرُ اللَّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَنْ یَرْفُقَ بِهِ فَإِذَا فَارَقَتْهُ رُوحُهُ تَبِعَاهُ الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ كَانَا مُوَكَّلَیْنِ بِهِ یَبْكِیَانِ وَ یَتَرَحَّمَانِ عَلَیْهِ وَ یَقُولَانِ رَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْعَبْدَ كَمْ أَسْمَعَنَا الْخَیْرَ وَ كَمْ أَشْهَدَنَا عَلَی الصَّالِحَاتِ وَ قَالا یَا رَبَّنَا إِنَّا كُنَّا مُوَكَّلَیْنِ بِهِ وَ قَدْ نَقَلْتَهُ إِلَی جِوَارِكَ فَمَا تَأْمُرُنَا فَیَقُولُ تَعَالَی تَلْزَمَانِ قَبْرَهُ وَ تَتَرَحَّمَانِ عَلَیْهِ وَ تَسْتَغْفِرَانِ لَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَتَیَاهُ بِمَرْكَبٍ فَأَرْكَبَاهُ وَ مَشَیَا بَیْنَ یَدَیْهِ إِلَی الْجَنَّةِ وَ خَدَمَاهُ فِی الْجَنَّةِ.

باب 7 ما یعاین المؤمن و الكافر عند الموت و حضور الأئمة علیهم السلام عند ذلك و عند الدفن و عرض الأعمال علیهم صلوات اللّٰه علیهم

«1»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُوَالِیَ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الْمُتَّخِذَ لِعَلِیٍّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ إِمَامَهُ الَّذِی یَحْتَذِی مِثَالَهُ وَ سَیِّدَهُ الَّذِی یُصَدِّقُ أَقْوَالَهُ وَ یُصَوِّبُ أَفْعَالَهُ وَ یُطِیعُهُ بِطَاعَةِ مَنْ یَنْدُبُهُ مِنْ أَطَایِبِ ذُرِّیَّتِهِ لِأُمُورِ الدِّینِ وَ سِیَاسَتِهِ إِذَا حَضَرَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی مَا لَا یُرَدُّ وَ نَزَلَ بِهِ مِنْ قَضَائِهِ مَا لَا یُصَدُّ وَ حَضَرَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ أَعْوَانُهُ وَجَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ وَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ عَلِیّاً سَیِّدَ الْوَصِیِّینَ وَ عِنْدَ رِجْلَیْهِ مِنْ جَانِبٍ الْحَسَنَ سِبْطَ سَیِّدِ النَّبِیِّینَ وَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ الْحُسَیْنَ سَیِّدَ الشُّهَدَاءِ أَجْمَعِینَ وَ حَوَالَیْهِ بَعْدَهُمْ خِیَارَ خَوَاصِّهِمْ وَ مُحِبِّیهِمْ الَّذِینَ هُمْ سَادَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ سَادَاتِهِمْ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ یَنْظُرُ الْعَلِیلُ الْمُؤْمِنُ إِلَیْهِمْ فَیُخَاطِبُهُمْ بِحَیْثُ یَحْجُبُ اللَّهُ صَوْتَهُ عَنْ آذَانِ حَاضِرِیهِ كَمَا یَحْجُبُ رُؤْیَتَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ

ص: 173

وَ رُؤْیَةَ خَواصِّنَا عَنْ أَعْیُنِهِمْ لِیَكُونَ إِیمَانُهُمْ بِذَلِكَ أَعْظَمَ ثَوَاباً لِشِدَّةِ الْمِحْنَةِ عَلَیْهِمْ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ رَبِّ الْعِزَّةِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا وَصِیَّ رَسُولِ رَبِّ الرَّحْمَةِ بِأَبِی أَنْتُمَا وَ أُمِّی یَا شِبْلَیْ مُحَمَّدٍ وَ ضِرْغَامَیْهِ یَا وَلَدَیْهِ وَ سِبْطَیْهِ یَا سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْمُقَرَّبِینَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ الرِّضْوَانِ مَرْحَباً بِكُمْ مَعَاشِرَ خِیَارِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ وَلَدَیْهِمَا مَا كَانَ أَعْظَمَ شَوْقِی إِلَیْكُمْ وَ مَا أَشَدَّ سُرُورِی الْآنَ بِلِقَائِكُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَدْ حَضَرَنِی وَ لَا أَشُكُّ فِی جَلَالَتِی فِی صَدْرِهِ لِمَكَانِكَ وَ مَكَانِ أَخِیكَ فَیَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَلِكَ هُوَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی مَلَكِ الْمَوْتِ فَیَقُولُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ اسْتَوْصِ بِوَصِیَّةِ اللَّهِ فِی الْإِحْسَانِ إِلَی مَوْلَانَا وَ خَادِمِنَا وَ مُحِبِّنَا وَ مُؤْثِرِنَا فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْهُ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِی الْجِنَانِ فَیَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَنْظُرَ إِلَی الْعُلُوِّ فَیَنْظُرُ إِلَی مَا لَا یُحِیطُ بِهِ الْأَلْبَابُ (1)وَ لَا یَأْتِی عَلَیْهِ الْعَدَدُ وَ الْحِسَابُ فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ كَیْفَ لَا أَرْفُقُ بِمَنْ ذَلِكَ ثَوَابُهُ وَ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ أَعِزَّتُهُ زُوَّارُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْمَوْتَ عَقَبَةً (2)لَا یَصِلُ إِلَی تِلْكَ الْجِنَانِ إِلَّا مَنْ قَطَعَهَا لَمَا تَنَاوَلْتُ رُوحَهُ وَ لَكِنْ لِخَادِمِكَ وَ مُحِبِّكَ هَذَا أُسْوَةٌ (3)بِكَ وَ بِسَائِرِ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ الَّذِینَ أُذِیقُوا الْمَوْتَ لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَی ثُمَّ یَقُولُ مُحَمَّدٌ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ هَاكَ أَخَانَا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَیْكَ فَاسْتَوْصِ بِهِ خَیْراً ثُمَّ یَرْتَفِعُ هُوَ وَ مَنْ مَعَهُ إِلَی رَوْضِ الْجِنَانِ وَ قَدْ كُشِفَ مِنَ الْغِطَاءِ وَ الْحِجَابِ لِعَیْنِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ الْعَلِیلِ فَیَرَاهُمُ الْمُؤْمِنُ هُنَاكَ بَعْدَ مَا كَانُوا حَوْلَ فِرَاشِهِ فَیَقُولُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ الْوَحَا الْوَحَا (4)تَنَاوَلْ رُوحِی وَ لَا تُلْبِثْنِی هَاهُنَا فَلَا صَبْرَ لِی عَنْ مُحَمَّدٍ وَ أَعِزَّتِهِ وَ أَلْحِقْنِی بِهِمْ

ص: 174


1- الموجود فی التفسیر المطبوع هكذا: فیقول له رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: انظر، فینظر إلی العلو و ینظر إلی ما لا یحیط به الالباب.
2- العقبة: المرقی الصعب من الجبال.
3- الاسوة بضم الهمزة و كسرها و سكون السین: القدوة.
4- كلمة تقال فی الاستعجال و المعنی: البدار البدار.

فَعِنْدَ ذَلِكَ یَتَنَاوَلُ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ فَیَسُلُّهَا كَمَا یَسُلُّ الشَّعْرَةَ مِنَ الدَّقِیقِ وَ إِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ فِی شِدَّةٍ فَلَیْسَ هُوَ فِی شِدَّةٍ بَلْ هُوَ فِی رَخَاءٍ وَ لَذَّةٍ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَجَدَ جَمَاعَتَنَا هُنَاكَ وَ إِذَا جَاءَهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ خِیَارُ صَحَابَتِهِمْ بِحَضْرَةِ صَاحِبِنَا فَلْنَتَّضِعْ لَهُمَا (1)فَیَأْتِیَانِ فَیُسَلِّمَانِ عَلَی مُحَمَّدٍ سَلَاماً مُفْرَداً ثُمَّ یُسَلِّمَانِ عَلَی عَلِیٍّ سَلَاماً مُفْرَداً ثُمَّ یُسَلِّمَانِ عَلَی الْحَسَنَیْنِ سَلَاماً یَجْمَعَانِهِمَا فِیهِ ثُمَّ یُسَلِّمَانِ عَلَی سَائِرِ مَنْ مَعَنَا مِنْ أَصْحَابِنَا ثُمَّ یَقُولُونَ قَدْ عَلِمْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ زِیَارَتَكَ فِی خَاصَّتِكَ لِخَادِمِكَ وَ مَوْلَاكَ وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ یُرِیدُ إِظْهَارَ فَضْلِهِ لِمَنْ بِهَذِهِ الْحَضْرَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ مَنْ یَسْمَعُنَا مِنْ مَلَائِكَتِهِ بَعْدَهُمْ لَمَا سَأَلْنَاهُ وَ لَكِنْ أَمْرُ اللَّهِ لَا بُدَّ مِنْ امْتِثَالِهِ ثُمَّ یَسْأَلَانِهِ فَیَقُولَانِ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ وَ مَنْ إِمَامُكَ وَ مَا قِبْلَتُكَ وَ مَنْ شِیعَتُكَ وَ مَنْ إِخْوَانُكَ فَیَقُولُ اللَّهُ رَبِّی وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی وَ عَلِیٌّ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ إِمَامِی وَ الْكَعْبَةُ قِبْلَتِی وَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُوَالُونَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ آلِهِمَا وَ أَوْلِیَاؤُهُمَا الْمُعَادُونَ لِأَعْدَائِهِمَا إِخْوَانِی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ أَخَاهُ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ وَ أَنَّ مَنْ نَصَبَهُمْ لِلْإِمَامَةِ مِنْ أَطَایِبِ عِتْرَتِهِ وَ خِیَارِ ذُرِّیَّتِهِ خُلَفَاءُ الْأُمَّةِ وَ وُلَاةُ الْحَقِّ وَ الْقَوَّامُونَ بِالصِّدْقِ فَیَقُولَانِ عَلَی هَذَا حَیِیتَ وَ عَلَی هَذَا مِتَّ وَ عَلَی هَذَا تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ تَكُونُ مَعَ مَنْ تَتَوَلَّاهُ فِی دَارِ كَرَامَةِ اللَّهِ وَ مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ كَانَ لِأَوْلِیَائِنَا مُعَادِیاً وَ لِأَعْدَائِنَا مُوَالِیاً وَ لِأَضْدَادِنَا بِأَلْقَابِنَا مُلَقِّباً فَإِذَا جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِنَزْعِ رُوحِهِ مَثَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِذَلِكَ الْفَاجِرِ سَادَتَهُ الَّذِینَ اتَّخَذَهُمُ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ مَا یَكَادُ نَظَرُهُ إِلَیْهِمْ یُهْلِكُهُ وَ لَا یَزَالُ یَصِلُ إِلَیْهِ مِنْ حَرِّ عَذَابِهِمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ یَا أَیُّهَا الْفَاجِرُ الْكَافِرُ تَرَكْتَ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ إِلَی أَعْدَائِهِ فَالْیَوْمَ لَا یُغْنُونَ عَنْكَ شَیْئاً وَ لَا تَجِدُ إِلَی مَنَاصٍ (2)سَبِیلًا فَیَرِدُ عَلَیْهِ مِنَ الْعَذَابِ مَا لَوْ قُسِمَ أَدْنَاهُ عَلَی أَهْلِ الدُّنْیَا لَأَهْلَكَهُمْ ثُمَّ إِذَا دُلِّیَ فِی

ص: 175


1- أی فلنتذلل و لنتخشع لهما.
2- المناص: الملجأ و المفر.

قَبْرِهِ رَأَی بَاباً مِنَ الْجَنَّةِ مَفْتُوحاً إِلَی قَبْرِهِ یَرَی مِنْهُ خَیْرَاتِهَا فَیَقُولُ لَهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ انْظُرْ إِلَی مَا حُرِمْتَ مِنْ تِلْكَ الْخَیْرَاتِ ثُمَّ یُفْتَحُ لَهُ فِی قَبْرِهِ بَابٌ مِنَ النَّارِ یَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنْهُ مِنْ عَذَابِهَا فَیَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ یَا رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ.

بیان: الضرغام بالكسر الأسد.

«2»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (1)الَّذِینَ یُقَدِّرُونَ أَنَّهُمْ یَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ اللِّقَاءَ الَّذِی هُوَ أَعْظَمُ كَرَامَاتِهِ وَ إِنَّمَا قَالَ یَظُنُّونَ لِأَنَّهُمْ لَا یَرَوْنَ بِمَا ذَا یُخْتَمُ لَهُمْ وَ الْعَاقِبَةُ مَسْتُورَةٌ عَنْهُمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ إِلَی كَرَامَاتِهِ وَ نَعِیمِ جِنَانِهِ لِإِیمَانِهِمْ وَ خُشُوعِهِمْ لَا یَعْلَمُونَ ذَلِكَ یَقِیناً لِأَنَّهُمْ لَا یَأْمَنُونَ أَنْ یُغَیَّرُوا وَ یُبَدَّلُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَزَالُ الْمُؤْمِنُ خَائِفاً مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ وَ لَا یَتَیَقَّنُ الْوُصُولَ إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ حَتَّی یَكُونَ وَقْتُ نَزْعِ رُوحِهِ وَ ظُهُورِ مَلَكِ الْمَوْتِ لَهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یَرِدُ عَلَی الْمُؤْمِنِ وَ هُوَ فِی شِدَّةِ عِلَّةٍ وَ عَظِیمِ ضِیقِ صَدْرِهِ بِمَا یُخَلِّفُ مِنْ أَمْوَالِهِ وَ لِمَا هُوَ عَلَیْهِ مِنِ اضْطِرَابِ أَحْوَالِهِ فِی مُعَامِلِیهِ وَ عِیَالِهِ وَ قَدْ بَقِیَتْ فِی نَفْسِهِ مَرَارَتُهَا وَ حَسَرَاتُهَا وَ اقْتَطَعَ دُونَ أَمَانِیِّهِ فَلَمْ یَنَلْهَا فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ مَا لَكَ تَجَرَّعُ غُصَصَكَ قَالَ لِاضْطِرَابِ أَحْوَالِی وَ اقْتِطَاعِكَ لِی دُونَ آمَالِی فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ هَلْ یَحْزَنُ عَاقِلٌ مِنْ فَقْدِ دِرْهَمٍ زَائِفٍ وَ اعْتِیَاضِ أَلْفِ أَلْفِ ضِعْفِ الدُّنْیَا فَیَقُولُ لَا فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَانْظُرْ فَوْقَكَ فَیَنْظُرُ فَیَرَی دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ وَ قُصُورَهَا الَّتِی یَقْصُرُ دُونَهَا الْأَمَانِیُّ فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ تِلْكَ مَنَازِلُكَ وَ نِعَمُكَ وَ أَمْوَالُكَ وَ أَهْلُكَ وَ عِیَالُكَ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِكَ هَاهُنَا وَ ذُرِّیَّتِكَ صَالِحاً فَهُمْ هُنَاكَ مَعَكَ أَ فَتَرْضَی بِهِ بَدَلًا مِمَّا هُنَاكَ فَیَقُولُ بَلَی وَ اللَّهِ ثُمَّ یَقُولُ انْظُرْ فَیَنْظُرُ فَیَرَی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ الطَّیِّبِینَ مِنْ آلِهِمَا فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ فَیَقُولُ أَ وَ تَرَاهُمْ هَؤُلَاءِ سَادَاتُكَ وَ أَئِمَّتُكَ هُمْ هُنَاكَ جُلَّاسُكَ وَ آنَاسُكَ (2)أَ فَمَا تَرْضَی

ص: 176


1- البقرة: 46.
2- الجلاس جمع الجلیس. الاناس جمع الانس: من تأنس به.

بِهِمْ بَدَلًا مِمَّنْ تُفَارِقُ هَاهُنَا فَیَقُولُ بَلَی وَ رَبِّی فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا فَمَا أَمَامَكُمْ مِنَ الْأَهْوَالِ كُفِیتُمُوهَا وَ لَا تَحْزَنُوا عَلَی مَا تُخَلِّفُونَهُ مِنَ الذَّرَارِیِّ وَ الْعِیَالِ فَهَذَا الَّذِی شَاهَدْتُمُوهُ فِی الْجِنَانِ بَدَلًا مِنْهُمْ وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ هَذِهِ مَنَازِلُكُمْ وَ هَؤُلَاءِ سَادَاتُكُمْ آنَاسُكُمْ وَ جُلَّاسُكُمْ.

«3»-ین، كِتَابُ حُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ وَ النَّوَادِرُ الْقَاسِمُ عَنْ كُلَیْبٍ الْأَسَدِیِّ (1)قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ بَلَغَنَا عَنْكَ حَدِیثٌ قَالَ وَ مَا هُوَ قُلْتُ قَوْلُكَ إِنَّمَا یَغْتَبِطُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا كَانَ فِی هَذِهِ وَ أَوْمَأْتَ بِیَدِكَ إِلَی حَلْقِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّمَا یَغْتَبِطُ أَهْلُ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا بَلَغَتْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ أَمَّا مَا كَانَ یَتَخَوَّفُ مِنَ الدُّنْیَا فَقَدْ وَلَّی عَنْهُ وَ أَمَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ (2)

«4»- ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ أَیُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ مَا یَكُونُ عَدُوُّكُمْ كَرَاهِیَةً لِهَذَا الْأَمْرِ حِینَ تَبْلُغُ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ عُثْمَانَ كَانَ سَبَّابَةً لِعَلِیٍّ علیه السلام فَحَدَّثَتْنِی مَوْلَاةٌ لَهُ كَانَتْ تَأْتِینَا قَالَتْ لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ مَا لِی وَ لَهُمْ قُلْتُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ مَا لَهُ قَالَ هَذَا فَقَالَ لِمَا أُرِیَ مِنَ الْعَذَابِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَكِّمُوكَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی یَكُونَ ثَبَاتُ الشَّیْ ءِ فِی الْقَلْبِ وَ إِنْ صَلَّی وَ صَامَ.

«5»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّمَا أَحَدُكُمْ حِینَ یَبْلُغُ نَفْسُهُ هَاهُنَا یَنْزِلُ عَلَیْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ أُعْطِیتَهُ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُهُ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی مَنْزِلِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ یُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَی مَسْكَنِكَ

ص: 177


1- كلیب وزان زبیر هو كلیب بن معاویة بن جبلة الصیداوی الأسدی، أبو محمد، و قیل أبو الحسین، روی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام، له كتاب. أورد ترجمته النجاشیّ فی ص 223 من رجاله، و فی سائر كتب التراجم یوجد ترجمته و بیان حاله فلیراجع.
2- تأتی صورة اخری للحدیث تحت رقم 14.

فِی الْجَنَّةِ وَ انْظُرْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام رُفَقَاؤُكَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْری فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ

«6»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مَا یُصْنَعُ بِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا أَبَا حَمْزَةَ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَرَی مَكَانَهُ مِنَ اللَّهِ وَ مَكَانَهُ مِنَّا إِلَّا أَنْ یَبْلُغَ نَفْسُهُ هَاهُنَا ثُمَّ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی نَحْرِهِ أَ لَا أُبَشِّرُكَ یَا أَبَا حَمْزَةَ فَقُلْتُ بَلَی جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ یَقْعُدُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَعْرِفُنِی أَنَا رَسُولُ اللَّهِ هَلُمَّ إِلَیْنَا فَمَا أَمَامَكَ خَیْرٌ لَكَ مِمَّا خَلَّفْتَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُ فَقَدْ أَمِنْتَهُ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ هَجَمْتَ عَلَیْهِ (1)أَیَّتُهَا الرُّوحُ اخْرُجِی إِلَی رَوْحِ اللَّهِ وَ رِضْوَانِهِ وَ یَقُولُ لَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِثْلَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا حَمْزَةَ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَوْلِ اللَّهِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ الْآیَةَ.

«7»-جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَهْدِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَارِثُ الْهَمْدَانِیُّ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی نَفَرٍ مِنَ الشِّیعَةِ وَ كُنْتُ فِیهِمْ فَجَعَلَ الْحَارِثُ یَتَّئِدُ فِی مِشْیَتِهِ وَ یَخْبِطُ الْأَرْضَ بِمِحْجَنِهِ وَ كَانَ مَرِیضاً فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانَتْ لَهُ مِنْهُ مَنْزِلَةٌ فَقَالَ كَیْفَ تَجِدُكَ یَا حَارِثُ فَقَالَ نَالَ الدَّهْرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مِنِّی وَ زَادَنِی أَوْباً غَلِیلًا اخْتِصَامُ أَصْحَابِكَ بِبَابِكَ قَالَ وَ فِیمَ خُصُومَتُهُمْ قَالَ فِیكَ وَ فِی الثَّلَاثَةِ مِنْ قَبْلِكَ (2)فَمِنْ مُفْرِطٍ مِنْهُمْ غَالٍ وَ مُقْتَصِدٍ تَالٍ وَ مِنْ مُتَرَدِّدٍ مُرْتَابٍ لَا یَدْرِی أَ یُقْدِمُ أَمْ یُحْجِمُ فَقَالَ حَسْبُكَ یَا أَخَا هَمْدَانَ أَلَا إِنَّ خَیْرَ شِیعَتِی النَّمَطُ (3)الْأَوْسَطُ إِلَیْهِمْ یَرْجِعُ الْغَالِی وَ بِهِمْ یَلْحَقُ التَّالِی فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ لَوْ كَشَفْتَ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی الرَّیْنَ عَنْ قُلُوبِنَا وَ جَعَلْتَنَا فِی ذَلِكَ عَلَی بَصِیرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا قَالَ قَدْكَ

ص: 178


1- أی انتهیت إلیه بغتة علی غفلة منك.
2- فی كشف الغمّة ص 123 هكذا: قال: فی شأنك و البلیة من قبلك. و فی ذیل ص 3 من الأمالی للمفید جعله بدلا عما فی المتن.
3- النمط: جماعة من الناس أمرهم واحد.

فَإِنَّكَ امْرُؤٌ مَلْبُوسٌ عَلَیْكَ إِنَّ دِینَ اللَّهِ لَا یُعْرَفُ بِالرِّجَالِ بَلْ بِآیَةِ الْحَقِّ فَاعْرِفِ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ یَا حَارِثُ إِنَّ الْحَقَّ أَحْسَنُ الْحَدِیثِ وَ الصَّادِعَ (1)بِهِ مُجَاهِدٌ وَ بِالْحَقِّ أُخْبِرُكَ فَأَرْعِنِی سَمْعَكَ ثُمَّ خَبِّرْ بِهِ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَصَانَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ أَلَا إِنِّی عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ وَ صَدِیقُهُ الْأَوَّلُ قَدْ صَدَّقْتُهُ وَ آدَمُ بَیْنَ الرُّوحِ وَ الْجَسَدِ ثُمَّ إِنِّی صَدِیقُهُ الْأَوَّلُ فِی أُمَّتِكُمْ حَقّاً فَنَحْنُ الْأَوَّلُونَ وَ نَحْنُ الْآخِرُونَ وَ نَحْنُ خَاصَّتُهُ یَا حَارِثُ وَ خَالِصَتُهُ وَ أَنَا صَفْوُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ وَلِیُّهُ وَ صَاحِبُ نَجْوَاهُ وَ سِرِّهِ أُوتِیتُ فَهْمَ الْكِتَابِ وَ فَصْلَ الْخِطَابِ وَ عِلْمَ الْقُرُونِ وَ الْأَسْبَابِ وَ اسْتُودِعْتُ أَلْفَ مِفْتَاحٍ یَفْتَحُ كُلُّ مِفْتَاحٍ أَلْفَ بَابٍ یُفْضِی كُلُّ بَابٍ إِلَی أَلْفِ عَهْدٍ (2)وَ أُیِّدْتُ وَ اتُّخِذْتُ وَ أُمْدِدْتُ بِلَیْلَةِ الْقَدْرِ نَفْلًا وَ إِنَّ ذَلِكَ لَیَجْرِی لِی وَ لِمَنْ تَحَفَّظَ (3)مِنْ ذُرِّیَّتِی مَا جَرَی اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ حَتَّی یَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ أُبَشِّرُكَ یَا حَارِثُ لَتَعْرِفُنِی عِنْدَ الْمَمَاتِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَ عِنْدَ الْحَوْضِ وَ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ قَالَ الْحَارِثُ وَ مَا الْمُقَاسَمَةُ قَالَ مُقَاسَمَةُ النَّارِ أُقَاسِمُهَا قِسْمَةً صَحِیحَةً أَقُولُ هَذَا وَلِیِّی فَاتْرُكِیهِ وَ هَذَا عَدُوِّی فَخُذِیهِ ثُمَّ أَخَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِیَدِ الْحَارِثِ- فَقَالَ یَا حَارِثُ أَخَذْتُ بِیَدِكَ كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِی فَقَالَ لِی وَ قَدْ شَكَوْتُ إِلَیْهِ حَسَدَ قُرَیْشٍ وَ الْمُنَافِقِینَ لِی إِنَّهُ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَخَذْتُ بِحَبْلِ اللَّهِ وَ بِحُجْزَتِهِ یَعْنِی عِصْمَتَهُ مِنْ ذِی الْعَرْشِ تَعَالَی وَ أَخَذْتَ أَنْتَ یَا عَلِیُّ بِحُجْزَتِی وَ أَخَذَ ذُرِّیَّتُكَ بِحُجْزَتِكَ وَ أَخَذَ شِیعَتُكُمْ بِحُجَزِكُمْ فَمَا ذَا یَصْنَعُ اللَّهُ بِنَبِیِّهِ وَ مَا یَصْنَعُ نَبِیُّهُ بِوَصِیِّهِ خُذْهَا إِلَیْكَ یَا حَارِثُ قَصِیرَةٌ مِنْ طَوِیلَةٍ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكَ مَا اكْتَسَبْتَ یَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَامَ الْحَارِثُ یَجُرُّ رِدَاءَهُ وَ یَقُولُ مَا أُبَالِی بَعْدَهَا مَتَی لَقِیتُ الْمَوْتَ أَوْ لَقِیَنِی قَالَ جَمِیلُ بْنُ صَالِحٍ وَ أَنْشَدَنِی أَبُو هَاشِمٍ السَّیِّدُ الْحِمْیَرِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِیمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْخَبَرُ:

قَوْلُ عَلِیٍّ لِحَارِثٍ عَجَبٌ*** كَمْ ثَمَّ أُعْجُوبَةً لَهُ حَمَلًا

ص: 179


1- صدع بالحق. تكلم به جهارا.
2- فی نسخة: الف الف.
3- فی نسخة: استحفظ.

یَا حَارِ هَمْدَانَ مَنْ یَمُتْ یَرَنِی*** مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ قُبُلًا

یَعْرِفُنِی طَرْفُهُ وَ أَعْرِفُهُ*** بِنَعْتِهِ (1)وَ اسْمِهِ وَ مَا عَمِلَا

وَ أَنْتَ عِنْدَ الصِّرَاطِ تَعْرِفُنِی*** فَلَا تَخَفْ عَثْرَةً وَ لَا زَلَلًا

أَسْقِیكَ مِنْ بَارِدٍ عَلَی ظَمَإٍ*** تَخَالُهُ فِی الْحَلَاوَةِ الْعَسَلَا

أَقُولُ لِلنَّارِ حِینَ تُوقَفُ لِلْعَرْضِ ***دَعِیهِ لَا تَقْتُلِی الرَّجُلَا

دَعِیهِ لَا تَقْرَبِیهِ إِنَّ لَهُ*** حَبْلًا بِحَبْلِ الْوَصِیِّ مُتَّصِلًا

ما، الأمالی للشیخ الطوسی جماعة عن أبی المفضل عن محمد بن علی بن مهدی و غیره عن محمد بن علی بن عمرو مثله (2)بیان یتّئد أی یتثبّت و یتأنّی من التؤدة و فی ما یتأوّد أی یتعوج و خبطه ضربه شدیدا و المحجن كمنبر العصا المعوجة و أوب كفرح غضب و فی ما أوارا و غلیلا و الأوار بالضم حرارة الشمس و حرارة العطش و الغلیل الحقد و الضغن و حرارة الحب و الحزن و أحجم عنه كفّ أو نكص هیبة و قد إذا كانت اسمیة تكون علی وجهین اسم فعل مرادفة لیكفی نحو قولهم قدنی درهم و اسم مرادف لحسب ذكره الفیروزآبادی و قال أرعنی سمعك و راعنی استمع لمقالی قوله علیه السلام نفلا أی زائدا علی ما أعطیت من الفضائل و الكرائم قوله علیه السلام قبلا أی مقابلة و عیانا و قوله علیه السلام تخاله أی تظنه.

«8»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا یَمُوتُ مُوَالٍ لَنَا مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِنَا إِلَّا وَ یَحْضُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنُ

ص: 180


1- فی نسخة: بعینه.
2- أورده الطبریّ أیضا فی ص 4 من بشارة المصطفی باختلاف یسیر بإسناده عن أبی البقاء إبراهیم بن الحسین البصری، عن أبی طالب محمّد بن الحسین بن عتبة، عن محمّد بن الحسن بن الحسین بن أحمد الفقیه، عن حمویه أبی عبد اللّٰه بن علیّ بن حمویه، عن محمّد بن عبد اللّٰه بن المطلب الشیبانی، عن محمّد بن علیّ بن مهدیّ. إلا أن فیه: أقول للنار حین توقف للعرض*** علی حرها دعی الرجلا و زاد فی آخره: هذا لنا شیعة و شیعتنا*** أعطانی اللّٰه فیهم الاملا و أورده أیضا الاربلی فی ص 123 من كشف الغمّة و فیه: دعیه لا تقربی لا تقبل الرجلا.

وَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَیَرَوْنَهُ وَ یُبَشِّرُونَهُ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ مُوَالٍ لَنَا یَرَاهُمْ بِحَیْثُ یَسُوؤُهُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِحَارِثٍ الْهَمْدَانِیِ:

یَا حَارِ هَمْدَانَ مَنْ یَمُتْ یَرَنِی*** مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ قُبُلًا

«9»- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْمَرَاغِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ السَّبِیعِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعُرَنِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی دَاوُدَ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ فَقُلْتُ حُبِّی لَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا حَارِثُ أَ تُحِبُّنِی قُلْتُ نَعَمْ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَمَا لَوْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ الْحُلْقُومَ رَأَیْتَنِی حَیْثُ تُحِبُّ وَ لَوْ رَأَیْتَنِی وَ أَنَا أَذُودُ (1)الرِّجَالَ عَنِ الْحَوْضِ ذَوْدَ غَرِیبَةِ الْإِبِلِ لَرَأَیْتَنِی حَیْثُ تُحِبُّ وَ لَوْ رَأَیْتَنِی وَ أَنَا مَارٌّ عَلَی الصِّرَاطِ بِلِوَاءِ الْحَمْدِ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَرَأَیْتَنِی حَیْثُ تُحِبُّ: (2).

ما، الأمالی للشیخ الطوسی المفید عن المرزبانی عن عبد اللّٰه بن الحسن عن محمد بن رشید قال آخر شعر قاله السید بن محمد رحمه اللّٰه قبل وفاته بساعة و ذلك أنه أغمی علیه و اسود لونه ثم أفاق و قد ابیض وجهه و هو یقول

أحب الذی من مات من أهل وده ***تلقاه بالبشری لدی الموت یضحك

و من مات یهوی غیره من عدوه ***فلیس له إلا إلی النار مسلك

أبا حسن تفدیك نفسی و أسرتی*** و مالی و ما أصبحت فی الأرض أملك

أبا حسن إنی بفضلك عارف ***و إنی بحبل من هواك لممسك

ص: 181


1- ذاد الإبل عن الماء: دفعه و طرده.
2- أورد الشاعر المضمون فی سبیكة النظم و القریض فی قوله: لنحن علی الحوض ذواده*** نذود و تسعد وراده و ما فاز من فاز إلّا بنا*** و ما خاب من حبنا زاده و من سرنا نال منا السرور*** و من ساءنا ساء میلاده و من كان ظالمنا حقنا*** فان القیامة میعاده أورده الطبریّ فی ص 136 من بشارة المصطفی باسناد له عن أحمد بن زیاد الهمدانیّ قال: رأیت صبیا صغیرا یكون سباعیا أو ثمانیا بالمدینة ینشد، فقلت: یا فتی لمن هذه الأبیات؟ فقال: لمنشدها فقلت: من الفتی؟ قال: علوی فاطمی، إیها عنك.

و أنت وصی المصطفی و ابن عمه*** و إنا نعادی مبغضیك و نترك

موالیك ناج مؤمن بین الهدی*** و غالیك معروف الضلالة مشرك

و لاحٍ لحانی فی علی و حزبه*** فقلت لحاك اللّٰه إنك أعفك

و معنی أعفك أحمق (1)(ص 30)

توضیح: لحا اللّٰه فلانا قبّحه و لعنه و لحیت الرجل ألحاه لحیا لمته و الملاحاة المنازعة.

«10»-ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَابُورَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی الْمَیِّتِ تَدْمَعُ عَیْنُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَایَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرَی مَا یَسُرُّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا تَرَی الرَّجُلَ إِذَا یَرَی مَا یَسُرُّهُ فَتَدْمَعُ عَیْنُهُ وَ یَضْحَكُ.

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن علی بن الحكم عن معاویة بن وهب مثله: (2)- ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فضالة مثله- مع، معانی الأخبار ابن الولید عن الصفار عن ابن معروف عن علی بن مهزیار عن فضالة مثله (3).

«11»-فس، تفسیر القمی یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً قَالَ إِذَا حَضَرَ الْمُؤْمِنَ الْوَفَاةُ نَادَی مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی راضِیَةً بِوَلَاءِ عَلِیٍ

ص: 182


1- أورده الطبریّ فی ص 92 من كتابه بشارة المصطفی بإسناده عن الحسن بن الحسین بن بابویه عن محمّد بن الحسن الطوسیّ، عن المفید؛ و فیه ثلاثة عشر بیتا.
2- باختلاف یسیر. م.
3- باختلاف یسیر. م.

مَرْضِیَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِی فِی عِبادِی وَ ادْخُلِی جَنَّتِی فَلَا یَكُونُ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا اللُّحُوقُ بِالنِّدَاءِ.

«12»-ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی مَا یُحِبُّ إِلَّا أَنْ یَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ وَ أَبْقی وَ تَأْتِیهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَیْنُهُ وَ یُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ.

«13»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ عَنْ بُرَیْدِ (1)بْنِ مُعَاوِیَةَ الْعِجْلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ فَقَالَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَمُوتُ وَ لَا كَافِرٍ فَیُوضَعُ فِی قَبْرِهِ حَتَّی یُعْرَضَ عَمَلُهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَهَلُمَّ جَرّاً إِلَی آخِرِ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَی الْعِبَادِ.

«14»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ كُلَیْبِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْأَسَدِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَیْنَ مَنْ وَصَفَ هَذَا الْأَمْرَ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ فَیُقَالُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ قَدِمْتَ عَلَیْهِ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَتَخَوَّفُ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ وَ إِنَّ أَمَامَكَ لَإِمَامَ صِدْقٍ اقْدَمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهم السلام (2)

«15»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ (3)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ النَّخَعِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ أَشْهَدُ عَلَی أَبِی علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ

ص: 183


1- برید- وزان زبیر- بن معاویة العجلیّ، أبو القاسم، عربی، روی عن أبی عبد اللّٰه و أبی جعفر علیهما السلام، مات فی حیاة أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل: فی سنة 150، و الرجل وجه من وجوه أصحابنا، و فقیه من أكابر فقهائنا، له محل عند الأئمّة علیهم السلام، قال الكشّیّ: إنّه ممن اتفقت العصابة علی تصدیقه، و ممن انقادوا له بالفقه، و روی أخبارا كثیرة فی فضله و توثیقه عن الأئمّة، یوجد ترجمته فی ص 155 من رجال الكشّیّ، و فی ص 81 من النجاشیّ، و فصل الفاضل المامقانی ترجمته فی ج 1 ص 164 فلیراجع.
2- تقدم الحدیث بألفاظ اخری تحت رقم 3 مع ضبط كلیب.
3- عقبة بضم العین و سكون القاف.

أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّیَّةً فَنَحْنُ وَ اللَّهِ ذُرِّیَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«16»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ شَجَرَةَ (1)أَخِی بَشِیرٍ النَّبَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یُعَایِنَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ.

«17»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَوَّاضٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُ أَحَدِكُمْ هَذِهِ قِیلَ لَهُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَحْزَنُ مِنْ هَمِّ الدُّنْیَا وَ حُزْنِهَا فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ وَ یُقَالُ لَهُ أَمَامَكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ(2).

: سن، المحاسن ابن فضال عن أبی جمیلة عن أبی بكر الحضرمی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله و زاد فیه الحسن و الحسین علیهما السلام.

«18»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الطَّائِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَشَدَّ مَا یَكُونُ عَدُوُّكُمْ كَرَاهَةً لِهَذَا الْأَمْرِ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ (3)وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ وَ أَشَدَّ مَا یَكُونُ أَحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِهَذَا الْأَمْرِ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ فَیَنْقَطِعُ عَنْهُ أَهْوَالُ الدُّنْیَا وَ مَا كَانَ یُحَاذِرُ مِنْهَا وَ یُقَالُ أَمَامَكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا فَاطِمَةَ فَلَا تَذْكُرْهَا.

: ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النضر مثله و فی آخره و یقال له أمامك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی و الأئمة.

«19»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَدِ اسْتَحْیَیْتُ مِمَّا أُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَیْكُمْ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ

ص: 184


1- هو شجرة بن میمون بن أبی أراكة النبال الوابشی، مولاهم الكوفیّ، ثقة و من وجوه الاصحاب و أجلائهم.
2- رواه الكلینی كما یأتی تحت رقم 55.
3- فی المصدر: إلی هذه. م.

یَغْتَبِطَ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ یَأْتِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام فَیَقُولَانِ لَهُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُ فَقَدْ آمَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَأَمَامَكَ.

«20»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَا وَ الْمُعَلَّی بْنُ خُنَیْسٍ فَقَالَ یَا عُقْبَةُ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا هَذَا الَّذِی أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْوَرِیدِ قَالَ ثُمَّ اتَّكَأَ وَ غَمَزَ إِلَیَّ الْمُعَلَّی أَنْ سَلْهُ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ فَأَیَّ شَیْ ءٍ یَرَی فَرَدَّدَ عَلَیْهِ بضعة عشر [بِضْعَ عَشْرَةَ] مَرَّةً أَیَّ شَیْ ءٍ یَرَی (1)فَقَالَ فِی كُلِّهَا یَرَی لَا یَزِیدُ عَلَیْهَا ثُمَّ جَلَسَ فِی آخِرِهَا فَقَالَ یَا عُقْبَةُ قُلْتُ لَبَّیْكَ وَ سَعْدَیْكَ فَقَالَ أَبَیْتَ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ فَقُلْتُ نَعَمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّمَا دِینِی مَعَ دَمِی فَإِذَا ذَهَبَ دَمِی كَانَ ذَلِكَ وَ كَیْفَ بِكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كُلَّ سَاعَةٍ وَ بَكَیْتُ فَرَقَّ لِی فَقَالَ یَرَاهُمَا وَ اللَّهِ قُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَنْ هُمَا فَقَالَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عُقْبَةُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ أَبَداً حَتَّی تَرَاهُمَا قُلْتُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَیْهِمَا الْمُؤْمِنُ أَ یَرْجِعُ إِلَی الدُّنْیَا قَالَ لَا بَلْ یَمْضِی أَمَامَهُ فَقُلْتُ لَهُ یَقُولَانِ شَیْئاً جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ نَعَمْ یَدْخُلَانِ جَمِیعاً عَلَی الْمُؤْمِنِ فَیَجْلِسُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ رَأْسِهِ وَ عَلِیٌّ عِنْدَ رِجْلَیْهِ فَیُكِبُّ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولُ یَا وَلِیَّ اللَّهِ أَبْشِرْ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِنِّی خَیْرٌ لَكَ مِمَّا تَتْرُكُ مِنَ الدُّنْیَا ثُمَّ یَنْهَضُ رَسُولُ اللَّهِ فَیَقُومُ عَلَیْهِ (2)عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا حَتَّی یُكِبَّ عَلَیْهِ فَیَقُولُ یَا وَلِیَّ اللَّهِ أَبْشِرْ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الَّذِی كُنْتَ تُحِبُّنِی أَمَا لَأَنْفَعُكَ (3)ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَمَا إِنَّ هَذَا فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ أَیْنَ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فِی سُورَةِ یُونُسَ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی هَاهُنَا الَّذِینَ آمَنُوا وَ كانُوا یَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْری فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ لا تَبْدِیلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ.

ص: 185


1- فی الكافی: فقلت له بضع عشر مرة: أی شی ء یری؟.
2- فی المصدر: فیقدم علیه. م.
3- فی المصدر: لانفعنك. م.

شی، تفسیر العیاشی عن عقبة بن خالد مثله بیان إنما دینی مع دمی المراد بالدم الحیاة أی لا أترك طلب الدین ما دمت حیا فإذا ذهب دمی أی مت كان ذلك أی ترك الطلب أو المعنی أنه إنما یمكننی تحصیل الدین ما دمت حیا فقوله فإذا ذهب دمی استفهام إنكاری أی بعد الموت كیف یمكننی طلب الدین و فی شی، تفسیر العیاشی فإذا ذهب دینی كان ذلك فالمعنی أن دینی مقرون بحیاتی فمع عدم الدین فكأنی لست بحی فقوله كان ذلك أی كان الموت و فی الكافی (1)إنما دینی مع دینك فإذا ذهب دینی كان ذلك أی إن دینی إنما یستقیم إذا كان موافقا لدینك فإذا ذهب دینی لعدم علمی بما تعتقده كان ذلك أی الخسران و الهلاك و العذاب الأبدی أشار إلیه مبهما لتفخیمه و أما استشهاده علیه السلام بالآیة فالظاهر أنه فسر البشری فی الحیاة الدنیا بما یكون عند الموت و یحتمل أن یكون علیه السلام فسر البشری فی الآخرة بذلك لأن تلك الحالة من مقدمات النشأة الآخرة فالبشری فی الحیاة الدنیا بالمنامات الحسنة كما ورد فی أخبار أخر أو بما بشر اللّٰه فی كتبه و علی لسان أنبیائه و الأول أظهر.

«21»-سن، المحاسن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ الْخَطَّابِ الْكُوفِیِّ وَ مُصْعَبٍ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِسَدِیرٍ (2)وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَ عَجَّلَ رُوحَهُ إِلَی الْجَنَّةِ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی سُرُوراً (3)أَوْ تَبَیَّنَ لَهُ النَّدَامَةُ وَ الْحَسْرَةُ إِلَّا أَنْ یُعَایِنَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ وَ أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ (4)رُوحِهِ فَیُنَادِی رُوحَهُ فَتَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَمَا یُحِسُّ بِخُرُوجِهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً فَادْخُلِی فِی عِبادِی وَ ادْخُلِی جَنَّتِی ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ وَرِعاً

ص: 186


1- فی ج 1 ص 36 من فروعه، فی باب ما یعاین المؤمن و الكافر بإسناده عن العدة، عن سهل بن زیاد، عن ابن فضال.
2- وزان شریف هو سدیر بن حكیم بن صهیب الصیرفی.
3- فی المصدر: السرور. م.
4- فی المصدر: یقبض. م.

مُوَاسِیاً لِإِخْوَانِهِ وَصُولًا لَهُمْ (1)وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ وَرِعٍ وَ لَا وَصُولٍ (2)لِإِخْوَانِهِ قِیلَ لَهُ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْوَرَعِ وَ الْمُوَاسَاةِ لِإِخْوَانِكَ أَنْتَ مِمَّنِ انْتَحَلَ الْمَحَبَّةَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ یُصَدِّقْ ذَلِكَ بِفِعْلٍ وَ إِذَا لَقِیَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَقِیَاهُمَا مُعْرِضَیْنِ مُقَطِّبَیْنِ فِی وَجْهِهِ غَیْرَ شَافِعَیْنِ لَهُ قَالَ سَدِیرٌ مَنْ جَدَعَ اللَّهُ أَنْفَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَهُوَ ذَاكَ (3)

بیان: جدع الأنف أی قطعه كنایة عن المذلة أی من أذله اللّٰه یكون كذلك و یحتمل أن یكون من استفهاما أی من یكون كذلك فقوله جدع اللّٰه أنفه جملة دعائیة فأجاب علیه السلام بأنه هو الذی ذكرت لك سابقا.

«22»-سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْتَعِینُوا عَلَی مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ فِی طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّ أَشَدَّ مَا یَكُونُ أَحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِمَا هُوَ عَلَیْهِ لَوْ قَدْ صَارَ فِی حَدِّ الْآخِرَةِ وَ انْقَطَعَتِ الدُّنْیَا عَنْهُ فَإِذَا كَانَ فِی ذَلِكَ الْحَدِّ عَرَفَ أَنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ النَّعِیمَ وَ الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ وَ الْبُشْرَی بِالْجَنَّةِ وَ أَمِنَ مِمَّنْ كَانَ یَخَافُ وَ أَیْقَنَ أَنَّ الَّذِی كَانَ عَلَیْهِ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّ مَنْ خَالَفَ دِینَهُ عَلَی بَاطِلٍ هَالِكٌ.

«23»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی عَنْ قُتَیْبَةَ الْأَعْشَی (4)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَمَا إِنَّ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ فِیهِ إِلَی حُبِّنَا حِینَ تَبْلُغُ نَفْسُ أَحَدِكُمْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی نَحْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ إِلَی هَاهُنَا وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ فَیَأْتِیهِ الْبَشِیرُ فَیَقُولُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُهُ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ.

ص: 187


1- أی كثیر الاعطاء لهم.
2- فی المصدر: و لا وصولا. م.
3- فی المصدر: فهو ذلك. م.
4- قتیبة مصغرا، و أعشی بفتح الهمزة، و سكون العین، و فتح الشین، بعدها الف مقصورة، قال النجاشیّ فی ص 223 من رجاله: قتیبة بن محمّد الاعشی المؤدّب، أبو محمّد المقری، مولی الازد، ثقة، عین، روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، له كتاب یرویه عدة من أصحابنا اه.

«24»-سن، المحاسن بِالْإِسْنَادِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ بَشِیرٍ الْكُنَاسِیِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ حَدَّثَ أَصْحَابُكُمْ أَنَّ أَبِی كَانَ یَقُولُ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ.

«25»-صح، صحیفة الرضا علیه السلام عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَنْ أَحَبَّنِی وَجَدَنِی عِنْدَ مَمَاتِهِ بِحَیْثُ یُحِبُّ وَ مَنْ أَبْغَضَنِی وَجَدَنِی عِنْدَ مَمَاتِهِ بِحَیْثُ یَكْرَهُ.

«26»-شی، تفسیر العیاشی مُحَمَّدٌ عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: قَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَ مَبْشُورَةٌ كَذَا نُزِلَ بِهَا عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا یَسْتَبْشِرُونَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَیُبَشَّرُونَ إِلَی قُرَّةِ عَیْنٍ وَ أَمَّا الْفُجَّارُ فَیُبَشَّرُونَ إِلَی خِزْیِ اللَّهِ إِیَّاهُمْ.

«27»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً قَالَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«28»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ فِی عِیسَی علیه السلام وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً فَقَالَ إِیمَانُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.

«29»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْمَشْرِقِیِّ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ فِی قَوْلِهِ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ یَعْنِی بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَا یَمُوتُ یَهُودِیٌّ وَ لَا نَصْرَانِیٌّ أَبَداً حَتَّی یَعْرِفَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ بِهِ كَافِراً.

«30»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً قَالَ لَیْسَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ جَمِیعِ الْأَدْیَانِ یَمُوتُ إِلَّا رَأَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ.

«31»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَأْتِی الرَّجُلَ مِنْ أَوْلِیَائِنَا عِنْدَ مَوْتِهِ یَأْتِیهِ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ یَسَارِهِ لِیَصُدَّهُ عَمَّا هُوَ عَلَیْهِ

ص: 188

فَیَأْبَی اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ

«32»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر صَفْوَانُ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الْبَزَّازِ (1)قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جُلُوساً فَقَامَ فَدَخَلَ الْبَیْتَ وَ خَرَجَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَیِ الْبَابِ (2)فَسَلَّمَ فَرَدَدْنَا عَلَیْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأُحِبُّ رِیحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ وَ إِنَّكُمْ لَعَلَی دِینِ اللَّهِ وَ دِینِ مَلَائِكَتِهِ وَ مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَاهُنَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ وَ قَالَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَعِینُوا عَلَی ذَلِكَ بِوَرَعٍ.

«33»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ خالِدِینَ فِیها لا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ یُنْظَرُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا بِاللَّهِ فِی رَدِّهِمْ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَلَایَةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ آلِهِمَا علیهم السلام وَ ماتُوا عَلَی كُفْرِهِمْ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ یُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَی لَهُمُ الْبُعْدَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ السَّحْقَ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ الْمَلَائِكَةِ یَلْعَنُونَهُمْ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ كُلٌّ یَلْعَنُهُمْ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَأْمُورِینَ الْمُنْتَهِینَ یَلْعَنُونَ الْكَافِرِینَ وَ الْكَافِرُونَ أَیْضاً یَقُولُونَ لَعَنَ اللَّهُ الْكَافِرِینَ فَهُمْ فِی لَعْنِ أَنْفُسِهِمْ أَیْضاً خالِدِینَ فِیها فِی اللَّعْنَةِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ لا یُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ یَوْماً وَ لَا سَاعَةً وَ لا هُمْ یُنْظَرُونَ لَا یُؤَخَّرُونَ سَاعَةً إِلَّا یَحِلُ

ص: 189


1- هو حفص بن سلیمان الأسدی الكوفیّ الغاضری- بمعجمتین- و هو حفص بن أبی داود القاری، صاحب عاصم، و یقال له: حفیص، أورده هكذا ابن حجر فی ص 118 من التقریب و قال بعد ذلك: متروك الحدیث مع إمامته فی القراءة، من الثامنة، مات سنة ثمانین و له تسعون انتهی. و فی هامش التقریب: و هو ثبت فی القراءة عند ابن معین و أحمد، و متروك فی الحدیث عند البخاری و غیره، وثقه ثقة وكیع، قال الذهبی: هو فی نفسه صادق غیر أنّه لم یتقین الحدیث، قال حنبل بن إسحاق، عن أحمد قال: ما به بأس، و روی أبو علیّ الصواف، عن عبد اللّٰه، عن أبیه قال: هو صالح اه. أقول: أورده الشیخ بالعنوان فی أصحاب الصادق علیه السلام و قال: أسند عنه و أورده أیضا فی باب الكنی من أصحاب الباقر علیه السلام.
2- عضادتا الباب: خشبتاه من جانبیه.

بِهِمُ الْعَذَابُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَؤُلَاءِ الْكَاتِمِینَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْجَاحِدِینَ لِحِلْیَةِ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ إِذَا أَتَاهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ لِیَقْبِضَ أَرْوَاحَهُمْ أَتَاهُمْ بِأَفْظَعِ الْمَنَاظِرِ وَ أَقْبَحِ الْوُجُوهِ فَیُحِیطُ بِهِمْ عِنْدَ نَزْعِ أَرْوَاحِهِمْ مَرَدَةُ شَیَاطِینِهِمْ الَّذِینَ كَانُوا یَعْرِفُونَهُمْ ثُمَّ یَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ أَبْشِرِی أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِیثَةُ الْكَافِرَةُ بِرَبِّهَا بِجَحْدِ نُبُوَّةِ نَبِیِّهَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةِ عَلِیٍّ وَصِیِّهِ علیه السلام بِلَعْنَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ غَضَبٍ ثُمَّ یَقُولُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَ طَرْفَكَ وَ انْظُرْ فَیَرَی دُونَ الْعَرْشِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی سَرِیرٍ بَیْنَ یَدَیْ عَرْشِ الرَّحْمَنِ وَ یَرَی عَلِیّاً علیه السلام عَلَی كُرْسِیٍّ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ سَائِرَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام عَلَی مَرَاتِبِهِمُ الشَّرِیفَةِ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ یَرَی الْجِنَانَ قَدْ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَ یَرَی الْقُصُورَ وَ الدَّرَجَاتِ وَ الْمَنَازِلَ الَّتِی تَقْصُرُ عَنْهَا أَمَانِیُّ الْمُتَمَنِّینَ فَیَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْتَ لِأَوْلِیَائِكَ مُوَالِیاً كَانَتْ رُوحُكَ یُعْرَجُ بِهَا إِلَی حَضْرَتِهِمْ وَ كَانَ یَكُونُ مَأْوَاكَ فِی تِلْكَ الْجِنَانِ وَ كَانَتْ تَكُونُ مَنَازِلُكَ (1)[فِیهَا] و أولیاؤك وَ [أُولَئِكَ مُجَاوِرُوكَ وَ مُقَارِبُوكَ فَانْظُرْ فَیُرْفَعُ حُجُبُ الْهَاوِیَةِ (2)فَیَرَاهَا بِمَا فِیهَا مِنْ بَلَایَاهَا وَ دَوَاهِیهَا وَ عَقَارِبِهَا وَ حَیَّاتِهَا وَ أَفَاعِیهَا وَ صُرُوفِ عَذَابِهَا وَ نَكَالِهَا فَیُقَالُ لَهُ فَتِلْكَ إِذاً مَنَازِلُكَ ثُمَّ تَمَثَّلُ لَهُ شَیَاطِینُهُ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ كَانُوا یُغْوُونَهُ وَ یَقْبَلُ مِنْهُمْ مُقَرَّنِینَ هُنَاكَ فِی الْأَصْفَادِ (3)وَ الْأَغْلَالِ فَیَكُونُ مَوْتُهُ بِأَشَدِّ حَسْرَةٍ وَ أَعْظَمِ أَسَفٍ.

«34»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر صَفْوَانُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَرَی مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ فَیَأْتِیَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِیهِ مِنَ الدُّنْیَا فَقَدْ فَاتَكَ فَأَمَّا مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِیهِ مِنَ الْآخِرَةِ فَقَدْ أَشْرَفْتَ عَلَیْهِ وَ أَمَامَكَ سَلَفُ (4)صِدْقٍ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ إِبْرَاهِیمُ.

ص: 190


1- الموجود فی التفسیر المطبوع هكذا: و كانت تكون منازلك فیها، و إذ كنت علی مخالفتهم فقد حرمت حضرتهم و منعت مجاورتهم، و تلك منازلك، و اولئك مجاوروك و مقاربوك فانظر إلخ. و هو الصحیح. فلیراجع ص 238 من تفسیر الإمام المطبوع سنة 1315 و ص 223 من المطبوع فی هامش تفسیر علیّ بن إبراهیم.
2- من أسماء جهنم، معرفة ممنوعة من الصرف، و تدخلها أل للمح الصفة فیقال: الهاویة.
3- قرنه أی جمعه و شدده یقال: قرنت الأساری فی الحبال. و الاصفاد: ما یوثق به الاسیر من قد أو قید أو غل.
4- السلف: كل من تقدمك بالموت من آبائك و ذوی قرابتك و لذا سمی الصدر الأول بالسلف الصالح، و منه الحدیث: ابشر بالسلف الصالح مرافقة رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و علی و فاطمة علیهما السلام؛ قاله الطریحی فی المجمع.

«35»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر صَفْوَانُ عَنْ قُتَیْبَةَ الْأَعْشَی قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ عَادَیْتُمْ فِینَا الْآبَاءَ وَ الْأَبْنَاءَ وَ الْأَزْوَاجَ وَ ثَوَابُكُمْ عَلَی اللَّهِ إِنَّ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ فِیهِ إِلَی حُبِّنَا إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ.

«36»-قب، المناقب لابن شهرآشوب زُرَیْقٌ (1)عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لَهُمُ الْبُشْری فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا قَالَ هُوَ أَنْ یُبَشِّرَاهُ بِالْجَنَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ یَعْنِی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً علیه السلام.

«37»-الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ عَنِ الْبَاقِرَیْنِ علیهما السلام قَالا حَرَامٌ عَلَی رُوحٍ أَنْ تُفَارِقَ جَسَدَهَا حَتَّی تَرَی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً بِحَیْثُ تَقَرُّ عَیْنُهَا (2).

«38»-الْحَافِظُ أَبُو نُعَیْمٍ بِالْإِسْنَادِ عَنْ هِنْدٍ الْجَمَلِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ رَوَی الشَّعْبِیُّ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْهُ علیه السلام وَ لَا یَمُوتُ عَبْدٌ یُحِبُّنِی إِلَّا رَآنِی حَیْثُ یُحِبُّ وَ لَا یَمُوتُ عَبْدٌ یُبْغِضُنِی إِلَّا رَآنِی حَیْثُ یَكْرَهُ.

«39»-سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنِ الْمَیِّتِ تَدْمَعُ عَیْنُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ علیه السلام ذَاكَ عِنْدَ مُعَایَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَرَی مَا یَسُرُّ.

«40»-لی، الأمالی للصدوق حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ مَعاً عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الْبَزَّازِ (3)عَنِ الشَّعْبِیِّ (4)عَنِ الْحَارِثِ

ص: 191


1- اختلف فی ضبطه فالنجاشیّ علی تقدیم المهملة، مصغر «رزق» و الشیخ بتقدیم المعجمة، مصغر «زرق».
2- للحدیث ذیل یأتی فی خبر 43.
3- تقدم ترجمته فی الباب تحت رقم 32 فلیراجع.
4- بفتح الشین و سكون العین المهملة نسبة الی شعب او شعبان، قال ابن منظور فی مادة «شعب» من لسان العرب: شعبان: بطن من همدان، تشعب من الیمن، الیهم ینسب عامر الشعبی علی طرح الزائد. و قیل: شعب جبل بالیمن و هو ذو شعبین، فمن كان منهم بالكوفة یقال لهم: الشعبیون منهم عامر بن شراحیل الشعبی، و عداده فی الهمدان؛ و من كان منهم بالشام یقال لهم: الشعبانیون؛ و من كان منهم بالیمن یقال لهم: آل ذی شعبین؛ و من كان منهم بمصر و المغرب یقال لهم: الاشعوب. انتهی. و قال السویدی فی صفحة 18 من السبائك: الشعبیون: بطن من ولد عمرو بن حسان ابن عمرو الحمیری قال الجوهریّ: كان عمرو بن حسان قد نزل هو و ولده جبلا بالیمن ذا شعبتین فنسبوا إلیه، ثمّ تفرقوا فی البلاد فنزلت فرقة منهم بالكوفة فقیل لهم: الشعبیون علی الأصل، و إلیهم ینسب عامر الشعبی و إن كان عداده فی همدان اه. و قال فی شعبان بن عمرو بن زهیر بن ابیر بن الهمیسع بن حمیر: فبنو شعبان بطن من حمیر و إلیهم ینسب الشعبی إه. و الرجل عامر بن شراحیل، أبو عمرو من فقهاء العامّة وثقه ابن حجر فی ص 247 من تقریبه، و قال: ثقة، مشهور، فقیه، فاضل، من الثالثة؛ قال مكحول فما رأیت أفقه منه؛ مات بعد المائة و له نحو من ثمانین انتهی. أقول: فصل ابن خلّكان ترجمته و مدحه و قال: و كانت ولادته سنة لست سنین خلت من خلافة عثمان، و قیل: سنة عشرین للهجرة و قیل: إحدی و ثلاثین. و روی عنه أنّه قال: ولدت سنة جلولاء و هی سنة تسع عشرة. و توفی بالكوفة سنة 104 و قیل: 103 و قیل: 107 و قیل: 106 و قیل 105، و كانت أمه من سبی جلولاء.

الْأَعْوَرِ قَالَ: أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ فَقَالَ یَا أَعْوَرُ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جَاءَ بِی وَ اللَّهِ حُبُّكَ قَالَ أَمَا إِنِّی سَأُحَدِّثُكَ لِشُكْرِهَا أَمَا إِنَّهُ لَا یَمُوتُ عَبْدٌ یُحِبُّنِی فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ حَتَّی یَرَانِی حَیْثُ یُحِبُّ وَ لَا یَمُوتُ عَبْدٌ یُبْغِضُنِی فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ حَتَّی یَرَانِی حَیْثُ یَكْرَهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِیَ الشَّعْبِیُّ بَعْدُ أَمَا إِنَّ حُبَّهُ لَا یَنْفَعُكَ وَ بُغْضَهُ لَا یَضُرُّكَ.

«41»-كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَیُّوبَ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ أَنَّهُ حَضَرَ أَحَدَ ابْنَیْ سَابُورَ وَ كَانَ لَهُمَا وَرَعٌ وَ إِخْبَاتٌ فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا وَ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا زَكَرِیَّا بْنَ سَابُورَ قَالَ فَحَضَرْتُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ فَبَسَطَ یَدَهُ ثُمَّ قَالَ ابْیَضَّتْ یَدِی یَا عَلِیُّ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَلَمَّا قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ ظَنَنْتُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِ الرَّجُلِ فَأَتْبَعَنِی بِرَسُولٍ فَرَجَعْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَخْبِرْنِی خَبَرَ الرَّجُلِ الَّذِی حَضَرْتَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَیَّ شَیْ ءٍ سَمِعْتَهُ یَقُولُ قُلْتُ بَسَطَ یَدَهُ فَقَالَ ابْیَضَّتْ یَدِی یَا عَلِیُّ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رَآهُ وَ اللَّهِ رَآهُ وَ اللَّهِ رَآهُ وَ اللَّهِ.

كا، الكافی محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن فضال مثله (1)

«42»-كشف، كشف الغمة حَدَّثَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی السَّیِّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَائِداً فِی عِلَّتِهِ الَّتِی مَاتَ فِیهَا فَوَجَدْتُهُ یُسَاقُ بِهِ وَ وَجَدْتُ عِنْدَهُ جَمَاعَةً مِنْ جِیرَانِهِ وَ كَانُوا

ص: 192


1- باختلاف یسیر.

عُثْمَانِیَّةً وَ كَانَ السَّیِّدُ جَمِیلَ الْوَجْهِ رَحْبَ الْجَبْهَةِ عَرِیضَ مَا بَیْنَ السَّالِفَیْنِ فَبَدَتْ فِی وَجْهِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ مِثْلُ النُّقْطَةِ مِنَ الْمِدَادِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَزِیدُ وَ تَنْمِی حَتَّی طَبَّقَتْ وَجْهَهُ بِسَوَادِهَا فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الشِّیعَةِ وَ ظَهَرَ مِنَ النَّاصِبَةِ سُرُورٌ وَ شَمَاتَةٌ فَلَمْ یَلْبَثْ بِذَلِكَ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی بَدَتْ فِی ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ وَجْهِهِ لُمْعَةٌ بَیْضَاءُ فَلَمْ تَزَلْ تَزِیدُ أَیْضاً وَ تَنْمِی حَتَّی أَسْفَرَ وَجْهُهُ وَ أَشْرَقَ وَ افْتَرَّ السَّیِّدُ (1)ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً فَقَالَ شعر:

كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنَّ عَلِیّاً ***لَنْ یُنَجِّیَ مُحِبَّهُ مِنْ هَنَاتٍ (2)

قَدْ وَ رَبِّی دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ***وَ عَفَا لِیَ الْإِلَهُ عَنْ سَیِّئَاتِی

فَأَبْشِرُوا الْیَوْمَ أَوْلِیَاءَ عَلِیٍ***وَ تَوَالَوُا الْوَصِیَّ حَتَّی الْمَمَاتِ

ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ تَوَلَّوْا بَنِیهِ***وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ بِالصِّفَاتِ

ثُمَّ أَتْبَعَ قَوْلَهُ هَذَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَغْمَضَ عَیْنَهُ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا كَانَتْ رُوحُهُ زُبَالَةً طَفِئَتْ أَوْ حَصَاةً سَقَطَتْ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ لِی أَبِی الْحُسَیْنُ بْنُ عَوْنٍ وَ كَانَ أُذَیْنَةُ حَاضِراً فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مَا مَنْ شَهِدَ كَمَنْ لَمْ یَشْهَدْ أَخْبَرَنِی وَ إِلَّا صَمَّتَا- الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ- عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ عَنْ جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُمَا قَالا حَرَامٌ عَلَی رُوحٍ أَنْ تُفَارِقَ جَسَدَهَا حَتَّی تَرَی الْخَمْسَةَ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً بِحَیْثُ تَقَرُّ عَیْنُهَا أَوْ تَسْخَنُ عَیْنُهَا فَانْتَشَرَ هَذَا الْحَدِیثُ فِی النَّاسِ فَشَهِدَ جِنَازَتَهُ وَ اللَّهِ الْمُوَافِقُ وَ الْمُفَارِقُ.

ما، الأمالی للشیخ الطوسی جماعة عن أبی المفضل عن یحیی بن علی بن عبد الجبار عن عمه محمد بن عبد الجبار عن علی عن أبیه الحسین بن عون مثله- قب، المناقب لابن شهرآشوب لَمَّا احْتُضِرَ السَّیِّدُ الْحِمْیَرِیُّ بَدَتْ فِی وَجْهِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ و ساق الحدیث مثله و زاد بعد قوله واحدا بعد واحد بالصفات ثُمَّ قَالَ

أُحِبُّ الَّذِی مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ وُدِّهِ*** تَلَقَّاهُ بِالْبُشْرَی لَدَی الْمَوْتِ یَضْحَكُ

وَ مَنْ كَانَ یَهْوَی غَیْرَهُ مِنْ عَدُوِّهِ*** فَلَیْسَ لَهُ إِلَّا إِلَی النَّارِ مَسْلَكٌ

الْقَصِیدَةَ

ص: 193


1- افتر الرجل: ضحك ضحكا حسنا.
2- الهنات: الداهیة.

بیان: قال الجوهری السالفة ناحیة مقدم العنق من لدن معلق القرط إلی قلت الترقوة و الذبالة بالضم الفتیلة.

«43»-بشا، بشارة المصطفی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَهْرَیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْسِیِّ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَحْمَسِیِّ (2)عَنْ عُبَیْدِ بْنِ كَثِیرٍ الْهِلَالِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُسَاوِرٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَحْیَی بْنُ مُسَاوِرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْوَاسِطِیُّ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا تُفَارِقُ رُوحٌ جَسَدَ صَاحِبِهَا حَتَّی تَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ وَ حِینَ تَرَی مَلَكَ الْمَوْتِ تَرَانِی وَ تَرَی عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً علیهم السلام فَإِنْ كَانَ یُحِبُّنَا قُلْتُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِهِ إِنَّهُ كَانَ یُحِبُّنِی وَ یُحِبُّ أَهْلَ بَیْتِی وَ إِنْ كَانَ یُبْغِضُنَا قُلْتُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ شَدِّدْ عَلَیْهِ إِنَّهُ كَانَ یُبْغِضُنِی وَ یُبْغِضُ أَهْلَ بَیْتِی.

«44»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عُبَیْدُ بْنُ كَثِیرٍ مُعَنْعَناً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنَّ فِیكَ مَثَلًا مِنْ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَیُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكُونُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً یَا عَلِیُّ إِنَّهُ لَا یَمُوتُ رَجُلٌ یَفْتَرِی عَلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ حَتَّی یُؤْمِنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ یَقُولَ فِیهِ الْحَقَّ حَیْثُ لَا یَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَیْئاً وَ إِنَّكَ عَلَی مَثَلِهِ لَا یَمُوتُ عَدُوُّكَ حَتَّی یَرَاكَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَكُونَ عَلَیْهِ غَیْظاً وَ حُزْناً حَتَّی یُقِرَّ بِالْحَقِّ مِنْ أَمْرِكَ وَ یَقُولَ فِیكَ الْحَقَّ وَ یُقِرَّ بِوَلَایَتِكَ حَیْثُ لَا یَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَیْئاً وَ أَمَّا وَلِیُّكَ فَإِنَّهُ یَرَاكَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَكُونُ لَهُ شَفِیعاً وَ مُبَشِّراً وَ قُرَّةَ عَیْنٍ.

«45»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الرِّضَا علیه السلام فَعَادَهُ فَقَالَ كَیْفَ تَجِدُكَ قَالَ لَقِیتُ الْمَوْتَ بَعْدَكَ یُرِیدُ مَا لَقِیَهُ مِنْ شِدَّةِ

ص: 194


1- الموجود فی بشارة المصطفی المطبوع: «النرسی».
2- الموجود فی بشارة المصطفی هكذا: «الاحمسی من أصل خطّ أبی سعید بیده قال: أخبرنا أبو سعید بن كثیر الهلالی التمار».

مَرَضِهِ فَقَالَ كَیْفَ لَقِیتَهُ قَالَ شَدِیداً أَلِیماً قَالَ مَا لَقِیتَهُ إِنَّمَا لَقِیتَ مَا یَبْدَؤُكَ بِهِ وَ یُعَرِّفُكَ بَعْضَ حَالِهِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُسْتَرِیحٌ بِالْمَوْتِ وَ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ فَجَدِّدِ الْإِیمَانَ بِاللَّهِ وَ بِالْوَلَایَةِ تَكُنْ مُسْتَرِیحاً فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَذِهِ مَلَائِكَةُ رَبِّی بِالتَّحِیَّاتِ وَ التُّحَفِ یُسَلِّمُونَ عَلَیْكَ وَ هُمْ قِیَامٌ بَیْنَ یَدَیْكَ فَأْذَنْ لَهُمْ فِی الْجُلُوسِ فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام اجْلِسُوا مَلَائِكَةَ رَبِّی ثُمَّ قَالَ لِلْمَرِیضِ سَلْهُمْ أُمِرُوا بِالْقِیَامِ بِحَضْرَتِی فَقَالَ الْمَرِیضُ سَأَلْتُهُمْ فَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ حَضَرَكَ كُلُّ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ لَقَامُوا لَكَ وَ لَمْ یَجْلِسُوا حَتَّی تَأْذَنَ لَهُمْ هَكَذَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ غَمَّضَ الرَّجُلُ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا شَخْصُكَ مَاثِلٌ لِی مَعَ أَشْخَاصِ مُحَمَّدٍ وَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ قَضَی الرَّجُلُ (1)

«46»-وَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ قَالَ: أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ حُبُّكَ وَ اللَّهِ قَالَ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً لَتَرَانِی فِی ثَلَاثِ مَوَاطِنَ حَیْثُ تَبْلُغُ نَفْسُكَ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَنْجَرَتِهِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَ عِنْدَ الْحَوْضِ.

«47»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ یَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ إِبْلِیسُ مِنْ شَیَاطِینِهِ مَنْ یَأْمُرُهُ (2)بِالْكُفْرِ وَ یُشَكِّكُهُ فِی دِینِهِ حَتَّی تَخْرُجَ نَفْسُهُ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَإِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَلَقِّنُوهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَتَّی یَمُوتَ.

«48»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حَضَرَ رَجُلًا الْمَوْتُ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً قَدْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَهُ نَاسٌ (3)مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّی أَتَاهُ وَ هُوَ مُغْمًی عَلَیْهِ قَالَ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ كُفَّ عَنِ الرَّجُلِ حَتَّی أَسْأَلَهُ

ص: 195


1- تقدم صدر الحدیث مسندا عن كتاب المعانی فی باب سكرات الموت تحت رقم 11.
2- فی المصدر: من شیطانه أن یأمره إلخ. م.
3- فی المصدر: اناس م.

فَأَفَاقَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا رَأَیْتَ قَالَ رَأَیْتُ بَیَاضاً كَثِیراً وَ سَوَاداً كَثِیراً فَقَالَ فَأَیُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَیْكَ فَقَالَ السَّوَادُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِیَ الْكَثِیرَ مِنْ مَعَاصِیكَ وَ اقْبَلْ مِنِّی الْیَسِیرَ مِنْ طَاعَتِكَ فَقَالَهُ ثُمَّ أُغْمِیَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ خَفِّفْ عَنْهُ سَاعَةً حَتَّی أَسْأَلَهُ (1)فَأَفَاقَ الرَّجُلُ فَقَالَ مَا رَأَیْتَ قَالَ رَأَیْتُ بَیَاضاً كَثِیراً وَ سَوَاداً كَثِیراً قَالَ فَأَیُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَیْكَ فَقَالَ الْبَیَاضُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَفَرَ اللَّهُ لِصَاحِبِكُمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا حَضَرْتُمْ مَیِّتاً فَقُولُوا لَهُ هَذَا الْكَلَامَ لِیَقُولَهُ.

«49»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ یُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَی قَبْضِ رُوحِهِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ إِنَّهُ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ فَیَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ یَا وَلِیَّ اللَّهِ لَا تَجْزَعْ فَوَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ عَلَیْكَ مِنْ وَالِدٍ رَحِیمٍ لَوْ حَضَرَكَ افْتَحْ عَیْنَیْكَ فَانْظُرْ قَالَ وَ یُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّیَّتِهِمْ علیهم السلام فَیُقَالُ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ الْأَئِمَّةُ رُفَقَاؤُكَ قَالَ فَیَفْتَحُ عَیْنَیْهِ فَیَنْظُرُ فَیُنَادِی رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَیَقُولُ یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً بِالْوَلَایَةِ مَرْضِیَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِی فِی عِبادِی یَعْنِی مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ ادْخُلِی جَنَّتِی فَمَا مِنْ شَیْ ءٍ (2)أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِی.

«50»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْكَلَامِ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَمِینِهِ وَ الْآخَرُ عَنْ یَسَارِهِ فَیَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَهُوَ ذَا أَمَامَكَ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ فَقَدْ أَمِنْتَ

ص: 196


1- فی المصدر: خفف عنه حتّی أسأله. م.
2- فی المصدر: فما شی ء. م.

مِنْهُ ثُمَّ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ (1)فَیَقُولُ هَذَا مَنْزِلُكَ فِی الْجَنَّةِ فَإِنْ شِئْتَ رَدَدْنَاكَ إِلَی الدُّنْیَا وَ لَكَ فِیهَا ذَهَبٌ وَ فِضَّةٌ فَیَقُولُ لَا حَاجَةَ فِی الدُّنْیَا فَعِنْدَ ذَلِكَ یَبْیَضُّ لَوْنُهُ وَ یَرْشَحُ جَبِینُهُ وَ تَتَقَلَّصُ شَفَتَاهُ (2)وَ تَنْتَشِرُ مَنْخِرَاهُ وَ تَدْمَعُ عَیْنُهُ الْیُسْرَی فَأَیَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ رَأَیْتَ فَاكْتَفِ بِهَا فَإِذَا خَرَجَتِ النَّفْسُ مِنَ الْجَسَدِ فَیُعْرَضُ عَلَیْهَا كَمَا یُعْرَضُ (3)عَلَیْهِ وَ هِیَ فِی الْجَسَدِ فَیَخْتَارُ الْآخِرَةَ فَیُغَسِّلُهُ فِیمَنْ یُغَسِّلُهُ وَ یُقَلِّبُهُ فِیمَنْ یُقَلِّبُهُ فَإِذَا أُدْرِجَ فِی أَكْفَانِهِ وَ وُضِعَ عَلَی سَرِیرِهِ خَرَجَتْ رُوحُهُ تَمْشِی بَیْنَ أَیْدِی الْقَوْمِ قُدُماً وَ تَلَقَّاهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ یُسَلِّمُونَ عَلَیْهِ وَ یُبَشِّرُونَهُ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنَ النَّعِیمِ فَإِذَا وُضِعَ فِی قَبْرِهِ رُدَّ إِلَیْهِ الرُّوحُ إِلَی وَرِكَیْهِ ثُمَّ یُسْأَلُ عَمَّا یَعْلَمُ فَإِذَا جَاءَ بِمَا یَعْلَمُ فُتِحَ لَهُ ذَلِكَ الْبَابُ الَّذِی أَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنْ نُورِهَا وَ بَرْدِهَا وَ طِیبِ رِیحِهَا قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَیْنَ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ فَقَالَ هَیْهَاتَ مَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ مِنْهَا شَیْ ءٌ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَتَفْتَخِرُ عَلَی هَذِهِ فَتَقُولُ وَطِئَ عَلَی ظَهْرِی مُؤْمِنٌ وَ لَمْ یَطَأْ عَلَی ظَهْرِكِ مُؤْمِنٌ وَ تَقُولُ لَهُ الْأَرْضُ لَقَدْ كُنْتُ (4)أُحِبُّكَ وَ أَنْتَ تَمْشِی عَلَی ظَهْرِی فَأَمَّا إِذَا وُلِّیتُكَ فَسَتَعْلَمُ مَا أَصْنَعُ بِكَ فَیُفْتَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ (5)

بیان: یشكل الجمع بین هذا الخبر و خبر فاطمة بنت أسد و سعد بن معاذ إلا أن یقال كان ذلك العموم فی صدر الإسلام ثم نسخه اللّٰه و رفعه عن كمل المؤمنین أو یخص المؤمن فی هذا الخبر بالمعصومین (6)و یمكن أن یقال فی خبر فاطمة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله إنما فعل ذلك لما وعدها لمزید اطمئنانها و اللّٰه یعلم.

«51»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنِی مَنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ مِنْكُمْ وَ اللَّهِ یُقْبَلُ وَ لَكُمْ وَ اللَّهِ یُغْفَرُ إِنَّهُ

ص: 197


1- فی المصدر: من الجنة. م.
2- أی انضمتا و انزوتا الی علو. م.
3- فی المصدر: كما عرض. م.
4- فی المصدر: و اللّٰه لقد كنت. م.
5- فی المصدر: فیفسح له مد بصره. و هو الأصحّ. م.
6- یبعده مورد الخبر؛ و یمكن أن یخصص المؤمنین بمن لم یأتوا ما یوجب الضغطة.

لَیْسَ بَیْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَیْنَ أَنْ یَغْتَبِطَ وَ یَرَی السُّرُورَ وَ قُرَّةَ الْعَیْنِ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَاهُنَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی حَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَ احْتُضِرَ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام فَیَدْنُو مِنْهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَیَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَأَحِبَّهُ وَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّ هَذَا كَانَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِهِ فَأَحِبَّهُ وَ یَقُولُ جَبْرَئِیلُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِهِ فَأَحِبَّهُ وَ ارْفُقْ بِهِ فَیَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رَقَبَتِكَ أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَی فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا قَالَ فَیُوَفِّقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَقُولُ نَعَمْ فَیَقُولُ وَ مَا ذَاكَ فَیَقُولُ وَلَایَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَیَقُولُ صَدَقْتَ أَمَّا الَّذِی كُنْتَ تَحْذَرُهُ فَقَدْ آمَنَكَ اللَّهُ عَنْهُ (1)وَ أَمَّا الَّذِی كُنْتَ تَرْجُوهُ فَقَدْ أَدْرَكْتَهُ أَبْشِرْ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ مُرَافَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ علیهما السلام ثُمَّ یَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا رَفِیقاً ثُمَّ یُنْزَلُ بِكَفَنِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ حَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ بِمِسْكٍ أَذْفَرَ فَیُكَفَّنُ بِذَلِكَ الْكَفَنِ وَ یُحَنَّطُ بِذَلِكَ الْحَنُوطِ ثُمَّ یُكْسَی حُلَّةً صَفْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا وُضِعَ فِی قَبْرِهِ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ یَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنْ رَوْحِهَا وَ رَیْحَانِهَا ثُمَّ یُفْسَحُ لَهُ عَنْ أَمَامِهِ مَسِیرَةَ شَهْرٍ وَ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ یَسَارِهِ ثُمَّ یُقَالُ لَهُ نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ عَلَی فِرَاشِهَا أَبْشِرْ بِرَوْحٍ وَ رَیْحَانٍ وَ جَنَّةِ نَعِیمٍ وَ رَبٍّ غَیْرِ غَضْبَانَ ثُمَّ یَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِی جِنَانِ رَضْوَی فَیَأْكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَ یَشْرَبُ مَعَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ وَ یَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِی مَجَالِسِهِمْ حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ فَأَقْبَلُوا مَعَهُ یُلَبُّونَ زُمَراً زُمَراً فَعِنْدَ ذَلِكَ یَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَ یَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ وَ قَلِیلٌ مَا یَكُونُونَ هَلَكَتِ الْمَحَاضِیرُ وَ نَجَا الْمُقَرَّبُونَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أَنْتَ أَخِی وَ مِیعَادُ مَا بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَادِی السَّلَامِ قَالَ وَ إِذَا احْتُضِرَ الْكَافِرُ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام فَیَدْنُو مِنْهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَیَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَأَبْغِضْهُ وَ یَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُ اللَّهَ

ص: 198


1- فی المصدر: منه. م.

وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ (1)وَ یَقُولُ جَبْرَئِیلُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ وَ أَعْنِفْ عَلَیْهِ فَیَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رِهَانِكَ (2)أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ مِنَ النَّارِ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَی فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَیَقُولُ لَا فَیَقُولُ أَبْشِرْ یَا عَدُوَّ اللَّهِ بِسَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَذَابِهِ وَ النَّارِ أَمَّا الَّذِی كُنْتَ تَحْذَرُهُ فَقَدْ نَزَلَ بِكَ ثُمَّ یَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا عَنِیفاً ثُمَّ یُوَكِّلُ بِرُوحِهِ ثَلَاثَمِائَةِ شَیْطَانٍ كُلُّهُمْ یَبْزُقُ فِی وَجْهِهِ وَ یَتَأَذَّی بِرُوحِهِ فَإِذَا وُضِعَ فِی قَبْرِهِ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ (3)فَیَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنْ قَیْحِهَا وَ لَهَبِهَا.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر محمد بن سنان مثله بیان المحلون الذین لا یرون حرمة الأئمة علیهم السلام و لا یتابعونهم قال الفیروزآبادی رجل محل منتهك للحرام أو لا یری للشهر الحرام حرمة و یقال رجل محضیر أی كثیر العدو و المحاضیر جمعه أی الذین یستعجلون فی طلب الفرج بقیام القائم علیه السلام و المقربون بفتح الراء أی أهل التسلیم و الانقیاد فإنهم المقربون عند اللّٰه أو بكسر الراء أی الذین یقولون الفرج قریب و لا یستبطئونه.

«52»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام حَدَّثَنِی صَالِحُ بْنُ مِیثَمٍ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ وَ اللَّهِ لَا یُبْغِضُنِی عَبْدٌ أَبَداً یَمُوتُ عَلَی بُغْضِی إِلَّا رَآنِی عِنْدَ مَوْتِهِ حَیْثُ یَكْرَهُ وَ لَا یُحِبُّنِی عَبْدٌ أَبَداً فَیَمُوتُ عَلَی حُبِّی إِلَّا رَآنِی عِنْدَ مَوْتِهِ حَیْثُ یُحِبُّ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام نَعَمْ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْیَمِینِ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النضر مثله.

«53»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: كَانَ خَطَّابٌ الْجُهَنِیُّ خَلِیطاً لَنَا وَ كَانَ شَدِیدَ النَّصْبِ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 199


1- فی نسخة: فأبغضه و اعنف علیه.
2- فی نسخة: رقبتك.
3- فی المصدر: فتح له من أبواب النار. م.

وَ كَانَ یَصْحَبُ نَجْدَةَ الْحَرُورِیَّ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ أَعُودُهُ لِلْخُلْطَةِ وَ التَّقِیَّةِ فَإِذَا هُوَ مُغْمًی عَلَیْهِ فِی حَدِّ الْمَوْتِ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ مَا لِی وَ لَكَ یَا عَلِیُّ فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رَآهُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ رَآهُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ رَآهُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ (1)

«54»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَوَّاضٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُ أَحَدِكُمْ هَذِهِ قِیلَ لَهُ أَمَّا مَا كُنْتَ تَحْذَرُ مِنْ هَمِّ الدُّنْیَا وَ حُزْنِهَا فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ وَ یُقَالُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ علیهم السلام أَمَامَكَ (2)

«55»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النَّضْرُ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا مَعْنَی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِینَئِذٍ تَنْظُرُونَ الْآیَاتِ قَالَ إِنَّ نَفْسَ الْمُحْتَضَرِ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ كَانَ مُؤْمِناً رَأَی مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَیَقُولُ رُدُّونِی إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی أُخْبِرَ أَهْلَهَا بِمَا أَرَی فَیُقَالُ لَهُ لَیْسَ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلٌ.

«56»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر حَمَّادُ بْنُ عِیسَی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ رَأَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیّاً بِحَضْرَتِهِ.

أقول: قد مر كثیر من أخبار هذا الباب فی الأبواب السابقة و سیأتی كثیر منها فی باب البرزخ و غیرها.

وَ قَالَ الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ، رَوَی الْمُفِیدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ إِنَّ مُحِبِّیكَ یَفْرَحُونَ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ خُرُوجِ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنْتَ هُنَاكَ تَشْهَدُهُمْ وَ عِنْدَ الْمُسَاءَلَةِ فِی الْقُبُورِ وَ أَنْتَ هُنَاكَ تُلَقِّنُهُمْ وَ عِنْدَ الْعَرْضِ عَلَی اللَّهِ وَ أَنْتَ هُنَاكَ تَعْرِفُهُمْ.

تذییل: اعلم أن حضور النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة صلوات اللّٰه علیهم عند الموت مما قد ورد به الأخبار المستفیضة و قد اشتهر بین الشیعة غایة الاشتهار و إنكار مثل

ص: 200


1- ذكرت هذه الجملة فی المصدر مرتین. م.
2- تقدم الحدیث عن المحاسن تحت رقم 17.

ذلك لمحض استبعاد الأوهام لیس من طریقة الأخیار و أما نحو حضورهم و كیفیته فلا یلزم الفحص عنه بل یكفی فیه و فی أمثاله الإیمان به مجملا علی ما صدر عنهم علیهم السلام و ما یقال من أن هذا خلاف الحس و العقل أما الأول فلأنا نحضر الموتی إلی قبض روحهم و لا نری عندهم أحدا و أما الثانی فلأنه یمكن أن یتفق فی آن واحد قبض أرواح آلاف من الناس فی مشارق الأرض و مغاربها و لا یمكن حضور الجسم فی زمان واحد فی أمكنة متعددة فیمكن الجواب عن الأول بوجوه.

الأول أن اللّٰه تعالی قادر علی أن یحجبهم عن أبصارنا لضرب من المصلحة كما ورد فی أخبار الخاصة و العامة فی تفسیر قوله تعالی جَعَلْنا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً إن اللّٰه تعالی أخفی شخص النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن أعدائه مع أن أولیاءه كانوا یرونه و إنكار أمثال ذلك یفضی إلی إنكار أكثر معجزات الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و قد مر فیما نقلنا من تفسیر العسكری علیه السلام التصریح بهذا الوجه.

الثانی أنه یمكن أن یكون حضورهم بجسد مثالی لطیف لا یراه غیر المحتضر كحضور ملك الموت و أعوانه و سیأتی الأخبار فی سائر الموتی أن أرواحهم فی البرزخ تتعلق بأجساد مثالیة و أما الحیّ من الأئمة علیهم السلام فلا یبعد تصرف روحه لقوّته فی جسد مثالی أیضا.

الثالث أنه یمكن أن یخلق اللّٰه تعالی لكل منهم مثالا بصورته و هذه الأمثلة یكلمون الموتی و یبشرونهم من قبلهم علیهم السلام كما ورد فی بعض الأخبار بلفظ التمثیل.

الرابع أنه یمكن أن یرتسم صورهم فی الحس المشترك بحیث یشاهدهم المحتضر و یتكلم معهم كما فی المبرسم.

الخامس ما ذكره السید المرتضی رضی اللّٰه عنه و هو أن المعنی أنه یعلم فی تلك الحال ثمرة ولایتهم و انحرافه عنهم لأن المحبّ لهم یری فی تلك الحال ما یدله علی أنه من أهل الجنة و كذا المبغض لهم یری ما یدله علی أنه من أهل النار فیكون حضورهم و تكلمهم استعارة تمثیلیة و لا یخفی أن الوجهین الأخیرین بعیدان عن

ص: 201

سیاق الأخبار بل مثل هذه التأویلات ردّ للأخبار و طعن فی الآثار و أما الجواب عن الوجه الثانی فبأنه إنما یتمّ الشبهة إذا ثبت وقوع هذا الاتفاق و محض الإمكان لا یكفی فی ذلك مع أنه إذا قلنا بأن حضورهم فی الأجساد المثالیة یمكن أن یكون لهم أجساد مثالیة كثیرة لما جعل اللّٰه لهم من القدرة الكاملة التی بها امتازوا عن سائر البشر و فی الوجوه الثلاثة الأخیرة علی تقدیر صحتها اندفاع هذا الإیراد ظاهر و الأحوط و الأولی فی أمثال تلك المتشابهات الإیمان بها و عدم التعرض لخصوصیاتها و تفاصیلها و إحالة علمها إلی العالم علیه السلام كما مر فی الأخبار التی أوردناها فی باب التسلیم: وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ

باب 8 أحوال البرزخ و القبر و عذابه و سؤاله و سائر ما یتعلق بذلك

الآیات؛

البقرة: «وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ یُقْتَلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْیاءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ»(154)

آل عمران: «وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ* فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ یَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ *یَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِینَ»(169)

إبراهیم: «یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ»(27)

طه: «وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَعْمی»()

المؤمنون: «حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ»(99-100)

المؤمن: «قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلی خُرُوجٍ مِنْ سَبِیلٍ»(11)

ص: 202

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه قوله تعالی بَلْ أَحْیاءٌ فیه أقوال أحدها و هو الصحیح أنهم أحیاء علی الحقیقة إلی أن تقوم الساعة و هو قول ابن عباس و مجاهد و قتادة و إلیه ذهب الحسن و عمرو بن عبید و واصل بن عطاء و اختاره الجبائی و الرمّانی و جمیع المفسرین.

الثانی أن المشركین كانوا یقولون أصحاب محمد یقتلون نفوسهم فی الحروب بغیر سبب ثم یموتون فیذهبون فأعلمهم اللّٰه أنه لیس الأمر علی ما قالوه و أنهم سیحیون یوم القیامة و یثابون عن البلخی و لم یذكر ذلك غیره.

و الثالث معناه لا تقولوا هم أموات فی الدین بل هم أحیاء بالطاعة و الهدی و مثله قوله سبحانه أَ وَ مَنْ كانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ فجعل الضلال موتا و الهدایة حیاة عن الأصمّ.

و الرابع أن المراد أنهم أحیاء لما نالوا من جمیل الذكر و الثناء كما روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام من قوله هلك خزّان الأموال و العلماء باقون ما بقی الدهر أعیانهم مفقودة و آثارهم فی القلوب موجودة و المعتمد هو القول الأول لأن علیه إجماع المفسرین و لأن الخطاب للمؤمنین و كانوا یعلمون أن الشهداء علی الحق و الهدی و أنهم ینشرون و یحیون یوم القیامة فلا یجوز أن یقال لهم وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ من حیث إنهم كانوا یشعرون بذلك و یقرّون به و لأن حمله علی ذلك یبطل فائدة تخصیصهم بالذكر و لو كانوا أیضا أحیاء بما حصل لهم من جمیل الثناء لما قیل أیضا وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ لأنهم كانوا یشعرون بذلك و وجه تخصیص الشهداء بكونهم أحیاء و إن كان غیرهم من المؤمنین قد یكونون أحیاء فی البرزخ أنه علی جهة البشارة بذكر حالهم ثم البیان لما یختصون به من أنهم یرزقون كما فی الآیة الأخری فإن قیل فنحن نری جثث الشهداء مطروحة علی الأرض لا یتصرف و لا یری فیها شی ء من علامات الأحیاء فالجواب علی مذهب من یقول بأن الإنسان هو الروح من أصحابنا أن اللّٰه تعالی جعل لهم أجساما كأجسامهم فی دار الدنیا یتنعمون فیها دون أجسامهم التی فی القبور فإن النعیم و العذاب إنما یصل عنده إلی النفس التی هی الإنسان المكلّف عنده دون الجثة و یؤیده كثیر من الأخبار.

و أما علی مذهب من قال من أصحابنا إن الإنسان هذه الجثة المشاهدة و إن الروح

ص: 203

هو النفس المتردد فی مخارق الحیوان و هو أجزاء الجو فیقول إنه یلطف أجزاء من الإنسان لا یمكن أن یكون الحی حیا بأقل منها یوصل إلیها النعیم و إن لم تكن تلك الجملة بكمالها لأنه لا معتبر بالأطراف و أجزاء السمن فی كون الحی حیا فإن الحی لا یخرج بمفارقتها من كونه حیا و ربما قیل بأن الجثة یجوز أن تكون مطروحة فی الصورة و لا یكون میتا فیصل إلیها اللذات كما أن النائم حی و تصل إلیه اللذات مع أنه لا یحس و لا یشعر بشی ء من ذلك فیری فی النوم ما یحدثه السرور و الالتذاذ حتی أنه یود أن یطول نومه و لا ینتبه و قد جاء فی الحدیث (1)أنه یفسح له مد بصره و یقال له نم نومة العروس و قوله وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ أی لا تعلمون أنهم أحیاء و فی هذه الآیة دلالة علی صحة مذهبنا فی سؤال القبر و إثابة المؤمن فیه و عقاب العصاة علی ما تظاهرت به الأخبار و إنما حمل البلخی الآیة علی حیاة الحشر لإنكاره عذاب القبر انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

و قال الرازی فی تفسیر تلك الآیة بعد نقل ما ذكره الطبرسی رحمه اللّٰه من الأقوال الأربعة و اختیار القول الأول و هذا قول أكثر المفسرین و هذا دلیل علی أن المطیعین یصل ثوابهم إلیهم و هم فی القبر فإن قیل نحن نشاهد أجسادهم میتة فی القبور فكیف یصح ما ذهبتم إلیه قلنا أما عندنا فالبنیة لیست شرطا فی الحیاة و لا امتناع فی أن اللّٰه تعالی یعید الحیاة إلی كل واحد من تلك الذرات و الأجزاء الصغیرة من غیر حاجة إلی التركیب و التألیف و أما عند المعتزلة فلا یبعد أن یعید اللّٰه الحیاة إلی الأجزاء التی لا بد منها فی مائیة الحیاة بغیر الأطراف و یحتمل أن یحییهم إذا لم یشاهدوا ثم قال و أكثر العلماء علی ترجیح هذا القول و یدل علیه وجوه أحدها أن الآیات الدالة علی عذاب القبر كثیرة كقوله تعالی قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ (2)و الموتان لا یحصلان إلا عند حصول الحیاة فی القبر و قال تعالی أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً (3)و الفاء للتعقیب و قال النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ

ص: 204


1- تقدم مسندا تحت رقم 52.
2- المؤمن: 11.
3- نوح: 25.

أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (1)و إذا ثبت عذاب القبر وجب القول بثواب القبر أیضا لأن العذاب حق اللّٰه تعالی علی العبد و الثواب حق العبد علی اللّٰه تعالی فإسقاط العذاب أحسن من إسقاط الثواب فحیث ما أسقط العقاب إلی القیامة بل حققه فی القبر كان ذلك فی الثواب أولی.

و ثانیها أن المعنی لو كان علی ما قیل فی سائر الأقوال لم یكن لقوله وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ معنی لأن الخطاب للمؤمنین و قد كانوا یعلمون أنهم سیحیون یوم القیامة و أنهم ماتوا علی هدی و نور.

و ثالثها أن قوله وَ یَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ دلیل علی حصول الحیاة فی البرزخ مثل المبعث.

و رابعها قوله صلی اللّٰه علیه و آله القبر روضة من ریاض الجنة أو حفرة من حفر النیران و الأخبار فی ثواب القبر و عذابه كالمتواترة

و كان صلی اللّٰه علیه و آله یقول فی آخر صلاته: و أعوذ بك من عذاب القبر.

و خامسها لو كان المراد بقوله إنهم أحیاء أنهم سیحیون فحینئذ لا یبقی لتخصیصهم بهذا فائدة.

و سادسها أن الناس یزورون قبور الشهداء و یعظّمونها و ذلك یدل من بعض الوجوه علی ما ذكرناه و اعلم أن فی الآیة قولا آخر و هو أن ثواب القبر و عذابه للروح لا للقالب و هذا القول مبنی علی معرفة الروح و لنشر إلی حاصل قول هؤلاء فنقول إنهم قالوا إنه لا یجوز أن یكون الإنسان عبارة عن هذا الهیكل المخصوص لوجهین الأول أن أجزاء هذا الهیكل أبدا فی النمو و الذبول و الزیادة و النقصان و الاستكمال و الذوبان (2)و لا شك أن الإنسان من حیث هو هو باق من أول عمره إلی آخره و الباقی غیر ما هو غیر باق فالمشار إلیه عند كل أحد بقوله أنا وجب أن یكون مغایرا لهذا الهیكل.

ص: 205


1- المؤمن: 46.
2- الذبول: ذهاب النضارة. و الذوبان: الهزال.

الثانی أنی أكون عالما بأنی أنا حال ما أكون غافلا عن هذه الأعضاء الظاهرة فما دل علیه قولنا أنا مغایر لهذه الأعضاء و الأبعاض ثم اختلفوا عند ذلك فی أن الذی یشیر إلیه كل أحد بقوله أنا أی شی ء هو و الأقوال فیها كثیرة إلا أن أشدها تحصیلا وجهان أحدهما أنها أجزاء جسمانیة ساریة فی هذا الهیكل سریان النار فی الفحم و الدهن فی السمسم و ماء الورد فی الورد و القائلون بهذا القول فریقان أحدهما الذین اعتقدوا تماثل الأجسام فقالوا إن تلك الأجسام متماثلة لسائر الأجزاء التی منها یؤلف هذا الهیكل إلا أن القادر المختار سبحانه یبقی بعض الأجزاء من أول العمر إلی آخره فتلك الأجزاء هی التی یشیر إلیها كل أحد بأنا ثم إن تلك الأجزاء حیّة بحیاة یخلقها اللّٰه فیها فإذا أزال الحیاة عنها ماتت و هذا قول أكثر المتكلمین.

و ثانیهما أن الذین اعتقدوا اختلاف الأجسام زعموا أن الأجسام التی هی باقیة من أول العمر إلی آخره أجسام مخالفة بالماهیة للأجسام التی منها ائتلف هذا الهیكل و تلك الأجسام حیة لذاتها مدركة لذاتها نورانیة لذاتها فإذا خالطت هذا البدن و صارت ساریة فی هذا الهیكل سریان النار فی الفحم صار هذا الهیكل مستنیرا بنور ذلك الروح متحركا بتحریكه ثم إن هذا الهیكل أبدا فی الذوبان و التحلیل إلا أن تلك الأجزاء باقیة بحالها و إنما لا یعرض لها التحلیل لأنها مخالفة بالماهیة لهذه الأجسام فإذا فسد هذا القالب انفصلت تلك الأجسام اللطیفة النورانیة إلی عالم السماوات و القدس و الطهارة إن كانت من جملة السعداء أو إلی الجحیم و عالم الآفات إن كانت من جملة الأشقیاء.

و القول الثانی أن الذی یشیر إلیه كل أحد بقوله أنا موجود لیس بمتحیز و لا قائم بالمتحیز و أنه لیس داخل العالم و لا خارجا عنه و لا یلزم من كونه كذلك أن یكون مثلا لله تعالی لأنه الاشتراك فی السلوب لا یوجب الاشتراك فی الماهیة و قالوا هذه الأرواح بعد مفارقة الأبدان تتألم و تلتذ إلی أن یردها اللّٰه تعالی إلی الأبدان یوم القیامة فهناك یحصل الالتذاذ و التألم للأبدان فهذا قول قال به عالم من الناس قالوا و إن لم یقم علیه برهان قاهر علی القول به و لكن لم یقم دلیل علی

ص: 206

فساده و أنه مما یزیل الشكوك و الشبهات عما ورد فی كتاب اللّٰه من ثواب القبر و عقابه فوجب المصیر إلیه فهذا هو الإنسان فی توجیه هذا القول.

أقول ثم قال الرازی فی تفسیر آیة آل عمران بعد اختیار القول الأول فیها أیضا یحتمل أن یكون الروح جسما مخصوصا ساریا فی هذه الجثة سریان النار فی الفحم و یحتمل أن یكون جوهرا قائما بنفسه لیس بجسم و لا حال فی الجسم و علی كلا المذهبین فإنه لا یبعد أنه لما مات البدن انفصل ذلك الشی ء حیا و إن قلنا أماته اللّٰه إلا أنه تعالی یعید الحیاة إلیه و علی هذا التقدیر تزول الشبهات بالكلیة عن ثواب القبر كما فی هذه الآیة و عن عذابه كما فی قوله تعالی أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فثبت أنه لا امتناع فی ذلك و ظاهر الآیة دالة علیه فوجب المصیر إلیه و الذی یؤكد ما قلناه القرآن و الحدیث و العقل أما القرآن فآیات إحداها قوله تعالی یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ (1)الآیة و لا شك أن المراد بقوله ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ بالموت ثم قال فَادْخُلِی فِی عِبادِی و فاء التعقیب یدل علی أن حصول هذه الحالة یكون عقیب الموت و ثانیها قوله حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ (2)و هذا عبارة عن موت البدن ثم قال ثُمَّ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ (3)فقوله رُدُّوا ضمیر عنهم و إنما هو هو بحیاته و ذاته المخصوصة فدل علی أن ذلك باق بعد موت البدن و ثالثها قوله فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ (4)و فاء التعقیب یدل علی أن قیامة كل أحد حاصلة بعد موته و أما قیامته الكبری فهی حاصلة فی الوقت المعلوم عند اللّٰه. و أیضا

رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ كَانَ یُنَادِی الْمَقْتُولِینَ وَ یَقُولُ فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ أَمْوَاتٌ فَكَیْفَ تُنَادِیهِمْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُمْ أَسْمَعُ مِنْكُمْ.

وَ أَیْضاً قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْبِیَاءُ اللَّهِ لَا یَمُوتُونَ بَلْ یُنْقَلُونَ مِنْ دَارٍ إِلَی دَارٍ.

و أما المعقول فمن وجوه الأول أن وقت النوم یضعف البدن و ضعفه لا یقتضی

ص: 207


1- الفجر: 27- 28.
2- الأنعام: 61.
3- الأنعام: 62.
4- الواقعة: 88- 89.

ضعف النفس بل النفس تقوی عند النوم فتشاهد الأحوال و تطلع علی المغیبات فهذا یقوی الظن فی أن موت البدن لا یستعقب موت النفس.

الثانی أن كثرة الأفكار سبب لجفاف الدماغ و جفافه مؤد إلی الموت و هذه الأفكار سبب لاستكمال النفس بالمعارف الإلهیة و هو غایة كمال النفس فما هو سبب لكمال النفس فهو سبب لنقصان البدن فهذا یقوی الظن فی أن النفس لا تموت بموت البدن.

الثالث أن أحوال النفس علی ضد أحوال البدن و ذلك لأن النفس إنما تفرح و تبتهج بالمعارف الإلهیة كما قال تعالی أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (1)

وَ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَبِیتُ عِنْدَ رَبِّی یُطْعِمُنِی وَ یَسْقِینِی.

و لا شكّ أن ذلك الشراب لیس إلا عبارة عن المعرفة و المحبة و الاستنارة بأنوار عالم الغیب و أیضا فإنا نری أن الإنسان إذا غلب علیه الاستبشار بخدمة سلطان أو الفوز بمنصب أو بالوصول إلی معشوق قد ینسی الطعام و الشراب و بالجملة فالسعادات النفسانیة كالمضادات للسعادات الجسمانیة و كل ذلك یغلب علی الظن أن النفس مستقلة بذاتها و لا تعلق لها بالبدن و متی كان كذلك وجب أن لا تموت النفس بموت البدن و أما قوله تعالی یُرْزَقُونَ فاعلم أن المتكلمین قالوا الثواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظیم فقوله یُرْزَقُونَ إشارة إلی المنفعة و قوله فَرِحِینَ إشارة إلی الفرح الحاصل بسبب ذلك التعظیم و أما الحكماء فإنهم قالوا إذا أشرقت جواهر الأرواح القدسیة بالأنوار الإلهیة كانت مبتهجة من وجهین أحدهما بكون ذواتها مستنیرة مشرقة متلألئة بتلك المعارف الإلهیة و الثانی بكونها ناظرة إلی ینبوع النور و مصدر الرحمة و الجلالة قالوا و ابتهاجها بهذا القسم الثانی أتم من ابتهاجها بالأول فقوله یُرْزَقُونَ إشارة إلی الدرجة الأولی و قوله فَرِحِینَ إلی الدرجة الثانیة و لذا قال فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ یعنی فرحهم لیس بالرزق بل بإیتاء الرزق لأن المشغول بالرزق مشغول بنفسه و الناظر إلی إیتاء الرزق مشغول بالرازق و من طلب الرزق لغیره فهو محجوب انتهی.

ص: 208


1- الرعد: 28.

و قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه فی تفسیر تلك الآیة قول عِنْدَ رَبِّهِمْ فیه وجهان أحدهما أنهم بحیث لا یملك أحد لهم نفعا و لا ضرا إلا ربهم و لیس المراد فی ذلك قرب المسافة لأنه مستحیل علیه سبحانه و الآخر أنهم عند ربهم أحیاء من حیث یعلمهم كذلك دون الناس.

وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ مَسْعودٍ وَ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا أُصِیبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِی حَوَاصِلِ طُیُورٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا.

وَ رُوِیَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ اسْتُشْهِدَ فِی غَزَاةِ مُؤْتَةَ رَأَیْتُهُ لَهُ جَنَاحَانِ یَطِیرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِی الْجَنَّةِ.

و أنكر بعضهم حدیث الأرواح و قال إن الروح عرض لا یجوز أن یتنعم و هذا لا یجوز لأن الروح جسم رقیق هوائی مأخوذ من الریح و یدل علی ذلك أنه یخرج من البدن و یرد علیه و هی الحساسة الفعالة دون البدن و لیست من الحیاة فی شی ء لأن ضد الحیاة الموت و لیس كذلك الروح و هذا قول علی بن عیسی یُرْزَقُونَ من نعیم الجنة غُدُوًّا وَ عَشِیًّا و قیل یرزقون النعیم فی قبورهم.

فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أی مسرورین بما أعطاهم اللّٰه من ضروب نعمه فی الجنة و قیل فی قبورهم و قیل فرحین بما نالوا من الشهادة و جزائها وَ یَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أی یسرون بإخوانهم الذین فارقوهم و هم أحیاء فی الدنیا علی مناهجهم من الإیمان و الجهاد لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا لحقوا بهم و صاروا من كرامة اللّٰه تعالی إلی مثل ما صاروا إلیه یقولون إخواننا یقتلون كما قتلنا فیصیبون من النعیم مثل ما أصبنا.

و قیل إنه یؤتی الشهید بكتاب فیه ذكر من تقدم علیه من إخوانه فیسر بذلك و یستبشر كما یستبشر أهل الغائب بقدومه فی الدنیا و قیل معناه لم یلحقوا بهم فی الفضل إلا أن لهم فضلا عظیما بتصدیقهم و إیمانهم أَلَّا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ أی یستبشرون بأن لا خوف علیهم و ذلك لأنه بدل من قوله بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ لأن

ص: 209

الذین یلحقون بهم مشتملون علی عدم الحزن و الاستبشار هنا إنما یقع بعدم خوف هؤلاء اللاحقین و معناه لا خوف علیهم فیمن خلفوه من ذریتهم لأن اللّٰه تعالی یتولاهم وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ علی ما خلفوا من أموالهم لأن اللّٰه قد أجزل لهم ما عوضهم و قیل معناه لا خوف علیهم فیما یقدمون علیه لأن اللّٰه تعالی محص ذنوبهم بالشهادة و لا هم یحزنون علی مفارقة الدنیا فرحا بالآخرة و یَسْتَبْشِرُونَ یعنی هؤلاء الذین قتلوا فی سبیل اللّٰه بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ الفضل و النعمة عبارتان یعبر بهما عن معنی واحد و قیل النعمة ما استحقوه بطاعتهم و الفضل ما زادهم سبحانه من المضاعفة.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا أی یثبتهم فی كرامته و ثوابه بقولهم الثابت الذی وجد منهم و هو كلمة الإیمان لأنه ثابت بالحجج و الأدلة.

و قیل معناه یثبت اللّٰه المؤمنین بسبب كلمة التوحید و حرمتها فی الحیاة الدنیا حتی لا یزلوا و لا یضلوا عن طریق الحق و یثبتهم بها فی الآخرة حتی لا یزلوا و لا یضلوا عن طریق الجنة و قیل معناه یثبتهم بالتمكین فی الأرض و النصرة و الفتح فی الدنیا و بإسكانهم الجنة فی الآخرة و قال أكثر المفسرین إن المراد بقوله فِی الْآخِرَةِ فی القبر و الآیة وردت فی سؤال القبر و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و هو المروی عن أئمتنا علیهم السلام.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ یعنی أن هؤلاء الكفار إذا أشرفوا علی الموت سألوا اللّٰه تعالی عند ذلك الرجعة إلی دار التكلیف فیقول أحدهم رَبِّ ارْجِعُونِ و فی معناه قولان أحدهما أنهم استغاثوا أولا باللّٰه ثم رجعوا إلی مساءلة الملائكة فقال لهم ارجعونی أی ردونی إلی الدنیا و الآخر أنه علی عادة العرب فی تعظیم المخاطب لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَكْتُ أی فی تركتی أو فی دنیای فإنه ترك الدنیا و صار إلی الآخرة أو فیما ضیعت و فرطت أی فی صلاتی و صیامی و طاعاتی ثم قال سبحانه فی الجواب عن سؤالهم كَلَّا أی لا یرجع إلی الدنیا إِنَّها أی مسألة الرجعة كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها أی كلام یقوله و لا فائدة له فی ذلك أو كلمة

ص: 210

یقولها بلسانه و لیس لها حقیقة مثل قوله وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ (1)وَ مِنْ وَرائِهِمْ أی و من بین أیدیهم بَرْزَخٌ أی حاجز بین الموت و البعث فی القیامة من القبور و قیل حاجز بینهم و بین الرجوع إلی الدنیا و هم فیه إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ و قیل البرزخ الإمهال إلی یوم القیامة و هو القبر و كل فصل بین شیئین فهو برزخ.

و قال رضی اللّٰه عنه فی قوله تعالی قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ اختلف فی معناه علی وجوه أحدها أن الإماتة الأولی فی الدنیا بعد الحیاة و الثانیة فی القبر قبل البعث و الإحیاء الأولی فی القبر للمساءلة و الثانیة فی الحشر عن السدی و هو اختیار البلخی.

و ثانیها أن الإماتة الأولی حال كونهم نطفا فأحیاهم اللّٰه فی الدنیا ثم أماتهم الموتة الثانیة ثم أحیاهم للبعث فهاتان حیاتان و مماتان.

و ثالثها أن الحیاة الأولی فی الدنیا و الثانیة فی القبر و لم یرد الحیاة یوم القیامة و الموتة الأولی فی الدنیا و الثانیة فی القبر انتهی.

أقول اختار الرازی فی تفسیره الوجه الأول ثم ذكر علیه وجوها من الاعتراض و أجاب عنها و لا نطیل الكلام بذكرها.

و قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه اشتهر الاحتجاج فی الكتب الكلامیة فی إثبات عذاب القبر بقوله تعالی حكایة عن الكفار رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ الآیة و تقریره أنه سبحانه حكی عنهم علی وجه یشعر بتصدیق الاعتراف بإماتتین و إحیاءین فإحدی الإماتتین فی الدنیا و الأخری فی القبر بعد السؤال و أحد الإحیاءین فیه للسؤال و الآخر فی القیامة و أما الإحیاء فی الدنیا فإنما سكتوا لأن غرضهم الإحیاء الذی عرفوا فیه قدرة اللّٰه سبحانه علی البعث و لهذا قالوا فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا أی بالذنوب التی حصلت بسبب إنكار الحشر و الإحیاء فی الدنیا لم یكونوا فیه معترفین بذنوبهم.

قال المحقق الشریف فی شرح المواقف إن تفسیر هذه الآیة علی هذا الوجه هو الشائع المستفیض بین المفسرین ثم قال و أما حمل الإماتة الأولی علی خلقهم أمواتا فی أطوار النطفة و حمل الإماتة الثانیة علی الإماتة الطاریة علی الحیاة و حمل الإحیاءین

ص: 211


1- الأنعام: 28.

علی الإحیاء فی الدنیا و الحشر فقد رد بأن الإماتة إنما تكون بعد سابقة الحیاة و لا حیاة فی أطوار النطفة و بأنه قول شذاذ من المفسرین و المعتمد هو قول الأكثرین انتهی كلامه.

فقد جعل التفسیر بالوجه الأول مستفیضا و بالوجه الثانی شاذّا و یخطر بالبال أن الأمر بالعكس فإن الشائع المستفیض بین المفسرین هو ما جعله شاذّا و الشاذّ النادر هو ما جعله مستفیضا و لعل هذا من سهو قلمه فإن التفاسیر المشهورة التی علیها المدار فی هذه الأعصار هی الكشاف و مفاتح الغیب و معالم التنزیل و مجمع البیان و جوامع الجامع و تفسیر النیشابوری و تفسیر البیضاوی و لم یختر أحد من هؤلاء تفسیر الآیة بالوجه الأول بل أكثرهم إنما اختاروا التفسیر الثانی.

و أما التفسیر الأول فبعضهم نقله ثم زیّفه و بعضهم اقتصر علی مجرد نقله من غیر ترجیح فلو كان هو الشائع المستفیض كما زعمه السید المحقق لما كان الحال علی هذا المنوال قال فی الكشاف أراد بالإماتتین خلقهم أمواتا أولا و إماتتهم عند انقضاء آجالهم و بالإحیاءین الإحیاء الأولی و إحیاء البعث. ثم قال بعد ذلك فإن قلت كیف صح أن یسمی خلقهم أمواتا إماتة قلت كما صح أن تقول سبحان من صغّر جسم البعوضة و كبّر جسم الفیل و قولك للحفّار ضیّق فم الركیة و وسّع أسفلها و لیس ثم نقل من كبر إلی صغر و لا من صغر إلی كبر و لا من ضیق إلی سعة و لا من سعة إلی ضیق و إنما أردت الإنشاء علی تلك الصفات و السبب فی صحته أن الصغر و الكبر جائزان معا علی المصنوع الواحد من غیر ترجیح لأحدهما و كذلك الضیق و السعة فإذا اختار الصانع أحد الجائزین و هو متمكن منهما علی السواء فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر فجعل صرفه عنه كنقله منه و من جعل الإماتتین التی بعد حیاة الدنیا و التی بعد حیاة القبر لزمه إثبات ثلاث إحیاءات و هو خلاف ما فی القرآن إلا أن یتمحّل فیجعل إحداها غیر معتدّ بها أو یزعم أن اللّٰه یحییهم فی القبور و تستمرّ بهم تلك الحیاة فلا یموتون بعدها و

ص: 212

یعدّهم فی المستثنین من الصعقة فی قوله تعالی إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فإن قلت كیف تسبّب هذا لقوله فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا قلت قد أنكروا البعث فكفروا و تبع ذلك من الذنوب ما لا یحصی لأن من لم یخش العاقبة تخرّق فی المعاصی فلما رأوا الإماتة و الإحیاء قد تكررا علیهم علموا بأن اللّٰه تعالی قادر علی الإعادة قدرته علی الإنشاء فاعترفوا بذنوبهم التی اقترفوها من إنكار البعث و ما تبعه من معاصیهم انتهی كلامه.

و قال الشیخ أمین الإسلام فی جوامع الجامع أراد بالإماتتین خلقهم أمواتا أولا و إماتتهم عند انقضاء آجالهم و بالإحیاءین الإحیاء الأولی و إحیاء البعث و قیل الإماتتان هما التی فی الدنیا بعد الحیاة و التی فی القبر قبل البعث و الإحیاءان هما التی فی القبر للمساءلة و التی فی البعث انتهی و فی كلام هذین الفاضلین كفایة و اللّٰه الموفّق.

ثم قال رحمه اللّٰه و عساك تقول إن تفسیر الآیة علی ما هو الشائع المستفیض كما ذكرته یقتضی سكوت الكفار عن الإحیاء و الإماتة الواقعین فی القبر فما السبب فی سكوتهم عنهما فنقول إن الحیاة فی القبر حیاة برزخیة ناقصة لیس معها من آثار الحیاة سوی الإحساس بالألم أو اللذة حتی أنه قد توقف بعض الأمة فی عود الروح إلی المیت فلذلك لم یعتدوا بها فی جنب الحیاتین الأخریین قال فی شرح المقاصد اتفق أهل الحق علی أنه تعالی یعید إلی المیت فی القبر نوع حیاة قدر ما یتألّم و یلتذّ لكن توقّفوا فی أنه هل یعاد الروح إلیه أم لا و ما یتوهم من امتناع الحیاة بدون الروح ممنوع و إنما ذلك فی الحیاة الكاملة التی تكون معها القدرة و الأفعال الاختیاریة انتهی كلامه و الحق أن الروح یتعلق به و إلا لما قدر علی إجابة الملكین و لكنه تعلق ضعیف كما یشعر به

ما رواه فی الكافی عن الصادق علیه السلام فی حدیث طویل فَیَدْخُلُ عَلَیْهِ مَلَكَا الْقَبْرِ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فَیُلْقِیَانِ فِیهِ الرُّوحَ إِلَی حَقْوَیْهِ الْحَدِیثَ.

و قد یستبعد تعلق الروح بمن أكلته السباع أو أحرق و تفرقت أجزاؤه یمینا و شمالا و لا استبعاد فیه نظرا إلی قدرة اللّٰه سبحانه علی حفظ أجزائه الأصلیة عن

ص: 213

التفرق أو جمعها بعده و تعلق الروح بها تعلقا ما و قد روی عن أئمتنا علیهم السلام ما یدل علی أن الأجزاء الأصلیة محفوظة إلی یوم القیامة انتهی كلامه ضاعف اللّٰه إكرامه.

أقول الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه و إن اختار فی الجوامع التفسیر الثانی اختار فی المجمع التفسیر الأول حیث قدمه علی غیره و الرازی بالغ فی اختیار الأول و ذب عنه قول من أنكره و قال احتج أكثر العلماء بهذه الآیة علی إثبات عذاب القبر و البیضاوی ذكرهما و قدم الثانی لأنه یقتص أثر الزمخشری غالبا فظهر أن ما ذكر السید الشریف لیس ببعید عن الصواب فی هذا الباب.

«1»-فس، تفسیر القمی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ الْآیَةَ: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: هُمْ وَ اللَّهِ شِیعَتُنَا إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَ اسْتَقْبَلُوا الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ اسْتَبْشَرُوا بِمَنْ لَمْ یَلْحَقْ بِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فِی الدُّنْیَا أَلَّا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ وَ هُوَ رَدٌّ عَلَی مَنْ یُبْطِلُ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ بَعْدَ الْمَوْتِ.

«2»-فس، تفسیر القمی حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِی مَانِعِ الزَّكَاةِ- (1)قَوْلُهُ وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قَالَ الْبَرْزَخُ هُوَ أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ وَ هُوَ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ بَیْنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ هُوَ رَدٌّ عَلَی مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ وَ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ (2)وَ هُوَ قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمْ إِلَّا الْبَرْزَخَ فَأَمَّا إِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَیْنَا فَنَحْنُ أَوْلَی بِكُمْ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ.

و أقول قد مضی خبر علی بن الحسین علیهما السلام فی باب الموت أنه علیه السلام تلا وَ مِنْ

ص: 214


1- فی المصدر: فی مانع الزكاة و الخمس. م.
2- فی المصدر: قبل القیامة. م.

وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قَالَ هُوَ الْقَبْرُ وَ إِنَّ لَهُمْ فِیهِ لَ مَعِیشَةً ضَنْكاً وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَبْرَ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ.

أقول: هذا الخبر یدل علی أن المراد بالمعیشة الضنك فی الآیة هو عذاب القبر و یؤیده ذكر القیامة بعدها و إلیه ذهب كثیر من المفسرین و لا یجوز أن یراد بها سوء الحال فی الدنیا لأن كثیرا من الكفار فی الدنیا فی معیشة طیبة هنیئة غیر ضنك و المؤمنین بالضد من ذلك.

قال الطبرسی رحمه اللّٰه فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْكاً أی عیشا ضیقا و هو أن یقتر اللّٰه علیه الرزق عقوبة له علی إعراضه فإن وسع علیه فإنه یضیق علیه المعیشة بأن یمسكه و لا ینفقه علی نفسه و إن أنفقه فإن الحرص علی الجمع و زیادة الطلب یضیق المعیشة علیه و قیل هو عذاب القبر عن ابن مسعود و أبی سعید الخدری و السدی و رواه أبو هریرة مرفوعا و قیل هو طعام الزقوم و الضریع فی جهنم لأن ماله إلیها و إن كان فی سعة من الدنیا و قیل معناه أن یكون عیشه منغّصا بأن ینفق إنفاق من لا یوقن بالخلف و قیل و هو الحرام فی الدنیا و الذی یؤدی إلی النار و قیل عیشا ضیقا فی الدنیا لقصرها و سائر ما یشوبها و یكدرها و إنما العیش الرغد فی الجنة.

«3»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَ رَأَیْتَ الْمَیِّتَ إِذَا مَاتَ لِمَ تُجْعَلُ مَعَهُ الْجَرِیدَةُ قَالَ یَتَجَافَی عَنْهُ الْعَذَابُ وَ الْحِسَابُ مَا دَامَ الْعُودُ رَطْباً قَالَ وَ الْعَذَابُ كُلُّهُ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْرَ مَا یُدْخَلُ الْقَبْرَ وَ یَرْجِعُ الْقَوْمُ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ السَّعَفَتَانِ لِذَلِكَ فَلَا یُصِیبُهُ عَذَابٌ وَ لَا حِسَابٌ بَعْدَ جُفُوفِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

«4»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ حَرِیزٍ وَ فُضَیْلٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا قِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِأَیِّ شَیْ ءٍ یُوضَعُ مَعَ الْمَیِّتِ الْجَرِیدَةُ قَالَ إِنَّهُ یَتَجَافَی عَنْهُ [الْعَذَابُ مَا دَامَتْ رَطْبَةً.

«5»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابْنُ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ یَرْفَعُهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ كَیْفَ أَنْتَ إِذَا أَتَاكَ فَتَّانَا الْقَبْرِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَتَّانَا الْقَبْرِ قَالَ مَلَكَانِ فَظَّانِ غَلِیظَانِ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ

ص: 215

الْخَاطِفِ یَطَئَانِ فِی أَشْعَارِهِمَا وَ یَحْفِرَانِ بِأَنْیَابِهِمَا فَیَسْأَلَانِكَ قَالَ وَ أَنَا عَلَی مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَالَ وَ أَنْتَ عَلَی مِثْلِ حَالِكَ هَذِهِ قَالَ إِذَنْ أَكْفِیَهُمَا.

«6»-شف، كشف الیقین مِنْ تَفْسِیرِ الْحَافِظِ مُحَمَّدِ بْنِ مُؤْمِنٍ الشِّیرَازِیِّ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَقْبَلَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ حَتَّی جَلَسَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ هَذَا الْأَمْرُ لَنَا بَعْدَكَ أَمْ لِمَنْ قَالَ یَا صَخْرُ الْأَمْرُ بَعْدِی لِمَنْ هُوَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَمَّ یَتَساءَلُونَ یَعْنِی یَسْأَلُكَ أَهْلُ مَكَّةَ عَنْ خِلَافَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِیمِ الَّذِی هُمْ فِیهِ مُخْتَلِفُونَ مِنْهُمُ الْمُصَدِّقُ بِوَلَایَتِهِ وَ خِلَافَتِهِ وَ مِنْهُمُ الْمُكَذِّبُ كَلَّا رَدٌّ عَلَیْهِمْ سَیَعْلَمُونَ سَیَعْرِفُونَ خِلَافَتَهُ بَعْدَكَ أَنَّهَا حَقٌّ یَكُونُ ثُمَّ كَلَّا سَیَعْلَمُونَ سَیَعْرِفُونَ خِلَافَتَهُ وَ وَلَایَتَهُ إِذْ یُسْأَلُونَ عَنْهَا فِی قُبُورِهِمْ فَلَا یَبْقَی مَیِّتٌ فِی شَرْقٍ وَ لَا غَرْبٍ وَ لَا فِی بَرٍّ وَ لَا فِی بَحْرٍ إِلَّا وَ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ یَسْأَلَانِهِ عَنْ وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدَ الْمَوْتِ یَقُولَانِ لِلْمَیِّتِ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ وَ مَنْ إِمَامُكَ.

«7»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الصَّیْقَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (1)قَالَ: الْجَرِیدَةُ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ.

«8»-ج، الإحتجاج فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ أَنْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ السِّرَاجِ إِذَا انْطَفَأَ أَیْنَ یَذْهَبُ نُورُهُ قَالَ یَذْهَبُ فَلَا یَعُودُ قَالَ فَمَا أَنْكَرْتَ أَنْ یَكُونَ الْإِنْسَانُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا مَاتَ وَ فَارَقَ الرُّوحُ الْبَدَنَ لَمْ یَرْجِعْ إِلَیْهِ أَبَداً كَمَا لَا یَرْجِعُ ضَوْءُ السِّرَاجِ إِلَیْهِ إِذَا انْطَفَأَ قَالَ لَمْ تُصِبِ الْقِیَاسَ إِنَّ النَّارَ فِی الْأَجْسَامِ كَامِنَةٌ وَ الْأَجْسَامَ قَائِمَةٌ بِأَعْیَانِهَا كَالْحَجَرِ وَ الْحَدِیدِ فَإِذَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَطَعَتْ (2)مِنْ بَیْنِهِمَا نَارٌ تُقْتَبَسُ مِنْهَا سِرَاجٌ لَهُ الضَّوْءُ فَالنَّارُ ثَابِتَةٌ فِی أَجْسَامِهَا وَ الضَّوْءُ ذَاهِبٌ وَ الرُّوحُ جِسْمٌ رَقِیقٌ قَدْ أُلْبِسَ قَالَباً كَثِیفاً لَیْسَ بِمَنْزِلَةِ السِّرَاجِ الَّذِی

ص: 216


1- فی المصدر: قال: یوضع للمیت جریدتان واحدة فی الیمین و الأخری فی الایسر، قال: قال: الجریدة اه. م.
2- فی المصدر: سقطت. م.

ذَكَرْتَ إِنَّ الَّذِی خَلَقَ فِی الرَّحِمِ جَنِیناً مِنْ مَاءٍ صَافٍ وَ رَكَّبَ فِیهِ ضُرُوباً مُخْتَلِفَةً مِنْ عُرُوقٍ وَ عَصَبٍ وَ أَسْنَانٍ وَ شَعْرٍ وَ عِظَامٍ وَ غَیْرِ ذَلِكَ هُوَ یُحْیِیهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ یُعِیدُهُ بَعْدَ فَنَائِهِ قَالَ فَأَیْنَ الرُّوحُ قَالَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ حَیْثُ مَصْرَعُ الْبَدَنِ إِلَی وَقْتِ الْبَعْثِ قَالَ فَمَنْ صُلِبَ أَیْنَ رُوحُهُ قَالَ فِی كَفِّ الْمَلِكِ الَّذِی قَبَضَهَا حَتَّی یُودِعَهَا الْأَرْضَ (1)قَالَ أَ فَیَتَلَاشَی الرُّوحُ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ قَالَبِهِ أَمْ هُوَ بَاقٍ قَالَ بَلْ هُوَ بَاقٍ إِلَی وَقْتٍ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْأَشْیَاءُ وَ تَفْنَی فَلَا حِسَّ وَ لَا مَحْسُوسَ ثُمَّ أُعِیدَتِ الْأَشْیَاءُ كَمَا بَدَأَهَا مُدَبِّرُهَا وَ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ تَسْبِتُ فِیهَا الْخَلْقُ وَ ذَلِكَ بَیْنَ النَّفْخَتَیْنِ.

أقول: سیأتی تمام الخبر مشروحا فی كتاب الاحتجاجات.

«9»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر الْقَاسِمُ وَ عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سَعْداً (2)لَمَّا مَاتَ شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَبْرِهِ فَقَالَ وَ مِثْلُ سَعْدٍ یُضَمُّ فَقَالَتْ أُمُّهُ هَنِیئاً لَكَ یَا سَعْدُ وَ كَرَامَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ یَا أُمَّ سَعْدٍ لَا تَحْتِمِی عَلَی اللَّهِ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ وَ مَا تَقُولُ فِی سَعْدٍ فَقَالَ إِنَّ سَعْداً كَانَ فِی لِسَانِهِ غِلَظٌ عَلَی أَهْلِهِ.

«10»-وَ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ رُقَیَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا مَاتَتْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَبْرِهَا فَرَفَعَ یَدَهُ تِلْقَاءَ السَّمَاءِ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَقَالُوا لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ رَأَیْنَاكَ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَی السَّمَاءِ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاكَ فَقَالَ إِنِّی سَأَلْتُ رَبِّی أَنْ یَهَبَ لِی رُقَیَّةَ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ.

«11»-فس، تفسیر القمی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ قَالَ فِی قَبْرِهِ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ قَالَ فِی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ الضَّالِّینَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ فِی الْقَبْرِ (3)وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ فِی الْآخِرَةِ.

ص: 217


1- فی المصدر بین قوله: یودعها الأرض و قوله: قال: أ فیتلاشی سؤالان آخران. م.
2- هو سعد بن معاذ، و تأتی صورة اخری مفصلة من الحدیث تحت رقم 14.
3- فی المصدر: فی قبره. م.

«12»-فس، تفسیر القمی وَ أَمَّا الرَّدُّ عَلَی مَنْ أَنْكَرَ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ فَقَوْلُهُ یَوْمَ یَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَ سَعِیدٌ فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ شَهِیقٌ خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (1)فَإِذَا قَامَتِ الْقِیَامَةُ (2)تُبَدَّلُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ قَوْلُهُ النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا (3)فَأَمَّا الْغُدُوُّ وَ الْعَشِیُّ إِنَّمَا یَكُونَانِ فِی الدُّنْیَا فِی دَارِ الْمُشْرِكِینَ وَ أَمَّا فِی الْقِیَامَةِ فَلَا یَكُونُ غُدُوٌّ وَ لَا عَشِیٌّ وَ قَوْلُهُ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِیها بُكْرَةً وَ عَشِیًّا یَعْنِی فِی جِنَانِ الدُّنْیَا الَّتِی یُنْقَلُ إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ فَأَمَّا فِی جَنَّاتِ الْخُلْدِ فَلَا یَكُونُ غُدُوٌّ وَ لَا عَشِیٌّ وَ قَوْلُهُ وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (4)فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام الْبَرْزَخُ الْقَبْرُ وَ هُوَ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ بَیْنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ أَیْضاً قَوْلُ الْعَالِمِ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا یُخَافُ عَلَیْكُمْ إِلَّا الْبَرْزَخُ وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ یَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (5)وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَسْتَبْشِرُونَ وَ اللَّهِ فِی الْجَنَّةِ بِمَنْ لَمْ یَلْحَقْ بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فِی الدُّنْیَا وَ مِثْلُهُ كَثِیرٌ مِمَّا هُوَ رَدٌّ عَلَی مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ.

«13»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی فِیمَا كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ یَا عِبَادَ اللَّهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَا یُغْفَرُ لَهُ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ الْقَبْرُ فَاحْذَرُوا ضِیقَهُ وَ ضَنْكَهُ وَ ظُلْمَتَهُ وَ غُرْبَتَهُ إِنَّ الْقَبْرَ یَقُولُ كُلَّ یَوْمٍ أَنَا بَیْتُ الْغُرْبَةِ أَنَا بَیْتُ التُّرَابِ أَنَا بَیْتُ الْوَحْشَةِ أَنَا بَیْتُ الدُّودِ وَ الْهَوَامِّ وَ الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ (6)إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا دُفِنَ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَرْحَباً وَ أَهْلًا قَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُحِبُّ أَنْ تَمْشِیَ عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وُلِّیتُكَ (7)فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ

ص: 218


1- هود: 105- 107.
2- فی المصدر: و أمّا قوله: «ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ» انما هو فی الدنیا ما دامت السموات و الأرض فإذا قامت اه. م.
3- غافر: 46.
4- المؤمنون: 100.
5- آل عمران: 169- 171.
6- فی المصدر: النیران. م.
7- إما من ولی فلانا: دنا منه و قرب، أو من ولی یلی ولایة الشی ء: قام به و ملك أمره.

صَنِیعِی (1)بِكَ فَیُتَّسَعُ لَهُ مَدَّ الْبَصَرِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا دُفِنَ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا (2)لَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَبْغَضِ مَنْ یَمْشِی عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وُلِّیتُكَ فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ صَنِیعِی بِكَ فَتَضُمُّهُ حَتَّی تَلْتَقِیَ أَضْلَاعُهُ وَ إِنَّ الْمَعِیشَةَ الضَّنْكَ الَّتِی حَذَّرَ اللَّهُ مِنْهَا عَدُوَّهُ عَذَابُ الْقَبْرِ إِنَّهُ یُسَلِّطُ عَلَی الْكَافِرِ فِی قَبْرِهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ تِنِّیناً (3)فَیَنْهَشْنَ لَحْمَهُ وَ یَكْسِرْنَ عَظْمَهُ یَتَرَدَّدْنَ عَلَیْهِ كَذَلِكَ إِلَی یَوْمِ یُبْعَثُ لَوْ أَنَّ تِنِّیناً مِنْهَا نَفَخَ فِی الْأَرْضِ لَمْ تُنْبِتْ زَرْعاً یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْفُسَكُمُ الضَّعِیفَةَ وَ أَجْسَادَكُمُ النَّاعِمَةَ الرَّقِیقَةَ الَّتِی یَكْفِیهَا الْیَسِیرُ تَضْعُفُ عَنْ هَذَا فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَجْزَعُوا لِأَجْسَادِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ بِمَا لَا طَاقَةَ (4)لَكُمْ بِهِ وَ لَا صَبْرَ لَكُمْ عَلَیْهِ فَاعْمَلُوا بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ وَ اتْرُكُوا مَا كَرِهَ اللَّهُ.

بیان: قوله علیه السلام تسعة و تسعین تنینا قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه قال بعض أصحاب الحال و لا ینبغی أن یتعجب من التخصیص بهذا العدد فلعل عدد هذه الحیات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر و الریا و الحسد و الحقد و سائر الأخلاق و الملكات الردیة فإنها تنشعب و تتنوع أنواعا كثیرة و هی بعینها تنقلب حیات فی تلك النشأة انتهی كلامه و لبعض أصحاب الحدیث فی نكتة التخصیص بهذا العدد وجه ظاهری إقناعی محصله أنه

قد ورد فی الحدیث أَنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ اسْماً مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ.

و معنی إحصائها الإذعان باتصافه عز و علا بكل منها

وَ رَوَی الصَّادِقُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَیْنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْبَهَائِمِ وَ أَخَّرَ تسعة [تِسْعاً] وَ تِسْعِینَ رَحْمَةً یَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ.

فتبین من الحدیث الأول أنه سبحانه بین لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء التسعة و التسعین و من الحدیث الثانی أن لهم عنده فی النشأة الأخرویّة تسعة [تسعا] و تسعین رحمة و حیث إن الكافر لم یعرف اللّٰه سبحانه بشی ء من تلك الأسماء جعل له فی مقابل كل اسم رحمة تنّین ینهشه فی قبره هذا حاصل كلامه و هو كما تری.

ص: 219


1- فی المصدر: «صنعی» فی الموضعین. م.
2- فی المصدر: لا مرحبا و لا أهلا. م.
3- كسكین حیة عظیمة.
4- فی المصدر: مما لا طاقة. م.

«14»-ع، علل الشرائع لی، الأمالی للصدوق عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ الشُّقَیْرِ الْهَمْدَانِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بُزُرْجَ الْخَیَّاطِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْیَسَعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْیَسَعِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُتِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ لَهُ إِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَدْ مَاتَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَامَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ فَأَمَرَ بِغُسْلِ سَعْدٍ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی عِضَادَةِ الْبَابِ فَلَمَّا أَنْ حُنِّطَ وَ كُفِّنَ وَ حُمِلَ عَلَی سَرِیرِهِ تَبِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ ثُمَّ كَانَ یَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً حَتَّی انْتَهَی بِهِ إِلَی الْقَبْرِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی لَحَدَهُ وَ سَوَّی اللَّبِنَ عَلَیْهِ وَ جَعَلَ یَقُولُ نَاوِلُونِی حَجَراً نَاوِلُونِی تُرَاباً رَطْباً یَسُدُّ بِهِ مَا بَیْنَ اللَّبِنِ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ وَ حَثَا التُّرَابَ عَلَیْهِ وَ سَوَّی قَبْرَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّهُ سَیَبْلَی وَ یَصِلُ الْبِلَی إِلَیْهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ عَبْداً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَحْكَمَهُ فَلَمَّا أَنْ سَوَّی التُّرْبَةَ عَلَیْهِ قَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ یَا سَعْدُ هَنِیئاً لَكَ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَعْدٍ مَهْ لَا تَجْزِمِی عَلَی رَبِّكِ فَإِنَّ سَعْداً قَدْ أَصَابَتْهُ ضَمَّةٌ قَالَ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَجَعَ النَّاسُ فَقَالُوا لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَاكَ صَنَعْتَ عَلَی سَعْدٍ مَا لَمْ تَصْنَعْهُ عَلَی أَحَدٍ إِنَّكَ تَبِعْتَ جَنَازَتَهُ بِلَا رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ بِلَا رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَتَأَسَّیْتُ بِهَا قَالُوا وَ كُنْتَ تَأْخُذُ یَمْنَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً وَ یَسْرَةَ السَّرِیرِ مَرَّةً قَالَ كَانَتْ یَدِی فِی یَدِ جَبْرَئِیلَ آخُذُ حَیْثُ یَأْخُذُ قَالُوا أَمَرْتَ بِغُسْلِهِ وَ صَلَّیْتَ عَلَی جِنَازَتِهِ وَ لَحَدْتَهُ فِی قَبْرِهِ ثُمَّ قُلْتَ إِنَّ سَعْداً قَدْ أَصَابَتْهُ ضَمَّةٌ قَالَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ إِنَّهُ كَانَ فِی خُلُقِهِ مَعَ أَهْلِهِ سُوءٌ.

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الغضائری عن الصدوق مثله.

«15»-لی، الأمالی للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام بِقَبْرٍ یُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا هُوَ لَیْسَ یُعَذَّبُ فَقَالَ یَا رَبِّ مَرَرْتُ بِهَذَا الْقَبْرِ عَامَ أَوَّلَ فَكَانَ صَاحِبُهُ یُعَذَّبُ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ الْعَامَ فَإِذَا هُوَ لَیْسَ یُعَذَّبُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّهُ أَدْرَكَ لَهُ وَلَدٌ صَالِحٌ فَأَصْلَحَ طَرِیقاً وَ آوَی یَتِیماً فَغَفَرْتُ لَهُ بِمَا عَمِلَ ابْنُهُ.

ص: 220

«16»-ثو، ثواب الأعمال لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَغْطَةُ الْقَبْرِ لِلْمُؤْمِنِ كَفَّارَةٌ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ تَضْیِیعِ النِّعَمِ.

ع، علل الشرائع أبی عن علی عن أبیه عن النوفلی مثله.

«17»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ مَعاً عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ مَاتَ مَا بَیْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ یَوْمَ الْخَمِیسِ إِلَی زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

ثو، ثواب الأعمال أبی عن أحمد بن إدریس عن الأشعری عن علی بن إسماعیل عن حماد مثله.

«18»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُقْعِدَ رَجُلٌ مِنَ الْأَخْیَارِ فِی قَبْرِهِ فَقِیلَ لَهُ إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَقَالَ لَا أُطِیقُهَا فَلَمْ یَزَالُوا بِهِ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی جَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالُوا لَیْسَ مِنْهَا بُدٌّ قَالَ فَبِمَا تَجْلِدُونِیهَا قَالُوا نَجْلِدُكَ لِأَنَّكَ صَلَّیْتَ یَوْماً بِغَیْرِ وُضُوءٍ وَ مَرَرْتَ عَلَی ضَعِیفٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ قَالَ فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً.

«19»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فَضَالَةُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ خَاطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْرَ سَعْدٍ فَمَسَحَهُ بِیَدِهِ وَ اخْتَلَجَ بَیْنَ كَتِفَیْهِ فَقِیلَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَیْنَاكَ خَاطَبْتَ وَ اخْتَلَجَ بَیْنَ كَتِفَیْكَ وَ قُلْتَ سَعْدٌ یُفْعَلُ بِهِ هَذَا فَقَالَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لَهُ ضَمَّةٌ.

«20»-ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَمَّا یَلْقَی صَاحِبُ الْقَبْرِ فَقَالَ إِنَّ مَلَكَیْنِ یُقَالُ لَهُمَا مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ یَأْتِیَانِ صَاحِبَ الْقَبْرِ فَیَسْأَلَانِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولَانِ مَا تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی خَرَجَ فِیكُمْ فَیَقُولُ مَنْ هُوَ فَیَقُولَانِ الَّذِی كَانَ یَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ أَ حَقٌّ ذَلِكَ

ص: 221

قَالَ فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّكِّ قَالَ مَا أَدْرِی قَدْ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَلَسْتُ أَدْرِی أَ حَقٌّ ذَلِكَ أَمْ كَذِبٌ فَیَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً یَسْمَعُهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ إِلَّا الْمُشْرِكِینَ وَ إِذَا كَانَ مُتَیَقِّناً فَإِنَّهُ لَا یَفْزَعُ فَیَقُولُ أَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ تَسْأَلَانِی فَیَقُولَانِ أَ تَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَیَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً جَاءَ بِالْهُدَی وَ دِینِ الْحَقِّ قَالَ فَیُرَی مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ یُفْسَحُ لَهُ عَنْ قَبْرِهِ ثُمَّ یَقُولَانِ لَهُ نَمْ نَوْمَةً لَیْسَ فِیهَا حُلُمٌ فِی أَطْیَبِ مَا یَكُونُ النَّائِمُ.

«21»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: عَذَابُ الْقَبْرِ یَكُونُ مِنَ النَّمِیمَةِ وَ الْبَوْلِ وَ عَزَبِ الرَّجُلِ عَنْ أَهْلِهِ (1)

«22»-لی، الأمالی للصدوق عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ النَّحْوِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُقْبِلٍ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَی قَبْرِهِ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فَیُقْعِدَانِهِ وَ یَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ رَبِّیَ اللَّهُ وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی وَ الْإِسْلَامُ دِینِی فَیَفْسَحَانِ لَهُ فِی قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ وَ یَأْتِیَانِهِ بِالطَّعَامِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ یُدْخِلَانِ عَلَیْهِ الرَّوْحَ وَ الرَّیْحَانَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ یَعْنِی فِی قَبْرِهِ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِذَا مَاتَ الْكَافِرُ شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنَ الزَّبَانِیَةِ (2)إِلَی قَبْرِهِ وَ إِنَّهُ لَیُنَاشِدُ حَامِلِیهِ بِصَوْتٍ یَسْمَعُهُ كُلُّ شَیْ ءٍ إِلَّا الثَّقَلَانِ وَ یَقُولُ لَوْ أَنَّ لِی كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَقُولُ ارْجِعُونِ لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَكْتُ فَتُجِیبُهُ الزَّبَانِیَةُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ أَنْتَ قَائِلُهَا وَ یُنَادِیهِمْ مَلَكٌ لَوْ رُدَّ لَعَادَ لِمَا نُهِیَ عَنْهُ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَ فَارَقَهُ النَّاسُ أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فِی أَهْوَلِ صُورَةٍ فَیُقِیمَانِهِ ثُمَّ یَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَتَلَجْلَجُ لِسَانُهُ (3)وَ لَا یَقْدِرُ عَلَی

ص: 222


1- أی بعده و اعتزاله عن أهله، و لعله كنایة عن نشوزه علیها.
2- الزبانیة عند العرب: الشرط و سموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إلیها.
3- أی یثقل لسانه و یتردد فی كلامه.

الْجَوَابِ فَیَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ یُذْعَرُ لَهَا كُلُّ شَیْ ءٍ ثُمَّ یَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ لَا أَدْرِی فَیَقُولَانِ لَهُ لَا دَرَیْتَ وَ لَا هَدَیْتَ وَ لَا أَفْلَحْتَ ثُمَّ یَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَی النَّارِ وَ یُنْزِلَانِ إِلَیْهِ مِنَ الْحَمِیمِ مِنْ جَهَنَّمَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِینَ الضَّالِّینَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ یَعْنِی فِی الْقَبْرِ وَ تَصْلِیَةُ جَحِیمٍ یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ.

«23»-لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَنْ أَنْكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ فَلَیْسَ مِنْ شِیعَتِنَا الْمِعْرَاجَ وَ الْمُسَاءَلَةَ فِی الْقَبْرِ وَ الشَّفَاعَةَ.

«24»-لی، الأمالی للصدوق أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَعِظُ النَّاسَ وَ یُزَهِّدُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ یُرَغِّبُهُمْ فِی أَعْمَالِ الْآخِرَةِ بِهَذَا الْكَلَامِ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حُفِظَ عَنْهُ وَ كُتِبَ كَانَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ فَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَ بَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَیْحَكَ ابْنَ آدَمَ الْغَافِلَ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ابْنَ آدَمَ إِنَّ أَجَلَكَ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ إِلَیْكَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ حَثِیثاً یَطْلُبُكَ وَ یُوشِكُ أَنْ یُدْرِكَكَ وَ كَأَنْ قَدْ أَوْفَیْتَ أَجَلَكَ وَ قَبَضَ الْمَلَكُ رُوحَكَ وَ صِرْتَ إِلَی مَنْزِلٍ وَحِیداً فَرَدَّ إِلَیْكَ فِیهِ رُوحَكَ وَ اقْتَحَمَ عَلَیْكَ فِیهِ مَلَكَاكَ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ لِمُسَاءَلَتِكَ وَ شَدِیدِ امْتِحَانِكَ أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا یَسْأَلَانِكَ عَنْ رَبِّكَ الَّذِی كُنْتَ تَعْبُدُهُ وَ عَنْ نَبِیِّكَ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْكَ وَ عَنْ دِینِكَ الَّذِی كُنْتَ تَدِینُ بِهِ وَ عَنْ كِتَابِكَ الَّذِی كُنْتَ تَتْلُوهُ وَ عَنْ إِمَامِكَ الَّذِی كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ ثُمَّ عَنْ عُمُرِكَ فِیمَا أَفْنَیْتَهُ وَ مَالِكَ مِنْ أَیْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَ فِیمَا أَتْلَفْتَهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ أَعِدْ لِلْجَوَابِ قَبْلَ الِامْتِحَانِ وَ الْمُسَاءَلَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فَإِنْ تَكُ مُؤْمِناً تَقِیّاً عَارِفاً بِدِینِكَ مُتَّبِعاً لِلصَّادِقِینَ مُوَالِیاً لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ لَقَّاكَ اللَّهُ حُجَّتَكَ وَ أَنْطَقَ لِسَانَكَ بِالصَّوَابِ فَأَحْسَنْتَ الْجَوَابَ فَبُشِّرْتَ بِالْجَنَّةِ وَ الرِّضْوَانِ مِنَ اللَّهِ وَ الْخَیْرَاتِ الْحِسَانِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّیْحَانِ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ تَلَجْلَجَ لِسَانُكَ

ص: 223

وَ دَحَضَتْ حُجَّتُكَ وَ عَمِیتَ عَنِ الْجَوَابِ وَ بُشِّرْتَ بِالنَّارِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِیمٍ وَ تَصْلِیَةِ جَحِیمٍ.

أقول: تمامه فی أبواب المواعظ.

«25»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الطَّائِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَاهُ مُنْكَرٌ فَفَزِعَ مِنْهُ یَسْأَلُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولُ لَهُ مَا تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی كَانَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِناً قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ بِالْحَقِّ فَیُقَالُ لَهُ ارْقُدْ رَقْدَةً لَا حُلُمَ فِیهَا وَ یَتَنَحَّی عَنْهُ الشَّیْطَانُ وَ یُفْسَحُ لَهُ فِی قَبْرِهِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَ یَرَی مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ وَ إِذَا كَانَ كَافِراً قَالَ مَا أَدْرِی فَیُضْرَبُ ضَرْبَةً یَسْمَعُهَا كُلُّ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَ سُلِّطَ عَلَیْهِ الشَّیْطَانُ وَ لَهُ عَیْنَانِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ نَارٍ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَیَقُولُ لَهُ أَنَا أَخُوكَ وَ یُسَلَّطُ عَلَیْهِ الْحَیَّاتُ وَ الْعَقَارِبُ وَ یُظْلَمُ عَلَیْهِ قَبْرُهُ ثُمَّ یَضْغَطُهُ ضَغْطَةً یَخْتَلِفُ أَضْلَاعُهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ بِأَصَابِعِهِ فَشَرَجَهَا.

بیان: ثم قال بأصابعه القول هنا بمعنی الفعل أی أدخل أصابعه بعضها فی بعض لتوضیح اختلاف الأضلاع أی تدخل أضلاعه من جانب فی أضلاعه من جانب آخر و قوله شرجها فی أكثر النسخ بالجیم قال الفیروزآبادی الشرج الفرقة و المزج و الجمع و نضد اللبن و التشریج الخیاطة المتباعدة و تشرج اللحم بالشحم تداخل انتهی و فی بعض النسخ بالحاء المهملة أی أوضح و بین اختلاف الأضلاع.

«26»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْعَلَاءِ (1)عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: إِنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا كَانَ فِی آخِرِ یَوْمٍ مِنَ الدُّنْیَا وَ أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ (2)وَ وَلَدُهُ وَ عَمَلُهُ فَیَلْتَفِتُ إِلَی مَالِهِ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّی كُنْتُ عَلَیْكَ لَحَرِیصاً شَحِیحاً فَمَا لِی عِنْدَكَ فَیَقُولُ خُذْ مِنِّی كَفَنَكَ ثُمَّ یَلْتَفِتُ إِلَی وَلَدِهِ فَیَقُولُ

ص: 224


1- هكذا فی النسخ المطبوعة من التفسیر، و فی الأمالی و الكافی: إبراهیم بن عن خ عبد الأعلی. و علی أی فالرجل مجهول.
2- فی نسخة: مثل له أهله و ما له اه.

وَ اللَّهِ إِنِّی كُنْتُ لَكُمْ لَمُحِبّاً وَ إِنِّی كُنْتُ عَلَیْكُمْ لَمُحَامِیاً فَمَا ذَا لِی عِنْدَكُمْ فَیَقُولُونَ نُؤَدِّیكَ إِلَی حُفْرَتِكَ وَ نُوَارِیكَ فِیهَا ثُمَّ یَلْتَفِتُ إِلَی عَمَلِهِ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّی كُنْتُ فِیكَ لَزَاهِداً وَ إِنَّكَ كُنْتَ عَلَیَّ لَثَقِیلًا فَمَا ذَا عِنْدَكَ فَیَقُولُ أَنَا قَرِینُكَ فِی قَبْرِكَ وَ یَوْمِ حَشْرِكَ حَتَّی أُعْرَضَ أَنَا وَ أَنْتَ عَلَی رَبِّكَ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ وَلِیّاً أَتَاهُ أَطْیَبَ النَّاسِ رِیحاً وَ أَحْسَنَهُمْ مَنْظَراً وَ أَزْیَنَهُمْ رِیَاشاً فَیَقُولُ أَبْشِرْ بِرَوْحٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَیْحَانٍ وَ جَنَّةِ نَعِیمٍ قَدْ قَدِمْتَ خَیْرَ مَقْدَمٍ فَیَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَیَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ارْتَحِلْ مِنَ الدُّنْیَا إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِنَّهُ لَیَعْرِفُ غَاسِلَهُ وَ یُنَاشِدُ حَامِلَهُ أَنْ یُعَجِّلَهُ (1)فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ وَ هُمَا فَتَّانَا الْقَبْرِ یَجُرَّانِ أَشْعَارَهُمَا وَ یَبْحَثَانِ الْأَرْضَ بِأَنْیَابِهِمَا (2)وَ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَیَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَنْ نَبِیُّكَ وَ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ اللَّهُ رَبِّی وَ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی وَ الْإِسْلَامُ دِینِی فَیَقُولَانِ ثَبَّتَكَ اللَّهُ فِیمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَی وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا الْآیَةَ فَیَفْسَحَانِ لَهُ فِی قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ وَ یَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَقُولَانِ لَهُ نَمْ قَرِیرَ الْعَیْنِ نَوْمَ الشَّابِّ النَّاعِمِ وَ هُوَ قَوْلُهُ أَصْحابُ الْجَنَّةِ یَوْمَئِذٍ خَیْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِیلًا وَ إِذَا كَانَ لِرَبِّهِ عَدُوّاً فَإِنَّهُ یَأْتِیهِ أَقْبَحَ خَلْقِ اللَّهِ رِیَاشاً (3)وَ أَنْتَنَهُ رِیحاً فَیَقُولُ لَهُ أَبْشِرْ (4)بِنُزُلٍ مِنْ حَمِیمٍ وَ تَصْلِیَةِ جَحِیمٍ وَ إِنَّهُ لَیَعْرِفُ غَاسِلَهُ وَ یُنَاشِدُ حَامِلَهُ أَنْ یَحْبِسَهُ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَیَاهُ مُمْتَحِنَا (5)الْقَبْرِ فَأَلْقَیَا عَنْهُ أَكْفَانَهُ ثُمَّ قَالا لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَنْ

ص: 225


1- قال المصنّف فی مرآة العقول: قوله: ارتحل بصیغة الامر، و فی قوله: و إنّه لیعرف غاسله فعل مقدر یدلّ علیه السیاق، و الواو حالیة، و التقدیر: فیرتحل و الحال انه لیعرف غاسله، و یحتمل أن تكون عاطفة علی أتاه فلا تقدیر. و یناشد حامله فی الصحاح: نشدت فلانا انشده نشدا: إذا قلت له: نشدتك اللّٰه، أی سألتك باللّٰه، و ملكا القبر: مبشر و بشیر.
2- فی الكافی هكذا: أتاه ملكا القبر یجران أشعارهما و یخدان الأرض بأقدامهما.
3- فی الكافی: أقبح خلق اللّٰه زیا و رؤیا.
4- فی التفسیر المطبوع سنة 1315 هكذا: فیقول له: من أنت؟ فیقول له: أنا عملك ابشر.
5- فی التفسیر المطبوع مقتحما. خ ل.

نَبِیُّكَ وَ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ لَا أَدْرِی فَیَقُولَانِ لَهُ مَا دَرَیْتَ وَ لَا هَدَیْتَ فَیَضْرِبَانِهِ (1)بِمِرْزَبَةٍ ضَرْبَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ دَابَّةً إِلَّا وَ تُذْعَرُ لَهَا مَا خَلَا الثَّقَلَیْنِ ثُمَّ یَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَی النَّارِ ثُمَّ یَقُولَانِ لَهُ نَمْ بِشَرِّ حَالٍ فَهُوَ مِنَ الضَّیْقِ مِثْلُ مَا فِیهِ الْقَنَا مِنَ الزُّجِّ حَتَّی إِنَّ دِمَاغَهُ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ ظُفُرِهِ وَ لَحْمِهِ وَ یُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَیْهِ حَیَّاتِ الْأَرْضِ وَ عَقَارِبَهَا وَ هَوَامَّهَا فَتَنْهَشُهُ حَتَّی یَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ قَبْرِهِ وَ إِنَّهُ لَیَتَمَنَّی قِیَامَ السَّاعَةِ مِمَّا هُوَ فِیهِ مِنَ الشَّرِّ.

«27»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ قَاسِمِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ ذَكَرَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَا أَنَّ ابْنَ آدَمَ إِذَا كَانَ فِی آخِرِ یَوْمٍ مِنَ الدُّنْیَا وَ أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَ وَلَدُهُ وَ عَمَلُهُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ مِثْلَ مَا مَرَّ.

شی، تفسیر العیاشی عن ابن غفلة مثله.

«28»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ جَمِیعاً عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ مِثْلَهُ وَ قَالَ فِی آخِرِهِ وَ قَالَ جَابِرٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَی الْإِبِلِ وَ الْغَنَمِ وَ أَنَا أَرْعَاهَا وَ لَیْسَ مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا وَ قَدْ رَعَی الْغَنَمَ وَ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَ هِیَ مُتَمَكِّنَةٌ فِی الْمَكِینَةِ مَا حَوْلَهَا شَیْ ءٌ یُهَیِّجُهَا حَتَّی تُذْعَرَ فَتَطِیرَ فَأَقُولُ مَا هَذَا وَ أَعْجَبُ حَتَّی حَدَّثَنِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنَّ الْكَافِرَ یُضْرَبُ ضَرْبَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ شَیْئاً إِلَّا سَمِعَهَا وَ یُذْعَرُ لَهَا إِلَّا الثَّقَلَیْنِ فَقُلْنَا ذَلِكَ لِضَرْبَةِ الْكَافِرِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

بیان: قوله علیه السلام مثل له أی صور له كل من الثلاثة بصورة مثالیة یخاطبها و تخاطبه و یجوز أن یراد بالتمثل خطور هذه الثلاثة بالبال و حضور صورها فی الخیال و حینئذ یكون المخاطبة بلسان الحال لا بلسان المقال و الشحّ البخل مع الحرص و الزهد فی الشی ء ضد الرغبة فیه و الریاش اللباس الفاخر و قال الجزری

ص: 226


1- فی الكافی: فیضربان یافوخه.

فیه تفتنون فی القبور یرید مساءلة منكر و نكیر من فتنة الامتحان و الاختبار.

قوله علیه السلام یخدّان الأرض (1)أی یشقّانها و القاصف الشدید الصوت.

قوله علیه السلام و هو قول اللّٰه الضمیر عائد إلی قول الملكین ثبّتك اللّٰه و المضاف محذوف و التقدیر هو مدلول قول اللّٰه عز و جل و قیل هو عائد إلی تثبیت المؤمن علی ما یجیب به الملكین

كَمَا یَدُلُّ عَلَیْهِ مَا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ ذَكَرَ قَبْضَ رُوحِ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ ثُمَّ یُعَادُ رُوحُهُ فِی جَسَدِهِ وَ یَأْتِیهِ مَلَكَانِ فَیُجْلِسَانِهِ فِی قَبْرِهِ وَ یَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ رَبِّیَ اللَّهُ وَ دِینِیَ الْإِسْلَامُ وَ نَبِیِّی مُحَمَّدٌ فَیُنَادِی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِی فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ

و الفسحة بالضم السعة و المراد بمد البصر مداه و غایته التی ینتهی إلیها و قرّة العین برودتها و انقطاع بكائها و رؤیتها ما كانت مشتاقة إلیه و القرّة بالضم ضدّ الحر و العرب تزعم أن دمع الباكی من شدة السرور بارد و دمع الباكی من الحزن حارّ فقرّة العین كنایة عن الفرح و السرور و الناعم من النعمة بالكسر و هو ما یتنعّم به من المال و نحوه أو بالفتح و هی نفس التنعّم و لعل الثانی أولی.

قوله تعالی أَصْحابُ الْجَنَّةِ یَوْمَئِذٍ المراد الیوم المذكور فی قوله تعالی قبل هذه الآیة یَوْمَ یَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْری یَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِینَ وَ یَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً و هذا الحدیث یدل علی أن المراد بذلك الیوم یوم الموت و بالملائكة ملائكة الموت و هو قول كثیر من المفسرین و فسر بعضهم ذلك الیوم بیوم القیامة و الملائكة بملائكة النار و المراد بالمستقر المكان الذی یستقر فیه و بالمقیل مكان الاستراحة مأخوذ من مكان القیلولة قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه و یحتمل أن یراد بأحدهما الزمان أی إن مكانهم و زمانهم أطیب ما یتخیل من الأمكنة و الأزمان و یحتمل المصدریة فیهما أو فی أحدهما.

ص: 227


1- قد عرفت سابقا أن جملة یخدان الأرض لیست فی التفسیر، و أنّها موجودة فی الكافی، و متن الحدیث من الكافی غیر مذكور فی الكتاب.

أبشر بنزل من حمیم البشارة هنا علی سبیل التهكم و النزل بضمتین ما یعدّ للضیف النازل علی الإنسان من الطعام و الشراب و فیه تهكّم أیضا و الحمیم الماء الشدیدة الحرارة یسقی منه أهل النار أو یصبّ علی أبدانهم و الأنسب بالنزل السقی و التصلیة التلویح علی النار أتاه ممتحنا القبر إضافة اسم الفاعل إما إلی معموله علی حذف المضاف أی ممتحنا صاحب القبر أو إلی غیر معموله كمصارع مصر و هذا أولی و تخصیص إلقاء الأكفان بعدو اللّٰه ظاهر لما فیه من الشناعة المناسبة لحاله و الیافوخ هو الموضع الذی یتحرك من رأس الطفل إذا كان قریب عهد بالولادة و المرزبة بالراء المهملة و الزاء المعجمة و الباء الموحدة عصاة من حدید و القنا جمع قناة و هی الرمح و الزجّ الحدیدة التی فی أسفل الرمح.

«29»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحَفَّارُ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ الدِّعْبِلِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَخِی دِعْبِلٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَزْیَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَیْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ (1)عَازِبٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ قَالَ فِی الْقَبْرِ إِذَا سُئِلَ الْمَوْتَی.

أقول سیأتی فی باب الدفن فی خبر فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ أَنَّهُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَقَدْ سَمِعَتْ فَاطِمَةُ تَصْفِیقَ یَمِینِی عَلَی شِمَالِی

«30»- فس، تفسیر القمی فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً یَعْنِی أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ (2)سَبَقَ أَرْوَاحُهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ بِمِثْلِ الدُّنْیَا وَ أَرْوَاحُ الْكَافِرِینَ إِلَی النَّارِ بِمِثْلِ ذَلِكَ (3)

«31»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَنْ قَوَّی مِسْكِیناً فِی دِینِهِ ضَعِیفاً فِی مَعْرِفَتِهِ عَلَی نَاصِبٍ مُخَالِفٍ فَأَفْحَمَهُ لَقَّنَهُ اللَّهُ یَوْمَ یُدْلَی فِی قَبْرِهِ أَنْ یَقُولَ اللَّهُ رَبِّی وَ مُحَمَّدٌ

ص: 228


1- البراء بالباء المفتوحة، و عازب بالعین المهملة و الزای المعجمة المكسورة.
2- فی المصدر: تسبق. م.
3- فی المصدر: بمثل ذلك النار. م.

نَبِیِّی وَ عَلِیٌّ وَلِیِّی وَ الْكَعْبَةُ قِبْلَتِی وَ الْقُرْآنُ بَهْجَتِی وَ عُدَّتِی وَ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَانِی وَ الْمُؤْمِنَاتُ أَخَوَاتِی فَیَقُولُ اللَّهُ أَدْلَیْتَ بِالْحُجَّةِ (1)فَوَجَبَتْ لَكَ أَعَالِی دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَتَحَوَّلُ عَلَیْهِ قَبْرُهُ أَنْزَهَ رِیَاضِ الْجَنَّةِ.

«32»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِی أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ قُلْتُ یَقُولُونَ فِی حَوَاصِلِ طُیُورٍ خُضْرٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام وَ مَعَهُمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُقَرَّبُونَ فَإِنْ أَنْطَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالشَّهَادَةِ لَهُ بِالتَّوْحِیدِ وَ لِلنَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالنُّبُوَّةِ وَ الْوَلَایَةِ لِأَهْلِ الْبَیْتِ شَهِدَ عَلَی ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام وَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مَعَهُمْ وَ إِنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ خَصَّ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله بِعِلْمِ مَا فِی قَلْبِهِ مِنْ ذَلِكَ فَشَهِدَ بِهِ وَ شَهِدَ عَلَی شَهَادَةِ النَّبِیِّ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عَلَی جَمَاعَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ السَّلَامِ وَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَإِذَا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ صَیَّرَ تِلْكَ الرُّوحَ إِلَی الْجَنَّةِ فِی صُورَةٍ كَصُورَتِهِ فَیَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ فَإِذَا قَدِمَ عَلَیْهِمُ الْقَادِمُ عَرَفَهُمْ بِتِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِی كَانَتْ فِی الدُّنْیَا.

«33»-لی، الأمالی للصدوق ابْنُ سَعِیدٍ الْهَاشِمِیُّ عَنْ فُرَاتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الشَّامِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَرِیرٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِیِّ رَفَعَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ (2)قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ عَلَی شَیْخٍ قَاعِدٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَ حَوْلَهُ أَطْفَالٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَذَا الشَّیْخُ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام قَالَ فَمَا هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالُ حَوْلَهُ قَالَ هَؤُلَاءِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِینَ حَوْلَهُ یَغْذُوهُمْ.

«34»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَطْفَالَ شِیعَتِنَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ تُرَبِّیهِمْ فَاطِمَةُ علیها السلام.

ص: 229


1- أدلی بحجته: أحضرها و احتج بها.
2- ضبطه المامقانی رحمه اللّٰه فی تنقیح الرجال بضم الغین المعجمة و سكون النون، و ابن حجر فی التقریب بفتح الغین، و قال: مختلف فی صحبته، ذكره العجلیّ فی كبار ثقات التابعین، مات سنة 78.

«35»-ثو، ثواب الأعمال أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْحُومٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ كَانَتِ الصَّلَاةُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الزَّكَاةُ عَنْ یَسَارِهِ وَ الْبِرُّ مُطِلٌّ عَلَیْهِ وَ یَتَنَحَّی الصَّبْرُ نَاحِیَةً قَالَ إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ یَلِیَانِ مُسَاءَلَتَهُ قَالَ الصَّبْرُ لِلصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْبِرِّ دُونَكُمْ صَاحِبَكُمْ فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْهُ فَأَنَا دُونَهُ.

بیان: أطلّ علیه أشرف و فی بعض النسخ بالظاء المعجمة.

«36»-سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ مَاتَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ كُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

«37»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَنْ مَاتَ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَ مَنْ مَاتَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ.

«38»-وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام بَلَغَنِی أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ مَاتَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ رُفِعَ عَنْهُ عَذَابُ الْقَبْرِ.

«39»-یر، بصائر الدرجات سَلَمَةُ بْنُ خَطَّابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عِیسَی بْنِ شَلَقَانَ (1)قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام كَانَتْ لَهُ خُئُولَةٌ فِی بَنِی مَخْزُومٍ وَ إِنَّ شَابّاً مِنْهُمْ أَتَاهُ فَقَالَ یَا خَالِی إِنَّ أَخِی وَ ابْنَ أَبِی مَاتَ وَ قَدْ حَزِنْتُ عَلَیْهِ حُزْناً شَدِیداً قَالَ فَتَشْتَهِی أَنْ تَرَاهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرِنِی قَبْرَهُ فَخَرَجَ وَ مَعَهُ بُرْدُ رَسُولِ اللَّهِ السَّحَابُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْقَبْرِ تَمَلْمَلَتْ شَفَتَاهُ ثُمَّ رَكَضَهُ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَ هُوَ یَقُولُ رمیكا بِلِسَانِ الْفُرْسِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ لَمْ تَمُتْ وَ أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ بَلَی وَ لَكِنَّا مِتْنَا عَلَی سُنَّةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ فَانْقَلَبَتْ أَلْسِنَتُنَا.

ص: 230


1- بفتح الشین المعجمة و اللام و القاف هو عیسی بن صبیح العزرمی، عربی صلیب، روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، وثقه النجاشیّ و قال: له كتاب.

«40»-یر، بصائر الدرجات عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلَاءِ بْنِ یَحْیَی الْمَكْفُوفِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ عَطِیَّةَ الْأَبْزَارِیِّ (1)قَالَ: طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا آدَمُ بِحِذَاءِ الرُّكْنِ الْیَمَانِیِّ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ انْتَهَی إِلَی الْحَجَرِ فَإِذَا نُوحٌ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِحِذَائِهِ رَجُلٌ طَوِیلٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«41»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ بَكْرٍ (2)عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَقِیَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تُطِیعَنِی فَقَالَ لَا وَ لَوْ أَمَرَنِی لَفَعَلْتُ قَالَ فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ فَانْطَلَقَ مَعَهُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی قُلْتُ لِأَبِی بَكْرٍ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تُطِیعَنِی فَقَالَ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَلَی قَدْ أَمَرْتُكَ فَأَطِعْهُ قَالَ فَخَرَجَ فَلَقِیَ عُمَرَ وَ هُوَ ذَعِرٌ فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَا وَ كَذَا قَالَ تَبّاً لِأُمَّتِكَ تَتْرُكُ أَمْرَهُمْ مَا تَعْرِفُ سِحْرَ بَنِی هَاشِمٍ.

«42»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِیِّ (3)عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِی إِلَی بَعْضِ أَمْوَالِهِ فَلَمَّا بَرَزْنَا إِلَی الصَّحْرَاءِ اسْتَقْبَلَهُ شَیْخٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَنَزَلَ إِلَیْهِ أَبِی أَسْمَعُهُ یَقُولُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ثُمَّ جَلَسَا فَتَسَاءَلَا طَوِیلًا ثُمَّ قَامَ الشَّیْخُ وَ انْصَرَفَ وَ وَدَّعَ أَبِی وَ قَامَ یَنْظُرُ فِی قَفَاهُ حَتَّی تَوَارَی عَنْهُ فَقُلْتُ لِأَبِی مَنْ هَذَا الشَّیْخُ الَّذِی سَمِعْتُكَ تَقُولُ لَهُ مَا لَمْ تَقُلْهُ لِأَحَدٍ قَالَ هَذَا أَبِی.

«43»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ رَثُّ الْهَیْئَةِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ع

ص: 231


1- عده الشیخ فی رجاله من أصحاب الصادق علیه السلام، و حاله مجهول.
2- لم نجد له ذكرا فی كتب التراجم، و الموجود فی البصائر. عن بكر. و فی طریق آخر للروایة یوجد فی البصائر: محمّد بن الحسین، عن الحكم بن مسكین، عن أبی سعید. و فی ذیله: تبا لامة ولوك أمرهم إلخ. و فی البصائر روایات اخری فی ذلك.
3- لم نجد له ذكرا فی كتب التراجم.

مُقْبِلٌ عَلَیْهِ یُكَلِّمُهُ فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ هَذَا الَّذِی أَشْغَلَكَ عَنَّا قَالَ هَذَا وَصِیُّ مُوسَی علیه السلام.

أقول قد أوردنا أمثال تلك الأخبار الدالة علی الأجساد المثالیة فی باب احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام علی أبی بكر و فی باب غصب الخلافة و فی باب كفر الثلاثة و فی باب أن الأئمة علیهم السلام یظهرون بعد الموت و فی أبواب المعجزات فلا نوردها هنا حذرا من الإطالة و التكرار.

«44»-یر، بصائر الدرجات إِبْرَاهِیمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ جَاءَ عَلِیٌّ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا لَكَ قَالَ أُمِّی مَاتَتْ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُمِّی وَ اللَّهِ ثُمَّ بَكَی وَ قَالَ وَا أُمَّاهْ ثُمَّ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام هَذَا قَمِیصِی فَكَفِّنْهَا فِیهِ وَ هَذَا رِدَائِی فَكَفِّنْهَا فِیهِ فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَآذِنُونِی فَلَمَّا أُخْرِجَتْ صَلَّی عَلَیْهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةً لَمْ یُصَلِّ قَبْلَهَا وَ لَا بَعْدَهَا عَلَی أَحَدٍ مِثْلَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَی قَبْرِهَا فَاضْطَجَعَ فِیهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا یَا فَاطِمَةُ قَالَتْ لَبَّیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ فَهَلْ وَجَدْتِ مَا وَعَدَ رَبُّكِ حَقّاً قَالَتْ نَعَمْ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَیْرَ جَزَاءٍ وَ طَالَتْ مُنَاجَاتُهُ فِی الْقَبْرِ فَلَمَّا خَرَجَ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَنَعْتَ بِهَا شَیْئاً فِی تَكْفِینِكَ إِیَّاهَا ثِیَابَكَ وَ دُخُولِكَ فِی قَبْرِهَا وَ طُولِ مُنَاجَاتِكَ وَ طُولِ صَلَاتِكَ مَا رَأَیْنَاكَ صَنَعْتَهُ بِأَحَدٍ قَبْلَهَا قَالَ أَمَّا تَكْفِینِی إِیَّاهَا فَإِنِّی لَمَّا قُلْتُ لَهَا یُعْرَضُ النَّاسُ یَوْمَ یُحْشَرُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ فَصَاحَتْ وَ قَالَتْ وَا سَوْأَتَاهْ فَلَبِسْتُهَا ثِیَابِی وَ سَأَلْتُ اللَّهَ فِی صَلَاتِی عَلَیْهَا أَنْ لَا یُبْلِیَ أَكْفَانَهَا حَتَّی تَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَأَجَابَنِی إِلَی ذَلِكَ وَ أَمَّا دُخُولِی فِی قَبْرِهَا فَإِنِّی قُلْتُ لَهَا یَوْماً إِنَّ الْمَیِّتَ إِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَیْهِ مَلَكَانِ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فَیَسْأَلَانِهِ فَقَالَتْ وَا غَوْثَاهْ بِاللَّهِ فَمَا زِلْتُ أَسْأَلُ رَبِّی فِی قَبْرِهَا حَتَّی فُتِحَ لَهَا بَابٌ مِنْ قَبْرِهَا إِلَی الْجَنَّةِ فَصَارَ رَوْضَةً مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ.

یج، الخرائج و الجرائح مرسلا (1)مثله.

ص: 232


1- مع اختلاف یسیر. م.

«45»-سن، المحاسن عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ جُلَّ عَذَابِ الْقَبْرِ فِی الْبَوْلِ.

«46»-خص، منتخب البصائر یر، بصائر الدرجات الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنْ أَبِی الْفَضْلِ الْمَدِینِیِّ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ (1)قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ اسْمُهُمَا مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فَأَوَّلُ مَنْ یَسْأَلَانِهِ عَنْ رَبِّهِ ثُمَّ عَنْ نَبِیِّهِ ثُمَّ عَنْ وَلِیِّهِ فَإِنْ أَجَابَ نَجَا وَ إِنْ عَجَزَ عَذَّبَاهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا لِمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَ نَبِیَّهُ وَ لَمْ یَعْرِفْ وَلِیَّهُ فَقَالَ مُذَبْذَبٌ (2)لَا إِلَی هَؤُلَاءِ وَ لَا إِلَی هَؤُلَاءِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلًا ذَلِكَ لَا سَبِیلَ لَهُ وَ قَدْ قِیلَ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنِ الْوَلِیُّ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ وَلِیُّكُمْ فِی هَذَا الزَّمَانِ عَلِیٌّ وَ مِنْ بَعْدِهِ وَصِیُّهُ وَ لِكُلِّ زَمَانٍ عَالِمٌ یَحْتَجُّ اللَّهُ بِهِ لِئَلَّا یَكُونَ كَمَا قَالَ الضُّلَّالُ قَبْلَهُمْ حِینَ فَارَقَتْهُمْ أَنْبِیَاؤُهُمْ رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَیْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آیاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزی تَمَامُ ضَلَالَتِهِمْ جَهَالَتُهُمْ بِالْآیَاتِ وَ هُمُ الْأَوْصِیَاءُ فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِیِّ وَ مَنِ اهْتَدی وَ إِنَّمَا كَانَ تَرَبُّصُهُمْ أَنْ قَالُوا نَحْنُ فِی سَعَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَوْصِیَاءِ حَتَّی نَعْرِفَ إِمَاماً فَعَیَّرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَ الْأَوْصِیَاءُ هُمْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ وُقُوفٌ عَلَیْهِ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ لِأَنَّهُمْ عُرَفَاءُ اللَّهِ عَرَّفَهُمْ عَلَیْهِمْ عِنْدَ أَخْذِ الْمَوَاثِیقِ عَلَیْهِمْ وَ وَصَفَهُمْ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ وَ عَلَی الْأَعْرافِ رِجالٌ یَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِیماهُمْ هُمُ الشُّهَدَاءُ عَلَی أَوْلِیَائِهِمْ وَ النَّبِیُّ الشَّهِیدُ عَلَیْهِمْ أَخَذَ لَهُمْ مَوَاثِیقَ الْعِبَادِ بِالطَّاعَةِ وَ أَخَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْهِمُ الْمَوَاثِیقَ بِالطَّاعَةِ

ص: 233


1- قال ابن حجر فی ص 163 من التقریب: زر- بكسر أوله و تشدید الراء- ابن حبیش- بمهملة و موحدة و معجمة مصغر- ابن حباشة- بضم المهملة- الأسدی، الكوفیّ، أبو مریم، ثقة، جلیل، مخضرم، مات سنة إحدی أو اثنین، أو ثلاث و ثمانین، و هو ابن 127 سنة انتهی. أقول: كان زر عالما بالقرآن، اعرب الناس، و كان ابن مسعود یسأله عن العربیة، أورده الشیخ فی رجاله فی أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام و قال: كان فاضلا.
2- المذبذب: المتحیر و المتردد بین أمرین.

فَجَرَتْ نُبُوَّتُهُ عَلَیْهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فَكَیْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِیدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلی هؤُلاءِ شَهِیداً یَوْمَئِذٍ یَوَدُّ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّی بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا یَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِیثاً.

«47»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ إِذَا أَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ أَصْعَدَ اللَّهُ بِأَرْوَاحِهِمْ إِلَیْهِ فَمَنْ قَضَی لَهُ عَلَیْهِ الْمَوْتَ جَعَلَهُ فِی رِیَاضِ الْجَنَّةِ كُنُوزِ (1)رَحْمَتِهِ وَ نُورِ عِزَّتِهِ وَ إِنْ لَمْ یُقَدِّرْ عَلَیْهَا الْمَوْتَ بَعَثَ بِهَا مَعَ أُمَنَائِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَی الْأَبْدَانِ الَّتِی هِیَ فِیهَا.

«48»-سن، المحاسن ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (2)قَالَ: ذَكَرَ الْأَرْوَاحَ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَلْتَقُونَ قُلْتُ یَلْتَقُونَ قَالَ نَعَمْ وَ یَتَسَاءَلُونَ وَ یَتَعَارَفُونَ حَتَّی إِذَا رَأَیْتَهُ قُلْتَ فُلَانٌ.

«49»-سن، المحاسن ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَازِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیْنَ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ فِی حُجُرَاتٍ فِی الْجَنَّةِ یَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِهَا وَ یَشْرَبُونَ مِنْ شَرَابِهَا وَ یَتَزَاوَرُونَ فِیهَا وَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَقِمْ لَنَا السَّاعَةَ لِتُنْجِزَ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا قَالَ قُلْتُ فَأَیْنَ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَقَالَ فِی حُجُرَاتِ النَّارِ (3)یَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِهَا وَ یَشْرَبُونَ مِنْ شَرَابِهَا وَ یَتَزَاوَرُونَ فِیهَا وَ یَقُولُونَ رَبَّنَا لَا تُقِمْ لَنَا السَّاعَةَ لِتُنْجِزَ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا.

«50»-سن، المحاسن ابْنُ أَبِی نَجْرَانَ وَ الْبَزَنْطِیُّ مَعاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ دَخَلَ مَعَهُ فِی قَبْرِهِ سِتَّةُ صُوَرٍ فِیهِنَّ صُورَةٌ أَحْسَنُهُنَّ وَجْهاً وَ أَبْهَاهُنَّ هَیْئَةً وَ أَطْیَبُهُنَّ رِیحاً وَ أَنْظَفُهُنَّ صُورَةً قَالَ فَیَقِفُ صُورَةٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ أُخْرَی عَنْ یَسَارِهِ وَ أُخْرَی بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أُخْرَی خَلْفَهُ وَ أُخْرَی عِنْدَ رِجْلِهِ وَ تَقِفُ

ص: 234


1- فی المصدر: فی كنوز.
2- فی المصدر: عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
3- فی المصدر: فی النار.

الَّتِی هِیَ أَحْسَنُهُنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ فَإِنْ أُتِیَ عَنْ یَمِینِهِ مَنَعَتْهُ الَّتِی عَنْ یَمِینِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَی أَنْ یُؤْتَی مِنَ الْجِهَاتِ السِّتِّ قَالَ فَتَقُولُ أَحْسَنُهُنَّ صُورَةً وَ مَنْ أَنْتُمْ جَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّی خَیْراً فَتَقُولُ الَّتِی عَنْ یَمِینِ الْعَبْدِ أَنَا الصَّلَاةُ وَ تَقُولُ الَّتِی عَنْ یَسَارِهِ أَنَا الزَّكَاةُ وَ تَقُولُ الَّتِی بَیْنَ یَدَیْهِ أَنَا الصِّیَامُ وَ تَقُولُ الَّتِی خَلْفَهُ أَنَا الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ وَ تَقُولُ الَّتِی عِنْدَ رِجْلَیْهِ أَنَا بِرُّ مَنْ وَصَلْتِ مِنْ إِخْوَانِكِ ثُمَّ یَقُلْنَ مَنْ أَنْتِ فَأَنْتِ أَحْسَنُنَا وَجْهاً وَ أَطْیَبُنَا رِیحاً وَ أَبْهَانَا هَیْئَةً فَتَقُولُ أَنَا الْوَلَایَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ.

«51»-یج، الخرائج و الجرائح رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْوَزَغِ قَالَ هُوَ الرِّجْسُ مَسْخٌ فَإِذَا قَتَلْتَهُ فَاغْتَسِلْ یَعْنِی شُكْراً وَ قَالَ إِنَّ أَبِی كَانَ قَاعِداً فِی الْحِجْرِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ یُحَدِّثُهُ فَإِذَا هُوَ الْوَزَغُ یُوَلْوِلُ بِلِسَانِهِ فَقَالَ أَبِی علیه السلام لِلرَّجُلِ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الْوَزَغُ قَالَ الرَّجُلُ لَا أَعْلَمُ مَا یَقُولُ قَالَ فَإِنَّهُ یَقُولُ لَئِنْ ذَكَرْتَ عُثْمَانَ لَأَسُبَّنَّ عَلِیّاً وَ قَالَ إِنَّهُ لَیْسَ یَمُوتُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ مَیِّتٌ إِلَّا مُسِخَ وَزَغاً وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ مُسِخَ وَزَغاً فَكَانَ عِنْدَهُ وُلْدُهُ وَ لَمْ یَدْرُوا كَیْفَ یَصْنَعُونَ وَ ذَهَبَ ثُمَّ فَقَدُوهُ فَأَجْمَعُوا عَلَی أَنْ أَخَذُوا جَذَعاً فَصَنَعُوهُ كَهَیْئَةِ رَجُلٍ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَلْبَسُوا الْجَذَعَ ثُمَّ كَفَّنُوهُ فِی الْأَكْفَانِ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وُلْدُهُ وَ أَنَا.

«52»-خص، منتخب البصائر سَعْدٌ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ مَعاً عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا یُسْأَلُ فِی الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً فَقُلْتُ لَهُ فَسَائِرُ النَّاسِ فَقَالَ یُلْهَی عَنْهُمْ.

«53»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام حَدَّثَنَا أَنَّ رَجُلًا أَتَی سَلْمَانَ الْفَارِسِیَّ فَقَالَ حَدِّثْنِی فَسَكَتَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ فَسَكَتَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَ هُوَ یَقُولُ وَ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَ الْهُدی مِنْ بَعْدِ ما بَیَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِی الْكِتابِ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ

ص: 235

إِنَّا لَوْ وَجَدْنَا أَمِیناً لَحَدَّثْنَاهُ وَ لَكِنْ أَعِدَّ لِمُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ (1)إِذَا أَتَیَاكَ فِی الْقَبْرِ فَسَأَلَاكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ شَكَكْتَ أَوِ الْتَوَیْتَ ضَرَبَاكَ عَلَی رَأْسِكَ بِمِطْرَقَةٍ (2)مَعَهُمَا تَصِیرُ مِنْهُ رَمَاداً قَالَ فَقُلْتُ ثُمَّ مَهْ قَالَ تَعُودُ ثُمَّ تُعَذَّبُ قُلْتُ وَ مَا مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ قَالَ هُمَا قَعِیدَا الْقَبْرِ قُلْتُ أَ مَلَكَانِ یُعَذِّبَانِ النَّاسَ فِی قُبُورِهِمْ فَقَالَ نَعَمْ.

«54»-م، تفسیر الإمام علیه السلام قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَیْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْیاكُمْ ثُمَّ یُمِیتُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ ثُمَّ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِكُفَّارِ قُرَیْشٍ وَ الْیَهُودِ كَیْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ الَّذِی دَلَّكُمْ عَلَی طُرُقِ الْهُدَی وَ جَنَّبَكُمْ إِنْ أَطَعْتُمُوهُ سُبُلَ الرَّدَی وَ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً فِی أَصْلَابِ آبَائِكُمْ وَ أَرْحَامِ أُمَّهَاتِكُمْ فَأَحْیَاكُمْ أَخْرَجَكُمْ أَحْیَاءً ثُمَّ یُمِیتُكُمْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا وَ یُقْبِرُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ فِی الْقُبُورِ وَ یُنْعِمُ فِیهَا الْمُؤْمِنِینَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَ وَلَایَةِ عَلِیٍّ وَ یُعَذِّبُ فِیهَا الْكَافِرِینَ بِهِمَا ثُمَّ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ فِی الْآخِرَةِ بِأَنْ تَمُوتُوا فِی الْقُبُورِ بَعْدُ ثُمَّ تُحْیَوْا لِلْبَعْثِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ تُرْجَعُونَ إِلَی مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَی الطَّاعَاتِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِیهَا وَ مِنَ الْعِقَابِ عَلَی الْمَعَاصِی إِنْ كُنْتُمْ مُقَارِفِیهَا فَقِیلَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَفِی الْقُبُورِ نَعِیمٌ وَ عَذَابٌ قَالَ إِی وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِیّاً وَ جَعَلَهُ زَكِیّاً هَادِیاً مَهْدِیّاً وَ جَعَلَ أَخَاهُ عَلِیّاً بِالْعَهْدِ وَفِیّاً وَ بِالْحَقِّ مَلِیّاً وَ لَدَی اللَّهِ مَرْضِیّاً وَ إِلَی الْجِهَادِ سَابِقاً وَ لِلَّهِ فِی أَحْوَالِهِ مُوَافِقاً وَ لِلْمَكَارِمِ حَائِزاً وَ بِنَصْرِ اللَّهِ عَلَی أَعْدَائِهِ فَائِزاً وَ لِلْعُلُومِ حَاوِیاً وَ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ مُوَالِیاً وَ لِأَعْدَائِهِ مُنَاوِیاً وَ بِالْخَیْرَاتِ نَاوِیاً وَ لِلْقَبَائِحِ رَافِضاً وَ لِلشَّیْطَانِ مُخْزِیاً وَ لِلْفَسَقَةِ الْمَرَدَةِ مُقْصِیاً (3)وَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله نَفْساً وَ بَیْنَ یَدَیْهِ لَدَی الْمَكَارِهِ جُنَّةً وَ تُرْساً آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَ أَبِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَبْدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ الْمُفَضَّلُ عَلَی أُولِی الْأَلْبَابِ الْحَاوِی لِعُلُومِ الْكِتَابِ زَیْنُ

ص: 236


1- أی هیأ لمساءلتهما.
2- المطرقة: آلة من حدید و نحوه یضرب بها الحدید و نحوه.
3- فی تفسیر العسكریّ المطبوع: مغضبا.

مَنْ یُوَافِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی عَرَصَاتِ الْحِسَابِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَفِیِّ الْكَرِیمِ الْعَزِیزِ الْوَهَّابِ إِنَّ فِی الْقَبْرِ نَعِیماً یُوَفِّرُ اللَّهُ بِهِ حُظُوظَ أَوْلِیَائِهِ وَ إِنَّ فِی الْقَبْرِ عَذَاباً یُشَدِّدُ اللَّهُ بِهِ عَلَی أَشْقِیَاءِ أَعْدَائِهِ.

أقول تمامه فی باب ما یعاین المؤمن و الكافر عند الموت من قوله إن المؤمن الموالی إلی آخر الخبر.

«55»-الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ مِنْ كِتَابِ صَحَائِفِ الْأَبْرَارِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اضْطَجَعَ فِی نَجَفِ الْكُوفَةِ عَلَی الْحَصَی فَقَالَ قَنْبَرٌ یَا مَوْلَایَ أَ لَا أَفْرُشُ لَكَ ثَوْبِی تَحْتَكَ فَقَالَ لَا إِنْ هِیَ إِلَّا تُرْبَةُ مُؤْمِنٍ أَوْ مُزَاحَمَتُهُ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ أَمَّا تُرْبَةُ مُؤْمِنٍ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ أَوْ سَتَكُونُ فَمَا مَعْنَی مُزَاحَمَتِهِ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ یَا ابْنَ نُبَاتَةَ إِنَّ فِی هَذَا الظَّهْرِ أَرْوَاحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ فِی قَوَالِبَ مِنْ نُورٍ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ.

«56»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ فِی قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكَانِ مَلَكٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ مَلَكٌ عَنْ شِمَالِهِ وَ أُقِیمَ الشَّیْطَانُ بَیْنَ یَدَیْهِ عَیْنَاهُ مِنْ نُحَاسٍ فَیُقَالُ لَهُ كَیْفَ تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی خَرَجَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ قَالَ فَیَفْزَعُ لِذَلِكَ فَیَقُولُ إِنْ كَانَ مُؤْمِناً عَنْ مُحَمَّدٍ تَسْأَلَانِی فَیَقُولَانِ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ نَمْ نَوْمَةً لَا حُلُمَ فِیهَا وَ یُفْسَحُ لَهُ فِی قَبْرِهِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَ یَرَی مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ كَافِراً قِیلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی خَرَجَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ فَیَقُولُ مَا أَدْرِی وَ یُخَلَّی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الشَّیْطَانِ وَ یُضْرَبُ بِمِرْزَبَةٍ مِنْ حَدِیدٍ یَسْمَعُ صَوْتَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ وَ یُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِینَ وَ یَفْعَلُ اللَّهُ ما یَشاءُ.

شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ.

«57»-قب، المناقب لابن شهرآشوب كِتَابُ الشِّیرَازِیِّ سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ فِی قَوْلِهِ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ یَعْنِی بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

ص: 237

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا ثُمَّ قَالَ وَ فِی الْآخِرَةِ قَالَ هَذَا فِی الْقَبْرِ یَدْخُلَانِ عَلَیْهِ مَلَكَانِ فَظَّانِ غَلِیظَانِ یَحْفِرَانِ الْقَبْرَ بِأَنْیَابِهِمَا وَ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ (1)وَ أَعْیُنُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِرْزَبَةٌ فِیهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ عُقْدَةً فِی كُلِّ عُقْدَةٍ (2)ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ حَلْقَةً وَزْنُ كُلِّ حَلْقَةٍ كَوَزْنِ حَدِیدِ الدُّنْیَا لَوِ اجْتَمَعَ عَلَیْهَا أَهْلُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ أَنْ یُقِلُّوهَا (3)مَا أَقَلُّوهَا هِیَ فِی أَیْدِیهِمْ أَخَفُّ مِنْ جَنَاحِ بَعُوضٍ فَیَدْخُلَانِ الْقَبْرَ عَلَی الْمَیِّتِ وَ یُجْلِسَانِهِ فِی قَبْرِهِ وَ یَسْأَلَانِهِ مَنْ رَبُّكَ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ اللَّهُ رَبِّی ثُمَّ یَقُولَانِ فَمَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ مُحَمَّدٌ نَبِیِّی فَیَقُولَانِ مَا قِبْلَتُكَ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ الْكَعْبَةُ قِبْلَتِی فَیَقُولَانِ لَهُ مَنْ إِمَامُكَ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ إِمَامِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَیَقُولَانِ لَهُ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ وَ یُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِینَ یَعْنِی عَنْ وَلَایَةِ عَلِیٍّ فِی الْقَبْرِ وَ اللَّهِ لَیُسْأَلُنَّ عَنْ وَلَایَتِهِ عَلَی الصِّرَاطِ وَ اللَّهِ لَیُسْأَلُنَّ عَنْ وَلَایَتِهِ فِی الْحِسَابِ (4)ثُمَّ قَالَ سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ وَ مَنْ رَوَی عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُؤْمِنَ یَقُولُ الْقُرْآنُ إِمَامِی فَقَدْ أَصَابَ أَیْضاً وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَیَّنَ إِمَامَةَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی الْقُرْآنِ.

«58»-جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِلْحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ شُعَیْبِ بْنِ وَاقِدٍ الْمُزَنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ مَوْلَی سُلَیْمَانَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ قَیْسٍ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ قَرِیباً مِنَ الْجَبَلِ بِصِفِّینَ فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَأَمْعَنَ (5)بَعِیداً ثُمَّ أَذَّنَ فَلَمَّا فَرَغَ عَنْ أَذَانِهِ إِذَا رَجُلٌ مُقْبِلٌ نَحْوَ الْجَبَلِ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ وَ الْوَجْهِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ

ص: 238


1- فی المصدر: العاصف.
2- فی المصدر: كل عقد.
3- قل الشی ء: رفعه.
4- فی المصدر: یوم الحساب.
5- أی فأبعد.

یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَرْحَباً بِوَصِیِّ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ الْأَعَزِّ الْمَأْمُونِ وَ الْفَاضِلِ الْفَائِزِ بِثَوَابِ الصِّدِّیقِینَ وَ سَیِّدِ الْوَصِیِّینَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ (1)كَیْفَ حَالُكَ فَقَالَ بِخَیْرٍ أَنَا مُنْتَظِرُ رُوحِ الْقُدُسِ وَ لَا أَعْلَمُ أَحَداً أَعْظَمَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اسْمُهُ بَلَاءً وَ لَا أَحْسَنَ ثَوَاباً مِنْكَ وَ لَا أَرْفَعَ عِنْدَ اللَّهِ مَكَاناً اصْبِرْ یَا أَخِی عَلَی مَا أَنْتَ فِیهِ حَتَّی تَلْقَی الْحَبِیبَ فَقَدْ رَأَیْتَ أَصْحَابَنَا مَا لَقُوا بِالْأَمْسِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ نَشَرُوهُمْ بِالْمَنَاشِیرِ وَ حَمَلُوهُمْ عَلَی الْخَشَبِ وَ لَوْ تَعْلَمُ هَذِهِ الْوُجُوهُ التَّرِبَةُ الشَّائِهَةُ (2)وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ مَا أُعِدَّ لَهُمْ فِی قِتَالِكَ مِنْ عَذَابٍ وَ سُوءِ نَكَالٍ لَأَقْصَرُوا وَ لَوْ تَعْلَمُ هَذِهِ الْوُجُوهُ الْمُبْیَضَّةُ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا ذَا لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ فِی طَاعَتِكَ لَوَدَّتْ أَنَّهَا قُرِضَتْ بِالْمَقَارِیضِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ غَابَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَقَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ هَاشِمٌ الْمِرْقَالُ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ شِیعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ كَانُوا سَمِعُوا كَلَامَ الرَّجُلِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُمْ (3)أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا شَمْعُونُ وَصِیُّ عِیسَی علیه السلام بَعَثَهُ اللَّهُ یُصَبِّرُنِی عَلَی قِتَالِ أَعْدَائِهِ فَقَالُوا لَهُ فِدَاكَ آبَاؤُنَا وَ أُمَّهَاتُنَا وَ اللَّهِ لَنَنْصُرَنَّكَ (4)نَصْرَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا یَتَخَلَّفُ عَنْكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا شَقِیٌّ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَعْرُوفاً.

یج، الخرائج و الجرائح عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَهُ.

«59»-فس، تفسیر القمی فِی الْخَبَرِ الطَّوِیلِ فِی الْمِعْرَاجِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی أَنْ قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ مَوَائِدُ مِنْ لَحْمٍ طَیِّبٍ وَ لَحْمٍ خَبِیثٍ وَ هُمْ یَأْكُلُونَ الْخَبِیثَ (5)

ص: 239


1- لیست فی المصدر جملة «و علیك السلام».
2- التربة: الفقیرة، كأنها لصقت بالتراب. الشائهة: القبیحة المتنكرة.
3- فی المصدر: فقال أمیر المؤمنین: هذا شمعون.
4- فی المصدر: لننصرك.
5- فی المصدر: و یأكلون الخبیث.

وَ یَدَعُونَ الطَّیِّبَ فَسَأَلْتُ جَبْرَئِیلَ مَنْ هَؤُلَاءِ (1)فَقَالَ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ الْحَرَامَ وَ یَدَعُونَ الْحَلَالَ مِنْ أُمَّتِكَ (2)قَالَ ثُمَّ مَرَرْتُ بِأَقْوَامٍ (3)لَهُمْ مَشَافِرُ (4)كَمَشَافِرِ الْإِبِلِ یُقْرَضُ اللَّحْمُ مِنْ أَجْسَامِهِمْ (5)وَ یُلْقَی فِی أَفْوَاهِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هُمُ (6)الْهَمَّازُونَ اللَّمَّازُونَ ثُمَّ مَرَرْتُ بِأَقْوَامٍ تُرْضَخُ وُجُوهُهُمْ وَ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ (7)فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ الَّذِینَ یَتْرُكُونَ (8)صَلَاةَ الْعِشَاءِ ثُمَّ مَضَیْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ یُقْذَفُ بِالنَّارِ فِی أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ (9)قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ یَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْكُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیراً ثُمَّ مَضَیْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ یُرِیدُ أَحَدُهُمْ أَنْ یَقُومَ فَلَا یَقْدِرُ مِنْ عِظَمِ بَطْنِهِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ فَهُمُ (10)الَّذِینَ یَأْكُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إِلَّا كَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ وَ إِنَّهُمْ لَبِسَبِیلِ آلِ فِرْعَوْنَ یُعْرَضُونَ عَلَی النَّارِ غُدُوًّا وَ عَشِیًّا یَقُولُونَ رَبَّنَا مَتَی تَقُومُ السَّاعَةُ وَ لَا یَعْلَمُونَ أَنَّ السَّاعَةَ أَدْهی وَ أَمَرُّ ثُمَّ مَرَرْتُ بِنِسَاءٍ (11)مُعَلَّقَاتٍ بِثَدْیِهِنَّ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ

ص: 240


1- فی المصدر: فقلت من هؤلاء یا جبرئیل؟ فقال: هؤلاء.
2- فی المصدر و هم من امتك یا محمد.
3- فی المصدر: ثم مضیت فإذا انا باقوام.
4- جمع المشفر: الشفة للبعیر.
5- فی المصدر: من جنوبهم.
6- فی المصدر: هؤلاء.
7- فی المصدر: ثم مضیت فإذا أنا باقوام ترضخ رءوسهم بالصخر. و الرضخ: الدق و الكسر، و یمكن أن یكون من قولهم: تراضخ القوم بالحجارة: إذا تراموا بها. الصخر: الحجر العظیم الصلب.
8- فی المصدر: هؤلاء الذین ینامون عن صلاة العشاء.
9- فی المصدر: من هؤلاء یا جبرئیل؟.
10- فی المصدر: هؤلاء الذین.
11- فی المصدر: ثم مضیت فإذا أنا بنسوان.

هُنَّ اللَّوَاتِی (1)یُوَرِّثْنَ أَمْوَالَ أَزْوَاجِهِنَّ أَوْلَادَ غَیْرِهِمْ.

أقول سیأتی الخبر بإسناده تماما فی باب المعراج.

«60»-یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة قِیلَ لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَقْبَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُبْكِیكَ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَكَ قَالَ توفت [تُوُفِّیَتْ وَالِدَتِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَلْ وَ وَالِدَتِی یَا عَلِیُّ فَلَقَدْ كَانَتْ تُجَوِّعُ أَوْلَادَهَا وَ تُشْبِعُنِی وَ تُشَعِّثُ أَوْلَادَهَا وَ تُدَهِّنُنِی وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ فِی دَارِ أَبِی طَالِبٍ نَخْلَةٌ فَكَانَتْ تُسَابِقُ إِلَیْهَا مِنَ الْغَدَاةِ لِتَلْتَقِطَ ثُمَّ تَجْنِیَهُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَإِذَا خَرَجُوا بَنُو عَمِّی تُنَاوِلُنِی ذَلِكَ ثُمَّ نَهَضَ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ فِی جَهَازِهَا وَ كَفَّنَهَا بِقَمِیصِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ فِی حَالِ تَشْیِیعِ جَنَازَتِهَا یَرْفَعُ قَدَماً وَ یَتَأَنَّی فِی رَفْعِ الْآخَرِ وَ هُوَ حَافِی الْقَدَمِ فَلَمَّا صَلَّی عَلَیْهَا كَبَّرَ سَبْعِینَ تَكْبِیرَةً ثُمَّ لَحَدَهَا فِی قَبْرِهَا بِیَدِهِ الْكَرِیمَةِ بَعْدَ أَنْ نَامَ فِی قَبْرِهَا وَ لَقَّنَهَا الشَّهَادَةَ فَلَمَّا أُهِیلَ عَلَیْهَا التُّرَابُ (2)وَ أَرَادَ النَّاسُ الِانْصِرَافَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَهَا ابْنُكِ ابْنُكِ ابْنُكِ لَا جَعْفَرٌ وَ لَا عَقِیلٌ ابْنُكِ ابْنُكِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتَ فِعْلًا مَا رَأَیْنَا مِثْلَهُ قَطُّ مَشْیُكَ حَافِیَ الْقَدَمِ وَ كَبَّرْتَ سَبْعِینَ تَكْبِیرَةً وَ نَوْمُكَ فِی لَحْدِهَا وَ قَمِیصُكَ عَلَیْهَا وَ قَوْلُكَ لَهَا ابْنُكِ ابْنُكِ لَا جَعْفَرٌ وَ لَا عَقِیلٌ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا التَّأَنِّی فِی وَضْعِ أَقْدَامِی وَ رَفْعِهَا فِی حَالِ التَّشْیِیعِ لِلْجَنَازَةِ فَلِكَثْرَةِ ازْدِحَامِ الْمَلَائِكَةِ وَ أَمَّا تَكْبِیرِی سَبْعِینَ تَكْبِیرَةً فَإِنَّهَا صَلَّی عَلَیْهَا سَبْعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ أَمَّا نَوْمِی فِی لَحْدِهَا فَإِنِّی ذَكَرْتُ فِی حَالِ حَیَاتِهَا ضَغْطَةَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ وَا ضَعْفَاهْ فَنِمْتُ فِی لَحْدِهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ حَتَّی كَفَیْتُهَا ذَلِكَ وَ أَمَّا تَكْفِینِی لَهَا بِقَمِیصِی فَإِنِّی ذَكَرْتُ لَهَا فِی حَیَاتِهَا الْقِیَامَةَ وَ حَشْرَ النَّاسِ عُرَاةً فَقَالَتْ وَا سَوْأَتَاهْ فَكَفَّنْتُهَا بِهِ لِتَقُومَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَسْتُورَةً وَ أَمَّا قَوْلِی لَهَا ابْنُكِ ابْنُكِ لَا جَعْفَرٌ وَ لَا عَقِیلٌ فَإِنَّهَا لَمَّا نَزَلَ عَلَیْهَا الْمَلَكَانِ وَ سَأَلَاهَا عَنْ رَبِّهَا فَقَالَتْ اللَّهُ رَبِّی وَ قَالا مَنْ نَبِیُّكِ قَالَتْ

ص: 241


1- فی المصدر: هؤلاء.
2- أی صب علیها التراب.

مُحَمَّدٌ نَبِیِّی فَقَالا مَنْ وَلِیُّكِ وَ إِمَامُكِ فَاسْتَحْیَتْ أَنْ تَقُولَ وَلَدِی فَقُلْتُ لَهَا قُولِی ابْنُكِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَقَرَّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَیْنَهَا.

«61»-كش، رجال الكشی رَوَی أَصْحَابُنَا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ (1)إِنَّهُ أُقْعِدَ فِی قَبْرِهِ فَسُئِلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام فَأَخْبَرَ بِأَسْمَائِهِمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَیَّ فَسُئِلَ فَوَقَفَ فَضُرِبَ عَلَی رَأْسِهِ ضَرْبَةً امْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً.

«62»-كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْفَارِسِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لِی مَاتَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی حَمْزَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ قَدْ دَخَلَ النَّارَ قَالَ فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْإِمَامِ بَعْدَ مُوسَی أَبِی فَقَالَ لَا أَعْرِفُ إِمَاماً بَعْدَهُ فَقِیلَ لَا فَضُرِبَ فِی قَبْرِهِ ضَرْبَةً اشْتَعَلَ قَبْرُهُ نَاراً.

بیان: فقیل لا هذا استفهام إنكاری.

«63»-جع، جامع الأخبار رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَاتَ مَا بَیْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ الْخَمِیسِ إِلَی زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

«64»-وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَیْسَرُ مِنْهُ وَ إِنْ لَمْ یَنْجُ مِنْهُ فَمْا بَعْدَهُ لَیْسَ أَقَلَّ مِنْهُ.

«65»-كِتَابُ الْمُحْتَضَرِ، لِلْحَسَنِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ رَوَی الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ فِی كِتَابِ الْقَائِمِ علیه السلام عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ یَذْكُرُ فِیهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ وَ مَرَّ حَتَّی أَتَی الْغَرِیَّیْنِ فَجَازَهُ فَلَحِقْنَاهُ وَ هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَی الْأَرْضِ بِجَسَدِهِ لَیْسَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ فَقَالَ لَهُ قَنْبَرٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَا أَبْسُطُ ثَوْبِی تَحْتَكَ قَالَ لَا هَلْ هِیَ إِلَّا تُرْبَةُ مُؤْمِنٍ أَوْ مُزَاحَمَتُهُ فِی مَجْلِسِهِ قَالَ الْأَصْبَغُ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تُرْبَةُ مُؤْمِنٍ قَدْ

ص: 242


1- أی علیّ بن أبی حمزة البطائنی، قائد أبی بصیر یحیی بن القاسم، روی عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام، ثمّ وقف علی الرضا علیه السلام، و هو أحد عمد الواقفة، قیل: كان هو أحد قوام ابی الحسن علیه السلام، و كان عنده ثلاثون الف دینار، و لم یرد المال إلی الرضا علیه السلام، و كان ذلك سبب وقوفه و جهوده موته.

عَرَفْنَاهُ كَانَتْ أَوْ تَكُونُ فَمَا مُزَاحَمَتُهُ فِی مَجْلِسِهِ فَقَالَ یَا ابْنَ نُبَاتَةَ لَوْ كُشِفَ لَكُمْ لَرَأَیْتُمْ (1)أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ فِی هَذَا الظَّهْرِ حَلَقاً یَتَزَاوَرُونَ وَ یَتَحَدَّثُونَ إِنَّ فِی هَذَا الظَّهْرِ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ بِوَادِی (2)بَرَهُوتَ نَسَمَةَ كُلِّ كَافِرٍ.

«66»-وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ لِلْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ یَرَوْنَ آلَ مُحَمَّدٍ علیهم السلام فِی جِبَالِ رَضْوَی فَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ وَ تَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهِمْ وَ تُحَدِّثُ مَعَهُمْ فِی مَجَالِسِهِمْ حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ علیهم السلام فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ وَ أَقْبَلُوا مَعَهُ یُلَبُّونَ زُمَراً فَزُمَراً فَعِنْدَ ذَلِكَ یَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَ یَضْمَحِلُّ الْمُنْتَحِلُونَ وَ یَنْجُو الْمُقَرَّبُونَ.

«67»-وَ مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ وَ الْجِلَاءِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیُقَالُ لِرُوحِهِ وَ هُوَ یُغَسَّلُ أَ یَسُرُّكَ أَنْ تُرَدَّ إِلَی الْجَسَدِ الَّذِی كُنْتَ فِیهِ فَیَقُولُ مَا أَصْنَعُ بِالْبَلَاءِ وَ الْخُسْرَانِ وَ الْغَمِّ.

«68»-كا، الكافی بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَحْلَامَ لَمْ تَكُنْ فِی مَا مَضَی فِی أَوَّلِ الْخَلْقِ وَ إِنَّمَا حَدَثَتْ فَقُلْتُ وَ مَا الْعِلَّةُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ بَعَثَ رَسُولًا إِلَی أَهْلِ زَمَانِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَقَالُوا إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَا لَنَا مَا أَنْتَ بِأَكْثَرِنَا مَالًا وَ لَا بِأَعَزِّنَا عَشِیرَةً فَقَالَ إِنْ أَطَعْتُمُونِی أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ عَصَیْتُمُونِی أَدْخَلَكُمُ اللَّهُ النَّارَ فَقَالُوا وَ مَا الْجَنَّةُ وَ النَّارُ فَوَصَفَ لَهُمْ ذَلِكَ فَقَالُوا مَتَی نَصِیرُ إِلَی ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا مِتُّمْ فَقَالُوا لَقَدْ رَأَیْنَا أَمْوَاتَنَا صَارُوا عِظَاماً وَ رُفَاتاً فَازْدَادُوا لَهُ تَكْذِیباً وَ بِهِ اسْتِخْفَافاً فَأَحْدَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمُ الْأَحْلَامَ فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا وَ مَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ أَرَادَ أَنْ یَحْتَجَّ عَلَیْكُمْ بِهَذَا هَكَذَا تَكُونُ أَرْوَاحُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَ إِنْ بُلِیَتْ أَبْدَانُكُمْ تَصِیرُ الْأَرْوَاحُ إِلَی عِقَابٍ حَتَّی تُبْعَثَ الْأَبْدَانُ.

«69»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَةٍ حَتَّی إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَیِّعُ وَ رَجَعَ

ص: 243


1- فی المحتضر المطبوع ص 4: لألفیتم.
2- فی المحتضر المطبوع ص 4: و فی وادی.

الْمُتَفَجِّعُ أُقْعِدَ فِی حُفْرَتِهِ نَجِیّاً لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ وَ عَثْرَةِ الِامْتِحَانِ وَ أَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِیَّةً نُزُلُ الْحَمِیمِ وَ تَصْلِیَةُ الْجَحِیمِ وَ فَوْرَاتُ السَّعِیرِ لَا فَتْرَةٌ مُرِیحَةٌ وَ لَا دَعَةٌ مُزِیحَةٌ وَ لَا قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ وَ لَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ وَ لَا سِنَةٌ مُسَلِّیَةٌ بَیْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ وَ عَذَابِ السَّاعَاتِ (1)

بیان: بهته أخذه بغتة و بهت أی دهش و تحیّر و فورة الحرّ شدّته.

«70»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَةٍ وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ فِی غَمَرَاتِهِ وَ امْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ فَإِنَّ الْغَایَةَ الْقِیَامَةُ وَ كَفَی بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ وَ مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ وَ قَبْلَ بُلُوغِ الْغَایَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِیقِ الْأَرْمَاسِ وَ شِدَّةِ الْإِبْلَاسِ وَ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ رَوْعَاتِ الْفَزَعِ وَ اخْتِلَافِ الْأَضْلَاعِ وَ اسْتِكَاكِ الْأَسْمَاعِ وَ ظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَ خِیفَةِ الْوَعْدِ وَ غَمِّ الضَّرِیحِ وَ رَدْمِ الصَّفِیحِ.

بیان: الأرماس جمع الرمس و هو القبر و الإبلاس الیأس و الانكسار و الحزن و قال الجزری المطّلع مكان الاطّلاع من الموضع العالی و منه الحدیث لَافْتَدَیْتُ [بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ أی الموقف یوم القیامة أو ما یشرف علیه من أمر الآخرة عقیب الموت فشبّهه بالمطّلع الذی یشرف علیه من موضع عال و اختلاف الأضلاع كنایة عن ضغطة القبر إذ یحصل بسببها تداخل الأضلاع و اختلافها و الضریح الشق فی وسط القبر و اللحد فی الجانب و الصفیح الحجر و المراد بردمه هنا سدّ القبر به.

«71»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ لَمْ یَدْخُلْهُ وَحْشَةُ الْقَبْرِ.

ص: 244


1- الفترة: السكون، أی لا یفتر العذاب حتّی یستریح من الالم. و الدعة: الراحة و خفض العیش؛ و المزیح: المزیل، أی لا تكون له راحة تزیل ما أصابه من تعب العذاب و ألمه. و الحاجز: المانع. و الناجز: الحاضر، أی لا تكون له موتة حاضرة تذهب باحساسه عن الشعور بتلك الآلام. و السنة بالكسر و التخفیف: فتور یتقدم النوم. و المسلیة: المذهلة و الملهیة عن العذاب و الآلام. و أطوار الموتات: أنواعها و ألوانها، و كل نوبة من نوب العذاب كأنها موت لشدتها. أشار علیه السلام بهذه الجملات إلی شدة العذاب و الخلود فیه، كقوله تعالی: «إِنَّ الْمُجْرِمِینَ فِی عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ» و فی قوله: و لا موتة ناجزة، إشارة إلی عدم الفناء.

«72»-وَ رَوَی ابْنُ عَبَّاسٍ عَذَابُ الْقَبْرِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ثُلُثٌ لِلْغِیبَةِ وَ ثُلُثٌ لِلنَّمِیمَةِ وَ ثُلُثٌ لِلْبَوْلِ (1)

«73»-وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَی مَلَكَیْنِ یُقَالُ لَهُمَا نَاكِرٌ وَ نَكِیرٌ یَنْزِلَانِ عَلَی الْمَیِّتِ فَیَسْأَلَانِهِ عَنْ رَبِّهِ وَ نَبِیِّهِ وَ دِینِهِ وَ إِمَامِهِ فَإِنْ أَجَابَ بِالْحَقِّ سَلَّمُوهُ إِلَی مَلَائِكَةِ النَّعِیمِ وَ إِنْ أُرْتِجَ عَلَیْهِ (2)سَلَّمُوهُ إِلَی مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ.

«74»-سن، المحاسن أَبِی عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ الْمَیِّتَ مِنْكُمْ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ شَهِیدٌ قُلْتُ وَ إِنْ مَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ قَالَ وَ إِنْ مَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ حَیٌّ عِنْدَ رَبِّهِ یُرْزَقُ.

«75»-یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَإِذَا بَحْرٌ فِیهِ سُفُنٌ مِنْ فِضَّةٍ فَرَكِبَ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَوْضِعٍ فِیهِ خِیَامٌ مِنْ فِضَّةٍ فَدَخَلَهَا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ رَأَیْتَ الْخَیْمَةَ الَّتِی دَخَلْتُهَا أَوَّلًا فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ تِلْكَ خَیْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأُخْرَی خَیْمَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الثَّالِثَةُ خَیْمَةُ فَاطِمَةَ وَ الرَّابِعَةُ خَیْمَةُ خَدِیجَةَ وَ الْخَامِسَةُ خَیْمَةُ الْحَسَنِ وَ السَّادِسَةُ خَیْمَةُ الْحُسَیْنِ وَ السَّابِعَةُ خَیْمَةُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ الثَّامِنَةُ خَیْمَةُ أَبِی وَ التَّاسِعَةُ خَیْمَتِی وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَّا یَمُوتُ إِلَّا وَ لَهُ خَیْمَةٌ یَسْكُنُ فِیهَا.

«76»-تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، فِیمَا سَیَأْتِی فِی كِتَابِ الْقُرْآنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: وَ أَمَّا الرَّدُّ عَلَی مَنْ أَنْكَرَ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ فِی الدُّنْیَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْقِیَامَةِ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَوْمَ یَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَ سَعِیدٌ فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ شَهِیقٌ خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ الْآیَةَ وَ أَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا فَفِی الْجَنَّةِ خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا

ص: 245


1- أی لعدم التوقی من البول. و قد وردت روایات تدلّ علی النهی عن الاستحقار بالبول و عن عدم المبالاة باصابة البول الجسد، راجع أبواب التخلی من الكتاب و من الوسائل.
2- أی استغلق علیه الكلام.

ما شاءَ رَبُّكَ یَعْنِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ قَبْلَ الْقِیَامَةِ فَإِذَا كَانَتِ الْقِیَامَةُ بُدِّلَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ وَ هُوَ أَمْرٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ وَ هُوَ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ بَیْنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَی النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ وَ الْغُدُوُّ وَ الْعَشِیُّ لَا یَكُونَانِ فِی الْقِیَامَةِ الَّتِی هِیَ دَارُ الْخُلُودِ وَ إِنَّمَا یَكُونَانِ فِی الدُّنْیَا وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِیها بُكْرَةً وَ عَشِیًّا وَ الْبُكْرَةُ وَ الْعَشِیُّ إِنَّمَا یَكُونَانِ مِنَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فِی جَنَّةِ الْحَیَاةِ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لا یَرَوْنَ فِیها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِیراً وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْآیَةَ.

«77»-فس، تفسیر القمی فَیَوْمَئِذٍ لا یُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ قَالَ مِنْكُمْ یَعْنِی مِنَ الشِّیعَةِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ تَبَرَّأَ مِنْ أَعْدَائِهِ وَ أَحَلَّ حَلَالَهُ وَ حَرَّمَ حَرَامَهُ ثُمَّ دَخَلَ فِی الذُّنُوبِ وَ لَمْ یَتُبْ فِی الدُّنْیَا عُذِّبَ لَهَا (1)فِی الْبَرْزَخِ وَ یَخْرُجُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَیْسَ لَهُ ذَنْبٌ یُسْأَلُ عَنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

«78»-فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی الزُّهْرِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: تَوَجَّهْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (2)لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فَقُمْتُ قَائِماً عَلَی رِجْلِی فَاسْتَقْبَلْتُهُ فَضَرَبَ بِكَفِّهِ إِلَی كَفِّی فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِی أَصَابِعِی ثُمَّ قَالَ لِی یَا أَصْبَغَ بْنَ نُبَاتَةَ قُلْتُ لَبَّیْكَ وَ سَعْدَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ إِنَّ وَلِیَّنَا وَلِیُّ اللَّهِ فَإِذَا مَاتَ كَانَ فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی وَ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ نَهَرٍ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَحْلَی مِنَ الشَّهْدِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ إِنْ كَانَ مُذْنِباً قَالَ نَعَمْ أَ لَمْ تَقْرَأْ كِتَابَ اللَّهِ فَأُوْلئِكَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً.

«79»-لی، الأمالی للصدوق الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ

ص: 246


1- فی المصدر: علیها. م.
2- فی المصدر: توجهت نحو أمیر المؤمنین. م.

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ كَانَ وِلَادَةُ فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ علیه السلام وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَبَیْنَا هِیَ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ سُمْرٍ طِوَالٍ كَأَنَّهُنَّ مِنْ نِسَاءِ بَنِی هَاشِمٍ فَفَزِعَتْ مِنْهُنَّ لَمَّا رَأَتْهُنَّ فَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ لَا تَحْزَنِی یَا خَدِیجَةُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكِ إِلَیْكِ نَحْنُ أَخَوَاتُكِ أَنَا سَارَةُ وَ هَذِهِ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَ هِیَ رَفِیقَتُكِ فِی الْجَنَّةِ وَ هَذِهِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ هَذِهِ كُلْثُمُ (1)أُخْتُ مُوسَی بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَیْكِ لِنَلِیَ مِنْكِ مَا تَلِی النِّسَاءُ مِنَ النِّسَاءِ الْحَدِیثَ.

«80»-یر، بصائر الدرجات عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ عَنِ الْوَشَّاءِ قَالَ: قَالَ لِیَ الرِّضَا علیه السلام بِخُرَاسَانَ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَاهُنَا وَ الْتَزَمْتُهُ.

«81»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَقِیَ أَبَا بَكْرٍ فَاحْتَجَّ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَ مَا تَرْضَی بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنِی وَ بَیْنَكَ قَالَ وَ كَیْفَ لِی بِهِ فَأَخَذَ بِیَدِهِ وَ أَتَی مَسْجِدَ قُبَا فَإِذَنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ فَقَضَی عَلَی أَبِی بَكْرٍ فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ مَذْعُوراً فَلَقِیَ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ تَبّاً لَكَ أَ مَا عَلِمْتَ سِحْرَ بَنِی هَاشِمٍ.

«82»-ختص، الإختصاص عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالُ عَنِ اللُّؤْلُؤِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّیِّ عَنْ أَخِیهِ إِدْرِیسَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ بَیْنَا أَنَا وَ أَبِی مُتَوَجِّهَیْنِ إِلَی مَكَّةَ وَ أَبِی قَدْ تَقَدَّمَنِی فِی مَوْضِعٍ یُقَالُ لَهُ ضَجْنَانُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ یَجُرُّهَا فَأَقْبَلَ عَلَیَّ فَقَالَ اسْقِنِی اسْقِنِی فَصَاحَ بِی أَبِی لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ وَ فِی طَلَبِهِ رَجُلٌ یَتْبَعُهُ فَجَذَبَ سِلْسِلَتَهُ جَذْبَةً طَرَحَهُ بِهَا فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ.

«83»-ختص، الإختصاص ابْنُ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ

ص: 247


1- فی المصدر: كلثوم. م.

عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كُنْتُ مَعَ أَبِی بِعُسْفَانَ (1)فِی وَادٍ بِهَا أَوْ بِضَجْنَانَ فَنَفَرَتْ بَغْلَتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ وَ طَرَفُهَا فِی یَدِ آخَرَ یَجُرُّهُ فَقَالَ اسْقِنِی فَقَالَ الرَّجُلُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ فَقُلْتُ لِأَبِی مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا مُعَاوِیَةُ.

«84»-یر، بصائر الدرجات عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام حَدَّثَنِی عَبْدُ الْكَرِیمِ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عُبَیْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِیِّ (2)عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ أَبِی وَ هُوَ یُرِیدُ الْعُرَیْضَ (3)فَقَالَ فَلَقِیَهُ شَیْخٌ أَبْیَضُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ یَمْشِی قَالَ فَنَزَلَ إِلَیْهِ فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّهُ قَبَّلَ یَدَهُ ثُمَّ جَعَلَ یَقُولُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ الشَّیْخُ یُوصِیهِ (4)قَالَ وَ قَامَ أَبِی حَتَّی تَوَارَی الشَّیْخُ ثُمَّ رَكِبَ فَقُلْتُ یَا أَبَهْ مَنْ هَذَا الَّذِی صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ أَرَكَ صَنَعْتَهُ بِأَحَدٍ قَالَ هَذَا أَبِی یَا بُنَیَّ.

«85»-یر، بصائر الدرجات الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَأَطَلْتُ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ فَقَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ وَدِدْتُ وَ اللَّهِ فَقَالَ قُمْ وَ ادْخُلْ ذَلِكَ الْبَیْتَ فَدَخَلْتُ الْبَیْتَ فَإِذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَاعِدٌ.

«86»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ یَحْیَی ابْنِ أُمِّ الطَّوِیلِ قَالَ: صَحِبْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی مَكَّةَ وَ هُوَ عَلَی بَغْلَتِهِ وَ أَنَا عَلَی رَاحِلَةٍ فَجُزْنَا وَادِیَ ضَجْنَانَ فَإِذَا نَحْنُ

ص: 248


1- عسفان كعثمان: موضع علی مرحلتین من مكّة. و ضجنان كسكران: جبل قرب مكّة، و جبل آخر بالبادیة.
2- الموجود فی رجال الشیخ: عبید بن عبد اللّٰه بن بشر الخثعمیّ الكوفیّ، عده من أصحاب الصادق علیه السلام.
3- عریض كزبیر: واد بالمدینة به اموال لأهلها.
4- فی المصدر بعد ذلك: فكان فی آخر ما قال له: انظر لارتفع فلا ندعها قال: اه. م.

بِرَجُلٍ أَسْوَدَ فِی رَقَبَتِهِ سِلْسِلَةٌ وَ هُوَ یَقُولُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ اسْقِنِی فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا بِرَجُلٍ یَجْذِبُهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ فَحَرَّكْتُ رَاحِلَتِی وَ لَحِقْتُ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لِی أَیَّ شَیْ ءٍ رَأَیْتَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ لَعَنَهُ اللَّهُ.

«87»-عد، العقائد اعتقادنا فی النفوس أنها هی الأرواح التی بها الحیاة و أنها الخلق الأول

لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله إن أول ما أبدع اللّٰه سبحانه و تعالی هی النفوس.

مقدسة مطهرة فأنطقها بتوحیده ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه و اعتقادنا فیها أنها خلقت للبقاء و لم تخلق للفناء

لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء.

و إنما تنقلون من دار إلی دار و أنها فی الأرض غریبة و فی الأبدان مسجونة و اعتقادنا فیها أنها إذا فارقت الأبدان فهی باقیة منها منعمة و منها معذبة إلی أن یردها اللّٰه عز و جل بقدرته إلی أبدانها.

وَ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوَارِیِّینَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا یَصْعَدُ إِلَی السَّمَاءِ إِلَّا مَا نَزَلَ مِنْهَا وَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَا لَمْ یَرْفَعْ مِنْهَا إِلَی الْمَلَكُوتِ فَهِیَ تَهْوِی فِی الْهَاوِیَةِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَنَّةَ دَرَجَاتٌ وَ النَّارَ دَرَكَاتٌ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَیْهِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیكٍ مُقْتَدِرٍ وَ قَالَ تَعَالَی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ فَرِحِینَ إِلَی آخِرِهَا وَ قَالَ تَعَالَی وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ یُقْتَلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتٌ إِلَی آخِرِهَا وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ آخَی بَیْنَ الْأَرْوَاحِ فِی الْأَظِلَّةِ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ الْأَبْدَانَ بِأَلْفَیْ عَامٍ فَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ لَوُرِّثَ الْأَخُ الَّذِی آخَی بَیْنَهُمَا فِی الْأَظِلَّةِ وَ لَمْ یُوَرَّثِ الْأَخُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَتَلْتَقِی فِی الْهَوَاءِ فَتَعَارَفُ وَ تَسَاءَلُ فَإِذَا أَقْبَلَ رُوحٌ مِنَ

ص: 249

الْأَرْضِ قَالُوا دَعُوهُ (1)فَقَدْ أَفْلَتَ مِنْ هَوْلٍ عَظِیمٍ ثُمَّ سَأَلُوهُ مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَ مَا فَعَلَ فُلَانٌ فَكُلَّمَا قَالَ قَدْ بَقِیَ رَجَوْهُ أَنْ یَلْحَقَ بِهِمْ وَ كُلَّمَا قَالَ قَدْ مَاتَ قَالُوا هَوَی هَوَی وَ قَالَ تَعَالَی وَ مَنْ یَحْلِلْ عَلَیْهِ غَضَبِی فَقَدْ هَوی وَ قَالَ تَعَالَی وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُمُّهُ هاوِیَةٌ وَ ما أَدْراكَ ما هِیَهْ نارٌ حامِیَةٌ وَ مَثَلُ الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْبَحْرِ وَ الْمَلَّاحِ وَ السَّفِینَةِ.

وَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ إِنَّ الدُّنْیَا بَحْرٌ عَمِیقٌ وَ قَدْ هَلَكَ فِیهَا عَالَمٌ كَثِیرٌ فَاجْعَلْ سَفِینَتَكَ فِیهَا الْإِیمَانَ بِاللَّهِ وَ اجْعَلْ زَادَكَ فِیهَا تَقْوَی اللَّهِ وَ اجْعَلْ شِرَاعَهَا التَّوَكُّلَ عَلَی اللَّهِ فَإِنْ نَجَوْتَ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ هَلَكْتَ فَبِذُنُوبِكَ (2)وَ أَشَدُّ سَاعَاتِهِ (3)یَوْمَ یُولَدُ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ (4)وَ لَقَدْ سَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی یَحْیَی فِی هَذِهِ السَّاعَاتِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ (5)عِیسَی عَلَی نَفْسِهِ فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا وَ الِاعْتِقَادُ فِی الرُّوحِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ جِنْسِ الْبَدَنِ وَ أَنَّهُ خَلْقٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَی ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ وَ اعْتِقَادُنَا فِی الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام أَنَّ فِیهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْمَدْرَجِ وَ فِی الْمُؤْمِنِینَ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِیمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْمَدْرَجِ وَ فِی الْكَافِرِینَ وَ الْبَهَائِمِ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْمَدْرَجِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَی وَ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی فَإِنَّهُ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَ (6)الْأَئِمَّةِ وَ هُوَ مِنَ الْمَلَكُوتِ (7).

ص: 250


1- فی المصدر: فقالت الأرواح دعوه.
2- فی المصدر: فبذنوبك لا من اللّٰه.
3- فی المصدر: و أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات اه.
4- فی المصدر: یبعث حیا.
5- فی المصدر: و قد سلم فیها.
6- فی المصدر: و مع الملائكة و مع الأئمّة.
7- قال الصدوق بعد هذه الكلمات: و انا اصنف فی هذا المعنی كتابا اشرع فیه معانی هذه الجمل.

أقول قال الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی شرح هذا الكلام كلام أبی جعفر فی النفس و الروح لیس علی مذهب التحقیق فلو اقتصر علی الأخبار و لم یتعاط ذكر معانیها كان أسلم له من الدخول فی باب یضیق عنه سلوكه ثم قال رحمه اللّٰه النفس عبارة عن معان أحدها ذات الشی ء و الآخر الدم السائل و الآخر النفس الذی هو الهواء و الرابع هو الهوی و میل الطبع فأما شاهد المعنی الأول فهو قولهم هذا نفس الشی ء أی ذاته و عینه و شاهد الثانی قولهم كلما كانت النفس سائلة فحكمه كذا و كذا و شاهد الثالث قولهم فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه و لم یبق فی جسمه هواء یخرج من حواسه و شاهد الرابع قول اللّٰه تعالی إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ یعنی الهوی داع إلی القبیح و قد یعبر بالنفس عن النقمة قال اللّٰه وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ یرید به نقمته و عقابه (1)و أما الروح فعبارة عن معان أحدها الحیاة و الثانی القرآن و الثالث ملك من ملائكة اللّٰه و الرابع جبرئیل علیه السلام فشاهد الأول قولهم كل ذی روح فحكمه كذا یریدون كل ذی حیاة و قولهم فیمن مات قد خرجت منه الروح یعنون الحیاة و شاهد الثانی قوله تعالی وَ كَذلِكَ أَوْحَیْنا إِلَیْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا یعنی القرآن و شاهد الثالث قوله یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ و شاهد الرابع قوله

ص: 251


1- و للنفس معنی آخر یستعمل كثیرا فی الكتاب و السنة كقوله تعالی: «لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، و یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً» و قوله: «وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها» و قوله: «وَ نَهَی النَّفْسَ عَنِ الْهَوی و كقول علیّ علیه السلام: من عرف نفسه فقد عرف ربّه. كما ان للروح معنی آخر كقوله تعالی: «یَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی» و قوله: «فَنَفَخْنا فِیها مِنْ رُوحِنا» و قوله: «وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی»* و هو الذی یسمی بالنفس الناطقة و الروح الانسانی و هو جوهر مجرد مدرك للكلیات و المعقولات و مبدأ لجمیع الافاعیل الصادرة عن الإنسان، لیس داخل العالم الجسمانی و لا خارجه، و لا متصل به و لا منفصل عنه، لكنه متعلق بالبدن تعلق التدبیر و التصرف، و هو الذی یشیر الإنسان إلیه بقوله: «انا» و علی هذا المعنی استقر رأی الفلاسفة الإسلامیة و الحكماء الالهیین، و أكثر المتكلّمین من المذهب الإسلامیة و سیجی ء منه ایعاز الی ذلك، و اشارة الی تجرده.

تعالی قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ یعنی جبرئیل علیه السلام فأما ما ذكره أبو جعفر و رواه أن الأرواح مخلوقة قبل الأجسام بألفی عام فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف فهو حدیث من أحادیث الآحاد و خبر من طرق الأفراد و له وجه غیر ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشیاء و هو أن اللّٰه تعالی خلق الملائكة علیهم السلام قبل البشر بألفی عام فما تعارف منها قبل خلق البشر ائتلف عند خلق البشر و ما لم یتعارف منها إذ ذاك اختلف بعد خلق البشر و لیس الأمر كما ظنه أصحاب التناسخ و دخلت الشبهة فیه علی حشویة الشیعة فتوهموا أن الذوات الفعالة المأمورة المنهیة كانت مخلوقة فی الذر و تتعارف و تعقل و تفهم و تنطق ثم خلق اللّٰه لها أجسادا من بعد ذلك فركبها فیها و لو كان ذلك كذلك لكنا نعرف ما كنا علیه و إذا ذكرنا به ذكرناه و لا یخفی علینا الحال فیه أ لا تری أن من نشأ ببلد من البلاد فأقام فیها حولا ثم انتقل إلی غیره لم یذهب عنه علم ذلك و إن خفی علیه لسهوه عنه فذكر به ذكره و لو لا أن الأمر كذلك لجاز أن یولد إنسان منا ببغداد و ینشأ بها و یقیم عشرین سنة فیها ثم ینتقل منها إلی مصر آخر فینسی حاله ببغداد و لا یذكر منها شیئا و إن ذكر به و عدد علیه علامات حاله و مكانه و نشوه و هذا ما لا یذهب إلیه عاقل.

و الذی صرح به أبو جعفر فی معنی الروح و النفس هو قول التناسخیة بعینه من غیر أن یعلم أنه قولهم فالجنایة بذلك علی نفسه و غیره عظیمة.

و أما ما ذكره من أن الأنفس باقیة فعبارة مذمومة و لفظ یضاد ألفاظ القرآن قال اللّٰه تعالی كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ وَ یَبْقی وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ و الذی حكاه من ذلك و توهمه هو مذهب كثیر من الفلاسفة الملحدین الذین زعموا أن الأنفس لا یلحقها الكون و الفساد و أنها باقیة و إنما تفنی و تفسد الأجسام المركبة و إلی هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ و زعموا أن الأنفس لم تزل تتكرر فی الصور و الهیاكل لم تحدث و لم تفن و لم تعدم و أنها باقیة غیر فانیة و هذا من أخبث قول و أبعده من الصواب و شنع به الناصبة علی الشیعة و نسبوهم به إلی الزندقة و لو عرف مثبته ما فیه لما تعرض له لكن أصحابنا المتعلقین بالأخبار أصحاب سلامة و بعد ذهن و قلة فطنة یمرون علی

ص: 252

وجوههم فیما سمعوه من الأحادیث و لا ینظرون فی سندها و لا یفرقون بین حقها و باطلها و لا یفهمون ما یدخل علیهم فی إثباتها و لا یحصلون معانی ما یطلقونه منها و الذی ثبت من الحدیث فی هذا الباب أن الأرواح بعد موت الأجساد علی ضربین منها ما ینقل إلی الثواب و العقاب و منها ما یبطل فلا یشعر بثواب و لا عقاب.

و قد روی عن الصادق علیه السلام ما ذكرناه فی هذا المعنی و بیناه

- فَسُئِلَ عَمَّنْ مَاتَ فِی هَذِهِ الدَّارِ أَیْنَ تَكُونُ رُوحُهُ فَقَالَ مَنْ مَاتَ وَ هُوَ مَاحِضٌ لِلْإِیمَانِ مَحْضاً أَوْ مَاحِضٌ لِلْكُفْرِ مَحْضاً نُقِلَتْ رُوحُهُ مِنْ هَیْكَلِهِ إِلَی مِثْلِهِ فِی الصُّورَةِ وَ جُوزِیَ بِأَعْمَالِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ مَنْ فِی الْقُبُورِ أَنْشَأَ جِسْمَهُ وَ رَدَّ رُوحَهُ إِلَی جَسَدِهِ وَ حَشَرَهُ لِیُوَفِّیَهُ أَعْمَالَهُ فَالْمُؤْمِنُ یَنْتَقِلُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ إِلَی مِثْلِ جَسَدِهِ فِی الصُّورَةِ فَیُجْعَلُ فِی جَنَّاتٍ مِنْ جِنَانِ الدُّنْیَا یَتَنَعَّمُ فِیهَا إِلَی یَوْمِ الْمَآبِ وَ الْكَافِرُ یَنْتَقِلُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ إِلَی مِثْلِهِ بِعَیْنِهِ وَ یُجْعَلُ فِی نَارٍ فَیُعَذَّبُ بِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

و شاهد ذلك فی المؤمن قوله تعالی قِیلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِی رَبِّی و شاهد ما ذكرناه فی الكافر قوله تعالی النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا فأخبر سبحانه أن مؤمنا قال بعد موته و قد أدخل الجنة یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ و أخبر أن كافرا یعذب بعد موته غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ یخلد فی النار و الضرب الآخر من یلهی عنه و یعدم نفسه عند فساد جسمه فلا یشعر بشی ء حتی یبعث و هو من لم یمحض الإیمان محضا و لا الكفر محضا و قد بین اللّٰه تعالی ذلك عند قوله إِذْ یَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِیقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا یَوْماً فبین أن قوما عند الحشر لا یعلمون مقدار لبثهم فی القبور حتی یظن بعضهم أن ذلك كان عشرا أو یظن بعضهم أن ذلك كان یوما و لیس یجوز أن یكون ذلك من وصف من عذب إلی بعثه و نعم إلی بعثه لأن من لم یزل منعما أو معذبا لا یجهل علیه حاله فیما عومل به و لا یلتبس علیه الأمر فی بقائه بعد وفاته.

وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا یُسْأَلُ فِی قَبْرِهِ مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً فَأَمَّا مَا سِوَی هَذَیْنِ فَإِنَّهُ یُلْهَی عَنْهُ وَ قَالَ فِی الرَّجْعَةِ

ص: 253

إِنَّمَا یَرْجِعُ إِلَی الدُّنْیَا عِنْدَ قِیَامِ الْقَائِمِ علیه السلام مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً فَأَمَّا مَا سِوَی هَذَیْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ إِلَی یَوْمِ الْمَآبِ.

و قد اختلف أصحابنا فیمن ینعم و یعذب بعد موته فقال بعضهم المنعم و المعذب هو الروح التی توجه إلیها الأمر و النهی و التكلیف و سموها جوهرا و قال آخرون بل الروح الحیاة جعلت فی جسد كجسده فی دار الدنیا و كلا الأمرین یجوزان فی العقل و الأظهر عندی قول من قال إنها الجوهر المخاطب و هو الذی تسمیه الفلاسفة البسیط و قد جاء فی الحدیث أن الأنبیاء صلوات اللّٰه علیهم خاصة و الأئمة علیهم السلام من بعدهم ینقلون بأجسادهم و أرواحهم من الأرض إلی السماء فینعمون فی أجسادهم التی كانوا فیها عند مقامهم فی الدنیا و هذا خاص بحجج اللّٰه دون من سواهم من الناس.

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّی عَلَیَّ عِنْدَ قَبْرِی سَمِعْتُهُ وَ مَنْ صَلَّی عَلَیَّ مِنْ بَعِیدٍ بُلِّغْتُهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَلَّی عَلَیَّ مَرَّةً صَلَّیْتُ عَلَیْهِ عَشْراً وَ مَنْ صَلَّی عَلَیَّ عَشْراً صَلَّیْتُ عَلَیْهِ مِائَةً فَلْیُكْثِرِ امْرُؤٌ مِنْكُمُ الصَّلَاةَ عَلَیَّ أَوْ فَلْیُقِلَّ.

فبین أنه صلی اللّٰه علیه و آله بعد خروجه من الدنیا یسمع الصلاة علیه و لا یكون كذلك إلا و هو حی عند اللّٰه تعالی و كذلك أئمة الهدی صلوات اللّٰه علیهم یسمعون سلام المسلم علیهم من قرب و یبلغهم سلامه من بعد و بذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم و قد قال اللّٰه تعالی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ الآیة.

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ وَقَفَ عَلَی قَلِیبِ (1)بَدْرٍ فَقَالَ لِلْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ قُتِلُوا یَوْمَئِذٍ وَ قَدْ أُلْقُوا فِی الْقَلِیبِ لَقَدْ كُنْتُمْ جِیرَانَ سَوْءٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْرَجْتُمُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَ طَرَدْتُمُوهُ ثُمَّ اجْتَمَعْتُمْ عَلَیْهِ فَحَارَبْتُمُوهُ فَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً (2)فَقَالَ لَهُ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خِطَابُكَ لِهَامٍ قَدْ صَدِیَتْ (3)فَقَالَ لَهُ مَهْ یَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَ اللَّهِ

ص: 254


1- القلیب: البئر.
2- فی شرح العقائد المطبوع هنا زیادة و هی: فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا.
3- الهام جمع الهامة: رأس كل شی ء. رئیس القوم و سیدهم. جماعة الناس، و تطلق علی الجثة أیضا. صدیت أی ماتت.

مَا أَنْتَ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَ مَا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ أَنْ تَأْخُذَهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِمَقَامِعِ الْحَدِیدِ (1)إِلَّا أَنْ أُعْرِضَ بِوَجْهِی هَكَذَا عَنْهُمْ.

وَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ رَكِبَ بَعْدَ انْفِصَالِ الْأَمْرِ مِنْ حَرْبِ الْبَصْرَةِ فَصَارَ یَتَخَلَّلُ بَیْنَ الصُّفُوفِ حَتَّی مَرَّ عَلَی كَعْبِ بْنِ سَوْرَةَ وَ كَانَ هَذَا قَاضِیَ الْبَصْرَةِ وَلَّاهُ إِیَّاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَقَامَ بِهَا قَاضِیاً بَیْنَ أَهْلِهَا زَمَنَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِالْبَصْرَةِ عَلَّقَ فِی عُنُقِهِ مُصْحَفاً وَ خَرَجَ بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ یُقَاتِلُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُتِلُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَوَقَفَ عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ صَرِیعٌ بَیْنَ الْقَتْلَی فَقَالَ أَجْلِسُوا كَعْبَ بْنَ سَوْرَةَ فَأُجْلِسَ بَیْنَ نَفْسَیْنِ فَقَالَ یَا كَعْبَ بْنَ سُورَةَ قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا كَعْباً وَ سَارَ قَلِیلًا فَمَرَّ بِطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَرِیعاً فَقَالَ أَجْلِسُوا طَلْحَةَ فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ یَا طَلْحَةُ قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا طَلْحَةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا كَلَامُكَ لِقَتِیلَیْنِ لَا یَسْمَعَانِ مِنْكَ فَقَالَ یَا رَجُلُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعَا كَلَامِی كَمَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَلِیبِ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

و هذا من الأخبار الدالة علی أن بعض من یموت ترد إلیه روحه لتنعیمه أو لتعذیبه و لیس ذلك بعام فی كل من یموت بل هو علی ما بیناه انتهی كلامه رحمه اللّٰه.

و أقول أما تشنیعه علی الصدوق رحمه اللّٰه بالقول بسبق الأرواح فسیأتی فی كتاب السماء و العالم أخبار مستفیضة فی ذلك و لا استبعاد فیه و لم یقم برهان تام علی نفیه و ما ذكره من أنه لا بد أن یذكر الإنسان تلك الحالة فغیر مسلم مع بعد العهد و تخلل حالة الجنینیة و الطفولیة و غیرهما بینهما و لا استبعاد فی أن ینسیه اللّٰه تعالی ذلك لكثیر من المصالح مع أنا لا نذكر أكثر أحوال الطفولیة فأی استبعاد فی نسیان ما قبلها و أما القول ببقاء الأرواح فقد قال رحمه اللّٰه به فی بعضها فأی استبعاد فی القول بذلك فی جمیعها و ما ذكره من الأخبار لا یدل علی فناء الأرواح الملهو عنهم بل علی

ص: 255


1- فی نسخة: بمقامع من حدید. و المقامع جمع المقمعة، و هی خشبة أو حدیدة یضرب بها الإنسان لیذل.

عدم إثابتها و تعذیبها و إن كان الطعن علی الصدوق فی أنه یتضمن كلامه أنه لا یفنی اللّٰه الأرواح فی وقت من الأوقات فلیس كلامه مصرحا بذلك مع أن فی إفنائها أیضا كلاما سیأتی فی موضعه.

«88»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ الْقُمِّیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُطَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ یَعْلَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ النَّهْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِیِّ (1)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ (2)عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ زِیَارَةِ الْقُبُورِ قَالَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ فَزُرْهُمْ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِی ضِیقٍ وُسِّعَ عَلَیْهِ مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ یَعْلَمُونَ بِمَنْ أَتَاهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ كَانُوا سُدًی قُلْتُ فَیَعْلَمُونَ بِمَنْ أَتَاهُمْ فَیَفْرَحُونَ بِهِ قَالَ نَعَمْ وَ یَسْتَوْحِشُونَ لَهُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْهُمْ.

بیان: السدی بالضم و یفتح المهمل و لعل المعنی أنهم یوم الجمعة بعد طلوع الشمس أیضا مهملون غیر معذبین أو المعنی أنه یوسع علیهم فی یوم الجمعة أو الزیارة فی یوم الجمعة تصیر سببا لذلك و قوله ما بین طلوع الفجر استئناف كلام أی فی كل یوم یطلعون علی زوارهم فی ذلك الوقت لأنهم فی القبور فإذا طلعت الشمس یرخص لهم فیخرجون من قبورهم.

«89»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَزُورُ أَهْلَهُ فَیَرَی مَا یُحِبُّ وَ یُسْتَرُ عَنْهُ مَا یَكْرَهُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَیَزُورُ أَهْلَهُ فَیَرَی مَا یَكْرَهُ وَ یُسْتَرُ عَنْهُ مَا یُحِبُّ قَالَ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَزُورُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَزُورُ عَلَی قَدْرِ عَمَلِهِ.

ص: 256


1- قال النجاشیّ: ربیع بن محمّد بن عمر بن حسان الأصمّ المسلی- و مسلیة قبیلة من مذحج و هی مسلیة بن عامر بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن ادد- روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ذكره أصحاب الرجال فی كتبهم، له كتاب یرویه جماعة اه. قال الفیروزآبادی فی القاموس: مسلیة كمحسنة أبو بطن.
2- لعله عبد اللّٰه بن سلیمان العامری الكوفیّ المذكور فی رجال الشیخ فی أصحاب الصادق علیه السلام، راجع جامع الروات ج 1 ص 486.

«90»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَ لَا كَافِرٍ إِلَّا وَ هُوَ یَأْتِی أَهْلَهُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَإِذَا رَأَی أَهْلَهُ یَعْمَلُونَ بِالصَّالِحَاتِ حَمِدَ اللَّهَ عَلَی ذَلِكَ وَ إِذَا رَأَی الْكَافِرُ أَهْلَهُ یَعْمَلُونَ بِالصَّالِحَاتِ كَانَتْ عَلَیْهِ حَسْرَةً.

«91»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَیِّتِ یَزُورُ أَهْلَهُ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ فِی كَمْ یَزُورُ قَالَ فِی الْجُمُعَةِ وَ فِی الشَّهْرِ وَ فِی السَّنَةِ عَلَی قَدْرِ مَنْزِلَتِهِ فَقُلْتُ فِی أَیِّ صُورَةٍ یَأْتِیهِمْ قَالَ فِی صُورَةِ طَائِرٍ لَطِیفٍ یَسْقُطُ عَلَی جُدُرِهِمْ وَ یُشْرِفُ عَلَیْهِمْ فَإِنْ رَآهُمْ بِخَیْرٍ فَرِحَ وَ إِنْ رَآهُمْ بِشَرٍّ وَ حَاجَةٍ وَ حُزْنٍ اغْتَمَّ.

«92»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ دُرُسْتَ الْوَاسِطِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ الْمُؤْمِنُ یَزُورُ أَهْلَهُ فَقَالَ نَعَمْ یَسْتَأْذِنُ رَبَّهُ فَیَأْذَنُ لَهُ فَیَبْعَثُ مَعَهُ مَلَكَیْنِ فَیَأْتِیهِمْ فِی بَعْضِ صُوَرِ الطَّیْرِ یَقَعُ فِی دَارِهِ یَنْظُرُ إِلَیْهِمْ وَ یَسْمَعُ كَلَامَهُمْ.

«93»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام یَزُورُ الْمُؤْمِنُ أَهْلَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ فِی كَمْ قَالَ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ یَزُورُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَزُورُ فِی كُلِّ یَوْمَیْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَزُورُ فِی كُلِّ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ قَالَ ثُمَّ رَأَیْتُ فِی مَجْرَی كَلَامِهِ یَقُولُ (1)أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً یَزُورُ كُلَّ جُمُعَةٍ قَالَ قُلْتُ فِی أَیِّ سَاعَةٍ قَالَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ فِی أَیِّ صُورَةٍ قَالَ فِی صُورَةِ الْعُصْفُورِ أَوْ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ یَبْعَثُ (2)اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَهُ مَلَكاً فَیُرِیهِ مَا یَسُرُّهُ وَ یَسْتُرُ عَنْهُ مَا یَكْرَهُ فَیَرَی مَا یَسُرُّهُ وَ یَرْجِعُ إِلَی قُرَّةِ عَیْنٍ.

ص: 257


1- فی المصدر: انه یقول.
2- فی المصدر: فیبعث اللّٰه.

أَقُولُ رَوَی السَّیِّدُ فِی سَعْدِ السُّعُودِ، مِنْ كِتَابِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ الْمَوْصِلِیِّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ قَالَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام فِی دَارِ أَبِیهِ فَتَحَوَّلَ مِنْهَا بِعِیَالِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ تَحَوَّلْتَ مِنْ دَارِ أَبِیكَ فَقَالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ أَنْ أُوَسِّعَ عَلَی عِیَالِ أَبِی إِنَّهُمْ كَانُوا فِی ضِیقٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُوَسِّعَ عَلَیْهِمْ حَتَّی یَعْلَمَ أَنِّی وَسَّعْتُ عَلَی عِیَالِهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا لِلْإِمَامِ خَاصَّةً أَوْ لِلْمُؤْمِنِینَ قَالَ هَذَا لِلْإِمَامِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ هُوَ یُلِمُّ (1)بِأَهْلِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ فَإِنْ رَأَی خَیْراً حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ رَأَی غَیْرَ ذَلِكَ اسْتَغْفَرَ وَ اسْتَرْجَعَ.

«94»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ بَشِیرٍ الدَّهَّانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا حُمِلَ عَدُوُّ اللَّهِ إِلَی قَبْرِهِ نَادَی حَمَلَتَهُ أَ لَا تَسْمَعُونَ یَا إِخْوَتَاهْ أَنِّی أَشْكُو إِلَیْكُمْ مَا وَقَعَ فِیهِ أَخُوكُمُ الشَّقِیُّ أَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ (2)خَدَعَنِی فَأَوْرَدَنِی ثُمَّ لَمْ یُصْدِرْنِی وَ أَقْسَمَ لِی أَنَّهُ نَاصِحٌ لِی فَغَشَّنِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ دُنْیَا غَرَّتْنِی حَتَّی إِذَا اطْمَأْنَنْتُ إِلَیْهَا صَرَعَتْنِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ أَخِلَّاءَ الْهَوَی مَنَّوْنِی (3)ثُمَّ تَبَرَّءُوا مِنِّی وَ خَذَلُونِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ أَوْلَاداً حَمَیْتُ عَنْهُمْ وَ آثَرْتُهُمْ عَلَی نَفْسِی فَأَكَلُوا مَالِی وَ أَسْلَمُونِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ مَالًا مَنَعْتُ فِیهِ (4)حَقَّ اللَّهِ فَكَانَ وَبَالُهُ عَلَیَّ وَ كَانَ نَفْعُهُ لِغَیْرِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ دَاراً أَنْفَقْتُ عَلَیْهَا حَرِیبَتِی وَ صَارَ سُكَّانُهَا غَیْرِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ طُولَ الثَّوَی (5)فِی قَبْرِی یُنَادِی أَنَا بَیْتُ الدُّودِ أَنَا بَیْتُ الظُّلْمَةِ وَ الْوَحْشَةِ وَ الضَّیْقِ یَا إِخْوَتَاهْ فَاحْبِسُونِی مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ احْذَرُوا مِثْلَ مَا لَقِیتُ فَإِنِّی قَدْ بُشِّرْتُ بِالنَّارِ وَ الذُّلِّ وَ الصَّغَارِ وَ غَضَبِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ وَا حَسْرَتَاهْ عَلَی مَا فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللَّهِ (6)وَ یَا طُولَ

ص: 258


1- ألم بفلان: أتاه فنزل به.
2- أراد الشیطان.
3- أی ابتلونی.
4- فی المصدر: منعت منه خ ل ضیعت فیه.
5- الصحیح كما فی الكافی الثواء بالمد، و هو الإقامة.
6- أی فی طاعة اللّٰه.

عَوْلَتَاهْ (1)فَمَا لِی مِنْ شَفِیعٍ یُطاعُ وَ لَا صَدِیقٍ یَرْحَمُنِی فَ لَوْ أَنَّ لِی كَرَّةً (2)فَأَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ.

«95»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ فَمَا یَفْتُرُ (3)یُنَادِی حَتَّی یُدْخَلَ قَبْرَهُ فَإِذَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ رُدَّتِ الرُّوحُ فِی جَسَدِهِ وَ جَاءَ مَلَكَا الْقَبْرِ فَامْتَحَنَاهُ قَالَ وَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَبْكِی إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِیثَ.

«96»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَا نَدْرِی كَیْفَ نَصْنَعُ بِالنَّاسِ إِنْ حَدَّثْنَاهُمْ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَحِكُوا وَ إِنْ سَكَتْنَا لَمْ یَسَعْنَا قَالَ فَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ (4)حَدِّثْنَا فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ عَدُوُّ اللَّهِ إِذَا حُمِلَ عَلَی سَرِیرِهِ قَالَ فَقُلْنَا لَا قَالَ فَإِنَّهُ یَقُولُ لِحَمَلَتِهِ أَ لَا تَسْمَعُونَ أَنِّی أَشْكُو إِلَیْكُمْ عَدُوَّ اللَّهِ خَدَعَنِی وَ أَوْرَدَنِی ثُمَّ لَمْ یُصْدِرْنِی وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ إِخْوَاناً وَاخَیْتُهُمْ فَخَذَلُونِی (5)وَ أَشْكُو إِلَیْكُمْ دَاراً أَنْفَقْتُ فِیهَا حَرِیبَتِی فَصَارَ سُكَّانُهَا غَیْرِی فَارْفُقُوا بِی وَ لَا تَسْتَعْجِلُوا قَالَ ضَمْرَةُ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنْ كَانَ هَذَا یَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ یُوشِكُ أَنْ یَثِبَ عَلَی أَعْنَاقِ الَّذِینَ یَحْمِلُونَهُ قَالَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ ضَمْرَةُ هَزِئَ مِنْ حَدِیثِ رَسُولِكَ فَخُذْهُ أَخْذَ أَسَفٍ قَالَ فَمَكَثَ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ مَاتَ فَحَضَرَهُ مَوْلًی لَهُ قَالَ فَلَمَّا دُفِنَ أَتَی عَلِیَّ بْنَ

ص: 259


1- العولة و العویل: رفع الصوت بالبكاء و فی المصدر: عویلاه خ ل.
2- الكرة: الرجوع إلی الدنیا.
3- أی لا یسكن و لا ینقطع.
4- فی الكافی و المرآة المطبوعین: ضمرة بن معید سعید خ ل و لعله هو ضمرة بن سعید بن أبی حنة المترجم فی تقریب التهذیب بقوله: ضمرة بن سعید بن أبی حنة- بمهملة ثمّ نون، و قیل: موحدة- الأنصاریّ المدنیّ ثقة من الرابعة.
5- فی الكافی المطبوع هنا زیادة و هی هذه: و أشكو إلیكم أولادا حامیت علیهم عنهم خ ل فخذلونی.

الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَجَلَسَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ یَا فُلَانُ قَالَ مِنْ جِنَازَةِ ضَمْرَةَ فَوَضَعْتُ وَجْهِی عَلَیْهِ حِینَ سُوِّیَ عَلَیْهِ فَسَمِعْتُ صَوْتَهُ وَ اللَّهِ أَعْرِفُهُ كَمَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ وَ هُوَ حَیٌّ وَ هُوَ یَقُولُ وَیْلَكَ یَا ضَمْرَةَ بْنَ مَعْبَدٍ الْیَوْمَ خَذَلَكَ كُلُّ خَلِیلٍ وَ صَارَ مَصِیرُكَ إِلَی الْجَحِیمِ فِیهَا مَسْكَنُكَ وَ مَبِیتُكَ وَ الْمَقِیلُ قَالَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِیَةَ هَذَا جَزَاءُ مَنْ یَهْزَأُ مِنْ حَدِیثِ رَسُولِ اللَّهِ.

توضیح حریبة الرجل ماله الذی یعیش به.

«97»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا یُسْأَلُ فِی الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً وَ الْآخَرُونَ یُلْهَوْنَ عَنْهُمْ (1)

«98»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا یُسْأَلُ فِی قَبْرِهِ مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ وَ الْكُفْرَ مَحْضاً وَ أَمَّا مَا سِوَی ذَلِكَ فَیُلْهَی عَنْهُ.

«99»-كا، الكافی أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مِثْلَهُ (2)

«100»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا یُسْأَلُ فِی الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً.

بیان: من محض بفتح المیم اسم موصول و بكسر المیم حرف جر و قراءة محض مصدرا لیكون المعنی أنه لا یسأل عن الأعمال بل عن العقائد تصحیف یأباه صریح الأخبار بل المعنی أنه لا یسأل عن المستضعفین المتوسطین بین الإیمان و الكفر.

«101»-كا، الكافی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُسْأَلُ وَ هُوَ مَضْغُوطٌ.

ص: 260


1- لیس اللّٰهو علی معناه الحقیقی، بل هو كنایة عن عدم التعرض لهم بسؤال أو ثواب و عقاب.
2- فی هامش الكافی المطبوع: هذا الحدیث لم یوجد فی كثیر من النسخ.

بیان: لعل المعنی أن الضغطة و السؤال متلازمان فكل من لا یضغط لا یسأل و بالعكس أو یسأل فی حالة الضغطة و یحتمل أن یكون الغرض إثبات الحالتین حسب.

«102»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَ یُفْلِتُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ أَحَدٌ قَالَ فَقَالَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا مَا أَقَلَّ مَنْ یُفْلِتُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ (1)إِنَّ رُقَیَّةَ لَمَّا قَتَلَهَا عُثْمَانُ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَبْرِهَا فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَدَمَعَتْ عَیْنَاهُ وَ قَالَ لِلنَّاسِ إِنِّی ذَكَرْتُ هَذِهِ وَ مَا لَقِیَتْ فَرَقَقْتُ لَهَا وَ اسْتَوْهَبْتُهَا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ قَالَ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَبْ لِی رُقَیَّةَ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ فَوَهَبَهَا اللَّهُ لَهُ قَالَ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ فِی جِنَازَةِ سَعْدٍ وَ قَدْ شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ مِثْلُ سَعْدٍ یُضَمُّ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا نُحَدَّثُ أَنَّهُ كَانَ یَسْتَخِفُّ بِالْبَوْلِ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ زَعَارَّةٍ (2)فِی خُلُقِهِ عَلَی أَهْلِهِ قَالَ فَقَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ هَنِیئاً لَكَ یَا سَعْدُ قَالَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَعْدٍ لَا تَحْتِمِی عَلَی اللَّهِ (3)

«103»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَشِیرٍ الدَّهَّانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَجِی ءُ الْمَلَكَانِ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ إِلَی الْمَیِّتِ حِینَ یُدْفَنُ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ یَخُطَّانِ الْأَرْضَ (4)بِأَنْیَابِهِمَا وَ یَطَئَانِ فِی شُعُورِهِمَا فَیَسْأَلَانِ الْمَیِّتَ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ قَالَ فَإِذَا كَانَ مُؤْمِناً قَالَ اللَّهُ رَبِّی وَ دِینِیَ الْإِسْلَامُ فَیَقُولَانِ لَهُ مَا تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی خَرَجَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ فَیَقُولُ أَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَسْأَلَانِی فَیَقُولَانِ لَهُ تَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَیَقُولَانِ لَهُ نَمْ نَوْمَةً لَا حُلُمَ فِیهَا وَ یُفْسَحُ لَهُ فِی قَبْرِهِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَرَی مَقْعَدَهُ فِیهَا وَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ كَافِراً دَخَلَا عَلَیْهِ وَ أُقِیمَ الشَّیْطَانُ بَیْنَ یَدَیْهِ عَیْنَاهُ مِنْ

ص: 261


1- فی الكافی المطبوع: من ضمة القبر، و كذا فیما بعده. و هو أیضا بمعنی الضغطة.
2- الزعارة بتخفیف الراء و تشدیدها: سوء الخلق.
3- أی لا توجبی علی اللّٰه؛ من حتم الشی ء علیه: أوجبه.
4- من یخط القبر أی یحفره. و فی الكافی المطبوع: یخدان الأرض، أی یشقان الأرض.

نُحَاسٍ فَیَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَا دِینُكَ وَ مَا تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی قَدْ خَرَجَ مِنْ بَیْنِ ظَهْرَانَیْكُمْ فَیَقُولُ لَا أَدْرِی فَیُخَلِّیَانِ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الشَّیْطَانِ فَیُسَلِّطُ عَلَیْهِ فِی قَبْرِهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ تِنِّیناً وَ لَوْ أَنَّ تِنِّیناً وَاحِداً مِنْهَا نَفَخَ فِی الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَجَراً أَبَداً وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی النَّارِ وَ یَرَی مَقْعَدَهُ فِیهَا.

إیضاح قال الجزری فیه الرؤیا من اللّٰه و الحلم من الشیطان الحلم عبارة عما یراه النائم فی نومه من الأشیاء لكن غلبت الرؤیا علی ما یراه من الخیر و الشی ء الحسن و الحلم علی ما یراه من الشر و الشی ء القبیح.

«104»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَنِ الْمَسْئُولُونَ فِی قُبُورِهِمْ قَالَ مَنْ مَحَضَ الْإِیمَانَ وَ مَنْ مَحَضَ الْكُفْرَ قَالَ قُلْتُ فَبَقِیَّةُ هَذَا الْخَلْقِ قَالَ یُلْهَوْنَ (1)وَ اللَّهِ عَنْهُمْ مَا یُعْبَأُ بِهِمْ قَالَ وَ قُلْتُ وَ عَمَّ یُسْأَلُونَ قَالَ عَنِ الْحُجَّةِ الْقَائِمَةِ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ فَیُقَالُ لِلْمُؤْمِنِ مَا تَقُولُ فِی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَیَقُولُ ذَاكَ إِمَامِی فَیَقُولُ نَمْ أَنَامَ اللَّهُ عَیْنَیْكَ وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَمَا یَزَالُ یُتْحِفُهُ مِنْ رَوْحِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ یُقَالُ لِلْكَافِرِ مَا تَقُولُ فِی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ فَیَقُولُ قَدْ سَمِعْتُ بِهِ وَ مَا أَدْرِی مَا هُوَ فَیُقَالُ لَهُ لَا دَرَیْتَ قَالَ وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ فَلَا یَزَالُ یُتْحِفُهُ مِنْ حَرِّهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«105»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ یُسْأَلُ الرَّجُلُ فِی قَبْرِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ فُسِحَ لَهُ فِی قَبْرِهِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَ فُتِحَ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ وَ قِیلَ لَهُ نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ قَرِیرَ الْعَیْنِ.

«106»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ فِی قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكَانِ مَلَكٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ مَلَكٌ عَنْ یَسَارِهِ وَ أُقِیمَ الشَّیْطَانُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ عَیْنَاهُ

ص: 262


1- فی المصدر: یلهی.

مِنْ نُحَاسٍ فَیُقَالُ لَهُ كَیْفَ تَقُولُ فِی الرَّجُلِ الَّذِی كَانَ (1)بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ قَالَ فَیَفْزَعُ لَهُ فَزْعَةً فَیَقُولُ إِذَا كَانَ مُؤْمِناً أَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَسْأَلَانِی فَیَقُولَانِ لَهُ نَمْ نَوْمَةً لَا حُلُمَ فِیهَا وَ یُفْسَحُ لَهُ فِی قَبْرِهِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَ یَرَی مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ فَإِذَا (2)كَانَ كَافِراً قَالا لَهُ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِی خَرَجَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ فَیَقُولُ لَا أَدْرِی فَیُخَلِّیَانِ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الشَّیْطَانِ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر النضر عن عاصم مثله.

«107»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: یُقَالُ لِلْمُؤْمِنِ فِی قَبْرِهِ مَنْ رَبُّكَ قَالَ فَیَقُولُ اللَّهُ فَیُقَالُ لَهُ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ الْإِسْلَامُ فَیُقَالُ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُقَالُ مَنْ إِمَامُكَ فَیَقُولُ فُلَانٌ فَیُقَالُ كَیْفَ عَلِمْتَ بِذَلِكَ فَیَقُولُ أَمْرٌ هَدَانِیَ اللَّهُ لَهُ وَ ثَبَّتَنِی عَلَیْهِ فَیُقَالُ لَهُ نَمْ نَوْمَةً لَا حُلُمَ فِیهَا نَوْمَةَ الْعَرُوسِ ثُمَّ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ فَیَدْخُلُ إِلَیْهِ مِنْ رَوْحِهَا وَ رَیْحَانِهَا فَیَقُولُ یَا رَبِّ عَجِّلْ قِیَامَ السَّاعَةِ لَعَلِّی أَرْجِعُ إِلَی أَهْلِی وَ مَالِی وَ یُقَالُ لِلْكَافِرِ مَنْ رَبُّكَ فَیَقُولُ اللَّهُ فَیُقَالُ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ مُحَمَّدٌ فَیُقَالُ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ الْإِسْلَامُ فَیُقَالُ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ ذَلِكَ فَیَقُولُ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَقُلْتُ فَیَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَةٍ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَیْهَا الثَّقَلَانِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ لَمْ یُطِیقُوهَا قَالَ فَیَذُوبُ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ ثُمَّ یُعِیدَانِ فِیهِ الرُّوحَ فَیُوضَعُ قَلْبُهُ بَیْنَ لَوْحَیْنِ مِنْ نَارٍ فَیَقُولُ یَا رَبِّ أَخِّرْ قِیَامَ السَّاعَةِ.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی البلاد مثله بیان هذا الخبر یدل علی أن إسلام المخالفین لعدم توسلهم بأئمة الهدی علیهم السلام ظنی تقلیدی لم یهدهم اللّٰه للرسوخ فیه و إنما الهدایة و الیقین مع متابعتهم علیهم السلام.

«108»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ

ص: 263


1- لیست فی المصدر: كلمة «كان».
2- فی المصدر: و إذا.

عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أُخْرِجَ مِنْ بَیْتِهِ شَیَّعَهُ (1)الْمَلَائِكَةُ إِلَی قَبْرِهِ یَزْدَحِمُونَ عَلَیْهِ حَتَّی إِذَا انْتُهِیَ بِهِ إِلَی قَبْرِهِ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَرْحَباً بِكَ وَ أَهْلًا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ یَمْشِیَ عَلَیَّ مِثْلُكَ لَتَرَیَنَّ مَا أَصْنَعُ بِكَ فَیُوَسَّعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَ یَدْخُلُ عَلَیْهِ فِی قَبْرِهِ مَلَكَا الْقَبْرِ وَ هُمَا قَعِیدَا الْقَبْرِ (2)مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ فَیُلْقِیَانِ فِیهِ الرُّوحَ إِلَی حَقْوَیْهِ فَیُقْعِدَانِهِ وَ یَسْأَلَانِهِ فَیَقُولَانِ (3)مَنْ رَبُّكَ فَیَقُولُ اللَّهُ فَیَقُولَانِ مَا دِینُكَ فَیَقُولُ الْإِسْلَامُ فَیَقُولَانِ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُولَانِ وَ مَنْ إِمَامُكَ فَیَقُولُ فُلَانٌ قَالَ فَیُنَادِی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ صَدَقَ عَبْدِی افْرُشُوا لَهُ فِی قَبْرِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ افْتَحُوا لَهُ فِی قَبْرِهِ بَاباً إِلَی الْجَنَّةِ وَ أَلْبِسُوهُ مِنْ ثِیَابِ الْجَنَّةِ حَتَّی یَأْتِیَنَا وَ مَا عِنْدَنَا خَیْرٌ لَهُ ثُمَّ یُقَالُ لَهُ نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ نَمْ نَوْمَةً لَا حُلُمَ فِیهَا قَالَ وَ إِنْ كَانَ كَافِراً خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ تُشَیِّعُهُ إِلَی قَبْرِهِ یَلْعَنُونَهُ حَتَّی إِذَا انْتُهِیَ إِلَی قَبْرِهِ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُبْغِضُ أَنْ یَمْشِیَ عَلَیَّ مِثْلُكَ لَا جَرَمَ لَتَرَیَنَّ مَا أَصْنَعُ بِكَ الْیَوْمَ فَتَضِیقُ عَلَیْهِ حَتَّی تَلْتَقِیَ جَوَانِحُهُ (4)قَالَ ثُمَّ یَدْخُلُ عَلَیْهِ مَلَكَا الْقَبْرِ وَ هُمَا قَعِیدَا الْقَبْرِ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَدْخُلَانِ عَلَی الْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرُ فِی صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَا قَالَ فَیُقْعِدَانِهِ وَ یُلْقِیَانِ فِیهِ الرُّوحَ إِلَی حَقْوَیْهِ فَیَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَیَتَلَجْلَجُ (5)وَ یَقُولُ قَدْ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَیَقُولَانِ لَهُ لَا دَرَیْتَ وَ یَقُولَانِ لَهُ مَا دِینُكَ فَیَتَلَجْلَجُ فَیَقُولَانِ لَهُ لَا دَرَیْتَ وَ یَقُولَانِ لَهُ مَنْ نَبِیُّكَ فَیَقُولُ قَدْ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَیَقُولَانِ لَهُ لَا دَرَیْتَ وَ یُسْأَلُ مِنْ إِمَامِ زَمَانِهِ قَالَ فَیُنَادِی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ كَذَبَ عَبْدِی افْرُشُوا لَهُ فِی قَبْرِهِ مِنَ النَّارِ وَ أَلْبِسُوهُ مِنْ ثِیَابِ النَّارِ وَ افْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلَی النَّارِ حَتَّی یَأْتِیَنَا وَ مَا عِنْدَنَا شَرٌّ لَهُ فَیَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَةٍ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ لَیْسَ مِنْهَا ضَرْبَةٌ إِلَّا یَتَطَایَرُ قَبْرُهُ نَاراً لَوْ ضُرِبَ بِتِلْكَ الْمِرْزَبَةِ جِبَالُ

ص: 264


1- فی المصدر: شیعته.
2- القعید فعیل بمعنی الفاعل: الذی یصاحبك فی قعودك.
3- فی المصدر: فیقولان له.
4- الجوانح: الاضلاع ممّا یلی الصدر، و الواحدة منها جانحة.
5- اللجلجة و التلجلج: التردد فی الكلام.

تِهَامَةَ لَكَانَتْ رَمِیماً وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ یُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی قَبْرِهِ الْحَیَّاتِ تَنْهَشُهُ نَهْشاً وَ الشَّیْطَانَ یَغُمُّهُ غَمّاً قَالَ وَ یَسْمَعُ عَذَابَهُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ إِلَّا الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ قَالَ وَ إِنَّهُ لَیَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ وَ نَفْضَ أَیْدِیهِمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ وَ یُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِینَ وَ یَفْعَلُ اللَّهُ ما یَشاءُ.

شی، تفسیر العیاشی عن أبی بصیر مثله بیان قوله لا دریت دعاء علیه أو استفهام إنكاری أی علمت و تمت الحجة علیك فی الدنیا و إنما جحدت بشقاوتك.

«109»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُولُومٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ كَانَتِ الصَّلَاةُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الزَّكَاةُ عَنْ یَسَارِهِ وَ الْبِرُّ مُطِلٌّ عَلَیْهِ (1)قَالَ فَیَتَنَحَّی الصَّبْرُ نَاحِیَةً فَإِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ یَلِیَانِ مُسَاءَلَتَهُ قَالَ الصَّبْرُ لِلصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ دُونَكُمَا صَاحِبَكُمْ فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْهُ فَأَنَا دُونَهُ.

«110»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ الْخُرَاسَانِیِّ (2)عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا وُضِعَ الْمَیِّتُ فِی قَبْرِهِ مُثِّلَ لَهُ شَخْصٌ فَقَالَ لَهُ یَا هَذَا كُنَّا ثَلَاثَةً كَانَ رِزْقَكَ فَانْقَطَعَ بِانْقِطَاعِ أَجَلِكَ وَ كَانَ أَهْلَكَ فَخَلَّفُوكَ وَ انْصَرَفُوا عَنْكَ وَ كُنْتُ عَمَلَكَ فَبَقِیتُ مَعَكَ أَمَا إِنِّی كُنْتُ أَهْوَنَ الثَّلَاثَةِ عَلَیْكَ.

«111»-كا، الكافی عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُسْأَلُ الْمَیِّتُ فِی قَبْرِهِ

ص: 265


1- أطل علیه: أشرف: و فی المصدر بالظاء المعجمة. و ربما یستدل بأمثاله علی تجسم الاعمال فی النشأة الآخرة، و یمكن ان یخلق اللّٰه تعالی بازاء كل منها صورة تناسبه، و یمكن حمله علی الاستعارة التمثیلیة أیضا، لكن عدم التصرف فی الظواهر مع عدم الضرورة أحوط و أولی، قاله المصنّف فی كتابه مرآة العقول.
2- فی المصدر: عن محمّد بن أحمد الخراسانیّ، عن أبیه.

عَنْ خَمْسٍ عَنْ صَلَاتِهِ وَ زَكَاتِهِ وَ حَجِّهِ وَ صِیَامِهِ وَ وَلَایَتِهِ إِیَّانَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَتَقُولُ الْوَلَایَةُ عَنْ جَانِبِ الْقَبْرِ لِلْأَرْبَعِ مَا دَخَلَ فِیكُنَّ مِنْ نَقْصٍ فَعَلَیَّ تَمَامُهُ.

«112»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَصْلُوبِ یُعَذَّبُ عَذَابَ الْقَبْرِ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْمُرُ الْهَوَاءَ أَنْ یَضْغَطَهُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْمَصْلُوبِ یُصِیبُهُ عَذَابُ الْقَبْرِ فَقَالَ إِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ هُوَ رَبُّ الْهَوَاءِ فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی الْهَوَاءِ فَیَضْغَطُهُ ضَغْطَةً أَشَدَّ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ.

«113»-كا، الكافی حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ رُقَیَّةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَقِی بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَ أَصْحَابِهِ قَالَ وَ فَاطِمَةُ علیها السلام عَلَی شَفِیرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِی الْقَبْرِ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَلَقَّاهُ (1)بِثَوْبِهِ قَائِمٌ (2)یَدْعُو قَالَ إِنِّی لَأَعْرِفُ ضَعْفَهَا وَ سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُجِیرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ.

«114»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ قَبْرٍ إِلَّا وَ هُوَ یَنْطِقُ كُلَّ یَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَا بَیْتُ التُّرَابِ أَنَا بَیْتُ الْبِلَی (3)أَنَا بَیْتُ الدُّودِ قَالَ فَإِذَا دَخَلَهُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ قَالَ مَرْحَباً وَ أَهْلًا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّكَ وَ أَنْتَ تَمْشِی عَلَی ظَهْرِی فَكَیْفَ إِذَا دَخَلْتَ بَطْنِی فَسَتَرَی ذَلِكَ (4)قَالَ فَیُفْسَحُ لَهُ مَدَّ الْبَصَرِ (5)وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ یَرَی مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ وَ یَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ تَرَ عَیْنَاهُ شَیْئاً أَحْسَنَ مِنْهُ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ شَیْئاً قَطُّ أَحْسَنَ

ص: 266


1- أی یحفظ دموعه.
2- فی المصدر: قائما.
3- فی المصدر: البلاء.
4- فی نسخة من الكافی: فستری مالك.
5- فی المصدر: مد بصره.

مِنْكَ فَیَقُولُ أَنَا رَأْیُكَ الْحَسَنُ الَّذِی كُنْتَ عَلَیْهِ وَ عَمَلُكَ الصَّالِحُ الَّذِی كُنْتَ تَعْمَلُهُ قَالَ ثُمَّ تُؤْخَذُ رُوحُهُ فَتُوضَعُ فِی الْجَنَّةِ حَیْثُ رَأَی مَنْزِلَهُ ثُمَّ یُقَالُ لَهُ نَمْ قَرِیرَ الْعَیْنِ فَلَا تَزَالُ نَفْحَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ تُصِیبُ جَسَدَهُ یَجِدُ لَذَّتَهَا وَ طِیبَهَا حَتَّی یُبْعَثَ قَالَ وَ إِذَا دَخَلَ الْكَافِرُ قَالَتْ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَ أَنْتَ تَمْشِی عَلَی ظَهْرِی فَكَیْفَ إِذَا دَخَلْتَ بَطْنِی سَتَرَی ذَلِكَ فَتَضُمُّ عَلَیْهِ فَتَجْعَلُهُ رَمِیماً وَ یُعَادُ كَمَا كَانَ وَ یُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَی النَّارِ فَیَرَی مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ یَخْرُجُ مِنْهُ رَجُلٌ أَقْبَحُ مَنْ رَأَی قَطُّ قَالَ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ مَا رَأَیْتُ شَیْئاً أَقْبَحَ مِنْكَ قَالَ فَیَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ السَّیِّئُ الَّذِی كُنْتَ تَعْمَلُهُ وَ رَأْیُكَ الْخَبِیثُ قَالَ ثُمَّ تُؤْخَذُ رُوحُهُ فَتُوضَعُ حَیْثُ رَأَی مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ نَفْحَةٌ مِنَ النَّارِ تُصِیبُ جَسَدَهُ فَیَجِدُ أَلَمَهَا وَ حَرَّهَا إِلَی یَوْمِ الْبَعْثِ وَ یُسَلَّطُ (1)عَلَی رُوحِهِ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ تِنِّیناً تَنْهَشُهُ لَیْسَ فِیهَا تِنِّینٌ تَنْفُخُ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ (2)فَتُنْبِتَ شَیْئاً.

«115»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَشِیرٍ الدَّهَّانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلْقَبْرِ كَلَاماً فِی كُلِّ یَوْمٍ یَقُولُ أَنَا بَیْتُ الْغُرْبَةِ أَنَا بَیْتُ الْوَحْشَةِ أَنَا بَیْتُ الدُّودِ أَنَا الْقَبْرُ أَنَا رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.

«116»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ یَزِیدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی سَمِعْتُكَ وَ أَنْتَ تَقُولُ كُلُّ شِیعَتِنَا فِی الْجَنَّةِ عَلَی مَا كَانَ فِیهِمْ قَالَ صَدَقْتُكَ كُلُّهُمْ وَ اللَّهِ فِی الْجَنَّةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الذُّنُوبَ كَثِیرَةٌ كَبَائِرُ فَقَالَ أَمَّا فِی الْقِیَامَةِ فَكُلُّكُمْ فِی الْجَنَّةِ بِشَفَاعَةِ النَّبِیِّ الْمُطَاعِ أَوْ وَصِیِّ النَّبِیِّ وَ لَكِنِّی وَ اللَّهِ أَتَخَوَّفُ عَلَیْكُمْ فِی الْبَرْزَخِ قُلْتُ وَ مَا الْبَرْزَخُ قَالَ الْقَبْرُ مُنْذُ حِینِ مَوْتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«117»- كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْمُرْتَجِلِ بْنِ

ص: 267


1- فی المصدر: فیجد ألمها و حرها فی جسده إلی یوم یبعث و یسلط اللّٰه. اه.
2- فی المصدر: علی وجه الأرض خ ل.

مَعْمَرٍ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِّ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الظَّهْرِ فَوَقَفَ بِوَادِی السَّلَامِ كَأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لِأَقْوَامٍ فَقُمْتُ بِقِیَامِهِ حَتَّی أَعْیَیْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّی مَلِلْتُ ثُمَّ قُمْتُ حَتَّی نَالَنِی مِثْلُ مَا نَالَنِی أَوَّلًا ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّی مَلِلْتُ ثُمَّ قُمْتُ وَ جَمَعْتُ رِدَائِی فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی قَدْ أَشْفَقْتُ عَلَیْكَ مِنْ طُولِ الْقِیَامِ فَرَاحَةَ سَاعَةٍ ثُمَّ طَرَحْتُ الرِّدَاءَ لِیَجْلِسَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا حَبَّةُ إِنْ هُوَ إِلَّا مُحَادَثَةُ مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤَانَسَتُهُ قَالَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لَوْ كُشِفَ لَكَ لَرَأَیْتَهُمْ حَلَقاً حَلَقاً مُحْتَبِینَ (1)یَتَحَادَثُونَ فَقُلْتُ أَجْسَامٌ أَمْ أَرْوَاحٌ فَقَالَ أَرْوَاحٌ وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَمُوتُ فِی بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا قِیلَ لِرُوحِهِ الْحَقِی بِوَادِی السَّلَامِ وَ إِنَّهَا لَبُقْعَةٌ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ.

«118»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ أَخِی بِبَغْدَادَ وَ أَخَافُ أَنْ یَمُوتَ بِهَا فَقَالَ مَا تُبَالِی حَیْثُمَا مَاتَ أَمَا إِنَّهُ لَا یَبْقَی مُؤْمِنٌ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا إِلَّا حَشَرَهُ اللَّهُ رُوحَهُ (2)إِلَی وَادِی السَّلَامِ فَقُلْتُ لَهُ وَ أَیْنَ وَادِی السَّلَامِ قَالَ ظَهْرَ الْكُوفَةِ أَمَا إِنِّی كَأَنِّی بِهِمْ حَلَقٌ حَلَقٌ قُعُودٌ یَتَحَدَّثُونَ.

«119»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَرْوُونَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ فِی حَوَاصِلِ طُیُورٍ خُضْرٍ حَوْلَ الْعَرْشِ فَقَالَ لَا الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنْ أَنْ یَجْعَلَ رُوحَهُ فِی حَوْصَلَةِ طَیْرٍ (3)لَكِنْ (4)فِی أَبْدَانٍ كَأَبْدَانِهِمْ.

«120»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُثَنًّی الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ لَفِی شَجَرَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ یَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِهَا وَ یَشْرَبُونَ مِنْ شَرَابِهَا وَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَقِمْ لَنَا السَّاعَةَ وَ أَنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا وَ أَلْحِقْ آخِرَنَا بِأَوَّلِنَا.

ص: 268


1- احتبی بالثوب: اشتمل به. جمع بین ظهره و ساقیه بعمامة و نحوها.
2- فی المصدر: حشر اللّٰه روحه.
3- حوصلة بتخفیف اللام و تشدیدها من الطیر بمنزلة المعدة للإنسان.
4- فی المصدر: و لكن.

«121»-كا، الكافی سَهْلُ بْنُ زِیَادٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَرْوَاحَ فِی صِفَةِ الْأَجْسَادِ فِی شَجَرَةٍ فِی الْجَنَّةِ تَعَارَفُ وَ تَسَاءَلُ فَإِذَا قَدِمَتِ الرُّوحُ عَلَی الْأَرْوَاحِ تَقُولُ دَعُوهَا فَإِنَّهَا قَدْ أَفْلَتَتْ مِنْ هَوْلٍ عَظِیمٍ ثُمَّ یَسْأَلُونَهَا مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَ مَا فَعَلَ فُلَانٌ فَإِنْ قَالَتْ لَهُمْ تَرَكْتُهُ حَیّاً ارْتَجَوْهُ وَ إِنْ قَالَتْ لَهُمْ قَدْ هَلَكَ قَالُوا قَدْ هَوَی هَوَی (1)

«122»-كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ فِی حُجُرَاتٍ فِی الْجَنَّةِ یَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِهَا وَ یَشْرَبُونَ مِنْ شَرَابِهَا وَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَقِمْ لَنَا السَّاعَةَ (2)وَ أَنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا وَ أَلْحِقْ آخِرَنَا بِأَوَّلِنَا.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر عن علی عن أبی بصیر مثله.

«123»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمَیِّتُ اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ یَسْأَلُونَهُ عَمَّنْ مَضَی وَ عَمَّنْ بَقِیَ فَإِنْ كَانَ مَاتَ وَ لَمْ یَرِدْ عَلَیْهِمْ قَالُوا قَدْ هَوَی هَوَی (3)وَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ دَعُوهُ حَتَّی یَسْكُنَ مِمَّا مَرَّ عَلَیْهِ مِنَ الْمَوْتِ.

«124»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِی أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ فَقُلْتُ یَقُولُونَ تَكُونُ فِی حَوَاصِلِ طُیُورٍ خُضْرٍ فِی قَنَادِیلَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنْ أَنْ یَجْعَلَ رُوحَهُ فِی حَوْصَلَةِ طَیْرٍ یَا یُونُسُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَتَاهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ علیهم السلام فَإِذَا قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَیَّرَ تِلْكَ الرُّوحَ

ص: 269


1- هوی یهوی هویا: سقط من علو إلی أسفل، أی سقط إلی دركات الجحیم، إذ لو كان من السعداء لكان یلحق بنا.
2- فی المصدر: اقم الساعة لنا.
3- فی المصدر: هوی بدون التكریر.

فِی قَالَبٍ كَقَالَبِهِ فِی الدُّنْیَا فَیَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ فَإِذَا قَدِمَ عَلَیْهِمُ الْقَادِمُ عَرَفُوهُ بِتِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِی كَانَتْ فِی الدُّنْیَا.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر القاسم مثله.

«125»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَخِیهِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّهَا فِی حَوَاصِلِ طَیْرٍ خُضْرٍ تَرْعَی فِی الْجَنَّةِ وَ تَأْوِی إِلَی قَنَادِیلَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَقَالَ لَا إِذاً مَا هِیَ فِی حَوَاصِلِ طَیْرٍ قُلْتُ فَأَیْنَ هِیَ قَالَ فِی رَوْضَةٍ كَهَیْئَةِ الْأَجْسَادِ فِی الْجَنَّةِ.

«126»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ فِی النَّارِ یُعَذَّبُونَ یَقُولُونَ رَبَّنَا لَا تُقِمْ لَنَا السَّاعَةَ وَ لَا تُنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا وَ لَا تُلْحِقْ آخِرَنَا بِأَوَّلِنَا.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر عن علی عن أبی بصیر مثله.

«127»-كا، الكافی عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُثَنًّی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ یُعْرَضُونَ عَلَیْهَا یَقُولُونَ رَبَّنَا لَا تُقِمْ لَنَا السَّاعَةَ وَ لَا تُنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا وَ لَا تُلْحِقْ آخِرَنَا بِأَوَّلِنَا.

«128»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیْسَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلَّا الْمَوْتُ.

فذلكة اعلم أن الذی ظهر من الآیات الكثیرة و الأخبار المستفیضة و البراهین القاطعة هو أن النفس باقیة بعد الموت إما معذبة إن كان ممن محض الكفر أو منعمة إن كان ممن محض الإیمان أو یلهی عنه إن كان من المستضعفین و یرد إلیه الحیاة فی القبر إما كاملا أو إلی بعض بدنه كما مر فی بعض الأخبار و یسأل بعضهم عن بعض العقائد و بعض الأعمال و یثاب و یعاقب بحسب ذلك و تضغط أجساد بعضهم و إنما السؤال و الضغطة فی الأجساد الأصلیة و قد یرتفعان عن بعض المؤمنین كمن لقن كما سیأتی أو مات فی لیلة الجمعة أو یومها أو غیر ذلك مما مر و سیأتی فی تضاعیف أخبار

ص: 270

هذا الكتاب ثم تتعلق الروح بالأجساد المثالیة اللطیفة الشبیهة بأجسام الجن و الملائكة المضاهیة فی الصورة للأبدان الأصلیة فینعم و یعذب فیها و لا یبعد أن یصل إلیه الآلام ببعض ما یقع علی الأبدان الأصلیة لسبق تعلقه بها و بذلك یستقیم جمیع ما ورد فی ثواب القبر و عذابه و اتساع القبر و ضیقه و حركة الروح و طیرانه فی الهواء و زیارته لأهله و رؤیة الأئمة علیهم السلام بأشكالهم و مشاهدة أعدائهم معذبین و سائر ما ورد فی أمثال ذلك مما مر و سیأتی فالمراد بالقبر فی أكثر الأخبار ما یكون الروح فیه فی عالم البرزخ و هذا یتم علی تجسم الروح و تجرده و إن كان یمكن تصحیح بعض الأخبار بالقول بتجسم الروح أیضا بدون الأجساد المثالیة لكن مع ورود الأجساد المثالیة فی الأخبار المعتبرة المؤیدة بالأخبار المستفیضة لا محیص عن القول بها و لیس هذا من التناسخ الباطل فی شی ء إذ التناسخ لم یتم دلیل عقلی علی امتناعه إذ أكثرها علیلة مدخولة و لو تمت لا تجری أكثرها فیما نحن فیه كما لا یخفی علی من تدبر فیها و العمدة فی نفیه (1)ضرورة الدین و إجماع المسلمین و ظاهر أن هذا غیر داخل فیما انعقد الإجماع و الضرورة علی نفیه كیف و قد قال به كثیر من المسلمین كشیخنا المفید قدس اللّٰه روحه و غیره من علمائنا المتكلمین و المحدثین بل لا یبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالیة عند النوم أیضا كما یشهد به ما یری فی المنام و قد وقع فی الأخبار تشبیه حالة البرزخ و ما یجری فیها بحالة الرؤیا و ما یشاهد فیها كما مر بل یمكن أن یكون للنفوس القویة العالیة أجساد مثالیة كثیرة كأئمتنا صلوات اللّٰه علیهم حتی لا نحتاج إلی بعض التأویلات و التوجیهات فی حضورهم عند كل میت و سائر ما سیأتی فی كتاب الإمامة فی غرائب أحوالهم من عروجهم إلی السماوات كل لیلة جمعة و غیر ذلك.

ثم اعلم أن عذاب البرزخ و ثوابه مما اتفقت علیه الأمة سلفا و خلفا و قال به

ص: 271


1- العمدة فی نفی التناسخ لزوم رجوع الشی ء بعد الفعلیة إلی القوّة و هو من الممتنعات بالضرورة لكنها لا تجری الا فی البدن العنصری دون المثالی الذی هو من شئون النفس و مراتبها و لوازم وجودها. ط.

أكثر أهل الملل و لم ینكره من المسلمین إلا شرذمة قلیلة لا عبرة بهم و قد انعقد الإجماع علی خلافهم سابقا و لاحقا و الأحادیث الواردة فیه من طرق العامة و الخاصة متواترة المضمون و كذا بقاء النفوس بعد خراب الأبدان مذهب أكثر العقلاء من الملیین و الفلاسفة و لم ینكره إلا فرقة قلیلة كالقائلین بأن النفس هی المزاج و أمثاله ممن لا یعبأ بهم و لا بكلامهم و قد عرفت ما یدل علیه من الأخبار الجلیة و قد أقیمت علیه البراهین العقلیة و لنذكر بعض كلمات علماء الفریقین فی المقامین.

قال نصیر الملة و الدین قدس اللّٰه روحه فی التجرید عذاب القبر واقع لإمكانه و تواتر السمع بوقوعه.

و قال العلامة الحلی نور اللّٰه ضریحه فی شرحه نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر و الإجماع علی خلافه.

و قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی أجوبة المسائل السرویة حیث سئل ما قوله أدام اللّٰه تأییده فی عذاب القبر و كیفیته و متی یكون و هل ترد الأرواح إلی الأجساد عند التعذیب أم لا و هل یكون العذاب فی القبر أو یكون بین النفختین الجواب الكلام فی عذاب القبر طریقة السمع دون العقل.

و قد ورد عن أئمة الهدی علیهم السلام أنهم قالوا لیس یعذب فی القبر كل میت و إنما یعذب من جملتهم من محض الكفر محضا و لا ینعم كل ماض لسبیله و إنما ینعم منهم من محض الإیمان محضا فأما ما سوی هذین الصنفین فإنه یلهی عنهم و كذلك روی أنه لا یسأل فی قبره إلا هذان الصنفان خاصة فعلی ما جاء به الأثر من ذلك یكون الحكم ما ذكرناه فأما عذاب الكافر فی قبره و نعیم المؤمنین فیه فإن الخبر أیضا قد ورد بأن اللّٰه تعالی یجعل روح المؤمن فی قالب مثل قالبه فی الدنیا فی جنة من جناته ینعمه فیها إلی یوم الساعة فإذا نفخ فی الصور أنشأ جسده الذی بلی فی التراب و تمزق ثم أعاده إلیه و حشره إلی الموقف و أمر به إلی جنة الخلد فلا یزال منعما ببقاء اللّٰه عز و جل غیر أن جسده الذی یعاد فیه لا یكون علی تركیبه فی الدنیا بل تعدل طباعه و تحسن صورته فلا یهرم مع تعدیل الطباع و لا یمسه نصب فی الجنة و لا لغوب و الكافر یجعل

ص: 272

فی قالب كقالبه فی الدنیا فی محل عذاب یعاقب به و نار یعذب بها حتی الساعة ثم أنشئ جسده الذی فارقه فی القبر و یعاد إلیه ثم یعذب به فی الآخرة عذاب الأبد و یركب أیضا جسده تركیبا لا یفنی معه و قد قال اللّٰه عز و جل اسمه النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ و قال فی قصة الشهداء وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ فدل علی أن العذاب و الثواب یكونان قبل یوم القیامة و بعدها و الخبر وارد بأنه یكون مع فراق الروح الجسد من الدنیا و الروح هاهنا عبارة عن الفعال الجوهر البسیط و لیس بعبارة عن الحیاة التی یصح معها العلم و القدرة لأن هذه الحیاة عرض لا یبقی و لا یصح الإعادة فیه فهذا ما عول علیه بالنقل و جاء به الخبر علی ما بیناه.

ثم سئل رحمه اللّٰه ما قوله أدام اللّٰه تمكینه فی معنی قول اللّٰه تعالی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ أ هم أحیاء فی الحقیقة علی ما تقتضیه الآیة أم الآیة مجاز و أن أجسادهم الآن فی قبورهم أم فی الجنة فإن المعتزلة من أصحاب أبی هاشم یقولون إن اللّٰه تعالی ینزع من جسد كل واحد منهم أجزاء قدر ما یتعلق به الروح و إنه تعالی یرزقهم علی ما نطقت به الآیة و ما سوی هذا من أجزاء أبدانهم فهی فی قبورهم كأجساد سائر الموتی. الجواب هذا المحكی عن أصحاب أبی هاشم لأن المحفوظ عنه الإنسان المخاطب المأمور المنهی هو البنیة التی لا تصح الحیاة إلا بها و ما سوی ذلك من الجسد لیس بإنسان و لا یتوجه إلیه أمر و لا نهی و لا تكلیف و إن كان القوم یزعمون أن تلك البنیة لا تفارق ما جاورها من الجسد فیعذب أو ینعم فهو مقال یستمر علی أن البنیة التی ذكروها هو المكلف المأمور المنهی و باقی جسده فی القبر إلا أنهم لم یذكروا كیف یعذب من عذب و یثاب من أثیب أ فی دار غیر الدنیا أم فیها و هل یحیا بعد الموت أو تفارق الجملة فی الدنیا فلا یلحقه موت ثم لم یحك عنهم فی أی محل یعذبون و یثابون و فیما قالوه من ذلك فلیس به أثر و لا یدل علیه العقل و إنما هو یخرج منهم علی الظن و الحساب و من بنی مذهبه علی الظن فی مثل هذا الباب كان بمقالته مفتریا ثم الذی

ص: 273

یفسد قولهم من بعد ما دل علی أن الإنسان المأمور المنهی هو الجوهر البسیط و أن الأجزاء المؤلفة لا یصح أن تكون فعالة و دلائل ذلك یطول بإثباتها الكتاب و فیما أومأنا إلیه منها كفایة فیما تعلق به السؤال و باللّٰه التوفیق.

و سئل عنه قدس اللّٰه روحه فی المسائل العكبریة عن قول اللّٰه تعالی وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ الآیة هل یكون الرزق لغیر جسم و ما صورة هذه الحیاة فإنا مجمعون علی أن الجواهر لا تبلی شیئا فما الفرق حینئذ فی الحیاة بین المؤمن و الكافر فأجاب رحمه اللّٰه بأن الرزق لا یكون عندنا إلا للحیوان و الحیوان عندنا لیسوا بأجسام بل ذوات أخرجوا فی هذه الدار إلی الأجساد و تعذر علیهم كثیر من الأفعال إلا بها فإن أغنوا عنها بعد الوفاة جاز أن یرزقوا مع عدمها رزقا یحصل لهم به اللذات و إن افتقروا إلیها كان الرزق لهم حینئذ بحسبه فی الدنیا علی السواء فأما قوله ما صورة هذه الحیاة فالحیاة لا صورة لها لأنها عرض من الأعراض و هی تقوم بالذات الفعالة دون الأجساد التی تقوم بها حیاة النمو دون الحیاة التی هی شرط فی العلم و القدرة و نحوهما من الأعراض و قوله إنا مجمعون علی أن الجواهر لا تبلی شیئا فلیس ذلك كما ظن و لو كان كما توهم لم یمتنع أن توجد الحیاة لبعض الجواهر و ترفع عن بعض كما توجد حیاة النمو لبعض الأجساد و ترفع من بعض بالاتفاق و لو قلنا إن الحیاة بعد النقلة من هذه الدار تعم أهل الكفر و الإیمان لم یفسد ذلك علینا أصلا فی الدین فكانت الحیاة لأهل الإیمان شرطا فی وصول اللذات إلیهم و الحیاة لأهل الكفر شرطا فی وصول الآلام إلیهم بالعقاب انتهی.

و قال شارح المقاصد اتفق الإسلامیون علی حقیقة سؤال منكر و نكیر فی القبر و عذاب الكفار و بعض العصاة فیه و نسب خلافه إلی بعض المعتزلة قال بعض المتأخرین منهم حكی إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو و إنما نسب إلی المعتزلة و هم برءاء منه لمخالطة ضرار إیاهم و تبعه قوم من السفهاء من المعاندین للحق و نحوه قال فی المواقف و قال المحقق الدوانی فی شرح العقائد العضدیة عذاب القبر للمؤمن و الفاسق و الكافر حق لقوله تعالی النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا

ص: 274

الآیة و قوله رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ

وَ لِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَیْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِیِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنَ الْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنَ النَّارِ فَیُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّی نَبْعَثَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ.

وَ قَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْقَبْرُ إِمَّا رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ.

و نقل العلامة التفتازانی عن السید أبی الشجاع أن الصبیان یسألون و كذا الأنبیاء علیهم السلام و قیل إن الأنبیاء لا یسألون لأن السؤال علی ما ورد فی الحدیث عن ربه و عن دینه و عن نبیه و لا یعقل السؤال عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله من نفس النبی و أنت خبیر بأنه لا یدل علی عدم السؤال مطلقا بل عدم السؤال عن نبیه فقط و ذلك أیضا فی الذی لا یكون علی ملة نبی آخر و اختلف الناس فی عذاب القبر فأنكره قوم بالكلیة و أثبته آخرون ثم اختلف هؤلاء فمنهم من أثبت التعذیب و أنكر الإحیاء و هو خلاف العقل و بعضهم لم یثبت العذاب بالفعل بل قال تجتمع الآلام فی جسده فإذا حشر أحس بها دفعة و هذا إنكار لعذاب القبر حقیقة و منهم من قال بإحیائه لكن من غیر إعادة الروح و منهم من قال بالإحیاء و إعادة الروح و لا یلزم أن یری أثر الحیاة فیه حتی أن المأكول فی بطن الحیوانات یحیا و یسأل و ینعم و یعذب و لا ینبغی أن ینكر لأن من أخفی النار فی الشجر الأخضر قادر علی إخفاء العذاب و النعیم قال الإمام الغزالی فی الإحیاء.

اعلم أن لك ثلاث مقامات فی التصدیق بأمثال هذا.

أحدها و هو الأظهر و الأصح أن تصدق بأن الحیة مثلا موجودة تلدغ المیت و لكنا لا نشاهد ذلك فإن ذلك العین لا یصلح لمشاهدة تلك الأمور الملكوتیة و كل ما یتعلق بالآخرة فهو من عالم الملكوت أ ما تری أن الصحابة كیف كانوا یؤمنون بنزول جبرئیل علیه السلام و ما كانوا یشاهدونه و یؤمنون أنه صلی اللّٰه علیه و آله یشاهده فإن كنت لا تؤمن بهذا فتصحیح الإیمان بالملائكة و الوحی علیك أوجب و إن آمنت به و جوزت أن یشاهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله ما لا تشاهده الأمة فكیف لا تجوز هذا فی المیت.

المقام الثانی أن تتذكر أمر النائم فإنه یری فی نومه حیة تلدغه و هو یتألم

ص: 275

بذلك حتی یری فی نومه یصیح و یعرق جبینه و قد ینزعج من مكانه كل ذلك یدرك من نفسه و یتأذی به كما یتأذی الیقظان و أنت تری ظاهره ساكنا و لا تری فی حوالیه حیة و الحیة موجودة فی حقه و العذاب حاصل و لكنه فی حقك غیر مشاهد و إن كان العذاب ألم اللدغ فلا فرق بین حیة تتخیل أو تشاهد.

المقام الثالث أن الحیة بنفسها لا تؤلم بل الذی یلقاك منها هو السم ثم السم لیس هو الألم بل عذابك فی الأثر الذی یحصل فیك من السم فلو حصل مثل ذلك من غیر سم فكان ذلك العذاب قد توفر و قد لا یمكن تعریف ذلك النوع من العذاب إلا بأن یضاف إلی السبب الذی یفضی إلیه فی العادة و الصفات المهلكات تنقلب موذیات و مولمات فی النفس عند الموت فتكون آلامها كآلام لدغ الحیات من غیر وجود الحیات.

فإن قلت ما الصحیح من هذه المقامات الثلاثة فاعلم أن من الناس من لم یثبت إلا الثالث و إنما الحق الذی انكشف لنا من طریق الاستبصار أن كل ذلك فی حیز الإمكان و أن من ینكر بعض ذلك فهو لضیق حوصلته و جهله باتساع قدرة اللّٰه و عجائب تدبیره منكر من أفعال اللّٰه تعالی ما لم یأنس به و لم یألفه و ذلك جهل و قصور بل هذه الطرق الثلاثة فی التعذیب ممكن و التصدیق بها واجب و رب عبد یعاقب بنوع واحد من هذه الأنواع الثلاثة هذا هو الحق فصدق به.

ثم قال و سؤال منكر و نكیر حق

لِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أُقْبِرَ الْمَیِّتُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ یُقَالُ لِأَحَدِهِمَا مُنْكَرٌ وَ لِلْآخَرِ نَكِیرٌ یَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِی هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِناً فَیَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَیَقُولَانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ یُفْسَحُ فِی قَبْرِهِ سَبْعِینَ ذِرَاعاً فِی سَبْعِینَ ذِرَاعاً ثُمَّ یُنَوَّرُ لَهُ فِیهِ ثُمَّ یُقَالُ لَهُ نَمْ فَیَقُولُ أَرْجِعُ إِلَی أَهْلِی فَأُخْبِرَهُمْ فَیَقُولَانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِی لَا یُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ حَتَّی یَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ مُنَافِقاً قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لَا أَدْرِی فَیَقُولَانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَیُقَالُ لِلْأَرْضِ الْتَئِمِی عَلَیْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَیْهِ فَتَخْتَلِفُ أَضْلَاعُهُ فَلَا یَزَالُ فِیهِ مُعَذَّباً حَتَّی یَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ.

و أنكر الجبائی و ابنه و

ص: 276

البلخی تسمیة الملكین منكرا و نكیرا و قالوا إنما المنكر ما یصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل و النكیر إنما هو تقریع الكافر و هو خلاف ظاهر الحدیث و الأحادیث الصحیحة الدالة علی عذاب القبر و نعیمه و سؤال الملكین أكثر من أن تحصر بحیث یبلغ قدره المشترك حد التواتر و إن كان كل منها خبر الآحاد و اتفق علیه السلف الصالح قبل ظهور المخالف و أنكره مطلقا ضرار بن عمرو و أكثر متأخری المعتزلة و بعض الروافض متمسكین بأن المیت جماد فلا یعذب و ما سبق حجة علیهم و من تأمل عجائب الملك و الملكوت و غرائب صنعه تعالی لم یستنكف عن قبول أمثال هذا فإن للنفس نشئات و فی كل نشأة تشاهد صورا تقتضیها تلك النشأة فكما أنها تشاهد فی المنام أمورا لم تكن تشاهد فی الیقظة فكذا تشاهد فی حال الانخلاع عن البدن أمورا لم تكن تشاهد فی الحیاة و إلی هذا یشیر من قال الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا انتهی كلامه.

و لا یخفی علی أحد أن ما نسبه هو و غیره إلی الشیعة فی هذا الباب فریة بلا مریة و لا یوجد من ذلك فی كتبهم عین و لا أثر و قد سمعت بعض كلماتهم فی ذلك و لعله رأی ذلك فی بعض كتب الملاحدة من الإسماعیلیة و غیرهم الملصقین بهذه الفرقة المحقة فنسب ذلك إلیهم مجملا و هذا تدلیس قبیح و لا سیما من الفضلاء.

ثم اعلم أنه

رَوَی الْعَامَّةُ فِی كُتُبِهِمْ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ الْبَاهِلِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ وَ سَوَّیْتُمْ عَلَیْهِ التُّرَابَ فَلْیَقُمْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ ثُمَّ لْیَقُلْ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ یَسْمَعُ وَ لَا یُجِیبُ ثُمَّ لْیَقُلْ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الثَّانِیَةَ فَیَسْتَوِی قَاعِداً ثُمَّ لْیَقُلْ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ یَقُولُ أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ فَیَقُولُ اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَیْهِ مِنَ الدُّنْیَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ رَضِیتَ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِالْإِسْلَامِ دِیناً وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِیّاً وَ بِالْقُرْآنِ إِمَاماً فَإِنَّ مُنْكَراً وَ نَكِیراً یَتَأَخَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَیَقُولُ انْطَلِقْ فَمَا یُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وَ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ یَعْرِفْ أُمَّهُ قَالَ فَلْیَنْسِبْهُ إِلَی حَوَّاءَ.

و قال الشیخ البهائی قدس اللّٰه روحه قد یتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد

ص: 277

مفارقة أبدانها العنصریة بأشباح أخر كما دلت علیه الأحادیث قول بالتناسخ و هذا توهم سخیف لأن التناسخ الذی أطبق المسلمون علی بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام أخر فی هذا العالم إما عنصریة كما یزعم بعضهم و یقسمه إلی النسخ و المسخ و الرسخ أو فلكیة ابتداء أو بعد ترددها فی الأبدان العنصریة علی اختلاف آرائهم الواهیة المفصلة فی محلها و أما القول بتعلقها فی عالم آخر بأبدان مثالیة مدة البرزخ إلی أن تقوم قیامتها الكبری فتعود إلی أبدانها الأولیة بإذن مبدعها إما بجمع أجزائها المتشتتة أو بإیجادها من كتم العدم كما أنشأها أول مرة فلیس من التناسخ فی شی ء و إن سمیته تناسخا فلا مشاحة فی التسمیة إذا اختلف المسمی و لیس إنكارنا علی التناسخیة و حكمنا بتكفیرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن إلی آخر فإن المعاد الجسمانی كذلك عند كثیر من أهل الإسلام بل بقولهم بقدم النفوس و ترددها فی أجسام هذا العالم و إنكارهم المعاد الجسمانی فی النشأة الأخرویة.

قال الفخر الرازی فی نهایة العقول إن المسلمین یقولون بحدوث الأرواح و ردها إلی الأبدان لا فی هذا العالم و التناسخیة یقولون بقدمها و ردها إلیها فی هذا العالم و ینكرون الآخرة و الجنة و النار و إنما كفروا من أجل هذا الإنكار انتهی كلامه ملخصا فقد ظهر البون البعید بین القولین انتهی كلامه زاد اللّٰه فی إكرامه.

ثم اعلم أن مقتضی قواعد العدلیة و ظواهر النصوص الماضیة و الآتیة أنه إنما یسأل فی القبر المكلفون الكاملون لا الأطفال و المجانین و المستضعفون و أما الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام و إن كان المفهوم من فحوی عدم سؤال من لقن و أمثالهم و ما مر أنه یسأل و هو مضغوط علی بعض محتملاته و غیره مما یدل علی رفعة شأنهم عدم السؤال عنهم لكن لما لم نر فیه نصا صریحا فالأولی عدم التعرض له نفیا و إثباتا و لذا لم یتعرض له علماؤنا رضوان اللّٰه علیهم.

قال صاحب المحجة البیضاء فی مذهب آل العباء اختلف أهل السنة فی أن الأنبیاء علیهم السلام هل یسألون فی القبر أم لا و كذا فی الأطفال فقیل الأصح أن الأنبیاء علیهم السلام لا یسألون و قال الصفار لیس فی هذا نص و لا خبر و لا دلیل فانتفی ذلك عنهم و ما روی عنه صلی اللّٰه علیه و آله من الاستعاذة عن عذاب القبر فذلك للمبالغة فی إظهار الافتقار إلی اللّٰه

ص: 278

تعالی و قیل هو تحكم محض لجواز أن یقال آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ فكما جاز أن یسأل المؤمن عما آمن به فیقال من ربك و ما دینك فكذا الرسول یسأل عما آمن به فعلم أن حمل الاستعاذة علی المبالغة تحكم بغیر دلیل و لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله صاحب عهدة عظیمة لأنه إنما بعث لبیان الشرائع و صرف القلوب إلی اللّٰه تعالی فلم لا یجوز أن یسأل عما كان فی عهدته حتی قیل و سؤالهما الأنبیاء بهذه العبارة علی ما ذا تركتم أمتكم و الحق أن الأئمة كالأنبیاء صلوات اللّٰه علیهم أجمعین فی هذه الأمور كلها و لم أر فی كتب الإمامیة المسألة لا نفیا و لا إثباتا و الذی یطمئن إلیه قلبی أنهم مع الأئمة سلام اللّٰه علیهم مستثنون من هذه الأحكام انتهی.

و قال الصدوق رحمه اللّٰه فی رسالة العقائد اعتقادنا فی المساءلة فی القبر أنها حق لا بد منها فمن أجاب بالصواب فإذا بروح و ریحان فی قبره بجنة نعیم فی الآخرة و من لم یأت بالصواب فله نزل من حمیم فی قبره و تصلیة جحیم فی الآخرة و أكثر ما یكون عذاب القبر من النمیمة و سوء الخلق و الاستخفاف بالبول و أشد ما یكون عذاب القبر علی المؤمن مثل اختلاج العین أو شرطة حجام و یكون ذلك كفارة لما بقی علیه من الذنوب التی تكفرها الهموم و الغموم و الأمراض و شدة النزف عند الموت فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كفن فاطمة بنت أسد فی قمیصه بعد ما فرغت النساء من غسلها و حمل جنازتها علی عاتقه حتی أوردها قبرها ثم وضعها و دخل القبر و اضطجع فیه ثم قام فأخذها علی یدیه و وضعها فی قبرها ثم انكب علیها یناجیها طویلا و یقول لها ابنك ابنك ثم خرج و سوی علیها التراب ثم انكب علی قبرها فسمعوه و هو یقول اللّٰهم إنی أودعتها إیاك ثم انصرف فقال له المسلمون یا رسول اللّٰه إنا رأیناك صنعت الیوم شیئا لم تصنعه قبل الیوم فقال الیوم فقدت بر أبی طالب إنها كانت یكون عندها الشی ء فتؤثرنی به علی نفسها و ولدها و إنی ذكرت القیامة و أن الناس یحشرون عراة فقالت وا سوأتاه فضمنت لها أن یبعثها اللّٰه تعالی كاسیة و ذكرت ضغطة القبر فقالت وا ضعفاه فضمنت لها أن یكفیها اللّٰه تعالی ذلك فكفنتها بقمیصی و اضطجعت فی قبرها لذلك و انكببت علیها فلقنتها ما تسأل عنه و إنما سئلت عن ربها فقالت اللّٰه و سئلت عن

ص: 279

نبیها فأجابت و سئلت عن ولیها و إمامها فارتج علیها فقلت لها ابنك ابنك.

أقول و قال الشیخ المفید نور اللّٰه ضریحه فی شرح هذا الكلام جاءت الأخبار الصحیحة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن الملائكة تنزل علی المقبورین فتسألهم عن أدیانهم و ألفاظ الأخبار بذلك متقاربة فمنها أن ملكین لله تعالی یقال لهما ناكر و نكیر ینزلان علی المیت فیسألانه عن ربه و نبیه و دینه و إمامه فإن أجاب بالحق سلموه إلی ملائكة النعیم و إن أرتج علیه سلموه إلی ملائكة العذاب و قیل فی بعض الأخبار إن اسمی الملكین الذین ینزلان علی المؤمن مبشر و بشیر و قیل إنه إنما سمی ملكا الكافر ناكرا و نكیرا لأنه ینكر الحق و ینكر ما یأتیانه به و یكرهه و سمی ملكا المؤمن مبشرا و بشیرا لأنهما یبشرانه من اللّٰه تعالی بالرضا و الثواب المقیم و إن هذین الاسمین لیسا بلقب لهما و إنهما عبارة عن فعلهما و هذه أمور تتقارب بعضها من بعض و لا تستحیل معانیها و اللّٰه أعلم بحقیقة الأمر فیها و قد قلنا فیما سلف إنما ینزل الملكان علی من محض الإیمان محضا أو محض الكفر محضا و من سوی هذین فیلهی عنه و بینا أن الخبر جاء بذلك فمن جهته قلنا فیه ما ذكرناه.

فصل و لیس ینزل الملكان إلا علی حی و لا یسألان إلا من یفهم المسألة و یعرف معناها و هذا یدل علی أن اللّٰه تعالی یحیی العبد بعد موته للمساءلة و یدیم حیاته بنعیم إن كان یستحقه أو بعذاب إن كان یستحقه (1)نعوذ باللّٰه من سخطه و نسأله التوفیق لما یرضیه برحمته و الغرض من نزول الملكین و مسألتهما العبد أن اللّٰه یوكل بالعبد بعد موته ملائكة النعیم و ملائكة العذاب و لیس للملائكة طریق إلی ما یستحقه العبد إلا بإعلام اللّٰه تعالی ذلك لهم فالملكان اللذان ینزلان علی العبد أحدهما من ملائكة النعیم و الآخر من ملائكة العذاب فإذا هبطا لما وكلا به استفهما حال العبد بالمساءلة

ص: 280


1- لعل المراد أن الإنسان لا یبطل بعد الموت و لا ینعدم بالكلیة بل له نوع من الحیاة غیر الحیاة الحسیة التی یفقدها بالموت، قال صلّی اللّٰه علیه و آله: و إنّما تنتقلون من دار إلی دار الحدیث. و أما الروایات الدالة علی إدخال الروح فیه إلی حقویه فی القبر فهی تمثیل للمساءلة كما أن الروایات الدالة علی قولهما له: نم نومة العروس و إنامتهما له و غیر ذلك تمثیل لمكثه فی القبر فی انتظار البعث. ط.

فإن أجاب بما یستحق به النعیم قام بذلك ملك النعیم و عرج عنه ملك العذاب و إن ظهرت فیه علامة استحقاقه العذاب وكل به ملك العذاب و عرج عنه ملك النعیم و قد قیل إن الملائكة الموكلین بالنعیم و العقاب غیر الملكین الموكلین بالمساءلة و إنما یعرف ملائكة النعیم و ملائكة العقاب ما یستحقه العبد من جهة ملكی المساءلة فإذا ساءلا العبد و ظهر منه ما یستحق به الجزاء تولی منه ذلك ملائكة الجزاء و عرج ملكا المساءلة إلی مكانهما من السماء و هذا كله جائز و لسنا نقطع بأحد دون صاحبه إذ الأخبار فیه متكافئة و العادة لنا فی معنی ما ذكرناه التوقف و التجویز.

فصل و إنما وكل اللّٰه تعالی ملائكة المساءلة و ملائكة العذاب و النعیم بالخلق تعبدا لهم بذلك كما وكل الكتبة من الملائكة علیهم السلام بحفظ أعمال الخلق و كتبها و نسخها و رفعها تعبدا لهم بذلك و كما تعبد طائفة من الملائكة بحفظ بنی آدم و طائفة منهم بإهلاك الأمم و طائفة بحمل العرش و طائفة بالطواف حول البیت المعمور و طائفة بالتسبیح و طائفة بالاستغفار للمؤمنین و طائفة بتنعیم أهل الجنة و طائفة بتعذیب أهل النار و التعبد لهم بذلك لیثیبهم علیها و لم یتعبد اللّٰه الملائكة بذلك عبثا كما لم یتعبد البشر و الجن بما تعبدهم به لعبا بل تعبد الكل للجزاء و ما تقتضیه الحكمة من تعریفهم نفسه تعالی و التزامهم شكر النعمة علیهم و قد كان اللّٰه تعالی قادرا علی أن یفعل العذاب بمستحقه من غیر واسطة و ینعم المطیع من غیر واسطة لكنه علق ذلك علی الوسائط لما ذكرناه و بینا وجه الحكمة فیه و وصفناه و طریق مساءلة الملكین الأموات بعد خروجهم من الدنیا بالوفاة هو السمع و طریق العلم برد الحیاة إلیهم عند المساءلة هو العقل إذ لا تصح مساءلة الأموات و استخبار الجمادات و إنما یحسن الكلام للحی العاقل لما یكلم به و تقریره و إلزامه بما یقدر علیه مع أنه قد جاء فی الخبر أن كل مساءل ترد إلیه الحیاة عند مساءلتهم لیفهم ما یقال له فالخبر بذلك أكد ما فی العقل و لو لم یرد بذلك خبر لكفی حجة العقل فیه علی ما بیناه انتهی كلامه رحمه اللّٰه.

و أقول لما كانت هذه المسألة من أعظم الأصول الإسلامیة و قد أكثرت المتفلسفة و الملاحدة الشبه فیها و رام بعض من آمن بلسانه و لم یؤمن بقلبه تأویلها و تحریفها

ص: 281

أطنبت الكلام فیها بعض الإطناب و أرجو من فضل ربی أن یوفقنی لأن أعمل فی ذلك رسالة مفردة عن هذا الكتاب و اللّٰه الموفق لكل خیر و صواب و قد أثبتنا الأخبار النافعة فی هذا المقصد الأقصی فی باب الاحتضار و باب الجریدتین و باب الدفن و باب التلقین و غیرها من أبواب الجنائز و باب أحوال أولاد آدم و أبواب معجزات الأئمة علیهم السلام و غرائب أحوالهم و سیأتی خبر طویل فی تكلم سلمان مع بعض الأموات فی باب أحواله رضی اللّٰه عنه و سیأتی فی أكثر الأبواب ما یناسب الباب لا سیما فی باب فضل فاطمة بنت أسد رضی اللّٰه عنها و باب فضل لیلة الجمعة و یومها و أبواب المواعظ و أبواب فضائل الأعمال و غیرها مما تطول الإشارة إلیها فكیف ذكرها.

باب 9 آخر فی جنة الدنیا و نارها و هو من الباب الأول

الآیات؛

مریم: «جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِی وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَیْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِیًّا *لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِیها بُكْرَةً وَ عَشِیًّا»(61-62)

الحج: «وَ الَّذِینَ هاجَرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَیَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ* لَیُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا یَرْضَوْنَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَلِیمٌ حَلِیمٌ»(58-59)

یس: «إِنِّی آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ* قِیلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِی رَبِّی وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُكْرَمِینَ»(25-27)

المؤمن: «وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ* النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ»(45-46)

نوح: «مِمَّا خَطِیئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً»(25)

تفسیر: جَنَّاتِ عَدْنٍ أی جنات إقامة الَّتِی وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَیْبِ أی وعدها إیاهم و هی غائبة عنهم أو و هم غائبون عنها أو وعدهم بإیمانهم بالغیب إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ الذی هو الجنة مَأْتِیًّا یأتیها أهلها الموعود لهم و قیل المفعول بمعنی الفاعل أی آتیا لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً أی فضول كلام إِلَّا سَلاماً أی و لكن یسمعون قولا یسلمون

ص: 282

فیه من العیب و النقیصة أو إلا تسلیم الملائكة علیهم أو تسلیم بعضهم علی بعض علی الاستثناء المنقطع.

وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِیها بُكْرَةً وَ عَشِیًّا قال الطبرسی رحمه اللّٰه قال المفسرون لیس فی الجنة شمس و لا قمر فیكون لهم بكرة و عشی و المراد أنهم یؤتون رزقهم علی ما یعرفونه من مقدار الغداة و العشی و قیل كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء و العشاء أعجب به و كانت تكره الأكلة الواحدة فی الیوم فأخبر اللّٰه تعالی أن لهم فی الجنة رزقهم بكرة و عشیا علی قدر ذلك الوقت و لیس ثم لیل و إنما هو ضوء و نور و قیل إنهم یعرفون مقدار اللیل بإرخاء الحجب و فتح الأبواب انتهی.

أقول: سیأتی نقلا من تفسیر علی بن إبراهیم أن هذا فی جنة الدنیا فلا یحتاج إلی هذه التكلفات. (1)قوله تعالی لَیَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً قیل هذا فی جنة الدنیا كقوله تعالی فی الآیة الأخری بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ و قال الطبرسی فی قصة مؤمن آل یس عند قوله تعالی إِنِّی آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ عن ابن مسعود قال إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتی مات فأدخله اللّٰه الجنة و هو حی فیها یرزق و هو قوله قِیلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ و قیل رجموه حتی قتلوه و قیل إن القوم لما أرادوا أن یقتلوه رفعه اللّٰه إلیه فهو فی الجنة و لا یموت إلا بفناء الدنیا و هلاك الجنة عن الحسن و مجاهد و قالا إن الجنة التی دخلها یجوز هلاكها و قیل إنهم قتلوه إلا أن اللّٰه سبحانه أحیاه و أدخله الجنة فلما دخلها قالَ یا لَیْتَ قَوْمِی یَعْلَمُونَ الآیة و فی هذا دلالة علی نعیم القبر لأنه إنما قال ذلك و قومه أحیاء و إذا جاز نعیم القبر جاز عذاب القبر فإن الخلاف فیهما واحد.

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ أی أحاط و نزل بهم سُوءُ الْعَذابِ أی مكروهه و ما یسوء منه و سوء العذاب فی الدنیا الغرق و فی الآخرة النار و ذلك قوله النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا أی یعرض آل فرعون علی النار فی قبورهم

ص: 283


1- انظر ما یأتی تحت رقم 4.

صباحا و مساء فیعذبون

وَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَیْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِیِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنَ النَّارِ یُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّی یَبْعَثَكَ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَوْرَدَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (1)ذَلِكَ فِی الدُّنْیَا قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ لِأَنَّ نَارَ الْقِیَامَةِ لَا تَكُونُ غُدُوّاً وَ عَشِیّاً ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانُوا إِنَّمَا یُعَذَّبُونَ غُدُوّاً وَ عَشِیّاً فَفِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ هُمْ مِنَ السُّعَدَاءِ وَ لَكِنْ هَذَا فِی نَارِ الْبَرْزَخِ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ.

و قال البیضاوی مِمَّا خَطِیئاتِهِمْ أی من أجل خطیئاتهم و ما مزیدة للتأكید و التفخیم أُغْرِقُوا بالطوفان فَأُدْخِلُوا ناراً المراد عذاب القبر أو عذاب الآخرة و التعقیب لعدم الاعتداد بما بین الإغراق و الإدخال أو لأن المسبب كالمتعقب للسبب و إن تراخی عنه لفقد شرط أو وجود مانع.

«1»-ل، الخصال أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ حُمَیْدٍ عَنِ ابْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلَ الشَّامِیُّ الَّذِی بَعَثَهُ مُعَاوِیَةُ لِیَسْأَلَ عَمَّا بَعَثَ إِلَیْهِ ابْنُ الْأَصْفَرِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام عَنِ الْعَیْنِ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ هِیَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهَا سَلْمَی الْخَبَرَ.

ج، الإحتجاج مرسلا مثله (2)

«2»-ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ جَنَّةِ آدَمَ فَقَالَ جَنَّةٌ مِنْ جِنَانِ الدُّنْیَا تَطْلُعُ فِیهَا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الْخُلْدِ مَا خَرَجَ مِنْهَا أَبَداً.

كا، الكافی علی عن أبیه عن البزنطی عن الحسین بن میسر عنه علیه السلام مثله.

ص: 284


1- راجع الحدیث تحت رقم 6.
2- عبارة الكتابین هكذا: عین یقال لها: برهوت، و اما العین التی تأوی إلیها ارواح المؤمنین فهی عین یقال لها: سلمی. م.

«3»-فس، تفسیر القمی أَبِی رَفَعَهُ قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ جَنَّةِ آدَمَ أَ مِنْ جِنَانِ (1)الدُّنْیَا كَانَتْ أَمْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ فَقَالَ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الدُّنْیَا تَطْلُعُ فِیهَا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ مَا خَرَجَ مِنْهَا أَبَداً (2)الْخَبَرَ.

«4»-فس، تفسیر القمی وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِیها بُكْرَةً وَ عَشِیًّا قَالَ ذَلِكَ فِی جَنَّاتِ الدُّنْیَا قَبْلَ الْقِیَامَةِ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُهُ بُكْرَةً وَ عَشِیًّا فَالْبُكْرَةُ وَ الْعَشِیُّ لَا تَكُونَانِ فِی الْآخِرَةِ فِی جِنَانِ الْخُلْدِ (3)وَ إِنَّمَا یَكُونُ الْغُدُوُّ وَ الْعَشِیُّ فِی جِنَانِ الدُّنْیَا الَّتِی تَنْقُلُ إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ (4) وَ تَطْلُعُ فِیهَا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ.

«5»-فس، تفسیر القمی وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ یَوْمَ یَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَ سَعِیدٌ فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ شَهِیقٌ خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ فَهَذَا هُوَ فِی نَارِ الدُّنْیَا قَبْلَ الْقِیَامَةِ (5)وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ أَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا فَفِی الْجَنَّةِ خالِدِینَ فِیها یَعْنِی فِی جِنَانِ الدُّنْیَا الَّتِی تَنْقُلُ إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ یَعْنِی غَیْرَ مَقْطُوعٍ مِنْ نَعِیمِ الْآخِرَةِ فِی الْجَنَّةِ یَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ.

«6»-فس، تفسیر القمی النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا قَالَ ذَلِكَ فِی الدُّنْیَا قَبْلَ الْقِیَامَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ فِی الْقِیَامَةِ لَا یَكُونُ غُدُوّاً وَ لَا عَشِیّاً (6)لِأَنَّ الْغُدُوَّ وَ الْعِشَاءَ إِنَّمَا یَكُونُ فِی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ لَیْسَ فِی جِنَانِ الْخُلْدِ وَ نِیرَانِهَا شَمْسٌ وَ لَا قَمَرٌ قَالَ وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یَقُولُ النَّاسُ فِیهَا فَقَالَ یَقُولُونَ إِنَّهَا فِی نَارِ الْخُلْدِ وَ هُمْ لَا یُعَذَّبُونَ

ص: 285


1- فی المصدر: جنات. و كذا فی الفقرتین الأخیرتین. م.
2- فی المصدر: ما اخرج منها ابدا. م.
3- فی المصدر: جنات. و كذا فی الفقرة الأخری. م.
4- فی المصدر : تنتقل ارواح المؤمنین الیها. م
5- فی المصدر بعد ذلك: ما دامت السماوات و الأرض و أمّا قوله اه. م.
6- فی المصدر: غدو و لا عشی. م.

فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام فَهُمْ مِنَ السُّعَدَاءِ (1)فَقِیلَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَیْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّمَا هَذَا فِی الدُّنْیَا فَأَمَّا فِی نَارِ الْخُلْدِ (2)فَهُوَ قَوْلُهُ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ.

«7»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَیْسٍ (3)الْكُنَاسِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَالُ الْمُوَحِّدِینَ الْمُقِرِّینَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمُسْلِمِینَ الْمُذْنِبِینَ الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ لَیْسَ لَهُمْ إِمَامٌ وَ لَا یَعْرِفُونَ وَلَایَتَكُمْ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ فِی حُفَرِهِمْ لَا یَخْرُجُونَ مِنْهَا فَمَنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَ لَمْ یَظْهَرْ مِنْهُ عَدَاوَةٌ فَإِنَّهُ یُخَدُّ لَهُ خَدّاً إِلَی الْجَنَّةِ الَّتِی خَلَقَهَا اللَّهُ بِالْمَغْرِبِ فَیَدْخُلُ عَلَیْهِ الرَّوْحُ فِی حُفْرَتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ حَتَّی یَلْقَی اللَّهَ فَیُحَاسِبَهُ بِحَسَنَاتِهِ وَ سَیِّئَاتِهِ فَإِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِمَّا إِلَی النَّارِ فَهَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ وَ كَذَلِكَ یُفْعَلُ بِالْمُسْتَضْعَفِینَ وَ الْبُلْهِ وَ الْأَطْفَالِ وَ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ لَمْ یبلغ [یَبْلُغُوا] الْحُلُمَ وَ أَمَّا النُّصَّابُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ یُخَدُّ لَهُمْ خَدّاً إِلَی النَّارِ الَّتِی خَلَقَهَا اللَّهُ فِی الْمَشْرِقِ فَیَدْخُلُ عَلَیْهِمُ اللَّهَبُ (4)وَ الشَّرَرُ وَ الدُّخَانُ وَ فَوْرَةُ (5)الْحَمِیمِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَصِیرُهُمْ إِلَی الْجَحِیمِ.

«8»-فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ (6)عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ قَالَ: كَانَ فِیمَا سَأَلَ مَلِكُ الرُّومِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ یَكُونُونَ إِذَا مَاتُوا قَالَ تَجْتَمِعُ عِنْدَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ عَرْشُ اللَّهِ الْأَدْنَی

ص: 286


1- فی المصدر بعد ذلك: فهم سعداء؛ بحذف قوله: فقال علیه السلام. م.
2- فی المصدر: فی الخلد. م.
3- وزان زبیر.
4- فی المصدر: علیهم منها اللّٰهب. م.
5- الظاهر: و فورة الجحیم. و الفورة من الحر: حدته.
6- كنیة ثابت البجلیّ الكوفیّ المذكور فی رجال الشیخ فی باب أصحاب الصادق علیه السلام و لكن لم ینص هو و لا غیره علی توثیقه.

مِنْهَا یَبْسُطُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ إِلَیْهَا یَطْوِیهَا وَ إِلَیْهِ الْمَحْشَرُ وَ مِنْهَا اسْتَوَی رَبُّنَا إِلَی السَّمَاءِ (1)وَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَیْنَ تَجْتَمِعُ قَالَ تَجْتَمِعُ فِی وَادِی حَضْرَمَوْتَ وَرَاءَ مَدِینَةِ الْیَمَنِ.

«9»-ختص، الإختصاص یر، بصائر الدرجات الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ بَقَّاحٍ (2)عَنِ ابْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْحَوْضِ فَقَالَ لِی حَوْضٌ مَا بَیْنَ بُصْرَی إِلَی صَنْعَاءَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ قُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَأَخَذَ بِیَدِی وَ أَخْرَجَنِی إِلَی ظَهْرِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ ضَرَبَ رِجْلَهُ فَنَظَرْتُ إِلَی نَهَرٍ یَجْرِی لَا تُدْرِكُ حَافَتَیْهِ إِلَّا الْمَوْضِعَ الَّذِی أَنَا فِیهِ قَائِمٌ فَإِنَّهُ شَبِیهٌ بِالْجَزِیرَةِ فَكُنْتُ أَنَا وَ هُوَ وُقُوفاً فَنَظَرْتُ إِلَی نَهَرٍ یَجْرِی مِنْ جَانِبِهِ هَذَا مَاءٌ أَبْیَضُ مِنَ الثَّلْجِ وَ مِنْ جَانِبِهِ هَذَا لَبَنٌ أَبْیَضُ مِنَ الثَّلْجِ وَ فِی وَسَطِهِ خَمْرٌ أَحْسَنُ مِنَ الْیَاقُوتِ فَمَا رَأَیْتُ شَیْئاً أَحْسَنَ مِنْ تِلْكَ الْخَمْرِ بَیْنَ اللَّبَنِ وَ الْمَاءِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنْ أَیْنَ یَخْرُجُ هَذَا وَ مِنْ أَیْنَ مَجْرَاهُ فَقَالَ هَذِهِ الْعُیُونُ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ فِی كِتَابِهِ أَنْهَارٌ فِی الْجَنَّةِ عَیْنٌ مِنْ مَاءٍ وَ عَیْنٌ مِنْ لَبَنٍ وَ عَیْنٌ مِنْ خَمْرٍ تَجْرِی فِی هَذَا النَّهَرِ وَ رَأَیْتُ حَافَتَیْهِ عَلَیْهِمَا شَجَرٌ (3)فِیهِنَّ حُورٌ مُعَلَّقَاتٌ بِرُءُوسِهِنَّ شَعْرٌ مَا رَأَیْتُ شَیْئاً أَحْسَنَ مِنْهُنَّ وَ بِأَیْدِیهِنَّ آنِیَةٌ مَا رَأَیْتُ آنِیَةً أَحْسَنَ مِنْهَا لَیْسَتْ مِنْ آنِیَةِ الدُّنْیَا فَدَنَا مِنْ إِحْدَاهُنَّ فَأَوْمَأَ إِلَیْهَا بِیَدِهِ لِتَسْقِیَهُ فَنَظَرْتُ إِلَیْهَا وَ قَدْ مَالَتْ لِتَغْرِفَ مِنَ النَّهَرِ فَمَالَ الشَّجَرُ مَعَهَا فَاغْتَرَفَتْ ثُمَّ نَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا وَ أَوْمَأَ إِلَیْهَا فَمَالَتْ لِتَغْرِفَ فَمَالَتِ الشَّجَرَةُ مَعَهَا فَاغْتَرَفَتْ ثُمَّ نَاوَلَتْهُ فَنَاوَلَنِی فَشَرِبْتُ فَمَا رَأَیْتُ شَرَاباً كَانَ أَلْیَنَ مِنْهُ وَ لَا أَلَذَّ مِنْهُ وَ كَانَتْ رَائِحَتُهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَنَظَرْتُ فِی الْكَأْسِ فَإِذَا فِیهِ ثَلَاثَةُ أَلْوَانٍ مِنَ الشَّرَابِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ قَطُّ وَ لَا كُنْتُ أَرَی أَنَّ الْأَمْرَ هَكَذَا فَقَالَ لِی هَذَا أَقَلُّ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِشِیعَتِنَا إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا تُوُفِّیَ صَارَتْ رُوحُهُ إِلَی هَذَا النَّهَرِ وَ رَعَتْ فِی رِیَاضِهِ وَ شَرِبَتْ مِنْ شَرَابِهِ وَ إِنَّ عَدُوَّنَا إِذَا تُوُفِّیَ صَارَتْ رُوحُهُ إِلَی وَادِی بَرَهُوتَ فَأُخْلِدَتْ فِی عَذَابِهِ وَ أُطْعِمَتْ مِنْ زَقُّومِهِ وَ أُسْقِیَتْ مِنْ حَمِیمِهِ فَاسْتَعِیذُوا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِی.

ص: 287


1- فی المصدر بعد ذلك: أی استولی الی السماء و الملائكة اه. م.
2- بفتح الباء و تشدید القاف
3- فی نسخة: و رأیت حافاته علیها شجر.

«10»-مل، كامل الزیارات مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْأَرَّجَانِیِّ قَالَ: صَحِبْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی طَرِیقِ مَكَّةَ مِنَ الْمَدِینَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا یُقَالُ لَهُ عُسْفَانُ ثُمَّ مَرَرْنَا بِجَبَلٍ أَسْوَدَ عَنْ یَسَارِ الطَّرِیقِ مُوحِشٍ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَوْحَشَ هَذَا الْجَبَلَ مَا رَأَیْتُ فِی الطُّرُقِ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لِی یَا ابْنَ بَكْرٍ تَدْرِی أَیُّ جَبَلٍ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ هَذَا جَبَلٌ یُقَالُ لَهُ الْكَمَدُ وَ هُوَ عَلَی وَادٍ مِنْ أَوْدِیَةِ جَهَنَّمَ وَ فِیهِ قَتَلَةُ أَبِی الْحُسَیْنِ علیه السلام اسْتَوْدَعَهُمْ فِیهِ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمْ مِیَاهُ جَهَنَّمَ مِنَ الْغِسْلِینِ وَ الصَّدِیدِ وَ الْحَمِیمِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ جُبِّ الْحَوَی (1)وَ مَا یَخْرُجُ مِنَ الْفَلَقِ مِنْ آثَامٍ (2) وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ طِینَةِ الْخَبَالِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ جَهَنَّمَ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ لَظَی مِنَ الْحُطَمَةِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ سَقَرَ وَ مَا یَخْرُجُ مِنَ الْجَحِیمِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنَ الْهَاوِیَةِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنَ السَّعِیرِ وَ فِی نُسْخَهٍ أُخْرَی وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ جَهَنَّمَ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ لَظَی وَ مِنَ الْحُطَمَةِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْ سَقَرَ وَ مَا یَخْرُجُ مِنَ الْحَمِیمِ وَ مَا مَرَرْتُ بِهَذَا الْجَبَلِ فِی سَفَرِی فَوَقَفْتُ بِهِ إِلَّا رَأَیْتُهُمَا یَسْتَغِیثَانِ إِلَیَّ وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی قَتَلَةِ أَبِی فَأَقُولُ لَهُمَا هَؤُلَاءِ إِنَّمَا فَعَلُوا مَا أَسَّسْتُمَا لَمْ تَرْحَمُونَا إِذْ وُلِّیتُمْ وَ قَتَلْتُمُونَا وَ حَرَمْتُمُونَا وَ وَثَبْتُمْ عَلَی حَقِّنَا وَ اسْتَبْدَدْتُمْ بِالْأَمْرِ دُونَنَا فَلَا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ یَرْحَمُكُمَا ذُوقَا وَبَالَ مَا قَدَّمْتُمَا وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَیْنَ مُنْتَهَی هَذَا الْجَبَلِ قَالَ إِلَی الْأَرْضِ السَّادِسَةِ وَ فِیهَا جَهَنَّمُ عَلَی وَادٍ مِنْ أَوْدِیَتِهِ عَلَیْهِ حَفَظَةٌ أَكْثَرُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَ قَطْرِ الْمَطَرِ وَ عَدَدِ مَا فِی الْبِحَارِ وَ عَدَدِ الثَّرَی وَ قَدْ وُكِّلَ كُلُّ مَلَكٍ مِنْهُمْ بِشَیْ ءٍ وَ هُوَ مُقِیمٌ عَلَیْهِ لَا یُفَارِقُهُ.

بیان: تمامه فی باب غرائب أحوال الأئمة علیهم السلام و جب الحوی لعله تصحیف جب الحزن لما روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحَزْنِ و هو اسم جبّ فی جهنم.

«11»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ع

ص: 288


1- فی كامل الزیارة المطبوع: من جب الجوی، أی المتغیر المنتن.
2- فی هامش الكامل المطبوع ، وفی روایة شیخنا المفید : وما یخرج من آثام.

شَرُّ بِئْرٍ فِی النَّارِ بَرَهُوتُ (1)الَّذِی فِیهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ.

«12»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ شَرُّ مَاءٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ بَرَهُوتَ وَ هُوَ الَّذِی بِحَضْرَمَوْتَ یَرِدُهُ هَامُ الْكُفَّارِ.

«13»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَرُّ الْیَهُودِ یَهُودُ بَیْسَانَ (2)وَ شَرُّ النَّصَارَی نَصَارَی نَجْرَانَ (3)وَ خَیْرُ مَاءٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ وَ شَرُّ مَاءٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ بَرَهُوتَ وَ هُوَ وَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ تَرِدُ عَلَیْهِ هَامُ الْكُفَّارِ وَ صَدَاهُمْ.

بیان: قال الجزری فیه لا عدوی و لا هامة الهامة الرأس و اسم طائر و هو المراد فی الحدیث و ذلك أنهم كانوا یتشاءمون بها و هی من طیر اللیل و قیل هی البومة و قیل إن العرب كانت تزعم أن روح القتیل الذی لا یدرك بثاره تصیر هامة فتقول اسقونی اسقونی فإذا أدرك بثاره طارت و قیل كانوا یزعمون أن عظام المیت و قیل روحه تصیر هامة فتطیر و یسمونه الصدی فنفاه الإسلام و نهاهم عنه انتهی و المراد بالهام و الصدی فی الخبر أرواح الكفار و إنما عبر عنها بهما لأنهم كانوا هكذا یعبرون عنها و إن كان ما زعموه فی ذلك باطلا.

«14»-كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَیْسٍ الْكُنَاسِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ

ص: 289


1- فی النهایة: فی حدیث علیّ علیه السلام شر بئر فی الأرض برهوت. هو بفتح الباء و الراء بئر عمیقة بحضر موت لا یستطاع النزول إلی قعرها؛ و یقال: برهوت بضم الباء و سكون الراء، و تكون تاؤها علی الأول زائدة، و علی الثانی أصلیة انتهی. و فی القاموس: برهوت كحلزون: واد أو بئر بحضر موت. أخرجه الهروی عن علیّ علیه السلام، و أخرجه الطبرانی فی المعجم عن ابن عباس عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله
2- فی القاموس: بیسان: بلدة بالشام.
3- فی النهایة: نجران: موضع معروف بین الحجاز و الشام و الیمن.

علیه السلام أَنَّ النَّاسَ یَذْكُرُونَ أَنَّ فُرَاتَنَا (1)یَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ فَكَیْفَ هُوَ وَ هُوَ یُقْبِلُ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ تُصَبُّ فِیهِ الْعُیُونُ وَ الْأَوْدِیَةُ قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ أَنَا أَسْمَعُ أَنَّ لِلَّهِ جَنَّةً خَلَقَهَا اللَّهُ فِی الْمَغْرِبِ وَ مَاءُ فُرَاتِكُمْ هَذِهِ یَخْرُجُ مِنْهَا (2)وَ إِلَیْهَا تَخْرُجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ حُفَرِهِمْ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ فَتَسْقُطُ عَلَی ثِمَارِهَا وَ تَأْكُلُ مِنْهَا وَ تَتَنَعَّمُ فِیهَا وَ تَتَلَاقَی وَ تَتَعَارَفُ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ هَاجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ فَكَانَتْ فِی الْهَوَاءِ فِیمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ تَطِیرُ ذَاهِبَةً وَ جَائِیَةً وَ تَعْهَدُ حُفَرَهَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ تَتَلَاقَی فِی الْهَوَاءِ وَ تَتَعَارَفُ قَالَ وَ إِنَّ لِلَّهِ نَاراً فِی الْمَشْرِقِ خَلَقَهَا لِیُسْكِنَهَا أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ وَ یَأْكُلُونَ مِنْ زَقُّومِهَا وَ یَشْرَبُونَ مِنْ حَمِیمِهَا لَیْلَهُمْ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ هَاجَتْ إِلَی وَادٍ بِالْیَمَنِ یُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ أَشَدُّ حَرّاً مِنْ نِیرَانِ الدُّنْیَا كَانُوا فِیهِ یَتَلَاقَوْنَ وَ یَتَعَارَفُونَ فَإِذَا كَانَ الْمَسَاءُ عَادُوا إِلَی النَّارِ فَهُمْ كَذَلِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا حَالُ الْمُوَحِّدِینَ الْمُقِرِّینَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمُسْلِمِینَ الْمُذْنِبِینَ الَّذِینَ یَمُوتُونَ وَ لَیْسَ لَهُمْ إِمَامٌ وَ لَا یَعْرِفُونَ وَلَایَتَكُمْ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ فِی حُفَرِهِمْ لَا یَخْرُجُونَ مِنْهَا فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ عَدَاوَةٌ فَإِنَّهُ یُخَدُّ لَهُ خَدٌّ إِلَی الْجَنَّةِ الَّتِی خَلَقَهَا اللَّهُ فِی الْمَغْرِبِ فَیَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنْهَا الرَّوْحُ فِی حُفْرَتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَیَلْقَی اللَّهَ فَیُحَاسِبُهُ بِحَسَنَاتِهِ وَ سَیِّئَاتِهِ فَإِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ أَوْ إِلَی نَارٍ فَهَؤُلَاءِ مَوْقُوفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ وَ كَذَلِكَ یَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُسْتَضْعَفِینَ وَ الْبُلْهِ وَ الْأَطْفَالِ وَ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ لَمْ یَبْلُغُوا الْحُلُمَ فَأَمَّا النُّصَّابُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُمْ یُخَدُّ لَهُمْ خَدٌّ إِلَی النَّارِ الَّتِی خَلَقَهَا اللَّهُ فِی الْمَشْرِقِ فَیَدْخُلُ عَلَیْهِمْ مِنْهَا اللَّهَبُ وَ الشَّرَرُ وَ الدُّخَانُ وَ فَوْرَةُ الْحَمِیمِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ مَصِیرُهُمْ إِلَی الْحَمِیمِ ثُمَّ فِی النَّارِ یُسْجَرُونَ ثُمَّ قِیلَ

ص: 290


1- الفرات نهر عظیم مبدأ نبعه فی أرمینیة إحدی الممالك الجمهوریة فی روسیا، ثمّ یجری فی جبال طوروس من تركیا، ثمّ یجتاز السوریة و العراق، ثمّ یتّحد بدجلة فیكون منهما شط العرب فینصب فی بحر العمان؛ و للتوراة الموجودة عنایة فی شأن هذا النهر و تبریكه و تقدیسه و انها من انهار الجنة؛ و هذا ممّا یؤكد احتمال الدس فی هذه الروایة و ما یقرب منها مضمونا، و لو كانت صحیحة مقبولة كان المراد بكون جنة الدنیا فی ارمینیة مثال كون نار الدنیا فی برهوت؛ و الجنة و النار فی حفرة القبر كنایة عن نحو من التعلق بها. ط.
2- فی المصدر: و ماء فراتكم یخرج منها. م.

لَهُمْ أَیْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَیْنَ إِمَامُكُمُ الَّذِی اتَّخَذْتُمُوهُ دُونَ الْإِمَامِ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً.

«15»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْیَمَنِ وَادِیاً یُقَالُ لَهُ وَادِی بَرَهُوتَ وَ لَا یُجَاوِرُ ذَلِكَ الْوَادِیَ إِلَّا الْحَیَّاتُ السُّودُ وَ الْبُومُ مِنَ الطَّیْرِ فِی ذَلِكَ الْوَادِی بِئْرٌ یُقَالُ لَهَا بَلَهُوتُ یُغْدَی وَ یُرَاحُ إِلَیْهَا بِأَرْوَاحِ الْمُشْرِكِینَ یُسْقَوْنَ مِنْ مَاءِ الصَّدِیدِ.

«16»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَیْتُ أَمْراً عَظِیماً فَقَالَ وَ مَا رَأَیْتَ قَالَ كَانَ لِی مَرِیضٌ وَ نُعِتَ لَهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِ الْأَحْقَافِ یُسْتَشْفَی بِهِ فِی بَرَهُوتَ (1)قَالَ فَتَهَیَّأْتُ وَ مَعِی قِرْبَةٌ وَ قَدَحٌ لِآخُذَ (2)مِنْ مَائِهَا وَ أَصُبَّ فِی الْقِرْبَةِ إِذَا شَیْ ءٌ قَدْ هَبَطَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ كَهَیْئَةِ السِّلْسِلَةِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا هَذَا اسْقِنِی السَّاعَةَ أَمُوتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِی وَ رَفَعْتُ إِلَیْهِ الْقَدَحَ لِأَسْقِیَهُ فَإِذَا رَجُلٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ فَلَمَّا ذَهَبْتُ أُنَاوِلُهُ الْقَدَحَ اجْتُذِبَ حَتَّی عُلِّقَ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَی الْمَاءِ أَغْتَرِفُ إِذْ أَقْبَلَ الثَّانِیَةَ وَ هُوَ یَقُولُ الْعَطَشَ الْعَطَشَ یَا هَذَا اسْقِنِی السَّاعَةَ أَمُوتُ فَرَفَعْتُ الْقَدَحَ لِأَسْقِیَهُ فَاجْتُذِبَ حَتَّی عُلِّقَ بِعَیْنِ الشَّمْسِ (3)حَتَّی فُعِلَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ وَ شَدَدْتُ قِرْبَتِی وَ لَمْ أَسْقِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاكَ قَابِیلُ بْنُ آدَمَ قَتَلَ أَخَاهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَجِیبُونَ لَهُمْ بِشَیْ ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّیْهِ إِلَی الْماءِ لِیَبْلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الْكافِرِینَ إِلَّا فِی ضَلالٍ (4)

ص: 291


1- فی المصدر: نستسقی فی برهوت. م.
2- فی المصدر: قال: فانتهیت و معی قربة لاخذ اه. م.
3- فی المصدر: علق بالشمس. م.
4- یشكل الخبر بأن ما ذكر فیه من القصة اولا لا ینطبق علی ما ذكر من الآیة أخیرا، علی أن أخبار تعذیب قابیل فی عین الشمس و منها هذا الخبر موضوعة و سنبین ذلك إن شاء اللّٰه فیما سیجی ء من قصة هابیل و قابیل من كتاب قصص الأنبیاء. ط.

بیان: سیأتی أمثال هذا الخبر بطرق متعددة فی أبواب أحوال الأئمة علیهم السلام و باب أحوال أولاد آدم علیه السلام و غیرها.

«17»-یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِیٌّ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ مِنَ الْأَحْقَافِ أَحْقَافِ عَادٍ قَالَ رَأَیْتُ وَادِیاً مُظْلِماً فِیهِ الْهَامُ وَ الْبُومُ لَا یُبْصَرُ قَعْرُهُ قَالَ وَ تَدْرِی مَا ذَاكَ الْوَادِی قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی قَالَ ذَاكَ بَرَهُوتُ فِیهِ نَسَمَةُ (1) كُلِّ كَافِرٍ (2)

«18»-كِتَابُ زَیْدٍ النَّرْسِیِّ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ یَوْمَا الْعِیدَیْنِ أَمَرَ اللَّهُ رِضْوَانَ خَازِنَ الْجِنَانِ أَنْ یُنَادِیَ فِی أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُمْ فِی عَرَصَاتِ الْجِنَانِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمُ الْجُمُعَةَ بِالزِّیَارَةِ إِلَی أَهَالِیكُمْ وَ أَحِبَّائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الدُّنْیَا ثُمَّ یَأْمُرُ اللَّهُ رِضْوَانَ أَنْ یَأْتِیَ لِكُلِّ رُوحٍ بِنَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ عَلَیْهَا قُبَّةٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ غِشَاؤُهَا مِنْ یَاقُوتَةٍ رَطْبَةٍ صَفْرَاءَ عَلَی النُّوقِ جِلَالٌ وَ بَرَاقِعُ مِنْ سُنْدُسِ الْجِنَانِ وَ إِسْتَبْرَقِهَا فَیَرْكَبُونَ تِلْكَ النُّوقَ عَلَیْهِمْ حُلَلُ الْجَنَّةِ مُتَوَّجُونَ بِتِیجَانِ الدُّرِّ الرَّطْبِ تُضِی ءُ كَمَا تُضِی ءُ الْكَوَاكِبُ الدُّرِّیَّةُ فِی جَوِّ السَّمَاءِ مِنْ قُرْبِ النَّاظِرِ إِلَیْهَا لَا مِنَ الْبُعْدِ فَیَجْتَمِعُونَ فِی الْعَرْصَةِ ثُمَّ یَأْمُرُ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنْ تَسْتَقْبِلُوهُمْ فَتَسْتَقْبِلُهُمْ مَلَائِكَةُ كُلِّ سَمَاءٍ وَ تُشَیِّعُهُمْ مَلَائِكَةُ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَی السَّمَاءِ الْأُخْرَی فَیَنْزِلُونَ بِوَادِی السَّلَامِ وَ هُوَ وَادٍ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ ثُمَّ یَتَفَرَّقُونَ فِی الْبُلْدَانِ وَ الْأَمْصَارِ حَتَّی یَزُورُوا أَهَالِیَهُمُ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُمْ فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ مَعَهُمْ مَلَائِكَةٌ تَصْرِفُونَ وُجُوهَهُمْ عَمَّا یَكْرَهُونَ النَّظَرَ إِلَیْهِ إِلَی مَا یُحِبُّونَ (3)وَ یَزُورُونَ حُفَرَ الْأَبْدَانِ حَتَّی مَا إِذَا صَلَّی النَّاسُ وَ رَاحَ أَهْلُ الدُّنْیَا إِلَی مَنَازِلِهِمْ مِنْ مُصَلَّاهُمْ نَادَی فِیهِمْ جَبْرَئِیلُ بِالرَّحِیلِ إِلَی غُرُفَاتِ الْجِنَانِ فَیَرْحَلُونَ قَالَ فَبَكَی رَجُلٌ فِی الْمَجْلِسِ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا لِلْمُؤْمِنِ فَمَا حَالُ الْكَافِرِ فَقَالَ أَبُو

ص: 292


1- النسمة: الروح.
2- اسقط رحمه اللّٰه صدر الخبر و ذیله. م.
3- فی كتاب زید النرسی المطبوع: فیصرفون وجوههم عما یكرهون النظر إلیه إلی ما یحبون.

عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَبْدَانٌ مَلْعُونَةٌ تَحْتَ الثَّرَی فِی بِقَاعِ النَّارِ وَ أَرْوَاحٌ خَبِیثَةٌ مَسْكُونَةٌ بِوَادِی بَرَهُوتَ مِنْ بِئْرِ الْكِبْرِیتِ فِی مُرَكَّبَاتِ الْخَبِیثَاتِ الْمَلْعُونَاتِ یُؤَدِّی ذَلِكَ الْفَزَعَ وَ الْأَهْوَالَ إِلَی الْأَبْدَانِ الْمَلْعُونَةِ الْخَبِیثَةِ تَحْتَ الثَّرَی فِی بِقَاعِ النَّارِ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ إِذَا رَأَی الْأَهْوَالَ فَلَا تَزَالُ تِلْكَ الْأَبْدَانُ فَزِعَةً زَعِرَةً وَ تِلْكَ الْأَرْوَاحُ مُعَذَّبَةً بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ فِی أَنْوَاعِ الْمُرَكَّبَاتِ الْمَسْخُوطَاتِ الْمَلْعُونَاتِ الْمَصْفُوفَاتِ (1)مَسْجُونَاتٍ فِیهَا لَا تَرَی رَوْحاً وَ لَا رَاحَةً إِلَی مَبْعَثِ قَائِمِنَا فَیَحْشُرُهَا اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْمُرَكَّبَاتِ فَتُرَدُّ فِی الْأَبْدَانِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّشَرَاتِ (2)فَتُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی النَّارِ أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ.

بیان: ظاهره كون أرواح السعداء فی عالم البرزخ فی الجنة التی فی السماء و یمكن تخصیصها ببعض المقربین و المراد بالمركبات الخبیثات الأجساد المثالیة المناسبة لأرواحهم الملعونة و یدل علی أن للأجساد الأصلیة أیضا حظّا من العذاب.

باب 10 ما یلحق الرجل بعد موته من الأجر

«1»-ل، الخصال أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ یَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ الْأَجْرِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا فِی حَیَاتِهِ فَهِیَ تَجْرِی بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لَا تُورَثُ أَوْ سُنَّةُ هُدًی سَنَّهَا وَ كَانَ یَعْمَلُ بِهَا وَ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ غَیْرُهُ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ یَسْتَغْفِرُ لَهُ.

«2»-ل أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنِ الْهَیْثَمِ عَنْ أَبِی كَهْمَشٍ (3)عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سِتُّ خِصَالٍ یَنْتَفِعُ بِهَا الْمُؤْمِنُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَلَدٌ

ص: 293


1- فی كتاب زید النرسی المطبوع: المصفدات.
2- فی كتاب زید النرسی المطبوع: النشرات النبشات خ ل.
3- هكذا فی النسخ و لكن الصحیح الهیثم أبی كهمس.

صَالِحٌ یَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ مُصْحَفٌ یُقْرَأُ فِیهِ وَ قَلِیبٌ (1)یَحْفِرُهُ وَ غَرْسٌ یَغْرِسُهُ وَ صَدَقَةُ مَاءٍ یُجْرِیهِ وَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ یُؤْخَذُ بِهَا بَعْدَهُ.

«3»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنِ السَّرِیِّ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام خَیْرُ مَا یُخَلِّفُهُ الرَّجُلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةٌ وَلَدٌ بَارٌّ یَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ سُنَّةُ خَیْرٍ یُقْتَدَی بِهِ فِیهَا وَ صَدَقَةٌ تَجْرِی مِنْ بَعْدِهِ.

«4»-لی، الأمالی للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: لَیْسَ یَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ الْأَجْرِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا فِی حَیَاتِهِ فَهِیَ تَجْرِی بَعْدَ مَوْتِهِ وَ سُنَّةُ هُدًی سَنَّهَا فَهِیَ تُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَ وَلَدٌ صَالِحٌ یَسْتَغْفِرُ لَهُ.

«5»-سن، المحاسن أَبِی عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیُّ شَیْ ءٍ یَلْحَقُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ یَلْحَقُهُ الْحَجُّ عَنْهُ وَ الصَّدَقَةُ عَنْهُ وَ الصَّوْمُ عَنْهُ.

ص: 294


1- القلیب: البئر.

أبواب المعاد و ما یتبعه و یتعلق به

باب 1 أشراط الساعة و قصة یأجوج و مأجوج

الآیات؛

الأنعام: «هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ رَبُّكَ أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ»(158)

الكهف: «حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً* لا یَكادُونَ یَفْقَهُونَ قَوْلًا قالُوا یا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا* (1)قالَ ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً *(2)آتُونِی زُبَرَ (3)الْحَدِیدِ حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ (4)قالَ انْفُخُوا حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِی أُفْرِغْ عَلَیْهِ قِطْراً *(5)فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً *قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی

ص: 295


1- السد بالفتح و الضم بمعنی واحد و هو الحاجز بین الشیئین، و قیل: السد بالضم ما كان خلقة و بالفتح ما كان صنعة.
2- الردم: سد الثلمة بالحجر، و یستعمل فی الحاجز الحصین، و هو أكبر من السد.
3- الزبر: قطع عظیمة من الحدید، مفردها زبرة.
4- الصدفین. جانبی جبلین متقابلین، ای ما بین الناحیتین من الجبلین، مفردها صدف، و هو منقطع الجبل او ناحیته.
5- القطر: النحاس المذاب.

جَعَلَهُ دَكَّاءَ (1)وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا *وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً»(93-99)

الأنبیاء: «حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ* وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِیَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِینَ كَفَرُوا یا وَیْلَنا قَدْ كُنَّا فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِینَ»(96-97) (و قال): «وَ إِنْ أَدْرِی أَ قَرِیبٌ أَمْ بَعِیدٌ ما تُوعَدُونَ»(109)

النمل: «وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآیاتِنا لا یُوقِنُونَ»(82)

الزخرف: «وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ»(61)

الدخان: «یَوْمَ تَأْتِی السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِینٍ* یَغْشَی النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِیمٌ* رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ* أَنَّی لَهُمُ الذِّكْری وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِینٌ* ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ* إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِیلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ *یَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْری إِنَّا مُنْتَقِمُونَ»(11-16)

محمد: «فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِیَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها»(2) (2)«فَأَنَّی لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ»(18)

تفسیر: قال الطبرسی رحمه اللّٰه هَلْ یَنْظُرُونَ أی ما ینتظر هؤلاء الكفار إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ لقبض أرواحهم و قیل لإنزال العذاب و الخسف بهم و قیل لعذاب القبر أَوْ یَأْتِیَ رَبُّكَ أی أمر ربك بالعذاب فحذف المضاف أو یأتی ربك بجلائل آیاته فیكون حذف الجار فوصل الفصل ثم حذف المفعول لدلالة الكلام علیه لقیام الدلیل فی العقل علیه أو المعنی أو یأتی إهلاك ربك إیاهم بعذاب عاجل أو آجل بالقیامة كما یقال قد أتاهم فلان أی قد أوقع بهم أَوْ یَأْتِیَ بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ و ذلك نحو خروج الدابة أو طلوع الشمس من مغربها

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتّاً طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ

ص: 296


1- أی مدكوكا، مستویا، مبسوطا.
2- أی علاماتها.

مَغْرِبِهَا وَ الدَّابَّةَ وَ الدَّجَّالَ وَ الدُّخَانَ وَ خَرِیصَةَ أَحَدِكُمْ أَیْ مَوْتَهُ وَ أَمْرَ الْعَامَّةِ یَعْنِی الْقِیَامَةَ.

یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ الذی یضطرهم إلی المعرفة و یزول التكلیف عندها لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ لأنه ینسد باب التوبة بظهور آیات القیامة أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً عطف علی قوله آمَنَتْ و فیه أقوال. أحدها أنه إنما قال ذلك علی جهة التغلیب لأن أكثر من ینتفع بإیمانه حینئذ من كسب فی إیمانه خیرا. و ثانیها أنه لا ینفع أحدا فعل الإیمان و لا فعل خیر فی تلك الحال لأنه حال زوال التكلیف فالمعنی أنه لا ینفعه إیمانه حینئذ و إن كسب فی إیمانه خیرا. و ثالثها أنه للإبهام فی أحد الأمرین و المعنی أنه لا ینفع فی ذلك الیوم إیمان نفس إذا لم تكن آمنت قبل ذلك الیوم أو ضمت إلی إیمانها أعمال الخیر فإنها إذا آمنت قبل نفعها إیمانها و كذلك إذا ضمت إلی الإیمان طاعة نفعتها أیضا و هذا أقوی. و قال رحمه اللّٰه فی قوله إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فسادهم أنهم كانوا یخرجون فیقتلونهم و یأكلون لحومهم و دوابهم و قیل كانوا یخرجون أیام الربیع فلا یدعون شیئا أخضر إلا أكلوه و لا یابسا إلا احتملوه عن الكلبی. و قیل إنهم أرادوا سیفسدون فی المستقبل عند خروجهم

وَ وَرَدَ فِی الْخَبَرِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ قَالَ یَأْجُوجُ أُمَّةٌ وَ مَأْجُوجُ أُمَّةٌ كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أُمَّةٍ لَا یَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّی یَنْظُرَ إِلَی أَلْفِ ذَكَرٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلٌّ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ مِنْهُمْ أَمْثَالُ الْأَرْزِ- (1)قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْأَرْزُ قَالَ شَجَرٌ بِالشَّامِ طَوِیلٌ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ طُولُهُمْ وَ عَرْضُهُمْ سَوَاءٌ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَا یَقُومُ لَهُمْ جَبَلٌ وَ لَا حَدِیدٌ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ یَفْتَرِشُ أَحَدُهُمْ إِحْدَی أُذُنَیْهِ وَ یَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَی وَ لَا یَمُرُّونَ بِفِیلٍ وَ لَا وَحْشٍ وَ لَا جَمَلٍ

ص: 297


1- بالفتح ثمّ السكون.

وَ لَا خِنْزِیرٍ إِلَّا أَكَلُوهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَكَلُوهُ مُقَدِّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَ سَاقَتُهُمْ (1)بِخُرَاسَانَ یَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشْرِقِ وَ بُحَیْرَةَ طَبَرِیَّةَ.

. (2)قال وهب و مقاتل إنهم من ولد یافث بن نوح أبی الترك و قال السدی الترك سریة من یأجوج و مأجوج خرجت تغیر فجاء ذو القرنین فضرب السد فبقیت خارجة و قال قتادة إن ذا القرنین بنی السد علی إحدی و عشرین قبیلة و بقیت منهم قبیلة دون السد فهم الترك و قال كعب هم نادرة من ولد آدم و ذلك أن آدم احتلم ذات یوم و امتزجت نطفته بالتراب فخلق اللّٰه من ذلك الماء و التراب یأجوج و مأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم و هذا بعید. (3)فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ أی یعلوه و یصعدوه وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً أی لم یستطیعوا أن ینقبوا أسفله لكثافته و صلابته فنفی بذلك كل عیب یكون فی السد و قیل إن هذا السد وراء بحر الروم بین جبلین هناك یلی مؤخرهما البحر المحیط و قیل إنه وراء دربند و خزران من ناحیة إرمینیة و أذربیجان و قیل إن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع و عرض الحائط نحو من خمسین ذراعا. قالَ ذو القرنین هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی أی هذا السد نعمة من اللّٰه لعباده أنعم بها علیهم فی دفع شر یأجوج و مأجوج عنهم فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی یعنی إذا جاء وقت أشراط الساعة و وقت خروجهم الذی قدره اللّٰه تعالی جَعَلَهُ دَكَّاءَ أی جعل السد مستویا مع الأرض مدكوكا أو ذا دك و إنما یكون ذلك بعد قتل عیسی ابن مریم الدجال عن ابن مسعود و جاء فی الحدیث أنهم یدأبون فی حفره نهارهم حتی إذا أمسوا و كادوا لا یبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا و نفتحه و لا یستثنون فیعودون من الغد و قد استوی كما كان حتی إذا جاء وعد اللّٰه قالوا غدا نخرج و نفتح إن شاء اللّٰه فیعودون إلیه و هو كهیئة حین تركوه بالأمس فیخرقونه فیخرجون علی الناس فینشفون

ص: 298


1- فی نسخة: مؤخرتهم.
2- الحدیث عامی. و كذا ما یأتی بعد ذلك ضمن التفسیر.
3- بل یشبه الاساطیر. و الاعاجیب التی حكیت فیهم، لم ترد فی الكتاب العزیز و لا فی أثر صحیح.

المیاه و تتحصن الناس فی حصونهم منهم فیرمون سهامهم إلی السماء فترجع و فیها كهیئة الدماء فیقولون قد قهرنا أهل الأرض و علونا أهل السماء فیبعث اللّٰه نغفا (1)فی أقفائهم فتدخل فی آذانهم فیهلكون بها

فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَ تَشْكَرُ مِنْ لُحُومِهِمْ شَكَراً (2)

و فی تفسیر الكلبی أن الخضر و الیسع یجتمعان كل لیلة علی ذلك السدّ یحجبان یأجوج و مأجوج عن الخروج. وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ أی و تركنا یأجوج و مأجوج یوم انقضاء أمر السد یموجون فی الدنیا مختلطین لكثرتهم و یكون حالهم كحال الماء الذی یتموج باضطراب أمواجه و قیل إنه أراد سائر الخلق الجن و الإنس أی تركنا الناس یوم خروج یأجوج و مأجوج یختلط بعضهم ببعض لأن ذلك علم للساعة. و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ أی فتحت جهتهم و المعنی انفرج سدهم بسقوط أو هدم أو كسر و ذلك من أشراط الساعة وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ أی من كل نشز (3)من الأرض یسرعون یعنی أنهم یتفرقون فی الأرض فلا تری أكمة (4)إلا و قوم منهم یهبطون منها مسرعین وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ أی الموعود الصدق و هو قیام الساعة فَإِذا هِیَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِینَ كَفَرُوا أی لا تكاد تطرف من شدة ذلك الیوم و هوله یقولون یا وَیْلَنا قَدْ كُنَّا فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا أی اشتغلنا بأمور الدنیا و غفلنا من هذا الیوم فلم نتفكر فیه بَلْ كُنَّا ظالِمِینَ بأن عصینا اللّٰه تعالی و عبدنا غیره. و قال فی قوله تعالی وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ أی وجب العذاب و الوعید علیهم و قیل معناه إذا صاروا بحیث لا یفلح أحد منهم و لا أحد بسببهم و قیل إذا غضب اللّٰه علیهم و قیل إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة فسمی المقول قولا أَخْرَجْنا لَهُمْ

ص: 299


1- النغفة: دود یكون فی انوف الإبل و الغنم.
2- أی تمتلئ ضرعها لبنا. و فی مجمع البیان المطبوع: و تسكر من لحومهم سكرا. و لعله مصحف.
3- النشز: المكان المرتفع.
4- أكمة: التل.

دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تخرج بین الصفا و المروة فتخبر المؤمن بأنه مؤمن و الكافر بأنه كافر و عند ذلك یرتفع التكلیف و لا تقبل التوبة و هو عَلَمٌ من أعلام الساعة و قیل لا یبقی مؤمن إلا مسحته و لا یبقی منافق إلا حطمته تخرج لیلة جمع و الناس یسیرون إلی منی

عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنِ الدَّابَّةِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ مَا لَهَا ذَنَبٌ وَ إِنَّ لَهَا لَلِحْیَةً.

و فی هذا إشارة إلی أنها من الإنس. و روی ابن عباس أنها دابة من دواب الأرض لها زغب (1)و ریش و لها أربع قوائم

وَ عَنْ حُذَیْفَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: دَابَّةُ الْأَرْضِ طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعاً لَا یُدْرِكُهَا طَالِبٌ وَ لَا یَفُوتُهَا هَارِبٌ فَتَسِمُ الْمُؤْمِنَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ تَكْتُبُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ «مُؤْمِنٌ» وَ تَسِمُ الْكَافِرَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ تَكْتُبُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ «كَافِرٌ» وَ مَعَهَا عَصَا مُوسَی وَ خَاتَمُ سُلَیْمَانَ فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا وَ تَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتَمِ حَتَّی یُقَالَ یَا مُؤْمِنُ وَ یَا كَافِرُ.

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ تَكُونُ لِلدَّابَّةِ ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْرِ فَتَخْرُجُ خُرُوجاً بِأَقْصَی الْمَدِینَةِ فَیَفْشُو ذِكْرُهَا بِالْبَادِیَةِ وَ لَا یَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْیَةَ یَعْنِی مَكَّةَ ثُمَّ تَمْكُثُ زَمَاناً طَوِیلًا ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجَةً أُخْرَی قَرِیباً مِنْ مَكَّةَ فَیَفْشُو ذِكْرُهَا فِی الْبَادِیَةِ وَ یَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْیَةَ یَعْنِی مَكَّةَ ثُمَّ صَارَ النَّاسُ یَوْماً فِی أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ عَلَی اللَّهِ حُرْمَةً وَ أَكْرَمِهَا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَعْنِی الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَمْ تَرْعَهُمْ إِلَّا وَ هِیَ فِی نَاحِیَةِ الْمَسْجِدِ تَدْنُو وَ تَدْنُو كَذَا مَا بَیْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَی بَابِ بَنِی مَخْزُومٍ عَنْ یَمِینِ الْخَارِجِ فِی وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ فَیُرْفَضُ النَّاسُ عَنْهَا وَ تَثْبُتُ لَهَا عِصَابَةٌ عَرَفُوا أَنَّهُمْ لَنْ یُعْجِزُوا اللَّهَ فَخَرَجَتْ عَلَیْهِمْ تَنْفُضُ رَأْسَهَا مِنَ التُّرَابِ فَمَرَّتْ بِهِمْ فَجَلَّتْ عَنْ وُجُوهِهِمْ حَتَّی تَرَكَتْهَا كَأَنَّهَا الْكَوَاكِبُ الدُّرِّیَّةُ ثُمَّ وَلَّتْ فِی الْأَرْضِ لَا یُدْرِكُهَا طَالِبٌ وَ لَا یُعْجِزُهَا هَارِبٌ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ یَقُومُ فَیَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلَاةِ فَتَأْتِیهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ یَا فُلَانُ الْآنَ تُصَلِّی فَیُقْبِلُ عَلَیْهَا بِوَجْهٍ فَتَسِمُهُ فِی وَجْهِهِ فَیَتَجَاوَرُ النَّاسُ فِی دِیَارِهِمْ وَ یَصْطَحِبُونَ فِی أَسْفَارِهِمْ وَ یَشْتَرِكُونَ فِی الْأَمْوَالِ یُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ فَیُقَالُ لِلْمُؤْمِنِ یَا مُؤْمِنُ وَ لِلْكَافِرِ یَا كَافِرُ.

و روی عن وهب أنه قال وجهها وجه رجل و سائر خلقها خلق الطیر و مثل هذا لا یعرف إلا من النبوّات الإلهیة.

ص: 300


1- الزغب: أول ما یبدو من الشعر او الریش.

و قوله تُكَلِّمُهُمْ أی تكلمهم بما یسوؤهم و هو أنهم یصیرون إلی النار بلسان یفهمونه و قیل تحدثهم بأن هذا مؤمن و هذا كافر و قیل تكلمهم بأن تقول لهم ب أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآیاتِنا لا یُوقِنُونَ و هو الظاهر و قیل بآیاتنا معناه بكلامها و خروجها. و قال فی قوله تعالی وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ یعنی أن نزول عیسی علیه السلام من أشراط الساعة یعلم به قربها فَلا تَمْتَرُنَّ بِها أی بالساعة لا تكذبوا بها و لا تشكوا فیها

وَ قَالَ ابْنُ جَرِیحٍ أَخْبَرَنِی أَبُو الزُّبَیْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كَیْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ (1) عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ فَیَقُولُ أَمِیرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ بِنَا فَیَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَی بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةً مِنَ اللَّهِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحِ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ كَیْفَ بِكُمْ إِذَا نَزَلَ فِیكُمْ ابْنُ مَرْیَمَ وَ إِمَامُكُمْ مِنْكُمْ.

و قیل إن الهاء یعود إلی القرآن و معناه أن القرآن لدلالته علی قیام الساعة و البعث یعلم به و قیل معناه أن القرآن لدلیل الساعة لأنه آخر الكتب أنزل علی آخر الأنبیاء. و قال فی قوله یَوْمَ تَأْتِی السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِینٍ و ذلك أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله دعا علی قومه لما كذبوه (2)فأجدبت الأرض فأصابت قریشا المجاعة و كان الرجل لما به من الجوع یری بینه و بین السماء كالدخان و قیل إن الدخان آیة من أشراط الساعة تدخل فی مسامع الكفار و المنافقین و هو لم یأت بعد و إنه یأتی قبل قیام الساعة فیدخل أسماعهم حتی أن رءوسهم تكون كالرأس الحنیذ (3)و یصیب كل مؤمن منه مثل الزكمة و تكون الأرض كلها كبیت أوقد فیه لیس فیه خصاص (4)و یمكث ذلك أربعین یوما عن ابن عباس و ابن عمر و الحسن و الجبائی.

ص: 301


1- لیست جملة : « كیف أنتم إذا » فی المجمع والصحیح المطبوعین ، والموجود فی الاول هكذا : سمعت النبی صلی اللّٰه علیه و آله یقول : ینزل عیسی إه. وفی الثانی هكذا : سمعت النبی صلی اللّٰه علیه وسلم یقول : لا تزال طائفة من امتی یقاتلون علی الحق ظاهرین إلی یوم القیامة قال : فینزل عیسی إه. راجع مجمع البیان ج ٨ ص ٥٤ وصحیح المسلم ج ١ ص ٩٥.
2- فی المجمع هنا جملة و هی: فقال: اللّٰهمّ سنین كسنی یوسف.
3- أی المشوی من قولهم: حنذ اللحم: إذا شواه و أنضجه بین حجرین، فاللحم حنیذ. و یمكن أن یكون من حنذ الفرس أی أجراه لیعرق، فالفرس محنوذ و حنیذ.
4- الخصاص بفتح الخاء: الفرجة و الخلة.

یَغْشَی النَّاسَ یعنی أن الدخان یعم جمیع الناس و علی القول الأول المراد بالناس أهل مكة فقالوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ بمحمد صلی اللّٰه علیه و آله و القرآن قال سبحانه أَنَّی لَهُمُ الذِّكْری أی من أین لهم التذكر و الاتعاظ وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِینٌ أی و حالهم أنهم قد جاءهم رسول ظاهر الصدق و الدلالة ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ أی أعرضوا عنه و لم یقبلوا قوله وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ثم قال سبحانه إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ أی الجوع و الدخان قَلِیلًا أی زمانا یسیرا إلی یوم بدر إِنَّكُمْ عائِدُونَ فی كفركم و تكذیبكم أو عائدون إلی العذاب الأكبر و هو عذاب جهنم و القلیل مدة بین العذابین یَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْری أی و اذكر ذلك الیوم یعنی یوم بدر علی القول الأول و علی القول الآخر یوم القیامة و البطش هو الأخذ بشدة إِنَّا مُنْتَقِمُونَ منهم ذلك الیوم. و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أی فلیس ینتظرون إلا القیامة أَنْ تَأْتِیَهُمْ بَغْتَةً أی فجأة فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها أی علاماتها فَأَنَّی لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ أی فمن أین لهم الذكری و الاتعاظ و التوبة إذا جاءتهم الساعة. و قال الرازی فی تفسیره إن موضع السدین فی ناحیة الشمال و قیل جبلان بین إرمینیة و بین أذربیجان و قیل هذا المكان فی مقطع عرض الترك. و حكی محمد بن جریر الطبری فی تاریخه أن صاحب آذربیجان أیام فتحها وجه إنسانا من ناحیة الخزر فشاهده و وصف أنه بنیان رفیع وراء خندق عمیق وثیق متسع. و ذكر ابن خرداد فی كتاب المسالك و الممالك أن الواثق باللّٰه رأی فی المنام كأنه فتح هذا الردم فبعث بعض الخدم إلیه لیعاینوه فخرجوا من باب الأبواب حتی وصلوا إلیه و شاهدوه فوصفوا أنه بناء من اللبن من حدید مشدود بالنحاس المذاب و علیه باب مقفل ثم إن ذلك الإنسان لما حاول الرجوع أخرجهم الدلیل إلی البقاع المحاذیة لسمرقند. قال أبو الریحان مقتضی هذا أن موضعه فی الربع الشمالی فی الغربی من المعمورة و اللّٰه أعلم بحقیقة الحال ثم قال عند الخروج من وراء السد یموجون مزدحمین فی البلاد یأتون البحر فیشربون ماءه و یأكلون دوابه ثم یأكلون الشجر و یأكلون

ص: 302

لحوم الناس و لا یقدرون أن یأتوا مكة و المدینة و بیت المقدس ثم یبعث اللّٰه علیهم حیوانات فتدخل آذانهم فیموتون. أقول قال فی النهایة فیه تخرج الدابة و عصا موسی و خاتم سلیمان فتجلی وجه المؤمن بالعصا و تخطم وجه أنف الكافر بالخاتم أی تسمه بها من خطمت البعیر إذا كریته خطما من الأنف إلی أحد خدیه و تسمی تلك السمة الخطام و منه حدیث حذیفة تأتی الدابة المؤمن فتسلم علیه و تأتی الكافر فتخطمه.

«1»-ل، الخصال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ وَكِیعٍ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ أَسِیدٍ (1)قَالَ: اطَّلَعَ عَلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ غُرْفَةٍ لَهُ وَ نَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ فَقَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّی تَكُونَ عَشْرُ آیَاتٍ الدَّجَّالُ وَ الدُّخَانُ وَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ دَابَّةُ الْأَرْضِ وَ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ ثَلَاثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَ خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَ خَسْفٌ بِجَزِیرَةِ الْعَرَبِ وَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَی الْمَحْشَرِ تَنْزِلُ مَعَهُمْ إِذَا نَزَلُوا وَ تُقْبِلُ مَعَهُمْ إِذَا أَقْبَلُوا (2)

«2»-ل، الخصال الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ الْقَاضِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَمْزَةَ الْبُخَارِیُّ وَ عَمِّی قَالا حَدَّثَنَا عِیسَی بْنُ مُوسَی غُنْجَارُ (3)عَنْ أَبِی حَمْزَةَ بْنِ رَقَبَةَ وَ هُوَ ابْنُ مَصْقَلَةَ الشَّیْبَانِیُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَیْبَةَ (4)عَمَّنْ سَمِعَ حُذَیْفَةَ بْنَ أَسِیدٍ یَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ

ص: 303


1- وزان أمیر هو حذیفة بن أسید أبو سریحة- بمهملتین مفتوحة الأولی- صحابی من أصحاب الشجرة، مات سنة 42 قاله ابن حجر فی التقریب ص 98.
2- لم نجد الحدیث فی الخصال المطبوع و الظاهر سقوط واحدة من الآیات و هو نزول عیسی بن مریم، و الحدیث مذكور فی صحیح مسلم، راجع ج 8 ص 179.
3- بضم الغین و سكون النون، هو عیسی بن موسی البخاری أبو أحمد الأزرق، لقبه غنجار، قال ابن حجر: صدوق ربما أخطأ و ربما دلس، مكثر من الحدیث، عن المتروكین، من الثامنة، مات سنة 87.
4- بالتاء ثمّ الیاء مصغرا أبو محمّد الكندی الكوفیّ، قال ابن حجر: ثقة ثبت فقیه إلّا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة أی 113 أو بعدها و له نیف و ستون انتهی. و عده الشیخ فی رجاله زیدیا تبریا، و قال توفّی سنة 114 و قیل: 115 و یوجد فی رجال الكشّیّ روایات تدلّ علی ذمه.

عَشْرُ آیَاتٍ بَیْنَ یَدَیِ السَّاعَةِ خَمْسٌ بِالْمَشْرِقِ وَ خَمْسٌ بِالْمَغْرِبِ فَذَكَرَ الدَّابَّةَ وَ الدَّجَّالَ وَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام وَ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ أَنَّهُ یَغْلِبُهُمُ وَ یُغْرِقُهُمْ فِی الْبَحْرِ وَ لَمْ یَذْكُرْ تَمَامَ الْآیَاتِ.

«3»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بُنَانِ الْمُقْرِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ عَنْ زَائِدَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا فُرَاتٌ الْقَزَّازُ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ أَسِیدٍ الْغِفَارِیِّ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً فِی الْمَدِینَةِ فِی ظِلِّ حَائِطٍ قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غُرْفَةٍ فَاطَّلَعَ عَلَیْنَا فَقَالَ فِیمَ أَنْتُمْ فَقُلْنَا نَتَحَدَّثُ قَالَ عَمَّ ذَا قُلْنَا عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ السَّاعَةَ حَتَّی تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آیَاتٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ الدَّجَّالَ وَ دَابَّةَ الْأَرْضِ وَ ثَلَاثَةَ خُسُوفٍ تَكُونُ فِی الْأَرْضِ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَ خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَ خَسْفٌ بِجَزِیرَةِ الْعَرَبِ وَ خُرُوجَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام وَ خُرُوجَ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ تَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْیَمَنِ مِنْ قَعْرِ الْأَرْضِ لَا تَدَعُ خَلْفَهَا أَحَداً تَسُوقُ النَّاسَ إِلَی الْمَحْشَرِ كُلَّمَا قَامُوا قَامَتْ لَهُمْ تَسُوقُهُمْ إِلَی الْمَحْشَرِ (1)

«4»-ل، الخصال الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا عَمِلَتْ أُمَّتِی خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا هِیَ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْمَغَانِمُ دُوَلًا وَ الْأَمَانَةُ مَغْنَماً وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً وَ أَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَ عَقَّ أُمَّهُ وَ بَرَّ صَدِیقَهُ وَ جَفَا أَبَاهُ وَ كَانَ زَعِیمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَ الْقَوْمُ أَكْرَمَهُ (2)مَخَافَةَ شَرِّهِ وَ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ فِی الْمَسَاجِدِ وَ لَبِسُوا الْحَرِیرَ وَ اتَّخَذُوا

ص: 304


1- لم یذكر فی الحدیث آیة منها و هی الدخان. و الحدیث مذكور فی صحیح مسلم و غیره من كتب العامّة، راجع الصحیح ج 8 ص 179.
2- فی المصدر: و اكرمه القوم. و فی نسخة مخطوطة منه: و اكرم الرجل مخافة شره. م.

الْقَیْنَاتِ وَ ضَرَبُوا بِالْمَعَازِفِ (1)وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْیُرْتَقَبْ عِنْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ الرِّیحُ الْحَمْرَاءُ أَوِ الْخَسْفُ أَوِ الْمَسْخُ (2)

«5»-ل، الخصال مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُذَكِّرُ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْبَزَّازِ النَّیْشَابُورِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُشْنَامَ (3)الْبَلْخِیِّ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ مِثْلَهُ.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه یعنی بقوله و لعن آخر الأمة أولها الخوارج الذین یلعنون أمیر المؤمنین علیه السلام و هو أول الأمة إیمانا باللّٰه عز و جل و برسوله صلی اللّٰه علیه و آله.

بیان: قال الجزری فی حدیث أشراط الساعة إذا كان المغنم دولا جمع دولة بالضم و هو ما یتداول من المال فیكون لقوم دون قوم و الزكاة مغرما أی یری رب المال أن إخراج زكاته غرامة یغرمها انتهی قوله صلی اللّٰه علیه و آله و الأمانة مغنما أی یتصرف فیها كالغنیمة و لا یردها علی مالكها أو یحرص علی أخذها لأنه لا ینوی ردها یقال فلان یتغنم الأمر أی یحرص علیه كما یحرص علی الغنیمة و قال ابن الأثیر فی جامع الأصول أی یعد الخیانة من الغنیمة.

«6»-فس، تفسیر القمی فَهَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ یَعْنِی الْقِیَامَةَ أَنْ تَأْتِیَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها

فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَشَّابِ (4)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 305


1- القینات جمع القینة و هی المغنیة، و كثیرا ما تطلق علی المغنیة من الإماء، قال فی النهایة: نهی عن بیع القینات أی الإماء المغنیات. و قال: المعازف هی الدفوف و غیرها ممّا یضرب. قلت: تشمل الطنبور و العود و القیثارة و غیرها من آلات الطرب.
2- غیر خفی ان تلك الخصال المعدودة فی هذه الروایة لا تتجاوز عن أربع عشر خصلة و هكذا كانت فیما رأیناه من نسخ المصدر مطبوعة و مخطوطة. م.
3- بضم الخاء و سكون النون: لقب عجمی، و فی الخصال المطبوع: محمّد بن حسام بن عمران البلخیّ.
4- بفتح الخاء و تشدید الشین: بیاع الخشب. و الخبر یشتمل علی الانباء بجلائل من الأمور التی تقع بعده صلّی اللّٰه علیه و آله التی لا یطلع علیه إلّا من له صلة بعالم الغیب و علام الغیوب، ففیه من أعلام النبوّة و آیات الرسالة ما یبصر كل ناظر و یرشده إلی الایمان بنبوة خاتم النبیین صلّی اللّٰه علیه و آله.

بْنِ جَرِیحٍ الْمَكِّیِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِی رِیَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَأَخَذَ بَابَ الْكَعْبَةِ (1)ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَ كَانَ أَدْنَی النَّاسِ مِنْهُ یَوْمَئِذٍ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِیَامَةِ إِضَاعَةَ الصَّلَاةِ وَ اتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ وَ الْمَیْلَ مَعَ الْأَهْوَاءِ وَ تَعْظِیمَ الْمَالِ (2)وَ بَیْعَ الدِّینِ بِالدُّنْیَا فَعِنْدَهَا یُذَابُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ وَ جَوْفُهُ كَمَا یَذُوبُ الْمِلْحُ فِی الْمَاءِ مِمَّا یَرَی مِنَ الْمُنْكَرِ فَلَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یُغَیِّرَهُ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا أُمَرَاءَ جَوَرَةً وَ وُزَرَاءَ فَسَقَةً وَ عُرَفَاءَ ظَلَمَةً وَ أُمَنَاءَ خَوَنَةً فَقَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا یَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفاً وَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً وَ اؤْتُمِنَ الْخَائِنُ (3)وَ یُخَوَّنُ الْأَمِینُ وَ یُصَدَّقُ الْكَاذِبُ وَ یُكَذَّبُ الصَّادِقُ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ فَعِنْدَهَا إِمَارَةُ النِّسَاءِ وَ مُشَاوَرَةُ الْإِمَاءِ وَ قُعُودُ الصِّبْیَانِ عَلَی الْمَنَابِرِ وَ یَكُونُ الْكَذِبُ طَرَفاً وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً وَ الْفَیْ ءُ مَغْنَماً وَ یَجْفُو الرَّجُلُ وَالِدَیْهِ وَ یَبَرُّ صَدِیقَهُ وَ یَطْلُعُ الْكَوْكَبُ الْمُذْنِبُ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِی التِّجَارَةِ وَ یَكُونُ الْمَطَرُ قَیْظاً وَ یَغِیظُ الْكِرَامَ غَیْظاً وَ یُحْتَقَرُ الرَّجُلُ الْمُعْسِرُ فَعِنْدَهَا یُقَارِبُ الْأَسْوَاقُ إِذَا قَالَ هَذَا لَمْ أَبِعْ شَیْئاً (4)وَ قَالَ هَذَا لَمْ أَرْبَحْ شَیْئاً فَلَا تَرَی إِلَّا ذَامّاً لِلَّهِ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ

ص: 306


1- فی المصدر: بحلقة باب الكعبة. م.
2- فی المصدر: و تعظیم أصحاب المال. م.
3- فی المصدر: و یؤتمن الخائن. م.
4- فی المصدر: لم ابع یقینا. م.

یَا سَلْمَانُ فَعِنْدَهَا یَلِیهِمْ أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ وَ إِنْ سَكَتُوا اسْتَبَاحُوهُمْ لِیَسْتَأْثِرُوا بِفَیْئِهِمْ (1)وَ لِیَطَؤُنَّ حُرْمَتَهُمْ وَ لِیَسْفِكُنَّ دِمَاءَهُمْ وَ لِتُمْلَأَنَّ قُلُوبُهُمْ رُعْباً فَلَا تَرَاهُمْ إِلَّا وَجِلِینَ خَائِفِینَ مَرْعُوبِینَ مَرْهُوبِینَ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا یُؤْتَی بِشَیْ ءٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ شَیْ ءٍ مِنَ الْمَغْرِبِ یُلَوَّنُ أُمَّتِی (2)فَالْوَیْلُ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِی مِنْهُمْ وَ الْوَیْلُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ لَا یَرْحَمُونَ صَغِیراً وَ لَا یُوَقِّرُونَ كَبِیراً وَ لَا یَتَجَاوَزُونَ عَنْ مُسِی ءٍ أَخْبَارُهُمْ خَنَاءٌ جُثَّتُهُمْ جُثَّةُ الْآدَمِیِّینَ (3)وَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّیَاطِینِ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا تَكْتَفِی الرِّجَالٌ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَ یُغَارُ عَلَی الْغِلْمَانِ (4)كَمَا یُغَارُ عَلَی الْجَارِیَةِ فِی بَیْتِ أَهْلِهَا وَ یَشَّبَّهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَ یَرْكَبْنَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ فَعَلَیْهِنَّ مِنْ أُمَّتِی لَعْنَةُ اللَّهِ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْبِیَعُ وَ الْكَنَائِسُ (5)وَ یُحَلَّی الْمَصَاحِفُ وَ تَطُولُ الْمَنَارَاتُ وَ تَكْثُرُ الصُّفُوفُ بِقُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ وَ أَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ وَ عِنْدَهَا تَحَلَّی ذُكُورُ أُمَّتِی بِالذَّهَبِ وَ یَلْبَسُونَ الْحَرِیرَ وَ الدِّیبَاجَ وَ یَتَّخِذُونَ جُلُودَ النُّمُورِ صِفَاقاً (6)قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ

ص: 307


1- فی المصدر: لیستأثرن بفیئهم. م.
2- أی تختلف أخلاقهم، فلا تری فیهم الخلق الإسلامیة.
3- فی المصدر: و لا یتجافون عن شی ء، جئثهم جثث اه. م.
4- أغار علیهم: هجم و أوقع بهم.
5- بیع كعنب: معابد النصاری، مفردها بیعة بالكسر. و كنائس: معابد الیهود و النصاری مفردها كنیسة.
6- فی المصدر: صفافا. م.

یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا یَظْهَرُ الرِّبَا وَ یَتَعَامَلُونَ بِالْغِیبَةِ وَ الرِّشَاءِ (1)وَ یُوضَعُ الدِّینُ وَ تُرْفَعُ الدُّنْیَا قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا یَكْثُرُ الطَّلَاقُ فَلَا یُقَامُ لِلَّهِ حَدٌّ وَ لَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا تَظْهَرُ الْقَیْنَاتُ وَ الْمَعَازِفُ وَ یَلِیهِمْ أَشْرَارُ أُمَّتِی قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا تَحُجُّ أَغْنِیَاءُ أُمَّتِی لِلنُّزْهَةِ وَ تَحُجُّ أَوْسَاطُهَا لِلتِّجَارَةِ وَ تَحُجُّ فُقَرَاؤُهُمْ لِلرِّیَاءِ وَ السُّمْعَةِ فَعِنْدَهَا یَكُونُ أَقْوَامٌ یَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ لِغَیْرِ اللَّهِ وَ یَتَّخِذُونَهُ مَزَامِیرَ وَ یَكُونُ أَقْوَامٌ یَتَفَقَّهُونَ لِغَیْرِ اللَّهِ وَ یَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا وَ یَتَغَنَّوْنَ بِالْقُرْآنِ وَ یَتَهَافَتُونَ بِالدُّنْیَا (2)قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ ذَاكَ إِذَا انْتُهِكَتِ الْمَحَارِمُ وَ اكْتُسِبَتِ الْمَآثِمُ وَ سُلِّطَ الْأَشْرَارُ عَلَی الْأَخْیَارِ وَ یَفْشُو الْكَذِبُ وَ تَظْهَرُ اللَّجَاجَةُ وَ یَفْشُو الْحَاجَةُ (3)وَ یَتَبَاهَوْنَ فِی اللِّبَاسِ وَ یُمْطَرُونَ فِی غَیْرِ أَوَانِ الْمَطَرِ وَ یَسْتَحْسِنُونَ الْكُوبَةَ وَ الْمَعَازِفَ وَ یُنْكِرُونَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّی یَكُونَ الْمُؤْمِنُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ أَذَلَّ مِنَ الْأَمَةِ (4)وَ یُظْهِرُ قُرَّاؤُهُمْ وَ عُبَّادُهُمْ فِیمَا بَیْنَهُمُ التَّلَاوُمَ فَأُولَئِكَ یُدْعَوْنَ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْجَاسَ وَ الْأَنْجَاسَ قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ

ص: 308


1- فی المصدر: بالعینة و الرشاء. م.
2- أی یتساقطون بها. و أكثر استعماله فی الشر.
3- فی المصدر: و یفشو الفاقة. م.
4- فی المصدر: اذل من فی الأمة. م.

یَا سَلْمَانُ فَعِنْدَهَا لَا یَخْشَی الْغَنِیُّ إِلَّا الْفَقْرَ (1)حَتَّی إِنَّ السَّائِلَ لَیَسْأَلُ فِیمَا بَیْنَ الْجُمُعَتَیْنِ لَا یُصِیبُ أَحَداً یَضَعُ فِی یَدِهِ شَیْئاً قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ یَا سَلْمَانُ عِنْدَهَا یَتَكَلَّمُ الرُّوَیْبِضَةُ فَقَالَ وَ مَا الرُّوَیْبِضَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَكَلَّمُ فِی أَمْرِ الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ یَكُنْ یَتَكَلَّمُ فَلَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی تَخُورَ الْأَرْضُ خَوْرَةً فَلَا یَظُنُّ كُلُّ قَوْمٍ إِلَّا أَنَّهَا خَارَتْ فِی نَاحِیَتِهِمْ فَیَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ یَنْكُتُونَ فِی مَكْثِهِمْ فَتُلْقِی لَهُمُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا قَالَ ذَهَبٌ وَ فِضَّةٌ ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْأَسَاطِینِ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا فَیَوْمَئِذٍ لَا یَنْفَعُ ذَهَبٌ وَ لَا فِضَّةٌ فَهَذَا مَعْنَی قَوْلِهِ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا.

بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله و یكون الكذب طرفا أی یستطرفه الناس و یعجبهم و الكوكب المذنب ذو الذنب و قال الجزری یوم قائظ شدید الحر و منه حدیث أشراط الساعة یكون الولد غیظا و المطر قیظا لأن المطر إنما یراد للنبات و برد الهواء و القیظ ضد ذلك انتهی و یقال استباحهم أی استأصلهم. قوله صلی اللّٰه علیه و آله یلون أمتی من اللون أی یتلوّنون و یتزیّنون بألوان مختلفة مما یؤتی إلیهم من المشرق و المغرب. قوله صلی اللّٰه علیه و آله و یتخذون جلود النمور صفاقا أی یرقّقونها و یلبسونها و الثوب الصفیق ضد السخیف أو یعملونها للدفّ و العود و سائر آلات اللّٰهو یقال صفق العود أی حرك أوتاره و الصفق الضرب یسمع له صوت و القینة الأمة المغنّیة و المعازف الملاهی كالعود و الطنبور. قوله صلی اللّٰه علیه و آله یتخذونه مزامیر أی یتغنون به

قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی حَدِیثِ أَبِی مُوسَی سَمِعَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَأُ فَقَالَ لَقَدْ أُعْطِیتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِیرِ آلِ دَاوُدَ شَبَّهَ حُسْنَ

ص: 309


1- فی نسخة: لا یخشی الغنی إلّا الفقیر و هكذا فی المصدر. م.

صَوْتِهِ وَ حَلَاوَةَ نَغْمَتِهِ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ.

انتهی و التهافت التساقط و الكوبة بالضم النرد و الشطرنج و الطبل الصغیر المخصر و البربط. و قال الجزری فی حدیث أشراط الساعة أن ینطق الرویبضة فی أمر العامة قیل و ما الرویبضة یا رسول اللّٰه قال الرجل التافه یتكلم فی أمر العامة و الرویبضة تصغیر الرابضة و هو العاجز الذی ربض عن معالی الأمور و قعد عن طلبها و زیادة التاء للمبالغة و التافه الحقیر الخسیس و قال صلی اللّٰه علیه و آله فی أشراط الساعة تلقی الأرض أفلاذ كبدها أی تخرج كنوزها المدفونة فیها و هو استعارة و الأفلاذ جمع فلذ و الفلذ جمع فلذة و هی القطعة المقطوعة طولا و مثله قوله تعالی وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها انتهی و خار الثور صاح.

و قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الغرر: رَوَی أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: تَقِی ءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا مِثْلَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَیَجِی ءُ الْقَاتِلُ فَیَقُولُ فِی مِثْلِ هَذَا قَتَلْتُ وَ یَجِی ءُ الْقَاطِعُ لِلرَّحِمِ فَیَقُولُ فِی مِثْلِ هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِی وَ یَجِی ءُ السَّارِقُ فَیَقُولُ فِی هَذَا قُطِعَتْ یَدِی ثُمَّ یَتْرُكُونَهُ وَ لَا یَأْخُذُونَ مِنْهُ شَیْئاً.

معنی تقی ء أی تخرج ما فیها من الذهب و الفضة و ذلك من علامات قرب الساعة و قوله تقی ء تشبیه و استعارة من حیث كان إخراجا و إظهارا و كذلك تسمیة ما فی الأرض من الكنوز كبدا تشبیها بالكبد التی فی بطن البعیر و غیره و للعرب فی هذا مذهب معروف و اختلف أهل اللغة فی الأفلاذ فقال یعقوب بن السكیت الفلذ لا یكون إلا للبعیر و هو قطعة من كبده و لا یقال فلذ الشاة و لا فلذ البقر إلی آخر ما ذكره رحمه اللّٰه و نقله.

«7»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْقَاضِی قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ یُوسُفَ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَرَجٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ

ص: 310

مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ أَبُو خَیْثَمَةَ (1)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا صَنَعَتْ وَ قَالَ أَحَدُهُمْ إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِی خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ إِذَا صَارَتِ الدُّنْیَا عِنْدَهُمْ دُوَلًا وَ قَالَ أَحَدُهُمْ إِذَا كَانَ الْمَالُ فِیهِمْ دُوَلًا وَ الْخِیَانَةُ مَغْنَماً وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً وَ أَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَ عَقَّ أُمَّهُ وَ بَرَّ صَدِیقَهُ وَ جَفَا أَبَاهُ وَ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ فِی الْمَسَاجِدِ وَ أُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَ كَانَ زَعِیمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَ لُبِسَ الْحَرِیرُ وَ شُرِبَ الْخُمُورُ وَ اتُّخِذَتِ الْقِیَانُ (2)وَ ضُرِبَ بِالْمَعَازِفِ وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَارْتَقِبُوا إِذَا عَمِلُوا ذَلِكَ ثَلَاثاً رِیحاً حَمْرَاءَ وَ خَسْفاً وَ مَسْخاً.

«8»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الشَّامِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ أَبِی رَافِعٍ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَهْلِ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ قَالَ إِنَّ الْقَوْمَ لَیَنْقُرُونَ بِمَعَاوِلِهِمْ دَائِبِینَ فَإِذَا كَانَ اللَّیْلُ قَالُوا غَداً نَفْرُغُ فَیُصْبِحُونَ وَ هُوَ أَقْوَی مِنَ الْأَمْسِ حَتَّی یُسْلِمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حِینَ یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یَبْلُغَ أَمْرَهُ فَیَقُولُ الْمُؤْمِنُ غَداً نَفْتَحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَیُصْبِحُونَ ثُمَّ یَغْدُونَ عَلَیْهِ فَیَفْتَحُهُ اللَّهُ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَیَمُرَّنَّ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَی شَاطِئِ الْوَادِی الَّذِی بِكُوفَانَ وَ قَدْ شَرِبُوهُ حَتَّی نَزَحُوهُ فَیَقُولُ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ هَذَا الْوَادِیَ مَرَّةً وَ إِنَّ الْمَاءَ لَیَجْرِی فِی أَرْضِهِ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَتَی هَذَا قَالَ حِینَ لَا یَبْقَی مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا مِثْلُ صُبَابَةِ الْإِنَاءِ (3)

بیان: قال الجزری الصبابة البقیة الیسیرة من الشراب تبقی فی أسفل الإناء.

«9»-ع، علل الشرائع فِی خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَوَّلِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَقَالَ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَی الْمَغْرِبِ.

«10»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ فَهْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ

ص: 311


1- بالخاء المضمومة ثمّ الیاء الساكنة، ثمّ الثاء المفتوحة.
2- قیان ككتاب جمع القینة: الأمة المغنیة.
3- الحدیث عامی.

عَنْ حُسَیْنِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَی الْوَجِیهِیِّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی بِمَا یَكُونُ مِنَ الْأَحْدَاثِ بَعْدَ قَائِمِكُمْ قَالَ یَا ابْنَ الْحَارِثِ ذَلِكَ شَیْ ءٌ ذِكْرُهُ مَوْكُولٌ إِلَیْهِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ لَا أُخْبِرَ بِهِ إِلَّا الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ.

«11»-ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عِیسَی علیه السلام لِجَبْرَئِیلَ مَتَی قِیَامُ السَّاعَةِ فَانْتَفَضَ جَبْرَئِیلُ انْتِفَاضَةً أُغْمِیَ عَلَیْهِ مِنْهَا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ یَا رُوحَ اللَّهِ مَا الْمَسْئُولُ أَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ وَ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِیكُمْ إِلَّا بَغْتَةً

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یُوشِكُونَ أَنْ یَنْقَطِعَ بِهِمُ الْعَمَلُ وَ یُسَدَّ عَلَیْهِمْ بَابُ التَّوْبَةِ فَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً

«13»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها قَالَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَ الدُّخَانُ وَ الرَّجُلُ یَكُونُ مُصِرّاً وَ لَمْ یَعْمَلْ عَلَی الْإِیمَانِ ثُمَّ تَجِی ءُ الْآیَاتُ فَلَا یَنْفَعُهُ إِیمَانُهُ.

«14»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام فِی قَوْلِهِ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قَالَ الْمُؤْمِنُ حَالَتِ الْمَعَاصِی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ إِیمَانِهِ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَ قَلَّتْ حَسَنَاتُهُ فَلَمْ یَكْسِبْ فِی إِیمَانِهِ خَیْراً.

«15»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ یَفْشُوَ الْفَالِجُ وَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ.

«16»-كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیِّ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِخَمْسَةِ أَسْیَافٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ فَلَا تُغْمَدُ حَتَّی تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها وَ لَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِی ذَلِكَ

ص: 312

الْیَوْمِ فَیَوْمَئِذٍ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً

«17»-كا، الكافی عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام مِثْلَهُ.

«18»-فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِهِ یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قَالَ نَزَلَ أَوِ اكْتَسَبَتْ فِی إِیمَانِهَا خَیْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ قَالَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَكُلُّ مَنْ آمَنَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ لَا یَنْفَعُهُ إِیمَانُهُ.

«19»-ل، الخصال ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ظَرِیفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ أَبِی الْحُصَیْنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ عِنْدَ إِیمَانٍ بِالنُّجُومِ وَ تَكْذِیبٍ بِالْقَدَرِ.

«20»-ك، إكمال الدین الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ كَانَ قَارِیاً لِلْكُتُبِ قَالَ: قَرَأْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ أَنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ وَ سَاقَ الْحِكَایَةَ الطَّوِیلَةَ فِی ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ عَمَلِهِ السَّدَّ عَلَی یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ إِلَی أَنْ قَالَ فَیَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ یَنْتَابُونَهُ فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ یَسِیحُونَ فِی بِلَادِهِمْ حَتَّی إِذَا وَقَعُوا إِلَی ذَلِكَ الرَّدْمِ حَبَسَهُمْ فَیَرْجِعُونَ فَیَسِیحُونَ فِی بِلَادِهِمْ فَلَا یَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی تَقْرُبَ السَّاعَةُ وَ تَجِی ءَ أَشْرَاطُهَا فَإِذَا جَاءَ أَشْرَاطُهَا وَ هُوَ قِیَامُ الْقَائِمِ علیه الصلوة و السلام فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ

«21»-فس، تفسیر القمی فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ یَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِی الْقَرْنَیْنِ فِی بَیَانِ عَمَلِ السَّدِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فَحَالَ بَیْنَ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ بَیْنَ الْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا قَالَ إِذَا كَانَ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ انْهَدَمَ السَّدُّ (1)وَ خَرَجَ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ إِلَی الْعُمْرَانِ (2)وَ أَكَلُوا النَّاسَ

ص: 313


1- فی المصدر: إذا كان قبل یوم القیامة فی آخر الزمان انهدم اه. م.
2- فی المصدر: الی الدنیا. م.

وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَلَمَّا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُرَیْشاً عَمَّا سَأَلُوا قَالُوا قَدْ بَقِیَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْبِرْنَا مَتَی تَقُومُ السَّاعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ یَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَیَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّی إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ

«22»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیَّ علیهما السلام یَقُولُ عَاشَ نُوحٌ أَلْفَیْنِ وَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانَ یَوْماً فِی السَّفِینَةِ نَائِماً فَهَبَّتْ رِیحٌ فَكَشَفَتْ عَوْرَتَهُ (1)فَضَحِكَ حَامٌ وَ یَافِثُ فَزَجَرَهُمَا سَامٌ علیه السلام وَ نَهَاهُمَا عَنِ الضَّحِكِ وَ كَانَ كُلَّمَا غَطَّی سَامٌ شَیْئاً تَكْشِفُهُ الرِّیحُ كَشَفَهُ حَامٌ وَ یَافِثُ فَانْتَبَهَ نُوحٌ علیه السلام فَرَآهُمْ وَ هُمْ یَضْحَكُونَ فَقَالَ مَا هَذَا فَأَخْبَرَهُ سَامٌ بِمَا كَانَ فَرَفَعَ نُوحٌ علیه السلام یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَدْعُو وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ غَیِّرْ مَاءَ صُلْبِ حَامٍ حَتَّی لَا یُولَدَ لَهُ إِلَّا السُّودَانُ اللَّهُمَّ غَیِّرْ مَاءَ صُلْبِ یَافِثَ فَغَیَّرَ اللَّهُ مَاءَ صُلْبِهِمَا فَجَمِیعُ السُّودَانِ حَیْثُ كَانُوا مِنْ حَامٍ وَ جَمِیعُ التُّرْكِ وَ الصَّقَالِبَةِ (2)وَ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ الصِّینِ مِنْ یَافِثَ حَیْثُ كَانُوا وَ جَمِیعُ الْبِیضِ سِوَاهُمْ مِنْ سَامٍ.

«23»-كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْخَلْقِ فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ أَلْفاً وَ مِائَتَیْنِ فِی الْبَرِّ وَ أَلْفاً وَ مِائَتَیْنِ فِی الْبَحْرِ وَ أَجْنَاسُ بَنِی آدَمَ سَبْعُونَ جِنْساً وَ النَّاسُ وُلْدُ آدَمَ مَا خَلَا یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ.

بیان: الخبر الأول الدال علی كون یأجوج و مأجوج من ولد آدم أقوی سندا و یمكن حمل هذا الخبر علی أن المعنی أنه لیس غیر الناس من ولد آدم ما خلا یأجوج و مأجوج فإنهم لیسوا من الناس و هم من ولد آدم.

«24»-نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام

ص: 314


1- فی المصدر: عن عورته. م.
2- الصقالبة: جیل تتاخم بلادهم بلاد الخزر بین بلغر و قسطنطنیة، ثمّ انتشروا منها إلی بلاد سواها من اروبا.

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْقُرُونُ أَرْبَعَةٌ أَنَا فِی أَفْضَلِهَا قَرْناً ثُمَّ الثَّانِی ثُمَّ الثَّالِثُ فَإِذَا كَانَ الرَّابِعُ اتَّقَی الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ فَقَبَضَ اللَّهُ كِتَابَهُ مِنْ صُدُورِ بَنِی آدَمَ فَیَبْعَثُ اللَّهُ رِیحاً سَوْدَاءَ ثُمَّ لَا یَبْقَی أَحَدٌ سِوَی اللَّهِ تَعَالَی إِلَّا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ.

«25»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَزْدَادُ الْمَالُ إِلَّا كَثْرَةً وَ لَا یَزْدَادُ النَّاسُ إِلَّا شُحّاً (1)وَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَی شِرَارِ الْخَلْقِ.

«26»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بُعِثْتُ وَ السَّاعَةُ كَهَاتَیْنِ وَ أَشَارَ بِإِصْبَعَیْهِ صلی اللّٰه علیه و آله السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَی ثُمَّ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِیَدِهِ إِنِّی لَأَجِدُ السَّاعَةَ بَیْنَ كَتِفَیَّ.

«27»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بُعِثْتُ وَ السَّاعَةُ كَفَرَسَیْ رِهَانٍ یَسْبِقُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِأُذُنِهِ إِنْ كَانَتِ السَّاعَةُ لَتَسْبِقُنِی إِلَیْكُمْ.

«28»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّی یَطْفِرَ الْفَاجِرُ (2)وَ یَعْجِزَ الْمُنْصِفُ وَ یَقْرُبَ الْمَاجِنُ (3)وَ یَكُونَ الْعِبَادَةُ اسْتِطَالَةً عَلَی النَّاسِ وَ یَكُونَ الصَّدَقَةُ مَغْرَماً وَ الْأَمَانَةُ مَغْنَماً وَ الصَّلَاةُ مَنّاً (4)

«29»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا طَفَّفَتْ أُمَّتِی مِكْیَالَهَا وَ مِیزَانَهَا وَ اخْتَانُوا وَ خَفَرُوا الذِّمَّةَ وَ طَلَبُوا الآخرة [بِعَمَلِ الْآخِرَةِ الدُّنْیَا] فَعِنْدَ ذَلِكَ یُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَ یُتَوَرَّعُ مِنْهُمْ.

«30»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّی یَذْهَبَ الْحَیَاءُ مِنَ الصِّبْیَانِ وَ النِّسَاءِ وَ حَتَّی تُؤْكَلَ الْمَغَاثِیرُ كَمَا تُؤْكَلُ الْخَضِرُ.

ص: 315


1- الشح مثلثة: البخل و الحرص.
2- طفر: وثب فی ارتفاع كما یطفر الإنسان علی الحائط.
3- مجن یمجن مجونا و مجنا: مزح و قل حیاؤه، كأنّه صلب وجهه فهو ماجن.
4- فی نهج البلاغة: یأتی علی الناس زمان لا یقرب فیه إلّا الماحل، و لا یظرف فیه إلّا الفاجر، و لا یضعف فیه إلّا المنصف، یعدون الصدقة فیه غرما، و صلة الرحم منا، و العبادة استطالة علی الناس، فعند ذلك یكون السلطان بمشورة النساء و إمارة الصبیان و تدبیر الخصیان انتهی. الماحل: الساعی فی الناس بالوشایة عند السلطان. و لا یظرف: أی لا یعد ظریفا، و لا یضعف ای لا یعد ضعیفا. الغرم بالضم: الغرامة. الاستطالة علی الناس: التفوق و التزید علیهم فی الفضل.

بیان: قال فی القاموس المغثر كمنبر شی ء ینضحه الثمام و العشر و الرمث كالعسل و الجمع مغاثیر.

«31»-دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ انْتَقَی الْمَوْتُ خِیَارَ أُمَّتِی كَمَا یَنْتَقِی أَحَدُكُمْ خِیَارَ الرُّطَبِ مِنَ الطَّبَقِ.

«32»-نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ سَیَأْتِی عَلَیْكُمْ زَمَانٌ یُكْفَأُ فِیهِ الْإِسْلَامُ كَمَا یُكْفَأُ الْإِسْلَامُ بِمَا فِیهِ.

باب 2 نفخ الصور و فناء الدنیا و إن كل نفس تذوق الموت

الآیات؛

آل عمران: «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ»(185) (1)

إسراء: «وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً كانَ ذلِكَ فِی الْكِتابِ مَسْطُوراً»(58)

الكهف: «وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ یَوْمَئِذٍ یَمُوجُ فِی بَعْضٍ»(2) (2)«وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً»(99)

طه: «یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِینَ یَوْمَئِذٍ زُرْقاً»(102)

الأنبیاء: «وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ* كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً وَ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ»(34-35)

ص: 316


1- قال السیّد الرضیّ فی مجازات القرآن: هذه استعارة، لان حقیقة الذوق ما ادرك بحاسة و إنّما حسن وصف النفس بذلك لما تحسه به من كرب الموت و علزه فكانها تحسه بذوقه انتهی. اقول: العلز بالتحریك: القلق و الهلع.
2- قال السیّد قدّس سرّه: هذه استعارة لان أصل الموجان من صفات الماء الكثیر، و إنّما عبر سبحانه بذلك عن شدة اختلاطهم، و دخول بعضهم فی بعض لكثرة أعدادهم، تشبیها بموج البحر المتلاطم و التفات الدبا المتعاظل.

المؤمنون: «ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَیِّتُونَ»(15) (و قال تعالی): «فَإِذا نُفِخَ فِی الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ وَ لا یَتَساءَلُونَ»(101)

النمل: «وَ یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِینَ* (1)وَ تَرَی الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِیَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِی أَتْقَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِما تَفْعَلُونَ»(87-88)

العنكبوت: «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ»(57)

یس: «وَ یَقُولُونَ مَتی هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ* ما یَنْظُرُونَ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَ هُمْ یَخِصِّمُونَ* فَلا یَسْتَطِیعُونَ تَوْصِیَةً وَ لا إِلی أَهْلِهِمْ یَرْجِعُونَ* وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلی رَبِّهِمْ یَنْسِلُونَ* قالُوا یا وَیْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ *إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ* فَالْیَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ لا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(48-54)

ص: «وَ ما یَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ»(15) (2)

الزمر: «إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ*ثُمَّ إِنَّكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ»(30-31) (و قال تعالی): «وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ* (3)وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ

ص: 317


1- أی أذلاء.
2- قال السیّد فی المجازات: و قرئ فواق بالضم، و قد قیل: إنهما لغتان، و ذلك قول الكسائی. و قال أبو عبیدة: من فتح أراد ما لها من راحة، و من ضم أراد ما لها فی اهلاكهم من مهلة بمقدار فواق الناقة، و هی الوقفة التی بین الحلبتین، و الموضع الذی یحقق فیه الكلام بالاستعارة علی قراءة من قرأ «من فواق» بالفتح أن یكون سبحانه وصف تلك الصیحة بأنها لا إفاقة من سكرتها و لا استراحة من كربتها كما یفیق المریض من علته و السكران من نشوته، و المراد أنّه لا راحة للقوم منها، فجعل تعالی الراحة لها علی طریق المجاز و الاتساع.
3- و قال: معنی قبضته هاهنا أی ملك له خالص، قد ارتفعت عنه أیدی المالكین من بریته و المتصرفین فیه من خلیقته، و قد ورث تعالی عباده ما كان فی ملكهم فی دار الدنیا من ذلك، فلم یبق ملك إلّا انتقل و لا مالك إلّا بطل. و قیل أیضا: معنی ذلك: أن الأرض فی مقدوره كالذی یقبض علیه القابض و یستولی علیه كفه و یحوزه ملكه و لا یشاركه فیه غیره، و معنی قوله: «وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ» أی مجموعات فی ملكه، مضمونات بقدرته، و الیمین هاهنا بمعنی الملك، و قد یعبرون عن القوّة أیضا بالیمین فیجوز علی هذا التأویل أن یكون معنی قوله تعالی: «مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ» أی یجمع أقطارها و یطوی انتشارها بقوته، كما قال سبحانه: «یَوْمَ نَطْوِی السَّماءَ كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ» إه.

فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْری فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ* وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِی ءَ بِالنَّبِیِّینَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ* وَ وُفِّیَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما یَفْعَلُونَ»(67-70)

ق: «وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ ذلِكَ یَوْمُ الْوَعِیدِ* وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ* لَقَدْ كُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ»(20-22) (و قال): «وَ اسْتَمِعْ یَوْمَ یُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ *یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ یَوْمُ الْخُرُوجِ* إِنَّا نَحْنُ نُحْیِی وَ نُمِیتُ وَ إِلَیْنَا الْمَصِیرُ* یَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَیْنا یَسِیرٌ»(41-44)

الرحمن: «كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ* وَ یَبْقی وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ»(26-27)

المدثر: «فَإِذا نُقِرَ فِی النَّاقُورِ *(1)فَذلِكَ یَوْمَئِذٍ یَوْمٌ عَسِیرٌ* عَلَی الْكافِرِینَ غَیْرُ یَسِیرٍ»(8-10)

تفسیر:قال البیضاوی: إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ بالموت و الاستیصال أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً بالقتل و أنواع البلیة كانَ ذلِكَ فِی الْكِتابِ فی اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبا. و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ اختلف فی الصور فقیل هو قرن ینفخ فیه و قیل جمع صورة فإن اللّٰه یصور الخلق فی القبور كما صورهم فی أرحام الأمهات ثم ینفخ فیهم الأرواح كما نفخ و هم فی أرحام أمهاتهم و قیل إنه ینفخ إسرافیل فی الصور ثلاث نفخات النفخة الأولی نفخة الفزع و الثانیة نفخة الصعق التی یصعق من فی السماوات و الأرض بها فیموتون و الثالثة نفخة القیام لرب

ص: 318


1- الناقور: الصور أو البوق.

العالمین فیحشر الناس بها من قبورهم فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً أی حشرنا الخلق كلهم یوم القیامة فی صعید واحد. و فی قوله تعالی أَ فَإِنْ مِتَّ أی علی ما یتوقعونه و ینتظرونه فَهُمُ الْخالِدُونَ أی إنهم یخلدون بعدك یعنی مشركی مكة حین قالوا نتربص بمحمد ریب المنون. و فی قوله تعالی فَإِذا نُفِخَ فِی الصُّورِ قیل إن المراد به نفخة الصعق عن ابن عباس و قیل نفخة البعث عن ابن مسعود و الصور جمع صورة عن الحسن و قیل قرن ینفخ فیه إسرافیل بالصوت العظیم الهائل علی ما وصفه اللّٰه تعالی علامة لوقت إعادة الخلق عن أكثر المفسرین فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ أی لا یتواصلون بالأنساب و لا یتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا أی لا یرحم قریب قریبه لشغله عنه و قیل معناه لا یتفاخرون بالأنساب و المعنی أنه لا یفضل بعضهم بعضا یومئذ بنسب و إنما یتفاضلون بأعمالهم

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كُلُّ حَسَبٍ وَ نَسَبٍ مُنْقَطِعٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا حَسَبِی وَ نَسَبِی.

وَ لا یَتَساءَلُونَ أی و لا یسأل بعضهم بعضا عن حاله و خبره كما كانوا یسألون فی الدنیا لشغل كل واحد بنفسه و قیل لا یسأل بعضهم بعضا أن یحمل عنه ذنبه و لا تنافی بینها و بین قوله فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ یَتَساءَلُونَ لأن للقیامة أحوالا و مواطن فمنها حال یشغلهم عظم الأمر فیها عن المسألة و منها حال یلتفتون فیها فیتساءلون و هذا معنی قول ابن عباس لما سئل عن الآیتین فقال هذه تارات یوم القیامة و قیل إنما یتساءلون بعد دخول الجنة. و فی قوله تعالی فَفَزِعَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ أی ماتوا لشدة الخوف و الفزع كما قال فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ و قیل هی ثلاث نفخات كما مر إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ من الملائكة الذین یثبت اللّٰه قلوبهم و هم جبرئیل و میكائیل و إسرافیل و عزرائیل و قیل هم الشهداء فإنهم لا یفزعون فی ذلك الیوم روی ذلك فی خبر مرفوع وَ كُلٌّ من الأحیاء الذین ماتوا ثم أحیوا أَتَوْهُ أی یأتونه فی المحشر داخِرِینَ أی أذلاء صاغرین وَ تَرَی الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً أی واقفة مكانها لا تسیر و لا تتحرك فی مرأی

ص: 319

العین وَ هِیَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ أی تسیر سیرا حثیثا سیر السحاب و المعنی أنك لا تری سیرها لبعد أطرافها كما لا تری سیر السحاب إذا انبسط لبعد أطرافه و ذلك إذا أزیلت الجبال عن أماكنها للتلاشی صُنْعَ اللَّهِ أی صنع اللّٰه ذلك صنعا الَّذِی أَتْقَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ أی خلق كل شی ء علی وجه الإتقان. و فی قوله ما یَنْظُرُونَ أی ما ینتظرون إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً یرید النفخة الأولی یعنی أن القیامة تَأْتِیهِمْ بَغْتَةً تَأْخُذُهُمْ الصیحة وَ هُمْ یَخِصِّمُونَ أی یختصمون فی أمورهم و یتبایعون فی الأسواق و فی الحدیث تقوم الساعة و الرجلان قد نشرا ثوبهما یتبایعانه فما یطویانه حتی تقوم و الرجل یرفع أكلته إلی فیه فما تصل إلی فیه حتی تقوم و الرجل یلیط حوضه (1)لیسقی ماشیته فما یسقیها حتی تقوم و قیل و هم یختصمون هل ینزل بهم العذاب أم لا فَلا یَسْتَطِیعُونَ تَوْصِیَةً یعنی أن الساعة إذا أخذتهم بغتة لم یقدروا علی الإیصاء بشی ء وَ لا إِلی أَهْلِهِمْ یَرْجِعُونَ أی و لا إلی منازلهم یرجعون من الأسواق و هذا إخبار عما یلقونه فی النفخة الأولی عند قیام الساعة ثم أخبر سبحانه عن النفخة الثانیة فقال وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ و هی القبور إِلی رَبِّهِمْ أی إلی الموضع الذی یحكم اللّٰه فیه لا حكم لغیره هناك یَنْسِلُونَ أی یخرجون سراعا فلما رأوا أهوال القیامة قالُوا یا وَیْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا أی من حشرنا من منامنا الذی كنا فیه نیاما ثم یقولون هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ فیما أخبرونا عن هذا المقام و هذا البعث قال قتادة أول الآیة للكافرین و آخرها للمسلمین قیل إنهم لما عاینوا أهوال القیامة عدوا أحوالهم فی قبورهم بالإضافة إلی تلك رقادا قال قتادة هی النومة بین النفختین لا یفتر عذاب القبر إلا فیما بینهما فیرقدون ثم أخبر سبحانه عن سرعة بعثهم فقال إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً أی لم تكن المدة إلا مدة صیحة واحدة فَإِذا هُمْ جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ أی فإذا الأولون و الآخرون مجموعون فی عرصات القیامة فَالْیَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً أی لا ینقص من له حق شیئا من حقه من الثواب أو غیر ذلك و لا یفعل به ما لا یستحقه من العذاب بل

ص: 320


1- أی مدّره لئلا ینشف الماء.

الأمور جاریة علی مقتضی العدل و ذلك قوله وَ لا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و فی قوله ما لَها مِنْ فَواقٍ أی لا یكون لتلك الصیحة إفاقة بالرجوع إلی الدنیا و قیل معناه ما لها مثنویة أی صرف و رد و قیل ما لها من فتور كما یفتر المریض. و فی قوله تعالی وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أی ما عظموا اللّٰه حق عظمته وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ القبضة فی اللغة ما قبضت علیه بجمیع كفك أخبر اللّٰه سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها فی مقدوره كالشی ء الذی یقبض علیه القابض بكفه فیكون فی قبضته و هذا تفهیم لنا علی عادة التخاطب فیما بیننا لأنا نقول هذا فی قبضة فلان و فی ید فلان إذا هان علیه التصرف فیه و إن لم یقبض علیه و كذا قوله وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ أی یطویها بقدرته كما یطوی أحد منا الشی ء المقدور له طیه بیمینه و ذكر الیمین للمبالغة فی الاقتدار و التحقیق للملك كما قال تعالی أَوْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُكُمْ و قیل معناه أنها محفوظات مصونات بقوته و الیمین القوة سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ أی عما یضیفونه إلیه من الشبیه و المثل وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ و هو قرن ینفخ فیه إسرافیل و وجه الحكمة فی ذلك أنها علامة جعلها اللّٰه لیعلم بها العقلاء آخر أمرهم فی دار التكلیف فشبه ذلك بما یتعارفونه من بوق الرحیل و النزول فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ أی یموت من شدة تلك الصیحة التی تخرج من الصور جمیع من فی السماوات و الأرض یقال صعق فلان إذا مات بحال هائلة شبیهة بالصیحة العظیمة إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ قیل هم جبرئیل و میكائیل و إسرافیل و ملك الموت و هو المروی و قیل هم الشهداء ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْری یعنی نفخة البعث و هی النفخة الثانیة قال قتادة فی حدیث رفعه إن ما بین النفختین أربعین سنة و قیل إن اللّٰه تعالی یفنی الأجسام كلها بعد الصعق و موت الخلق ثم یعیدها فَإِذا هُمْ قِیامٌ إخبار عن سرعة إیجادهم لأنه سبحانه إذا نفخ الثانیة أعادهم عقیب ذلك فیقومون من قبورهم أحیاء یَنْظُرُونَ أی ینتظرون ما یفعل بهم و ما یؤمرون به وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها أی أضاءت الأرض بعدل ربها یوم القیامة لأن نور

ص: 321

الأرض بالعدل و قیل بنور یخلقه اللّٰه عز و جل یضی ء به الأرض یوم القیامة من غیر شمس و لا قمر وَ وُضِعَ الْكِتابُ أی كتب الأعمال التی كتبتها الملائكة علی بنی آدم توضع فی أیدیهم لیقرءوا منها أعمالهم وَ جِی ءَ بِالنَّبِیِّینَ وَ الشُّهَداءِ هم الذین یشهدون للأنبیاء علی الأمم بأنهم قد بلغوا و أن الأمم قد كذبوا و قیل هم الذین استشهدوا فی سبیل اللّٰه و قیل هم عدول الآخرة یشهدون علی الأمم بما شاهدوا و قیل هم الحفظة من الملائكة و قیل هم جمیع الشهداء من الجوارح و المكان و الزمان و هی قوله تعالی ذلِكَ یَوْمُ الْوَعِیدِ أی ذلك الیوم یوم وقوع الوعید الذی خوف اللّٰه به عباده. وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ أی تجی ء كل نفس من المكلفین فی یوم الوعید و مَعَها سائِقٌ من الملائكة یسوقها أی یحثها علی السیر إلی الحساب وَ شَهِیدٌ من الملائكة یشهد علیها بما یعلم من حالها و شاهد بما كتبه لها و علیها فلا یجدوا إلی الهرب و لا إلی الجحود سبیلا و قیل السائق من الملائكة و الشهید الجوارح تشهد علیه لَقَدْ كُنْتَ فِی غَفْلَةٍ أی یقال له لقد كنت فی سهو و نسیان مِنْ هذا الیوم فی الدنیا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ الذی كان فی الدنیا یغشی قلبك و سمعك و بصرك حتی ظهر لك الأمر فَبَصَرُكَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ أی فعینك الیوم حادة النظر لا یدخل علیها شك و لا شبهة و قیل معناه فعلمك بما كنت فیه من أحوال الدنیا نافذ و لا یراد به بصر العین كما یقال فلان بصیر بالنجوم و الفقه. و فی قوله تعالی وَ اسْتَمِعْ یَوْمَ یُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ أی أصغ إلی النداء و توقعه یعنی صیحة یوم القیامة و البعث و النشور ینادی به المنادی و هی النفخة الثانیة و یجوز أن یكون المراد و استمع ذكر حالهم یوم ینادی المنادی و قیل إنه ینادی مناد من صخرة بیت المقدس أیتها العظام البالیة و الأوصال المنقطعة و اللحوم المتمزقة قومی لفصل القضاء و ما أعد اللّٰه لك من الجزاء و قیل إن المنادی إسرافیل علیه السلام یقول یا معشر الخلائق قوموا للحساب عن مقاتل و إنما قال مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ لأنه یسمعه الخلائق كلهم علی حد واحد فلا یخفی علی أحد قریب و لا بعید فكأنهم نودوا من مكان یقرب منهم یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ بِالْحَقِّ الصیحة المرة الواحدة من الصوت

ص: 322

الشدید و هذه الصیحة هی النفخة الثانیة و قوله بِالْحَقِّ أی بالبعث و قیل یعنی أنها كائنة حقا ذلِكَ یَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور إلی أرض الموقف و قیل هو اسم من أسماء القیامة إِنَّا نَحْنُ نُحْیِی وَ نُمِیتُ أخبر سبحانه عن نفسه أنه هو الذی یحیی الخلق بعد أن كانوا جمادا أمواتا ثم یمیتهم بعد أن كانوا أحیاء ثم یحییهم یوم القیامة و هو قوله وَ إِلَیْنَا الْمَصِیرُ یَوْمَ تَشَقَّقُ أی تتشقق الْأَرْضُ عَنْهُمْ و تتصدع فیخرجون منها سِراعاً یسرعون إلی الداعی بلا تأخیر ذلِكَ حَشْرٌ الحشر الجمع بالسوق من كل جهة عَلَیْنا یَسِیرٌ أی سهل علینا غیر شاق مع تباعد دیارهم و قبورهم. و فی قوله تعالی كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ أی كل من علی الأرض من حیوان فهو هالك یفنون و یخرجون من الوجود إلی العدم وَ یَبْقی وَجْهُ رَبِّكَ أی و یبقی ربك الظاهر بالأدلة ظهور الإنسان بوجهه ذُو الْجَلالِ أی ذو العظمة و الكبریاء و استحقاق الحمد و المدح وَ الْإِكْرامِ یكرم أنبیاءه و أولیاءه بألطافه. و فی قوله تعالی فَإِذا نُقِرَ فِی النَّاقُورِ معناه إذا نفخ فی الصور و هی كهیئة البوق و قیل إن ذلك فی النفخة الأولی و هو أول الشدة الهائلة العامة و قیل النفخة الثانیة و عندها یحیی اللّٰه الخلق و تقوم القیامة و هی صیحة الساعة فَذلِكَ یَوْمَئِذٍ یَوْمٌ عَسِیرٌ أی شدید عَلَی الْكافِرِینَ لنعم اللّٰه الجاحدین لآیاته غَیْرُ یَسِیرٍ غیر هین و هو بمعنی قوله عَسِیرٌ إلا أنه أعاده بلفظ آخر للتأكید و قیل معناه عسیر فی نفسه غیر عسیر علی المؤمنین لما یرون من حسن العاقبة.

«1»-فس، تفسیر القمی قَوْلِهِ وَ یَقُولُونَ مَتی هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ إِلَی قَوْلِهِ یَخِصِّمُونَ قَالَ ذَلِكَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ یُصَاحُ فِیهِمْ صَیْحَةٌ وَ هُمْ فِی أَسْوَاقِهِمْ یَتَخَاصَمُونَ فَیَمُوتُونَ كُلُّهُمْ فِی مَكَانِهِمْ لَا یَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ لَا یُوصِی بِوَصِیَّةٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلا یَسْتَطِیعُونَ تَوْصِیَةً وَ لا إِلی أَهْلِهِمْ یَرْجِعُونَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ ذَكَرَ النَّفْخَةَ الثَّانِیَةَ فَقَالَ إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ

ص: 323

«2»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْری فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ:- فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ ثُوَیْرِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ النَّفْخَتَیْنِ كَمْ بَیْنَهُمَا قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَقِیلَ لَهُ فَأَخْبِرْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَیْفَ یُنْفَخُ فِیهِ فَقَالَ أَمَّا النَّفْخَةُ الْأُولَی فَإِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ إِسْرَافِیلَ فَیَهْبِطُ إِلَی الدُّنْیَا وَ مَعَهُ صُورٌ (1)وَ لِلصُّورِ رَأْسٌ وَاحِدٌ وَ طَرَفَانِ وَ بَیْنَ طَرَفِ كُلِّ رَأْسٍ مِنْهُمَا مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ فَإِذَا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ إِسْرَافِیلَ وَ قَدْ هَبَطَ إِلَی الدُّنْیَا (2)وَ مَعَهُ الصُّورُ قَالُوا قَدْ أَذِنَ اللَّهُ فِی مَوْتِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ فِی مَوْتِ أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ فَیَهْبِطُ إِسْرَافِیلُ بِحَظِیرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ (3)وَ یَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ فَإِذَا رَأَوْا (4)أَهْلُ الْأَرْضِ قَالُوا أَذِنَ اللَّهُ فِی مَوْتِ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ فَیَنْفُخُ فِیهِ نَفْخَةً فَیَخْرُجُ الصَّوْتُ مِنَ الطَّرَفِ الَّذِی یَلِی الْأَرْضَ فَلَا یَبْقَی فِی الْأَرْضِ ذُو رُوحٍ إِلَّا صَعِقَ وَ مَاتَ وَ یَخْرُجُ الصَّوْتُ مِنَ الطَّرَفِ الَّذِی یَلِی السَّمَاوَاتِ (5)فَلَا یَبْقَی فِی السَّمَاوَاتِ ذُو رُوحٍ إِلَّا صَعِقَ وَ مَاتَ إِلَّا إِسْرَافِیلَ قَالَ فَیَقُولُ اللَّهُ لِإِسْرَافِیلَ یَا إِسْرَافِیلُ مُتْ فَیَمُوتُ إِسْرَافِیلُ فَیَمْكُثُونَ فِی ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ یَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ فَتَمُورُ وَ یَأْمُرُ الْجِبَالَ فَتَسِیرُ وَ هُوَ قَوْلُهُ یَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (6)وَ تَسِیرُ الْجِبالُ سَیْراً یَعْنِی تَبْسُطُ وَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ یَعْنِی بِأَرْضٍ لَمْ یُكْتَسَبْ عَلَیْهَا الذُّنُوبُ بَارِزَةً لَیْسَ عَلَیْهَا الْجِبَالُ (7)وَ لَا نَبَاتٌ كَمَا دَحَاهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ یُعِیدُ عَرْشَهُ عَلَی الْمَاءِ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ مُسْتَقِلًّا بِعَظَمَتِهِ وَ قُدْرَتِهِ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُنَادِی الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ بِصَوْتٍ جَهْوَرِیٍّ (8)یَسْمَعُ أَقْطَارُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ لِمَنِ الْمُلْكُ

ص: 324


1- فی المصدر: و معه الصور. م
2- فی المصدر: الی الأرض. م.
3- فی المصدر: بحضرة بیت المقدس. م.
4- فی المصدر: فاذا رأوه. م.
5- فی المصدر: السماء. م.
6- المور: الجریان السریع.
7- فی المصدر: جبال. م.
8- فی المصدر: بصوت من قبله جهوری اه. م.

الْیَوْمَ فَلَا یُجِیبُهُ مُجِیبٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُنَادِی الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ مُجِیباً لِنَفْسِهِ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ وَ أَنَا قَهَرْتُ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ وَ أَمَتُّهُمْ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِی لَا شَرِیكَ لِی وَ لَا وَزِیرَ (1)وَ أَنَا خَلَقْتُ خَلْقِی بِیَدِی وَ أَنَا أَمَتُّهُمْ بِمَشِیَّتِی وَ أَنَا أُحْیِیهِمْ بِقُدْرَتِی قَالَ فَنَفَخَ الْجَبَّارُ نَفْخَةً فِی الصُّورِ یَخْرُجُ (2)الصَّوْتُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَیْنِ الَّذِی یَلِی السَّمَاوَاتِ فَلَا یَبْقَی فِی السَّمَاوَاتِ أَحَدٌ إِلَّا حَیَّ وَ قَامَ كَمَا كَانَ وَ یَعُودُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ یُحْضَرُ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ یُحْشَرُ الْخَلَائِقُ لِلْحِسَابِ قَالَ فَرَأَیْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا یَبْكِی عِنْدَ ذَلِكَ بُكَاءً شَدِیداً.

بیان: قوله علیه السلام مستقلا بعظمته أی بلا حامل و الجهوری العالی. أقول سئل عن المفید رحمه اللّٰه فی المسائل السرویة عن قوله تعالی لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَ إن هذا خطاب منه لمعدوم لأنه یقوله عند فناء الخلق ثم یجیب نفسه فیقول لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ و كلام المعدوم سفه لا یقع من حكیم و جوابه عن سؤاله لمعدوم أو تقریره إیاه خلاف الحكمة فی المعقول فأجاب المفید رحمه اللّٰه بأن الآیة غیر متضمنة للخبر عن خطاب معلوم و هو قوله عز و جل لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ یَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا یَخْفی عَلَی اللَّهِ مِنْهُمْ شَیْ ءٌ و یوم التلاق هو یوم المحشر عند التقاء الأرواح و الأجساد و تلاقی الخلق بالاجتماع فی صعید واحد و قوله یَوْمَ هُمْ بارِزُونَ تأكید لذلك إذ كان البروز لا یكون إلا لموجود ثم لیس فی الآیة أن اللّٰه هو القائل لذلك فیحتمل أن یكون القائل ملكا أمر بالنداء فأجابه أهل الموقف و یحتمل أن یكون اللّٰه تعالی هو القائل مقررا غیر مستخبر و المجیبون هم البشر المبعوثون أو الملائكة الحاضرون و وجه آخر و هو أن قوله لِمَنِ الْمُلْكُ یفید وقوعه فی حال إنزال الآیة دون المستقبل أ لا تری إلی قوله لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ الآیة فكان قوله لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَ تنبیها علی أن الملك لله تعالی وحده یومئذ و لم یقصد به إلی تقریر و لا استخبار و قوله تعالی لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ تأكید للتنبیه و الدلالة علی تفرده تعالی بالملك دون من سواه انتهی.

ص: 325


1- فی المصدر: و لا وزیر لی، انا اه. م.
2- فی المصدر: فیخرج. م.

أقول: هذه الأخبار دافعة لتلك الاحتمالات و الشبهة مندفعة بأن الخطاب قد یصدر من الحكیم من غیر أن یكون الغرض إفهام المخاطب أو استعلام شی ء بل لحكمة أخری كما هو الشائع بین العرب من خطاب التلال و الأماكن و المواضع لإظهار الشوق أو الحزن أو غیر ذلك فلعل الحكمة هاهنا اللطف للمتكلفین من حیث الإخبار به قبل وقوعه لیكون أدعی لهم إلی ترك الدنیا و عدم الاغترار بملكها و دولاتها و إلی العلم بتفرد الصانع بالتدبیر و غیر ذلك من الصالح للمكلفین (1)

«3»-فس، تفسیر القمی قَوْلُهُ لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ- قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ زَیْدٍ النَّرْسِیِّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ إِذَا أَمَاتَ اللَّهُ أَهْلَ الْأَرْضِ لَبِثَ كَمِثْلِ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلِ مَا أَمَاتَهُمْ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ فِی كُلِّ سَمَاءٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ مِیكَائِیلَ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ جَبْرَئِیلَ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ ذَلِكَ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ إِسْرَافِیلَ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ مَلَكَ الْمَوْتِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَ فَیَرُدُّ عَلَی نَفْسِهِ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ أَیْنَ الْجَبَّارُونَ أَیْنَ الَّذِینَ ادَّعَوْا

ص: 326


1- الاخبار إنّما تدلّ علی إفناء الأشیاء و إماتتها بمعنی نزع الروح من كل بدن ذی روح و قطع العلقة بین كل نفس و متعلقها، و أمّا إبطال الأرواح و إعدام النفوس من أصلها فلا دلیل علیه من جهة الروایات فمن الممكن أن یكون المجیب و المسئول بعض هذه الأرواح كما فی بعض الروایات أنه یجیبه أرواح الأنبیاء و غیرهم؛ و أمّا ما فی بعض الروایات من التعبیر بفناء الأشیاء فیفسره ما سیأتی فی روایة 12 أن المراد بالاهلاك و الافناء الاماتة و القتل و نحوهما. ط.

مَعِی إِلَهاً (1)أَیْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ وَ نَحْوَهُمَا (2)ثُمَّ یَبْعَثُ الْخَلْقَ قَالَ عُبَیْدُ بْنُ زُرَارَةَ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ كُلَّهُ كَائِنٌ طَوَّلْتَ ذَلِكَ فَقَالَ أَ رَأَیْتَ مَا كَانَ هَلْ عَلِمْتَ بِهِ فَقُلْتُ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ هَذَا.

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر ابن أبی عمیر مثله.

«4»-كِتَابُ زَیْدٍ النَّرْسِیِّ، عَنْهُ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ الثَّانِیَةِ وَ الثَّالِثَةِ وَ الرَّابِعَةِ وَ الْخَامِسَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ الثَّانِیَةِ وَ الثَّالِثَةِ وَ الرَّابِعَةِ وَ الْخَامِسَةِ وَ السَّادِسَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ أَهْلَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثُمَّ لَبِثَ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ مَا أَمَاتَ أَهْلَ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَاتَ مِیكَائِیلَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ أَیْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ وَ نَحْوِ هَذَا ثُمَّ یَلْبَثُ مِثْلَ مَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ أَضْعَافَ ذَلِكَ ثُمَّ یَبْعَثُ الْخَلْقَ أَوْ یَنْفَخُ فِی الصُّورِ قَالَ عُبَیْدُ بْنُ زُرَارَةَ قُلْتُ هَذَا الْأَمْرُ كَائِنٌ طَوَّلْتَ ذَلِكَ فَقَالَ أَ رَأَیْتَ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ یُخْلَقَ الْخَلْقُ أَطْوَلُ أَوْ ذَا قَالَ قُلْتُ ذَا قَالَ فَهَلْ عَلِمْتَ بِهِ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ هَذَا.

بیان: كأن المراد بقول الراوی ذا الإشارة إلی الزمان قبل خلق الخلق لأنه غیر متناه و إن كان مراده هذه الأزمنة لم ینبهه علیه السلام علی خطائه و أجاب بوجه آخر رفع استبعاده و ظاهره أنهم لا یحسون بتلك الأزمنة الطویلة إما لانعدامهم بالمرة كما سیأتی أو لكونهم منعمین لا یضرهم طول الأزمنة و الأول أظهر ثم إنه ینافی ظواهر الآیات و الأخبار الدالة علی أن موت أهل السماوات بالنفخة دفعة و یمكن التوفیق بینهما

ص: 327


1- فی المصدر: إلها آخر. م.
2- فی المصدر: و نحوهم. م.

بتكلفات بعیدة لكن هذا الخبر لجهالة النرسی لا یصلح لمعارضة تلك الآیات و الأخبار.

«5»-فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ یَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قَالَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ الرَّادِفَةُ الصَّیْحَةُ وَ الزَّجْرَةُ النَّفْخَةُ الثَّانِیَةُ فِی الصُّورِ.

«6»-فس، تفسیر القمی فَكَیْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ یَوْماً یَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِیباً قَالَ یَشِیبُ الْوِلْدَانُ مِنَ الْفَزَعِ حَیْثُ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ.

«7»-ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ ارْتِفَاعِی وَ عُلُوِّی (1)لَأُذِیقَنَّكَ طَعْمَ الْمَوْتِ كَمَا أَذَقْتَ عِبَادِی.

صح، صحیفة الرضا علیه السلام عنه عن آبائه علیهم السلام مثله

ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام مِثْلَهُ وَ فِیهِ فِی عُلُوِّ مَكَانِی

«8»- ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ قُلْتُ یَا رَبِّ أَ یَمُوتُ الْخَلَائِقُ وَ یَبْقَی الْأَنْبِیَاءُ فَنَزَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ.

صح، صحیفة الرضا علیه السلام عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ وَ فِیهِ وَ تَبْقَی الْمَلَائِكَةُ.

بیان: الصواب ما فی صحیفة الرضا علیه السلام و ما فی العیون لا یستقیم إلا بتكلفات بعیدة.

«9»-ید، التوحید ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی رَجُلٍ بِخَطِّهِ وَ قَرَأْتُهُ فِی دُعَاءٍ كَتَبَ بِهِ أَنْ یَقُولَ یَا ذَا الَّذِی كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَیْ ءٍ ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ ثُمَّ یَبْقَی وَ یَفْنَی كُلُّ شَیْ ءٍ الْخَبَرَ.

«10»-ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَبَشِیِّ بْنِ قُونِیٍّ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ یَوْمُ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ فَیَمُوتُ إِبْلِیسُ مَا بَیْنَ النَّفْخَةِ الْأُولَی وَ الثَّانِیَةِ الْخَبَرَ.

ص: 328


1- فی المصدر: و ارتفاعی فی علوی. م.

«11»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً قَالَ إِنَّمَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأُمَمِ فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ هَلَكَ.

«12»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ قَالَ هُوَ الْفَنَاءُ بِالْمَوْتِ أَوْ غَیْرِهِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ قَالَ بِالْقَتْلِ وَ الْمَوْتِ وَ غَیْرِهِ.

«13»-م، تفسیر الإمام علیه السلام إِنَّ اللَّهَ یُنْزِلُ بَیْنَ نَفْخَتَیِ الصُّورِ بَعْدَ مَا یُنْفَخُ النَّفْخَةُ الْأُولَی مِنْ دُوَیْنِ سَمَاءِ الدُّنْیَا مِنَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الَّذِی قَالَ اللَّهُ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ هِیَ مِنْ مَنِیٍّ كَمَنِیِّ الرَّجُلِ فَیَمْطُرُ ذَلِكَ عَلَی الْأَرْضِ فَیَلْقَی الْمَاءُ الْمَنِیُّ مَعَ الْأَمْوَاتِ الْبَالِیَةِ فَیَنْبُتُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَ یَحْیَوْنَ.

«14»-كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ قَالَ حَدَّثَنِی یَعْقُوبُ الْأَحْمَرُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام نُعَزِّیهِ بِإِسْمَاعِیلَ فَتَرَحَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَعَی إِلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَفْسَهُ فَقَالَ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ قَالَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ أَنْشَأَ یُحَدِّثُ فَقَالَ إِنَّهُ یَمُوتُ أَهْلُ الْأَرْضِ حَتَّی لَا یَبْقَی أَحَدٌ ثُمَّ یَمُوتُ أَهْلُ السَّمَاءِ حَتَّی لَا یَبْقَی أَحَدٌ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ قَالَ فَیَجِی ءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّی یَقُومَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیُقَالُ لَهُ مَنْ بَقِیَ وَ هُوَ أَعْلَمُ فَیَقُولُ یَا رَبِّ لَمْ یَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ فَیُقَالُ قُلْ لِجَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ فَلْیَمُوتَا فَیَقُولُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ یَا رَبِّ رَسُولَاكَ وَ أَمِینَاكَ فَیَقُولُ إِنِّی قَدْ قَضَیْتُ عَلَی كُلِّ نَفْسٍ فِیهَا الرُّوحُ الْمَوْتَ ثُمَّ یَجِی ءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّی یَقِفَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیُقَالُ لَهُ مَنْ بَقِیَ وَ هُوَ أَعْلَمُ فَیَقُولُ یَا رَبِّ لَمْ یَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ فَیَقُولُ قُلْ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ فَلْیَمُوتُوا قَالَ ثُمَّ یَجِی ءُ كَئِیباً حَزِیناً لَا یَرْفَعُ طَرْفَهُ فَیُقَالُ لَهُ مَنْ بَقِیَ فَیَقُولُ یَا رَبِّ لَمْ یَبْقَ إِلَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَیُقَالُ لَهُ مُتْ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَیَمُوتُ ثُمَّ یَأْخُذُ الْأَرْضَ بِیَمِینِهِ وَ السَّمَاوَاتِ بِیَمِینِهِ وَ یَقُولُ أَیْنَ الَّذِینَ كَانُوا یَدْعُونَ مَعِی شَرِیكاً أَیْنَ الَّذِینَ كَانُوا یَجْعَلُونَ مَعِی إِلَهاً آخَرَ.

ص: 329

ین، كتاب حسین بن سعید و النوادر فَضَالَةُ مِثْلَهُ وَ فِیهِ وَ السَّمَاوَاتِ بِیَمِینِهِ فَیَهُزُّهُنَّ هَزّاً مَرَّاتٍ ثُمَّ یَقُولُ

«15»- ج، الإحتجاج عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِی خَبَرِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ إِلَی أَنْ قَالَ أَ یَتَلَاشَی الرُّوحُ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ قَالَبِهِ أَمْ هُوَ بَاقٍ قَالَ بَلْ هُوَ بَاقٍ إِلَی وَقْتٍ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْأَشْیَاءُ وَ تَفْنَی فَلَا حِسَّ وَ لَا مَحْسُوسَ ثُمَّ أُعِیدَتِ الْأَشْیَاءُ كَمَا بَدَأَهَا مُدَبِّرُهَا وَ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ تَسْبُتُ فِیهَا الْخَلْقُ وَ ذَلِكَ بَیْنَ النَّفْخَتَیْنِ.

بیان: هذا الخبر یدل علی فناء الأشیاء و انعدامها بعد نفخ الصور و علی أن الزمان أمر موهوم و إلا فلا یمكن تقدیره بأربعمائة سنة بعد فناء الأفلاك (1)و یمكن أن یكون المراد ما سوی الأفلاك أو ما سوی فلك واحد یتقدر به الأزمان.

«16»-نهج، نهج البلاغة هُوَ الْمُفْنِی لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّی یَصِیرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا وَ لَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَ اخْتِرَاعِهَا وَ كَیْفَ وَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوَانِهَا مِنْ طَیْرِهَا وَ بَهَائِمِهَا وَ مَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وَ سَائِمِهَا وَ أَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وَ أَجْنَاسِهَا وَ مُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وَ أَكْیَاسِهَا عَلَی إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَی إِحْدَاثِهَا وَ لَا عَرَفَتْ كَیْفَ السَّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا وَ لَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فِی عِلْمِ ذَلِكَ وَ تَاهَتْ وَ عَجَزَتْ قُوَاهَا وَ تَنَاهَتْ وَ رَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِیرَةً عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةٌ بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا مُذْعِنَةٌ بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا وَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ یَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْیَا وَحْدَهُ لَا شَیْ ءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ

ص: 330


1- ظاهر الخبر بطلان الأشیاء و فناؤها بذواتها و آثارها، فیشكل حینئذ أولا بأن بطلان الأشیاء و حركاتها یوجب بطلان الزمان فما معنی التقدیر بأربعمائة سنة؟ و ثانیا أن فرض بطلان الأشیاء مع بطلان الزمان لا یبقی معنی للاعادة إذ مع بطلان الزمان و انقطاع اتصال ما فرض أصلا و ما فرض معادا یبطل نسبة السابقیة و اللاحقیة بینهما و لا معنی للاعادة حینئذ. و اما ما ذكره المؤلّف قدّس سرّه الشریف اولا من احتمال كون الزمان أمرا موهوما فلا یدفع الاشكال لاستلزامه بطلان كل تقدم و تأخر زمانی فی العالم حتّی قبل نفخ الصور و لا یمكن الالتزام به؛ و ما ذكره ثانیا: أن المراد بطلان ما سوی الافلاك فهو ممّا یأبی عنه لسان الخبر و الخبر الآتی، علی أن ما اعتمد علیه فی ثبوت وجود الافلاك لو تمّ لدل علی وجوب اشتمال الفلك علی عالم العناصر فی جوفه. و ما ذكره من كون المراد بطلان الأشیاء ما سوی فلك واحد یتقدر بها الزمان یشكل علیه ما یشكل علی سابقه و یزید أن هذه الفلك علی فرض وجودها تقدر الزمان بحركتها الوضعیة و لا معنی للحركة الوضعیة مع انعدام الأشیاء الخارجة من الفلك. و هو ظاهر. علی أن فرضیة وجود الافلاك البطلمیوسیة ممّا اتضح فسادها فی هذا العصر؛ و الروایة مع ذلك كله غیر مطروحة و لبیان معناها الدقیق محل آخر ذو مجال و سعة. ط.

یَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقْتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِینٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْآجَالُ وَ الْأَوْقَاتُ وَ زَالَتِ السِّنُونَ وَ السَّاعَاتُ فَلَا شَیْ ءَ إِلَّا الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِی إِلَیْهِ مَصِیرُ جَمِیعِ الْأُمُورِ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا وَ بِغَیْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَی الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا لَمْ یَتَكَأَّدْهُ صُنْعُ شَیْ ءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ وَ لَمْ یَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَهُ وَ بَرَأَهُ وَ لَمْ یُكَوِّنْهَا لِتَشْدِیدِ سُلْطَانٍ وَ لَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ وَ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَی نِدٍّ مُكَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لَا لِلِازْدِیَادِ بِهَا فِی مُلْكِهِ وَ لَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِیكٍ فِی شِرْكِهِ وَ لَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یَسْتَأْنِسَ إِلَیْهَا ثُمَّ هُوَ یُفْنِیهَا بَعْدَ تَكْوِینِهَا لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فِی تَصْرِیفِهَا وَ تَدْبِیرِهَا وَ لَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیْهِ وَ لَا لِثِقَلِ شَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهِ لَمْ یُمِلَّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدْعُوَهُ إِلَی سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ وَ أَمْسَكَهَا بِأَمْرِهِ وَ أَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ ثُمَّ یُعِیدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهَا وَ لَا اسْتِعَانَةٍ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهَا.

أقول: قد مرّت الخطبة بتمامها و شرحها فی كتاب التوحید.

تتمیم اعلم أن ظاهر هذا الخبر فناء جمیع المخلوقات عند انقضاء العالم كما هو مذهب جماعة من المتكلمین قال شارح المواقف قد سبقت فی مباحث الجسم إشارة إلی أن الأجسام باقیة غیر متزایلة علی ما یراه النظام و قابلة للفناء غیر دائمة البقاء علی ما یراه الفلاسفة قولا بأنها أزلیة أبدیة و الجاحظ و جمع من الكرامیة قولا بأنها أبدیة غیر أزلیة و توقف أصحاب أبی الحسین فی صحة الفناء و اختلف القائلون بها فی أن الفناء بإعدام معدم أو بحدوث ضد أو بانتفاء شرط أما الأول فذهب القاضی و بعض المعتزلة إلی أن اللّٰه تعالی یعدم العالم بلا واسطة فیصیر معدوما كما أوجده كذلك فصار موجودا و ذهب أبو الهذیل إلی أنه تعالی یقول له افن فیفنی كما قال له كن فكان و أما الثانی فذهب جمهور المعتزلة إلی أن فناء الجوهر بحدوث ضد له هو الفناء فذهب ابن إخشید إلی أن الفناء و إن لم یكن متحیزا لكنه یكون حاصلا فی جهة معینة فإذا أحدثه اللّٰه تعالی فیها عدمت الجواهر بأسرها و ذهب ابن شبیب إلی أن اللّٰه تعالی یحدث فی كل جوهر فناء ثم ذلك الفناء یقتضی عدم الجوهر فی الزمان الثانی و ذهب أبو علی و أتباعه إلی أنه یخلق بعدد كل جوهر فناء

ص: 331

لا فی محل فتفنی الجواهر و قال أبو هاشم و أشیاعه یخلق فناء واحدا لا فی محل فیفنی به الجواهر بأسرها و أما الثالث و هو أن فناء الجوهر بانقطاع شرط وجوده فزعم بشر أن ذلك الشرط بقاء یخلقه اللّٰه تعالی لا فی محل فإذا لم یخلقه اللّٰه تعالی عدم الجوهر و ذهب الأكثرون من أصحابنا و الكلبی من المعتزلة إلی أنه بقاء قائم به یخلقه اللّٰه حالا فحالا فإذا لم یخلقه اللّٰه تعالی فیه انتفی الجوهر و قال إمام الحرمین إنها الأعراض التی یجب اتصاف الجسم بها فإذا لم یخلقها اللّٰه تعالی فیه فنی و قال القاضی فی أحد قولیه هو الأكوان التی یخلقها اللّٰه فی الجسم حالا فحالا فمتی لم یخلقها اللّٰه فیه انعدم و قال النظام إنه لیس بباق بل یخلق اللّٰه حالا فحالا فمتی لم یخلق فنی و أكثر هذه الأقاویل من قبیل الأباطیل سیما القول بكون الفناء أمرا محققا فی الخارج ضدا للبقاء قائما بنفسه أو بالجوهر و كون البقاء موجودا لا فی محل و لعل وجه البطلان غنی عن البیان ثم القائلون بصحة الفناء و بحقیة حشر الأجساد اختلفوا فی أن ذلك بالإیجاد بعد الفناء أو بالجمع بعد تفرق الأجزاء و الحق التوقف و هو اختیار إمام الحرمین حیث قال یجوز عقلا أن تعدم الجواهر ثم تعاد و أن تبقی و تزول أعراضها المعهودة ثم تعاد بنیتها و لم یدل قاطع سمعی علی تعیین أحدهما فلا یبعد أن یغیر أجساد العباد علی صفة أجسام التراب ثم یعاد تركیبها إلی ما عهد و لا یحیل أن یعدم منها شی ء ثم یعاد و اللّٰه أعلم. احتج الأولون بوجوه الأول الإجماع علی ذلك قبل ظهور المخالفین كبعض المتأخرین من المعتزلة و أهل السنة و رد بالمنع كیف و قد أطبقت معتزلة بغداد علی خلافه نعم كان الصحابة یجمعون علی بقاء الحق و فناء الخلق بمعنی هلاك الأشیاء و موت الأحیاء و تفرق الأجزاء لا بمعنی انعدام الجواهر بالكلیة لأن الظاهر أنهم لم یكونوا یخوضون فی هذه التدقیقات. الثانی هو قوله تعالی هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ (1)أی فی الوجود و لا یتصور ذلك إلا بانعدام ما سواه و لیس بعد القیامة وفاقا فیكون قبلها و أجیب بأنه یجوز أن

ص: 332


1- الحدید: 3.

یكون المعنی هو مبدأ كل موجود و غایة كل مقصود أو هو المتوحد فی الألوهیة أو فی صفات الكمال كما إذا قیل لك هذا أول من زارك أو آخرهم فتقول هو الأول و الآخر و ترید أنه لا زائر سواه أو هو الأول و الآخر بالنسبة إلی كل حی بمعنی أنه یبقی بعد موت جمیع الأحیاء أو هو الأول خلقا و الآخر رزقا كما قال خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ (1)و بالجملة فلیس المراد أنه آخر كل شی ء بحسب الزمان للاتفاق علی أبدیة الجنة و من فیها. الثالث قوله تعالی كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (2)فإن المراد به الانعدام لا الخروج عن كونه منتفعا به لأن الشی ء بعد التفرق یبقی دلیلا علی الصانع و ذلك من أعظم المنافع و أجیب بأن المعنی أنه هالك فی حد ذاته لكونه ممكنا لا یستحق الوجود إلا بالنظر إلی العلة أو المراد بالهلاك الموت أو الخروج عن الانتفاع المقصود به اللائق بحاله كما یقال هلك الطعام إذا لم یبق صالحا للأكل و إن صلح لمنفعة أخری و معلوم أن لیس مقصود الباری تعالی من كل جوهر الدلالة علیه و إن صلح لذلك كما أن من كتب كتابا لیس مقصوده بكل كلمة الدلالة علی الكاتب أو المراد الموت كما فی قوله تعالی إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ و قیل معناه كل عمل لم یقصد به وجه اللّٰه تعالی فهو هالك أی غیر مثاب علیه. الرابع قوله تعالی وَ هُوَ الَّذِی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ (3)كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ (4)و البدء من العدم فكذا العود و أیضا إعادة الخلق بعد إبدائه لا یتصور بدون تخلل العدم و أجیب بأنا لا نسلم أن المراد بإبداء الخلق الإیجاد و الإخراج عن العدم بل الجمع و التركیب علی ما یشعر به قوله تعالی وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ و لهذا یوصف بكونه مرئیا مشاهدا كقوله تعالی أَ وَ لَمْ یَرَوْا كَیْفَ یُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ (5)أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَیْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ و أما القول بأن الخلق حقیقة فی التركیب تمسكا بمثل قوله تعالی خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ (6)أی ركبكم وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً (7)أی تركبونه فلا یكون حقیقة فی الإیجاد دفعا للاشتراك فضعیف جدا لإطباق

ص: 333


1- الروم: 40.
2- القصص: 88.
3- الروم: 27.
4- الأنبیاء: 104.
5- العنكبوت: 19.
6- فاطر: 13.
7- العنكبوت: 17.

أهل اللغة علی أنه إحداث و إیجاد مع تقدیر سواء كان عن مادة كما فی خلقكم من تراب أو بدونه كما فی خلق اللّٰه العالم. الخامس قوله تعالی كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ (1)و الفناء هو العدم و أجیب بالمنع بل هو خروج الشی ء من الصفة التی ینتفع به عندها كما یقال فنی زاد القوم و فنی الطعام و الشراب و لذا یستعمل فی الموت مثل أفناهم الحرب و قیل معنی الآیة كل من علی وجه الأرض من الأحیاء فهو میت قال الإمام و لو سلم كون الفناء و الهلاك بمعنی العدم فلا بد فی الآیتین من تأویل إذ لو حملتا علی ظاهرهما لزم كون الكل هالكا فانیا فی الحال و لیس كذلك و لیس التأویل بكونه آئلا إلی العدم علی ما ذكرتم أولی من التأویل بكونه قابلا له و هذه منه إشارة إلی ما اتفق علیه أئمة العربیة من كون اسم الفاعل و نحوه مجازا فی الاستقبال و أنه لا بد من الاتصاف بالمعنی المشتق منه و إنما الخلاف فی أنه هل یشترط بقاء ذلك المعنی و قد توهم صاحب التلخیص أنه كالمضارع یشترك بین الحال و الاستقبال فاعترض بأن حمله علی الاستقبال لیس تأویلا و صرفا عن الظاهر. و احتج الآخرون بوجوه الأول أنه لو كان كذلك لما كان الجزاء واصلا إلی مستحقه و اللازم باطل عندنا سمعا للنصوص الواردة فی أن اللّٰه لا یضیع أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا و عقلا عند المعتزلة لما سبق من وجوب ثواب المطیع و عقاب العاصی و بیان اللزوم أن المنشأ لا یكون هو المبتدأ بل مثله لامتناع إعادة المعدوم بعینه و رد بالمنع و قد مر بیان ضعف أدلته و لو سلم فلا یقوم علی من یقول ببقاء الروح أو الأجزاء الأصلیة و إعدام البواقی ثم إیجادها و إن لم یكن الثانی هو الأول بعینه بل مغایرا له فی وصفه الابتداء و الإعادة أو باعتبار آخر و لا شك أن العمدة فی الاستحقاق هو الروح علی ما مر و قد یقرر بأنها لو عدمت لما علم إیصال الجزاء إلی مستحقه لأنه لا یعلم أن ذلك المحشور هو الأول أعید بعینه أم مثل له خلق علی صفته أما علی تقدیر الفناء بالكلیة فظاهر و أما علی تقدیر بقاء الروح و الأجزاء الأصلیة فلانعدام التركیب و الهیئات و الصفات التی بها یتمایز المسلمون سیما علی قول من یجعل

ص: 334


1- الرحمن: 26.

الروح أیضا من قبیل الأجسام و اللازم منتف لأن الأدلة قائمة علی وصول الجزاء إلی المستحق. لا یقال لعل اللّٰه یحفظ الروح و الأجزاء الأصلیة عن التفرق و الانحلال بل الحكمة تقتضی ذلك لیعلم وصول الحق إلی المستحق لأنا نقول المقصود إبطال رأی من یقول بفناء الأجساد بجمیع الأجزاء بل أجسام العالم بأسرها ثم الإیجاد و قد حصل و لو سلم فقد علمت أن العمدة فی الحشر هو الأجزاء الأصلیة لا الفضلیة و قد سلمتم أنها لا تتفرق فضلا عن الانعدام بالكلیة بل الجواب أن المعلوم بالأدلة هو أن اللّٰه تعالی یوصل الجزاء إلی المستحق و لا دلالة علی أنا نعلم ذلك عند الإیصال البتة وَ كَفی بِاللَّهِ عَلِیماً و لو سلم فلعل اللّٰه تعالی یخلق علما ضروریا أو طریقا جلیا جزئیا أو كلیا. الثانی و هو للمعتزلة أن فعل الحكیم لا بد أن یكون لغرض لامتناع العبث علیه و لا یتصور له غرض فی الإعدام إذ لا منفعة فیه لأحد لأنها إنما تكون مع الوجود بل الحیاة و لیس به أیضا جزاء المستحق كالعذاب و السؤال و الحساب و نحو ذلك و هذا ظاهر و رد بمنع انحصار الغرض فی المنفعة و الجزاء فلعل لله فی ذلك حكما و مصالح لا یعلمها غیره علی أن فی الإخبار بالإعدام لطفا للمكلفین و إظهارا لغایة العظمة و الاستغناء و التفرد بالدوام و البقاء ثم الإعدام تحقیق لذلك و تصدیق. الثالث النصوص الدالة علی كون النشور بالإحیاء بعد الموت و الجمع بعد التفریق كقوله تعالی وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّ أَرِنِی كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی الآیة (1)و كقوله تعالی أَوْ كَالَّذِی مَرَّ عَلی قَرْیَةٍ وَ هِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها قالَ أَنَّی یُحْیِی هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها إلی قوله وَ انْظُرْ إِلَی الْعِظامِ كَیْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً (2)و كقوله تعالی و كَذلِكَ النُّشُورُ (3)وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (4)و كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (5)بعد ما ذكر بدء الخلق من الطین و علی وجه نری و نشاهد مثل أَ وَ لَمْ یَرَوْا كَیْفَ یُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ (6)أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَیْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ و كقوله تعالی

ص: 335


1- البقرة: 263.
2- البقرة: 262.
3- فاطر: 9.
4- الروم: 19.
5- الأعراف: 29.
6- العنكبوت: 19.

یَوْمَ یَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (1)إلی غیر ذلك من الآیات المشعرة بالتفریق دون الإعدام. و الجواب أنها لا تنفی الانعدام و إن لم تدل علیه و إنما سیقت لكیفیة الإحیاء بعد الموت و الجمع بعد التفریق لأن السؤال وقع عن ذلك و لأنه أظهر فی بادئ النظر و الشواهد علیه أكثر ثم هی معارضة بالآیات المشعرة بالإعدام و الفناء انتهی كلامه. و الحق أنه لا یمكن الجزم فی تلك المسألة بأحد الجانبین لتعارض الظواهر فیها و علی تقدیر ثبوته لا یتوقف انعدامها علی شی ء سوی تعلق إرادة الرب تعالی بإعدامها و أكثر متكلمی الإمامیة علی عدم الانعدام بالكلیة لا سیما فی الأجساد (2)قال المحقق الطوسی رحمه اللّٰه فی التجرید و السمع دل علیه و یتأول فی المكلف بالتفریق كما فی قصة إبراهیم علیه السلام انتهی. و أما الصور فیجب الإیمان به علی ما ورد فی النصوص الصریحة و تأویله بأنه جمع للصورة كما مر من الطبرسی و قد سبقه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فهو خروج عن ظواهر الآیات بل صریحها إذ لا یتأتی ذلك فی النفخة الأولی و یأبی عنه أیضا توحید الضمیر فی قوله تعالی ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْری و إطراح للنصوص الصحیحة الصریحة من غیر حاجة و قد قال سید الساجدین صلوات اللّٰه علیه فی الدعاء الثالث من الصحیفة الكاملة و إسرافیل صاحب الصور الشاخص الذی ینتظر منك الإذن و حلول الأمر فینبه بالنفخة صرعی رهائن القبور.

ص: 336


1- القارعة: 4 و 5.
2- لما كان انعدام كل شی ء الا اللّٰه سبحانه یبطل التقدّم و التأخر و كل معنی حقیقی و یبطل به النسبة بین الدنیا و الآخرة و المبتدأ و المعاد و جمیع المعارف الإلهیّة المبینة تلو ذلك فی الكتاب و السنة القطعیة لم یكن مجال لاحتماله، و ما ظاهره ذلك من النصوص مبین بما یعارضه، و أمّا أحادیث الصور فهی آحاد لا تبلغ حدّ التواتر و لا یؤید الكتاب تفاصیل ما فیها من صفة الصور و الأمور المذكورة مع نفخه و لا دلیل علی حجیة الآحاد فی غیر الاحكام الفرعیة من المعارف الاصلیة لا من طریق سیرة العقلاء و لا من طریق الشرع علی ما بین فی الأصول، فالواجب هو الایمان باجمال ما أرید من الصور لوروده فی كتاب اللّٰه، و أمّا الاخبار فالواجب تسلیمها و عدم طرحها لعدم مخالفتها الكتاب و الضرورة و ارجاع علمها إلی اللّٰه و رسوله و الأئمّة من أهل بیته صلوات اللّٰه علیهم أجمعین. ط.

كلام المصحّح

تصویر

إلی هنا تمّ الجزء السادس من هذه الطبعة المزدانة بتعالیق نفیسة قیّمة و فوائد جمّة ثمینة؛ و یحوی هذا الجزء 501 حدیثاً فی 17 بابا.

و قد بالغنا فی تصحیح الكتاب و قابلناه بنسخة المصنّف قدسّ سرّه الشریف، و النسخة لخزانة كتب فضیلة الفقید ثقة الإسلام و المحدّثین الحاج السیّد (صدر الدین العاملیّ) الخطیب الشهیر الأصفهانیّ رضوان اللّٰه علیه؛ و أتحفنا إیّاه ولده المعظّم العاام العامل الحاج السیّد (مهدیّ الصدر العاملیّ) نزیل طهران، فمن واجبنا أن نقدّم إلیه ثناءنا العاطر و شكرنا الجزیل. و لا ننسی الثناء علی الشریف الجلیل، المحقّق الفاضل السیّد جلال الدین المحدّث- أدام اللّٰه تأییده- فإنّه لم یضنّ علینا بنفائس مخطوطات كتاب بحار الأنوار الّتی تعدّ أعلاق أصوله القیّمة؛ وفّقه اللّٰه تعالی و إیّانا لجمیع مرضاته إنّه ولیّ التوفیق.

یحیی عابدی

ص: 337

تصویر

ص: 338

فهرست ما فی هذا الجزء

الموضوع/ الصفحه

بقیّة أبواب العدل

باب 19 عفو اللّٰه تعالی و غفرانه؛ و فیه 17 حدیثاً. 1- 10

باب 30 التوبةو أنواعها و شرائطها؛ و فیه 78 حدیثاً. 11- 48

باب 21 نفی البعث و مایوجب النقص من الاستهزاء و السخریّة و المكر و الخدیعة عنه تعالی، و تأویل الآیات فیها؛ و فیه؛ حدیثان. 49- 54

باب 22 عقاب الكفّار و الفجّار فی الدنیا؛ و فیه تسعة أحادیث. 54- 57

باب 23 عللل الشرائع و الأحكام؛ الفصل الأوّل العلل الّتی رواها الفضل بن شاذان. 58- 63

الفصل الثانیّ: ما ورد من ذلك بروایة ابن سنان. 93- 107

الفصل الثالث: فی نوادر العلل و متفرّقاتها. 107- 115

أبواب الموت

باب 1 حكمة الموت و حقیقته، وما ینبغی أن یعبّر عنه؛ و فیه خمسة أحادیث. 116- 118

باب 2 علامات الكبَر، و أنّ ما بین الستّین إلی السبعین معترك المنایا، و تفسیر أَرْذَلِ الْعُمُرِ*؛ و فیه تسعة أحادیث. 118- 120

باب 3 الطاعون و الفرار منه؛ و فیه عشرة أحادیث. 120- 124

باب 4 حبّ لقاء اللّٰه و ذمّ الفرار من الموت؛ و فیه 46 حدیثاً. 124- 139

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كیفیة نزعه للروح؛ و فیه 18 حدیثاً. 139- 145

باب 6 سكرات الموت و شدائده، و ما یلحق المؤمن و الكافر عنده؛ و فیه 52 حدیثاً. 145- 137

ص: 339

باب 7 ما یعاین المؤمن و الكافر عند الموت، و حضور الأئمة علیهم السلام عند ذلك و عند الدفن، و عرض الأعمال علیهم صلوات اللّٰه علیهم، و فیه 56 حدیثا. 173- 202

باب 8 أحوال البرزخ و القبر و عذابه و سؤاله و سائر ما یتعلق بذلك، و فیه 128 حدیثا. 202- 282

باب 9 فی جنّة الدنیا و نارها؛ و فیه 18 حدیثا. 282- 293

باب 10 ما یلحق الرجل بعد موته من الأجر؛ و فیه خمسة أحادیث. 293- 294

أبواب المعاد و ما یتبعه و یلحق به

باب 1 ما أشراط الساعة، و قصّة یأجوج؛ و فیه 32 حدیثا. 295- 316

باب 2 نفخ الصور و فناء الدنیا و أنّ كل نفس تذوق الموت؛ و فیه 16 حدیثا. 316- 336

ص: 340

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا (ع).

ضا: لفقه الرضا (ع).

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ (ع).

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا (ع).

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 341

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.