سرشناسه : ابوالفرج اصفهاني، علي بن حسين، ق 356 - 284
عنوان و نام پديدآور : مقاتل الطالبيين/ لابي الفرج الاصفهاني؛ شرح و تحقيق احمد صقر
مشخصات نشر : قم: مكتبه الحيدريه، 1423ق. = 1381.
مشخصات ظاهري : ص 664
شابك : 35000ريال ؛ 35000ريال
وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي
يادداشت : عربي
يادداشت : اين كتاب در سالهاي مختلف توسط ناشرين مختلف به چاپ رسيده است
يادداشت : كتابنامه: ص. 653 - 650؛ همچنين به صورت زيرنويس
موضوع : شهيدان شيعه
موضوع : سادات (خاندان) -- سرگذشتنامه
موضوع : احاديث شيعه -- قرن ق 4
شناسه افزوده : صقر، احمد، مصحح
رده بندي كنگره : BP53/7/الف 2م 7 1381
رده بندي ديويي : 297/98
شماره كتابشناسي ملي : م 81-37657
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في سنة أربع و ثمانين و مائتين ولد بمدينة أصفهان علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد اللّه بن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي.و نشأ ببغداد و أخذ العلم عن أعلامها،و كانت بغداد إذ ذاك قرارة العلم و العلماء،و مثابة الأدب و الأدباء و مهوى أفئدة الذين يرغبون في الإلمام بالثقافة،أو يودون التخصص في فروعها.
و قد أخذ علي بن الحسين نفسه بالجد في طلب العلم،و أفرغ له باله، و أخلص فكره،فنبغ و تفوّق،و كان له من توقد ذكائه،و التهاب خاطره، و سرعة حفظه،و شغفه بالمعرفة ما مكن له من ناصية التفوق و ذلّل له من شماس النبوغ،و جعله ينهض بتأليف كتاب الأغاني العظيم و لما يبلغ الثلاثين من عمره،فإذا ما بلغها أو جاوزها بعام أو ببعض عام ألّف كتابه الخالد«مقاتل الطالبيين».و ليس ذلك بغريب على أديب مجدّ موهوب قد ملئ طموحا إلى المراتب العالية،و هام وجدا بالعز الرفيع.
و قد قدّر له أن يعرف شابا من لداته يهيم بالمجد مثله،و يبتغي إليه الوسيلة بالقوة في العلم و الأدب،و هو الحسن بن محمد المهلبي،و تظهرهما المعرفة على ما بينهما من التمازج النفسي،و الالتقاء الكثير في الإرادات و الاختيارات و الشهوات،فتتوثق بينهما صداقة عقلية،و مؤاخاة روحية،و تظل قوية العرى،مستحصدة العلائق على كر الغداة و مرّ العشى.
ص: 5
و يختلف الدهر،و يتبدل العسر باليسر،و يرق الزمان لفاقة المهلّبي، و يرثى لطول تحرقه،و ينيله ما يرتجى،فيصير وزيرا لمعز الدولة بن بويه.و يطيع الدهر بعد عصيانه لأبي الفرج فيصبح كاتبا لركن الدولة بن بويه،قريب المنزلة منه،عظيم المكانة لديه.و لعلّ من أسباب تلك الحظوة اتفاقهما في التشيع فقد كان ركن الدولة يتعهد العلويين بالأموال الكثيرة و المنح الجزيلة (1).
و في سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة يستوزر ركن الدولة أبا الفضل بن العميد فيكون بينه و بين أبي الفرج ما يكون عادة من التحاسد و التباغض، و المصارعة النفسية،و الاستباق إلى قلب ركن الدولة،و يستطيل ابن العميد على أبي الفرج و يتعاظم،و لا يلقاه بما ينبغي له من الإجلال و التعظيم أثناء دخوله و خروجه،فتثور نفسه،و يجيش صدره،و يخاطبه بقوله:
ما لك موفور فما باله *** أكسبك التيه على المعدم
و لم إذا جئت نهضنا و إن *** جئنا تطاولت و لم تتم
و إن خرجنا لم تقل مثل ما *** نقول:قدّم طرفه قدّم
إن كنت ذا علم فمن ذا الذي *** مثل الذي تعلم لم يعلم
و لست في الغارب من دولة *** و نحن من دونك في المنسم
و قد ولينا و عزلنا كما *** أنت فلم نصغر و لم نعظم
تكافأت أحوالنا كلها *** فصل على الإنصاف أو فاصرم
و يظل أبو الفرج في ظلال الوزير المهلبي مدة وزارته لمعز الدولة،و هي مدة طويلة أربت على ثلاث عشرة سنة،يسامره و ينادمه و يؤاكله،و يصبر الوزير على مساوئ أبي الفرج فقد كان قذر المطعم و المشرب و الملبس،لا ينضو عنه ثوبه إلاّ إذا أبلت جدته الأيام،و صار خلقا لا يجمل بذي المروءة أن يلبسه و لو لم يكن سميرا لوزير،أو كاتبا لأمير.
و تجري الأيام بينهما على خير ما تجري بين صديقين أو على خير ما تجري به بين سمير ظريف،و وزير حصيف يفيض بالكرم و الإنعام.و يؤتى الكرم ثماره8.
ص: 6
فيسخر أبو الفرج أدبه في خدمة الوزير،و يترصد مواقع هواه فيضع فيها نثره و شعره،و يؤلف له«نسب المهالبة».و«مناجيب الخصيان»لأنه كان يهيم بخصيين مغنيين كانا له،و ينظم فيه الشعر كلما دعت المناسبة،فيهنئه إذا أبلّ من مرض أو ولد له،و يمدحه في المواسم و الأعياد،و يتظرف فيشكو إليه الفأر، و يصف الهر،و يستميحه البر:
رهنت ثيابي و حال القضا *** ء دون القضاء و صد القدر
و هذا الشتاء كما قد ترى *** عسوف عليّ قبيح الأثر
ينادي بصرّ من العاصفا *** ت أو دمق مثل و خز الإبر
و سكان دارك ممن أعو *** ل يلقين من برده كلّ شر
فهذي تحنّ و هذي تئنّ *** و أدمع هاتيك تجري درر
إذا ما تململن تحت الظلام *** تعللن منك بحسن النظر
و لاحظن ربعك كالممحلى *** ن شاموا البروق رجاء المطر
يؤملن عودي بما ينتظرن *** كما يرتجى آئب من سفر
فأنعم بإنجاز ما قد وعدت *** فما غيرك اليوم من ينتظر
و عش لي و بعدي فأنت الحيا *** ة و السمع من جسدي و البصر
و هو إذا ما عرض لمدحه لا يجنح إلى المبالغة الممقوتة،و لا يتعمل الثناء الأجوف و لا يتصيد المكارم تصيدا،بل يقول ما يعرفه و يصفه بما فيه:
إذا ما علاى في الصدر للنهي و الأمر *** و بثهما في النفع منه و في الضر
و أجرى ظبا أقلامه و تدفقت *** بديهته كالمستمد من البحر
رأيت نظام الدر في نظم قوله *** و منثوره الرقراق في ذلك النثر
و يقتضب المعنى الكثير بلفظة *** و يأتي بما تحوى الطوامير في سطر
أيا غرة الدهر أئتنف غرة الشهر *** و قابل هلال الفطر من ليلة الفطر
بأيمن أقبال و أسعد طائر *** و أفضل ما ترجوه في أفسح العمر
فليس في هذا المديح إسراف و لا إغراق في المبالغة؛فقد كان الوزير المهلبي كما يقول الثعالبي:«غاية في الأدب و المحبة لأهله و كان يترسل مترسلا مليحا،و يقول الشعر قولا لطيفا يضرب بحسنه المثل يغذي الرّوح و يجلب
ص: 7
الرّوح» (1)و كان محدثا حسن الحديث،بليغ العبارة رشيق اللفظ،و كان أكثر حديثه يدور حول مذاكرة الأدب و مقابسة العلوم؛لكثرة من يغشى مجالسه من العلماء و الأدباء و الندماء كالصاحب ابن عباد (2)و أبي إسحاق الصابي (3)و القاضي التنوخي (4)،و ابن سكّرة الهاشمي (5)،و أبي القاسم الجهني (6)،و أبي النجيب الجزري (7)،و أبناء المنجم (8)،و كان أبو الفرج يجول في هذه المجالس و يصول يقص و يروي و ينقد و يتندّر و ينثر من أدبه و يفيض من علمه فكان مجلس المهلبي من أسباب نباهة شأنه و شيوع ذكره،كما كان بر المهلبي من أسباب رفاهية عيشه و تفرغه للعلم و الأدب،و لكنه مع ذلك لم يخل من هجوه و كان يعلم أنه يهجوه سرا فطلب إليه و قد سكرا ذات ليلة أن يهجوه جهرا في قصة نطويها كما يطوي بساط السلاف بما فيه،و قد رأى أبو الفرج منه بعض ما يكره فظن أنه رمى به من حالق،بعد أن أنعم عليه الخالق،فقذفه بهذين البيتين:
أ بعين مفتقر إليك رأيتني *** بعد الغنى فرميت بي من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنّني *** أملت للإحسان غير الخالق
يومىء أبو الفرج إلى ما كان من فقر الوزير أيام كان يشتهي اللحم و لا يقدر على ثمنه فيتمنى الموت و يقول:
ألا موت يباع فأشتريه *** فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي *** يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد *** وددت لو انّني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرّ *** تصدق بالوفاة على أخيه
و تفعل هذه الإشارة فعلها في نفس المهلبي و لكنه يذكر إحسان الخالق إليه و أنه أصبح وزيرا رافه العيش«إذا أراد أكل شيء مما يتناول بالملعقة كالأرز2.
ص: 8
و اللّبن و أمثالهما وقف من جانبه الأيمن غلام معه نحو ثلاثين ملعقة زجاجا مجرودا،و كان يستعمله كثيرا فيأخذ منه ملعقة يأكل بها من ذلك اللون لقمة واحدة ثم يدفعها إلى غلام آخر قام من الجانب الأيسر،ثم يأخذ أخرى فيفعل بها فعل الأولى حتى ينال الكفاية؛لئلا يعيد الملعقة إلى فيه دفعة ثانية» (1).
يذكر المهلبي ذلك كله و يذكر صديقه أبا الفرج فيعفو عنه و يغفر له هجاءه، و يتصل حبل إخائهما حتى يقطعه موت المهلبي في سنة 352 ه ثم يلحق به أبو الفرج بعد أن يخلط في ذي الحجة سنة 256 ه على أصح الأقوال (2).
و قد كان أبو الفرج هجّاء خبيث اللسان يحذره الناس و يتقونه،و قد التمس ذات مرة عصا من أحد القضاة فلم يعطه إيّاها فهجاه بأبيات بلغت الغاية في الإقذاع،و يستوزر الخليفة الراضي أبا عبد اللّه البريدي و كانت داره ملاصقة لدار أبي الفرج فيهجوه و يؤنب الراضي بقصيدة تزيد على مائة بيت مطلعها:
يا سماء اسقطي و يا أرض ميدي *** قد تولى الوزارة ابن البريدي (3)
و ينحدر أبو الفرج إلى البصرة فيضيق بها و يهجوها و أهلها و يقول عنهم:
«إنهم كلاب يلبسون الفرا».
و قد كان أبو الفرج ذا عناية ملحوظة بالحيوانات و تربيتها:«كان له سنور أبيض يسميه يققا،و كان من عادة هذا السنور أن يخرج و يصيح إذا ما قرع باب أبي الفرج قارع إلى أن يتبعه من يفتح الباب،و قد مرض يفق بالقولنج فشغل أبو الفرج بعلاجه و تفقده أصحابه و ذهب إليه منهم أبو إسحاق الصابي و أبو العلاء صاعد و أبو علي الأنباري لقضاء حقه و تعرف خبره،فطلع عليهم أبو الفرج بعد مدة مديدة و يده ملوثة بما ظنوه شيئا كان يأكله فقالوا له:عققناك بأن قطعناك عمّا كان أهم من قصدنا إيّاك،فقال لهم:لا و اللّه يا سادتي ما كنت على ما تظنون-6.
ص: 9
و إنما لحق يققا قولنج فاحتجت إلى حقنه فأنا مشغول بذلك فلما سمعوا قوله و رأوا التلوث في يده نفروا منه و اعتذروا إليه و انصرفوا عنه«لتناهيه في القذارة إلى ما لا غاية بعده» (1)كما قالوا و حسبوا،و لعلّه قد غاب عنهم أن أبا الفرج كان بصيرا بعلم«الجوارح و البيطرة و الطب»و أنه لا تثريب عليه إذا ما زاول علاج سنوره بيده و طبق العلم على العمل كما يقال.و من يدري فلعلّ أبا الفرج لو لم يحقن يققا لضاع على مؤرخي الحضارة العربية شاهد عظيم يثبت معرفة العرب لحقن الحيوان و سبقهم إلى ذلك منذ منتصف القرن الرابع الهجري.
و قد فجع أبو الفرج في ديك له رشيق تكاملت فيه جمل الجمال بأسرها، و كسى كالطاوس ريشا لا معا متلألأ ذا رونق و بريق:
من حمرة في صفرة في خضرة *** تخيلها يغني عن التحقيق
و كأن سالفتيه تبر سائل *** و على المفارق منه تاج عقيق
فرثاه بقصيدة طويلة تعد من عيون الشعر العربي في رثاء الحيوان،و صار يبكيه كلما أبصر ربعه موحشا أو سمع صياح ديك:
أبكي إذا أبصرت ربعك موحشا *** بتحنن و تأسف و شهيق
و يزيدني جزعا لفقدك صادح *** في منزل دان إليّ لصيق
قرع الفؤاد و قد زقا فكأنّه *** نادى ببين أو نعيّ شقيق
فتأسفي أبدا عليك مواصل *** بسواد ليل أو بياض شروق
و إذا أفاق ذوو المصائب سلوة *** و تصبّروا أمسيت غير مفيق
و كان أبو الفرج في ربيع العمر و ريعان الشباب يطلق عقال النفس،و يقيد مراشف الكأس،و يرتاد منازه الحسن،و يطوف بمسارح الجمال لينزه مقلته، و يرشف من رحيقه ما ينقع غلته،ثم يوقع أنغام نفسه و ألحان حسه على قيثارة شعره،و يشدو بما يفصح عن إسماح الجميل بعد ليانه،و إطاعة الدهر بعد عصيانه.3.
ص: 10
كما كان يغشى سوق الوراقين و يجلس على دكاكينهم يقرأ ما يلحظ و ينقد ما يسمع (1)،و يأخذ بأطراف الأحاديث التي يتجاذبها بينهم رواد السوق من العلماء و الأدباء،ثم يؤوب إلى داره بعد أن يصطفى ما يرتئي من الأسفار و المصادر التي يعتمد عليها في تأليف كتبه.
و لأبي الفرج مؤلفات كثيرة منها:
(1)الأغاني الكبير.
(2)أخبار القيان.
(3)أخبار الطفيليين.
(4)أخبار جحظة البرمكي.
(5)أيام العرب:ألف و سبعمائة يوم.
(6)الإماء الشواعر.
(7)أدب الغرباء.
(8)أدب السماع.
(9)الأخبار و النوادر.
(10)الفرق و المعيار في الأوغاد و الأحرار.
(11)المماليك الشعراء.
(12)الغلمان المغنين.
(13)الحانات.
(14)التعديل و الانتصاف في أخبار القبائل و أنسابها،و هو كتاب جمهرة أنساب العرب.
(15)تفضيل ذي الحجة.
(16)تحف الوسائد في أخبار الولائد.
(17)الخمارين و الخمارات.
(18)دعوة التجار.3.
ص: 11
(19)دعوة الأطباء.
(20)الديارات.
(21)رسالة في الأغاني.
(22)مجرد الأغاني.
(23)مقاتل الطالبيين.
(24)مجموع الأخبار و الآثار.
(25)مناجيب الخصيان.
(26)كتاب النغم.
(27)نسب المهالبة.
(28)نسب بني عبد شمس.
(29)نسب بني شيبان.
(30)نسب بني كلاب.
(31)نسب بني تغلب.
و قد عنى بديوان أبي تمام فجمعه و رتبه على الأنواع.
كما جمع ديوان أبي نواس و جمع ديوان البحتري و رتبه على الأنواع كذلك.
و كان لأبي الفرج في منزله عمل آخر غير تأليف الكتب و الرسائل و قرض الشعر و جمع الدواوين،فقد كان يجلس لتلاميذه و روّاد أدبه يقرئهم من كتبه ما يريد أو ما يريدون على نحو ما كان يفعله أستاذه أبو جعفر الطبري،و في طليعة تلك الكتب التي قرئت عليه من أولها إلى آخرها كتاب الأغاني الكبير الذي«جمع فيه أخبار العرب و أشعارهم و أنسابهم و أيّامهم و دولهم،و جعل مبناه على الغناء في مائة الصوت التي اختارها المغنون للرشيد فاستوعب فيه ذلك أتم استيعاب و أوفاه.و لعمري أنه ديوان العرب و جامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر و التاريخ و الغناء و سائر الأحوال-و لا يعدل به في ذلك كتاب فيما نعلمه،و هو الغاية التي يسمو إليها الأديب و يقف عندها و أتى له بها» (1).ن.
ص: 12
و من كتبه التي قرئت عليه كذلك كتاب«مقاتل الطالبيين».
و قد عنيت بنشره لقيمة موضوعه و جلال مؤلفه في نفسي و عظم مكانتها في الأدب العربي و التاريخ الإسلامي منذ كانا إلى يوم الناس هذا.
و لا يعرف التاريخ أسرة كأسرة أبي طالب بلغت الغاية من شرف الأرومة و طيب النجار،ضل عنها حقها و جاهدت في سبيل حق الجهاد على مرّ الأعصار ثم لم تظفر من جهادها المرير إلاّ بالحسرات و لم تعقب من جهادها إلاّ العبرات على ما فقدت من أبطال أسالوا نفوسهم في ساحة الوغى راضية قلوبهم مطمئنة ضمائرهم و صافحوا الموت في بسالة فائقة و تلقوه في صبر جميل يثير النفس أفانين الإعجاب و الإكبار،و يشيّع فيها ألوان التقدير و الإعظام.
و قد أسرف خصوم هذه الأسرة الطاهرة في محاربتها و أذاقوها ضروب النكال و صبّوا عليها صنوف العذاب و لم يرقبوا فيها إلاّ و لاذمة و لم يرعوا لها حقا و لا حرمة،و أفرغوا بأسهم الشديد على النساء و الأطفال و الرجال جميعا في عنف لا يشوبه لين و قسوة لا تمازجها رحمة حتى غدت مصائب أهل البيت مضرب الأمثال في فظاعة النكال.و قد فجّرت هذه النسوة البالغة ينابيع الرحمة و المودة في قلوب الناس،و أشاعت الأسف الممض في ضمائرهم و ملأت عليهم أقطار نفوسهم شجنا،و صارت مصارع هؤلاء الشهداء حديثا يروى و خبرا يتناقل و قصصا يقص يجد فيه الناس إرضاء عواطفهم و إرواء مشاعرهم فتطلّبوه و حرصوا عليه.
و قد استجاب الرواة و المؤلفون لنداء هذه الرغبة العارمة أو لطلب المثالة بين الناس فشرعوا يؤلفون أخبارهم و يسطرون فضائلهم و يدبجون سيرهم و يؤرخون مقاتلهم،و من هؤلاء العلماء أبو مخنف المتوفى قبل سنة 170 ه فقد ألّف مقتل علي (1)و«مقتل الحسين» (2)و ألّف نصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة 212 ه«مقتل الحسين» (3).7.
ص: 13
و ألّف الهيثم بن عدي المتوفى سنة 207 ه-«أخبار الحسن و وفاته» (1)و ألّف الواقدي«مقتل الحسن»و«مقتل الحسين» (2).
و ألّف ابن النطاح«مقتل زيد بن علي» (3).
و ألف الغلابي«مقتل علي»و«مقتل الحسين» (4).
و ألف الأشناني«مقتل الحسن»و«مقتل زيد بن علي» (5).
و ألف عمر بن شبه«مقتل محمد و إبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن» (6).
و ألّف المدائني المتوفى سنة 225 ه كتاب«أسماء من قتل من الطالبيين» (7).
ثم جاء أبو الفرج الأصفهاني المتوفى سنة 356 ه فألف«مقاتل الطالبيين»أو «مقاتل آل أبي طالب»كما يسميه ابن النديم (8).
ترجم أبو الفرج فيه للشهداء من ذرية أبي طالب منذ عصر رسول اللّه (ص)إلى الوقت الذي شرع يؤلف فيه كتابه،و هو جمادي الأولى سنة ثلاثة عشر و ثلثمائة سواء أ كان المترجم له قتيل الحرب أو صريع السم في السلم،و سواء أ كان مهلكه في السجن أم في مهر به أثناء تواريه من السلطان.
و قد رتّب مقاتلهم على السياق الزمني و لم يرتبها على حسب أقدارهم في الفضل و منازلهم في المجد.و اقتصر على من كان نقي السيرة قويم المذهب، و أعرض عن ذكر من عدل عن سنن آبائه و حاد عن مذاهب أسلافه و كان مصرعهء.
ص: 14
في سبيل أطماعه و جزاء ما اجترحت يداه من عيث و إفساد.
و قد صنّف أبو الفرج أخبارهم،و نظّم سيرهم،و رصف مقاتلهم، و جلّى قصصهم بأسلوبه الساحر،و بيانه الآسر و طريقته الفذة في حسن العرض،و مهارته الفائقة في سبك القصة،و حبك نسجها،و ائتلاف أصباغها و ألوانها،و تسلسل فكرتها،و وحدة ديباجتها،و تسوق نصاعتها،على اختلاف رواتها و تعدد روايتها و تباين طرقها،حتى لتبدو و كأنها بنات فكر واحد و هذا هو سر الصنعة في أدب أبي الفرج الأصفهاني.
و لئن كان أبو الفرج قد بلغ غاية التصوير و التعبير في كتاب الأغاني لأن موضوعه يلتئم و مزاجه الفني و يتفق و مسلكه في الحياة و يقع من عقله و فكره و ذوقه و عاطفته موقع الرضا و القبول،فإنه كذلك قد بلغ غاية التصوير و التعبير في مقاتل الطالبيين؛لأن موضوعه حبيب إلى نفسه،عظيم المكانة من قلبه لأنه و إن كان أموي النسب فإنه شيعي الهوى و ليس ذلك بمستغرب و لا مستنكر فإن التشيّع الحقيقي ينجم عن حب الرسول و يصدر عن مودة قرباه و آل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،و الحب الصادق لا يقيم وزنا لفارق النسب و لا لغيره من الفوارق التي يحقّرها و يحطم مغاليقها و أسوارها و إن تواضع الناس على احترامها.
نعم كان أبو الفرج أمويّا شيعيّا،و شيعيّا أمويّا يعطف على الدولة الأموية بالأندلس و يكرم وفادة رسلها إليه،و يختصها بثمار قريحته و نتائج فطنته،و يؤلف الكتب ثم يرسل بها إليهم فتظهر عندهم قبل ظهورها في المشرق بل لا يكاد المشرق يعرف عن أكثرها إلاّ اسمه و قد عدّ الخطيب البغدادي من هذه الكتب أحد عشر كتابا (1).
كان موضوع مقاتل الطالبيين إذا محببا إلى نفس أبي الفرج فحشد له همته،1.
ص: 15
و جند روايته،و صنعه على عينيه فجاء جامعا لأشتات محاسنهم،و صار عمدة لكل من أتى بعده و قصد قصده.
و قد كان أبو الفرج غزير العلم و الأدب جيد الرواية لهما و البصر بفقههما، قال معاصره القاضي التنوخي:«و من الرواة المتسعين الذين شاهدناهم أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني فإنه كان يحفظ من الشعر،و الأغاني،و الأخبار و الآثار،و الحديث المسند،و النسب ما لم أر قط من يحفظ مثله،و كان شديد الاختصاص بهذه الأشياء و يحفظ دون ما يحفظ منها علوما أخر منها اللغة، و النحو،و الخرافات،و السير،و المغازي؛و من آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح،و البيطرة،و نتف من الطب،و النجوم،و الأشربة و غير ذلك» (1).
و قد ثقف أبو الفرج معارفه و علومه الجمّة عن الأعلام في عصره و الأسفار القيّمة التي كانت موجودة إذ ذاك،بيد أنه استباح لنفسه أن يروي منها على أنه حدث بها و من أجل ذلك اتهم بالاختلاق،و الذي يقرأ الأغاني و مقاتل الطالبيين تهوله تلك الكثرة الهائلة،و يتعاظمه ذلك الجم الغفير من الرواة و يتخالجه الشك إذا ذكر ما يقوله ابن النديم من أن أبا الفرج كانت له رواية يسيرة،و أكثر تعويله في تصنيفه كان على الكتب المنسوبة الخطوط أو غيرها من الأصول الجياد (2).
و من الرواة الذين روى عنهم أبو الفرج يحيى بن علي المنجم المتوفي سنة 300 ه و محمد بن جعفر القتات المتوفي سنة 300 ه و الفضل بن الحباب المتوفي سنة 305 ه و علي بن العباس المقانعي المتوفي سنة 313 ه،و الأخفش المتوفي سنة 315 ه،و جعفر بن قدامة المتوفي سنة 319 ه،و ابن دريد المتوفي سنة 321 ه،و نفطويه المتوفي سنة 323 ه،و جحظه المتوفي سنة 326 ه و ابن الأنباري المتوفي سنة 328 ه كما روى عن عمّه الحسن بن محمد و عم أبيه7.
ص: 16
عبد العزيز بن أحمد بن الهيثم (1)،و محمد بن خلف بن المرزبان،و لعلّ أهم أستاذ لأبي الفرج في الناحية التاريخية التي نحن بصددها هو محمد بن جرير الطبري و قد قرأ عليه تاريخ الأمم و الملوك و كتاب المغازي.و كان أبو الفرج يبتغي الوسائل إلى قلبه و يسارع في مرضاته.
و قد روى عن أبي الفرج عدد كبير منهم محمد بن أحمد المغربي رواية أبي الطيب المتنبي و كان له معه أخبار كما يقول ياقوت.و منهم أبو الحسن علي بن محمد بن دينار«323 ه-409 ه»و قد حدث عنه ابن بشران النحوي أنه قال:قرأت على أبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني جميع كتاب الأغاني.
و منهم الدار قطني«306 ه-385 ه»و عبد اللّه بن الحسين الفارسي،و أبو إسحاق الطبري«324 ه-393 ه»،و هما اللذان رويا عنه مقاتل الطالبيين،و قد سلم نص روايتهما له من عوادي الزمن،و عنه كانت الطبعة الأولى للكتاب في طهران سنة 1307 ه،و هي طبعة حجرية سقيمة يشيع فيها التحريف و التصحيف.ثم أعيد طبعها في النجف سنة 1353 ه،و هي طبعة لا تفضل أصلها إلاّ بكثرة الأخطاء الغليظة التي يستغلق معها الفهم،و ينبهم المعنى و يعتاص،و من نماذج هذه الأخطاء ما يلي:
1-«حدثنا الوليد بن هشام بن محذم قال:حدثني شهر بشر،قال سمعت شفاة تقول:«ليت هذا المهدي قد خرج».
و الصواب ص 205:«...بن هشام بن محمد قال:حدثني سهل بن بشر قال:
2-و من ذلك«حدثني الحسن بن جعفر قال:كنت-بالكوفة نقل عيسى بن موسى قد دخل الكوفة نهارا».
و الصواب ص 353«...بالكوفة فرأيت فلّ عيسى بن موسى...».».
ص: 17
3-و من ذلك:
قول مستبسل يرى الموت *** في اللّه رباحا ذا بال غاب عقير
قد تلبثت بالمقادير عنهم *** تبث في الرياح عن ذي البكور
و الصواب ص 386«...تلبثت للمقادير عنهم لبث الرائحين عن...» 4-و من ذلك:
و لو أديم البئر بئر سويقة *** فطين بها و الحاضر المتجاور
و الصواب ص 397«و إذا لا يريم البئر...قطين».
5-و من ذلك«و فصل بين الصفين مهر لحازم بن خزيمة على أخيه يدعى عبدويه».
و الصواب«...الصفين صهر لحازم...على أخته...».
6-و من ذلك:
مخضبكم يضحي و إني بعدها *** لأعنق فيما ساءكم و أهملج
و الصواب«محضتكم نصحي...».
7-و من ذلك«كانت الراحم و أهل النسك لا يعدلون بزيد بن علي أحدا».
و الصواب«كانت المرجئة...» و كلتا الطبعتين مترعة بأمثال هذه التصحيفات و التحريفات مما حفزني إلى تحقيق الكتاب و دفعني إلى نشره.
و قد رجعت في تحقيقه إلى نسخة خطية محفوظة«بدار الكتب المصرية» فرغ ناسخها من نسخها في شهر صفر سنة 1074 ه و كانت من كتب الإمام يحيى إمام اليمن السابق ثم أهداها إلى شيخ العروبة المغفور له«أحمد زكي باشا»و كتب عليه بخطه«هذا الكتاب الفخم قدّمناه لحضرة السيد أحمد زكي باشا عافاه اللّه»كما كتب عليه أحمد زكي باشا بخطه«هذه النسخة عليها تعليقات و حواش بخط أمير المؤمنين يحيى حميد الدين المتوكل على اللّه»و كنت
ص: 18
أبغي مراجعة النسخة الخطية المحفوظة بالمتحف البريطاني بلندن و لكن الصورة الفوتوغرافية التي طلبتها لم تصل إليّ إلاّ أثناء طبع الفهارس.و هي منسوخة في سنة 1053 ه.
و قد راجعت نصوص الكتاب على الكتب التي نقل منها أبو الفرج،أو التي نقلت عنه،و أثبت ما بينها من فروق،و في طليعة هذه الكتب،تاريخ الطبري،و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،و الإرشاد للشيخ المفيد المتوفى سنة 413 ه و لكتاب الإرشاد هذا أهمية خاصة؛لأنه ينقل عن نسخة أبي الفرج نفسه،و قد نص على ذلك بقوله في صفحة 253«و وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني في أصل كتابه المعروف بمقاتل الطالبيين».
كما حرصت على أن أثبت في أول كل ترجمة كل ما أعرف من مراجع عرضت للمترجم له بأي لون من ألوان الذكر حتى أضع بين يدي القارئ مفتاحا للترجمة جليل النفع،و أقيم له منارا يهديه سواء السبيل إذا ما أراد أن يضرب في شعاب الكتب و يمشي في مناكب الأسفار ابتغاء الدرس و البحث، و التأليف.
و قد صنعت للكتاب فهارس مفصلة للرواة،و الأعلام،و الجماعات، و الفرق،و الأماكن،و الأيام،و الشعر،و المصادر،و التراجم.
و مما يجدر ذكره أن هناك خلافا ملحوظا بين النسخة المخطوطة و بين المطبوعة،أشّرت إليه،و لم أستطع الفصل فيه.
و قد انفردت المطبوعة بذكر ترجمة للحسين بن زيد بن علي لم يرد لها ذكر في المخطوطة كما قلت في صفحة 387 و قد رجعت إلى نسخة لندن المصوّرة فألفيتها خالية من ذكر هذه الترجمة،و لا شك عندي في أن هذه الترجمة قد نسبت إلى أبي الفرج زورا و بهتانا؛لأن الحسين بن زيد هذا لم يمت قتيلا،و قد شرط أبو الفرج على نفسه ألاّ يورد في كتابه إلاّ من كان قتيلا،كما قال في مقدمته،و كما يتضح
ص: 19
من منهجه في الكتاب،استمع إليه إذ يقول في صفحة 398«و لما ولي المهدي أطلق الحسن بن زيد.و له خبر طويل قد وضعناه في موضعه من كتابنا الكبير، إذ كان هذا ليس مما يجري مجرى من قتل في معركة أو غيرها فيذكر خبره هنا» و يشير أبو الفرج إلى خروج جماعة من الطالبيين في ثنايا ترجمة ثم يعقب على إشارته بقوله في صفحة 616«و لهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير،لم يحمل هذا الكتاب إعادتها لطولها و لأنا شرطنا ذكر خبر من قتل دون من خرج فلم يقتل».
كما انفردت المخطوطة بترجمة موجزة لمحمد بن القاسم بن علي أثبتها في هامش صفحة 577 و قد رجعت إلى النسخة المصورة فوجدتها قد اقتصرت عليها.
و قد خلت المخطوطة من تلك السلاسل الطويلة لأمهات المترجم لهم،كما خلت منها المصورة،و لكن بعض هذه السلاسل ثابت في النسخة التي نقل عنها ابن أبي الحديد.
من أجل ذلك كله لم أستطع الفصل-كما قلت-في هذه الاختلافات حتى يسفر البحث عن أصول معتمدة موثوق بصحتها.
و أمر آخر لا مناص من الإشارة إليه و هو أن المواضع التي أشار إليها أبو الفرج في هذا الكتاب،و أحال فيها على كتاب الأغاني لم أجد لها أثرا في أية طبعة من طبعات الأغاني،و تفسير ذلك عندي سهل يسير،فإن كتاب الأغاني مع الأسف البالغ لم يطبع إلى الآن طبعة كاملة تضم كل نصوصه و أخباره حتى طبعة دار الكتب نفسها،و لست أعني النقص في بعض الأخبار،أو الأشعار،و إنما أعني نقص التراجم الكاملة كترجمة مسلم بن الوليد صريع الغواني التي نقلها ناشر ديوانه عن إحدى مخطوطات الأغاني،و هي ترجمة طويلة تقع في 34 صفحة (1).2.
ص: 20
و لو قد استحضرت دار الكتب مخطوطات الأغاني لما خرج الكتاب ناقصا و لاستمتعنا بأخبار هؤلاء الطالبيين الذين لم يذكرهم أبو الفرج في مقاتل الطالبيين.
و قد أتى أبو الفرج بروايات مدخولة،و أحاديث موضوعة لم يعقب عليها و لكنه أمر نقده على بعضها،كما فعل حين روى عن الضحاك قتل عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب لمحمد بن جعفر بن أبي طالب فإنه قال في التعقيب عليها صفحة 22:
«و هذه رواية الضحاك بن عثمان،و ما أعلم أحدا من أهل السيرة ذكر أن محمد ابن جعفر قتيل عبيد اللّه بن عمر،و لا سمعت لمحمد في كتاب أحد منهم ذكر مقتل».
و كنت إذا ما رأيت أبا الفرج ينزع نزعة مسرحية نقلت من أقوال ثقاة المؤرخين ما يرجع الحق إلى نصابه،و يرد التاريخ إلى محرابه،كما صنعت في ترجمة عبد اللّه الأشتر صفحة 310-313.
و بعد فإن مقاتل الطالبيين كنز من كنوز الأدب و التاريخ ترجم فيه أبو الفرج لنيف و مائتين من شهداء الطالبين،فأحسن الترجمة و صوّر بطولتهم تصويرا أخاذا يختلب الألباب،و يمتلك المشاعر و ذكر فيه من خطبهم و رسائلهم و أشعارهم،و محاوراتهم،و ما قيل فيهم و بسببهم من روائع الشعر و النثر،ما لا تجده مجموعا في كتاب سواه،إلاّ أن يكون منقولا عنه،أو ملخصا منه،فهو خير كتاب أخرج للناس في تاريخ الطالبيين و أدبهم،يجد فيه العلماء طلبتهم، و الأدباء ضالتهم،و يجد فيه القاصون منهم مادة خصيبة لإنتاجهم الفني.
و هو من أنفس الكتب التي تغذو العقول و القلوب و الأرواح جميعا.
ص: 21
و أوجز ما يقال في وصف مقاتل الطالبيين:إنه دائرة معارف لتاريخ الطالبيين و أدبهم في القرون الثلاثة الأولى.
و إني أحمد اللّه سبحانه أن وفقني لإخراجه على هذا النحو فإن كنت أصبت فالخير أردت،و إن تكن الأخرى فحسبي أنني بذلت و سعي حسبما اتسع له وقتي و يسرته للقارئ و جنّبته مصاعب كان يتشعب فيها فكره و يتبدد وقته،و أتحت للناقد أن يهجم على ما قد يكون فيه بفكر جميع و عقل نشيط فيستطيع أن يؤدي واجبه في يسر و سهولة.
و لن يبلغ نشر الكتب القديمة مبلغه من الصحة و الدقة المثلى إلاّ بالتعاون الوثيق بين الناشرين و الناقدين،و لطالما رددت هذا المعنى فيما كتبته من مقالات في النقد الأدبي.
و مما قلته في نقد كتاب«الشعر و الشعراء»الذي نشره القاضي الفاضل الشيخ«أحمد محمد شاكر».
«و إني أعتقد أنه يجب على كل قارئ للكتب القديمة أن يعاون الناشر و ينشر ما يرتئيه من أخطاء و ما يعن له من ملاحظاته،فبمثل هذا التعاون العلمي المنشود تخلّص الكتب العربية من شوائب التحريف و التصحيف الذي منيت به على أيدي الناسخين قديما و الطابعين حديثا» (1).
و اللّه أسأل-كما سأله أبو الفرج-حسن التوفيق و المعونة على ما أرضاه من قول و أزلف لديه من عمد،و هو حسبنا و نعم الوكيل.
السيد أحمد صقر9.
ص: 22
بسم اللّه الرحمن الرحيم أخبرنا السيد الشريف أبو عبد اللّه محمد بن علي بن عبد الرحمن الحسني رضي اللّه عنه و أرضاه قرأته عليه قال:أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري (1)،و عبد اللّه بن الحسين بن محمد الفارسي (2)قراءة عليهما قالا:
أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني قال (3):
بحمد اللّه و الثناء عليه يفتتح كل كلام،و يبتدأ كل مقال كفاء لآلائه (4)، و شكرا لجميل بلائه.
و نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له شهادة من آمن بربوبيته، و اعترف بوحدانيته، و أن محمدا عبده و رسوله المبعوث برسالته،و الداعي إلى طاعته،و الموضح الحق ببرهانه،و المبين أعلام الهدى ببيانه،عليه و على آله
ص: 23
و أطايب أرومته (1)،و المصطفين من عترته (2)أفضل سلام اللّه و تحيته،و بركاته و رحمته.
و باللّه نستعين على ما أردناه،و قصدنا إليه و نحوناه،من أمر الدنيا و الآخرة،و العاجلة و الآجلة.
و به عزّ و تعالى نعوذ من كل عمل لا يرتضيه،فيردى (3)،و سعي لا يشكره فيكدى (4)،إذعانا بالتقصير و العجز،و تبرءوا من الحول و الطول (5)إلاّ بقدرته و مشيئته،و توفيقه و هدايته.و ما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكّلت و إليه أنيب.
و صلى اللّه على نبيه محمد صلى اللّه عليه سيد الأولين و الآخرين،و خاتم النبيين و المرسلين أولا و آخرا،و بادئا و تاليا،و على أهل بيته الطيبين الطاهرين، و سلّم كثيرا.
و نحن ذاكرون في كتابنا هذا إن شاء اللّه و أيّد منه بعون و إرشاد جملا من أخبار من قتل من ولد أبي طالب منذ عهد رسول اللّه(ص)إلى الوقت الذي ابتدأنا فيه هذا الكتاب،و هو في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة و ثلثمائة للهجرة و من احتيل في قتله منهم بسمّ سقيه و كان سبب وفاته،و من خاف السلطان و هرب منه فمات في تواريه،و من ظفر به فحبس حتى هلك في محبسه،على السياقة لتواريخ (6)مقاتل من قتل منهم،و وفاة من توفي بهذه الأحوال،لا على قدر مراتبهم في الفضل و التقدم.و مقتصرون في ذكر أخبارهم على من كانخ.
ص: 24
محمود الطريقة،سديد المذهب،لا من كان بخلاف ذلك،أو عدل عن سبيل أهله و مذاهب أسلافه،أو كان خروجه على سبيل عيث و إفساد.و على أنا لا ننتفي من أن يكون الشيء من أخبار المتأخرين منهم فاتنا (1)و لم يقع إلينا، لتفرقهم في أقاصي المشرق و المغرب،و حلولهم في نائي الأطراف و شاسع المحال التي يتعذر علينا استعلام أخبارهم فيها،و معرفة قصصهم لاستيطانهم إيّاها سيما مع قصور زماننا (2)[هذا]و أهله،و خلوه من مدوّن الخبر،أو ناقل الأثر،كما كان المتقدمون قبلهم يدونون و يصنفون و ينظمون و يرصفون.
و من اعترف بالتقصير خلا من التأنيب/(3).
و جاعلون ما نؤلفه في هذا الكتاب و نأتي به،على أقرب ما يمكننا من الاختصار و نقدر عليه من الاقتصار، و جامعون فيه ما لا يستغنى عن ذكره من أخبارهم و سيرهم و مقاتلهم و قصصهم؛إذ كان استيعاب ذلك و جمعه من طرقه و وجوهه يطول جدا و يكثر و يثقل على جامعه و سامعه،و الاختصار لمثل هذا أخف على الحامل و الناقل.
و اللّه المسؤول حسن التوفيق و المعونة على ما أرضاه من قول،و أزلف لديه [من عمل] (3).و هو حسبنا و نعم الوكيل.
فأول قتيل منهم في الإسلام جعفر بن أبي طالب عليه السلام (4).و اسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب،و هو شيبة بن هاشم و هو عمرو بن عبد مناف.
و يكنى أبا عبد اللّه فيما يزعم أهله.
ص: 25
و روى عن أبي هريرة قال:كان جعفر بن أبي طالب يكنى أبا المساكين (1).
حدّثني بذلك محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي قال:حدّثنا فضل بن الحسن المصري (2)قال:حدّثنا إسحاق بن إبراهيم،قال:أخبرنا عبد الرازق عن معمر عن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة.
و كان جعفر بن أبي طالب الثالث من ولد أبيه،و كان طالب أكبرهم سنا، و يليه عقيل،و يلي عقيلا جعفر،و يلي جعفرا علي. و كل واحد منهم أكبر من صاحبه بعشر سنين،و عليّ أصغرهم سنّا (3).
حدّثني بذلك أحمد بن محمد،بن سعيد الهمداني (4)،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،قال:حدّثنا الحسن بن محمد،قال:حدّثنا ابن أبي السري،عن هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس.
و أمهم جميعا فاطمة بنت أسد (5)بن هاشم بن عبد مناف،و أمها فاطمة، و تعرف بحبّى بنت هرم بن رواحة،بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
و أمها حدية بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة[بن]عمرو بن شيبان (6)بن محارب بن فهر.ن.
ص: 26
و أمها فاطمة بنت عبيد (1)بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
و أمها سلمى بنت عامر بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر.
و أمها عاتكة بنت أبي همهمة.و اسم أبي همهمة عمرو بن عبد العزى بن عامر بن عميرة بن أبي وديعة بن الحارث بن فهر.
و أمها تماضر بنت أبي عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي.
و أمها حبيبة،و هي أمة اللّه بنت عبد يا ليل بن سالم بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي و هو ثقيف.
و أمها فلانة بنت مخزوم بن أسامة بن صبح بن وائلة بن نصر بن صعصعة بن ثعلبة بن كنانة بن عمرو بن قين بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر.
و أمها ريطة بنت يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف.
و أمها كليبة بنت قصية (2)بن سعد بن بكر بن هوازن.
و أمها حبّى بنت الحارث بن النابغة بن عميرة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.
و فاطمة بنت أسدي،بن هاشم،أول هاشمية تزوجت هاشميا و ولدت له،و أدركت النبي(ص)، فأسلمت و حسن إسلامها،و أوصت إليه حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها،و صلّى عليها و نزل في لحدها و اضطجع معها فيه، و أحسن الثناء عليها.».
ص: 27
حدّثني العباس بن علي بن العباس النسائي قال:حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن أيّوب،قال حدّثنا الحسن بن بشر،قال/(1)حدّثنا سعدان بن الوليد بيّاع السابري (2)،عن عطاء،عن ابن عباس قال.لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب ألبسها رسول اللّه(ص)قميصه و اضطجع معها في قبرها،فقال له أصحابه:يا رسول اللّه ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه المرأة.فقال:
«إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها.إني إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة،و اضطجعت معها في قبرها ليهون عليها».
حدّثني علي بن العباس المقانعي (3)قال:حدّثنا عبيد بن الهيثم،قال:
حدّثنا القاسم بن نصر،عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة عن الزبير بن سعد الهاشمي،عن أبيه،عن علي قال:أمرني رسول اللّه(ص) فغسلت أمي فاطمة بنت أسد.
حدّثني محمد بن الحسين الخثعمي قال:حدّثنا عباد بن يعقوب قال:
أخبرنا عمرو بن ثابت،عن عبد اللّه بن يسار،عن جعفر بن محمد قال:
كانت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب حادية عشرة،يعني في السابقة إلى الإسلام،و كانت بدرية.
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي [عن حسين بن حسين اللؤلؤي] (4)قال حدّثنا السّري بن سهل الجند نسابوري قال حدّثنا محمد بن عمرو ربيح (4)عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن إبراهيم،عن الحسن البصري،عن الزبير بن العوّام،قال:».
ص: 28
سمعت النبي(ص)يدعوا النساء إلى البيعة حين أنزلت هذه الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ ،و كانت فاطمة بنت أسد أول امرأة بايعت رسول اللّه(ص).
حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:
حدّثنا بكر بن عبد الوهاب،قال:حدّثنا عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه،عن جده:
أن رسول اللّه(ص)دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب بالروحاء مقابل حمام أبي قطيفة.
و السبب فيه و بعض أخباره
قرأت[ذلك]على محمد بن جرير الطبري في كتاب المغازي فأقرّ به.
قلت حدثكم محمد بن حميد الرازي قال حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق،قال:و قرئ بحضرتي على أحمد بن محمد بن الجعد الوشاء.قيل حدثكم إسحاق المسيّبي (1).قال حدّثنا محمد بن فليح،عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري في خبر جعفر بن أبي طالب و رجوعه من بلاد الحبشة مع من رجع إلى النبي(ص)من المهاجرين إليها بأحاديث/(5)دخل بعضها في بعض،و ذكرت معانيها مفصلة برواية نقلتها في أماكنها و مواضعها.
حدّثني محمد بن إبراهيم بن أبان السرّاج،قال:حدّثنا بشار بن موسى الخفاف،قال:حدّثنا أبو عوانة،عن الأجلح،عن الشعبي-و اللفظ له.
قال:لما فتح النبي(ص)خيبر قدم جعفر بن أبي طالب رضوان اللّه عليه من
ص: 29
الحبشة فالتزمه رسول اللّه(ص)و جعل يقبّل بين عينيه و يقول:«ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر» (1).
قال ابن إسحاق و ابن شهاب الزهري:
لما قدم جعفر من أرض الحبش بعث رسول اللّه(ص)بعثه إلى مؤتة.
قال ابن إسحاق خاصة عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير:
أنه بعث ذلك البعث في جمادي لسنة ثمان من الهجرة،و استعمل عليهم زيد بن حارثة،و قال:إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس،فإن أصيب جعفر فعبد اللّه،بن رواحة على الناس (2).
أخبرنا محمد بن جرير[قراءة عليه]قال:حدّثنا ابن حميد،قال:حدّثنا سلمة (3)،عن ابن إسحاق قال:حدّثني عبد اللّه بن أبي بكر،أنه حدّث عن زيد بن أرقم قال:
مضى الناس،حتى إذا كانوا بتخوم البقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم و العرب،فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة،فالتقى الناس عندها و تعبأ المسلمون،فجعلوا على ميمنتهم رجلا من عذرة يقال له قطبة بن قتادة،و على ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له:عبادة بن مالك. ثم التقوا فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول اللّه(ص)حتى شاط (4)في رماح القوم (5).ثم أخذها جعفر بن أبي طالب فقاتل بها حتى[إذا ألحمه القتال]اقتحم عن فرس (6)له4.
ص: 30
شقراء فعقرها،ثم قاتل القوم حتى قتل.فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام (1).
أخبرنا محمد بن جرير،قال حدّثنا ابن حميد قال حدّثنا ابن حميد قال حدّثنا سلمة و أبو ثميلة، عن محمد بن إسحاق،عن يحيى بن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه [عباد] (2)،قال حدّثني أبي الذي أرضعني،و كان أحد بني مرّة بن عوف، و كان في تلك الغزوة غزوة مؤتة،قال:و اللّه لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها.ثم قاتل القوم حتى قتل (3).
حدّثنا أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه قال:حدّثني إبراهيم بن الوليد بن سلمة القرشي،قال حدّثني أبي،قال:حدّثنا عبد الملك بن عقبة، عن أبي يونس،عن عبد الرحمن بن سمرة،قال:
بعثني خالد بن الوليد بشيرا إلى رسول اللّه يوم مؤتة (4)،فلما دخلت المسجد قال لي رسول اللّه(ص)/(6): على رسلك يا عبد الرحمن أخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل زيد فقتل،فرحم اللّه زيدا ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فقاتل جعفر فقتل فرحم اللّه جعفرا.ثم أخذ اللواء عبد اللّه بن رواحة فقاتل عبد اللّه بن رواحة فقتل،فرحم اللّه عبد اللّه.
قال:فبكى أصحاب رسول اللّه(ص)و هم حوله فقال:ما يبكيكم؟ فقالوا:ما لنا لا نبكي و قد ذهب خيارنا و أشرافنا و أهل الفضل منا.فقال:لا تبكوا؛فإنما مثل أمتي كمثل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكيها (5)و هيأ مساكبها،و حلق سعفها،فأطعمت عاما فوجا،ثم عاما فوجا،ثم عاماا.
ص: 31
فوجا،فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا (1)،و أطولها شمراخا (2).
و الذي بعثني بالحق ليجدن ابن مريم في أمتي خلفا من حواريه.
قال أبو الفرج:
و فيما قال لي علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن الحسين بن عبيد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب«اروه عني»،و أخرج إليّ كتاب عمّه محمد بن علي بن حمزة فكتبته عنه.قال علي بن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:قتل جعفر و هو ابن ثلاث أو أربع و ثلاثين سنة.و هذا عندي شبيه بالوهم؛لأنه قتل في سنة ثمان من الهجرة، و بين ذلك الوقت و بين مبعث رسول اللّه(ص)إحدى و عشرون سنة،و هو أسن من أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام بعشر سنين،و كان لعلي حين أسلم سنون مختلف في عددها فالمكثر يقول كانت خمس عشرة،و المقلل يقول سبع سنين.
و كان إسلامه في السنة التي بعث فيها رسول اللّه(ص)لا خلاف في ذلك.و على أي الروايات قيس أمره علم أنه كان عند مقتله قد تجاوز هذا المقدار من السنين (3).
قال أبو إسحاق في حديثه الذي تقدم ذكره،و قد حدّثنا به أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدّثنا يحيى بن الحسن قال:حدّثني إبراهيم بن علي بن عبيد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،عن أبيه،عن محمد بن إسحاق قال:
قال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب:
هدت العيون و دمع عينك يهمل *** سحّا كما و كف الضباب المخضل (4)
ص: 32
و كأنما بين الجوانح و الحشا *** مما تأوّبني شهاب مدخل (1)/(2)
وجدا على النّفر الذين تتابعوا *** يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
***صلى الإله عليهم من فتية و سقى عظامهم الغمام المسبل (3)
صبروا بمؤتة للإله نفوسهم *** عند الحمام حفيظة أن ينكلوا (4)
إذ يهتدون بجعفر و لوائه *** قدّام أوّلهم و نعم الأوّل (5)
حتى تفرّقت الصفوف و جعفر *** حيث التقى وعث الصّفوف مجدّل (6)
***فتغيّر القمر المنير لفقده و الشمس قد كسفت و كادت تأفل (7)
[قوم بهم نصر الإله عباده *** و عليهم نزل الكتاب المنزل (7)]
و يهديهم رضى الإله لخلقه *** و بحدّهم نصر النبيّ المرسل (8)
بيض الوجوه ترى بطون أكفّهم *** تندى إذا اعتذر الزمان الممحل (9)».
ص: 33
حدّثنا حامد بن محمد البلخي،قال:حدّثنا عبد اللّه بن عمر القواريري قال:حدّثنا محبوب-يعني ابن الحسن-قال:حدّثنا خالد الحذّاء،عن عكرمة،عن أبي هريرة قال:
ما ركب أحد المطايا و لا ركب الكور،و لا انتعل،و لا احتذى النعال أحد بعد رسول اللّه(ص)أفضل من جعفر بن أبي طالب (1).
حدّثني أبو عبيد الصيرفي،قال:حدّثنا الفضل بن الحسن قال:حدّثنا إسحاق بن سليمان الخراز،قال:حدّثنا وكيع بن الجراح،عن فضيل بن مرزوق،عن أبي سعيد الخدري،قال:
قال رسول اللّه(ص): «خير الناس حمزة،و جعفر و علي عليهم السلام» (2).
حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثنا الفضل،قال:حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل،قال:حدّثنا عبد اللّه بن جعفر المدني،عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:
رأيت جعفرا ملكا يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين (3).
حدّثني أحمد بن محمد،قال:حدّثني يحيى بن الحسن،قال:
حدّثنا سلمة بن شبيب،قال:حدّثنا وهب بن وهب،قال:حدّثنا جعفر بن محمد عن أبيه،قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
خلق الناس من أشجار شتى،و خلقت أنا و جعفر من طينة واحدة (4).
حدّثنا محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا محمد بن عبيد3.
ص: 34
المحاربي،قال:حدّثنا علي بن غراب،عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لجعفر:
أنت أشبهت خلقي و خلقي (1).
حدّثني محمد بن الحسين[الأشناني]قال:حدّثنا جعفر بن محمد الرماني،قال:حدّثنا محمد بن جبلة،قال:حدّثنا محمد بن بكر،قال:
حدّثنا أبو الجارود،قال:حدّثني عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عن جده،قال:
خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو يقول:
الناس/(8)من شجر شتى و أنا و جعفر من شجرة واحدة (2).
و محمد بن جعفر بن أبي طالب (3)لا تعرف كنيته (4).
و أمه أسماء بنت عميس (5)بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن بشير بن وهب اللّه بن شهران بن عفرس بن خلف بن أفتل و هو خثعم.
و أمها هند بنت عوف بن الحارث و هو حماطة (6)،بن ربيعة بن ذي جليل بن جرش و اسمه منبه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد
ص: 35
شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن غريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير و هو العرنجج بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
و هند هذه التي هي أم أسماء بنت عميس التي قيل فيها:الجرشية أكرم الناس أحماء.جرش من اليمن.
و ابنتها أسماء بنت عميس تزوجها جعفر بن أبي طالب،ثم أبو بكر، ثم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
و ابنتها الأخرى ميمونة أم المؤمنين زوجة النبي(ص) (1).
و ابنتها الأخرى لبابة أم الفضل (2)،أخت ميمونة،أم ولد العباس بن عبد المطلب.
و ابنتها الأخرى سلمى بنت عميس أم ولد حمزة بن عبد المطلب (3).
و أحماء هذه الجرشية:رسول اللّه(ص)،و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،و الحمزة،و العباس،و جعفر،و أبو بكر،و من أحمائها أيضا الوليد بن المغيرة المخزومي فأم خالد بن الوليد:أم الفضل الكبرى بنت الحارث أخت أسماء لأمها.
و هي أم جميع ولد جعفر بن أبي طالب.
و تزوجت الجرشية الحارث بن الجون بن بجير بن الهرم بن رويبة (4)بن عبد اللّه بن هلال بن عامر،فولدت منه ميمونة زوجة النبي(ص)،و أم الفضل أختها تزوجها العباس فولدت له عبد اللّه،و عبيد اللّه،و الفضل و معبدا و قثم.
و ذكرها الحسن،بن زيد،بن الحسن،بن علي فقال:
كانت الجرشية أكرم الناس أحماء،ذكر رسول اللّه(ص)،و عليّاة.
ص: 36
و حمزة،و جعفر،و العباس،و لم يذكر أبا بكر،و كان في مجلسه جماعة من ولده فرأى ذلك قد شقّ عليهم فقال:و أبو بكر بعد سكوت طويل (1).
و لما قتل عنها جعفر تزوجها أبو بكر (2)فولدت له محمدا.ثم توفى فخلف عليها علي بن أبي طالب (3)فولدت له يحيى بن علي،و توفي في حياة أبيه،و لا عقب له.
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن (4)،قال:حدّثني أبو يونس محمد بن أحمد،قال:حدّثنا إبراهيم بن المنذر (5)،قال:حدّثني عبد الرحمن بن المغيرة عن أبيه عن الضحاك بن عثمان،قال:
خرج عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب في كتيبة يقال لها الخضراء،و كان بإزائه محمد بن جعفر بن أبي طالب معه راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب التي تسمى الجموح،و كانا في عشرة آلاف. فاقتتلوا قتالا شديدا.
قال:فلقد ألقى اللّه عزّ و جلّ عليهم الصبر،و رفع عنهم النصر،فصاح عبيد اللّه حتى متى هذا الحذر؟أبرز حتى أناجزك،فبرز له محمد،فتطاعنا حتى انكسرت رماحهما،ثم تضاربا حتى انكسر سيف محمد،و نشب سيف عبيد اللّه بن عمر في الدرقة،فتعانقا و عض كل واحد منهما أنف صاحبه فوقعا عن فرسيهما،و حمل أصحابهما عليهما فقتل بعضهم بعضا،حتى صار عليهما مثل التل العظيم من القتلى (6).».
ص: 37
و غلب علي عليه السلام على المعركة فأزال أهل الشام عنهما،و وقف عليهما فقال اكشفوا[هؤلاء القتلى عن ابن أخي فجعلوا يجرون القتلى عنهما حتى كشفوهما] (1)فإذا هما متعانقان،فقال علي عليه السلام:أما و اللّه لعن غير حب تعانقتما.
قال أبو الفرج:
هذه رواية الضحاك بن عثمان.و ما أعلم أحدا من أهل السيرة ذكر أن محمد بن جعفر قتيل عبيد اللّه بن عمر،و لا سمعت لمحمد في كتاب أحد منهم ذكر مقتل.
و قد حدّثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي بخبر مقتل عبيد اللّه بن عمر في كتاب صفين،قال:حدّثنا الحسين بن نصر بن مزاحم [المنقري]،قال:حدّثنا أبي،قال:حدّثنا عمر بن سعيد البصري،عن أبي مخنف لوط،بن يحيى الأزدي عن جعفر،بن القاسم عن زيد بن علقمة عن زيد بن بدر،قال:
خرج عبيد اللّه بن عمر في كتيبته الرقطاء،و هي الخضرية و كانوا أربعة آلاف عليهم ثياب خضر (2)،إذ مرّ الحسن بن علي عليهما السلام فإذا هو برجل متوسد قتيل قد ركّز رمحه/(9)في عينه و ربط فرسه برجله فقال الحسن عليه السلام:انظروا من هذا؟فإذا الرجل من همدان،و إذا القتيل عبيد اللّه قد قتله و بات عليه حتى أصبح،ثم سلبه (3)ثم اختلفوا في قاتله (4)فقالته.
ص: 38
همدان:قتله هانئ بن الخطاب،و قالت حضرموت:قتله مالك بن عمرو التّبعي (1)،و قالت بكر بن وائل قتله رجل من تيم اللّه بن ثعلبة يقال له مالك بن الصحصح (2)من أهل البصرة،و أخذ سيفه ذا الوشاح فبعث معاوية[إليه] حين بويع له و هو بالبصرة فأخذ منه السيف (3).
و كذلك روى عن جماعة من أهل السيرة في مقتل عبيد اللّه[بن عمر]أو شبيه به،و اللّه أعلم أي ذلك كان.
و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و يكنى أبا الحسن و أبا الحسين.
و روى عنه عليه السلام أنه قال:كان الحسن في حياة رسول اللّه(ص)يدعوني أبا الحسين.و كان الحسين يدعوني أبا الحسن و يدعوان رسول اللّه(ص) أباهما،فلما توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم دعواني بأبيهما (4).
و كانت فاطمة بنت أسد أمه رحمة اللّه عليها لما ولدته سمته حيدرة، فغير أبو طالب اسمه و سمّاه عليّا (5).
و قيل إن ذلك اسم كانت قريش تسميه به.
و القول الأول أصح.و يدل عليه خبره يوم خيبر و قد برز إليه مرحب اليهودي و هو يقول:
ص: 39
قد علمت خيبر أني مرحب *** شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب (1)فبرز إليه علي عليه السلام و هو يقول (2):
أنا الذي سمتني أمي حيدرة *** كليث غاب في العرين قسوره (3)
أكيلكم بالصاع كيل السندره (4)حدّثني محمد بن الحسين،قال حدّثنا عباد[بن يعقوب] (5)قال حدّثنا موسى بن عمير القرشي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده:و ذكر سهل بن سعد الساعدي أن رسول اللّه(ص)كناه أبا تراب و كانت من أحب ما يكنى به إليه (6).و كانت بنو أمية دعت سهلا إلى أن يسبه على المنبر.
حدّثني علي بن إسحاق بن عيسى المخزومي (7)،قال حدّثنا محمد بن بكار بن الرّيان (8)،قال حدّثنا أبو معشر عن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال:
كان بين علي و فاطمة شيء فجاء رسول اللّه(ص)/(10)يلتمس عليّا فلم يجده،فقال لفاطمة:أين هو؟قالت:كان بيني و بينه شيء فخرج من عندي و هو غضبان،فالتمسه رسول اللّه(ص)فوجده في المسجد راقدا و قد زال رداؤه عنه و أصابه التراب،فأيقظه رسول اللّه(ص)و جعل يمسح التراب عن ظهره و قال له:إجلس فإنما أنت أبو تراب.و كنا نمدح عليّا إذا قلنا له أبو9.
ص: 40
تراب (1).
فحدّثني علي بن إسحاق،قال حدّثنا عثمان بن أبي شيبة،قال حدّثنا خالد بن مخلد،قال حدّثنا سلمان بن بلال،قال حدّثني أبو حازم بن دينار، قال سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول:
إن كان لأحب أسماء علي إليه أبو تراب،و إن كان ليفرح أن يدعى بها،و ما سمّاه بذلك إلاّ رسول اللّه(ص).
و كان رسول اللّه(ص)أخذ عليّا من أبيه و هو صغير في سنة أصابت قريشا و قحط نالهم،و أخذ حمزة جعفرا،و أخذ العباس طالبا ليكفوا أباهم مؤنتهم و يخففوا عنه ثقلهم،و أخذ هو عقيلا لميله كان إليه فقال رسول اللّه (ص):اخترت من اختار اللّه لي عليكم عليا (2).
حدّثني بذلك أحمد بن الجعد الوشاء قال حدّثنا عبد الرحمن بن صالح، قال حدّثنا علي بن عابس عن هرون بن سعد عن زيد بن علي.
و كانت سنه يوم أسلم إحدى عشرة سنة على أصح ما ورد من الأخبار في إسلامه،و قد قيل ثلاث عشر سنة،و قيل سبع سنين. و الثابت إحدى عشرة، لأن رسول اللّه(ص)بعث و هذه سنوه فأقام معه بمكة ثلاث عشرة،و بالمدينة عشرا.و عاش بعد رسول اللّه(ص)ثلاثين سنة تنقص شهورا.و قال في خطبته التي حدّثني بها العباس بن علي النسائي و غيره،قالوا حدّثنا محمد بن حسان الأزرق قال حدّثنا شبابة بن سوار (3)قال حدّثنا قيس بن الربيع عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي صادق:إنه عليه السلام خطب الناس و قد بلغه خبر غارة الغامدي على الأنبار فقال في خطبته:لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب،و يحهم و هل فيهم أشد مراسا لها4.
ص: 41
مني! و اللّه لقد دخلت فيها و أنا ابن عشرين سنة،و أنا الآن قد نيفت على الستين،و لكن لا رأي لمن لا يطاع (1).
و كان عليه السلام أسمر مربوعا و هو إلى القصر أقرب عظيم البطن دقيق الأصابع غليظ الذراعين،حمش الساقين،في عينيه لين،عظيم اللحية/(11)،أصلع ناتئ الجبهة (2).
قال أبو الفرج:و صفته هذه وردت بها الروايات متفرقة فجمعتها،و أتم ما ورد فيها من الأخبار حديث حدّثني به أحمد بن الجعد و عبد اللّه بن محمد البغوي قالا (3)حدّثنا سويد بن سعيد،قال حدّثنا داود بن عبد الجبار عن أبي إسحاق،قال:
أدخلني أبي المسجد يوم الجمعة فرفعني فرأيت عليا يخطب على المنبر شيخا أصلع ناتئ الجبهة عريض ما بين المنكبين له لحية قد ملأت صدره في عينه اطرغشاش،قال داود يعني لينا في العين. قال فقلت لأبي:من هذا يا أبه؟ فقال هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه(ص)و أخو رسول اللّه و وصي رسول اللّه و أمير المؤمنين صلوات اللّه و رضوانه و سلامه عليه.
قال أبو الفرج:و قد أتينا على صدر من أخباره فيه مقنع.و فضائله عليه السلام أكثر من أن تحصى،و القليل منها لا موقع له في مثل هذا الكتاب، و الإكثار يخرجنا عمّا شرطناه من الاختصار،و إنما ننبه على من خمل عند بعض الناس ذكره أو لم يشع فيهم فضله.فأمير المؤمنين عليه السلام بإجماع المخالف و الممالي،و المضاد و الموالي،على ما لا يمكن غمطه و لا ينساغ ستره من فضائله المشهورة في العامة لا المكتوبة عند الخاصة تغني عن تفضيله بقول و الاستشهاد عليه برواية.».
ص: 42
و السبب فيه
حدّثني به أحمد بن عيسى العجلي العطار قال حدّثني الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدّثنا زيد بن المعذل النمري قال حدّثنا يحيى بن سعيد الجزار (1)عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد.
[عن عبد الرحمن بن عبيد اللّه عن جماعة] (2).من الرواة قد ثبت ما رووه في مواضعة و حدّثني أيضا بمقتله عليه السلام محمد بن الحسين الأشناني قال حدّثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي (3)قال حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني قال حدّثنا إسماعيل بن راشد و دخل حديثه في حديث من قدّمت ذكره،و حدّثنا ببعضه أحمد بن محمد بن دلاّن الخيشي (4)و أحمد بن الجعد الوشاء و محمد بن جرير الطبري و جماعة غيرهم قالوا حدّثنا أبو هشام الرفاعي قال حدّثنا أبو أسامة قال حدّثنا أبو حباب قال حدّثنا أبو عون الثقفي عن أبي عبد الرحمن السلمي حديثا ذكر فيه مقتله فأتيت بأشياء منه في مواضعها من سياقة الأحاديث،و أكثر اللفظ في ذلك لأبي مخنف،إلاّ ما عسى أن يقع فيه خلاف فأبينه قال:
اجتمع بمكة نفر من الخوارج فتذاكروا أمر المسلمين فعابوهم و عابوا أعمالهم عليهم (5)/(12)و ذكروا أهل النهروان و ترحموا عليهم و قال بعضهم لبعض (6)فلو أنا شرينا أنفسنا للّه فأتينا أئمة الضلال و طلبنا غرّتهم فأرحنا منهم العباد و البلاد و ثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان،فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء
ص: 43
الحج،فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه أنا أكفيكم عليا،و قال أحد الآخرين:أنا أكفيكم معاوية، و قال الثالث:أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاقدوا و تواثقوا على الوفاء ألا ينكل واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه و لا عن قتله و اتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم عليا عليه السلام.
قال أبو مخنف قال أبو زهير (1)العبسي:الرجلان الآخران،البرك بن عبد اللّه التميمي و هو صاحب معاوية،و الآخر عمرو بن بكر التميمي و هو صاحب عمرو بن العاص.
فأما صاحب معاوية فإنه قصده (2)فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في إليته،و أخذ،فجاء الطبيب إليه فنظر إلى الضربة،فقال اسماعيل بن راشد في حديثه:فقال:إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبرأ و إما أن أسقيك دواء فتبرأ و ينقطع نسلك.قال أما النار فلا أطيقها،و أما النسل ففي يزيد و عبد اللّه ما يقرّ عيني و حسبي بهما، فسقاه الدواء،فعوفي و عالج جرحه حتى التأم و لم يولد له بعد ذلك.
قال و قال له البرك بن عبد اللّه إن لك عندي بشارة،قال:و ما هي؟ فأخبره بخبر صاحبيه،و قال له:إن عليا يقتل في هذه الليلة فاحبسني عندك فإن قتل فأنت ولي ما تراه في أمري،و إن لم يقتل أعطيتك العهود و المواثيق أن أمضي فأقتله ثم أعود إليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم فيّ بما تراه،فحبسه عنده،فلما أتاه أن عليا قد قتل خلى سبيله.
و قال غيره من الرواة بل قتله من وقته.
قال و أما صاحب عمرو بن العاص فإنه وافاه في تلك الليلة و قد وجد علة فأخذ دواء و استخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة أحد بني عامر بن لؤي،فخرج للصلاة و شد عليه عمرو بن بكر فضربه بسيفه فأثبته،2.
ص: 44
و أخذ الرجل فأتى به عمرو العاص فقتله،و دخل من غد إلى خارجة و هو يجود بنفسه فقال له:أما و اللّه أبا عبد اللّه ما أراد غيرك،قال عمرو:و لكن اللّه أراد خارجة.
رجع الحديث إلى خبر ابن ملجم لعنه اللّه.فحدّثني محمد بن الحسين الأشناني و غيره قالوا حدّثنا علي بن المنذر الطريقي (1)قال حدّثنا ابن فضيل قال حدّثنا فطر (2)/(13)عن أبي الطفيل قال:
جمع أمير المؤمنين علي الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه،فقال له علي:ما يحبس أشقاها؟فو الذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذه،ثم قال:
أشدد حيازيمك للمو *** ت فإن الموت لاقيك
و لا تجزع من المو *** ت إذا حل بواديك
قال:و روى غيره أن عليا أعطى الناس فلما بلغ إلى ابن ملجم قال:
أريد حياته و يريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد (3)
أخبرنا الحسن بن علي الوشاء في كتابه إليّ قال حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدّثنا فطر عن أبي الطفيل بنحو من هذا الحديث (4).
حدّثني أحمد بن عيسى العجلي قال حدّثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدّثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن أبي زهير العبسي قال:كان ابن ملجم من مراد و عداده في كندة فأقبل حتى قدم الكوفة فلقي بها أصحابه و كتمهم أمره و طوى عنهم ما تعاقد هو و أصحابه عليه بمكة من قتل أمراء».
ص: 45
المسلمين مخافة أن ينشر منه شيء (1)و أنه زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت الأخضر بن شجنة من تيم الرباب،و كان علي قتل أباها و أخاها بالنهروان، و كانت من أجمل نساء أهل زمانها،فلما رآها ابن ملجم لعنه اللّه شغف بها و اشتد إعجابه،فخبر خبرها فخطبها فقالت له:ما الذي تسمى لي من الصداق فقال لها؟احتكمي ما بدا لك.فقالت:أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم و وصيفا و خادما و قتل علي بن أبي طالب،فقال لها:لك جميع ما سألت،فأما قتل علي فأنى لي بذلك؟فقالت:تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي و هنأك العيش معي،و إن قتلت فما عند اللّه خير لك من الدنيا،قال لها:أما و اللّه أقدمني هذا المصر و قد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله إلاّ ما سألتني من قتل علي، فلك ما سألت،قالت له:فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك و يقويك ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر و سألته معونة ابن ملجم لعنه اللّه،فتحمل ذلك لها، و خرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال له:يا شبيب،هل لك في شرف الدنيا و الآخرة؟قال:و ما هو قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، و كان شبيب على رأي الخوارج،فقال له:يا بن ملجم هبلتك الهبول.لقد جئت شيئا إدّا،و كيف نقدر على ذلك؟قال له ابن ملجم:
نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فقتلناه،فإذا نحن قتلناه شفينا أنفسنا و أدركنا ثأرنا،فلم يزل به حتى أجابه،فأقبل معه حتى دخل على قطام و هي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة،فقالا لها:قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل/(14).
قالت لهما:فإذا أردتما ذلك فألقياني في هذا الموضع.فانصرفا من عندها فلبثا أياما.ثم أتياها ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربعين.هكذا في حديث أبي مخنف،و في حديث أبي عبد الرحمن السلمي أنها كانت ليلة سبع عشرة خلت من شهر رمضان،و هو أصح. فقال لها ابن2.
ص: 46
ملجم:هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبيّ و واعداني أن يقتل كل واحد منا صاحبه الذي يتوجه إليه.فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم،و تقلّدوا سيفهم،و مضوا فجلسوا مما يلي السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين إلى الصلاة.
حدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدّثنا الحسين بن نصر،قال:حدّثنا زيد بن المعذل،عن يحيى بن شعيب،عن أبي مخنف،عن الأسود و الأجلح أن ابن ملجم أتى إلى الأشعث بن قيس-لعنهما اللّه-في الليلة التي أراد فيها بعليّ ما أراد،و الأشعث في بعض نواحي المسجد.فسمع حجر بن عدي الأشعث يقول لابن ملجم-لعنه اللّه-النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فقال له حجر:قتلته يا أعور. و خرج مبادرا إلى علي و أسرج دابته و سبقه ابن ملجم- لعنه اللّه-فضرب عليا.و أقبل حجر و الناس يقولون:قتل أمير المؤمنين.
قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني:
و للأشعث بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين-عليه السلام-أخبار يطول شرحها منها ما حدّثنيه محمد بن الحسين الأشناني قال:حدّثنا إسماعيل بن موسى بن بنت السدي (1)قال:حدّثنا علي بن مسهر،عن الأجلح عن موسى بن أبي النعمان قال:
جاء الأشعث إلى علي يستأذن عليه فردّه قنبر،فأدمى الأشعث أنفه.
فخرج علي و هو يقول:ما لي و لك يا أشعث،أما و اللّه لو بعبد ثقيف تمرست لا قشعرت شعيراتك،قيل:يا أمير المؤمنين و من غلام ثقيف؟ قال:غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب إلاّ أدخلهم ذلا.قيل:يا أمير المؤمنين:
كم يلي؟و كم يمكث؟قال:عشرين إن بلغها.
حدّثني محمد بن الحسين الأشناني.قال:حدّثني إسماعيل بن موسى.
قال:حدّثني رجل،عن سفيان بن عيينة،عن جعفر بن محمد قال:حدّثتني1.
ص: 47
امرأة منّا قالت:
رأيت الأشعث بن قيس دخل على علي-عليه السلام-فأغلظ له علي، فعرض له الأشعث بأن يفتك به.فقال له علي عليه السلام:أبا لموت تهددني، فو اللّه ما أبالي وقعت على الموت،أو وقع الموت عليّ.
حدّثني أبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي بهذين الحديثين،عن فضل المصري عن إسماعيل[ابن بنت السدي].
رجع الحديث إلى مقتل أمير المؤمنين.
قال أبو مخنف:فحدّثني أبي عن عبد اللّه بن محمد الأزدي،قال (1):
إني لأصلي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة قياما و قعودا،و ركوعا و سجودا،ما يسأمون،إذ خرج على صلاة الفجر،فأقبل ينادي:الصلاة الصلاة،فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيف؟و سمعت قائلا يقول:الحكم للّه يا علي لا لك و لا لأصحابك،ثم رأيت بريق سيف آخر ثانيا و سمعت عليا يقول:لا يفوتنكم الرجل.
و قال إسماعيل بن راشد في حديثه،و وافقه في معناه حديث أبي عبد الرحمن السلمي أن شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه (2)و وقعت ضربته في الطاق، و ضربه ابن ملجم-لعنه اللّه-فأثبت الضربة في وسط رأسه.
و قال عبد اللّه بن محمد الأزدي في حديثه:و شد الناس عليه من كل ناحية حتى أخذوه.
قال أبو مخنف:فذكرت همدان أن رجلا منهم يكنى أبا أدماء من مرهبة أخذه،و قال يزيد بن أبي زياد:أخذه المغيرة بن الحرث بن عبد المطلب طرح عليه قطيفة ثم صرعه.و أخذ السيف من يده و جاء به.2.
ص: 48
و أما شبيب بن بجرة فإنه خرج هاربا،فأخذه رجل فصرعه؛و جلس على صدره و أخذ السيف من يده ليقتله،فرأى الناس يقصدون نحوه،فخشي أن يعجلوا عليه و لا يسمعوا منه،فوثب عن صدره و خلاه،و طرح السيف من يده.و مضى الرجل هاربا حتى دخل منزله. و دخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره،فقال له:ما هذا؟لعلّك قتلت أمير المؤمنين،فأراد أن يقول:لا،فقال:نعم.فمضى ابن عمّه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
قال أبو مخنف:فحدّثني أبي،عن عبد اللّه بن محمد الأزدي،قال:
ادخل ابن ملجم لعنه اللّه على عليّ،و دخلت عليه فيمن دخل،فسمعت عليا يقول:النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، و إن سلمت رأيت فيه رأيي (1)،فقال ابن ملجم-لعنه اللّه-و اللّه لقد ابتعته بألف،و سممته بألف، فإن خانني فأبعده اللّه.قال:و نادته أم كلثوم:يا عدو اللّه قتلت أمير المؤمنين.
قال:إنما قتلت أباك.قالت يا عدو اللّه.إني لأرجو أن ألا يكون عليه بأس.
قال لها:فأراك إنما تبكين عليا.إذا و اللّه لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم (2).
قال و أخرج ابن ملجم-لعنه اللّه-و هو يقول:قال إسماعيل بن راشد في حديثه و الشعر لابن أبي مياس الفزاري (3):
و نحن ضربنا يا بنة الخير إذ طغى *** أبا حسن مأمومة فتقطرا (4)
هذا البيت لأبي مخنف وحده،و زاد إسماعيل هذين البيتين:».
ص: 49
و نحن خلعنا ملكه عن نظامه *** بضربة سيف إذ علا و تجبرا
و نحن كرام في الصباح أعزة *** إذا المرء بالموت ارتدى و تأزرا (1)
قال أبو مخنف.فحدّثني بعض أصحابنا،عن صالح بن ميثم،عن أخيه عمران قال:
لقد رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه اللّه ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع و هم يقولون له:يا عدو اللّه،ما ذا فعلت؟ أهلكت أمة محمد(ص)،و قتلت خير الناس.و إنه لصامت ما ينطق.
قال أبو مخنف:و حدّثني معروف بن خربوذ (2)عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على أمير المؤمنين علي و قد أتاه عائدا،فلم يكن له عليه إذن،فقال صعصعة للآذن:قل له يرحمك اللّه يا أمير المؤمنين حيا و ميتا، فو اللّه لقد كان اللّه في صدرك عظيما،و لقد كنت بذات اللّه عليما،فأبلغه الآذن مقالة صعصعة،فقال له علي:قل له و أنت يرحمك اللّه،فلقد كنت خفيف المؤونة،كثير المعونة (3).
قال:و قال رجل يذكر أمر قطام و ابن ملجم لعنهما اللّه و قال محمد بن [الحسين الأشناني] (4)في حديثه عن المسروقي و هو ابن أبي مياس[الفزاري]:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة *** كمهر قطام من فصيح و أعجم (5)
***ثلاثة آلاف و عبد وقينة و ضرب علي بالحسام المصمم
و لا مهر أغلى من علي و إن علا *** و لا فتك إلاّ دون فتك ابن ملجم
و أنشدنا حبيب بن نصر المهلبيّ،قال:أنشدنا الرياشي أحسبه عن أبي8.
ص: 50
عبيدة (1)لعمران بن حطان-لعنه اللّه-يمدح ابن ملجم لعنه اللّه و غضب عليهما بقتل أمير المؤمنين عليه السلام:
يا ضربة من كمي ما أراد بها *** إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا
أني لأفكر فيه ثم أحسبه *** أو في البرية عند اللّه ميزانا (2)
كذب.لعنهما اللّه و عذبهما.
حدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدّثني الحسن بن نصر (3)،قال:حدّثنا زيد بن المعذل،عن يحيى بن شعيب،عن أبي مخنف،قال:حدّثني عطية بن الحرث،عن عمر بن تميم و عمرو بن أبي بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هانئ السكوني، و كان متطبّبا صاحب كرسي يعالج الجراحات،و كان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم،و إن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين-عليه السلام-دعا برئة شاة حارة و استخرج عرقا منها،فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له: يا أمير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو اللّه قد وصلت ضربته إلى أم رأسك.فدعا علي عند ذلك بصحيفة و دواة و كتب وصيته (4).
بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلاّ اللّه،وحده لا شريك له،و أن محمدا عبده و رسوله،أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون،صلوات اللّه و بركاته عليه.
إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (5) .62
ص: 51
أوصيك يا حسن و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغه كتابي هذا بتقوى اللّه ربنا و لا تموتن و إلاّ أنتم مسلمون،و اعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرقوا،فإني سمعت رسول اللّه يقول:إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام، و إن المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين.و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم.
انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون اللّه عليكم الحساب.اللّه اللّه في الأيتام فلا تغيّرن أفواههم بجفوتكم (1)، و اللّه اللّه في جيرانكم فإنها وصية رسول اللّه(ص)ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.
و اللّه اللّه في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم،و اللّه اللّه في الصلاة فإنها عماد دينكم.
و اللّه اللّه في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم،فإنه إن ترك لم تناظروا و إنه إن خلا منكم لم تنظروا.
و اللّه اللّه في صيام شهر رمضان فإنه جنة من النار،و اللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه بأموالكم و أنفسكم.
و اللّه اللّه في زكاة أموالكم فإنها تطفئ غضب ربكم.
و اللّه اللّه في أمة نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم.و اللّه اللّه في أصحاب نبيكم فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أوصى بهم.
و اللّه اللّه في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم،و اللّه اللّه فيما ملكت أيمانكم[فإنها (2)كانت آخر وصية رسول اللّه(ص)إذ قال:أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم] (3).
ثم قال:الصلاة الصلاة.لا تخافوا في اللّه لومة لائم فإنه يكفكم من بغى».
ص: 52
عليكم و أرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما أمركم اللّه،و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،فيولّي الأمر عنكم و تدعون فلا يستجاب لكم.
عليكم بالتواضع و التباذل و التبار،و إيّاكم و التقاطع و التفرق و التدابر:
وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (1) حفظكم اللّه من أهل بيت، و حفظ فيكم نبيه،استودعكم اللّه خير مستودع و أقرأ عليكم سلام اللّه و رحمته.
حدّثني أحمد بن محمد بن دلان،و أحمد بن الجعد،و محمد بن جرير الطبري (2)،قالوا:حدّثنا أبو هشام الرفاعي،قال:حدّثنا أبو أسامة،قال:
حدّثني أبو جناب،قال:حدّثني أبو عون الثقفي،عن أبي عبد الرحمن السلمي،عن الحسن بن علي قال:
خرجت أنا و أبي نصلي في هذا المسجد،فقال لي:يا بني،إني بت الليلة أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة (3)يوم بدر لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي،فسنح لي رسول اللّه(ص)،فقلت:يا رسول اللّه، ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟فقال لي:ادع عليهم.فقلت:«اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم،و أبدلهم بي من هو شر لهم مني»، و جاء ابن النباح (4).فآذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فاعتوره الرجلان فأما أحد فوقعت ضربته في الطاق،و أما الآخر فأثبتها في رأسه (5).
[قال أبو الفرج الأود العوج،و اللد الخصومات] (6):
حدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدّثنا الحسن (7)بن نصر،قال:حدّثنا».
ص: 53
زيد بن المعذل،عن يحيى بن شعيب،عن أبي مخنف،عن فضيل بن خديج،عن الأسود و الكندي و الأجلخ (1)قالا:
توفي أمير المؤمنين علي-عليه السلام-و هو ابن أربع و ستين سنة،سنة أربعين في ليلة الأحد لإحدى و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان،و ولي غسله ابنه الحسن بن علي و عبد اللّه بن العباس،و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.و صلّى عليه ابنه الحسن و كبّر عليه خمس تكبيرات،و دفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.
و دعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم-لعنه اللّه-فأتى به (2)فأمر بضرب عنقه،فقال له:إن رأيت أن تأخذ على العهود أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فأنظر ما صنع صاحبي بمعاوية فإن كان قتله و إلاّ قتلته ثم أعود إليك.تحكم فيّ بحكمك،فقال له الحسن:هيهات.و اللّه لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار،ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي،قال:
حدّثنا يعقوب بن زيد (3)،قال:حدّثني ابن أبي عمير،عن الحسن بن علي الخلال،عن جده،قال:
قلت للحسن بن علي:أين دفنتم أمير المؤمنين؟قال:خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على مسجد الأشعث،حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغرى.
حدّثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي،قال:حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن،قال:حدّثنا إسماعيل بن راشد بإسناده،قال:د.
ص: 54
لما أتى عائشة نعى علي أمير المؤمنين-عليه السلام-تمثّلت:
فألقت عصاها و استقرت بها النوى *** كما قرّ عينا بالأياب المسافر (1)
ثم قالت:من قتله؟فقيل:رجل من مراد،فقالت:
فإن يك نائبا فلقد بغاه *** غلام ليس في فيه التراب
فقالت لها زينب بنت أم سلمة:ألعلي تقولين هذا؟فقالت:إذا نسيت فذكروني،قال:ثم تمثلت:
ما زال إهداء القصائد بيننا *** باسم الصديق و كثرة الألقاب
حتى تركت كأن قولك فيهم *** في كل مجتمع طنين ذباب (2)
قال:و كان الذي جاءها بنعيه سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس بن أبي وقاص هذا أو نحوه.حدّثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا أحمد بن حازم،قال:حدّثنا عاصم بن عامر،و عثمان بن أبي شيبة،قالا:حدّثنا جرير،عن الأعمش،عن عمرو (3)بن مرة،عن أبي البختري،قال:لما أن جاء عائشة قتل علي عليه السلام سجدت.قال أبو مخنف:
و قالت أم الهيثم بنت الأسود النخعية ترثي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- عليه السلام- (4):
ألا يا عين ويحك فاسعدينا *** ألا تبكي أمير المؤمنينا
***رزئنا خير من ركب المطايا و خيّسها و من ركب السفينا (5)
و من لبس النعال و من حذاها *** و من قرأ المثاني و المئينا (6)
و كنا قبل مقتله بخير *** نرى مولى رسول اللّه فينا».
ص: 55
يقيم الدين لا يرتاب فيه *** و يقضي بالفرائض مستبينا
و يدعو للجماعة من عصاه *** و ينهك (1)قطع أيدي السارقينا
***و ليس بكاتم علما لديه و لم يخلق من المتجبرينا
لعمر أبي لقد أصحاب مصر *** على طول الصحابة أوجعونا
و غرونا بأنهم عكوف *** و ليس كذاك فعل العاكفينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير الناس طرا أجمعينا
و من بعد النبي فخير نفس *** أبو حسن و خير الصالحينا
كأن الناس إذ فقدوا عليا *** نعام جال في بلد سنينا
و لو أنا سئلنا المال فيه *** بذلنا المال فيه و البنينا
***أشاب ذؤابتي و أطال حزني أمامة حين فارقت القرينا
تطوف بها لحاجتها إليه *** فلما استيأست رفعت رنينا
***و عبرة أم كلثوم إليها تجاوبها و قد رأت اليقينا
فلا تشمت معاوية بن صخر *** فإن بقية الخلفاء فينا
و أجمعنا الإمارة عن تراض *** إلى ابن نبينا و إلى أخينا
و لا نعطي زمام الأمر فينا *** سواه الدهر آخر ما بقينا
***و إن سراتنا و ذوي حجانا تواصو أن نجيب إذا دعينا
بكل مهنّد عضب و جرد *** عليهن الكماة مسوّمينا (2)
أخبرني عمي الحسن بن محمد،قال:أنشدني محمد بن سعد الكناني (3)لبعض بني عبد المطلب يرثي أمير المؤمنين عليه السلام،و لم يعرف اسمه:
يا قبر سيدنا المجن له *** صلّى الإله عليك يا قبر (4)».
ص: 56
ما ضر قبرا أنت ساكنه *** أن لا يحل بأرضه القطر (1)
فليندين سماح كفك في الثرى *** و ليورقن بجنبك الصخر (2)
***و اللّه لو بك لم أجد (3)أحدا إلاّ قتلت،لفاتني الوتر
و الحسن بن علي (4)بن أبي طالب-عليهما السلام-و يكنى أبا محمد (5)و أمه فاطمة بنت رسول اللّه(ص) (6)،و كانت فاطمة تكنى أم أبيها،ذكر ذلك قعنب ابن محرز الباهلي،حدّثني به محمد بن زكريا الصحاف،عن أبي نعيم الفضل بن دكين،عن الحسين بن زيد بن علي،عن جعفر بن محمد عن أبيه.
و أمها خديجة (7)،تكنى أم هند بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
و أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
و أمها هالة بنت[عبد] (8)مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
و أمها العرقة،و هي قلابة (9)بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن
ص: 57
هصيص بن كعب بن لؤي.و إنما سميت العرقة لطيب عرقها و عطرها،و كانت مبدنة،و كانت إذا عرقت فاحت رائحة الطيب منها فسميت العرقة.
و أمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي.
و أمها الحظيا و هي ريطة الصغرى بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.
و أمها مارية (1)و يقال قيلة بنت حذافة بن جمح.
و أمها ليلى بنت عامر الخيار بن غيسان (2)و اسمه الحرث بن عبد عمرو بن عمرو بن قوي (3)بن ملكان بن أفصى من خزاعة.
و أمها سلمى بنت سعد بن كعب بن عمرو من خزاعة.
و أمها ليلى بنت عابس (4)بن الظرب بن الحرث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
و أمها سلمى بنت لؤي (5)بن غالب.
و أمها ليلى بنت محارب (6)بن فهر.
و أمها عاتكة بنت مخلد (7)بن النضر بن كنانة.
و أمها الوارثة بنت الحرث بن مالك بن كنانة.
و أمها مارية بنت سعد بن زيد مناة بن تميم و اسمها أسماء بنت جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دغمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
و تزوجت خديجة-صلوات اللّه عليها-قبل رسول اللّه(ص)رجلين.
يقال لأحدهما عتيق بن عائذ (8)بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم،و ولدت له بنتا».
ص: 58
يقال لها هند.ثم توفي عنها.فخلف عليها أبو هالة (1)بن النبّاش بن زرارة بن و قدان بن حبيب بن سلامة بن عدي (2)بن حرزة بن أسيد بن عمرو بن تميم، فولدت له ابنا يقال له هند،و روى عن النبي(ص)،روى عنه الحسن بن علي بن أبي طالب حديث صفة رسول اللّه(ص)المشهور،و قال فيه:سألت خالي هند بن أبي هالة عن صفة رسول اللّه(ص)و كان له وصّافا.
و توفيت خديجة-رضي اللّه عنها-قبل الهجرة بثلاث سنين،و لها يومئذ خمس و ستون سنة (3).حدّثني بذلك الحسن بن علي،قال: حدّثنا الحرث بن محمد،قال:حدّثنا ابن سعد عن الواقدي.و دفنت بالحجون.
و كان مولد فاطمة-عليها السلام-قبل النبوّة و قريش حينئذ تبني الكعبة (4)و كان تزويج علي بن أبي طالب إيّاها في صفر بعد مقدم رسول اللّه(ص)المدينة، و بنى بها بعد رجوعه من غزوة بدر،و لها يومئذ ثماني عشرة سنة (5).
حدّثني بذلك الحسن بن علي،قال:حدّثنا الحرث،قال:حدّثنا ابن سعد (6)عن الواقدي،عن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة،عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة،عن أبي جعفر (7)بن محمد بن علي.
و كان مولد الحسن في سنة ثلاث من الهجرة.
و كانت وفاته-عليه السلام-بعد عشر سنين خلت من إمارة معاوية، و ذلك في سنة خمسين من الهجرة (8).
و كانت وفاة فاطمة-عليها السلام-بعد وفاة النبي(ص)بمدة يختلف في3.
ص: 59
مبلغها؛فالمكثّر يقول:بستة أشهر (1).و المقلّل يقول (2):أربعين يوما؛إلاّ أن الثابت في ذلك ما روى عن أبي جعفر محمد بن علي أنّها توفيت بعده بثلاثة أشهر (3).
حدّثني بذلك الحسن بن عبد اللّه (4)،قال:حدّثنا الحرث،عن ابن سعد (5)،عن الواقدي،عن عمرو بن دينار،عن أبي جعفر محمد بن علي.
و كان في لسان الحسن بن علي ثقل كالفأفأة.
حدّثني به محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا محمد بن اسماعيل الأحمسي،قال:حدّثنا مفضل بن صالح عن جابر،قال:كانت في لسان الحسن رتّة،فقال سلمان الفارسي.أتته[من]قبل عمّه موسى[بن عمران] (6)-عليه السلام-.
و دس معاوية إليه حين أراد أن يعهد إلى يزيد بعده،و إلى سعد بن أبي وقّاص سمّا فماتا منه في أيام متقاربة.
و كان الذي تولّى ذلك من الحسن زوجته[جعدة] (7)بنت الأشعث بن قيس لمال بذله لها معاوية.
و سنذكر الخبر في ذلك.
و قيل:اسمها سكينة،و قيل:شعثاء،و قيل:عائشة،و الصحيح في ذلك جعدة.ة.
ص: 60
و تسليمه الأمر إلى معاوية و السبب في وفاته
حدّثني أحمد بن عيسى العجلي،قال:حدّثنا حسين بن نصر،قال:
حدّثنا زيد بن المعذل،عن يحيى شعيب،عن أبي مخنف،قال:حدّثني أشعث بن سوار عن أبي إسحاق[السبيعي] (1)عن سعيد (2)بن رويم، و حدّثني علي بن إسحاق المخرمي (3)و أحمد بن الجعد،قالا:حدّثنا عبد اللّه بن عمر شكدانه (4)،قال:حدّثنا وكيع عن إسرائيل،عن أبي إسحاق،عن عمرو بن حبشي،و حدّثني علي بن إسحاق،قال:حدّثنا عبد اللّه بن عمر، قال:حدّثنا عمران بن عيينة عن الأشعث،عن أبي إسحاق موقوفا،و حدّثني محمد بن الحسين الخثعمي،قال:حدّثنا عباد بن يعقوب،قال:حدّثنا عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق،عن هبيرة بن بريم،قال:قال عمرو بن ثابت:
كنت أختلف إلى أبي إسحاق[السبيعي] (5)سنة أسأله عن خطبة الحسن بن علي،فلا يحدّثني بها،فدخلت إليه في يوم شات و هو في الشمس و عليه برنسه كأنه غول،فقال لي:من أنت؟فأخبرته،فبكى و قال:كيف أبوك؟كيف أهلك؟قلت:صالحون،قال:في أي شيء تردّد منذ سنة؟ قلت:في خطبة الحسن بن علي بعد وفاة أبيه.
قال:[حدّثني هبيرة بن بريم]،و حدّثني محمد بن محمد الباغندي، و محمد بن حمدان الصيدلاني،قالا:حدّثنا إسماعيل بن محمد العلوي،قال:
حدّثني عمي علي بن جعفر بن محمد،عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن الحسن،عن أبيه،دخل حديث بعضهم في حديث بعض،و المعنى قريب،قالوا:
ص: 61
خطب الحسن بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين علي عليه السلام،فقال (1):
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل،و لا يدركه الآخرون بعمل،و لقد كان يجاهد مع رسول اللّه(ص) فيقيه بنفسه،و لقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه،و ميكائيل عن يساره،فلا يرجع حتى يفتح اللّه عليه،و لقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم،و لقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى،و ما خلّف صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.
ثم خنقته العبرة،فبكى و بكى الناس معه.
ثم قال:أيّها الناس،من عرفني فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد(ص)،أنا ابن البشير،أنا ابن النذير،أنا ابن الداعي إلى اللّه عزّ و جلّ بإذنه،و أنا ابن السراج المنير،و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،و الذين افترض اللّه مودتهم في كتابه إذ يقول:
وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (2) .فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.
قال أبو مخنف عن رجاله:
ثم قام ابن عباس بين يديه،فدعا الناس إلى بيعته،فاستجابوا له، و قالوا:ما أحبه إلينا و أحقه بالخلافة فبايعوه.
ثم نزل عن المنبر.
قال:و دسّ معاوية رجلا من بني حمير إلى الكوفة،و رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار،فدل على الحميري عند (3)لحام جرير (4)و دلّ على القيني بالبصرة في بني سليم،فأخذا و قتلا (5).4.
ص: 62
و كتب الحسن إلى معاوية:
أما بعد،فإنك دسست إليّ الرجال كأنك تحب اللقاء،و ما أشك في ذلك،فتوقّعه إن شاء اللّه،و قد بلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذوو الحجى،و إنما مثلك في ذلك كما قال الأوّل:
و قل للذي يبغي (1)***خلاف الذي مضى تجهز لأخرى مثلها فكأن قد
و إنا و من قد مات منا لكالذي *** يروح و يمسي في المبيت ليغتدي(23)
فأجابه معاوية:
أما بعد،فقد وصل كتابك،و فهمت ما ذكرت فيه،و لقد علمت بما حدث فلم أفرح و لم أحزن و لم أشمت و لم آس (2)،و إن علي بن أبي طالب كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
و أنت الجواد و أنت الذي *** إذا ما القلوب ملأن الصدورا (3)
جدير بطعنة يوم اللقا *** ء تضرب منها النساء النحورا
و ما مزبد من خليج البحا *** ر يعلو الإكام و يعلو الجسورا (4)
بأجود منه بما عنده *** فيعطي الألوف و يعطى البدورا
قال:و كتب عبد اللّه بن العباس من البصرة إلى معاوية (5):
أما بعد،فإنك و دسّك أخا بني قين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش مثل الذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال أمية بن الأسكر (6):
لعمرك إني و الخزاعيّ طارقا *** كنعجة عاد حتفها تتحفّر (7)».
ص: 63
أثارت عليها شفرة بكراعها *** فظلّت بها من آخر الليل تنحر
شمتّ بقوم من (1)***صديقك أهلكوا أصابهم يوم من الدهر أصفر (2)
فأجابه معاوية:
أما بعد،فإن الحسن بن علي قد كتب إليّ بنحو ما كتبت به،و أنبأني بما لم أجز (3)ظنا و سوء رأي،و إنك لم تصب مثلكم و مثلي و لكن مثلنا ما قاله طارق الخزاعي يجيب أمية عن هذا الشعر (4):
فو اللّه ما أدري و إني لصادق *** إلى أيّ من يظنّني (5)أتعذّر
أعنّف أن كانت زبينة أهلكت *** و نال بني لحيان شرّ فأنفروا (6)
قال أبو الفرج:
و كان أوّل شيء أحدث الحسن أنه زاد المقاتلة (7)مائة مائة،و قد كان عليّ فعل ذلك يوم الجمل،و الحسن فعله على حال الاستخلاف،فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
و كتب الحسن إلى معاوية مع جندب (8)بن عبد اللّه الأزدي:
بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان،سلام عليك،».
ص: 64
فإني أحمد اللّه الذي لا إله إلاّ هو،أما بعد:فإن اللّه تعالى عزّ و جلّ بعث محمدا (ص)رحمة للعالمين،و منّة على المؤمنين،و كافة إلى الناس أجمعين لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (1)فبلغ رسالات اللّه،و قام على أمر اللّه حتى توفّاه اللّه غير مقصر و لا وان،حتى أظهر اللّه به الحق،و محق به الشرك،و نصر به المؤمنين،و أعزّ به العرب،و شرف به قريشا خاصّة،فقال تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (2)فلما توفي(ص)تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش:نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه،و لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس و حقّه،فرأت العرب أن القول كما قالت قريش،و أن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم امر محمد(ص)فأنعمت (3)لهم العرب و سلّمت ذلك،ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب،فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها،إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج فلما صرنا أهل بيت محمد و أوليائه إلى محاجّتهم، و طلب النّصف منهم باعدونا،و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا، و العنت منهم لنا،فالموعد اللّه،و هو الولي النصير.
و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا،و سلطان نبيّنا(ص)و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الإسلام،فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به،أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده،فاليوم فليعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله،لا بفضل في الدين معروف،و لا أثر في الإسلام محمود،و أنت ابن حزب من الأحزاب،و ابن أعدى قريش لرسول اللّه(ص)،و لكنّ اللّه خيّبك و ستردّ فتعلم لمن عقبى الدار،تاللّه لتلقينّ عن قليل ربّك،ثم ليجزينّك بما قدمت يداك،و ما اللّه بظلاّم للعبيد.
إن عليا-رضوان اللّه عليه-لما مضى لسبيله-رحمة اللّه عليه-يومم.
ص: 65
قبض،و يوم منّ اللّه عليه بالإسلام،و يوم يبعث حيا-و لانّي المسلمون الأمر بعده، فأسأل اللّه أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته،و إنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني و بين اللّه سبحانه و تعالى في أمرك،و لك في ذلك إن فعلت الحظّ الجسيم، و للمسلمين فيه صلاح،فدع التمادي في الباطل و ادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي،فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند اللّه و عند كل أوّاب حفيظ،و من له قلب منيب،و اتّق اللّه،و دع البغي،و احقن دماء المسلمين،فو اللّه ما لك من خير في أن تلقى اللّه من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به،فادخل في السلم و الطاعة،و لا تنازع الأمر أهله،و من هو أحق به منك،ليطفئ اللّه النّائرة (1)بذلك،و تجمع الكلمة، و تصلح ذات البين، و إن أنت أبيت إلاّ التمادي في غيك نهدت (2)إليك بالمسلمين،فحاكمتك حتى يحكم اللّه بيننا و هو خير الحاكمين (3).
فكتب إليه معاوية:
بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي،سلام عليك،فإني أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو،أما بعد،فقد بلغني كتابك،و فهمت ما ذكرت به رسول اللّه(ص)من الفضل،و هو أحق الأولين و الآخرين بالفضل، كلّه،قديمه و حديثه،و صغيره و كبيره،فقد و اللّه بلّغ فأدى،و نصح و هدى، حتى أنقذ اللّه به من التّهلكة،و أنار به من العمى،و هدى به من الضلالة، فجزاه اللّه أفضل ما جزى نبيا عن أمته،و صلوات اللّه عليه يوم ولد و يوم قبض و يوم يبعث حيا.4.
ص: 66
و ذكرت وفاة النبي(ص)،و تنازع المسلمين من بعده،فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق،و عمر الفاروق،و أبي عبيدة الأمين، و حواري الرسول(ص)،و صلحاء المهاجرين و الأنصار،فكرهت ذلك لك،فإنك امرؤ عندنا و عند الناس غير ظنين،و لا المسيء و لا اللئيم،و أنا أحب لك القول السديد و الذكر الجميل.
إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم،و لا سابقتكم و لا قرابتكم من النبي(ص)،و لا مكانتكم في الإسلام و أهله،فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها،و رأى صلحاء الناس من قريش و الأنصار و غيرهم من سائر الناس و عامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما و أعلمها باللّه و أحبها له و أقواها على أمر اللّه،و اختاروا أبا بكر،و كان ذلك رأي ذوي الحجى و الدين و الفضيلة و الناظرين للأمة،فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة،و لم يكونوا بمتهمين،و لا فيما أتوا بمخطئين،و لو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه أو يقوم مقامه،أو يذب عن حريم المسلمين ذبه،ما عدلوا بذلك الأمر إلى غيره رغبة عنه،و لكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام و أهله،فاللّه يجزيهم عن الإسلام و أهله خيرا.
و قد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح،و الحال فيما بيني و بينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم و أبو بكر بعد النبي(ص)،و لو علمت أنك أضبط مني للرعية،و أحوط على هذه الأمة،و أحسن سياسة،و أقوى على جمع الأموال و أكيد للعدو،لأجبتك إلى ما دعوتني إليه،و رأيتك لذلك أهلا،و لكني قد علمت أني أطول منك ولاية،و أقدم منك لهذه الأمة تجربة،و أكثر منك سياسة،و أكبر منك سنا،فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فأدخل في طاعتي و لك الأمر من بعدي،و لك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت و لك خراج أي كور العراق شئت،معونة لك على نفقتك،يجيبها لك أمينك،و يحملها إليك في كل سنة، و لك ألا يستولى عليك بالإساءة و لا تقضي دونك الأمور،و لا تعصى في أمر أردت به طاعة اللّه عز و جل،أعاننا اللّه و إيّاك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء،و السلام.
ص: 67
قال جندب:
فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له:إن الرجل سائر إليك، فابدأ أنت بالمسير حتى تقاتله في أرضه و بلاده و عمله،فأما أن تقدر أنه يتناولك فلا و اللّه حتى يرى يوما أعظم من يوم صفين،فقال:أفعل،ثم قعد عن مشورتي و تناسى قولي (1).
قال:و كتب معاوية إلى الحسن بن علي.
بسم اللّه الرحمن الرحيم أما بعد،فإن اللّه عزّ و جلّ يفعل في عباده ما يشاء، لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (2)فاحذر أن تكون منيّتك على يد رعاع من الناس، و ايئس من أن تجد فينا غميزة (3)،و إن أنت أعرضت عمّا أنت فيه و بايعتني وفيت لك بما وعدت،و أجزت لك ما شرطت،و أكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
و إن أحد أسدى إليك أمانة *** فأوف بها تدعى إذا متّ وافيا
و لا تحسد المولى إذا كان ذا غنى *** و لا تجفه إن كان في المال فانيا
ثم الخلافة لك من بعدي،فأنت أولى الناس بها،و السلام.
فأجابه الحسن بن علي:
بسم اللّه الرحمن الرحيم أما بعد،وصل إليّ كتابك تذكر فيه ما ذكرت،فتركت جوابك خشية البغي عليك،و باللّه أعوذ من ذلك،فاتبع الحق تعلم أني من أهله،و عليّ إثم أن أقول فأكذب،و السلام (4).4.
ص: 68
فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه،ثم كتب إلى عماله على النواحي نسخة واحدة:
بسم اللّه الرحمن الرحيم من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان و من قبله من المسلمين،سلام عليكم،فإني أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلاّ هو،أما بعد،فالحمد للّه الذي كفاكم مؤنة عدوكم و قتلة خليفتكم،إن اللّه بلطفه و حسن صنعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده.فاغتاله فقتله،فترك أصحابه متفرقين مختلفين،و قد جاءتنا كتب أشرافهم و قادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم و عشائرهم،فاقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم و جهدكم و حسن عدتكم،فقد أصبتم بحمد اللّه الثأر،و بلغتم الأمل،و أهلك اللّه أهل البغي و العدوان،و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته (1).
قال:فاجتمعت العساكر إلى معاوية بن أبي سفيان، و سار قاصدا إلى العراق و بلغ الحسن خبر مسيره،و أنه بلغ[جسر]منبج،فتحرّك لذلك، و بعث حجر بن عديّ يأمر العمال و الناس بالتهيؤ للمسير،و نادى المنادي:
الصلاة جامعة،فأقبل الناس يثوبون و يجتمعون،فقال الحسن:إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني،و جاء سعيد بن قيس الهمداني،فقال:اخرج،فخرج الحسن-عليه السلام-فصعد المنبر،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:
أما بعد،فإن اللّه كتب الجهاد على خلقه،و سمّاه كرها (2).
ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ (3)، فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبون،إلاّ بالصبر على ما تكرهون،إنه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه،فتحرك لذلك،فأخرجوا-رحمكم اللّه-إلى معسكركم بالنخيلة[حتى ننظر و تنظروا و نرى و تروا].6.
ص: 69
قال:و إنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس إيّاه.قال:فسكتوا فما تكلّم منهم أحد،و لا أجاب بحرف.
فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قال:
أنا ابن حاتم،سبحان اللّه،ما أقبح هذا المقام؟ألا تجيبون إمامكم، و ابن بنت نبيكم،أين خطباء مضر؟أين المسلمون؟أين الخوّاضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق (1)في الدعة،فإذا جدّ الجدّ فروّاغون كالثعالب،أما تخافون مقت اللّه،و لا عيبها و عارها.
ثم استقبل الحسن بوجهه فقال:
أصاب اللّه بك المراشد،و جنّبك المكاره،و وفقك لما يحمد ورده و صدره، فقد سمعنا مقالتك،و انتهينا إلى أمرك،و سمعنا منك،و أطعناك فيما قلت و ما رأيت،و هذا وجهي إلى معسكري،فمن أحب أن يوافيني فليوافي.
ثم مضى لوجهه،فخرج من المسجد و دابته بالباب،فركبه و مضى إلى النّخيلة،و أمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه، و كان عدي أول الناس عسكرا.
ثم قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري و معقل بن قيس الرياحي، و زياد بن صعصعة التيمي (2)فأنّبوا الناس و لاموهم و حرضوهم،و كلموا الحسن بمثل كلام عدي بن حاتم في الإجابة و القبول.
فقال لهم الحسن:صدقتم-رحمكم اللّه-ما زلت أعرفكم بصدق النية، و الوفاء بالقول و المودة الصحيحة،فجزاكم اللّه خيرا ثم نزل.
و خرج الناس،فعسكروا،و نشطوا للخروج،و خرج الحسن إلى معسكره،و استخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، و أمره باستحثاث الناس و إشخاصهم إليه،فجعل يستحثهم و يخرجهم،حتى التأم العسكر] (3).4.
ص: 70
ثم إن الحسن بن علي سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبد الرحمن فأقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس،ثم دعا عبيد اللّه بن العباس بن عبد المطلب فقال له:
يابن عم،إني باعث معك اثنا عشر ألفا من فرسان العرب و قراء المصر، الرجل:منهم يزن (1)الكتيبة فسر بهم،و ألن لهم جانبك،و ابسط وجهك، و افرش لهم جناحك،و ادنهم من مجلسك فإنهم بقية ثقة أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه،و سرّ بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات،ثم تصير إلى مسكن،ثم امض حتى تستقبل معاوية،فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك فإني في إثرك وشيكا،و ليكن (2)خبرك عندي كل يوم،و شاور هذين،يعني قيس ابن سعد،و سعيد بن قيس،فإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك،فإن فعل فقاتل،فإن أصبت فقيس بن سعد على الناس،و إن أصيب قيس فسعيد بن قيس على الناس،ثم أمره بما أراد.
و سار عبيد اللّه حتى انتهى إلى شينور حتى خرج إلى شاهي،ثم لزم الفرات و الفالوجة حتى أتى مسكن.
و أخذ الحسن على حمّام عمر،حتى أتى دير كعب،[ثم بكّر]فنزل ساباط دون القنطرة فلما أصبح نادى في الناس:الصلاة جامعة،فاجتمعوا،و صعد المنبر،فخطبهم،فحمد اللّه فقال (3):
الحمد للّه كلما حمده حامد،و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه كلما شهد له شاهد، و أشهد أن محمدا رسول اللّه أرسله بالحق،و ائتمنه على الوحي(ص).
أما بعد،فو اللّه إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد اللّه و منه و أنا أنصح خلق اللّه لخلقه،و ما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة و لا مريدا له سوءا و لا غائلة،ألا و إن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة،4.
ص: 71
ألا و إني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم،فلا تخالفوا أمري،و لا تردوا عليّ رأيي،غفر اللّه لي و لكم و أرشدني و إيّاكم لما فيه المحبة و الرضا.
قال:فنظر الناس بعضهم إلى بعض،و قالوا:ما ترونه،يريد[بمال قال]؟قالوا:نظنه و اللّه يريد أن يصالح معاوية و يسلم الأمر إليه،فقالوا:
كفر و اللّه الرجل ثم شدّوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاّه من تحته،ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد اللّه بن جعال الأزدي،فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء،ثم دعا بفرسه فركبه،و أحدق به طوائف من خاصّته و شيعته،و منعوا منه من أراده،و لاموه و ضعّفوه لما تكلم به، فقال:ادعوا لي ربيعة و همدان،فدعوا له،فأطافوا به،و دفعوا الناس عنه، و معهم شوب (1)من غيرهم،فقام إليه رجل من بني أسد من بني نصر بن قعين يقال له الجراح بن سنان، فلما مرّ في مظلم ساباط قام إليه،فأخذ بلجام بلغته و بيده معول،فقال:اللّه أكبر يا حسن،أشركت كما أشرك أبوك[من قبل]، ثم طعنه،فوقعت الطعنة في فخذه،فشقته حتى بلغت أربيّته (2)فسقط الحسن إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده و أعتنقه،و خرا جميعا إلى الأرض،فوثب عبد اللّه بن الخطل (3)فنزع المعول من يد[جراح بن سنان] فخضخضه به،و أكبّ ظبيان بن عمارة عليه،فقطع أنفه ثم أخذوا الآجرّ (4)فشدّخوا وجهه و رأسه،حتى قتلوه.
و حمل الحسن على سرير إلى المدائن، و بها سعد (5)بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله،و كان علي ولاّه فأقره الحسن بن علي،[فأقام عنده يعالج نفسه] (6).
قال:ثم إن معاوية وافى حتى نزل قرية يقال لها الحبوبيّة (7)بمسكن،».
ص: 72
فأقبل عبد اللّه بن العباس حتى نزل بإزائه،[فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد اللّه بن العباس فيمن معه،فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم] (1)،فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد اللّه بن العباس أن الحسن قد راسلني (2)،في الصلح و هو مسلم الأمر إليّ،فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا،و إلاّ دخلت و أنت تابع، و لك إن جئتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم،يعجّل[لك]في هذا الوقت النصف،و إذا دخلت الكوفة النصف الآخر،فانسلّ عبيد اللّه ليلا،فدخل عسكر معاوية،فوفى له بما وعده،فأصبح الناس ينتظرون أن يخرج فيصلّي بهم،فلم يخرج حتى أصبحوا، فطلبوه فلم يجدوه،فصلّى بهم قيس بن سعد[بن عبادة]،ثم خطبهم فقال:
أيّها الناس،لا يهولنكم و لا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الورع«أي الجبان»إن هذا و أباه و أخاه لم يأتوا بيوم خير قط، إن أباه عمّ رسول اللّه(ص)،فأخذ فداءه فقسمه بين المسلمين،و إن أخاه ولاّه علي أمير المؤمنين على البصرة فسرق مال اللّه و مال المسلمين،فاشترى به الجواري، و زعم أن ذلك له حلال،و إن هذا ولاّه على اليمن،فهرب من بسر بن أرطأة و ترك ولده حتى قتلوه،و صنع الآن هذا الذي صنع.
قال فتنادى الناس:الحمد للّه الذي أخرجه من بيننا،فانهض بنا إلى عدوّنا،فنهض بهم.
و خرج إليهم بسر بن أرطاة في عشرين ألفا،فصاحوا بهم:هذا أميركم قد بايع،و هذا الحسن قد صالح؛فعلام تقتلون أنفسكم؟ فقال لهم قيس بن سعد[بن عبادة]:اختاروا إحدى اثنتين:إما القتال مع غير إمام،أو تبايعون بيعة ضلال،فقالوا:بل نقاتل بلا إمام،فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردّوهم إلى مصافهم.».
ص: 73
و كتب معاوية إلى قيس يدعوه و يمنّيه،فكتب إليه قيس (1):
لا و اللّه لا تلقاني أبدا إلاّ و بيني و بينك الرمح.
فكتب إليه معاوية:
أما بعد،فإنما أنت يهودي ابن يهودي تشقي نفسك و تقتلها فيما ليس لك،فإن ظهر أحبّ الفريقين إليك نبذك و عزلك،و إن ظهر أبغضهما إليك نكّل بك و قتلك،و قد كان أبوك أوتر غير قوسه،و رمى غير غرضه،فأكثر الحزّ و أخطأ المفصل (2)فخذله قومه،و أدركه يومه،فمات بحوران طريدا غريبا، و السلام.
فكتب إليه قيس بن سعد-رحمه اللّه-:
أما بعد:فإنما أنت وثن[بن وثن]من هذه الأوثان،دخلت في الإسلام كرها،و أقمت عليه فرقا،و خرجت منه طوعا،و لم يجعل اللّه لك فيه نصيبا، لم يقدم إسلامك،و لم يحدث نفاقك،و لم تزل حربا للّه و رسوله،و حزبا من أحزاب المشركين،فأنت عدوّ اللّه و رسوله و المؤمنين من عباده.
و ذكرت أبي،و لعمري ما أوتر إلاّ قوسه،و لا رمى إلاّ غرضه،فشغب عليه من لا تشقّ غباره،و لا تبلغ كعبه،و كان امرأ مرغوبا عنه،مزهودا فيه.
و زعمت أني يهودي ابن يهودي،و لقد علمت و علم الناس أني و أبي من أنصار الدين الذي خرجت منه،و أعداء الدين الذي دخلت فيه،و صرت إليه،و السلام.
فلما قرأ كتابه معاوية غاظه و أراد إجابته،فقال له عمرو:مهلا،إن كاتبته أجابك بأشد من هذا،و إن تركته دخل فيما دخل فيه الناس،فامسك عنه.
قال:و بعث معاوية عبد اللّه بن عامر،و عبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن للصلح،فدعواه إليه،و زهّداه في الأمر،و أعطياه ما شرط له معاوية و إلاّ يتبع».
ص: 74
أحد بما مضى،و لا ينال أحد من شيعة علي بمكروه و لا يذكر علي إلاّ بخير، و أشياء اشترطها الحسن.
فأجابه الحسن إلى ذلك،و انصرف قيس فيمن معه إلى الكوفة،و انصرف الحسن[إليها أيضا] (1)و أقبل معاوية قاصدا إلى الكوفة،و اجتمع إلى الحسن وجوه الشيعة،و أكابر أصحاب أمير المؤمنين علي يلومونه و يبكون إليه جزعا ممّا فعله.
فحدّثني محمد بن الحسين الأشناني،و علي بن العباس المقانعي (2)قالا:
حدّثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرنا عمرو بن ثابت،عن الحسن بن حكم، عن عدي بن ثابت،عن سفيان بن الليل (3).و حدّثني محمد بن أحمد أبو عبيد (4)،قال:حدّثنا الفضل بن الحسن المصري (5)قال:حدّثنا محمد بن عمروية (6)قال:حدّثنا مكي بن إبراهيم،قال:حدّثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي،عن سفيان بن الليل،دخل حديث بعضهم في حديث بعض، و أكثر اللفظ لأبي عبيد،قال:
أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية،فوجدته بفناء داره،و عنده رهط،فقلت:السلام عليك يا مذل المؤمنين،فقال:عليك السلام يا سفيان إنزل فنزلت،فعقلت راحلتي،ثم أتيته،فجلست إليه،فقال:كيف قلت يا سفيان[بن الليل]؟فقلت:السلام عليك يا مذل[رقاب]المؤمنين.فقال:
ما جرّ هذا منك إلينا؟.
فقلت:أنت و اللّه-بأبي أنت و أمي-أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة،و سلّمت الأمر إلى اللعين بن اللعين بن آكلة الأكباد،و معك».
ص: 75
مائة ألف كلهم يموت دونك.و قد جمع اللّه لك أمر الناس.
فقال:يا سفيان،إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسّكنا به،و إني سمعت عليا يقول:سمعت رسول اللّه(ص)يقول:لا تذهب الليالي و الأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السّرم،ضخم البلعوم،يأكل و لا يشبع (1)،لا ينظر اللّه إليه، و لا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر،و لا في الأرض ناصر،و إنه لمعاوية،و إني عرفت أن اللّه بالغ أمره.
ثم أذّن المؤذن،فقمنا على حالب يحلب ناقة،فتناول الإناء،فشرب قائما [ثم سقاني]،فخرجنا نمشي إلى المسجد،فقال لي:ما جاءنا بك يا سفيان؟ قلت:حبكم،و الذي بعث محمدا للهدى و دين الحق.قال:فأبشر يا سفيان،فإني سمعت عليّا يقول:سمعت رسول اللّه(ص)يقول:يرد عليّ الحوض أهل بيتي و من أحبهم من أمتي كهاتين،يعني السبّابتين.و لو شئت لقلت هاتين يعني السبابة و الوسطى،إحداهما تفضّل على الأخرى،أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر و الفاجر حتى يبعث اللّه إمام الحق من آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم.هذا لفظ أبي عبيد.
و في حديث محمد بن الحسين،و علي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفا عن الحسن غير مرفوع إلى النبي(ص)إلاّ في ذكر معاوية فقط (2).
(رجع الحديث إلى خبر الحسن عليه السلام) قال:و سار معاوية حتى نزل النّخيلة،و جمع الناس بها فخطبهم قبل أن يدخل الكوفة خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة،و جاءت مقطعة في الحديث،و سنذكر ما انتهى إلينا من ذلك.
فحدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:حدّثني أحمد بن بشر (3)عن الفضل بن الحسن و عيسى بن مهران،قالوا:حدّثنا علي بن الجعد،قال:».
ص: 76
حدّثنا قيس بن الربيع،عن عطاء بن السائب.عن الشعبي،قال:
خطب معاوية حين بويع له فقال:
ما اختلفت أمة بعد نبيها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل حقّها،ثم إنه انتبه فندم،فقال:إلاّ هذه الأمة فإنها و إنها.
حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثني الفضل المصري،قال:حدّثنا يحيى بن معين،قال:حدّثنا أبو أسامة،عن مجالد،عن الشعبي بهذا.حدّثني علي بن العباس المقانعي،قال:أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري،قال:
حدّثنا حسن بن الحسين،عن عمرو بن ثابت،عن أبي إسحاق،قال:
سمعت معاوية بالنخيلة يقول:
ألا إن كل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به.
قال أبو إسحاق:و كان و اللّه غدّارا (1).
حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثنا الفضل المصري،قال:حدّثني عثمان (2)بن أبي شيبة قال:[حدّثني أبو معاوية،عن الأعمش،و حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثنا فضل،قال]حدّثنا عبد الرحمن بن شريك.قال حدّثنا (3)أبي عن الأعمش،عن عمرو بن مرة،عن سعيد بن سويد قال:
صلّى بنا معاوية بالنّخيلة الجمعة في الصحن، ثم خطبنا فقال:
إني و اللّه ما قاتلتكم لتصلّوا،و لا لتصوموا،و لا لتحجوا،و لا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك.و إنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم،و قد أعطاني اللّه ذلك و أنتم كارهون.
قال شريك في حديثه:هذا هو التهتّك (4).4.
ص: 77
حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثنا فضل،قال:حدّثني يحيى بن معين، قال:حدّثنا أبو حفص الأبار (1)،عن إسماعيل بن عبد الرحمن،و شريك بن أبي خالد،و قد روى عنه إسماعيل بن أبي خالد،عن حبيب بن أبي ثابت،قال:
لما بويع معاوية خطب فذكر عليا،فنال منه،و نال من الحسن،فقام الحسين ليردّ عليه فأخذ الحسن بيده فأجلسه،ثم قام فقال (2):
أيّها الذاكر عليا،أنا الحسن،و أبي علي،و أنت معاوية،و أبوك صخر، و أمي فاطمة،و أمك هند،و جدي رسول اللّه(ص)،و جدك حرب،و جدتي خديجة،و جدتك قتيلة،فلعن اللّه أخملنا ذكرا، و ألأمنا حسبا،و شرنا قدما، و أقدمنا كفرا و نفاقا.
فقال طوائف من أهل المسجد:آمين.قال فضل:فقال يحيى بن معين:و نحن نقول:آمين.قال أبو عبيد:و نحن أيضا نقول:آمين.[قال أبو الفرج:و أنا أقول:آمين].
قال:و دخل معاوية الكوفة بعد فراغه من خطبته بالنخيلة،و بين يديه خالد بن عرفطة،و معه رجل يقال له حبيب بن عمار (3)يحمل رايته حتى دخل الكوفة،فصار إلى المسجد،فدخل من باب الفيل،فاجتمع الناس إليه.
فحدّثني أبو عبيد الصيرفي،و أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قالا:حدّثنا محمد بن علي بن خلف،قال:حدّثني محمد بن عمرو الرازي،قال:حدّثنا مالك بن شعير،عن محمد بن عبد اللّه الليثي، عن عطاء بن السائب،عن أبيه،قال:
بينما علي-عليه السلام-على المنبر،إذ دخل رجل فقال:يا أمير المؤمنين،مات خالد بن عرفطة،فقال:لا و اللّه ما مات.[إذ دخل رجل آخر فقال:يا أمير المؤمنين،مات خالد بن عرفطة،فقال:لا و اللّه ما مات]،إذ».
ص: 78
دخل رجل آخر فقال:يا أمير المؤمنين،مات خالد بن عرفطة،فقال:لا و اللّه ما مات و لا يموت حتى يدخل من باب هذا المسجد،«يعني باب الفيل»براية ضلالة يحملها[له]حبيب بن عمّار،قال فوثب رجل فقال:يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمّار و أنا لك شيعة.قال:فإنه كما أقول. فقدّم خالد بن عرفطة (1)على مقدّمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمّار.
قال مالك:حدّثنا الأعمش بهذا الحديث،فقال:حدّثني صاحب هذا الدار-و أشار بيده إلى دار السائب أبي عطاء-أنه سمع عليا يقول هذه المقالة (2).
قالوا:و لما تم الصلح بين الحسن و معاوية،أرسل إلى قيس بن سعد بن عبادة يدعوه إلى البيعة فأتى به،و كان رجلا طويلا يركب الفرس المسرف، و رجلاه تخطان في الأرض،و ما في وجهه طاقة شعر،و كان يسمى خصي الأنصار،فلما أرادوا أن يدخلوه إليه قال:إني قد حلفت أن لا ألقاه إلاّ و بيني و بينه الرمح أو السيف،فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه و بينه ليبر يمينه (3).
فحدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدّثني أبو هاشم الرفاعي،قال:حدّثني وهب بن جرير،قال:حدّثنا أبي عن (4)ابن سيرين عن عبيدة،و قد ذكر بعض ذلك في رواية أبي مخنف التي قدمنا إسنادها،قال:
لما صالح الحسن معاوية،اعتزل قيس بن سعد في أربعة آلاف و أبى أن يبايع،فلما بايع الحسن أدخل قيس بن سعد ليبايع.قال أبو مخنف في حديثه:
فأقبل على الحسن فقال:أنا في حل من بيعتك،قال:نعم،قال:فألقى لقيس كرسي،و جلس معاوية على سريره،فقال له معاوية:أتبايع[يا قيس]؟قال:نعم،فوضع يده على فخذه و لم يمدها إلى معاوية،فجثا معاوية».
ص: 79
على سريره (1)و أكب على قيس حتى مسح يده على يده،فما رفع قيس إليه يده (2).
حدّثني أبو عبيد،قال:حدّثنا فضل المصري،قال:حدّثنا شريح بن يونس،قال:حدّثنا أبو حفص الأبار،عن إسماعيل بن عبد الرحمن:
أن معاوية أمر الحسن أن يخطب لما سلم الأمر إليه،و ظن أن سيحصر، فقال في خطبته:إنما الخليفة من سار بكتاب اللّه،و سنّة نبيه(ص)،و ليس الخليفة من سار بالجور،ذلك ملك ملك ملكا يمتّع به قليلا ثم تنقطع لذته و تبقى تبعته (3): وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ (4).
قال:و انصرف الحسن رضي اللّه عنه إلى المدينة فأقام بها،و أراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شيء أثقل من أمر الحسن بن علي،و سعد بن أبي وقّاص،فدس إليهما سما فماتا منه.
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:حدّثنا عيسى بن مهران، قال:حدّثنا عبيد بن الصباح الخراز (5)،قال:حدّثني جرير،عن مغيرة، قال:
أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث إني مزوجك بيزيد ابني،على أن تسمي الحسن بن علي،و بعث إليها بمائة ألف درهم،فقبلت و سمت الحسن، فسوغها المال و لم يزوجها منه،فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها،فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيّروهم،و قالوا: يا بني مسمّة الأزواج (6).
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه،قال:حدّثني عيسى بن مهران،قال:حدّثنا9.
ص: 80
يحيى بن أبي بكير،قال:حدّثنا شعبة،عن أبي بكر بن حفص،قال:
توفي الحسن بن علي،و سعد بن أبي وقّاص في أيام بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين،و كانوا يرون أنه سقاهما سما (1).
أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي، قال:حدثنا سلمة بن شبيب،قال:حدثنا عبد الرازق،قال:أخبرنا معمر، قال:حدّثني من سمع ابن سيرين يحدث مولى للحسن بن علي،و حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثنا عيسى بن مهران،قال:حدثنا عثمان بن عمر (2)،قال:حدثنا أبو عون،عن عمير بن إسحاق (3)-و اللفظ له-قال:
كنت مع الحسن و الحسين في الدار فدخل الحسن المخرج ثم خرج فقال:
لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة،و لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي،فقال له الحسين:من سقاكه؟فقال:و ما تريد منه؟ أتريد أن تقتله،إن يكن هو هو فاللّه أشد نقمة منك، و إن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء (4).
و دفن الحسن في جنب قبر فاطمة بنت رسول اللّه(ص)في البقيع في ظلة بني نبيه،و قد كان أوصى أن يدفن مع رسول اللّه(ص)فمنع مروان بن الحكم من ذلك (5)،و ركبت بنو أمية في السلاح و جعل مروان يقول:
يا رب هيجا هي خير من دعه،أيدفن عثمان في أقصى البقيع،و يدفن الحسن في بيت رسول اللّه(ص)؟و اللّه لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، فكادت الفتنة تقع.و أبى الحسين أن يدفنه إلاّ مع النبي(ص)،فقال له».
ص: 81
عبد اللّه بن جعفر:عزمت عليك بحقي ألاّ تكلم بكلمة فمضى به إلى البقيع، و انصرف مروان بن الحكم (1).
أخبرني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن (2)،عن الزبير بن بكار،عن محمد بن إسماعيل،عن قائد مولى عباد،و حدثنا حرمي،عن زبير،فقال:عبادك و هو الصواب،و قال أحمد بن سعيد هو عبادك و لكن هكذا قال يحيى بن عبيد اللّه بن علي،أخبره و غيره أخبره.
إن الحسن بن علي أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع النبي(ص) فقالت:نعم ما كان بقي إلاّ موضع قبر واحد،فلما سمعت بذلك بنو أمية اشتملوا بالسلاح (3)هم و بنو هاشم للقتال،و قالت بنو أمية:و اللّه لا يدفن مع النبي(ص)أبدا،فبلغ ذلك الحسن فأرسل إلى أهله أمّا إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه ادفنوني إلى جانب أمي فاطمة،فدفن إلى جنب أمه فاطمة عليها السلام.
قال يحيى بن الحسن:و سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول:لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا و استنفرت (4)بني أمية مروان بن الحكم،و من كان هناك منهم و من حشمهم،و هو القائل:
فيوما على بغل و يوما على جمل (5)***
و قال علي بن الحسن،بن علي بن حمزة العلوي،عن عمه محمد،عن المدايني،عن جويرية بن أسماء،قال:
لما مات الحسن بن علي،و أخرجوا جنازته حمل مروان سريره،فقال له الحسين:أتحمل سريره؟أما و اللّه لقد كنت تجرعه الغيظ،فقال مروان:إني».
ص: 82
كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال (1).
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا عبد اللّه بن الوضاح، قال:حدثني بن يمان،عن الثوري،عن سالم بن أبي حفصة،عن أبي حازم:
أن الحسين بن علي قدّم سعيد بن العاص للصلاة على الحسن بن علي، و قال:تقدم فلو لا أنها سنة ما قدّمتك (2).
حدثني أبو عبيد (3)،قال:حدثنا فضل المصري،قال:حدثنا عبد الرحمن بن صالح،قال:حدثنا عمرو بن هشام،عن عمر بن بشير الهمداني،قال:
قلت لأبي إسحاق:متى ذل الناس؟قال:حين مات الحسن،و ادعى زياد، و قتل حجر بن عدي (4).
و اختلف في مبلغ سن الحسن وقت وفاته (5).
فحدثني أحمد بن سعيد،عن يحيى بن الحسن،عن علي بن إبراهيم بن الحسن عن ابن أبي عمير (6)عن هشام بن سالم،و جميل بن درّاج،عن جعفر بن محمد:
أنه توفي و هو ابن ثمان و أربعين سنة.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،عن ابن حسين اللؤلؤي،عن محمد بن سنان،عن عبد اللّه بن مشكان،عن أبي بصير،عن جعفر بن محمد:أن الحسن توفي و هو ابن ست و أربعين (7).1.
ص: 83
و قال محمد بن علي بن حمزة:
و في الحسن بن علي يقول سليمان بن قتّه (1):
يا كذب اللّه من نعى حسنا *** ليس لتكذيب نعيه ثمن
كنت خليلي و كنت خالصتي *** لكل حي من أهله سكن
أجول في الدار لا أراك و في *** الدار أناس جوارهم غبن
***بدلتهم منك ليت أنهم أضحوا و بيني و بينهم عدن (2)
ذكر خبر الحسين بن علي (3)بن أبي طالب و مقتله و من قتل معه من أهله
و يكنى أبا عبد اللّه،و أمه فاطمة بنت رسول اللّه(ص).و كان مولده لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة،و قتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة إحدى و ستين من الهجرة.
و كانت سنه يوم قتل ستا و خمسين سنة و شهورا.
و قيل:إن مقتله كان يوم السبت،روي ذلك عن أبي نعيم الفضل بن دكين.و الذي ذكرناه أولا أصح.
فأما ما تقوله العامة إنه قتل يوم الاثنين فباطل،و هو شيء قالوه بلا
ص: 84
رواية،و كان أول المحرم الذي قتل فيه يوم الأربعاء،أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات،و إذا كان ذلك كذلك فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر يوم الاثنين.
قال أبو الفرج:و هذا دليل صحيح واضح تنضاف إليه الرواية،أخبرنا به أحمد بن عيسى،قال:حدّثنا أحمد بن الحرث،عن الحسين بن نصر، قال:حدثنا أبي،عن عمر بن سعد،عن أبي مخنف.و حدثني به أحمد بن محمد بن شيبة،قال:حدثنا أحمد بن الحرث الخزاز،قال:حدثنا علي بن محمد المدائني،عن أبي مخنف،و عوانة بن الحكم،و يزيد بن جعدية، و غيرهم.
فأما ما تعارفه العوام من أنه قتل يوم الاثنين فلا أصل له و لا حقيقة،و لا وردت به رواية.
و روى سفيان الثوري،عن جعفر بن محمد أن الحسين بن علي قتل و له ثمان و خمسون سنة،و أن الحسن كذلك كانت سنوه يوم مات،و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،و علي بن الحسين،و أبو جعفر محمد بن علي.
حدثني بذلك العباس بن علي،قال:حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة (1)قال:حدثنا وكيع عن سفيان الثوري،عن جعفر بن محمد.
قال أبو الفرج:و هذا و هم،لأن الحسن ولد في سنة ثلاث من الهجرة، و توفي في سنة إحدى و خمسين،و لا خلاف في ذلك،و سنه على هذا ثمان و أربعون سنة أو نحوها.
و لم يمكنا سياقة مقاتلهم على التاريخ لئلا ينقطع الخبر،فذكرنا أسماءهم و أنسابهم جملة،ثم ذكرنا خبر مقاتلهم[رضوان اللّه عليهم و صلواته].ب.
ص: 85
و هو أول من قتل من أصحاب الحسين بن علي-عليه السّلام-و سنذكر خبره في موضعه.و أمه أم ولد،يقال لها:حلية،و كان عقيل اشتراها من الشام،فولدت له مسلما،و لا عقب له (1).
و علي بن الحسين و هو علي الأكبر و لا عقب له (2)
و يكنى أبا الحسن،و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي (3)، و أمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب[بن أمية و تكنى أم شيبة،و أمها بنت أبي العاص بن أمية] (4)و هو أول من قتل في الواقعة.
و إياه عني معاوية في الخبر الذي حدثني به محمد بن محمد بن سليمان، قال:حدثنا يوسف بن موسى القطان،قال:حدثنا جرير،عن مغيرة،قال:
قال معاوية:من أحق الناس بهذا الأمر؟قالوا:أنت،قال:لا،أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي،جدّه رسول اللّه(ص)،و فيه شجاعة بني هاشم،و سخاء بني أمية،و زهو ثقيف.
و قال يحيى بن الحسن العلوي:و أصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأم ولد،و أن الذي أمه ليلى هو جدهم،حدثني بذلك أحمد بن سعيد عنه.
و حدثني أحمد بن سعيد،عن يحيى،عن عبيد اللّه بن حمزة،عن الحجاج بن المعتمر الهلالي،عن أبي عبيدة،و خلف الأحمر:أن هذه الأبيات قيلت في علي بن الحسين الأكبر:
لم تر عين نظرت مثله *** من محتف يمشي و من ناعل
يغلي نئيّ اللحم حتّى إذا *** أنضج لم يغل على الآكل
كان إذا شبّت له ناره *** أوقدها بالشّرف (5)القابل
ص: 86
كيما يراها بائس مرمل *** أو فرد حي ليس بالآهل
أعني ابن ليلى ذا الثدي و الندى *** أعني ابن بنت الحسب الفاضل
لا يؤثر الدنيا على دينه *** و لا يبيع الحق بالباطل
و ولد علي بن الحسين في خلافة عثمان.
و قد روى عن جده علي بن أبي طالب،و عن عائشة أحاديث كرهت ذكرها في هذا الموضع لأنها ليست من جنس ما قصدت له.
و أمه أم البنين بنت حزام (1)بن خالد بن ربيعة بن الوحيل،و هو عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
[و أمها ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب.و أمها عمرة بنت الطفيل فارس قرزل بن مالك الأحزم رئيس هوازن بن جعفر بن كلاب.و أمها كبشة بنت عروة الرّجال بن عتبة بن جعفر بن كلاب.و أمها أم الخشف بنت أبي معاوية فارس الهوازن بن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.و أمها فاطمة بنت جعفر بن كلاب.و أمها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب.و أمها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة،ابن دودان بن أسد بن خزيمة.و أمها بنت جحدر بن ضبيعة الأغرّ بن قيس بن ثعلبة بن عكابة،بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار.و أمها بنت مالك بن قيس بن ثعلبة.و أمها بنت ذي الرأسين و هو خشيش بن أبي عصم بن سمح بن فزارة.و أمها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن نفيض بن الربت بن غطفان] (2).
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:
ص: 87
حدثنا علي بن إبراهيم،قال:حدّثني عبيد اللّه بن الحسن،و عبد اللّه بن العباس،قالا:
قتل عبد اللّه بن علي بن أبي طالب،و هو ابن خمس و عشرين سنة و لا عقب له.
حدثني أحمد بن عيسى،قال:حدثني حسين بن نصر،قال:حدثنا أبي عن عمر بن سعد،عن أبي مخنف،عن عبد اللّه بن عاصم،عن الضحّاك المشرفي،قال:
قال العباس بن علي لأخيه من أبيه و أمه عبد اللّه بن علي:تقدّم بين يديّ حتى أراك (1)و أحتسبك،فإنه لا ولد لك،فتقدّم بين يديه،و شدّ عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقتله.
و أمه أمّ البنين أيضا.
قال يحيى بن الحسن،عن علي بن إبراهيم،بالإسناد الذي قدّمته في خبر عبد اللّه:قتل جعفر بن علي بن أبي طالب،و هو ابن تسع عشرة سنة.
قال أبو مخنف في حديث الضحّاك المشرفي:
إن العباس بن علي قدّم أخاه جعفرا بين يديه لأنه لم يكن له ولد ليحوز ولد العباس بن علي ميراثه،فشد عليه هانئ ابن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله،هكذا قال الضحّاك.
و قال نصر بن مزاحم:حدّثني عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر محمد بن علي أن خولي بن يزيد الأصبحي-لعنه اللّه-قتل جعفر بن علي.
ص: 88
و أمه أم البنين أيضا.
قال يحيى بن الحسن،عن علي بن إبراهيم عن عبيد اللّه بن الحسن، و عبد اللّه بن العباس،قالا:
قتل عثمان بن علي،و هو ابن إحدى و عشرين سنة.و قال الضحاك المشرفي في الإسناد الأوّل الّذي ذكرناه آنفا:إن خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأوهطه (1)،و شد عليه رجل من بني ابان بن دارم فقتله،و أخذ رأسه.
و عثمان بن علي الذي روى عن علي أنه قال:إنما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون.
و يكنى أبا الفضل.و أمه أم البنين أيضا،و هو أكبر ولدها،و هو آخر من قتل من إخوته لأمه و أبيه،لأنه كان له عقب،و لم يكن لهم،فقدمهم بين يديه،فقتلوا جميعا،فحاز مواريثهم؛ثم تقدم فقتل،فورثهم و إيّاه عبيد اللّه، و نازعه في ذلك عمّه عمر بن علي،فصولح على شيء رضى به.
قال حرمي بن العلاء عن الزبير عن عمّه:ولد العباس بن علي يسمونه السقا،و يكنونه أبا قربة،و ما رأيت أحدا من ولده، و لا سمعت عمّن تقدّم منهم هذا-عليه السلام-.
و في العباس بن علي-عليه السلام-يقول الشاعر:
أحق الناس أن يبكى عليه *** إذا بكّى الحسين بكربلاء
أخوه و ابن والده علي *** أبو الفضل المضرّج بالدماء
و من واساه لا يثنيه شيء *** و جادله على عطش بماء
ص: 89
و فيه يقول الكميت[بن زيد]:
و أبو الفضل إن ذكرهم الحلو *** شفاء النفوس من أسقام
***قتل الأدعياء إذ قتلوه أكرم الشاربين صوب الغمام
و كان العباس رجلا و سيما جميلا،يركب الفرس المطهم و رجلاه تخطان في الأرض؛و كان يقال له:قمر بني هاشم.و كان لواء الحسين بن علي معه يوم قتل.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:حدثنا بكر بن عبد الوهاب،قال:حدثني ابن أبي أويس (1)،عن أبيه،عن جعفر بن محمد،قال:
عبأ الحسين بن علي أصحابه،فأعطى رايته أخاه العباس بن علي.
حدثني أحمد بن عيسى،قال:حدثني حسين بن نصر،قال:حدثنا أبي،قال:حدثنا عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر:
أن زيد بن رقاد الجنبي،و حكيم بن الطفيل الطائي،قتلا العباس بن علي.
و كانت أم البنين أم هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى،تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة و أحرقها،فيجتمع الناس إليها يسمعون منها،فكان مروان يجيء فيمن يجيء لذلك،فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي.
ذكر ذلك علي بن محمد بن حمزة،عن النوفلي،عن حماد بن عيسى الجهني،عن معاوية بن عمّار،عن جعفر بن محمد.
و أمه أمّ ولد (2).
حدثني أحمد بن عيسى،قال:حدثنا الحسين بن نصر،عن أبيه،عن
ص: 90
عمرو بن شمر،عن جابر عن أبي جعفر،و حدثني أحمد بن شيبة،عن أحمد بن الحرث،عن المدائني:
أن رجلا من تميم من بني أبان بن دارم قتله-رضوان اللّه عليه-،و لعن اللّه قاتله.
لم يعرف اسمه؛و أمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم بن جندل بن نهشل بن دارم (1)بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، و أم ليلى بنت مسعود عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيد أهل الوبر بن عبيد بن الحارث،و هو مقاعس؛و أمها عناق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر؛و أمها بنت أعبد بن أسعد بن منقر،و أمها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد،بن زيد مناة ابن تميم.
و لسلم يقول الشاعر:
تسوّد أقوام و ليسوا بسادة *** بل السّيد الميمون سلم بن جندل (2)
ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين،و في الإسناد الذي تقدم:أن رجلا من همدان قتله.
و ذكر المدائني أنه وجد في ساقية مقتولا لا يدري من قتله.
هؤلاء ولد علي بن أبي طالب لصلبه الذين قتلوا مع الحسين،و هم سواه (3).
و قد ذكر محمد بن علي بن حمزة:أنه قتل يومئذ إبراهيم بن علي بن أبي
ص: 91
طالب،و أمه أم ولد.
و ما سمعت بهذا من غيره،و لا رأيت لإبراهيم في شيء من كتب الأنساب ذكرا.
و ذكر يحيى بن الحسن فيما حدّثني به أحمد بن سعيد أن أبا بكر بن عبيد اللّه الطلحي حدثه عن أبيه أن عبيد اللّه بن علي قتل مع الحسين،و هذا خطأ،و إنما قتل عبيد اللّه يوم المدار (1)،قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة،و قد رأيته بالمدار (2).
و أمّه أمّ ولد،و لا تعرف أمّه.
ذكر المدائني في إسنادنا عنه،عن أبي مخنف،عن سليمان بن أبي راشد أن عبد اللّه بن عقبة الغنوي قتله.
و في حديث عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر:أن عقبة الغنوي قتله.
و إيّاه عنى سليمان بن قتّة بقوله (3):
و عند غني قطرة من دمائنا *** و في أسد أخرى تعدّ و تذكر
و هو أخو أبي بكر بن الحسن المقتول قبله لأبيه و أمه.
حدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدّثنا الحسين بن نصر،قال:حدّثنا أبي،قال:حدّثنا عمر بن سعد،عن أبي مخنف،عن سليمان بن أبي راشد،
ص: 92
عن حميد بن مسلم،قال (1):
خرج إلينا غلام كأن وجهه شقة قمر،في يده السيف،و عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما،ما أنس أنها اليسرى،فقال عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي:و اللّه لأشدن عليه،فقلت له:سبحان اللّه،و ما تريد إلى ذلك،يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه من كل جانب،قال:و اللّه لأشدنّ عليه،فما ولّى وجهه حتى ضرب رأس الغلام بالسيف،فوقع الغلام لوجهه،و صاح:يا عمّاه.
قال:فو اللّه لتجلّى الحسين كما يتجلى الصقر،ثم شدّ شدّة الليث إذا غضب،فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنها (2)من لدن المرفق،ثم تنحى عنه،و حملت خيل عمر بن سعد فاستنقذوه من الحسين،و لما حملت الخيل استقبلته بصدورها،و جالت،فتوطأته،فلم يرم حتى مات-لعنه اللّه و أخزاه- فلمّا تجلّت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام و هو يفحص برجليه،و حسين يقول:بعدا لقوم قتلوك،خصمهم فيك يوم القيامة رسول اللّه(ص)ثم قال:
عز على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك،أو يجيبك ثم لا تنفعك إجابته يوم كثر واتره،و قلّ ناصره،ثم احتمله على صدره،و كأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطان في الأرض،حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين،فسألت عن الغلام،فقالوا:
هو القاسم بن الحسن،بن علي بن أبي طالب (3)صلوات اللّه عليهم أجمعين.
(و عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب) و أمه بنت السليل بن عبد اللّه أخي جرير بن عبد اللّه البجلي.و قيل:إن أمه أمّ ولد.و كان أبو جعفر محمد بن علي-فيما رويناه عنه-يذكر أن حرملة بن كاهل الأسدي قتله.
و ذكر المدائني في إسناده عن جناب بن موسى،عن حمزة بن بيض،عن هانئ بن ثبيت القابضي أن رجلا منهم قتله (4).ة.
ص: 93
(و عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب) و أمه الرباب بنت إمرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم (1)بن جناب بن كلب.
و أمها هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن مصاد بن حصن بن كعب بن عليم بن جناب.و أمها ميسون بنت عمرو بن ثعلبة بن حصين بن ضمضم.
و أمها بنت أوس بن حارثة.
و زعم ابن عبدة أن أمها الرباب بنت حارثة بن أخت أوس بن حارثة بن لام الطائي بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعان بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة من طيّئ.
و هي التي يقول فيها أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام:
لعمرك إنني لأحب دارا *** تكون بها سكينة و الرباب (2)
أحبهما و أبذل جل مالي *** و ليس لعاتب عندي عتاب (3)
و سكينة التي ذكرها ابنته من الرباب،و اسم سكينة أمينة،و قيل أميمة (4)،و إنما غلب عليها سكينة،و ليس باسمها.
و كان عبد اللّه بن الحسين يوم قتل صغيرا جاءته نشّابة و هو في حجر أبيه فذبحته.
حدّثني أحمد بن شبيب،قال:حدّثنا أحمد بن الحرث عن المدائني،عن أبي مخنف،عن سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم،قال:».
ص: 94
دعى الحسين بغلام فأقعده في حجره،فرماه عقبة بن بشر فذبحه.
حدّثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا عباد بن يعقوب قال:
أخبرنا مورع بن سويد بن قيس،قال:حدّثنا من شهد الحسين،قال:
كان معه ابنه الصغير فجاء سهم فوقع في نحره،قال:فجعل الحسين يأخذ الدم من نحره و لبته فيرمي به إلى السماء فما يرجع منه شيء،و يقول:
اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل.
(و عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب الأكبر) أمه زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالب (1).و أمها فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم،و إيّاه عنى سليمان بن قتة بقوله:
و اندبي إن بكيت عونا أخاه *** ليس فيما ينوبهم بخذول
فلعمري لقد أصبت ذوي القر *** بي فبكى على المصاب الطويل
و العقيلة هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة في فدك،فقال:
حدّثتني عقيلتنا زينب بنت علي (2).
حدّثني أحمد بن عيسى،قال:حدثنا الحسين بن نصر،عن أبيه،عن عمر بن سعد،عن أبي مخنف،عن سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم:
أن عبد اللّه بن قطنة التيهاني (3)قتل عون بن عبد اللّه بن جعفر.
(و محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب) و أمه الخوصا بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عثمان بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن الحرث بن تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن».
ص: 95
بكر بن وائل (1).و أمها هند بنت سالم بن عبد اللّه بن عبد اللّه بن مخزوم بن سنان بن مولة بن عامر بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة،و أمها ميمونة بنت بشر بن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
[قتله عامر بن نهشل التميميّ فيما روى عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم بالإسناد الذي قدّمناه] (2).
و إيّاه عنى سليمان بن قتة بقوله:
و سمى النبي غودر فيهم *** قد علوه بصارم مصقول
فإذا ما بكيت عيني فجودي *** بدموع تسيل كل مسيل (3)
(و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب) و أمه الخوصا بنت حفصة.
ذكر يحيى بن الحسن العلوي فيما حدّثني به أحمد بن سعيد عنه:أنه قتل مع الحسين بالطفّ رضوان اللّه و صلواته على الحسين و آله.
(و عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب) و أمه أم ولد (4).
قتله عثمان بن خالد بن أسيد (5)الجهني و بشير بن حوط القابضي،فيما ذكر سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم.».
ص: 96
(و جعفر بن عقيل بن أبي طالب) و أمه أم الثغر بنت عامر بنت الهصان العامري (1)من بني كلاب.
قتله عروة بن عبد اللّه الخثعمي،فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين و عن حميد بن مسلم.
و يقال أمه الخوصا بنت الثغرية،و اسمه عمرو بن عامر بن الهصان،بن كعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب العامري.
و أمها أردّة بنت حنظلة بن خالد بن كعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب.
و أمها أمّ البنين بنت معاوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن أبي صعصعة،و أمها حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عقبة بن عامر.يقال إن أم أردة بنت حنظلة سالمة بنت مالك بن خطاب الأسدي.
(و عبد اللّه الأكبر بن عقيل بن أبي طالب) و أمه أم ولد.
قتله-فيما ذكره المدائني-عثمان بن خالد بن أسير الجهني (2)،و رجل من همدان (3).
(و محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب) و أمه أم ولد.
قتله فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي أبو مرهم الأزدي و لقيط بن إياس الجهني.».
ص: 97
(و عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب) و أمه رقية بنت علي بن أبي طالب،و أمها أم ولد.قتله عمرو بن صبيح، فيما ذكرناه عن علي بن محمد المدائني،و عن حميد بن مسلم،و ذكر أن السهم أصابه و هو واضع يده على جبينه فأثبته في راحته و جبهته (1).
(و محمد بن أبي سعيد الأحول بن عقيل بن أبي طالب) و أمه أم ولد،قتله لقيط بن ياسر الجهني،رماه بسهم (2)فيما رويناه عن المدائني،عن أبي مخنف،عن سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم.
و ذكر محمد بن علي بن حمزة:أنه قتل معه جعفر بن محمد بن عقيل، و وصف أنه سمع أيضا من يذكر أنه قتل يوم الحرّة،قال أبو الفرج:
و ما رأيت في كتب الأنساب لمحمد بن عقيل ابنا يسمى جعفرا.و ذكر أيضا محمد بن علي بن حمزة،عن عقيل بن عبد اللّه بن عقيل بن محمد بن عبد اللّه ابن محمد بن عقيل بن أبي طالب:
أن علي بن عقيل،و أمه أم ولد قتل يومئذ.
فجميع من قتل يوم الطفّ من ولد أبي طالب سوى من يختلف في أمره اثنان و عشرون رجلا.
(ثم نرجع إلى ذكر خبر الحسين بن علي و مقتله) صلوات اللّه عليه حدّثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي،قال:حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم،قال:حدثنا أبي قال:حدثنا عمر بن سعد،عن أبي مخنفر.
ص: 98
لوط بن يحيى الأزدي،و حدّثني أيضا أحمد بن محمد بن شبيب المعروف بأبي بكر بن شيبة،قال:حدثنا أحمد بن الحرث الخزاز،قال:حدثنا علي بن محمد المدائني،عن أبي مخنف،عن عوانة،و ابن جعدية،و غيرهم؛و حدثني أحمد بن الجعد قال:حدثنا علي بن موسى الطوسي،قال:حدثنا أحمد بن جناب،قال:حدثنا خالد بن يزيد بن أسد بن عبد اللّه القشيري،قال:حدثنا عمّار الذهني (1)،عن أبي جعفر محمد بن علي؛كل واحد ممن ذكرت يأتي بالشيء يوافق فيه صاحبه،أو يخالفه،و يزيد عليه شيئا أو ينقص منه،و قد ثبت ذلك برواياتهم منسوبا إليهم.قال المدائني؛عن هرون بن عيسى،عن يونس بن أبي إسحاق،قال:
لما بلغ أهل الكوفة نزول الحسين مكة،و أنه لم يبايع ليزيد وفد إليه وفد منهم عليهم أبو عبد اللّه الجدلي،و كتب إليه شبث بن ربعي،و سليمان بن صرد،و المسيّب بن نجية،و وجوه أهل الكوفة يدعونه إلى بيعته،و خلع يزيد (2)،فقال لهم:أبعث معكم أخي و ابن عمي فإذا أخذ لي بيعتي،و أتاني عنهم بمثل ما كتبوا به إليّ قدمت عليهم.
و دعى مسلم بن عقيل فقال (3):اشخص إلى الكوفة،فإن رأيت منهم اجتماعا على ما كتبوا،و رأيته أمرا ترى الخروج معه،فاكتب إليّ برأيك. فقدم مسلم الكوفة،و أتته الشيعة،فأخذ بيعتهم للحسين.
قال عمر بن سعد:عن أبي مخنف،فحدّثني المصقعب بن زهير،عن أبي عثمان:أن ابن زياد أقبل من البصرة (4)و معه مسلم بن عمر الباهلي و المنذر بن عمرو بن الجارود،و شريك بن الأعور،و حشمه و أهله،حتى دخلوا الكوفة، و عليه عمامة سوداء،و هو متلثم،و الناس ينتظرون قدوم الحسين عليهم، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلاّ سلموا عليه،و قالوا:مرحبا بك يا ابن رسول اللّه(ص)قدمت خير مقدم،و رأى من الناس من تباشرهم بالحسين ما4.
ص: 99
ساءه،فأقبل حتى دخل القصر (1).
و قال عمرو عن أبي مخنف،عن المعلّى بن كليب،عن أبي الوداك، قال:
لما نزل ابن زياد القصر نودي في الناس:الصلاة جامعة،فاجتمع إليه الناس،فخرج إلينا فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال (2):
أما بعد:فإن أمير المؤمنين-أصلحه اللّه-و لانّي مصركم و ثغركم و فيئكم،و أمرني بإنصاف مظلومكم،و إعطاء محرومكم،و بالإحسان إلى سامعكم و مطيعكم،و بالشدّة على مريبكم،فأنا لمطيعكم كالوالد البر الشفيق، و سيفي و سوطي على من ترك أمري،و خالف عهدي،فليبق امرؤ على نفسه، الصدق ينبئ عنك لا الوعيد.
ثم نزل.و سمع مسلم بن عقيل بمجيء عبيد اللّه بن زياد و مقالته (3)؛ فأقبل حتى أتى دار هانئ بن عروة المرادي،فدخل في بابه،فأرسل إليه أن اخرج إليّ فقال:إني أتيتك لتجيرني و تضيفني،قال له: رحمك اللّه لقد كلفتني شططا،لولا دخولك داري وثقتك بي لأحببت لشأنك أن تنصرف عني، غير أني أخذني من ذلك ذمام.ادخل،فدخل داره،فأقبلت الشيعة تختلف إليه في دار هانئ بن عروة.
و جاء شريك بن الأعور حتى نزل على هانئ في داره،و كان شيعيا،و دعا ابن زياد مولى له يقال له معقل،فقال له:خذ هذه الثلاثة الآلاف الدرهم ثم التمس لنا مسلم بن عقيل،و اطلب شيعته،و أعطهم الثلاثة الآلاف الدرهم، و قل لهم:استعينوا بهذه على حرب عدوّكم،و أعلمهم بأنك منهم؛ففعل ذلك،و جاء حتى لقي مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم،و سمع الناس يقولون:هذا يبايع للحسين بن علي و كان يصلي،فلما قضى صلاته جلس4.
ص: 100
إليه فقال له:يا عبد اللّه إني امرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع،أنعم اللّه عليّ بحب أهل البيت وحب من أحبهم،و هذه ثلاثة آلاف درهم معي أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول اللّه(ص)و كنت أحب لقاءه لأعرف مكانه،فسمعت نفرا من المسلمين يقولون:هذا رجل له علم بأمر أهل هذا البيت،و إني أتيتك لتقبض مني هذا المال،و تدلّني على صاحبي فأبايعه (1)فقال له:أحمد اللّه على لقائك فقد سرني حبك إيّاهم و بنصرة اللّه إيّاك حق أهل بيت نبيه(ص)،و لقد ساءني معرفة الناس إيّاي بهذا الأمر قبل أن يتمّ مخافة سطوة هذا الطاغية الجبار أن يأخذ البيعة قبل أن يبرح،و أخذ عليه المواثيق الغليظة ليناصحن و ليكتمن،فأعطاه من ذلك ما رضى به،ثم قال له:اختلف إليّ أياما في منزلي،فأنا أطلب لك الإذن على صاحبك و أخذ يختلف مع الناس يطلب ذلك إليه.
و مرض شريك بن الأعور (2)،و كان كريما على ابن زياد،و كان شديد التشيّع فأرسل إليه عبيد اللّه إني رائح إليك العشيّة فعائدك.فقال شريك لمسلم:إن هذا الفاجر عائدي العشية،فإذا جلس فاقتله،ثم اقعد في القصر،و ليس أحد يحول بينك و بينه،فإن أنا برأت من وجعي من أيامي هذه سرت إلى البصرة و كفيتك أمرها فلما كان العشي أقبل ابن زياد لعيادة شريك بن الأعور،فقال لمسلم:لا يفوتنّك الرّجل إذا جلس،فقام إليه هانئ فقال:إني لا أحب أن يقتل في داري كأنه استقبح ذلك،فجاءه عبيد اللّه بن زياد فدخل و جلس و سأل شريكا: ما الذي تجد و متى اشتكيت؟فلما طال سؤاله إيّاه،و رأى أن أحدا لا يخرج،خشي أن يفوته.فأقبل يقول:
ما الانتظار بسلمى أن تحيّوها *** حيوا سليمى و حيّوا من يحييها
كأس المنية بالتعجيل فاسقوها للّه أبوك!اسقنيها و إن كانت فيها نفسي.قال ذلك مرتين أو ثلاثة؛فقال6.
ص: 101
عبيد اللّه-و هو لا يفطن-:ما شأنه،أترونه يهجر؟فقال له هانئ:نعم- أصلحك اللّه-ما زال هكذا قبل غيابة الشمس إلى ساعتك هذه.
ثم قام و انصرف.فخرج مسلم فقال له شريك:ما منعك من قتله؟ فقال:خصلتان،أما إحداهما فكراهية هانئ أن يقتل في داره،[و أما] الأخرى فحديث حدّثنيه الناس عن النبي(ص):«إن الإيمان قيّد الفتك فلا يفتك مؤمن»؛فقال له شريك:أما و اللّه لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا،كافرا غادرا.
قال:فأقبل ذلك الرجل الذي وجّهه عبيد اللّه بالمال يختلف إليهم،فهو أول داخل و آخر خارج يسمع أخبارهم،و يعلم أسرارهم،و ينطلق بها حتى يقرها في أذن ابن زياد.
قال:فقال المدائني،عن أبي مخنف،عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق،عن عثمان بن أبي زرعة قال:فقال ابن زياد يوما:ما يمنع هانئا منّا؟ فلقيه ابن الأشعث،و أسماء بن خارجة فقالا له:ما يمنعك من إتيان الأمير و قد ذكرك؟قال:فأتاه فقال ابن زياد-لعنه اللّه-شعرا:
أريد حياته و يريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد (1)
يا هانئ،أسلمت (2)على ابن عقيل؟قال:ما فعلت،فدعا معقلا فقال:أتعرف هذا؟قال:نعم و أصدقك ما علمت به حتى رأيته في داري، و أنا أطلب إليه أن يتحوّل.قال:لا تفارقني حتى تأتيني به،فأغلظ له، فضرب وجهه بالقضيب و حبسه (3).
و قال عمر بن سعد:عن أبي مخنف،قال: حدّثني الحجاج بن علي الهمداني قال (4):
لما ضرب عبيد اللّه هانئا و حبسه،خشي أن يثب الناس به،فخرج فصعد6.
ص: 102
المنبر و معه أناس من أشراف الناس و شرطه و حشمه،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:
أيها الناس:اعتصموا بطاعة اللّه و طاعة أئمتكم،و لا تفرّقوا فتختلفوا و تهلكوا و تذلّوا،و تخافوا و تخرجوا،فإن أخاك من صدقك،و قد أعذر من أنذر.
فذهب لينزل،فما نزل حتى دخلت النظارة المسجد من قبل التمارين يشتدون،و يقولون:قد جاء ابن عقيل،فدخل عبيد اللّه القصر و أغلق بابه.
و قال أبو مخنف:فحدّثني يوسف بن يزيد،عن عبد اللّه بن حازم البكري قال:
أنا و اللّه رسول ابن عقيل إلى القصر في أثر هانئ لأنظر ما صار إليه أمره، فدخلت فأخبرته الخبر،فأمرني أن أنادي في أصحابي،و قد ملأ الدور منهم حواليه،فقال:ناديا منصور أمت فخرجت فناديت،و تبادر أهل الكوفة فاجتمعوا إليه،فعقد لعبد الرحمن بن عزيز الكندي على ربيعة،و قال له:سر أمامي و قدّمه في الخيل (1).و عقد لمسلم بن عوسجة على مذحج و أسد،و قال له:انزل فأنت على الرجالة.و عقد لأبي ثمامة الصائدي على تميم و حمدان.
و عقد للعباس بن جعدة الجدلي على أهل المدينة،ثم أقبل نحو القصر.
فلما بلغ عبيد اللّه إقباله تحرز في القصر، و غلّق الأبواب،و أقبل مسلم حتى أحاط بالقصر،فو اللّه ما لبثنا إلاّ قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس، و السوق،ما زالوا يتوثبون حتى المساء،فضاق بعبيد اللّه أمره،و دعا بعبيد اللّه ابن كثير بن شهاب الحارثي،و أمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج،فيخذل الناس عن ابن عقيل،و يخوفهم الحرب،و عقوبة السلطان،فأقبل أهل الكوفة يفترون على ابن زياد و أبيه.
قال أبو مخنف:فحدّثني سليمان بن أبي راشد،عن عبد اللّه بن حازم».
ص: 103
البكري،قال:
أشرف علينا الأشراف،و كان أوّل من تكلّم كثير بن شهاب.فقال (1):
أيها الناس،ألحقوا بأهاليكم،و لا تعجلوا،انتشروا و لا تعرّضوا أنفسكم للقتل،فهذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت، و قد أعطى اللّه الأمير عهدا لئن أتممتم على حربه و لم تنصرفوا من عشيتكم هذه أن يحرم ذريتكم العطاء،و يفرق مقاتليكم في مغازي الشام على غير طمع،و يأخذ البريء بالسقيم،و الشاهد بالغائب،حتى لا يبقى فيكم بقية من أهل المعصية إلاّ أذاقها وبال ما جنت (2).
و تكلم الأشراف بنحو من كلام كثير،فلما سمع الناس مقالتهم تفرقوا.
قال أبو مخنف:حدّثني المجالد بن سعيد (3):
أن المرأة كانت تأتي ابنها و أخاها فتقول:انصرف،الناس يكفونك، و يجيء الرجل إلى ابنه و أخيه فيقول:غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب و الشر؟انصرف،فما زالوا يتفرقون و ينصرفون حتى أمسى ابن عقيل و ما معه إلاّ ثلاثون نفسا،حتى صليت المغرب فخرج متوجها نحو أبواب كندة،فما بلغ الأبواب إلاّ و معه منها عشر،ثم خرج من الباب فإذا ليس معه منهم إنسان فمضى متلددا في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب (4)،حتى خرج إلى دور بني بجيلة من كندة،فمضى حتى أتى باب امرأة يقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث و أعتقها، فتزوج بها أسيد الحضرمي،فولدت له بلالا،و كان بلال قد خرج مع الناس، و أمه قائمة تنتظر فسلم عليها ابن عقيل،فردت السلام،فقال لها:اسقيني ماء.
فدخلت فأخرجت إليه،فشرب،ثم أدخلت الإناء،و خرجت و هو جالس في مكانه،فقالت:ألم تشرب؟قال:بلى.قالت:فاذهب إلى أهلك فسكت، فأعادت عليه ثلاثا ثم قالت:سبحان اللّه يا عبد اللّه،قم إلى أهلك-عافاك اللّه- فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابي و لا أحلّه لك،ثم قام،فقال:يا أمة اللّه، و اللّه ما لي في هذا المصر من أهل،فهل لك في معروف و أجر لعلي أكافئك به بعد1.
ص: 104
اليوم.قالت:يا عبد اللّه و ما ذاك؟قال:أنا مسلم بن عقيل،كذّبني هؤلاء القوم،و غروني و خذلوني،قالت:أنت مسلم؟قال:نعم.قالت:ادخل، فأدخلته بيتا في دارها،و فرشت له،و عرضت عليه العشاء،و جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت،فسألها،فقالت:يا بني أله عن هذا،قال:و اللّه لتخبرنني، و ألحّ عليها،فقالت:يا بني،لا تخبريه أحدا من الناس،و أخذت عليه الأيمان،فحلف لها،فأخبرته،فاضطجع و سكت.
فلما طال على ابن زياد،و لم يسمع أصوات أصحاب ابن عقيل قال لأصحابه:أشرفوا فانظروا فأخذوا ينظرون،و أدلوا القناديل و أطنان القصب تشد بالحبال و تدلي و تلهب فيها النار،حتى فعل ذلك بالأظلة التي في المسجد كلّها، فلما لم يروا شيئا أعلموا ابن زياد ففتح باب السّدة،و خرج و نادى في الناس:
برئت الذمة من رجل صلّى العتمة إلاّ في المسجد،فاجتمع الناس في ساعة، فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال (1):
أما بعد:فإن ابن عقيل السقيه الجاهل قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف و الشقاق،فبرئت ذمة اللّه من رجل وجد في داره،و من جاء به فله ديته،اتقوا اللّه عباد اللّه،و الزموا طاعتكم،و لا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.يا حصين بن تميم (2)ثكلتك أمّك إن ضاع شيء من سكك الكوفة أو خرج هذا الرجل و لم تأتني به،و قد سلطتك على دور أهل الكوفة،فابعث مراصدة على أفواه السكك،و أصبح غدا فاستبرء الدور حتى تأتي بهذا الرجل (3)،ثم نزل.
فلمّا أصبح أذن للناس،فدخلوا عليه،و أقبل محمد بن الأشعث فقال:
مرحبا بمن لا يتهم و لا يستغش،و أقعده إلى جنبه.
و أصبح بلال ابن العجوز التي آوت ابن عقيل فغدا إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتى أتى إلى».
ص: 105
أبيه و هو جالس،فساره،فقال له ابن زياد:ما قال لك؟قال:أخبرني أن ابن عقيل في دار من دورنا،فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ثم قال:قم فأتني به الساعة.
قال أبو مخنف:فحدّثني قدامة بن سعد بن زائدة الثقفي (1).أن ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلا كلهم من قيس،عليهم [عمرو بن] (2)عبيد اللّه بن العباس السلمي حتى أتوا الدار التي فيها ابن عقيل،فلما سمع وقع حوافر الخيل و أصوات الرجال،عرف أنه قد أتى؛فخرج إليهم بسيفه،فاقتحموا عليه الدار،فشد عليهم كذلك (3)،فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح و ظهروا فوقه،فأخذوا يرمونه بالحجارة،و يلهبون النيران في أطنان القصب ثم يقذفونها عليه من فوق السطوح فلما رأى[ذلك] قال:أ كلما أرى من الإجلاب لقتل ابن عقيل؟يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص،فخرج-رضوان اللّه عليه-مصلتا سيفه إلى السكة، فقاتلهم،فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال:يا فتى،لك الأمان،لا تقتل نفسك.فأقبل يقاتلهم و هو يقول (4):
أقسمت لا أقتل إلاّ حرّا *** و إن رأيت الموت شيئا نكرا
***أخاف أن أكذب أو أغرّا أو يخلط البارد سخنا مرّا
ردّ شعاع الشمس فاستقرا (5)*** كل امرئ يوما ملاق شرّا
قال له محمد بن الأشعث:إنك لا تكذب و لا تغر،إن القوم ليسوا بقاتليك و لا ضاربيك،و قد أثخن بالجراح و عجز عن القتال؛فانبهر و أسند».
ص: 106
ظهره إلى دار بجنب تلك الدار،فدنا منه محمد بن الأشعث فقال له:لك الأمان،فقال له مسلم:آمن أنا؟قال:نعم أنت آمن،فقال القوم جميعا:
نعم غير عبيد اللّه بن العباس السلمي لأنه قال:«لا ناقة لي في هذا و لا جمل»، و تنحّى، فقال ابن عقيل:إني و اللّه لو لا أمانكم ما وضعت يدي في أيديكم.
و أتى ببغلة فحمل عليها فاجتمعوا عليه،فنزعوا سيفه من عنقه،فكأنه أيس من نفسه فدمعت عينه و علم أن القوم قاتلوه،و قال:هذا أول الغدر.
فقال له محمد بن الأشعث:أرجوا ألاّ يكون عليك بأس.
فقال:ما هو إلاّ الرجاء،فأين أمانكم إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ و بكى.
فقال له عبيد اللّه ابن العباس السلمي:إن مثلك و من يطلب مثل الذي طلبت إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك.
قال:إني و اللّه ما أبكي لنفسي،و لا لها من القتل أرثي،و إن كنت لم أحبّ لها طرفة عين تلفا،و لكني أبكي لأهلي المقبلين إليّ،أبكي للحسين و آل الحسين،ثم أقبل على ابن الأشعث فقال:إني و اللّه أظنك ستعجز عن أماني، و سأله أن يبعث رسولا إلى الحسين بن علي يعلمه الخبر،و يسأله الرجوع فقال له ابن الأشعث:و اللّه لأفعلنّ (1).
قال أبو مخنف:فحدّثني قدامة بن سعد (2):أن مسلم بن عقيل حين انتهى به إلى القصر رأى قلة مبرّدة موضوعة على الباب،فقال:اسقوني من هذا الماء.فقال له مسلم بن عمر،و أبو قتيبة بن مسلم الباهلي:أ تراها ما أبردها؟ فو اللّه لا تذوق منها قطرة واحدة حتى تذوق الحميم في نار جهنّم.
فقال له مسلم بن عقيل (3):ويلك،و لأمك الثكل،ما أجفاك،».
ص: 107
و أفظك،و أقسى قلبك،أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم،و الخلود في نار جهنم،ثم جلس و تساند إلى الحائط.
قال أبو مخنف:فحدّثني أبو قدامة بن سعد أن عمرو بن حريث بعث غلاما له يدعى سليما فأتاه بماء في قلة فسقاه.قال و حدثني مدرك بن عمارة:أن عمارة بن عقبة بعث غلاما يدعى نسيما فأتاه بماء في قلة عليها منديل و قدح معه، فصب فيه الماء ثم سقاه،فأخذ كلّما شرب امتلأ القدح دما،فأخذ لا يشرب من كثرة الدم،فلما ملأ القدح ثانية ذهب يشرب،فسقطت ثنيتاه في القدح، فقال:الحمد للّه،لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته.
قال:ثم أدخل على عبيد اللّه بن زياد (1)-لعنه اللّه-فلم يسلم عليه، فقال له الحرس:ألا تسلم على الأمير؟فقال:إن كان الأمير يريد قتلي فما سلامي عليه؟و إن كان لا يريد قتلي فليكثرن سلامي عليه.فقال له عبيد اللّه- لعنه اللّه-:لتقتلن.قال:أكذلك؟قال:نعم.قال:دعني إذا أوصي إلى بعض القوم.قال:أوص إلى من أحببت.فنظر ابن عقيل إلى القوم و هم جلساء ابن زياد،و فيهم عمر بن سعد؛فقال:يا عمر،إن بيني و بينك قرابة دون هؤلاء،ولي إليك حاجة،و قد يجب عليك لقرابتي نجح حاجتي، و هي سرّ،فأبى أن يمكنه من ذكرها،فقال له عبيد اللّه بن زياد:لا تمتنع من أن تنظر في حاجة ابن عمك،فقام معه و جلس حيث ينظر إليهما ابن زياد-لعنه اللّه-، فقال له ابن عقيل:إن عليّ بالكوفة دينا استدنته مذ قدمتها تقضيه عنّي حتى يأتيك من غلّتي بالمدينة،و جثتي فاطلبها من ابن زياد فوارها،و ابعث إلى الحسين من يرده.فقال عمر لابن زياد:أتدري ما قال؟قال:اكتم ما قال لك،قال:أتدري ما قال لي؟قال:هات،فإنه لا يخون الأمين،و لا يؤتمن الخائن. قال:كذا و كذا،قال:أما مالك فهو لك،و لسنا نمنعك منه فاصنع فيه ما أحببت و أما حسين فإنه إن لم يردنا لم نرده،و إن أرادنا لم نكفّ عنه،و أما جثته فإنا لا نشفعك فيها،فإنه ليس لذلك منا بأهل،و قد خالفنا و حرص على هلاكنا.6.
ص: 108
ثم قال ابن زياد لمسلم:قتلني اللّه إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد من الناس في الإسلام (1).
قال:أما إنك أحق من أحدث في الإسلام ما ليس فيه،أما إنك لم تدع سوء القتلة،و قبح المثلة و خبث السيرة،و لؤم الغيلة لمن هو أحق به منك (2).
ثم قال ابن زياد:اصعدوا به فوق القصر فأضربوا عنقه.
ثم قال:ادعوا الذي ضربه ابن عقيل على رأسه و عاتقه بالسيف فجاءه فقال:اصعد و كن أنت الذي تضرب عنقه،و هو بكير بن حمران الأحمري-لعنه اللّه-،فصعدوا به و هو يستغفر اللّه و يصلي على النبي(ص)،و على أنبيائه و رسله و ملائكته-و هو يقول:اللهم احكم بيننا و بين قوم غرّونا،و كادونا و خذلونا.
ثم أشرفوا به على موضع الحذّائين فضرب عنقه،ثم أتبع رأسه جسده- صلّى اللّه عليه و رحمه- (3).
و قال المدائني:عن أبي مخنف عن يوسف بن يزيد،قال:فقال عبد اللّه ابن الزّبير الأسدي (4):
إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري *** إلى هانئ في السوق و ابن عقيل
***إلى بطل قد هشّم السيف وجهه و آخر يهوي من طمار قتيل (5)
ترى جسدا قد غيّر الموت لونه *** و نضح دم قد سال كلّ مسيل (6)
أصابهما أمر الأمير فأصبحا *** أحاديث من يسعى بكل سبيليل
ص: 109
أيركب أسماء الهماليج آمنا *** و قد طلبته مذحج بذحول (1)
تطيف حواليه مراد و كلهم *** على رقبة من سائل و مسول
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم *** فكونوا بغايا أرضيت بقليل
قالوا:و كان مسلم قد كتب إلى الحسين بأخذ البيعة له،و اجتماع الناس عليه،و انتظارهم إيّاه،فأزمع الشخوص إلى الكوفة،و لقيه عبد اللّه بن الزبير في تلك الأيام و لم يكن شيء أثقل عليه من مكان الحسين بالحجاز، و لا أحب إليه من خروجه إلى العراق طمعا في الوثوب بالحجاز،و علما بأن ذلك لا يتم له إلاّ بعد خروج الحسين،فقال له:على أيّ شيء عزمت يا أبا عبد اللّه؟فأخبره برأيه في إتيان الكوفة،و أعلمه بما كتب به مسلم بن عقيل إليه،فقال له ابن الزبير:
فما يحبسك،فو اللّه لو كان لي مثل شيعتك بالعراق ما تلوّمت في شيء،و قوى عزمه،ثم انصرف.و جاءه به عبد اللّه بن عباس و قد أجمع رأيه على الخروج، و حققه،فجعل يناشده في المقام،و يعظم عليه القول في ذم أهل الكوفة،و قال له:إنك تأتي قوما قتلوا أباك،و طعنوا أخاك،و ما أراهم إلاّ خاذليك،فقال له:هذه كتبهم معي،و هذا كتاب مسلم باجتماعهم، فقال له ابن عباس:أما إذا كنت لا بد فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك،و لا حرمك و لا نسائك فخليق أن تقتل و هم ينظرون إليك كما قتل ابن عفان،فأبى ذلك و لم يقبله.
قال:فذكر من حضره يوم قتل و هو يلتفت إلى حرمه و إخوته و هن يخرجن من أخبيتهن جزعا لقتل من يقتل معه و ما يرينه به،و يقول:للّه در ابن عباس فيما أشار علي به.
قال:فلما أبى الحسين قبول رأي ابن عباس قال له:و اللّه لو أعلم أني إذا تشبثت بك و قبضت على مجامع ثوبك،و أدخلت يدي في شعرك حتى يجتمع الناس عليّ و عليك،كان ذلك نافعي لفعلته،و لكن اعلم أن اللّه بالغ أمره،ر.
ص: 110
ثم ارسل عينيه فبكى،و ودّع الحسين،و انصرف.و مضى الحسين لوجهه، و لقى ابن عباس بعد خروجه عبد اللّه بن الزبير فقال له:
يا لك من قبّرة بمعمر *** خلا لك الجوّ فبيضي و اصفري
و نقّري ما شئت أن تنقّري *** هذا الحسين خارجا فاستبشري (1)
فقال:قد خرج الحسين و خلت لك الحجاز.
قال أبو مخنف في حديثه خاصة عن رجاله:
إن عبيد اللّه بن زياد وجه الحر بن يزيد ليأخذ الطريق على الحسين،فلما صار في بعض الطريق لقيه أعرابيان من بني أسد، فسألهما عن الخبر،فقالا له:
يا ابن رسول اللّه،إن قلوب الناس معك،و سيوفهم عليك،فارجع،و أخبراه بقتل ابن عقيل و أصحابه،فاسترجع الحسين،فقال له بنو عقيل:لا نرجع و اللّه أبدا أو ندرك ثأرنا أو نقتل بأجمعنا،فقال لمن كان لحق به من الأعراب:من كان منكم يريد الإنصراف عنّا فهو في حلّ من بيعتنا.فانصرفوا عنه،و بقي في أهل بيته،و نفر من أصحابه (2).
و مضى حتى دنا من الحرّ بن يزيد،فلما عاين أصحابه العسكر من بعيد كبّروا، فقال لهم الحسين:ما هذا التكبير؟قالوا:رأينا النخل،فقال بعض أصحابه:ما بهذا الموضع و اللّه نخل،و لا أحسبكم ترون إلاّ هوادي الخيل و أطراف الرماح،فقال الحسين:و أنا و اللّه أرى ذلك؛فمضوا لوجوههم، و لحقهم الحرّ بن يزيد في أصحابه،فقال للحسين:إني أمرت أن أنزلك في أيّ موضع لقيتك و أجعجع بك،و لا أتركك أن تزول من مكانك (3).
قال:إذا أقاتلك،فاحذر أن تشقى بقتلي ثكلتك أمك.فقال:[أما و اللّه لو غيرك من العرب يقولها و هو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل أن أقوله كائنا من كان،و لكن و اللّه ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلاّ».
ص: 111
بأحسن ما يقدر عليه] (1).
و أقبل يسير و الحر يسايره و يمنعه من الرجوع من حيث جاء،و يمنع الحسين من دخول الكوفة، حتى نزل بأقساس مالك،و كتب الحر إلى عبيد اللّه يعلمه ذلك.
قال أبو مخنف:فحدّثني عبد الرحمن بن جندب،عن عتبة بن سمعان الكلبي،قال:
لما ارتحلنا من قصر ابن مقاتل،و سرنا ساعة خفق رأس الحسين خفقة ثم انتبه فأقبل يقول: إِنّا لِلّهِ،وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،و اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ مرتين.فأقبل إليه علي بن الحسين و هو على فرس فقال له:يا أبي جعلت فداك،مم استرجعت؟و علام حمدت اللّه؟قال الحسين:يا بني،إنه عرض لي فارس على فرس فقال:القوم يسيرون،و المنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا،فقال:يا أبتاه لا أراك اللّه سوءا أبدا،أ لسنا على الحق؟قال:بلى و الذي يرجع إليه العباد.فقال:يا أبت،فإذا لا نبالي، قال:جزاك اللّه خير ما جزى ولد عن والده (2).
قال:و كان عبيد اللّه بن زياد-لعنه اللّه-قد ولّى عمر بن سعد الرّي،فلما بلغه الخبر وجّه إليه أن سر إلى الحسين أولا فاقتله،فإذا قتلته رجعت و مضيت إلى الرّي،فقال له:أعفني أيّها الأمير.قال:قد أعفيتك من ذلك،و من الريّ،قال:اتركني أنظر في أمري فتركه، فلما كان من الغد غدا عليه فوجه معه بالجيوش لقتال الحسين،فلما قاربه و تواقفوا قام الحسين في أصحابه خطيبا فقال (3):
اللهم إنك تعلم أني لا أعلم أصحابا خيرا من أصحابي،و لا أهل بيت4.
ص: 112
خيرا من أهل بيتي،فجزاكم اللّه خيرا فقد آزرتم و عاونتم (1)،و القوم لا يريدون غيري،و لو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدا،فإذا جنّكم الليل فتفرقوا في سواده،و انجوا بأنفسكم.
فقام إليه العباس بن علي أخوه،و علي ابنه،و بنو عقيل،فقالوا له:
معاذ اللّه و الشهر الحرام، فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم،إنا تركنا سيدنا، و ابن سيدنا و عمادنا،و تركناه غرضا للنبل،و دريئة للرماح،و جزرا للسباع، و فررنا عنه رغبة في الحياة،معاذ اللّه،بل نحيا بحياتك،و نموت معك،فبكى و بكوا عليه،و جزاهم خيرا،ثم نزل-صلوات اللّه عليه-.
فحدّثني عبد اللّه بن زيدان البجلي،قال:حدّثنا محمد بن زيد التميمي، قال:حدّثنا نصر بن مزاحم،عن أبي مخنف عن الحرث بن كعب،عن علي بن الحسين قال (2):
إني و اللّه لجالس مع أبي في تلك الليلة،و أنا عليل،و هو يعالج سهاما له،و بين يديه جون مولى أبي ذر الغفاري،إذ ارتجز الحسين:
يا دهر أف لك من خليل *** كم لك في الإشراق و الأصيل
من صاحب و ماجد قتيل *** و الدهر لا يقنع بالبديل
و الأمر في ذاك إلى الجليل *** و كل حي سالك السبيل
قال:و أما أنا فسمعته و رددت عبرتي.
و أما عمتي فسمعته دون النساء فلزمتها الرقة و الجزع (3)،فشقت ثوبها، و لطمت وجهها،و خرجت حاسرة تنادي:و اثكلاه!وا حزناه!ليت الموت أعدمني الحياة،يا حسيناه يا سيداه،يا بقية أهل بيتاه،استقلت و يئست من الحياة؛ اليوم مات جدي رسول اللّه(ص)،و أمي فاطمة الزهراء،و أبي علي،».
ص: 113
و أخي الحسن،يا بقية الماضين،و ثمال الباقين.
فقال لها الحسين:يا أختي«لو ترك القطا لنام».
قالت:فإنما تغتصب نفسك اغتصابا،فذاك أطول لحزني و أشجى لقلبي؛و خرت مغشيا عليها؛فلم يزل يناشدها و احتملها حتى أدخلها الخباء (1).
(رجع الحديث إلى مقتله صلوات اللّه عليه) قال:فوجه إلى عمر بن سعد-لعنه اللّه-فقال:ما ذا تريدون مني؟إني مخيّركم ثلاثا: بين أن تتركوني ألحق بيزيد،أو أرجع من حيث جئت،أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين فأقيم فيها.
ففرح ابن سعد بذلك،و ظن أن ابن زياد-لعنه اللّه-يقبله منه،فوجه إليه رسولا يعلمه ذلك،و يقول:لو سألك هذا بعض الديلم و لم تقبله ظلمته.
فوجه إليه ابن زياد:طمعت يا ابن سعد في الراحة،و ركنت إلى دعة،ناجز الرجل و قاتله،و لا ترض منه إلاّ أن ينزل على حكمي.
فقال الحسين:معاذ اللّه أن أنزل على حكم ابن مرجانة أبدا (2)،فوجه ابن زياد شمر بن ذي الجوشن الضّبابي-أخزاه اللّه-إلى ابن سعد-لعنه اللّه- يستحثه لمناجزة الحسين، فلما كان في يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة إحدى و ستين،ناجزه ابن سعد-لعنه اللّه-فجعل أصحاب الحسين يتقدمون رجلا رجلا يقاتلون حتى قتلوا.
و قال المدائني،عن العباس بن محمد بن رزين،عن علي بن طلحة، و عن أبي مخنف،عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،عن حميد بن مسلم،و قال عمر بن سعد البصري:عن أبي مخنف،عن زهير بن عبد اللّه الخثعمي،7.
ص: 114
و حدّثنيه أحمد بن سعيد،عن يحيى بن الحسن[العلوي]،عن بكر بن عبد الوهاب،عن إسماعيل بن أبي إدريس،عن أبيه،عن جعفر بن محمد، عن أبيه،دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين:إن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي،قال:فأخذ يشد على الناس و هو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي *** نحن و بيت اللّه أولى بالنبي
من شبث ذاك و من شمر الدني *** أضربكم بالسيف حتى يلتوي
ضرب غلام هاشمي علوي *** و لا أزال اليوم أحمي عن أبي
*** و اللّه لا يحكم فينا ابن الدعي
(1) ففعل ذلك مرارا،فنظر إليه مرة بن منقذ العبدي فقال:عليّ آثم العرب إن هو فعل مثل ما أراه يفعل،و مرّ بي أن أثكله أمه.فمر يشد على الناس و يقول كما كان يقول،فاعترضه مرّة و طعنه بالرمح فصرعه،و اعتوره الناس فقطعوه بأسيافهم.
و قال أبو مخنف:عن سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم،قال:
سماع أذني يومئذ الحسين و هو يقول:قتل اللّه قوما قتلوك يا بني،ما أجرأهم على اللّه،و على انتهاك حرمة الرسول(ص)ثم قال:على الدنيا بعدك العفاء.
قال حميد:و كأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي:يا حبيباه،يا ابن أخاه،فسألت عنها،فقالوا:هذه زينب بنت علي بن أبي طالب؛ثم جاءت حتى انكبت عليه فجاءها الحسين فأخذ بيدها إلى الفسطاط،و أقبل إلى ابنه،و أقبل فتيانه إليه فقال:احملوا أخاكم،فحملوه من مصرعه ذلك،ثم جاء به حتى وضعه بين يدي فسطاطه (2).
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثني يحيى بن الحسن العلوي،قال:
حدثنا غير واحد،عن محمد بن عمير،عن أحمد بن عبد الرحمن البصري،عن6.
ص: 115
عبد الرحمن بن مهدي،عن حماد بن سلمة عن سعيد بن ثابت،قال:
لما برز علي بن الحسين إليهم،أرخى الحسين-صلوات اللّه عليه و سلامه -عينيه فبكى،ثم قال:اللهم كن أنت الشهيد عليهم،فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول اللّه(ص)،فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول:يا أباه، العطش،فيقول له الحسين:اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول اللّه (ص)بكأسه،و جعل يكر كرّة بعد كرّة،حتى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه، و أقبل ينقلب في دمه،ثم نادى:يا أبتاه عليك السلام،هذا جدّي رسول اللّه(ص)يقرئك السلام،و يقول:عجّل القدوم إلينا،و شهق شهقة فارق الدنيا.
قال أبو مخنف:فحدّثني سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم قال:
أحاطوا بالحسين عليه السلام،و أقبل غلام من أهله نحوه،و أخذته زينب بنت علي لتحبسه،فقال لها الحسين:احبسيه،فأبى الغلام،فجاء يعدوا إلى الحسين،فقام إلى جنبه،و أهوى أبحر بن كعب بالسيف إلى الحسين،فقال الغلام لأبجر:يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟فضربه أبجر بالسيف،و اتقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد.و بقيت معلقة بالجلد،فنادى الغلام:يا أماه، فأخذه الحسين فضمّه إليه،و قال:يا ابن أخي احتسب فيما أصابك الثواب،فإن اللّه ملحقك بآبائك الصالحين،برسول اللّه(ص)، و حمزة،و علي،و جعفر،و الحسن عليهم السلام (1).
قال:و جاء رجل حتى دخل عسكر الحسين،فجاء إلى رجل من أصحابه فقال له:إن خبر ابنك فلان وافى،إن الديلم أسروه،فتنصرف معي حتى نسعى في فدائه،فقال:حتى أصنع ما ذا؟عند اللّه أحتسبه و نفسي،فقال له الحسين:انصرف و أنت في حل من بيعتي،و أنا أعطيك فداء ابنك.فقال:4.
ص: 116
هيهات أن أفارقك ثم أسأل الركبان عن خبرك.لا يكون و اللّه هذا أبدا،و لا أفارقك،ثم حمل على القوم فقاتل حتى قتل رحمة اللّه عليه و رضوانه.
قال:و جعل الحسين يطلب الماء،و شمر-لعنه اللّه-يقول له:و اللّه لا ترده أو ترد النار،فقال له رجل:ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطوان الحيات،و اللّه لا تذوقه أو تموت عطشا،فقال الحسين:اللهم أمته عطشا.
قال:و اللّه لقد كان هذا الرجل يقول:اسقوني ماء،فيؤتى بماء، فيشرب حتى يخرج من فيه و هو يقول:اسقوني،قتلني العطش،فلم يزل كذلك حتى مات (1).
قال أبو مخنف:فحدثني سليمان بن أبي راشد،عن حميد بن مسلم، قال:
لما اشتد العطش على الحسين دعا أخاه العبّاس بن علي،فبعثه في ثلاثين راكبا و ثلاثين راجلا،و بعث معه بعشرين قربة،فجاءوا حتى دنوا من الماء فاستقدم أمامهم نافع بن هلال الجملي،فقال له عمرو بن الحجاج:من الرجل؟ قال:نافع بن هلال،قال:مرحبا بك يا أخي ما جاء بك؟قال:جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه،قال:اشرب،قال:لا و اللّه لا أشرب منه قطرة و الحسين عطشان.فقال له عمرو:لا سبيل إلى ما أردتم،إنما وضعونا بهذا المكان لنمنعكم من الماء،فلما دنا منه أصحابه قال للرجالة:املئوا قربكم، فشدت الرجالة فدخلت الشّريعة فملأوا قربهم،ثم خرجوا، و نازعهم عمرو بن الحجاج و أصحابه،فحمل عليهم العباس بن علي، و نافع بن هلال الجملي (2)جميعا،فكشفوه،ثم انصرفوا إلى رحالهم،و قالوا للرجالة:انصرفوا.فجاء أصحاب الحسين بالقرب حتى أدخلوها عليه.
قال المدائني:فحدثني أبو غسان،عن هارون بن سعد،عن القاسم بن الأصبغ ابن نباتة،قال:ج.
ص: 117
رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه،و كنت أعرفه جميلا، شديد البياض،فقلت له:ما كدت أعرفك،قال:إني قتلت شابا أمرد مع الحسين،بين عينيه أثر السجود،فما نمت ليلة منذ قتلته إلاّ أتاني فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنم فيدفعني فيها، فأصيح،فما يبقى أحد في الحي إلاّ سمع صياحي.
قال:و المقتول العباس بن علي-عليه السلام-.
قال المدائني.فحدثني مخلد بن حمزة بن بيض،و حباب بن موسى،عن حمزة بن بيض،قال حدثني هانئ بن ثبيت القابضي زمن خالد،قال:قال:
كنت ممن شهد الحسين،فإني لواقف على خيول إذ خرج غلام من آل الحسين مذعورا يلتفت يمينا و شمالا،فأقبل رجل (1)منا يركض حتى دنا منه، فمال عن فرسه،فضربه فقتله.
قال:و حمل شمر-لعنه اللّه-على عسكر الحسين،فجاء إلى فسطاطه لينهبه،فقال له الحسين: ويلكم،إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في الدنيا،فرحلى لكم عن ساعة مباح،قال:فاستحيا و رجع.
قال:و جعل الحسين يقاتل بنفسه،و قد قتل ولده و إخوته و بنو أخيه و بنو عمه فلم يبق منهم أحد،و حمل عليه ذرعة بن شريك-لعنه اللّه-،فضرب كتفه اليسرى بالسيف فسقطت-صلوات اللّه عليه-.و قتله أبو الجنوب زياد بن عبد الرحمن الجعفي،و القثعم،و صالح بن وهب اليزني و خولى بن يزيد،كل قد ضربه و شرك فيه.
و نزل سنان بن أنس النخعي فاحتز رأسه.
و يقال:إن الذي أجهز عليه شمر بن ذي الجوشن الضبابي لعنه اللّه.
و حمل خولي بن يزيد رأسه إلى عبيد اللّه بن زياد.
و أمر ابن زياد-لعنه اللّه،و غضب عليه-أن يوطأ صدر الحسين،و ظهره».
ص: 118
و جنبه و وجهه فأجريت الخيل عليه (1).
و حمل أهله أسرى (2)و فيهم،عمر،و زيد،و الحسن بنو الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام،و كان الحسن بن الحسن بن علي قد ارتث جريحا فحمل معهم،و علي بن الحسين الذي أمه أم ولد،و زينب العقيلة،و أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب و سكينة بنت الحسين لما أدخلوا على يزيد-لعنه اللّه-أقبل قاتل الحسين بن علي يقول (3).
أوقر ركابي فضة أو ذهبا *** فقد قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أما و أبا *** و خيرهم إذ ينسبون نسبا (4)
و وضع الرأس بين يدي يزيد-لعنه اللّه-في طست،فجعل ينكته على ثناياه بالقضيب و هو يقول (5):
نفلّق هاما من رجال أعزة *** علينا و هم كانوا أعق و أظلما
و قد قيل:إن ابن زياد-لعنه اللّه فعل ذلك.
و قيل:إنه تمثل أيضا و الرأس بين يديه بقول عبد اللّه بن الزّبعري (6):
ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرم من أشياخهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل
ثم دعا يزيد-لعنه اللّه-بعلي بن الحسين،فقال:ما اسمك؟فقال:
علي بن الحسين،قال: أولم يقتل اللّه علي بن الحسين،قال:قد كان لي أخ3.
ص: 119
أكبر مني يسمى عليا،فقتلتموه (1).قال:بل اللّه قتله،قال علي: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (2)،قال له يزيد: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (3)فقال علي: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (4).
قال:فوثب رجل من أهل الشام فقال: دعني أقتله،فألقت زينب نفسها عليه.
فقام رجل آخر فقال:يا أمير المؤمنين،هب لي هذه (5)أتخذها أمة.
قال:فقالت له زينب:لا و لا كرامة،ليس لك ذلك،و لا له إلاّ أن يخرج من دين اللّه.
فصاح به يزيد:اجلس.فجلس،و أقبلت زينب عليه،و قالت:يا يزيد حسبك من دمائنا.
و قال علي بن الحسين:إن كان لك بهؤلاء النسوة رحم،و أردت قتلي فابعث معهن أحدا يؤديهن (6).فرق له و قال:لا يؤديهن غيرك.
ثم أمره أن يصعد المنبر فيخطب فيعذر إلى الناس مما كان من أبيه فصعد المنبر،فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:
أيها الناس،من عرفني فقد عرفني،و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي،أنا علي بن الحسين،أنا ابن البشير النذير،أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه،أنا ابن السراج المنير.و هي خطبة طويلة كرهت الإكثار بذكرها،و ذكر نظائرها.د.
ص: 120
ثم أمره يزيد،بالشخوص إلى المدينة مع النسوة من أهله و سائر بني عمّه،فانصرف بهم (1).
و قال سليمان بن قتّة يرثي الحسين (2):
مررت على أبيات آل محمد *** فلم أرها أمثالها يوم حلت (3)
ألم تر أن الشمس أضحت مريضة *** لفقد حسين و البلاد اقشعرت
و كانوا رجاء ثم صاروا رزية *** لقد عظمت تلك الرزايا و جلت (4)
أ تسألنا قيس فنعطي فقيرها *** و تقتلنا قيس إذا النعل زلت
***و عند غنيّ قطرة من دمائنا سنطلبها يوما بها حيث حلت
فلا يبعد اللّه الديار و أهلها *** و إن أصبحت منهم برغمي تخلّت
فإن قتيل الطّف من آل هاشم *** أذل رقاب المسلمين فذلت (5)
قال أبو الفرج:
و قد رثى الحسين بن علي-صلوات اللّه عليه-جماعة من متأخري الشعراء أستغني عن ذكرهم في هذا الموضع كراهية الإطالة.
و أما من تقدم (6)فما وقع إلينا شيء رثى به،و كانت الشعراء لا تقدم على ذلك مخافة من بني أمية،و خشية منهم.
و هذا آخر ما أخبرنا به من مقتله-صلوات اللّه عليه و رضوانه و سلامه-.1.
ص: 121
و أبو بكر بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام.
لا يعرف اسمه؛و أمّه الخوصاء بنت حفصة بن بكر بن وائل.
حدّثنا أحمد بن محمد بن شبيب،قال:حدّثنا أحمد بن الحرث الخراز (1)،عن المدائني،قال:
قتل أبو بكر بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب يوم الحرة (2)في الوقعة بين مسرف (3)ابن عقبة و بين أهل المدينة.
و عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و هو عون الأصغر،و الأكبر قتل مع الحسين بن علي.
و أم عون هذا جمانة بنت المسيب (4)بن نجبة بن ربيعة بن رياح بن عوف بن هلال بن ربيعة بن شمخ بن فزارة.
و أمها من بني مرة بن عوف الفزاري.
و المسيّب أحد أمراء التوابين الذين دعوا إلى الخروج على ابن زياد-لعنه اللّه-و الطلب بدم الحسين،فقتلوا بعين الوردة (5)،و له صحبة بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب،و قد شهد معه مشاهده.
ص: 122
و قتل عون يوم الحرة (1)حرة واقم،قتله أصحاب مسرف بن عقبة، أخبرني بذلك أحمد بن محمد بن شبيب،عن الخراز،عن علي بن نجم المدائني.
و عبيد اللّه (2)بن علي بن أبي طالب،و أمه ليلى بنت مسعود (3)بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم بن حنظلة.
قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة يوم المذار،و كان صار إلى المختار فسأله أن يدعو إليه و يجعل الأمر له،فلم يفعل،فخرج فلحق بمصعب بن الزبير (4)فقتل في الوقعة و هو لا يعرف (5).
و عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب.
و يكنى أبا هاشم،و أمه أم ولد،تدعى نائلة.
و كان لسنا خصما عالما،و كان وصي أبيه،و هو الذي يزعم الشيعة من أهل خراسان أنه ورث الوصية عن أبيه،و أنه كان الإمام،و أنه أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس (6)،و أوصى محمد إلى إبراهيم الإمام، فصارت الوصية في بني العباس من تلك الجهة (7).
ص: 123
و دس سليمان بن عبد الملك سما إليه،فمات منه بالحميمة من أرض الشام.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:حدّثني عبيد اللّه بن حمزة،و ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة،عن المدائني،عن غسان بن عبد الحميد قال:
وفد أبو هاشم إلى سليمان بن عبد الملك يقضي حوائجه،ثم تجهز للمسير إلى المدينة،فقدّم،ثقله و أتى سليمان ليودعه،فحبسه سليمان حتى تغدى معه في يوم شديد الحر،و خرج نصف النهار،و سار ليلحق الثقل فعطش في مسيره،فدس إليه سليمان شربة فلما شربها فتر فسقط،و أرسل رسولا إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس، و عبد اللّه بن الحرث بن نوفل،يعلمهما حاله فخرجا إليه فولياه حتى مات.و دفن بالحميمة في أرض الشام،و أوصى إلى محمد بن علي بن العباس (1).
و زيد بن علي (2)بن الحسين،بن علي بن أبي طالب،و يكنى أبا الحسين.
و أمه أم ولد أهداها المختار بن أبي عبيدة لعلي بن الحسين فولدت له زيدا، و عمر،و عليا،و خديجة.
حدثني محمد بن الحسين الخثعمي،و علي بن العباس،قالا:حدثنا عباد ابن يعقوب،قال:حدّثنا الحسين بن حماد أخو الحسن بن حماد،قال:حدّثنا زياد بن المنذر،قال:اشترى المختار بن أبي عبيدة جارية بثلاثين ألفا،فقال لها:أدبري.فأدبرت،ثم قال لها:أقبلي. فأقبلت،ثم قال:ما أدري أحدا
ص: 124
أحق بها من علي بن الحسين،فبعث بها إليه،و هي أم زيد بن علي.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا أحمد بن يحيى،قال:حدثنا الحسن بن الحسين الكندي،عن خصيب الوابشي قال:
كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه.
حدثني الحسن بن علي السلولي،قال:حدثنا أحمد بن راشد،قال:
حدثني عمي سعيد بن خيثم،قال:حدثني أبو قرة،قال:
خرجت مع زيد بن علي ليلا إلى الجبّان،و هو مرخي اليدين لا شيء معه،فقال لي:يا أبا قرة أجائع أنت؟قلت نعم،فناولني كمثراة ملء الكف ما أدري أريحها أطيب أم طعمها، ثم قال لي:يا أبا قرة أتدري أين نحن؟نحن في روضة من رياض الجنة،نحن عند قبر أمير المؤمنين علي،ثم قال لي:يا أبا قرة و الذي يعلم ما تحت وريد زيد بن علي إن زيد بن علي لم يهتك للّه محرما منذ عرف يمينه من شماله،يا أبا قرة من أطاع اللّه أطاعه ما خلق.
حدثني علي بن محمد،بن علي بن مهدي العطار،قال:حدّثنا أحمد بن يحيى،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،عن أبي داود العلوي (1)عن عاصم بن عبيد اللّه العمري قال ذكر عنده زيد بن علي فقال:أنا أكبر منه،رأيته بالمدينة و هو شاب يذكر اللّه عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل:ما يرجع إلى الدنيا.
حدّثنا أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسين (2)قال:حدّثنا هرون بن موسى،قال:سمعت محمد بن أيوب الرافقي يقول:
كانت المرجئة (3)و أهل النسك لا يعدلون بزيد أحدا.4.
ص: 125
حدّثني علي بن العباس المقانعي،و محمد بن الحسين الخثعمي،قالا:
حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي،قال حدّثنا الحسن بن الحسين،قال المقانعي:عن عبد اللّه بن حرب و قال الأشناني (1):عن عبد اللّه بن جرير، قال:
رأيت جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب،و يسوي ثيابه على السرج.
حدّثني علي بن العباس،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،قال:حدّثنا أبو معمر سعيد بن خيثم،قال:
كان بين زيد بن علي،و عبد اللّه بن الحسن مناظرة في صدقات علي،فكانا يتحاكمان إلى قاض من القضاة،فإذا قاما من عنده أسرع عبد اللّه إلى دابة زيد فأمسك له بالركاب.
حدّثني علي بن العباس،قال:حدّثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرنا محمد بن الفرات،قال:
رأيت زيد بن علي و قد أثر السجود بوجهه أثرا خفيفا.
حدّثنا محمد بن علي بن مهدي،قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن أبي عاصم،قال:حدّثنا عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،عن البابكي،و اسمه عبد اللّه بن مسلم بن بابك،قال:
خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل و استوت الثريا فقال:يا بابكي أما ترى هذه الثريا أترى أحدا ينالها؟قلت:لا،قال:و اللّه لوددت أن يدي ملصقة بها فأقع إلى الأرض أو حيث أقع،فأتقطع قطعة قطعة،0.
ص: 126
و أن اللّه أصلح بين أمة محمد(ص).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثنا الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،عن يحيى بن مساور،عن أبي الجارود،قال:
قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي ذاك حليف القرآن.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى،قال:سألت الحسن بن يحيى كم كانت سن زيد بن علي يوم قتل؟قال:اثنتان و أربعون سنة (1).
حدثني علي بن العباس،قال:حدثني اسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال:حدثنا محمد بن داود بن عبد الجبار،عن أبيه،عن جابر،عن أبي جعفر،قال:
قال رسول اللّه(ص)للحسين:«يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو و أصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرّا محجّلين،يدخلون الجنة بغير حساب».
حدثني محمد بن الحسين،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال أخبرنا خالد بن عيسى أبو زيد العكلي،عن عبد الملك بن أبي سليمان،قال:
قال رسول اللّه(ص):«يقتل رجل من أهل بيتي فيصلب لا ترى الجنة عين رأت عورته».
أخبرني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن قني، قال:حدّثنا محمد بن علي بن أخت خلاد المقرئ،قال:حدّثنا أبو حفص الأعشى،عن أبي داود المدني،عن علي بن الحسين،عن أبيه،عن علي، قال:5.
ص: 127
يخرج بظهر الكوفة رجل يقال له زيد في أبهة و الأبهة الملك لا يسبقه الأولون و لا يدركه الآخرون إلاّ من عمل بمثل عمله،يخرج يوم القيامة هو و أصحابه معهم الطّوامير أو شبه الطوامير حتى يتخطوا أعناق الخلائق تتلقاهم الملائكة فيقولون هؤلاء حلف الخلف،و دعاة الحق،و يستقبلهم رسول اللّه(ص) فيقول:«يا بني قد عملتم ما أمرتم به،فادخلوا الجنة بغير حساب».
حدّثني علي بن العباس،و محمد بن الحسين،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرنا الحسين بن زيد بن علي،عن ريطة بنت عبد اللّه بن محمد بن الحنفية،عن أبيها،قال:
مرّ زيد بن علي بن الحسين،على محمد بن الحنفية فرقّ له و أجلسه، و قال:أعيذك باللّه يا ابن أخي أن تكون زيدا المصلوب بالعراق،و لا ينظر أحد إلى عورته.و لا ينظره إلاّ كان في أسفل درك من جهنم.
حدثني محمد بن علي بن مهدي بالكوفة على سبيل المذاكرة،و نبأني أحمد بن محمد (1)في إسناده قال:حدثنا أبو سعيد الأشج (2)،قال:حدثنا عيسى بن كثير الأسدي،قال: حدثنا خالد مولى آل الزبير،قال:
كنا عند علي بن الحسين فدعا ابنا له يقال له زيد،فكبا لوجهه و جعل يمسح الدم عن وجهه و يقول:أعيذك باللّه أن تكون زيدا المصاب بالكناسة، من نظر إلى عورته متعمدا أصلى اللّه وجهه النار.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني أحمد بن محمد قني،قال:حدثنا محمد بن علي بن أخت خلاد،قال:حدثنا عثمان بن سعيد،قال:سعيد بن عمرو،عن يونس بن جناب،قال:
جئت مع أبي جعفر إلى الكتّاب فدعا زيدا فاعتنقه،و ألزق بطنه ببطنه و قال:أعيذك باللّه أن تكون صليب الكناسة.».
ص: 128
حدثنا علي بن العباس،قال:حدثنا محمد بن مروان،قال:حدثنا موسى الصفار عن محمد بن فرات،قال:
رأيت زيد بن علي يوم السبخة و على رأسه سحابة صفراء تظلّه من الشمس،تدور معه حيث ما دار.
حدثني الحسن بن علي،قال:حدثنا جعفر بن أحمد الأزدي،قال:
حدثنا حسين بن نصر،عن أبيه،عن أبي خالد،قال:
كان في خاتم زيد بن علي «أصبر تؤجر،و توقّ تنج».
حدثني علي بن أحمد بن حاتم،قال:حدثنا الحسين بن عبد الواحد، قال:حدثنا زكريا بن يحيى الهمداني،قال:حدثتني عمتي عزيزة بنت زكريا، عن أبيها،قال:
أردت الخروج إلى الحج فمررت بالمدينة فقلت:لو دخلت على زيد بن علي.فدخلت فسلمت عليه،فسمعته يتمثل (1):
و من يطلب المال الممنّع بالقنا *** يعش ماجدا أو تخترمه المخارم (2)
متى تجمع القلب الذّكي و صارما *** و أنفا حميّا تجتنبك المظالم
و كنت إذا قوم (3)***غزوني غزوتهم فهل أنا في ذا يال همدان ظالم
قال:فخرجت من عنده و ظننت أن في نفسه شيئا،و كان من أمره ما كان.
(مقتل زيد بن علي و السبب فيه) حدّثني به محمد بن علي بن شاذان،قال:حدثنا أحمد بن راشد،قال:
حدثني عمي أبو معمر سعيد بن خيثم،و حدثني علي بن العباس،قال:أخبرنا».
ص: 129
محمد بن مروان قال:حدثنا زيد بن المعذل النمري،قال:أخبرنا يحيى بن صالح الطيانسي،و كان قد أدرك زمان زيد بن علي،و حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا المنذر بن محمد،قال:حدثنا أبي،قال:حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي،قال:حدثنا أبو مخنف،و أخبرني المنذر بن محمد في كتابه إليّ بإجازته أن أرويه عنه من حيث دخل،يعني حديث بعضهم في حديث الآخرين،و ذكرت الاتفاق بينهم مجملا،و نسبت ما كان من خلاف في رواية إلى رواية.
قالوا (1):كان أول أمر زيد بن علي-صلوات اللّه عليه-أن خالد بن عبد اللّه القسري (2)ادعى مالا قبل زيد بن علي،و محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،و داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس،و سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (3)،و أيوب بن سلمة بن عبد اللّه بن عباس بن الوليد بن المغيرة (4)المخزومي.
و كتب فيهم يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم،عامل هشام على العراق،إلى هشام،و زيد بن علي،و محمد بن عمر يومئذ بالرصافة.و زيد يخاصم الحسن بن الحسن في صدقة رسول اللّه(ص).
فلما قدمت كتب يوسف،بعث إليهم فذكر ما كتب به يوسف،فأنكروا فقال لهم هشام:فإنا باعثون بكم إليه يجمع بينكم و بينه.
قال له زيد:أنشدك اللّه و الرحم أن لا تبعث بنا إلى يوسف.قال له هشام:و ما الذي تخاف من يوسف؟قال:أخاف أن يتعدى علينا.فدعا هشام كاتبه فكتب إلى يوسف:
«أما بعد،فإذا قدم عليك زيد،و فلان،و فلان،فاجمع بينهم و بينه،».
ص: 130
فإن أقروا بما ادعى عليهم فسرح بهم إليّ،و إن هم أنكروا فاسأله البينة،فإن لم يقمها فاستحلفهم بعد صلاة العصر باللّه الذي لا إله إلاّ هو ما استودعهم وديعة (1)،و لا له قبلهم شيء،ثم خل سبيلهم».
فقالوا لهشام:إنا نخاف أن يتعدى كتابك[و يطول علينا].قال:كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرغ و يعجل.قالوا:
جزاك اللّه عن الرحم خيرا،لقد حكمت بالعدل.
فسرح بهم إلى يوسف،و هو يومئذ بالحيرة،فاجتنبوا أيوب بن سلمة لخؤولته من هشام و لم يؤخذ بشيء من ذلك (2).فلما قدموا على يوسف دخلوا عليه فسلموا،فأجلس زيدا قريبا منه،و لا طفه في المسألة،ثم سألهم عن المال فأنكروا،فأخرجه يوسف إليهم،و قال:هذا زيد بن علي،و محمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال:ما لي قبلهما قليل و لا كثير.قال له يوسف:أفبي كنت تهزأ و بأمير المؤمنين؟ فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله.
ثم أخرج زيدا و أصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم، فحلفوا،فكتب يوسف إلى هشام يعلمه ذلك،فكتب إليه هشام خل سبيلهم، فخلى سبيلهم.
فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما،و جعل يوسف يستحثه بالخروج فيعتل عليه بالشغل و بأشياء يبتاعها،فألح عليه حتى خرج، فأتى القادسية.
ثم إن الشيعة لقوا زيدا (3)فقالوا له:أين تخرج عنا-رحمك اللّه-و معك مائة ألف سيف من أهل الكوفة و البصرة و خراسان يضربون بني أمية بها دونك، و ليس قبلنا من أهل الشام إلاّ عدة يسيرة. فأبى عليهم،فما زالوا يناشدونه حتى8.
ص: 131
رجع بعد أن أعطوه العهود و المواثيق.فقال له محمد بن عمر:أذكرك اللّه يا أبا الحسين لما لحقت بأهلك و لم تقبل قول أحد من هؤلاء الذين يدعونك،فإنهم لا يفون لك،أ ليسوا أصحاب جدك الحسين بن علي؟قال:أجل.و أبى أن يرجع.
و أقبلت الشيعة و غيرهم يختلفون إليه،و يبايعون حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة، سوى أهل المدائن،و البصرة، و واسط،و الموصل و خراسان،و الري،و جرجان.
و أقام بالكوفة بضعة عشر شهرا،و أرسل دعاته إلى الآفاق و الكور، يدعون الناس إلى بيعته،فلما دنا خروجه أمر أصحابه بالاستعداد و التهيؤ فجعل من يريد أن يفي له يستعد،و شاع ذلك فانطلق سليمان بن سراقة البارقي إلى يوسف بن عمر،و أخبره خبر زيد،فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعى إليه أنه عندهما فأتى بهما يوسف فلما كلّمهما استبان أمر زيد و أصحابه،و أمر بهما يوسف فضربت أعناقهما،و بلغ الخبر زيدا-صلوات اللّه عليه-فتخوف أن يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه و بين أهل الأمصار،و استتب لزيد خروجه، و كان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنين و عشرين و مائة فخرج قبل الأجل.
و بلغ ذلك يوسف بن عمر (1)فبعث الحكم بن الصلت يأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحضرهم فيه،فبعث الحكم إلى العرفاء،و الشرط، و المناكب،و المقاتلة،فأدخلوهم المسجد،ثم نادى مناديه:أيما رجل من العرب و الموالي أدركناه في رحبة (2)المسجد فقد برئت منه الذمة؛ائتوا المسجد الأعظم.
فأتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد.و طلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق[بن زيد بن حارثة الأنصاري] (3)،فخرج ليلا،و ذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم،في ليلة شديدة البرد،من دار معاوية بن إسحاق،ي.
ص: 132
فرفعوا الهرادي فيها النيران،و نادوا بشعارهم شعار رسول اللّه:«يا منصور أمت»، فما زالوا كذلك حتى أصبحوا،فلما أصبحوا بعث زيد-عليه السلام- القاسم بن عمر التبعي،و رجلا آخر،يناديان بشعارهما.و قال سعيد بن خيثم في رواية القاسم بن كثير بن يحيى بن صالح بن يحيى بن عزيز بن عمرو بن مالك بن خزيمة التّبعي و سمى الآخر الرجل،و ذكر أنه صدام.
قال سعيد:و بعثني أيضا و كنت رجلا صيّتا أنادي بشعاره.
قال:و رفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من ميمنتهم،و نادى بشعار زيد.فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهما جعفر بن العباس الكندي، فشدوا عليه،و على أصحابه فقتل الرجل الذي كان مع القاسم،و ارتثّ القاسم فأتى به الحكم بن الصلت فكلّمه فلم يرد عليه،فأمر به فضربت عنقه على باب القصر،و كان أول قتيل منهم رضوان اللّه عليه.
قال سعيد بن خيثم:قالت بنته سكينة:
عين جودي لقاسم بن كثير *** بدرور من الدموع غزير
***أدركته سيوف قوم لئام من أولي الشرك و الردى و الشّرور
سوف أبكيك ما تغنّى حمام *** فوق غصن من الغصون نضير
قال أبو مخنف:و قال يوسف بن عمر و هو بالحيرة:من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم؟.
قال عبد اللّه بن العباس المنتوف الهمداني (1):أنا آتيك بخبرهم،فركب في خمسين فارسا،ثم أقبل حتى أتى جبانة سالم فاستخبر،ثم رجع إلى يوسف فأخبره،فلما أصبح يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل[عليه و] (2)معه قريش،و أشراف الناس،و أمير شرطته يومئذ العباس بن سعيد المزني (3).
قال:و بعث الريان بن سلمة البلوي (4)في نحو من ألفي فارس و ثلثمائة».
ص: 133
من القيقانية رجالة ناشبة.
قال:و أصبح زيد بن علي و جميع من وافاه تلك الليلة مائتان و ثمانية عشر من الرجالة، فقال زيد بن علي-عليه السلام-سبحان اللّه فأين الناس؟قيل:
هم محصورون في المسجد،فقال:لا و اللّه ما هذا لمن بايعنا بعذر.
قال (1):و أقبل نصر بن خزيمة إلى زيد فتلقاه عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت في خيل من جهينة عند دار الزبير بن أبي حكيمة في الطريق الذي يخرج إلى مسجد بني عدي فقال:يا منصور أمت،فلم يرد عليه عمر شيئا، فشد نصر عليه و على أصحابه فقتله،و انهزم من كان معه.
و أقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصيادين (2)و بها خمسمائة من أهل الشام،فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم،ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم.ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة،و يوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد و أصحابه و هم يكرون،و لو شاء زيد أن يقتل يوسف يومئذ قتله (3).
ثم إن زيدا أخذ ذات اليمين على مصلى خالد بن عبد اللّه حتى دخل الكوفة،فقال بعض أصحابه لبعض:ألا ننطلق إلى جبانة كندة،فما زاد الرجل أن تكلم بهذا إذ طلع أهل الشام عليهم،فلما رأوهم دخلوا زقاقا ضيقا فمضوا فيه،و تخلّف رجل منهم فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين،ثم خرج إليهم فضاربهم بسيفه و جعلوا يضربونه بأسيافهم،ثم نادى رجل منهم فارس مقنع بالحديد:اكشفوا المغفر عن وجهه و اضربوا رأسه بالعمود،ففعلوا،فقتل الرجل،و حمل أصحابه عليهم فكشفوهم عنه،و اقتطع أهل الشام رجلا منهم فذهب ذلك الرجل حتى دخل على عبد اللّه بن عوف بن الأحمر فأسروه،و ذهبوا به إلى يوسف بن عمر فقتله (4).8.
ص: 134
و أقبل زيد بن علي فقال:يا نصر بن خزيمة أتخاف أهل الكوفة أن يكونوا فعلوها حسينية؟.
قال:جعلني اللّه فداك أما أنا فو اللّه لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت.
ثم خرج بهم زيد يقودهم نحو المسجد،فخرج إليه عبيد اللّه بن العباس الكندي في أهل الشام،فالتقوا على باب عمر بن سعد،فانهزم عبيد اللّه بن العباس و أصحابه حتى انتهوا إلى دار عمر بن حريث،و تبعهم زيد عليه السلام حتى انتهوا إلى باب الفيل،و جعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب و يقولون:يا أهل المسجد اخرجوا،و جعل نصر بن خزيمة يناديهم: يا أهل الكوفة اخرجوا من الذل إلى العز،و إلى الدين و الدنيا.
قال:و جعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد بالحجارة،و كانت يومئذ مناوشة بالكوفة في نواحيها.و قيل:في جبانة سالم.
و بعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق،فقاتلوا زيدا-عليه السلام-قتالا شديدا.و خرج من أهل الشام جرحى كثيرة،و شلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم،فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء و هم أسوأ شيء ظنا.
فلما كان غداة يوم الخميس دعى يوسف بن عمر الريان بن سلمة فأفف به (1).فقال له:أف لك من صاحب خيل.و دعا العباس بن سعد المزني (2)صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام، فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق،و خرج إليهم زيد و على مجنبته نصر بن خزيمة،و معاوية بن إسحاق، فلما رآهم العباس نادى:يا أهل الشام[الأرض].فنزل ناس كثير.و اقتتلوا قتالا شديدا في المعركة،و قد كان رجل من أهل الشام من بني عبس يقال له نائل بن فروة (3)قال ليوسف:و اللّه لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو».
ص: 135
ليقتلني.فقال له يوسف:خذ هذا السيف.فدفع إليه سيفا لا يمر بشيء إلاّ قطعه.فلما التقى أصحاب العباس بن سعد،و أصحاب زيد.أبصر نائل- لعنه اللّه-نصر بن خزيمة-رضوان اللّه عليه فضربه فقطع فخذه،و ضربه نصر فقتله،و مات نصر رحمه اللّه.
ثم إن زيدا-عليه السلام-هزمهم،و انصرفوا يومئذ بأسوأ حال (1)فلما كان العشي عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد،و أقبلوا حتى التقوا فحمل عليهم زيد فكشفهم،ثم تبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة،ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم فأخذوا على المسنّاة.
ثم ظهر لهم زيد فيما بين بارق و رؤاس (2)فقاتلهم قتالا شديدا.و صاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له:عبد الصمد.
قال سعيد بن خيثم:
و كنا مع زيد في خمسمائة،و أهل الشام اثنا عشر ألفا-و كان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا-إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول اللّه(ص)،فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته و جعل يقول:أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول اللّه(ص)؟أما أحد يغضب لرسول اللّه(ص)؟أما أحد يغضب للّه؟قال:ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة.قال:و كان الناس فرقتين نظارة و مقاتلة.قال سعيد:
فجئت إلى مولى فأخذت منه مشملا كان معه، ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه و أنا متمكن منه بالمشمل،فوقع رأسه بين يدي بغلته،ثم رميت جيفته عن السرج،و شد أصحابه عليّ حتى كادوا يرهقونني،و كبّر أصحاب زيد و حملوا عليهم و استنقذوني،فركبت فأتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني و يقول:أدركت و اللّه ثأرنا،أدركت و اللّه شرف الدنيا و الآخرة و ذخرها،إذهب بالبغلة فقد نفلتكها.
قال (3):و جعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد بن علي.فبعث5.
ص: 136
العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية، و سأله أن يبعث إليه الناشبة،فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية و هم نجارية،و كانوا رماة،فجعلوا يرمون أصحاب زيد.و قاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا،فقتل بين يدي زيد.و ثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمى زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ،فرجع و رجع أصحابه،و لا يظن أهل الشام[أنهم] (1)رجعوا إلاّ للمساء و الليل.
قال أبو مخنف:فحدّثني سلمة بن ثابت،و كان من أصحاب زيد،و كان آخر من انصرف عنه هو و غلام لمعاوية بن إسحاق،قال:
أقبلت أنا و أصحابي نقتفي أثر زيد (2)فنجده قد دخل بيت حرّان بن أبي كريمة في سكة البريد في دور أرحب و شاكر،فدخلت عليه[فقلت له جعلني اللّه فداك أبا الحسين] (3)و انطلق ناس من أصحابه فجاؤا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دواس (4).فقال له:إنك إن نزعته من رأسك مت.
قال:الموت أيسر عليّ مما أنا فيه.
قال:فأخذ الكلبتين فانتزعه،فساعة انتزاعه مات صلوات اللّه عليه.
قال القوم:أين ندفنه؟و أين نواريه؟ فقال بعضهم نلبسه درعين،ثم نلقيه في الماء.
و قال بعضهم:لا،بل نحتز رأسه،ثم نلقيه بين القتلى.
قال:فقال يحيى بن زيد:لا و اللّه لا يأكل لحم أبي السباع.
و قال بعضهم:نحمله إلى العباسية فندفنه فيها.فقبلوا رأيي.
قال:فانطلقنا فحفرنا له حفرتين و فيها يومئذ ماء كثير،حتى إذا نحن».
ص: 137
مكّنّا له دفنّاه ثم أجرينا عليه الماء،و معنا عبد سندي.قال سعيد بن خيثم في حديثه:عبد حبشي كان مولى لعبد الحميد الرؤاسي و كان معمر بن خيثم قد أخذ صفقته لزيد،و قال يحيى بن صالح:هو مملوك لزيد سندي و كان حضرهم.
قال أبو مخنف عن كهمس،قال:كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس،فرآهم حيث دفنوه،فلما أصبح أتى الحكم بن الصلت،فدلهم على موضع قبره،فسرح إليه يوسف بن عمر العباس بن سعيد المزني (1).قال أبو مخنف:بعث الحجاج بن القاسم فاستخرجوه على بعير (2).
قال هشام فحدّثني نصر بن قابوس قال:فنظرت و اللّه إليه حين أقبل به على جمل قد شدّ بالحبال،و عليه قميص أصفر هروي،فألقى من البعير على باب القصر فخرّ كأنه جبل.فأمر به فصلب بالكناسة،و صلب معه معاوية بن إسحاق،و زياد الهندي،و نصر بن خزيمة العبسي (3).
قال أبو مخنف:و حدثني عبيد بن كلثوم:أنه وجه برأس زيد مع زهرة بن سليم،فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج،فانصرف و أتته جائزته من عند هشام.
فحدّثني الحسن بن علي الأدمي،قال:حدثنا أبو بكر الجبلي،قال:
حدثنا عبد اللّه بن عبد الرحمن العنبري،قال:حدثنا موسى بن محمد،قال:
حدثنا الوليد بن محمد الموقري،قال:
كنت مع الزهري بالرّصافة فسمع أصوات لعابين.فقال لي:يا وليد، أنظر ما هذا،فأشرفت من كوّة في بيته فقلت:هذا رأس زيد بن علي،فاستوى جالسا ثم قال:
أهلك أهل هذا البيت العجلة.فقلت:أو يملكون؟قال:حدثني علي بن الحسين،عن أبيه،عن فاطمة أن رسول اللّه(ص)قال لها:المهدي من ولدك.ي.
ص: 138
قال أبو مخنف:حدثني موسى بن أبي حبيب:أنه مكث مصلوبا إلى أيام الوليد بن يزيد،فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف:
«أما بعد.فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه،و انسفه في اليم نسفا،و السلام».
فأمر به يوسف-لعنه اللّه-عند ذلك خراش بن حوشب (1).فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار،ثم جعله في قواصر،ثم حمله في سفينة،ثم ذراه في الفرات.
حدثني الحسن بن عبد اللّه،قال:حدثنا جعفر بن يحيى الأزدي،قال:
حدثنا محمد بن علي بن أخت خلاد المقري،قال:حدثنا أبو نعيم الملائي عن سماعة بن موسى الطحان،قال:
رأيت زيد بن علي مصلوبا بالكناسة فما رأى أحد له عورة،استرسل جلد من بطنه،من قدامه و من خلفه حتى ستر عورته.
حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثني الحسين بن محمد بن عفير،قال:
حدثنا أبو حاتم الرازي،قال:حدثنا عبد اللّه بن أبي بكر العتكي،عن جرير بن حازم،قال:رأيت النبي(ص)في المنام،و هو متساند إلى جذع زيد بن علي و هو مصلوب،و هو يقول للناس:«أ هكذا تفعلون بولدي».
حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن بن جعفر،قال:
قتل زيد بن علي يوم الجمعة في صفر سنة إحدى و عشرين و مائة.8.
ص: 139
(تسمية من عرف ممن خرج مع زيد بن علي) من أهل العلم و نقلة الآثار و الفقهاء قال علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني:حدثنا علي بن العباس، و محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:حدثنا مطلب بن زياد،عن ليث،قال:
جاء منصور بن المعتمر يدعو إلى الخروج مع زيد بن علي.
حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثنا أبو عبد اللّه الصيرفي،قال:حدثنا فضل بن الحسن المصري،قال:سمعت أبا نعيم يقول:
أبطأ منصور عن زيد لما بعثه يدعو إليه،فقتل زيد و منصور غائب عنه، فصام سنة يرجو أن يكفّر ذلك عنه تأخره.ثم خرج بعد ذلك مع عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر (1).
حدثني أحمد بن محمد،قال:أخبرني الحسين بن هاشم في كتابه إليّ، قال:حدثنا علي بن إبراهيم بن معلى،قال:حدّثنا عمرو بن عبد الغفار،عن عبدة بن كثير السراج الجرمي،قال:
قدم يزيد بن أبي زياد،مولى بني هاشم،صاحب عبد الرحمن بن أبي ليلى الرقّة،يدعو الناس إلى بيعة زيد بن علي،و كان من دعاة زيد بن علي،و أجابه ناس من أهل الرقّة،و كنت فيمن أجابه.
حدّثنا علي بن الحسين،قال:حدّثني علي بن العباس،قال:حدّثنا أحمد بن يحيى،قال:حدّثنا عبد اللّه بن مروان بن معاوية،قال:سمعت محمد بن جعفر بن محمد في دار الإمارة يقول:
رحم اللّه أبا حنيفة.لقد تحققت مودّته لنا في نصرته زيد بن علي،و فعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا،و دعا عليه (2).ة.
ص: 140
حدثنا علي بن الحسين،قال:أخبرنا الحسين بن القاسم،قال:حدثنا علي بن إبراهيم،قال:حدثنا عمرو بن عبد الغفار،عن عبدة بن كثير الجرمي،قال:
كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب،و هو يومئذ قاضي المدائن، فأجابه و بايع له.
حدثنا علي بن الحسين،قال:أخبرنا الحسين بن القاسم،قال:حدثنا علي بن إبراهيم،قال:حدثنا عمرو،قال حدثني عطاء بن مسلم،عن سالم بن أبي الحديد، قال:
أرسلني زيد بن علي إلى زبيد الإمامي أدعوه إلى الجهاد معه.
حدثنا علي بن الحسين،قال:أخبرني الحسين،قال:حدّثنا علي بن إبراهيم،قال:حدّثنا عمرو،عن الفضل بن الزبير،قال:
قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس؟.
قال:قلت سليمة بن كهيل،و يزيد بن أبي زياد،و هرون بن سعد، و هاشم بن البريد،و أبو هاشم الرّماني،و الحجاج بن دينار،و غيرهم.
فقال لي:قل لزيد لك عندي معونة و قوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت و أصحابك في الكراع (1)و السلاح؛ثم بعث ذلك معي إلى زيد،فأخذه زيد.
[حدثنا علي بن الحسين]،قال:حدثني أبو عبيدة الصيرفي،قال:
حدثنا الفضل بن الحسين المصري،قال:حدثنا العباس العنبري،قال:
حدثنا أبو الوليد،قال:حدثنا أبو عوانة،قال:
فارقني سفيان (2)على أنه زيدي.ة.
ص: 141
حدثني علي بن الحسن بن القاسم،قال:حدثنا علي بن إبراهيم،قال:
حدثنا عمرو بن عبد الغفار[عن عبدة بن كثير] (1)،قال:
كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي،و الحسن بن سعد الفقيه.
حدثنا علي بن الحسين قال:أخبرني الحسين قال:حدثنا علي بن إبراهيم،قال:حدثنا عمرو بن عبد الغفار،قال:حدثني شريك،قال:
إني لجالس عند الأعمش أنا،و عمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري،إذ جاءنا عثمان بن عمير أبو اليقظان الفقيه،فجلس إلى الأعمش فقال:أخلنا فإن لنا إليك حاجة.فقال:و ما خطبكم هذا شريك،و هذا عمرو بن سعيد أذكر حاجتك.فقال:أرسلني إليك زيد بن علي أدعوك إلى نصرته و الجهاد معه،و هو من عرفت.قال:أجل؛ما أعرفني بفضله.أقرئاه مني السلام،و قولا له:يقول لك الأعمش لست أثق لك-جعلت فداك- بالناس،و لو أنا وجدنا لك ثلثمائة رجل أثق بهم لغيّرنا لك جوانبها.
حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:
حدثنا محمد بن زيد (2)الثقفي. قال:حدثنا أحمد بن محمد بن عمران بن أبي ليلى،قال:حدثني أبي،قال:
كان محمد بن أبي ليلى،و منصور بن المعتمر،بايعا زيد بن علي.قال:
و بعث يوسف بن عمر إلى الناس فأخذ عليهم أبواب المسجد فحال بينه و بينهم.
حدثنا علي بن الحسين قال:حدّثني الحسين بن محمد بن عفير [الأنصاري]قال:حدثنا يوسف بن موسى القطان،قال:حدثنا حكام بن مسلم،قال:حدثنا عنبسة بن سعيد الأسدي:».
ص: 142
أنا أبا حصين قال لقيس بن الربيع:يا قيس.قال:لبيك.قال:لا لبيك،و لا سعديك،لتبايعن رجلا من ولد رسول اللّه(ص)ثم تخذله،و ذلك أنه بلغه أنه بايع زيد بن علي.
و قال فضل بن العباس بن عبد الرحمن بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب يرثي زيد بن علي عليه السلام:
ألا يا عين لا ترقى وجودي *** بدمعك ليس ذا حين الجمود
غداة ابن النبي أبو حسين *** صليب بالكناسة فوق عود
يظل على عمودهم و يمسي *** بنفسي أعظم فوق العمود
تعدى الكافر الجبار فيه *** فأخرجه من القبر اللحيد (1)
فظلوا ينبشون أبا حسين *** خضيبا بينهم بدم جسيد
***فطال به تلعبهم عتوًّا و ما قدروا على الرّوح الصّعيد
و جاور في الجنان بني أبيه *** و أجدادا هم خير الجدود
فكم من والد لأبي حسين *** من الشهداء أو عم شهيد
و من أبناء أعمام سيلقى *** هم أولى به عند الورود
دعاه معاشر نكثوا أباه *** حسينا بعد توكيد العهود
فسار إليهم حتى أتاهم *** فما أرعوا على تلك العقود
و كيف تظنّ بالعبرات عيني *** و تطمع بعد زيد في الهجود
و كيف لها الرقاد و لم تراءى *** جياد الخيل تعدوا بالأسود
تجمع للقبائل من معد *** و من قحطان في حلق الحديد
كتائب كلّما أردت قتيلا *** تنادت:أن إلى الأعداء عودي
بأيديهم صفائح مرهفات *** صوارم أخلصت من عهد هود
بها نسقي النفوس إذا التقينا *** و نقتل كل جبّار عنيد
و نحكم في بني الحكم العوالي *** و نجعلهم بها مثل الحصيد».
ص: 143
و ننزل بالمعيطيين حربا *** عمارة منهم و بنو الوليد
و إن تمكن صروف الدهر منكم *** و ما يأتي من الأمر الجديد (1)
نجازيكم بما أوليتمونا *** قصاصا أو نزيد على المزيد
و نترككم بأرض الشام صرعى *** و شتى من قتيل أو طريد
تنوء بكم خوامعها (2)***و طلس و ضاري الطير من بقع و سود
و لست بآيس من أن تصيروا *** خنازيرا و أشباه القرود
و قال أبو ثميلة الأبّار يرثي زيدا عليه السلام:
يا أبا الحسين أعار فقدك لوعة *** ما لقيت منها يكمد
فقد السهاد و لو سواك رمت به الأ *** قدار حيث رمت به لم يسهد (3)
و نقول:لا تبعد،و بعدك داؤنا *** و كذاك من يلق المنية يبعد
كنت المؤمّل للعظائم و النهى *** ترجى لأمر الأمة المتأوّد
فقتلت حين رضيت كل مناضل *** و صعدت في العلياء كل مصعد
فطلبت غاية سابقين فنلتها *** باللّه في سير كريم المورد
و أبى إلهك أن تموت و لم تسر *** فيهم بسيرة صادق مستنجد
و القتل في ذات الإله سجية *** منكم و أحرى بالفعال الأمجد
و الناس قد أمنوا،و آل محمد *** من بين مقتول و بين مشرّد
نصب إذا ألقى الظلام ستوره *** رقد الحمام،و ليلهم لم يرقد
يا ليت شعري و الخطوب كثيرة *** أسباب موردها و ما لم يورد
***ما حجة المستبشرين بقتله بالأمس أو ما عذر أهل المسجد».
ص: 144
و يحيى بن زيد (1)بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
و أمه ريطة بنت أبي هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية،و إيّاها عنى أبو ثميلة الأبّار بقوله:
فلعلّ راحم أم موسى و الذي *** نجاه من لجج خضم مزبد
***سيسرّ ريطة بعد حزن فؤادها يحيى و يحيى في الكتائب يرتدي
و أم ريطة بنت أبي هاشم ريطة بنت الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب.و أمها ابنة المطلب بن أبي وداعة السهمي.
(2) حدثنا علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني،قال:أخبرني به محمد بن علي بن شاذان،قال:حدثنا أحمد بن راشد،قال:حدثني عمي سعيد بن خيثم بن أبي الهادية العبدي.حدثنا علي بن الحسين،قال:أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثني المنذر بن محمد،قال:حدثني أبي،قال:
حدثنا هشام بن محمد عن أبي مخنف عن سلمة بن ثابت[الليثي] (3)قال:
و خبرنيه أبو المنذر في كتابه إليّ بمثله.حدثنا علي،قال:أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي،قال:قال أبو مخنف لوط بن يحيى،حدثنا علي،قال:و أخبرني علي بن العباس المقانعي،قال:
حدثنا محمد بن مروان،قال:حدثنا زيد بن المعذل،قال:حدثنا يحيى بن صالح الطيالسي،عن أبي مخنف،عن عبيدة بن كلثوم.حدثنا علي،قال:
ص: 145
و أخبرني الحسين بن القاسم،قال:حدثنا علي بن إبراهيم،قال:حدّثنا عمرو بن عبد الغفار،قال:حدثنا سلم الحذاء،و قد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين.
قالوا:إن زيد بن علي لما قتل،و دفنه يحيى ابنه،رجع و أقام بجبانة السبيع،و تفرّق الناس عنه،فلم يبق معه إلاّ عشرة نفر.قال سلمة بن ثابت:
فقلت له أين تريد؟قال:أريد النهرين،و معه أبو الصبار العبدي،قال:
فقلت له:إن كنت تريد النهرين فقاتل ها هنا حتى نقتل.قال:أريد نهري كربلاء.فقلت له:فالنجاء قبل الصبح.قال:فخرجنا معه،فلما جاوزنا الأبيات سمعنا الأذان فخرجنا مسرعين. فكلما استقبلني قوم استطعمتهم فيطعمونني الأرغفة فأطعمه إيّاها و أصحابي حتى أتينا نينوى،فدعوت سابقا فخرج من منزله و دخله يحيى،و مضى سابق إلى الفيوم (1).فأقام به و خلف يحيى في منزله.قال سلمة:و مضيت و خلّيته،و كان آخر عهدي به.
قالوا:و خرج يحيى بن زيد إلى المدائن،و هي إذ ذاك طريق الناس إلى خراسان،و بلغ ذلك يوسف بن عمر فسرّح في طلبه حريث بن أبي الجهم الكلبي،فورد المدائن و قد فاته يحيى،و مضى حتى أتى الرّي.
قالوا:و كان نزوله بالمدائن على دهقان من أهلها إلى أن خرج منها.
قالوا:ثم خرج من الري حتى أتى سرخس فأتى يزيد بن عمرو التيمي، و دعى الحكم بن يزيد أحد بني أسيد بن عمرو،و كان معه،و أقام عنده ستة أشهر.و على الحرب بتلك الناحية رجل يعرف بابن حنظلة من قبل عمر بن هبيرة.و أتاه ناس من المحكمة يسألونه أن يخرج معهم ليقاتلوا بني أمية،فأراد لما رأى من نفاذ رأيهم أن يفعل،فنهاه يزيد بن عمرو و قال:كيف تقاتل بقوم تريد أن تستظهر بهم على عدوك و هم يبرؤون من علي و أهل بيته.فلم يطمئن إليهم غير أنه قال لهم جميلا.
ثم خرج فنزل ببلغ على الحريش بن عبد الرحمن الشيباني (2)فلم يزل عنده».
ص: 146
حتى هلك هشام بن عبد الملك لعنه اللّه،و ولى الوليد بن يزيد،و كتب يوسف إلى نصر بن سيّار،و هو عامل على خراسان حين أخبر أن يحيى بن زيد نازل بها،و قال:ابعث إلى الحريش (1). حتى يأخذ بيحيى أشد الأخذ،فبعث نصر إلى عقيل بن معقل الليثي،و هو عامله على بلخ،أن يأخذ الحريش فلا يفارقه حتى تزهق نفسه أو يأتيه بيحيى بن زيد،فدعى به فضربه ستمائة سوط، و قال:و اللّه لأزهقن نفسك أو تأتيني به.
فقال:و اللّه لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه فاصنع ما أنت صانع.
فوثب قريش بن الحريش فقال لعقيل:لا تقتل أبي،و أنا آتيك بيحيى،فوجّه معه جماعة فدلهم عليه،و هو في بيت في جوف بيت،فأخذوه و معه يزيد بن عمر،و الفضل مولى لعبد القيس كان معه من الكوفة،فبعث به عقيل إلى نصر بن سيّار فحبسه و قيّده،و جعله في سلسلة،و كتب إلى يوسف بن عمرو فأخبره بخبره (2).
حدثنا علي بن الحسين،قال:فحدّثني محمد بن العباس البريدي، قال:أخبرني الرياشي،قال:
قال رجل من بني ليث يذكر ما صنع بيحيى بن زيد:
أليس بعين اللّه ما تصنعونه *** عشيّة يحيى موثق في السلاسل
ألم تر ليثا ما الذي حتمت به *** لها الويل في سلطانها المتزايل
لقد كشفت للناس ليث عن استها *** أخيرا و صارت ضحكة في القبائل
كلاب عوت لا قدس اللّه أمرها *** فجاءت بصيد لا يحل لآكل
حدثنا علي،قال:أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،عن يحيى بن الحسن أن هذا الشعر لعبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
حدثنا (3)علي بن الحسين،قال:فحدّثني عيسى بن الحسين الوراق،ة.
ص: 147
قال:حدثنا علي بن محمد النوفلي،قال:حدثني أبي،عن عمه عيسى،قال:
لما أطلق يحيى بن زيد،و فكّ حديده،صار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحداد الذي فكّ قيده من رجله فسألهم أن يبيعهم إيّاه، و تنافسوا فيه و تزايدوا حتى بلغ عشرين ألف درهم،فخاف أن يشيع خبره فيؤخذ منه المال.فقال لهم:اجمعوا ثمنه بينكم فرضوا بذلك،و أعطوه المال فقطّعه قطعة قطعة، و قسّمه بينهم،فاتخذوا منه فصوصا للخواتيم يتبركون بها.
رجع الحديث إلى سياقه:
قال:فكتب يوسف بن عمر إلى الوليد-لعنه اللّه-يعلمه ذلك (1)، فكتب إليه يأمره أن يؤمنه،و يخلي سبيله و سبيل أصحابه،فكتب يوسف بذلك إلى نصر بن سيّار فدعى به نصر فأمره بتقوى اللّه و حذّره الفتنة.
فقال له يحيى:و هل في أمة محمد فتنة أعظم مما أنتم فيه من سفك الدماء و أخذ ما لستم له بأهل؟.
فلم يجبه نصر بشيء،و أمر له بألفي درهم و نعلين،و تقدم إليه أن يلحق بالوليد.فخرج يحيى حتى قدم سرخس،و عليها عبد اللّه بن قيس بن عباد البكري،فكتب إليه نصر أن أشخص يحيى عن سرخس.و كتب إلى الحسن بن زيد التميمي عامله على طوس:
إذا مرّ بك يحيى فلا تدعه يقيم ساعة،و أرسله إلى عمرو بن زرارة بأبرشهر ففعلوا ذلك (2).و وكل به سرحان بن نوح العنبري،و كان على مسلحة المتعب.فذكر يحيى بن زيد نصر بن سيّار فطعن عليه،كأنه إنما فعل ذلك مستقلا لما أعطاه،و ذكر يوسف بن عمر فعرض به،و ذكر أنه يخاف غيلته إيّاه، ثم كف عن ذكره فقال له الرجل:قل ما أحببت-رحمك اللّه-فليس عليك مني عين (3).».
ص: 148
فقال:العجب لهذا الذي يقيم الأحراس عليّ، و اللّه لو شئت أن أبعث إليه فأوتي به و آمر من يتوطاه لفعلت ذلك-يعني الحسن بن زيد التميمي-.
قال:فقلت له:و اللّه ما لك فعل هذا،إنما هو رسم في هذا الطريق لتشبث الأموال.
قال:ثم أتينا عمرو بن زرارة بأبرشهر،فأعطى يحيى ألف درهم نفقة له،ثم أشخصه إلى بيهق،فأقبل يحيى من بيهق،و هي أقصى عمل خراسان في سبعين رجلا،راجعا إلى عمرو بن زرارة،و قد اشترى دواب،و حمل عليها أصحابه.فكتب عمرو إلى نصر بن سيار بذلك،فكتب نصر إلى عبد اللّه بن قيس بن عباد البكري عامله بسرخس،و الحسن بن زيد عامله بطوس،أن يمضيا إلى عامله عمرو بن زرارة،و هو على أبرشهر،و هو أمير عليهم،ثم يقاتلوا يحيى بن زيد.
قال:فأقبلوا إلى عمرو،و هو مقيم بأبرشهر فاجتمعوا معه فصار في زهاء عشرة آلاف. و خرج يحيى بن زيد و ما معه إلاّ سبعون فارسا،فقاتلهم يحيى فهزمهم،و قتل عمرو بن زرارة،و استباح عسكره و أصاب منه دواب كثيرة، ثم أقبل حتى مرّ بهراة،و عليها المغلّس بن زياد (1)،فلم يعرض أحد منها لصاحبه،و قطعها يحيى (2)حتى نزل بأرض الجوزجان،فسرّح إليه نصر بن سيار سلم بن أحور (3)في ثمانية آلاف فارس من أهل الشام و غيرهم،فلحقه بقرية يقال لها ارغوى،و على الجوزجان يومئذ حماد بن عمرو السعيدي (4)، و لحق بيحيى بن زيد أبو العجارم الحنفي،و الخشخاش الأزدي (5)فأخذ الخشخاش بعد ذلك نصر فقطع يديه و رجليه و قتله.
و عبأ سلم-لعنه اللّه-أصحابه فجعل سورة بن محمد الكندي على».
ص: 149
ميمنته،و حماد بن عمرو السعيدي على ميسرته.
و عبأ يحيى أصحابه على ما كان عبأهم عند قتال عمرو بن زرارة،فاقتتلوا ثلاثة أيام و لياليها أشد قتال،حتى قتل أصحاب يحيى كلهم،و أتت يحيى نشابة في جبهته،رماه رجل من موالي عنزة يقال له عيسى،فوجده سورة بن محمد قتيلا فاحتزّ رأسه.
و أخذ العنزي الذي قتله سلبه،و قميصه،فبقيا بعد ذلك حتى أدركهما أبو مسلم فقطع أيديهما و أرجلهما و قتلهما و صلبهما (1).
و صلب يحيى بن زيد على باب مدينة الجوزجان (2)في وقت قتله-صلوات اللّه عليه و رضوانه.
حدثنا أبو الفرج علي بن الحسين،قال:حدثني أبو عبيد الصيرفي، قال:حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار،قال:حدثنا سهل بن عامر، قال:حدثنا جعفر الأحمر،قال:رأيت يحيى بن زيد مصلوبا على باب الجوزجان.
قال عمرو بن عبد الغفار عن أبيه:
فبعث برأسه إلى نصر بن سيّار،فبعث به نصر إلى الوليد بن يزيد.
فلم يزل مصلوبا حتى إذا جاءت المسودة فأنزلوه و غسلوه و كفنوه و حنطوه ثم دفنوه فعل ذلك خالد بن إبراهيم أبو داود البكري،و حازم بن خريمة و عيسى بن ماهان.و أراد أبو مسلم أن يتبع قتلة يحيى بن زيد فقيل له: عليك بالديوان،فوضعه بين يديه و كان إذا مرّ به اسم رجل ممن أعان على يحيى قتله، حتى لم يدع أحدا قدر عليه ممن شهد قتله (3).».
ص: 150
و عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أخو جعفر بن محمد (1).
أمهما جميعا أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر (2).
و أمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر لأم ولد (3).
حدّثنا علي بن الحسين،قال:أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:
حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي،قال:حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم،قال:
حدّثنا محمد بن مسلمة،قال:حدّثنا زكريا بن يحيى،عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه،قال:
دخل عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي على رجل من بني أمية فأراد قتله.فقال عبد اللّه بن محمد:لا تقتلني أكن للّه عليك عينا،و لك على اللّه عونا،فقال:لست هناك،و تركه ساعة،ثم سقاه سما في شراب سقاه إيّاه فقتله (4).
و عبد اللّه بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثنا أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:
حدثنا سليمان بن أبي شيخ،قال:حدثنا محمد بن الحكم،عن عوانه،قال:
كان عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب،من أشد الناس عقوبة (5)،و كان معه عبد اللّه بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي
ص: 151
طالب (1)فبلغه أنه يقول:أنا ابن عون بن جعفر،فيضربه بالسياط حتى قتله.
قال:و ذكر أحمد بن الحرث الخراز،عن المدائني،عن رجاله:
أن معاوية دعا بامرأة ابن السور و كلّمها بشيء فراجعته،فأمر بقتلها فقتلت.
و عبد اللّه بن معاوية (2)بن عبد اللّه بن جعفر بن علي بن أبي طالب عليه السلام.و يكنى أبا معاوية.و إيّاه عني إبراهيم بن هرمة بقوله (3):
أحب مدحا أبا معاوية الما *** جد لا تلقه حصورا عييا
بل كريما يرتاح للمجد بسّا *** ما إذا هزه السؤال حييا (4)
إن لي عنده و إن رغم الأع *** داء ودا من نفسه وقفيا
إن أمت تبق مدحتي و ثنائي *** و إخائي من الحياة مليا (5)
يا ابن أسماء فاسق دلوى فقد أو *** ردتها مشربا يثجّ رويا (6)
يعني أمه أسماء،و هي أم عون بنت العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب (7).
و كان عبد اللّه بن معاوية جوادا فارسا شاعرا،و لكنه كان سيئ السيرة، رديء المذهب،قتالا،مستظهرا ببطانة السوء و من يرمى بالزندقة،و لو لا أن يظن أن خبره لم يقع علينا لما ذكرناه مع من ذكرناه. و لا بد من ذكر بعض أخباره.
ص: 152
حدّثني أحمد بن عبد اللّه بن عمّار،قال:حدّثني علي بن محمد النوفلي، قال:حدّثني أبي،قال:حدّثني عمي عيسى،قال:
كان عمارة بن حمزة يرمى بالزندقة،فاستكتبه عبد اللّه بن معاوية،و كان له نديم يعرف بمطيع بن إيّاس (1)،و كان زنديقا مأبونا،و كان له نديم آخر يعرف بالبقلي و إنما سمي بذلك لأنه كان يقول الإنسان كالبقلة فإذا مات لم يرجع،قتله المنصور بعد أن أفضت إليه الخلافة.و كان هؤلاء الثلاثة خاصته، و كان له صاحب شرطة يقال له:قيس و كان دهريا لا يؤمن باللّه،معروفا بذلك، فكان يعس بالليل فلا يلقاه أحد إلاّ قتله،فدخل يوما على ابن معاوية،فلما رآه قال:
إن قيسا و إن تقنّع شيبا *** لخبيث الهوى على شمطه
ابن تسعين منظرا و شيبا *** و ابن عشرين يعدّ في سقطه
فأقبل على مطيع فقال:أجز أنت.فقال:
و له شرطة إذا جنّه اللي *** ل فعوذوا باللّه من شرطه (2)
قال أبو العباس بن عمّار:أخبرني أحمد بن الحرث الخراز (3)،عن المدائني،عن أبي اليقظان،و شهاب بن عبد اللّه (4)و غيرهما.قال ابن عمّار:
و حدثني سليمان بن أبي شيخ،عمن ذكره:
إن ابن معاوية كان يغضب على الرجل فيأمر بضربه بالسياط،و هو يتحدث،و يتغافل عنه حتى يموت تحت السياط.و أنه فعل ذلك برجل فجعل يستغيث فلا يلتفت إليه، فناداه يا زنديق،أنت الذي تزعم أنه يوحى إليك.
فلم يلتفت إليه،و ضربه حتى مات (5).
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه[بن عمّار]،قال:حدثني النوفلي،عن أبيه،1.
ص: 153
عن عمّه عيسى،قال:
كان ابن معاوية أقسى خلق اللّه قلبا،فغضب على غلام له،و أنا عنده جالس في غرفة بأصبهان،فأمر أن يرمي به منها إلى أسفل،ففعل ذلك به، فسقط و تعلّق بدرابزين كان على الغرفة،فأمر بقطع يده التي أمسكه بها، فقطعت و خرّ الغلام يهوي حتى بلغ الأرض فمات.و كان مع هذه الأحوال من ظرفاء بني هاشم،و شعرائهم، و هو الذي يقول:
ألا تزغ القلب عن جهله *** و عما تؤنب من أجله
فيبدل بعد الصبي حكمة *** و يقصر ذو العذل عن عذله (1)
فلا تركبنّ الصنيع الذي *** تلوم أخاك على مثله (2)
و لا يعجبنك قول امرئ *** يخالف ما قال في فعله
و لا تتبع الطرف ما لا ينال *** و لكن سل اللّه من فضله
و كم من مقل ينال الغنى *** و يحمد في رزقه كله (3)
أنشدنا هذا[الشعر]ابن عمّار،عن أحمد بن أبي خيثمة،عن يحيى بن معين.
و ذكر محمد بن علي بن حمزة العلوي أن يحيى بن معين أنشد له:
إذا افتقرت نفسي قصرت افتقارها *** عليها فلم يظهر لها أبدا فقر
و إن تلقني في الدهر مندوحة الغنى *** يكن لأخلائي التوسع و اليسر (4)
فلا العسر يزري بي إذا هو نالني *** و لا اليسر يوما إن ظفرت هو الفخر (5)
أنشدنا أحمد[بن محمد]بن سعيد[بن عقدة]قال:
أنشدني يحيى بن الحسن لعبد اللّه بن معاوية في الحسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن العباس (6):».
ص: 154
قل لذي الود و الوفاء حسين *** اقدر الودّ بيننا قدره
ليس للدّابغ المقرظ بدّ *** من عتاب الأديم ذي البشرة
[قال]:و قال أيضا:
إن ابن عمّك و ابن أم *** ك معلم شاكي السّلاح
يقص العدو و ليس ير *** ضى حين يبطش بالجراح (1)
لا تحسبن أذى ابن عم *** ك شرب ألبان اللّقاح
بل كالشجا تحت اللّها *** ة إذا يسوغ بالقراح (2)
فانظر لنفسك من يحبك *** تحت أطراف الرماح
من لا يزال يسوءه *** بالغيب أن يلحاك لاح (3)
(ذكر السبب في خروجه و مقتله) أخبرني به أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدّثني علي بن محمد النوفلي،عن أبيه و مشايخه.قال:علي بن الحسين:و أضفت إلى ذلك ما ذكره محمد بن علي بن حمزة في كتابه:
قالوا:لما بويع ليزيد بن الوليد الذي يقال له يزيد الناقص،تحرّك عبد اللّه بن معاوية بالكوفة،و دعا الناس إلى بيعته علي الرّضا من آل محمد، و لبس الصوف،و أظهر سيماء الخير،فاجتمع إليه نفر من أهل الكوفة فبايعوه، و لم يجتمع أهل المصر كلهم عليه، و قالوا له:ما فينا بقية فقد قتل جمهورنا مع أهل هذا البيت،و أشاروا عليه بقصد فارس و نواحي المشرق،فقبل ذلك، و جمع جموعا من النواحي،و خرج معه عبد اللّه بن العباس التميمي (4).
قال علي بن الحسين:قال محمد بن حمزة،عن سليمان بن أبي شيخ، عن محمد بن الحكم،عن عوانة:أن ابن معاوية قبل قصده المشرق ظهر5.
ص: 155
بالكوفة و دعا الناس إلى نفسه،و على الكوفة يومئذ عامل ليزيد الناقص يقال له:
عبد اللّه بن عمر،فخرج إلى ظاهر الكوفة مما يلي الحرة،فقاتل ابن معاوية قتالا شديدا (1).
قال علي بن الحسين،قال محمد بن علي بن حمزة،عن المدائني،عن عامر بن حفص (2)،و أخبرني به ابن عمّار،عن أحمد بن الحرث،عن المدائني:
أن ابن عمر هذا دسّ إلى رجل من أصحاب ابن معاوية من وعد عنه بمواعيد على أن ينهزم عنه،و ينهزم الناس بهزيمته (3)،فبلغ ذلك ابن معاوية فذكره لأصحابه و قال:إذا انهزم ابن ضمرة (4)فلا يهولنكم.فلما التقوا انهزم ابن ضمرة،و انهزم الناس معه،فلم يبق غير ابن معاوية،فجعل يقاتل وحده و يقول:
تفرقت الظباء على خراش *** فما يدري خراش ما يصيد
ثم ولّى وجهه منهزما فنجا و جعل[يقول للناس،و] (5)يجمع من الأطراف و النواحي من أجابه،حتى صار في عدة، فغلب على مياه الكوفة، و مياه البصرة،و همدان،و قم،و الري،و قومس و إصبهان،و فارس،و أقام هو بإصبهان (6).
قال:و كان الذي أخذ له البيعة بفارس محارب (7)بن موسى مولى بني».
ص: 156
يشكر فدخل دار الإمارة بنعل و رداء،فاجتمع الناس إليه فأخذهم بالبيعة فقالوا:علام نبايع؟فقال:على ما أحببتم و كرهتم.فبايعوه على ذلك.
و كتب عبد اللّه بن معاوية،فيما ذكر محمد بن علي بن حمزة،عن عبد اللّه بن محمد بن إسماعيل الجعفري،عن أبيه،عن عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن جعفر بن الوليد مولى أبي هريرة[و محرز بن جعفر] (1).
أن عبد اللّه بن معاوية كتب إلى الأمصار يدعو إلى نفسه لا إلى الرضا من آل محمد.قال:و استعمل أخاه الحسن على اصطخر،و أخاه يزيد على شيراز، و أخاه عليا على كرمان،و أخاه صالحا على قم و نواحيها.و قصدته بنو هاشم جميعا،منهم السفاح،و المنصور[و عيسى بن علي.و قال ابن أبي خيثمة،عن مصعب:و قصده وجوه قريش من بني أمية و غيرهم،فمن قصده من بني أمية سليمان بن هشام بن عبد الملك،و عمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان] (2)،فمن أراد منهم عملا قلّده،و من أراد صلة وصله. فلم يزل مقيما في هذه النواحي التي غلب عليها حتى ولى مروان بن محمد الذي يقال له:مروان الحمار،فوجّه إليه عامر بن ضبارة (3)في عسكر كثيف،فسار إليه حتى إذا قرب من أصبهان ندب ابن معاوية أصحابه إلى الخروج إليه و قتاله،فلم يفعلوا و لا أجابوه،فخرج على دهش هو و إخوته قاصدين لخراسان،و قد ظهر أبو مسلم بها،و نفى عنها (4)نصر بن سيار،فلما صار في طريقه نزل على رجل من التناء ذي مروءة و نعمة و جاءه فسأله معونته.فقال:أنت من ولد رسول اللّه(ص)؟ قال:لا.
قال:أفأنت إبراهيم الإمام الذي يدعى له بخراسان؟قال:لا.قال:
فلا حاجة لي في نصرتك.
فخرج إلى أبي مسلم و طمع في نصرته فأخذه أبو مسلم فحبسه عنده (5).».
ص: 157
و اختلف في أمره بعد محبسه.فقال بعض أهل السير:إنه لم يزل محبوسا حتى كتب إلى أبي مسلم رسالته المشهورة التي أولها:
من الأسير في يديه المحبوس بلا جرم لديه (1)،و هي طويلة لا معنى لذكرها ها هنا.فلما كتب إليه بذلك أمر بقتله (2).
و قال آخرون:بل دس إليه سما فمات منه، و وجه برأسه إلى ابن ضبارة،فحمله إلى مروان.
و قال آخرون:سلمه حيا إلى ابن ضبارة فقتله،و حمل رأسه إلى مروان.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبه قال:حدثنا محمد بن يحيى:أن عمر بن عبد العزيز بن عمران حدثه عن محمد بن عبد العزيز (3)،عن عبد اللّه بن الربيع،عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة:
أنه حضر مروان يوم الزّاب،و هو يقاتل عبد اللّه بن علي[فسأل عنه] (4)فقيل:هو الشاب المصفّر الذي كان يسب عبد اللّه بن معاوية يوم جيء برأسه إليك.فقال:و اللّه لقد هممت بقتله مرارا،-كل ذلك يحال بيني و بينه،و كان أمر اللّه قدرا مقدورا، و اللّه (5)لوددت أن علي بن أبي طالب يقاتلني مكانه، فقلت:أتقول مثل هذا لعلي في موضعه و محله؟قال:لم أرد الموضع و المحل،ة.
ص: 158
و لكن عليا و ولده لا حظّ لهم في الملك.فلما ورد الخبر على أبي جعفر المنصور أن إبراهيم بن عبد اللّه بن حسن هزم عيسى بن موسى،أراد الهرب،فحدثته بهذا الحديث،فقال:باللّه الذي لا إله إلاّ هو إنك صادق؟فقلت:بنت سفيان بن معاوية طالق ثلاثا إني لصادق.
و كان مخرج عبد اللّه بن معاوية في سنة سبع و عشرين و مائة (1).
و فيه يقول أبو مالك الخزاعي:
تنكرت الدنيا خلاف ابن جعفر *** علي و ولّي طيبها و سررها
و عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أم خالد بنت حسن بن مصعب بن الزبير بن العوام.
و أمها أمينة بنت خالد بن الزبير بن العوام،لأم ولد.
و يكنى عبيد اللّه:أبا علي.
قال علي بن الحسين:
ذكر محمد بن علي بن حمزة:أن أبا مسلم دسّ إليه سما فمات منه،و لم يذكر ذلك يحيى بن حسن العلوي،و وصف أن عبيد اللّه مات في حياة أبيه، و قد كان يحيى حسن العناية بأخبار أهله.
و لعل هذا و هم من محمد بن علي بن حمزة.
و هؤلاء جميع من انتهى إلينا خبر مقتله في أيام بني أمية سوى ما اختلف في أمره منهم،رضوان اللّه عليهم أجمعين.
ص: 159
ص: 160
ص: 161
قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني رحمه اللّه:
و لا أعلمه قتل أحدا منهم،و لا أجري إلى جليس له مكروها،إلاّ أن محمدا و إبراهيم خافاه فتواريا عنه،و كانت بينه و بين أبيهما مخاطبات في أمرهما.
منها ما أخبرني به عمر بن عبد اللّه بن جميل العتكي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة قال:حدثني محمد بن يحيى،قال:
لما تولّى أبو العباس،وفد إليه عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،و أخوه الحسن بن الحسن،فوصلهما،و خص عبد اللّه،و واخاه و آثره،حتى كان يتفضل بين يديه في ثوب؛و قال له:ما رأي أمير المؤمنين غيرك على هذا الحال، و لكن أمير المؤمنين إنما يعدّك عمّا و والدا.و قال له:إني كنت أحبّ أن أذكر لك شيئا.
فقال عبد اللّه:ما هو يا أمير المؤمنين؟.
فذكر ابنيه محمدا،و إبراهيم،و قال:ما خلّفهما و منعهما أن يفدا إلى أمير المؤمنين مع أهل بيتهما؟ قال:ما كان تخلّفهما لشيء يكرهه أمير المؤمنين.فصمت أبو العباس ثم سمر عنده ليلة أخرى فأعاد عليه،ثم فعل ذلك به مرارا،ثم قال له:غيبتهما بعينك،أما و اللّه ليقتلن محمد على سلع،و ليقتلن إبراهيم على النهر العياب. (1)
ص: 162
فرجع عبد اللّه ساقطا مكتئبا،فقال له أخوه الحسن بن الحسن:ما لي أراك مكتئبا؟فأخبره،فقال:هل أنت فاعل ما أقول لك؟قال:ما هو؟ قال:
إذا سألك عنهما فقل:عمهما حسن أعلم الناس بهما[فقال له عبد اللّه] (1)و هل أنت محتمل ذلك لي؟قال:نعم.
فدخل عبد اللّه على أبي العباس كما كان يفعل،فردّ عليه ذكر ابنيه،فقال له عمهما:يا أمير المؤمنين أعلم الناس بهما فاسأله عنهما،فصمت عنه حتى افترقا،ثم أرسل إلى الحسن فقص عليه ذلك،فقال: يا أمير المؤمنين، أكلمك على هيبة الخلافة،أو كما يكلم الرجل ابن عمّه؟.
قال:بل كما يكلم الرجل ابن عمه،فإنك و أخاك عندي بكل منزلة.
قال:إني أعلم أن الذي هاج لك ذكرهما بعض ما قد بلغك عنهما، فأنشدك اللّه هل تظن أن اللّه إن كان قد كتب في سابق علمه أن محمدا و إبراهيم وال (2)من هذا الأمر شيئا،ثم أجلب أهل السماوات و الأرض بأجمعهم على أن يردوا شيئا مما كتب اللّه لمحمد و إبراهيم أ كانوا رادّيه؟و إن لم يكن كتب لمحمد ذلك أنهم حائزون إليه شيئا منه؟.
فقال:لا و اللّه،ما هو كائن إلاّ ما كتب اللّه.
فقال:يا أمير المؤمنين ففيم تنغيصك على هذا الشيخ نعمتك التي أوليته و إيّانا معه؟.
قال:فلست بعارض لذكرهما بعد مجلسي هذا ما بقيت، إلاّ أن يهيجني شيء فأذكره.فقطع ذكرهما،و انصرف عبد اللّه إلى المدينة.
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن بن جعفر،قال:حدّثني علي بن أحمد الباهلي،قال:سمعت مصعب بن عبد اللّه».
ص: 163
يقول:أخبرني (1)عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدّثنا عمر بن شبة،قال:
حدّثنا موسى بن سعيد بن عبد الرحمن،و أيّوب بن عمر،عن إسماعيل بن أبي عمرو،قالوا:
لما بنى أبو العباس بناءه بالأنبار،الذي يدعى برصافة أبي العباس.قال لعبد اللّه بن الحسن:ادخل معي فانظر،فدخل معه فلما رآه قال:ألم تر حوشبا؟ ثم قطع.فقال له أبو العباس:أنفذه.
قال:يا أمير المؤمنين ما أردت إلاّ خيرا.فقال:و العظيم لا تريم أو تنفذه. فقال:
ألم تر حوشبا أمس يبنّي *** بيوتا نفعها لبني نفيلة (2)
يؤمّل أن يعمر ألف عام *** و أمر اللّه يطرق كل ليلة (3)
قال عمر بن شبة في حديثه عن موسى بن سعيد:فاحتملها أبو العباس و لم يتلفه بها.
و قال مصعب:فقال له:ما أردت بهذا؟فقال:أزهدك في القليل الذي بنيته.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي (4)،قال:حدّثنا عمر بن شبة،قال:
حدّثني يعقوب بن القاسم،قال:حدثني عمر بن شهاب (5)،و حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،عن الزبير،و حدثني حرمي بن أبي العلاء،قال:حدثنا الزبير،عن محمد بن الضحاك:
أنا أبا العباس كتب إلى عبد اللّه بن الحسن في تغيب ابنيه:
أريد حياته و يريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد
و قال عمر بن شبة عن رجاله:إنه كتب به إلى محمد فأجابه بالأبيات.».
ص: 164
ذكر الزبير،عن محمد بن الضحاك:أنها لعبد اللّه بن الحسن بن الحسن.
و ذكر عمر بن شبة:أنهم بعثوا إلى عبد الرحمن بن مسعود مع أبي حسن (1)فأجابه بهذه الأبيات:
و كيف يريد ذاك و أنت منه *** بمنزلة النياط من الفؤاد
و كيف يريد ذاك و أنت منه *** و زندك حين يقدح من زناد
و كيف يريد ذاك و أنت منه *** و أنت لهاشم رأس و هاد
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبة (2)،قال:حدّثني عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،قال:حدثنا الحسين (3)بن زيد،قال:حدثني عبد اللّه بن الحسن،قال:
بينا أنا في سمر مع أبي العباس،و كان إذا تثاءب أو ألقى المروحة (4)قمنا،فألقاها ليلة فقمنا،فأمسكني فلم يبق غيري،فأدخل يده تحت فراشه، فأخرج إضبارة كتب،فقال:اقرأ يا أبا محمد[فقرأت]فإذا كتاب[من] محمد إلى هشام بن عمرو بن البسطام التغلبي،يدعوه إلى نفسه (5).فلما قرأته قلت:يا أمير المؤمنين لك عهد اللّه و ميثاقه ألاّ تر منهما شيئا تكرهه ما كانا في الدنيا.
قال أبو الفرج:
و لعبد اللّه و ولده في أيام أبي العباس،و قبلها مع بني أمية أخبار في هذا الجنس من تغيبهما،و طلبهم إيّاهما،كرهت الإطالة بذكرها،و اقتصرت على هذه الجملة منها.».
ص: 165
و من قتل منهم فيها
و كان أبو جعفر المنصور قد طلب محمدا،و إبراهيم فلم يقدر عليهما، فحبس عبد اللّه بن الحسن و إخوته،و جماعة من أهل بيته بالمدينة،ثم أحضرهم إلى الكوفة فحبسهم بها،فلما ظهر محمد قتل عدة منهم في الحبس،فلم تنتظم لي أخبارهم بإفراد خبر كل واحد منهم على حدته،إذ كان ذلك مما تقطع به حكاية قصصهم،فصدرت أسماءهم،و أنسابهم،و شيئا من فضائلهم،ثم ذكرت بعد ذلك أخبارهم،عليهم السلام.
و عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام يكنى أبا محمد (1).
و أمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب.
و أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد اللّه (2).
و أمها الجرباء بنت قسامة بن رومان من طيّئ (3).
أخبرني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:
إنما سميت الجرباء بنت قسامة لحسنها،كانت لا تقف إلى جانبها امرأة- و إن كانت جميلة-إلاّ استقبح منظرها لجمالها،و كان النساء يتحامين أن يقفن إلى جانبها،فشبهت بالناقة الجرباء التي تتوقاها الإبل مخافة أن تعديها (4).
ص: 166
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثني يحيى بن الحسن،قال:حدّثنا إسماعيل بن يعقوب،قال:حدّثني[جدي]عبد اللّه بن موسى[بن عبد اللّه ابن الحسن] (1)قال:
خطب الحسن بن الحسن إلى عمّه الحسين،و سأله أن يزوجه إحدى ابنتيه، فقال له الحسين:اختر يا بنيّ أحبّهما إليك،فاستحيا الحسن،و لم يحر جوابا.فقاله له الحسين:فإني قد اخترت لك ابنتي سكينة،فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول اللّه،(ص) (2).
و قال حرمي بن العلاء،عن الزبير بن بكار:أن الحسن[لما خيره عمه] اختار فاطمة.و كانوا يقولون:إن امرأة مردودة بها سكنية لمنقطعة القرين في الجمال.
و قد كانت فاطمة تزوّجت بعد الحسن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان،و هو عم الشاعر الذي يقال له العرجي،فولدت له أولادا،منهم محمد المقتول مع أخيه عبد اللّه بن الحسن،و يقال له الديباج،و القاسم،و الرقية، بنو عبد اللّه بن عمرو.
و كان عبد اللّه بن الحسن[بن الحسن]شيخ بني هاشم،و المقدم فيهم، و ذا الكثير منهم فضلا،و علما و كرما (3).
حدّثني أحمد بن محمد الهمداني،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:
حدّثنا علي بن أحمد الباهلي،قال:سمعت مصعبا الزبيري يقول:
انتهى كل حسن إلى عبد اللّه بن الحسن،و كان يقال:من أحسن الناس؟ فيقال:عبد اللّه بن الحسن،و يقال:من أفضل الناس؟فيقال:عبد اللّه بن الحسن و يقال من أقول الناس؟فيقال:عبد اللّه بن الحسن.و حدثنا الحسن بنه.
ص: 167
علي الخفاف،قال:حدثنا مصعب مثله.
حدّثني محمد بن الحسين الأشناني،و الحسن بن علي السلولي،قالا:
حدّثنا عباد بن يعقوب قال،حدّثنا تلميذ (1)،قال:
رأيت عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،و سمعته يقول:أنا أقرب الناس من رسول اللّه،(ص)،ولدني رسول اللّه(ص)مرتين (2).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني إسماعيل بن يعقوب،قال:حدثني عبد اللّه بن موسى،قال:
أول من اجتمعت له ولادة الحسن و الحسين عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (3).
حدثني محمد بن الحسين الأشناني (4)،قال:حدثنا عباد بن يعقوب (5)، قال:حدثنا بندقة بن محمد بن حجارة الدّهان،قال:
رأيت عبد اللّه بن الحسن فقلت:هذا و اللّه سيد الناس[كان]ملبسا (6)نورا من قرنه إلى قدميه.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال: حدثني عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي،قال:
ولد عبد اللّه بن الحسن في بيت فاطمة بنت رسول اللّه(ص)في المسجد.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:أخبرنا يحيى،عن القاسم بن عبد الرازق،قال:ي.
ص: 168
جاء منصور بن زيّان الفزاري إلى الحسن بن الحسن،و هو جده أبو أمه فقال له:لعلّك أحدثت بعدي أهلا؟.
قال:نعم تزوجت بنت عمي الحسين بن علي.
فقال:بئس ما صنعت،أما علمت أن الأرحام إذا التقت أضوت،كان ينبغي لك أن تتزوج من العرب (1).
قال:فإن اللّه قد رزقني منها ولدا.قال فأرنيه.فأخرج إليه عبد اللّه بن الحسن فسرّ به، و قال:أنجبت،هذا و اللّه الليث عاديا و معدوا عليه.
قال:فإن اللّه قد رزقني منها ولدا آخر.
قال:فأرنيه (2).فأخرج إليه الحسن بن الحسن،فسرّ به و قال:أنجبت و اللّه و هو دون الأول.
قال:فإن اللّه رزقني منها ثالثا.
قال:فأرنيه،فأراه إبراهيم بن الحسن بن الحسن،فقال:لا تعد إليها بعد هذا.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني هرون بن موسى الفروي،قال:سمعت محمد بن أيوب الرافعي يقول:
كان أهل الشرف و ذوو القدر لا ينوطون بعبد اللّه بن الحسن أحدا.
و حدّثني أبو عبيد[محمد بن أحمد]الصيرفي،قال:حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار،قال:حدثنا عمرو (3)بن عبد الغفار الفقيمي،عن سعيد بن أبان القرشي،قال:
كنت عند عمر بن عبد العزيز،فدخل عليه عبد اللّه بن الحسن،و هو يومئذ شاب في إزار و رداء، فرحب به و أدنا[و حيّاه] (4).و أجلسه إلى جنبهي.
ص: 169
و ضاحكه،ثم غمز عكنة من عكن بطنه،و ليس في البيت يومئذ إلاّ أموي، فلما قام قالوا له:ما حملك على غمز بطن هذا الفتى؟قال:إني أرجو بها شفاعة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم (1).
حدثنا أبو عبيد،قال:حدثنا فضل المصري،قال:حدثنا القواريري قال:حدثنا يحيى بن سعيد،عن سعيد بن أبان مثله.
حدثني عمر بن عبد اللّه[بن جميل]العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني إسماعيل بن جعفر الجعفري،قال:حدثني سعيد بن عقبة الجهني،قال:
إني لعند عبد اللّه بن حسن بن حسن إذ أتاني آت فقال: هذا رجل يدعوك،فخرجت فإذا بأبي عديّ الأموي الشاعر،فقال:أعلم أبا محمد، فخرج إليه عبد اللّه،و ابناه،و هم خائفون،فأمر له عبد اللّه بأربعمائة دينار (2)، و أمر له ابناه بأربعمائة دينار و أمرت له هند بمائتي دينار،فخرج من عندهم بألف دينار.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن قال:حدثنا أحمد بن عبد اللّه بن موسى،قال:حدثني أبي:
أن عبد اللّه بن الحسن كان يصلي على طنفسة في المسجد،و أنه خرج فأقامت تلك الطنفسة (3)دهرا لا ترتفع.
حدثني أحمد[بن محمد بن سعيد]،قال:حدثنا يحيى[بن الحسن] (4)؛قال:حدثنا علي بن أحمد الباهلي،قال:حدّثنا مصعب بن عبد اللّه،قال:ي.
ص: 170
سئل مالك عن السدل،فقال:رأيت من يرضى بفعله،عبد اللّه بن الحسن يفعله.
و قتل عبد اللّه بن الحسن في محبسه بالهاشمية،و هو ابن خمس و سبعين، سنة خمس و أربعين و مائة (1).
و الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) و أمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (2).
و كان متألها،فاضلا،و رعا،يذهب في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى مذهب الزيدية.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني إسماعيل بن يعقوب،قال:
لما حبس عبد اللّه بن الحسن آلى أخوه الحسن بن الحسن ألا يدّهن و لا يكتحل،و لا يلبس ثوبا لينا،و لا يأكل طيبا،ما دام عبد اللّه على تلك الحال.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:
حدثنا عيسى بن عبد اللّه العلوي،عن عبد اللّه بن عمران،و حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني أبو عبد الحميد الليثي، عن أبيه،عن عيسى بن عبد اللّه،قال:حدثني عبد اللّه بن عمران،قال:
[و اللفظ للعتكي] (3).
كان حسن بن الحسن قد نصل خضابه،تسليّا على عبد اللّه بن حسن،
ص: 171
و كان أبو جعفر يسأل عنه فيقول:ما فعل الحاد (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:
حدثني الحرث بن إسحاق،قال:
كان الحسن بن الحسن بن الحسن ينزل منزلا بذي الأثل فحضر المدينة، و عبد اللّه بن الحسن محبوس،فلم يبرحها،و لبس خشن الثياب،و غليظ الكرابيس،و كان أبو جعفر يسميه الحاد،و كان عبد اللّه ربما استبطأ رسل أخيه الحسن،فيرسل إليه:إنك و ولدك لآمنون في بيوتكم،و أنا ولدي بين أسير و هارب،لقد مللت معونتي فآنسني برسلك.و كان ذلك إذا أتى حسنا بكى، و قال:بنفسي أبو محمد إنه لم يزل يحشد الناس بالأئمة.
و توفي الحسن بن الحسن بن الحسن في محبسه بالهاشمية (2)في ذي القعدة سنة خمس و أربعين و مائة.و هو ابن ثمان و ستين سنة.
و إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا الحسن.
و أمه فاطمة بنت الحسين (3).
حدثني يحيى بن علي بن يحيى المنجم،قال:سمعت عمر بن شبّة يقول:
كلّ إبراهيم تقدم من بني علي،يكنى أبا الحسن.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:
كان إبراهيم أشبه الناس برسول اللّه(ص).
ص: 172
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثنا عيسى بن عبد اللّه،و حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثنا غسان بن عبد الحميد،عن أبيه،عن عيسى بن عبد اللّه،قال:
مرّ الحسن بن الحسن على إبراهيم بن الحسن، و هو يعلف إبلا له، فقال:أتعلف إبلك و عبد اللّه بن الحسن محبوس؟أطلق عقلها يا غلام، فأطلقها،ثم صاح في إدبارها فذهبت فلم يوجد منها واحدة (1).
و توفي إبراهيم بن الحسن بن الحسن في الحبس بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس و أربعين و مائة.
و هو أول من توفي منهم في الحبس (2)،و هو ابن سبع و ستين سنة.
أخبرني بذلك عمر بن عبد اللّه العتكي،عن عمر بن شبّة،عن أبي نعيم الفضل بن دكين.
قال أبو الفرج الأصبهاني:
هؤلاء الثلاثة من ولد الحسن بن الحسن لصلبه،قتلوا و ماتوا في الحبس.
و قد ذكر محمد بن علي حمزة العلوي أنه قتل معهم أبو بكر بن الحسن بن الحسن.و ما سمعت أحدا ذكر هذا غيره،و لا بلغنا عن أحد من أهل العلم بالأنساب أن الحسن بن الحسن كان له ابن يكنى أبا بكر (3).
و حمل معهم من المدينة جماعة أخر لم يقتل منهم أحد.و خلّى أبو جعفر لهم السبيل بعد مقتل محمد و إبراهيم.3.
ص: 173
منهم جعفر بن الحسن بن الحسن (1)،و ابنه الحسن بن جعفر، و موسى بن عبد اللّه بن الحسن،و داود بن الحسن،و سليمان،و عبد اللّه ابنا داود بن الحسن،و إسحاق،و إسماعيل ابنا إبراهيم بن الحسن (2).
و ذكر محمد بن علي بن حمزة أن إسحاق و إسماعيل قتلا.
و الذي ذكرناه من تخليتهما أصح،أخبرني[به]عمر بن عبد اللّه العتكي،عن عمر بن شبة،عن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي.
ثم نرجع إلى ذكر أسماء من قتل و توفي في الحبس بالهاشمية منهم.
و علي بن الحسن بن الحسن و يكنى أبا الحسن.
و كان يقال له عليّ الخير،و علي الأغرّ (3)،و علي العابد،و كان يقال له و لزوجته زينب بنت عبد اللّه بن الحسن الزوج الصالح،فيما ذكر لنا حرمي بن العلاء،عن زبير بن بكار،عن عبد اللّه بن الحسن.
و أمه أم عبد اللّه بنت عامر بن عبد اللّه بن بشر بن عامر بن ملاعب الأسنة بن مالك بن جعفر بن كلاب.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد الجبار بن سعيد المساحقي،عن أبيه،قال:
ص: 174
أقطع (1)أبو العباس الحسن بن الحسن بن الحسن عين مروان بذي خشب،و كان ربما أرسل إليها ابنه عليا يطلعها،فيذهب معه بادوات من ماء فيشرب منها،و لا يشرب من عين مروان.
حدثني عمي الحسن بن محمد،قال:حدثني ميمون بن هرون.قال (2):
حدثني أبو حذافة السهمي،قال:حدثني مولى لآل طلحة:
أنه رأى علي بن الحسن قائما يصلي في طريق مكة،فدخلت أفعى في ثيابه من تحت ذيله،حتى خرجت من زيقته،فصاح به الناس:الأفعى في ثيابك، و هو مقبل على صلاته،ثم انسابت فمرت،فما قطع صلاته،و لا تحرك،و لا رئى أثر ذلك في وجهه.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:
حدثني عبد الملك بن شيبان،قال:حدثتني مذهبة،قالت:
كانت زينب بنت عبد اللّه تندب أباها و أهلها حين حملوا تقول:و اعبرتاه من الحديد و العباء و المحامل المعراة.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثني عيسى بن عبد اللّه،قال:حدثني أبي،قال:
كان رياح إذا صلّى الصبح أرسل إليّ،و إلى قدامة بن موسى،فيحدثنا ساعة،و إنا لعنده يوما فلما أسفرنا إذا برجل متلفف في ساج[له]،فقال له رياح: [مرحبا بك و أهلا ما حاجتك؟قال:جئت لتحبسني مع قومي.فإذا هو علي بن الحسين] (3).فقال له رياح:أما و اللّه ليعرفنها لك يا أمير المؤمنين،ثم حبسه معهم (4).9.
ص: 175
أخبرني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسين،قال:حدثنا غسان بن عبد الحميد،عن أبيه،عن موسى بن عبد اللّه،و أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا محمد بن إسماعيل،قال:
سمعت جدي موسى بن عبد اللّه يقول:
حبسنا في المطبق فما كنا نعرف أوقات الصلوات إلاّ بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن.
أخبرني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثنا موسى بن عبد اللّه بن موسى،قال:
توفي علي بن الحسن،و هو ساجد في حبس أبي جعفر،فقال عبد اللّه:
أيقظوا ابن أخي،فإني أراه قد نام في سجوده.قال: فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا.فقال:رضي اللّه عنك،إن علمي فيك أنك تخاف هذا المصرع.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثنا إبراهيم بن خالد بن أخت سعيد بن عامر،عن سعيد بن عامر،عن جويرية بن أسماء،و هو خال أمه،قال:
لما حمل بنو الحسن إلى أبي جعفر أتى بأقياد يقيدون بها،و علي بن الحسن قائم يصلي،و كان في الأقياد قيد ثقيل فجعل كلما قرب إلى رجل تفادى منه و استعفى،قال:فانفتل علي من صلاته فقال:لشدّ ما جزعتم،شرعه هذا،ثم مدّ رجليه فقيّد به (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني محمد بن أبي حرب،قال:حدثني يحيى بن يزيد بن حميد،قال:أخبرني سليمان بن داود بن الحسن،و الحسن بن جعفر،قال:
لما حبسنا كان معنا علي بن الحسن،و كانت حلق أقيادنا قد اتسعت فكنا9.
ص: 176
إذا أردنا صلاة أو نوما جعلناها عنا،فإذا خفنا دخول الحراس أعدناها،و كان علي بن الحسن لا يفعل،فقال له عمه:يا بني ما يمنعك أن تفعل؟قال:لا، و اللّه لا أخلعه أبدا حتى أجتمع أنا و أبو جعفر عند اللّه،فيسأله لم قيدني به.
حدثني علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،قال:حدثني سليمان بن العطوس،قال:حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى،قال:حدّثنا عبد ربه- يعني ابن علقمة-عن يحيى بن عبد اللّه،عن الذي أفلت من الثمانية،قال:
لما أدخلنا الحبس قال علي بن الحسن:اللهم إن كان هذا من سخط منك علينا فاشدد حتى ترضى.
فقال عبد اللّه بن الحسن: ما هذا يرحمك اللّه؟.
ثم حدثنا عبد اللّه عن فاطمة الصغرى،عن أبيها،عن جدتها فاطمة بنت رسول اللّه(ص)،قالت:قال لي رسول اللّه(ص):«يدفن من ولدي سبعة بشاطئ الفرات لم يسبقهم الأولون،و لا يدركهم الآخرون»فقلت:
نحن ثمانية.قال:هكذا سمعت.
قال:فلما فتحوا الباب وجدوهم موتى،و أصابوني و بي رمق و سقوني ماء،و أخرجوني فعشت.
حدثني علي بن إبراهيم،قال:حدثنا محمد بن علي الحسني،قال:
حدثنا الحسن،عن محمد-يعني ابن عبد الواحد-قال:حدثنا حسين بن نصر،قال:حدثنا خالد بن عيسى،عن حصين بن مخارق،عن الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن.و أخبرنا علي بن العباس البجلي،قال:حدثنا الحسين بن نصر،قال:
حبسهم أبو جعفر في محبس ستين ليلة ما يدرون بالليل و لا بالنهار،و لا يعرفون وقت الصلاة إلاّ بتسبيح علي بن الحسن (1).9.
ص: 177
قال:فضجر عبد اللّه ضجرة فقال:يا علي ألا ترى ما نحن فيه من البلاء؟.ألا تطلب إلى ربك عز و جلّ أن يخرجنا من هذا الضيق و البلاء؟.
قال:فسكت عنه طويلا ثم قال:يا عم إن لنا في الجنة درجة لم نكن لنبلغها إلاّ بهذه البلية،أو بما هو أعظم منها؛و إن لأبي جعفر في النار موضعا لم يكن ليبلغه حتى يبلغ منا مثل هذه البلية،أو أعظم منها؛فإن تشأ أن تصبر، فما أوشك فيما أصبنا أن نموت فنستريح من هذا الغم كأن لم يكن منه شيء،و إن تشأ أن ندعو ربنا عز و جل أن يخرجك من هذا الغم،و يقصّر بأبي جعفر غايته التي له في النار،فعلنا.
قال:لا،بل اصبر.
فما مكثوا إلاّ ثلاثا حتى قبضهم اللّه إليه.
و توفي علي بن الحسن و هو ابن خمس و أربعين سنة،لسبع بقين من المحرم سنة ست و أربعين و مائة.
و عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا جعفر (1).
و أمه أم عبد اللّه بنت عامر،و هي أم أخيه علي.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني محمد بن يحيى،عن الحرث بن إسحاق،قال:
خرج رياح ببني حسن؛و محمد بن عبد اللّه بن عمرو إلى الرّبذة (2)،فلما
ص: 178
صاروا بقصر نفيس على ثلاثة أميال من المدينة،دعا بالحدادين،و القيود، و الأغلال،فألقى كلّ رجل منهم في كبل و غلّ،فضاقت حلقتا قيد عبد اللّه بن الحسن[بن الحسن] (1)أبي جعفر،فعضتاه فتأوّه منهما،و أقسم عليه أخوه علي بن الحسن ليحولن عليه حلقتيه إذ كانتا أوسع فحولها،و مضى بهم رياح إلى الرّبذة (2).
و توفي عبد اللّه بن الحسن،و هو ابن ست و أربعين سنة،في يوم الأضحى،سنة خمس و أربعين و مائة.
و العباس بن الحسن (3)بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه عائشة بنت طلحة الجود بن عمر بن عبيد اللّه بن معمر التيمي (4).
و كان العباس أحد فتيان بني هاشم،و له يقول إبراهيم بن علي بن هرمة (5):
لما تعرّضت للحاجات و اعتلجت *** عندي و عاد ضمير القلب وسواسا
سعيت أبغي (6)***لحاجات و مصدرها برّا كريما لثوب المجد لباسا
هداني اللّه للحسنى و وفّقني *** فاعتمت (7)خير شباب الناس عبّاسا
قدح النبي و قدح من أبي حسن *** و من حسين جرى لم يحر حنّاسا
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا عيسى بن عبد اللّه العلوي،قال: حدثنا عبد اللّه بن عمران بن أبي فروة:
ص: 179
أن العباس بن الحسن أخذ و هو على بابه،فقالت أمه عائشة بنت طلحة:
دعوني أشمه شمّة،و أضمّه ضمة.
فقالوا:لا و اللّه ما كنت في الدنيا حيّة (1).
و توفي العباس في الحبس و هو ابن خمس و ثلاثين،لسبع بقين من شهر رمضان سنة خمس و أربعين و مائة.
و إسماعيل بن إبراهيم (2)بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و هو الذي يقال له طباطبا.و قيل إن ابنه إبراهيم طباطبا.
و أمه ربيحة بنت محمد بن عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبي أمية الذي يقال له:
زاد الركب،أبو أم سلمة زوج النبي(ص) (3).
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:حدثنا إسماعيل بن يعقوب قال:حدثنا عبد اللّه بن موسى،قال:
سألت عبد الرحمن بن أبي الموالي،و كان مع بني الحسن بن الحسن في المطبق:كيف كان صبرهم على ما هم فيه؟.
قال:كانوا صبراء،و كان فيهم رجل مثل سبيكة الذهب،كلما أوقد عليها النار ازدادت خلاصا،و هو إسماعيل بن إبراهيم،كان كلما اشتد عليه البلاء ازداد صبرا.
ص: 180
و محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أم ولد تدعى عالية.
و كان يدعى الدّيباج الأصفر من حسنه (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني محمد بن الحسن،قال:حدثني محمد بن إبراهيم،قال:
أتى بهم أبو جعفر فنظر إلى محمد بن إبراهيم بن الحسن،فقال:أنت ديباج الأصفر؟قال:نعم.
قال:أما و اللّه لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا من أهل بيتك.ثم أمر باسطوانة مبنية ففرقت،ثم أدخل فيها فبنيت عليه،و هو حي (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثني محمد بن الحسن،قال:حدثني الزبير بن بلال (3)،قال:
كان الناس يختلفون إلى محمد هذا فينظرون إلى حسنه (4).
و حدثنا حرمي عن الزبير بن بكار بذلك.
و علي بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أم سلمة بنت الحسن بن الحسن بن علي.
و أم محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،رملة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
ص: 181
كان أبوه وجهه إلى مصر (1)،و وجه معه أخاه موسى بن عبد اللّه،و مطرا صاحب الحمام-قال المدائني:إنما سمي صاحب الحمام لأنه كان على حمام الأمير بالبصرة- و يزيد بن خالد القسري،يدعوان إليه،فأخذ علي،و نجى موسى و لم يؤخذ،و له خبر سنأتي به في موضعه.
و أتى أبو جعفر بعلي فحبسه مع أهله فمات معهم (2).
و قد قيل:إنه بقي في الحبس فمات في أيام المهدي.
و الصحيح أنه توفي في أيام أبي جعفر.
و محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان و إنما ذكرنا خبره معهم لأنه كان أخاهم لأمهم (3)،و كان هوى لهم، و كان عبد اللّه بن الحسن يحبه محبة شديدة،فقتل معه لمّا قتل.
و أمه فاطمة بنت الحسين،كان عبد اللّه بن عمرو تزوجها بعد وفاة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.و كان السبب في ذلك ما حدّثنا محمد بن العباس اليزيدي،و الحسن بن علي،قالا:حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة،قال:
حدثنا زبير بن بكار،و أخبرني به حرمي بن أبي العلاء،قال:حدثنا زبير بن بكار،قال:حدثني عمي مصعب،قال:حدثني محمد بن يحيى،عن أيّوب بن عمر (4)عن ابن أبي الموالي،قال:حدثني عبد الملك بن عبد العزيز، عن يوسف بن الماجشون.و أخبرني الحسن بن علي،قال:حدثني أحمد بن أبي خيثمة،قال:حدثنا مصعب،دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين،قالوا (5):
لما حضرت الحسن بن الحسن الوفاة جزع،و جعل يقول:إني لأجد كربا ليس من كرب الموت،فقال له بعضهم:ما هذا الجزع؟تقدم على رسول اللّه (ص)،و هو جدك،و على علي،و الحسن،و الحسين،و هم آباؤك؟.
ص: 182
فقال:ما لذلك أجزع،و لكني كأني بعبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان حين أموت،قد جاء في مضرّجتين أو ممصرتين (1)،و قد رجّل جمّته، يقول:أنا من بني عبد مناف جئت لأشهد ابن عمي،و ما به إلاّ أن يخطب فاطمة بنت الحسين،فإذا متّ فلا يدخلن عليّ.
قال:فصاحت به فاطمة:أتسمع؟قال:نعم.
قالت:أعتقت كل مملوك لي،و تصدقت بكل مملوك لي،إن أنا تزوجت بعدك أحدا.
قال:فسكن الحسن،و ما تنفس،و ما تحرك حتى قضى-رضوان اللّه عليه- فلما ارتفع الصياح أقبل عبد اللّه على الصفة التي ذكرها الحسن،فقال بعض القوم:ندخله،و قال بعضهم: لا ندخله،و قال قوم:و ما يضرّ من دخوله؟.
فدخل،و فاطمة رضوان اللّه عليها تصك وجهها،فأرسل إليها و صيفا كان معه،فجاء فتخطى الناس حتى دنا منها،فقال لها:يقول لك مولاي اتقي على وجهك فإن لنا فيه اربا.
قال:فأرسلت يدها في كمها،و عرف ذلك فيها،فما لطمت حتى دفن.
فلما انقضت عدتها خطبها،فقالت:كيف بنذري و يميني؟.
فقال: نخلف عليك بكل عبد عبدين،و بكل شيء شيئين.ففعل فتزوجته.
و قد حدثني أحمد بن سعيد (2)في أمر تزويجه إيّاها،عن يحيى بن الحسن، عن أخيه أبي جعفر،عن محمد بن عبد اللّه البكري،عن اسماعيل بن يعقوب (3):
أن فاطمة بنت الحسين لما خطبها عبد اللّه أبت أن تتزوجه،فحلفت أمها عليها أن تزوّجه،و قامت في الشمس،و آلت ألا تبرح حتى تزوّجه،فكرهت فاطمة أن تخرج (4)فتزوجته.».
ص: 183
ابن الحسن و أهله و حبسهم بسبب محمد بن عبد اللّه،و مقتل من قتل منهم أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد الملك بن شيبان بن عبد الملك بن مالك بن مسمع،قال:
لهجت العوام بمحمد بن عبد اللّه تسميه المهدي،حتى كان يقال:محمد بن عبد اللّه المهدي،عليه ثياب يمنية و قبطية (1).
حدثني عمر،قال:حدثني الوليد بن هشام بن محمد (2)،قال:حدثني سهل بن بشر (3)،قال:
سمعت سفيان (4)يقول:ليت هذا المهدي قد خرج،يعني محمد بن عبد اللّه بن الحسن.
أخبرني عمر بن عبد اللّه (5)[العتكي]،قال:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدثنا الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي و ابن داجة.قال أبو زيد:و حدثني عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة،قال:حدثني الحسن بن أيّوب،مولى بني نمير، عن عبد الأعلى بن أعين قال:و حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام الجعفري،عن أبيه.و حدثني محمد بن يحيى،و حدثني عيسى بن عبد اللّه بن
ص: 184
محمد بن عمر بن علي،قال:حدثني أبي-[و قد] (1)دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين:
أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء (2)،و فيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس،و أبو جعفر المنصور،و صالح بن علي،و عبد اللّه بن الحسن[ابن الحسن] (3)،و ابناه محمد و إبراهيم،و محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان.
فقال صالح[بن علي] (4):قد علمتم أنكم الذين تمدّ الناس أعينهم إليهم،و قد جمعكم اللّه في هذا الموضع،فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إيّاها من أنفسكم، و تواثقوا على ذلك حتى يفتح اللّه و هو خير الفاتحين.
فحمد اللّه عبد اللّه بن الحسن،و أثنى عليه،ثم قال:
قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلموا فلنبايعه.
و قال أبو جعفر:لأي شيء تخدعون أنفسكم،و و اللّه لقد علمتم ما النّاس إلى أحد أصور (3)أعناقا و لا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى-يريد محمد بن عبد اللّه.
قالوا:قد-و اللّه-صدقت،إن هذا لهو الذي نعلم (4).فبايعوا جميعا محمدا،و مسحوا على يده.
قال عيسى:و جاء رسول عبد اللّه بن الحسن إلى أبي أن ائتنا فإننا مجتمعون لأمر و أرسل بذلك إلى جعفر بن محمد-عليهما السلام-هكذا قال عيسى.
و قال غيره:قال لهم عبد اللّه بن الحسن: لا نريد جعفرا لئلا يفسد عليكم أمركم.
قال عيسى:فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا عليه.و أرسل جعفر بن محمد».
ص: 185
عليه السلام محمد بن عبد اللّه الأرقط بن علي (1)بن الحسين،فجئناهم فإذا بمحمد بن عبد اللّه يصلي على طنفسة رجل مثنية (2)،فقلت:أرسلني أبي إليكم لأسألكم لأي شيء اجتمعتم؟.
فقال عبد اللّه:اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبد اللّه.
قالوا:و جاء جعفر بن محمد فأوسع له عبد اللّه بن الحسن إلى جنبه، فتكلم بمثل كلامه.
فقال جعفر:لا تفعلوا فإن هذا الأمر لم يأت بعد[إن كنت ترى-يعني عبد اللّه-أن ابنك هذا هو المهدي فليس به،و لا هذا أوانه،و إن كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا للّه و ليأمر بالمعروف وينه عن المنكر فأنا و اللّه] (3)لا ندعك، و أنت شيخنا،و نبايع ابنك.
فغضب عبد اللّه و قال:لقد علمت خلاف ما تقول[و و اللّه ما أطلعك اللّه على غيبه]،و لكن يحملك على هذا الحسد لابني.
فقال:و اللّه ما ذاك يحملني،و لكن هذا و إخوته و أبناؤهم دونكم، و ضرب بيده على ظهر أبي العباس،ثم ضرب بيده على كتف عبد اللّه بن الحسن،و قال:إنها و اللّه ما هي إليك و لا إلى ابنيك، و لكنها لهم (4).و إن ابنيك لمقتولان.ثم نهض،و توكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري.
فقال:أرأيت صاحب الرداء الأصفر-يعني أبا جعفر-؟قال:نعم.قال:
فأنا و اللّه نجده يقتله.قال له عبد العزيز:أيقتل محمدا؟قال:نعم.قال:
فقلت في نفسي:حسده و ربّ الكعبة.
قال:ثم و اللّه ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما.
قال:فلما قال جعفر ذلك نفض القوم فافترقوا و لم يجتمعوا بعدها.و تبعه عبد الصمد،و أبو جعفر،فقالا يا أبا عبد اللّه أتقول هذا؟.».
ص: 186
قال:نعم أقوله و اللّه،و أعلمه.
حدثني علي بن العباس[المقانعي] (1)قال:أخبرنا بكار بن أحمد،قال:
حدثنا الحسن بن الحسين،عن عنبسة بن نجاد العابد،قال:
كان جعفر بن محمد إذا رأى محمد بن عبد اللّه[بن حسن] (2)تغرغرت عيناه،ثم يقول:بنفسي هو،إنّ الناس ليقولون فيه إنه المهدي،و إنه لمقتول،ليس[هذا] (3)في كتاب[أبيه]علي من خلفاء هذه الأمة.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدّثني جعفر بن محمد بن إسماعيل الهاشمي،قال:حدثني أبي،عن أبيه،قال:
كنت أنا و جعفر متكئين في مسجد رسول اللّه(ص)إذ وثب فزعا إلى رجل على بغل،فوقف معه ناحية واضعا يده على معرفة البغل،ثم رجع فسألته عنه،فقال:إنك لجاهل به،هذا محمد بن عبد اللّه مهدينا أهل البيت.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني غير واحد من أصحابنا:
أنّ محمدا دعا عمرو بن عبيد فاعتل عليه،و كان عمرو حسن الطاعة في المعتزلة خلع نعله فخلع ثلاثون ألفا نعالهم،و كان أبو جعفر يشكر ذلك له، و كان عمرو يقول:لا أبايع رجلا حتى أختبر عدله.
حدثني أحمد بن إسماعيل (4)،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:
حدثنا غسان،عن أبيه،عن عبد اللّه بن موسى،عن عبد اللّه بن سعد الجهني، قال:».
ص: 187
بايع أبو جعفر محمدا مرتين،أنا حاضر إحداهما بمكة في المسجد الحرام، فلما خرج أمسك له بالركاب.ثم قال:أما إنه إن أفضى إليكما الأمر نسيت لي هذا الموقف.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني محمد بن إسماعيل،قال:
حدّثني عبد العزيز بن عمران،قال:حدثني عبد اللّه بن أبي عبيدة (1)بن محمد بن عمّار بن ياسر،قال:
لما استخلف أبو جعفر لم يكن همه إلاّ طلب محمد،و المسألة عنه،و عمّا يريد (2)،فدعا بني هاشم رجلا رجلا فسألهم في خلوة،فكلهم يقول:يا أمير المؤمنين إنك قد عرفته يطلب هذا الشأن قبل هذا اليوم، و هو يخافك على نفسه،و لا يريد لك خلافا و لا يحب لك معصية؛إلاّ الحسن بن زيد فإنه أخبره خبره و قال:و اللّه ما آمن و ثوبه عليك،و اللّه لا ينام عنك،فرأيك.قال ابن أبي عبيدة:فأيقظ من لا ينام.
حدثني عمر،قال:أخبرنا عمر بن شبّة،قال:حدثني محمد بن إسماعيل،قال:سمعت القاسم[بن محمد]بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان يقول:أخبرني محمد بن وهب السلمي،عن أبي-يعني محمد بن عبد اللّه العثماني-:
ان أبا جعفر سأل عبد اللّه بن الحسن عن ابنيه عام حج،فقال له فيهما مقالة الهاشميين،فأخبره أنه غير راض أو يأتيه بهما (3).ه.
ص: 188
قال محمد بن إسماعيل:فحدثتني أمي،عن أبيها،قال:
إني قلت لسليمان:يا أخي صهري صهري،و رحمي رحمي،فما ترى؟ فقال:و اللّه لكأني أرى عبد اللّه بن علي حين أحال أبو جعفر الستر بيننا و بينه و هو يقول لنا هذا ما فعلتم بي،و لو كان عافيا عفا عن عمه[قال]فقبل رأيه.
[قال]و كان آل عبد اللّه يرونها صلة من سليمان لهم (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا محمد بن إسماعيل قال:حدثنا الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن،قال:
اختصم بنو عبد اللّه،و عبيد اللّه ابني العباس،في صدقة العباس التي تدعى السعاية بينبع (2)،فشهد محمد بن عبد اللّه بن الحسن عند القاضي عثمان بن عمرو التيمي أن ولايتها كانت لبني عبد اللّه،فأتى داود بن علي محمدا فقال:و اللّه ما أدري ما أكافيك غير أنكم تحدّثون- و ذلك باطل-أنك ستلي هذه الأمة، و نتحدث-و ذلك حق-أن سيكون منا الخليفة،وائت إلى المدينة فإذا جاءك رسولي و أنت في تنور فلا تخرج إليّ منه.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة (3)،قال:حدّثني محمد بن عباد المهلبي،عن السندي بن شاهك،قال:حدّثني عيسى بن عبد اللّه عن محمد بن عمران عن عقبة بن سلم:
أن أبا جعفر دعاه فسأله عن اسمه؟فقال:عقبة بن سلم بن نافع من الأزد،من بني هناءة.
فقال:إني لأرى لك همة و موضعا،و إني أريدك لأمر أنا معني به.
قال:أرجو أن أصدق ظنّ أمير المؤمنين.».
ص: 189
قال:فأخف شخصك و ائتني في يوم كذا،فأتيته،فقال:
إن بني عمنا هؤلاء قد أبوا إلاّ كيدا لملكنا،و لهم شيعة بخراسان بقرية كذا يكاتبونهم،و يرسلون إليهم بصدقات،و ألطاف،فأخرج بكسى و ألطاف، حتى تأتيهم متنكرا بكتاب تكتبه عن أهل القرية،ثم تسير ناحيتهم،فإن كانوا نزعوا عن رأيهم فأحبب و اللّه بهم و أقرب (1)،و إن كانوا على رأيهم علمت ذلك،و كنت على حذر منهم،فاشخص،حتى تلقى عبد اللّه بن الحسن متخشعا،فإن جبهك،و هو فاعل،فاصبر،و عاوده أبدا حتى يأنس بك فإذا ظهر لك ما قبله فاعجل عليّ.
ففعل ذلك،و فعل به حتى آنس عبد اللّه بناحيته،فقال له عقبة:
الجواب (2)،فقال:أما الكتاب فإني لا أكتب إلى أحد،و لكن أنت كتابي إليهم فاقرأهم السلام،و أخبرهم أن ابني خارج لوقت كذا و كذا،فشخص عقبة حتى قدم على أبي جعفر فأخبره الخبر (3).
قال أبو زيد:و قال لي محمد بن إسماعيل.و سمعت جدي موسى بن عبد اللّه،و جماعة من أهل الحرمة لعبد اللّه بن الحسن يذكرون:
أنه قدم عليهم فاكتنى أبا عبد اللّه،و انتسب إلى اليمن،و كان يقرئ ابني محمد،و يرويهم الشعر،ما رأينا رجلا كان يصبر على الرياء على ما كان يصبر عليه،لا ينام الليل،و لا يفطر النهار.قال موسى:ثم سألني يوما عن شيء من أمرنا؟فقلت لأبي:اعلم و اللّه أنه عين،فأمره بالشخوص،فهو الذي لم يخف عن أبي جعفر شيئا من أمرنا.
حدثني أبو زيد.و حدثني محمد بن يحيى،قال:حدثني الحرث بن إسحاق قال:5.
ص: 190
سئل أبو جعفر لما حج عبد اللّه بن الحسن عن ابنيه؟فقال:لا علم لي بهما حتى تغالظا فأمصّه أبو جعفر،فقال:يا أبا جعفر بأي أمهاتي تمصّني،أبفاطمة بنت رسول اللّه(ص)أم فاطمة بنت الحسين،أم خديجة بنت خويلد،أم أم إسحاق بنت طلحة؟.
قال:و لا بواحدة منهن،و لكن بالجرباء بنت قسامة بن رومان،فوثب المسيّب بن إبراهيم،فقال:يا أمير المؤمنين:دعني أضرب عنق ابن الفاعلة! فقام زياد بن عبد اللّه فألقى عليه رداءه،فقال:يا أمير المؤمنين هبه لي،فأنا أستخرج لك ابنيه،فخلصه منه (1).
قال أبو زيد:و حدثني محمد بن عباد،عن السندي بن شاهك،قال:
حدثني بكر بن عبد اللّه مولى آل أبي بكر،قال:حدثني علي بن رياح أخو إبراهيم بن رياح،عن صالح صاحب المصلى،قال:
إني لواقف على رأس أبي جعفر،و هو يتغذى بأوطاس (2)و هو متوجه إلى مكة،و معه على مائدته عبد اللّه بن الحسن،و أبو الكرام،و جماعة من بني العباس،فأقبل على مائدته عبد اللّه بن الحسن،فقال:يا أبا محمد،محمد و إبراهيم أراهما قد استوحشا من ناحيتي،و إني لأحبّ أن يأنسا بي و يأتياني،فأصلهما و أزواجهما (3)،و أخلطهما بنفسي،قال:و عبد اللّه يطرق طويلا،ثم يرفع رأسه فيقول:و حقك يا أمير المؤمنين ما لي بهما و لا بموضعهما (4)من البلاد علم،و لقد خرجا عن يدي. فيقول:لا تفعل اكتب إليهما و إلى من يوصل كتابك إليهما.
قال:و امتنع أبو جعفر من عامة غذائه ذلك اليوم إقبالا على عبد اللّه بن الحسن و عبد اللّه يحلف أنه لا يعرف موضعهما،و أبو جعفر يكرر عليه:لا تفعل يا أبا محمد.لا تفعل يا أبا محمد (5).8.
ص: 191
قال:و كان سبب هرب (1)محمد من أبي جعفر أن أبا جعفر كان عقد له في ناس من المعتزلة.
قال السندي بن شاهك في حديثه:قال أبو جعفر لعقبة بن سلم:
إذا فرغنا من الطعام فلحظتك لحظة فامثل بين يدي عبد اللّه فإنه سيصرف بصره عنك فاستدر حتى تغمز ظهره بإبهام رجلك،حتى يملأ عينيه منك،ثم حسبك،و إيّاك أن يراك ما دام يأكل ففعل عقبة ذلك،فلما رآه عبد اللّه وثب حتى جثا بين يدي أبي جعفر،فقال:أقلني يا أمير المؤمنين أقالك اللّه،قال:لا أقالني اللّه إن أقلتك،ثم أمر بحبسه (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني أيّوب ابن عمر بن أبي عمرو قال:أخبرني محمد بن خالد (3)المخزومي،قال:حدّثني أبي،قال:أخبرني العباس بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس،قال:
لما حج أبو جعفر في سنة أربعين و مائة أتاه عبد اللّه و الحسن ابنا الحسن، فإنهما و إيّاي لعنده،و هو مشغول بكتاب ينظر فيه،إذ تكلّم المهدي فلحن، فقال عبد اللّه:يا أمير المؤمنين ألا تأمر بهذا من يعدل لسانه فإنه يفعل كما تفعل الأمة (4)؟قال:فلم يفهم،و غمزت عبد اللّه فلم ينتبه،و عاد لأبي جعفر فأحفظ (5)من ذلك،و قال له: أين ابنك؟ قال:لا أدري،قال:لتأتيني به.
قال:لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه قال:يا ربيع قم به إلى الحبس (6).9.
ص: 192
أخبرني عمر،قال:حدّثنا عمر بن شبه،قال:حدّثني محمد بن يحيى عن الحرث بن إسحاق،قال:
حبس أبو جعفر عبد اللّه بن الحسن في دار مروان في البيت الذي عن يمين الداخل،و ألقى تحته ثلاث حقائب من حقائب الإبل محشوة تبنا،و شخص أبو جعفر و عبد اللّه محبوس فأقام في الحبس ثلاث سنين.
حدّثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدّثنا الحسين بن الحكم، قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،قال:حدّثني يحيى بن مساور،عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن،قال:
لما حبس أبي عبد اللّه بن الحسن و أهل بيته،جاء محمد بن عبد اللّه إلى أمي،فقال:يا أم يحيى،ادخلي على أبي السجن،و قولي له:يقول لك محمد بأنه يقتل رجل من آل محمد خير من أن يقتل بضعة عشر رجلا،قالت:فأتيته فدخلت عليه السجن فإذا هو متكئ على بردعة،في رجله سلسلة،قالت:
فجزعت من ذلك،فقال:مهلا يا أم يحيى فلا تجزعي فما بت ليلة مثلها، قالت:فأبلغته قول محمد،قالت:فاستوى جالسا ثم قال:حفظ اللّه محمدا، لا و لكن قولي له فليأخذ في الأرض مذهبا،فو اللّه ما يحتج عند اللّه غدا إلاّ انا خلقنا و فينا من يطلب هذا الأمر (1).
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:أخبرنا يحيى بن الحسن،قال:
حدّثنا غسان بن أبي غسان[مولى] (2)من بني ليث،قال:حدّثني أبي عن الحسن بن زيد،قال:
دخلنا على عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،بعثنا إليه رياح بكلمة في أمر ابنيه،فإذا به على حقيبة في بيت فيه تبن،فتكلم القوم حتى إذا فرغوا منة.
ص: 193
كلامهم أقبل عليّ فقال:يا ابن أخي و اللّه لبليتي أعظم من بلية إبراهيم(ص)، إن اللّه عزّ و جلّ أمر إبراهيم أن يذبح ابنه،و هو للّه طاعة،قال إبراهيم: إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (1)و إنكم جئتموني تكلمونني في أن آتي بابنيّ هذا الرجل فيقتلهما،و هو للّه جلّ و عزّ معصية،فو اللّه يابن أخي لقد كنت على فراشي فما يأتيني النوم،و إني على ما ترى أطيب نوما.فأقام عبد اللّه في الحبس ثلاث سنين.
أخبرني[عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثني]عمر بن شبّة،قال:حدّثني أيوب بن عمر،قال:حدّثني الزبير بن المنذر مولى عبد الرحمن بن العوام، قال:
كان لرياح بن عثمان (2)صاحب يقال له أبو البختري،فحدثني أن رياحا لما دخلها أميرا قال:يا أبا البختري هذه دار مروان،أما و اللّه إنها لمحلال مظعان،ثم قال لي:يا أبا البختري خذ بيدي حتى ندخل على هذا الشيخ، فأقبل متكئا على حتى وقف عليّ عبد اللّه بن الحسن،فقال:أيها الشيخ،إن أمير المؤمنين و اللّه ما استعملني لرحم قرابة،و لا ليد سبقت مني إليه،و اللّه لا تتلعب بي كما تلعبت بزياد و ابن القسري (3)،و اللّه لأزهقن نفسك،أو لتأتيني بابنيك محمد و إبراهيم.
قال:فرفع إليه رأسه،و قال:نعم،أما و اللّه إنك لأزيرق قيس، المذبوح فيها كما تذبح الشاة.
قال:فانصرف و اللّه رياح آخذا بيدي أجد برد يده،و إن رجليه ليخطان مما كلّمه (4).قال:قلت:إن هذا و اللّه ما اطلع على علم الغيب.قال:».
ص: 194
ايها (1)ويلك و اللّه ما قال إلاّ ما سمع.قال:فذبح و اللّه كما تذبح الشاة (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني محمد بن يحيى،عن الحرث بن إسحاق،قال:
لم يزل بنو الحسن محبوسين عند رياح حتى حج أبو جعفر سنة أربع و أربعين و مائة، فتلقاه رياح بالرّبذة،فرده إلى المدينة،و أمره بإشخاص بني الحسن [إليه،و بإشخاص محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان،و هو أخو بني حسن لأمهم جميعا فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب] (3)فأرسل إليه[رياح] و كان بماله ببدر فحذّره إلى المدينة (4).
أخبرني عمر،قال:حدّثني عمر بن شبّة (5)،قال:حدّثني عيسى بن عبد اللّه،قال:حدّثني علي بن عبيد اللّه بن محمد بن عمر بن علي،قال:
حضرت باب رياح في المقصورة،فقال الآذن:من كان ها هنا من بني الحسن فليدخل.فقال لي عمي عمر بن محمد:أنظر ما يصنع بالقوم.قال:
فدخلوا من باب المقصورة و خرجوا من باب مروان (6).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني عيسى بن عبد اللّه،قال:حدّثني عبد اللّه بن عمران بن أبي فروة،قال:
الذي حدرهم إلى الرّبذة أبو الأزهر (7).9.
ص: 195
قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني:
حدّثني أحمد بن عيسى العجلي،و محمد بن الحسين الأشناني،و علي بن العباس المقانعي،قالوا:حدّثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرني الحسين بن زيد بن علي.و حدثني أحمد بن الجعد،قال:حدّثنا عبد اللّه بن مروان بن معاوية الفزاري،قال:حدثنا الحسين بن زيد.و أخبرني عمر بن عبد اللّه قال:
حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني ابن زبالة،عن الحسين بن زيد.و أخبرني إسماعيل بن محمد المزني،قال:حدّثنا أبو غسان،قال: حدّثنا الحسين بن زيد.و قد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين،قال:
إني لواقف بين القبر و المنبر،إذ رأيت بني الحسن يخرج بهم من دار مروان،مع أبي الأزهر يراد بهم الرّبذة (1)فأرسل إليّ جعفر بن محمد فقال:ما وراءك؟.قلت:رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل.فقال:اجلس.
فجلست.قال:فدعا غلاما له،ثم دعا ربّه كثيرا،ثم قال لغلامه:اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني.قال:فأتاه الرسول فقال:قد أقبل بهم.فقام جعفر فوقف وراء ستر شعر أبيض من ورائه، فطلع بعبد (2)اللّه بن الحسن، و إبراهيم بن الحسن،و جميع أهلهم،كلّ واحد منهم معادله مسوّد،فلما نظر إليهم جعفر بن محمد هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته،ثم أقبل عليّ فقال:يا أبا عبد اللّه،و اللّه لا تحفظ للّه حرمة بعد هذا (3)و اللّه (4)ما وفت الأنصار،و لا أبناء الأنصار لرسول اللّه(ص)بما أعطوه من البيعة على العقبة.
ثم قال جعفر:حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أن النبي (ص)قال له:«خذ عليهم البيعة بالعقبة»فقال:كيف آخذ عليهم؟قال:
خذ عليهم يبايعون اللّه و رسوله.قال ابن الجعد في حديثه:على أن يطاع اللّه فلا يعصى. و قال الآخرون:على أن تمنعوا رسول اللّه و ذرّيته مما تمنعون منه5.
ص: 196
أنفسكم و ذراريكم.قال:فو اللّه ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم،ثم لا أحد يمنع يد لامس،اللهم فاشدد وطأتك على الأنصار.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني عثمان بن المنذر،قال:لما أن خرج ببني الحسن قام ابن حصين فقال:ألا رجل أو رجلان يعاقداني على هؤلاء القوم؟فو اللّه لأقطعن بهم الطريق،فلم يجبه أحد.
أخبرني عمر،قال:حدّثني أبو زيد،قال:حدّثنا القحدمي،قال:
حدّثني عبد اللّه بن عثمان،عن محمد بن هاشم بن البريد مولى معاوية،قال:
كنت بالرّبذة فأتى ببني الحسن مغلولين، معهم العثماني كأنه خلق من فضة،فأقعدوا،فلم يلبثوا أن خرج رجل من عند أبي جعفر المنصور فقال:
أين محمد بن عبد اللّه العثماني؟فقام فدخل فلم نلبث أن سمعنا وقع السياط.
قال:فأخرج كأنه زنجي قد غيّرت السياط لونه،و أسالت دمه،و أصاب سوط منها إحدى عينيه فسالت و أقعد إلى جنب أخيه عبد اللّه بن الحسن فعطش فاستسقى.فقال عبد اللّه بن الحسن:من يسقي ابن رسول اللّه(ص)ماء؟ فتحاماه الناس و جاءه خراساني بماء فسلمه إليه فشرب، ثم لبث هنيهة فخرج أبو جعفر في محمل،و الربيع معادله.فقال عبد اللّه بن الحسن:يا أبا جعفر،و اللّه ما هكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر.
فأخسأه أبو جعفر و ثقل عليه و مضى و لم يعرج.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني عيسى،قال:حدّثني مسكين بن عمرو،قال:
قال أبو جعفر له:أليس ابنتك التي تختضب للزناء؟.
قال:لو عرفتها علمت أنها كما تسرك من نساء قومك.
قال:يا ابن الفاعلة.
ص: 197
قال:يا أبا جعفر أي نساء الجنة تزنّي؟أفاطمة بنت رسول اللّه(ص)؟أم فاطمة بنت الحسين؟أم خديجة بنت خويلد (1)؟.
قال:فضربه ثم شخص به.
قال أبو زيد:و حدثني محمد بن أبي حرب أنه قال له:
أليس ابنتك تحت ابن عبد اللّه؟.
قال:بلى و لا عهد لي به إلاّ بمنى في سنة كذا و كذا.
قال:فهل رأيت ابنتك تمتشط و تختضب؟ قال:نعم.قال:فهي إذن فاعلة؟.
قال:مه يا أمير المؤمنين،أتقول هذا لابنة عمّك؟.
قال:يا ابن اللخناء.قال:أي أمهاتي تلخن؟ قال:يا ابن الفاعلة.
ثم ضرب وجهه (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه قال حدّثنا أبو بكر-يريد عمر بن شبّة (3)-، قال:حدّثنا ابن عائشة،قال:
أراد أبو جعفر أن يغيظ عبد اللّه بن الحسن،فضرب العثماني،و جعل بعيره أمام بعير عبد اللّه،فكان إذا رأى ظهره و أثر السياط فيه يجزع.
أخبرني عمر قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني موسى بن سعيد،عن أبيه،قال:لما ضرب محمد العثماني لصق رداؤه بظهره فجف،فأرادوا أن يخلصوه، فصاح عبد اللّه بن الحسن:لا،ثم دعا بزيت فأمر به فطلى به الرداء،ثم سلّوه سلا (4).
أخبرنا عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى،قال:حدثني سليمان بن داود بن الحسن،قال:
ما رأيت عبد اللّه جزع من شيء إلاّ يوما واحدا فإن بعير (5)محمد بن عبد اللّه».
ص: 198
انبعث به و هو غافل لم يتأهب له،و في رجليه سلسلة،و في عنقه زمّارة (1)، فهوى و علقت الزمارة بالمحمل،فرأيته منوطا بعنقه يضطرب،و رأيت [عبد اللّه بن حسن]جزع و بكى بكاء شديدا (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى بن زيد،قال:حدثني صاحب محمد بن عبد اللّه:
أن محمدا،و إبراهيم كانا يأتيان أباهما معتمين في هيئة الأعراب، فيستأذنانه في الخروج،فيقول:لا تعجلا حتى تملكا،و يقول:
إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تموتا كريمين (3).
أخبرني عمر،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني موسى بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جده،قال:
لما صرنا بالربذة أرسل أبو جعفر إلى أبي:[أن] (4)أرسل إليّ أحدكم، و اعلم أنه غير عائد إليك أبدا.قال:فابتدره (5)بنو أخيه يعرضون عليه أنفسهم فجزاهم خيرا،و قال:أنا أكره أن أفجعهم بكم،و لكن اذهب أنت يا موسى.
قال:فذهبت و أنا يومئذ حديث السن،فلما نظر إليّ قال: لا أنعم اللّه بك عينا،السياط يا غلام،فضربت و اللّه حتى غشي عليّ،قال:فما أدري بالضرب،قال:فرفعت السياط و استقربني فقربت منه،فقال:أتدري ما هذا؟هذا فيض فاض مني فأفرغته عليك منه سجلا لم أستطع رده،و من ورائه و اللّه الموت أو تفتدى منه.
قلت:يا أمير المؤمنين،و اللّه ما لي ذنب،و إني لمنعزل من هذا.».
ص: 199
قال:انطلق فأتني بأخويك.
قال:تبعثني إلى رياح فيضع عليّ العيون و الرّصد،فلا أسلك طريقا إلاّ اتبعني له رسول،و يعلم ذلك أخواي (1)فيهربان مني.فكتب إلى رياح لا سلطان لك على موسى. و أرسل معي حرسا أمرهم أن يكتبوا إليه بخبري (2).
قال أبو زيد:و حدثني عمر بن شبّة،قال:حدثني محمد بن اسماعيل، قال:حدثني موسى،قال:
أرسل أبي إلى أبي جعفر:إني كاتب إلى محمد،و إبراهيم،فأرسل موسى عسى أن يلقاهما (3)،و كتب إليهما أن يأتياه،و قال لي أبلغهما عني فلا يأتيا أبدا، و إنما أراد أن يفلتني من يده،و كان أرقّ الناس عليّ،و كنت أصغر ولد هند، و أرسل إليهما:
يا بني،أمية إني عنكما غان *** و ما الغنى غير أني مرعش فان
***يا بني أمية إلاّ ترحما كبري (4) فإنما أنتما و الثكل مثلان (5)
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد اللّه بن راشد بن بريد،قال:سمعت الجراح بن عمر،و غيره،يقولون:
لما قدم بعبد اللّه بن الحسن و أهله مقيدين،و أشرف بهم على النجف،قال لأصحابه:أما ترون في هذه القرية من يمنعنا من هذا الطاغية؟قال:فلقيه ابنا أخي الحسن،و علي مشتملين على سيفين،فقالا له:قد جئناك يابن رسول اللّه، فمرنا بالذي تريد.فقال:قد قضيتما ما عليكما و لن تغنيا (6)في هؤلاء شيئا فانصرفا (7).5.
ص: 200
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا إبراهيم (1)،قال:
حبسهم أبو جعفر في قصر لابن هبيرة في شرقي الكوفة مما يلي بغداد (2).
أخبرني عمر،قال:أخبرنا أبو زيد،قال:حدثني عبد الملك بن شيبان، قال:حدّثني إسحاق بن عيسى،عن أبيه،قال:
أرسل إليّ عبد اللّه بن الحسن،و هو محبوس فاستأذنت أبا جعفر في ذلك، فأذن لي،فلقيته فاستسقاني ماء باردا،فأرسلت إلى منزلي فأتى بقلة فيها ماء و ثلج فإنه ليشرب إذ دخل أبو الأزهر فأبصره يشرب القلة،و هي على فيّه، فضرب القلة برجله،فألقى ثنييه،فأخبرت أبا جعفر فقال:إله عن هذا يا أبا العباس.
أخبرني عمر بن عبد اللّه قال حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى-يعني ابن عبد اللّه-قال:حدثنا عبد اللّه بن عمران،قال حدثني أبو الأزهر،قال:
قال لي عبد اللّه بن الحسن:أبغي حجاما،فقد احتجت إليه،فاستأذنت أمير المؤمنين في ذلك فقال:يأتيه حجام مجيد (3).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني الفضل بن عبد الرحمن،قال:حدثني أبي،قال:
مات ميت من آل الحسن،و هم بالهاشمية محبوسون،فأخرج عبد اللّه بن الحسن يرسف في قيوده ليصلي عليه.9.
ص: 201
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى،قال:حدثني مسكين ابن عمرو،قال:
ضرب أبو جعفر عنق العثماني،ثم بعث برأسه إلى خراسان،و بعث معه بقوم يحلفون أنه محمد بن عبد اللّه بن فاطمة بنت رسول اللّه(ص) (1).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى،قال:حدثني عبد الرحمن بن عمران بن أبي فروة،قال:
كنا نأتي أبا الأزهر بالهاشمية،أنا و الشعباني،و كان أبو جعفر يكتب إليه «من عبد اللّه أمير المؤمنين إلى أبي الأزهر و مولاه»،و يكتب إليه أبو الأزهر:
«إلى أبي جعفر من أبي الأزهر عبده»فلما كان ذات يوم،و نحن عنده،و كان أبو جعفر قد ترك له ثلاثة أيام لا يبوء بها (2)،و كنا نخلو معه في تلك الأيام،فأتاه كتاب من أبي جعفر،فقرأه،و دخل إلى بني الحسن،و هم محبوسون،فتناولت الكتاب فقرأته فإذا فيه:«انظر يا أبا الأزهر ما أمرتك به في أمر مذلة (3)فأنفذه و عجله».قال:و قرأ الشعباني الكتاب فقال:تدري من مذله؟قلت:لا و اللّه.قال: هو و اللّه عبد اللّه بن الحسن،فانظر ما هو صانع،فلم يلبث أن جاء أبو الأزهر فجلس،فقال:و اللّه قد هلك عبد اللّه بن الحسن،ثم لبث قليلا،ثم دخل و خرج مكتئبا فقال:أخبرني عن علي بن الحسن أي رجل هو؟ قال قلت:أمصدق أنا عندك؟قال:و فوق ذلك.قلت:هو و اللّه خير من تظله هذه،و تقله هذه!قال:فقد-و اللّه-ذهب (4).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا ابن عائشة،قال:
سمعت مولى لبنى دارم يقول:
قلت لبشير الرحال:ما يسرعك إلى الخروج على هذا الرجل؟.9.
ص: 202
قال:إنه أرسل إليّ بعد أخذه عبد اللّه،فأتيته،فأمرني يوما بدخول بيت،فدخلته فإذا بعبد اللّه بن الحسن مقتول،فسقطت مغشيا عليّ،فلما أفقت أعطيت اللّه عهدا لا يختلف في أمره سيفان إلاّ كنت مع الذي عليه منهما (1).
و ذكر محمد بن علي بن حمزة أنه سمع من يذكر أن يعقوب،و إسحاق، و محمدا،و إبراهيم بني الحسن قتلوا في الحبس بضروب من القتل، و أن إبراهيم بن الحسن دفن حيا،و طرح على عبد اللّه بن الحسن بيت،رضوان اللّه عليهم.
و قال إبراهيم بن عبد اللّه-فيما أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،عن أبيه،عن أبي زيد،عن المدائني-يذكر أباه،و أهله،و حملهم،و حبسهم (2):
ما ذكرك الدمنة القفار و أه *** ل الدار ما نأوا عنك أو قربوا (3)
إلاّ سفاها و قد تفرعك ال *** شيب بلون كأنه العطب
و مرّ خمسون من سنيك كما *** عدّ لك الحاسبون إذ حسبوا
فعدّ ذكر الشباب لست له *** و لا إليك الشباب ينقلب (4)
إنّي عرتني الهموم و احتضر ال *** هم و سادي و القلب منشعب
و استخرج الناس للشفاء و خلف *** ت لدهر بظهره حدب (5)
اعوج استعدت اللئام به *** و يحنو به الكرام إن شربوا (6)
نفسي فدت شيبة هناك و ظن *** بوبا به من قيودهم ندب (7)».
ص: 203
و السادة الغرّ من ذويه فما *** روقب فيهم آل و لا نسب (1)
يا حلق القيد ما تضمنت من *** حلم و بر يزينه حسب (2)
***و أمهات من الفواطم أخ لصتك بيض عقايل عرب (3)
كيف اعتذاري إلى الإله و لم *** يشهر فيك المأثور القضب (4)
و لم أقد غارة ململمة *** فيها بنات الصريح تنتحب
و السابقات الجياد و الأسل ال *** سمر و فيها أسنة ذرب (5)
حتى توفي بني ثبيلة بال *** قسط بكيل الصاع الذي اختلبوا (6)
بالقتل قتلا و بالأسير الذي *** في القدّ أسرى مصفودة سلب (7)
أصبح آل الرسول أحمد في ال *** ناس كذي عرة به جرب
بؤسا لهم ما جنت أكفهم *** و أي حبل من أمة قضبوا
و أي عهد خانوا الإله به *** شدّ بميثاق عقده الكذب (8)
[قال أبو زيد هذه القصيدة لغالب الهمداني.و ذكر حرمي بن أبي العلاء عن الزبير أنها لإبراهيم،و وافق المدائني على ذلك،و لعلّ أبا زيد أن يكون و هم] (9)
و ابن لمحمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي لا يعرف اسمه حدّثني حرمي بن أبي العلاء،قال:حدّثنا زبير،عن عمّه مصعب، أظنه عن أبيه:أن أمه رخية أمة كانت لفاختة بنت فليج بن المنذر بن الزبير،
ص: 204
و أن محمدا كان رآها فأعجبته فسأل فاختة فيها.فقالت له:إنها لغير رشدة، فقال لها:إن الدنس لا يلحق الأعقاب.فقالت:و اللّه ما يلحق إلاّ الأعقاب و إن شئت فقد وهبتها لك،فوهبتها له،فولدت منه ولدا فكان معه في جبال جهينة،ففزع يوما فسقط الصبي من الجبل فتقطع.
حدثني عمر،قال:أبو زيد (1)،قال:حدثنا عيسى بن عبد اللّه،قال:
حدثني عمي عبيد اللّه بن محمد،قال:
قال محمد بن عبد اللّه:بينا أنا برضوى مع أم ولد لي،معها ابن لي ترضعه إذا ابن استوطأ مولى لأهل المدينة قد هجم عليّ في الجبل يطلبني (2)فخرجت هاربا و هربت الجارية فسقط الصبي منها،فتقطع،رحمة اللّه عليه.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن عبد اللّه،قال (3)حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن حكم الطائي (4)،قال:
لما سقط ابن لمحمد فمات،و لقى محمد ما لقى،قال:
منخرق الخفين يشكو الوجى *** تنكبه أطراف مرو حداد (5)
شرده الخوف فأزرى به *** كذاك من يكره حرّ الجلاد
قد كان في الموت له راحة *** و الموت حتم في رقاب العباد (6)5.
ص: 205
و محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا عبد اللّه (1).
و أمه هند (2)بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
و أمها قريبة (3)بنت يزيد بن عبد اللّه بن وهب بن زمعة بن الأسود (4)بن المطلب بن أسد.
و أمها خديجة بنت محمد بن طليب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد الحرث.
و أمها أم مسلم بنت عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف.
و أمها قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم.
و أمها الدنيبة بنت عبد عوف بن عبد بن الحرث بن زهرة.
و أمها بنت العداء بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
و أمها رزا بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
و أمها من بني الأحمر بن الحرث بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
و كان يقال له:صريح قريش لأنه لم يقم عنه أم ولد في جميع آبائه و أمهاته و جداته.
ص: 206
و كان أهل بيته يسمونه المهدي،و يقدرون أنه الذي جاءت فيه الرواية.
و كان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية (1)،و أنه المقتول بأحجار الزيت.
و كان من أفضل أهل بيته،و أكبر أهل زمانه في زمانه،في علمه بكتاب اللّه،و حفظه له،و فقهه في الدين،و شجاعته،و جوده،و بأسه،و كل أمر يجمل بمثله،حتى لم يشك أحد أنه المهدي،و شاع ذلك له في العامة؛و بايعه رجال من بني هاشم جميعا،من آل أبي طالب،و آل العباس،و ساير بني هاشم؛ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في أنه لا يملك،و أن الملك يكون في بني العباس،فانتبهوا من ذلك لأمر لم يكونوا يطمعون فيه.
و خرجت دعاة بني هاشم إلى النواحي عند مقتل الوليد بن يزيد، و اختلاف كلمة بني مروان،فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب و ولده،و ما لحقهم من القتل و الخوف و التشريد،فإذا استتب لهم الأمر ادعى كل فريق منهم الوصية لمن يدعو إليه.فلما ظهرت الدعوة لبني العباس و ملكوا، حرص السّفاح،و المنصور على الظفر بمحمد و إبراهيم (2)لما في أعناقهم من البيعة لمحمد؛و تواريات فلم يزالا ينتقلان في الاستتار،و الطلب يزعجهما من ناحية إلى أخرى،حتى ظهرا فقتلا،صلوات اللّه عليهما و رضوانه! قال أبو الفرج الأصبهاني:
و أنا أذكر من ذلك طرفا يتسق به خبرهما دون الإطالة لسائر ما عندي من ذلك، إذ كان هذا كتابا مختصرا قريب المأخذ،و كان شرح جميع ما روى في ذلك -على كثرته-يطول به الكتاب.».
ص: 207
و كان أبو عبيدة سيدا من سادات قريش و أجوادها (1).
قال الزبير-فيما أخبرني حرمي بن أبي العلاء-قال:حدثني سليمان بن عيّاش السعدي،قال (2):
لما توفي أبو عبيدة وجدت عليه ابنته هند وجدا شديدا،فكلم عبد اللّه بن الحسن محمد بن يسير (3)الخارجي في أن يدخل على هند بنت أبي عبيدة فيعزيها، و يؤسيها عن أبيها،فدخل معه عليها،فلما نظر إليها صاح بأبعد صوته:
قومي اضربي عينيك يا هند لن تري *** أبا مثله تنمو إليه المفاخر (4)
***و كنت إذا أثنيت أثنيت والدا يزين كما زان اليدين الأساور (5)
فصكت وجهها،و صاحت بحزنها و جهدها،فقال له عبد اللّه:أ لهذا أدخلت؟!قال الخارجي:و كيف أعزي عن أبي عبيدة و أنا أعزي به! حدثني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثني عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان،قال:حدثني علي بن صالح، قال (6):
زوج عبد الملك بن مروان ابنه عبد اللّه هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة،و ريطة بنت عبيد اللّه (7)بن عبد المدان،لما كان يقال إنه في أولادهما، فمات عنهما عبد اللّه،و أطلقهما، فتزوج هندا عبد اللّه بن الحسن،و تزوج ريطة محمد بن علي فجاءت بأبي العباس السفاح (8).3.
ص: 208
قال أبو زيد:و أنشدني بن داجة (1)و فليج بن إسماعيل،لعبد اللّه بن الحسن[بن الحسين]في هند بنت أبي عبيدة شعرا (2):
يا هند إنك لو علم *** ت بعاذلين تتابعا
قالا فلم يسمع لما *** قالا و قلت بل اسمعا
هند أحبّ إليّ من *** أهلي و مالي أجمعا (3)
و عصيت فيك عواذلي *** و أطعت قلبا موجعا (4)
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن،قال:سمعت عبد اللّه بن موسى يقول:
حملت جدّتي هند،بعمي محمد بن عبد اللّه،أربع سنين،فجاءها أبو عبيدة،فقال:أنت المتحابلة على عبد اللّه بن الحسن فرقا أن يتزوج عليك؟ فصفقت الباب دونه،و قالت:يا أبة،لا يكذب،فو رب الكعبة البيت الحرام إني لحامل! فقال:أما لو فتحت الباب لعلمت ما ينزل بك اليوم مني.ثم ولدت محمد بن عبد اللّه على رأس أربع سنين.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة عن ابن دراجة (5)، عن أبيه،قال:
لما مات عبد اللّه بن عبد الملك رجعت هند بميراثها منه.فقال عبد اللّه بن الحسن لأمه فاطمة:اخطبي عليّ هندا.فقالت:إذن تردك،أتطمع في هند».
ص: 209
و قد ورثت من عبد اللّه ما ورثته و أنت ترب لا مال لك؟فتركها،و مضى إلى أبي عبيدة أبي هند،فخطبها إليه.فقال:في الرحب و السعة،أمّا مني فقد زوجتك،مكانك لا تبرح.فدخل على هند،فقال:يا بنية هذا عبد اللّه بن الحسن أتاك خاطبا،قالت:فما قلت له؟فقال:زوجته إيّاك. قالت:أحسنت قد أجزت ما صنعت.و أرسلت إلى عبد اللّه:لا تبرح حتى تدخل على أهلك.
قال:فتبشرت لذلك،فبات بها معرسا من ليلته،لا تشعر أمه،فأقام سبعا، ثم أصبح في يوم سابعه غاديا على أمه،و عليه درع الطيب،و في غير ثيابه التي تعرف.فقالت:يا بني،من أين لك هذا (1)؟قال:من عند التي زعمت أنها تردني.
أخبرني عمر،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني هرمن أبو علي (2)-رجل من أهل المدينة-قال:سمعته متعالما عند آل أبي طالب:أن محمدا ولد في سنة مائة،و أن عمر بن عبد العزيز فرض له في شرف العطاء.
حدّثني عمر بن عبد اللّه،قال:أخبرنا عمر بن شبّة؛و حدثنا يحيى بن علي ب يحيى المنجم،و أحمد بن عبد العزيز،قالا:حدثنا عمر،قال:حدثني يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد اللّه،قال:
حدثني علي بن أبي طالب بن سرح-أحد بني تيم اللّه-قال:أخبرني مسمع بن غسان:
أن فاطمة بنت الحسين كانت تقبل نساء بنيها و أهل بيتها حتى قال لها بنوها:خشينا أن نسمى بني القابلة.فقالت:إنّ لي طلبة لو ظفرت بها لتركت ما ترون.فلما كانت الليلة التي ولد فيها محمد بن عبد اللّه قالت:يا بني،إني أطلب أمرا و ظفرت به،فلست بعائدة بعد اليوم،إن شاء اللّه تعالى،فهي التي أوقعت ذكره.
ص: 210
و قال أبو زيد-فيما حدّثني من قدمت ذكره-حدثني محمد بن إسماعيل بن جعفر الجعفري،عن أمه رقية بنت موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، عن سعيد بن عقبة الجهني-و كان عبد اللّه بن الحسن أخذه منها فكان في حجره- قال:
ولد محمد و بين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيما،فكان يقال له:
المهدي،و كان يسمى صريح قريش.
قال أبو زيد:و حدثني يعقوب بن القاسم،عن سفيان بن عيينة،قال:
رأيت عبد اللّه بن الحسن يأتي بمحمد (1)بن عبد اللّه،و إبراهيم و هما غلامان إلى عبد اللّه بن طاوس (2)فيقول:حدثهما لعلّ اللّه ينفعهما! حدّثني عمر بن عبد اللّه بن يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز،قال حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا محمد بن إسماعيل،عن موسى بن عبد اللّه، قال:
كان محمد بن عبد اللّه يقول:
إن كنت لأطلب العلم في دور الأنصار حتى لأتوسد عتبة أحدهم فيوقظني الإنسان فيقول:إن سيّدك قد خرج إلى الصلاة،ما يحسبني إلاّ عبده.
قال أبو زيد:و حدثني محمد بن الهذيل بن عبد اللّه بن مكحول العبدي، عن سعيد بن خالد بن عبد الرحمن،قال:
قدم علينا أبو أيوب بن الأدبر رسولا لأبي حذيفة واصل بن عطاء داعيا إلى مقالته،فاستجاب له محمد بن عبد اللّه بن الحسن،في جماعة من آل أبي طالب.
حدثني عيسى بن الحسين الوراق،قال:حدثنا أحمد بن الحارث،قال:0.
ص: 211
حدثني المدائني عن ابن دأب (1)قال:حدثني عمير بن الفضل الخثعمي،قال:
رأيت أبا جعفر المنصور يوما،و قد حرج محمد بن عبد اللّه بن الحسن من دار ابنه،و له فرس واقف على الباب مع عبد له أسود،و أبو جعفر ينتظره،فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب،ثم سوى ثيابه على السرج، و مضى محمد فقلت و كنت حينئذ أعرفه و لا أعرف محمدا:من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه و سوّيت عليه ثيابه؟قال:أو ما تعرفه؟قلت:
لا.قال:هذا محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،مهديّنا أهل البيت.
أخبرنا محمد بن زكريا الصحاف البصري،قال:حدثنا قعنب بن محرز، عن المدائني،عن ابن دأب،قال:
لم يزل محمد بن عبد اللّه بن الحسن،منذ كان صبيا،يتوارى و يراسل الناس بالدعوة إلى نفسه،و يسمى بالمهدي.
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر بن عبد اللّه،و الجوهري،قالوا:حدّثني عمر بن شبّة،قال:حدّثني يعقوب بن القاسم،قال:حدّثتني أمي فاطمة بنت عمر[بن عاصم] (2)،قالت:أخبرتني أم كلثوم بنت وهب،قالت:
كان يوجد في الرواية أنه يملك رجل اسمه اسم النبي(ص)،و اسم أمه على ثلاث أحرف أولها هاء و آخرها دال.قال:و كانوا يظنون محمد بن عبد اللّه بن الحسن،و أمه هند.
أخبرني يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا أبو زيد، قال:حدّثنا عيسى بن عبد اللّه،قال:حدثني أبو سلمة المصبحي،قال:
حدثني مولى لأبي جعفر،قال:
أرسلني أبو جعفر،فقال:اجلس عند المنبر فاسمع ما يقول محمد.
فسمعته يقول:إنكم لا تشكون أني أنا المهدي،و أنا هو.فأخبرت بذلك أبا جعفر،فقال:كذب عدو اللّه،بل هو ابني.ة.
ص: 212
قال أبو زيد:و حدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل الهاشمي،عن أبيه، عن جده،قال:
كنت مع أبي جعفر في مسجد النبي(ص)،إذ وثب إلى رجل على بغل، فوقف معه ناحية،و هو واضع يده على معرفة البغل،و الرجل كان واضعا يده على منكبه (1)ثم جاءني فقال: استأذن على أبيك لمحمد بن عبد اللّه بن الحسن.
فقلت:ليدن من الباب فليستأذن،فقال:أقسمت عليك إلاّ قمت!فقمت، فلما رجعت قال لي:ألست الذي استأذنت له؟فقلت:لا،أمرني من أستأذن له.فقال:إنك لجاهل به،هذا محمد بن عبد اللّه،مهدينا أهل البيت.
أخبرني محمد بن خلف بن وكيع،قال:حدثنا إسماعيل بن محمد،عن الواقدي،قال:
كان عبد اللّه بن الحسن يأمر ابنه محمدا بطلب العلم و التفقه في الدين، و كان يجيء به و بأخيه إبراهيم إلى ابن طاوس فيقول له:حدثهما لعلّ اللّه أن ينفعهما (2).
قال الواقدي:
و قد لقى محمد نافع بن عمر و سمع منه،و لقى أبا الزياد و سمع منه، و حدث عنهما و عن غيرهما،و كان حديثه قليلا،فروى عنه بعد مقتله،فممن حدّث عنه عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة،و غيره.
أخبرنا علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا بكار بن أحمد،قال:
حدثنا الحسن بن زياد الصيقل،قال:أخبرني سلم العامري،قال:
إنما شهر محمد بن عبد اللّه فاطمة بنت علي (3)لما ولد محمد بن عبد اللّه8.
ص: 213
جاءت فنظرت إليه و أدخلت إصبعها في فيّه،فإذا في لسانه عقدة،فكانت تربيه،يكون عندها أكثر مما يكون عند أمه،حتى تخرج،و خرج من الكتاب، و عملت طعاما،و أرسلت إلى نفر من أهل بيته فتغدوا عندها،ثم قالت:
اللهم إن أخي الحسين كان دفع إليّ سفطا بخاتمه،و اللّه ما أدري ما فيه،و أرى إذا ولد هذا الغلام أن أدفعه إليه،ثم دعت بالسفط فدفعته إلى محمد بن عبد اللّه بمحضر من القوم،و حمل معه إلى منزله ما تدري ما فيه فهي التي شهرته،و قال الناس فيه (1).
حدّثني علي بن العباس،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرنا إبراهيم بن محمد الخثعمي،عن محمد بن يعلى (2)،عن القاسم بن عيلان بن عبد اللّه بن الحسن،قال:
دعتني عمتي فاطمة بنت علي فقالت:يا بني،إن أبي علي بن أبي طالب كان يذكر أن أصغر ولده يدرك المهدي،و أنا أصغر ولده،و قد كان يذكر و يصف علامات فيه،فلبست أراها في أحد غيرك،فإن كنت أنت ذاك فعليك بالنمط الأوسط من النمطين،يرجع إليك الغالي،و يحلق المقصر،ثم اشفني من بني أمية.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني يعقوب بن القاسم قال:حدثني علي بن أبي طالب،قال:أخبرني القاسم بن المطلب العجلي،قال:حدثني الكلبي منذ خمسين سنة،أن أبا صالح حدّثه قبل ذلك بعشرين سنة، أن أبا هريرة أخبره:
أن المهدي اسمه محمد بن عبد اللّه،في لسانه رتّة.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد اللّه بن نافع،قال:حدّثني إبراهيم بن علي الرافعي من ولد أبي رافع، قال:
كان محمد تمتاما،فرأيته على المنبر يتلجلج الكلام في صدره فيضرب بيده».
ص: 214
عليه يستخرج الكلام (1).
و أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال يحيى بن الحسن،قال:حدّثني موسى بن عبد اللّه بن موسى عن أبيه،قال:
ولد محمد بن عبد اللّه و بين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيما،و كان يقال له صريح قريش،و هو المهدي.و كان صريحا (2).و قد قال فيه الشاعر و هو سلمة بن أسلم الجهني:
إن الذي يروي الرّواة لبيّن *** إذا ما ابن عبد اللّه فيهم تجردا
له خاتم لم يعطه اللّه غيره *** و فيه علامات من البر و الهدى
أخبرني يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدّثني محمد بن اسماعيل الجعفري أن ابن أبي ثابت أنشده بيتا لا يدري من قاله:
إن يك ظني في محمد صادقا *** يكن فيه ما تروي الأعاجم في الكتب
قال:و قال سلمة بن أسلم،ثم أحد (3)بني الربعة من جهينة:
إنا لنرجو أن يكون محمد *** إماما به يحيا الكتاب المنزّل
به يصلح الإسلام بعد فساده *** و يحيا يتيم بائس و معوّل
و يملأ عدلا أرضنا بعد ملئها *** ضلالا و يأتينا الذي كنت آمل
و قال أيضا:
إن كان في الناس لنا مهدي *** يقيم فينا سيرة النبي
فإنه محمد التقي».
ص: 215
و لمحمد يقول إبراهيم بن علي بن هرمة:
لا و الذي أنت منه نعمة سلفت *** نرجو عواقبها في آخر الزمن
ما غيرت وجهه أمّ مهجّنة *** إذ القتام (1)يغشّي أوجه الهجن
قال أبو زيد:و حدّثني عبد الملك بن سنان المسمعي،قال:
لهجت العوام بمحمد تسميه المهدي حتى كان يقال محمد بن عبد اللّه المهدي عليه ثياب يمنية و قبطية (2).
قال أبو زيد:و حدثني الوليد بن هشام،قال:حدثني سهل بن بشر، قال:
سمعت فتاة تقول:ليت المهدي قد خرج،تعني محمد بن عبد اللّه (3).
أخبرني أحمد بن سعيد،قال حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدّثني غسان بن أبي غسان،عن أبيه،عن عيسى بن عبد اللّه،قال:
لم يزل محمد بن عبد اللّه منذ كان غلاما إلى أن بلغ يتغيب و يستخفي، و يسمى المهدي (4).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:
حدثني عبد اللّه بن محمد،عن حميد بن سعيد،قال:
لما ولد محمد بن عبد اللّه سرّ به (5)آل محمد،و كانوا يروون عن النبي (ص)أن اسم المهدي محمد بن عبد اللّه فأملوه،و رجوه،و سروا به،و وقعت عليه المحبة،و جعلوا يتذاكرونه في المجالس،و تباشرت (6)به الشيعة.و في ذلك يقول الشاعر:».
ص: 216
ليهنكم المولود آل محمد *** أمام هدى،هادي الطريقة،مهتدي
يسوّم أمّي الذّل من بعد عزّها *** و آل ابن العاص الطريد المشرد
فيقتلهم قتلا ذريعا،و هذه *** بشارة جدّية،علي و أحمد
هما أنبآنا أن ذلك كائن *** برغم أنوف من عداة و حسّد
أمية صبرا طالما أطّرت لكم *** بنو هاشم آل النبي محمد
قال أبو الفرج علي بن الحسين:
و الروايات في هذا كثيرة يكتفى منها بما مضى.
(و غيرهم أن يكون محمد المهدي،و قولهم فيه إنه النفس الزكية رضوان اللّه عليه و سلامه) حدثني علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،عن إبراهيم بن محمد الخثعمي،عن يحيى بن يعلى،عن محمد بن بشر، قال:
قال رجل لعبد اللّه بن الحسن:متى يخرج محمد؟.
قال:لا يخرج حتى أموت،و هو مقتول.
قلت:إنا للّه و إنا إليه راجعون،هلكت و اللّه الأمة.قال:كلاّ.قلت:
فإبراهيم؟قال:ليس بخارج حتى أموت،و هو مقتول.قلت:إنا للّه هلكت و اللّه الأمة.قال:فإذا متّ خرجا جميعا فلا يلبثا إلاّ و هما مقتولان.قلت:إنا للّه هلكت الأمة.قال:كلاّ.فإن صاحبهم منا غلام شاب ابن خمس و عشرين سنة يقتلهم تحت كل حجر،أو تحت كل كوكب (1).
حدّثنا علي بن العباس،قال:حدثنا بكار بن أحمد،قال:حدثنا الحسن بن الحسين،عن يحيى بن يعلى،عن شيخ من بني سفيان،قال:
ص: 217
قلت لعبد اللّه بن الحسن،ثم ذكر مثل حديث عباد،عن يحيى بن يعلى.
أخبرنا يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا محمد بن الهذيل بن عبيد اللّه،قال:سمعت من لا أحصى من أصحابنا يذكرون:
أن عمرو بن عبيد كان ينكر أن يكون محمد بن عبد اللّه هو المهدي، و يقول:كيف و هو يقتل؟.
قال أبو زيد:و حدثني محمد بن الهذيل،قال:أخبرني عثمان بن الحكم بن صخر الثقفي،قال:جاءني مطر صاحب الحمام،و ألقى نفسه على فراش ثم تمدد فقلت:ما لك؟فقال:ما يدعنا عمرو بن عبيد نعيش في الدنيا.قلت:و كيف؟قال:قال عمرو (1)إنّ أمرنا ينفسخ لا يتم،و إن جهادنا يذهب باطلا.قال:قلت:فاذهب بنا إليه.قال:فانطلقت أنا و هو حتى أتينا عمرا،فقلت:يا أبا عثمان ما يقول أبو رجاء؟قال:صدق.قلت:
و كيف يقول ذلك؟قال:فهو المقتول بالمدينة.
قال أبو زيد:و حدثني إبراهيم بن إسحاق الغطفاني،قال:حدثني كثير بن الصلت،قال:أخبرني يوسف بن قتيبة بن مسلم،و لم أر بأهلنا قط خيرا منه،قال:أخبرني أخي مسلم بن قتيبة قال:
أرسل إليّ أبو جعفر،فدخلت عليه،فقال:قد خرج محمد بن عبد اللّه،و تسمى بالمهدي،و و اللّه ما هو به،و أخرى أقولها لك لم أقلها لأحد قبلك،و لا أقولها لأحد بعدك،و ابني و اللّه ما هو بالمهدي الذي جاءت به الرواية،و لكنني تيمنت به،و تفاءلت به.
قال أبو زيد:و حدثني محمد بن يحيى،قال:حدثني ابن أبي ثابت، عن أبي العباس الفلسطي،قال:».
ص: 218
قلت لمروان بن محمد:جدّ محمد بن عبد اللّه،فإنه يدّعي هذا الأمر، و يتسمى بالمهدي.فقال:ما لي و له،ما هو به و لا من أبيه،و إنه لابن أم ولد،و لم يهجه مروان حتى قتل (1).
قال أبو زيد حدثني محمد بن يحيى،عن عبد اللّه بن يحيى،عن عبد اللّه بن الحسن بن الفرات،قال:
رحت عشية من قرية مع عبد اللّه و الحسن ابني الحسن بن الحسن بن علي،فضمنا المسير إلى داود بن علي،و عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن العباس،فأقبل داود على عبد اللّه بن الحسن يدعوه إلى أن يظهر ابنه محمدا- و ذلك قبل أن يملك بنو العباس-فقال عبد اللّه:لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد.قال:فسمع عبد اللّه بن علي الحديث،فالتفت إلى عبد اللّه بن الحسن فقال له:يا أبا محمد:
سيكفيك الجعالة مستميت *** خفيف الحاذ من فتيان جرم (2)
أنا و اللّه الذي أظهر عليهم،و أقتلهم،و أنتزع ملكهم.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثنا أحمد بن عبد اللّه بن موسى،قال:حدثني أبي:
أن جماعة من علماء أهل المدينة أتوا علي بن الحسن،فذكروا له هذا الأمر.فقال:محمد بن عبد اللّه أولى بهذا مني،فذكر حديثا طويلا،قال:
ثم أوقفني على أحجار الزيت فقال:ها هنا تقتل النفس الزكية.قال:فرأيناه في ذلك الموضع الذي أشار إليه مقتولا.رضوان اللّه عليه و سلامه.
أخبرنا علي بن العباس،قال:حدثنا عباد بن يعقوب (3)،قال:حدثنا».
ص: 219
يحيى بن يعلى عن عمر بن موسى عن محمد بن علي عن آبائه،قال:
النفس الزكية من ولد الحسن.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،قال:أخبرنا عمر بن شبة،قال:حدثني عيسى بن عبد اللّه،قال:حدّثتني أمي أم الحسين بنت عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين.قالت:
قلت لعمي جعفر بن محمد:إني-فديتك-ما أمر محمد هذا؟قال:
فتنة،يقتل محمد عند بيت رومي،و يقتل أخوه لأمه و أبيه بالعراق و حوافر فرسه في الماء (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن زبالة (2)،عن الحسين بن زيد،عن مسلم بن بشّار، قال:
كنت مع محمد بن عبد اللّه عند غنائم خشرم فقال لي:ها هنا تقتل النفس الزكية.قال:فقتل هناك.
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال (3):و مما رثى به محمد بن عبد اللّه بن الحسن:
رحم اللّه شبابا *** قتلوا يوم الثنية (4)
فرّ عنه الناس طرا *** غير خيل أسديه
قاتلوا عنه بنيا *** ت و أحساب نقيه
***قتل الرحمن عيسى قاتل النفس الزكيهية
ص: 220
قال أبو زيد،و حدثني محمد بن إسماعيل،قال:حدثني عبد العزيز، و عمران الزهري،عن أبيه،قال:
كان البيت من الشعر يسقط على محمد فيكتب إلينا لنفيده إيّاه،و إنه لفي أخوف خوفه.
حدثني عمر،قال:حدثني أبو زيد،أخبرني عمر،عن عبد اللّه،قال حدثنا عمر بن شبّة (1)،قال:حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن أبي عمرو، قال:سمعت عبد اللّه بن حفص بن عاصم العمري (2)يقول في حديث حدّث به،عن محمد بن عبد اللّه:
حدثني من لم تر عيني ممن خلق اللّه خيرا منه،و لا أراه أبدا،محمد بن عبد اللّه،فقال له ابنه عبد اللّه الأشتر:إنما أفلت من يدي أبي جعفر أمس من ضرب عنقك.و هذا ابنه.فقال:يا بني،هذا و اللّه أمر لا يبالي أبوك لو ضربت عليه عنقه.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا علي بن الجعد،قال:أخبرني عبد العزيز بن الماجشون:
أن محمد بن عبد اللّه كلمه في القدر.قال:و كان قدريا.قال:فذكرت ذلك لموسى بن عبد اللّه.فقال لا:إنما كان يشتمل الناس.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثنا محمد بن إسماعيل،عن أبيه،عن سعيد بن عقبة،قال:
كنا مع عبد اللّه بن الحسن بسويقة،و بين يديه صخرة،فقام محمد يعالجها ليرفعها فأقلها حتى بلغ ركبتيه،فنهاه عبد اللّه فانتهى،فلما رحل عبد اللّه عاد إليها فاستقلّها على منكبه،ثم ألقاها،فحزرت ألف رطل (3).».
ص: 221
قال:و حدثني موسى بن عبد اللّه،عن أبيه عن سعيد بن عقبة بهذا.
قال أبو زيد:و وقف موسى على الصخرة بسويقة،و ذكر لي أنه و رجل من أصحابه عالجها،و هي على حرفها،و كان جهدهما أن حركاها.
حدثني علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا بكار بن أحمد،قال:
حدثنا الحسن بن الحسين عن محمد بن مساور عن مضرس بن فضالة الأسدي، قال:
صعد محمد بن عبد اللّه المنبر في المدينة فخطب الناس فحمد اللّه،و أثنى عليه،ثم قال:
أيّها الناس،ما يسرني أن الأمة اجتمعت إليّ كما اجتمعت هذه الحلقة في يدي-يعني سير سوطه-و أني سئلت عن باب حلال و حرام،لا يكون عندي مخرج منه.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا الحسين بن الحكم، قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،عن محمد بن مساور بهذا.
حدّثني علي بن العباس،قال:حدّثنا عباد بن يعقوب،قال:حدثنا أرطاة،قال:
قال لنا إبراهيم بن أبي يحيى:أيّهما أفضل عندكم:جعفر بن محمد،أو محمد بن عبد اللّه؟قال:قلنا له:أنت أعلم،فقد رأيتهما،و لم نرهما.
فقال:ما رأيت أحدا أنظر في دقيق الأمر من محمد بن عبد اللّه.
حدثني علي بن العباس،قال:أنبأنا بكار بن أحمد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:حدّثني حماد بن يعلى،قال:
قلت لعلي بن عمر بن علي بن الحسين:أمتع اللّه بك،أسمعت جعفرا يذكر في محمد و إبراهيم شيئا؟.
ص: 222
قال:سمعته حين أمره أبو جعفر أن يسير إلى الرّبذة،فقال:يا علي بنفسي أنت سر معي،فسرت معه إلى الرّبذة،فدخل على أبي جعفر،و قمت أنتظره،فخرج عليّ جعفر و عيناه تذرفان،فقال لي:يا علي،ما لقيت من ابن الخبيثة (1)،و اللّه لا أمضي،ثم قال:رحم اللّه ابني هند إنهما إن كانا لصابرين كريمين،و اللّه لقد مضيا و لم يصبهما دنس.
قال:و قال غيره إنه قال:فما آسى على شيء إلاّ على تركي إيّاهما لم أخرج معهما.
حدّثنا علي بن العباس،قال:أنبأنا بكار بن أحمد،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين عن سليمان (2)بن نهيك،قال:
كان موسى،و عبد اللّه ابنا جعفر،عند محمد بن عبد اللّه،فأتاه جعفر فسلّم،ثم قال:تحب أن يصطلم أهل بيتك؟قال: ما أحب ذلك.قال:
فإن رأيت أن تأذن لي فإنك تعرف علتي.قال:قد أذنت لك.ثم التفت محمد بعد ما مضى جعفر،إلى موسى،و عبد اللّه ابني جعفر فقال:الحقا بأبيكما فقد أذنت لكما،فانصرفا.فالتفت جعفر فقال:ما لكما؟قال:قد أذن لنا.فقال جعفر:ارجعا فما كنت بالذي أبخل بنفسي و بكما عنه،فرجعا فشهدا محمدا.
أخبرنا علي بن العباس.قال حدثنا يحيى بن الحسن (3)بن محمد بن عبد الواحد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات،عن غالب الأسدي، قال:سمعت عيسى بن زيد يقول:
لو أنزل اللّه على محمد(ص)أنه باعث بعده نبيا لكان ذلك النبي محمد بن عبد اللّه بن الحسن.
فقال يحيى بن الحسن-فيما حدّثني ابن سعيد عنه-قال:يعقوب (4)بن عربي:».
ص: 223
سمعت أبا جعفر المنصور يقول في أيام بني أمية،و هو في نفر من بني أبيه [عند محمد بن عبد اللّه بن حسن]قال:
ما في آل محمد(ص)أعلم بدين اللّه،و لا أحق بولاية الأمر من محمد بن عبد اللّه،و بايع له،و كان يعرفني بصحبته و الخروج معه.قال يعقوب بن عربي:فلما قتل محمد حبسني بضع عشرة سنة.
أخبرني (1)يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز،و عمر بن عبيد اللّه العتكي،قالوا:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني محمد بن يحيى،عن عبد العزيز بن عمران،عن عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة،قال أبو زيد،و حدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل بن الفضل الهاشمي،عن رجل من بني كنانة،قال أبو زيد،و حدثني عبد الرحمن بن عمرو بن حبيب،عن الحسن بن أيّوب مولى بني نمير،عن عبد الأعلى بن أعين.كل هؤلاء قد روى هذا الحديث بألفاظ مختلفة،و معان قريبة،فجمعت رواياتهم،لئلا يطول الكتاب بتكرير الأسانيد:
أن بني هاشم اجتمعوا فخطبهم عبد اللّه بن الحسن فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:
إنكم أهل البيت قد فضّلكم اللّه بالرسالة،و اختاركم لها،و أكثركم بركة يا ذرية محمد(ص)بنو عمّه و عترته،و أولى الناس بالفزع في أمر اللّه،من وضعه اللّه موضعكم من نبيه(ص)،و قد ترون كتاب اللّه معطلا،و سنّة نبيّه متروكة،و الباطل حيا،و الحق ميتا.قاتلوا للّه في الطلب لرضاه بما هو أهله، قبل أن ينزع منكم اسمكم،و تهونوا عليه كما هانت بنوا إسرائيل،و كانوا أحب خلقه إليه.و قد علمتم أنا لم نزل نسمع أن هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضا خرج الأمر من أيديهم،فقد قتلوا صاحبهم-يعني الوليد بن يزيد-فهلمّ نبايع محمدا،فقد علمتم أنه المهدي.ة.
ص: 224
فقالوا:لم يجتمع أصحابنا بعد،و لو اجتمعوا فعلنا،و لسنا نرى أبا عبد اللّه جعفر بن محمد،فأرسل إليه ابن الحسن فأبى أن يأتي،فقام و قال:أنا آت به الساعة،فخرج بنفسه حتى أتى مضرب الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث،فأوسع له الفضل و لم يصدره،فعلمت أن الفضل أسن منه،فقام له جعفر و صدّره،فعلمت أنه أسن منه.
ثم خرجنا جميعا حتى أتينا عبد اللّه،فدعى إلى بيعة محمد،فقال له جعفر:إنك شيخ،و إن شئت بايعتك،و أما ابنك فو اللّه لا أبايعه و أدعك.
و قال عبد اللّه الأعلى في حديثه:إن عبد اللّه بن الحسن قال لهم:لا ترسلوا إلى جعفر فإنه يفسد عليكم،فأبوا.قال:فأتاهم و أنا معهم،فأوسع له عبد اللّه إلى جانبه و قال: قد علمت ما صنع بنا بنو أمية،و قد رأينا أن نبايع لهذا الفتى.
فقال:لا تفعلوا:فإن الأمر لم يأت بعد.
فغضب عبد اللّه و قال:لقد علمت خلاف ما تقول،و لكنه يحملك على ذلك الحسد لابني.
فقال:لا و اللّه،ما ذاك يحملني،و لكن هذا و إخوته و أبناؤهم دونكم.
و ضرب يده على ظهر أبي العباس،ثم نهض و اتبعه،و لحقه عبد الصمد،و أبو جعفر فقالا:يا أبا عبد اللّه،أتقول ذلك؟قال:نعم و اللّه أقوله و أعلمه!.
قال أبو زيد،و حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام بهذا الحديث،عن أبيه:
أن جعفرا قال لعبد اللّه بن الحسن:إنها و اللّه ما هي إليك،و لا إلى ابنيك،و لكنها لهؤلاء،و إن ابنيك لمقتولان.فتفرق أهل المجلس و لم يجتمعوا بعدها (1).
و قال عبد اللّه بن جعفر بن المسور في حديثه:3.
ص: 225
فخرج جعفر يتوكأ على يدي فقال لي:أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ يعني أبا جعفر.قلت:نعم.قال:فإنا و اللّه نجده يقتل محمدا،قلت:أو يقتل محمدا؟قال:نعم.فقلت في نفسي:حسده و رب الكعبة.ثم ما خرجت و اللّه من الدنيا حتى رأيته قتله.
أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق،قال:حدثنا الخراز عن المدائني، و أخبرني الحسن بن علي،قال:حدثنا عبد اللّه بن أبي سعد،قال:حدثني علي بن عمرو،عن ابن داحة:
أن جعفر بن محمد قال لعبد اللّه بن الحسن:إن هذا الأمر،و اللّه ليس إليك،و لا إلى ابنيك،و إنما هو لهذا-يعني السفاح-ثم لهذا-يعني المنصور، ثم لولده من بعده،لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان،و يشاوروا النساء.
فقال عبد اللّه:و اللّه يا جعفر،ما أطلعك اللّه على غيبه،و ما قلت هذا إلاّ حسدا لابني (1).
فقال:لا و اللّه ما حسدت ابنك،و إن هذا-يعني أبا جعفر-يقتله على أحجار الزيت،ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف،و قوائم فرسه في الماء.
ثم قام مغضبا يجر رداءه،فتبعه أبو جعفر فقال:أتدري ما قلت يا أبا عبد اللّه؟قال:إي و اللّه أدريه،و إنه لكائن.
قال:فحدثني من سمع أبا جعفر يقول:
فانصرفت لوقتي فرتبت عمالي،و ميزت أموري تمييز مالك لها.
قال:فلما ولى أبو جعفر الخلافة سمى جعفرا الصادق،و كان إذا ذكره قال:قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا و كذا،فبقيت عليه.
أخبرني عيسى بن الحسين،قال:حدّثنا الخراز،قال:حدّثني المدائني، عن سحيم بن حفص:
أن نفرا من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء من طريق مكة،فيهم إبراهيم4.
ص: 226
الإمام،و السفاح،و المنصور،و صالح بن علي،و عبد اللّه بن الحسن،و ابناه محمد،و إبراهيم،و محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان،فقال لهم صالح بن علي:
إنكم القوم الذين تمتد أعين الناس إليهم،فقد جمعكم اللّه في هذا الموضع،فاجتمعوا على بيعة أحدكم،فتفرقوا في الآفاق،و ادعوا اللّه،لعلّ اللّه أن يفتح عليكم و ينصركم.
فقال أبو جعفر:لأي شيء تخدعون أنفسكم،و اللّه لقد علمتم ما الناس إلى أحد أميل أعناقا،و لا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى-يعني محمد بن عبد اللّه (1).
قالوا:قد و اللّه صدقت،إنا لنعلم هذا.فبايعوا جميعا محمدا،و بايعه إبراهيم الإمام،و السفاح،و المنصور،و سائر من حضر،فذلك الذي أغرى القوم لمحمد بالبيعة التي كانت في أعناقهم.
قال:ثم لم يجتمعوا إلى أيّام مروان بن محمد.ثم اجتمعوا فبيناهم يتشاورون إذ جاء رجل إلى إبراهيم فشاوره بشيء فقام،و تبعه العباسيون، فسأل العلويون عن ذلك فإذا الرجل قد قال لإبراهيم الإمام:قد أخذت لك البيعة بخراسان،و اجتمعت لك الجيوش،فلما علم ذلك عبد اللّه بن الحسن احتشم إبراهيم الإمام و خافه و توقاه،فكتب إلى مروان بن محمد إني بريء من إبراهيم و ما أحدث.
(الدعوة لنفسه) قال أبو الفرج علي بن الحسين:
و كانت دعوة محمد إلى نفسه،و دعوة أبيه،و من دعا إليه من أهله، بعقب قتل الوليد بن يزيد (2)،و وقوع الفتنة بعده.و قد كان سعى به إلى
ص: 227
مروان بن محمد.فقال:
لست أخاف أهل هذا البيت لأنه لا حظ لهم في الملك إنما الحظ لبني عمهم العباس و بعث إلى عبد اللّه بن الحسن بمال و استكفّه،و أوصى عامله بالحجاز أن يصونهم و لا يعرض لمحمد بطلب.و لا إخافة،إلاّ أن يستظهر حربا أو شقا لعصا.
ثم أظهر دعوته في أيّام أبي العباس،و كان إليه محسنا فعاتب إيّاه في ذلك و كفّه.
فلما ولّى أبو جعفر جدّ في طلبه،وجد هو في أمره إلى أن ظهر.
أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم،و الجوهري،و العتكي،قالوا:
أخبرنا أبو زيد،قال:حدّثنا محمد بن يحيى،قال:حدّثني ابن أبي ثابت، عن أبي العباس الفلسطي،قال:
قلت لمروان بن محمد:جد محمد بن عبد اللّه بن الحسن،فإنه يدّعى هذا الأمر و يتسمى بالمهدي،فقال:ما لي و له،ما هو به و لا من بني أبيه و إنه لابن أم ولد.فلم يهجه مروان حتى قتل (1).
قال محمد بن يحيى،و حدثني الحرث بن إسحاق:
أن مروان لما بعث عبد الملك بن عطية السعدي لقتال الحرورية،لقيه أهل المدينة سوى عبد اللّه بن الحسن،و ابنيه محمد و إبراهيم،فكتب بذلك إلى مروان،و كتب إليه إني هممت بضرب أعناقهم.فكتب إليه مروان ألاّ تعرض لعبد اللّه،و لا لابنيه، فليسوا بأصحابنا الذين يقاتلونا أو يظهرون علينا.
قال أبو زيد،و حدثني عيسى بن عبد اللّه عن أبيه،قال:
أرسل مروان بن محمد إلى عبد اللّه بن الحسن بعشرة آلاف دينار،و قال له:اكفف عني ابنيك،و كتب إلى عامله بالمدينة ان استتر بثوب منك فلا تكشفه عنه،و إن كان جالسا على جدار فلا ترفع رأسك إليه.6.
ص: 228
قال أبو زيد،و حدثني عبد الملك بن سنان،قال:
قال مروان بن محمد لعبد اللّه بن الحسن:ائتني بابنك محمد.
قال:و ما تصنع به يا أمير المؤمنين؟.
قال:لا شيء إلاّ أنه إن أتانا أكرمناه،و إن قاتلنا قاتلناه،و إن بعد عنا لم نهجه.
قال أبو زيد:و حدثني يعقوب بن القاسم،عن الحسين بن عيسى الجعفي،عن المغيرة بن زميل العنبري:أن مروان بن محمد قال له-يعني لعبد اللّه بن الحسن-:ما فعل مهديكم؟.
قال:لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فليس كما يبلغك.
فقال:بلى،و لكن يصلحه اللّه و يرشده.
أخبرني عيسى بن الحسين،قال:حدّثنا أحمد بن الحرث،عن المدائني، قال:
بلغني أن عبد الملك بن عقبة اجتاز بحاج مشرف على الطريق،و محمد بن عبد اللّه بن الحسن مطلع من خوخة،فقال رجل لابن عقبة:ارفع رأسك، فانظر إلى محمد بن عبد اللّه بن الحسن،فطأطأ رأسه و قال للرجل:إن أمير المؤمنين-يعني مروان بن محمد-قال لي:ان استتر منك بثوب فلا تكشفه عنه، و إن كان جالسا على جدار فلا ترفع رأسك إليه،و مضى.
قال أبو الفرج الأصبهاني رحمه اللّه:
و كان سبب عجلته بالخروج قبل أن يتم أمر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق،إنفاذ عبد اللّه بن الحسن إليه موسى أخاه ليصير إلى أبي جعفر،و يزول عما كان عليه فيما أظهره له،و أسر إلى موسى غير ذلك،فصار إلى المدينة فأقام بها حولا بدافع رياح بن عثمان، ثم استبطأه،و كتب إلى أبي جعفر في أمره
ص: 229
يعلمه بتربصه،فكتب إليه يأمره بأن ينحذر إلى العراق ففعل ذلك،و قال للرسل:إن رأيتم أحدا قد أقبل من المدينة في طلبكم فاضربوا عنق موسى،و قد كان أحس بخبر محمد،و بلغ ذلك محمدا فظهر.
و كان أول ما سئل عنه رياح بن عثمان أمر موسى فعرّفه خبره،و أنه تقدم إلى الرسل أن يضربوا عنقه إن جاءهم إنسان،فقال من لي بموسى؟فقال ابن خضير (1):أنا،فأنفذ معه فوارس،و استدار بهم حتى أتى القوم من أمامهم كأنهم أقبلوا من العراق فلم ينكروهم حتى خالطوهم فأخذوا موسى منهم (2).
حدثني بذلك عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد (3)،قال:حدثني موسى بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جده موسى.
و أخبرني عمر،قال:حدثنا عمر بن شبّة (4).قال:حدثني القاسم بن أبي شيبة،قال:حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين (5):
أن عبيد اللّه بن عمر،و ابن ذئب،و عبد الحميد بن جعفر،دخلوا على محمد بن عبد اللّه قبل خروجه،فقالوا له:ما تنتظر بالخروج،و اللّه ما تجد هذه الأمة أحدا أسأم منك عليها (6)،ما يمنعك أن تخرج و لو وحدك (7)؟.
أخبرني عمر،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدثنا عيسى،قال:حدّثني أبي،قال:
بعث إلينا رياح فأتيته أنا و جعفر بن محمد،و الحسين بن علي بن الحسين، و علي بن عمر بن علي،و الحسن بن الحسين،و رجال من قريش فيهمب.
ص: 230
اسماعيل بن أيّوب المخزومي،و ابنه،فإنا لعنده في دار مروان إذ سمعنا التكبير قد حال دون كل شيء،و ظنناه أنه من عند الحرس،و ظن الحرس أنه من الدار،فوثب ابن مسلم بن عقبة،و كان مع رياح فاتكأ على سيفه،و قال:
أطعني في هؤلاء فأضرب أعناقهم.فقال علي بن عمر:فكدنا و اللّه تلك الليلة أن نطيح (1)حتى قام الحسين بن علي فقال:
و اللّه ما ذلك لك،إنا لعلى السمع و الطاعة.و قام رياح،و محمد بن عبد العزيز،فدخلا في دار يزيد،و اختفيا فيها.و قمنا فخرجنا من دار عبد العزيز بن مروان حتى تسورنا على كناسة كانت في زقاق عاصم بن عمر، فقال اسماعيل بن أيوب لابنه خالد:يا بنيّ:و اللّه ما تجيبني نفسي إلى الوثوب فارفعني،فرفعه.
قال أبو زيد:فحدثني محمد بن يحيى،قال:حدّثنا عبد العزيز بن عمّار،قال:حدّثني أبي،قال:
و اللّه إنا لعلى ذلك إذ طلع فارسان من قبل الزوراء يركضان حتى وقفا بين دار عبد اللّه بن مطيع،و رحبة القضاء،في موضع السقاية، فقلنا الأمر و اللّه جد،ثم سمعنا صوتا بعيدا فأقمنا طويلا فأقبل محمد بن عبد اللّه من الدار (2)و هو على حمار،و معه مائتان و خمسون راجلا حتى إذا شرع على بني سلمة و بطحان قال:اسلكوا بني سلمة تسلموا إن شاء اللّه.قال:فسمعنا تكبيرة، ثم علا الصوت،فأقبل حتى إذا خرج من زقاق بن حضير استبطأ (3)حتى جاء على التمارين،و دخل من أصحاب الأقفاص،فأتى السجن،و هو يومئذ في دار ابن هشام،فدقه و أخرج من كان فيه،ثم أتى الرحبة حتى جاء إلى بيت عاتكة فجلس على بابها،و تناوش الناس فقيل دخل سيدي (4).».
ص: 231
أخبرني يحيى بن علي (1).قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني يعقوب بن القاسم،عن علي بن أبي طالب(ع)،و حدثني عمر بن راشد،و كان قد أدرك ذلك قال:
خرج محمد بن عبد اللّه لليلتين بقيتا من جمادي،سنة خمس و أربعين و مائة،و عليه قلنسوة صفراء[مصرية،وجبة صفراء]و عمامة قد شد بها حقويه[و أخرى قد اعتم بها] (2)متوشحا سيفا،و هو يقول لأصحابه:لا تقتلوا لا تقتلوا (3).و تعلّق رياح[في مشربة]في دار مروان،و أمر بالدرجة فهدمت،فصعدوا إليه و أنزلوه،و حبسوا معه أخاه العباس (4)بن عثمان و ابن مسلم بن عقبة في دار مروان.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثنا أزهر بن سعد،قال:
دخل محمد المسجد قبل الفجر فخطب الناس،ثم حضرته الصلاة فنزل فصلى،و بايعه الناس طوعا إلاّ أناسا[أرسل إليهم] (5).
أخبرني عمر،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني عبد اللّه بن عمر بن حبيب،قال:
حدّثني من حضر محمدا على المنبر يخطب (6)فاعترض بلغم في حلقه فتنحنح فذهب،ثم عاد فتنحنح،ثم نظر فلم ير موضعا،فرمى نخامته».
ص: 232
السقف سقف المسجد،فألصقه به.
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني محمد بن معروف، قال:حدثني الربيع بن عبد اللّه بن الربيع،عن أبيه،قال:
إنا لنزول حول أساس المدينة في أبنية من الفساطيط و الأخبية،إذ قيل لنا:ركب أمير المؤمنين،فخرجت أتبعه فوجدت عيسى بن علي،فوقفنا له، فمرّ بنا على«معناق ينباع» (1).فسلمنا عليه فلم يستصحبنا،فجعلنا نسير وراءه،ما يجاوز طرفه عرف الفرس،ثم قال للطوسي:عليّ بأبي العباس،فأتى بعيسى بن علي فسار عن يمينه،ثم قال:عليّ بالربيع، فدعيت فسرت عن يساره،فقال:قد خرج ابن عبد اللّه الكذاب ابن الكذاب بالمدينة.
فقلت:يا أمير المؤمنين ألا أحدثك حديثا حدثنيه سعيد بن جعدة؟.
قال:ما هو؟قلت:أخبرني أنه كان مع مروان يوم الزاب،و عبد اللّه بن علي يقاتله (2)،فقال:من في الخيل؟فقيل:عبد اللّه بن علي،فلم يعرفه، فقيل:الشاب الذي أتيت به من عسكر عبد اللّه بن معاوية،قال:نعم (3)، و اللّه لقد أخبرت عنه يومئذ فأردت قتله،ثم بت على ذلك و أصبحت عليه، و جلست و أنا أريده،ثم أطلقته،و كان أمر اللّه قدرا مقدورا،و اللّه لوددت أن علي بن أبي طالب في هذه الخيل مكانه،لأنه لا يتم لعلي و لا لولده من هذا الأمر شيء.
قال:اللّه،أسعيد حدثك هذا؟.
قلت:بنت أبي سفيان بن معاوية طالق إن لم يكن حدثنيه.قال:فاصفرّ وجهه و تحدّث،و قد كان أبلس فلم ينطق.».
ص: 233
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عيسى بن عبد اللّه عن سعيد البربري،قال:لما بلغ أبا جعفر خروج محمد بالمدينة تنجد،و قال غيره:قال للرسول قتلته و اللّه إن كنت صادقا (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني محمد بن أبي حرب،قال:
لما بلغ أبا جعفر ظهور محمد أشفق منه،فقال له الحارثي المنجم:ما جزعك منه؟.فو اللّه لو ملك الأرض ما لبث إلاّ تسعين يوما.
أخبرنا عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدّثنا عبد الملك بن سليمان،قال:حدثنا حبيب بن مروان (2)،قال:و حدثني نسيم بن الجواري (3)،قال أبو زيد: و حدثني العباس بن سفيان،مولى الحجاج بن يوسف:
أن أبا جعفر لما خرج محمد بن عبد اللّه قال:إن هذا الأحمق-يعني عبد اللّه بن علي-لا يزال يطلع له الرأي الجيد في الحرب فادخلوا إليه فشاوروه، و لا تعلموه أني أمرتكم.فدخلوا عليه،فلما رآهم قال:لأمر ما جئتم،ما جاء بكم جميعا و قد هجرتموني منذ دهر؟.
قالوا:استأذنا أمير المؤمنين فأذن لنا.
قال:ليس هذا بشيء فما الخبر؟.
قالوا:خرج محمد بن عبد اللّه.
قال:إن المحبوس محبوس الرأي،فقولوا له:يخرجني[حتى يخرج».
ص: 234
رأيي] (1).فقال أبو جعفر:لو طرق محمد عليّ الباب ما أخرجته،و أنا خير له منه،و هو ملك أهل بيته.
فقال عبد اللّه:إن البخل قد قتل ابن سلاّمة (2)فمروه فليخرج الأموال و ليعط الأجناد،فإن غلب فما أوشك ما يعود إليه ماله،و إن غلب لم يقدم صاحبه على درهم،و أن يعجل الساعة حتى يأتي الكوفة فيجثم (3)على أكبادهم،فإنهم شيعة أهل البيت،ثم يحفظها بالمسالح،فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه أو أتاها[من]وجه من الوجوه ضرب عنقه،فليبعث إلى مسلم ابن قتيبة (4)فينحدر عليه-و كان بالزي-و ليكتب إلى أهل الشام،فليأمرهم، فليحملوا إليه أهل البأس و النجدة ما يحمله البريد،فليحسن جوائزهم، و يوجههم مع مسلم بن قتيبة.ففعل (5).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد الملك بن شيبان،قال أخبرني زيد مولى مسمع بن عبد الملك،قال:
لما ظهر محمد بن عبد اللّه دعا أبو جعفر عيسى بن موسى،فقال له:قد ظهر محمد فسرّ إليه.
قال:يا أمير المؤمنين،هؤلاء عمومتك حولك،فادعهم و شاورهم.
قال:فأين قول ابن هرمة:
تزور امرأ لا يمحض القوم سرّه *** و لا ينتحي الأدنين فيما يحاول
إذا ما أتى شيئا مضى كالذي أتى *** و ما قال إني فاعل فهو فاعل (6)
و قال أحمد بن الحرث الخزاز عن المدائني،قال:».
ص: 235
أمر أبو جعفر عيسى:إذا قتل محمدا إن قدر أن لا يذبح طائرا فليفعل، و قال له:أفهمت يا أبا موسى-ثلاثا-قال:فهمت.قال:فنفذ عيسى، و معه أربعة آلاف (1)، و محمد بن أبي العباس،و محمد بن زيد بن علي بن الحسين،و القاسم بن الحسن بن زيد،و محمد بن عبد اللّه الجعفري،و حميد بن قحطبة.فسار عيسى،و بلغ محمدا مسيره فخندق على المدينة خندق رسول اللّه (ص)،و خندق على أفواه السكك،فلما كان عيسى بفيد كتب إلى محمد بن عبد اللّه (2)يعطيه الأمان،و بعث بكتابه إليه و إلى أهل المدينة مع محمد بن زيد فتكلم فقال:يا أهل المدينة،أنا محمد بن زيد،و اللّه لقد تركت أمير المؤمنين حيا،و هذا عيسى بن موسى قد أتاكم،و هو يعرض عليكم الأمان.
و تكلم القاسم بن الحسن بمثل ذلك،فقال أهل المدينة: قد خلعنا أبا الدوانيق فكتب محمد إلى عيسى يدعوه إلى طاعته،و يعطيه الأمان.
قال المدائني فحدثني عبد الحميد بن جعفر،عن عبد اللّه بن أبي الحكم، قال:
قال محمد:أشيروا عليّ في الخروج عن المدينة أو المقام-حين دنا عيسى بن موسى من المدينة-فقال قوم:نقيم،و قال قوم:نخرج،فقال لعبد الحميد بن جعفر:أشر عليّ يا أبا جعفر.
قال:أنت في أقل بلاد اللّه فرسا و طعاما،و أضعفه رجلا،و أقلّه مالا و سلاحا،تريد أن تقاتل أكثر الناس مالا،و أشده رجالا،و أكثره سلاحا، و أقدره على الطعام؟الرأي أن تسير بمن اتبعك إلى مصر[فو اللّه لا يردك راد] (3)،فتقاتل بمثل سلاحه[و كراعه] (4)و رجاله و ماله.
فقال جبير بن عبد اللّه (3):أعيذك باللّه أن تخرج من المدينة،فإن رسول اللّه(ص)قال عام أحد:رأيتني أدخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة.».
ص: 236
فترك محمد ما أشار به عبد الحميد و أقام.
قال المدائني:و أقبل عيسى بن موسى إلى المدينة،فكان أول من لقيهم إبراهيم بن جعفر الزبيري على بنية و أقم،فعثر فرسه فسقط و قتل.
و سلك عيسى بطن فراة حتى ظهر على الجرف،فنزل قصر سليمان بن عبد الملك صبيحة اثنتي عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس و أربعين و مائة يوم السبت،و أراد أن يؤخر القتال حتى يفطر، فبلغه أن محمدا يقول:إن أهل خراسان على بيعتي و حميد بن قحطبة قد بايعني،و لو قدر أن ينفلت فلت.
فعاجلهم عيسى بالقتال،فلم يشعر أهل المدينة يوم الاثنين للنصف من شهر رمضان إلاّ بالخيل قد أحاطت بهم حين أسفروا،و قال لحميد:أراك مداهنا، و أمره بالتجرد لقتال محمد،فتولى قتال عيسى بن موسى في ذلك اليوم عيسى بن زيد،و محمد جالس بالمصلى،و اشتد الأمر بينهم،ثم جاء محمد فباشر القتال بنفسه،فكان إزاء محمد-عليه السلام-حميد بن قحطبة،و بإزاء يزيد و صالح ابني معاوية بن عبد اللّه بن جعفر كثير بن حصين، و كان محمد بن أبي العباس، و عقبة بن مسلم بإزاء جهينة.فأرسل صالح و يزيد إلى كثير يطلبان الأمان، فاستأذن عيسى فقال:لا أمان لهما عندي،فأعلمهما فهربا.فاقتتلوا إلى الظهر،و رماهم أهل خراسان بالنشاب،و أكثروا فيهم الجراح،و تفرقوا عن محمد،فأتى دار مروان فصلّى الظهر فيها،فاغتسل و تحنط.فقال عبد اللّه بن جعفر بن المسور بن مخرمة:إنه لا طاقة لك بمن ترى،فالحق بمكة.قال:لو خرجت من المدينة و فقدوني لقتلوا أهل المدينة كقتل أهل الحرة،و أنت مني في حل يا أبا جعفر،فاذهب حيث شئت (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثني هشام بن محمد بن عروة بن هشام بن عروة،عن ماهان بن بحر.و حدثني مخلد بن يحيى الباهلي،عن قتيبة بن معن،عن الفضيل (2)بن سليمان النميري،عن أخيه،و كان مع محمد،قال:».
ص: 237
كانت الخراسانية إذا نظروا إلى ابن خضير الزبيري يتنادون خضير آمد فيتضعضعون لذلك (1).
و قال الآخر (2):و أتينا برأس خضير فو اللّه ما جعلنا نستطيع حمله لما به من الجراح كان كأنه باذنجانة مفلقة،فكنا نضم أعظمه ضما.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة (3)،قال:أخبرني إبراهيم بن أبي الكرام،قال عيسى لحميد بن قحطبة عند العصر:أراك قد أبطأت في أمر هذا الرجل، فول حربه حمزة بن مالك،قال:و اللّه لو رمت أنت ذاك ما تركتك أحين قتلت الرجال و وجدت ريح الفتح؟ثم جدّ في القتال،حتى قتل محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم.
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا أزهر بن سعد،قال:
دخل حميد بن قحطبة من زقاق أشجع على محمد-عليه السلام- فقتله (4).
و قال المدائني:إن محمدا قال لحميد بن قحطبة:ألم تبايعني فما هذا؟.
قال:هكذا نفعل بمن يفشي سره إلى الصبيان.
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني أبو الحسن الحذاء، قال:حدثني مسعود الرحال،قال:رأيت محمدا يومئذ باشر القتال بنفسه، فإني أنظر إليه حين ضربه رجل بسيف دون شحمة أذنه اليمنى فبرك لركبتيه، و تعادوا عليه، و صاح حميد بن قحطبة لا تقتلوه،فكفوا عنه حتى جاء حميد فاحتز رأسه.لعن اللّه حميدا و غضب عليه (5).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني محمد بن9.
ص: 238
يحيى،قال:أخبرني الحرث بن إسحاق،قال:
برك محمد على ركبتيه،و جعل يذب عن نفسه يقول:و يحكم،أنا ابن نبيكم مجروح مظلوم (1).
أخبرني عمر،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني محمد بن إسماعيل، قال:حدثني أبو الحجاج المنقري (2)،قال:رأيت محمدا يومئذ و إن أشبه ما خلق اللّه به لما ذكر عن حمزة بن عبد المطلب،يفري الناس بسيفه ما يقاربه أحد إلاّ قتله[و معه سيف] (3)،لا و اللّه ما يليق شيئا،حتى رماه إنسان كأني أنظر إليه أحمر أزرق بسهم.و دهمتنا الخيل،فوقف إلى ناحية جدار، و تحاماه الناس،فوجدت الموت،فتحامل على سيفه فكسره،فسمعت جدي يقول:
كان معه سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ذو الفقار (4).
حدثني علي بن العباس المقانعي،قال:أنبأنا بكار بن أحمد،قال:
حدثنا إسحاق بن يحيى،عن محمد بن إبراهيم بن عبد اللّه بن محمد بن الحسن،قال:
لما كان اليوم الذي قتل فيه محمد(ص)قال لأخته:إني في هذا اليوم على قتال القوم،فإن زالت الشمس،و أمطرت السماء فإني أقتل،و إن زالت الشمس و لم تمطر السماء،و هبت الريح فإني أظفر بالقوم،فإذا زالت الشمس فاسجري التنانير،و هيئي هذه الكتب (5)،فإن زالت الشمس و مطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير،فإن قدرتم على بدني،و لم تقدروا على رأسي فأتوا به ظلة بني نبيه على مقدار أربعة أذرع أو خمسة فاحفروا لي حفيرة،و ادفنوني فيها.فلما مطرت السماء فعلوا ما أمرهم به،و قالوا:إنه علامة قتل النفس».
ص: 239
الزكية أن يسيل الدم حتى يدخل بيت عاتكة.قال:و أخذ جسده،فحفروا له حفيرة،فوقعوا على صخرة فأدخلوا الحبال فأخرجوها فإذا فيها مكتوب:هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب،فقالت زينب: رحم اللّه أخي،كان أعلم حيث أوصى أن يدفن في هذا الموضع (1).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد (2)،قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن البواب (3)،قال:حدثني أبي،عن عبد اللّه بن عامر الأسلمي،قال:
قال لي محمد بن عبد اللّه و نحن نقاتل عيسى:تغشانا سحابة فإن أمطرتنا ظهرنا،و إن جاوزتنا إليهم فانظر دمي على أحجار الزيت.فو اللّه ما لبثنا (4)أن أظلتنا سحابة فجالت وقعقعت حتى قلت تفعل،ثم جاوزتنا فأصابت عيسى و أصحابه،فما كان إلاّ كلا و لا حتى رأيته قتيلا بين أحجار الزيت (5).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر (6)بن شبّة،قال:حدّثني علي بن إسماعيل بن صالح بن ميثم:أن عيسى لما قدم قال جعفر بن محمد:
أهو هو؟قيل:من تعني يا أبا عبد اللّه؟قال:المتلعب بدمائنا.[أما]و اللّه لا يخلأ منها شيء[يعني محمدا و إبراهيم] (7).
أخبرني محمد بن عبد اللّه،قال حدثنا أبو زيد،قال حدثنا (8)الرومي مولى جعفر بن محمد،قال:
أرسلني جعفر بن محمد أنظر ما يصنعون،فجئته فأخبرته أن محمدا قتل،».
ص: 240
و أن عيسى قبض على عين أبي زياد فأبلس (1)طويلا ثم قال:ما يدعو عيسى إلى أن يسيء بنا،و يقطع أرحامنا،فو اللّه لا يذوق هو و لا ولده منها شيئا أبدا.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني أيوب بن عمر،قال:
لقى جعفر بن محمد أبا جعفر،فقال:[يا أمير المؤمنين] (2)اردد عليّ عين أبي زياد آكل من سعفها.
قال:إياي تكلم بهذا الكلام؟و اللّه لأزهقن نفسك.
قال:لا تعجل قد بلغت ثلاثا و ستين،و فيها مات أبي و جدي علي بن أبي طالب، فعليّ كذا و كذا إن آذيتك بشيء أبدا،و إن بقيت بعدك إن آذيت الذي يقوم مقامك،فرق له و أعفاه (3).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن البواب،قال حدثني أبي،عن الأسلمي،قال:
قدم على أبي جعفر قادم فقال:هرب محمد.
فقال:كذبت،نحن أهل بيت لا نفر (4).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد (5)،قال:حدثني عبد اللّه بن راشد بن يزيد،قال:أخبرني أبو الحجاج الجمال،قال:
إني لقائم على رأس أبي جعفر،و هو يسألني عن مخرج محمد إذ بلغه أن عيسى بن موسى هزم،و كان متكئا فجلس فضرب بقضيب معه مصلاه، و قال:كلاّ فأين لعب صبياننا بها على المنابر،و مشاورة النساء (6).
أخبرني عمر،قال:حدثنا أبو زيد،قال (7):حدثني علي بن إسماعيل».
ص: 241
الميثمي قال: حدثني أبو كعب قال:حضرت عيسى حين قتل محمدا فوضع رأسه بين يديه فأقبل على أصحابه فقال:ما تقولون في هذا؟فوقعنا فيه.فأقبل عليهم (1)قائد له فقال:كذبتم و اللّه و قلتم باطلا،ما على هذا قاتلناه،و لكنه خالف أمير المؤمنين،و شق عصا المسلمين،و إن كان لصواما قواما.فسكت القوم (2).
أخبرني عمر،قال:حدّثني أبو زيد،قال:حدثنا يعقوب بن القاسم، قال:حدثنا علي بن أبي طالب،قال:
قتل محمد بن عبد اللّه قبل العصر يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان.
أخبرني عمر،قال:حدثني أبو زيد (3)،قال:حدثنا عيسى،قال:
حدثنا محمد بن زيد،و ذكر بن الحرث عن المدائني بعض ذلك،و لم يذكره الباقون:
أن عيسى بعث بالبشارة (4)،إلى أبي جعفر،القاسم بن الحسن بن زيد، و بعث برأسه مع ابن أبي الكرام[الجعفري.قال المدائني فدخل ابن أبي الكرام بالرأس] (5)و هو عاض على شفتيه.
أخبرني عمر،قال:حدثني أبو زيد (6)،قال:حدثنا محمد بن يحيى، عن الحرث بن إسحاق:
أن زينب بنت عبد اللّه،و فاطمة بنت محمد بن عبد اللّه،بعثتا إلى عيسى بن موسى إنكم قد قتلتم (7)هذا الرجل و قضيتم حاجتكم فلو أذنتم لنا فواريناه،فأرسل إليهما:أمّا ما ذكرتما يا ابنتي عمي أني نلت منه فو اللّه ما أمرت».
ص: 242
و لا علمت،فوارياه راشدتين،فبعثتا إليه فاحتمل،فقيل:إنه حشي في مقطع عنقه عديله قطنا (1)و دفن بالبقيع (2).
أخبرني عمر،قال:حدثني أبو زيد،قال:حدثني محمد بن إسماعيل، قال:
سمعت جدتي أم سلمة بنت محمد بن طلحة تقول:سمعت زينب بنت عبد اللّه تقول:
كان أخي رجلا آدم،فلما أدخل عليّ وجدته قد تغيّر لونه و حال،حتى رأيت بقية من لحيته فعرفتها،و أمرت بفراش فجعل تحته،و قد أقام في مصرعه يومه و ليلته إلى غد فسال دمه،حتى استنقع تحت الفراش،فأمرت بفراش ثان،فسال دمه حتى وقع بالأرض،فجعلت تحته فراشا ثالثا،فسال دمه، و خلص من فوقها جميعا:
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي،قال:
طيف برأس محمد في طبق أبيض،فرأيته آدم أرقط.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثني يحيى بن الحسن،قال:حدّثنا هرون بن موسى الفروي،قال:حدّثتني أمي أنها سمعت شعار أصحاب محمد بن عبد اللّه ليلة خرج أحد أحد،محمد بن عبد اللّه.
و قال أحمد بن الحرث الخرّاز (3)،عن المدائني في حديثه:
ذهب ابن خضير إلى السجن (4)لما تفرّق الناس و قتل محمد،فذبح رياحا،و لم يجهز عليه و تركه يضطرب حتى مات،و جاء ليقتل ابن خالد القسري».
ص: 243
ففطن به،فأغلق بابه فعالجه فلم يقدر على فتحه (1)فتركه و أخذ ديوان محمد الذي فيه أسماء رجاله فحرقه بالنار ثم لحق بمحمد (2)فقاتل حتى قتل معه،رحمة اللّه عليه.
ابن الحسن من أهل العلم،و نقلة الآثار و من رأى الخروج معه و أفتى الناس حدّثني علي بن العباس المقانعي،أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع،قال:
حدّثنا الحسن بن الحسين،عن الحسين بن زيد،قال:
شهد مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن من ولد الحسن أربعة:أنا و أخي عيسى،و موسى و عبد اللّه ابنا جعفر بن محمد.
حدّثني علي بن العباس،قال:أنبأنا بكار،قال:حدّثني محول بن إبراهيم،قال:حدّثني الحسين بن زيد،قال:
كان عبد اللّه بن جعفر بن محمد مع محمد بن عبد اللّه،قال:فرأيته بارز رجلا من المسودة فقتله.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا عيسى بن عبد اللّه،قال:
ص: 244
خرج مع محمد بن عبد اللّه من بني هاشم:
الحسن،و يزيد،و صالح بنو معاوية بن عبد اللّه بن جعفر.
و الحسين،و عيسى ابنا زيد بن علي[قال:فحدثني عيسى،قال] (1)فبلغني أن أبا جعفر قال:العجب لخروج ابني زيد،و قد قتلنا قاتل أبيهما كما قتله،و صلبناه كما صلبه،[و أحرقناه كما أحرقه] (2).
و حمزة بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي.
و علي،و زيد ابنا الحسن بن زيد (3)بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
[قال عيسى:قال أبو جعفر للحسن بن زيد:كأني أنظر إلى ابنيك واقفين على رأس محمد بسيفين عليهما قباءان.قال:يا أمير المؤمنين قد كنت أشكو إليك عقوقهما قبل اليوم.قال:أجل فهذا من ذاك.
و القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و المرجّى علي بن جعفر بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب] (4).
قال عيسى:قال أبو جعفر لجعفر بن إسحاق:من المرجّى (5)هذا فعل اللّه به و فعل؟قال:يا أمير المؤمنين ذاك ابني،و اللّه لئن شئت أن أنتفي منه لأفعلن.
قال:و خرج معه المنذر بن محمد بن الزبير.
قال عيسى:رأيته مرّ بالحسن بن زيد فعانقه ثم بكى بكاء طويلا،فقال لي الحسين:ما كان مع محمد أفرس من هذا.ر.
ص: 245
حدّثني علي بن إبراهيم العلوي الحسيني،قال:حدّثنا حمدان بن إبراهيم،قال:حدّثني يحيى بن الحسن بن الفرات بن القزاز،قال:حدثنا الحسين بن هذيل،عن الحسين صاحب فخ،قال:
لما خرجت مع محمد بن عبد اللّه قال لي: يا بني ارجع لعلّك تقوم بهذا الأمر من بعدي.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:حدّثنا غسان بن أبي غسان مولى بني ليث،عن أبيه،قال:
خرج ابن هرمز (1)مع محمد بن عبد اللّه يحمل في محفة،و قال:ما فيّ قتال،و لكن أحب أن يتأسى بي الناس.
حدّثنا جعفر بن محمد القرباني و عمر بن عبد اللّه العتكي (2)و يحيى بن علي بن يحيى المنجم،و أحمد بن عبد العزيز الجوهري،قال:عمر بن شبّة، قال:حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة،قال:
سمعت مالك بن أنس يقول:كنت آتي ابن هرمز،فيأمر الجارية، فتغلق الباب،و ترخي الستر،ثم يذكر أول هذه الأمة (3)،و يذكر العدل،ثم يبكي حتى تخضل لحيته (4).قال:ثم خرج مع محمد بن عبد اللّه فقال:و اللّه ما فيك قتال،قال:قد علمت و لكن يراني الجاهل فيقتدي بي (5).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني بكر بن عبد الوهاب،قال: حدثني محمد بن عمر الواقدي،قال:
كان عبد المجيد بن جعفر على شرط محمد بن عبد اللّه (6)،و كان ثقة،و قد9.
ص: 246
روى عنه هيثم و غيره حديثا كثيرا.
أخبرني أحمد بن عبد العزيز،و عمر بن عبد اللّه،و يحيى بن علي،قالوا:
حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني القاسم بن أبي شبّة،قال:حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين،قال:
بلغني أن عبد اللّه (1)بن عمر بن أبي ذئب،و عبد الحميد بن جعفر دخلوا على محمد بن عبد اللّه بن الحسن قبل خروجه فقالوا له:ما تنتظر بالخروج؟و اللّه ما نجد في هذه الأمة أحدا أشأم عليها منك،ما يمنعك أن تخرج (2).
أخبرني أحمد بن عبد العزيز،و يحيى بن علي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي،قال حدّثني الحسين بن زياد (3)،قال:
أتى عيسى بن موسى بابن هرمز بعد ما قتل محمد،فقال له[أيّها الشيخ أما وزعك]فقهك (4)عن الخروج مع من خرج؟.
فقال:كانت فتنة شملت الناس فشملتنا معهم.قال:اذهب راشدا.
قال عمر بن شبّة:حدثني علي بن زاوان،قال:حدثني علي بن برقي (5)،قال:
رأيت قائدا من قواد عيسى جاء في جماعة فسأل عن منزل ابن هرمز، فأرشدناه إليه،فخرج و عليه قميص رياط،فأنزلوا قائدهم،و حملوه على برذونه،ثم خرجوا به يزفونه حتى ادخلوا على عيسى فما هاجه.».
ص: 247
قال عمر بن شبّة،و حدثني قدامة بن محمد،قال:
خرج عبد اللّه بن يزيد بن هرمز،و محمد بن عجلان مع محمد،فلما حضر القتال تقلّد كل واحد منهما قوسا فظننا أنهما أرادا أن يريا الناس أنهما قد صلحا ذلك (1).
أخبرني يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني أبو عاصم النبيل،قال:حدثني عباد بن كثير،قال:
خرج ابن عجلان،مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن،فكان على بغلة معه،فلما ولّى جعفر بن سليمان المدينة قيّده،فدخلت عليه فقلت له:كيف ترى رأي أهل البصرة في رجل قيّد الحسن البصري؟قال:شر و اللّه.قال:
فقلت:إن ابن عجلان بهذه-يعني المدينة-كالحسن بتلك فتركه (2).
أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق،قال:حدّثني هرون بن موسى الفروي عن داود بن القاسم،قال:
استعمل محمد بن عبد اللّه بن الحسن على قضاء المدينة عبد العزيز بن المطلب المخزومي،و على ديوان العطاء عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة (3).
أخبرني عيسى بن الحسين،قال:حدّثنا سليمان بن أبي شيخ،قال:
حدّثنا أبو سفيان الحميري،قال:حدّثني عبد الحميد بن جعفر قال:
ولاّني محمد بن عبد اللّه على شرطته فكنت عليها مدة ثم وجهني وجها فولاّها عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير (4).9.
ص: 248
أخبرنا يحيى بن علي و أصحابه،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثني إبراهيم بن إسحاق القرشي:قال:
سأل رجل عبد العزيز بن المطلب و هو قاض لمحمد بن عبد اللّه يومئذ على المدينة كتابا إلى صنعاء،فقال:رويدا حتى تنفذ كتبنا الحيرة.
قال أبو زيد:حدّثني عيسى بن عبد اللّه،عن أبيه،قال:
خرج مع محمد بن عبد اللّه عيسى بن علي بن الحسين،و كان يقول:
من خالفك أو تخلّف عن بيعتك من آل أبي طالب فأمكني منه أضرب عنقه.
قال أبو زيد:و حدّثني سعيد (1)بن عبد الحميد،قال حدثنا جهم بن جعفر الحكمي (2)،قال:أخبرني غير واحد:
أن مالك بن أنس استفتى (3)في الخروج مع محمد بن عبد اللّه، و قيل له:
إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر.
فقال:إنما بايعتم مكرهين،و ليس على مكره يمين،فأسرع الناس إلى محمد بن عبد اللّه (4).
حدّثني عيسى بن الحسين،قال:حدثني هرون بن موسى،عن داود بن القاسم.و أخبرنا يحيى بن علي،قال:حدثنا أبو زيد،قال حدثنا أزهر بن سعد السّمان،قال:
استعمل محمد بن عبد اللّه حين ظهر عبد العزيز بن محمد الدراوردي على السلاح (5).9.
ص: 249
أخبرنا يحيى بن علي و أصحابه المذكورون،قال:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدّثني سعيد (1)بن عبد الحميد،قال:حدثني جهم بن عثمان مولى بني سليم،قال:
قال لي عبد الحميد بن جعفر يوم لقينا أصحاب عيسى بن موسى:نحن اليوم على عدة أهل بدر،حين لقوا المشركين،قال:و كنا ثلثمائة و نيفا (2).
قال أبو زيد:و حدثني عيسى بن عبد اللّه بن عمر بن علي،قال:حدثني أبي،قال:
كان مع الأفطس و هو الحسن بن علي بن علي بن الحسين علم لمحمد أصفر فيه صورة حية،و كان مع كل رجل من أصحابه من آل علي بن أبي طالب علم، و كان شعارهم أحد أحد (3).قال:و كذلك كان شعار النبي(ص)يوم حنين (4).
حدثنا عيسى بن الحسين،قال:حدثنا هرون بن موسى الفروي،عن داود بن القاسم و غيره من أهل المدينة،قال:
خرج المنذر بن محمد بن المنذر بن الزبير،مع محمد بن عبد اللّه،و كان رجلا صالحا،فقيها،قد حمل عنه أهل البيت الحديث.
حدّثني يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عيسى بن عبد اللّه،قال:
رأيت المنذر بن محمد مرّ بالحسن بن زيد فعانقه،و بكى طويلا،فقال الحسن:ما كان مع محمد بن عبد اللّه فارس أشد من هذا (5).4.
ص: 250
أخبرني عيسى بن الحسين،قال هرون بن موسى،قال:
و خرج مع محمد بن عبد اللّه،مصعب بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير، و ابنه عبد اللّه بن مصعب،و كان شاعرا،و كان يقول الشعر في محمد و يحرض الناس بذلك (1).
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق،قال:حدثنا هرون،قال:
خرج أبو بكر بن أبي سبرة الفقيه الذي يروي عنه الواقدي،مع محمد بن عبد اللّه،و معه راية له،و هو معلم بعذبة حمراء (2).
أخبرني عيسى،قال:حدّثنا هرون بن موسى،و أخبرني يحيى بن علي، و العتكي،و الجوهري،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني عبد العزيز بن أبي سلمة العمري،قال:
كان ممن خرج مع محمد بن عبد اللّه يزيد بن هرمز،و عبد الواحد بن أبي عون،مولى الأزد (3).
و عبد اللّه بن عامر الأسلمي،و ذكر أن محمدا خطب الناس فذكر شيئا، فقال:و هذا قارئكم عبد اللّه بن عامر الأسلمي يشهد على ذلك،فقام فشهد على ما قال.
و عبد العزيز بن محمد الدّراوردي مولى بلي (4).
و إسحاق بن إبراهيم بن دينار مولى جهينة.و عبد الحميد بن جعفر (5).
و عبد اللّه بن عطاء،و بنوه جميعا،و هم:إبراهيم،و إسحاق،و ربيعة، و جعفر (6)،و عبد اللّه،و عطاء،و يعقوب،و عثمان،و عبد العزيز،بنو عبد اللّه بن عطاء.».
ص: 251
قال هرون الفروي في خبره خاصة:
و كان عبد اللّه امرأ صدق،و كان من خاصة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين،و قد روي عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،و كان ذا خصوص بهم.
و قال أبو زيد:حدّثني محمد بن الحسن،قال:حدّثني حميد بن عبد اللّه الفروي،قال:
لما قتل محمد تغيّب عبد اللّه بن عطاء،فمات متواريا،فلما خرج نعشه بلغ خبره جعفر بن سليمان فأنزله من نعشه فصلبه، ثم كلّم فيه،فأنزله بعد ثالثه،و أذن في دفنه.
حدّثني عيسى بن الحسين،قال:حدّثنا هرون بن موسى،قال:
خرج مع محمد بن عبد اللّه،عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير،الذي يروي عنه عبد اللّه بن مصعب،و الضّحاك بن عثمان.
و كان امرأ صدق،فأتى به أبو جعفر فقال له:أين المال الذي كان عندك؟.
قال:دفعته إلى أمير المؤمنين[قال:و من أمير المؤمنين؟قال] (1)محمد بن عبد اللّه بن الحسن،رحمة اللّه و صلواته عليه.
قال:أو بايعته؟قال:إي و اللّه كما بايعته أنت و أخوك،و أهلك هؤلاء الغدرة.
قال:يا ابن اللخناء.
قال:ابن اللخناء من قامت عنه مثل أمك سلامه.
قال:اضربوا عنقه،فضربت عنقه (2).
و قال عمر بن شبّة بإسناده الذي قدّمت ذكره:حدّثني سعيد بن عبد الحميد،عن محمد بن عثمان بن خالد،قال:5.
ص: 252
قال لي أبي:قد بايعت أنا و أنت رجلا بمكة،فوفيت أنا بيعتي،و نكثت بيعتك و غدرت،فشتمه فرد عليه،فأمر به فضربت عنقه.
أخبرني محمد بن خلف إجازة عن وكيع،قال:حدّثنا إسماعيل بن مجمع،عن الواقدي،قال:
كان عبد الرحمن بن أبي الموالي مخالطا لبني الحسن،و كان يعرف موضع محمد و إبراهيم،و يختلف إليهما،فكان يقال:إنه داع من دعاتهما،و بلغ ذلك أبا جعفر،فأخذه معهم (1).
قال الواقدي:فحدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي،قال:
لما أخذ أبو جعفر بني الحسن،و أمر رياحا فجاء بهم إلى الربذة قال له:
ابعث الساعة إلى عبد الرحمن بن أبي الموالي فجئني به.قال:فبعث رياح إليّ فأخذت و جيء بي إليه، فلما صرت بالرّبذة رأيت بني الحسن مقيدين في الشمس،فدعاني أبو جعفر من بينهم فأدخلت عليه،و عنده عيسى بن علي، فلما رآني عيسى قال له المنصور:أهو هو؟.
قال:نعم هو هو يا أمير المؤمنين،و إن أنت شددت عليه أخبرك بمكانهم.فدنوت فسلمت،فقال أبو جعفر:لا سلّم اللّه عليك،أين الفاسقان ابنا الفاسق؟.أين الكذابان ابنا الكذاب؟.
فقلت يا أمير المؤمنين:هل ينفعني الصدق عندك؟.
قال:و ما ذاك؟قال:قلت:امرأتي طالق إن كنت أعرف مكانهما،فلم يقبل ذلك مني،و قال: السياط،فأتى بالسياط،و أقمت بين العقابين، فضربني أربعمائة سوط،فما عقلت بها حتى رفع عني،ثم رددت إلى أصحابي على تلك الحال (2).9.
ص: 253
أخبرني عيسى بن الحسين،قال:حدّثنا هرون بن موسى الفروي،قال:
و خرج عبد الواحد بن أبي عون (1)،مع محمد بن عبد اللّه و كان من دوس،و كان منقطعا إلى عبد اللّه بن الحسن،فطلبه أبو جعفر فيمن طلب بعد مقتل محمد،فتوارى عند محمد بن يعقوب بن عيينة،فمات عنده فجاءه في سنة أربع و أربعين و مائة.و قد حمل عنه الحديث،و كان ثقة.
أخبرني وكيع،قال:حدثنا إسماعيل بن مجمع،عن الواقدي،قال:
كان ابن عجلان فقيه أهل المدينة و عابدهم غير مدافع.و كان له حلقة في مسجد النبي(ص)يفتي فيها الناس و يحدثهم.فلما خرج محمد بن عبد اللّه بن الحسن خرج معه،فلما قتل محمد،و ولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن عباس المدينة بعث إلى ابن عجلان فأتى به فسكت فقال له:أخرجت مع الكذاب؟و أمر بقطع يده،فلم يتكلم ابن عجلان بكلمة إلاّ أنه كان يحرك شفتيه بشيء لا يدري ما هو،فظن أنه يدعو،فقام من حضر جعفرا من فقهاء المدينة و أشرافها فقالوا له:أصلح اللّه الأمير،محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة و عابدهم،و إنما شبّه عليه،و ظن أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية، فلم يزالوا يطلبون إليه،حتى تركه.فولّى ابن عجلان منصرفا،فلم يتكلم بكلمة حتى أتى منزله.
قال الواقدي:و قد رأيته و سمعت منه،و كان ثقة كثير الحديث.مات بالمدينة سنة ثمان أو تسع و أربعين و مائة،في خلافة أبي جعفر (2).
أخبرني وكيع،قال:حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي،قال:
خرج عبد اللّه بن عمر بن العمري (3)،مع محمد بن عبد اللّه،هو،0.
ص: 254
و أخوه،و أبو بكر بن عمر،فلم يزل معه حتى انقضى أمره و قتل،فاستخفى عبد اللّه بن عمر،ثم طلب فوجد فأتى به أبو جعفر فأمر بحبسه فحبس في المطبق سنين،ثم دعا به فقال:ألم أفضلك و أكرمك،ثم تخرج عليّ مع الكذاب؟.
فقال:يا أمير المؤمنين،وقعنا في أمر لم نعرف له وجها،و الفتنة كانت شاملة،فإن رأي أمير المؤمنين أن يعفو،و يصفح،و يحفظ فيّ عمر بن الخطاب،فليفعل.
قال:فتركه و خلّى سبيله (1).
قال:و كان عبد اللّه يكنى أبا القاسم،فتركها و تكنى أبا عبد الرحمن و قال:
لا أتكنى بكنية رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، إعظاما لها.
قال الواقدي:فكان عبد اللّه بن عمر كثير الحديث،و روى عن نافع روايات كثيرة،و عمر عمرا طويلا،حتى لقيته الأحداث.
و مات في خلافة هرون (2)سنة إحدى،أو اثنتين و سبعين و مائة.
حدثنا علي بن العباس،قال حدثنا بكار بن أحمد،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،قال:حدّثنا عبد اللّه بن الزبير الأسدي،و كان في صحابة محمد بن عبد اللّه،قال:
رأيت محمد بن عبد اللّه عليه سيف محلى يوم خرج،فقلت له:أتلبس سيفا محلى؟فقال أي بأس بذلك،قد كان أصحاب رسول اللّه(ص)يلبسون السيوف المحلاة.
عبد اللّه بن الزبير هذا أبو أحمد الزبير المحدث،و هو أيضا من وجوه محدثي الشيعة،روى عنه عباد بن يعقوب و نظراؤه،و من هو أكبر منه.0.
ص: 255
أخبرني محمد بن خلف بن وكيع:قال:حدّثنا إسماعيل بن مجمع،عن الواقدي قال:
خرج عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة،مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن (1)و كان من ثقات أصحاب محمد،و كان يعلم علمه في تواريه،و كان إذا دخل المدينة مستخفيا فجاءه فنزل في داره،فكان أبو جعفر يدخل على الأمراء يسمع كلامهم،و يعرف أمورهم سائر نهاره يروح إليه فيخبره بذلك.
و كان من رجال أهل المدينة،علما بالفقه،و صدقا بالحديث و تقدما بالفتوى،و كان يرشح للقضاء.
قال الواقدي:و لقد حدّثني بن أبي الزياد أنه ما مات قاض بالمدينة،و لا عزل إلاّ ظنوا أن عبد اللّه بن جعفر يتولى مكانه،لكمال علمه و مروءته، و فضله،فمات و ما ولّى القضاء،و لا قعد به عن ذلك عندهم إلاّ خروجه إليهم مع محمد.فلما قتل محمد توارى فلم يزل في تواريه حتى استؤمن له فأومن.
قال:و كان عبد اللّه بن جعفر لما دخل إلى جعفر بن سليمان قال له:ما حملك على الخروج مع محمد على ما أنت عليه من العلم و الفقه؟.
فقال:ما خرجت معه و أنا أشك في أنه المهدي،لما روي لنا في أمره،فما زلت أرى أنه هو،حتى رأيته مقتولا،و لا اغتررت بأحد بعده. فاستحيي منه و أطلقه.
أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو عبد اللّه.و حدثني أبو عبيد محمد بن أحمد المؤمل الصيرفي، قالا:حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار،قال:أخبرنا محمد بن عمرو الرازي،قال:حدثني الحسين بن المنزل قال:5.
ص: 256
قال لي محمد بن إسماعيل بن رجاء:
بعث إليّ سفيان الثوري سنة أربعين و مائة،فأوصاني بحوائجه،ثم سألني عن محمد بن عبد اللّه بن الحسن كيف هو:فقلت:في عافية،فقال:إن يرد اللّه بهذه الأمة خيرا يجمع أمرها على هذا الرجل.قال:قلت:ما علمتك إلاّ قد سررتني.قال:سبحان اللّه!و هل أدركت خيار الناس إلاّ الشيعة.ثم ذكر زبيدا،و سلمة بن كهيل،و حبيب بن أبي ثابت و أبا إسحاق السبيعي، و منصور بن المعتمر،و الأعمش قال:فقلت له:و أبو الجحاف؟ قال:ذاك الضرب ذاك الضرب.و أيش كان أبو الجحاف.قال:كان يكفر الشاك في الشاك.قال:ثم قال سفيان:إلا أن قوما من هذه الرفضة،و هذه المعتزلة قد بغضوا هذا الأمر إلى الناس.
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدّثنا عبد الرحمن بن يوسف، قال:حدّثنا عبيد اللّه بن يوسف الجبيري،قال:سمعت محمد بن يحيى بن سعيد القطان يقول سمعت أبي يقول:
خرج عبيد اللّه بن عمر،و هشام بن عروة،و محمد بن عجلان مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن.قال عبد الرحمن بن يوسف:
و بلغني عن مسدد أنه حكى مثل هذه الحكاية في مخرجهم معه.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن،قال:حدّثني أبو عبد الحميد الليثي عن أبيه،قال:كان ابن فضالة النحوي يخبر،قال:
اجتمع واصل بن عطاء،و عمرو بن عبيد في بيت عثمان بن عبد الرحمن المخزومي من أهل البصرة،فتذاكروا الجور،فقال عمرو بن عبيد:فمن يقوم بهذا الأمر ممن يستوجبه و هو له أهل؟.
فقال واصل:يقوم به و اللّه من أصبح خير هذه الأمة،محمد بن عبد اللّه بن الحسن.
ص: 257
فقال عمرو بن عبيد:ما أرى أن نبايع،و لا نقوم إلاّ مع من اختبرناه، و عرفنا سيرته.
فقال له واصل:و اللّه لو لم يكن في محمد بن عبد اللّه أمر يدل على فضله إلاّ أنّ أباه عبد اللّه بن الحسن،في سنه،و فضله،و موضعه قد رآه لهذا الأمر أهلا،و قدّمه فيه على نفسه-لكان ذلك يستحق ما نراه له،فكيف بحال محمد في نفسه و فضله؟.
قال يحيى:و سمعت أبا عبيد اللّه بن حمزة يحدث،قال:
خرج جماعة من أهل البصرة من المعتزلة منهم واصل بن عطاء و عمرو بن عبيد و غيرهما حتى أتوا سويقة،فسألوا عبد اللّه بن الحسن أن يخرج لهم ابنه محمدا حتى يكلموه،فطلب لهم عبد اللّه فسطاطا،و اجتمع هو و من شاوره من ثقاته أن يخرج إليهم إبراهيم بن عبد اللّه.فأخرج إليهم إبراهيم،و عليه ريطتان،و معه عكازة،حتى أوقفه عليهم،فحمد اللّه و أثنى عليه،و ذكر محمد بن عبد اللّه و حاله، و دعاهم إلى بيعته،و عذرهم في التأخر عنه فقالوا (1):اللهم إنا نرضى برجل هذا رسوله فبايعوه و انصرفوا إلى البصرة (2).
حدثني علي بن العباس،قال:حدثنا بكار بن أحمد،قال حدثنا الحسن بن الحسين،قال حدثني الحسن بن حماد،قال:
كان أبو خالد الواسطي،و القاسم بن مسلم السلمي مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن و كانا من أصحاب زيد بن علي،صلوات اللّه عليه.
قال القاسم بن مسلم لمحمد بن عبد اللّه بن الحسن:يا أبا عبد اللّه،إن الناس يقولون:إن صاحبكم محمدا ليس له ذلك الفقه.قال فتناول سوطه من الأرض ثم قال:يا قاسم بن مسلم،ما يسرّني أن الأمة اجتمعت عليّ كمعلاق سوطي هذا و أني سئلت عن باب الحلال أو الحرام و لم يكن عندي مخرج منه،يا قاسم بن مسلم،إن أضل الناس بل أظلم الناس،بل أكفر الناس من ادعى0.
ص: 258
من هذه الأمة،ثم سئل عن باب الحلال أو الحرام،و لم يكن عنده منه مخرج (1).
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال يحيى بن الحسن،قال:حدّثني أبو عبد الحميد الليثي،عن أبيه،عن عيسى بن عبد اللّه عن أبيه قال:
بايع أبو جعفر المنصور محمد بن عبد اللّه مرتين إحداهما بالمدينة و الأخرى أنا حاضرها بمكة في المسجد الحرام،فلما بايعه قام معه حتى خرج من المسجد الحرام فركب فأمسك له أبو جعفر بركاب دابته ثم قال له:يا أبا عبد اللّه،أما إنه إن أفضى إليك هذا الأمر نسيت هذا الموقف و لم تعرفه لي (2).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثني عمر بن شبّة،قال:حدّثني عبد اللّه بن عمر:
أن علي بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن لما أخذه أبو جعفر اعترف له، و سمى أصحاب أبيه،فكان فيمن سمى عبد الرحمن بن أبي الموالي فأمر به أبو جعفر فحبس.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني عبد اللّه بن راشد،قال:سمعت الجراح بن عمرو،و غيره،يقولون:
إن عليا،و حسنا،ابني صالح جاءا مشتملين على سيفين إلى محمد بن عبد اللّه بن الحسن فقالا:قد جئناك يا ابن رسول اللّه فمرنا بالذي نريده، فقال:قد قضيتما ما عليكما و إن لقينا في هؤلاء شيئا،فانصرفا.فانصرفا.
أخبرني عمر قال:حدّثنا عمر بن شبّة (3)قال:حدّثنا محمد بن يحيى،».
ص: 259
عن الحرث بن سحاق:
أن محمدا استعمل على المدينة عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير.
و على قضائها،عبد العزيز بن المطلب[بن عبد اللّه المخزومي] (1).
و على الشرط،أبا القلمس (2)عثمان[بن عبيد اللّه]بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب.
و على ديوان العطاء عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة (3).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثنا عيسى عن أبيه،قال:
قال:خرج مع محمد بن عبد اللّه،عيسى بن زيد،و كان يقول:من خالف بيعتك من آل أبي طالب فأمكني من ضرب عنقه،فأتى بعبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين،فغمض عينيه قال:إن على يمينا إن رأيته لأقتلنه، فقال له عيسى:دعني أضرب عنقه،فكف عنه (4).
دفع إلى عيسى بن الحسين الورّاق كتابا ذكر أنه كتاب أحمد بن الحرث فقرأت فيه:
حدثنا المدائني أن هشام بن عروة بن الزبير،بايع محمد بن عبد اللّه، و جعل له ولاية المدينة.
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال حدثنا أبو زيد،قال حدثني متوكل بن أبي العجوة:
أن أبا جعفر كان يقول:العجب لعبد اللّه بن عطاء إنه بالأمس على بساطي ثم يضربني بعشرة أسياف.7.
ص: 260
أخبرني عمر قال:حدثنا أبو زيد قال (1):حدثني محمد بن الحسن بن زبالة،قال:حدثني حميد بن عبد اللّه بن أبي فروة،قال:
لما درب الناس السكك أيام محمد بن عبد اللّه،أردنا أن ندرب سكتنا، فمنعنا عبد اللّه بن عطاء،قال:فمن أين يمر إلى أمير المؤمنين محمد؟.
فلما قتل تغيب حتى مات في إمارة جعفر بن سليمان،فأخرج على جنازة ليدفن فأمر به فأنزل من نعشه،و صلب،فكلم فيه جعفر،فأمر أن ينزل من خشبته بعد ثالثه،فأنزل و دفن.و عبد اللّه بن عطاء من ثقاة أهل الحديث (2)، و قد روى عن أبي جعفر محمد بن علي،و عن عبد اللّه بن بريدة؛و غيرهما من وجوه التابعين.و روى عنه الثقات مثل مالك بن أنس و نظرائه.
و عبد اللّه بن عامر الأسلمي و هو القاري،و يكنى أبا عامر،و هو ثقة.
و روى عنه وكيع،و أبو نعيم،و عبيد اللّه بن موسى،و أبو ضمرة.و قد روى عن الزهري،و وثقه يحيى بن معين،و رووه في الحديث و رثاه علي بن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بقوله:
أبو عامر فيها رئيس كأنها *** كراديس تغشى حجره المتكبر
أخبرني عمر،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال حدثنا عبد اللّه بن إسحاق بن القاسم؛قال:حدّثني إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن،قال:
لقيني موسى بن عبد اللّه بالسيالة،فقال:انطلق أرك ما صنع بنا في سويقة،فذهبت معه،فوجدت نخلها قد عرقبت،فقال:نحن و اللّه كما قال دريد بن الصمة:
تقول:ألا تبكي أخاك!و قد أرى *** مكان البكى لكن بنيت على الصّبر (3)».
ص: 261
لمقتل عبد اللّه و الهالك الذي *** على الشّرف الأقصى قتيل أبي بكر (1)
و عبد يغوث.أو نديمى خالد *** و عزّ مصابا خير قبر على قبر (2)
أبى القتل إلاّ آل صمّة إنهم *** أبوا غيره،و القدر يجري على القدر
فإمّا ترينا لا تزال دماؤنا *** لدى معشر يسعى لها آخر الدهر (3)
فإنا للحم السيف غير نكيرة *** و نلحمه طورا و ليس بذي نكر (4)
يغار علينا واترين فيشتفى *** بنا إن أصبنا،أو نغير على وتر (5)
بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا *** فما ينقضي إلاّ و نحن على شطر (6)
قال أبو زيد:حدثت المدائني هذا أو أمليته عليه فتركني و ترك الرجلين و قال:قال موسى.
و ممن أخذه أبو جعفر من آل أبي طالب،و حبسه،و ضربه بالسوط من أصحاب محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:- الحسن بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
أمه و أم إخوته:يزيد،و صالح ابني معاوية:فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب (7)و أمها أم ولد.
ص: 262
و خرجوا جميعا مع محمد بن عبد اللّه (1).و استعمل الحسن بن معاوية على مكة (2).
فلما قتل محمد بن عبد اللّه أخذه أبو جعفر فضربه بالسوط و حبسه.فلم يزل في الحبس حتى مات أبو جعفر،فأطلقه المهدي.
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء،قال:حدثنا الزبير،قال:حدّثني عيسى بن عبد اللّه قال:
دخل عيسى بن موسى على المنصور،فقال:ألا أبشرك؟قال: بماذا؟ قال:ابتعت وجه دار عبد اللّه بن جعفر من بني معاوية بن عبد اللّه الحسن (3)،و يزيد،و صالح.
فقال له[أتفرح؟] (4)و اللّه ما باعوك إيّاها إلاّ ليقووا بثمنها عليك.
فخرج الحسن،و يزيد،و صالح،مع محمد بن عبد اللّه.
أخبرني الحرمي بن العلاء،قال:حدثنا الزبير،قال:حدثني غسان، عن أبيه قال:حدثني محمد بن إسحاق بن القاسم بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:
أن محمد بن عبد اللّه بعث الحسن،و القاسم بن إسحاق إلى مكة (5)، و استعمل الحسن على مكة،و القاسم على اليمن.
أخبرني عمر العتكي،و الجوهري،و يحيى بن علي،عن عمر بن شبّة، عن عبد اللّه بن إسحاق،و هو أخو محمد بن إسحاق،الذي روى عنه الزبير،9.
ص: 263
قال:حدّثني عبد اللّه بن يزيد بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر،قال:
أراد بنو معاوية بن عبد اللّه بن جعفر-و كانوا خرجوا مع محمد بن عبد اللّه- أن يظهروا بعد قتله.فقال أبي للحسن (1)بن معاوية:لا نظهر جميعا،فإنا إن فعلنا أخذك جعفر بن سليمان من بيننا.قال:و جعفر يومئذ على المدينة.فقال لا بد من الظهور.
فقال له:فإن كنت فاعلا فدعني أتغيب فإنه لا يقدم عليك ما دمت متغيبا.
قال:لا خير في عيش لست فيه.
فلما ظهروا أخذ جعفر بن سليمان الحسن،فقال له:أين المال الذي أخذته بمكة؟.
و كان أبو جعفر قد كتب إلى جعفر بن سليمان أن يجلد حسنا إن ظفر به.
فلما سأله عن المال قال:أنفقناه فيما كنا فيه و ذاك شيء قد عفا عنه أمير المؤمنين.
قال:و جعل جعفر بن سليمان يكلمه،و الحسن يبطئ في جوابه،فقال له جعفر:أكلمك و لا تجيبني! قال:ذلك يشق عليك،لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.
قال:فضربه أربعمائة سوط،و حبسه.فلم يزل محبوسا حتى مات أبو جعفر،و قام المهدي فأطلقه و أجازه.
قال أبو زيد:و حدثني عيسى بن عبد اللّه،قال:
لما ضرب جعفر بن سليمان الحسن بن معاوية قال:أين كنت؟فاستعجم عليه،فقال له:علي و عليّ إن أقلعت عنك أبدا أو تخبرني أين كنت؟.
قال:كنت عند غسان بن معاوية،مولى عبد اللّه بن الحسن.فبعث جعفر إلى منزل غسان فهرب منه،فهدم داره،ثم جاء بعد فأمّنه.».
ص: 264
قال:و لم يكن الحسن عند غسان إنما كان عند نفيس صاحب قصر نفيس (1):
قال أبو زيد:فحدثني عيسى بن عبد اللّه،قال:
لم يزل الحسن بن معاوية في حبس جعفر بن سليمان،حتى حج أبو جعفر،فعرضت له حمادة بنت معاوية،فصاحت به:يا أمير المؤمنين، الحسن بن معاوية قد طال حبسه فانتبه له،و قد كان ذهل عنه،فسار به معه حتى وضعه في حبسه، و لم يزل محبوسا حتى ولي المهدي.
قال الزبير في خبره الذي أخبرني به الحرمي،عن الزبير،قال:حدّثني عبد اللّه بن الحسن بن القاسم:
أن الحسن بن معاوية قال لأبي جعفر،و هو في السجن،و قد أتاه نعي أخيه يزيد بن معاوية،يستعطفه على ولده:
إرحم صغار بني يزيد إنهم *** يتموا لفقدي لا لفقد يزيد
و ارحم كبيرا سنّه متهدما *** في السجن بين سلاسل و قيود
و لئن أخذت بجرمنا و جزيتنا *** لنقتلن به بكل صعيد
أو عدت بالرّحم القريبة بيننا *** ما جدّكم من جدّنا ببعيد
قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني:
و من مختار ما رثى به محمد بن عبد اللّه من الشعر،قول غالب بن عثمان الهمداني أنشدنيه عمر بن عبد اللّه العتكي،عن عمر بن شبّة:
يا دار هجت لي البكاء فأعولي *** حيّيت منزلة دثرت و دار».
ص: 265
بالجزع من كنفي سويقة أصبحت *** كالبرد بعد بني النبيّ قفارا (1)
الحاملين إذا الحمالة أعجزت *** و الأكرمين أرومة و نجارا
و الممطرين إذا المحول تتابعت *** دررا تداولها المحول غزارا
و الذّائدين إذا المخافة أبرزت *** سوق الكواعب يبتدرن حصارا
و ثبت نتيلة وثبة بعلوجها *** كانت على سلفي نتيلة عارا
فتصلمت ساداتها و تهتّكت *** حرما محصّنة الخدور كبارا
و لغت دماء بني النبي فأصبحت *** خضبت بها الأشداق و الأظفارا
لا تسقني بيديك إن لم أبتعث *** لبني نتيلة جحفلا جرّارا (2)
لجبا يضيق به الفضاء عرمرما *** يغشى الدكادك قسطلا موّارا (3)
فيه بنات بني الصريح و لا حق *** قبّا تغادر في الخليف مهارا (4)
يخرجن من خلل الغبار عوابسا *** يورين في حصب الأماعز نارا (5)
فننال في سلفي نتيلة ثارنا *** فيما ينال و ندرك الأوتارا
و قال أبو الحجاج الجهني:
بكر النعيّ بخير من وطيء الحصى *** ذي المكرمات و ذي الندى و السؤدد (6)
بالخاشع البرّ الذي من هاشم *** أمسى ثقيلا في بقيع الغرقد (7)».
ص: 266
ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه *** أن قام مجتهدا بدين محمد (1)
و قال عبد اللّه بن مصعب (2):
سالت دموعك ضلّة قد هجت لي *** برحاء وجد يبعث الأحزانا (3)
هلاّ على المهدي و ابني مصعب *** أذريت دمعك ساكبا تهتانا
و لفقد إبراهيم حين تصدّعت *** عنه الجموع فواجه الأقرانا (4)
و اللّه ما ولد الحواضن مثله *** أمضى و أرفع محتدا و مكانا (5)
و أشدّ ناهضة و أقول للتي *** تتقي مصارع أهلها العدوانا (6)
رزء لعمرك لو يصاب بمثله *** ميطان صدّع رزؤه ميطانا (7)
و قال عبد اللّه بن مصعب أيضا (8).أنشدنيه ابن سعيد عن يحيى بن الحسن،عن اسماعيل بن يعقوب:
يا صاحبيّ دعا الملامة و اعلما *** أن لست في هذا بألوم منكما (9)
وقفا بقبر ابن النبي و سلّما *** لا بأس أن تقفا به فتسلما
قبر تضمّن خير أهل زمانه *** حسبا و طيب سجية و تكرّما (10)
[لم يجتنب قصد السبيل و لم يحد *** عنه و لم يفتح بفاحشة فما] (11)ا.
ص: 267
بطل يخوض بنفسه غمراتها *** لا طائشا رعشا و لا مستسلما (1)
حتى مضت فيه السيوف و ربّما *** كانت حتوفهم السيوف و ربّما
أضحى بنو حسن أبيح حريمهم *** فينا و أصبح نهبهم متقسّما
و نساؤهم في دورهنّ نوائح *** سجع الحمام إذا الحمام ترنّما
يتوسّلون بقتلهم و يرونه *** شرفا لهم عند الإمام و مغنما (2)
و اللّه لو شهد النبيّ محمد *** صلّى الإله على النبي و سلّما
إشراع أمّته الأسنّة لابنه *** حتى تقطّر من ظباتهم دما
حقّا لأيقن أنهم قد ضيّعوا *** تلك القرابة و استحلوا المحرما
و قال إبراهيم بن عبد اللّه يرثي أخاه:
سأبكيك بالبيض الرّقاق و بالقنا *** فإنّ بها ما يدرك الطالب الوترا
و إنّا أناس لا تفيض دموعنا *** على هالك منّا و لو قصم الظّهرا
و لست كمن يبكي أخاه بعبرة *** يعصّرها من جفن مقلته عصرا
و لكنني أشفي فؤادي بغارة *** ألهّب في قطري كتائبها جمرا
و عبد اللّه الأشتر بن محمد (3)بن عبد اللّه ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و أمه أم سلمة بنت محمد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
كان عبد اللّه بن محمد بن مسعدة المعلم أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلد
ص: 268
الهند (1)فقتل بها،و وجه برأسه إلى أبي جعفر المنصور.ثم قدم بابنه محمد بن عبد اللّه بن محمد بعد ذلك و هو صغير على موسى بن عبد اللّه بن الحسن.
و ابن مسعدة هذا كان مؤدبا لولد عبد اللّه بن الحسن.و فيه يقول إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن على سبيل التهكم به:
زعم ابن مسعدة المعلّم أنّه *** سبق الرّجال براعة و بيانا
و هو الملقّن للحمامة شجوها *** و هو الملحّن بعدها الغربانا
و كان ابن مسعدة سمع غرابا ينعق،فقال له:أتلحن ويحك يا غراب؟ تقول:غاق غاق.قيل:فكيف يقول؟قال:يقول:غاق غاق.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:
حدّثني عيسى بن عبد اللّه بن مسعدة،قال:».
ص: 269
لما قتل محمد،خرجنا بابنه الأشتر عبد اللّه بن محمد،فأتينا الكوفة،ثم انحدرنا إلى البصرة،ثم خرجنا إلى السند؛فلما كان بيننا و بينها أيام نزلنا خانا فكتب فيه (1):
منخرق الخفّين يشكو الوجى *** تنكبه أطراف مرو حداد (2)
***شرّده الخوف فأزرى به كذاك من يكره حرّ الجلاد (3)
قد كان في الموت له راحة *** و الموت حتم في رقاب العباد
و كتب اسمه تحتها.
ثم دخلنا المنصورة فلم نجد شيئا،فدخلنا قندهار (4)،فأحللته قلعة لا يرومها رائم،و لا يطور بها طائر.و كان و اللّه أفرس من رأيت من عباد اللّه،ما إخال الرمح في يده إلاّ قلما،فنزلنا بين ظهراني قوم يتخلقون بأخلاق الجاهلية، يطرد أحدهم الأرنب،فتضيف قصر صاحبه،فيمنعها و يقول:أتطلب جاري.
قال:فخرجت لبعض حاجتي،و خلفني بعض تجار أهل العراق، فقالوا له:قد بايع لك أهل المنصورة،فلم يزالوا به حتى صار إليها.
فحدثت أن رجلا جاء إلى أبي جعفر فقال له:مررت بأرض السند فوجدت كتابا في قلعة من قلاعها،فيه كذا و كذا،فقال له:هو هو.ثم دعا هشام بن عمرو بن بسطام التغلبي (5)،فقال:اعلم أن الأشتر بأرض السند، و قد وليتك عليها،فانظر ما أنت صانع.9.
ص: 270
فشخص هشام إلى السند،فقتله و بعث برأسه إلى أبي جعفر (1).
قال عيسى:فرأيت رأسه قد بعث به أبو جعفر إلى المدينة،و عليها الحسن بن زيد،فجعلت الخطباء تخطب،و تذكر المنصور،و تثنى عليه، و الحسن بن زيد على المنبر،و رأس الأشتر بين يديه،و كان في خطبة شبيب بن شيبة يا أهل المدينة:ما مثلكم و مثل أمير المؤمنين إلاّ كما قال الفرزدق (2):
ما ضرّ تغلب وائل أ هجوتها *** أم بلت (3)حيث تناطح البحران
فتكلم الحسن بن زيد فحض على الطاعة،و قال:ما زال اللّه يكفي أمير المؤمنين من بغاه،و ناوأه و عاداه،و عدل عن طاعته،و ابتغى سبيلا غير سبيله.».
ص: 271
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدثنا عيسى بن عبد اللّه قال:حدثني من أثق به،عن ابن مسعدة:
إن الأشتر و أصحابه أغذّوا السير،ثم نزلوا فناموا،فبقيت خيلهم في زرع للرهط،فخرجوا إليهم فقتلوهم بالخشب،فبعث هشام فأخذ رؤوسهم، فبعث بها إلى أبي جعفر.
قال عيسى:قال ابن مسعدة:
و لم نزل في تلك القلعة أنا و محمد بن عبد اللّه بن محمد حتى توفي أبو جعفر (1)،و قام المهدي،فقدمت به و بأمّه إلى المدينة.
و إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و يكنى أبا الحسن.و أمه هند بنت أبي عبيدة (2).
قال أبو الفرج الأصبهاني:حدّثنا يحيى بن علي المنجّم قال:سمعت عمر بن شبّة يقول:
[إن]إبراهيم بن عبد اللّه أبو الحسن،كلّ إبراهيم في آل بيت أبي طالب كان يكنى أبا الحسن،فأما قول سديف (3)لإبراهيم بن عبد اللّه:
إيها أبا إسحاق هنّيتها *** في نعم تترى و عيش طويل
أذكر هداك اللّه وتر الأولى *** سير بهم في مصمتات الكبول (4)
فإنما قال ذلك على مجاز الكلام،و ما يعرف شكلا للأسماء من الكنى و لضرورته في وزن الشعر إلى ذلك.
ص: 272
و كان إبراهيم بن عبد اللّه جاريا على شاكلة أخيه محمد في الدين، و العلم،و الشجاعة و الشدة. و كان يقول شيئا من الشعر.فحدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن[العلوي] (1)،قال حدثني إسماعيل بن يعقوب،قال:
ذكر عبد اللّه بن الحسن بن إبراهيم أن جدّه إبراهيم بن عبد اللّه قال في زوجته بحيرة بنت زياد الشيبانية:
ألم تعلمي يا بنت بكر تشوقي (2)*** إليك و أنت الشخص ينعم صاحبه
و علقت ما لو نيط بالصخر من جوى *** لهد من الصخر المنيف جوانبه (3)
رأت رجلا بين الركاب ضجيعه *** سلاح و يعبوب فباتت تجانبه (4)
تصد و تستحيى و تعلم أنّه *** كريم فتدنو نحوه فتلاعبه
فأذهلنا عنها و لم نقل قربها *** و لم يقلها دهر شديد تكالبه (5)
عجاريف فيها عن هوى النفس زاجر *** إذا اشتبكت أنيابه و مخالبه (6)
أخبرنا عمر[بن عبد اللّه] (7)،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال حدّثني عبد العزيز بن أبي سلمة العمري،و سعيد بن هريم:
أن محمدا،و إبراهيم كانا عند أبيهما،فوردت إبل لمحمد فيها ناقة شرود لا يردّ رأسها شيء،فجعل إبراهيم يحدّ النظر إليها،فقال له محمد:كأنّ نفسك تحدثك أنك رادها؟قال نعم.قال:فإن فعلت فهي لك،فوثب إبراهيم فجعل يتغير لها و يتستر بالإبل،حتى إذا أمكنته جاءها (8)و أخذ بذنبها،».
ص: 273
فاحتملته و أدبرت تمخض بذنبها، حتى غاب عن عين أبيه،فأقبل على محمد و قال له:قد عرضت أخاك للهلكة.فمكث هويا ثم أقبل مشتملا بإزاره حتى وقف عليهما.فقال له محمد:كيف رأيت؟زعمت أنك رادها و حابسها.قال:
فألقى ذنبها و قد انقطع في يده.فقال:ما أعذر من جاء بهذا.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم،قال:حدّثنا عمر بن شبّة، قال:حدّثنا أبو نعيم عن مطهر بن الحرث،قال:
أقبلنا مع إبراهيم بن عبد اللّه من مكة نريد البصرة،فلما كنا على ليلة منها تقدم إبراهيم و تخلفنا عنه ثم دخلنا من غد.
قال أبو نعيم:فقلت لمطهر (1):أ مرّ إبراهيم بالكوفة[و لقيته؟] (2)قال:لا،و اللّه ما دخلها[قط] (3)و لقد غاب (2)بالموصل،ثم الأنبار،ثم بغداد،و المدائن،و النيل،و واسط.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى،قال:حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني بكر بن كثير،قال:
استخفى إبراهيم بن عبد اللّه عند إبراهيم بن درست بن رباط الفقمي، و عند أبي مروان مولى يزيد بن عمر بن هبيرة،و معاذ بن عون اللّه.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى،قال:حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو زيد،قال:حدّثني الفضل بن عبد الرحمن بن سليمان بن علي،قال:
قال أبو جعفر:غمض عليّ أمر إبراهيم لمّا اشتملت عليه طفوف (3)البصرة.ف.
ص: 274
حدّثنا يحيى بن علي،قال (1):حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني نصر بن قديد،قال:
دعا إبراهيم الناس و هو في دار أبي فروة،و كان أول من بايعه نميلة بن مرّة،و عفو اللّه بن سفيان،و عبد الواحد بن زياد،و عمر بن سلمة الهجيمي، و عبد اللّه بن يحيى بن الحصين بن المنذر الرقاشي.و ندبوا الناس إليه (2)، فأجاب بعدهم فتيان العرب منهم:المغيرة بن الفرع (3)،و يقال الفزر،حتى ظنوا أن ديوانه قد أحصى أربعة آلاف. و شهر أمره فتحرك إلى واسط (4)من البصرة،في دار أبي مروان مولى بني سليم (5).
أخبرنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال:حدثني ابن عفو اللّه بن سفيان عن أبيه،قال (6):
أتينا إبراهيم يوما و هو مرعوب،فأخبرني أن كتاب أخيه محمد جاءه يخبره أنه قد ظهر،و يأمره بالخروج[قال] (7)،فوجم من ذلك،و اغتم[له] (8)، فجعلت أسهل الأمر عليه،و قلت:قد اجتمع[لك]أمرك،و معك المضاء، و الطّهوي و المغيرة،و أنا،و جماعة،نخرج بالليل فنقصد السجن فنفتحه، فتصبح حين تصبح،و معك عالم من الناس، فطابت نفسه.
أخبرنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا علي بن الجعد،قال (7):9.
ص: 275
رأيت أهل الكوفة أيام أخذوا بلبس السواد،حتى إن البقالين إن كان أحدهم ليصبغ الثوب بالأنقاس (1)ثم يلبسه.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني جواد بن غالب،قال:
حدّثني العباس بن سلم مولى قحطبة،قال (2):
كان أبو جعفر إذا اتهم أحدا من أهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم أمر [أبي] (3)سلما بطلبه،فكان يمهل حتى إذا غسق الليل و هدأ الناس،نصب سلّما على منزل الرجل،فطرقه في بيته فيقتله،و يأخذ خاتمه.
قال (4):فسمعت جميلا مولى[محمد] (5)بن أبي العباس يقول للعباس بن سلم (6):لو لم يورثك أبوك إلاّ خواتيم من قتل من أهل الكوفة لكنت أيسر الأبناء.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني سهل بن عقيل قال:حدثني أبي،قال (7):
كان سفيان بن معاوية بن يزيد بن مهلب قدم إلى إبراهيم على أمره، و كان سفيان عامل أبي جعفر على البصرة،فكان يرسل إلى قائدين قدما عليه، يدعيان ابني عقيل،بعثهما أبو جعفر ردءا له فيكونان عنده.فلما وعده إبراهيم أرسل إليهما فاحتبسهما (8)تلك الليلة،حتى خرج فأحاط به و بهما،و أخذهم.
حدّثنا يحيى بن علي قال:حدّثنا أبو زيد قال:حدّثني عمر بن (9)خالد مولى بني ليث،قال:».
ص: 276
استلبت و أنا غلام دوّامة من غلام،فاتبعني،و سعيت فدخلت دار أبي مروان فوجدت إبراهيم جالسا في جماعة من أصحابه محتبيا بحمالة سيف-و هي نسعة (1)مدنية عرضها أكثر من إصبع-و رجل قائم على رأسه،و دابة تعرض عليه،و ذلك قبل خروجه بشهر،فلما كانت الليلة التي خرج فيها سمعنا تكبيرة بعد المغرب بهنيهة (2)، ثم تتابع التكبير و خرجوا حتى صاروا إلى مقبرة بني يشكر،و فيها قصب يباع،فأقاموا في كل ناحية من المقبرة أطنانا،ثم ألهبوا فيها النار،فأضاءت المقبرة.و جعل أصحابهم الذين كانوا وعدوهم يأتونهم،فكلما جاءت طائفة كبّروا (3)حتى تم لهم ما أرادوا،ثم مضوا إلى دار الإمارة،بعد ما ذهبت طائفة من الليل.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:
حدّثنا نصر بن قديد،قال (4):
خرج إبراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان سنة خمس و أربعين و مائة، فصار إلى بني يشكر،في أربعة عشر فارسا،و فيهم عبد اللّه بن يحيى بن حصين الرقاشيّ على برذون له أغرّ سمند (5)،معتم بعمامة سوداء،يساير إبراهيم، فوقف في المقبرة منذ أول الليل إلى نحو من نصفه ينتظر نميلة،و من وعده من [شق] (6)بني تميم حتى جاؤوه.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا يونس بن نجدة،قال:
ألقى أصحاب إبراهيم النار في الرحبة،و أدنى القصر حتى أحرقوه.ة.
ص: 277
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا عبد اللّه بن سنان (1)، قال:
وجّه أبو جعفر جابر بن توبة في جماعة كثيرة،فلما أطاف إبراهيم بدار الإمارة وجد دواب جابر و أصحابه،و هي سبعمائة،فأخذها و استعان بها.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا أبو عاصم النبيل،قال:
نزل سفيان بن معاوية من دار الإمارة و من معه إلى إبراهيم على الأمان، فتركهم.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:
حدّثني عمر بن خالد الليثي،قال:
دخل الناس دار الإمارة فلم يروا فيها إلاّ مسحا أسود (2)فتقطعه الناس ينتهبونه،و خرج إبراهيم إلى المسجد.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال: حدّثني محمد بن مسعر، قال:
لما دخل إبراهيم دار الإمارة فدخلت معهم فنظرت إلى حصير قد ألقى له في مقدم الإيوان،و عصفت الريح فقلبته ظهره لبطنه،فتطير الناس لذلك.
و قال إبراهيم:لا تتطيروا.ثم جلس عليه مقلوبا و أنا أرى الكراهة في وجهه (3).
حدّثنا يحيى (4)قال حدثنا عمرو بن خالد،و محمد بن معروف، و محمد بن أبي حرب.
إن إبراهيم دخل المسجد،فبينا هو يتكلم إذ أتاه آت.فقال:هذا جعفر».
ص: 278
و محمد قد أقبلا في مواليهما،فصاح إبراهيم بالمضاء و الطهوي، و قال اذهبا إليهما،فقولا لهما:يقول لكما ابن خالكما:إن أحببتما جوارنا ففي الأمن و الرحب،لا خوف عليكما،و لا على أحد تؤمنانه؛و إن كرهتما جوارنا،فحيث شئتما فاذهبا و لا تسفكا بيننا و بينكم دما؛و إياكما أن تبدآهما بقتال.
قال عمر بن خالد:فلما كانوا عند دارميّة (1)الثقفية،التقوا فتوافقوا، فكلّمهم المضاء و الطهوي،و ارتفعت الأصوات،فنزع الحسين بنشابة فرمى بها،و حمل عليه المضاء،فضربه فقطع يده من وسط ذراعه.و أدبر القوم.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا عبد اللّه بن المغيرة،قال:
إني لجالس على بابكم إذ مرّ بي جعفر و محمد و معهما البغال تحمل النّشاب، فلم يلبثا أن رجعا،و المضاء يتلوهما و في يده الرمح،و هو يقرعهما به قرعا و يقول:النجاء يا بني الإماء (2)فلما بلغنا وقف.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال:سمعت سعيد بن المشعر يقول:
سمعت محمدا يومئذ يعتزي (3)و يقول: أنا الغلام القرشي،فلما كشفهم المضاء جعل يقول لمحمد:يا غلام أتعتزي عليّ،أما و اللّه لو لا يد كانت لعمك عبد اللّه بن علي عندي لعلمت.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبة،قال:
لما صار المضاء عند متسع الطريق،و قد مضى عمر بن سلمة حتى خالط جمعهم،فطاعنهم في رحبة محمد،ثم انصرف،فقال له المضاء:يا أبا حفص ما أحسبك شهدت حربا قط قبل هذه.
قال:أجل.قال:فلا تفعل مثل فعلتك،فإن الجبان إذا اضطررته قاتلك.».
ص: 279
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا يونس بن نجدة، قال أبو زيد،و حدّثني عبد الرحمن بن غيّاث السراج،عن أبيه،و عمّه:
أن إبراهيم وجد في بيت المال ألفي ألف درهم، فقوى بها،و فرض القروض خمسين خمسين لكل رجل (1)،فكان الناس يقولون:خمسون و الجنة.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا الحكم بن بندويه (2):
أن إبراهيم أنفذ المغيرة بن الفزع (3)و يقال الفزر إلى الأهواز،و عليها محمد بن الحصين،فلقيه على[نهر]في فروخ-و بينها و بين الأهواز فرسخان- فقاتله المغيرة،فهزمه.و دخل ابن الحصين الأهواز و تبعه المغيرة فحمل عليه، فانكشفوا و وقفوا في الصيارفة.فتركهم المغيرة،و دخل المسجد،فصعد المنبر فرموه بالنشاب،فجعل يقع في المسجد.فخرج إليهم فقاتلهم عند باب ابن الحصين،فولوا منه و اتّبعهم حتى بلغ الجسر.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال حدّثنا الحسين بن سليم،عن أبيه.
أن ابن الحصين انهزم حتى بلغ قنطرة الهندوان،فوقف عليها،و أمر ابنه الحكم فنزل فقاتل وراء القنطرة حتى غشيهم الليل فأنفذ ثقله،و انكشف من الليل.
قال:فبلغني أن أبا أيوب المورياني،و كان له هوى في ابن الحصين،قال لأبي جعفر:يا أمير المؤمنين ألم تر إلى ابن الحصين فاء إلى فئة،و به ثماني عشرة ضربة.
فقيل لأبي أيوب:لو نظرت إلى ابن الحصين فلم تر به أثرا ما كنت تصنع؟.
قال:لو هم بالنظر إليه ضربته ثماني عشرة ضربة ثم أريته إيّاه.».
ص: 280
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال حدثنا بكر بن عبد اللّه،عن مبارك (1)الطبري،عن الربيع الحاجب:
أن إبراهيم لما ظهر بالبصرة،وجّه أبو جعفر خازم بن خزيمة في أربعة آلاف إلى الأهواز.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني يوسف بن معبد الفريعي،قال:حدثني محمد بن خالد بن علي بن سويد (2)، قال:
لبثنا مع المغيرة بالأهواز أياما ثم ذكر لنا أن خازم بن خزيمة قد أظلنا.
فخرج المغيرة فعسكر على شاطئ دجيل،و أمر خريم بن عثمان بقطع الجسر، و أخذ السفن مما حوله فتتبعوا السفن فأخذوها حتى ظنوا أن لم يبق منها شيء.
و ارتفع خازم إلى قرية لبني الهجيم يقال لها قرقوب (3)على فرسخ من قصبة الأهواز،فعسكر بها في اثني عشر ألف فارس سوى رجّالته.
و ارتفع المغيرة فعسكر بإزائه في خمسمائة فارس،و خلف الرجّالة في عسكره،و استخلف على الأهواز عفو اللّه بن سفيان،و طلب خازم السّفن فلم يجدها،فأتاه رجل فقال له:وجه معي خيلا أحدر إليك السفن،فمضى به إلى قرية يقال لها دور قطن مما يلي جنديسابور،فحدر عليهم سفنا قليلة فأتى بها ليلا،فلما واراه الظلام عبر فيها أصحابه حتى أصبح.
فأصبح المغيرة،و قد ساواه القوم على شاطئ الدجيل،و ذلك يوم الأحد،فأصبحنا و الريح لنا عليهم،فلما صففنا و صفّوا لنا انقلبت الريح لهم علينا،و عبأ القوم ميمنتهم و ميسرتهم،و عبأ المغيرة أصحابه،فجعل على ميمنته عصب (4)بن القاسم،و على ميسرته الترجمان بن هريمة،و صار هو في القلب، فبينما نحن كذلك إذ جاءت عقاب مسفّة حتى صدّعت صفّنا،فتطيرت منها.
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا».
ص: 281
محمد بن أبي حرب،قال:حدثنا المذلق-و اسمه عمر بن الضحاك-قال:
التمس خازم معبرا فلم يجد،فاتخذ طوقا من قصب، فعبّر عليه ثلاثمائة نفس أو نحوها (1)من أصحابه،و قام هو و المغيرة بإزائه،و تقدم إلى أصحابه:
ألا تقاتلوا،فلما صاروا مع المغيرة قصدوا له،و تهيأ القوم لقتالهم،فنظرت إلى خازم ينتف لحية نفسه،و يصيح بالفارسية ينهاهم عن القتال.ثم هيأ طوقا آخر فعبر إليهم خمسمائة أو نحوهم،فكنت فيمن عبر في المرة الثانية.فلما اجتمعنا لقيناهم في زهاء ألف،فما لبثنا حتى هزمناهم.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر،قال:حدّثني الحرّ بن مالك، قال:حدّثني واصل بن محمد السعدي،عن شبيب بن شبّة،قال:
قال لي خازم بن خزيمة:للّه در المغيرة بن الفزع،أي رجل هو،ما ولدت النساء مثله،و اللّه،لقد وجّهت إليه الأجناد،و بعضهم في إثر بعض، و إني لأنظر إليه و بيني و بينه النهر،و إنه ليبول و إلى جنبه فرسه ما معه إلاّ رعاع من الرعاع،ثم ركب فناوش أصحابي،ثم انكفأ،ثم عاود أصحابي،ثم انكفأ، فما زال ذلك دأبه و دأبهم حتى غابوا عن عيني،فرجعوا و قد نقصوا ألفا.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني الحكم بن بندويه قال:
حدّثني يوسف بن معبد،عن محمد بن خالد،قال:
صاح المغيرة بأصحاب الركب،فلطموا (2)و تترسوا حتى نفذ نشّابهم،ثم حملوا عليهم فطاعنوا حتى ألقوا في الدجيل من أصحاب خازم خلقا،و فصل بين الصفين... فدعا صهر لخازم بن خزيمة على أخته (3)يدعى عبدويه كردا (4)من أهل خراسان،فدعا،للبراز،فبرز له المغيرة فبدره عبدويه فضربه فوقعت ضربته على ترس المغيرة فذهب،فترك المغيرة ترسه مع سيفه،و ضربه على عاتقه فبلغ».
ص: 282
رئته،فرأيت خازم بن خزيمة ينتف لحية نفسه جزعا عليه.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني ابن عفو اللّه بن سفيان،قال:سمعت أبي يقول:
و اللّه ما ضربت يومئذ بسيف و لقد نظرت أكثر من خمسمائة من أصحاب خازم ألقوا أنفسهم في الماء.
حدّثني يحيى بن علي،قال:حدّثنا أبو زيد عمر بن شبّة،قال:حدّثنا سعيد بن هريم،قال:حدّثني الحسن بن لولا،و حدثني الخليل بن عمران، عن مذعور بن سنان:
أن خازما دس رجالا فنزلوا إلى جانب الجبل في الموضع الذي كان فيه.
قال:و حدّثني يوسف بن معبد عن محمد بن خالد قال:لم يزل (1)المغيرة نازلا بمكانه حتى وافى خازما فبعث طائفة من أصحابه فنزلوا بإزائه و أمرهم إذا رأوا غلاما من بعيد أن يصيحوا:نزل خازم الأهواز ليسمع المغيرة ذلك فينهزم، ففعلوا و عبر أصحابه في السفن،و أمرهم فنصبوا في أعلى السفن الأعلام و الرماح، و جاء سالم بن غالب القمي (2)،و كان من أصحاب المغيرة،فقال للمغيرة:قد دخل خازم الأهواز،و صاح أولئك القوم الذين كانوا عند الجبل بمثل ذلك،و كر المغيرة راجعا،و حمل عليه رجل من أصحاب خازم ليطعنه، فعدل المغيرة عن فرسه،فأخطأه غير بعيد،و مرّ به فرسه يركض،فنفحه (3)المغيرة بسيفه فظهر القطر (4)من السواد،ثم ظهر الدم،و صاح المغيرة:أنا أبو الأسود،فما مرّ الرجل إلاّ يسيرا حتى خرّ صريعا.
و دخل المغيرة الأهواز،و صعد المنبر فجعل يخطب و يسكن الناس،إذ قيل له هذه الأغنام ترمى بالنشاب في سكة باب إزاز،فصاح المغيرة بعبد له».
ص: 283
أسود يدعى كعبويه:«إكفني هؤلاء»،فخرج فردّهم.
و نزل المغيرة فانحدرنا إلى البصرة،و ولى أبو جعفر سالم بن غالب القمي (1)رامهرمز،ثوابا على ما قاله للمغيرة.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا الحسين بن مسلم ابن سلمة قال:حدّثني أبي،قال:جعل خازم للجند إن دخلوها عنوة[أن يبيحها إيّاهم ثلاثا،فدخلوها عنوة] (2)،فأذن لهم فيها فدخلوها ليلا فانتهبوها ليلتهم و الغد،ثم نهاهم.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر،قال:حدثني يوسف بن معبد،قال:حدثني محمد بن خالد،قال:
كان دخول المغيرة البصرة منهزما في اليوم الذي جاء فيه مقتل إبراهيم.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا الحرث (3)بن مالك بن الخطاب،قال: حدّثني عمر بن الخزاز (4)،قال:
قدم المغيرة من الأهواز،و سوّار جالس في المسجد في السواد،فصعد المنبر،فأتى سوار،فأخبر بذلك،فشد قمطره،ثم نهض حتى جاء إلى المنبر فصاح بالمغيرة:انزل فإنك جائر،قد قتل صاحبك.فنزل المغيرة.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا سهل بن عقيل،قال:حدّثني أبو الهيثم رجل من أهل فارس،قال:
قدم علينا رجل يدعى عمرو بن شداد في ثلاثين إنسانا،من قبل إبراهيم،فذعر منه و إلى فارس فهرب و خلاّه و البلاد،فدخلها و أسرع إليه رؤساؤها.
فلما قتل إبراهيم أتاه نعيه،و هو في أقاصي فارس،و بلغ الخبر الرؤساء و هم مقيمون معه،فتآمروا به و قالوا:ما يغسل ما عند أبي جعفر علينا إلاّ توجيه».
ص: 284
هذا إليه،فأتوه،و علم بما أجمعوا عليه،فدعا بالمائدة فجعل يأكل على هنيئة (1)ثم قال لحاجبه:ائذن لهم.فدخلوا عليه،و أخذوا مجالسهم.فقال:يا غلام:ارحل فجعل القوم يرحلون،و القوم على ثقة أنه لا يفوتهم،ثم ركبوا يريدون الرجوع إلى أداني فارس،و ليس معه إلاّ سبعون رجلا، و تبعه عسكر جرار من أهل فارس،فسار حتى أظلم و هو يمضي فيصير في ميمنة أصحابه مرّة،و في ميسرتهم أخرى،و يسر إليهم الخبر،و يعدهم إلى موضع يجتمعون فيه،فيتسللون واحدا واحدا،و لا يعلم أهل فارس لكثرتهم معه،ثم ينسل منهم،و لا يعرف أحدا (2).
ثم إن عمرا انسل في ليلته،و القوم منحدرون،و لا يعلمون بذهابه، و مضى هو مصعدا،و طلبوه فأعجزهم،و أغذّ السير حتى أتى كرمان،فأوثق و إليها،و أخذ ما استتم له،ثم سار ليلا إلى البحر فركب السفن،فصار إلى البصرة،و استخفى هو و أصحابه.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد الرحمن بن إسماعيل،قال:حدّثني خالد مولى محمد بن إسماعيل،قال:
شهدت عمرو بن شدّاد حين أخذ،فأتى به ابن دعلج،فأمر بقطع يده، فمدها فقطعت،ثم مد اليسرى فقطعت،ثم رجله اليمنى فقطعت،ثم مدّ اليسرى فقطعت،و ما يقر به أحد و لا يمسه،ثم قال له:مدّ عنقك،فمدها، فضربه ضارب بسيف كليل فلم يصنع شيئا.
فقال:اطلبوا سيفا صارما،فعجل الضارب فنبا فلم يصنع شيئا.
فقال عمرو:سيف أصرم من هذا.
فسلّ ابن دعلج سيفا كان عليه،فدفعه إلى رجل فضربه،و قال ابن دعلج لعمرو:أنت و اللّه الصارم.
حدّثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال: حدثنا محمد بن معروف،قال:».
ص: 285
حدّثني أبي،قال:
إنما دلّ على عمرو خادم له،ضربه فدلّ عليه،إما الهيثم بن معاوية،أو ابن دعلج،فقتله،و صلب في الموبد،في موضع دار إسحاق بن سليمان.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا إبراهيم بن سلم بن أبي واصل،قال:حدّثني عبد الغفار بن عمرو الفقمي،قال:
كان إبراهيم واجدا على هارون بن سعد لا يكلمه،فلما ظهر إبراهيم قدم هارون بن سعد فأتى أباك سلما فقال له أخبرني عن صاحبك،أما به إلينا حاجة في أمره هذا؟قال:قلت:بلى لعمر اللّه.ثم قام فدخل على إبراهيم،فقال:
هذا هارون بن سعد قد جاءك.قال:لا حاجة لي فيه.قال:لا تفعل في هارون تزهد.فلم يزل به حتى قبله و أذن له،فدخل عليه،فقال له هارون:
استكفني أهم أمورك إليك،فاستكفاه واسطا و استعمله عليها (1).
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني هشام بن محمد،قال:
وجه إلينا أبو جعفر قوما منهم ابن المرزبان،و صالح بن يزداد،و كانوا يقاتلون أهل واسط،و الخندق بينهم و بين إبراهيم بالبصرة،فلم يزالوا على ذلك حتى قتل إبراهيم و وادع هارون بن سعد و أهل واسط عامرا،فلما قتل إبراهيم أعطاهم عامر الأمان على ألاّ يقتل بواسط أحدا،فتتبعوا كل من وجدوا خارجا من البلد، و هرب هارون بن سعد إلى البصرة فلم يصل إليها حتى مات رحمه اللّه (2).
حدثني يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني أخي معاذ بن شبّة،قال:سمعت أبي،يقول:
لما ظهر إبراهيم أرسل إلى محمد بن عطية-مولى باهلة،و كان قد ولّى لأبي9.
ص: 286
جعفر بعض أعمال فارس-فقال:هل عندك مال؟.
قال:لا و اللّه.قال:خلوا سبيله.فخرج ابن عطية و هو يقول بالفارسية:ليس هذا من رجال أبي جعفر.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثنا القاسم بن أبي شيبة، قال:حدّثني أبو سلمة ابن النجار-و كان من أصحاب إبراهيم-قال:
كنا عنده بالبصرة إذ أتاه قوم من الدهجرانيّة أصحاب الضياع،فقالوا:
يابن رسول اللّه،إنا قوم لسنا من العرب،و ليس لأحد علينا عقد و لا ولاء، و قد أتيناك بمال فاستعن به،فقال:من كان عنده مال فليعن به أخاه،فأما أن آخذه فلا،ثم قال:هل هي إلاّ سيرة علي بن أبي طالب أو النار.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثني عمّار بن المختار،قال:حدّثني محمد بن طلحة العذري،قال:
أرسل إبراهيم إلى أبي و قد استخفى منه أن عندك مالا فأتنا به،فأرسل إليه أي أجل،إن عندي مالا،فإن أخذته مني أغرمنيه أبو جعفر،فأضرب عنه.
حدّثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا عمر بن عبد اللّه بن حماد الثقفي،قال:أخبرني عبيد اللّه بن عبد الرحمن،قال:
أرسل إبراهيم إلى عبد الحميد بن لا حق،فقال:بلغني أن عندك أموالا للظلمة-يعني الموريانيين- فقال:ما لهم مال.قال:اللّه قال:اللّه!فتركه، و قال:إن ظهر لي أن لهم عندك مالا عددتك كذابا.
حدثني يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثني عبد الحميد بن جعفر مولى محمد بن أبي العباس،قال:
أسر إبراهيم رجلا يعرف بمحمد بن يزيد من قواد أبي جعفر،و كان تحته
ص: 287
فرس يحاذي رأسه رأسه،قال:فحدثني-يعني محمد بن يزيد-قال:أرسل إليّ إبراهيم أن بعني فرسك.قال:فقلت:هو لك يابن رسول اللّه، فقال لأصحابه:كم يساوي؟قالوا:ألفي درهم،فبعث إليّ بألفي و خمسمائة درهم،فلما أراد المسير أطلقني.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدّثني بكر بن كثير،قال:
حدثني شيبة كاتب مسعود المورياني:
أن جماعة من الزيدية دخلوا عليه،فسألوه و قالوا:هات ما معك من مال الظلمة.قال:و أدخلوني إلى إبراهيم؛فرأيت الكراهية من وجهه، فاستحلفني،فحلفت فخلّى سبيلي، فكنت أسأل عنه بعد ذلك فأدعو له، فنهاني مسعود عن ذلك.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني بكر بن كثير:
أن إبراهيم أخذ حميد بن القاسم-عاملا كان لأبي جعفر-فقال له المغيرة:
ادفعه إليّ قال:و ما تصنع به؟قال:أعذبه.
قال:لا حاجة لي في مال لا يؤخذ إلاّ بالعذاب.
حدّثني يحيى بن علي،و غير واحد،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام الجعفري،قال:
صلّى إبراهيم على جنازة بالبصرة فكبّر عليها أربعا، فقال له عيسى بن زيد:لم نقصت واحدة و قد عرفت تكبير أهلك؟.
فقال:إن هذا أجمع للناس،و نحن إلى اجتماعهم محتاجون،و ليس في تكبيرة تركتها ضرر إن شاء اللّه،ففارقه عيسى و اعتزله،و بلغ أبا جعفر فأرسل إلى عيسى يسأله أن يخذل الزيدية عن إبراهيم،فلم يفعل،و لم يتم الأمر حتى
ص: 288
قتل إبراهيم فاستخفي عيسى بن زيد،فقيل لأبي جعفر:ألا تطلبه؟فقال:لا و اللّه لا أطلب منهم رجلا (1)بعد محمد و إبراهيم،أنا أجعل لهم بعد هذا ذكرا؟.
قال أبو الفرج الأصبهاني:
و أظن هذا وهما من الجعفري الذي حكاه،لأن عيسى لم يفارق إبراهيم في وقت من الأوقات و لا اعتزله،قد شهد معه باخمري حتى قتل فتوارى حينئذ إلى أن مات،و سنذكر خبره في موضعه-إن شاء اللّه-.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدّثنا عمر،قال:حدّثني سفيان بن يزيد مولى باهلة،قال:سمعت إبراهيم يخطب فقال:
يا أهل البصرة،لقيتم الحسنى،آويتم الغريب لا أرض و لا سماء،فإن أملك فلكم الجزاء،و إن أهلك فعلى اللّه-عز و جل-الوفاء.
قال:فجعلت الزيدية هذه الكلمة ندبة تندبه بها بعد قتله شبيهة بالنوح:
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر قال:حدثني عقيل بن عمرو الثقفي،قال:حدثني أبي،قال أبو زيد:و حدثني عمر بن عبد اللّه مولى بني هاشم عن رجل ذكر إبراهيم بن عبد اللّه في خطبة بني العباس فقال:صغّروا ما عظم اللّه جلّ و عز،و عظّموا ما صغّر اللّه.و كان إذا أراد أن ينزل عن المنبر يقول: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ،ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (2).
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا أبو زيد عمر بن شبّة،قال:حدثنا الحسين بن جعفر بن سليمان القنعي،قال:سمعت أبي يقول:خطب1.
ص: 289
إبراهيم.قال أبو زيد و حدثني عبد الملك بن سليمان،قال:حدثني الحجاج بن بصير الفساطيطي،قال:صعد إبراهيم المنبر فقال:
أيّها الناس،إني وجدت جميع ما تطلب العباد في حقّهم الخير عند اللّه عزّ و جلّ في ثلاث:في المنطق،و النظر،و السكوت.
فكل منطق ليس فيه ذكر فهو لغو.
و كل سكوت ليس فيه تفكّر فهو سهو.
و كل نظر ليس فيه عبرة فهو غفلة.
فطوبى لمن كان منطقه ذكرا،و نظره عبرة.و سكوته تفكرا،و وسعه بيته (1)،و بكى على خطيئته،و سلم المسلمون منه.
قال:فكان الناس يعجبون من كلامه هذا و هو يريد ما يريد.
قال:ثم رفع صوته و قال:
اللهم إنك ذاكر اليوم إباء بأبنائهم،و أبناء بآبائهم،فاذكرنا عندك بمحمد (ص)[اللهم و حافظ الآباء في الأبناء،و الأبناء في الآباء،احفظ ذرية محمد نبيك(ص)،] (2)قال:فارتجّ المصلى بالبكاء.
حدّثني علي بن العباس المقانعي،قال:أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع الهمداني قال:حدّثني علي بن عبد الرحمن،عن عبيد بن يحيى،قال:حدّثنا موفق قال:
بعثني إبراهيم بن عبد اللّه إلى الكوفة بكتب،فجئت بها فأوصلتها و أخذت جواباتها فجعلتها في جرة-يعني ملّة-و كسرتها و جعلتها في جرابي و مضيت إليه، فأخذت في اثنتي عشرة مسلحة (3)،و أحلف بالطلاق و العتاق،و الحل و الحرام، و صدقة ما أملك،ما أنا لإبراهيم شيعة و لا أهوى هواه و لا أضمر إلاّ مثل ما».
ص: 290
أظهر.و انتهيت إليه في اليوم الثالث عند صلاة الفجر، فلما رآني بكيت و وثب إليّ و سيفه بيده فقال لي:مه،ما وراءك يا أبا عبد اللّه؟و ما يبكيك؟و ما خلفك؟ قلت:الخير،قال:ما مع البكاء خير،فأخبرته بما لقيته من المسالح، و الأيمان،فقال لي:أ هذا الذي أبكاك؟قلت نعم،قال:يا أبا عبد اللّه أمسك عليك أهلك،و مالك،و مملوكك،فإذا لقيت اللّه-عز و جلّ-غدا فقل:إن إبراهيم بن عبد اللّه أمرني بالمقام على ذلك الوفاء،و اللّه لهم بأيمانهم كفر.
حدثنا محمد بن العباس اليزيدي (1)على سبيل المذاكرة،قال:حدثني عمي،عن أبيه،عن جده أبي محمد اليزيدي-فيما أرى-،قال:
كان إبراهيم بن عبد اللّه جالسا ذات يوم فسأل عن رجل من أصحابه، فقال له بعض من حضر:هو عليل و الساعة تركته يريد أن يموت،فضحك القوم منه،فقال إبراهيم:و اللّه لقد ضحكتم منها عربية،قال اللّه عزّ و جلّ:
فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ (2) يعني يكاد أن ينقض.
قال:فوثب أبو عمرو بن العلاء (3)فقبل رأسه،و قال:لا نزال و اللّه بخير ما دام مثلك فينا.
حدثنا أحمد بن عبيد اللّه (4)بن محمد بن عمّار الثقفي،قال:حدثني علي ابن محمد النّوفلي،عن أبيه، محمد بن سليمان:
أنّ إبراهيم بن عبد اللّه نزل على المفضّل الضبّي في وقت استتاره-قال:
و كان المفضل زيديا-فقال له إبراهيم:ائتني بشيء من كتبك أنظر فيه،فإن».
ص: 291
صدري يضيق إذا خرجت،فأتاه بشيء من أشعار العرب،فاختار منها قصائد و كتبها مفردة في كتاب.
قال المفضل:فلما قتل إبراهيم أظهرتها،فنسبتها إليّ،و هي القصائد التي تسمى«اختيار المفضل»السبعين قصيدة،قال:ثم زدت عليها و جعلتها مائة و ثمانية و عشرين (1).
إبراهيم بن عبد اللّه
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم (2)،قال:حدثني أبو زيد،قال:
حدّثني عبد اللّه بن محمد العبسي عن أبيه،قال:
لما عسكر إبراهيم خرجت لأنظر إلى عسكره متقنعا،فقال بشير:
و يتقنعون و ينظرون من بعيد!أ فلا يتقنعون للّه عزّ و جلّ في الحديد.قال:فخفته فجلست بين الناس.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا أبو زيد قال حدثنا عمر،قال:حدثني خلاد بن زيد،قال:حدثني عثمان بن عمر،قال أبو زيد:و حدثني سعيد بن حبيب،مولى بني حنيفة،عن زياد بن إبراهيم،قال أبو زيد:و حدثني أيضا محمد بن موسى الأسواري،دخل حديث بعضهم في حديث بعض من قصة بشير الرحّال:
و أول خبر خروجه مع إبراهيم أنّ السعر غلا مرة بالبصرة،فخرج الناس معه على الصّعبة و الذّلول إلى الجبّانة يدعون،فكان القصّاص يقومون فيتكلمون ثم يدعون،فوثب بشير فقال:
ص: 292
شاهت الوجوه،ثلاثا،عصي اللّه في كل شيء،و انتهكت الحرم، و سفكت الدماء،و استؤثر بالفيء،فلم يجتمع منكم اثنان فيقولان:هل نغيّر هذا و هلّم بنا ندع اللّه أن يكشف هذا،حتى إذا غلت أسعاركم في الدينار بكيلجة (1)جئتم على الصّعب و الذّلول من كل فجّ عميق تصيحون إلى اللّه أن يرخص أسعاركم،لا أرخص اللّه أسعاركم،و فعل بكم و فعل.
قال:
و صليت يوما إلى جنب بشير الرحّال،و كان شيخا عظيم الرأس و اللحية،ملقيا رأسه بين كتفيه،فمكث طويلا ساكتا،ثم رفع رأسه فقال:
عليك أيها المنبر لعنة اللّه و على من حولك،فو اللّه لولاهم ما نفذت للّه معصية،و أقسم باللّه لو يطيعني هؤلاء الأبناء حولي لأقمت كلّ امرئ منهم على حقّه و صدقه،قائلا للحق أو تاركا له،و أقسم باللّه لئن بقيت لأجهدن في ذلك جهدي أو يريحني اللّه من هذه الوجوه المشوّهة المستنكرة في الإسلام.
قال:فو اللّه لخفنا ألاّ نتفرق حتى توضع في أعناقنا الحبال.
قال:
و كان السائل يقف على بشير يسأله فيقول له:يا هذا إن لك حقّا عند رجل ها هنا،و إن أعانني عليه هؤلاء أخذت لك حقك فأغناك،فيقول السائل:فأنا أكلمهم،فيأتي الخلق في المسجد الجامع فيقول:يا هؤلاء،إنّ هذا الشيخ زعم أن لي حقّا عند رجل،و إنكم إن أعنتموه أخذ لي حقي، فأنشدكم اللّه إلاّ أعنتموه.فيقولون له:ذلك شيخ يعبث.
قال:و كان بشير يقول يعرّض بأبي جعفر:
أيها القائل بالأمس:إن ولّينا عدلنا،و فعلنا و صنعنا،فقد وليت فأيّ عدل أظهرت؟و أيّ جور أزلت؟ (2)و أي مظلوم أنصفت؟آه.ما أشبه الليلة».
ص: 293
بالبارحة[إن]في صدري حرارة لا يطفيها إلاّ برد عدل أو حرّ سنان.
(و كان (1)الذي خطب بذلك محمد بن سليمان:قال:فبكى حتى كاد أن يسقط عن المنبر.و أحبه النساك.و قالوا:ملك مترف.و ذكر ذنبه فأبكاه.
فبكى).
إبراهيم،و حركته للنهوض إلى باخمري،و توجيه أبي جعفر القواد إليه و مقتله
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:
حدثني محمد بن عبد اللّه بن حماد الثقفي عمن أخبره،قال أبو زيد،و حدثني محمد بن الحكم،بن عبيدة،عن جدّه مسعود بن الحارث،قال:
لما كان يوم الفطر شهدنا إبراهيم،و كنا قريبا من المنبر،و عبد الواحد بن زياد معنا،فسمعت إبراهيم يتمثل بهذه الأبيات (2):
أبا المنازل يا خير الفوارس من *** يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا
اللّه يعلم أني لو خشيتهم *** و أوجس القلب من خوف لهم فزعا (3)
لم يقتلوه و لم أسلم أخي لهم (4)*** حتى نموت جميعا أو نعيش معا
ثم بكى فقال:
اللهم إنك تعلم أن محمدا إنما خرج غضبا لك،و نفيا لهذه المسوّدة و إيثارا لحقك فارحمه و اغفر له،و اجعل الآخرة خير مردّ له،و منقلب من الدنيا.ثم جرض بريقه (5)و ترادّ الكلام في فيّه و تلجلج ساعة،ثم انفجر باكيا منتحبا، و بكى الناس.قال:فو اللّه لرأيت عبد الواحد بن زياد اهتز له من قرنه إلى
ص: 294
قدمه،ثم بلت دموعه لحيته.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا عبد اللّه بن شيبان (1)، قال:
قال إبراهيم بن عبد اللّه:ما أتى عليّ يوم بعد قتل محمد إلاّ استطلته حبا للّحاق به.
حدّثنا يحيى،قال:حدّثنا أبو زيد،قال حدّثنا عمر عن النضر بن حماد و غيره:
أن إبراهيم خرج فعسكر بالمأجور يريد قصر أبي جعفر بالكوفة و قتاله.
حدّثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال:حدثني عبد الواحد من آل خليفة بن قيس،قال:
كان على ميسرة إبراهيم برد بن لبيد (2)اليشكري.
حدثني يحيى،قال:حدثنا عمر قال حدثني إبراهيم بن سلام،قال:
حدثني أخي عن أبي قال:كان على ميمنة إبراهيم عيسى بن زيد.
قال أبو الفرج:
و هذا الحديث يبطل حديث الجعفري في اعتزال عيسى إبراهيم،و هذا أصح.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني محمد ابن معروف عن أبيه،و حدثني محمد بن موسى الأسواري:
أنّ أبا جعفر كتب إلى عيسى،و هو بالمدينة:إذا قرأت كتابي هذا فأقبل، ودع ما أنت فيه.فلم يلبث أن قدم فوجهه على الناس.و قدم سلم بن قتيبة (3)فضمّه إلى جعفر بن سليمان،و بعثه مع عيسى فأنف جعفر من طاعة عيسى فكان في ناحية الناس.».
ص: 295
أخبرنا يحيى بن علي،و العتكي عمر بن عبد اللّه،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد اللّه بن عبد الوارث،قال:حدّثنا هاشم بن القاسم، قال:
أراد المضاء أن يبيّت (1)عيسى بن موسى فمنعه بشير.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا سعيد بن ستيم،عن عمه:
أن عبد الواحد بن زياد أشار على إبراهيم بأن يبيت عيسى،فقالت الزيدية:إنما البيات من فعال السرّاق.
قال:فارجع إلى البصرة و دعنا نقاتل عيسى فإن هزمنا امددتنا بالامداد، فقالت الزيدية:أترجع عن عدوك و قد رأيته؟.
قال:فخندق على عسكرك،فقالت الزيدية:أتجعل بينك و بين اللّه جنّة؟.
فقال عبد الواحد:أما لولا أن يقال:إني أوردتك ثم لم أصدرك لعرفت وجه الرأي.
قال عمر:و حدثني إبراهيم بن سلم (2)،عن أخيه،عن أبيه سلم:أنه قال له:اجعل عسكرك كراديس،إذا هزم منهم كردوس ثبت كردوس، فقالوا:لا نكون إلاّ صفا واحدا (3)كما قال اللّه تعالى: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (4).
أخبرنا (5)عمر بن عبد اللّه،و يحيى بن علي،قالا:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدثني إبراهيم بن محمد الجعفري،قال:حدثني أبي،قال:
لما تصاف العسكران،خرج رجل أزرق طويل،لكأني أنظر إليه من».
ص: 296
عسكر عيسى فقال:يا أصحاب إبراهيم أنا و اللّه قتلت محمدا.قال:فخرج إليه أربعة رهط من عسكر إبراهيم كأنهم الصقور،فابتدروه بأسيافهم،فو اللّه ما قلت خالطوه حتى رجعوا برأسه (1)،و اللّه ما نصره أحد من أصحاب عيسى.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني أبو الحسن على الحدّاد من أهل بغداد،قال:حدثني مسعود الرحال الكوفي،قال:
شهدت باخمري،فإني لأنظر إلى إبراهيم و هو في فسطاطه،و بين يديه علم مذهب مركوز فسمعته يقول:أين أبو حمزة؟فأقبل شيخ قصير على فرس، فلما دنا عرفت وجهه،فإذا هو شيخ كان يعمل القلانس على باب دار ابن مسعود بالكوفة فقال له:خذ هذا العلم فقف به على الميسرة و لا تبرح.
قال:فأخذ العلم و وقف في الميسرة،و التقى الصفان،و قتل إبراهيم فانهزم أصحابه و إنه لواقف مكانه،فقيل له:ألا ترى صاحبك قد قتل و ذهب الناس؟قال:إنه قال لي:لا تبرح، فقاتل حتى عقر به،ثم قاتل راجلا حتى قتل.
أخبر عمر و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا محمد بن زياد قال:حدثني الحسن بن حفص،قال:سمعت شراحيل بن الوضاح يقول:
كنت مع عيسى بن موسى بباخمرى فهزمنا حتى جعل عيسى يقول:أ هي هي؟.
و أنا أقول في نفسي:اللهم حققها،حتى وردنا على جدول،فو اللّه ما تركته ينفذ حتى عبرناه معا.».
ص: 297
حدثنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني سهل بن عقيل،قال:حدّثني سلم بن فرقد (1)،قال:و حدثني غيره،قال:
لما التقوا هزم عيسى و أصحابه هزيمة قبيحة حتى دخل أوائلهم الكوفة، و أمر أبو جعفر بإعداد الإبل و الدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها. (2)
قال أبو زيد:حدثني سهل بن عقيل (3)عن سلم بن فرقد،قال: تبعهم أصحاب إبراهيم،و كان محمد بن أبي العباس معسكرا في ناحية،فلما رآهم لفّ أعلامه و انهزم،و أخذ على مسنّاة منهزما،و كان في المسنّاة تعريج فنظروا إليه و قد صار في طرفيها و بعد عنهم،فكان يتبين لهم أنه خلفهم،و أنه كمين فصاحوا:
الكمين الكمين،فانهزموا،و جاء سهم بينهم فأصاب إبراهيم فسقط،و أسنده بشير الرحّال إلى صدره حتى مات إبراهيم و هو في حجره،و قتل بشير و إبراهيم على تلك الحال في حجره و هو يقول: «و كان أمر اللّه قدرا مقدورا» (4).
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدّثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا أخي أحمد،و حفص بن حكيم:
أن أبا جعفر وجل من إبراهيم حتى جعل يقول ويلك يا ربيع (5)فكيف و لم ينلها أبناؤها.فأين إمارة الصبيان؟.
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني رجل عن هشام بن محمد،قال:صبر مع إبراهيم أربعمائة يضاربون دونه حتى قتل فجعلوا يقولون:أردنا أن نجعلك ملكا فأبى اللّه إلاّ أن يجعلك شهيدا،حتى قتلوا معه.ا.
ص: 298
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا عمر،قال حدثني عبد الحميد أبو جعفر،قال:
سألت أبا صلابة:كيف قتل إبراهيم؟.
قال:إني لأنظر إليه واقفا على دابة محمد بن يزيد (1)،ينظر إلى أصحاب عيسى و قد ولّوا و منحوه أكتافهم،و نكص عيسى برايته القهقري،و أصحابه يقتلونهم و على إبراهيم قباء زرد،فأذاه الحر فحلّ أزرار القباء فشال الزّرد (2)حتى سال على يديه،و حسر عن لبّته،فأتته نشّابة عائرة فأصابت لبّته،فرأيته اعتنق فرسه و كرّ راجعا،و أطافت به الزيدية (3).
قال أبو زيد:فحدثني ابن أبي الكرام[الجعفري]أنه شهد الأقطع مولى عيسى بن موسى و قد أتاه فقال:هذا و حياتك رأس إبراهيم في مخلاتي،فقال لي:اذهب فانظر فإن كان رأسه فاحلف لي بالطلاق حتى أصدقك،و إن لم يكن رأسه فاسكت، فأتيته فقلت:أرنيه فأخرجه يختلج خدّه،فقلت ويلك،كيف وصلت إليه؟قال:أتته نشابة فأصابته فصرع،و أكب عليه أصحابه يقبلون يديه و رجليه،فعلمت أنه هو،فعلمت مكانه،و جعل أصحابه يقاتلون دونه لا يبالون،فلما قتلوا أتيته و احتززت رأسه.قال:فأتيت عيسى فأخبرته فنادى بالأمان.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال حدثني إبراهيم بن سلم،عن أخيه علي قال:
لما انهزمنا يومئذ صرنا إلى عيسى بن زيد فصبر مليا ثم قال:ما بعد هذا متلوّم (4)،و انحاز فصرنا معه إلى قصره،فكنا فيه،فأزمعنا على أن نبيّت عيسى ابن موسى فلما انتصف الليل فقدنا عيسى فانتقض أمرنا.».
ص: 299
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني علي بن أبي هاشم،قال:حدثنا إسماعيل بن عليّة (1)،قال:
خرج إبراهيم في رمضان،سنة خمس و أربعين و مائة،و قتل في ذي الحجة (2)،و كان شعارهم:أحد أحد.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا أبو نعيم،قال:
قتل إبراهيم يوم الاثنين ارتفاع النهار لخمس بقين من ذي القعدة سنة خمس و أربعين و مائة،و أتى أبو جعفر برأسه ليلة الثلاثاء،و بينه و بين مقتله ثمانية عشر ميلا،فلما أصبح يوم الثلاثاء أمر برأس إبراهيم فنصب بالسوق فرأيته منصوبا مخضوبا بالحناء.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال حدثني عبد الحميد أبو جعفر.قال:أخرج رأس إبراهيم.
[فخرجت و منادي أبي جعفر ينادي هذا رأس الفاسق ابن الفاسق، فرأيت رأس إبراهيم] (3)في سفط أحمر،في منديل أبيض،قد غلّف بالغالية، فنظرت إلى وجهه رجلا سايل(؟)رجل سائل الخدين،خفيف العارضين، أقنى،قد أثر السجود بجبهته و أنفه،و شخص ابن أبي الكرام برأسه إلى مصر.
حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثني الحسين بن علي السلولي،قال:
حدثنا أحمد بن زيد،قال حدثنا عمي أبو معمر سعيد بن خيثم،قال حدثني يونس بن أبي يعقوب،قال:حدثنا جعفر بن محمد من فيه إلى أذني، قال:
لما قتل إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بباخمرى حسرنا عن المدينة،و لم يترك فيها منّا محتلم (4)،حتى قدمنا الكوفة،فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل،ثم».
ص: 300
خرج إلينا الربيع الحاجب فقال:أين هؤلاء العلوية؟أدخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى.قال:فدخلنا إليه أنا و الحسن بن زيد،فلما صرت بين يديه قال لي:أنت الذي تعلم الغيب؟.
قلت:لا يعلم الغيب إلاّ اللّه.
قال:أنت الذي يجبي إليك هذا الخراج؟.
قلت:إليك يجبى-يا أمير المؤمنين-الخراج.
قال:أتدرون لم دعوتكم؟قلت:لا.
قال:أردت أن أهدم رباعكم،و أروع قلوبكم،و أعقر نخلكم، و أترككم بالسراة،لا يقربكم أحد من أهل الحجاز،و أهل العراق؛فإنهم لكم مفسدة.
فقلت له:يا أمير المؤمنين،إن سليمان أعطى فشكر،و إن أيوب ابتلى فصبر،و إن يوسف ظلم فغفر،و أنت من ذلك النسل.
قال:فتبسم و قال:أعد عليّ،فأعدت فقال:مثلك فليكن زعيم القوم، و قد عفوت عنكم،و وهبت لكم جرم أهل البصرة،حدّثني الحديث الذي حدّثتني عن أبيك،عن آبائه،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.
قلت:حدثني أبي،عن آبائه،عن علي،عن رسول اللّه(ص):صلة الرّحم تعمر الديار،و تطيل الأعمار،و إن كانوا كفّارا.
فقال:ليس هذا.
فقلت:حدّثني أبي،عن آبائه،عن علي،عن رسول اللّه(ص)،قال:
الأرحام معلقة بالعرش تنادي:اللهم صل من وصلني،و اقطع من قطعني.
قال:ليس هذا.
فقلت:حدثني أبي،عن آبائه،عن علي عن رسول اللّه(ص)أن اللّه عزّ و جلّ يقول:«أنا الرحمن،خلقت الرحم و شققت لها اسما من اسمي،فمن وصلها وصلته،و من قطعها بتّته».
قال:ليس هذا الحديث.
ص: 301
قلت:حدثني أبي،عن آبائه،عن علي عن رسول اللّه(ص)أن ملكا من الملوك في الأرض كان بقي من عمره ثلاث سنين،فوصل رحمه فجعلها اللّه ثلاثين سنة.
فقال:هذا الحديث أردت،أيّ البلاد أحب إليك؟فو اللّه لأصلن رحمي إليكم.
قلنا:المدينة،فسرّحنا إلى المدينة،و كفى اللّه مؤنته.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عمر بن إسماعيل بن صالح بن هيثم،قال:حدثني عيسى بن رؤبة،قال:
لما جيء برأس إبراهيم فوضع بين يدي أبي جعفر بكى حتى رأيت دموعه على خدي إبراهيم،ثم قال:أما و اللّه إن كنت لهذا كارها (1)،و لكنك ابتليت بي،و ابتليت بك (2).
حدثني أحمد بن محمد الهمداني،قال:قال يحيى بن الحسن،حدثني غير واحد عن علي بن الحسن،عن يحيى بن الحسين بن زيد عن أبيه الحسين عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي،قال:
كنت عند المنصور حين جيء برأس إبراهيم بن عبد اللّه، فأتى به في ترس حتى وضع بين يديه،فلما رأيته نزت من أسفل بطني غصّة فسدت حلقي،».
ص: 302
فجعلت أداري ذلك مخافة أن يفطن بي،فالتفت إليّ فقال لي:يا أبا محمد أهو هو؟.
قلت:نعم يا أمير المؤمنين ولوددت أن اللّه فاء به إلى طاعتك،و إنك لم تكن نزلت منه بهذه المنزلة.
قال:فأنا و إلاّ فأمّ موسى الطلاق (1)-و كانت من غاية أيمانه-لوددت أن اللّه فاء به إلى طاعتي،و أني لم أكن نزلت منه بهذه المنزلة،و لكنه أراد أن ينزلنا بها،و كانت أنفسنا أكرم علينا من نفسه.
حدثنا أحمد بن سعيد قال:حدثنا يحيى بن الحسين،قال:حدثنا هارون بن موسى،قال:حدثني عبد اللّه بن نافع،قال:
لما وضع رأس إبراهيم بين يدي أبي جعفر تمثل (2):
فألقت عصاها و استقرت بها النّوى *** كما قرّ عينا بالإياب المسافر (3)
أخبرنا عمر بن عبد اللّه العتكي،و يحيى بن علي،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدّثنا محمد بن زياد،قال:حدّثني الحسن بن جعفر،قال:
كنت بالكوفة فرأيت فلّ (4)عيسى بن موسى قد دخل الكوفة نهارا،فلما كان الليل رأيت فيما يرى النائم كأن نعشا تحمله رجال يصعدون به إلى السماء و يقولون:من لنا بعدك يا إبراهيم؟قال:و أيقظني أخي من نومي فقلت:ما لك؟فقال:أسمع التكبير على باب أبي جعفر،و لا و اللّه ما كبّروا باطلا،فإذا الخبر قد جاء بقتل إبراهيم[بن عبد اللّه]بن الحسن بن الحسن.ة.
ص: 303
ابن الحسن بن الحسن من أهل العلم و الفقهاء و نقلة الآثار
أخبرنا يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز،و عمر بن عبد اللّه،قالوا:
حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل الحذاء، قال:حدثني أخي محمد بن مسلم،قال:
قال لي أبي:يا بني،إن إبراهيم قد ظهر بالبصرة.قال: فابتع لي عمامة صوف و قباء و سراويل،و فعلت،فشخص هو و ثلاثة رهط معه حتى قدموا إلى الكوفة.
حدثنا جعفر بن محمد الورّاق،قال:حدثني أحمد بن حازم،قال:
حدثنا الحسن بن الحسين العرني،قال:
خرج نفر من أصحاب زيد بن علي متنكرين في جملة الحاج،حتى لحقوا بإبراهيم بالبصرة،منهم سلام بن أبي واصل الحذّاء.
حدثني الحسن بن علي الخفاف،قال:حدثنا أحمد بن زهير،قال:
حدثني خالد بن خداش بن عجلان،قال:سمعت حمّاد بن يزيد يقول:
ما أحد من النّاس إلاّ أنكرناه أيام إبراهيم،قيل له فسوار (1)؟.
قال:و اللّه ما حمدنا رأيه.
قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني:
أخبرني يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز الجوهري،و عمر بن عبد اللّه العتكي قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا إبراهيم بن سلام بن أبي واصل،قال:حدثني أخي محمد بن سلام عن أبيه قال:
وقفت على باب إبراهيم بن عبد اللّه،و هو نازل في دار محمد بن سليمان، فقلت لآذنه:قل له:سلام بن أبي واصل بالباب،فسمعت الآذن يقول:
ص: 304
سلام الحذّاء بالباب،فنسبني إلى اللقب الغالب عليّ،فأذن لي،فدخلت فقال:ما أبطأ بك عنا؟فقلت:كنت أجهز الرجال إليك،قال:صدقت، فأنزلني معه في الدار.قال:فبينا أنا جالس يوما إذا شيء فيه رقعة:إن بيت المال ضائع فأكفناه،فقلت لبعض من حضر أين بيت المال؟قال في الدار، فقمت فإذا شيخ قد كان موكلا به،فقال لي:أمرت فيما ها هنا بأمر؟قلت:
نعم.قال:فأنت إذا سلام بن أبي واصل،قال:فوليت بيت المال.
أخبرني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا أحمد بن حازم الغفاري،قال:حدثني نصر بن مزاحم،قال:
خرج أبو داود الطهوي مع إبراهيم و كان عنده أثيرا (1).
أخبرنا يحيى بن علي،و الجوهري و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن حكيم،قال:
خرج فطر (2)بن خليفة مع إبراهيم،و كان يومئذ شيخا كبيرا.
حدثني علي بن العباس،قال:حدثنا الحسن بن عبد الواحد،قال:
حدثني الحسن بن الحسين،قال:
خرج سلام بن أبي واصل الحذاء،و عيسى بن أبي إسحاق السبيعي (3)، و أبو خالد الأحمر (4)مصطحبين متنكرين مع الحاج،عليهم جباب الصوف و عمائم الصوف،يسوقون الجمال في زي الجمّالين،حتى أمنوا فعدلوا إلى إبراهيم،و كانوا معه حتى قتل.8.
ص: 305
أخبرنا يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني القاسم بن أبي شيبة،قال:
خرج أبو خالد الأحمر،و يونس بن أبي إسحاق (1)مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن.
أخبرني محمد بن الحسين،قال:حدثنا أحمد بن حازم،قال:حدثنا أبو نعيم،قال:خرج عيسى بن يونس بن أبي إسحاق من الكوفة إلى إبراهيم، فشهد معه حربه.
حدثنا يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل،عن أخيه محمد بن سلام، قالوا:
شهد مع إبراهيم بن عبد اللّه من أصحاب زيد بن علي ثلاث نفر:
سلام بن أبي واصل الحذاء،و حمزة بن عطاء البرني،و خليفة بن حسان الكيال،و كان أفرس الناس.
أخبرني محمد بن زكريا الصحاف،قال:حدثنا قعيب (2)بن محرز، قال:حدثني العريان بن أبي سفيان بن العلاء،قال:
خرج مع إبراهيم بن عبد اللّه عبد اللّه بن جعفر المدائني (3)،فقال له ليلة:
قم بنا حتى نطوف في العسكر، فقام معه فسمع في ناحية عسكره صوت طنبور، فاغتم لذلك و قال لعبد اللّه بن جعفر:ما أرى عسكرا فيه مثل هذا ينصر (4).
عبد اللّه بن جعفر هذا والد علي بن المدائني.
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر،و أحمد،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،عن5.
ص: 306
عريان بن أبي سفيان،قال:حدثني الثقة عندي عن عبد اللّه بن جعفر،ثم ذكر مثل هذه الحكاية أو قريبا منها.
أخبرنا يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل،قال:حدثني عبد الغفار بن عمرو الفقيمي ابن أخي الفضيل (1)،و الحسين بن أبي عمرو،قال:
كان إبراهيم بن عبد اللّه واجدا على هارون بن سعد لا يكلمه،فلما ظهر قدم هارون فأتى أباك سلاما (2)فقال له:أخبرني عن صاحبنا،أما به إلينا حاجة في أمره هذا؟قال:قلت له بلى لعمر اللّه،ثم قام فدخل على إبراهيم فقال له:
هذا هارون بن سعد قد جاءك.
فقال:لا حاجة لنا به.فقال له لا تفعل،أفي هارون تزهد؟فلم يزل به حتى قبله و أذن له،فدخل عليه فقال له هارون:استكفني أهمّ أمرك إليك، فاستكفاه واسطا و استعمله عليها (3).
قال أبو زيد:و حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين (4)،قال:حدثني عبد اللّه بن سلمة الأفطس،قال:ولي إبراهيم هرون بن سعد واسطا،فبادرت فدخلت إليه في السفينة فحدثني بأربعة أحاديث.قال أبو نعيم:و الذي رواه الأعمش عن أبي عمرو الشيباني إنما سمعه من هارون بن سعد.
قال أبو زيد:حدثني هشام بن محمد أبو محمد من أهل واسط،قال:
قدم علينا هارون بن سعد في جماعة ذات عدد فرأيته شيخا كبيرا كنت أراه راكبا قد انحنى على دابته،فبايعه أهل واسط.
قال أبو زيد:و حدثني عمر بن عون،قال:7.
ص: 307
كان هارون بن سعد رجلا صالحا،قد روى عن الشعبي،و لقى إبراهيم،و كان فقيها.
حدثني عيسى بن الحسن الورّاق،قال:حدثني سليمان بن أبي شيخ، قال:حدثني أبو الصعداء،قال:
لما قدم هارون بن سعد واليا على واسط من قبل إبراهيم خطب الناس، و نعى على أبي جعفر أفعاله،و قتله آل رسول اللّه،و ظلمه الناس،و أخذه الأموال،و وضعها في غير مواضعها،و أبلغ في القول حتى أبكى الناس،و رقّت لقوله قلوبهم،فاتبعه عباد (1)ابن العوام،و يزيد بن هارون،و هشيم بن بشير،و العلاء بن راشد.
حدثني محمد بن الحسين الخثعمي،قال حدثنا إبراهيم بن سليمان المقري،قال:حدثني نصر بن مزاحم،قال:
حدثني من رأى هشيما واقفا بين يدي هارون بن سعد متقلدا سيفا،رث الهيئة،يدعو الناس إلى بيعة إبراهيم.
أخبرني علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا محمد بن مروان الغزال، قال:حدثنا زيد بن المعذل النمري،عن هشام بن محمد،قال:
ولّى إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن هارون بن سعد واسطا،و ضمّ إليه جيشا كثيفا من الزيدية،فأخذها و تبعه الخلق،و لم يتخلف أحد من الفقهاء، و كان ممن تبعه عواد بن العوام،و يزيد بن هارون،و هشيم،و كان موقف هشيم في حروبه مشهرا،و قتل ابنه معاوية،و أخوه الحجاج بن بشير في بعض الوقائع.
قال:و شهد معه العوام بن حوشب يومئذ و هو شيخ كبير،و أسامة بن زيد،فلما قتل إبراهيم انحدر هارون بن سعد إلى البصرة،فبلغنا أنه مات بها حين دخلها،رحمه اللّه و رضي عنه.1.
ص: 308
أخبرنا يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عامر بن يحيى العقيلي،قال:حدثني أبو مخارق بن جابر، قال:
نادى منادي المسوّدة:أمن الناس أجمعون إلاّ العوام بن حوشب، و أسامة بن زيد.
فأما العوام فاستخفى سنتين ثم عمل معن بن زائدة (1)في أمره،و كان يسأله حتى أخرج له أمانا.
و أما أسامة بن زيد (2)فتوارى مدة ثم هرب إلى الشام.
قال أبو زيد:و حدثني عبد اللّه بن راشد بن يزيد،قال:
استخفى هارون بن سعد،فلم يزل مستخفيا حتى ولى محمد بن سليمان الكوفة،فأعطاه الأمان و استدرجه حتى ظهر،و أمره أن يعرض ثمانين من أهل بيته،فهمّ أن يفعل،فركب إلى محمد و لقيه ابن عم له يدعى الفرافصة فقال:
أنت مخدوع،فرجع فتوارى حتى مات،و هدم محمد بن سليمان داره.
قال أبو زيد،و حدثني سعد بن الحسن بن بشير الحواري،قال:سمعت أصحابنا يقولون:
كان عبد الواحد بن زياد بنهر أبان،و كان قد تقدم إلى إبراهيم ألا يخفى عليه مخرجه،فلما ظهر أقبل عبد الواحد من نهر أبان مبيضا حتى عبدس،فهرب و إليها و خلف في بيت مالها سبعين ألف درهم،فأخذها عبد الواحد،فكانت أول ما قدم به على إبراهيم.
قال أبو زيد،و حدثني خالد بن خداش،قال:
بيّض أيوب بن سليمان نهر ابان،و غلب عليها،و أيوب هذا محدث2.
ص: 309
راو،قد روى عنه الواسطيون،و ممن روى عنه سليمان بن أبي شيخ.
أخبرني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا أحمد بن حازم،قال:
حدثنا أبو نعيم،قال:سمعت زفر بن الهذيل يقول:
كان أبو حنيفة يجهر في أمر إبراهيم جهرا شديدا،و يفتي الناس بالخروج معه،فقلت له:و اللّه ما أنت بمنته عن هذا حتى نؤتي فتوضع في أعناقنا الحبال:
قال:و كتب إليه هو و مسعر بن كدام (1)يدعوانه إلى أن يقصد الكوفة، و يضمنا له نصرتهما و معونتهما،و إخراج أهل الكوفة معه،فكانت المرجئة تعيبهما بذلك.
حدثنا يحيى بن علي،و عمر،و أحمد،قالوا:حدثنا عمر بن شبة،قال حدثنا القاسم بن أبي شيبة،قال:حدثني الفضل بن شعيب،قال:
رأيت مسلم بن سعيد،و الأصبغ بن زيد،مع هارون بن سعد،عليهما سيفان أيام إبراهيم بن عبد اللّه،بواسط.
قال القاسم بن أبي شيبة،و حدثني أزهر بن سعد،قال:
رأيت هشيما عليه سيف حمائله شريط يرامى المسودة من وراء السور.
حدثنا عمر،و يحيى،و أحمد،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني زكريا بن عبد اللّه بن صبيح،و يلقب رحمويه،قال:
قال المهدي لابن علائة (2):ابغني قاضيا لمدينة الوضاح.قال:قد أصبته،عباد بن العوام (3).فقال له:و كيف مع ما في قلوبنا عليه.6.
ص: 310
قال رحمويه:و هدم الرشيد دار عباد بن العوام في خلافته،و منعه الحديث،ثم أذن فيه بعد (1).
أخبرني جعفر بن محمد الورّاق،قال:حدثنا أحمد بن حازم،قال:حدثنا نصر بن حازم،قال:
خرج هارون بن سعد من الكوفة في نفر من أصحاب زيد بن علي إلى إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن،و كان فيمن خرج معه عامر بن كثير السراج، و هو يومئذ شاب جلد شجاع،و حمزة التركي،و سالم الحذّاء،و خليفة بن حسان.
قال:لمّا قدموا على إبراهيم وليّ سالم بن أبي واصل بيت المال،و ولّي هارون بن سعد واسطا،فأنفذ معه جيشا كثيفا،فدخل واسطا،و هرب منه أصحاب أبي جعفر،و أسرع الناس إليه،و لم يبق أحد من أهل العلم إلاّ تبعه، و كان منهم عباد بن العوام،و هشيم بن بشير،و إسحاق بن يوسف الأزرق (2)، و يزيد بن هارون،و مسلم بن سعيد،و الأصبغ بن زيد (3).
و دعا عاصم بن علي فاعتل عليه بالمرض و الضعف،فقال له:أنا أفتي الناس بالخروج معك،ثم هرب منه،فجعل هارون بن سعد عبّاد بن العوام قائدا و ضم إليه الفقهاء أجمعين،و كانوا في قيادته،و شاوره و قدّمه فلما قتل إبراهيم و انقضت حياته،هرب عبّاد بن العوام،فهدمت داره و انفضت جموعه،و لم يزل متواريا حتى مات أبو جعفر.
أخبرنا يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني سهل بن عقيل،قال:».
ص: 311
قدم هارون بن سعد عبّاد بن العوام و رأسه و شاوره،فكان في أصحابه يزيد بن هارون و إسحاق بن يوسف الأزرق،و غيرهما.
قال أبو زيد،و حدثني عاصم بن علي بن عاصم،قال أخبرني علي بن عبد اللّه بن زياد،قال:
رأيت هشيم بن بشير (1)واقفا موقفا في وقعة واقعناها القوم،لا و اللّه،ما وقفه قط إلاّ شجاع مجتمع القلب.
قال أبو زيد،و حدثني ابن بنت هشيم،قال:
بلغ يزيد بن هارون أن علي بن حرملة يتهدده و يقول:سيعلم يزيد على رأس من كانت الرايات تحقق،فبلغ ذلك يزيد فقال:غلط،إنما كانت الراية لعبّاد بن العوام.
قال أبو زيد،قال لي عاصم بن علي:صدق يزيد،كان القائد عباد بن العوام و كان يزيد بن هارون من أصحابه (2).
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر،و محمد،قالوا:حدثنا عمر بن شبة،قال:
حدثني أحمد بن خالد بن خداش،قال:سمعت حماد بن زيد يقول:
ما كان بالبصرة أحد إلاّ و قد تغيّر أيام إبراهيم إلاّ ابن عون.
قيل له:فهشام بن حسان (3).
قال:ما حمدنا قوله،كان يذكر أبا جعفر فيقول:اللهم أهلك أبا الدوانيق،فقلت له في ذلك.فقال:إني أخاف أن يظهر فيشتتنا.
حدثني أبو عبد اللّه الصيرفي محمد بن أحمد بن المؤمل،قال حدثني فضل».
ص: 312
المصري قال:حدثني يعقوب الدورقي قال أبو الفرج:و قرأت أنا في بعض الكتب عن يعقوب الدورقي،عن بعض أصحابه،عن اسماعيل بن عيسى بن علي الهاشمي، قال:قال أبو إسحاق الفزاري:
جئت إلى أبي حنيفة فقلت له:ما اتقيت اللّه حيث أفتيت أخي بالخروج مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن حتى قتل.
فقال:قتل أخيك حيث قتل يعدل قتله لو قتل يوم بدر،و شهادته مع إبراهيم خير له من الحياة.
قلت له:ما منعك أنت من ذاك؟.
قال:ودائع للناس كانت عندي.
أخبرني محمد بن الحسين الأشناني،عن عباد بن يعقوب،عن عبد اللّه بن إدريس،قال:
سمعت أبا حنيفة و هو قائم على درجته،و رجلان يستفتيانه في الخروج مع إبراهيم،و هو يقول:أخرجا.
أخبرنا يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني نصير بن حماد أبو سهل،قال:
ما زلت أسمع أن شعبة (1)كان يقول في نصرة إبراهيم بن عبد اللّه للناس إذا سألوه:ما يقعدكم؟هي بدر الصغرى.
قال أبو زيد،و حدثني يعقوب بن القاسم،عن بعض أصحابه،عن أبي إسحاق الفزاري،و اسمه إبراهيم بن محمد بن الحرث بن أسماء بن حارثة،قال:9.
ص: 313
لما خرج إبراهيم ذهب أخي إلى أبي حنيفة فاستفتاه،فأشار عليه بالخروج،فقتل معه،فلا أحب أبا حنيفة أبدا.
قال أبو زيد:و حدثني نصر بن حماد،قال:
كان صالح المروزي يحرض الناس على نصرة إبراهيم.
قال أبو زيد،و حدثني القاسم بن شيبة،قال سمعت أبا نعيم يقول:
سمعت عمار بن زريق يقول:
سمعت الأعمش (1)يقول أيام إبراهيم:
ما يقعدكم؟أما أني لو كنت بصيرا لخرجت.
أخبرني محمد بن الحسين الخثعمي،قال:حدثنا أحمد بن حازم،قال:
حدثني أبو نعيم:
أن مسعر بن كدام كتب إلى إبراهيم بن عبد اللّه يدعوه إلى أن يأتي الكوفة و يعده أن ينصره،و كان مسعر مرجئا،فلما شاع ذلك عاتبته المرجئة.
أخبرني محمد بن الحسين،قال:حدثنا محمد بن حازم،قال:حدثنا أبو نعيم،و أخبرنا ابن علي و أصحابه عن عمر بن شبّة،عن عبد اللّه بن محمد بن حكيم،قالا:
كتب أبو حنيفة إلى إبراهيم يشير عليه أن يقصد الكوفة ليعينه الزيدية، و قال له:ائتها سرّا فإن من ها هنا من شيعتكم يبيتون أبا جعفر فيقتلونه،أو يأخذون برقبته فيأتونك به.
قال عمر بن شبّة في خبره:
و كانت المرجئة تنكر ذلك على أبي حنيفة و تعيبه به.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني محمد بن منصور الرازي،عن4.
ص: 314
الحسن بن الحسين،و غيره من أصحابه:
أنّ أبا حنيفة كتب إلى إبراهيم بن عبد اللّه لما توجّه إلى عيسى بن موسى:
إذا أظفرك اللّه بعيسى و أصحابه فلا تسر فيهم سيرة أبيك في أهل الجمل فإنه لم يقتل المنهزم،و لم يأخذ الأموال،و لم يتبع مدبرا،و لم يذفّف على جريح؛ لأن القوم لم يكن لهم فئة،و لكن سر فيهم بسيرة يوم صفين،فإنه سبى الذرية،و ذفف على الجريح،و قسم الغنيمة،لأن أهل الشام كانت لهم فئة، و كانوا في بلادهم.
فظفر أبو جعفر بكتابه،فسيره و بعث إليه فأشخصه،و سقاه شربة فمات منها،و دفن ببغداد (1).
أخبرني محمد بن زكريا الصحاف،قال:حدثنا قعيب بن محرز،عن المدائني:
أن عبّاد بن العوام (2)خرج إلى إبراهيم بن عبد اللّه،و شهد معه حربه،فلما ظفر أبو جعفر و قتل إبراهيم،طلبه،فسأله فيه المهدي فوهبه له،و قال:لا تظهرن و لا تحدثن.فقال الناس:هذا رجل من أهل العلم خرج مع إبراهيم فيأخذون عنه الفتيا،فلم يزل متواريا حتى مات أبو جعفر،و أذن له المهدي في الظهور و الحديث،و ظهر و حدّث (3).
حدثنا محمد بن الحسين،قال:حدثنا أحمد بن حازم،قال:حدثنا أبو نعيم،و أخبرنا يحيى بن علي،و رواه أبو زيد،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدثنا القاسم بن أبي شيبة،عن أبي نعيم،قال:».
ص: 315
كتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى،و هو على الكوفة،يأمره بحمل أبي حنيفة إلى بغداد،فغدوت إليه أريده،و لقيته راكبا يريد وداع عيسى بن موسى، و قد كان وجهه يسودّ،فقدم بغداد فسقى بها شربة فمات و هو ابن سبعين، و كان مولده سنة ثمانين.
حدثني محمد بن الحسين،قال:حدثنا أبو نعيم،قال:
دعا أبو جعفر أبا حنيفة إلى الطعام فأكل منه،ثم استسقى فسقى شربة عسل مجدوحة (1)و كانت مسمومة فمات من غد و دفن في بغداد في المقابر المعروفة بمقابر الخيزران.
أخبرني يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبة،قال:
حدثني عامر بن يحيى مولى بني عقيل من أهل واسط،و كان في حرس الحجاج،قال:حدثني سعيد بن مجاهد،قال:
و صاحبت العوام بن حوشب (2)يوما فقال:رميت في هؤلاء القوم-يعني المسودة-ثمانية عشر سهما ما سرني أني رميت بها أهل بدر مكانهم.قال:فكان عليه خف منخرق.فقلت:المسح أعلى من هذا.قال:نعم ما لم تدخله الربح و تخرج منه.
أخبرني يحيى بن علي،و العتكي،و الجوهري،قالوا:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثني ابن العباس،قال:حدثني عكرمة بن دينار مولى بني عامر ابن حنيفة،قال:
خرج لبطة بن الفرزدق مع إبراهيم،و كان شيخا كبيرا جليلا،فلما قتل إبراهيم مررت به فقال لي:ما الخبر؟.8.
ص: 316
فقلت:الشر،و اللّه انهزم أصحابنا.
قال:قف ها هنا نعش جميعا أو نمت جميعا.
فقلت ليس بذاك،و وليت هاربا،فلم أجاوزه بكثير حتى أدركه القوم، فسمعته يقول(لا ملجأ من اللّه إلاّ إليه)فقتل،و علقت في أذنه رقعة مكتوب فيها:رأس لبطة بن الفرزدق.
قال:و كان شهد مع إبراهيم و هو شيخ كبير،فقودّه.
قال أبو الفرج:
لبطة هذا قد روى الحديث،و روى عن أبيه،عن الحسين بن علي حديثا مشهورا حدثنا في مقتله يقول:لقيت الحسين بالصفّاح،و روى عن غير أبيه، و كان له أخوان خبطة،و حنظلة (1).
قال أبو زيد:و حدثني عاصم بن علي و سهل بن غطفان:أن إبراهيم لما قتل،و تواري هارون بن سعد،أراد الحجاج بن بشير الانحدار إلى نهر أبان، فأدركوه فقتلوه،و قتلوا ابن أخيه معاوية بن هشيم.
قال أبو زيد،و حدثني بكر بن كثير،عن حمزة التركي،قال:
قدم عيسى بن زيد بعد قتل محمد،فذكر أن محمدا جعل الأمر إليه،و دعا الزيدية إلى نفسه فأجابوه،و أبى البصريون ذلك،حتى قالوا لإبراهيم:إن شئت أخرجناهم عنك من بلادنا فالأمر لك و ما نعرف غيرك،حتى كادت تقع فرقة،فسفروا بينهم سفرا،و قالوا:إنا إن اختلفنا ظهر علينا أبو جعفر،و لكن نقاتله جميعا،و الأمر لإبراهيم،فإن ظهرنا عليه نظرنا في أمرنا بعد،فأجمعوا على ذلك.2.
ص: 317
أخبرنا يحيى بن علي،و عمر بن عبد اللّه،قالا:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدثني خالد بن خداش،قال:حدثني عبد السلام بن شعيب بن الحبحاب (1)،قال:قلت لعثمان الطويل:خرج هذا الرجل و قعدتم عنه، قال.و من أخرجه غيرنا.قال:فلما قتل إبراهيم قال:يا أبا صالح،أحب ألاّ تفشي عليّ ذلك الحديث.
أخبرنا عمر و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني حفص بن عمر بن حفص:أن أبا حرى نصر بن ظريف خرج مع إبراهيم فأصابت يده جراحة أجبّتها قال:فعطلتها،ثم انهزم لما قتل إبراهيم فاستخفى.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عفان بن مسلم (2)،قال:خرج مع إبراهيم أبو العوام القطان و اسمه عمران بن داود (3)، قال فحدثت بذلك عمر بن مروان فقال لي:ما شهد الحرب،و لكن ولى له عملان.و أقام بالبصرة.قال أبو الفرج:
و أبو العوام هذا من جملة محدثي البصرة و هو من أصحاب الحسن البصري و قد روى عنه أبو جري نصر بن ظريف كلهم من ثقاة محدثي البصرة و مشاهيرهم.
قال أبو زيد،و حدثني سعيد بن نوح،قال:
خرج مع إبراهيم عبد ربه بن يزيد و كان شيخا كبيرا أبيض الرأس و اللحية فقيل له:لو اختصبت،فقال:لا حتى أعلم أن رأسي لي أو لهم.
قال أبو زيد،و حدثني سنان بن المثنى الهذلي،من آل سلمة بن المحبّق، قال:1.
ص: 318
شهد مع إبراهيم بباخمرى من آل سلمة بن المحبّق:عبد الحميد بن سنان بن سلمة بن المحبّق،و الحكم بن موسى بن سلمة،و عمران بن شبيب بن سلمة.
قال أبو زيد،و حدثني إبراهيم بن سلام الحذاء،قال:حدثني أخي عن ابن سلام،قال:
لما انهزمنا صرنا إلى عيسى بن زيد فصبر مليّا ثم قال:ما بعد هذا متلوم (1)فانحاز و صار إلى قصره،و نحن معه،فأزمعنا على أن نبيت عيسى بن موسى، فلما انتصف الليل فقدنا عيسى بن زيد،فانتقض أمرنا.
أخبرنا يحيى بن علي،و الجوهري،و العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا عمر بن الهيثم المؤذن،و الوليد بن هشام،و يونس بن نجدة:
أن إبراهيم استقضى عباد بن منصور (2)على البصرة:
قال أبو زيد،و حدثني أبو علي القداح،قال:حدثني علي بن أبي سارة، قال:لما ظهر إبراهيم استقضى سوّار بن عبد اللّه في بيته،و أرسل إليه إبراهيم يدعوه،فاعتل بالمرض،فتركه،و أمر عبّاد بن منصور فقضى بالبصرة حتى جاءت الهزيمة فلزم عباد بيته،فلما قدم أبو جعفر بعد الهزيمة تلقاه الناس في الجسر الأكبر فيهم سوار بن عبد اللّه،و أقام عبّاد في بيته و خافه و لم يدعه الناس حتى خرج على أمانه،فلما رآه سأله و لم يخاطبه بشيء مما صنع.
حدثني أحمد بن عبد اللّه بن عمّارة،قال:حدثني ميسرة بن حسان، قال:حدثني ابن الأعرابي،عن المفضل،و حدثني محمد بن الحسن بن دريد، قال:حدثنا أبو حاتم،عن أبي عثمان اليقطري،عن المفضل (3).و حدثنا».
ص: 319
يحيى بن علي بن يحيى،و عمرو بن عبد اللّه،و أحمد بن عبد العزيز؛قالوا:
حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني عبد الملك بن سليمان،عن علي بن أبي الحسن، عن المفضل الضبي.و رواية ابن الأعرابي و اليقطري عن المفضل أتم،و سائر من ذكرت يأتي بشيء لا يأتي به الآخر قال (1):
كان إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن متواريا عندي،فكنت أخرج و أتركه، فقال لي:إنك إذا خرجت ضاق صدري،فأخرج إليّ شيئا من كتبك أتفرج به،فأخرجت إليه كتبا من الشعر،فاختار منها السبعين قصيدة التي صدرت بها اختيار الشعراء (2)ثم أتممت عليها باقي الكتاب.
فلما خرج خرجت معه،فلما صار بالمربد مرّ بدار سليمان بن علي فوقف عليها،و استسقى ماء،فأتى بشربة فشرب،فأخرج صبيان من صبيانهم فضمهم إليه و قال:هؤلاء و اللّه منا و نحن منهم،و هم أهلنا و لحمنا و منّا،و لكن آباءهم غلبونا على أمرنا،و ابتزوا حقوقنا،و سفكوا دماءنا،و تمثل:
مهلا بني عمنا ظلامتنا *** إنّ بنا سورة من الغلق (3)
لمثلكم تحمل السيوف و لا *** تغمز أحسابنا من الرّقق (4)
إني لأنمي إذا انتميت إلى *** عز عزيز و معشر صدق
بيض سباط كأنّ أعينهم *** تكحل يوم الهياج بالعلق (5)
فقلت:ما أجود هذه الأبيات و أفحلها:فلمن هي؟.
فقال:هي يقولها ضرار بن الخطاب الفهري يوم عبر الخندق (6)على رسول اللّه(ص)،و تمثل بها علي بن أبي طالب يوم صفين،و الحسين يوم».
ص: 320
الطف،و زيد بن علي يوم السبخة،و يحيى بن زيد يوم الجوزجان،و نحن اليوم.
فتطيرت له من تمثّله بأبيات لم يتمثل بها أحد إلاّ قتل.
ثم سرنا إلى باخمري،فلما قرب منها أتاه نعي أخيه محمد،فتغيّر لونه، و جرض بريقه،ثم أجهش باكيا و قال:
اللهم إن كنت تعلم أن محمدا خرج يطلب مرضاتك،و يبتغي طاعتك، و يؤثر أن تكون كلمتك العليا،و أمرك المتبع المطاع،فاغفر له،و ارحمه،و ارض عنه،و اجعل ما نقلته إليه من الآخرة خيرا له مما نقلته عنه من الدنيا.
ثم انفجر باكيا و تمثل بقول الشاعر(1):
أبا المنازل يا خير الفوارس من *** يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا
اللّه يعلم أني لو خشيتهم *** أو آنس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوه و لم أسلم أخي لهم *** حتى نعيش جميعا أو نموت معا
قال[المفضل]: فجعلت أعزيه و أعاتبه على ما ظهر من جزعه،فقال:
إني و اللّه في هذا كما قال دريد بن الصّمّة(2):
تقول ألا تبكي أخاك!و قد أرى *** مكان البكاء لكن بنيت على الصبر
لمقتل عبد اللّه و الهالك الذي *** على الشّرف الأعلى قتيل أبي بكر
و عبد يغوث أو نديمي خالد *** و جلّ مصابا حثو قبر على قبر
أبى القتل إلاّ آل صمّة إنهم *** أبوا غيره و القدر يجري على القدر
فإمّا ترينا ما تزال دماؤنا *** لدى واتر يشقى بها آخر الدهر
فإنّا للحم السيف غير نكيرة *** و نلحمه طورا و ليس بذي نكر
يغار علينا واترين فيشتفى *** بنا إن أصبنا.أو نغير على وتر
بذاك قسمنا الدّهر شطرين بيننا *** فما ينقضي إلاّ و نحن على شطر
قال:ثم ظهرت لنا جيوش أبي جعفر مثل الجراد،فتمثل[إبراهيم] بهذه الأبيات:
ص: 321
نبّئت أن بني خزيمة أجمعوا *** أمرا خلالهم لتقتل خالدا (1)
إن يقتلوني لا تصب أرماحهم *** ناري و يسعى القوم سعيا جاهدا
أرمي الطريق و إن رصدت بضيقه *** و أنازل البطل الكميّ الحاردا (2)
فقلت:من يقول هذا الشعر يا ابن رسول اللّه؟.
فقال:يقوله خالد بن جعفر بن كلاب في يوم شعب جبلة (3)،و هو اليوم الذي لقيت فيه قيس تميما.
قال:و أقبلت عساكر أبي جعفر،فطعن رجلا،و طعنه آخر،فقلت له:أتباشر الحرب بنفسك و إنما العسكر منوط بك؟.
فقال:إليك عني يا أخا بني ضبة كأن عويفا أخا بني فزارة كان ينظر إلينا في يومنا هذا:
المت خناس و المامها *** أحاديث نفس و أحلامها (4)
يمانية من بني مالك *** تطاول في المجد أعمامها (5)
و إن لنا أصل جرثومة *** ترد الحوادث أيامها
نردّ الكتيبة مفلولة *** بها أفنها و بها ذامها
و التحمت الحرب،و اشتدت،فقال لي:يا مفضل:حركني بشيء، فذكرت أبياتا لعويف القوافي لما تقدّم بشعره،فأنشدته قوله (6):
ألا أيّها النّاهي فزارة بعد ما *** أجدّت بسير إنما أنت حالم (7)».
ص: 322
أبى كل حر أن يبيت بوتره (1)*** و تمنع منه النوم إذ أنت نائم
أقول لفتيان كرام تروّحوا *** على الجرد في أفواههن الشكائم (2)
قفوا وقفة من يحي لا يخز بعدها *** و من يخترم لا تتّبعه اللّوائم
و هل أنت إن باعدت نفسك منهم *** لتسلم فيما بعد ذلك سالم؟
فقال:أعد،و تبينت (3)في وجهه أنه سيقتل،فتنبهت و ندمت فقلت:
أو غير ذلك؟.
قال:لا بل أعد الأبيات،فأعدتها،فتمطى على ركابيه فقطعهما،و حمل فغاب عني،و أتاه سهم عائر فقتله،و كان آخر عهدي به.
حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي.قال:سمعت إسحاق بن شاهين الواسطي يقول:
كان خالد بن عبد اللّه الواسطي (4)،من أهل السنة و الجماعة،خرج الناس مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن غيره،فإنه لزم بيته.
قال أبو الفرج علي بن الحسين:
حدثني بهذه الحكاية أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثني داود بن يحيى،قال:سمعت إسحاق بن شاهين يوما،ذكر خالد بن عبد اللّه الطحان،مثله،و زاد فيه:و لكنّ أصحاب الحديث خرجوا معه جميعا:
شعبة بن الحجاج،و هشيم بن بشير،و عباد بن العوام،و يزيد بن هارون.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا جعفر بن محمد بن هشام،قال:».
ص: 323
حدثنا محمد بن حفص بن راشد،قال:حدثنا أبي،قال:
خرج هشيم بن بشير مع إبراهيم بن عبد اللّه،و قتل معه ابن له.
قال أحمد بن سعيد،و حدثني أحمد بن محمد بن بشر،قال حدثنا أيوب بن الحسن،قال:حدثني سليمان الشاذكوني،قال:
خرج هشيم مع إبراهيم بن عبد اللّه،و قتل معه ابنه معاوية،فقال له رجل:يا أبا معاوية،رأيتك مع إبراهيم و الرايات تخفق على رأسه.
حدثنا أحمد بن سعيد،قال حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان،قال:حدثنا يحيى بن صالح الجريري،قال:
سمعت يونس بن أرقم العنزي،و كان من أصحاب إبراهيم بن عبد اللّه، يقول:كان المفضل بن محمد الضبي له غاشية على التشيّع،و كان إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن إذا اجتمعنا إليه يجمعنا عند المفضل.
حدثنا أحمد بن سعيد،قال:حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي،قال:
حدثنا أبي قال:سمعت يزيد بن ذريع يقول:
و أما المفضل الضبي فكان أكثر إقامة إبراهيم عنده حتى خرج،فكان لا يزال يدس و يحتال لكل من أمكنه أن يحوزه إلى مذهبه.
حدثني أحمد،قال:حدثنا يعقوب بن يوسف بن زكريا الضبي،قال:
حدثنا قاسم بن الضحاك،قال حدثني معاوية بن سفيان المازني،قال حدثني إبراهيم بن سويد الحنفي،قال:
سألت أبا حنيفة،و كان لي مكرما أيام إبراهيم،قلت:أيهما أحب إليك بعد حجة الإسلام:الخروج إلى هذا أو الحج؟.
فقال:غزوة بعد حجة الإسلام أفضل من خمسين حجة.
حدثني أحمد،قال:حدثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق الراشدي،
ص: 324
قال:حدثنا محمد بن عديس،قال:حدثني الحسين بن سلمة الأرحبي (1)، قال:
جاءت امرأة إلى أبي حنيفة أيام إبراهيم فقالت:إن ابني يريد هذا الرجل،و أنا أمنعه،فقال:لا تمنعيه.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن أحمد بن عمر بن سميع الأزدي قال:حدثنا محمد بن عديس الأزدي.قال:سمعت حماد بن أعين، يقول:
كان أبو حنيفة يحض الناس على الخروج مع إبراهيم و يأمرهم باتباعه.
أخبرني جعفر بن محمد الوراق (2)،قال:حدثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال:حدثنا محمد بن خالد البرقي،قال:
كان أبو حنيفة يقول في أيام إبراهيم ليبلغه ذلك!إنما أمر علي عليه السلام ألاّ يجهز على جريح،و لا يقتل مدبّر في قوم لم يكن لهم فئة يوم الجمل،و لم يفعل ذلك بصفّين،لأن القوم كانت لهم فئة.
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثني سليمان بن أبي شيخ قال:
خرج معي هارون بن سعد لما ولاّه إبراهيم واسطا،و برز إلى القتال عامر بن عباد بن العوام،و يزيد بن هارون،و العلاء بن راشد.
أخبرنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثني جناب ابن الشخشاخ،قال:
لما خرج إبراهيم اتبعه معاذ بن نصر العنبري (3).5.
ص: 325
حدثنا يحيى بن علي،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:حدثنا عمر بن عون،قال:
ما زال عباد مستخفيا بالبصرة حتى مات أبو جعفر.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا عاصم بن علي،قال:
قتل في تلك المعركة الحجاج أخو هشيم،و معاوية ابنه.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا عثمان بن الهيثم المؤذن و القحذمي،و يونس بن نجدة:
أن إبراهيم استقضى عباد بن منصور على البصرة.
حدثنا يحيى،قال:حدثنا عمر،قال:حدثنا القاسم بن أبي شيبة، قال:
خرج مع إبراهيم أبو خالد الأحمر.
حدثنا عمر بن عبد اللّه،و يحيى بن علي،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:
حدثنا عبد اللّه بن محمد بن حكيم،قال:حدثني نصر بن مزاحم المنقري، قال:
خرج مع إبراهيم أبو داود الطّهوي (1).و أبو داود هذا ثقة قد روى عنه أبو نعيم و الحسن بن الحسين السعدي،و غيرهما من المحدثين.
أخبرنا عمر و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،حدثنا عبد اللّه بن محمد بن حكيم،قال:حدثني عباد بن حكيم قال:
خرج مع إبراهيم بن عبد اللّه جنادة بن سويد فقوّده على ثلثمائة و شهد معه باخمري،و شهد معه المفضل بن محمد الضبي الرّاوية.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا عقيل بن عمرو الثقفي،قال:».
ص: 326
خرج مع إبراهيم الأزرق بن تمة الصريمي متقلدا سيفين،و كان من أصحاب عمرو بن عبيد.
أخبرنا عمر بن عبد اللّه،و يحيى بن علي،قالا:حدثنا أبو زيد قال حدثني إبراهيم بن سالم،قال:
كان إبراهيم الأسدي ممن سار بإبراهيم و أتى به أبو جعفر فحقره.فقال:
أنت بريده؟قال:نعم.قال:فاحلف لئن رأيت إبراهيم لتأتيني به،فحلف فخلاّه،فلما ظهر إبراهيم أتاه،فقال:إن أبا جعفر أحلفني إن رأيتك لآتينه بك،فاشخص بنا إليه.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني الحسين بن جعفر بن سليمان الضبي،قال:سمعت أخي داود يقول:
أحصى ديوان إبراهيم من أهل البصرة مائة ألف.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد اللّه بن عبد الوارث قال:
حدثني هاشم بن القاسم:أنه شهد مع إبراهيم وقعة باخمري.
و هاشم بن قاسم يكنى أبا النضر،و قد روى عن سفيان الثوري، و شعبة بن الحجاج،و نضر ابنهما و هو من ثقات المحدثين (1).
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا عمر بن شبّة عن سلم بن فرقد.
أن عمر بن عون (2)شهد مع إبراهيم باخمري،و كان من أصحاب هشام،و روى عنه الحديث.8.
ص: 327
أخبرنا عمر و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثنا القاسم بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر،قال:
كنت عند سفيان الثوري أيام إبراهيم فجعل يقول:وا عجبا لأقوام يريدون الخروج لمن يخرج،و قد خرج قوم لم يكونوا يرون الخروج.
قال:و خرج مع إبراهيم من أصحاب سفيان مؤمل،و حنبص.
و مؤمل هذا يقال له:مؤمل بن إسماعيل.
حدثنا عمر و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:
سألت أبا نعيم عن حنبص هذا فقال:كان خليلا من أصحاب سفيان، و فيه يقول الشاعر:
يا ليت قومي كلهم حنابصا (1)***
قال أبو زيد:و حدثني إبراهيم بن سلم،قال:حدثني ابن هراسة،قال:
قتل مع إبراهيم بن عبد اللّه صاحبان كانا لسفيان الثوري،كانا من خاصته.
أخبرنا عمر و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني عبد اللّه بن محمد بن حكيم قال:
خرج مع إبراهيم داود بن المبارك الهمداني عمّ أبي حييّ فقتل في المعركة.
أخبرنا عمر،و يحيى،قالا:حدثنا أبو زيد،قال:حدثني خلاّد الأرقط،قال:حدثني عمر بن النضر،قال:
قتل إبراهيم و أنا بالكوفة،فأتيت الأعمش بعد قتله،فقال:أ هاهنا أحد تنكرونه؟قلنا لا:قال:فإن كان ها هنا أحد تنكرونه فأخرجوه إلى نار اللّه،ثم قال:أما و اللّه لو أصبح أهل الكوفة على مثل ما أرى لسرنا حتى نتنزل بعقوته-يعني أبا جعفر-فإذا قال لي:ما جاء بك يا أعمش؟قلت:جئت لأبيد».
ص: 328
خضراءك،أو تبيد خضرائي؛كما فعلت بابن رسول اللّه(ص).
حدثني أبو عباد الصيرفي،قال:سمعت محمد بن علي بن خلف العطار،يقول:
لما قتل إبراهيم بن عبد اللّه،قال سفيان الثوري:ما أظن الصلاة تقبل، إلاّ أن الصلاة خير من تركها.
أخبرني علي بن العباس المقانعي قال:حدثنا علي بن أحمد البناني،قال:
سمعت محمد بن خلف العطار،يقول:
لما قتل إبراهيم بن عبد اللّه،قال سفيان صاحب أبي السرايا لعامر بن كثير السّراج:خرجت مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن؟قال:نعم.
قال أبو الفرج:
وجدت في كتابي الذي دفعه إلى عيسى بن الحسين،عن أحمد بن الحرث الخزاز عن المدائني:
خرج أبو محمد البريدي المؤدب مع إبراهيم بن عبد اللّه،و انهزم فيمن انهزم.
و من مختار ما رثي به إبراهيم بن عبد اللّه قول غالب بن عثمان الهمداني:
و قتيل باخمرى الذي *** نادى فأسمع كلّ شاهد
قاد الجنود إلى الجنو *** د تزحّف الأسد الحوارد (1)
بالمرهفات و بالقنا *** و المبرقات و بالرّواعد
فدعا لدين محمد *** و دعوا إلى دين بن صايد (2)
فرماهم بلبان أب *** لق سابق للخيل سائد
بالسيف يفري مصلتا *** هاماتهم بأشدّ ساعد
فأتيح سهم قاصد *** لفؤاده بيمين جاحد».
ص: 329
فهوى صريعا للجبي *** ن و ليس مخلوق بخالد
و تبددت أنصاره *** و ثوى بأكرم دار واحد
نفسي فداؤك من صري *** ع غير ممهود الوسائد
وفدتك نفسي من غري *** ب الدّار في القوم الأباعد
أي امرئ ظفرت به *** أبناء أبناء الولائد (1)
فأولئك الشهداء و الص *** بر الكرام لدى الشدائد
و نجار يثرب و الأبا *** طح حيث معتلج العقائد (2)
أقوت منازل ذي طوى *** فبطاح مكة فالمشاهد
و الخيف منهم فالجما *** ر بموقف الظّعن الرّواشد (3)
فحياض زمزم فالمقا *** م فصادر عنها و وارد
فسويقتان فينبع *** فبقيع يثرب ذي اللّحائد
أمست بلاقع من بني ال *** حسن بن فاطمة الأراشد
قال أبو زيد:و قال غالب أيضا:
كيف بعد المهدي أو بعد إبرا *** هيم نومي على الفراش الوثير
و هم الذائدون عن حرم الإس *** لام و الجابرون عظم الكسير
حاكموهم لما تولوا إلى اللّ *** ه لمصقولة الشّفار الذّكور (4)
و أشاحوا للموت محتبسي الأن *** فس للّه ذي الجلال الكبير
أفردوني أمشي بأعضب مجبو *** با سنامي و الحرب ذات زفير
غيل فيها فوارسي و رجالي *** بعد عزّ و ذلّ فيها نصير
ليتني كنت قبل وقعة باخم *** ري توفيت عدتي من شهور
و لياليّ من سنيّ البواقي *** و تكملت عدّة التعمير
كنت فيمن ثوى ثويت تعود الط *** ير لحمي مبيّن التّعفير (5)».
ص: 330
و مجال الخيلين منا و منهم *** و أكف تطير كلّ مطير (1)
قول مستبسل يرى الموت في *** اللّه رباحا رئبال غاب عقير (2)
قد تلبثت بالمقادير عنهم *** ملبث الرائحين عن ذي البكور (3)
إذ هم يعثرون،في حلق الأو *** داج حولي في قسطل مستدير (4)
آخر مقتله صلوات اللّه عليه و لعن قاتله.
و ممن (5)توارى منهم من شهد مع محمد و إبراهيم عليهما السلام تواريا طويلا فلم يطلب و أمن فظهر الحسين بن زيد بن علي عليه السلام.
و يكنى أبا عبد اللّه.
حدثني علي بن العباس،قال:حدثني أحمد بن حازم،قال:حدثنا محول بن إبراهيم،قال:
شهد الحسين بن زيد حرب محمد و إبراهيم بني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ثم توارى.و كان مقيما في منزل جعفر بن محمد.و كان جعفر ربّاه،و نشأ في حجره منذ قتل أبوه،و أخذ عنه علما كثيرا.فلما لم يذكر فيمن طلب ظهر لمن يأنس به من أهله و إخوانه.
و كان أخوه محمد بن زيد مع أبي جعفر مسوّدا لم يشهد مع محمدا و إبراهيم حربهما فكان يكاتبه بما يسكن منه،ثم ظهر بعد ذلك بالمدينة ظهورا تامّا إلاّ أنه كان لا يجالس أحدا و لا يدخل إليه إلاّ من يثق به.
ص: 331
حدثني علي بن العباس،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:
كان الحسين بن زيد يلقب ذا الدمعة لكثرة بكائه.
حدثني علي بن أحمد بن حاتم،قال:حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال:حدثنا يحيى بن الحسين بن زيد،قال:
قالت أمي لأبي:ما أكثر بكاءك!.فقال:و هل ترك السهمان و النار سرورا يمنعني من البكاء-تعني السهمين الذين قتل بهما أبوه زيد و أخوه يحيى.
حدثني علي بن العباس،قال:حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال:حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل الهندي،عن الحسين بن زيد، قال:
مررت على عبد اللّه بن الحسن و هو يصلي فأشار إليّ فجلست، فلما صلّى قال لي:
يا ابن أخي،إن اللّه-عزّ و جلّ-وضعك في مرضع لم يضع فيه أحدا إلاّ من هو مثلك،و إنك قد أصبحت في حداثة سنك و شبابك يبتدرك الخير و الشر كلاهما يسرعان إليك،فإن تعش حتى نرى منك ما يشبه سلفك فتلك السعادة الثانية.و اللّه لقد توالى لك آباء ما رأيت فينا و لا في غيرنا مثلهم،إن أدنى آبائك الذي لم يكن فينا مثله:أبوك زيد بن علي،لا و اللّه ما كان فينا مثله،ثم كلما رفعت أنا فهو أفضل.
حدثني محمد بن الحسين الخثعمي،و علي بن العباس جميعا،قالا:
حدثنا عباد بن يعقوب،قال:حدثنا الحسين بن زيد،قال:
مررت بعبد اللّه بن الحسن و هو يصلي في مصلى النبي(ص)فأشار إليّ بيده و هو قائم يصلي فأتيته فلما انصرف قال لي:
رأيتك مختارا فأردت أن أعظك لعلّ اللّه ينفعك بها.إن اللّه قد وضعك موضعا لم يضع به أحدا إلاّ من هو مثلك،و إنك قد أصبحت في حداثة سن، و إن الناس يبتدرونك بأبصارهم،و الخير و الشر يبتدران إليك،فإن تأت بما يشبه سلفك فما نرى شيئا أسرع إليك من الخير،و إن تأت بما يخالف ذلك فو اللّه
ص: 332
لا ترى شيئا أسرع إليك من الشر،و إنه قد توالى لك آباء،و إن أدنى آبائك زيد بن علي الذي لم أر فينا و لا في غيرنا مثله،فلا ترفع إلاّ أخذت الفضل، فعلي،فحسين،فعلي عليهم السلام.
حدثني علي بن العباس،قال:أنبأنا بكار بن أحمد،قال:
حدثنا الحسن بن الحسين،عن الحسين بن زيد،قال:
شهد مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن (1)من ولد الحسين بن علي أربعة:
أنا،و أخي عيسى،و موسى،و عبد اللّه ابنا جعفر بن محمد عليهما السلام.
خبر موسى بن عبد اللّه (2)بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب حين ضربه المنصور بالسياط و يكنى أبا الحسن.
و أمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزّى.
ولدته هند و لها ستون سنة.
قال حرمي بن أبي العلاء:حدثني الزبير،قال:حدثني عمي مصعب:
أن هندا ولدت موسى و لها ستون سنة.قال: و لا تلد لستين إلاّ قرشية (3)،و لخمسين إلاّ عربية.
و لموسى تقول أمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه و هو صغير ترقصه:
إنّك إن تكون جونا أنزعا *** أجدر أن تضرهم و تنفعا
و تسلك العيش طريقا مهيعا *** فردا من الأصحاب أو مشيّعا
ص: 333
أخبرني بقصته و ضرب المنصور إيّاه في الدفعة الأولى،عمر بن عبد اللّه بن جميل العتكي،قال:حدثنا عمر بن شبّة عن رجاله،و نسخت من كتاب أحمد بن الحرث الخرّاز ذلك و لم أسمعه،إلاّ أن عيسى بن الحسين دفع الكتاب الذي نسخت هذا منه إليّ و قال لي:هذا كتاب أحمد بن الحرث.
و حدثني بقصته في المرة الأخيرة أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:حدثني محمد بن أبي الأزهر،قال:أخبرنا عمر بن خلف الضرير،قال:حدثتني بثينة (1)الشيبانية،و قد دخل بعض الحديث في بعض[و سقت خبره فيه] (2)قال عمر بن شبّة في حديثه:حدثني موسى بن عبد اللّه بن موسى،عن أبيه،عن جده،قال:
لما صرنا بالرّبذة،أرسل أبو جعفر إلى أبي أن أرسل إليّ أحدكم،و اعلم أنه غير عائد إليكم أبدا،فابتدره بنو إخوته يعرضون أنفسهم عليه،فجزاهم خيرا و قال لهم:أنا أكره أن أفجعهم بكم،و لكن اذهب أنت يا موسى.
قال:فذهبت و أنا يومئذ حديث السن،فلما نظر إليّ قال:لا أنعم اللّه بك عينا،السياط يا غلام،قال:فضربت-و اللّه-حتى غشي عليّ،فما أدري بالضرب،ثم رفعت السياط عني و استدناني،فقربت منه،فقال:أتدري ما هذا؟هذا فيض فاض مني،فأفرغت عليك منه سجلا،لم أستطع رده،و من ورائه و اللّه الموت أو تفتدي منه.
قال:قلت:و اللّه يا أمير المؤمنين إن كان ذنب،فإني لبمعزل عن هذا الأمر.
قال:فانطلق فأتني بأخويك.
قال:فقلت:[يا أمير المؤمنين]تبعثني إلى رياح بن عثمان فيضع عليّ العيون و الرصد،فلا أسلك طريقا إلاّ اتبعني له رسول،و يعلم أخواي فيهربان مني.ة.
ص: 334
قال:فكتب إلى رياح:لا سلطان لك على موسى.
قال:فأرسل معي حرسا أمرهم أن يكتبوا إليه بخبري.فقدمت المدينة فنزلت في دار ابن هشام بالبلاط،فأقمت بها شهورا (1).
قال أحمد بن الحرث في حديثه عن المدائني:
فكتب رياح إلى أبي جعفر:إن موسى مقيم يتربص بك الدوائر،و ليس عنده شيء مما تحب،فأمره أن يحمله إليه،فحمله،و بلغ محمدا خبره فخرج من وقته.
قال:و وجه محمد موسى إلى الشام يدعو إليه فقتل محمد قبل أن يصل، و قيل:إنه رجع إليه فشهد معه مقتله،ثم هرب حتى أتى البصرة مستترا فأقام بها:
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار قال:حدثني محمد بن الأزهر،قال:
حدثنا عمر بن خلف الضرير،قال:حدثتني بثينة الشيبانية،و كانت أرضعت أحمد بن عيسى بن زيد،و الفضل بن جعفر بن سليمان:
أن موسى لما قدم من الشام إلى البصرة أتاها فنزل عندها في منزلها ببني غبر.قالت:فقلت له:بأبي أنت،قد قتل أخواك،و ولى البصرة محمد بن سليمان،و أنت خاله،و ليس عليك بأس.قالت فأرسل رسولا ليشتري له طعاما،فحمله على حمّال أسود صغير من الغلمان الذين يحملون حوائج الناس،فقالوا له:كم كراء ما حملت؟قال:أربعة دوانيق،فأعطوه فلم يرض فازداد حتى أعطوه أربعة دراهم،فرضي و انصرف.
قالت:فو اللّه ما غسل يده من طعامه حتى أحاطت الخيل بالدار،فلما أحس موسى بذلك جزع،و أشرفت أنظر و قلت:ليست هذه الخيل إليكم، هؤلاء يطلبون قوما من الدعار من جيراننا،فو اللّه ما أتممت الكلام حتى وافتنا الخيل في الدار.و كان مع موسى ابنه عبد اللّه،و مولى له،و رجل آخر من شيعته،فدخل الجند الدار،و مع بعضهم شيء ملفوف في كساء على كفل دابة9.
ص: 335
من دوابهم فكشفوا الكساء فإذا الأسود الحمال،فقال لهم:هذا موسى بن عبد اللّه،و هذا ابنه عبد اللّه،و هذا مولاه،و هذا لا أعرفه.
فو اللّه لكأنه صحبهم من الشام.و أخذوهم حتى صاروا بهم إلى محمد بن سليمان فقال لهم:لا قرّب اللّه قرابتكم،و لا حيّى وجوهكم،تركتم كل بلد في الأرض إلاّ بلدا أنا فيه.فإن وصلت أرحامكم عصيت أمير المؤمنين،و إن أطعت أمير المؤمنين قطعت أرحامكم،و هو و اللّه أولى بكم مني.
قال:فحملهم إلى المنصور،فضرب موسى بن عبد اللّه خمسمائة سوط فصبر، فقال المنصور لعيسى بن علي:عذرت أهل الباطل في صبرهم-يعني الشطار-ما بال هذا الغلام المنعّم الذي لم تره الشمس.
فقال موسى:يا أمير المؤمنين،إذا صبر أهل الباطل على باطلهم،فأهل الحق أولى.
فلما فرغوا من ضربه أخرجوه،فقال له الربيع:يا فتى،قد كان بلغني أنك من نجباء أهلك،و قد رأيت خلاف ما بلغني.
فقال له موسى:و ما ذاك؟.
قال:رأيتك بين يدي عدوك تحب أن تبلغ في مكروهك و تزيد في مساءتك.و أنت تماحكه في جلدك،كأنك تصبر على جلد غيرك.
فقال موسى:
إني من القوم الذين تزيدهم *** قسوا و صبرا شدة الحدثان (1)
و قد قيل:إن موسى لم يزل محبوسا حتى أطلقه المهدي،و قيل إنه توارى بعد ذلك حتى مات.
و كان موسى يقول شيئا من الشعر،فحدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال (2):3.
ص: 336
كتب موسى بن عبد اللّه إلى زوجته أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر[بن أبي قحافة] (1)أم ابنه عبد اللّه بن موسى يستدعيها للخروج إلى العراق:
لا تتركيني بالعراق فإنها *** بلاد بها أس الخيانة و الغدر
فإني مليء أن أجيء بضرّة *** مقابلة الأجداد طيّبة النّشر
إذا انتسبت من آل شيبان في الذّرا *** و مرّة لم تحفل بفضل أبي بكر
قال يحيى بن الحسن و الزبير فيما حدثني أحمد بن سعيد،عن يحيى، و حرمي بن أبي العلاء عن الزبير،عن محمد بن إسماعيل الجعفري،و محمد بن عبد اللّه البكري:
أن موسى بن عبد اللّه قال (2):
إني زعيم أن أجيء بضرة *** قراسية فرّاسة للضرائر (3)
فتكرم مولاها و ترضي خليلها *** و تقطع من أقصى أصول الحناجر
فأجابه الربيع بن سليمان،مولى محمد و إبراهيم بني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن فقال في ذلك:
أبنت أبي بكر تكيد بضرة؟ *** لعمري لقد حاولت إحدى الكبائر
تغطّ غطيط البكر شدّ خناقه *** و أنت مقيم بين صوحي عباثر (4)
قال:و عباثر:ماء كان لموسى بن عبد اللّه.
قال يحيى بن الحسن:فسمعت محمد بن يوسف يقول،و لم يذكر هذا الزبير،قال:».
ص: 337
أمر موسى بهدايا كان أعطاها ربيعا فارتجعت منه،فبلغ أم سلمة زوجته ذلك،فحلفت لتضعفن له بيع الهدايا في مال موسى بن عبد اللّه،فأجاز ذلك موسى.
قال أبو الفرج:
و هذا ليس من هذا الباب،و لكن الحديث ذو شجون،و الشيء يذكر بالشيء.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني إسماعيل بن يعقوب،قال:حدثني عبد اللّه بن موسى،عن أبيه،قال:
دخلت مع أبي على أبي العباس السفاح،و أنا غلام حديث السن، فالتفت إلى أبي فقال:لعلّ ابنك هذا يروي لأميّة أبي طالب.
قال له:نعم يا أمير المؤمنين.قال:مره لينشدها.فقال لي:قم فأنشده إيّاها،فقمت فأنشدته إيّاها،و أنا قائم.
قال:و دخل موسى يوما على الرشيد ثم خرج من عنده،فعثر بالبساط فسقط،فضحك الخدم.و ضحك الجند،فلما قام التفت إلى هارون فقال:يا أمير المؤمنين،إنه ضعف صوم لا ضعف سكر (1).
أخبرني عمر بن عبد اللّه،قال:حدثنا عمر بن شبة،قال:قال عيسى بن عبد اللّه:
و حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال حدثني إسماعيل بن يعقوب:
أنا أبا جعفر لما قبض أموال عبد اللّه بن الحسن،حج فصاحت به عاتكة بنت عبد الملك-و هي أم عيسى،و سليمان،و إدريس بني عبد اللّه بن الحسن- و هي تطوف في ستارة:يا أمير المؤمنين،أيتامك بنو عبد اللّه بن الحسن مات3.
ص: 338
أبوهم في حبسك،و أمرت بقبض ضياعهم.
فأمر أبو جعفر بردها عليهم،فجاءت عاتكة (1)إلى الحسن بن زيد فقال لها:لم أسمع فأتيني ببينة،فأتت عيسى بن محمد،و محمد بن إبراهيم الإمام فشهدوا بذلك،فردّ أموالهم،فقال موسى:لا نقسم إلاّ على ما رسم عبد اللّه بن الحسن.
فقالت عاتكة:هذا شيء قد كان السلطان قبضه،و إنما ردّه بمسئلتي.
فقال:لا نحكم فيها-و اللّه-إلاّ بحكم عبد اللّه بن الحسن،و كان عبد اللّه قد فضّل بني هند فيها على غيرهم من إخوتهم.
فقيل له:إن هذا إن بلغ السلطان قبض الأموال.
فقال:و اللّه لقبضها أحب إليّ من تغيير شروط عبد اللّه.
فكتب إلى أبي جعفر في ذلك،فأمر أن يرد و يقسم على حكم عبد اللّه.
أنشدني أحمد بن سعيد،قال:أنشدنا أحمد بن الحسن لموسى بن عبد اللّه:
لئن طال ليلي بالعراق لقد مضت *** عليّ ليال بالنظيم قصائر
إذا الحي منداهم معلاّة فاللوى (2)*** فمشعر منهم منزل فقراقر
و إذ لا يريم البئر بئر سويقة (3)*** قطين بها و الحاضر المتجاور
و علي بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا الحسن.
و أمه أم ولد تدعى أمة الحميد.
ص: 339
كان أبو جعفر حبسه مع أبيه الحسن بن زيد لما سخط عليه،و صرفه عن المدينة و أقامه للناس،فلم يزل عليّ محبوسا مع أبيه حتى مات في الحبس.
و لما ولي المهدي أطلق الحسن بن زيد،و له خبر طويل قد وضعناه(1) في موضعه من كتابنا الكبير(2) ،إذ كان هذا ليس مما يجري مجرى من قتل في معركة أو غيرها فيذكر خبره هاهنا.
و حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب و أمه أم ولد.
وجد عليه أبو جعفر فأقامه للناس،و حبسه فمات في حبسه،رضوان اللّه عليه و رحمته.
ص: 340
محمد بن عبد الله و من قتل فيها أو حبس أو توارى فمات حال تواريه
ص: 341
و علي (1)بن العباس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا الحسن.
و أمه عائشة بنت محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
و كان قدم بغداد،و دعا إلى نفسه[سرا] (2)،فاستجاب له جماعة من الزيدية و بلغ المهدي خبره فأخذه،فلم يزل في حبسه حتى قدم الحسين بن علي صاحب فخ فكلمه فيه، و استوهبه منه فوهبه له.
فلما أراد إخراجه من حبسه دس إليه شربة سم فعملت فيه،فلم يزل ينتقض عليه في الأيام حتى قدم المدينة فتفسخ (3)لحمه،و تباينت أعضاؤه، فمات بعد دخوله المدينة بثلاثة أيام (4).
أخبرني بذلك علي بن إبراهيم العلوي قال:حدثنا الحسن بن علي بن هاشم،قال (5):
حدثنا الحسن بن محمد المزني عن أحمد بن الحسن بن مروان الهاشمي، عن عبد العزيز بن عبد الملك،قال الحسن بن محمد المزني.و حدثني محمد بن علي بن إبراهيم،عن بكر بن صالح،عن عبد اللّه (6)بن إبراهيم الجعفري بهذا.
و ممن توارى منهم في هذه الأيام فمات متواريا:
عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب و يكنى أبا يحيى.
ص: 342
و أمه أم ولد،ولد في الوقت الذي أشخص فيه أبوه زيد بن علي إلى هشام بن عبد الملك،و كانت أم عيسى بن زيد معه في طريقه،فنزل ديرا للنصارى و وافق نزوله إيّاه ليلة الميلاد،و ضربها المخاض هنالك فولدته له تلك الليلة،و سمّاه أبوه عيسى باسم المسيح عيسى ابن مريم-صلوات اللّه عليهما-.
حدثني بذلك محمد بن سعيد،قال:حدثنا بذلك محمد بن منصور،عن أحمد بن عيسى بن زيد.
و شهد عيسى مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن و أخيه إبراهيم حربهما.
و اختلف في سبب تواريه، فقيل إنه أنكر على إبراهيم بن عبد اللّه أنه كبّر على جنازة أربعا ففارقه،و قيل بل ثبت معه حتى قتل ثم توارى بعد ذلك.
أخبرنا يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز،قالا:حدثنا عمر بن شبّة، قال:حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام،قال (1):
صلّى إبراهيم على جنازة بالبصرة و كبّر عليها أربعا،فقال له عيسى بن زيد:لم نقصت واحدة و قد عرفت تكبير أهل بيتك؟.
فقال:هذا أجمع لهم،و نحن إلى اجتماعهم محتاجون،و ليس في تكبيرة تركتها ضرر إن شاء اللّه،ففارقه عيسى و اعتزل.و بلغ ذلك أبا جعفر فأرسل إلى عيسى يبذل له ما سأل على أن يخذل الزيدية عن إبراهيم،فلم يتم الأمر بينهما حتى قتل إبراهيم،فاستخفى عيسى،فقيل لأبي جعفر:ألا تطلبه.فقال:لا و اللّه.لا أطلب منهم رجلا أبدا بعد محمد و إبراهيم،أنا أجعل لهم بعدها ذكرا (2).7.
ص: 343
أخبرني علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا عبّاد بن يعقوب،قال:
حدثنا عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي:
أن عيسى بن زيد كان على ميمنة إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن،و كان مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن،على ميمنته أيضا.
أخبرنا عيسى بن الحسن،قال:حدثنا علي بن محمد النوفلي،عن أبيه، قال:
كان عيسى و الحسين ابنا زيد بن علي مع محمد و إبراهيم (1)ابني عبد اللّه بن الحسن في حروبهما من أشد الناس قتالا و أنفذهم بصيرة،فبلغ ذلك عنهما أبا جعفر فكان يقول:ما لي و لابني زيد و ما ينقمان علينا؟ألم نقتل قتلة أبيهما، و نطلب بثأرهما،و نشفي صدورهما من عدوهما؟.
أخبرني يحيى بن علي،و أحمد بن عبد العزيز و عمر العتكي،قالوا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثنا عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر[بن علي]، قال:
خرج عيسى بن زيد مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن،فكان يقول له:من خالفك أو تخلّف عن بيعتك من آل أبي طالب فأمكني منه أن أضرب عنقه.
أخبرني يحيى بن علي،و أحمد[بن عبد العزيز الجوهري]،قالا:حدثنا عمر بن شبّة،قال:حدثني إبراهيم بن سلم بن أبي واصل الحذاء،قال:
حدثني أخي علي بن سلم قال:
لما انهزمنا صرنا إلى عيسى بن زيد و هو واقف فخففنا به و صبرنا مليّا فقال:
ما بعد هذا متلوّم (2)،فانحاز و صار إلى قصر خراب و نحن معه،فأزمعنا على أن نبيّت عيسى بن موسى،فلما انتصف الليل فقدنا عيسى فانتقض أمرنا (3).».
ص: 344
و كان عيسى أفضل من بقي من أهله دينا،و علما،و ورعا،و زهدا، و تقشفا (1)،و أشدهم بصيرة في أمره و مذهبه،مع علم كثير،و رواية للحديث و طلب له؛صغره و كبره،و قد روى عن أبيه،و جعفر بن محمد،و أخيه عبد اللّه بن محمد،و سفيان بن سعيد الثّوري و الحسن بن صالح (2)[بن حي] و شعبة بن الحجاج (3)و يزيد بن أبي زياد،و الحسن بن عمارة و مالك بن أنس، و عبد اللّه بن عمر العمري (4)و نظراء لهم كثير عددهم.
و لما ظهر محمد بن عبد اللّه بن الحسن،و زحف إليه عيسى بن موسى،جمع إليه وجوه الزيدية و كل من حضر معه من أهل العلم،و عهد إليه أنه إن أصيب في وجهه ذلك،فالأمر إلى أخيه إبراهيم،فإن أصيب إبراهيم،فالأمر إلى عيسى بن زيد.
حدثني بذلك أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن، قال إن عبد اللّه بن محمد بن عمر ذكر ذلك من وصية محمد إلى أخيه إبراهيم،ثم إلى عيسى بن زيد،فلما أصيبا توارى عيسى بن زيد بالكوفة في دار علي بن صالح بن حي أخي الحسن بن صالح،و تزوج ابنة له،و ولدت منه بنتا ماتت في حياته،و خبره في ذلك يذكر بعد إن شاء اللّه.
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد على سبيل المذاكرة فحفظته عنه لم أكتبه من (5)لفظه،و الحديث يزيد و ينقص و المعنى واحد،قال:حدثني محمد بن المنصور المرادي،قال:قال يحيى بن الحسين بن زيد:
قلت لأبي:يا أبة،إني أشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد،فإنه يقبح».
ص: 345
بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه،فدافعني عن ذلك مدة و قال:إن هذا أمر يثقل عليه،و أخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك إيّاه فتزعجه،فلم أزل به أداريه و ألطف به حتى طابت نفسه لي بذلك،فجهزني إلى الكوفة و قال لي:
إذا صرت إليها فاسأل عن دور بني حي،فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية،و سترى في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا و كذا فاعرفه و اجلس بعيدا منها في أول السكة،فإنه سيقبل عليك عند المغرب كهل طويل مسنون (1)الوجه،قد أثر السجود في جبهته،عليه جبة صوف،يستقي الماء على جمل، [و قد انصرف يسوق الجمل] (2)لا يضع قدما و لا يرفعها إلاّ ذكر اللّه-عز و جلّ- و دموعه تنحدر،فقم و سلّم عليه و عانقه،فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش،فعرّفه نفسك و انتسب له،فإنه يسكن إليك و يحدثك طويلا، و يسألك عنّا جميعا و يخبرك بشأنه و لا يضجر بجلوسك معه،و لا تطل عليه و ودعه؛فإنه سوف يستعفيك من العودة إليه،فافعل ما يأمرك به من ذلك؛ فإنك إن عدت إليه توارى عنك،و استوحش منك و انتقل عن موضعه،و عليه في ذلك مشقة.
فقلت:أفعل كما أمرتني.ثم جهزني إلى الكوفة و ودعته و خرجت،فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حيّ بعد العصر،فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي،فلما غربت الشمس إذا أنا به قد أقبل يسوق الجمل،و هو كما وصف لي أبي،لا يرفع قدما و لا يضعها إلاّ حرك شفتيه بذكر اللّه،و دموعه ترقرق في عينيه و تذرف أحيانا،فقمت فعانقته،فذعر مني كما يذعر الوحش من الإنس،فقلت:يا عم أنا يحيى بن الحسين بن زيد بن أخيك،فضمني إليه و بكى حتى قلت قد جاءت نفسه،ثم أناخ جمله،و جلس معي،فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا،و امرأة امرأة،و صبيا صبيا،و أنا أشرح له أخبارهم و هو يبكي،ثم قال:يا بني،أنا أستقي على هذا الجمل الماء،فأصرف ما أكتسب،يعني من أجرة الجمل.إلى صاحبه،و أتقوت باقيه،و ربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج إلى البريّة،يعني بظهر الكوفة،ة.
ص: 346
فألتقط ما يرمي الناس به من البقول فأتقوته.
و قد تزوجت إلى هذا الرجل ابنته،و هو لا يعلم من أنا إلى وقتي هذا، فولدت مني بنتا،فنشأت و بلغت،و هي أيضا لا تعرفني،و لا تدري من أنا، فقالت لي أمها:زوّج ابنتك بابن فلان السقاء-لرجل من جيراننا يسقي الماء- فإنه أيسر منا و قد خطبها،و ألحّت عليّ، فلم أقدر على إخبارها بأن ذلك غير جائز،و لا هو بكفء لها،فيشيع خبري،فجعلت تلح عليّ فلم أزل أستكفي اللّه أمرها حتى ماتت بعد أيام،فما أجدني (1)آسي على شيء من الدنيا أساي على أنها ماتت و لم تعلم بموضعها من رسول اللّه(ص).
قال:ثم أقسم عليّ أن أنصرف و لا أعود إليه و ودّعني.
فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره، و كان آخر عهدي به.
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:نسخت من خط هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات،قال:حدثني عتبة (2)بن المنهال،قال:
كان جعفر الأحمر (3)،و صباح الزعفراني ممن يقوم بأمر عيسى بن زيد، فلما بذل المهدي لعيسى بن زيد من جهة يعقوب بن داود ما بذل له من المال و الصلة نودي (4)بذلك في الأمصار ليبلغ عيسى بن زيد فيأمن،فقال عيسى لجعفر الأحمر و صباح:قد بذل لي من المال ما بذل،و و اللّه ما أردت حين أتيت الكوفة الخروج عليه،و لأن أبيت خائفا ليلة واحدة أحبّ إليّ من جميع ما بذل لي،و من الدنيا بأسرها.
أخبرني عبد اللّه بن زيدان (5)،قال:حدّثني أبي،قال:حدّثني سعيد بن».
ص: 347
عمر بن جنادة البجلي،قال:
حج عيسى بن زيد و الحسن[بن صالح]،فسمعنا مناديا ينادي:ليبلغ الشاهد الغائب أن عيسى بن زيد آمن في ظهوره و تواريه،فرأى عيسى بن زيد الحسن بن صالح قد ظهر فيه سرور بذلك فقال:كأنك قد سررت بما سمعت، فقال:نعم.فقال له عيسى:و اللّه لإخافتي إيّاهم ساعة أحبّ إليّ من كذا و كذا.
حدّثني عيسى بن الحسين الورّاق،قال:حدثنا محمد بن الحسين بن مسعود الروقي،قال:حدّثني السري بن مسكين الأنصاري المدني،قال:
حدثني يعقوب بن داود،قال:
دخلت مع المهدي في قبة في بعض الخانات في طريق خراسان،فإذا حائطها عليه أسطر مكتوبة،فدنا و دنوت معه فإذا هي هذه الأبيات:
و اللّه ما أطعم طعم الرّقاد *** خوفا إذا نامت عيون العباد
شرّدني أهل اعتداء و ما *** أذنبت ذنبا غير ذكر المعاد
آمنت باللّه و لم يؤمنوا *** فكان زادي عندهم شر زاد
أقول قولا قاله خائف *** مطرد قلبي كثير السهاد
منخرق الخفّين يشكو الوجى *** تنكبه أطراف مرو حداد
شرده الخوف فأزرى به *** كذاك من يكره حرّ الجلاد
قد كان في الموت له راحة *** و الموت خم في رقاب العباد (1)
قال:فجعل المهدي يكتب تحت كل بيت:«لك الأمان من اللّه و مني فأظهر متى شئت»حتى كتب ذلك تحتها أجمع،فالتفت فإذا دموعه تجري على خده،فقلت له:من ترى قائل هذا الشعر يا أمير المؤمنين؟.
قال:أتتجاهل عليّ؟من عسى أن يقول هذا الشعر إلاّ عيسى بن زيد.7.
ص: 348
قال:أبو الفرج الأصبهاني:
و قد أنشدني علي بن سليمان الأخفش هذا الشعر عن المنذر لعيسى بن زيد فقال فيه:
شرّدني فضل و يحيى و ما *** أذنبت ذنبا غير ذكر المعاد
آمنت باللّه و لم يؤمنا *** فطرداني خيفة في البلاد
و الأول أصح،لأن عيسى لم يدرك سلطان آل برمك و مات قبل ذلك.
حدثني أحمد بن محمد،قال:حدّثني أحمد بن يحيى الحجري،قال حدثني الحسن بن الحسين الكندي،عن خصيب الوابشي،و كان من أصحاب زيد بن علي و كان خصيصا بعيسى بن زيد،قال:
كان عيسى بن زيد على ميمنة محمد بن عبد اللّه بن الحسن يوم قتل،ثم صار إلى إبراهيم فكان معه على ميمنته حتى قتل،ثم استتر بالكوفة في دار علي بن صالح بن حي،فكنا نصير إليه حال خوف،و ربما صادفناه في الصحراء يستقي الماء على جمل لرجل من أهل الكوفة،فيجلس معنا و يحدثنا.و كان يقول لنا:و اللّه لوددت أني آمن عليكم هؤلاء فأطيل مجالستكم،فأتزود من محادثتكم و النظر إليكم،فو اللّه إني لأتشوقكم و أتذكركم في خلوتي و على فراشي عند مضجعي،فانصرفوا لا يشهر موضعكم و أمركم فيلحقكم معرة و ضرر.
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثني أحمد بن عبد الحميد،قال حدثني محمد بن عمرو بن عتبة،عن المختار بن عمر،قال:
رأيت خصيبا الوابشي قبّل يد عيسى بن زيد،فجذب عيسى يده و منعه من ذلك،فقال له خصيب:قبّلت يد عبد اللّه بن الحسن فلم ينكر ذلك عليّ.
قال أبو الفرج:
و كان خصيب هذا من أصحاب زيد بن علي،و قد شهد معه حربه، و شهد مع محمد و إبراهيم حروبهما،و روى عنهم جميعا،و روى عن زيد بن علي أيضا عدة حكايات،و لم أسمع في روايته عنه حديثا مسندا.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني أحمد بن يحيى بن المنذر،قال:
ص: 349
حدثنا الحسن بن الحسين الكندي،قال حدثنا خصيب الوابشي،قال:
كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور تجري في وجهه.
حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب،قال:حدثني محمد بن علي بن خلف العطار، قال حدثني محمد بن عمر و الفقمي الرازي،قال:سمعت علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب العابد و هو أبو الحسين بن علي صاحب فخ، يقول:
لقد رأيتنا و نحن متوفرون و ما فينا أحد خير من عيسى بن زيد.
حدّثنا جعفر بن محمد العلوي،قال:حدّثني محمد بن علي بن خلف، قال:حدّثني محمد بن عمرو الفقمي،قال:
قرأ عيسى بن زيد على عبد اللّه بن جعفر.
قال أبو الفرج:
عبد اللّه بن جعفر هذا والد علي بن عبد اللّه بن جعفر المدني المحدث، و كان من قراء القرآن،و كبار المحدثين،و خرج مع محمد بن عبد اللّه،فلم يزل معه حتى قتل محمد و طلبه المنصور فتوارى منه،و قد ذكرت خبره في ذلك في مقتل إبراهيم (1).
حدّثني عبد اللّه بن زيدان البجلي،قال:حدّثني أبي،قال:حدّثني سعيد بن عمر بن جنادة البجلي،قال:
كان الحسن بن صالح،و عيسى بن زيد بمنى،فاختلفا في مسألة من السيرة،فبينما هما يتناظران فيها جاءهما رجل فقال:قد قدم سفيان الثوري، فقال الحسن بن صالح:قد جاء الشفاء.
فقال عيسى بن زيد:فأنا أسأله عن هذا الذي اختلفنا فيه،و سأل عن4.
ص: 350
موضعه فأخبر به،فقام إليه فمر في طريقه بجناب بن نسطاس (1)العرزمي فسلم عليه،و مضى إلى سفيان فسأله عن المسألة فأبى سفيان أن يجيبه خوفا على نفسه من الجواب لأنه كان شيء فيه على السلطان،فقال له الحسن[بن صالح]إنه عيسى بن زيد،فتنبه سفيان و استوفز،ثم نظر إلى عيسى بن زيد كالمستثبت فتقدم إليه فقال له:نعم أنا عيسى بن زيد.فقال:أحتاج إلى من يعرفك.
قال:جناب بن نسطاس أجيئك به.
فقال:افعل.قال:فذهب عيسى فجاءه به،فقال جناب بن نسطاس:
نعم يا أبا عبد اللّه هذا عيسى بن زيد،فبكى سفيان فأكثر البكاء،و قام من مجلسه فأجلسه فيه و جلس بين يديه،و أجابه عن المسألة،ثم ودعه و انصرف.
قال أبو الفرج:
و قد حدّثني بهذا الحديث أحمد بن محمد بن سعيد،و كنت ذكرت له ما حدثني به ابن زيدان من ذلك فقال:حدثني محمد بن سالم بن عبد الرحمن قال:
حدّثني المنذر بن جعفر العبدي عن أبيه،قال:
خرجت أنا و الحسن،و علي بن صالح ابنا حي،و عبد ربه بن علقمة، و جناب بن نسطاس مع عيسى بن زيد حجاجا بعد مقتل إبراهيم،و عيسى بيننا يستر نفسه في زي الجمالين،فاجتمعنا بمكة ذات ليلة في المسجد الحرام،فجعل عيسى بن زيد،و الحسن بن صالح يتذاكران أشياء من السيرة،فاختلف هو و عيسى في مسألة منها،فلما كان من الغد دخل علينا عبد ربه بن علقمة فقال:
قدم عليكم الشفاء فيما اختلفتم فيه،هذا سفيان الثوري قد قدم،فقاموا بأجمعهم فخرجوا إليه،فجاءوه و هو في المسجد جالس،فسلموا عليه،ثم سأله عيسى بن زيد عن تلك المسألة،فقال:هذه مسألة لا أقدر على الجواب عنها لأن فيها شيئا على السلطان.
فقال له الحسن:إنه عيسى بن زيد،فنظر إلى جناب بن نسطاس مستثبتا،فقال له جناب:نعم هو عيسى بن زيد،فوثب سفيان فجلس بين يدي3.
ص: 351
عيسى و عانقه و بكى بكاء شديدا و اعتذر إليه مما خاطبه به من الرد،ثم أجابه عن المسألة و هو يبكي و أقبل علينا فقال:إن حب بني فاطمة و الجزع لهم مما هم عليه من الخوف و القتل و التطريد ليبكي من في قلبه شيء من الإيمان،ثم قال لعيسى:
قم بأبي أنت فأخف شخصك لا يصيبك من هؤلاء شيء نخافه،فقمنا فتفرقنا.
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثني محمد بن سالم بن عبد الرحمن،قال علي بن جعفر الأحمر،حدثني أبي،قال:
كنت أجتمع أنا،و عيسى بن زيد،و الحسن،و علي ابنا صالح بن حي، و إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق،و جناب بن نسطاس،في جماعة من الزيدية في دار بالكوفة،فسعى ساع إلى المهدي بأمرنا و دلّه على الدار،فكتب إلى عامله بالكوفة بوضع الأرصاد علينا،فإذا بلغه اجتماعنا كبسنا و أخذنا و وجه بنا إليه.
فاجتمعنا ليلة في تلك الدار،فبلغه خبرنا فهجم علينا،و نذر القوم به و كانوا في علو الدار،فتفرقوا و نجوا جميعا غيري،فأخذني و حملني إلى المهدي فأدخلت إليه،فلما رآني شتمني بالزنا (1)و قال لي:يابن الفاعلة أنت الذي تجتمع مع عيسى بن زيد و تحثّه على الخروج عليّ و تدعو إليه الناس؟.
فقلت له:يا هذا،أما تستحيي من اللّه،و لا تتقي اللّه و لا تخافه،تشتم المحصنات و تقذفهن بالفاحشة، و قد كان ينبغي لك و يلزمك في دينك و ما وليته،أن لو سمعت سفيها يقول مثل قولك أن تقيم عليه الحد.
فأعاد شتمي ثم وثب إليّ فجعلني تحته،و ضربني بيديه،و خبطني برجليه،و شتمني.
فقلت له:إنك لشجاع شديد أيّد،حين قويت على شيخ مثلي تضربه، لا يقدر على المنع من نفسه و لا انتصار لها.
فأمر بحبسي و التضيق عليّ،فقيدت بقيد ثقيل و حبست سنين،فلما بلغه وفاة عيسى بن زيد بعث إليّ فدعاني فقال لي:من أي الناس أنت؟قلت من المسلمين.قال:أعرابي أنت؟قلت لا.قال فمن أي الناس أنت؟.قلت:كان».
ص: 352
أبي عبدا لبعض أهل الكوفة و أعتقه فهو أبي.
فقال لي:إن عيسى بن زيد قد مات.
فقلت:أعظم بها مصيبة،رحمه اللّه،فلقد كان عابدا ورعا،مجتهدا في طاعة اللّه،غير خائف لومة لائم.
قال:أ فما علمت بوفاته؟قلت:بلى.قال:فلم لم تبشرني بوفاته؟.
فقلت:لم أحب أن أبشرك بأمر لو عاش رسول اللّه(ص)فعرفه لساءه.
فأطرق طويلا ثم قال:ما أرى في جسمك فضلا للعقوبة،و أخاف أن أستعمل شيئا منها فيك فتموت و قد كفيت عدوي،فانصرف في غير حفظ اللّه، و اللّه لئن بلغني أنك عدت لمثل فعلك لأضربن عنقك.
قال:فانصرفت إلى الكوفة فقال المهدي للربيع: أما ترى قلّة خوفه و شدّة قلبه،هكذا يكون و اللّه أهل البصائر.
قال علي بن جعفر:و حدثني أبي،قال:
اجتمعت أنا،و إسرائيل بن يونس،و الحسن،و علي ابنا صالح بن حي،في عدة من أصحابنا،مع عيسى بن زيد،فقال له الحسن بن صالح بن حي:متى تدافعنا بالخروج و قد اشتمل ديوانك على عشرة آلاف رجل؟.
فقال له عيسى:ويحك،أتكثر عليّ العدد و أنا بهم عارف،أما و اللّه لو وجدت فيهم ثلثمائة رجل أعلم أنهم يريدون اللّه عزّ و جلّ،و يبذلون أنفسهم له،و يصدقون للقاء عدوه في طاعته،لخرجت قبل الصباح حتى أبلي عند اللّه عذرا في أعداء اللّه،و أجري أمر المسلمين على سنّته و سنّة نبيه(ص)،و لكن لا أعرف موضع ثقة يفي ببيعته للّه عزّ و جلّ،و يثبت عند اللقاء! قال:فبكى الحسن بن صالح حتى سقط مغشيا عليه.
قال:و حدثني أبي،قال:
دخلت على عيسى بن زيد و هو يأكل خبزا و قثاء،فأعطاني رغيفين و قثائتين
ص: 353
و قال لي:كل،فأكلت رغيفا و نصف الآخر مع قثاءة و نصف فشبعت و تركت الباقي،فلما كان بعد أيام جئته فأخرج لي الكسرة و نصف القثاءة و قد ماتت فقال لي:كل فقلت:و أي شيء كان في هذا حتى خبأته لي.
قال:قد أعطيتك إيّاه فصار لك فأكلت بعضه و بقي البعض،فكله إن شئت أو فتصدق به.
حدثنا محمد بن العباس اليزيدي،قال:حدثني عمي عبيد اللّه،عن القاسم بن أبي شيبة،عن أبي نعيم،قال:
حدّثني من شهد عيسى بن زيد لما انصرف من واقعة باخمري و قد خرجت عليه لبؤة معها أشبالها،فعرضت للطريق و جعلت تحمل على الناس،فنزل عيسى فأخذ سيفه و ترسه ثم نزل إليها فقتلها،فقال له مولى له:أيتمت أشبالها يا سيدي فضحك فقال:نعم أنا ميتم الأشبال،فكان أصحابه بعد ذلك إذا ذكروه كنوا عنه و قالوا:قال موتم الأشبال كذا،و فعل موتم الأشبال كذا، فيخفى أمره.
و قد ذكر ذلك يموت بن المزرّع (1)في قصيدة رثى فيها أهل البيت عليهم السلام.
و ذكرها أيضا الشّميطي (2)،و كان من شعراء الامامية،في قصيدة عاب فيها من خرج من الزيدية رضوان اللّه عليهم فقال:
سنّ ظلم الإمام للناس زيد *** إنّ ظلم الإمام ذو عقّال
و بنو الشيخ و القتيل بفخ *** بعد يحيى و موتم الأشبال
أخبرنا عيسى بن الحسين الورّاق،قال:حدثني علي بن محمد بن سليمان3.
ص: 354
النوفلي قال:حدثني أبي عن أبيه و عمه،قال:
إن عيسى بن زيد انصرف من وقعة باخمري بعد مقتل إبراهيم فتوارى في دور ابن صالح بن حي،و طلبه المنصور طلبا ليس بالحثيث.و طلبه المهدي و جدّ في طلبه حينا فلم يقدر عليه،فنادى بأمانه ليبلغه ذلك فيظهر،فبلغه فلم يظهر،و بلغه خبر دعاة له ثلاثة و هم: ابن علاق الصيرفي،و حاضر مولى لهم، و صباح الزعفراني،فظفر بحاضر فحبسه،و قرّره و رفق به و اشتد عليه ليعرّفه موضع عيسى فلم يفعل،فقتله.
و مكث طول حياة عيسى يطلب صباحا و ابن علاق فلم يظفر بهما.
ثم مات عيسى بن زيد فقال صباح للحسن بن صالح:أما ترى هذا العذاب و الجهد الذي نحن فيه بغير معنى،قد مات عيسى بن زيد و مضى لسبيله و إنما نطلب خوفا منه،فإذا علم أنه قد مات أمنوه و كفوا عنا،فدعني آتي هذا الرجل-يعني المهدي-فأخبره بوفاته حتى نتخلص من طلبه لنا،و خوفنا منه.
فقال:لا و اللّه لا تبشر عدو اللّه بموت ولي اللّه ابن نبي اللّه، و لا نقر عينه فيه و نشمته به،فو اللّه لليلة يبيتها خائفا منه أحبّ إليّ من جهاد سنة و عبادتها.
قال:و مات الحسن بن صالح بعده بشهرين،فحدث صباح الزعفراني قال:
أخذت أحمد بن عيسى،و أخاه زيدا فجئت بهما إلى بغداد فجعلتهما في موضع أثق به عليهما،ثم لبست أطمارا و جئت إلى دار المهدي،فسألت أن أوصل إلى الربيع و أن يعرف أن عندي نصيحة و بشارة بأمر يسر الخليفة.فدخلوا عليه فأعلموه بذلك فخرجوا إليّ فأذنوا لي،فدخلت إليه و قال:ما نصيحتك؟.
فقلت:لا أقولها إلاّ للخليفة.
فقال:لا سبيل إلى ذلك دون أن تعلمني النصيحة ما هي.
فقلت:أما النصيحة فلا أذكرها إلاّ له،و لكن أخبره أني صباح الزعفراني،داعية عيسى بن زيد،فأدناني منه ثم قال:
ص: 355
يا هذا:لست تخلو من أن تكون صادقا أو كاذبا،و هو على الحالين قاتلك،إن كنت صادقا فأنت تعرف سوء أثرك عنده،و طلبه لك،و بلوغه في ذلك أقصى الغايات،و حرصه عليه،و حين تقع عينه عليك يقتلك.
و إن كنت كاذبا و إنما أردت الوصول إليه من أجل حاجة لك غاظه ذلك من فعلك فقتلك،و أنا ضامن لك قضاء حاجتك كائنة ما كانت لا أستثني شيئا.
فقلت:أنا صباح الزعفراني،و اللّه الذي لا إله إلاّ هو ما لي إليه حاجة، و لو أعطاني كل ما يملك ما أردته و لا قبلته،و قد صدقتك فإن أخبرته و إلاّ توصلت إليه من جهة غيرك.
فقال:اللهم اشهد اني بريء من دمه،ثم وكّل بي جماعة من أصحابه و قام فدخل،فما ظننت أنه وصل إليه حتى نودي:هاتوا الصباح الزعفراني.
فأدخلت إلى الخليفة فقال لي:أنت صباح الزعفراني؟قلت:نعم.
قال:فلا حيّاك اللّه و لا بيّاك،و لا قرّب دارك،يا عدو اللّه،أنت الساعي على دولتي،و الداعي إلى أعدائي؟.
قلت:أنا و اللّه هو،و قد كان كل ما ذكرته.
فقال:أنت إذا الخائن الذي أتت به رجلاه،أتعترف بهذا مع ما أعلمه منك،و تجيئني آمنا؟.
فقلت:إني جئتك مبشرا و معزيا.
قال:مبشرا بماذا؟و معزيا بمن؟.
قلت:أما البشرى فبوفاة عيسى بن زيد.
و أما التعزية ففيه لأنه ابن عمك و لحمك و دمك.
فحول وجهه إلى المحراب و سجد و حمد اللّه،ثم أقبل عليّ و قال:و منذ كم مات؟قلت:منذ شهرين.
قال:فلم لم تخبرني بوفاته إلاّ الآن؟.
ص: 356
قلت:منعني الحسن بن صالح،و أعدت عليه بعض قوله.قال:و ما فعل؟ قلت:مات،و لولا ذلك ما وصل إليك الخبر ما دام حيا.فسجد سجدة أخرى و قال:الحمد للّه الذي كفاني أمره،فلقد كان أشدّ الناس عليّ،و لعلّه لو عاش لأخرج عليّ غير عيسى،سلني ما شئت فو اللّه لأغنينك،و لا رددتك عن شيء تريده.
قلت:و اللّه ما لي حاجة،و لا أسألك شيئا إلاّ حاجة واحدة.
قال:و ما هي؟قلت:ولد عيسى بن زيد،و اللّه لو كنت أملك ما أعولهم به ما سألتك في أمرهم و لا جئتك بهم،و لكنهم أطفال يموتون جوعا و ضرّا، و هم ضائعون،و ما لهم شيء يرجعون إليه،إنما كان أبوهم يستقي الماء و يعولهم،و ليس لهم الآن من يكفلهم غيري،و أنا عاجز عن ذلك و هم عندي في ضنك،و أنت أولى الناس بصيانتهم،و أحق بحمل ثقلهم،فهم لحمك و دمك،و أيتامك و أهلك.
قال:فبكى حتى جرت دموعه،ثم قال:إذا يكونون و اللّه عندي بمنزلة ولدي،لا أوثرهم عليهم بشيء،فأحسن اللّه يا هذا جزاءك عني و عنهم،فلقد قضيت حق أبيهم و حقوقهم،و خففت عني ثقلا،و أهديت إليّ سرورا عظيما.
قلت:و لهم أمان اللّه و رسوله و أمانك، و ذمتك و ذمة آبائك في أنفسهم و أهليهم و أصحاب أبيهم أن لا تتبع أحدا منهم بتبعة و لا تطلبه؟.
قال:ذلك لك لوهم من أمان اللّه و أماني،و ذمتي و ذمة آبائي،فاشترط ما شئت،فاشترطت عليه و استوثقت حتى لم يبق في نفسي شيء.
ثم قال:يا حبيبي،و أي ذنب لهؤلاء و هم أطفال صغار،و اللّه لو كان أبوهم بموضعهم حتى يأتيني أو أظفر به ما كان له عندي إلاّ ما يحب،فكيف بهؤلاء،إذهب يا هذا أحسن اللّه جزاءك فجئني بهم،و أسألك بحقي أن تقبل مني صلة تستعين بها على معاشك.
قلت:أما هذا فلا،فإنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسعهم.
و خرجت فجئته بهم،فضمهم إليه و أمر لهم بكسوة و منزل و جارية
ص: 357
تحضنهم،و مماليك يخدمونهم،و أفرد لهم في قصره حجرة.
و كنت أتعهدهم فأعرف أخبارهم.فلم يزالوا في دار الخلافة إلى أن قتل محمد الأمين و انتصر أمر دار الخلافة،و خرج من كان فيها،فخرج أحمد بن عيسى فتوارى،و كان أخوه زيد مرض قبل ذلك و مات.
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار بهذا الخبر على خلاف هذه الحكاية، قال:حدّثني هاشم بن أحمد البغوي،قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن إسماعيل،قال:حدّثني إبراهيم بن رياح،قال:حدّثني الفضل بن حماد الكوفي،و كان من أصحاب الحسن بن صالح بن حي:
أن عيسى بن زيد صار إلى الحسن بن صالح فتوارى عنده،فلم يزل على ذلك حتى مات في أيّام المهدي،فقال الحسن لأصحابه:لا يعلم بموته أحد فيبلغ السلطان فيسره ذلك،و لكن دعوه بخوفه و وجله منه و أسفه عليه حتى يموت،و لا تسروه بوفاته فيأمن مكروهه.
فلم يزل ذلك مكتوما حتى مات الحسن بن صالح رحمه اللّه،فصار إلى المهدي رجل يقال له ابن علاّق الصيرفي،و كان اسمه قد وقع إليه و بلغه أنه من أصحاب عيسى،فلما وقف ببابه و استأذن له الحاجب أمر بإدخاله إليه،فأدخل فسلم على المهدي بالخلافة و قال:أعظم اللّه أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك عيسى.
فقال له:ويحك ما تقول؟.
قال:الحق و اللّه أقول.فقال:و متى مات؟فعرفه فقال:ما منعك أن تعرفني قبل هذا؟قال:منعني الحسن بن صالح.و صدقه عن قوله فيه فقال له:لئن كنت صادقا لأحسنن صلتك،و لأوطئن الرجال عقبك.
قال:ليس لهذا قصدت،إنما علمت أنك في شك من أمره،و لم آمن أن يتشوف به الناس عندك،فأحببت أن تقف على خبره فتستريح و تريح.
قال:أما إنك جئتني ببشارتين يجل خطرهما موت عيسى و الحسن بن صالح،و ما أدّى بأيّهما أنا أشدّ فرحا،فسلني حاجتك.
ص: 358
قال:ولده تحفظهم،فو اللّه ما لهم من قليل و لا كثير.و كان الحسن بن عيسى بن زيد قد مات في حياة أبيه،و كان الحسين متزوجا ببنت الحسن بن صالح،فأتاه أحمد و زيد ابنا عيسى فنظر إليهما و أجرى لهما أرزاقا،و مضيا بإذنه إلى المدينة،فمات زيد بها،و بقي أحمد إلى خلافة الرشيد و صدرا من خلافته و هو ظاهر،ثم بلغ الرشيد بعد ذلك أنه يتنسك و يطلب الحديث و تجتمع إليه الزيدية،فبعث فأخذه و حبسه مدة إلى أن أمكنه التخلّص من الحبس،و خبره في ذلك يذكر مشروحا إذا انتهى الكتاب إلى أخباره،إن شاء اللّه تعالى.
حدثني عمي الحسن بن محمد،قال:حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه.قال:حدثنا محمد بن أبي العتاهية،قال:حدثني أبي (1):
لما امتنعت من قول الشعر و تركته أمر المهدي بحبسي في سجن الجرائم، فأخرجت من بين يديه إلى الحبس،فلما أدخلته دهشت و ذهل عقلي،و رأيت منظرا هالني،فرميت بطرفي أطلب موضعا آوي إليه أو رجلا آنس بمجالسته، فإذا أنا بكهل حسن السمت،نظيف الثوب،يبين عليه سيماء الخير فقصدته فجلست إليه من غير أن أسلم عليه أو أسأله عن شيء من أمره؛لما أنا فيه من الجزع و الحيرة،فمكثت كذلك مليا و أنا مطرق مفكر في حالي،فأنشد هذا الرجل هذين البيتين.فقال:
تعوّدت مسّ الضرّ حتى ألفته *** و أسلمني حسن العزاء إلى الصبر
و صيّرني يأسي من الناس واثقا (2)*** بحسن صنيع اللّه من حيث لا أدري
فاستحسنت البيتين و تبركت بهما و ثاب إلى عقلي،فأقبلت على الرجل فقلت له:تفضل أعزّك اللّه بإعادة هذين البيتين.
فقال لي:ويحك يا إسماعيل،و لم يكنني،ما أسوأ أدبك،و أقل عقلك و مروءتك،دخلت إليّ و لم تسلم عليّ بتسليم المسلم على المسلم،و لا توجعت لي توجع المبتلي للمبتلى،و لا سألتني مسألة الوارد على المقيم حتى إذا سمعت من».
ص: 359
ببيتين من الشعر الذي لم يجعل اللّه فيك خيرا و لا أدبا (1)و لا جعل لك معاشا غيره،لم تتذكر ما سلف منك فتتلافاه،و لا اعتذرت مما قدمته و فرّطت فيه من الحق حتى استنشدتني مبتديا،كأن بيننا أنسا قديما،و معرفة شافية،و صحبة تبسط المنقبض! فقلت له:اعذرني متفضلا؛فإن دون ما أنا فيه يدهش.
قال:و في أي شيء أنت،إنما تركت قول الشعر الذي كان جاهك عندهم و سبيلك إليهم،فحبسوك حتى تقوله،و أنت لا بد من أن تقوله، فتطلق،و أنا يدعى بي الساعة فأطالب بإحضار عيسى بن زيد بن رسول اللّه (ص)،فإن دللت عليه فقتل لقيت اللّه بدمه،و كان رسول اللّه(ص)خصمي فيه،و إلاّ قتلت،فأنا أولى بالحيرة منك،و أنت ترى احتسابي و صبري.
فقلت:يكفيك اللّه و أطرقت خجلا منه (2).
فقال لي:لا أجمع عليك التوبيخ و المنع،اسمع البيتين و احفظهما.
فأعادهما عليّ مرارا حتى حفظتهما،ثم دعى به و بي فلما قمنا قلت:من أنت أعزك اللّه؟.
قال:أنا حاضر (3)صاحب عيسى بن زيد.فأدخلنا على المهدي،فلما وقف بين يديه قال له:أين عيسى بن زيد؟.هر
ص: 360
قال:ما يدريني أين عيسى،طلبته و أخفته (1)فهرب منك في البلاد، و أخذتني فحبستني،فمن أين أقف على موضع هارب منك و أنا محبوس؟.
فقال له:فأين كان متواريا؟و متى آخر عهدك به؟و عند من لقيته؟.
فقال:ما لقيته منذ توارى،و لا أعرف له خبرا.
قال:و اللّه لتدلني عليه،أو لأضربن عنقك الساعة.
قال:اصنع ما بدا لك،أنا أدلك على ابن رسول اللّه(ص)لتقتله، فألقى اللّه و رسوله و هما يطالباني بدمه، و اللّه لو كان بين ثوبي و جلدي ما كشفت عنه.
قال:اضربوا عنقه.فقدم فضرب عنقه.
ثم دعاني فقال:أتقول الشعر أو ألحقك به.
فقلت:بل أقول الشعر،فقال:أطلقوه.
قال محمد بن القاسم بن مهرويه،و البيتان اللذان سمعهما من حاضر في شعره الآن.
قال أبو الفرج:
و قد روى هذا الخبر غير ابن مهرويه بغير هذا الإسناد،فذكر أن حاضرا كان داعية لأحمد بن عيسى بن زيد،و ان قصته مع أبي العتاهية كانت في أيام الرشيد،و أن الرشيد قتله بسبب أحمد بن عيسى بن زيد و مطالبته إيّاه بإحضاره أو الدلالة عليه.
و الأول عندي أصح.».
ص: 361
ص: 362
ابن محمد المهدى بن أبى جعفر المنصور و من قتل منهم فيها
ص: 363
و الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحب فخ (1)و يكنى أبا عبد اللّه.
و أمه زينب بنت عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
و أمها هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود (2).
و هي أخت محمد و إبراهيم و موسى لأبيهم و أمهم.
و كانت زينب ترقص الحسين و هو صغير و أخاه و هو الحسن و تقول:
تعلم يابن زينب و هند *** كم لك بالبطحاء من معدّ
من خال صدق ماجد و جدّ و كان يقال لزينب و زوجها علي بن الحسن:الزوج الصالح؛لعبادتهما.
و لما قتل أبو جعفر أباها و أخاها و عمومتها و بنيهم و زوجها كانت تلبس المسوح،و لا تجعل بين جسدها و بينها شعارا حتى لحقت باللّه عزّ و جلّ.
و كانت تندبهم و تبكي حتى يغشى عليها،و لا تذكر أبا جعفر بسوء تحرجا من ذلك و كراهة لأن تشفي نفسها بما يؤثمها،و لا تزيد على أن تقول:يا فاطر السموات و الأرض،يا عالم الغيب و الشهادة،الحاكم بين عباده احكم بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الحاكمين.
حدّثنا أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي،قال:
حدّثنا موسى بن عبد اللّه بن موسى،قال:حدّثتني عمتي رقية بنت موسى، قالت:
ما فارقت عمتي زينب بنت عبد اللّه درع شقائق حتى لحقت باللّه.
ص: 364
قال أبو الفرج الأصبهاني:[شقائق تعني الأمساح] (1).
و نبدأ بذكر من قتل معه من أهل بيته حسبما شرطناه في هذا الكتاب ثم نأتي بسياقة خبرهم.
فمنهم سليمان بن عبد اللّه (2)بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و أمه عاتكة بنت عبد الملك بن الحرث الشاعر بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم.
و هي التي كلمت أبا جعفر لما حج،و قالت:يا أمير المؤمنين أيتامك بنو عبد اللّه بن الحسن فقراء لا شيء لهم،فردّ عليهم ما قبضه من أموالهم (3).
و الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و أمه أم سلمة بنت محمد بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
ضربت عنقه صبرا بعد وقعة فخ (4).
و عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و أمه رقية بنت عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
ص: 365
و هو الذي يقال له الجدّي (1)قتل في الوقعة.
حدّثني علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبيد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (2)،و أحمد بن محمد بن سعيد، قالا:حدّثنا الحسين بن الحكم،و قال:حدّثنا الحسن بن الحسن،قال:
حدّثنا الحكم بن جامع الثّمالي،عن الحسين بن زيد،قال:حدّثتني أمي ريطة بنت عبد اللّه بن محمد الحنفية عن زيد،قال:و كان الحسين بن زيد يسميها أمي و لم تكن أمه (3)،إنما كانت أم أخيه يحيى بن زيد،عن زيد بن علي،قال:
انتهى رسول اللّه(ص)إلى موضع فخ فصلّى بأصحابه صلاة الجنازة ثم قال:يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين،ينزل لهم بأكفان و حنوط من الجنة،تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة.
و ذكر من فضلهم أشياء لم تحفظها ريطة.
أخبرني علي (4)بن العباس المقانعي:
قال:[حدّثني علي بن إبراهيم،قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم المقري، قال:حدّثنا الحسن بن علي الأسدي] (5).
قال:حدّثنا الحسن بن عبد الواحد،قال:حدّثني عبد الرحمن بن القاسم بن إسماعيل،قال:حدّثنا الحسين بن المفضل العطار،قال:حدّثنا محمد بن فضيل،عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي،قال:
مرّ النبي(ص)بفخ فنزل فصلّى ركعة،فلما صلّى الثانية بكى و هو في
ص: 366
الصلاة،فلما رأى الناس النبي(ص)يبكي بكوا،فلما انصرف قال:ما يبكيكم؟قالوا:لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول اللّه،قال:نزل عليّ جبريل لمّا صلّيت الركعة الأولى فقال:يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان، و أجر الشهيد معه أجر شهيدين.
حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد،و علي بن إبراهيم العلوي،قالا:
حدّثنا الحسين بن الحكم،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين،قال:حدّثنا النضر بن قرواش (1)،قال:
أكريت جعفر بن محمد من المدينة إلى مكة،فلما ارتحلنا من بطن مرّ،قال لي:يا نضر إذا انتهيت إلى فخ فأعلمني،قلت:أ و لست تعرفه؟قال:بلى! و لكن أخشى أن تغلبني عيني.فلما انتهينا إلى فخ دنوت من المحمل،فإذا هو نائم فتنحنحت فلم يتنبه،فحركت المحمل فجلس،فقلت:فقد بلغت، فقال.حلّ محملي،فحللته ثم قال:صل القطار،فوصلته ثم تنحيت به عن الجادة؛فأنخت بعيره فقال:ناولني الإداوة و الرّكوة، فتوضأ و صلّى ثم ركب فقلت له:جعلت فداك،رأيتك قد صنعت شيئا أفهو من مناسك الحج؟قال:
لا،و لكن يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة.
حدّثني أحمد بن سعيد،قال:حدّثنا الحسين بن الحكم،قال:حدّثنا الحسن بن الحسين[بن جامع عن موسى بن عبد اللّه بن الحسن] (2)،قال:
حججت مع أبي فلما انتهينا إلى فخ أناخ محمد بن عبد اللّه بعيره فقال لي أبي:قل له يثير بعيره،فقلت له،فأثاره ثم قلت لأبي:يا أبة لم كرهت له هذا؟قال:إنه يقتل في هذا الموضع رجل من أهل بيتي يتعاوى عليه الحاج، فنفست أن يكون هو.
حدّثني علي بن إبراهيم،قال:حدثنا محمد بن إبراهيم،قال:حدّثناة.
ص: 367
علي بن صاعد،قال:حدّثنا حسن بن محمد المولى (1).
قال:حدّثنا علي بن الحسين الحضرمي،قال:سمعت الحسن بن هذيل،يقول:
بعت لحسين بن علي صاحب فخ حائطا (2)بأربعين ألف دينار،فنثرها على بابه،فما دخل إلى أهله منها حبة،كان يعطيني كفّا كفّا فأذهب به إلى فقراء أهل المدينة.
حدثني علي بن إبراهيم الجواني (3)قال:حدّثنا الحسن بن[علي بن] (4)هاشم قال:حدّثنا علي بن إبراهيم مؤذن مسجد الأشتر،قال:حدّثني الحسن ابن هذيل،قال:
قال لي الحسين صاحب فخ:اقترض لي أربعة آلاف درهم،فذهبت إلى صديق لي فأعطاني ألفين و قال لي:إذا كان غد (4)فتعال حتى أعطيك ألفين، فجئت فوضعتها تحت حصير كان يصلي عليه،فلما كان من الغد أخذت الألفين الأخريين ثم جئت أطلب الذي وضعته تحت الحصير فلم أجده،فقلت له:
يابن رسول اللّه،ما فعل الألفان؟قال:لا تسأل عنهما،فأعدت فقال:تبعني رجل أصفر من أهل المدينة فقلت:ألك حاجة؟فقال:لا و لكني أحببت أن أصل جناحك فأعطيته إيّاها،أما اني أحسبني ما أجرت على ذلك لأني لم أجد لها حبّا (6)،و قال اللّه عزّ و جلّ: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ (5).
حدّثنا علي بن إبراهيم،قال:حدّثنا جعفر بن محمد،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:أخبرني يحيى بن سليمان،قال:
اشترى لحسين بن علي صاحب فخ ثوبان فكسا أبا حمزة،و كان يخدمه،2.
ص: 368
ثوبا منها،و ارتدى هو بثوب،فأتاه سائل و هو ذاهب إلى المسجد فسأله، فقال:أعطه يا أبا حمزة ثوبك،قال:فقلت له:أمشي بغير رداء.فلم يزل بي حتى أعطيته،ثم مشى السائل معه حتى إذا أتى منزله نزع رداءه و قال ائتزر برداء أبي حمزة و ارتد بهذا،فتبعته فاشتريت الثوبين منه بدينارين و أتيته بهما، فقال:
بكم اشتريتهما؟قلت:بدينارين،فأرسل إلى السائل يدعوه،فقلت له:
امرأتي طالق إن رددتهما عليه أو دعوته،فحين حلفت تركه.
حدثني علي بن إبراهيم (1)،قال:حدّثنا جعفر بن أحمد،قال:حدّثني هاشم بن قريش،قال:
أتى رجل الحسين بن علي صاحب فخ فسأله،فقال:ما عندي شيء أعطيكه و لكن اقعد فإن حسنا أخي يجيء فيسلم عليّ فإذا جاء فقم فخذ الحمار، فلم يكن أسرع من أن جاء الحسن فنزل عن الحمار و قاده الغلام،و كان الحسن مكفوفا فأشار الحسين إلى الرجل أن قم فخذ الحمار،فجاء إليه ليأخذه فمنعه الغلام،فأشار إليه الحسين أن يدفعه إليه فدفعه إليه،فمضى الرجل و قعد الحسن عنده فتحدث ما شاء اللّه ثم وثب فقال يا غلام قدم الحمار،فقال:
جعلت فداك،أمرني أخوك أن أدفعه إلى رجل فدفعته إليه،فأدار وجهه إلى أخيه و قال:جعلت فداك،أعرت أم وهبت؟ بل و اللّه ما أرى مثلك يعير،يا غلام قدني.
حدّثني علي بن إبراهيم،قال:حدّثنا الحسن بن علي بن هشام،قال:
حدّثنا محمد بن مروان،قال:حدّثني حمدون القرا (2)،قال:
ركب الحسين بن علي صاحب فخ دين كثير فقال لغرمائه:الحقوني إلى باب المهدي،و خرج فجاء إلى باب المهدي فقال لآذنه:ابن عمك الينبعي (3)على الباب،قال:و كان راكبا على جمل،فقال له ويلك،أدخله على جمله،».
ص: 369
فأدخله حتى أناخه في وسط الدار،فوثب المهدي فسلّم عليه و عانقه و أجلسه إلى جنبه،و جعل يسأله عن أهله، ثم قال:يابن عم،ما جاء بك؟قال:ما جئت و ورائي أحد يعطيني درهما،قال:أ فلا كتبت إلينا،قال:أحببت أن أحدث بك عهدا،فدعا المهدي ببدرة دنانير،و بدرة من دراهم،و تخت من ثياب حتى دعا له بعشر بدر دنانير،و عشر بدر دراهم و عشرة تخوت فدفعها إليه،و خرج فطرح ذلك في دار ببغداد،و جاء غرماؤه فكان يقول للواحد:كم لك علينا؟ فيقول:كذا و كذا،فيزن له،ثم يدخل يده في تلك الدراهم و الدنانير فيقول:هذا صلة منّا لك،فلم يزل حتى لم يبق من ذلك المال إلاّ شيء يسير،ثم انحدر إلى الكوفة يريد المدينة فنزل قصر ابن هبيرة في خان،فقيل لصاحب الخان:هذا رجل من ولد رسول اللّه(ص)،فأخذ له سمكا فشواه و جاء به و معه رقاق و قال له:لم أعرفك يابن رسول اللّه،فقال لغلامه:كم بقي معك من ذلك المال؟قال:شيء يسير و الطريق بعيد،قال:إدفعه إليه،فدفعه إليه.
حدّثنا علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم المقري (1)،قال:حدّثنا جعفر بن محمد،قال:حدّثني إسماعيل بن إبراهيم الواسطي قال:
جاء رجل إلى الحسين بن علي صاحب فخ فسأله فلم يكن عنده شيء فأقعده،و بعث إلى أهل داره من أراد أن يغسل ثيابه فليخرجها،فأخرجوا ثيابهم ليغسلوها (2)فلما اجتمعت قال للرجل:خذها (3).
حدثني علي بن إبراهيم،قال:حدثنا الحسن بن علي بن هاشم،قال:
حدثنا القاسم بن خليفة الخزاعي،قال:
عاتب رجل الحسن بن علي صاحب فخ في سنة تسع و ستين و مائة و قال:».
ص: 370
عليك (1)دين سبعون ألف دينار فقال (2)أخذت من المزرفن يعني المقير (3)زيتا بألف دينار فجعل الرجل يجيئني و المرأة فأعطيها الزق و الزقين حتى لم يبق شيء، ثم قلت له:ما أخذه منك فلان من شيء فاحسبه عليّ،فأخذ منه عشرة آلاف،فكنت أقول له ما هذا؟.
حدّثني علي بن إبراهيم،قال حدثنا أحمد بن حمدان بن إدريس،قال:
حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي العلاء،قال:حدثني كردي بن يحيى،عن الحسن بن هذيل،قال:
كنت أصحب الحسين بن علي صاحب فخ فقدم إلى بغداد فباع ضيعه له بتسعة آلاف دينار،فخرجنا فنزلنا سوق أسد فبسط لنا على باب الخان،فأتى رجل معه سلة فقال له:مرّ الغلام يأخذ مني هذه السلة،فقال له:و ما أنت؟ قال:أنا أصنع الطعام الطيّب فإذا نزل هذه القرية رجل من أهل المروءة أهديته إليه،قال:يا غلام خذ السلة منه،وعد إلينا لتأخذ سلّتك،قال:ثم أقبل علينا رجل عليه ثياب رثة فقال:أعطوني مما رزقكم اللّه،فقال لي الحسين:
ادفع إليه السلة،و قال له:خذ ما فيها و ردّ الإناء،ثم أقبل عليّ و قال:إذا رد السائل السلة فادفع إليه خمسين دينارا،و إذا جاء صاحب السلة فادفع إليه مائة دينار،فقلت إبقاء مني عليه (4): جعلت فداك،بعت عينا لك لتقضي دينا عليك فسألك سائل فأعطيته طعاما هو مقنع له،فلم ترض حتى أمرت له بخمسين دينار،و جاءك رجل بطعام لعلّه يقدر فيه دينارا أو دينارين،فأمرت له بمائة دينار.فقال:يا حسن إن لنا ربّا يعرف الحسنات،إذا جاء السائل فادفع له مائة دينار،و إذا جاء صاحب السلة فادفع إليه مائتي دينار،و الذي نفسي بيده إني لأخاف أن لا يقبل مني؛لأن الذهب و الفضة و التراب عندي بمنزلة واحدة.
حدثني به جماعة من الرواة منهم:أحمد بن عبيد اللّه[بن محمد]بن عمّار
ص: 371
[الثقفي] (1)و علي بن إبراهيم العلوي،و غيرهما ممن كتبت الشيء عنه من أخباره متفرقا،أو رواه لي مجتمعا،قال:أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:
حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي،عن أبيه،قال،و حدثني أحمد بن سليمان بن أبي شيخ،و عمر بن شبّة (2)النميري،عن أبيه،قال،و حدثني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور،و نسخت أيضا من أخباره ما وجدته بخط أحمد بن الحرث الخرّاز.و حدثنا علي بن العباس المقانعي،قال:حدثنا محمد بن الحسن المزني،قال:حدثنا أحمد بن الحسن بن مروان،قال:قرأ عليّ هذه الأخبار عبد العزيز بن عبد الملك الهاشمي،قال علي بن إبراهيم،قال الحسن بن محمد المزني،حدثني علي بن محمد بن إبراهيم،عن بكر بن صالح، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري،و قد دخل حديث بعضهم في حديث الباقين،و أحدهم يأتي بالشيء لا يأتي به الآخر،و قد أثبتّ جميع رواياتهم في ذلك،إلاّ ما لعلّه أن يخالف المعنى خلافا بعيدا فأفرده،قالوا (3):
كان سبب خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ان موسى الهادي ولّى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي، فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز بن عبد اللّه (4)،فحمل على الطالبيين و أساء إليهم،و أفرط في التحامل عليهم، و طالبهم بالعرض كل يوم،و كانوا يعرضون في المقصورة،و أخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه و نسيبه فضمن الحسين بن علي و يحيى بن عبد اللّه بن الحسن، الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن،و وافى أوائل الحاج،و قدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا،فنزلوا دار ابن أفلح بالبقيع و أقاموا بها،و لقوا حسينا».
ص: 372
و غيره،فبلغ ذلك العمري فأنكره، و كان قد أخذ قبل ذلك الحسن بن محمد بن عبد اللّه،و ابن جندب الهذلي الشاعر،و مولى لعمر بن الخطاب (1)،و هم مجتمعون،فأشاع أنه وجدهم على شراب،فضرب الحسن ثمانين سوطا، و ضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا،و ضرب مولى عمر سبعة أسواط،و أمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم.فبعثت إليه الهاشمية صاحبة الراية السوداء في أيام محمد بن عبد اللّه فقالت له:لا و لا كرامة لا تشهر أحدا من بني هاشم و تشنع عليهم و أنت ظالم.فكفّ عن ذلك و خلّي سبيلهم.
رجع الحديث إلى خبر الحسين.
قالوا:فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار بن أفلح أغلظ العمري أمر العرض،و ولّى على الطالبيين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسى الحائك مولى الأنصار،فعرضهم يوم جمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتى بدأ أوائل الناس يجيئون إلى المسجد،ثم أذن لهم فكان قصارى أحدهم أن يغدو و يتوضأ للصلاة و يروح إلى المسجد،فلما صلّوا حبسهم في المقصورة إلى العصر،ثم عرضهم فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر،فقال ليحيى و الحسين بن علي:لتأتياني به أو لأحبسنكما فإن له ثلاثة أيّام لم يحضر العرض و لقد خرج أو تغيّب،فرادّه بعض المرادّة و شتمه يحيى،و خرج فمضى ابن الحائك هذا فدخل على العمري فأخبره فدعا بهما فوبخهما و تهددهما،فتضاحك الحسين في وجهه و قال:أنت مغضب يا أبا حفص.
فقال له العمري:أ تهزأ بي و تخاطبني بكنيتي؟.
فقال له:قد كان أبو بكر و عمر،و هما خير منك،يخاطبان بالكنى فلا ينكران ذلك،و أنت تكره الكنية و تريد المخاطبة بالولاية.
فقال له:آخر قولك شر من أوله.
فقال:معاذ اللّه،يأبى اللّه لي ذلك و من أنا منه.
فقال له:أ فأنما أدخلتك إليّ لتفاخرني و تؤذيني؟فغضب يحيى بن عبد اللّه».
ص: 373
فقال له:فما تريد منا؟.
فقال:أريد أن تأتياني بالحسن بن محمد.
فقال:لا نقدر عليه،هو في بعض ما يكون فيه الناس،فابعث إلى آل عمر بن الخطاب فاجمعهم كما جمعتنا،ثم اعرضهم رجلا رجلا،فإن لم تجد فيهم من قد غاب أكثر من غيبة الحسن عنك فقد أنصفتنا،فحلف على الحسين بطلاق امرأته و حرية مماليكه أنه لا يخلي عنه أو يجيئه به في باقي يومه و ليلته،و أنه إن لم يجيء به ليركبن إلى سويقه فيخربها و يحرقها،و ليضربن الحسين ألف سوط،و حلف بهذه اليمين إن وقعت عينه على الحسن بن محمد ليقتلنه من ساعته.
فوثب يحيى مغضبا فقال له:أنا أعطي اللّه عهدا،و كل مملوك لي حر إن ذقت الليلة نوما (1)حتى آتيك بالحسن بن محمد أو لا أجده،فأضرب عليك بابك حتى تعلم أني قد جئتك.و خرجا من عنده و هما مغضبان،و هو مغضب، فقال الحسين ليحيى بن عبد اللّه: بئس لعمر اللّه ما صنعت حين تحلف لتأتينه به،و أين تجد حسنا؟.
قال:لم أرد أن آتيه بالحسن و اللّه،و إلاّ فأنا نفي من رسول اللّه(ص) [و من علي عليه السلام]بل أردت إن دخل عيني نوم حتى أضرب عليه بابه و معي السيف،إن قدرت عليه قتلته.
فقال له الحسين:بئسما تصنع تكسر علينا أمرنا.
قال له يحيى:و كيف أكسر عليك أمرك،و إنما بيني و بين ذلك عشرة أيام حتى تسير إلى مكة،فوجه الحسين إلى الحسن بن محمد فقال:يابن عمي،قد بلغك ما كان بيني و بين هذا الفاسق،فامض حيث أحببت.
فقال الحسن:لا و اللّه يابن عمي،بل أجيء معك الساعة حتى أضع يدي في يده.».
ص: 374
فقال له الحسين:ما كان اللّه ليطلع عليّ و أنا جاء إلى محمد(ص)و هو خصمي و حجيجي في دمك،و لكن أقيك بنفسي لعلّ اللّه أن يقيني من النار.
قال:ثم وجه،فجاءه يحيى،و سليمان،و إدريس،بنو عبد اللّه بن الحسن، و عبد اللّه بن الحسن الأفطس،و إبراهيم بن إسماعيل طباطبا و عمر بن الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن،و عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي،و عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.و وجّهوا إلى فتيان من فتيانهم و مواليهم،فاجتمعوا ستة و عشرين رجلا من ولد علي،و عشرة من الحاج،و نفر من الموالي.فلما أذّن المؤذن للصبح دخلوا المسجد ثم نادوا:«أحد،أحد»و صعد عبد اللّه بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي(ص)عند موضع الجنائز فقال للمؤذن:أذّن بحيّ على خير العمل،فلما نظر إلى السيف في يده أذّن بها و سمعه العمري فأحس بالشرودهش،و صاح:أغلقوا (1)البغلة الباب و أطعموني حبتي ماء.
قال علي بن إبراهيم في حديثه:فولده[إلى]الآن بالمدينة يعرفون ببني حبتي ماء.
قالوا:ثم اقتحم إلى دار عمر بن الخطاب و خرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم بن عمر،ثم مضى هاربا على وجهه يسعى و يضرط حتى نجا،فصلى الحسين بالناس الصبح و دعا بالشهود العدول الذين كان العمري أشهدهم عليه أن يأتي بالحسن إليه،و دعى بالحسن و قال للشهود:هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري و إلاّ و اللّه خرجت من يميني و مما عليّ.
و لم يتخلف عنه أحد من الطالبيين إلاّ الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن،فإنه استعفاه فلم يكرهه.و موسى بن جعفر بن محمد.فحدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدثني حمدان بن إبراهيم،قال:حدثنا يحيى بن الحسين بن الفرات،قال:حدثني عنيزة القصباني،قال:
رأيت موسى بن جعفر بعد عتمة و قد جاء إلى الحسين صاحب فخ،فانكب عليه شبه الركوع و قال:أحب أن تجعلني في سعة و حل من تخلفي عنك،فأطرق».
ص: 375
الحسين طويلا لا يجيبه،ثم رفع رأسه إليه فقال:أنت في سعة.
حدثني علي بن إبراهيم،قال:حدثني جعفر بن محمد الفزاري،قال:حدثنا عباد بن يعقوب،قال:حدثنا عنيزة القصباني (1)(2)بهذا:
رجع الحديث إلى حيث انتهى من قصصهم.
قال:و قال الحسين لموسى بن جعفر في الخروج فقال له:إنك مقتول فأحدّ الضراب فإن القوم فسّاق يظهرون إيمانا،و يضمرون نفاقا و شركا،فإنا للّه و إنا إليه راجعون،و عند اللّه عز و جل أحتسبكم من عصبة.
قال:و خطب الحسين بن علي بعد فراغه من الصلاة فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:
أنا ابن رسول اللّه،على منبر رسول اللّه،و في حرم رسول اللّه،أدعوكم إلى سنة رسول اللّه(ص) (3).
أيّها الناس:أتطلبون آثار رسول اللّه في الحجر و العود،و تتمسحون بذلك، و تضيعون بضعة منه! فقال الراوي للحديث:فقلت في نفسي قولا أسره:إنا للّه ما صنع هذا بنفسه.قال:و إلى جنبي عجوز مدنية فقالت:اسكت ويلك،ألابن رسول اللّه تقول هذا؟ قلت:يرحمك اللّه و اللّه ما قلت هذا إلاّ للإشفاق عليه.
قالوا:فأقبل خالد البربري (4)و كان مسلحة للسلطان بالمدينة في السلاح (5)و معه أصحابه حتى وافوا باب المسجد الذي يقال له:باب جبرائيل، فنظرت إلى يحيى بن عبد اللّه قد قصده و في يده السيف فأراد خالد أن ينزل فبدره يحيى فضربه».
ص: 376
على جبينه،و عليه البيضة و المغفر و القلنسوة،فقطع ذلك كلّه و أطار قحف رأسه، و سقط عن دابته،و حمل على أصحابه فتفرقوا و انهزموا (1).
و حج في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة للزيارة فبلغه خبر الحسين فبعث إليه من الليل:إني و اللّه ما أحب أن تبتلى بي و لا أبتلي بك (2)،فبعث الليلة إليّ نفرا من أصحابك و لو عشرة يبيتون عسكري حتى أنهزم و اعتل بالبيات،ففعل ذلك الحسين،و وجه عشرة من أصحابه فجعجعوا بمبارك و صيّحوا في نواحي عسكره، فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده فمضى به حتى انتهى إلى مكة (3).
و حج في تلك السنة العباس بن محمد،و سليمان بن أبي جعفر،و موسى بن عيسى (4)،فصار مبارك معهم،و اعتل عليهم بالبيات.
و خرج الحسين بن علي قاصدا إلى مكة و معه من تبعه من أهله و مواليه و أصحابه و هم زهاء ثلثمائة،و استخلف على المدينة دنيار الخزاعي،فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ و بلدح (5)تلقتهم الجيوش،فعرض العباس على الحسين الأمان و العفو و الصلة فأبى ذلك أشد الإباء.
قال الحسن بن محمد:و حدثني سليمان بن عبّاد،قال:
لما أن رأى الحسين المسودة أقعد رجلا على جمل،معه سيف يلوّح به، و الحسين يملي عليه حرفا حرفا يقول:نادي، فنادى:
يا معشر الناس،يا معشر المسودة،هذا الحسين بن رسول اللّه(ص)،و ابن عمه،يدعوكم إلى كتاب اللّه و سنّة رسول اللّه(ص).
قال الحسن:و حدثني محمد بن مروان عن أرطاة،قال:».
ص: 377
لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال:
أبايعكم على كتاب اللّه،و سنّة رسول اللّه،و على أن يطاع اللّه و لا يعصى، و أدعوكم إلى الرضا من آل محمد،و على أن نعمل فيكم بكتاب اللّه و سنّة نبيه(ص)، و العدل في الرعية،و القسم بالسّوية، و على أن تقيموا معنا،و تجاهدوا عدوّنا،فإن نحن و فينا لكم و فيتم لنا،و إن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم.
قال الحسن بن محمد في حديثه:فحدثني كثير عن إسحاق بن إبراهيم،قال:
سمعت الحسن ليلة جمعة و نحن ببطن مرّ،و لقينا عبيد بن يقطين،و مفضل الوصيف و هما في سبعين فارسا،و الحسين راكب على حمار إدريس بن عبد اللّه و هو يقول:
يا أهل العراق،إن خصلتين إحداهما الجنة لشريفتان،و اللّه لو لم يكن معي غيري لحاكمتكم إلى اللّه عزّ و جلّ حتى ألحق بسلفي.
رجع الحديث إلى أوله. (1)
قال:و لقيته الجيوش بفخ و قادها:العباس بن محمد،و موسى بن عيسى، و جعفر و محمد ابنا سليمان،و مبارك التركي،و منارة،و الحسن الحاجب، و الحسين بن يقطين، فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح،فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة،فصار محمد بن سليمان في الميمنة؛و موسى في الميسرة، و سليمان بن أبي جعفر،و العباس بن محمد في القلب (2).
فكان أول من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي،و حمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم،فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل أكثر أصحاب الحسين.و جعلت المسودة تصيح للحسين:يا حسين،لك الأمان فيقول: ما أريد الأمان،و يحمل عليهم حتى قتل.
و قتل معه سليمان بن عبد اللّه بن الحسن،و عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن.0.
ص: 378
و أصابه الحسن بن محمد بنشابة في عينه و تركها في عينه (1)،و جعل يقاتل أشد القتال،فناداه محمد بن سليمان:يابن خال،اتق اللّه في نفسك و لك الأمان.
فقال:و اللّه ما لكم أمان،و لكني أقبل منكم،ثم كسر سيفا هنديّا كان في يده،و دخل إليهم،فصاح العباس بن محمد بابنه عبد اللّه:قتلك اللّه إن لم تقتله، أبعد تسع جراحات تنتظر هذا؟.
فقال له موسى بن عيسى:إي و اللّه عاجلوه!فحمل عليه عبيد اللّه فطعنه، و ضرب العباس بن محمد عنقه بيده صبرا،و نشبت الحرب بين العباس بن محمد، و محمد بن سليمان،و قال:أمّنت ابن خالي فقتلتموه،فقالوا:نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه.
و ذكر أحمد بن الحرث في روايته:
أن موسى بن عيسى هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد.
قال أحمد بن الحرث:و حدثني يزيد بن عبد اللّه الفارسي،قال:
كان حماد التركي ممن حضر وقعة فخ،فقال للقوم:أروني حسينا،فأروه إيّاه، فرماه بسهم فقتله،فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم و مائة ثوب.
قالوا:و غضب موسى على مبارك التركي لانهزامه عن الحسين و حلف ليجعلنه سائسا.
و غضب على موسى في قتله الحسن بن محمد صبرا،و قبض أموالهم (2).
و كان يقول:متى توافي فاطمة أخت الحسين بن علي؟و اللّه لأطرحنها إلى السّوّاس،فمات قبل أن يوافي بها (3).
حدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدثنا الحسن بن علي بن هاشم، قال:حدثني محمد بن منصور،عن القاسم بن إبراهيم،عمن ذكره،قال:
رأيت الحسين صاحب فخ و قد دفن شيئا،فظننت أنه شيء له مقدار،فلما».
ص: 379
كان من أمره ما كان،نظرنا فإذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه ثم عاد فكّر عليهم.
قال الحسن:و حدثني محمد بن منصور،قال:حدثني مصفى بن عاصم، قال:حدثني سليمان بن إسحاق القطان،قال:حدثني أبو العرجا الجمال (1):
أن موسى بن عيسى دعاه فقال له: أحضرني جمالك.قال:فجئته بمائة جمل ذكر،فختم أعناقها،و قال:لا أفقد منها و برة إلاّ ضربت عنقك،ثم تهيأ للمسير إلى الحسين صاحب فخ،فسار حتى أتينا بستان بني عامر فنزل فقال لي:إذهب إلى عسكر الحسين حتى تراه و تخبرني بكل ما رأيت.فمضيت فدرت فما رأيت خللا و لا فللا،و لا رأيت إلاّ مصليا أو مبتهلا،أو ناظرا في مصحف أو معدا للسلاح قال:
فجئته فقلت:ما أظن القوم إلاّ منصورين.فقال: و كيف ذاك يابن الفاعلة؟ فأخبرته فضرب يدا على يد و بكى حتى ضننت أنه سينصرف ثم قال:هم و اللّه أكرم عند اللّه،و أحق بما في أيدينا منا،و لكن الملك عقيم،و لو أن صاحب القبر-يعني النبي(ص)-نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف،يا غلام،اضرب بطبلك.ثم سار إليهم،فو اللّه ما انثنى عن قتلهم.
رجع الحديث إلى حيث انقطع.
قالوا:جاء الجند بالرؤوس (2)إلى موسى،و العباس،و عندهم جماعة من ولد الحسن و الحسين،فلم يتكلم أحد منهم بشيء إلاّ موسى بن جعفر فقال له:هذا رأس الحسين.
قال:نعم إنا للّه و إنا إليه راجعون،مضى و اللّه مسلما صالحا صوّاما قوّاما آمرا بالمعروف،ناهيا عن المنكر،ما كان في أهل بيته مثله.فلم يجيبوه بشيء.
قال:و حملت الأسرى إلى موسى الهادي،و فيهم العذافر الصيرفي،و علي بن سابق القلانسي،و رجل من ولد الحاجب بن زرارة،فأمر بهم فضربت أعناقهم (3)،».
ص: 380
و من بين يديه رجل آخر من الأسرى واقف،فقال أنا مولاك يا أمير المؤمنين.
فقال:مولاي يخرج عليّ،و مع موسى سكين،فقال:و اللّه لأقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا.
قال:و غلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم مات،و سلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه.
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:قال أحمد بن الحارث (1)،عن عمر بن خلف الباهلي،عن بعض الطالبيين،قال:
لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة،و أمر الناس بالوقيعة (2)على آل أبي طالب،فجعل الناس يوقعون عليهم حتى لم يبق أحد،فقال بقي أحد.
قيل له:موسى بن عبد اللّه.و أقبل موسى بن عبد اللّه على أثر ذلك،و عليه مدرعة و إزار غليظ،و في رجليه نعلان من جلود الإبل،و هو أشعث أغبر حتى قعد مع الناس و لم يسلم عليه،و إلى جنبه السري بن عبد اللّه من ولد الحرث بن العباس بن عبد المطلب،فقال لموسى بن عيسى: دعني أكشف عليه باله،و أعرفه نفسه.
قال:أخافه عليك.قال:دعني،فأذن له فقال له:يا موسى.
قال:أسمعت فقل.
قال:كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم.
فقال موسى أقول في ذلك:
بني عمّنا ردوا فضول دمائنا *** ينم ليلكم أو لا يلمنا اللّوائم (3)
***فإنا و إيّاكم و ما كان بيننا كذي الدين يقضي دينه و هو راغم
فقال السري:و اللّه ما يزيدكم البغي إلاّ ذلّة،و لو كنتم مثل بني عمكم سلمتم-يعني موسى بن جعفر-و كنتم مثله،فقد عرف حق بني عمّه و فضّلهم عليه،فهو لا يطلب ما ليس له.».
ص: 381
فقال له موسى بن عبد اللّه:
فإنّ الأولى تثني عليهم تعيبني *** أولاك بنو عمّي و عمّهم أبي
***فإنك إن تمدحهم بمديحة تصدق و إن تمدح أباك تكذب
قالوا (1):و لما بلغ العمري و هو بالمدينة قتل الحسن بن علي صاحب فخ عمد إلى داره و دور أهله فحرقها (2)،و قبض أموالهم و نخلهم،فجعلها في الصوافي المقبوضة.
صاحب فخ
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:قال أحمد الحارث الخرّاز، حدثني المدائني قال:
خرج مع الحسين صاحب فخ من أهل بيته:يحيى،و سليمان،و إدريس،بنو عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،و علي بن إبراهيم بن الحسن بمكة،و إبراهيم بن إسماعيل طباطبا،و الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن،و عبد اللّه و عمر ابنا إسحاق بن الحسن بن علي بن الحسين.و عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن.
هؤلاء من ذكره المدائني[و قد ذكرت]في صدر خبر الحسين[أسماء من خرج معه من أهله و فيهم زيادة على هذا كرهنا إعادتها] (3).
حدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدثني جعفر بن محمد بن سابور، قال:حدثنا الحسن بن محمد،قال:حدثني يحيى بن الحسن بن فرات،قال:
حدثنا سعيد بن خيثم،قال:
كنت مع الحسين صاحب فخ،أنا،و علي بن هشام بن البريد،و يحيى بن يعلى (4).
ص: 382
حدثني علي بن إبراهيم قال:حدثني جعفر بن محمد الفزاري،قال:حدثني علي بن أحمد الباني (1)،قال:
سمعت محمد بن إبراهيم صاحب أبي السرايا بالكوفة يقول لعامر بن كثير السراج:خرجت مع الحسين بن علي صاحب فخ؟قال:نعم.
حدثنا علي بن العباس،قال:حدثنا الحسن بن محمد،عن أحمد بن كثير الذهبي،قال:حدثنا إبراهيم بن إسحاق القطان (2)،قال سمعت الحسين بن علي،و يحيى بن عبد اللّه يقولان:
ما خرجنا حتى شاورنا أهل بيتنا،و شاورنا موسى بن جعفر فأمرنا بالخروج.
حدثنا علي بن العباس،قال:حدثنا الحسن بن محمد،قال:حدثنا ابن أبي ليلى محمد بن عمران،قال:حدثني نصر الخفاف،قال:
أصابتني ضربة و أنا مع الحسين بن علي صاحب فخ فبرت اللحم و العظم، فبتّ ليلتي أعوي منها،و أنا أخاف أن يجيئوني فيأخذوني إذا سمعوا الصوت، فغلبتني عيني فرأيت النبي(ص)و قد جاء فأخذ عظما فوضعه على عضدي، فأصبحت و ما أجد من الوجع قليلا و لا كثيرا.
حدثني أحمد بن عبيد اللّه،عن الخرّاز،عن المدائني،عن عمر بن مساور الأهوازي،قال:أخبرني جماعة من موالي محمد بن سليمان:
أنه لما حضرته الوفاة جعلوا يلقنونه الشهادة و هو يقول:
ألا ليت أمي لم تلدني و لم أكن *** لقيت حسينا يوم فخ و لا الحسن
فجعل يرددها حتى مات.
قال أبو الفرج الأصبهاني:
حكى هذه الحكاية بعض مشايخنا على هذا و خالف في روي البيت و قال فيه:
ألا ليت أمي لم تلدني *** و لم أشهد حسينا يوم فخ
قال:و كان محمد إذا رأى أخاه جعفرا يئن و ينشد هذا البيت:».
ص: 383
ألا ليت أمي لم تلدني *** و لم أشهد حسينا يوم فخ
و مما رثى به الحسين بن علي من الشعر:حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن العلوي،قال:قال عيسى بن عبد اللّه (1)يرثي الحسين صاحب فخ (2).
فلأبكين على الحسين *** بعولة و على الحسن (3)
و على ابن عاتكة الذي *** أثووه ليس بذي كفن (4)
تركوا بفخ غدوة *** في غير منزلة الوطن
كانوا كراما فانقضوا (5)*** لا طائشين و لا جبن
غسلوا المذلة عنهم *** غسل الثياب من الدّرن
هدى العباد بجدّهم *** فلهم على الناس المنن
فحدثني علي بن أبي إبراهيم العلوي عن نفسه،أو رواه عن غيره،أنا أشك، قال:
رأيت في النوم رجلا يسألني أن أنشده هذه الأبيات فأنشدته إيّاها فقال لي زد فيها:
قوم كرام سادة *** منهم و من هم ثم من (6)
حدثني أحمد بن عبيد اللّه[بن عمار]،قال:قال أحمد بن الحارث،و حدثني المدائني،قال:حدثني أبو صالح الفزاري،قال:».
ص: 384
سمع على مياه غطفان كلها ليلة قتل الحسين صاحب فخ هاتف يهتف و يقول:
ألا يا لقوم للسواد المصبّح *** و مقتل أولاد النبي ببلدح
لبيك حسينا كل كهل و أمرد *** من الجن ان لم يبكك من الأنس نوح
فإني لجني و إن معرّسي *** لبلبرقة السوداء من دون زحزح
فسمعها الناس لا يدرون ما الخبر حتى أتاهم قتل الحسين.
أنشدني أحمد بن عبد اللّه بن عمار،قال:أنشدني عمر بن شبّة،قال:أنشدني سليمان بن داود بن علي العباسي لأبيه يرثي من قتل بفخ.
و أنشدنيها أحمد بن سعيد،قال أنشدنا يحيى بن الحسن،قال أنشدني موسى بن داود السلمي لأبيه (1)يرثيهم،فلا أدري الوهم ممن هو:
يا عين أبكي بدمع منك منهتن (2)*** فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن
صرعى بفخ تجر الريح فوقهم *** أذيالها و غوادي الدلج المزن
حتى عفت أعظم لو كان شاهدها *** محمد ذبّ عنها ثم لم تهن (3)
ما ذا يقولون و الماضون قبلهم *** على العداوة و البغضاء و الأحن
ما ذا يقولون إن قال النبي لهم: *** ما ذا صنعتم بنا في سالف الزمن؟
لا الناس من مضر حاموا و لا غضبوا *** و لا ربيعة و الأحياء من يمن
يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرما *** و قد رعى الفيل حق البيت ذي الركن».
ص: 385
ص: 386
هارون بن المهدى بن أبى جعفر المنصور و من قتل منهم فيها
ص: 387
و يحيى بن عبد اللّه بن الحسن (1)بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و يكنى أبا الحسن.
و أمه قريبة بنت عبد اللّه.و هو ذبيح بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
و هي بنت أخي هند بنت أبي عبيدة.
و كان حسن المذهب و الهدى،مقدما في أهل بيته،بعيدا مما يعاب على مثله.
و قد روى الحديث و أكثر الرواية عن جعفر بن محمد.و روى عن أبيه، و عن أخيه محمد،و عن أبان بن تغلب.
و روى عنه مخول بن إبراهيم،و بكار بن زياد،و يحيى بن مساور، و عمرو بن حمّاد.
و أوصى إليه جعفر بن محمد لما حضرته الوفاة،و إلى أم موسى،و إلى أم ولد، فكان يلي أمر تركاته و الأصاغر من ولده،جاريا على أيديهم.
حدثني (2)علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدثنا الحسين بن علي بن هاشم
ص: 388
المزني (1)،قال:حدثنا سعيد بن عثمان،قال:حدثنا بكار بن زياد،عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن،قال:قال الحسن بن محمد المزني،و حدثني حرب بن الحسن الطحان،قال:حدثني بعض أصحابنا،قال:
سمعنا يحيى بن عبد اللّه بن الحسن يقول:أوصى إليّ جعفر بن محمد،و إلى موسى،و إلى أم ولد كانت له،فأينا كان الوصي.
حدثنا علي بن العباس،قال:حدثنا الحسن بن علي بن هاشم (2)،قال:
حدثني علي بن حسان عن عمّه عبد الرحمن بن كثير،قال:
كان جعفر بن محمد قد ربّى يحيى بن عبد اللّه بن الحسن،فكان يحيى يسميه حبيبي،و كان إذا حدّث عنه قال:حدّثني حبيبي جعفر بن محمد.
حدّثني علي،قال حدّثنا الحسن بن هاشم،قال حدّثنا الحسن بن محمد،قال:حدّثني إسماعيل بن موسى الفزاري،قال:
رأيت يحيى بن عبد اللّه بن الحسن جاء إلى مالك بن أنس بالمدينة فقام له عن مجلس و أجلسه إلى جنبه.
قال:و رأيته بالسوق أو بغيره من طريق مكة.
و كان قصيرا،آدم،حسن الوجه و الجسم،تعرف سلالة الأنبياء في وجهه،رضوان اللّه عليه و رحمته.
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي عن أبيه،قال:و حدثني أيضا أحمد بن سليمان بن أبي شيخ،و هاشم بن أحمد
ص: 389
البغوي و غيرهم.و حدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:كتب إليّ محمد بن حماد يذكر أن محمد بن إسحاق البغوي حدثه عن أبيه و غيره من مشايخه،و حدثني علي بن إبراهيم،قال:كتب إليّ إبراهيم بن بنان الخثعمي يذكر عن محمد بن أبي الخنساء.
و قد جمعت روايتهم في خبر يحيى إلاّ ما عسى أن يكون من خلاف بينهم فأفرده و أذكر رواته.
قالوا:
إن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن لما قتل أصحاب فخ كان في قبلهم،فاستتر مدة (1)يجول في البلدان،و يطلب موضعا يلجأ إليه،و علم الفضل بن يحيى بمكانه في بعض النواحي فأمره بالانتقال عنه و قصد الديلم،و كتب له منشورا لا يتعرض له أحد.
فمضى متنكرا حتى ورد الدّيلم، و بلغ الرشيد خبره و هو في بعض الطريق، فولى الفضل بن يحيى نواحي المشرق،و أمره بالخروج إلى يحيى.
فحدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:كتب إليّ موسى بن محمد بن حماد (2)يخبرني أن محمد بن يوسف حدثه عن عبد اللّه بن خوات (3)،عن جعفر بن يحيى الأحول عن إدريس بن زيد،قال:
عرض رجل للرشيد فقال:يا أمير المؤمنين نصيحة.
فقال لهرثمة:اسمع ما يقول.
قال:إنها من أسرار الخلافة.فأمره ألا يبرح،فلما كان في وقت الظهيرة دعا به فقال:اخلني،فالتفت الرشيد إلى ابنيه فقال:انصرفا فانصرفا،و بقي خاقان، و الحسن على رأسه فنظر الرجل إليهما،فقال الرشيد:تنحيا عني،ففعلا،ثم أقبل على الرجل فقال:هات ما عندك.».
ص: 390
قال:على أن تؤمنني (1)من الأسود و الأحمر.
قال:نعم،و أحسن إليك.
قال:كنت في خان من خانات حلوان،فإذا أنا بيحيى بن عبد اللّه في درّاعة صوف غليظة و كساء صوف أحمر غليظ،و معه جماعة ينزلون إذا نزل و يرتحلون إذا رحل و يكونون معه ناحية، فيوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه و هم أعوانه،مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به إن عرض له.
قال:أو تعرف يحيى؟ قال:قديما و ذاك الذي حقق معرفتي بالأمس له.
قال:فصفه لي.
قال:مربوع،أسمر،حلو السمرة،أجلح،حسن العينين،عظيم البطن.
قال:هو ذاك.فما سمعته يقول؟قال ما سمعته يقول شيئا،غير أني رأيته و رأيت غلاما له أعرفه،لما حضر وقت صلاته فأتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه و نزع جبته الصوف ليغسلها، فلما كان بعد الزوال صلّى صلاة ظننتها العصر،أطال في الأولتين و حذف الأخيرتين.
فقال له الرشيد:للّه أبوك،لجاد ما حفظت،تلك صلاة العصر و ذلك وقتها عند القوم،أحسن اللّه جزاءك،و شكر سعيك فما أنت؟و ما أصلك؟.
فقال:أنا رجل من أبناء (2)هذه الدولة،و أصلي مرو،و منزلي بمدينة السلام.
فأطرق مليا ثم قال:كيف احتمالك لمكروه مني تمتحن به في طاعتي؟ قال:أبلغ في ذلك حيث أحبّ أمير المؤمنين.
قال:كن بمكانك حتى أرجع،فقام فطعن في حجرة كانت خلفه،فأخرج صرة فيها ألف دينار،فقال: خذ هذه و دعني و ما أدبّر فيك،فأخذها الرجل و ضم عليها ثوبه،ثم قال:يا غلام،فأجابه مسرور،و خاقان،و الحسين فقال:اصفعوا ابن».
ص: 391
اللخناء.فصفعوه نحو مائة صفعة،فخفى الرجل بذلك،و لم يعلم أحد بما كان ألقى إليه الرجل،و ظنوا أنه ينصح بغير ما يحتاج إليه،لما جرى عليه من المكروه،حتى كان من الرشيد ما كان في أمر البرامكة فأظهر ذلك.
رجع الحديث إلى سياقة خبر يحيى.
قالوا:فلما علم الفضل بمكان يحيى بن عبد اللّه كتب إلى يحيى:
إني أحبّ أن أحدث بك عهدا،و أخشى أن تبتلى بي و أبتلى بك،فكاتب صاحب الديلم،فإني قد كاتبته لك لتدخل في بلاده فتمتنع به.
ففعل ذلك يحيى.
و كان قد صحبه جماعة من أهل الكوفة،فيهم ابن الحسن بن صالح بن حي،كان يذهب مذهب الزيدية البتريّة (1)في تفضيل أبي بكر و عمر و عثمان في ست سنين من إمارته و يكفره في باقي عمره،و يشرب النبيذ و يمسح على الخفين، و كان يخالف يحيى في أمره و يفسد أصحابه.
قال يحيى بن عبد اللّه:
فأذّن المؤذن يوما و تشاغلت بطهوري، و أقيمت الصلاة فلم ينتظرني و صلّى بأصحابي،فخرجت فلما رأيته يصلى قمت أصلي ناحية و لم أصل معه؛لعلمي أنه يمسح على الخفين،فلما صلّى قال لأصحابه:علام نقتل أنفسنا مع رجل لا يرى الصلاة معنا،و نحن عنده في حال من لا يرضى مذهبه؟.
قال:و أهديت إليّ شهدة في يوم من الأيام و عندي قوم من أصحابي، فدعوتهم إلى أكلها،فدخل في أثر ذلك فقال:هذه الأثرة،أتأكله أنت و بعض أصحابك دون بعض؟.
فقلت له:هذه هدية أهديت إليّ، و ليست من الفيء الذي لا يجوز هذا فيه.
فقال لا:و لكنك لو وليت هذا الأمر لاستأثرت و لم تعدل.
و أفعال مثل هذا من الاعتراض.
و ولى الرشيد الفضل بن يحيى جميع كور المشرق و خراسان،و أمره بقصد يحيى و الخديعة به،و بذل له الأموال (2)و الصلة إن قبل ذلك،فمضى الفضل فيمن».
ص: 392
ندب معه،و راسل يحيى بن عبد اللّه فأجابه إلى قبوله،لما رأى من تفرق أصحابه، و سوء رأيهم فيه،و كثرة خلافهم عليه،إلاّ أنه لم يرض الشرائط التي شرطت له،و لا الشهود الذين شهدوا[عليه،و كتب لنفسه شروطا،و سمى شهودا] (1)، و بعث بالكتاب إلى الفضل،فبعث به إلى الرشيد فكتب له على ما أراد،و أشهد له من التمس.
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،و أبو عبيد الصيرفي،قالا:حدثنا محمد بن علي بن خلف،قال:حدثني بعض الحسنيين،عن عبيد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن،قال:
قال عبد اللّه بن موسى:أتيت عمي يحيى بن عبد اللّه بعد انصرافه من الديلم و بعد الأمان فقلت:يا عم،ما بعدي مخبر و لا بعدك مخبر،فأخبرني بما لقيت فقال:ما كنت إلاّ كما قال حيي بن أخطب اليهودي:
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه *** و لكن من لا ينصر اللّه يخذل
***فجاهد حتى أبلغ النفس عذرها و قلقل يبغي العزّ كلّ مقلقل (2)
رجع الحديث إلى سياقة خبر يحيى بن عبد اللّه.
قالوا:فلما جاء الفضل إلى بلاد الديلم قال يحيى بن عبد اللّه:
اللهم اشكر لي إخافتي قلوب الظالمين،اللهم إن تقض لنا النصر عليهم فإنما نريد إعزاز دينك،و إن تقض لهم النصر فبما تختار لأوليائك و أبناء أوليائك من كريم المآب و سنيّ الثواب.
فبلغ ذلك الفضل فقال:يدعو اللّه أن يرزقه السلامة،فقد رزقها.
قالوا:فلما ورد كتاب الرشيد على الفضل و قد كتب الأمان على ما رسم يحيى و أشهد الشهود الذين التمسهم، و جعل الأمان على نسختين إحداهما مع يحيى و الأخرى معه،شخص يحيى مع الفضل حتى وافى بغداد و دخلها معادله في عمارية0.
ص: 393
على بغل،فقال مروان بن أبي حفصة (1):
و قالوا الطالقان يجن كنزا *** سيأتينا به الدهر المديل
فأقبل مكذبا لهم بيحيى *** و كنز الطالقان له زميل (2)
فحدثني علي بن إبراهيم العلوي،عن محمد بن موسى (3)بن حماد،قال:
حدثني محمد بن إسحاق البغوي،قال:حدثني أبي،قال:
كنا مع يحيى بن عبد اللّه بن الحسن فسأله رجل كان معنا كيف تخيرت الدخول إلى الديلم من بين النواحي؟.
قال:إن للديلم معنا خرجة فطمعت أن تكون معي.
رجع الحديث إلى سياقة الخبر.
قالوا (4):فلما قدم يحيى أجازه الرشيد بجوائز سنية يقال إن مبلغها مائتا ألف دينار،و غير ذلك من الخلع و الحملان،فأقام على ذلك مدة و في نفسه الحيلة على يحيى و التفرغ له،و طلب العلل عليه و على أصحابه،حتى أخذ رجلا يقال له:فضالة بلغه أنه يدعو إلى يحيى فحبسه،ثم دعا به فأمره أن يكتب إلى يحيى بأنه قد أجابه جماعة من القواد و أصحاب الرشيد ففعل ذلك،و جاء الرسول إلى يحيى فقبض عليه و جاء به إلى يحيى بن خالد فقال له:هذا جاءني بكتاب لا أعرفه،و دفع الكتاب إليه.
فطابت نفس الرشيد بذلك،و حبس فضالة هذا،فقيل له:إنك تظلمه في حبسك إيّاه.
فقال:أنا أعلم ذلك،و لكن لا يخرج و أنا حي أبدا.
قال فضالة:فلا و اللّه ما ظلمني لقد كنت عهدت إلى يحيى إن جاءه مني كتاب ألا يقبله و أن يدفع الرسول إلى السلطان،و علمت أنه سيحتال عليه بي.
قالوا:فلما تبين يحيى بن عبد اللّه ما يراد به استأذن في الحج فأذن له.6.
ص: 394
و قال علي بن إبراهيم في حديثه:لم يستأذن في الحج،و لكنه قال للفضل ذات يوم:اتّق اللّه في دمي،و احذر أن يكون محمد(ص)خصمك غدا فيّ فرقّ له و أطلقه.
و كان على الفضل عين للرشيد قد ذكر ذلك له، فدعا بالفضل و قال:ما خبر يحيى بن عبد اللّه؟.
قال:في موضعه عندي مقيم.
قال:و حياتي! قال:و حياتك إني أطلقته،سألني برحمه من رسول اللّه فرققت له.
قال:أحسنت،قد كان عزمي أن أخلي سبيله.
فلما خرج أتبعه طرفه و قال:قتلني اللّه إن لم أقتلك.
قالوا:ثم إن نفرا من أهل الحجاز تحالفوا على السعاية بيحيى بن عبد اللّه بن الحسن و الشهادة عليه بأنه يدعو إلى نفسه،و أن أمانه منتقض،فوافق ذلك ما كان في نفس الرشيد له، و هم:عبد اللّه بن مصعب الزبيري (1)،و أبو البختري وهب بن وهب (2)،و رجل من بني زهرة،و رجل من بني مخزوم.فوافوا الرشيد لذلك و احتالوا إلى أن أمكنهم ذكرهم له،فأشخصه الرشيد إليه و حبسه عند مسرور الكبير (3)في سرداب،فكان في أكثر الأيام يدعو به فيناظره،إلى أن مات في حبسه رضوان اللّه عليه.
و اختلف الناس في أمره،و كيف كانت وفاته،و سأذكر ذلك في موضعه.
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيخ،عن أبيه،و عن غيره:
أن الرشيد دعا بيحيى يوما فجعل يذكر ما رفع إليه في أمره،و هو يخرج كتبا».
ص: 395
كانت في يده حججا له،فيقرؤها الرشيد و أطراف الكتب في يد يحيى،فتمثل بعض من حضر (1):
أنّى أتيح له حرباء تنصبة *** لا يرسل الساق إلاّ مرسلا ساقا (2)
فغضب الرشيد من ذلك و قال للمتمثل:أتؤيده و تنصره؟ قال:لا،و لكني شبهته في مناظرته و احتجاجه بقول هذا الشاعر.
ثم أقبل عليه فقال:دعني من هذا،يا يحيى أينا أحسن وجها أنا أو أنت؟ قال:بل أنت يا أمير المؤمنين،إنك لأنصع لونا و أحسن وجها.
قال:فأينا أكرم و أسخى،أنا أو أنت؟.
فقال:و ما هذا يا أمير المؤمنين،و ما تسألني عنه،أنت تجبي إليك خزائن الأرض و كنوزها،و أنا أتمحل معاشي من سنة إلى سنة.
قال:فأينا أقرب إلى رسول اللّه(ص)،أنا أو أنت؟.
قال:قد أجبتك عن خطتين،فاعفني من هذه! قال:لا و اللّه.قال:بل فاعفني،فحلف بالطلاق و العتاق ألاّ يعفيه.
فقال:يا أمير المؤمنين لو عاش رسول اللّه(ص)و خطب إليك ابنتك أكنت تزوجه؟.
قال:إي و اللّه! قال:فلو عاش فخطب إليّ أ كان يحل لي أن أزوجه؟.
قال:لا قال:فهذا جواب ما سألت.
فغضب الرشيد و قام من مجلسه،و خرج الفضل بن ربيع و هو يقول:
لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملكه.
قالوا:ثم ردّه إلى محبسه في يومه ذلك.
ثم دعا (3)به و جمع بينه و بين عبد اللّه بن مصعب الزبيري ليناظره فيما رفع إليه،4.
ص: 396
فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد و قال له:نعم يا أمير المؤمنين إن هذا دعاني إلى بيعته.
قال له يحيى:يا أمير المؤمنين،أتصدّق هذا و تستنصحه؟و هو ابن عبد اللّه بن الزبير الذي أدخل أباك و ولده الشعب و أضرم عليهم النار حتى تخلّصه أبو عبد اللّه الجدلي صاحب علي بن أبي طالب منه[عنوة] (1).
و هو الذي بقي أربعين جمعة لا يصلي على النبي(ص)في خطبته حتى التاث عليه الناس،فقال:إن له أهل بيت سوء إذا[صليت عليه أو]ذكرته[أتلعوا أعناقهم (2)و اشرأبوا لذكره]و فرحوا بذلك فلا أحب أن أقر عينهم بذكره.
و هو الذي فعل بعبد اللّه بن العباس ما لا خفاء به عليك (3)حتى لقد ذبحت يوما عنده بقرة فوجدت كبدها قد نقبت فقال ابنه علي بن عبد اللّه:يا أبة أما ترى كبد هذه البقرة؟.
فقال:يا بني،هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف،فلما حضرته الوفاة قال لعلي ابنه:يا بني،ألحق بقومك من بني عبد مناف بالشام،[و لا تقم في بلد لابن الزبير فيه إمرة] (4).فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد اللّه بن الزبير.
و و اللّه إن عداوة هذا[يا أمير المؤمنين]لنا جميعا بمنزلة سواء،و لكنه قوى عليّ بك،و ضعفت عنك،فتقرّب بي إليك،ليظفر منك بما يريد،إذ لم يقدر على مثله، منك،و ما ينبغي لك أن تسوّغه ذلك فيّ،فإن معاوية بن أبي سفيان،و هو أبعد نسبا منك إلينا،ذكر يوما الحسن بن علي فسفهه (5)فساعده عبد اللّه بن الزبير على ذلك، فزجره معاوية[و انتهره]فقال:إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين! فقال:إن الحسن لحمي آكله.و لا أوكله.».
ص: 397
فقال عبد اللّه بن مصعب:إن عبد اللّه بن الزبير طلب أمرا فأدركه،و إنّ الحسن باع الخلافة من معاوية بالدراهم،أتقول هذا في عبد اللّه بن الزبير و هو ابن صفية بنت عبد المطلب (1)؟.
فقال يحيى:يا أمير المؤمنين،ما أنصفنا أن يفخر علينا بامرأة من نسائنا و امرأة منا،فهلا فخر بهذا على قومه من النّوبيات و الأساميات و الحمديات! فقال عبد اللّه بن مصعب:ما تدعون بغيكم علينا و توثبكم في سلطاننا؟.
فرفع يحيى رأسه إليه،و لم يكن يكلّمه قبل ذلك، و إنما كان يخاطب الرشيد بجوابه لكلام عبد اللّه،فقال له:أ توثبنا في سلطانكم؟و من أنتم-أصلحك اللّه- عرفني فلست أعرفكم؟.
فرفع الرشيد رأسه إلى السقف يجيله فيه ليستر ما عراه من الضحك ثم غلب عليه الضحك ساعة،و خجل ابن مصعب.
ثم التفت يحيى فقال:يا أمير المؤمنين،و مع هذا فهو الخارج مع أخي على أبيك (2)و القائل له (3):
إن الحمامة يوم الشعب من دثن (4)*** هاجت فؤاد محب دائم الحزن
***إنا لنأمل أن ترتد ألفتنا بعد التدابر و البغضاء و الأحن
حتى يثاب على الإحسان محسننا (5)*** و يأمن الخائف المأخوذ بالدّمن
و تنقضي دولة أحكام قادتها *** فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فطالما قد بروا بالجور أعظمنا (6)*** بري الصناع قداح النّبع بالسّفن
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا *** إن الخلافة فيكم يا بني الحسن (7)د.
ص: 398
لا عزّ ركنا نزار عند سطوتها *** إن أسلمتك و لا ركنا ذوي يمن (1)
***ألست أكرمهم عودا إذا انتسبوا يوما و أطهرهم ثوبا من الدّرن
و أعظم الناس عند الناس منزلة *** و أبعد الناس من عيب و من وهن (2)
قال:فتغير وجه الرشيد عند استماع هذا الشعر،فابتدأ ابن مصعب يحلف باللّه الذي لا إله إلاّ هو،و بأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له و أنه لسديف (3).
فقال يحيى:و اللّه يا أمير المؤمنين ما قاله غيره،و ما حلفت كاذبا و لا صادقا باللّه قبل هذا،و إن اللّه إذا مجّده العبد في يمينه بقوله:الرحمن الرحيم،الطالب الغالب،استحيى أن يعاقبه،فدعني أحلّفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلاّ عوجل.قال:حلّفه.
قال:قل:برئت من حول اللّه و قوته،و اعتصمت بحولي و قوتي،و تقلّدت الحول و القوة من دون اللّه،استكبارا على اللّه،و استغناء عنه،و استعلاء عليه، إن كنت قلت هذا الشعر.
فامتنع عبد اللّه من الحلف بذلك،فغضب الرشيد و قال للفضل بن الربيع (4):يا عباسي ما له لا يحلف إن كان صادقا؟هذا طيلساني عليّ،و هذه ثيابي لو حلّفني أنها لي لحلفت.فرفس الفضل بن الربيع عبد اللّه بن مصعب برجله و صاح به:
احلف ويحك-و كان له فيه هوى-فحلف باليمين و وجهه متغير و هو يرعد،فضرب يحيى بين كتفيه ثم قال: يابن مصعب قطعت و اللّه عمرك،و اللّه لا تفلح بعدها (5).
فما برح من موضعه حتى أصابه الجذام فتقطع و مات في اليوم الثالث (6).0.
ص: 399
فحضر الفضل بن الربيع جنازته،و مشى معها و مشى الناس معه،فلما جاءوا به إلى القبر و وضعوه في لحده و جعل اللّبن فوقه،انخسف القبر فهوى به حتى غاب عن أعين الناس،فلم يروا قرار القبر و خرجت منه غبرة عظيمة،فصاح الفضل:
التراب التراب،فجعل يطرح التراب و هو يهوي،و دعا بأحمال الشوك فطرحها فهوت،فأمر حينئذ بالقبر فسقف بخشب و أصلحه و انصرف منكسرا.فكان الرشيد بعد ذلك يقول للفضل:رأيت يا عباسي،ما أسرع ما أديل ليحيى من ابن مصعب (1).
فحدثني ابن عمارة قال:حدثني الحسن بن العليل العنزي،قال:حدثني أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن أبي جهم بن حذيفة بن غانم العدوي عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة،قال:
كنت مع إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي ربيعة المخزومي فقال لي:أتحب أن أريك الرجل الذي ألقى عبد اللّه بن مصعب في رحم أمه؟قلت:نعم فأرنيه فأومأ إلى إنسان سندي على حمار،يكري الحمير بالمدينة، و قال لي:ما زال مصعب بن أبي ثابت يخرج أم عبد اللّه بن مصعب من بيت هذا أبدا،و كانت سندية اسمها تحفة،فولدت عبد اللّه فهو أشبه الناس بوردان،فنفاه مصعب بن ثابت عن نفسه،فلم يزل مدة على ذلك،ثم استلاطه بعد ذلك.
قال:و قال بعض الشعراء يهجوا مصعب بن عبد اللّه الزبيري و أخاه بكارا (2)و يذكر عبد اللّه بن مصعب:
تدعى حواري الرسول تكذبا *** و أنت لوردان الحمير سليل (3)
و لولا سعايات بآل محمد *** لألفى أبوك العبد و هو ذليل
و لكنه باع القليل بدينه *** فطال له وسط الجحيم عويل
فنال به مالا وجاها و منكحا *** و ذلك خزي في المعاد طويل0.
ص: 400
ثم نرجع إلى سياقة الخبر في مقتل يحيى بن عبد اللّه.
قالوا:ثم جمع له الرشيد الفقهاء و فيهم:محمد بن الحسن (1)صاحب أبي يوسف القاضي،و الحسن بن زياد اللؤلؤي (2)،و أبو البختري وهب بن وهب، فجمعوا في مجلس و خرج إليهم مسرور الكبير بالأمان،فبدأ محمد بن الحسن فنظر فيه فقال:هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه-و كان يحيى قد عرضه بالمدينة على مالك، و ابن الدّراوردي (3)و غيرهم،فعرفوه أنه مؤكد لا علة فيه.
قال:فصاح عليه مسرور و قال:هاته،فدفعه إلى الحسن بن زياد اللؤلؤي فقال بصوت ضعيف:هو أمان.
و استلبه أبو البختري وهب بن وهب فقال:هذا باطل (4)منتقض،قد شق عصا الطاعة و سفك الدم فاقتله و دمه في عنقي.
فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره فقال له:اذهب فقل له:خرقه إن كان باطلا بيدك،فجاءه مسرور فقال له ذلك فقال:شقّه يا أبا هاشم.
قال له مسرور:بل شقه أنت إن كان منتقضا.
فأخذ سكينا و جعل يشقه و يده ترتعد حتى صيّره سيورا،فأدخله مسرور على الرشيد فوثب فأخذه من يده و هو فرح و هو يقول له:يا مبارك يا مبارك،و وهب لأبي البختري ألف ألف و ستمائة ألف،و ولاه القضاء،و صرف الآخرين،و منع محمد بن الحسن من الفتيا مدة طويلة،و أجمع على إنفاذ ما أراده في يحيى بن عبد اللّه.
قال أبو الفرج الأصبهاني:
و قد اختلف في مقتله كيف كان:فحدثني جعفر بن أحمد الوراق (5)،قال:».
ص: 401
حدثنا أحمد بن يحيى،قال:حدثنا محمد بن عثمان،عن الحسن بن علي،عن عمرو بن حماد،عن رجل كان مع يحيى بن عبد اللّه في المطبق،قال:
كنت قريبا منه فكان في أضيق البيوت و أظلمها،فبينا نحن ذات ليلة كذلك إذ سمعنا صوت الأقفال و قد مضت من الليل هجعة،فإذا هارون قد أقبل على برذون له،ثم وقف و قال:أين هذا؟يعني يحيى بن عبد اللّه بن الحسن.قالوا:في هذا البيت.قال عليّ به فأدنى إليه فجعل هارون يكلمه بشيء لم أفهمه فقال: خذوه، فأخذوه فضرب مائة عصا،و يحيى يناشده اللّه و الرحم و القرابة من رسول اللّه(ص) و يقول:بقرابتي منك،فيقول:ما بيني و بينك قرابة.
ثم حمل فرد إلى موضعه فقال:كم أجريتم عليه؟قالوا:أربعة أرغفة و ثمانية أرطال ماء.
قال:اجعلوه على النصف.
ثم خرج و مكثنا ليالي ثم سمعنا وقعا فإذا نحن به حتى دخل فوقف موقفه فقال:عليّ به،فأخرج ففعل به مثل فعله ذلك،و ضربه مائة عصا أخرى،و يحيى يناشده اللّه، فقال:كم أجريتم عليه؟.
قالوا:رغيفين و أربعة أرطال ماء.
قال:اجعلوه على النصف.
ثم خرج و عاد الثالثة،و قد مرض يحيى بن عبد اللّه و ثقل،فلما دخل قال:
عليّ به،قالوا:هو عليل مدنف لما به.
قال:كم أجريتم عليه؟.
قالوا:رغيفا و رطلين ماء.
قال:فاجعلوه على النصف.
ثم خرج فلم يلبث يحيى بن عبد اللّه أن مات،فأخرج إلى الناس،و دفن رضي اللّه عنه و أرضاه.
و قال ابن عمار في روايته عن إبراهيم بن رياح (1).».
ص: 402
إنه بني عليه اسطوانة بالرافقة و هو حي.
و قال ابن عمار في خبره عن علي بن محمد بن سليمان:
إنه دس إليه في الليل من خنقه حتى تلف.
قال:و بلغني أنه سقاه سما.
و قال علي بن إبراهيم،عن إبراهيم بن بنان الخثعمي،عن محمد بن أبي الخنساء:أنه أجاع السباع ثم ألقاه إليها فأكلته.
فحدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني موسى بن عبد اللّه عن أبيه،و محمد بن عبيد اللّه البكري،عن سلمة بن عبد اللّه بن عبد الرحمن المخزومي،عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمر بن حفص العمري،قال:
دعينا لمناظرة يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بحضرة الرشيد،فجعل يقول له:
اتق اللّه و عرّفني أصحابك السبعين لئلا ينتقض أمانك.و أقبل علينا فقال:إن هذا لم يسم أصحابه،فكلما أردت أخذ إنسان بلغني عنه شيء أكرهه، ذكر أنه ممن أمّنت.
فقال يحيى:يا أمير المؤمنين،أنا رجل من السبعين فما الذي نفعني من الأمان،أفتريد أن أدفع إليك قوما تقتلهم معي،لا يحلّ لي هذا.
قال:ثم خرجنا ذلك اليوم،و دعانا له يوما آخر،فرأيته أصفر الوجه متغيرا، فجعل الرشيد يكلمه فلا يجيبه،فقال:ألا ترون إليه لا يجيبني،فأخرج إلينا لسانه و قد صار أسود مثل الفحمة (1)،يرينا أنه لا يقدر على الكلام فتغيظ الرشيد و قال:
إنه يريكم أني سقيته السم،و و اللّه لو رأيت عليه القتل لضربت عنقه صبرا.
قال:ثم خرجنا من عنده فما وصلنا في وسط الدار حتى سقط على وجهه لا حراك به (2).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:كان».
ص: 403
إدريس بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،يقول:
قتل جدي بالجوع و العطش في الحبس.
و أمّا حرمي بن أبي العلاء،فحدثنا عن الزبير بن بكار،عن عمه:
أن يحيى لما أخذ من الرشيد المائتي ألف دينار قضى بها دين الحسين صاحب فخ،و كان الحسين خلف مائتي ألف دينار دينا.
ابن الحسن من أهل العلم و الحديث
حدثني علي بن إبراهيم العلوي،حدثنا جعفر بن محمد الفزاري:
أن يحيى بن مساور كان ممن خرج مع يحيى بن عبد اللّه.
حدثني علي بن العباس،قال:حدثنا علي بن أحمد الباني (1)،قال:
سمعت عامر بن كثير السراج (2)يحدث محمد بن إبراهيم أنه خرج مع يحيى بن عبد اللّه بن الحسن.
حدثني أبو عبيد محمد بن أحمد المؤمل الصيرفي،قال:سمعت محمد بن علي بن خلف العطار يقول:
خرج سهل بن عامر البجلي مع يحيى بن عبد اللّه.
كتب إليّ علي بن العباس المقانعي،قال: حدثنا عباد بن يعقوب،قال:
أعطى يحيى بن عبد اللّه يحيى بن مساور من المال الذي أعطاه هارون ثلاثة بدور،فلما كان بعد ذلك قال يحيى:احتل لي في ألفي درهم قرضا،فقال له:ابعث برسول و معه بغل،فوجه إلى يحيى بالثلاث بدور،فقال له ما هذا؟قال:هذا الذي كنت أعطيتني،علمت أنك ستحتاج إليه،قال له:خذ بعضه،فقال:لا و اللّه ما كان اللّه ليراني آكل على حبكم درهما أبدا.
حدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:حدثنا محمد بن إبراهيم،قال:قال محمد بن يحيى،عن محمد بن عثمان،عن الحسن بن علي، عن علي بن هاشم بن البريد:
ص: 404
أن هارون أخذه،و عبد ربه بن علقمة،و مخول بن إبراهيم النهدي،و كانوا من أصحاب يحيى بن عبد اللّه،فحبسهم جميعا في المطبق،فمكثوا فيه اثنتي عشرة سنة.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا يحيى بن محمد بن مخول بن إبراهيم،قال:
كنت أغمز ساق جدي فقلت له:يا أبي الكبير (1)ما أدق ساقيك!فقال:
دققتها يا يحيى قيود هارون في المطبق.
حدثنا محمد بن الحسين،قال:حدثنا أحمد بن حازم الغفاري،قال:حدثني مخول،قال:
حبست أنا،و عبد ربه بن علقمة في المطبق،فمكثنا فيه بضع عشرة سنة.
قال:ثم دعاني هارون الرشيد،فمروا بي على عبد ربه بن علقمة،فصاح بي:يا مخول،احذر أن تلقى اللّه و رسوله(ص)و قد شركت في دم ولده،أو دللتهم على أثر يتعلقون به عليه، و إذا مرّ بك هول من عقوباتهم فاذكر عذاب اللّه و عقابه يوم القيامة و الموت!فإنه يسهل عليك.فو اللّه لقد صير قلبي مثل زبرة حديد.و أدخلت على هارون فدعا بالسيف و النطع فقال:و اللّه لتدلّني على أصحاب يحيى أو لأقطعنك قطعا.
فقلت يا أمير المؤمنين،أنا رجل سوقة ضعيف،محبوس منذ أربع سنين،من أين أعرف مواضع أصحاب يحيى و قد تفرقوا في البلاد خوفا منك؟.
فأراد قتلي،فقالوا له:قد صدق فيما ذكر،من أين يعرف مواضع قوم هرّاب؟ فردّني إلى محبسي،فمكثت فيه بضع عشرة سنة.
و مما رثي به يحيى بن عبد اللّه بن الحسن،أنشدنيه علي بن إبراهيم العلوي:
يا بقعة مات بها سيّد *** ما مثله في الأرض من سيّد
مات الهدى (2)***من بعده و الندى و سمى الموت به معتدي
فكم حيا حزت من وجهه *** و كم ندى (3)يحيى به المجتدي».
ص: 405
[لا زلت غيث اللّه يا قبره *** عليك منه رائح مغتدي] (1)
كان لنا غيثا به نرتوي *** و كان كالنجم به نهتدي
فإن رمانا الدهر عن قوسه *** و خاننا في منتهى السؤدد
فعن قريب نبتغي ثاره *** بالحسني الثائر المهتدي
إنّ ابن عبد اللّه يحيى ثوى *** و المجد و السؤدد في ملجد
و إدريس بن عبد اللّه (2)بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه عاتكة بنت عبد الملك بن الحرث الشاعر بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي.و في خالد بن العاص يقول الشاعر:
لعمرك إن المجد ما عاش خالد *** على الغمر من ذي كندة لمقيم
يعني غمر ذي كندة و هو موضع كان ينزله.و قد ذكره عمر بن أبي ربيعة في شعره فقال (3):
إذا سلكت غمر ذي كندة *** مع الصبح قصدا لها الفرقد
يمر بك العصران يوم و ليلة *** فما أحدثا إلاّ و أنت كريم
و تندي البطاح البيض من جود خالد *** و تخصب حتى نبتهن عميم (4)
حدثني بخبره أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي،قال:حدثني أبي و غيره من أهلي،و حدثني به أيضا علي (5)بن إبراهيم العلوي،قال:كتب إلى محمد بن موسى يخبرني عن محمد بن يوسف عن عبد اللّه بن عبد الرحيم بن عيسى:
ص: 406
أن إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن أفلت من وقعة فخ (1)و معه مولى يقال له راشد فخرج به في جملة حاج مصر و إفريقية.و كان إدريس يخدمه و يأتمر له حتى أقدمه مصر (2)فنزلها ليلا فجلس على باب رجل من موالي بني العباس فسمع كلامهما و عرف الحجازية فيهما.فقال:أظنكما عربيين (3).قالا:نعم.قال:
و حجازيين.قالا:نعم.فقال له راشد:أريد أن ألقى إليك أمرنا على أن تعاهد اللّه أنك تعطينا خلة من خلتين:إما أن تؤوينا و تؤمننا،و إما سترت علينا أمرنا حتى نخرج من هذا البلد.
قال:افعل: فعرفه نفسه و إدريس بن عبد اللّه،فآواهما و سترهما.و تهيأت قافلة إلى إفريقية فأخرج معها راشدا إلى الطريق و قال له:إن على الطريق مسالح و معهم أصحاب أخبار تفتش كل من يجوز الطريق،و أخشى أن يعرف،فأنا أمضي به معي على غير الطريق حتى أخرجه عليك بعد مسيرة أيام،و هناك تنقطع المسالح.ففعل ذلك و خرج به عليه فلما قرب من إفريقية ترك القافلة و مضى مع راشد حتى دخل بلد البربر في مواضع منه يقال لها فاس و طنجة،فأقام بها و استجابت له البربر.
و بلغ الرشيد خبره فغمه،فقال النوفلي خاصة في حديثه و خالفه علي بن إبراهيم و غيره فيه،فشكا ذلك إلى يحيى بن خالد،فقال:أنا أكفيك أمره. و دعا سليمان بن جرير الجزري (4)،و كان من متكلمي الزيدية البترية (5)و من أولى الرياسة فيهم،فأرغبه و وعده عن الخليفة بكل ما أحب على أن يحتال لإدريس حتى يقتله،و دفع إليه غانية مسمومة،فحمل ذلك و انصرف من عنده،فأخذ معه صاحبا له،و خرج يتغلغل في البلدان حتى وصل إلى إدريس بن عبد اللّه فمتّ إليه بمذهبه و قال:إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي،فجئتك.فأنس به و اجتباه.و كان ذا لسان و عارضة،و كان يجلس في مجلس البربر فيحتج للزيدية و يدعو إلى أهل البيت كما كان4.
ص: 407
يفعل،فحسن موقع ذلك من إدريس إلى أن وجد فرصة لإدريس فقال له: جعلت فداك،هذه قارورة غالية حملتها إليك من العراق،ليس في هذا البلد من هذا الطيب شيء.فقبلها و تغلل بها و شمّها،و انصرف سليمان إلى صاحبه،و قد أعدّ فرسين، و خرجا يركضان عليهما.و سقط إدريس مغشيّا عليه من شدة السم فلم يعلم من بقربه ما قصته.و بعثوا إلى راشد مولاه فتشاغل به ساعة يعالجه و ينظر ما قصته،فأقام إدريس في غشيته هاته نهاره حتى قضي عشيا،و تبين راشد أمر سليمان فخرج في جماعة يطلبه فما لحقه غير راشد و تقطعت خيل الباقين،فلما لحقه ضربه ضربات منها على رأسه و وجهه،و ضربة كتعت أصابع يديه (1)و كان بعد ذلك مكتعا.
هذه رواية النوفلي.
و ذكر علي بن إبراهيم،عن محمد بن موسى:
أن الرشيد وجه إليه الشّماخ مولى المهدي،و كان طبيبا (2)،فأظهر له أنه من الشيعة و أنه طبيب،فاستوصفه فحمل إليه سنونا (3)و جعل فيه سما،فلما استن به جعل لحم فيه ينتثر و خرج الشماخ هاربا حتى ورد مصر.و كتب ابن الأغلب إلى الرشيد بذلك،فولّى الشماخ بريد مصر و أجازه.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:
حدثني داود بن القاسم الجعفري:
أن سليمان بن جرير أهدى إلى إدريس سمكة مشوية مسمومة فقتله، رضوان اللّه عليه و رحمته.
قالوا:و قال رجل من أولياء بني العباس يذكر قتل إدريس (4)بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
أتظن يا إدريس أنك مفلت *** كيد الخليفة أو يقيك فرار (5)
فليدركنّك أو تحلّ ببلدة *** لا يهتدي فيها إليك نهار».
ص: 408
إن السيوف إذا انتضاها سخطه *** طالت و تقصر دونها الأعمار (1)
ملك كأن الموت يتبع أمره *** حتى يقال تطيعه الأقدار
قال ابن عمار:و هذا الشعر عندي يشبه شعر أشجع بن عمرو السلمي،و أظنه له.
قال أبو الفرج الأصبهاني:
هذا الشعر لمروان بن أبي حفصة،أنشدنيه علي بن سليمان الأخفش له.
قالوا:
و رجع راشد إلى الناحية التي كان بها إدريس مقيما فدفنه (2)،و كان له حمل فقام له راشد بأمر المرأة حتى ولدت،فسمّاه باسم أبيه إدريس،و قام بأمر البربر حتى كبر و نشأ فولى أمرهم أحسن ولاية.
و كان فارسا شجاعا جوادا شاعرا (3)،و أنا أذكر خبره في موضعه من هذا الباب إن شاء اللّه تعالى (4).
و عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و هو الذي يقال له ابن الأفطس (5).
و يكنى أبا محمد.
و أمه أم سعيد بنت سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن،قال:حدثني عبد اللّه بن الحسين بن زيد،قال:
ص: 409
حدثني من رأى عبد اللّه بن الحسن بن الأفطس يوم فخ متقلدا سيفين يقاتل بهما.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى،قال:سمعت عبد اللّه بن حمزة يحكي عمن شهد ذلك (1)،قال:
ما كان بفخ أحد أشد غناء من عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي.
حدثني أحمد،قال:حدثنا يحيى،قال:حدثنا عبد اللّه بن محمد بن عمر:
أن الحسين صاحب فخ أوصى إلى عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي ان حدث به حدث فالأمر إليه.
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثني النوفلي عن أبيه،قال:
كان الرشيد مغري بالمسألة عن أمر آل أبي طالب،و عمن له ذكر و نباهة منهم فسأل يوما الفضل بن يحيى هل سمعت بخراسان ذكرا يحد منهم؟.
قال:لا و اللّه و لقد جهدت فما ذكر لي أحد منهم،إلا أني سمعت رجلا يقول و ذكر موضعا،فقال:ينزل فيه عبد اللّه بن الحسن بن علي،و لم يزد على هذا.
فوجه الرشيد من وقته إلى المدينة فأخذ فجيء به،فلما أدخل عليه قال له:
بلغني أنك تجمع الزيدية و تدعوهم إلى الخروج معك.
قال قال:نشدتك باللّه يا أمير المؤمنين في دمي،فو اللّه ما أنا من هذه الطبقة و لا لي فيهم ذكر،و إن أصحاب هذا الشأن بخلافي،أنا غلام نشأت بالمدينة،و في صحاريها أسعى على قدمي،و أتصيد بالبواشيق ما هممت بغير ذلك قط.
قال:صدقت،و لكني أنزلك دارا،و أوكل بك رجلا واحدا يكون معك و لا يحجبك أحدا يدخل عليك،و إن أردت أن تلعب بالحمام فافعل.
فقال:يا أمير المؤمنين،نشدتك باللّه في دمي،فو اللّه لئن فعلت ذلك بي لأوسوسن و ليذهبن عقلي.
فلم يقبل ذلك منه و حبسه،فلم يزل يحتال لأن تصل رقعته إلى الرشيد حتى
ص: 410
قدر على ذلك،فأنفذ إليه رقعة مختومة فيها كل كلام قبيح و كل شتم شنيع،فلما قرأها طرحها و قال:قد ضاق صدر هذا الفتى فهو يتعرض للقتل،و ما يحملني فعله ذلك على قتله.ثم دعا جعفر بن يحيى فأمره أن يحوله إليه و يوسع عليه في محبسه.
فلما كان يوم غد،و هو يوم نيروز،قدّمه جعفر بن يحيى فضرب عنقه،و غسل رأسه و جعله في منديل،و أهداه إلى الرشيد مع هدايا، فقبلها و قدمت إليه فلما نظر إلى الرأس أفظعه فقال له:ويحك لم فعلت هذا؟.
قال:لإقدامه على ما كتب به إلى أمير المؤمنين،و بسط يده و لسانه بما بسطهما.
قال:ويحك فقتلك إيّاه بغير أمري أعظم من فعله.ثم أمر بغسله و دفنه.
فلما كان من أمره ما كان في أمر جعفر قال لمسرور:إذا أردت قتله فقل له:
هذا بعبد اللّه بن الحسن بن عمي الذي قتلته بغير أمري.فقالها مسرور عند قتله إيّاه.
و محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و أمه خديجة بنت إبراهيم بن طلحة بن عمر بن عبيد اللّه بن معمر التيمي.
حبسه بكار بن عبد اللّه الزبيري،فمات في حبسه.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد اللّه قال:حدثني مالك بن يزيد الجعفري (1).و حدثني علي بن إبراهيم العلوي،قال:كتب إليّ محمد بن موسى بن حماد أن محمد بن الحسن بن مسعود حدثه،قال:أخبرني عمر بن عثمان الزهري:
أن بكار بن عبد اللّه الزبيري وجّه إلى محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن، و قد ورد سويقة ليصوم شهر رمضان في منزله،فجاءه الرسول فأخذه فمضى به إلى الحبس و جعل يتبعه برسول بعد رسول يأمره بالتضييق عليه،ثم أتبعه بآخر يأمره
ص: 411
بتقييده،ثم أتبعه بآخر يأمره بإثقاله و الزيادة في حديده،فالتفت إلى الرسول فقال له:قل لصاحبك:
إني من القوم الذين تزيدهم *** قسوا و صبرا شدة الحدثان
فلم يزل محبوسا ثم أخرجه فقال له من يكفل بك.
قال:جماعة ولد أبي طالب.فقال بعضهم لسنا نكفل لمن عصى أمير المؤمنين،فوثب و أنشأ يقول:
و ما العود إلاّ نابت في أرومة *** أبي صالح العيدان أن يتقطرا (1)
بنو الصالحين الصالحون و من يكن *** لآباء صدق تلقهم حيث ستّرا (2)
قال:فرده إلى محبسه،فلم يزل فيه حتى مات.
و الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر ابن أبي طالب عليه السلام أمه حمادة بنت معاوية بن عبد اللّه بن جعفر.
ذكر محمد بن علي بن حمزة أن بكارا الزّبيري أخذه بالمدينة أيام ولايته إيّاها فضربه بالسوط ضربا مبرّحا،فمات من ذلك الضرب.
و العباس بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا الفضل.
و أمه أم سلمة بنت محمد بن علي بن الحسين.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن العلوي،
ص: 412
قال:حدثني عبد اللّه بن محمد،قال:
دخل العباس بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين،على هارون فكلمه كلاما طويلا،فقال هارون:يابن الفاعلة.
قال:تلك أمك التي تواردها النخاسون.
فأمر به فأدنى فضربه بالجرز (1)حتى قتله.
و موسى بن جعفر بن محمد (2)بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و يكنى أبا الحسن،و أبا إبراهيم.
و أمه أم ولد تدعى حميدة.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال: حدثنا يحيى بن الحسن قال:
كان موسى بن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، و كانت صراره ما بين الثلثمائة إلى المائتين دينار،فكانت صرار موسى مثلا (3).
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى:
أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى ابن جعفر،و يؤذيه إذا لقيه،فقال له بعض مواليه و شيعته:دعنا نقتله،فقال:لا، ثم مضى راكبا حتى قصده في مزرعة له فتواطأها بحماره،فصاح لا تدس زرعنا فلم يصغ إليه و أقبل حتى نزل عنده فجلس معه و جعل يضاحكه،و قال له:كم غرمت على زرعك هذا؟قال:مائة درهم.قال:فكم ترجو أن تربح؟ قال:لا أدري.
قال:إنما سألتك كم ترجو.قال مائة أخرى.قال:فأخرج ثلثمائة دينار فوهبها له فقام فقبل رأسه،فلما دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلم عليه و جعل
ص: 413
يقول:اللّه أعلم حيث يجعل رسالته،فوثب أصحابه عليه و قالوا:ما هذا؟ فشاتمهم،و كان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلم عليه و يقوم له.
فقال موسى لمن قال ذلك القول: أيما كان خيرا ما أردتم أو ما أردت (1).
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثني محمد بن عبد اللّه المدائني قال:
حدثني أبي،قال:حدثني بعض أصحابنا.
أن الرشيد لما حج لقيه موسى بن جعفر على بغلة (2).فقال له الفضل بن الربيع:ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين؟فأنت إن طلبت عليها لم تدرك،و إن طلبت لم تفت.
قال:إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل،و ارتفعت عن ذلة العير،و خير الأمور أوسطها.
حدثني (3)بذلك أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثنا علي بن محمد النوفلي عن أبيه و حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن العلوي،و حدثني غيرهما ببعض قصته،فجمعت ذلك بعضه إلى بعض.
قالوا (4):
كان السبب في أخذ موسى بن جعفر أن الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث (5)،فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك و قال:
إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي و دولة ولدي.فاحتال على جعفر بن محمد، و كان يقول بالإمامة،حتى داخله و أنس به،و أسر إليه،و كان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره و يرفعه إلى الرشيد و يزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه. ثم قال يوما لبعض ثقاته:أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما أحتاج إليه من
ص: 414
أخبار موسى بن جعفر؟فدلّ على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد،فحمل إليه يحيى ابن خالد البرمكي مالا.و كان موسى يأنس إليه و يصله و ربما أفضى إليه بأسراره،فلما طلب ليشخص به أحس موسى بذلك،فدعاه فقال:إلى أين يابن أخي؟قال:إلى بغداد قال:
و ما تصنع؟قال:عليّ دين و أنا مملق. قال:فأنا أقضي دينك و أفعل بك و اصنع،فلم يلتفت إلى ذلك،فعمل على الخروج،فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له:أنت خارج؟ فقال له:نعم لا بد لي من ذلك فقال له:انظر يابن أخي و اتق اللّه لا تؤتم أولادي!و أمر له بثلاثمائة دينار،و أربعة آلاف درهم.
قالوا:فخرج علي بن اسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد البرمكي،فتعرّف منه خبر موسى بن جعفر،فرفعه إلى الرشيد و زاد فيه،ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمّه فسعى به إليه،فعرف يحيى جميع خبره و زاد عليه و قال له:إن الأموال تحمل إليه من المشرق و المغرب،و إن له بيوت أموال،و إنه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسماها اليسيرة، و قال له صاحبها و قد أحضره المال:لا آخذ هذا النقد و لا آخذ إلاّ نقدا كذا و كذا،فأمر بذلك المال فرد و أعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه،فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمائتي ألف درهم نسبت (1)له على بعض النواحي،فاختار كور المشرق،و مضت رسله لقبض المال.و دخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت،و جهدوا في ردّها فلم يقدروا،فوقع لما به،و جاءه المال و هو ينزع فقال:و ما أصنع به و أنا أموت؟! و حج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي(ص)فقال:يا رسول اللّه إني أعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله،أريد أن أحبس موسى بن جعفر؛فإنه يريد التشتت بين أمتك و سفك دمائها.
ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده،و أخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في إحداهما،و وجه مع كل واحد منهما خيلا،فأخذوا بواحدة على طريق البصرة،و الأخرى على طريق الكوفة،ليعمى على الناس أمره،و كان موسى في التي مضت إلى البصرة،فأمر الرسول أن يسلّمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، و كان على البصرة حينئذ فمضى به، فحبسه عنده سنة،ثم كتب إلى الرشيد:أن خذه».
ص: 415
مني و سلّمه إلى من شئت،و إلاّ خلّيت سبيله،فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك،حتى إني لأتسمع عليه إذا دعا لعلّه يدعو عليّ أو عليك فما أسمعه يدعو إلاّ لنفسه،يسأل اللّه الرحمة و المغفرة.
فوجه من تسلّمه منه،و حبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد،فبقي عنده مدة طويلة.و أراده الرشيد على شيء من أمره فأبى،فكتب إليه ليسلمه إلى الفضل بن يحيى،فتسلمه منه،و أراد ذلك منه فلم يفعله،و بلغه أنه عنده في رفاهية وسعة و دعة،و هو حينئذ بالرقة،فأنفذ مسرورا الخادم إلى بغداد على البريد،و أمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره،فإن كان الأمر على ما بلغه أوصل كتابا منه إلى العباس بن محمد و أمره بامتثاله،و أوصل كتابا منه إلى السّندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد.
فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريد،ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد،فمضى من فوره إلى العباس بن محمد و السندي بن شاهك،فأوصل الكتابين إليهما.فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض ركضا إلى الفضل بن يحيى،فركب معه و خرج مشدوها دهشا حتى دخل على العباس فدعا العباس بالسياط و عقابين،فوجّه بذلك إليه السندي،فأمر بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط.
و خرج متغير اللون بخلاف ما دخل،فذهبت قوته (1)فجعل يسلم على الناس يمينا و شمالا.
و كتب مسرور بالخبر إلى الرشيد،فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك و جلس الرشيد مجلسا حافلا و قال:
أيها الناس،إن الفضل بن يحيى قد عصاني و خالف طاعتي،و رأيت أن ألعنه فالعنوه.فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت و الدار بلعنه.
و بلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد،فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه و هو لا يشعر،ثم قال له:التفت إليّ يا أمير المؤمنين،فأصغي إليه فزعا،فقال له:إن الفضل حدث و أنا أكفيك ما تريد،».
ص: 416
فانطلق وجهه و سرّ،فقال له يحيى:يا أمير المؤمنين،قد غضضت من الفضل بلعنك إيّاه فشرّفه بإزالة ذلك،فأقبل (1)على الناس فقال:إن الفضل قد عصاني في شيء فلعنته،و قد تاب و أناب إلى طاعتي فتولوه.
فقالوا:نحن أولياء من واليت،و أعداء من عاديت،و قد توليناه.
ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد،فماج الناس و أرجفوا بكل شيء، و أظهر أنّه ورد لتعديل السواد،و النظر في أعمال العمال، و تشاغل ببعض ذلك.
ثم دخل و دعا بالسندي و أمره فيه بأمره فلفه على بساط،و قعد الفراشون النصارى على وجهه.
و أمر السنديّ عند وفاته أن يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله،ففعل ذلك.
قال:و سألته أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى و قال:إنا أهل بيت مهور نسائنا، و حجّ صرورتنا (2)،و أكفان موتانا من طاهر أموالنا،و عندي كفني.
فلما مات أدخل عليه الفقهاء و وجوه أهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره،فنظروا إليه لا أثر به،و شهدوا على ذلك،و أخرج فوضع على الجسر ببغداد،فنودي هذا موسى بن جعفر قد مات،فانظروا إليه،فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت.
و حدثني رجل من أصحابنا عن بعض الطالبيين:
أنه نودي عليه:هذا موسى بن جعفر الذي تزعّم الرافضة أنه لا يموت، فانظروا إليه،فنظروا (3).3.
ص: 417
قالوا:
و حمل فدفن في مقابر قريش رحمه اللّه،فوقع قبره إلى جانب قبر رجل من النوفليين يقال له:عيسى بن عبد اللّه.
و إسحاق بن الحسن بن زيد (1)بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أم ولد.
حبسه هارون فمات في حبسه.
ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة،فيما أخبرنا به ابن أخيه عنه.
ص: 418
ابن الرشيد
ص: 419
ذكر أيام محمد الأمين ابن هارون الرشيد و كانت سيرة محمد في أمر آل أبي طالب خلاف من تقدم؛لتشاغله بما كان فيه من اللهو،و الإدمان له،ثم الحرب التي كانت بينه و بين المأمون حتى قتل،فلم يحدث على أحد منهم في أيامه حدث بوجه و لا سبب.
ص: 420
ابن الرشيد
ص: 421
فممن قتل بها أو سقي السم فمات منهم:
محمد بن محمد بن زيد (1)بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) و أمه فاطمة بنت علي بن جعفر بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و هو الخارج في أيام أبي السّرايا (2).
و إذا ذكرنا من قتل في أيامه،و أيام محمد بن إبراهيم الخارج قبله منهم-شرحنا من أخبارهم ما يحتاج إليه،لتنساق قصصهم؛إذ كان إفرادهم مما تنقطع معه الأخبار.
و الحسن بن الحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و هو القتيل يوم قنطرة الكوفة،في الحرب التي كانت بين هرثمة (3)و أبي السرايا و أمه أم ولد.
ص: 422
و الحسن بن إسحاق بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (1)عليه السلام و أمه أم ولد.
قتل في وقعة السوس مع أبي السرايا لما خرج عن الكوفة.
و محمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أمينة بنت حمزة بن المنذر بن الزبير.
قتل باليمن في أيام أبي السرايا (2).
و علي بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب قتل باليمن في أيام أبي السرايا أيضا (3).
ص: 423
كتب إليّ علي بن أبي قربة العجلي،قال:حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الكاتب قال:حدثني نصر بن مزاحم المنقري بما شاهد من ذلك،قال و حدث بما غاب عنه عمن حضره فحدثني به،و يحيى بن عبد الرحمن أيضا بنتف من خبره عن غير نصر بن مزاحم،و أخبرني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي بأخباره.
فربما ذكرت الشيء اليسير منها و المعنى الذي يحتاج إليه؛لأن علي بن محمد كان يقول:بالإمامة فيحمله التعصب لمذهبه على الحيف فيما يرويه (1)،و نسبة من روى خبره من أهل هذا المذهب إلى قبيح الأفعال،و أكثر حكاياته في ذلك بل سائرها عن أبيه موقوفا عليه لا يتجاوزه،و أبوه حينئذ مقيم بالبصرة لا يعلم بشيء من أخبار القوم،إلاّ ما يسمعه من ألسنة العامة على سبيل الأراجيف و الأباطيل،فيسطره في كتابه عن غير علم،طلبا منه لما شان القوم،و قدح فيهم.
فاعتمدت على رواية من كان بعيدا عن فعله في هذا،و هي رواية نصر بن مزاحم،إذ كان ثبتا في الحديث و النقل،و يظهر أنه ممن سمع خبر أبي السرايا عنه.
قالوا (2):
كان سبب خروج محمد بن إبراهيم و هو محمد إبراهيم بن إسماعيل،و هو ابن طباطبا،بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (3)و أبي
ص: 424
السرايا ان نصر بن شبيب كان قدم حاجّا و كان متشيعا حسن المذهب،و كان ينزل الجزيرة،فلما ورد المدينة سأل عن بقايا أهل البيت و من له ذكر منهم،فذكر له:علي بن عبيد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،و عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،و محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن.
فأما علي بن عبيد اللّه فإنه كان مشغولا بالعبادة لا يصل إليه أحد و لا يأذن له.
و أما عبد اللّه بن موسى فكان مطلوبا خائفا لا يلقاه أحد.
و أما محمد بن إبراهيم فإنه كان يقارب الناس و يكلمهم في هذا الشأن،فأتاه نصر ابن شبيب فدخل إليه و ذاكره مقتل أهل بيته و غصب الناس إيّاهم حقوقهم،و قال:حتى متى توطئون بالخسف و تهتضم شيعتكم و ينزى على حقكم؟ و أكثر من القول في هذا المعنى إلى أن أجابه محمد بن إبراهيم،و واعده لقاءه بالجزيرة.
و انصرف الحاج،ثم خرج محمد بن إبراهيم إلى الجزيرة،و معه نفر من أصحابه و شيعته،حتى قدم على نصر بن شبيب للموعد،فجمع إليه نصر أهله و عشيرته و عرض ذلك عليهم،فأجابه بعضهم و امتنع عليه بعض،و كثر القول فيهم و الاختلاف حتى تواثبوا و تضاربوا بالنعال و العصي،و انصرفوا عن ذلك.
ثم خلا بنصر بعض بني عمه و أهله فقال له:
ما ذا صنعت بنفسك و أهلك؟أفتراك إذا فعلت هذا الأمر و تأبدت (1)السلطان يدعك و ما تريد؟لا و اللّه بل يصرف همّه إليك وكيدة،فإن ظفر بك فلا بقاء بعدها، و إن ظفر صاحبك و كان عدلا كنت عنده بمنزلة رجل من أفناء (2)أصحابه،و إن كان غير ذلك فما حاجتك إلى تعريض نفسك و أهلك و أهل بيتك لما لا قوام لهم به؟و أخرى إن جميع هذا البلد أعداء لآل أبي طالب،فإن أجابوك الآن طائعين،فرّوا عنك غدا منهزمين إذا احتجت إلى نصرهم،على أنك إلى خلافهم أقرب منك إلى إجابتهم،ثم تمثل[بقوله]:
و
أبذل لابن العم نصحي و رأفتي ***إذا كان لي بالخير في الناس مكرما
***فإن راغ عن نصحي و خالف مذهبي قلبت له ظهر المجن ليندماء.
ص: 425
فثنى نصرا عن رأيه (1)،و فتر نيته،فصار إلى محمد بن إبراهيم معتذرا إليه بما كان من خلاف الناس عليه،و رغبتهم عن أهل البيت،و أنه لو ظن ذلك بهم لم يعده نصرهم،و أومأ إلى أن يحمل إليه مالا و يقويه بخمسة آلاف دينار،فانصرف محمد عنه مغضبا،و أنشأ يقول،و الشعر له:
سنغني بحمد اللّه عنك بعصبة *** يهشّون للدّاعي إلى واضح الحقّ
*** طلبت لك الحسنى فقصرت دونها فأصبحت مذموما و زلت عن الصدق (2)
*** جروا فلهم سبق و صرت مقصّرا ذميما بما قصرت عن غاية السّبق
*** و ما كل شيء سابق أو مقصر يؤول به التقصير إلاّ إلى العرق
***
ثم مضى محمد بن إبراهيم راجعا إلى الحجاز،فلقى في طريقه أبا السّرايا السري بن منصور أحد بني ربيعة (3)بن ذهل بن شيبان،و كان قد خالف السلطان و نابذه،و عاث في نواحي السّواد،ثم صار إلى تلك الناحية فأقام بها خوفا على نفسه،و معه غلمان له فيهم:
أبو الشوك (4)،و سيّار،و أبو الهرماس،غلمانه.
و كان علوي الرأي ذا مذهب في التشيّع،فدعاه إلى نفسه فأجابه و سر بذلك،و قال له:انحدر إلى الفرات حتى أوافي على ظهر الكوفة (5)،و موعدك الكوفة.
ففعل ذلك و وافى محمد بن إبراهيم الكوفة يسأل عن أخبار الناس و يتحسسها، و يتأهب لأمره و يدعو من يثق به إلى ما يريد،حتى اجتمع له بشر كثير،و هم في ذلك ينتظرون أبا السرايا و موافاته،فبينا هو في بعض الأيام يمشي في بعض طريق الكوفة إذ نظر إلى عجوز تتبع أحمال الرطب،فتلقط ما يسقط منها فتجمعه في كساء عليها رث،فسألها عما تصنع بذلك.فقالت:إني امرأة لا رجل لي يقوم بمؤنتي،ولي بنات لا يعدن على أنفسهن بشيء،فأنا أتتبع هذا من الطريق و أتقوته أنا و ولدي.فبكى بكاء شديدا،و قال:
أنت و اللّه و أشباهك تخرجوني غدا حتى يسفك دمي.
و نفذت بصيرته في الخروج،و أقبل أبو السرايا لموعده على طريق البر حتى».
ص: 426
ورد عين التمر في فوارس معه،جريدة لا راجل فيهم،و أخذ على النهرين حتى ورد إلى نينوى فجاء إلى قبر الحسين.
قال نصر بن مزاحم:فحدثني رجل من أهل المدائن،قال:
إني لعند قبر الحسين في تلك الليلة،و كانت ليلة ذات ريح و رعد و مطر،إذا بفرسان قد أقبلوا فترجلوا و دخلوا إلى القبر فسلموا،و أطال رجل منهم الزيارة ثم جعل يتمثل أبيات منصور بن الزبرقان النمري:
نفسي فداء الحسين يوم عدا *** إلى المنايا عدو لا قافل (1)
ذاك يوم أنحى بشفرته (2)*** على سنام الإسلام و الكاهل
كأنما أنت تعجبين ألاّ *** ينزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل اللّه إن عجلت و ما *** ربك عمّا ترين بالغافل
***مظلومة و النبي والدها يدير أرجاء مقلة جافل
ألا مساعير يغضبون لها *** بسلّة البيض و القنا الذابل
قال:ثم أقبل عليّ فقال:ممن الرجل؟.
فقلت:رجل من الدهاقين من أهل المدائن.
فقال سبحان اللّه،يحن الولي إلى وليّه كما تحن الناقة إلى حوّارها،يا شيخ إن هذا موقف يكثر لك عند اللّه شكره و يعظم أجره.
قال:ثم وثب فقال:من كان ها هنا من الزّيدية فليقم إليّ، فوثبت إليه جماعات من الناس،فدنوا منه فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها أهل البيت و فضلهم و ما خصّوا به،و ذكر فعل الأمّة بهم و ظلمهم لهم،و ذكر الحسين بن علي فقال:
أيها الناس،هبكم لم تحضروا الحسين فتنصروه،فما يقعدكم عمن أدركتموه و لحقتموه؟و هو غدا خارج طالب بثأره و حقه،و تراث آبائه و إقامة دين اللّه،و ما يمنعكم من نصرته و مؤازرته؟إنني خارج من وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر اللّه،و الذّب عن دينه،و النصر لأهل بيته،فمن كان له نية في ذلك فليلحق بي.ثم مضى من فوره عائدا إلى الكوفة و معه أصحابه.».
ص: 427
قال:و خرج محمد بن إبراهيم في اليوم الذي واعد فيه أبا السّرايا للاجتماع بالكوفة (1)،و أظهر نفسه و برز إلى ظهر الكوفة،و معه علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين،و أهل الكوفة منبثون مثل الجراد إلاّ أنهم على غير نظام و غير قوة،و لا سلاح إلاّ العصي و السكاكين و الآجر،فلم يزل محمد بن إبراهيم و من معه ينتظرون أبا السرايا و يتوقعونه فلا يرون له أثرا حتى أيسوا منه،و شتمه بعضهم،و لاموا محمد بن إبراهيم على الاستعانة به،و اغتم محمد بن إبراهيم بتأخره،فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم من نحو الجرف علمان أصفران و خيل،فتنادى الناس بالبشارة فكبروا و نظروا،فإذا هو أبو السرايا و من معه، فلما أبصر محمد بن إبراهيم ترجل و أقبل إليه فانكب عليه و اعتنقه محمد،ثم قال له:يابن رسول اللّه،ما يقيمك هاهنا؟ادخل البلد فما يمنعك منه أحد.فدخل هو و خطب الناس،و دعاهم إلى البيعة إلى الرضا من آل محمد و الدعاء إلى كتاب اللّه و سنّة نبيه(ص)،و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،و السيرة بحكم الكتاب.فبايعه جميع الناس حتى تكابسوا و ازدحموا عليه، و ذلك في موضع بالكوفة يعرف بقصر الضرتين.
فحدثني أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني،قال:حدثنا محمد بن منصور بن يزيد أبو جعفر المرادي،قال:حدثنا الحسن بن عبد الواحد الكوفي،قال:حدثنا الحسن بن الحسين عن سعيد بن خيثم بن معمر (2)،قال:
سمعت زيد بن علي يقول:يبايع الناس لرجل منا عند قصر الضرتين،سنة تسع و تسعين و مائة،في عشر من جمادي الأولى،يباهي اللّه به الملائكة.
قال الحسن بن الحسين:فحدثت به محمد بن إبراهيم فبكى.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن منصور،قال:حدثنا علي بن الحسين،قال:حدثنا عمر بن شبة المكي،عن جابر الجعفي،عن أبي جعفر محمد بن علي،قال:
يخطب على أعوادكم يا أهل الكوفة سنة تسع و تسعين و مائة في جمادي الأولى-».
ص: 428
رجل منا أهل البيت،يباهي اللّه به الملائكة.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال:حدثنا الحسن بن الحسين،عن عمر بن شبة المكي (1)بنحوه.
رجع الحديث إلى خبر أبي السرايا.
قال:و وجه محمد بن إبراهيم إلى الفضل بن العباس بن عيسى بن موسى رسولا يدعوه إلى بيعته و يستعين به في سلاح و قوة،فوجد العباس قد خرج عن البلد و خندق حول داره، و أقام مواليه في السلاح للحرب،فأخبر الرسول محمدا بذلك فأنفذ محمد أبا السرايا إليهم،و أمره أن يدعوهم و لا يبدأهم بقتال،فلما صار إليهم تبعه أهل الكوفة كالجراد المنتشر،فدعاهم فلم يصغوا إلى قوله و لم يجيبوا دعوته،و رموه بالنشاب من خلف السور،فقتل رجل من أصحابه أو جرح،فوجه به إلى محمد بن إبراهيم،فأمره بقتالهم فقاتلهم.و كان على السور خادم أسود واقف بين شرفتين يرمي لا يسقط له سهم،فأمر أبو السرايا غلامه أن يرميه، فرماه بسهم فأثبته بين عينيه، و سقط الخادم على أم رأسه إلى أسفل فمات و فرّ موالي الفضل بن العباس فلم يبق منهم أحد (2)و فتح الباب فدخل أصحاب أبي السرايا ينتهبونها و يخرجون حرّ المتاع منها، فلما رأى ذلك أبو السرايا حظره و منع أحدا من الخروج أو يأخذ ما معه و يفتشه، فأمسك الناس عن النهب.
قال:فسمعت أعرابيا يرتجز و معه تخت فيه ثياب و هو يقول:
ما كان إلاّ ريث زجر الزاجره *** حتى انتضيناها سيوفا باتره
حتى علونا في القصور القاهره *** ثم انقلبنا بالثياب الفاخره
قال:و مضى الفضل بن العباس فدخل على الحسن بن سهل فشكا إليه ما انتهك منه فوعده النصر و الغرم و الخلف،ثم دعا بزهير بن المسيب (3)فضم إليه الرجال و أمده بالأموال و ندبه إلى المسير نحو أبي السرايا و أن يودعه من وقته و يمضي لوجهه فيه و لا ينزل إلاّ بالكوفة،و كان محمد بن إبراهيم عليلا علته التي مات فيها.0.
ص: 429
و كان الحسن بن سهل،لانتحاله النجوم و نظره فيها،ينظر في نجم محمد فيراه محترقا،فيبادر في طلبه، و يحرص على ترويحه،و يشغله ذلك عن النظر في أمر عسكره.
فسار زهير بن المسيب حتى ورد قصر ابن هبيرة فأقام به،و وجه ابنه أزهر بن زهير على مقدمته،فنزل سوق أسد.
و سار أبو السرايا من الكوفة وقت العصر فأغذ السّير حتى أتى معسكر أزهر بن زهير بسوق أسد،و هم غارون فيه و بيته،فطحن العسكر و أكثر القتل فيه،و غنم دوابهم و أسلحتهم،و انقطع الباقون في الليل منهزمين حتى وافت زهيرا بالقصر،فتغيظ من ذلك.
و رجع أبو السّرايا إلى الكوفة،و زحف زهير حتى نزل و وافت خريطة من الحسن بن سهل،يأمره ألا ينزل إلاّ بالكوفة،فمضى حتى نزل عند القنطرة.
و نادى أبو السرايا في الناس بالخروج،فخرجوا حتى صادفوا زهيرا على قنطرة الكوفة في عشية صردة باردة،فهم يوقدون النار يستدفئون بها،و يذكرون اللّه و يقرأون القرآن،و أبو السّرايا يسكن منهم و يحثهم.
و أقبل أهل بغداد يصيحون يا أهل الكوفة:زيّنوا نساءكم و أخواتكم و بناتكم للفجور،و اللّه لنفعلن بهم كذا و كذا.و لا يكنون.
و أبو السرايا يقول لهم:اذكروا اللّه و توبوا إليه، و استغفروه و استعينوه،فلم يزل الناس في تلك الليلة يتحارسون طول ليلتهم،حتى إذا أصبح نهد إليهم فوقف في عسكره،و قد عشيت أبصار الناس من الدروع و البيض و الجواش و هم على تعبئة حسنة، و أصوات الطبول و البوقات مثل الرعد العاصف،و أبو السرايا يقول:
يا أهل الكوفة صححوا نياتكم،و أخلصوا للّه ضمائركم،و استنصروه على عدوكم،و ابرأوا إليه من حولكم و قوتكم،و اقرأوا القرآن،و من كان يروي الشعر فلينشد شعر عنترة العبسي:
قال:و مرّ بنا الحسن بن الهذيل يعترض الناس ناحية ناحية و يقول:
يا معشر الزيدية،هذا موقف تستزل فيه الأقدام،و تزايل فيه الأفعال.
و السعيد من حاط دينه،و الرشيد من وفّى للّه بعهده،و حفظ محمدا في عترته.
ص: 430
ألا إن الآجال موقوتة،و الأيام معدودة،من هرب بنفسه من الموت كان الموت محيطا به،ثم قال:
من لم يمت عبطة يمت هرما *** الموت كأس و المرء ذائقها
قال أبو الفرج الأصبهاني:
الحسن بن الهذيل هذا،صاحب الحسين المقتول بفخ،و قد روى عنه الحديث.قال: فطلع رجل من أهل بغداد مستلئما شاكي السلاح،فجعل يشتم أهل الكوفة و يقول:لنفجرن بنسائكم و لنفعلن بكم و لنصنعن،و انتدب إليه رجل من أهل الوازار-قرية بباب الكوفة-عليه إزار أحمر و في يده سكين،فألقى نفسه في الفرات و سبح ساعة حتى صار إليه،فدنا منه فأدخل يده في جيب درعه و جذبه إليه فصرعه،و ضرب بالسكين حلقه فقتله،و جر برجله يطفو مرة و يغوص مرة أخرى حتى أخرجه إلى الكوفة فكبّر الناس و ارتفعت أصواتهم بحمد اللّه و الثناء عليه و الدعاء.
و خرج رجل من ولد الأشعث بن قيس فعبر إلى البغداديين و دعا للبراز،فبرز إليه رجل فقتله،و برز إليه آخر فقتله،و برز إليه ثالث فقتله،حتى قتل نفرا.
و أقبل أبو السرايا،فلما رآه شتمه و قال:من أمرك بهذا؟ارجع فرجع فمسح سيفه بالتراب ورده في غمده و قنع فرسه و مضى نحو الكوفة،فلم يشهد حربا بعدها معهم.
و وقف أبو السرايا على القنطرة طويلا، و خرج رجل من أهل بغداد فجعل يشتمه بالزنا لا يكنى (1).و أبو السرايا واقف لا يتحرك،ثم تغافل ساعة حتى هم بأن ينصرف،ثم حمل عليه فقتله و حمل على عسكرهم حتى خرج من خلفهم،ثم حمل عليهم من خلف العسكر حتى رجع من حيث جاء.و وقف في موقفه و هو ينفخ و ينفض علق الدم عن درعه.
ثم دعا غلاما له فوجهه في نفر من أصحابه و أمره أن يمضي حتى يصير من وراء العسكر،ثم يحمل عليهم لا يكذب (2)،فمضى الغلام لوجهه مع من معه قاصدا لما».
ص: 431
أمره به،و وقف أبو السرايا على القنطرة على فرس له أدهم محذوف،و قد اتكأ على رمحه فنام على ظهر الفرس حتى غط،و أهل الكوفة جزعون لما يرونه من عسكر زهير، و يسمعونه من تهددهم و وعيدهم،و هم يضجون و يصيحون بالتكبير و التهليل حتى يسمع أبو السرايا فينتبه من نومه،فلم ينتبه حتى ظن أن الكمين الذي بعثه قد انتهى إلى حيث أمره فصاح بفرسه:قتال،ثم قنعه حتى رضي بحفزه،ثم أومأ بيده نحو الكمين الذي بعثه،و صاح بأهل الكوفة:احملوا،و حمل و تبعوه فلم يبق من أصحاب زهير أحد إلاّ التفت نحو الإشارة.
و خالط أبو السرايا و غلامه سيار العسكر،و تبعه أهل الكوفة و صاح بغلامه:
ويلك يا سيّار ألا تراني،فحمل سيّار على صاحب العلم فقتله و سقط العلم، و انهزمت المسودة.
و تبعهم أبو السرايا و أصحابه و نادى:من نزل عن فرسه فهو آمن، فجعلوا يترجّلون،و أصحاب أبي السرايا يركبون،و تبعوهم حتى جاوزوا شاهي،ثم التفت زهير إلى أبي السرايا فقال:ويحك،أتريد هزيمة أكثر من هذه؟إلى أين تتبعني؟فرجع و تركه.و غنم أهل الكوفة غنيمة لم يغنم أحد مثلها،و صاروا إلى عسكر زهير بن المسيّب و مطابخه قد أعدت و أقيمت،و كان قد حلف ألاّ يتغدى إلاّ في مسجد الكوفة،فجعلوا يأكلون ذلك الطعام، و ينتهبون الأسلحة و الآلة (1)،و كانوا قد أصابهم جوع و جهد شديد.
و مضى زهير لوجهه حتى دخل بغداد مستترا،و بلغ خبره الحسن بن سهل فأمر بإحضاره،فلما رآه رماه بعمود حديد كان في يده،فشتر إحدى عينيه،و قال لبعض من كان بحضرته:أخرجه فاضرب عنقه،فتشفعوا فيه،فلم يزل يكلم فيه حتى عفا عنه.
و دخل أبو السرايا الكوفة،و معه خلق كثير من الأسارى،و رؤوس كثيرة على الرماح مرفوعة،و في صدور الخيل مشدودة،و من معه من أهل الكوفة قد ركبوا الخيل و لبسوا السلاح،فهم في حالة واسعة،و أنفسهم بما رزقوه من النصر قوية.
و اشتد غم الحسن بن سهل و من بحضرته من العباسيين،لما جرى على عسكر6.
ص: 432
زهير،و طال اهتمامهم به،فدعا الحسن بن سهل بعبدوس بن عبد الصمد (1)،و ضم إليه ألف فارس و ثلاثة آلاف راجل،و أزاح علته في الإعطاء،و قال:إنما أريد أن أنوه باسمك فانظر كيف تكون،و أوصاه بما احتاج إليه،و أمره ألاّ يلبث.
فخرج من بين يديه و هو يحلف أن يبيح الكوفة،و يقتل مقاتلة أهلها، و يسبي ذراريهم،ثلاثا.
و مضى لوجهه لا يلوي على شيء حتى صار إلى الجامع،و قد كان الحسن بن سهل تقدم إليه بذلك،و أمره ألا يأخذ على الطريق الذي انهزم فيه زهير،لئلا يرى أصحابه بقايا قتلى عسكره،فيجبنوا (2)من ذلك.فأخذ على طريق الجامع فلما وافاها و بلغ أبا السرايا خبره،صلى الظهر بالكوفة،ثم جرد فرسان أصحابه و من يثق به منهم و أغذ السير بهم،حتى إذا قرب من الجامع فرّق أصحابه ثلاث فرق و قال:
شعاركم:«يا فاطمي يا منصور»، و أخذ هو في جانب السوق،و أخذ سيار في سيره الجامع و قال لأبي الهرماس:خذ بأصحابك على القرية فلا يفتك أحد منهم،ثم احملوا دفعة واحدة من جوانب عسكر عبدوس،ففعلوا ذلك فأوقعوا به و قتلوا منه مقتلة عظيمة،و جعل الجند يتهافتون في الفرات طلبا للنجاة،حتى غرق منهم خلق كثير.
و لقي أبو السرايا عبدوسا في رحبة الجامع (3)فكشف خوزته عن رأسه و صاح:أنا أبو السرايا،أنا أسد بني شيبان،ثم حمل عليه،و ولّى عبدوس من بين يديه،و تبعه أبو السرايا فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته،و خرّ صريعا عن فرسه.
و انتهب الناس من أصحاب أبي السرايا و أهل الجامع عسكر عبدوس،».
ص: 433
و أصابوا منه غنيمة عظيمة، و انصرفوا إلى الكوفة بقوة و أسلحة.
و دخل أبو السرايا إلى محمد بن إبراهيم و هو عليل يجود بنفسه فلامه على تبييته العسكر،و قال:
أنا أبرأ إلى اللّه مما فعلت،فما كان لك أن تبيتهم،و لا تقاتلهم حتى تدعوهم، و ما كان لك أن تأخذ من عسكرهم إلاّ ما أجلبوا به علينا من السلاح.
فقال أبو السرايا:يابن رسول اللّه،كان هذا تدبير الحرب،و لست أعاود مثله.ثم رأى في وجه محمد الموت فقال له:يابن رسول اللّه،كل حي ميت، و كل جديد بال،فاعهد إليّ عهدك.
فقال:أوصيك بتقوى اللّه،و المقام على الذب عن دينك،و نصرة أهل بيت نبيك(ص)،فإن أنفسهم موصولة بنفسك،و ول الناس الخيرة فيمن يقوم مقامي من آل علي،فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد اللّه،فإني قد بلوت طريقته، و رضيت دينه.
ثم اعتقل لسانه،و هدأت جوارحه،فغمضه أبو السرايا و سجّاه،و كتم موته (1)،فلما كان الليل أخرجه في نفر من الزّيدية إلى الغري فدفنه.
فلما كان من الغد جمع الناس فخطبهم،و نعى محمدا إليهم و عزاهم عنه، فارتفعت الأصوات بالبكاء إعظاما لوفاته،ثم قال:
و قد أوصى أبو عبد اللّه رحمة اللّه عليه إلى شبيهه و من اختاره،و هو أبو الحسن علي بن عبيد اللّه،فإن رضيتم به فهو الرضا،و إلاّ فاختاروا لأنفسكم.
فتواكلوا و نظر بعضهم إلى بعض،فلم ينطق أحد منهم فوثب محمد بن محمد بن زيد (2)و هو غلام حدث السن،فقال:
يا آل علي:فات الهالك النجا،و بقي الثاني بكرمه،إنّ دين اللّه لا ينصر بالفشل، و ليست يد هذا الرجل عندنا بسيئة،و قد شفي الغليل،و أدرك الثأر،ثم التفت إلى علي بن عبد اللّه فقال:ما تقول يا أبا الحسن رضي اللّه عنك؟فقد وصانا بك،امدد يدك نبايعك،فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:6.
ص: 434
إن أبا عبيد اللّه رحمة اللّه عليه قد اختار فلم يعد الثقة في نفسه،و لم يأل جهدا في حق اللّه الذي قلده،و ما أردّ وصيته تهاونا بأمره،و لا أدع هذا نكولا عنه،و لكن أتخوّف أن أشتغل به عن غيره مما هو أحمد و أفضل عاقبة،فامض رحمك اللّه لأمرك، و اجمع شمل ابن عمك،فقد قلدناك الرياسة علينا،و أنت الرضا عندنا،الثقة في أنفسنا.
ثم قال لأبي السرايا: ما ترى؟أرضيت به؟.
قال:رضائي في رضاك،و قولي مع قولك،فجذبوا يد محمد بن محمد فبايعوه،و فرّق عماله.
فولى إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن جعفر خلافته على الكوفة.
و ولى روح بن الحجاج شرطته.
و ولى أحمد بن السري الأنصاري رسائله.
و ولى عاصم بن عامر القضاء.
و ولى نصر بن مزاحم السوق.
و عقد لإبراهيم بن موسى بن جعفر على اليمن.
و ولى زيد بن موسى بن جعفر الاهواز.
و ولى العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب البصرة.
و ولى الحسن بن الحسن الأفطس مكة.
و عقد لجعفر بن محمد بن زيد بن علي،و الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن علي واسطا.
فخرجوا إلى أعمالهم.
فأما ابن الأفطس فلم يمنعه أحد مما وجه له،فأقام الحج تلك السنة و هي سنة تسع و تسعين و مائة.
و أما إبراهيم بن موسى فأذعن له أهل اليمن بالطاعة،بعد وقعة كانت بينهم يسيرة المدة.
و أما صاحبا واسط فان نصرا البجلي صاحب واسط خرج إليهما فقاتلهما قتالا شديدا،فثبتا له ثم انهزم و دخلا واسطا و جبيا الخراج و تألفا الناس.
ص: 435
و أما الجعفري صاحب البصرة فإنه خرج إليه علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (1)فاجتمعا،و وافاهم زيد بن موسى بن جعفر ماضيا إلى الأهواز، فاجتمعوا،و لقيهم الحسن بن علي المعروف بالمأموني (2)-رجل من أهل باذغيس و كان على البصرة-فقاتلوه و هزموه و حووا عسكره.
و حرق زيد بن موسى دور بني العباس بالبصرة،فلقب بذلك و سمي زيد النار (3).
و تتابعت الكتب و تواترت على محمد بن محمد بالفتوح من كل ناحية.
و كتب إليه أهل الشام و الجزيرة أنهم ينتظرون أن يوجه إليهم رسولا ليسمعوا له و يطيعوا.
و عظم أمر أبي السرايا على الحسن بن سهل و بلغ منه،فكتب إلى طاهر بن الحسين أن يصير إليه لينفذه لقتاله،فكتبت إليه رقعة لا يدري من كتبها،فيها أبيات و هي:
قناع الشك يكشفه اليقين *** و أفضل كيدك الرأي الرصين
تثبت قبل ينفد فيك أمر *** يهيج لشره داء دفين
***أتندب طاهرا لقتال قوم بنصرتهم و طاعتهم يدين
سيطلقها عليك معقلات *** تصر و دونها حرب زبون
و يبعث كامنا في الصدر منه *** و لا يخفى إذا ظهر المصون
فشأنك و اليقين فقد أنارت *** معالمه و أظلمت الظنون
و دونك ما نريد بعزم رأي *** تدبره ودع ما لا يكون
فرجع عن رأيه ذلك،و كتب إلى هرثمة بن أعين يأمره بالقدوم عليه،و دعا بالسندي بن شاهك فسأله التعجيل و ترك التلوّم،و كان ردءا له،و كانت بين الحسن بن سهل و بين هرثمة شحناء (4)، فخشي أن لا يجيبه إلى ما يريد،ففعل ذلك
ص: 436
السندي و مضى إلى هرثمة فلحقه بحلوان،فأوصل إليه الكتاب،فلما قرأه تغيظ و قال:
نوطئ نحن الخلافة،و نمهد لهم أكنافها،ثم يستبدون بالأمور،و يستأثرون بالتدبير علينا،فإذا انفتق عليهم فتق بسوء تدبيرهم و إضاعتهم الأمور،أرادوا أن يصلحوه بنا،لا و اللّه و لا كرامة حتى يعرف أمير المؤمنين سوء آثارهم،و قبيح أفعالهم.
قال السندي:و باعدني مباعدة آيسني فيها من نفسه،فبينا أنا كذلك إذ جاءه كتاب من منصور بن المهدي (1)فقرأه فجعل يبكي بكاء طويلا،ثم قال:
فعل اللّه بالحسن بن سهل و صنع،فإنه عرض هذه الدولة للذهاب،و أفسد ما صلح منها،ثم أمرض فضرب بالطبل،و انكفأ راجعا إلى بغداد.
فلما صار بالنهروان تلقاه أهل بغداد،و القواد،و بنو هاشم،و جميع الأولياء مسرورين بقدومه داعين له،و ترجلوا جميعا حين رأوه،فدخل بغداد في جمع عظيم حتى أتى منزله.
و أمر الحسن بن سهل بدواوين الجيش فنقلت إليه ليختار الرجال منها و ينتخبهم،و أطلق له بيوت الأموال فانتخب من أراد،و أزاح الغلة في العطيات و النفقات، و خرج إلى الياسريّة (2)فعسكر بها.
قال الهيثم بن عدي:
فدخلت إليه و سلمت عليه و مازحته،و هو في نحو ثلاثين ألف فارس و راجل، فقلت له:أيها الأمير،لو خضبت لكان للعدو أهيب و أحسن للمنظر،فضحك ثم قال:إن كان رأسي لي فسأخضبه،و إن انقلب به أهل الكوفة فما يصنع بالخضاب.
قال:ثم نادى بالرحيل إلى الكوفة،فرحل الناس.
و أبو السرايا بالقصر (3)،و قد عقد لمحمد بن إسماعيل محمد بن عبد اللّه0.
ص: 437
الأرقط بن عبد اللّه بن علي بن الحسين،على المدائن،و وجه معه العباس الطبطبي (1)، و المسيب،في جمع عظيم، فلقوا الحسين بن علي المعروف بأبي البط فالتقوا بساباط المدائن،فاقتتلوا قتالا شديدا،و هزم أبو البط و استولى محمد بن إسماعيل على البلد.
خبر محمد بن جعفر (2)بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام قالوا:
و ظهر في هذه الأيام محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة و دعا إلى نفسه،و بايع له أهل المدينة بامرة المؤمنين (3)،و ما بايعوا عليها بعد الحسين بن علي أحدا سوى محمد بن جعفر بن محمد.
و أم محمد بن جعفر أم ولد.
و يكنى أبا جعفر (4).
و كان فاضلا مقدما في أهله (5).
و أمر المأمون آل أبي طالب بخراسان أن يركبوا مع غيره من آل أبي طالب فأبوا أن يركبوا إلاّ معه فأقرهم.
و قد روى الحديث و أكثر الرواية عن أبيه،و نقل عنه المحدثون مثل:محمد بن أبي عمر العبدي،و محمد (6)بن سلمة،و إسحاق بن موسى الأنصاري،و غيرهم من الوجوه.
ص: 438
قال أبو الفرج:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن منصور،قال:
ذكر محمد بن جعفر بحضرة أبي الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد اللّه،فسمعنا أبا الطاهر يحسن الثناء عليه،و قال:كان عابدا فاضلا،و كان يصوم يوما و يفطر يوما (1).
قال أبو الفرج:
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال أخبرنا يحيى بن الحسن قال:سمعت مؤملا يقول:
رأيت محمد بن جعفر يخرج إلى الصلاة بمكة في سنة بمائتي رجل من الجارودية،و عليهم ثياب الصوف،و سيماء الخير ظاهر.
قال أبو الفرج:
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى،قال:
كانت خديجة بنت عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين تحت محمد بن جعفر بن محمد،و كانت تذكر أنه ما خرج من عندهم قط في ثوب فرجع حتى يهبه (2).
حدثني أحمد،قال:حدثنا يحيى،قال:حدثنا موسى بن سلمة،قال:
كان رجل قد كتب كتابا في أيام أبي السرايا يسب فاطمة بنت رسول اللّه(ص) و جميع أهل البيت،و كان محمد بن جعفر معتزلا تلك الأمور لم يدخل في شيء منها، فجاءه الطالبيون (3)فقرءوه عليه فلم يرد عليهم جوابا حتى دخل بيته،فخرج عليهم و قد لبس الدرع،و تقلّد السيف،و دعا إلى نفسه، و تسمى بالخلافة و هو يتمثل:».
ص: 439
لم أكن من جناتها علم اللّه و إني بحرها اليوم صالي (1).
قال يحيى بن الحسن:فسمعت إبراهيم بن يوسف يقول:
كان محمد بن جعفر قد أصاب أحد عينيه شيء فأثر فيها،فسر بذلك و قال:
لأرجو أن أكون المهدي القائم:قد بلغني أن في إحدى عينيه شيئا،و أنه يدخل في هذا الأمر و هو كاره له.
قال أبو الفرج:
أخبرنا أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار،قال:حدثنا محمد بن علي المدائني،قال:
حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري،قال سمعت محمد بن جعفر يقول:
شكوت إلى مالك بن أنس ما نحن فيه و ما نلقى،فقال:اصبر حتى يجيء تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (2).
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه،عن علي بن محمد النوفلي عن أبيه،و أخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة العلوي،عن محمد،عن عمه.
أن جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر،فقاتلوا هارون بن المسيّب (3)بمكة قتالا شديدا،و فيهم:الحسين بن الحسن الأفطس،و محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن،و محمد بن الحسن المعروف بالسّيلق،و علي بن الحسين بن عيسى بن زيد،و علي بن الحسين بن زيد،و علي بن جعفر بن محمد، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة، و طعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه.
وكر أصحابه فتخلصوه ثم رجعوا فأقاموا بثبير في جبله مدة،و أرسل هارون إلى محمد بن جعفر،و بعث إليه ابن أخيه علي بن موسى الرضا،فلم يصغ إلى رسالته، و أقام على الحرب.
ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه،لأنه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه،فلما بقوا في الموضع ثلاثا و نفد زادهم و ماؤهم،جعل أصحابه يتفرقون و يتسللون يمينا و شمالا، فلما رأى ذلك لبس بردا و نعلا،و صار إلى مضرب هارون0.
ص: 440
فدخل إليه و سأله الأمان لأصحابه،ففعل هارون ذلك.
هكذا ذكره النوفلي (1).
و أما محمد بن علي بن حمزة فإنه ذكر أن هذا كان من جهة عيسى الجلودي لا من جهة هارون،ثم وجه إلى أولئك الطالبيين فحملهم مقيدين في محامل بلا وطاء ليمضي بهم إلى خراسان،فخرجت عليهم بنو نبهان.
قال علي بن محمد النوفلي:خرج عليهم الغاضريون بزبالة،فاستنقذوهم منه بعد حرب طويلة صعبة،فمضوا هم بأنفسهم إلى الحسن بن سهل،فأنفذهم إلى خراسان إلى المأمون.
فمات محمد بن جعفر هناك،فلما أخرجت جنازته دخل المأمون بين عمودي السرير فحمله حتى وضعه في لحده،و قال:هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة (2)،و قضى دينه،و كان عليه نحوا من ثلاثين ألف دينار.
قالوا:
فلما خرج هرثمة عسكر في شرقي نهر صرصر.و عسكر أبو السرايا في غربيه (3).و وجه الحسن بن سهل إلى المدائن علي بن أبي سعيد،و حمادا التركي و جماعة،فقاتلوا محمد بن إسماعيل فهزموه و استولوا على المدائن.
و مضى أبو السرايا من فوره بالليل (4)،و لا يعلم هرثمة،و كان جسر صرصر مقطوعا بينهما،يريد المدائن فوجد أصحابه و قد أخرجوا عنها و استولى عليها المسوّدة فكانت بينهم مناوشة،و قتل غلامه أبو الهرماس أصابه حجر عراده،فدفنه بها و مضى نحو القصر،فلما صار بالرحب صار هرثمة إليه فلحقه هناك فقاتله قتالا شديدا،فهزم أبو السرايا،و قتل أخوه،و مضى لوجهه حتى نزل الجازية،و أتبعه هرثمة،و اجتمع رأيه
ص: 441
على سد الفرات عليهم و منعهم الماء،و صبه في الآجام و المغايض التي في شرقي الكوفة،ففعل ذلك،و انقطع الماء من الفرات، فتعاظم ذلك الكوفيون،و سقط في أيديهم،و أزمعوا معالجة هرثمة و منازلته،فبيناهم كذلك:إذ فتق السّكر الذي سكروه (1)،و أقبل الماء تحت الخشب،و كبروا و حمدوا اللّه كثيرا،و سرّوا بما وهب اللّه لهم من الكفاية.
ثم إن هرثمة نهد إلى الكوفة مما يلي الرصافة.
و خرج أبو السرايا إليه في الناس فعبأهم،و جعل على الميمنة الحسن بن الهذيل.
و على الميسرة جرير بن الحصين،و وقف هو في القلب.
و عبأ هرثمة خيلا نحو البر، فبعث أبو السرايا عدتهم يسيرون بإزائهم لئلا يكونوا كمينا.
ثم إن أبا السرايا حمل حملة فيمن معه،فانهزم أصحاب هرثمة هزيمة رقيقة،ثم عطفوا وجوه دوابهم فنادى أبو السرايا:لا تتبعوهم فإنها خديعة و مكر،فوقفوا و تبعهم أبو كتلة فأبعد،ثم رجع و أعلم أبا السرايا أنهم قد عبروا الفرات،فرجع بالناس إلى الكوفة ثم خرج يوم الاثنين لتسع خلون من ذي القعدة و خرج الناس معه.و قد كان جاسوسه أخبره أن هرثمة يريد مواقعته في ذلك اليوم،فعبأ الناس مما يلي الرّصافة، و مضى هو تحت القنطرة،فلم يبعد حتى أقبلت خيل هرثمة، فرجع أبو السرايا كالجمل الهائج يكاد الغضب أن يلقيه عن سرجه إلى الناس فقال:سووا عسكركم،و اجمعوا أمركم،و أقيموا صفوفكم.و أقبل هرثمة فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله.
و نظر أبو السّرايا إلى روح بن الحجاج قد رجع فقال:و اللّه لئن رجعت لأضربن عنقك،فرجع يقاتل حتى قتل.
و قتل يومئذ الحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين.
و قتل أبو كتلة غلام أبي السّرايا.
و اشتدت الحرب،و كشف أبو السرايا رأسه و جعل يقول:أيها الناس،صبر ساعة،و ثبات قليل،فقد-و اللّه-فشل القوم،و لم يبق إلاّ هزيمتهم.
ثم حمل،و خرج إليه قائد من قواد هرثمة و عليه الدرع و المغفر،فتناوشا ساعة، ثم ضربه أبو السرايا ضربة على بيضته فقدّه،حتى خالط سيفه قربوس سرجه.».
ص: 442
و انهزمت المسودة هزيمة قبيحة،و تبعهم أهل الكوفة يقتلونهم حتى بلغوا صعنبا فنادى أبو السرايا:يا أهل الكوفة أحذروا كرّهم بعد الفرّة،فإن العجم قوم دهاة، فلم يصغوا إلى قوله و تبعوهم.
و كان هرثمة قد أسر في ذلك الوقت،و لم يعلم أبو السرايا،أسره عبد سندي، و قبل ذلك خلّف في عسكره زهاء خمسة آلاف فارس يكونون ردءا له إن انهزم أصحابه،و خلّف عليهم عبيد اللّه بن الوضاح،فلما وقعت الهزيمة و نادى أبو السرايا:لا تتبعوهم،كشف عبيد اللّه بن الوضاح رأسه،و أصحابه يقولون:قتل الأمير،قتل الأمير فناداهم:فماذا يكون إذا قتل الأمير؟يا أهل خراسان إليّ أنا عبد اللّه بن الوضاح،اثبتوا،فو اللّه ما القوم إلاّ غوغاء و رعاع،فثابت إليه طائفة،و حمل على أهل الكوفة فقتل منهم مقتلة عظيمة،و تبعوهم حتى جاوزوا صعنبا، و وجدوا هرثمة أسيرا في يد عبد أسود،فقتلوا العبد،و حلّوا وثاق هرثمة،و عاد إلى معسكره و لم تزل الحرب مدة متراخية في كل يوم أو يومين تكون سجالا بينهم.
ثم إن أبا السرايا بعث علي بن محمد بن جعفر المعروف بالبصري في خيل، و أمره أن يأتي هرثمة من ورائه،فمضى لوجهه و لم يشعر هرثمة حتى قرب منه،و حمل أبو السرايا عليه فصاح هرثمة:
يا أهل الكوفة علام تسفكون دماءنا و دماءكم؟إن كان قتالكم إيّانا كراهية لإمامنا فهذا المنصور بن المهدي رضي لنا و لكم نبايعه،و إن أحببتم إخراج الأمر من ولد العباس فانصبوا إمامكم،و اتفقوا معنا ليوم الاثنين نتناظر فيه،و لا تقتلونا و أنفسكم.
فأمسك أهل الكوفة عن الحملة،و ناداهم أبو السرايا:و يحكم إن هذه حيلة من هؤلاء الأعاجم،و إنما أيقنوا بالهلاك فاحملوا عليهم،فامتنعوا و قالوا:لا يحل لنا قتالهم و قد أجابوا.فغضب أبو السرايا و انصرف معهم،و قد أراد قبل ذلك إجابة هرثمة و أن يمضي إليه مع محمد بن محمد بن زيد فيستأمن،ثم خشي الغدر به.
فلما كان يوم الجمعة خطب أهل الكوفة فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:
يا أهل الكوفة،يا قتلة علي،و يا خذلة الحسين،إن المعتز بكم لمغرور،و إن المعتمد على نصركم لمخذول،و إن الذليل لمن أعززتموه،و اللّه ما حمد عليّ أمركم فنحمده،و لا رضي مذهبكم فنرضى به،و لقد حكّمكم فحكمتم عليه،و ائتمنكم فخنتم أمانته و وثق بكم فحلتم عن ثقته،ثم لم تنفكوا عليه مختلفين،و لطاعته ناكثين،
ص: 443
إن قام قعدتم،و إن قعد قمتم،و إن تقدّم تأخّرتم،و إن تأخّر تقدمتم،خلافا عليه و عصيانا لأمره،حتى سبقت فيكم دعوته،و خذلكم اللّه بخذلانكم إيّاه،أيّ عذر لكم في الهرب عن عدوكم،و النكول عمّن لقيتم و قد عبّروا خندقكم؟و علوا قبائلكم؟ ينتهبون أموالكم و يستحيون حريمكم، هيهات لا عذر لكم إلاّ العجز و المهانة،و الرضا بالصغار و الذلة،إنما أنتم كفيء الظل،تهزمكم الطبول بأصواتها،و يملأ قلوبكم الحرق بسوادها،أما و اللّه لأستبدلن بكم قوما يعرفون اللّه حق معرفته،و يحفظون محمدا في عترته.ثم قال:
و مارست أقطار البلاد فلم أجد *** لكم شبها فيما وطئت من الأرض
خلافا و جهلا و انتشار عزيمة *** و وهنا و عجزا في الشدائد و الخفض
لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة *** فلا عنكم راض و لا فيكم مرضي
سأبعد داري من قلى عن دياركم *** فذوقوا إذا ولّيت عاقبة البغض
فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة فقالوا:ما أنصفتنا في قولك،ما أقدمت و أحجمنا،و لا كررت و فررنا،و لا وفيت و غدرنا،و لقد صبرنا تحت ركابك،و ثبتنا مع لوائك،حتى أفنتنا الوقائع،و اجتاحتنا (1)،و ما بعد فعلنا غاية إلاّ الموت،فامدد يدك نبايعك على الموت، فو اللّه لا نرجع حتى يفتح اللّه علينا أو يقضي قضاءه فينا.
فأعرض عنهم،و نادى في الناس بالخروج لحفر الخندق،فخرجوا فحفروا و أبو السرايا يحفر معهم عامة النهار،فلما كان الليل خرج الناس من الخندق و أقام إلى الثلث الأول من الليل،ثم عبأ بغاله و أسرج خيله،و ارتحل هو و محمد بن محمد بن زيد،و نفر من العلويين و الأعراب،و قوم من أهل الكوفة،و ذلك في ليلة يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة مضت من المحرم (2)فأقام بالقادسية ثلاثا حتى تتام أصحابه،ثم مضى على خفان و أسفل الفرات حتى صار على طريق البر.
و وثب بالكوفة أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي فدعا إلى هرثمة.
و خرج أشراف أهل الكوفة إلى هرثمة فسألوه الأمان للناس فأجابهم إلى ذلك و تألفهم.
و دخل المنصور بن المهدي الكوفة،و أقام هرثمة خارجها،و فرق عسكره حوالي0.
ص: 444
خندقها و أبوابها خوفا من حيلة،و خطب المنصور بن المهدي بالناس فصلى بهم.
و ولّى هرثمة غسان بن الفرج (1)الكوفة و أقام هو أياما بظهر البلد،حتى أمن الناس و هدأت قلوبهم من وحشة الحرب،ثم ارتحل إلى بغداد.
قالوا:
و مضى أبو السرايا يريد البصرة،فلقيه أعرابي من أهل البلد،فسأله عن الخبر و أعلمه غلبة السلطان عليه و إخراج عماله عنه،و أن المسودة في خلق كثير لا يمكنه مقاومتهم منها، فعدل عنها و أراد المسير نحو واسط فأعلمه الرجل أن صورة أمرها مثل ما ذكر له عن البصرة،فقال له:فأين ترى؟.
قال:أرى أن تعبر دجلة فتكون بين جوفي و الجبل،فيجتمع معك أكرادهم و يلحق بك من أراد صحبتك من أعراب السواد و أكراده،و من رأى رأيك من أهل الأمصار و الطساسيج فقبل أبو السرايا مشورته،و سلك ذلك الطريق،فجعل لا يمرّ بناحية إلاّ جبى خراجها و باع غلاتها.
ثم عمد إلى الأهواز حتى صار إلى السوس،فأغلقوا الباب دونه،فنادى:
افتحوا الباب،ففتحوا له فدخلها. و كان على كور الأهواز الحسن بن علي المأموني (2)فوجه إلى أبي السرايا يعلمه كراهيته لقتاله و يسأله الانصراف عنه إلى حيث أحب،فلم يقبل ذلك،و أبى إلاّ قتاله،فخرج إليه المأموني فقاتله قتالا شديدا.
و ثبتت الزيدية تحت ركاب محمد بن محمد بن زيد،و ثبت العلويون معه فقتلت منهم عدة،و خرج أهل السوس فأتوهم من خلفهم،فخرج غلام أبي السرايا ليقاتلهم فظن القوم أنها هزيمة فانهزموا،و جعل أصحاب المأموني يقتلونهم،حتى أجنهم الليل فتفرقوا و تقطعت دوابهم.
و مضى أبو السرايا حتى أخذ على طريق خراسان،فنزلوا قرية يقال لها:برقانا.
و بلغ حمّاد الكندغوش (3)خبرهم،و كان يتقلد تلك الناحية،فوجه إليهم خيلا،ثم».
ص: 445
ركب بنفسه حتى لقيهم و آمنهم على أن ينفذ بهم إلى الحسن بن سهل فقبلوا ذلك منه، و أعطى الذي أعلمه خبرهم عشرة آلاف درهم،و حملهم إلى الحسن بن سهل (1).
و بادر محمد بن محمد بكتاب إلى الحسن بن سهل،يسأله أن يؤمنه على نفسه و يستعطفه،فقال الحسن بن سهل:لا بد من ضرب عنقك.فقال له بعض من كان يستنصحه:لا تفعل أيها الأمير،فإن الرشيد لما نقم على البرامكة احتج عليهم بقتل ابن الأفطس،و هو عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي فقتلهم به، و لكن احمله إلى أمير المؤمنين،فعمل ذلك و حلف أنه يقتل أبا السرايا.
فلما أتته بهم الرسل و هو نازل بالمدائن معسكرا قال لأبي السرايا:من أنت؟.
قال:السري بن المنصور.
قال:لا بل أنت النذل ابن النذل،المخذول ابن المخذول،قم يا هارون بن أبي خالد فاضرب عنقه بأخيك عبدوس (2)بن عبد الصمد،فقام إليه فقدمه فضرب عنقه.
ثم أمر برأسه فصلب في الجانب الشرقي،و صلب بدنه في الجانب الغربي (3).
و قتل غلامه أبا الشوك و صلب معه.
و حمل محمد بن محمد إلى خراسان (4)،فأقيم بين يدي المأمون و هو جالس في مستشرف له،ثم صاح الفضل بن سهل اكشفوا رأسه فكشف رأسه (5)فجعل المأمون يتعجب من حداثة سنه،ثم أمر له بدار فأسكنها،و جعل له فيها فرشا و خادما،فكان فيها على سبيل الاعتقال و التوكيل،و أقام على ذلك مدة يسيرة يقال:إن مقدارها أربعون يوما،ثم دست إليه شربة فكان يختلف كبده و حشوته،حتى مات.».
ص: 446
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:قال يحيى بن الحسن،حدثني محمد بن جعفر:
أن محمد بن محمد سقى السم بمرو،و توفي بها و كان يختلف حتى اختلف كبده.
قال:
و نظر في الدّواوين فوجد من قتل من أصحاب السلطان في وقائع أبي السرايا مائتا ألف رجل.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثني أبي،قال:
خرج مع أبي السرايا أكثر أهل الكوفة إلاّ من لا فضل فيه و لا غناء،فإنما عد من تخلّف عنه،ثم ذكر لي أنّ مبلغهم كان زهاء مائتي ألف و أكثر،فقلت لمحمد بن الحسين:إن أحمد بن عبيد اللّه بن عمار روى لنا،عن محمد بن داود بن الجراح، عن محمد بن أبي خيثمة،عن يحيى بن عبد الحميد الحماني،قال:
رأيت أبا بكر و عثمان (1)ابني شيبة و قد خرجا مع أبي السرايا و على أحدهما عمامة صفراء و الآخر حمراء،و قالا:يتأسى بنا الناس.فقال:لم يكونا في ذلك الوقت بهذا المحل،و قد بايع لمحمد بن إبراهيم الأكابر ممن حدث عنه ابنا أبي شيبة (2)مثل يحيى بن آدم (3)فإنه بايعه فجعل محمد يشترط عليه و يحيى يقول:ما استطعت ما استطعت،و يقول له محمد:هذا قد استثناه لك القرآن إن اللّه تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (4).
ص: 447
ثم حدثني الأشناني،عن أحمد بن حازم الغفاري،أن مخول بن إبراهيم خرج معه أيضا،و ذكر جماعة منهم عاصم بن عامر،و عامر بن كثير السرّاج،و أبو نعيم الفضل بن دكين (1)و عبد ربه بن علقمة،و يحيى بن الحسن بن الفرات الفزار، و نظراء هؤلاء.
حدثني أبو أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن المنصور،قال:
حدثني الحسين بن علي بن أخي ليث،و موسى بن أحمد القطواني:
أنه حضر يحيى بن آدم يبايع محمد بن إبراهيم،و ذكر مثل حديث الأشناني.
[حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني الحسين بن القاسم،قال:حدثني جعفر بن هذيل،قال:سمعت بن نمير يقول،و كان قد فاته أكثر كتب أبي معاوية عن الأعمش،قال:
لما قدم يحيى بن عيسى جعلت أكتب عنه حديث الأعمش الحمد للّه الذي كفاني مؤنة أبي معاوية ذلك المرح أتبدل به من يحيى بن عيسى فما مكثنا إلاّ يسيرا حتى خرج أبو السرايا،فخرج معه يحيى بن عيسى،فقلت:إنا للّه فررت من ذلك و وقعت مع هذا] (2).
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن المنصور،قال:
سمعت مصفى بن عاصم يقول:سمعت أبا السرايا يقول:
ما دخلت في معصية اللّه جلّ و عزّ من الفواحش قط.
قال:و سمعته يقول:ما هبت أحدا قط هيبتي محمد بن إبراهيم.
حدثني أبو عبيد الصيرفي،قال:حدثني أبي،قال:
رأيت أبا السرايا يؤتى بمكّوكي (3)شعير فيطرح أحدهما بين يديه،و الآخر بين يدي فرسه فيستوفي الشعير قبل فرسه.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:حدثني إبراهيم بن سليمان المقرئ،قال:
كنت واقفا مع أبي السرايا على القنطرة،و محمد بن محمد بصحراء أثير،».
ص: 448
فجاءه رجل دسه هرثمة فقال له:إن المسوّدة قد دخلت من جانب الجسر،و أخذ محمد بن محمد و إنما أراد أن بنتحي أبو السرايا عن موضعه، فلما سمع ذلك وجّه فرسه نحو صحراء أثير،و أقبل هرثمة حتى دخل الكوفة،و بلغ إلى موضع يعرف بدار الحسن،و صار أبو السرايا إلى الموضع فوجد محمدا قائما على المنبر يخطب،فعلم أنها حيلة،فكر راجعا و معه رجل يقال له مسافر الطائي،و كان من بني شيبان إلاّ أنه نزل في قبائل طي فنسب إليهم،فحمل على المسودة فهزمهم حتى ردهم إلى موقفهم.
و جاءه رجل فقال:إن جماعة منهم قد كمنوا لك في خرابة ها هنا.فقال:
أرينهم،فأراه الخرابة،فدخل إليهم فأقام طويلا ثم خرج يمسح سيفه و ينفض علق الدم عن نفسه،و مضى لوجهه نحو هرثمة،فدخلت فإذا القوم صرعى و خيلهم يثب بعضها على بعض،فعددتهم فإذا هم مائة رجل،أو مائة رجل إلاّ رجلا.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنى محمد بن المنصور،قال:
سمعت القاسم بن إبراهيم و نحن في منزل للحسينيين يقال له الورينة، يقول:
انتهى إليّ نعي أخي محمد و أنا بالمغرب،فتنحبت فأرقت من عيني سجلا أو سجلين،ثم رثيته بقصيدة،على أنه كان يقول بشيء من التشبيه،قال:ثم قرأها عليّ من رقعة،فكتبتها،و هي هذه:
يا دار دار غرور لا وفاء لها *** حيث الحوادث بالمكروه تستبق
أبرحت أهلك من كدّ و من أسف *** بمشرع شربه التصدير و الرّنق (1)
فإن يكن فيك للآذان مستمع *** يصبى و مرأى تسامى نحوه الحدق
فأيّ عشك إلاّ و هو منتقل *** و أي شملك إلاّ و هو مفترق (2)
من سرّه أن يرى الدنيا معطّلة *** بعين من لم يخنه الخدع و الملق
فليأت دارا جفاها الأنس موحشة *** مأهولة حشوها الأشلاء و الخرق
قل للقبور إذا ما جئت زائرها *** و هل يزار تراب البلقع الخلق؟».
ص: 449
ما ذا تضمّنت يا ذا اللحد من ملك *** لم يحمه منك عقيان و لا ورق
بل أيّها النّازح المرموس يصحبه *** وجد و يصحبه التّرجيع و الحرق
يهدى لدار البلى عن غير مقلية *** قد خطّ في عرصة منها له نفق
و بات فردا و بطن الأرض مضجعه *** و من ثراها له ثوب و مرتفق
نائي المحل بعيد الأنس أسلمه *** برّ الشفيق فحبل الوصل منخرق
قد أعقب الوصل منك اليأس فانقطعت *** منك القرائن و الأسباب و العلق
يا شخص من لو تكون الأرض فديته *** ما ضاق منّي بها ذرع و لا خلق
بينا أرجيّك تأميلا و أشفق أن *** يغبّر منك جبين واضح يقق
أصبحت يحثى عليك الترب في جدث *** حتى عليك بما يحثى به طبق
إن فجّعتني بك الأيام مسرعة *** فقلّ منّي عليك الحزن و الأرق
فأيّما حدث تخشى غوائله *** من بعد هلكك يعنيني به الشفق (1)
قال أبو الفرج:
و أخبرنا أحمد بن سعيد،عن محمد بن منصور،قال:سمعت القاسم بن إبراهيم يقول:
أعرف رجلا دعا اللّه في ليلة و هو في بيت فقال:اللهم إني أسألك بالاسم الذي دعاك به[صاحب] (2)سليمان فجاءه السرير فتهدل البيت عليه رطبا.
قال:و سمعت القاسم يقول:
أعرف رجلا دعا اللّه فقال:اللهم إني أسألك بالاسم الذي من دعاك به أجبته،و هو في ظلمة،فامتلأ البيت نورا.
قال محمد:عنى به نفسه.
و قد كان القاسم بن إبراهيم أراد الخروج و اجتمع له أمره فسمع في عسكره صوت طنبور فقال:لا يصلح هؤلاء القوم أبدا،و هرب و تركهم.
قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني:
و فيما كتب به إليّ علي بن أحمد العجلي،قال:أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن،ة.
ص: 450
قال:قال الهيثم بن عبد اللّه الخثعمي يرثي أبا السرايا،و ذكرها ابن عمار و وصف أنه لا يعرف قائلها:
و سل عن الظاعنين ما فعلوا *** و أين بعد ارتحالهم نزلوا
يا ليت شعري و الليت عصمة من *** يأمل ما حال دونه الأجل
أين استقرت نوى الأحبة أم *** هل يرتجى للأحبة القفل
ركب ألحت يد الزّمان على *** إزعاجهم في البلاد فانتقلوا
بني البشير النذير الطاهر الطّهر الّ *** ذي أقرت بفضله الرسل
خانهم الدهر بعد عزهم *** و الدهر بالناس خائن ختل (1)
بانوا فظلت عيون شيعتهم *** عليهم لا تزال تنهمل
و استبدلوا بعدهم عدوّهم *** بئس لعمري بالمبدل البدل
يا عسكرا ما أقلّ ناصره *** لم تشفه من عدوه الدّول
فبكّهم بالدماء إن نفد الدّم *** ع فقد خان فيهم الأمل
لا تبك من بعدهم على أحد *** فكلّ خطب سواهم جلل
أخوهم يفتدي صفوفهم *** زحفا إليهم و ما بها خلل (2)
في فيلق يملأ الفضاء به *** كأنما فيه عارض و بل
رماهم الشيخ من كنانته *** و الشيخ لا عاجز و لا وكل
بالخيل تردى و هنّ ساهمة *** تحت رجال كأنها الإبل
و السّابقات الجياد فوقهم *** و البيض و البيض و القنا الذبل
و الرّجل يمشون في أظلّتها *** كما تمشّى المصاعب البزل
و اليزنيّات في أكفّهم *** كأنّما في رءوسهما الشعل
حتى إذا ما التقوا على قدر *** و القوم في هوّة لهم زجل
شدوا على عترة الرسول و لم *** تثنيهم رهبة و لا وهل (3)
فما رعوا حقّه و حرمته *** و لا استرابوا في نفس من قتلوا
و اللّه أملى لهم و أمهلهم *** و اللّه في أمره له مهل».
ص: 451
بل أيها الراكب المخبر أو النا *** عي ابن لي لأمّك الهبل
ما فعل الفارس المحامي إذا ما ال *** حرب فرّت أنيابها العصل (1)
أأنت أبصرته على شرف *** للّه عيناك أيها الرجل
من فوق جذع أناف شائلة *** ترمي إليها بلحظها المقل
إن كنت أبصرته كذاك فما *** أسلمه ضعفه و لا الفشل
و لو تراه عليه شكته *** و الموت دان و الحرب تشتعل
في موطن و الحتوف مشرعة *** فيها قسيّ المنون تنتضل
و القوم منهم مضرّج بدم *** و موثق أسره و منجدل
و فائظ نفسه و ذو رمق *** يطمع فيه الضباع و الحجل
في صدره كالوجار من يده *** يغيب فيها السنان و الفتل
يميل منها و الموت يحفزه *** كما يميل المرنّح الثّمل
في كفه عضبة مضاربها *** و ذابل كالرّشاء معتدل
لخلت أنّ القضاء من يده *** و للمنايا من كفّه رسل
يا ربّ يوم حمى فوارسه *** و هوّ لا مرهق و لا عجل
كأنه آمن منيّته *** في الرّوع لما تشاجر الأسل
في موطن لا يقال عاثره *** يغصّ فيه بريقه البطل
أبا السّرايا نفسي مفجّعة *** عليك و العين دمعها خضل
من كان يغضي عليك مصطبرا *** فإن صبري عليك مختزل
هلاّ وقاك الرّدى الجبان إذا *** ضاقت عليه بنفسه الحيل
أم كيف لم تخشك المنون و لم *** يرهبك إذ حان يومك الأجل
فاذهب حميدا فكل ذي أجل *** يموت يوما إذا انقضى الأجل
الموت مبسوطة حبائله *** و الناس ناج منهم و محتبل
من تعتلقه تفت به أبدا *** و من نجا يومه فلا يئل (2)».
ص: 452
هذا آخر خبر أبي السرايا (1)رحمه اللّه.
و عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن الحسن [ابن الحسن] (2)بن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه آمنة بنت عبيد اللّه (3)بن الحسين بن علي[بن الحسين].
و كان خرج أيام المأمون إلى فارس،فقتله قوم من الخوارج في طريقه.
و الرضا علي بن موسى بن جعفر (4)بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام و يكنى أبا الحسن[و قيل:يكنى أبا بكر].
و أمه أم ولد (5).
قال أبو الفرج:
حدثني الحسن بن علي الخفاف،قال:حدثنا عيسى بن مهران،قال:حدثنا أبو الصلت الهروي (6)،قال:
سألني المأمون يوما عن مسألة فقلت:قال فيها أبو بكر كذا و كذا.
ص: 453
فقال:من[هو]أبو بكر؟أبو بكرنا أو أبو بكر العامة؟.
قلت:أبو بكرنا.
قال عيسى:قلت لأبي الصلت:من أبو بكركم؟فقال:علي بن موسى الرضا،كان يكنى بها،و أمه أم ولد.
كان المأمون عقد له على العهد من بعده،ثم دس إليه فيما ذكر بعد ذلك سما فمات منه.
أخبرني ببعضه علي بن الحسين بن علي بن حمزة،عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوي.و أخبرني بأشياء (1)منه أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن العلوي،و جمعت أخبارهم:
أن المأمون وجه إلى جماعة من آل أبي طالب فحملهم إليه من المدينة،و فيهم علي بن موسى الرضا،فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاءوه بهم،و كان المتولي لإشخاصهم المعروف بالجلودي من أهل خراسان،فقدم بهم على المأمون فأنزلهم دارا،و أنزل علي بن موسى الرضا دارا (2).
و وجه إلى الفضل بن سهل فأعلمه أنه يريد العقد له،و أمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على ذلك،ففعل و اجتمعا بحضرته،فجعل الحسن يعظم ذلك عليه،و يعرفه ما في إخراج الأمر من أهله عليه.
فقال له (3): إني عاهدت اللّه أن أخرجها إلى أفضل آل أبي طالب إن ظفرت بالمخلوع،و ما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل.
فاجتمعا معه على ما أراد،فأرسلهما إلى علي بن موسى فعرضا ذلك عليه فأبى،فلم يزالا به و هو يأبى ذلك و يمتنع منه،إلى أن قال له أحدهما:إن فعلت و إلاّ فعلنا بك و صنعنا،و تهدده،ثم قال له أحدهما:و اللّه أمرني بضرب عنقك إذا خالفت ما يريد.
ص: 454
ثم دعا به المأمون فخاطبه في ذلك فامتنع،فقال له قولا شبيها بالتهدد،ثم قال له:
إن عمر جعل الشورى في ستة أحدهم جدك،و قال:من خالف فاضربوا عنقه،و لا بد من قبول ذلك.
فأجابه علي بن موسى إلى ما التمس.
ثم جلس المأمون في يوم الخميس،و خرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى،و أنه ولاّه عهده،و سمّاه الرضا.و أمرهم بلبس الخضرة،و العود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا رزق سنة.
فلما كان ذلك اليوم ركب الناس من القواد و القضاة و غيرهم من الناس في الخضرة،و جلس المأمون و وضع للرضا و سادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه و فرشه.و أجلس الرضا عليهما في الحضرة،و عليه عمامة و سيف.ثم أمر ابنه العباس بن المأمون فبايع له أول الناس،فرفع الرضا يده فتلقى بظهرها وجه نفسه و ببطنها وجوههم.
فقال له المأمون:ابسط يدك للبيعة.
فقال له:إن رسول اللّه(ص)هكذا كان يبايع،فبايعه الناس، و وضعت البدر،و قامت الخطباء و الشعراء،فجعلوا يذكرون فضل علي بن موسى و ما كان من المأمون في أمره.
ثم دعا أبو عبّاد بالعباس بن المأمون،فوثب،فدنا من أبيه فقبّل يده و أمره بالجلوس.
ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد،فقال له الفضل بن سهل:قم.فقام، فمشى حتى قرب من المأمون و لم يقبل يده،ثم مضى فأخذ جائزته و ناداه المأمون:
ارجع يا أبا جعفر إلى مجلسك،فرجع.
ثم جعل أبو عبّاد يدعو بعلويّ و عباسيّ فيقبضان جوائزهما حتى نفدت الأموال.
ثم قال المأمون للرضا:قم فاخطب الناس و تكلم فيهم.
فقال بعد حمد اللّه و الثناء عليه:
إن لنا عليكم حقا برسول اللّه(ص)،و لكم علينا حق به،فإذا أديتم إلينا
ص: 455
ذلك وجب علينا الحق لكم.
و لم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس.
و أمر المأمون فضربت له الدراهم و طبع عليها اسمه.
و زوج إسحاق بن موسى بن جعفر بنت عمه إسحاق بن جعفر بن محمد، و أمره أن يحج بالناس،و خطب للرضا في كل بلد بولاية العهد.
فحدثني أحمد بن محمد بن سعيد،قال:حدثنا يحيى بن الحسن [العلوي]،قال:حدثني من سمع عبد الجبار بن سعيد يخطب تلك السنة على منبر رسول اللّه بالمدينة فقال في الدعاء له:
اللهم و أصلح ولي عهد المسلمين،علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي،عليهم السلام:
ستة آباء هم ما هم *** هم خير من يشرب صوب الغمام (1)
حدثني الحسن بن الطبيب البلخي،قال:حدثني محمد بن أبي عمر العدني، قال:سمعت عبد الجبار يخطب،فذكر مثله.
رجع الحديث إلى نظام خبر علي بن موسى.
قال:و زوج المأمون ابنته أم الفضل محمد بن علي بن موسى على حلكة لونه و سواده،و نقلها إليه فلم تزل عنده (2).
و اعتل الرضا علته التي مات فيها (3)،و كان قبل ذلك يذكر ابني سهل عند المأمون فيزري عليهما،و ينهى المأمون عنهما،و يذكر له مساوئهما (4).
و رآه يوما يتوضأ للصلاة و الغلام يصب على يده الماء فقال:يا أمير المؤمنين،».
ص: 456
لا تشرك بعبادة ربك أحدا (1).
فجعل المأمون يدخل إليه،فلما ثقل تعالل المأمون و أظهر أنهما أكلا عنده جميعا طعاما ضارا فمرضا،و لم يزل الرضا عليلا حتى مات.
و اختلف في أمر وفاته،و كيف كان سبب السم الذي سقيه.
فذكر محمد بن علي بن حمزة أن منصور بن بشير ذكر عن أخيه عبد اللّه بن بشير:
أن المأمون أمره أن يطوّل أظفاره ففعل،ثم أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي،و قال له: افركه و اعجنه بيديك جميعا،ففعل.
ثم دخل على الرضا فقال له:ما خبرك؟ قال:أرجو أن أكون صالحا.
فقال له:هل جاءك أحد من المترفّقين اليوم؟.
قال:لا،فغضب و صاح على غلمانه،و قال له:فخذ ماء الرمان اليوم فإنه ما لا يستغنى عنه.ثم دعا برمان فأعطاه عبد اللّه بن بشير و قال له:اعصر ماءه بيدك، ففعل و سقاه المأمون الرضا بيده فشربه،فكان ذلك سبب وفاته،و لم يلبث إلاّ يومين حتى مات.
قال محمد بن علي بن حمزة،و يحيى: فبلغني عن أبي الصلت الهروي:
أنه دخل على الرضا بعد ذلك فقال له:يا أبا الصلت قد فعلوها:«أي قد سقوني السم».[و جعل يوحد اللّه و يمجده] (2).
قال محمد بن علي:و سمعت محمد بن الجهم يقول:
إن الرضا كان يعجبه العنب،فأخذ له عنب و جعل في موضع أقماعه الإبر، فتركت أياما فأكل منه في علته فقتله،و ذكر أن ذلك من لطيف السموم.
و لما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته،و تركه يوما و ليلة،ثم وجه إلى8.
ص: 457
محمد بن جعفر بن محمد،و جماعة من آل أبي طالب.فلما أحضرهم و أراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر به، ثم بكى و قال:عزّ عليّ يا أخي أن أراك في هذه الحالة، و قد كنت أؤمل أن أقدّم قبلك،فأبى اللّه إلاّ ما أراد.و أظهر جزعا شديدا و حزنا كثيرا.
و خرج مع جنازته يحملها حتى أتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن،فدفنه هناك إلى جانب هارون الرشيد (1).
و قال أشجع بن عمرو السلمي (2)يرثيه،هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي بن حمزة،عن عمّه،و ذكر أنها لمّا شاعت غيّر أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد:
يا صاحب العيس يحدي في أزمّتها *** اسمع و أسمع غدا يا صاحب العيس
اقرأ السلام على قبر بطوس و لا *** تقرأ السلام و لا النعمى على طوس
فقد أصاب قلوب المسلمين بها *** روع و أفرخ فيها روع ابليس
و أخلست واحد الدنيا و سيدها *** فأيّ مختلس منا و مخلوس
و لو بدا الموت حتى يستدير به *** لاقى وجوه رجال دونه شوس
بؤسا لطوس فما كانت منازله *** مما تخوفه الأيام بالبوس
معرّس حيث لا تعريس ملتبس *** يا طول ذلك من نأى و تعريس
إن المنايا أنالته مخالبها *** و دونه عسكر جمّ الكراديس
أوفى عليه الرّدى في خيس أشبله *** و الموت يلقى أبا الأشبال في الخيس
ما زال مقتبسا من نور والده *** إلى النبي ضياء غير مقبوس
في منبت نهضت فيه فروعهم *** بباسق في بطاح الملك مغروس
و الفرع لا يرتقى إلاّ على ثقة *** من القواعد و الدنيا بتأسيس1.
ص: 458
لا يوم أولى بتخريق الجيوب و لا *** لطم الخدود و لا جدع المعاطيس
من يوم طوس الذي نادت بروعته *** لنا النعاة و أفواه القراطيس (1)
حقا بأن الرضا أودى الزمان به *** ما يطلب الموت إلاّ كلّ منفوس
ذا اللحظتين و ذا اليومين مفترش *** رمسا كآخر في يومين مرموس
بمطلع الشمس وافته منيّته *** ما كان يوم الردى عنه بمحبوس
يا نازلا جدثا في غير منزله *** و يا فريسة يوم غير مفروس
لبست ثوب البلى أعزز عليّ به *** لبسا جديدا و ثوبا غير ملبوس
صلّى عليك الذي قد كنت تعبده *** تحت الهواجر في تلك الأماليس
لولا مناقضة الدنيا محاسنها *** لما تقايسها أهل المقاييس
أحلّك اللّه دارا غير زائلة *** في منزل برسول اللّه مأنوس
قال أبو الفرج:
هذه القصيدة ذكر محمد بن علي بن حمزة أنها في علي بن موسى الرضا.
قال أبو الفرج:
و أنشدني علي بن سليمان الأخفش (2)لدعبل بن علي الخزاعي (3)يذكر الرضا و السم الذي سقيه،و يرثي ابنا له،و ينعى على الخلفاء من بني العباس:
على الكره ما فارقت أحمد و انطوى *** عليه بناء جندل و رزين (4)
و أسكنته بيتا خسيسا متاعه *** و إني على رغمي به لضنين
و لولا التأسي بالنبيّ و أهله *** لأسبل من عيني عليه شؤون
هو النفس إلاّ أن آل محمد *** لهم دون نفسي في الفؤاد كمين
أضرّ بهم إرث النبيّ فأصبحوا *** يساهم فيه ميتة و منون
دعتهم ذئاب من أميّة و انتحت *** عليهم دراكا أزمة و سنون».
ص: 459
و عاثت بنو العباس في الدين عيثة *** تحكّم فيه ظالم و ظنين
و سمّوا رشيدا ليس فيهم لرشده *** و ها ذاك مأمون و ذاك أمين
فما قبلت بالرشد منهم رعاية *** و لا لوليّ بالأمانة دين
رشيدهم غاو و طفلاه بعده *** لهذا رزايا دون ذاك مجون (1)
ألا أيها القبر الغريب محلّه *** بطوس عليك السّاريات هتون
شككت فما أدري أمسقى بشربة *** فأبكيك أم ريب الردى فيهون؟
و أيهما ما قلت إن قلت شربة *** و إن قلت موت إنه لقمين
أيا عجبا منهم يسمّونك الرضا *** و يلقاك منهم كلحة و غضون
أتعجب للأجلاف أن يتخيفوا *** معالم دين اللّه و هو مبين
لقد سبقت فيهم بفضلك آية *** لديّ و لكن ما هناك يقين
هذا آخر خبر عليّ بن موسى الرضا (2).
أخبرنا أبو الفرج قال:حدثنا الحسن بن علي الخفاف،قال:حدثنا أبو الصلت الهروي،قال:
دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه فبكى و قال:أعزز عليّ يا أخي بأن أعيش ليومك، و قد كان في بقائك أمل،و أغلظ عليّ من ذلك و أشد أن الناس يقولون:إني سقيتك سما،و أنا إلى اللّه من ذلك بريء.
فقال له الرضا:صدقت يا أمير المؤمنين،أنت و اللّه بريء.
ثم خرج المأمون من عنده،و مات الرضا،فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره و أمر أن يحفر إلى جانب أبيه،ثم أقبل علينا فقال:حدثني صاحب هذا النعش أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء و سمك،احفروا،فحفروا فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء و ظهر فيه سمك،ثم غاض الماء،فدفن فيه الرضا عليه السلام.ة.
ص: 460
و محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و يكنى أبا جعفر.و هو ابن الأفطس (1)الذي ذكرنا خبر قتل أبيه في أيام الرشيد (2).
و أمه زينب بنت موسى بن عمر بن علي بن الحسين.
أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن حمزة العلوي،قال:أخبرني عمي محمد بن علي قال:أخبرني إبراهيم بن أبي محمد البريدي،قال:
كنا عند المعتصم و هو ولي عهد في أيام المأمون،فأخذ عمود حديد ثقيل فشاله ثم قصر به ثماني قصرات،ثم طرحه من يده إلى العباس بن علي بن ريطة فقصر به،سبعا،ثم طرحه و فيه فضل،فالتفت المعتصم إلى محمد بن عبد اللّه بن الأفطس فقال له:أما أنتم يا أبا جعفر فليس عندكم من هذا شيء.
فقال له:إليّ تقول هذا؟هاته،فطرحه إليه،فقال هاها و هو يجيله و يقلبه حتى قصر به ست عشرة مرة،و وجه المعتصم يتغير صفرة و حمرة.
و كان قد كلم المأمون في أمره فقلّده البصرة،فلما طرحه من يده قال له:
و دعني و أخرج إلى عملك،ففعل، فلما خرج من عنده أتبعه بشربة مسمومة و قال له:أحبّ أن تشرب هذا الشراب فإني ذكرتك و أحببت أن تشربه وقت وصوله، فشربه فمات من وقته.
ص: 461
ص: 462
و من ظهر فيها
ص: 463
و أمه صفية بنت موسى بن عمر بن علي بن الحسين.
و يكنى أبا جعفر.
و كانت العامة تلقبه الصوفي؛لأنه كان يدمن لبس الثياب من الصوف الأبيض.
و كان من أهل العلم و الفقه و الدين و الزهد و حسن المذهب.
و كان يذهب إلى القول بالعدل و التوحيد،و يرى رأي الزيدية الجارودية (1).
خرج في أيام المعتصم بالطّالقان، فأخذه عبد اللّه بن طاهر،و وجه به إلى المعتصم، بعد وقائع كانت بينه و بينه (2).
أخبرني بخبره أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،عن محمد بن الأزهر،و نسخت شيئا من أخباره من كتاب أحمد بن الحارث الخرّاز،و حدثني بخبره مشروحا جعفر بن أحمد بن أبي مندل الوراق الكوفي،قال:حدثني عبيد اللّه بن حمدون؛ قال:حدثني إبراهيم بن عبد اللّه العطار،و كان مع أبي جعفر محمد بن القاسم بالطالقان (3).و في أحوال تنقله بخراسان،قال:
نزل بمرو (4)،و كنا معه من الكوفيين بضعة عشر رجلا،و كان قبل ذلك قد خرج إلى ناحية الرّقة[و إلى ناحية الروز]،و معه جماعة من وجوه الزيدية،منهم:
يحيى بن الحسن بن الفرات الفراز،و عبّاد بن يعقوب الرواجني (5)،فسمعوه يتكلم مع أحدهم بشيء من مذهب المعتزلة فتفرق الكوفيون جميعا عنه،و بقينا معهن.
ص: 465
بضعة عشر رجلا،فتفرقنا في الناس ندعوهم إليه، فلم نلبث إلاّ يسيرا حتى استجاب له أربعون ألفا،و أخذنا عليهم البيعة،و كنا أنزلناه في رستاق من رساتيق مرو،و أهله شيعة كلهم،فأحلوه في قلعة لا يبلغها الطير،في جبل حريز فلما اجتمع أمره وعدهم لليلة بعينها،فاجتمعوا إليه و نزل من القلعة إليهم،فبينا نحن عنده إذ سمع بكاء رجل و استغاثته،فقال لي:يا إبراهيم قم فانظر ما هذا البكاء.فأتيت الموضع فوقفت فيه فاستقربت البكاء حتى انتهيت إلى رجل حائك،قد أخذ منه رجل من أصحابنا ممن بايعنا لبدا،و هو متعلق به،فقلت:ما هذا و ما شأنك؟.
فقال:أخذ صاحبكم هذا لبدي.
فقلت:اردد عليه لبده فقد سمع أبو جعفر بكاءه.
فقال لي الرجل:إنما خرجنا معكم لنكتسب و ننتفع و نأخذ ما نحتاج إليه، فلم أزل أرفق به حتى أخذت منه اللبد ورددته إلى صاحبه،و رجعت إلى محمد بن القاسم فأخبرته بخبره و أني قد انتزعت منه اللبد و رددته على صاحبه،فقال:يا إبراهيم،أبمثل هذا يصر دين اللّه؟ثم قال لنا:فرّقوا الناس عني حتى أرى رأيي.
فخرجنا إلى الناس فقلنا لهم:إن صورة الأمر قد أوجبت أن تتفرقوا في هذا الوقت،فتفرقوا.
و رحل محمد بن القاسم من وقته إلى الطالقان،و بينها و بين مرو أربعون فرسخا،فنزلها،و تفرقنا ندعو الناس فاجتمع عليه عالم،و جئنا إليه فقلنا له:إن أتممت على أمرك،و خرجت فنابذت القوم رجونا أن ينصرك اللّه،فإذا ظفرت اخترت حينئذ من ترضاه من جندك،و إن فعلت كما فعلت بمرو،أخذ عبد اللّه بن طاهر بعقبك،فأصلح من إسلامك إيّانا و نفسك إليه،أن تجلس في بيتك و يسعك ما يسع سائر أهل بيتك.فأتم عزمه و خرج في الناس.
و بلغ خبره عبد اللّه بن طاهر فوجه إليه رجلا يقال له:الحسين بن نوح، و كان صاحب شرطته،فلقيناه و قاتلناه فهزمناه هزيمة قبيحة، و لما اتصل خبره بعبد اللّه قامت قيامته فجرد قائدا من أصحابه يقال له نوح بن حبان بن جبلة،أو قال حبان بن نوح بن جبلة،فلقيناه فهزمناه أقبح من هزيمتنا للحسين بن نوح، و انحاز إلى بعض النواحي و لم يرجع إلى عبد اللّه بن طاهر،و كتب إليه يعتذر و يحلف أنه لا يرجع إلاّ أن يظفر أو يقتل.فأمدّه عبد اللّه بن طاهر بجيش آخر ضخم،فسار
ص: 466
إليه متمهلا و نازله،و كمن لنا كمناء في عدة مواضع،فلما التقينا قاتلنا ساعة ثم انهزم متطاردا لنا فاتبعه أصحابنا،فلما تفرقنا في طلبه خرجت الكمناء على أصحابنا من كل وجه فانهزمنا، و أفلت محمد بن القاسم و صار إلى نسا (1)مستترا،و ثبتنا في النواحي ندعو إليه.
و قال أبو الأزهر في خبره:حدثني علي بن محمد الأزدي،قال:حدثني إبراهيم بن غسان بن الفرج العودي،صاحب عبد اللّه بن طاهر،قال:
دعاني الأمير عبد اللّه بن طاهر يوما فدخلت عليه فوجدته قاعدا و إلى جانبه كرسي عليه كتاب مختوم غير معنون،و يده في لحيته يخللها،و كان ذلك من فعله دليلا على غضبه،فتعوذت باللّه من شره،و دنوت إليه فقال لي:يا إبراهيم،احذر أن تخالف أمري فتسلطني على نفسك فلا أبقي لك باقية.
قلت: أعوذ باللّه أن أحتاج في طاعتك إلى هذا الوعيد،و أن أتعرض لسخطك.
قال:قد جرّدت لك ألف فارس من نخبة عسكري،و أمرت أن يحمل معك مائة ألف درهم تصرفها فيما تحتاج إلى صرفها فيه من أمورك،فاضرب الساعة بالطبل و البوق فإنهم يتبعونك،فاخرج و اركض،و خذ من خاص خيلي ثلاثة أفراس تجنب معك تنتقل عليها،و خذ بين يديك دليلا قد رسمته لصحبتك،فادفع إليه من المال ألف درهم،و احمله على فرس من الثلاثة فليركض بين يديك،فإذا صرت على فرسخ واحد من نسا،فافضض الكتاب و اقرأه،و اعمل بما فيه،و لا تغادر منه حرفا،و لا تخالف مما رسمته شيئا،و اعلم أن لي عينا في جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك،فاحذر ثم احذر،ثم احذر و أنت أعلم.
قال إبراهيم بن غسان:فخرجت و ضربت بالطبل،و وافاني الفرسان جميعا بشادياج و هو موضع قصور آل طاهر،و عبد اللّه يشرف من شرف علينا،فعبأت أصحابي و دفعت فرسي أركضه،و يتبعوني نسير خببا حينا و تقريبا حينا حتى صرنا في اليوم الثالث إلى نسا،على فرسخ منها ففضضت الكتاب فقرأته فإذا فيه:3.
ص: 467
سر على بركة اللّه و عونه،فإذا كنت على فرسخ فعبئ أصحابك تعبئة الحرب،و ادخل نسا،و أنفذ قائدا من قوادك في ثلثمائة يأخذ على أصحاب البريد داره فيحدق بها هو و أصحابه،و أنفذ قائدا في خمسمائة فارس إلى باب عاملها، تحرزا من وقوع حيلة ببيعة وقعت في أعناقهم لمحمد بن القاسم، و سر في باقي أصحابك إلى محلة كذا و كذا،و درب كذا و كذا،دار فلان بن فلان،و ادخل الدار الأولى،ثم أنفذ فيها إلى دار ثانية،فإذا دخلتها فانفذ منها إلى دار ثالثة،فإذا دخلتها فارق على درجة فيها على يمينك،فإنك تصير إلى غرفة فيها محمد بن القاسم العلوي الصوفي،و معه رجل من أصحابه يقال له:أبو تراب،فاستوثق منهما بالحديد استيثاقا شديدا،و أنفذ إليّ خاتمك مع خاتم محمد بن القاسم،لأعلم ظفرك به قبل كتابك،و أنفذ الخاتمين مع الرسول،و مره فليركض بهما ركضا حتى يصير إليّ في اليوم الثالث إن شاء اللّه،ثم اكتب إليّ بعد ذلك بشرح خبرك،و كن على غاية التحرز و التحفظ و التيقظ في أمره حتى تصير به و صاحبه إلى حضرتي.
قال إبراهيم:
فما رأيت خبرا كان كأنه وحي مثله،فصرت إلى الموضع فامتثلت أمره، فوجدت محمدا على رأس الدرجة،متلثما بعمامة و قد شدّ له على بغل أسفل الدرجة،و هو يريد الرحيل إلى خوارزم،فقبضت عليه،فقال:ما شأنك و من تريد؟.
قلت:محمد بن القاسم.
قال:فأنا محمد بن القاسم.
قلت هات خاتمك،فأعطاني خاتمه،فأنفذته مع خاتمي إلى عبد اللّه بن طاهر مع رجل دفعت إليه فرسا من تلك الخيل يركبه،و جنيبة يجنبها مخافة أن يعثر فرسه، و أمرت بعض أصحابي بدخول الغرفة،فقال لي:ما تريد من دخول الغرفة و قد أخذتني و ليس هناك أحد؟فلم ألتفت إليه،و أمرت أصحابي فدخلوا الغرفة ففتشوها فوجدوا أبا تراب تحت نقير،و النقير شبيه بالحوض من خشب يعجن فيه الدقيق و يعصر فيه العنب،فأخذتهما و استوثقت منهما بالقيود الثقال،و كتبت إلى عبد اللّه بن طاهر بخبرهما،و سرت إلى نيسابور ستة أيام،فصيرت محمد بن القاسم في بيت في داري،و وكلت به من أثق به من أصحابي،و وكلت بأبي تراب عبد الشعراني،فوضع محمد كساءه و قام يصلي،و عبد اللّه يشرف من غرفة في
ص: 468
الشادياج علينا،فلما فرغت من الاحتياط صرت إلى عبد اللّه بن طاهر فأخبرته الخبر و قصصته عليه شفاها،فقال لي:لا بد من أن أنظر إليه،فصار إليّ مع المغرب و عليه قميص و سراويل و نعل و رداء، و هو متنكر،فلما نظر إلى محمد بن القاسم و ثقل الحديد عليه قال لي:
ويلك يا إبراهيم،أما خفت اللّه في فعلك؟أتقيد هذا الرجل الصالح بمثل هذا القيد الثقيل؟ فقلت أيها الأمير خوفك أنساني خوف اللّه،و وعدك الذي قدّمته إليّ أذهل عقلي عمّا سواه.
فقال لي:خفف هذا الحديد كلّه عنه،و قيده بقيد خفيف في حلقته رطل بالنيسابوري-و وزن الرطل النيسابوري مائتا درهم-و ليكن عموده طويلا، و حلقتاه واسعتين ليخطو فيه،و مضى و تركه.
فأقام بنيسابور ثلاثة أشهر يريد بذلك أن يعمي خبره على الناس كيلا يغلب عليه لكثرة من بايعه بكور خراسان.
و كان عبد اللّه يخرج من إصطبله بغالا عليها القباب ليوهم الناس أنه قد أخرجه،ثم يردها حتى استتر بنيسابور سلّه في جوف الليل و خرج به مع إبراهيم بن غسان الذي أسره من نسا و وافى به الرّي،و قد أمره عبد اللّه بن طاهر أن يفعل به كما فعل هو،يخرج في كل ثلاث ليال و معه بغل عليه قبّة و معه جيش حتى يجوز الري بفراسخ،ثم يعود،إلى أن يمكنه سلّه في ليلة مظلمة،ففعل ذلك خوفا من أن يغلب عليه لكثرة من أجابه،حتى أخرجه من الري،و لم يعلم به أحد،ثم اتبعه حتى أورده بغداد على المعتصم.
قال إبراهيم بن غسان:
فعرضوا على محمد بن القاسم كل شيء نفيس من مال و جوهر و غير ذلك، فلم يقبل إلاّ مصحفا جامعا[كان]لعبد اللّه بن طاهر،فلما قبله سر عبد اللّه بذلك و إنما قبله لأنه كان يدرس فيه.
قال:و ما رأيت قط أشدّ اجتهادا منه،و لا أعف و لا أكثر ذكر اللّه عزّ و جلّ مع شدة نفس،و اجتماع قلب،ما ظهر منه جزع و لا انكسار،و لا خضوع في الشدائد التي مرّت به،و أنهم ما رأوه قط مازحا و لا هازلا و لا ضاحكا إلاّ مرة
ص: 469
واحدة،فإنهم لما انحدروا من عقبة حلوان أراد الرّكوب،فجاء بعض أصحاب إبراهيم بن غسان فطأطأ له ظهره،حتى ركب في المحمل على البغل،فلما استوى على المحمل قال للذي حمله على ظهره مازحا:أتأخذ أرزاق بني العباس و تخدم بني علي بن أبي طالب! و تبسم،و كان يقال للرجل محمد الشعراني،و كان من شيعة ولد العباس الخراسانية.
فقال له:جعلت فداك،ولد علي و ولد العباس عندي سواء،فما سمعناه مزح و لا رأيناه تبسّم قبل ذلك و لا بعده،و لا رأيناه اغتم من شيء جرى عليه إلاّ يوم ورد عليه كتاب المعتصم و قد وردنا النهروان،فكتبنا إليه بالخبر و استأذناه في الدخول به،فورد علينا كتابه يأمرنا أن نأخذ جلال القبّة و نسير به مكشوفا،و إذا وردنا النهرين أن نأخذ عمامته و ندخله بغداد حاسرا و ذلك قبل أن يبني سرّمن رأى، فلما أردنا الرحيل به من النهروان نزعنا جلال القبة،فسأل عن السبب في ذلك فأخبرناه،فاغتم بذلك.و لما صرنا بالنهرين قلنا له يا أبا جعفر:انزع عمامتك فإن أمير المؤمنين أمر أن تدخل حاسرا،فرمى بها إليّ و دخل الشّمّاسية في يوم النيروز، و ذلك في سنة تسع عشرة و مائتين،و هو في القبة و هي مكشوفة و هو حاسر،و عديله شيخ من أصحاب عبد اللّه بن طاهر،و أصحاب السماجة (1)بين يديه يلعبون، و الفراغنة (2)يرقصون،فلما رآهم محمد بكى ثم قال:اللهم إنك تعلم أني لم أزل حريصا على تغيير هذا و إنكاره.
قال:و جعلت الفراغنة يحملون على العامة و يرمونهم بالقذر و الميتة (3)، و المعتصم يضحك،و محمد بن القاسم يسبّح و يستغفر اللّه و يحرّك شفتيه يدعو عليهم،و المعتصم جالس في جوسق كان له بالشّمّاسية ينظر إليهم،و محمد واقف.
و لما فرغ من لعبه مرّوا بمحمد بن القاسم عليه،فأمر بدفعه إلى مسرور الكبير،فدفع إليه،فحبس في سرداب شبيه بالبئر (4)فكاد أن يموت فيه، و انتهى ذلك إلى المعتصم فأمر بإخراجه منه،فأخرجه و حبس في قبة في بستان موسى مع1.
ص: 470
المعتصم في داره،و وكل به مسرور عدة من غلمانه و ثقاته،و كانت في القبة التي هو فيها محبوس عدة روازن و كوى واسعة الضوء،فطلب مقراضا يكون عنده يقص به أظفاره،فدفع إليه،فعمد إلى لبد كان تحته فقطع نصفه بالمقراض و قصصه كهيئة السيور،و عمل منه مثل السلم،و طلب منهم سعفة ذكر أنه يريد أن يطرد بها الفأر؛ فإنه يأكل خبزه فينجسه عليه،فأعطوه فقطعها،و خرز حواليها بالمقراض حتى كسرها ثلاث قطع، و قرنها بمسواكه و جعلها في رأس السلم،و حلّق به في أقرب روزنة من تلك الرّوازن إليه فعلق فيها،و تسلّق عليه،و جذبه إليه لما صعد فنجا، و كانت ليلة الفطر من سنة تسع عشرة و مائتين،و قد أدخلت الفواكه و الرياحين و آلة العيد على رؤوس الحمالين إلى البستان،و صار الحمالون جميعا إلى القبة التي فيها محمد بن القاسم،فباتوا حولها،و رموا بناتيجهم و ناموا،فرمى بنفسه من القبة إلى أسفل،و نام بين الحمالين،و تحركت خرزة من فقار ظهره و لم تنفك،فنام بين الحمالين ثم عجل فأخذ بنتيجة أحدهم و ذهب ليخرج فقال أحد البوابين:من أنت؟فقال:أحد الحمالين أردت الانصراف إلى أهلي فقال له:نم عندي مكانك لا يأخذك العسس،فنام عنده.فلما طلع الفجر خرج الحمالون،و خرج معهم و أفلت،فلما أصبحوا فتحوا الباب فلم يجدوه،فأعلموا مسرورا بخبره،فدخل على المعتصم،حافيا مستسلما للقتل و أعلمه الخبر،فقال له المعتصم:لا بأس عليك، إن كان ذهب فلن يفوت،إن ظهر أخذناه، و إن آثر السلامة و استتر تركناه.
فقال مسرور بعد ذلك:هذا من تفضّل أمير المؤمنين عليّ،و لو جرى هذا في أيام الرشيد لقتلني.
فقيل:إنه رجع إلى الطالقان فمات بها.
و قيل:إنه انحدر إلى واسط،و ذلك الصحيح (1).
قال محمد بن الأزهر في خبره:».
ص: 471
فرأيت محمد بن القاسم يوم أدخل إلى بغداد،كان ربعة من الرجال أسمر، في وجهه أثر جدري،قد أثر السجود في وجهه.
قال:و حدثني علي بن محمد الأزدي،و الحسين بن موسى بن منير:
أنّ محمد بن القاسم لما هرب صار إلى قطيعة الربيع (1)إلى منزل منير بن موسى بن منير،فنقله إلى منزل إبراهيم بن قيس،فاجتمعا إليه و قالا له:إن الطلب لك سيشتد،و ليست بغداد لك بمنزل[فارحل من وقتك قبل أن يشتد عليك الطلب إلى واسط]فانحدر إلى واسط،و قد شدّ وسطه للوهن الذي أصاب فقار ظهره،فلما صار بواسط مات رحمة اللّه عليه.
قال علي بن محمد الأزدي: فحدثني ابنه علي بن محمد بن القاسم الصوفي:
أنه لما صار إلى واسط عبر بها دجلة إلى الجانب الغربي،فنزل إلى أمّ ابن عمه،علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين،و كانت عجوزا مقعدة، فلما نظرت إليه وثبت فرحا به و قالت:محمد و اللّه،فدتك نفسي و أهلي،الحمد للّه على سلامتك،فقامت على رجلها،و ما قامت قبل ذلك بسنين،فأقام عندها مديدة،و مرضته من الوهن الذي أصاب ظهره حتى مات بواسط.
و ذكر أحمد بن الحرث الخرّاز:
أن محمد بن القاسم لمّا هرب عبر من الجانب الغربي،فلما حصل في دجلة نظر فإذا معه في المعبر شيخ من الرجالة الموكلين به، كان محمد يراه من خلف الباب فعرفه محمد و لم يعرفه الشيخ،فلما أراد الخروج قال له الملاح:أعطني أجري، فحلف له ما معي شيء،و لا يملك غير الجبة الصوف التي عليه،فرقّ له الشيخ الموكل فأعطى الملاح أجرته من عنده.
قال أحمد:
و توارى محمد بن القاسم أيام المعتصم،و أيام الواثق،ثم أخذ في أيام المتوكل،فحمل إليه فحبس حتى مات في محبسه.7.
ص: 472
قال:و يقال إنه دس إليه سما فمات منه.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني عبيد بن حمدون،قال:سمعت عباد بن يعقوب،يقول:
كنت أنا و يحيى بن الحسن بن الفرات الفراز،مع محمد بن القاسم في زورق نريد الرقة،و معنا جماعة من أهل هذه الطبقة،فظهرنا من مذهبه إلى أنه يقول بالاعتزال،فخرجنا و تركناه،فجعل يبكي و يسألنا الرجوع،فلم نفعل.
و عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل ابن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام امتنع من لبس السواد،و خرقه لما طولب بلبسه،فحبس بسرّمن رأى (1)حتى مات في حبسه،رضوان اللّه عليه.
ص: 473
ص: 474
ص: 475
ذكر أيام الواثق بن المعتصم قال أبو الفرج علي بن الحسين:
لا نعلم أحدا قتل في أيامه (1)،إلاّ أن علي بن محمد بن حمزة ذكر أن عمرو بن منيع،قتل علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين،و لم يذكر السبب في ذلك،فحكيناه عنه على ما ذكره،فقتل في الواقعة التي كانت بين محمد بن ميكال و محمد بن جعفر هذا بالري.
و كان آل أبي طالب مجتمعين بسر من رأى في أيامه تدور الأرزاق عليهم (2)حتى تفرقوا في أيام المتوكل.ن.
ص: 476
و من ظهر فيها فقتل أو حبس
ص: 477
ذكر أيام المتوكل جعفر بن محمد المعتصم ابن هارون الرشيد،و من ظهر فيها فقتل أو حبس من آل أبي طالب عليهم السلام و كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب،غليظا على جماعتهم مهتما بأمورهم (1)شديد الغيظ و الحقد عليهم،و سوء الظن و التهمة لهم،و اتفق له أن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان وزيره (2)يسيء الرأي فيهم،فحسن له القبيح في معاملتهم،فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، و كان من ذلك أن كرب (3)قبر الحسين و عفّى آثاره؛و وضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحدا زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة (4).
فحدثني أحمد بن الجعد الوشاء،و قد شاهد ذلك،قال:
كان السبب في كرب قبر الحسين أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها إليه قبل الخلافة يغنين له إذا شرب،فلما وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة، و كانت قد زارت قبر الحسين،و بلغها خبره،فأسرعت الرجوع،و بعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها،فقال لها:أين كنتم؟قالت:خرجت مولاتي إلى الحج و أخرجتنا معها،و كان ذلك في شعبان.فقال:إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت: إلى قبر الحسين،فاستطير غضبا،و أمر بمولاتها فحبست،و استصفى أملاكها،و بعث برجل من أصحابه يقال له:الديزج،و كان يهوديا فأسلم،إلى قبر0.
ص: 478
الحسين،و أمره بكرب قبره (1)و محوه و إخراب كل ما حوله،فمضى لذلك و خرب ما حوله،و هدم البناء و كرب ما حوله نحو مائتي جريب،فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد،فأحضر قوما من اليهود فكربوه،و أجرى الماء حوله،و وكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل،لا يزوره زائر إلاّ أخذوه و وجهوا به إليه.
فحدثني محمد بن الحسين الأشناني،قال:
بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفا،ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها و ساعدني رجل من العطارين على ذلك،فخرجنا زائرين نكمن النهار و نسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية،و خرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين و قد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا،فجعلنا نشمه (2)و نتحرى جهته حتى أتيناه،و قد قلع الصندوق الذي كان حواليه و أحرق، و أجرى الماء عليه فانخسف موضع اللبن و صار كالخندق،فزررناه و أكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط كشيء من الطيب،فقلت للعطار الذي كان معي:أي رائحة هذه؟فقال:لا و اللّه ما شممت مثلها كشيء من العطر،فودعناه و جعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع.
فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين و الشيعة حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات و أعدناه إلى ما كان عليه.
و استعمل على المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخّجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس،و منع الناس من البر بهم،و كان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشيء و إن قل إلاّ أنهكه عقوبة،و أثقله غرما،حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقعنه و يجلسن على معازلهن عواري حواسر،إلى أن قتل المتوكل،فعطف المنتصر عليهم و أحسن إليهم،و وجه».
ص: 479
بمال فرقه فيهم،و كان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله و مضادة مذهبه طعنا عليه و نصرة لفعله (1).
فممّن خرج في أيامه و أخذ فحبس أبو عبد اللّه محمد بن صالح (2)بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و كان من فتيان آل أبي طالب و فتاكهم و شجعانهم و ظرفائهم و شعرائهم (3).
كان خرج بسويقة و جمع الناس للخروج،و حج بالناس في تلك السنة أبو السّاج (4)فخافه عمه على نفسه و ولده و أهله،فسلمه إليه،و هو لذلك من عمه آمن على أمان استوثق لمحمد بن صالح،فحمله إلى سرّمن رأى،فحبس بها مدة ثم أطلق و أقام بها سنين حتى مات رحمة اللّه عليه.
حدثني محمد بن خلف وكيع،قال:حدثني أحمد بن أبي خيثمة،قال (5):
كان محمد بن صالح بن عبد اللّه بن موسى خرج بسويقة و اجتمع له،و حج بالناس أبو الساج فقصده،و خاف عمه موسى بن عبد اللّه بن موسى أبا الساج على نفسه و ولده و أهله،فضمن لأبي الساج تسليمه،و توثق له بالأيمان و الأمان،و جاء عمه إليه فأعلمه ذلك،و أقسم عليه ليلقين سلاحه،ففعل،و خرج إلى أبي الساج
ص: 480
فقيده و حمله إلى سر من رأى مع جماعة من أهله،فلم يزل محبوسا بها ثلاث سنين ثم أطلق،و أقام بها إلى أن مات،و كان سبب منيته أنه جدر فمات في الجدري.قال:
و هو الذي يقول في الحبس (1):
طرب الفؤاد و عاودت أحزانه *** و تشعبت شعبا به أشجانه
و بدا له من بعد ما اندمل الهوى *** برق تألّق موهنا لمعانه (2)
يبدو كحاشية الرداء و دونه *** صعب الذّرا متمنع أركانه (3)
فدنا لينظر أين لاح فلم يطق *** نظرا إليه وردّه سجانه (4)
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه *** و الماء ما سحت به أجفانه (5)
ثم استعاذ من القبيح وردّه *** نحو العزاء عن الصبا إيقانه (6)
و بدا له أن الذي قد ناله *** ما كان قدّره له ديّانه
حتى استقر ضميره و كأنما *** هتك العلائق عامل و سنانه
يا قلب لا يذهب بحلمك باخل *** بالنّيل باذل تافه منانه (7)
يعد القضاء و ليس ينجز موعدا *** و يكون قبل قضائه ليّانه
خدل الشّوى حسن القوام مخصر *** عذب لماه طيّب أردانه (8)
و اقنع بما قسم الإله فأمره *** ما لا يزال عن الفتى إتيانه (9)
و البؤس فإن لا يدوم كما مضى *** عصر النعيم و زال عنك أوانه (10)
فحدثني عمي الحسين بن محمد،قال:حدثني أحمد بن أبي طاهر،قال (11)كنت مع أبي عبد اللّه محمد بن علي بن صالح بن علي الحسني في منزل بعض أصحابنا،فأقام عندنا حتى انتصف الليل،و أنا أظنه يبيت بمكانه،فإذا هو قد قام فتقلّد سيفه و خرج،فأشفقت عليه من خروجه في ذلك الوقت،و سألته المقام و المبيت،و أعلمته خوفي عليه،فالتفت إليّ مبتسما و قال:5.
ص: 481
إذا ما اشتملت السيف و الليل لم أهل *** بشيء و لم تقرع فؤادي القوارع (1)
أخبرني عمي الحسين بن محمد،و الحسين بن القاسم،قالا:حدثنا أحمد بن أبي طاهر،قال (2):
مرّ محمد بن صالح بقبر لبعض بني المتوكل،فرأى الجواري يلطمن عنده فأنشدني لنفسه:
رأيت بسامرا صبيحة جمعة *** عيونا يروق الناظرين فتورها
تزور العظام الباليات لدى الثرى *** تجاوز عن تلك العظام غفورها
فلولا قضاء اللّه أن تعمر الثرى *** إلى أن ينادي يوم ينفخ صورها
لقلت عساها أن تعيش و أنها *** ستنشر من جرّا عيون تزورها
أسيلات مجرى الدمع امّا تهللت *** شؤون الأماقي ثم سحّ مطيرها (3)
بوبل كأتوام الجمان تفيضه *** على نحرها أنفاسها و زفيرها (4)
فيا رحمة ما قد رحمت بواكيا *** ثقالا تواليها لطفا خصورها (5)
حدثني الحسن بن علي (6)الخفاف،قال:حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه،قال:
حدثني إبراهيم بن المدبر (7)،قال:
جاءني محمد بن صالح الحسيني و سألني أن أخطب عليه بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي (8)أو قال أخته،شك ابن مهرويه،ففعلت ذلك، و صرت إلى عيسى فسألته أن يجيبه،فأبى و قال لي:لا أكذبك و اللّه،إني لا أردّه لأني لا أعرف أشرف و أشهر منه لمن يصاهره،و لكني أخاف المتوكل و ولده بعده على نعمتي و نفسي،فرجعت إليه فأخبرته بذلك،فأضرب عنه مدة،ثم عاودني بعد».
ص: 482
ذلك و سألني معاودته فعاودته و رفقت به حتى أجاب و زوّجه،فأنشدني محمد بعد ذلك لنفسه (1):
خطبت إلى عيسى بن موسى فردّني *** فللّه و إلى مرّة و عتيقها
لقد ردّني عيسى و يعلم أنني *** سليل بنات المصطفى و عريقها
و أنّ لنا بعد الولادة بيعة *** بنى الإله صنوها و شقيقها (2)
فلما أبى بخلا بها و تمنعا *** و صيرني ذا خلّة لا أطيقها (3)
تداركني المرء الذي لم يزل له *** من المكرمات رحبها و طريقها
سميّ خليل اللّه و ابن وليه *** و حمال أعباء العلا و طريقها (4)
تزوجها و المن عندي لغيره *** فيبايعه وفتني الربح سوقها (5)
و يا نعمة لابن المدبر عندنا *** يجدّ على كرّ الزمان أنيقها
قال ابن مهرويه:قال ابن المدبر:و كان اسم المرأة حمدونة،فلما نقلت إليه، و كانت امرأة جميلة عاقلة كاملة من النساء،أنشدني لنفسه فيها قوله:
لعمر حمدونة إني بها *** لمغرم القلب طويل السقام
مجاوز للقدر في حبها *** مباين فيها لأهل الملام
مطرح للعذل ماض على *** مخافة النفس و هول المقام (6)
مشايعي قلب يعاف الخنا *** و صارم يقطع صمّ العظام
جشمني ذلك و جدي بها *** و فضلها بين النساء الوسام (7)
ممكورة الساق ردينية *** مع الشوي الخدل و حسن القوام
صامتة الحجل خفوق الحشا *** مائرة الساق ثقال القيام
ساجية الطرف نؤوم الضحى *** منيرة الوجه كبرق الغمام».
ص: 483
زيّنها اللّه و ما شأنها *** و أعطيت منيتها من تمام
تلك التي لولا غرامي بها *** كنت بسامرا قليل المقام
قال أبو الفرج:
و قد حدثني بخبره على أتم من هذه الحكاية عمي الحسين بن محمد قال:
حدثنا أبو جعفر بن الدهقانة النديم،قال:حدثني إبراهيم بن المدبر،قال (1):
جاءني يوما محمد بن صالح الحسني بعد أن أطلق من الحبس فقال لي:إني أريد المقام عندك اليوم على خلوة لأبثك من أمري شيئا لا يصلح أن يسمعه أحد غيرنا،فقلت:افعل.فصرفت من كان بحضرتي و خلوت معه و أمرت برد دابته، فلما اطمأن و أكلنا و اضطجعنا قال لي:أعلمك أني خرجت في سنة كذا و كذا و معي أصحابي على القافلة الفلانية،فقاتلنا من كان فيها فهزمناهم و ملكنا القافلة،فبينا أنا أحوزها و أنيخ الجمال،إذ طلعت على امرأة من عمارية ما رأيت قط أحسن منها وجها،و لا أحلى منطقا،فقالت لي:يا فتى،إن رأيت أن تدعو الشريف المتولي أمر الجيش فإن له عندي حاجة.
فقلت:قد رأيته و سمع كلامك.
فقالت لي:سألتك باللّه و بحق رسوله أنت هو؟.
قلت:نعم و اللّه و حق رسوله(ص)إني لهو.
فقالت:أنا حمدونة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي،و لأبي محل من سلطانه،و لنا نعمة إن كنت سمعت بها فقد كفاك ما سمعت،و إن كنت لم تسمع بها فاسأل عنها غيري،و و اللّه لا استأثرت عليك بشيء أملكه،و لك عليّ بذلك عهد اللّه جلّ و عز و ميثاقه،و ما أسألك إلاّ أن تصونني و تسترني،و هذه ألف دينار معي لنفقتي فخذها حلالا،و هذا حليّ[عليّ]من خمسمائة دينار فخذه و أضمن لك بعد أخذك إيّاه ما شئت على حكمك،آخذه لك من تجار مكة و المدينة،و من أهل الموسم العراقيين؛فليس منهم أحد يمنعني شيئا أطلبه و ادفع عني و احمني من أصحابك و من عار يلحقني.
فوقع قولها في قلبي موقعا عظيما فقلت لها:قد وهب اللّه لك مالك و جاهك5.
ص: 484
و حالك،و وهبت لك القافلة بجميع ما فيها، ثم خرجت فناديت في أصحابي فاجتمعوا إليّ،فناديت فيهم إني قد أجرت هذه القافلة و أهلها و خفرتها و حميتها، و جعلت لها ذمّة اللّه و ذمة رسوله و ذمتي،فمن أخذ منها خيطا أو مخيطا أو عقالا فقد آذنته بحرب.فانصرفوا معي و انصرفت،و سار أهل القافلة سالمين.
فلما أخذت و حبست،بينا أنا ذات يوم في محبسي إذ جاءني السجان فقال لي:
إن بالباب امرأتين تزعمان أنهما من أهلك،و قد حظر عليّ أن يدخل[عليك]أحد، إلاّ أنهما قد أعطتاني دملج ذهب،و جعلتاه لي إن أوصلتهما إليك،و قد أذنت لهما و هما في الدهليز،فاخرج إليهما إن شئت.
فتنكرت من يجيئني في بلد غربة و في حبس و حيث لا يعرفني أحد،ثم تفكرت فقلت:لعلهما من ولد أبي أو من بعض نساء أهلي،فخرجت إليهما و إذا بصاحبتي فلما رأتني بكت لما رأت من تغيير خلقي و ثقل حديدي،فأقبلت عليها الأخرى فقالت:أهو هو؟قالت:إي و اللّه لهو هو،ثم أقبلت عليّ فقالت:فداك أبي و أمي،لو استطعت أن أقيك مما أنت فيه بنفسي و أهلي لفعلت،و لكنت بذاك مني حقيقيا،و و اللّه لا تركت المعاونة و السعي في خلاصك،و كلّ حيلة و مال و شفاعة، و هذه دنانير و طيب و ثياب فاستعن بها على موضعك،و رسولي يأتيك في كل يوم بما يصلحك حتى يفرج اللّه عنك.ثم أخرجت إليّ المرأة كسوة و طيبا و مائتي دينار، و كان رسولها يأتيني في كل يوم بطعام نظيف،و يتصل برها عند السجان فلا يمتنع من كل ما أريد،حتى منّ اللّه بخلاصي.
ثم راسلتها فخطبتها،فقالت:أما من جهتي فأنا لك سامعة مطيعة،و الأمر إلى أبي،فأتيته فخطبتها إليه،فردني و قال:ما كنت لأحقق عليها ما شاع في الناس عنك من أمرها فقد صيرتنا فضيحة.فقمت من عنده منكسرا مستحيا و قلت في ذلك:
رموني و إياها بشنعاء هم بها *** أحق أدال اللّه منهم فعجلا (1)
بأمر تركناه و ربّ محمد *** عيانا فإما عفة أو تجملا
فقلت له:إن عيسى صنيعة أخي (2)،و هو لي مطيع،و أنا أكفيك أمره،فلما».
ص: 485
كان من غد لقيت عيسى في منزله ثم قلت له:قد جئتك في حاجة لي.
فقال:هي مقضية و لو كنت استعملت ما أحبه لأمرتني أن أجيئك فجئتك فكان أسرّ إليّ.
فقلت له:قد جئتك خاطبا إليك ابنتك.
فقال:هي لك أمة،و أنا لك عبد،و قد أجبتك.
فقلت:إني خطبتها على من هو خير مني أبا و أما و أشرف لك صهرا و متصلا محمد بن صالح العلوي.
فقال لي:يا سيدي،هذا رجل قد لحقنا بسببه ظنّة،و قيلت فينا أقوال.
فقلت له:أفليست باطلة؟.
فقال:بلى و الحمد للّه.فقلت:فكأنها لم تقل،و إذا وقع النكاح زال كل قول و تشنيع، و لم أزل أرفق به حتى أجاب.و بعثت إلى محمد بن صالح فأحضرته و ما برح حتى زوجه،و سقت الصداق عنه من مالي.
حدثني أحمد بن جعفر البرمكي،قال (1):حدثنا المبرد،قال:لم يزد محمد بن صالح محبوسا حتى صنع بنان لحنا في قوله:
و بدا له من بعد ما اندمل الهوى *** برق تألّق موهنا لمعانه
فاستحسن المتوكل اللحن و الشعر و سأل عن قائله،فأخبر عنه و كلم في أمره،و أحسن الجماعة رفده بالذكر الجميل،و أنشد الفتح قصيدة يمدح بها المتوكل التي أولها:
ألف التقى و وفى بنذر الناذر *** و أبى الوقوف على المحل الداثر
و تكفل الفتح بأمره فأمر بإطلاقه،و أمر الفتح بأخذه إليه و أن يكون عنده حتى يقيم الكفلاء بنفسه،و أن يكون مقامه بسر من رأى،و لا يخرج إلى الحجاز فأطلقه الفتح و تكفل بأمره،و خفف عنه في أمر الكفالة،فلم يزل في سرّمن رأى حتى مات.5.
ص: 486
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار و محمد بن خلف وكيع (1)قالا:حدثنا الفضل بن سعيد بن أبي حرب،قال:حدثني أبو عبد اللّه الجهمي (2)قال:
دخلت على محمد بن صالح الحسني في حبس المتوكل،فأنشدني لنفسه يهجو أبا الساج:
ألم يحزنك يا ذلفاء أني *** سكنت مساكن الأموات حيّا
و أن حمائلي و نجاد سيفي *** علون مجدعا أشرا سنيا (3)
فقصرهن لما طلن حتى اس *** توين عليه لا أمسى سويا
أما و الراقصات بذات عرق *** تؤم البيت تحسبها قسيا
لو امكنني غداتئذ جلاد *** لألفوني به سمحا سخيا (4)
قال ابن عمّار (5):و أنشدني عبيد اللّه بن طاهر أبو محمد لمحمد بن صالح العلوي الحسني:
نظرت و دوني ماء دجلة موهنا *** بمطروفة الإنسان محسورة جدا
لتؤنس لي نارا بليل أوقدت *** و تاللّه ما كلفتها منظرا قصدا (6)
فلو صدقت عيني لقلت كذبتني *** أرى النار قد أمست تضيء لنا هدأ (7)
تضيء لنا منها جبينا و محجرا *** و مبتسما عذبا و ذا غدر جعدا
قال:فأما القصيدة التي مدح بها المتوكل فهي قوله (8):
ألف التقى و وفى بنذر الناذر *** و أبى الوقوف على المحل الداثر
و لقد تهيج له الديار صبابة *** حينا و يكلف بالخليط السائر
فرأى الهداية أن أناب و إنه *** قصر المديح على الإمام العاشر5.
ص: 487
يا ابن الخلائف و الذين بهديم *** ظهر الوفاء،و بان غدر الغادر
و ابن الذين حووا تراث محمد *** دون البرية بالنصيب الوافر (1)
فوصلت أسباب الخلافة بالهدى *** إذ نلتها و أنمت ليل الساهر (2)
أحييت سنة من مضى فتجدّدت *** و أبنت بدعة ذي الضلال الخاسر (3)
فافخر بنفسك أو بجدك معلنا *** أو دع فقد جاوزت فخر الفاخر (4)
إني دعوتك فاستجبت لدعوتي *** و الموت مني نصب عين الناظر (5)
فانتشتني من قعر موردة الرّدى *** أمنا و لم تسمع مقال الزّاجر (6)
و فككت أسري و البلاء موكل *** و جبرت كسرا ما له من جابر
و عطفت بالرحم التي ترحو بها *** قرب المحل من المليك القادر
و أنا أعوذ بفضل عفوك أن أرى *** غرضا ببابك للملم الفاقر (7)
أو أن أضيع بعد ما أنقذتني *** من ريب مهلكة وجد عاثر
فلقد مننت فكنت غير مكدر *** و لقد نهضت بها نهوض الشاكر
و كان محمد بن صالح صديقا لسعيد بن حميد،و كان يقارضه الشعر.و له في هذا الحبس أشعار كثيرة يطول ذكرها.
و له أيضا في إبراهيم بن المدبر و أخيه مدائح كثيرة.
و في عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان هجاء كثير لأنه كان لشدة انحرافه عن آل أبي طالب يغري المتوكل به و يحذره من إطلاقه،فهجاه هجاء كثيرا،منه قوله يهجوه في قصيدة مدح فيها ابن المدبر (8):5.
ص: 488
و ما في آل خاقان اعتصام *** إذا ما عمّم الخطب الكبير
لئام الناس إثراء و فقرا *** و أعجزهم إذا حمى القتير
و قوم لا يزوجهم كريم *** و لا تسنى لنسوتهم مهور (1)
و فيها يقول يمدح ابن المدبر (2):
أتخبر عنهم الدمن الدثور؟ *** و قد يبنى إذا سئل الخبير
و كيف تبين الأنباء دار *** تعاقبها الشمائل و الدبور (3)
و يقول فيها في مدحه ابن المدبر:
فهلا في الذي أولاك عرفا *** تسدّي من مقالك ما يسير (4)
ثناء غير مختلق و مدحا *** مع الركبان ينجد أو يغور (5)
أخ آساك في كلب الليالي *** و قد خذل الأقارب و النصير
حفاظا حين أسلمك الموالي *** و ضن بنفسه الرجل الصبور
فإن تشكر فقد أولى جميلا *** و إن تكفر فإنك للكفور (6).
و قال سعيد بن حميد يرثي محمد بن صالح،و كانت وفاته في أيام المنتصر (7):
بأي يد أسطو على الدهر بعد ما *** أبان يدي عضب الذنابين قاضب (8)
و هاض جناحي حادث جلّ خطبه *** و سدّدت عن الصبر الجميل المذاهب
و من عادة الأيام أنّ صروفها *** إذا سرّ منها جانب ساء جانب
لعمري لقد غال التجلد أننا *** فقدناك فقد الغيث و العام جادب (9)
فما أعرف الأيام إلاّ ذميمة *** و لا الدهر إلاّ و هو بالثار طالب
و لا لي من الإخوان إلاّ مكاشر *** فوجه له راض و وجه مغاضب».
ص: 489
فقدت فتى قد كان للأرض زينة *** كما زيّنت وجه السماء الكواكب
لعمري لئن كان الردى بك فاتني *** و كل امرئ يوما إلى اللّه ذاهب (1)
لقد أخذت مني النوائب حكمها *** فما تركت حقّا عليّ النوائب
و لا تركتني أرهب الدهر بعده *** لقد كلّ عني نابه و المخالب
سقى جدثا أمسى الكريم ابن صالح *** يحل به دان من المزن ساكب
إذا بشّر الروّاد بالغيث برقه *** مرته الصّبا و استجلبته الجنائب (2)
فأبصر نور الأرض تأثير صوبه *** بصوب زهت منه الربا و المذانب (3)
هذا آخر خبر محمد بن صالح رحمة اللّه عليه و رضوانه.
قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني:
لما ولي المتوكل تفرق آل أبي طالب في النواحي،فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن زيد على طبرستان و نواحي الديلم.
و خرج بالري:
محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين يدعو إلى الحسن بن زيد فأخذه عبد اللّه بن طاهر فحبسه بنيسابور،فلم يزل في حبسه حتى هلك.
حدثني بذلك أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن.
و أم محمد بن جعفر رقية بنت عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي:
و كان ممن خرج معه عبد اللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد[بن علي] (4)بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
ثم خرج من بعده بالري أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يدعو إلى الحسين بن زيد.
و خرج الكوكبي،و هو الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن
ص: 490
عبد اللّه الأرقط بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
و لهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير لم يحمل هذا الكتاب إعادتها لطولها،و لأنا شرطنا ذكر خبر من قتل منهم دون من خرج فلم يقتل.
و القاسم بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه أم ولد.
كان عمر بن الفرج الرخّجيّ حمله إلى سرّمن رأى،فأمر بلبس السّواد فامتنع،فلم يزالوا به حتى لبس شيئا يشبه السّواد (1)فرضي منه[بذلك].
و كان القاسم رجلا فاضلا.
حدثني أحمد بن سعيد،قال حدثني يحيى بن الحسن،قال:سمعت أبا محمد اسماعيل بن محمد يقول:
ما رأيت الطالبيين انقادوا لرياسة أحد كانقيادهم للقاسم بن عبد اللّه.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني محمد بن منصور،قال:حدثنا الحسن بن الحسين،قال:
دخلت أنا،و القاسم بن عبد اللّه نغسل أبا الفوارس عبد اللّه بن إبراهيم بن الحسين و قد صلينا الظهر،فقال لي القاسم:هل نصلي العصر فإنا نخشى أن نبطئ في غسل الرجل،فصليت معه، فلما فرغنا من غسله خرجت أقيس الشمس فإذا ذلك أول وقت العصر،فأعدت الصلاة،فأتاني آت في النوم،فقال:أعدت الصلاة و قد صليت خلف القاسم؟فقلت:صلّيت في غير الوقت.قال:قلب القاسم أهدى من قلبك.
و كان اعتل فيما أخبرني أحمد بن سعيد،عن يحيى بن الحسن،عن ذوب مولاة زينب بنت عبد اللّه بن الحسين،قال:
اعتل مولاي القاسم بن عبد اللّه،فوجه إليه بطبيب يسأله عن خبره،وجهه
ص: 491
إليه السلطان،فجس يده فحين وضع الطبيب يده عليها يبست من غير علة، و جعل وجعها يزيد عليه حتى قتله قال:سمعت أهله يقولون:إنه دس إليه السم مع الطبيب.
قال أبو الفرج:
و ممن توارى فمات في حال تواريه في تلك الأيام.
أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين،عليه السلام.
و يكنى أبا عبد اللّه.
و أمه عاتكة بنت الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث عبد المطلب.
و كان فاضلا عالما مقدما في أهله،معروفا فضله.
و قد كتب الحديث،و عمرو كتب عنه،و روى عنه الحسين بن علوان روايات كثيرة،و قد روى عنه محمد بن المنصور الراوي و نظراؤه.
و كان ابتداء تواريه في غير هذه الأيام،إلاّ أنه توفي بعد تواريه بمدة طويلة في أيام المتوكل،فذكرنا خبره في أيامه.
و قد ذكرنا بعض خبره في مجيء ابن علاق الصيرفي و صباح الزعفراني إلى المهدي بعد موت أبيه و إجرائه عليه الرزق ورده إلى الحجاز إلى أيام هارون الرشيد.
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،قال:حدثني علي بن محمد النوفلي،عن أبيه،قال:و نسخت من كتاب هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات،قال:
و حدثني هاشم بن أحمد البغوي،عن جعفر بن محمد بن إسماعيل:
أنه وشى إلى هارون بأحمد بن عيسى،و القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين و أمه أم ولد، فأمر بإشخاصهما إليه من الحجاز،فلما وصلا إليه أمر بحبسهما،فحبسا في سعة عند الفضل بن الربيع (1)فكانا عنده.قال:فاحتال
ص: 492
بعض الزيدية فدس إليهما فالوذجا في جامات أحدهما مبنّج،فأطعما المبنّج الموكلين، فلما علما أن ذلك قد بلغ فيهم خرج.
هكذا قال النوفلي.
و قال هاشم بن أحمد،عن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن رياح:
أن أحمد بن عيسى كان قد خرج يوما لبعض حاجته،فرأى الموكلين به نياما فأخذ كوزا فشرب فيه، ثم رمى به من يده ليعلم أنهم نيام أم متيقظون،فلم يتحرك منهم أحد،فرجع إلى القاسم فأخبره،فقال له:ويحك،لا تحدث نفسك بالخروج فأنا في دعة و عافية مما فيه أهل الحبوس.
فقال له:لست و اللّه براجع،فإن شئت أن تخرج معي فافعل،فإني سأستظهر لك بشيء أفعله تطيب نفسك به،فاخرج فاتبعني فإنك إن لم تفعل لم تبق بعدي سليما.
ثم خرج أحمد بن عيسى فأخذ جرة فشالها ليشرب منها،ثم رمى بها من قامته فما تحركوا،و خرج لوجهه.
و تبعه القاسم،فلما صار خارج الدار خالف كل واحد منهما طريق صاحبه، و افترقا و اتعدا لموضع يلتقيان فيه.
فلقي أحمد بن عيسى مولى للفضل بن الربيع،فدنا يتعرفه (1)،فعارضه في الطريق.فصاح به:تنح يا ماص كذا و كذا (2)،فخافه فتنحى و ظن أنه أطلق، و جاء إلى الدار التي كان فيها محبوسا فنظر إلى الحرس و هم نيام فأنبهم و سألهم عن الخبر،فأيقنوا بالشر،و مضوا في طلب الرجلين،ففاتاهم فلم يقدروا عليهما.
و مضى أحمد بن عيسى حتى أتى منزل محمد بن إبراهيم الذي يقال له:
إبراهيم الإمام،فقال لغلامه:قل له أحمد بن عيسى بن زيد.فدخل الغلام فأخبره،[و عرف مولاه الخبر]فقال له:ويحك هل رآه أحد؟قال:لا،قال:
أدخله،فدخل فسلّم عليه و عرّفه الخبر و قال له:لقد رأيتك موضعا لدمي،فاتق اللّه فيّ.فأدخله منزله و ستره.
و لم يزل مدة ببغداد مستترا،و قد بلغ الرشيد خبره، فوضع الرصد في كل».
ص: 493
موضع،و أمر بتفتيش كل دار يتهم صاحبها بالتشيع و طلب أحمد فيها،فلم يزل ذلك[دأبه]حتى أمكنه التخلص،فمضى إلى البصرة فأقام بها.
و قد اختلف أيضا في تخلصه كيف كان،فلم نذكره كراهة الإطالة،إلاّ أن أقرب ذلك إلى الحق ما ذكره النوفلي من أن محمد بن إبراهيم كان له ابن منهوم بالصيد،فدفع إليه أحمد بن عيسى،و أقسم عليه أن يخرجه في جملة غلمانه متلثما متنكرا،و لا يسأله عن شيء حتى يوافي به المدائن،و يخرجه عنها إلى نحو فرسخ من خارجها،و ينتظر حتى يمرّ به زورق منحدر فيقعده فيه و يحدره إلى البصرة، ففعل ذلك،و نجا أحمد فمضى إلى البصرة.
رجع الحديث إلى حكاية هارون بن محمد:
قال:
ثم إن الرشيد دعا برجل من أصحابه يقال له:ابن الكردية،و اسمه يحيى بن خالد فقال له:قد وليتك الضياع بالكوفة،فامض إليها و تول العمل بها، و أظهر أنك تتشيع،و فرّق الأموال في الشيعة حتى تقف على خبر أحمد بن عيسى.
فمضى ابن الكردية هذا ففعل ما أمر به،و جعل يفيض الأموال في الشيعة و يفرقها عليهم و لا يسألهم عن شيء حتى ذكروا له رجلا منهم يقال له: أبو غسان الخزاعي،فأطنبوا في وصفه،و أعرض عنهم و لم يكشفهم عنه إلى أن[ذكروه مرة أخرى فقال:و ما فعل هذا الرجل؟إنا إليه لمشتاقون] (1)،قالوا:هو مع أحمد بن عيسى بالبصرة،فكتب بذلك إلى الرشيد،فأمره بالرجوع إلى بغداد،ثم ولاّه البصرة مثل ما كان ولاّه بالكوفة،فمضى إليها.
و كان[مع]أحمد بن عيسى بن زيد رجل من أصحاب يحيى بن عبد اللّه يقال له:حاضر،و كان ينقله من موضع إلى موضع، حتى أنزله في دار يقال لها:دار عاقب في العتيك،و كان لا يظهره لأحد،و يقول:إنما نزل في تلك الناحية هربا من دين عليه.قال:فحدثني يزيد بن عيينة أنه كان يخرج إليهم فيقول لهم:[عليّ دين]و يسألهم.قال:فيقولون له:لو طلبك السلطان لم يقدر عليك فكيف لمن له عليك دين.ة.
ص: 494
قال:و جاء ابن الكردية هذا إلى البصرة ففعل ما فعله بالكوفة،و جعل يفرق الأموال في الشيعة حتى ذكروا له حاضرا و أحمد بن عيسى، فتغافل عنهم،ثم أعادوا ذكره بعد ذلك فتعرض لهم بذكره و لم يستقصه،ثم عاودوه فقال لهم:إني أحب أن ألقى هذا الرجل،فقالوا له:لا سبيل إلى ذلك.قال:فاحملوا إليه مالا يستعين به،و أعلموه أني لو قدرت على أن أعطيه جميع مال السلطان لفعلت، فأخذوا المال و حملوه إلى حاضر فقبله،و جعل ابن الكردية يتابع الأموال إلى حاضر بعضها ببعض حتى أنسوا به و اطمأنوا إليه،فقال لهم يوما:ألا يجيئنا هذا الشيخ؟ فقالوا له:لا يمكن ذلك.قال:فليأذن لنا نأته نحن.قالوا:نسأله ذلك، فأتوه و سألوه إيّاه فقال:لا و اللّه لا آذن له أبدا،و يحكم ألا تنتهون؟هذا و اللّه محتال:
فقالوا له:لا و اللّه ما هو بمحتال.فلم يزالوا به حتى أجابهم إلى أن تلقاه،فلما كان الليل قال لأحمد بن عيسى:قم فاخرج إلى موضع آخر،فإن ابتليت سلمت أنت، فخرج أحمد،و بعث ابن الكردية إلى أحمد بن الحرث الهلالي (1)،و كان أمير البصرة يأمره أن يبعث بالرجال إليه ليهجموا عليه حيث يدخل،و مضى هو حتى أتى الدار، و بعث بغلامه حتى جاء معه بالرجال فهجموا على حاضر، فقال لابن الكردية:
ويلك غررتني باللّه.قال:ما فعلت،و لعلّ السلطان أن يكون قد بلغه خبرك.
فأخذ فأتى به محمد بن الحارث فحبسه ليلته،فلما كان من غد اجتمع الناس إليه، و أمر من أتاه بحاضر فجيء به فقال له:اتق اللّه في دمي،فو اللّه ما قتلت نفسا،و لا أخفت السبيل،فسمعته يقول:جاءوا بحاضر و لا أعلمه صاحبي الذي كان يجالسني،و يذكر أنه مستتر من غرمائه، فأدخل عليه،فخشيت أن يلحقني ما لا أحب،فنظر إليّ نظرة فتوقعت أن يكلمني أو يستشهدني كما يفعل المستغيث فما فعل من ذلك شيئا،إنما لحظني لحظة ثم حول وجهه عني كأنه لم يعرفني قط،فقال له محمد بن الحرث:إن أمير المؤمنين غير متهم عليك،فحمله إليه.فأتى به هارون الرشيد و هو في الشماسية،فأحضره و أحضر الحازمي رجلا من ولد عبد اللّه بن حازم،و كان قد أخذ له بيعة ببغداد فوقعت في يد الرشيد فبدأ به،ثم قال:جئت من خراسان إلى دار مملكتي تفسد عليّ أمري و تأخذ بيعة؟.
قال:ما فعلت يا أمير المؤمنين.».
ص: 495
قال:بلى و اللّه قد فعلت،و هذه بيعتك عندي،و اللّه لا تبايع أحدا بعدها.
ثم أمر به فأعقد في النطع و ضرب عنقه.
ثم أقبل على حاضر فقال:هيه صاحب يحيى بن عبد اللّه بالحيل،عفوت عنك و أمنتك،ثم صرت تسعى عليّ مع أحمد بن عيسى تنقله من مصر إلى مصر، و من دار إلى دار كما تنقل السنور أولادها،و اللّه لتجيئني به أو لأقتلنك.
قال يا أمير المؤمنين،بلغك عني غير الحق.
قال:و اللّه لتأتيني به أو لأضربن عنقك.
قال:إذا أخاصمك بين يدي اللّه.
قال:و اللّه لتجيئني به أو لأقتلنك و إلاّ فأنا نفي من المهدي.
قال:و اللّه لو كان تحت قدمي ما رفعتها لك عنه،و أنا أجيئك بابن رسول اللّه (ص)حتى تقتله؟افعل ما بدا لك.
فأمر هرثمة فضربت عنقه،و صلب مع الحازمي ببغداد.
هذه رواية النوفلي.
و الصحيح الذي ذكرته متقدما أن المهدي قتله لأنه طالبه بعيسى بن زيد فقتله و لكن ذكرت كل ما روى في ذلك.
و أخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة (1)العلوي،عن عمه محمد بن علي بن حمزة،عن المدائني،عن الهيثم، و يونس بن مرزوق:
أن رجلا رفع إلى صاحب البريد بأصبهان،أن أحمد بن عيسى و حاضرا بالبصرة و كور الأهواز يترددان،فكتب الرشيد في حملهما و القدوم بهما عليه،و كتب إلى أبي الساج و هو على البحرين،و إلى خالد بن الأزهر،و هو على الأهواز،و إلى خالد طرشت (2)و كان على بريد طريق السند،بالسمع و الطاعة لصاحب بريد أصبهان،و أمر له بثلاثين ألف،و أمره بالمصير إلى هذه النواحي،و طلب أحمد بن عيسي.
فورد الأهواز،و أظهر أنه يطلب الزنادقة،و كان الذي أتاه بالخبر رجل».
ص: 496
بربري كان أحمد بن عيسى يأنس به،فلما قدم هذا الرجل و كان يعرف بعيسى الرواوزدي،أتى ذلك البربري أحمد بن عيسى كما كان يأتيه،فوصف له عيسى هذا و قال له:إنه من شيعتك و من حاله و من قصته،فأذن له فدخل إليه و هو جالس، و معه ابن إدريس بن عبد اللّه،و كاتب كان لإبراهيم بن عبد اللّه،فبدأ بأحمد بن عيسى و ابن إدريس فقبل أيديهما،و جلس معهما و آنسهما،و جعل يرسل إليهما بالهدايا و الكسوة،و اشترى لهما وصيفتين،فاطمأنا إليه و أكلا من طعامه و شربا من شرابه،فلما وقعت الثقة قال له:هذا بلد ضيّق و لا خير فيه،فهلما معي حتى أوافي بكما مصر و إفريقية؛فإن أهلهما يخفون معي و يطيعونني. قالوا:و كيف تأخذ بنا؟ قال:أجلسكم الماء إلى واسط،ثم آخذ بكم على طريق الكوفة،ثم على الفرات إلى الشام.فأجابوه فأجلسهم في السفينة،و صيّر معهم أعوان أبي الساج أمناء عليهم و مضوا.
و لما كان في بعض الطريق قال لهم:أتقدمكم إلى واسط لإصلاح بعض ما نحتاج إليه من سفرنا من كراء أو غيره،و مضى هو و البربري فركبا دواب البريد و أوصى الموكلين بهما ألاّ يعلمونهم بشيء و لا يوهمونهم أنهم من أصحاب السلطان، و أن يحتاطوا عليهم ما قدروا،ففعلوا ذلك و مضوا.
فلما كانوا ببعض الطريق حبسهم أصحاب الصدقة و قالوا:لا تجوزوا، فصاح بهم الموكلون:نحن من أصحاب أبي الساج و أعوانه جئنا في أمر مهم، فخلوا عنهم،و انتبه أحمد بن عيسى و أصحابه لذلك،فلما جاوزوا قليلا قال لهم أحمد بن عيسى:أقدموا إلى الشط (1)لنصلي.فقدم الملاحون، و خرجوا،فتفرقوا بين النخل و تستروا بها و أبعدوا عن أعين الموكلين،و الموكلون في الزورق لا يوهمونهم أنهم معهم،فلما بعدوا عن أعينهم جعلوا يحضرون على أقدامهم حتى فاتوهم هربا و بعدوا عنهم.و طال انتظار الموكلين بهم،فلم يعرفوا خبرهم و ما الذي أبطأ بهم، فخرجوا يطلبونهم،فلم يجدوهم،و تتبعوا آثارهم و جدّوا في أمرهم،فلم يقدروا عليهم،فرجعوا إلى الزورق خائبين حتى أتوا واسط،و قد قدمها عيسى صاحب بريد أصبهان الذي دبّر على القوم ما دبر،و قد وجّه معه الرشيد ثلاثين رجلا ليتسلم».
ص: 497
أحمد،فأخبروه ما كان،فقال: لا و اللّه و لكن ارتشيتم و صانعتم و داهنتم،و قدم بهم على الرشيد فضربهم بالسياط ضربا مبرحا،و حبسهم جميعا في المطبق،و غضب على أبي الساج دهرا حتى سأله فيه أخوه الرشيد،فرضي عنه بعد أن كان قد همّ بقتله.
و مضى أحمد بن عيسى و أصحابه فرجعوا إلى البصرة،فلم يزالوا مقيمين حتى مات أحمد بن عيسى،و ذلك في سنة سبع و أربعين و مائتين.
حدثني أحمد بن سعيد،قال: حدثنا محمد بن منصور،قال:حدثني علي بن أحمد بن عيسى:
ان أباه توفي في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان سنة سبع و أربعين و مائتين.
حدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثنا محمد بن منصور،قال:
سألت أحمد بن عيسى:كم تعد من السنين؟.
قال:ولدت يوم الثاني من المحرم سنة سبع و خمسين و مائة.
و عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام و أمه أم سلمة بنت محمد بن طلحة (1)بن عبد الرحمن بن أبي بكر،و لها يقول وحشي الرياحي:
يعجبني من فعل كل مسلمه *** مثل الذي تفعل أم سلمه
إقصاؤها عن بيتها كل أمه *** و أنها قدما تساوي المكرمه
و كان عبد اللّه توارى في أيام المأمون،فكتب إليه بعد وفاة الرضا يدعوه إلى الظهور ليجعله مكانه و يبايع له،و اعتد عليه بعفوه عمن عفا من أهله،و ما أشبه هذا من القول:
فأجابه عبد اللّه برسالة طويلة يقول فيها:
ص: 498
فبأي شيء تغرني (1)؟ما فعلته بأبي الحسن-صلوات اللّه عليه-بالعنب الذي أطعمته إيّاه فقتلته.
و اللّه ما يقعدني عن ذلك خوف من الموت و لا كراهة له،و لكن لا أجد لي فسحة (2)في تسليطك على نفسي،و لولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة.
و يقول فيها:
هبني لا ثأر لي عندك و عند آبائك المستحلين لدمائنا،الآخذين حقنا،الذين جاهروا (3)في أمرنا فحذرناهم،و كنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضى بنا و التستر لمحننا،تختل واحدا فواحدا منا،و لكني كنت امرأ حبب إليّ الجهاد،كما حبب إلى كل امرئ بغيته (4)،فشحذت سيفي،و ركبت سناني على رمحي، و استقرهت فرسي،لم أدر أيّ العدوّ أشد ضررا على الإسلام،فعلمت أن كتاب اللّه يجمع كل شيء،فقرأته فإذا فيه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (5).
فما أدري من يلينا منهم،فأعدت النظر،فوجدته يقول: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ (6)فعلمت أنّ عليّ أن أبدأ بما قرب مني.
و تدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام و المسلمين من كل عدو لهم،لأن الكفار خرجوا منه و خالفوه فحذرهم الناس و قاتلوهم،و أنت دخلت فيه ظاهرا فأمسك الناس و طفقت تنقض عراه عروة عروة،فأنت أشد أعداء الإسلام ضررا عليه.
و هي رسالة طويلة قد أتينا بها في الكتاب الكبير.2.
ص: 499
و أخبرني (1)جعفر بن محمد الوراق الكوفي،قال:حدثني عبد اللّه بن علي بن عبيد اللّه العلوي الحسيني،عن أبيه،قال:
كتب المأمون إلى عبد اللّه بن موسى و هو متوار منه يعطيه الأمان،و يضمن له أن يوليه العهد بعده،كما فعل بعلي بن موسى،و يقول:ما ظننت أن أحدا من آل أبي طالب يخافني بعد ما عملته بالرضا،و بعث الكتاب إليه.
فكتب إليه عبد اللّه بن موسى:
وصل كتابك و فهمته،تختلني فيه عن نفسي ختل القانص،و تحتال على حيلة المغتال القاصد لسفك دمي.
و عجبت من بذلك العهد و ولايته لي بعدك،كأنك تظن أنه لم يبلغني ما فعلته بالرضا،ففي أي شيء ظننت أني أرغب من ذلك؟.
أفي الملك الذي قد غرتك نضرته و حلاوته؟فو اللّه لأن أقذف و أنا حيّ في نار تتأجج أحب إليّ من أن ألي أمرا بين المسلمين أو أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل.
أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا؟ أم ظننت أن الاستتار قد أملّني و ضاق به صدري،فو اللّه إني لدلك،و لقد مللت الحياة و أبغضت الدنيا،و لو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك،و لكن اللّه قد حظر على المخاطرة بدمي،وليتك قدرت عليّ من غير أن أبذل نفسي لك فقتلتني،و لقيت اللّه-عزّ و جلّ-بدمي، و لقيته قتيلا مظلوما،فاسترحت من هذه الدنيا.
و اعلم أني رجل طالب النجاة لنفسي،و اجتهدت فيما يرضى اللّه عزّ و جلّ عني،و في عمل أتقرب به إليه،فلم أجد رأيا يهدي إلى شيء من ذلك،فرجعت إلى القرآن الذي فيه الهدى و الشفاء،فتصفحته سورة سورة،و آية آية،فلم أجد شيئا أزلف للمرء عند ربه جل و عز من الشهادة في طلب مرضاته.
ثم تتبعته ثانية أتأمل الجهاد أيه أفضل،و لأي صنف،فوجدته جل و علاة.
ص: 500
يقول: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (1)فطلبت أيّ الكفّار أضرّ على الإسلام،و أقرب من موضعي،فلم أجد أضر على الإسلام منك، لأن الكفار أظهروا كفرهم،فاستبصر الناس في أمرهم،و عرفوهم فخافوهم.
و أنت ختلت المسلمين بالإسلام،و أسررت الكفر،فقتلت بالظنّة،و عاقبت بالتهمة،و أخذت المال من غير حله فأنفقته في غير حله،و شربت الخمر المحرمة صراحا،و أنفقت مال اللّه على الملهّين و أعطيته المغنين،و منعته من حقوق المسلمين،فغششت بالإسلام،و أحطت بأقطاره إحاطة أهله،و حكمت فيه للمشرك،و خالفت اللّه و رسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند، فإن يسعدني الدهر،و يعني اللّه عليك بأنصار الحق،أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني، و إن يمهلك و يؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك،أو تخرتمني الأيام قبل ذلك فحسبي من سعي ما يعلمه اللّه عزّ و جلّ من نيتي،و السلام.
و لم يزل عبد اللّه متواريا إلى أن مات في أيام المتوكل.
فحدثني أحمد بن سعيد،قال:حدثني يحيى بن الحسن،قال:حدثنا اسماعيل بن يعقوب،قال:سمعت محمد بن سليمان الزينبي (2)يقول:
نعى عبد اللّه بن موسى إلى المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات،و نعى له أحمد بن عيسى فاغتبط بوفاتهما و سر،و كان يخافهما خوفا شديدا و يحذر حركتهما، لما يعلمه من فضلهما،و استنصار الشيعة الزيدية بهما و طاعتها لهما لو أرادوا الخروج عليه،فلما ماتا أمن و اطمأن، فما لبث بعدهما إلاّ أسبوعا حتى قتل.
و كان عبد اللّه بن موسى يقول شيئا من الشعر.
أنشدني أحمد بن سعيد،قال:أنشدنا يحيى بن الحسن،قال:أنشدني إسماعيل بن يعقوب لعبد اللّه بن موسى:
و إني لمرتاد جوادي و قاذف *** به و بنفسي العام إحدى المقاذف
(3)0.
ص: 501
مخافة دنيا رثّة أن تميلني *** كما مال فيها الهالك المتجانف (1)
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن *** على شرجع يعلى بخضر المطارف (2)
و لكن قتيلا شاهدا لعصابة *** يصابون في فج من الأرض خائف (3)
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى *** و صاروا إلى ميعاد ما في المصاحف (4)
قال أبو الفرج:هكذا ذكر اسماعيل بن يعقوب،و هذا الشعر للطرماح بن حكيم الطائي (5)،و كان يذهب مذهب الشّراة (6)،و لعل عبد اللّه بن موسى كان ينشده متمثلا.».
ص: 502
ص: 503
أيام المنتصر و كان المنتصر يظهر الميل إلى أهل هذا البيت (1)،و يخالف أباه في أفعاله،فلم يجر منه على أحد منهم قتل أو حبس و لا مكروه فيما بلغنا (2)،و اللّه أعلم.».
ص: 504
ص: 505
64-يحيى بن عمر بن الحسين (1)
فمن خرج فقتل في أيامه أبو الحسين يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب.
[و يكنى أبا الحسن].
و أمه أم الحسن (2)بنت عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
كان خرج في أيام المتوكل إلى خراسان فرده عبد اللّه بن طاهر،فأمر المتوكل بتسليمه إلى عمر بن الفرج الرخجي فسلم إليه، فكلمه بكلام فيه بعض الغلظة فرد عليه يحيى و شتمه،فشكى ذلك إلى المتوكل فأمر به فضرب دررا (3)،ثم حبسه في دار الفتح بن خاقان،فمكث على ذلك مدة،ثم أطلق فمضى إلى بغداد فلم يزل بها حينا حتى خرج إلى الكوفة فدعا إلى الرضا من آل محمد(ص)،و أظهر العدل و حسن السيرة بها إلى أن قتل رضوان اللّه عليه، و سنذكر خبره على سياقته.
و كان رضي اللّه عنه رجلا فارسا شجاعا،شديد البدن مجتمع القلب، بعيدا من رهق الشباب و ما يعاب به مثله.
فحدثني محمد بن أحمد الصيرفي أبو عبيد،و أحمد بن عبيد اللّه بن عمار، و غيرهما:
أنه كان مقيما ببغداد،و كان له عمود حديد ثقيل يكون معه في منزله،و كان ربما سخط على العبد أو الأمة من حشمه،فيلوي العمود في عنقه،فلا يقدر أحد أن يحله عنه حتى يحله يحيى رضي اللّه عنه.
قال أبو الفرج:
حدثني أحمد بن عبيد اللّه،قال:حدثني أبو عبد اللّه بن أبي الحصين:
أن يحيى بن عمر لما أراد الخروج بدأ فزار قبر الحسين،و أظهر لمن حضره من
ص: 506
الروّار ما أراده، فاجتمعت إليه جماعة (1)من الأعراب و مضى فقصد شاهي (2)فأقام بها إلى الليل،ثم دخل الكوفة ليلا،و جعل أصحابه ينادون:أيها الناس أجيبوا داعي اللّه حتى اجتمع إليه خلق كثير.
فلما كان من غد مضى إليه بيت المال فأخذ ما فيه،و وجّه إلى قوم من الصيارفة عندهم مال من مال السلطان فأخذه منهم،و صار إلى بني حمّان و قد اجتمع أهله، ثم جلس فجعل أبو جعفر محمد بن عبيد اللّه الحسني و هو المعروف بالأدرع (3)يسارّه و يعظم عليه أمر السلطان،فبينما هم كذلك إذا عبد اللّه بن محمود قد أقبل و عنده جند مرتبون كانوا معه في طساسيج الكوفة (4)، فصاح بعض الأعراب بيحيى:
أيها الرجل أنت مخدوع،هذه الخيل قد أقبلت.فوثب يحيى فجال في متن فرسه، و حمل على عبد اللّه بن محمود فضربه ضربة بسيفه على وجهه،فولى منهزما و تبعه أصحابه منهزمين (5).
ثم رجع إلى أصحابه فجلس معهم ساعة ثم خرج إلى الوازار في عسكره و مضى منه إلى حنبلا.
و سار خبر يحيى بن عمر و انتهى إلى بغداد،فندب له محمد بن عبد اللّه بن طاهر بن عمه الحسين بن إسماعيل (6)،و ضم إليه جماعة من القواد،منهم خالد بن عمران،و أبو السنا الغنوي، و وجه الفلس (7)،و عبد اللّه بن نصر بن حمزة،و سعد الضّبابي،فنفذوا إليه على كره،و كان هوى أهل بغداد مع يحيى،و لم يروا قط مالوا إلى طالبي خرج غيره.
فنفذ الحسين إلى الكوفة فدخلها و أقام بها أياما[ثم مضى قاصدا يحيى حتى وافاه فأقام في وجهه أياما] (8)ثم ارتحل قاصدا القسّين حتى نزل قرية يقال لهاة.
ص: 507
البحرية (1)و كان على خراج تلك الناحية أحمد بن علي الاسكافي و على حربها أحمد بن الفرج الفزاري،فحصل أحمد بن علي مال الخراج و هرب به، و ثبت ابن الفرج فناوش يحيى مناوشة يسيرة و ولى عنه بعد ذلك،و مضى يحيى لوجهه يريد الكوفة فعارضه المعروف بوجه الفلس فقاتله قتالا شديدا،فانهزم عن يحيى فلم يتبعه.
و مضى وجه الفلس لوجهه حتى نزل شاهي،فصادف فيها الحسين بن اسماعيل فأقام بشاهي (2)،و أراحا و شربا الماء العذب و قويت عساكرهم و خيلهم (3).
و أشار أصحاب يحيى عليه بمعاجلة الحسين بن اسماعيل،و كان معهم رجل يعرف بالهيضم بن العلاء العجلي فوافى يحيى في عدة من أهله و عشيرته،و قد تعبت خيلهم و رجا لهم فصاروا في عسكره فحين التقوا كان أول ما انهزم الهيضم [هذا].
و ذكر قوم أن الحسين بن إسماعيل كان راسله في هذا و أجمعا رأيهما عليه.
و قال قوم:بل انهزم للتعب الذي لحقه.
حدثني علي بن سليمان الكوفي،قال:حدثني أبي قال:
اجتمعت أنا و الهيضم يوما فتذاكرنا أمر يحيى فحلف بالطلاق الثلاث أنه لم يكن له في الهزيمة صنع،و إنما كان يحيى رجلا نزقا في الحرب،فكان يحمل وحده».
ص: 508
فيرجع فنهيته عن ذلك فلم يقبل،و حمل مرة كما كان يفعل فبصرت عيني به و قد صرع في وسط عسكرهم فلما رأيته قد قتل انصرفت بأصحابي.
رجع الحديث إلى رواية ابن عمار.
قال:فلما رأى يحيى هزيمة الهيضم لم يزل يقاتل مكانه حتى قتل،فأخذ سعد الضبابي (1)رأسه،و جاء به إلى الحسين بن اسماعيل،و كانت في وجهه ضربات لم يكد يعرف معها،و لم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيى،فوجه إليهم الحسين بن اسماعيل أبا جعفر الحسني الذي تقدم ذكره يعلمهم أنه قد قتل،فشتموه و أسمعوه ما يكره و هموا به،و قتلوا غلاما له،فوجه إليهم أخا كان لأبي الحسن (2)يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي (3)من ولد عمر بن علي بن أبي طالب، و كان رجلا رفيقا مقبولا، فعرّف الناس قتل أخيه،فضجوا بالبكاء و الصراخ و العويل و انصرفوا.
و انكفأ الحسين بن اسماعيل إلى بغداد،و معه رأس يحيى بن عمر (4)،فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكارا له و يقولون:إن يحيى لم يقتل، ميلا منهم إليه،و شاع ذلك حتى كان الغوغاء و الصبيان يصيحون في الطرقات:ما قتل و ما فرّ،و لكن دخل البر.
و لما أدخل رأس يحيى إلى بغداد اجتمع أهلها إلى محمد بن عبد اللّه بن طاهر يهنئونه بالفتح،و دخل فيمن دخل على محمد بن عبد اللّه بن طاهر،أبو هاشم داود».
ص: 509
[ابن القاسم]الجعفري،و كان ذا عارضة و لسان،لا يبالي ما استقبل الكبراء و أصحاب السلطان به.
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار،و حكيم بن يحيى الخزاعي،قالا:
دخل أبو هاشم على محمد بن عبد اللّه بن طاهر فقال (1):
أيها الأمير،قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول اللّه(ص)حيا لعزّى به،فلم يجبه محمد عن هذا بشيء (2).
و أمر محمد بن عبد اللّه حينئذ أخته و نسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، و قال إن هذه الرؤوس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلاّ خرجت منه النعمة و زالت عنه الدولة،فتجهزن للخروج.
قال ابن عمار في حديثه:
و أدخل الأسارى من أصحاب يحيى إلى بغداد،و لم يكن فيما رؤي قبل ذلك من الأسارى أحد لحقه ما لحقهم من العسف و سوء الحال،و كانوا يساقون و هم حفاة سوقا عنيفا فمن تأخّر ضربت عنقه،فورد كتاب المستعين بتخلية سبيلهم فخلوا،إلاّ رجلا يعرف بإسحاق بن جناح كان صاحب شرطة يحيى بن عمر فإن محمد بن الحسين الأشناني حدثني:أنه لم يزل محبوسا حتى مات،فخرج توقيع محمد بن عبد اللّه بن طاهر[في أمره]يدفن الرجس النجس إسحاق بن جناح مع اليهود،و لا يدفن مع المسلمين،و لا يصلي عليه،و لا يغسل،و لا يكفن»فأخرج رحمه اللّه بثيابه ملفوفا في كساء قومسي على نعش حتى جاءوا به إلى خربة،فطرح على الأرض و ألقى عليه حائط،رحمه اللّه تعالى.
و قد كان خرج مع يحيى بن عمر جماعة من وجوه أهل الكوفة و أولي الفضل منهم،فسمعت بعض مشايخنا من الكوفيين يذكر-و هو محمد بن الحسين-ري
ص: 510
أن أبا محمد عبد اللّه بن زيدان البجلي (1)خرج معه معلما،و كان أحد فرسان أصحابه. و قد لقيته أنا و كتبت عنه،و كنت أرى فيه[من]الحذر و التوقي من كثير من الناس،ما يدل على صدق ما ذكر عنه.
و ما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثى بأكثر مما رثى به يحيى[و لا قيل فيه الشعر بأكثر]مما قيل فيه (2).
و اتفق في وقت مقتله عدة شعراء محيدون للقول[أولوا هوى]في هذا المذهب،إلاّ أنني ذكرت بعض ذلك كراهية الإطالة.
فمنه قول علي بن العباس الرومي (3)يرثيه،و هي من مختار ما رثى به،بل إن قلت إنها عين ذلك و المنظور إليه لم أكن مبعدا،لو لا أنه أفسدها بأن جاوز الحد و أغرق في النزع، و تعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس،و قوله فيهم من الباطل ما لا يجوز لأحد أن يقوله،و هي:
أمامك فانظر أيّ نهجيك تنهج *** طريقان شتّى مستقيم و أعوج (4)
ألا أيّهذا الناس طال ضريركم *** بآل رسول اللّه فاخشوا أو ارتجوا (5)
أ كلّ أوان للنّبي محمد *** قتيل زكيّ بالدّماء مضرّج (6)
***تبيعون فيه الدّين شرّ أئمة فللّه دين اللّه قد كاد يمرج (7)
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة *** و للملحجوكم في الحبائل ألحج (8)ة.
ص: 511
بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم *** لبلواكم عمّا قليل مفرّج (1)
أما فيهم راع لحقّ نبيّه *** و لا خائف من ربّه يتحرّج (2)
لقد عمهوا ما أنزل اللّه فيكم *** كأنّ كتاب اللّه فيهم ممجمج (3)
***ألا خاب من أنساه منكم نصيبه متاع من الدنيا قليل و زبرج (4)
أبعد المكنّى بالحسين شهيدكم *** تضاء مصابيح السماء فتسرج
لنا و علينا،لا عليه و لا له *** تسجسج أسراب الدموع و تنشج (5)
و كيف نبكّي فائزا عند ربّه *** له في جنان الخلد عيش مخرفج (6)
فإن لا يكن حيّا لدينا فإنّه *** لدى اللّه حيّ في الجنان مزوّج
***و قد نال في الدّنيا سناء و صيتة و قام مقاما لم يقمه مزلّج (7)
شوى ما أصابت أسهم الدّهر بعده *** هوى ما هوى أو مات بالرّمل بحزج (8)
و كنا نرجّيه لكشف عماية *** بأمثاله أمثالها تتبلّج (9)
فساهمنا ذو العرش في ابن نبيّه *** ففاز به و اللّه أعلى و أفلج
مضى و مضى الفرّاط من أهل بيته *** يؤمّ بهم ورد المنية منهج (10)
فأصبحت لاهم أبسئوني بذكره *** كما قال قبلي في البسوء مؤرّج (11)ان
ص: 512
و لا هو نسّاني أساي عليهم *** بلى هاجه،و الشّجو للشّجو أهيج (1)
أبيت إذا نام الخليّ كأنما *** تبطّن أجفاني سيال و عوسج (2)
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفة *** يباشر مكواها الفؤاد فينضج (3)
أحين تراءتك العيون جلاءها *** و أقذاءها أضحت مراثيك تنسج (4)
بنفسي و إن فات الفداء بك الرّدى *** محاسنك اللاّئي تمخّ فتنهج (5)
لمن تستجدّ الأرض بعدك زينة *** فتصبح في أثوابها تتبرّج؟
***سلام و ريحان و روح و رحمة عليك و ممدود من الظّلّ سجسج (6)
و لا برح القاع الذي أنت جاره *** يرفّ عليه الأقحوان المفلج (7)
و يا أسفي ألاّ تردّ تحيّة *** سوى أرج من طيب رمسك يأرج
ألا إنما ناح الحمائم بعد ما *** ثويت و كانت قبل ذلك تهزج
أذمّ إليك العين إن دموعها *** تداعى بنار الحزن حين توهّج (8)
***و أحمدها لو كفكفت من غروبها عليك و خلّت لاعج الحزن يلعج (9)
و ليس البكاء أن تسفح العين إنما *** أحر البكاءين البكاء المولّج (10)
أتمتعني عيني عليك بعبرة *** و أنت لأذيال الرّوامس مدرج (11)ك.
ص: 513
فإني إلى أن يدفن القلب داءه *** ليقتلني الدّاء الدّفين لأحوج
عفاء على دار ظعنت لغيرها *** فليس بها للصّالحين معرّج (1)
***ألا أيها المستبشرون بيومه أظلّت عليكم غمّة لا تفرّج
أكلّكم أمسى اطمأنّ مهاده *** بأنّ رسول اللّه في القبر مزعج
فلا تشمتوا و ليخسأ المرء منكم *** بوجه كأنّ اللون منه اليرندج (2)
فلو شهد الهيجا بقلب أبيكم *** غداة التقى الجمعان و الخيل تمعج (3)
لأعطى يد العاني أو ارمدّ هاربا *** كما ارمدّ بالقاع الظليم المهيّج (4)
و لكنّه ما زال يغشى بنحره *** شبا الحرب حتى قال ذو الجهل:أهوج
و حاشا له من تلكم غير أنّه *** أبى خطّة الأمر التي هي أسمج (5)
و أين به عن ذاك؟لا أين إنه *** إليه بعرقيه الزّكيّين محرج (6)
كدأب عليّ في المواطن قبله *** أبي حسن،و الغصن من حيث يخرج
كأنّي به كالليث يحمي عرينه *** و أشباله لا يزدهيه المهجهج (7)
كأنّي أراه و الرّماح تنوشه *** شوارع كالأشطان تدلى و تخلج (8)
كأنّي أراه إذ هوى عن جواده *** و عفّر بالتّرب الجبين المشجّج
فحبّ به جسما إلى الأرض إذ هوى *** و حبّ بها روحا إلى اللّه تعرج
أ أرديتم يحيى و لم يطو أيطل *** طرادا و لم يدبر من الخيل منسج؟ (9)د.
ص: 514
تأتّت لكم فيه منى السّوء هينة *** و ذاك لكم بالغيّ أغرى و ألهج (1)
تمدّون في طغيانكم و ضلالكم *** و يستدرج المغرور منكم فيدرج
أجنّوا بني العباس من شنآنكم *** و شدّوا على ما في العياب و أشرجوا (2)
و خلوا ولاة السّوء منكم و غيّهم *** فأحر بهم أن يغرقوا حيث لجّجوا
نظار لكم أن يرجع الحقّ راجع *** إلى أهله يوما فتشجوا كما شجوا (3)
على حين لا عذرى لمعتذريكم *** و لا لكم من حجّة اللّه مخرج (4)
فلا تلقحوا الآن الضّغائن بينكم *** و بينهم إنّ اللّواقح تنتج (5)
غررتم إذا صدقتم أنّ حالة *** تدوم لكم،و الدّهر لونان أخرج (6)
لعلّ لهم في منطوي الغيث ثائرا *** سيسمو لكم و الصبح في الليل مولج (7)
بمجر تضيق الأرض من زفراته *** له زجل ينفي الوحوش و هزمج (8)
إذا شيم بالأبصار أبرق بيضه *** بوارق لا يسطيعهنّ المحمّج (9)
نوامضه شمس الضّحى فكأنما *** يرى البحر في أعراضه يتموّج (10)».
ص: 515
له وقدة بين السماء و بينه *** تلمّ به الطير العوافي فتهرج (1)
إذا كرّ في أعراضه الطّرف أعرضت *** حراج تحار العين فيها فتحرج (2)
يؤيده ركنان ثبتان:رجلة *** و خيل كإرسال الجراد و أوثج (3)
عليها رجال كالليوث بسالة *** بأمثانهم يثنى الأبيّ فيعنج (4)
تدانوا فما للنّقع فيهم خصاصة *** تنفّسه عن خيلهم حين ترهج (5)
فلوا حصبتهم بالفضاء سحابة *** لظلّ عليهم حصبها يتدحرج (6)
كأنّ الزّجاج اللّهذميّات فيهم *** فتيل بأطراف الرّدينيّ مسرج (7)
يودّ الّذي لا قوه أنّ سلاحه *** هنالك خلخال عليه و دملج (8)
فيدرك ثار اللّه أنصار دينه *** و للّه أوس آخرون و خزرج
و تظعن خوف السّبي بعد إقامة *** ظعائن لم يضرب عليهنّ هودج
و يقضي إمام الحقّ فيكم قضاءه *** تماما و ما كلّ الحوامل تخدج
(9)ا.
ص: 516
و قد كان في يحيى مذمّر خطّة *** و ناتجها لو كان في الأمر منتج (1)
هنالكم يشفى تبيّغ جهلكم *** إذا ظلّت الأعناق بالسيف تودج (2)
محضتكم نصحي و إني بعدها *** لأعنق فيما ساءكم و أهملج (3)
مه لا تعادوا غرّة البغي بينكم *** كما يتعادى شعلة النّار عرفج (4)
أفي الحقّ أن يمسوا خماصا و أنتم *** يكاد أخوكم بطنة يتبعّج (5)
تمشون مختالين في حجراتكم *** ثقال الخطا أكفالكم تترجرج
وليدهم بادي الطّوى و وليدكم *** من الرّيف ريّان العظام خدلّج (6)
تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم *** و يشرع فيه أرتبيل و أبلج (7)
فقد ألجمتهم خيفة القتل عنكم *** و بالقوم جاج في الحيازم حوّج (8)
بنفسي الألى كظّتهم حسراتكم *** فقد علزوا قبل الممات و حشرجوا (9)ع.
ص: 517
و لم تقنعوا حتى استثارت قبورهم *** كلابكم منها بهيم و ديزج (1)
الديزج:الذي كان نبش قبر الحسين في أيام المتوكل،و نبق فيه الماء،و منع الناس الزيارة إلى أن قتل المتوكل.
و عيّرتموهم بالسّواد و لم يزل *** من العرب الأمحاض أخضر أدعج (2)
و لكنّكم زرق يزين وجوهكم *** بنى الروم،ألوان من الرّوم نعّج (3)
لئن لم تكن بالهاشميّين عاهة *** لما شكلكم تاللّه إلاّ المعلهج (4)
بآية ألاّ يبرح المرء منكم *** يكبّ على حرّ الجبين فيعفج (5)
يبيت إذا الصّهباء روّت مشاشه *** يساوره علج من الرّوم أعلج (6)
فيطعنه في سبّة السّوء طعنة *** يقوم لها من تحته و هو أفحج (7)
لذاك بني العبّاس يصبر مثلكم *** و يصبر للموت الكميّ المدجّج (8)
فهل عاهة إلاّ كهذي و إنكم *** لأكذب مسئول عن الحقّ يلهج (9)
فلا تجلسوا وسط المجالس حسّرا *** و لا تركبوا إلاّ ركائب تحدج (10)
أبى اللّه إلاّ أن يطيبوا و تخبثوا *** و أن يسبقوا بالصّالحات و يفلجوا (11)
و إن كنتم منهم و كان أبوكم *** أباهم فإن الصّفو بالرّنق يمزج (12)ر.
ص: 518
أروني امرأ منهم يزنّ بابنة *** و لا تنطقوا البهتان و الحقّ أبلج (1)
لعمري لقد أغرى القلوب ابن طاهر *** ببغضائكم ما دامت الريح تنأج (2)
سعى لكم مسعاة سوء ذميمة *** سعى مثلها مستكره الرّجل أعرج
فلن تعدموا ما حنّت النّيب فتنة *** تحشّ كما حشّ الحريق المؤجّج (3)
و قد بدأت لو تزجرون بريحها *** بوائجها من كلّ أوب تبوّج (4)
بني مصعب ما للنبيّ و أهله *** عدو سواكم أفصحوا أو فلجلجوا
دماء بني عبّاسكم و عليّهم *** لكم كدماء التّرك و الرّوم تهرج (5)
يلي سفكها العوران و العرج منكم *** و غوغاءكم جهلا بذلك تبهج
و ما بكم أن تنصروا أولياءكم *** و لكن هنات في الصّدور تأجج (6)
و لو أمكنتكم في الفريقين فرصة *** لقد أظهرت أشياء تلوى و تحنج (7)
إذن لاستقدتم منهما وتر فارس *** و إن ولّياكم فالوشائج أوشج (8)
أبى أن تحبّوهم يد الدّهر ذكركم *** ليالي لا ينفكّ منكم متوّج (9)
و إني على الإسلام منكم لخائف *** بوائق شتّى بابها الآن مرتج (10)
و في الحزم أن يستدرك الناس أمركم *** و حبلهم مستحكم العقد مدمج
نظار فإنّ اللّه طالب وتره *** بني مصعب لن يسبق اللّه مدلج (11)ب.
ص: 519
لعلّ قلوبا قد أطلتم غليلها *** ستظفر منكم بالشّفاء فتثلج
و قال علي بن محمد بن جعفر العلوي يذكر دخولهم على محمد بن عبد اللّه بن طاهر في التهنئة (1):
قتلت أعز من ركب المطايا *** و جئتك أستلينك في الكلام
و عزّ عليّ أن ألقاك إلاّ *** و فيما بيننا حدّ الحسام
و لكن الجناح إذا أهيضت *** قوادمه يدف على الآكام (2)
و قال أيضا يرثي يحيى:
تضوّع مسكا جانب القبر إن ثوى *** و ما كان لولا شلوه يتضوع (3)
مصارع أقوام كرام أعزة *** أبيح ليحيى الخير في القوم مصرع
و قال أيضا يرثيه:
فإن يك يحيى أدرك الحتف يومه *** فما مات حتى مات و هو كريم
و ما مات حتى قال طلاب نفسه: *** سقى اللّه يحيى إنه لصميم
فتى آنست بالروع و البأس نفسه *** و ليس كمن لاقاه و هو سنوم (4)
فتى غرة لليوم و هو بهيم *** و وجه لوجه الجمع و هو عظيم (5)
لعمرو ابنه الطيار إذ نتحت به *** له شيم لا تجتوي و نسيم (6)
لقد بيضت وجه الزمان بوجهه *** و سرّت به الإسلام و هو كظيم (7)
فما انتجبت من مثله هاشمية *** و لا قلّبته الكف و هو فطيم (8)».
ص: 520
حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار[الثقفي] (1)،قال:حدثنا محمد بن أحمد الحر،قال حدثنا محمد بن الحسين بن السميدع،قال:
قال لي عمي:
ما رأيت رجلا أورع من يحيى بن عمر،أتيته فقلت له:يابن رسول اللّه، لعلّ الذي حملك على هذا الأمر الضيقة،و عندي ألف دينار ما أملك سواها فخذها فهي لك،و آخذ لك من إخوان لي ألف دينار آخر.
قال:فرفع رأسه ثم قال:فلانة بنت فلان-يعني زوجته-طالق ثلاثا،إن كان خروجي إلاّ غضبا للّه عزّ و جلّ.
فقلت له:امدد يدك،فبايعته و خرجت معه.
و الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه (2)بن الحسين بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب و يعرف بالحرون.
خرج بالكوفة بعدي يحيى بن عمر،فوجه إليه المستعين مزاحم بن خاقان في عسكر عظيم،فلما قارب الكوفة خرج الحسين الحرون عنها و خالفه الطريق حتى صار إلى سرّمن رأى،و قد بويع المعتز فبايع له،و انصرف مزاحم عن الكوفة.
فمكث الحسين الحرون مدة ثم هرب،و أراد الخروج ثانية فرد و حبس بضع عشرة سنة،فأطلقه المعتمد بعد ذلك في سنة ثمان و ستين و مائتين.
فخرج أيضا بسواد الكوفة،فعاد و أفسد فظفر به في آخر سنة تسع و ستين و مائتين،فحمل إلى الموقف فحبسه بواسط فمكث في محبسه سنة سبعين و إحدى و سبعين،ثم توفي، فأمر الموفق بدفنه و الصلاة عليه.
و لم يكن ممن يحمد مذهبه في خروجه[فنسوق خبره]و لقد رأيت جماعة من الكوفيين يعيرون من خرج معه بذلك و يسبونه به.
ص: 521
و محمد بن جعفر (1)بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام كان خليفة الحسين الحرون،فخرج بعده بالكوفة،فكتب إليه ابن طاهر بتوليته الكوفة،و خدعه بذلك،فلما تمكن بها أخذه خليفة أبي الساج فحمله إلى سرّمن رأى ،فحبس بها حتى مات.
و كان معه في وقت خروجه رجل من ولد محمد بن الحنفية لم يقع إلى نسبه، فلما أخذ هرب إلى ناحية أرمينية فقتله غلمانه بها.
ص: 522
ص: 523
و خرج في هذه الأيام:
اسماعيل بن يوسف (1)بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،فعاث و أفسد،و عرض للحجاج،و تبعه أمثال له،و قطع الميرة عن الحرم،و كرهت ذكره،إذ كان غرضي غير ذلك.
و قتل في هذه الأيالة أخوه:
الحسن بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن[بن الحسن] (2)و أمه أم سلمة بنت محمد بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن،في حرب كانت بين أخيه إسماعيل و بين أهل مكة،أصابه سهم فقتله.
ص: 524
و قتل في هذه الواقعة أيضا:
جعفر بن عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر أبي طالب.
و أمه أم ولد.
و قتل عبد الرحمن خليفة أبي الساج بمكة:
أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي.
و توفى في الحبس:
عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و أمه فاطمة بنت سليمان[بن محمد] (1)بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد اللّه.
كان أبو الساج حمله فحبس بالكوفة فمات هناك.
و قتل بالري:
جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، في وقعة كانت بين أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،و بين عبد اللّه بن عزيز،عامل محمد بن طاهر بالري.
ص: 525
و قتل:
إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن العباس ابن علي.
و أمه أم ولد.
قتله طاهر بن عبد اللّه في وقعة كانت بينه و بين الكوكبي قزوين (1).
و حبس الحرث بن أسد عامل أبي الساج بالمدينة:
أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في دار مروان،فمات في محبسه (2).
ص: 526
ص: 527
فممن خرج في هذه الأيام:
علي بن زيد (1)بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
و أمه بنت القاسم بن عقيل بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.
كان خروجه بالكوفة،بايعه نفر من عوامها و أعرابها.
و لم يكن للزيدية و أهل الفضل و الوجوه فيه هوى.
و رأيت من شاهده منهم ذامين لمذهبه.
فوجه إليه المهتدي الشاه بن المكيال في عسكر ضخم،و ذلك قبل خروج الناجم بالبصرة.
فحدثني[علي] (2)بن سليمان الكوفي،قال:
قال لي أبي:كنا مع علي بن زيد و نحن زهاء مائتي فارس نازلين ناحية من سواد الكوفة،و قد بلغنا خبر الشاه بن الميكال و نحن معه نحيون،فقال لنا علي بن زيد:إن القوم لا يريدون غيري،فاذهبوا،أنتم في حل من بيعتي.
فقلنا:لا و اللّه لا نفعل هذا أبدا. فأقمنا معه،و وافانا الشاه في جيش عظيم -لا يطاق،فدخلنا من رعبه أمر عظيم،فلما رأى ما لحقنا من الجزع قال لنا:اثبتوا و انظروا ما أصنع،فثبتنا و انتضى (3)سيفه،ثم قنع فرسه (4)و حمل في وسطهم يضربهم يمينا و شمالا،فأفرجوا له حتى صار خلفهم،و علا على تلعة فلوح إلينا، ثم حمل من خلفهم فأفرجوا له حتى عاد إلى موقعه،ثم قال لنا:ما تجزعون من مثل هؤلاء.ثم حمل ثانية ففعل مثل ذلك و عاد إلينا،و حمل الثالثة و حملنا معه فهزمناهم
ص: 528
أقبح هزيمة،فكانت هذه قصته (1)،إلاّ أن أهل الكوفة لم يخفوا معه لما (2)لحقهم في أيام يحيى بن عمر من القتل و الأسر.
و نحم الناجم بالبصرة (3).
فخرج إليه علي بن زيد و معه جماعة من الطالبيين منهم:
محمد بن القاسم (4)بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه (5)بن العباس بن علي بن أبي طالب.
و أمه لبابة بنت محمد بن إبراهيم بن الحسن بن عبيد اللّه.
و طاهر بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
و كانوا مع علي بن زيد في معسكر الناجم،فلما تبيّن علي بن زيد أمره و دعوته و ما هو عليه كان يستميل (6)قواده و يعرفهم خبره و يدعوهم إلى نفسه،فبلغ الناجم خبره فدعا به و الاثنين الآخرين فضرب أعناقهم صبرا.
و هذا مما جرى في أيام المعتمد إلاّ أن خروجه كان في أيام المهتدي فذكرناه فيها.
و خرج في هذه الأيام:
موسى بن بغا و هو مقيم بهمدان.و وجه كيغلغ (7)لحرب الكوكبي بقزوين.
ص: 529
و كانت بينهما وقعة قتل فيها:
الحسين بن محمد بن حمزة بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب.
و قتل أصحاب عبد اللّه بن عبد العزيز:
يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد.
و أمه بنت عبد اللّه بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
قتل بقرية من قرى الري،في ولاية عبد اللّه بن عزيز.
و أسر الحرث بن أسد بالحار:
محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي.
و حمله إلى المدينة فتوفى بالصفراء، فقطع الحرث رجليه،و أخذ قيدين كانا فيهما و رمى بهما.
و جعفر بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي قتله سعيد الحاجب بالبصرة.
و موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن (1)بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ص: 530
و كان رجلا صالحا،راويا للحديث،قد روى عنه عمر بن شبّة (1)، و محمد بن الحسن بن مسعود الزرقي (2)،و يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي.
و غيرهم.
كان سعيد الحاجب حمله و حمل ابنه(إدريس)و ابن أخيه(محمد)ابن يحيى ابن عبد اللّه بن موسى(و أبا الطاهر أحمد) (3)بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين،إلى العراق،فعارضته بنو فزارة بالحاجز فأخذوهم من يده فمضوا بهم، و أبى موسى أن يقبل ذلك منهم،و رجع مع سعيد الحاجب،فلما كان بزبالة دس إليه سما فقتله،و أخذ رأسه و حمله إلى المهتدي في المحرم سنة ست و خمسين و مائتين.
و عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر.أسره عبد الرحمن خليفة أبي الساج بالحار،و حمله فمات بالكوفة.
و محمد بن عبد اللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر[بن أبي طالب] (4).
قتله عبد اللّه بن عزيز بين الري و قزوين.
ص: 531
و علي بن موسى (1)بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب.
حبسه عيسى بن محمد المخزومي بمكة،فمات في حبسه.
و محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
حمله عبد اللّه (2)بن عزيز عامل طاهر إلى سر من رأى.
و حمل معه:
علي بن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
فحبسا جميعا حتى ماتا في الحبس.
و إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
حبسه محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور عامل المهتدي على المدينة،فمات في حبسه،و دفن في البقيع.
ص: 532
و عبد اللّه بن محمد بن يوسف[بن إبراهيم] (1)بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن.
[و أمه فاطمة بنت إسماعيل بن إبراهيم بن موسى] (2).
حبسه أبو الساج بالمدينة،فبقي بالحبس إلى ولاية محمد بن أحمد بن المنصور،ثم توفي في حبسه،فدفعه إلى أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد اللّه بن داود بن الحسن فدفنه بالبقيع.
ص: 533
ص: 534
ص: 535
ظهر فيها:
أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم[بن الحسن] (1)بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
و أمه امرأة من الأنصار من ولد عثمان بن حنيف (2).
قتله أحمد بن طولون (3)على باب أسوان، و حمل رأسه إلى المعتمد.
أحمد[بن طولون] (1).
و علي بن إبراهيم[بن الحسن] (2)بن علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي (3).
قتل بسر من رأى على باب جعفر بن المعتمد و لا يدري من قتله.
و بين و هوذان (1)الديلمي.
و حمزة بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
قتل في الوقعة التي كانت بين الصّفار و الحسن بطبرستان.
و قتل في هذه الوقعة أيضا.
محمد،و إبراهيم ابنا الحسن بن علي بن عبيد اللّه (2)بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
و الحسن بن محمد بن زيد بن عيسى بن زيد بن الحسين.
قتل في هذه الوقعة أيضا.
و اسماعيل بن عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
قتل في هذه الوقعة أيضا.
و توفي في السجن بسر من رأى:
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد
ص: 538
[الأكبر] (1)بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
و أمه ابنة عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و توفي أيضا[في السجن بسر من رأى] (2):
موسى بن موسى (3)بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي و كان حمل من مصر في أيام المعتز فبقي إلى هذا الوقت ثم مات.
و حمل سعيد الحاجب:
محمد (4)بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي.
و حمل ابنيه(أحمد و عليا)فتوفي محمد (5)و ابنه أحمد في الحبس،و أطلق على [ابن محمد] (6)و هو حي (7)إلى الوقت الذي صنفت فيه هذا الكتاب،و قد كتبت عنه الأحاديث،و روى عن محمد بن المنصور المرادي كتب جده أحمد بن عيسى بن زيد في الأحكام.
و الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن
ص: 539
زيد بن الحسن بن علي.
حبسه يعقوب بن الليث[الصفار] (1)لما غلب على نيسابور،ثم حمله معه حين خرج إلى طبرستان (2). و توفي في الطريق رضي اللّه عنه.
و محمد بن عبد اللّه بن زيد[بن عبيد اللّه بن زيد](3) بن عبد اللّه بن الحسن ابن زيد بن الحسن.
توفي في حبس يعقوب بنيسابور (4)و كان أسره بطبرستان،و توفي في محبسه.
و سعى[رافع بن الليث](5) إلى رافع بجماعة من آل أبي طالب،و ذكر له أنهم يريدون الخلاف عليه،فأخذ منهم أربعة و هم:
علي و عبد اللّه ابنا موسى بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي.
و علي بن جعفر بن هارون بن إسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
و محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام.
ص: 540
ص: 541
أيام المعتضد (1)فممن قتل منهم فيها:
محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب،و هو المعروف بالداعي،صاحب طبرستان (2).
كان إسماعيل بن أحمد المتغلب على خراسان بعث إليه قائدا من قواده يقال له:محمد بن هارون،و أمره بحربه (3)، فوافقه على باب جرجان،فقتل في الوقعة،وجد جريحا و به رمق،فحمل إلى جرجان فمات بها.
و أسر ابنه زيد بن محمد.
و صلى عليه محمد بن هارون و دفنه (4).و ذلك في شهر رمضان سنة تسع و ثمانين و مائتين (5).
ص: 542
و حمل ابنه زيد إلى خراسان (1)،فهو بها إلى الآن مقيم.
ص: 544
ص: 545
أيام المكتفي (1)فممن قتل منهم فيها:
محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن جعفر (2)بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين (3)بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
و علي بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
قتلا على الدكة مع القرمطي[المعروف بصاحب الخال] (4)،من غير أن يكونا خرجا معه، و إنما اتهما فأخذا فقطعت أيديهما و أرجلهما،و ضربت أعناقهما صبرا.
و زيد بن الحسين بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ص: 546
قتله القرمطي فيما يذكرونه في طريق مكة (1).
حدثني حكيم بن يحيى،قال:
كان الحسين بن الحسين بن زيد شيخ بني هاشم و ذا قعددهم (2)،و كانت الأموال تحمل إليه من الآفاق.
قال:
فاجتمعنا يوما عند جدّك أبي الحسن محمد بن أحمد الأصبهاني،و جماعة من الطالبيين،فيهم الحسين بن الحسين بن زيد بن علي،و محمد بن علي بن حمزة العلوي العباسي،و أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري،فقال جدك للحسين:
يا أبا عبد اللّه،أنت أقعد ولد رسول اللّه(ص)كلّهم،و أبو هاشم أقعد ولد جعفر،و أنتما شيخا آل رسول اللّه(ص)،و جعل يدعو لهما بالبقاء.
قال:فنفس محمد بن علي بن حمزة ذلك عليهما فقال[له يا أبا] (3)الحسن،و ما ينفعهما من القعدد في هذا الزمان و لو طلبا عليه[من أهل العصر باقة بقل ما أعطياها] (4).
قال:فغضب الحسين بن الحسين من ذلك ثم قال:لي تقول هذا؟فو اللّه ما أحب أن نسبي أبعد مما هو بأب واحد يبعدني من رسول اللّه(ص)و أن الدنيا بحذافيرها لي.
قال حكيم:
و كان للحسين ابن يقال له زيد،هو المقتول في طريق مكة.
و كان من فتيان بني هاشم؛ سخاء،و ظرفا،و جمالا.
و كان يعاشر أولاد المتوكل،فإذا دعوه رأى ما عندهم من الآلة و الفرش و الآنية،فيجيء إلى أبيه فيقول:إني أردت أن أدعو بني عمي هؤلاء و أتصنع لهم».
ص: 547
بمثل ما عندهم،فأعطني ما أنفقه،فيعطيه و يسرف،و ربما صادف منه ضيقة فيقول:ليس عندي ما أعطيك،فيخرج مغضبا،و يحلف له أنه يخرج على السلطان،فيقوم إليه فيناشده اللّه و يبكي،فلا يجيبه،فيدخل إلى أمه، و كانت أم ولد-فيقول لها:إن زيدا طلب كذا و كذا،و حلف أني إن لم أعطه خرج على السلطان،فأعطيني من حليّك بمقدار ما يريد،فتقول له:إنه يرهبك بهذا و ليس يخرج فدعه مرّة[واحدة] (1)و جرّب،فيقول لها:هيهات،ليس الأمر حيث تظنين.(شنشنة أعرفها من أخزم) (2).
ثم لا يبرح حتى تعطيه ما يريد.
و محمد بن حمزة بن عبيد اللّه (3)بن العباس[بن الحسن] (4)بن عبيد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
قتله[محمد بن]طغج (5)في بستان له،رضي اللّه عنه.
حدثني أحمد بن محمد المسيب،قال:
كان محمد بن حمزة من رجالات بني هاشم و كان إذا ذكر[ابن]طغج لا يؤمره و يثلبه،و يستطيل عليه إذا حضر مجلسه،فاحتال[ابن]طغج على غلام لبعض الرجالة فستره ثم أعلم صاحبه أنه في دار محمد بن حمزة و ضراه به فاستعوى (6)جماعة من الرجالة فكبسوه و هو في بستان،فقطعوه بالسكاكين، و بقي عامة يومه مطروحا في البستان، و هم يترددون إليه فيضربونه بسيوفهم، هيبة له و خوفا أن يكون حيا أو به رمق فيلحقهم ما يكرهون رضي اللّه عنه.
ص: 548
ص: 549
أيام المقتدر (1)فممن قتل منهم فيها:
العباس بن إسحاق و هو الذي يقال له المهلوس (2)بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
قتله الأرمن بمدينة بأرمينية يقال لها دبيل (3).
حدثني بذلك الحسين بن محمد القطر بلى.
[و قتلت الأعراب في بعض نواحي البر المحسن بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي.
ص: 550
و أدخل رأسه بعد ذلك إلى بغداد،و أظهر من قتله أنه كان دعا إلى خلاف السلطان فقتله لذلك] (1).
و قتل بالكوفة رجل من الطالبيين لم يقع إلى نسبه،في الحرب التي كانت بين العباسيين و العلويين بسبب المسجد الذي بناه أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي في وسط المسجد الجامع في الموضع الذي كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يجلس فيه للقضاء،فإن العباسيين أنكروا ذلك و هدموه و صاروا إلى قبر أمير المؤمنين فشعثوا من حائطه و أرادوا هدمه،فخرج إليهم الطالبيون فقاتلوهم فقتل من العباسيين نفر،و قتل من الطالبيين رجل،فحمل ورقاء بن محمد بن ورقاء جماعة من الطالبيين و حرمهم و أولادهم إلى بغداد مقيدين ليشهروا و يحبسوا،فصادف ورودهم وزارة أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات (2)، فأحسن إليهم و خلى سبيلهم.
و قتل بناحية اليمامة جماعة منهم يقال لهم:بنوا الأخيضر،لم تقع إلينا أنسابهم.ثم استولوا عليها و عظم شأنهم فيها في عز القرامطة،و بلادهم في منعة لا يقدر معها عليهم (1).
لم يتول قتلهم السلطان و لم يحصر أوقات مقاتلهم بتاريخ فذكرت ذلك بحكايته متبرئا من خطأ،إن كان فيه،أو زلل أو سهو.
فمنهم:
قتله بنو مالك من جهينة بين الأعيفر و ذي المروة (1).
و القاسم بن زيد بن الحسن بن عيسى بن علي (2)بن الحسن بن علي.
و أمه بنت القاسم بن عقيل بن عبد اللّه بن محمد بن عقيل.
قتله طيّئ في موضع يسمى المعبال (3)بين الوادي و ذي المروة.
و محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي.
قتلته طيّئ بالرويضات (4)،رمي بسهم.
و محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي.
و أمه فاطمة بنت محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي.
قتله غلمانه بفرع المسور (5).
و علي بن موسى بن علي بن علي بن محمد بن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب.
و أمه زينب بنت الحسين بن الحسن بن الأفطس.
قتل ببعض أعراض المدينة.
ص: 553
و القاسم بن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
قتله زياد بن سوار،و يقال:قتله بنو سليم،و يقال:بنو شيبان[بموضع يعرف] (1)بعرق الظبية.
و جعفر بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن علي بن (2)عبد اللّه.
و أمه من بني مخزوم.
قتله السودان أيام إسماعيل بن يوسف.
و عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه بن عيسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمد (3)بن عبد اللّه بن جعفر.
و أمه من ولد طلحة بن عبيد اللّه.
قتله سليمان بن بشر السلمي (4).
و أحمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن علي بن الحسين.
قتله الصعاليك على ثلاث مراحل من الري، و كان متوجها إلى نسا و أبيورد (5)،و كان أهلها دعوه إلى أنفسهم فصار إليهم.
ص: 554
و الحسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين.
قتل بتفليس (1)من بلاد أرمينية،قتله قوم يقال لهم«الصفارية».
و محمد بن أحمد بن الحسن (2)بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي.
قتله الأرمن بشمشاط (3).
و محمد بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي.
و أمه امرأة من الأنصار.
مرّ بقوم من قعدة الخوارج فقتلوه.
و القاسم بن أحمد بن عبد اللّه بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
و أمه من ولد الزبير.
قتل بالبجة (4)من أرض الحبشة.
ص: 555
و جعفر بن الحسين بن الحسن الأفطس بن علي بن الحسين.
و الحسين بن الحسين (1)بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي.
قتلا و هما منصرفان من عسكر عبد اللّه بن عبد الحميد العمري.
و كان قد غلب على ناحية من نواحي البجة.
و جعفر بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب.
قتله العمري الذي غلب على أرض البجة صبرا.
و محمد بن علي بن إسحاق بن جعفر بن القاسم بن إسحاق الجعفري.
قتله هذا العمري في حرب كانت بينه و بين إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب.
و أحمد بن علي بن محمد بن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب.
قتله أخوه عيسى بن علي بينبع رضي اللّه عنه.
داود بن محمد بن عبد اللّه (1)بن عبيد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب.
قتله إدريس بن موسى بن عبد اللّه بن موسى بينبع.
و أيوب بن القاسم بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي.
قتل ببلاد النوبة (2).
و جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي.
ص: 557
قتل على باب نيسابور في وقعة كانت بين محمد بن زيد و بين أهلها.
و الكوكبي و هو الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد اللّه بن علي بن الحسين.
و أمه بنت جعفر بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين.
قتله الحسن بن زيد،و كان قد بلغه عنه أنه يريد خلافه (1)و أنه قد اجتمع.
و عبيد اللّه بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي على ذلك، فدعا بهما فأغلظ لهما،فردا عليه،فأمر بهما فديست بطونهما،ثم ألقاهما في بركة فغرقهما فماتا جميعا،ثم أخرجا فألقيا في سرداب فلم يزالا فيه حتى دخل الصفار البلد فأخرجهما و دفنهما.
و في عبيد اللّه بن الحسن يقول سعيد بن محمد الأنصاري فيما حدثني به أحمد بن سعيد،عن يحيى بن الحسن:
يا كيف أنسيت قتلى قد مضوا سلفا *** و صاحبي أمل أو ذقت سلوانا (2)
***صلى عليهم مليك الناس ما طلعت شمس و ما حركت قمرية بانا
و قال أيضا:
يا قتيلا يا مسلما لغشوم *** لو بسيف تلقاه كان قتيلا (3)
عق آباءه و قرباه منه *** و عصى اللّه ربه و الرسولا
ص: 558
(و العقيقي)و هو الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
و أمه أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
و كان ابن خالة الحسن بن زيد،و كان يخلفه بسارية (1)فبلغه أن الحسن قد قتل في وقعة كانت بينه و بين الخجستاني (2)فدعا إلى نفسه و وافى الحسن بعد ذلك مغلولا،فانتقض (3)أمر العقيقي و مضى[إلى جرجان و التحق بالخجستاني،فسار الحسن بن زيد إليه فواقعه فهزم العقيقي و نجا] (4)فرجع إلى جرجان،فوجه إليه الحسن بن زيد أخاه محمدا فأمنه فخرج إليه على ذلك،فأمر به الحسن فضربت عنقه صبرا (5).
و الحسن بن عيسى بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين.
قتله الخجستاني بجرجان.
و ذكر أن الحسن بن زيد سم (محمد)بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد.
ص: 559
و قتل إدريس بن موسى ابنا لداود بن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن علي.
و إدريس بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن.
قتلته أم ولد رجل عمري بالمدينة.
و قتل محمد بن علي بن القاسم بن محمد بن يوسف أخاه سليمان.
وجد بطبرستان مقتولا.
و يقال:قتله (1)الحسن بن أبي الطاهر.
أحمد بن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب.
و قتل في الحرب التي كانت بين العلويين و الجعفريين عالم بينهم لا يحصى،و قد ذكرنا بعض ما وقع إلينا من ذلك،فمنهم:
(داود)بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن.
قتله الجعفريون بالمضيق في حرب كانت بينهم و بين العلويين.
و قتل في هذه الأيام:
(علي،و أحمد)ابنا إدريس بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
ص: 560
(و أحمد،و صالح)ابنا محمد بن جعفر بن إبراهيم.
(و محمد،و عبد اللّه)ابنا داود بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن.
(و محمد)بن جعفر بن الحسن بن موسى بن جعفر.
(و علي)بن محمد بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي.
(و صالح)بن موسى بن عبد اللّه بن موسى.
قتلوا في حرب كانت بين إدريس بن عبد اللّه بن موسى و داود بن (1)موسى (2)الحسني.
(و إبراهيم)بن عبد اللّه بن داود بن محمد بن جعفر بن إبراهيم (3).
(و ابن)لداود بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر.
و قتل محمد بن الحسن بن جعفر بن موسى بن جعفر ثمانية نفر من الجعفريين وجدهم في موضع فقتلهم رضي اللّه عنهم أجمعين.
(و الحسين)بن الحسين بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن الحسن.قتل بالمدينة في هذه الأيام (4).
ص: 561
و قتل بنو محمد بن يوسف أبا القاسم (1).
(أحمد)بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، و ابنه(محمدا).
(و إبراهيم)بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد.
و قتل الجعفريون في طريق اليمن:
(محمد)بن يحيى بن محمد بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين.
(و أحمد)[بن علي] (2)بن عبد اللّه بن موسى بن الحسن بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين.
(و محمد)بن جعفر بن الحسن بن موسى بن جعفر بن محمد.
و قتل صالح بن موسى بن عبد اللّه أخو إدريس:
(محمد)بن إبراهيم بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن.
(و محمد)بن جعفر بن محمد بن إبراهيم الحسني.
و قتل في هذه الفتنة.
(أحمد)بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن[بنة.
ص: 562
الحسن] (1).
و(محمد)بن أحمد بن أحمد بن علي الحسني (2).
و(الحسن)بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي (3)و يعرف بابن أبي رواح.
و(علي)بن محمد بن عبد اللّه الفأفاء الجعفري المعروف بأبي شرواط (4).
و(أحمد)بن علي بن إسحاق الجعفري.
و(مطرف)بن داود بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
و قتل أصحاب (5)أبي الساج في سنة حج.
(صالح)بن محمد بن جعفر بن إبراهيم.
و(العباس)بن محمد بن عمه.
و حملت رءوسهما إلى الكوفة.
و قتل(الحسين)بن يوسف أخو اسماعيل بن يوسف في مكة في وقعة كانت بين أهلها و بين اسماعيل (6).
و قتل في هذه الواقعة مع إسماعيل:».
ص: 563
(جعفر)[بن عيسى] (1)بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
و قتل السودان(عبد اللّه)بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن في تلك الأيام.
و ولى المدينة(موسى)بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
فوثب عليه(محمد)بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن،و كان ابن عم الحسن بن زيد الداعي بطبرستان،و دعا إلى الحسن بن زيد،و قتل موسى بن محمد هذا و ابنه عليّا.
(و الحسين)بن محمد بن يوسف أخو موسى هذا،وجه به أخوه إلى وادي القرى (2)و قد عصى أهلها فقتلوه.
و قتل(جعفر)بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
قتله أصحاب إسماعيل بن يوسف.
(و القاسم)بن زيد بن الحسين[بن الحسين] (3)بن عيسى بن زيد.
قتله طيّئ بذي المروة.
و(عبد الرحمن)بن محمد بن عيسى بن جعفر بن إبراهيم.
قتله بنو سليم في منزله بالغابة (4).2.
ص: 564
قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني:
هذا ما انتهى إلينا من أخبار من قتل من آل أبي طالب رضوان اللّه عليهم و رحمته،منذ عهد رسول اللّه(ص)إلى الوقت الذي جمعنا فيه هذا الكتاب.و فرغنا منه[و ذلك] (1)في جمادي الأولى من سنة ثلاث عشرة و ثلثمائة.
على أن بنواحي اليمن في هذا الوقت،و بنواحي طبرستان،جماعة من آل أبي طالب عليهم السلام،قد ملكوها و غلبوا عليها،إلاّ أن أخبارهم منقطعة عنا لقلّة من ينقلها إلينا،بل لعدمهم و فقدانهم،و ينبغي أن تكون (2)لهم أخبار قد فاتتنا و لم نقدر على علمها،و لا ندفع أنه يكون فيما بعد منا منهم (3)قتلى لم نعرف أخبارهم ممن سبيله (4)سبيل من ذكرنا ممن خرج على السلطان و أظهر نفسه و دعا إلى ما كان سلفه يدعون إليه.
و كان كل من خالف هذا السبيل و قتل على ضدها منهم يستتر (5)خبره و يخفى أمره.و يدرس ذكره.
و نسأل اللّه العصمة و التوفيق لطاعته فيما أتيناه و نحوناه (6)من قول و عمل.
و هو حسبنا و نعم الوكيل.».
ص: 565
ص: 566
ص: 567
ص: 568
(أ)
أبان بن تغلب:388
إبراهيم:28
إبراهيم بن أبي محمد البريدي:461
إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري:
23
إبراهيم بن إسحاق:279
إبراهيم بن إسحاق الغطفاني:218
إبراهيم بن إسحاق القرشي:249
إبراهيم بن إسحاق القطان:383
إبراهيم بن بنان الخثعمي:403،390
إبراهيم بن خالد:176
إبراهيم بن رياح:358
إبراهيم بن سالم:327
إبراهيم بن سلام:307،295
إبراهيم بن سلم:299،296
إبراهيم بن سلم بن أبي واصل:286
إبراهيم بن سليمان المقري:308، 448
إبراهيم بن سوار الضبي:502
إبراهيم بن سويد الحنفي:324
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن:261
إبراهيم بن عبد اللّه العطار:466
إبراهيم بن علي الرافعي:214
إبراهيم بن علي بن عبيد اللّه 32
إبراهيم بن غسان بن الفرج:467
إبراهيم بن محمد الجعفري:296
إبراهيم بن محمد الخثعمي:214
إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام:225،184
إبراهيم بن المدبر:483،482
إبراهيم بن المنذر:37
إبراهيم بن الوليد بن سلمة القرشي:
31
إبراهيم بن يوسف:440
ابن أبي أويس:90
ابن أبي ثابت:218
ابن أبي الزناد:256
ابن أبي السري:26
ابن أبي عمير:83،54
ابن أبي ليلى:383
ابن أبي الموالي:182
ابن إسحاق:31،30
ابن الأعرابي:319
ص: 569
الأجلخ:54،47،29
إدريس بن محمد بن يحيى:404
أرطاة:377،222
أزهر بن سعد:249،232
الأسلمي:241
أشعث بن سوار:61
الأعمش:77،55
الأقطع:299
ابن بنت هشيم:312
ابن جعدية:99
ابن حكيم الطائي:205
ابن حميد:30
ابن دأب:212
ابن داجة:209،184
ابن زبالة:196
ابن سعد:60،59
ابن سيرين:81،79
ابن شبرمة:502
ابن شهاب الزهري:30،29
ابن فضالة النحوي:257
ابن فضيل:45
ابن عائشة:202،198
ابن عبدة:94
ابن عمار:156
ابن الكلبي:548
ابن معين:45،30
ابن هراسة:328
ابن يمان:83
أبو أحمد الزبير-عبد اللّه بن الزبير:255
أبو أسامة:53،43
أبو إسحاق:77،83،61،42
أبو إسحاق-إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري:23
أبو إسحاق السبيعي-عمر بن عبد اللّه الهمداني:61
أبو إسحاق الفزاري:313
أبو البختري:55
أبو بصير:83
أبو بكر-أحمد بن محمد بن دلان الخيشي:43
أبو بكر بن حفص:81
أبو بكر بن شيبة-أحمد بن محمد بن شبيب:99
أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة:59
أبو بكر بن عبيد اللّه الطلحي:92
أبو بكر الجبلي:138
أبو بكر الهذلي:502
أبو ثميلة الآبار:144،31
أبو الجارود:127،35
أبو جعفر(أخو يحيى بن الحسن):183
أبو جعفر بن محمد بن علي:85،59
أبو جعفر الأشناني-محمد بن الحسين 126
أبو جعفر-محمد بن علي:261
أبو جعفر المرادي-محمد بن منصور بن يزيد:428
أبو حاتم:319
أبو حاتم الرازي:139
أبو حازم:83،40
أبو حازم بن دينار:41
ص: 570
أبو حباب:53،43
أبو الحجاج الجمال:241
أبو الحجاج المنقري:239
أبو الحسن الحذاء:276،238
أبو الحسن علي الحداد:297
أبو حذافة السهمي:175
أبو حري-نصر بن ظريف:318
أبو حفص الأعشى:127
أبو حفص الأبار:80،78
أبو حفص اللبان:78
أبو خالد:129
أبو زهير العبسي:45،44
أبو زيد-عمر بن شبة:190،184
أبو زيد العكلي-خالد بن عيسى:198
أبو داود العلوي:125
أبو داود المدني:127
أبو ذئب:26
أبو السائب-سلم بن جنادة:85
أبو السرايا:448
أبو سعيد الأشج:128
أبو سعيد الخدري:34
أبو سعيد السكري:50
أبو سفيان الحميري:248
أبو سلمة المصبحي:212
أبو سلمة النجار:287
أبو سهل-نصير بن حماد:313
أبو صادق:41
أبو صالح الفزاري:385،215،26
أبو الصعداء:308
أبو الصلت الهروي-عبد السلام بن صالح:460،453
أبو ضمرة:261
أبو الطفيل:50،45
أبو عاصم النبيل:278،248
أبو العباس-أحمد بن يحيى:40
أبو العباس الفلسطي:228،218
أبو عبد الحميد الليثي:257،171
أبو عبد الرحمن السلمي:53،46
أبو عبد اللّه بن أبي الحصين:508
أبو عبد اللّه الجهمي:487
أبو عبد اللّه الرازي-سلمة بن الفضل الأنصاري:30
أبو عبيد الصيرفي:78،34
أبو عبيد اللّه بن حمزة:258
أبو العتاهية:359
أبو عثمان:99
أبو عثمان اليقطري:319
أبو العرجا الجمال:379
أبو علي القداح:319
أبو عمر:35
أبو عمرو الشيباني:64
أبو عوانة:141،29
أبو عون الثقفي 81،43
أبو غسان-مالك بن اسماعيل الهندي:
332،196،117 أبو الفرج:64،53،47،42،38، 217،121،98،85،78، 295،289،272،265، 318،317،313،304، 348،338،329،323،
ص: 571
364،361،351،349، 431،409،401،383، 453،450،440،439، 490،484،476،460، 525،507،502،492
أبو قدامة بن سعد:108
أبو قرة:125
أبو كعب:242
أبو محمد البريدي:329
أبو مخارق بن جابر:309
أبو مخنف-لوط بن يحيى:43،38
أبو مرهم الأزدي:98
أبو معاوية:77
أبو معشر:40
أبو معمر-سعيد بن خيثم:126، 129
أبو المنذر:145
أبو نعيم الفضل بن دكين:57،45
أبو هشام الرفاعي:53،43
أبو هريرة:34،26
أبو الهيثم:284
أبو الوداك:100
أبو اليقطان:154
أبو الوليد:141
أبو يونس-محمد بن أحمد:37،31
أحمد بن أبي خيثمة:154-157
أحمد بن أبي طاهر:482
أحمد بن إسماعيل:187
أحمد بن بشر:76
أحمد بن جعفر البرمكي:486
أحمد بن جناب:99
أحمد بن خالد بن خداش:312
أحمد بن الحارث الخراز:156،153
أحمد بن حاتم:332
أحمد بن حازم الغفاري:304،55
أحمد بن الحسن بن مروان الهاشمي:
372،342
أحمد بن حمدان إدريس:370
أحمد بن راشد:129،125
أحمد بن زهير:304
أحمد بن زيد:300
أحمد بن سعيد:166،165
أحمد بن سليمان بن أبي شيخ:390
أحمد بن سويد:53
أحمد بن شبة:298
أحمد بن شبيب:94
أحمد بن عبد الحميد:349
أحمد بن عبد الرحمن البصري:115
أحمد بن عبد العزيز:210
أحمد بن عبد اللّه بن عمارة:319
أحمد بن عبد اللّه بن عمار:153،76
أحمد بن عبد اللّه بن موسى:219،170
أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه:31
أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي 43،38
أحمد بن عيسى بن زيد:343
أحمد بن كثير الذهبي:383
أحمد بن محمد بن بشر:324
أحمد بن محمد بن الجعد الوشاء:29، 43
ص: 572
أحمد بن محمد بن دلان الخيشي:43، 53
أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة:154
أحمد بن محمد بن سليمان:400
أحمد بن محمد بن عمران:142
أحمد بن محمد بن قني:128،127
أحمد بن محمد بن المسيّب:548
أحمد بن محمد الهمداني:183،167
أحمد بن محمد بن يحيى:40
أحمد بن يحيى بن المنذر:349
أحمد بن يحيى الحجري:349
أحمد بن يوسف الجعفي:325
إسحاق بن إبراهيم:26
إسحاق بن أبي إسرائيل:34
إسحاق بن سليمان الخراز:34
إسحاق بن شاهين:323
إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة:59
إسحاق بن عيسى:201
إسحاق بن يحيى:239
إسحاق المسيبي:29
إسحاق بن موسى الأنصاري:439
إسماعيل بن إبراهيم:151
إسماعيل بن إبراهيم الواسطي:370
إسماعيل بن أبي إدريس:114
إسماعيل بن أبي خالد:78
إسماعيل بن أبي عمرو:221،164
إسماعيل بن إسحاق الراشدي:126، 127
إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم:178
إسماعيل بن جعفر الجعفري:170
إسماعيل بن راشد:48،43
إسماعيل بن عبد الرحمن:80،78
إسماعيل بن علية:300
إسماعيل بن عيسى بن علي:313
إسماعيل بن مجمع:254
إسماعيل بن محمد:491
إسماعيل بن محمد العلوي:61
إسماعيل بن محمد المزني:196
إسماعيل بن موسى بن بنت السدي:
48،47
إسماعيل بن موسى الفزاري:364
إسماعيل بن يعقوب:171،167
إسماعيل بن يونس:502
أم سلمة بنت محمد بن طلحة:243
أم كلثوم بنت وهب:212
أيوب بن عمر:182،164
أيوب بن الحسن:324
(ب)
البابكي عبد اللّه بن مسلم:126
بثينة الشيبانية:335،334
البخاري:35
بشار بن موسى الخفاف:29
بكار بن أحمد:255،239
بكار بن زياد:388
بكر بن صالح:372،342
بكر بن عبد اللّه:201،191
بكر بن عبد الوهاب:246،29
بكير بن عمرو:26
بكر بن كثير:288،274
ص: 573
بندقة بن محمد:168
(ت)
تليد بن سليمان:168
(ث)
ثعلب:40
الثوري:83
(ج)
جابر:88
جابر الجعفي:428
الجراح بن عمر:259،200
جرير بن حازم:139
جرير بن عبد الحميد:28
جعفر الأحمر:347،150
جعفر بن أحمد بن أبي مندل:466
جعفر بن أحمد الأزدي:129
جعفر بن محمد:241،226
جعفر بن محمد بن اسماعيل:358، 493
جعفر بن محمد الهاشمي:213،187
جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن:
350
جعفر بن محمد بن الحسين الزهري:77
جعفر بن محمد الرماني:35
جعفر بن محمد بن سابور:382
جعفر بن محمد العلوي:350
جعفر بن محمد الفزاري:383،357
جعفر بن القاسم:38
جعفر بن محمد القرباني:246
جعفر بن محمد بن هشام:323
جعفر بن محمد الوراق:325،311
جعفر بن هذيل:448
جعفر بن يحيى الأحول:391
جعفر بن يحيى الأزدي:139
الجعفري:289
جميل(مولى):276
جميل بن دراج:83
جناب بن الشخشاخ:325
جناب بن موسى:332
جهم بن جعفر الحكمي:249
جهم بن عثمان:249
جواد بن غالب:276
الجوهري:212
جويرية بن أسماء:82
(ح)
الحارثي:244
الحارث بن إسحاق:228،172
الحرث بن كعب:113
الحارث بن مالك:284
الحرث بن محمد:60
حامد بن محمد البلخي:34
حباب بن موسى:118
حبيب بن أبي ثابت:78
حبيب بن نصر المهلبي:50
حبيب بن مروان-حبيب بن مرزوق 234
حرمي بن أبي العلاء:89،82
ص: 574
حجاج بن أرطاة:30
الحجاج بن بصير:290
الحجاج بن علي الهمداني:102
الحجاج بن المعتمر الهلالي:85
الحر بن مالك:282
حرب الحسن الطحان:389
الحسن بن أيوب:224،184
الحسن بن بشر:28
الحسن البصري:28
الحسن بن جعفر:303،176
الحسن بن الحسن:366
الحسن بن الحسين:255،77
الحسن بن الحسين العرني:304
الحسن بن الحسين الكندي:125
الحسن بن حفص:297
الحسن بن حكم:75
الحسن بن حماد:258،124
الحسن بن زياد الصيقل:213
الحسن بن زيد بن الحسن بن علي:
302،36
الحسن بن الطبيب البلخي:456
الحسن بن عبد الرحمن الربعي:504
الحسن بن عبد اللّه:139
الحسن بن عبد الواحد:366،332
الحسن بن علي الأدمي:138
الحسن بن علي الأسدي:366
الحسن بن علي الخفاف:304،168
الحسن بن علي الخلال:54
الحسن بن علي السلولي:125
الحسن بن علي بن هاشم:368
الحسن بن علي بن هشام:342
الحسن بن علي الوشاء:45
الحسن بن العليل العنزي:400
الحسن بن القاسم:379
الحسن بن محمد:389،377
الحسن بن محمد أبي عاصم:126
الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن:
177
الحسن بن محمد المزني:342
حسن بن محمد المولى:367
الحسن بن لولا:283
الحسن بن هذيل:368
الحسن بن يحيى بن الحسن:127
الحسين بن أبي عمرو:307
الحسين بن جعفر بن سليمان:289، 328
حسين بن الحسين اللؤلؤي:28
الحسين بن الحكم:222
الحسين بن حماد:124
الحسين بن زياد:247
الحسين بن زيد بن علي:244،32
الحسين بن سلمة الأرحبي:325
الحسين بن سليم:280
الحسين بن عبد الواحد:129
الحسين بن علوان:492
الحسين بن علي:383
الحسين بن علي(صاحب فخ):246
الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن:188
الحسين بن علي السلولي:300
ص: 575
الحسين بن علي بن هاشم المزني:389
الحسين بن عيسى الجعفي:229
الحسين بن القاسم:141
الحسين بن محمد بن عفير:139
الحسين بن محمد القطربلي:550
الحسين بن مسلم بن سلمة:284
الحسين بن المفضل العطار:366
الحسين بن المنزل:256
الحسين بن موسى بن منير:472
الحسين بن نصر بن مزاحم المنقري:38
الحسين بن هاشم:140
الحسين بن هذيل:246
حصين بن مخارق:177
حفص بن حكيم:298
حفص بن عمر:318
حكام بن مسلم:142
الحكم بن بندويه:280
الحكم بن جامع الثمالي:366
حكيم بن يحيى:547
حماد بن أعين:325
حماد بن زيد:313
حماد بن سلمة:116
حماد بن عيسى الجهني:90
حماد بن يعلى:222
حماد بن يزيد:304
حمدان بن إبراهيم:375،246
حمزة بن بيض:93
حمزة التركي:317
حميد بن سعيد:216
حميد بن عبد اللّه أبي فروة:261
حميد بن عبد اللّه الفروي:252
حمدون القرا:439
حميد بن مسلم:93
(خ)
خالد الحذاء:34
خالد بن خداش:309،304
خالد بن عيسى:177،127
خالد بن مخلد:41
خالد:285
خالد مولى آل الزبير:128
خالد بن يزيد بن أسد:99
الخراز-أحمد بن الحارث:226
خصيب الوابشي:349،125
خلف الأحمر:86
خلاد الأرقط:328
خلاد بن زيد:292
الخليل بن عمران:283
خلاد المقرئ:127
(د)
داود بن الحسن بن جعفر:327
داود بن عبد الجبار:41
داود بن القاسم:249،248
داود بن القاسم الجعفري:408
داود بن يحيى:323
(ذ)
ذوب:491
ص: 576
(ر)
الربيع بن عبد اللّه بن الربيع:233، 281
رحمويه-زكريا بن عبد اللّه بن صبيح:
310
رقية بنت موسى:364،211
الرياشي:50
ريطة بنت عبد اللّه بن محمد:128، 366
(ز)
الزبير بن بكار:82
الزبير بن سعد الهاشمي:28
الزبير بن العوام:28
الزبير بن المنذر:194
زفر بن الهذيل:310
زكريا بن عبد اللّه بن صبيح:310
زكريا بن يحيى الهمداني:151،129
الزهري:261
زهير بن عبد اللّه الخثعمي:114
زياد بن إبراهيم:292
زياد بن المنذر:124
زيد(مولى مسمع):235
زيد بن بدر:38
زيد بن علقمة:38
زيد بن علي:428،360،41
زيد بن المعذل النمري:308،43
زينب بنت عبد اللّه:364،243
(س)
سالم بن أبي حفصة:83
سالم بن أبي الحديد:141
سحيم بن حفص:226
السري بن إسماعيل:75
السري بن سهل:28
السري بن مسكين الأنصاري:348
سعد بن الحسن بن بشير:309
سعدان بن الوليد:28
سعيد بن أبان القرشي:169
سعيد بن أبي سعيد:26
سعيد البربري:234
سعيد بن ثابت:116
سعيد بن حبيب:292
سعيد بن خالد بن عبد الرحمن:211
سعيد بن خيثم:382،125
سعيد الرومي:240
سعيد بن رويم:61
سعيد بن ستيم:296
سعيد بن سويد:77
سعيد بن عامر:176
سعيد بن عبد الحميد:250،249
سعيد بن عثمان:389
سعيد بن عقبة الجهني:211،170
سعيد بن عمرو بن جعدة:128
سعيد بن عمر بن جنادة البجلي:348، 350
سعيد بن مجاهد:316
سعيد بن المشعر:279
سعيد بن نوح:318
سعيد بن هريم:273
سفيان بن عيينة:211،47
ص: 577
سفيان بن الليل:75
سفيان بن يزيد:289
سلم:297
سلم الحذاء:146
سلم العامري:213
سلم بن فرقد:327،298
سلمان بن بلال:41
سلمة بن ثابت:137
سلمة بن شبيب:34
سلمة بن عبد اللّه:403
سلمة بن الفضل الأنصاري:30
سليمان بن أبي راشد:92،43
سليمان بن أبي شيخ:248،151
سليمان بن إسحاق القطان:379
سليمان بن داود بن علي:377
سليمان الشاذكوني:324
سليمان بن عباد:377
سليمان بن العطوس:177
سليمان بن عياش السعدي:208
سليمان بن نهيك:223
سليمة بن كهل:141
سماعة بن موسى الطحان:139
سنان بن المثنى الهذلي:318
السندي بن شاهك:189
سهل بن بشر:216،184
سهل بن سعد الساعدي:41،40
سهل بن عامر:150
سهل بن عقيل:298،46
سهل بن غطفان:317
سويد بن سعيد:41
(ش)
شبابة بن سوار:41
شراحيل بن الوضاح:297
شريك بن أبي خالد:78
شريح بن يونس:80
شعبة:81
الشعبي:29
شهاب بن عبد اللّه:153
شيبة:288
(ص)
صباح الزعفراني:347
صالح صاحب المصلى:191
صالح بن ميثم:50
(ض)
الضحاك بن عثمان:37
الضحاك المشرفي:88
(ع)
عاصم بن عامر:55
عاصم بن علي بن عاصم:317،312
عامر بن حفص:156
عامر بن يحيى العقيلي:316،309
عباد بن حكيم:326
عباد بن كثير:248
عباد بن عبد اللّه بن الزبير:31
عباد بن يعقوب:40،28
عبادك:82
العباس بن سفيان:234
ص: 578
العباس بن سلم:276
العباس بن علي النسائي:28
العباس العنبري:141
العباس بن محمد رزين:114
العباس بن محمد بن علي:192
عبد الأعلى بن أعين:224،184
عبد الجبار بن سعيد المساحقي:174
عبد الحميد بن جعفر:248،236
عبد ربه بن علقمة:177
عبد الرحمن بن اسماعيل:285
عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان:208
عبد الرحمن بن جندب:112
عبد الرحمن بن سمرة:31
عبد الرحمن بن شريك:78،77
عبد الرحمن بن صالح:83،41
عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي بكر:
400
عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمر:403
عبد الرحمن بن عبيد اللّه:43
عبد الرحمن بن عمرو:224
عبد الرحمن بن عمران بن أبي فروة:
202
عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة:28، 184
عبد الرحمن بن العوام:194
عبد الرحمن بن غياث السراج:280
عبد الرحمن بن القاسم بن اسماعيل:
366
عبد الرحمن بن كثير:389
عبد الرحمن بن المغيرة:37
عبد الرحمن بن مهدي:116
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر:114
عبد الرحمن بن يوسف:257
عبد الرزاق:81،26
عبد السلام بن شعيب بن الحبحاب:
318
عبد العزيز بن أبي سلمة العمري:
273،251
عبد العزيز بن عبد الملك الهاشمي:
372،342
عبد العزيز بن عمار:231
عبد العزيز بن عمران:188،157
عبد العزيز بن الماجشون:221
عبد الغفار بن عمرو الفقمي:286، 307
عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري:372
عبد اللّه بن أبي بكر:30
عبد اللّه بن أبي بكر العتكي:139
عبد اللّه بن أبي الحكم:236
عبد اللّه بن أبي سعد:226
عبد اللّه بن أبي عبيدة:188
عبد اللّه بن إدريس:313
عبد اللّه بن إسحاق بن القاسم:261، 263
عبد اللّه بن أبي بريدة:261
عبد اللّه بن بشير:457
عبد اللّه بن جرير:126
عبد اللّه بن جعفر:225،224
عبد اللّه بن جعفر المدني:34
عبد اللّه بن حازم البكري:103
ص: 579
عبد اللّه بن حرب:126
عبد اللّه بن الحسن بن إبراهيم:273
عبد اللّه بن الحسن بن القاسم:265
عبد اللّه بن الحسن بن زيد:409
عبد اللّه بن الحسين بن محمد الفارسي:
23
عبد اللّه بن حفص بن عاصم العمري:
221
عبد اللّه بن حمزة:409
عبد اللّه بن خوات:391
عبد اللّه بن راشد بن يزيد:309،241
عبد اللّه بن الربيع:158
عبد اللّه بن الزبير الأسدي:255
عبد اللّه بن زيدان البجلي:348،113
عبد اللّه بن سعد الجهني:187
عبد اللّه بن سلمة الأفطس:307
عبد اللّه بن سنان:278
عبد اللّه بن عاصم:88
عبد اللّه بن عامر الأسلمي:240
عبد اللّه بن عبد الرحمن العنبري:138
عبد اللّه بن عبد الرحيم:407
عبد اللّه بن عبد الوارث:327،296
عبد اللّه بن عثمان:197
عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه العلوي:
500
عبد اللّه بن عمر:259،61
عبد اللّه بن عمر بن حبيب:232
عبد اللّه بن عمر شكدانه:61
عبد اللّه بن عمران بن أبي فروة:179، 195
عبد اللّه بن محمد:216
عبد اللّه بن محمد الأزدي:49،48
عبد اللّه بن محمد بن إسماعيل:157
عبد اللّه بن محمد بن أيوب:28
عبد اللّه بن محمد البغوي:42
عبد اللّه بن محمد بن البواب:240
عبد اللّه بن محمد بن حكيم:205، 305
عبد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه ابن الحسين:209
عبد اللّه بن محمد بن عمر:409،345
عبد اللّه بن مروان بن معاوية:140، 196
عبد اللّه بن مسلم بن بابك:126
عبد اللّه بن مشكان:83
عبد اللّه بن المغيرة:279
عبد اللّه بن موسى:168،167
عبد اللّه بن نافع:303،214
عبد اللّه بن الوضاح:83
عبد اللّه بن يزيد بن معاوية:264
عبد اللّه بن يسار:28
عبد المجيد بن جعفر:247
عبد الملك بن سليمان:234،205
عبد الملك بن سنان المسمعي:216، 229
عبد الملك بن شيبان:184،175
عبد الملك بن عبد العزيز:182
عبد الملك بن عقبة:31
عبد الملك بن محمد الرقاش:324
عبد الملك بن نوفل بن مساحق:102
ص: 580
عبد الواحد بن زياد:295
عبدة بن كثير:141،140
عبيد بن الصباح الخراز:80
عبيد بن الهيثم:28
عبيد بن يحيى:290
عبيد اللّه بن الحسن:89،88
عبيد اللّه بن حموده:472،466
عبيد اللّه بن حمزة:124،87
عبيد اللّه بن طاهر:487
عبيد اللّه بن عبد الرحمن:287
عبيد اللّه بن القواريري:34
عبيد اللّه بن محمد:205
عبيد اللّه بن موسى:261
عبيد اللّه بن يوسف الجبيري:257
عبيدة بن كلثوم:138،79
عتبة بن سمعان:112
عتبة بن المنهال:347
عثمان بن أبي ذرعة:102
عثمان بن أبي شيبة:41،30
عثمان بن الحكم بن صخر:218
عثمان بن سعيد:128
عثمان بن عبد الرحمن الحراني:54،43
عثمان بن عمر:292،81
عثمان بن المنذر:197
عثمان بن الهيثم المؤذن:326
العجلي:26
عدي بن ثابت:75
عروة بن الزبير:30
العريان بن أبي سفيان:306
عزيزة بنت زكريا:129
عطاء:28
عطاء بن السائب:78،77
عطاء بن مسلم:141
عطية بن الحارث:51
عفان بن مسلم:318
عقبة بن مسلم:190،189
عقيل بن عمرو الثقفي:289،326
عكرمة:34
عكرمة بن دينار:316
العلاء بن عبد الرحمن:34
علي بن إبراهيم الجوابي:368
علي بن إبراهيم بن الحسن:83
علي بن إبراهيم العلوي:234،246
علي بن إبراهيم(مؤذن):368
علي بن إبراهيم بن محمد:177
علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن:
366
علي بن أبي الحسن:320
علي بن أبي ساره:319
علي بن أبي طالب:242،232
علي بن أبي طالب بن سرح أحد بني تيم اللّه:210
علي بن أبي قربة العجلي:424
علي بن أبي هاشم:300
علي بن أحمد الباني:404،383
علي بن أحمد الباهلي:167،164
علي بن أحمد البناني:329
علي بن أحمد بن حاتم:129
علي بن أحمد العجلي:450
علي بن أحمد بن عيسى:498
ص: 581
علي بن إسحاق:61
علي بن إسحاق بن عيسى المخزومي:
41،40
علي بن اسماعيل بن صالح:240
علي بن اسماعيل:321
علي بن برقي:247
علي بن الجعد:275،76
علي بن جعفر بن محمد:353،61
علي بن حسان:389
علي بن الحسن:223
علي بن الحسن بن الحسن بن علي:
350
علي بن القاسم:142
علي بن الحسن بن علي بن حمزة العلوي:
82
علي بن الحسين الحضرمي:368
علي بن الحسين بن علي بن حمزة:32
علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني أبو الفرج:141،140،23
علي بن راشد:232
علي بن رياح:191
علي بن زاوان:247
علي بن سلم:345،299
علي بن سليمان الأخفش:459،409
علي بن صاعد:367
علي بن صالح:208
علي بن طاهر بن زيد:82
علي بن طلحة:114
علي بن عابس:41
علي بن العباسي البجلي:177
علي بن العباس النسائي:41
علي بن العباسي المقانعي:75،28
علي بن عبد الرحمن:290
علي بن عبد اللّه بن جعفر:32
علي بن عبد اللّه بن زياد:312
علي بن عبيد اللّه بن محمد:195
علي بن عمر:226
علي بن غراب:35
علي بن محمد:125
علي بن محمد الأسدي:467
علي بن محمد بن حمزة:90
علي بن محمد بن سليمان النوفلي:390
علي بن محمد بن القاسم الصوفي:
472
علي بن محمد المدائني:98،85
علي بن محمد النوفلي:344،291
علي بن مسهر:47
علي بن المنذر الطريقي:45
علي بن موسى الطوسي:99
علي بن نجم المدائني:123
علي بن هاشم بن البريد:405
عمار الذهني:99
عمار بن زريق:314
عمار بن المختار:287
عمر بن اسماعيل:302
عمر بن بشير الهمداني:83
عمر بن تميم:51
عمر بن خالد:276
عمر بن خالد الليثي:278
عمر بن الخزاز:284
ص: 582
عمر بن خلف الضرير:335،334
عمر بن رشاد:232
عمر بن سعيد البصري:85،38
عمر بن شبة:162،158
عمر بن الضحاك:282
عمر بن عبد العزيز بن عمران:158
عمر بن عبد اللّه بن حماد:287
عمر بن عبد اللّه العتكي:164،158
عمر بن عثمان الزهري:411
عمر بن عون:326،307
عمر بن مساور الأهوازي:383
عمر بن موسى:220
عمر بن النصر:328
عمر بن الهيثم:319
عمران الزهري:221
عمران بن عيينة:61
عمران ميثم:50
عمرو بن أبي بكار:51
عمرو بن أبي المقدام:151
عمرو بن ثابت:61،28
عمرو بن حبشي:61
عمرو بن حماد:388
عمرو بن خالد:278
عمرو بن دينار:60
عمرو بن شمر:91،88
عمرو بن شهاب:164
عمرو بن عبد الغفار:141،140
عمرو بن عبيد:257
عمرو بن قيس الملائي:41
عمرو بن مرة:77،55
عمرو بن هشام:83
عمرو بن إسحاق:81
عمير بن الفضل الخثعمي:212
عنبسة بن سعيد الأسدي:142
عنبسة بن نجاد العابد:187
عنيزة القصباني:375
عوانة بن الحكم:99،85
عيسى بن الحسين الوراق:211،147
عيسى بن رؤبة:302
عيسى بن زيد:199
عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب:126،29
عيسى بن عبد اللّه بن مسعدة:269
عيسى بن كثير الأسدي:128
عيسى بن مهران:80،76
عيسى بن موسى:242،238
عيسى النوفلي:153،148
(غ)
غسان:187
غالب الأسدي:223
غسان بن أبي غسان:246،216
غسان بن عبد الحميد:124
(ف)
فاطمة الصفري:177
فاطمة بنت عمر بن عاصم:212
الفضل بن الحسن المصري:26
الفضل بن حماد الكوفي:358
الفضل بن جعفر بن سليمان:335
الفضل بن دكين:45
ص: 583
الفضل بن الزبير:141
الفضل بن سعيد بن أبي حرب:487
الفضل بن شعيب:310
الفضل بن عبد الرحمن بن سليمان:
274
الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي:184
فضيل بن خديج:54
الفضيل بن عمرو الفقيمي:307
الفضيل بن سليمان النمري:237
فضيل بن مرزوق:34
فطر بن خليفة المخزومي:45
فليج بن اسماعيل:209
(ق)
قائد مولى عباد:82
القاسم بن إبراهيم:450،379
القاسم بن أبي شيبة:230-247
القاسم بن الأصبغ:117
القاسم بن خليفة الخزاعي:370
قاسم بن الضحاك:324
القاسم بن عبد الرزاق:168
القاسم بن عيلان:214
القاسم بن محمد بن عبد اللّه:188
القاسم بن المطلب العجلي:214
القاسم بن نصر:28
قتيبة بن معن:237
قحطبة:238
القحذمي:26،197
قدامة بن سعد:106
قدامة بن محمد:248
قعنب بن محرز الباهلي:212،57
قعيب بن محرز:306
القواريري:170
قيس بن الربيع:41
(ك)
كثير بن إسحاق بن إبراهيم:378
كثير بن الصلت:218
كردي بن يحيى:370
كلثم بنت عبد الوهاب:220
الكلبي:214
الكندي:54
كهمس:137
(ل)
لوط بن يحيى الأزدي-أبو مخنف:38
ليث:140
(م)
مالك:453
مالك بن أعين:94
مالك بن شعير:78
مالك بن يزيد الجعفري:411
ماهان بن بحر:237
ماهان بن بخت:238
مبارك الطبري:281
المبرد:486
متوكل بن أبي العجوة:260
مجالد:77
المجالد بن سعيد:104
ص: 584
محبوب بن الحسن:34
محرز بن جعفر:157
محمد بن إبراهيم بن أبان السراج:29
محمد بن إبراهيم بن أبي العلاء:370
محمد بن إبراهيم بن عبد اللّه:239
محمد بن إبراهيم المقري:370،366
محمد بن أبي الأزهر:466،334
محمد بن أبي حرب:234،197
محمد بن أبي الخنساء:403،390
محمد بن أبي العتاهية:359
محمد بن أبي عمر العرني:456
محمد بن أحمد الحر:521
محمد بن أحمد بن عمر بن سميع:325
محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي:26
محمد بن الجهم:457
محمد بن رافع:453
محمد بن إسحاق:366،31
محمد بن إسحاق بن القاسم:263
محمد بن إسحاق بن محمد:263،29
محمد بن إسحاق البغوي:390
محمد بن اسماعيل:242،239
محمد بن اسماعيل الأحمسي:60
محمد بن اسماعيل بن إسحاق الراشدي:324
محمد بن اسماعيل الجعفري:337
محمد بن اسماعيل بن رجاء:257
محمد بن بشر:328،217
محمد بن بكار بن الريان:40
محمد بن بكر:35
محمد بن جبلة:35
محمد بن جرير الطبري:29
محمد بن جعفر بن الزبير:30
محمد بن جعفر بن الوليد:157
محمد بن حسان الأزرق:41
محمد بن الحسن:181
محمد بن الحسن بن دريد:319
محمد بن الحسن بن زبالة:261،246
محمد بن الحسن المزني:372
محمد بن الحسين الأشناني:34
محمد بن الحسين الخثعمي:61،28
محمد بن الحسين بن السميدع:521
محمد بن الحسين بن مسعود الروقي:
348
محمد بن حفص بن راشد:324
محمد بن الحكم:155،151
محمد بن الحكم بن عبيدة:294
محمد بن حماد:390
محمد بن حمدان الصيدلاني:61
محمد بن حمزة:155
محمد بن خالد:283،282
محمد بن خلف بن وكيع:480،213
محمد بن داود بن عبد الجبار:127
محمد بن زكريا الصحاف:212،57
محمد بن زياد:303،297
محمد بن زياد القرشي:504
محمد بن زيد التميمي:113
محمد بن زيد الثقفي:242،142
محمد بن سالم بن عبد الرحمن:351
محمد بن سلام:304
محمد بن سليمان:291
ص: 585
محمد بن سليمان الزينبي:501
محمد بن سنان:83
محمد بن الضحاك:164
محمد بن طلحة العذري:287
محمد بن عباد:191
محمد بن عباد المهلبي:189
محمد بن العباس اليزيدي:291، 354
محمد بن عبد العزيز:158
محمد بن عبد اللّه:242
محمد بن عبد اللّه البكري:337،183
محمد بن عبد اللّه بن حماد الثقفي:294
محمد بن عبد اللّه الليثي:78
محمد بن عبد اللّه المدائني:414
محمد بن عبد الواحد:177
محمد بن عبيد اللّه البكري:403
محمد بن عبيد المحاربي:34
محمد بن عثمان:405
محمد بن عثمان بن خالد:252
محمد بن عديس:325
محمد بن علي بن إبراهيم:342
محمد بن علي أبو جعفر:89
محمد بن علي بن أخت خلاد المقرئ:
127
محمد بن علي الحسني:177
محمد بن علي بن الحسين:91
محمد بن علي بن حمزة:203،32
محمد بن علي بن خلف:393،78
محمد بن علي بن شاذان:145،129
محمد بن علي بن عبد الرحمن الحسني:
23
محمد بن علي بن مهدي:128،126
محمد بن عمر:253،246
محمد بن عمران:502،190
محمد بن عمران بن أبي ليلى:177
محمد بن عمرو:244،28
محمد بن عمرو الرازي:256،78
محمد بن عمرو بن عنبسة:349
محمد بن عمرويه:75
محمد بن الفرات:126
محمد بن فضيل:366
محمد بن فليح:29
محمد بن القاسم الأنباري:504
محمد بن القاسم بن مهروية:482، 483
محمد بن محمد الباغندي:86،61
محمد بن مروان:130،129
محمد بن مسعر:278
محمد بن مسلمة:151
محمد بن معروف:233،205،285
محمد بن منصور:345،343
محمد بن منصور المرادي:539
محمد بن موسى:407
محمد بن موسى الأسواري:292
محمد بن هاشم بن البريد:197
محمد بن الهزيل بن عبيد اللّه:211، 218
محمد بن وهب السلمي:188
محمد بن يحيى:244،242
محمد بن يحيى بن سعيد القطان:257
محمد بن يعلى:214
ص: 586
محمد بن يوسف:407،391
محول بن إبراهيم:244
المختار بن عمر:349
مخلد بن حمزة:118
مخلد بن يحيى الباهلي:237
المدائني:237،236
مدرك بن عمارة:108
مذعور بن سنان:283
المذلق-عمر بن الضحاك:281
مذهبة:175
المسروقي-ابن أبي مياس الفزاري:50
مسعود بن الحارث:294
مسعود الرحال:297،238
مسكين بن عمرو:202،197
مسلم بن بشار:220
مسمع بن غسان:210
مصعب الزبيري:168،167
مصفى بن عاصم:448،379
المصقعب بن زهير:99
مضرس بن فضالة الأسدي:222
مطلب بن زياد:140
مطهر بن الحارث:274
معاذ بن شبة:286
معاوية بن سفيان المازني:324
معاوية بن عمار:90
معروف بن خربوذ:50
معمر:81،26
المعلى بن كليب:100
مغيرة:80،28
المغيرة بن زميل العنبري:229
مفضل بن صالح:60
المفضل الضبي:319
مكي بن إبراهيم:75
المنذر بن جعفر العبدي:351
المنذر بن محمد:145،130
منصور بن بشير:457
مورع بن سويد:95
موسى بن أبي حبيب:139
موسى بن أبي النعمان:47
موسى بن أحمد القطواني:448
موسى بن داود السلمي:385
موسى بن سعيد بن عبد الرحمن:164، 198
موسى بن سلمة:439
موسى الصفار:129
موسى بن عبد الرحمن المسروقي:43، 54
موسى بن عبد اللّه بن موسى:334
موسى بن عقبة:29
موسى بن عمير القرشي:40
موسى بن محمد:138
موسى بن حماد:391
موفق:290
ميسرة بن حسان:319
ميمون بن هارون:175
(ن)
نافع:255
نسيم بن الجواري:234
نصر بن حازم:311
ص: 587
نصر بن حماد:314
نصر بن الخفاف:338
نصر بن قابوس:138
نصر بن قديد:275
نصر بن مزاحم:38
النضر بن حماد:295
نضر بن قرواش:367
النوفلي:90
(ه)
هارون بن عيسى:98
هارون بن سعد:117،41
هارون الرشيد:255
هارون بن محمد بن عبد الملك:347،
494،493
هارون بن موسى:243،125، 251،250،249،248
هاشم بن أحمد البغوي:390،358، 493
هاشم بن القاسم:327،296
هاشم بن قريش:369
هانئ بن ثبيت القابضي:93
هبيرة بن بريم:61
هرمن أبو علي-رجل من أهل المدينة:
210
هشام:138
هشام بن سالم:83
هشام بن محمد:308،298،286، 307
هشام بن محمد بن عروة:237
هشام بن محمد بن السائب الكلبي:26
هيثم:247
الهيثم بن عدي:437
(و)
واصل بن محمد السعدي:282
الواقدي:213،35
وكيع بن الجراح:61،34
الوليد بن محمد الموقري:138
الوليد بن هشام:319،216
الوليد بن هشام بن محمد:184
وهب بن جرير:79
وهب بن وهب:34
(ي)
يحيى بن أبي بكير:81
يحيى بن الحسن:209،243،90
يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي:26
يحيى بن الحسن بن الفرات:223، 246
يحيى بن الحسن العلوي:115
يحيى بن الحسين بن زيد:345،332
يحيى بن الحسين بن الفرات:375، 382
يحيى بن زكريا بن شيبان:324
يحيى بن سعيد الخزار:43
يحيى بن شعيب:45
يحيى بن صالح الجريري:324
يحيى بن صالح:130
ص: 588
يحيى بن سليمان:368
يحيى بن عباد بن عبد اللّه الزبير:31
يحيى بن عبد الرحمن الكاتب:424، 450
يحيى بن عبد اللّه:383،177
يحيى بن عبد اللّه بن الحسن:389
يحيى بن عبيد اللّه بن علي:82
يحيى بن علي بن يحيى المنجم:172، 249،246،231،210، 320،274
يحيى بن محمد بن مخول:405
يحيى بن مساور:388،127
يحيى بن معين:261،77
يحيى بن يزيد بن حميد:176
يزيد بن أبي زياد:48
يزيد بن جعدية:85
يزيد بن ذريع:324
يزيد بن عبد اللّه الفارسي:379
يعقوب بن إسرائيل:371
يعقوب بن داود:348
يعقوب الدورقي:313
يعقوب بن زيد:54
يعقوب بن عربي:223
يعقوب بن القاسم:242،231، 313،300
يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد اللّه:
211،210
يعقوب بن يوسف:324
يوسف بن قتيبة بن مسلم:218
يوسف بن الماجشون:182
يوسف بن معبد:283،282،281
يوسف بن موسى القطان:142،86
يوسف بن يزيد:109،103
يونس بن أبي إسحاق:99
يونس بن أبي يعقوب:300
يونس بن أرقم العنزي:324
يونس بن جناب:128
يونس بن مرزوق:625
يونس بن نجدة:319،280،277، 326.
ص: 589
(أ)
آدم(عليه السلام):157
آمنة بنت عبد اللّه بن الحسن:453
آمنة بنت وهب:88
إبراهيم(عليه السلام):194
إبراهيم بن أبي يحيى:222
إبراهيم بن إسحاق:509
إبراهيم بن اسماعيل طباطبا:375، 382
إبراهيم بن جعفر الزبيري:237
إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب:172،169، 203،196،173
إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبيد اللّه:
538
إبراهيم بن درست:274
إبراهيم بن رباح:191
إبراهيم بن سلمة بن عبد اللّه:130
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن:123، 163،162،159،157، 194،191،185،173، 204،203،200،199، 227،217،213،211، 272،269،258،253، 276،275،274،273، 280،279،278،277، 287،286،284،281، 291،290،289،288، 296،295،294،292، 300،299،298،297، 306،305،304،302، 310،309،308،307، 315،314،313،311، 319،318،317،316، 324،323،321،320، 328،327،326،325، 343،337،331،329، 350،349،345،344، 497،364،355،351
إبراهيم بن عبد اللّه بن داود بن محمد:
561،
إبراهيم بن عبد اللّه بن عطاء:251
إبراهيم بن عبد اللّه العطار:465، 466
ص: 590
إبراهيم بن علي بن طالب:91
إبراهيم بن علي بن هرمه:152، 216،179
إبراهيم بن غسان بن الفرج:467، 469،468
إبراهيم بن قيس:472
إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه:
526
إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس:185
إبراهيم بن محمد بن هارون بن محمد:
562
إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه:
557
إبراهيم بن المدبر:488،483
إبراهيم بن موسى بن جعفر:423، 435
إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن موسى:
532
إبراهيم الأزرق بن تمه:327
إبراهيم الأسدي:327
إبراهيم الامام:227،226
إبراهيم الديرج:509
أبحر بن كعب:116
ابن آكلة الأكباد-معاوية:76
ابن أبي ثابت:215
ابن أبي رواح-الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن:563
ابن أبي الكرام الجعفري:300،242
ابن أبي مياس الفزاري:50،49
ابن اترجه-عبد اللّه بن محمد بن داود:
الهاشمي:480
ابن ادريس بن عبد اللّه:497
ابن أسماء-عبد اللّه بن معاويه:152
ابن الأشعث:107
ابن الاعرابي:24
ابن الأغلب:526،408
ابن الأفطس-عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي:409
ابن الجعد:196
ابن جندب الهذلي:373
ابن حبان:26
ابن الحباني-القرمطي:551
ابن حبيب:123
ابن حجر:35
ابن الحسن بن صالح بن حي:392
ابن حصين:197
ابن حنظلة:146
ابن خالد القسري:243
ابن خضير:243،238،230، 244
ابن الخطاب-عبيد اللّه بن عمر:38
ابن داود بن محمد بن إبراهيم بن محمد:
561
ابن درستويه:23
ابن دعلج:285
ابن ذئب:230
ابن زياد:103،101،100،99، 114،108،106،105، 122،120،119،118
ص: 591
ابن استوطا«مولى»:240
ابن سلامه:235
ابن سهل:456
ابن ضمرة:156
ابن طاهر:666
ابن طباطبا:422
ابن عباس:110،62،27،26، 111
ابن عبد البر:32
ابن عبد ربه السلمي:303
ابن العثماني:201
ابن عجلان:254،248
ابن عقيل-مسلم:104،103، 108،107،106،105، 111،109
ابن علائة:310
ابن علاق الصيرفي:358،355، 492
ابن عون:312
ابن قتة-سليمان بن حبيب المحاربي:
84
ابن قتيبة:151،39
ابن القسري:244،194
ابن الكردية-يحيى بن خالد:494، 547
ابن الكلبي:94
ابن ليلى-الحسين بن علي الأكبر:87
ابن المبارك:140
ابن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي:204
ابن مرجانة-ابن زياد:114
ابن المرزبان:332
ابن مريم«عيسى»:32
ابن مسلم بن عقبة:232،230
ابن ملجم:48،47،46،45، 54،51،50،49
ابن ميناس المرادي:49
ابن النباح:53
ابن هبيرة:201
ابن هرمة:235
ابن هرمز:247،246
ابنة الاشعث:102،80
ابنة الطيار-أم الحسين بنت عبد اللّه بن اسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:663
ابنة عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه:
688
ابنة المطلب بن أبي وداعة:145
ابنة هشام بن اسماعيل:131
أبو إبراهيم-موسى بن جعفر بن محمد:
499
أبو أخزم:699
أبو أدماء:48
أبو الأزهر:202،201،196
أبو إسحاق السبيعي:257
أبو الأسود الدؤلي:55
أبو أيوب بن الأدبر:211
أبو أيوب المورياني:280
أبو البختري وهب بن وهب:194، 401،395
ص: 592
أبو بسطام-شعبة بن الحجاج:365
أبو بكر-علي بن موسى بن جعفر:561
أبو بكر بن أبي سبرة:251
أبو بكر بن الحسن بن الحسن:173
أبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب:92
أبو بكر بن شيبة:551
أبو بكر الصديق:67،37،36، 392
أبو بكر بن عبد اللّه بن جعفر:122
أبو بكر بن عمر:255
أبو بكر بن علي بن أبي طالب:91
أبو بكر بن عيسى الحائك:373
أبو تراب-علي:41،40
أبو تراب-«صاحب محمد بن القاسم»:468
أبو تمام:323
أبو ثمامة الصائدي:103
أبو الجارود:465
أبو الجحاف:257
أبو جعفر-عبد الحميد بن جعفر:237
أبو جعفر-عبد اللّه بن الحسن بن الحسن:178
أبو جعفر-عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن:256
أبو جعفر-محمد بن القاسم بن علي:
465
أبو جعفر-محمد بن جعفر بن محمد:
438
أبو جعفر-محمد بن عبد اللّه بن الحسن:461
أبو جعفر-محمد بن علي بن الحسين:
252
أبو جعفر الطبري:292
أبو جعفر المنصور:128،122، 166،159،157،156، 176،174،173،172، 182،181،178،177، 189،188،186،185، 193،192،191،190، 198،197،196،195، 202،201،200،199، 221،218،213،212، 227،226،224،223، 235،234،229،228، 244،242،241،236، 252،249،247،245، 260،259،255،254، 269،265،264،262، 273،272،271،270، 280،278،276،274، 293،288،287،284، 302،300،298،295، 314،312،311،303، 319،317،316،315، 327،326،322،321، 338،335،334،331، 364،343،340،339، 395،366،365
أبو الجنوب-زياد بن عبد الرحمن:118
ص: 593
أبو حاتم:548
أبو الحجاج الجهني:266
أبو حذيفة«واصل بن عطاء»:211
أبو حرجة الفزاري:322
أبو حسن:165
أبو حسن-علي بن أبي طالب:50
أبو الحسن-إبراهيم بن عبد اللّه:272
أبو الحسن-علي بن أبي طالب:39
أبو الحسن-على بن الحسن بن الحسن:
174
أبو الحسن-علي بن الحسن بن زيد:
339
أبو الحسن-علي بن العباس بن الحسن:
342
أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر:
453
أبو الحسن-موسى بن جعفر:414
أبو الحسن-موسى بن عبد اللّه بن الحسن:333
أبو الحسن-يحيى بن عبد اللّه بن الحسن:388
أبو الحسين-زيد بن علي:124
أبو الحسين علي بن أبي طالب:39
أبو الحسين-علي بن الحسين الأكبر:
86
أبو حصين:143
أبو حمزة:297
أبو حمزة(خادم):368
أبو حنيفة:313،310،141، 325،324،316،315،314
أبو خالد الأحمر:326،305
أبو خالد الواسطي:258
أبو داود الطهوي:326،305
أبو دهبل:121
أبو الدوانيق-أبو جعفر المنصور:236
أبو ذر:34
أبو رافع:214
أبو رجاء-مطر صاحب الحمام:218
أبو الزياد:213
أبو الساج:496،487،480، 525،522،498،497، 563،533،531،526
أبو السرايا:424،423،422، 430،429،428،426، 434،433،432،431، 441،437،436،435، 446،445،443،442، 451،449،448،447، 453،452
أبو السمط:480
أبو السنا الغنوي:507
أبو شرواط-علي بن محمد بن عبد اللّه الفأفاء:563
أبو الشوك:446،426
أبو الصبار العبدي:146
أبو صلابة:299
أبو الصلت الهروي:457
أبو طالب:338،115،39،24
أبو طاهر-أحمد بن عيسى:439، 531
ص: 594
أبو العاص بن أمية:86
أبو عامر:عبد اللّه بن عامر الأسلمي:
261
أبو عامر الأشعري:31
أبو عباد:455
أبو العباس-عيسى بن علي:233
أبو العباس السفاح:163،162، 186،175،165،164، 338،228،225،211،208
أبو عبد اللّه أحمد بن عيسى بن زيد:
492
أبو عبد اللّه-الحسين بن زيد:331
أبو عبد اللّه-الحسين بن علي:84
أبو عبد اللّه-جعفر بن أبي طالب:25
أبو عبد اللّه-جعفر بن محمد:151
أبو عبد اللّه-جعفر بن محمد بن الحسن:257
أبو عبد اللّه-محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن:206
أبو عبد اللّه الجدلي:397،99
أبو عبيدة الأمين:67
أبو عبيدة بن عبد اللّه بن وهب:206، 208
أبو العتاهية:361
أبو عدي الأموي:170
أبو علي-عبيد اللّه بن الحسين:159
أبو عمر الزاهد:23
أبو عمر الاسترباذي:543
أبو عمرو بن العلاء:291
أبو العوام القطان:318
أبو غسان الخزاعي:494
أبو الفداء:59
أبو الفرج:173،165،162، 227،207،196
أبو الفضل-العباس بن علي:89
أبو الفضل-العباس بن محمد بن عبد اللّه:412
أبو الفوارس-عبد اللّه بن إبراهيم بن الحسين:491
أبو القاسم-عبد اللّه بن عمر:255
أبو القاسم-محمد بن جعفر بن أبي طالب:35
أبو قتيبة بن مسلم الباهلي:107
أبو قرابة-العباس بن علي:90
أبو القلمس-عثمان بن عبيد اللّه:
260
أبو كتلة:442
أبو الكرام:191
أبو مالك الخزاعي:159
أبو المجل بن خالد:87
أبو محمد-الحسن بن علي:57
أبو محمد-عبد اللّه بن الحسن:165، 166
أبو محمد البريدي:329
أبو مروان(مولى):274
أبو المساكين-جعفر بن أبي طالب:25
أبو مسلم:157،156،150، 159،158
أبو معاوية-عبد اللّه بن معاوية:152
أبو نواس:23
ص: 595
أبو هاشم-داود بن القاسم الجعفري:
509
أبو هاشم-عبد اللّه بن محمد بن علي:
123
أبو هاشم الرماني:141
أبو هالة بن النباش التميمي:59،57
أبو الهرماس:441،433،426
أبو هريرة:214
أبو يحيى-عيسى بن زيد بن علي:342
أبو اليسر-كعب بن عمرو الأنصاري:
73
أبو اليقظان-عثمان بن عمير:142
أثير بن عمر بن هانئ السكوني:51
أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن زيد:562
أحمد بن ادريس بن محمد بن جعفر:
560
أحمد بن الحارث الهلالي:495
أحمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن عمر:556
أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد اللّه:
533
أحمد(رسول اللّه):217
أحمد بن السري الأنصاري:435
أحمد بن طولون:536
أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي:525
أحمد بن علي بن إسحاق الجعفري:
563
أحمد بن علي بن عبد اللّه بن موسى بن الحسن:562
أحمد بن علي بن محمد بن عون بن محمد:557
أحمد بن علي الإسكافي:508
أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين:359،358،355، 493،492،361،360، 497،496،495،494، 539،501،498
أحمد بن عيسى بن عبد اللّه:439
أحمد بن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر:560
أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:525،490
أحمد بن الفرج الفزاري:508
أحمد بن القاسم بن محمد بن جعفر:
553
أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى:539
أحمد بن محمد بن اسماعيل بن الحسين بن زيد:562
أحمد بن محمد بن جعفر بن إبراهيم:
561
أحمد بن محمد بن جعفر بن الحسن:
536
أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم:
536
أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه:
526
ص: 596
أحمد بن موسى بن محمد بن سليمان:
562
أحمد بن الموفق:536
أحمر بن شميط:354
الأحنف بن قيس:554،540
أخزم:548
الأخطل:271
الأدرع-محمد بن عبيد اللّه الحسني:
507
إدريس بن إدريس:409
إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
406،382،375،338، 409،408،407
إدريس بن عبد اللّه بن موسى:561
إدريس بن علي بن الحسن بن محمد:
560
إدريس بن موسى بن عبد اللّه بن موسى:
562،560،557،531،526
أروي بنت منصور:303
أرده بنت حنظلة:97
أزهر بن زهير:430
أسامة بن زيد:309،308
إسحاق بن إبراهيم بن الحسن:174
إسحاق بن إبراهيم بن دينار:251
إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين:438
إسحاق بن جناح:510
إسحاق بن الحسن:203
إسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب:418
إسحاق بن عبد اللّه بن عطاء:251
إسحاق بن عيسى بن علي:372
إسحاق بن محمد بن يوسف الجعفري:
561
إسحاق بن موسى بن عيسى:423
إسحاق بن يوسف الأزرق:311
أسد-علي بن أبي طالب:39
أسد بني هاشم:39
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق:
354،352
أسماء-أم عون بنت العباس:152
أسماء بنت جشم:58
أسماء بنت حسين:220
أسماء بنت خارجة:110،102
أسماء بنت عبد الرحمن:151
أسماء بنت عميس:90،36،35
إسماعيل-أبو العتاهية:360،359
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
180،174
إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن:
400
إسماعيل بن أحمد:543،542
إسماعيل بن أيوب المخزومي:231
إسماعيل بن عبد اللّه بن الحسين:538
إسماعيل بن علي بن إسماعيل:435
إسماعيل بن يوسف الموفق:524
إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن
ص: 597
الحسن:564،563،554،524
أسيد بن مالك الحضرمي:104،98
أشجع بن عمرو السلمي(شاعر):
458،409
الأشعث بن قيس:61،48،47، 431،104
الأصبغ بن زيد:311،310
الأصمعي:313
أعشى بني قيس بن ثعلبة:68،63
الأعمش:448،328،314،257
الأفطس-الحسن بن علي بن علي بن الحسين:250
الأمين:460
أم أبيها-فاطمة بنت محمد:57
أم إسحاق بنت طلحة:191،166
أم البنين بنت حزام:89،88،87
أم البنين ابنة الشقر:97
أم البنين بنت معاوية بن خالد:97
أم الثغر بنت عامر:97
أم الحسن بنت عبد اللّه بن الباقر:384
أم الحسين بنت عبد اللّه بن إسماعيل:
506
أم الحسين بنت عبد اللّه بن محمد:220
أم خالد بنت حسن:159
أم الخشف بنت أبي معاوية:87
أم دره-سالمة بنت مالك:97
أم سعيد بنت سعيد:409
أم سلمة زوج النبي:180
أم سلمة بنت الحسن:181
أم سلمة بنت محمد بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:365،268
أم سلمة بنت محمد بن عبد اللّه بن موسى:524
أم سلمة بنت محمد بن علي:412
أم سلمة بنت محمد بن طلحة 337
أم شيبة-ميمونة بنت أبي سفيان:86
أم عبد اللّه بنت عامر:178،174
أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن الحسين:
559
أم عون بنت العباس:150
أم فروة بنت القاسم:151
أم الفضل-لبانه:36
أم الفضل الكبرى بنت الحارث:36
أم الفضل بنت المأمون:456
أم كلثوم بنت علي:119،49
أم مسلم بنت عبد الرحمن بن أزهر:
206
أم المهدي-أروى بنت منصور:303
أم الهيثم بنت الأسود النخعية:54، 55
أم موسى(عليه السلام):145
أم موسى:388
أم موسى-أروى بنت منصور:303
أم نوفل بنت جعفر بن الحسين:
537
أم هند-خديجة بنت خويلد:57
أم يحيى:193
أمة الحميد:339
أمة اللّه بنت عبد ياليل:27
ص: 598
أميمة-سكينة بنت الحسين:94
أمينة-سكينة بنت الحسين:94
أمية بن الأسكر:63
أمينة بنت حمزة:423
أمية بن الصلت:63
أوس بن حارثة:94
أولاد المتوكل:547
أيوب(عليه السلام):301
أيوب بن سلمة:131،130
أيوب بن سليمان:309
أيوب بن القاسم:557
(ب)
بحيرة بنت زياد:273
برد بن لبيد اليشكري:295
البرك بن عبد اللّه التميمي:44
بسر بن أرطاة:73
بشير بن حوط:96
بشير الرحال:292،219،202، 298،296،293
بغا الكبير:536
البقلي:153
بكار بن عبد اللّه:411،400،395، 412
بكير بن حمران:109،106
بلال بن أسيد:105،104
بنان:486
بنت أبي سفيان بن معاوية:233
بنت أعبد بن سعد:91
بنت أوس بن حارثة:94
بنت جحدر بن ضبيعة:87
بنت جعفر بن اسماعيل بن جعفر:
558
بنت ذي الرأسين:87
بنت رسول اللّه:168
بنت سفيان بن خالد:91
بنت سفيان بن معاوية:159
بنت السليل بن عبد اللّه:93
بنت عبد اللّه بن إبراهيم بن محمد:530
بنت العداء بن هرم:206
بنت عمرو بن صرمة:87
بنت القاسم بن عقيل بن عبد اللّه:553
بنت القاسم بن عقيل بن محمد:528
بنت مالك بن قيس:87
بهم بن الحسين:536
(ت)
التبريزي:262
تحفة:400
الترجمان بن هريمة:281
تماضر بنت أبي عمرو:27
(ث)
ثبيت بن هانئ الحضرمي:118
ثمامة بنت سهيل:87
(ج)
جابر بن توبة:278
جبريل:62
جبير بن عبد اللّه:236
ص: 599
الجراح بن سنان:72
الجرباء بنت قسامة:191،166
الجرشية-هند بنت عوف:36
جرير بن الحصين:442
جرير بن عبد اللّه البجلي:93
جعدة بنت الأشعث:60
جعفر:278
جعفر بن أبي طالب:29،26،25، 37،36،34،32،31،30، 303،116،41
جعفر بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن علي بن أبي طالب:557
جعفر بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:245
جعفر بن إسحاق بن موسى بن جعفر:
530
جعفر بن اسماعيل بن موسى:526
جعفر بن الحسن بن الحسن:174
جعفر بن الحسين بن الحسن الأفطس:
556
جعفر بن حنظلة البهراني:302
جعفر بن زياد الأحمر:347
جعفر بن سليمان:252،248، 265،264،261،254، 378،295
جعفر بن صالح بن إبراهيم بن محمد:
554
جعفر بن العباس الكندي:133
جعفر بن عبد اللّه بن عطاء:251
جعفر بن عقيل بن أبي طالب:97
جعفر بن علي بن أبي طالب:88
جعفر بن علي بن حسن بن علي بن عمر:557
جعفر بن عيسى بن اسماعيل:564
جعفر بن عيسى بن إسماعيل جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن طالب:525
جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى:
524
جعفر بن محمد بن الأشعث:414
جعفر بن محمد بن جعفر بن إبراهيم:
564
جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين:
525
جعفر بن محمد بن زيد:435
جعفر بن محمد بن عقيل:98
جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب:
186،185،151،126، 222،207،196،187، 230،226،225،223، 388،367،331،240
جعفر بن المعتمد:537
جعفر بن يحيى:411
الجلودي:454
جمانة بنت المسيب:122
جناب بن نسطاس:351
جنادة بن سويد:326
جندب بن عبد اللّه الأزدي:68،64
ص: 600
جون مولى أبي ذر الغفاري:113
(ح)
الحاجب بن زرارة:380
الحارث بن أسد:530،526
الحارث بن جون:36
الحارث بن عباس:381
الحارث بن عبد عمر:58
الحارثي المنجم:234
حازم بن خريمة:150
الحازوق الخارجي:266
حاضر(صاحب عيسى بن زيد):
361،355
حاضر(من أصحاب يحيى بن عبد اللّه):
496،495
حبي بنت الحارث:27
حبي بنت هرم:26
حبيب بن أبي ثابت:257
حبيب بن عمار:79،78
حبيب بن مسلمة الفهري:550، 555
حبيبة-أمة اللّه بنت عيد ياليل:27
الحجاج بن بشير:317،308
الحجاج بن دينار:141
الحجاج بن القاسم:138
الحجاج بن يوسف:234
حجر بن عدي:83،69،47
حدية بنت وهب:26
الحر بن يزيد:112،111
الحريش بن عبد الرحمن الشيباني:146
حرب:78
حرب بن عبد اللّه-جند بن عبد اللّه:64
حرملة بن كاهل الأسدي:93
حريث بن أبي الجهم:146
حريث بن جابر الحنفي:39
الحسحاس الأسدي:149
الحسن بن أبي الطاهر:560
الحسن بن إسحاق بن الحسين بن علي ابن أبي طالب:423
الحسن البصري:318،248
الحسن بن جعفر بن جعفر بن الحسن:
174
الحسن بن جعفر بن الحسن بن علي المعروف بأبي رواح:563
الحسن الحاجب:378
الحسن بن الحسن الأفطس:435
الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب:163،162،130، 172،171،169،167، 219،192،182،176،173
الحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
442،422،230
الحسن بن زياد اللؤلؤي:401
الحسن بن زيد التميمي:148
الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب:271،250،245، 558،340،339،301، 564،562،559
الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد:490
ص: 601
الحسن بن سعد:142
الحسن بن سهل:430،429، 437،436،433،432، 454،446،441
الحسن بن صالح بن حي:259، 351،350،348،345، 358،357،353
حسن بن علي(شقيق صاحب فخ):
370
الحسن بن علي بن أبي طالب:38، 60،59،57،54،52،49، 68،66،64،63،62،61، 75،74،73،72،71،69، 81،80،79،78،77،76، 114،94،84،83،82، 538،397،183،168،116
الحسن بن علي الباذغيسي:445
الحسن بن علي المأموني:445،436
الحسن بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
559،359
الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين:559
الحسن بن محمد بن الحسن المثنى بن الحسن السبط:384
الحسن بن محمد بن زيد بن عيسى:
538
الحسن بن محمد بن عبد اللّه الأشتر:
552
الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن:
374،373،369،365، 380،379
الحسن بن معاوية:262،245،157
الحسن بن موسى بن جعفر:562
الحسن بن هذيل:442،430
الحسن بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن:526،524
الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن:539
الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل:
558،490
الحسين بن إسماعيل:508،507، 509
الحسين الحرون:522
الحسن بن الحسن الأفطس:439
الحسين بن الحسين بن زيد بن علي:
547
الحسين بن الحسين بن محمد سليمان:
561،556
الحسين بن زيد بن علي:331،245، 490،366،344،333
الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:
412
الحسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن العباس:154
الحسين بن علي المعروف بأبي البط:
438
الحسين بن علي بن أبي طالب:39،
ص: 602
98،94،86،85،84،81، 112،111،110،100،99، 117،116،115،114، 122،121،119،118، 168،167،132،127، 320،240،182،169 507،443،427،333
الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(صاحب فخ):
369،368،364،342، 373،372،371،370،
378،377،376،375، 384،383،382،379، 431،410،404،385
الحسين بن علي بن الحسين:230
الحسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل:555
الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:521
الحسين بن محمد بن حمزة بن القاسم:
530
الحسين بن محمد بن يوسف:564
الحسين بن نوح:466
الحسين بن يقطين:378
الحسين بن يوسف:563
حصين بن تميم:105
الحصين بن الحمام:119
الحظيا-ريطة الصغرى:58
حفص بن غياث:401
الحكم بن الحصين:325
الحكم بن الصلت:134،133، 138
الحكم بن موسى بن سلمة:319
الحكم بن يزيد:146
حكيم بن الطفيل الطائي:90
حلية(أم مسلم بن عقيل):85
حماد التركي:441،379
حماد بن عمرو:150،149
حماد الكندغوش:445
حمادة بنت معاوية:412،265
حمدونة بنت عيسى بن موسى:483، 484
حمدويه بن علي بن عيسى:423
حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:340
حمزة التركي:311
حمزة بن الحسن بن محمد جعفر:537
حمزة بن عبد اللّه بن محمد:245
حمزة بن عبد المطلب:41،36،34، 239،116
حمزة بن عطاء البرني:306
حمزة بن عيسى بن محمد بن القاسم:
538
حميد بن القاسم:288
حميد بن قحطبة:238،237،236
حميدة:413
حميدة بنت عتبة:97
حنبص:328
حنظلة بن الفرزدق:317
ص: 603
حوشب:164
حيدرة-علي بن أبي طالب:40،39
حي بن أخطب:393
(خ)
خارجة بن أبي حبيبة:44
الخارجي-محمد بن يسير:208
خازم بن خزيمة:283،282،281، 284
خاقان:391،390
خالد بن إبراهيم-أبو داود البكري:
150
خالد بن الأزهر:496
خالد البربري:376
خالد بن جعفر بن كلاب:322
خالد بن الصمة:262
خالد بن طرشت:496
خالد بن العاص:406
خالد بن عبد اللّه القسري:130
خالد بن عبد اللّه الواسطي:323
خالد بن عرفطة:79،78
خالد بن عمران:507
خالد بن الوليد:118،51،36،31
خالص:361
خبطة بن الفرزدق:317
الخجستاني:559
خديجة بنت إبراهيم:411
خديجة بنت خويلد:59،58،57، 198،191،78
خديجة بنت عبد اللّه:439
خديجة بنت علي:124
خديجة بنت محمد بن طليب بن أزهر:
206
خراش بن حوشب:139
خريم بن عثمان:281
خصيب الوابشي:349
خصي الأنصاري-قيس بن سعد بن عبادة:79
خليدة بنت المعارك:269
خليفة بن حسان الكيال:311،306
خمارويه بن أحمد بن طولون:536
خناس:322
الخوصا بنت الثغرية:97
الخوصا بنت حفصة:123،96،95
خولى بن يزيد الأصبحي:118،88
(د)
داود بن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن:
560
داود بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى:
560
داود بن الحسن:174
داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس:
219،189،130
داود بن القاسم الجعفري:547،509
داود بن المبارك الهمداني:328
داود بن محمد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه:
557
داود بن موسى الحسني:561
دريد بن الصمة:321،262
ص: 604
دعبل بن علي بن الخزاعي:121، 459،458
دقدق-عبد اللّه بن محمد:151
الدنيبة بنت عوف:206
الديباج-محمد بن عبد اللّه بن الحسن:
167
الديباج الأصفر-محمد بن إبراهيم بن الحسن:181
الديزج:518،478
دينار الخزاعي:377
(ذ)
ذبيح بن أبي عبيدة:388
ذرعة بن شريك:118
ذلفاء:487
ذو الرأسين-حشيش بن أبي عاصم:
88
(ر)
راشد:409،408،407
رافع بن الليث:540
الرباب بنت إمرئ القيس:94
الرباب بنت حارثة:94
ربيحة بنت محمد:180
الربيع بن سليمان:337
الربيع بن يونس:197،192، 336،301،298،233، 472،355،353
ربيعة بن عبد اللّه بن عطاء:251
رخية:204
ردينة:517
رزا بنت وهب بن ثعلبة:206
رزام مولى القسري:232
رسول اللّه:366،360،347
الرشيد:360،359،338، 392،391،390،387، 396،395،394،393، 400،399،398،397، 405،404،403،401، 413،410،408،407، 417،416،415،414، 461،446،420،418، 495،494،493،492،471
الرضا-علي بن موسى بن جعفر:
500،498،464،428
رقية بنت عبد اللّه بن عمرو:167
رقية بنت علي بن أبي طالب:98
رقية بنت عيسى بن زيد:490
رملة بنت سعد بن زيد:181
روح بن الحجاج:442،435
رياح بن عثمان:195،178،175، 205،200،196،194، 232،231،230،229، 335،334،253،244،243
الريان بن سلمة البلوي:176،133
ريطة بنت أبي هاشم:145
ريطة بنت الحارث بن نوفل:145
ريطة بنت عبيد اللّه بن عبد المدان:208
ريطة الصغرى بنت كعب:58
ريطة بنت يسار:27
ص: 605
(ز)
زاد الراكب أبو أم سلمة:180
زبيد الإمامي:141
زبيد:257
الزبير بن بلال:181
زهرة بن سليم:138
الزهري:138
زهير بن المسيب:433،432،430
زياد بن أبيه:194،83
زياد بن سوار:554
زياد بن صعصعة التيمي:70
زياد بن عبد الرحمن الجعفي:118
زياد بن عبد اللّه:191
زياد بن المنذر-أبو الجارود:133، 465
زياد الهندي:138
زيد بن أرقم:30
زيد بن حارثة:31،30
زيد بن الحسن بن زيد:245
زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
119
زيد بن الحسين بن الحسين بن زيد:
547،546
زيد بن رقاد:90
زيد بن علي بن الحسين بن علي:124، 304،258،126،125، 349،343،321،306، 465،350
زيد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
358،355
زيد بن عيسى بن عبد اللّه بن أبي مسلم:
556
زيد بن محمد بن زيد:542
زيد بن موسى بن جعفر:436،435
زيد النار-زيد بن موسى:436
زينب بنت أم سلمه:55
زينب بنت الحسين بن الحسن:553
زينب بنت سليمان:379
زينب بنت عبد اللّه:240،174، 364،242
زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالب:
120،119،116،115،95
زينب بنت موسى بن عمر:461
السائب:79
سابق:146
سالم بن غالب القمي:284،283
سديف بن ميمون:399،272
سرحان بن نوح العنبري:148
السري بن عبد اللّه:381
السري بن منصور-أبو السرايا:426
سعد بن إبراهيم:130
سعد بن أبي وقاص:80،60
سعد الضبابي:509،507
سعد بن مسعود الثقفي:72
سعيد بن جعدة:233
سعيد الحاجب:539،531،526
سعيد بن حميد:489،488
سعيد بن خيثم:382
ص: 606
سعيد بن العاص:83،81
سعيد بن قيس الهمداني:71،69
سعيد بن محمد الأنصاري:558
السفاح:227،226،207،157
سفنجا:270
سفيان بن أبي أمية:55
سفيان بن معاوية:278،276
سفيان الثوري:257،184،142، 351،350،328
سفيان مولى دواس(طبيب)137
السقا-العباس علي:89
سكينة بنت الحسين:119،94، 167،133
سلام بن أبي واصل الحذاء:304، 311،307،306،305
سلامة(أم المنصور)253،235
سلم بن أحور:149
سلم بن أسلم الجهني:215
سلم بن قتيبة:295
سلمى بنت سعد بن كعب:58
سلمى بنت عامر:27
سلمى بنت عميس:36
سلمة بن كهيل:257
سلمى بنت لؤي بن غالب:58
سلمان الفارسي:60
سليم بن ثمامة الحنفي:303
سليم بن سلام الحنفي:109
سليم(غلام)عمرو بن حريث:108
سليمان(عليه السلام):450،301
سليمان بن أبي جعفر:378،377
سليمان بن بشر السلمي:554
سليمان بن جرير الجزري:407، 408
سليمان بن حيان-أبو خالد الأحمر:
305
سليمان بن داود بن الحسن:174، 177
سليمان بن سراقة البارقي:132
سليمان بن صرد:99
سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
382،378،375،365،338
سليمان بن عبد الملك:124
سليمان بن علي:189
سليمان بن علي بن القاسم بن محمد بن يوسف:560
سليمان بن قتة:96،95،92،84، 121
سليمان بن كيسان:137
سليمان بن مهران-الأعمش:314
سليمان بن هشام:157
سنان بن أنس النخعي:118
السندي بن شاهك:417،416، 436
سهل بن الصغدي:509
سهل بن عامر البجلي:404
سوار بن عبد اللّه:319،304
سورة بن محمد الكندي:150،149
سيار:432،426
السيلق-محمد بن الحسن:440
ص: 607
(ش)
الشاة بن المكيال:528
الشافعي:313
شبث بن الربعي:99
شبيب بن بجرة:46
شبيب بن شيبة:271
الشريف الرضي:23
شريك بن الأعور:101،100،99، 102
الشعباني:202
شعبة بن الحجاج:323،313
الشماخ:408
شمر بن ذي الجوشن الضبابي:114، 118،116
الشميطي:354
الشيخ المفيد:184
(ص)
صاحب طبرستان-محمد بن زيد بن محمد:542
صالح(صاحب المصلي):436
صالح(مولى المنصور):302
صالح المروزي:314
صالح بن علي:504،227،185
صالح بن محمد بن جعفر بن إبراهيم:
563،561
صالح بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر:
262،237،157
صالح بن موسى بن عبد اللّه:561،
صالح بن وهب اليزني:118
صالح بن يزداد:286
صباح الزعفراني:355،347، 492،356
صخر:78
صدام:132
صريح قريش-محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن:215،211
صعصعة بن صوحان:50
الصفار:558،538
صفية بنت عبد المطلب:398
صفية بنت موسى بن عمر:464، 465
صلاب التركي:537
الصوفي-محمد بن القاسم بن علي:
464
(ض)
الضحاك بن عثمان:252
ضرار بن الخطاب:320
(ط)
طارق الخزاعي:64
طالب بن أبي طالب:41،25
طاهر:532
طاهر بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن زيد:529
طاهر بن الحسين:436
طاهر بن عبد اللّه:526
طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر:
551
ص: 608
طاوس-أبو عبد اللّه بن طاوس:211، 213
طباطبا-إبراهيم بن إسماعيل:180
الطرماح بن حكيم الطائي:502
طلحة بن عبيد اللّه:554
الطهوي:279،275
الطوسي:233
طوعة:104
(ظ)
ظبيان بن عمارة:72
(ع)
عائشة:87،82،55
عائشة بنت طلحة الجود:180،179
عائشة بنت محمد بن عبد اللّه:342
عاتكة بنت أبي همهمة:27
عاتكة بنت الفضل بن عبد الرحمن:
492
عاتكة بنت عبد شمس:87
عاتكة بنت عبد العزي بن قصى:58
عاتكة بنت عبد الملك:339،338، 406،365
عاتكة بنت مخلد:58
عاصم بن عامر:435
عاصم بن عبيد اللّه العمري:125
عاصم بن علي:311
عامر بن ضبارة:158،157
عامر بن عباد بن العوام:325
عامر بن كثير السراج:329،311، 383
عامر بن كلاب:87
عامر بن نهشل:96
عباد بن العوام:311،310،308، 315،312
عباد بن منصور:326،319
عبادة بن يعقوب الرواجني:465، 473
عبادة بن مالك:30
عبادة المخنث:480
العباس بن إسحاق بن إبراهيم:500
العباس بن جعدة الجدلي:103
العباس بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
180،179
العباس بن سعد المزني:135،133، 138،137،136
العباس بن سلم:276
العباس الطبطبي:438
العباس بن عبد المطلب:41،36، 228
العباس بن عثمان المري:244،232 العباس بن علي:89،88،87،85، 118،117،113،90
العباس بن علي بن ريطة:461
العباس بن المأمون:455
العباس بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:377، 563،416،413،379،378
العباس بن محمد بن عيسى:435
عبد ثقيف:48
ص: 609
عبد الجبار بن سعيد:456
عبد الحميد بن جعفر:236،230، 251،250
عبد الحميد الرؤاسي:138
عبد الحميد بن سنان بن سلمة:319
عبد الحميد بن لاحق:287
عبد ربه بن علقمة:405،351
عبد ربه بن يزيد:318
عبد الرحمن(خليفة أبي الساج):
531،525
عبد الرحمن بن أبي ليلى:140
عبد الرحمن بن أبي الموالي:180، 259،253
عبد الرحمن بن عبد اللّه بن جعال الأزدي:72
عبد الرحمن بن عزيز:103
عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب:96
عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث:
105
عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه بن عيسى:554
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن جعفر:564
عبد الرحمن بن مسعود:165
عبد الرحمن بن ملجم:44
عبد الشعراني:468
عبد العزيز بن أبي دلف:537
عبد العزيز بن عبد اللّه(من ولد عمر):372
عبد العزيز بن عبد اللّه بن عطاء:251
عبد العزيز بن عمران الزهري:186
عبد العزيز بن محمد الداروردي:
251،249
عبد العزيز بن المطلب:260،248
عبد اللّه بن إبراهيم بن الحسين:491
عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:375،365، 382،378
عبد اللّه بن إسحاق بن الحسن:382
عبد اللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد:490
عبد اللّه بن بشير:457
عبد اللّه بن جعفر:263،82
عبد اللّه بن جعفر:350
عبد اللّه بن جعفر المدائني:306
عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:453
عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن:213
عبد اللّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور:260،248
عبد اللّه بن جعفر بن محمد:223، 245،244
عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:375
عبد اللّه بن حازم:495
عبد اللّه بن الحارث بن نوفل:124
عبد اللّه بن الحسن بن الحسن-ابن الأفطس:446
ص: 610
عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:178
عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:163،162،126،94، 167،166،165،164، 171،170،169،168، 178،177،176،172، 186،185،184،182، 193،192،191،190، 198،197،196،194، 202،201،200،199، 213،209،208،203، 220،219،218،217، 227،226،225،221، 254،252،229،228، 349،270،269،262،258
عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب:93
عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن أبي طالب:411،410،409
عبد اللّه بن الحسن الأفطس:375
عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:473
عبد اللّه بن الحسين بن أبي طالب:94، 121
عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين:
260
عبد اللّه بن الخطل:72
عبد اللّه بن داود بن الحسن:174
عبد اللّه بن داود بن موسى بن عبد اللّه:
561
عبد اللّه بن رواحة:31،30
عبد اللّه بن الزبعري:119
عبد اللّه بن الزّبير:397،111،110
عبد اللّه بن الزّبير الأسدي:110
عبد اللّه بن زيدان البجلي:511
عبد اللّه بن الصمة:262
عبد اللّه بن طاهر:465،464، 469،468،467،466، 506،490،471،470
عبد اللّه بن طاوس:211
عبد اللّه بن عامر:74
عبد اللّه بن عامر الأسلمي:251، 261
عبد اللّه بن عامر بن كريز:554،540
عبد اللّه بن العباس:71،63،54، 397،110،88،73
عبد اللّه بن العباس التميمي:155
عبد اللّه بن العباس المنتوف الهمداني:
133
عبد اللّه بن العباس بن محمد:379
عبد اللّه بن عبد الحميد العمري:556
عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن العباس:
219
عبد اللّه بن عبد العزيز:530
عبد اللّه بن عبد اللّه بن عطاء:251
عبد اللّه بن عبد المدان:208
عبد اللّه بن عبد الملك بن مروان:
210،209
ص: 611
عبد اللّه بن عزيز:532،531،525
عبد اللّه بن عطاء:260،251
عبد اللّه بن عقبة الغنوي:92
عبد اللّه الأكبر بن عقيل بن أبي طالب:
97
عبد اللّه بن علي:233،219،77، 234
عبد اللّه بن علي بن أبي طالب:88،87
عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه العلوي:
223
عبد اللّه بن عمر(والي الكوفة):156
عبد اللّه بن عمر بن أبي ذئب:247
عبد اللّه بن عمر العمري:254
عبد اللّه بن عمرو بن عثمان:167، 183،182
عبد اللّه بن عوف بن الأحمر:134
عبد اللّه بن قطنة:95
عبد اللّه بن قيس بن عباد:149،148
عبد اللّه الأشتر بن محمد:269،268، 271
عبد اللّه بن محمد بن الحنفية:154
عبد اللّه بن محمد بن داود الهاشمي:
480
عبد اللّه بن محمد بن سليمان:552
عبد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه:564
عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب:
526،123
عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:151
عبد اللّه بن محمد بن مسعدة:268
عبد اللّه بن محمد بن يوسف بن إبراهيم:
533
عبد اللّه بن محمود:507
عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب:98
عبد اللّه بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب:151
عبد اللّه بن مصعب الزبيري:251، 396،395،267،252، 401،400،399،398،397
عبد اللّه بن معاوية بن أبي سفيان:44
عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن علي بن أبي طالب:140، 153،152،151،147، 159،158،157،156،155
عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن،بن الحسن بن علي بن أبي طالب:425،336،335، 540،501،500،498
عبد اللّه بن نصر بن حمزة:507،137
عبد اللّه بن يحيى بن الحصين:275، 277
عبد اللّه بن يزيد بن هرمز:248
عبد الملك بن عطية السعدي:228
عبد الملك بن عقبة:229
عبد الملك بن مروان:526،208
عبد الواحد بن أبي عون:254،251
عبد الواحد بن زياد:294،275، 309،296
ص: 612
عبد الوهاب بن يحيى:220
عبد يغوث بن الصمة:262
عبد يغوث بن حرب:266
عبدوس بن عبد الصمد:446،433
عبدوس بن محمد:433
عبدوية بن كردام:282
عبيد اللّه بن العباس:89،72،36، 135
عبيد اللّه بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين:558
عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن أبي طالب:159
عبيد اللّه بن زياد:102،101،100، 112،111،108،103، 118،113
عبيد اللّه بن العباس السلمي:107
عبيد اللّه بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:96
عبيد اللّه بن علي:92
عبيد اللّه بن علي بن أبي طالب:123
عبيد اللّه بن علي بن عيسى بن يحيى:
537
عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب:37، 257،38
عبيد اللّه بن الوضاح:443
عبيد اللّه بن كثير:103
عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان:478، 488
عتيبة بن الحارث:266
عتيق بن عائذ:58
عثمان بن حنيف:536
عثمان بن خالد:97،96
عثمان بن شيبة:447
عثمان الطويل:318
عثمان بن عبد الرحمن المخزومي:257
عثمان بن عبد اللّه بن عطاء:251
عثمان بن عفان:110،87،81، 555،550،540،392
عثمان بن علي بن أبي طالب:89
عثمان بن عمرو التيمي:189
عثمان بن عمير:142
عثمان بن محمد بن خالد:248، 260،252
عثمان بن مظعون:89
العثماني-محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان:202،201
عدى بن حاتم:70
العذافر الصيرفي:380
العرجى:167
العرقة-قلابة بنت سعيد:57
عروة بن عبد اللّه الخثعمي:97
عصب بن القاسم:281
عطاء بن عبد اللّه بن عطاء:251
عفو اللّه بن سفيان:281
عفو اللّه بن سليمان:274
عقبة بن بشر:95
عقبة بن سلم:237،192،189
عقبة الغنوي:92
الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد اللّه:
558
ص: 613
عقيل بن أبي طالب:41،26
عقيل بن عبد اللّه بن عقيل:98
عقيل بن معقل:147
العقيلة-زينب بنت علي:95
العلاء بن راشد:325،308
علي بن إبراهيم العلوي:551
علي بن إبراهيم بن الحسن بن علي:
537،382
علي بن إبراهيم بن عبد اللّه:261
علي بن أبي سعيد:441،423
علي بن أبي طالب:29،28،26، 39،38،37،36،34،32، 46،45،44،42،41،40، 54،51،50،49،48،47، 61،59،57،56،55، 78،76،73،69،65،63، 113،91،87،85،79، 146،125،122،116، 207،196،182،158، 241،233،231،214، 397،333،325،320، 465،452،443،413، 551،536
علي بن إدريس بن محمد بن جعفر:
560
علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد:
415
علي بن الجهم:480
علي بن جعفر:440،438
علي بن جعفر بن محمد بن علي:436
علي بن جعفر بن هارون بن إسحاق:
540
علي بن حرملة:312
علي بن الحسن بن إسماعيل:524
علي بن الحسن بن الحسن:174، 202،178،177،176،175
علي بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب:339،245
علي بن الحسن بن علي بن عمر:472
علي بن الحسين(الأكبر):86،85، 115،113،112،93،87، 124،120،119،116، 333،128
علي بن الحسين بن إسماعيل بن العباس:504
علي بن الحسين بن زيد:440
علي بن الحسين بن عيسى:440
علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:529،528
علي بن سابق القلانسي:380
علي بن صالح بن حي:351،259، 353
علي بن العباس الرومي:511
علي بن العباس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:342
علي بن عبد اللّه بن العباس:397
علي بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن
ص: 614
محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:423
علي بن عبيد اللّه بن الحسين:425، 434،428
علي بن عقيل:98
علي بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم:
552
علي بن عمر بن علي:230،222
علي بن محمد(صاحب البصرة):543
علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد:
539
علي بن محمد بن جعفر المعروف بالبصرى:443
علي بن محمد بن جعفر العلوي:519
علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي:439
علي بن محمد الصوفي:509
علي بن محمد بن زيد بن الحسين:561
علي بن محمد بن عبد اللّه الفأفاء:563
علي بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
259،181
علي بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر:546
علي بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن محمد:556
علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين:476
علي بن محمد بن الفرات:551
علي بن معاوية:157
علي بن موسى بن إسماعيل بن موسى:
532،526
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:454،453،440، 458،457،456،455، 460،459
علي بن موسى بن عبد اللّه بن موسى:
540
علي بن موسى بن علي بن علي بن محمد:
553
علي بن موسى بن محمد بن القاسم:
532
علي بن موسى بن محمد:564
علي بن هشام بن البريد:382
عمارة:144
عمارة بن حمزة:153
عمارة بن حمزة بن عبد المطلب:36
عمارة بن عقبة:108
عمر بن أبي ربيعة:406
عمر بن إسحاق بن الحسن:382
عمر بن حريث:135
عمر بن الحسن:119
عمر بن الحسن بن علي بن الحسن:
375
عمر بن حفص:271،269
عمر بن الخطاب:372،255،67، 540،455،392
عمر بن سلمة الهجيمي:279،275
ص: 615
عمر بن سهل:157
عمر بن عبد الرحمن:134
عمر بن عبد العزيز:210،169
عمر بن عبد العزيز بن عبد اللّه:372
عمر بن علي بن أبي طالب:124،89، 531،509
عمر بن عون:327
عمر بن الفرج الرّخجي:479، 506،491
عمر بن محمد:195
عمر بن مروان:318
عمر بن هبيرة:146
عمران بن حطان:51
عمران بن داود-أبو العوام القطان:
318
عمران بن شبيب بن سلمة:319
عمرة بنت الطفيل:87
عمرو بن براقة الهمداني:129
عمرو بن بكر التميمي:44
عمرو بن الحجاج:117
عمرو بن الحريث:108
عمرو بن زرارة:150،149،148
عمرو بن سعيد:142
عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي:93
عمرو بن شداد:285،284
عمرو بن صبيح:98
عمرو بن العاص:74،45،44
عمرو بن عامر:97
عمرو بن عبد العزى:26
عمرو بن عبد اللّه الهمداني-أبو إسحاق السبيعي:61
عمرو بن عبيد:327،257،187
عمرو بن عثمان بن مالك الجهني:205
عمرو بن منيع:476
عميرة بنت قيس:91
عناق بنت عصام:91
العوام بن حوشب:316،308
عون بن جعفر بن أبي طالب:152
عون الأصغر بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:122،95
عويف القوافي:322
عيسى بن إبراهيم:296
عيسى بن إسحاق السبيعي:305
عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:
531،525
عيسى بن جعفر بن المنصور:415
عيسى الرواوزدي:497
عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:244،237، 295،289،260،245، 342،319،317،299، 347،345،344،343، 352،351،350،349، 356،355،354،353، 361،360،359،358،357
عيسى(صاحب بريد أصبهان):497
عيسى بن عبد اللّه النوفلي:418
عيسى بن عبد اللّه بن الحسن:264
ص: 616
عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر:
384
عيسى بن علي:253،233،157، 557،336
عيسى بن علي بن الحسين:249
عيسى بن ماهان:150
عيسى بن محمد:339
عيسى بن محمد المخزومي:532،524
عيسى بن مريم:62
عيسى بن موسى:236،235،159، 242،241،240،237، 296،263،250،247، 315،303،299،297، 346،344،319،316
عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي:
483،482
عيسى(مولى عنزة):150
عيسى بن يزيد الجلودي:441،423
(غ)
غالب بن عثمان الهمداني:203،
330،329،265،204
الغامدي:41
غسان بن الفرج:445
غسان بن معاوية:264
غنى بن أعصر:266
(ف)
فاخته بنت فليج بن المنذر بن الزبير:
204
فاطمة-أم عبد اللّه بن الحسين:209
فاطمة-حبي بنت هرم:26
فاطمة بنت أسد:28،27،26، 39،29
فاطمة بنت إسماعيل بن إبراهيم:533
فاطمة بنت جعفر بن كلاب:87
فاطمة بنت الحسين:166،120، 182،172،171،167، 198،195،191،183، 262،210
فاطمة بنت الرسول:57،40،24، 95،84،82،81،78،59، 169،167،136،113، 439،198،191،177
فاطمة بنت زائدة:57
فاطمة بنت سليمان بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد اللّه:525
فاطمة بنت عبيد اللّه:27
فاطمة بنت عتبة:248
فاطمة بنت علي بن أبي طالب:213، 379،214
فاطمة بنت علي بن جعفر:422
فاطمة بنت محمد بن إبراهيم بن إسماعيل:553
فاطمة بنت محمد بن عبد اللّه:242
الفتح بن خاقان:509،487
الفرزدق:271،50
فضالة:395
الفضل بن الربيع:399،396، 493،492،416،414
ص: 617
الفضل بن سهل:455،454،446
الفضل بن العباس:36
فضل بن العباس بن عبد الرحمن:143
الفضل بن العباس بن عيسى:429
الفضل بن عبد الرحمن بن العباس:
225
الفضل بن يحيى:392،390، 417،411،410
الفضل(مولى لعبد القيس):147
فطر بن خليفة:305
فلانة بنت مخزوم:27
(ق)
القاسم بن إبراهيم:450،449
القاسم بن أحمد بن عبد اللّه بن القاسم:
555
القاسم بن إسحاق:263،245
القاسم بن الحسن بن زيد:236، 242
القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب:93،92
القاسم بن زيد بن الحسن بن عيسى:
553
القاسم بن زيد بن الحسين:564
القاسم بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:491
القاسم بن عبد اللّه بن عمرو:167
القاسم بن علي بن عمر:492
القاسم بن عمر التبعي:133
القاسم بن كثير بن يحيى:133
القاسم بن مسلم السلمي:258
القاسم بن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم:554
قتة:84
قتيله:78
قثم بن العباس:36
قدامة بن موسى:175
قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم:206
القرمطي:547،546
قريبة بنت عبد اللّه:388
قريبة بنت يزيد بن عبد اللّه بن زمعه بن الأسود:206
قريش بن الحريش:147
قطام:50
قطام بنت الأخضر:46
قطبه بن قتادة:30
القثعم:118
قلابة بنت سعيد:57
قمر بني هاشم-العباس بن علي:89
قنبر:47
قيس بن الربيع:143
قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري:
79،75،74،73،71،70
قيس بن الصمة:262
قيس صاحب شرطة عبد اللّه بن معاوية:
153
قيلة بنت حذافة:58
ص: 618
(ك)
كبشة بنت عروة الرجال:87
كثير بن حصين:237
كثير بن شهاب:104
كعب بن جعيل:39
كعب بن عمرو الأنصاري:73
كعب بن مالك:32
كعبوية:284
كعب البقر-محمد بن أحمد بن عيسى المنصور:524
كليبة بنت قصيه-كلة بنت حصين:27
الكميت بن زيد:90
الكوكبي-الحسين بن أحمد بن محمد:
558،529،526،490
كيغلغ:529
(ل)
لبابة أم الفضل أخت ميمونة:36
لبابة بنت محمد بن إبراهيم بن الحسن:
529
لبطة بن الفرزدق:316
لقيط بن أياس الجهني:97
لقيط بن ياسر:98
ليلى بنت أبي مرة:86
ليلى بنت عابس بن الظرب:58
ليلى بنت عامر الخيار:58
ليلى بنت محارب:58
ليلى بنت مسعود:123،91
(م)
مارية بنت حذافة:58
مارية بنت سعد:58
مالك بن أنس:261،249،246، 440،401،389
مالك بن الصحصح:39
مالك بن عمرو التبعي:39
مؤرخ السدوس:512
مؤمل بن إسماعيل:328
المأمون:436،423،422،421، 454،453،446،441، 458،457،456،455، 500،498،480،461،460
مبارك التركي:379،378،377
المتوكل:478،476،472،464، 486،482،480،479، 492،490،488،487، 506،501،500
محارب بن موسى:156
المحسن بن جعفر بن علي بن محمد:
550
محمد بن إبراهيم:422،181، 493،449،448
محمد بن إبراهيم الامام:339
محمد بن إبراهيم بن اسماعيل:424، 429،428،426،425، 434،430
محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:181
محمد بن إبراهيم بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى:562
ص: 619
محمد بن إبراهيم(صاحب السرايا):
383
محمد بن أبي بكر:37
محمد بن أبي سعيد الأحول بن عقيل بن أبي طالب:98
محمد بن أبي العباس:237،236، 298،276
محمد بن أبي ليلى:142
محمد بن أحمد الأصبهاني:547
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل:
561
محمد بن أحمد بن أحمد بن علي الحسني:
563
محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم:555
محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى:
553
محمد بن أحمد بن عيسى المنصور:
532،524
محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي:539،526
محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل:
564
محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن:
537
محمد بن أحمد بن المنصور:533
محمد بن إسماعيل:441
محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد اللّه:
437
محمد بن الأشعث:107،106،105
محمد الأمين الخليفة:420،358
محمد بن أيوب الرافقي:125
محمد بن جعفر بن أبي طالب:35، 38،37
محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:522
محمد بن جعفر بن الحسن بن موسى:
562،561
محمد بن جعفر بن محمد بن إبراهيم:
562،555
محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
440،439،438،140، 476،458،455،441
محمد بن الحسن:203
محمد بن الحسن«المعروف بالسيلق»:
440
محمد بن الحسن صاحب أبي يوسف:
401
محمد بن الحسن بن جعفر بن موسى:
561
محمد بن الحسن بن علي بن عبيد اللّه:
538
محمد بن الحسن بن مسعود الذرفي:
531
محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم:
530
محمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
ص: 620
طالب:423
محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم:532
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن:538
محمد بن الحصين:280
محمد بن حفص بن راشد:377
محمد بن حمزة بن عبيد اللّه بن العباس:
548
محمد بن حمزة بن يحيى بن الحسين:
559
محمد بن الحنفية:522،128،48
محمد بن داود بن موسى بن عبد اللّه:
561
محمد رسول اللّه:395،375،366
محمد بن الرشيد:415
محمد بن زيد بن علي بن الحسين:
331،236
محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل:
559،558،542
محمد بن سعد الكناني:56
محمد بن سليمان بن داود:294، 336،335،309،304، 440،379،378
محمد الشعراني:470
محمد بن صالح بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:482،480، 488،487،486،484، 490،489
محمد بن طاهر:525
محمد بن طفج الأخشيدي:548
محمد بن عبد العزيز:231
محمد بن عبد اللّه الأرقط بن علي:186
محمد بن عبد اللّه الجعفري:236
محمد بن عبد اللّه بن اسماعيل بن إبراهيم:531
محمد بن عبد اللّه بن الأفطس:461
محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب:95
محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد:
540
محمد بن عبد اللّه بن الحسن:162، 166،165،164،163، 186،185،184،173، 190،189،188،187، 194،193،192،191، 206،205،200،199، 211،210،209،207، 215،214،213،212، 219،218،217،216، 223،222،221،220، 227،226،225،224، 231،230،229،228، 236،235،234،232، 240،239،238،237، 245،244،243،242، 271،269،262،255، 317،275،274،273، 337،335،331،321،
ص: 621
349،345،344،343، 395،373،367،364،350
محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن جعفر:553
محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب:461
محمد بن عبد اللّه بن زيد بن عبيد اللّه:
540
محمد بن عبد اللّه بن طاهر:507، 520،519،510،509
محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان:
227
محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان:184،182،178، 198،197،195،185
محمد بن عبد اللّه بن فاطمة بنت الرسول:202
محمد بن عبد اللّه بن محمد بن القاسم:
543
محمد بن عبيد اللّه الحسني:507
محمد بن عجلان:257،248
محمد بن عطية:286
محمد بن عقيل:98
محمد بن علي:85
محمد بن علي«والد السفاح»:208
محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن:546
محمد بن علي بن أبي طالب«الأصغر»:
90
محمد بن علي بن إسحاق بن جعفر:
557
محمد بن علي بن حمزة العلوي:547
محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس:
123
محمد بن علي بن القاسم بن محمد:
560
محمد بن عمر:132
محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب:
131،130
محمد بن الفرات:129
محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن:
529
محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:466،465،464، 470،469،468،467، 473،472،471
محمد بن القاسم بن مهروية:502
محمد بن محمد:449
محمد بن محمد(صاحب أبي السرايا):
422
محمد بن محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسن:490
محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
443،436،435،434، 447،446،445،444
محمد بن مسلم بن عقيل:97
محمد بن المنصور المرادي:539
ص: 622
محمد بن ميكال:536،476
محمد بن هارون:542
محمد بن هشام بن عمرو التغلبي:165
محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:411
محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى:
531
محمد بن يحيى بن محمد بن علي:562
محمد بن يسير الخارجي:208
محمد بن يزيد:299،278
محمد بن يعقوب بن عيينة:254
المختار بن أبي عبيدة:123،92، 124
مخول بن إبراهيم النهدي:405
المدائني:92،83،82
مرة بن منقذ العبدي:115
المرجى-علي بن جعفر بن إسحاق:
245
مرحب اليهودي:39
مروان بن أبي حفصة:409،394، 480
مروان بن الحكم:90،82،81
مروان الحمار-مروان بن محمد:157، 228،227،219،158، 233،229
مزاحم بن خاقان:521
مسافر الطائي:449
المستعين:526،521،510،509
مسرف بن عقبة:123،122
مسرور:411،400،395،392، 472،465،464،416
مسعر بن كرام:314،310
المسعودي:37
مسلم بن سعيد:311،310
مسلم بن عقبة-مسرف بن عقبة:122
مسلم بن عقيل:100،99،86، 107،105،103،102،101
مسلم بن عمر الباهلي:107،99
مسلم بن عوسجة الأسدي:100، 103
مسلم بن قتيبة:235،218
مسلم بن نوفل:91
مسمع بن عبد الملك:235
مسعود المورياني:288
المسيب:437
المسيب بن إبراهيم:191
المسيب بن نجية:122،99
المسيح عيسى بن مريم:343
مصعب بن أبي ثابت:400
مصعب بن الزبير:244،123
مصعب بن ثابت:251
المضاء:296،279،275
مطر(صاحب الحمام):218،182
مطرف بن داود بن محمد:563
مطبع بن أياس:153
معاذ بن عون اللّه:274
معاذ بن نصر العنبري:325
معاوية بن أبي سفيان:54،44،39، 64،63،62،60،59،56، 71،70،69،68،66،65،
ص: 623
77،76،75،74،73،72، 152،86،81،80،79،78، 550،397،266
معاوية بن إسحاق:135،132، 138،137
معاوية بن هشيم:324،317،308
معبد بن العباس:36
المعتز:539،526،524،521
المعتصم:469،465،464،461، 480،476،472،471،470
المعتضد:542
المعتمد:535
معقر بن أوس:303
معقل بن قيس الرياحي:70
معقل مولى ابن زياد:102،100
معمر بن خيثم:138
معن بن زائدة:309
المعيال:553
المغلس بن زياد:149
المغيرة:288،282،275
المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب:48
المغيرة بن سعد:392
المغيرة بن الفرع:283،280،275
المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب:70
المفضل الضبي:322،292،291، 326،324
المقتدر باللّه:550،291
الكنفي:546
منارة:378
المنذر بن عمرو بن الجارود:99
المنذر بن محمد:250
المنذر بن محمد بن الزبير:245
المنتصر:504،489،479
منصور بن الزبرقان النمري،427
منصور بن زيان:169
منصور بن المعتمر:257،142،140
منصور بن المهدي:437
المنصور:263،207،157،153، 407
المنصور بن المهدي:444،443، 472
منير بن موسى بن منير:472
المهتدي:528،529،531
المهدي(المنتظر):254
المهدي-محمد بن عبد اللّه:184، 210
المهدي(الخليفة):182،138، 272،263،262،192، 342،340،336،315، 355،353،352،348، 369،360،359،358، 496،492،440،408،372
المهلوس-العباس بن إسحاق بن إبراهيم:550
موثم الاشبال-عيسى بن زيد:354
موسى بن بغا:529
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
417،416،415،414،413
ص: 624
موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
199،190،182،174، 269،261،230،200، 337،336،335،333، 382،381،364،339،338
موسى بن عبد اللّه بن موسى:480
موسى بن عبد اللّه بن موسى بن الحسن:
526
موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه:
530
موسى بن عمران(عليه السلام):60، 62
موسى بن عيسى:379،378،377، 381،380
موسى بن محمد بن يوسف بن جعفر:
564،562
موسى بن موسى بن محمد بن سليمان:
539
موسى الهادي:380،372
الموفق(الخليفة):521،292
مولى أبي الأزهر:202
مولى بني دارم:203
مولى لذي الكلاع:100
ميسون بنت عمرو:94
ميكائيل:62
ميمونة بنت أبي سفيان:23
ميمونة أم المؤمنين:36
ميمونة بنت بشر:96
(ن)
نائل بن فروة:135
نائلة أم عبد اللّه بن محمد:123
النابغة:456
الناجم:529
نافع بن عمر:213
نافع بن هلال الجملي:117
النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:367، 473،380
النسائي:30
نسيم:108
نصر البجلي:435
نصر بن خزيمة:136،135،134، 138
نصر بن سيار:149،148،147، 157،150
نصر بن شبيب:425
نصر بن مزاحم:435
نصر الخفاف:383
النضر بن قرواش:367
النفس الزكية-محمد بن عبد اللّه بن الحسن:219،217،207، 248
نفيس بن محمد:265
نميلة بن مرة:275
نوح بن حبان بن جبلة:466
(ه)
الهادي:407،377
هارون بن أبي خالد:446
ص: 625
هارون بن سعد:308،307،286، 312،311،310،309، 325،317
هارون بن محمد:433
هارون بن المسيب:440،423، 441
هاشم بن البريد:141
هالة بنت عبد مناف:57
هانئ بن ثبيت القابضي:118،88
هانئ بن الخطاب:39
هانئ بن عروة المرادي:101،100، 103،102
هرثمة:442،441،436،422، 496،448،445،444،443
هرقل:30
هشام بن حسان:312
هشام بن عبد الملك:131،130، 343،147،138،132
هشام بن عروة:260،257
هشام بن عمرو بن بسطام:165، 272،271،270
هشيم بن بشير:323،311،308
هلال بن حباب:141
الهنازي:408
هند(أم معاوية):78
هند بنت أبي عبيدة:200،170، 210،209،208،206، 364،333،272،212، 480،388
هند بن أبي هالة:59
هند الهنود بنت الربيع:94
هند بنت سالم:96
هند بنت عتيق بن عائذ:59
هند بنت عوف:35
الهيثم بن عبد اللّه الخثعمي:451
الهيثم بن عدي:437،417
الهيثم بن معاوية:286
الهيضم بن العلاء العجلي:508
(و)
الواثق:480،476،472،464
الوارثة بنت الحرث:58
واصل بن عطاء:257
واضح(مولى):407
وجه الفلس-عبد الرحمن بن الخطاب:
508
وحشي الرياحي:498
وردان:400
وردان بن مجالد:46
ورقاء بن جميل:423
ورقاء بن محمد بن ورقاء:551
الوليد بن المغيرة:36
الوليد بن يزيد:148،147،139، 227،224،207،150
و هوذان الديلمي:538
(ي)
يحيى بن آدم:448،447
يحيى بن الحسن بن الفرات الفراز:
473،465،464
ص: 626
يحيى بن الحسين بن زيد:346
يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي:
531
يحيى بن خالد بن برمك:394، 416،415،414،407
يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب:145،139، 149،148،147،146، 332،321
يحيى بن عبد اللّه بن الحسن:372، 376،375،374،373، 390،389،388،382، 394،393،392،391، 398،397،396،395، 402،401،400،399، 494،405،404،403
يحيى بن علي بن أبي طالب:37
يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن:530
يحيى بن عمر بن الحسين:506، 510،509،508،507، 529،521،520،517،511
يحيى بن عيسى:448
يحيى بن مساور:404
يحيى بن يعلى:382
يزيد بن الوليد:155
يزيد بن خالد القسري:182،131،130
يزيد بن عمر بن هبيرة:274
يزيد بن عمرو التيمي:146
يزيد بن عيينة:494
يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:44، 114،104،99،80،60، 123،121،120،119، 397،265،263،262،157
يزيد بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر:
245،237
يزيد بن منصور الحميري:303،291
يزيد بن هارون:312،311،308، 325،323
يزيد بن هرمز:251
يعقوب بن الحسن:203
يعقوب بن الليث الصفار:540
يعقوب بن داود:348
يعقوب بن عبد اللّه بن عطاء:251
يوسف(عليه السلام):301
يوسف بن عمر بن محمد:130، 134،133،132،131، 138،137،136،135، 148،147،146،142،139
يعلى بن أمية:31
يموت بن المزرع:354
يوشع بن نون:62
يونس بن أبي إسحاق:306
ص: 627
(أ)
آل ابن العاص:217
آل أبي بكر:191
آل أبي طالب:210،207،37، 344،271،262،211، 425،420،414،410، 458،554،455،438، 488،479،478،476، 540،526،511،490، 565،542
آل برمك:349
آل الحسن:201
آل الحسين:118،107
آل خاقان:489
آل خليفة بن قيس:295
آل رسول اللّه:547
آل الزبير:395
آل سلمة بن المحبق:319،318
آل شيبان:337
آل صمه:362
آل طاهر:526،519
آل طلحة:175
آل العباس:207
آل عبد اللّه:189
آل عمر بن الخطاب:413،255
آل علي:434
آل محمد:216،193،144،121، 224،217
آل النبي:217
آل هاشم:121
الأرمن:555،550
الأزد:251،189
أسد:103،92
أشجع:46
أصحاب السماجة:470
أصحاب الصدقة:497
أصحاب الأقفاص:231
أصحاب مصر:56
أصحاب النبي:64
أطباء الكوفه:51
أمية:459
الأنصار:265،196،30
أهل باذغيس:436
أهل بدر:316،250
ص: 628
أهل البصره:301،289
أهل بغداد:437،430،417، 507
أهل البيت:429،427،425،62
أهل الجمل:315
أهل الحجاز:301
أهل الحرّة:237
أهل خراسان:443،237،123
أهل السيرة:38
أهل الشام:104،101،38، 135،134،132،120، 436،315،235،149،136
أهل العراق:301
أهل الكوفة:276،155،135، 430،429،428،422، 443،437،432،431، 529،509،508،444
أهل المدائن:427
أهل المدينة:220،219،122، 254،236،228
أهل مكة:524،439
أهل النسك:125
أهل اليمن:435
أوس:516
(ب)
باهلة:289،286
البرامكة:446،392
بطون قريش:80
بكر بن وائل:39،37
بلى:251
بنو ابان بن دارم:118،89
بنو أبي بكر بن كلاب:262
بنو الأخيضر:552
بنو أسد:508،266،111،72
بنو إسرائيل:224
بنو أسيد:146
بنو أمية:131،86،82،81،40، 165،157،152،146، 272،225،224،200
بنو بجيلة:104
بنو بهدلة بن عوف:280
بنو تميم:105
بنو تيم:166
بنو جشم:205
بنو جندع:64
بنو الحارث بن كعب:262
بنو الحسن:195،180،176، 203،202،197،196
بنو حسن:201،178
بنو حمان:507
بنو حنيفة:292،149،39
بنو دارم:91
بنو الربعة:215
بنو ربيعة:426
بنو زبينة:64
بنوة زهرة:395
بنو سعد بن بكر:136
بنو سفيان:217
بنو سلمة:231
ص: 629
بنو سليم:564،554،250،136
بنو شيبان:554،449
بنو شامة بن لؤي:480
بنو ضبّة:322
بنو طاهر:510
بنو عامر بن لؤي:44
بنو العباس:207،191،123، 470،460،459،219، 518،515،511
بنو عبد اللّه(بن العباس):189
بنو عبد المطلب:56
بنو عبد مناف:397،183
بنو عبس:135
بنو عجل:508
بنو عقيل:113،111
بنو علي:470،172
بنو فزارة:531،526
بنو القابلة:210
بنو كنانة:224
بنو ليث:193،147،64
بنو مالك:553،322
بنو محمد بن يوسف:562
بنو مخزوم:554،395،339
بنو مرة:262،122
بنو مرة بن عوف:31
بنو مروان:207
بنو مسمة الأزواج:80
بنو مصعب:519
بنو معاوية:263
بنو نبهان:552،441
بنو نمير:224،148
بنو نتيلة:204
بنو نفيلة:164
بنو نصر بن قعين:72
بنو نهشل:266
بنو هاشم:185،157،86،82، 224،217،207،188، 437،272،245،226
بنو هناءة:189
بنو الوليد:144
بنو يشكر:157
بنو الأحمر بن الحارث بن عبد مناف:
206
بنو حمير:62
بنو القين:63،62
(ت)
تغلب:271
تميم:322،103،91
تيم الرباب:39
تيم اللات:502
تيم اللّه:39
(ث)
ثقيف:86
(ج)
جرش:35
الجعفرية:561
الجعفريون:562،560
جمل:117
ص: 630
جهينة:237،215،205،134، 553،251
(ح)
حمدان:103
الحواريون:32
(خ)
الخراسانية:238
خزاعة:64،58
الخزرج:516،119
خوارزم:468
(د)
الدهجرانية:287
دوس:254
الديلم:471،390،116،114، 490
(ر)
ربيعة:103،72،37
ربيعة البصرة:39
ربيعة الكوفة:39
(ص)
الصحابة:465
الصفارية:555
(ط)
الطالبيون:551
طيّئ:552،449،166،94، 564،553
(ع)
العباسيون:551،543،227
عزرة:30
العلوية:561
العلويون:560،422،227
عنزة:150
(غ)
الغاضريون:441
غطفان:262
غني:121،92
(ف)
الفراعنة:470،464
فزارة:322
(ق)
قحطبة:276
قريش:63،59،41،39،38، 166،157،133،67،65، 230
قيس:194،121،106
قيس بن ثعلبة:556
القيقانية:137،134
(ك)
كلب:136
كنانة:58
كندة:104،45
ص: 631
(ل)
لخم:266
ليث:147
(م)
مذحج:110،103
مرة:337
مراد:110،45
مرهبة:48
مضر:70
الملائكة:128،34
الموريانيين:287
(ن)
نتيلة:266
نجارية:137
النوفليين:417
(ه)
هذيل:64
همدان:91،72،48،39،38، 529،156،129
(و)
وائل:271
2(ي)
اليهود:479
ص: 632
(ب)
البتّرية:465،392
(ج)
الجارودية:439
(ح)
الحرورية:228
(خ)
الخرمية:509
الخوارج:555،453،46
(ز)
الزيدية:288،269،137،26، 314،308،299،296، 359،343،342،317، 430،427،410،392، 471،466،445،434، 528،508،493
الزيدية البترية:407
الزيدية الجارودية:465
الزنادقة:496
(ش)
الشراة:502
الشميطية:354
الشيعة:131،123،100،75، 255،216،148،132، 543،579،494،408
الشيعة الزيدية:501
(ق)
القرامطة:552
(م)
المرجئة:314
المعتزلة:464،258،192،187،
465
ص: 633
(أ)
آبة:537
آمل:559
أبرشهر:149
الأبواء:226،185
أبواب كندة:54
أبيورد:554
أحجار الزيت:226،219،207، 240
أحد:236
أرحب:137
أرض الشام:144
أرض المغرب:526
أرغوى:149
أرمينية:555،550،522
أساس المدينة:233
استنبول:322
الاسكندرية:26
اسوان:536
أصبهان:496،156،154
اصطخر:156
اضم:337
افريقية:497،407،271
الأعيفر:553
الأنبار:274،164،41
الأهواز:284،283،281،280، 496،436،435
أوساط:191
أوطاس:191
(ب)
باب جبرائيل:376
باب الخوخة:232
باب محول:23
باب مروان:195
باب المقصورة:232،195
باب الفيل:135،79
باخمري:300،297،294،289، 327،326،321،319،
355،354
بارق:136
بئر سويقة:339
البجة:557،555
البحرية:508
ص: 634
البحرين:496
بخارى:543
بدر:197،195،119،73،59
برقانا:445
بست:309
بستان بني عامر:380
البصرة:99،73،63،62،39، 156،131،123،101، 269،257،248،182، 285،284،276،274، 292،288،287،286، 318،312،308،296، 415،335،326،319، 445،439،436،435، 495،494،461،454، 536،528،526،496
البطحاء:364
بطحان:231
بطن فراة:237
بطن مرا:367
بغداد:201،122،43،29،23، 316،315،311،274، 393،371،355،342، 417،416،415،395، 447،445،437،432، 493،472،469،459، 507،506،496،495، 551،531،509
البقيع:330،220،90،81، 532،372
بلدح:377
بلخ:147
بلغ:147
البلاط:335،200
البلقاء:30
بنية واقم:237
بيت حران بن أبي كريمه:137
بيت عاتكة:240،231،
بيهق:149
(ت)
تفليس:555
التمارين:231
(ث)
ثبير:440
(ج)
الجار:562،552
الجازية:441
جبال جهينة:337،205
جبال طبرستان:471
الجبان:125
جبانة سالم:135،133
جبانة السبيع:146
جبانة الصيادين:134
جبانة كندة:134
جدة:524
جرجان:559،543،542،132
الجوزجان:150،149
ص: 635
الجرف:237
الجزيرة:425
جسر منبج:69
جنديسابور:281
جوفي:445
(ح)
الحار:531،530
الحاجز:531
الحبشة:555،30،29
الحبوبية:72
الحجاز:228،123،111،110، 492،426
الحجون:59
الحرة:156
حرة واقم:123
الحرم:524
حلوان:437،391
حمام عمر:71
الحميمة:124
حنبلا:507
الحيرة:249،133،131
حبس الهاشمية:173
(خ)
خراسان:147،146،132، 157،156،150،149، 392،227،202،190، 438،437،410،401، 464،454،446،441، 510،495،471،469، 554،543،542
خفان:444
الخندق:320
خيبر:40،30
خليج الفرات:63
(د)
دار أبي فروة:275
دار أبي مروان:277،275
دار ابن أفلح:372
دار ابن مسعود:297
دار ابن هشام:335،231،200
دار إسحاق بن سليمان:286
دار الامارة:140
دار البركة:23
دار الحسن:449
دار الخلافة:358
دار الرزق:135
دار الزبير بن أبي حكيمة:134
دار سليمان بن علي:320
دار عاقب:494
دار العباس:417
دار عبد العزيز بن مروان:232،231
دار عبد اللّه بن مطيع:231
دار عمر بن الخطاب:375
دار عباد بن العوام:311
دار على بن صالح بن حي:345، 349
دار الفتح بن خاقان:506
ص: 636
دار محمد بن عبد اللّه بن طاهر:509
دار محمد بن حمزة:548
دار مروان:196،194،193، 526،237،232،231
دار المهدي:355
دار مية الثقفية:279
دار هشام:244
دار يزيد:231
دبيل:550
دجلة:472،464،445
دجيل:281
دور الأنصار:211
دور بني حي:346
دور بني صالح بن حي:355
دور بني العباس:436
دور قطن:281
دير عبد الرحمن:71
دير كعب:71
(ذ)
ذات عرق:487
ذو الأثل:172
ذو طوى:330
ذو خشب:175
ذي المروة:564،553
(ر)
الرافقة:403
رامهرمز:284
رؤاس:136
الربذة:199،197،195،178، 253،223
الرحبة:54
رحبة القضاء:231
رحبة محمد:279
الرصافة:442،138،130
رصافة أبي العباس:164
رضوي:205
الرقة:465،464،416،140، 473
الروحاء:554،29
الروز:465
الرويضات:553
الريّ:156،146،132،112، 447،401،259،235، 525،490،469، 554،531،530،526
(ز)
زبالة:531،526،441
زقاق أشجع:238
زقاق بني حضير:231
زقاق عاصم بن عمر:375،231
زمزم:330
زنجان:526
الزوراء:231
(س)
ساباط:72،71
ساباط المدائن:438
ص: 637
سادة:537
سارية:559
سامرا:509،482،464
السبخة:136
سجن الجرائم:359
سرخس:149،148،146
سر من رأى:473،470،464، 491،486،480،476، 532،531،522،521، 538،537
سكة باب ازاز:283
سكة البريد:137
سلع:162
سميساط:555
السند:496،270،269
السواد:426
السودان:564،554،552
السوس:445
سوق أسد:430
سويقة:266،261،258،222، 480،411،374
السيالة:261
(ش)
شادياج:469،467
شاطئ الفرات:177
شاكر:137
شاهي:508،507،432،71،
الشام:309،124،123،54، 564،550،497،397،335
شتر:152
الشعب:397
الشماسية:495،470
شمشاط:555
شيراز:157
شينور:71
(ص)
صحراء أثير:448
صحاري عبد القيس:132
صفين:68،38
صنعاء:423،249
(ط)
الطالقان:471،466،465،464
طبرستان:540،538،490، 565،564،562،560،559
الطف:121
الطفوف:226
طنجة:407
الطواحين:536
طوس:460،458،149،148
(ظ)
ظلة بني نبية:239،81
الظهر:54
(ع)
عالية:181
عباثر:337
العباسية:137
عبدس:309
العتيك:494
العراق:130،110،69،67،
ص: 638
372،337،230،220، 531،436
عرفة:524،109
عرق الظبية:554
عسكر المهدي:395
العقبة:196
عبقة حلوان:470
عين أبي زياد:241
عين التمر:427،51
عين مروان:175
عين الوردة:122
(غ)
غابة:564
الغاضرية:479
الغرى:434،54
غمر ذي كندة:406
(ف)
فارس:453،284،156،155
فاس:407
فخ:377،367،366،365، 382،379
فدك:95
الفرات:426،139،117،71، 555،497،441،431
فرع المسور:553
فروخ:280
فيد:236
الفيوم:146
(ق)
القادسية:444،131
قبر أمير المؤمنين علي:551
قبر الحسين:506،478
قبر النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:
415
قراقر:339
قرقوب:281
قزوين:537،531،529،526
القسين:508
قصر ابن مقاتل:112
قصر ابن هبيرة:430،370،201، 441
قصر سليمان بن عبد الملك:237
قصر الضرتين:428
قصر نفيس:265،179
قصور آل طاهر:467
قطيعة الربيع:472
القلزم:524
قم:537،156
قندهار:270
القنطرة-قنطرة ساباط:71
قنظرة الهندوان:280
قومس:156
(ك)
كربلاء:89
الكرخ:23
كرمان:285،157
الكعبة:524،59
ص: 639
الكناسة:143،139،138،134
الكوفة:75،73،70،62،45، 103،101،99،78،76، 110،108،105،104، 133،132،138،123، 166،156،147،134، 290،274،235،201، 300،298،297،295، 310،309،306،303، 328،316،314،311، 349،347،346،345، 423،383،370،353، 430،429،428،426، 435،434،433،432، 449،444،442،439، 497،495،494،471، 508،507،506،502، 528،525،522،521، 563،551،531
(ل)
لحام جرير:62
اللوى:339
(م)
الماجور:295
المربد:320
المدائن:146،141،132،72، 494،446،441،438،274
المدينة:103،80،59،41، 125،124،121،108، 163،151،129،127، 189،179،172،166، 222،218،200،195، 234،233،230،228، 248،244،237،236، 260،259،256،254، 269،266،265،264، 300،295،272،271، 343،340،335،302، 372،370،367،359، 382،381،376،373، 401،400،395،389، 425،423،412،410، 484،479،454،438، 530،526،524،504، 561،560،554،532
مدينة السلام:391
المذاد:231
مرو:466،465،422،391
مسجد الأشعث:54
مسجد بني عدي:134
المسجد الحرام:351،259،188
المسجد الأعظم:132،100،46، 135
مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:
254،213
مسكن:71
مشرعة القصب:417
مشعر:339
مصر:236،182،43،26،
ص: 640
459،408،407،300، 539،497
مضيعة ابن الحكم:138
معدن النحلة:556
معلاة:339
مقبرة بني يشكر:277
مقابر الخيزران:316
مقابر قريش:417
مكة:191،188،126،43،41، 259،253،237،226، 351،274،264،263، 382،377،367،365، 439،435،423،389، 484،479،447،440، 547،532،526،524، 563،552
منى:350
المنصورة:270
مهران:271
الموبد:286
الموصل:274،132
موضع السقاية:231
ميطان(جبل):267
(ن)
النخيلة:77،76،70،69
نسا:554،469،467،464
النظيم:339
نهر صرصر:441
نهر آبان:317،309
النهروان:452،437،46،43
نهري كربلاء:146
النهرين:452،426،146
النوبة:557
نيسابور:469،468،464،275، 558،540،536،490
النيل:433،274
نينوى:427،146
(ه)
الهاشمية:174،172،171، 373،202
هراة:158،149
الهند:269
(و)
الوادي:553
وادي القرى:564،561،553
الوازار:507،431
واسط:286،275،274،132، 472،310،307،435، 521،498،497
الوضاح:310
وليلى:409
(ي)
الياسرية:437
اليمن:423،263،190،73، 565،562،435
اليمامة:552
ينبع:337،330،205،189،
557
ص: 641
غزوة بني المصطلق:64
غزوة مؤتة:31،30
واقعة السوس:423
يوم بدر:313
يوم الثنية:220
يوم الجمل:325،64
يوم الجوزجان:321
يوم الحرة:122
يوم حنين:250
يوم الزاب:233،158
يوم السبخة:321،129
يوم الشعب:398
يوم شعب جبلة:322
يوم صفين:320،315
يوم الطف:320،98
يوم قنطرة الكوفة:422
يوم المدار:123،92
يوم المريسع:64
ص: 642
(أ)
أحق الناس..بكربلاء 89
فإن يك..التراب 55
لعمرك إنني..و الرباب\الحسين:94
ما ذكرك..أو قربوا 203
قد علمت..بطل مجرب\مرحب اليهودي:24
بأي يد..قاضب\سعيد بن حميد:489
أوقر..المحجبا 119
أنا علي..بالنبي\علي بن الحسين:115
إن كان..سيرة النبي\سلمة بن أسلم الجهني:215
ما زال..كثرة الألقاب 55
فإن الأولى..و عمهم أبى\موسى بن عبد اللّه:382
ألم تعلمي..ينعم صاحبه\إبراهيم بن عبد اللّه:273
(ت)
مررت على..يوم حلت\سليمان بن قتة:121
(ج)
أمامك فانظر..و أعوج\ابن الرومي:511
(ح)
ان ابن..شاكي السلاح 155
ص: 643
ألا يا لقوم..ببلدح 385
(خ)
ألا ليت..يوم فخ 383
(د)
يا أبا الحسين..منها يكمد\أبو ثميلة الأبار:144
إذا سلكت..لها الفرقد\عمر بن أبي ربيعة:406
إن الذي..تجردا\سلمة بن أسلم الجهني:215
نبئت أن..لتقتل خالدا\خالد بن جعفر بن كلاب:322
نظرت..محسورة جدا\محمد بن صالح بن عبد اللّه:487
ارحم صغار..لا لفقد يزيد\الحسن بن معاوية:265
بكر النعي..و السؤدد\أبو الجاج الجهني:266
ليهنكم..مهتدي 217
منخرق الخفين..مرو حداد 270،205
و كيف يريد..من الفؤاد\عبد الرحمن بن مسعود:165
فلعل..خضم مزبد\أبو ثميلة الأبار:145
آلا يا عين..الجمود\فضل بن العباس:143
و قل للذي..فكأن قد 63
أريد حياته..من مراد 164،102
و اللّه ما أطعم..عيون العباد\عيسى بن زيد:348
شردني..ذكر المعاد\عيسى بن زيد:349
تعلم يابن..من معد\زينب بنت عبد اللّه:364
يا بقعة..من سيد 405
و قتيل..كل شاهد\غالب بن عثمان الهمداني:329
تفرقت..ما يصيد\ابن معاوية:156
(ر)
أبنت أبي..احدى الكبائر\الربيع بن سليمان:237
فألقت عصاها..بالأياب المسافر\معقر بن أوس:303
ص: 644
قومي اضربي..إليه المفاخر\محمد بن يسير الخارجي:208
إذا افتقرت..أبدا فقر\عبد اللّه بن معاوية:154
عين جودي..غزير\سكينة بنت الحسين:133
و عند غني..و تذكر\سليمان بن قتة:92
فو اللّه ما أدري..أتعذر\طارق الخزاعي:64
لعمرك إني..حتقها تتحفر\أمية بن الأسكر:63
يا قبر سيدنا..يا قبر 56
فألقت عصاها..المسافر 55
أتظن يا إدريس..فرار 408
تنكرت الدنيا..طيبها و سرورها\أبو مالك الخزاعي:159
رأيت بسامرا..فتورها\محمد بن صالح بن عبد اللّه:482
سأبكيك..الوترا\إبراهيم بن عبد اللّه:268
يا دار هجت..و دارا\غالب بن عثمان الهمداني:265
أقسمت..شيئا نكرا\مسلم بن عقيل:106
و أنت الجواد..ملأن الصدورا\أعشى بني قيس بن ثعلبة:63
و نحن ضربنا..فتقطرا\ابن أبي مياس الفزاري:49
و ما العود..أن يتقطرا 412
لا تتركيني..و الغدر\موسى بن عبد اللّه:337
إني رعيم..فراسة للضرائر\موسى بن عبد اللّه:337
كيف بعد..الفراش الوثير\غالب بن عثمان الهمداني:330
تقول ألا..على الصبر\دريد بن الصمة:321،261
أبو عامر..حجرة المتكبر\علي بن إبراهيم بن عبد اللّه:261
لئن طال..بالنظيم قصائر\موسى بن عبد اللّه:339
يا لك من قبرة..و اصفري 111
و ما في آل..الخطب الكبير\محمد بن صالح بن عبد اللّه:489
تعودت مس..إلى الصبر 359
ألف التقى..المحل الداثر\محمد بن صالح بن عبد اللّه:487،486
أربع بطوس..على وطر\دعبل:458
أنا الذي..قسورة\علي بن أبي طالب:40
قل لذي الود..بيننا قدره\عبد اللّه بن معاوية:155
ص: 645
ما كان إلاّ ريث..سيوفا باترة 429
(س)
لما تعرضت..وسواسا\إبراهيم بن هرمة:179
يا صاحب..العيس\أشجع بن عمرو السلمي:458
(ص)
...يا ليت قومي كلهم حنابصنا 328
(ض)
و مارست..من الأرض 444
(ط)
إن قيسا..على شمطه\عبد اللّه بن معاوية:153
و له شرطة..من شرطه\مطيع بن إياس:153
(ع)
إذا ما اشتملت..القوارع\محمد بن صالح بن عبد اللّه:482
تضوع مسكا..يتضوع\ابن الرومي:520
يا هند إنك..تتابعا\عبد اللّه بن الحسن:209
أبا المنازل..فقد فجعا 321،294
إنك إن..و تنفعا\هند بنت أبي عبيدة:333
(ف)
و إني لمرتاد..إحدى المقاذف\عبد اللّه بن موسى:501
(ق)
يا دار دار..تستبق 449
أني أتيح له..مرسلا ساقا 396
سنغني بحمد..واضح الحق\محمد بن إبراهيم:426
مهلا بني عمنا..من الغلق\ضرار بن الخطاب:320
ص: 646
من لم يمت..و المرء ذائقها 431
خطبت إلى عيسى..و عتيقها\محمد بن صالح بن عبد اللّه:483
(ك)
اشدد حيازيمك..لاقيك\عبد الرحمن بن ملجم:45
(ل)
تزور..فيما يحاول\ابن هرمة:235
يا دهر..و الأصيل\الحسين بن علي:113
هدت العيون..الضباب المخضل\كعب بن مالك:32
و قالوا الطالقان..الدهر المديل\مروان بن أبي حفصة:394
تدعى حواري..سليل 400
نفسي فداء..لا قافل\منصور بن الزبرقان النمري:427
و سل عن..نزلوا\الهيثم بن عبد اللّه الخثعمي:451
رموني و إيّاها..فعجلا\محمد بن صالح بن عبد اللّه:485
يا قتيلا..قتيلا\سعيد بن محمد الأنصاري:558
و يوما على جمل 82
لم ترعين..و من ناعل 86
تسود قوم..ابن جندل 91
و اندبي إن..بخذول\سليمان بن قتة:95
إذا كنت..و ابن عقيل\عبد اللّه بن الزبير الأسدي:109
و سمى النبي..مصقول\سليمان بن قتة:96
ليت أشياخي..وقع الأسل\عبد اللّه بن الزبعري:119
أليس بعين..في السلاسل 147
إنا لنرجو..الكتاب المنزل\سلمة بن أسلم الجهني:215
سنّ ظلم...ذو عقال\الشميطي:354
لعمرك ما لام..يخذل\ابن أخطب اليهودي:393
إيها أبا إسحاق..و عيش طويل\سديف بن ميمون:272
أ لم تر حوشبا..لبني نفيلة 164
ألا تزغ..من أجله\عبد اللّه بن معاوية:154
ص: 647
(م)
قتلت أعز...الكلام\ابن الرومي:520
ألا أيها..أنت حالم\عويف القوافي:322
و من يطلب..تخترمه المخارم\عمرو بن براقة الهمداني:129
فإن يك يحيى..و هو كريم\ابن الرومي:520
بني عمنا..يلمنا اللوائم\موسى بن عبد اللّه:381
لعمرك إن المجد..لمقيم 406
ألمت خناس..و أحلامها\عويف القوافي:322
و أبذل لابن..في الناس مكرما 425
يا صاحبي..بألوم منكما\عبد اللّه بن مصعب:267
أبي قومنا..الدما\الحصين بن الحمام:119
نفلق هاما..و أظلما 119
ستة آباء..صوب الغمام\النابغة:456
إن بني..من أخزم\أبو أخزم:548
و أبو الفضل..من أسقام\الكميت بن زيد:90
فلم أر مهرا..و أعجم\ابن أبي مياس الفزاري:50
لعمر حمدونة..السقام 483
يعجبني...أم سلمة\وحشي الرياحي:498
(ن)
قناع الشك..الرأي الرصين 436
و بدا له...لمعانه 486
على الكره..و رزين\دعبل:459
ألا يا عين..المؤمنينا\أم الهيثم النخعية:55
زعم ابن مسعدة..و بيانا\إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن:269
سالت دموعك..الأحزانا\عبد اللّه بن مصعب:267
يا كيف..سلوانا\سعيد بن محمد الأنصاري:558
يا ضرية من..رضوانا\عمران بن حطان:51
ما ضرّ تغلب..تناطح البحران\الفرزدق:271
فلأبكين..و على الحسن\موسى بن عبد اللّه بن محمد:384
ص: 648
إني من القوم..شدة الحدثان\موسى بن عبد اللّه بن محمد:336
يا كذّب اللّه..نعيه ثمن\سليمان بن قتة:84
إن الحمامة..دائم الحزن\عبد اللّه بن مصعب:398
يا عين ابكي..بنو حسن 385
روعت بالبين..و جيران\مؤرج السدوسي:512
يا بني أمية..مرعش فان 200
لا و الذي..في آخر الزمن\إبراهيم بن هرمة:216
ألا ليت أمي..و لا الحسن 383
طرب الفؤاد..أشجانه\محمد بن صالح بن عبد اللّه:481
قوم كرام...من 384
(ه)
ما الانتظار..من يحييها 101
(ي)
أحب مدحا..حصورا عييا\إبراهيم بن هرمة:152
ألم يحزنك..حيا\محمد بن صالح بن عبد اللّه:487
رحم اللّه..يوم الثنية 220
و إن أحد..مت وافيا\أعشى بني قيس بن ثعلبة:68
ص: 649
أبصار العين في أنصار الحسين و لمحمد بن طاهر السماوي النجف 1341 ه
ابن أبي الحديد القاهرة 1329 ه
ابن الأثير بولاق 1290 ه
ابن خلدون بولاق 1284 ه
ابن خلكان القاهرة 1310 ه
أبو الفداء القاهرة 1286 ه
اتقال المقال في أحوال الرجال النجف 1340 ه
الارشاد في أسماء أئمة الهدى،للشيخ المفيد طهران 1330 ه
الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى،لأحمد بن خالد السلاوي القاهرة 1312 ه
الاستيعاب في معرفة الأصحاب،لابن عبد البر حيدر آباد 1318 ه
أسد الغابة في معرفة الصحابة،لابن الأثير الجزري
الاصابة في تمييز أسماء الصحابة،لابن حجر القاهرة 1323 ه
الأغاني،لأبي الفرج الأصبهاني بولاق و الدار
أمثال الميداني القاهرة 1342 ه
الإمامة و السياسة القاهرة 1322 ه
أمالي القالي القاهرة 1344 ه
الأنساب للسمعاني ليدن 1912 م
البداية و النهاية،لابن كثير القاهرة 1348 ه
البدء و التاريخ،للمطهر المقدسي باريس 1919 م
بغية الوعاة،للسيوطي القاهرة 1326 ه
البيان و التبيين،للجاحظ القاهرة 1351 ه
تاج العروس،للزبيدي القاهرة 1306 ه
ص: 650
تاريخ ابن عساكر(مخطوط)
تاريخ ابن الجوزي(مخطوط)
تاريخ الإسلام،للذهبي(مخطوط)
تاريخ أصبهان ليدن 1931 م
تاريخ بغداد،للخطيب البغدادي السعادة 1931 م
تاريخ الخلفاء،للسيوطي القاهرة 1351 ه
تاريخ الوزراء،للصابي بيروت 1904 م
تاريخ اليعقوبي ليدن 1883 م
تذكرة الحفاظ الهند 1333 ه
التنبيه و الإشراف القاهرة 1357 ه
تهذيب الأسماء و اللغات،للنووي القاهرة 1344 ه
تهذيب تاريخ ابن عساكر دمشق 1332 ه
تهذيب التهذيب الهند 1325 ه
جذوة الاقتباس في تاريخ فاس،لابن القاضي فاس 1309 ه
حسن المحاضرة،للسيوطي القاهرة 1321 ه
شرح الحماسة،للتبريزي القاهرة 1307 ه
حلية الأولياء القاهرة 1351 ه
الحور العين القاهرة 1368 ه
الحيوان،للجاحظ القاهرة 1365 ه
خزانة الأدب،للبغدادي بولاق 1299 ه
خلاصة تذهيب الكمال،للخزرجي القاهرة 1322 ه
الدر النفيس في مناقب إدريس فاس 1314 ه
ديوان ابن الرومي القاهرة 1917 م
ديوان الأخطل بيروت 1907 م
ديوان الفرزدق باريس 1875 م
ذيل الأمالي القاهرة 1344 ه
الروض النضير(مخطوط)
الرياض النضرة في مناقب العشرة القاهرة 1327 ه
زهر الآداب،للحصري القاهرة 1350 ه
سمط اللآلي القاهرة 1354 ه
ص: 651
سيرة ابن هشام القاهرة 1356 ه
سيرة أحمد بن طولون،للبلوي دمشق 1358 ه
السيرة الحلبية القاهرة 1329 ه
شرح شافية أبي فراس الهند
شرح مقصورة حازم القاهرة 1344 ه
شرح المواهب القاهرة 1278 ه
الشريشي القاهرة 1314 ه
صفة الصفوة،لابن الجوزي الهند 1356 ه
طبقات ابن سعد ليدن 1322 ه
الطبري القاهرة 1323 ه
العقد الفريد القاهرة 1346 ه
عمدة القارئ القاهرة 1348 ه
عيون الأخبار القاهرة 1343 ه
عيون أخبار الرضا(مخطوط)
الفخري القاهرة 1945 م
الفرق بين الفرق القاهرة 1328 ه
فهرست ابن النديم القاهرة 1348 ه
فهرست الطوسي النجف 1356 ه
فوات الوفيات،لابن شاكر بولاق 1283 ه
القسطلاني بولاق 1300 ه
كتاب صفين،لنصر بن مزاحم القاهرة 1365 ه
لسان العرب القاهرة 1300 ه
لسان الميزان،لابن حجر الهند 1330 ه
لطائف المعارف،للثعالبي ليدن 1867 م
المؤتلف و المختلف،للآمدي القاهرة 1354 ه
مجموعة المعاني الجوائب 1301 ه
المحبر،لابن حبيب الهند 1361 ه
مرآة الجنان لليافعي حيدرآباد
مروج الذهب،للمسعودي القاهرة 1303 ه
مسلم القاهرة 1349 ه
ص: 652
مسند أحمد القاهرة 1313 ه
مشارق الأنوار،للقاضي عياض القاهرة 1332 ه
المعارف،لابن قتيبة القاهرة 1353 ه
معجم الأدباء،لياقوت القاهرة 1357 ه
معجم البلدان،لياقوت القاهرة 1323 ه
المفضليات القاهرة 1362 ه
مقتل الحسين،لأبي مخنف(مخطوط)
الملل و النحل القاهرة 1288 ه
الملهوف على قتلى الطفوف العرفان 1279 ه
مناقب الأئمة الاثني عشرية(مخطوط)
منتهى المقال في أحوال الرجال الهند 1302 ه
ميزان الاعتدال السعادة 1325 ه
نزهة الألباء القاهرة 1294 ه
نوادر القالي القاهرة 1344 ه
الوحشيات،لأبي تمام(مخطوط)
الوزراء و الكتاب،للجهشياري القاهرة 1357 ه
ص: 653
مقدمة الكتاب 5
خطبة المؤلف 23
جعفر بن أبي طالب 25
محمد بن جعفر بن أبي طالب 35
علي بن أبي طالب 39
الحسن بن علي بن أبي طالب 57
الحسين بن علي 84
مسلم بن عقيل بن أبي طالب 86
علي بن الحسين(الأكبر)86
عبد اللّه بن علي بن أبي طالب 87
جعفر بن علي بن أبي طالب 88
عثمان بن علي بن أبي طالب 89
العباس بن علي بن أبي طالب 89
محمد بن علي بن أبي طالب(الأصغر)90
أبو بكر بن علي بن أبي طالب 91
أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب 92
القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب 92
عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب 93
عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب 94
عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب(الأكبر)95
محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 95
عبيد اللّه بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 96
ص: 654
عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب 96
جعفر بن عقيل بن أبي طالب 97
عبد اللّه بن عقيل بن أبي طالب(الأكبر)97
محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب 97
عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب 98
محمد بن أبي سعيد الأحول بن عقيل بن أبي طالب 98
أبو بكر بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 122
عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب(الأصغر)122
عبيد اللّه بن علي بن أبي طالب 123
عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب 123
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 124
يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 145
عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 151
عبد اللّه بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب 151
عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 152
عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 159
«من قتل منهم في الدولة العباسية»161
«أيام أبي العباس السفاح»162
«أيام أبي جعفر المنصور»166
عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 166
الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 171
إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 172
علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 174
عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 178
العباس بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 179
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 180
محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 181
علي بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 181
محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان 182
ابن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 204
ص: 655
محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 206
الحسن بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 262
عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(الأشتر)268
إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 272
الحسين بن زيد بن علي بن أبي طالب 331
موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 333
علي بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب 339
حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 340
«أيام المهدي»341
علي بن العباس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 342
عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 342
«أيام الهادي»363
الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(صاحب فخ)364
سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 365
الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 365
عبد اللّه بن إسحق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 365
«أيام الرشيد»387
يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 388
إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 406
عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ابن الأفطس)409
محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 411
الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 412
العباس بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 412
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 413
إسحق بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 418
«أيام الأمين»419
«أيام المأمون»421
ص: 656
محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 422
الحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 422
الحسن بن اسحق بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 423
محمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب 423
علي بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر 423
محمد بن ابراهيم بن إسماعيل،بن طباطبا،بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب 424
محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 438
أبو السرايا 441
عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب 453
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب(الرضا)453
محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب 461
«أيام المعتصم»463
محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب 464
عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر ابن أبي طالب 473
«أيام الواثق»475
«أيام المتوكل»477
محمد بن صالح بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب 480
محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين 490
القاسم بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب 491
أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 492
عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 498
ص: 657
«أيام المنتصر»503
«أيام المستعين»505
يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب 506
الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب(الحرون)521
محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب 522
«أيام المعتز»523
إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب 524
الحسن بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 524
جعفر بن عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي ابن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 525
أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب 525
عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه ابن جعفر بن أبي طالب 525
جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين 525
إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن العباس بن علي 526
أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب 526
«أيام المهتدي»527
علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 528
محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب 529
ص: 658
طاهر بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 529
الحسين بن محمد بن حمزة بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 529
يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد 530
محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب 530
جعفر بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي 530
موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب 530
عيسى بن اسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه ابن جعفر 531
محمد بن عبد اللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 531
علي بن موسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب 532
محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 532
علي بن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب 532
إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 532
عبد اللّه بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن 533
«أيام المعتمد»535
أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن الحسن بن اسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 536
أحمد بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي 536
عبيد اللّه بن علي بن عيسى بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين 536
علي بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي 537
محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن عمر بن علي 537
ص: 659
حمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه ابن جعفر بن أبي طالب 537
حمزة بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب 538
محمد بن الحسن بن علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين ابن أبي طالب 538
إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب 538
الحسن بن محمد بن زيد بن عيسى بن زيد بن الحسين 538
اسماعيل بن عبد اللّه بن الحسين بن عبد اللّه بن اسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 538
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب 538
موسى بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي 539
محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي 539
أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي 539
الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي 539
محمد بن عبد اللّه بن زيد بن عبيد اللّه بن زيد بن عبد اللّه بن الحسن ابن زيد بن الحسن 540
علي بن موسى بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي 540
عبيد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي 540
علي بن جعفر بن هارون بن إسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب 540
محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم ابن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب 540
«أيام المعتضد»541
محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي
ص: 660
ابن أبي طالب 542
محمد بن عبد اللّه بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه ابن العباس بن علي بن أبي طالب 543
«أيام المكتفي»545
محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 546
علي بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن محمد بن علي ابن أبي طالب 546
زيد بن الحسين بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 546
محمد بن حمزة بن عبيد اللّه بن العباس بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس ابن علي بن أبي طالب 548
«أيام المقتدر»549
العباس بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 550
المحسن بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي 550
طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي 551
الحسن بن محمد بن عبد اللّه الأشتر بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن بن علي 552
عبد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن 552
علي بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن زيد بن الحسن بن علي ابن علي 552
القاسم بن زيد بن الحسن بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي 553
محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي 553
محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ابن علي 553
علي بن موسى بن علي بن علي بن محمد بن عون بن محمد بن علي ابن أبي طالب 553
القاسم بن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه
ص: 661
ابن جعفر بن أبي طالب 554
جعفر بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه 554
عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه بن عيسى بن جعفر بن إبراهيم ابن محمد بن عبد اللّه بن جعفر 554
أحمد بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن علي بن الحسين 554
الحسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين 555
محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ابن علي 555
محمد بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي 555
القاسم بن أحمد بن عبد اللّه بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه ابن جعفر بن أبي طالب 555
جعفر بن الحسين بن الحسن الأفطس بن علي بن الحسين 556
الحسين بن الحسين بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ابن علي 556
أحمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن عمر بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب 556
زيد بن عيسى بن عبد اللّه بن أبي مسلم بن عبد اللّه بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب 556
علي بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن محمد بن حمزة بن إسحاق بن علي ابن عبد اللّه بن جعفر 556
جعفر بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد ابن علي بن أبي طالب 557
محمد بن علي بن إسحاق بن جعفر بن القاسم بن إسحاق الجعفري 557
أحمد بن علي بن محمد بن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب 557
داود بن محمد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه ابن العباس بن علي بن أبي طالب 557
أيوب بن القاسم بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم ابن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي 557
ص: 662
جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي 557
الحسين بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد اللّه بن علي بن الحسين(الكوكبي)558
عبيد اللّه بن الحسن 558
الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب 559
الحسن بن عيسى بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي ابن الحسين 559
محمد بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد 559
ابن داود بن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن إبراهيم بن عبد اللّه ابن الحسن بن الحسين بن علي 560
إدريس بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن ابن زيد بن الحسن 560
سليمان بن علي بن القاسم بن محمد بن يوسف 560
أحمد بن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 560
داود بن أحمد بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن 560
علي بن إدريس بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 560
أحمد بن إدريس بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 560
أحمد بن محمد بن جعفر بن إبراهيم 561
صالح بن محمد بن جعفر بن إبراهيم 561
محمد بن داود بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن 561
عبد اللّه بن داود بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن 561
محمد بن جعفر بن الحسن بن موسى بن جعفر 561
علي بن محمد بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي 561
صالح بن موسى بن عبد اللّه بن موسى 561
إبراهيم بن عبد اللّه بن داود بن محمد بن جعفر بن إبراهيم 561
ابن داود بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر 561
الحسين بن الحسين بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن الحسن 561
أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي 562
ص: 663
محمد بن أحمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي 562
ابراهيم بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد 562
محمد بن يحيى بن محمد بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين 562
أحمد بن علي بن عبد اللّه بن موسى بن الحسن بن علي بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين 562
محمد بن جعفر بن الحسن بن موسى بن جعفر بن محمد 562
محمد بن إبراهيم بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن 562
محمد بن جعفر بن محمد بن إبراهيم الحسني 562
أحمد بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن 562
محمد بن أحمد بن أحمد بن علي الحسني 563
الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي(ابن أبي رواح)563
علي بن محمد بن عبد اللّه الفأفاء الجعفري 563
أحمد بن علي بن إسحاق الجعفري 563
مطرف بن داود بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 563
صالح بن محمد بن جعفر بن إبراهيم 563
العباس بن محمد 563
الحسين بن يوسف 563
جعفر بن عيسى بن اسماعيل بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 564
عبد اللّه بن محمد بن سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن 564
موسى بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 564
علي بن موسى بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 564
الحسين بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 564
جعفر بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري 564
القاسم بن زيد بن الحسين بن الحسين بن عيسى بن زيد 564
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن جعفر بن إبراهيم 564
الفهارس 567
ص: 664