مباني منهاج الصالحين، المجلد 4

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

[كتاب الصلاة]

اشارة

كتاب الصلاة و فيه مقاصد:

الصلاة هي احدي الدعائم التي بني عليها الإسلام ان قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها (1).

[المقصد الأول أعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها و جملة من أحكامها]

اشارة

المقصد الاول اعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها و جملة من أحكامها و فيه

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عيسي بن عبد اللّه الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان عمود الدين الصلاة و هي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فان صحت نظر في عمله و ان لم تصح لم ينظر في بقية عمله «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 6

[الفصل الأول: في الصلوات الواجبة و المستحبة]

اشارة

فصول: الفصل الاول: الصلوات الواجبة في هذا الزمان ست (1)

[الصلوات الواجبة في هذا الزمان ست]

اليومية (2) و تندرج فيها صلاة الجمعة فان المكلف مخير بين إقامتها و صلاة الظهر يوم الجمعة و اذا اقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر (3).

______________________________

و ما روي عن الصادق عليه السلام قال: أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبل سائر عمله و اذا ردت رد عليه سائر عمله «1».

(1) قد وقع الاختلاف في تعداد الفرائض و الماتن جعله ستة و عن الشهيد أنه جعله سبعة و عن المعتبر انه تسعة و الامر سهل فان هذا الاختلاف يمكن أن يكون ناشئا من ادخال بعض الاقسام في الاخر كإدخال الجمعة في اليومية أو من جهة ان الكلام ناظر الي زمان الغيبة و بعض الصلوات ليس واجبا فيه كالعيدين.

ثم ان المراد من الواجب في المقام ما يكون واجبا في قبال ما يكون مندوبا اعم من أن يكون دليل الوجوب الكتاب أو غيره من النص و الاجماع.

(2) بالضرورة مضافا الي النصوص التي سيمر عليك بعضها.

(3) اعلم انه قد وقع الخلاف بين الاعلام في صلاة الجمعة في زمن الغيبة بعد الاتفاق علي الوجوب التعييني في زمان الحضور و الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول:

القول بالوجوب التعييني في زمان الغيبة ذهب اليه جملة من الاصحاب رضوان اللّه عليهم منهم الكليني- علي حسب نقل الحدائق- و جملة من المشاهير علي ما نسب اليهم.

الثاني القول بالتحريم و عدم مشروعيتها في زمان الغيبة و نسب هذا القول الي ابن ادريس و سلار و ظاهر المرتضي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 7

______________________________

الثالث: القول بالتخيير بين الجمعة و الظهر نسب هذا القول الي الشهيد الثاني في جملة من كتبه اذا عرفت

هذا فاعلم انه يقع البحث اولا في الوجوب التعييني و ما يمكن أن يستدل به لهذا القول امور:

الامر الاول: قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» «1».

بتقريب: ان الامر ظاهر في الوجوب و في الاية امر بالسعي الي صلاة الجمعة عند اعلام الصلاة و لا شبهة في أن المناسبات الخارجية و الداخلية تقتضي أن يكون المراد اقامة الجمعة و من الظاهر ان هذا خطاب عام غير مختص بزمان دون زمان فيشمل زمان الغيبة كشموله لزمان الحضور بلا فرق.

و اورد عليه سيدنا الاستاد دام ظله اولا بأنه قضية شرطية و معناها انه متي اقيمت الجمعة في الخارج و نودي اليها وجب الحضور و أما ان الاقامة واجبة علي كل مكلف فلا دلالة في الاية.

و ملخص الكلام: ان القضية الشرطية لا تدل علي تحقق التالي الا عند تحقق المقدم فلا تعرض فيها للمقدم و عليه تدل الاية علي عدم الوجوب عند عدم الاقامة.

و يدل علي ذلك ذيل الاية و هو قوله تعالي: وَ إِذٰا رَأَوْا تِجٰارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهٰا وَ تَرَكُوكَ قٰائِماً قُلْ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجٰارَةِ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الرّٰازِقِينَ «2» فان المستفاد من الاية ان الانتشار للتجارة بعد اقامة الجمعة امر مذموم لا مطلقا.

و يرد عليه: ان المراد من النداء- كما اعترف به في كلامه- قول المؤذن:

«حي علي الصلاة» و هذا الاذان اذان الاعلام فيكون معناه: اذا كان يوم الجمعة

______________________________

(1) الجمعة/ 9

(2) الجمعة/ 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 8

______________________________

و أعلن المؤذن انه دخل الظهر فاسعوا و من الظاهر ان اعلام الظهر

باذان المؤذن طريق لمعرفة الظهر فمعناه: اذا صار الظهر فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ اي: اقيموا الجمعة اذ من الظاهر انه انما يجب السعي بلحاظ درك الجمعة و الا لا تجب الصلاة جماعة يوم الجمعة و هذا من الضروريات و عليه لا يكون الوجوب مشروطا بل الوجوب مطلق.

و بعبارة واضحة: ان الاية الشريفة بمثابة أن يقال: يا أيها الذين آمنوا اقيموا الصلاة يوم الجمعة عند الزوال. و أما ما أفاده من أن قوله تعالي: وَ إِذٰا رَأَوْا الي آخر الاية يدل علي أن الشرط للاجتماع اقامة الجمعة بتقريب: ان الذم علي عدم حضورهم عند قيام النبي صلي اللّه عليه و آله لصلاة الجمعة فالذم متوجه بعد ما اقيمت الجمعة لا مطلقا ففيه ان الذم علي اقامة الجماعة و عدم الحضور للصلاة.

و بعبارة اخري: انه صلي اللّه عليه و آله في زمانه كان يقيم الجمعة و الاعتراض عليهم بأنهم يتركون واجبهم و ليس عليه دلالة علي أن الوجوب وجوب مشروط و غايته عدم الدلالة علي المطلق و يكفي للدلالة علي الاطلاق صدر الاية فلا حظ.

و اورد علي الاستدلال ثانيا بأن السعي بمعني السير السريع و المراد من الذكر الخطبة اذ لم تكن الصلاة مترتبة علي النداء و من الظاهر ان الاسراع لسماع الخطبة غير واجب انما الواجب الصلاة و للمكلف مجال الي أن يدرك الامام في الركوع فيعلم ان الامر ليس للوجوب و يدل عليه قوله تعالي: «ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» فيعلم ان ترك الصلاة أيضا خير لكن الحضور للصلاة احسن. و بعبارة اخري:

ليس في تركه ذم بل كلا الطرفين حسن لكن احدهما أحسن.

و يرد عليه: ان عدم القول بوجوب الحضور من اول الامر لا يوجب رفع اليد

عن ظهور الاية في الوجوب فان غاية ما في الباب الاجماع علي عدم وجوب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 9

______________________________

الاسراع الي استماع الخطبة.

مضافا الي أنه اجماع منقول و علي فرض تحصيله محتمل المدرك اضف الي ذلك أن صحة الصلاة حتي فيما يدرك الامام في الركوع لا يدل علي عدم الوجوب اذ الاجزاء امر و وجوب الحضور من اول الامر أمر آخر و المناسبة تقتضي وجوب الحضور من أول الامر اذ استماع الخطبة يترتب عليه الآثار المطلوبة كما ان مقتضي تعظيم شعائر اللّه الاجتماع.

و يستفاد من قوله تعالي: «وَ تَرَكُوكَ قٰائِماً» ان الحضور لاستماع الخطبة واجب حيث يذمهم اللّه و القمي ذكر حديثا في تفسيره يدل علي أن المراد بالقيام القيام حال الخطبة «1».

مضافا الي أنه يكون المراد بالذكر الصلاة و الامر بالاسراع للتأكيد لان لا تفوت الصلاة أضف الي ذلك أنه ليس السرعة و العدو مأخوذا في السعي و لذا لا يعتبر في السعي بين الصفا و المروة العدو و السرعة و في المنجد: «يقول:

سعي اليه قصده».

و يؤيد ما ذكرنا ما أفاده في الحدائق من أن المراد بالذكر باتفاق المفسرين الصلاة أو خطبتها أو هما معا و الامر للوجوب و لم يقل بأن الحضور للخطبة ليس واجبا و ان شئت قلت: ان المراد بالذكر اما الصلاة و اما الخطبة و اما هما معا و علي جميع التقادير يثبت المطلوب.

و يؤيد المدعي ما ارسله الصدوق قال: و روي انه كان بالمدينة اذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادي مناد: حرم البيع حرم البيع لقوله عز و جل: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا

______________________________

(1) تفسير القمي ج 2 ص

367

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 10

______________________________

الْبَيْعَ «1».

و أما ما استفاد من لفظ الخير فليس علي ما ينبغي اذ يمكن تصور الحسن في الترك أيضا مع كون السعي واجبا لان المكلف مع تركه للصلاة يستفيد منفعة دنيوية و هذا كما في قوله تعالي بالنسبة الي الخمر و الميسر «وَ إِثْمُهُمٰا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمٰا» «2».

فتحصل مما ذكرنا حول الاية الشريفة ان السعي واجب حتي الي الخطبة بلحاظ ما رواه القمي من أن اللّه عاتبهم حيث يتركوا النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قائما يخطب و التسالم علي عدم وجوب الحضور للخطبة ليس اجماعا تعبديا كاشفا.

و لو سلم عدم وجوب الحضور للخطبة نقول: من الممكن أن يكون المراد بالذكر الصلاة فغاية الامر أن يكون الذكر بماله من المعني مجملا لكن نرفع الاجمال بذيل الاية المباركة حيث يقول تعالي: «فَإِذٰا قُضِيَتِ الصَّلٰاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ» فيفهم من مجموع الصدر و الذيل ان السعي و ترك المعاملة واجب الي انقضاء الصلاة و بعد الانقضاء يجوز الانتشار و يجوز البيع.

و ان شئت قلت: ان المفهوم من الاية الشريفة ان الاجتماع و ترك البيع واجب الي أن تنقضي الصلاة فلا يبقي ريب من حيث الصناعة في أن الصلاة واجبة بمقتضي الاية و ان قلنا بعدم وجوب الحضور للخطبة فلاحظ و تأمل و اغتنم فانه دقيق و بالتأمل حقيق.

و قد اوردت في الاية ايرادات و الحري بنا أن نذكرها و نجيب عنها: الاول ان الخطاب متوجه الي الموجودين زمان الخطاب و بقاعدة الاشتراك لا بد من تسرية

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 4

(2) البقرة/ 219

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 11

______________________________

الحكم الي غيرهم و حيث ان

مدرك قاعدة الاشتراك الاجماع و لا اجماع في المقام لاحتمال اختصاص الحكم بالموجودين فلا يمكن الاستدلال بالآية للوجوب.

و الجواب: انه ان قلنا بأن الخطابات القرآنية نزلت علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم انه صلي اللّه عليه و آله بين الاحكام للناس فلا موضوع لهذا البحث اذ المفروض أنه حين النزول ليس للخطاب مخاطب لا من الموجودين و لا من المعدومين.

و أما ان قلنا بأن الخطاب القرآني حين النزول يقرئه صلي اللّه عليه و آله و بعبارة اخري حين النزول يجري علي لسانه المبارك فلهذا البحث مجال. فنقول:

ان الخطاب الحقيقي لا يمكن بالنسبة الي الغائبين عن مجلس الخطاب بل لا يمكن بالنسبة الي الغافلين الموجودين في مجلس التخاطب و أما الخطاب الانشائي اذا كان علي نحو القضية الحقيقية فيمكن بالنسبة الي الغائبين عن مجلس الخطاب كما انه يمكن بالنسبة الي المعدومين فانه مقتضي كون القضية حقيقية و الظاهر ان ادوات الخطاب وضعت للإنشاء اي إنشاء الخطاب بداع من الدواعي فاذا كان بداعي البعث فيكون القضية حقيقية يتحقق بالنسبة الي كل من يكون مقصودا بالخطاب و الدليل علي كونه إنشائيا أن الخطاب يتحقق حتي بالنسبة الي غير ذوي الشعور كقول الشاعر: تا اللّه يا ظبيات القاع قلن لنا.

مضافا الي أنه اذا كان هذا الاشكال واردا يلزم في كل مورد أن نتوقف حتي يثبت الاجماع و ان شئت قلت: اما نقول: بأن معقد الاجماع عام و الاخراج يحتاج الي الدليل و اما نقول: بأن تحقق الاجماع لازم في كل مورد اما علي الاول فالاخراج يتوقف علي الدليل و في المقام ذلك الدليل مفقود، و أما علي الثاني فلا بد من التوقف في اكثر الموارد اذ

لم يتحقق اجماع علي الاشتراك و هو كما تري فهذا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 12

______________________________

الاشكال غير وارد.

الثاني: ان كلمة «اذا» غير موضوعة للعموم فلا يجب السعي كلما تحقق النداء.

و الجواب: ان مقدمات الحكمة لو تمت تكفي لاستفادة العموم و ان لم تكن الكلمة (اذا) موضوعة للعموم مضافا الي أن نقول صلاة الجمعة اما تجب في العمر مرة واحدة و اما يشترط وجوبها بوجود الامام او نائبه و اما لا هذا و لا ذاك بل مطلقا لا سبيل الي الاول لمنافاته للضرورة القطعية و أما الثاني فينافي الإطلاق المستفاد من مقدمات الحكمة فيتعين الثالث و هو المطلوب.

الثالث: ان الوجوب علق علي الاذان فالوجوب مشروط.

و يرد عليه: انه لو ثبت الوجوب بعد الاذان يثبت مطلقا لعدم القول بالفصل مضافا الي أن الظاهر ان الاذان كناية عن دخول الوقت فلا اشكال.

الرابع: ان الوجوب معلق علي النداء للصلاة و النداء لها يتوقف علي وجوبها و هذا دور.

و الجواب ان الاذان يوم الجمعة كالأذان في غير الجمعة بمعني انه لا شبهة في مشروعية الاذان للأعلام و حضور الصلاة فلا دور.

مضافا الي أن الوجوب يتوقف علي الاذان و الاذان يتوقف علي المشروعية فلا يدور.

الخامس: ان المراد بالذكر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

و الجواب: انه ليس عليه دليل معتبر و في مرسلة المفيد فسر الذكر بامير المؤمنين عليه السلام «1» و الظاهر ان مثله تأويل.

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 4 ص 335 ح 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 13

______________________________

الامر الثاني: قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» «1» تقريب الاستدلال بها: ان المراد من الصلاة الوسطي هي صلاة الجمعة و لكن هذا الاستدلال فاسد اذ فسرت الوسطي بغير الجمعة اي

بالظهر تارة.

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر «2» و بالعصر اخري لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و في بعض القراءة حافظوا علي الصلوات و الصلاة الوسطي صلاة العصر «3» نعم نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام مرسلا أنها الجمعة يوم الجمعة و الظهر في سائر الايام «4» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها فهذا الاستدلال غير تام.

و اورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بأنه لا يسعنا الاستدلال بها علي لزوم صلاة الجمعة و وجوب اقامتها و ان فسرناها بصلاة الجمعة لان الامر بالمحافظة علي شي ء انما يصح بعد وجوبه في نفسه اذا يكون الامر بالمحافظة ارشادا الي لزوم الاتيان بصلاة الجمعة و اهميتها حيث ذكرت بالخصوص بعد ذكر سائر الصلوات و الاوامر الارشادية لا دلالة لها علي الوجوب- فضلا عن سعته و ضيقه- «5».

و فيه ما لا يخفي لأنه لو ورد في رواية صحيحة تفسيرها بالجمعة فمعني المحافظة عليها هو وجوب اقامتها و الاتيان بها و لا معني لكون الامر ارشاديا في هذا الحال.

الامر الثالث: قوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تُلْهِكُمْ أَمْوٰالُكُمْ وَ لٰا أَوْلٰادُكُمْ

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(3) نفس المصدر

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 4

(5) التنقيح ج 1 من الصلاة ص 20

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 14

______________________________

عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «1» تقريب الاستدلال بها ان المراد بذكر اللّه في الاية هو صلاة الجمعة و قد نهي اللّه تعالي عن نسيانها فتجب اقامتها.

و يرد عليه: انه لا

دليل علي أن المراد بذكر اللّه هو صلاة الجمعة.

الامر الرابع: مما استدل به للمدعي النصوص الكثيرة الواردة في الابواب المتفرقة بألسنة مختلفة إليك بعضها: منها ما رواه زرارة بن اعين عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: انما فرض اللّه عز و جل علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه عز و جل في جماعة و هي الجمعة «2» و ما رواه حماد بن عيسي «3».

و منها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: صلاة الجمعة فريضة و الاجتماع اليها فريضة مع الامام فان ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض و لا يدع ثلاث فرائض من غير علة الا منافق «4».

و منها ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم قالا سمعنا أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: من ترك الجمعة ثلاثا متواليات بغير علة طبع اللّه علي قلبه «5».

و منها ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل فرض في كل سبعة ايام خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واجبة علي كل مسلم ان يشهدها الا خمسة: المريض و المملوك و المسافر و المرأة

______________________________

(1) سورة المنافقون الاية: 9

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث 2

(4) عين المصدر الحديث: 8 و 12

(5) عين المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 15

______________________________

و الصبي «1».

و منها ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال الجمعة واجبة علي كل احد لا يعذر الناس فيها

الا خمسة المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي «2».

و منها ما رواه العلاء بن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في السفر جمعة و لا اضحي و لا فطر «3».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: علي من تجب الجمعة؟

قال: تجب علي سبعة نفر من المسلمين و لا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين احدهم الامام فاذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمهم بعضهم و خطبهم «4».

و منها ما رواه الفضل بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر و انما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين «5».

و منها ما رواه منصور يعني ابن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فما زادوا فان كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم و الجمعة واجبة علي كل احد «6».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 14

(2) عين المصدر الحديث: 16

(3) عين المصدر الحديث: 29

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

(5) عين المصدر الحديث: 6

(6) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 16

______________________________

و منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة «1».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: تجب الجمعة علي سبعة نفر من المسلمين (المؤمنين) و لا تجب علي أقلّ منهم «2».

و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا

كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة «3» و غيرها من الروايات الواردة في الابواب المختلفة من ابواب صلاة الجمعة و غيرها لاحظ الباب 3 و 4 من أبواب صلاة الجمعة من الوسائل.

و استفادة الوجوب من هذه الروايات اظهر من أن يخفي و لا مجال للمناقشة في السند و أما من حيث الدلالة فربما يقال: بأنها ليست في مقام بيان الشرائط و لذا لا يمكن نفي شرطية شي ء أو جزئيته لأنها ليست في مقام البيان بل انما هي لبيان اصل الوجوب.

و الجواب عن هذه الشبهة انه يدفع بالعموم المذكور في بعض هذه النصوص مضافا الي التصريح في بعضها لاحظ ما رواه زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الجمعة واجبة علي من أن صلي الغداة في أهله ادرك الجمعة و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الايام كي اذا قضوا الصلاة مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجعوا الي رحالهم قبل الليل و ذلك سنة الي يوم القيامة «4».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 8

(2) عين المصدر الحديث: 9

(3) عين المصدر الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 17

______________________________

مضافا الي أن هذه الروايات تبين ما في الاية و الاية شملت جميع المؤمنين اضف الي ذلك كله ان اصالة البيان محكمة فبمقدار نعلم أنه ليس في مقام البيان فهو و في غيره نلتزم بالاطلاق بمقتضي اصالة البيان فدلالة النصوص علي المدعي لا كلام فيها و انما الكلام في الوجوه المانعة و إليك تلك الوجوه:

منها: أن السيرة جرت من اصحاب الائمة عليهم السلام علي ترك صلاة الجمعة و لو

كانت واجبة لم يمكن ترك الواجب بالنسبة اليهم مع جلالة شأنهم و الدليل علي السيرة، عدم نقل اقامتهم لها.

بل يدل عليه صحيح زرارة قال: حثنا أبو عبد اللّه عليه السلام علي صلاة الجمعة حتي ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت: نغد و عليك؟ فقال: لا انما عنيت عندكم «1» بدعوي: ان الصحيح يدل علي أن زرارة كان تاركا لصلاة الجمعة و أنه لو كانت واجبة كان المناسب أن يوبخهم الامام عليه السلام علي الترك لا الحث علي الفعل و هذا اللسان لسان الاستحباب.

و موثق عبد الملك عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: مثلك يهلك و لم يصل فريضة فرضها اللّه قال: قلت: كيف اصنع؟ قال: صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة «2» بدعوي انه يستفاد من هذه الرواية ان عبد الملك لم يصل الجمعة طيلة حياته فيكشف عن عدم الوجوب التعييني.

و الانصاف انه ليس في هذه الروايات دلالة علي المدعي كما انه عدم النقل لا يدل علي عدم تركهم لصلاة الجمعة فانه لم يعهد ان ينقل اتيان اصحاب الأئمة بالواجبات الالهية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 18

______________________________

فان الاتيان بالواجب علي القاعدة و لا ملزم للنقل و اما حث الامام عليه السلام زرارة فلا يدل علي تركه بل يدل علي اهتمامه عليه السلام بهذه الفريضة كما أنه أعم من الندب و لذا في كثير من المقامات وقع الحث علي فعل الواجب مضافا الي أنه وقع التهديد في رواية عبد الملك و لو لا وجوب الجمعة لم يكن وجه لتهديد عبد الملك لتركه صلاة الجمعة كما أنه لا دلالة في الرواية علي أن

عبد الملك كان تاركا لصلاة الجمعة طيلة حياته فلاحظ.

و منها: الروايات الدالة علي عدم وجوب الجمعة علي من كان علي رأس فرسخين لاحظ ما رواه زرارة بن اعين قال: انما فرض اللّه عز و جل علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمسا و ثلاثين منها صلاة واحدة فرضها اللّه عز و جل في جماعة و هي الجمعة و وضعها عن تسعة: عن الصغير و الكبير و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المريض و الاعمي و من كان علي رأس فرسخين «1».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما وجبت الجمعة علي من يكون علي فرسخين لا اكثر من ذلك «2».

و الوجه في الدلالة انه لو كانت الجمعة واجبة مطلقا يجب علي النائي الاقامة في محله فان كل مكان من الامكنة يكون امام الجماعة فيها موجودا و حملها علي قلل الجبال و امثالها حمل علي الفرد النادر.

و الجواب انه يمكن أن يكون الامام مريضا أو مسافرا أو غير ذلك من الاعذار ككونه أعمي فلا يستلزم وجود الامام تعين اقامة الجمعة اضف اليه ان الحمل علي النادر لا معني له في المقام فان الميزان الشرعي ان النائي لا يجب عليه الحضور اعم من

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 19

______________________________

ان يكون مصداق المستثني كثيرا أو قليلا.

و بعبارة اخري مقتضي الحكمة بيان الحكم و لو في حق قليل من المكلفين و هذا ليس من مصاديق حمل اللفظ علي الفرد النادر بل الموضوع في حد نفسه امر نادر.

و منها: ما دل من

الروايات علي ان كل جماعة اذا كان فيهم من يخطب لهم لصلاة الجمعة وجبت عليهم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن اناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال: نعم (و) يصلون أربعا اذا لم يكن من يخطب «1».

و ما رواه الفضل بن عبد الملك قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا كان قوم (القوم) في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر «2».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال: أما مع الامام فركعتان و أما من يصلي وحده فهي اربع ركعات بمنزلة الظهر يعني اذا كان امام يخطب فان لم يكن امام يخطب فهي اربع ركعات و ان صلوا جماعة «3».

و تقريب الاستدلال: ان المراد بمن يخطب أن يكون من يخطب لهم بالفعل لا من من شأنه أن يخطب و ذلك لان الظاهر من اللفظ الفعلية مضافا الي أن فرض عدم وجدان من يخطب حمل علي الفرد النادر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 20

______________________________

و بعبارة اخري كل مكان يفرض له امام جماعة و هو قادر علي القاء أقلّ المجزي من الخطبة فتجب و تركها عصيان بالنسبة الي الامام و موجب لسقوطه عن العدالة مضافا الي أنه يجب عليه التعلم حتي لا يفوت الفرض فيعلم ان المعلق عليه الوجود الخارجي.

و فيه: انه خلاف الظاهر من قوله: «يصلون اربعا اذا لم يكن من يخطب»

«1» فان الظاهر من هذا اللفظ الوجود الشأني و أما الحمل علي الفرد النادر فما معناه اذ يمكن فرض كون الامام معذورا عن اقامة الجماعة اما لغيبته و اما لمرضه و اما لغير ذلك و لا بد للشارع من بيان احكام جميع الصور المتصورة.

ثم ان سيدنا الاستاد دام ظله تعرض لنبذة اخري من الروايات يمكن الاستدلال بها علي وجوب الجمعة تعيينا:

منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام علي من تجب الجمعة؟

قال: تجب علي سبعة نفر من المسلمين و لا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين احدهم الامام فاذا اجتمع سبعة و لم يخافوا امهم بعضهم و خطبهم «2» و اجاب عن هذه الروايات: بأن التعليق علي السبعة ليس لبيان شرط الصحة فانه خلاف ظاهرها فلا مجال لان يقال: انها في مقام بيان شرط الصحة فلا ترتبط بالوجوب.

لكن نقول: لو كانت واجبة علي تقدير وجود السبعة فلا معني للتعليق اذ كلما يفرض و اي مكان فرضناه يوجد فيه سبعة نفر الا أن يحمل علي قلل الجبال و امثالها و هو حمل علي الفرد النادر فمعناه: ان الاجتماع لو حصل في الخارج تجب الجمعة و بقرينة عدم الوجوب التي تقدمت في كلماتنا لا تجب عينا بعد الاجتماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 21

______________________________

بل الوجوب معلق علي تحقق الجمعة في الخارج و الا فلا تجب.

و ما افاده غير تام لا يمكن مساعدته فانه خلاف الظاهر لاحظ ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من صدر الرواية ان صلاة الجمعة واجبة علي سبعة نفر من المسلمين فاذا ارادوا

أن يصلوا و اجتمعوا و لم يخافوا أمهم بعضهم و خطبهم فان كلمة التفريع بعد بيان الوجوب.

و لو اغمض عن ذلك نقول: ما المراد من الاجتماع؟ فان هذا الاجتماع اما يكون بحسب الطبع بمعني أنه اجتمع عدة في مكان لشغل أو بالصدفة- كما هو ظاهر الكلام- علي فرض التنزل أو يكون المراد انه اجتمع عدة لإقامة صلاة الجمعة و علي جميع التقادير يثبت المدعي اذ بعد الاجتماع تجب الاقامة و من الظاهر ان الاجتماع بما هو ليس دخيلا في الوجوب بحيث نقول: مع عدم الاجتماع لا تجب و معه تجب فيعلم ان الجمعة واجبة مطلقا و قد تقدم بطلان ما افاده من القرائن علي عدم الوجوب فراجع.

اضف اليه بأن ما افاده من أنه كيف يمكن ان لا يتحقق سبعة نفر يدفع بأن المفروض ان الظرف ظرف التقيّة و مع لحاظها تحقق الشرط امر مشكل.

و يضاف الي ذلك كله انه يمكن كون الشخص في البراري و الجبال و ما اورد من أنه حمل علي الفرد النادر غير سديد و قد مر ما فيه سابقا.

ثم انه ذكر ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

الجمعة واجبة علي كل احد لا يعذر الناس فيها الا خمسة: المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي «2».

______________________________

(1) مر آنفا

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 22

______________________________

فانه يدل علي أنه لا يعذر احد في ترك الجمعة الا طوائف من الناس.

و اجاب عن الرواية بأنها تدل علي وجوب الحضور بعد اقامتها و استشهد لما ذكره باستثناء المسافر و من كان علي رأس فرسخين اذ المسافر يشرع في حقه

الجمعة فمعني الاخراج انه لا يجب عليه الحضور بعد الاقامة و كذلك من يكون علي رأس فرسخين.

و ايد كلامه بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا بأس أن تدع الجمعة في المطر «1» فان هذه الرواية تدل علي سقوط الوجوب بنزول المطر و من البعيد ان الواجب يسقط بواسطة المطر «2».

و ما افاده لا يرجع الي محصل صحيح فان رواية منصور تدل علي الوجوب الا علي من استثني و اي استبعاد في ذلك فان المسافر يشرع في حقه الجمعة و لكن لا تجب عليه كما انه لا استبعاد في سقوط التكليف بنزول المطر و لعمري أنه لا يمكن رفع اليد عن الدلالة الظاهرة الواضحة بمثل هذه التقريبات و العجب العجاب انه دام ظله- في آخر كلامه تردد في الامر و لم يجزم بالوجوب التعييني عند الاقامة و قال بأن كلام كل من القائلين بالوجوب و عدمه ينافي هذا التفصيل «3».

و بعبارة اخري رفع اليد عن الدليل بلحاظ الاجماع المركب و هو غريب منه لكن العصمة مخصوصة باهلها.

نعم لا يخفي انه مع ذلك كله لا يمكن الالتزام بالوجوب التعييني في زمان الغيبة اذ لو كانت كذلك كيف يمكن ان يكون مجهولا بحيث يصير وجوبها كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 38

(3) نفس المصدر ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 23

______________________________

محل النزاع و محط الاختلاف بين القائل بالوجوب التخييري و بين القائل بالوجوب التعييني و بين القائل بالحرمة و يدل علي ما ذكرناه كلمات جملة من الفقهاء فذكر الشيخ في الخلاف: من شرط انعقاد الجمعة

الامام او من يأمره الامام بذلك من قاض أو امير و نحو ذلك و متي اقيمت بغير امره لم تصح الي أن قال:

دليلنا: انه لا خلاف انها تنعقد بالامام أو بامره و ليس علي انعقادها اذا لم يكن امام و لا امره دليل فان قيل: أ ليس قد رويتم فيما مضي و في كتبكم انه يجوز لا هل القرايا و السواد و المؤمنين اذا اجتمع العدد الذي تنعقد بهم أن يصلوا الجمعة؟ قلنا ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجري ذلك مجري أن ينصب الامام من يصلي بهم و أيضا عليه اجماع الفرقة فانهم لا يختلفون ان من شرط الجمعة الامام أوامره الي أن قال: و أيضا فانه اجماع فان من عهد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله الي وقتنا هذا ما اقام الجمعة الا الخلفاء و الامراء و من ولي الصلاة فعلم ان ذلك اجماع اهل الاعصار و لو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك «1».

و عنه في النهاية: الاجتماع في صلاة الجمعة فريضة اذا حصلت شرائطها و من شرائطها أن يكون هناك امام عادل أو من نصبه الامام للصلاة بالناس.

و قال أيضا: و لا بأس ان يجتمع المؤمنون في زمن التقية بحيث لا ضرر عليهم فيصلوا الجمعة بخطبتين.

و قال أيضا في باب الامر بالمعروف منها: و يجوز لفقهاء اهل الحق أن يجمعوا بالناس في الصلوات كلها و صلاة الجمعة و العيدين و يخطبوا الخطبتين و يصلوا بهم صلاة الكسوف ما لم يخافوا في ذلك ضررا.

و عنه في مبسوطه: فاما الشروط الراجعة الي صحة الانعقاد فاربعة: السلطان

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص 248 مسألة 43 من كتاب صلاة الجمعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 24

______________________________

العادل أو من يأمره السلطان،

و العدد.

و قال ابن ادريس في السرائر: و الذي يقوي عندي صحة ما ذهب اليه في مسائل خلافه و خلاف ما ذهب اليه في نهايته للأدلة التي ذكرها من اجماع اهل الاعصار و أيضا فان عندنا- بلا خلاف بين اصحابنا- ان من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه الامام للصلاة «1».

و عن المفيد في المقنعة: ان لفقهاء الشيعة أن يجمعوا باخوانهم في الصلوات الخمس و صلوات الاعياد و الاستسقاء و الخسوف و الكسوف اذا تمكنوا من ذلك و أمنوا فيه معرفة اهل الفساد لهم.

و عن سلار في المراسم: ان صلاة الجمعة فرض مع حضور الامام الاصل أو من يقوم مقامه.

و في باب الامر بالمعروف افتي: بأنه ليس لفقهاء الشيعة صلاة الجمعة.

و عن المختلف: عن السيد انه لا جمعة الا مع امام عادل أو من نصبه.

و هؤلاء الاعلام- مع قربهم بعصر المعصوم عليه السلام- افتوا باشتراط الوجوب بوجود الامام العادل أو من نصبه مع ان هذه الروايات بايديهم و بمنظر منهم فلو كانت صلاة الجمعة واجبة بحيث تكون فريضة كسائر الفرائض كيف يمكن أن يدعي هؤلاء الاكابر الاجماع علي عدم جواز اقامتها أو عدم صحتها و هل يمكن أن يبقي وجوب هذه الفريضة مخفيا بحيث يدعي الاجماع علي عدم الوجوب و الحال أن السيرة مستمرة و لو كان لبان و لم يكن قابلا لان يبقي في حال الخفاء.

ان قلت: انه يمكن انهم استفاد و امن الروايات عدم الوجوب و فهمهم ليس حجة لنا.

قلت: ليس في كلماتهم الاستدلال بالروايات مضافا الي أنه لو كانت واجبة

______________________________

(1) السرائر ص 66

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 25

______________________________

تعيينا لم يكن مجال للاستدلال بالرواية.

و صفوة كلا منافي المقام: انه لا يمكن أن

يخفي الفرائض الاولية التي تعم البلوي و في الاهمية في الدرجة الاولي علي مثل الشيخ الطوسي الذي مقامه في الفضل و التقوي أظهر من الشمس و مع قربه بعصر المعصوم- فانه لو كانت واجبة لكان الشيعة في عصر العسكري عليه السلام عالمين به و هكذا في عصر الغيبة الصغري.

ان قلت لعل التقية اوجبت خفاء الامر. قلت: يظهر من رواية زرارة «1» و امثالها أن الأئمة كانوا يحثون الشيعة علي اقامة الجمعة.

و ملخص الكلام: ان صلاة الجمعة في اعصار الائمة عليهم السلام اما كانت واجبة بلا بدل و اما لم تكن كذلك فان قلت بالثاني يحصل المدعي و ان اخترت الاول فنسأل كيف يمكن أن يكون امرا و حكما من الشريعة مخفيا لمثل المفيد و السيد و الشيخ و امثالهم بحيث يدعي الشيخ الاجماع علي الخلاف و لما ذا لم تصر هذه المسألة كمسألة العول و التعصيب و المتعة و أمثالها.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه عبد الملك «2» و أيضا: ان الظاهر ان وزان صلاة الجمعة و حكمها حكم صلاة العيدين و هما من مناصب الامام عليه السلام أو من يعينه.

و الدليل عليه ما ورد في الصحيفة السجادية في دعاء يوم الجمعة و ثاني العيدين من قوله عليه السلام اللهم ان هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها و انت المقدر لذلك «3».

______________________________

(1) تقدم في ص: 17

(2) لاحظ ص: 17

(3) الصحيفة السجادية دعائه عليه السلام في الاضحي و الجمعة: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 26

______________________________

و لا اشكال فيه من حيث الدلالة حيث انه عليه السلام كان يقرأه في يومي الاضحي و الجمعة فيعلم ان

المقصود أن اقامة الصلاة مختصة بمقام الخلافة أما من حيث السند فربما يدعي فيه التواتر.

و يؤيد المدعي أيضا عدة روايات: الاولي ما في دعائم الإسلام عن علي عليه السلام انه قال: لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام «1».

الثانية: و بهذا الاسناد ان عليا عليه السلام سئل عن الامام يهرب و لا يخلف أحدا يصلي بالناس كيف يصلون الجمعة؟ قال: يصلون كصلاتهم أربع ركعات «2».

الثالثة: ما عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال:

لا جمعة الا مع امام عدل تقي و عن علي عليه السلام انه قال: لا يصح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام عدل «3».

الرابعة: ما عن جعفر بن احمد القمي في كتاب العروس عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: صلاة يوم الجمعة فريضة و الاجتماع اليها فريضة مع الامام «4».

الخامسة: المروي عن الاشعثيات: ان الجمعة و الحكومة لإمام المسلمين «5».

السادسة: ما عن رسالة ابن عصفور: ان الجمعة لنا و الجماعة لشيعتنا «6».

السابعة: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 51

(6) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 27

______________________________

لا جمعة الا في مصر تقام فيه الحدود «1».

فانقدح بما ذكر انه لا يمكن الالتزام بالوجوب التعييني فهل الصحيح هو القول الثاني و هو القول بالتحريم أو الحق هو القول الثالث و هو القول بالتخيير فنقول: ما استدل به لإثبات القول الثاني امور:

منها الاجماع: و يرد عليه اولا انه ادعي

في المقام ان وجوبها ثابت تخييرا و معه كيف يمكن أن يقال بأنه اجماعي و ثانيا: انه محتمل المدرك فليس اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

و منها ان السيرة: جارية من عصر النبي صلي اللّه عليه و آله الي زمان الائمة عليهم السلام ان صلاة الجمعة كانت تقام بالوالي او بمن يعينه.

و يرد عليه اولا: انه لا طريق لنا الي كشف هذا الامر و ان الجمعة ما كانت تقام الا كذلك. و ثانيا يظهر من جملة من الروايات ان الامام عليه السلام كان يحث مثل زرارة و عبد الملك علي اقامة الجمعة عندهم. و ثالثا انه علي فرض تمامية هذا الامر لا دليل علي كون الامر كذلك في زمان الغيبه فالمرجع الادلة.

و منها انه لو لم تكن منصبا خاصا لشخص خاص فربما يوجب الفتنة و الجدال و الشارع لا يرضي بهذا الامر.

و يرد عليه اولا ان هذا المحذور يندفع بالقول بالوجوب التخييري. و ثانيا ان الحكم الشرعي لا يتبع شهوات الناس فانه علي هذا الفرض يجب علي عامة المكلفين ان يقتدوا بامام واجد للشرائط فمن لا يكون واجدا للشرائط لا يجوز الاقتداء به و من يكون واجدا يرعي الموازين الشرعية و لو كان ما ذكر من الاشكال موجبا لعدم الجعل لكان جعل الجماعة أيضا فيه المحذور المذكور غاية الامر بدرجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 28

______________________________

نازلة نعم لو لم يكن في امام الجمعة شرط من العدالة و غيرها لكان لهذا الكلام مجال.

و منها ما رواه سماعة «1» فانه يدل علي كون الجمعة لا تنعقد الا مع الامام. اقول: الذي يستفاد من هذه الرواية ان الجمعة

واجبة فيما يكون امام يخطب و بعبارة اخري ان هذه الرواية من ادلة وجوب الجمعة بنحو التعيين و لا يستفاد منها اختصاص اقامة الجمعة بزمان الحضور.

و بعبارة اوضح ليس المراد من الامام امام المعصوم عليه السلام بل المراد منه امام الجماعة بشرط كونه خطيبا و ان ابيت عن ذلك و قلت ان المراد منه هو امام المسلمين نقول: نرفع اليد عنها بما دل علي مشروعية الجمعة مطلقا كالروايات الدالة علي الوجوب علي نحو الاطلاق و بخصوص ما دل علي جواز اقامتها من روايتي زرارة و عبد الملك.

و منها ما تقدم من الروايات الدالة علي اختصاص هذا المقام بامام المعصوم و من دعاء الصحيفة السجادية.

و فيه ان الروايات ضعيفة سندا و اما دعاء الصحيفة فانما يدل علي أن هذا المقام مقام الامام و لو كنا نحن و هذا الدعاء لم يكن دليل علي جواز اقامتها في زمان الغيبة لكن مقتضي الجمع بين الروايات ان اقامتها جائزة لغيره أيضا فان المستفاد من الروايات عموما و من رواية زرارة و عبد الملك خصوصا جواز الاقامة لغيره عليه السلام نعم التصدي لإقامتها بعنوان الرئاسة الدينية الالهية مختص بساحة قدسه ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.

و منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما صارت صلاة

______________________________

(1) تقدم في ص 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 29

______________________________

الجمعة اذا كان مع الامام ركعتين و اذا كان بغير امام ركعتين و ركعتين لان الناس يتخطون الي الجمعة من بعد فاحب اللّه عز و جل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا اليه و لان الامام يحبسهم للخطبة و هم منتظرون للصلاة و من انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام و

لان الصلاة مع الامام أتم و أكمل لعلمه و فقهه و فضله و عدله و لان الجمعة عيد و صلاة العيد ركعتان و لم تقصر لمكان الخطبتين «1».

و قال: انما جعلت الخطبة يوم الجمعة لان الجمعة مشهد عام فاراد أن يكون للأمير سبب الي موعظتهم و ترغيبهم في الطاعة و ترهيبهم من المعصية و توقيفهم علي ما اراد من مصلحة دينهم و دنياهم و يخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق (و) من الاهوال التي لهم فيها المضرة و المنفعة و لا يكون الصابر في الصلاة منفصلا و ليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة «2».

بتقريب انه يستفاد من هذين الخبرين ان امام الجمعة لا بد أن يكون عالما عارفا و يكون له خصال لا تحصل الا في امام صالح للإمامة و لذا صرح في الرواية الثانية بأن الامام في صلاة الجمعة غير امام الجماعة.

و فيه: ان السند مخدوش مضافا الي أن الامور المذكورة بعنوان الحكمة لا العلة و لذا يكفي أقلّ الخطبة.

و منها: انه لو كانت صلاة الجمعة واجبة في عصر الغيبة و لم يكن وجوبها مشروطا بوجود الامام لكان اللازم وجوبها علي من بعد عن فرسخين و الحال انه خصص الوجوب بالنسبة اليهم فلا يكون وجه لهذا الاستثناء الا عدم وجود الامام عندهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 30

______________________________

و فيه: ان المرفوع عنهم الحضور للجمعة لا اصل الوجوب و المشروعية و لذا يجوز أو يجب عليهم الاقامة مع وجود امام يخطب.

و منها: انه قد دلت جملة من الروايات علي أنه

لو اجتمع العيد و الجمعة يجوز للنائي أن لا يبقي لدرك الجمعة و قد اذن له الامام بالترك فيعلم ان هذا حق شخصي للإمام قابل لان يسقطه.

فمن تلك الروايات ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطر و الاضحي اذا اجتمعا في يوم الجمعة فقال: اجتمعا في زمان علي عليه السلام فقال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأت و من قعد فلا يضره و ليصل الظهر و خطب خطبتين جمع فيهما خطبة العيد و خطبة الجمعة «1».

و منها ما رواه سلمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اجتمع عيدان علي عهد امير المؤمنين عليه السلام فخطب الناس فقال: هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن احب أن يجمع معنا فليفعل و من لم يفعل فان له رخصة يعني من كان متنحيا «2».

و فيه: ان غاية ما يستفاد من هذه الروايات ان الامام يجوز له الاذن في ترك الجمعة في الفرض المذكور و ليس فيها دلالة علي عدم مشروعية صلاة الجمعة في زمان الغيبة كما هو المدعي هذا اولا.

و ثانيا ان ما يستفاد منه ان للإمام الاذن في الترك رواية واحدة و هي ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه ان علي بن ابي طالب عليه السلام كان يقول:

اذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فانه ينبغي للإمام أن يقول للناس في الخطبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 31

______________________________

الاولي: انه قد اجتمع لكم عيدان فانا أصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فاحب ان ينصرف عن الاخر فقد اذنت له «1».

و قد رويت بسندين

في احد السندين غياث بن كلوب و هو لم يوثق و في ثانيهما محمد بن الفضيل و قيل انه مشترك بين الثقة و غير الثقة.

مضافا الي أنه لو كان حقا شخصيا لكان مقتضي القاعدة ترخيصه عليه السلام في غير المورد و لم يسمع.

فانقدح ان هذه الوجوه لم تصلح لإثبات المدعي.

فلنرجع الي ما كنا فيه و نقول مضافا الي ما بيناه انه نقل صاحب الحدائق عن الشهيد انه قال ما حاصله: ان الادلة علي الوجوب التعييني و ان كانت تامه لكن لا يمكن الالتزام بمفادها لان عمل الطائفة علي عدم الوجوب العيني في سائر الاعصار و الامصار و اتفقت آرائهم علي أن شرط الوجوب حضور السلطان العادل أو من يكون مأذونا من قبله «2».

و ملخص الكلام ان الادلة بحسب الكتاب و السنة تامة و ليس هذا الحكم خلاف التقية كي يخفي لهذه الجهة فمن عدم ظهور هذا الحكم و وقوع الخلاف فيه نكشف انها لا تكون واجبة عينا.

و أيضا لا يمكن الاستدلال بخبر عبد الملك حيث يسئل الامام ما يصنع؟ فاجابه باقامة الجمعة عندهم فلو كانت صلاة الجمعة واجبة عينا لم يكن وجه لتركه و لم يكن مورد لسؤاله بأنه كيف يصنع؟.

ان قلت لعل تركه كان عن تقية قلت: فما الوجه في سؤاله و أيضا لم يكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الحدائق ج 9 ص 420- 421

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 32

______________________________

مجال لمقالة الامام اذ العمل بالتقية وظيفة شرعية و المستفاد من الخبران عبد الملك كان تاركا للجمعة تركا باتا.

و أيضا يدل علي عدم الوجوب ما رواه الشيخ في مصباحه و الصدوق في اماليه عنه عليه السلام قال: اني احب للرجل أن لا يخرج من الدنيا

حتي يتمتع و لو مرة و يصلي الجمعة و لو مرة «1».

و صرح الشهيد الثاني- علي ما نقل عنه- انه اهمل هذا الفرض و استمرت السيرة من زمان الائمة عليهم السلام علي عدم اقامتها عند الشيعة و لذلك حثهم الامام علي فعلها و اثبات الوجوب التخييري لا سبيل اليه هذا ملخص كلامه رفع مقامه.

اقول: هل يمكن الالتزام بأن فقهاء الشيعة باجمعهم تركوا هذه الفريضة المقدسة؟ فمن سيرتهم نكشف انها لا تكون واجبة عينا.

اذا عرفت ما تقدم من عدم الوجوب العيني و من عدم الحرمة تكون النتيجة هو الوجوب التخييري بتقريب ان الادلة لإثبات الوجوب تامة و انما نرفع اليد عنها لهذه الوجوه فنقول: لا شبهة في كونها مجزئة و نقول بأنه يجوز تركها و من الظاهر أنّه ليس لجواز تركها معني الا الاتيان بالظهر و لنا أن نقرب الوجوب التخييري برواية عبد الملك «2» بتقريب ان المستفاد منها انه يجوز ترك الجمعة و الاتيان بالظهر كما كان عبد الملك يتركها و يجوز الاتيان بالجمعة بدلا عن الظهر كما أن الامام كان يشوق عبد الملك بالاتيان بها ما دام لم يهلك و أيضا الصادق عليه السلام كان يحث زرارة علي اقامتها فلا شبهة في الوجوب التخييري.

______________________________

(1) الحدائق ج 9 ص 412

(2) لاحظ ص: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 33

______________________________

(1) (ما هو مقتضي الاصل عند الشك؟) فنقول: لو لم يمكن أن يستفاد حكم الجمعة من الادلة فتارة نلتزم بوجود اطلاق يقتضي وجوب الظهر يوم الجمعة كبقية الايام- كما هو كذلك- لاحظ الباب 13 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل و اخري لا نلتزم به و نقول:

ليس في المقام ما يدل علي وجوب الظهر أيضا اما

علي الاول فلا بد من الالتزام بوجوب الظهر لاحظ النصوص المذكورة في الباب 2/ 3/ 6 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها في الوسائل.

فانه يثبت بهذه النصوص ان الواجب في يوم الجمعة هو الظهر كبقية الايام و اما علي الثاني فللشك صور:

الاولي: ان نشك في ان صلاة الجمعة في يوم الجمعة واجبة وجوبا تعيينا بعد العلم بالمشروعية و في هذه الصورة تجري البراءة عن الزائد اذ مرجع هذا الشك الي الشك في الزيادة فانا نعلم بوجوب الجامع و نشك في التعين و في مثله المرجع هي البراءة و النتيجة التخيير.

الثانية: أن نقطع بعدم تعين الجمعة لكن الامر دائر بين تعين الظهر و التخيير بينهما و في هذه الصورة أيضا مقتضي القاعدة البراءة عن الاكثر كما هو الميزان في الشك بين الاقل و الاكثر.

الثالثة: أن نعلم بتعلق الامر بالجامع و نحتمل وجوب كل منهما بنحو التعين و المرجع أيضا هي البراءة.

الرابعة: أن نعلم بتعلق الامر بالجامع لكن نعلم بأن الواجب احدهما بنحو التعين و بعبارة اخري نعلم علما اجماليا بوجوب احداهما و فيه لا بد من الاحتياط

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 34

و صلاة الطواف (1) و الآيات (2) و الاموات (3) و ما التزم بنذر أو نحوه أو اجارة (4) و قضاء ما فات عن الوالد بالنسبة الي الولد الاكبر (5) أما اليومية فخمس: الصبح ركعتان و الظهر أربع و العصر أربع و المغرب ثلاث و العشاء أربع و في السفر (6).

______________________________

بالجمع بين الصلاتين لاقتضاء العلم الإجمالي بناء علي تنجزه بالنسبة الي جميع الاطراف.

ثم ان سيدنا الاستاد افاد في المقام بأن هذا كله مع قطع النطر عن استصحاب وجوب الجمعة علي مسلك المشهور من جريان الاستصحاب

في الحكم الكلي و اما علي ذلك المسلك فلو قلنا بأن المتعين قبل عصر الغيبة وجوب الجمعة فبمقتضي الاستصحاب يثبت وجوبها في عصر الغيبة أيضا «1».

و يرد عليه: أن بقاء الموضوع شرط في جريان الاستصحاب و حيث انه يحتمل ان الموضوع للوجوب قبل عصر الغيبة هو زمان الحضور فلا طريق الي جريان الاستصحاب هذا تمام الكلام في صلاة الجمعة من حيث الدليل الاجتهادي و مفاد الاصل العملي فلنرجع الي ما كنا فيه و هو البحث عن بقية الصلوات اليومية.

(1) و قد تعرضنا لها و لأحكامها في كتابنا مصباح الناسك في شرح المناسك.

(2) التعرض لوجوبها و لخصوصيتها موكول الي محله.

(3) قد مر الكلام فيها و أحكامها تبعا للماتن في كتاب الطهارة من هذا الشرح فراجع.

(4) اذ يجب الوفاء بالنذر و شبهه كما أنه يجب الوفاء بمورد الاجارة.

(5) و يقع الكلام فيها إن شاء اللّه تعالي في بحث صلاة القضاء.

(6) اجماعا منقولا و محصلا بل ضرورة من دين الامامية مضافا الي النصوص

______________________________

(1) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 35

و الخوف (1) تقصر الرباعية فتكون ركعتين

______________________________

المتواترة.

منها: ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في حديث: ان اللّه عز و جل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الركعتين ركعتين و الي المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن الا في سفر و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر فاجاز اللّه له ذلك كله فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ثم سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النوافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة

فأجاز اللّه عز و جل له ذلك و الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمه جالسا تعد بركعة مكان الوتر الي أن قال: و لم يرخص رسول اللّه لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما الي ما فرض اللّه عز و جل بل ألزمهم ذلك الزاما واجبا و لم يرخص لأحد في شي ء من ذلك الا للمسافر و ليس لا حد أن يرخص ما لم يرخصه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فوافق أمر رسول اللّه أمر اللّه و نهيه نهي اللّه و وجب علي العباد التسليم له كالتسليم للّه «1».

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في وجوب التقصير في صلاة الخوف اذا وقعت سفرا و انما الخلاف في ما اذا وقعت حضرا فنقل عن الاكثر و منهم المرتضي و الشيخ في الخلاف و ابن الجنيد و ابن أبي عقيل و ابن السراج و ابن ادريس انهم ذهبوا الي وجوب التقصير سفرا و حضرا جماعة و فرادي الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن الاستدلال علي كون صلاة الخوف مقصورة بما رواه زرارة عن أبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 36

[و أما النوافل فكثيرة]
اشارة

و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية (1).

______________________________

جعفر عليه السلام قال: قلت له صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟ قال:

نعم و صلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر لان فيها خوفا «1».

و دلالة هذه الرواية علي المدعي غير قابلة للإنكار و لا مجال للمناقشة فيها بكون المراد من القصر فيها القصر في حدودها فان مثل هذه المناقشات يسد باب الاستنباط و تفصيل هذه المسألة مع بيان

فروعها موكول الي ذلك الباب.

(1) نقل عن جماعة التصريح به و عن الجواهر: انه لا ريب فيه و عن كلام بعض انه من المسلمات و أفاد سيد المستمسك: «بأن في كفاية هذا المقدار لو لا الاجماع تأملا».

و يرد عليه: انه لو لم يفد المطلوب هذا المقدار من الاقوال مضافا الي الروايات التي أشار اليها فكيف يفيد الاجماع و الحال انه لو فرض تحقق اجماع في المقام لا يفيد حيث انه يحتمل كونه مستندا الي هذه الروايات و الاقوال.

و كيف كان فلا يبعد أن يستفاد المدعي من مجموع الروايات الواردة في الابواب المختلفة لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام أن قال: يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني ثم قال: اللهم أعنه الي أن قال:

و السادسة الاخذ بسنتي في صلاتي و صومي و صدقتي أما الصلاة فالخمسون ركعة الحديث «2».

فانه يستفاد من هذه الوصية المذكورة أن النوافل من الفرائض و لا حظ ما رواه حنان قال: سأل عمرو بن حريث أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس فقال له:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الخوف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 37

______________________________

جعلت فداك أخبرني عن صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: كان النبي صلي اللّه عليه و آله يصلي ثمان ركعات: الزوال و أربعا الاولي و ثمانيا (ثماني) بعدها و أربعا العصر و ثلاثا المغرب و أربعا بعد المغرب و العشاء الآخرة أربعا و ثمان (ثماني) صلاة الليل و

ثلاثا الوتر و ركعتي الفجر و صلاة الغداة ركعتين قلت: جعلت فداك و ان كنت أقوي علي أكثر من هذا يعذبني اللّه علي كثرة الصلاة فقال: لا، و لكن يعذب علي ترك السنة «1» فانه يدل علي عذاب التارك.

و ما رواه أبو بصير قال: قال الصادق عليه السلام: شيعتنا أهل الورع و الاجتهاد و أهل الوفاء و الامانة و أهل الزهد و العبادة و أصحاب الاحدي و خمسين ركعة في اليوم و الليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون أموالهم و يحجون البيت و يجتنبون كل محرم «2».

و ما رواه محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالي:

«وَ الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ يُحٰافِظُونَ» قال: أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا «3».

و ما رواه الشيخ في المصباح عن العسكري عليه السلام قال: علامات المؤمن خمس وعد منها صلاة الاحدي و خمسين «4».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني رجل تاجر اختلف و أتجر فكيف لي بالزوال و المحافظة علي صلاة الزوال؟ و كم نصلي؟

قال: تصلي ثمان ركعات اذا زالت الشمس و ركعتين بعد الظهر و ركعتين قبل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 28

(4) نفس المصدر الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 38

______________________________

العصر فهذه اثنتا عشرة ركعة و تصلي بعد المغرب ركعتين و بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر و منها ركعتا الفجر و ذلك سبع و عشرون ركعة سوي الفريضة و انما هذا كله تطوع و ليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر و ان تارك هذا ليس بكافر و لكنها معصية لأنه يستحب اذا عمل الرجل عملا من الخير أن

يدوم عليه «1».

و ما رواه يحيي بن حبيب قال: سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد الي اللّه من الصلاة قال: ستة و أربعون ركعة فرائضه و نوافله قلت: هذه رواية زرارة قال: أو تري أحدا كان أصدع بالحق منه «2».

و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا ما أدي الرجل صلاة واحدة تامة قبلت جميع صلاته و ان كن غير تامات و ان أفسدها كلها لم يقبل منه شي ء منها و لم تحسب له نافلة و لا فريضة و انما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة و اذا لم يؤد الرجل الفريضة لم تقبل منه النافلة و انما جعلت النافلة ليتم بها ما أفسده من الفريضة «3».

و لاحظ ما رواه الفضيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ يُحٰافِظُونَ قال: هي الفريضة قلت: الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ دٰائِمُونَ قال: هي النافلة «4».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عمار

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 39

______________________________

الساباطي روي عنك رواية قال: و ما هي؟ قلت: روي أن السنة فريضة فقال:

أين يذهب أين يذهب؟ ليس هكذا حدثته انما قلت له: من صلي فأقبل علي صلاته لم يحدث نفسه فيها أو لم يسه فيها أقبل اللّه عليه ما أقبل عليها فربما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها و انما امرنا

بالسنة ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها فما يرفع له الا ما أقبل عليه منها بقلبه و انما امرنا بالنافلة ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: يا با محمد ان العبد يرفع له ثلث صلاته و نصفها و ثلاثة أرباعها و أقل و اكثر علي قدر سهوه فيها لكنه يتم له من النوافل قال: فقال له أبو بصير: ما أري النوافل ينبغي أن تترك علي حالة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أجل لا «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العبد يقوم فيصلي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه فيقول: يا ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترض عليه «4».

و ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر في حديث ان اللّه جل جلاله قال:

ما يقرب إلي عبد من عبادي بشي ء احب إلي مما افترضت عليه و انه ليتقرب إلي بالنافلة حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني أعطيته «5»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 40

______________________________

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: «آنٰاءَ اللَّيْلِ سٰاجِداً وَ قٰائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ»

قال: يعني صلاة الليل قال: قلت له:

«وَ أَطْرٰافَ النَّهٰارِ لَعَلَّكَ تَرْضيٰ» قال: يعني تطوع بالنهار قال: قلت له: «وَ إِدْبٰارَ النُّجُومِ» قال: ركعتان قبل الصبح قلت: «وَ أَدْبٰارَ السُّجُودِ» قال: ركعتان بعد المغرب «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل سهو في الصلاة يطرح منها غير أن اللّه يتم بالنوافل «2».

و ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام قال: صلاة النوافل قربان كل مؤمن «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة «4».

و ما رواه أبو بكر قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: أ تدري لأي شي ء وضع التطوع؟ قلت: ما ادري جعلت فداك قال انه تطوع لكم و نافلة للأنبياء و تدري لم وضع التطوع؟ قلت: لا أدري جعلت فداك قال: لأنه ان كان في الفريضة نقصان قضيت النافلة علي الفريضة حتي تتم ان اللّه عز و جل يقول لنبيه صلي اللّه عليه و آله:

و من الليل فتهجد به نافلة لك «5».

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يرفع للرجل من الصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 41

ثمان للظهر قبلها و ثمان بعدها قبل العصر للعصر (1) و أربع بعد المغرب لها (2) و ركعتان من جلوس

______________________________

ربعها أو ثمنها أو نصفها أو أكثر بقدر ماسها و لكن اللّه تعالي يتم ذلك بالنوافل «1».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

و في دلالة

أخبار هذا الباب تأمل اذ يمكن أن يكون المراد بالنافلة فيها مطلق النوافل لا خصوص اليومية.

و ما رواه سعد بن أبي عمرو الجلاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ركعتي الفجر تفوتني أ فأصيلها؟ قال: نعم قلت: لم؟ فريضة؟ قال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سنها فما سنها رسول اللّه فهو فرض «2».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

و لعل هذا المقدار من الروايات مضافا الي ما سمعت من أقوال الاعلام يكفي لإثبات المطلوب و الاحتياط يقتضي عدم الجزم في مقام الفتوي.

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالنهار فقال و من يطيق ذلك ثم قال: و لكن ألا اخبرك كيف أصنع أنا؟ فقلت: بلي فقال: ثماني ركعات قبل الظهر و ثمان بعدها قلت: فالمغرب؟ قال: أربع بعدها قلت فالعتمة قال: كان رسول اللّه صلي اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي العتمة ثم ينام و قال بيده هكذا فحركها قال ابن أبي عمير ثم وصف كما ذكر أصحابنا «3».

(2) لاحظ ما رواه الحارث بن المغيرة النصري قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 42

تعد ان بركعة بعد العشاء لها (1) و ثمان صلاة الليل و ركعتا الشفع بعدها و ركعة الوتر بعدها و ركعتا الفجر قبل الفريضة (2).

______________________________

السلام يقول: صلاة النهارست عشرة ركعة ثمان اذا زالت الشمس و

ثمان بعد الظهر و أربع ركعات بعد المغرب يا حارث لا تدعهن في سفر و لا حضر و ركعتان بعد عشاء الآخرة كان أبي يصليهما و هو قاعد و أنا أصيلهما و أنا قائم و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل «1».

و لاحظ ما رواه حنان بن سدير «2».

(1) لاحظ ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة و هو قائم الفريضة منها سبع عشرة و النافلة أربع و ثلاثون ركعة «3».

(2) لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر و ست ركعات بعد الظهر و ركعتان قبل العصر و أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان بعد العشاء الآخرة يقرأ فيهما مأئة آية قائما أو قاعدا و القيام أفضل و لا تعد هما من الخمسين و ثمان ركعات من آخر الليل تقرأ في صلاة الليل قل هو اللّه احد و قل يا أيها الكافرون في الركعتين الاوليين و تقرأ في سائرها ما أحببت من القرآن ثم الوتر ثلاث ركعات تقرأ فيهما (فيها) جميعا قل هو اللّه أحد و تفصل بينهن بتسليم ثم الركعتان اللتان قبل الفجر تقرأ في الاول منهما قل يا أيها الكافرون و في الثانية قل هو اللّه أحد «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 36

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 43

و في يوم الجمعة يزاد علي الست

عشرة أربع ركعات قبل الزوال (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم و قال في الحدائق: «فالمشهور انها عشرون ركعة و قال ابن الجنيد انها اثنتان و عشرون ركعة و قال الصدوقان زيادة الاربع ركعات للتفريق فان قدمت النوافل و اخرتها فهي ست عشرة ركعة» «1» انتهي.

فالاقوال في المقام مختلفة و مجموعها أربعة: الاول: القول بأنها عشرون الثاني: القول بأنها اثنتان و عشرون الثالث: القول بأنها ست عشرة ركعة مع الجمع في وقت واحد الرابع: القول: بأنها مع التفريق يصلي عشرين.

و المنشأ في هذا الاختلاف اختلاف النصوص الواردة في الباب فالحري بنا أن تذكر الاخبار أولا ثم النظر فيها و ما يستفاد منها فمما يدل علي القول الاول ما رواه يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته عن التطوع في يوم الجمعة قال: اذا اردت أن تطوع في يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات ارتفاع النهار و ست ركعات قبل نصف النهار و ركعتين اذا زالت الشمس قبل الجمعة و ست ركعات بعد الجمعة «2» و السند معتبر.

و ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن التطوع يوم الجمعة قال: ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات قبل الزوال و ركعتان اذا زالت و ست ركعات بعد الجمعة فذلك عشرون ركعة سوي الفريضة «3».

______________________________

(1) الحدائق ج 10 ص: 184

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 44

______________________________

و هذه الرواية رواها ابن أبي نصر تارة بلا واسطة و اخري بواسطة محمد بن عبد اللّه و سندها معتبر اذا لم يكن واسطة

بين البزنطي و الامام عليه السلام و لا يكون معتبرا اذا كان مع الواسطة لكن الذي يهون الخطب انها موافقة في المضمون مع رواية يعقوب بن يقطين.

و ما رواه أيضا قال: قال أبو الحسن عليه السلام: الصلاة النافلة يوم الجمعة ست ركعات بكرة و ست ركعات صدر النهار و ركعتان اذا زالت الشمس ثم صل الفريضة ثم صل بعدها ست ركعات «1».

و لكن السند ليس معتبرا بسهل بن زياد.

و ما رواه مراد بن خارجة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما أنا فاذا كان يوم الجمعة و كانت الشمس من المشرق بمقدار ما من المغرب في وقت صلاة العصر صليت ست ركعات فاذا ارتفع (انفتح) النهار صليت ستا فاذا زاغت أو زالت صليت ركعتين ثم صليت الظهر ثم صليت بعدها ستا «2».

و هذه الرواية ضعيفة بمراد بن خارجة.

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان قدرت أن تصلي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل ستا بعد طلوع الشمس و ستا قبل الزوال اذا تعالت الشمس و افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم و ركعتين قبل الزوال و ست ركعات بعد الجمعة «3».

و الظاهر ان سند الرواية معتبر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 45

______________________________

و ما رواه زريق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ربما يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار فاذا كان عند زوال الشمس أذن و جلس جلسة ثم أقام و صلي الظهر الي أن قال: و ربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات اذا ارتفع النهار و بعد ذلك ست ركعات اخر و كان

اذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن و صلي ركعتين فما يفرغ الا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر و يصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن و يصلي ركعتين ثم يقيم فيصلي العصر «1».

و الرواية ضعيفة بزريق.

و أما القول الثاني فيدل عليه ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال؟

قال: ست ركعات بكرة و ست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة و ست ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة و ركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة و ركعتان بعد العصر فهذه ثنتان و عشرون ركعة «2» و في السند اشكال بلحاظ البرقي.

و أما القول الثالث فيدل عليه ما رواه سعيد الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال: ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال: و كان علي عليه السلام يقول: ما زاد فهو خير و قال: ان شاء رجل أن يجعل منها ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات في نصف النهار و يصلي الظهر و يصلي معها أربعة ثم يصلي العصر «3».

و ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: النافلة يوم الجمعة قال: ست ركعات قبل زوال الشمس و ركعتان عند زوالها و القراءة في الاولي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 46

______________________________

بالجمعة و في الثانية بالمنافقين و بعد الفريضة ثماني ركعات «1».

و أما ما يدل علي القول الرابع فما ورد في

الفقه الرضوي حيث قال: لا تصل يوم الجمعة بعد الزوال غير الفرضين و النوافل قبلهما أو بعدهما … و في نوافل يوم الجمعة زيادة أربع ركعات يتمها عشرين ركعة يجوز تقديمها في صدر النهار و تأخيرها الي بعد صلاة العصر … فان استطعت أن تصلي يوم الجمعة اذا طلعت الشمس ست ركعات و اذا انبسطت ست ركعات و قبل المكتوبة ركعتين و بعد المكتوبة ست ركعات فافعل فان صليت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها الي بعد المكتوبة اجزأك و هي ست عشرة ركعة و تاخيرها أفضل من تقديمها و اذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا تصل الا المكتوبة «2».

اذا عرفت هذا فالمهم الجمع بين الأخبار أفاد صاحب الحدائق قدس سره بأن الظاهر انه ليس الا التخيير و حمل الزائد علي الافضلية.

و فيه: انه ما الوجه في هذا الجمع و أي فرق بين الواجب و المستحب و هل يمكن الالتزام به في الدليلين الدالين علي الواجبين.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره: بأن ما دل علي اثنتين و عشرين ركعة مهجور و ما دل علي الست عشر لا ينافي الزائد.

و فيه: ان الاعراض لا يسقط السند عن الاعتبار فلا بد من العلاج.

و أفاد في مصباح الفقيه: بأنه يحتمل أن يكون الوجه في الاختلاف اختلاف جهات الفضل و يكون مبنيا علي التوسعة و التخيير مع ان المقام مقام المسامحة.

و يرد عليه: أيضا: ان الحمل علي الاختلاف في الفضل بأي وجه و ما المراد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الحدائق ج 10 ص: 188

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 47

______________________________

من المسامحة فانه لا فرق بين الواجب و المستحب من حيث الفتوي و الالتزام و بعبارة اخري: لا بد

للمفتي أن يستند الي مستند و لا يمكن المسامحة في هذا الامر كما هو ظاهر.

و أفاد سيدنا الاستاد: بانه يجوز العمل بجميع الكيفيات الواردة لصحتها و اعتبارها.

و يرد عليه ان صحة الجميع توجب التعارض فما الحيلة و ما الوسيلة فانتظر.

فنقول: الذي يظهر من هذه الروايات هو التعارض اذ كل واحدة منها يدل علي عدد مخصوص و ينفي الاخر و ما اشتهر فيما بين القوم بأنه يرفع اليد عن ظاهر كل من الدليلين بنص الاخر لا يمكن مساعدته فان العرف يري المعارضة في أمثال المقام مضافا الي أن التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول.

الا أن يقال: بأنه حيث يختلف الترتيب المستفاد من هذه الروايات تكون النسبة التباين و بعد البناء علي التعارض لو سلكنا مسلك المشهور في باب العلاج نلتزم بسقوط الكل بالمعارضة فالمرجع الدليل الدال علي أن مجموع الفرائض و النوافل في اليوم واحد و خمسون ركعة فان ذلك الدليل باطلاقه يشمل يوم الجمعة لاحظ ما رواه فضيل بن يسار «1».

و ان لم نسلك مسلك المشهور و التزمنا بأن التأخر من المرجحات- كما قويناه في بحث الاصول في التعادل و الترجيح- نأخذ بما رواه يعقوب بن يقطين «2» و بما رواه البزنطي عن الرضا عليه السلام «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 42

(2) لاحظ ص: 43

(3) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 48

و لها آداب مذكورة في محلها مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي قدس سره (1).

[مسألة 1: يجوز الاقتصار علي بعض النوافل المذكورة]

(مسألة 1): يجوز الاقتصار علي بعض النوافل المذكورة (2).

______________________________

(1) فراجع.

(2) اذ ليست النوافل المذكورة عبادة واحدة كي لا يجوز تبعيضها و الدليل علي المدعي ظواهر النصوص حسب الفهم العرفي مضافا الي ما ورد في تفضيل بعضها علي البعض الاخر

قال في الحدائق: «الثالثة»: قال الصدوق قدس سره:

أفضل هذه الرواتب ركعتا الفجر ثم ركعة الوتر ثم ركعتا الزوال ثم نافلة المغرب ثم تمام صلاة الليل ثم تمام نوافل النهار قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه: و لم نقف له علي دليل يعتد به.

اقول: ستعرف دليله ان شاء اللّه تعالي في المقام و نقل عن ابن أبي عقيل لما عد النوافل و ثماني عشرة ركعة بالليل منها نافلة المغرب و العشاء ثم قال: بعضها اوكد من بعض و اوكدها الصلوات التي تكون بالليل لا رخصة في تركها في سفر و لا حضر و قال في المعتبر: ركعتا الفجر افضل من الوتر ثم نافلة المغرب ثم صلاة الليل و ذكر روايات تدل علي فضل هذه الصلوات.

و قال في الذكري بعد نقلها- و نعم ما قال-: هذه المتمسكات غايتها الفضيلة أما الافضلية فلا دلالة فيها عليها انتهي. و منه يظهر أيضا ما في كلام صاحب المدارك هنا حيث انه قال: أفضل الرواتب صلاة الليل لكثرة ما ورد فيها من الثواب و لقول النبي صلي اللّه عليه و آله في وصيته لعلي عليه السلام: و عليك بصلاة الليل «1» ثلاثا رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام ثم صلاة الزوال لقوله صلي اللّه عليه و آله في الوصية بعد ذلك: و عليك بصلاة الزوال «2» ثلاثا ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 49

كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل علي الشفع و الوتر (1).

______________________________

نافلة المغرب لقوله عليه السلام في رواية الحارث بن المغيرة: أربع ركعات

بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا في سفر «1» ثم ركعتا الفجر.

اقول: لم أقف لهذه الاقوال علي مستند من الاخبار زيادة علي ما عرفت سوي ما ذكره في الفقيه فانه مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي علي ما عرفت سابقا و ستعرف قال عليه السلام في الكتاب المذكور: و اعلم ان أفضل النوافل ركعتا الفجر و بعدها ركعة الوتر و بعدها ركعتا الزوال و بعدها نوافل المغرب و بعدها صلاة الليل و بعدها نوافل النهار انتهي.

و به يظهر لك مستند الصدوق قدس سره فيما ذكره الا ان الكتاب المذكور لم يصل الي نظر المتأخرين فكثيرا ما يعترضون عليه و علي أبيه في مثل ذلك مما مستنده مثل هذا الكتاب كما تقدم في غير موضع و يأتي أمثاله ان شاء اللّه تعالي «2».

(1) لاحظ ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و الصلاة الفريضة: الظهر أربع ركعات و العصر أربع ركعات و المغرب ثلاث ركعات و العشاء الآخرة أربع ركعات و الغداة ركعتان هذه سبع عشرة ركعة و السنة أربع و ثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل فريضة الظهر و ثمان ركعات قبل فريضة العصر و أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان من جلوس بعد العتمه تعدان بركعة و ثمان ركعات في السحر و الشفع و الوتر ثلاث ركعات تسلم بعد الركعتين و ركعتا الفجر «3».

و ما رواه رجاء بن أبي الضحاك في حديث قال: كان الرضا عليه السلام اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) الحدائق ج 6: 37/ 38.

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 50

______________________________

زالت الشمس جدد وضوئه و قام فصلي ست ركعات الي أن قال: ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة و قل هو اللّه احد ثلاث مرات و يقنت في الثانية بعد القراءة و قبل الركوع فاذا سلم قام و صلي ركعة الوتر «1».

و ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرائع الدين قال: و صلاة الفريضة الظهر أربع ركعات و العصر أربع ركعات و المغرب ثلاث ركعات و العشاء الآخرة أربع ركعات و الفجر ركعتان فجملة الصلاة المفروضة سبع عشرة ركعة و السنة أربع و ثلاثون ركعة منها: أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في السفر و الحضر و ركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدان بركعة و ثمان ركعات في السحر و هي صلاة الليل و الشفع ركعتان و الوتر ركعة و ركعتا الفجر بعد الوتر و ثمان ركعات قبل الظهر و ثمان ركعات بعد الظهر قبل العصر و الصلاة تستحب في أول الاوقات «2».

فان المستفاد من هذه النصوص أن الشفع و الوتر ليستا داخلتين في صلاة الليل لكن الاشكال في أسناد النصوص المذكورة فلاحظ.

و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التطوع بالليل و النهار فقال: الذي يستحب أن لا يقصر عنه ثمان ركعات عند زوال الشمس و بعد الظهر ركعتان و قبل العصر ركعتان و بعد المغرب ركعتان و قبل العتمة ركعتان و من (في) السحر ثمان ركعات ثم يوتر و الوتر ثلاث ركعات مفصولة ثم ركعتان قبل صلاة الفجر و احب صلاة الليل اليهم آخر الليل «3».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الوتر

عبارة عن تلك الثلاث ركعات و سند

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 25

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 51

و علي الوتر خاصة (1) و في نافلة المغرب علي ركعتين (2).

______________________________

الرواية لا بأس به.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أما يرضي احدكم أن يقوم قبل الصبح و يوتر و يصلي ركعتي الفجر و يكتب له بصلاة الليل «1».

و لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يبيتن الا بوتر قال: قلت: تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟

قال: نعم انهما بركعة فمن صلاهما (ها) ثم حدث به حدث مات علي وتر فإن لم يحدث به حدث الموت يصلي الوتر في آخر الليل فقلت هل صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هاتين الركعتين؟ قال: لا قلت: و لم؟ قال: لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأتيه الوحي و كان يعلم أنه هل يموت في تلك (هذه) الليلة أم لا و غيره لا يعلم فمن أجل ذلك لم يصلهما و أمر بهما «2».

فان المستفاد من الحديثين ان الوتر بنفسه محبوب للمولي لكن المستفاد من حديث أبي بصير «3» ان الوتر ثلاث ركعات مفصولة و بعبارة اخري: ان هذه الرواية بالحكومة تفسر الوتر بكونها ثلاثة فكيف يجوز التفكيك بينها و لعل الماتن ناظر الي رواية دالة علي ما ادعاه لم اظفر عليها و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «4» فان المستفاد من هذا الحديث أنه يجوز الاقتصار علي هذا المقدار فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل

الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 8

(3) لاحظ ص 50

(4) لاحظ ص: 50

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 52

[مسألة 2: يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختيارا]

(مسألة 2): يجوز الاتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختيارا (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل عن جملة من الاعلام دعوي الاجماع عليه و السيرة من المتشرعة جارية عليه و تدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ تصلي النوافل و أنت قاعد؟ فقال: ما اصليها الا و أنا قاعد منذ حملت هذا اللحم و ما بلغت هذا السن «1».

و ما رواه سهل بن اليسع أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يصلي النافلة قاعدا و ليست به علة في سفر أو حضر فقال: لا بأس به «2».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: انا نتحدث نقول:

من صلي و هو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة و سجدتين سجدة فقال: ليس هو هكذا هي تامة لكم «4».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: صلاة القاعد علي نصف صلاة القائم «5». و غيرها من الروايات الواردة في الباب 5 من أبواب القيام من الوسائل.

و عن الحلي منع ذلك إلا في الوتيرة و علي الراحلة مدعيا خروجهما بالإجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب القيام الحديث:

1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 53

لكن الاولي حينئذ عد كل ركعتين بركعة و عليه فيكرر الوتر مرتين (1) كما يجوز الاتيان بها في حال المشي (2).

______________________________

و استدل لمدعاه بالاصل و شذوذ الرواية المجوزة و ما أفاده غير تام أما الاصل فيرد عليه اولا: ان مقتضي الاطلاق الجواز و ثانيا ان مقتضي الاصل رفع التقييد فتأمل و أما الرواية فليست شاذة فلاحظ.

(1) و يدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا قال: يضعف ركعتين بركعة «1».

و ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا صلي الرجل جالسا و هو يستطيع القيام فليضعف «2».

فان مقتضي ملاحظة ما دل علي جواز الجلوس في النافلة و هذه الطائفة الدالة علي احتساب كل ركعتين بركعة جواز الجلوس و محبوبية التضعيف فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال قلت: يصلي و هو يمشي؟ قال: نعم يؤمي إيماء و ليجعل السجود اخفض من الركوع «3».

و ما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي و هو يمشي تطوعا؟ قال: نعم قال: أحمد بن محمد بن أبي نصر:

و سمعته أنا من الحسين بن المختار «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب: 16 من أبواب القبلة الحديث: 4

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 53

(4) نفس المصدر

الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 54

[مسألة 3: الصلاة الوسطي التي تتأكد المحافظة عليها صلاة الظهر]

(مسألة 3): الصلاة الوسطي التي تتأكد المحافظة عليها صلاة الظهر (1).

______________________________

فان المستفاد من الحديثين جواز الاتيان بالنافلة في حال المشي و مقتضي اطلاقهما عدم الفرق بين السفر و الحضر و أيضا اطلاقهما يقتضي عدم الفرق بين حالتي الاختيار و الاضطرار و غيرهما من القيود و سيجي ء في بحث القبلة ان شاء اللّه تعالي ما له نفع في المقام فانتظر.

(1) هذا هو المشهور فيما بين الامامية و عن الخلاف اجماع الطائفة عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر الي أن قال: و انزلت هذه الاية يوم الجمعة و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سفر فقنت فيها فتركها علي حالها في السفر و الحضر «1».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

صلاة الوسطي صلاة الظهر و هي أول صلاة أنزل اللّه علي نبيه صلي اللّه عليه و آله «2».

و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل و مستدرك الوسائل.

و عن السيد ان المراد بها صلاة العصر و ادعي عليه اجماع الشيعة و الحال انه لم يثبت القول به الا منه و العجب انه يدعي الاجماع و الحال هذه و لكن هذا دأبه فلا أثر لهذا الاجماع المدعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 55

______________________________

و نقل عن الفقه الرضوي: أن الصلاة الوسطي هي العصر «1»

و قد نقلت هذه الرواية عن البحار و الرواية لا اعتبار بها فلا يترتب عليها أثر.

و مما يمكن أن يستدل به علي قول السيد ما رواه الصدوق عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال فيه «و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم فيها من الشجرة فأخرجه اللّه عز و جل من الجنة فأمره اللّه ذريته بهذه الصلاة الي يوم القيامة و اختارها اللّه لأمتي فهي من أحب الصلوات الي اللّه عز و جل و أوصاني أن احفظها من بين الصلوات» «2».

و هذه الرواية مضافا الي الاشكال الوارد في سندها لا تدل علي المدعي فان المستفاد منها ان صلاة العصر لها اهمية.

و مما يمكن أن يستدل به ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه:

و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر الي أن قال: و في بعض القراءة حافظوا علي الصلوات و الصلاة الوسطي صلاة العصر «3» بتقريب: ان المستفاد من ذيل الرواية ان الصلاة الوسطي هي العصر.

و يرد عليه: اولا أن المستفاد منها ان الوسطي هي الظهر و في بعض القراءة انها العصر لا أن الواقع كذلك مضافا الي أنه نقل الاستاد بأن الشيخ نقل الرواية بلفظ (واو) العاطفة فلا يدل علي المدعي.

و بعبارة اخري: لا يكون لفظ صلاة العصر علي هذا التقدير بدلا بل يكون عطفا علي صلاة الظهر و الترجيح مع الزيادة كما هو المقرر اضف الي ذلك كله:

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 23

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 56

[الفصل الثاني في مواقيت الصلاة]

اشارة

الفصل الثاني وقت الظهرين من الزوال

(1).

______________________________

انه يقع التعارض بين الصدر و الذيل و المرجع بقية الروايات.

و نقل في المستدرك حديثا عن لب اللباب قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطي ملأ اللّه بيوتهم و قبورهم نارا و كانوا شغلوه عن صلاة العصر و رواه في فقه القرآن و زاد بعد قوله «الْوُسْطيٰ» صلاة العصر و بعد قوله: «نارا» ثم قال صلي اللّه عليه و آله: انها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتي توارت بالحجاب «1» و لا اعتبار به.

و نقل عن العامة أقوال كثيرة فعن بعض انها الظهر و عن آخر انها المغرب و عن ثالث انها العشاء و عن رابع انها الصبح و عن خامس انها مجموع الصلوات و الحق ما هو المشهور عند الاصحاب و هل يترتب علي هذا البحث أثر عملي؟

أفاد الاستاد بأنه يظهر أثره في النذر و لكن يظهر الاثر في الاخبار عن حكم اللّه و انها الظهر او العصر و اللّه العالم.

(1) نقل عن الخلاف اجماع المسلمين عليه و هكذا عن المعتبر و التذكرة و نهاية الاحكام و نقل عدم الخلاف بين اهل العلم عن جملة من الكتب منها: المسائل الناصرية و المنتهي و نقل عن الذكري و الغنية الاجماع بل نقل ادعاء انه من ضروريات المذهب أو الدين و نقل عن بعض كابن عباس صحة صلاة المسافر لو صلي قبل الزوال و لا يعبأ به اذ يرده الكتاب و النص و الفتوي.

و يدل عليه قوله تعالي «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» «2» و الدلوك هو

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 11

(2) الاسراء/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 57

______________________________

الزوال اي زوال

الشمس عن خط نصف النهار كما عن أهل اللغة و نقل انه فسر في بعض التفاسير باصفرار الشمس و ليس هذا مرادا من الاية قطعا.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه سعيد بن الحسن قال:

قال أبو جعفر عليه السلام: أول الوقت زوال الشمس و هو وقت اللّه الاول و هو أفضلهما «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» قال: ان اللّه افترض أربع صلوات أول وقتها زوال الشمس الي انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس الي غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس الي انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه «4».

و ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك متي وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا و شمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 58

______________________________

فقلت هذا تطلب؟ قال: نعم

فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال: ان الشمس اذا طلعت كان الفي ء طويلا ثم لا يزال ينقص حتي تزول فاذا زالت زادت فاذا استنبت فيه الزيادة فصل الظهر ثم لا تمهل قدر زراع وصل العصر «1».

و ما رواه الحارث بن المغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم جميعا قالوا:

كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: الا انبئكم بأبين من هذا اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة و ذلك إليك ان شئت طولت و ان شئت قصرت «2».

و غيرها مما ورد في الباب 4 و 10 و 11 و 5 من أبواب المواقيت من الوسائل و ملخص الكلام انه لا اشكال في هذا الحكم كتابا و سنة و اجماعا.

و في قبال هذه النصوص طائفة اخري تنافيها حيث يستفاد منها ان الزوال ليس أول وقت الظهر لاحظ ما رواه زرارة بن أعين و بكير بن أعين و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلك قدمان «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر فقال:

ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: ان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان قامة و كان اذا مضي منه ذراع صلي الظهر و اذا مضي منه ذراعان صلي العصر ثم قال:

أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة

______________________________

(1) الوسائل

الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 59

______________________________

لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يمضي ذراع فاذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة و تركت النافلة و اذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قبل أن يظلل قامة و كان اذا كان الفي ء ذراعا و هو قدر مربض عنز صلي الظهر فاذا كان ضعف ذلك صلي العصر «2».

و ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان في ء الجدار ذراعا صلي الظهر و اذا كان ذراعين صلي العصر قال: قلت: ان الجدار يختلف بعضها قصير و بعضها طويل فقال: كان جدار مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يومئذ قامة «3».

و ما رواه احمد بن محمد يعني ابن أبي نصر قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر فكتب قامة للظهر و قامة للعصر «4».

فيقع التعارض بين هذه الطائفة و تلك الطائفة كما أنه يقع التعارض بين الروايات الواردة في الطائفة الثانية فان بعضها يدل علي أن الحد هو القدم لاحظ ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك الا في يوم الجمعة أو في السفر فان وقتها حين تزول «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3 و

4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 60

______________________________

و ما رواه سعيد الاعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر أ هو اذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك الا في السفر أو يوم الجمعة فان وقتها اذا زالت «1».

و بعضها الاخر يدل علي أنه قدمان لاحظ ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «2». فلا بد من علاج التعارض اولا بين الطائفتين و ثانيا علاج التعارض الواقع بين نفس الطائفة الثانية فنقول: يرتفع التعارض بين الطائفتين بجملة من الروايات الدالة علي أن التحديد بالقدم عارضي و انما يكون لأجل النافلة لاحظ ما رواه الحارث بن مغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم «3» و ما رواه زرارة «4».

و يترتب علي ما ذكر ان النافلة لو كانت ساقطة لأجل الجمعة أو السفر لم يكن مانع من الاتيان بالفريضة اول الزوال كما أنه لو لم يرد المكلف أن يأتي بالنافلة لا مانع من الاتيان بالفريضة اول الزوال هذا هو المقام الاول.

و أما المقام الثاني و هو التعارض بين الروايات الواردة في الطائفة الثانية فأيضا يمكن رفع التعارض بينهما بأن نلتزم بأن الافضل أن يصلي أقرب الي الزوال و الشاهد لهذا الجمع ما رواه ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأل أبا عبد اللّه اناس و أنا حاضر الي أن قال: فقال بعض القوم انا نصلي الاولي اذا كانت علي قدمين و العصر علي أربعة أقدام فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: النصف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص:

58

(3) لاحظ ص: 58

(4) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 61

______________________________

من ذلك احب إلي «1».

و تدل رواية ابن بكير قال: دخل زرارة علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال:

انكم قلتم لنا: في الظهر و العصر علي ذراع و ذراعين ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الابراد بها؟ و فتح ألواحة ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد اللّه عليه السلام بشي ء فأطبق ألواحه و قال: انما علينا ان نسألكم و أنتم أعلم بما عليكم و خرج و دخل أبو بصير علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ان زرارة سألني عن شي ء فلم اجبه و قد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي اليه فقل صل الظهر في الصيف اذا كان ظلك مثلك و العصر اذا كان مثليك و كان زرارة هكذا يصلي في الصيف و لم اسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره و غير ابن بكير «2» ان معيار دخول الوقت صيرورة الظل مثل القامة و قامتين و فيه: ان الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة.

و يستفاد من حديث زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال: ان زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره فحرجت من ذلك فأقرئه مني السلام و قل له: اذا كان ظلك مثلك فصل الظهر و اذا كان ظلك مثليك فصل العصر «3»، التفصيل بين القيظ و غيره و بمفهوم الشرطية ترفع اليد عن اطلاق حديث احمد بن محمد «4».

و الحاصل: ان المذكور فيه السؤال عن الوقت في القيظ و القيظ- علي ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8

من أبواب المواقيت الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 33

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 62

______________________________

في «المنجد» صميم الصيف و زمان شدة الحر فتدل الرواية علي أن زمان الفضيلة في القيظ يطول الي أن يصير الظل بمقدار القامة و يمكن أن يكون الوجه فيه التفضل علي المكلفين بأن لا يتأذوا من الحر و يؤيد المدعي ما عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فان الحر من قيح جهنم «1».

فان هذه الرواية تدل علي التأخير في الحر و نقل عن الصدوق أن معني الكلمة التعجيل بالصلاة لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: كان المؤذن يأتي النبي صلي اللّه عليه و آله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أبرد أبرد قال الصدوق: يعني عجل عجل و اخذ ذلك من البريد (التبريد) «2».

و ربما يقال: بأن الامر حيث وقع في مقام توهم الحظر لا يدل علي أكثر من الترخيص فلا يدل علي لزوم التأخير و الالتزام بما ذكر و رفع اليد عن الظهور في الشرطية مشكل لكن بما أنه لا شبهة في جواز الاتيان بالصلاة في اول الوقت نلتزم بامتداد وقت الفضيلة الي هذا المقدار.

و في المقام رواية تدل علي أن وقت الظهر زوال الشمس و يمتد الي قامة فيدخل وقت العصر و يمتد الي قامتين و هي ما رواه محمد بن حكيم قال: سمعت العبد الصالح عليه السلام و هو يقول: ان أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر

قامة و آخر وقتها قامتان قلت: في الشتاء و الصيف سواء؟ قال: نعم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 63

الي المغرب (1).

______________________________

و الرواية ضعيفة بمحمد بن حكيم فانه نقل عن الكشي ان أبا الحسن عليه السلام لم يرض كلامه عند ذكر اصحاب الكلام و هذا المقدار لا يكفي لوثاقته.

و في رواية اخري ان «القامة و القامتان الذراع و الذراعان في كتاب علي عليه السلام «1» و الرواية ضعيفة بعلي بن حنظلة مضافا الي أن كون القامة في كتاب علي عليه السلام هو الذراع لا يترتب عليه أثر بالنسبة الي غير كتابه عليه السلام و بعبارة اخري: لا يكون هذا موجبا لتحقق الحقيقة الشرعية بالنسبة الي هذه الكلمة.

ثم ان الحد المذكور في الروايات يختلف باختلاف ذي الظل و لذا وقع السؤال عنه في رواية الجعفي «2» لكن المستفاد من كلامه عليه السلام في هذه الرواية ان الميزان بقامة الانسان المتعارف فيكون المراد بالقدم سبع الظل اذ كل قدم سبع القامة و يدل علي المقصود رواية زرارة «3» أيضا.

و صفوة القول: انه يجب حمل النصوص المنافية علي وجه يرتفع التنافي و التعارض من البين اذ قد عرفت ان دخول الوقت بالزوال ادعي عليه انه من ضروريات المذهب أو الدين فلاحظ.

ثم ان تحديد الزوال بانعدام الظل امر ظاهر و في غيره يظهر بعد الشروع في الزيادة كما هو واضح أو نقول: بأن الميزان في مثله صيرورته هذا المقدار بعد ميل الشمس الي الطرف الذي كانت فيه الي الجانب الاخر.

(1) و أما الكلام من حيث المنتهي فالمشهور فيما بين القوم ما أفاده في المتن

______________________________

(1)

نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 59

(3) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 64

______________________________

و هو المغرب و عن الجواهر نفي الخلاف المعتد به عندنا و يمكن أن يستفاد المدعي من الاية الشريفة: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» «1».

فان مفادها ان اول الوقت هو الزوال و آخره غسق الليل و مقتضي اطلاقها جواز الاتيان بالفرائض المقررة غير فريضة الفجر بين الحدين غاية الأمر أنا علمنا من الخارج ان وقت الظهرين ينتهي بتحقق الغروب.

اضف الي ذلك جملة من النصوص: منها ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الي نصف الليل الا أن هذه قبل هذه و اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه «2» الا أن القاسم الواقع في السند لم يوثق.

و أما حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتي تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتي يطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتي تطلع الشمس «3» فهو أيضا مخدوش بعلي بن يعقوب فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أحب الوقت الي اللّه عز و جل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فان لم تفعل فانك في وقت منها حتي تغيب الشمس «4».

و الظاهر تمامية الرواية دلالة و أما سندا فمخدوشة بموسي بن بكر و أيضا

______________________________

(1) الاسراء/ 78

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 24

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

65

______________________________

تدل علي المدعي جملة من الروايات الواردة في الباب الرابع من أبواب المواقيت منها ما رواه زرارة «1» و منها: ما رواه عبيد بن زرارة «2» مضافا الي وضوح الامر عند المتشرعة.

و في قبال المشهور نقل من المبسوط ان انتهاء وقت الظهر للمختار صيرورة الظل مثل الشاخص و عن القاضي حتي للمضطر و عن ابن أبي عقيل انتهاء وقت المختار بالذراع و نحوه عن المقنعة و عن أبي الصلاح انتهاء وقته بأربعة اسباع و نحوه ما عن نهاية الشيخ و عمل يوم و ليلة و عن التهذيب ذلك مطلقا و عن المقنعة انتهاء وقت العصر للمختار باصفرار الشمس و عن جملة من الاكابر انتهاء وقته الي أن يصير الظل مثليه و عن ابن أبي عقيل انتهاء وقته بالذراعين و لعل الوجه لهذه الاقوال جملة من الروايات تحمل علي وقت الفضيلة و لعلنا نتعرض لها ان شاء اللّه تعالي.

و أفاد صاحب الحدائق قدس سره بأن المشهور بين المتأخرين من المحقق و العلامة و من تأخر عنهما و نسب الي المرتضي و ابن ادريس: ان الوقتين اللذين لكل فريضة احدهما وقت الفضيلة و ثانيهما للاجزاء و ذهب الشيخان و ابن أبي عقيل و أبو الصلاح و ابن البراح و من متأخري المتأخرين المحدث الكاشاني قدس سره ان الوقت الاول للمختار و الثاني للمضطرين و ذوي الاعذار و العذر علي ما في المبسوط اربعة: السفر و المطر و المرض و شغل يضر تركه بدينه أو دنياه و الضرورة خمسة: الكافر يسلم و الصبي يبلغ و الحائض تطهر و المجنون يفيق و المغمي عليه يفيق و اختار قدس سره القول الثاني و أفاد بأن المستفاد من الاخبار الواردة في

المقام

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

(2) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 66

______________________________

هو القول المختار و استدل بجملة من النصوص لما رامه «1».

و الكلام في المقام تارة من حيث المقتضي و اخري من حيث المانع فالحري بنا أن نذكر ما يمكن أن يكون مستندا لهذا القول كما ذكره قدس سره و نري انه هل يمكن أن يستفاد ما ادعاه أم لا فنقول: قد ذكر جملة من الروايات في المقام:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

لكل صلاة وقتان و أول الوقت أفضله و ليس لا حد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية مع الغض عما في السند ان المستفاد منها ان لكل صلاة وقتين و لكل وقت اول و آخر و ليس لأحد أن يؤخر الصلاة الي الوقت الثاني الا لعذر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنه ليس اول الوقت أفضل للجزم بعدم الافضلية لان أول الوقت وقت التنفل.

و يرد عليه: أنه خلاف ما يستفاد من بعض النصوص فان المستفاد من رواية زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلحك اللّه وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل يحب من الخير ما يعجل «3» ان اول الوقت افضل غاية الأمر أنه يستفاد من بعض النصوص انه يمتد وقت الفضل لمكان النافلة و هذا لا ينافي كون الاول افضل.

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 89

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 13

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 67

______________________________

لكن يرد علي أصل التقريب اولا ان المذكور في رواية ابن سنان بطريق الشيخ «و أول الوقتين أفضلهما» «1» و المستفاد من هذا اللفظ ان الوقت الاول وقت لما هو أفضل لا أنه وقت للمختار.

و ثانيا انه لا يبعد أن يكون المستفاد من الرواية انه لو جعل احد من غير عذر و علة الوقت الثاني وقتا يكون علي خلاف الميزان الشرعي لأنه مبدع و مشرع و ليس في الرواية ما يدل علي عدم المشروعية من غير هذه الناحية و هو المدعي في المقام.

و ثالثا: انه لو كان المراد من أول الوقت اول الوقت الاول يكون المراد من الاخر آخر الوقت الثاني فيكون المعني: انه لو جعل احد آخر الوقت الثاني وقتا له لا يكون له ذلك و الحال ان المدعي ليس هذا بل المدعي ان التأخير الي الوقت الثاني حرام فالمراد من الرواية اما اضافة الصفة الي الموصوف بأن يكون المراد من أن الوقت الاول أفضل من الوقت الثاني و اما يكون الكلام مجملا و علي كلا التقديرين لا يدل علي المدعي فلاحظ.

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: قال الصادق عليه السلام: اوله رضوان اللّه و آخره عفو اللّه و العفو لا يكون الا عن ذنب «2».

و التقريب ظاهر لكن الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

و منها: ما رواه ربعي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: انا لنقدم و نؤخر و ليس كما يقال: من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك و انما الرخصة للناسي و المريض و المدنف و المسافر و النائم في تأخيرها «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 16

(3) الوسائل

الباب 7 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 68

______________________________

بتقريب ان المذكور في الرواية من الناسي و غيره من باب المثال فان المعذور له التأخير و أما المختار فليس له بل يهلك به. و بعبارة اخري: الميزان اطلاق صدر الرواية و مقتضاه عدم جواز التأخير الا عند العذر.

و الرواية ضعيفة باسماعيل بن سهل حيث انه لم يوثق مضافا الي أن التقريب المذكور خلاف ظاهر اللفظ فان الظاهر ان ما بعد ليس «كما يقال» مقول القول فالرواية علي خلاف المدعي ادل و بعبارة اخري: ليس الامر كما يقولون بأن من أخر الصلاة فقد هلك فانا نقدم و نؤخر فيجوز التأخير فلاحظ.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين افضلهما و وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو من علة «1».

و يرد عليه اولا: انه يمكن أن يكون المراد جعل آخر الوقت وقتا من غير علة و عذر تشريعا و ثانيا ان كون احد الوقتين أفضل يدل علي اشتراك الفضل و وجوده في كلا الوقتين فلا يحرم التأخير فعلي فرض ظهور كلمة لا ينبغي في الحرمه يرفع اليد عنه بظهور ذلك اللفظ في العدم و لا أقلّ من الاجمال و ثالثا ان لفظ لا ينبغي ليس ظاهرا في الحرمة بل ظاهره المرجوحية.

و منها: ما رواه ابراهيم الكرخي قال: سألت

أبا الحسن موسي عليه السلام متي يدخل وقت الظهر قال: اذا زالت الشمس فقلت: متي يخرج وقتها؟ فقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 69

______________________________

من بعد ما يمضي من زوالها اربعة أقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت: فمتي يدخل وقت العصر؟ فقال: ان آخر وقت الظهر هو اول وقت العصر فقلت: فمتي يخرج وقت العصر؟ فقال: وقت العصر الي أن تغرب الشمس و ذلك من علة و هو تضييع فقلت له: لو أن رجلا صلي الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أ كان عندك غير مؤد لها؟ فقال: ان كان تعمد ذلك ليخالف السنة و الوقت لم يقبل منه كما لو أن رجلا أخر العصر الي أن تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم يقبل منه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قد وقت للصلاة المفروضات أوقاتا و حد لها حدودا في سنته للناس فمن رغب عن سنته من سنة الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّه «1».

و يرد عليه اولا انها ضعيفة بالكرخي و ثانيا يمكن ان الوجه في البطلان و الحرمة الاعراض عن السنة و الرغبة عنها و هذا غير المدعي فلا حظ.

و منها: ما رواه داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله تعالي:

«إِنَّ الصَّلٰاةَ كٰانَتْ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً» قال: كتابا ثابتا و ليس ان عجلت قليلا أو اخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة فان اللّه عز و جل يقول لقوم: أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا «2».

بتقريب: أن التأخير كثيرا يكون داخلا في اضاعة الصلاة و يرد عليه

اولا ان المستفاد من الرواية ان التأخير و التقديم امر معهود بين الامام و السائل فيمكن أن يكون التأخير عن الوقت عدم الاتيان بها في الوقت و من الظاهر انه حرام و خلاف للمقرر الشرعي و ثانيا انه لا شبهة في أن المقصود من التعجيل ايقاع الصلاة قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 32

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 70

______________________________

دخول الوقت فيكون التأخير عبارة عن عدم الاتيان بها حتي يخرج الوقت فلا تدل علي المدعي.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الموتور أهله و ماله من ضيع صلاة العصر قلت: و ما الموتور؟ قال: لا يكون له أهل و لا مال في الجنة قلت: و ما تضييعها؟ قال: يدعها حتي تصفر و تغيب «1».

و رواها الصدوق باسناده عن أبي بصير عن ابي جعفر عليه السلام و رواها البرقي عن الصدوق «2» و هذه الرواية علي تقدير صحة سندها علي خلاف المطلوب أدل لأنها تدل علي ان الذي يؤخر صلاته يكون موتورا في الجنة و الحال ان جزاء من لا يصلي في الوقت النار لا الجنة و الظاهر ان الصحيح لفظ الواو لا أو فانه لا معني للترديد بين اصفرار الشمس و غيبوبتها لأنها لا يمكن ان تغيب الا و أن تصفر قبلها و أما وجه عطف الغيبوبة علي الاصفرار فمن باب مجاز المشارفة لمكان ان الشمس حين الاصفرار غائبة فلاحظ.

مضافا الي أن الظاهر ان الرواية ليست معتبرة فان في طريق الشيخ حسين بن هاشم و لم يوثق و في طريق الصدوق الي أبي بصير علي بن أبي حمزة

و في طريق البرقي محمد بن علي الكوفي الصير في.

و منها: ما في الفقه الرضوي قال: اعلم ان لكل صلاة وقتين اول و آخر فاول الوقت رضوان اللّه و آخره عفو اللّه و يروي ان لكل صلاة ثلاثة اوقات أول و وسط و آخر فاول الوقت رضوان اللّه و وسطه عفو اللّه و آخره غفر ان اللّه و اول الوقت افضله و ليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت وقتا و انما جعل آخر الوقت للمريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 71

______________________________

و المعتل و المسافر الي آخره «1». و السند مخدوش فلا تصل النوبة الي الدلالة.

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: كنت صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام بالمزدلفة فلما انصرف التفت إلي فقال: يا أبان الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدود هن و حافظ علي مواقيتهن لقي اللّه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنة و من لم يقم حدود هن و لم يحافظ علي مواقيتهن لقي اللّه و لا عهد له ان شاء عذبه و ان شاء غفر له «2».

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: دخل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المسجد و فيه ناس من أصحابه فقال: تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم قال: ان ربكم يقول: ان هذه الصلوات الخمس المفروضات من صلاهن لوقتهن و حافظ عليهن لقيني يوم القيامة و له عندي عهد ادخله به الجنة و من لم يصلهن لوقتهن و لم يحافظ عليهن فذاك إلي ان شئت عذبته و ان شئت غفرت له «3».

و التقريب للمدعي ان

المستفاد من هذه الطائفة من الأخبار أن الاتيان بالصلوات في الوقت الاول يوجب القرب من اللّه و يوجب المغفرة و القبول و أما الاتيان بها في الوقت الثاني بلا عذر و لا علة يدخل المكلف تحت المشية و ليس المراد بالاتيان في غير الوقت خارجه اذ ترك الصلاة و ايقاعها خارج الوقت يوجب الكفر.

و اجاب سيدنا الاستاد بأن المستفاد من الرواية ان المكلف لو صلي في تلك الاوقات اي اوقات الفضل يكون ممن وعده اللّه أن يدخله الجنة و من صلي في غير تلك الاوقات لا يكون داخلا في الوعد بل يمكن ان يدخله الجنة.

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص 92

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 72

______________________________

و يرد عليه: ان المذكور في الرواية انه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له و الحال انه لا مقتضي للعذاب فهذا الجواب غير صحيح و الصحيح في الجواب ان يقال:

ان المذكور في الرواية ان من أقام حدود الصلاة اي أجزائها و شرائطها و أوقاتها فهو يدخل الجنة و من لم يواظب حدودها و أوقاتها فهو كذا و الظاهر أن المراد أن لا يراعي أجزائها و شرائطها و من جملة الشرائط الوقت فانه لو لم يحفظ حدود الصلاة يدخل تحت المشية و لا منافاة بين هذه الطائفة و ما يدل علي أن تاركها كافر اذ الترك يقتضي الكفر فان الايقاع خارج الوقت علي هذا التقريب يقتضي الكفر كما أن الاتيان بلا حفظ لحدودها الاخر يقتضي الكفر أيضا لكن الامر بيده تعالي ان شاء يعذب و ان شاء يغفر.

و مما يؤيد المدعي انه لو كان الوقت للمختار الوقت الاول

فايقاعها في الوقت الثاني يكون تركا لها فيعود الاشكال و ملخص الكلام انه لا يستفاد من هذه الطائفة ما ادعاه صاحب الحدائق بل يستفاد منها ان الاتيان بالصلاة بلا رعاية لجهاتها يقتضي الدخول تحت المشية فلا حظ.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل سهو في الصلاة يطرح فيها غير ان اللّه يتم بالنوافل ان أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبل ما سواها ان الصلاة اذا ارتفعت في اول وقتها رجعت الي صاحبها و هي بيضاء مشرقة تقول: حفظتني حفظك اللّه و اذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت الي صاحبها و هي سوداء مظلمة تقول: ضيعتني ضيعك اللّه «1».

و التقريب فيها في كلام صاحب الحدائق كما في سابقتها و هذه الرواية علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و التهذيب ج 2 ص: 239 الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 73

______________________________

نسخة الكافي مشتملة علي لفظ «اول» و علي نسخة التهذيب غير مشتملة علي هذا اللفظ و الترجيح مع الكافي بقاعدة انه لو دار الامر بين الزيادة و النقيصة يقدم احتمال الاشتباه في النقصان فالترجيح مع نسخة الكافي لكن علي كلا التقديرين لا تدل علي المدعي أما علي نسخة التهذيب فظاهر اذ المستفاد من الرواية ان الصلاة اذا وقعت في وقتها تقبل و الا فلا و أما علي نسخة الكافي فتدل علي أن الصلاة الواقعة في اول الوقت في غاية درجة الفضيلة و أما الصلاة الواقعة في غير الوقت لا تقبل و رجعت الي صاحبها سوداء فلا تدل الرواية علي المدعي علي كلا التقديرين.

و لو سلم ان المراد بأول الوقت الوقت الاول و

بغير الوقت الوقت الثاني فلا يدل علي ما ذهب اليه صاحب الحدائق اذ الايقاع بغير الحدود يوجب البطلان كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي جبرئيل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمواقيت الصلاة فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلي الظهر ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلي العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلي المغرب ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلي العشاء ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلي الصبح ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلي الظهر ثم أتاه حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلي العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلي المغرب ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلي العشاء ثم أتاه حين نور الصبح فأمره فصلي الصبح ثم قال: ما بينهما وقت «1».

و تقريب الاستدلال بها ان المستفاد من الرواية ان الوقت للظهرين بين الزوال و قامتين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 74

______________________________

و يرد عليه: انه لو كان المراد بالوقت وقت الوجوب كيف أوقع النبي صلي اللّه عليه و آله صلاة الظهر في اليوم الثاني بعد القامة و صلاة العصر بعد قامتين فانه يكشف انه ليس هذا الوقت وقت الوجوب بل وقت الفضيلة.

و يدل علي المدعي جملة من الروايات و منها ما دل ان وقت الظهر من الزوال الي قامة و العصر الي قامتين لاحظ ما رواه أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر و العصر فقال: وقت الظهر اذا زالت الشمس الي أن يذهب الظل قامة

و وقت العصر قامة و نصف الي قامتين «1» و ما رواه محمد بن حكيم «2».

و ما رواه يزيد بن خليفة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال: اذا لا يكذب علينا قلت: ذكرا لك قلت: ان أول صلاة افترضها اللّه علي نبيه صلي اللّه عليه و آله الظهر و هو قول اللّه عز و جل: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» فاذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت الي أن يصير الظل قامة و هو آخر الوقت فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتي يصير الظل قامتين و ذلك المساء قال: صدق «3».

بدعوي: انها تدل علي انتهاء الوقت بالقامة و بالقامتين و لا وجه للحمل علي وقت الفضيلة بل الاولي أن تحمل علي الوقت للمختار و خلافها لذوي الاعذار.

و الجواب عنه اولا بما تقدم من اختلاف صلاة النبي صلي اللّه عليه و آله في اليوم الاول و الثاني مع أنه كيف يجوز انه صلي اللّه عليه يوقع في غير الوقت

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 62

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 75

______________________________

و ثانيا انه لو كان مقتضي الجمع العرفي بين الطائفتين بحمل هذه الطائفة علي وقت الفضيلة و تلك علي وقت الاجزاء فهو و الا فالترجيح مع تلك الطائفة بموافقتها مع الكتاب مضافا الي السيرة الخارجية التي لا يبقي معها شك و لا ريب فلاحظ.

و منها: ما رواه عمار بن موسي الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من صلي الصلوات المفروضات في أول وقتها

و أقام حدودها رفعها الملك الي السماء بيضاء نقية و هي تهتف به تقول: حفظك اللّه كما حفظتني و استودعك اللّه استودعتني ملكا كريما و من صلاها بعد وقتها من غير علة و لم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة و هي تهتف به ضيعتني ضيعك اللّه كما ضيعتني و لا رعاك اللّه كما لم ترعني ثم قال الصادق عليه السلام ان اول ما يسئل عنه العبد اذا وقف بين يدي اللّه عز و جل الصلوات المفروضات و عن الزكاة المفروضة و عن الصيام المفروض و عن الحج المفروض و عن ولايتنا اهل البيت «1».

و هذه الرواية وصفها في الحدائق بالموثقة و الحال ان في السند حسين بن ابراهيم بن تاتانه و هو لم يوثق فالرواية ساقطة من حيث السند و أما من حيث الدلالة فالجواب هو الجواب عن غيرها فانه من الظاهر ان من يصلي في غير الوقت مع عدم تمامية الاجزاء و الشرائط لا تكون صلاته صحيحة مضافا الي أن الصلاة في اول الوقت لا تجب حتي علي مذهب صاحب الحدائق.

و منها ما رواه الحسن بن محمد الطوسي في المجالس عن أبيه عن المفيد عن علي بن محمد بن حبيش عن الحسن بن علي الزعفراني عن اسحاق بن ابراهيم الثقفي عن عبد اللّه بن محمد بن عثمان عن علي بن محمد بن أبي سعيد عن فضيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 76

______________________________

بن الجعد عن أبي اسحاق الهمداني «1» قال: لما ولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام محمد بن أبي بكر مصر و أعمالها كتب له كتابا و أمره ان يقرأه علي اهل مصر

و يعمل بما وصاه فيه و ذكر الكتاب بطوله الي أن قال: و انظر الي صلاتك كيف هي فانك امام لقومك ان تتمها و لا تخففها فليس من امام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان الا كان عليه لا ينقص من صلاتهم شي ء و تممها و تحفظ فيها يكن لك مثل أجورهم و لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها و لا تعجل بها قبله لفراغ و لا تؤخرها عنه لشغل فان رجلا سأل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن أوقات الصلاة فقال: أتاني جبرئيل عليه السلام فاراني وقت الظهر (الصلاة) حين زالت الشمس فكانت علي حاجبه الايمن ثم أراني وقت العصر و كان ظل كل شي ء مثله ثم صلي المغرب حين غربت الشمس ثم صلي العشاء الآخرة حين غاب الشفق ثم صلي الصبح فأغلس بها و النجوم مشتبكة فصل لهذه الاوقات و الزم السنة المعروفة و الطريق الواضح ثم انظر ركوعك و سجودك فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان أتم الناس صلاة و أخفهم عملا فيها و اعلم ان كل شي ء من عملك تبع لصلاتك فمن ضيع الصلاة فانه لغيرها أضيع «2».

و السند غير معتبر فلاحظ و أما من حيث الدلالة فيستفاد منها ان الصلاة لو قدمت علي الوقت أو اخرت عنه تبطل و هذا أمر ظاهر لا سترة عليه.

و منها: ما رواه العباس بن معروف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لفضل

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 77

______________________________

الوقت الاول علي الاخير خير للرجل من ولده و ماله

«1».

و الرواية ضعيفة بمحمد بن موسي بن المتوكل فانه لم يوثقه القدماء من الاصحاب غير ابن داود و وثاقته أول الكلام.

و لا يخفي ان الرواية رويت باسناد اخر و كلها ضعيفة مضافا الي أنه لا دلالة فيها علي المدعي اذ يمكن أن يكون المراد بالوقت الاول وقت الفضيلة فلاحظ.

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان فضل الوقت الاول علي الاخر كفضل الآخرة علي الدنيا «2».

و الاشكال فيه واضح سندا و دلالة و الرواية رويت مستندة أيضا و السند ضعيف بسلمة بن الخطاب.

و منها: ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت في السفر شيئا من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك «3».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الصلاة في غير الوقت في السفر لا تضر لان السفر عذر و من الظاهر انه لو كان المراد بالوقت مطلقه لم يكن فرق بين السفر و الحضر فالمقصود من الوقت المذكور في الرواية الوقت الاول ففي غير السفر لا يجوز التأخير عنه.

و فيه: أولا انه لا يستفاد من الرواية الكلية بل المستفاد منها الموجبة الجزئية فمن الممكن أن يكون المراد التفصيل في بعض النوافل بين السفر و الحضر و ثانيا ان الوارد في الرواية عنوان اذا صليت شيئا من الصلوات في غير اوقاتها و لم يعبر بالتأخير و الاتيان في غير الوقت كما يصدق علي التأخير يصدق علي التقديم و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 78

______________________________

الظاهر ان تقديم الفريضة علي الوقت لا يجوز حتي في

السفر و أما في النافلة فيجوز في الجملة لاحظ الروايات الدالة علي جواز تقديم نوافل الزوال و غيرها علي أوقاتها لمن خاف عدم التمكن منها و تأخيرها عنها منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اعلم أن النافلة بمنزلة الهدية متي ما اتي بها قبلت «1».

و ثالثا: انه لا مفهوم للقضية الا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع فان مفهوم هذه القضية أنه لو لم تصل شيئا من الصلاة في غير الوقت في السفر فلا يضرك.

و بعبارة اخري: المفهوم عبارة عن انتفاء التالي عند انتفاء المقدم و انتفاء المقدم في المقام عبارة عن عدم الصلاة في غير الوقت في السفر و هذا لا يفيد شيئا كما هو ظاهر.

ان قلت: فما فائدة التقييد بالسفر؟ قلت: يمكن أن يكون في التأخير في غير السفر عن اول الوقت حزازة و هذه الحزازة ليست في السفر فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: المرأة تري الطهر عند الظهر، فتشتغل في شأنها حتي يدخل وقت العصر قال: تصلي العصر وحدها فان ضيقت فعليها صلاتان «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية انه يفوت وقت الظهر بدخول وقت العصر. و فيه ان السند مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

و منها: ما رواه داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل صلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 79

______________________________

المغرب و العشاء الآخرة «1» و هذه الرواية ضعيفة بالزجاجي.

و منها: ما

رواه الفضل بن يونس قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام قلت: المرأة تري الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة؟ قال: اذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها و هي في الدم و خرج عنها الوقت و هي في الدم فلم يجب عليها أن تصلي الظهر و ما طرح اللّه عنها من الصلاة و هي في الدم اكثر «2».

و يعارضها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء «3».

و بعبارة اخري: ان هذه الروايات معارضة بما ورد في ذلك الباب كرواية ابن سنان و الترجيح مع المعارض لمخالفته مع التقية و موافقته مع الكتاب فلاحظ.

مضافا الي ما أفاده سيدنا الاستاد بقوله في هذا المقام «علي أنا سواء قلنا بأن الوقت الاول وقت اختياري و الثاني اضطراري أم قلنا ان الثاني وقت اجزاء و الاول وقت فضيلة لم تكن أية مناقشة في أن المرأة في مورد الروايتين مكلفة بصلاة الظهر لأنه من موارد الاضطرار بمعني ان المرأة انما تؤخر صلاتها الي الوقت الثاني اضطرارا لمكان حيضها و هو من الاعذار المسوغة للتأخير الي آخر الوقت «4»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 145- 146

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 80

و تختص الظهر من أوله بمقدار ادائها و العصر من آخره كذلك (1).

______________________________

فالحق ما ذهب اليه المشهور.

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب اختصاص الظهر من أول

الوقت بمقدار ادائها ثم اشتراك الوقت بين الفرضين الي أن يبقي مقدار اداء العصر قبل الغروب فيختص به العصر و هكذا في المغرب و العشاء يختص المغرب من اوله بثلاث ركعات ثم يشترك الوقتان الي أن يبقي من الانتصاف قدر صلاة العشاء فتخص به» «1».

و ملخص الكلام: انه وقع الكلام بينهم في أن الوقت مشترك بين الصلاتين من المبدأ الي المنتهي الا أن الترتيب يقتضي تقديم الظهر أو أن أول الوقت مختص بالظهر و لا مجال للعصر فيه و آخر الوقت مختص بالعصر كذلك ذهب المشهور الي الثاني و نسب القول الاول الي الصدوق و ان ناقش صاحب الحدائق في النسبة.

و الكلام يقع تارة في المبدأ و اخري في المنتهي فيقع البحث في فرعين:

الفرع الاول: انه هل يختص اول الوقت بالظهر كما عليه المشهور او لا يختص كما نسب الي الصدوق؟

و ما يمكن أن يقال أو قيل في توجيه كلام المشهور امور:

الاول: ما رواه داود بن فرقد مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتي يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فاذا مضي ذلك فقد دخل وقت الظهر و العصر حتي يبقي من الشمس مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فاذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقي

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 81

______________________________

وقت العصر حتي تغيب الشمس «1».

و هذه الرواية تارة يبحث فيها من حيث السند و اخري من حيث الدلالة أما بحسب الدلالة فلا شبهة في دلالتها علي ما ادعاه المشهور و أما من حيث السند فلا اعتبار بها حيث انها مرسلة و لا بد في الاخذ بها

من احد أمرين: احدهما أن يقال: بأن المشهور عملوا بها و عمل المشهور جابر لضعف الرواية ثانيهما: ان المرسل من بني فضال و قد امرنا بالاخذ بكل ما رواه بنو الفضال لاحظ ما رواه الحسين بن روح عن أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام أنه سئل عن كتب بني فضال فقال: خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا «2».

و شي ء من الامرين لا يفيد أما الاول فقد ذكرنا مرارا بأن الضعف لا ينجبر بالعمل مضافا بأن الصغري محل الكلام فان المشهور يمكن أن يكون الوجه في مرامهم أمرا آخر كما ربما يتضح عند بيان الوجوه و أما الثاني فيفهم من المقابلة ان المراد من الرواية ان فساد عقيدتهم لا يضر بوثاقتهم.

و بعبارة اخري: ان المقصود انه لا وجه لرفع اليد من الرواية بلحاظ كون الراوي من بني فضال لا ان الرواية يؤخذ بها علي جميع التقادير و يقطع النظر عن كل الايرادات و هذا ظاهر مضافا الي ان الرواية بنفسها ضعيفة سندا.

اضف الي ذلك كله انها تعارض جميع الروايات الدالة علي أن الوقتين يدخلان بالزوال فيقع التعارض بين هذه الرواية و بين تلك الروايات لاحظ ما رواه زرارة «3» فلو كانت تلك الروايات مشهورة يكون الترجيح معها و ان كان ما دل عليه بنفسه ضعيفا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 82

______________________________

سندا «1».

الثاني: مضمرة الحلبي قال: سألته عن رجل نسي الاولي و العصر جميعا ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس فقال: ان كان في وقت لا يخاف فوت احداهما فليصل الظهر ثم يصل العصر و ان

هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر و لا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعا و لكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصلي الاولي بعد ذلك علي أثرها «2».

بتقريب انه يستفاد من هذه الرواية ان الوقت اذا لم يكن واسعا لكلتا الصلاتين يجب تقديم العصر فلا يكون الوقت مشتركا.

و يرد عليه: اولا انه علي فرض تماميتها سندا لان ابن سنان الواقع في السند لا يبعد أن يكون محمدا، راجع الي وقت العصر لا الظهر و ثانيا لا تدل هذه الرواية علي المدعي اذ لو فرضنا ان المصلي صلي العصر قبل الظهر باعتقاد انه صلي الظهر فلا اشكال في صحة العصر لقاعدة لا تعاد فله أن يصلي الظهر في آخر الوقت بمقتضي الاية الشريفة و الروايات كما سيظهر لك ان شاء اللّه تعالي نعم يستفاد من الرواية انه لا يجوز الاتيان بالظهر في الجملة و هذا المقدار لا شبهة فيه لكن القول بالاختصاص لا يرتبط بهذا المعني.

الثالث: ما أفاده صاحب المدارك- علي ما في الحدائق- من أن الترتيب شرط بين الصلاتين و عليه لا يجوز الاتيان بالعصر قبل الظهر و مع فرض الاتيان لا يصح لان اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة و عليه يكون اول الوقت مختصا بالظهر.

و فيه: انه ان كان المراد ان التقديم يوجب البطلان مع العمد فلا شبهة فيه لكن لا

______________________________

(1) لاحظ الباب 9 من أبواب صفات القاضي

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 83

______________________________

يختص البطلان بأول الوقت بل تبطل و لو بالايقاع في الوقت المشترك بلا اشكال و ان كان المراد انها تبطل مطلقا حتي مع الغفلة و النسيان فليس علي

ما ينبغي لعدم الدليل بل نلتزم بالصحة لقاعدة لا تعاد.

مضافا الي أنه يمكن أن نفرض الاتيان بصلاة الظهر قبل العصر مع الاتيان بالعصر في اول الوقت و ذلك بأن يؤتي بالظهر باعتقاد دخول الوقت و وقوع جزء يسير من الظهر في الوقت كالسلام مثلا فان الاتيان بالعصر في الفرض يكون بعد الظهر كما هو ظاهر.

الرابع: ما أفاده العلامة- علي ما في الحدائق- و حاصل ما أفاده: انه لو لم نقل باختصاص اول الوقت بالظهر فلا بد اما من الالتزام بأن المكلف مكلف في اول الوقت بكلتا الصلاتين معا و أما مكلف بالجامع و اما مكلف بخصوص العصر و الالتزام بالاول تكليف بالمحال كما أن الالتزام بالثاني أو الثالث يستلزم خرق الاجماع و الضرورة فينحصر الامر بالالتزام بالاختصاص.

و فيه: انا نلتزم بأن المكلف مكلف في اول الوقت بخصوص الظهر لكن لو فرضنا انه اتي بالظهر قبل الوقت و وقع جزء من الظهر في الوقت أو اعتقد الاتيان بالظهر و أتي بالعصر لأجل هذا الاعتقاد أو للغفلة فهل تكون صلاته صحيحة أو باطلة؟

فانقدح فساد هذه الوجوه.

الخامس: ما في جملة من الروايات الواردة في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل الدالة علي كون الظهر قبل العصر منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «1» بتقريب ان وقت الاولي قبل الثانية.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 84

______________________________

و فيه مضافا الي المناقشة في أسنادها انها تدل علي الترتيب لا علي تقدم

الوقت بل صرح في أكثر تلك الاخبار بدخول وقت كلتا الصلاتين بتحقق الزوال فلا تغفل.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان مقتضي القاعدة انه لا يختص اول الوقت بالظهر و ذلك لوجوه: الاول:

ان مقتضي الاية الشريفة ايقاع هذه الصلوات الاربع بين الزوال و غسق الليل غاية الامر نقطع بعدم جواز تأخير الظهرين من الغروب اجمالا و اما الزائد علي هذا المقدار فمدفوع بالاطلاق.

الثاني: أن مقتضي جملة من الروايات دخول وقت الظهرين بتحقق الزوال و امتداده الي غيبوبة الشمس لاحظ الروايات في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه زرارة «1».

الثالث: ان البراءة الشرعية و العقلية تقتضي ذلك لدوران الامر بين الاقل و الاكثر غاية ما في الباب ان الترتيب بين الظهرين ثابت بلا اشكال و مقتضاه تقديم الظهر حتي في الوقت المشترك لكن لو قدم العصر نسيانا أو غفلة كانت صحيحة لحديث لا تعاد كما أنه لو اتي بالظهر قبل الوقت بحيث وقع جزء منه في الوقت لا مانع من الاتيان بالعصر هذا تمام الكلام في الفرع الاول.

الفرع الثاني: انه هل يختص آخر الوقت بالعصر بحيث لو أتي بالظهر يقع باطلا الظاهر انه لا وجه للقول بالبطلان كما هو مقتضي الاختصاص و ما تقدم من الوجوه علي فرض جريانها في هذا الفرع قد تقدم الجواب عنها فلا نعيد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 85

______________________________

و أما رواية الحلبي «1» فقد اورد الاشكال عليها من حيث السند لاحتمال ان ابن سنان الواقع في السند محمد بن سنان هذا اولا و ثانيا: ان هذه الرواية تدل علي وجوب تقديم العصر.

و بعبارة اخري: غاية ما يستفاد من هذه الرواية انه مع عدم الاتيان بالعصر لا

يجوز الاتيان بالظهر و لو أتي به يكون باطلا لكن لا تدل علي عدم قابلية الوقت للظهر مطلقا بل لنا أن نقول: بأنها تدل علي عكس المطلوب حيث يقول: «ثم ليصلي الاولي بعد ذلك علي اثرها» فانه لو لم يكن الوقت باقيا فلا وجه للتعجيل الا أن يقال: بأن الرواية من ادلة المضايقة فلاحظ.

و قريب من هذه الرواية ما رواه اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال في الرجل يؤخر الظهر حتي يدخل وقت العصر أنه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها تدل علي وجوب تقديم العصر و لا تدل علي الاختصاص.

و أفاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- بأن القاعدة تقتضي مفاد الرواية اذ هو مقتضي الانبساط و بعبارة اخري: ان المكلف مكلف بثمان ركعات علي الترتيب و بعد تحقق الضيق اما يكون الواجب خصوص الظهر أو الجامع أو العصر لا مجال للأول و الثاني فيبقي الثالث.

و فيه: ان المفروض ان الوقت بمقتضي النص مشترك فلو ضاق الوقت يقتضي الاتيان بالظهر لان العصر مشروط بوقوعه بعد الظهر لا العكس و حيث ان المشروط

______________________________

(1) لاحظ ص: 82

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 86

و ما بينهما مشترك بينهما (1) و وقت العشاءين للمختار من المغرب الي نصف الليل (2).

______________________________

ينتفي بانتفاء شرطه فلا مجال للإتيان به غاية الامر ان الاجماع القطعي قائم علي وجوب الاتيان بالعصر.

و يمكن أن يستفاد هذا المعني من جملة من الروايات الواردة في الباب 49 من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و منها:

ما رواه داود الزجاجي «2» و منها: ما

رواه الفضل بن يونس «3» و منها:

ما رواه محمد بن مسلم «4».

مضافا الي التسالم و الاجماع علي المدعي عند الاصحاب بل يدل علي المدعي ما رواه ابن همام «5».

(1) كما هو ظاهر.

(2) يقع الكلام تارة في المغرب و اخري في العشاء اما الكلام في المغرب فتارة من حيث الابتداء و اخري من حيث الانتهاء لا اشكال في دخول وقت صلاة المغرب بالغروب غاية الامر يكون الخلاف في أن الغروب الموضوع للوجوب يحصل باستتار القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية و هذا مضافا الي عدم الخلاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

(2) لاحظ ص: 78

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 78

(5) لاحظ ص: 85

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 87

______________________________

فيه يكون مقتضي الاية الشريفة بالتقريب المتقدم فان هذا الزمان ظرف لهذه الصلوات غاية الامر قد علم من الخارج عدم جواز تقديم صلاة المغرب علي الغروب كما ان مقتضي بعض النصوص كذلك.

اضف الي ذلك ان البراءة تقتضي مذهب المشهور كما هو ظاهر انما الكلام في انتهاء وقته قال في الحدائق ما مضمونه: «المشهور ان وقته يمتد الي أن يبقي لانتصاف الليل بمقدار اداء صلاة العشاء و هو اختيار السيد و جماعة» «1».

و يدل علي هذا القول الاية الشريفة بضميمة الاخبار فان الاية تدل علي امتداد وقت المغرب الي غسق الليل و دل بعض النصوص علي دخول وقتها بالمغرب و قد أشرنا اليه و دل بعض ان غسق الليل عبارة عن انتصافه.

لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما فرض اللّه عز و جل من الصلاة فقال: خمس صلوات في الليل و النهار فقلت: هل سماهن اللّه و بينهن في كتابه؟ قال: نعم قال اللّه تعالي لنبيه صلي اللّه عليه

و آله: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» و دلوكها زوالها و فيما بين دلوك الشمس الي غسق الليل أربع صلوات سماهن اللّه و بينهن و وقتهن و غسق الليل هو انتصافه ثم قال تبارك و تعالي: «وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً» فهذه الخامسة و قال تبارك و تعالي في ذلك: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ» و طرفاه: المغرب و الغداة «وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ» و هي صلاة العشاء الآخرة و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر و هي أول صلاة صلاها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هي وسط النهار و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر «2».

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 175

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 88

______________________________

فبهذا التقريب نلتزم بامتداد وقته الي نصف الليل الا أن يمنع عنه مانع و في قبال هذا القول أقوال:

منها: القول بأن وقت المغرب يمتد الي طلوع الفجر للمضطر قال في الحدائق:

«الظاهر أن اول من ذهب صريحا الي امتداد العشاءين الي طلوع الفجر للمضطر هو المحقق في المعتبر و تبعه صاحب المدارك و شيده و تبعه في هذا القول جملة ممن تأخر عنه».

و استدل لهذا القول برواية ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خاف أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس «1».

و

رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل و لم يصل صلاة المغرب و العشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خشي أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن تطلع الشمس فنفوته احدي الصلاتين فليصل المغرب و يدع العشاء الآخرة حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها ثم ليصلها «2».

و رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتي تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتي يطلع

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 89

______________________________

الفجر و لا صلاة الفجر حتي تطلع الشمس «1».

و خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء «2».

و خبر داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل صلت المغرب و العشاء الآخرة «3».

و خبر عمر بن حنظلة عن الشيخ عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب و العشاء و ان طهرت قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر و العصر «4».

و خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب و العشاء و ان طهرت

قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر و العصر «5».

و لا يخفي ان الاخبار الواردة في باب الحائض كلها ضعيفة لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و أما رواية ابن سنان التي تعرضت لحال النوم و النسيان فلا مانع من الاخذ بها فان مقتضي تقييد المطلق ذلك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 90

______________________________

و ما في كلام صاحب الحدائق من أنها مخالف للكتاب لا وجه له فان المخالف للكتاب يضرب عرض الجدار اذا كان مخالفا بالتباين كما أن ما أفاده من أن هذه الروايات موافقة للعامة فتحمل علي التقية غير تام اذ الرواية لو كانت معارضة يؤخذ بما يكون مخالفا للتقية لا مطلقا كما أن ما أفاده أيضا من أن الاخبار المتعرضة للوقت لم تتعرض لمثله، ليس تحته شي ء فان عدم التعرض فيها لا يقتضي رفع اليد عن الدليل المعتبر كما هو ظاهر.

كما أن ما أفاده الميرزا قدس سره من أن المشهور اعرضوا عنها لا أثر له فانا ذكرنا ان الاعراض لا يسقط الخبر المعتبر عن الاعتبار كما أن ما أفاده أيضا من أن الاخبار دلت علي امتداد الوقت الي النصف و في تلك الاخبار ما ورد في تفسير الاية و فسر الغسق و تبعه في هذا البيان سيدنا الاستاد غير تام فان هذا كله لا يمنع عن الاخذ بالمقيد.

يبقي في المقام شي ء و هو أنه يستفاد من رواية زرارة و الفضيل قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاتين وقتين غير المغرب فان وقتها واحد

و وقتها وجوبها و وقت فوتها سقوط الشفق «1»، أن وقت المغرب واحد فيشكل بأنه يقع التعارض بين هذه الرواية و رواية ابن سنان فما الحيلة؟

و نجيب عن هذه الاشكال اولا: ان المستفاد من الرواية بحسب الظاهر ان لكل صلاة وقتين احدهما أفضل غير المغرب كما يدل عليه ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام و ليس لأحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 91

______________________________

أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو علة «1».

فانه يستفاد من تلك الرواية ان صلاة المغرب ليست كبقية الصلوات فان الصلوات لها وقت فضل و وقت اجزاء و أما صلاة المغرب فلها وقت اجزاء فقط فلا ينافي ما يدل علي أن وقت الاجزاء يختلف بالنسبة الي بعض العوارض كالنسيان و النوم.

و ثانيا: ان غاية ما يستفاد من تلك الرواية مطلق و لا مانع من تقييده بالنسبة الي الناسي و النائم.

فالحق ان يقال: ان وقت المغرب يمتد الي الفجر بالنسبة الي الناسي و النائم لكن الاحتياط يقتضي أن يؤتي بالصلاة بعد الغسق بعنوان ما في الذمة كي يخرج عن شبهة الخلاف و اللّه العالم.

و منها: ما نسب الي ابن البراج و بعض آخر و هو امتداد وقت المغرب الي سقوط الشفق و يدل علي هذا القول ما رواه زرارة و الفضيل «2» بحمل هذا التحديد علي الافضلية.

و الظاهر انه لا وجه له فانه لا شاهد لهذا الجمع بل يقع التعارض بين

هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي امتداد الوقت الي النصف و الترجيح مع تلك الروايات لموافقتها الكتاب كما أن المرجع عند التساقط الرجوع الي الكتاب و الحق انه لا تصل النوبة الي التعارض و العلاج فانه لا شبهة في أن الامر ليس كذلك و وقت المغرب ليس بهذا المقدار.

و مما يدل علي قول ابن البراج ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 92

______________________________

يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يصلي من النهار شيئا حتي تزول الشمس فاذا زالت قدر نصف اصبع صلي ثماني ركعات فاذا فاء الفي ء ذراعا صلي الظهر ثم صلي بعد الظهر ركعتين و يصلي قبل وقت العصر ركعتين فاذا فاء الفي ء ذراعين صلي العصر و صلي المغرب حتي تغيب الشمس فاذا غاب الشفق دخل وقت العشاء و آخر وقت المغرب اياب الشفق فاذا آب الشفق دخل وقت العشاء ثلث الليل و كان لا يصلي بعد العشاء حتي ينتصف الليل ثم يصلي ثلاث عشره ركعة منها الوتر و منها ركعتي الفجر قبل الغداة فاذا طلع الفجر و أضاء صلي الغداة «1».

و هذه الرواية ساقطة من حيث السند لكون موسي بن بكر في سلسلتها.

و منها: ما نسب الي ابن بابويه و المفيد من امتداد وقته الي ربع الليل في السفر و عن ابن حمزة القول بذلك مع الاضطرار و يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: وقت المغرب في السفر الي ربع الليل «2».

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن وقت المغرب فقال: اذا كان أرفق بك و أمكن لك في صلاتك و كنت في حوائجك فلك أن تؤخرها الي ربع الليل «3».

و الرواية الثانية ضعيفة بمحمد بن عمر بن يزيد و أما الرواية الاولي فحيث انها نقية السند يكون مقتضي القاعدة الاخذ بها و الالتزام بمفادها لكن حيث ان المقطوع به خلافه فتطرح و حملها علي التحديد من جهة الفضل لا شاهد عليه و يعارضها ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تؤخر المغرب

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 93

______________________________

في السفر حتي يغيب الشفق «1».

و ان شئت قلت: ان الرواية المذكورة اما معارضة مع بقية الروايات و اما حاكمة عليها فعلي الاول يكون الترجيح مع غيرها بموافقة الكتاب و علي الثاني تقدم هذه مع قطع النظر عن القطع الخارجي.

فانقدح مما ذكرنا ان الحق ان وقت المغرب يمتد إلي نصف الليل الا بالنسبة الي الناسي و النائم.

بقي شي ء: و هو انه هل يلاحظ النصف بالنسبة الي طلوع الشمس أو يلاحظ بالنسبة الي طلوع الفجر؟ الحق هو الثاني اذ ما بين الطلوعين ليس جزءا من الليل بل من اليوم فالمدار بالفجر لا بشروق الشمس.

و أما العشاء فالمشهور فيما بينهم- علي ما في الحدائق- «2» ان اول وقت العشاء مضي مقدار ثلاث ركعات من غروب الشمس و اليه ذهب السيد و الشيخ و جملة من الاعلام.

و في قبال هذا القول قول و هو ان اول وقته ذهاب الشفق و يدل علي مذهب المشهور وجوه:

الوجه الاول: الاية الشريفة فانها

باطلاقها تقتضي جواز الاتيان بالعشاء بين المبدأ و المنتهي مع رعاية الترتيب بينه و بين المغرب.

الوجه الثاني: النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السلام عن الرجل يصلي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الحدائق ج 6 ص 189

(3) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 94

______________________________

العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقالا: لا بأس به «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه و عمران ابنا علي الحلبيان قالا: كنا نختصم في الطريق في الصلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق و كان منا من يضيق بذلك صدره فدخلنا علي أبي عبد اللّه فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال:

لا بأس بذلك قلنا و اي شي ء الشفق؟ فقال: الحمرة «2».

الوجه الثالث: الاصل العملي بالتقريب المتقدم و لا يخفي انه لا مجال لان يقال: بأن جواز التقديم يختص بصورة العذر لأنه صرح في بعض الروايات بجواز التقديم من غير عذر و علة كرواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالناس المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة و انما فعل ذلك ليتسع الوقت علي امته «3».

و في مقابل تلك الاخبار المجوزة نصوص تدل علي أن أول وقت العشاء ذهاب الشفق منها:

ما رواه عمران بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام متي تجب العتمة؟ قال: اذا غاب الشفق و الشفق الحمرة فقال عبيد اللّه أصلحك اللّه انه يبقي بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الشفق انما هو الحمرة و

ليس الضوء من الشفق «4».

و مع التعارض يكون الترجيح مع تلك الروايات لموافقتها مع الكتاب كما أنه علي فرض التساقط يكون المرجع اطلاق الكتاب أيضا كما أن ذهاب العامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 95

______________________________

الي خلاف القول المشهور يقتضي الاخذ بتلك النصوص فان الرشد في خلافهم.

و أما حمل الخبر المخالف للقول المشهور علي الفضل فيشكل اذ لا بد في حمل الرواية علي معني من شاهد و لا يبعد أن يكون مثله تبرعيا و الشاهد عليه انه وقع الترديد في كلماتهم بين حمله علي التقية و حمله علي الافضلية اذ لو كان مقتضي الجمع العرفي الثاني فلا وجه للأول و ان لم يكن وجه للجمع فلا وجه للثاني.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي المبدأ و أما الكلام من حيث المنتهي فالمعروف بين الاصحاب امتداد وقته الي نصف الليل و في مقابل هذا القول قول بأنه يمتد الي ثلث الليل و الحق هو القول المعروف و تدل عليه الاية الشريفة كما أنه تدل عليه جملة من الروايات و قد مر بعض منها. كما أن مقتضي الاصل العملي كذلك.

و من جملة الروايات الدالة علي هذا المعني ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: وقت المغرب اذا غربت الشمس فغاب قرصها قال: و سمعته يقول: أخر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ليلة من الليالي العشاء الآخرة ما شاء اللّه فجاء عمر فدق الباب فقال: يا رسول اللّه نام النساء نام الصبيان فخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

فقال: ليس لكم أن تؤذوني و لا تأمروني و انما عليكم أن تسمعوا و تطيعوا «1».

و منها: ما دل علي أنه لو لا المشقة لكان النبي صلي اللّه عليه و آله يؤخر العشاء الي ثلث الليل لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لو لا اني أخاف أن اشق علي امتي لأخرت العشاء الي ثلث الليل و أنت في رخصة الي نصف الليل و هو غسق الليل الحديث «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 96

______________________________

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لو لا نوم الصبي و غلبة (علة) الضعيف لأخرت العتمة الي ثلث الليل «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لو لا أن اشق علي امتي لأخرت العشاء الي نصف الليل «2».

الي غير ذلك من الروايات الواردة في الابواب المختلفة.

و يدل علي القول الاخر ما رواه معاوية بن عمار في رواية أن وقت العشاء الآخرة الي ثلث الليل «3».

و مع فرض التعارض يكون الترجيح مع تلك الاخبار لان ما رواه معاوية بن عمار مخالف للكتاب لكن مقتضي الجمع العرفي أن يحمل علي الافضلية بشهادة ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العتمة الي ثلث الليل أو الي نصف الليل و ذلك التضييع «4».

فان هذه الروايه تدل علي أن التقديم بمرتبة من الفضيلة بحيث يصح أن يقال:

ان المؤخر ضيع الصلاة.

ان قلت:

اذا كان الامر كذلك فما معني ما في بعض الروايات من أنه لو لا المشقة لكان صلي اللّه عليه و آله يؤخر العشاء الي ثلث الليل؟ قلت: لا منافاة بين الامرين فانه يستفاد من تلك الروايات انه كان في التأخير اقتضاء لكنه لا ينافي أن يكون الجعل الخارجي كذلك.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 97

و تختص المغرب من أوله بمقدار ادائها و العشاء من آخره كذلك (1).

______________________________

فالنتيجة أن وقت العشاء بحسب الاجزاء ينتهي الي النصف و لكن الافضل أن يقدم علي الثلث.

(1) الكلام في الوقت الاختصاصي في المقام هو الكلام في الظهرين بمعني أنه ان كان المراد ان الوقت غير قابل للظرفية فلا دليل عليه بل مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العملي خلافه نعم لا اشكال في الترتيب بين العشاءين و ما يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الوجه الاول: النصوص الدالة علي الترتيب بقوله عليه السلام: الا ان هذه قبل هذه «1».

لكن هذه النصوص كلها ضعيفة ففي بعضها سهل بن زياد و في بعضها قاسم بن عروة و في بعضها ضحاك بن زيد.

الوجه الثاني: ما أفاده سيدنا الاستاد من أنه يجب الصلاة بدخول المغرب و حيث انه لا معني لوجوب كلتا الصلاتين معا و لا يحتمل لزوم تقديم العشاء فاللازم تقديم المغرب.

و فيه: انه يمكن التخيير ان قلت: هذا أيضا مقطوع خلافه قلت: يرجع الاستدلال الي القطع الخارجي و هذا دليل آخر و وجه في قبال بقية الوجوه.

الوجه الثالث: ما ورد في باب القضاء حيث يدل علي الترتيب في القضاء بين الظهرين و المغربين فيدل علي

أن الترتيب معتبر لكن الانصاف انه لا دلالة في تلك الاخبار علي المدعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 11 و 14 و الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 4 و الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 98

و ما بينهما مشترك أيضا بينهما (1) و أما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له الي الفجر الصادق (2) و تختص العشاء من آخره بمقدار ادائها (3 و الاحوط وجوبا للعامد المبادرة اليها بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء أو الاداء (4) و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق الي طلوع الشمس (5).

______________________________

الوجه الرابع ما ورد في العدول من العصر الي الظهر و من العشاء الي المغرب حيث يدل علي الترتيب بنظر العرف فلاحظ.

(1) كما ظهر مما تقدم.

(2) قد ذكرنا ان مقتضي النصوص ان الوقت بالنسبة الي الناسي و النائم يمتد الي الفجر دون غيرهما فراجع.

(3) قد ظهر وجهه مما تقدم في الوقت الاختياري.

(4) لا وجه لما أفاده بالنسبة الي العامد في التأخير فان الظاهر انه لا يمتد الوقت و ينتهي الي نصف الليل نعم مقتضي الاحتياط انه لو أخر الي النصف لا ينوي الاداء و القضاء و اللّه العالم.

(5) الظاهر أنه لا اشكال و لا كلام في أن وقت صلاة الفجر يدخل بحصوله و انما الكلام في أن المراد بالفجر الثاني أو الاول و هو امر آخر و يدل علي المدعي نصوص منها ما رواه زرارة «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: اذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 87

(2) الوسائل الباب

26 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 99

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي الفجر حين طلع الفجر فقال: لا بأس «1».

و منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي جبرئيل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فأعلمه مواقيت الصلاة فقال: صل الفجر حين ينشق الفجر الحديث «2».

و أما آخره فالمشهور انه طلوع الشمس و في قبال هذا القول قول بأنه طلوع الشمس بالنسبة الي المعذور و أما بالنسبة الي المختار فآخره طلوع الحمرة المشرقية ذهب الي القول الاول السيد و ابن الجنيد و المفيد و سلار و ابن البراج و أبو الصلاح و ابن زهرة و ابن ادريس و عليه جمهور المتأخرين و اختار ابن أبي عقيل و ابن الحمزة القول الثاني و نسب الي الشيخ في أحد قوليه.

و الظاهر ان ما ذهب اليه المشهور هو الحق و يمكن أن يستدل عليه بوجوه:

الاول: قوله تعالي: «وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ» «3» بضم الرواية المفسرة له فانه لا اشكال في انتهاء الوقت بطلوع الشمس و أما قبله فأول الكلام فان التقييد خلاف الاطلاق المستفاد من الدليل.

الثاني: انه مقتضي الاصل الشرعي و العقلي فان مقتضاه الاخذ بالاقل في مقام الشك نعم لو تم دليل الخصم لا تصل النوبة الي الاصل كما أن الاطلاق ينهدم به.

الثالث: النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه علي بن يقطين قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(3) الاسراء/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 100

______________________________

سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتي يسفر و تظهر الحمرة و لم

يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخرهما؟ قال: يؤخرهما «1».

فانه يستفاد من الرواية ان صلاة الفجر لا ينقضي وقتها بظهور الحمرة بل يستفاد من النص انه يجوز التأخير اختيارا الي ظهور الحمرة حيث ان السائل في ذهنه انه لو كان للنافلة وقت قبل ظهور الحمرة لكان الاتيان بها جائزا بحيث يصلي النافلة و تظهر الحمرة بعدها ثم يصلي الفجر و الامام عليه السلام لم يردعه عن ارتكازه.

و منها ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل اذا غلبته عينه أو عاقه امر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر الي أن تطلع الشمس و ذلك في المكتوبة خاصة «2».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو من علة «3».

فان قوله عليه السلام: «اول الوقتين افضلهما» يدل علي بقاء وقت صلاة الفجر حتي بالنسبة الي العامد فانه يستفاد من صيغة التفضيل كما هو ظاهر و قوله:

«لا ينبغي» غير ظاهر في الحرمة بل لا يستفاد من هذا اللفظ الا الكراهة و لا نسلم ما أفاده سيدنا الاستاد من ظهوره في الحرمة مضافا الي أنه علي فرض التسليم

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(3)

نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 101

______________________________

يرفع اليد عن هذا الظهور بصدر الرواية و يحمل علي شدة الكراهة الي غير ذلك من النصوص.

الرابع: الاتفاق و التسالم بين الاصحاب فانه كيف يمكن أن يبقي مثل هذا الحكم مجهولا لديهم و هذا لا يكون تمسكا بالإجماع بل تمسك بالوضوح و السيرة العملية من المتشرعة بحيث لا يكون نكير من احد و هذا ظاهر.

و استدل للقول الاخر بعدة نصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام «1».

بدعوي ان قوله عليه السلام: «لا ينبغي» يقتضي عدم جواز التأخير عمدا.

و فيه: انه لا نسلم ظهور هذا اللفظ في الحرمة بل ظاهر في الكراهة مضافا الي أنه علي تقدير التسليم ترفع اليد عن ظهوره بحديث ابن سنان «2» المصرح فيه بأن أول الوقتين أفضلهما.

و منها: ما قدمناه من رواية عمار بن موسي «3» بتقريب ان المذكور في الرواية وقت لذوي الاعذار و أما وقت المختار فلم يذكر. و هذا دعوي بلا دليل بل ان الرواية باطلاقها كما ذكرنا تدل علي امتداد الوقت الي طلوع الشمس لمطلق المكلف اذ يستفاد من الرواية انه لو عاق المكلف امر فله التأخير و مقتضي اطلاقها ان الامر بيد المكلف فله أن يجعل كل امر اختياري مانعا عن الاتيان بالفريضة.

و منها: ما رواه ابو بصير ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص 100

(3) لاحظ ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 102

[مسألة 4: الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاء]

(مسألة 4): الفجر الصادق هو البياض

المعترض في الافق الذي يتزايد وضوحا و جلاء و قبله الفجر الكاذب و هو البياض المستطيل من الافق صاعدا الي السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتي ينمحي (1).

______________________________

فقلت: متي يحرم الطعام و الشراب علي الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال:

اذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام علي الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر قلت: أ فلسنا في وقت الي أن يطلع شعاع الشمس قال: هيهات أين يذهب بك تلك صلاة الصبيان «1».

و قريب منه ما رواه أبو بصير المكفوف قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم متي يحرم عليه الطعام؟ فقال: اذا كان الفجر كالقبطية البيضاء قلت: فمتي تحل الصلاة؟ فقال: اذا كان كذلك فقلت: أ لست في وقت من تلك الساعة الي أن تطلع الشمس؟ فقال: لا انما نعدها صلاة الصبيان «2».

بتقريب: انه يستفاد من هاتين الروايتين سيما ثانيتهما انه لا يجوز التأخير و انما التأخير من الصبيان.

و الانصاف: انه لا بأس بهذا الاستدلال لكن من مجموع روايات المسألة يستفاد المرجوحية في التأخير لا الحرمة اضف الي ذلك ان بقاء الوقت الي طلوع الشمس من الواضحات.

(1) ما أفاده في المتن هو المعروف بين الاصحاب- كما في بعض الكلمات- كما انه نقل عدم الخلاف فيه بل نقل عن العامة انهم موافقون للإمامية في هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 103

[مسألة 5: الزوال المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها]

(مسألة 5): الزوال المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه أو حدوث ظله بعد انعدامه (1).

______________________________

الرأي و يدل عليه من النصوص ما رواه ابو بصير

«1».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال:

الصبح (الفجر) هو الذي اذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء «2».

مضافا الي أنه مقتضي الاصل العملي اذ نشك ان الفجر بما هو موضوع للواجب تحقق قبل صيرورته صادقا أم لا؟ و الاصل عدمه.

(1) يتحقق الزوال بزيادة الظل بعد انتهاء نقصانه كما هو الغالب أو بحدوثه بعد انعدامه و هو القليل و لذا لم يرد في نص من النصوص عنوان الحدوث بعد الانعدام لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك متي وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا و شمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت: هذا تطلب؟ قال: نعم فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال: ان الشمس اذا طلعت كان الفي ء طويلا ثم لا يزال ينقص حتي تزول فاذا زالت زادت فاذا استنبت فيه الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر «3».

و ما رواه علي بن أبي حمزة قال: ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السلام زوال الشمس قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تأخذون عودا طوله ثلاثة اشبار و ان زاد فهو أبين فيقام فما دام تري الظل ينقص فلم تزل فاذا زاد الظل بعد النقصان

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 104

و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس و طلوعها (1).

______________________________

فقد زالت «1» و ما رواه الصدوق «2».

فان المذكور فيها عنوان الزيادة لكنها ضعيفة سندا و ملخص الكلام ان خط النصف خط و دائرة موهومة يقسم

الفلك الي نصفين الشرق و الغرب و بعد طلوع الشمس من المشرق يوجد ظل للشاخص الي طرف المغرب و هذا الظل ينقص شيئا فشيئا حتي تصل الشمس الي الدائرة القاسمة فان كانت مسامتة للشاخص ينعدم الظل و ان كانت مائلة الي الجنوب أو الشمال يبقي من الظل شي ء غاية الامر ان كانت مائلة الي الجنوب يحصل الظل في طرف الشمال و ينعكس في فرض العكس.

(1) وقع الخلاف في أن الليل يحسب من غروب الشمس الي الفجر أو يحسب منه الي طلوعها اختار سيدنا الاستاد القول الثاني و اصر بأن الليل يحسب من الغروب الي طلوع الشمس بدعوي أن الغسق عبارة عن شدة الظلمة و هي انما تتحقق في نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها و استدل لما ادعاه بما رواه بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله سائل عن وقت المغرب فقال: ان اللّه يقول في كتابه لإبراهيم: «فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأيٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي» و هذا اول الوقت و آخر ذلك غيبوبة الشفق و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها الي غسق الليل يعني نصف الليل «3» و ما رواه زرارة «4».

و يرد عليه: انه يستفاد من الروايتين ان الشارع عرف الغسق بالنصف و معلوم ان النصف مفهوم واضح لدي العرف و بعد بيان هذه المقدمة نقول: الحق ما هو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 105

______________________________

المشهور و ان النصف يلاحظ بالنسبة الي غروب الشمس و طلوع الفجر اذ اليوم عبارة عما بين الفجر و الغروب و

الغسق فسر بالنصف فلا يبقي مجال للإشكال.

و استدل سيدنا الاستاد علي ما ادعاه بحديث زرارة «1» بأنه سمي الزوال بالنصف في هذه الرواية و الحال ان الزوال لا يكون نصفا الا أن يحسب مبدئه من طلوع الشمس.

و استدل أيضا بقوله تعالي: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ» و في حديث زرارة فسر طرفاه بصلاة الغداة و المغرب و حيث ان المغرب داخل في الليل و خارج عن النهار كذلك صلاة الغداة.

و يرد علي ما ادعاه ان الاستعمال اعم من الحقيقة فلا يدل كون الزوال نصفا من النهار علي ما رامه مضافا الي أنه يمكن أن نلتزم بكون النهار من اول طلوع الشمس لكن لا ينافي أن لا يكون ما بين الطلوعين من الليل بل يكون من اليوم و أما ما أفاده من قرينة المقابلة فلا يقتضي كون الغداة خارجا من النهار اذ القرينة أنما تؤثر عند الشك و نحن نعلم ان ما بين الطلوعين ليس من الليل مضافا الي أن خروج الغداة من النهار لا يكون دليلا علي كونه من الليل و يضاف الي ذلك بأنه لو كان مثل هذه الاستعمالات دليلا يكون قوله عليه السلام: «و هي وسط النهار و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر» دليلا علي العكس.

و ملخص الكلام: انه لا شبهة ان ما بين الطلوعين اي الفجر من اليوم لغة و عرفا و لا أقلّ من أن لا يعد من الليل و لا نستدل في هذه المقالة برواية أبي هاشم الخادم قال: قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام: لم جعلت صلاة الفريضة

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 106

و يعرف الغروب بسقوط القرص (1).

______________________________

و السنة خمسين ركعة لا يزاد فيها

و لا ينقص منها؟ قال: لان ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة و فيما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل اللّه لكل ساعة ركعتين و ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق غسق فجعل للغسق ركعة «1».

و لا بخبر ابان الثقفي قال سأل النصراني الشامي الباقر عليه السلام عن ساعة ما هي من الليل و لا هي من النهار اي ساعة هي؟ قال أبو جعفر عليه السلام: ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس الحديث «2» كي يقال: بأنهما ضعيفان سندا.

كما انا لا نستدل علي كون ما بين الطلوعين من اليوم برواية يحيي بن أكثم القاضي أنه سأل أبا الحسن الاول عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلوات النهار و انما يجهر في صلاة الليل؟ فقال: لان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله كان يغلس بها فقر بها من الليل «3» كي يقال: بأنها ضعيفة سندا أيضا بل نستدل باللغة و العرف فانهما اصدقا شاهد علي خروجه من مفهوم الليل و دخوله في مفهوم النهار فلا وجه لهذه المقالة و عليه فما أفاده في العروة بنحو الاحتمال هو الاقوي و اللّه العالم.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 106

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و يعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس» و نقل عن السرائر الاجماع عليه و عن المعتبر عليه عمل الاصحاب و عن جماعة نسبته الي المشهور و في الحدائق: «فالمشهور و هو الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض

الحديث: 20

(2) مستدرك الوسائل الباب 49 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 107

______________________________

عليه الاكثر من المتقدمين و المتأخرين انه انما يعلم بزوال الحمرة المشرقية عن قمة الرأس الي ناحية المغرب».

و في قبال هذا القول هو القول بأن المغرب يتحقق باستتار القرص و نقل هذا القول عن الشيخ و السيد و ابن الجنيد و الصدوق و منشأ الاختلاف اختلاف الاخبار فلا بد من ملاحظة روايات الباب و استخراج النتيجة منها و في المقام طائفتان من الروايات:

الطائفة الاولي ما استدل بها أو يمكن أن يستدل بها علي القول الاول منها:

ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا غابت الحمرة من من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و غربها «1».

و قد عبر السيد الحكيم قدس سره عن هذه الرواية بمصحح بريد و الحال ان السند ضعيف بقاسم بن عروة و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ان المستفاد منها ان غيبوبة الحمرة من المشرق تلازم غيبوبة الشمس و الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار سندا فلا تصل النوبة الي الدلالة مضافا الي أن التلازم من هذا الطرف و من الممكن ان الشمس تغيب و الحمرة باقية بعد.

و ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام ليس تاما فانه لا يستفاد من الشرطية التلازم من الطرفين و هذا واضح جدا.

و منها ما رواه علي بن احمد بن اشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وقت المغرب اذا ذهبت الحمرة من المشرق و تدري كيف ذلك؟ قلت: لا قال: لان المشرق مطل علي المغرب هكذا و

رفع يمينه فوق

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 108

______________________________

يساره فاذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا «1» و الرواية ساقطة سندا بالارسال.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

وقت سقوط القرص و وجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فاذا جازت قمة الرأس الي ناحية المغرب فقد وجب الافطار و سقط القرص «2». و هذه الرواية لإرسالها ساقطة عن درجة الاعتبار.

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اي ساعة كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يوتر؟ فقال: علي مثل مغيب الشمس الي صلاة المغرب «3».

و الرواية ضعيفة باسماعيل بن أبي سارة. و منها ما رواه بكر بن محمد «4».

و تقريب الاستدلال ان الحديث دال علي أن المغرب يتحقق بطلوع الكوكب و طلوع الكوكب يلازم ذهاب الحمرة. و فيه: ان هذا أول الكلام بل قال بعض الاعاظم ان الغالب رؤية الكوكب قبل ذهاب الحمرة.

و منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: اذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و من غربها «5». و هذه الرواية ساقطة بقاسم بن عروة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 104

(5) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 109

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن علي قال: صحبت الرضا عليه السلام في السفر فرأيته يصلي المغرب اذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني

السواد «1». و فيه:

ان فعله عليه السلام لا يدل علي الالزام كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا شهاب اني احب اذا صليت المغرب أن أري في السماء كوكبا «2» و الرواية ضعيفة بمحمد بن حكيم.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب و كان يصلي حين يغيب الشفق «3» و الرواية ضعيفة بعلي بن يعقوب.

و منها: ما رواه بريد عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا غابت الحمرة من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و غربها «4».

و قد مر الجواب و قلنا: بأن القاسم الواقع في الطريق ضعيف.

و منها: ما رواه محمد بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب فقال: اذا تغيرت الحمرة في الافق و ذهبت الصفرة و قبل ان تشتبك النجوم «5» و الرواية ضعيفة ببكار و غيره.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 110

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي:

مسوا بالمغرب قليلا فان الشمس يغيب من عندكم قبل أن تغيب من عندنا «1».

و الرواية تامة سندا لكن في الدلالة علي المدعي نقاشا بل يمكن أن يقال:

ان الرواية تدل علي خلاف المدعي اذ يفهم منها ان الميزان بغياب الشمس عن الافق و محصل الكلام انه لا يرتبط بمدعي الخصم فانه اما تدل

علي أن الميزان بغيبوبة الشمس عن جميع الاقطار فهذا باطل قطعا و اما المقصود ان الشمس تغيب من نظركم و الحال انها بعد باقية في الافق فالمس بهذا اللحاظ و علي كلا التقديرين اجنبية عن المدعي كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن وضاح قال: كتبت الي العبد الصالح عليه السلام يتواري القرص و يقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعا و تستتر عنا الشمس و ترتفع فوق الجبل حمرة و يؤذن عندنا المؤذنون أ فأصلي حينئذ و أفطر ان كنت صائما أو انتظر حتي يذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إلي: أري لك أن تنتظر حتي تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدينك «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ان الحكم مترتب علي المغرب بعد ذهاب الحمرة و لكن حيث ان بيان هذا الحكم مخالف للتقية بينه عليه السلام بهذا التعبير فيكون الاحتياط في الشبهة الحكمية.

و فيه: ان الحمل علي التقية خلاف القاعدة الاولية بل يناسب أن يكون بلحاظ الشبهة الموضوعية و التعبير بالاحتياط يناسب عدم اللزوم و ان شئت قلت: ان الامام عليه السلام لا يناسب أن يبين الحكم الشرعي بنحو الاحتياط فهذا الاحتياط من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 111

______________________________

باب الشبهة الموضوعية كي يحصل اليقين بسقوط القرص عن الافق.

و منها ما رواه جارود قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا جارود ينصحون فلا يقبلون و اذا سمعوا بشي ء نادوا به أو حدثوا بشي ء أذاعوه قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا فتركوها حتي اشتبكت النجوم فأنا الان اصليها اذا سقط القرص «1» و تقريب الاستدلال ظاهر.

و فيه: ان هذه الرواية تدل علي خلاف المقصود اذ الجهال

اذا عوا أمرا مخالفا لمقالته عليه السلام و لذا صلي عند استتار القرص كي يكرن ردعا لما اذاعوا و حمل فعله علي التقية علي خلاف القاعدة.

و بعبارة اخري: لا وجه لحمل فعله علي التقية و الالتزام بأنه عليه السلام صلي قبل الوقت تقية و الحال ان الظاهر من الرواية انه لم يكن موضوع للتقية في هذه الرواية.

و مما يمكن أن يستدل به لهذا القول ما ربما يقال و ملخصه ان التأخير عن ذهاب الحمرة كان من دأب الشيعة. و فيه: انه علي فرض تحققه لا يدل علي الوجوب و اللزوم غايته الرجحان فانه يناسب الحائطة كما ان الشهادة الثالثة في الاذان و الاقامة من شعار الشيعة بحيث لو تركها احد يعد غير شيعي و الحال انها ليست منهما و هذا ظاهر واضح فانقدح انه ليس في المقام دليل علي هذا القول.

الطائفة الثانية: ما استدل بها علي القول الاخر منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وقت المغرب اذا غربت الشمس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 112

______________________________

فغاب قرصها «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب اذا غاب القرص فان رأيت بعد ذلك و قد صليت أعدت الصلاة و مضي صومك و تكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا «2».

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب قال: ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق «3» الي غير ذلك من الروايات الواردة في الباب 16 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه

السلام قال: اذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر و اذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة «4».

و منها: ما رواه صفوان بن مهران الجمال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان معي شبه الكرش المنشور فاؤخر صلاة المغرب حتي عند غيبوبة الشفق ثم اصليهما جميعا يكون ذلك ارفق بي فقال: اذا غاب القرص فصل المغرب فانما انت و مالك للله «5».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم «6» الي غير ذلك من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 29

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 24

(6) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 113

و الاحوط لزوما تأخير صلاة المغرب الي ذهاب الحمرة المشرقية

[مسألة 6: المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمدا]

(مسألة 6): المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر اذا وقعت فيه عمدا و أما اذا صلي العصر في الوقت المختص بالظهر سهوا صحت (1).

و لكن الاحوط أن يجعلها ظهرا ثم يأتي باربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر (2) بل و كذلك اذا صلي العصر في الوقت

______________________________

الروايات الدالة علي هذا القول المتفرقة في الابواب المختلفة فنقول: مقتضي القاعدة هو القول الثاني لتمامية هذه الروايات سندا و دلالة و لو اغمض عما ذكرنا و قلنا بالتعارض فالترجيح مع هذه الطائفة لموافقتها لإطلاق الكتاب و لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط فانه طريق النجاة كما اشار اليه الماتن بقوله: «و الاحوط لزوما تأخير صلاة المغرب الي ذهاب

الحمرة المشرقية».

(1) وقع الكلام بين القوم في المراد من الاختصاص و قد مران المراد منه انه مع العمد و الالتفات لا يجوز الاتيان بغير صاحبة الوقت و استظهرنا من النص ان الوقت من اوله الي آخره وقت و ظرف لكلتا الصلاتين و عليه يكون ما أتي به في أول الوقت مثلا صحيحا بلا اشكال لقاعدة لا تعاد.

(2) اذ هو مقتضي بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فأذن لها و اقم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة اقامة لكل صلاة و قال: قال أبو جعفر عليه السلام: و ان كنت قد صليت الظهر و قد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة اي ساعة ذكرتها و لو بعد العصر و متي ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها و قال: اذا نسيت الظهر حتي صليت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 114

______________________________

الاولي ثم صلي العصر فانما هي أربع مكان أربع و ان ذكرت أنك لم تصل الاولي و أنت في صلاة العصر و قد صليت منها ركعتين فانو الاولي ثم صل الركعتين الباقيتين و قم فصل العصر و ان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب

و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتي صليت الفجر فصل العشاء الآخرة و ان كنت ذكرتها و انت في الركعة الاولي و في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة و أذن و أقم و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فأبد أبهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدء باولهما لأنهما جميعا قضاء ايهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال: قلت: و لم ذاك؟ قال: لأنك لست تخاف فوتها «1»

و ما رواه الحلبي قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الاولي حتي صلي العصر قال: فليجعل صلاته التي صلي الاولي ثم ليستأنف العصر «2».

فان مقتضي النصوص جعل ما اتي به ظهرا و اتيان العصر بعده فيلزم العمل به

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 115

المشترك قبل الظهر سهوا سواء كان التذكر في الوقت المختص بالعصر أو المشترك (1) و اذا قدم العشاء علي المغرب سهوا صحت و لزمه الاتيان بالمغرب بعدها (2).

[مسألة 7: في وقت فضيلة الظهر و العصر و العشاءين و الصبح]

(مسألة 7): وقت فضيلة الظهر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص و وقت فضيلة العصر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مقدار مثليه (3).

______________________________

ان قلت: ان المشهور افتوا بجعل ما اتي به

عصرا و الاتيان بالظهر حيث انهم اعرضوا عن النص الوارد في المقام. قلت: قد ذكرنا مرارا ان اعراض المشهور لا يقتضي سقوط اعتبار النص الجامع لشرائط الحجية فعليه لا بد من الاتيان بالعصر بعد جعل ما أتي به ظهرا لكن مقتضي الاحتياط أن يؤتي به بقصد ما في الذمة.

(1) بلا اشكال لقاعدة لا تعاد و النص الخاص الوارد في المقام غاية الامر في مثل الظهرين لو قدم العصر بلا عمد يصح و لا بد من جعله ظهرا بمقتضي النص الخاص و اعراض المشهور عن الرواية و عدم الالتزام بمقتضاه لا يوجب رفع اليد عن الدليل المعتبر كما مر آنفا.

(2) أما صحة العشاء فلقاعدة لا تعاد و أما وجوب الانيان بالمغرب فلعدم مجال للعدول.

(3) قد اختلف الروايات الدالة علي وقت الفضيلة و هي علي طوائف: الطائفة الاولي: من هذه الاخبار نصوص تدل علي أن وقت الفضل بعد بلوغ الظل قدمين للظهر و اربعة اقدام للعصر فمن هذه النصوص ما رواه زرارة بن أعين و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا:

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 116

______________________________

وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلك قدمان «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر فقال: ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: ان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان قامة و كان اذا مضي منه ذراع صلي الظهر و اذا مضي منه ذراعان صلي العصر ثم قال: أ تدري لم

جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال:

لمكان النافلة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يمضي ذراع فاذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضه و تركت النافلة و اذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة «2».

و منها: ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان في ء الجدار ذراعا صلي الظهر و اذا كان ذراعين صلي العصر قال: قلت: ان الجدار يختلف بعضها قصير و بعضها طويل فقال: كان جدار مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يومئذ قامة «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن تبلغ ذراعا فاذا بلغت ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة «4» الي غيرها من الروايات الدالة علي هذا المعني.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 117

______________________________

الطائفة الثانية: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر بلوغ الظل قدما و بلوغه قدمين للعصر فمن تلك النصوص ما رواه ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل أبا عبد اللّه اناس و أنا حاضر الي أن قال: فقال بعض القوم: انا نصلي الاولي اذا كانت علي قدمين و العصر علي أربعة أقدام فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: النصف من ذلك احب إلي «1».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي أن وقت الفضيلة يدخل بدخول الوقت و يمتد

الي بلوغ الظل قامة و قامتين فمن تلك النصوص ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر فكتب قامة للظهر و قامة للعصر «2» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «3».

الطائفة الرابعة: ما يدل علي دخول الوقت بعد ثلثي القامة و مما يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في الحضر ثماني ركعات اذا زالت الشمس ما بينك و بين أن يذهب ثلثا القامة فاذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة «4».

الطائفة الخامسة: ما يدل من النصوص علي أن الاتيان بالصلاة أمر مرغوب فيه في اول الوقت و من هذه النصوص ما رواه سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: الصلوات المفروضات في اول وقتها اذا اقيم حدودها أطيب ريحا من قضيب الآس حين يؤخذ من شجره في طيبه و ريحه و طراوته

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 73

(4) الوسائل الباب: 8 من أبواب المواقيت الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 118

______________________________

و عليكم بالوقت الاول «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا دخل وقت صلاة فتحت أبواب السماء لصعود الاعمال فما احب أن يصعد عمل أول من عملي و لا يكتب في الصحيفة احد أول مني «2».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و ليس لأحد أن

يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو علة «3».

و منها: ما رواه سعيد بن الحسن قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أول الوقت زوال الشمس و هو وقت اللّه الاول و هو أفضلهما «4».

و منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال جبرئيل لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: أفضل الوقت أوله «5».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فعجل الخير ما استطعت و أحب الاعمال الي اللّه ما داوم عليه العبد و ان قل «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 119

______________________________

و منها: ما رواه معاوية بن عمار أو ابن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لكل صلاة وقتان و أول الوقت أفضلهما «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللّه وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل يحب من الخير ما يعجل «2».

الطائفة السادسة: ما يدل علي أن تأخير الفريضة لأجل النافلة و من تلك النصوص ما رواه زرارة «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال لي: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟

قال: قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يبلغ ذراعا فاذا بلغ ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة «4».

و منها: ما رواه محمد بن

مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا دخل وقت الفريضة اتنفل أو ابدأ بالفريضة؟ فقال: ان الفضل أن تبدأ بالفريضة و انما اخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل صلاة الاوابين «5».

الطائفة السابعة: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر بلوغ الظل مثل الشاخص و علي أن وقت فضيلة العصر بلوغ الظل مثليه لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني فلما أن كان بعد ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 116

(4) الفروع من الكافي ج 3 ص: 288 حديث: 1

(5) نفس المصدر ص 289 حديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 120

______________________________

قال لعمر بن سعيد بن هلال: ان زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره فحرجت من ذلك فأقرئه مني السلام و قل له: اذا كان ظلك مثلك فصل الظهر و اذا كان ظلك مثليك فصل العصر «1».

الطائفة الثامنه: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر من الزوال الي بلوغ الظل قامة و وقت فضيلة العصر من قامة و نصف الي قامتين و يدل علي هذا التفصيل ما رواه أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر و العصر فقال: وقت الظهر اذا زاغت الشمس الي أن يذهب الظل قامة و وقت العصر قامة و نصف الي قامتين «2».

و لا بد من ملاحظة هذه الطوائف و أخذ النتيجة منها و قال سيدنا الاستاد- في المقام- بأن ما رواه ابن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام «3» تام من حيث السند و أيضا تام من حيث الدلالة علي

مذهب المشهور و لكن يجب تقديم ما يدل علي أن وقت الظهر القدم و وقت العصر قدمان و ما يدل علي القدمين و أربعة أقدام علي رواية ابن وهب الدالة علي القول المشهور.

و استدل علي مدعاه بوجهين: الوجه الاول: ان اخبار القدم متواترة قطعية الصدور مضافا الي أن جملة منها صحاح فحديث ابن وهب لا يكون حجة في نفسه لأنه مخالف للسنة القطعية.

الوجه الثاني: ان حديث ابن وهب موافقة للعامة فعلي فرض التعارض يكون الترجيح مع أخبار القدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 73

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 121

______________________________

اقول: يرد عليه اولا: ان ترجيح احد الطرفين علي الطرف الاخر يتوقف علي تحقق التعارض و الحال انه يمكن ان يقال: بعدم التعارض بين الروايات بأن نقول: الجمع بينها يقتضي أن يقال: الحق ما ذهب اليه المشهور بدليل حديثي البزنطي و ابن وهب و اخبار القدم لا تعارضهما فان جعل القدم أو القدمين لأجل النافلة فيكون وقت الفضيلة من أول الوقت غاية الامر لأجل النافلة لا بأس بتأخيرها.

و ان شئت قلت: ان ملاك النافلة يزاحم ملاك تقديم الفريضة و اتيانها اول الوقت و مع عدم الاتيان بالنافلة يكون المقتضي للإتيان تاما و لا مانع لتأثير المقتضي فكان الشارع الاقدس قال: ايها المكلف صل النافلة ثم الفريضة و ان لم تصل النافلة فأت بالفريضة فالزمان زمان فضل الفريضة لكن مع ذلك ظرف للنافلة أيضا و اختلاف ألسنة الروايات يعطي أن الفضل ذو درجات فافضلها هو أول الوقت ثم القدم ثم القدمان و هكذا.

و ثانيا: انه لو صلت النوبة الي التعارض و الترجيح فلا وجه لجعل اخبار القدم و القدمين

و الذراع و الذراعين طائفة واحدة و جعل خبر ابن وهب في قبالها بل كل طائفة بنفسها طرف المعارضة فلا تكون أطراف المعارضة منحصرة في طرفين.

و ثالثا: ان قطعية صدور اخبار القدم لا توجب سقوط حديث ابن وهب عن الاعتبار اذ يمكن أن مفاد خبر ابن وهب هو الحكم الواقعي و بعبارة اخري: كون احد المتعارضين قطعي الصدور لا يوجب سقوط الطرف الاخر عن الاعتبار و الذي يوجب سقوطه كونه مقطوع المخالفة مع الحكم الواقعي و المقام ليس كذلك.

و رابعا: انه لو وصلت النوبة الي المعارضة يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع حديث ابن وهب لكونه موافقا مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي: «وَ سٰارِعُوا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 122

______________________________

إِليٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» «1» و قوله تعالي: «سٰابِقُوا إِليٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» «2».

محبوبية المسارعة.

فالمسارعة و المسابقة الي فعل الخير محبوب للشارع و لا اشكال في أن المبادرة الي الصلاة في أول الوقت مصداق للمسارعة و المسابقة الي الخير فان المستفاد من الآيتين ان المسارعة و المسابقة الي عمل محبوب للشارع أمر مرغوب فيه.

و بعبارة اخري: مقتضي الآيتين ان المبادرة الي كل عمل واجب أو مستحب مرغوب فيه و مستحب فما يدل علي محبوبية الصلاة أول الوقت يوافق الآيتين.

و خامسا: الذي يستفاد من كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان آراء العامة في المقام مختلفة فكيف يكون ما رواه ابن وهب موافقا لهم فالترجيح مع ما يدل علي القول المشهور لكونه موافقا مع الكتاب كما أن الترجيح بالاحدثية مع هذه الطائفة فان حديث البزنطي عن الرضا عليه السلام فالنتيجة ان الذي يختلج بالبال ان ما أفاده المشهور ينطبق علي المستفاد من نصوص الباب.

بقي أمر في المقام: و

هو أن الشاخص يختلف طولا و قصرا فما المناط في القدم و نحوه و يتضح هذا الامر بملاحظة ما ورد في حديث الجعفي «3» فان الراوي يسأل و يقول: «ان الجدار يختلف» و يجيب عليه السلام بأن جدار مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله كان بمقدار قامة فالميزان بالقامة المتعارفة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان القدم سبع القامة فلو قلنا: بأن الميزان ببلوغ الظل مقدار قدم أو قدمين معناه بلوغه سبع الشاخص و سبعيه و هذا الميزان لا يختلف باختلاف الشواخص.

______________________________

(1) آل عمران/ 133

(2) الحديد/ 22

(3) لاحظ ص: 116

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 123

و وقت فضيلة المغرب من المغرب الي ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية (1) و هو أول وقت فضيلة العشاء و يمتد الي ثلث الليل (2).

______________________________

(1) و تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه بكر بن محمد «1» و منها:

ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب قال: ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق «3» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «4» و منها ما رواه ذريح «5».

(2) و يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن وهب «6» و يدل علي المدعي بالنسبة الي آخر الوقت ما رواه معاوية بن عمار «7» و ما رواه أبو بصير «8».

و ربما يقال: ما رواه بكر بن محمد «9» يعارض هذه النصوص اذ مفاده ان آخر الوقت نصف الليل. و يجاب عن هذا الاشكال بأن حديث أبي بصير «10» يرفع التنافي و يجمع بين الطرفين فان مقتضي مجموع النصوص ان وقت الفضيلة الي الثلث

و وقت الاجزاء الي النصف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 104

(2) لاحظ ص: 90

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(4) لاحظ ص: 73

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(6) لاحظ ص: 73

(7) لاحظ ص: 96

(8) لاحظ ص: 95

(9) لاحظ ص: 104

(10) لاحظ ص: 95

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 124

و وقت فضيلة الصبح من الفجر الي ظهور الحمرة المشرقية (1) و الغلس بها أول الفجر أفضل (2).

______________________________

(1) ما أفاده من حيث الابتداء موافق للكتاب و السنة و لكن ما ذكره من حيث الانتهاء الظاهر انه ليس في نصوص الباب منه أثر لاحظ حديث ابن وهب «1» و حديث ذريح «2» و حديثي الحلبي و ابن سنان «3».

الا أن يقال: بأن عنوان تجلل الصبح و التنور و الاسفار ملازم لحدوث الحمرة في المشرق فان ثبت التلازم فهو و الا فان قام الاجماع التعبدي الكاشف يتم الامر و الا يشكل الجزم بالمدعي و اذا وصلت النوبة الي الاصل العملي لا يمكن اثبات بقاء الفضل الي زمان ظهور الحمرة في المشرق اذ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أن استصحاب الوقت مع الشك في الوقت فيه اشكال من ناحية اخري فتأمل.

(2) في المقام حديثان احدهما ما رواه يحيي اكثم القاضي «4» و هو ضعيف بابن أكثم و للرواية سند آخر و هو أيضا ضعيف بعلي بن بشار.

ثانيهما ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر قال: مع طلوع الفجر ان اللّه تعالي يقول:

«إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً» يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار فاذا صلي العبد صلاة الصبح

مع طلوع الفجر اثبت له مرتين تثبته ملائكة

______________________________

(1) لاحظ ص: 73

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 100 و 101

(4) لاحظ: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 125

كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل (1).

[مسألة 8: وقت نافلة الظهرين من الزوال إلي آخر اجزاء الفريضتين]

(مسألة 8): وقت نافلة الظهرين من الزوال الي آخر اجزاء الفريضتين لكن الاولي تقديم فريضة الظهر علي النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص كما ان الاولي تقديم فريضة العصر بعد ان يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص (2).

______________________________

الليل و ملائكة النهار «1».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة فانها علي رواية الصدوق ضعيفة بغياث بن كلوب و برواية الكليني و الشيخ ضعيفة بعبد الرحمن بن سالم فلا دليل عليه نعم قد مر ان المستفاد من جملة من النصوص ان أول الوقت مطلقا أفضل و التعجيل أمر مندوب اليه فالالتزام به بالغلس في صلاة الصبح موافق لتلك الروايات فلاحظ.

(1) قد عقد لهذا العنوان بابا في الوسائل و هو الباب الثالث من أبواب المواقيت و قد اوردنا بعض هذه النصوص سابقا «2» فلاحظ و مقتضي اطلاق هذه النصوص الدالة علي محبوبية التعجيل استحباب التعجيل مطلقا كما ذكره الماتن دام ظله.

(2) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب في آخر وقت نافلة الظهرين فقيل:

ان آخره أن يبلغ زيادة الظل من قدمين الذي هو عبارة عن سبعي الشاخص للظهر و للعصر الي اربعة أقدام و هو مذهب الشيخ في النهاية و جمع من الاصحاب و قيل يمتد بامتداد المثل و هو مذهب الشيخ في الجمل و ملخص الكلام: ان المثل للظهر و المثلين للعصر و قيل: انه يمتد بامتداد وقت الفريضة و القائل مجهول».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2)

لاحظ ص: 117 الي 119

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 126

______________________________

و الحق هو القول الاول و لعله المشهور و ذلك للنصوص الواردة في المقام منها ما رواه زرارة «1» و منها ما رواه أيضا «2» الي غيرهما من الروايات بل يدل علي المقصود ما يدل من النصوص علي كون الذراع وقت الظهر و الذراعين وقت العصر.

بتقريب: ان الوقت من دلوك الشمس فالتأخير الي الذراع و الذراعين لأجل النافلة.

و استدل للقول الثاني بحديث زرارة «3» بتقريب: ان المراد من القامة الذراع بشهادة عدة نصوص منها ما رواه علي بن حنظلة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: القامة و القامتان الذراع و الذراعان في كتاب علي عليه السلام «4».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

القامة هي الذراع «5».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له ابو بصير كم القامة؟ فقال: ذراع ان قامة رحل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كانت ذراعا «6».

و منها: ما رواه علي بن حنظلة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: في كتاب علي عليه السلام: القامة ذراع و القامتان الذراعان «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 116

(2) لاحظ ص: 116

(3) لاحظ ص: 116

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 15

(6) نفس المصدر الحديث: 16

(7) نفس المصدر الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 127

______________________________

فهذه الرواية تكون قرينة لإرادة المثل من الذراع الوارد في جملة من النصوص.

و الجواب عن هذا الاستدلال اولا: انه لم يثبت هذا الادعاء و النصوص المشار اليها ضعيفة بعضها بعلي بن حنظلة و بعضها بعلي بن أبي حمزة.

و ثانيا ان

ذيل الرواية صريح في خلاف المطلوب المدعي حيث ذكر فيه:

«انه اذا بلغ فيئك ذراعا و ذراعين» فان الشاخص شخص المكلف و هذا الاحتمال علي فرض جريانه في الصدر غير جار في الذيل كما هو ظاهر و علي فرض التنافي بين الصدر و الذيل يكون المرجع غيره من النصوص.

و عن الشهيد: الاستدلال عليه بأن النبي صلي اللّه عليه و آله كان يوصل النافلة بالفريضة و كذا بقية السلف و لم يكونوا يفصلون و حيث علم ان وقت الفريضة المثل و المثلان يتم الامر.

و فيه: ان هذا المدعي اول الكلام و ثانيا: ان الدليل دل علي أنه صلي اللّه عليه و آله كان يصلي فيما بلغ الظل بمقدار الذراع فعلي فرض تمامية المدعي يكون الحق هو القول المشهور لا هذا القول.

و استدل علي القول الثالث بجملة من الروايات الدالة علي أعداد الرواتب منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و منها ما رواه فضيل بن يسار «2» و منها ما رواه حنان بن سدير «3» الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 36

(2) لاحظ ص: 42

(3) لاحظ ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 128

______________________________

بتقريب ان مقتضي اطلاق هذه الروايات جواز الاتيان بها الي آخر الوقت.

و فيه انها ليست بصدد البيان من هذه الجهة و ثانيا: علي فرض ثبوت الاطلاق تحمل علي المقيد بقرينة ما دل علي توقيت النافلة بوقت معين.

ان قلت: ان المطلق لا يحمل علي المقيد في باب المستحبات. قلت: ان سيدنا الاستاد و ان بني علي هذا الامر لكن لا نسلم ما أفاده فانه ما الفرق بين الامرين اذ المناط بوحدة المطلوب و تعدده

فعلي فرض تقدير وحدة المطلوب لا بد من الحمل بلا فرق بين الواجب و المندوب و علي الثاني لا وجه للحمل أيضا علي نحو الاطلاق مضافا الي أن النزاع انما يجري فيما لا ينهي عن حصة خاصة و أما مع النهي عن فرد خاص لا يبقي موضوع للإتيان اذ لا يجتمع الامر و النهي في امر واحد و لا يكون المورد قابلا لان يحصل الامتثال به.

و يمكن الاستدلال عليه بما ورد من النصوص في الباب 5 من أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه الحارث بن مغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم «1» حيث دلت علي أن اختيار النوافل بيد المكلف فله أن يأتي بها في كل قطعة من الزمان من أول الوقت الي آخره.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة. لكن تصديق هذا المدعي مشكل فلا بد من دفع الاشكال بنحو آخر و هو انه علي فرض التسليم تقيد تلك النصوص بما دل علي أن النافلة لا بد من اتيانها في وقت خاص.

فالنتيجة: ان الحق هو القول الاول و عليه فلو اتي بالنافلة بعد مضي ذلك الوقت يأتي بها رجاء بما لها من المطلوبية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 129

و وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها الي آخر وقت الفريضة و ان كان الاولي عدم التعرض للأداء و القضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية (1).

______________________________

(1) نسب الي المشهور ان انتهاء وقت نافلة المغرب ذهاب الحمرة المغربية و المرجع في المسألة النصوص و الذي يستفاد من نصوص الباب امتداد وقتها الي آخر وقت الفريضة و من تلك النصوص ما رواه الحارث بن المغيرة قال: قال

أبو عبد اللّه عليه السلام: اربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا سفر «1».

فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام اربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا سفر امتداد وقتها بامتداد وقت الفريضة الي غيره من النصوص الواردة في الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل فلو لم يكن للمشهور دليل علي مدعاه يلزم القول بامتداد الوقت كما عليه جملة من الاعلام و منهم صاحب الحدائق.

و مما استدل به عليه: أن النبي صلي اللّه عليه و آله كان يصلي النافلة بعد فريضة المغرب و فيه: ان اثبات هذا الامر اول الكلام مضافا الي أنه لا يدل علي انقضاء الوقت بذهاب الحمرة.

و مما استدل به عليه أو يمكن الاستدلال به ان دليل فعل النافلة منصرف الي اتيانها قبل زوال الحمرة.

و فيه انه دعوي بلا دليل فانه كما ذكرنا ان مقتضي الاطلاق خلافه و مما يمكن أن يستدل به ان وقت الفريضة مضيق فكذلك النافلة بل اولي.

و فيه اولا انه لا ضيق في وقت الفريضة بل وقتها موسع الي نصف الليل.

و ثانيا: انه لا تلازم بين الامرين و الانصاف انه لا يمكن الالتزام به و الا كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 130

______________________________

لازمه الالتزام بكون وقتها باقيا حتي بعد انقضاء وقت الفريضة و الحال ان الظاهر من دليل النافلة كونها للفريضة من حيث الوقت.

و نقل عن المحقق قدس سره انه استدل عليه بأن التطوع في وقت الفريضة منهي عنه فلا يجوز الاتيان بالنافلة بعد ذهاب الحمرة اذ يدخل وقت فريضة العشاء بذهابها.

و فيه: اولا انه عليه لا يجوز الاتيان بها حتي

قبل ذهابها اذ وقت العشاء من حين الغروب فعلي القول بعدم الجواز لا بد من الالتزام بالجواز بالنسبة الي النوافل اليومية و منها نافلة المغرب.

و ثانيا: انه انما يتم علي القول بالحرمة و أما علي القول بالجواز فلا كما هو ظاهر.

و ثالثا: انه لا يبعد أن يستفاد من تلك الادلة انه انما يكون اتيان النافلة منهيا عنه فيما يكون اتيانها مزاحما لإتيان الفريضة لكن لو لم يكن مزاحما كما لو كان الاتيان بها حراما أو مرجوحا فلا مانع من الاتيان بالنافلة كما لو فرض ان الجائر يكره علي عدم الاتيان بالفريضة.

و ملخص الكلام: ان البحث في وقت النافلة من حيث هي و أما كونها مزاحما للفريضة فهو امر آخر فانه يمكن أن يفرض ان المكلف اتي بالعشاء سهوا قبل المغرب فلا موضوع لما ذكر.

كما انه لنا أن نقول: بأنه ما المانع من الاتيان بالنافلة بعد الاتيان بفريضة العشاء.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما في بعض الاخبار من المنع عن الاتيان بنافلة المغرب بالنسبة الي من يفيض من عرفات اذا صلي المغرب بالمشعر لاحظ الروايات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 131

و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها (1).

______________________________

في الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر منها ما رواه عنبسة بن مصعب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا صليت المغرب بجمع اصلي الركعات بعد المغرب قال: لأصل المغرب و العشاء ثم صل الركعات بعد «1».

بتقريب: ان النهي عن النافلة ليس الا من اجل ذهاب الوقت و في بعض الاخبار سمي المزدلفة بالجمع لأنه يجمع بين الصلاتين بلا فصل بينهما بالنافلة «2».

و فيه: انه لا يدل علي المطلوب فانه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و

يدل بعض نصوص ذلك الباب ان أبا عبد اللّه عليه السلام قد فصل بين الصلاتين بالنافلة «3» فيعلم ان وقت النافلة لا ينقضي بمضي هذا المقدار من الوقت.

و استدل عليه بالإجماع. و فيه ما في غيره من الاجماعات مضافا الي أن المخالف موجود في المسألة كالشهيد- علي ما نقل عنه- و كصاحب المدارك و كاشف اللثام و صاحب الحدائق فالحق ما ذهب اليه هؤلاء الاعلام و هذا ما تقتضي الصناعة و لكن الاولي الموافق للأخذ بالحائطة عدم التعرض للأداء و القضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية كما في المتن.

(1) المشهور بل المجمع عليه ان الوتيرة يمتد وقتها بوقت الفريضة و لا يخفي انه ليس في الادلة ما يدل علي كون الوتيرة نافلة للعشاء بل مشروعيتها لإتمام عدد النوافل و يدل عليه بعض النصوص.

منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل قبل العشاء الآخرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 132

______________________________

و بعدها شي ء؟ قال: لا غير اني اصلي بعدها ركعتين و لست احسبهما من صلاة الليل «1». فانه يدل علي أن النافلة لم تفرض لفريضة العشاء.

و منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و انما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لان الركعتين ليستا من الخمسين و انما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع «2».

و الحاصل ان الوتيرة ليست نافلة للعشاء. و ربما يقال: بأن قوله عليه السلام في بعض النصوص: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يبيتن الا

بوتر «3» يدل علي التوقيت بدعوي ان الغالب في البيتوتة وقوعها قبل انتصاف الليل هذا من ناحية و من ناحية اخري انه فسر الوتر في تلك الروايات بالوتيرة.

و فيه: ان النص الذي فسر فيه الوتر بالوتيرة خبر أبي بصير «4» و هذه الخبر ضعيف يا بن أبي حمزة و البيتوتة عبارة عن الاقامة في الليل و معني الخبر ظاهرا انه من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر لا يصبح الا مع الاتيان بصلاة الوتر التي تكون صلاة الليل. و ما دل من الاخبار من صدق البيتوتة قبل انتصاف الليل كخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: اذا فرغت من طوافك للحج و طواف النساء فلا تبيت الا بمني الا أن يكون شغلك في نسكك و ان خرجت

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1 و 2

(4) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 133

و وقت نافلة الفجر السدس الاخير من الليل و ينتهي بطلوع الحمرة المشرقية علي المشهور (1).

______________________________

بعد نصف الليل فلا يضرك ان تبيت في غير مني «1» لا يدل علي كون معني اللفظ كذلك فان الاستعمال اعم من الحقيقة و أصالة الحقيقة ليست اصلا تعبديا.

نعم يمكن أن يستفاد مما دل علي كون الوتيرة بدل الوتر ان ظرفها قبل نصف الليل حيث ان الوتر ظرفه بعد الانتصاف و لا يكون البدل و المبدل منه متحدين من حيث الظرف اذ مع مضي النصف يتوجه التكليف بالمبدل منه و لا موضوع للبدل فيكون ظرفها قبل الانتصاف و لو وصلت النوبة الي الاصل العملي يقع التعارض بين استصحاب

عدم الجعل المطلق و الجعل المقيد و بعد التساقط تصل النوبة الي البراءة و مقتضاها الاطلاق اذ البراءة تقتضي السعة و عدم الاطلاق يقتضي المضيقة نعم لو قلنا: بأن البراءة لا تجري في المستحبات يكون مقتضي حكم العقل الاقتصار علي المتيقن و لا يخفي ان استصحاب عدم جعل المطلق لا يعارضه استصحاب عدم جعل المضيق الا علي القول بالاصل المثبت.

(1) وقع الخلاف بين الاعلام في نافلة الفجر ابتداء و انتهاء و الظاهر أن منشأ الخلاف اختلاف النصوص فالاولي النظر فيها و الالتزام بما يستفاد منها و النصوص علي طوائف:

منها: ما دل علي أن وقتها قبل الفجر و كونها داخلة في صلاة الليل و مما دل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال: قبل الفجر انهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوع اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب العود الي مني الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب المواقيت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 134

______________________________

و منها: ما دل علي كونها قبل الفجر بلا تعرض لكونها داخلة في صلاة الليل و مما دل عليه ما رواه زرارة أيضا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر فاذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة «1».

و منها: ما يدل علي كونها بعد الفجر و منه ما رواه يعقوب بن سالم البزاز قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام صلهما بعد الفجر و اقرأ فيهما في الاولي قل

يا أيها الكافرون و في الثانية قل هو اللّه احد «2».

و مثله في الدلالة ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلهما بعد ما يطلع الفجر «3».

و منها: ما يدل علي جواز ايقاعها قبل الفجر و عند الفجر و بعده و منه ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: صل ركعتي الفجر قبل الفجر و بعده و عنده «4».

الي غيره من النصوص الواردة في الباب 52 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و منها: ما يدل علي كون انقضاء وقتها ظهور الحمرة المشرقية و صدق الاسفرار بلا تعرض لابتداء وقتها و منه ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتي يسفر و تظهر الحمرة و لم يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخرهما قال: يؤخرهما «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 52 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 135

______________________________

و منها: ما يدل علي امتداد وقتها الي طلوع الشمس و هو ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين قبل الفجر قال: تركعهما حين تنزل (تترك) الغداة انهما قبل الغداة «1».

و منها: ما دل علي امتداد وقتها الي حصول التنور بالغداة و هو ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يقوم و قد نور بالغداة قال: فليصل السجدتين الليلتين (اللتين ظ) قبل الغداة ثم ليصل الغداة «2».

و لا يخفي ان الطائفة

السادسة لاختلاف نسخها لا يمكن الاعتماد عليها فتسقط عن الاعتبار و أما الطائفة السابعة فلا اعتبار بسندها فان في السند قاسم بن محمد و يحتمل كونه هو الجوهري و لم يوثق و وقوعه في اسناد كامل الزيارة لا يترتب عليه الاثر كما بنينا عليه فتبقي بقية الروايات.

فنقول: أما ما دل علي كونها بعد الفجر فلا دليل علي كونه ناظرا الي النافلة بل لا يبعد أن يكون ناظرا الي صلاة الفجر اي الفريضة فلا موضوع للمعارضة و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام بأنه لا تعارض بين هذه الطائفة و بين ما دل علي كونها قبل الفجر اذ يدل ما دل علي كونها قبل الفجر ان ايقاعها قبله افضل فيجمع بين الطائفتين اذ صرح فيه بأن التقديم أفضل.

و ما أفاده مخدوش اذ ليس فيه ما يدل علي الافضلية بل يدل علي كونها قبله و تلك الطائفة تدل علي كونها بعده فيقع التعارض بينهما.

و لا يخفي انه لا مجال للجمع بين الطائفتين بحديث ابي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: متي اصلي ركعتي الفجر؟ قال: فقال لي: بعد طلوع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 136

______________________________

الفجر قلت له: ان أبا جعفر عليه السلام أمرني أن اصليهما قبل طلوع الفجر فقال:

يا با محمد ان الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمر الحق و أتوني شكاكا فافتيتهم بالتقية «1» لضعفه بعلي بن أبي حمزة البطائني.

و أفاد سيدنا الاستاد أيضا بأن ما دل علي كونها بعد الفجر موافق للعامة فعند المعارضة تقدم تلك الطائفة الاخري.

و ما أفاده غير سديد لان ما دل علي كونها قبل الفجر كما أنها تعارض تلك الروايات المشار اليها

كذلك تعارض ما دل علي كونها من صلاة الليل و أيضا تعارض ما دل علي التخيير بين ايقاعها قبله و عنده و بعده لكن العمدة كما قلنا انه لا موضوع للمعارضة اذ لا دليل علي كون ما دل علي كونها بعد الفجر ناظرا الي النافلة فنبقي نحن و بقية الطوائف من الروايات و هي طوائف اربع و يقع التعارض بين ما دل علي التخيير و بين ما يدل علي كونها من صلاة الليل و ما يدل علي أنها قبل الفجر و كلها مخالف للعامة حيث انه نقل عنهم بأنهم قائلون بأنها بعد الفجر.

و أما ما دل علي كونها باقية الي ظهور الحمرة فهي و ان كانت معارضة لما دل علي كونها من صلاة الليل بل تعارض ما يدل علي كونها قبل الفجر لكن حيث انها مروية عن أبي الحسن عليه السلام و قد ذكرنا في بحث الترجيح بأن الرجحان مع المتأخر و الاحدث فنأخذ برواية ابن يقطين.

فتحصل: ان وقتها من حيث الانتهاء ظهور الحمرة المشرقية و انما الكلام من حيث المبدأ فالمشهور أن مبدئها الفجر الاول و قال سيدنا الاستاد بأن إتيانها بعد الفجر الاول مما لا اشكال فيه لرواية علي بن يقطين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 137

و يجوز دسها في صلاة الليل قبل ذلك (1).

______________________________

و فيه: ان رواية ابن يقطين ناظرة الي آخر الوقت و لا يستقاد منها جواز اتيانها قبل الفجر الصادق و عليه يشكل الالتزام بالجواز بل ابتدائه حسب الصناعة الفجر الثاني.

و يمكن تقريب المدعي بوجهين: الاول: ان الظاهر بنظر العرف ان النافلة تابعة للفريضة من حيث الوقت فلو لم يكن دليل من الخارج

يكون ايقاعها قبل وقت الفريضة ايقاعا في غير ظرفها.

الثاني: انه مقتضي الاصل فان مقتضي استصحاب عدم تشريع النافلة قبل الفجر الثاني عدم الجواز فالنتيجة ان مبدئها الفجر الثاني خلاف الشهرة المحققة بل الاجماع و اللّه العالم.

(1) يدل عليه ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن ركعتي الفجر فقال احشوا بهما صلاة الليل «1».

و مقتضي اطلاق الدبر جواز الدس مطلقا ففي كل مورد يجوز الاتيان بصلاة الليل يجوز دسها فيها و بعبارة اخري: هي تابعة لها في هذه الصورة.

و ان شئت قلت: نافلة الفجر تارة يؤتي بها باستقلالها و اخري بتبع صلاة الليل ففي الصورة الاولي لا بد من ملاحظة وقتها بحيالها و في الصورة الثانية تتبع وقت صلاة الليل اذ ليس لها استقلال.

و أما ما في كلام سيدنا الاستاد من أن مقتضي كونها من صلاة الليل كونها محكومة باحكامها فتجري عليها ما يجري عليها غير تام اذ تلك النصوص كانت طرفا للمعارضة و لذا تسقط. مضافا الي أنه لا يستفاد منها الا كونها جزءا من صلاة الليل فالنتيجة هي التبعية المحضة.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 138

و وقت نافلة الليل منتصفه الي الفجر الصادق (1).

______________________________

(1) المشهور ان ابتداء وقتها نصف الليل و ما يمكن أن يستدل به عليه امور:

الاول: الاجماع و حاله معلوم.

الثاني: مرسل الصدوق قال: و قال أبو جعفر عليه السلام: وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل الي آخره «1» و فيه ما فيه.

الثالث: ما دل علي أن أهل البيت كانوا ملتزمين باتيانها بعد الانتصاف و منه ما رواه ابن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: كان رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله اذا صلي العشاء آوي الي فراشه و لم يصل شيئا حتي ينتصف الليل «2».

و مثله ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يصلي من الليل شيئا اذا صلي العتمه حتي ينتصف الليل و لا يصلي من النهار شيئا حتي تزول الشمس «3».

و يمكن أن يشكل بأنه مجرد التزام و لا يدل علي أزيد من الرجحان و ان كان الجزم بالاشكال مشكلا أيضا.

الرابع الروايات الدالة علي جواز التقديم علي الانتصاف لذوي الاعذار الواردة في الباب 44 من أبواب المواقيت من الوسائل منها: ما رواه ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل فقال: نعم نعم ما رأيت و نعم ما صنعت يعني في السفر قال: و سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل و الوتر في اول الليل فقال: نعم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 139

______________________________

و استشكل سيدنا الاستاد في هذا الوجه بأنها لا تدل علي عدم الجواز اذ يمكن أن يكون التقديم مرجوحا و مع العذر يرتفع المرجوحية.

و فيه: ان الايراد في غير مورده فان الظاهر من تلك النصوص ان السائل في ذهنه عدم الجواز عند عدم العذر و الامام عليه السلام يقرره علي ما في ذهنه فلا بأس بهذا الوجه.

الخامس: النصوص الدالة علي أن قضائها أفضل من الاتيان بها قبل الانتصاف الواردة في الباب 45 من

أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: قلت له: ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكي إلي ما يلقي من النوم و قال: اني اريد القيام بالليل (للصلاة) فيغلبني النوم حتي اصبح فربما قضيت صلاة الشهر المتتابع و الشهرين أصبر علي ثقله فقال: قرة عين و اللّه قرة عين و اللّه و لم يرخص في النوافل (الصلاة) اول الليل و قال: القضاء بالنهار أفضل «1».

بتقريب: انه لو كان وقتها من أول الليل لم يكن وجه لا فضيلة قضائها نهارا فان الافضلية تنافي التوقيت كما هو الظاهر و هذا الاستدلال لا بأس به من جهة عدم جواز الايقاع في اول الليل لكن لا تدل تلك النصوص علي كون وقتها من النصف فلاحظ.

و يستفاد من تلك النصوص ان الايقاع في اول الليل جائز لمن يخاف النوم غاية الامر القضاء افضل.

السادس: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما علي أحدكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 140

______________________________

اذا انتصف الليل أن يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة ركعة ثم ان شاء جلس فدعا و ان شاء نام و ان شاء ذهب حيث شاء «1» فانه مقتضي مفهوم الشرط.

السابع: انه مقتضي الاستصحاب و التقريب ظاهر.

و ما يمكن الاستدلال به علي كون وقتها من اول الليل امور: منها المطلقات لاحظ ما رواه الحارث بن المغيرة في حديث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة بالليل في سفر و لا حضر «2» و يمكن أن يرد عليه بأنه ليس فيها اطلاق من هذه الجهة.

و

منها: الاخبار الدالة علي جواز الاتيان قبل الانتصاف عند الضرورة لاحظ ما رواه ليث المرادي «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 44 من أبواب المواقيت من الوسائل.

بتقريب: أن المستفاد من تلك الاخبار ان التوسعة بلحاظ قابلية الظرف لا لأجل الضرورة و هذا الاستدلال غريب فان تلك الاخبار تدل علي عكس المدعي كما ذكرنا و هذا الادعاء خلاف ظاهر تلك الاخبار.

و منها رواية الحسين بن علي بن بلال قال: كتبت اليه في وقت صلاة الليل فكتب: عند زوال الليل و هو نصفه أفضل فان فات فاوله و آخره جائز «4».

لكن الرواية ضعيفة بابن بلال.

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بصلاة الليل

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب التعقيب الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 138

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 141

______________________________

فيما بين أوله الي آخره الا أن أفضل ذلك بعد انتصاف الليل «1» و مثله خبر ابن عيسي «2». و مثلهما خبر محمد بن حمران «3».

و مقتضي الجمع بين النصوص أن يقال: ان مبدء وقت نافلة الليل من النصف الا لعارض خارجي فان ما رواه سماعة يقتضي جواز الايقاع من أول الليل لكل احد لكن مفهوم الشرط المستفاد من القضية الشرطية يقيد الاطلاق فيختص الجواز بصورة العذر كما أن التقييد بذوي الاعذار يقيد عدم جواز التقديم علي النصف المستفاد من رواية زرارة «4» فان مفهوم تلك الرواية يقتضي المنع عن التقديم علي النصف بنحو الاطلاق لكن هذه النصوص يقيدها بغير ذوي الاعذار.

هذا بالنسبة الي مبدأ النافلة و أما منتهي وقتها فالمشهور كما في المتن

الفجر الثاني و يمكن الاستدلال عليه ببعض النصوص و منه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقوم من آخر الليل و هو يخشي أن يفجأه الصبح يبدأ بالوتر أو يصلي الصلاة علي وجهها حتي يكون الوتر آخر ذلك؟

قال: بل يبدأ بالوتر و قال: أنا كنت فاعلا ذلك «5».

و تقريب الاستدلال بالرواية ظاهر فانه لو لم يكن الصبح نهاية الوقت لم يكن وجه للخشية و منه ما رواه معاوية بن وهب «6» و يدل عليه ما رواه اسماعيل بن

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 139

(5) الوسائل الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(6) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 142

و افضله السحر و الظاهر انه الثلث الاخير من الليل (1).

______________________________

جابر أو عبد اللّه بن سنان «1» مضافا الي أن الظاهر انه اتفاقي.

(1) قد اشتمل بعض الروايات لفظ السحر لاحظ ما رواه أبي بصير «2» و في جملة من الروايات و منها رواية أبي بصير قد اشتملت عنوان آخر الليل و منها:

ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة؟

فقال: ثمان ركعات الزوال و ركعتان بعد الظهر و ركعتان قبل العصر و ركعتان بعد المغرب و ثلاث عشرة ركعة من آخر الليل منها الوتر و ركعتا الفجر الحديث «3».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد «4» الي غيرها من الروايات و لفظ السحر فسر بآخر الليل و مجرد الجمع بين لفظ السحر و لفظ الاخر في حديث ابي بصير «5» لا يدل علي اختلاف المعني بل يمكن أن يكون تكرارا و تأكيدا

و عليه يكون الافضل الاتيان بها آخر الليل.

و يظهر من خبر إسماعيل بن سعد الاشعري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن ساعات الوتر قال: احبها إلي الفجر الاول و سألته عن أفضل ساعات الليل قال: الثلث الباقي الحديث «6» ان الثلث الاخير من الليل افضل و أما الوتر فالافضل أن يقع بين الفجرين كما يظهر من هذا الخبر فلاحظ.

فالنتيجة: ان وقت نافلة الليل يدخل بالنصف و يكون ايقاعها في الثلث الاخير

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 50

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 42

(5) لاحظ ص: 50

(6) الوسائل الباب 54 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 143

______________________________

أفضل و أفصل منه ما يكون الوتر بين الفجرين.

بقي شي ء و هو انه يستفاد من بعض النصوص جواز اتيان النافلة بعد الفجر كخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الليل و الوتر بعد طلوع الفجر فقال: صلها بعد الفجر حتي يكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها و لا تعمد ذلك في كل ليلة و قال: أوتر أيضا بعد فراغك منها «1».

و غيره الوارد في الباب 48 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي كونها قضاء: منها خبر اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اوتر بعد ما يطلع الفجر؟ قال لا «2».

و منها خبر سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في بيته و هو يصلي و هو يري أن عليه ليلا ثم يدخل عليه الاخر من الباب فقال: قد اصبحت هل يصلي

الوتر أم لا أو يعيد شيئا من صلاته؟ قال: يعيد ان صلاها مصبحا «3».

و في المقام طائفة ثالثة تدل علي الجواز فيما استيقظ و يري انه لم يصل صلاة الليل و منها ما رواه سليمان خالد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: ربما قمت و قد طلع الفجر فاصلي صلاة الليل و الوتر و الركعتين قبل الفجر ثم اصلي الفجر قال: قلت أفعل أنا ذا؟ قال: نعم و لا يكون منه عادة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 48 من أبواب المواقيت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 144

[مسألة 9: يجوز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال يوم الجمعة]

(مسألة 9): يجوز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال يوم الجمعة (1) بل في غيره أيضا اذا علم أنه لا يتمكن منهما بعد الزوال

______________________________

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اقوم و قد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول الوقت و ان بدأت بصلاة الليل و الوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء فقال: ابدأ بصلاة الليل و الوتر و لا تجعل ذلك عادة «1».

و حيث انا غير ملتزمين بانقلاب النسبة تقع المعارضة بين الأولي و الثانية و الترجيح مع ما يدل علي عدم الجواز و اختصاص النافلة بالليل لأنها توافق الكتاب و هو قوله تعالي وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ «2» فما يدل علي الجواز يسقط و يبقي ما يدل علي عدمه و بعد سقوط تلك الطائفة يقيد ما يدل علي عدم الجواز بما يدل علي الجواز في الصورة الخاصة.

و لك أن تقول: ان الرواية المقيدة

تقيد الطائفتين كلتيهما هذا علي تقدير تمامية سند المقيد و أما علي تقدير عدم تماميته- كما هو ليس ببعيد- فالامر أظهر و لا يخفي ان خبر ابن يزيد مخدوش سندا.

(1) الجزم بما أفاده مشكل و اختلاف الروايات لا يدل علي المدعي و يستفاد من حديثي البزنطي نحو خاص قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن التطوع يوم الجمعة قال: ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات قبل الزوال و ركعتان اذا زالت و ست ركعات بعد الجمعة فذلك عشرون ركعة سوي الفريضة «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الاسراء/ 79

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 145

فيجعلهما في صدر النهار (1).

______________________________

و عن أبي الحسن عليه السلام قال: النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة و ست ركعات ضحوة و ركعتين اذا زالت الشمس و ست ركعات بعد الجمعة «1».

و حيث ان الا حدثية من المرجحات فلا بد من الاخذ بهما و أما تقديمهما علي الزوال رجاء فلا مانع منه.

(1) نسب الي المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال و في مقابل هذا القول القول بالجواز مطلقا و في المقام قول بالتفصيل و هو انه يجوز اذا كان للمكلف عذر و شغل يعذره عن ايقاع النافلة في وقتها و الا فلا يجوز و المدرك للتفصيل ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني اشتغل قال:

فاصنع كما تصنع صل ست ركعات اذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر بين ارتفاع الضحي الاكبر و اعتد بها من الزوال «2».

و بهذه الرواية يقيد ما يدل علي جواز التقديم علي الاطلاق كحديث محمد بن عذافر

قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلاة التطوع بمنزلة الهدية متي ما اتي بها قبلت فقدم منها ما شئت و أخر منها ما شئت «3».

و الانصاف ان العمل بالاطلاق و غض النظر عن رواية اسماعيل بن جابر مشكل و لا يخفي ان رواية ابن جابر ذكر فيها لفظ فاء الظاهر في كون بعده جزاء للشرط المقدر و مفهوم الشرط حجة لكن لو اخذنا برواية ابن جابر فلا بد من لحاظ القيود

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 146

و كذا يجوز تقديم صلاة الليل علي النصف للمسافر اذا خاف فوتها ان أخرها أو صعب عليه فعلها في وقتها (1) و كذا الشاب (2).

______________________________

المذكورة فيها و القائل بالتقييد لم يلتزم بهذه القيود و المسألة محل اشكال و الاحتياط طريق النجاة.

(1) النصوص الواردة في المقام قسمان: احدهما مطلق و منه ما رواه ليث المرادي «1» و منه ما رواه سماعة بن مهران أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن وقت صلاة الليل في السفر فقال: من حين تصلي العتمة الي أن ينفجر الصبح «2».

ثانيهما ما قيد بخوف الفوت و منه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان خشيت أن لا تقوم في آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل و أوتر في اول الليل في السفر «3». و بقانون تقييد المطلق بالمقيد لا بد من تقييد الاطلاق ثم ان التقديم من باب التوسعة في الوقت فيكون الاتيان بها اداء أو يكون من باب التعجيل كصلاة القضاء غاية الامر يكون القضاء بعد مضي الوقت و التعجيل

قبل زمان الواجب و الظاهر انه من باب التوسعة فان المستفاد من حديث سماعة «4» صريحا ان الوقت المقرر لها من بعد العتمة الي الفجر في السفر غاية الامر يقيد بقيد خوف الفوت كما ذكرنا فظهر مما سبق انه لا وجه لما أفاده سيد المستمسك قدس سره.

(2) لا يخفي ان عنوان الشاب لم يرد في الادلة الا في رواية يعقوب الاحمر

______________________________

(1) لاحظ ص: 138

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 147

و غيره ممن يخاف فوتها اذا أخرها لغلبة النوم (1) او طرو الاحتلام (2) او غير ذلك (3).

______________________________

قال: سألته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل قال: نعم نعم ما رأيت و نعم ما صنعت ثم قال: ان الشاب يكثر النوم فأنا آمرك به «1».

و الموضوع في هذه الرواية عنوان التقديم في ليالي القصار و لذا لا فرق بين كون المصلي شابا و غيره فالميزان بكون الصلاة في الصيف في الليالي القصار و قد دل عليه ما رواه ليث «2» فانقدح ان الشاب ليس له موضوعية بل الموضوعية لكون الليل قصيرا.

ثم ان جواز التقديم في ليالي القصار مطلق أو مقيد بصورة خوف الفوت أو كون الايقاع بعد النصف صعبا مقتضي الاطلاق عموم الحكم فلا وجه للتقييد كما صنعه سيدنا الاستاد بدعوي أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي التقييد.

(1) كما في حديث الحلبي «3».

(2) يدل عليه حديث ليث «4».

(3) يدل عليه حديث الحلبي «5» فان قوله: «أو كان بك علة» يقتضي الجواز لكل ذي عذر و أيضا يدل عليه حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا خشيت أن لا تقوم آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل صلاتك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 138

(3) لاحظ ص: 146

(4) لاحظ ص: 138

(5) لاحظ: 146

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 148

______________________________

و أوتر من أول الليل «1».

و أفاد سيدنا الاستاد بأنه يلزم أن يحمل المطلق علي المقيد في المقام و إلا يلزم أن يكون التقييد لغوا و لا ينافي ما قلنا من عدم حمل المطلق علي المقيد في المستحبات لأنه فرق بين أن يكون التقييد راجعا الي المتعلق و بين أن يكون راجعا الي الحكم و المقام من قبيل الثاني».

و يرد عليه: اولا ان ما أفاده من عدم حمل المطلق علي المقيد في المستحبات غير تام بلا فرق بين الحكم و المتعلق و لا فرق بين الواجب و المستحب من هذه الجهة.

و ثانيا: انه في حديث أبي بصير «2» قد جمع الامام عليه السلام بين المقيد و المطلق فكيف يلزم اللغوية. و ثالثا: انه اشتهر بين الاعلام بأنه لا تنافي بين الاثباتين.

و بعبارة اخري: ان التقييد يمكن أن يكون لخصوصية منظورة للمولي و عليه لا وجه للتقييد فمطلق العذر كاف للتقديم فظهر مما ذكرنا ان كل عذر يكفي لجواز التقديم و عليه هل يكون من باب التوقيت أو التعجيل الظاهر هو الثاني لما رواه محمد عن أحدهما قال: قلت: الرجل من أمره القيام بالليل تمضي عليه الليل و الليلتان و الثلاث لا يقوم فيقضي احب إليك أم يجعل الوتر أول الليل؟ قال: لا بل يقضي و ان كان ثلاثين ليلة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 12

(2) مر آنفا

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 149

[الفصل الثالث في أحكام المواقيت]

اشارة

الفصل الثالث:

اذا مضي من أول الوقت مقدار اداء نفس الصلاة الاختيارية و لم يصل ثم طرأ أحد الاعذار المانعة من التكليف وجب القضاء (1 و الا لم يجب (2) و اذا ارتفع العذر في آخر الوقت فان وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا (3) و كذا اذا وسع مقدار خمس ركعات معها (4).

______________________________

و ما رواه يعقوب بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو البرد أ يعجل صلاة الليل و الوتر في اول الليل قال:

نعم «1».

(1) لان التكليف تحقق و يكون قابلا للامتثال و لم يحصل فيجب القضاء بمقتضي دليله.

(2) لعدم تحقق الموضوع فلا يتحقق الحكم كما هو مقتضي القاعدة.

(3) كما هو واضح ظاهر.

(4) يمكن تقريب هذا المدعي بوجهين: احدهما: أن قاعدة من ادرك المستفادة من النص «2» تقتضي ان ادراك ركعة من الصلاة في الوقت كإدراك تمام الوقت هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الترتيب معتبر بين الظهر و العصر فيلزم تقديم الظهر ثم الاتيان بالعصر كي يحصل الامتثال بالنسبة الي كلتا الصلاتين أما بالنسبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 10

(2) لاحظ النصوص في الباب: 30 من أبواب المواقيت من الوسائل

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 150

و الا وجبت الثانية اذا بقي ما يسع ركعة معها (1) و الا لم يجب

______________________________

الي الظهر فواضح و أما بالنسبة الي العصر فلان المفروض ان ادراك ركعة بمثابة تمام الصلاة فيحصل الامتثال مع شرائطه.

و أفاد سيدنا الاستاد في المقام بأن قاعدة من ادرك تجري في الظهر أيضا اذ المفروض ان المصلي يدرك ركعة من وقت الظهر «1».

و يرد عليه ان الوقت ظرف لكلتا

الصلاتين فلا تضيق بالنسبة الي الظهر.

و ان شئت قلت: ان كان دليل وجوب الاتيان بالعصر عند التضيق شاملا لمثل الفرض فلا مجال للإتيان بالظهر بل اللازم الاتيان بالعصر و لا اثر لقاعدة من ادرك.

و ان قلنا بأنه لا يشمل مثل المقام فالوقت وقت مشترك لكلتا الصلاتين و لا وجه لاختصاصه بخصوص العصر.

ثانيهما: أن ما افاده علي وفق القاعدة اي القاعدة تقتضي الاتيان بالظهر ابتداء و ذلك لان الوقت حسب المستفاد من الادلة وقت لكلتا الصلاتين من دلوك الشمس الي غروبها و المفروض أن الظهر غير مقيد بالعصر بخلاف العكس فانه مشروط بتقدم الظهر عليه و الدليل الدال علي اختصاصه بالعصر لا يشمل مثل الفرض اذ المفروض ان الوقت أزيد من مقدار اربع ركعات فالقاعدة الاولية تقتضي الاتيان بالظهر.

لكن يرد عليه: انه بعد مضي مقدار ركعة يجب الاتيان بالعصر بمقتضي الدليل الدال علي أنه يجب الاتيان بالمتأخر مع التضيق فهذا التقريب غير صحيح و الامر منحصر في التقريب الاول.

(1) الوجه فيه ظاهر اذ علي تقدير بقاء مقدار اربع ركعات يلزم الاتيان بالعصر للنصوص الواردة في الباب 49 من أبواب الحيض من الوسائل منها ما رواه

______________________________

(1) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 303

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 151

شي ء (1).

[مسألة 10: لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت]

(مسألة 10): لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت (2).

______________________________

عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما امرأة رأت الطهر و هي قادرة علي أن تغتسل في وقت صلاة ففرطت فيها حتي يدخل وقت صلاة اخري كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها و ان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة اخري فليس عليها قضاء

و تصلي الصلاة التي دخل وقتها «1». مضافا الي التسالم من الاصحاب علي المدعي.

(1) لو التزمنا بشمول قاعدة من أدرك للمقام يلزم الاتيان بالعصر لان الوقت بمقتضي تلك القاعدة يسع الصلاة و الا تكون كلتا الصلاتين قضاء.

(2) هذا مقتضي القاعدة الاولية فانه لو صلي قبله لا يكون ممتثلا و اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة كما هو ظاهر.

قال في الحدائق: «أجمع اهل العلم كافة علي أنه لا تجوز الصلاة قبل دخول وقتها و عن المعتبر انه اجماع اهل العلم و عن المنتهي انه لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها و هو قول اهل العلم كافة الا ما روي عن ابن عباس في مسافر صلي الظهر قبل الزوال يجزأه و بمثله قال الحسن و الشعبي».

و تدل علي المقصود جملة من الروايات منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الا لوقتها و كذلك الزكاة الي أن قال: و كل فريضة انما تؤدي اذا حلت «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ يزكي الرجل ماله

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 152

بل لا تجزي الا مع العلم به (1).

______________________________

اذا مضي ثلث السنة؟ قال: لا أ تصلي الاولي قبل الزوال؟! «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت: فمن صلي لغير القبلة أو في يوم غيم لغير الوقت قال: يعيد «2» و منها غيرها الوارد في الباب 13 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و يدل علي المقصود أيضا حديث

لا تعاد الصلاة الا من خمس: الطهور، و الوقت و القبلة و الركوع و السجود «3».

(1) يقع الكلام في هذا المقام في موضعين: احدهما: انه مع عدم العلم لا يجوز الاكتفاء بما اتي به ثانيهما: ان العلم بالوقت شرط في صحة الصلاة بحيث لو صلي مع عدم العلم رجاء و أصاب الواقع لا يجزي.

أما الموضع الاول فنقول: لا شبهة في اعتبار العلم أو ما يقوم مقامه اذ مقتضي الاستصحاب عدم الدخول و يترتب عليه الفساد مضافا الي النصوص الدالة علي لزوم تحصيل العلم منها: ما رواه عبد اللّه بن عجلان قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

اذا كنت شاكا في الزوال فصل ركعتين فاذا استيقنت أنها قد زالت بدأت بالفريضة «4».

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام في حديث طويل: ان اللّه تعالي اذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا علي أوقات الصلاة فموسع عليهم تأخير الصلوات ليتبين لهم الوقت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الوضوء الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 58 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 153

أو قيام البينة (1) و لا يبعد الاجتزاء بأذان الثقة العارف (2).

______________________________

بظهورها و يستيقنوا أنها قد زالت «1».

و منها غير هما الوارد في الباب 58 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و أما الموضع الثاني فلا دليل علي الاشتراط بهذا المعني و لا وجه للبطلان مع التصادف الواقعي و قد حقق في محله ان الجزم بالنية غير معتبر في صحة العبادة.

(1) عن الذخيرة عليه الاكثر و الوجه فيه انه لا كلام في حجية البينة اي شهادة العدلين علي ما

هو المشهور في الموضوعات الخارجية.

(2) فانه ثبت في الاصول اعتبار خبر الثقة و الاذان نوع اخبار فيكون حجة اضف اليه جملة من النصوص منها ما رواه ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: صل الجمعة باذان هؤلاء فانهم اشد شي ء مواظبة علي الوقت «2».

الي غيره من الروايات المذكورة في الباب 58 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و ربما يقال: بأن مقتضي رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل عن الاذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف؟ قال: لا يستقيم الاذان و لا يجوز أن يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان و أذن به و لم يكن عارفا لم يجز أذانه و لا اقامته و لا يقتدي به الحديث «3».

اشتراط العدالة لكن مدلول الرواية لا يقتضي اشتراط العدالة بل غاية مدلولها الايمان و الظاهر من الرواية انه لا يترتب اثر علي اذان غير العارف و هذا واضح لان الايمان شرط في صحة العبادات.

و ربما يقال: بأن ما دل علي اعتبار قول المؤذن يعارضه ما في رواية علي بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 154

أو باخباره (1) و يجوز العمل بالظن في الغيم و كذا في غيره من الاعذار النوعية (2).

______________________________

جعفر عن أخيه موسي عليه السلام في الرجل يسمع الاذان فيصلي الفجر و لا يدري طلع أم لا غير أنه يظن لمكان الاذان انه طلع قال: لا يجزيه حتي يعلم انه قد طلع «1».

فان المستفاد منها عدم اعتبار الاذان بل يلزم حصول العلم بالوقت لكن يجاب عن

الاشكال بأن رواية ابن جعفر مطلقة من حيث كون المؤذن ثقة أم لا فلا تعارض بين القسمين مضافا الي أنه لو لم يترتب علي الاذان أثر و لا يكون معتبرا فلا فائدة في تشريعه و يكون لغوا اذ لا يكون ملازمة بين اذان المؤذن و حصول العلم بالوقت كما هو ظاهر بل غايته حصول الاحتمال أو الظن كبقية اخبارات المخبرين.

(1) لوحدة الملاك و اعتبار خبر الثقة.

(2) في بعض الكلمات انه مشهور و عن المدارك انه اجماعي و ما يمكن أن يقال في وجهه امور:

الاول: الاجماع و حاله معلوم سيما في مثل هذه المسألة.

الثاني: الاصل. و لا أصل له بل الاصل خلافه فان الشك في الحجية مساوق للعلم بعدمها.

الثالث: نفي الحرج. و فيه أنه لا حرج في الصبر حتي يحصل العلم بدخول الوقت.

الرابع: تعذر العلم فتصل النوبة الي الظن. و فيه أنه ما الدليل علي هذا المدعي فانه مع الشك في الوقت لا يكون اصل التكليف معلوما و ان قلت: الايقاع

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 155

______________________________

في الوقت شرطا للواجب و يكون الوجوب حاصلا قبل الوقت بنحو الواجب المعلق فمع أنه خلاف الواقع لا مجال لهذه الدعوي اذ يمكن الاحتياط بالصبر فظهر أن دعوي حجية الظن بدليل الانسداد لا مجال له.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 155

الخامس: انه تكليف بما لا يطاق. و فساده أوضح من أن يخفي اذ علم آنفا أن التكليف غير معلوم و الاحتياط ممكن فاما لا تكليف و اما يمكن امتثاله بالاحتياط بالصبر.

السادس: النصوص الدالة علي حجية

اذان المؤذن. و فيه انه لا وجه للتعدي و القياس باطل.

السابع: المرسل: «المرء متعبد بظنه». و فيه: انه غير معتبر مضافا الي أنه لا نفهم منه معني صحيحا فانه في الجملة تام لكن المهملة في قوة الجزئية و أما بنحو الاطلاق فغير صحيح قطعا فانه لا شبهة في عدم حجية مطلق الظن لأنه خلاف الكتاب.

الثامن: النصوص الواردة في الديكة المذكورة في الوسائل في الباب 14 من أبواب المواقيت.

منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم تر الشمس و لا القمر فقال: تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديكة؟ قال:

نعم قال: اذا ارتفعت أصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس أو قال: فصله «1».

و فيه: انه علي تقدير العمل بها لا وجه للتعدي بل يستفاد من بعض الخصوصيات الواردة في بعض تلك النصوص انه طريق خاص تعبدي و ليس الاعتبار بمطلق

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 156

______________________________

الظن فلاحظ.

التاسع: ما رواه أحمد بن عبد اللّه القزويني (القروي) عن أبيه قال: دخلت علي الفضل بن الربيع و هو جالس علي سطح فقال لي: ادن مني فدنوت منه حتي حاذيته ثم قال لي: اشرف الي البيت في الدار فاشرفت فقال لي: ما تري في البيت؟ قلت: ثوبا مطروحا الي ان قال هذا أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام الي أن قال: و قد و كل من يترصد له الزوال فلست أدري متي يقول له الغلام:

قد زالت الشمس اذ وثب فيبتدي الصلاة «1».

و السند مخدوش فان أحمد بن عبد اللّه لم يوثق مضافا الي أن الدلالة قاصرة فانه لا دليل علي تمكنه عليه السلام من حصول

العلم و أيضا يحتمل أن يكون المسئول ثقة و كان يعمل بقوله من باب حجية قول الثقة.

العاشر: ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم ير الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك «2».

و فيه انه ليس في الرواية شاهد علي كون الظن معتبرا بالنسبة الي الوقت بل السؤال و الجواب ناظران الي القبلة.

الحادي عشر: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت و في السماء غيم فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: قد تم صومه و لا يقضيه «3».

و فيه: انه لا وجه لقياس الصلاة بالصوم و بعبارة اخري: ان الاحكام التعبدية

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 157

[مسألة 11: إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فصلي ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم اعادتها]

(مسألة 11): اذا احرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فصلي ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم اعادتها (1) نعم اذا

______________________________

لا يمكن التصرف فيها الا بالحجة المعتبرة.

الثاني عشر: ما رواه اسماعيل بن جابر «1» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا فان في سنده حسين بن علي بن أبي حمزة و هو لم يوثق مضافا الي الاشكال في دلالة الرواية فلاحظ.

الثالث عشر ما رواه زرارة عن أبي جعفر «2» بتقريب: انه يبعد الخطأ مع اليقين فيعلم انه ظن بدخول الوقت. و فيه: انه استبعاد في غير محله و بعبارة اخري لا يظهر من الرواية جواز العمل بالظن.

الرابع عشر ما رواه بكير

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اني صليت الظهر في يوم غيم فانجلت فوجدتني صليت حين زال النهار قال: فقال:

لا تعد و لا تعد «3».

بتقريب: انه يستفاد من الرواية ان العمل بالظن جائز و لذا لم يأمره بالاعادة.

و فيه: انه علي خلاف المطلوب أدل اذ لو كان العمل بالظن جائزا لم يكن وجه لعدم العود و أما عدم وجوب الاعادة فيمكن أن يكون من باب وقوع الصلاة في الوقت نعم انما يستقاد من الرواية ان المكلف لو صلي مع عدم العلم بالوقت و صادف الواقع تصح صلاته و هذا امر علي القاعدة اذ العلم طريقي.

(1) هذا مقتضي القاعدة الاولية فان الاجزاء يحتاج الي الدليل بل يقتضيه حديث لا تعاد مضافا الي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه

______________________________

(1) لاحظ ص 152

(2) لاحظ ص: 112

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 158

علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة فالمشهور ان صلاته صحيحة لكن الاحوط لزوما اعادتها (1).

و أما اذا صلي غافلا و تبين دخول الوقت في الاثناء فلا اشكال في البطلان (2) نعم اذا تبين دخوله قبل الصلاة اجزأت (3) و كذا اذا صلي بر جاء دخول الوقت (4).

______________________________

السلام في رجل صلي الغداة بليل غره من ذلك القمر و نام حتي طلعت الشمس فاخبر أنه صلي بليل قال: يعيد صلاته «1».

(1) عن الجواهر: علي أشهر القولين بل هو المشهور و المدرك رواية اسماعيل بن رياح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و انت تري انك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد

أجزأت عنك «2».

و عن الاسكافي و العماني و العلامة في كلام له في المختلف و ابن فهد و الصيمري و الأردبيلي و تلميذه و غيرهم البطلان و عن المرتضي نسبة البطلان الي محققي اصحابنا و محصليهم لما تقدم من الوجه للبطلان و الرواية ليست قابلة لكونها مستندة للحكم بالصحة لعدم توثيق ابن رياح.

الا أن يقال بأن التسالم علي الصحة يكفي مدركا لكن كيف يمكن الاعتراف بالتسالم مع ما تقدم من ذكر الخلاف و اللّه العالم.

(2) لما ذكرنا من الوجه و لا تشمل الرواية المورد فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر اذ المفروض وقوع الصلاة في وقتها.

(4) اذ المفروض ان الصلاة وقعت في الوقت مع قصد القربة و العلم بدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب المواقيت

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 159

و اذا صلي ثم شك في دخوله أعاد (1).

[مسألة 12: يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر]

(مسألة 12): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر و كذا بين العشاءين بتقديم المغرب (2) و اذا عكس في الوقت المشترك عمدا أعاد (3) و اذا كان سهوا لم يعد علي ما تقدم (4) و اذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم فالاقرب الصحة اذا كان الجاهل معذورا سواء كان مترددا غير جازم أم كان جازما غير متردد (5).

[مسألة 13: يجب العدول من اللاحقة إلي السابقة]

(مسألة 13): يجب العدول من اللاحقة الي السابقة كما اذا

______________________________

الوقت لا يكون دخيلا في الصحة.

(1) لاستصحاب عدم الدخول و عدم وقوعها في وقتها.

(2) بلا اشكال و لا خلاف بل يمكن أن يقال ان المدعي من الواضحات التي لا تكون قابلة للبحث مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «1». لاحظ الروايات في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه لم يأت بالمأمور به فلا بد من الاعادة.

(4) تقدم الكلام فيه في مسألة 6 من الفصل الثاني فراجع.

(5) لقاعدة لا تعاد فان المانن يري جريانها بالنسبة الي القاصر الجاهل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 160

قدم العصر أو العشاء سهوا و ذكر في الاثناء فانه يعدل الي الظهر أو المغرب و لا يجوز العكس كما اذا صلي الظهر أو المغرب و في الاثناء ذكر انه قد صلاهما فانه لا يجوز له العدول الي العصر أو العشاء (1).

[مسألة 14: إنما يجوز العدول من العشاء إلي المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة]

(مسألة 14): انما يجوز العدول من العشاء الي المغرب اذا لم يدخل في ركوع الرابعة (2).

______________________________

(1) العدول بلا دليل عموما أو خصوصا أمر علي خلاف القاعدة الاولية فان كل امر يصدر من المولي يقتضي الاتيان بما امر به و لا يجزي غير ما امر به عن المأمور به و مقتضي اطلاق الامر في مقام البيان عدم الاجزاء.

و بعبارة واضحة: الامر بصلاة العصر يقتضي الاتيان بالعصر

أعم من أنه عدل من الظهر اليه أم لا فالعدول لا يجزي بمقتضي الاطلاق كما أن مقتضي الاصل العملي عدم جواز العدول و عدم كونه مجزيا و لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون العدول من السابقة الي اللاحقة و بين العكس الا أن الدليل وارد في الثاني بالخصوص لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) افاد سيد المستمسك قدس سره في شرح كلام السيد اليزدي قدس سره في المقام: بأن ما افاده الماتن يقتضي جواز العدول قبل الدخول في الركوع الرابع و ان قام الي الرابعة و جاء بالتسبيح و نقل عن الجواهر انه ظاهر كلام الاصحاب و قال: العمدة فيه اطلاق خبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 161

و الا بطلت و لزم استينافها (1).

______________________________

و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب اتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر انه نسي المغرب اتمها بركعة فتكون صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

و تصدي لتصحيح سند الرواية و الحق ان هذه الرواية لا اعتبار بها فان معلي بن محمد لم يوثق و ما أفاده سيد المستمسك من أنه معتبر الحديث عهدته عليه و لا دليل علي هذا المدعي فهذه الرواية لا يمكن أن تكون مدركا نعم لا بأس بها بمقدار التأييد و ربما يقال: انه لا مانع من

الاستناد بما رواه زرارة «2» عن أبي جعفر عليه السلام فان قوله عليه السلام: «و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة» يقتضي باطلاقه جواز العدول الي المغرب حتي بعد الاتيان بالتسبيح فان الظاهر انه بعد الاتيان به يصدق عنوان القيام في الثالثة و لا يختص هذا العنوان بأول زمان القيام بحيث لو تأمل مقدارا أو أتي ببعض الاذكار المستحبة كما لو صلي عليه صلي اللّه عليه و آله لا يشمله الدليل و بعبارة اخري: ان المستفاد من الرواية ان المصلي لو أتي بركعتين أو فرغ منها و دخل في الثالثة يجوز له العدول لكن الانصاف ان الاستدلال برواية زرارة غير سديد لأنها لا تشمل ما دخل في الرابعة فان المستفاد منها أن موضوع العدول القيام الي الثالثة فلا تدل علي المدعي لكن الظاهر أن الحكم مورد تسالم الاصحاب و عن الجواهر: «انه نسبه الي ظاهرهم و اللّه العالم.

(1) فان البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 162

[مسألة 15: يجوز تقديم الصلاة في أول الوقت لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر]

(مسألة 15): يجوز تقديم الصلاة في اول الوقت لذوي الاعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر (1) بل مع رجائه أيضا (2) في غير المتيمم (3) لكن اذا ارتفع العذر في الوقت وجبت الاعادة (4) نعم في التقية يجوز البدار و لو مع العلم بزوال العذر و لا تجب الاعادة بعد زواله في الوقت (5).

[مسألة 16: الأقوي جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية]

(مسألة 16): الاقوي جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة ادائية (6).

______________________________

(1) كما هو ظاهر لتحقق الموضوع.

(2) لجريان الاستصحاب الاستقبالي المقتضي لجواز البدار.

(3) تقدم الكلام فيه في الفصل الخامس من فصول المبحث الخامس في التيمم.

(4) لما حقق في محله من عدم كون الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري مجزيا.

(5) قد تقدم الكلام حول التقية و انها هل تكون مجزية أم لا في ج 1 من هذا الشرح ص: 413.

(6) وقع الكلام بين الاعلام في جواز التطوع في وقت الفريضة و عدمه فذهب الي الجواز جمع منهم الشهيدان و ذهب جماعة الي عدمه بل احتمل انه محل الاجماع و منهم المحقق قدس سره و الحكم في المقام النصوص فلا بد من ملاحظتها فمنها ما رواه الشهيد في الذكري عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة «1».

و هذه الرواية لا بأس بها دلالة فانها تدل علي عدم الجواز و لكن لا اعتبار بها سندا و الوجه فيه ان سند الرواية مجهول و وجه الصحة عند الشهيد غير معلوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 163

______________________________

فلا يمكن الاعتماد عليها و بعبارة اخري: انه يمكن أن يكون الوجه عنده اجتهادا غير مقبول

لدينا.

و منها ما رواه الشهيد الثاني في الروض قال: و يؤيده صحيحة زرارة أيضا قال: قلت لأبي جعفر: اصلي النافلة و علي فريضة أو في وقت فريضة قال: لا انه لا تصلي النافلة في وقت فريضة الحديث «1».

و هذه الرواية أيضا لاعتبار بها سندا فان طريقها مجهول و مجرد توصيف الشهيد لها بالصحة لا يكفي كما هو ظاهر لكن يمكن أن يقال: بأنهم اصطلحوا فيما بينهم بأنه يطلق الصحيح علي خبر يكون الرواة كلهم عدولا و عليه لا مجال للترديد فيكون قول الشهيد بأن هذا الخبر صحيح شهادة بعدالة رواة الخبر و شهادة الشهيد حجة فيكون الخبر حجة.

نعم يشكل الامر بأنه لم يوجد في كتب اصحاب الحديث فانه كيف يمكن أن يصل الخبر بطريق صحيح الي الشهيد و لم يطلع عليه الشيوخ مضافا الي أن الشهيد من المتأخرين.

و منها ما رواه زياد أبو عتاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

اذا حضرت المكتوبة فابدأ بها فلا تضرك أن تترك ما قبلها من النافلة «2».

و هذه الرواية لا دلا فيها علي المدعي فان المستفاد منها أن ترك النافلة لا يضر بصحة الفريضة. و بعبارة اخري: ان الامر بالاتيان بالمكتوبة في مقام توهم المنع عن الاتيان بها فغاية ما يستفاد من الرواية ان الاتيان بالفريضة جائز و لا بأس بها بل هذه الرواية تدل علي عكس المدعي مضافا الي الاشكال في السند فلاحظ الرجال.

و منها: ما رواه أبو بكر عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: اذا دخل

______________________________

(1) روض الجنان ص: 184

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 164

______________________________

وقت صلاة فريضة فلا تطوع «1» و هذه الروايه ساقطة من

حيث السند فان أبا بكر لم يوثق و علي فرض كونه في أسانيد كامل الزيارة لا يكفي في وثاقته.

و منها: ما رواه نجية قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: تدركني الصلاة و يدخل وقتها فأبدأ بالنافلة؟ قال فقال ابو جعفر عليه السلام: لا و لكن ابدأ بالمكتوبة و اقض النافلة «2».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ يستفاد منها أن وقت النافلة انقضي بدخول وقت الفريضة فتكون الرواية متعرضة لحكم النوافل المرتبة التي عين لها وقت كما الذراع و الذراعين.

نعم لا يبعد أن يستفاد من الرواية انه لا يجوز قضاء النافلة المرتبة بعد دخول وقت الفريضة قبل الاتيان بها.

و منها: ما رواه زرارة «3» عن أبي جعفر عليه السلام بتقريب ان المستفاد منها انه لا يجوز الاتيان بالنافلة بعد دخول وقت الفريضة و لا يجوز الاتيان بنافلة الفجر بعد دخول الفجر و بعدد بين الكبري بالنحو الكلي و هي أن الصلاة مثل الصوم فكما أن الصوم لا يجوز التطوع به في وقت الفريضة كذلك الصلاة.

و يرد عليه: انا ذكرنا في تلك المسألة ان النتيجة جواز الاتيان بها بعد الفجر بل قلنا بأنه يلزم الاتيان بها بعده فهذه الرواية لا يمكن أن يؤخذ بها في موردها فكيف ببقية الموارد.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل صلي بغير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 133

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 165

______________________________

طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال: يقضيها اذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن

يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه احق بوقتها فليصلها فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع بركعة حتي يقضي الفريضة كلها «1».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية انه يستفاد منها انه لا يجوز الاتيان بالنافلة حتي يؤتي بقضاء الفريضة و لا يخفي انه لا تعرض في الرواية للفرض الادائي بل الرواية مختصة بالقضاء و الالتزام بعموم الحكم بأن الرواية دالة علي عدم الجواز بالنسبة الي الاداء بالاولوية لا شاهد عليه فان بحث المضايقة بحث معروف عند الاصحاب فهذه الرواية تدل علي المدعي بالنسبة الي القضاء ان قلت: قوله عليه السلام و لا يتطوع الي آخره يدل علي المدعي.

قلت: ان النهي عن التطوع عرضي بيان ذلك ان الامام عليه السلام بعد قوله:

«يقضيها اذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار» قال: فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه احق بوقتها فليصلها فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع الحديث فهذه الجملة الاخيرة ليست مستقلة في كلام الامام عليه السلام كي تدل علي المدعي بل من تتمة الكلام السابق فتكون دالة علي أن النهي عن التطوع نهيا عرضيا و بعبارة اخري: قوله عليه السلام: «و لا يتطوع» ليست جملة مستقلة كي تدل علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي رجل من أهل المدينة يا أبا جعفر ما لي لا اراك تتطوع بين الاذان و الاقامة كما يصنع

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4،

ص: 166

______________________________

الناس؟ فقلت: انا اذا اردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة فاذا دخلت الفريضة فلا تطوع «1».

و تقريب الاستدلال بها ظاهر و أفاد سيدنا الاستاد بأن المستفاد منها النهي عن التطوع بين الاذان و الاقامة و أما قبل الاذان أو بين الاذان فلا تعرض في الرواية له.

و الانصاف ان الايراد غير وارد فان الميزان بالجواب و هو باطلاقه يدل علي المنع عن التطوع بعد دخول وقت الفريضة فالظاهر ان الرواية غير قابلة للمناقشة من حيث الدلالة علي المدعي كما أن سندها معتبر.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تصل من النافلة شيئا في وقت الفريضة فانه لا تقضي نافلة في وقت فريضة فاذا دخل وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

و هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها فان ابن ادريس ينقل عن كتاب حريز و الميزان الكلي أن يعمل بخبر الثقة ما لم يحرز خلافه كما حققناه في محله فتأمل.

و أما من حيث الدلالة فقد أفاد سيدنا الاستاد بأن القدر المتقين منها النوافل المرتبة و لا شبهة في جواز الاتيان بها بعد دخول وقت الفريضة فلا يستفاد من الرواية مدعي الخصم بل المستفاد منها عدم جواز الاتيان بالنوافل المرتبة بعد دخول وقت فضيلة الفريضة.

و يرد عليه: انه لا وجه لهذا التقييد فان القدر المتيقن لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق ما دام لا يوجب الانصراف و الظهور فالحق أن الرواية دالة علي عدم مشروعية النافلة في وقت الفريضة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 167

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت: اصلي في وقت فريضة

نافلة؟

قال: نعم في أول الوقت اذا كنت مع امام تقتدي به فاذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة «1» و الظاهر ان الرواية لا بأس بها من حيث الدلالة فانقدح مما ذكرنا ان المقتضي لعدم الجواز تام لا اشكال فيه.

و في قبال هذه الروايات نصوص تدل علي الجواز منها ما رواه سماعة قال:

سألته (سألت أبا عبد اللّه) عن الرجل يأتي المسجد و قد صلي اهله أ يبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال: ان كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة و ان كان خاف الفوت من أجل ما مضي من الوقت فليبدأ بالفريضة و هو حق اللّه ثم يتطوع ماشا الا هو (الامر) موسع أن يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل الا أن يخاف فوت الفريضة و الفضل اذا صلي الانسان وحده أن يبدأ بالفريضة اذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة و ليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت الي قريب من آخر الوقت «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ظاهرا ان التنفل في وقت فضيلة الفريضة جائز لكن الاتيان بالفريضة في وقتها أفضل فان الظاهر من قوله: «يأتي المسجد و قد صلي أهله» ان الداخل يريد أن يصلي جماعة و من الظاهر ان المريد للجماعة لا يدخل المسجد في آخر الوقت و عليه الخوف من فوت الفريضة فوت وقت الفضل لا فوت وقت الاجزاء فتدل الرواية علي جواز النافلة في وقت الفضيلة للفريضة و لو سلم عدم الظهور فلا اشكال في دلالة الرواية علي جواز النافلة من أول الوقت الي زمان فوت الفريضة فدلالة الرواية علي الجواز غير قابلة للإنكار و مقتضي الجمع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 168

______________________________

بين هذه الرواية و بين ما دل علي المنع الالتزام بأن الافضل الاتيان بالفريضة و لو سلم التعارض و عدم الجمع العرفي بين الطرفين يسقط كل منهما و المرجع اطلاق ادلة النفل بل يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع ما دل علي الجواز فان عدم الجواز موافق لقول الحنابلة في الجملة.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو أبدأ بالفريضة قال: ان الفضل أن تبدأ بالفريضة و انما اخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من اجل صلاة الاوابين «1».

و يظهر من هذه الرواية ان الاتيان بالنافلة يجوز مطلقا في وقت الفريضة غاية الامر ان الافضل الاتيان بالفريضة و انما خصص هذا الحكم في وقت صلاة الظهر و العصر بالدليل فلو دار الامر في أول الزوال بين الاتيان بنافلة الظهر و فرضه يكون الافضل الاتيان بالنافلة و أما لو دار الامر بين الفرض و غير نافلته يكون الافضل الاتيان بالفريضة فاته لا يمنعه الا سبحة «2».

فان هذه الرواية تدل ظاهرا بل صريحا علي جواز النافلة في وقت الفضيلة و لو فرض وقوع التعارض بين هذه الرواية و ما تقدم من تلك الروايات الدالة علي الجواز يجري فيه ما ذكرناه آنفا.

و تدل علي الجواز في الجملة جملة من النصوص منها: ما رواه اسحاق بن عمار «3» فان هذه الرواية تدل علي الجواز بالنسبة الي من ينتظر الجماعة.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و 3

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3)

لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 169

______________________________

دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي اذ أذن المؤذن و أقام الصلاة قال: فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام و ليكن الركعتان تطوعا «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان فاتك شي ء من تطوع الليل و النهار فاقضه عند زوال الشمس و بعد الظهر عند العصر و بعد المغرب و بعد العتمة و من آخر السحر «2» و تقريب الاستدلال ظاهر.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي صلاة الليل و الوتر فيذكر اذا قام في صلاة الزوال فقال: يبدأ بالنوافل (بالزوال) فاذا صلي الظهر صلي صلاة الليل و أوتر ما بينه و بين العصر أو متي احب «3».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متي يقضيها؟ قال: متي شاء ان شاء بعد المغرب و ان شاء بعد العشاء «4».

و من النصوص الدالة علي الجواز مطلقا ما رواه عمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرواية التي يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال: اذا أخذ المقيم في الاقامة فقال له: ان الناس يختلفون في الاقامة فقال: المقيم الذي يصلي معه «5».

فان هذه الرواية حاكمة علي جميع الروايات المانعة و مفسرة لها و يستفاد منها

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 57 من أبواب المواقيت الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 49 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(5) الوسائل

الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 170

أو قضائية (1).

______________________________

ان هذا الحكم حكم مختص بمن يريد الجماعة فان مثل هذا الشخص لا يجوز له الاتيان بالنافلة بعد شروع الامام في الاقامة.

(1) و في المقام يقع الكلام تارة من حيث المقتضي لعدم الجواز و اخري من حيث المانع أما الاول فما يمكن أن يقال أو قيل في وجهه امور:

منها: قوله صلي اللّه عليه و آله: لا صلاة لمن عليه صلاة «1» فان مقتضي اطلاقه انه لا يجوز الاتيان بالصلاة مطلقا فيما يكون صلاة علي المكلف حتي الفرائض اليومية لكن الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: أن القضاء فوري فلا يجوز الاتيان بالنافلة. و برد عليه اولا: ان هذا اول الكلام فانا لا نسلم الفورية و الكلام يقع فيه في محله.

و ثانيا: ان هذا الاستدلال مبني علي كون الفورية فورية حقيقية دقية بحيث ينافي الاشتغال بكل عمل مباح و مستحب.

و ثالثا: ان الفورية لا تنافي استحباب النافلة الاعلي القول باقتضاء الامر بالشي ء النهي عن ضده و لا نقول به. و بعبارة اخري: غاية ما في الباب انه يجب علي المكلف الاشتغال بالقضاء و لا يدل علي عدم مشروعية النافلة الذي هو محل الكلام.

و رابعا: هذا التقريب انما يتم فيما يكون المكلف مكلفا بالقضاء و أما لو لم يكن عليه واجبا بالفعل للغفلة أو لفقد بعض الشرائط أو لإكراه مكره يكرهه علي عدم الاتيان فلا مانع من الاتيان بالنافلة فلا تغفل.

و منها: ان الفريضة الحاضرة مترتبة علي الفائتة و قبل الاتيان بالفائتة لا يجوز الاتيان بالحاضرة و بالاولوية نلتزم بالترتب في النوافل.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 46 من المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 171

______________________________

و يرد

عليه: انه ليس الالتزام بالترتب في الفرائض من باب التزاحم كي يقال:

بأن الفريضة لو لم تكن مزاحمة للفائتة لا تكون النافلة مزاحمة له بالاولوية بل علي تقدير القول به يكون المدرك النصوص و عليه لا وجه لتسرية الحكم الي النوافل و لا سيما في النوافل المبتدئة و الحاصل انه لا وجه صحيح لهذا الاستدلال.

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتي تبزغ الشمس أ يصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتي تنبسط الشمس؟ فقال: يصلي حين يستيقظ قلت: يوتر أو يصلي الركعتين قال: بل يبدأ بالفريضة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية ظاهر فانه يستفاد منها عدم جواز تقديم النافلة علي الفريضة الفائتة و لكن يعارضها في نفس موردها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نام عن الغداة حتي طلعت الشمس فقال: يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة «2».

و حيث لا ترجيح يتساقطان فالمدرك الادلة الاولية و مقتضاها الجواز هذا اولا و ثانيا: انه علي تقدير القول به يكون الحكم واردا في خصوص صلاة الفجر فلا وجه لعموم الحكم بالنسبة الي كل فائتة.

و ثالثا: لا وجه لسراية الحكم الي كل نافلة فان الحكم الوارد يختص بخصوص نافلة الفجر و الوتر فلا وجه لتسرية الحكم الي كل نافلة.

و منها: ما رواه الشهيد الثاني عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام اصلي نافلة و علي فريضة أو في وقت الفريضة؟ قال: لا انه لا يصلي نافلة في وقت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 172

______________________________

فريضة أ رأيت لو كان

عليك من شهر رمضان أ كان لك أن تتطوع حتي تقضيه؟ قال:

قلت: لا قال: فكذلك الصلاة «1».

فان هذه الرواية تدل علي عدم جواز التطوع لمن عليه فريضة لكن يعارضه ما رواه الشهيد عن زرارة عن أبي جعفر قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتبة و أصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال: من يكلؤنا فقال بلال: أنا فنام بلال و ناموا حتي طلعت الشمس فقال: يا بلال ما أرقدك؟ فقال: يا رسول اللّه أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة و قال: يا بلال أذن فأذن فصلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ركعتي الفجر و أمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح «2» فانها بعد التعارض يتساقطان مضافا الي أن في سنديهما اشكالا كما مر.

و منها: ما رواه زرارة «3». بتقريب انه عليه السلام قال: «و لا يتطوع بركعة» فنهي عن التطوع.

و يمكن أن يقال في الجواب بأن هذه الجملة ليست جملة مستقلة اذ بعد قوله «من ليل أو نهار قال: فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق بوقتها فليصلها فاذا قضاها

______________________________

(1) روض الجنان ص: 184

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 164

مباني

منهاج الصالحين، ج 4، ص: 173

ما لم تتضيق (1).

______________________________

فليصل ما قد فاته مما قد مضي و لا يتطوع» فهذه الجملة ليست مستقلة بل من تتمة الجملة السابقة فيكون النهي عنها غيريا فلو لم يكن النهي عن النافلة ذاتيا تقع صحيحة فيما لا تكون الفريضة واجبة بالفعل لعلة من الغفلة أو اعتقاد الاتيان بها أو فقد شرط من شرائطها بل يجوز الاتيان بها و لو مع الامر الفعلي بالفريضة لصحة الترتب.

و لو اغمض عن جميع ما ذكر نقول: قد ثبت في المسألة السابقة جواز التطوع في وقت الفريضة الحاضرة فلو ثبت الجواز هناك يكون الجواز في المقام بطريق أولي فانه لا قائل بالجواز هناك و المنع في المقام كما أن ما رواه الشهيد يقتضي العكس بأن نلتزم بالجواز في المقام و نمنع هناك.

هذا و لكن يمكن الاشكال في هذا الجواب بأن نقول بعد ما استفيد من هذه الرواية الواردة في المقام المنع نلتزم بالمنع هناك بالاولوية و لا وجه لتقديم تلك الروايات بل يقع التعارض بين الطائفتين لكن الترجيح مع تلك الطائفة لتأخرها و كونها أحدث فانها مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام و هذه الرواية مروية عن أبي جعفر عليه السلام اضف الي ما ذكر أن جواز التطوع في وقت الفريضة لعله من الواضحات و اللّه العالم.

(1) فانه بعد تضيق وقت الفريضة لا يجوز الاتيان بالنافلة بلا اشكال لان الاتيان بها يوجب فوت الواجب و من البديهي ان المندوب لا يزاحم المفروض.

لكن لا يخفي انه لو عصي المكلف و اتي بالنافلة تكون صحيحة اذ لا دليل علي عدم مشروعيتها في تلك الحال بل عدم الجواز من باب التزاحم و التضاد و قد حقق في محله

ان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن الضد و لذا لو تخيل المكلف انه صلي صلاته أو شهد عنده شاهدان عدلان علي أنه صلي و الحال انه لم يصل

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 174

[مسألة 17: إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد]

(مسألة 17): اذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة اذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد (1) و لو صلي قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها فالاقوي كفايتها و عدم وجوب الاعادة و ان كان الاحوط استحبابا الاعادة في الصورتين (2).

______________________________

في الواقع و أتي بالنافلة تكون صحيحة بلا تحقق معصية منه كما هو ظاهر.

(1) فان دليل من أدرك يدخله في موضوع التكليف فيجب عليه.

(2) ربما يقال: بأنه لا يجزيه ما أتي به في حال صغره لان عباداته في حال الصغر تمرينية. و يرد عليه ان الحق ان عبادات غير البالغ شرعية فلا اشكال من هذه الجهة.

و ربما يستدل علي عدم الاجزاء بأن المتوجه الي الصبي علي الفرض أمران:

احدهما وجوبي و الاخر ندبي و الاصل عدم اجزاء المأتي به بالامر الندبي عن الامر الوجوبي. و بعبارة اخري: ان التداخل في المسبب علي خلاف القاعدة الاولية.

و اجيب عن هذا الاشكال بأن المفروض ان الماهية واحدة و لا يمكن تعلق امرين بماهية واحدة و ان شئت قلت: ان المفروض ان الصلاة وقعت صحيحة من الصبي فطلب الصلاة بعد البلوغ تحصيل للحاصل.

و بعبارة ثالثة: ان الامر المتعلق بالعبادة لا يشمل من أتي بها صحيحة. لكن لنا أن نقول: انه لا منافاة بين كون عبادت الصبي شرعية و عدم الاجزاء اذ من الممكن انه يوجد بعد البلوغ ملاك ملزم في الفعل و من الظاهر انه مع وجود الملاك لا بد

من تحقق الفعل في الخارج نعم لو كان عدم تعلق التكليف بالصبي من باب الامتنان لكان الاجزاء علي القاعدة.

و بعبارة واضحة: انه لو كان الملاك الملزم في العبادة عاما لجميع أفراد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 175

[المقصد الثاني القبلة]

اشارة

المقصد الثاني القبلة يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف (1).

______________________________

الموضوع اعم من البالغ و غيره و عدم توجه التكليف بالصبي من باب اللطف لا من باب عدم الملاك لم يكن مجال لتوجهه بعد البلوغ اذ المفروض ان الملاك حصل بما أتي به في حال عدم البلوغ و أما ان كان من باب عدم الاقتضاء و عدم تحقق الملاك الملزم في حقه فلا مقتضي للاجزاء لان الملاك المقتضي للأمر الندبي غير الملاك المقتضي للأمر الوجوبي و مع تعدد الامر بتعدد الملاك يكون الاجزاء علي خلاف الاصل و الالتزام به يحتاج الي دليل خاص و هو مفقود في المقام و مجرد احتمال وحدة الملاك الالزامي غير كاف بل اطلاق الامر الوجوبي محكم الا أن يقال: ان المستفاد من حديث الرفع ان الملاك تام حتي في حق غير البالغ و الرفع للامتنان فالاجزاء علي القاعدة لكن لا اشكال في أن الاعادة حسن.

(1) هذا هو المشهور بين الاصحاب- كما في بعض الكلمات- و يظهر من بعض العبائر انه المنسوب الي الاكثر و في قبال هذا القول قول و هو أن الكعبة قبلة لمن في المسجد و هو قبلة لمن في الحرم و هو قبلة للخارج عنه و نقل عن المحقق انه الا ظهر و نقل نسبته الي الاكثر و نسب الي الخلاف الاجماع عليه.

و ما يمكن أن يكون وجها لهذا القول أمران: الاول: الاجماع الثاني جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه

بن محمد الحجال عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان اللّه تعالي جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 176

______________________________

و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا «1».

و منها: ما رواه بشر بن جعفر الجعفي عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

سمعته يقول: البيت قبلة لأهل المسجد و المسجد قبلة لأهل الحرم و الحرم قبلة للناس جميعا «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال قال الصادق عليه السلام ان اللّه تبارك و تعالي جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا «3».

و منها: ما رواه أبو غرة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: البيت قبلة المسجد و المسجد قبلة مكة و مكة قبلة الحرم و الحرم قبلة الدنيا «4».

أما الاجماع فغير قابل للاستناد اليه فانه كيف يمكن ادعائه مع هذا الخلاف الفاحش مضافا الي أن المحصل منه غير حاصل و المنقول منه غير حجة.

و أما الروايات فهي ضعاف سندا فان الاولي و الثالثة مرسلتان و في سند الثانية بشر بن جعفر و في الرابعة أبو غرة و هما لم يوثقا فالروايات ضعيفة سندا و اعتبارها بعمل المشهور بها ممنوع صغري و كبري.

مضافا الي أنه ربما يقال: انه يلزم ان الخارج عن الحرم مجاز في استقباله و الاكتفاء به و لو مع العلم بأنه مستدبرا للكعبة.

و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ و أيضا يلزم التخصيص الاكثر بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 177

______________________________

ما اوجب استقبال الكعبة فان

نسبة من يصلي في المسجد الي من يصلي في خارج المسجد نسبة واحد الي الملايين فالحق هو القول الاول.

و نقل عن الشهيد قدس سره انه يكفي استقبال الجهة و استدل بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا صلاة الا الي القبلة قال: قلت: و اين حد القبلة؟ قال: ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان ما بين المشرق و المغرب كله قبلة و مقتضي هذا القول ان القبلة عبارة عن الجنوب و لا شبهة في أنه لا يمكن الالتزام به فانه كما صرح به المحقق الهمداني قدس سره لم ينقل عن احد الالتزام بالاتساع بهذا المقدار نعم فيمن أخطأ في تشخيص القبلة و صلي بين المشرق و المغرب يمكن الالتزام بصحة صلاته و أيضا يكون هذا القول مخالفا لضرورة الفقه لو لم يكن مخالفا لضرورة الدين و أيضا يكون مخالفا لمرتكز المتشرعة من أن القبلة هي الكعبة بحيث يلقنون الاموات بها بل لا يبعد أن يقال: بأن هذه الرواية تخالف الكتاب فان الواجب بحسب الكتاب التحول شطر المسجد الحرام قال اللّه تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ* «2».

قال الراغب في مفرداته شطر الشي ء نصفه و وسطه فمن الممكن أن يكون المراد من الاية ان الواجب التحول الي وسط المسجد فتكون القبلة نفس البيت فتكون الرواية مخالفة للكتاب.

و ان ابيت عن ذلك و قلت: ان الشطر عبارة عن الجهة و لا شبهة في أن الكعبة في الجنوب فأي تناف بين الاية و الرواية قلت: لا شبهة في أن استقبال الجنوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القبلة الحديث: 9

(2) البقرة/ 144

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 178

الذي هو من

تخوم الارض الي عنان السماء (1) في جميع الفرائض

______________________________

بأي نحو كان لا يكون تحولا الي جهة المسجد كما ينقدح بأدني تأمل فالرواية مخالفة للآية مطلقا و لا يمكن الاستناد اليها.

(1) نقل عن المفاتيح عدم الخلاف و نقل عن المنتهي انه لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم و عن كشف اللثام انه اجماع من المسلمين و يدل عليه مرسل الفقيه قال: قال الصادق عليه السلام: أساس البيت من الارض السابعة السفلي الي الارض السابعة العليا «1».

و هذه الرواية من حيث الدلالة علي المطلوب تامة لكن من حيث السند ضعيفة.

و يدل عليه في الجملة ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأله رجل قال: صليت فوق أبي قبيس العصر فهل يجزي ذلك و الكعبة تحتي؟

قال: نعم انها قبلة من موضعها الي السماء «2».

و هذه الرواية أيضا ساقطة سندا لضعف سند الشيخ الي الطاطري فان احمد بن عبدون في السند و هو لم يوثق.

و يدل علي المقصود في الجملة أيضا ما رواه خالد بن أبي اسماعيل قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصلي علي أبي قبيس مستقبل القبلة فقال: لا بأس «3» و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بسندها.

و يمكن أن يقال: بأنه لا يلزم اثبات كون القبلة من تخوم الارض الي عنان السماء بالنصوص اذ مضافا الي أن هذا الامر مورد الاتفاق و التسالم بين الاصحاب ان الاستقبال يتحقق و لو علي القول بعدم كون القبلة كذلك و انها نفس البنية فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 179

اليومية (1) و توابعها من الاجزاء المنسية

(2) بل سجود السهو علي الاحوط الاولي (3) و النوافل اذا صليت علي الارض في حال الاستقرار علي

______________________________

الاستقبال لا يتوقف علي كون المستقبل و القبلة في سطح واحد و لذا يمكن للإنسان استقبال الشمس و الكواكب و يصدق هذا المفهوم كما أنه يصدق هذا المعني و لو كانت القبلة أسفل من المستقبل فلا اشكال من هذه الجهة.

(1) لا يكون من الجزاف أن يدعي انه من ضروريات الدين مضافا الي اجماع الامامية بل قاطبة المسلمين منقولا بل محصلا.

و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ* «1» لاحظ ما رواه زرارة «2» و من السنة جملة من النصوص المذكورة في الباب 1 من أبواب القبلة من الوسائل منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال: الوقت و الطهور و القبلة «3».

(2) فان المفروض انها جزء الصلاة فيشترط فيها ما يعتبر فيها و ان شئت قلت:

ان الظاهر من الدليل ان الاتيان به لا بد أن يكون مثل ما لو أتي به في الصلاة.

(3) ربما يستدل علي الوجوب بما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: صلي بنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الظهر خمس ركعات ثم انفتل فقال له القوم: يا رسول اللّه هل زيد في الصلاة شي ء؟ قال: و ما ذاك؟ قال: صليت بنا خمس ركعات قال فاستقبل القبلة و كبر و هو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيها قراءة و لا ركوع ثم سلم و كان يقول: هما المرغمتان «4».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي الاشتراط مضافا الي أن مضمونها غير قابلة

______________________________

(1) البقرة/ 144

(2) لاحظ ص: 180

(3) الوسائل

الباب 1 من أبواب القبلة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 180

الاحوط (1).

______________________________

للقبول فالامر كما أفاده.

(1) قال في الحدائق: ربما يظهر من بعض العبارات جواز النافلة الي غير القبلة و ان كان مستقرا علي الارض و هو بعيد لان العبادات موقوفة علي التشريع من صاحب الشرع و لم ينقل عنه ذلك فيكون ايقاعها كذلك تشريعا محرما».

و يمكن الاشكال فيه بأنه ما المانع من استصحاب عدم تعلق الامر بالاكثر كما أنه لا مانع من جريان البراءة منه كما ذكرنا في ذلك البحث نعم يدل علي الوجوب ما رواه زرارة «1» و ما رواه أيضا «2» فان مقتضي اطلاق الروايتين عدم الفرق بين الفريضة و النافلة مضافا الي وضوح الامر بحيث يري خلاف ما ذكر مستنكرا عند المتشرعة.

و ان شئت قلت: هذا أمر لو كان مشروعا في الشريعة لكان معلوما لدي الكل لكثرة الابتلاء به و ملخص الكلام ان التشكيك في مثله يعد من الوسواس فانه أظهر من الامس و أبين من الشمس.

و بما ذكرنا ظهر انه لا يبقي مجال لقول الخصم و لكن نتعرض لما يمكن أن يقال أو قيل في وجه عدم الوجوب و هو امور:

الاول: الاصل فان مقتضي الاصل العملي عدم الوجوب. و فيه انه انما يجوز التمسك بالاصل عند الشك لا مع العلم بالخلاف.

الثاني صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له: استقبل القبلة بوجهك و لا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان اللّه عز و جل يقول لنبيه في الفريضة «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» *

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) لاحظ ص:

179

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 181

______________________________

الحديث «1».

بدعوي: ان الحكم مخصوص بالفريضة بمقتضي هذا الحديث. و فيه: ان الكلام في الاشتراط و ما يستفاد من الرواية اختصاص الاية بالفريضة و أما اختصاص الحكم بها فلا.

الثالث: ما رواه العياشي عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الصلاة في السفر في السفينة و المحمل سواء؟ قال: النافلة كلها سواء تؤمي إيماء اينما توجهت دابتك و سفينتك و الفريضة تنزل لها عن المحمل الي الارض الا من خوف فان خفت أومأت و أما السفينة فصل فيها قائما و توخ القبلة بجهدك فان نوحا عليه السلام قد صلي الفريضة فيها قائما متوجها الي القبلة و هي مطبقة عليهم قال:

قلت و ما كان علمه بالقبلة فيتوجهها و هي مطبقة عليهم؟ قال: كان جبرئيل عليه السلام يقومه نحوها قال قلت: فأتوجه نحوها في كل تكبيرة قال: أما في النافلة فلا انما تكبر علي غير القبلة اللّه أكبر ثم قال: كل ذلك قبلة للمتنفل اينما تولوا فثم وجه اللّه «2» و سند الرواية ضعيف.

الرابع: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال:

اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «3».

و تقريب الاستدلال: ان مقتضي مفهوم الشرط عدم وجوب الاعادة اذا كان الالتفات في غير المكتوبة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب القبلة الحديث: 17

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 182

أما اذا صليت حال المشي أو في السفينة فلا يجب فيها الاستقبال (1).

______________________________

و فيه: ان الشرطية في الرواية لا مفهوم

لها فانها سيقت لبيان الموضوع فان مفهوم الشرطية انه اذا لم تلتفت في المكتوبة فلا تعد و ليس مفهومها انه لو التفت في النافلة فلا تعد.

الخامس: ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: اذا كانت الفريضة و التفت الي خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلي و لا يعتد به و ان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود «1»

و فيه: ان غاية ما يستفاد من الرواية ان الالتفات حتي الي الخلف لا يفسد النافلة و هذا لا يدل علي عدم اشتراط الاستقبال فيها مضافا الي الاشكال في سند الرواية.

(1) نقل عن بعض الاجماع في الركوب و نقل عدم الخلاف في المشي و العمدة النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة علي البعير و الدابة فقال: نعم حيث كان متوجها و كذلك فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قلت علي العبير و الدابة قال: نعم حيث ما كنت متوجها قلت: استقبل القبلة اذا أردت التكبير؟ قال: لا و لكن تكبر حيث ما كنت متوجها و كذلك فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «2».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في السفر و هو يمشي و لا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار و هو يمشي يتوجه الي القبلة ثم يمشي و يقرأ فاذا أراد أن يركع حول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 6

و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 183

و ان كانت منذورة (1).

______________________________

وجهه الي القبلة و ركع و سجد ثم مشي «1» و السند مخدوش بالبرقي.

و منها غيرهما المذكور في الباب 15 و 16 من أبواب القبلة من الوسائل.

و السيرة من المتشرّعة جارية علي ذلك و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم.

(1) فان الظاهر من الادلة بحسب المتبادر الي الذهن ان المراد بالنفل العنوان الاولي فلا يؤثر فيه العنوان العارضي بالنذر و نحوه و هذا هو العمدة و الا يشكل الامر فان ما رواه ابن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل للّه عليه أن يصلي كذا و كذا هل يجزيه أن يصلي ذلك علي دابته و هو مسافر؟ قال نعم «2» و ان كان تاما من حيث الدلالة لكن مخدوش سندا فان محمد بن أحمد العلوي لم يثبت وثاقته فان فيه بحثا يطلب من مظانه من الرجال.

بقي شي ء و هو أن صاحب الحدائق نقل عن ابن ادريس بأنه قطع بوجوب الاستقبال بالتكبيرة و الدليل علي هذا المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل قال:

اذا كنت علي غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك قلت:

جعلت فداك في أول الليل؟ فقال: اذا خفت الفوت في آخره «3».

و قد رده صاحب الحدائق بأن ما أفاده و ان كان صحيحا حيث ان الرواية المشار اليها تقتضيه لكن يعارضها ما رواه الحلبي «4» عن أبي عبد اللّه عليه السلام فانه قد صرح فيه بعدم الوجوب و بهذا النحو لا بد أن يجاب عن استدلال ابن

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من

أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 182

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 184

[مسألة 18: يجب العلم بالتوجه إلي القبلة و تقوم مقامه البينة]

(مسألة 18): يجب العلم بالتوجه الي القبلة (1) و تقوم مقامه البينة (2) بل و اخبار الثقة (3) و كذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم و قبورهم و مجاريبهم اذا لم يعلم بنائها علي الغلط (4) و مع تعذر ذلك يبذل جهده

______________________________

ادريس لا كما أفاد سيد المدارك حيث رده باطلاق الاخبار فان اطلاق الاخبار يقيد بما رواه ابن أبي نجران كما هو القاعدة.

هذا لكن ما أفاده صاحب الحدائق أيضا غير تام اذ في سند رواية الحلبي محمد بن سنان الذي فيه ما فيه فلا اعتبار بها و عليه لا بد من الاخذ بما رواه ابن أبي نجران و علي فرض غض النظر عن اشكال السند تقع المعارضة بين الروايتين و الترجيح مع رواية ابن أبي نجران حيث انها احدث اذ رويت عن أبي الحسن عليه السلام.

لكن لا يخفي ان الظاهر من رواية ابن أبي نجران ان السؤال و الجواب ناظر ان الي صلاة الليل فلا وجه لشمول الحكم لسائر الصلوات المندوبة و عدم القول بالفصل بين الموارد لا يرجع الي محصل صحيح فلاحظ و تأمل.

(1) فانه بدون العلم يشك في سقوط التكليف و استصحاب بقاء التكليف يقتضي عدم حصول الامتثال كما أن قاعدة الاشتغال تقتضي بقائه.

(2) لكون البينة حجة في الموضوعات و المقام من مصاديقها.

(3) حيث ان الماتن يري اعتبار قول الثقة في الموضوعات.

(4) ادعي عليه الاجماع و حاله معلوم نعم لا يبعد أن تكون السيرة قائمة عليه و هل يجوز ترتيب الاثر عليه حتي مع التمكن

من العلم؟ فيه اشكال كما أنه لو حصل الظن بالخلاف يشكل جواز ترتيب الاثر اذ دائرة السيرة ليست بهذه المثابة بحيث يترتب عليها الاثر حتي مع الظن بالخلاف و مع ذلك كله الالتزام باعتبارها مطلقا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 185

في تحصيل المعرفة بها و يعمل علي ما تحصل له و لو كان ظنا (1) و مع

______________________________

ليس جزافا فلاحظ.

(1) يدل عليه ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يجزي التحري أبدا اذا لم يعلم أين وجه القبلة «1» فان المجزي في حال عدم العلم التحري و هو عبارة عن طلب ما هو الاحري و أليق بالاستعمال- علي ما في مجمع البحرين-.

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم ير الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك «2».

و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت عبدا صالحا عن رجل صلي في يوم سحاب علي غير القبلة ثم طلعت الشمس و هو في وقت أ يعيد الصلاة اذا كان قد صلي علي غير القبلة؟ و ان كان قد تحري القبلة بجهده أ تجزيه صلاته فقال: يعيد ما كان في وقت فاذا ذهب الوقت فلا اعادة عليه «3».

و مثله ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون في قفر من الارض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحي فيعلم أنه صلي لغير القبلة كيف يصنع؟ قال: ان كان في وقت فليعد صلاته و ان كان مضي الوقت فحسبه اجتهاده «4».

و كذا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه

السلام في الاعمي يؤم القوم و هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 186

تعذره يكتفي بالجهة العرفية (1) و مع الجهل بها صلي الي اي جهة شاء (2).

______________________________

علي غير القبلة قال: يعيد و لا يعيدون فانهم قد تحروا «1».

(1) اذ يمكن أن يقال: ان المستفاد من دليل التحري و حديث زرارة و محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: يجزي المتحير أبدا اينما توجه اذا لم يعلم أين وجه القبلة «2» ان الوظيفة العمل بما هو أقرب الي الواقع فلاحظ.

(2) المشهور شهرة عظيمة وجوب الصلاة الي أربع جهات- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن صريح الغنية الاجماع عليه و يدل عليه مرسل الصدوق قال: روي فيمن لا يهتدي الي القبلة في مفازة أنه يصلي الي أربعة جوانب «3».

و مرسل الكليني قال: و روي أيضا أنه يصلي الي أربع جوانب «4».

و مرسل خراش عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون اذا اطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا و أنتم سواء في الاجتهاد فقال: ليس كما يقولون اذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه «5».

و لا يخفي ان الشهرة ليست حجة و الاجماع حاله معلوم و المرسل لا اعتبار به فلا سند لهذا المدعي بل مقتضي القاعدة الصلاة الي جوانب مختلفة كي يعلم بوقوعها الي القبلة.

و في قبال هذا القول قول بالاجتزاء و كفاية صلاة واحدة ذهب اليه جملة من الاعلام- علي ما نسب اليهم- و منهم الأردبيلي و صاحب الحدائق

و اختاره سيدنا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 187

______________________________

الاستاد في المتن و يدل عليه ما عن أبي جعفر «1». و الاشكال في سند الصدوق الي زرارة و ابن مسلم. و فيه: ان سنده الي زرارة معتبر.

و يدل عليه أيضا مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير فقال: يصلي حيث يشاء «2».

و هذه المرسلة لا اعتبار بها من جهة الارسال و كون المرسل مثل ابن أبي عمير لا أثر له كما حقق في محله.

و يدل عليه أيضا ما رواه معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيري أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا فقال له: قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة و نزلت هذه الاية في قبلة المتحير وَ لِلّٰهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ «3».

و الاشكال في الرواية بأنه يحتمل كون الذيل من كلام الصدوق مدفوع بأن الظاهر حجة و مجرد الاحتمال لا يوجب رفع اليد عن الظاهر مضافا الي أن الصدوق كيف يمكن أن يدرج كلامه في الرواية و لم يشعر به أ ليس هذا خلافا لمقامه و ديانته؟

و أما الاشكال فيها بأنها وردت جملة من النصوص تدل علي أن الاية نزلت في النافلة لاحظ ما رواه الطبرسي في مجمع البيان عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله تعالي: فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ انها ليست بمنسوخة

و أنها مخصوصة بالنوافل في حال السفر «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 186

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب القبلة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 1 و من لا يحضره الفقيه ج 1 ص:

179 حديث: 6

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 188

______________________________

و ما رواه محمد بن الحسن في النهاية عن الصادق عليه السلام في قوله تعالي:

فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ قال: هذا في النوافل خاصة في حال السفر فاما الفرائض فلا بد فيها من استقبال القبلة «1».

و ما رواه العياشي في تفسيره عن حريز قال: قال أبو جعفر عليه السلام أنزل اللّه هذه الاية في التطوع خاصة فأينما تولوا فثم وجه اللّه ان اللّه واسع عليم و صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ايماء علي راحلته أينما توجهت به حيث خرج الي خيبر و حين رجع من مكة و جعل الكعبة خلف ظهره «2».

و ما رواه زرارة «3»، فيدفع بأن الظاهر أن تلك الروايات ضعيفة سندا مضافا الي أنه لا مانع من نزول الاية في كلا المقامين فتأمل.

و أما الاشكال فيها بأنها منافية لوجوب التحري فمدفوع بأنه قابل للتقييد فان هذه الرواية تقيد بدليل وجوب التحري مضافا الي أن ذلك الدليل حاكم علي المقام فان هذا حكم المتحير و مع امكان التحري لا تحير فان الظن الحاصل من التحري حجة علي الفرض و يكون علما تعبديا و مع العلم لا تصل النوبة الي وظيفة المتحير كما هو ظاهر.

و أما ما عن السيد من الرجوع الي القرعة ففيه انه مع وجود النص لا مجال للعمل بالقرعة التي عينت للمشكل مضافا الي أن سعة دائرة حجية القرعة

بهذا المقدار اول الكلام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) نفس المصدر الحديث: 23

(3) لاحظ ص: 181

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 189

و الاحوط استحبابا أن يصلي الي أربع جهات مع سعة الوقت و الاصلي بقدر ما وسع (1) و اذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة الي المحتملات الاخر (2).

[مسألة 19: من صلي إلي جهة اعتقد أنها القبلة ثم تبين الخطأ]

(مسألة 19): من صلي الي جهة اعتقد انها القبلة ثم تبين الخطأ فان كان منحرفا الي ما بين اليمين و الشمال صحت صلاته (3) و اذا التفت في الاثناء مضي ما سبق و استقبل في الباقي (4) من غير فرق بين

______________________________

(1) لا اشكال في حسنه مع الامكان.

(2) كما هو ظاهر فانه مع العلم بعدمها في بعض الجهات لا وجه للإتيان بالصلاة الي تلك الجهة.

(3) لعدة نصوص منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا الي القبلة قال قلت: أين حد القبلة؟ قال:

ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «2».

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كان يقول من صلي علي غير القبلة و هو يري أنه علي القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا اعادة عليه اذا كان فيما بين المشرق و المغرب «3».

(4) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في رجل صلي علي غير القبلة فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته قال: ان كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول

______________________________

(1) لاحظ ص: 187

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 190

بقاء الوقت و عدمه و لا بين المتقين و الظان و الناسي و الغافل (1).

نعم اذا كان ذلك عن جهل بالحكم فالاقوي لزوم الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه (2) و أما اذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال أعاد في الوقت (3) سواء كان التفاته أثناء الصلاة أو بعدها (4) و لا يجب القضاء اذا التفت خارج الوقت (5).

______________________________

وجهه الي القبلة ساعة يعلم و ان كان متوجها الي دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه الي القبلة ثم يفتتح الصلاة «1».

(1) للإطلاق.

(2) لعدم الدليل علي الاجزاء و مقتضي القاعدة الاولية عدمه فتجب الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان وجوب الاعادة علي القاعدة لانتفاء المشروط بانتفاء الشرط مضافا الي النصوص الدالة علي وجوب الاعادة لو انكشف الخلاف في الوقت لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و انت علي غير القبلة و استبان لك انك صليت و أنت علي غير القبلة و أنت في وقت فأعد و ان فاتك الوقت فلا تعد «2» و ما رواه يعقوب بن يقطين «3».

(4) لما قلنا من أن الاجزاء لا دليل عليه مضافا الي اطلاق النصوص أو كون الحكم بالبطلان أولي اذا كان في الاثناء.

(5) و الوجه فيه جملة من النصوص الواردة في الباب 11 من أبواب القبلة من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 185

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 191

[المقصد الثالث: الستر و الساتر]

ااشرة

المقصد الثالث:

الستر و الساتر و فيه فصول:

[الفصل الأول: يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة]

اشارة

الفصل الاول: يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة (1).

______________________________

الوسائل منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و منها: ما رواه يعقوب بن يقطين «2».

و في قبال هذه الطائفة من النصوص رواية معمر بن يحيي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي علي غير القبلة ثم تبينت القبلة و قد دخل وقت صلاة اخري قال: يعيدها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها «3» و هذه الرواية لا اعتبار بها فان اسناد الشيخ الي الطاطري ليس صحيحا.

(1) للإجماع بقسميه- كما في الجواهر- منا و من أكثر العامة علي اشتراط الصحة به و لقوله تعالي: «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» «4» بناء علي ما في مجمع البيان من أن الزينة هنا ما يواري به العورة في الصلاة و الطواف.

و لا يخفي ان الاستدلال بالآية علي المدعي يتوقف علي تفسير وارد من العترة بطريق معتبر و لكن الاجماع و التسالم بين الاصحاب و وضوح الامر يكفي لإثبات المدعي.

و مما استدل به علي المقصود ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: قلت

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

(2) لاحظ ص: 185

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 5

(4) الاعراف/ 31

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 192

______________________________

لأبي جعفر عليه السلام: الرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: اذا كان كثيفا فلا بأس به و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان الدرع كثيفا يعني اذا كان ستيرا «1».

فان مفهوم الشرطية يقتضي البطلان و باطلاقه يقتضي عدم الفرق بين وجود الناظر و عدمه و ما أفاده سيد المستمسك من أنه ليس واردا في مقام تشريع شرطية الستر بل في

مقام الاجتزاء بالواحد في مقابل اعتبار التعدد لا يرجع الي محصل صحيح فانه لا شبهة في أنه يفهم من الرواية ان عدم البأس يتوقف علي الساتر الكثيف و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الموارد كما ذكرنا.

و استشهد برواية أبي مريم الانصاري في حديث قال: صلي بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار و لا رداء فقال: ان قميصي كثيف فهو يجزي أن لا يكون علي ازار و لا رداء «2»

و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة فانه لم يوثق مضافا الي أن الكلام في هذه الرواية هو الكلام فانه لا وجه لعدم الاطلاق اذ يمكن أن يكون ما يصدر من الامام ناظرا الي جهات عديدة و اصالة البيان من الاصول العقلائية التي تجري عند الشك في كون المولي في مقام البيان أم لا.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الرواية البأس فيما يصلي في لباس واحد لا يكون كثيفا و مقتضاه وجود البأس مع عدم وجود الناظر و الحال انه لو لا الشرطية المطلقه لما كان وجه للفساد و البأس.

و مما استدل به علي المطلوب النصوص الواردة في حكم العاري منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليهما السلام قال: سألته عن الرجل قطع عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 193

و توابعها (1) بل و سجود السهو علي الاحوط استحبابا (2) و ان لم يكن ناظر أو كان في ظلمة (3).

[مسألة 20: إذا بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم أو نسي سترها صحت صلاته]

(مسألة 20): اذا بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت بادية من الاول و هو لا يعلم أو نسي سترها صحت صلاته (4)

و اذا التفت في

______________________________

أو غرق متاعه فبقي عريانا و حضرت الصلاة كيف يصلي؟ قال: ان اصاب حشيشا يستر به عورته اتم صلاته بالركوع و السجود و ان لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم «1».

الي غيره من الروايات الواردة في الباب 50 من أبواب لباس المصلي من الوسائل.

بتقريب: ان هذه النصوص تدل باطلاقها ان العاري يومي للركوع و السجود و لو لم يكن اللباس شرطا مطلقا لما كان وجه لبدلية الايماء عن الركوع و السجود عند عدم ناظر محترم فالمسألة واضحة من حيث النص مضافا الي الاجماع المحصل و المنقول.

(1) فان الظاهر من دليل القضاء انه كالأداء في جميع الاحكام و الشرائط.

(2) اذ لا دليل علي الوجوب و حسن الاحتياط ظاهر.

(3) لإطلاق الروايات و قد مر الكلام حول هذه الجهة فلاحظ.

(4) لقاعدة لا تعاد مضافا الي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل صلي و فرجه خارج لا يعلم به هل عليه اعادة أو ما حاله؟ قال: لا اعادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 194

الاثناء أعاد صلاته علي الاظهر (1).

______________________________

عليه و قد تمت صلاته «1».

(1) مقتضي اطلاق العبارة عدم الفرق بين المبادرة الي الستر و عدمها أما البطلان مع عدم المبادرة فعلي القاعدة اذ معناه الاخلال بالشرط عمدا و أما الصحة في صورة المبادرة فما يمكن أن يقال في وجهها أمور:

منها الاصل العملي اي اصالة البراءة عن الشرطية بدعوي: ان دليل الاشتراط لا يقتضي التستر في الآنات المتخللة و بعد عدم المقتضي تصل النوبة الي الاصل العملي.

و فيه ان الظاهر من الادلة بحسب الفهم العرفي اشتراط التستر بين المبدأ و

المنتهي لا خصوص حال الاشتغال بالاذكار و الانصاف ان هذا ظاهر لا سترة عليه فلا مجال لأصالة البراءة.

و منها: مفاد حديث لا تعاد بتقريب ان الحديث يشمل الاثناء كما أنه يشمل بعد اتمام الصلاة. و بعبارة اخري: كلما لا يكون عن عمد لا يفسد الصلاة.

و فيه ان الظاهر من الحديث و لو بحكم الانصراف انه ناظر الي صورة انكشاف الخلاف و لا يشمل ما لو يكون المصلي عالما بفقدان الجزء أو الشرط أو وجود المانع.

لكن للمناقشة في هذا البيان مجال نعم في المقام اشكال و هو الاشكال في شمول الحديث أثناء الصلاة و قبل الفراغ منها بدعوي عدم صدق الاعادة الا بعد الفراغ فلا يصدق عنوان الاعادة في الاثناء فلا يحكم بعدم الاعادة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 195

[مسألة 21: عورة الرجل في الصلاة القضيب و الأنثيان و الدبر]

(مسألة 21): عورة الرجل في الصلاة القضيب و الانثيان و الدبر (1).

______________________________

و منها: ما رواه علي بن جعفر «1» بتقريب ان اطلاق الرواية يشمل ما لو كان الالتفات في الاثناء الدال بالملازمة علي عدم قدح التكشف من زمان العلم الي زمان التستر فلا يقدح في المقام أيضا.

و فيه: ان الظاهر من الرواية ان الانكشاف في صورة الجهل لا مانع منه و لا يبطل لا صورة العلم و ليس مصداق الرواية منحصرا بالانكشاف أثناء الصلاة و العلم به في ذلك الزمان كي يدل بدلالة الاقتضاء علي عدم قدح العلم اذ الممكن ان العلم يحصل في الاثناء و لكن لا يكون الانكشاف باقيا بأن صار مستورا بعد ما كان مكشوفا و العلم به حصل في زمان الاستتار بل يمكن أن يقال: ان الظاهر من الرواية فرض تمامية الصلاة فلا تشمل

الاثناء.

فظهر انه لا دليل علي الصحة فالحق هو البطلان اذ الحكم الوضعي لا يتوقف علي القدرة و فقدان الشرط و لو في زمان يسير و لو بغير الاختيار يقتضي البطلان و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: الا شهر الا ظهر أنها عبارة عن القبل و الدبر و المراد بالقبل الذكر و البيضتان و بالدبر حلقه الدبر التي هي نفس المخرج» الي آخر كلامه «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما أرسله الواسطي عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: العورة عورتان: القبل و الدبر و الدبر مستور بالاليتين فاذا سترت

______________________________

(1) لاحظ ص: 193

(2) الحدائق ج 7 ص: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 196

دون ما بينهما (1) و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتي الرأس و الشعر (2).

______________________________

القضيب و البيضتين فقد سترت العورة «1» و المرسلة لا اعتبار بها.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: اذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن الي عورتها و العورة ما بين السرة و الركبة «2».

(1) لا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم و الا يشكل الامراد مقتضي حديث ابن علوان وجوب ستره و قد تكلمنا حول هذا الفرع مفصلا في الجزء الاول من هذا الشرح ص: 269- 270.

(2) قال في الحدائق: ان المشهور بين الاصحاب ان بدن المرأة كله عورة يلزم سترها عدا الوجه و الكفين و القدمين. و في مقابل هذا القول ما نسب الي ابن الجنيد حيث ذهب الي التسوية بين الرجل و المرأة و انها لا تجب عليها الا ستر القبل و الدبر الي آخره. و لا شبهة في أن هذا القول شاذ لا يعبأ به.

و

تدل علي القول المشهور عدة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلت فاطمة عليها السلام في درع و خمارها علي رأسها ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها و اذنيها «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن المرأة ليس لها الا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها و تغطي رأسها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب آداب الحمام الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 197

______________________________

و تصلي فان خرجت رجلها و ليس تقدر علي غير ذلك فلا بأس «1».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم قال قلت: فالمرأة؟ قال: لا و لا يصلح للحرة اذا حاضت الا الخمار الا أن لا تجده «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان كثيفا يعني ستيرا «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 28 من أبواب لباس المصلي.

فانقدح بما ذكرنا ان مقتضي النص و الفتوي انه ليس التسوية بين الرجل و المرأة و انه لا شبهة في أن المرأة يجب عليها الستر زائدا علي ستر القبل و الدبر فهذا الحكم في الجملة مما لا اشكال فيه و انما الكلام في بعض أجزاء جسدها بأنه يجب ستره أم لا؟.

و مما وقع فيه الكلام الرأس فعن ابن الجنيد انه لا يجب ستره حتي في المرأة و

يدل علي هذا القول ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي و هي مكشوفة الرأس «4».

و لا يبعد أن يكون الحديث معتبرا لكن يعارضه عدة نصوص اخر و من تلك النصوص ما رواه علي بن جعفر «5» عن أخيه مضافا الي أن السيرة الجارية الخارجية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 198

عدا الوجه (1).

______________________________

تقضي بالوجوب بحيث يكون الكشف مستنكرا عند المتشرعة و يؤيد المدعي أن الطائفة الثانية أحدث فتقدم علي الاول بناء علي ما بنينا عليه من أن الاحدثية بنفسها من المرجحات و ان لم يبعد أن يكون الترجيح من حيث المخالفة مع العامة مع الطائفة الاولي فلاحظ.

و مما وقع الكلام فيه الشعر و نقل عن القاضي عدم وجوب ستره بل نقل ان عدم الوجوب ظاهر كلمات الاكثر و كيف كان المرجع النصوص الواردة في المقام و لا اشكال في أن مقتضي جملة من النصوص المشار اليها آنفا وجوب ستره.

و منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدني ما تصلي فيه المرأة قال: درع و ملحفة فتنشرها علي رأسها و تجلل بها «1» فان مقتضاه وجوب ستر الشعر و ان كان طويلا فانه عليه السلام في مقام الجواب عن أدني ما تصلي فيه المرأة قال: درع و ملحفة فتنشرها و تجلل بها فان الملحفة ثوب واسع يلبس علي الثياب و أمر عليه السلام بنشر الملحفة و تجليلها علي رأسها و لا اشكال في أن الستر بهذه الصورة

يستر الشعر بأي نحو كان فلا اشكال في المسألة بحسب النص نعم مقتضي رواية ابن بكير عدم الوجوب و لكن الكلام فيه هو الكلام في الرأس فلاحظ.

(1) الظاهر انه لا شبهة فيه فانه مضافا الي الاجماع و التسالم و السيرة العملية بلا انكار من احد ان المقتضي للوجوب في نفسه قاصر اذ الملحفة و كذلك المقنعة و الخمار و امثالها لا تستر الوجه بحسب الطبع فاولا لا مقتضي للوجوب و ثانيا:

النص الخاص الوارد في المقام يدل علي الجواز بل علي كون الاسفار أفضل.

لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن المرأة تصلي متنقبة؟ قال: إذا كشفت

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 199

بالمقدار الذي يغسل في الوضوء (1) و عدا الكفين الي الزندين (2).

______________________________

عن موضع السجود فلا بأس به و ان أسفرت فهو أفضل «1».

(1) الظاهر انه لم يرد في النص عنوان الوجه كي يقدر بهذا المقدار مضافا الي أنه علي تقدير ورود النص بهذا العنوان لا وجه لهذا التقدير بل الميزان الاقتصار علي ما يصدق عليه العنوان المأخوذ في الدليل فالذي ينبغي أن يقال في هذا المقام ان المقدار الذي ينكشف عند عدم النقاب مع فرض الخمار أو المقنعة أو الملحفة يجوز الاسفار عنه و لا يبعد أن يكون ما أفاده في المتن منطبقا عليه و لو وصلت النوبة الي الشك تكون النتيجة البراءة من الزائد كما هو الميزان الكلي.

(2) استدل عليه بالإجماع و يمكن أن يرد عليه بأن الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام الا أن يقال بأن وضوح المدعي

بحد لا يعتريه شك و لا ريب.

و مما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل به ما دل علي جواز صلاة المرأة في الدرع و المقنعة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

ما تري للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: اذا كان كثيفا فلا بأس به و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان الدرع كثيفا يعني اذا كان ستيرا «2» بدعوي ان الدرع لا يستر الكفين و الفدمين.

و فيه: انه يرد علي هذا الاستدلال ما اورده صاحب الحدائق حيث قال: من الجائز ان الدرغ المتعارفة في ذلك الزمان كانت بحيث تستر الكفين و القدمين

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 200

و القدمين الي الساقين (1).

______________________________

و مع هذا الاحتمال كيف يمكن الحكم بعدم وجوب الستر لو كان المقتضي في حد نفسه تاما و هذا الاشكال متين جدا.

و مما يمكن أن يقال في هذا المقام أن وجوب ستر البدن حتي الكفين لا دليل عليه و لقائل أن يقول: انه يكفي دليلا علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1».

بتقريب ان المستفاد منه ان المرأة تنشر الملحفة علي رأسها و تجللها و بالطبع تستر الكفان بها الا أن يقال: بأن المتعارف خروج الكفين و مع هذا التعارف الخارجي لا يستفاد الوجوب من الروايتين و مع الشك في التعارف و عدمه يكفي للقول بعدم الوجوب الاصل العملي بتقاريبه المختلفة فان الميزان عند الشك في الزائد البناء علي عدمه.

و مما يمكن أن يستدل به السيرة الخارجية فان ستر الكفين لو كان لازما و واجبا

لبان و لما بقي موردا للشك و الحاصل ان هذه المسألة ليست من المسائل التي يمكن أن تبقي مجهولة و حيث نري ان المتشرعة لا تستنكر عدم سترهما في الصلاة نفهم انه ليس واجبا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) قيل انه المشهور و في بعض الكلمات ان العمدة اصالة البراءة بعد عدم وجود ما يدل علي وجوب سترهما و ما افيد في المقام من عدم الدليل مشكل اذ يكفي دليلا ما رواه علي بن جعفر عليه السلام «2» فان مفهوم الشرط الواقع في الرواية يقتضي عدم الصحة بلا ستر الرجل الا عند الضرورة و اعراض الاصحاب عن الرواية علي فرض ثبوته لا يوجب سقوطها عن الاعتبار كما مر منا مرارا في

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 201

ظاهرهما و باطنهما (1) و لا بد من ستر شي ء مما هو خارج عن الحدود (2).

______________________________

ضمن الابحاث.

و أيضا يدل علي المقصود ما رواه زرارة «1» حيث أمر بنشر الملحفة علي الرأس و التجلل بها فان الظاهر ان التجلل بها بهذه الصورة لستر القدمين.

و يؤيد المقصود لو لم يدل عليه ما رواه ابن ابي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب ازار و درع و خمار و لا يضرها بأن تقنع بالخمار فان لم تجد فثوبين تتزر باحدهما و تقنع بالاخر قلت: فان كان درع و ملحفة ليس عليها مقنعه؟ فقال: لا بأس اذا تقنعت بملحفة فان لم تكفها فتلبسها طولا «2» فلاحظ فلا تصل النوبة الي الاصل العملي.

(1) الظاهر انه لا فرق في وجوب الستر بين الظاهر و الباطن و قد نقل عن بعض التفصيل بين ظاهر القدمين

و باطنهما بوجوب الستر في الثاني دون الاول و كأن الوجه في هذا التفصيل ان المرأة بتمامها عورة لا بد من سترها في الصلاة و حيث ان الرخصة ثبتت من الشرع بالنسبة الي الظاهر فنلتزم بعدم وجوب الستر حيث ان القميص لا يستر الظاهر و لكن الباطن لم تثبت الرخصة بالنسبة اليه حيث انه في حال القيام مستور بالارض و حال الجلوس و التشهد مستور بالدرع و قد ظهر بما ذكرنا انه لا وجه لهذا التفصيل.

(2) فان احراز الامتثال الذي يلزم بحكم العقل يتوقف علي المقدمة العلمية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 202

[مسألة 22: الأمة و الصبية كالحرة و البالغة في ذلك إلا في الرأس و شعره و العنق]

(مسألة 22): الامة و الصبية كالحرة و البالغة في ذلك الا في الرأس و شعره و العنق فانه لا يجب عليهما سترهما (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول ان الامة كالحرة و الدليل علي المدعي اطلاق الادلة.

الفرع الثاني: ان الصبية كالبالغة بتقريب ان مقتضي الاطلاقات عموم الحكم و ربما يقال: ان القلم مرفوع عن غير البالغ.

و فيه ان القلم المرفوع قلم الالزام و بعبارة الاخري: غير البالغ لا يتوجه اليه تكليف الزامي لا أن الاحكام الوضعية من الجزئية و الشرطية مرفوعة عنه فلاحظ.

و لكن يمكن أن يقال: ان المقتضي في مقام الاثبات قاصر فان المرأة بمالها من المفهوم لا تصدق علي الجارية غير البالغة و مع الشك يكون المرجع الاصل العملي و مقتضاه عدم الاشتراط.

الفرع الثالث: انه لا تجب علي الامة ستر الرأس و شعره و عنقها لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: الامة تغطي رأسها اذا صلت؟

فقال: ليس علي الامة قناع «1»

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال: ليس علي الاماء أن يتقنعن في الصلاة «2».

الفرع الرابع: انه لا يجب علي الصبية ستر رأسها و شعره و عنقها و ادعي عليه الاجماع و يمكن أن يقال بقصور المقتضي اذ الوارد في النصوص عنوان المرأة و هذا العنوان لا يصدق علي غير البالغة و تؤيد المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب «3» و الروايات الواردة في الباب 28 و 29

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 197

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 203

[مسألة 23: إذا كان المصلي واقفا علي شباك أو طرف سطح]

(مسألة 23): اذا كان المصلي واقفا علي شباك أو طرف سطح بحيث لو كان ناظر تحته لرأي عورته فالاقوي وجوب سترها من تحته (1) نعم اذ كان واقفا علي الارض لم يجب الستر من جهة التحت (2).

[الفصل الثاني: يعتبر في لباس المصلي أمور]

اشارة

الفصل الثاني:

يعتبر في لباس المصلي امور:

[الأول: الطهارة]

الاول: الطهارة الا في الموارد التي يعفي عنها في الصلاة و قد تقدمت في أحكام النجاسات (3).

______________________________

من أبواب لباس المصلي من الوسائل.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 203

(1) الانصاف ان الجزم به مشكل فان الميزان في الصحة و الفساد صدق الستر و الكشف و لا يصدق علي مثله انه مكشوف العورة و لو وصلت النوبة الي الشك فلا يبعد أن يكون الاستصحاب جاريا و بجريانه يحرز عدم كونه مكشوف العورة.

الا أن يقال: ان مقتضي الاستصحاب الفساد اذ المطلوب صدق الستر و الاصل عدمه و لو قيل بعدم جريان الاستصحاب في مثل المقام الذي يكون شكا في المفهوم فلا مانع من البراءة كما هي الميزان في امثال المقام و ان شئت قلت: الاجمال في المفهوم و يدور الامر بين الاقل و الاكثر و المرجع البراءة.

(2) هذا من الواضحات التي لا يعتريها الريب فانه مضافا الي الاجماع و الضرورة و التسالم يدل علي المدعي الاطلاق المقامي في النصوص حيث اكتفي بذكر الدرع و الخمار أو الثوب الستير و لم يتعرض للسروال فيكفي السترة المتعارفة.

(3) قد تقدم الكلام في الفصل الثالث من المبحث السادس من الطهارة فراجع «1».

______________________________

(1) لاحظ الجزء الثالث من هذا الشرح ص: 324

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 204

[الثاني: الإباحة]
اشارة

الثاني: الاباحة فلا تجوز الصلاة فيما يكون من المغصوب ساترا له بالفعل (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: ظاهر كلام الاصحاب الاتفاق علي تحريم الصلاة في الثوب المغصوب و نسبه في المنتهي الي علمائنا مؤذنا بدعوي الاجماع عليه و صرح بذلك في النهاية فقال: لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع

العلم بالغصبية عند علمائنا أجمع و اطلاق أكثر عباراتهم شامل لما هو أعم من أن يكون ساترا أو غير ساتر الي آخر كلامه.

و نقل عن الفضل بن شاذان الجواز و نقل عن جملة من الاعلام منهم المحقق و الشهيدان التفصيل بين الساتر و غيره بالفساد في الاول و عدمه في الثاني.

و لا يبعد أن يكون الحق هو القول الثالث و عليه يقع الكلام تارة في الساتر المغصوب و اخري في غيره، أما لو كان الساتر مغصوبا فلا يبعد بأن نلتزم بالبطلان و الوجه فيه أن التستر واجب و محبوب عند الشارع و حيث انه مغصوب و الغصب حرام يكون حراما و مبغوضا و لا يعقل أن يكون الوجود الواحد مبغوضا و محبوبا فلا يجتمع الامر و النهي فانه بهذا التقريب يكون التركيب اتحاديا فلا بد اما من رفع اليد عن الامر و اما من رفع اليد عن النهي فلو قلنا بأن تعارض العام الشمولي مع البدلي يقتضي تقديم الاطلاق الشمولي فلا بد من تقديم ناحية النهي و الالتزام بالحرمة فلا تصح الصلاة.

ان قلت: هب ان الامر و النهي لا يجتمعان لكن المفروض ان التستر ليس جزءا للصلاة بل يكون شرطا و قصد القربة لا يكون شرطا في الشرائط بل يختص بالاجزاء و لو فرض وصول النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم الاشتراط و عليه فاي مانع من كون الشرط حراما و تكون الصلاة صحيحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 205

______________________________

قلت: لا فرق فيما ذكرنا بين الجزء و الشرط و لا بين اشتراط قصد القربة و عدمه فان الوجه في الفساد ان الوجود الواحد لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و الحرام بلا فرق بين كون

الوجوب تعبديا أو توصليا فما افاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام من تقريب الصحة حتي في الساتر لا يمكن المساعدة عليه.

و لكن يمكن أن يقال: بأن الشرط عبارة عن التستر و الشرط لا يكون جزاء من الصلاة و بعبارة اخري: الواجب هو الجزء العقلي و هو التقيد و عليه فما المانع من أن يكون التستر حراما لكونه غصبا و مع ذلك تكون الصلاة صحيحة لعدم اتحاد متعلق الامر و النهي و عدم اجتماعهما.

و ملخص الكلام ان هذا التقييد من ناحية حكم العقل و حيث ان متعلق النهي غير متعلق الامر فلا وجه للتقييد بالحلية فلا وجه للفساد فلاحظ.

و أما لو كان اللباس غير ساتر فالحق انه لا يوجب الفساد اذ لا اتحاد بين متعلق الامر و النهي و يكون التركيب انضماميا فكما أن النظر الي الاجنبية في الصلاة مع كونه حراما لا يوجب الفساد كذلك الغصب في المقام لا يوجبه و ما يمكن أن يذكر وجها للفساد في هذه الصورة امور:

الاول: ان الغاصب مأمور بايصال المال الي صاحبه و الاشتغال يضاده و الامر بالشي ء يقتضي النهي عن الضد و النهي عن العبادة يوجب الفساد.

و فيه انه علي فرض تحقق الموضوع قد قرر في الاصول ان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص و انما ينهي عن الضد العام اي الترك علي كلام فيه أيضا.

الثاني: ان النهوض و القيام و الهوي كلها حركات صلاتية و بهذه الحركات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 206

______________________________

يتحقق الغصب و يتحد المتعلق فيوجب البطلان لكون التركيب اتحاديا.

و يرد عليه: أولا ان هذا الاشكال علي فرض تسلمه أخص من المدعي اذ يمكن فرض التلبس بالغصب في غير هذه الصورة بأن

يلبس اللباس الغصبي حين القيام و قبل الهوي الي الركوع ينزعه.

و ثانيا: ان هذه الحركات ليست من الصلاة فان الواجب عبارة عن القيام و الركوع و السجود فان المطلوب هذه الهيئات الوضعية و انها معتبرة في الصلاة و أما تلك الحركات فهي مقدمات و لا محذور في كون المقدمة حراما كما حقق في الاصول.

و ثالثا نفرض ان الحركات أجزاء للصلاة لكن لا اتحاد بين الامرين فان الحركات قائمة ببدن المصلي و الحرمة الغصبية قائمة باللباس الغصبي فلا اتحاد نعم الحركة القائمة بالبدن علة للحرمة و مقدمة الحرام ليست حراما و علي فرض حرمتها لا تكون مبعدة.

الثالث: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لو أن الناس أخذوا ما أمرهم اللّه فانفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم و لو أخذوا ما نهاهم اللّه عنه فانفقوه فيما أمرهم اللّه به ما قبله منهم حتي يأخذوه من حق و ينفقوه في حق «1».

و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بمحمد بن سنان و السند الاخر فيه الارسال مضافا الي أن مدلولها لا يفي بالمقصود فان المستفاد من الرواية ان المنهي عنه لو صرف في سبيل الطاعة لا تقبل تلك الطاعة كما لو غصب طعاما و أطعم الفقير و الامر ليس كذلك في المقام اذ أحد الامرين لا يرتبط بالاخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 207

نعم اذا كان جاهلا بالغصبية أو ناسيا لها (1).

______________________________

الرابع: ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن امير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل قال: يا كميل انظر في ما تصلي و علي ما تصلي ان لم

يكن من وجهه و حله فلا قبول «1».

و هذه الرواية ساقطة بالارسال و قد رواها الطبرسي مسندا و السند ساقط براشد بن علي القرشي فانه لم يوثق فانقدح بما ذكرنا. ان الحق عدم الاشتراط و علي فرض التنزل يكون الحق هو التفصيل و اللّه العالم.

(1) يقع الكلام تارة في النسيان و اخري في الجهل أما الناسي فيظهر من سيد المستمسك انه تمسك في وجه الصحة بحديث الرفع قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة اشياء: الخطأ و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه الحديث «2»

و نفل انه استدل به جملة من المحققين و الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه و الوجه فيه ان النسيان اما مستوعب لتمام الوقت أم لا أما علي الثاني فلا مقتضي لهذا القول اصلا اذ الامر متعلق بالطبيعة من المبدأ الي المنتهي.

و بعبارة اخري الامر متعلق بالجامع و الفرد لا يكون متعلقا للأمر كي يرتفع بحديث الرفع. و أما علي الاول فغاية ما في الباب رفع الحكم عن المركب التام و النتيجة ارتفاع الحكم عند النسيان و أما الاكتفاء بالناقص و صحته فلا وجه له و لا يستفاد من الحديث هذا المعني.

و ان شئت قلت: ان حديث الرفع لا يرفع المانعية و لا يعقل رفع المانعية أو الشرطية أو الجزئية بل رفع هذه الامور برفع منشأ انتزاعها و هو الامر المتعلق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 208

أو جاهلا بحرمته جهلا يعذر فيه (1).

______________________________

بالكل فظهر أن هذا التقريب غير تام.

اذا عرفت هذا فاعلم ان

الحق أن يستند في الحكم بالصحة بحديث لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود الحديث «1» فان مقتضاه عدم الاعادة بل لنا أن نلتزم بالصحة بلا التماس دليل لا تعاد و ذلك لان الناسي لا يكون قابلا للتكليف و مع سقوط التكليف و عدم حرمة الغصب لا مقتضي للاشتراط اذا لاشتراط بحكم العقل من باب عدم امكان الاجتماع فالصلاة صحيحة علي القاعدة نعم لو كان النسيان تقصيريا بكون التكليف باقيا بملاكه و في هذه الصورة شمول الحديث أيضا مشكل اذ المفروض تقصير المكلف فلاحظ.

و بعين هذا الاستدلال نستدل علي الصحة فيما يكون المكلف جاهلا بالغصبية فانه لا مانع من جريان حديث لا تعاد و يختلج بالبال ان الحكم الواقعي مع الجهل بالغصبية موجود فتكون الصلاة مبغوضة و كيف يمكن الاكتفاء بالمبغوض الا أن يقال: اطلاق دليل لا تعاد محكم و ملاكات الاحكام مجهولة عندنا.

(1) الجاهل بالحكم اما يكون جهله تقصيريا و اما يكون قصوريا أما علي الاول فلا وجه للصحة اذ المانع عن الصحة اي كون الفعل مبغوضا موجود و يمنع عن الصحة و شمول اطلاق حديث لا تعاد للجاهل المقصر مشكل.

و أما علي الثاني فالحق ان صلاته صحيحة لارتفاع المانع و هي الحرمة فان الغافل لا يكون مكلفا و ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في المقام من أن الغفلة و عدمها لا دخل لها في توجه التكليف و عدمه اذ الغفلة و عدمه متأخرتان عن الحكم مثل العلم و الجهل و لا يعقل أخذ هذه الامور في متعلق الحكم و الا يلزم الدور،

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 209

أو ناسيا لها أو مضطرا فلا بأس (1).

[مسألة 24: لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوبا أو منفعته أو كان متعلقا لحق غيره كالمرهون]

(مسألة 24): لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوبا أو منفعته أو كان متعلقا لحق غيره كالمرهون (2) بل اذا اشتري ثوبا بعين مال فيه الخمس أو الزكاة مع عدم ادائهما من مال آخر كان

______________________________

ليس علي ما ينبغي فان العلم بالحكم و عدمه لا يعقل تحققه و تصوره الا مع وجود الحكم و لو علق الحكم علي العلم يلزم توقف الشي ء علي نفسه و أما تعليق الحكم علي الالتفات و احتمال وجوده فلا محذور فيه اذ احتمال الحكم لا يتوقف علي الحكم بل يتصور وجوده مع وجود الحكم و عدمه و لعله بعد التأمل ظاهر فالحق التفصيل بين الموارد بهذا النحو.

ان قلت: ان عقاب المقصر لتركه التعلم لا علي نفس الحرام فلا فرق بين المقصر و القاصر.

قلت: ان العقاب علي ارتكابه المحرم فان وجوب التعلم طريقي. مضافا الي أن الفساد لا يرتبط بالعقاب فان المناط في الفساد كون الفعل مبغوضا و المبغوض لا يكون محبوبا.

و مما ذكرنا يظهر فساد ما قيل في وجه تصحيح العبادة عن المقصر بأن الميزان في القربية قصد القربة و قد تحقق عن المقصر، فانه ظهر بما ذكرنا أن قصد القربة بالمبغوض لا أثر له فيما يكون الفعل مبغوضا كما هو المفروض.

(1) لعدم فعلية التكليف فلا مبغوضية بالنسبة اليهما و المفروض ان الشرطية عقلية.

(2) فان الميزان و الملاك كون التصرف حراما بلا فرق بين مصاديقه لوحدة المناط.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 210

حكمه حكم المغصوب (1) و كذا اذا مات الميت و كان مشغول الذمة بالحقوق المالية من الخمس و الزكاة و المظالم و غيرها بمقدار يستوعب التركة فان

أمواله بمنزلة المغصوب لا يجوز التصرف فيها (2) الا باذن الحاكم الشرعي (3) و كذا اذا مات و له وارث قاصر لم ينصب عليه قيما فانه لا يجوز التصرف في تركته الا بمراجعة

______________________________

(1) في هذا المقام مسلكان: أحدهما: ان المعاملة صحيحة و ينتقل الخمس الي المال الذي وقع في مقابل العين التي لم يؤد خمسها ثانيهما: ان المعاملة بالنسبة الي مقدار الخمس أو الزكاة فضولية و غير صحيح و علي كلا المسلكين ما أفاده نام اذا المفروض ان العين لم تنتقل الي ملك المشتري فيكون كالمغصوب كما أفاده.

(2) اذ هذه الحقوق دين في ذمة الميت و مقتضي قوله تعالي مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ «1» ان المقدار المساوي للدين لا ينتقل الي الوارث و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية ثم الوصية علي أثر الدين ثم الميراث بعد الوصية فان أول (اولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «2».

(3) ما أفاده يتوقف علي ولاية الحاكم بهذا المقدار و ولايته بهذا المقدار محل الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: لا يمكن الجزم بجواز التصرف باذن الحاكم علي الاطلاق.

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 211

الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 25: لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك بحركات المصلي]

(مسألة 25): لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة اذا لم يتحرك بحركات المصلي (2) بل و اذا تحرك بها أيضا علي الاظهر (3).

[الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة]

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة (4) سواء كانت من حيوان محلل الاكل أم محرمه (5) و سواء كانت

______________________________

(1) فان الحاكم ولي القاصر و التصرف في ملكه لا يجوز الا مع اذن الولي العام بشرائطه.

(2) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الفساد و عدم التركيب اتحاديا.

(3) لما تقدم من أن الحركات الواقعة في الصلاة ليست أجزاء منها مضافا الي عدم كون التركيب اتحاديا.

(4) قال في الحدائق: «و قد اجمع الاصحاب قدس اللّه أسرارهم علي أنه لا تجوز الصلاة فيه و لو كان مما يؤكل لحمه سواء دبغ أم لم يدبغ حتي من القائلين بطهارته بالدباغ». و يدل علي المقصود جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة اذا دبغ قال: لا و لو دبغ سبعين مرة «1» الي غيره من النصوص.

(5) كما هو مقتضي اطلاق النص المتقدم آنفا مضافا الي التصريح به في النصوص لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 212

له نفس سائلة أم لم تكن علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

قال اللّه عز و جل لموسي «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» لأنها كانت من جلد حما رميت «1».

و ما رواه الصدوق قال: سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل لموسي «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوٰادِ الْمُقَدَّسِ طُويً» قال: «كانتا من جلد حمار ميت» «2» و ان كان في دلالتهما علي المدعي

اشكال.

(1) يقع الكلام في هذا الفرع تارة من حيث المقتضي و اخري من حيث المانع أما الكلام من حيث المانع فربما يتمسك للجواز بمكاتبة علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله عن الصلاة في القرمز و أن اصحابنا يتوقفون عن الصلاة فيه فكتب لا بأس به مطلق و الحمد للّه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي بن مهزيار و الرواية رواها الصدوق بطريقه الي ابراهيم بن مهزيار و طريقه اليه صحيح لكن ابراهيم لا دليل علي وثاقته.

و ربما يقال: بأن السيرة تقتضي الجواز بالنسبة الي القمل و البرغوث و أمثالهما.

و لكن يجاب عن هذا الاستدلال بأن الجواز المستفاد من السيرة مخصوصة بموردها و لا يجوز التعدي الا بالقياس الباطل عندنا.

و ربما يقال: بأنه نقل الاجماع علي الجواز و النسبة علي فرض صدقها لا أثر لها فان غايتها الاجماع المنقول الذي قد تحقق عدم كونه حجة.

اذا عرفت هذا فاعلم انه لا بد من النظر في الادلة الدالة علي المنع فان كان فيها اطلاق أو عموم يشمل محل الكلام فهو و الا يكفي في الجواز او لا إطلاقات

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 213

______________________________

الاولية فان الدليل دل علي وجوب التستر و مقتضي اطلاق اللباس عدم الفرق بين مصاديقه فلا مانع من الصلاة في الساتر الذي يكون من الميتة و ثانيا: يكفي للجواز أصل البراءة الذي هو المعول عليه عند الشك فالعمدة النظر في الدليل المانع.

فنقول وقع الكلام بين الاعلام في هذا الفرع اختار صاحب الحدائق قدس سره اختصاص الحكم بذي النفس

السائلة و ادعي ان دليل المنع منصرف عن الفرد النادر و عليه يكون الاطلاقات مقتضية للجواز.

و يمكن أن يقال: بأن ندرة الفرد لا توجب الانصراف اليه و أما الانصراف عنه فلا. و بعض تمسك بالاطلاق الوارد في مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الميتة قال: لا تصل في شي ء منه و لا في شسع «1».

و هذه الرواية لا بأس بها من حيث الدلالة لكن ارسالها مانع عن العمل بها و كون المرسل مثل ابن أبي عمير لا يرجع الي محصل صحيح. لكن مع ذلك لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص التعميم كرواية سماعة بن مهران انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن تقليد السيف في الصلاة و فيه الفراء و الكيمخت فقال: لا بأس ما لم تعلم انه ميتة «2».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الصلاة في الميتة باطلة و كل ما لم يذك من الحيوان فهي ميتة أعم من ان يكون قابلا للتذكية أم لا فان صدق الميتة لا يتوقف علي قبول التذكية فان الميتة تساوق لفظ (مردار) في اللغة الفارسية و أما كون الرواية في مقام بيان الحكم الظاهري فلا يكون مانعا من دلالتها علي الاطلاق اذ لا شبهة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 214

______________________________

في انه يستفاد من الرواية ان الميتة بمالها من المفهوم لا تكون قابلة لان تقع الصلاة فيها.

و كرواية ابن بكير قال: سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فأخرج كتابا زعم انه املاء رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله أن الصلاة في وبر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت انه ذكي و قد ذكاه الذبح و ان كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله و حرم عليك فالصلاة في كل شي ء منه فاسد ذكاه الذبح أم لم يذكه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المأكول لحمه يشترط في جواز الصلاة فيه وقوع التذكية عليها فلو لم يذك لا يجوز فميتة السمك لا تصح الصلاة فيها.

و ما أفاده المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام من أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يختص المنع بخصوص الميتة النجسة فلا يعم الحكم لما يكون طاهرا ليس تاما فان النجاسة بنفسها مانع في قبال الميتة و لا وجه لخلط أحد الامرين بالآخر و عليه فالحق- و فاقا لصاحب المستند- تعميم الحكم لكل ميتة كانت لها نفس سائلة أو لا تكون و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 215

و قد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكي أولا كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع (1) و المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيره لا بأس بالصلاة

فيه (2).

[الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه]
اشارة

الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه (3) و لا فرق بين ذي النفس و غيره (4).

______________________________

(1) و قد تقدم الكلام هناك فراجع.

(2) للاستصحاب و البراءة أما الاول فلان مقتضي الاستصحاب عدم كونه جلدا للحيوان فلا مانع و أما الثاني فلان مقتضي البراءة عن الاشتراط عدمه كما ان رفع ما لا يعلم يقتضي جواز الصلاة و عدم الاشتراط.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع و الامر في الجملة مما لا شبهة فيه و يدل عليه ما رواه ابن بكير «1».

(4) ربما يقال بأن اطلاقات المنع منصرفة عما لا نفس له فالقصور في المقتضي و فيه انه لا وجه لهذا الانصراف سيما بالنسبة الي ماله لحم معتد به كبعض أقسام السمك و الحية و مما يؤكد عدم الانصراف استثناء الخز و الحواصل بناء علي أنه لا نفس لهما لاحظ ما رواه بشير بن بشار قال: سألته عن الصلاة في الفنك و الفراء و السنجاب و السمور و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن اصلي فيه لغير تقية؟ قال فقال: صل في السنجاب و الحواصل الخوارزمية و لا تصل في الثعالب و لا السمور «2».

و ما رواه يحيي بن أبي عمران انه قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 216

______________________________

في السنجاب و الفنك و الخز و قلت: جعلت فداك احب ان لا تجيبني بالتقية في ذلك فكتب بخطه إلي: صل فيها «1».

فالنصوص الدالة علي المنع تشمل ما لا نفس له بل موثق ابن بكير «2» يدل علي المدعي بالعموم.

ان قلت: ان قوله عليه السلام

في ذيل الموثقة «ذكاه الذبح» قرينة علي كون المراد من غير المأكول ما يكون قابلا للتذكية بالذبح فيكون ما لا نفس له خارجا.

قلت: يمكن أن يقال: بأن المستفاد من دليل التذكية بالذبح قابلية كل حيوان للتذكية بالذبح الا ما جعل الشارع طريقا لتذكيته كالخروج من الماء للسمك هذا اولا ثانيا يمكن أن يقال: بأن المستفاد من قوله: «ذكاه الذبح» ان الميزان حرمة الاكل أعم من وقوع التذكية عليه و من عدم الوقوع اما لعدم القابلية أو لعدم التحقق فيدخل ما لا نفس له في الموضوع.

لا يقال: ان ذكاة ما لا نفس له موته قلت: لا شبهة في أنه ميتة غاية الامر ليست نجسة كبقية الميتات مضافا الي أنه لا يبعد أن يستفاد من قوله عليه السلام «ذكاه الذبح» ان المقصود من الذبح التذكية أعم من أن تكون بالذبح أو بالنحر أو بنحو آخر كالخروج من الماء كما في السمك.

و ثالثا: نقول: المستفاد من الرواية انه عليه السلام في مقام اعطاء ضابط كلي و هو أن معيار الجواز حلية الاكل كما أن معيار الحرمة حرمته و ليس الميزان التذكية و عدمها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 217

و لا بين ما تحله الحياة من أجزائه و غيره (1) بل لا فرق أيضا بين ما لا تتم فيه الصلاة و غيره علي الاحوط وجوبا (2) بل لا يبعد المنع من مثل الشعرات الواقعة علي الثوب و نحوه بل الاحوط وجوبا عموم المنع للمحمول في جيبه (3).

______________________________

و ان شئت فقل: ان هذه الجملة استطرادية و هي علي خلاف المدعي أدل حيث يفهم منها ان الميزان و المعيار جواز الاكل و عدمه و لو

فتح باب هذه المناقشة يلزم أن نقول باختصاص الرواية بالحيوان الذي يكون ذا وبر أو شعر و أما الحيوان الذي لا شعر له و لا وبر فلا يكون مشمولا للرواية و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا.

و رابعا انه يكفي لإثبات العموم بعض المطلقات الواردة في المقام لاحظ رواية محمد بن مسلم «1» و ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

و لا يصلي في جلود الميتة و ان دبغت سبعين مرة و لا في جلود السباع «2».

لكن طريق الصدوق الي الاعمش مخدوش بتميم بن بهلول و غيره فلا تكون الا مؤيدة للمدعي فلاحظ.

(1) فانه قد صرح في الموثقة «3» ببعض ذلك و قوله عليه السلام «و كل شي ء منه» قد دل علي العموم فلا يجوز في شي ء منه.

(2) لإطلاق الادلة.

(3) لا اشكال في أن صدق الظرفية يتوقف علي كون الظرف مشتملا علي المظروف و لو علي بعضه لكن هذا المعني لا يتصور في مثل البول و الروث

______________________________

(1) لاحظ ص: 211

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 218

______________________________

و الالبان المذكورة في الموثقة «1» و حيث انه لا يمكن تصور الظرفية لبعض المذكورات فالمراد من لفظ «في» مطلق الملابسة و المعية و حيث ان الظاهر بحسب الفهم العرفي اتحاد المعني في جميع المذكورات يكون المقصود مطلق المعية حتي في الوبر و الشعر.

ان قلت: الضرورات تقدر بقدرها فان ارادة الظرفية بمعناها يصح بالنسبة الي الشعر و الوبر و أمثالهما و لا تصح بالنسبة الي الريق فاي ملزم بارادة المصاحبة و المعية في الجميع بل نفصل في المذكورات.

قلت: حيث ان لفظ «في» لم يكرر يلزم أن

نلتزم باستعمال اللفظ في أكثر من معني واحد.

ان قلت: يمكن تصور الظرفية في مثل البول و نحوه بأن يراد الصلاة في الثوب المتلطخ و المتلوث بالبول و نحوه.

قلت: يلزم التقدير و هو خلاف الاصل و قد قيل انه لو دار الامر بين المجاز و الاضمار يكون المجاز مقدما.

ان قلت: لا نلتزم بالاضمار بل نقول بأن لفظ «في» استعمل في الظرفية و حيث انه لا يمكن تصورها في مثل البول نلتزم بأن المراد بالبول مثلا الثوب المتلوث به بعلاقة الحال و المحل فلا اضمار.

قلت: المراد من الاضمار ليس الا هذا كما قيل و ان شئت قلت: لا يخلو الاضمار في كل مورد عن علاقة مصححة و الحاصل انه علي هذا لا يبقي مجال للإضمار اذ يمكن أن يقال: انه استعمل لفظ القرية في قوله تعالي «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) يوسف/ 82

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 219

______________________________

في أهلها بعلاقة الحال و المحل.

و ان أبيت الا عن أنه قسم آخر من المجاز و هو أقرب من التجوز في كلمة «في» في مطلق المصاحبه قلنا ليس الامر كذلك فان الثاني أقرب فانه لا ينسبق الي الذهن من لفظ البول و أمثاله الا معنا هما فالنتيجة ان المراد بلفظ «في» مطلق المصاحبة و المعية.

لكن لقائل أن يقول: انه بعد تعذر الظرفية الحقيقية بالنسبة الي الجميع لا وجه لإرادة مطلق المصاحبة بل يمكن أن يراد من لفظ «في» مطلق الظرفية الجامعة بين الحقيقية و المجازية ففي كل مورد يمكن انطباق المعني الاول كالوبر و الشعر يعتبر الصدق الحقيقي و في كل مورد لا يمكن يكتفي فيه بالمعية و المصاحبة و لكن علي كل تقدير لا يشمل الدليل المحمول

خصوصا اذا كان غير المأكول في حقة و لو تردد الامر بين المحتملات و وصلت النوبة الي الشك يكفي الاطلاقات الاولية للجواز فيما اذا القي شعر علي لباس المصلي مضافا الي أن مقتضي البراءة عدم البأس فلا تغفل.

فانقدح بما ذكرنا انه لا يمكن استفادة المانعية بمجرد المعية و المصاحبة نعم يستفاد المنع من رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت اليه يسقط علي ثوبي الوبر و الشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة فكتب لا تجوز الصلاة فيه «1».

لكن الرواية ساقطه سندا بعمر بن علي بن عمر بن يزيد فالذي يستفاد من موثق ابن بكير «2» و غيره من روايات أبواب لباس المصلي ان الصلاة في

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 220

[مسألة 26 إذا صلي في غير المأكول جهلا به صحت صلاته]

(مسألة 26) اذا صلي في غير المأكول جهلا به صحت صلاته (1).

______________________________

وبر ما لا يؤكل لحمه و أمثال الوبر من الشعر و الجلد حرام و باطل و لكن قد دل ما رواه محمد بن عبد الجبار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير محض أو تكة من وبر الارانب؟

فكتب: لا تحل الصلاة في الحرير المحض و ان كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه ان شاء اللّه «1»، علي جواز الصلاة في وبر ما لا يؤكل اذا كان ذكيا فيقع التعارض بينه و بين الموثقة و ما بمعناها و الترجيح مع روايات المنع لان دليل الجواز موافق لما عليه العامة.

قال الشيخ في الخلاف ج 1 ص 193 في مسألة 256: كلما لا يؤكل لحمه لا

يجوز الصلاة في جلده و لا وبره و لا شعره الي أن قال: و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا: اذا ذكي و دبغ جازت الصلاة.

فالنتيجة: ان جزء غير المأكول ان كان من قبيل الوبر و الشعر فالمانعية تتوقف علي صدق الظرفية الحقيقية و ان كان من قبيل البول و الريق يكفي فيها مطلق المعية و المصاحبة.

(1) و الدليل عليه حديث لا تعاد فان مقتضاه عدم وجوب الاعادة و الاكتفاء بما اتي به كما ان مقتضي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و في ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أ يعيد صلاته؟

قال: ان كان لم يعلم فلا يعيد «2» صحة الصلاة في صورة الجهل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 221

و كذا اذا كان نسيانا أو كان جاهلا بالحكم أو ناسيا له (1) نعم تجب الاعادة اذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير (2).

[مسألة 27: إذا شك في اللباس أو فيما علي اللباس من الرطوبة أو الشعر أو غيرهما]

(مسألة 27): اذا شك في اللباس أو فيما علي اللباس من الرطوبة أو الشعر أو غيرهما في أنه من المأكول أو من غيره أو من الحيوان أو من غيره صحت الصلاة فيه (3).

______________________________

(1) بمقتضي قاعدة لا تعاد.

(2) حيث ان الماتن يري عدم شمول القاعدة للجاهل المقصر فلاحظ.

(3) وقع الكلام بين الاصحاب في هذه المسألة فذهب الي جواز الصلاة في المشكوك فيه جماعة و الي عدمه جماعة آخرون و منشأ الاشكال ان المستفاد من الدليل ان حرمة الاكل مانع أو أن الحلية شرط بتقريب انه لو قلنا بالشرطية فلا بد من احرازها فمع

الشك لا تجوز الصلاة اذ يلزم بحكم العقل الجزم بالبراءة و هي لا تحصل مع الشك.

هذا ملخص الكلام في المقام و قبل التعرض لما يستفاد من النصوص في مقام الاثبات لا بد من تقديم مقدمة و هي انه لا يمكن أن يكون أحد الضدين شرطا و الضد الاخر مانعا و عليه لا يمكن أن يكون التستر بالمأكول شرطا و التستر بما لا يؤكل مانعا فنقول: اجزاء العلة عبارة عن المقتضي و الشرط و عدم المانع أما المقتضي فهو الذي يترشح منه المعلول و أما الشرط فلا مدخل له في الترشح فان الاحتراق يترشح من النار لا من المحاذات و المحاذات دخيلة في فعلية الترشح و هذه الدخالة اما من ناحية النقصان في فاعلية الفاعل و اما من جهة النقصان في قابلية القابل.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 222

______________________________

و ان شئت عبر بأن المحاذات كغيرها من الشرائط اما تتم فاعلية الفاعل و اما قابلية القابل مثلا المؤثر في النهي عن الفحشاء هي الصلاة و الطهارة تكون متممة لهذا الاثر أو تؤثر في قابلية النفس للتأثر و أما عدم المانع فليس له أثر فان العدم لا يعقل أن يكون مؤثرا في شي ء كما هو ظاهر و انما مدخليته من باب مزاحمة وجوده لتأثير المقتضي و لو لا هذه المزاحمة لم يكن لعدم المانع دور في الاثر.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه لو وجد المقتضي و أحد الضدين الذي يكون شرطا لا يعقل وجود الضد الاخر كي يزاحم التأثير اذ يلزم اجتماع الضدين و لو فرض عدم المقتضي أو عدم الشرط فعدم المعلول يستند الي عدم المقتضي أو عدم الشرط و لا يستند الي وجود المانع اذ ما دام

لا يكون المقتضي موجودا مع الشرط لا مجال للمزاحمة.

ان قلت: وجود المعلول مستند الي مجموع أجزاء العلة و هذا يستدعي أن يكون استناد العدم الي المجموع من دون ترتب نعم لو كان بعض الاجزاء موجودا لاستند العدم الي بعض المعدوم.

قلت: استناد العدم الي المانع من باب المزاحمة و مع عدم المقتضي لا موضوع للتزاحم و مع وجوده لا يتصور وجود المانع للزوم اجتماع الضدين.

ان قلت: سلمنا هذا المعني بالنسبة الي المقتضي فانه لا يعقل أن يكون أحد الضدين مقتضيا و الضد الاخر مانعا لكن اي مانع من أن يكون أحدهما شرطا و الاخر مانعا فانه لو فرض عدم الشرط و فرض وجود المانع لا وجه لاستناد العدم الي عدم الشرط بل اليه و الي وجود المانع في رتبة واحدة و لا وجه للترجيح.

قلت: الشرط كما قلنا دخيل في فاعلية الفاعل أو قابلية القابل فمع عدم الشرط لا مجال للمزاحمة كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 223

______________________________

ان قلت: سلمنا لكن لو فرض وجود أحد الضدين مع الضد الاخر يكون عدم المعلول مستندا الي وجود المانع فالملازمة صادقة و صدق الشرطية لا يستلزم تحقق الشرط.

قلت: اذا كان صدق المانعية متوقفا علي تحقق الضدين في الخارج فصدق الشرطية لا يستلزم اتصاف الضد بالمانعية فان مستلزم المحال محال.

و بعبارة اخري: لا يتصف الضد بالمانعية لهذا المحذور لكن الشرطية صادقة مضافا الي أنه لو فرض تحقق اجتماع الضدين فاي محذور في تحقق المتضادين في ناحية المعلول فان حكم الامثال واحد.

ان قلت: هذا يتم في التكوينيات و أما في التشريعيات فلا مانع اذ لا تأثير و لا تأثر. قلت الاحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد و الخصوصيات الخارجية تؤثر في

تحقق الملاكات.

ان قلت: ان المصلحة في نفس الامر لا في المتعلق. قلت: ان الحكم الحقيقي تابع للمصلحة الخارجية نعم ربما يكون الملاك في نفس الحكم و لا يتصور هذا في الحكم الحقيقي الناشي عن الملاك الذي عليه العدلية هذا مضافا الي أنه لو اخذ أحد الضدين شرطا يكون مغنيا عن اخذ الاخر مانعا فان المفروض ان وجود احدهما يلازم عدم الاخر فما الوجه في اعتبار عدمه فانه لغو تعالي اللّه عن ذلك.

ان قلت: ان كانت اللغوية موجبة لعدم الاعتبار في وعاء الشرع فما الوجه في النزاع في باب المقدمة بأنها هل تكون واجبة أم لا و كذلك في باب الضد بأن الامر بأحد الضدين يستلزم النهي عن الاخر أم لا أو أن الامر باحد المتلازمين أمر ابا لملازم الاخر أم لا؟.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 224

______________________________

قلت: يمكن أن يكون المقصود في باب المقدمة ان البعث نحو ذي المقدمة يكون بعثا نحو المقدمة بالعرض لا ان هناك بعثين و كذلك في باب الضد و الملازم مضافا الي أنه يمكن أن يكون في ذلك المقام ذا اثر كالتأكيد مثلا بخلاف المقام.

ان قلت: ان كان الامر بشي ء مع عدم الحاجة اليه لغوا يلزم أن لا يبعث نحو شي ء يرتكبه المكلف بداع نفساني قلت: تارة يكون جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية و اخري بنحو القضية الخارجية أما الاول فمعني الجعل ايجاد ما يمكن أن يكون داعيا للمكلف و هذا بالنسبة الي أفراد المكلف سواء و أما الثاني فتارة يكون المولي جاهلا بحال العبد و اخري عالما بأنه يرتكبه أما علي الاول فيكون كالصورة الاولي و أما علي الثاني فيكون الجعل لغوا الا فيما يكون الجعل بلحاظ ان العبد لو

اطاع يثاب و هذه فائدة نعم لو كان الواجب تعبديا يلزم الامر كي يقع بهذه الصورة.

ان قلت: ان الامر بشي ء دائما يكون بداعي الامر لان الامر به بداع آخر أمر محال و بعبارة اخري: لا يعقل أن يؤمر بشي ء و يقيد بأن يؤتي بالمأمور به بداع آخر غير الامر و مع استحالة التقييد يستحيل الاطلاق فلا بد من اخذ الداعي القربي في المتعلق.

قلت: ليس الامر كما ذكرت فان استحالة التقييد لا يستلزم استحالة الاطلاق بل يوجب وجوبه لاستحالة الاهمال في الواقعيات و ما قيل من أن استحالة أحد المتقابلين بتقابل العدم مع الملكة يستلزم استحالة الاخر غير صحيح.

ان قلت: يكفي في دفع اللغوية كون الامر بعدم المانع مؤكدا قلت: اندفاع اللغوية لنكتة التأكيد عين الالتزام بالاستحالة فلا بد من أحد الجعلين.

ان قلت: الجمع بين الجعلين انما يكون محالا لو كان المكلف واحدا و أما

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 225

______________________________

مع التعدد فما المانع من جعل الشرطية بالنسبة الي أحد و جعل المانعية بالنسبة الي آخر.

قلت: المفروض ان الاحكام مشتركة و مع الاشتراك لا معني لما ذكرت في الاشكال فظهر أنه لا يمكن تحقق الجعلين نعم لو كان الضدان لا ثالث لهما يكون أحد الجعلين مغنيا عن الاخر فلا ترجيح في أحدهما علي الاخر اذ لو كان لهما ثالث لا يكون جعل أحدهما مغنيا عن الاخر كما يظهر عند التأمل.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول: مقتضي ما ذكر عدم امكان جعل ما لا يؤكل مانعا و جعل ما يؤكل شرطا و ان المجعول اما هذا أو ذاك فننظر في الادلة و نري ما المستفاد منها فان كان المستفاد الشرطية يشكل الامر في المشكوك حيث انه لا يجري الاصل

و أما علي فرض أن المجعول المانعية فالامر سهل.

ربما يقال: ان المستفاد من قوله عليه السلام في ذيل الموثقة «لا تقبل تلك الصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله» «1» الشرطية بتقريب ان الظاهر من هذه الجملة لزوم وقوع الصلاة فيما يؤكل لحمه و هذا معني الاشتراط.

و عن بعض الاعاظم: ان ظهور الصدر في المانعية مانع عن انعقاد الذيل في الشرطية لتصادم الظهورين في كلام واحد متصل فيكون ذلك من سوء تعبير ابن بكير.

و فيه: اولا ان التصادم في الظهور في كلامهم ليس أمرا مستنكرا فان الاصحاب قائلون بأن النص لو اجمل تصل النوبة الي جريان الاصل.

و ثانيا: انه يمكن أن يقال: بأن الصدر ناظر الي المانعية و ليس ناظرا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 226

______________________________

الشرطية اذ من الظاهر انه لا يشترط ايقاع الصلاة في الساتر لكن لو صلي المصلي في لباس من غير المأكول تكون صلاته باطلة فلا يمكن تصور الشرطية في غير الساتر.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أنه لا يشترط في الصلاة وقوعها في اللباس نعم انما يشترط أن تقع في الساتر فيمكن الجمع بين المانعية و الشرطية بأن يكون وقوعها في غير الساتر من غير المأكول مانعا و وقوعها في الساتر من المأكول شرطا.

ان قلت: نعم لكن نتصور الشرطية بنحو الفرض و التقدير بأن يقال: لو لبست لباسا يشترط فيه أن يكون مما يؤكل.

قلت: مرجع هذا الاشتراط الي تحصيل الحاصل أو اجتماع الضدين اذ المفروض أن الشرط عبارة عن التلبس بلباس مأخوذ من الحيوان فان كان مما يؤكل يكون الامر به تحصيلا للحاصل و ان كان مما لا يؤكل يكون أمرا بالمحال و كلاهما باطل.

ان قلت:

يمكن أن يكون الشرط ارادة التلبس قلت: الارادة الحدوثية لا مدخل لها بالقطع و أما الارادة البقائية الكلام فيها هو الكلام في نفس التلبس فلاحظ.

و ملخص الكلام: ان الشرط في الواجب لا بد أن يكون فعلا اختياريا للمكلف و من الظاهر انه لا يشترط في الصلاة غير الساتر فلا معني لان يقال: يشترط فيها التلبس بالمأكول فلا بد من أن يكون علي نحو التعليق و فرض التلبس و مع فرضه يلزم احد المحذورين فالصدر ناظر الي المانعية و الذيل راجع الي الشرطية اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 227

______________________________

لا بد في الصلاة من الساتر و يشترط فيه أن يكون من مأكول اللحم أو يكون من غير المحرم أكله لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام به اذا المشار اليه بلفظ الاشارة اما طبيعي الصلاة أو صنف خاص منها أو شخص الصلاة بما أنها واقعة في الحيواني لا بما هي شخص فانه بهذا اللحاظ لا يعقل أن تصح فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه أما علي الاول و الثاني فيستفاد الاشتراط اذ لا مانع من أن يريد المولي من المكلف أن يصلي في الساتر و يجعل شرطه كونه مما يؤكل فان هذا أمر ممكن في حد نفسه بلا اشكال و أما علي الثالث كما هو الظاهر من الموثقة فلا يستفاد الاشتراط اذ المفروض ان الشخص وقع في غير المأكول و من الظاهر انه لا يصح الا مع الساتر المأخوذ من المأكول اذ الفساد قطعي.

و ان شئت قلت: انه لا شبهة في أنه لا يشترط في الساتر أن يكون من الحيوان المأكول اذ تصح الصلاة مع الساتر المأخوذ من القطن مثلا و يظهر من الموثقة «1» ان الصلاة

لا تقبل الا مع وقوعها في الساتر المأخوذ من الحيوان المأكول فيفهم ان الوجه في الفساد كونه من غير المأكول و مرجعه الي المانعية.

ان قلت: علي ما ذكرت لا يتصور الشرطية حتي في الساتر لأنه لا شبهة في صحة الصلاة الواقعة في الساتر القطني نعم يمكن بنحو التعليق لكن يرجع الي أحد المحذورين اما تحصيل الحاصل و اما اجتماع الضدين.

قلت: يمكن تصويره بأن يكون التقييد بالساتر الجامع بين غير الحيواني و الحيواني المأخود من المأكول ففي مقام الثبوت يتصور الشرطية.

ان قلت: لو سلم عدم استفادة الشرطية من الموثقة «2» لكن لا شبهة في

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 228

______________________________

أنه يستفاد المنع من الصلاة في غير المأكول و عليه لا بد من تقييد الساتر بأن يكون من غير المأكول لان الاهمال محال و الاطلاق منتف علي الفرض فلا بد من هذا التقييد.

و ان شئت قلت: لو لا هذا التقييد يلزم اجتماع الامر و النهي في شي ء واحد.

قلت: لا اشكال في أنه يحصل التقييد من ناحية النهي عن الصلاة في غير المأكول لكن الكلام في أن القيد عبارة عن الصلاة في الساتر المأخوذ من غير المحرم أكله الذي يكون بمعني الاشتراط أو أن القيد عبارة عن الساتر الذي لا يكون متخذا من المحرم و بينهما فرق فان الاول عبارة عن الشرط و الثاني عبارة عن المانع فظهر بما ذكر ان المستفاد من الموثقة «1» المانعية لا الشرطية.

و يمكن منع دلالة الموثقة علي الشرطية بتقريب آخر و هو أن قوله عليه السلام «لا تقبل تلك الصلاة» «2» خبر بعد خبر للصلاة و يكون بيانا للجملة الاولي فان المشار اليه بلفظ الاشارة هي الصلاة

و ذكرنا انه لا يمكن الجمع بين المانعية و الشرطية فكأنه عليه السلام قال: الصلاة في غير المأكول فاسدة لا تقبل فيفهم ان الوجه في الفساد وقوعها في غير المأكول و هي المانعية.

و بتقريب ثالث: يمكن اثبات ان المجعول ليس هي الشرطية المستفادة من ذيل الموثقة «3» و ذلك لأنه لا شبهة في عدم توقف صحة الصلاة علي وقوعها في الساتر المأخوذ من المأكول فالمقصود ليس الا بيان فساد الواقعة في غير

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 214

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 229

______________________________

المأكول و انما ذكر المأكول لأنه فرض وقوعها في غير المأكول فلا دليل علي الشرطية في مقام الاثبات.

و بتقريب رابع نقول: الذي نحتمله ثبوتا أن يكون المجعول بنحو الاشتراط و معناه أن يكون المشروط عبارة عن تقييد الصلاة بوقوعها في الساتر الذي يكون من غير المأكول و أما احتمال اشتراط كونه مأخوذا من المأكول فهو غير محتمل فانه فاسد ثبوتا و الحال أن ذيل الموثقة ظاهر في الاشتراط بكونه مأخوذا من المأكول فهذا الظاهر غير مراد قطعا فلا دليل علي الشرطية و نبقي نحن و صدرها و ظاهره المانعية فلاحظ.

و ربما يقال: بأن المستفاد من قوله في الموثقة «و ان كان مما يؤكل لحمه» «1» الي آخره ان الشرط للجواز وقوعها في المأكول و ان عدم الجواز المستفاد من مفهوم الشرطية مستند الي فقدان الشرط لا الي وجود المانع.

و فيه: اولا ما قلناه بأنه لا شبهة في عدم هذا الاعتبار و ان احتمال اشتراط الصلاة بوقوعها في المأكول فاسد بالقطع.

و ثانيا: انه لو فرض لباس للمصلي كما فرض في هذه الجملة فلا يعقل جعل الاشتراط اذ مرجعه الي تحصيل الحاصل

كما أن الامر في المفهوم كذلك فانه مع أنه من غير المأكول يكون مرجع الاشتراط الي الامر بالمحال فمعني قوله جائز هي الصحة و الفساد معناه عدم انطباق المأمور به علي المأتي به و هذا يجتمع مع كل من الشرطية و المانعية.

و ثالثا ان التصريح بقوله: «و ان كان غير ذلك مما قد نهيت» الي آخره لا

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 230

______________________________

يبقي ظهورا للشرطية فيما ادعي كما هو ظاهر.

و مما يمكن أن يستفاد الشرطية منه ما رواه أبو تمامة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: ان بلادنا بلاد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر؟ فقال:

البس منها ما اكل و ضمن «1» و الرواية ساقطة سندا.

و مما يمكن أن يستدل به ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أو أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء و الصلاة فيها فقال: لا تصل فيها الا ما كان منه ذكيا قال قلت: أو ليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلي اذا كان مما يؤكل لحمه «2».

و قريب منه ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه و أبا الحسن عليهما السلام عن لباس الفراء و الصلاة فيها فقال: لا تصل فيها الا ما كان منه ذكيا قلت: أو ليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلي اذا كان مما يؤكل لحمه قلت: و ما لا يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قال: لا بأس بالسنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهي عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذ نهي عن كل ذي ناب و مخلب «3» و السند في كلا الحديثين ضعيف.

ثم انه

قد عرفت انه لو اعتبر ما اعتبر في الصلاة بنحو الاشتراط يلزم احراز الشرط بالوجد ان أو بالامارة أو الاصل و أما لو اعتبر بنحو المانعية فربما يقال:

بأنه لا يلزم احراز عدم المانع و انه يجوز الاتيان مع الشك استنادا الي قاعدة المقتضي و المانع فانه لو احرز المقتضي و شك في المانع يحكم بتحقق المعلول

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 231

______________________________

فيجوز الاكتفاء بالمأتي به مع الشك في وجود المانع و لا يلزم احراز عدمه.

و فيه اولا ان تلك القاعدة لا اساس لها كما بين في محله. و ثانيا: لو فرض كونها تامة لا ترتبط بالمقام و ذلك لان المانعية في المقام عبارة عن تقييد المأمور به بعدم ذلك المانع فكما انه يلزم احراز المأمور به بقيودها الوجودية كذلك يلزم احرازه بقيودها العدمية فلا فرق بين القولين من هذه الجهة.

ثم انه لو شك في أن المجعول هي الشرطية أو المانعية فعن الميرزا قدس سره: انه لا مانع من اجراء الاصل و رفع الكلفة الزائدة من ناحية الشرط و لا يمكن مساعدته لأنا نعلم اجمالا باحد الاعتبارين و لا اصل لنا يعين احد الطرفين نعم الشك في الشرطية في حد نفسه مورد للأصل لكن يعارض هذا الاصل بالاصل الجاري في المانعية.

و ببيان أوضح: ان المجعول لو كان هي المانعية يمكن اجراء البراءة عند الشك في المانع و لو كان المجعول الشرطية يكون الشك في تحقق الشرط موردا للاشتغال و مع الشك في أن المجعول أيهما لا مجال لجريان البراءة لان الشك في تحقق موضوعها فلا

بد من الاحتياط اذ المفروض ان الشك في السقوط و لا بد في مقام الامتثال من الجزم بتحققه فلاحظ.

ثم انه وقع الكلام في أنه لا شبهة في أنه لو شك في تمام الموضوع و بقائه يجري فيه الاستصحاب فلو رتب حكم علي وجود زيد مثلا و شك في بقائه يحكم ببقائه بحكم الاستصحاب و أما اذا كان الموضوع مركبا من جزءين و احرز احدهما فهل يجري الاستصحاب في الجزء المشكوك؟

ربما يقال: بأنه لا مجال للاستصحاب و الوجه فيه انه لو اخذ قيد في الموضوع أو المتعلق لا يمكن احراز المقيد بالاستصحاب الا علي القول بالمثبت و ذلك لان

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 232

______________________________

الجزء المأخوذ اما يكون جزء للموضوع و اما يكون قيدا فانه لو كان قيدا فالتقيد بالقيد دخيل في الموضوع و المفروض ان التقيد و الاتصاف لم يحرز بالوجدان و احرازه بالاستصحاب يتوقف علي الالتزام بالمثبت و ان كان جزءا للموضوع فايضا الاشكال باق بحاله اذ كل من الجزءين مقيد بالاخر و الكلام فيه هو الكلام فلا يمكن احراز الموضوع بضم الوجدان الي الاصل.

و يمكن أن يقال بأن الامور المتبانية لو اخذت متعلقة للحكم أو الموضوع فلا معني لتركبها و وحدتها الا اعتبار احدهما في زمان الاخر بلا جهة اخري و بلا وصف آخر غير نفس الاجزاء فعليه لو احرز أحد الجزءين بالوجدان و الجزء الاخر بالاستصحاب يتم الموضوع و يترتب عليه الحكم بلا اشكال فلو ترتب حكم علي وجود زيد في يوم الجمعة و شك في وجوده في يوم الجمعة فهل يشك في استصحاب بقائه، لترتب الاثر عليه فانه لا فرق بين أن يكون الموضوع وجود زيد يوم الجمعة و بين وجوده منضما

الي وجود بكر و هكذا و قس عليه حال الشرط فان الموضوع في باب الشرط عبارة عن الذات في زمان وجود الشرط.

و بعبارة اخري: يترتب الاثر علي المشروط لا علي الشرط و المشروط.

و الحاصل: ان الفرق بين الجزء و الشرط ان الموضوع في باب الاجزاء عبارة عن الاجزاء كل منها في فرض وجود الاخر و الموضوع في باب الشرط عبارة عن نفس المشروط اي وجوده مقيدا بزمان وجود شي ء آخر فلو احرز أحد الامرين فلا مانع من استصحاب الجزء المشكوك و ضم الوجدان الي الاصل و لا يتوجه اشكال الاثبات.

نعم لو اخذ في الموضوع عنوان انتزاعي زائدا علي الوجود لا يمكن احرازه بالاستصحاب فلو اخذ في صحة الايتمام ركوع المأموم في زمان ركوع الامام

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 233

______________________________

يمكن احراز الموضوع بالاستصحاب فان ركوع المأموم محرز بالوجدان و ركوع الامام محرز بالاستصحاب فيتم الموضوع و أما لو كان موضوع الصحة ادراك المأموم لركوع الامام المنتزع لا يمكن احرازه باستصحاب ركوع الامام الا علي القول بالمثبت.

ان قلت: سلمنا جريان الاصل بهذا النحو لكن يعارض هذا الاصل جريان الاستصحاب في المركب بأن نقول: نشك في تحقق المركب أو المشروط و الاصل عدم تحققهما.

و فيه: انه لو فتح باب هذا الاشكال يكون مقتضاه سد باب جريان الاستصحاب في كل مورد يشك في تحقق الامتثال فلو شك في بقاء الطهارة و اجري الاستصحاب و احرز الطهارة بالاستصحاب يعارضه استصحاب عدم الصلاة مع الطهارة و هذا مناقض لدليل الاستصحاب في مورده فان عمدة دليل الاستصحاب النص الوارد في باب الشك في بقاء الوضوء و مرجعه الي عدم اعتبار الاستصحاب في مورد دليله و هو كما تري.

مضافا الي أن الشك في

تحقق المأمور به ناش و مسبب عن الشك في تحقق الشرط و مع جريان الاصل في السبب لا يبقي شك في المسبب شرعا فلا مجال للاستصحاب فلا تغفل.

ثم انه لا بد أن يعلم ان النزاع و ان كان في الصلاة لكن البحث عام لكل ما يشك في المانعية أعم من أن يكون المانعية بحكم الشرع أو يكون بحكم العقل و ما توهم ان المانعية ان كانت بحكم العقل تختص بصورة الاحراز و لا تعم صورة الجهل توهم فاسد ناش من الخلط بين بابي التزاحم و التعارض فان المعجزية في باب التزاحم منوط بالعلم اذ مع عدمه لا يكون الحكم الواقعي معجزا و أما في باب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 234

______________________________

التعارض و ترجيح جانب النهي فلا فرق بين صورتي العلم و الجهل و لذا نلتزم بفساد الصلاة في الدار المغصوبة و لو مع الجهل بالغصبية.

ثم ان المشهور- علي ما نسب اليهم- ذهبوا الي عدم جريان البراءة في المقام مع ذهابهم الي البراءة في الشك في الاكثر و لعل الوجه في ذلك أنهم بنوا علي ان النهي الغيري الدال علي المانعية نهي عن الطبيعة و لا ينحل الي الافراد بحسب تعدد الموضوع فقالوا: ان التكليف معلوم فلا بد من الفراغ و لا يحرز الفراغ الا بالاحتراز عن المشكوك.

لكن الحق ان النهي الغيري ينحل الي الافراد فالكلام فيه هو الكلام في النهي النفسي بلا فرق بين المقامين فلاحظ.

ثم ان اعتبار المانعية لغير المأكول اما يكون في نفس الصلاة أو في المصلي أو في اللباس.

و بعبارة اخري: هل القيد الاعتباري مركزه نفس الصلاة فاعتبر فيها أن لا تقع في غير المأكول من دون اضافة الي المصلي أو اللباس أو

يكون مركزه المصلي بأن اعتبر في الصلاة أن لا يكون المصلي حين الصلاة لابسا لغير المأكول أو مصاحبا له أو يكون مركزه اللباس بأن اعتبر في الصلاة أن لا يكون لباس المصلي حينها من غير المأكول.

و قبل الخوض في المسألة نقول: كلما يكون شرطا للمأمور به وجودا، أو عدما لا بد أن يكون متعلقا للأمر بتبع المأمور به.

و بعبارة اخري: لا بد في الشرط أن يكون فعلا اختياريا للمكلف و عليه لا يكون الموجود الخارجي شرطا للمأمور به و لا يعقل نعم يمكن أن يكون شرطا للأمر و عليه لا مناص من جعل كل شرط قيدا للمأمور به ففي المقام يكون القيد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 235

______________________________

لا محالة راجعا الي الصلاة فانها فعل اختياري للمكلف غاية الامر تارة يعتبر عدم المانع في نفس الصلاة فيقال: لا تصل في غير المأكول و اخري تعتبر في المصلي بأن يقال: لا تصل و انت لابس لغير المأكول و حيث ان كون غير المأكول ظرفا للصلاة أمر لا يتصور فلا محالة تكون هذه الظرفية بلحاظ المصلي فان صدق الصلاة في غير المأكول او في المأكول بلحاظ كون المصلي لا بسا أحدهما هذا بحسب مقام الثبوت و أما في مقام الاثبات فالمستفاد من رواية سماعة قال: سألته عن لحوم السباع و جلودها فقال: أما لحوم السباع فمن الطير و الدواب فانا نكرهه و أما الجلود فاركبوا عليها و لا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه «1» ان المركز هو المصلي و المستفاد من غيرها ان المركز جعل نفس الصلاة و حيث ان اسناد الظرفية الي الصلاة بالعناية و المجاز فيكون بتوسيط المصلي.

و بعبارة اخري: ارتباط أحد الفعلين بالاخر يكون بلحاظ الفاعل

فيكون الاسناد أولا و بالذات الي المصلي و ثانيا و بالعرض الي الصلاة فلا تنافي بين الدليلين بل ما يدل علي كون المانع الظرفية للصلاة راجع الي كون المصلي لابسا لغير المأكول فمرجع كلا الدليلين أمر واحد و لعل ثمرة هذا البحث تظهر عنه اجراء الاصل فانتظر.

بقي شي ء: و هو ان المانع وقوع الصلاة في ذوات ما لا يؤكل لحمه من الاسد و غيره و عنوان ما لا يؤكل لحمه معرفا لتلك الذوات بحيث تكون الذوات موضوعا لحكمين: احدهما حرمة الاكل ثانيهما عدم جواز الصلاة أو أن الموضوع عبارة عن محرم الاكل بحيث يكون أحد الحكمين في طول الاخر فنقول: لو قلنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 236

______________________________

بأن المدرك في المقام ما رواه علي بن أبي حمزة «1» و اقتصرنا علي ما يستفاد منه و التزمنا باختصاص الحكم بالسباع طبق ما في تلك الرواية فلازمه الالتزام بأن المانع العنوان الذاتي و الوجه فيه ظاهر اذ الميزان بما يؤخذ من الدليل في مقام الاثبات لكن الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا و لا نعمل بها فالميزان بما يستفاد من بقية الادلة و المستفاد من الموثقة «2» هي الطولية و لا وجه لرفع اليد عن ظاهرها و القول بأن العنوان المأخوذ فيها عنوان مشير لا وجه له و عليه يكون الموضوع للمانعية كون الحيوان محرم الاكل.

و مما يؤيد مقالتنا- بل يدل عليه- انه لو نسخت حرمة أكل واحد من الحيوانات التي يحرم أكلها و صار حلالا كما لو فرض جواز أكل لحم الثعلب بالنسخ فهل يشك فقيه في جواز الصلاة في وبره؟ فان المستفاد من موثقة ابن بكير «3» ان

الميزان في الجواز و الحرمة حلية الاكل و حرمته.

اذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم انه يقع الكلام في موضعين: الموضع الاول في مقتضي الادلة الاجتهادية الموضع الثاني في مقتضي الاصول العملية. أما الموضع الاول: فقد يدعي ان مقتضي الادلة الاجتهادية الجواز مع الشك في المانعية و ذلك من وجوه:

منها: دعوي اختصاص الالفاظ وضعا أو انصرافا بخصوص المصاديق المعلومة فلو شك في وجود المانع لا يكون المانع موجودا حتي في الواقع و نتيجة هذه الدعوي انه لا موضوع لانكشاف الخلاف و فساد هذا البيان أوضح من أن يخفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 230

(2) لاحظ ص: 214

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 237

______________________________

و منها: ان مطلقات دليل الصلاة أو الساتر حجة الا أن يعلم مصداق المخصص و مع الشك في مصداق المخصص لا مانع من الاخذ بالعام أو المطلق.

و فيه ان دليل التخصيص أو التقييد يخصص أو يقيد العام و المطلق و لا مجال للتمسك بالعام و انما يتمسك بالعام فيما يشك في أصل التخصيص و أما لو شك في انطباق المخصص علي الخارج لا يجوز الاخذ بالعام الا علي القول بالتمسك به في الشبهة المصداقية و علي فرض الالتزام بهذا المعني تكون الصحة ظاهرية لا واقعية الا أن يدل دليل علي الاجزاء كحديث لا تعاد مثلا.

و منها: ان المانعية في المقام منتزعة عن النهي عن الصلاة في غير المأكول فتكون فعلية المانعية بفعلية النهي و حيث ان النهي لا يكون فعليا مع الجهل لا تكون المانعية فعلية أيضا نعم لو كان دليل المانعية بلسان لا صلاة في غير المأكول لكان مقتضاه المانعية المطلقة المقتضية للفساد حتي مع الجهل.

و فيه: اولا ان بعض الادلة- كموثقة ابن بكير

«1» - ليس بلسان النهي فلا يكون الاستدلال تاما لانهدام الاساس الذي ذكره في الاستدلال.

و ثانيا يلزم عدم مجال لانكشاف الخلاف و عدم اشتراك التكليف بين العالم و الجاهل و هو كما تري.

و ثالثا انه لا فرق بين النواهي المتعلقة بالموانع في باب العبادات و المتعلقة بها في باب المعاملات فكما ان المانعية في باب المعاملات لا تختص بحال العلم كذلك في باب العبادات و معني الانتزاعية ان المانعية تنتزع من تعلق الامر با لمأموريه المقيد بالقيد العدمي لا أنها تنتزع عن النهي المتعلق بالمانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 238

______________________________

و ملخص الكلام ان النهي في المقام ارشاد الي المانعية و النهي الارشادي كالأمر الارشادي ليس منوطا بالعلم في صيرورته فعليا فان الاشتراط بالعلم ليس من لوازم كل إنشاء بل من لوازم التكليف.

و رابعا أن ما افيد في تقريب الاستدلال بأن النهي لا يصير فعليا الا مع العلم غير سديد فان فعلية الحكم لا تتوقف علي العلم الا مع قيام الدليل في مقام الاثبات لو قلنا بامكان أخذ العلم بالحكم في موضوعه أو أخذ العلم بالموضوع في ترتب الحكم عليه كما لو قام دليل علي أنه لو علم المكلف بأن اللباس من غير المأكول لا يجوز الصلاة فيه و أما بلا دليل دال فلا وجه لهذا القيد فانه خلف و محال لان المفروض ان الموضوع تحقق في الخارج و تخلف الحكم عن موضوعه كتخلف المعلول عن علته.

و ملخص الكلام: ان فعلية الحكم ليس مرهونا بالعلم نعم مع الجهل لا يكون الحكم منجزا و هذا أمر آخر و من هنا يعلم ان المانعية لو كانت منتزعة عن الحكم التكليفي لا يكون متوقفا علي العلم

في الفعلية و لذا نلتزم بفساد الصلاة في الدار المغصوبة و لو مع الجهل بها لو التزمنا باستحالة الاجتماع و تقديم جانب النهي و ان ما ذهب اليه المشهور من الصحة مبني علي الجواز و ان التركيب انضمامي لا اتحادي و عليه يدخل المجمع في باب التزاحم و لا يكون داخلا في باب التعارض و قد ذكرنا ان التوسل بقاعدة المقتضي و المانع فيما يشك في المانع غير صحيح.

و منها: انه دلت جملة من النصوص علي جواز الصلاة في الخز و الخز الخالص في زمان صدور تلك النصوص في غاية الندرة بحيث كان الجواز و تجويز الصلاة فيه لغوا فان الاكثر كان مخلوطا بوبر الثعالب و عليه يكون المستفاد من تلك الادلة جواز الصلاة في المشكوك و بعدم القول بالفصل نلتزم بالجواز في بقية

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 239

______________________________

الموارد.

و يرد عليه: اولا انه قد قيدت تلك النصوص بطائفة اخري دلت علي عدم الجواز مع فرض الغش و الخلط و كون الخز الخالص في غاية الندرة لا يوجب رفع اليد عن التقييد فان وظيفة الشرع بيان الحكم و لو لأفراد نادرة.

و ثانيا لو فرض صدق هذه المقالة يلزم تخصيص الحكم بأن نقول: يجوز الصلاة في الخز الخالص و المخلوط بوبر الارانب و لا وجه لتسرية الحكم الي كل مورد و عدم القول بالفصل غير القول بعدمه مضافا الي أن الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرضه لا يكون حجة للعلم بالمدرك فلا يكون تعبديا.

و لا يخفي انه علي فرض تمامية هذه الدعوي لا يفرق بين أن يكون المستفاد من الدليل المانعية كما هي المدعاة أو الشرطية لعدم تفاوت فيما هو المناط فلاحظ هذا

تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فقد استدل علي الجواز بالاصل العملي بتقاريب مختلفة التقريب الاول: ان مقتضي اصالة الحل حلية الحيوان المتخذ منه المشكوك و قد استشكل فيه من وجوه:

الاشكال الاول: ان اصالة الاباحة لا توجب ترتب الآثار الواقعية بل انما توجب ترتيب الآثار الظاهرية و حيث ان جواز الصلاة من الآثار للحلية الواقعية فلا يترتب باصالة الحل.

و فيه: ان دليل الاصل حاكم علي دليل الحكم الواقعي و يوجب التوسعة غاية الامر تكون الحكومة ظاهرية و ما دام الشك و لذا نري ان جميع الآثار يترتب كالشرب و الوضوء و الغسل علي اصالة الطهارة ما دام لم ينكشف الخلاف فاذا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 240

______________________________

انكشف الخلاف لا بد من رفع اليد و اعادة ما سبق لعدم دليل علي الاجزاء كما حقق في محله الا في باب الصلاة فانها لا تعاد الا في جملة من الموارد ببركة حديث عدم الاعادة أو غيره و التفصيل موكول الي محل آخر.

الاشكال الثاني: ما عن الميرزا قدس سره و هو انه علي تقدير جواز جريان اصالة الحل في المقام انما يجري فيما لا يكون الجزء المشتبه مرددا أمره بين معلوم الحرمة و معلوم الحلية المتميزين في الخارج اذ في هذه الصورة ليس في البين مشكوك الحكم بل الحكم معلوم و انما المجهول عنوان انتزاعي فما يكون موجودا في الخارج يكون معلوما و ما يكون مشكوكا يكون عنوانا انتزاعيا.

و فيه: انه لا اشكال في أن العنوان الانتزاعي منطبق علي ما في الخارج و بهذا العنوان يكون الموجود الخارجي مشكوكا فموضوع اصالة الحل متحقق بلا كلام و لا اشكال.

الاشكال الثالث: أيضا ما عن الميرزا قدس سره بأن المستفاد من

دليل المانعية ان الصلاة في أجزاء ذوات الحيوانات التي يكون معرفها حرمة الاكل فاسد و من الظاهر ان اصالة الحل لا تقتضي كون المشكوك من الانواع المحللة فان اقتضاء دليل الحل اثبات الحل لا كون المشكوك معنونا بعنوان كذائي.

و فيه: انا قد بينا ان المستفاد من موثقة ابن بكير «1» ان الموضوع لدليل المانعية عنوان محرم الاكل و ليست العناوين الاولية الذاتية موضوعة فلا اشكال من هذه الجهة.

الاشكال الرابع: ان اصالة الحل من الاصول الحكمية فلا بد من أن يكون الموضوع محلا للابتلاء فلو فرض لحم الحيوان موردا للابتلاء و جري فيه الاضل

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 241

______________________________

يترتب عليه جواز الصلاة في شعره و لو بعد سنين و أما لو لم يكن اللحم محلا للابتلاء حين جريان الاصل كما هو الغالب فلا مجال لجريانه فيه.

و فيه ان المفروض ان الحلية موضوع لجواز الصلاة فبهذا اللحاظ لا مانع من جريان اصالة الحل و الحكم بجواز الصلاة فيه و هذا نظير جريان استصحاب الطهارة في الملاقي لإثبات طهارة الملاقي و لو بعد انعدام الملاقي بسنين و السر فيه انه يكفي في جريان الاصل ترتب أثر شرعي و أما كون مورد جريان الاصل محلا للابتلاء بالفعل فلا دليل علي شرطيته.

الاشكال الخامس: ما عنه أيضا و هو ان المستفاد من دليل الحل الحلية الفعلية و ما يكون في الدليل هي الحلية الشأنية و بعبارة اخري: الموضوع للمنع عبارة عن الحيوان الذي يكون من شأنه انه لو ذبح و ذكي لا يحل لحمه في مقابل الحيوان الذي لو ذبح بطريق شرعي يحل أكله و اصالة الحل لا تثبت هذا العنوان.

و الذي يوضح مرادنا انه لو مات غنم

حتف انفه يجوز الصلاة في شعره و الحال انه لم يكن محلل الاكل في وقت من الاوقات اذ قبل الموت لا يجوز أكل الحيوان فان الحلية تتوقف علي التذكية و بعد الموت صار ميتة.

و هذا الاشكال متين و لا يمكن رده و علي هذا لا أثر لأصالة الحلية و لا يترتب عليها جواز الصلاة.

فائدة: و هي انه كما لا يترتب جواز الصلاة علي اصالة الحل كذلك لا يترتب عدم الجواز علي اصالة الحرمة كأصالة عدم التذكية أو غيرها و ذلك لان عدم الجواز مترتب علي الحرمة الشأنية و الجواز علي الحلية كذلك و اثبات الحرمة الفعلية بالاصل لا يثبت الحرمة الشأنية و كذلك الحال لو كان الموضوع احد العناوين الذاتية للحيوان

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 242

______________________________

فلاحظ.

التقريب الثاني: التمسك بقاعدة الطهارة فيما لو دار الامر بين كون المشكوك مأخوذا من الكلب أو الغنم فيحكم عليه بالطهارة بالقاعدة و يترتب عليه جواز الصلاة و يحكم في بقية الموارد بعدم القول بالفصل.

و فيه اولا: ان قاعدة الطهارة لا يترتب عليها الا ما كان مشروطا بها و أما غير الطهارة فلا يثبت بالقاعدة الا علي القول بالاصل المثبت و علي القول به كيف نلتزم بعدم القول بالفصل و الحال ان ترتيب الاثر في مورد القاعدة من باب اثبات اللوازم العقلية بخلاف بقية الموارد مضافا الي أن عدم القول بالفصل لا يترتب عليه الاثر كما هو ظاهر.

التقريب الثالث: التمسك باستصحاب عدم الحرمة قبل البلوغ و فيه أن ما يجري فيه الاستصحاب و هي الحرمة الفعلية ليس موضوعا للحكم و ما يكون موضوعا له لا يجري فيه الاستصحاب لعدم احراز الحالة السابقة فان الموضوع الحرمة الشأنية مضافا الي أن البالغ موضوع

في قبال غير البالغ و كيف يسري الحكم من موضوع الي موضوع آخر بالاستصحاب و الحال أن وحدة الموضوع شرط فيه.

التقريب الرابع: استصحاب عدم الحرمة الثابت قبل الشرع و لا فرق بين أن يكون الشبهة موضوعية أو حكمية فان مرجع الشك علي كل حال الي كون الحيوان الخارجي من أي القسمين.

و اورد عليه بايرادات: الاول: ان عدم الحرمة قبل الشرع من باب السالبة بانتفاء الموضوع و قد علمنا بانقلابه اما باضافة الحرمة و اما باضافة الحلية و لا يمكن اثبات اضافة العدم باستصحاب بقاء ما قبل الشرع الا بنحو المثبت.

و فيه: ان الشرع و الشريعة عبارة عن مجموع القوانين الشرعية فان قلنا بأن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 243

______________________________

الشارع هو اللّه تبارك و تعالي يكون العدم مضافا اليه و مقتضي الاستصحاب بقائه و ان قلنا ان الشارع النبي صلي اللّه عليه و آله بوحي من اللّه فلا شبهة في أنه صلي اللّه عليه و آله لم يحرم المحرمات في أول بعثته بل حرمها بالتدريج فلا ريب في مضي زمان لم يحرم المشكوك كما يستفاد من قوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً الآية «1» فان حصر المحرم في المذكورات حين نزول الاية يدل علي جواز البقية فلا مانع من استصحاب العدم مضافا الي أنه يكفي اثبات عدم تعلق الحرمة بالحيوان المشار اليه.

الايراد الثاني: انا نعلم بحدوث حكم المشار اليه في الشريعة و لا ندري انه الاباحة أو الحرمة و استصحاب عدم الحرمة معارض باستصحاب عدم الاباحة.

و فيه: انه يمكن لنا أن ندعي ان الاستصحاب يجري في الاباحة السابقة المدلول عليها بالآية فمقتضي الاستصحاب بقاء الاباحة و

عليه لا مجال للمعارضة باصالة عدمها.

لكن يمكن أن يرد عليه بأن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد. لكن نجيب بنحو آخر و نقول: بأنه يكفي في ترتب الاثر استصحاب عدم حدوث الحرمة و لا يعارضها استصحاب عدم حدوث الحلية الاعلي القول بالمثبت فان المطلوب عدم كون الحيوان من محرم الاكل.

و ان شئت قلت: المانع وقوع الصلاة فيما لا يؤكل لحمه و هذا الحيوان في أول البعثة لم يكن داخلا في هذا العنوان و الان كما كان.

الايراد الثالث: ان استصحاب عدم الحرمة لا يثبت ان الحيوان الخارجي متصف بعدم الحرمة الا علي القول بالمثبت.

______________________________

(1) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 244

______________________________

و فيه: ان الاحكام الشرعية مجعولة علي نحو القضية الحقيقية فكما أن بقاء الحرمة يترتب عليه كون المصداق محرما كذلك بقاء عدمها يترتب عليه عدم حرمة الموجود الخارجي و السر فيه أنه لا واسطة كي يلزم الاثبات فان حرمة الخمر معناها انه لو وجد خمر في الخارج يكون حراما و هذا عين جعل الشارع لا أمر آخر و كذلك عدم الحرمة فلا اشكال من هذه الناحية أيضا.

فالنتيجة: ان هذا الاستصحاب بهذا التقريب يترتب عليه جواز الصلاة بل يمكن أن نقول بأن المجعول لو كان هي الشرطية يمكن احرازها بهذا التقريب فانه لو استفيد من الدليل انه لا بد من ايقاع الصلاة في غير ما لا يؤكل لحمه يمكن احرازه بالاصل الموضوعي.

لكن هذا البيان يتم بناء علي كون الموضوع عنوان ما حرم أكله و أما لو كان الموضوع نفس الذوات فلا يمكن بهذا التقريب اثبات العنوان المحلل أو سلب عنوان المحرم الا بالاثبات لكن قد عرفت سابقا انه لا ملزم لهذه المقالة فان المستفاد من الموثقة

«1» ان المانع عنوان محرم الاكل.

التقريب الخامس: جريان الاستصحاب في المصلي بأن نقول: ان المصلي قبل لبسه المشكوك لم يكن لابسا للباس كذائي و الان كما كان. و هذا الوجه لا بأس به لكن يتوقف علي أن المستفاد من الدليل ان الجاعل ناظر الي المصلي لكن لو استفيد من الدليل اشتراط الصلاة بعدم وقوعها فيما لا يؤكل أو استفيد بأن شرط اللباس أن لا يكون من غير المأكول لا يثبت باستصحاب عدم اللبس الا علي القول بالاصل المثبت.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 245

______________________________

التقريب السادس: جريان الاستصحاب في اللباس بأن نقول: هذا اللباس لم يكن من الحيوان المحرم الاكل و الان كما كان و هذا الاستصحاب من مصاديق جريان الاصل في الاعدام الازلية و قد ذكرنا في محله ان مقتضي القاعدة جريان الاستصحاب بهذا النحو فببركته نثبت ان اللباس المشار اليه ليس مما لا يؤكل و يترتب عليه جواز الصلاة أعم من أن يكون القيد قيدا للباس أو للصلاة أو للمصلي فانه لو احرز الشرط بالاصل و احرز الجزء الاخر بالوجدان يتم المطلوب. و لا مجال لان يقال: الاصل عدم تحقق المركب من المشروط و الشرط فان المركب لا وجود له الا وجود الاجزاء بعينها.

و يختلج ببالي انه يمكن تقريب الاستصحاب بنحو آخر و هو ان المكلف لو صلي في المشكوك رجاء يمكنه أن يجري الاستصحاب بأن يقول: الصلاة التي صليتها لم تكن في المانع قبل وجودها و الاصل بقائها علي ما كانت حتي بعد وجودها فلاحظ.

هذا تمام الكلام في الاصل الجاري في الموضوع و مع جريانه لا تصل النوبة الي الاصل الحكمي فان الاصل الجاري في الموضوع حاكم علي الاصل الحكمي فانه

لو جري اصالة بقاء المائع علي نجاسته لا تصل النوبة الي اصالة الحل الجارية في الشرب و لو قطع النظر عن الاصل الموضوعي تصل النوبة الي الاصل الحكمي.

فنقول: لجريان الاصل الحكمي تقريبان: أحدهما ما عن صاحب الحدائق و هو انا نشك في حرمة الصلاة في المشكوك و مقتضي الاصل اباحتها و جوازها.

و فيه: انه لا شبهة في جواز الصلاة علي تقدير و حرمتها علي تقدير آخر فانه لو صلي في المشكوك رجاء لا اشكال في جوازها و لكن لا أثر لهذه الصلاة لعدم احراز الشرط العدمي و أما لو صلي بقصد الامر و أنها مصداق لمطلوب المولي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 246

______________________________

تكون حراما لأنه تشريع نعم لو قلنا ان المستفاد من قاعدة الحل الحلية المطلقة بمعني ان المكلف لا يكون محروما فان المكلف محروم من الصلاة في غير المأكول فلا تكون حلالا كما أن المكلف محروم عن البيع الفاسد لفساده فلا يكون البيع الفاسد حلالا للمكلف، لكان هذا التقريب تاما لكن هذا المبني بمراحل من الواقع فان المستفاد من قاعدة الحل الحلية الظاهرية التكليفية و الا يلزم الالتزام بلوازم متعددة و تأسيس فقه جديد فان لازم هذا الكلام انه لو شك في فساد عقد من العقود يحكم بالصحة لعدم المحرومية فانه خلاف ظاهر الدليل و خلاف الاجماع و التسالم و لا اظن ان صاحب الحدائق بنفسه يلتزم بهذه اللوازم.

ثانيهما: انه قد تقرر في الاصول اجراء الاصل بالنسبة الي الاكثر فيما دار الامر بين الاقل و الاكثر بلا فرق بين أن يكونا غير ارتباطيين و بين ان يكونا مرطبتين و عليه فلو شك في أن الصلاة هل قيدت بقيد عدمي أم لا لا مانع من اجراء

حديث الرفع بلا فرق بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية فلاحظ.

فتحصل مما ذكرنا ان المستفاد من الادلة لو كان مانعية غير المأكول يجوز الصلاة في المشكوك اولا بجريان استصحاب عدم الحرمة و ثانيا: باستصحاب عدم كون اللباس مما لا يؤكل و ثالثا بالبراءة عن المانعية المشكوكة و لا فرق بين أن يكون المستفاد من الادلة ان مركز اعتبار المانعية اللباس أو المصلي أو الصلاة اذ بعد ما ثبت عدم كون الحيوان من غير المأكول تحصل النتيجة مطلقا بناء علي كون الموضوع في لسان الدليل محرم الاكل كما أن مقتضي استصحاب العدم الازلي اخراج اللباس من مورد المنع و مقتضي البراءة الحكمية جواز الصلاة في المشكوك علي كل تقدير أي أعم من أن يكون المنهي الصلاة في غير ما لا يؤكل أو المنهي الصلاة في اللباس الكذائي أو المنهي الصلاة مع كون المصلي لا بسا للباس كذائي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 247

______________________________

و أيضا أعم من أن يكون المأخوذ في الموضوع الذوات الاولية أو الذات المعنونة بعنوان محرم الأكل فانه علي جميع هذه التقادير يشك في القيد العدمي و يدفع بالبراءة هذا كله علي تقدير كون المستفاد المانعية و أما لو كان المستفاد الشرطية فلو كان الشرط عبارة عن اشتراط الصلاة بوقوعها في اللباس الذي لا يكون من غير المأكول بنحو سلب الصفة.

و بعبارة اخري: لو استفيد من الدليل انه يشترط في الصلاة أن تكون في غير ما لا يؤكل اي في غير المحرم فانه باستصحاب عدم تعلق الحرمه يحرز أنه لا يكون من المحرم فبالاصل يحرز هذا العنوان و بضم الوجدان اليه يتم تمام الموضوع نعم لو كان المستفاد من الدليل اشتراط الصلاة بوقوعها في

محلل الاكل يشكل الامر اذ لو فرض كون الحيوان محلل الاكل قبل الشرع و ببركة الاستصحاب يحكم ببقاء الحلية يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد.

الا أن يقال: بأن الشبهة لو كانت حكمية يمكن التمسك بقوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً «1» بأن يقال: لو لم يكن الحيوان داخلا في العناوين المحرمة يثبت له الحلية بمقتضي الاية فاثبات الجواز يكون بالدليل اللفظي لا بالاصل العملي.

لكن هذا فيما يكون الشك في الحكم الكلي و أما لو كانت الشبهة موضوعية فلا مجال لهذا الاستدلال لأنه لا موضوع له كما هو ظاهر اذ المفروض ان الحكم الكلي ظاهر و الشك في المصداق فلا بد من احراز الشرط فافهم و اغتنم.

______________________________

(1) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 248

[مسألة 28: لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممزوج و مثل البق و البرغوث و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها]

(مسألة 28): لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممزوج و مثل البق و البرغوث و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها (1) و كذا لا بأس بالصدف (2).

______________________________

(1) فان المقتضي لشمول المذكورات قاصر اذ الموثقة «1» التي هي العمدة في هذا الباب مدركا صرح فيها بما يكون من مأكول اللحم فلو لم يكن المنع ظاهرا في الحيوان الذي يكون ذا لحم فلا أقلّ من الاجمال و عدم الظهور في الاطلاق فتبقي الاطلاقات الاولية مصونة عن التقييد كما أن البراءة عند الشك محكمة فلاحظ.

مضافا الي السيرة العملية الخارجية بالنسبة الي المذكورات بلا نكير من أحد اضف الي ذلك كله بعض النصوص الواردة في الموارد الخاصة و منه ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟

قال: لا و ان كثر فلا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه و لا يغسله «2».

و منه ما رواه علي بن مهزيار «3» و القرمز علي ما في مجمع البحرين عصارة دود يوجد في آجامهم و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا فان في احدي سنديها حسن بن علي بن مهزيار و هو لم يوثق و في الاخر ابراهيم بن مهزيار فانه لم يوثقه المتقدمون و انما مدحه و وثقه ابن طاوس و يفهم توثيقه من العلامة حيث حكم بصحة طريق الصدوق الي بحر السقاء.

(2) الامر كما أفاده و لا يستفاد من رواية علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 212

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 249

و لا بأس بفضلات الانسان كشعره و ريقه و لبنه و نحوها (1).

______________________________

الاول عليه السلام قال: لا يحل أكل الجري و لا السلحفاة و لا السرطان قال:

و سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر و الفرات أ يؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله «1» خلافه فان هذه الرواية لا تدل علي أن الصدف بنفسه حيوان.

(1) لانصراف العنوان المأخوذ في دليل المنع عن الانسان فلا مقتضي للمنع في مقام الاثبات و الشك في الاطلاق كاف للأخذ بالاطلاقات الاولية كما ان الشك في التقييد يقتضي البراءة و لو اغمض عن هذا البيان فلا بد للحكم بالجواز من التمسك بالدليل و مما يستدل به عليه ما رواه علي بن الريان بن الصلت أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يأخذ من شعره و أظفاره ثم يقوم الي الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه فقال:

لا بأس «2».

و قال كتبت الي أبي الحسن عليه السلام هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه؟ فوقع: يجوز «3»

و الرواية الاولي ضعيفة بضعف طريق الصدوق الي علي بما جيلويه و الرواية الثانية لا بأس بسندها و كذا بدلالتها.

و مما يستدل به ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام سئل عن البصاق يصيب الثوب قال: لا بأس به «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب أطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب النجاسات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 250

و ان كانت واقعة علي المصلي من غيره (1) و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمي بالشعر العارية سواء كان مأخوذا من الرجل أم من المرأة (2).

[مسألة 29: يستثني من الحكم المزبور جلد الخز]

(مسألة 29): يستثني من الحكم المزبور جلد الخز (3).

______________________________

و منه ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن الرجل يسقط سنه فأخذ سن انسان ميت فيجعله مكانه؟ قال: لا بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال الي غيرها من الروايات الواردة في الابواب المختلفة. لاحظ الباب 24 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل مضافا الي السيرة الخارجية فانه لا شبهة في جواز ان المصلي يصلي في ثوبه و فيه عرقه أو بصاقه و كذلك في لباس غيره اضف الي ذلك كله انه لو منع و التزم بهذا التقييد يلزم الحرج الشديد المنافي لكون الدين الاسلامي سهلة سمحة فلاحظ.

(1) و قد ظهر وجهه مما ذكرنا من النصوص و السيرة فلاحظ.

(2) لقصور

دليل المنع و السيرة الخارجية في الجملة الدالة علي الجواز فان حكم الامثال واحد.

(3) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في جواز الصلاة في وبر الخز الخالص من مخالطة و بر الارنب و الثعالب و نحوهما مما لا تصح الصلاة فيه نقل الاجماع علي ذلك جماعة منهم المحقق و العلامة و ابن زهرة و الشهيد قدس أسرارهم و غيرهم الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يستفاد من رواية عبد الرحمن بن الحجاج ان الخز دابة تمشي علي أربع و معروف بكونه كلب الماء قال سأل أبا عبد اللّه عليه السلام رجل و أنا عنده عن جلود

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 251

______________________________

الخز فقال: ليس بها بأس فقال الرجل: جعلت فداك انها علاجي (في بلادي) و انما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا قال: ليس به بأس «1».

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري انه قال:

رأيت الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز «2».

و ما رواه علي بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي الفريضة و غيرها في جبة خز طاروي و كساني جبة خز و ذكر أنها لبسها علي بدنه و صلي فيها و أمرني بالصلاة فيها «3».

و ما رواه زرارة قال: خرج أبو جعفر عليه السلام يصلي علي بعض أطفالهم و عليه جبة خز صفراء و مطرف خز أصفر «4».

و ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز فقال: صل فيه «5».

و

ما رواه اسماعيل بن علي عن أبيه أخي دعبل بن علي عن الرضا عليه السلام في حديث انه خلع علي دعبل قميصا من خز و قال له احتفظ بهذا القميص فقد صليت

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 252

و السنجاب (1).

______________________________

فيه الف ليلة كل ليلة ألف ركعة و ختمت فيه القرآن ألف ختمة «1» و ما رواه ابن أبي يعفور «2» و سند بعضها و ان كان ضعيفا لكن في المعتبر منها كفاية فلاحظ.

(1) السنجاب علي ما نقل عن مجمع البحرين حيوان علي حد اليربوع أكبر من الفارة شعره في غاية النعومة يتخذ من شعره الفراء يلبسه المتنعمون الي آخر كلامه.

و اختلفت الاقوال فيه فذهب جماعة الي الجواز بل نسب هذا القول الي الاكثر بل نقل عن الشيخ قدس سره عدم الخلاف فيه و ذهب جماعة الي عدم الجواز و أيضا نسب الي الاكثر بل نقل الاجماع عليه و ذهب بعض الي الكراهة و العمدة هي النصوص و تدل جملة منها علي الجواز منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الفراء و السمور و السنجاب و الثعالب و أشباهه قال:

لا بأس بالصلاة فيه «3».

و منها ما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الفراء أي شي ء يصلي فيه؟ قال: اي الفراء؟ قلت: الفنك و السنجاب و السمور قال: فصل في الفنك و السنجاب فأما السمور فلا تصل فيه «4».

و

منه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن أشياء منها الفراء

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 253

______________________________

و السنجاب فقال: لا بأس بالصلاة فيه «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن أبي حمزة «2» و ما رواه مقاتل بن مقاتل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور و السنجاب و الثعلب فقال: لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم «3».

و ما رواه بشير بن بشار «4» و ما رواه يحيي بن أبي عمران «5» و ما رواه الوليد بن أبان قال: قلت للرضا عليه السلام: اصلي في الفنك و السنجاب؟

قال: نعم «6».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحسن الفضل الطبرسي في مكارم الاخلاق قال:

و سئل الرضا عليه السلام عن جلود الثعالب و السنجاب و السمور فقال: قد رأيت السنجاب علي أبي و نهاني عن الثعالب و السمور «7».

فقد بان ان المقتضي للجواز تام و ما يمكن أن يقال في وجه المنع امور: منها:

ان روايات الجواز تعارض الموثقة «8» و الترجيح مع المانع لان العامة قائلون بالجواز.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 230

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 215

(5) لاحظ ص: 215

(6) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

(7) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

(8) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 254

______________________________

و فيه: ان

دلالة الموثقة «1» بالاطلاق و العموم و مقتضي القاعدة تخصيص العام بالخاص و مجرد ذكر السنجاب في السؤال لا يخرج الجواب عن كونه عاما قابلا للتخصيص.

و منها: ان في نصوص الجواز ما لا يكون سنده نقيا. و فيه: أن في المعتبر منها كفاية. و منها: ان النص المعتبر من نصوص الجواز مشتمل علي ما لا يكون الصلاة فيه جائزا كالفنك.

و فيه: أن اشتمال الخبر المعتبر علي ما لا نقول به لا يقتضي رفع اليد عنه مطلقا و بعبارة اخري: في كل مورد تم المقتضي و عدم المانع نلتزم بالجواز و في المقام رواية رواها أبو حمزة قال سأل أبو خالد الكابلي علي بن الحسين عليه السلام عن أكل لحم السنجاب و الفنك و الصلاة فيهما فقال أبو خالد: ان السنجاب يأوي الاشجار فقال: ان كان له سلبة كسلبة السنور و الفار فلا يؤكل لحمه و لا تجوز الصلاة فيه ثم قال: أما أنا فلا آكله و لا احرمه «2».

ربما يقال: انها تعارض ما يدل علي الجواز و الرواية ضعيفة باشكيب.

بقي شي ء في المقام و هو ان مقتضي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك و القاقم قال: لا يلبس و لا يصلي فيه الا أن يكون ذكيا «3» عدم الجواز الا مع التذكية.

و قال في الحدائق: ان جمعا من الاصحاب صرحوا بأن القول بالجواز يتوقف علي تذكيته لأنه ذو نفس سائلة قطعا فاشتراط التذكية فيه علي القاعدة مضافا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 255

و وبرهما (1) و في كون ما يسمي الان خزا هو الخز اشكال و ان كان الظاهر جواز الصلاة فيه و الاحتياط طريق النجاة (2) و أما السمور و القماقم و الفنك فلا تجوز الصلاة في أجزائها علي الاقوي (3).

______________________________

النص الخاص فلاحظ لكن في الرواية اشكال يأتي في السمور.

(1) لشمول دليل الاستثناء الوبر.

(2) يشكل ما أفاده من الجواز اذ مع الشك لا يجوز التمسك بدليل الجواز للشبهة المصداقية أو المفهومية فلا يجوز لإطلاق دليل المنع فلاحظ.

(3) ينبغي أن يتكلم في كل واحد من هذه المذكورات باستقلاله و حياله كي لا يختلط فيقع الكلام في ثلاثة فروع:

الاول: هل يجوز الصلاة في السمور و عن المصباح السمور كتنور دابة معروفة يتخذ من جلدها الفراء تكون في بلاد الترك و نقل ان الصيادين يصيدون الصغار فيخصون الذكر و يتركونه يرعي فاذا كان ايام الثلج خرجوا للصيد فما كان مخصيا استلقي علي قفاه فادركوه.

و المشهور- كما قيل- عدم الجواز و يقتضيه الموثق «1» و يدل علي عدم الجواز ما رواه أبو علي بن راشد «2» و ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن جلود السمور فقال: أي شي ء هو ذاك الأدبس؟

فقلت: هو الاسود فقال: يصيد؟ قلت: نعم يأخذ الدجاج و الحمام فقال: لا «3» لكن البرقي يطلق علي محمد بن خالد و وثاقته محل نقاش عندنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 252

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 256

______________________________

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز منها: ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن

عليه السلام عن لباس الفراء و السمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال: لا بأس بذلك «2».

و منها: ما رواه الريان بن الصلت قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس الفراء و السمور و السنجاب و الحواصل و ما أشبهها و المناطق و الكيمخت و المحشو بالقز و الخفاف من أصناف الجلود فقال: لا بأس بهذا كله الا بالثعالب «3».

و في المقام رواية رواها علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك فقال: لا يلبس و لا يصلي فيه الا أن يكون ذكيا «4» تفصل بين الذكي و ما لم يذك و لكن الرواية ساقطة سندا بعبد اللّه بن الحسن اذ انه لم يوثق.

و الجمع بين المتعارضين يقتضي الاخذ بما دل علي المنع اذ لم يصرح في رواية الجواز بجواز الصلاة في السمور و بعبارة اخري: لم يذكر في كلام الامام عليه السلام بل ذكر في كلام الراوي فيكون كلامه عليه السلام قابلا للتخصيص.

و ثانيا لو اغمض عن ذلك يكون ما دل علي المنع مخالفا للعامة و الرشد في خلافهم و ثالثا: ما دل علي المنع متأخر زمانا عما دل علي الجواز فان أبا علي بن راشد من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام و الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 252

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 257

______________________________

لكن مع ذلك لا يبعد أن يفصل بين الذكي و غير المذكي لرواية علي بن جعفر «1» فان مقتضاها التفصيل بين

المذكي منه و ما لم يذك كما أن الامر كذلك بالنسبة الي القماقم لكن سيد المستمسك أفاد في هذا المقام بأني لم اجد الخبر المذكور في كتاب الرجال و لذا يشكل الامر.

و ربما يقال: ان الامر اشتبه علي صاحب المستدرك فانه كيف يمكن أن يكون الحديث المذكور في كتاب المسائل و لم يلتفت اليه صاحب الوسائل و لم يجد الحكيم مع العناية و لم يذكره شيخ الحدائق و اللّه العالم.

الثاني: هل يجوز الصلاة في القماقم نقل انه أطول من الفارة و يأكل الفارة و لا مقتضي للجواز لو كان غير المأكول كما هو كذلك ظاهرا فلا اشكال في عدم الجواز لكن مقتضي ما رواه في المستدرك عن كتاب المسائل «2» الجواز مع التذكية.

و قد مر ما فيه مضافا الي ان القماقم لم تذكر في الحديث المروي عن قرب الاسناد «3».

الثالث: هل يجوز الصلاة في الفنك قيل: هو نوع من الثعلب فان مقتضي الموثقة «4» عدم الجواز لكن دل بعض النصوص علي الجواز بالنسبة اليه لاحظ خبري أبي علي بن راشد و علي بن يقطين «5» و أيضا يدل علي الجواز

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) لاحظ ص: 254

(3) لاحظ ص: 256

(4) لاحظ ص: 214

(5) لاحظ ص: 252 و 256

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 258

[الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال]
اشارة

الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال (1).

______________________________

ما رواه الوليد بن أبان «1» لكن السند ساقط بالوليد بن أبان اذانه لم يوثق.

و أيضا يدل علي الجواز ما رواه يحيي بن أبي عمران «2» لكن السند ساقط فان طريق الصدوق الي يحيي ابن أبي عمران ضعيف بمحمد بن علي ما جيلويه نعم في المعتبر من هذه النصوص كفاية و اعراض المشهور لا يسقط الخبر

المعتبر عن الحجية كما ذكرناه مرارا.

(1) هذا هو المعروف بين الاصحاب و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا يلبس الرجل الذهب و لا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة «3».

و يؤيد المدعي خبر موسي بن أكيل النميري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحديد انه حلية أهل النار و الذهب انه حلية أهل الجنة و جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم علي الرجال لبسه و الصلاة فيه «4».

و خبر جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس علي النساء أذان الي أن قال: و يجوز للمرأة لبس الديباج و الحرير في غير صلاة و احرام و حرم ذلك علي الرجال الا في الجهاد و يجوز أن تتختم بالذهب و تصلي فيه و حرم ذلك علي الرجال الا في الجهاد «5».

و هاتان الروايتان لا اعتبار بهما سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 253

(2) لاحظ ص: 215

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 16 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 259

و لو كان حليا كالخاتم (1) أما اذا كان مذهبا بالتمويه و الطلي علي نحو بعد عند العرف لونا فلا بأس (2) و يجوز ذلك كله للنساء (3) كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة و الدنانير (4) نعم الظاهر عدم جواز مثل زنجير الساعة اذ كان ذهبا و معلقا برقبته أو بلباسه علي نحو

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بأن لباس الذهب حرام للرجل فلو كان ساترا تفسد الصلاة كما لو كان الساتر غصبا بتقريب: ان التلبس يتحد مع الصلاة اذ

التلبس شرط في الصلاة و حيث انه لا يجوز اجتماع الامر و النهي و يقع التعارض بين الدليلين يقدم جانب النهي فلا تكون الصلاة الواقعة في الساتر الذهب صحيحة و يكون تفصيلا بين ما يكون اللباس ساترا و بين ما لا يكون كذلك.

و يمكن أن يرد علي هذا الاستدلال بأن ما يكون داخلا في الصلاة الجزء العقلي و هو التقيد فما يكون حراما عبارة عن التلبس و هو خارج عن الصلاة و الذي يكون داخلا في الصلاة ليس حراما فلا يكون مركز الامر و النهي واحدا كي يتحقق هذا البيان و بهذا التقريب يمكن تصحيح الصلاة في الساتر الغصبي و اللّه العالم.

(1) للإطلاق فان الميزان صدق الصلاة في الذهب بلا فرق بين مصاديقه بل صرح بالحرمة في رواية جابر «1» فلاحظ.

(2) لعدم صدق موضوع الحرمة فلا وجه للبطلان.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و عدم المقتضي للمنع اذ الدليل يختص بالرجال مضافا الي أنه نقل الاجماع علي الجواز بالاضافة الي النص الخاص.

(4) لعدم دليل علي المنع و مقتضي القاعدة الاولية الجواز.

______________________________

(1) لاحظ ص: 258

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 260

يصدق عليه عنوان اللبس عرفا (1).

[مسألة 30: إذا صلي في الذهب جاهلا أو ناسيا صحت صلاته]

(مسألة 30): اذا صلي في الذهب جاهلا أو ناسيا صحت صلاته (2).

[مسألة 31: لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضا و فاعل ذلك آثم]

(مسألة 31): لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضا و فاعل ذلك آثم (3) و الظاهر عدم حرمة التزين بالذهب فيما لا يصدق عليه اللبس مثل جعل مقدم الاسنان من الذهب (4) و أما شد الاسنان به أو جعل الاسنان الداخلة منه فلا بأس به بلا اشكال (5).

______________________________

(1) القضية بشرط المحمول ضرورية فانه لو صدق عنوان اللبس يكون حراما و مفسدا.

(2) لقاعدة لا تعاد فان مقتضاها عدم وجوب الاعادة اذا كان الجهل أو النسيان للموضوع و أما اذا كان بالنسبة الي الحكم فلا بد من التفصيل بين القصوري و التقصيري فلاحظ.

(3) للموثق المتقدم «1» مضافا الي الاجماع المدعي في المقام بل الحكم بنحو من الوضوح حتي قيل انه ضروري و يؤيد المدعي ما رواه جراح المدائني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجعل في يدك خاتما من ذهب «2» الي غيره من الروايات الواردة في الباب 30 من أبواب لباس المصلي من الوسائل فراجع.

(4) لعدم الدليل علي حرمته.

(5) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 258

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 261

[السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص للرجال]
اشارة

السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص للرجال (1).

______________________________

ان أسنانه استرخت فشدها بالذهب «1» و كتب سيدنا الاستاد في هامش العروة:

«بل لا بأس بتلبيس السن بالذهب».

و الظاهر ان الوجه في الجواز انه لا يصدق عليه اللبس فلا مقتضي للحرمة اذ مجرد التزيين بالذهب لا دليل علي حرمته و ان قوله في جملة من النصوص «فانه زينة أهل الجنة أو الآخرة» «2» لا يدل علي حرمة التزيين به بل غاية دلالته بعموم

العلة حرمة التختم بكل زينة اخروية.

مضافا الي أنه يمكن ارجاع الضمير الي التختم لا الي الذهب فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 261

(1) قال في المعتبر- علي ما في الحدائق-: و أما بطلان الصلاة فيه فهو مذهب علمائنا و وافقنا بعض الحنابلة» و قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في تحريم لبس الحرير المحض للرجال و بطلان الصلاة فيه»، و يدل عليه من النصوص ما رواه محمد بن عبد الجبار «3» و ما رواه أيضا قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب عليه السلام: لا تحل الصلاة في حرير محض «4».

و يؤيد المدعي ما رواه اسماعيل بن سعد الاحوص في حديث قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام: هل يصلي الرجل في ثوب أبريسم؟ فقال:

لا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1 و 4 و 5 و 6

(3) لاحظ ص: 220

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 262

و لا يجوز لبسه في غير الصلاة أيضا كالذهب (1).

______________________________

و في المقام رواية لابن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في الثوب الديباج فقال: ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس «1».

و يظهر منها المعارضة لكن المعارضة تتوقف علي أن يكون الديباج الحرير المحض و هذا اول الكلام و الذي يدل علي كونه غيره و ليس عينه

ما ورد في مكاتبة محمد بن عبد الجبار «2» من التقابل بينهما و في أقرب الموارد قال: «الديباج ثوب سداه و لحمته من الحرير» و عليه لا تعارض.

(1) نقل عليه عدم الخلاف- كما في الحدائق- و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يصلح لباس الحرير و الديباج فأما بيعهما فلا بأس «3».

و هذه الرواية قد عبر عنها صاحب الحدائق بالموثق و لكن الحق أنها مرسلة فان غير واحد ينطبق علي ثلاثة اشخاص و نحوها و يجوز عدم وثاقة جميعهم فلا اعتبار بالسند.

و منها: ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لعلي عليه السلام أني احب لك ما احب لنفسي و اكره لك ما اكره لنفسي فلا تختم بخاتم ذهب الي ان قال: و لا تلبس الحرير فيحرق اللّه جلدك يوم تلقاه «4».

و السند ساقط بضعف طريق الصدوق الي أبي الجارود و للرواية سند آخر لا بأس به ظاهرا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 261

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 263

______________________________

و منها ما رواه يوسف بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره و علمه حريرا و انما كره الحرير المبهم للرجال «1».

و السند ساقط مضافا الي أن الدلالة ليست واضحة.

و منها: ما رواه أبو داود يوسف بن ابراهيم «2» و السند ساقط بأبي داود حيث انه لم يوثق مضافا الي أن دلالة الرواية ليست تامة.

و منها: ما رواه

اسماعيل بن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير الا في الحرب «3».

و السند ساقط بعبد اللّه بن محمد بن عيسي.

و منها: ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يلبس الرجل الحرير و الديباج الا في الحرب «4».

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا كان لا يري بلبس (بلباس) الحرير و الديباج في الحرب اذا لم يكن فيه التماثيل بأسا «5».

و لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية عدم الجواز في غير الحرب لكونه عليه السلام في مقام اعطاء الضابطة الكلية.

و منها: ما رواه ليث المرادي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كسا اسامة بن زيد حلة حرير فخرج فيها فقال: مهلا يا اسامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 264

نعم لا بأس به في الحرب (1) و الضرورة كالبرد و المرض (2).

______________________________

انما يلبسها من لا خلاق له فاسقمها بين نسائك «1».

و السند ساقط بأبي جميلة مفضل بن صالح و الظاهر أن التواتر لا يحصل بهذا المقدار لكن حديث حسين بن علوان لا بأس به سندا و كذلك لا بأس بحديث أبي الجارود.

(1) كما دل عليه ما رواه حسين بن علوان «2» لكن المستفاد من تلك الرواية انه يلزم أن لا يكون فيه تمثال فلاحظ و يعارض هذه الرواية ما رواه

سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج فقال: أما في الحرب فلا بأس به و ان كان فيه تماثيل «3».

فانه صرح في هذه الرواية بعدم البأس و ان كان فيه التمثال و في تلك الرواية قيد الجواز بعدم التمثال فيه و بعد التعارض يكون مقتضي القاعدة الاخذ بدليل المنع فانه مطلق.

(2) فانه لا شبهة في أن الضرورات تبيح المحذورات و يدل عليه قولهم عليهم السلام: ليس شي ء مما حرم اللّه الا و قد أهله لمن اضطر اليه و قولهم عليهم السلام:

كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر و قوله صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي الخطأ و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يطيقون «4» فلا يحرم عليه لبس الحرير عند الضرورة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(2) مر في ص: 263

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6 و 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 265

حتي في الصلاة (1) كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها (2) و كذا افتراشه و التغطي به و نحو ذلك مما لا يعد لبسا له (3) و لا بأس بكف الثوب

______________________________

(1) لا ملازمة بين الجوازين و المتبع الادلة الواردة في المقام فانه لو دعت الضرورة الي لبس الحرير و كانت الضرورة مستوعبة للوقت فمن حيث ان الصلاة لا تسقط بحال تجب الصلاة و تصح و أما في حال الحرب فلا وجه للصحة اذ الجواز المستفاد تكليفي و عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل كما أن دعوي انصراف دليل المانعية الي خصوص لبس المحرم

بلا وجه و أضعف منه الانصراف عن حال الحرب و أما الاطلاق المقامي الذي تعرض له في المستمسك بتقريب ان دليل الجواز تكليفا يدل بالاطلاق المقامي علي الجواز الوضعي حيث لم يتعرض لوجوب النزع مع انه مما يغفل عنه، غير سديد اذ المفروض ان كل واحد من التكليف و الوضع قد دل عليه الدليل و لا بد من الاتباع و الدليل علي أنه ليس مغفولا عنه أنه وقع مورد البحث.

(2) فان الجواز علي القاعدة فانه ليس مما لا يؤكل لحمه لعدم كونه ذا لحم و علي فرض كونه ذا لحم لا بأس بالمحمول منه اذ يتصور الظرفية للحرير فالمنع يتوقف علي عنوانها لكن المستفاد من النص المنع و لو مع عدم صدق الظرفية.

(3) لعدم المقتضي و للنص علي الجواز في حديث علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الفراش الحرير و مثله من الديباج و المصلي الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه و التكئة و الصلاة؟ قال: يفترشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 266

به (1) و الاحوط أن لا يزيد علي أربع اصابع (2) كما لا بأس بالازرار منه و السفائف (و القياطين) و ان تعددت و كثرت (3).

______________________________

(1) المستفاد من الكلمات انه موضع خلاف بين الاصحاب فالعمدة النص و المستفاد منه ان الممنوع الحرير المحض و لا يبعد أن يقال: ان المكفوف بالحرير لا يصدق عليه الحرير المحض فان المحوضة تنتفي بالالتحام و الخلط.

(2) ليس عليه دليل ظاهر نعم نقل عن عمر أنه نقل عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و مثله من

حيث المضمون ما أرسله العلامة عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: نهي النبي صلي اللّه عليه و آله عن الحرير الا موضع اصبعين أو ثلاث أو أربع «1».

و الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا مضافا الي أنه يلزم جواز التلبس به مستقلا اذا لم يكن أزيد من هذا المقدار و هو خلاف ما استفيد من النصوص الدالة علي المنع عن لبس الحرير المحض.

بقي شي ء و هو انه يستفاد من حديث جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج و يكره لباس الحرير و لباس الوشي (القسي) و يكره المبثرة الحمراء فانه مبثرة ابليس «2».

لكن السند مخدوش بمحمد بن خالد و جراح لكن مع ذلك في النفس شي ء فان الممنوع وقوع الصلاة في الحرير المحض و لا يبعد صدق هذا المفهوم في المكفوف بالحرير المحض فان صدق الظرفية لا يتوقف علي كون الظرف مستقلا في الظرفية.

(3) لأنه لا يصدق لبس الحرير المحض لكن مقتضي موثق عمار بن موسي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 267

و أما ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس فالاحوط وجوبا تركه (1)

[مسألة 32: لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت الي النصف]

(مسألة 32): لا يجوز جعل البطانة من الحرير و ان كانت الي النصف (2).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال و عن الثوب يكون علمه ديباجا قال: لا يصلي فيه «1» المنع عن الصلاة في الثوب الذي يكون علمه ديباجا و يعارضه رواية محمد بن اسماعيل بن بزيع «2» و الثانية ترجح لكونها أحدث زمانا.

و لا يخفي انه لو قلنا بحرمة لبس الحرير

في غير حال الصلاة لا وجه للقول بالجواز في الموارد المستثناة اذ دليل الاستثناء ناظر الي حال الصلاة و من الظاهر انه لا ملازمة بين الامرين جوازا و منعا كما تقدم الا أن يقال: بأن العرف يفهم من قوله عليه السلام: «لا بأس» الجواز التكليفي أيضا لكنه مشكل فلاحظ.

(1) للإطلاق بل التصريح في رواية محمد بن عبد الجبار «3» و أما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم و القلنسوة و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلي فيه «4» فمن حيث السند ساقط باحمد بن هلال فان الشيخ ضعفه فعلي فرض كون كلام النجاشي توثيقا اياه يكون معارضا بجرح الشيخ راجع رجال سيدنا الاستاد في هذا المقام.

(2) لصدق الصلاة في الحرير المحض فتكون باطلة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 262

(3) لاحظ ص: 261

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 268

[مسألة 33: لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن أو الصوف أو عيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة]

(مسألة 33): لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن أو الصوف أو عيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا (1).

[مسألة 34: إذا شك في كون اللباس حريرا أو غيره جاز لبسه]

(مسألة 34): اذا شك في كون اللباس حريرا أو غيره جاز لبسه (2) و كذا اذا شك في أنه حرير خالص أو ممتزج (3).

[مسألة 35: يجوز للولي إلباس الصبي الحرير أو الذهب]

(مسألة 35): يجوز للولي الباس الصبي الحرير أو الذهب (4) و لكن لا تصح صلاة الصبي فيه (5).

[الفصل الثالث ما يعتبر في لباس المصلي]

اشارة

الفصل الثالث:

اذا لم يجد المصلي لباسا يلبسه في الصلاة فان وجد ساترا غيره

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر لعدم صدق موضوع الحرير.

(2) لأصالة البراءة عن المانعية بل لا مانع من جريان الاستصحاب في الموضوع و ما في كلام السيد الحكيم قدس سره من كون الحريرية امر ذاتي فلا يجري فيه الاصل لا يرجع الا محصل صحيح اذ المفروض ان المنع ناش من الوجود الخارجي و يصح أن يقال: هذا الشي ء الموجود قبل وجوده لم يكن حريرا موجودا و الان كما كان.

(3) لعين الملاك فلاحظ.

(4) الوجه في الجواز عدم الدليل علي الحرمة فان مقتضي اصالة الحلية الجواز.

(5) فان مقتضي الاطلاق الفساد و الانصراف لا وجه له فلاحظ و لا ملازمة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 269

كالحشيش و ورق الشجر و الطين و نحوها تستر به و صلي صلاة المختار (1) و ان لم يجد ذلك أيضا فان أمن الناظر المحترم صلي قائما موميا الي الركوع و السجود (2).

______________________________

بين الجوازين.

(1) ما أفاده علي القاعدة اذ لا يبعد أن تكون هذه الامور من مصاديق الساتر بحيث تكون في عرض بقية ما يستتر به فيجوز الستر بها حتي في حال الاختيار و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر «1».

و أيضا يدل عليه ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه فقال: يصلي إيماء الحديث «2» فلاحظ.

(2) لا يخفي انه وردت في المقام نصوص و لا بد من ملاحظتها و أخذ النتيجة منها فان المستفاد من رواية

علي بن جعفر «3» أن العاري يصلي قائما و يومي للركوع و السجود أعم من أن يكون هناك ناظر أم لا.

و المستفاد من رواية زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه فقال: يصلي إيماء و ان كانت امرأة جعلت يدها علي فرجها و ان كان رجلا وضع يده علي سوأته ثم يجلسان فيؤميان إيماء و لا يسجد ان و لا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما ايماء برءوسهما قال: و ان كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجدا عليه و موضوع عنهما التوجه

______________________________

(1) لاحظ ص: 192

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 192

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 270

______________________________

فيه يؤميان في ذلك إيماء رفعهما توجه و وضعهما «1»، انه يصلي جالسا.

لكن لا يبعد أن يستفاد منها ان الجلوس مقدمة للركوع و السجود بأن نقول:

ان المستفاد من الرواية ان المصلي العاري يصلي قائما و يضع يده علي فرجه ثم يجلس و يؤمي للركوع و السجود.

و أما بقية النصوص فمنها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال:

و ان كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلد السيف و يصلي قائما «2».

و هذه الرواية متحده مع رواية ابن جعفر من حيث المضمون. و منها ما رواه ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال: يصلي عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه أحد صلي جالسا «3».

و قد فصل فيه بين وجود الناظر و عدمه و لا يترتب عليه أثر لأنه مرسل.

و منها: ما

رواه أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: العاري الذي ليس له ثوب اذا وجد حفيرة دخلها و يسجد فيها و يركع «4».

و الكلام فيه هو الكلام في سابقه و مثله مرسل الفقيه «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه مسكان عن أبي جعفر عليه السلام في رجل عريان ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 271

و الاحوط له وضع يديه علي سوأته (1) و ان لم يأمن الناظر المحترم صلي جالسا مؤميا الي الركوع و السجود (2) و الاحوط أن يجعل ايماء

______________________________

معه ثوب قال: اذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائما «1».

و قد فصل فيه بين الرؤية و عدمها و قد نوقش في السند بأن رواية ابن مسكان من حيث الطبقة عن أبي جعفر بعيد. لكن هذا الاشكال مردود بأنه ما دام لم يقطع بالخلاف و بعبارة اخري: ما دام يحتمل تطابق الظاهر للواقع يؤخذ بالخبر علي حسب الموازين و نحن نحتمل وجدانا ان ابن مسكان لقي أبا جعفر و سمع الحديث منه فلا وجه لرفع اليد عنها فلا تصل النوبة الي القول بأنه من أصحاب الاجماع و أن الخبر معمول به عند المشهور كي يرد عليه ما اوردناه في محله.

لكن مع ذلك يكون العمل بالرواية مشكلا اذ محمد بن خالد البرقي واقع في الطريق و النجاشي ضعفه فلا يمكن الاعتماد عليها.

و عليه نقول: لو قلنا بأن حديث ابن مسكان معتبر و لا بد من العمل به فمقتضي القاعدة تقييد كل من حديثي ابن جعفر و

زرارة بحديث ابن مسكان و تكون النتيجة أن نقول: بأنه اذا كان بحيث لا يراه أحد يصلي قائما و يؤمي للركوع و السجود و ان كان بحيث يراه أحد يصلي جالسا بأن يقوم و يضع يده علي فرجه و يجلس للركوع و السجود و أما لو قلنا بأن خبر ابن مسكان لا اعتبار به يكون مقتضي القاعدة ترجيح رواية ابن جعفر حيث انها احدث.

(1) لدلالة رواية زرارة عليه و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الظاهر انه لا دليل عليه فان مقتضي خبر ابن جعفر عدم الفرق بين الصورتين كما مر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 272

السجود أخفض من ايماء الركوع (1).

[مسألة 36: إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس]

(مسألة 36): اذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس فان اضطر الي لبسه صحت صلاته فيه (2 و ان لم يضطر صلي عاريا في الاربعة الاول (3).

______________________________

(1) لاحظ خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أنه قال: من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتي يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثيابا فان لم يجد صلي عريانا جالسا يؤمي إيماء يجعل سجوده أخفض من ركوعه فان كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثم صلوا كذلك فرادي «1».

و الخبر ضعيف بأبي البختري و الاحتياط طريق النجاة.

(2) اذ المفروض انه معذور في لبسها و لا بد منه و الصلاة لا تسقط بحال فتسقط المانعية كبقية الموارد و هذا ظاهر و لا وجه لا شكال سيد المستمسك قدس سره في المقام بأنه لا وجه لسقوط المانعية فانه يرد عليه ان المانعية انما تسقط بلحاظ أن الصلاة لا تترك بحال فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ان

الستر في الصلاة متوقف علي التمكن منه و مع حرمة الستر لا يتمكن المكلف منه فان الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.

ان قلت: يمكن قلب الدليل بأن نقول: ان حرمة لبس الحرير مثلا أيضا مشروطة بعدم الاضطرار إلي اللبس و هو متوقف علي عدم وجوب الستر فلا تصلح حرمته للمانعية اذ لا حرمة علي تقدير وجوبه فلا بد من رعاية ما هو الاهم من حيث الملاك و اثبات الأهمية في جانب حرمة اللبس يحتاج الي الدليل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب لباس المصلي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 273

______________________________

قلت: أولا: ان حرمة اللبس لا تتوقف علي عدم الضرورة بل مطلقة و الضرورة رافعة للحرمة لكن وجوب الستر يتوقف علي القدرة و الحرمة ترفع القدرة فلا يعقل أن يكون وجوب الستر محققا للضرورة الرافعة للحرمة الا علي النحو الدوري.

و ملخص الكلام: انه لا شبهة في أن الامر بالتستر يتوقف علي عدم حرمة اللبس و أما دليل الحرمة فهو مطلق. و ان شئت قلت: التوقف من جانب واحد.

و بتعبير آخر: نقول: تحقق التزاحم بين الدليلين يتوقف علي شمول كل من الدليلين للمورد و المفروض عدم شمولهما اذ دليل الحرمة بنظر العرف يصلح لان يكون قرينة للمراد من دليل وجوب الستر مضافا الي ان موضوع وجوب صلاة العاري من لم يجد ساترا و عدم الوجدان تارة بالتكوين و اخري بالتشريع فلاحظ.

و لكن لا يخفي ان ما ذكرناه انما يتم بالنسبة الي الثلاثة الاول و أما الرابعة فلا الا علي القول بحرمة لبس غير المأكول مطلقا فربما يقال: بأن المقام يدخل في باب التزاحم اذ يتردد الامر بين الصلاة في غير المأكول مثلا و الصلاة عاريا فلا بد من اجراء قانون التزاحم

من تقديم معلوم الاهمية أو محتملها أو التخيير الي آخر أحكام ذلك الباب.

و الحق أن يقال: ان دوران الامر بين الاجزاء و الشرائط للصلاة لا يكون من صغريات باب التزاحم اذ معني التزاحم التمانع في مقام الامتثال بعد تمامية الجعل من قبل المولي.

و بعبارة اخري: لو كان التنافي في مقام الجعل و العلم بعدم تحقق الجعل المتعدد من قبل الشارع يكون التنافي و التعاند من باب المعارضة و أما لو كان الجعل معلوما من قبله تعالي و كان التعاند في مقام الامتثال يدخل في باب التزاحم فنقول:

علي مبني هذا الامر لا يكون الدوران المفروض في باب الصلاة داخلا في باب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 274

______________________________

التزاحم اذ الاوامر المتعلقة بالاجزاء و الشرائط الصلاتية أوامر ارشادية لا مولوية و لذا لا فرق بين قدرة المكلف و عدمها.

ان قلت: كيف يمكن الالتزام بكون الامر الضمني أمرا إرشاديا و الحال انه لا شبهة في أن الامر بالمركب ينحل الي الامر بالاجزاء و كل جزء منه له نصيب من الامر النفسي اذ المركب ليس الا الاجزاء.

قلت: ما ذكرته صحيح لكن لا يعقل فرض التزاحم بين الامر المتعلق بجزء مع المتعلق بجزء آخر اذ المفروض ان المركب ارتباطي و كل جزء منه يرتبط بالجزء الاخر.

و ان شئت قلت: ان متعلق كل أمر مشروط بالجزء الاخر فلا يعقل التزاحم و التدافع فادخال هذه المسألة في باب التزاحم لا وجه له فالدوران في باب الصلاة يكون من باب التعارض.

بتقريب: انه لو تعذر جزء أو شرط من الصلاة يكون مقتضي القاعدة الاولية سقوط وجوبها لكن حيث علم بالإجماع و الضرورة القطعية عدم سقوط وجوبها نعلم بوجوب الاتيان بالمقدار الممكن و الميسور فلو كان الجزء

المتعذر متعينا يسقط التكليف بالنسبة اليه و يبقي بالنسبة الي الباقي و أما لو تردد بين أمرين كما لو دار الامر بين رفع اليد عن السورة و بين رفع اليد عن التشهد- مثلا- يكون مقتضي دليل كل منهما وجوبه فتارة يكون كل واحد من الدليلين مهملا في مقام الاثبات و اخري لا يكون كذلك و علي الثاني فاما يكون احدهما مطلقا و الاخر مهملا و اما يكون كلاهما مطلقين و علي الثاني فاما يكون الاطلاق في كل منهما بدليل الحكمة و اما يكون كل من الدليلين بالعموم الوضعي و اما يكون احدهما بالحكمة و الاخر بالوضع أما لو كان كل من الدليلين مهملا في مقام الاثبات كما لو كان المدرك اجماعا في كل من الامرين تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضي البراءة عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 275

و أما في النجس فالاحوط الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عاريا و ان كان الاظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات (1).

______________________________

تعين احدهما و تكون النتيجة التخيير و أما لو كان احدهما مطلقا و الاخر مهملا يؤخذ بالمطلق و ان كان كل منهما بالاطلاق بدليل الحكمة فلو قلنا بأن النتيجة التساقط يرجع الي الاصل أيضا و لو قلنا بأنه يقع التعارض بين الاطلاقين فلا بد من اعمال قانون التعارض.

و أما لو كان أحدهما بالوضع و الاخر بالاطلاق يقدم ما بالوضع لأنه يصلح أن يكون بيانا لما يكون بالاطلاق و ان كان كلاهما بالوضع يقع التعارض بينهما و لا بد من اعمال قواعد المعارضة من التخيير علي بعض المسالك أو الترجيح لو كان ترجيح في البين أو التساقط كما هو الحق.

هذا هو الميزان الكلي في

هذا المقام و أما في هذه الفروع التي تعرض لها الماتن و أفاد بأن الواجب أن يصلي عاريا فيمكن أن يقال في وجهه أن المذكور في جملة من النصوص «1» ترتب الصلاة عاريا علي عدم وجدان الساتر و حيث انه علم من الدليل الشرعي مانعية غير المأكول مثلا و يترتب عليه ان وجود الساتر الممنوع كعدمه فطبعا تصل النوبة الي البدل و هو أن يصلي عريانا.

و ان شئت قلت: انه استفيد من الادلة الاولية ان الصلاة تفسد فيما لا يؤكل لحمه- مثلا- و مقتضي اطلاق دليل المانع عدم الفرق بين وجود ساتر غيره و بين عدمه فيكون معني قوله عليه السلام: «ان لم يجد ساترا يصلي عاريا» أن المصلي لو لم يجد ساترا شرعيا يصلي عاريا و من الظاهر ان غير المأكول لا يكون ساترا شرعا فلا بد من التنزل الي البدل و قس عليه غيره من الموانع.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 192 و 369

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 276

[مسألة 37: الأحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت]

(مسألة 37): الاحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت اذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت (1) و اذا يئس و صلي في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر فان استمر العذر الي آخر الوقت صحت صلاته و ان لم يستمر لم تصح (2).

[مسألة 38: إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا أن أحدهما مغصوب أو حرير و الآخر مما تصح الصلاة فيه]

(مسألة 38): اذا كان عنده ثوبان يعلم اجمالا أن احدهما مغصوب أو حرير و الاخر مما تصح الصلاة فيه لا يجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا (3) و ان علم أن احدهما من غير المأكول

______________________________

(1) هذا من صغريات مسألة جواز البدار لذوي الاعذار و عدمه و الظاهر انه ليس في المقام نص الا ما رواه أبو البختري «1» و الرواية ضعيفة سندا بأبي البختري و دلالة الرواية علي الوجوب محل الاشكال فان لفظ ينبغي لا يدل الا علي مجرد الرجحان و أما من حيث القاعدة فالظاهر انه لا مانع من البدار فان استصحاب بقاء العذر الي آخر الوقت بالاستصحاب الاستقبالي يقتضي جواز البدار فلو انكشف الخلاف لا بد من الاعادة لعدم الاجزاء نعم التأخير موافق للاحتياط فان الاقوال مختلفة في المسألة و الاولي أن يأتي في أول الوقت رجاء و يترصد فلو انكشف انقطاع العذر يأتي بما هو وظيفة المختار.

(2) كما هو ظاهر فان الامر تعلق بالطبيعة بين المبدأ و المنتهي و المفروض تمكن المكلف من الاتيان بصلاة المختار و الاجزاء لا دليل عليه.

(3) اذ العلم الإجمالي منجز عند القوم بالنسبة الي جميع الاطراف للواقع فلا يمكن التصرف في أطرافه فليس له الا الصلاة عاريا و بعبارة اخري: يصدق انه

______________________________

(1) لاحظ ص: 272

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 277

و الاخر من المأكول أو أن احدهما نجس

و الاخر طاهر صلي صلاتين في كل منهما صلاة (1).

[المقصد الرابع: مكان المصلي]

اشارة

المقصد الرابع:

مكان المصلي

[مسألة 39: لا تجوز الصلاة فريضة أو نافلة في مكان يكون المسجد فيه مغصوبا]

(مسألة 39): لا تجوز الصلاة فريضة أو نافلة في مكان يكون المسجد فيه مغصوبا (2).

______________________________

لم يجد ما يستر به عورته.

(1) فانه مقتضي تنجز العلم الإجمالي.

(2) قد حكي الاجماع عليه لكن كيف يمكن تحصيل الاجماع علي مثله كما أنه لا مجال للاستدلال بحديث وصية أمير المؤمنين عليه السلام قال: يا كميل انظر في ما تصلي و علي ما تصلي ان لم يكن من وجهه و حله فلا قبول «1». فانه قد مر في بحث لباس المصلي و قلنا بأنه ضعيف سندا.

و في المستدرك الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 3 عن عوالي اللئالي ما أرسله عن الصادق عليه السلام بل نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم و نبيح لهم المتاجر ليزكو أموالهم.

و عدم اعتبار الرواية أوضح من أن يخفي فالعمدة في المقام ما حقق في بحث الاجتماع في الاصول من امتناع الاجتماع و أن مبغوض المولي لا يمكن أن يتقرب به فهذا شرط من ناحية العقل لا من ناحية الشرع هذا بحسب الكبري فالبحث

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 278

______________________________

في المقام من حيث الصغري بأن نري أن الاجزاء الصلاتية هل تكون متحدة مع الغصب أم لا؟

ربما يقال: باستحالة اتحاد الصلاة مع الغصب بدعوي: ان الصلاة من مقولة و الغصب من مقولة اخري و قد حقق في الفلسفة باستحالة اتحاد مقولة مع مقولة اخري فان المقولات متباينات.

لكن الامر ليس كذلك فان الغصب ليس من المقولات بل أمر انتزاعي ينتزع من المقولات المتعددة فقد ينتزع من الكون في المكان الذي يكون من مقولة الاين و اخري ينتزع من أكل مال الغير الذي

يكون من مقولة اخري و عليه لا يمكن أن يكون الغصب من الامور المتأصلة الخارجية في قبال المقولات و الا يلزم تفصل شي ء واحد بفصلين في عرض واحد و اندراجه تحت نوعين و هذا من الاباطيل الواضحة فلا يكون الغصب أمرا متأصلا خارجيا بل أمر انتزاعي فلا مانع من أن يكون مصداقه في بعض الاعيان من مقولة و اخري يكون من مقولة اخري و أما الصلاة فلا تكون مقولة برأسها في قبال المقولات فان المقولات محصورة في محدودة خاصة و لا تكون الصلاة داخلة تحت مقولة مخصوصة كما هو ظاهر بل الصلاة مركبة من مقولات متعددة و هي الكيف النفساني و الكيف المسموع و الوضع و هكذا فعليه لا مانع ثبوتا من اتحاد الصلاة مع الغصب اذ ثبت ان الصلاة مركبة من المقولات و ثبت ان الغصب أمر انتزاعي من المقولات المختلفة فلا مانع من أن يكون منشأ انتزاع الغصب هي المقولة التي تكون الصلاة مركبة منها.

اذا عرفت امكان الاتحاد فلا بد من أن نلاحظ و نري انه هل يكون حد مشترك بين الامرين و هل يلتقي احدهما بالاخر في المطاف أم لا؟ فنقول: ان الصلاة مركبة من عدة مقولات منها النية و هي الكيف النفساني و لا شبهة في أنه لا يكون من مصاديق

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 279

______________________________

الغصب و منها التكبيرة و القراءة و الاذكار و هي من مقولة الكيف المسموع و هي أيضا لا تكون من الغصب المحرم اذ الغصب عبارة عن التصرف في مال الغير و القراءة و ان كانت تموج الهواء و تكون نوع تصرف في مال الغير لكن لا تكون تصرفا عرفيا.

و منها القيام و الركوع و السجود و

القعود و انها أيضا لا تكون داخلة تحت عنوان الغصب اذان المذكورات هيئات خاصة عارضة علي المصلي و تكون من مقولة الوضع فان هيئة القيام ليست تصرفا في مال الغير بل التصرف هو اشغال الفضاء و مقدار من الارض.

ان قلت: ان الركوع و كذلك غيره مما ذكر فعل من افعال المصلي و الفعل تصرف في مال الغير فيكون حراما.

قلت: لا كلية في الكبري فان كلما صدر عن الشخص و يسمي فعلا اختياريا له لا يكون تصرفا خارجيا و لذا قلنا بأن النية لا تكون داخلة في الغصب و الحال انه لا شبهة في أنها من أفعال المكلف.

ان قلت: انه لا شبهة في أن الهوي الي الركوع و السجود و كذلك النهوض الي القيام تصرف في مال الغير فيكون غصبا فثبت الاتحاد.

قلت: ان الامر و ان كان كذلك لكن كونها جزءا من الصلاة اول الكلام بل انها مقدمة للواجب.

ان قلت: انه لا يكفي في القيام مجرد الهيئة بحيث لو كان الشخص معلقا في الهواء يكون كافيا بل لا بد من كونه علي الارض فيكون متصرفا في مقامه و يكون حراما لأنه غصب.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 280

عينا أو منفعة أو لتعلق حق أحد به كحق الرهن (1) و لا فرق في ذلك بين العالم بالغصب و الجاهل به علي الاظهر (2) نعم اذا كان معتقدا عدم الغصب أو كان ناسيا له و لم يكن هو الغاصب صحت صلاته (3) و كذلك تصح صلاة من كان مضطرا أو مكرها علي التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق (4) و الاظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه لضرر علي النفس

______________________________

قلت: سلمنا لكن هذا أخص من المدعي فانه

لو فرض عدم القيام وحده غصبا يرتفع هذا الاشكال فتأمل مضافا الي أنه لا يشترط في القيام الاعتماد بل مجرد المماسة مع الارض كاف فلو فرض ان التماس لم يكن مع ملك الغير بأن الارض المغصوبة مفروشة بفرش مباح لا يتوجه الاشكال.

فاتضح انه لا تلافي بين الامرين و التركيب انضمامي نعم يشكل الامر في السجدة فانه لو قلنا بأنه يعتبر فيها الاعتماد علي الارض و لا يكفي مجرد المماسة يتوجه اشكال الاتحاد فيتم ما افاده الماتن.

(1) اذ كلها مصداق للغصب.

(2) اذ مع الجهل الحكم الواقعي فعلي و محفوظ و لا يمكن أن المبغوض يكون مصداقا للعبادة فلا فرق بين الجاهل و العالم.

(3) اذ مع النسيان أو اعتقاد عدم الغصب لم يكن النهي فعليا فلا يصدر الفعل مبغوضا من المكلف فتصح الصلاة نعم اذا كان هو الغاصب يكون الفعل الصادر منه مبغوضا لكونه مقصرا في مقدماته و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار و في شمول حديث لا تعاد للمقصر اشكال.

(4) اذ المفروض عدم صدور الفعل عنه حراما فلا يكون مانعا عن الصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 281

أو البدن لحر أو برد أو نحو ذلك و كذلك المكان الذي فيه لعب قمار أو نحوه (1) كما أن الاظهر صحة الصلاة فيما اذا وقعت تحت سقف مغصوب أو خيمة مغصوبة (2).

[مسألة 40: إذا اعتقد غصب المكان فصلي فيه بطلت صلاته]

(مسألة 40): اذا اعتقد غصب المكان فصلي فيه بطلت صلاته (3) و ان انكشف الخلاف (4).

[مسألة 41: لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء]

(مسألة 41): لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الارض المشتركة الا باذن بقية الشركاء (5) كما لا تجوز الصلاة في الارض المجهولة المالك الا باذن الحاكم الشرعي (6).

[مسألة 42: إذا سبق واحد إلي مكان في المسجد فغصبه منه غاصب فصلي فيه]

(مسألة 42): اذا سبق واحد الي مكان في المسجد فغصبه منه غاصب فصلي فيه ففي صحة صلاته اشكال (7).

______________________________

(1) لعدم التركيب اتحاديا فلا يكون متعلق الامر متحدا مع متعلق النهي فلا تنافي بين حرمة الكون في الدار و صحة الصلاة كما لو صلي مع الخلوة بالاجنبية بناء علي حرمتها.

(2) الكلام فيه هو الكلام و هو عدم كون التركيب اتحاديا.

(3) فان المبغوض لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب.

(4) اذ مع الاعتقاد بالحرمة كيف يمكن أن يقصد القربة منه تعالي.

(5) اذ المفروض انه ملك الغير و لا يجوز التصرف في ملك أحد الا باذنه.

(6) ما افاده يتوقف علي ولاية الحاكم بهذا المقدار و هو محل الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: لا يمكن الجزم بجواز التصرف باذن الحاكم علي الاطلاق.

(7) قال في الجواهر: «أما حق السبق في المشتركات كالمسجد و نحوه ففي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 282

[مسألة 43: إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة]

(مسألة 43): انما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الاذن من المالك في الصلاة و لو لخصوص زيد المصلي و الا فالصلاة

______________________________

بطلان الصلاة بغصبه و عدمه و جهان بل قولان أقواهما الثاني وفافا للعلامة الطباطبائي في منظومته لأصالة عدم تعلق الحق للسابق علي وجه يمنع الغير بعد فرض دفعه عنه سواء كان هو الدافع أو غيره و ان اثم بالدفع المزبور لأولويته اذ هي أعم من ذلك قطعا الي آخر كلامه «1».

و في المقام روايتان: إحداهما ما رواه محمد بن اسماعيل عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: تكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو الموضع التي يرجي فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضع فهو احق

به يومه و ليلته «2».

ثانيتهما: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل «3».

لكن الاولي مرسلة و في سند الثانية طلحة بن زيد و هو لم يوثق و عليه لا يبعد أن ما أفاده في الجواهر هو الحق فان المفروض انه حق عام فلكل احد أن يسبق اليه.

لكن الانصاف انه مشكل الا فيما يتصرف السابق بالدفع بأن يترك المحل و أما في صورة عدم الانصراف فحق السبق له و مجرد دفعه و طرده ظلما لا يسقط حق أولويته و اسبقيته و العمدة عدم الدليل علي نحو الاطلاق و استصحاب بقائه حتي

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 8 ص: 286

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 283

صحيحة (1).

[مسألة 44: المراد من إذن المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الإذن الفعلية]

(مسألة 44): المراد من اذن المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الاذن الفعلية بأن كان المالك ملتفتا الي الصلاة مثلا و اذن فيها و الاذن التقديرية بأن يعلم من حاله انه لو التفت الي التصرف لإذن فيه فتجوز الصلاة في ملك غيره مع غفلته اذا علم من حاله انه لو التفت لأذن (2).

[مسألة 45: تعلم الإذن في الصلاة إما بالقول كأن يقول: صل في بيتي أو بالفعل]

(مسألة 45): تعلم الاذن في الصلاة اما بالقول كأن يقول:

صل في بيتي أو بالفعل كأن يفرش له سجادة الي القبلة أو بشاهد الحال كما في المضايف المفتوحة الابواب و نحوها (3) و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات الا مع العلم بالاذن و لو كان تقديريا و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا اذن و لا سيما اذا توقف ذلك علي تغيير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر أو طي بعض فراش

______________________________

بعد الدفع معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فلاحظ.

(1) بلا اشكال لعدم المقتضي للفساد و بعبارة اخري: ان موضوع الغصب ينتفي مع اذن المالك.

(2) اذ لا اشكال في كفاية الاذن و الرضا التقديريين فانه يجوز التصرف في مال الغير مع احراز طيب نفسه و لو علي نحو التقدير و هذا من الواضحات.

(3) اذ المناط كشف الرضا فلو كشف يترتب عليه الاثر بلا فرق بين انحاء الكشف.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 284

المجلس أو نحو ذلك مما يثقل علي صاحب المجلس و مثله في الاشكال كثرة البصاق علي الجدران النزهة و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلا أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها مثل

الغطاء الذي يكون علي الحوض المعمول في وسط الدار أو علي درج السطح أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها و الحاصل أنه لا بد من احراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمه و موضع الجلوس و مقداره و مجرد فتح باب المجلس لا يدل علي الرضا بكل تصرف يشاء الداخل (1).

[مسألة 46: الحمامات المفتوحة و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها إلا بالإذن]

(مسألة 46): الحمامات المفتوحة و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها الا بالاذن فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها الا باذن المالك أو وكيله و مجرد فتح أبوابها لا يدل علي الاذن في ذلك و ليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها (2).

[مسألة 47: تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة و الوضوء من مائها]

(مسألة 47): تجوز الصلاة في الاراضي المتسعة و الوضوء من مائها و ان لم يعلم الاذن من المالك اذا لم يكن المالك لها صغيرا أو مجنونا أو علم كراهته (3).

______________________________

(1) لعدم العلم بالرضا و مع عدم العلم لا يجوز التصرف في مال الغير.

(2) كما هو ظاهر لعدم دليل علي الجواز و صفوة القول أن جواز التصرف يحتاج الي دليل معتبر فلاحظ.

(3) للسيرة المتصلة بزمنهم عليهم السلام و أما الاستدلال عليه بدليل نفي الحرج

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 285

و كذلك الا راضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها و لا حجاب فيجوز الدخول اليها و الصلاة فيها و ان لم يعلم الاذن من المالك (1) نعم اذا ظن كراهة المالك فالاحوط الاجتناب عنها (2).

[مسألة 48: الأقوي صحة صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة]

(مسألة 48): الاقوي صحة صلاة كل من الرجل و المرأة اذا كانا متحاذيين حال الصلاة أو كانت المرأة متقدمة اذا كان الفصل بينهما مقدار شبر أو أكثر و ان كان الاحوط استحبابا أن يتقدم الرجل بموقفه علي مسجد المرأة أو يكون بينهما حائل أو مسافة عشرة أذرع

______________________________

و العسر، فاورد عليه بأن دليل رفع الحرج امتناني و رفع الحرمة عن التصرف في مال الغير خلاف الامتنان علي المالك.

و يمكن دفع هذا الاشكال بأن الامتنان علي فرض تسلم اشتراطه بالنسبة الي من تشمله القاعدة و لا يلزم أن يكون امتنانا بالنسبة الي كل واحد و كل فرد و من الظاهر ان تجويز التصرف امتناني بالنسبة الي من يكون الامتناع عن التصرف حرجيا بالنسبة اليه.

لكن هل يمكن الالتزام بجواز التصرف في أموال الناس بدليل الحرج؟ مضافا الي ان دليل الحرج يعارض بدليل نفي الضرر علي ما هو المقرر عند القوم اذ التصرف في ملك

أحد بلا اذن منه نوع ضرر علي مالكه و لا ضرر و لا ضرار في الإسلام و صفوة القول انه لم تحرز السيرة علي التصرف في الفروض المذكورة و مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز.

(1) الكلام فيه هو الكلام.

(2) لعدم احراز السيرة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 286

بذراع اليد (1).

______________________________

(1) علي المشهور- علي ما في بعض الكلمات- بل ادعي عليه الاجماع- كما نقل عن الخلاف و الفقيه- و العمدة النصوص: منها ما رواه ادريس بن عبد اللّه القمي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و بحياله امرأة قائمة علي فراشها جنبا فقال: ان كانت قاعدة فلا يضرك و ان كانت تصلي فلا «1».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا قال: لا و لكن يصلي الرجل فاذا فرغ صلت المرأة «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تصلي عند الرجل فقال: لا تصلي المرأة بحيال الرجل الا أن يكون قدامها و لو بصدره «3»

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟ قال: ان كانت تصلي خلفه فلا بأس و ان كانت تصيب ثوبه «4».

و في قبال هذه الروايات عدة نصوص تدل علي الجواز منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: لا بأس أن (لا ظ) تصلي المرأة بحذاء الرجل و هو يصلي فان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يصلي و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض و كان اذا

أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتي يسجد «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب مكان المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 287

______________________________

و الانصاف ان هذه الرواية مضطربة- كما قال صاحب الحدائق- و يحتمل التصحيف و ان الصحيح انه «لا بأس أن تضطجع» الي آخرها.

و منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما سميت بكة لأنه تبك فيها الرجال و النساء و المرأة تصلي بين يديك و عن يمينك و عن يسارك و معك و لا بأس بذلك و انما يكره في سائر البلدان «1».

و الاستدلال بالرواية علي الجواز يتوقف علي ثبوت عدم الفصل بين مكة و غيرها و هذا أول الكلام فان المناسبة بين الحكم و الموضوع كما ذكر في الرواية تقتضي التفصيل.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي و المرأة تصلي بحذاه؟ قال: لا بأس «2». و هذه الرواية لإرسالها غير قابلة للاستدلال.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اصلي و المرأة الي جنبي (جانبي) و هي تصلي؟ قال: لا الا أن تقدم هي أو أنت و لا بأس أن تصلي و هي بحذاك جالسة أو قائمة «3».

و الاستدلال بهذه الرواية علي الجواز يتوقف علي أن يكون المراد بالتقدم تقدم المرأة علي الرجل في حال الصلاة و هذا بعيد عن الانظار فانه كيف يمكن أن يكون التقدم جائزا و التساوي لا

يكون جائزا فيكون المعني انه لا بد من أن يتقدم أحدهما في الصلاة بأن يصليا بالترتيب مضافا الي أن قراءة صيغة «تقدم»

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 288

______________________________

مجهولا خلاف الظاهر و ان قرأت معلومة فاما تقرأ لازمة بلا تشديد و اما تقرأ متعدية.

أما علي الاول فلا ينسجم المعني و أما مع التعدية فيحتمل أن يكون المفعول الصلاة اي لا يجوز الا بأن تقدم المرأة صلاتها أو أنت تقدم صلاتك و يحتمل أن يكون المفعول الشخص بأن يكون المراد أنه لا يجوز الا بأن تقدمك أو تقدمها و بعد الاجمال لا مجال لان يستدل بالرواية.

و في المقام طائفة ثالثة من النصوص تفصل منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الرجل و المرأة يصليان في بيت واحد قال:

اذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها و هو وحده و لا بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق الي ابن وهب بمحمد بن علي ما جيلويه.

و منها: ما رواه أبو بصير هو ليث المرادي قال: سألته عن الرجل و المرأة يصليان في بيت واحد المرأة عن يمين الرجل بحذاه قال: لا الا أن يكون بينهما شبر أو ذراع ثم قال: كان طول رحل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ذراعا و كان يضعه بين يديه اذا صلي يستره ممن يمر بين يديه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالصيقل.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة يصليان جميعا في بيت المرأة عن يمين الرجل

بحذاه قال: لا حتي يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 289

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كان بينها و بينه ما لا يتخطي أو قدر عظم الذراع فصاعدا فلا بأس «1».

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تصلي الي جنب الرجل قريبا منه فقال: اذا كان بينهما موضع رجل (رحل) فلا بأس «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له المرأة و الرجل يصلي كل واحد منهما قبالة صاحبه؟ قال: نعم اذا كان بينهما قدر موضع رحل «3» و هذه الرواية غير متعرضة لحكم المساواة بل متعرضة لحكم تقدم احدهما علي الاخر.

و منها: ما رواه أيضا قال: قلت له: المرأة تصلي حيال زوجها؟ قال: تصلي بازاء الرجل اذا كان بينها و بينه قدر ما لا يتخطي أو قدر عظم الذراع فصاعدا «4».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟ قال: لا يصلي حتي يجعل بينه و بينها أكثر من عشرة أذرع و ان كانت عن يمينه و عن يساره جعل بينه و بينها مثل ذلك فان كانت تصلي خلفه فلا بأس و ان كانت تصيب ثوبه و ان كانت المرأة قاعدة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2)

نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 290

______________________________

الرجل يصلي في زاوية الحجرة و امرأته أو ابنته تصلي بحذاه في الزاوية الاخري قال: لا ينبغي ذلك فان كان بينهما شبر أجزأه يعني: اذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: سألته (يعني أبا عبد اللّه) عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة و ابنته أو امرأته تصلي بحذائه في الزاوية الاخري قال:

لا ينبغي ذلك الا أن يكون بينهما ستر فان كان بينهما ستر أجزأه «2» و قريب منه ما رواه محمد بن مسلم «3».

و مقتضي القاعدة أن يلتزم بلزوم البعد أكثر من عشرة أذرع فيما تكون المرأة متقدمة علي الرجل و بين يديه فان حديث عمار «4» يقتضي ذلك بلا معارض و لو فرض انه يعارضه ما رواه زرارة «5» يقدم هذا الحديث علي ذاك لان هذا الحديث أحدث حيث روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذلك الحديث روي عن أبي جعفر عليه السلام.

و أما فيما تساوي الرجل فحيث ان الروايات متعارضة و لا ترجيح لأحد الاطراف تتساقط.

و ان شئت قلت: ان الروايات المفصلة بعد تعارضها و تساقطها تصل النوبة الي الاخذ باطلاق الطائفة الاولي المانعة و لنا أن نقول: حديث علي بن جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب مكان المصلي الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 289

(5) لاحظ ص: 289

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 291

و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم و الزوج و الزوجة و غيرهما (1)

نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم و المحاذاة فاذا كان أحدهما في موضع عال دون الاخر علي وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس (2).

______________________________

عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل يصلي في مسجد حيطانه كوي كله قبلته و جانباه و امرأته تصلي حياله يراها و لا تراه قال:

لا بأس «1» يرجح علي ما يعارضه للأحدثية.

لكن التسالم عند الكل عدم لزوم البعد أكثر من عشرة أذرع مضافا الي أن الدليل الدال علي عدم البأس في حال تقدم المرأة مع البعد المذكور يدل علي الجواز في صورة التساوي بالاولوية فان التساوي ليس أشد حكما من صورة التقدم الا أن يقال: ان الاولوية المستفادة بنفسها طرف المعارضة فتحصل انه في صورة التساوي لا بأس مع بعد أكثر من عشرة اذرع و أما في صورة تقدم الرجل و لو بصدره علي المرأة فتصح الصلاة.

لاحظ ما رواه زرارة «2» فانقدح بما ذكر أن ما أفاده في المتن يشكل الالتزام به فلاحظ.

(1) للإطلاق.

(2) لان المذكور في النصوص عنوان المحاذاة و الحيال و أمثالهما فلو انتفت العناوين المذكورة بكون مكان أحدهما أعلي من الاخر يكون موضوع المنع منتفيا فلا موضوع كي يترتب عليه الحكم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 286

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 292

[مسألة 49: لا يجوز التقدم في الصلاة علي قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب]

(مسألة 49): لا يجوز التقدم في الصلاة علي قبر المعصوم اذا كان مستلزما للهتك و اساءة الادب (1).

______________________________

فائدة: مقتضي مفهوم الشرطية الواقعة في حديث عمار «1» أن الرجل و المرأة اذا يصليان في مكان واحد تفسد صلاتهما بأي نحو كان الا بأن تصلي المرأة خلف الرجل فلا فرق بين أن

تكون المرأة قدام الرجل أو علي يمينه أو يساره أو علي نحو آخر انما نرفع اليد عن الاطلاق بما دل علي أن المنع يرتفع بالحاجز أو بالبعد بأكثر من عشرة أذرع ان قلت: ان ما يدل علي الجواز مع الساتر أو الحاجز بنفسه طرف المعارضة كما مر فما الوجه في الجواز فيما يكون الحائل غير الجدار؟ قلت: السيرة الخارجية تقتضي الجواز علي الاطلاق و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: «ان ظاهر المشهور هو الجواز علي كراهة الي أن قال:

و بالجملة فاني لم اقف علي من قال بالتحريم سوي شيخنا البهائي قدس سره ثم اقتفاه جمع ممن تأخر عنه» الي آخر كلامه «2».

و العمدة النص الوارد في المقام و هو ما رواه محمد بن عبد اللّه الحميري قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الائمة هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلي عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟

و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟ فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت: و أما السجود علي القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة بل يضع خده الايمن علي القبر و أما الصلاة فانها خلفه و يجعله الامام و لا يجوز أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 286

(2) الحدائق ج 7 ص: 219/ 220

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 293

و لا بأس به مع البعد المفرط أو الحاجب المانع الرافع لسوء الادب (1) و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه (2).

______________________________

يصلي بين يديه لان

الامام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله.

و رواه الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد اللّه الحمري عن صاحب الزمان عليه السلام مثله الا أنه قال: و لا يجوز أن يصلي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره لان الامام لا يتقدم عليه و لا يساوي «1».

و الانصاف ان الرواية غير قاصرة عن الدلالة علي المدعي لكن السند غير نقي فان محمد بن احمد بن داود لم يوثق فان النجاشي قال في ترجمته: «شيخ هذه الطائفة و عالمها و شيخ القميين في وقته و فقيههم».

و قال سيدنا الاستاد: «ان هذا المقدار يكفي في توثيقه» و لكنه كما تري فان النجاشي لو كان معتقدا. لوثاقة الرجل فلما ذا لم يصرح بأنه ثقة أو صحيح الحديث فالانصاف ان الجزم بوثاقة الرجل بهذا المقدار من الشهادة مشكل جدا فلا يمكن الاعتماد علي الرواية.

و يؤيد المدعي أن المشهور من المتقدمين- كما سمعت- لم يذهبوا الي المنع بل التزموا بالجواز علي كراهة نعم اذا كان التقدم مستلزما للهتك لا يجوز و لكن لا يرتبط بالبحث الواقع بين الاعلام فلاحظ.

(1) كما هو واضح فان الميزان في الجواز عدم تحقق الهتك.

(2) اذ ان هذه الامور تعد من التوابع فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 294

[مسألة 50: تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن]

(مسألة 50): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الاية جواز الاكل فيها بلا اذن مع عدم العلم بالكراهة كالأب و الام و الاخ و العم و الخال و العمة و الخالة و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق (1) و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز (2).

[مسألة 51: إذا دخل المكان المغصوب جهلا أو نسيانا بتخيل الإذن ثم التفت و بان الخلاف]

(مسألة 51): اذا دخل المكان المغصوب جهلا أو نسيانا بتخيل الاذن ثم التفت و بان الخلاف ففي سعة الوقت لا يجوز التشاغل بالصلاة (3).

______________________________

(1) فانه يستفاد من الاية الشريفة و هي قوله تعالي: وَ لٰا عَليٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوٰالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خٰالٰاتِكُمْ أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ «1» جواز التصرف و الانتفاع مما ذكر في الاية الشريفة و مقتضي الاطلاق هو الجواز حتي مع العلم بالكراهة لكن الاجماع و التسالم علي عدم الجواز في صورة العلم بالخلاف يقتضي رفع اليد عن الاطلاق.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية بضميمة التسالم و الاجماع هو الحكم الظاهري و من الظاهر ان الحكم الظاهري موضوعه الشك و عدم العلم بالواقع.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده من عدم الجواز مع العلم بالكراهة.

(3) أما في صورة زيادة التصرف زمانا أو كيفية فواضح و أما في غير هذه الصورة بأن يكون زمان الصلاة مساويا لغيره ففي بعض الصور لا يبعد الالتزام

______________________________

(1) النور/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 295

و يجب قطعها (1) و في ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادرا اليه سالكا أقرب الطرق مراعيا للاستقبال بقدر الامكان (2) و يؤمي للسجود (3) و يركع (4) الا

أن يستلزم ركوعه تصرفا زائدا فيومي له حينئذ (5) و تصح صلاته و لا يجب عليه القضاء (6) و المراد بالضيق أن لا يتمكن من ادراك ركعة في الوقت علي تقدير تأخير الصلاة الي ما بعد الخروج (7).

______________________________

بعدم جواز التشاغل أيضا فان الداخل في المكان المغصوب في مفروض المسألة و ان كان معذورا و لا يكون مستحقا للعقاب لكن الحكم الواقعي لا يسقط بالجهل فان كان الحكم الواقعي محفوظا كما في صورة الجهل و احتمال الحرمة بحيث يكون الحكم الواقعي محفوظا لا تكون الصلاة صحيحة علي القول بالتركيب الاتحادي نعم مع القطع بالاذن لا يمكن كون الحكم الواقعي محفوظا فلاحظ.

(1) فانه يجب تأدية المال الي صاحبه و هذه مقدمة.

(2) اذ لو كان الوقت ضيقا و لا يمكنه التأخير و ادراك صلاة المختار في الوقت و لو بمقدار ركعة تصل النوبة الي التكليف الاضطراري فيختار أقرب الطرق فرارا عن ارتكاب الحرام و يراعي الاستقبال بقدر الامكان حيث ان الصلاة لا تسقط بحال.

(3) لوجوبه و عدم امكان الاتيان به علي النحو التام للعذر الشرعي فيومي.

(4) لوجوبه.

(5) لعدم امكان الاتيان بالركوع للعذر الشرعي فيومي.

(6) لأنه لا مقتضي له بعد اداء الوظيفة الفعلية.

(7) لقاعدة من أدرك فان المستفاد منها أن من أدرك ركعة من الصلاة في حكم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 296

[مسألة 52: يعتبر في مسجد الجبهة مضافا إلي ما تقدم من الطهارة أن يكون من الأرض أو نباتها]

(مسألة 52): يعتبر في مسجد الجبهة مضافا الي ما تقدم من الطهارة (1) أن يكون من الارض أو نباتها (2).

______________________________

من يدركها لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته «1».

و ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال

أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة «2».

و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصلي حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها «3».

و ما رواه الشهيد في الذكري «4».

(1) و قد تقدم شرح كلامه فراجع.

(2) اجماعا مستفيض النقل- كما في بعض الكلمات- و قد دلت عليه جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه منها:

ما رواه هشام بن الحكم أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عما يجوز السجود عليه و عما لا يجوز قال: السجود لا يجوز الا علي الارض أو علي ما انبتت الارض الا ما اكل أو لبس فقال له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لان السجود خضوع للّه عز و جل فلا ينبغي أن يكون علي ما يؤكل و يلبس لان أبناء الدنيا عبيد

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 297

أو القرطاس (1) و الافضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية علي مشرفها افضل الصلاة و التحية فقد ورد فيها فضل عظيم (2) و لا يجوز السجود علي ما خرج عن اسم الارض من المعادن كالذهب و الفضة و غيرهما (3).

______________________________

ما يأكلون و يلبسون و الساجد في سجوده في عبادة اللّه عز و جل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده

علي معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها «1» فلاحظ.

(1) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه صفوان الجمال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام في المحمل يسجد علي القرطاس و أكثر ذلك يومي إيماء «2» و غيره الوارد في الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه الشيخ باسناده عن معاوية بن عمار قال: كان لأبي عبد اللّه عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد اللّه عليه السلام فكان اذا حضرته الصلاة صبه علي سجادته و سجد عليه ثم قال عليه السلام: ان السجود علي تربة أبي عبد اللّه عليه السلام يخرق الحجب السبع «3».

(3) لا بد من السجود علي الارض أو نباتها فلو لم يكن ما يسجد عليه مما يصدق عليه عنوان الارض يكون السجود باطلا فالسجود علي المعادن انما يكون فاسدا من هذه الجهة و لم يقم دليل علي بطلان السجود علي المعدن.

و ان شئت قلت: الاشكال من ناحية عدم المقتضي لا من جهة وجود المانع نعم قد دل بعض النصوص علي عدم جواز السجود علي القير لاحظ ما رواه محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 298

و لا علي ما خرج عن اسم النبات كالرماد و الفحم (1) و يجوز السجود علي الخزف و الاجر و الجص و النورة بعد طبخها (2).

[مسألة 53: يعتبر في جواز السجود علي النبات أن لا يكون مأكولا]

(مسألة 53): يعتبر في جواز السجود علي النبات أن لا يكون مأكولا كالحنطة و الشعير و البقول و الفواكهة و نحوها من المأكول (3).

______________________________

بن

عمرو بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا تسجد علي القير و لا علي القفر و لا علي الصاروج «1».

لكن قد دل بعض الروايات علي الجواز و مما دل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سأل المعلي بن خنيس أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن السجود علي القفر و علي القير، فقال: لا بأس به «2».

و حيث ان الجواز مذهب العامة يحمل دليل الجواز علي النقية عند المعارضة.

(1) لانتفاء الموضوع و لا مجال لجريان الاصل- كما عن الجواهر- فان المستفاد من الدليل كما تقدم أن ما يسجد عليه لا بد أن يكون من الارض أو من نباته.

(2) المشهور فيما بين القوم هو الجواز و الميزان بقاء الاسم و صدق عنوان الارض عليها و مع الشك في بقاء الصدق لا مانع من الاستصحاب و الاشكال بأنه شبهة مفهومية و لا مجال للاستصحاب مدفوع بأنا لا نري مانعا من جريانه و أما استصحاب الحكم- كما في كلام سيد المستمسك- فيرد عليه اولا أن استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع غير جار و ثانيا: ان استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

(3) كما نص عليه في حديث هشام بن الحكم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 296

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 299

و لو قبل وصولها الي زمان الاكل (1) أو احتيج في أكلها الي عمل من طبخ و نحوها (2) نعم يجوز السجود علي قشورها و نواها و علي التبن و القصيل و الجت و نحوها (3) و فيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن

الطعم المستوجب لا قبال النفس علي أكله اشكال و ان كان الاظهر في مثله الجواز (4) و مثله عقاقير الادوية كورد لسان الثور و عنب الثعلب و الخوبة و نحوها مما له طعم و ذوق حسن (5) و أما ما ليس له ذلك فلا اشكال في جواز السجود عليه و ان استعمل للتداوي به (6).

______________________________

(1) الجزم به مشكل فانه اي فرق بينه و ورق العنب بعد اليبس الا أن يقال ان الورق بعد اليبس يسقط عن قابلية الاكل و الثمرة قبل او ان الاكل يتوقف أكله علي علاج و هو النضج بالشمس و اللّه العالم.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) لعدم المقتضي للمنع و لعدم صدق عنوان المأكول عليه.

(4) لعدم صدق موضوع النهي لكن الانصاف ان الجزم بالجواز مشكل الا أن يقال بأن عنوان المأكول منصرف عن مورد الكلام.

(5) و الوجه فيه أن الميزان في المنع أن يكون الشي ء داخلا في قسم المأكول و لا اشكال في كون المذكورات ليست كذلك و هذا أمر عرفي و لا يحتاج الي تطويل بحث فانه لو سئل عن التبن يجاب بأنه ليس من المأكولات بخلاف ما لو سئل عن الخس حيث انه يجاب بأنه منها.

(6) لعدم صدق الموضوع عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 300

و كذا ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة (1) أو عند بعض الناس نادرا (2).

[مسألة 54: يعتبر أيضا في جواز السجود علي النبات أن لا يكون ملبوسا]

(مسألة 54): يعتبر أيضا في جواز السجود علي النبات أن لا يكون ملبوسا كالقطن و الكتان و القنب و لو قبل الغزل أو النسج (3) و لا بأس بالسجود علي خشبها و ورقها (4) و كذا الخوص و الليف و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك و ان لبس لضرورة أو

شبهها أو عند بعض الناس نادرا (5).

______________________________

(1) فانه لا اشكال في أن عروض الاضطرار للأكل لا يوجب دخوله في القسم المأكول فان المراد بالمأكول ليس ما يكون قابلا له و لا ما يكون سادا للجوع و هذا ظاهر و لذا لا يعد التبن من المأكولات و ان كان قابلا للأكل و ربما يسد الجوع لو اكل.

(2) لعدم صدق موضوع المنع.

(3) لاحظ ما رواه هشام «1» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: أسجد علي الزفت يعني القير؟ فقال: لا و لا علي الثوب الكرسف و لا علي الصوف و لا علي شي ء من الحيوان و لا علي طعام و لا علي شي ء من ثمار الارض و لا علي شي ء من الرياش «2».

(4) لعدم صدق عنوان الملبوس عليه فيجوز.

(5) لعدم صدق موضوع النهي و الضرورة أو الندرة لا توجبان صدق موضوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 296

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 301

[مسألة 55: الأظهر جواز السجود علي القرطاس مطلقا]

(مسألة 55): الاظهر جواز السجود علي القرطاس مطلقا و ان اتخذ مما لا يصح السجود عليه كالمتخذ من الحرير أو القطن أو الكتان (1).

[مسألة 56: لا بأس بالسجود علي القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغا لا جرما]

(مسألة 56) لا بأس بالسجود علي القرطاس المكتوب اذا كانت الكتابة معدودة صبغا (2) لا جرما (3).

[مسألة 57: إذا لم يتمكن من السجود علي ما يصح السجود]

(مسألة 57) اذا لم يتمكن من السجود علي ما يصح السجود

______________________________

المنع فلاحظ.

(1) الحق كما أفاده فان مقتضي النصوص الواردة في الباب السابع من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل الجواز بنحو مطلق لاحظ ما رواه صفوان الجمال «1»

و ما أفاده السيد الحكيم قدس سره من المعارضة لا يرجع الي محصل اذ استفيد من تلك النصوص عدم الجواز الا علي الارض أو نباتها و بهذه النصوص تخصص العموم المستفاد من تلك الاخبار و الاشكال في اطلاق هذه النصوص بلا وجه كما يظهر بالنظر فيها و لا فرق بين أن يتخذ من نبات الارض و غيره اذ لا شبهة في أن القرطاس حقيقة اخري لا يصدق عليه النبات.

(2) للإطلاق المستفاد من الدليل فلاحظ.

(3) اذ مع الجرم لا يكون السجود علي القرطاس و كون ما دل من النص علي جواز السجود علي القرطاس المكتوب عليه في مقام البيان من هذه الجهة محل الاشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 297

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 302

عليه لتقية جاز له السجود علي كل ما تقتضيه التقية (1) و أما اذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه أو لمانع من حر أو برد فالاظهر وجوب السجود علي ثوبه (2).

______________________________

(1) اذ مع عدم الامكان لا بد من السجود علي طبق التقية اذ الصلاة لا تسقط بحال و صفوة القول: انه مع عدم المندوحة و لابدية التقية لا يسقط وجوب الصلاة فيجوز علي كل ما تقتضيه التقية.

و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد علي المسح و البساط

قال: لا بأس اذا كان في حال التقية و رواه الصدوق باسناده عن علي بن يقطين و رواه الشيخ أيضا كذلك و زادا:

و لا بأس بالسجود علي الثياب في حال التقية «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد علي المسح فقال: اذا كان في تقية فلا بأس به «2».

(2) لاحظ ما رواه القاسم بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك الرجل يسجد علي كمه من أذي الحر و البرد قال: لا بأس «3».

و ما رواه محمد بن القاسم الفضيل بن يسار قال: كتب رجل الي أبي الحسن عليه السلام هل يسجد الرجل علي الثوب يتقي به وجهه من الحر و البرد و من الشي ء يكره السجود عليه؟ قال: نعم لا بأس «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 303

فان لم يمكن فعلي ظهر الكف أو علي شي ء آخر مما لا يصح السجود عليه حال الاختيار (1).

______________________________

فان المستفاد من الحديثين أنه مع عدم امكان السجود علي ما يصح السجود عليه تصل النوبة الي السجود علي الثوب لكن قد ورد في بعض النصوص انه لو صلي في السفينة يسجد علي القير لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة الي أن قال: يصلي علي القير و القفر و يسجد عليه «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة قال:

تستقبل القبلة بوجهك ثم تصلي كيف دارت

تصلي قائما فان لم تستطع فجالسا يجمع الصلاة فيها ان أراد و ليصلي علي القير و القفر و يسجد عليه «2».

و حيث ان ما يدل علي السجود علي القير أخص مما دل علي السجود علي الثوب يقيد ذلك الدليل و تكون النتيجة انه اذا كان في السفينة يسجد علي القير و لا يسجد علي ثوبه.

(1) لا دليل علي جواز السجود علي ظهر الكف إلا حديثان: احدهما ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أكون في السفر فتحضر الصلاة و أخاف الرمضاء علي وجهي كيف أصنع؟ قال: تسجد علي بعض ثوبك فقلت:

ليس علي ثوب يمكنني أن أسجد علي طرفه و لا ذيله قال: اسجد علي ظهر كفك فانها احدي المساجد «3» ثانيهما: ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقي عريانا في

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 304

[مسألة 58: لا يجوز السجود علي الوحل أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما]

(مسألة 58): لا يجوز السجود علي الوحل أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما (1) و ان حصل التمكن جاز (2) و ان لصق بجبهته شي ء منهما ازاله للسجدة الثانية علي الاحوط (3) و ان لم يجد الا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه صلي إيماء (4).

______________________________

سراويل و لا يجد ما يسجد عليه يخاف ان سجد علي الرمضاء أحرقت وجهه قال:

يسجد علي ظهر كفه فانها أحد المساجد «1».

و هذان الحديثان ضعيفان سندا فتصل النوبة الي السجود علي كل شي ء لا يجوز

السجود عليه اختيارا من باب أن الصلاة لا تسقط بحال.

(1) لما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو؟ فقال: اذا غرقت الجبهة و لم تثبت علي الارض الحديث «2» فان هذه الرواية كما تري تدل دلالة واضحة علي المدعي.

(2) نقل عدم الاشكال عن الجواهر و يدل عليه ما تقدم من رواية عمار.

(3) لأنه يجب أن لا يكون حائل بين الجبهة و ما يسجد عليه فيلزم الازالة و يمكن ان الوجه في عدم الجزم صدق المأمور به و بعبارة اخري: يصدق السجود علي ما يصح السجود عليه الا أن يقال: بأن الامر ظاهر في الاحداث و لا يكون ما فرض احداثا للمأمور به مضافا الي أن تعدد السجود واجب و لقائل أن يقول:

احداث السجود أو تعدده لا ينافي بقاء ما يصح السجود عليه علي جبهته.

(4) ربما يقال- كما في كلام سيد المستمسك- بأن المدرك لهذا الحكم قاعدة الميسور و لكن قد ذكرنا في محله عدم تمامية هذه القاعدة بالنحو الكلي نعم مقتضي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب مكان المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 305

[مسألة 59: إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه إذا صلي فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا]

(مسألة 59): اذا كانت الارض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه اذا صلي فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا صلي مؤميا للسجود و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد (1).

______________________________

وجوب الصلاة و عدم سقوطها بحال تمامية هذه القاعدة في خصوص باب الصلاة فما دام يمكن الاتيان بأجزائها و شرائطها يجب لكن لا بد من ملاحظة ان دليل بدلية الايماء عن السجدة يقتضي وجوب بدلية الايماء عن السجدة أم لا فنقول:

يستفاد من حديث عمار المتقدم الحد الذي لا يسجد عليه من الطين.

و يستفاد من رواية اخري لعمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يؤمي في المكتوبة و النوافل اذا لم يجد ما يسجد عليه و لم يكن له موضع يسجد فيه؟ فقال: اذا كان هكذا فليؤم في الصلاة كلها «1».

انه لو لم يجد المصلي ما يسجد عليه تنتقل وظيفته الي الايماء فالنتيجة ان الواجب في مفروض المتن أن تصل النوبة الي الايماء.

(1) لما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته: الرجل يصيبه المطر و هو في موضع لا يقدر علي أن يسجد فيه من الطين و لا يجد موضعا جافا قال: يفتتح الصلاة فاذا ركع فليركع كما يركع اذا صلي فاذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود إيماء و هو قائم يفعل ذلك حتي يفرغ من الصلاة و يتشهد و هو قائم و يسلم «2».

و لما رواه هشام «3» و مقتضي اطلاق الروايتين عدم الفرق بين أن يكون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 306

[مسألة 60: إذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه قطعها في سعة الوقت]

(مسألة 60): اذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه قطعها في سعة الوقت (1) و في الضيق ينتقل الي البدل من الثوب أو ظهر الكف علي الترتيب المتقدم (2).

[مسألة 61: إذا سجد علي ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه]

(مسألة 61): اذا سجد علي ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فان التفت بعد رفع الرأس فالاحوط اعادة السجدة الواحدة حتي فيما اذا كانت الغلطة في السجدتين ثم اعادة الصلاة (3) و ان التفت في أثناء السجود رفع رأسه و سجد علي ما يصح

______________________________

الجلوس حرجيا أم لا الا أن يقال: بأن عدم القدرة المذكور في النص يقتضي عدم القدرة علي السجود الشرعي أو يكون حرجيا و لو من جهة تلطخ ثيابه فلا يكون الحكم مطلقا فتأمل.

(1) بل الصلاة تنقطع بنفسها و لا تصلح للإتمام اذ مع فرض سعة الوقت لا تصل النوبة الي البدل الاضطراري و لا يخفي أن المراد بالسعة امكان ادراك ركعة تامة من الوقت بمقتضي قاعدة من أدرك.

(2) قد مر البحث عن هذه الجهة قريبا فلا نعيد.

(3) يمكن أن يقال: بأن الواجب السجود الخاص فبانتفاء الخصوصية يكون المأتي به كالعدم فلا بد من اعادة السجدة بل لنا أن نقول: لو كان من واجبات السجود تجب اعادة السجدة أيضا اذ المفروض أن كل جزء من الاجزاء مقيد بالبقية فهذا السجود لا يكون مصداقا للمأمور به فلا بد من اعادة السجدة لتدارك ما فات من الواجب.

و بعبارة اخري: المفروض عدم الاتيان بجزء من الصلاة و لا مانع من تداركه باعادة السجود و لا مقتضي لبطلان الصلاة اذ الاتيان بالسجدة الثانية بمقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 307

السجود عليه مع التمكن وسعة الوقت و مع ذلك فالاحوط اعادة

الصلاة (1).

[مسألة 62: يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب]

(مسألة 62): يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب فلا تجوز الصلاة علي الدابة السائرة و الارجوحة و نحوهما مما يفوت معه الاستقرار (2).

______________________________

وظيفته و أما السجدة الاولي فلا يترتب عليها أثر لعدم كونها جامعة للشرائط.

نعم علي القول بأن قاعدة لا تعاد لا تشمل الاخلال المتوجه اليه في الاثناء يشكل الحكم بالصحة اذ المفروض ان السجدة الاولي زيادة.

و صفوة القول: ان الذي يختلج بالبال أن يقال: الاخلال بالسجود و لو ببعض ما يتعلق به يسقطه عن الاعتبار فلا بد من تداركه و الظاهر ان الوجه في الاحتياط باعادة الصلاة النصوص الدالة علي عدم جواز قراءة سور العزائم في الفريضة لاحظ الروايات في الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشي ء من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة «1» لأجل أن السجود زيادة في المكتوبة.

و في دلالة تلك النصوص علي محل الكلام اشكال اذ الاتيان بالسجدة الثانية في محل الكلام مقتضي القاعدة الاولية و مما ذكرنا يعلم أنه لا بد من الاتيان بالسجدتين اذا كانت الغلطة فيهما هذا بحسب الصناعة و لكن لا بد من الاحتياط بالاعادة و اللّه العالم.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض أن المأمور به لم يحصل فلا بد من السجدة علي ما يصح و أما الاحتياط بالاعادة فالكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(2) مقتضي القاعدة الاولية أن يقال: لا تجوز الصلاة فاقدة لجزء من الاجزاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 308

______________________________

أو شرط من الشرائط فلو فرض أن الصلاة علي الدابة

أو الارجوحة أو السفينة فاقدة للاستقرار الواجب أو الاستقبال كذلك أو غيرهما تكون فاسدة بمقتضي ادلة تلك الاجزاء و الشرائط.

و في المقام عدة من الروايات منها ما يستفاد منه عدم جواز الصلاة علي الدابة كرواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلي علي الدابة الفريضة الا مريض يستقبل به القبلة و يجزيه فاتحة الكتاب و يضع بوجهه في الفريضة علي ما أمكنه من شي ء و يؤمي في النافلة إيماء «1».

و الذي يستفاد من هذه الطائفة ان الصلاة علي الدابة من حيث كونها فاقدة لجملة من الشرائط غير جائزة.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي علي الرف المعلق بين النخلتين؟ فقال:

ان كان مستويا يقدر علي الصلاة فيه فلا بأس «2».

و منها: ما ورد في حكم الصلاة في السفينة و هو علي قسمين: احدهما ما دل علي الترخيص كرواية جميل بن دراج أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: تكون السفينة قريبة من الجد (الجدد) فاخرج و اصلي؟ قال: صل فيها أما ترضي بصلاة نوح عليه السلام «3».

ثانيهما: ما فصل فيه بين امكان الصلاة خارج السفينة و عدمه كرواية حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يسئل عن الصلاة في السفينة فيقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب القبلة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 309

و تجوز الصلاة علي الدابة و في السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار (1).

______________________________

ان استطعتم أن تخرجوا الي الجدد فاخرجوا فان

لم يقدر و افصلوا قياما فان لم تستطيعوا فصلوا قعودا و تحروا القبلة «1».

و في المقام رواية اخري و هي ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن الصلاة في السفينة فقال: يستقبل القبلة فاذا دارت فاستطاع أن يتوجه الي القبلة فليفعل و الا فليصل حيث توجهت به قال: فان أمكنه القيام فليصل قائما و الا فليقعد ثم ليصل «2».

و يستفاد من هذه الرواية انه يجوز الصلاة في السفينة بشرط أن يراعي القبلة و القيام بقدر الامكان.

و لا يبعد أن يستفاد من مجموع ما ورد في الباب ان المكلف اذا أمكنه الصلاة تامة في السفينة يجوز له أن يصلي فيها و له الخيار بين الامرين و ان لم يمكنه أن يصلي الصلاة التامة فلو أمكنه أن يصلي خارج السفينة يجب عليه اختياره و أما مع عدم الامكان فله أن يصلي في السفينة و يراعي الشرائط بقدر الامكان.

و لكن لا يخفي أنه لا يستفاد من هذه الروايات اشتراط القرار اذ الصلاة علي الدابة فاقدة لجملة من الامور الدخيلة في الصلاة كالسجود علي الاعظم السبعة و القيام و غيرها فالنهي عن الصلاة علي الدابة لا يدل علي المدعي كما أن النهي عن الصلاة في السفينة لأجل القيام أو القبلة لا يكون دليلا علي هذا الشرط فلا بد من التماس دليل آخر.

(1) ما أفاده مقتضي القاعدة الاولية فانه لو روعيت الشرائط المقررة في الصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 310

______________________________

تكون صحيحة عقلا مضافا إلي ما ورد من جوازها في السفينة بل دل بعض النصوص علي جوازها حتي في حال السير.

و ما يمكن أن يقال في

وجه المنع امور: منها: انه لا جزم بالنية اذ يمكن أن تتحرك الدابة أو السفينة فلا تصح الصلاة.

و فيه اولا أن الدليل أخص اذ يمكن فرض الجزم و هو فيما يطمئن الانسان بعدم الحركة و ثانيا لا دليل علي اشتراط الجزم بالنية.

و منها: قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ» «1» و الجواب: ان المراد بالحفظ أن يؤتي بها و لا يكون المكلف تاركا لها فلا يرتبط بالمقام.

و منها: قوله صلي اللّه عليه و آله: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا «2» بتقريب ان المراد من كلامه صلي اللّه عليه و آله ان الارض لا بد أن يكون مصلي.

و فيه: ان المراد من كلامه صلي اللّه عليه و آله اما جعل الارض مسجد الجبهة و اما يكون المراد ان الارض كلها مسجدا فلا يلزم الاتيان بالصلاة في المسجد فقط و علي كلا التقديرين لا يرتبط بالمقام و يؤيد هذا المعني ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الارض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة أو حمام «3». مضافا الي ضعف اسنادها.

و منها: الاخبار الدالة علي المنع عن الصلاة علي الدابة أو السفينة. و فيه:

انه قد مر منا ان المستفاد من تلك النصوص انه لا يجوز الصلاة علي الدابة أو السفينة ناقصة الا في مورد الضرورة و لا يستفاد من تلك الروايات عدم الجواز من حيث

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 310

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2 و 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 311

و كذا اذا كانتا سائرتين ان حصل ذلك أيضا (1) و نحوهما العربة و القطار و امثالهما فانه تصح الصلاة فيها اذا حصل الاستقرار و الاستقبال (2) و لا تصح اذا فات واحد منهما الا مع الضرورة (3).

______________________________

كونها علي الدابة أو في السفينة بل دل بعض النصوص علي الجواز في حال الاختيار.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرنا فانه لا فرق بين الواقفة و السائرة و الحركة التبعية لا توجب الفساد كما دل علي الجواز بعض النصوص لاحظ ما رواه جميل «1»

(2) و الوجه فيه ظاهر و حكم الامثال واحد.

(3) لا يبعد أن ما أفاده علي القاعدة فانه لو لم يمكنه أن يصلي الصلاة التامة تصل النوبة الي الصلاة الناقصة فانها لا تسقط بحال و قد دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أ يصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا؟ قال: لا الا من ضرورة «2». و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن هلال.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «3» و منها: ما رواه محمد بن عذافر في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل يكون في وقت الفريضة لا يمكنه الارض من القيام عليها و لا السجود عليها من كثرة الثلج و الماء و المطر و الوحل أ يجوز له أن يصلي الفريضة في المحمل؟ قال: نعم هو بمنزلة السفينة ان أمكنه قائما و الا قاعدا و كل ما كان من ذلك فاللّه أولي بالعذر يقول اللّه عز و جل:

بل الانسان علي نفسه بصيرة «4» و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن هلال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

(2)

الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 308

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 312

______________________________

و منها: ما رواه الحميري قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام: روي جعلني اللّه فداك مواليك عن آبائك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي الفريضة علي راحلة في يوم مطير و يصيبنا المطر و نحن في محاملنا و الارض مبتلة و المطر يؤذي فهل يجوز لنا يا سيدي أن نصلي في هذه الحال في محاملنا أو علي دوابنا الفريضة ان شاء اللّه؟ فوقع عليه السلام: يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة «1».

و في المقام رواية رواها منصور بن حازم قال: سأله أحمد بن النعمان فقال:

اصلي في محملي و أنا مريض؟ قال: فقال: أما النافلة فنعم و أما الفريضة فلا قال:

و ذكر احمد شدة وجعه فقال: أنا كنت مريضا شديد المرض فكنت آمرهم اذا حضرت الصلاة يضخوني (يقيموني ينحوني ينيخوني) فاحتمل فراشي فاوضع و اصلي ثم احتمل بفراشي فاوضع في محملي «2».

و هذه الرواية تدل علي المنع و الرواية ضعيفة بعلي بن احمد بن أشيم.

فتحصل: ان المستفاد من النصوص جواز الصلاة في السفينة أو علي الدابة اذا اقتضت الضرورة و لا بد من رعاية الشرائط بقدر الامكان بمقتضي القاعدة فان الضرورة تقدر بقدرها و يستفاد أيضا هذا الامر من رواية ابن عذافر لكن عرفت ضعفها.

بقي في المقام شي ء و هو انه كتب سيدنا الاستاد في الهامش علي العروة:

«المراد به (الوقت) في المقام هو عدم التمكن من اداء تمام الصلاة بعد الخروج» و لا نفهم وجه الفرق بين الموردين فان قاعدة من أدرك المقتضية للتوسعة تقتضي التوسعة في المقام أيضا و

اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 313

و حينئذ ينحرف الي القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها (1) و ان لم يتمكن من الاستقبال الا في تكبيرة الاحرام اقتصر عليه و ان لم يتمكن من استقبال اصلا سقط (2) و الاحوط استحبابا تحري الاقرب الي القبلة فالاقرب و كذا الحال في الماشي و غيره من المعذورين (3).

[مسألة 63: الأقوي جواز إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختيارا]

(مسألة 63): الاقوي جواز ايقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختيارا و ان كان الاحوط تركه (4) أما اضطرارا فلا اشكال

______________________________

(1) اذ الضرورات تقدر بقدرها مضافا الي النص الخاص.

(2) اذ الصلاة لا تسقط بحال فاشتراط القبلة يسقط.

(3) لا اشكال في أنه أحوط كما انه لا اشكال في حسنه.

(4) النصوص متعارضة فمنها ما يدل علي المنع كحديث محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: لا تصل المكتوبة في الكعبة «1».

و حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تصلي المكتوبة في جوف الكعبة فان النبي صلي اللّه عليه و آله لم يدخل الكعبة في حج و لا عمرة و لكنه دخلها في الفتح فتح مكة و صلي ركعتين بين العمودين و معه اسامة بن زيد «2».

و منها: ما يدل علي الجواز كحديث يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حضرت الصلاة المكتوبة و أنا في الكعبة أفا صلي فيها؟ قال:

صل «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 314

في جوازها (1) و كذا النافلة و لو اختيارا (2).

[مسألة 64: تستحب الصلاة في المساجد]

(مسألة 64) تستحب الصلاة في المساجد (3) و أفضلها المسجد

______________________________

و ما يقال: بأن الجمع بينهما يقتضي الحمل علي الكراهة غير سديد فان العرف يريهما متعارضين فلا بد من اعمال قواعد التعارض و المرجح في طرف المانع فان مقتضي قوله تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «1» عدم الجواز و العامة أكثرهم ذهبوا الي الجواز و منهم الحنفية فالاظهر عدم الجواز.

(1) اذ تسقط الشرطية عند الضرورة.

(2) ادعي الاجماع علي جواز النافلة

في الكعبة و قد دلت جملة من النصوص علي الجواز في الجملة فلاحظ تلك النصوص الواردة في الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف.

منها: ما رواه معاوية قال: رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلي ركعتين الحديث «2» و حيث انه ليس في النصوص اطلاق فالحكم بالجواز علي نحو الاطلاق مشكل و مثله ما رواه اسماعيل بن همام «3».

(3) لاحظ ما رواه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

ان اناسا كانوا علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ابطأوا عن الصلاة في المسجد فقال النبي صلي اللّه عليه و آله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع علي أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم «4» و غيره

______________________________

(1) البقرة/ 144 و 149 و 150

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 315

الحرام و الصلاة فيه تعدل الف الف صلاة (1) ثم مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة (2) ثم مسجد الكوفة (3) و الاقصي (4).

______________________________

مما ورد في الباب 2 من أبواب أحكام المساجد من الوسائل.

مضافا الي أن هذا الحكم من الواضحات التي لا يعتبر بها شك و لا ريب.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابن أبي يعفور كم اصلي؟ فقال: صل ثمان ركعات عند زوال الشمس فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة في مسجدي كألف في غيره الا المسجد الحرام فان الصلاة في المسجد الحرام تعدل

ألف صلاة في مسجدي «1».

(2) كما صرح في خبر أبي الصامت قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلاة في مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله تعدل بعشرة آلاف صلاة «2».

(3) لاحظ ما روي أن الفريضة في مسجد الكوفة بألف فريضة و النافلة بخمسمائة و روي أن الفريضة فيه بحجة و النافلة بعمرة «3».

(4) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

صلاة في بيت المقدس تعدل الف صلاة و صلاة في المسجد الاعظم مأئة صلاة و صلاة في مسجد القبيلة خمس و عشرون صلاة و صلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة و صلاة الرجل في بيته صلاة واحدة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 27 و 28

(4) الوسائل الباب 64 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 316

و الصلاة فيهما تعدل الف صلاة (1) ثم مسجد الجامع و الصلاة فيه بمائة ثم مسجد القبيلة و فيه تعدل خمسا و عشرين ثم مسجد السوق و الصلاة فيه تعدل اثنتي عشرة صلاة (2) و صلاة المرأة في بيتها أفضل و أفضل البيوت المخدع (3).

[مسألة 65: تستحب الصلاة في مشاهد الائمة عليهم السلام]

(مسألة 65): تستحب الصلاة في مشاهد الائمة عليهم السلام بل قيل: انها أفضل من المساجد و قد ورد أن الصلاة عند علي عليه السلام بمأتي ألف صلاة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه السكوني «1» و ما رواه في مصباح الزائر «2».

(2) لاحظ ما رواه السكوني «3».

(3) لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها

و صلاتها في بيتها أفصل من صلاتها في الدار «4».

(4) لاحظ أبواب الجنان للشيخ خضر الشلال الفصل الثامن من الباب الثالث مستمسك العروة ج 5 ص 519 و لاحظ الروايات الواردة في الباب 83 من كتاب كامل الزيارات منها ما رواه جابر الجعفي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام للمفضل في حديث طويل في زيارة قبر الحسين عليه السلام: ثم تمضي الي صلاتك و لك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج ألف حجة و اعتمر ألف عمرة و اعتق

______________________________

(1) لاحظ ص: 315

(2) لاحظ ص: 315

(3) لاحظ ص: 315

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 317

[مسألة 66: يكره تعطيل المساجد]

(مسألة 66): يكره تعطيل المساجد ففي الخبر ثلاثة يشكون الي اللّه تعالي: مسجد خراب لا يصلي فيه أحد و عالم بين جهال و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه (1).

[مسألة 67: يستحب التردد إلي المساجد]

(مسألة 67): يستحب التردد الي المساجد ففي الخبر من مشي الي مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتي يرجع الي منزله عشر حسنات و محي عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات (2) و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة و في الخبر لا صلاة لجار المسجد الا في مسجده (3).

[مسألة 68: يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلا إذا كان في معرض مرور أحد قدامه]

(مسألة 68): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلا اذا كان في معرض مرور أحد قدامه و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب (4).

______________________________

ألف رقبة و كأنما وقف في سبيل اللّه ألف مرة مع نبي مرسل.

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1 و نحوه الحديث الثاني من الباب.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب أحكام المساجد الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1.

(4) لاحظ الروايات الواردة في الباب 12 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يجعل العنزة بين يديه اذا صلي «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 318

[مسألة 69: مواضع التي تكره الصلاة فيها]

(مسألة 69): قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام (1) و المزبلة و المجزرة (2) و الموضع المعد للتخلي (3) و بيت المسكر (4) و معاطن الابل و مرابط الخيل و البغال و الحمير و الغنم (5).

______________________________

(1) لاحظ مرسلة عبد اللّه بن الفضل «1».

(2) لاحظ ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن الصلاة في سبعة مواطن: ظهر بيت اللّه و المقبرة و المزبلة و المجزرة و الحمام و عطن الابل و محجة الطريق «2».

(3) لاحظ ما روي عن دعائم الإسلام قال: و نهوا صلوات اللّه عليهم عن الصلاة في المقبرة و بيت الحش و بيت الحمام «3» و ما روي عن الجعفريات «4».

(4) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تصلي في بيت فيه خمر أو مسكر «5» و

ما رواه الصدوق «6».

(5) لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في أعطان الابل قال: ان تخوفت الضيعة علي متاعك فاكنسه و انضحه و لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم «7» و منها: ما رواه سماعة قال: لا تصل في مرابط الخيل

______________________________

(1) لاحظ ص: 319

(2) جواهر الكلام ج 8 ص: 340

(3) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(7) الوسائل الباب 17 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 319

بل في كل مكان قذر (1) و في الطريق (2) و اذا أضرت بالمارة حرمت و بطلت (3) و في مجاري المياه (4) و الارض السبخة (5) و بيت النار كالمطبخ (6).

______________________________

و البغال و الحمير «1» و منها ما رواه أيضا «2».

(1) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

و سألته عن الصلاة في بيت الحجام من غير ضرورة قال: لا بأس اذا كان المكان الذي صلي فيه نظيفا «3» و غيره مما ورد في الباب 43 من ابواب مكان المصلي من الوسائل.

(2) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عشرة مواضع لا يصلي فيها: الطين و الماء و الحمام و القبور و مسان الطريق و قري النمل و معاطن الابل و مجري الماء و السبخ و الثلج «4» و لاحظ الروايات الواردة في الباب 19 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(3) اذ

لا يجوز المزاحمة و مع عدم الجواز تصير الصلاة باطلة لعدم امكان مصداقية الحرام للواجب.

(4) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «5».

(5) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «6».

(6) لاحظ مرسلة محمد بن علي بن ابراهيم قال: لا يصلي في ذات الجيش

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 43 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب مكان المصلي الحديث: 6 و 7

(5) مر آنفا

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 320

و أن يكون أمامه نار مضرمة و لو سراجا (1) أو تمثال ذي روح (2) أو مصحف مفتوح (3) أو كتاب كذلك (4).

______________________________

الي أن قال و لا في بيت فيه نار «1».

(1) لاحظ الروايات في الباب 30 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها:

ما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل (هل يصلح له أن) يصلي و السراج موضوع بين يديه في القبلة قال: لا يصلح له أن يستقبل النار «2».

(2) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلي و التماثيل قدامي و أنا انظر اليها؟ قال: لا اطرح عليها ثوبا و لا بأس بها اذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك و ان كانت في القبلة فألق عليها ثوبا وصل «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 32 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(3) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت في الرجل يصلي و بين يديه مصحف مفتوح في قبلة قال: لا قلت: فان كان في

غلاف؟ قال: نعم «4» و ما رواه علي بن جعفر «5».

(4) لاحظ ما رواه علي ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه و هو في الصلاة كأنه يريد

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 83 ص 327 حديث: 29

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(5) سيأتي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 321

و الصلاة علي القبر و في المقبرة أو أمامه قبر و بين قبرين (1) و اذا كان في الاخيرين حائل أو بعد عشرة أذرع فلا كراهة (2) و أن يكون قدامه انسان مواجه له (3) و هناك موارد اخري للكراهة مذكورة في محلها.

______________________________

قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال: ذلك نقص في الصلاة و ليس يقطعها «1».

(1) لاحظ ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال:

نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يجصص المقابر و يصلي فيها و نهي أن يصلي الرجل في المقابر «2» و غيره مما ورد في الباب 25 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي بين القبور؟ قال: لا يجوز ذلك الا أن يجعل بينه و بين القبور اذا صلي عشرة أذرع من بين يديه و عشرة أذرع من خلفه و عشرة أذرع عن يمينه و عشرة أذرع عن يساره ثم يصلي ان شاء «3».

(3) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام انه سئل عن المرور بين

يدي المصلي فقال: لا يقطع الصلاة شي ء و لا تدع من يمر بين يديك «4» و ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «5» و لاحظ الروايات الواردة في الباب 11 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) مستدرك الوسائل الباب 7 من أبواب مكان المصلي

(5) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 322

[المقصد الخامس: أفعال الصلاة و ما يتعلق بها]

اشارة

المقصد الخامس:

أفعال الصلاة و ما يتعلق بها و فيه مباحث:

[المبحث الأول الأذان و الإقامة]

ااشارة

المبحث الاول الاذان و الاقامة و فيه فصول:

[الفصل الأول: في استحباب الأذان و الإقامة استحبابا مؤكدا في الفرائض اليومية]
اشارة

الفصل الاول: يستحب الاذان و الاقامة استحبابا مؤكدا في الفرائض اليومية اداءا و قضاء حضرا و سفرا في الصحة و المرض للجامع و المنفرد رجلا كان أو امرأة (1).

______________________________

(1) بلا كلام و لا اشكال نصا و فتوي بل ادعي الاجماع و الضرورة و يكفي لإثبات المدعي اطلاق الادلة و قد صرح في بعض النصوص باستحبابهما للمريض لاحظ ما رواه عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا بد للمريض أن يؤذن و يقيم اذا أراد الصلاة و لو في نفسه ان لم يقدر علي أن يتكلم به سئل فان كان شديد الوجع؟ قال: لا بد من أن يؤذن و يقيم لأنه لا صلاة الا بأذان و اقامة «1».

و يستفاد من جملة من النصوص استحباب الاذان و الاقامة علي الاطلاق: منها ما رواه يحيي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت في أرض فلاة و أقمت صلي خلفك صفان من الملائكة و ان أقمت و لم تؤذن صلي خلفك صف واحد «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: انك اذا أنت أذنت و أقمت صلي خلفك صفان من الملائكة و ان أقمت اقامة بغير اذان صلي خلفك صف واحد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 323

و يتأكدان في الادائية منها (1) و خصوص المغرب و الغداة (2).

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت و أقمت

صلي خلفك صفان من الملائكة و اذا أقمت صلي خلفك صف من الملائكة «1» و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

مضافا الي أنه لو كان الاذان واجبا لكان أمرا واضحا بل يستفاد من حديث ابن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاذان مثني مثني و الاقامة مثني مثني و لا بد في الفجر و المغرب من أذان و اقامة في الحضر و السفر لأنه لا يقصر فيهما في حضر و لا سفر و تجزئك اقامة بغير اذان في الظهر و العصر و العشاء الآخرة و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أفضل «2» ان الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أمران مستحبان.

(1) نقل عليه الاجماع عن التذكرة «3».

(2) و الدليل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال: ان كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك تجزيك اقامة الا الفجر و المغرب فانه ينبغي أن تؤذن فيهما و تقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات «4» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه الصباح بن سيابة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تدع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(3) جواهر الكلام ج 9 ص: 26

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 324

______________________________

الاذان في الصلوات كلها فان تركته فلا تتركه في المغرب و الفجر فانه ليس فيهما تقصير «1» و الصبّاح لم يوثق فالسند ضعيف.

و منها: ما رواه صفوان ابن مهران «2».

و

منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تجزئك في الصلاة اقامة واحدة الا الغداة و المغرب «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تصلي الغداة و المغرب إلا بأذان و اقامة و رخص في سائر الصلوات بالاقامة و الاذان أفضل «4».

و ربما يقال: بأن المستفاد من بعض النصوص الوجوب و يعارض ما دل علي الوجوب في المغرب ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاقامة بغير الاذان في المغرب فقال: ليس به بأس و ما أحب أن يعتاد «5».

و حيث ان العلة في المغرب و الصبح واحدة فالحكم فيهما واحد وجوبا و استحبابا.

توضيح المقام انه يستفاد من هذه الرواية بضميمة العلة المشار اليها أن الاذان غير واجب في المغرب و الصبح و يكون الاعتياد بالترك مرجوحا فلا تعارض بين الطائفتين.

و لو فرض التعارض يكون المرجع بعد التعارض و التساقط اطلاقات عدم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 323

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 325

و اشدهما تأكدا الاقامة خصوصا للرجال (1).

______________________________

الوجوب و بعد الاغماض عنها البراءة عن الوجوب كما هو ظاهر.

و يدل علي عدم الوجوب مطلقا ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل هل يجزيه في السفر و الحضر اقامة ليس معها اذان؟ قال: نعم لا بأس به «1».

و أما وجوب الاقامة في المغرب و الصبح و عدم وجوبها في غيرهما فلا

يمكن الالتزام به كما سيتضح لك إن شاء اللّه عن قريب.

(1) ربما يقال بالوجوب و ما يمكن أن يستدل به للوجوب عدة نصوص منها:

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السلام انه قال: يجزي في السفر اقامة بغير اذان «2» و هذه الرواية لا تدل الا علي كون الاقامة مجزية و أما كون المجعول الوجوب أو الاستحباب فلا.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «3» و الجواب هو الجواب.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يؤذن و يقيم ليصلي وحده فيجي ء رجل آخر فيقول له: نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان و الاقامة؟ قال: لا و لكن يؤذن و يقيم «4».

و فيه: انه لا يظهر من هذه الرواية الا أنه لا يجزي ما أتي به سابقا و أما المجعول هو الاستحباب أو الوجوب فلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) مر آنفا

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 326

______________________________

و منها: ما رواه عمار «1» و تقريب الاستدلال: ان الظاهر من النفي نفي الصحة كقوله: لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و كقوله: لا صلاة لمن لم يقم صلبه لا نفي الكمال.

و فيه: ان الظاهر من قوله عليه السلام: لا صلاة الا باذان و اقامة ان الاستثناء واحد اي يكون المستثني واحدا و هو مجموع الاذان و الاقامة و حيث انه ثبت عدم وجوب الاذان فالاقامة كذلك فالمقصود بالنفي نفي الكمال.

و لو اغمض عما ذكر و قلنا: ان الاستثناء متعدد و عليه نأخذ بالظهور بالنسبة الي الاقامة

و نرفع اليد عنه بالنسبة الي الاذان نظير ما يقال في اغتسل للجمعة و الجنابة حيث انه نرفع اليد عن ظهور الامر في الوجوب بالنسبة الي غسل الجمعة لقيام الدليل علي عدم الوجوب.

نقول: صيغة الامر في قوله: «اغتسل» استعملت في الطلب و من الاطلاق و عدم بيان جواز الترك يفهم الوجوب و حيث انه لم يقم بالنسبة الي الجنابة نبقي الظهور بحاله و لكن في المقام ليس الامر كذلك اذ المراد بقوله: «لا صلاة» اما نفي الحقيقة و الصحة بالنسبة الي كل من الاذان و الاقامة عند فقدهما و اما نفي الكمال كذلك و اما الجامع بين الامرين و اما نفي الحقيقة بالنسبة الي فقد الاقامة و نفي الكمال بالنسبة الي فقد الاذان.

أما الاول فخلاف الواقع و أما الثاني فعلي خلاف المطلوب و علي الثالث يكون الكلام مجملا و علي الرابع يكون خلاف الظاهر و بدون القرينة لا يصار اليه و ان شئت قلت: ان استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد و ان كان أمرا ممكنا لكن لا يصار اليه الا بالدليل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 322

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 327

______________________________

و منها: ما رواه صفوان بن مهران «1» و الكلام فيه هو الكلام في موثق عمار فلا نعيد مضافا الي قوله عليه السلام في ذيل الرواية «و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات افضل» حيث انه يفهم من هذه الجملة ان الاذان و الاقامة ليسا من شرائط الصلوات بل الفرد الافضل منها ما يكون مع الاذان و الاقامة فلا يبقي مجال للأخذ بظهور الصدر.

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تصل الغداة و المغرب الا باذان و اقامة و

رخص في سائر الصلوات بالاقامه و الاذان أفضل «2».

و الكلام فيه هو الكلام في سابقه اذ الوارد في الرواية و ان كان بصيغة النهي لكن النهي ارشادي فانه يرشد الي أن الصلاة لا تتحقق الا بالاذان و الاقامة فيتوجه السؤال بأن المراد بعدم التحقق بدونهما عدم تحقق الصحيح أو الكامل أو الجامع أو كلا الامرين فالاشكال هو الاشكال فلا يستفاد منه وجوب الاقامة بل يستفاد منه العدم فان وحدة السياق تقتضي التسوية بين الاذان و الاقامة و الظاهر انه عليه السلام في مقام بيان الحكم و تفهيم المخاطب و كون الكلام مجملا غير مفهم للمعني خلاف الاصل الاولي فلاحظ.

و منها: ما دل علي جواز قطع الصلاة فيما نسي الاقامة و دخل في الصلاة لان يتدارك الاقامه لاحظ ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسي أن يقيم الصلاة و قد افتتح الصلاة قال: ان كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته و ان لم يكن فرغ من صلاته فليعد «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فنسيت

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 328

______________________________

أن تؤذن و تقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف و أذن و أقم و استفتح الصلاة و ان كنت قد ركعت فأتم علي صلاتك «1».

بتقريب: انه لو لم تكن الاقامة واجبة لما كان وجه لقطع الصلاة لتدارك الاقامة. و فيه: ان جواز القطع أو استحبابه لا يلازم وجوب الاقامة فانه من الممكن ان يكون الملاك في

الاقامة بحد يقتضي رفع اليد عن الصلاة لتدارك ذلك.

لكن يمكن أن يقال: بأنه يستفاد من جملة من النصوص المشار اليها انه يجب قطع الصلاة للتدارك و لا يمكن أن تكون الاقامة مستحبة و مع ذلك يكون القطع واجبا و ما يمكن أن يقال: بأن الامر بالقطع حيث انه في مقام توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب ليس تاما فان السائل كما يحتمل الحظر يحتمل الوجوب و في مقام تعلم وظيفته و لا وجه لرفع اليد عن الامر بالقطع.

و ان شئت قلت: ان الامر بالقطع ارشاد الي شرطية الاقامة لكن يمكن أن يجاب بنحو آخر و هو ان بعض النصوص يدل علي أن الناسي للإقامة ان فرغ من الصلاة فلا شي ء عليه و ان لم يفرغ منها يعيد و يقيم لاحظ ما رواه علي بن يقطين «2»

و بعضها يدل علي أنه لو دخل في الصلاة يتم الصلاة و لا شي ء عليه لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الاذان و الاقامة حتي دخل في الصلاة قال: فليمض في صلاته فانما الاذان سنة «3».

و ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي الاذان

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 329

______________________________

و الاقامة حتي دخل في الصلاة قال: ليس عليه شي ء «1»

و بعضها يدل علي التفصيل بين التذكر قبل الركوع و بعده لاحظ ما رواه الحلبي «2» و بعضها يدل علي التفصيل بين الدخول في القراءة و عدمه لاحظ ما رواه حسين بن أبي العلاء عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم قال: فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم علي النبي صلي اللّه عليه و آله ثم يقيم و يصلي و ان ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم علي صلاته «3».

فيقع التعارض بين القسم الثالث و القسم الرابع و بعد تساقطهما نقول: لو كان مقتضي القاعدة الجمع بين القسم الاول و القسم الثاني بالالتزام بجواز القطع لا وجوبه فهو و أما لو قلنا: بأن مقتضي القاعدة اعمال قانون التعارض فالتعارض يوجب تساقطهما فلا دليل علي وجوب القطع فلاحظ.

لكن لا يخفي ان الترجيح مع ما دل علي وجوب القطع حيث ان الدليل عن أبي الحسن عليه السلام و ذكرنا ان الاحدثية من المرجحات.

و منها: ما دل علي أن الاقامة من الصلاة لاحظ ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقيم أحدكم الصلاة و هو ماش و لا راكب و لا مضطجع الا أن يكون مريضا و ليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة فانه اذا أخذ في الاقامة فهو في صلاة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 330

______________________________

و ما رواه يونس الشيباني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أؤذن و أنا راكب؟ قال: نعم قلت: فاقيم و أنا راكب؟ قال: لا قلت: فاقيم و رجلي في الركاب؟ قال: لا قلت: فاقيم و أنا قاعد؟ قال: لا قلت: فاقيم و أنا ماش؟ قال:

نعم ماش الي الصلاة قال: ثم قال: اذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فانك في الصلاة قال: قلت له: قد سألتك اقيم و أنا ماش؟ قلت لي: نعم فيجوز أن أمشي في الصلاة؟

فقال: نعم اذا دخلت من باب المسجد فكبرت و أنت مع امام عادل ثم مشيت الي الصلاة أجزأك ذلك الحديث «1».

و رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع مثله الي قوله: أجزأك ذلك الا أنه ترك قوله: فاقيم و رجلي في الركاب الي قوله: اقيم و أنا ماش «2».

و السند في هذه الروايات الثلاث ضعيف بصالح بن عقبة.

و منها: ما دل علي اشتراطها بالطهارة و عدم جواز الكلام بعدها و القيام و التمكن و الاستقبال لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تؤذن و أنت علي غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا و اينما توجهت و لكن اذا أقمت فعلي وضوء متهيئا للصلاة «3».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس للمسافر أن يؤذن و هو راكب و يقيم و هو علي الارض قائم «4».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يؤذن الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 331

______________________________

و هو قاعد: قال: نعم و لا يقيم الا و هو قائم «1».

و ما رواه احمد بن محمد عن عبد صالح عليه السلام قال: يؤذن الرجل و هو جالس و لا يقيم الا و هو قائم و قال: تؤذن و أنت راكب و لا تقيم الا و أنت علي الارض «2».

و ما رواه أبو

بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام قال: لا باس بأن تؤذن راكبا أو ماشيا أو علي غير وضوء و لا تقم و أنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة «3».

و ما رواه يونس الشيباني «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

و فيه: ان اشتراطها بها مع تمامية الدليل عليها و عدم معارضته بخلافه أعم من وجوبها كما هو ظاهر فان جميع المستحبات مشروطة بشروط علي اختلافها.

و منها: ما دل علي عدم الاذان و الاقامة علي النساء لاحظ ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة أ عليها أذان و اقامة فقال لا «5»

بتقريب: انه لا شبهة في استحبابها عليهن فنفي الاقامة عنهن ناظر الي نفي وجوبها فيدل علي وجوبها علي الرجال. و فيه: انه يتوقف علي الالتزام بمفهوم اللقب الذي لا نلتزم به.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 330

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 332

______________________________

ان قلت: الجمع بين كونها مستحبة في حقها و نفيها عنها يقتضي أن يكون الاستثناء بلحاظ الوجوب. قلت: ان هذا الظهور ليس بحد يكون مدركا للحكم الشرعي فانه كما يمكن أن يكون الاستثناء بلحاظ الوجوب كذلك يمكن أن يكون بلحاظ تأكد الاستحباب فان للاستحباب مراتب فان تلك الآكدية ليست في حق المرأة لجهات مزاحمة.

و منها: ما تضمن الامر بالاذان و الاقامة عند ارادة الصلاة لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت الي صلاة فريضة

فأذن و أقم و افصل بين الاذان و الاقامة بقعود أو بكلام او بتسبيح «1».

و الحق أنه لا يمكن انكار دلالة هذه الرواية علي الوجوب لكن يعارض هذه الطائفة ما دل علي أنه لو صلي مع الاذان و الاقامة يصلي خلفه صفان من الملائكة و لو صلي مع الاقامة يصلي خلفه صف واحد لاحظ ما رواه يحيي الحلبي «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و ما رواه الحلبي «4» و غيرها مما ورد في الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل فانه يفهم من هذه الطائفة ان الصلاة بلا اذان و لا اقامة صحيحة غاية الامر لا يقتدي بالمصلي من الملائكة فتأمل.

فيقع التعارض بين الطائفتين و أيضا يعارضها ذيل رواية صفوان بن مهران «5» حيث قلنا ان قوله عليه السلام: «و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أفضل»

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 322

(3) لاحظ ص: 323

(4) لاحظ ص: 323

(5) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 333

بل الاحوط استحبابا لهم الاتيان بها (1) و لا يشرع الاذان و لا الاقامة في النوافل و لا في الفرائض غير اليوميه (2).

______________________________

يدل علي الاستحباب و عدم الوجوب فلو قلنا: بأن مقتضي الجمع العرفي رفع اليد عن دليل الوجوب بدليل الاستحباب و حمل دليل الوجوب علي الندب فهو و الا فيشكل الامر حيث ان المرجح في طرف الوجوب اذ العامة قائلون بأنها سنة و الرشد في خلافهم راجع كتاب «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية.

مضافا الي أنا ذكرنا ان رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام «1» حيث انها متأخرة و حادثة فلا بد من الاخذ

بها فانها تنسخ ما قبلها كما في الخبر «2»

و عليه يكون مقتضي القاعدة و الجمع بين روايات الباب الوجوب و لكن مع ذلك لا نلتزم به اذ لو كانت الاقامة واجبة لكان من الامور الواضحة المسلمة عند الكل فمن عدم وضوح هذا الامر بل وضوح خلافه بحيث لا يستنكر ترك الاقامة حتي من الاتقياء يكشف أن الامر ليس كذلك.

و مما يؤكد المدعي انه يظهر مما نقل عن الشيخ انه التزم بعدم الوجوب و الحال ان الاقامة لو كانت واجبة كيف يمكن أن يخفي علي مثله مع قرب عهده بعهد المعصومين عليهم السلام و اطلاعه علي الروايات المروية عنهم و ورعه و مقامه الشامخ من جميع الجهات و اللّه العالم.

(1) قد ظهر وجه الاحتياط مما ذكرناه.

(2) تارة يبحث في المقتضي و اخري في المانع و يكون البحث عن الاول مقدما طبعا أما الكلام من حيث المقتضي فالظاهر انه لا قصور فيه لوجود الاطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 327

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 334

[مسألة 70: يسقط الأذان للعصر عزيمة يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر]

(مسألة 70): يسقط الاذان للعصر عزيمة يوم عرفة اذا جمعت مع الظهر (1).

______________________________

في بعض النصوص لاحظ ما رواه عمار «1» و انما الكلام في المانع و العمدة الاجماع و التسالم و وضوح الامر فانه نقل عن العلامة ادعاء الاجماع في عدة من كتبه بل عن بعض كتبه ادعاء انه اجماع علماء الإسلام مضافا الي أن السيرة الخارجية أحس شاهد علي عدم المشروعية بحيث لو بادر أحد الي الاذان في غير الصلوات الخمس ليعد مستهجنا و يدل علي المطلوب في الجملة ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و لا يوم الاضحي

أذان و لا اقامة أذانهما طلوع الشمس اذا طلعت خرجوا و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة «2».

و يؤيد المدعي ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما أذان و لا اقامة و ليكن ينادي الصلاة ثلاث مرات «3».

لكن اسناد الصدوق و الشيخ كليهما ضعيفان الي اسماعيل بن جابر و أما حديث زرارة فانما يدل بالنسبة الي صلاة العيد نعم يمكن أن يقال: انه لو لم يشرع الأذان و الاقامة في صلاة العيدين لا يكون مشروعا في غيرهما بالاولوية فتأمل.

(1) لما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في الاذان يوم عرفة أن يؤذن و يقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان و كذلك في المغرب و العشاء بمزدلفة «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 322 و الوسائل الباب 11 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 335

و للعشاء ليلة المزدلفة اذا جمعت مع المغرب (1).

[مسألة 71: يسقط الأذان و الإقامة جميعا في موارد]

(مسألة 71): يسقط الاذان و الاقامة جميعا في موارد: الاول:

في الصلاة جماعة اذا سمع الامام الاذان و الاقامة في الخارج (2).

الثاني: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها و أقاموا و ان لم يسمع (3).

______________________________

و لا مجال لان يقال: بأن اطلاق الرواية يقتضي عدم الفرق في السقوط بين الجمع و عدمه اذ الظاهر من الرواية صورة الجمع.

(1) و يدل عليه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: لا

تصلي المغرب حتي تأتي جمعا فصل بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان و اقامتين «1» و غيره مما ورد في الباب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر و ما رواه ابن سنان و قد مر آنفا.

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن خالد «2».

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يدل عليه ما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأه تكبيرة واحدة الي أن قال: و من أدركه و قد رفع رأسه من السجدة الاخيرة و هو في التشهد فقد أدرك الجماعة و ليس عليه أذان و لا اقامة و من أدركه و قد سلم فعليه الاذان و الاقامة «3» و هذه الرواية ساقطه سندا بابن شريح.

و قد استدل سيد المستمسك قدس سره علي المدعي باحاديث: احدها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث: 1

(2) سيأتي في المباحث الآتية

(3) الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 336

______________________________

عمار «1» بتقريب: أن السائل كان في ذهنه أنه يكفيه اذان الامام و اقامته فيما كان اماما للجماعة.

و لكن لا يمكن المساعدة عليه فان مفروغية الاكتفاء باذان الجماعة لا تستفاد من الرواية.

ثانيها: خبر محمد بن عذافر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أذن خلف من قرأت خلفه «2».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي فانه لا يستفاد منها انه لو دخل في الجماعة الصحيحة ليس عليه اذان و اقامة بل المستفاد من هذه الرواية ان الايتمام بالمخالف لا يقتضي السقوط و أما مورد السقوط فالرواية ساكتة عنه مضافا الي أن ابا اسحاق الموجود في السند لم تثبت

وثاقته.

ثالثها: ما رواه أبو مريم الانصاري قال: صلي بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار و لا رداء و لا اذان و لا اقامة الي أن قال فقال: و اني مررت بجعفر و هو يؤذن و يقيم فلم اتكلم فأجزأ في ذلك «3» مضافا الي الاشكال في دلالتها علي المدعي.

و هذه الرواية ساقطة سندا بصالح بن عقبة.

رابعها: ما رواه معاوية بن شريح «4» لكن العمدة هي السيرة الجارية فانه لا اشكال في السقوط.

و الرواية ساقطة سندا كما مر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 325

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 335

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 337

الثالث: الداخل الي المسجد قبل تفرق الجماعة (1) سواء صلي جماعة اماما أم مأموما (2) أم صلي منفردا (3) بشرط الاتحاد في المكان عرفا فمع كون احداهما في أرض المسجد و الاخري علي سطحه يشكل السقوط (4).

______________________________

(1) الحكم في الجملة اجماعي- كما قيل- و العمدة النصوص في المقام فلا بد من ملاحظتها منها: ما رواه أبو بصير فقال: سألته عن الرجل ينتهي الي الامام حين يسلم قال: ليس عليه أن يعيد الاذان فليدخل معهم في اذانهم فان وجدهم قد تفرقوا أعاد الاذان «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يدخل المسجد و قد صلي القوم أ يؤذن و يقيم؟ قال: ان كان دخل و لم يتفرق الصف صلي بأذانهم و اقامتهم و ان كان تفرق الصف أذن و أقام «2».

(2) و يدل عليه ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: دخل رجلان

المسجد و قد صلي الناس فقال لهما علي عليه السلام ان شئتما فليؤم أحدكما صاحبه و لا يؤذن و لا يقيم «3».

(3) و يدل عليه حديث أبي بصير الثاني بل هذه الرواية باطلاقها تشمل جميع الاقسام المذكورة في المتن.

(4) فانه الظاهر من النص بلا اشكال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 338

و يشترط أيضا أن تكون الجماعة السابقة بأذان و اقامة (1) فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها و اقامتها فلا سقوط (2) و أن تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الامام فاسقا مع علم المأمومين به فلا سقوط (3) و في اعتبار كون الصلاتين ادائيتين و اشتراكهما في الوقت اشكال (4) و الاحوط الاتيان حينئذ بهما برجاء المطلوبية بل

______________________________

(1) فانه الظاهر من الدليل بل صرح في بعض النصوص «1».

(2) فان الظاهر من خبر أبي بصير ان الملاك أذانهم و اقامتهم كما هو أو ضح من أن يخفي.

(3) فان الظاهر من النص ان مصداقا من المأمور به يجزي عن المصداق الاخر و مع فرض البطلان لا موضوع للقضية.

(4) أما اشتراط كونهما ادائيتين فلا اري وجها وجيها له فانه لا يبعد أن تكون الرواية مطلقة من هذه الجهات و طريق الاحتياط ظاهر كما أنه لو كان مجملا او شك في الظهور يكون المرجع الاطلاقات الاولية الدالة علي الجعل فلاحظ.

كما ان شرطية الاشتراط في الوقت محل الاشكال لإطلاق بعض النصوص.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره بأن اذان نفسه قبل الوقت لا يجزيه فكيف باذان غيره.

و يرد عليه ان أذان نفسه لو كان قبل الوقت لا يكون مطلوبا و مأمورا

به للمولي بخلاف اذان غيره في مفروض الكلام فان المفروض ان أذان الجماعة صدر من أهله و وقع في محله فالقياس مع الفارق.

______________________________

(1) لاحظ الحديث الثاني لأبي بصير ص: 337

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 339

الظاهر جواز الاتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية (1) و كذا اذا كان المكان غير مسجد (2).

الرابع: اذا سمع شخصا آخر يؤذن و يقيم للصلاة (3).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال ان السقوط عزيمة اذ بعد قيام الدليل علي الاجزاء و الاكتفاء لا دليل علي المشروعية و لكن لا اشكال في أن باب الرجاء واسع كما ان طريق الاحتياط ظاهر.

(2) لا مجال لجريان الحكم و السراية الي غير المسجد اذ لا دليل عليه فان النصوص واردة في خصوص المسجد نعم ما رواه أبو بصير «1» مطلق لكن السند ضعيف بصالح (خالد) ابن سعيد فان الرواية عن الكافي و المذكور فيه صالح بن سعيد و هو لم يوثق فراجع و عليه لا مجال للتسرية بلا اشكال و باب الرجاء واسع.

(3) قال في الحدائق: «انه لا خلاف بين الاصحاب في أنه اذا سمع الامام اذان مؤذن جاز له أن يجتزأ به في الجماعة».

و العمدة النصوص الواردة في المقام فانه لا بد من ملاحظتها و مقدار دلالتها فنقول: منها ما رواه أبو مريم الانصاري «2» و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر أن أبا عبد اللّه عليه السلام كان يؤذن و يقيم غيره قال: و كان يقيم و قد أذن غيره «3» و الرواية مرسلة.

______________________________

(1) لاحظ الحديث الاول لأبي بصير ص: 337

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

340

______________________________

و منها ما أرسله الصدوق قال: كان علي عليه السلام يؤذن و يقيم غيره و كان يقيم و قد أذن غيره «1» و الرواية مرسلة.

و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسي الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لما عرج بي الي السماء أذن جبرئيل مثني مثني و أقام مثني مثني ثم قال لي: تقدم يا محمد الي أن قال:

فتقدمت و صليت بهم و لا فخر «2» و الرواية ضعيفة بعباس بن عبد اللّه.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما اسري برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حضرت الصلاة أذن جبرئيل و أقام الصلاة فقال:

يا محمد تقدم فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تقدم يا جبرئيل فقال له: انا لا نتقدم علي الآدمين منذ امرنا بالسجود لآدم «3» و الرواية ضعيفة بعبد الواحد مضافا الي أن في القتيبي أيضا اشكالا.

و منها: ما رواه ابن عباس في حديث قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لما عرج بي الي السماء الرابعة أذن جبرئيل و أقام ميكائيل ثم قيل لي: ادن يا محمد فتقدمت فصليت بأهل السماء الرابعة «4» و الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن موسي.

و منها: ما رواه عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنا معه فسمع اقامة جار له بالصلاة فقال: قوموا فقمنا فصلينا معه بغير أذان و لا اقامة قال: و يجزيكم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 341

______________________________

أذان

جاركم «1» و هذه الرواية لا بأس بها و يستفاد منها ان سماع أذان الغير أو اقامته يجزي.

و منها: ما رواه ابن سنان «2» و هذه الرواية أيضا لا بأس بها و حيث انه لا اطلاق فيها بمعني ان المولي لا يكون في مقام البيان من ناحية السماع و عدمه فالقدر المتيقّن انه اذا سمع أذان الغير يجوز الاجتزاء.

و صاحب المستمسك استدل علي المدعي بالنصوص الدالة علي عدم البأس باذان غير البالغ و الروايات الواردة في هذا الباب أربع:

احداها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم «3».

ثانيتها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم «4».

ثالثتها: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم «5».

رابعتها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم و أن يؤذن «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 342

اماما كان الآتي بهما أم مأموما أم منفردا (1) و كذا في السامع (2) بشرط سماع تمام الفصول (3) و ان سمع بعضها اتم ما بقي (4) بشرط

______________________________

و الثانية: منها سندها مخدوش بغياث بن كلوب فانه لم يوثق

مضافا الي أن الحسن بن موسي الخشاب لم يوثق أيضا اذ قيل في حقه: انه من وجوه اصحابنا و هذا المقدار أعم من التوثيق و في سند الثالثة منها طلحة بن زيد و هو لم يوثق فيبقي الاولي و الرابعة و لكن العمدة الاشكال في الدلالة علي المدعي فان المستفاد من هذه الروايات ان اذان غير البالغ لا بأس به فمن الممكن أن يكون المراد أن أذانه الا علامي لا بأس به.

و بعبارة اخري: لا يستفاد من هذه الروايات مورد الاكتفاء و الاجزاء نعم لو علم من الخارج الاجتزاء بأذان الغير في مورد يجوز الاكتفاء بأذان غير البالغ في ذلك المورد فلاحظ.

(1) للإطلاق.

(2) الظاهر انه لا مانع من الاخذ بالاطلاق فان مقتضي حديث ابن سنان «1» كفاية اذان الغير بلا فرق بين أن يكون الغير منفردا أو جامعا اماما أو مأموما و هكذا الكلام في خبر عمرو بن خالد «2».

(3) لعدم صدق الموضوع علي الناقص فان نصف الاذان ليس أذانا و ان شئت قلت: ان التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون المراد من الاذان و الاقامه الفرد الصحيح منهما و من الظاهر ان الناقص لا يكون صحيحا فما أفاده صحيح و لو لم نقل بأن اللفظ موضوع لخصوص الصحيح.

(4) لرواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذن مؤذن فنقص

______________________________

(1) لاحظ بعيد هذا

(2) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 343

مراعاة الترتيب (1) و ان سمع احدهما لم يجز عن الاخر (2).

[الفصل الثاني: فصول الأذان ثمانية عشر]

الفصل الثاني:

فصول الاذان ثمانية عشر

اللّه أكبر أربع مرات ثم أشهد أن لا إله الا اللّه ثم أشهد أن محمدا رسول اللّه ثم حي علي الصلاة ثم حي علي

الفلاح ثم حي علي خير العمل ثم اللّه أكبر ثم لا إله الا اللّه كل فصل مرتان (3).

______________________________

الاذان و أنت تريد أن تصلي بأذانه فاتم ما نقص هو من اذانه «1» فانها صريحة في المدعي.

(1) فان مقتضي ادلة الترتيب ذلك كما هو ظاهر.

(2) لعدم الدليل.

(3) الروايات الواردة في المقام مختلفة منها: ما رواه اسماعيل الجعفي قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاذان و الاقامة خمسة و ثلاثون حرفا فعد ذلك بيده واحدا واحدا الاذان ثمانية عشر حرفا و الاقامة سبعة عشر حرفا «2» و هذه الرواية ساقطة بمحمد بن عيسي.

و منها: ما رواه أبو الربيع عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الاسراء قال: ثم أمر جبرئيل عليه السلام فأذن شفعا و أقام شفعا و قال في اذانه حي علي خير العمل ثم بقدم محمد صلي اللّه عليه و آله فصلي بالقوم «3» و الرواية ضعيفة

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 344

______________________________

بأبي الربيع.

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يؤذن فقال: اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه اكبر اللّه اكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه.

و بالاسناد مثله الا انه ترك حي علي خير العمل.

و قال مكانه: حتي

فرغ من الاذان و قال في آخره: اللّه اكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه «1».

و الرواية ضعيفة بالمعلي فان الاقوال فيه مختلفة.

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي و كليب الاسدي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه حكي لهما الاذان فقال:

اللّه أكبر اللّه اكبر اللّه أكبر اللّه اكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد ان لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه و الاقامة كذلك.

و رواه الصدوق باسناده عن أبي بكر الحضرمي و كليب الاسدي و زاد:

و لا بأس أن يقال في صلاة الغداة علي أثر حي علي خير العمل: الصلاة خير من النوم مرتين للتقية «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 345

______________________________

و هو ضعيف بكليب و أبي بكر.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ان بلا لا كان عبدا صالحا فقال: لا اؤذن لأحد بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فترك يومئذ حي علي خير العمل «1» و هو ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي أبي بصير.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان فيما ذكره من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: انما امر الناس بالاذان لعلل كثيرة منها أن يكون تذكيرا للساهي و تنبيها للغافل و تعريضا لمن جهل الوقت و اشتغل عنه و يكون المؤذن بذلك داعيا الي عبادة الخالق و

مرغبا فيها مقرا له بالتوحيد مجاهرا بالايمان معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها و انما يقال له: مؤذن لأنه يؤذن بالاذان بالصلاة و انما بدأ فيه بالتكبير و ختم بالتهليل لان اللّه عز و جل أراد أن يكون الابتداء بذكره و اسمه و اسم اللّه في التكبير الاول في أول الحرف و في التهليل في آخره و انما جعل مثني مثني ليكون تكرارا في آذان المستمعين مؤكدا عليهم ان سها أحد عن الاول لم يسه الثاني و لان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثني مثني و جعل التكبير في اول الاذان أربعا لان أول الأذان انما يبدو غفلة و ليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الاول تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان و جعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد و الاقرار للّه بالوحدانية و الثاني الاقرار للرسول بالرسالة و أن طاعتهما و معرفتهما مقرونتان و لان أصل الايمان انما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فاذا أقر العبد للّه عز و جل بالوحدانية و أقر للرسول صلي اللّه عليه و آله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان انما هو الاقرار باللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 346

______________________________

و برسوله و انما جعل بعد الشهادتين الدعاء الي الصلاة لان الاذان انما وضع لموضع الصلاة و انما هو نداء الي الصلاة في وسط الاذان و دعاء الي الفلاح و الي خير العمل و جعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه «1».

و هو ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي الفضل و قس عليه ما رواه أيضا «2» فان السند مخدوش.

و منها: ما رواه محمد بن أبي

عمير أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن حي علي خير العمل لم تركت من الاذان؟ قال: تريد العلة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت:

اريدهما جميعا فقال: أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا علي الصلاة و أما الباطنة فان خير العمل الولاية فأراد من أمر بترك حي علي خير العمل من الاذان أن لا يقع حث عليها و دعاء اليها «3».

و هو ضعيف بابن قتيبة و عبد الواحد.

و منها ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «4» و هو ضعيف بعباس بن عبد اللّه و منها: ما رواه يزيد بن الحسن عن موسي بن جعفر عن آبائه عن علي عليهم السلام في حديث تفسير الاذان انه قال فيه: اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 347

______________________________

اللّه و ذكر في الاقامة: قد قامت الصلاة «1» و هو ضعيف بمحمد بن عاصم و جملة من روايات الباب مرسلة.

و أما الروايات المعتبرة سندا فهي قسمان: قسم يدل علي أن التكبير في أول الاذان أربع و التهليل في آخره اثنان و من هذا القسم ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا زرارة تفتح الاذان بأربع تكبيرات و تختمه بتكبيرتين و

تهليلتين «2» و محمد بن اسماعيل الواقع في السند ابو الحسن البندقي النيشابوري و هذا لم يرو عنهم عليهم السلام.

و قسم يدل علي أن التكبير في أول الاذان اثنان و الذي يدل عليه ما رواه صفوان الجمال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الاذان مثني مثني و الاقامة مثني مثني «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان فقال:

تقول: اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه «4».

و ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاذان مثني مثني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 348

و كذلك الاقامة الا أن فصولها أجمع مثني الا التهليل في آخرها فمرة و يزاد بعد الحيعلات قبل التكبير قد قامت الصلاة مرتين فتكون فصولها سبعة عشر (1).

______________________________

و الاقامة واحدة واحدة «1».

فلا بد من الجمع بين هذه النصوص و الترجيح مع القسم الثاني فانها مخالفة للعامة و أكثر عددا و متأخرة زمانا من حيث الصدور و لكن مع ذلك لا يمكن رفع اليد عن الطريق المألوف فانه حكي عن مفتاح الكرامة ان الشيعة في الاعصار و الامصار في الليل و النهار في المجامع و الجوامع و رءوس المآذن يلهجون بالمشهور فلا يصغي

بعد ذلك الي قول القائل بالخلاف.

و يؤكد المدعي ما في هذا المقام من التعبيرات فربما عبر بالإجماع و اخري بمذهب علمائنا و ثالثة بمذهب الشيعة و رابعة بقول: عليه عمل الاصحاب أو الطائفة أو مذهب الاصحاب لا يعلم فيه مخالف أو الاصحاب لا يختلفون فيه في كتب فتواهم.

(1) الدال علي فصول الاقامة ما رواه اسماعيل الجعفي «2» و ذكرنا أن السند ضعيف بالعبيدي و أما بقية الروايات المعتبرة فمفادها مغاير لهذا النحو المشهور عند الشيعة فان حديث صفوان الجمال «3» يدل علي التسوية بين الاذان و الاقامة في الفصول و أن فصولهما مثني مثني و أما حديث معاوية بن وهب «4» فيدل علي أن الاقامة واحدة واحدة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 343

(3) لاحظ ص: 347

(4) لاحظ ص: 347

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 349

و تستحب الصلاة علي محمد و آل محمد عند ذكر اسمه الشريف (1) و اكمال الشهادتين بالشهادة لعلي عليه السلام بالولاية و امرة المؤمنين في الاذان و غيره (2).

______________________________

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الإقامة مرة مرة إلا قول اللّه أكبر اللّه أكبر فانه مرتان «1» يدل علي أن الإقامة واحدة واحدة إلا قول اللّه أكبر فانه مرتان.

لكن الكلام فيها هو الكلام في الاذان فانه أوضح من أن يخفي مضافا الي ما ذكر في المقام من أنه حكي عليه الاجماع و انه مذهب العلماء و انه لا يختلف فيه الاصحاب و ان عليه عمل الاصحاب و عمل الطائفة و انه مذهب الشيعة و اتباعهم.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و صل علي النبي صلي

اللّه عليه و آله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره «2».

(2) تدل علي رجحان الاقتران بين ذكر علي عليه السلام بامرة المؤمنين و ذكر التوحيد و الشهادة عدة نصوص منها ما رواه الطبرسي في الاحتجاج قال: روي قاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام هؤلاء يروون حديثا في معراجهم انه لما اسري برسول اللّه رأي علي العرش مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه ابو بكر الصديق فقال: سبحان اللّه غيروا كل شي ء حتي هذا قلت نعم قال: ان اللّه عز و جل لما خلق العرش كتب عليه: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الماء كتب في مجراه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الكرسي كتب علي قوائمه لا إله الا اللّه محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 350

______________________________

رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل اللوح كتب فيه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه اسرافيل كتب علي جبهته لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه جبرئيل كتب علي جناحيه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل السماوات كتب في اكنافها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الارضين

كتب في أطباقها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الجبال كتب في رءوسها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الشمس كتب عليها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و هو السواد الذي ترونه في القمر فاذا قال احدكم لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه فليقل علي امير المؤمنين عليه السلام «1».

و منها: ما روي من كتاب الفردوس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

لما عرج بي الي السماء و عرضت علي الجنة وجدت علي أوراق الجنة مكتوبا:

لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب ولي اللّه الحسن و الحسين صفوة اللّه «2».

و منها: ما رواه جابر بن عبد اللّه الانصاري عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أتاني جبرئيل و قد نشر جناحيه فاذا فيها مكتوب:

لا إله الا اللّه محمد النبي و مكتوب علي الاخر لا إله الا اللّه علي الوصي «3».

______________________________

(1) الاحتجاج المطبوع في المطبعة المرتضوية في النجف الاشرف 1350 ص 83 و 84

(2) بحار الأنوار ج 27 ص 8 حديث: 17

(3) نفس المصدر ص: 9 حديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 351

______________________________

و منها: ما رواه أيضا قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ليلة اسري بي الي السماء امر بعرض الجنة و النار علي فرأيتهما جميعا رأيت الجنة و ألوان نعيمها و رأيت النار و ألوان عذابها و علي كل باب من أبواب الجنة الثمانية: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي

ولي اللّه «1».

و منها: ما رواه مروان بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مسطور بخط جليل حول العرش: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي أمير المؤمنين «2».

و منها: ما رواه جابر الانصاري قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ما بال أقوام يلومونني في محبتي لأخي علي بن أبي طالب؟ فو الذي بعثني بالحق نبيا ما أحببت حتي أمرني ربي جل جلاله بمحبته ثم قال: ما بال أقوام يلومونني في تقديمي لعلي بن أبي طالب؟ فوعزة ربي ما قدمته حتي أمرني عز اسمه بتقديمه و جعله أمير المؤمنين و أمير امتي و امامها.

ايها الناس: انه لما عرج بي الي السماء السابعة وجدت علي كل باب سماء مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و لما صرت الي حجب النور رأيت علي كل حجاب مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و لما صرت الي العرش وجدت علي كل ركن من أركانه مكتوبا: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين «3».

و منها ما رواه قاسم بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لما خلق اللّه عز و جل القمر كتب عليه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و هو

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 11 حديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 27

(3) نفس المصدر ص: 12 حديث: 28

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 352

______________________________

السواد الذي ترونه «1».

و منها: ما روي عن الصادق عليه السلام قال في تفسير قوله تعالي: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»: الكلم الطيب قول

المؤمن: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه و خليفة رسول اللّه صلوات اللّه عليهما «2».

و منها: ما رواه المفضل بن عمر في حديث طويل عن الصادق عليه السلام في كيفية ولادة فاطمة عليها السلام الي أن قال: فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين و قالت: اشهد أن لا إله الا اللّه و أن أبي رسول اللّه سيد الانبياء و أن بعلي سيد الاوصياء و ولدي سادة الاسباط «3».

و منها: ما روي عن حكيمة في كيفية ولادة الحجة عليه السلام حالكونه ساجدا علي وجهه جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء و هو يقول: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن جدي رسول اللّه و أن أبي أمير المؤمنين «4».

و منها: ما عن الرضا عليه السلام في قوله تعالي: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصّٰالِحُ يَرْفَعُهُ» قال: الكلم الطيب هو قول المؤمن لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه و خليفته حقا الحديث: «5».

و منها: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: مكتوب علي باب الجنة محمد رسول اللّه علي أخو رسول اللّه الحديث «6».

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 58 ص: 156 حديث: 6

(2) تفسير الصافي ج 4 ص: 233

(3) بحار الأنوار ج 43 ص 2 حديث: 1

(4) بحار الأنوار ج 51 ص 13

(5) تفسير البرهان ج 3 ص 358 حديث: 2

(6) بحار الأنوار ج 8 ص 131 حديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 353

______________________________

و منها: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: و من اراد أن يتمسك بالعروة الوثقي في الدنيا و الآخرة فليقل لا إله

الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه الحديث «1»

و منها: ما في زيارة أهل القبور و هذا دعاء علي عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم السلام علي أهل لا إله الا اللّه من أهل لا إله الا اللّه الي أن قال: و احشرنا في زمرة من قال لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه «2».

و منها في البحار ج 8 ص 174 في ضمن الحديث 12 عن أبي ذر رحمه اللّه عن النبي صلي اللّه عليه و آله في خبر المعراج الي ان قال و قد خلق اللّه جنة الفردوس و علي بابها شجرة ليس فيها ورقة الا عليها مكتوب حرفان بالنور: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن ابي طالب عروة اللّه الوثيقة، و حبل اللّه المتين و عينه في الخلائق اجمعين و سيف نقمته علي المشركين. فأقرئه منا السلام و قد طال شوقنا اليه الحديث.

و منها ما فيه أيضا ج 8 ص 191 حديث 167 عن موسي بن اسماعيل بن موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ادخلت الجنة فرأيت علي بابها مكتوب بالذهب: لا إله الا اللّه محمد حبيب اللّه علي ولي اللّه، فاطمة أمة اللّه، الحسن و الحسين صفوة اللّه علي مبغضيهم لعنة اللّه.

اضف الي ذلك كله ان ذكره في الاذان و الاقامة رمزا و شعارا للشيعة و لا اشكال في رجحان ذكره فيهما لكن لا بقصد كونه جزءا منهما.

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 8 ص 144 حديث: 67

(2) بحار الأنوار ج 102 ص 301 حديث: 31

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 354

[الفصل الثالث: يشترط فيهما أمور]

الفصل الثالث:

يشترط فيهما أمور: الاول: النية ابتداء و استدامة و يعتبر فيها القربة (1).

______________________________

و بعبارة اخري: يمكن اثبات رجحانه بلا كونه جزءا من الاذان و الاقامة بأن هذه الشهادة نحو ابراز ولاء بالنسبة الي ساحته المقدسة و لا اشكال في حسن ابراز الولاء بالنسبة اليه و يؤكد المدعي ان هذه الشهادة ارغام لا نوف الذين يكون في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا.

و نعم ما قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام في جملة كلام له: «بل ذلك في هذه الاعصار معدود من شعائر الايمان و رمز الي التشيع فيكون من هذه الجهة راجحا شرعا بل قد يكون واجبا «1».

و قال صاحب الجواهر: «بل لو لا تسالم الاصحاب لا مكن دعوي الجزئية بناء علي صلاحية العموم لمشروعية الخصوصية «2».

و عن المنظومة الطباطبائي قدس اللّه نفسه:

و أكمل الشهادتين بالتي قد اكمل الدين بها في الملة

(1) لا اشكال في أن الاذان للصلاة و كذلك الاقامة أمر ان عباديان يحتاجان الي قصد القربة لا من باب ان الاصل الاولي العبادية فانه خلاف ما حقق في الاصول من أن مقتضي الاصل لفظيا و عمليا التوصلية بل من جهة التسالم و السيرة الخارجية و الارتكازية الموجودة عند المتشرعة بحيث يكون أمرا واضحا بخلاف الاذان

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 5 ص: 545

(2) جواهر الكلام ج 9 ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 355

و التعيين مع الاشتراك (1) الثاني و الثالث: العقل (2) و الايمان (3) و في الاجتزاء بأذان المميز و اقامته اشكال (4).

______________________________

الاعلامي فانه ليس عباديا لعدم الدليل عليه و ان كان في النفس شي ء.

(1) مع الاشتراك و عدم التعيين اما يقع لكلتيهما و اما يقع لإحداهما

المرددة و اما لإحداهما معينة أو مخيرة و اما لا يقع لا لهذه و لا لتلك أما الوقوع لكلتيهما فخلاف ما استفيد من الدليل من أن لكل صلاة اذانا و اقامة و أما الثاني فلا واقع له فان المردد لا مصداق له و أما الثالث فترجيح بلا مرجح و أما الرابع فغير معهود فان المحقق في الخارج اما يكون مصداقا للمأمور به أولا أما علي الاول فنسأل من أنه لا يهما و أما علي الثاني فأمر يحتاج الي دليل خارجي فان الظاهر من الادلة ان الاذان حين حصوله و تحققه يكون اذانا للصلاة الفلانية و أما الخامس فهو المتعين بلا كلام.

(2) ادعي عليه الاجماع و كونه مجنونا خلاف المعهود الشرعي فان المؤذن لو كان مجنونا يعد امرا مستنكرا مضافا الي أن لنا أن نقول: الدليل قاصر لشموله فانه لا دليل يدل علي محبوبية الاذان و الاقامة و يكون ذلك الدليل مطلقا يشمل المجنون أضف الي ذلك ان المجنون غير مكلف فلا دليل علي صحة عمله.

(3) يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الاذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف؟ قال: لا يستقيم الاذان و لا يجوز أن يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان و أذن به و لم يكن عارفا لم يجز اذانه و لا اقامته و لا يقتدي به «1».

مضافا الي أن الاذان و الاقامة أمر ان عباديان و يشترط في العبادة الايمان.

(4) يمكن أن يقال: انه لا وجه للإشكال اذ بعد كون عمله شرعيا فلا مانع من

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 356

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 356

الرابع: الذكورية للذكور فلا يعتد بأذان النساء و اقامتهن لغيرهن (1) حتي المحارم علي الاحوط وجوبا (2) نعم يجتزي بهما لهن فاذا أمت المرأة النساء فأذنت و أقامت كفي (3).

الخامس: الترتيب بتقديم الاذان علي الاقامة (4) و كذابين

______________________________

أن يشمله الادلة الا أن يدعي الانصراف فلا يكون سماع أذانه كافيا و يؤيد كونه مجزيا جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و منها ما رواه طلحة بن زيد «3» و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم «4».

(1) يمكن أن يقال: ان العمدة في دليل المنع عدم المعهودية و استنكار أن تكون المرأة مؤذنة مضافا الي انصراف الدليل عن أذانها.

(2) لعدم الدليل و هو يكفي للمنع و اصالة عدم الاجزاء محكمة.

(3) بلا اشكال فان المفروض ان الجماعة مشروعة للنساء فما ثبت من الاحكام لجماعة الرجال فهو ثابت لجماعتهن حيث انه ليس في جماعتهن تأسيس لحكم مغاير مضافا الي أنه لا يتصور غيرها اذ المؤذن في الجماعة اما امام الجماعة و أما أحد المأمومين و الرجل اذ أذن فلا بد أن يأتم بالمرأة و هو غير جائز.

(4) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف و لا اشكال في اشتراط الترتيب بين الاذان و الاقامة و بين فصول كل منهما» الي غيره من كلماتهم في هذا المقام

______________________________

(1) لاحظ ص: 341

(2) لاحظ ص: 341

(3) لاحظ ص: 341

(4) لاحظ ص: 341

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 357

فصول كل منهما (1) فاذا قدم الاقامة اعادها بعد الاذان (2) و اذا خالف

بين الفصول أعاد علي نحو يحصل الترتيب (3) الا أن تفوت الموالاة

______________________________

و يمكن الاستدلال عليه بالسيرة فانها قائمة علي هذا الترتيب و هذا النحو بلا اشكال و خلاف الترتيب يعد عند المتشرعة مستنكرا.

و يدل عليه أيضا ما رواه زرارة: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبر قال: يمضي قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضي قلت:

شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي قلت: شك في الركوع و قد سجد قال:

يمضي علي صلاته ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1».

فانه يدل علي أنه لو دخل في الاقامة يكون الشك في الاذان بعد الدخول في الغير المترتب عليه.

(1) النصوص الدالة علي الكيفية تدل بالوضوح علي الترتيب كما هو ظاهر واضح و يدل علي المقصود ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من سها في الاذان فقدم أو أخر أعاد علي الاول الذي أخره حتي يمضي علي آخره «2» مضافا الي دعاوي الاجماع نقلا و تحصيلا و السيرة الخارجية فالامر مسلم.

(2) و هو مقتضي الترتيب المقرر بينهما.

(3) فانه مقتضي لزوم رعاية الترتيب مضافا الي أنه صرح في رواية زرارة المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 358

فيعيد من الاول (1).

السادس: الموالاة بينهما و بين الفصول من كل منهما و بينهما و بين الصلاة فاذا أخل بها أعاد (2).

السابع: العربية و ترك اللحن (3) الثامن: دخول

الوقت فلا يصحان قبله (4) نعم يجوز تقديم الاذان قبل الفجر للأعلام (5).

______________________________

(1) اذ انتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط فلا بد من الاعادة.

(2) فانه لو لم تبق الصورة بحسب عرف المتشرعة يكون مرجعه الي انعدام الموضوع و البطلان في هذا الفرض من القضايا الضرورية و ملخص الكلام انه لا اشكال بحسب السيرة الخارجية من الصدر الاول الي زماننا في جميع الامصار و الاعصار رعاية الموالاة بهذا المقدار و ان الفصل الخارج عن المتعارف بين الفصول أو بينهما أو بين الاقامة و الصلاة يخل بالمقرر الشرعي.

(3) فان النصوص صرحت بالكيفية و لا يجوز التعدي فان التعدي عبارة عن الاتيان بغير المأمور به و الملحون لا يكون مصداقا للمأمور به.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الاذان الاعلامي للأعلام بالوقت و قبل الوقت لا موضوع له و الاذان للصلاة من مقدماتها و مرتبطة بها فلا معني لان يؤتي به قبل وقتها و قس عليه الاقامة.

مضافا الي النص الخاص و هو ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا تتنظر بأذانك و اقامتك الا دخول وقت الصلاة و احدر اقامتك حدرا «1» لكن الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق الي معاوية بن وهب.

(5) و من النصوص التي يمكن أن يستدل بها علي المدعي ما رواه ابن سنان

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 359

______________________________

قال: سألته عن النداء قبل طلوع الفجر قال: لا بأس و أما السنة مع الفجر و ان ذلك لينفع الجيران يعني قبل الفجر «1».

و هذه الرواية لا بأس بها سندا و دلالة اذ لا يبعد أن يستفاد منها ان النداء قبل

الفجر لا بأس به لكن السنة المقررة من قبل الشارع أن يؤذن بعد دخول الوقت و مثله في الدلالة علي المقصود بالتقريب الذي ذكرنا حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ان لنا مؤذنا يؤذن بليل قال: أما ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم الي الصلاة و أما السنة فانه ينادي مع طلوع الفجر و لا يكون بين الاذان و الاقامة الا الركعتان «2».

و منها ما رواه عمران بن علي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان قبل الفجر فقال: ان كان في جماعة فلا و اذا كان وحده فلا بأس «3».

لكن المراد من الرواية غير واضح و يمكن أن تكون اشارة الي أنه لو كان في جماعة يكون اذانه موجبا للإغراء بالجهل فلا يجوز و أما لو كان وحده فلا مانع من التقديم حيث انه لا يترتب عليه محذور.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب «4».

و منها: ما أرسله الصدوق «5» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بلال يؤذن للنبي صلي اللّه عليه و آله و ابن أم مكتوم و كان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 358

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 360

[الفصل الرابع مستحبات الأذان و الإقامة و مكروهاتهما]

الفصل الرابع يستحب في الاذان الطهارة من الحدث (1).

______________________________

أعمي يؤذن بالليل و يؤذن بلال حين يطلع الفجر «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: هذا ابن أم مكتوم و هو يؤذن بليل فاذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك

يعني في الصوم «2».

و حديث معاوية ضعيف لضعف اسناد الصدوق اليه و مرسل الفقيه ضعيف بالارسال و في المعتبر من الروايات غني و كفاية فلا يبعد ان ما أفاده تام.

(1) لما عن دعائم الإسلام مرسلا عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لا بأس أن يؤذن الرجل علي غير طهر و يكون علي طهر أفضل و لا يقيم الا علي طهر «3» و السند مخدوش و أما بالنسبة الي الاقامة فيدل عليه ما رواه زرارة «4».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء و لا يقيم الا و هو علي وضوء «5».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تؤذن و أنت علي غير طهور و لا تقيم الا و أنت علي وضوء «6» و غيرها من الروايات الواردة في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 330

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 361

و القيام (1) و الاستقبال (2).

______________________________

الباب 9 من أبواب الأذان و الاقامة من الوسائل.

(1) و استدل عليه في الأذان بما رواه عمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأذان جالسا قال: لا يؤذن جالسا الا راكب أو مريض «1» و السند مخدوش بمحمد بن سنان مضافا الي التصريح بالجواز في حديث زرارة «2» و غيره مما ورد في الباب 13 من أبواب الأذان و الاقامة من الوسائل فلاحظ.

و أما في الاقامة فاستدل عليه بما رواه محمد بن

مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يؤذن الرجل و هو قاعد؟ قال: نعم و لا يقيم الا و هو قائم «3» و يدل عليه ما رواه ابن سنان «4» و ما رواه أحمد بن محمد «5» فلا اشكال في استحبابه بل مقتضي القاعدة اشتراطها به فانه لا وجه لرفع اليد عن ظهور هذه الأخبار في الاشتراط.

(2) استدل عليه في الأذان بخبر دعائم الإسلام عن علي عليه السلام قال: يستقبل المؤذن القبلة في الأذان و الاقامة فاذا قال: حي علي الصلاة، حي علي الفلاح حول وجهه يمينا و شمالا «6».

و الرواية ساقطة بالارسال و موافقة للتقية فانها موافقة لقول الشافعي مضافا الي ما دل علي عدم الاشتراط لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 330

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 330

(5) لاحظ ص: 331

(6) بحار الأنوار ج 84 ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 362

و يكره الكلام في أثنائه (1).

______________________________

قلت له: يؤذن الرجل و هو علي غير القبلة؟ قال: اذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل يفتتح الأذان و الاقامة و هو علي غير القبلة ثم استقبل القبلة؟ قال لا بأس «2».

و أما في الاقامة فاستدل بما رواه يونس الشيباني «3» و الرواية ساقطة فان ابن عقبة لم يوثق و هكذا الكلام في حديث سليمان بن صالح «4» فان ابن عقبة في السند.

(1) أما التكلم في أثناء الأذان فيدل علي جوازه ما رواه عمرو

بن أبي نصر قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يتكلم الرجل في الأذان؟ قال: لا بأس قلت: في الاقامة؟ قال: لا «5» و ما رواه أيضا «6».

و يدل علي المنع ما رواه حماد بن عمرو و أنس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي لعلي عليه السلام أنه قال: و كره الكلام بين الأذان و الاقامة في صلاة الغداة «7» و اسناد الصدوق اليهما ضعيف مضافا الي الاشكال في الدلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 330

(4) لاحظ ص: 329

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 11

(7) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 363

______________________________

و ما رواه سماعة قال: سألته عن المؤذن أ يتكلم و هو يؤذن؟ قال: لا بأس حين (حتي) يفرغ من أذانه «1».

و العرف أما لا يري تعارضا بين الروايتين بأن نقول: الجمع بين الروايتين يقتضي كراهة الكلام بين الأذان و أما يري المعارضة بين الخبرين أما علي الأول فالنتيجة كراهة الكلام كما في المتن و أما علي الثاني فحيث أن العامة قائلون بالكراهة فمقتضي القاعدة التساقط و القاعدة الأولية تقتضي الجواز بلا كراهة فما أفاده في المتن غير سديد.

لا يقال: أن العامة القائلين بالكراهة قائلون بالجواز فما دل علي الجواز موافق لهم فالترجيح مع ما دل علي المنع فانه يقال: ان المستفاد من رواية الجواز الجواز بالمعني الأخص و الكراهة جواز بالمعني الأعم فلا تكون رواية الجواز موافقة معهم فلا ترجيح في البين مضافا الي أن الرواية المشار اليها لا يعلم أن الصادر من الامام

عليه السلام لفظ (حين) أو لفظ (حتي) فانه علي الثاني يكون دالا علي الجواز فلا دليل علي المنع اذ مع اجمال الرواية لا يمكن الأخذ بها و جعلها مستندة للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

و كتب في هامش جامع الأحاديث للبروجردي قدس سره ج 2 ص 230 الطبع القديم «و في حاشية التهذيب المخطوط أن هذه الكلمة بخط الشيخ رحمه اللّه مرددة بين حتي و حين».

هذا بالنسبة الي الأذان و أما بالنسبة الي الاقامة فالنصوص متعارضة فمنها ما يدل علي المنع عن التكلم لاحظ ما رواه عمرو بن أبي نصر «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 364

و كذلك الاقامة بل الظاهر اشتراطها بالطهارة و القيام (1) و تشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم قد قامت الصلاة (2) الا فيما

______________________________

و منها ما يدل علي الجواز لاحظ ما رواه ابن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم في الاقامة؟ قال نعم فاذا قال المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام علي أهل المسجد الا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتي و ليس لهم امام فلا بأس أن يقول بعضهم ببعض (لبعض) تقدم يا فلان «1».

و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال: نعم «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: أ يتكلم الرجل بعد ما تقام الصلاة؟ قال: لا بأس «3». و ما رواه الحلبي «4».

و حيث ان العامة قائلون بالكراهة فلا ترجيح لأحد الطرفين و مقتضي التعارض التساقط و النتيجة هو الجواز هذا مبني علي التعارض

و أما لو قلنا بأن مقتضي الجمع الحمل علي الكراهة فلا تعارض و النتيجة أيضا الجواز مع الكراهة.

(1) قد ظهر الحال فيما يتعلق بالاقامة فلاحظ.

(2) فانه فصل في حديث ابن أبي عمير «5» ما قبل هذا القول و بعده و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تتكلم اذا أقمت

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 7

(2) المصدر السابق الحديث: 9

(3) عين المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 365

يتعلق بالصلاة (1) و يستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما (2) مع التأني في الاذان و الحدر في الاقامة (3) و الافصاح بالالف و الهاء من لفظ الجلالة (4).

______________________________

الصلاة فانك اذا تكلمت أعدت الاقامة «1» فالحق أن يعبر بشدة الكراهة اذ مقتضي الجمع علي هذا المسلك الالتزام بالكراهة مطلقا و بشدتها بعد هذا القول.

(1) لاحظ ما رواه ابن أبي عمير «2» لكن يشكل التعدي عن مورد النص.

(2) و تدل عليه رواية خالد بن نجيح عنه عليه السلام انه قال: و الاذان و الاقامة مجزومان «3» و قال ابن بابويه: و في حديث آخر موقوفان «4» و السند ضعيف بخالد نعم يدل علي المدعي في الاذان ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الاذان جزم بافصاح الالف و الهاء و الاقامة حدر «5» فان قوله عليه السلام «الاذان جزم بافصاح الالف و الهاء» معناه بحسب الظاهر أن الجزم في الاذان مطلوب مع الافصاح المذكور.

(3) و يدل عليه ما رواه الحسن بن السري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الاذان ترتيل و الاقامة حدر «6» و السند ساقط بمحمد بن

سنان نعم يدل علي الحدر في الاقامة ما رواه زرارة «7».

(4) و تدل عليه رواية زرارة المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 364

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 24 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث 3:

(7) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 366

و وضع الاصبعين في الاذنين في الاذان (1) و مد الصوت فيه و رفعه اذا كان المؤذن ذكرا (2) و يستحب رفع الصوت أيضا في الاقامة الا انه دون الاذان (3) و غير ذلك مما هو مذكور في المفصلات (4).

[الفصل الخامس من ترك الأذان و الإقامة أو أحدهما عمدا]
اشارة

الفصل الخامس من ترك الاذان و الاقامة أو احدهما عمدا حتي أحرم للصلاة لم يجز له قطعها و استئنافها علي الاحوط (5) و اذا تركهما عن نسيان

______________________________

(1) لرواية الحسن بن السري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من السنة اذا أذن الرجال أن يضع اصبعيه في اذنيه «1».

(2) و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت فلا تخفينّ صوتك فان اللّه يأجرك مد صوتك فيه «2» و غيره مما ورد في الباب 16 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

(3) لرواية معاوية بن وهب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان فقال:

اجهر به و ارفع به صوتك و اذا أقمت فدون ذلك «3» لكن اسناد الصدوق الي ابن وهب مخدوش.

(4) فراجع.

(5) لان قطع الصلاة حرام و لا مجال لارتكاب الحرام مقدمة لتدارك المندوب لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت

في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها علي نفسك

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1 و 2

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 367

يستحب له القطع لتداركهما ما لم يركع (1) و اذا نسي الاقامة وحدها

______________________________

فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم جواز القطع.

(1) النصوص الواردة في هذا الباب مختلفة فمنها ما يدل علي أنه لو نسي الاذان و الاقامة قبل الدخول في الركوع يرجع و يتدارك لاحظ ما رواه الحلبي «2»

و منها: ما فصل بين الدخول في القراءة و عدمه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الرجل ينسي الاذان و الاقامة حتي يدخل في الصلاة قال: ان كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ليقم و ان كان قد قرأ فليتم صلاته «3» و ما رواه حسين بن أبي العلاء «4»

فيقع التعارض بين هذين القسمين و مقتضي التعارض التساقط و المستفاد من خبر علي بن يقطين «5» انه لو نسي الاقامة فما دام لم يفرغ من الصلاة يجوز له أن يعيد و حيث ان الرواية عن موسي بن جعفر عليه السلام تقدم علي غيرها عند المعارضة لكونها أحدث و تنسخ ما قبلها.

و عليه نقول: لو نسي الاقامة و تذكر في الاثناء يجوز له الرجوع و التدارك كما أنه كذلك لو نسي الاذان و الاقامة كليهما و أما لو نسي الاذان وحده فلا يجوز له أن يرجع

و يتدارك إذ قد مر آنفا أن حرمة الابطال مستفادة من النص فلا يجوز ابطال الصلاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 329

(5) لاحظ ص: 327

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 368

فالظاهر استحباب القطع لتداركها اذا ذكر قبل القراءة (1).

[إيقاظ و تذكير]

ايقاظ و تذكير قال اللّه تعالي: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ (2) و قال النبي و الائمة عليهم أفضل الصلاة و السلام كما ورد في أخبار كثيرة: انه لا يحسب للعبد من صلاته الا ما يقبل عليه منها (3) و انه لا يقدمن أحدكم علي الصلاة متكاسلا و لا ناعسا (4) و لا يفكرن في نفسه (5) و يقبل بقلبه علي ربه (6) و لا يشغله بأمر الدنيا (7) و ان الصلاة وفادة علي اللّه تعالي و ان العبد قائم فيها بين يدي للّه تعالي فينبغي أن يكون قائما مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع (8) و أن يصلي صلاة مودع يري أن لا يعود اليها أبدا (9) و كان علي بن الحسين عليه السلام اذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا

______________________________

(1) قد ظهر الحال مما تقدم فراجع.

(2) المؤمنون/ 1

(3) بحار الأنوار ج 84 ص 252 حديث: 48

(4) نفس المصدر ص: 231 حديث: 4 و ص 239 حديث: 21

(5) نفس المصدر ص 239 حديث: 21

(6) روضة المتقين ج 2 ص: 44

(7) بحار الأنوار ج 84 ص: 24 حديث 24

(8) نفس المصدر ص 247 حديث: 39

(9) نفس المصدر ص 233 حديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 369

يتحرك منه الا ما حركت الريح

منه (1) و كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام اذا قاما الي الصلاة تغيرت ألوانهما مرة حمرة و مرة صفرة و كأنهما يناجيان شيئا يريانه (2) و ينبغي أن يكون صادقا في قوله:

(اياك نعبد و اياك نستعين) فلا يكون عابدا لهواه و لا مستعينا بغير مولاه و ينبغي اذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر اللّه تعالي و يندم علي ما فرط في جنب اللّه ليكون معدودا في عداد المتقين الذين قال اللّه تعالي في حقهم إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (3) وَ مٰا تَوْفِيقِي إِلّٰا بِاللّٰهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ و هو حسبنا و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم (4).

[المبحث الثاني في ما يجب في الصلاة]

اشارة

المبحث الثاني في ما يجب في الصلاة و هو أحد عشر: النية و تكبيرة الاحرام و القيام و القراءة و الذكر و الركوع و السجود و التشهد و التسليم و الترتيب و الموالاة (5).

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 228

(2) نفس المصدر ص: 248

(3) المائدة/ 27

(4) لا اشكال فيما أفاده.

(5) قال المحقق قدس سره في الشرائع: «فالواجبات ثمانية» و قال العلامة في التبصرة: «الواجبات ثمانية: النية، تكبيرة الاحرام، القيام، القراءة، الركوع،

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 370

______________________________

السجود، التشهد، السلام».

و لعل ما ذكره العلمان أحسن مما ذكره الماتن اذ لو كان الغرض عد مطلق الواجبات لكان عليه ذكر الطمأنينة و الاعتماد علي المساجد و غيرهما و ان كان المراد عد الواجبات العرضية تعين عدم عد الذكر و الترتيب و الموالاة و الامر سهل.

ثم انه لا اشكال و لا خلاف في أن النية من واجبات الصلاة بل وجوبها من الضروريات فهذا المقدار لا مجال لأن يبحث

فيه انما الكلام في أنها شرط- كما عليه جماعة- أو هي جزء كما عليه آخرون؟.

قال سيد المستمسك قدس سره: انها ليست جزءا و لا شرطا لأنها ليست اختيارية فلا يمكن أن يتعلق الأمر بها فالمأمور به لا يكون مركبا منها و من غيرها و لا يكون مشروطا بها اذ لا فرق في عدم امكان تعلق الأمر بغير المقدور أعم من أن يكون بلحاظ جزئه أو بلحاظ قيده».

و يرد عليه أنه يلزم الجبر و سد باب التكاليف و هو كما تري و حل الاشكال بأن الارادة و ان لم تكن بارادة أخري و الا يلزم التسلسل لكن اختيارية كل فعل بالارادة و اختيارية الارادة بنفسها و لقد حققنا ما عندنا في مسألة الجبر و الاختيار في بحث الأصول.

و أفاد المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام بأنه لو لم تكن شرطا لزم صحة الأفعال الصلاتية عند عرائها عن القصد.

و يرد عليه: أنه لا شبهة و لا اشكال في أن الأفعال الصلاتية لا بد من تقارنها مع القصد و النية انما الكلام في أنها جزء أو شرط.

و كيف كان يمكن اثبات الشرطية بنحوين: أحدهما: الروايات فمن تلك الروايات ما رواه القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 371

و الاركان- و هي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمدا و سهوا- خمسة: النية و التكبير (1) و القيام و الركوع و السجود و البقية أجزاء

______________________________

عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «1».

و منها: ما رواه علي بن أسباط عنهم عليهم السلام قال فيما وعظ اللّه به عيسي عليه السلام الي أن قال له: كل يوم

خمس صلوات متواليات ينادي الي الصلاة كداء الجيش بالشعار و يفتتح بالتكبير و يختتم بالتسليم «2».

و غيرهما من الروايات المذكورة في الباب: 1 من أبواب التسليم و الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل، فان مفاد هذه النصوص أن أول الصلاة التكبير و الحال أنه لو كانت النية جزءا من الصلاة لكان حق التعبير خلافه بأن يقال: أول الصلاة النية.

ثانيهما: أنه لا شبهة في أن أفعال الصلاة لا بد من انبعاثها عن الارادة القربية و أما دخل الارادة بنحو الجزئية أو الشرطية فأمر مجهول و لا دليل علي كونها جزءا فعلي تقدير استلزام الجزئية لكلفة زائدة يدفع الزائد بالأصل كما هو المقرر عند الشك و الذي يهون الخطب أنه لا يترتب عليه أثر مهم.

ثم ان الظاهر أن النية ركن بمعني أن نقصانها يوجب البطلان بلا فرق بين العمد و السهو قال في الجواهر: «و علي كل حال فهي ركن في الصلاة اجماعا منا محصلا و منقولا مستفيضا أو متواترا بل من العلماء كافة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) كون التكبيرة ركنا بهذا المعني محل اشكال فانه يحتمل أن يكون زيادتها عن سهو لا توجب البطلان و قد كتب الماتن في هامش العروة في هذا المقام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 372

غير ركنية لا تبطل الصلاة بنقصها سهوا و في بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي ان شاء اللّه تعالي (1)

[الفصل الأول في النية]
اشارة

فهنا فصول: الفصل الاول في النية و قد تقدم في الوضوء انها القصد الي الفعل علي نحو يكون الباعث اليه امر اللّه تعالي (2) و لا يعتبر التلفظ بها (3) و لا اخطار

صورة العمل تفصيلا عند القصد اليه (4).

______________________________

«الأقوي أن زيادة تكبيرة الاحرام سهوا لا توجب البطلان». و تحقيق هذا الفرع موكول الي بحثه فانتظر.

(1) و يأتي إن شاء اللّه شرح كلام الماتن.

(2) و تقدم الكلام هناك فراجع.

(3) عن التذكرة «أنه اجماعي» و نقل عن البيان: «أن الأقرب كراهته لأنه احداث شرع و كلام بعد الاقامة».

و فيه: أن لازم كونه احداث شرع حرمته لأنه بدعة و كيف كان لا دليل علي وجوبه بل مقتضي الأصل الاجتهادي و العملي عدم وجوبه بل في بعض الموارد يكون مفسدا كما لو تلفظ بالنية في صلاة الاحتياط فانه بناء علي كونها من الصلاة فالتكلم ما بينهما يفسدها.

الا أن يقال: بأن دليل المنع منصرف عن مثله و في المنع اشكال اذ لا يصدق عليه الذكر و لا يكون قرآنا و ملخص الكلام انه لا دليل علي وجوب التلفظ نعم التلبية في الحج مورد لفتوي و الاصحاب النص و لا يرتبط بالمقام.

(4) لا دليل علي وجوب الاخطار فان المقدار اللازم أن يؤتي بالصلاة مع القصد و نية التقرب فلو حصل هذا المعني و لو مع عدم الاخطار يكفي و مما يؤكد المدعي بل يدل عليه ان القائل بوجوب الاخطار يكتفي به حدوثا و لا يشترط الاستدامة بهذا المعني و الحال انه لا فرق بين الجزء الاول من الصلاة و بقية

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 373

______________________________

أجزائها.

و ملخص الكلام في المقام: ان عنوان الاختيارية و القربية يحصل بالداعي و الزائد عليه منفي بالاصل و الاطلاق المقامي المنعقد في صحيحة حماد بن عيسي أنه قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يوما تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال: قلت يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز

في الصلاة قال: فقال عليه السلام: لا عليك قم فصل قال:

فقمت بين يديه متوجها الي القبلة فاستفتحت الصلاة و ركعت و سجدت فقال عليه السلام: يا حماد لا تحسن أن تصلي ما أقبح بالرجل (منكم) أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة.

قال حماد: فأصابني في نفسي الذل فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة فقام أبو عبد اللّه عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا علي فخذيه قد ضم أصابعه و قرب بين قدميه حتي كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات و استقبل بأصابع رجليه (جميعا) لم يحرفهما عن القبلة بخشوع و استكانة فقال: اللّه أكبر ثم قرأ الحمد بترتيل و قل هو اللّه أحد ثم صبر هنيئة بقدر ما تنفس و هو قائم ثم قال:

اللّه اكبر و هو قائم ثم ركع و ملأ كفيه من ركبتيه مفرجات ورد ركبتيه الي خلفه حتي استوي ظهره حتي لو صبت عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره و تردد ركبتيه الي خلفه و نصب عنقه و غمض عينيه ثم سبح ثلاثا بترتيل و قال:

سبحان ربي العظيم و بحمده ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده ثم كبر و هو قائم و رفع يديه حيال وجهه و سجد و وضع يديه الي الارض قبل ركبتيه و قال: سبحان ربي الاعلي و بحمده ثلاث مرات و لم يضع شيئا من بدنه علي شي ء منه و سجد علي ثمانية أعظم: الجبهة و الكفين و عيني الركبتين و أنا مل ابهامي الرجلين و الانف فهذه السبعة فرض و وضع الانف علي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 374

و لا نية الوجوب

و الندب (1) و لا تمييز الواجبات من الاجزاء عن مستحباتها (2) و لا غير ذلك من الصفات و الغايات بل يكفي الارادة الاجمالية المنبعثة عن أمر اللّه تعالي المؤثرة في وجود الفعل كسائر الافعال الاختيارية الصادرة عن المختار المقابل للساهي و الغافل (3).

______________________________

الارض سنة و هو الارغام ثم رفع رأسه من السجود فلما استوي جالسا قال: اللّه أكبر ثم قعد علي جانبه الا يسر و وضع ظاهر قدمه اليمني علي باطن قدمه اليسري و قال: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه ثم كبر و هو جالس و سجد الثانية و قال كما قال في الاولي و لم يستعن بشي ء من بدنه علي شي ء منه في ركوع و لا سجود و كان مجنحا و لم يضع ذراعيه علي الارض فصلي ركعتين علي هذا ثم قال: يا حماد هكذا صل و لا تلتفت و لا تعبث بيديك و أصابعك و لا تبزق عن يمينك و لا (عن) يسارك و لا بين يديك «1» التي عين فيها ما هو لازم في الصلاة و هي تقتضي عدم وجوب الاخطار.

بل لنا أن نقول ان السيرة الجارية الخارجية قائمة علي الاكتفاء بهذا المقدار من النية و لا يلتزمون بالاخطار مضافا الي أنه لو كان واجبا لشاع و ذاع و لم يكن موردا للرد و الايراد و النفي و الاثبات.

(1) فانه قد حقق في محله ان قصد الوجه غير واجب بل يكفي في صحة العبادة اتيانها بداعي الامتثال فما عن المشهور من لزوم قصده لا وجه له.

(2) لما حقق في محله من عدم وجوب قصد التميز.

(3) لعدم الدليل علي وجوبه و مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العملي عدم وجوبه.

______________________________

(1) الوسائل الباب

1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 375

[مسألة 72: يعتبر فيها الإخلاص]

(مسألة 72): يعتبر فيها الاخلاص فاذا انضم الي امر اللّه تعالي الرياء بطلت الصلاة و كذا غيرها من العبادات (1).

______________________________

(1) كما هو المشهور فيما بين القوم بل نقل عن غير واحد من الاصحاب دعوي الاتفاق عليه الا من السيد في الانتصار فانه قدس سره- علي ما نقل عنه- ذهب الي عدم بطلان العبادة لو أتي بها رياء و خلافه لا يضر بالتسالم بين الاصحاب و قد دلت علي المدعي جملة من الروايات:

منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه صلوات اللّه عليهم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يؤمر برجال الي النار الي أن قال: فيقول لهم خازن النار: يا أشقياء ما كان حالكم؟ قالوا: كنا نعمل لغير اللّه فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممن عملتم له «1».

و منها: ما رواه يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما علي أحدكم لو كان علي قلة جبل حتي ينتهي اليه أجله أ تريدون تراؤون الناس؟ ان من عمل للناس كان ثوابه علي الناس و من عمل للّه كان ثوابه علي اللّه ان كل رياء شرك «2».

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول اللّه عز و جل: اجعلوها في سجين انه ليس اياي أراد به «3».

و منها: ما رواه يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل رياء شرك انه من عمل للناس كان ثوابه علي الناس

و من عمل للّه كان ثوابه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 376

سواء كان الرياء في الابتداء أم في الاثناء (1) و في تمام الاجزاء أم في بعضها الواجبة (2) و في ذات الفعل أم بعض قيوده مثل أن يرائي في صلاته جماعة أو في المسجد أو في الصف الاول أو خلف الامام الفلاني أو أول الوقت أو نحو ذلك (3) نعم في بطلانها بالرياء في

______________________________

اللّه «1».

و منها: ما رواه عقبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم هذا للّه و لا تجعلوه للناس فانه ما كان للّه فهو للّه و ما كان للناس فلا يصعد الي اللّه «2» و منها غيرها المذكور في الباب 12 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(1) اذ تبطل نيته بقاء بالرياء.

(2) الظاهر ان ما أفاده تام فان الرياء في الجزء في مثل الصلاة يوجب البطلان لا من جهة ان الرياء في الجزء يوجب كون الكل ريائيا بل من باب ان الرياء فيه يوجب بطلانه فاذا بطل لا يكون قابلا للجزئية و المفروض انه أتي به بقصد الجزئية فيكون زيادة و الزيادة في الصلاة تقتضي بطلانها و هذا بخلاف ما لا يكون كذلك كالأذان مثلا.

(3) اذ المفروض ان الفرد من المأتي به معنون بعنوان الرياء بل يمكن أن يقال: بأن الفرد المفروض ليس فيه داع قربي فان الداعي في اتيانه الرياء المحض فالفساد فيه من ناحية فقدان القربة مضافا الي وجود المانع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 377

الاجزاء المستحبة مثل القنوت أو زيادة التسبيح

أو نحو ذلك اشكال (1).

بل الظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة مثل ازالة الخبث قبل الصلاة و التصدق في اثنائها (2) و ليس من الرياء المبطل ما لو أتي بالعمل خالصا للّه و لكنه كان يعجبه أن يراه الناس (3).

______________________________

(1) بتقريب: انه لا وجه للبطلان اذ الجزء المستحبي لا جزء للماهية و لا جزء للفرد بل أمر مستحبي ظرفه الواجب.

و يرد عليه: انه لو لم يكن جزءا فكيف يوجب تأكد مطلوبيته فانه علي الظرفية لا يرتبط بالعمل بل أمر مستقل لوحظ علي حياله و الظاهر ان الجزء المستحبي جزء غاية الامر جزء استحبابي و لا منافاة بين كون شي ء جزءا للواجب و بين كونه مستحبا فكما ان الصلاة بحسب الحقيقة علي أقسام قسم قصر و قسم تام قسم منها صلاة الآيات و قسم منها صلاة العيدين الي غيرها من الاقسام كذلك قسم من الصلاة خال عن المستحب و قسم منها مشتمل علي الجزء الاستحبابي فما أفاده في المتن غير تام و يتضح ما ذكرنا بملاحظة المركبات الخارجية فان السرداب مثلا ليس مقوما للدار و لكن علي فرض وجوده يعد جزءا منها.

(2) كما هو ظاهر لعدم الارتباط بين الامرين.

(3) لعدم المقتضي للبطلان مضافا الي أنه منصوص فان ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشي ء من الخير فيراه انسان فيسره ذلك قال: لا بأس ما من أحد الا و هو يحب أن يظهر له في الناس الخير اذا لم يكن صنع (تصنع ل) ذلك لذلك «1» دال علي الصحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 378

كما أن الخطور القلبي لا

يبطل الصلاة خصوصا اذا كان يتأذي بهذا الخطور (1) و لو كان المقصود من العبادة امام الناس رفع الذم عن نفسه أو ضرر آخر غير ذلك لم يكن رياء و لا مفسدا (2) و الرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها كما لو كان قاصدا الاخلاص ثم بعد اتمام العمل بدا له أن يذكر عمله (3) و العجب لا يبطل العبادة سواء كان متأخرا أم مقارنا (4).

______________________________

(1) لان الخطور لا يوجب تعنون العمل بالرياء فلا وجه للبطلان كما لا وجه لحرمته في نفسه.

(2) كما هو ظاهر أما عدم كونه رياء فواضح و أما عدم كونه مفسدا فلعدم دليل علي الفساد.

(3) لعدم الدليل علي الابطال.

(4) لعدم الدليل علي البطلان و في المقام جملة من الروايات ربما يقال: بأنه يستفاد منها البطلان منها: ما رواه علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال:

سألته عن العجب الذي يفسد العمل فقال: العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه و يحسب أنه يحسن صنعا و منها أن يؤمن العبد بربه فيمن علي اللّه عز و جل و للّه عليه فيه المن «1».

و لا دلالة في هذه الروايه علي المدعي بوجه كما هو ظاهر اذ المذكور في الحديث مورد ان احدهما ان يرتكب الشخص السيئة و يتصور حسنها و من الظاهر أن فعل السيئة لا يوجب بطلان العبادة نعم يمكن أن يكون موجبا للحبط ثانيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 379

[مسألة 73: الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت محرمة و موجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة]

(مسألة 73): الضمائم الاخر غير الرياء ان كانت محرمة و موجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة (1) و الا فان كانت راجحة أو مباحة فالظاهر صحة العبادة اذا كان

داعي القربة صالحا للاستقلال في

______________________________

أن يؤمن باللّه و ظاهر ان الايمان به تعالي لا ينقسم الي الصحيح و الفاسد فانه لا يتصور فيه مضافا الي أنه علي فرض الالتزام به يختص بذلك المورد.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسئل عن صلاته؟ و أنا أعبد اللّه منذ كذا و كذا قال: فكيف بكائك؟ فقال: أبكي حتي تجري دموعي فقال له العالم:

فان ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدل ان المدل لا يصعد من عمله شي ء «1» و الرواية ساقطة سندا بمحمد بن سنان.

و منها: ما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه أو علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: ثلاث مهلكات شح مطاع و هوي متبع و اعجاب المرء بنفسه «2».

و هذه الرواية تدل علي كون العجب من المهلكات و هذا اللسان يناسب الاحباط و منع ارتفاع العبادة الي اللّه و لذا لا يمكن الالتزام بأن الشح من مفسدات العبادة و قس عليه ما روي عن أبي جعفر عليه السلام «3» فلاحظ.

(1) فانه لو اتحد الحرام مع الواجب كإيذاء الغير بصلاته يكون العمل باطلا اذ لا يمكن أن يكون الحرام مقربا و مصداقا للواجب.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 380

البعث الي الفعل بحيث يفعل للأمر به و لو لم تكن تلك الضميمة (1 و ان لم يكن صالحا للاستقلال فالظاهر البطلان (2).

[مسألة 74: يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها إذا كانت صالحة]

(مسألة 74): يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الاتيان بها اذا كانت صالحة

لان تكون علي أحد وجهين متميزين (3).

______________________________

(1) و نقل عن العلامة تبعا لجماعة اطلاق البطلان في الضميمة المباحة و عن جملة من الاساطين منهم المحقق الثاني متابعتهم بدعوي ان الضميمة تنافي الاخلاص المعتبر في العبادة و الحق ما أفاده الماتن من الصحة فان اللازم في العبادة أن يكون العبد منبعثا من أمر المولي و المفروض تحقق هذا المعني و المفروض ان الداعي الالهي موجود و غيره تبعي و لا استقلال فيه و لا دليل علي لزوم الاخلاص بحيث يكون الداعي التبعي مضرا به.

(2) لان المفروض ان الداعي القربي لا يكون باعثا مستقلا فلا مقتضي للصحة. و بعبارة اخري: لا بد في صدق الامتثال من كون أمر المولي قابلا للداعوية بالاستقلال و لا يكفي في صدق الاطاعة التبعية في الداعي.

(3) اذ يجب أن يؤتي بالفعل بقصد الامتثال فلو فرض أن الواجب متعددا كالظهر و العصر و يكون الظهر غير العصر و انما التشابه في الصورة فلو لم يقصد خصوص الظهر أو العصر لم يقصد امتثال أمر المولي لان كل أمر يدعوا الي متعلقه و المفروض أن الامر لم يتعلق بالجامع بل تعلق بالخصوصية فمع عدم قصد الخصوصية لم يقصد الامتثال.

و مما ذكر علم ان لزوم التعيين فرع التعين الواقعي و أما لو تعدد الواجب بلا تعين واقعي بل التعدد باعتبار تعدد السبب كما لو نذر صوم يوم ان رزق ولد و رزق و نذر صوم يوم ان شفي أخوه و شفي فانه لا مجال للتعيين اذ لا تعين بل يكفي قصد امتثال أمر الصوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 381

و يكفي التعيين الإجمالي مثل عنوان ما اشتغلت به الذمة- اذا كان متحدا أو ما اشتغلت به أولا-

اذا كان متعددا أو نحو ذلك (1) فاذا صلي صلاة مرددة بين الفجر و نافلتها لم تصح كل منهما (2) نعم اذا لم تصلح لان تكون علي أحد وجهين متميزين كما اذا نذر نافلتين لم يجب التعيين لعدم تميز احداهما في مقابل الاخري (3).

______________________________

ان قلت: لو لم يعين اما يقع امتثالا لهما أو لأحدهما المعين دون الاخر و الاول غير ممكن كما هو ظاهر و الثاني ترجيح بلا مرجح فيقع باطلا.

قلت: يرد عليه النقض بقضاء شهر رمضان فانه لو فرض صيام عدة أيام عليه فأتي بالصوم قضاء بلا تعيين اليوم الاول و الثاني فهل يصح صومه قضاء أم لا؟

لا طريق الي الثاني.

و أما الحل فان هذا البيان لا مجال له مع فرض عدم التعين الواقعي و الامتثال لا يكون لكليهما و لا لأحدهما المعين بل يكون امتثالا لأحدهما لا علي التعيين نعم فيما يكون لأحدهما أثر خاص كما لو نذر أن يصوم يوما و حلف أن يصوم يوما آخر فان أثر حنث النذر يغاير أثر حنث الحلف فلا بد من التعيين.

(1) اذ الملاك في الصحة تحقق الامتثال و الانبعاث عن الامر و هو يتوقف علي التعيين و التعيين كما يحصل بالتفصيل يحصل بالاجمال فيصح.

(2) اذ مع التردد لا يتحقق الامتثال اذ المفروض عدم قصد الامر مع التردد.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم و لا يخفي أن ما أفاده بقوله: «و يكفي التعيين الإجمالي مثل عنوان ما اشتغلت به الذمة اذا كان متحدا» ليس علي ما ينبغي اذ مع فرض الاتحاد لا مجال للتعيين.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 382

[مسألة 75: لا تجب نية القضاء و لا الا داء]

(مسألة 75): لا تجب نية القضاء و لا الا داء فاذا علم أنه مشغول الذمة بصلاة الظهر

و لا يعلم أنها قضاء أو أداء صحت اذا قصد الاتيان بما اشتغلت به الذمة فعلا (1) و اذا اعتقد أنها أداء فنواها أداء صحت أيضا اذا قصد امتثال الامر المتوجه اليه و ان كانت في الواقع قضاء و كذا الحكم في العكس (2).

[مسألة 76: لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة]

(مسألة 76): لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة فلو صلي في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته و بعد الفراغ تبينت طهارته صحت الصلاة و ان كان عنده ثوب معلوم الطهارة و كذا اذا صلي في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الاتمام فاتفق تمكنه صحت

______________________________

(1) نقل عن المشهور اعتباره و ما يمكن أن يذكر وجها له أمور: الأول:

الاجماع فانه نقل عن التذكرة الاجماع عليه.

و فيه: أنه حقق في محله عدم حجية الاجماع المنقول سيما أن الوجه للحكم قد ذكر في مقام التقريب و الوجه المذكور فاسد كما نبين ان شاء اللّه.

الثاني: ان الفعل مشترك فلا يتخصص الا بالتعيين و فيه: ان اللازم تعيين الواجب في مقام الامتثال و هو يحصل بغير قصد القضاء أو الأداء كما هو ظاهر.

الثالث: أن ايقاع الفعل في الوقت من قيود المأمور به أداء كما أن عنوان التدارك لما فات من قيوده قضاء فلا بد من قصده. و فيه: أن اللازم تعيين المأمور به علي ما هو عليه و أزيد من هذا المقدار لا دليل عليه و هو كما قلنا يحصل بلا قصد الأداء و القضاء.

(2) اذ المفروض أنه قصد ما هو عليه في الواقع و انما اشتباهه في الانطباق و لا وجه لكونه مفسدا للقصد.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 383

صلاته و ان كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام (1).

[مسألة 77: قد عرفت أنه لا يجب- حين العمل- الالتفات إليه تفصيلا و تعلق القصد به]

(مسألة 77): قد عرفت أنه لا يجب- حين العمل- الالتفات اليه تفصيلا و تعلق القصد به بل يكفي الالتفات اليه و تعلق القصد به قبل الشروع فيه و بقاء ذلك القصد اجمالا علي نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله الي آخره عن داعي الامر بحيث لو التفت الي نفسه لرأي

أنه يفعل عن قصد الامر و اذا سئل أجاب بذلك (2) و لا فرق بين أول الفعل و آخره و هذا المعني هو المراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية (3).

[مسألة 78: إذا كان في أثناء الصلاة فنوي قطعها أو نوي الإتيان بالقاطع و لو بعد ذلك]

(مسألة 78): اذا كان في أثناء الصلاة فنوي قطعها أو نوي الاتيان بالقاطع و لو بعد ذلك فان أتم صلاته علي هذا الحال بطلت (4).

______________________________

(1) اذ لا دليل عليه بل اللازم اتيان العمل قربيا و هو يحصل و لو مع عدم الجزم.

(2) اذ لا بد من بقاء الامتثال الي آخر العمل فلا بد من بقاء النية فلو غفل بحيث يبقي متحيرا عند السؤال لا يصدق أنه أتي بالعمل بعنوان الامتثال نعم يمكن التحير في الجواب لمانع يمنع عن التوجه الي ما في النفس و في هذه الصورة لا مانع من الصحة لأن النية علي الفرض باقية و لكن المكلف لا يمكنه التوجه اليها.

(3) و صفوة القول: أنه لا فرق بين الابتداء و الاثناء من حيث النية و الذي يلزم اتيان العمل بالداعي القربي و هو كما يحصل بالتفصيل كذلك يحصل بالاجمال.

(4) يمكن أن يكون الوجه في البطلان صدق الزيادة في المكتوبة اذ مع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 384

و كذا اذا أتي ببعض الاجزاء ثم عاد الي النية الاولي (1) و أما اذا عاد الي النية الاولي قبل أن يأتي بشي ء منها صحت و أتمها (2).

______________________________

قصد القطع أو القاطع يكون المأتي به زائدا و لكن يمكن أن يقال ان الاتيان بالباقي بعنوان الصلاة مع قصد القطع أو القاطع متنافيان فلا بد من الذهول عن قصد القطع أو القاطع و في هذا الفرض لا مانع من الصحة

نعم يمكن قصد الصلاة مع عدم الذهول بعنوان التشريع اذ مع قصد الاتيان بالقاطع أو مع قصد القطع لا يكون في مقام الامتثال و مع عدم قصد الامتثال لا يكون المأتي به جزءا من الصلاة فيكون الاتيان بعنوان الجزئية موجبا للبطلان.

(1) و قد ظهر وجه البطلان.

(2) وقع الخلاف بين الاعلام فعن الشرائع و بعض آخر: «أنها لا تبطل» و عن جملة من الاساطين منهم العلامة: «أنها تبطل».

و الذي يمكن أن يقال في وجه الابطال أمور: منها: أن النية لو زالت و عادت بعد ذلك لا تكون مقارنة للعمل. و فيه: أنه لا شبهة في حصول المقارنة انما الكلام في أن زوالها يوجب البطلان أم لا و لا دليل علي البطلان اذ المفروض اتيان كل جزء بقصد القربة و الداعي الالهي و عدم تحقق المنافي في الاثناء.

و منها: أن الاجزاء السابقة غير قابلة للانضمام الي اللاحقة. و فيه: أنه لا دليل عليه. و منها: الاجماع علي لزوم استدامة النية و المفروض انقطاعها. و فيه: ان الاجماع قائم علي لزوم اتيان الاجزاء بقصد الهي و هذا لا ينافي قصد القطع أو القاطع مضافا الي أنه وقع الاختلاف بين الاعلام كما مر فكيف يكون اجماعيا.

و منها: ما في جملة من النصوص من «أنه لا عمل الا بنية» «1» و فيه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مقدمة العبادات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 385

[مسألة 79: إذا شك في الصلاة التي بيده أنه عينها ظهرا أو عصرا]

(مسألة 79): اذا شك في الصلاة التي بيده انه عينها ظهرا أو عصرا فان لم يأت بالظهر قبل ذلك نواها ظهرا و أتمها (1) و ان أتي بالظهر بطلت (2) الا اذا رأي نفسه فعلا في صلاة العصر و شك في أنها نواها عصرا من أول

الامر أو أنه نواها ظهرا فانه حينئذ يحكم بصحتها و يتمها عصرا (3).

______________________________

أنه ليس الكلام في ذلك بل الكلام في أن بقاء النية في الآنات المتخللة لازمة أم لا؟.

و منها: أن المعلوم من النص و الفتوي و ارتكاز المتشرعة أن الصلاة هيئة اتصالية ينافيها قصد الخروج عنها. و فيه: أنه لا نص في المقام و الفتاوي مختلفة و الارتكاز أول الكلام.

و منها: أنه توزيع للنية. و فيه: أنه لا دليل علي كون التوزيع مبطلا علي نحو الاطلاق نعم التوزيع بحيث يرجع الي القصد الي كل جزء علي الاستقلال يوجب البطلان.

و منها: أن البطلان مقتضي قاعدة الاشتغال. و فيه: أن المقرر في محله أن المحكم في أمثال المقام البراءة.

(1) اذ مع نية الظهر فهي صلاة الظهر كما هو ظاهر و أما مع نية كونها عصرا يجب العدول الي الظهر اذ المفروض عدم الاتيان به.

(2) لعدم امكان اثبات الصحة و عدم طريق الي احراز نية العصر و من أراد تفصيل الكلام في المقام فليراجع الدرر و اللئالي في فروع العلم الإجمالي.

(3) لقاعدة التجاوز و لكن الاشكال في عدم تمامية الدليل علي القاعدة الا ان يقال: انه لا مانع من اجراء قاعدة الفراغ بأن نقول: لا تختص القاعدة بما بعد الفراغ من العمل بل تجري حتي في الاثناء و من أراد تفصيل البحث فليراجع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 386

[مسألة 80: إذا دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة]

(مسألة 80): اذا دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة صحت فريضة و في العكس تصح نافلة (1).

[مسألة 81: إذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة و شك في أنه نوي ما قام إليها أو غيرها]

(مسألة 81): اذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة و شك في أنه نوي ما قام اليها أو غيرها فالاحوط الاتمام ثم الاعادة (2).

______________________________

ما ذكرنا في رسالة فروع العلم الإجمالي.

(1) لا يبعد أن يكون من مصاديق الخطأ في التطبيق اذ المفروض أن المكلف في أول الصلاة قصد امتثال التكليف الواقعي و في الاثناء يخطئ و يتخيل انه غيره مضافا الي أنه تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال في كتاب حريز انه قال: اني نسيت اني في صلاة فريضة (حتي ركعت) و أنا أنويها تطوعا قال: فقال عليه السلام: هي التي قمت فيها اذا كنت قمت و أنت تنوي فريضة ثم دخلك الشك فأنت في الفريضة و ان كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة و ان كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافله كانت عليك مضيت في الفريضة «1» و غيره من الروايات المذكورة في الباب 2 من أبواب النية من الوسائل.

(2) لا يبعد أن يكون وجه الاحتياط عدم الوقوع في ابطال الصلاة و ربما يقال- كما نقل عن كشف اللئام و غيره- أنه يبني علي التي قام اليها و هو مشكل فان المدرك لما ذهب اليه كاشف اللثام اما الظاهر فان مقتضاه أنه عينها ظهرا مثلا و اما أصالة عدم العدول و اما النص.

و يرد عليه أنه لا اعتبار بهذا الظاهر و أصالة عدم العدول لا تقتضي أن ما بيده يكون ظهرا الا بنحو الاثبات و أما النصوص فظاهرها صورة الشروع في العمل لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2

من أبواب النية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 387

[مسألة 82: لا يجوز العدول عن صلاة إلي أخري إلا في موارد]

(مسألة 82): لا يجوز العدول عن صلاة الي اخري الا في موارد (1).

منها: ما اذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين- كالظهرين و العشاءين و قد دخل في الثانية قبل الاولي فانه يجب أن يعدل الي

______________________________

القيام بعنوانه «1».

و الذي تقتضيه القاعدة أن يقال: تارة يقع الكلام في المترتبين كالظهرين و المغربين و أخري في غيرهما فلو كان في المترتبين و لم يأت بالاولي أو شك فيها يجعل ما بيده الاولي و صحت بلا اشكال لأنه اما أتي بها ظهرا أو عصرا فان أتي بها ظهرا فقد وقع في محله و ان قصد عصرا يكون من موارد جواز العدول و أما في غيرهما فلا وجه للبناء علي ما قام اليه كما ذكرنا لعدم الدليل نعم الظاهر أنه لا مانع من الاتمام بعنوان قصده أول الشروع الذي يكون معلوما عند اللّه و يأتي بالثانية أيضا علي ما هي عليه اذ قد مر أن التعيين الإجمالي يكفي في النية و عليه لا تحتاج الي الاعادة.

(1) اذ الصلوات حقائق مختلفة و الامر المتعلق ببعضها غير ما تعلق بالاخر و لا اشكال في أن الامتثال عبارة عن الاتيان بالعمل من أوله الي آخره بقصد امتثال أمره المتعلق به و في العدول لا يتحقق هذا المعني بالنسبة الي الجزء المأتي به و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و مجرد بناء المكلف لا يغير الواقع و قياس المورد الذي لا دليل عليه علي الموارد المنصوصة باطل و تنقيح المناط القطعي متعذر و الشك في الجواز كاف في عدم جواز الاكتفاء مضافا الي أن مقتضي الاصل عدم الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 386

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 388

الاولي اذا تذكر في الاثناء (1).

و منها: اذا كانت الصلاتان قضائيتين فدخل في اللاحقة ثم تذكر ان عليه سابقة فانه يجب أن يعدل الي السابقة في المترتبتين (2).

______________________________

(1) الظاهر ان هذا هو المعروف عندهم و رواية زرارة «1» تقتضيه و مقتضي التصريح فيها عدم الفرق بين العشاءين و الظهرين فلو تذكر في أثناء العصر انه لم يصل الظهر يعدل اليه و كذلك لو تذكر أثناء العشاء انه لم يصل المغرب و لم يفت محل العدول يعدل الي المغرب.

(2) ما يمكن أن يقال: في وجه الجواز امور منها الاجماع فانه نقل عن الجواهر عدم الخلاف فيه و عن حاشية الارشاد للمحقق الثاني الاجماع عليه.

و يرد عليه أنه ثبت في محله عدم حجية الاجماع المنقول بل لا اعتبار به و ان كان محصلا لاحتمال اعتماد المجمعين الي الوجوه المتصورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا.

و منها الاستصحاب بأن يقال: كان العدول جائزا في الوقت و الان كما كان و فيه أنه من الاستصحاب التعليقي الذي لا نقول به هذا اولا.

و ثانيا: يكون من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي الذي لا نلتزم به للمعارضة مع أصل عدم الجعل الزائد.

و ثالثا: أنه يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و وحدة القضية و المفروض ان القضاء بأمر جديد.

لكن الانصاف ان ادعاء تغير الموضوع مشكل و منها الاولوية: و فيه انه لا اولوية بحسب ادراكنا فان الامور التعبدية مجهولة الملاك عندنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 389

و يجوز العدول في غيرهما (1).

و منها: ما اذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة فانه يجوز العدول الي الفائتة (2) و انما يجوز العدول في الموارد المذكورة اذا ذكر

قبل أن يتجاوز محله أما اذا ذكر في ركوع رابعة العشاء أنه لم يصل المغرب فانها تبطل و لا بد من أن يأتي بها بعد أن يأتي بالمغرب (3).

و منها: ما اذا نسي فقرأ في الركعة الاولي من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة و تذكر بعد أن تجاوز النصف فانه يستحب له

______________________________

و منها: ان القضاء عين الاداء فلا اختلاف بين أحكامهما. و فيه: أنه لا دليل عليه فان الاتحاد في الموضوع و لا دليل علي وحدة الحكم فانه من الممكن أن يكون الشي ء الواحد باعتبار كونه في الوقت و في خارجه مختلف الحكم.

و منها: الغاء خصوصية المورد بأن نقول: نفهم من دليل القضاء ان الامر الاول من قبيل تعدد المطلوب فمتي فاته الظهر ان يجب عليه الاتيان بهما حسب ما كانا واجبين.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يقال: بأن العرف يفهم من دليل القضاء ان الاحكام المترتبة علي القضاء هي الاحكام المترتبة علي الاداء من غير التماس دليل خارجي عليه. و الانصاف أن هذه الدعوي قريبة جدا.

(1) قد مر في أول البحث ان العدول علي خلاف القاعدة الاولية.

(2) يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1».

(3) فانه يستفاد من الحديث أنه يجوز العدول في الموارد المذكورة فيه مع

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 390

العدول الي النافلة ثم يستأنف الفريضة و يقرأ سورتها (1).

و منها: ما اذا دخل في فريضة منفردا ثم اقيمت الجماعة استحب العدول بها الي النافلة مع بقاء محله ثم يتمها و يدخل في الجماعة (2).

و منها: ما اذا دخل المسافر في القصر ثم نوي الاقامة قبل التسليم فانه يعدل بها الي التمام و اذا دخل المقيم

في التمام فعدل عن الاقامة قبل الركوع الثالثة عدل الي القصر و اذا كان بعد الركوع بطلت صلاته (3).

______________________________

بقاء محل العدول كما أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي بقاء المحل.

(1) يدل علي هذا الحكم ما رواه صباح بن صبيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد قال: يتم ركعتين ثم يستأنف «1».

(2) يدل عليه ما رواه سليمان خالد «2» و يدل عليه أيضا مضمر سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلها تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول الحديث: «3».

(3) سيأتي الكلام ان شاء اللّه تعالي في شرح الفرعين في بحث صلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 168

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 391

[مسألة 83: إذا عدل في غير محل العدول]

(مسألة 83): اذا عدل في غير محل العدول فان لم يفعل شيئا جاز له العود الي ما نواه أولا (1) و ان فعل شيئا فان كان عامدا بطلت الصلاتان (2) و ان كان ساهيا ثم التفت أتم الاولي ان لم يزد ركوعا أو سجدتين (3).

[مسألة 84: الأظهر جواز ترامي العدول]

(مسألة 84): الاظهر جواز ترامي العدول فاذا كان في فائتة فذكر أن عليه فائتة سابقة فعدل اليها فذكر ان عليه فائتة اخري سابقة عليها فعدل اليها أيضا صح (4).

______________________________

المسافر.

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و مقتضي القاعدة عدم البطلان و بعبارة اخري:

لا دليل علي بطلان الصلاة بنية العدول.

(2) أما بطلان الثانية فلعدم دليل علي جواز العدول و أما الاولي فللزيادة في المكتوبة.

(3) بمقتضي قاعدة لا تعاد فان مقتضي تلك القاعدة علي القول بجريانها في الاثناء الصحة الا مع زيادة الركوع أو السجدتين كما في كلام الماتن.

(4) يمكن أن يقال: ان دليل العدول يدل علي جوازه من الحاضرة الي الحاضرة كالعدول من العصر الي الظهر و علي جواز العدول من الحاضرة الي الفائتة كالعدول من الظهر الي الصبح و أما العدول من الفائتة الي الفائتة فلا دليل عليه الا أن يدعي عدم الفرق بين القضاء و الاداء في الاحكام أو يدعي قيام الاجماع و عهدة اثباتهما علي المدعي و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 392

[الفصل الثاني: في تكبيرة الإحرام]
اشارة

الفصل الثاني:

في تكبيرة الاحرام و تسمي تكبيرة الافتتاح (1) و صورتها اللّه أكبر (2).

______________________________

(1) كما في رواية ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «1»

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم- ظاهرا- و عليه علمائنا- كما عن المنتهي- و مما يدل عليه من النصوص مرسل الصدوق قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أتم الناس صلاة و أوجزهم كان اذا دخل في صلاته قال: اللّه اكبر بسم اللّه الرحمن الرحيم «2» بضميمة قوله صلي اللّه عليه و آله: «صلوا كما

رأيتموني اصلي» «3» و حال المرسل معلوم.

و مثله في الضعف ما رواه في المجالس باسناده في حديث جاء نفر من اليهود الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أما قوله اللّه أكبر الي أن قال: لا تفتح الصلاة الا بها «4».

و هذه الرواية ضعيفة سندا. و لا يتم المدعي بكونه متعارفا فان التعارف لا يقيد الاطلاق لو كان كما أنه لا يوجب المنع عن جريان الاصل و أما لو دار الامر بين التخيير و التعيين فالحق هو الاول فان البراءة عن المعين تقتضي التوسعة و لا مقتضي للتعيين مضافا الي أن مقتضي الاطلاق الثابت في جملة من الروايات لا يبقي مجال التمسك بالاصل العملي اللهم الا أن يقال: ان الاتيان بغير هذا لصيغة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) مستمسك العروة ج 6 ص 57 كتب في الهامش: كنز العمال ج 4 ص: 62 حديث 1196

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 393

و لا يجزي مرادفها بالعربية و لا ترجمتها بغير العربية (1) و اذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة (2) و هي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمدا و سهوا (3).

______________________________

مستنكر عند المتشرعة بل يمكن اثبات المدعي بصحيح حماد «1».

(1) ان كان في المقام اجماع تعبدي فهو و الا يشكل الامر فان مقتضي الاطلاق هو الجواز كما أن مقتضي الاصل عدم التقييد بهذه القيود و لا مقتضي للتقييد الا أن يقال: ان الاتيان بغير الصيغة المتعارفة مستنكر عند المتشرعة كما مر آنفا و أنه خلاف النص.

(2) كما في رواية ابن القداح 2 و في المقام

اشكال و هو أن الشروع في الصلاة يتحقق بأول جزء من التكبيرة و كيف يمكن الجمع بين كون التحريم بها و بين تحقق الدخول في الصلاة بأول جزء من التكبير اذ لو كان التحريم بالتكبيرة فلا يحرم الاتيان بالمنافي بينها و هل يمكن الالتزام به؟

و قد دلت جملة من النصوص علي أن الصلاة تفتتح بالتكبيرة و ملخص الكلام في المقام: انه لا اشكال في أن الدخول في الصلاة يتحقق بتحقق الجزء الاول من التكبير و أيضا لا اشكال في أن ادلة المنافيات تشمل ما يقع من المنافي أثناء التكبيرة و الحال أن التحريم يتحقق بها.

و حل الاشكال: بأن نقول: دليل كون التحريم بالتكبير حاكم علي ادلة المنافيات فلا يكون المنافي الواقع أثناء التكبير منافيا لكن هل يمكن الالتزام بهذا اللازم فلاحظ.

(3) نقل عن الشهيد: انه اجماعي و عن الجواهر: انه اجماعي منقولا و محصلا و العمدة في المقام النصوص الواردة عنهم عليهم السلام و هي علي طوائف:

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 373 و 392

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 394

______________________________

الطائفة الاولي: ما دل علي ان الاخلال بها يبطل الصلاة و ان كان الاخلال بها عن سهو كرواية زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسي تكبيرة الافتتاح قال: يعيد «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي عدم الاخلال لو كان عن سهو كرواية عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي أن يكبر حتي دخل في الصلاة فقال: أ ليس كان من نيته أن يكبر؟ قلت: نعم قال: فليمض في صلاته «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي الاخلال حتي لو كان التذكر بعد الركوع كرواية علي بن يقطين

قال: سألت أبا الحسن عن الرجل ينسي أن يفتتح الصلاة حتي يركع قال: يعيد الصلاة «3».

الطائفة الرابعة: ما يظهر منه التفصيل بين أن يكون التذكر قبل الركوع و بعده أو بعد الصلاة فان كان قبل الركوع يستأنف و ان كان بعد الركوع أو بعد الفراغ من الصلاة لا تبطل و الدال علي التفصيل رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل ينسي أول تكبيرة من الافتتاح فقال: ان ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع و ان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبير قبل القراءة و بعد القراءة قلت: فان ذكرها بعد الصلاة قال: فليقضها و لا شي ء عليه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 395

و تبطل بزيادتها عمدا (1) فاذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج الي ثالثة فان جاء بالرابعة بطلت أيضا و احتاج الي خامسة و هكذا تبطل بالشفع و تصح بالوتر (2) و الظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادتها سهوا (3).

______________________________

الطائفة الخامسه: ما دل علي أنه لو كان التذكر بعد الدخول في الركوع فلا تبطل و الدال عليه ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتي كبر للركوع فقال: أجزأه «1».

و مقتضي الصناعة أن يؤخذ بالطائفة الخامسة فان التأخر في الصدور من المرجحات و بعد تقديمها علي معارضها يكون مقيدا للطائفة الاولي و الثانية و تكون النتيجة التفصيل بين أن يكون التذكر قبل الركوع أو بعده.

و ان أبيت عن

التقييد و قلت: انها معارضة للطائفة الاولي و الثانيه أيضا فقل انها معارضة مع جميع الطوائف من النصوص و مقدمة عليها هذا مقتضي الصناعة لكن لا يمكن الالتزام به اذ كون الاخلال بها موجبا للبطلان علي الاطلاق لعله مورد التسالم فيكون ركنا.

(1) اذ لو كانت الزيادة عمدية يلزم البطلان بمقتضي دليل ابطال الزيادة.

(2) لبطلان الصلاة بالزيادة.

(3) الظاهر أن المشهور فيما بين القوم ان زيادتها كنقصانها و ربما يستدل عليه بالإجماع. و حال الاجماع معلوم و أما كونها ركنا لا يستلزم كون زيادتها مبطلة فان الركنية تثبت بالاخلال بها بنقصانها عمدا و سهوا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 396

و يجب الاتيان بها علي النهج العربي مادة و هيئة (1) و الجاهل يلقنه غيره أو يتعلم (2) فان لم يمكن اجتزأ منها بالممكن (3) فان عجز جاء بمراد فها (4) و ان عجز فبترجمتها (5).

______________________________

و ربما يقال: انها لو زيدت توجب البطلان لان الزيادة مبطلة. و فيه: ان حديث لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم يقتضي الصحة فيما تكون عن سهو نعم مع العمد لا شبهة في كونها مبطلة للزيادة.

لا يقال: ان زيادتها توجب ارتفاع الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة.

فانه يقال: يمنع ذلك و لذا لا مجال لهذا الكلام في نظائر المقام في موارد الزيادة.

ان قلت: ان الصلاة اسم للصحيح فيكون الاسم مجملا و لا يمكن الاخذ بالاطلاق قلت: أولا: ان الصلاة اسم للصحيح أول الكلام و ان اخترناه في الدورة الاخيرة في بحث الاصول و ثانيا: انه مع الاجمال تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه البراءة كما هو المقرر و ثالثا: أن قاعدة لا تعاد

تقتضي الصحة.

(1) اذ لو لم تكن كذلك يلزم أن تكون غلطا.

(2) و الوجه فيه ظاهر فانه ما دام ممكنا الاتيان بالمبدل منه لا تصل النوبة الي البدل.

(3) لقاعدة الميسور الجارية في الصلاة.

(4) بتقريب ان المرادف أقرب الي المأمور به من ترجمته و للتأمل في هذا المدعي مجال بأن يقال: ان الترجمة مقدمة علي المرادف فلاحظ.

(5) لا يبعد أن تكون الترجمة مقدمة بحسب المرتبة علي الملحون فان الترجمة مصداق للتكبير و انما ترفع اليد عن الاطلاق بالإجماع و التسالم بالنسبة الي القادر علي الاتيان بها باللغة العربية و أما مع العجز فلا اجماع فالاطلاق محكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 397

[مسألة 85: الأحوط وجوبا عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاء كان أو غيره]

(مسألة 85): الاحوط وجوبا عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاء كان أو غيره (1) و لا بما بعدها من بسملة أو غيرها (2) و أن لا يعقب اسم الجلالة بشي ء من الصفات الجلالية أو الجمالية (3) و ينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة و الراء من أكبر (4).

[مسألة 86: يجب فيها القيام التام]

(مسألة 86): يجب فيها القيام التام (5) فاذا تركه عمدا أو سهوا

______________________________

(1) نقل عن الذكري البطلان لأنه خلاف ما وصل من صاحب الشرع.

و فيه ما مر من الاشكال في الرواية «1» و ان صاحب الشرع كان يكبر دائما بقطع الهمزة غير معلوم عندنا و مقتضي الاطلاق و كذلك مقتضي الاصل الجواز و الاحتياط حسن بلا اشكال بل مقتضي حديث حماد كذلك.

(2) و عن القواعد: انه لا يجوز اقتصارا علي ما صدر عن صاحب الشرع أو دعوي الانصراف عن هذا الفرد.

و لا وجه للانصراف و عدم صدوره عن صاحب الشرع غير معلوم مع أنه لو علم لا يكون دليلا علي اللزوم كما هو ظاهر و طريق الاحتياط واضح.

(3) اذا لم يكن بقصد التشريع فلا وجه للبطلان الا أن يقال: انه خلاف المتعارف عند المتشرعة بل يعد مستنكرا عندهم و اللّه العالم.

(4) اذ الموضوع المأمور به يتحقق بلا تفخيم فتترتب عليه الصحة بلا تفخيم و الظاهر ان التفخيم من محسنات القراءة فلا ينبغي تركها.

(5) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما دل علي وجوب القيام في الصلاة فان التكبير من الصلاة فيجب فيه القيام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 392

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 398

بطلت (1) من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الامام راكعا و غيره (2) بل يجب التربص في الجملة حتي يعلم بوقوع التكبير تاما قائما (3) و

أما الاستقرار في القيام المقابل للمشي و التمايل من أحد الجانبين الي الاخر أو الاستقرار بمعني الطمأنينة فهو و ان كان واجبا حال التكبير (4).

______________________________

و يدل عليه ما رواه عمار في حديث: قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتي قام و افتتح الصلاة و هو قائم ثم ذكر قال: يقعد و يفتتح الصلاة و هو قاعد و لا يعتد بافتتاحه الصلاة و هو قائم و كذلك ان وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتي افتتح الصلاة و هو قاعد فعليه أن يقطع صلاته و يقوم فيفتتح الصلاة و هو قائم و لا يقتدي (و لا يعتدي) بافتتاحه و هو قاعد «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّٰهَ قِيٰاماً وَ قُعُوداً وَ عَليٰ جُنُوبِهِمْ» قال: الصحيح يصلي قائما و قعودا و المريض يصلي جالسا و علي جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا «2».

(1) لاحظ ما رواه عمار.

(2) للإطلاق.

(3) لوجوب العلم بتحقق المأمور به.

(4) لا بد من اتمام الاستدلال عليه بالإجماع و التسالم اذ الظاهر أن النص قاصر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 399

لكن الظاهر أنه اذا تركه سهوا لم تبطل الصلاة (1).

[مسألة 87: الأخرس يأتي بها علي قدر ما يمكنه]

(مسألة 87): الاخرس يأتي بها علي قدر ما يمكنه (2) فان عجز

______________________________

عن اثبات الوجوب لاحظ ما رواه سليمان بن صالح «1».

و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة و أما رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: في الرجل يصلي

في موضع ثم يريد أن يتقدم قال: يكف عن القراءة في مشيه حتي يتقدم الي الموضع الذي يريد ثم يقرأ «2»، فهي أيضا ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنها واردة في القراءة فلا تشمل المقام.

و ربما يتمسك لإثبات المدعي بما رواه هارون بن حمزة الغنوي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال: ان كانت محملة ثقيلة اذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما و ان كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا «3».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بيزيد بن اسحاق فانه لم يوثق مضافا الي أن استفادة المدعي من الرواية مشكلة اذ المستفاد منها جواز الجلوس في صورة الاكفاء و بعبارة أخري في مقام بيان جواز الجلوس في صورة الاكفاء.

(1) لقاعدة لا تعاد.

(2) فانه الميسور بالنسبة اليه و مقتضي أن الصلاة لا تسقط بحال وجوب الاتيان بالقدر الممكن و يؤيده ما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: انك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الاخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 400

عن النطق أخطرها بقلبه و أشار بإصبعه و الاحوط الاولي أن يحرك بها لسانه ان أمكن (1).

[مسألة 88: يشرع الإتيان بستة تكبيرات مضافا إلي تكبيرة الإحرام]

(مسألة 88): يشرع الاتيان بستة تكبيرات مضافا الي تكبيرة الاحرام فيكون المجموع سبعا (2).

______________________________

العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح «1».

(1) كلمات القوم في هذا المقام مختلفة و العمدة في المدرك ما رواه

السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تلبية الاخرس و تشهده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و اشارته باصبعه «2».

لكن الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنه ليس في الرواية ذكر من الاخطار بالقلب و القول بأنه ليس في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام بيان الدال فكما أنه يجب اخطار المعني علي الناطق يجب علي الاخرس عهدته علي مدعيه و لا يجب علي الناطق الاخطار- كما في الجواهر- و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف و السيرة جارية عليها و تدل عليه جملة من النصوص و منها: ما رواه حفص يعني ابن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان في الصلاة و الي جانبه الحسين ابن علي فكبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلم يحر الحسين عليه السلام بالتكبير ثم كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلم يحر الحسين التكبير فلم يزل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يكبر و يعالج الحسين عليه السلام التكبير فلم يحر حتي أكمل سبع تكبيرات فأحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة فقال أبو عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 401

و يجوز الاقتصار علي الخمس و علي الثلاث (1) و الاولي أن يقصد بالاخيرة تكبيرة الاحرام (2).

______________________________

عليه السلام فصارت سنة «1».

(1) كما في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أدني ما يجزي من التكبيرات في التوجه الي الصلاة تكبيرة واحدة و ثلاث تكبيرات و خمس و سبع أفضل «2».

(2) الاقوال

في المقام مختلفة فذهب جملة من الاعلام منهم صاحب الحدائق الي انها الاولي و استدل علي هذا القول بما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل: «اللهم أنت الملك الحق لا إله الا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت» ثم تكبر تكبيرتين ثم قل: «لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك الا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت» ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ- عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ- حَنِيفاً مُسْلِماً- وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين» ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب «3».

بتقريب: ان الظاهر من الرواية ان افتتاح الصلاة يتحقق بتكبيرة الاحرام فأول تكبيرة تتحقق بمقتضي الرواية يتحقق الافتتاح.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 402

______________________________

و فيه: انه لا يبعد أن يكون الخبر ظاهرا في تحقق الافتتاح بمجموع التكبيرات السبع و عليه يكون الخبر دليلا علي قول والد المجلسي القائل بأن مجموع التكبيرات تكبيرة الاحرام فانه نقل عنه ان التكبير كالتسبيح في كونه واجبا مخيرا بين الاقل و الاكثر فلو اختار المكلف الاكثر يكون مصداقا للواجب.

و استدل صاحب الحدائق أيضا بما رواه زرارة عن أبي جعفر

عليه السلام أنه قال: الذي يخاف اللصوص و السبع يصلي صلاة المواقفة ايماء علي دابته قال: قلت: أ رأيت ان لم يكن المواقف علي وضوء كيف يصنع و لا يقدر علي النزول؟ قال: ليتيمم من لبد سرجه أو معرفة (عرف) دابته فان فيها غبارا و يصلي و يجعل السجود أخفض من الركوع و لا يدور الي القبلة و لكن اينما دارت به دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه «1».

قال في الحدائق: «هذا الخبر يدل علي المدعي بأوضح دلالة». و لم يبين تقريب الدلالة. و فيه: أن وجه الدلالة ان كان قوله عليه السلام: «يستقبل القبلة بأول تكبيرة» فيمكن أن لا يكون أول تكبيرة تكبيرة الاحرام و لكن حيث انها من متعلقات الصلاة يكتفي بالاستقبال فيها و لا منافاة بين مفاد الرواية و بين ما نقل عن والد المجلسي من أن المجموع يتحقق به الافتتاح.

و استدل أيضا بما رواه زرارة «2» بتقريب: ان الظاهر من الرواية أن أول تكبيرة من الافتتاح تكبيرة الاحرام لا يقال: ان الرواية مشتملة علي ما لا يلتزم به الاصحاب و هي صحة الصلاة مع نسيان التكبيرة اذ تكبيرة الاحرام ركن فانه يقال: يجب ارتكاب التأويل في موضع المخالفة فان رد بعض الخبر بالمعارض

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 403

______________________________

الاقوي لا يمنع عن العمل بالبعض الذي لا معارض له.

و فيه: اولا انه يمكن حمل الخبر علي ما نقل عن والد المجلسي و ثانيا ما أفاده من عدم البأس بالاخذ ببعض مفاد الخبر و ترك بعض الاخر و ان كان صحيحا لكن في المقام لا يمكن لان

المنساق له الكلام نسيان التكبيرة و المفروض انه لا يمكن الالتزام بالصحة و بعبارة اخري: ما استفاده من الرواية ليس مستفادا من جملة مستقلة كي يحفظ عليها و تترك الاخري فلا تغفل.

و استدل أيضا بما رواه حفص «1» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الصلاة و قد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتي تخوفوا أنه لا يتكلم و أن يكون به خرس فخرج به حامله علي عاتقه وصف الناس خلفه فأقامه علي يمينه فافتتح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام فلما سمع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله تكبيره عاد فكبر فكبر الحسين عليه السلام حتي كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبع تكبيرات و كبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك «2».

بتقريب: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بالتكبيرة الاولي و العود الي الثانية و الثالثة و هكذا لتمرين الحسين عليه السلام و انما جرت السنة علي ذلك و الانصاف ان تقريب الاستدلال متين و لا يرد عليه ما أورده في المستمسك من أن الفعل مجمل و لا يستفاد منه شي ء لان الظاهر من الرواية ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بحيث لو كان تكبير الحسين عليه السلام صحيحا لم يعد فالتكبيرة الاولي كانت تكبيرة الاحرام و البقية مستحبة و السنة جرت علي طبقه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 400

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 404

______________________________

و في قبال قول صاحب الحدائق ما اختاره صاحب الجواهر قدس

سره من أن التكبيرة هي الاخيرة و استدل للمدعي علي أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يخفت بست تكبيرات لاحظ ما رواه أبو علي الحسن بن راشد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تكبيرة الافتتاح فقال: سبع قلت: روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه كان يكبر واحدة فقال: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يكبر واحدة يجهر بها و يسر ستا «1» و الحال انه يستحب للإمام أن يجهر و يسمع كلما يقوله في الصلاة لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «2».

فلو التزمنا بكونها الاخيرة لا يلزم تخصيص في تلك الادلة بخلاف العكس و فيه: انه لا مجال للأخذ باصالة عدم التخصيص لإثبات الموضوعات الخارجية اذ لا دليل عليه.

و استدل بما أرسله الصدوق «3» و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي الاشكال في الدلالة و أما ما في فقه الرضا عليه السلام: «و اعلم أن السابعة هي الفريضة و هي تكبيرة الافتتاح» «4» فحاله معلوم فلا دليل عليه.

و أما القول بالتخيير فاستدل عليه في الجواهر باطلاق الادلة و أورد عليه في المستمسك بأنه لم أقف علي هذا الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 392

(4) فقه الرضا ص 8 ط القديم ص: 105 ط الجديد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 405

______________________________

و أما كون مجموع التكبيرات تكبيرة الاحرام فتدل عليه جملة من النصوص المتفرقة في الابواب

المختلفة منها: ما رواه زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الافتتاح فقال: تكبيرة تجزيك قلت: فالسبع قال: ذلك الفضل «1».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الامام يجزيه تكبيرة واحدة و يجزيك ثلاثا مترسلا اذا كنت وحدك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزي و الثلاث أفضل و السبع أفضل كله «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال: سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء «4».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فكبر ان شئت واحدة و ان شئت ثلاثا و ان شئت خمسا و ان شئت سبعا و كل ذلك مجز عنك غير أنك اذا كنت اماما لم تجهر الا بتكبيرة «5».

و منها: ما رواه الحلبي «6» و منها غيرها المذكور في الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل.

فان المستفاد من هذه النصوص ان الافتتاح يحصل بالمجموع و لا تعارض بين هذه النصوص و ما دل علي أن التكبيرة هي الاولي و هو الخبر الوارد في قصة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) لاحظ ص: 401

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 406

[مسألة 89: يستحب للإمام الجهر بواحدة و الإسرار بالبقية]

(مسألة 89): يستحب للإمام الجهر بواحدة و الاسرار بالبقية (1) و يستحب أن يكون التكبير في حال رفع اليدين (2) الي الاذنين (3) أو مقابل الوجه (4).

______________________________

الحسين عليه السلام و يمكن الجمع بينهما

و ذلك لان المستفاد من تلك الرواية بحسب الظهور- كما قلنا- ان النبي صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بالتكبيرة الاولي لكن ليس في الرواية ان ما يفتتح به هي الاولي و الباقي ليست مما يفتتح به و مقتضي ظهور هذه النصوص ان الافتتاح يحصل بالمجموع.

يبقي الكلام في أنه من التخيير بين الاقل و الاكثر و قد حقق في الاصول انه جائز بشرط رجوعه الي المتباينين و أما ما في جملة من النصوص من أن السبع أفضل لا يقتضي رفع اليد عن الوجوب التخييري فانه لا مانع من كون السبع أفضل و مع ذلك يكون من أفراد الواجب و بعبارة اخري: يكون أفضل الافراد و مقتضي الاحتياط ان يقصد ما هو الواقع و المطلوب عند اللّه و اللّه العالم بحقائق الامور.

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه أبو علي الحسن بن راشد «2»

(2) لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث:

اذا افتتحت الصلاة فكبرت و لا تجاوز اذنيك و لا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك «4».

(4) لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 405

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 406

(2) لاحظ ص: 404

(3) لاحظ ص: 401

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 407

أو الي النحر (1) مضمومة الاصابع حتي الابهام و الخنصر (2) مستقبلا بباطنهما القبلة (3).

[مسألة 90: إذا كبر ثم شك في أنها تكبيرة الإحرام أو الركوع بني علي الأولي]

(مسألة 90) اذا كبر ثم

شك في أنها تكبيرة الاحرام أو الركوع بني علي الاولي (4) و ان شك في صحتها بني علي الصحة (5) و ان شك في وقوعها و قد دخل فيما بعدها من القراءة بني علي وقوعها (6).

[مسألة 91: يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاء بلا دعاء]

(مسألة 91): يجوز الاتيان بالتكبيرات ولاء بلا دعاء (7).

______________________________

يصلي يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح «1».

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا «2».

(2) لاحظ ما رواه حماد «3».

(3) لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: رأيت ابا عبد اللّه عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه و استقبل القبلة ببطن كفيه «4».

(4) لعدم احراز الاتيان بالقراءة فيجب الاتيان بها.

(5) لقاعدة الفراغ.

(6) علي ما هو المقرر عندهم من اعتبار قاعدة التجاوز و قد أنكرنا قيام الدليل عليها و التفصيل موكول الي محل آخر.

(7) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 6

(5) لاحظ ص: 405

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 408

و الافضل أن يأتي بثلاث منها ثم يقول: «اللهم أنت الملك الحق لا إله الا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت» ثم يأتي باثنتين و يقول: «لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك الا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت» ثم يأتي باثنتين و يقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ- عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ- حَنِيفاً مُسْلِماً- وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إِنَّ صَلٰاتِي وَ

نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين» ثم يستعيذ و يقرأ سورة الحمد (1).

[الفصل الثالث: في القيام]
اشارة

الفصل الثالث:

في القيام و هو ركن حال تكبيرة الاحرام- كما عرفت- (2) و عند الركوع و هو الذي يكون الركوع عنه المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «1».

(2) قد مر الكلام فيه في بحث تكبيرة الاحرام و يدل عليه ما رواه عمار «2».

(3) الظاهر أنه لا مستند لهذا الحكم الا الاجماع و التسالم القطعي فيما بين

______________________________

(1) لاحظ ص: 401

(2) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 409

فمن كبر للافتتاح و هو جالس بطلت صلاته (1) و كذا اذا ركع جالسا سهوا و ان قام في أثناء الركوع متقوسا (2) و في غير هذين الموردين

______________________________

القوم و لا يمكن أن يكون اطلاق دليل وجوب القيام مستندا لهم اذ لا شبهة في أن اطلاق أدلة الاجزاء و الشرائط محكومة بالنسبة الي دليل لا تعاد.

و ربما يقال بأن الوجه في كونه ركنا انه لو اختل يختل الركوع اذ لو لم يكن عن قيام لم يكن ركوعا.

و فيه: ان الركوع من الجالس يصدق و ليس عن قيام مضافا الي أنه يلزم أن تكون ركنيته علي الفرض عرضية لا ذاتية و لا يبعد أن يكون هذا البحث و هو أن ركنية القيام بلحاظ نفسه أو بلحاظ كونه مقوما للركوع لغوا اذ لا شبهة و لا اشكال فيما بين القوم في وجوبه حال الركوع فاي ثمرة تترتب علي هذا البحث؟

و ربما يقال: انه لا دليل علي وجوب القيام حال الركوع الا من جهة دخله في الركوع هذا من ناحية و من ناحية اخري

ان الانتصاب ليس مقوما للقيام بل يصدق القيام و لو مع التقوس و يترتب عليه أنه لو ركع عن حال التقوس سهوا تصح صلاته.

لكن الحق ان هذه الجهة لا تكون فارقة بين القولين اذ لو قلنا بأن القيام بنفسه واجب بدليل خاص نحكم بالصحة أيضا في الفرض لان الانتصاب غير دخيل في حقيقة القيام فلا أثر للبحث.

(1) لما مر و قد دلت عليه رواية عمار التي قد مرت عليك «1».

(2) لا لان الركوع لا يصدق اذا كان عن جلوس بل لوجوب ان الركوع لا بد أن يكون من القيام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 410

يكون القيام الواجب واجبا غير ركن (1) كالقيام بعد الركوع (2 و القيام حال القراءة أو التسبيح (3) فاذا قرأ جالسا سهوا أو سبح كذلك ثم قام و ركع عن قيام ثم التفت صحت صلاته و كذا اذا نسي القيام بعد الركوع حتي سجد السجدتين (4).

[مسألة 92: إذا هوي لغير الركوع ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز و لم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته]

(مسألة 92): اذا هوي لغير الركوع ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز و لم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته (5) نعم اذا لم يصل الي حد الركوع انتصب قائما و ركع عنه و صحت صلاته (6).

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الركنية فلا يكون ركنا و بعبارة اخري: لا دليل علي البطلان فيما يكون تركه عن سهو لإطلاق قاعدة لا تعاد الدالة عليه جملة من الروايات منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة:

الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال: القراءة سنة و التشهد سنة فلا تنقض السنة الفريضة «1».

(2) أما وجوبه فلما يذكر في بحث الركوع و أما عدم كونه

ركنا فلما ذكرنا.

(3) أما وجوبه فللأدلة الدالة علي وجوبه في الصلاة و منها ما رواه أبو حمزة «2» و أما أنه غير ركن فلعدم الدليل عليه كما مر.

(4) لما قرر عندهم من جريان قاعدة لا تعاد و لو في الاثناء و لنا في هذا المقام كلام موكول الي محله.

(5) و الامر كما أفاده و بعبارة اخري: ان القيام المتصل بالركوع لم يتحقق.

(6) لتحقق المأمور به و عدم تحقق ما يوجب البطلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 411

و كذا اذا وصل و لم ينوه ركوعا (1).

[مسألة 93: إذا هوي إلي ركوع عن قيام و في أثناء الهوي غفل حتي جلس للسجود]

(مسألة 93): اذا هوي الي ركوع عن قيام و في أثناء الهوي غفل حتي جلس للسجود فان كانت الغفلة بعد تحقق مسمي الركوع صحت صلاته (2) و الاحوط استحبابا أن يقوم منتصبا ثم يهوي الي السجود (3) و أما اذا التفت الي ذلك و قد سجد سجدة واحدة مضي في صلاته (4) و الاحوط استحبابا اعادة الصلاة بعد الاتمام (5) و اذا التفت الي ذلك و قد سجد سجدتين صح سجوده و مضي (6) و ان كانت الغفلة قبل تحقق مسمي الركوع عاد الي القيام منتصبا ثم هوي الي الركوع و مضي و صحت صلاته (7).

[مسألة 94: يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام]

(مسألة 94): يجب مع الامكان الاعتدال في القيام (8).

______________________________

(1) اذ المفروض انه لم يزد الركوع فانه لم يقصد الركوع فلا موجب للبطلان.

(2) اذ المفروض تحقق الركوع.

(3) يمكن أن يكون الوجه في عدم الوجوب ان المستفاد من الدليل ان الواجب القيام و الانتصاب عن الركوع و المفروض فوت محله.

(4) لعدم امكان تدارك القيام بعد الركوع لاستلزامه زيادة سجدة واحدة.

(5) فانه لا اشكال في حسنه.

(6) بلا اشكال.

(7) اذ المحل باق فيجب الاتيان بالركوع الواجب فلاحظ.

(8) يمكن أن يكون الوجه فيه أنه مع عدم الاعتدال لا يصدق القيام المأمور

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 412

و الانتصاب (1) فاذا انحني أو مال الي أحد الجانبين بطل (2) و كذا اذا فرج بين رجليه علي نحو يخرج عن الاستقامة عرفا (3) نعم لا بأس باطراق الرأس (4) و تجب أيضا في القيام غير المتصل بالركوع

______________________________

به و لا أقلّ من انصراف الدليل عن غير المعتدل.

(1) اي نصب فقار الظهر و هي عظامه المنظمة في النخاع التي تسمي خرز الظهر كما صرح في بعض النصوص لاحظ ما

رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث و قم منتصبا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له «1».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له «2».

و أما الاستدلال عليه بأن الانتصاب مقوم لحقيقة القيام فعهدة اثباته علي مدعيه اذ لا شبهة في أنه يصدق القيام عرفا مع بعض مراتب الانحناء و عدم صدق الانتصاب.

(2) و الوجه فيه ظاهر لعدم صدق المأمور به.

(3) لعدم صدق القيام.

(4) ربما يقال بعدم الجواز لما ارسل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

«فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» قال: النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه و نحره و قال:

لا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس و لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قد ميك و لا تفترش ذراعيك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 413

الطمأنينة (1) و الاحوط استحبابا الوقوف علي القدمين جميعا فلا يجزأ الوقوف علي أحدهما و لا علي أصابعهما فقط و لا علي أصل القدمين فقط (2).

______________________________

و المرسل لا اعتبار به و لم يعمل به كي يقال بأنه منجبر مضافا الي ضعف المبني كما قلناه مرارا و الحق ما أفاده في المتن.

(1) العمدة في دليلها الاجماع فان تم فهو و الا يشكل اثباته بما رواه سليمان بن صالح «1» فان سند الرواية ضعيف بصالح بن عقبة و أيضا لا يمكن اثباته بما رواه السكوني «2» لضعف السند بالنوفلي و أيضا

لا يمكن اثباته بما رواه هارون بن حمزة «3» فان السند ضعيف بيزيد بن اسحاق.

مضافا الي أن المستفاد من الرواية أن أمره عليه السلام بالجلوس من جهة الاكفاء لا من جهة عدم الاستقرار فلاحظ و أما دخوله في القيام مفهوما ففساده أوضح من أن يخفي.

(2) قد ذكر في وجه عدم الكفاية امور: منها الاصل. و فيه: ان الاطلاق يقتضي الجواز و لو وصلت النوبة الي الاصل فمقتضاه البراءة.

و منها التبادر. و فيه: انه بدوي و المرجع الاطلاق. و منها: عدم الاستقرار.

و فيه: أنه أخص من المدعي مع أن في اشتراط الاستقرار تأملا كما عرفت.

و منها: التأسي. و فيه ما عرفت من عدم دليل معتبر علي وجوبه.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقوم علي أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه:

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) لاحظ ص: 399

(3) لاحظ ص: 399

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 414

و الظاهر جواز الاعتماد علي عصا أو جدار أو انسان في القيام علي كراهية (1).

______________________________

طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي «1».

و قريب منه ما عن تفسير القمي أيضا الا أنه قال: كان يقوم علي أصابع رجليه حتي تورم «2» و فيه: ان المستفاد من الخبر عدم الوجوب لا الالتزام بالخلاف مضافا الي ضعف السند في الثاني فالحكم مبني علي الاحتياط.

(1) ربما يقال: بوجوب الاستقلال- كما هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات و ما يمكن أن يقال في وجهه امور: منها: الاجماع و فيه ما فيه.

و منها أنه داخل في مفهوم القيام. و فيه: انه ليس كذلك كما هو واضح.

و منها: انه المنصرف اليه من نصوص القيام

و فيه: انه علي فرض تسلمه بدوي يزول بالتأمل اذ لا وجه له.

و منها: انه المعهود من النبي صلي اللّه عليه و آله و يجب التأسي لقوله صلي اللّه عليه و آله صلوا كما رأيتموني اصلي «3» و فيه ان الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أنها مجملة اذ لا يجب التأسي في جميع الخصوصيات الا أن يقال:

بأنه يؤخذ به ما لم يعلم بالخلاف.

و منها جملة من النصوص و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تمسك بخمرك و أتت تصلي و لا تستند الي جدار و انت تصلي الا أن تكون مريضا «4» و الخمر بالتحريك و الفتح ما ورائك من شجر أو حائط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القيام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نقل عن طريق العامة

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب القيام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 415

______________________________

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة قاعدا أو متوكيا علي عصا أو حائط فقال: ما شأن أبيك و شأن هذا ما بلغ أبوك هذا بعد «1».

و منها: ما عن دعوات الراوندي قال: و روي عنهم عليهم السلام: ان المريض تلزمه الصلاة اذا كان عقله ثابتا فان لم يتمكن من القيام بنفسه اعتمد علي حائط أو عكازة و ليصل قائما فان لم يتمكن فليصل جالسا الحديث «2».

و الرواية الاخيرة ضعيفة سندا لكن في غيرها كفاية.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من الروايات تدل علي الجواز منها: ما ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل

هل يصلح له أن يستند الي حائط المسجد و هو يصلي أو يضع يده علي الحائط و هو قائم من غير مرض و لا علة؟ فقال: لا بأس و عن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الاولتين هل يصلح أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به علي القيام من غير ضعف و لا علة؟ فقال: لا بأس به «3»

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي متوكيا علي عصاء أو علي حائط قال: لا بأس بالتوكؤ علي عصاء و الاتكاء علي الحائط «4».

و منها: ما رواه سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكئة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 20

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القيام الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 416

______________________________

في الصلاة علي الحائط يمينا و شمالا فقال: لا بأس «1».

فيقع التعارض بين الطائفتين فلا بد من العلاج و رفع التعارض بحمل الطائفة الثانية علي صورة الاضطرار بلا وجه فانه صرح في رواية علي بن جعفر بالجواز و لو مع عدم عذر و علة كما أن رفع اليد عن الطائفة الثانية باعراض المشهور لا وجه له فان اعراض المشهور لا يوجب سقوط النص المعتبر عن الحجية مضافا الي أن احراز الاعراض في غاية الاشكال اذ يمكن انهم جمعوا بين الطائفتين بجمع لا نرضي به فلا بد من العلاج.

مضافا الي أن جملة من الفقهاء ذهبوا الي عدم الاشتراط- علي ما نقل عنهم- كأبي الصلاح و صاحب المدارك و الكفاية و البحار و

التنقيح و عن الحدائق و المستند تقوية هذا القول.

و ربما يقال: بأن الطائفة الثانية موافقة لمذهب العامة و الذي يستفاد من «الفقه علي المذاهب الخمسة» ان وجوب الاستقلال مورد الاتفاق و لكن الذي يستفاد من «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان القول بوجوب الاستقلال حال التكبير و القراءة الواجبة مخصوص بالمالكية و علية تكون أخبار الجواز توافق قول العامة و ان كان يشكل بأن قول العامة مختلف.

و أما الترجيح بالاحدثية فهو مع الطائفة الثانية فانه نقل عدم الوجوب عن أبي الحسن موسي عليه السلام و لو وصلت النوبة الي التعارض و التساقط يكون المرجع أصل البراءة من الوجوب.

و أما ما أفاده سيد المستمسك قدس سره بأن الترجيح مع الطائفة الثانية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 417

بل الاحوط ترك ذلك مع الامكان.

[مسألة 95: إذا قدر علي ما يصدق عليه القيام عرفا و لو منحيا أو متفرج الرجلين صلي قائما]

(مسألة 95): اذا قدر علي ما يصدق عليه القيام عرفا و لو منحيا أو متفرج الرجلين صلي قائما (1).

______________________________

للشهرة فمدفوع بأن الشهرة المرجحة ما تكون بحد يصدق عليه عنوان لا ريب فيه كما في النص و ليس المقام كذلك فتأمل مع الاشكال السندي في دليل الترجيح بالشهرة و طريق الاحتياط ظاهر كما اشار اليه الماتن في اخر كلامه.

(1) لا يخفي انه يستفاد من جملة من الروايات ان المكلف ان لم يقدر علي القيام يصلي جالسا فمن تلك الروايات ما رواه عمر بن اذينة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه و المرض الذي يدع صاحبه الصلاه قائما؟ قال: بل الانسان علي نفسه بصيرة و قال: ذاك اليه هو أعلم بنفسه «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

حد المرض الذي يفطر فيه الصائم و يدع الصلاة من قيام فقال: بل الانسان علي نفسه بصيرة هو أعلم بما يطيقه «2».

و منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال: ان الرجل ليوعك و يحرج و لكنه أعلم بنفسه اذا قوي فليقم «3» و منها: ما رواه سليمان بن حفص المروزي «4».

فلو لا دليل خارجي لا بد من تقديم القيام علي الجلوس فلو دار الامر بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 418

و ان عجز عن ذلك صلي جالسا (1).

______________________________

القيام الفاقد للانتصاب و الجلوس يقدم القيام اذ المفروض أن القيام ما دام ممكنا مقدم علي الجلوس.

مضافا الي أنه يستفاد المدعي من رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها علي القيام يصلي فيها و هو جالس يؤمي أو يسجد؟ قال: يقوم و ان حني ظهره «1».

كما أنه لو دار الامر بين القيام مع الاعتماد و الجلوس يقدم القيام اذ المفروض أن القيام مقدم في الرتبة و لا يبعد أن يستفاد المدعي أيضا من رواية ابن سنان «2».

بتقريب: انه يستفاد من هذه الرواية أنه يجوز الاعتماد عند الضرورة و اذا جاز وجب و أما لو دار الامر بين القيام الفاقد عن الاستقرار و الجلوس يقدم الاول فان دليل وجوب الاستقرار قاصر من الاول و ليس له اطلاق يقتضي اشتراط الاستقرار علي نحو الاطلاق و عليه لو تعذر الاستقرار يكون وجوب القيام الفاقد للاستقرار علي القاعدة الاولية و ليس بدلا

اضطراريا عن القيام كي يحتاج الي دليل البدلية.

و أما لو دار الامر بين القيام مع التفريج الفاحش بين الرجلين و القعود فتارة لا يكون التفريج مخلا بصدق القيام و اخري يكون مخلا أما علي الاول فلا اشكال في تقديم القيام فانه لا وجه للانتقال الي الجلوس و أما علي الثاني فتقديمه علي الجلوس مشكل لأنه لو لم يصدق عليه القيام تصل النوبة الي الجلوس بمقتضي تلك الروايات.

(1) لأنه اذا عجز عن القيام تصل النوبة الي الجلوس بمقتضي جملة من الاخبار

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 414

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 419

و يجب الانتصاب و الاستقرار و الطمأنينة علي نحو ما تقدم في القيام (1) هذا مع الامكان و الا اقتصر علي الممكن (2) فان تعذر الجلوس حتي الاضطراري صلي مضطجعا (3) علي الجانب الايمن و وجهه الي

______________________________

و قد تقدم بعضها «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي الحلبي في حديث أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال: ان أمكنه القيام فليصل قائما و الا فليقعد ثم يصلي «2»

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن الصلاة في السفينة فقال:

يصلي قائما فان لم يستطع القيام فليجلس و يصلي و هو مستقبل القبلة الحديث «3» و منها: ما رواه أبو حمزة «4».

(1) الظاهر انه لا اشكال في المسألة نصا و فتوي و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ان العرف يفهم من ادلة اعتبار الامور المذكورة اعتبارها في الصلاة علي الاطلاق فلا فرق في المبدل منه و البدل فلاحظ.

(2) لقاعدة الميسور الجارية في الصلاة المستفادة من قاعدة: ان الصلاة لا تترك بحال.

(3) بلا

خلاف- كما في بعض الكلمات- و عن كشف اللثام انه اجماعي و يدل عليه ما رواه أبو حمزة «5» و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال: فليصل و هو مضطجع و ليضع علي جبهته شيئا

______________________________

(1) لاحظ ص: 417

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 398

(5) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 420

القبلة كهيئة المدفون (1).

______________________________

اذا سجد فانه يجزي عنه و لم يكلف اللّه ما لا طاقة له به «1».

و يدل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن المريض الذي لا يستطيع القعود و لا الايماء كيف يصلي و هو مضطجع؟

قال: يرفع مروحة الي وجهه و يضع علي جبينه و يكبر هو «2».

(1) انه المشهور فيما بين القوم و استظهر صاحب الحدائق من العلامة انه قائل بالتخيير بين الايمن و الايسر.

و يمكن أن يستدل علي القول المشهور بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المريض اذا لم يقدر أن يصلي قاعدا كيف قدر صلي اما أن يوجه فيؤمي إيماء و قال: يوجه كما يوجه الرجل في لحده و ينام علي جانبه (جنبه) الايمن ثم يؤمي بالصلاة فان لم يقدر أن ينام علي جنبه الايمن فكيف ما قدر فانه له جائز و ليستقبل بوجهه القبلة ثم يؤمي بالصلاة إيماء «3».

و يؤيده مرسل الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: المريض يصلي قائما فان لم يستطع صلي جالسا فان لم يستطع صلي علي جنبه الايمن فان لم يستطع صلي علي جنبه الايسر فان لم يستطع استلقي و

أومأ إيماء و جعل وجهه نحو القبلة و جعل سجوده أخفض من ركوعه «4».

و في المقام بعض النصوص يدل علي أنه لو لم يقدر علي الجلوس يستلقي لاحظ ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 421

و مع تعذره فعلي الايسر عكس الاول (1).

______________________________

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا فان لم يستطع جالسا فليصل مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يؤمي إيماء «1».

و ما رواه الصدوق مرسلا «2» و هذه الروايات قاصرة سندا مضافا الي أنها مخالفة للآية الشريفة فان الاية تدل علي أنه لو تعذر الجلوس تصل النوبة الي الاضطجاع لاحظ ما رواه أبو حمزة «3».

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم كما في بعض الكلمات و استدل عليه بمرسل الصدوق «4» و يمكن أن يجاب عن ضعف سنده بأن المشهور بين المتأخرين كذلك و الشهرة جابرة لضعف السند مضافا الي أن الصدوق قدس سره ضمن صحة الروايات التي رواها في كتابه اضف الي ذلك أن الحلي أفتي بمضمونه و هو لا يعمل الا بالقطعيات.

و الحق ان اثبات المدعي بالمرسل في غاية الاشكال فانه غير حجة و لا يكون عمل المشهور جابرا خصوصا اذا كان العامل به من المتأخرين و شهادة الصدوق بصدق روايات كتابه لا تفيد فان تلك الروايات تكون حجة له و لا وجه لكونها حجة لنا اذ يمكن الاختلاف في مباني الحجية.

مضافا الي أن مرسل الصدوق معارض بمرسل دعائم الإسلام و

فيه: «فان لم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 13 و ملحقه

(3) لاحظ ص: 398

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 422

______________________________

يستطع أن يصلي علي جنبه الايمن صلي مستلقيا» «1» و استدل علي المدعي- علي ما قيل- بموثق عمار «2».

بتقريب: انه يستفاد من الموثق جواز الاضطجاع علي الايسر بعد عدم امكانه علي الايمن و لو جاز لوجب لعدم القول بالتخيير بينه و بين الاستلقاء.

و فيه: اولا: أنه يمكن قلب الدليل بأن نقول: يستفاد منه جواز الاستلقاء و لو جاز لوجب لعدم القول بالتخيير و ثانيا: أن عدم القول بالتخير لا يوجب رفع اليد عن مفاد الرواية.

و ربما يقال- كما في الحدائق- بأنه يستفاد المدعي من قوله عليه السلام:

«و ليستقبل بوجهه القبلة» فانه يدل علي وجوب الاضطجاع علي الايسر.

و فيه: أنه كثيرا ما يستعمل التوجه الي القبلة في المستلقي فيراد بمقابلة الوجه التوجه الي جهتها و أيضا الاستقبال بالوجه الي القبلة يتحقق من المستلقي بين المشرق و المغرب بتحويل الوجه الي القبلة كما يتحقق من المستلقي الي القبلة بوضع شي ء تحت رأسه و الحق في المقام أن يستدل بما رواه ابو حمزة «3».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الوظيفة بعد تعذر الجلوس تنتقل الي الصلاة علي الجنب و مقتضي موثق عمار ان الايمن مقدم فلو تعذر الايمن تصل النوبة الي الايسر.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 420

(3) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 423

و ان تعذر صلي مستلقيا و رجلاه الي القبلة كهيئة المحتضر (1) و الاحوط وجوبا أن يؤمي برأسه للركوع و السجود مع الامكان (2).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و تقتضيه جملة من النصوص

منها ما أرسله الصدوق «1» و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «2» و منها: ما أرسله الصدوق أيضا «3» لكن هذه النصوص مخدوشة سندا و لنا أن نستدل بموثق عمار «4» علي المدعي بأن نقول: المستفاد منه أنه لو تعذر الاضطجاع علي الايمن يكون المكلف مخيرا غاية الامر يقيد بصورة امكان الاضطجاع علي الايسر و يبقي ما لو لم يكن الاضطجاع علي الايسر ممكنا فيتعين الاستلقاء فان احد فردي التخيير لو تعذر يتعين الفرد الاخر طبعا و هذا ظاهر.

(2) يمكن أن يقال: انه اذا أمكن الركوع أو السجود يجب بلا اشكال لإطلاق الادلة و لو أمكن الميسور منهما يجب فيما يصدق عليه الركوع أو السجود و لو مع فقدان الشرائط و أما مع عدم الصدق فربما يقال: بالوجوب فانه نقل عن العلامة في المنتهي: «أنه لو عجز عن السجود رفع ما يسجد عليه و لم يجز الايماء الا مع عدمه أو عدم التمكن خلافا للشافعي». و هذا نقل اجماع علي الحكم المذكور و فيه ما فيه.

و لا يبعد أن تدل عليه رواية ابراهيم بن أبي اياد الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شيخ لا يستطيع القيام الي الخلاء و لا يمكنه الركوع و السجود فقال: ليؤم برأسه إيماء و ان كان له من يرفع الخمرة فليسجد فان لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 420

(2) لاحظ ص: 420

(3) لاحظ ص: 421

(4) لاحظ ص: 420

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 424

______________________________

يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة إيماء «1».

و ابراهيم بعنوان الكرخي لم يوثق فالخبر ساقط عن الاعتبار بل يمكن أن يقال بأنه يستفاد من بعض النصوص خلاف المدعي منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: سألته عن المريض اذا لم يستطع القيام و السجود قال:

يومي برأسه ايماء و ان يضع جبهته علي الارض أحب إلي «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المريض كيف يسجد؟ فقال: علي خمرة أو علي مروحة أو علي سواك يرفعه اليه هو أفضل من الايماء انما كره (من كره) السجود علي المروحة من أجل الاوثان التي كانت تعبد من دون اللّه و انا لم نعبد غير اللّه قط فاسجدوا علي المروحة و علي السواك و علي عود «3».

نعم اذا لم يمكن تصل النوبة الي الايماء بلا خلاف- كما عن بعض و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «4» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المريض يومئ ايماء «5».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع الماء منها فيستلقي علي ظهره الايام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة الايام الا إيماء و هو علي حاله فقال: لا بأس بذلك و ليس شي ء مما حرم اللّه الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يصح السجود عليه الحديث: 1

(4) مر آنفا

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 425

و الاولي أن يجعل ايماء السجود أخفض من ايماء الركوع (1).

______________________________

و قد أحله لمن اضطر اليه «1».

و ما رواه عمار «2» و ما رواه ابراهيم بن أبي زياد الكرخي «3» و ما أرسله الصدوق «4» و ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «5» و يمكن أن

يكون الوجه في نظر الماتن أن مقتضي اطلاق نصوص الباب أن يؤمي و لو مع القدرة علي الركوع و السجود و اللّه العالم.

(1) و يدل عليه ما أرسل الصدوق «6» و يدل عليه ما أرسله الصدوق أيضا قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام: دخل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي رجل من الانصار و قد شبكته الريح فقال: يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كيف اصلي؟ فقال: ان استطعتم أن تجلسوه فاجلسوه و الا فوجهوه الي القبلة و مروه فليؤم برأسه إيماء و يجعل السجود أخفض من الركوع و ان كان لا يستطيع أن يقرأ فاقرءوا عنده و اسمعوه «7» و لا اعتبار بالمرسلات.

لكن يمكن أن يستفاد الحكم مما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفر و أنا أمشي قال: أوم إيماء و اجعل السجود أخفض من الركوع «8».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ: 420

(3) لاحظ ص: 423

(4) لاحظ ص: 420

(5) لاحظ ص: 420

(6) لاحظ ص: 420

(7) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 16

(8) الوسائل الباب 16 من أبواب القبلة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 426

و مع العجز يؤمي بعينه (1).

[مسألة 96: إذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما]

(مسألة 96): اذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما

______________________________

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: قلت: يصلي و هو يمشي؟ قال: نعم يؤمي إيماء و ليجعل السجود أخفض من الركوع «1».

(1) هذا هو المشهور بين القوم علي ما نقل عنهم و يدل عليه ما أرسله الصدوق «2» قال و قال الصادق عليه السلام يصلي المريض قائما فان لم يقدر

علي ذلك صلي جالسا فان لم يقدر أن يصلي جالسا صلي مستلقيا يكبر ثم يقرأ فاذا أراد الركوع غمض عينيه ثم يسبح فاذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع فاذا اراد أن يسجد غمض عينيه ثم سبح فاذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود و ظاهر ان المرسل لا اعتبار به.

مضافا الي أن الرواية واردة في المستلقي و عدم الفصل بينه و بين المضطجع اول الكلام و مثله ما رواه عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة قال: ان قام لم يكن له قبلة و لكن يستلقي علي قفاه و يفتح عينيه الي السماء و يعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور و يقرأ فاذا اراد أن يركع غمض عينيه و اذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه و السجود علي نحو ذلك «3» و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها واردة في مورد خاص و أيضا موردها المستلقي و عليه اتمام المدعي بالدليل مشكل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب القبلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 427

صلي قائما (1) و أومأ للركوع (2) و الاحوط استحبابا أن يعيد صلاته مع الركوع جالسا (3) و ان لم يتمكن من السجود أيضا صلي قائما و أومأ للركوع و السجود أيضا (4).

[مسألة 97: إذا قدر علي القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم إلي أن يعجز فيجلس]

(مسألة 97): اذا قدر علي القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم الي أن يعجز فيجلس (5) و اذا أحس بالقدرة علي القيام قام و هكذا و لا يجب عليه استئناف

ما فعله حال الجلوس فلو قرأ جالسا ثم تجددت القدرة علي القيام قبل

______________________________

(1) اذ المفروض انه يمكنه القيام فيجب.

(2) و يمكن أن يقال: انه بمقتضي ان الصلاة لا تسقط بحال يجب عليه أن يأتي بالمقدار الممكن و انه يمكنه الركوع جالسا فيجب و بعبارة اخري انه مع امكان الركوع جالسا لا تصل النوبة الي الايماء الا أن يقال: بأنه لا دليل علي وجوب الركوع الجلوسي في هذا الفرض و فيه: انه يكفي دليلا علي المدعي ان الصلاة لا تترك بحال فتأمل.

(3) لا اشكال في حسنه.

(4) الكلام في السجود هو الكلام في الركوع و انه لا بد من مراعاة قاعدة الميسور و اللّه العالم.

(5) يمكن أن يستدل عليه بالنصوص الدالة علي وجوب القيام اذا قوي عليه فان المستفاد من هذه النصوص ان المكلف ما دام يكون قادرا علي القيام لا يجوز له الصلاة عن جلوس و المفروض أنه قادر علي القيام في الركعة الاولي أو علي القيام في الاول منها فيجب أن يقوم و بعد ما صار عاجزا تصل النوبة الي الجلوس.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 428

الركوع بعد القراءة قام للركوع و ركع من دون اعادة للقراءة هذا في ضيق الوقت (1) و أما مع سعته فان استمر العذر الي آخر الوقت لا يعيد (2) و ان لم يستمر فان أمكن التدارك كأن تجددت القدرة بعد القراءة و قبل الركوع استأنف القراءة عن قيام و مضي في صلاته (3) و ان لم يمكن التدارك فان كان الفائت قياما ركنيا أعاد صلاته (4) و الا لم تجب الاعادة (5).

[مسألة 98: إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق و القيام في الجزء اللاحق]

(مسألة 98): اذا دار الامر بين القيام في الجزء السابق و القيام في الجزء اللاحق فالترجيح للسابق (6)

حتي فيما اذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركنا و كان في الجزء اللاحق ركنا (7).

[مسألة 99: يستحب في القيام إسدال المنكبين]

(مسألة 99): يستحب في القيام اسدال المنكبين (8).

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر فانه كلما يقدر علي القيام يجب و لا تجب الاعادة في ضيق الوقت لتغير الحكم بتغير موضوعه و عدم مقتضي للإعادة.

(2) لعدم امكان التدارك.

(3) لا مكان الاستيناف و عدم دليل علي الاكتفاء به.

(4) بتقريب: أن قاعدة لا تعاد لا تشمل الاخلال بالاركان.

(5) لقاعدة لا تعاد.

(6) اذ المفروض انه قادر علي القيام و ما دام قادرا علي القيام يجب الي أن يعجز فتصل النوبة الي الجلوس.

(7) لعين الملاك الذي ذكرنا فلاحظ.

(8) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قمت في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 429

و ارسال اليدين (1) و وضع الكفين علي الفخذين قبال الركبتين اليمني علي اليمني و اليسري علي اليسري (2) و ضم أصابع الكفين (3) و أن يكون نظره الي موضع سجوده (4) و أن يصف قدميه متحاذيتين مستقبلا بهما (5) و يباعد بينهما بثلاث أصابع مفرجات أو أزيد الي شبر (6) و أن يسوي بينهما في الاعتماد (7) و أن يكون علي حال الخضوع و الخشوع

______________________________

فلا تلصق قدمك بالاخري دع بينهما فصلا اصبعا أقل من ذلك الي شبر أكثره و أسدل منكبيك و أرسل يديك و لا تشبك أصابعك و ليكونا علي فخذيك قبالة ركبتيك و ليكن نظرك الي موضع سجودك و اذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر الحديث «1».

(1) كما في حديث زرارة.

(2) كما في حديث زرارة.

(3) كما في حديث زرارة.

(4) كما في حديث زرارة.

(5) كما في حديث حماد «2» و في

فقه الرضا «فصف قدميك» «3».

(6) كما في حديث زرارة.

(7) لاحظ ما عن الفقه الرضوي: قال: و لا تتك مرة علي رجلك و مرة علي الاخري «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 373

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من أفعال الصلاة الحديث: 7

(4) الحدائق ج 8 ص: 88

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 430

قيام عبد ذليل بين يدي المولي الجليل (1).

[الفصل الرابع في القراءة]
اشارة

الفصل الرابع في القراءة يعتبر في الركعة الاولي و الثانية من كل صلاة فريضة أو نافلة قراءة فاتحة الكتاب (2) و يجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الاقبال علي صلاتك فان اللّه تعالي يقول: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ «1».

(2) اجماعا و تسالما عند الكل مضافا الي السيرة العملية بين المسلمين بحيث لا يبقي مجال للريب و تدل علي الحكم في الجملة جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال: لا صلاة له الا أن يقرأ بها في جهر أو اخفات قلت أيما احب إليك اذا كان خائفا أو مستعجلا يقرأ سورة أو فاتحة الكتاب؟ قال:

فاتحة الكتاب «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسي فاتحة الكتاب الي أن قال: فليقرأها ما دام لم يركع فانه لا قراءة حتي يبدأ بها في جهر أو اخفات «3» و غيرهما.

(3) كما هو المشهور و في المقام جملة من النصوص ربما يستدل بها أو استدل

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أفعال الصلاة الحديث:

1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 431

______________________________

علي المطلوب منها: ما رواه منصور بن حازم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة و لا بأكثر «1».

و قد استشكل في هذه الرواية بأنها لا تدل علي المدعي لأنها تدل علي المنع عن القران بين سورتين و المنع عن الاكتفاء بأقل من سورة و أما صورة عدم الاتيان بها علي الاطلاق فالرواية غير متعرضة لها و الظاهر ان هذا الاشكال وارد فالرواية ساقطة من حيث الدلالة لكن لا يبعد أن يستفاد من سوق الرواية كون لزوم قراءة السورة أمرا مفروغا عنه.

و أيضا اورد في الرواية بأن النهي كراهي و النهي عن الاقل نهي تحريمي فيلزم استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد.

و الجواب عن هذا الاشكال انه لا يلزم هذا المحذور فان النهي ظاهر في التحريم و لا بد من العمل بهذا الظهور الا فيما يقوم القرينة علي الخلاف و بعبارة اخري: ظهور النهي في الحرمة و كذلك ظهور الامر في الوجوب ظهور اطلاقي لا ظهور وضعي فلا يلزم استعمال اللفظ في غير ما وضع له فلاحظ.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها و يجوز للصحيح في قضاء الصلاة التطوع بالليل و النهار «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بالعبيدي مضافا الي أن الوصف لا مفهوم له.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت للصلاة أقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال: نعم

قلت فاذا قرأت

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 432

______________________________

فاتحة القرآن اقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم مع السورة قال: نعم «1».

و هذه الرواية مخدوشة بالعبيدي أيضا مضافا الي أنها لا تدل الا علي كون البسملة من السورة.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام أنه قال: امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا مدروسا فلا يضمحل و لا يجهل و انما بدء بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شي ء من القرآن و الكلام جمع فيه من جوامع الخير و الحكمة ما جمع في سورة الحمد الحديث «2».

بتقريب: انه يستفاد من الخبر أن البدأة بالحمد فتكون السورة واجبة و فيه:

ان طريق الصدوق الي الفضل ضعيف علي ما في نخبة المقال للحاجياني مضافا الي أنه يمكن ان الابتداء بالاضافة الي الركوع.

و منها: ما رواه يحيي بن أبي عمران قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام:

جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدء ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أمّ الكتاب فلما صار الي غير أمّ الكتاب من السورة تركها؟ فقال العباسي: ليس بذلك بأس فكتب بخطه: يعيدها مرتين علي رغم أنفه يعني العباسي «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بيحيي و لو لا ضعف سندها لا يبعد أن تكون دلالتها علي المدعي تامة.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الاوليتين اذا ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب

1 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 433

______________________________

ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا «1».

و الانصاف انه لا قصور في دلالة هذه الرواية علي المدعي بمفهوم الشرط و الاشكال فيها بأن هذا اللسان لسان الاستحباب- كما في كلام سيد المستمسك- ليس تاما فان العرف يفهم من مثل هذه الشرطية.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك اول صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف امام في نفسه بام الكتاب و سورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أمّ الكتاب فاذا سلم الامام قام فصلي ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيها (في) بالاوليين في كل ركعة بام الكتاب و سورة و في الاخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قراءة و ان أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام فاذا سلم الامام قام فقرأ بام الكتاب و سورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلي ركعتين ليس فيهما قراءة «2».

و هذه الرواية أيضا لا قصور فيها من حيث دلالتها علي المدعي و الاشكال في الدلالة بأنها ليست في مقام تشريع السورة بل في مقام أن السورة لا تسقط في صلاة الجماعة علي نحو الاطلاق حتي في المأموم المسبوق ليس تاما فان الظاهر من الرواية لزوم الاتيان بالسورة و هذا الظهور لا ينكر و بعبارة اخري يفهم العرف من

هذه الجملة ان السورة من الصلاة و لا بد من الاتيان بها.

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 434

______________________________

السورتين في الركعة؟ فقال: لا لكل سورة ركعة «1».

و هذه الرواية أيضا تدل علي الوجوب لكن يمكن الاشكال فيها بأن المقدار المستفاد من الرواية عدم مشروعية أزيد من سورة واحدة في ركعة واحدة و أما أصل التشريع بنحو الوجوب أو الندب فلا تعرض للرواية له.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من غلط في سورة فليقرأ قل هو اللّه أحد ثم ليركع «2» و الانصاف ان هذه الرواية دالة علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألته قلت: اكون في طريق مكة فننزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب أ يصلي المكتوبه علي الارض فيقرأ أم الكتاب وحدها أم يصلي علي الراحلة فيقرأ فاتحة الكتاب و السورة؟ قال: اذا خفت فصل علي الراحلة المكتوبة و غيرها و اذا قرأت الحمد و السورة أحب إلي و لا أري بالذي فعلت بأسا «3».

و هذه الرواية أيضا لا قصور فيها من حيث الدلالة فان السائل في ذهنه وجوب السورة و لذا يسأل عن جواز تركه و لم يردعه الامام عليه السلام بل خيره بين الصلاة قائما بلا سورة و الصلاة علي الدابة مع السورة و رجح الشق الاخير.

و منها: ما دل علي عدم جواز العدول من سورة الي غيرها الا في مورد خاص مثل ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: اذا افتتحت صلاتك بقل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع الا أن تكون في يوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 435

______________________________

الجمعة فانك ترجع الي الجمعة و المنافقين منها «1» و يمكن أن يرد فيه بأن عدم جواز العدول لا ينافي الاستحباب و عدم الوجوب.

و مما يمكن أن يستدل به للمدعي ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان مداوما علي قراءة السورة و يجب التأسي به لقوله صلي اللّه عليه و آله «صلوا كما رأيتموني اصلي» و فيه: أنه لو سلم كونه مداوما لا دليل علي وجوب التأسي لضعف مستنده كما مر.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص تدل علي عدم وجوب السورة منها ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

ان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة «2».

و منها: ما رواه أبان بن عثمان عمن أخبره عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته هل يقسم السورة في ركعتين قال: نعم اقسمها كيف شئت «3» و هذه الرواية مرسلة لا اعتبار بها.

و منها: ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد و نصف سورة هل يجزيه في الثانية أن لا يقرأ الحمد و يقرأ ما بقي من السورة؟ فقال: يقرأ الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة «4».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

رجل قرأ سورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 436

______________________________

في ركعة فغلط أ يدع المكان الذي غلط فيه و يمضي في قراءته أو يدع تلك السورة و يتحول منها الي غيرها؟ فقال: كل ذلك لا بأس به و ان قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يقرأ الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة؟ قال: لا بأس اذا كانت أكثر من ثلاث آيات «2».

و منها: ما رواه علي بن يقطين في حديث قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن تبعيض السورة فقال: اكره و لا باس به في النافلة «3».

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام أو أبو جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب و آخر سورة المائدة فلما سلم التفت إلينا فقال: أما اني اردت أن اعلمكم «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن السورة أ يصلي بها الرجل في ركعتين من الفريضة؟ قال: نعم اذا كانت ست آيات قرأ بالنصف منها في الركعة الاولي و النصف الاخر في الركعة الثانية «5».

و منها: ما رواه سليمان بن أبي عبد اللّه قال: صليت خلف أبي جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب و آي من البقرة فجاء أبي فسئل فقال: يا بني انما صنع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 6 من

أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 437

علي الاحوط بعدها (1) و اذا قدمها عليها عمدا استأنف الصلاة (2) و اذا قدمها سهوا و ذكر قبل الركوع فان كان قد قرأ الفاتحة بعدها أعاد السورة (3) و ان لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها و قرأ السورة بعدها (4).

______________________________

ذا ليفقهكم و يعلمكم «1». و الشيخ علي ما نقل عنه قد حمل ما رواه ابن رئاب و الحلبي علي صورة الضرورة لا الاختيار بقرينة ما رواه الحلبي «2».

و الظاهر ان الروايات متعارضة فلا بد من العلاج و أما ما أفاده سيد المستمسك قدس سره من أنه لا معارضة بين الطائفتين اذ ما يدل علي جواز الترك يكون قرينة علي استحباب السورة فليس تاما و لو فرضنا المعارضة بين الروايات فلا يتم الامر بما ارتكبه الشيخ قدس سره من الحمل علي حال الضرورة فان ما دل علي جواز التفصيل لا يمكن حمله علي حال الاستعجال و الضرورة فان لسان تلك الروايات الدالة علي التبعيض آب عن هذا الحمل و عليه لا بد من علاج آخر و الظاهر ان مقتضي القاعدة حمل الاخبار المجوزة علي التقية فان الرشد في خلاف العامة مضافا الي أنه لا يبعد أن نقول: لو كان ترك السورة اختيارا جائزا لم يبق جوازه مستورا بل كان بحيث يتضح اذ هو أمر مورد ابتلاء جميع المكلفين في كل يوم و ليلة في السفر و الحضر فلاحظ.

(1) قد ظهر وجه بناء الماتن المسألة علي الاحتياط.

(2) اذ بالتقديم العمدي تحصل

الزيادة في المكتوبة و الزيادة فيها تبطل الصلاة.

(3) لوجوبها بعد الحمد فتجب الاعادة.

(4) كما هو ظاهر لوجوب الحمد و السورة فيجب الاتيان بهما و زيادة السورة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 438

و ان ذكر بعد الركوع مضي (1) و كذا ان نسيهما أو نسي احداهما و ذكر بعد الركوع (2).

[مسألة 100: تجب السورة في الفريضة و إن صارت نافلة كالمعادة]

(مسألة 100): تجب السورة في الفريضة و ان صارت نافلة كالمعادة (3) و لا تجب في النافلة و ان صارت واجبة بالنذر و نحوه علي الاقوي (4) نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور مخصوصة تجب قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها الا اذا كانت السورة شرطا لكمالها لا لأصل مشروعيتها (5).

[مسألة 101: تسقط السورة في الفريضة عن المريض]

(مسألة 101): تسقط السورة في الفريضة عن المريض (6).

______________________________

لا توجب البطلان لقاعدة لا تعاد المقررة عندهم.

(1) لعدم امكان التدارك و مقتضي قاعدة لا تعاد صحة الصلاة.

(2) قد ظهرا لوجه فيما أفاده لوحدة الملاك.

(3) لإطلاق دليل الوجوب فلاحظ.

(4) فان الظاهر من المكتوبة عنوانها الاولي و الوجوب النذري و نحوه لا يكون عنوانا للصلاة كما هو ظاهر.

(5) هذا من الواضحات فان اشتراط السورة قد فرض في بعض النوافل فلاحظ.

(6) ادعي عليه عدم الخلاف و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و اطلاق الرواية و ان كان مقتضيا لجواز الترك و لو مع عدم الضرورة لكن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي الحمل علي صورة الضرورة و لا يخفي أن في سند

______________________________

(1) لاحظ ص: 431

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 439

و المستعجل (1) و الخائف من شي ء اذا قرأها (2) و من ضاق وقته (3).

______________________________

رواية ابن سنان محمد بن عيسي و ناقشنا في وثاقته لكن الذي يسهل الخطب ان المرض لو كان بحيث يقتضي الضرورة ترك السورة يدخل في كبري الاستعجال.

(1) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «1» و يدل عليه أيضا ما رواه الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يجزي عني أن أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها اذا كنت مستعجلا أو

أعجلني شي ء؟

فقال: لا بأس «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون مستعجلا يجزيه أن يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها؟ قال: لا بأس «3».

(2) كما صرح به في رواية الحلبي «4».

(3) ما يمكن أن يستدل به في المقام امور:

منها الاجماع- كما عن البحار- و فيه: ان الاجماع المنقول لا يكون حجة.

و منها: القصور في الاطلاق فالقصور في المقتضي. و فيه: ان الظاهر ان الاطلاق محقق فلاحظ.

و منها: فحوي ما دل علي السقوط بالنسبة الي المأموم المسبوق. و فيه: أنه حكم خاص ورد في مورد مخصوص و لا وجه للتعدي.

و منها: فحوي ما دل علي جواز الترك في مورد الحاجة و الاستعجال بتقريب:

______________________________

(1) لاحظ ص: 432

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(3) المصدر السابق الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 440

و الاحوط استحبابا في الاوليين الاقتصار علي صورة المشقة في الجملة بقراءتها (1) و الاظهر كفاية الضرورة العرفية (2).

[مسألة 102: لا تجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقراءتها من السور الطوال]

(مسألة 102): لا تجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقراءتها من السور الطوال (3).

______________________________

ان ايقاع الصلاة في الوقت مقصود للمصلي. و فيه: ان هذا التقريب دوري اذ كون الغرض ايقاع الصلاة في الوقت يتوقف علي سقوط السورة و سقوطها يتوقف علي كون الايقاع فيه غرضا.

فالوجوه كلها مخدوشة فان تم اجماع تعبدي و الا نقول: لو لم يدرك ركعة مع السورة تكون الصلاة ساقطة و أما مع ادراك ركعة يلزم الاتيان بها فان الاتيان بالركعة الكاملة في الوقت يجزي عن الاتيان بالصلاة بتمامها فيه و اللّه العالم.

و ملخص الكلام أن ترك السورة لضيق الوقت يتوقف علي وجوب

التحفظ علي الوقت و لو بترك السورة و جواز ترك السورة يتوقف علي وجوب رعاية الوقت كي يصدق عنوان الاستعجال و الخوف و هذا دور.

(1) لعل وجه الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و اللّه العالم.

(2) للإطلاق.

(3) اذ المفروض انه يوجب تفويت الوقت و لا يجوز التفويت عمدا كما هو ظاهر و ربما يستدل علي المدعي بما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث: لا تقرأ في الفجر شيئا من آل حم «1» و هذه الرواية لا ترتبط بالمدعي.

و أما رواية عامر بن عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 441

فان قرأها عامدا بطلت الصلاة (1) و ان كان ساهيا عدل الي غيرها مع سعة الوقت (2) و ان ذكر بعد الفراغ منها و قد خرج الوقت أتم صلاته (3) الا اذا لم يكن قد أدرك ركعة فيحكم حينئذ ببطلان صلاته و لزمه القضاء (4).

[مسألة 103: لا تجوز قراءة احدي سور العزائم في الفريضة]

(مسألة 103): لا تجوز قراءة احدي سور العزائم في الفريضة (5).

______________________________

قرأ شيئا من آل حم في صلاة الفجر فاته الوقت «1» فهي ساقطة سندا بعامر فانه لم يوثق.

(1) اذ المفروض ان قراءته غير مطلوبة فالاتيان بها بقصد الجزئية يوجب الزيادة في المكتوبة فتبطل.

(2) رعاية للوقت و لا يتوجه اشكال القران بين سورتين فان المفروض انه لم يتم السورة الاولي.

(3) لقاعدة من أدرك مضافا الي قاعدة لا تعاد.

(4) لعدم الاتيان بالمأمور به فيجب القضاء.

(5) هذا هو المشهور بين القوم و نسب القول بالخلاف الي ابن الجنيد و العمدة النصوص الواردة في المقام فاللازم النظر فيها منها: ما رواه

زرارة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أ يركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟ قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و ذلك زيادة في الفريضة و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 307

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 442

______________________________

قال: و سألته عن امام يقرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع؟ قال:

يقدم غيره فيسجد و يسجدون و ينصرف و قد تمت صلاتهم «1».

و منها: ما رواه أبو البختري وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام انه قال: اذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها «2» و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع و يسجد «3» و هذه الرواية صريحة في الصحة و عدم المنافاة بين الامرين.

و منها: ما رواه سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد فاذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب و ليركع قال: و اذا ابتليت بها مع امام لا يسجد فيجزيك الايماء و الركوع «4» و هذه الرواية دالة أيضا علي عدم البأس.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان صليت مع قوم فقرأ الامام اقرأ باسم ربك الذي خلق أو شيئا من العزائم و فرغ من قراءة و لم يسجد فأوم إيماء و الحائض تسجد اذا سمعت السجدة «5».

و هذه

الروايات متعارضة حيث ان بعضها يدل علي الجواز و بعضها الاخر يدل علي المنع فان قلنا بأن الجمع العرفي يقتضي رفع اليد عن دليل المنع بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4 و 5

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 443

علي اشكال (1) فاذا قرأها عمدا وجب عليه السجود للتلاوة (2) فان سجد بطلت صلاته (3) و ان عصي فالاحوط وجوبا له الاتمام و الاعادة (4) و اذا قرأها نسيانا و ذكر قبل آية السجدة عدل الي غيرها (5) و اذا ذكر بعدها فان سجد نسيانا أيضا اتمها و صحت صلاته (6) و ان

______________________________

يدل علي الجواز تكون النتيجة هو الجواز و أما لو قلنا بأنه لا بد من اعمال قواعد التعارض فالترجيح مح دليل المنع اذ المنع خلاف قول العامة.

و يمكن أن يقال: بأن النصوص الدالة علي الجواز أعم من النص الدال علي المنع لاحظ حديث سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد الي أن قال: و لا تقرأ في الفريضة اقرأ في التطوع «1» فان هذه الروايه أخص اذ تلك أعم من الفريضة و هذه تمنع عن القراءة في خصوص الفريضة.

(1) قد ظهر وجه الاشكال لتعارض النصوص و مقتضي الصناعة ما ذكرناه.

(2) لوجوب السجود للقراءة بمقتضي اطلاق دليله.

(3) بل مقتضي القاعدة البطلان قبل الاتيان بالسجدة اذ السورة ممنوعة شرعا فقرائتها توجب البطلان.

(4) بل الاظهر كما ذكرنا.

(5) فان المفروض انه لا يجوز له قراءتها فلا يمكن الاجتزاء بها فلا بد من العدول

الي سورة اخري و القران الممنوع لو سلم صدقه لا يضر للسهو.

(6) لعدم البطلان بالسجود السهوي و من ناحية اخري المفروض الاتيان بالسورة و سورة العزيمة لا قصور فيها الا من ناحية وجوب السجود فالمأمور به تحقق في الخارج.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 444

التفت قبل السجود أومأ اليه و أتم صلاته (1).

______________________________

و صفوة القول: ان النهي من ناحية زيادة السجدة و المفروض ان السجدة وقعت سهوا فلا تفسد الصلاة و النتيجة صحتها.

و في النفس شي ء و هو ان المستفاد من الادلة النهي عن سور العزائم بما هي كما عليه جملة من الاساطين.

(1) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ انسان السجدة كيف يصنع؟ قال يؤمي برأسه «1».

و ما رواه أيضا قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة فقال: يسجد اذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم يقوم فيتم صلاته الا أن يكون في فريضة فيؤمي برأسه إيماء «2».

و هذه النصوص مختصة بصورة السماع لا القراءة فالتعدي يحتاج الي الدليل مضافا الي أن مورد بعضها التقية و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المورد من صغريات باب التزاحم اذ يجب السجود و يحرم ابطال الصلاة لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها علي نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «3».

لكن الحق ان المقام داخل في باب التعارض اذ السجود

واجب و البطلان يتحقق به فلا يمكن الجمع بين الحرمة و الوجوب و يمكن أن يقال: ان المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 445

و سجد بعدها علي الاحوط (1) فان سجد و هو في الصلاة بطلت (2)

[مسألة 104: إذا استمع إلي آية السجدة و هو في الصلاة]

(مسألة 104): اذا استمع الي آية السجدة و هو في الصلاة أومأ برأسه الي السجود و أتم صلاته (3) و الاحوط وجوبا السجود أيضا بعد الفراغ (4) و الظاهر عدم وجوب السجود بالسماع من غير اختيار مطلقا (5).

______________________________

من نصوص النهي عن قراءة العزائم أن السجود مأمور به حتي في الفريضة فلا تعارض بل تجب السجدة فتبطل الصلاة.

(1) قد ظهر انه تجب السجدة في الصلاة فلا مجال لهذا الاحتياط.

(2) كما هو ظاهر فان السجود في الفريضة يوجب بطلانها لاحظ ما رواه علي ابن جعفر «1».

(3) لاحظ حديثي ابن جعفر 2.

(4) لم يظهر وجه وجوبه و لا اشكال في حسنه.

(5) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ قال: لا يسجد الا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته فأما أن يكون يصلي في ناحية و أنت تصلي في ناحية اخري فلا تسجد لما سمعت 3 و السند مخدوش بالعبيدي.

و تدل علي الوجوب جملة من النصوص: منها: حديثا علي بن جعفر 4

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 444

(2) (3) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(3) (4) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 446

[مسألة 105: تجوز قراءة سور العزائم في النافلة منفردة أو منضمة إلي سورة أخري]

(مسألة 105): تجوز قراءة سور العزائم في النافلة (1) منفردة أو منضمة الي سورة اخري (2) و يسجد عند قراءة آية السجدة و يعود الي صلاته فيتمها (3).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعلم السورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال: عليه أن يسجد كلما سمعها و علي الذي يعلمه أيضا أن يسجد «1».

و

عن السرائر الاجماع عليه و عن الحدائق: أن عليه الاكثر و في المقام رواية عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس و بعد صلاة الفجر فقال: لا يسجد الي أن قال: و عن الرجل يصلي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلي لنفسه و ربما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟ قال: لا يسجد «2».

و الترجيح مع ما يدل علي الوجوب لمخالفته مع مذهب العامة مضافا الي كونه أحدث زمانا فلاحظ.

(1) نقل عن الخلاف الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه سماعة «3».

(2) فان القران يجوز في النافلة بلا كلام.

(3) لان السجود واجب فيجب الاتيان به و لا دليل علي كونه مخلا بالصلاة و مقتضي حديث الرفع عدم اخلاله و يؤيد المدعي ما رواه علي بن جعفر «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 443

(4) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 447

و كذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها (1) و سور العزائم أربع:

الم السجدة، حم السجدة، النجم اقرأ باسم ربك (2).

[مسألة 106: البسملة جزء من كل سورة]

(مسألة 106): البسملة جزء من كل سورة فتجب قراءتها معها (3).

______________________________

(1) لعين الملاك.

(2) اجماعا كما عن المستند و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «1».

و ما رواه داود بن سرحان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع:

اقرأ باسم ربك الذي خلق، و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «2».

(3) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و عن المعتبر: نسبته الي علمائنا و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه صفوان قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ببسم اللّه الرحمن الرحيم فاذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم و أخفي ما سوي ذلك «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السبع المثاني و القرآن العظيم أ هي الفاتحة؟ قال: نعم قلت بسم اللّه الرحمن الرحيم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 448

عدا سورة براءة (1) و اذا عينها لسورة لم تجز قراءة غيرها الا بعد اعادة البسملة لها و اذا قرأ البسملة من دون تعيين سورة وجب اعادتها و يعينها لسورة خاصة و كذا اذا عينها لسورة و نسيها فلم يدر ما عين و اذا كان مترددا بين السور لم يجز له البسملة الا بعد التعيين (2).

______________________________

من السبع؟ قال: نعم هي أفضلهن «1» و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» و منها غيرها المذكور في الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل.

و في قبال هذه النصوص ما يدل علي عدم الوجوب لاحظ ما رواه مسمع البصري قال: صليت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين

ثم قرأ السورة التي بعد الحمد و لم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم قام في الثانية فقرأ الحمد و لم يقرأ ببسم اللّه الرحمن الرحيم ثم قرأ بسورة اخري «3» و غيره «4».

و لا مجال للبحث فان السيرة القطعية الجارية تدل علي كون البسملة جزءا من السورة.

(1) للإجماع و السيرة.

(2) وقع الكلام بينهم في أنه يجب تعيين البسملة للسورة المعينة أو لا يلزم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 449

______________________________

التعيين قبل الشروع في السورة و منشأ هذا الخلاف أن البسملة جزء من السورة فلو صدق قراءة السورة بلا تعيين قبل الشروع لا يلزم و الا يلزم و لا يبعد ان الحق مع القائلين بالوجوب فانه يلزم أن يصدق قراءة القرآن و مجرد التطابق بين المقرو و بين القرآن لا يوجب الصدق.

و بعبارة اخري: ان الواجب علي المكلف أن يقرأ القرآن و البسملة جزء من السورة الواجبة قراءتها و لا يصدق قراءة القرآن الا بأن يكون القاري ناظرا الي حكاية ما نزل علي الرسول الاكرم صلي اللّه عليه و آله و من الظاهر ان النازل علي قلبه المقدس كل شخص من هذه السور مع البسملة نعم لو كان مجرد التطابق موجبا لصدق القراءة و الحكاية لم يكن التعيين لازما لكن لا يمكن الالتزام به و لذا نري فرقا بين أن يقول المتكلم: تكلمت بكلام زيد و حكيت كلامه و بين أن يقول:

قلت مثل قوله و الذي يدل علي ما ذكرنا أنه لو أنشأ شاعر شعرا مثل شعر شاعر

آخر بلا علم و بلا توجه لا يقال: قرأ شعره بل يقال: أنشأ و قرأ شعرا مثل شعر ذلك الشاعر.

و ملخص الكلام في المقام: ان الواجب علي المكلف أن يقرأ سورة من سور القرآن بعد الحمد و المفروض أن البسملة جزء لكل سورة و لا يصدق قراءة سورة خاصة الا بقصد قراءتها بخصوصها فلو قرأ بسملة بلا قصد انها جزء لسورة معينة لم يقرأ ما هو جزء للقرآن اذ المفروض ان ما هو جزء القرآن ما لو حظ جزءا من السورة فلا يصح أن يقال: بأن الجامع بين البسامل هو القرآن اذ الجامع انتزاع عقلي و النازل علي قلبه المقدس هو الشخص الخارجي.

ثم انه لو وصلت النوبة الي الشك فمقتضي القاعدة هو لزوم التعيين اذ لا شبهة في وجوب قراءة القرآن فلو شك في صدق هذا المفهوم بلا تعيين يلزم لان الشك

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 450

و اذا كان عازما من أول الصلاة علي قراءة سورة معينة أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفي و لم تجب اعادة السورة (1).

[مسألة 107: الأحوط ترك القرآن بين السورتين في الفريضة]

(مسألة 107): الاحوط ترك القران بين السورتين في الفريضة و ان كان الاظهر الجواز علي كراهة (2).

______________________________

في المحصل فلو عين البسملة لسورة خاصة لا يمكن أن يكون حكاية لغيرها فيكون الغير بلا بسملة.

و عن البحار أنه لا محذور فيه محتجا بالكتابة و بأنه يلزم اعتبار هذا المعني في بقية الالفاظ المشتركة و بخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع الي السورة التي أراد؟ قال: نعم ما لم تكن قل هو اللّه أحد أو قل يا

ايها الكافرون «1».

و فيه: ان الكتابة أيضا كذلك و الالتزام بمثله في بقية المشتركات لا محذور فيه و خبر ابن جعفر اجنبي عن المقام فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي عدم الكفاية و مقتضي اطلاق الادلة الكفاية فلاحظ.

(2) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي عدم الجواز كما رواه محمد «2» و منها: ما يدل علي الجواز كما رواه علي بن يقطين قال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 450

سألت أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة و النافلة قال:

لا بأس «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 433

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 451

و في النافلة يجوز ذلك بلا كراهة (1).

[مسألة 108: سورتا الفيل و الإيلاف سورة واحدة]

(مسألة 108): سورتا الفيل و الايلاف سورة واحدة و كذا سورتا و الضحي و الم نشرح (2) فلا تجزي واحدة منهما بل لا بد من

______________________________

و منها: ما يدل علي أن الترك أفضل كما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تقرنن بين السورتين في الفريضة في ركعة فانه أفضل «1».

فان مقتضي الجمع بين هذه الروايات أن ترك القران أفضل كما صرح بالكراهة في حديث زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة فأما النافلة فلا بأس «2».

و يستفاد من رواية المستطرفات أن الترك أفضل من الفعل فيكون المراد من الكراهة رجحان الترك.

(1) بلا اشكال كما استفيد من النص المتقدم مضافا الي أن القران بين السور كثير في باب الصلوات

المستحبة كما يظهر لمن يراجع كتب العبادات.

(2) الجزم بالاتحاد في غاية الاشكال اذ الملاك ليس الا جملة من المراسيل لاحظ ما رواه جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق في الشرائع قال: روي أصحابنا أن الضحي و أ لم نشرح سورة واحدة و كذا الفيل و لا لايلاف «3».

و يصح ما عن المعتبر من أنه لا نسلم انهما سورة واحدة فانه يمكن أن تكونا سورتين لكن يجب قراءتهما في الركعة الواحدة للإجماع و التسالم و لرواية زيد الشحام قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام الفجر فقرأ الضحي و أ لم نشرح في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 452

الجمع بينهما مرتبا مع البسملة الواقعة بينهما (1).

[مسألة 109: تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف و إخراجها من مخارجها علي النحو اللازم في لغة العرب]

(مسألة 109): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف و اخراجها من مخارجها علي النحو اللازم في لغة العرب كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربي من حركة البنية و سكونها و حركات الاعراب و البناء و سكناتها و الحذف و القلب و الادغام و المد الواجب و غير ذلك فان أخل بشي ء من ذلك بطلت القراءة (2).

______________________________

ركعة «1».

و في دلالة الرواية علي المدعي تأمل.

(1) فان بناء المصاحف علي اثبات البسملة في اول الم نشرح و لا لايلاف و هذا بنفسه دليل علي كون كل واحدة منهما سورة و القول بأنه لا منافاة بين الامرين بدليل ان اعتقاد الاكثر علي عدم كون البسملة جزءا من السورة و مع ذلك يثبتونها مردود بأن الميزان في الشروع في كل سورة اثبات البسملة فاثباتها دليل علي هذا الاعتقاد و يكفي لإثبات المدعي ان هذا الاعتقاد

لم يردع من قبل الشارع مضافا الي أن اصالة الاحتياط تقتضي الاتيان بها اذ ثبت وجوب سورة كاملة و بالاتيان بالثانية بلا بسملة نشك في الفراغ و مقتضي الاشتغال الاتيان لكن يمكن أن يقال:

بأن مقتضي القاعدة الاكتفاء بالسورة الواحدة ك (أ لم تر) مثلا غاية الامر علمنا بوجوب اضافة لا لايلاف اليها و نشك في وجوب البسملة فيكون مقتضي البراءة عدم وجوبها فتأمل.

(2) اذ المفروض ان الواجب علي المكلف القراءة و القراءة ان لم تكن علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 453

[مسألة 110: يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة اللّه، و الرحمن، و الرحيم و اهدنا و غيرها]

(مسألة 110): يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة اللّه، و الرحمن، و الرحيم و اهدنا و غيرها فاذا أثبتها بطلت القراءة (1) و كذا يجب اثبات همزة القطع: إياك، و أنعمت فاذا حذفها بطلت القراءة (2).

[مسألة 111: الأحوط وجوبا ترك الوقوف بالحركة]

(مسألة 111): الاحوط وجوبا ترك الوقوف بالحركة بل و كذا الوصل بالسكون (3).

______________________________

طبق الموازين لا تكون مصداقا للمأمور به و بعبارة اخري: القراءة غير الصحيحة خارجة بالتخصص.

(1) اذ المفروض ان الكلام العربي علي هذا النهج فالكلام هو الكلام.

(2) بعين البيان و يمكن النقاش في بعض مصاديق هذه الكبري مثلا لو قال في مقام التحذير: اللّه اللّه في الإسلام و حذف الهمزة في كلمة اللّه المعادة في الكلام لا يبعد أن يعد مستهجنا بخلاف ما لو أثبتها فانه أوقع في القلوب و ببالي ان سيدنا الاستاد كان يقرر ما ذكرنا و كان يمثل بنفس هذا المثال فلاحظ.

(3) و عن المجلسي: اتفاق القراء و اهل العربية علي عدم جواز الاول و عن بعض عدم وجوب رعايته مع اتيان الكلمة بحسب ما يقتضيه وضعها و اتفاق القراء لا أثر له كما أن مخالفة أهل العربية لا تضر و لا دليل علي وجوب القراءة علي النهج العربي.

و فساد هذا الكلام ظاهر لان القرآن عربي فلا بد من رعاية قانون العربية و عن الشهيد الثاني جواز الثاني لعدم مخالفته لقانون العربية و الحال ان المنقول عنهم عدم جواز الوصل بالسكون و حصر الجواز في حال الوقف.

و العمدة أن يشخص الموضوع من أهل اللسان في محاوراتهم و لذا يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 454

[مسألة 112: يجب المد في الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها و الألف المفتوح ما قبلها]

(مسألة 112): يجب المد في الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها و الالف المفتوح ما قبلها اذا كان بعدها سكون لازم مثل: ضالين (1) بل هو الاحوط في مثل: جاء و جي ء و سوء (2).

______________________________

أن يستشهد كما استشهد بقول الصياد حين يري الغزال: «غزال، غزال» مع تسكين اللام و لا يبعد أن لا يعد

غلطا و لو وصلت النوبة الي الشك يكون المرجع البراءة كما هو الميزان الكلي في مورد الشك.

(1) من أقسام المد ما اذا كان بعد حرف المد ساكن بسكون لازم و يكون الساكن مدغما في غيره كمثال المتن و في مثله- كما في كلام المحقق الحائري قدس سره- يجب المد بمقدار يظهر اللفظ فان التحفظ علي الهيئة و التشديد يتوقف علي مقدار من المد و الا يصير ضلين بلا ألف أو ضالين بلا تشديد و كلاهما غلط و أما الزائد فلا.

(2) الذي يختلج ببالي: انه لا يجب المد في الموارد المذكورة و الشاهد عليه انه نري ان أهل اللسان في محاوراتهم لا يراعون المد في هذه الموارد و مع عدم المراعاة لا يعد كلامهم غلطا و هذه آية عدم الوجوب و من الظاهر أن للقرآن ليس خصوصية من هذه الجهة.

ان قلت: ان اللازم قراءة ما نزل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و يحتمل أن ما نزل عليه بهذه الخصوصية قلت: ان اللازم رعاية الخصوصية من حيث المادة و الصورة حسب القواعد العربية و أما رعاية الخصوصيات الزائدة فلا كما لو أمر المولي عبده بقراءة قصيدة كذائية فانا نري صدق القراءة و لو مع عدم رعاية مثل هذه الخصوصيات.

مضافا الي أن هذا الشك مرجعه الي الشك في التكليف الزائد و المرجع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 455

[مسألة 113: الأحوط استحبابا الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف: يرملون]

(مسألة 113): الاحوط استحبابا الإدغام اذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف: يرملون (1).

______________________________

البراءة بل مع الاستصحاب الجاري في الموضوع لا يبقي مجال للأصل الحكمي فان مقتضي الاستصحاب عدم نزوله مع المد فلاحظ.

و أما ما عن ابن مسعود من أنه كان يقري رجلا فقرأ الرجل: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ

لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» مرسلة فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: كيف فقال: أقرأنيها انما الصدقات للفقراء و المساكين» فمدها ثم قال الجزري: هذا حديث جليل حجة و نص في هذا الباب و رجال اسناده ثقاة رواه الطبراني في المعجم الكبير «1» فلا يرجع الي محصل اذ كون السند معتبرا أول الكلام مضافا الي أن هذه الرواية دليل علي الخلاف حيث ان الاعرابي قرأ بلا مد و أما تواتر الحديث فليس ثابتا.

(1) حكي عن ابن حاجب و الرضي وجوب الادغام أعم من أن يكون ما ذكر في كلمتين أو في كلمة واحدة الا فيما يوجب الاشتباه في كلمة واحدة فلا يجب ففي مثل انمحي يجب لعدم الالتباس.

و الحق عدم وجوبه و الوجه فيه انا نري ان أهل اللسان لا يعدون التارك للإدغام في الموارد المذكورة غلطا فلا يجب و لو وصلت النوبة الي الشك يكون المرجع اصل البراءة.

و ما أفاده في المستمسك من أن المقام داخل في دوران الامر بين التعيين و التخيير فلا بد من الاحتياط لم نفهم ما رامه فان جميع الموارد التي يجري فيها اصل البراءة دائر بين التعيين و التخيير اذ مقتضي البراءة التخيير و مقتضي الاحتياط

______________________________

(1) مستمسك العروة الوثقي ج 6 ص: 236

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 456

[مسألة 114: يجب ادغام لام التعريف اذا دخلت علي حروف الآتية]

(مسألة 114): يجب ادغام لام التعريف اذا دخلت علي التاء و الثاء و الدال و الذال و الراء و الزاي و السين و الشين و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و اللام و النون و اظهارها في بقية الحروف فتقول في اللّه و الرحمن و الرحيم و الصراط و الضالين بالادغام و في

الحمد و العالمين و المستقيم بالاظهار (1).

[مسألة 115: يجب الإدغام في مثل مد و رد مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة]

(مسألة 115): يجب الادغام في مثل مد و رد مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة (2) و لا يجب في مثل اذهب بكتابي و يدرككم مما اجتمع فيه المثلان في كلمتين و كان الاول ساكنا و ان كان الادغام أحوط (3).

[مسألة 116: تجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين]

(مسألة 116): تجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين (4) و يجوز في الصراط بالصاد و السين (5) و يجوز في كفوا أن يقرأ بضم الفاء

______________________________

التعيين و بعبارة اخري: لا نري مانعا من جريان البراءة مع وصول النوبة الي الشك.

(1) يعبر عن القسم الاول بالشمسي و عن الثاني بالقمري و الرجوع الي أهل اللسان يكفي في اعتبار ما أفاده في المتن.

(2) هذا من موارد وجوب الادغام فان الرجوع الي أهل اللسان يشهد بلزومه فانه لو قرأ أحد بدون الادغام و بالتفكيك في مثل كلمة رد و فرو أمثالهما يعد غلطا.

(3) لعدم عده غلطا في العرف.

(4) نقل ان الاول قراءة عاصم و كسائي من السبعة و الثاني قراءة باقي القراء و عليه يكون كل منهما جائزا كما سيجي ء في مسأله 119.

(5) الانصاف انه يشكل الجزم بجواز الاكتفاء بالسين في المقام الا بعد ثبوت

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 457

و بسكونها مع الهمزة أو الواو (1).

[مسألة 117: اذا لم يقف علي أحد في قل هو اللّه أحد و وصله باللّه الصمد فالاحوط أن يقول أحدن اللّه الصمد]

(مسألة 117): اذا لم يقف علي أحد في قل هو اللّه أحد و وصله باللّه الصمد فالاحوط أن يقول أحدن اللّه الصمد بضم الدال و كسر التنوين (2).

[مسألة 118: إذا اعتقد كون الكلمة علي وجه خاص من الإعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلي مدة علي ذلك الوجه ثم تبين أنه غلط]

(مسألة 118): اذا اعتقد كون الكلمة علي وجه خاص من الاعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلي مدة علي ذلك الوجه ثم تبين انه غلط فالظاهر الصحة و ان كان الاحوط الاعادة (3).

______________________________

كونه متداولا في ذلك العصر و الا فكيف يمكن الاكتفاء مع الشك بل مقتضي الاصل عدم تداوله فلاحظ.

(1) أما صورة ضم الفاء مع الهمزة فهي المشهورة عندهم حسب النقل و أما صورة سكون الفاء مع الهمزة فهي المنقولة عن نافع و همزة و خلف و أما صورة ضم الفاء مع الواو فهي منقولة عن حفص و أما صورة اسكان الفاء مع الواو فلم تنقل فاذا قلنا بأن الاسكان و قلب الهمزة واوا أمر علي القاعدة يجوز و الا يشكل لاحظ ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام «1».

(2) نقل عن أهل العربية عدم حذف التنوين من الاسم المتمكن المنصرف الا في المضاف الي ابن الواقعة بين علمين كقوله جاء زيد ابن عمرو و عليه ما أفاده من الاحتياط في موضعه.

(3) لحديث لا تعاد الا في صورة العمد أو الجهل عن تقصير.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 6 ص: 251

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 458

[مسألة 119: الأحوط القراءة بإحدي القراءات السبع]

(مسألة 119): الاحوط القراءة باحدي القراءات السبع (1).

______________________________

(1) قال سيدنا الاستاد في كتاب البيان: هم عبد اللّه بن عامر كان معاصرا لوليد بن عبد الملك مات سنه 118 و ابن كثير مات سنة 120 و عاصم مات سنة 128 أو 127 و أبو عمرو البصري مات سنه 154 و حمزة الكوفي مات سنه 156 و نافع المدني مات سنة 169 و الكسائي مات سنه 189 «1» و وفات جعفر بن محمد عليه السلام رئيس المذهب سنة 148.

ربما يقال: بأنه

يجوز القراءة باحدي القراءات السبع أو العشر و ادعي عليه الاجماع لكن الذي ينبغي أن يقال: في المقام: ان الواجب قراءة ما نزل من عند اللّه علي قلب رسوله الاكرم صلي اللّه عليه و آله.

ان قلت: انه نقل متواترا هذه القراءات السبع فكل من القرآن قلت: هذا أول الكلام فانه نقل عن جمله من الاعاظم انكار هذا المدعي بل يستفاد من بعض النصوص ان القرآن نزل علي حرف واحد كرواية الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الناس يقولون: ان القرآن نزل علي سبعة أحرف فقال: كذبوا أعداء اللّه و لكنه نزل علي حرف واحد من عند الواحد «2».

ان قلت: قد وردت عدة روايات تدل علي كون نزول القرآن علي سبعة أحرف قلت: هذه الروايات عامية لا اعتبار بها سندا مضافا الي أنها مخالفة لما رواه الفضيل و لم يثبت تواتر هذه القراءات عن النبي صلي اللّه عليه و آله.

و عليه نقول: بأن مقتضي القاعدة الاولية الاحتياط لان الواجب قراءة القرآن و مقتضي الاشتغال أو الاستصحاب الاحتياط حتي يقطع بفراغ الذمة لكن قد ورد في بعض الروايات ان القراءة المتداولة جائزة كخبر سالم أبي سلمة قال: قرأ

______________________________

(1) البيان ص: 140/ 155

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص: 630 حديث: 13 من باب النوادر في فضل القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 459

______________________________

رجل علي أبي عبد اللّه عليه السلام و أنا استمع حروفا من القرآن ليس علي ما يقرأه الناس فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتي يقوم القائم فاذا قام القائم قرأ كتاب اللّه علي حده و أخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام

«1».

و هذا الخبر لو قلنا بصحته فالمدرك تام و أما لو ناقشنا في سنده من جهة سالم فلا بد من الاعتماد علي مدرك آخر و يدل علي المدعي ما عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك انا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها و لا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟ فقال: لا اقرءوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم «2» و هذا الخبر لإرساله لا يعتمد عليه.

و لكن يمكن اثبات المدعي بوجه آخر فعن الشيخ في التبيان جواز القراءة بالقراءات المتداولة بالإجماع قال المحقق الهمداني في هذا المقام: فلا شبهة في كفاية كل من القراءات السبع لاستفاضة نقل الاجماع عليه بل تواتره الي آخر كلامه و السيرة الخارجية علي قراءة القرآن بهذه القراءات بلا ردع منهم عليهم السلام فانه لو ردع لنقل و لو كان لبان.

و في المقام رواية رواها عبد اللّه بن فرقد و المعلي بن خنيس قالا: كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام و معنا ربيعة الرأي فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان كان ابن مسعود لا يقرأ علي قراءتنا فهو ضال فقال: ربيعة: ضال؟

فقال: نعم ضال ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما نحن فنقرأ علي قراءة ابي «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 74 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الاصول من الكافي ج 2 ص: 634 حديث 27 باب النوادر من فضل القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 460

و ان كان الاقوي جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الائمة عليهم السلام (1).

[مسألة 120: يجب علي الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الأوليين من المغرب و العشاء]

(مسألة 120): يجب علي الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و

الاوليين من المغرب و العشاء (2).

______________________________

تدل بظاهرها علي أنه عليه السلام أنكر علي ابن مسعود بأنه لو لم يقرأ علي قراءتنا فهو ضال لكن في سندها عبد اللّه بن فرقد و المعلي بن خنيس و هما لم يوثقا مضافا الي أنه مع هذا الاجماع و السيرة و عدم وصول الردع كيف يمكن العمل بها.

(1) كما هو ظاهر فانه مع التداول في زمنهم يكون وجه الجواز أوضح من أن يخفي.

(2) كما هو المشهور و عن الخلاف دعوي الاجماع عليه و الدليل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الا جهار فيه و أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال: اي ذلك فعل معتمدا فقد نقض صلاته و عليه الاعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي ء عليه و قد تمت صلاته «1».

و مثله خبره الاخر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه و ترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال: اي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شي ء عليه «2».

و لا مجال للمناقشة في الدلالة علي الوجوب بأن لفظ لا ينبغي ظاهر في مطلق الرجحان و كذلك لا مجال للمناقشة بأن التعبير في الرواية الاولي بلفظ نقض فان النقض يصدق بترك المستحب اذ المفروض أنه حكم بالاعادة و وجوب الاعادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 461

______________________________

يقتضي بطلان الصلاة كما أن ظاهر النقض هو البطلان مع أنه لو شك

في الزيادة و النقيصة يكون مقتضي القاعدة كون الحرف معجمة فان الزيادة خلاف الاصل بخلاف النقض و العمدة هذان الخبران.

و أما مداومة النبي صلي اللّه عليه و آله علي الجهر فلا تدل علي الوجوب و خبر «صلوا كما رأيتموني اصلي» ضعيف سندا.

و أما ما رواه الصدوق باسناده الي محمد بن عمران (حمران) أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: لأي علة يجهر في صلاة الجمعة و صلاة المغرب و صلاة العشاء الآخرة و صلاة الغداة و ساير الصلوات (مثل) الظهر و العصر لا يجهر فيها؟

الي أن قال: فقال: لان النبي صلي اللّه عليه و آله لما اسري به الي السماء كان أول صلاة فرض اللّه عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف اللّه عز و جل اليه الملائكة تصلي خلفه و أمر نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يجهر بالقراءة ليتبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر و لم يضف اليه أحدا من الملائكة و أمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ثم فرض عليه المغرب و أضاف اليه الملائكة فأمره بالاجهار و كذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض اللّه عليه الفجر فأمره بالاجهار لبيت للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها «1».

فلا يمكن الاعتماد عليه لإمكان أن تكون الرواية باسناده الي محمد بن عمران و الاسناد ضعيف و ما رواه في العلل فضعيف بعلي بن معبد و أما رواية يحيي بن أكثم القاضي «2» فهي ضعيفة بابن أكثم و الحديث بسنده الاخر أيضا ضعيف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 462

______________________________

و أما خبر المجالس باسناده قال: جاء

نفر من اليهود الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه عن مسائل الي أن قال: و سألوه عن سبع خصال: منها الاجهار في ثلاث صلوات فقال: أما الاجهار فانه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته و يجوز علي الصراط و يعطي السرور حتي يدخل الجنة «1» فضعيف بضعف اسناد الصدوق فيما جاء نفر من اليهود.

و أما خبر رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام أنه كان يجهر بالقراءة في المغرب و العشاء الآخرة و صلاة الليل و الشفع و الوتر و الغداة و يخفي القراءة في الظهر و العصر «2» فضعيف به.

و عن جملة من الاعلام عدم الوجوب و مدركهم خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر؟ قال: ان شاء جهر و ان شاء لم يفعل «3».

فان المستفاد من هذه الرواية التخيير لكن متن الرواية مضطرب فانه فرض الجهر في الصلاة و مع ذلك يسأل من أنه هل عليه أن لا يجهر فمن المحتمل قويا ان السؤال عن غير القراءة من الاذكار.

و في نسخة قرب الاسناد هكذا «هل عليه أن يجهر» «4» لكن في السند عبد اللّه بن الحسن فالحق هو القول المشهور مضافا الي السيرة الجارية فانه لو كان عدم الجهر جائزا لبان و لم يكن مستورا عن الانظار و لم يكن الدليل منحصرا في خبر ابن جعفر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مستمسك العروة ج 6 ص: 200

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 463

و الاخفات في غير الاوليين

منهما (1).

______________________________

و أما الاستدلال باطلاق قوله تعالي: «وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلًا» «1» فعلي فرض تمامية الاطلاق يرفع اليد عنه بالنصوص الخاصة و السيرة و التسالم.

(1) مقتضي اطلاق العبارة لزوم الاخفات بلا فرق بين القراءة و الذكر كما يصرح بالتخيير بينهما بعد ذلك في مسألة: (128) فنقول: أما وجوب الاخفات في القراءة ففي بعض الكلمات: «انه المشهور» بل قيل: «انه كاد أن يكون اجماعا» و نقل عن بعض كتب الاصحاب: «انه مورد الاجماع» بل عن الجواهر «ان بطلان الجهر بالقراءة في الاخيرتين من مذهب الامامية».

و استدل عليه بأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان مواظبا علي الاخفات بها و كذلك المسلمين و هذا يكشف عن كونه مما ينبغي الاخفات فيه فيدخل في رواية زرارة «2» الدالة علي البطلان في صورة الخلاف العمدي.

و لا يخفي ان الشهرة لا اعتبار بها و أما الاجماعات المنقولة فحالها معلوم في عدم الحجية و أما مواظبة النبي صلي اللّه عليه و آله و كذلك المسلمين فعلي فرض التسلم لا تكون دليلا علي اللزوم فعليه لا يكون داخلا في حديث زرارة.

و أما وجوبه في الذكر فيمكن أن يستدل عليه بأمور: منها الاجماع. و فيه:

ان المنقول منه لا اعتبار به و أما المحصل فغير حاصل.

و منها: انه يستفاد من رواية علي بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الركعتين الاخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب و ان

______________________________

(1) الإسراء/ 110

(2) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 464

______________________________

شئت فاذكر اللّه فهو سواء قال: قلت: فأي ذلك أفضل؟ فقال: هما و اللّه سواء ان شئت سبحت

و ان شئت قرأت «1».

و فيه ان التسوية المذكورة في تلك الرواية لا ترتبط بما نحن بصدده فلاحظ مضافا الي الاشكال السندي اضف الي ذلك الاشكال في القراءة أيضا كما مر.

و منها: ان التسبيح بدل عن القراءة فيكون البدل في حكم المبدل منه و حيث انه يجب الاخفات فيه يجب في البدل أيضا.

و فيه: أولا: ان البدلية أول الكلام فانه قيل- كما في الحدائق- أن التسبيح أصل في الاخيرتين و ثانيا انه من أين علم اتحاد حكم البدل مع حكم المبدل منه في جميع الاحكام و ثالثا: ان الكلام جار و الاشكال سار في القراءة أيضا كما مر.

و منها: أن صلاة النهار اخفائية بحسب الروايات لاحظ ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في صلاة النهار بالاخفات و السنة في صلاة الليل بالاجهار «2».

و ما رواه الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث انه ذكر العلة التي من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض أن الصلوات التي يجهر فيها انما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار أن هناك جماعة فان أراد أن يصلي صلي لأنه ان لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع و الصلاتان اللتان لا يجهر فيهما انما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيها الي السماع «3» و ما رواه يحيي بن أكثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 465

______________________________

القاضي «1».

فالتسبيح فيها

بالاخفات و بعدم القول بالفصل يثبت في الليليه و فيه: اولا ان هذه الروايات ضعيفة سندا.

و ثانيا ان اطلاقها بحيث يشمل الاخيرتين محل الاشكال و ثالثا: ان مقتضي هذه الروايات ان صلاة الليل اجهارية و بعدم القول بالفصل يثبت في النهارية و رابعا: ان عدم القول بالفصل ليس شي ء تحته كما ذكرناه مرارا.

و منها: ان الاخفات أقرب الي الاحتياط و فيه: ان الاحتياط حسن لكن الكلام في الا لزام مع أن مقتضي الاصل لو لم يكن اطلاق هي البراءة.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أخيه عن أبيه في حديث قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أ يقرأ فيهما بالحمد و هو امام يقتدي به؟ فقال: ان قرأت فلا بأس و ان سكت فلا بأس «2».

و فيه: ان المراد من الركعتين الاوليتين و الا لم يكن وجه لكون المأموم مخيرا بين القراءة و السكوت.

و منها: ما أفاده سيد المستمسك قدس سره بادخال المقام في حديث زرارة «3» بدعوي ان المقام من الموارد التي ينبغي الاخفات فيها. و فيه: ان الحكم لا يكون متعرضا لموضوع نفسه و كون المقام من تلك الموارد أول الكلام.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه يمكن اثبات الوجوب بالسيرة القطعية و ان الجهر يعد في نظر المتشرعة من المنكرات مضافا الي أنه خروج عن الخلاف و موافق

______________________________

(1) لاحظ ص: 106

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 466

و كذا في الظهر و العصر في غير يوم الجمعة (1) عدا البسملة (2).

______________________________

للاحتياط الذي يكون طريق النجاة.

(1) لما تقدم في رواية زرارة «1» و التقريب هو التقريب و

الاشكال و الجواب كما تقدم فراجع.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه في الجملة ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال: يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر و لا يجهر الامام فيها بالقراءة انما يجهر اذا كانت خطبة «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن صلاة الجمعة في السفر فقال تصنعون كما تصنعون في الظهر و لا يجهر الامام فيها بالقراءة و انما يجهر اذا كانت خطبة «3».

(2) المشهور استحباب الجهر بها نقل الاجماع عليه و عن المعتبر انه من منفردات الامامية و يشهد له جملة من النصوص المذكورة في الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل و الحديث 1 و 4 من الباب 11 من هذه الابواب من الوسائل.

منها: ما رواه صفوان الجمال قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام اياما فكان اذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم و كان يجهر في السورتين جميعا «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 460

(2) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 467

أما فيه فيستحب الجهر في الجمعة (2).

______________________________

و ربما يقال: بوجوبه- كما عن الصدوق- و قد دل علي وجوبه خبران أحدهما ما رواه سليم بن قيس قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد اللّه و أثني عليه الي أن قال: و ألزمت الناس الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم «1» و هذه الرواية تامة دلالة و استشكل في المستمسك في السند.

ثانيهما: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد

عليه السلام في حديث شرايع الدين قال: و الاجهار ببسم اللّه الرحمن الرحيم في الصلاة واجب «2» و هذه الرواية غير تامة سندا.

و يعارض ما دل علي الوجوب ما رواه الحلبيان عن أبي عبد اللّه أنهما سألاه عمن يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب فقال: نعم ان شاء سراوان شاء جهرا فقالا: أ فيقرأها مع السورة الاخري؟ فقال: لا «3».

و الترجيح مع هذه الرواية لأنها أحدث لان هذه الرواية عن الصادق عليه السلام و تلك الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام مضافا الي أن لو كان الاجهار واجبا لبان و ظهر فالحق كما في المتن.

(2) و الحكم مورد التسالم و الوفاق كما يظهر من كلماتهم و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث في الجمعة قال: و القراءة فيها بالجهر «4».

و أيضا يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث

______________________________

(1) الروضة من الكافي ص: 61

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 468

بل في الظهر أيضا علي الاقوي (1).

______________________________

قال: ليقعد قعدة بين الخطبتين و يجهر بالقراءة «1»:

و ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أدركت الامام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فاضف اليها ركعة اخري و اجهر فيها «2».

و مثلها غيرها في الدلالة مما ورد في الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل و الظاهر من هذه الروايات وجوب الجهر فيشكل الالتزام بالندب-

كما في المتن- الا أن يقال: بأن الامر الواقع في مقام توهم الحظر لا يدل علي الوجوب.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه عمران الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أ يجهر فيها بالقراءة؟ قال:

نعم و القنوت في الثانية «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لنا:

صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة و أجهروا بالقراءة فقلت: انه ينكر علينا الجهر بها في السفر فقال: أجهروا بها «4».

و منها: ما رواه محمد بن مروان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة كيف نصليها في السفر؟ فقال: تصليها في السفر ركعتين و القراءة فيها جهرا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 469

[مسألة 121: إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت صلاته]

(مسألة 121): اذا جهر في موضع الاخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت صلاته (1) و اذا كان ناسيا أو جاهلا بالحكم

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القراءة في الجمعة اذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال: نعم الحديث «1».

و لكن هذه النصوص معارضة بغيرها لاحظ ما رواه جميل «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و عن ابن ادريس الاخذ بنصوص المنع لاعتضادها باطلاقات الاخفات.

و فيه: أنه لا وجه له بعد وجود نصوص معارضة فلا بد من ملاحظة النسبة بينهما و ترجيح ما فيه الترجيح و حيث ان الدال علي وجوب الاخفات و موافق للعامة «4»، يؤخذ بالنصوص الاول.

و عن المرتضي قدس سره:

التفصيل بين الامام فيجهر و غيره فلا لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي العيدين وحده و الجمعة هل يجهر فيها بالقراءة؟ قال: لا يجهر الا الامام «5».

و هذا الخبر ضعيف بعبد اللّه بن الحسن مضافا الي أنه يدل علي خلاف ما رواه الحلبي فالحق ان الجهر أحوط ان لم يكن أقوي و أظهر اللهم أن يقال:

انه لو كان واجبا لبان و ظهر و الحال انه ليس كذلك بل الامر علي العكس فلاحظ.

(1) كما تقدم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 466

(3) لاحظ ص: 466

(4) لاحظ الخلاف الشيخ الطائفة ج 1 ص: 632 الطبع الثالث

(5) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 470

من أصله أو بمعني الجهر و الاخفات صحت صلاته (1) و الاحوط الاولي الاعادة اذا كان مترددا فجهر أو أخفت في غير محله برجاء المطلوبية (2) و اذا تذكر الناسي أو علم الجاهل في أثناء القراءة مضي في القراءة و لم يجب عليه اعادة ما قرأه (3).

______________________________

(1) للإطلاق الثابت في النص لاحظ حديثي زرارة «1» فمن حيث النص لا مانع من الالتزام بالاطلاق لكن يبقي اشكال عقلي في المقام و هو أن اشتراط الحكم بالعلم به يستلزم الدور المحال.

و الجواب عن هذا الاشكال أنه يمكن مع الاتيان بالفاقد للشرط أن يحصل مقدار من الملاك و مع حصوله لا يمكن استيفاء الملاك التام فعدم وجوب الاعادة ليس من باب اشتراط الوجوب بالعلم حتي يلزم المحال بل من باب عدم امكان استيفاء الملاك.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه.

(3) لإطلاق النص و ربما يتوهم أن المستفاد من النص

اختصاص الحكم بالتذكر بعد تمامية الصلاة بقرينة قوله عليه السلام «فقد تمت صلاته» «2»

لكن هذا التوهم علي خلاف القاعدة اذ التمامية بلحاظ ما وقع من الصلاة و الدليل عليه أن الظاهر من الشرطية الاولي مدار الحكم علي عدم العمد و الشرطية الثانية كأنها تصريح بالمفهوم و ليست مستقلة بالدلالة.

مضافا الي أن الرواية الاخري «3» ليست فيها هذه الجملة لكنها تختص بالسهو

______________________________

(1) لاحظ ص: 460

(2) لاحظ ص: 460

(3) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 471

[مسألة 122: لا جهر علي النساء]

(مسألة 122): لا جهر علي النساء (1).

______________________________

و النسيان اضف الي ذلك كله انه لو تذكر في الاثناء و أتم الصلاة برجاء المطلوبية فلا اشكال في عدم وجوب الاعادة فيعلم ان التذكر في الاثناء لا يخل بالصلاة فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به امور: الاول: الاجماع و قيل: ان نقل الاجماع عليه مستفيض بل متواتر لكن الاجماع حاله معلوم.

الثاني: ان صوتها عورة فلا بد من أن تخفت. و فيه: اولا أن صوتها ليست عورة و يجوز لها أن تسمع صوتها الاجنبي بلا اشكال و السيرة شاهدة عليه الا أن يقال: كونه عورة بمعني انه يلزم عليها اخفائه في الصلاة كما تستر جسدها و هو كما تري لا دليل عليه مضافا الي أنه ينافي الجواز فان لازمه وجوب الاخفات لا عدم وجوب الجهر.

أضف الي ذلك انه قد صرح في النص علي خلاف ذلك لاحظ ما رواه علي ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير؟ قال: قدر ما تسمع «1» و ثانيا ان لازمه الفرق بين مورد يسمع صوته الاجنبي و غيره و الحال انهم لم يفرقوا فهذا

الوجه ساقط.

الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: و سألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال: لا الا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها «2» و هذه الرواية ساقطة سندا بعبد اللّه بن الحسن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 472

بل يتخيرن بينه و بين الاخفات في الجهرية (1) و يجب عليهن الاخفات في الاخفاتية (2) و يعذرن فيما يعذر الرجال فيه (3).

______________________________

الرابع: ما رواه علي بن جعفر «1» أيضا و لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية انه لا جهر علي النساء الا فيما تؤم النساء.

و يؤيده ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:

سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير؟ فقال: بقدر ما تسمع «2».

الخامس: السيرة الجارية بين المتشرعة بحيث لا يستنكر اخفات المرأة أحد من المتشرعة و هذه السيرة أقوي شاهد و دليل اذ لو كان الجهر واجبا عليها لبان و ظهر و اللّه العالم.

(1) فانه لا وجه لوجوب الاخفات اذ القراءة واجبة عليها و بعد عدم وجوب الجهر يكون التخيير علي القاعدة.

(2) و نقل عن بعض التخيير بدعوي عدم الدليل و دليل الوجوب مختص بالرجال و هذا القول نقل عن الأردبيلي و جملة ممن تأخر عنه منهم الفاضل الخراساني و الشيخ المجلسي.

و يرد عليه أن مقتضي قاعدة الاشتراك وجوبه عليهن و يؤيده انه موافق للاحتياط و لا يبعد أن يقال: بأن ما دل علي الوجوب بالنسبة الي الرجال يدل عليه بالنسبة الي النساء بالاولوية.

(3) لقاعدة الاشتراك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 471 حديثه الاول

(2)

الوسائل الباب 31 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 473

[مسألة 123: مناط الجهر و الإخفات الصدق العرفي لا سماع من بجانبه و عدمه]

(مسألة 123): مناط الجهر و الاخفات الصدق العرفي (1) لا سماع من بجانبه و عدمه (2) و لا يصدق الاخفات علي ما يشبه كلام المبحوح و ان كان لا يظهر جوهر الصوت فيه (3) و لا يجوز الافراط في الجهر كالصياح (4) و الاحوط في الاخفات أن يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا

______________________________

(1) المناط في الجهر و الاخفات هو الصدق العرفي فان الحكم يترتب علي هذين العنوانين و الموضوعات أمرها راجع الي العرف الا أن يتصرف الشارع فيها فعليه لا بد من رعاية الصدق العرفي و عليه لو لم يظهر جوهر الصوت و مع ذلك لم يصدق عنوان الاخفات عليه كما لو أشبه كلام المبحوح و نحوه لا يكفي اذ لا يصدق عليه الاخفات فلا بد من رعاية الصدق في كلا العنوانين بالنظر العرفي.

و لو وصلت النوبة الي الشك لا يبعد أن يكون المرجع البراءة لا الاشتغال اذ المفروض ان الشبهة مفهومية ففي المقدار المشكوك تجري البراءة.

(2) لعدم دليل علي كونه مناطا.

(3) كما مر.

(4) و يدل عليه ما رواه سماعة قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا قال: المخافة ما دون سمعك و الجهر أن ترفع صوتك شديدا «1».

و يدل علي المقصود أيضا ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: علي الامام أن يسمع من خلفه و ان كثروا فقال: ليقرأ قراءة وسطا يقول اللّه تبارك و تعالي: وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا «2» لكن السند مخدوش

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب القراءة

في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 474

كما اذا كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه (1).

[مسألة 124: من لا يقدر إلا علي الملحون و لو لتبديل بعض الحروف و لا يمكنه التعلم أجزأه ذلك]

(مسألة 124): من لا يقدر الا علي الملحون و لو لتبديل بعض الحروف و لا يمكنه التعلم أجزأه ذلك (2).

______________________________

بمحمد بن عيسي.

(1) يستفاد من رواية سماعة انه يجب اسماع نفسه لكن رواية الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه علي فيه؟ قال: لا بأس بذلك اذا أسمع اذنيه الهمهمة «1» تعارضها و بعد التعارض و التساقط يكون الاطلاق مرجعا و مقتضاه كفاية القراءة بأي نحو كان.

و يمكن أن يقال: ان نسبة رواية الحلبي الي رواية سماعة نسبة الخاص الي العام لان المفروض ان المذكور في رواية الحلبي عنوان القراءة و أما رواية سماعة فمطلقة و عليه يقيد المطلق بالمقيد كما هو الميزان.

كما أنه يمكن أن نقول: بأنه بعد التعارض و التساقط المرجع نفس الاية و يستفاد منها ان الاخفات ممنوع و من المعلوم ان النهي عن مرتبة شديدة و لا يبعد انه لو لم يسمع نفسه تصدق عليه تلك المرتبة فلاحظ و النتيجة: انه لو قلنا بأن الجمع بين الخبرين يقتضي الاخذ برواية الحلبي لكونها اخص يكفي سماع الهمهمة.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و استدل عليه بما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: انك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الاخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 475

و لا يجب عليه أن يصلي صلاته مأموما (1) و كذا اذا ضاق الوقت عن التعلم (2) نعم اذا كان مقصرا في ترك التعلم وجب عليه أن يصلي مأموما (3).

______________________________

الفصيح «1».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة بمسعدة حيث انه لم يوثق و مجرد كونه في أسناد كامل الزيارة لا يترتب عليه الاثر لما قلناه في محله. و استدل أيضا بما رواه السكوني «2» و هذه الرواية مخدوشة سندا بالنوفلي.

و استدل أيضا بما رواه ابن فهد الحلي في عدة الداعي عنهم عليهم السلام:

ان سين بلال عند اللّه شين «3».

و هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث الارسال لكن الذي يظهر من كلام الاصحاب تسالمهم علي الكفاية فان تم الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فهو و الا يجب عليه الايتمام اذا أمكن و اثبات كون الايتمام مسقط للقراءة مشكل اذ يستفاد من الادلة ان الامام ضامن فيجب الايتمام بحكم العقل اذ المكلف يمكنه الاتيان بالفرد الكامل من المأمور به.

(1) و الوجه في عدم الوجوب اطلاق الروايات فان من يعمل بهذه النصوص فلا بأس بأن يلتزم بعدم وجوب الايتمام لإطلاقها و لكن قد مر ان النصوص قاصرة سندا الا أن يقال: ان الايتمام مسقط لا بدل فلا يتعين و قد عرفت ان اثباته مشكل.

(2) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة.

(3) وقع الكلام بين الاعلام في هذا الفرض فاختار بعضهم أنه يجوز الاتيان

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 476

______________________________

بالنحو الذي يمكنه الاتيان به و

لو مع امكان الايتمام بتقريب: ان الواجب علي المكلف القراءة الصحيحة فلو قلنا بأن الايتمام بدل يتعين الاتيان به بمقتضي تعين احد فردي الواجب عند تعذر الفرد الاخر و لو قلنا بأن الايتمام مسقط للقراءة فلا يجب اذ لا وجه لوجوب المسقط.

و بعبارة اخري: مع التمكن من الايتمام يعلم المكلف بوجوب الصلاة عليه لكن يشك في وجوب الايتمام فلا يجب بمقتضي أصل البراءة فيكتفي بالصلاة مع القراءة الناقصة نعم لو لم يتمكن من التعلم لا يمكنه الاكتفاء بصلاة المعذور اذ المفروض انه بسوء اختياره و عدم تعلمه صار مضطرا و قاعدة «الصلاة لا تترك بحال» لا تدل علي الصلاة الناقصة في فرض امكان الاتيان بالصلاة التامة فيعلم اجمالا بأنه اما يجب الاتيان بهذه الصلاة الناقصة في الوقت و اما بقضائها خارج الوقت و مقتضي تنجز العلم الإجمالي وجوب الاحتياط بالجمع بين الامرين.

و اختار الآخرون وجوب الايتمام و منهم سيدنا الاستاد دام ظله و الوجه فيه:

ان الواجب التخييري لو تعذر احد فرديه يتعين الفرد الاخر و حيث انه يتعذر أن يأتي بصلاة المختار منفردا يجب الايتمام.

و الظاهر ان الحق هو القول الثاني اذ لو فرضنا ان دليل البدل لا يشمل من صار عاجزا بسوء الاختيار و دليل عدم سقوط الصلاة لا يدل علي اجزاء الصلاة الناقصة في مورد تعمد المكلف بعدم القيام بوظيفته فالواجب عليه الاتيان بالصلاة التامة فلو قلنا: ببدلية الايتمام فالامر ظاهر من حيث وجوب الايتمام و أما لو قلنا بالمسقطية فالعقل يلزم بالاتيان بالايتمام اذ المفروض ان ملاك الصلاة التامة يحصل بالايتمام لا بغيره.

و لكن الاشكال في أصل المبني و هو ان اثبات كون الجماعة مسقطة أول الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 477

و

اذا تعلم بعض الفاتحة قرأه (1).

______________________________

بل المستفاد من النص ان الامام ضامن فوجوب الايتمام علي طبق القاعدة.

(1) في هذا الفرض اما يكون متمكنا من الايتمام أم لا و علي الاول اما نقول:

بأن الايتمام بدل أو نقول بأنه مسقط و علي كلا التقديرين اما تنجز التكليف بالقراءة في سعة الوقت و اما لم يتنجز أما مع القدرة علي الايتمام و الالتزام بكون الايتمام بدل فلا اشكال في وجوبه كما هو ظاهر كما أن الامر كذلك لو كان متمكنا و تنجز و فرض العجز فانه يلزم الايتمام في الفرض أعم من أن يكون الايتمام بدلا أو مسقطا.

و أما مع عدم تنجز التكليف بالقراءة فيلزم الإتيان بالمقدار الذي تعلم لا لقاعدة الميسور فان سند القاعدة مخدوش كما ذكرنا في الاصول و لا للإجماع المنقول عن المعتبر و غيره بل لقاعدة «الصلاة لا تسقط بحال».

هذا علي القول بكون الايتمام مسقطا و أما علي القول بالبدلية فيجب الايتمام علي الاطلاق اذ مع فرض تعذر احد فردي الواجب التخييري يتعين الفرد الاخر فلاحظ الا أن يقال: ان مقتضي حديث ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ان اللّه فرض من الصلاة الركوع و السجود ألا تري لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبروا يسبح و يصلي «1» وجوب التكبير و التسبيح و التصلية.

و يمكن أن يقال: ان من يحسن قراءة مقدار من الفاتحة لا يكون داخلا في الموضوع فيجب عليه أن يقرأ ذلك المقدار نعم لا اشكال في أن مقتضي الاحتياط هو الايتمام بل يمكن أن يقال: ان الحديث منصرف عن صورة تمكن المكلف عن الايتمام فان الايتمام علي فرض البدلية في

حكم امكان القراءة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 478

و الاحوط استحبابا أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية (1).

______________________________

(1) قد اختلفوا في ذلك فمنهم من ذهب الي وجوبه كالشهيد و ابن سعيد و غيرهما و منهم من ذهب الي عدم الوجوب كما عن المعتبر و غيره و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب أو استدل به أمور:

منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: أن المرجع عند الشك في التكليف البراءة لا الاشتغال كما حقق في الاصول.

و منها: قوله تعالي: فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ «1» و فيه: ان كون المراد من الاية القراءة في الصلاة أول الكلام و الشاهد عليه انه لا ريب في عدم وجوب ما تيسر من القرآن في الصلاة و لا في غير الصلاة فيكون الامر للاستحباب فلا يرتبط بالصلاة.

و منها. رواية محمد بن مسلم «2» بتقريب: ان المستفاد منها أن الصلاة لا بد فيها من فاتحة الكتاب أو بدلها فيلزم الاتيان بالبدل.

و فيه أن البدلية لا دليل عليها فلو كانت الجزئية باقية حتي في حال العجز تسقط الصلاة لعدم الامكان و الا تسقط جزئيتها في هذا الحال و يكتفي بالمقدار الممكن لقاعدة «الصلاة لا تسقط بحال».

و منها خبر الفضل بن شاذان «3».

بتقريب: ان المستفاد منه ان في قراءة القرآن مصلحة و في قراءة الفاتحة مصلحة اخري و تعذر احدي المصلحتين لا يوجب ترك المصلحة الاخري.

______________________________

(1) المزمل/ 20

(2) لاحظ ص: 430

(3) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 479

و اذا لم يعلم شيئا منها قرأ من سائر القرآن (1) و الاحوط وجوبا أن يكون بقدر الفاتحة (2) و اذا لم يعرف شيئا من القرآن

أجزأه أن يكبر

______________________________

و فيه: اولا أن سند الصدوق الي الفضل مخدوش فلا اعتبار بالرواية و ثانيا علي فرض التسليم قد تحقق الملاك بقراءة بعض الفاتحة و الملاك القائم بالفاتحة لا يمكن تداركه و البدلية تحتاج الي الدليل المفقود فالحق ما أفاده من استحباب الاحتياط خروجا عن شبهة الخلاف.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و استدل بما رواه ابن سنان «1» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان من يحسن قراءة القرآن تجب عليه القراءة.

(2) و استدل- علي ما قيل- عليه بأنه يجب تعويض المقدار الفائت من الحمد فبالاولوية يجب في المقام فانه لو لم يكتف ببعض الحمد فكيف يكتفي بغيره.

و فيه: انه قد مر عدم الدليل علي الوجوب و استدل أيضا بعموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و قد مر الجواب عنه سابقا و استدل أيضا بأنه يعلم من الامر بالقراءة بدلا عن الفاتحة المساواة. و فيه: انه ليس في الادلة هكذا فان عمدة الدليل صحيح ابن سنان «2» و المستفاد منه انه ما دام ممكن الاتيان بالقرآن لا تصل النوبة الي الذكر مضافا الي أن استفاده المماثلة من الامر بالتبديل في الكمية أول الكلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 477

(2) لاحظ ص: 477

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 480

و يسبح (1) و الاحوط وجوبا أن يكون بقدرها أيضا (2) بل الاحوط الاتيان بالتسبيحات الاربع (3) و اذا عرف الفاتحة و جهل السورة فالظاهر سقوطها مع العجز عن تعلمها (4).

______________________________

(1) الملاك ان كان صحيح ابن سنان «1» فالمذكور فيه التكبير و التسبيح و التصلية و أما النبوي اذا قمت الي الصلاة فان كان معك قرآن فاقرأ به و الا فاحمد اللّه و هلله و كبره «2» فالمستفاد منه وجوب التحميد

و التهليل و التكبير لكن النبوي لا اعتبار به.

و يستفاد من نبوي آخر «أن رجلا سأل النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: اني لا استطيع أن احفظ شيئا من القرآن فما ذا اصنع؟ فقال له: قل سبحان اللّه و الحمد للّه «3».

و في آخر: قل سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر «4» و هذان النبويان أيضا لا اعتبار بهما سندا فالعمل علي رواية ابن سنان.

(2) كما هو المشهور بين المتاخرين علي ما في بعض الكلمات و عن المعتبر استحباب المساواة و نقل انه استدل المشهور علي وجوب المساواة بالوجوه المتقدمة و قد مر جواب تلك الوجوه فالحق عدم وجوبه.

(3) فان الاتيان بهذا النحو جامع لمفاد الروايات من حيث الكيفية و لقول المشهور من حيث الكمية الا أن يقال: ليست التصلية في التسبيحات فلاحظ.

(4) فان المستفاد من النصوص و عمدتها خبر ابن سنان «5» ان الجاهل

______________________________

(1) لاحظ ص: 477

(2) سنن البيهقي ج 2 ص: 380

(3) سنن أبي داود

(4) نفس المصدر

(5) لاحظ ص: 477

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 481

[مسألة 125: تجوز اختيارا القراءة في المصحف الشريف]

(مسألة 125): تجوز اختيارا القراءة في المصحف الشريف (1).

______________________________

بالقرآن يجب عليه الذكر و مع معرفة الفاتحة لا يبقي موضوع للبدلية كما هو ظاهر و نقل عن غير واحد الاجماع علي عدم الوجوب.

(1) كما هو مقتضي الاطلاق فان الواجب القراءة بلا خصوصية و أيضا اصالة البراءة تقتضي الجواز و في المقام نصان يدل أحدهما علي الجواز و هو ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الرجل يصلي و هو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه فقال: لا بأس بذلك

«1».

و يدل الثاني علي المنع و هو ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه و يقرأ و يصلي قال: لا يعتد بتلك الصلاة «2».

لكن الاول مخدوش بالحسن بن زياد الصيقل و الثاني بعبد اللّه بن الحسن.

و حكي عن جماعة منهم العلامة و الشهيد و المحقق الثاني القول بالمنع الا علي تقدير عدم التمكن و قيل في وجهه أمور.

الاول: قاعدة الاشتغال. و فيه: ان الاطلاق يقتضي الجواز و لا تصل النوبة الي الاصل و علي فرض وصول النوبة اليه يكون المرجع أصل البراءة لا الاشتغال.

الثاني: انه المعهود من النبي صلي اللّه عليه و آله و يجب التأسي به في الصلاة و فيه: أن دليل التأسي مخدوش سندا كما مر سابقا و مجرد كون فعل النبي صلي اللّه عليه و آله كذلك لا يدل علي الوجوب و عدم جواز غيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 482

______________________________

الثالث: الانصراف. و فيه: انه بدوي ناش من قلة الوجود و ليس بحد يكون اللفظ ظاهرا في غيره مضافا الي أن الامر بقراءة بعض السور الطوال التي لا يقدر أكثر الناس أن يقرأها عن ظهر القلب لا يبقي مجالا لهذا الانصراف.

الرابع: خبر علي بن جعفر «1» المتقدم ذكره. و فيه انه قد مر ان سنده ضعيف و علي فرض الاغماض يعارضه خبر الصيقل «2» و بعد التعارض و التساقط يكون المرجع الاطلاق.

الخامس: ما رواه عبد اللّه بن أبي أو في الوارد في سنن أبي داود ج 1 ص: 220 قال: جاء رجل فقال:

اني لا استطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه قال صلي اللّه عليه و آله: قل سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر.

و فيه: اولا ان الخبر ضعيف عامي لا يعتد به و ثانيا ان مورده العامي المحض الذي لا يقدر أن يقرأ المصحف و الا فلا شبهة في الجواز بالنسبة الي غير القادر.

السادس: ان الاجماع قائم علي كراهة القراءة من المصحف و الكراهة تنافي الوجوب و فيه: أولا ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و ثانيا: انه ما المراد من الكراهة فان المراد منها اما كراهة الاتيان بالقراءة الواجبة في الصلاة بهذه الكيفية فيكون دليلا علي الجواز لا المنع و يكون المقام كالصلاة في الحمام.

و بعبارة اخري: يكون من مصاديق الكراهة في العبادة فيمكن أن يكون بمعني أقل ثوابا و ان كان المراد من الكراهة النظر في المصحف فلا تكون القراءة مكروهة بل المكروه النظر في المصحف لا نفس القراءة و ان كان المراد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 481

(2) لاحظ ص: 481

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 483

و بالتلقين (1) و ان كان الاحوط استحبابا الاقتصار في ذلك علي الاضطرار (2).

[مسألة 126: يجوز العدول اختيارا من سورة إلي أخري]

(مسألة 126): يجوز العدول اختيارا من سورة الي اخري (3).

______________________________

الكراهة كراهة القراءة في الصلاة كراهة حقيقية اي يكون المكروه قراءة القرآن من المصحف في الصلاة فيكون بين العنوانين عموم مطلق فربما يقال- كما في كلام المحقق الهمداني- ان الكراهة المتعلقة بالفرد لا تنافي الوجوب المتعلق بالطبيعة فيجتمع الامر مع النهي الكراهي.

لكن الذي يختلج بالبال انه لا يجوز فان الوجود الواحد لا يمكن أن يجتمع فيه حكمان حيث ان الاحكام مضادة بأسرها فالنتيجة جواز القراءة من المصحف

في الصلاة.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و مقضي الاطلاق الجواز كما أنه كذلك من حيث الاصل العملي.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) للنصوص منها: ما رواه عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون فقال: يرجع من كل سورة الا من قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل قرأ في الغداة سورة قل هو اللّه أحد قال: لا بأس و من افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس الا قل هو اللّه أحد و لا يرجع منها الي غيرها و كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 484

ما لم يتجاوز النصف (1).

______________________________

قل يا ايها الكافرون «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع الي السورة التي أراد؟ قال: نعم ما لم تكن قل هو اللّه أحد أو قل يا أيها الكافرون «2»:

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أ يدع المكان الذي غلط فيه و يمضي في قراءته؟ أو يدع تلك السورة و يتحول منها الي غيرها؟ فقال: كل ذلك لا بأس به و ان قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع «3».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها قال: له أن يرجع ما بينه و بين أن يقرأ ثلثيها «4».

و منها: ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ في اخري قال: يرجع الي التي يريد و ان بلغ النصف «5».

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقرأ في المكتوبة بنصف السورة ثم ينسي فيأخذ في اخري حتي يفرغ منها ثم يذكر قبل أن يركع قال: يركع و لا يضره «6».

(1) اتمامه بالنص بأن لا يكون العدول جائزا بعد تجاوز النصف مشكل فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 485

و الاحوط عدم العدول ما بين النصف و الثلثين (1) و لا يجوز العدول بعد بلوغ الثلثين (2) هذا في غير سورتي الجحد و التوحيد و أما فيهما فلا يجوز العدول من احداهما الي غيرهما (3) و لا الي الاخري

______________________________

مقتضي جواز العدول بنحو الاطلاق جوازه كما هو ظاهر و مقتضي خبر عبيد بن زرارة هو الجواز و أن المدار بلوغ ثلثين و أما خبر الفقه الرضوي: «فان ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع الي سورة الجمعة و ان لم تذكرها الا بعد ما قرأت نصف سورة فامض في صلاتك» «1» فلا يعتد به لضعفه مضافا الي معارضته بخبر ابن جعفر.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) كما في خبر عبيد بن زرارة «2».

(3) يدل عليه جملة من النصوص «3» و عن المعتبر ان الوجه

الكراهة لقوله تعالي: فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ «4» و لا تقوي الرواية لتخصيص الاية.

و يرد عليه اولا: ان المقصود من الاية غير معلوم و ثانيا لا اشكال في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد و ثالثا: انهم لم يجوز و العدول بعد بلوغ النصف أو بعد التجاوز عنه و الملاك واحد.

و عن الذخيرة: «ان الاصل في هذا الباب روايتان و دلالتهما علي التحريم غير

______________________________

(1) الفقه الرضوي ص: 11

(2) لاحظ ص: 484

(3) لاحظ الروايات في ص: 483 و 484

(4) المزمل/ 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 486

مطلقا (1) نعم يجوز العدول من غيرهما و لو بعد تجاوز النصف أو من احدي السورتين مع الاضطرار لنسيان بعضها (2) أو ضيق الوقت عن اتمامها (3) أو كون الصلاة نافلة (4).

______________________________

واضح» و صاحب الحدائق يقول: بأنه من جملة التشكيكات الواهية التي بنيت علي ما تفرد به من أن الامر و النهي لا يدل علي الوجوب و التحريم و من الظاهر أنه غير صحيح فلا اشكال في الحكم.

(1) للإطلاق لاحظ ما رواه ابن أبي نصر و الحلبي «1».

(2) المستفاد من دليل عدم جواز العدول ان الجزء للصلاة هي السورة التي شرع فيها و بعبارة اخري يستفاد من الدليل اشتراط الصلاة بقراءة خصوص السورة التي شرع فيها فلا يكون المنع عن العدول منعا نفسيا و حراما مستقلا و لا ان المضي واجبا نفسيا و لا ان العدول مانعا وضعا بل المضي شرط و واجب غيري.

و بعد بيان هذه المقدمة نقول: لا يبعد ان المنساق الي الذهن بحسب الفهم العرفي من ادلة عدم جواز العدول اختصاصه بما لا يكون فيه مانع عن الاستمرار فلو نسي بعض السورة لا يشمله الدليل كما أنه لو

أكرهه مكره بعدم اتمام السورة التي بيده لا يشمله دليل المنع.

و لا يخفي ان هذا ليس من باب عدم امكان اشتراط غير المقدور فان الامر الوضعي لا يفرق فيه بين كون متعلقة مقدورا و عدمه اذانه ارشاد بل من باب انسباق الفهم العرفي و هذا العرف ببابك.

(3) و قد مر وجهه فانه مضطر و الدليل منصرف عن صورة الاضطرار.

(4) ان تم الاجماع التعبدي الكاشف فهووا لا فيشكل الجزم لإطلاق دليل المنع

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 487

[مسألة 127: يستثني من الحكم المتقدم يوم الجمعة]

(مسألة 127): يستثني من الحكم المتقدم يوم الجمعة فان من كان بانيا فيه علي قراءة سورة الجمعة في الركعة الاولي و سورة المنافقون في الثانية من صلاة الجمعة أو الظهر فغفل و شرع في سورة اخري فانه يجوز له العدول الي السورتين و ان كان من سورة التوحيد أو الجحد أو بعد تجاوز الثلثين من أي سورة كانت (1).

______________________________

اللهم الا أن يمنع الاطلاق و عهدته علي مدعيه.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو اللّه أحد قال: يرجع الي سورة الجمعة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ افتتحت صلاتك بقل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع الا أن تكون في يوم الجمعة فانك ترجع الي الجمعة و المنافقين منها «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في اخري قال: فليرجع الي السورة الاولي الا أن يقرأ بقل هو

اللّه أحد قلت: رجل صلي الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو اللّه أحد قال: يعود الي سورة الجمعة «3».

لكن النصوص مختصة بالتوحيد و أما خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن القراءة في الجمعة بما يقرأ قال: سورة الجمعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 488

و الاحوط وجوبا عدم العدول عن الجمعة و المنافقون يوم الجمعة حتي الي السورتين (1) الا مع الضرورة فيعدل الي احداهما دون غيرهما علي الاحوط (2).

[مسألة 128: يتخير المصلي في ثالثة المغرب و أخيرتي الرباعيات بين الفاتحة و التسبيح]

(مسألة 128): يتخير المصلي في ثالثة المغرب و اخيرتي الرباعيات بين الفاتحة و التسبيح (3).

______________________________

و اذا جاءك المنافقون و ان أخذت في غيرها و ان كان قل هو اللّه أحد فاقطعها من أولها و ارجع اليها «1» فضعيف بعبد اللّه بن الحسن فلا مجال لملاحظة المعارضة بينه و بين غيره الا أن يقال: اذا ثبت الحكم بالنسبة الي التوحيد يثبت في غيره بالاولوية فلاحظ.

(1) دل علي عدم الجواز خبر دعائم الإسلام: و كذلك سورة الجمعة أو سورة المنافقين لا يقطعهما الي غيرهما «2».

و هذا الخبر لضعفه لا يعتد به مضافا الي أن مقتضاه الاطلاق و لا يختص بيوم الجمعة و ملاكات الاحكام ليست بايدينا فلا مجال لان يقال: بأن أهمية السورتين تقتضي جواز العدول اليهما.

(2) بتقريب: ان العدول اليهما بلا اشكال و أما غيرهما فلا فتأمل.

(3) نقل عليه عدم الخلاف بل عن جملة من الأعاظم الاتفاق عليه في الجملة و قد دلت عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر قال: تسبح و تحمد اللّه و تستغفر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 489

______________________________

لذنبك و ان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد و دعاء «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القراءة خلف الامام في الركعتين الاخيرتين فقال: الامام يقرأ بفاتحة الكتاب و من خلفه يسبح فاذا كنت وحدك فاقرأ فيهما و ان شئت فسبح «2» و منهما: ما رواه علي بن حنظلة «3».

و منها: ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يقرأ الامام في الركعتين في آخر الصلاة فقال: بفاتحة الكتاب و لا يقرأ الذين خلفه و يقرأ الرجل فيهما اذا صلي وحده بفاتحة الكتاب «4».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال: أن تقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر و تكبر و تركع «5».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه «6».

و في المقام رواية مذكورة في الاحتجاج تدل علي عدم جواز التسبيح في الاخيرتين و هي ما رواه محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 463

(4) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس

المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 490

______________________________

عليه السلام أنه كتب اليه يسأله عن الركعتين الاخيرتين قد كثرت فيهما الروايات فبعض يري أن قراءة الحمد وحدها أفضل و بعض يري أن التسبيح فيهما أفضل فالفضل لا يهما لنستعمله؟ فأجاب عليه السلام قد نسخت قراءة أمّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح و الذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام: كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج الا للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بها حيث انها مرسلة مضافا الي أنه لا يمكن الالتزام بمفادها فانه لا اشكال في جواز التسبيح في الركعتين الاخيرتين.

و في المقام روايات تدل علي عدم جواز القراءة منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا تقرأن في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قال: قلت: فما اقول فيهما؟ قال: اذا كنت اماما أو وحدك فقل: سبحان اللّه و الحمد اللّه و لا إله الا اللّه ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر و تركع «2».

و منها: ما رواه حريز «3» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان الذي فرض اللّه علي العباد من الصلاة عشر ركعات و فيهن القراءة و ليس فيهن و هم يعني سهوا فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 491

______________________________

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه

السلام قال: عشر ركعات ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر و ركعتا الصبح و ركعتا المغرب و ركعتا العشاء الآخرة لا يجوز فيهن الوهم الي أن قال: و هي الصلاة التي فرضها اللّه و فوض الي محمد صلي اللّه عليه و آله فزاد النبي صلي اللّه عليه و آله في الصلاة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء فالوهم انما هو فيهن «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين الاخيرتين لا تقرأ فيهما فقل: الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر «2».

لكن لا يمكن الالتزام بمفادها مع تسلم الجوازيين الاعلام و اشتهاره بهذه المرتبة فما عن الصدوقين و ابن أبي عقيل من تعين التسبيح ليس علي ما ينبغي.

و ان أبيت و قلت: بأن الروايات الدالة علي عدم جواز القراءة معتبرة سندا و الاجماعات المدعاة في المقام مدركية و لا تكون سيرة جارية قائمة علي الجواز فلا بد من العلاج.

قلت: علي هذا يقع التعارض بين هذه الروايات و بين الروايات الدالة علي التخيير و هي ما رواه عبيد بن زرارة «3» و ما رواه معاوية بن عمار «4» و ما رواه علي بن حنظلة «5».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كنت خلف الامام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 488

(4) لاحظ ص: 489

(5) لاحظ ص: 463

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 492

______________________________

في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتي يفرغ و كان الرجل مأمونا علي القرآن فلا تقرأ خلقه في الاولتين و قال:

يجزيك التسبيح في الاخيرتين قلت: اي شي ء تقول أنت؟ قال: اقرأ فاتحة الكتاب «1».

و حيث لا ترجيح لأحد الجانبين علي الاخر حيث ان أقوال العامة مختلفة علي ما في الفقه علي المذاهب الخمسة لمغنية يتساقطان و بعد التساقط نقول: يكفي التسبيح و يجزي للسيرة القطعية.

و لقائل أن يقول: يمكن اثبات التخيير بين القراءة و التسبيح بتقريب آخر و هو ان الجامع بين الامرين وجوبه معلوم و نشك في وجوب كل منهما بخصوصه فننفيه بالاصل و النتيجة جواز الاتيان بأي واحد منهما فافهم.

و يمكن ان يقال: ان الاحدثية من المرجحات فالترجيح فيما روي عن الصادق عليه السلام فنقول: يستفاد من حديث معاوية ابن عمار «2» انه يجب علي الامام القراءة و علي المأموم الذكر و غيرهما مخير بين الامرين و يستفاد من حديث الحلبي «3» تعين الذكر و يستفاد من حديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت اماما فاقرأ في الركعتين الاخيرتين بفاتحة الكتاب و ان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل «4» وجوب القراءة علي الامام و التخيير لغير الامام كما يستفاد التخيير بالنسبة الي المأموم في الصلوات الاخفائية من حديث ابن سنان «5» فالنتيجة وجوب القراءة علي الامام و التخيير لغيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 489

(3) لاحظ ص: 491

(4) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 491

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 493

و صورته: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر (1) هذا في غير المأموم في الصلوات الجهرية (2).

______________________________

بتقريب: ان الدليل الدال علي التخيير بالنسبة الي غير الامام

و المأموم لا معارض له كما أن الدليل الدال علي وجوب القراءة علي الامام لا معارض له و الدليل الدال علي وجوب الذكر علي المأموم يعارضه ما يدل علي كون التسبيح مجزيا و لا يكون متعينا.

الا أن يقال: لا بد من التفصيل بين الصلوات الجهرية و الاخفائية بالالتزام بالتخيير في الاولي و تعين الذكر في الثانية و اللّه العالم.

(1) لا شبهة أن السيرة أقوي شاهد علي كفاية ما ذكر مادة و هيئة مضافا الي دلالة بعض النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال: أن تقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر و تكبر و تركع «1» لكنه يعارضه حد بثه الاخر «2».

(2) يمكن أن يكون ناظرا الي حديث معاوية بن عمار «3» و لكن ما أفاده لا يستفاد من هذا الحديث بل يدل علي أن المأموم يجب عليه التسبيح في الاخيرتين علي الاطلاق و أما حديث ابن سنان «4» فالمستفاد منه ان المأموم في الصلاة الجهرية مخير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 490

(3) لاحظ ص: 489

(4) لاحظ ص: 491

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 494

و أما فيه فالاحوط لزوما اختيار التسبيح (1) و تجب المحافظة علي العربية (2) و يجزي ذلك مرة واحدة (3) و الاحوط استحبابا التكرار

______________________________

(1) بتقريب: ان المستفاد من حديث معاوية بن عمار «1» وجوب الذكر علي المأموم و يقيد الاطلاق بحديث ابن سنان «2».

(2) كما هو ظاهر مضافا الي أنه المستفاد من حديث زرارة «3» و غيره.

(3) تارة نقول: بأن الروايات متعارضة علي خلاف

المشهور و اخري نبحث علي طبق مذاق المشهور من عدم التنافي بين روايات الباب أما علي الاول فلا بد من الالتزام بأنه لا يستفاد من الروايات شي ء اذ بعد التعارض و التساقط لا يبقي ما يؤخذ به.

و بتقريب: آخر ان الروايات الدالة علي جواز التسبيح بنحو التخيير بينه و بين القراءة يعارضها ما يدل علي عدم جواز القراءة كما مر لكن مقتضي البراءة عدم وجوب الاكثر من المرة.

و أما علي الثاني فالروايات أيضا متعارضة بالنسبة الي نفس التسبيح مادة و هيئة و عددا و بعد التساقط لأجل التعارض نقول: انه لا شبهة في الاتيان بهذا النحو المتعارف للسيرة و نكتفي بالمرة للبراءة عن وجوب الزائد عليها هذا ما يختلج ببالي القاصر نعم ربما يقال: بأنه لا تعارض بين الادلة بأن يرفع اليد عن ظهور كل واحد منها في التعيين بالنص الاخر في الاجزاء و أمثال هذا التقريب و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 489

(2) لاحظ ص: 491

(3) لاحظ ص: 493

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 495

ثلاثا (1) و الافضل اضافة الاستغفار اليه (2) و يجب الاخفات في الذكر و في القراءة بدله حتي البسملة علي الاحوط وجوبا (3).

[مسألة 129: لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة و الذكر]

(مسألة 129): لا تجب مساواة الركعتين الاخيرتين في القراءة و الذكر بل له القراءة في احداهما و الذكر في الاخري (4).

[مسألة 130: إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلي الآخر]

(مسألة 130): اذا قصد أحدهما فسبق لسانه الي الاخر فالظاهر عدم الاجتزاء به و عليه الاستيناف له أو لبديله (5) و اذا كان غافلا و أتي به بقصد الصلاة اجتزأ به و ان كان خلاف عادته أو كان عازما في أول الصلاة علي غيره (6) و اذا اقرأ الحمد بتخيل انه في الاولتين فذكر أنه في الاخيرتين اجتزأ (7) و كذا اذا قرأ سورة التوحيد مثلا بتخيل انه

______________________________

(1) و الوجه فيه ان العدد المذكور قد عين في ما رواه حريز «1».

(2) لما ورد في حديث عبيد بن زرارة «2» لكن الرواية من أطراف المعارضة و مقتضي الاحتياط الاتيان به رجاء.

(3) و قد تقدم الكلام من هذه الجهه في مسألة 120 فراجع.

(4) و هذا مقتضي اطلاق الادلة.

(5) فانه سبق للسان فلا يعتد به.

(6) اذ لا قصور فيه و لا يلزم القصد السابق.

(7) اذ المفروض ان المكلف قصد الامر الفعلي غاية الامر أخطأ في التطبيق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب: القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 488

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 496

في الركعة الاولي فذكر أنه في الثانية (1).

[مسألة 131: إذا نسي القراءة و الذكر و تذكر بعد الوصول إلي حد الركوع صحت الصلاة]

(مسألة 131): اذا نسي القراءة و الذكر و تذكر بعد الوصول الي حد الركوع صحت الصلاة (2) و اذا تذكر قبل ذلك و لو بعد الهوي رجع و تدارك (3).

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام و صفوة القول ان المكلف أتي بما هو مصداق للمأمور به فلا وجه لعدم الاجزاء.

(2) لعدم امكان التدارك فانه فرض انه دخل في الركوع.

(3) فان المحل باق فلا بد من الاتيان بالوظيفة بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

رجل نسي أم القرآن قال: ان كان لم يركع فليعد أم القرآن «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسي فاتحة الكتاب قال: فليقل أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم ان اللّه هو السميع العليم ثم ليقرأها ما دام لم يركع فانه لا صلاة له حتي يقرأ بها في جهر أو اخفات فانه اذا ركع أجزأه ان شاء اللّه «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يفتتح سورة فيقرأ بعضها ثم يخطي و يأخذ في غيرها حتي يختمها ثم يعلم أنه قد أخطأ هل له أن يرجع في الذي افتتح و ان كان قد ركع و سجد؟ قال: ان كان لم يركع فليرجع ان أحب و ان ركع فليمض «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 497

و اذا شك في قراءتها بعد الركوع مضي (1) و اذا شك قبل ذلك تدارك (2) و ان كان الشك بعد الاستغفار (3) بل بعد الهوي أيضا (4).

[مسألة 132: الذكر للمأموم افضل في الصلوات اخفاتية من القراءة]

(مسألة 132): الذكر للمأموم افضل في الصلوات اخفاتية من القراءة (5).

______________________________

و حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن رجل افتتح الصلاة فقرأ سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال: يمضي في صلاته و يقرأ فاتحة الكتاب فيما يستقبل «1» يدل علي خلاف تلك الروايات لكن سنده مخدوش بعبد اللّه بن الحسن.

(1) لفوات المحل كما مر مضافا الي قاعدة التجاوز.

(2) لبقاء محل التدارك و عدم جريان القاعدة.

(3) لبقاء المحل

الا أن يقال: ان الدخول في الجزء المستحبي يكفي في جريان القاعدة و التفصيل موكول الي محله.

(4) اذ الهوي ليس من واجبات الصلاة و الماتن يري أن جريان قاعدة التجاوز مشروط بالدخول في الغير المترتب شرعا.

(5) نقل انه مختار جملة من الاساطين و قد دلت جملة من النصوص عليه منها:

ما رواه رجاء بن أبي الضحاك أنه صحب الرضا عليه السلام من المدينة الي مرو فكان يسبح في الاخراوين يقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر ثلاث مرات «2» و هذه الرواية ضعيفة برجاء.

و منها: ما رواه محمد بن عمران في حديث أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 498

______________________________

فقال لأي علة صار التسبيح في الركعتين الاخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: انما صار التسبيح أفضل من القراءة في الاخيرتين لان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لما كان في الاخيرتين ذكر ما رأي من عظمة اللّه عز و جل فدهش فقال: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عمران.

و منها: ما رواه محمد بن حمزة «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن حمزة و غيره.

و منها: ما رواه زرارة «3» و هذه الرواية تدل علي تعين التسبيح بالنسبة الي الامام و المنفرد.

و منها: ما رواه زرارة «4» و هذه الرواية تدل علي تعين التسبيح بالنسبة الي المأموم.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان امير المؤمنين

عليه السلام اذا صلي يقرأ في الركعتين الاولتين من صلاته الظهر سرا و يسبح في الاخيرتين من صلاته الظهر علي نحو من صلاة العشاء و كان يقرأ في الاولتين من صلاته العصر سرا و يسبح في الاخيرتين علي نحو من صلاته العشاء «5».

و هذه الرواية تدل علي كون التسبيح أفضل و مقتضي اطلاق الرواية أنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 498

(2) عين المصدر

(3) لاحظ ص: 490

(4) لاحظ ص: 433

(5) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 499

______________________________

عليه السلام كان يرجح التسبيح اماما كان أو منفردا لكن الرواية ضعيفة بالعبيدي.

و منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و هذه الرواية تدل علي رجحان التسبيح بالنسبة الي المأموم.

و في قبال هذه الروايات جملة اخري من النصوص منها ما رواه الحميري «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام ايما أفضل القراءة في الركعتين الاخيرتين أو التسبيح؟ فقال: القراءة أفضل «3» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن حسن بن علان.

و منها: ما رواه علي بن حنظلة «4» و هذه الرواية تدل علي التسوية بينهما علي نحو الاطلاق و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه ابن سنان «5» و هذه الرواية تدل علي رجحان القراءة بالنسبة الي المأموم.

و منها ما رواه منصور بن حازم «6» و هذه الرواية تدل علي رجحان القراءة بالنسبة الي الامام اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه قد تقدم ان النصوص

متعارضة و قد رجحنا طائفة منها بالاحدثية و الظاهر انه لا دليل علي الافضلية الا أن يثبت اجماع تعبدي كاشف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 489

(2) لاحظ ص: 989

(3) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 463

(5) لاحظ ص: 491

(6) لاحظ ص: 492

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 500

و في أفضليته للإمام و المنفرد اشكال (1) و تقدم أن الاحوط لزوما اختيار الذكر للمأموم في الصلوات الجهرية (2).

[مسألة 133: تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولي]

(مسألة 133): تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولي (3) بأن يقول: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم (4) و الاولي الاخفات بها (5) و الجهر بالبسملة في أولتي الظهرين (6) و الترتيل في القراءة (7).

______________________________

(1) يمكن أن يكون الوجه في الاشكال عدم الدليل.

(2) و تقدم وجهه فراجع.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر دعاء التوجه بعد تكبيرة الاحرام ثم قال: ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب «1».

(4) قال: في الحدائق: «الثاني المشهور في كيفيتها أنها اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» «2».

(5) قال في الحدائق: الثالث: المشهور بين الاصحاب بل نقل عن الشيخ في الخلاف دعوي الاجماع عليه هو استحباب الاخفات بالاستعاذة «3».

(6) راجع مسألة 120

(7) قال: في الحدائق: و منها ترتيل القراءة و قد أجمع العلماء كافة علي استحبابه في القراءة في الصلاة و غيرها لقوله عز و جل و رتل القرآن ترتيلا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) الحدائق ج 8 ص: 162

(3) الحدائق ج 8 ص: 164

(4) الحدائق ج 8 ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 501

و تحسين الصوت بلا غناء (1) و الوقف علي فواصل الآيات (2)

و السكتة بين الحمد و السورة و بين السورة و تكبير الركوع أو القنوت (3) و أن يقول بعد قراءة التوحيد كذلك اللّه ربي أو ربنا (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر فانه سيجي ء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيح الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة و قلوب من يعجبه شأنهم «1».

(2) لاحظ ما عن أم السلمة انها قالت: كان النبي صلي اللّه عليه و آله يقطع قراءته آية آية «2».

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان رجلين من أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اختلفا في صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكتبا الي أبي بن كعب: كم كانت لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من سكتة قال: كانت له سكتتان: اذا فرغ من أمّ الكتاب (القرآن) و اذا فرغ من السورة «3».

(4) لاحظ ما رواه عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد فقال: كل من قرأ قل هو اللّه أحد و آمن بها فقد عرف التوحيد قلت: كيف يقرأها؟ قال: كما يقرأ الناس و زاد فيها: كذلك اللّه ربي كذلك اللّه ربي «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 46 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني

منهاج الصالحين، ج 4، ص: 502

و أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة الحمد للّه رب العالمين (1) و المأموم يقولها بعد فراغ الامام (2) و قراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة: عم و هل أتي و هل أتاك و لا اقسم في صلاة الصبح (3) و سورة

______________________________

و ما رواه رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام في حديث أنه كان اذا قرأ قل هو اللّه أحد قال سرا: هو اللّه احد فاذا فرغ منها قال: كذلك اللّه ربنا ثلاثا «1».

(1) لاحظ ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت الفاتحة و قد فرغت من قراءتها و أنت في الصلاة فقل: الحمد للّه رب العالمين «2».

(2) لاحظ ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل آمين «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أي السور تقرأ في الصلاة؟ قال: أما الظهر و العشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء و العصر و المغرب سواء و أما الغداة فأطول و أما الظهر و العشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلي و الشمس و ضحاها و نحوها و أما العصر و المغرب فاذا جاء نصر اللّه و ألهاكم التكاثر و نحوها و أما الغداة فعم يتسائلون و هل أتاك حديث الغاشية و لا اقسم بيوم القيامة و هل أتي علي الانسان حين من الدهر «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل

الباب 48 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 503

الاعلي و الشمس و نحوهما في الظهر و العشاء (1) و سورة النصر و التكاثر في العصر و المغرب (2) و سورة الجمعة في الركعة الاولي و سورة الاعلي في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة (3) و سورة الجمعة في الاولي و التوحيد في الثانية من صبحها (4) و سورة الجمعة في الاولي و المنافقون

______________________________

(1) لاحظ ما رواه ابن مسلم.

(2) لاحظ ما رواه ابن مسلم.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: أفضل ما يقرأ في الصلوات في اليوم و الليلة في الركعة الاولي الحمد و انا أنزلناه و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد الا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة فان الافضل أن يقرأ في الاولي منهما الحمد و سورة الجمعة و في الثانية الحمد و سبح اسم و في صلاة الغداة و الظهر و العصر يوم الجمعة في الاولي الحمد و سورة الجمعة و في الثانية الحمد و سورة المنافقين الي أن قال: و في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس في الركعة الاولي الحمد و هل أتي علي الانسان و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية فان من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس وقاه اللّه شر اليومين قال: و حكي من صحب الرضا عليه السلام الي خراسان لما اشخص اليها أنه كان يقرأ في صلاته بالسور التي ذكرناها «1» و ما رواه أبو بصير الآتي بعيد هذا.

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة و سبح اسم

ربك الاعلي و في الفجر سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقين «2».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 504

في الثانية من ظهريها (1) و سورة هل أتي في الاولي و هل أتاك في الثانية في صبح الخميس و الاثنين (2) و يستحب في كل صلاة قراءة القدر في الاولي و التوحيد في الثانية (3) و اذا عدل عن غيرهما اليهما لما فيهما من فضل اعطي أجر السورة التي عدل عنها مضافا الي أجرهما (4).

[مسألة 134: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس]

(مسألة 134): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الصدوق.

(2) لاحظ ما رواه الصدوق.

(3) لاحظ ما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

جعلت فداك انك كتبت الي محمد بن الفرج تعلمه أن أفضل ما يقرأ في الفرائض انا أنزلناه و قل هو اللّه أحد و ان صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر فقال عليه السلام لا يضيقن صدرك بهما فان الفضل و اللّه فيهما «1» و ما رواه الصدوق «2».

(4) لاحظ ما رواه في الاحتجاج قال عليه السلام فيه: الثواب في السور علي ما قد روي و اذا ترك سورة مما فيهما الثواب و قرأ قل هو اللّه أحد و انا أنزلناه لفظهما اعطي ثواب ما قرأ و ثواب السورة التي ترك «3».

(5) لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من مضي به يوم واحد فصلي فيه بخمس صلوات و لم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد قيل له:

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب القراءة في الصلاة

الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 505

و قراءتها بنفس واحد (1) و قراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الاوليتين (2) الا سورة التوحيد فانه لا بأس بقراءتها في كل من الركعة الاولي و الثانية (3).

[مسألة 135: يجوز تكرار الآية و البكاء]

(مسألة 135): يجوز تكرار الاية و البكاء (4) و تجوز قراءة

______________________________

يا عبد اللّه لست من المصلين «1».

(1) لاحظ ما رواه محمد بن يحيي باسناد له عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يكره أن يقرأ قل هو اللّه احد في نفس واحد «2».

(2) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يقرأ سورة واحدة في الركعتين من الفريضة و هو يحسن غيرها فان فعل فما عليه؟ قال: اذا أحسن غيرها فلا يفعل و ان لم يحسن غيرها فلا بأس «3».

(3) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلي بقل هو اللّه أحد؟ فقال: نعم قد صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في كلتي الركعتين بقل هو اللّه أحد لم يصل قبلها و لا بعدها بقل هو اللّه أحد أتم منها «4».

و ما رواه صفوان الجمال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: صلاة الاوابين الخمسون كلها بقل هو اللّه أحد «5».

(4) لاحظ ما رواه الزهري قال: كان علي بن الحسين عليه السلام اذ اقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 506

المعوذتين في الصلاة و هما من القرآن (1) و يجوز إنشاء الخطاب بمثل اياك نعبد و اياك نستعين مع قصد القرآنية و كذا إنشاء الحمد بقوله الحمد للّه رب العالمين و إنشاء المدح بمثل الرحمن الرحيم (2).

______________________________

ملك يوم الدين يكررها حتي يكاد أن يموت «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يصلي له أن يقرأ في الفريضة فتمر الاية فيها التخريف فيبكي و يردد الآية؟ قال: يردد القرآن ما شاء و ان جاء البكاء فلا بأس «2».

(1) لاحظ ما رواه صفوان الجمال قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام المغرب فقرأ بالمعوذتين في الركعتين «3».

و ما رواه صابر مولي بسام قال: أمنا أبو عبد اللّه عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوذتين ثم قال: هما من القرآن «4».

و ما رواه منصور بن حازم قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أقرأ المعوذتين في المكتوبة «5» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 47 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل.

(2) الظاهر أنه لا تنافي بين الامرين كما أفاده في المتن اذ ما ذكر في المقام من أن الجمع بين الامرين يستلزم استعمال اللفظ في المتعدد من المعني و هو محال،

______________________________

(1) الوسائل الباب 68 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 47 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 507

[مسألة 136: إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت و بعد الطمأنينة يرجع إلي القراءة]

(مسألة 136): اذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت و بعد الطمأنينة يرجع الي القراءة (1) و لا يضر تحريك اليد أو أصابع الرجلين حال

القراءة (2).

[مسألة 137: إذا تحرك في حال القراءة قهرا لريح أو غيرها بحيث فات الطمأنينة]

(مسألة 137): اذا تحرك في حال القراءة قهرا لريح أو غيرها بحيث فات الطمأنينة فالاحوط استحبابا اعادة ما قرأ في تلك الحال (3).

______________________________

مردود أولا: بأنه لا يستلزم تعدد الاستعمال بل اللفظ استعمل في معناه.

و بعبارة اخري يقرأ القرآن و يحكيه و مع ذلك يقصد الانشاء أو الاخبار و بعبارة ثالثة كلما نفتش أنفسنا لا نجد تنافيا بين قصد القرآنية بلفظ «الحمد للّه رب العالمين» و قصد إنشاء الحمد بل بين الامرين كمال الملائمة- مثلا- لو فرض ان شخصا كتب كتابا الي ابنه أو صديقه و المكتوب اليه يقرأ الكتاب و في نفس الوقت يرد عليه وارد فيجمع بين القراءة و اداء التحيات فيقرأ الكتاب و المكتوب فيه سلام عليكم نسأل اللّه صحتكم.

هذا أولا و ثانيا: قد أثبتنا في مباحث الالفاظ بأن استعمال اللفظ في المتعدد ليس محالا بل أمر خلاف الظاهر و بين الامرين بون بعيد.

(1) تقدم الكلام في اشتراط الاستقرار و النقاش في دليله في مسألة 86 من فصل تكبيرة الاحرام.

(2) لقصور دليل المنع علي فرض تحققه مضافا الي أن السيرة علي ارتكابه من المتشرعة بلا نكير من أحد.

(3) لا يبعد أن يقال: بأن الدليل منحصر في الاجماع و القدر المعلوم منه ما يكون اختياريا فالحركة القهرية لا توجب البطلان و لعله لهذه الجهة بني الماتن المسألة علي الاحتياط الاستحبابي و لا اشكال في حسن الاحتياط.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 508

[مسألة 138: يجب الجهر في جميع الكلمات و الحروف في القراءة الجهرية]

(مسألة 138): يجب الجهر في جميع الكلمات و الحروف في القراءة الجهرية (1).

[مسألة 139: تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة]

(مسألة 139): تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لو وجب الجهر يجب تحفظه في جميع أجزاء القراءة و لا يعتد بالتسامح العرفي في الاطلاق.

(2) ربما يتمسك بوجوب التأسي بتقريب: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يوالي بين اجزاء القراءة و التأسي به واجب لعموم وجوبه و خصوص التأسي في الصلاة.

و فيه: أن مدرك وجوب التأسي في الصلاة ضعيف كما مرو دليل وجوب عموم التأسي لا تعرض فيه لمثل هذه الامور.

و ربما يستدل علي المدعي بأن العبادة توقيفية فلا بد من رعاية ما يحتمل لزومه و فيه: انه ما المراد من التوقيفية فانه لو كان المراد منها رعاية جميع المحتملات فغير صحيح اذ لا شبهة في جريان البراءة في أجزاء العبادة و شرائطها عند الشك فيها و ان كان المراد منها انه لا يمكن التصرف في العبادة من حيث الزيادة و النقيصة و الكيفية فهذا حق لكن لا يقتضي رعاية الموالاة لو فرض الشك في لزومها.

و ربما يتمسك بانصراف القراءة الي صورة الموالاة. و فيه انه مع صدق القراءة و لو مع عدم الموالاة لا وجه لرعايتها.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الوجه في اشتراط الموالاة ان الظاهر من الامر بقراءة سورة كالحمد و السورة و غيرهما مثل الامر المتعلق بقراءة قصيدة من القصائد قراءتها مع الموالاة فانه لو لم يراع الموالاة بين أجزاء الجملة بان انفصل بين

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 509

فاذا فاتت الموالاة سهوا بطلت الكلمة (1) و اذا كان عمدا بطلت الصلاة (2) و كذا الموالاة بين الجار

و المجرور و حرف التعريف

______________________________

المبتدأ و الخبر سكوت طويل أو انفصل بينهما بكلام اجنبي يكون خارجا عن الكلام العربي و يكون غلطا فعدم رعاية الموالاة بهذا المقدار يوجب كون الكلام غلطا و لو لم يكن مخلا بالمعني و الظاهر من الامر ان المولي أراد ما هو الصحيح من القراءة لا كيف ما كانت.

و ان شئت قلت: ان القصيده الكذائية لا تصدق علي ما لم تراع فيها الحركات و السكنات و لزوم تبديل الحروف فيها بغيرها و فصل مفرداتها فهذا المقدار مما لا شبهة في لزوم مراعاته.

و أما الموالاة بين الجملات المستقلة و عدم الفصل بين آية قل هو اللّه أحد و بين اللّه الصمد بكلام أجنبي أو بفصل طويل فمن باب ظهور الامر المتوجه بالقراءة بكونها قراءة واحدة فلو أمر المولي عبده بقراءة قصيدة من قصائد امرؤ القيس فيقرأ العبد نصف بيت في الصبح و نصفه الاخر بعد ساعة و هكذا بأن يتم القصيدة في يومين مثلا لم يعد مثل هذا العبد ممتثلا و عليه ما أفاده في المستمسك من أنه لا دليل علي اعتبار الموالاة بهذا المعني، ليس علي ما ينبغي.

و ملخص الكلام ان الفهم العرفي محكم في ادراك المفاهيم و الظاهر ان العرف يشهد بما ذكرنا و هو ببابك و علي فرض الشك في الصدق لا بد من الاحتياط لعدم احراز المأمور به و مقتضي قاعدة الاشتغال علي المعروف و الاستصحاب علي المسلك المنصور وجوب الرعاية كي يحرز تحقق المأمور به.

(1) كما هو ظاهر.

(2) للزيادة المبطلة لها.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 510

و مدخوله و نحو ذلك مما يعد جزء الكلمة (1) و الاحوط الموالاة بين المضاف و المضاف اليه و المبتدأ و خبره

و الفعل و فاعله و الشرط و جزائه و الموصوف و صفته و المجرور و متعلقه و نحو ذلك مما له هيئة خاصة علي نحو لا يجوز الفصل فيه بالاجنبي فاذا فات سهوا أعاد القراءة (2) و اذا فاتت عمدا فالاحوط وجوبا الاتمام و الاستيناف (3).

[مسألة 140: إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين]

(مسألة 140): اذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين فيما اذا لم يصدق علي الاخر انه ذكر و لو غلطا (4) و لكن لو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه فاذا انكشف انه مطابق للواقع لم يعد الصلاة و الا أعادها (5).

[الفصل الخامس: في الركوع]
اشارة

الفصل الخامس:

في الركوع و هو واجب في كل ركعة مرة فريضة كانت أو

______________________________

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرناه.

(2) لعدم فوات المحل فيجب التدارك و المفروض عدم تحقق المأمور به.

(3) الظاهر ان الوجه في ابتناء الحكم علي الاحتياط عدم الجزم بالاشتراط و قد ظهر مما ذكرنا انه تجب المراعاة حتي مع الشك فلاحظ.

(4) اذ مع عدم صدق الذكر و لو غلطا تفسد الصلاة بالكلام الادمي و اما مع صدق الذكر و لو غلطا لا يشمله دليل الابطال.

(5) هذا واضح اذ مع فرض الاتيان و قصد القربة و انكشاف كونه صحيحا تصح الصلاة بلا اشكال كما أنه مع انكشاف كونه غلطا تفسد لعدم دليل علي الصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 511

نافلة (1) عدا صلاة الآيات كما سيأتي (2) كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته و نقيصته عمدا و سهوا (3).

______________________________

(1) وجوب الركوع في كل ركعة من الواضحات و عن غير واحد انه من ضروريات الدين و لا تصدق الركعة الا به و ملخص الكلام انه لا اشكال و لا كلام في وجوب الركوع من حيث النص و الفتوي و أيضا لا اشكال في أن الواجب ركوع واحد و لا يجب أزيد من الواحد بل يوجب البطلان.

(2) يأتي ان شاء اللّه تعالي التعرض للجهات الراجعة اليها في محلها.

(3) بلا اشكال و لا كلام و هذا مقتضي القاعدة الاولية

فان الصلاة تبطل بالزيادة و النقصان و الصحة تحتاج الي الدليل و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود «1».

و يدل علي البطلان بالنقصان جملة من النصوص منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل ينسي أن يركع حتي يسجد و يقوم قال:

يستقبل «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل ينسي أن يركع قال: يستقبل حتي يضع كل شي ء من ذلك موضعه «3».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة و قد سجد سجدتين و ترك الركوع استأنف الصلاة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 512

عدا صلاة الجماعة فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي (1) و عدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهوا (2).

______________________________

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع قال: عليه الاعادة «1».

(1) و يقع البحث في وجهه ان شاء اللّه في ذلك البحث.

(2) استدل عليه بتقريبين: الاول: انه لا مقتضي للبطلان بدعوي: ان الدليل في الفريضة منحصر في الاجماع و لا اجماع في النافلة فلا وجه للبطلان.

و فيه: انه ليس الامر كذلك اذ قد دل الدليل علي بطلان الصلاة بالزيادة لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه

الاعادة «2».

الثاني النصوص منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال: قلت:

أ ليس قلت في الفريضة اذا ذكره بعد ما ركع مضي في صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال: ليس النافلة مثل الفريضة «3».

و فيه: أولا ان الرواية ضعيفة بالصيقل و ثانيا: لا دلالة فيها علي المدعي فان الظاهر منها انه نسي التشهد و شرع في صلاة اخري فلم تتحقق الزيادة.

و منها: ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألته عن الرجل سها في ركعتين من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 513

[يجب فيه أمور]
اشارة

و يجب فيه امور:

[الأول: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلي الركبتين]

الاول: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الاصابع الي الركبتين (1).

______________________________

النافلة فلم يجلس بينهما حتي قام فركع في الثالثة فقال يدع ركعة و يجلس و يتشهد و يسلم ثم يستأنف الصلاة بعد «1».

و هذه الرواية أيضا لا تكون دليلا علي المدعي لأن المفروض ان الركوع الثالث قصد به صلاة اخري فلا يكون زيادة في النافلة.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في النافلة فقال: ليس عليك شي ء «2».

و الاستدلال بهذه الرواية يتوقف علي الالتزام باطلاق السهو في الرواية فان قلنا بأنه شامل لكل سهو يثبت به المدعي في المقام و أما لو قلنا بأن السهو المذكور في الرواية السهو الموضوع لوجوب سجدتيه فلا يكون دليلا فيشكل كما كتب الماتن في هامش العروة: «فيه اشكال».

و لكن الانصاف انه لا مانع من الاطلاق فما أفاده في المقام تام.

(1) ما يمكن أن يقال: في هذا المقام امور: منها الاجماع. و فيه: ان تحصيل الاجماع التعبدي في المقام متعذر.

و منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: انه لو تحقق عنوان الركوع المأمور به و شك في خصوصية زائدة يكون المرجع أصل البراءة لا الاشتغال.

و منها النبوي المذكور في المعتبر- علي ما نقل عنه-: «اذا ركعت فضع كفيك علي ركبتيك» و فيه ان المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 514

و غير مستوي الخلقة لطول اليدين أو قصرهما يرجع الي المتعارف (1) و لا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة فان لكل حكم

______________________________

و منها جملة من النصوص منها: ما رواه حماد بن عيسي «1»

و منها: ما رواه زرارة قال عليه السلام و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ أطراف أصابعك عين الركبة «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب الي أن قال: و تمكن راحتيك من ركبتيك و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ (القم) بأطراف أصابعك عين الركبة «3».

و اورد في الاستدلال بأنها في مقام بيان الآداب المندوبة فلا تكون دالة علي الوجوب و يمكن ذب الايراد بأن الظواهر حجة ما دام لا يكون قرينة علي خلافها و لا اشكال في أن الظاهر من هذه النصوص وجوب جملة من الامور لكن قد علم من الخارج عدم وجوب بعض منها فنرفع اليد عن الظهور بهذا المقدار و نأخذ بالباقي كما هو الميزان.

نعم يستفاد من قوله عليه السلام: «فان وصلت أطراف اصابعك في ركوعك الي ركبتيك أجزأك ذلك» «4» ان بلوغ الاصابع الي الركبة كاف في تحقق المأمور به فينطبق علي ما في المتن اذ الظاهر من هذه الجملة ان الاصابع كلها لا بد أن تصل الي الركبة و لا يلزم أكثر من هذ المقدار.

(1) لا اشكال في أنه لا يجب وضع اليدين علي الركبة و عليه يكون التحديد

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 515

نفسه.

[الثاني: الذكر]

الثاني: الذكر (1) و يجزي منه «سبحان ربي العظيم و بحمده» (2).

______________________________

الواقع في النص بنحو الطريقية كالمذكور في باب غسل الوجه في الوضوء و عليه يكون

الظاهر من النص التحديد بالمستوي كما في المتن كما أن الظاهر أن المدار علي مقدار انحناء أقلّ المستوين خلقة و من هذا يظهر انه لا يبعد أن يكتفي أفراد المستوين علي ذلك المقدار الاقل من الانحناء و ان كان الجزم به مشكل اذ القضية بنحو القضية الحقيقة فلكل فرد من المكلف حكمه و لازمه الاختلاف و لو يسيرا فيكون ما أفاده الماتن بقوله: «و لا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة فان لكل حكم نفسه» تاما.

(1) نقل الاجماع عليه من جملة من الاعيان منهم الشيخ و العلامة و الشهيد قدس اللّه أسرارهم و لا شبهة في وجوبه و لا اشكال انما الكلام في تعيينه من حيث المصداق و النصوص الدالة علي وجوب الذكر في الركوع متظافرة ان لم تكن متواترة.

(2) النصوص المتضمنة للتسبيحة الكبري علي قسمين: قسم منها خال عن كلمة و بحمده كخبر هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التسبيح في الركوع و السجود فقال: تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم و في السجود سبحان ربي الاعلي الفريضة من ذلك تسبيحة و السنة ثلاث و الفضل في سبع «1» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بقاسم بن عروة و سيد المستمسك قدس سره عبر عن الرواية بصحيح هشام.

و كرواية عقبة بن عامر الجهني أنه قال: لما نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال لنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سَبِّحِ

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 516

______________________________

اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَي قال لنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اجعلوها في سجودكم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعقبة.

و كخبر

حمزة بن حمران و الحسن بن زياد قالا: دخلنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده قوم فصلي بهم العصر و قد كنا صلينا فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرة و قال أحدهما في حديثه و بحمده في الركوع و السجود «2» و حمزة بن حمران لم يوثق.

و قسم منها يتضمن لهذه الكلمة كرواية حماد بن عيسي «3» و كرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع الي أن قال: و قل …

سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات «4».

و نقل عن جملة من الاعيان القول بالاستحباب و عن التنقيح نسبته الي الاكثر و عن المعتبر و كنز العرفان انها مستحبة عندنا.

و جمع بين القسمين سيد المستمسك بوجه آخر و هو حمل القسم الخالي من هذه الكلمة علي بيان الكل بذكر بعضه و قال: هذا النحو من الجمع أقرب عرفا من الحمل علي الاستحباب.

و ما أفاده غير سديد اذ في رواية حمزة و حسن بن زياد ذكر أنهما قالا: عددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرة فالامام عليه السلام بعمله أفهم جواز الخالي من هذه الكلمة فالحق مع هؤلاء الاعلام حيث حملوا

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 517

أو سبحان اللّه ثلاثا (1) بل يجزي مطلق الذكر من تحميد و تكبير و تهليل و غيرها (2) اذا كان بقدر الثلاث الصغريات مثل:

______________________________

النص المتضمن لها علي الاستحباب علي طبق مسلكهم المعروف من الحمل

علي الاستحباب في مثل هذه الموارد لكن الاشكال في تمامية الدليل علي الخالي من هذه الكلمة.

(1) كما في رواية معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال: ثلاث تسبيحات مترسلا تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن الركوع و السجود هل نزل في القرآن؟ قال: نعم قول اللّه تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» قلت: كيف حد الركوع و السجود؟ فقال: أما ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه ثلاثا «2» و المستفاد من مجموع الروايات أن المأمور به في ذكر الركوع هي الكبري و لكن الصغري مجزية منها فلاحظ.

(2) و الذي يدل عليه ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: يجزي أن اقول مكان التسبيح في الركوع و السجود لا إله الا اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر؟ فقال: نعم كل هذا ذكر اللّه «3».

و ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه «4» فان قوله عليه السلام: «نعم كل هذا ذكر اللّه» يدل علي كفاية مطلق الذكر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الركوع الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 518

الحمد للّه ثلاثا أو اللّه اكبر ثلاثا (1).

______________________________

(1) و الدليل عليه ما رواه مسمع بن أبي سيار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجزيك من القول في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسلا و ليس له و لا كرامة

أن يقول: سبح سبح سبح «1».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجزي الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قد رهن «2».

و هاتان الروايتان لا اعتبار بهما سندا فان مسمع بن أبي سيار لم يوثق فيبقي اطلاق رواية هشام مرجعا فيكفي مطلق الذكر و قد التزم بهذا القول- علي ما في الحدائق- الشيخ في المبسوط و الجمل و الحلبيون الاربعة و جملة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني و سبطه في المدارك و غيرهما.

يبقي في المقام شي ء و هو أنه قد ورد في بعض النصوص أن أقل ما يجزي في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ما يجزي من القول في الركوع و السجود؟ فقال: ثلاث تسبيحات في ترسل و واحدة تامة تجزي «3».

و ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الركوع و السجود كم يجزي فيه من التسبيح؟ فقال: ثلاثة و تجزيك واحدة اذا أمكنت جبهتك من الارض «4».

و ما رواه أيضا عنه عليه السلام أيضا قال: سألته عن الرجل يسجد كم يجزيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 519

و يجوز الجمع بين التسبيحة الكبري و الثلاث الصغريات و كذا بينهما و بين غيرهما من الاذكار (1).

______________________________

من التسبيح في ركوعه و سجوده؟ فقال: ثلاث و تجزيه واحدة «1» و ما رواه سماعة «2».

لكن قد ذكر في أكثر من واحدة من هذه الروايات انه «تجزي واحدة» فيفهم العرف ان

الاكتفاء بتسبيحة واحدة جائز و مما ذكر يعلم جواب الاستدلال بما رواه معاوية بن عمار «3» فانه قد ذكر في هذه الرواية أن «أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة ثلاث تسبيحات مترسلا» فان الظاهر من هذه الرواية و ان كان أقل الذكر ثلاث لكن بتلك النصوص نرفع اليد عن هذا الظهور و علي فرض التعارض تقدم تلك الطائفة للتأخر الزماني و إلا حديثة و الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن لاحظ حديثي ابن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام «4».

(1) فانه علي طبق القاعدة اذ الاتيان بالذكر و الدعاء مطلوب في الصلاة و تدل علي مطلوبية الاطالة جملة من النصوص منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: دخلت علي أبي عبد اللّه و هو يصلي فعددت له في الركوع و السجود ستين تسبيحة «5» و ما رواه حمزة بن حمران و الحسن بن زياد «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 517

(3) لاحظ ص: 517

(4) مرا آنفا

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 516

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 520

و يشترط في الذكر العربية و الموالاة و اداء الحروف من مخارجها و عدم المخالفة في الحركات الاعرابية و البنائية (1).

[الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب]

الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب (2).

______________________________

(1) قد تقدم الكلام من هذه الجهات في بحث القراءة و المقامان من واد واحد.

(2) مما استدل به علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

بينا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جالس في المسجد اذا دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه و لا سجوده فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: نقر كنقر الغراب لئن مات هذا و هكذا

صلاته ليموتن علي غير ديني «1».

و الانصاف ان هذه الرواية لا تدل علي المدعي بل المستفاد منها انه يلزم علي المكلف أن يستمر في ركوعه و لا يكون ركوعه كنقر الغراب.

و مثله ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أبصر علي بن أبي طالب عليه السلام رجلا ينقر صلاته فقال: منذ كم صليت بهذه الصلاة؟

فقال له الرجل: منذ كذا و كذا فقال: مثلك عند اللّه مثل الغراب اذا نقر لو مت مت علي غير ملة أبي القاسم محمد ثم قال علي عليه السلام: ان أسرق الناس من سرق من صلاته «2».

و أما النبوي المنقول عن عوالي اللئالي «ان رجلا دخل المسجد و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جالس في ناحية المسجد فصلي ثم جاء فسلم عليه فقال صلي اللّه عليه و آله و عليك السلام ارجع فصل الي أن قال: فقال: ثم اركع حتي تطمئن راكعا «3» فلا اعتبار بسنده و أما الدلالة فالظاهر انه لا بأس بها فانه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 521

بل الاحوط وجوبا ذلك في الذكر المندوب اذا جاء به بقصد الخصوصية (1) و لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول الي حد الركوع (2).

[الرابع: رفع الرأس منه حتي ينتصب قائما]

الرابع: رفع الرأس منه حتي ينتصب قائما (3).

______________________________

و آله أمر بقوله: ثم اركع حتي تطمئن راكعا و أما النبوي الاخر عن الذكري لا تجزي صلاة الرجل حتي يقم ظهره في الركوع و السجود فلا دلالة فيه علي المدعي

فان اقامة الظهر ليست عبارة عن الطمأنينة.

و أما خبر بكر بن محمد الازدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: فاذا قام أحدكم فليعتدل فاذا ركع فليتمكن «1» فدال علي وجوب التمكن في الركوع و أما وجوب الطمأنينة بمقدار الذكر فلا دلالة فيه مضافا الي أن بكر بن محمد لم يوثق فعليه العمدة في الدليل الاجماع و التسالم فيما بين الاصحاب و الاحتياط طريق النجاة.

لكن الانصاف: انه يمكن اثبات المدعي بخبر بكر بن محمد فان المستفاد من قوله عليه السلام: «فاذا ركع فليتمكن» ان التمكن لازم في الركوع الواجب و أما وجوب التمكن بمقدار الذكر الواجب مع قطع النظر عن الذكر فلا يدل عليه الخبر فلاحظ.

(1) هذا مبني علي اشتراط التمكن في جميع الاجزاء الصلاتية واجبة كانت أم مندوبة و قد مر الاشكال في اشتراط التمكن في مطلق الجزء الصلاتي.

(2) اذ ظرف الذكر هو الركوع فلا بد من ايقاعه في ظرفه فلا يجوز الشروع قبل الوصول الي حده.

(3) و يدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رفعت رأسك

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 522

[الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور]

الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور (1) و اذا لم يتمكن لمرض أو غيره سقطت و كذا الطمأنينة حال الذكر فانها تسقط لما ذكر (2) و لو ترك الطمأنينة في الركوع سهوا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول اليه ثم ذكر بعد رفع الرأس فالاحوط اتمام الصلاة ثم الاعادة (3).

[مسائل في الركوع]
[مسألة 141: إذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة و إعادة الذكر]

(مسألة 141): اذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة و اعادة الذكر (4) و اذا ذكر في حال

______________________________

من الركوع فاقم صلبك فانه لا صلاة لمن لا يقم صلبه «1» لكن الخبر ضعيف بالارسال نعم يدل عليه ما رواه حماد «2» قال: «ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده».

(1) قال في المستمسك «لا دليل عليه غير الاجماع» و الظاهر ان الامر كما أفاده فان قوله في رواية حماد «فلما استمكن من القيام» لا يدل علي لزوم الطمانينة فتأمل فالعمدة الاجماع و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) بلا اشكال فان الصلاة لا تسقط بحال.

(3) لاحتمال ركنيتها فتبطل بفقدانها و لا دليل عليها كما لا دليل علي كونها مقومة للركوع اذ بناء علي كونها مقومه له تفوت الركوع بفواتها لكن لا دليل عليها.

(4) كما هو ظاهر لبقاء المحل فيجب الاعادة الا أن يقال: بأن وجوب الاستقرار

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 523

الحركة فان كان عامدا بطلت صلاته (1) و ان كان ساهيا فالاحوط وجوبا تدارك الذكر (2).

[مسألة 142: مستحبات الركوع]

(مسألة 142): يستحب التكبير للركوع قبله (3) و رفع اليدين حالة التكبير (4) و وضع الكفين علي الركبتين اليمني علي اليمني و اليسري

______________________________

لا اطلاق في دليله علي فرض وجوده.

(1) اذ علي القول بلزوم الاستقرار حال الذكر لو تعمد الذكر حال الحركة يكون الذكر زيادة فتبطل.

(2) لاحتمال الركنية و قد مر آنفا بل يجب تداركه علي فرض وجوبه و لو لم يكن ركنا.

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب: اللّه أكبر ثم

اركع و قل: اللهم لك ركعت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك قلبي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات في ترسل و تصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر و تمكن راحتيك من ركبتيك و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ (ألقم) بأطراف أصابعك عين الركبة و فرج أصابعك اذا وضعتها علي ركبتيك و أقم صلبك و مد عنقك و ليكن نظرك بين قدميك ثم قل: سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب قائم الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه رب العالمين تجهر بها صوتك ثم ترفع يديك بالتكبير و تخرسا جدا «1».

(4) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اذا اردت أن تركع

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 524

علي اليسري ممكنا كفيه من عينهما (1) ورد الركبتين الي الخلف (2) و تسوية الظهر (3) و مد العنق موازيا للظهر (4) و أن يكون نظره بين قدميه (5) و أن يحنح بمرفقيه (6) و أن يضع اليمني علي الركبة قبل اليسري (7) و أن تضع المرأة كفيها علي فخذيها (8).

______________________________

و تسجد فارفع يديك و كبر ثم اركع و اسجد «1».

(1) لاحظ ما رواه زرارة.

(2) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «2».

(3) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «3».

(4) لاحظ ما رواه زرارة.

(5) لاحظ ما رواه زرارة.

(6) لاحظ ما

رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته يركع و كان اذا ركع جنح بيديه «4».

(7) لاحظ ما رواه زرارة.

(8) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة اذا قامت في الصلاة جمعت بين قدميها و تضم يديها الي صدرها لمكان ثدييها فاذا ركعت وضعت

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 525

و تكرار التسبيح ثلاثا (1) أو خمسا (2) أو سبعا (3) أو اكثر (4) و أن يكون الذكر و ترا (5) و أن يقول قبل التسبيح: اللهم لك

______________________________

يديها فوق ركبتيها علي فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها «1».

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «2».

(2) لاحظ ما في فقه الرضا عليه السلام: و قل في ركوعك بعد التكبير: اللهم لك ركعت الي أن قال: سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات و ان شئت خمس مرات و ان شئت سبع مرات و ان شئت التسع فهو أفضل «3».

(3) لاحظ ما رواه هشام بن سالم «4».

(4) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الركوع و السجود هل نزل في القرآن؟ قال: نعم الي أن قال: و من كان يقوي علي أن يطول الركوع و السجود فليطول ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه و تحميده و تمجيده و الدعاء و التضرع فان أقرب ما يكون العبد الي ربه الحديث «5».

(5) لا يبعد ان يستفاد من بعض نصوص الباب لاحظ خبر هشام «6» قال عليه السلام فيه: الفريضة من ذلك تسبيحة

و السنة ثلاث و الفضل في سبع و لاحظ قوله عليه السلام: ان اللّه وتر يحب الوتر «7».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 373

(3) مستدرك الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 515

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 515

(7) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 526

ركعت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك قلبي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر (1) و أن يقول للانتصاب بعد الركوع سمع اللّه لمن حمده و أن يضم اليه: الحمد للّه رب العالمين و أن يضم اليه اهل الجبروت و الكبرياء و العظمة و الحمد للّه رب العالمين (2) و أن يرفع يديه للانتصاب المذكور (3) و أن يصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله في الركوع (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة «2».

(3) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه اذا ركع و اذا رفع رأسه من الركوع و اذا سجد و اذا رفع رأسه من السجود و اذا أراد أن يسجد الثانية «3».

(4) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يذكر النبي صلي اللّه عليه و آله و هو في الصلاة المكتوبة اما راكعا و اما ساجدا فيصلي عليه و هو علي تلك الحال؟ فقال: نعم ان الصلاة علي نبي اللّه كهيئة

التكبير و التسبيح و هي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها اياه «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 523

(2) لاحظ ص: 523

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 527

و يكره فيه أن يطأطأ رأسه (1) أو يرفعه الي فوق (2) و أن يضم يديه الي جنبيه (3) و أن يضع احدي الكفين علي الاخري و يدخلها بين ركبتيه (4 و أن يقرأ القرآن فيه (5) و أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده (6).

______________________________

(1) لاحظ مرفوعة القاسم بن سلام رفعه عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي أن يذبح الرجل في الصلاة كما يذبح الحمار قال: و معناه أن يطأطأ الرجل رأسه في الركوع حتي يكون أخفض من ظهره «1».

(2) لاحظ مرفوعته أيضا قال: و كان اذا ركع لم يضرب رأسه و لم يقنعه قال:

و معناه انه لم يكن يرفعه حتي يكون أعلي من جسده و لكن بين ذلك و الاقناع رفع الرأس و اشخاصه قال اللّه تعالي مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ «2».

(3) لعله من باب أنه خلاف التجنيح الذي هو مندوب فيه.

(4) نقل عن جملة من الاعيان كراهته و عن آخرين نقل حرمته.

(5) لاحظ ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا قراءة في ركوع و لا سجود انما فيهما المدحة للّه عز و جل ثم المسألة فابتدءوا قبل المسألة بالمدحة للّه عز و جل ثم اسألوا بعده «3».

(6) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي فيدخل يده في ثوبه قال: ان كان عليه ثوب

آخر ازار أو سراويل فلا بأس و ان لم يكن فلا يجوز له ذلك و ان أدخل يدا واحدة و لم يدخل الاخري فلا بأس «4» فانه يحمل علي الكراهة للقطع بالجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الركوع الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الركوع الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 40 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 528

[مسألة 143: إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه اعتمد علي ما يعينه عليه]

(مسألة 143): اذا عجز عن الانحناء التام بنفسه اعتمد علي ما يعينه عليه و اذا عجز عنه فالاحوط أن يأتي بالممكن منه مع الايماء الي الركوع منتصبا قائما قبله أو بعده (1) و اذا دار أمره بين الركوع جالسا و الايماء اليه قائما تعين الثاني (2) و الاولي الجمع بينهما بتكرار الصلاة (3) و لا بد في الايماء من أن يكون برأسه ان أمكن و الا فبالعينين تغميضا له و فتحا للرفع منه (4).

[مسألة 144: إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض]

(مسألة 144): اذا كان كالراكع خلقة أو لعارض فان أمكنه الانتصاب التام للقراءة و للهوي للركوع وجب و لو بالاستعانة بعصا و نحوها (5) و الا فان تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق علي الانحناء

______________________________

(1) تارة يمكنه الانحناء بمقدار يصدق عليه الركوع فلا اشكال في لزوم الاتيان به فانه المأمور به الاولي و أما لو لم يتمكن من الانحناء بهذا المقدار فمقتضي الاحتياط أن يأتي بالقدر الممكن و يومي معه أيضا و السرّ فيه ان الهوي الي الركوع ليس من الاجزاء الصلاتية فلا يكون ميسورا بالنسبة الي الركوع فيدور الامر بين أن يركع قائما بنحو الايماء و بين أن يركع ركوعا تاما جالسا و مقتضي القاعدة في مثله التخيير بين الامرين الا أن يقال: ان الوظيفة بعد عدم التمكن من الركوع الاختياري الركوع الاضطراري و هو الايماء.

(2) تقدم الكلام فيه آنفا و في مسألة 96 من فصل القيام.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) تقدم الكلام فيه في مسألة 95 من فصل القيام.

(5) فان المفروض ان القيام واجب حال القراءة و كذلك يجب الركوع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 529

بعده الركوع في حقه عرفا لزمه ذلك (1) و الا أومأ برأسه (2) و

ان لم يمكن فبعينيه (3).

[مسألة 145: حد ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه]

(مسألة 145): حد ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه و الافضل الزيادة في الانحناء الي أن يستوي ظهره (4).

______________________________

عن قيام فيجب القيام.

(1) لصدق الموضوع علي الفرض فيجب.

(2) و الظاهر انه كما أفاد اذ المفروض ان مثله لا يمكنه الركوع فتصل النوبة الي الايماء.

(3) تقدم الكلام في هذه الجهة في مسألة 95 من فصل القيام.

(4) عن الجواهر: «ان الميزان في الركوع الجلوسي هو الصدق العرفي» و لكن يمكن ان يقال: بأن الشرع بين حدا للركوع القيامي و أمر بأن العاجز عن القيام يصلي جالسا و يفهم من الامر بالجلوس ان الجالس يركع الركوع الواجب علي القائم.

و بعبارة اخري: العرف يفهم من دليل الجلوس ان القيام تبدل بالجلوس فلا بد من الاتيان بما وجب في حال القيام في حال الجلوس و عليه لا يبقي مجال للإحالة الي العرف فما أفاده صاحب الجواهر ليس علي ما ينبغي فعلي ما ذكرتم ما في المتن اذ لا يبعد أن يكون الحد الاوفي حاصلا بهذا المقدار من الانحناء المذكور.

و بتقريب آخر: نقول: بأن أدني حد الانحناء في الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث يصير بالنسبة الي القاعد المنتصب كالراكع بالنسبة الي القائم.

و لا مجال لان يقال: الميزان المستفاد من النص وصول الاصابع الي الركبة اذ من الظاهر ان وصول الاصابع الي الركبة ليس له موضوعية بل طريق الي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 530

و اذا لم يتمكن من الركوع انتقل الي الايماء كما تقدم (1).

[مسألة 146: إذا نسي الركوع فهوي الي السجود و ذكر قبل وضع جبهته علي الأرض رجع إلي القيام ثم ركع]

(مسألة 146): اذا نسي الركوع فهوي الي السجود و ذكر قبل وضع جبهته علي الارض رجع الي القيام ثم ركع (2) و كذلك ان ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية علي الاظهر (3).

______________________________

الحد الواجب شرعا

في الحد الاعلي للركوع و هي تسوية الظهر بحيث لو صب عليه قطرة ماء استقر في مكانه و مد العنق موازيا للظهر و لا يبعد ان ينطبق هذا الحد المستفاد من النص علي الانحناء بمقدار يساوي الوجه المسجد في الركوع القيامي و الجلوسي كليهما و مما ذكر يعلم الوجه في قوله «و الافضل الزيادة في الانحناء الي أن يستوي ظهره».

(1) و قد تقدم الدليل علي بدلية الايماء.

(2) لا بد من الرجوع كي يتحقق الركوع الواجب في الصلاة علي الكيفية الخاصة و قد تقدم ان المستفاد من الادلة وجوب احداث الركوع عن القيام.

(3) ربما يقال: بوجوب الاعادة و بطلان الصلاة لجملة من النصوص: منها:

ما رواه رفاعة «1» و هذه الرواية ظاهرة في حصول الالتفات بعد السجدتين و لا شبهة في البطلان في هذه الصورة.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و هذه الرواية يستفاد منها ان البطلان ناش من عدم وضع كل شي ء موضعه و الحال انه لو قلنا بأن زيادة السجدة الواحدة بغير عمد لا تبطل الصلاة يكون مجال التدارك و وضع كل شي ء في موضعه باقيا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 511

(2) لاحظ ص: 511

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 531

و الاحوط استحبابا حينئذ اعادة الصلاة بعد الاتمام (1) و ان ذكره بعد الدخول في الثانية بطلت صلاته و استأنف (2).

[مسألة 147: يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع]

(مسألة 147): يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع فاذا انحني ليتناول شيئا من الارض أو نحوه ثم نوي الركوع لا يجزي بل لا بد من القيام ثم الركوع عنه (3).

______________________________

مضافا الي أنه يمكن أن تقيد بما رواه أبو بصير «1» فان مفهوم هذه الرواية انه لو ترك الركوع و لم يسجد سجدتين لم يجب الاستيناف و

مما ذكرنا يعلم الجواب عن الاستدلال بما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام «2» مضافا الي أن سند الرواية ساقط بمحمد بن سنان.

(1) قد ظهر مما ذكرنا وجه الاحتياط.

(2) لعدم مجال للتدارك مع زيادة الركن.

(3) قال في الحدائق: «و الظاهر انه لا خلاف في الحكم المذكور». و قال في الجواهر: «لو هوي غافلا لا بقصد الركوع أو غيره أو بقصد غيره من قتل حية أو عقرب ثم بدا له الركوع أو السجود صح و لقد أجاد العلامة الطباطبائي بقوله:

و لو هوي لغيره ثم نوي صح كذا السجود بعد ما هوي

اذ الهوي فيهما مقدمة خارجة لغيرها ملتزمة «3»

و اعترض المحقق الهمداني علي السيد الطباطبائي بأن المستفاد من الادلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 511

(2) لاحظ ص: 512

(3) جواهر الكلام ج 10 ص: 77

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 532

[مسألة 148: يجوز للمريض و في ضيق الوقت و سائر موارد الضرورة الاقتصار في ذكر الركوع علي سبحان اللّه مرة]

(مسألة 148): يجوز للمريض و في ضيق الوقت و سائر موارد الضرورة الاقتصار في ذكر الركوع علي سبحان اللّه مرة (1).

______________________________

وجوب احداث هذه الهيئة و اما ان الهوي جزء المطلوب أو مقدمة له فهو أمر آخر و افاد بأن شيخنا المرتضي اعترض عليه- مع انه قائل بكون الهوي مقدمة للواجب لا جزء منه- بأن الظاهر من ادلة الركوع الانحناء الخاص الحدوثي الذي لا يخاطب به الا من لم يكن متلبسا به و لذا لا يقال للمنحني انحن هذا قسم من مقالة الاعلام في هذا المقام.

و لا يبعد أن يكون الامر كما أفادوه لا من باب ان الامر ظاهر في الاحداث كما عليه سيدنا الاستاد و لذا لا يجوز الغسل لمن يكون تحت الماء بتحريك بدنه و يلزم اخراج البدن من الماء و ادخاله فيه بقصد الغسل فانه يمكن النقاش

فيه كما ناقشنا.

و قلنا: بأن المولي لو أمر بالكون في المسجد ساعة لا يلزم علي العبد اذا كان في المسجد أن يخرج ثم يدخل كي يحصل الامتثال بل يكفي في الامتثال بقائه في المسجد و لكن لنا أن نقول: بأن تحقق بعض المفاهيم يستلزم الحدوث كما لو أمر المولي بدخول المسجد فان مفهوم الدخول لا يحصل بالبقاء فيه بل اللازم أن يخرج ثم يدخل كي يحصل الامتثال فكما يقول الشيخ الاعظم قدس سره: من كان منحيا لا يخاطب بخطاب انحن و كذلك الركوع الذي هو هيئة خاصة حاصلة من الهوي من القيام فلو تم ما ذكر يكون ما أفاده الماتن تاما اذ لو لم يكن بقصد الخضوع لم يحصل المأمور به.

(1) عن المعتبر أن عليه فتوي الاصحاب و في بعض الكلمات: «ان الاكتفاء بالواحد في حال الضرورة اجماعي». و يمكن أن يقال: ان الاكتفاء بالواحد جائز في حال الاختيار ففي بعض النصوص صرح بكفاية التسبيحة الواحدة لاحظ خبر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 533

[الفصل السادس: في السجود]
اشارة

الفصل السادس: في السجود و الواجب منه في كل ركعة سجدتان (1) و هما معا ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا و بزيادتهما كذلك عمدا و سهوا و لا تبطل بزيادة واحدة و لا بنقصها سهوا (2).

______________________________

علي بن يقطين «1» و مثله في الدلالة خبر هشام بن سالم «2» و خبر زرارة «3» و خبر آخر لعلي بن يقطين «4» فراجع.

و أما رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أدني ما يجزي المريض من التسبيح في الركوع و السجود قال: تسبيحة واحدة «5» فلا تدل علي عدم الجواز في غير المريض لعدم المفهوم مضافا الي أن العبيدي

في السند و فيه نقاش.

(1) بلا اشكال و لا خلاف بل هو من ضروريات الدين و النصوص الدالة عليه كثيرة متفرقة في الابواب المختلفة منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتي قام فذكر و هو قائم انه لم يسجد قال: فليسجد ما لم يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض علي صلاته حتي يسلم ثم يسجدها فانها قضاء قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض «6».

(2) تفصيل البحث موكول الي بحث الخلل و اما اجمال الكلام ان الركن

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

(2) لاحظ ص: 515

(3) لاحظ ص: 518

(4) لاحظ ص: 518

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 8

(6) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 534

و المدار في تحقق مفهوم السجدة علي وضع الجبهة أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل و الخضوع (1) و علي هذا المعني تدور الزيادة و النقيصة دون بقية الواجبات (2)

[في واجبات السجود]
[الأول السجود علي ستة أعضاء]
اشارة

و هي أمور الاول السجود علي ستة أعضاء: الكفين و الركبتين و ابهامي الرجلين (3).

______________________________

عبارة عما يكون نقصانه أو زيادته موجبا للبطلان و هذا أمر علي طبق القاعدة الاولية فان نقصان المأمور به يوجب بطلان المركب لعدم مقتض للاجزاء كما ان زيادته توجب البطلان لكون الزيادة مبطلة للصلاة و لا فرق في هذه الجهة بين العمد و السهو و الجهل فما أفاده من فروض البطلان أمر علي طبق القاعدة و أما عدم البطلان في بعض الفروض فهو بلحاظ دليل خارجي هذا اجمال

البحث و التفصيل موكول الي محله فانتظر.

(1) قال الراغب في مفرداته: «السجود أصله التطامن و التذلل» و قال في الحدائق: «و هو لغة الخضوع و الانحناء» فعليه يكون حقيقة السجود التذلل نعم السجود شرعا عبارة عن وضع الجبهة علي الارض بقصد التعظيم.

(2) اذا لحكم يترتب علي السجدة زيادة أو نقصانا.

(3) تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: السجود علي سبعة أعظم: الجبهة و اليدين و الركبتين و الابهامين من الرجلين و ترغم بأنفك ارغاما أما الفرض فهذه السبعة و أما الارغام بالانف فسنة من النّبيّ صلي اللّه عليه و آله «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 535

و يجب في الكفين الباطن (1) و في الضرورة ينتقل الي الظاهر (2) ثم الي الاقرب فالاقرب علي الاحوط (3) و لا يجزي السجود علي رءوس الاصابع (4) و كذا اذا ضم اصابعه الي راحته و سجد علي ظهرها (5) و لا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمي (6).

______________________________

يسجد ابن آدم علي سبعة أعظم يديه و رجليه و ركبتيه و جبهته «1».

و ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان قال: روي ان المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن علي بن موسي الرضا عليه السلام عن قوله: «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» فقال: هي الاعضاء السبعة التي يسجد عليها «2» و منها: ما رواه حماد «3».

(1) عن النهاية نسبته الي ظاهر علمائنا و لا يبعد

ادعاء التبادر فانه المتعارف في وضع الكف علي الارض و السيرة جارية عليه بحيث لو بدل أحد الباطن بالظاهر و سجد علي ظاهر كفيه يكون مستنكرا.

(2) فانه الميسور فيجب.

(3) اتمام هذا بالدليل مشكل نعم مقتضي الاحتياط ما ذكر.

(4) فانها تعد من الظاهر.

(5) فانه لا يكون مصداقا للسجود علي الباطن المفروض وجوبه.

(6) يظهر من بعض الكلمات انه اتفاقي و يقتضيه النص لاحظ ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: قلت: الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو عمامة فقال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 536

و لا يعتبر أن يكون مقدار المسمي مجتمعا بل يكفي و ان كان متفرقا فيجوز السجود علي السبحة غير المطبوخة اذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمي السجود (1) مع كون اجزائها غير

______________________________

اذا مس جبهته الارض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن حد السجود قال:

ما بين قصاص الشعر الي موضع الحاجب ما وضعت منه اجزأك «2».

و ما رواه بريد عن أبي جعفر عليه السلام قال الجبهة الي الانف اي ذلك أصبت به الارض في السجود أجزأك و السجود عليه كله أفضل «3» و يستفاد المدعي أيضا من حديث زرارة قال: عليه السلام: أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الانملة «4» و مما رواه مروان بن مسلم و عمار الساباطي جميعا قال: ما بين قصاص الشعر الي طرف الانف مسجد اي ذلك أصبت به الارض أجزأك «5».

(1) اذ لا دليل علي شرطية الاجتماع و الانصراف لو كان بدوي و يدل علي المدعي في الجملة النصوص الدالة علي

جواز السجدة علي الحصي فمن تلك النصوص ما رواه حمران عن أحدهما عليهما السلام قال: كان أبي عليه السلام يصلي علي الخمرة يجعلها علي الطنفسة و يسجد عليها فاذا لم تكن خمرة جعل حصي علي الطنفسة حيث يسجد «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 537

متباعدة (1) و يجزي في الركبتين أيضا المسمي (2) و في الابهامين وضع ظاهر هما أو باطنهما و ان كان الاحوط وضع طرفهما (3).

[مسألة 149: لا بد في الجبهة من مماستها للأرض]

(مسألة 149): لا بد في الجبهة من مماستها للأرض (4) و لا تعتبر

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: دعا أبي بخمرة فأبطأت عليه فأخذ كفا من حصي فجعله علي البساط ثم سجد «1».

و منها: ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام سوي الحصي حين أراد السجود «2» و منها غيرها.

(1) لعدم الدليل علي الجواز و انصراف الادلة عن الصورة المفروضة.

(2) فان الاجزاء مقتضي الاطلاق و أما الاستيعاب فالظاهر انه بالنسبة الي المتعارف من الناس أمر غير معقول عادة.

(3) بل لا يبعد أن يكون هذا هو الاقوي فانه فسر الانملة في اللغة برؤوس الإبهامين قال الراغب في مفرداته: «و الا نملة طرف الاصابع و جمعه انامل» و قريب منه عبارة مجمع البحرين و المنجد.

و قال في رواية حماد و انامل ابهامي الرجلين «3» و لا معارض لها و أما التعبير بالابهام في غير هذه الرواية فلا يوجب رفع اليد عنها اذ مقتضي القاعدة

تقييد اطلاق الابهام بالانملة الا أن يقال: بأن الا نملة العقدة أو تكون مجملة بحسب المفهوم فيكون المحكم اطلاق لفظ الابهام بماله من المفهوم.

(4) فانه علي القاعدة اذ بعد ما ثبت انه يلزم أن يضع الجبهة علي الارض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 538

في غيرها من الاعضاء المذكورة (1).

[الثاني: الذكر]

الثاني: الذكر علي نحو ما تقدم في الركوع (2) و الاحوط في التسبيحة الكبري ابدال العظيم بالاعلي (3).

______________________________

و ثبت انه يشترط في المسجد أن يكون من جنس الارض أو من نباتها الا ما خرج فلا يبقي مجال للإشكال مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب وجهه الارض قال: لا يجزيه ذلك حتي تصل جبهته الي الارض «1» و غيره مما ورد في الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل.

(1) بلا اشكال و لا كلام لعدم المقتضي و السيرة القطعية شاهدة عليه مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه حمران «2» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير و خرسا جدا و ابدأ بيديك فضعهما علي الارض فان كان تحتهما ثوب فلا يضرك و ان أفضيت بهما الي الارض فهو أفضل «3».

و ما رواه أبو حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا بأس أن تسجد و بين كفيك و بين الارض ثوبك «4».

(2) و قد تقدم الكلام هناك.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سجدت

______________________________

(1) لاحظ الوسائل الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 536

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 539

[الثالث: الطمأنينة فيه]

الثالث: الطمأنينة فيه كما في ذكر الركوع (1).

______________________________

فكبر و قل اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين ثم قال: سبحان ربي اللّه الاعلي و بحمده ثلاث مرات فاذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين: اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني (و عافني) اني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك اللّه رب العالمين «1» و لاحظ ما رواه حماد «2» و ما رواه عقبة بن عامر «3» و ما رواه هشام بن الحكم «4» و مقتضي بعض النصوص كفاية مطلق الذكر في الركوع و السجود.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و استدل عليه بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن موسي الهمداني (الهذلي) عن علي بن الحسين عليه السلام قال: أتي الثقفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يسأل عن الصلاة فقال:

اذا قمت الي الصلاة فأقبل الي اللّه بوجهك يقبل عليك فاذا ركعت فانشر أصابعك علي ركبتيك و ارفع صلبك فاذا سجدت فمكن جبهتك من الارض و لا تنقره كنقرة الديك «5».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بالهذلي مضافا الي أن المستفاد منها انه لا يكون كنقرة الديك و لا يستفاد منها استقرار البدن اضف الي ذلك انه ليس في الرواية دليل علي المقدار اي

مقدار الذكر.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 515

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب الركوع الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 540

[الرابع: كون المساجد في محالها حال الذكر]

الرابع: كون المساجد في محالها حال الذكر (1) و اذا أراد رفع شي ء منها سكت الي أن يضعه ثم يرجع الي الذكر (2).

______________________________

سألته عن الرجل يسجد علي الحصي فلا يمكن جبهته من الارض قال: يحرك جبهته حتي يتمكن فينحي الحصي عن جبهته و لا يرفع رأسه «1».

و من الممكن أن يكون المراد من التمكن الاعتماد علي الارض لا الاستقرار مضافا الي أنه لا دلالة فيه من حيث مقدار الذكر.

و منها: ما رواه علي بن يقطين «2» و فيه: اولا: ان احتمال أن يكون المراد الاعتماد لا الاستقرار موجود مضافا الي أنه علي تقدير الدلالة يدل علي لزوم الاستقرار بمقدار تسبيح واحد فالمتحصل انه ليس في الروايات شاهد علي المدعي.

(1) كما هو الظاهر من قوله صلي اللّه عليه و آله: «السجود علي سبعة أعظم» «3» و غيره من النصوص.

(2) فلا يضر مطلق الرفع حتي في غير حال الذكر و الامر كما أفاده لعدم ما يقتضي البطلان فان مقتضي الاطلاق المقامي و الاصل العملي عدم كونه مبطلا و يؤيد المدعي ما رواه ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحكه مما حكه؟ قال: لا بأس اذا شق عليه أن يحكه و الصبر الي

أن يفرغ افضل «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 518

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 541

[الخامس: رفع الرأس من السجدة الأولي إلي أن ينتصب جالسا مطمئنا]

الخامس: رفع الرأس من السجدة الاولي الي أن ينتصب جالسا مطمئنا (1).

[السادس: تساوي موضع جبهته و موقفه]
اشارة

السادس: تساوي موضع جبهته و موقفه الا أن يكون الاختلاف بمقدار لبنة و قدر بأربع أصابع مضمومة (2).

______________________________

(1) فانه بلا رفع الرأس لا يتحقق الفرد الثاني من السجدة و يدل عليه ما في رواية حماد من قوله «ثم رفع رأسه من السجود» «1» و لكن لا دلالة في الرواية علي الاطمينان نعم ادعي عليه الاجماع.

(2) اللبنة بفتح اللام و كسر الباء و بكسر اللام و سكون الباء و المراد بها ما كان متعارفا منها في زمان الائمة عليهم السلام و قدرها الاصحاب بأربع أصابع تقريبا و الدليل عليه ان اللبن الموجود الان في ابنية بني العباس في سر من رأي الذي في أبنيتها بهذا المقدار تقريبا علي ما قالوا.

و أما قوله و قدر الي آخره فلان الظاهر من التقدير باللبنة التقدير بالعمق فينطبق علي ما في المتن.

و كيف كان هذا الحكم مشهور بين الاصحاب بل عن جملة من الاعيان نسبته الي علمائنا و استدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن السجود علي الارض المرتفع فقال: اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس «2»

و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا فان النهدي لقب لمحمد بن أحمد بن خاقان و لهيثم بن أبي مسروق و يطلق أيضا علي يزيد بن فرقد و الثاني و الثالث لم يوثقا

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 542

______________________________

و قال في الحدائق: «ان الظاهر ان النهدي الذي في السند هو الهيثم بن أبي مسروق بقرينة

رواية محمد بن علي بن محبوب عنه» فلا اعتبار بالرواية سندا مضافا الي أنه قيل: انه ضبط في بعض النسخ «يديك» بدل بدنك.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما أرسله الكليني قال: و في حديث آخر في السجود علي الارض المرتفعة قال: اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس «1».

و هذه الرواية أيضا ساقطة سندا و سيد المستمسك قدس سره يحتمل انه عين ما رواه ابن سنان و ما احتمله في محله.

و أما خبر حسين بن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي علي حجر أو علي موضع مرتفع احول وجهي الي مكان مستو؟ فقال: نعم جر وجهك علي الارض من غير أن ترفعه «2» فغير معتبر فان حسين بن حماد لم يوثق.

و كذلك خبره الاخر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أسجد فتقع جبهتي علي الموضع المرتفع فقال: ارفع رأسك ثم ضعه «3».

و أما خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد فقال: اني احب أن أضع وجهي في موضع قدمي و كرهه «4» فلا يدل علي اللزوم و لا يقتضي المنع عن الارتفاع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 543

______________________________

يبقي في المقام خبر عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن موضع جبهة المساجد أن يكون أرفع من مقامه؟ فقال: لا و ليكن مستويا «1» فان مقتضي هذه الرواية لزوم التساوي بين موضع الجبهة

و المقام.

و لا يعارضه ما رواه محمد بن عبد اللّه عن الرضا عليه السلام في حديث انه سأله عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه فقال: اذا كان وحده فلا بأس «2» فان السند مخدوش بالعبيدي مضافا الي أنه لم يعرف محمد بن عبد اللّه الواقع في السند.

لكن يقيد بالنسبة الي الانخفاض بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المريض أ يحل له أن يقوم علي فراشه و يسجد علي الارض؟ قال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 543

فقال: اذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه و يسجد علي الارض و ان كان أكثر من ذلك فلا «3».

لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي القاعدة الالتزام بالجواز بالنسبة الي المريض و أما في غيره فلا وجه بل مقتضي تلك الرواية وجوب رعاية التساوي و اللّه العالم.

و أما رواية معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا وضعت جبهتك علي نبكة فلا ترفعها و لكن جرها علي الارض «4» فلا يعلم الوجه في امره عليه السلام بجر الجبهة فان تحويل الجبهة يمكن أن يكون لعدم امكان الاعتماد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 544

و لا فرق بين الانحدار و التسنيم فيما اذا كان الانحدار ظاهرا (1) و أما في غير الظاهر فلا اعتبار بالتقدير المذكور (2) و ان كان هو الاحوط استحبابا

(3).

______________________________

فتحصل من مجموع ما تقدم ان الانخفاض بمقدار اللنبة لا بأس به و أما الارتفاع فلا يجوز بمقتضي رواية ابن سنان الا أن يقال: بأنه لا يجب التساوي بلا اشكال انما الكلام في أن الارتفاع المغتفر بأي مقدار و حيث ان الزائد عن اللبنة ممنوع بتسالم الاصحاب مضافا الي السيرة العملية الخارجية فبهذا المقدار لا بأس به و الزائد عليه ممنوع و يمكن أن يقال: انه لا يستفاد من خبر ابن سنان وجوب التسوية اذ الامر الوارد فيه في مقام توهم الحظ فلا يدل علي الوجوب و بعبارة واضحة ان السائل يحتمل لزوم الارتفاع و يسأل الامام عليه السلام عنه و يجيب عليه السلام بعدم الوجوب ثم يأمر بالتسوية فالمقام مقام توهم الحظ و يضاف الي ذلك ان المستفاد من احاديث حمران و الحلبي و عبد الملك «1» ان الامام عليه السلام وضع جبهته علي الحصي عند السجود و من الظاهر أن لازمه كون موضع جبهته أرفع من مقامه فلا تجب التسوية و مع عدم وجوبها ترفع اليد عن دليل لزومها علي فرض دلالته عليها غاية الامر نلتزم بعدم الجواز اذا كان أزيد من مقدار اللبنة للتسالم.

(1) لإطلاق الدليل المقتضي لعدم الفرق.

(2) ما أفاده مشكل فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق و قد كتب الماتن في هامش العروة- في هذا المقام-: «الظاهر عدم الفرق بينه و بين غير اليسير».

(3) و قد ظهر أنه الا ظهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 536 و 537

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 545

و لا يعتبر ذلك في باقي المساجد علي الاقوي (1).

[مسألة 150: إذا وضع جبهته علي الموضع المرتفع أو المنخفض]

(مسألة 150): اذا وضع جبهته علي الموضع المرتفع أو المنخفض فان لم يصدق معه السجود رفعها ثم سجد علي المستوي (2) و

ان صدق معه السجود أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه فالظاهر أيضا لزوم الرفع و السجود علي ما يجوز السجود عليه (3) و اذا وضعها علي ما يصح السجود عليه جاز جرها الي الافضل أو الاسهل (4).

[مسألة 151: إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهرا قبل الذكر أو بعده]

(مسألة 151): اذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهرا قبل الذكر أو بعده فان أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له و سجد اخري بعد الجلوس معتدلا (5) و ان وقعت علي المسجد ثانيا قهرا لم تحسب الثانية فيرفع رأسه و يسجد الثانية (6).

______________________________

(1) كما لعله المشهور فيما بين القوم و ما أفاده علي القاعدة فان الاطلاق المقامي يقتضي العدم كما ان مقتضي اصالة البراءة كذلك.

(2) اذ لا مانع من الرفع و الوضع ثانيا فان المفروض ان السجود بما له من المفهوم لم يتحقق فلا يتوجه اشكال من ناحية الزيادة و أما زيادة وضع الجبهة علي المرتفع فهي لا تفسد الصلاة لعدم العمد.

(3) لعدم تحقق المأمور به فيلزم الرفع و الوضع علي ما يصح.

(4) الجواز علي القاعدة لعدم ما يقتضي المنع.

(5) كفاية مجرد الوقوع علي الارض بلا قرار بحيث يكون كنقر الغراب في غاية الاشكال فعليه يمكن القول بأن القاعدة تقتضي أن يأتي بها ثانيا بلا اشكال لان زيادة السجدة تضر بالصحة و المفروض ان السجدة لا تتحقّق بمجرد الوضع و الرفع.

(6) لو قلنا بأن السجود الاول لم يكن تاما لا يكون الثاني مؤثرا في الصحة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 546

[مسائل في السجود]
[مسألة 152: إذا عجز عن السجود التام انحني بالمقدار الممكن و رفع المسجد إلي جبهته و وضعها عليه]

(مسألة 152): اذا عجز عن السجود التام انحني بالمقدار الممكن و رفع المسجد الي جبهته و وضعها عليه (1) و وضع سائر المساجد في محالها (2) و ان لم يمكن الانحناء أصلا

______________________________

لان الثاني لا يكون متمما للأول بل فرد ثان و حيث انه وقع بلا اختيار لا يكون مفيدا فمقتضي القاعدة أن يتدارك و لا يوجب البطلان فان السجدة الاولي حيث انها فاقدة للاستقرار لا يكون سجودا شرعيا و الثانية حيث انها بلا اختيار لا

تكون موضوعا للنهي و مع ذلك مقتضي الاحتياط اعادة الصلاة.

(1) يدل عليه ما رواه ابراهيم ابن أبي زياد الكرخي قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شيخ لا يستطيع القيام الي الخلا و لا يمكنه الركوع و السجود فقال: ليؤم برأسه ايماء و ان كان له من يرفع الخمرة فليسجد فان لم يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة ايماء «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد الطيالسي فانه لم يوثق فلا يمكن الاعتماد عليها و عليه لو كان بحيث صدق عنوان السجود و لو مع ارتفاع المسجد يجب لأنه ميسور و يجب و أما مع عدم الصدق فيجب الايماء.

و قد نقل عن الشافعي و أبي حنيفة انه تصل النوبة الي الايماء من أول الامر و لا يمكن مساعدته اذ لا مقتضي لوجوب الايماء من أول الامر كما مر التفصيل في مبحث القيام فراجع.

(2) فان وضعها في محالها واجب حسب النص و لا موجب لسقوط الوجوب فان المفروض انه واجب في ظرف السجود و فرضنا تحقق السجود فيجب بوجوبه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 547

أو أمكن بمقدار لا بصدق معه السجود عرفا أومأ برأسه فان لم يمكن فبالعينين (1) و ان لم يمكن فالاولي أن يشير الي السجود باليد أو نحوها و ينويه بقلبه (2) و الاحوط استحبابا له رفع المسجد الي الجبهة (3) و كذا وضع المساجد في محالها و ان كان الاظهر عدم وجوبه (4).

[مسألة 153: إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعها علي المسجد]

(مسألة 153): اذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعها علي المسجد فان لم يستغرقها سجد علي الموضع السليم و لو بأن بحفر حفيرة ليقع السليم علي الارض (5).

______________________________

(1)

و قد تقدم الكلام في مبحث القيام.

(2) اتمام ما أفاده مشكل و النية بالقلب لا دليل عليها و لا يكون ميسورا للسجود و الايماء.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف.

(4) الظاهر انه لا وجه له فان الظاهر من الادلة وجوب وضعها حال السجود و المفروض انتفائه و وجوبه في حال البدل لا دليل عليه.

(5) هذا مقتضي القاعدة فان الامتثال يمكن بهذا النحو فيجب بحكم العقل و يؤيده ما رواه مصادف قال: خرج بي دمل فكنت أسجد علي جانب فرأي أبو عبد اللّه عليه السلام أثره فقال: ما هذا؟ فقلت: لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمل فانما أسجد منحرفا فقال لي: لا تفعل ذلك و لكن احفر حفيرة و اجعل الدمل في الحفيرة حتي تقع جبهتك علي الارض «1» و هذه الرواية ساقطة سندا و لذا عبرنا بالتأييد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 548

و ان استغرقها سجد علي أحد الجبينين (1) مقدما الايمن علي الاحوط استحبابا (2) و الاحوط لزوما الجمع بينه و بين السجود علي الذقن و لو بتكرار الصلاة (3) فان تعذر السجود علي الجبين اقتصر علي السجود علي

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و من الظاهر ان مثل هذه الاجماعات لا اعتبار به فانها مدركية و ان ابيت عن القطع فاقله الاحتمال.

و في المقام نصوص منها: ما رواه علي بن محمد باسناد له قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن بجبهته علة لا يقدر علي السجود عليها قال: يضع ذقنه علي الارض ان اللّه تعالي يقول: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ سُجَّداً «1» و هذه الرواية ضعيفة فان اسناد علي بن محمد غير معلوم.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت: له: رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد قال: يسجد ما بين طرف شعره فان لم يقدر سجد علي حاجبه الايمن قال: فان لم يقدر فعلي حاجبه الايسر فان لم يقدر فعلي ذقنه قلت: علي ذقنه؟ قال: نعم أما تقرأ كتاب اللّه عز و جل يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ سُجَّداً «2» و هذه الرواية أيضا ضعيفة لكون الصباح مجهولا.

و منها: ما رواه في فقه الرضا «3» و هذه الرواية أيضا ضعيفة كما هو ظاهر.

(2) الوجه في الاحتياط ما في الفقه الرضوي و الاعتبار أيضا يساعده و يؤيده أيضا حديث اسحاق بن عمار الذي سبق ذكره.

(3) للعلم الإجمالي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) جامع أحاديث الشيعة الباب 9 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 549

الذقن (1) فان تعذر أومأ الي السجود برأسه أو بعينه علي ما تقدم (2).

[مسألة 154: لا بأس بالسجود علي غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حال التقية]

(مسألة 154): لا بأس بالسجود علي غير الارض و نحوها مثل الفراش في حال التقية و لا يجب التخلص منها بالذهاب الي مكان آخر (3) نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي علي البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها (4).

[مسألة 155: إذا نسي السجدتين]

(مسألة 155): اذا نسي السجدتين فان تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود اليهما (5) و ان تذكر بعد الدخول فيه بطلت الصلاة (6) و ان كان المنسي سجدة واحدة رجع و أتي بها ان تذكر قبل الركوع (7).

______________________________

(1) لدلالة الروايتين و لا يبعد أن يعد ميسورا للجبهة.

(2) و قد تقدم الكلام هناك فراجع.

(3) ما أفاده يتم فيما يتعلق الامر بالعمل الفاقد للشرط لأجل التقية كما لو قال المولي: صلي علي الفرش عند التقية فانه لا شبهة في الجواز و أما مجرد الامر بالتقية فلا يقتضي الاجزاء أعم من أن يكون بنحو الوجوب أو الندب اذ جواز التقية وجوبا أو ندبا أعم من كون موردها مجزية و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

(4) حيث ان في هذا الفرض لا موضوع للتقية اذ الاتيان بالواجب مع شرائطه لا يكون منافيا للتقية و لا فرق بين الفرد الواجد و الفاقد.

(5) لبقاء محل التدارك فيجب.

(6) اذ السجدتان ركن و المفروض عدم امكان تداركهما فلا تكون الصلاة قابلة للصحة.

(7) لإمكان التدارك بالرجوع.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 550

و ان تذكره بعده مضي و قضاها بعد السلام و سيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك (1).

[مسألة 156: يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع و رفع اليدين حاله]

(مسألة 156): يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع و رفع اليدين حاله (2) و السبق باليدين الي الارض (3) و استيعاب الجبهة في السجود عليها (4) و الارغام بالانف (5).

______________________________

(1) و نتكلم حول المسألة هناك ان شاء اللّه فانتظر.

(2) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه: «فإذا اردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير و خر ساجدا و ابدأ بيديك فضعهما علي الارض قبل ركبتيك تضعهما

معا الحديث» «2».

(4) لاحظ ما رواه بريد «3».

(5) ادعي عليه الاجماع و دلت عليه عدة نصوص منها: ما رواه حماد قال فيه:

«و وضع الانف علي الارض سنة» «4» و منها: ما رواه عمار عن جعفر عن أبيه قال: قال علي عليه السلام: لا تجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا صلاة لمن لم يصيب أنفه ما يصيب جبينه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 523

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 536

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 551

______________________________

و نقل عن ظاهر الصدوق في الفقيه و الهداية القول بالوجوب و استدل لعدم الوجوب بوجوه: منها خبر محمد بن مصادف (مضارب) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: انما السجود علي الجبهة و ليس علي الانف سجود «1».

و هذه الرواية ضعيفة بابن مصادف فانه ضعفه ابن الغضائري في مورد و وثقه في مورد آخر فبالتعارض يتساقطان و مجرد كونه في أسناد كامل الزيارة- كما في رجال سيدنا الاستاد- لا أثر له.

و منها: انه عبر في بعض النصوص بأنه سنة «2» و فيه انه يمكن أن يكون المراد بالسنة انه ليس مما فرضه اللّه في كتابه.

و منها: انه صرح في رواية زرارة «3» بأن السجود علي سبعة أعظم.

و فيه: ان غاية ما تدل عليه رواية زرارة ان الارغام ليس من أفراد السجود و لا ينافي ما يدل علي وجوبه بل في نفس الخبر دلالة علي وجوبه بقوله: «و

ترغم بانفك».

و منها:: ما دل علي أن حد السجود ما بين قصاص الشعر الي موضع الحاجب لاحظ ما رواه زرارة «4».

و فيه: ان الخبر في مقام بيان حد السجود الواقع في الجبهة اذا عرفت ما ذكر فاعلم ان احسن الوجوه في الالتزام بعدم الوجوب و رفع اليد عن ظهور بعض النصوص فيه السيرة الجارية بلا نكير من احد فانه لو كان الارغام واجبا لبان و ظهر و شاع و علن و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 550

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 552

و بسط اليدين مضمومتي الاصابع حتي الابهام حذاء الاذنين متوجها بهما الي القبلة (1) و شغل النظر الي طرف الانف حال السجود (2) و الدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول: اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين (3) و تكرار الذكر (4) و الختم علي الوتر (5) و اختيار التسبيح

______________________________

(1) لما في رواية حماد من قوله: «ثم سجد و بسط كفيه مضمومتي الاصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه» «1».

(2) قال في الحدائق: و منها: نظره في حال السجود الي طرف أنفه قال في الذكري: قاله جماعة من الاصحاب و هو يؤذن بعدم وقوفه علي مستنده و بذلك صرح غيره أيضا و مستنده الذي وقفت عليه ما في كتاب الفقه الرضوي حيث قال عليه السلام: «و يكون بصرك في وقت السجود الي انفك» «2».

(3) لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(4) لاحظ ما رواه هشام «4».

(5) لاحظ ما

رواه هشام «5» و ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه وتر يحب الوتر «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 2

(2) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 301

(3) لاحظ ص: 538

(4) لاحظ ص: 515

(5) لاحظ ص: 515

(6) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 553

و الكبري منه و تثليثها (1) و الافضل تخميسها (2) و الافضل تسبيعها (3) و أن يسجد علي الارض (4) بل التراب (5) و مساواة موضع الجبهة

______________________________

(1) لاحظ ما رواه حماد «1».

(2) لاحظ ما روي في فقه الرضا عليه السلام: «و قل في ركوعك بعد التكبير اللهم لك ركعت الي أن قال: سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات و ان شئت خمس مرات و ان شئت سبع مرات و ان شئت التسع فهو افضل» «2» فتأمل.

(3) لاحظ ما رواه هشام «3».

(4) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: السجود علي الارض أفضل لأنه أبلغ في التواضع و الخضوع للّه عز و جل «4» و ما رواه اسحاق بن الفضيل «5».

(5) لاحظ ما في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان الارض بكم برة تتيممون منها و تصلون عليها في الحياة و هي لكم كفاة في الممات و ذلك من نعمة اللّه له الحمد فأفضل ما يسجد عليه المصلي الارض النقية و روينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: ينبغي للمصلي أن يباشر بجبهته الارض و يعفر وجهه في التراب لأنه من التذلل

للّه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) مستدرك الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 515

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) مستدرك الوسائل الباب 10 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 554

للموقف (1) بل مساواة جميع المساجد لهما (2) قيل: و الدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا و الآخرة خصوصا الرزق فيقول: يا خير المسئولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فانك ذو الفضل العظيم (3) و التورك في الجلوس بين السجدتين و بعدهما (4) بأن يجلس علي فخذه اليسري جاعلا ظهر قدمه اليمني علي بطن اليسري (5 و أن يقول في الجلوس بين السجدتين: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه (6) و أن يكبر بعد الرفع من السجدة الاولي بعد الجلوس مطمئنا و يكبر للسجدة الثانية و هو جالس (7).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

(2) كما نقل عن بعض علي ما في كلام سيد المستمسك قدس سره و عن الجواهر تعليله بقوله: «لأنه أقوم للسجود» و اللّه العالم.

(3) كما نص عليه في رواية زيد الشحام «2».

(4) حكي عليه الاجماع.

(5) قال السيد الحكيم قدس سره حكي تفسيره بذلك عن الشيخ و من تأخر عنه و لاحظ ما رواه حماد «3».

(6) لاحظ ما رواه حماد «4».

(7) لاحظ ما رواه حماد «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 543

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب السجود الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 373

(4) لاحظ ص: 373

(5) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 555

و يكبر بعد الرفع من الثانية كذلك (1) و يرفع اليدين حال التكبيرات (2) و وضع اليدين

علي الفخذين حال الجلوس اليمني علي اليمني و اليسري علي اليسري (3) و التجافي حال السجود عن الارض (4) و التجنح بمعني أن يباعد بين عضديه عن

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج في جواب مكاتبة محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري الي صاحب الزمان عليه السلام يسألني بعض الفقهاء عن المصلي اذا قام من التشهد الاول الي الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبر فان بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير و يجزيه أن يقول: بحول اللّه و قوته اقوم و أقعد فكتب عليه السلام في الجواب: ان فيه حديثين أما أحدهما فانه اذا انتقل من حالة الي حالة اخري فعليه التكبير و أما الاخر فانه روي اذا رفع رأسه من السجدة الثانية و كبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الاول يجري هذا المجري و بأيهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا «1».

(2) لاحظ ما رواه الطبرسي عن مقاتل بن حنان قال فيه: «و ان لكل شي ء زينة و ان زينة الصلاة رفع الايدي عند كل تكبيرة» «2».

(3) قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام: قال في التذكرة: و يستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد و غيره علي فخذيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع بحذاء عين ركبتيه عند علمائنا لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان اذا قعد يدعو يضع يده اليمني علي فخذه اليمني و يده اليسري علي فخذه اليسري و يشير بإصبعه.

(4) لاحظ ما رواه حفص الاعور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب السجود الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب

تكبيرة الاحرام الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 556

جنبيه و يديه عن بدنه (1) و أن يصلي علي النبي و آله في السجدتين (2) و أن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه (3) و أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني اني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك اللّه رب العالمين (4) و أن يقول عند النهوض: «بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد (5) و اركع و اسجد (6) أو بحولك و قوتك اقوم و اقعد أو اللهم بحولك

______________________________

السلام اذا سجد يتخوي كما يتخوي البعير الضامر يعني بروكه «1».

(1) لاحظ ما رواه حماد «2».

(2) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه اذا سجد و اذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه «4».

(4) لاحظ ما رواه الحلبي «5».

(5) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعتين الاوليين فتشهدت ثم قمت فقل: بحول اللّه و قوته أقوم و اقعد «6».

(6) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 526

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب السجود الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 538

(6) الوسائل الباب 13 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 557

و قوتك اقوم و اقعد (1) و يضم اليه و اركع و اسجد (2) و أن يبسط يديه علي الارض معتمدا عليها للنهوض (3) و أن يطيل السجود (4) و يكثر

فيه من الذكر و التسبيح (5) و يباشر الارض بكفيه (6) و زيادة

______________________________

قمت من السجود قلت: اللهم ربي بحولك و قوتك أقوم و أقعد و ان شئت قلت:

و أركع و أسجد «1» و ما رواه رفاعة «2».

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان.

(2) كما مر.

(3) لاحظ ما عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: اذا أردت القيام من السجود فلا تعجن بيديك يعني تعتمد عليهما و هو مقبوضة و لكن ابسطهما بسطا و اعتمد عليهما و انهض قائما «3».

(4) لاحظ ما رواه زياد القندي في حديث ان أبا الحسن عليه السلام كتب اليه: اذا صليت فأطل السجود «4».

(5) لاحظ ما رواه حفص بن غياث قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهي الي نخلة فتوضأ عندها ثم ركع و سجد فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة «5».

(6) لاحظ ما رواه زرارة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 16 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب السجود الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 558

تمكين الجبهة (1) و يستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود و عدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها و تلصق بطنها بالارض و تضم اعضائها و لا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض معتدلة (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: اني لأكره للرجل أن اري جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود «1».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان علي بن الحسين عليه السلام

كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك «2».

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: اذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها و لا تفرج بينهما و تضم يديها الي صدرها لمكان ثدييها فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها علي فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتيها فاذا جلست فعلي أليتيها ليس كما يجلس الرجل و اذا سقطت للسجود بدأت بالقعود و بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالارض فاذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها و رفعت ركبتيها من الارض و اذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتيها اولا «3».

و ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها «4».

و ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا قال: المرأة اذا سجدت تضممت

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 559

و يكره الاقعاء في الجلوس بين السجدتين (1) بل بعدهما أيضا (2) و هو أن يعتمد بصدر قدميها علي الارض و يجلس علي عقبيه (3) و يكره أيضا نفخ موضع السجود (4).

______________________________

و الرجل اذا سجد تفتح «1».

و ما عن أمير المؤمنين عليه السلام: اذا صلت المرأة فلتحتفز اي تتضام اذا جلست و اذا سجدت و لا تتخوي كما يتوخي الرجل «2».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقع بين السجدتين اقعاء «3».

(2) لاحظ ما روي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قدميك و

لا تفترش ذراعيك «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه؟ «و لا تقع علي قدميك» «5» بناء علي أنه من الاقعاء.

(3) كما فسر بذلك فيما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه و الاقعاء أن يضع الرجل ألييه علي عقبيه في تشهديه «6».

(4) لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: قال: و نهي أن ينفخ في طعام أو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب السجود الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 560

اذا لم يتولد منه حرفان و الا لم يجز (1) و أن لا يرفع بيديه عن الارض بين السجدتين (2) و أن يقرأ القرآن في السجود (3).

[مسألة 157: الأحوط استحبابا الإتيان بجلسة الاستراحة]

(مسألة 157): الاحوط استحبابا الاتيان بجلسة الاستراحة و هي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الاولي و الثالثة مما لا تشهد فيها (4).

______________________________

شراب و أن ينفخ في موضع السجود «1».

(1) لما يأتي من أن الكلام مبطل للصلاة.

(2) لما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الارض بل يسجد الثانية هل يصلح له ذلك قال: ذلك نقص في الصلاة «2».

(3) لاحظ ما رواه أبو عبيد القاسم بن عبد السلام بأسانيد متصلة الي النبي صلي اللّه عليه و آله قال: اني قد نهيت عن القراءة في الركوع و السجود الحديث «3»

(4) نقل عن جملة من الاعاظم الالتزام بالوجوب بل نقل ادعاء الاجماع عليه و يدل عليه في الجملة ما رواه أبو

بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا رفعت رأسك في (من) السجدة الثانية من الركعة الاولي حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثم قم «4».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب السجود الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 561

[تتميم]
اشارة

تتميم:

يجب السجود عند قراءة آياته الاربع في السور الاربع (1) و هي

______________________________

الي أن قال: و اذا كان في الركعة الاولي و الثانية فرفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتي ترجع مفاصلك «1».

و ربما يقال: ان رواية زرارة قال: رأيت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السلام اذا رفعا رءوسهما من السجدة الثانية نهضا و لم يجلسا «2» تعارض ما دل علي الوجوب.

لكن يرده و يعارضه خبر عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: رأيته اذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الاولي جلس حتي يطمئن ثم يقوم «3».

و لنا أن نقول: ان وجه الفعل لم يكن معلوما و يمكن أن يكون الوجه في تركهما عليهما السلام التقية الا أن يقال: ان حديث زرارة يدل علي أنهما عليهما السلام كانا مستمرين في عدم الاستراحة فلا مجال لحمله علي التقية فيقع التعارض بين الجانبين و بعد التعارض تصل النوبة الي الاصل اللفظي و العملي و مقتضاه عدم الوجوب و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) ادعي عليه الاجماع من جماعة من الاعاظم و قد دلت عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قرأت

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب السجود الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 562

الم تنزيل عند قوله تعالي: يَسْتَكْبِرُونَ و حم فصلت عند قوله: تَعْبُدُونَ و النجم و العلق في آخرهما (1).

______________________________

السجدة فاسجد و لا تكبر حتي ترفع رأسك «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يقرأ الرجل السجدة و هو علي غير وضوء قال: يسجد اذا كانت من العزائم «2» الي غيرهما.

(1) قد وقع الكلام بين الاعلام بأن محل السجدة في كل آية عند التلفظ بها أو موضعها عند الفراغ من الاية قال في الحدائق: «الظاهر من النصوص وجوب السجود عند قراءة السجدة و الحمل علي تمام الاية يحتاج الي تقدير في تلك العبارات بأن يراد سماع آية السجدة الي آخرها الا ان ظاهر الاصحاب الاتفاق علي أن محل السجود بعد تمام الاية» الي آخره.

و يرد عليه: ان حمل السجدة علي لفظ السجدة كي لا يلزم التقدير أمر غير ممكن اذ لم يقع لفظ السجدة في لسان الآيات و انما الموجود فيها المشتق من هذه المادة فلا بد من التقدير كلفظ الاية- مثلا-.

مضافا الي أنه ربما يقال: بأن الظاهر من بعض نصوص الباب ان الموضوع لوجوب السجدة قراءة آيتها لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع و يسجد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب القراءة

في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 563

______________________________

و ما رواه أبو البختري وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن علي عليهم السلام انه قال: اذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها «1».

و ربما يستدل علي الوجوب عند التلفظ بهذه المادة بأن الوارد في الآيات الامر بالسجود و الامر به يقتضي الفور فيجب فورا و لا يجوز التأخير. و فيه: اولا:

انه لو كان الامر كذلك يلزم السجود بدون القراءة اذ الامر بشي ء يقتضي الاتيان بمتعلقه و هو كما تري. و ثانيا: ان الامر المقتضي للامتثال الامر الوارد في النصوص لا الوارد في الآيات.

فتحصل ان المستفاد من النصوص وجوب السجدة عند قراءة الاية كما في المتن و يؤكده دعوي الاتفاق في المقام. أضف الي ذلك ان المدعي يستفاد من حديث سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد «2» فانه يستفاد من هذا الحديث انه لو ختم السورة يجب السجود و لا فرق بين هذه السورة و بقية السور العزائم من هذه الجهة.

و لو وصلت النوبة الي الاصل العملي نقول: ان مقتضي الاستصحاب عدم تعلق الوجوب قبل تمام الاية و لا مجال لان يقال ان المكلف يعلم اجمالا اما أنه يجب السجود عند ذكر السجدة و اما يجب عليه عند تمام الاية فانه مع جريان الاستصحاب كما ذكرنا لا يكون العلم الإجمالي منجزا و ان شئت قلت: انا نشك في أنه هل يتعلق الوجوب بقراءة بعض الاية أم لا؟ و الاصل عدم التعلق قبل الاتمام و بعبارة واضحة ان المكلف لا يعلم بالتكليف الا بعد تمام الاية فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 564

و كذا يجب علي المستمع اذا لم يكن في حال الصلاة (1) فان كان

______________________________

(1) اجماعا- كما في بعض الكلمات و يكفي لإثبات الوجوب النصوص الواردة في المقام الدالة عليه بالنسبة الي السامع لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ انسان السجدة كيف يصنع؟ قال يومي برأسه «1».

و ما رواه أيضا قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة فقال: يسجد اذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم يقوم فيتم صلاته الا أن يكون في فريضة فيؤمي برأسه ايماء «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعلم السورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال: عليه أن يسجد كلما سمعها و علي الذي يعلمه أيضا أن يسجد «3».

فانه لو كان واجبا علي السامع يجب علي المستمع بالطريق الاولي و الظاهر انه يعارض هذه النصوص ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس و بعد صلاة الفجر فقال: لا يسجد الي أن قال: و عن الرجل يصلي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلي لنفسه و ربما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟ قال: لا يسجد «4».

و لكن التقديم مع تلك الطائفة لان عدم الوجوب بالنسبة الي السامع مذهب

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 565

في حال الصلاة أومأ الي السجود و سجد بعد الصلاة علي الاحوط (1).

و يستحب في أحد عشر موضعا في الاعراف عند قوله تعالي:

«وَ لَهُ يَسْجُدُونَ» و في الرعد عند قوله: وَ ظِلٰالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ» و في النحل عند قوله «وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ» و في بني اسرائيل عند قوله: «وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً» و في مريم عند قوله: و «خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا» و في سورة الحج في موضعين: عند قوله: «إِنَّ اللّٰهَ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ» و عند قوله: «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» و في الفرقان عند قوله: «وَ زٰادَهُمْ نُفُوراً» و في النحل عند قوله: «رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» * و في ص عند قوله:

«خَرَّ رٰاكِعاً وَ أَنٰابَ» و في الانشقاق عند قوله: «لٰا يَسْجُدُونَ» (2).

______________________________

العامة فالترجيح بالمخالفة يقتضي تقديم ما يدل علي الوجوب و أيضا الترجيح بالاحدثية يقتضي تقديم رواية ابن جعفر.

و يدل علي الوجوب بالنسبة إلي المستمع بالنصوصية بعض الاخبار كخبر عبد اللّه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ قال:

لا يسجد الا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته الحديث «1» و ملخص الكلام ان الامر ظاهر عند الاصحاب.

(1) مر الكلام من هذه الجهة في المسألة (104) من الفصل الرابع في القراءة.

(2) أما عدم وجوب السجدة في غير العزائم فمضافا الي الاجماع المدعي في المقام يمكن الاستدلال عليه بالسيرة و ببعض النصوص لاحظ ما رواه داود بن سرحان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 566

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع اقرأ باسم الذي خلق و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «1».

و ما

رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: اذا قرء شي ء من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد و ان كنت علي غير وضوء و ان كنت جنبا و ان كانت المرأة لا تصلي و سائر القرآن أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت و ان شئت لم تسجد «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العزائم الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك و ما عداها في جميع القرآن مسنون و ليس بمفروض «4».

و أما استحبابه في بقية الموارد فمضافا الي الشهرة يمكن الاستدلال عليه بما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان أبي علي بن الحسين عليه السلام ما ذكر للّه نعمة عليه الا سجد و لا قرأ آية من كتاب اللّه فيها سجدة الا سجد الي أن قال: فسمي السجاد لذلك «5» و برواية ابن سنان المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 567

بل الاولي السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود (1).

[مسألة 158: ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح و لا تشهد و لا تسليم]

(مسألة 158): ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح (2) و لا تشهد و لا تسليم (3) نعم يستحب التكبير للرفع منه بل

الاحوط استحبابا عدم تركه (4).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يقرأ بالسورة فيها السجدة فينسي فيركع و يسجد سجدتين ثم يذكر بعد قال: يسجد اذا كانت من العزائم و العزائم أربع: الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك و كان علي بن الحسين عليه السلام يعجبه أن يسجد في كل سورة فيها السجدة «1» و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم.

(2) فانه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

(3) لعدم الدليل و يكفي للحكم بالعدم الاطلاق المقامي.

(4) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي الوجوب كرواية عبد اللّه بن سنان «3» و رواية سماعة «4» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم فلا يكبر حين يسجد و لكن يكبر حين يرفع رأسه «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 566

(3) لاحظ ص: 566

(4) لاحظ ص: 561

(5) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 568

و لا يشترط فيه الطهارة من الحدث و لا الخبث (1) و لا الاستقبال (2) و لا طهارة محل السجود (3) و لا الستر و لا صفات الساتر بل يصح حتي في المغصوب (4).

______________________________

و في قبال هذه النصوص ما رواه عمار قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذ اقرأ العزائم كيف يصنع؟ قال: ليس فيها تكبير اذا سجدت و لا اذا قمت و لكن اذا سجدت قلت: ما تقول في السجود «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بعلي بن خالد فما عن ظاهري

الشيخ و الشهيد في الخلاف و الذكري من الوجوب قوي لا يمكن العدول عنه الا أن يتم الامر بالتسالم و السيرة و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل براءة و استصحابا عدم الوجوب مضافا الي النص الخاص الوارد لاحظ ما رواه أبو بصير «2» و الحلبي «3».

(2) لعدم المقتضي و أما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يقرأ السجدة و هو علي ظهر دابته قال: يسجد حيث توجهت به فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يصلي علي ناقته و هو مستقبل المدينة يقول اللّه عز و جل: فأينما تولوا فثم وجه اللّه «4» فسنده ضعيف بجعفر بن محمد بن مسرور مضافا الي أنه لا يستفاد منه الاشتراط بل يستفاد منه عدمه فلاحظ.

(3) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل عدم الاشتراط.

(4) لعدم كون التركيب اتحاديا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 566

(3) لاحظ ص: 562

(4) الوسائل الباب 49 من أبواب قراءة القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 569

اذا لم يكن السجود تصرفا فيه (1) و الاحوط وجوبا فيه السجود علي الاعضاء السبعة (2) و وضع الجبهة علي الارض أو ما في حكمها (3) و عدم اختلاف المسجد عن الموقف في العلو و الانخفاض (4) و لا بد فيه من النية (5) و اباحة المكان (6) و يستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة (7).

______________________________

(1) اذ في هذا الفرض يكون التركيب اتحاديا و لا يمكن أن يكون الحرام مصداقا للواجب.

(2) ربما يقال: ان شمول الدليل للمقام مشكل و لكن لا يبعد أن يستفاد الاطلاق من نصوص الباب لاحظ ما ورد في الباب 4 من

أبواب السجود من الوسائل و قد تقدم بعض الروايات «1».

(3) للإطلاق لاحظ ما ورد في الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل و منه ما رواه هشام «2».

(4) بدعوي: ان اطلاق الدليل يشمل المقام و في الشمول اشكال لاحظ ما رواه عبد اللّه ابن سنان «3» و لكن الانصاف انه لو ادعي أحد اطلاق الدليل لم يكن جزافا.

(5) فانها عبادة لا تتحقق بلا نية.

(6) علي ما تقدم في بحث المكان و للنقاش مجال فانه لو لم يشترط الاتكاء في السجدة يمكن لنا أن نقول بعدم اشتراط الاباحة فلاحظ.

(7) لاحظ ما رواه عمار «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 534

(2) لاحظ ص: 296 و الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 543

(4) لاحظ ص: 568

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 570

[مسألة 159: يتكرر السجود بتكرر السبب]

(مسألة 159): يتكرر السجود بتكرر السبب (1) و اذا شك بين الاقل و الاكثر جاز الاقتصار علي الاقل (2) و يكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد أو الجلوس (3).

[مسألة 160: يستحب السجود شكرا للّه تعالي عند تجدد كل نعمة و دفع كل نقمة]

(مسألة 160): يستحب السجود شكرا للّه تعالي عند تجدد كل نعمة و دفع كل نقمة (4) و عند تذكر ذلك (5).

______________________________

(1) فانه علي القاعدة اذ تداخل الاسباب علي خلاف مقتضاها بل يمكن الاستدلال عليه بما رواه محمد بن مسلم «1» و الا شكال في شموله لمورد لم يتخلل السجود ليس علي ما ينبغي فان مقتضاه عدم الفرق بين أن يتخلل السجود و ان لا يتخلل.

(2) لأصالة عدم الزائد.

(3) اذ الواجب السجود و هو يتحقق بالنحو المذكور.

(4) لاحظ ما رواه جابر قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام:

ان أبي علي بن الحسين ما ذكر للّه عز و جل نعمة عليه الا سجد و لا قرأ آية من كتاب اللّه عز و جل فيها سجود الا سجد و لا دفع اللّه عنه سوءا يخشاه أو كيد كائد الا سجد و لا فرغ من صلاة مفروضة الا سجد و لا وفق لا صلاح بين اثنين الا سجد و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك «2».

(5) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بالمدينة و هو راكب حماره فنزل و قد كنا صرنا الي السوق أو قريبا منه قال: فنزل فسجد و أطال السجود ثم رفع رأسه إلي فقلت له: رأيتك نزلت فسجدت فقال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 564

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

571

و التوفيق لأداء كل فريضة و نافلة (1) بل كل فعل خير و منه اصلاح ذات البين (2) و يكفي سجدة واحدة (3) و الافضل سجدتان فيفصل بينهما بتعفير الخدين (4).

______________________________

اني ذكرت نعمة اللّه عز و جل الحديث «1».

(1) لاحظ ما رواه الحسن بن علي بن فضال عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: السجدة بعد الفريضة شكر للّه عز و جل علي ما وفق له العبد من أداء فريضة و أدني ما يجزي فيها من القول أن يقال شكرا للّه شكرا للّه شكرا للّه ثلاث مرات قلت: فما معني قوله: شكرا للّه؟ قال: يقول: هذه السجدة مني شكرا للّه علي ما وفقني له من خدمته و أداء فرضه و الشكر موجب للزيادة فان كان في الصلاة تقصير لم يتم بالنوافل تم بهذه السجدة «2».

(2) فان فعل الخير من نعم اللّه و له الشكر و منه اصلاح ذات البين كما نص في الخبر لاحظ ما رواه جابر «3».

(3) لصدق الطبيعة و لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «4».

(4) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن جندب عن موسي بن جعفر عليه السلام أنه قال:

تقول في سجدة الشكر اللهم اني اشهدك الي أن قال ثم تضع خدك الايمن علي الارض و تقول الي أن قال ثم تضع خدك الايسر علي الارض و نقول الي أن قال:

ثم تعود الي السجود و تقول مأئة مرة شكرا شكرا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 570

(4) لاحظ ص: 570

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 572

أو الجبينين (1) أو الجميع (2) مقدما الايمن علي

الايسر ثم وضع الجبهة ثانيا (3) و يستحب فيه افتراش الذراعين و الصاق الصدر و البطن بالارض (4) و أن يمسح موضع سجوده بيده ثم يمرها علي وجهه و مقاديم بدنه (5) و أن يقول فيه شكرا للّه شكرا للّه (6) أو مأئة مرة شكرا شكرا أو مأئة مرة

______________________________

(1) قال في الجواهر: لعله للمرسل المشهور ان «من علامات المؤمن تعفير الجبين «1».

(2) لم نظفر علي دليله.

(3) كما في رواية عبد اللّه بن جندب «2».

(4) لاحظ ما رواه يحيي بن عبد الرحمن بن خاقان قال: رأيت أبا الحسن الثالث عليه السلام سجد سجدة الشكر فأفرش ذراعيه و الصق جؤجؤه و صدره و بطنه بالارض فسألته عن ذلك فقال: كذا يجب «3».

(5) قال في الحدائق: و قد روي عن الصادقين عليهم السلام انهم قالوا: ان العبد اذا سجد امتد من عنان السماء عمود من نور الي موضع سجوده فاذا رفع أحدكم رأسه من السجود فليمسح بيده موضع سجوده ثم يمسح بها وجهه و صدره فانه لا تمر بداء إلا نقته ان شاء اللّه تعالي «4».

(6) الوارد في بعض النصوص ثلاث مرات لاحظ ما روي عن الصادق عليه السلام قال: و أدني ما يجزي فيها شكرا للّه ثلاث مرات «5» و ما رواه الحسن

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 10 ص: 242

(2) لاحظ ص: 571

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

(4) الحدائق ج 8 ص: 348- 349

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 573

عفوا عفوا (1) أو مأئة مرة الحمد للّه شكرا و كلما قاله عشر مرات قال شكرا للمجيب ثم يقول: يا ذا المن الذي لا ينقطع ابدا و

لا بحصيه غيره عددا و يا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا يا كريم يا كريم يا كريم ثم يدعو و يتضرع و يذكر حاجته (2) و قد ورد في بعض الروايات غير ذلك (3) و الاحوط فيه السجود علي ما يصلح السجود عليه و السجود علي المساجد السبعة (4).

[مسألة 161: يستحب السجود بقصد التذلل للّه تعالي]

(مسألة 161) يستحب السجود بقصد التذلل للّه تعالي (5) بل هو من أعظم العبادات و قد ورد انه أقرب ما يكون العبد الي اللّه

______________________________

بن علي بن فضال «1».

(1) لاحظ ما رواه سليمان بن حفص المروزي أنه قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام: قل في سجدة الشكر مأئة مرة شكرا شكرا و ان شئت عفوا عفوا «2».

(2) لاحظ ما روي عن علي بن الحسين عليه السلام «3».

(3) فلاحظ.

(4) قد مر الكلام فيهما فراجع.

(5) ففي رواية اسحاق بن عمار قال عليه السلام و ليكن تواضعا للّه عز و جل فان ذلك احب «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 571

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 574

تعالي و هو ساجد (1) و يستحب اطالته (2).

[مسألة 162: يحرم السجود لغير اللّه تعالي من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام و غيرهم]

(مسألة 162): يحرم السجود لغير اللّه تعالي من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام و غيرهم و ما يفعله الشيعة في مشاهد الائمة عليهم السلام لا بد أن يكون للّه تعالي شكرا علي توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام و الحضور في مشاهدهم جمعنا اللّه تعالي و اياهم في الدنيا و الآخرة انه أرحم الراحمين (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زيد الشحام «1».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا با محمد عليك بطول السجود فان ذلك من سنن الاوابين «2».

(3) حرمة السجود لغير اللّه تعالي مما لا اشكال فيها و لا شك يعتريها و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه عليه و آله يوما

قاعدا في أصحابه اذ مر به بعير فجاء حتي ضرب بجرانه الارض و رغا فقال رجل: يا رسول اللّه أسجد لك هذا البعير فنحن أحق أن نفعل؟ قال: فقال: لا بل اسجدوا لله ثم قال: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لا مرت المرأة أن تسجد لزوجها «3» و منها غيره المذكور في الباب 27 من أبواب السجود من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب السجود الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 575

[الفصل السابع: في التشهد]
اشارة

الفصل السابع:

في التشهد و هو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة من الركعة الثانية (1).

______________________________

(1) قال سيد المستمسك في هذا المقام: «اجماعا- كما عن الخلاف و الغنية و المعتبر و التذكرة و جامع المقاصد و مجمع البرهان و المدارك و المفاتيح و كشف اللثام و غيرها و عن المنتهي: انه مذهب أهل البيت عليهم السلام و عن الامالي:

انه من دين الامامية و في المستند: هو واجب عند نابل الضرورة من مذهبنا و في الذكري: هو واجب في الثنائية مرة و فيما عداها مرتين باجماع علمائنا» الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها: ما رواه الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد الحديث «1».

و منها ما عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان شاء رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته

و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الاخير فقال: تمت صلاته و أما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ و يجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 576

و في الثلاثية و الرباعية مرتين الاولي كما ذكر و الثانية بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة من الركعة الاخيرة (1).

______________________________

اضف الي ذلك ان مقتضي السيرة وجوب التشهد في كل ثنائية كما في المتن.

(1) بلا كلام و لا اشكال كما يستفاد من كلمات الاصحاب و الانصاف ان ما ذكره الماتن من ضروريات المذهب و سيمر عليك نصوص الباب في أثناء البحث ان شاء اللّه تعالي.

منها: ما رواه الاحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: التشهد في الركعتين الاولتين الحمد للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل علي محمد و آل محمد و تقبل شفاعته و ارفع درجته «1».

و الظاهر ان هذه الرواية لا قصور فيها من حيث الدلالة علي الوجوب الا أن يقال: ان الرواية غير ناظرة الي الحكم بل ناظرة الي الكيفية.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه و باللّه و خير الاسماء للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله

بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد انك نعم الرب و أن محمدا نعم الرسول اللهم صلي علي محمد و آل محمد و تقبل شفاعته في امته و ارفع درجته ثم تحمد اللّه مرتين أو ثلاثا ثم تقوم فاذا جلست في الرابعة قلت: بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الاسماء للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 577

و هو واجب غير ركن (1) فاذا تركه عمدا بطلت الصلاة (2) و اذا تركه سهوا أتي به ما لم

______________________________

بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد انك نعم الرب و أن محمدا نعم الرسول الحديث «1».

و هذه الرواية أيضا تدل علي المدعي و اشتمالها علي ما ليس واجبا لا يضر بالاستدلال.

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة ثم ينسي فيقوم قبل أن يجلس بينهما قال: فليجلس ما لم يركع و قد تمت صلاته و ان لم يذكر حتي ركع فليمض في صلاته فاذا سلم سجد سجدتين و هو جالس «2» الي غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في الابواب المتعددة.

(1) لعدم الدليل علي كونه ركنا و مقتضي حديث لا تعاد عدم كون الاخلال به مبطلا فيما لم يكن عن عمد لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:

لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال:

القراءة سنة و التشهد سنة و لا تنقض السنة الفريضة «3».

(2) و

الوجه فيه ظاهر.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 2 ص: 99 حديث: 141

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 578

يركع (1) و إلا قضاه بعد الصلاة علي الاحوط (2) و كيفيته علي الاحوط:

«أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل علي محمد و آل محمد (3).

______________________________

(1) لبقاء محل التدارك و يدل عليه النص و هو ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس و تشهد و قم فاتم صلاتك و ان أنت لم تذكر حتي تركع فامض في صلاتك حتي تفرغ فاذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلم «1».

(2) و تفصيل الكلام في باب الخلل فانتظر.

(3) بلا خلاف كما نقل عن المبسوط و اجماعا- كما عن جملة من الاعلام و يدل علي المدعي بالنسبة الي الركعة الثانية و الرابعة من الروايات ما رواه أبو بصير «2».

و يدل عليه بالنسبة الي الركعة الاخيرة في الجملة ما رواه محمد بن مسلم قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: التشهد في الصلوات قال: مرتين قال: قلت كيف مرتين؟ قال: اذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم تنصرف قال: قلت: قول العبد: التحيات للّه و الطيبات و الصلوات للّه قال: هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 3

(2) لاحظ

ص: 576

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التشهد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 579

______________________________

و يؤيد المدعي خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: التشهد في كتاب علي شفع «1».

و خبر سورة بن كليب قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدني ما يجزي من التشهد قال: الشهادتان «2».

و يدل علي المدعي بالنسبة الي الركعة الاخيرة ما رواه الفضيل و زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «3».

و في قبال هذه الروايات طائفة اخري تدل علي خلاف المدعي منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الاولتين؟ قال: أن تقول: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له قلت: فما يجزي من تشهد الركعتين الاخيرتين؟ فقال: الشهادتان «4» فان هذه الرواية تدل علي اجزاء الشهادة الواحدة في الركعتين الاولتين.

و يدل علي الكفاية مطلقا ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي أن اقول في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 580

______________________________

الرابعة؟ قال: نعم «1».

و لنا أن نقول: انه يقع التعارض بين رواية زرارة و رواية احمد بن محمد بن أبي نصر فان الاولي تدل علي التفصيل بين التشهد الاول و الثاني و الثانية تدل علي التسوية و الترجيح مع الثانية لتأخرها و بعد سقوط الاولي تصل النوبة الي الاخذ

بما يدل علي وجوب الشهادتين مطلقا فلاحظ.

و ان أبيت عما ذكر نقول: بعد هذه الاجماعات الكثيرة و السيرة الجارية بحيث يكون الحكم واضحا كالنار علي المنار لا يكون الخبر الدال علي التفصيل معتدا به و كذلك كل ما يدل علي خلاف مورد الاجماع و التسالم مردود.

و حيث ان حديث أبي بصير «2» علي نسخة التهذيب متفق مع بقية الروايات المبينة للكيفية فالاظهر فيهما ما في المتن و اللّه العالم.

هذا بالنسبة الي الشهادتين و أما بالنسبة الي الصلوات فتدل علي وجوبها مضافا الي السيرة و شعار الشيعة و الاجماع المدعي من جماعة رواية أبي بصير و زرارة جميعا قالا في حديث قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله من تمام الصلاة اذا تركها متعمدا فلا صلاة له اذا ترك الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله «3».

و يدل علي وجوب الصلوات بهذه الصورة الخاصة ما رواه الاحول «4» مضافا الي حديث أبي بصير 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب التشهد الحديث: 1

(4) (4 و 5) لاحظ ص: 576

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 581

و يجب فيه الجلوس (1).

______________________________

نعم المذكور في رواية أبي بصير و زرارة مطلق الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله لكن يحمل المطلق علي المقيد و مثلها ما رواه أبو بصير و زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من تمام الصوم اعطاء الزكاة كما أن الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله من تمام الصلاة و من صام و لم يؤدها فلا صوم له ان (اذا) تركها متعمدا و من صلي و

لم يصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ترك ذلك متعمدا فلا صلاة له ان اللّه تعالي بدأ بها (قبل الصلاة) فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي «1».

و يؤيد التقييد ما رواه عمار بن موسي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال رجل: اللهم صل علي محمد و أهل بيت محمد فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:

يا هذا لقد ضيقت علينا أما علمت أن أهل البيت خمس أصحاب الكساء؟ فقال الرجل: كيف أقول؟ قال: قل: اللهم صل علي محمد و آل محمد فنكون نحن و شيعتنا قد دخلنا فيه «2».

(1) بلا خلاف- كما عن بعض- و اجماعا- كما عن آخر- و تدل عليه جملة من الروايات منها ما رواه الفضيل «3».

و منها: ما رواه الحلبي «4» و منها: ما رواه محمد بن علي الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة فينسي التشهد قال: يرجع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب التشهد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 577

(4) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 582

و الطمأنينة (1) و أن يكون علي النهج العربي مع الموالاة بين فقراته و كلماته (2) و العاجز عن التعلم اذا لم يجد من يلقنه يأتي بما أمكنه ان صدق عليه الشهادة مثل أن يقول اشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه (3) و ان عجز فالاحوط وجوبا أن يأتي بترجمته (4) و اذا عجز عنها أتي بسائر الاذكار بقدره.

[مسألة 163: يكره الإقعاء فيه]

(مسألة 163): يكره الاقعاء فيه (5).

______________________________

فيتشهد قلت: ليسجد سجدتي السهو؟ فقال: لا ليس في هذا سجدتا

السهو «1».

(1) العمدة الاتفاق عليها و قد مر الكلام فيها.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده مما تقدم في القراءة فراجع.

(3) اذ المفروض انه لا يمكنه غيره و من ناحية اخري الصلاة لا تسقط بحال فيجب بالمقدار الميسور.

(4) لا يبعد أن يصدق عنوان الشهادة علي الترجمة بل لا شبهة فيه لكن الاشكال في صدق الميسور علي الترجمة اذ الواجب علي المكلف التشهد بهذه الالفاظ و بهذه الكيفية و لا تكون الترجمة ميسورا للواجب و مما ذكرنا يظهر الاشكال في تتمة المسألة.

(5) قد وردت في الاقعاء عدة روايات منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقع بين السجدتين اقعاء «2».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار و ابن مسلم و الحلبي قالوا: لا تقع في

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 583

______________________________

الصلاة بين السجدتين كإقعاء الكلب «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالاقعاء في الصلاة فيما بين السجدتين «2».

و منها: ما رواه سعيد بن عبد اللّه أنه قال لجعفر بن محمد عليهما السلام: اني اصلي في المسجد الحرام فأقعد علي رجلي اليسري من أجل الندي فقال: اقعد علي أليتيك و ان كنت في الطين «3».

و منها: ما رواه حريز عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قدميك و لا تفترش ذراعيك «4».

و منها: ما رواه عمرو بن جميع قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين و بين الركعة الاولي

و الثانية و بين الركعة الثالثة و الرابعة و اذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافي و لا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة لان المقعي ليس بجالس انما جلس بعضه علي بعض و الاقعاء أن يضع الرجل ألييه علي عقبيه في تشهديه الحديث «5».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بالاقعاء فيما بين السجدتين «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 584

بل يستحب فيه الجلوس متوركا كما تقدم فيما بين السجدتين (1).

______________________________

و لا يخفي ان الخبر الرابع ضعيف بسعيد بن عبد اللّه و الخامس بالارسال و السادس بعمرو بن جميع و الباقي بين ما يدل علي حرمة الاقعاء بين السجدتين و بين ما يدل علي جوازه فان قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي الحمل علي الكراهة فهو و ان قلنا بأنها متعارضة و نتيجة التعارض التساقط فالنتيجة الجواز.

مضافا الي أن الكلام في المقام في التشهد و الاقعاء المنهي عنه بين السجدتين فالاقعاء بأي معني كان لو كان من أنحاء الجلوس- كما هو كذلك- فلا مانع من الجلوس الاقعائي حال التشهد و ان لم يكن جلوسا و لا يصدق علي المقعي عنوان الجالس فلا يجوز علي القاعدة لان الجلوس حال التشهد واجب و أما رواية عمرو بن جميع الناهية عن الاقعاء في موضع التشهد معللة بأن المقعي ليس بجالس فقد مر أنها ضعيفة بعمرو.

نعم لا يبعد ان يستفاد الكراهة من رواية زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا بأس بالاقعاء فيما بين

السجدتين و لا ينبغي الاقعاء في موضع التشهد في الجلوس و ليس المقعي بجالس «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و اذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالارض و فرج بينهما شيئا و ليكن ظاهر قدمك اليسري علي الارض و ظاهر قدمك اليمني علي باطن قدمك اليسري و أليتاك علي الارض و أطراف (طرف) ابهامك اليمني علي الارض «2».

و أما رواية أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 585

و أن يقول قبل الشروع في الذكر «الحمد للّه» (1) أو يقول: «بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الاسماء للّه (2) «أو الاسماء الحسني كلها للّه» (3) و أن يجعل يديه علي فخذيه منضمة الاصابع (4).

و أن يكون نظره الي حجره (5) و أن يقول بعد الصلاة علي النبي

______________________________

الي أن قال: و لا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الاصابع و التورك في الصلاة الحديث «1» فمخدوشة سندا بالخندقي مضافا الي أنه يمكن أن يكون المراد من التورك في هذه الرواية وضع اليد علي الورك كما في مرسلة الفقيه الآتية في ذيل مسألة (202).

(1) لاحظ حديث الاحول «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «3».

(3) لاحظ ما في فقه الرضا عليه السلام فاذا تشهدت في الثانية فقل بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و الاسماء الحسني كلها للّه الي أن قال: فاذا صليت الركعة الرابعة فقل في تشهدك بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و الاسماء

الحسني كلها للّه الحديث «4».

(4) لما عن التذكرة: «و يستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد و غيره علي فخذيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع «5».

(5) قال في الحدائق: «اقول: مستند هذا الحكم مما اختص به كتاب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 576

(3) لاحظ ص: 576

(4) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب التشهد الحديث: 3

(5) مستمسك العروة ج 6 ص: 395

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 586

صلي اللّه عليه و آله «و تقبل شفاعته و ارفع درجته» في التشهد الاول (1) و أن يقول: سبحان اللّه سبعا بعد التشهد الاول ثم يقوم (2) و أن يقول حال النهوض عنه بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد (3) و أن تضم المرأة فخذيها الي نفسها و ترفع ركبتيها عن الارض (4).

[الفصل الثامن: في التسليم]
اشارة

الفصل الثامن:

في التسليم: و هو واجب في كل صلاة و آخر اجزائها و به يخرج

______________________________

الفقه الرضوي كما تقدم في السجود الي أن قال: قال عليه السلام في كتاب المذكور: و ليكن بصرك في وقت السجود الي طرف انفك و بين السجدتين في حجرك و كذا في وقت التشهد» «1».

(1) لاحظ ما رواه الاحول و أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن حريث قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: قل في الركعتين الاولتين بعد التشهد قبل أن تنهض: سبحان اللّه سبحان اللّه سبع مرات «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعتين الاوليين فتشهدت ثم قمت فقل بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد «4».

(4) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 454

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب التشهد الحديث: 1

(4)

الوسائل الباب 14 من أبواب التشهد.

(5) لاحظ ص: 558

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 587

عنها و تحل له منافياتها (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «قد وقع الخلاف فيه في مواضع: الاول: في وجوبه و استحبابه و الثاني: في دخوله في الصلاة و خروجه و الثالث: في كيفيته أما وجوبه فذهب اليه المرتضي و أبو الصلاح و سلار و ابن أبي عقيل و القطب الراوندي و صاحب الفاخر و ابن زهرة و المحقق و صاحب البشري و العلامة و الشهيد و هو المختار و ذهب الشيخان و ابن البراج و ابن ادريس الي الاستحباب و اليه ذهب جمهور المتأخرين «1» هذا ملخص كلامه.

و قد دلت علي وجوبه جملة من النصوص: منها: ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل قال: فقال لي: يا محمد سلم فقلت:

السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: ثم قل:

السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته السلام علي أنبياء اللّه و رسله السلام علي جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقربين السلام علي محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين لا نبي بعده و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين ثم تسلم «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتي يركع فقال: يتم صلاته ثم يسلم و يسجد سجدتي السهو و هو جالس قبل أن يتكلم «4».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 587

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 471

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 588

______________________________

نسي أن يجلس في الركعتين الاولتين فقال: ان ذكر قبل أن يركع فليجلس و ان لم يذكر حتي يركع فليتم الصلاة حتي اذا فرغ فليسلم (و سلم و سجد) و ليسجد سجدتي السهو «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و ان كنت قد صليت المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فاتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصل المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم «3».

و منها: ما رواه زرارة أيضا عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال:

قلت له: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا قال: ان دخل الشك بعد دخوله في الثالثة مضي في الثالثة ثم صلي الاخري و لا شي ء عليه و يسلم «4».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه في كيفية صلاة الخوف قال فيه ثم يقوم أصحابه و الامام قاعد فيصلون

الثالثة و يتشهدون معه ثم يسلم و يسلمون «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب مواقيت الصلاة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 589

______________________________

و هذه الرواية مروية عن كتاب علي بن جعفر فان صاحب الوسائل نقلها من كتابه فلا اشكال من حيث السند.

و منها: ما رواه عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك و ان كنت مع امام فتسليمتين و ان كنت وحدك فتسليمة واحدة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان ذهب و همك الي الاربع فتشهد و سلم «2».

و منها: ما رواه ابو بصير قال: سألته عن رجل صلي فلم يدرأ في الثالثة هو أم في الرابعة قال: فما ذهب و همه اليه ان رأي أنه في الثالثة و في قلبه من الرابعة شي ء سلم بينه و بين نفسه ثم صلي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يسلم ثم يقوم فيضيف اليها ركعة «4».

و الظاهر من هذه الروايات ان التسليم واجب فلا بد من النظر الي دليل المخالف كي تظهر النتيجة و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أمور: منها:

أصل البراءة عن الوجوب. و فيه: انه لا مجري للأصل مع فرض الروايات

الدالة علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 590

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: التشهد في الصلوات قال: مرتين قال: قلت: كيف مرتين؟ قال: اذا استويت جالسا فقل: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم تنصرف الحديث «1».

بتقريب: ان المصلي ينصرف بالتشهد فلا يكون التسليم واجبا. و فيه: اولا:

ان لازم هذا الكلام عدم وجوب الصلاة علي محمد و آله و هم لا يلتزمون بهذا اللازم و ثانيا: ان النسبة بين هذه الرواية و الروايات الدالة علي الوجوب نسبة المطلق بالمقيد و لا اشكال في أن المقيد يقدم علي المطلق.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «2» بتقريب: ان الصلاة تمضي بالشهادتين.

و فيه: أولا: ان لازم هذا التقريب كما تقدم عدم وجوب الصلاة علي محمد و آله صلي اللّه عليهم و ثانيا: يقيد الاطلاق بالمقيد. و ثالثا: ان هذه الرواية تدل علي وجوب التسليم فان مقتضاها انه مع الاستعجال لا بد من التسليم فالرواية ناظرة الي نفي الوجوب عن الاتيان ببقية الاذكار التي لا اشكال في استحبابها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام

بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد و ينصرف و يدع الامام «3» و التقريب كما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب التشهد الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 64 من أبواب الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 591

______________________________

و الجواب: اولا و ثانيا كما تقدم و ثالثا: ان الصدوق ذكر الرواية في الفقيه بهذا النحو: «قال: يسلم و ينصرف» «1» فيكون كل من النقلين معارضا بالاخر الا أن يقال: بأن مقتضي التعارض التساقط فالمرجع غيرهما.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

صليت بقوم صلاة فقعدت للتشهد ثم قمت و نسيت أن اسلم عليهم فقالوا: ما سلمت علينا فقال: أ لم تسلم و أنت جالس؟ قلت: بلي قال: فلا بأس عليك و لو نسيت حين قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك و قلت: السلام عليكم «2».

بتقريب: ان السلام للصلاة لو كان واجبا لما كان وجه لهذا الجواب فان التسليم عليهم بهذا النحو ينافي الصلاة.

و فيه: ان الرواية من ادلة وجوب التسليم اذ يستفاد من الرواية ان اللازم السلام حين كان قاعدا و أما السلام عليهم فيتدارك بعد القيام بالتوجه اليهم و السلام عليهم فانه- علي ما يظهر- ان المتداول عند العامة ان الامام بعد السلام يتوجه الي المأمومين و يسلم عليهم و السائل يفرض ان الامام نسي و لم يسلم عليهم فلا تغفل.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام و محل الشاهد في الرواية قوله عليه السلام: «ثم تشهد و احمد اللّه و اثن عليه وصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله

و اسأله أن يتقبل منك الحديث «3».

و فيه: اولا: أن عدم الفصل ليس عليه دليل و ثانيا: علي فرض تسليمه يمكن

______________________________

(1) روضة المتقين ج 2 ص: 548

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب التسليم الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 71 من أبواب الطواف الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 592

______________________________

أن يقال: ان مقتضي جملة من النصوص وجوب التسليم و بعدم الفصل لا بد من الالتزام بوجوبه في صلاة الطواف أيضا. و ثالثا: انه ربما يقال: ان الامام عليه السلام ليس في مقام بيان جميع ما يكون واجبا.

و استدل علي عدم الوجوب بأنه لو كان واجبا لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه و بين التشهد و اللازم باطل فالملزوم مثله أما الملازمة فاجماعية و أما بطلان اللازم فلجملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم قال: تمت صلاته و ان كان مع امام فوجد في بطبه أذي فسلم في نفسه و قام فقد تمت صلاته «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «2».

و منها: ما رواه غالب بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي المكتوبة فينقضي صلاته و يتشهد ثم ينام قبل أن يسلم قال: تمت صلاته و ان كان رعافا غسله ثم رجع فسلم «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان

شاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التسليم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 593

______________________________

رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته «1».

و منها: ما رواه الحسن بن الجهم قال: سألته يعني أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلي الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة قال: ان كان قال:

أشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلا يعد و ان كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد «2».

هذه هي الروايات التي تدل علي عدم بطلان الصلاة بوقوع المنافي قبل السلام.

و الجواب عن الخبر الثاني و هو خبر الحلبي. ان مفاده مخالف للإجماع القطعي و التسالم اذ الكلام في السلام و أما الصلاة علي محمد و آله صلي اللّه عليه و آله فلا اشكال في جزئيتها و الحال أن المستفاد من الرواية ان الميزان بتحقق التشهد و هكذا الجواب عن الخبر الرابع و هو خبر زرارة.

و أما الخبر الاخير و هو خبر ابن الجهم فضعيف بعباد بن سليمان يبقي الخبر الثاني و الثالث فيقع التعارض بين الطائفتين اذ مقتضي تلك الطائفة جزئية السلام للصلاة و مقتضي هذه الطائفة عدم جزئيته و حيث ان العامة مختلفون في المسألة اذ حسب ما نقل في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان الحنفية قائلون بأن المصلي يخرج من الصلاة بكل مناف لكن السلام واجب فلا يكون جزءا و الباقون قائلون بالجزئية و ان الخروج من الصلاة يحصل بالسلام و الا تبطل فلا ترجيح من

هذه الجهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القواطع الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 594

______________________________

و ان شئت قلت: ان الطائفة الدالة علي الوجوب تدل علي الوجوب الشرطي و كونه جزءا من الصلاة و أقوال العامة من هذه الجهة مختلفة فلا مرجح من هذه الناحية فتصل النوبة الي المرجح الاخر و هو الاحدثية و الترجيح من هذه الجهة مع تلك الطائفة فان ما روي عن موسي بن جعفر عليه السلام متأخر زمانا عن بقية الروايات فلاحظ.

مضافا الي الاجماع و السيرة الجارية بحيث لو خالف أحد يعد مخالفا للوظيفة الشرعية و يقع موقع الانكار من قبل المتشرعة هذا تمام الكلام في وجوبه.

و أما الكلام من حيث دخوله في الصلاة و عدمه فنقول: ان الظاهر من الروايات الدالة علي الوجوب كونه جزءا من الصلاة فان الاوامر الواردة في المركبات ظاهرة في الارشاد الي الجزئية و لو لا هذا الظهور لاختل الاستدلال بالنسبة الي كثير من الموارد اذ في كل مورد يمكن أن يقال: بأنه ليس المستفاد الا الوجوب التكليفي و الوجوب التكليفي لا يلازم الجزئية فالمستفاد من تلك الروايات الجزئية و عدم انقضاء الصلاة الا بالتسليم.

و أما الروايات الدالة علي خلافها فنقول: ان حديث زرارة «1» يدل ذيله علي المطلوب اذ يدل الشرط بمفهومه انه بلا تسليم لا تتم الصلاة فتكون الرواية مجملة و أما حديث الحلبي «2» فانما يدل علي أن الالتفات الفاحش بعد التشهد لا يضر و مقتضي اطلاقه ان الالتفات الفاحش بعد التشهد و قبل

______________________________

(1) لاحظ ص: 592

(2) لاحظ ص: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 595

و له صيغتان: الاولي: «السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين» و

الثانية: السلام عليكم (1).

______________________________

السلام لا يفسد.

و هذا الاطلاق يقيد بالصلاة و السلام فانه لا فرق بين الصلاة و السلام من هذه الجهة.

يبقي حديث غالب بن عثمان «1» و مقتضاه ان الصلاة تتم بلا سلام و أن السلام ليست جزءا منها و تكون معارضة للروايات الدالة علي الجزئية و يكون الترجيح كما ذكرنا مع تلك الروايات فلاحظ.

و أما الخروج عن الصلاة به و حلية منافياتها فبلا كلام و لا اشكال و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسلم «2».

(1) يدل علي الاولي ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل ما ذكرت اللّه عز و جل به و النبي صلي اللّه عليه و آله فهو من الصلاة و ان قلت:

السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين فقد انصرفت «3».

و يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت اماما فانما التسليم أن تسلم علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و تقول: السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن القوم فتقول و أنت مستقبل القبلة: السلام عليكم و كذلك اذا كنت وحدك تقول: السلام علينا و علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 592

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التسليم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 596

______________________________

عباد اللّه الصالحين مثل ما سلمت و أنت امام فاذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت و سلم علي من علي

يمينك و شما لك فان لم يكن علي شما لك أحد فسلم علي الذين علي يمينك و لا تدع التسليم علي يمينك ان لم يكن علي شمالك أحد «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو كهمس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الركعتين الاولتين اذا جلست فيهما للتشهد فقلت و أنا جالس: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته انصراف هو؟ قال: لا و لكن اذا قلت: السلام علينا و عباد اللّه الصالحين فهو الانصراف «2» الي غيرها.

و يدل علي الثانية ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قلت له: اني اصلي بقوم فقال: سلم واحدة و لا تلتفت قل: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته السلام عليكم «3».

و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تسليم الامام و هو مستقبل القبلة قال: يقول: السلام عليكم «4».

ثم انه لا يخفي انه يكفي احدهما و لا يلزم الجمع بينهما أما الاكتفاء بالاولي فيدل عليه ما رواه الحلبي «5» و يدل علي كفاية الثانية مطلقات التسليم مضافا الي حديث ابن أبي يعفور الذي تقدم آنفا فانه يدل علي كفايتها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب التسليم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 595

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 597

باضافة و رحمة اللّه و بركاته علي الاحوط و ان كان الاظهر عدم وجوبها (1) فبأيهما أتي فقد خرج عن الصلاة (2) و اذا بدأ بالاولي استحبت له الثانية (3).

______________________________

(1) كما في خبر عبد اللّه بن أبي يعفور «1» فان

هذا الخبر يدل علي جواز الحذف كما هو ظاهر و أما خبر علي بن جعفر «2» فهو نقل فعل و لا يدل علي الوجوب و لذا لا يلتزم احد بوجوب السلام مكررا مع انه في هذا الخبر كذلك فلاحظ و أما حديث ابن اذينة «3» فلا يكون ظاهرا في وجوب التسليم بهذا النحو بل النبي صلي اللّه عليه و آله قد أتي بهذه الكيفية مضافا الي خبر عبد اللّه بن أبي يعفور «4» الدال علي عدم الوجوب فالحق ما أفاده في المتن.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده مما تقدم فراجع.

(3) ما ذكره مشهور- كما في بعض الكلمات- و عن بعض ان الخروج من الصلاة يحصل بالاولي لكن الاتيان بالثانية واجب و استدل عليه بحديث المعراج «5».

و فيه: ان المذكور في حديث المعراج خصوص الثانية وحدها فلا يدل علي الوجوب في صورة الاتيان بالاولي.

و ربما يستدل بما رواه الفضيل وزارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 596

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 587

(4) لاحظ ص: 596

(5) لاحظ ص: 587

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 598

بخلاف العكس (1) و أما قوله «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فليس من صيغ السلام و لا يخرج به عن الصلاة (2) بل هو

______________________________

بتقريب: ان المراد بالسلام الصيغة الاولي و بالانصراف الصيغة الثانية.

و لا يخفي ان هذا خلاف الظاهر مضافا الي أنه قد علم من بعض النصوص ان الانصراف يحصل

بالصيغة الاولي. و ربما يقال: بأن الامر بالتسليم منصرف الي الثانية و مقتضي الاطلاق وجوبه حتي مع سبق الاولي و فيه: ان الانصراف ممنوع و ان المستفاد من الادلة ان وجوبه من حيث حصول الانصراف به و مع تحقق الانصراف بالاولي لا يبقي مجال للثانية.

بقي شي ء و هو انه ما الدليل علي استحباب الثانية في فرض الاتيان بالاولي فان خبر أبي بصير «1» ضعيف بابن سنان الا أن يتمسك بالسيرة الخارجية فانها تكشف عن استحبابها و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل علي استحباب الاولي بعد الثانية نعم نسب الي بعض الاعلام القول بالاستحباب فلو قلنا: بأن مفاد دليل التسامح يقتضي الاستحباب و قلنا أيضا: أن البلوغ يشمل فتوي المجتهد لكان للقول بالاستحباب مجال و لكنه فرض في فرض و ليست له نتيجة الا العدم.

(2) لا دليل علي وجوبه بل مقتضي الادلة خلافه لا يقال: ان الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً» «2» تقتضي وجوب السلام عليه اذ المراد من الاية غير معلوم من حيث الزمان و المكان و من الظاهر انه لا يمكن الاخذ باطلاقها و الا يلزم وجوب الصلاة و السلام عليه صلي اللّه عليه و آله في كل وقت و زمان و هذا مخالف للضرورة و عدم كونه واجبا في غير

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) الاحزاب/ 56

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 599

مستحب (1).

[مسألة 164: يجب الإتيان بالتسليم علي النهج العربي]

(مسألة 164): يجب الاتيان بالتسليم علي النهج العربي (2) كما يجب فيه الجلوس (3) و الطمأنينة حاله (4) و العاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم (5).

[مسألة 165: إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة]

(مسألة 165): اذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة و كذا اذا فعل غيره من المنافيات (6) و اذا نسي التسليم حتي وقع منه المنافي

______________________________

الصلاة لا يدل علي الوجوب فيها و لذا لا اظن أن يلتزم فقيه بجواز السلام عليه في الصلاة علي الاطلاق اذ هو كلام آدمي و يوجب البطلان الا أن يقال: ان حديث الحلبي «1» يقتضي أن يكون ذكر النبي صلي اللّه عليه و آله من الصلاة.

(1) فانه امر به في خبر أبي بصير «2» لكن حيث انه ليس واجبا بالإجماع و التسالم نلتزم بالاستحباب.

(2) كما تقدم في نظائر المقام.

(3) و يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعة الثانية فقل الحديث «3» مضافا الي السيرة الخارجية بحيث يستنكر خلافه.

(4) و قد مر الكلام في الاطمينان و انه لا دليل عليه الا الاجماع.

(5) الكلام فيه هو الكلام تقريبا و اشكالا فلاحظ.

(6) فانه من آثار المبطل و يكون البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) لاحظ ص: 595

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 600

فالظاهر صحة الصلاة (1) و ان كانت اعادتها أحوط (2) و اذا نسي السجدتين حتي سلم أعاد الصلاة اذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا و الا أتي بالسجدتين و التشهد و التسليم (3) و سجد سجدتي السهو لزيادة السلام (4).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيما أفاده ان حديث لا تعاد يخرج الجزء المنسي عن كونه جزءا

و بعد فرض عدم كونه جزءا لا يكون الحدث واقعا في الاثناء فلا وجه للبطلان. ان قلت: ان الحديث لا يشمل السلام المنسي لان الحدث واقع في أثناء الصلاة. قلت: لا مانع من شموله إلا صدق وقوع الحدث في الاثناء و صدق الوقوع يتوقف علي عدم الشمول فلو توقف عدم الشمول علي الصدق يكون دورا.

ان قلت: ان الخروج من الصلاة معلول للحدث و في رتبة متأخرة عنه فالحدث واقع في الصلاة. قلت: ليس الامر كذلك فان الخروج معلول لعدم بقاء السلام علي الجزئية بلحاظ النسيان و مع عدم كونه جزءا لا يكون واقعا في الاثناء فلا وجه للبطلان.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) و الوجه فيه انه مع فوات السجدتين و عدم امكان التدارك تبطل الصلاة و لا مجال لجريان قاعدة لا تعاد لكون السجدتين من الخمسة و أما مع امكان التدارك يجب التدارك و أما مع فرض كون الفائت سجدة واحدة فتصح الصلاة مطلقا.

(4) يأتي الكلام فيه في محله.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 601

[مسألة 166: يستحب فيه التورك في الجلوس حاله و وضع اليدين علي الفخذين و يكره الاقعاء]

(مسألة 166): يستحب فيه التورك في الجلوس حاله و وضع اليدين علي الفخذين و يكره الاقعاء كما سبق في التشهد (1).

[الفصل التاسع: في الترتيب]

الفصل التاسع في الترتيب يجب الترتيب بين أفعال الصلاة علي نحو ما عرفت فاذا عكس الترتيب فقدم مؤخرا فان كان عمدا بطلت الصلاة (2) و ان كان سهوا أو عن جهل بالحكم من غير تقصير فان قدم ركنا علي ركن بطلت (3) و ان قدم ركنا علي غيره كما اذا ركع قبل القراءة

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه يعد من ملحقات التشهد فلو ثبت شي ء للتشهد يكون شاملا للتسليم أيضا و الاحسن أن يقصد الرجاء.

(2) أما لزوم الترتيب بينها فأمر واضح فانه يستفاد من الادلة بحسب المتفاهم العرفي مضافا الي السيرة و وضوح الامر بحيث لا يكون قابلا للترديد و الشك و أما لو خالف الترتيب عمدا فكون ما أتي به باطلا علي القاعدة لان المفروض انه وضع في غير محله و لا وجه للصحة و أما كونه مبطلا فلانه أتي به بعنوان الجزئية علي الفرض فتكون زيادة في المكتوبة و الزيادة في الصلاة توجب البطلان.

(3) و الوجه فيه ان مثله لا يكون قابلا للصحة اذ لو اكتفي باتيان الركوع يعد السجدتين و لم يأت بهما يكون باطلا من جهة عدم رعاية الترتيب و ان أتي بهما بعد الركوع يكون الركن زائدا في الصلاة بل لنا أن نقول: بأنه لا تصل النوبة الي هذا التقريب اذ الاتيان بالسجدتين قبل الركوع زيادة في المكتوبة و لا يشملها حديث لا تعاد لأنهما من الاركان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 602

مضي وفات محل ما ترك (1) و لو قدم غير الركن عليه تدارك علي وجه

يحصل الترتيب و كذا لو قدم غير الاركان بعضها علي بعض (2).

[الفصل العاشر: في الموالاة]

الفصل العاشر في الموالاة و هي واجبة في أفعال الصلاة بمعني عدم الفصل بينها علي وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع و هي بهذا المعني تبطل الصلاة بفواتها عمدا و سهوا (3) و لا يضر فيها تطويل الركوع و السجود و قراءة السور الطوال (4) و أما بمعني توالي الاجزاء و تتابعها و ان لم يكن دخيلا في حفظ مفهوم الصلاة فوجوبها محل اشكال و الاظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد و السهو (5).

______________________________

(1) و يشمله حديث لا تعاد.

(2) الامر كما أفاده فانه لو لم يستلزم زيادة الركن يجب تدارك ما فات من الترتيب و الزيادة حيث انها سهوية لا توجب البطلان بخلاف ما لو كان التدارك مستلزما لزيادة الركن فانه لا يجوز.

(3) فانه في هذا الفرض لا يكون الموضوع باقيا و لا مجال للقول بالصحة فكما أن تركها عمدا يوجب البطلان كذلك ترك الموالاة فيها نسيانا اذ ترك الموالاة يوجب عدم تحققها و المفروض ان عدمها يوجب البطلان.

(4) فان هذا راجع الي ما علم من الشرع و ليس أمرا عرفيا و من الظاهر ان الفصل بالاجنبي يكون منافيا للموالاة الشرعية لا مثل ما ذكر في المتن و أمثاله.

(5) اذ لو لم يكن دخيلا في حفظ مفهوم الصلاة فلا وجه لوجوبه من دون فرق بين السهو و العمد.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 603

[الفصل الحادي عشر: في القنوت]
اشارة

الفصل الحادي عشر في القنوت و هو مستحب في جميع الصلوات (1).

______________________________

(1) نقل عليه الاجماع من جملة من الاساطين و نقل عن الصدوق القول بالوجوب كما هو ظاهر قوله المنقول المحكي عن الفقيه: «القنوت سنة واجبة و من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له» و

أيضا حكي القول بالوجوب عن ابن أبي عقيل و عن الحبل المتين: «ان ما قال به الشيخان الجليلان غير بعيد عن جادة الصواب» و نقل عن الشيخ ابي الحسن البحراني القول بالوجوب حتي ذكر انه صنف رسالة في وجوب القنوت.

و لا بد من ملاحظة نصوص الباب و يستفاد من جملة من الروايات وجوبه:

منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال:

و القنوت سنة واجبة في الغداة و الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة «1».

و منها: ما عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرايع الدين قال:

و القنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع و بعد القراءة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القنوت في الصلوات الخمس فقال: اقنت فيهن جميعا «3» و منها ما رواه ابن المغيرة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 604

______________________________

الركوع «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نسي الرجل القنوت في شي ء من الصلاة فقد جازت صلاته و ليس عليه شي ء و ليس له أن يدعه متعمدا «2».

و في المقام رواية عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت ان شئت فاقنت و ان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن عليه السلام و اذا كانت التقيه فلا تقنت و أنا اتقلد هذا «3» تدل علي التخيير و مقتضي الترجيح

بمخالفة القوم أن يرجح ما يدل علي الوجوب.

لكن الحق أن يقدم ما عن الرضا عليه السلام و يلتزم بالتخيير اذ العامة ليسوا قائلين بالقنوت فكما أن الخبر الدال علي الوجوب مخالف لهم كذلك يخالفهم ما يدل علي التخيير فالترجيح مع ما يدل علي التخيير.

و يستفاد من حديث يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت في أي الصلوات أقنت؟ فقال: لا تقنت الا في الفجر «4» ان القنوت يختص بصلاة الصبح و لا وجه لحمل الرواية علي التقية لاختلاف أقوال القوم في القنوت في صلاة الفجر فلا تكون موافقة للتقية لكن يدل علي التخيير بالنسبة الي الفجر ما رواه الشيخ في التهذيب «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب القنوت الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب القنوت الحديث: 7

(5) التهذيب ج 2 ص: 161 حديث: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 605

فريضة كانت أو نافلة (1) علي اشكال في الشفع و الاحوط الاتيان به فيها برجاء المطلوبية (2).

و يتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية (3) خصوصا في الصبح

______________________________

اذا عرفت ما تقدم نقول: ان القنوت لو كان واجبا كبقية الواجبات الصلاتية لكان بوضوح بمكان فانه هل يمكن أن يبقي حكم القنوت من حيث الوجوب و عدمه مخفيا مع كثرة الابتلاء فيكون هذا آية عدم وجوبه و اللّه العالم.

(1) يمكن الاستدلال عليه بما رواه ابن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن القنوت فقال: في كل صلاة فريضة و نافلة «1» فان مقتضي عموم الحكم عدم الفرق بين أفراد الصلاة.

(2) لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال:

القنوت في الركعة الثانية و في العشاء و الغداة مثل ذلك و في الوتر في الركعة الثالثة «2» فان مقتضي هذا الحديث ان القنوت في الركعة الثالثة فلاحظ.

(3) فانه يظهر من بعض النصوص التأكيد بالنسبة الي الجهرية كخبر محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القنوت في الصلوات الخمس فقال:

أقنت فيهن جميعا قال: و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك عن القنوت فقال لي: أما ما جهرت به فلا تشك (شك) «3».

و لا ينافي التأكيد ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت فقال: فيما يجهر فيه بالقراءة قال: فقلت له: اني سألت أباك عن ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 606

و الجمعة و المغرب و في الوتر من النوافل (1) و المستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية (2).

______________________________

فقال: في الخمس كلها فقال: رحم اللّه أبي ان أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان القنوت محبوب في جميع الصلوات غاية الامر أنه عليه السلام لم يأمر به الا في الجهر لأجل التقية.

و ان شئت قلت: يستفاد من مجموع الحديثين ان القنوت محبوب في الفرائض غاية الامر يتأكد في الجهرية و لذا أمر به أبو عبد اللّه عليه السلام فيها و سكت عنه في الاخفاتية لأجل بعض الجهات.

(1) الظاهر أن الوجه في الخصوصية رواية سعد «2».

(2) نقل الاجماع عليه من جملة من الاساطين و السيرة

جارية عليه و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة «3» و يدل عليه أيضا ما رواه يعقوب بن يقطين «4»

و مثلهما في الدلالة ما رواه سماعة قال: سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟

فقال: كل شي ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت و القنوت قبل الركوع و بعد القراءة «5».

و يدل عليه أيضا ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أعرف قنوتا الا قبل الركوع «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القنوت الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 607

الا في الجمعة ففيه قنوتان قبل الركوع في الاولي و بعده في الثانية و الا في العيدين ففيهما خمسة قنوتات في الاولي و أربعة في الثانية و الا في الآيات ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الاولي و قبله في الثانية بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج كما سيأتي ان شاء اللّه تعالي (1) و الا في الوتر ففيها قنوتان قبل الركوع و بعده علي اشكال في الثاني (2) نعم يستحب بعده أن يدعوا بما دعا به أبو الحسن موسي عليه السلام و هو: «هذا مقام من حسناته نعمة منك و شكره ضعيف و ذنبه عظيم و ليس لذلك الا رفقك و رحمتك فانك قلت في كتابك المنزل علي نبيك المرسل صلي اللّه

______________________________

و لا يعارضها ما رواه اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيي عن أبي جعفر عليه السلام قال: القنوت قبل الركوع و ان شئت فيعده «1» فان سند الرواية ضعيف بالجوهري.

(1)

تحقيق كل من هذه الفروع موكول الي تلك الابحاث تبعا للماتن.

(2) الظاهر ان وجه الاشكال في القنوت الثاني في الوتر بعض النصوص لاحظ ما روي بعض أصحابنا عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: كان اذا استوي من الركوع في آخر ركعته من الوتر قال: اللهم انك قلت في كتابك المنزل كٰانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ طال و اللّه هجوعي و قل قيامي و هذا السحر و أنا استغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 608

عليه و آله كٰانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، طال و اللّه هجوعي و قل قيامي و هذا السحر و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا (1) كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج و هو لا إله الا اللّه الحليم الكريم لا إله الا اللّه العلي العظيم سبحان اللّه رب السماوات السبع و رب الارضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم

______________________________

و لا حياة و لا نشورا ثم يخر ساجدا «1».

و ما رواه أيضا قال: كان ابو الحسن الاول عليه السلام اذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: هذا مقام من حسناته نعمة منك و شكره ضعيف و ذنبه عظيم و ليس لذلك الا دفعك و رحمتك فانك قلت في كتابك المنزل علي نبيك المرسل صلي اللّه عليه و آله كانوا الحديث «2».

و أما الاول فيدل علي كونه قبل الركوع

ما رواه معاوية بن عمار «3» و ما رواه أيضا أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت في الوتر قال: فان نسيت أقنت اذا رفعت رأسي؟ قال: لا «4» فان الحديث الاول بالاطلاق و الثاني بالصراحة يدلان علي المطلوب.

(1) لاحظ ما روي عن أبي الحسن عليه السلام «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 16 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب القنوت الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 607

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 609

و الحمد للّه رب العالمين (1) و أن يستغفر لأربعين مؤمنا أمواتا و أحياء (2) و أن يقول سبعين مرة استغفر اللّه ربي و أتوب اليه (3) ثم يقول: «استغفر اللّه الذي لا إله الا هو الحي القيوم ذو الجلال و الاكرام لجميع ظلمي

______________________________

(1) الظاهر انه ليس دليل معتبر يدل علي استحبابه في قنوت الوتر و انما وردت رواية ضعيفة «1» في وروده في قنوت الجمعة و صورة الدعاء تنافي ما في المتن نعم ما ذكره في المتن من الصورة الخاصة قد ورد الدليل عليه في تلقين المحتضر و هي رواية زرارة «2».

(2) قال في مصباح المتهجد: و يستحب أن يذكر أربعين نفسا مما زاد عليه فان من فعل ذلك استجيبت دعوته ان شاء اللّه «3».

و قال المجلسي قدس سره: و أما الدعاء لأربعين من المؤمنين في خصوص قنوت الوتر فلم اره في رواية الي آخره «4».

(3) قد وردت جملة من النصوص تدل علي استحباب مطلق الاستغفار سبعين مرة منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: في قول اللّه عز و جل وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

قال: كانوا يستغفرون اللّه في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرة «5».

و جملة من النصوص تدل علي استحباب الصيغة الخاصة المغايرة لما في المتن منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ثم تقول في قنوت

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب القنوت الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) بحار الأنوار ج 87 ص: 274

(4) نفس المصدر ص: 276

(5) بحار الأنوار ج 87 ص: 207

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 610

و جرمي و اسرافي علي نفسي و أتوب اليه سبع مرات (1) و سبع مرات هذا المقام العائذ بك من النار (2) ثم يقول: رب أسأت و ظلمت نفسي و بئس ما صنعت و هذه يداي جزاء بما كسبت و هذه رقبتي خاضعة لما أتيت و ها أنا ذابين يديك فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتي ترضي لك العتبي لا أعود (3) ثم يقول العفو ثلاثمائة مرة ثم يقول: رب اغفر لي و ارحمني و تب علي انك انت التواب الرحيم (4).

______________________________

الوتر بعد هذا الدعاء استغفر اللّه و أتوب اليه سبعين مرة الحديث «1».

نعم يدل علي ما في المتن ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: من قال في وتره اذا أوتر: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه سبعين مرة الحديث «2».

(1) لاحظ ما روي عن المصباح «3».

(2) لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور «4».

(3) لاحظ ما عن مصباح المتهجد «5».

(4) لاحظ ما عن المصباح المتهجد «6».

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 198

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القنوت الحديث: 2 و 3

(3) بحار الأنوار ج 87 ص: 274

(4) نفس المصدر ص: 287

(5) نفس المصدر ص:

274

(6) نفس المصدر ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 611

[مسألة 167: لا يشترط في القنوت قول مخصوص]

(مسألة 167): لا يشترط في القنوت قول مخصوص بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر أو دعاء أو حمد أو ثناء (1) و يجزي سبحان اللّه خمسا أو ثلاثا (2) أو مرة (3) و الاولي قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام (4).

[مسألة 168: يستحب التكبير قبل القنوت]

(مسألة 168): يستحب التكبير قبل القنوت (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت و ما يقال فيه قال: ما قضي اللّه علي لسانك و لا أعلم فيه شيئا موقتا «1».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدني القنوت فقال: خمس تسبيحات «2». و ما رواه أبو بكر بن أبي سماك عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: يجزي من القنوت ثلاث تسبيحات «3».

(3) كما يقتضيه الاطلاق الوارد في حديث اسماعيل بن الفضل.

(4) كما هو ظاهر.

(5) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه قال: التكبير في الصلاة الفرض الخمس صلوات خمس و تسعون تكبيرة منها تكبيرات القنوت خمس «4».

و ما رواه عبد اللّه بن المغيرة مثله الي أن قال و خمس تكبيرات القنوت في خمس صلوات «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب القنوت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 612

و رفع اليدين حال التكبير (1) و وضعهما (2) ثم رفعهما حيال الوجه (3) قيل و بسطهما جاعلا باطنهما نحو السماء و ظاهر هما نحو الارض (4) و أن تكونا منضمتين (5) مضمومتي الاصابع الا الابهامين (6) و أن

تكون نظره

______________________________

و ما رواه الصباح المزني قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: خمس و تسعون تكبيرة في اليوم و الليلة للصلوات منها تكبير القنوت «1».

(1) لاحظ ما رواه صفوان بن مهران الجمال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام اذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتي يكاد يبلغ اذنيه «2».

(2) لعله من باب ان الوضع مقدمة للرفع و حيث ان الرفع مستحب فلا بد من الوضع اولا و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ترفع يديك في الوتر حيال وجهك و ان شئت تحت (فتحت) ثوبك «3» مضافا الي ما نسب الي الاصحاب في محكي المعتبر و الذكري.

(4) قال في الحدائق: «قال في الذكري: يستحب رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين يستقبل ببطونها السماء و بظهورهما الارض قاله الاصحاب» «4».

(5) قال في المستمسك: «لم اقف علي وجهه فيما حضرني عاجلا» «5».

(6) قال في المستمسك: «كما عن ظاهر الدروس و صريح غيره و في الذكري في مقام تعداد المستحبات في القنوت قال: و تفريق الابهام علي الاصابع قاله ابن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 386

(5) مستمسك العروة ج 6 ص: 508

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 613

الي كفيه (1).

[مسألة 169: يستحب الجهر بالقنوت للإمام و المنفرد و المأموم]

(مسألة 169): يستحب الجهر بالقنوت للإمام و المنفرد و المأموم (2) و لكن يكره للمأموم أن يسمع الامام صوته (3).

[مسألة 170: إذا نسي القنوت و هوي فإن ذكر قبل الوصول إلي حد الركوع رجع]

(مسألة 170): اذا نسي القنوت و هوي فان ذكر قبل الوصول الي حد الركوع رجع (4).

______________________________

ادريس و في الجواهر الاعتراف بعدم الوقوف عليه في شي ء من النصوص و كذا ظاهر المستند».

(1) كما هو المشهور بل المنسوب الي الاصحاب علي ما في كلام سيد المستمسك في هذا المقام.

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: القنوت كله جهار «1» فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الامام و المأموم و المنفرد.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «2».

(4) يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينسي القنوت في الوتر أو غير الوتر فقال: ليس عليه شي ء و قال: ان ذكره و قد أهوي الي الركوع قبل أن يضع يديه علي الركبتين فليرجع قائما و ليقنت ثم ليركع و ان وضع يده علي الركبتين فليمض في صلاته و ليس عليه شي ء «3» مضافا الي أن المحل باق و يمكن التدارك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب القنوت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 614

و ان كان بعد الوصول اليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع (1) و اذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالسا مستقبلا (2) و الاحوط ذلك فيما اذا ذكره بعد الهوي الي السجود

قبل وضع

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم و زرارة بن أعين قالا:

سألنا أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسي القنوت حتي يركع قال: يقنت بعد الركوع فان لم يذكر فلا شي ء عليه «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت ينساه الرجل فقال: يقنت بعد ما يركع فان لم يذكر حتي ينصرف فلا شي ء عليه «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل ذكر أنه لم يقنت حتي ركع قال: فقال: يقنت اذا رفع رأسه «3» نعم يستفاد من رواية معاوية بن عمار قال: سألته عن الرجل ينسي القنوت حتي يركع أيقنت؟

قال: لا «4» خلاف مفاد تلك النصوص لكن الترجيح مع تلك النصوص لكونها خلاف العامة.

(2) الظاهر ان ما ذكره مستفاد من رواية زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل نسي القنوت فذكره و هو في بعض الطريق فقال: يستقبل القبلة ثم ليقله ثم قال: اني لا كره للرجل أن يرغب عن سنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 615

الجبهة (1) و اذا تركه عمدا في محله أو بعد ما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له (2).

[مسألة 171: الظاهر انه لا تؤدي وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي]

(مسألة 171): الظاهر انه لا تؤدي وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي و ان كان لا يقدح في صحة الصلاة (3).

[الفصل الثاني عشر: في التعقيب]

الفصل الثاني عشر في التعقيب و هو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر و الدعاء و منه أن يكبر ثلاثا بعد التسليم (4).

______________________________

أو يدعها «1» و رواية أبي بصير قال: سمعته يذكر عند أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل اذا سها في القنوت قنت بعد ما ينصرف و هو جالس «2».

(1) يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط احتمال عدم شمول النصوص و ان المنصرف اليه منها صورة عدم الهوي الي السجود.

(2) اذ دليل القضاء لا يشمل الترك العمدي.

(3) أما عدم التأدية فلعدم كون الملحون مصداقا للمأمور به كما أن غير العربي لا يكون مصداقا لما أمر به فان ما امر به في النصوص العربي و أما عدم كونه قادحا في صحة الصلاة فلعدم دليل علي القادحية اذ القادح هو الكلام الادمي و الذكر الملحون لا يكون كلاما آدميا كما أنه لا وجه لقادحية الدعاء أو الذكر بغير اللغة العربية نعم اذا تعنون بعنوان مخل كالزيادة يكون مبطلا من تلك الجهة.

(4) لاحظ ما رواه المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لأي

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 616

رافعا يديه علي نحو ما سبق (1) و منه و هو أفضله تسبيح الزهراء عليها السلام (2) و هو التكبير.

______________________________

علة يكبر المصلي بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال: لأن النبي صلي اللّه عليه و آله لما فتح مكة صلي بأصحابه الظهر عند الحجر الاسود فلما سلم رفع يديه و كبر

ثلاثا و قال: لا إله الا اللّه وحده وحده الي أن قال: ثم أقبل علي أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير و هذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة الحديث «1».

(1) قال في الجواهر: «منها التكبيرات الثلاث رافعا يديه بكل واحدة منها علي هيئة الرفع في غيرها من تكبيرات الصلاة اذ الظاهر كون الرفع بالتكبير هيئة واحدة و ان تعددت مواضع مشروعيته الي آخر كلامه «2» و قال في الحدائق:

و قال في الذكري: قال الاصحاب يكبر بعد التسليم ثلاثا رافعا بها يديه كما تقدم و يضعها في كل مرة الي أن تبلغ فخذيه أو قريبا منهما. و قال المفيد يرفعهما حيال وجهه مستقبلا بظاهرهما وجهه و بباطنهما القبلة الي آخره «3».

(2) قال في الجواهر- بعد قول المحقق: فأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام-:

الذي ما عبد اللّه بشي ء من التحميد أفضل منه و لو كان شي ء افضل منه لنحله رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاطمة عليها السلام» «4».

و استدل علي المدعي بما رواه صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما عبد اللّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام و لو

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التعقيب الحديث: 2

(2) جواهر الكلام ج 10 ص: 408

(3) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 526

(4) جواهر الكلام ج 10 ص: 396

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 617

أربعا و ثلاثين ثم الحمد ثلاثا و ثلاثين ثم التسبيح ثلاثا و ثلاثين (1).

و منه قراءة الحمد و آية الكرسي و آية شهد اللّه و آية الملك (2) و منه

______________________________

كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللّه عليه و آله فاطمة عليها السلام «1».

و لاحظ ما رواه أبو خالد القماط

قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم «2».

(1) قال في الجواهر: «المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة بل في الوسائل عليه عمل الطائفة أربع و ثلاثون تكبيرة ثم الثلث و ثلاثون تحميدة ثم ثلاث و ثلاثون تسبيحة بل لا خلاف اجده في الفتاوي» «3».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن عذافر قال:

دخلت مع أبي علي أبي عبد اللّه (ع) فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها السلام فقال:

اللّه أكبر حتي احصي أربعا و ثلاثين مرة ثم قال: الحمد للّه حتي بلغ سبعا و ستين ثم قال: سبحان اللّه حتي بلغ مأئة يحصيها بيده جملة واحدة «4» و منها ما رواه أبو بصير «5» و منها ما رواه مفضل بن عمر «6».

(2) لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما أمر اللّه هذه الآيات أن يهبطن الي الارض تعلقن بالعرش و قلن: اي رب الي أين

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التعقيب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) جواهر الكلام ج 10 ص 399

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 618

غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له (1).

______________________________

تهبطنا الي اهل الخطايا و الذنوب فأوحي اللّه عز و جل إليهن اهبطن فو عزتي و جلالي لا يتلوكن أحد من آل محمد و شيعتهم في دبر ما افترضت عليه الا نظرت اليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة أقضي له في

كل نظرة سبعين حاجة و قبلته علي ما كان فيه من المعاصي و هي أمّ الكتاب و شهد اللّه أنه لا إله الا هو و الملائكه و اولوا العلم و آية الكرسي و آية الملك «1».

(1) لاحظ ابواب التعقيب في الوسائل.

تذكرة: في الصفحة: 521 يضاف الي السطر: 16 قولنا: و من الظاهر ان الركوع واجب حال الذكر الواجب فيجب التمكن لكن مقتضي هذا البيان ان التمكن لازم حين الذكر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التعقيب الحديث: 1

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.