بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 74

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 74: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

كتاب الروضة

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ و الصلاة و السلام علی خیر خلقه و خلیفته فی خلیقته محمد و آله الطاهرین أما بعد فهذا هو المجلد السابع عشر من كتاب بحار الأنوار تألیف المولی الأستاد الاستناد مولانا محمد باقر بن محمد تقی المجلسی قدس اللّٰه روحهما و نور ضریحهما(1)

و هذا هو كتاب الروضة منه و هو یحتوی علی المواعظ و الحكم و الخطب و أمثالها المأثورة عن اللّٰه تعالی و الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و السادة المعصومین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین و عن أتباعهم علیهم السلام و ما شاكل ذلك.

أبواب المواعظ و الحكم

باب 1 مواعظ اللّٰه عز و جل فی القرآن المجید

الآیات:

النساء: وَ لَقَدْ وَصَّیْنَا الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِیَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ غَنِیًّا حَمِیداً131 وَ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا132 إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ أَیُّهَا


1- 1. قال المولی المتبحر النحریر الحاجّ المیرزا حسین النوریّ نور اللّٰه ضریحه: ان المجلد السابع عشر من كتاب بحار الأنوار من المجلدات التی لم تخرج فی حیاة مصنفها( العلّامة المجلسیّ) الی البیاض و انما أخرجه بعد وفاته تلمیذه العالم الأجل و النحریر الأكمل المیرزا عبد اللّٰه الافندی رحمه اللّٰه.

النَّاسُ وَ یَأْتِ بِآخَرِینَ وَ كانَ اللَّهُ عَلی ذلِكَ قَدِیراً133 مَنْ كانَ یُرِیدُ ثَوابَ الدُّنْیا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةِ وَ كانَ اللَّهُ سَمِیعاً بَصِیراً134(1)

الأنعام: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلی أَنْ یَبْعَثَ عَلَیْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَیْفَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ لَعَلَّهُمْ یَفْقَهُونَ 66(2)

و قال سبحانه: وَ رَبُّكَ الْغَنِیُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما یَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّیَّةِ قَوْمٍ آخَرِینَ- إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ- قُلْ یا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلی مَكانَتِكُمْ إِنِّی عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 137(3)

الأعراف: وَ كَمْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَیاتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ 4 فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ5 (4)

ص: 2


1- 1. قوله تعالی« إِنْ تَكْفُرُوا» أی تجحدوا وصیته. و قوله:« حَمِیداً» أی مستوجبا للحمد. قوله« یُذْهِبْكُمْ» أی یهلككم. أصله ان یشأ اذهابكم یذهبكم. قوله:« عَلی ذلِكَ قَدِیراً»، یعنی قادرا علی الافناء و الایجاد.
2- 2. قوله تعالی:« أَوْ یَلْبِسَكُمْ شِیَعاً» لبست علیه الامر إذا خلطت بعضه ببعض أی یخلطكم فرقا مختلفین. و قوله:« یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ» أی یقتل بعضكم بعضا حتّی یفنی الكل. قوله:« نُصَرِّفُ الْآیاتِ» أی نظهر الآیات و نكررها مرة بعد اخری حتّی یزول الشبه لكی یعلموا الحق.
3- 3. قوله:« وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ» أی لستم بمعجزین اللّٰه عن الإتیان بالبعث و العقاب. و قوله:« عَلی مَكانَتِكُمْ» أی علی قدر منزلتكم و تمكنكم من الدنیا و معناه اثبتوا علی الكفر. و قوله:« مَنْ تَكُونُ» مفعول« تعلمون» و قرأ حمزة و الكسائی« یكون» بالباء لان تأنیث العاقبة لیس بحقیقی.
4- 4. قوله تعالی« بَیاتاً» أی بائتین فی اللیل و هو مصدر وقع موقع الحال و قوله: « أَوْ هُمْ قائِلُونَ عطف علی« بَیاتاً» أی وقت القیلولة و هی نصف النهار. و حذفت واو الحال استثقالا لاجتماع الواوین. و قوله:« دَعْواهُمْ» أی دعاؤهم او استغاثتهم.

التوبة: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلی عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 106(1)

یونس: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ وَ ما كانُوا لِیُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِی الْقَوْمَ الْمُجْرِمِینَ14 ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِی الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ 15

و قال تعالی: وَ اللَّهُ یَدْعُوا إِلی دارِ السَّلامِ وَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ 26-إلی قوله تعالی- وَ إِمَّا نُرِیَنَّكَ بَعْضَ الَّذِی نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّیَنَّكَ فَإِلَیْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِیدٌ عَلی ما یَفْعَلُونَ48 وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ إلی قوله تعالی قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَیاتاً أَوْ نَهاراً ما ذا یَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ52 أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَ قَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ53 ثُمَّ قِیلَ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ 54 إلی قوله وَ ما تَكُونُ فِی شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَیْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِیضُونَ فِیهِ وَ ما یَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ إِلَّا فِی كِتابٍ مُبِینٍ 62(2)

و قال تعالی: وَ یُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ هود ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُری نَقُصُّهُ عَلَیْكَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِیدٌ103 وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِی یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ ما زادُوهُمْ غَیْرَ تَتْبِیبٍ104 وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُری وَ هِیَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِیمٌ شَدِیدٌ105 إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ یَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ یَوْمٌ مَشْهُودٌ106 وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ 107یَوْمَ

ص: 3


1- 1. قوله تعالی:« فَیُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» أی فیخبركم بما فعلتم و یجازیكم علیه.
2- 2. قوله تعالی:« إِذْ تُفِیضُونَ فِیهِ» أی تدخلون فیه و الإفاضة الدخول فی العمل علی جهة الانصباب إلیه. و العزوب الذهاب عن المعلوم و ضده حضور المعنی للنفس و المعنی ما تغیب عن علم ربك من مثقال ذرة أی وزن نملة صغیرة.

یَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَ سَعِیدٌ- فَأَمَّا الَّذِینَ شَقُوا فَفِی النَّارِ لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ شَهِیقٌ109 خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما یُرِیدُ 110وَ أَمَّا الَّذِینَ سُعِدُوا فَفِی الْجَنَّةِ خالِدِینَ فِیها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ 111 -إلی قوله تعالی- وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما یَعْمَلُونَ خَبِیرٌ114 فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ مَنْ تابَ مَعَكَ وَ لا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ115(1)

الرعد: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَ فَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ لا یَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِی الظُّلُماتُ وَ النُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَیْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ18أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّیْلُ زَبَداً رابِیاً وَ مِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیْهِ فِی النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْیَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْكُثُ فِی الْأَرْضِ كَذلِكَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلَّذِینَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنی وَ الَّذِینَ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ

ص: 4


1- 1. قوله تعالی« مِنْها قائِمٌ» أی باق كالزرع المحصود عافی الاثر. و قوله« تَتْبِیبٍ» أی غیر تخسیر و قوله« وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ» أی و ما نؤخر الیوم الا لانتهاء مدة معدودة متناهیة علی حذف المضاف و إرادة مدة التأجیل كلها بالاجل لا منتهاها فانه غیر معدود. قوله:« زَفِیرٌ وَ شَهِیقٌ» الزفیر اخراج النفس و الشهیق رده و المراد شدة حالهم و كربهم و تشبیه صراخهم بصوت الحمیر. لان الزفیر و الشهیق أول نهاقه و آخره. قوله:« ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ» لیس المراد السماء و الأرض بعینها بل المراد التبعید فان للعرب الفاظا للتبعید فی معنی التأیید یقولون لافعل ذلك ما اختلف اللیل و النهار و ما دامت السموات و الأرض و ما تنبت النبت ظنا منهم أن هذه الأشیاء لا یتغیر و یریدون بذلك التأیید، فخاطبهم سبحانه بالمتعارف من كلامهم علی قدر عقولهم. و قوله« عَطاءً غَیْرَ مَجْذُوذٍ» أی غیر مقطوع و لا ممنوع.

الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ19 أَ فَمَنْ یَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمی إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ 20(1)

إبراهیم: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسی بِآیاتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَی النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ6.

و قال تعالی: قالَتْ رُسُلُهُمْ أَ فِی اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَدْعُوكُمْ لِیَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ یُؤَخِّرَكُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی12.

و قال تعالی: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِیدٍ23 وَ ما ذلِكَ عَلَی اللَّهِ بِعَزِیزٍ24.

و قال تعالی: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا یَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما یُؤَخِّرُهُمْ لِیَوْمٍ تَشْخَصُ فِیهِ الْأَبْصارُ44 مُهْطِعِینَ مُقْنِعِی رُؤُسِهِمْ لا یَرْتَدُّ إِلَیْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ 45وَ أَنْذِرِ النَّاسَ یَوْمَ یَأْتِیهِمُ الْعَذابُ فَیَقُولُ الَّذِینَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ46 نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ47 وَ سَكَنْتُمْ فِی مَساكِنِ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَیَّنَ لَكُمْ كَیْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ48 فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ ذُو انتِقامٍ 49(2)

ص: 5


1- 1. قوله تعالی:« رابِیاً» أن طافیا عالیا فوق الماء. و قوله،« جُفاءً» أی یجفی به أی یرمی به السیل و الفلز المذاب.
2- 2. قوله تعالی:« تَشْخَصُ فِیهِ الْأَبْصارُ» أی تفتح و لا تغمض. و قوله:« مُهْطِعِینَ مُقْنِعِی رُؤُسِهِمْ» أی مسرعین رافعی رءوسهم. و الاهطاع الاسراع، و الاقناع رفع الرأس. و قوله: « لا یَرْتَدُّ إِلَیْهِمْ» أی لا یرجع الیهم أعینهم و لا یطبقونها و لا یغمضونها. قوله« هَواءٌ» أی خالیة من العقل لفزعهم. قوله:« وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ» أی مكروا بالأنبیاء قبلك ما امكنهم من المكر كما مكروا بك فعصمهم اللّٰه من مكرهم كما عصمك.« وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ» أی جزاء مكرهم بحذف المضاف. و قوله:« مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ» أصله مخلف رسله وعده تقدم المفعول الثانی ایذانا بان اللّٰه لا یخلف الوعد أصلا، و إذا لم یخلف رسله وعده أحدا كیف یخلف رسله.

النحل: هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ یَأْتِیَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ36 فَأَصابَهُمْ سَیِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ37. و قال تعالی تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلی أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ 66(1)

الأسری: قُلْ كُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدی سَبِیلًا 87(2)

مریم: إِنْ كُلُّ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِی الرَّحْمنِ عَبْداً95 لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَ عَدَّهُمْ عَدًّا96 وَ كُلُّهُمْ آتِیهِ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَرْداً97 إلی قوله تعالی وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً98(3)

الأنبیاء: وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْیَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِینَ 12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها یَرْكُضُونَ13 لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلی ما أُتْرِفْتُمْ فِیهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ14 قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِینَ15 فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّی جَعَلْناهُمْ حَصِیداً خامِدِینَ إلی قوله تعالی وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ43 قُلْ مَنْ یَكْلَؤُكُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ44 أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَ لا هُمْ مِنَّا یُصْحَبُونَ45 بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتَّی طالَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ أَ فَلا یَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ

ص: 6


1- 1. قوله:« فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ» عبر بالیوم عن زمان الدنیا أو یوم القیامة علی أنه حكایة حال ماضیة كما قاله البیضاوی.
2- 2. الشاكلة الطبیعة و الخلقة أو الطریقة و المذهب أی كل واحد من المؤمن و الكافر یعمل علی طبیعته و خلقته التی تخلق بها. و قیل علی طریقته و سنته التی اعتادها.
3- 3. قوله تعالی:« هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ» أی هل تشعر باحد منهم و تراه. و قوله: « رِكْزاً» الركز الصوت الخفی و أصل التركیب هو الخفاء و منه ركز الرمح إذا غیب طرفه فی الأرض و الركاز المال المدفون.

الْغالِبُونَ 46(1)

الحج: یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْ ءٌ عَظِیمٌ 2یَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَی النَّاسَ سُكاری وَ ما هُمْ بِسُكاری وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِیدٌ3

و قال تعالی: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِیرٌ حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ وَ مَنْ یُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ20 هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ فَالَّذِینَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ یُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِیمُ21 یُصْهَرُ بِهِ ما فِی بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِیدٍ22 كُلَّما أَرادُوا أَنْ یَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِیدُوا فِیها وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ23 إِنَّ اللَّهَ یُدْخِلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ یُحَلَّوْنَ فِیها مِنْ

ص: 7


1- 1. قوله تعالی:« وَ كَمْ قَصَمْنا» أی كم أهلكنا. و القصم- بالفتح-: الكسر، یقال: هو قاصم الجبابرة. و قال البیضاوی هذه الآیة واردة عن غضب عظیم لان القصم كسر یبین تلائم الاجزاء بخلاف الفصم فانه كسر بلا ابانة و قوله تعالی:« یَرْكُضُونَ» أی یهربون سراعا و الركض العدو بشدة الوطی. و قوله« لا تَرْكُضُوا» علی إرادة القول أی قیل لهم استهزاء لا تركضوا و قوله:« ما أُتْرِفْتُمْ فِیهِ» الترفة النعمة و الترف النعم. و قوله:« حَصِیداً خامِدِینَ» أی مثل الحصید و هو البنت المحصود و لذلك لم یجمع. و« خامِدِینَ» ای میتین من خمدت النار. قوله:« وَ حاقَ بِهِمْ»* ای حال بهم وبال استهزائهم و سخریتهم و الفرق بین السخریة و الهزء أن فی السخریة معنی طلب الذلة لان التسخیر التذلیل، و اما الهزء فیقتضی طلب صغر القدر بما یظهر فی القول. قوله:« مَنْ یَكْلَؤُكُمْ» ای یحفظكم و الكلاءة الحفظ. و قوله:« مِنَ الرَّحْمنِ» ای من بأس الرحمن. و قوله:« مُعْرِضُونَ» ای لا یخطرون ببالهم فضلا ان یخافوا بأسه حتّی إذا كلئوا منه عرفوا الكالئ و صلحوا للسؤال. و قوله:« وَ لا هُمْ مِنَّا یُصْحَبُونَ» قال ابن قتیبة ای لا یجیرهم منا أحد لان المجیر صاحب الجار. تقول صحبك اللّٰه ای حفظك اللّٰه و اجارك.

أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِیها حَرِیرٌ24 وَ هُدُوا إِلَی الطَّیِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلی صِراطِ الْحَمِیدِ 25.

و قال تعالی: وَ إِنْ یُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ وَ قَوْمُ إِبْراهِیمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحابُ مَدْیَنَ وَ كُذِّبَ مُوسی فَأَمْلَیْتُ لِلْكافِرِینَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ43 فَكَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِیَ ظالِمَةٌ فَهِیَ خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِیدٍ 44- إلی قوله تعالی- وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ أَمْلَیْتُ لَها وَ هِیَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ47(1)

المؤمنون: حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ102 لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ103 فَإِذا نُفِخَ فِی الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ وَ لا یَتَساءَلُونَ104 فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ105 وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِكَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ

ص: 8


1- 1. قوله تعالی:« تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ» ای تنسأ و الذهول الذهاب عن الشی ء دهشا و حیرة. و قوله:« تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها» ای لو كان ثمّ مرضعة لذهلت او حامل لوضعت و ان لم یكن هناك حامل و لا مرضعة و المراد شدة هول القیامة. و قوله:« هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ» ای فوجان مختصمان و الخصم یستوی فیه المذكر و المؤنث و الواحد و الجمع و لذلك قال:« اخْتَصَمُوا» لانهما جمعان و لیسا برجلین. قوله:« قُطِّعَتْ» ای قدرت علی مقادیر جثتهم ثیاب. و قوله:« یُصْهَرُ بِهِ» الصهر الاذابة ای یذاب و ینضج بذلك الحمیم ما فی بطونهم من الاحشاء و یذاب به الجلود. قوله:« وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِیدٍ» جمع مقمع ای سیاط یجلدون بها. و قوله« ذُوقُوا» أی قیل لهم ذوقوا بحذف القول. قوله« مِنْ أَساوِرَ» جمع اسورة و هی جمع سوار. و هو صفة مفعول محذوف. قوله« فَأَمْلَیْتُ» ای فأمهلت یقال: أملی اللّٰه لفلان فی العمر اذا أخر عنه أجله. قوله« فَكَیْفَ كانَ نَكِیرِ» أی انكاری علیهم بتغییر النعمة محنة و الحیاة هلاكا و العمارة خرابا. قوله« خاوِیَةٌ عَلی عُرُوشِها» أی ساقطة حیطانها علی سقوفها بان تعطلت بنیانها فخرت سقوفها ثمّ تهدمت حیطانها فسقطت فوق السقف.« خاوِیَةٌ» بمعنی خالیة أی خالیة مع بقاء عروشها و سلامتها فیكون الجار متعلقة بخاویة.

فِی جَهَنَّمَ خالِدُونَ 106(1)

النور: أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَدْ یَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ یَوْمَ یُرْجَعُونَ إِلَیْهِ فَیُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ 64(2)

النمل: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِی حَرَّمَها وَ لَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ93 وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِینَ94 وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَیُرِیكُمْ آیاتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 95.

القصص وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولی بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدیً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ 43- إلی قوله - وَ لكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ 44(3)

الروم: قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِینَ 42 فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّینِ الْقَیِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ یَصَّدَّعُونَ 43 مَنْ كَفَرَ فَعَلَیْهِ كُفْرُهُ وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ یَمْهَدُونَ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْكافِرِینَ 45 -إلی

ص: 9


1- 1. قوله تعالی« وَ مِنْ وَرائِهِمْ» الوراء هنا بمعنی الامام كقوله تعالی« وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ یَأْخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ» و قوله« بَرْزَخٌ» البرزخ الحاجز بین الشیئین. قوله« فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ» ای لا یتواصلون بالأنساب و لا یتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا.
2- 2. قوله« ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ» أی من الخیرات و المعاصی و الایمان و النفاق. و« یوم» منصوب بالعطف علی محذوف هو ظرف زمان و التقدیر ما أنتم تثبتون علیه الآن و یوم یرجعون، خرج من الخطاب الی الغیبة.
3- 3. قوله تعالی« بَصائِرَ لِلنَّاسِ» البصائر الحجج و البراهین للناس و العبر یبصرون بها و هی بدل من التوراة. و البصائر جمع البصیرة و هی نور القلب. قوله« فَتَطاوَلَ عَلَیْهِمُ الْعُمُرُ» العمر بضمتین: الحیاة كما فی القاموس ای فطال علیهم مدة انقطاع الوحی فاندرست الشرائع فأوحینا الیك خبر موسی و غیره. فالمستدرك الوحی إلیه فحذف و اقیم سببه مقامه.

قوله- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلی قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِینَ أَجْرَمُوا وَ كانَ حَقًّا عَلَیْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِینَ 47(1)

التنزیل: أَ وَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ أَ فَلا یَسْمَعُونَ 26(2)

سبأ: أَ فَلَمْ یَرَوْا إِلی ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَیْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِیبٍ 10.

و قال تعالی: وَ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ ما یَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْیاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِی شَكٍّ مُرِیبٍ 54(3)

فاطر: یا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَی اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ16 إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْكُمْ وَ یَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِیدٍ17 وَ ما ذلِكَ عَلَی اللَّهِ بِعَزِیزٍ18 - إلی قوله - أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعْجِزَهُ مِنْ شَیْ ءٍ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِیماً قَدِیراً 43(4)

یس: یا حَسْرَةً عَلَی الْعِبادِ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ 29 أَ لَمْ یَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَیْهِمْ لا یَرْجِعُونَ 30 وَ إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ 31.

و قال تعالی: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلی أَعْیُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّی یُبْصِرُونَ 66

ص: 10


1- 1. قوله« فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِینَ أَجْرَمُوا وَ كانَ حَقًّا- الآیة» أی فانتقمنا من المذنبین و دفعنا العذاب عن المؤمنین و كان واجبا علینا نصرهم.
2- 2. قوله تعالی« یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ» یعنی یمرون أهل مكّة فی متاجرهم علی دیارهم و قوله« أَ فَلا یَسْمَعُونَ» أی سماع تدبر.
3- 3. قوله تعالی« كِسَفاً» الكسفة: القطعة من الشی ء. قوله« منیب» أی راجع الی ربه فانه یكون كثیر التأمل فی أمره و قوله« فِی شَكٍّ مُرِیبٍ» ای فی شك مشكك كما قالوا عجب عجیب.
4- 4. قوله« لِیُعْجِزَهُ مِنْ شَیْ ءٍ» أی لم یكن اللّٰه یفوته شی ء قوله« مِنْ شَیْ ءٍ» فاعل لیعجزه و« من» مزیدة.

وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلی مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِیًّا وَ لا یَرْجِعُونَ 67(1)

الزمر: قُلْ إِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّینَ وَ أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِینَ14 قُلْ إِنِّی أَخافُ إِنْ عَصَیْتُ رَبِّی عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ15 قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِینِی16 فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ17 لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ یُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ یا عِبادِ فَاتَّقُونِ18 وَ الَّذِینَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ یَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَی اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْری فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ 19 أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ20 لكِنِ الَّذِینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِیَّةٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا یُخْلِفُ اللَّهُ الْمِیعادَ 21.

و قال تعالی: أَ فَمَنْ یَتَّقِی بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ قِیلَ لِلظَّالِمِینَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ 26 كَذَّبَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ 27 فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْیَ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ 28.

و قال تعالی: وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ یَكُونُوا یَحْتَسِبُونَ 48 وَ بَدا لَهُمْ سَیِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ 49(2)

المؤمن: أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِی الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ

ص: 11


1- 1. قوله« وَ إِنْ كُلٌّ لَمَّا» ان مخففة من الثقلیة و اللام هی الفارقة. و« ما» مزیدة للتأكید و« كل» أصله كلهم. و معناه ان الأمم كلهم یوم القیامة یحضرون فیقفون علی ما عملوه فی الدنیا. و قوله« لَطَمَسْنا» الطمس محو الشی ء حتّی یذهب أثره. قوله« فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ» انتصاب الصراط بنزع الخافض أی الی الطریق. قوله« مُضِیًّا وَ لا یَرْجِعُونَ» أی لم یقدروا علی ذهاب و لا مجی ء.
2- 2. قوله تعالی« إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ»« الذین» خبر« ان» و قوله« لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ» الظلل جمع الظلة و هی السترة العالیة و هذا شرح لخسرانهم. و الانقاذ: الانجاء.

اللَّهِ مِنْ واقٍ22 ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ 23.

و قال تعالی: یا قَوْمِ ما لِی أَدْعُوكُمْ إِلَی النَّجاةِ وَ تَدْعُونَنِی إِلَی النَّارِ- تَدْعُونَنِی لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ أُشْرِكَ بِهِ ما لَیْسَ لِی بِهِ عِلْمٌ وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَی الْعَزِیزِ الْغَفَّارِ45 لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِی إِلَیْهِ لَیْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِی الدُّنْیا وَ لا فِی الْآخِرَةِ وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَی اللَّهِ وَ أَنَّ الْمُسْرِفِینَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ46 فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَی اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ47 فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ 48(1)

حم عسق: وَ تَرَی الظَّالِمِینَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ یَقُولُونَ هَلْ إِلی مَرَدٍّ مِنْ سَبِیلٍ- وَ تَراهُمْ یُعْرَضُونَ عَلَیْها خاشِعِینَ مِنَ الذُّلِّ یَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ وَ قالَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِینَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِینَ فِی عَذابٍ مُقِیمٍ45 وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِیاءَ یَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِیلٍ46 اسْتَجِیبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ یَوْمَئِذٍ وَ ما لَكُمْ مِنْ نَكِیرٍ47(2)

الزخرف: وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِیٍّ فِی الْأَوَّلِینَ6 وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ 7 فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضی مَثَلُ الْأَوَّلِینَ - إلی قوله

ص: 12


1- 1. قوله تعالی« تَدْعُونَنِی لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ» بدل أو بیان فیه تعلیل و الدعاء كالهدایة فی التعدیة بالی و اللام. و قوله« ما لَیْسَ لِی بِهِ عِلْمٌ» أی بربوبیته علم و المراد نفی المعلوم و الاشعار بأن الالوهیة لا بدّ لها من برهان.
2- 2. قوله تعالی« وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ» أی من یخلیه اللّٰه و ضلاله لیس له معین من بعد خذلان اللّٰه. و قوله« هَلْ إِلی مَرَدٍّ» أی رجوع و ردّ الی الدنیا. و قوله« وَ تَراهُمْ یُعْرَضُونَ عَلَیْها» أی علی النار و یدلّ علیها العذاب. و قوله« مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍّ» أی ضعیف النظر مسارقة و« من» ابتدائیة أو بمعنی الباء. و ذلك لما علیهم من الهوان یسارقون النظر الی النار خوفا منها.

تعالی - وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِی قَرْیَةٍ مِنْ نَذِیرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلی أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلی آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ23 قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدی مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَیْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ24 فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ25(1)

الدخان: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ26 وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ 27 كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ 28 فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ 29(2)

الأحقاف: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِیما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِیهِ وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً فَما أَغْنی عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَ لا أَبْصارُهُمْ وَ لا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَیْ ءٍ إِذْ كانُوا یَجْحَدُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ 26(3)

ق: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِیصٍ 35 إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَی السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِیدٌ 36(4)

ص: 13


1- 1. قوله تعالی« أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضی مَثَلُ الْأَوَّلِینَ» البطش الاخذ الشدید و« مضی» أی و سلف فی القرآن قصصهم العجیبة. و قوله« مُتْرَفُوها» هم المتنعمون الذین آثروا الترفة علی طلب الحجة یرید الرؤساء، و تخسیس المترفین اشعار بان التنعم و حبّ البطالة صرفهم عن النظر الی التقلید.
2- 2. قوله تعالی« وَ نَعْمَةٍ» قال فی القاموس النعمة بالكسر الدعة و المال و الاسم النعمة بالفتح. و قوله« مُنْظَرِینَ» أی مهملین الی وقت آخر.
3- 3. قوله تعالی« وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِیما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ»« ان» نافیة بمعنی« ما» النافیة، و هو أی« ان» فی النفی مع« ما» الموصولة بمعنی الذی أحسن فی اللفظ من« ما» النافیة.
4- 4. قوله تعالی« بَطْشاً» أی قوة. و قوله« فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ» أی فتحوا المسالك فی البلاد لشدة بطشهم. و قوله« هَلْ مِنْ مَحِیصٍ» أی هل وجدوا مفرا من الموت. و فی القاموس محص منی أی هرب. و قوله:« لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ» أی عقل یتفكر و یتدبر. و قوله:« أَوْ أَلْقَی السَّمْعَ» أی أصغی لاستماعه. و قوله« هُوَ شَهِیدٌ» أی شاهد بصدقه فیتعظ بظواهره و ینزجر بزواجره.

الواقعة: نَحْنُ قَدَّرْنا بَیْنَكُمُ الْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ عَلی أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْ فِی ما لا تَعْلَمُونَ 61(1)

التغابن: هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ- یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ- أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ- ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ یَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوْا وَ اسْتَغْنَی اللَّهُ وَ اللَّهُ غَنِیٌّ حَمِیدٌ6(2)

الطلاق: وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِیداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً- فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَ كانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً- أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَاتَّقُوا اللَّهَ یا أُولِی الْأَلْبابِ 10(3)

الملك: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ قِیلَ هذَا الَّذِی كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ27 قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِیَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِیَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ یُجِیرُ الْكافِرِینَ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ28 قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَ عَلَیْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِی ضَلالٍ

ص: 14


1- 1. قوله تعالی:« وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ» أی لا یسبقنا أحد فیهرب من الموت أو لا یسبقنا أحد منكم علی ما قدرنا له من الموت حتّی یزید فی مقدار حیاته، أو لا یسبقنا خالق و لا مقدر فی الخلق و التقدیر و فعلنا ما فعلنا و لم یكن لما فعلناه مثال و انا لقادرون. و قوله:« عَلی أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ» أی لسنا بعاجزین علی خلقكم و بعثكم ثانیا، او علی ان نبدل منكم اشباهكم فنخلق بدلكم. و قوله:« نُنْشِئَكُمْ» أی نوجدكم بعد أن نفنیكم و قوله« فِی ما لا تَعْلَمُونَ» أی فی نشأة لا تعلمون كیفیتها.
2- 2. قوله تعالی« فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ» أی ضرر كفرهم فی الدنیا و أصل الوبال الثقل. و النكر هو عذاب الاستیصال. و قوله:« فَحاسَبْناها حِساباً شَدِیداً» أی بالاستقصاء و المناقشة.
3- 3. قوله تعالی:« عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها» أی عتوا علی اللّٰه و رسله و جاوزوا الحد فی المخالفة.

مُبِینٍ29 قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ 30(1)

المعارج: أَ یَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِیمٍ38 كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا یَعْلَمُونَ39 فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ40 عَلی أَنْ نُبَدِّلَ خَیْراً مِنْهُمْ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ41 فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا وَ یَلْعَبُوا حَتَّی یُلاقُوا یَوْمَهُمُ الَّذِی یُوعَدُونَ42 یَوْمَ یَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلی نُصُبٍ یُوفِضُونَ 43خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْیَوْمُ الَّذِی كانُوا یُوعَدُونَ 44(2)

القیامة: وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ22 إِلی رَبِّها ناظِرَةٌ23 وَ وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ یُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ25 كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِیَ26 وَ قِیلَ مَنْ راقٍ27 وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ28 وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ29 إِلی رَبِّكَ یَوْمَئِذٍ الْمَساقُ30 فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی31 وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّی32 ثُمَّ ذَهَبَ إِلی أَهْلِهِ یَتَمَطَّی33 أَوْلی لَكَ فَأَوْلی34 ثُمَّ أَوْلی لَكَ فَأَوْلی 35 أَ یَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ یُتْرَكَ سُدیً36 أَ لَمْ یَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی37 ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّی38 فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی 39 أَ لَیْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلی أَنْ یُحْیِیَ الْمَوْتی 40(3)

ص: 15


1- 1. قوله تعالی« سِیئَتْ وُجُوهُ الَّذِینَ كَفَرُوا» أی بان علیها الكأبة و الحزن و ساءتها رؤیة العذاب. و قوله:« تَدَّعُونَ» أی تطلبون و تستعجلون به، تفتعلون من الدعاء. أو به تدعون، أو بسببه تدعون أن لا بعث فهو من الدعوی. قوله:« غَوْراً» بمعنی غائرا مصدر وصف به و قوله:« بِماءٍ مَعِینٍ» أی جار، أو ظاهر سهل التناول.
2- 2. قوله تعالی« فَلا أُقْسِمُ»« لا» مزیدة للتأكید و المراد بالمشارق: قیل للشمش ثلاثمائة و ستون مشرقا و ثلاثمائة و ستون مغربا، فی كل یوم له مشرق و مغرب. و قوله:« فَذَرْهُمْ یَخُوضُوا» أی اتركهم فی باطلهم. قوله:« مِنَ الْأَجْداثِ» أی من القبور. قوله:« سِراعاً» أی مسرعین. قوله« كَأَنَّهُمْ إِلی نُصُبٍ» أی الی منصوبات للعبادة او أعلام.« یوفضون» أی یسرعون. قوله:« تَرْهَقُهُمْ» أی تغشاهم.
3- 3. قوله تعالی:« ناضِرَةٌ» أی حسنة مضیئة مشرقة« إِلی رَبِّها ناظِرَةٌ» أی ینتظر ثواب ربها. ورد فی الحدیث« ینتهی اولیاء اللّٰه بعد ما یفرغ من الحساب الی نهر یسمی الحیوان. فیغتسلون فیه و یشربون منه فتبیض وجوههم اشراقا فیذهب عنهم كل قذی و وعث ثمّ یؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ینظرون الی ربهم كیف یثیبهم قال فذلك قوله تعالی« إِلی رَبِّها ناظِرَةٌ» و انما یعنی بالنظر إلیه النظر الی ثوابه تبارك و تعالی و قال: و الناظرة فی بعض اللغة هی المنتظرة أ لم تسمع الی قوله:« فَناظِرَةٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ» أی منتظرة. و قوله:« وَ وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ» أی كالحة شدیدة العبوس.« تَظُنُّ أَنْ یُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ» أی تتوقع أرباب تلك الوجوه أو توقن أن یفعل بها داهیة عظیمة تكسر قفار الظهر. و قوله: « إِذا بَلَغَتِ التَّراقِیَ» أی إذا بلغت النفس الترقوة( گلوگاه). و قوله:« وَ قِیلَ مَنْ راقٍ» أی یقال له: من یرقیك ممّا بك؟ یعنی هل من طبیب؟ و قوله:« وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ» أی أیقن أن الذی نزل به فراق الدنیا و محابها و علم بمفارقة الاحبة. قوله:« وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ» أی التوت شدة فراق الدنیا بشدة خوف الآخرة، أو التوت احدی ساقیه بالاخری عند الموت. و المساق المصیر. و قوله:« یَتَمَطَّی» أی یتبختر افتخارا فی مشیته اعجابا بنفسه. قوله:« أَوْلی لَكَ» كلمة وعید و تهدید أی بعدا لك من خیر الدنیا و بعدا لك من خیر الآخرة. و قیل معناه: الذم أولی لك من تركه. و قوله:« سُدیً» أی مهملا لا یحاسب و لا یسأل و لا یعاقب.

المرسلات: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِینَ16 ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِینَ17 كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِینَ19 وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ (1)

النبأ: إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِیباً یَوْمَ یَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ یَداهُ وَ یَقُولُ الْكافِرُ یا لَیْتَنِی كُنْتُ تُراباً41(2)

عبس: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ33 یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ34 وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ 35وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِیهِ36 لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ یَوْمَئِذٍ شَأْنٌ یُغْنِیهِ37 وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ 38ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ39 وَ وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ عَلَیْها غَبَرَةٌ40 تَرْهَقُها قَتَرَةٌ41 أُولئِكَ هُمُ

ص: 16


1- 1. قوله تعالی:« وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ» الویل فی الأصل مصدر منصوب باضمار فعله عدل به الی الرفع للدلالة علی ثبات الهلاك للمدعو علیه و« یومئذ» ظرفه أو صفته.
2- 2. قوله:« یا لَیْتَنِی كُنْتُ تُراباً» أی فی الدنیا فلم أخلق و لم أكلف، أو فی هذا الیوم فلم أبعث لم و انشر.

الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ42(1)

الإنفطار: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِی نَعِیمٍ13 وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِی جَحِیمٍ14 یَصْلَوْنَها یَوْمَ الدِّینِ 15(2)

المطففین: أَ لا یَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ4 لِیَوْمٍ عَظِیمٍ5 یَوْمَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ6

الغاشیة: هَلْ أَتاكَ حَدِیثُ الْغاشِیَةِ1 وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ2 عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلی ناراً حامِیَةً4 تُسْقی مِنْ عَیْنٍ آنِیَةٍ5 لَیْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِیعٍ6 لا یُسْمِنُ وَ لا یُغْنِی مِنْ جُوعٍ7 وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ8 لِسَعْیِها راضِیَةٌ9 فِی جَنَّةٍ عالِیَةٍ10 لا تَسْمَعُ فِیها لاغِیَةً11 فِیها عَیْنٌ جارِیَةٌ12 فِیها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ13 وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ 14وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ15 وَ زَرابِیُّ مَبْثُوثَةٌ26(3).

ص: 17


1- 1. قوله تعالی« فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ» أی النفحة وصفت بها مجازا لان الناس یصخون لها. و قوله:« شَأْنٌ یُغْنِیهِ» أی یشغله عن غیره. قوله:« وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» أی مضیئة بما تری من النعم. و« وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ عَلَیْها غَبَرَةٌ» أی علیها غبار و كدورة و« تَرْهَقُها قَتَرَةٌ» أی یغشیها سواد و ظلمة.
2- 2. قوله تعالی:« یَصْلَوْنَها یَوْمَ الدِّینِ» أی یدخلونها و یقاسون حرها و یلزمونها بكونهم فیها. و یوم الدین ای یوم الجزاء و الحساب.
3- 3. قوله تعالی:« الْغاشِیَةِ» یعنی القیامة لأنّها تغشی الخلائق باهوالها. قوله: « ناصِبَةٌ» ای عملت و نصبت فی اعمال لا یعنیها او نصب و تعب بالسلاسل و الاغلال. قوله: « آنِیَةٍ» ای شدیدة الحرارة بلغت إناها فی الحر، قوله« حامِیَةً» ای متناهیة فی الحر. « الضریع» هو نوع من الشوك لا ترعاه دابة لخبثه، أمرّ من الصبر و أنتن من الجیفة و أشد حرا من النار، سماه اللّٰه تعالی الضریع كما فی الروایة. قوله« ناعِمَةٌ» ای ذاب بهجة او متنعمة. و قوله:« لاغِیَةً» أی الهزل و الكذب. و قوله:« وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ» أی وسائد مرتبة بعضها بجنب بعض یستند إلیها. و« أَكْوابٌ» جمع كوب أی اقداح لا عری لها. قوله:« وَ زَرابِیُّ مَبْثُوثَةٌ» أی بسط فاخرة مبسوطة لها خمل.

باب 2 مواعظ اللّٰه عز و جل فی سائر الكتب السماوی و فی الحدیث القدسی و فی مواعظ جبرئیل علیه السلام

«1»- ن (1)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] تَمِیمٌ الْقُرَشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْهَرَوِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام یَقُولُ: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنْ أَنْبِیَائِهِ إِذَا أَصْبَحْتَ فَأَوَّلُ شَیْ ءٍ یَسْتَقْبِلُكَ فَكُلْهُ وَ الثَّانِی فَاكْتُمْهُ وَ الثَّالِثُ فَاقْبَلْهُ وَ الرَّابِعُ فَلَا تُؤْیِسْهُ وَ الْخَامِسُ فَاهْرَبْ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ مَضَی فَاسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ أَسْوَدُ عَظِیمٌ فَوَقَفَ وَ قَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ آكُلَ هَذَا وَ بَقِیَ مُتَحَیِّراً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ رَبِّی جَلَّ جَلَالُهُ لَا یَأْمُرُنِی إِلَّا بِمَا أُطِیقُ فَمَشَی إِلَیْهِ لِیَأْكُلَهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ صَغُرَ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ فَوَجَدَهُ لُقْمَةً فَأَكَلَهَا فَوَجَدَهَا أَطْیَبَ شَیْ ءٍ أَكَلَهُ ثُمَّ مَضَی فَوَجَدَ طَسْتاً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَكْتُمَ هَذَا فَحَفَرَ لَهُ حُفْرَةً وَ جَعَلَهُ فِیهِ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ التُّرَابَ ثُمَّ مَضَی فَالْتَفَتَ فَإِذَا الطَّسْتُ قَدْ ظَهَرَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَمَضَی فَإِذَا هُوَ بِطَیْرٍ وَ خَلْفَهُ بَازِیٌّ فَطَافَ الطَّیْرُ حَوْلَهُ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَقْبَلَ هَذَا فَفَتَحَ كُمَّهُ فَدَخَلَ الطَّیْرُ فِیهِ فَقَالَ لَهُ الْبَازِی أَخَذْتَ صَیْدِی وَ أَنَا خَلْفَهُ مُنْذُ أَیَّامٍ فَقَالَ إِنَّ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ لَا أُویِسَ هَذَا فَقَطَعَ مِنْ فَخِذِهِ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إِلَیْهِ ثُمَّ مَضَی فَلَمَّا مَضَی فَإِذَا هُوَ بِلَحْمِ مَیْتَةٍ مُنْتِنٍ مَدُودٍ فَقَالَ أَمَرَنِی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَهْرُبَ مِنْ هَذَا فَهَرَبَ مِنْهُ وَ رَجَعَ وَ رَأَی فِی الْمَنَامِ كَأَنَّهُ قَدْ قِیلَ لَهُ إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَهَلْ تَدْرِی مَا ذَا كَانَ قَالَ لَا قِیلَ لَهُ أَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ الْغَضَبُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا غَضِبَ لَمْ یَرَ نَفْسَهُ وَ جَهِلَ قَدْرَهُ مِنْ عِظَمِ الْغَضَبِ فَإِذَا حَفِظَ نَفْسَهُ وَ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ سَكَنَ غَضَبُهُ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ كَاللُّقْمَةِ الطَّیِّبَةِ الَّتِی أَكَلَهَا.

ص: 18


1- 1. عیون أخبار الرضا« ع» ص 152.

وَ أَمَّا الطَّسْتُ فَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ إِذَا كَتَمَهُ الْعَبْدُ وَ أَخْفَاهُ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا أَنْ یُظْهِرَهُ لِیُزَیِّنَهُ بِهِ مَعَ مَا یَدَّخِرُ لَهُ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ.

وَ أَمَّا الطَّیْرُ فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ بِنَصِیحَةٍ فَاقْبَلْهُ وَ اقْبَلْ نَصِیحَتَهُ.

وَ أَمَّا الْبَازِی فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِی یَأْتِیكَ فِی حَاجَةٍ فَلَا تُؤْیِسْهُ.

وَ أَمَّا اللَّحْمُ الْمُنْتِنُ فَهِیَ الْغِیبَةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا.

«2»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ(1) عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّ أَبَاهُ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ مَا تُنْصِفُنِی أَتَحَبَّبُ إِلَیْكَ بِالنِّعَمِ وَ تَتَمَقَّتُ إِلَیَّ بِالْمَعَاصِی خَیْرِی عَلَیْكَ مُنْزَلٌ وَ شَرُّكَ إِلَیَّ صَاعِدٌ وَ لَا یَزَالُ مَلَكٌ كَرِیمٌ یَأْتِینِی عَنْكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ بِعَمَلٍ قَبِیحٍ یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ سَمِعْتَ وَصْفَكَ مِنْ غَیْرِكَ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ مَنِ الْمَوْصُوفُ لَسَارَعْتَ إِلَی مَقْتِهِ.

ما(2)، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ وَ فِیهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ بِعَمَلٍ غَیْرِ صَالِحٍ.

«3»- مع، [معانی الأخبار] ل، [الخصال] لی (3)،[الأمالی] للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ عُرْوَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَهْبِیِ (4) جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ زَافِرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنْ أَبِی حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ

ص: 19


1- 1. العیون ص 197 و راجع فی بیان المراد بالأسانید الثلاثة المجلد الأول ص 51 باب تلخیص المصادر.
2- 2. الأمالی ج 1 ص 126 و 281 و ج 2 ص 183.
3- 3. معانی الأخبار ص 178. الخصال ج 1 ص 7. الأمالی المجلس الحادی و الأربعون ص 141.
4- 4. فی بعض النسخ« الدهنی».

وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِیٌّ بِهِ (1) وَ اعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِیَامُهُ بِاللَّیْلِ وَ عِزَّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ.

«4»- مع (2)،[معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ فِی حَدِیثٍ مَرْفُوعٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ بِهَدِیَّةٍ لَمْ یُعْطِهَا أَحَداً قَبْلَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ وَ مَا هِیَ قَالَ الصَّبْرُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الرِّضَا وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الزُّهْدُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْإِخْلَاصُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْیَقِینُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّ مَدْرَجَةَ ذَلِكَ التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ وَ مَا التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا یَضُرُّ وَ لَا یَنْفَعُ وَ لَا یُعْطِی وَ لَا یَمْنَعُ وَ اسْتِعْمَالُ الْیَأْسِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ لَمْ یَعْمَلْ لِأَحَدٍ سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ یَرْجُ وَ لَمْ یَخَفْ سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ یَطْمَعْ فِی أَحَدٍ سِوَی اللَّهِ فَهَذَا هُوَ التَّوَكُّلُ قَالَ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الصَّبْرِ قَالَ تَصْبِرُ فِی الضَّرَّاءِ كَمَا تَصْبِرُ فِی السَّرَّاءِ وَ فِی الْفَاقَةِ كَمَا تَصْبِرُ فِی الْغِنَی وَ فِی الْبَلَاءِ كَمَا تَصْبِرُ فِی الْعَافِیَةِ فَلَا یَشْكُو حَالَهُ عِنْدَ الْخَلْقِ بِمَا یُصِیبُ مِنَ الْبَلَاءِ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الْقَنَاعَةِ قَالَ یَقْنَعُ بِمَا یُصِیبُ مِنَ الدُّنْیَا یَقْنَعُ بِالْقَلِیلِ وَ یَشْكُرُ الْیَسِیرَ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الرِّضَا قَالَ الرَّاضِی لَا یَسْخَطُ عَلَی سَیِّدِهِ أَصَابَ الدُّنْیَا أَمْ لَا وَ لَا یَرْضَی لِنَفْسِهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الزُّهْدِ قَالَ الزَّاهِدُ یُحِبُّ مَنْ یُحِبُّ خَالِقَهُ وَ یُبْغِضُ مَنْ یُبْغِضُ خَالِقَهُ وَ یَتَحَرَّجُ (3) مِنْ حَلَالِ الدُّنْیَا وَ لَا یَلْتَفِتُ إِلَی حَرَامِهَا فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ یَرْحَمُ جَمِیعَ الْمُسْلِمِینَ كَمَا یَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ یَتَحَرَّجُ مِنَ الْكَلَامِ

ص: 20


1- 1. إلی هنا رواه الشیخ فی أمالیه ج 2 ص 203 من حدیث جعفر بن محمّد عن آبائه عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- 2. معانی الأخبار ص 260.
3- 3. التحرج، التجنب.

كَمَا یَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَیْتَةِ الَّتِی قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا وَ یَتَحَرَّجُ عَنْ حُطَامِ الدُّنْیَا(1) وَ زِینَتِهَا كَمَا یَتَجَنَّبُ النَّارَ أَنْ تَغْشَاهُ وَ یَقْصُرُ أَمَلَهُ وَ كَانَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَجَلُهُ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَمَا تَفْسِیرُ الْإِخْلَاصِ قَالَ الْمُخْلِصُ الَّذِی لَا یَسْأَلُ النَّاسَ شَیْئاً حَتَّی یَجِدَ وَ إِذَا وَجَدَ رَضِیَ وَ إِذَا بَقِیَ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ أَعْطَاهُ فِی اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَسْأَلِ الْمَخْلُوقَ فَقَدْ أَقَرَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْعُبُودِیَّةِ وَ إِذَا وَجَدَ فَرَضِیَ فَهُوَ عَنِ اللَّهِ رَاضٍ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْهُ رَاضٍ وَ إِذَا أَعْطَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُوَ عَلَی حَدِّ الثِّقَةِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ فَمَا تَفْسِیرُ الْیَقِینِ قَالَ الْمُوقِنُ یَعْمَلُ لِلَّهِ كَأَنَّهُ یَرَاهُ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ یَرَی اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ یَرَاهُ وَ أَنْ یَعْلَمَ یَقِیناً أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُخْطِیهِ وَ أَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ وَ هَذَا كُلُّهُ أَغْصَانُ التَّوَكُّلِ وَ مَدْرَجَةُ الزُّهْدِ.

«5»- ل (2)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْكُمَیْدَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام عِظْنِی فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِیهِ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ صَلَاتُهُ بِاللَّیْلِ وَ عِزُّهُ كَفُّهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ.

«6»- عَنْ كِتَابِ إِرْشَادِ الْقُلُوبِ لِلدَّیْلَمِیِ (3)، رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ لَیْلَةَ الْمِعْرَاجِ فَقَالَ یَا رَبِّ أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَ شَیْ ءٌ عِنْدِی أَفْضَلَ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَیَّ وَ الرِّضَا بِمَا قَسَمْتُ یَا مُحَمَّدُ وَجَبَتْ مَحَبَّتِی لِلْمُتَحَابِّینَ فِیَّ وَ وَجَبَتْ مَحَبَّتِی لِلْمُتَعَاطِفِینَ فِیَّ وَ وَجَبَتْ مَحَبَّتِی لِلْمُتَوَاصِلِینَ فِیَّ وَ وَجَبَتْ مَحَبَّتِی لِلْمُتَوَكِّلِینَ عَلَیَّ وَ لَیْسَ لِمَحَبَّتِی عَلَمٌ (4) وَ لَا غَایَةٌ وَ لَا نِهَایَةٌ وَ كُلَّمَا رَفَعْتُ لَهُمْ عَلَماً وَضَعْتُ لَهُمْ عَلَماً أُولَئِكَ الَّذِینَ نَظَرُوا إِلَی

ص: 21


1- 1. الحطام الفتاة و ما یحطم من عیدان الزرع إذا یبس. و المال القلیل.
2- 2. الخصال ج 1 ص 7.
3- 3. الباب الرابع و الخمسون هكذا بدون ذكر السند.
4- 4. بفتحتین كنایة عن عدم المحدودیة.

الْمَخْلُوقِینَ بِنَظَرِی إِلَیْهِمْ وَ لَا یَرْفَعُوا الْحَوَائِجَ إِلَی الْخَلْقِ بُطُونُهُمْ خَفِیفَةٌ مِنْ أَكْلِ الْحَلَالِ نَعِیمُهُمْ فِی الدُّنْیَا ذِكْرِی وَ مَحَبَّتِی وَ رِضَایَ عَنْهُمْ- یَا أَحْمَدُ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَكُونَ أَوْرَعَ النَّاسِ فَازْهَدْ فِی الدُّنْیَا وَ ارْغَبْ فِی الْآخِرَةِ فَقَالَ یَا إِلَهِی كَیْفَ أَزْهَدُ فِی الدُّنْیَا وَ أَرْغَبُ فِی الْآخِرَةِ قَالَ خُذْ مِنَ الدُّنْیَا خِفّاً(1) مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ اللِّبَاسِ وَ لَا تَدَّخِرْ لِغَدٍ وَ دُمْ عَلَی ذِكْرِی فَقَالَ یَا رَبِّ وَ كَیْفَ أَدُومُ عَلَی ذِكْرِكَ فَقَالَ بِالْخَلْوَةِ عَنِ النَّاسِ وَ بُغْضِكَ الْحُلْوَ وَ الْحَامِضَ وَ فَرَاغِ بَطْنِكَ وَ بَیْتِكَ مِنَ الدُّنْیَا- یَا أَحْمَدُ فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الصَّبِیِّ إِذَا نَظَرَ إِلَی الْأَخْضَرِ وَ الْأَصْفَرِ أَحَبَّهُ وَ إِذَا أُعْطِیَ شَیْئاً مِنَ الْحُلْوِ وَ الْحَامِضِ اغْتَرَّ بِهِ فَقَالَ یَا رَبِّ دُلَّنِی عَلَی عَمَلٍ أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَیْكَ قَالَ اجْعَلْ لَیْلَكَ نَهَاراً وَ نَهَارَكَ لَیْلًا قَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ اجْعَلْ نَوْمَكَ صَلَاةً وَ طَعَامَكَ الْجُوعَ- یَا أَحْمَدُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ ضَمِنَ لِی بِأَرْبَعِ خِصَالٍ إِلَّا أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ یَطْوِی لِسَانَهُ فَلَا یَفْتَحُهُ إِلَّا بِمَا یَعْنِیهِ وَ یَحْفَظُ قَلْبَهُ مِنَ الْوَسْوَاسِ وَ یَحْفَظُ عِلْمِی وَ نَظَرِی إِلَیْهِ وَ تَكُونُ قُرَّةُ عَیْنِهِ الْجُوعَ- یَا أَحْمَدُ لَوْ(2)

ذُقْتَ حَلَاوَةَ الْجُوعِ وَ الصَّمْتِ وَ الْخَلْوَةِ وَ مَا وَرِثُوا مِنْهَا قَالَ یَا رَبِّ مَا مِیرَاثُ الْجُوعِ قَالَ الحِكْمَةُ وَ حِفْظُ الْقَلْبِ وَ التَّقَرُّبُ إِلَیَّ وَ الْحُزْنُ الدَّائِمُ وَ خِفَّةُ الْمَئُونَةِ بَیْنَ النَّاسِ وَ قَوْلُ الْحَقِّ وَ لَا یُبَالِی عَاشَ بِیُسْرٍ أَوْ بِعُسْرٍ- یَا أَحْمَدُ هَلْ تَدْرِی بِأَیِّ وَقْتٍ یَتَقَرَّبُ الْعَبْدُ إِلَی اللَّهِ قَالَ لَا یَا رَبِّ قَالَ إِذَا كَانَ جَائِعاً أَوْ سَاجِداً- یَا أَحْمَدُ عَجِبْتُ مِنْ ثَلَاثَةِ عَبِیدٍ عَبْدٌ دَخَلَ فِی الصَّلَاةِ وَ هُوَ یَعْلَمُ إِلَی مَنْ یَرْفَعُ یَدَیْهِ وَ قُدَّامَ مَنْ هُوَ وَ هُوَ یَنْعُسُ (3)

وَ عَجِبْتُ مِنْ عَبْدٍ لَهُ قُوتُ یَوْمٍ مِنَ الْحَشِیشِ أَوْ غَیْرِهِ وَ هُوَ یَهْتَمُّ لِغَدٍ وَ عَجِبْتُ مِنْ عَبْدٍ لَا یَدْرِی أَنِّی رَاضٍ عَنْهُ أَمْ سَاخِطٌ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَضْحَكُ.

ص: 22


1- 1. بكسر الخاء من الخفیف.
2- 2. للتمنی.
3- 3. النعاس أول النوم و هو الحالة التی یحتاج الإنسان فیها الی النوم.

یَا أَحْمَدُ إِنَّ فِی الْجَنَّةِ قَصْراً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ فَوْقَ لُؤْلُؤَةٍ وَ دُرَّةٍ فَوْقَ دُرَّةٍ لَیْسَ فِیهَا قَصْمٌ وَ لَا وَصْلٌ فِیهَا الْخَوَاصُّ أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعِینَ مَرَّةً وَ أُكَلِّمُهُمْ كُلَّمَا نَظَرْتُ إِلَیْهِمْ أَزِیدُ فِی مُلْكِهِمْ سَبْعِینَ ضِعْفاً وَ إِذَا تَلَذَّذَ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِالطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ تَلَذَّذُوا بِكَلَامِی وَ ذِكْرِی وَ حَدِیثِی قَالَ یَا رَبِّ مَا عَلَامَاتُ أُولَئِكَ قَالَ هُمْ فِی الدُّنْیَا مَسْجُونُونَ قَدْ سَجَنُوا أَلْسِنَتَهُمْ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ وَ بُطُونَهُمْ مِنْ فُضُولِ الطَّعَامِ- یَا أَحْمَدُ إِنَّ الْمَحَبَّةَ لِلَّهِ هِیَ الْمَحَبَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَ التَّقَرُّبُ إِلَیْهِمْ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَنِ الْفُقَرَاءُ قَالَ الَّذِینَ رَضُوا بِالْقَلِیلِ وَ صَبَرُوا عَلَی الْجُوعِ وَ شَكَرُوا عَلَی الرَّخَاءِ وَ لَمْ یَشْكُوا جُوعَهُمْ وَ لَا ظَمَأَهُمْ وَ لَمْ یَكْذِبُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ لَمْ یَغْضَبُوا عَلَی رَبِّهِمْ وَ لَمْ یَغْتَمُّوا عَلَی مَا فَاتَهُمْ وَ لَمْ یَفْرَحُوا بِمَا آتَاهُمْ- یَا أَحْمَدُ مَحَبَّتِی مَحَبَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ فَادْنُ الْفُقَرَاءَ وَ قَرِّبْ مَجْلِسَهُمْ مِنْكَ وَ بَعِّدِ الْأَغْنِیَاءَ وَ بَعِّدْ مَجْلِسَهُمْ مِنْكَ فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ أَحِبَّائِی- یَا أَحْمَدُ لَا تَتَزَیَّنُ بِلِینِ اللِّبَاسِ وَ طِیبِ الطَّعَامِ وَ لَینِ الْوَطَاءِ فَإِنَّ النَّفْسَ مَأْوَی كُلِّ شَرٍّ وَ هِیَ رَفِیقُ كُلِّ سُوءٍ تَجُرُّهَا إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ تَجُرُّكَ إِلَی مَعْصِیَتِهِ وَ تُخَالِفُكَ فِی طَاعَتِهِ وَ تُطِیعُكَ فِیمَا تَكْرَهُ وَ تَطْغَی إِذَا شَبِعَتْ وَ تَشْكُو إِذَا جَاعَتْ وَ تَغْضَبُ إِذَا افْتَقَرَتْ وَ تَتَكَبَّرُ إِذَا اسْتَغْنَتْ وَ تَنْسَی إِذَا كَبِرَتْ وَ تَغْفُلُ إِذَا أَمِنَتْ وَ هِیَ قَرِینَةُ الشَّیْطَانِ وَ مَثَلُ النَّفْسِ كَمَثَلِ النَّعَامَةِ

تَأْكُلُ الْكَثِیرَ وَ إِذَا حُمِلَ عَلَیْهَا لَا تَطِیرُ وَ مَثَلُ الدِّفْلَی (1)

لَوْنُهُ حَسَنٌ وَ طَعْمُهُ مُرٌّ- یَا أَحْمَدُ أَبْغِضِ الدُّنْیَا وَ أَهْلَهَا وَ أَحِبَّ الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا قَالَ یَا رَبِّ وَ مَنْ أَهْلُ الدُّنْیَا وَ مَنْ أَهْلُ الْآخِرَةِ قَالَ أَهْلُ الدُّنْیَا مَنْ كَثُرَ أَكْلُهُ وَ ضِحْكُهُ وَ نَوْمُهُ وَ غَضَبُهُ قَلِیلُ الرِّضَا لَا یَعْتَذِرُ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهِ وَ لَا یَقْبَلُ مَعْذِرَةَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ كَسْلَانُ عِنْدَ الطَّاعَةِ شُجَاعٌ عِنْدَ الْمَعْصِیَةِ أَمَلُهُ بَعِیدٌ وَ أَجَلُهُ قَرِیبٌ لَا یُحَاسِبُ نَفْسَهُ قَلِیلُ الْمَنْفَعَةِ كَثِیرُ الْكَلَامِ قَلِیلُ الْخَوْفِ كَثِیرُ الْفَرَحِ عِنْدَ الطَّعَامِ وَ إِنَّ أَهْلَ الدُّنْیَا

ص: 23


1- 1. بكسر الدال و سكون الفاء و الف مقصورة نبت زهره كالورد الأحمر. یقال له بالفارسیة( خرزهرة) ورقها كورق الخلاف مر الطعم محلل نافع من الحكة و الجرب.

لَا یَشْكُرُونَ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَ لَا یَصْبِرُونَ عِنْدَ الْبَلَاءِ كَثِیرُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ قَلِیلٌ یَحْمَدُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَا لَا یَفْعَلُونَ وَ یَدْعُونَ بِمَا لَیْسَ لَهُمْ وَ یَتَكَلَّمُونَ بِمَا یَتَمَنَّوْنَ وَ یَذْكُرُونَ مَسَاوِیَ النَّاسِ وَ یُخْفُونَ حَسَنَاتِهِمْ قَالَ یَا رَبِّ هَلْ یَكُونُ سِوَی هَذَا الْعَیْبِ فِی أَهْلِ الدُّنْیَا قَالَ یَا أَحْمَدُ إِنَّ عَیْبَ أَهْلِ الدُّنْیَا كَثِیرٌ فِیهِمُ الْجَهْلُ وَ الْحُمْقُ- لَا یَتَوَاضَعُونَ لِمَنْ یَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَ هُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ عُقَلَاءُ وَ عِنْدَ الْعَارِفِینَ حَمْقَاءُ: یَا أَحْمَدُ إِنَّ أَهْلَ الْخَیْرِ وَ أَهْلَ الْآخِرَةِ رَقِیقَةٌ وُجُوهُهُمْ كَثِیرٌ حَیَاؤُهُمْ قَلِیلٌ حُمْقُهُمْ كَثِیرٌ نَفْعُهُمْ قَلِیلٌ مَكْرُهُمْ النَّاسُ مِنْهُمْ فِی رَاحَةٍ وَ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِی تَعَبٍ كَلَامُهُمْ مَوْزُونٌ مُحَاسِبِینَ لِأَنْفُسِهِمْ مُتْعِبِینَ لَهَا تَنَامُ أَعْیُنُهُمْ وَ لَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ أَعْیُنُهُمْ بَاكِیَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ ذَاكِرَةٌ إِذَا كُتِبَ النَّاسُ مِنَ الْغَافِلِینَ كُتِبُوا مِنَ الذَّاكِرِینَ فِی أَوَّلِ النِّعْمَةِ یَحْمَدُونَ وَ فِی آخِرِهَا یَشْكُرُونَ دُعَاؤُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَرْفُوعٌ وَ كَلَامُهُمْ مَسْمُوعٌ تَفْرَحُ الْمَلَائِكَةُ بِهِمْ یَدُورُ دُعَاؤُهُمْ تَحْتَ الْحُجُبِ یُحِبُّ الرَّبُّ أَنْ یَسْمَعَ كَلَامَهُمْ كَمَا تُحِبُّ الْوَالِدَةُ وَلَدَهَا وَ لَا یَشْغَلُهُمْ عَنِ اللَّهِ شَیْ ءٌ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ لَا یُرِیدُونَ كَثْرَةَ الطَّعَامِ وَ لَا كَثْرَةَ الْكَلَامِ وَ لَا كَثْرَةَ اللِّبَاسِ النَّاسُ عِنْدَهُمْ مَوْتَی وَ اللَّهُ عِنْدَهُمْ حَیٌّ قَیُّومٌ كَرِیمٌ یَدْعُونَ الْمُدْبِرِینَ كَرَماً وَ یُرِیدُونَ الْمُقْبِلِینَ تَلَطُّفاً قَدْ صَارَتِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَهُمْ وَاحِدَةً یَمُوتُ النَّاسُ مَرَّةً وَ یَمُوتُ أَحَدُهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ سَبْعِینَ مَرَّةً مِنْ مُجَاهَدَةِ أَنْفُسِهِمْ وَ مُخَالَفَةِ هَوَاهُمْ وَ الشَّیْطَانُ الَّذِی یَجْرِی فِی عُرُوقِهِمْ وَ لَوْ تَحَرَّكَتْ رِیحٌ لَزَعْزَعَتْهُمْ وَ إِنْ قَامُوا بَیْنَ یَدَیَ كَأَنَّهُمْ بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ (1) لَا أَرَی فِی قَلْبِهِمْ شُغُلًا لِمَخْلُوقٍ فَوَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأُحْیِیَنَّهُمْ حَیَاةً طَیِّبَةً إِذَا فَارَقَتْ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ جَسَدِهِمْ- لَا أُسَلِّطُ عَلَیْهِمْ مَلَكَ الْمَوْتِ وَ لَا یَلِی قَبْضَ رُوحِهِمْ غَیْرِی وَ لَأَفْتَحَنَّ لِرُوحِهِمْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ كُلَّهَا وَ لَأَرْفَعَنَّ الْحُجُبَ كُلَّهَا دُونِی وَ لَآمُرَنَّ الْجِنَانَ فَلْتُزَیَّنَنَّ وَ الْحُورَ الْعِینَ فَلْتُزَفَّنَ (2) وَ الْمَلَائِكَةَ فَلْتُصَلِّیَنَ

ص: 24


1- 1. أی مزلق بعضه الی بعض ثابت، من الرص و هو اتصال بعض البناء ببعض.
2- 2. زففت العروس الی زوجها أزف- بالضم- زفا و زفافا، و أزففتها أی أهدیتها الی زوجها.

وَ الْأَشْجَارَ فَلْتُثْمِرَنَّ وَ ثِمَارَ الْجَنَّةِ فَلْتُدْلِیَنَ (1) وَ لَآمُرَنَّ رِیحاً مِنَ الرِّیَاحِ الَّتِی تَحْتَ الْعَرْشِ فَلْتَحْمِلَنَّ جِبَالًا مِنَ الْكَافُورِ وَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ فَلْتَصِیرَنَّ وَقُوداً مِنْ غَیْرِ النَّارِ فَلْتَدْخُلَنَّ بِهِ وَ لَا یَكُونُ بَیْنِی وَ بَیْنَ رُوحِهِ سِتْرٌ فَأَقُولُ لَهُ عِنْدَ قَبْضِ رُوحِهِ مَرْحَباً وَ أَهْلًا بِقُدُومِكَ عَلَیَّ اصْعَدْ بِالْكَرَامَةِ وَ الْبُشْرَی وَ الرَّحْمَةِ وَ الرِّضْوَانِ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِیها نَعِیمٌ مُقِیمٌ خالِدِینَ فِیها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ فَلَوْ رَأَیْتَ الْمَلَائِكَةَ كَیْفَ یَأْخُذُ بِهَا وَاحِدٌ وَ یُعْطِیهَا الْآخَرُ.

یَا أَحْمَدُ إِنَّ أَهْلَ الْآخِرَةِ لَا یَهْنَؤُهُمُ الطَّعَامُ مُنْذُ عَرَفُوا رَبَّهُمْ وَ لَا یَشْغَلُهُمْ مُصِیبَةٌ مُنْذُ عَرَفُوا سَیِّئَاتِهِمْ یَبْكُونَ عَلَی خَطَایَاهُمْ یَتْعَبُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ لَا یُرِیحُونَهَا وَ إِنَّ رَاحَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِی الْمَوْتِ وَ الْآخِرَةُ مُسْتَرَاحُ الْعَابِدِینَ مُونِسُهُمْ دُمُوعُهُمُ الَّتِی تَفِیضُ عَلَی خُدُودِهِمْ وَ جُلُوسُهُمْ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ عَنْ أَیْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ وَ مُنَاجَاتُهُمْ مَعَ الْجَلِیلِ الَّذِی فَوْقَ عَرْشِهِ وَ إِنَّ أَهْلَ الْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ فِی أَجْوَافِهِمْ قَدْ قَرِحَتْ (2)

یَقُولُونَ مَتَی نَسْتَرِیحُ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَی دَارِ الْبَقَاء.

یَا أَحْمَدُ هَلْ تَعْرِفُ مَا لِلزَّاهِدِینَ عِنْدِی فِی الْآخِرَةِ قَالَ لَا یَا رَبِّ قَالَ یُبْعَثُ الْخَلْقُ وَ یُنَاقَشُونَ بِالْحِسَابِ وَ هُمْ مِنْ ذَلِكَ آمِنُونَ إِنَّ أَدْنَی مَا أُعْطِی لِلزَّاهِدِینَ فِی الْآخِرَةِ أَنْ أُعْطِیَهُمْ مَفَاتِیحَ الْجِنَانِ كُلَّهَا حَتَّی یَفْتَحُوا أَیَّ بَابٍ شَاءُوا وَ لَا أَحْجُبُ عَنْهُمْ وَجْهِی وَ لَأُنْعِمَنَّهُمْ بِأَلْوَانِ التَّلَذُّذِ مِنْ كَلَامِی وَ لَأُجْلِسَنَّهُمْ فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ وَ أُذَكِّرَنَّهُمْ مَا صَنَعُوا وَ تَعِبُوا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ أَفْتَحُ لَهُمْ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ بَابٌ تَدْخُلُ عَلَیْهِمُ الْهَدَایَا مِنْهُ بُكْرَةً وَ عَشِیّاً مِنْ عِنْدِی وَ بَابٌ یَنْظُرُونَ مِنْهُ إِلَیَّ كَیْفَ شَاءُوا بِلَا صُعُوبَةٍ وَ بَابٌ یَطَّلِعُونَ مِنْهُ إِلَی النَّارِ فَیَنْظُرُونَ مِنْهُ إِلَی الظَّالِمِینَ كَیْفَ یُعَذَّبُونَ وَ بَابٌ تَدْخُلُ عَلَیْهِمْ مِنْهُ الْوَصَائِفُ (3) وَ الْحُورُ الْعِینُ قَالَ یَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ الزَّاهِدُونَ الَّذِینَ وَصَفْتَهُمْ قَالَ الزَّاهِدُ هُوَ الَّذِی لَیْسَ لَهُ بَیْتٌ یَخْرَبُ فَیَغْتَمَّ بِخَرَابِهِ وَ لَا لَهُ

ص: 25


1- 1. أی فلترسلن و تنزلن.
2- 2. أی جرحت من الحزن و الهم بالآخرة.
3- 3. الوصائف جمع الوصیفة و هی الخادمة.

وَلَدٌ یَمُوتُ فَیَحْزَنَ لِمَوْتِهِ وَ لَا لَهُ شَیْ ءٌ یَذْهَبُ فَیَحْزَنَ لِذَهَابِهِ وَ لَا یَعْرِفُهُ إِنْسَانٌ لِیَشْغَلَهُ عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ لَا لَهُ فَضْلُ طَعَامٍ لِیُسْأَلَ عَنْهُ وَ لَا لَهُ ثَوْبٌ لَیِّنٌ- یَا أَحْمَدُ وُجُوهُ الزَّاهِدِینَ مُصْفَرَّةٌ مِنْ تَعَبِ اللَّیْلِ وَ صَوْمِ النَّهَارِ وَ أَلْسِنَتُهُمْ كِلَالٌ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی قُلُوبُهُمْ فِی صُدُورِهُمْ مَطْعُونَةٌ مِنْ كَثْرَةِ مَا یُخَالِفُونَ أَهْوَاءَهُمْ قَدْ ضَمَّرُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ كَثْرَةِ صَمْتِهِمْ (1) قَدْ أُعْطُوا الْمَجْهُودَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ- لَا مِنْ خَوْفِ نَارٍ وَ لَا مِنْ شَوْقِ جَنَّةٍ وَ لَكِنْ یَنْظُرُونَ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَیَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ كَأَنَّمَا یَنْظُرُونَ إِلَی مَنْ فَوْقَهَا قَالَ یَا رَبِّ هَلْ تُعْطِی لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِی هَذَا قَالَ یَا أَحْمَدُ هَذِهِ دَرَجَةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الصِّدِّیقِینَ مِنْ أُمَّتِكَ وَ أُمَّةِ غَیْرِكَ وَ أَقْوَامٌ مِنَ الشُّهَدَاءِ قَالَ یَا رَبِّ أَیُّ الزُّهَّادِ أَكْثَرُ زُهَّادُ أُمَّتِی أَمْ زُهَّادُ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ إِنَّ زُهَّادَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی زُهَّادِ أُمَّتِكَ كَشَعْرَةٍ سَوْدَاءَ فِی بَقَرَةٍ بَیْضَاءَ فَقَالَ یَا رَبِّ كَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ وَ عَدَدُ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَكْثَرُ مِنْ أُمَّتِی قَالَ لِأَنَّهُمْ شَكُّوا بَعْدَ الْیَقِینِ وَ جَحَدُوا بَعْدَ الْإِقْرَارِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَمِدْتُ اللَّهَ لِلزَّاهِدِینَ كَثِیراً وَ شَكَرْتُهُ وَ دَعَوْتُ لَهُمْ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ وَ ارْحَمْهُمْ وَ احْفَظْ عَلَیْهِمْ دِینَهُمُ الَّذِی ارْتَضَیْتَ لَهُمْ اللَّهُمَّ ارْزُقْهُمْ إِیمَانَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِی لَیْسَ بَعْدَهُ شَكٌّ وَ زَیْغٌ وَ وَرَعاً لَیْسَ بَعْدَهُ رَغْبَةٌ وَ خَوْفاً لَیْسَ بَعْدَهُ غَفْلَةٌ وَ عِلْماً لَیْسَ بَعْدَهُ جَهْلٌ وَ عَقْلًا لَیْسَ بَعْدَهُ حُمْقٌ وَ قُرْباً لَیْسَ بَعْدَهُ بُعْدٌ وَ خُشُوعاً لَیْسَ بَعْدَهُ قَسَاوَةٌ وَ ذِكْراً لَیْسَ بَعْدَهُ نِسْیَانٌ وَ كَرَماً لَیْسَ بَعْدَهُ هَوَانٌ وَ صَبْراً لَیْسَ بَعْدَهُ ضَجَرٌ وَ حِلْماً لَیْسَ بَعْدَهُ عَجَلَةٌ وَ امْلَأْ قُلُوبَهُمْ حَیَاءً مِنْكَ حَتَّی یَسْتَحْیُوا مِنْكَ كُلَّ وَقْتٍ وَ تُبَصِّرُهُمْ بِآفَاتِ الدُّنْیَا وَ آفَاتِ أَنْفُسِهِمْ وَ وَسَاوِسِ الشَّیْطَانِ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِی وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ.

یَا أَحْمَدُ عَلَیْكَ بِالْوَرَعِ فَإِنَّ الْوَرَعَ رَأْسُ الدِّینِ وَ وَسَطُ الدِّینِ وَ آخِرُ الدِّینِ إِنَّ الْوَرَعَ یُقَرِّبُ الْعَبْدَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی.

یَا أَحْمَدُ إِنَّ الْوَرَعَ كَالشُّنُوفِ (2) بَیْنَ الْحُلِیِّ وَ الْخُبْزِ بَیْنَ الطَّعَامِ إِنَّ الْوَرَعَ

ص: 26


1- 1. ضمر: هزل و دق و قل لحمه.
2- 2. جمع الشنف: ما علق فی الاذن او اعلاها من الحلی.

رَأْسُ الْإِیمَانِ وَ عِمَادُ الدِّینِ إِنَّ الْوَرَعَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ السَّفِینَةِ كَمَا أَنَّ فِی الْبَحْرِ لَا یَنْجُو إِلَّا مَنْ كَانَ فِیهَا كَذَلِكَ لَا یَنْجُو الزَّاهِدُونَ إِلَّا بِالْوَرَعِ- یَا أَحْمَدُ مَا عَرَفَنِی عَبْدٌ وَ خَشَعَ لِی إِلَّا وَ خَشَعْتُ لَهُ- یَا أَحْمَدُ الْوَرَعُ یَفْتَحُ عَلَی الْعَبْدِ أَبْوَابَ الْعِبَادَةِ فَتَكَرَّمَ بِهِ عِنْدَ الْخَلْقِ وَ یَصِلُ بِهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- یَا أَحْمَدُ عَلَیْكَ بِالصَّمْتِ فَإِنَّ أَعْمَرَ الْقُلُوبِ قُلُوبُ الصَّالِحِینَ وَ الصَّامِتِینَ وَ إِنَّ أَخْرَبَ الْقُلُوبِ قُلُوبُ الْمُتَكَلِّمِینَ بِمَا لَا یَعْنِیهِمْ- یَا أَحْمَدُ إِنَّ الْعِبَادَةَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا طَلَبُ الْحَلَالِ فَإِذَا طَیَّبْتَ مَطْعَمَكَ وَ مَشْرَبَكَ فَأَنْتَ فِی حِفْظِی وَ كَنَفِی قَالَ یَا رَبِّ مَا أَوَّلُ الْعِبَادَةِ قَالَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ الصَّمْتُ وَ الصَّوْمُ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا مِیرَاثُ الصَّوْمِ قَالَ الصَّوْمُ یُورِثُ الحِكْمَةَ وَ الحِكْمَةُ تُورِثُ الْمَعْرِفَةَ وَ الْمَعْرِفَةُ تُورِثُ الْیَقِینَ فَإِذَا اسْتَیْقَنَ الْعَبْدُ لَا یُبَالِی كَیْفَ أَصْبَحَ بِعُسْرٍ أَمْ بِیُسْرٍ وَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِی حَالَةِ الْمَوْتِ یَقُومُ عَلَی رَأْسِهِ مَلَائِكَةٌ بِیَدِ كُلِّ مَلَكٍ كَأْسٌ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ وَ كَأْسٌ مِنَ الْخَمْرِ یَسْقُونَ رُوحَهُ حَتَّی تَذْهَبَ سَكْرَتُهُ وَ مَرَارَتُهُ وَ یُبَشِّرُونَهُ بِالْبِشَارَةِ الْعُظْمَی وَ یَقُولُونَ لَهُ طِبْتَ وَ طَابَ مَثْوَاكَ (1) إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَی الْعَزِیزِ الْحَكِیمِ الْحَبِیبِ الْقَرِیبِ فَتَطِیرُ الرُّوحُ مِنْ أَیْدِی الْمَلَائِكَةِ فَتَصْعَدُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ وَ لَا یَبْقَی حِجَابٌ وَ لَا سِتْرٌ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهَا مُشْتَاقٌ وَ تَجْلِسُ عَلَی عَیْنٍ عِنْدَ الْعَرْشِ ثُمَّ یُقَالُ لَهَا كَیْفَ تَرَكْتِ الدُّنْیَا- فَتَقُولُ إِلَهِی وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَا عِلْمَ لِی بِالدُّنْیَا أَنَا مُنْذُ خَلَقْتَنِی خَائِفَةٌ مِنْكَ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی صَدَقْتَ عَبْدِی كُنْتَ بِجَسَدِكَ فِی الدُّنْیَا وَ رُوحُكَ مَعِی فَأَنْتَ بِعَیْنِی سِرُّكَ وَ عَلَانِیَتُكَ سَلْ أُعْطِكَ وَ تَمَنَّ عَلَیَّ فَأُكْرِمْكَ هَذِهِ جَنَّتِی فَتَجَنَّحْ فِیهَا وَ هَذَا جِوَارِی فَاسْكُنْهُ فَتَقُولُ الرُّوحُ إِلَهِی عَرَّفْتَنِی نَفْسَكَ فَاسْتَغْنَیْتُ بِهَا عَنْ جَمِیعِ خَلْقِكَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَوْ كَانَ رِضَاكَ فِی أَنْ أُقْطَعَ إِرْباً إِرْباً وَ أُقْتَلَ سَبْعِینَ قَتْلَةً بِأَشَدِّ مَا یُقْتَلُ بِهِ النَّاسُ لَكَانَ رِضَاكَ أَحَبَّ إِلَیَّ إِلَهِی كَیْفَ أُعْجَبُ بِنَفْسِی وَ أَنَا ذَلِیلٌ إِنْ لَمْ

ص: 27


1- 1. المثوی: المنزل و المكان.

تُكْرِمْنِی وَ أَنَا مَغْلُوبٌ إِنْ لَمْ تَنْصُرْنِی وَ أَنَا ضَعِیفٌ إِنْ لَمْ تُقَوِّنِی وَ أَنَا مَیِّتٌ إِنْ لَمْ تُحْیِنِی بِذِكْرِكَ وَ لَوْ لَا سَتْرُكَ لَافْتَضَحْتُ أَوَّلَ مَرَّةٍ عَصَیْتُكَ إِلَهِی كَیْفَ لَا أَطْلُبُ رِضَاكَ وَ قَدْ أَكْمَلْتَ عَقْلِی حَتَّی عَرَفْتُكَ وَ عَرَفْتُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَ الْأَمْرَ مِنَ النَّهْیِ وَ الْعِلْمَ مِنَ الْجَهْلِ وَ النُّورَ مِنَ الظُّلْمَةِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا أَحْجُبُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فِی وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَحِبَّائِی.

یَا أَحْمَدُ هَلْ تَدْرِی أَیُّ عَیْشٍ أَهْنَأُ وَ أَیُّ حَیَاةٍ أَبْقَی قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالَ أَمَّا الْعَیْشُ الْهَنِی ءُ(1) فَهُوَ الَّذِی لَا یَفْتُرُ صَاحِبُهُ (2) عَنْ ذِكْرِی وَ لَا یَنْسَی نِعْمَتِی وَ لَا یَجْهَلُ حَقِّی یَطْلُبُ رِضَایَ فِی لَیْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ أَمَّا الْحَیَاةُ الْبَاقِیَةُ فَهِیَ الَّتِی یَعْمَلُ لِنَفْسِهِ حَتَّی تَهُونَ عَلَیْهِ الدُّنْیَا وَ تَصْغُرَ فِی عَیْنِهِ وَ تَعْظُمَ الْآخِرَةُ عِنْدَهُ وَ یُؤْثِرَ هَوَایَ عَلَی هَوَاهُ وَ یَبْتَغِیَ مَرْضَاتِی وَ یُعَظِّمَ حَقَّ عَظَمَتِی وَ یَذْكُرَ عِلْمِی بِهِ وَ یُرَاقِبَنِی بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ عِنْدَ كُلِّ سَیِّئَةٍ أَوْ مَعْصِیَةٍ وَ یُنَقِّیَ قَلْبَهُ عَنْ كُلِّ مَا أَكْرَهُ وَ یُبْغِضَ الشَّیْطَانَ وَ وَسَاوِسَهُ وَ لَا یَجْعَلَ لِإِبْلِیسَ عَلَی قَلْبِهِ سُلْطَاناً وَ سَبِیلًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَسْكَنْتُ قَلْبَهُ حُبّاً حَتَّی أَجْعَلَ قَلْبَهُ لِی وَ فَرَاغَهُ وَ اشْتِغَالَهُ وَ هَمَّهُ وَ حَدِیثَهُ مِنَ النِّعْمَةِ الَّتِی أَنْعَمْتُ بِهَا عَلَی أَهْلِ مَحَبَّتِی مِنْ خَلْقِی وَ أَفْتَحُ عَیْنَ قَلْبِهِ وَ سَمْعِهِ حَتَّی یَسْمَعَ بِقَلْبِهِ وَ یَنْظُرَ بِقَلْبِهِ إِلَی جَلَالِی وَ عَظَمَتِی وَ أُضِیقُ عَلَیْهِ الدُّنْیَا وَ أُبْغِضُ الدُّنْیَا وَ أُبْغِضُ إِلَیْهِ مَا فِیهَا مِنَ اللَّذَّاتِ وَ أُحَذِّرُهُ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا كَمَا یُحَذِّرُ الرَّاعِی غَنَمَهُ مِنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا یَفِرُّ مِنَ النَّاسِ فِرَاراً وَ یَنْقُلُ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَی دَارِ الْبَقَاءِ وَ مِنْ دَارِ الشَّیْطَانِ إِلَی دَارِ الرَّحْمَنِ.

یَا أَحْمَدُ وَ لَأُزَیِّنَنَّهُ بِالْهَیْبَةِ وَ الْعَظَمَةِ فَهَذَا هُوَ الْعَیْشُ الْهَنِی ءُ وَ الْحَیَاةُ الْبَاقِیَةُ وَ هَذَا مَقَامُ الرَّاضِینَ فَمَنْ عَمِلَ بِرِضَایَ أُلْزِمُهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ أُعَرِّفُهُ شُكْراً لَا یُخَالِطُهُ الْجَهْلُ وَ ذِكْراً لَا یُخَالِطُهُ النِّسْیَانُ وَ مَحَبَّةً لَا یُؤْثِرُ عَلَی مَحَبَّتِی مَحَبَّةَ الْمَخْلُوقِینَ فَإِذَا أَحَبَّنِی أَحْبَبْتُهُ وَ أَفْتَحُ عَیْنَ قَلْبِهِ إِلَی جَلَالِی وَ لَا أُخْفِی عَلَیْهِ خَاصَّةَ خَلْقِی

ص: 28


1- 1. الهنی ء: السائغ و ما أتاك بلا مشقة.
2- 2. أی لا یمل و لا یكسل و لا یضعف.

وَ أُنَاجِیهِ فِی ظُلَمِ اللَّیْلِ وَ نُورِ النَّهَارِ حَتَّی یَنْقَطِعَ حَدِیثُهُ مَعَ الْمَخْلُوقِینَ (1)

وَ مُجَالَسَتُهُ مَعَهُمْ وَ أُسْمِعُهُ كَلَامِی وَ كَلَامَ مَلَائِكَتِی وَ أُعَرِّفُهُ السِّرَّ الَّذِی سَتَرْتُهُ عَنْ خَلْقِی وَ أُلْبِسُهُ الْحَیَاءَ حَتَّی یَسْتَحْیِیَ مِنْهُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ وَ یَمْشِی عَلَی الْأَرْضِ مَغْفُوراً لَهُ وَ أَجْعَلُ قَلْبَهُ وَاعِیاً وَ بَصِیراً وَ لَا أُخْفِی عَلَیْهِ شَیْئاً مِنْ جَنَّةٍ وَ لَا نَارٍ وَ أُعَرِّفُهُ مَا یَمُرُّ عَلَی النَّاسِ فِی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مِنَ الْهَوْلِ وَ الشِّدَّةِ وَ مَا أُحَاسِبُ الْأَغْنِیَاءَ وَ الْفُقَرَاءَ وَ الْجُهَّالَ وَ الْعُلَمَاءَ وَ أُنَوِّمُهُ فِی قَبْرِهِ وَ أُنْزِلُ عَلَیْهِ مُنْكَراً وَ نَكِیراً حَتَّی یَسْأَلَاهُ وَ لَا یَرَی غَمْرَةَ الْمَوْتِ وَ ظُلْمَةَ الْقَبْرِ وَ اللَّحْدِ وَ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ (2) ثُمَّ أَنْصِبُ لَهُ مِیزَانَهُ وَ أَنْشُرُ دِیوَانَهُ ثُمَّ أَضَعُ كِتَابَهُ فِی یَمِینِهِ فَیَقْرَؤُهُ مَنْشُوراً ثُمَّ لَا أَجْعَلُ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ تَرْجُمَاناً فَهَذِهِ صِفَاتُ الْمُحِبِّینَ.

یَا أَحْمَدُ اجْعَلْ هَمَّكَ هَمّاً وَاحِداً فَاجْعَلْ لِسَانَكَ لِسَاناً وَاحِداً وَ اجْعَلْ بَدَنَكَ حَیّاً لَا تَغْفُلُ عَنِّی مَنْ یَغْفُلُ عَنِّی لَا أُبَالِی بِأَیِّ وَادٍ هَلَكَ- یَا أَحْمَدُ اسْتَعْمِلْ عَقْلَكَ قَبْلَ أَنْ یَذْهَبَ فَمَنِ اسْتَعْمَلَ عَقْلَهُ لَا یُخْطِئُ وَ لَا یَطْغَی.

یَا أَحْمَدُ أَ لَمْ تَدْرِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ فَضَّلْتُكَ عَلَی سَائِرِ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالَ بِالْیَقِینِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ سَخَاوَةِ النَّفْسِ وَ رَحْمَةِ الْخَلْقِ وَ كَذَلِكَ أَوْتَادُ الْأَرْضِ لَمْ یَكُونُوا أَوْتَاداً إِلَّا بِهَذَا.

یَا أَحْمَدُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَجَاعَ بَطْنَهُ وَ حَفِظَ لِسَانَهُ عَلَّمْتُهُ الحِكْمَةَ وَ إِنْ كَانَ كَافِراً تَكُونُ حِكْمَتُهُ حُجَّةً عَلَیْهِ وَ وَبَالًا وَ إِنْ كَانَ مُؤْمِناً تَكُونُ حِكْمَتُهُ لَهُ نُوراً وَ بُرْهَاناً وَ شِفَاءً وَ رَحْمَةً فَیَعْلَمُ مَا لَمْ یَكُنْ یَعْلَمُ وَ یُبْصِرُ مَا لَمْ یَكُنْ یُبْصِرُ فَأَوَّلُ مَا أُبَصِّرُهُ عُیُوبُ نَفْسِهِ حَتَّی یَشْتَغِلَ عَنْ عُیُوبِ غَیْرِهِ وَ أُبَصِّرُهُ دَقَائِقَ الْعِلْمِ حَتَّی لَا یَدْخُلَ عَلَیْهِ الشَّیْطَانُ.

یَا أَحْمَدُ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنَ الصَّمْتِ وَ الصَّوْمِ فَمَنْ صَامَ وَ لَمْ یَحْفَظْ لِسَانَهُ كَانَ كَمَنْ قَامَ وَ لَمْ یَقْرَأْ فِی صَلَاتِهِ فَأُعْطِیهِ أَجْرَ الْقِیَامِ وَ لَمْ أُعْطِهِ أَجْرَ الْعَابِدِینَ.

ص: 29


1- 1. فی بعض النسخ« من المخلوقین».
2- 2. المطلع بشد الطاء المهملة و فتح اللام: المكان المشرف الذی یطلع منه.

یَا أَحْمَدُ هَلْ تَدْرِی مَتَی تَكُونُ الْعَبْدُ عَابِداً قَالَ لَا یَا رَبِّ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ فِیهِ سَبْعُ خِصَالٍ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ صَمْتٌ یَكُفُّهُ عَمَّا لَا یَعْنِیهِ وَ خَوْفٌ یَزْدَادُ كُلَّ یَوْمٍ مِنْ بُكَائِهِ وَ حَیَاءٌ یَسْتَحْیِی مِنِّی فِی الْخَلَاءِ وَ أَكْلُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ یُبْغِضُ الدُّنْیَا لِبُغْضِی لَهَا وَ یُحِبُّ الْأَخْیَارَ لِحُبِّی إِیَّاهُمْ- یَا أَحْمَدُ لَیْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ أُحِبُّ اللَّهَ أَحَبَّنِی حَتَّی یَأْخُذَ قُوتاً وَ یَلْبَسَ دُوناً وَ یَنَامَ سُجُوداً وَ یُطِیلَ قِیَاماً وَ یَلْزَمَ صَمْتاً وَ یَتَوَكَّلَ عَلَیَّ وَ یَبْكِیَ كَثِیراً وَ یُقِلَّ ضِحْكاً وَ یُخَالِفَ هَوَاهُ وَ یَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ بَیْتاً وَ الْعِلْمَ صَاحِباً وَ الزُّهْدَ جَلِیساً وَ الْعُلَمَاءَ أَحِبَّاءَ وَ الْفُقَرَاءَ رُفَقَاءَ وَ یَطْلُبَ رِضَایَ وَ یَفِرَّ مِنَ الْعَاصِینَ فِرَاراً وَ یَشْغَلَ بِذِكْرِی اشْتِغَالًا وَ یُكْثِرَ التَّسْبِیحَ دَائِماً وَ یَكُونَ بِالْوَعْدِ صَادِقاً وَ بِالْعَهْدِ وَافِیاً وَ یَكُونَ قَلْبُهُ طَاهِراً وَ فِی الصَّلَاةِ زَاكِیاً وَ فِی الْفَرَائِضِ مُجْتَهِداً وَ فِیمَا عِنْدِی فِی الثَّوَابِ رَاغِباً وَ مِنْ عَذَابِی رَاهِباً وَ لِأَحِبَّائِی قَرِیناً وَ جَلِیساً- یَا أَحْمَدُ لَوْ صَلَّی الْعَبْدُ صَلَاةَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ یَصُومُ صِیَامَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ یَطْوِی مِنَ الطَّعَامِ مِثْلَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَبِسَ لِبَاسَ الْعَارِی ثُمَّ أَرَی فِی قَلْبِهِ مِنْ حُبِّ الدُّنْیَا ذَرَّةً أَوْ سَعَتِهَا أَوْ رِئَاسَتِهَا أَوْ حُلِیِّهَا أَوْ زِینَتِهَا- لَا یُجَاوِرُنِی فِی دَارِی وَ لَأَنْزِعَنَّ مِنْ قَلْبِهِ مَحَبَّتِی وَ عَلَیْكَ سَلَامِی وَ رَحْمَتِی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ.

أقول: و رأیت فی بعض الكتب لهذا الحدیث سندا هكذا قال الإمام أبو عبد اللّٰه محمد بن علی البلخی عن أحمد بن إسماعیل الجوهری عن أبی محمد علی بن مظفر بن إلیاس العبدی عن أبی نصر أحمد بن عبد اللّٰه الواعظ عن أبی الغنائم عن أبی الحسن عبد اللّٰه بن الواحد بن محمد بن عقیل عن أبی إسحاق إبراهیم بن حاتم الزاهد بالشام عن إبراهیم بن محمد عن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن عن أبی عبد اللّٰه عبد الحمید بن أحمد بن سعید عن أبی بشر عن الحسن بن علی المقری عن أبی مسلم محمد بن الحسن المقری عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبیه عن جده عن علی بن أبی طالب علیهم السلام قال: هذا ما سئل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ربه لیلة المعراج و ذكر نحوه إلی آخر الخبر

ص: 30

و وجدت فی نسخة قدیمة أخری (1) قال الشیخ أبو عمرو عثمان بن محمد البلخی أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسماعیل الجوهری قال حدثنا أبو علی المطر بن إلیاس بن سعد بن سلیمان (2) قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد اللّٰه بن إسحاق الواعظ قال أخبرنا أبو الغنائم الحسن بن حماد المقری قراءة بأهواز فی آخر شهر رمضان سنة ثلاث و أربعین و أربعمائة قال أخبرنا أبو مسلم محمد بن الحسن المقری قراءة علیه من أصله قال حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عقیل قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهیم بن حاتم الزاهد

بالشام قال حدثنا إبراهیم بن محمد بن أحمد قال حدثنا إسحاق بن بشر عن جعفر بن محمد الصادق عن أبیه عن جده عن علی بن أبی طالب علیهما السلام: و ذكر نحوه.

«7»- كا(3)،[الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ مُوسَی علیه السلام نَاجَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ لَهُ فِی مُنَاجَاتِهِ یَا مُوسَی- لَا یَطُولُ فِی الدُّنْیَا أَمَلُكَ فَیَقْسُوَ لِذَلِكَ قَلْبُكَ وَ قَاسِی الْقَلْبِ مِنِّی بَعِیدٌ- یَا مُوسَی كُنْ كَمَسَرَّتِی فِیكَ (4) فَإِنَّ مَسَرَّتِی أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَی وَ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْیَةِ وَ كُنْ خَلَقَ الثِّیَابِ (5) جَدِیدَ الْقَلْبِ تُخْفَی عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ تُعْرَفُ فِی أَهْلِ السَّمَاءِ حِلْسَ الْبُیُوتِ (6)

مِصْبَاحَ اللَّیْلِ وَ اقْنُتْ بَیْنَ یَدَیَّ قُنُوتَ الصَّابِرِینَ وَ صِحْ إِلَیَّ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ صِیَاحَ الْمُذْنِبِ الْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ وَ اسْتَعِنْ بِی عَلَی ذَلِكَ فَإِنِّی نِعْمَ الْعَوْنُ وَ نِعْمَ الْمُسْتَعَانُ.

ص: 31


1- 1. طبعت هذه الرسالة مع تحف العقول سنة 1297 ه. و السندان فیهما تصحیف و تحریف و لا یسعنی تصحیحهما.
2- 2. كذا.
3- 3. روضة الكافی ص 42.
4- 4. هذا تشبیه للمبالغة و حاصله كن علی حال اكون مسرورا بفعالك فكانك تكون مسرورا.
5- 5. الخلق- ككتف- البالی.
6- 6. الحلس: بساط یبسط فی البیت.

یَا مُوسَی إِنِّی أَنَا اللَّهُ فَوْقَ الْعِبَادِ وَ الْعِبَادُ دُونِی وَ كُلٌّ لِی دَاخِرُونَ (1)

فَاتَّهِمْ نَفْسَكَ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا تَأْتَمِنْ وَلَدَكَ عَلَی دِینِكَ إِلَّا أَنْ یَكُونَ وَلَدُكَ مِثْلَكَ یُحِبُّ الصَّالِحِینَ.

یَا مُوسَی اغْسِلْ وَ اغْتَسِلْ وَ اقْتَرِبْ مِنْ عِبَادِیَ الصَّالِحِینَ- یَا مُوسَی كُنْ إِمَامَهُمْ فِی صَلَاتِهِمْ وَ إِمَامَهُمْ فِیمَا یَتَشَاجَرُونَ (2)

وَ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَیْكَ فَقَدْ أَنْزَلْتُهُ حُكْماً بَیِّناً وَ بُرْهَاناً نَیِّراً وَ نُوراً یَنْطِقُ بِمَا كَانَ فِی الْأَوَّلِینَ وَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِی الْآخِرِینَ- أُوصِیكَ یَا مُوسَی وَصِیَّةَ الشَّفِیقِ الْمُشْفِقِ بِابْنِ الْبَتُولِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ صَاحِبِ الْأَتَانِ وَ الْبُرْنُسِ وَ الزَّیْتِ وَ الزَّیْتُونِ وَ الْمِحْرَابِ (3)

وَ مِنْ بَعْدِهِ بِصَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ الطَّیِّبِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ فَمَثَلُهُ فِی كِتَابِكَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُهَیْمِنٌ عَلَی الْكُتُبِ كُلِّهَا(4) وَ أَنَّهُ رَاكِعٌ سَاجِدٌ رَاغِبٌ رَاهِبٌ إِخْوَانُهُ الْمَسَاكِینُ وَ أَنْصَارُهُ قَوْمٌ آخَرُونَ (5)

وَ یَكُونُ فِی زَمَانِهِ أَزْلٌ وَ زِلْزَالٌ (6)

وَ قَتْلٌ وَ قِلَّةٌ مِنَ الْمَالِ اسْمُهُ أَحْمَدُ مُحَمَّدٌ الْأَمِینُ مِنَ الْبَاقِینَ مِنْ ثُلَّةِ الْأَوَّلِینَ الْمَاضِینَ (7)

یُؤْمِنُ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا

ص: 32


1- 1. ساغرون عاجزون.
2- 2. التشاجر: التنازع و التخاصم.
3- 3. الاتان- بالفتح- الحمارة. و البرنس- بضم الباء و النون-: قلنسوة طویلة كان النساك یلبسونها فی صدر الإسلام. و المراد بالزیتون و الزیت: الثمرة المعروفة و دهنها لانه« ص» كان یأكلهما. او نزلتا له فی المائدة من السماء، أو المراد بالزیتون مسجد دمشق او جبال الشام كما ذكره الفیروزآبادی ای اعطاه اللّٰه بلاد الشام. و بالزیت الدهن الذی روی انه كان فی بنی إسرائیل و كان غلیانها من علامات النبوّة و المحراب لزومه و كثرة العبادة فیه( كما فی المرآة).
4- 4. المهیمن هنا المشاهد و المؤتمن.
5- 5. أی لیسوا من قومه و عشیرته.
6- 6. الثلة الجماعة من الناس ای انه من سلالة اشارف الأنبیاء.
7- 7. الازل- بشد اللام-: الضیق و الشدة.

وَ یُصَدِّقُ جَمِیعَ الْمُرْسَلِینَ وَ یَشْهَدُ بِالْإِخْلَاصِ لِجَمِیعِ النَّبِیِّینَ- أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ مُبَارَكَةٌ مَا بَقُوا فِی الدِّینِ عَلَی حَقَائِقِهِ لَهُمْ سَاعَاتٌ مُوَقَّتَاتٌ یُؤَدُّونَ فِیهَا الصَّلَوَاتِ أَدَاءَ الْعَبْدِ إِلَی سَیِّدِهِ نَافِلَتَهُ فَبِهِ فَصَدِّقْ وَ مَنَاهِجَهُ فَاتَّبِعْ فَإِنَّهُ أَخُوكَ- یَا مُوسَی إِنَّهُ أُمِّیٌّ وَ هُوَ عَبْدٌ صِدْقٌ مُبَارَكٌ لَهُ فِیمَا وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ وَ یُبَارَكُ عَلَیْهِ كَذَلِكَ كَانَ فِی عِلْمِی وَ كَذَلِكَ خَلَقْتُهُ بِهِ أَفْتَحُ (1) السَّاعَةَ وَ بِأُمَّتِهِ أَخْتِمُ مَفَاتِیحَ الدُّنْیَا فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنْ لَا یَدْرُسُوا اسْمَهُ وَ لَا یَخْذُلُوهُ وَ إِنَّهُمْ لَفَاعِلُونَ وَ حُبُّهُ لِی حَسَنَةٌ فَأَنَا مَعَهُ وَ أَنَا مِنْ حِزْبِهِ (2)

وَ هُوَ مِنْ حِزْبِی وَ حِزْبُهُمُ الْغَالِبُونَ فَتَمَّتْ كَلِمَاتِی لَأُظْهِرَنَّ دِینَهُ عَلَی الْأَدْیَانِ كُلِّهَا وَ لَأُعْبَدَنَّ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ لَأُنْزِلَنَّ عَلَیْهِ قُرْآناً فُرْقَاناً- شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ مِنْ نَفْثِ الشَّیْطَانِ فَصَلِّ عَلَیْهِ یَا ابْنَ عِمْرَانَ فَإِنِّی أُصَلِّی عَلَیْهِ وَ مَلَائِكَتِی- یَا مُوسَی أَنْتَ عَبْدِی وَ أَنَا إِلَهُكَ- لَا تَسْتَذِلَّ الْحَقِیرَ الْفَقِیرَ وَ لَا تَغْبِطِ الْغَنِیَّ بِشَیْ ءٍ یَسِیرٍ وَ كُنْ عِنْدَ ذِكْرِی خَاشِعاً وَ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ بِرَحْمَتِی طَامِعاً وَ أَسْمِعْنِی لَذَاذَةَ التَّوْرَاةِ بِصَوْتٍ خَاشِعٍ حَزِینٍ اطْمَئِنَّ عِنْدَ ذِكْرِی وَ ذَكِّرْ بِی مَنْ یَطْمَئِنُّ إِلَیَّ وَ اعْبُدْنِی وَ لَا تُشْرِكْ بِی شَیْئاً وَ تَحَرَّ مَسَرَّتِی (3)

إِنِّی أَنَا السَّیِّدُ الْكَبِیرُ إِنِّی خَلَقْتُكَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِینٍ-(4) مِنْ طِینَةٍ أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَرْضٍ ذَلِیلَةٍ مَمْشُوجَةٍ-(5) فَكَانَتْ بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلْقاً فَتَبَارَكَ وَجْهِی وَ تَقَدَّسَ صُنْعِی (6)

لَیْسَ كَمِثْلِی شَیْ ءٌ

ص: 33


1- 1. الباء للملابسة و الغرض اتصال امته و دولته و نبوّته بقیام الساعة.
2- 2. أی انصره و اعینه.
3- 3. التحرّی: الطلب ای اطلب ما یوجب رضای عنك.
4- 4. المهین: الحقیر و القلیل و الضعیف.
5- 5. أی مخطوطة من أنواع، و المراد انی خلقتك من نطفة و أصل تلك النطفة حصل من شخص خلقته من طینة الأرض و هو آدم علیه السلام و اخذت طینته من جمیع وجه الأرض المشتملة علی الوان و أنواع مختلفة( كذا فی المرآة).
6- 6. فی بعض النسخ من المصدر« صنیعی».

وَ أَنَا الْحَیُّ الدَّائِمُ الَّذِی لَا أَزُولُ.

یَا مُوسَی كُنْ إِذَا دَعَوْتَنِی خَائِفاً مُشْفِقاً وَجِلًا عَفِّرْ وَجْهَكَ لِی فِی التُّرَابِ وَ اسْجُدْ لِی بِمَكَارِمِ بَدَنِكَ وَ اقْنُتْ بَیْنَ یَدَیَّ فِی الْقِیَامِ وَ نَاجِنِی حِینَ تُنَاجِینِی بِخَشْیَةٍ مِنْ قَلْبٍ وَجِلٍ وَ أَحْیِ بِتَوْرَاتِی أَیَّامَ الْحَیَاةِ وَ عَلِّمِ الْجُهَّالَ مَحَامِدِی وَ ذَكِّرْهُمْ آلَائِی وَ نِعْمَتِی وَ قُلْ لَهُمْ لَا یَتَمَادَوْنَ فِی غَیِّ مَا هُمْ فِیهِ فَإِنَّ أَخْذِی أَلِیمٌ شَدِیدٌ.

یَا مُوسَی إِذَا انْقَطَعَ حَبْلُكَ مِنِّی لَمْ یَتَّصِلْ بِحَبْلِ غَیْرِی فَاعْبُدْنِی وَ قُمْ بَیْنَ یَدَیَّ مَقَامَ الْعَبْدِ الْحَقِیرِ الْفَقِیرِ ذُمَّ نَفْسَكَ فَهِیَ أَوْلَی بِالذَّمِّ وَ لَا تَتَطَاوَلْ بِكِتَابِی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَكَفَی بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ وَ مُنِیراً وَ هُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِینَ جَلَّ وَ تَعَالَی.

یَا مُوسَی مَتَی مَا دَعَوْتَنِی وَ رَجَوْتَنِی وَ إِنِّی سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَی مَا كَانَ مِنْكَ السَّمَاءُ تُسَبِّحُ لِی وَجَلًا وَ الْمَلَائِكَةُ مِنْ مَخَافَتِی مُشْفِقُونَ وَ الْأَرْضُ تُسَبِّحُ لِی طَمَعاً وَ كُلُّ الْخَلْقِ یُسَبِّحُونَ لِی دَاخِرِینَ (1)

ثُمَّ عَلَیْكَ بِالصَّلَاةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنِّی بِمَكَانٍ وَ لَهَا عِنْدِی عَهْدٌ وَثِیقٌ وَ أَلْحِقْ بِهَا مَا هُوَ مِنْهَا زَكَاةَ الْقُرْبَانِ مِنْ طَیِّبِ الْمَالِ وَ الطَّعَامِ فَإِنِّی لَا أَقْبَلُ إِلَّا الطَّیِّبَ یُرَادُ بِهِ وَجْهِی وَ اقْرُنْ مَعَ ذَلِكَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ فَإِنِّی أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِیمُ وَ الرَّحِمُ أَنَا خَلَقْتُهَا فَضْلًا مِنْ رَحْمَتِی لِیَتَعَاطَفَ بِهَا الْعِبَادُ وَ لَهَا عِنْدِی سُلْطَانٌ فِی مَعَادِ الْآخِرَةِ وَ أَنَا قَاطِعُ مَنْ قَطَعَهَا وَ وَاصِلُ مَنْ وَصَلَهَا وَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ ضَیَّعَ أَمْرِی.

یَا مُوسَی أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا أَتَاكَ بِرَدٍّ جَمِیلٍ أَوْ إِعْطَاءٍ یَسِیرٍ فَإِنَّهُ یَأْتِیكَ مَنْ لَیْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ یَبْلُونَكَ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِیمَا أَوْلَیْتُكَ وَ كَیْفَ مُوَاسَاتُكَ فِیمَا خَوَّلْتُكَ (2) وَ اخْشَعْ لِی بِالتَّضَرُّعِ وَ اهْتِفْ لِی بِوَلْوَلَةِ الْكِتَابِ (3) وَ اعْلَمْ أَنِّی أَدْعُوكَ دُعَاءَ السَّیِّدِ مَمْلُوكَهُ لِیَبْلُغَ بِهِ شَرَفَ الْمَنَازِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِی عَلَیْكَ وَ عَلَی آبَائِكَ الْأَوَّلِینَ.

ص: 34


1- 1. فی بعض النسخ« داخرین» و هو حال عن الضمیر فی« یسبحون».
2- 2. التخویل: التملیك.
3- 3. الولولة: صوت متتابع بالویل و الاستغاثة.

یَا مُوسَی لَا تَنْسَنِی عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ نِسْیَانِی یُقْسِی الْقُلُوبَ وَ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ الْأَرْضُ مُطِیعَةٌ وَ السَّمَاءُ مُطِیعَةٌ وَ الْبِحَارُ مُطِیعَةٌ وَ عِصْیَانِی شَقَاءُ الثَّقَلَیْنِ وَ أَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِیمُ رَحْمَانُ كُلِّ زَمَانٍ آتِی بِالشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ وَ بِالرَّخَاءِ بَعْدَ الشِّدَّةِ وَ بِالْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ وَ مُلْكِی قَائِمٌ دَائِمٌ لَا یَزُولُ وَ لَا یَخْفَی عَلَیَّ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ وَ لَا فِی السَّمَاءِ وَ كَیْفَ یَخْفَی عَلَیَّ مَا مِنِّی مُبْتَدَؤُهُ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ هَمُّكَ فِیمَا عِنْدِی وَ إِلَیَّ تَرْجِعُ لَا مَحَالَةَ.

یَا مُوسَی اجْعَلْنِی حِرْزَكَ وَ ضَعْ عِنْدِی كَنْزَكَ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَ خَفْنِی وَ لَا تَخَفْ غَیْرِی إِلَیَّ الْمَصِیرُ- یَا مُوسَی ارْحَمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ فِی الْخَلْقِ وَ لَا تَحْسُدْ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

یَا مُوسَی إِنَّ ابْنَیْ آدَمَ تَوَاضَعَا فِی مَنْزِلَةٍ لِیَنَالا بِهَا مِنْ فَضْلِی وَ رَحْمَتِی فَقَرَّبَا قُرْبَاناً وَ لَا أَقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُتَّقِینَ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَكَیْفَ تَثِقُ بِالصَّاحِبِ بَعْدَ الْأَخِ وَ الْوَزِیرِ.

َا مُوسَی ضَعِ الْكِبْرَ وَ دَعِ الْفَخْرَ وَ اذْكُرْ أَنَّكَ سَاكِنُ الْقَبْرِ فَلْیَمْنَعْكَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهَوَاتِ.

یَا مُوسَی عَجِّلِ التَّوْبَةَ وَ أَخِّرِ الذَّنْبَ وَ تَأَنَّ فِی الْمَكْثِ بَیْنَ یَدَیَّ فِی الصَّلَاةِ وَ لَا تَرْجُ غَیْرِی اتَّخِذْنِی جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ وَ حِصْناً لِمُلِمَّاتِ الْأُمُورِ.

یَا مُوسَی كَیْفَ تَخْشَعُ لِی خَلِیقَةً لَا تَعْرِفُ فَضْلِی عَلَیْهَا وَ كَیْفَ تَعْرِفُ فَضْلِی عَلَیْهَا وَ هِیَ لَا تَنْظُرُ فِیهِ وَ كَیْفَ تَنْظُرُ فِیهِ وَ هِیَ لَا تُؤْمِنُ بِهِ وَ كَیْفَ تُؤْمِنُ بِهِ وَ هِیَ لَا تَرْجُو ثَوَاباً وَ كَیْفَ تَرْجُو ثَوَاباً وَ هِیَ قَدْ قَنِعَتْ بِالدُّنْیَا وَ اتَّخَذَتْهَا مَأْوًی وَ رَكَنَتْ إِلَیْهَا رُكُونَ الظَّالِمِینَ؟(1)

ص: 35


1- 1. حاصله الركون الی الدنیا و المیل إلیها و اتخاذها وطنا و مأوی ینافی الخشوع للّٰه اذ الركون ملزوم بعدم رجاء الآخرة لان من یرجو لقاء اللّٰه یحقر الدنیا فی عینه و من یؤمن باللّٰه یرجو لقاءه.

یَا مُوسَی نَافِسْ فِی الْخَیْرِ أَهْلَهُ (1) فَإِنَّ الْخَیْرَ كَاسْمِهِ وَ دَعِ الشَّرَّ لِكُلِّ مَفْتُونٍ.

یَا مُوسَی اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ-(2) وَ أَكْثِرْ ذِكْرِی بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ تَغْنَمْ وَ لَا تَتَّبِعِ الْخَطَایَا فَتَنْدَمَ فَإِنَّ الْخَطَایَا مَوْعِدُهَا النَّارُ.

یَا مُوسَی أَطِبِ الْكَلَامَ لِأَهْلِ التَّرْكِ لِلذُّنُوبِ وَ كُنْ لَهُمْ جَلِیساً وَ اتَّخِذْهُمْ لِغَیْبِكَ إِخْوَاناً وَ جِدَّ مَعَهُمْ یَجِدُّونَ مَعَكَ (3)

یَا مُوسَی الْمَوْتُ لَاقِیكَ لَا مَحَالَةَ فَتَزَوَّدْ زَادَ مَنْ هُوَ عَلَی مَا یَتَزَوَّدُ وَارِدٌ.

یَا مُوسَی مَا أُرِیدَ بِهِ وَجْهِی فَكَثِیرٌ قَلِیلُهُ وَ مَا أُرِیدَ بِهِ غَیْرِی فَقَلِیلٌ كَثِیرُهُ وَ إِنَّ أَصْلَحَ أَیَّامِكَ الَّذِی هُوَ أَمَامَكَ فَانْظُرْ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ فَأَعِدَّ لَهُ الْجَوَابَ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ بِهِ وَ مَسْئُولٌ وَ خُذْ مَوْعِظَتَكَ مِنَ الدَّهْرِ وَ أَهْلِهِ فَإِنَّ الدَّهْرَ طَوِیلُهُ قَصِیرٌ وَ قَصِیرُهُ طَوِیلٌ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فَانٍ فَاعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَی ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكَیْ یَكُونَ أَطْمَعَ لَكَ فِی الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّ مَا بَقِیَ مِنَ الدُّنْیَا كَمَا وَلَّی مِنْهَا وَ كُلُّ عَامِلٍ یَعْمَلُ عَلَی بَصِیرَةٍ وَ مِثَالٍ فَكُنْ مُرْتَاداً لِنَفْسِكَ (4) یَا ابْنَ عِمْرَانَ لَعَلَّكَ تَفُوزُ غَداً یَوْمَ السُّؤَالِ فَهُنَالِكَ یَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ.

یَا مُوسَی أَلْقِ كَفَّیْكَ ذُلًّا بَیْنَ یَدَیَّ كَفِعْلِ الْعَبْدِ الْمُسْتَصْرِخِ إِلَی سَیِّدِهِ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ رُحِمْتَ وَ أَنَا أَكْرَمُ الْقَادِرِینَ.

یَا مُوسَی سَلْنِی مِنْ فَضْلِی وَ رَحْمَتِی فَإِنَّهُمَا بِیَدِی لَا یَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ انْظُرْ حِینَ تَسْأَلُنِی كَیْفَ رَغْبَتُكَ فِیمَا عِنْدِی لِكُلِّ عَامِلٍ جَزَاءٌ وَ قَدْ یُجْزَی الْكَفُورُ بِمَا سَعَی.

یَا مُوسَی طِبْ نَفْساً عَنِ الدُّنْیَا وَ انْطَوِ(5) عَنْهَا فَإِنَّهَا لَیْسَتْ لَكَ وَ لَسْتَ لَهَا مَا لَكَ وَ لِدَارِ الظَّالِمِینَ إِلَّا الْعَامِلَ فِیهَا بِالْخَیْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَ الدَّارُ.

ص: 36


1- 1. أی بالغ فی الخیر و زد علیه.
2- 2. یعنی إذا أردت الكلام فابدأ باستعمال قلبك و عقلك.
3- 3. فی بعض النسخ« وجد معهم یجودون معك».
4- 4. الارتیاد: الطلب.
5- 5. یعنی اتركها و ارغب عنها.

یَا مُوسَی مَا آمُرُكَ بِهِ فَاسْمَعْ وَ مَهْمَا أَرَاهُ فَاصْنَعْ (1) خُذْ حَقَائِقَ التَّوْرَاةِ إِلَی صَدْرِكَ وَ تَیَقَّظْ بِهَا فِی سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ لَا تُمَكِّنْ أَبْنَاءَ الدُّنْیَا مِنْ صَدْرِكَ فَیَجْعَلُونَهُ وَكْراً كَوَكْرِ الطَّیْرِ(2)

یَا مُوسَی أَبْنَاءُ الدُّنْیَا وَ أَهْلُهَا فِتَنٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَكُلٌّ مُزَیَّنٌ لَهُ مَا هُوَ فِیهِ وَ الْمُؤْمِنُ مَنْ زُیِّنَتْ لَهُ الْآخِرَةُ فَهُوَ یَنْظُرُ إِلَیْهَا مَا یَفْتُرُ قَدْ حَالَتْ شَهْوَتُهَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ لَذَّةِ الْعَیْشِ فَادَّلَجَتْهُ بِالْأَسْحَارِ(3) كَفِعْلِ الرَّاكِبِ السَّائِقِ إِلَی غَایَتِهِ یَظَلُّ كَئِیباً وَ یُمْسِی حَزِیناً(4)

وَ طُوبَی لَهُ لَوْ قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ذَا یُعَایِنُ مِنَ السُّرُورِ.

یَا مُوسَی الدُّنْیَا نُطْفَةٌ(5) لَیْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنْ فَاجِرٍ فَالْوَیْلُ الطَّوِیلُ لِمَنْ بَاعَ ثَوَابَ مَعَادِهِ بِلَعْقَةٍ لَمْ تَبْقَ وَ بِلَعْسَةٍ لَمْ تَدُمْ (6)

وَ كَذَلِكَ فَكُنْ

ص: 37


1- 1. أی كل وقت أری و اعلم ما آمرك حسنا فافعل فیه أی افعل الاوامر فی أوقاتها التی أمرتك بادائها فیها.
2- 2. الوكر و الوكرة: عش الطائر.
3- 3. قال المصنّف فی المرآة: الادلاج: السیر باللیل و ظاهر العبارة أنّه استعمل هنا متعدیا بمعنی التسییر باللیل و لم یأت فیما عندنا من كتب اللغة قال الفیروزآبادی: الدلج- محركة- و الدلجة- بالضم و الفتح-: السیر من اول اللیل و قد ادلجوا، فان ساروا من آخره فادلجوا بالتشدید. انتهی. و یمكن أن یكون علی الحذف و الایصال ای ادلجت الشهوة معه و سیرته بالاسحار كالراكب الذی سائق قرینه الی الغایة التی یتسابقان إلیها و الغایة هنا الجنة و الفوز بالكرامة و القرب و الحب و الوصال او الموت و هو اظهر.
4- 4. الكأبة: الغم و سوء الحال و الانكسار من الحزن و المعنی انه یكون فی نهاره مغموما و فی لیله محزونا لطلب الآخرة و لكن لو كشف الغطاء حتّی یری ما له فی الآخرة یحصل له السرور و ما لا یخفی.
5- 5. النطفة: ما یبقی فی الدلو أو القربة من الماء كنی بها عن قلتها.
6- 6. اللعقة القلیل ممّا یلعق. و اللعس- بالفتح-: العض و المراد هنا ما یقطعه باسنانه و فی بعض نسخ المصدر« بلعقة لم تبق و بلعبة لم تدم».

كَمَا أَمَرْتُكَ وَ كُلُّ أَمْرِی رَشَادٌ.

یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ إِلَی عُقُوبَتِهِ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً ظَلُوماً وَ لَا تَكُنْ لِلظَّالِمِینَ قَرِیناً.

یَا مُوسَی مَا عُمُرٌ وَ إِنْ طَالَ یُذَمُّ آخِرُهُ وَ مَا ضَرَّكَ مَا زُوِیَ عَنْكَ إِذَا حُمِدَتْ مَغَبَّتُهُ (1)

یَا مُوسَی صَرَخَ الْكِتَابُ إِلَیْكَ صُرَاخاً(2) بِمَا أَنْتَ إِلَیْهِ صَائِرٌ فَكَیْفَ تَرْقُدُ عَلَی هَذَا الْعُیُونُ أَمْ كَیْفَ یَجِدُ قَوْمٌ لَذَّةَ الْعَیْشِ لَوْ لَا التَّمَادِی فِی الْغَفْلَةِ وَ الِاتِّبَاعُ لِلشِّقْوَةِ وَ التَّتَابُعُ لِلشَّهْوَةِ وَ مِنْ دُونِ هَذَا یَجْزَعُ الصِّدِّیقُونَ.

یَا مُوسَی مُرْ عِبَادِی یَدْعُونِی عَلَی مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ یُقِرُّوا لِی أَنِّی أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ مُجِیبُ الْمُضْطَرِّینَ وَ أُبَدِّلُ الزَّمَانَ وَ آتِی بِالرَّخَاءِ وَ أَشْكُرُ الْیَسِیرَ وَ أُثِیبُ الْكَثِیرَ وَ أُغْنِی الْفَقِیرَ وَ أَنَا الدَّائِمُ الْعَزِیزُ الْقَدِیرُ فَمَنْ لَجَأَ إِلَیْكَ وَ انْضَوَی (3) إِلَیْكَ مِنَ الْخَاطِئِینَ فَقُلْ أَهْلًا وَ سَهْلًا یَا رَحْبَ الْفِنَاءِ(4) بِفِنَاءِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ كُنْ لَهُمْ كَأَحَدِهِمْ وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَیْهِمْ بِمَا أَنَا أَعْطَیْتُكَ فَضْلَهُ وَ قُلْ لَهُمْ فَلْیَسْأَلُونِی مِنْ فَضْلِی وَ رَحْمَتِی فَإِنَّهُ لَا یَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ، طُوبَی لَكَ یَا

ص: 38


1- 1. زوی عنك أی بعد عنك. و المغبة: العاقبة.
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« صرح الكتاب صراحا» و ما فی المتن أصوب.
3- 3. انضوی إلیه: انضم، و فی بعض النسخ« و انطوی».
4- 4. الرحب- بالضم-: السعة. و بالفتح-: الواسع. قیل: لعل المراد ان من لجأ الیك یا موسی من عبادی الخاطئین لتستغفر له و تدخل باستشفاعك فی زمرة الساكنین فی جوار قبولی فلا ترد مسألته فان رحمتی قد سبقت غضبی، فقل له: أهلا و سهلا و مرحبا، فانك رحب الفناء بسبب كونك فی فناء قبولی و رحمتی الواسعة، فآمنه من سخطی و اسكنه باستغفارك و شفاعتك المقبولة فی فناء فضلی و مغفرتی. كذا وجدته فی هامش بعض النسخ المخطوطة من الكافی و قد یقرأ فی بعض نسخ الحدیث« یا رحب الفناء نزلت بفناء» و الظاهر هو الأصحّ.

مُوسَی كَهْفُ الْخَاطِئِینَ وَ جَلِیسُ الْمُضْطَرِّینَ وَ مُسْتَغْفَرٌ لِلْمُذْنِبِینَ إِنَّكَ مِنِّی بِالْمَكَانِ الرَّضِیِّ فَادْعُنِی بِالْقَلْبِ النَّقِیِّ وَ اللِّسَانِ الصَّادِقِ وَ كُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ أَطِعْ أَمْرِی وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَی عِبَادِی بِمَا لَیْسَ مِنْكَ مُبْتَدَؤُهُ وَ تَقَرَّبْ إِلَیَّ فَإِنِّی مِنْكَ قَرِیبٌ فَإِنِّی لَمْ أَسْأَلْكَ مَا یُؤْذِیكَ ثِقَلُهُ وَ لَا حَمْلُهُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ أَنْ تَدْعُوَنِی فَأُجِیبَكَ وَ أَنْ تَسْأَلَنِی فَأُعْطِیَكَ وَ أَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَیَّ بِمَا مِنِّی أَخَذْتَ تَأْوِیلَهُ وَ عَلَیَّ تَمَامُ تَنْزِیلِهِ.

یَا مُوسَی انْظُرْ إِلَی الْأَرْضِ فَإِنَّهَا عَنْ قَرِیبٍ قَبْرُكَ وَ ارْفَعْ عَیْنَیْكَ إِلَی السَّمَاءِ فَإِنَّ فَوْقَكَ فِیهَا مَلِكاً عَظِیماً وَ ابْكِ عَلَی نَفْسِكَ مَا دُمْتَ فِی الدُّنْیَا وَ تَخَوَّفِ الْعَطَبَ (1) وَ الْمَهَالِكَ وَ لَا تَغُرَّنَّكَ زِینَةُ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتُهَا وَ لَا تَرْضَ بِالظُّلْمِ وَ لَا تَكُنْ ظَالِماً فَإِنِّی لِلظَّالِمِ رَصِیدٌ حَتَّی أُدِیلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ.

یَا مُوسَی إِنَّ الْحَسَنَةَ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ وَ مِنَ السَّیِّئَةِ الْوَاحِدَةِ الْهَلَاكُ وَ لَا تُشْرِكْ بِی لَا یَحِلُّ لَكَ أَنْ تُشْرِكَ بِی قَارِبْ وَ سَدِّدْ(2) وَ ادْعُ دُعَاءَ الطَّامِعِ الرَّاغِبِ فِیمَا عِنْدِی النَّادِمِ عَلَی مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ فَإِنَّ سَوَادَ اللَّیْلِ یَمْحُوهُ النَّهَارُ وَ كَذَلِكَ السَّیِّئَةُ تَمْحُوهَا الْحَسَنَةُ وَ عَشْوَةُ اللَّیْلِ (3) تَأْتِی عَلَی ضَوْءِ النَّهَارِ وَ كَذَلِكَ السَّیِّئَةُ تَأْتِی عَلَی الْحَسَنَةِ الْجَلِیلَةِ فَتُسَوِّدُهَا.

«8»- قَالَ السَّیِّدُ(4) قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ(5): رَأَیْتُ فِی الزَّبُورِ فِی السُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَ الثَّلَاثِینَ ثِیَابُ الْعَاصِی ثِقَالٌ عَلَی الْأَبْدَانِ وَ وَسَخٌ عَلَی الْوَجْهِ وَ وَسَخُ الْأَبْدَانِ یَنْقَطِعُ بِالْمَاءِ وَ وَسَخُ الذُّنُوبِ لَا یَنْقَطِعُ إِلَّا بِالْمَغْفِرَةِ طُوبَی لِلَّذِینَ كَانَ بَاطِنُهُمْ أَحْسَنَ مِنْ ظَاهِرِهِمْ وَ مَنْ كَانَتْ لَهُ وَدَائِعُ فَرِحَ بِهَا یَوْمَ الْآزِفَةِ وَ مَنْ عَمِلَ

ص: 39


1- 1. العطب- بالتحریك-: الهلاك.
2- 2. قال فی النهایة و فیه« قاربوا و سددوا» أی اقتصدوا فی الأمور كلها و اتركوا العلو فیها و التقصیر. یقال قارب فلان فی الأمور إذا اقتصد، و قال فی السین و الدال: قاربوا و سددوا أی اطلبوا باعمالكم السداد و الاستقامة و هو القصد فی الامر و العدل فیه.
3- 3. عشوة اللیل: ظلمته.
4- 4. یعنی ابن طاوس.
5- 5. المصدر ص 50.

بِالْمَعَاصِی وَ أَسَرَّهَا مِنَ الْمَخْلُوقِینَ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی إِسْرَارِهَا مِنِّی قَدْ أَوْفَیْتُكُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ مِنْ طَیِّبَاتِ الرِّزْقِ وَ نَبَاتِ الْبَرِّ وَ طَیْرِ السَّمَاءِ وَ مِنْ جَمِیعِ الثَّمَرَاتِ وَ رَزَقْتُكُمْ مَا لَمْ تَحْتَسِبُوا وَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَی الذُّنُوبِ مَعْشَرَ الصُّوَّامِ بَشِّرِ الصَّائِمِینَ بِمَرْتِبَةِ الْفَائِزِینَ وَ قَدْ أَنْزَلْتُ عَلَی أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَیْكُمْ دَاوُدُ سَوْفَ تُحَرَّفُ كُتُبِی وَ یُفْتَرَی عَلَیَّ كَذِباً فَمَنْ صَدَّقَ بِكُتُبِی وَ رُسُلِی فَقَدْ أَنْجَحَ وَ أَفْلَحَ وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ- وَ فِی السُّورَةِ السَّابِعَةِ وَ السِّتِّینَ ابْنَ آدَمَ جَعَلْتُ لَكُمُ الدُّنْیَا دَلَائِلَ عَلَی الْآخِرَةِ وَ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ یَسْتَأْجِرُ الرَّجُلَ فَیَطْلُبُ حِسَابَهُ فَتُرْعَدُ فَرَائِصُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَ لَیْسَ یَخَافُ عُقُوبَةَ النَّارِ وَ أَنْتُمْ مُكْثِرُونَ التَّمَرُّدَ وَ تَجْعَلُونَ الْمَعَاصِیَ فِی الظُّلَمِ الدُّجَی إِنَّ الظَّلَامَ لَا یَسْتُرُكُمْ عَلَیَّ بَلِ اسْتَخْفَیْتُمْ عَلَی الْآدَمِیِّینَ وَ تَهَاوَنْتُمْ بِی وَ لَوْ أَمَرْتُ فَطَرَاتِ الْأَرْضِ تَبْتَلِعُكُمْ فَتَجْعَلُكُمْ نَكَالًا(1)

وَ لَكِنْ جُدْتُ عَلَیْكُمْ بِالْإِحْسَانِ فَإِنِ اسْتَغْفَرْتُمُونِی تَجِدُونِی غَفَّاراً فَإِنْ تَعْصُونِی اتِّكَالًا عَلَی رَحْمَتِی فَقَدْ یَجِبُ أَنْ یُتَّقَی مَنْ یُتَوَكَّلُ عَلَیْهِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ وَ فِی الثَّامِنَةِ وَ السِّتِّینَ- ابْنَ آدَمَ لَمَّا رَزَقْتُكُمُ اللِّسَانَ وَ أَطْلَقْتُ لَكُمُ الْأَوْصَالَ (2) وَ رَزَقْتُكُمُ الْأَمْوَالَ جَعَلْتُمُ الْأَوْصَالَ كُلَّهَا عَوْناً عَلَی الْمَعَاصِی كَأَنَّكُمْ بِی تَغْتَرُّونَ وَ بِعُقُوبَتِی تَتَلَاعَبُونَ وَ مَنْ أَجْرَمَ الذُّنُوبَ وَ أَعْجَبَهُ حُسْنُهُ فَلْیَنْظُرِ الْأَرْضَ كَیْفَ لَعِبَتْ بِالْوُجُوهِ فِی الْقُبُورِ وَ تَجْعَلُهَا رَمِیماً إِنَّمَا الْجَمَالُ جَمَالُ مَنْ عُوفِیَ مِنَ النَّارِ وَ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنَ الْمَعَاصِی رَجَعْتُمْ إِلَیَّ أَ حَسِبْتُمْ أَنِّی خَلَقْتُكُمْ عَبَثاً إِنِّی إِنَّمَا جَعَلْتُ الدُّنْیَا رَدِیفَ الْآخِرَةِ فَسَدِّدُوا وَ قَارِبُوا وَ اذْكُرُوا رَحْلَةَ الدُّنْیَا وَ ارْجُوا ثَوَابِی وَ خَافُوا عِقَابِی وَ اذْكُرُوا صَوْلَةَ الزَّبَانِیَةِ وَ ضِیقَ الْمَسْلَكِ فِی النَّارِ وَ غَمَّ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ وَ بَرْدَ الزَّمْهَرِیرِ ازْجُرُوا أَنْفُسَكُمْ حَتَّی تَنْزَجِرَ وَ أَرْضُوهَا بِالْیَسِیرِ مِنَ الْعَمَلِ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ.

ص: 40


1- 1. الفطر: الشق. و النكال العذاب و اسم ما یجعل عبرة للغیر.
2- 2. الاوصال: الأعضاء.

وَ فِی الْحَادِیَةِ وَ السَّبْعِینَ طَلَبُ الثَّوَابِ بِالْمُخَادَعَةِ یُورِثُ الْحِرْمَانَ وَ حُسْنُ الْعَمَلِ یُقَرِّبُ مِنِّی أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحْضَرَ سَیْفاً لَا نَصْلَ لَهُ أَوْ قَوْساً لَا سَهْمَ لَهُ أَ كَانَ یَرْدَعُ عَدُوَّهُ وَ كَذَلِكَ التَّوْحِیدُ لَا یَتِمُّ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ إِطْعَامِ الطَّعَامِ لِرِضَایَ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ.

وَ فِی الرَّابِعَةِ وَ الثَّمَانِینَ مُولِجُ اللَّیْلِ فِی النَّهَارِ وَ مُغَیِّبُ النُّورِ فِی الظُّلْمَةِ وَ مُذِلُّ الْعَزِیزِ وَ مُعِزُّ الذَّلِیلِ وَ أَنَا الْمَلِكُ الْأَعْلَی مَعْشَرَ الصِّدِّیقِینَ كَیْفَ مُسَاعَدَتُكُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَی الضَّحِكِ وَ أَیَّامُكُمْ تَفْنَی وَ الْمَوْتُ بِكُمْ نَازِلٌ وَ تَمُوتُونَ وَ تَرْعَی الدُّودُ فِی أَجْسَادِكُمْ وَ تَنْسَاكُمُ الْأَهْلُونَ وَ الْأَقْرِبَاءُ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ.

وَ فِی الْمِائَةِ مَنْ فَزَّعَ نَفْسَهُ بِالْمَوْتِ هَانَتْ عَلَیْهِ الدُّنْیَا وَ مَنْ أَكْثَرَ الْهَمَّ وَ الْأَبَاطِیلَ اقْتَحَمَ عَلَیْهِ الْمَوْتُ مِنْ حَیْثُ لَا یَشْعُرُ إِنَّ اللَّهَ لَا یَدَعُ شَابّاً لِشَبَابِهِ وَ لَا شَیْخاً لِكِبَرِهِ إِذَا قَرُبَتْ آجَالُكُمْ تَوَفَّتْكُمْ رُسُلِی وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ فَالْوَیْلُ لِمَنْ تَوَفَّتْهُ رُسُلِی وَ هُوَ عَلَی الْفَوَاحِشِ لَمْ یَدَعْهَا وَ الْوَیْلُ كُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِ الْمَخْلُوقِینَ وَ الْوَیْلُ كُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ كَانَ لِأَحَدٍ قِبَلَهُ تَبِعَةُ خَرْدَلَةٍ حَتَّی یُؤَدِّیَهَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَ اللَّیْلِ إِذَا أَظْلَمَ وَ الصُّبْحِ إِذَا اسْتَنَارَ(1) وَ السَّمَاءِ الرَّفِیعَةِ وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ لَیُخْرَجَنَّ الْمَظَالِمُ وَ لَتُؤَدَّی كَائِنَةً مَا كَانَتْ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ أَوْ مِنْ سَیِّئَاتِ الْمَظْلُومِ تُجْعَلُ عَلَی سَیِّئَاتِكُمْ وَ السَّعِیدُ مَنْ أَخَذَ كِتَابَهُ بِیَمِینِهِ وَ انْصَرَفَ إِلَی أَهْلِهِ مُضِی ءَ الْوَجْهِ وَ الشَّقِیُّ مَنْ أَخَذَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ وَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَ انْصَرَفَ إِلَی أَهْلِهِ بَاسِرَ الْوَجْهِ بَسْراً قَدْ شَحَبَ لَوْنُهُ وَ وَرِمَتْ قَدَمَاهُ وَ خَرَجَ لِسَانُهُ دَالِعاً عَلَی صَدْرِهِ (2) وَ غَلُظَ شَعْرُهُ فَصَارَ فِی النَّارِ

ص: 41


1- 1. فی المصدر« و النهار إذا أبار» بدل« و الصبح إذا استنار».
2- 2. بسر یبسر بسرا و بسورا من باب قعد ای عبس وجهه فهو باسر و منه قوله تعالی« وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ» و قوله« ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ» و شحب لونه أی تغیر من جوع أو مرض و نحوهما و دلع لسانه أی خرج من فمه. و قوله« دالعا لسانه علی صدره» أی خارجا لسانه متدلیا علی صدره.

مَحْسُوراً مُبَعَّداً مَدْحُوراً(1) وَ صَارَتْ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ وَ سُوءُ الْحِسَابِ وَ أَنَا الْقَادِرُ الْقَاهِرُ الَّذِی أَعْلَمُ غَیْبَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ وَ أَنَا السَّمِیعُ الْعَلِیمُ.

«9»- مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ رَحِمَهُ اللَّهُ: قِیلَ فِی التَّوْرَاةِ قُلْ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْكَثِیرِ لَا یَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَ غِنَاهُ فَإِنِ اغْتَرَّ فَلْیُطْعِمِ الْخَلْقَ غَدَاءً وَ عِشَاءً وَ قُلْ لِصَاحِبِ الْعِلْمِ لَا یَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ عِلْمِهِ فَإِنِ اغْتَرَّ فَلْیَعْلَمْ أَنَّهُ مَتَی یَمُوتُ وَ قُلْ لِصَاحِبِ الْعَضُدِ الْقَوِیِّ لَا یَغْتَرَّ بِقُوَّتِهِ فَإِنِ اغْتَرَّ بِقُوَّتِهِ فَلْیَدْفَعِ الْمَوْتَ عَنْ نَفْسِهِ.

«10»- عُدَّةُ الدَّاعِی (2)، رَوَی الْحَسَنُ بْنُ أَبِی الْحَسَنِ الدَّیْلَمِیُّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: أَوْحَی اللَّهُ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام یَا دَاوُدُ مَنْ أَحَبَّ حَبِیباً صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ مَنْ رَضِیَ بِحَبِیبٍ رَضِیَ فِعْلَهُ وَ مَنْ وَثِقَ بِحَبِیبٍ اعْتَمَدَ عَلَیْهِ وَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی حَبِیبٍ جَدَّ فِی السَّیْرِ إِلَیْهِ یَا دَاوُدُ ذِكْرِی لِلذَّاكِرِینَ وَ جَنَّتِی لِلْمُطِیعِینَ وَ حُبِّی لِلْمُشْتَاقِینَ وَ أَنَا خَاصَّةً لِلْمُحِبِّینَ وَ قَالَ سُبْحَانَهُ أَهْلُ طَاعَتِی فِی ضِیَافَتِی وَ أَهْلُ شُكْرِی فِی زِیَادَتِی وَ أَهْلُ ذِكْرِی فِی نِعْمَتِی وَ أَهْلُ مَعْصِیَتِی لَا أُویِسُهُمْ مِنْ رَحْمَتِی إِنْ تَابُوا فَأَنَا حَبِیبُهُمْ وَ إِنْ دَعَوْا فَأَنَا مُجِیبُهُمْ وَ إِنْ مَرِضُوا فَأَنَا طَبِیبُهُمْ أُدَاوِیهِمْ بِالْمِحَنِ وَ الْمَصَائِبِ لِأُطَهِّرَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْمَعَایِبِ.

أعلام الدین، للدیلمی: مثله.

«11»- وَ فِیهِ (3)،

قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: مَكْتُوبٌ فِی التَّوْرَاةِ یَا مُوسَی مَنْ أَحَبَّنِی لَمْ یَنْسَنِی وَ مَنْ رَجَا مَعْرُوفِی أَلَحَّ فِی مَسْأَلَتِی یَا مُوسَی إِنِّی لَسْتُ بِغَافِلٍ عَنْ خَلْقِی وَ لَكِنْ أُحِبُّ أَنْ یَسْمَعَ مَلَائِكَتِی ضَجِیجَ الدُّعَاءِ مِنْ عِبَادِی وَ تَرَی حَفَظَتِی تَقَرُّبَ بَنِی آدَمَ إِلَیَّ بِمَا أَنَا مُقَوِّیهِمْ عَلَیْهِ وَ مُسَبِّبُهُ لَهُمْ یَا مُوسَی قُلْ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تُبْطِرَنَّكُمُ النِّعْمَةُ(4)

فَیُعَاجِلَكُمُ السَّلْبُ وَ لَا تَغْفُلُوا عَنِ الشُّكْرِ فَیُقَارِعَكُمُ الذُّلُّ وَ أَلِحُّوا

ص: 42


1- 1. المحسور الممنوع یعنی درمانده و افسوس خورده. و المدحور المطرود: رانده شده.
2- 2. المصدر ص 186.
3- 3. المصدر ص 143.
4- 4. البطر: الدهش عند هجوم النعمة.

فِی الدُّعَاءِ تَشْمَلْكُمُ الرَّحْمَةُ بِالْإِجَابَةِ وَ تَهْنِئْكُمُ الْعَافِیَةُ.

«12»- وَ رُوِیَ (1) فِی زَبُورِ دَاوُدَ: یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی ابْنَ آدَمَ تَسْأَلُنِی فَأَمْنَعُكَ لِعِلْمِی بِمَا یَنْفَعُكَ ثُمَّ تُلِحُّ عَلَیَّ بِالْمَسْأَلَةِ فَأُعْطِیكَ مَا سَأَلْتَ فَتَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی مَعْصِیَتِی فَأَهُمُّ بِهَتْكِ سِتْرِكَ فَتَدْعُونِی فَأَسْتُرُ عَلَیْكَ فَكَمْ مِنْ جَمِیلٍ أَصْنَعُ مَعَكَ وَ كَمْ قُبْحٍ تَصْنَعُ مَعِی یُوشِكُ أَنْ أَغْضَبَ عَلَیْكَ غَضْبَةً لَا أَرْضَی بَعْدَهَا أَبَداً- وَ مِنَ الْإِنْجِیلِ ألا [لَا] تَدِینُوا وَ أَنْتُمْ خطاء [خُطَاةٌ] فَیُدَانَ مِنْكُمْ بِالْعَذَابِ- لَا تَحْكُمُوا بِالْجَوْرِ فَیُحْكَمَ عَلَیْكُمْ بِالْعَذَابِ بِالْمِكْیَالِ الَّذِی تَكِیلُونَ یُكَالُ لَكُمْ وَ بِالْحُكْمِ الَّذِی تَحْكُمُونَ یُحْكَمُ عَلَیْكُمْ- وَ مِنَ الْإِنْجِیلِ

أَیْضاً احْذَرُوا الْكَذَّابَةَ الَّذِینَ یَأْتُونَكُمْ بِلِبَاسِ الْحُمْلَانِ فَهُمْ فِی الْحَقِیقَةِ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ (2) لَا یُمْكِنُ الشَّجَرَةَ الطَّیِّبَةَ أَنْ تُثْمِرَ ثِمَاراً رَدِیَّةً وَ لَا الشَّجَرَةَ الرَّدِیَّةَ أَنْ تُثْمِرَ ثِمَاراً صَالِحَةً.

«13»- ختص (3)،[الإختصاص] عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی التَّوْرَاةِ أَرْبَعٌ مَكْتُوبَاتٌ وَ أَرْبَعٌ إِلَی جَانِبِهِنَّ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ عَلَی رَبِّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ شَكَا مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَی غَنِیّاً فَتَضَعْضَعَ لَهُ لِشَیْ ءٍ یُصِیبُهُ مِنْهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ وَ مَنْ دَخَلَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّارَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ هُوَ مِمَّنْ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ الْأَرْبَعَةُ إِلَی جَانِبِهِنَّ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَشِرْ یَنْدَمْ وَ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ.

«14»- ین (4)،[كتاب حسین بن سعید] و النوادر مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ قَالَ:

ص: 43


1- 1. عدّة الداعی ص 152.
2- 2. كذا.
3- 3. الاختصاص ص 226. و سیأتی فی باب مواعظ الصادق علیه السلام عن أمالی الشیخ ج 1 ص 233 بإسناده عن رفاعة مثله.
4- 4. هذا رمز الی كتابی الحسین بن سعید الأهوازی أو كتابه و النوادر و كلها مخطوط و الخبر رواه الصدوق- رحمه اللّٰه- فی المجلس التاسع و الثمانین من امالیه و فی معافی الاخبار و علل الشرائع و من لا یحضره الفقیه. و رواه البرقی أیضا فی المحاسن.

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی آدَمَ أَنِّی جَامِعٌ لَكَ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِی أَرْبَعِ كَلِمٍ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا هُنَّ فَقَالَ وَاحِدَةٌ لِی وَ وَاحِدَةٌ لَكَ وَ وَاحِدَةٌ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ وَاحِدَةٌ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ قَالَ یَا رَبِّ بَیِّنْهُنَّ لِی حَتَّی أَعْمَلَ بِهِنَّ قَالَ أَمَّا الَّتِی لِی فَتَعْبُدُنِی لَا تُشْرِكُ بِی شَیْئاً وَ أَمَّا الَّتِی لَكَ فَأَجْزِیكَ بِعَمَلِكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَیْهِ وَ أَمَّا الَّتِی بَیْنِی وَ بَیْنَكَ فَعَلَیْكَ الدُّعَاءُ وَ عَلَیَّ الْإِجَابَةُ وَ أَمَّا الَّتِی بَیْنَكَ وَ بَیْنَ النَّاسِ فَتَرْضَی لِلنَّاسِ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ.

«15»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (1)،

رُوِیَ: أَنَّ اللَّهَ یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ فِی كُلِّ یَوْمٍ یُؤْتَی رِزْقُكَ وَ أَنْتَ تَحْزَنُ وَ یَنْقُصُ مِنْ عُمُرِكَ وَ أَنْتَ لَا تَحْزَنُ تَطْلُبُ مَا یُطْغِیكَ وَ عِنْدَكَ مَا یَكْفِیكَ.

باب 3 ما أوصی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی أمیر المؤمنین علیه السلام

«1»- ل (2)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ(3)

عَنْ یُونُسَ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكَذِبِ.

یَا عَلِیُّ سَیِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثُ خِصَالٍ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاتُكَ الْأَخَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرُكَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی كُلِّ حَالٍ

ص: 44


1- 1. المصدر ص 140.
2- 2. الخصال ج 1 ص 62.
3- 3. یعنی إسماعیل بن مرار.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ فَرَحَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ فِی الدُّنْیَا لِقَاءُ الْإِخْوَانِ وَ الْإِفْطَارُ مِنَ الصِّیَامِ وَ التَّهَجُّدُ فِی آخِرِ اللَّیْلِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِیهِ لَمْ یَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خُلُقٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ حَقَائِقِ الْإِیمَانِ الْإِنْفَاقُ فِی الْإِقْتَارِ(1) وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ بَذْلُ الْعِلْمِ لِلْمُتَعَلِّمِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ تُعْطِی مَنْ حَرَمَكَ وَ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ.

«2»- ل (2)،[الخصال] مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الشَّاهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْخَالِدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الصَّالِحِ التَّمِیمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِی مَالِكٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ فِی وَصِیَّتِهِ لَهُ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَقِیَ اللَّهَ بِهِنَّ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ مَنْ أَتَی اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ لَا تُطِیقُهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمُوَاسَاةُ لِلْأَخِ فِی مَالِهِ وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَیْسَ هُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَی مَا یَحْرُمُ عَلَیْهِ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَهُ وَ تَرَكَهُ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ یُتَخَوَّفُ مِنْهُنَّ الْجُنُونُ التَّغَوُّطُ بَیْنَ الْقُبُورِ وَ الْمَشْیُ فِی خُفٍّ وَاحِدٍ وَ الرَّجُلُ یَنَامُ وَحْدَهُ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مُجَالَسَتُهُمْ تُمِیتُ الْقَلْبَ مُجَالَسَةُ الْأَنْذَالِ (3) وَ مُجَالَسَةُ الْأَغْنِیَاءِ

ص: 45


1- 1. الاقتار الضیق فی المعیشة.
2- 2. الخصال ج 2 ص 62.
3- 3. الانذال جمع نذل بسكون الذال المعجمة و هو الساقط فی الدین او الحسب و من كان خسیسا. و فی بعض النسخ« الارذال».

وَ الْحَدِیثُ مَعَ النِّسَاءِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ یَزِدْنَ فِی الْحِفْظِ وَ یُذْهِبْنَ السُّقْمَ اللُّبَانُ (1) وَ السِّوَاكُ وَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ

یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكِبْرِیَاءِ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ یُقْسِینَ الْقَلْبَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ وَ طَلَبُ الصَّیْدِ وَ إِتْیَانُ بَابِ السُّلْطَانِ

یَا عَلِیُّ الْعَیْشُ فِی ثَلَاثَةٍ دَارٍ قَوْرَاءَ(2) وَ جَارِیَةٍ حَسْنَاءَ وَ فَرَسٍ قَبَّاءَ.

قال مصنف هذا الكتاب رضی اللّٰه عنه (3)

الفرس القباء الضامر البطن یقال فرس أقب و قباء لأن الفرس یذكر و یؤنث و یقال للأنثی قباء لا غیر.

«3»- مكا(4)،[مكارم الأخلاق] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ:

یَا عَلِیُّ أُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظْهَا فَلَا تَزَالُ بِخَیْرٍ مَا حَفِظْتَ وَصِیَّتِی.

یَا عَلِیُّ مَنْ كَظَمَ غَیْظاً وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی إِمْضَائِهِ أَعْقَبَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَمْناً وَ إِیمَاناً یَجِدُ طَعْمَهُ

یَا عَلِیُّ مَنْ لَمْ یُحْسِنْ وَصِیَّتَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ نَقْصاً فِی مُرُوَّتِهِ وَ لَمْ یَمْلِكِ الشَّفَاعَةَ.

یَا عَلِیُّ أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ أَصْبَحَ لَا یَهُمُّ بِظُلْمِ أَحَدٍ

یَا عَلِیُّ مَنْ خَافَ النَّاسُ لِسَانَهُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ

یَا عَلِیُّ شَرُّ النَّاسِ مَنْ أَكْرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ

یَا عَلِیُّ شَرُّ النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْیَاهُ وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْیَا غَیْرِهِ.

ص: 46


1- 1. هو ما یقال له بالفارسیة( كندر).
2- 2. بفتح القاف ممدودا كحمراء: الواسعة.
3- 3. یعنی الصدوق نفسه.
4- 4. مكارم الأخلاق: ص 500.

یَا عَلِیُّ مَنْ لَمْ یَقْبَلِ الْعُذْرَ مِنْ مُتَنَصِّلٍ (1)

صَادِقاً كَانَ أَوْ كَاذِباً لَمْ یَنَلْ شَفَاعَتِی

یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ الْكَذِبَ فِی الصَّلَاحِ وَ أَبْغَضَ الصِّدْقَ فِی الْفَسَادِ

یَا عَلِیُّ مَنْ تَرَكَ الْخَیْرَ لِغَیْرِ اللَّهِ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ فَقَالَ عَلِیٌّ لِغَیْرِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهَا صِیَانَةً لِنَفْسِهِ یَشْكُرُهُ اللَّهُ عَلَی ذَلِكَ.

یَا عَلِیُّ شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ.

یَا عَلِیُّ شَارِبُ الْخَمْرِ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَإِنْ مَاتَ فِی الْأَرْبَعِینَ مَاتَ كَافِراً

یَا عَلِیُّ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَ مَا أَسْكَرَ كَثِیرُهُ فَالْجُرْعَةُ مِنْهُ حَرَامٌ

یَا عَلِیُّ جُعِلَتِ الذُّنُوبُ كُلُّهَا فِی بَیْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهَا شُرْبَ الْخَمْرِ.

یَا عَلِیُّ تَأْتِی عَلَی شَارِبِ الْخَمْرِ سَاعَةٌ لَا یَعْرِفُ فِیهَا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ

یَا عَلِیُّ إِنَّ إِزَالَةَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ تنقص [تَنْقَضِ] أَیَّامُهُ.

یَا عَلِیُّ مَنْ لَمْ تَنْتَفِعْ بِدِینِهِ وَ دُنْیَاهُ فَلَا خَیْرَ لَكَ فِی مُجَالَسَتِهِ وَ مَنْ لَمْ یُوجِبْ لَكَ فَلَا تُوجِبْ لَهُ وَ لَا كَرَامَةَ(2)

یَا عَلِیُّ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ فِی الْمُؤْمِنِ ثَمَانُ خِصَالٍ وَقَارٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ(3)

وَ صَبْرٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَ شُكْرٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَ قُنُوعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ وَ لَا یَتَحَامَلُ عَلَی الْأَصْدِقَاءِ(4) بَدَنُهُ مِنْهُ فِی تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعَةٌ لَا تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ إِمَامٌ عَادِلٌ وَ وَالِدٌ لِوَلَدِهِ وَ الرَّجُلُ یَدْعُو لِأَخِیهِ بِظَهْرِ الْغَیْبِ وَ الْمَظْلُومُ یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَنْتَصِرَنَّ لَكَ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ.

یَا عَلِیُّ ثَمَانِیَةٌ إِنْ أُهِینُوا فَلَا یَلُومُوا إِلَّا أَنْفُسَهُمْ الذَّاهِبُ إِلَی مَائِدَةٍ لَمْ

ص: 47


1- 1. تنصل الی فلان من الجنایة خرج و تبرأ عنده منها. و تنصل من كذا: خرج و تنصل الشی ء: أخرجه و تنصل فلان من ذنبه تبرأ منه.
2- 2. أوجب لفلان حقه: راعاه.
3- 3. الهزاهز: الفتن التی تهز الناس من الشدائد و الحروب.
4- 4. تحامل علی فلان: جار و لم یعدل و كلفه ما لا یطیق. و الاصدقاء جمع صدیق.

یُدْعَ إِلَیْهَا وَ الْمُتَأَمِّرُ(1) عَلَی رَبِّ الْبَیْتِ وَ طَالِبُ الْخَیْرِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَ طَالِبُ الْفَضْلِ مِنَ اللِّئَامِ وَ الدَّاخِلُ بَیْنَ اثْنَیْنِ فِی سِرٍّ لَمْ یُدْخِلَاهُ فِیهِ وَ الْمُسْتَخِفُّ بِالسُّلْطَانِ وَ الْجَالِسُ فِی مَجْلِسٍ لَیْسَ لَهُ بِأَهْلٍ وَ الْمُقْبِلُ بِالْحَدِیثِ عَلَی مَنْ لَا یَسْمَعُ مِنْهُ.

یَا عَلِیُّ حَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَی كُلِّ فَاحِشٍ بَذِیٍ (2) لَا یُبَالِی مَا قَالَ وَ لَا مَا قِیلَ لَهُ.

یَا عَلِیُّ طُوبَی لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ

یَا عَلِیُّ لَا تَمْزَحْ فَیَذْهَبَ بَهَاؤُكَ وَ لَا تَكْذِبْ فَیَذْهَبَ نُورُكَ وَ إِیَّاكَ وَ خَصْلَتَیْنِ الضَّجْرَةَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّكَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَلَی حَقٍّ وَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً

یَا عَلِیُّ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةٌ إِلَّا سُوءَ الْخُلُقِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْ ذَنْبٍ دَخَلَ فِی ذَنْبٍ

یَا عَلِیُّ أَرْبَعَةٌ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ عُقُوبَةً رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَیْهِ فَكَافَأَكَ بِالْإِحْسَانِ إِسَاءَةً وَ رَجُلٌ لَا تَبْغِی عَلَیْهِ وَ هُوَ یَبْغِی عَلَیْكَ وَ رَجُلٌ عَاهَدْتَهُ عَلَی أَمْرٍ فَوَفَیْتَ لَهُ وَ غَدَرَ بِكَ وَ رَجُلٌ وَصَلَ قَرَابَتَهُ فَقَطَعُوهُ

یَا عَلِیُّ مَنِ اسْتَوْلَی عَلَیْهِ الضَّجَرُ رَحَلَتْ عَنْهُ الرَّاحَةُ.

یَا عَلِیُّ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ یَتَعَلَّمَهَا عَلَی الْمَائِدَةِ أَرْبَعٌ مِنْهَا فَرِیضَةٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا سُنَّةٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا أَدَبٌ فَأَمَّا الْفَرِیضَةُ فَالْمَعْرِفَةُ بِمَا یَأْكُلُ وَ التَّسْمِیَةُ وَ الشُّكْرُ وَ الرِّضَا وَ أَمَّا السُّنَّةُ فَالْجُلُوسُ عَلَی الرِّجْلِ الْیُسْرَی وَ الْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَ أَنْ یَأْكُلَ مِمَّا یَلِیهِ وَ مَصُّ الْأَصَابِعِ وَ أَمَّا الْأَدَبُ فَتَصْغِیرُ اللُّقْمَةِ وَ الْمَضْغُ الشَّدِیدُ وَ قِلَّةُ النَّظَرِ فِی وُجُوهِ النَّاسِ وَ غَسْلُ الْیَدَیْنِ.

یَا عَلِیُّ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ مِنْ لَبِنَتَیْنِ لَبِنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ جَعَلَ حِیطَانَهَا الْیَاقُوتَ وَ سَقْفَهَا الزَّبَرْجَدَ وَ حَصَاهَا اللُّؤْلُؤَ وَ تُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ وَ الْمِسْكَ الْأَذْفَرَ(3) ثُمَّ قَالَ لَهَا تَكَلَّمِی فَقَالَتْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ قَدْ

ص: 48


1- 1. تأمر علیه: تسلط و تحكم علیه.
2- 2. البذی علی فعیل: الكلام القبیح. و الذی تكلم بالفحش.
3- 3. ذفر المسك- من باب علم- ظهر رائحته و اشتدت فهو أذفر.

سَعِدَ مَنْ یَدْخُلُنِی قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا یَدْخُلُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ(1) وَ لَا نَمَّامٌ وَ لَا شُرْطِیُ (2) وَ لَا مُخَنَّثٌ وَ لَا نَبَّاشٌ وَ لَا عَشَّارٌ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا قَدَرِیٌّ.

یَا عَلِیُّ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَشَرَةٌ الْقَتَّاتُ (3)

وَ السَّاحِرُ وَ الدَّیُّوثُ وَ نَاكِحُ الْمَرْأَةِ حَرَاماً فِی دُبُرِهَا وَ نَاكِحُ الْبَهِیمَةِ وَ مَنْ نَكَحَ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَ السَّاعِی فِی الْفِتْنَةِ وَ بَائِعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَ مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَمَاتَ وَ لَمْ یَحُجَّ

یَا عَلِیُّ لَا وَلِیمَةَ إِلَّا فِی خَمْسٍ فِی عُرْسٍ أَوْ خُرْسٍ أَوْ عِذَارٍ أَوْ وِكَارٍ أَوْ رِكَازٍ(4) فَالْعُرْسُ التَّزْوِیجُ وَ الْخُرْسُ النِّفَاسُ بِالْوَلَدِ وَ الْعِذَارُ الْخِتَانُ وَ الْوِكَارُ فِی شِرَی الدَّارِ وَ الرِّكَازُ الرَّجُلُ یَقْدَمُ مِنْ مَكَّةَ.

یَا عَلِیُّ لَا یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ ظَاعِناً(5) إِلَّا فِی ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَیْكَ.

یَا عَلِیُّ بَادِرْ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ أَرْبَعٍ شَبَابِكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ

ص: 49


1- 1. أدمن الخمر أی أدام شربها. و مدمن الخمر المداوم شربها.
2- 2. الشرطی: منسوب الی الشرطة- كغرفة-: عون السلطان و الوالی. و قیل الطائفة من خیار أعوان الولاة و رؤساء الضابطة و رجالها، سموا بذلك لانهم اعلموا انفسهم بعلامات یعرفون بها. و انما لم یدخلوا الجنة لجورهم علی الناس و ظلمهم غالبا.
3- 3. القتات: النمام. و فی المصدر« القتال» و هو تصحیف.
4- 4. الخرس- بالضم- و الخراس- بالكسر- طعام الولادة. و الخرسة- بالضم طعام النفساء نفسها. و العذار- بالكسر- طعام الختان او البناء، و عذر الغلام عذرا- من باب ضرب- ختنه. و الوكار: الذی یدعی إلیه الناس عند بناء الدار أو شرائها، و الوكرة طعام یعمل عند الفراق من البناء. كذا فی كتب اللغة و الركاز: الغنیمة.
5- 5. أی راحلا.

وَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَ حَیَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.

یَا عَلِیُّ كَرِهَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأُمَّتِی الْعَبَثَ فِی الصَّلَاةِ وَ الْمَنَّ فِی الصَّدَقَةِ وَ إِتْیَانَ الْمَسَاجِدِ جُنُباً وَ الضَّحِكَ بَیْنَ الْقُبُورِ وَ التَّطَلُّعَ فِی الدُّورِ وَ النَّظَرَ إِلَی فُرُوجِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْعَمَی وَ كَرِهَ الْكَلَامَ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْخَرَسَ وَ كَرِهَ النَّوْمَ بَیْنَ الْعِشَاءَیْنِ لِأَنَّهُ یَحْرِمُ الرِّزْقَ وَ كَرِهَ الْغُسْلَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ كَرِهَ دُخُولَ الْأَنْهَارِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ فِیهَا سُكَّاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ كَرِهَ دُخُولَ الْحَمَّامِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ كَرِهَ الْكَلَامَ بَیْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فِی صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَ كَرِهَ رُكُوبَ الْبَحْرِ فِی وَقْتِ هَیَجَانِهِ وَ كَرِهَ النَّوْمَ فَوْقَ سَطْحٍ لَیْسَ بِمُحَجَّرٍ وَ قَالَ مَنْ نَامَ عَلَی سَطْحٍ غَیْرِ مُحَجَّرٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَ كَرِهَ أَنْ یَنَامَ الرَّجُلُ فِی بَیْتٍ وَحْدَهُ وَ كَرِهَ أَنْ یَغْشَی الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَ هِیَ حَائِضٌ فَإِنْ فَعَلَ وَ خَرَجَ الْوَلَدُ مَجْذُوماً أَوْ بِهِ بَرَصٌ فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَ كَرِهَ أَنْ یُكَلِّمَ الرَّجُلُ مَجْذُوماً إِلَّا أَنْ یَكُونَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ قَدْرُ ذِرَاعٍ وَ قَالَ علیه السلام فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَ كَرِهَ أَنْ یَأْتِیَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَ قَدِ احْتَلَمَ حَتَّی یَغْتَسِلَ مِنَ الِاحْتِلَامِ فَإِنْ فَعَلَ وَ خَرَجَ الْوَلَدُ مَجْنُوناً فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَ كَرِهَ الْبَوْلَ عَلَی شَطِّ نَهَرٍ جَارٍ(1)

وَ كَرِهَ أَنْ یُحْدِثَ الرَّجُلُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَوْ نَخْلَةٍ قَدْ أَثْمَرَتْ وَ كَرِهَ أَنْ یَتَنَعَّلَ الرَّجُلُ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ كَرِهَ أَنْ یَدْخُلَ الرَّجُلُ بَیْتاً مُظْلِماً إِلَّا مَعَ السِّرَاجِ.

یَا عَلِیُّ آفَةُ الْحَسَبِ الِافْتِخَارُ

یَا عَلِیُّ مَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَافَ مِنْهُ كُلُّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ.

یَا عَلِیُّ ثَمَانِیَةٌ لَا یُقْبَلُ مِنْهُمُ الصَّلَاةُ الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَی مَوَالِیهِ وَ النَّاشِزُ وَ زَوْجُهَا عَلَیْهَا سَاخِطٌ وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ وَ الْجَارِیَةُ الْمُدْرِكَةُ تُصَلِّی بِغَیْرِ خِمَارٍ وَ إِمَامُ قَوْمٍ یُصَلِّی بِهِمْ وَ هُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَ السَّكْرَانُ وَ الزِّبِّینُ (2)

ص: 50


1- 1. أی جانبه حال جریانه.
2- 2. الزبین- كسكین- مدافع الاخبثین أی البول و الغائط او ممسكهما علی كره.

وَ هُوَ الَّذِی یُدَافِعُ الْبَوْلَ وَ الْغَائِطَ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ بَنَی اللَّهُ لَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ مَنْ آوَی الْیَتِیمَ وَ رَحِمَ الضَّعِیفَ وَ أَشْفَقَ عَلَی وَالِدَیْهِ وَ رَفَقَ بِمَمْلُوكِهِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ فَهُوَ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ أَتَی اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ أَغْنَی النَّاسِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ لَا یُطِیقُهَا أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُوَاسَاةُ لِلْأَخِ فِی مَالِهِ وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَیْسَ هُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَی مَا یَحْرُمُ عَلَیْهِ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَهُ وَ تَرَكَهُ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ وَ إِنْ أَنْصَفْتَهُمْ ظَلَمُوكَ السَّفِلَةُ وَ أَهْلُكَ وَ خَادِمُكَ وَ ثَلَاثَةٌ لَا یَنْتَصِفُونَ مِنْ ثَلَاثَةٍ حُرٌّ مِنْ عَبْدِهِ وَ عَالِمٌ مِنْ جَاهِلٍ وَ قَوِیٌّ مِنْ ضَعِیفٍ.

یَا عَلِیُّ سَبْعَةٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّی النَّصِیحَةَ لِأَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ.

یَا عَلِیُّ لَعَنَ اللَّهُ ثَلَاثَةً آكِلَ زَادِهِ وَحْدَهُ وَ رَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ وَ النَّائِمَ فِی بَیْتٍ وَحْدَهُ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ یُتَخَوَّفُ مِنْهُنَّ الْجُنُونُ التَّغَوُّطُ بَیْنَ الْقُبُورِ وَ الْمَشْیُ فِی خُفٍّ وَاحِدٍ وَ الرَّجُلُ یَنَامُ وَحْدَهُ .

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ یَحْسُنُ فِیهِنَّ الْكَذِبُ (1) الْمَكِیدَةُ فِی الْحَرْبِ وَ عِدَتُكَ زَوْجَتَكَ

ص: 51


1- 1. لا یخفی أن الكذب حرام و فعله من المعاصی كسائر المحرمات و لا فرق بینه و بینها و لكن إذا دار الامر بینه و بین الأهمّ منه فلیقدم الأهمّ حینئذ مهما كان لان العقل مستقل بوجوب الأهمّ عند التزاحم كما إذا دار الامر بانقاذ غریق الی ارتكاب حرام مثلا و تزاحم الامر بینه و بین واجب آخر فلیقدم الأهمّ منهما و قد دلت علیه الأدلة الأربعة. و الموارد الثلاث من هذه الموارد.

وَ الْإِصْلَاحُ بَیْنَ النَّاسِ وَ ثَلَاثَةٌ مُجَالَسَتُهُمْ تُمِیتُ الْقَلْبَ مُجَالَسَةُ الْأَنْذَالِ وَ مُجَالَسَةُ الْأَغْنِیَاءِ وَ الْحَدِیثُ مَعَ النِّسَاءِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مِنْ حَقَائِقِ الْإِیمَانِ الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ وَ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ بَذْلُ الْعِلْمِ لِلْمُتَعَلِّمِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِ لَمْ یَتِمَّ عَمَلُهُ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خُلُقٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ فَرَحَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ فِی الدُّنْیَا لِقَاءُ الْإِخْوَانِ وَ تَفْطِیرُ الصَّائِمِ وَ التَّهَجُّدُ فِی آخِرِ اللَّیْلِ.

یَا عَلِیُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكِبْرِ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ بُعْدُ الْأَمَلِ وَ حُبُّ الْبَقَاءِ:

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ وَ ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِیَاتٌ فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِی السَّبَرَاتِ (1)

وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَ الْمَشْیُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ إِلَی الْجَمَاعَاتِ فَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ التَّهَجُّدُ بِاللَّیْلِ وَ النَّاسُ نِیَامٌ فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًی مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا الْمُنْجِیَاتُ فَخَوْفُ اللَّهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ الْقَصْدُ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ السَّخَطِ.

یَا عَلِیُّ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ وَ لَا یُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ.

یَا عَلِیُّ سِرْ سَنَتَیْنِ بَرَّ وَالِدَیْكَ سِرْ سَنَةً صِلْ رَحِمَكَ سِرْ مِیلًا عُدْ مَرِیضاً سِرْ مِیلَیْنِ شَیِّعْ جَنَازَةً سِرْ ثَلَاثَةَ أَمْیَالٍ أَجِبْ دَعْوَةً سِرْ أَرْبَعَةَ أَمْیَالٍ زُرْ أَخاً فِی اللَّهِ سِرْ خَمْسَةَ أَمْیَالٍ أَغِثِ الْمَلْهُوفَ سِرْ سِتَّةَ أَمْیَالٍ انْصُرِ الْمَظْلُومَ وَ عَلَیْكَ بِالاسْتِغْفَارِ.

ص: 52


1- 1. السبرات جمع سبرة- بالفتح- شدة البرد. و قیل الغداة الباردة. و فی بعض نسخ المصدر« الشتوات».

یَا عَلِیُّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الصِّیَامُ وَ لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَتَمَلَّقُ إِذَا حَضَرَ وَ یَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَ یَشْمَتُ بِالْمُصِیبَةِ وَ لِلظَّالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَقْهَرُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِیَةِ وَ یُظَاهِرُ الظَّلَمَةَ وَ لِلْمُرَائِی ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَنْشَطُ إِذَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ وَ یَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ یُحِبُّ أَنْ یُحْمَدَ فِی جَمِیعِ أُمُورِهِ وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَ إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ.

یَا عَلِیُّ تِسْعَةُ أَشْیَاءَ تُورِثُ النِّسْیَانَ أَكْلُ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ وَ أَكْلُ الْكُزْبُرَةِ(1)

وَ الْجُبُنِّ وَ سُؤْرِ الْفَأْرَةِ وَ قِرَاءَةُ كِتَابَةِ الْقُبُورِ وَ الْمَشْیُ بَیْنَ امْرَأَتَیْنِ وَ طَرْحُ الْقَمْلَةِ وَ الْحِجَامَةُ فِی النُّقْرَةِ(2) وَ الْبَوْلُ فِی الْمَاءِ الرَّاكِدِ.

یَا عَلِیُّ الْعَیْشُ فِی ثَلَاثَةٍ دَارٍ قَوْرَاءَ وَ جَارِیَةٍ حَسْنَاءَ وَ فَرَسٍ قَبَّاءَ.

یَا عَلِیُّ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْمُتَوَاضِعَ فِی قَعْرِ بِئْرٍ لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ رِیحاً یَرْفَعُهُ فَوْقَ الْأَخْیَارِ فِی دَوْلَةِ الْأَشْرَارِ.

یَا عَلِیُّ مَنِ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ مَنْ مَنَعَ أَجِیراً أَجْرَهُ فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَی مُحْدِثاً فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا ذَلِكَ الْحَدَثُ قَالَ الْقَتْلُ.

یَا عَلِیُّ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَی أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ وَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ وَ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّیِّئَاتِ.

یَا عَلِیُّ أَوْثَقُ عُرَی الْإِیمَانِ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ.

یَا عَلِیُّ مَنْ أَطَاعَ امْرَأَتَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی النَّارِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا تِلْكَ الطَّاعَةُ قَالَ یَأْذَنُ فِی الذَّهَابِ إِلَی الْحَمَّامَاتِ وَ الْعُرُسَاتِ وَ النَّائِحَاتِ وَ لُبْسِ ثِیَابِ الرِّقَاقِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ أَذْهَبَ بِالْإِسْلَامِ نَخْوَةَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ تَفَاخُرَهُمْ

ص: 53


1- 1. یعنی گشنیز.
2- 2. النقرة: ثقب فی القفاء، و ثقب فی وسط الورك.

بِآبَائِهِمْ أَلَا وَ إِنَّ النَّاسَ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ تُرَابٍ وَ أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ.

یَا عَلِیُّ مِنَ السُّحْتِ ثَمَنُ الْمَیْتَةِ وَ ثَمَنُ الْكَلْبِ وَ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَ مَهْرُ الزَّانِیَةِ وَ الرِّشْوَةُ فِی الْحُكْمِ وَ أَجْرُ الْكَاهِنِ.

یَا عَلِیُّ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً لِیُمَارِیَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ یُجَادِلَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِیَدْعُوَ النَّاسَ إِلَی نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

یَا عَلِیُّ إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَالَ النَّاسُ مَا خَلَّفَ وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ.

یَا عَلِیُّ الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ.

یَا عَلِیُّ مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَاحَةُ الْمُؤْمِنِ وَ حَسْرَةُ الْكَافِرِ.

یَا عَلِیُّ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی الدُّنْیَا اخْدُمِی مَنْ خَدَمَنِی وَ أَتْعِبِی مَنْ خَدَمَكِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ الدُّنْیَا لَوْ عَدَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَی الْكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ.

یَا عَلِیُّ مَا أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ إِلَّا وَ هُوَ یَتَمَنَّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَنَّهُ لَمْ یُعْطَ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا قُوتاً.

یَا عَلِیُّ شَرُّ النَّاسِ مَنِ اتَّهَمَ اللَّهَ فِی قَضَائِهِ.

یَا عَلِیُّ أَنِینُ الْمُؤْمِنِ الْمَرِیضِ تَسْبِیحٌ وَ صِیَاحُهُ تَهْلِیلٌ وَ نَوْمُهُ عَلَی الْفِرَاشِ عِبَادَةٌ وَ تَقَلُّبُهُ مِنْ جَنْبٍ إِلَی جَنْبٍ جِهَادٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَإِنْ عُوفِیَ یَمْشِی فِی النَّاسِ وَ مَا عَلَیْهِ مِنْ ذَنْبٍ.

یَا عَلِیُّ لَوْ أُهْدِیَ إِلَیَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَ لَوْ دُعِیتُ إِلَی ذِرَاعٍ لَأَجَبْتُ.

یَا عَلِیُّ لَیْسَ عَلَی النِّسَاءِ جُمُعَةٌ وَ لَا جَمَاعَةٌ وَ لَا إِقَامَةٌ وَ لَا عِیَادَةُ مَرِیضٍ وَ لَا اتِّبَاعُ جَنَازَةٍ وَ لَا هَرْوَلَةٌ بَیْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ لَا اسْتِلَامُ الْحَجَرِ وَ لَا حَلْقٌ وَ لَا تَوَلِّی الْقَضَاءِ وَ لَا أَنْ تُسْتَشَارَ وَ لَا تَذْبَحَ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَ لَا تَجْهَرَ بِالتَّلْبِیَةِ وَ لَا تُقِیمَ عِنْدَ قَبْرٍ وَ لَا تَسْمَعَ الْخُطْبَةَ وَ لَا تَتَوَلَّی التَّزْوِیجَ وَ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَیْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ بِغَیْرِ إِذْنِهِ لَعَنَهَا اللَّهُ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ لَا تُعْطِیَ مِنْ بَیْتِ

ص: 54

زَوْجِهَا شَیْئاً إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَبِیتَ وَ زَوْجُهَا عَلَیْهَا سَاخِطٌ وَ إِنْ كَانَ ظَالِماً لَهَا.

یَا عَلِیُّ الْإِسْلَامُ عُرْیَانٌ وَ لِبَاسُهُ الْحَیَاءُ وَ زِینَتُهُ الْوَفَاءُ وَ مُرُوَّتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ عِمَادُهُ الْوَرَعُ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ أَسَاسٌ وَ أَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ.

یَا عَلِیُّ سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ وَ طَاعَةُ الْمَرْأَةِ نَدَامَةٌ.

یَا عَلِیُّ إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِی شَیْ ءٍ فَفِی لِسَانِ الْمَرْأَةِ.

یَا عَلِیُّ نَجَا الْمُخِفُّونَ وَ هَلَكَ الْمُثْقِلُونَ.

یَا عَلِیُّ مَنْ كَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ یَزِدْنَ فِی الْحِفْظِ وَ یُذْهِبْنَ الْبَلْغَمَ اللُّبَانُ وَ السِّوَاكُ وَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ

یَا عَلِیُّ السِّوَاكُ مِنَ السُّنَّةِ وَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ یَجْلُو الْبَصَرَ وَ یُرْضِی الرَّحْمَنَ وَ یُبَیِّضُ الْأَسْنَانَ وَ یَذْهَبُ بِالْبَخَرِ(1) وَ یَشُدُّ اللِّثَةَ وَ یُشَهِّی الطَّعَامَ وَ یَذْهَبُ بِالْبَلْغَمِ وَ یَزِیدُ فِی الْحِفْظِ وَ یُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ.

یَا عَلِیُّ النَّوْمُ أَرْبَعَةٌ نَوْمُ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام عَلَی أَقْفِیَتِهِمْ وَ نَوْمُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَیْمَانِهِمْ وَ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَ الْمُنَافِقِینَ عَلَی أَیْسَارِهِمْ وَ نَوْمُ الشَّیَاطِینِ عَلَی وُجُوهِهِمْ.

یَا عَلِیُّ مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیّاً إِلَّا وَ جَعَلَ ذُرِّیَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ وَ جَعَلَ ذُرِّیَّتِی مِنْ صُلْبِكَ وَ لَوْلَاكَ مَا كَانَتْ لِی ذُرِّیَّةٌ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعَةٌ مِنْ قَوَاصِمِ الظَّهْرِ إِمَامٌ یَعْصِی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یُطَاعُ أَمْرُهُ وَ زَوْجَةٌ یَحْفَظُهَا زَوْجُهَا وَ هِیَ تَخُونُهُ وَ فَقْرٌ لَا یَجِدُ صَاحِبُهُ مُدَاوِیاً وَ جَارُ سَوْءٍ فِی دَارِ مُقَامٍ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ سَنَّ فِی الْجَاهِلِیَّةِ خَمْسَ سُنَنٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْإِسْلَامِ حَرَّمَ نِسَاءَ الْآبَاءِ عَلَی الْأَبْنَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ(2) وَ وَجَدَ كَنْزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَ تَصَدَّقَ بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ

ص: 55


1- 1. البخر- بالتحریك-: الریح المنتن فی الغم.
2- 2. النساء: 26.

تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآیَةَ(1) وَ لَمَّا حَفَرَ زَمْزَمَ سَمَّاهَا سِقَایَةَ الْحَاجِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ الْآیَةَ(2)

وَ سَنَّ فِی الْقَتْلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَأَجْرَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ لَمْ یَكُنْ لِلطَّوَافِ عَدَدٌ عِنْدَ قُرَیْشٍ فَسَنَّ لَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ فَأَجْرَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِی الْإِسْلَامِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ لَا یَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ وَ لَا یَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَ لَا یَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَ یَقُولُ أَنَا عَلَی دِینِ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام.

یَا عَلِیُّ أَعْجَبُ النَّاسِ إِیمَاناً وَ أَعْظَمُهُمْ یَقِیناً قَوْمٌ یَكُونُونَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ لَمْ یَلْحَقُوا النَّبِیَّ وَ حُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ فَآمَنُوا بِسَوَادٍ عَلَی بَیَاضٍ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ یُقْسِینَ الْقَلْبَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ وَ طَلَبُ الصَّیْدِ وَ إِتْیَانُ بَابِ السُّلْطَانِ.

یَا عَلِیُّ لَا تُصَلِّ فِی جِلْدِ مَا لَا تَشْرَبُ لَبَنَهُ وَ لَا تَأْكُلُ لَحْمَهُ وَ لَا تُصَلِّ فِی ذَاتِ الْجَیْشِ وَ لَا فِی ذَاتِ الصَّلَاصِلِ وَ لَا فِی ضَجْنَانَ (3)

یَا عَلِیُّ كُلْ مِنَ الْبَیْضِ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَ مِنَ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ قُشُورٌ وَ مِنَ الطَّیْرِ مَا دَفَّ وَ اتْرُكْ مِنْهُ مَا صَفَ (4) وَ كُلْ مِنْ طَیْرِ الْمَاءِ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ أَوْ صِیصِیَةٌ(5)

ص: 56


1- 1. الأنفال: 42.
2- 2. التوبة: 19.
3- 3. ذات الجیش: واد قرب المدینة قیل بینها و بین میقات أهل المدینة میل واحد. و ذات الصلاصل: اسم موضع فی طریق مكّة. و ضجنان- كسكران-: جبل قرب مكّة. و النهی تنزیهی یحمل علی الكراهة.
4- 4. دف الطائر: حرك جناحیه كالحمام. وصف الطائر جناحیه: بسطهما و لم یحركهما.
5- 5. القانصة واحدة قوانص الطیر- كفاصلة و فواصل- و قد اختلفوا فیها فقیل هی للطیر بمنزلة المصارین لغیرها و هذا القول ضعیف جدا لان المصارین هی الامعاء، و قد ورد فی الخبر« كل من طیر البر ما كانت له حوصلة و من طیر الماء ما كانت له قانصة» كقانصة الحمام- لا معدة كمعدة الإنسان و المعی موجود فی الطیور كلها و قیل هی الحوصلة و قیل هی بمنزلة معدة للإنسان و هذان القولان معناهما واحد، لان الحوصلة للطیور بمنزلة المعدة للإنسان و هی التی یجتمع فیها كل ما تنقر من الحب و غیره ثمّ ینحدر الی معی، و قیل: هی اللحمة الغلیظة جدا التی یجتمع فیها كل ما تنقر من الحصی الصغار بعد ما انحدر من الحوصلة یقال لها بالفارسیة سنگدان و هذا القول هو الصواب كما یظهر من الحدیث( كذا فی المعیار) و الصیصیة هی الشوكة التی فی رجل الطیر فی موضع العقب و هی الاصبع الزائد فی باطن رجل الطائر بمنزلة الإبهام من بنی آدم لأنّها شوكته.

یَا عَلِیُّ كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ

یَا عَلِیُّ لَا قَطْعَ فِی ثَمَرٍ وَ لَا كَثَرٍ(1)

یَا عَلِیُّ لَیْسَ عَلَی زَانٍ عُقْرٌ(2)

وَ لَا حَدَّ فِی التَّعْرِیضِ وَ لَا شَفَاعَةَ فِی حَدٍّ وَ لَا یَمِینَ فِی قَطِیعَةِ رَحِمٍ وَ لَا یَمِینَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ وَ لَا لِامْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا وَ لَا لِلْعَبْدِ مَعَ مَوْلَاهُ وَ لَا صَمْتَ یَوْماً إِلَی اللَّیْلِ وَ لَا وِصَالَ فِی صِیَامٍ وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ هِجْرَةٍ.

یَا عَلِیُّ لَا یُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِه.

یَا عَلِیُّ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دُعَاءَ قَلْبٍ سَاهٍ.

یَا عَلِیُّ نَوْمُ الْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ.

یَا عَلِیُّ رَكْعَتَانِ یُصَلِّیهِمَا الْعَالِمُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ یُصَلِّیهَا الْعَابِدُ.

یَا عَلِیُّ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَ لَا یَصُومُ الْعَبْدُ تَطَوُّعاً إِلَّا

ص: 57


1- 1. الثمر- بفتح المثلثة و المیم- الرطب ما دام فی رأس النخلة. و لا قطع أی فی سرقته، قال العلقمی: قال: شیخنا قال: الخطابی تأوله الشافعی علی ما كان معلقا فی النخل قبل أن یجد و یحرز و قوله« و لا كثر» بفتح الكاف و المثلثة جمار النخل قال: فی النهایة هو شحمه الذی فی وسط النخلة. قال المناوی و تمامه« إلا ما آواه الجرین» فبین الحالة التی فیها القطع و هو كون المال فی حرز( السراج المنیر فی شرح الجامع الصغیر).
2- 2. العقر- بالضم- صداق المرأة.

بِإِذْنِ مَوْلَاهُ وَ لَا یَصُومُ الضَّیْفُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.

یَا عَلِیُّ صَوْمُ یَوْمِ الْفِطْرِ وَ صَوْمُ یَوْمِ الْأَضْحَی حَرَامٌ وَ صَوْمُ الْوِصَالِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ الصَّمْتِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ نَذْرِ الْمَعْصِیَةِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ الدَّهْرِ حَرَامٌ.

یَا عَلِیُّ فِی الزِّنَاءِ سِتُّ خِصَالٍ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِی الدُّنْیَا وَ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِی الْآخِرَةِ أَمَّا الَّتِی فِی الدُّنْیَا فَیَذْهَبُ بِالْبَهَاءِ وَ یُعَجِّلُ الْفَنَاءَ وَ یَقْطَعُ الرِّزْقَ وَ أَمَّا الَّتِی فِی الْآخِرَةِ فَسُوءُ الْحِسَابِ وَ سَخَطُ الرَّحْمَنِ وَ الْخُلُودُ فِی النَّارِ.یَا عَلِیُّ الرِّبَا سَبْعُونَ جُزْءاً فَأَیْسَرُهُ مِثْلُ أَنْ یَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ فِی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ

یَا عَلِیُّ دِرْهَمٌ رِبًا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سَبْعِینَ زَنْیَةً كُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ.

یَا عَلِیُّ مَنْ مَنَعَ قِیرَاطاً مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَلَیْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُسْلِمٍ وَ لَا كَرَامَةَ

یَا عَلِیُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ یَسْأَلُ الرَّجْعَةَ إِلَی الدُّنْیَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ الْآیَةَ(1)

یَا عَلِیُّ تَارِكُ الْحَجِّ وَ هُوَ یَسْتَطِیعُ كَافِرٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی : وَ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ (2)

یَا عَلِیُّ مَنْ سَوَّفَ الْحَجَّ حَتَّی یَمُوتَ بَعَثَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَهُودِیّاً أَوْ نَصْرَانِیّاً.

یَا عَلِیُّ الصَّدَقَةُ تَرُدُّ الْقَضَاءَ الَّذِی قَدْ أُبْرِمَ إِبْرَاماً.

یَا عَلِیُّ صِلَةُ الرَّحِمِ یَزِیدُ فِی الْعُمُرِ.

یَا عَلِیُّ افْتَتِحْ بِالْمِلْحِ وَ اخْتِمْ بِالْمِلْحِ فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنِ اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ دَاءً(3)

یَا عَلِیُّ لَوْ قَدِمْتُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ لَشَفَعْتُ فِی أَبِی وَ أُمِّی وَ عَمِّی وَ أَخٍ كَانَ لِی فِی الْجَاهِلِیَّةِ.

ص: 58

(4) یَا عَلِیُّ لَا صَدَقَةَ وَ ذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ.

یَا عَلِیُّ دِرْهَمٌ فِی الْخِضَابِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ یُنْفَقُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ فِیهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً یَطْرُدُ الرِّیحَ مِنَ الْأُذُنَیْنِ وَ یَجْلُو الْبَصَرَ وَ یُلَیِّنُ الْخَیَاشِیمَ وَ یُطَیِّبُ النَّكْهَةَ وَ یَشُدُّ اللِّثَةَ وَ یَذْهَبُ بِالصُّنَانِ (5) وَ یُقِلُّ وَسْوَسَةَ الشَّیْطَانِ وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ یَسْتَبْشِرُ بِهِ الْمُؤْمِنَ وَ یَغِیظُ بِهِ الْكَافِرَ وَ هُوَ زِینَةٌ وَ طِیبٌ وَ یَسْتَحْیِی مِنْهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ وَ هُوَ بَرَاءَةٌ لَهُ فِی قَبْرِهِ.

یَا عَلِیُّ لَا خَیْرَ فِی قَوْلٍ إِلَّا مَعَ الْفِعْلِ وَ لَا فِی مَنْظَرٍ إِلَّا مَعَ الْمَخْبَرِ(6)

وَ لَا فِی الْمَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ وَ لَا فِی الصِّدْقِ إِلَّا مَعَ الْوَفَاءِ وَ لَا فِی الْعِفَّةِ إِلَّا مَعَ الْوَرَعِ وَ لَا فِی الصَّدَقَةِ إِلَّا مَعَ النِّیَّةِ وَ لَا فِی الْحَیَاةِ إِلَّا مَعَ الصِّحَّةِ وَ لَا فِی الْوَطَنِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ وَ السُّرُورِ.

یَا عَلِیُّ حُرِّمَ مِنَ الشَّاةِ سَبْعَةُ أَشْیَاءَ الدَّمُ وَ الْمَذَاكِیرُ وَ الْمَثَانَةُ وَ النُّخَاعُ وَ الْغُدَدُ وَ الطِّحَالُ وَ الْمَرَارَةُ.

یَا عَلِیُّ لَا تُمَاكِسْ فِی أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ فِی شِرَاءِ الْأُضْحِیَّةِ وَ الْكَفَنِ وَ النَّسَمَةِ وَ الْكِرَی إِلَی مَكَّةَ یَا عَلِیُّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَشْبَهِكُمْ بِی خُلُقاً قَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً أَعْظَمُكُمْ حِلْماً وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً.

یَا عَلِیُّ أَمَانٌ لِأُمَّتِی مِنَ الْغَرَقِ إِذَا هُمْ رَكِبُوا السُّفُنَ فَقَرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (7) بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّی لَغَفُورٌ رَحِیمٌ (8)

یَا عَلِیُّ أَمَانٌ لِأُمَّتِی مِنَ السَّرَقِ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی إِلَی آخِرِ السُّورَةِ(9)

یَا عَلِیُّ أَمَانٌ لِأُمَّتِی مِنَ الْهَدْمِ- إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً(10)

ص: 58

یَا عَلِیُّ أَمَانٌ لِأُمَّتِی مِنَ الْهَمِّ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ- لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَی مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَیْهِ.

یَا عَلِیُّ أَمَانٌ لِأُمَّتِی مِنَ الْحَرَقِ- إِنَّ وَلِیِّیَ اللَّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ یَتَوَلَّی الصَّالِحِینَ (11) وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (12)

یَا عَلِیُّ مَنْ خَافَ السِّبَاعَ فَلْیَقْرَأْ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ(13)

یَا عَلِیُّ وَ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَیْهِ دَابَّتُهُ فَلْیَقْرَأْ فِی أُذُنِهَا الْیُمْنَی- وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ (14)

یَا عَلِیُّ مَنْ خَافَ سَاحِراً أَوْ شَیْطَاناً فَلْیَقْرَأْ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ الْآیَةَ(15)

یَا عَلِیُّ مَنْ كَانَ فِی بَطْنِهِ مَاءٌ أَصْفَرُ(16) فَلْیَكْتُبْ عَلَی بَطْنِهِ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ یَشْرَبُهُ فَإِنَّهُ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

یَا عَلِیُّ حَقُّ الْوَلَدِ عَلَی وَالِدِهِ أَنْ یُحَسِّنَ اسْمَهُ وَ أَدَبَهُ وَ یَضَعَهُ مَوْضِعاً صَالِحاً وَ حَقُّ الْوَالِدِ عَلَی وَلَدِهِ أَنْ لَا یُسَمِّیَهُ بِاسْمِهِ وَ لَا یَمْشِیَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ لَا یَجْلِسَ أَمَامَهُ وَ لَا یَدْخُلَ مَعَهُ الْحَمَّامَ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ.

یَا عَلِیُّ لَعَنَ اللَّهُ وَالِدَیْنِ حَمَلَا وَلَدَهُمَا عَلَی عُقُوقِهِمَا.

یَا عَلِیُّ یَلْزَمُ الْوَالِدَیْنِ مِنْ وَلَدِهِمَا مَا یَلْزَمُ لَهُمَا مِنْ عُقُوقِهِمَا.

یَا عَلِیُّ رَحِمَ اللَّهُ وَالِدَیْنِ حَمَلَا وَلَدَهُمَا عَلَی بِرِّهِمَا.

یَا عَلِیُّ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَیْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا.

یَا عَلِیُّ مَنِ اغْتِیبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَاسْتَطَاعَ نَصْرَهُ فَلَمْ یَنْصُرْهُ خَذَلَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

یَا عَلِیُّ مَنْ كَفَی یَتِیماً فِی نَفَقَةٍ بِمَالِهِ حَتَّی یَسْتَغْنِیَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ.

یَا عَلِیُّ مَنْ مَسَحَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِ یَتِیمٍ تَرَحُّماً لَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

ص: 58


1- 1. المؤمنون: 101.
2- 2. آل عمران: 91- 92.
3- 3. الامر ارشادی و ذلك لانه كان منشأ أكثر الأمراض من الطعام و هضمه فی المعدة و الملح قبل الطعام و بعده یؤثر فی المعدة خشونة موجبة لهضم الطعام بسهولة فهذا تأثیر طبیعی موجب لحفظ البدن من الأمراض الكثیرة.
4- (*) سقطت هنا خمسة أسطر و تأتی بعد قوله یوم القیامة صدر ص 61.
5- 1. النكهة ریح الفم، و الصنان رائحة معاطن الجسد إذا تغیرت و هی من أصن اللحم إذا انتن، و الصنان ذفر الابط و النتن عموما.
6- 2. فی بعض النسخ« فی نظر إلّا مع الخبرة».
7- 3. الزمر: 67.
8- 4. هود: 43.
9- 5. الإسراء: 110 و 111.
10- 6. فاطر: 39.
11- 1. الأعراف: 196.
12- 2. الأنعام: 91.
13- 3. التوبة: 128.
14- 4. آل عمران: 78.
15- 5. یونس: 3.
16- 6. ماء اصفر: صفرائیست كه بطریق ادرار دفع شود( بحر الجواهر).

یَا عَلِیُّ أَنَا ابْنُ الذَّبِیحَیْنِ (1) أَنَا دَعْوَةُ أَبِی إِبْرَاهِیمَ.

یَا عَلِیُّ الْعَقْلُ مَا اكْتُسِبَ بِهِ الْجَنَّةُ وَ طُلِبَ بِهِ رِضَا الرَّحْمَنِ

یَا عَلِیُّ إِنَّ أَوَّلَ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْعَقْلُ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ وَ قَالَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْكَ بِكَ آخُذُ وَ بِكَ أُعْطِی وَ بِكَ أُثِیبُ وَ بِكَ أُعَاقِبُ (2)

یَا عَلِیُّ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا یَلِیقُ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا عِبَادَةَ مِثْلُ التَّفَكُّرِ.

یَا عَلِیُّ آفَةُ الْحَدِیثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُیَلَاءُ وَ آفَةُ الْحِلْمِ الْحَسَدُ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعَةٌ یَذْهَبْنَ ضَیَاعاً(3)

الْأَكْلُ عَلَی الشِّبَعِ وَ السِّرَاجُ فِی الْقَمَرِ وَ الزَّرْعُ فِی السَّبَخَةِ(4) وَ الصَّنِیعَةُ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهَا

یَا عَلِیُّ مَنْ نَسِیَ الصَّلَاةَ عَلَیَّ فَقَدْ أَخْطَأَ طَرِیقَ الْجَنَّةِ.

یَا عَلِیُّ إِیَّاكَ وَ نَقْرَةَ الْغُرَابِ وَ فَرِیسَةَ الْأَسَدِ(5)

یَا عَلِیُّ لَأَنْ أُدْخِلَ یَدِی فِی فَمِ التِّنِّینِ (6) إِلَی الْمِرْفَقِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ مَنْ لَمْ یَكُنْ ثُمَّ كَانَ.

ص: 59


1- 1. یعنی بهما إسماعیل علیه السلام و عبد اللّٰه أباه صلّی اللّٰه علیه و آله و إشارة الی قول إبراهیم علیه السلام « وَ اجْعَلْ لِی لِسانَ صِدْقٍ فِی الْآخِرِینَ».
2- 2. یعنی أن العقل هو موجب الاختیار و هو ملاك التكلیف فافهم.
3- 3. أی مهملا ضائعا.
4- 4. السبخة: ارض ذات نز و ملح. یعنی شوره زار. و الصنیعة: الاحسان.
5- 5. فریسة الأسد هو ما یفترسه یعنی احذر منهما.
6- 6. التنین- كسكین-: الحیة العظیمة. و قیل انه أشر من الكوسج، فی فمه انیاب مثل اسنة الرماح، احمر العینین براق، طویل كالنخلة، واسع الفم و الجوف، یبلع كثیرا من الحیوان.

یَا عَلِیُّ إِنَّ أَعْتَی النَّاسِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْقَاتِلُ غَیْرَ قَاتِلِهِ وَ الضَّارِبُ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ مَنْ تَوَلَّی غَیْرَ مَوَالِیهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

یَا عَلِیُّ تَخَتَّمْ بِالْیَمِینِ فَإِنَّهُ فَضِیلَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُقَرَّبِینَ قَالَ بِمَ أَتَخَتَّمُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالْعَقِیقِ الْأَحْمَرِ فَإِنَّهُ أَوَّلُ جَبَلٍ أَقَرَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ لِی بِالنُّبُوَّةِ وَ لَكَ بِالْوَصِیَّةِ وَ لِوُلْدِكَ بِالْإِمَامَةِ وَ لِشِیعَتِكَ بِالْجَنَّةِ وَ لِأَعْدَائِكَ بِالنَّارِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَشْرَفَ عَلَی الدُّنْیَا فَاخْتَارَنِی مِنْهَا عَلَی رِجَالِ الْعَالَمِینَ ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِیَةَ فَاخْتَارَكَ عَلَی رِجَالِ الْعَالَمِینَ ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّالِثَةَ فَاخْتَارَ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ عَلَی رِجَالِ الْعَالَمِینَ ثُمَّ اطَّلَعَ الرَّابِعَةَ فَاخْتَارَ فَاطِمَةَ عَلَی نِسَاءِ الْعَالَمِینَ

یَا عَلِیُّ إِنِّی رَأَیْتُ اسْمَكَ مَقْرُوناً بِاسْمِی فِی أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فَآنَسْتُ بِالنَّظَرِ إِلَیْهِ إِنِّی لَمَّا بَلَغْتُ بَیْتَ الْمَقْدِسِ فِی مِعْرَاجِی إِلَی السَّمَاءِ وَجَدْتُ عَلَی صَخْرَتِهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَیَّدْتُهُ بِوَزِیرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِیرِهِ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِیلَ مَنْ وَزِیرِی فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی وَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَیْهَا إِنِّی أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِی مُحَمَّدٌ صَفْوَتِی مِنْ خَلْقِی أَیَّدْتُهُ بِوَزِیرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِیرِهِ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام مَنْ وَزِیرِی فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَلَمَّا جَاوَزْتُ السِّدْرَةَ انْتَهَیْتُ إِلَی عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِینَ جَلَّ جَلَالُهُ فَوَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَی قَوَائِمِهِ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِی مُحَمَّدٌ حَبِیبِی أَیَّدْتُهُ بِوَزِیرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِیرِهِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَعْطَانِی فِیكَ سَبْعَ خِصَالٍ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ یَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ مَعِی وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ یَقِفُ عَلَی الصِّرَاطِ مَعِی وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ یُكْسَی إِذَا كُسِیتُ وَ یَحْیَا إِذَا حُیِیتُ وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ یَسْكُنُ مَعِی عِلِّیِّینَ وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ یَشْرَبُ مَعِی مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ الَّذِی خِتامُهُ مِسْكٌ

ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِسَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا سَلْمَانُ إِنَّ لَكَ فِی عِلَّتِكَ إِذَا اعْتَلَلْتَ ثَلَاثَ خِصَالٍ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ بِذِكْرٍ وَ دُعَاؤُكَ فِیهَا مُسْتَجَابٌ وَ لَا تَدَعُ الْعِلَّةُ عَلَیْكَ ذَنْباً إِلَّا حَطَّتْهُ مَتَّعَكَ اللَّهُ بِالْعَافِیَةِ إِلَی انْقِضَاءِ أَجَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا أَبَا ذَرٍّ إِیَّاكَ وَ السُّؤَالَ فَإِنَّهُ ذُلٌّ حَاضِرٌ

ص: 60

وَ فَقْرٌ تَتَعَجَّلُهُ وَ فِیهِ حِسَابٌ طَوِیلٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ تَعِیشُ وَحْدَكَ وَ تَمُوتُ وَحْدَكَ وَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَحْدَكَ وَ یَسْعَدُ بِكَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ یَتَوَلَّوْنَ غُسْلَكَ وَ تَجْهِیزَكَ وَ دَفْنَكَ یَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَسْأَلْ بِكَفِّكَ فَإِنْ أَتَاكَ شَیْ ءٌ فَاقْبَلْهُ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِیمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَیْنَ الْأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَیْبَ.

«4»- ف (1)،[تحف العقول]: وَصِیَّتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

یَا عَلِیُّ إِنَّ مِنَ الْیَقِینِ أَنْ لَا تُرْضِیَ أَحَداً بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَا تَحْمَدَ أَحَداً بِمَا آتَاكَ اللَّهُ وَ لَا تَذُمَّ أَحَداً عَلَی مَا لَمْ یُؤْتِكَ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا یَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِیصٍ وَ لَا تَصْرِفُهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ إِنَّ اللَّهَ بِحُكْمِهِ وَ فَضْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَ الْفَرَحَ فِی الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ جَعَلَ الْهَمَّ وَ الْحَزَنَ فِی الشَّكِّ وَ السَّخَطِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ (2)

وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ(3)

أَحْسَنُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ.

یَا عَلِیُّ آفَةُ الْحَدِیثِ الْكَذِبُ عَلَی اللَّهِ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ(4)

وَ آفَةُ السَّمَاحَةِ الْمَنُ (5) وَ آفَةُ الشَّجَاعَةِ الْبَغْیُ وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُیَلَاءُ وَ آفَةُ الْحَسَبِ الْفَخْرُ.

یَا عَلِیُّ عَلَیْكَ بِالصِّدْقِ وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ فِیكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَ لَا تَجْتَرِیَنَّ عَلَی خِیَانَةٍ أَبَداً وَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ ابْذُلْ مَالَكَ وَ نَفْسَكَ دُونَ دِینِكَ وَ عَلَیْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْكَبْهَا وَ عَلَیْكَ بِمَسَاوِی الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا.

ص: 61


1- 1. تحف العقول ص 6.
2- 2. الاعود: الانفع.
3- 3. المظاهرة: المعاونة.
4- 4. الفترة: الضعف و انكسار.
5- 5. السماحة: الجود.

یَا عَلِیُّ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَی اللَّهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ أَتَی اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِی مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مُنْجِیَاتٌ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَ تَبْكِی عَلَی خَطِیئَتِكَ وَ یَسَعُكَ بَیْتُكَ.

یَا عَلِیُّ سَیِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثُ خِصَالٍ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُسَاوَاةُ الْأَخِ فِی اللَّهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ مِنْ حُلَلِ اللَّهِ رَجُلٌ زَارَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فِی اللَّهِ فَهُوَ زَوْرُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُكْرِمَ زَوْرَهُ (1) وَ یُعْطِیَهُ مَا سَأَلَ وَ رَجُلٌ صَلَّی ثُمَّ عَقَّبَ إِلَی الصَّلَاةِ الْأُخْرَی فَهُوَ ضَیْفُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُكْرِمَ ضَیْفَهُ وَ الْحَاجُّ وَ الْمُعْتَمِرُ فَهُمَا وَفْدُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُكْرِمَ وَفْدَهُ (2)

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ ثَوَابُهُنَّ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ الْحَجُّ یَنْفِی الْفَقْرَ وَ الصَّدَقَةُ تَدْفَعُ الْبَلِیَّةَ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِیدُ فِی الْعُمُرِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِ لَمْ یَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ وَ عِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ السَّفِیهِ وَ عَقْلٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثَةٌ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَجُلٌ أَحَبَّ لِأَخِیهِ مَا أَحَبَّ لِنَفْسِهِ وَ رَجُلٌ بَلَغَهُ أَمْرٌ فَلَمْ یُقْدِمْ فِیهِ وَ لَمْ یَتَأَخَّرْ حَتَّی یَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِلَّهِ رِضًا أَوْ سَخَطٌ وَ رَجُلٌ لَمْ یَعِبْ أَخَاهُ بِعَیْبٍ حَتَّی یُصْلِحَ ذَلِكَ الْعَیْبَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَصْلَحَ مِنْ نَفْسِهِ عَیْباً بَدَا لَهُ مِنْهَا آخَرُ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ فِی نَفْسِهِ شُغُلًا.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ سَخَاءُ النَّفْسِ وَ طِیبُ الْكَلَامِ وَ الصَّبْرُ عَلَی الْأَذَی.

یَا عَلِیُّ فِی التَّوْرَاةِ أَرْبَعٌ إِلَی جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَرِیصاً

ص: 62


1- 1. أی زائره و قاصده.
2- 2. الوفد: الضیف الوارد.

أَصْبَحَ وَ هُوَ عَلَی اللَّهِ سَاخِطٌ وَ مَنْ أَصْبَحَ یَشْكُو مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ أَتَی غَنِیّاً فَتَضَعْضَعَ (1)

لَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ مَنِ اتَّخَذَ آیَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ لَعِباً.

أَرْبَعٌ إِلَی جَنْبِهِنَّ أَرْبَعٌ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَشِرْ یَنْدَمْ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ فَقِیلَ لَهُ الْفَقْرُ مِنَ الدِّینَارِ وَ الدِّرْهَمِ فَقَالَ الْفَقْرُ مِنَ الدِّینِ.

یَا عَلِیُّ كُلُّ عَیْنٍ بَاكِیَةٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَعْیُنٍ عَیْنٌ سَهِرَتْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ (2)

وَ عَیْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ عَیْنٌ فَاضَتْ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ (3)

یَا عَلِیُّ طُوبَی لِصُورَةٍ نَظَرَ اللَّهُ إِلَیْهَا تَبْكِی عَلَی ذَنْبٍ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَی ذَلِكَ الذَّنْبِ أَحَدٌ غَیْرُ اللَّهِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ وَ ثَلَاثٌ مُنْجِیَاتٌ فَأَمَّا الْمُوبِقَاتُ فَهَوًی مُتَّبَعٌ وَ شُحٌّ مُطَاعٌ وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا الْمُنْجِیَاتُ فَالْعَدْلُ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الْقَصْدُ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ خَوْفُ اللَّهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ یَرَاكَ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ یَحْسُنُ فِیهِنَّ الْكَذِبُ الْمَكِیدَةُ فِی الْحَرْبِ وَ عِدَتُكَ زَوْجَتَكَ وَ الْإِصْلَاحُ بَیْنَ النَّاسِ.

یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ یَقْبُحُ فِیهِنَّ الصِّدْقُ النَّمِیمَةُ وَ إِخْبَارُ الرَّجُلِ عَنْ أَهْلِهِ بِمَا یَكْرَهُ وَ تَكْذِیبُكَ الرَّجُلَ عَنِ الْخَیْرِ(4)

یَا عَلِیُّ أَرْبَعٌ یَذْهَبْنَ ضَلَالًا الْأَكْلُ بَعْدَ الشِّبَعِ وَ السِّرَاجُ فِی الْقَمَرِ وَ الزَّرْعُ فِی الْأَرْضِ السَّبِخَةِ وَ الصَّنِیعَةُ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهَا.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعٌ أَسْرَعُ شَیْ ءٍ عُقُوبَةً رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَیْهِ فَكَافَأَكَ بِالْإِحْسَانِ إِسَاءَةً

ص: 63


1- 1. تضعضع له أی ذل و خضع، و انما ذلك إذا كان خضوعه له لغناه.
2- 2. سهر- كفرح- أی بات و لم ینم لیلا أی تركت النوم زائدا عن العادة.
3- 3. أی سال دمعها بكثرة.
4- 4. فی المصدر« و تكذیبك الرجل عن الخیر».

وَ رَجُلٌ لَا تَبْغِی عَلَیْهِ وَ هُوَ یَبْغِی عَلَیْكَ وَ رَجُلٌ عَاقَدْتَهُ عَلَی أَمْرٍ فَمِنْ أَمْرِكَ الْوَفَاءُ لَهُ وَ مِنْ أَمْرِهِ الْغَدْرُ بِكَ وَ رَجُلٌ تَصِلُ رَحِمَهُ وَ یَقْطَعُهَا.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعٌ مَنْ یَكُنْ فِیهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ الصِّدْقُ وَ الشُّكْرُ وَ الْحَیَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ

یَا عَلِیُّ قِلَّةُ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنَ النَّاسِ هُوَ الْغِنَی الْحَاضِرُ وَ كَثْرَةُ الْحَوَائِجِ إِلَی النَّاسِ مَذَلَّةٌ وَ هُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ.

«5»- ف (1)،[تحف العقول]: یَا عَلِیُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الصِّیَامُ وَ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ إِنَّ لِلْمُتَكَلِّفِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ یَتَمَلَّقُ إِذَا شَهِدَ وَ یَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَ یَشْمَتُ بِالْمُصِیبَةِ وَ لِلظَّالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَقْهَرُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِیَةِ وَ یُظَاهِرُ الظَّلَمَةَ وَ لِلْمُرَائِی ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَنْشَطُ إِذَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ وَ یَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ یُحِبُّ أَنْ یُحْمَدَ فِی جَمِیعِ الْأُمُورِ وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ إِنْ حَدَّثَ كَذَبَ وَ إِنِ اؤْتُمِنَ خَانَ وَ إِنْ وَعَدَ أَخْلَفَ وَ لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَتَوَانَی حَتَّی یُفَرِّطَ وَ یُفَرِّطُ حَتَّی یُضَیِّعَ وَ یُضَیِّعُ حَتَّی یَأْثَمَ وَ لَیْسَ یَنْبَغِی لِلْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِی ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ.

یَا عَلِیُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا عَمَلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ إِنَّ الْكَذِبَ آفَةُ الْحَدِیثِ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ السَّمَاحَةِ الْمَنُّ.

یَا عَلِیُّ إِذَا رَأَیْتَ الْهِلَالَ (2)

فَكَبِّرْ ثَلَاثاً وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَنِی وَ خَلَقَكَ وَ قَدَّرَكَ مَنَازِلَ وَ جَعَلَكَ آیَةً لِلْعَالَمِینَ.

ص: 64


1- 1. التحف ص 10.
2- 2. الهلال: غرة القمر او للیلتین أو إلی ثلاث أو الی سبع. قال: شیخنا البهائی( قده): یمتد وقت قراءة الدعاء بامتداد وقت التسمیة هلالا، و الأولی عدم تأخیره عن اللیلة الأولی عملا بالمتیقن المتفق علیه لغة و عرفا، فان لم یتیسر فعن اللیلة الثانیة لقول أكثر أهل اللغة بالامتداد إلیها، فان فاتك فعن الثالثة لقول كثیر منهم بانها آخر لیاله.

یَا عَلِیُّ إِذَا نَظَرْتَ فِی مِرْآةٍ فَكَبِّرْ ثَلَاثاً وَ قُلِ اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِی فَحَسِّنْ خُلُقِی.

یَا عَلِیُّ إِذَا هَالَكَ أَمْرٌ فَقُلِ اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ- فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ مَا هَذِهِ الْكَلِمَاتُ؟

قَالَ: یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ أَهْبَطَ آدَمَ بِالْهِنْدِ وَ أَهْبَطَ حَوَّاءَ بِجُدَّةَ وَ الْحَیَّةَ بِأَصْفَهَانَ وَ إِبْلِیسَ بِمِیسَانَ (1) وَ لَمْ یَكُنْ فِی الْجَنَّةِ شَیْ ءٌ أَحْسَنَ مِنَ الْحَیَّةِ وَ الطَّاوُسِ وَ كَانَ لِلْحَیَّةِ قَوَائِمُ كَقَوَائِمِ الْبَعِیرِ فَدَخَلَ إِبْلِیسُ جَوْفَهَا فَغَرَّ آدَمَ وَ خَدَعَهُ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَی الْحَیَّةِ وَ أَلْقَی عَنْهَا قَوَائِمَهُمَا وَ قَالَ جَعَلْتُ رِزْقَكِ التُّرَابَ وَ جَعَلْتُ تَمْشِینَ عَلَی بَطْنِكِ- لَا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ رَحِمَكِ وَ غَضِبَ عَلَی الطَّاوُسِ لِأَنَّهُ كَانَ دَلَّ إِبْلِیسَ عَلَی الشَّجَرَةِ فَمَسَخَ مِنْهُ صَوْتَهُ وَ رِجْلَیْهِ.

فَمَكَثَ آدَمُ بِالْهِنْدِ مِائَةَ سَنَةٍ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَاضِعاً یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ یَبْكِی عَلَی خَطِیئَتِهِ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلَ فَقَالَ یَا آدَمُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ یَا آدَمُ أَ لَمْ أَخْلُقْكَ بِیَدِی أَ لَمْ أَنْفُخْ فِیكَ مِنْ رُوحِی

أَ لَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلَائِكَتِی أَ لَمْ أُزَوِّجْكَ حَوَّاءَ أَمَتِی أَ لَمْ أُسْكِنْكَ جَنَّتِی فَمَا هَذَا الْبُكَاءُ یَا آدَمُ تَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَابِلٌ تَوْبَتَكَ قُلْ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِی فَتُبْ عَلَیَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ.

یَا عَلِیُّ إِذَا رَأَیْتَ حَیَّةً فِی رَحْلِكَ فَلَا تَقْتُلْهَا حَتَّی تَخْرُجَ عَلَیْهَا ثَلَاثاً فَإِنْ رَأَیْتَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلْهَا فَإِنَّهَا كَافِرَةٌ.

یَا عَلِیُّ إِذَا رَأَیْتَ حَیَّةً فِی طَرِیقٍ فَاقْتُلْهَا فَإِنِّی قَدِ اشْتَرَطْتُ عَلَی الْجِنِّ أَلَّا یَظْهَرُوا فِی صُورَةِ الْحَیَّاتِ.

یَا عَلِیُّ أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ بُعْدُ الْأَمَلِ وَ حُبُّ الدُّنْیَا مِنَ الشَّقَاءِ.

یَا عَلِیُّ إِذَا أُثْنِیَ عَلَیْكَ فِی وَجْهِكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی خَیْراً مِمَّا یَظُنُّونَ

ص: 65


1- 1. میسان كورة معروفة بین البصرة و واسط و النسبة میسانی- كما فی القاموس و لعلّ ذكر هذه المواضع كنایة عن بعد المسافة بینها.

وَ اغْفِرْ لِی مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ لَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا یَقُولُونَ.

یَا عَلِیُّ إِذَا جَامَعْتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّیْطَانَ وَ جَنِّبِ الشَّیْطَانَ مَا رَزَقْتَنِی فَإِنْ قَضَی أَنْ یَكُونَ بَیْنَكُمَا وَلَدٌ لَمْ یَضُرَّهُ الشَّیْطَانُ أَبَداً

یَا عَلِیُّ ابْدَأْ بِالْمِلْحِ وَ اخْتِمْ فَإِنَّ الْمِلْحَ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعِینَ دَاءً أَوَّلُهَا الْجُنُونُ وَ الْجُذَامُ وَ الْبَرَصُ.

یَا عَلِیُّ ادَّهِنْ بِالزَّیْتِ فَإِنَّ مَنِ ادَّهَنَ بِالزَّیْتِ لَمْ یَقْرَبْهُ الشَّیْطَانُ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً.

یَا عَلِیُّ لَا تُجَامِعْ أَهْلَكَ لَیْلَةَ النِّصْفِ وَ لَا لَیْلَةَ الْهِلَالِ أَ مَا رَأَیْتَ الْمَجْنُونَ یُصْرَعُ فِی لَیْلَةِ الْهِلَالِ وَ لَیْلَةِ النِّصْفِ كَثِیراً(1)

یَا عَلِیُّ إِذَا وُلِدَ لَكَ غُلَامٌ أَوْ جَارِیَةٌ فَأَذِّنْ فِی أُذُنِهِ الْیُمْنَی وَ أَقِمْ فِی الْیُسْرَی فَإِنَّهُ لَا یَضُرُّهُ الشَّیْطَانُ أَبَداً.

یَا عَلِیُّ أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِشَرِّ النَّاسِ قُلْتُ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا یَغْفِرُ الذَّنْبَ وَ لَا یُقِیلُ الْعَثْرَةَ أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا یُؤْمَنُ شَرُّهُ وَ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ.

«6»- ف (2)،[تحف العقول]: یَا عَلِیُّ إِیَّاكَ وَ دُخُولَ الْحَمَّامِ بِغَیْرِ مِئْزَرٍ فَإِنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَیْرِ مِئْزَرٍ مَلْعُونٌ النَّاظِرُ وَ الْمَنْظُورُ إِلَیْهِ.

یَا عَلِیُّ لَا تَتَخَتَّمْ فِی السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَی فَإِنَّهُ كَانَ یَتَخَتَّمُ قَوْمُ لُوطٍ فِیهِمَا وَ لَا تُعَرِّ الْخِنْصِرَ-(3)

ص: 66


1- 1. لما كان القمر یؤثر فی الكرة الارضیة تأثیرا طبیعیا موجبا لبروز آثار فی المواد الارضیة فیمكن أن یؤثر فی المزاج أیضا علی نحو یظهر آثاره فی الاولاد و الاعقاب.
2- 2. التحف ص 13.
3- 3. نهیه صلّی اللّٰه علیه و آله لاجل التشبه و هذا العنوان أحد موجبات الحرمة فی الإسلام، فكل عمل كان مثل ذلك فهو حرام ما دام هذا العنوان صادقا علیه و إذا لم یصدق علیه لم یكن من هذه الجهة حرام كما سئل عن علیّ علیه السلام عن قول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله:« غیروا الشیب و لا تشبهوا بالیهود» فقال علیه السلام:« انما قال صلّی اللّٰه علیه و آله ذلك و الدین قل فالآن قد اتسع نطاقه و ضرب بجرانه فامرؤ و ما اختار». و الحاصل التشبه فی المختصات المذهبیة متعمدا حرام.

یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ یُعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی فَإِنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ یَقُولُ یَا مَلَائِكَتِی عَبْدِی هَذَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَیْرِی اشْهَدُوا أَنِّی قَدْ غَفَرْتُ لَهُ.

یَا عَلِیُّ إِیَّاكَ وَ الْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ یُسَوِّدُ الْوَجْهَ ثُمَّ یُكْتَبُ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً وَ إِنَّ الصِّدْقَ یُبَیِّضُ الْوَجْهَ وَ یُكْتَبُ عِنْدَ اللَّهِ صَادِقاً وَ اعْلَمْ أَنَّ الصِّدْقَ مُبَارَكٌ وَ الْكَذِبَ مَشْئُومٌ.

یَا عَلِیُّ احْذَرِ الْغِیبَةَ وَ النَّمِیمَةَ فَإِنَّ الْغِیبَةَ تُفَطِّرُ وَ النَّمِیمَةَ تُوجِبُ عَذَابَ الْقَبْرِ.

یَا عَلِیُّ لَا تَحْلِفْ بِاللَّهِ كَاذِباً وَ لَا صَادِقاً مِنْ غَیْرِ ضَرُورَةٍ وَ لَا تَجْعَلِ اللَّهَ عُرْضَةً لِیَمِینِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یَرْحَمُ وَ لَا یَرْعَی مَنْ حَلَفَ بِاسْمِهِ كَاذِباً.

یَا عَلِیُّ لَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ فَإِنَّ كُلَّ غَدٍ یَأْتِی بِرِزْقِهِ.

یَا عَلِیُّ إِیَّاكَ وَ اللَّجَاجَةَ فَإِنَّ أَوَّلَهَا جَهْلٌ وَ آخِرَهَا نَدَامَةٌ.

یَا عَلِیُّ عَلَیْكَ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَ مَجْلَاةٌ لِلْعَیْنِ وَ الْخِلَالُ یُحَبِّبُكَ إِلَی الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّی بِرِیحِ فَمِ مَنْ لَا یَتَخَلَّلُ بَعْدَ الطَّعَامِ.

یَا عَلِیُّ لَا تَغْضَبْ فَإِذَا غَضِبْتَ فَاقْعُدْ وَ تَفَكَّرْ فِی قُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَی الْعِبَادِ وَ حِلْمِهِ عَنْهُمْ وَ إِذَا قِیلَ لَكَ اتَّقِ اللَّهَ فَانْبِذْ غَضَبَكَ وَ رَاجِعْ حِلْمَكَ

یَا عَلِیُّ احْتَسِبْ بِمَا تُنْفِقُ عَلَی نَفْسِكَ تَجِدْهُ عِنْدَ اللَّهِ مَذْخُوراً.

یَا عَلِیُّ أَحْسِنْ خُلُقَكَ مَعَ أَهْلِكَ وَ جِیرَانِكَ وَ مَنْ تُعَاشِرُ وَ تُصَاحِبُ مِنَ النَّاسِ تُكْتَبْ عِنْدَ اللَّهِ فِی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی

یَا عَلِیُّ مَا كَرِهْتَهُ لِنَفْسِكَ فَاكْرَهْ لِغَیْرِكَ وَ مَا أَحْبَبْتَهُ لِنَفْسِكَ فَأَحِبَّهُ لِأَخِیكَ تَكُنْ عَادِلًا فِی حُكْمِكَ مُقْسِطاً فِی عَدْلِكَ مُحَبّاً(1)

فِی أَهْلِ السَّمَاءِ مَوْدُوداً(2) فِی صُدُورِ أَهْلِ الْأَرْضِ احْفَظْ وَصِیَّتِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

ص: 67


1- 1. فی بعض النسخ« محببا».
2- 2. مودودا من الود أی محبوبا.

«7»- سن (1)،[المحاسن] أَبِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ السَّرِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام: یَا عَلِیُّ أُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظْهَا عَنِّی فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِ فَكَانَ فِی وَصِیَّتِهِ أَنْ قَالَ إِنَّ الْیَقِینَ أَنْ لَا تُرْضِیَ أَحَداً بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَا تَحْمَدَ أَحَداً عَلَی مَا آتَاكَ اللَّهُ وَ لَا تَذُمَّ أَحَداً عَلَی مَا لَمْ یُؤْتِكَ اللَّهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا یَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِیصٍ وَ لَا یَصْرِفُهُ كَرَاهِیَةُ كَارِهٍ إِنَّ اللَّهَ بِحُكْمِهِ وَ فَضْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَ الْفَرَحَ فِی الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ جَعَلَ الْهَمَّ وَ الْحَزَنَ فِی الشَّكِّ وَ السَّخَطِ.

یَا عَلِیُّ إِنَّهُ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ.

یَا عَلِیُّ آفَةُ الْحَدِیثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ (2) وَ آفَةُ السَّمَاحَةِ الْمَنُّ وَ آفَةُ الشَّجَاعَةِ الْبَغْیُ وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُیَلَاءُ وَ آفَةُ الْحَسَبِ الْفَخْرُ.

یَا عَلِیُّ إِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَیْرٍ مَا حَفِظْتَ وَصِیَّتِی أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَكَ.

«8»- كا(3)،[الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أَنْ قَالَ: یَا عَلِیُّ أُوصِیكَ فِی نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا عَنِّی ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ

ص: 68


1- 1. المحاسن ص 16 و 17.
2- 2. الظرف- بفتح الظاء المعجمة و كسر الراء ككتف- أی البلیغ و الصلف- بفتح الصاد و اللام- هو الغلوّ فی الظرف و الزیادة علی المقدار مع تكبر. قال المناوی: الصلف- بالتحریك- مجاوزة القدر، یعنی عاهة براعة اللسان و ذكاء الجنان التطاول علی الاقران و التمدح بما لیس فی الإنسان، و المراد ان الظرف من الصفات الحسنة لكن له آفة ردیئة كثیرا ما تعرض له فإذا عرضت له أفسدته فلیحذر ذو الظرافة تلك الآفة.
3- 3. روضة الكافی ص 79.

أَمَّا الْأُولَی فَالصِّدْقُ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِیكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَ الثَّانِیَةُ الْوَرَعُ وَ لَا تَجْتَرِی عَلَی خِیَانَةٍ أَبَداً وَ الثَّالِثَةُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ الرَّابِعَةُ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ یُبْنَی لَكَ بِكُلِّ دَمْعَةٍ أَلْفُ بَیْتٍ فِی الْجَنَّةِ وَ الْخَامِسَةُ بَذْلُكَ مَالَكَ وَ دَمَكَ دُونَ دِینِكَ وَ السَّادِسَةُ الْأَخْذُ بِسُنَّتِی فِی صَلَاتِی وَ صَوْمِی وَ صَدَقَتِی أَمَّا الصَّلَاةُ فَالْخَمْسُونَ رَكْعَةً وَ أَمَّا الصِّیَامُ فَثَلَاثَةُ أَیَّامٍ فِی الشَّهْرِ- الْخَمِیسُ فِی أَوَّلِهِ وَ الْأَرْبِعَاءُ فِی وَسَطِهِ وَ الْخَمِیسُ فِی آخِرِهِ وَ أَمَّا الصَّدَقَةُ فَجُهْدَكَ حَتَّی تَقُولَ قَدْ أَسْرَفْتُ وَ لَمْ تُسْرِفْ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ اللَّیْلِ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ اللَّیْلِ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ اللَّیْلِ (1)

وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَیْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَیْكَ بِتِلَاوَةِ

الْقُرْآنِ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ عَلَیْكَ بِرَفْعِ یَدَیْكَ فِی صَلَاتِكَ وَ تَقْلِیبِهِمَا وَ عَلَیْكَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَ عَلَیْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْكَبْهَا وَ مَسَاوِی الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ.

ین (2)، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر ابن علوان عن عمرو بن ثابت عن جعفر عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لعلی و ذكر نحوه- و وجدته منقولا من خط الشهید ره نقلا من كتاب الحسین بن سعید عن ابن أبی عمیر عن معاویة بن عمار: مثله.

«9»- ما(3)،[الأمالی للشیخ الطوسی] جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْفَضْلِ الْأَشْعَرِیِ

عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ عَلِیّاً علیه السلام إِلَی الْیَمَنِ فَقَالَ لَهُ وَ هُوَ یُوصِیهِ.

یَا عَلِیُّ أُوصِیكَ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مَعَ الْإِجَابَةِ وَ بِالشُّكْرِ فَإِنَّ مَعَهُ الْمَزِیدَ وَ أَنْهَاكَ مِنْ أَنْ تَخْفِرَ عَهْداً(4) وَ تُعِینَ عَلَیْهِ وَ أَنْهَاكَ عَنِ الْمَكْرِ فَإِنَّهُ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وَ أَنْهَاكَ عَنِ الْبَغْیِ فَإِنَّهُ مَنْ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ.

ص: 69


1- 1. بین القوسین لیس فی المصدر.
2- 2. مخطوط.
3- 3. الأمالی ج 2 ص 210.
4- 4. أخفره نقض عهده.

باب 4 ما أوصی به رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی أبی ذر رحمه اللّٰه

«1»- مع (1)،[معانی الأخبار] ل، [الخصال] عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَارِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ السِّجْزِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ عُمَیْرٍ اللَّیْثِیِ (2)

عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ یَوْماً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی الْمَسْجِدِ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَتَهُ فَقَالَ لِی یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِیَّةً قُلْتُ وَ مَا تَحِیَّتُهُ قَالَ رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهُمَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِی بِالصَّلَاةِ فَمَا الصَّلَاةُ قَالَ خَیْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَ مَنْ شَاءَ أَكْثَرَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَیُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ إِیمَانٌ بِاللَّهِ وَ جِهَادٌ فِی سَبِیلِهِ قُلْتُ أَیُّ الْمُؤْمِنِینَ أَكْمَلُ إِیمَاناً قَالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً قُلْتُ وَ أَیُّ الْمُؤْمِنِینَ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ قُلْتُ وَ أَیُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ قُلْتُ فَأَیُّ اللَّیْلِ أَفْضَلُ قَالَ جَوْفُ اللَّیْلِ الْغَابِرِ قُلْتُ فَأَیُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ قُلْتُ فَأَیُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ إِلَی فَقِیرٍ فِی سِرٍّ(3) قُلْتُ مَا الصَّوْمُ قَالَ فَرْضٌ

ص: 70


1- 1. معانی الأخبار ص 332، الخصال ج 2 ص 103 و 104.
2- 2. فی الخصال عتبة بن عمید اللیثی و هو تصحیف.
3- 3. فی الخصال« الی فقیر ذی سن». و الجهد: الطاقة، و أقل الرجل صار الی القلة و هی الفقر و الهمزة للصیرورة و ربما یعبر بالقلة عن العدم فیقال قلیل الخیر أی لا یكاد یفعله.

مَجْزِیٌّ وَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِیرَةٌ قُلْتُ فَأَیُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَناً وَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قُلْتُ فَأَیُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَ أُهَرِیقَ دَمُهُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قُلْتُ فَأَیُّ آیَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَیْكَ أَعْظَمُ قَالَ آیَةُ الْكُرْسِیِّ ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِی الْكُرْسِیِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِی أَرْضِ فَلَاةٍ وَ فَضْلُ الْعَرْشِ عَلَی الْكُرْسِیِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَی تِلْكَ الْحَلْقَةِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ النَّبِیُّونَ قَالَ مِائَةُ أَلْفٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ نَبِیٍّ قُلْتُ كَمِ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ قَالَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمَّاءَ غَفِیرَاءَ(1)

قُلْتُ مَنْ كَانَ أَوَّلُ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ آدَمُ قُلْتُ وَ كَانَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مُرْسَلًا قَالَ نَعَمْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ.

ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ سُرْیَانِیُّونَ: آدَمُ وَ شِیثٌ وَ أَخْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِیسُ علیه السلام وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ وَ نُوحٌ علیه السلام وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَ صَالِحٌ وَ شُعَیْبٌ وَ نَبِیُّكَ مُحَمَّدٌ وَ أَوَّلُ نَبِیٍّ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ مُوسَی وَ آخِرُهُمْ عِیسَی بَیْنَهُمَا سِتُّمِائَةِ نَبِیٍّ.

قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ قَالَ مِائَةَ كِتَابٍ وَ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی شِیثٍ خَمْسِینَ صَحِیفَةً وَ عَلَی إِدْرِیسَ ثَلَاثِینَ صَحِیفَةً وَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عِشْرِینَ صَحِیفَةً وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِیمَ قَالَ كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا وَ كَانَ فِیهَا أَیُّهَا الْمَلِكُ الْمُبْتَلَی الْمَغْرُورُ إِنِّی لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْیَا بَعْضَهَا إِلَی بَعْضٍ وَ لَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّی دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّی لَا أَرُدُّهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ وَ عَلَی الْعَاقِلِ مَا لَمْ یَكُنْ مَغْلُوباً عَلَی عَقْلِهِ أَنْ یَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ یُنَاجِی فِیهَا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَاعَةٌ یُحَاسِبُ فِیهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ

ص: 71


1- 1. قال الجوهریّ: جاءوا جماء غفیراء- ممدودا- و الجماء الغفیر، و جم الغفیر و جماء الغفیر أی جاءوا بجماعتهم و لم یتخلف منهم أحد و كانت فیهم كثرة، و قال: الجماء الغفیر اسم و لیس بفعل الا أنّه تنصب المصادر التی هی فی معناه كقولك جاءونی جمیعا و قاطبة وطرا و كافة، و ادخلوا فیه الالف و اللام كما ادخلوا فی قولهم أوردها العراك أی أوردها عراكا.

یَتَفَكَّرُ فِیمَا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ وَ سَاعَةٌ یَخْلُو فِیهَا بِحَظِّ نَفْسِهِ مِنَ الْحَلَالِ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ لِتِلْكَ السَّاعَاتِ وَ اسْتِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ وَ تَوْزِیعٌ لَهَا(1)

وَ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ بَصِیراً بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَی شَأْنِهِ حَافِظاً لِلِسَانِهِ فَإِنَّ مَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِیمَا یَعْنِیهِ وَ عَلَی الْعَاقِلِ أَنْ یَكُونَ طَالِباً(2)

لِثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ تَلَذُّذٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ.

قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَی قَالَ كَانَتْ عِبَراً كُلُّهَا وَ فِیهَا عَجَبٌ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْمَوْتِ كَیْفَ یَفْرَحُ وَ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالنَّارِ لِمَ یَضْحَكُ وَ لِمَنْ یَرَی الدُّنْیَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا لِمَ یَطْمَئِنُّ إِلَیْهَا وَ لِمَنْ یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَیْفَ یَنْصَبُ (3)

وَ لِمَنْ أَیْقَنَ بِالْحِسَابِ لِمَ لَا یَعْمَلُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِی أَیْدِینَا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ مِمَّا كَانَ فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی قَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ اقْرَأْ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّی- وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا- وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ وَ أَبْقی- إِنَّ هذا(4) لَفِی الصُّحُفِ الْأُولی صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی (5)

قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ عَلَیْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ ذِكْرِ اللَّهِ كَثِیراً فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِی السَّمَاءِ وَ نُورٌ لَكَ فِی الْأَرْضِ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ الصَّمْتُ فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّیَاطِینِ وَ عَوْنٌ لَكَ عَلَی أَمْرِ دِینِكَ.

قُلْتُ زِدْنِی قَالَ إِیَّاكَ وَ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ یُمِیتُ الْقَلْبَ وَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ انْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ تَحْتَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِی نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِی قَالَ :

ص: 72


1- 1. الاستجمام التفریح، یقال: لاستجم قلبی بشی ء من اللّٰهو أی أنی لاجعل قلبی یتفكه بشی ء من اللّٰهو. و قوله« و توزیع لها» كذا فی الخصال و فی المعانی« و تفریغ لها».
2- 2. كذا.
3- 3. أی یتعب نفسه بالجد و الجهد و فی بعض نسخ المعانی« لم یغضب» و لعله الأصحّ.
4- 4. یعنی ذكر هذه الاربع آیات.
5- 5. الأعلی: 14- 19.

صِلْ قَرَابَتَكَ وَ إِنْ قَطَعُوكَ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ أَجِبِ الْمَسَاكِینَ وَ مُجَالَسَتَهُمْ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ قُلِ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً قُلْتُ زِدْنِی قَالَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ قُلْتُ زِدْنِی قَالَ لِیَحْجُزْكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَا تَجِدُ عَلَیْهِمْ (1)

فِیمَا تَأْتِی ثُمَّ قَالَ كَفَی بِالْمَرْءِ عَیْباً أَنْ یَكُونَ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ یَعْرِفُ مِنَ النَّاسِ مَا یَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ وَ یَسْتَحْیِی لَهُمْ مِمَّا هُوَ فِیهِ وَ یُؤْذِی جَلِیسَهُ بِمَا لَا یَعْنِیهِ ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ.

ما(2)، [الأمالی] للشیخ الطوسی مرسلا: مثله.

أقول: و رواه الشیخ جعفر بن أحمد القمی فی كتاب الغایات مرسلا: مثلهما أیضا و لكن إلی قوله صلی اللّٰه علیه و آله و فضل العرش علی الكرسی كفضل الفلاة علی تلك الحلقة و قال اختصرناه و أخذنا منه موضع الحاجة.

«2»- ل (3)،[الخصال] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْفَقِیهِ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ الْمَكِّیِّ وَ حَمْدَانَ جَمِیعاً عَنِ الْمَكِّیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِیُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَلْخِیِّ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَ الْحَسَنِ بْنِ دِینَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَبْعٍ أَوْصَانِی أَنْ أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ دُونِی وَ لَا أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقِی وَ أَوْصَانِی بِحُبِّ الْمَسَاكِینِ وَ الدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَوْصَانِی أَنْ أَصِلَ رَحِمِی وَ إِنْ أَدْبَرَتْ وَ أَوْصَانِی أَنْ لَا أَخَافَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أَوْصَانِی أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ قَوْلِ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.

«3»- مِنْ كِتَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ (4)، یَقُولُ مَوْلَایَ أَبِی طَوَّلَ اللَّهُ عُمُرَهُ الْفَضْلُ

ص: 73


1- 1. أی لا تغضب.
2- 2. الأمالی ج 2 ص 138.
3- 3. الخصال ج 2 ص 3.
4- 4. المصدر ص 537.

بْنُ الْحَسَنِ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ مِنْ وَصِیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ الَّتِی أَخْبَرَنِی بِهَا الشَّیْخُ الْمُفِیدُ أَبُو الْوَفَاءُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِی الرَّازِیُّ وَ الشَّیْخُ الْأَجَلُّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بَابَوَیْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِجَازَةً قَالا أَمْلَی عَلَیْنَا الشَّیْخُ الْأَجَلُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِیُّ وَ أَخْبَرَنِی بِذَلِكَ الشَّیْخُ الْعَالِمُ الْحُسَیْنُ بْنُ الْفَتْحِ الْوَاعِظُ الْجُرْجَانِیُّ فِی مَشْهَدِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّیْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَلِیٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی الشَّیْخُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّیْبَانِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَیْنِ رَجَاءُ بْنُ یَحْیَی الْعَبَرْتَائِیُّ الْكَاتِبُ (1)

سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ فِیهَا مَاتَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهُنَائِیِ (2) قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ عَنْ أَبِی الْأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الرَّبَذَةَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی ذَرٍّ جُنْدَبِ بْنِ جُنَادَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ.

فَحَدَّثَنِی أَبُو ذَرٍّ قَالَ دَخَلْتُ ذَاتَ یَوْمٍ فِی صَدْرِ نَهَارِهِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَسْجِدِهِ فَلَمْ أَرَ فِی الْمَسْجِدِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ إِلَی جَانِبِهِ جَالِسٌ فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَةَ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَوْصِنِی بِوَصِیَّةٍ یَنْفَعُنِی اللَّهُ بِهَا فَقَالَ نَعَمْ وَ أَكْرِمْ بِكَ. یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ إِنِّی مُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظْهَا فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ لِطُرُقِ الْخَیْرِ وَ سُبُلِهِ فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا كَانَ لَكَ بِهَا كِفْلَانِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ یَرَاكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللَّهِ الْمَعْرِفَةُ بِهِ فَهُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَیْ ءٍ فَلَا شَیْ ءَ قَبْلَهُ وَ الْفَرْدُ فَلَا ثَانِیَ لَهُ وَ الْبَاقِی لَا إِلَی غَایَةٍ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا فِیهِمَا وَ مَا بَیْنَهُمَا مِنْ شَیْ ءٍ وَ هُوَ اللَّهُ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ ثُمَّ الْإِیمَانُ بِی وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَرْسَلَنِی إِلَی كَافَّةِ النَّاسِ- بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ داعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً ثُمَّ حُبُّ أَهْلِ بَیْتِیَ

ص: 74


1- 1. سیأتی ضبط العبرتائی بعد تمام الحدیث.
2- 2. الهنائی- بضم الهاء و نون و مد- كما فی التقریب.

الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً.

وَ اعْلَمْ یَا أَبَا ذَرٍّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَهْلَ بَیْتِی فِی أُمَّتِی كَسَفِینَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا غَرِقَ وَ مِثْلِ بَابِ حِطَّةٍ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً.

یَا أَبَا ذَرٍّ احْفَظْ مَا أُوصِیكَ بِهِ تَكُنْ سَعِیداً فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِیهِمَا كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَ صِحَّتَكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَ فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ وَ حَیَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِیَّاكَ وَ التَّسْوِیفَ بِأَمَلِكَ فَإِنَّكَ بِیَوْمِكَ وَ لَسْتَ بِمَا بَعْدَهُ فَإِنْ یَكُنْ غَدٌ لَكَ فَكُنْ فِی الْغَدِ كَمَا كُنْتَ فِی الْیَوْمِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ غَدٌ لَكَ لَمْ تَنْدَمْ عَلَی مَا فَرَّطْتَ فِی الْیَوْمِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ یَوْماً لَا یَسْتَكْمِلُهُ وَ مُنْتَظِرٍ غَداً لَا یَبْلُغُهُ

یَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ نَظَرْتَ إِلَی الْأَجَلِ وَ مَصِیرِهِ لَأَبْغَضْتَ (1) الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ كَأَنَّكَ فِی الدُّنْیَا غَرِیبٌ أَوْ كَعَابِرِ سَبِیلٍ وَ عُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَیْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ حَیَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا اسْمُكَ غَداً.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِیَّاكَ أَنْ تُدْرِكَكَ الصَّرْعَةُ عِنْدَ الْعَثْرَةِ فَلَا تُقَالَ الْعَثْرَةُ(2)

وَ لَا تُمَكَّنَ مِنَ الرَّجْعَةِ وَ لَا یَحْمَدَكَ مَنْ خَلَّفْتَ بِمَا تَرَكْتَ وَ لَا یَعْذِرَكَ مَنْ تَقْدَمُ عَلَیْهِ

ص: 75


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« لانقصت الامل».
2- 2. العثرة الزلة و الخطیئة. و الاقالة: فسخ البیع، و تقایلا إذا فسخا. و الصرعة- بكسر الصاد- المرة من الصرع.

بِمَا اشْتَغَلْتَ بِهِ (1)

یَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ عَلَی عُمُرِكَ أَشَحَّ مِنْكَ عَلَی دِرْهَمِكَ وَ دِینَارِكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ یَنْتَظِرُ أَحَدٌ إِلَّا غِنًی مُطْغِیاً أَوْ فَقْراً مُنْسِیاً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ هَرَماً مُفْنِداً(2) أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً أَوِ الدَّجَّالَ فَإِنَّهُ شَرُّ غَائِبٍ یُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَ السَّاعَةُ أَدْهی وَ أَمَرُّ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَالِمٌ لَا یُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ وَ مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِیَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَیْهِ لَمْ یَجِدْ رِیحَ الْجَنَّةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ ابْتَغَی الْعِلْمَ لِیَخْدَعَ بِهِ النَّاسَ لَمْ یَجِدْ رِیحَ الْجَنَّةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ عِلْمٍ لَا تَعْلَمُهُ فَقُلْ لَا أَعْلَمُهُ تَنْجُ مِنْ تَبِعَتِهِ وَ لَا تُفْتِ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ تَنْجُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ یَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَی قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَیَقُولُونَ مَا أَدْخَلَكُمُ النَّارَ وَ قَدْ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ لِفَضْلِ تَأْدِیبِكُمْ وَ تَعْلِیمِكُمْ فَیَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ بِالْخَیْرِ وَ لَا نَفْعَلُهُ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ وَ إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ یُحْصِیَهَا الْعِبَادُ وَ لَكِنْ أَمْسُوا وَ أَصْبِحُوا تَائِبِینَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكُمْ فِی مَمَرِّ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فِی آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ وَ الْمَوْتُ یَأْتِی بَغْتَةً وَ مَنْ یَزْرَعْ خَیْراً یُوشِكْ أَنْ یَحْصُدَ خَیْراً وَ مَنْ یَزْرَعْ شَرّاً یُوشِكْ أَنْ یَحْصُدَ نَدَامَةً وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا یُسْبَقُ بَطِی ءٌ بِحَظِّهِ وَ لَا یُدْرِكُ حَرِیصٌ مَا لَمْ یُقَدَّرْ لَهُ وَ مَنْ أُعْطِیَ خَیْراً

ص: 76


1- 1. یعنی واظب نفسك أن لا یدركك الموت حین غفلتك و اشتغالك بالدنیا فلا تتمكن من الاقالة و الرجعة و وارثك لا یحمدك بما تركت له. و لا یقبل اللّٰه العذر منك باشتغالك بأمور الدنیا.
2- 2. یقال: فند من باب- علم- خرف و ضعف عقله، و فی المصدر« مقعدا»، و قوله« مجهزا» أجهز علی الجریح شد علیه و اتم قتله، و جهز المیت اعد ما یلزمه.

فَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ وَ مَنْ وُقِیَ شَرّاً فَإِنَّ اللَّهَ وَقَاهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ وَ الْفُقَهَاءُ قَادَةٌ وَ مُجَالَسَتُهُمْ زِیَادَةٌ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَرَی ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ تَحْتَ صَخْرَةٍ یَخَافُ أَنْ تَقَعَ عَلَیْهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَیَرَی ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ ذُبَابٌ مَرَّ عَلَی أَنْفِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً جَعَلَ ذُنُوبَهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ مُمَثَّلَةً وَ الْإِثْمَ عَلَیْهِ ثَقِیلًا وَبِیلًا-(1)

وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَنْسَاهُ ذُنُوبَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَنْظُرْ إِلَی صِغَرِ الْخَطِیئَةِ وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَی مَنْ عَصَیْتَ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ أَشَدُّ ارْتِكَاضاً مِنَ الْخَطِیئَةِ مِنَ الْعُصْفُورِ حِینَ یُقْذَفُ بِهِ فِی شَرِكِهِ (2)

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَذَاكَ الَّذِی أَصَابَ حَظَّهُ وَ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَإِنَّمَا یُوَبِّخُ نَفْسَهُ (3)

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَیُحْرَمُ رِزْقَهُ بِالذَّنْبِ یُصِیبُهُ

یَا أَبَا ذَرٍّ دَعْ مَا لَسْتَ مِنْهُ فِی شَیْ ءٍ وَ لَا تَنْطِقْ فِیمَا لَا یَعْنِیكَ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَیُدْخِلُ قَوْماً الْجَنَّةَ فَیُعْطِیهِمْ حَتَّی یَمَلُّوا وَ فَوْقَهُمْ قَوْمٌ فِی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی فَإِذَا نَظَرُوا إِلَیْهِمْ عَرَفُوهُمْ فَیَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كُنَّا مَعَهُمْ فِی الدُّنْیَا فَبِمَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَیْنَا فَیُقَالُ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ إِنَّهُمْ كَانُوا یَجُوعُونَ حِینَ تَشْبَعُونَ وَ یَظْمَئُونَ حِینَ تَرْوَوْنَ وَ یَقُومُونَ حِینَ تَنَامُونَ وَ یَشْخَصُونَ حِینَ تَحْفَظُونَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ جَعَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قُرَّةَ عَیْنِی فِی الصَّلَاةِ وَ حَبَّبَ إِلَیَّ الصَّلَاةَ كَمَا حَبَّبَ إِلَی الْجَائِعِ الطَّعَامَ وَ إِلَی الظَّمْآنِ الْمَاءَ وَ إِنَّ الْجَائِعَ إِذَا أَكَلَ شَبِعَ وَ إِنَ

ص: 77


1- 1. الوبیل الوخیم وزنا و معنی.
2- 2. الارتكاض: الاضطراب، و ارتكض الرجل فی أمره تقلب فیه و حاوله. و الشرك- محركة- حبالة الصید.
3- 3. أی عابها و لامها.

الظَّمْآنَ إِذَا شَرِبَ رَوِیَ وَ أَنَا لَا أَشْبَعُ مِنَ الصَّلَاةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَیُّمَا رَجُلٍ تَطَوَّعَ فِی یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ رَكْعَةً سِوَی الْمَكْتُوبَةِ كَانَ لَهُ حَقّاً وَاجِباً بَیْتٌ فِی الْجَنَّةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا دُمْتَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّكَ تَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ وَ مَنْ یُكْثِرْ قَرْعَ بَابِ الْمَلِكِ یُفْتَحْ لَهُ:

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَقُومُ مُصَلِّیاً إِلَّا تَنَاثَرَ عَلَیْهِ الْبِرُّ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ وَ وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ یُنَادِی یَا ابْنَ آدَمَ لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ فِی الصَّلَاةِ وَ مَنْ تُنَاجِی مَا انْفَتَلْتَ (1)

یَا أَبَا ذَرٍّ طُوبَی لِأَصْحَابِ الْأَلْوِیَةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَحْمِلُونَهَا فَیَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَی الْجَنَّةِ أَلَا وَ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَی الْمَسَاجِدِ بِالْأَسْحَارِ وَ غَیْرِ الْأَسْحَارِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّینِ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الصَّدَقَةُ تَمْحُو الْخَطِیئَةَ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ وَ اللِّسَانُ أَكْبَرُ وَ الْجِهَادُ نَبَاهَةٌ وَ اللِّسَانُ (2) أَكْبَرُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الدَّرَجَةُ فِی الْجَنَّةِ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ إِنَّ الْعَبْدَ لَیَرْفَعُ بَصَرَهُ فَیَلْمَعُ لَهُ نُورٌ یَكَادُ یَخْطَفُ بَصَرَهُ فَیَفْزَعُ لِذَلِكَ فَیَقُولُ مَا هَذَا فَیُقَالُ هَذَا نُورُ أَخِیكَ فَیَقُولُ أَخِی فُلَانٌ كُنَّا نَعْمَلُ جَمِیعاً فِی الدُّنْیَا وَ قَدْ فُضِّلَ عَلَیَّ هَكَذَا فَیُقَالُ لَهُ إِنَّهُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْكَ عَمَلًا ثُمَّ یُجْعَلُ فِی قَلْبِهِ الرِّضَا حَتَّی یَرْضَی.

یَا أَبَا ذَرٍّ الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ مَا أَصْبَحَ فِیهَا مُؤْمِنٌ إِلَّا حَزِیناً فَكَیْفَ لَا یَحْزَنُ الْمُؤْمِنُ وَ قَدْ أَوْعَدَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ وَارِدُ جَهَنَّمَ وَ لَمْ یُعِدْهُ أَنَّهُ صَادِرٌ عَنْهَا(3)

وَ لَیَلْقَیَنَّ أَمْرَاضاً وَ مُصِیبَاتٍ وَ أُمُوراً تَغِیظُهُ وَ لَیُظْلَمَنَّ فَلَا یُنْتَصَرُ یَبْتَغِی ثَوَاباً مِنَ اللَّهِ تَعَالَی فَمَا یَزَالُ فِیهَا حَزِیناً حَتَّی یُفَارِقَهَا فَإِذَا فَارَقَهَا أَفْضَی إِلَی الرَّاحَةِ وَ الْكَرَامَةِ.

ص: 78


1- 1. انفتل أی انصرف.
2- 2. النباهة الفتنة و الشرف و ضد الخمول.
3- 3. أشار الی قوله تعالی فی سورة مریم 72 و 73:« وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلی رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِیًّا ثُمَّ نُنَجِّی الَّذِینَ اتَّقَوْا- الآیة».

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا عُبِدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مِثْلِ طُولِ الْحُزْنِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أُوتِیَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا یُبْكِیهِ لَحَقِیقٌ أَنْ یَكُونَ قَدْ أُوتِیَ عِلْمَ مَا لَا یَنْفَعُهُ لِأَنَّ اللَّهَ نَعَتَ الْعُلَمَاءَ فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ- إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا یُتْلی عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً- وَ یَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ یَبْكُونَ وَ یَزِیدُهُمْ خُشُوعاً(1)

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ یَبْكِیَ فَلْیَبْكِ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَلْیُشْعِرْ قَلْبَهُ الْحُزْنَ وَ لْیَتَبَاكَ إِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِیَ بَعِیدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا أَجْمَعُ عَلَی عَبْدٍ خَوْفَیْنِ وَ لَا أَجْمَعُ لَهُ أَمْنَیْنِ فَإِذَا أَمِنَنِی فِی الدُّنْیَا أَخَفْتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ إِذَا خَافَنِی فِی الدُّنْیَا آمَنْتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُعْرَضُ عَلَیْهِ ذُنُوبُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیَقُولُ أَمَا إِنِّی كُنْتُ مُشْفِقاً فَیُغْفَرُ لَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَیَتَّكِلُ عَلَیْهَا وَ یَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّی یَأْتِیَ اللَّهَ وَ هُوَ عَلَیْهِ غَضْبَانُ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیَعْمَلُ السَّیِّئَةَ فَیَفْرَقُ (2) مِنْهَا فَیَأْتِی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آمِناً یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْعَبْدَ لَیُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ وَ كَیْفَ ذَلِكَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یَكُونُ ذَلِكَ الذَّنْبُ نُصْبَ عَیْنَیْهِ تَائِباً مِنْهُ فَارّاً إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی یَدْخُلَ الْجَنَّةَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْكَیِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْعَاجِزُ مَنِ اتَّبَعَ نَفْسَهُ وَ هَوَاهَا وَ تَمَنَّی عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَمَانِیَّ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَوَّلَ شَیْ ءٍ یُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَمَانَةُ وَ الْخُشُوعُ حَتَّی لَا تَكَادَ تَرَی خَاشِعاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ وَ الَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَوْ أَنَّ الدُّنْیَا كَانَتْ تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ

ص: 79


1- 1. الإسراء: 108- 109.
2- 2. أی یدهش و یخاف و یضطرب.

أَوْ ذُبَابٍ مَا سَقَی الْكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الدُّنْیَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِیهَا إِلَّا مَنِ ابْتَغَی بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَبْغَضَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنَ الدُّنْیَا خَلَقَهَا ثُمَّ عَرَضَهَا فَلَمْ یَنْظُرْ إِلَیْهَا وَ لَا یَنْظُرُ إِلَیْهَا حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ وَ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنَ الْإِیمَانِ بِهِ وَ تَرْكِ مَا أَمَرَ بِتَرْكِهِ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی أَخِی عِیسَی علیه السلام یَا عِیسَی لَا تُحِبَّ الدُّنْیَا فَإِنِّی لَسْتُ أُحِبُّهَا وَ أَحِبَّ الْآخِرَةَ فَإِنَّمَا هِیَ دَارُ الْمَعَادِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَانِی بِخَزَائِنِ الدُّنْیَا عَلَی بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ هَذِهِ خَزَائِنُ الدُّنْیَا وَ لَا یَنْقُصُكَ مِنْ حَظِّكَ عِنْدَ رَبِّكَ فَقُلْتُ یَا حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ لَا حَاجَةَ لِی فِیهَا إِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُ رَبِّی وَ إِذَا جُعْتُ سَأَلْتُهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَبْدٍ خَیْراً فَقَّهَهُ فِی الدِّینِ وَ زَهَّدَهُ فِی الدُّنْیَا وَ بَصَّرَهُ بِعُیُوبِ نَفْسِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا زَهِدَ عَبْدٌ فِی الدُّنْیَا إِلَّا أَنْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ یُبَصِّرُهُ عُیُوبَ الدُّنْیَا وَ دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَی دَارِ السَّلَامِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا رَأَیْتَ أَخَاكَ قَدْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا فَاسْتَمِعْ مِنْهُ فَإِنَّهُ یُلْقِی الْحِكْمَةَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ قَالَ مَنْ لَمْ یَنْسَ الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَی وَ تَرَكَ فَضْلَ زِینَةِ الدُّنْیَا وَ آثَرَ مَا یَبْقَی عَلَی مَا یَفْنَی وَ لَمْ یَعُدَّ غَداً مِنْ أَیَّامِهِ وَ عَدَّ نَفْسَهُ فِی الْمَوْتَی.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُوحِ إِلَیَّ أَنْ أَجْمَعَ الْمَالَ وَ لَكِنْ أَوْحَی إِلَیَّ أَنْ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِینَ- وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّی یَأْتِیَكَ الْیَقِینُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّی أَلْبَسُ الْغَلِیظَ وَ أَجْلِسُ عَلَی الْأَرْضِ وَ أَلْعَقُ أَصَابِعِی وَ أَرْكَبُ الْحِمَارَ بِغَیْرِ سَرْجٍ وَ أُرْدِفُ خَلْفِی فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِی فَلَیْسَ مِنِّی.

یَا أَبَا ذَرٍّ حُبُّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ أَذْهَبُ لِدِینِ الرَّجُلِ مِنْ ذِئْبَیْنِ ضَارِیَیْنِ فِی زِرْبِ

ص: 80

الْغَنَمِ (1) فَأَغَارَا فِیهَا حَتَّی أَصْبَحَا فَمَا ذَا أَبْقَیَا مِنْهَا.

قَالَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْخَائِفُونَ الْخَائِضُونَ الْمُتَوَاضِعُونَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِیراً أَ هُمْ یَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّهُمْ یَتَخَطَّوْنَ رِقَابَ النَّاسِ فَیَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كَمَا أَنْتُمْ حَتَّی (2)

تُحَاسَبُوا فَیَقُولُونَ بِمَ نُحَاسَبُ فَوَ اللَّهِ مَا مَلَكْنَا فَنَجُودَ وَ نَعْدِلَ وَ لَا أُفِیضَ عَلَیْنَا فَنَقْبِضَ وَ نَبْسُطَ وَ لَكُنَّا عَبَدْنَا رَبَّنَا حَتَّی دَعَانَا فَأَجَبْنَا.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الدُّنْیَا مَشْغَلَةٌ لِلْقُلُوبِ وَ الْأَبْدَانِ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَائِلُنَا عَمَّا نَعَّمَنَا فِی حَلَالِهِ فَكَیْفَ بِمَا نَعَّمَنَا فِی حَرَامِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّی قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ یَجْعَلَ رِزْقَ مَنْ یُحِبُّنِی الْكَفَافَ وَ أَنْ یُعْطِیَ مَنْ یُبْغِضُنِی كَثْرَةَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ الَّذِینَ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللَّهِ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ اتَّخَذُوا كِتَابَ اللَّهِ شِعَاراً وَ دُعَاءَهُ دِثَاراً یَقْرِضُونَ الدُّنْیَا قَرْضاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ حَرْثُ الْآخِرَةِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ حَرْثُ الدُّنْیَا الْمَالُ وَ الْبَنُونَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ رَبِّی أَخْبَرَنِی فَقَالَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی مَا أَدْرَكَ الْعَابِدُونَ دَرْكَ الْبُكَاءِ وَ إِنِّی لَأَبْنِی لَهُمْ فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی قَصْراً لَا یُشَارِكُهُمْ فِیهِ أَحَدٌ.

قَالَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَیُّ الْمُؤْمِنِینَ أَكْیَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَ أَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَاداً.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ الْقَلْبُ وَ اسْتَوْسَعَ قُلْتُ فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِنَابَةُ إِلَی دَارِ الْخُلُودِ وَ التَّجَافِی عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تُرِی النَّاسَ أَنَّكَ تَخْشَی اللَّهَ فَیُكْرِمُوكَ وَ قَلْبُكَ فَاجِرٌ.

ص: 81


1- 1. الزرب موضع المواشی.
2- 2. أی قفوا مكانكم و لا تبرحوا.

یَا أَبَا ذَرٍّ لِیَكُنْ لَكَ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ نِیَّةٌ حَتَّی فِی النَّوْمِ وَ الْأَكْلِ

یَا أَبَا ذَرٍّ لِیَعْظُمْ جَلَالُ اللَّهِ فِی صَدْرِكَ فَلَا تَذْكُرْهُ كَمَا یَذْكُرُهُ الْجَاهِلُ عِنْدَ الْكَلْبِ اللَّهُمَّ أَخْزِهِ وَ عِنْدَ الْخِنْزِیرِ اللَّهُمَّ أَخْزِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً قِیَاماً مِنْ خِیفَتِهِ مَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّورِ النَّفْخَةُ الْآخِرَةُ فَیَقُولُونَ جَمِیعاً سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تُعْبَدَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ وَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَمَلُ سَبْعِینَ نَبِیّاً- لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا یَرَی یَوْمَئِذٍ وَ لَوْ أَنَّ دَلْواً صُبَّتْ مِنْ غِسْلِینٍ فِی مَطْلَعِ الشَّمْسِ لَغَلَتْ مِنْهُ جَمَاجِمُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ لَوْ زَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَمْ یَبْقَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا خَرَّ جَاثِیاً عَلَی رُكْبَتَیْهِ (1) یَقُولُ رَبِّ نَفْسِی نَفْسِی حَتَّی یَنْسَی إِبْرَاهِیمُ إِسْحَاقَ علیهما السلام یَقُولُ یَا رَبِّ أَنَا خَلِیلُكَ إِبْرَاهِیمُ فَلَا تُنْسِنِی.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْیَا فِی لَیْلَةٍ ظَلْمَاءَ لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ أَفْضَلَ مِمَّا یُضِیئُهَا الْقَمَرُ لَیْلَةَ الْبَدْرِ وَ لَوَجَدَ رِیحَ نَشْرِهَا جَمِیعُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ أَنَّ ثَوْباً مِنْ ثِیَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْیَوْمَ فِی الدُّنْیَا لَصَعِقَ مَنْ یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ مَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اخْفِضْ صَوْتَكَ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَ عِنْدَ الْقِتَالِ وَ عِنْدَ الْقُرْآنِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا تَبِعْتَ جَنَازَةً فَلْیَكُنْ عَقْلُكَ فِیهَا مَشْغُولًا بِالتَّفَكُّرِ وَ الْخُشُوعِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَاحِقٌ بِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ إِذَا فَسَدَ فَالْمِلْحُ دَوَاؤُهُ فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ فَلَیْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَ اعْلَمْ أَنَّ فِیكُمْ خُلُقَیْنِ الضَّحِكَ مِنْ غَیْرِ عَجَبٍ وَ الْكَسَلَ مِنْ غَیْرِ سَهْوٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ رَكْعَتَانِ مُقْتَصَدَتَانِ فِی تَفَكُّرٍ خَیْرٌ مِنْ قِیَامِ لَیْلَةٍ وَ الْقَلْبُ سَاهٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْحَقُّ ثَقِیلٌ مُرٌّ وَ الْبَاطِلُ خَفِیفٌ حُلْوٌ وَ رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ تُورِثُ حُزْناً.

ص: 82


1- 1. جثی علی ركبتیه أی جلس علیها أو قام علی اطراف أصابعه یعنی به زانو در آمد.

طَوِیلًا(1)

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا یَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّی یَرَی النَّاسَ فِی جَنْبِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمْثَالَ الْأَبَاعِرِ(2) ثُمَّ یَرْجِعَ إِلَی نَفْسِهِ فَیَكُونَ هُوَ أَحْقَرَ حَاقِرٍ لَهَا.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا تُصِیبُ حَقِیقَةَ الْإِیمَانِ حَتَّی تَرَی النَّاسَ كُلَّهُمْ حَمْقَاءَ فِی دِینِهِمْ عُقَلَاءَ فِی دُنْیَاهُمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ حَاسِبْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ فَهُوَ أَهْوَنُ لِحِسَابِكَ غَداً وَ زِنْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُوزَنَ وَ تَجَهَّزْ لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ یَوْمَ تُعْرَضُ لَا تَخْفَی عَلَی اللَّهِ خَافِیَةٌ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اسْتَحْیِ مِنَ اللَّهِ فَإِنِّی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأُظِلُّ حِینَ (3)

أَذْهَبُ إِلَی الْغَائِطِ مُتَقَنِّعاً بِثَوْبِی أَسْتَحِی مِنَ الْمَلَكَیْنِ اللَّذَیْنِ مَعِی.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَ تُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ نَعَمْ فِدَاكَ أَبِی قَالَ فَاقْصِرْ مِنَ الْأَمَلِ وَ اجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَیْنَیْكَ وَ اسْتَحِ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَیَاءِ قَالَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا نَسْتَحِی مِنَ اللَّهِ قَالَ لَیْسَ ذَلِكَ الْحَیَاءَ وَ لَكِنَّ الْحَیَاءَ مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا تَنْسَی الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَی وَ الْجَوْفَ وَ مَا وَعَی وَ الرَّأْسَ وَ مَنْ حَوَی وَ مَنْ أَرَادَ كَرَامَةَ الْآخِرَةِ فَلْیَدَعْ زِینَةَ الدُّنْیَا فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ أَصَبْتَ وَلَایَةَ اللَّهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ یَكْفِی مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الْبِرِّ مَا یَكْفِی الطَّعَامَ مِنَ الْمِلْحِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَثَلُ الَّذِی یَدْعُو بِغَیْرِ عَمَلٍ كَمَثَلِ الَّذِی یَرْمِی بِغَیْرِ وَتَرٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ یُصْلِحُ بِصَلَاحِ الْعَبْدِ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ وَ یَحْفَظُهُ فِی دُوَیْرَتِهِ وَ الدُّورَ حَوْلَهُ مَا دَامَ فِیهِمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَ جَلَّ یُبَاهِی الْمَلَائِكَةَ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ رَجُلٍ فِی أَرْضٍ قَفْرٍ فَیُؤَذِّنُ ثُمَّ یُقِیمُ ثُمَّ یُصَلِّی فَیَقُولُ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ انْظُرُوا إِلَی عَبْدِی یُصَلِّی وَ لَا یَرَاهُ

ص: 83


1- 1. فی المصدر« توجب حزنا طویلا».
2- 2. الاباعر و الابعرة: جمع بعیر: الجمل البازل او الجذع للذكر و الأنثی و یطلق أیضا علی كل ما یحمل.
3- 3. فی المصدر« لا أزال».

غَیْرِی فَیَنْزِلُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یُصَلُّونَ وَرَاءَهُ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَی الْغَدِ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ رَجُلٍ قَامَ مِنَ اللَّیْلِ فَصَلَّی وَحْدَهُ فَسَجَدَ وَ نَامَ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی انْظُرُوا إِلَی عَبْدِی رُوحُهُ عِنْدِی وَ جَسَدُهُ سَاجِدٌ وَ رَجُلٍ فِی زَحْفٍ فَرَّ أَصْحَابُهُ وَ ثَبَتَ هُوَ وَ یُقَاتِلُ حَتَّی یُقْتَلَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ رَجُلٍ یَجْعَلُ جَبْهَتَهُ فِی بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا شَهِدَتْ لَهُ بِهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَا مِنْ مَنْزِلٍ یَنْزِلُهُ قَوْمٌ إِلَّا وَ أَصْبَحَ ذَلِكَ الْمَنْزِلُ یُصَلِّی عَلَیْهِمْ أَوْ یَلْعَنُهُمْ

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ صَبَاحٍ وَ لَا رَوَاحٍ إِلَّا وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ تُنَادِی بَعْضُهَا بَعْضاً یَا جَارُ هَلْ مَرَّ بِكِ ذَاكِرٌ لِلَّهِ تَعَالَی أَوْ عَبْدٌ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَیْكِ سَاجِداً لِلَّهِ فَمِنْ قَائِلَةٍ لَا وَ مِنْ قَائِلَةٍ نَعَمْ فَإِذَا قَالَتْ نَعَمْ اهْتَزَّتْ وَ انْشَرَحَتْ وَ تَرَی أَنَّ لَهَا الْفَضْلَ عَلَی جَارَتِهَا

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ وَ خَلَقَ مَا فِیهَا مِنَ الشَّجَرِ لَمْ یَكُنْ فِی الْأَرْضِ شَجَرَةٌ یَأْتِیهَا بَنُو آدَمَ إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا مَنْفَعَةً فَلَمْ تَزَلِ الْأَرْضُ وَ الشَّجَرُ كَذَلِكَ حَتَّی تَتَكَلَّمَ فَجَرَةُ بَنِی آدَمَ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِیمَةِ قَوْلِهِمْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً فَلَمَّا قَالُوهَا اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَ ذَهَبَتْ مَنْفَعَةُ الْأَشْجَارِ:

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَبْكِی عَلَی الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً

یَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِی أَرْضٍ قِیٍّ یَعْنِی قَفْرٍ فَتَوَضَّأَ أَوْ تَیَمَّمَ ثُمَّ أَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ صَلَّی أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَلَائِكَةَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ صَفّاً- لَا یُرَی طَرَفَاهُ یَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَ یَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَ یُؤَمِّنُونَ عَلَی دُعَائِهِ

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَقَامَ وَ لَمْ یُؤَذِّنْ لَمْ یُصَلِّ مَعَهُ إِلَّا مَلَكَاهُ اللَّذَانِ مَعَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ شَابٍّ یَدَعُ لِلَّهِ الدُّنْیَا وَ لَهْوَهَا وَ أَهْرَمَ شَبَابَهُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ اثْنَیْنِ وَ سَبْعِینَ صِدِّیقاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ الذَّاكِرُ فِی الْغَافِلِینَ كَالْمُقَاتِلِ فِی الْفَارِّینَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْجَلِیسُ الصَّالِحُ خَیْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ وَ الْوَحْدَةُ خَیْرٌ مِنْ جَلِیسِ السَّوْءِ وَ إِمْلَاءُ الْخَیْرِ خَیْرٌ مِنَ السُّكُوتِ وَ السُّكُوتُ خَیْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِناً وَ لَا یَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِیٌّ وَ لَا تَأْكُلْ طَعَامَ

ص: 84

الْفَاسِقِینَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ تُحِبُّهُ فِی اللَّهِ وَ كُلْ طَعَامَ مَنْ یُحِبُّكَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ امْرُؤٌ وَ لْیَعْلَمْ مَا یَقُولُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ اتْرُكْ فُضُولَ الْكَلَامِ وَ حَسْبُكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كَفَی بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ یُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا یَسْمَعُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ شَیْ ءٍ أَحَقَّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَی إِكْرَامَ ذِی الشَّیْبَةِ الْمُسْلِمِ وَ إِكْرَامَ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ الْعَامِلِینَ وَ إِكْرَامَ السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَا عَمِلَ مَنْ لَمْ یَحْفَظْ لِسَانَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَكُنْ عَیَّاباً وَ لَا مَدَّاحاً وَ لَا طَعَّاناً وَ لَا مُمَارِیاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا یَزَالُ الْعَبْدُ یَزْدَادُ مِنَ اللَّهِ بُعْداً مَا سَاءَ خُلُقُهُ

یَا أَبَا ذَرٍّ الْكَلِمَةُ الطَّیِّبَةُ صَدَقَةٌ وَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَی الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَجَابَ دَاعِیَ اللَّهِ وَ أَحْسَنَ عِمَارَةَ مَسَاجِدِ اللَّهِ كَانَ ثَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ.

فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ تُعْمَرُ مَسَاجِدُ اللَّهِ قَالَ لَا تُرْفَعُ فِیهَا الْأَصْوَاتُ وَ لَا یُخَاضُ فِیهَا بِالْبَاطِلِ وَ لَا یشتر [یُشْتَرَی] فِیهَا وَ لَا یُبَاعُ وَ اتْرُكِ اللَّغْوَ مَا دُمْتَ فِیهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا نَفْسَكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُعْطِیكَ مَا دُمْتَ جَالِساً فِی الْمَسْجِدِ بِكُلِّ نَفَسٍ تَنَفَّسْتَ دَرَجَةً فِی الْجَنَّةِ وَ تُصَلِّی عَلَیْكَ الْمَلَائِكَةُ وَ تُكْتَبُ لَكَ بِكُلِّ نَفَسٍ تَنَفَّسْتَ فِیهِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَ تُمْحَی عَنْكَ عَشْرُ سَیِّئَاتٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَ تَعْلَمُ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (1) قُلْتُ لَا أَدْرِی فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قَالَ فِی انْتِظَارِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّلَاةِ.

ص: 85


1- 1. آل عمران: 200.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِی الْمَكَارِهِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ إِلَی الْمَسَاجِدِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ أَحَبَّ الْعِبَادِ إِلَیَّ الْمُتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِی الْمُتَعَلِّقَةُ قُلُوبُهُمْ بِالْمَسَاجِدِ وَ الْمُسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ أُولَئِكَ إِذَا أَرَدْتُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ عُقُوبَةً ذَكَرْتُهُمْ فَصَرَفْتُ الْعُقُوبَةَ عَنْهُمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كُلُّ جُلُوسٍ فِی الْمَسْجِدِ لَغْوٌ إِلَّا ثَلَاثَةً قِرَاءَةُ مُصَلٍّ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ أَوْ سَائِلٌ عَنْ عِلْمٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ بِالْعَمَلِ بِالتَّقْوَی أَشَدَّ اهْتِمَاماً مِنْكَ بِالْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا یَقِلُّ عَمَلٌ بِالتَّقْوَی وَ كَیْفَ یَقِلُّ عَمَلٌ یَتَقَبَّلُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (1)

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا یَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِینَ حَتَّی یُحَاسِبَ نَفْسَهُ أَشَدَّ مِنْ مُحَاسَبَةِ الشَّرِیكِ شَرِیكَهُ فَیَعْلَمَ مِنْ أَیْنَ مَطْعَمُهُ وَ مِنْ أَیْنَ مَشْرَبُهُ وَ مِنْ أَیْنَ مَلْبَسُهُ أَ مِنْ حِلٍّ ذَلِكَ أَمْ مِنْ حَرَامٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ لَمْ یُبَالِ مِنْ أَیْنَ اكْتَسَبَ الْمَالَ لَمْ یُبَالِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَیْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَی اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَكْثَرُكُمْ ذِكْراً لَهُ وَ أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَتْقَاكُمْ لَهُ وَ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّكُمْ لَهُ خَوْفاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْمُتَّقِینَ الَّذِینَ یَتَّقُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الشَّیْ ءِ الَّذِی لَا یُتَّقَی مِنْهُ خَوْفاً مِنَ الدُّخُولِ فِی الشُّبْهَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ وَ إِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَ صِیَامُهُ وَ تِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَصْلُ الدِّینِ الْوَرَعُ وَ رَأْسُهُ الطَّاعَةُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَ خَیْرُ دِینِكُمُ الْوَرَعُ.

ص: 86


1- 1. المائدة: 30.

یَا أَبَا ذَرٍّ فَضْلُ الْعِلْمِ خَیْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّكُمْ لَوْ صَلَّیْتُمْ حَتَّی تَكُونُوا كَالْحَنَایَا(1) وَ صُمْتُمْ حَتَّی تَكُونُوا كَالْأَوْتَارِ مَا یَنْفَعُكُمْ ذَلِكَ إِلَّا بِوَرَعٍ

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ أَهْلَ الْوَرَعِ وَ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا هُمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ حَقّاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ لَمْ یَأْتِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِثَلَاثٍ فَقَدْ خَسِرَ قُلْتُ وَ مَا الثَّلَاثُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قَالَ وَرَعٌ یَحْجُزُهُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ وَ حِلْمٌ یَرُدُّ بِهِ جَهْلَ السَّفِیهِ وَ خُلُقٌ یُدَارِی بِهِ النَّاسَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَقْوَی النَّاسِ فَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَغْنَی النَّاسِ فَكُنْ بِمَا فِی یَدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِی یَدَیْكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَذِهِ الْآیَةِ لَكَفَتْهُمْ- وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ (2)

یَا أَبَا ذَرٍّ یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا یُؤْثِرُ عَبْدِیَ هَوَایَ عَلَی هَوَاهُ إِلَّا جَعَلْتُ غِنَاهُ فِی نَفْسِهِ وَ هُمُومَهُ فِی آخِرَتِهِ وَ ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ وَ كَفَفْتُ عَلَیْهِ ضَیْعَتَهُ (3)

وَ كُنْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَةِ كُلِّ تَاجِرٍ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا یَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا یُدْرِكُهُ الْمَوْتُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ یَنْفَعُكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ قُلْتُ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ احْفَظِ اللَّهَ یَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَی اللَّهِ فِی الرَّخَاءِ یَعْرِفْكَ فِی الشِّدَّةِ وَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ جَرَی الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَهَدُوا أَنْ یَنْفَعُوكَ بِشَیْ ءٍ لَمْ

ص: 87


1- 1. الحنایا جمع حنیة ما كان منحنیا كالقوس.
2- 2. الطلاق: 32.
3- 3. و قد یقرأ فی بعض النسخ« كففت عنه ضیقه».

یُكْتَبْ لَكَ مَا قَدَرُوا عَلَیْهِ وَ لَوْ جَهَدُوا أَنْ یَضُرُّوكَ بِشَیْ ءٍ لَمْ یَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَیْكَ مَا قَدَرُوا عَلَیْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرِّضَا فِی الْیَقِینِ فَافْعَلْ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِی الصَّبْرِ عَلَی مَا تَكْرَهُ خَیْراً كَثِیراً وَ إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً.

یَا أَبَا ذَرٍّ اسْتَغْنِ بِغِنَی اللَّهِ یُغْنِكَ اللَّهُ فَقُلْتُ وَ مَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ غَدَاءَةُ یَوْمٍ وَ عَشَاءَةُ لَیْلَةٍ فَمَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ أَغْنَی النَّاسِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ إِنِّی لَسْتُ كَلَامَ الْحَكِیمِ أَتَقَبَّلُ وَ لَكِنْ هَمَّهُ وَ هَوَاهُ فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَ هَوَاهُ فِیمَا أُحِبُّ وَ أَرْضَی جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْداً لِی وَ ذِكْراً وَ وَقَاراً وَ إِنْ لَمْ یَتَكَلَّمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا یَنْظُرُ إِلَی صُوَرِكُمْ وَ لَا إِلَی أَمْوَالِكُمْ (1) وَ لَكِنْ یَنْظُرُ إِلَی قُلُوبِكُمْ وَ أَعْمَالِكُمْ.

یَا أَبَا ذَرٍّ التَّقْوَی هَاهُنَا التَّقْوَی هَاهُنَا وَ أَشَارَ إِلَی صَدْرِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعٌ لَا یُصِیبُهُنَّ إِلَّا مُؤْمِنٌ الصَّمْتُ وَ هُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ وَ التَّوَاضُعُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَی عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ قِلَّةُ الشَّیْ ءِ یَعْنِی قِلَّةَ الْمَالِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ هُمَّ بِالْحَسَنَةِ وَ إِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِكَیْلَا تُكْتَبَ مِنَ الْغَافِلِینَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ مَلَكَ مَا بَیْنَ فَخِذَیْهِ وَ بَیْنَ لَحْیَیْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنُؤْخَذُ بِمَا یَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُنَا قَالَ یَا بَا ذَرٍّ وَ هَلْ یَكُبُّ النَّاسَ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ إِنَّكَ لَا تَزَالُ سَالِماً مَا سَكَتَّ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَیْكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ یَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فِی الْمَجْلِسِ لِیُضْحِكَهُمْ بِهَا فَیَهْوِی فِی جَهَنَّمَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ وَیْلٌ لِلَّذِی یُحَدِّثُ فَیَكْذِبُ لِیُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَیْلٌ لَهُ وَیْلٌ لَهُ وَیْلٌ لَهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ صَمَتَ نَجَا فَعَلَیْكَ بِالصِّدْقِ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِیكَ كَذِبَةٌ أَبَداً قُلْتُ

ص: 88


1- 1. فی بعض النسخ« أقوالكم».

یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَوْبَةُ الرَّجُلِ الَّذِی یَكْذِبُ مُتَعَمِّداً فَقَالَ الِاسْتِغْفَارُ وَ صَلَوَاتُ الْخَمْسِ تَغْسِلُ ذَلِكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِیَّاكَ وَ الْغِیبَةَ فَإِنَّ الْغِیبَةَ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لِمَ ذَاكَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی قَالَ لِأَنَّ الرَّجُلَ یَزْنِی فَیَتُوبُ إِلَی اللَّهِ فَیَتُوبُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ الْغِیبَةُ لَا تُغْفَرُ حَتَّی یَغْفِرَهَا صَاحِبُهَا.

یَا أَبَا ذَرٍّ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَ قِتَالُهُ كُفْرٌ وَ أَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ وَ حُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْغِیبَةُ قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا یَكْرَهُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ فِیهِ ذَاكَ الَّذِی یُذْكَرُ بِهِ قَالَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا هُوَ فِیهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا لَیْسَ فِیهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ ذَبَّ عَنْ أَخِیهِ الْمُسْلِمِ الْغِیبَةَ كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ اغْتِیبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ وَ هُوَ یَسْتَطِیعُ نَصْرَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَإِنْ خَذَلَهُ وَ هُوَ یَسْتَطِیعُ نَصْرَهُ خَذَلَهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ قُلْتُ وَ مَا الْقَتَّاتُ قَالَ النَّمَّامُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ صَاحِبُ النَّمِیمَةِ لَا یَسْتَرِیحُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْآخِرَةِ

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَیْنِ وَ لِسَانَیْنِ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ ذُو لِسَانَیْنِ فِی النَّارِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ وَ إِفْشَاءُ سِرِّ أَخِیكَ خِیَانَةٌ فَاجْتَنِبْ ذَلِكَ وَ اجْتَنِبْ مَجْلِسَ الْعَشِیرَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ تُعْرَضُ أَعْمَالُ أَهْلِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَی الْجُمُعَةِ فِی یَوْمَیْنِ الْإِثْنَیْنِ وَ الْخَمِیسِ فَیَغْفِرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْداً كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ شَحْنَاءُ(1)

فَقَالَ اتْرُكُوا عَمَلَ هَذَیْنِ حَتَّی یَصْطَلِحَا.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِیَّاكَ وَ هِجْرَانَ أَخِیكَ فَإِنَّ الْعَمَلَ لَا یُتَقَبَّلُ مِنَ الْهِجْرَانِ.

ص: 89


1- 1. الشحناء: العداوة امتلئت منها النفس.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَنْهَاكَ عَنِ الْهِجْرَانِ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلَا تَهْجُرْهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ كَمَلًا فَمَنْ مَاتَ فِیهَا مُهَاجِراً لِأَخِیهِ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَی بِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِیَاماً(1) فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ- یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ مَاتَ وَ فِی قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَمْ یَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ یَتُوبَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی لَیُعْجِبُنِی الْجَمَالُ حَتَّی وَدِدْتُ أَنَّ عِلَاقَةَ سَوْطِی وَ قِبَالَ نَعْلِی حَسَنٌ فَهَلْ یُرْهَبُ عَلَی ذَلِكَ قَالَ كَیْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ قَالَ أَجِدُهُ عَارِفاً لِلْحَقِّ مُطْمَئِنّاً إِلَیْهِ قَالَ لَیْسَ ذَلِكَ بِالْكِبْرِ وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ أَنْ تَتْرُكَ الْحَقَّ وَ تَتَجَاوَزَهُ إِلَی غَیْرِهِ وَ تَنْظُرَ إِلَی النَّاسِ وَ لَا تَرَی أَنَّ أَحَداً عِرْضُهُ كَعِرْضِكَ وَ لَا دَمُهُ كَدَمِكَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَكْثَرُ مَنْ یَدْخُلُ النَّارَ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَقَالَ رَجُلٌ وَ هَلْ یَنْجُو مِنَ الْكِبْرِ أَحَدٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ وَ رَكِبَ الْحِمَارَ وَ حَلَبَ الْعَنْزَ(2) وَ جَالَسَ الْمَسَاكِینَ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ حَمَلَ بِضَاعَتَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ یَعْنِی مَا یَشْتَرِی مِنَ السُّوقِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُیَلَاءَ لَمْ یَنْظُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَی أَنْصَافِ سَاقَیْهِ وَ لَا جُنَاحَ عَلَیْهِ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ كَعْبَیْهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ رَفَعَ ذَیْلَهُ وَ خَصَفَ نَعْلَهُ وَ عَفَّرَ وَجْهَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ كَانَ لَهُ قَمِیصَانِ فَلْیَلْبَسْ أَحَدَهُمَا وَ لْیُلْبِسِ الْآخَرَ أَخَاهُ.

یَا أَبَا ذَرٍّ سَیَكُونُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِی یُولَدُونَ فِی النَّعِیمِ وَ یُغَذَّوْنَ بِهِ هِمَّتُهُمْ أَلْوَانُ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ یُمْدَحُونَ بِالْقَوْلِ أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِی.

یَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ تَرَكَ لُبْسَ الْجَمَالِ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَیْهِ تَوَاضُعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ كَسَاهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ طُوبَی لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ تَعَالَی فِی غَیْرِ مَنْقَصَةٍ وَ أَذَلَّ نَفْسَهُ فِی غَیْرِ مَسْكَنَةٍ وَ أَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ وَ رَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ خَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْحِكْمَةِ

ص: 90


1- 1. مثل بین یدیه مثولا: انتصب قائما.
2- 2. فی المصدر« حلب الشاة».

طُوبَی لِمَنْ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ عَلَانِیَتُهُ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ طُوبَی لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ الْبَسِ الْخَشِنَ مِنَ اللِّبَاسِ وَ الصَّفِیقَ مِنَ الثِّیَابِ (1)لِئَلَّا یَجِدَ الْفَخْرُ فِیكَ مَسْلَكاً.

یَا أَبَا ذَرٍّ یَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ یَلْبَسُونَ الصُّوفَ فِی صَیْفِهِمْ وَ شِتَائِهِمْ یَرَوْنَ أَنَّ لَهُمُ الْفَضْلَ بِذَلِكَ عَلَی غَیْرِهِمْ أُولَئِكَ تَلْعَنُهُمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ.

یَا أَبَا ذَرٍّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كُلُّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِی طِمْرَیْنِ لَا یُؤْبَهُ بِهِ (2) لَوْ أَقْسَمَ عَلَی اللَّهِ لَأَبَرَّهُ.

أقول: وجدت فی بعض نسخ الأمالی و كانت مصحّحة قدیمة أملی علینا الشیخ أبو جعفر محمد بن الحسن قدس اللّٰه روحه یوم الجمعة الرابع من المحرم سنة سبع و خمسین و أربعمائة قال أخبرنا جماعة عن أبی المفضل: و ساق الحدیث إلی آخره- و رواه الشیخ فی أمالیه (3) عن جماعة عن أبی المفضل قال حدثنا رجاء بن یحیی أبو الحسین العبرتائی الكاتب (4)

سنة أربع عشرة و ثلاثمائة و فیها مات عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن الأصم عن الفضیل بن یسار عن وهب بن عبد اللّٰه بن أبی ذبی الهنائی عن أبی الحرب بن أبی الأسود الدؤلی: مثله- و رواه الورام فی جامعه (5): أیضا.

ص: 91


1- 1. ثوب صفیق: كثیف نسجه.
2- 2. أی لا یلتفت إلیه و لا یعتد به. و الطمر- بالكسر- الثوب الخلق.
3- 3. الأمالی ج 2 ص 138.
4- 4. العبرتائی بالعین المهملة المفتوحة و الباء الموحدة و الراء المهملة و التاء المثناة فوق. و الكاتب كذا فی( جش و صه) بخط المصنّف و فی هامش جامع الرواة قال و فی نسخة من« صه» للشهید الثانی« كایب بن یحیی» و ضبطه بالباء بعد الیاء.
5- 5. تنبیه الخواطر ج 2 ص 51.

باب 5 وصیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی عبد اللّٰه بن مسعود

«1»- مكا(1)،[مكارم الأخلاق]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ(2)

قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ خَمْسَةُ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِنَا یَوْماً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ شَدِیدَةٌ وَ لَمْ یَكُنْ ذُقْنَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا الْمَاءَ وَ اللَّبَنَ وَ وَرَقَ الشَّجَرِ قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَی مَتَی نَحْنُ عَلَی هَذِهِ الْمَجَاعَةِ الشَّدِیدَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَزَالُونَ فِیهَا مَا عِشْتُمْ فَأَحْدِثُوا لِلَّهِ شُكْراً فَإِنِّی قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ الَّذِی أُنْزِلَ عَلَیَّ وَ عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلِی فَمَا وَجَدْتُ مَنْ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا الصَّابِرُونَ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (3) أُوْلئِكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا(4) إِنِّی جَزَیْتُهُمُ الْیَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِیراً(6) أُولئِكَ یُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَیْنِ بِما صَبَرُوا(7) یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا یَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ(8) وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ

ص: 92


1- 1. مكارم الأخلاق ص 519.
2- 2. عبد اللّٰه بن مسعود من أصحاب النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله بجله و أطراه قوم و جرحه آخرون.
3- 3. الزمر: 14. و قوله« بِغَیْرِ حِسابٍ» أی لا یهتدی إلیه حساب الحساب.
4- 4. الفرقان: 75. و الغرفة أعلی درجات الجنة و ذلك بما صبروا من المشاق.
5- 5. المؤمنون: 113.
6- 6. الدهر: 12. ای بما صبروا علی أداء الواجبات و اجتناب المحرمات« جنة» أی بستانا و« حریرا» یلبسونه.
7- 7. القصص: 54.
8- 8. البقرة: 213. قوله« لما» اصله« لم» و زیدت« ما» و فیها توقع. و البأساء: الفقر و الضراء: الوجع.

بِشَیْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ (1) قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنِ الصَّابِرُونَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِینَ یَصْبِرُونَ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ عَنْ مَعْصِیَتِهِ الَّذِینَ كَسَبُوا طَیِّباً وَ أَنْفَقُوا قَصْداً وَ قَدَّمُوا فَضْلًا فَأَفْلَحُوا وَ أَنْجَحُوا.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْهِمُ الْخُشُوعُ وَ الْوَقَارُ وَ السَّكِینَةُ وَ التَّفَكُّرُ وَ اللِّینُ وَ الْعَدْلُ وَ التَّعْلِیمُ وَ الِاعْتِبَارُ وَ التَّدْبِیرُ وَ التَّقْوَی وَ الْإِحْسَانُ وَ التَّحَرُّجُ (2) وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ الْعَدْلُ فِی الْحُكْمِ وَ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ وَ مُعَاوَنَةُ أَهْلِ الْحَقِّ وَ الْبَغِیَّةُ عَلَی الْمُسِی ءِ(3) وَ الْعَفْوُ لِمَنْ ظَلَمَ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا حَكَمُوا عَدَلُوا وَ إِذَا قَالُوا صَدَقُوا وَ إِذَا عَاهَدُوا وَفَوْا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً- وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً- وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً وَ یَقُولُونَ لِلنَّاسِ حُسْناً.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْفَائِزُونَ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ- فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلی نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّ النُّورَ إِذَا وَقَعَ فِی الْقَلْبِ انْشَرَحَ وَ انْفَسَحَ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ عَلَامَةٍ قَالَ نَعَمْ التَّجَافِی عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَ الْإِنَابَةُ إِلَی دَارِ الْخُلُودِ وَ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْفَوْتِ فَمَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا قَصُرَ أَمَلُهُ فِیهَا وَ تَرَكَهَا لِأَهْلِهَا.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا(4) یَعْنِی أَیُّكُمْ أَزْهَدُ فِی الدُّنْیَا إِنَّهَا دَارُ الْغُرُورِ وَ دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَ لَهَا یَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ إِنَ

ص: 93


1- 1. البقرة: 155.
2- 2. التحرج: التجنب.
3- 3. بغی یبغی بغاء- بضم الباء و بغیا- بفتحها- و بغی و بغیة- بالضم- و بغیة بالكسر- علیه تعدی و جنی و استطال علیه و ظلمه.
4- 4. هود: 7. الملك: 2.

أَحْمَقَ النَّاسِ مَنْ طَلَبَ الدُّنْیَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَكُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِیدٌ(1) قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ صَبِیًّا(2) یَعْنِی الزُّهْدَ فِی الدُّنْیَا.

وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِمُوسَی یَا مُوسَی إِنَّهُ لَنْ یَتَزَیَّنَ الْمُتَزَیِّنُونَ بِزِینَةٍ أَزْیَنَ فِی عَیْنَیَّ مِثْلَ الزُّهْدِ یَا مُوسَی إِذَا رَأَیْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِینَ وَ إِذَا رَأَیْتَ الْغِنَی مُقْبِلًا فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی- وَ لَوْ لا أَنْ یَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ- وَ لِبُیُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَیْها یَتَّكِؤُنَ- وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِینَ (3) وَ قَوْلُهُ مَنْ كانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ یَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً- وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعی لَها سَعْیَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْیُهُمْ مَشْكُوراً(4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْجَنَّةِ سَارَعَ فِی الْخَیْرَاتِ وَ مَنْ خَافَ النَّارَ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ تَرَقَّبَ الْمَوْتَ أَعْرَضَ عَنِ اللَّذَّاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا هَانَتْ عَلَیْهِ الْمُصِیبَاتُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَوْلُهُ تَعَالَی- زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِینَ وَ الْقَناطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ الْآیَةَ(5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَی مُوسَی بِالْكَلَامِ وَ الْمُنَاجَاةِ حِینَ تُرَی خُضْرَةُ الْبَقْلِ مِنْ بَطْنِهِ مِنْ هُزَالِهِ (6) وَ مَا سَأَلَ مُوسَی حِینَ تَوَلَّی إِلَی الظِّلِّ إِلَّا طَعَاماً

ص: 94


1- 1. الحدید: 19.
2- 2. مریم: 13.
3- 3. الزخرف: 32- 34.
4- 4. الإسراء: 19 و 20.
5- 5. آل عمران: 12.
6- 6. الهزال: قلة اللحم و الشحم، نقیض السمن.

یَأْكُلُهُ مِنْ جُوعٍ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ نُوحٍ نَبِیِّ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عَاماً یَدْعُو إِلَی اللَّهِ فَكَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ لَا أُمْسِی وَ إِذَا أَمْسَی قَالَ لَا أُصْبِحُ فَكَانَ لِبَاسُهُ الشَّعْرَ وَ طَعَامُهُ الشَّعِیرَ وَ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ دَاوُدَ علیه السلام خَلِیفَةِ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ وَ كَانَ لِبَاسُهُ الشَّعْرَ وَ طَعَامُهُ الشَّعِیرَ وَ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ سُلَیْمَانَ علیه السلام مَعَ مَا كَانَ فِیهِ مِنَ الْمُلْكِ كَانَ یَأْكُلُ الشَّعِیرَ وَ یُطْعِمُ النَّاسَ الْحُوَّارَی (1)

وَ كَانَ لِبَاسُهُ الشَّعْرَ وَ كَانَ إِذَا جَنَّهُ اللَّیْلُ شَدَّ یَدَهُ إِلَی عُنُقِهِ فَلَا یَزَالُ قَائِماً یُصَلِّی حَتَّی یُصْبِحَ وَ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ علیه السلام كَانَ لِبَاسُهُ الصُّوفَ وَ طَعَامُهُ الشَّعِیرَ وَ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ یَحْیَی علیه السلام كَانَ لِبَاسُهُ اللِّیفَ وَ كَانَ یَأْكُلُ وَرَقَ الشَّجَرِ وَ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ بِأَمْرِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیهما السلام وَ هُوَ الْعَجَبُ كَانَ یَقُولُ إِدَامِیَ الْجُوعُ وَ شِعَارِیَ الْخَوْفُ وَ لِبَاسِیَ الصُّوفُ وَ دَابَّتِی رِجْلَایَ وَ سِرَاجِی بِاللَّیْلِ الْقَمَرُ وَ صَلَایَ (2)

فِی الشِّتَاءِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ وَ فَاكِهَتِی وَ رَیْحَانَتِی بُقُولُ الْأَرْضِ مِمَّا یَأْكُلُ الْوُحُوشُ وَ الْأَنْعَامُ وَ أَبِیتُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ أُصْبِحُ وَ لَیْسَ لِی شَیْ ءٌ وَ لَیْسَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَغْنَی مِنِّی.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ كُلُّ هَذَا مِنْهُمْ یُبْغِضُونَ مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَ یُصَغِّرُونَ مَا صَغَّرَ اللَّهُ وَ یُزْهِدُونَ مَا أَزْهَدَ اللَّهُ وَ قَدْ أَثْنَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ فَقَالَ لِنُوحٍ- إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً(3) وَ قَالَ لِإِبْرَاهِیمَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا(4) وَ قَالَ لِدَاوُدَ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ (5) وَ قَالَ لِمُوسَی وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسی تَكْلِیماً(6) وَ قَالَ أَیْضاً لِمُوسَی علیه السلام وَ قَرَّبْناهُ نَجِیًّا(7) وَ قَالَ لِیَحْیَی علیه السلام وَ آتَیْناهُ الْحُكْمَ

ص: 95


1- 1. الحواری- بالضم و تشدید الواو المفتوحة: الدقیق الابیض.
2- 2. فی المصدر« اصطلائی فی الشتاء» و صلی بالنار و اصطلی استدفأ بها.
3- 3. الإسراء: 3.
4- 4. النساء: 124.
5- 5. ص: 25.
6- 6. النساء: 164.
7- 7. مریم: 53.

صَبِیًّا(1) وَ قَالَ لِعِیسَی علیه السلام یا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِی عَلَیْكَ وَ عَلی والِدَتِكَ إِذْ أَیَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ كَهْلًا إِلَی قَوْلِهِ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ بِإِذْنِی (2) وَ قَالَ إِنَّهُمْ كانُوا یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ یَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِینَ (3) یَا ابْنَ مَسْعُودٍ كُلُّ ذَلِكَ لِمَا خَوَّفَهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ- وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِینَ- لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (4) قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ جِی ءَ بِالنَّبِیِّینَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ النَّارُ لِمَنْ رَكِبَ مُحَرَّماً وَ الْجَنَّةُ لِمَنْ تَرَكَ الْحَلَالَ فَعَلَیْكَ بِالزُّهْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا یُبَاهِی اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ وَ بِهِ یُقْبِلُ اللَّهُ عَلَیْكَ بِوَجْهِهِ وَ یُصَلِّی عَلَیْكَ الْجَبَّارُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ سَیَأْتِی مِنْ بَعْدِی أَقْوَامٌ یَأْكُلُونَ طَیِّبَ الطَّعَامِ وَ أَلْوَانَهَا وَ یَرْكَبُونَ الدَّوَابَّ وَ یَتَزَیَّنُونَ بِزِینَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَ یَتَبَرَّجُونَ تَبَرُّجَ النِّسَاءِ وَ زِیُّهُنَّ مِثْلُ زِیِّ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ وَ هُمْ مُنَافِقُو هَذِهِ الْأُمَّةِ فِی آخِرِ الزَّمَانِ شَارِبُونَ بِالْقَهَوَاتِ لَاعِبُونَ بِالْكِعَابِ (6)

رَاكِبُونَ الشَّهَوَاتِ تَارِكُونَ الْجَمَاعَاتِ رَاقِدُونَ عَنِ الْعَتَمَاتِ (7)

مُفْرِطُونَ فِی الْعَدَوَاتِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا(8)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَثَلُهُمْ مَثَلُ الدِّفْلَی (9) زَهْرَتُهَا حَسَنَةٌ وَ طَعْمُهَا مُرٌّ كَلَامُهُمُ الْحِكْمَةُ

ص: 96


1- 1. مریم: 13.
2- 2. المائدة: 109.
3- 3. الأنبیاء: 90.
4- 4. الحجر: 43 و 44.
5- 5. الزمر: 69.
6- 6. القهوات جمع قهوة و المراد بها هنا الخمر ظاهرا و الكعاب بالكسر خصوص النرد، و فی بعض النسخ« شاربوا القهوات».
7- 7. یعنی لم یصلوا العتمة و ینامون عنها.
8- 8. مریم: 6.
9- 9. مرّ معناه سابقا أنّه بالفارسیة خرزهرة.

وَ أَعْمَالُهُمْ دَاءٌ لَا یَقْبَلُ الدَّوَاءَ- أَ فَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلی قُلُوبٍ أَقْفالُها.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَا یُغْنِی مَنْ یَتَنَعَّمُ فِی الدُّنْیَا إِذَا أُخْلِدَ فِی النَّارِ- یَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ یَبْنُونَ الدُّورَ وَ یُشَیِّدُونَ الْقُصُورَ وَ یُزَخْرِفُونَ الْمَسَاجِدَ وَ لَیْسَتْ هِمَّتُهُمْ إِلَّا الدُّنْیَا عَاكِفُونَ عَلَیْهَا مُعْتَمِدُونَ فِیهَا آلِهَتُهُمْ بُطُونُهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ- وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِینَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُونِ (1) قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلی عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلی سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ إِلَی قَوْلِهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (2) وَ مَا هُوَ إِلَّا مُنَافِقٌ جَعَلَ دِینَهُ هَوَاهُ وَ إِلَهَهُ بَطْنَهُ كُلَّمَا اشْتَهَی مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ لَمْ یَمْتَنِعْ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ فَرِحُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ مَا الْحَیاةُ الدُّنْیا فِی الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ (3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَحَارِیبُهُمْ (4) نِسَاؤُهُمْ وَ شَرَفُهُمُ الدَّرَاهِمُ وَ الدَّنَانِیرُ وَ هِمَّتُهُمْ بُطُونُهُمْ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْأَشْرَارِ الْفِتْنَةُ مَعَهُمْ وَ إِلَیْهِمْ یَعُودُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی أَ فَرَأَیْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِینَ- ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا یُوعَدُونَ- ما أَغْنی عَنْهُمْ ما كانُوا یُمَتَّعُونَ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَجْسَادُهُمْ لَا تَشْبَعُ وَ قُلُوبُهُمْ لَا تَخْشَعُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ الْإِسْلَامُ بَدَأَ غَرِیباً وَ سَیَعُودُ غَرِیباً كَمَا بَدَأَ فَطُوبَی لِلْغُرَبَاءِ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنْ أَعْقَابِكُمْ فَلَا تُسَلِّمُوا فِی نَادِیهِمْ وَ لَا تُشَیِّعُوا جَنَائِزَهُمْ وَ لَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ فَإِنَّهُمْ یَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِكُمْ وَ یُظْهِرُونَ بِدَعْوَاكُمْ وَ یُخَالِفُونَ أَفْعَالَكُمْ فَیَمُوتُونَ عَلَی غَیْرِ مِلَّتِكُمْ أُولَئِكَ لَیْسُوا مِنِّی وَ لَا أَنَا مِنْهُمْ فَلَا تَخَافَنَّ أَحَداً غَیْرَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ(6)

ص: 97


1- 1. الشعراء: 129- 131.
2- 2. الجاثیة: 22.
3- 3. الرعد: 26.
4- 4. المحاریب: جمع محراب.
5- 5. الشعراء: 205- 207.
6- 6. النساء: 78.

وَ یَقُولُ یَوْمَ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِینَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ إِلَی قَوْلِهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ- فَالْیَوْمَ لا یُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْیَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِیَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ(1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ مِنِّی وَ مِنْ جَمِیعِ الْمُرْسَلِینَ وَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِینَ وَ عَلَیْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ وَ سُوءُ الْحِسَابِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ إِلَی قَوْلِهِ وَ لكِنَّ كَثِیراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أُولَئِكَ یُظْهِرُونَ الْحِرْصَ الْفَاحِشَ وَ الْحَسَدَ الظَّاهِرَ وَ یَقْطَعُونَ الْأَرْحَامَ وَ یَزْهَدُونَ فِی الْخَیْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِیثاقِهِ وَ یَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ(3) وَ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- مَثَلُ الَّذِینَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ یَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً(4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ عَلَی دِینِهِ مِثْلُ الْقَابِضِ عَلَی الْجَمْرَةِ بِكَفِّهِ یَقُولُ لِذَلِكَ الزَّمَانِ إِنْ كَانَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئْباً وَ إِلَّا أَكَلَتْهُ الذِّئْبُ (5):

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عُلَمَاؤُهُمْ وَ فُقَهَاؤُهُمْ خَوَنَةٌ فَجَرَةٌ أَلَا إِنَّهُمْ أَشْرَارُ خَلْقِ اللَّهِ وَ كَذَلِكَ أَتْبَاعُهُمْ وَ مَنْ یَأْتِیهِمْ وَ یَأْخُذُ مِنْهُمْ وَ یُحِبُّهُمْ وَ یُجَالِسُهُمْ وَ یُشَاوِرُهُمْ أَشْرَارُ خَلْقِ اللَّهِ یُدْخِلُهُمْ نَارَ جَهَنَّمَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَرْجِعُونَ-(6) وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ عُمْیاً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِیراً(7) كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ

ص: 98


1- 1. الحدید: 14 و 15.
2- 2. المائدة: 82- 84.
3- 3. الرعد: 25.
4- 4. الجمعة: 5.
5- 5. كذا.
6- 6. البقرة: 17.
7- 7. الإسراء: 97: و الخبوت: سكون النار.

بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَیْرَها لِیَذُوقُوا الْعَذابَ (1) وَ إِذا أُلْقُوا فِیها سَمِعُوا لَها شَهِیقاً وَ هِیَ تَفُورُ- تَكادُ تَمَیَّزُ مِنَ الْغَیْظِ(2) كُلَّما أَرادُوا أَنْ یَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِیدُوا فِیها وَ قِیلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ (3) لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ هُمْ فِیها لا یَسْمَعُونَ (4) یَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلَی دِینِی وَ سُنَّتِی وَ مِنْهَاجِی وَ شَرَائِعِی إِنَّهُمْ مِنِّی بِرَاءٌ وَ أَنَا مِنْهُمْ بَرِی ءٌ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تُجَالِسُوهُمْ فِی الْمَلَإِ وَ لَا تُبَایِعُوهُمْ فِی الْأَسْوَاقِ وَ لَا تَهْدُوهُمُ الطَّرِیقَ وَ لَا تَسْقُوهُمُ الْمَاءَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ الْآیَةَ(5) یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- مَنْ كانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ نَصِیبٍ (6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَا بَلْوَی أُمَّتِی بَیْنَهُمُ الْعَدَاوَةُ وَ الْبَغْضَاءُ وَ الْجِدَالُ أُولَئِكَ أَذِلَّاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِی دُنْیَاهُمْ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ لَیَخْسِفَنَّ اللَّهُ بِهِمْ وَ یَمْسَخُهُمْ قِرَدَةً وَ خَنَازِیرَ قَالَ فَبَكَی رَسُولُ اللَّهِ وَ بَكَیْنَا لِبُكَائِهِ وَ قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ قَالَ رَحْمَةً لِلْأَشْقِیَاءِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- وَ لَوْ تَری إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ (7) یَعْنِی الْعُلَمَاءَ وَ الْفُقَهَاءَ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ یُرِیدُ بِهِ الدُّنْیَا وَ آثَرَ عَلَیْهِ حُبَّ الدُّنْیَا وَ زِینَتَهَا اسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَانَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ مَعَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی الَّذِینَ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الْكافِرِینَ (8)

ص: 99


1- 1. النساء: 55 و قوله تعالی« نَضِجَتْ» أی احترقت.
2- 2. الملك: 6 و 7 و الشهیق: الصوت المنكر كصوت الحمار. و هی تفور أی تغلی. « تكاد تمیز» أی تتقطع.
3- 3. الحجّ: 22.
4- 4. الأنبیاء: 100 و قوله« زَفِیرٌ» صوت كصوت الحمار و المراد شدة تنفسهم.
5- 5. هود: 15.
6- 6. الشوری: 19.
7- 7. السبأ: 50.
8- 8. البقرة: 84.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ لِلدُّنْیَا وَ زِیْنَتَهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَ لَمْ یَعْمَلْ بِمَا فِیهِ حَشَرَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَی وَ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ رِیَاءً وَ سُمْعَةً یُرِیدُ بِهِ الدُّنْیَا نَزَعَ اللَّهُ بَرَكَتَهُ وَ ضَیَّقَ عَلَیْهِ مَعِیشَتَهُ وَ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ مَنْ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی نَفْسِهِ فَقَدْ هَلَكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَمَنْ كانَ یَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا یُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً(1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَلْیَكُنْ جُلَسَاؤُكَ الْأَبْرَارَ وَ إِخْوَانُكَ الْأَتْقِیَاءَ وَ الزُّهَّادَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ فِی كِتَابِهِ الْأَخِلَّاءُ یَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِینَ (2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَنَّهُمْ یَرَوْنَ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَ الْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً فَفِی ذَلِكَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلَی قُلُوبِهِمْ فَلَا یَكُونُ فِیهِمُ الشَّاهِدُ بِالْحَقِّ وَ لَا الْقَوَّامُونَ بِالْقِسْطِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی كُونُوا قَوَّامِینَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلی أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَیْنِ وَ الْأَقْرَبِینَ (3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ یَتَفَاضَلُونَ بِأَحْسَابِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزی- إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلی- وَ لَسَوْفَ یَرْضی (4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْكَ بِخَشْیَةِ اللَّهِ وَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهُ یَقُولُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوی وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(5) وَ یَقُولُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِیَ رَبَّهُ (6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ دَعْ عَنْكَ مَا لَا یَعْنِیكَ وَ عَلَیْكَ بِمَا یُغْنِیكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ یَوْمَئِذٍ شَأْنٌ یُغْنِیهِ (7)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِیَّاكَ أَنْ تَدَعَ طَاعَةً وَ تَقْصِدَ مَعْصِیَةً شَفَقَةً عَلَی أَهْلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ

ص: 100


1- 1. الكهف: 110.
2- 2. الزخرف: 67. و الاخلاء: الاحباء.
3- 3. النساء: 134. قوامین أی دائمین علی القیام بالعدل.
4- 4. اللیل: 19- 21.
5- 5. المدّثّر: 55.
6- 6. البینة: 8.
7- 7. عبس: 37.

تَعَالَی یَقُولُ- یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا یَوْماً لا یَجْزِی والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَیْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ احْذَرِ الدُّنْیَا وَ لَذَّاتِهَا وَ شَهَوَاتِهَا وَ زِینَتَهَا وَ أَكْلَ الْحَرَامِ وَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ الْمَرَاكِبَ وَ النِّسَاءَ وَ الْبَنِینَ وَ الْقَنَاطِیرَ الْمُقَنْطَرَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ- ... وَ الْأَنْعَامَ وَ الْحَرْثَ ذلِكَ مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ- قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَیْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ(2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَغْتَرَّنَّ بِاللَّهِ وَ لَا تَغْتَرَّنَّ بِصَلَاتِكَ وَ عَمَلِكَ وَ بِرِّكَ وَ عِبَادَتِكَ

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا تَلَوْتَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَی فَأَتَیْتَ عَلَی آیَةٍ فِیهَا أَمْرٌ وَ نَهْیٌ فَرَدِّدْهَا نَظَراً وَ اعْتِبَاراً فِیهَا وَ لَا تَسْهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ نَهْیَهُ یَدُلُّ عَلَی تَرْكِ الْمَعَاصِی وَ أَمْرَهُ یَدُلُّ عَلَی عَمَلِ الْبِرِّ وَ الصَّلَاحِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فَكَیْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِیَوْمٍ لا رَیْبَ فِیهِ وَ وُفِّیَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ (3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تُحَقِّرَنَّ ذَنْباً وَ لَا تُصَغِّرَنَّهُ وَ اجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَظَرَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَی ذُنُوبِهِ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ قَیْحاً وَ دَماً یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَیْنَها وَ بَیْنَهُ أَمَداً بَعِیداً(4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا قِیلَ لَكَ اتَّقِ اللَّهَ فَلَا تَغْضَبْ فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَصِّرْ أَمَلَكَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَقُلْ إِنِّی لَا أُمْسِی وَ إِذَا أَمْسَیْتَ فَقُلْ إِنِّی لَا أُصْبِحُ وَ اعْزِمْ عَلَی مُفَارَقَةِ الدُّنْیَا وَ أَحِبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَ لَا تَكْرَهْ لِقَاءَهُ فَإِنَّ اللَّهَ

ص: 101


1- 1. لقمان: 32 و 33. و الغرور بفتح الغین و المراد به الشیطان.
2- 2. مأخوذة من آل عمران: 12 و 13.
3- 3. آل عمران: 24.
4- 4. آل عمران: 28.
5- 5. البقرة: 202.

یُحِبُّ لِقَاءَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَهُ وَ یَكْرَهُ لِقَاءَ مَنْ یَكْرَهُ لِقَاءَهُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَغْرِسِ الْأَشْجَارَ وَ لَا تجری [تُجْرِ] الْأَنْهَارَ(1)

وَ لَا تُزَخْرِفِ الْبُنْیَانَ وَ لَا تَتَّخِذِ الْحِیطَانَ وَ الْبُسْتَانَ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ(2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ لَیَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ یَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ یُسَمُّونَهُ النَّبِیذَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ أَنَا مِنْهُمْ بَرِی ءٌ وَ هُمْ مِنِّی بُرَآءُ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ الزَّانِی بِأُمِّهِ أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ یُدْخِلُ فِی مَالِهِ مِنَ الرِّبَا مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ وَ مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ قَلِیلًا أَوْ كَثِیراً فَهُوَ أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ آكِلِ الرِّبَا لِأَنَّهُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أُولَئِكَ یَظْلِمُونَ الْأَبْرَارَ وَ یُصَدِّقُونَ الْفُجَّارَ وَ الْفَسَقَةَ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ وَ الْبَاطِلُ عِنْدَهُمْ حَقٌّ هَذَا كُلُّهُ لِلدُّنْیَا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ عَلَی غَیْرِ الْحَقِّ وَ لَكِنْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ- رَضُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِینَ هُمْ عَنْ آیاتِنا غافِلُونَ- أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی مَنْ رَدَّ عَنْ ذِكْرِی وَ ذِكْرِ الْآخِرَةِ(3) نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ- وَ إِنَّهُمْ لَیَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ- حَتَّی إِذا جاءَنا قالَ یا لَیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَیْنِ فَبِئْسَ الْقَرِینُ (4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِنَّهُمْ لَیَعِیبُونَ عَلَی مَنْ یَقْتَدِی بِسُنَّتِی فَرَائِضَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِیًّا حَتَّی أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِی وَ كُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ- إِنِّی جَزَیْتُهُمُ الْیَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ احْذَرْ سُكْرَ الْخَطِیئَةِ فَإِنَّ لِلْخَطِیئَةِ سُكْراً كَسُكْرِ الشَّرَابِ بَلْ هِیَ

ص: 102


1- 1. أی لإكثار الثروة لا مطلقا.
2- 2. التكاثر: 1.
3- 3. كذا و فی المصدر« وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَیِّضْ- الآیة» أی و من یعرض عن القرآن.
4- 4. الزخرف 35- 37. و قوله« نُقَیِّضْ» أی نهیئ، و قیض اللّٰه فلانا لفلان أی أتاحه.
5- 5. المؤمنون 112 و 113.

أَشَدُّ سُكْراً مِنْهُ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی صُمٌّ بُكْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَرْجِعُونَ (1) وَ یَقُولُ إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا- وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَیْها صَعِیداً جُرُزاً(2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ الدُّنْیَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَنْ فِیهَا مَلْعُونٌ مَنْ طَلَبَهَا وَ أَحَبَّهَا وَ نَصَبَ لَهَا وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ- وَ یَبْقی وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (3) وَ قَوْلُهُ كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا عَمِلْتَ عَمَلًا فَاعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً لِأَنَّهُ لَا یَقْبَلُ مِنْ عِبَادِهِ الْأَعْمَالَ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصاً فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزی- إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلی- وَ لَسَوْفَ یَرْضی (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ دَعْ نَعِیمَ الدُّنْیَا وَ أَكْلَهَا وَ حَلَاوَتَهَا وَ حَارَّهَا وَ بَارِدَهَا وَ لَیِّنَهَا وَ طَیِّبَهَا وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَنْهَا فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ (6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَلَا تُلْهِیَنَّكَ الدُّنْیَا وَ شَهَوَاتُهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُونَ (7)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا عَمِلْتَ عَمَلًا مِنَ الْبِرِّ وَ أَنْتَ تُرِیدُ بِذَلِكَ غَیْرَ اللَّهِ فَلَا تَرْجُ بِذَلِكَ مِنْهُ ثَوَاباً فَإِنَّهُ یَقُولُ- فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً(8)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا مَدَحَكَ النَّاسُ فَقَالُوا إِنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَ تَقُومُ اللَّیْلَ وَ أَنْتَ عَلَی غَیْرِ ذَلِكَ فَلَا تَفْرَحْ بِذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ یَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ یُحِبُّونَ أَنْ یُحْمَدُوا بِما لَمْ یَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (9)

ص: 103


1- 1. البقرة: 17.
2- 2. الكهف: 6 و 7.
3- 3. الرحمن 26 و 27.
4- 4. القصص: 88.
5- 5. اللیل: 19- 21.
6- 6. التكاثر: 8.
7- 7. المؤمنون: 115.
8- 8. الكهف: 105.
9- 9. آل عمران: 185. و المفازة: المنجاة أی فائزین بالنجاة.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَكْثِرْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَ الْبِرِّ فَإِنَّ الْمُحْسِنَ وَ الْمُسِی ءَ یَنْدَمَانِ یَقُولُ الْمُحْسِنُ یَا لَیْتَنِی ازْدَدْتُ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ یَقُولُ الْمُسِی ءُ قَصَّرْتُ وَ تَصْدِیقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ(1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تُقَدِّمِ الذَّنْبَ وَ لَا تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ وَ لَكِنْ قَدِّمِ التَّوْبَةَ وَ أَخِّرِ الذَّنْبَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ بَلْ یُرِیدُ الْإِنْسانُ لِیَفْجُرَ أَمامَهُ (2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِیَّاكَ أَنْ تَسُنَّ سُنَّةً بِدْعَةً فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَنَّ سُنَّةَ سَیِّئَةً لَحِقَهُ وِزْرُهَا وَ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ (3) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ یُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ یَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ(4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَرْكَنْ إِلَی الدُّنْیَا وَ لَا تَطْمَئِنَّ إِلَیْهَا فَسَتُفَارِقُهَا عَنْ قَلِیلٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِیمٌ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اذْكُرِ الْقُرُونَ الْمَاضِیَةَ وَ الْمُلُوكَ الْجَبَابِرَةَ الَّذِینَ مَضَوْا فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَیْنَ ذلِكَ كَثِیراً(6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ انْظُرْ أَنْ تَدَعَ الذَّنْبَ (7) سِرّاً وَ عَلَانِیَةً صَغِیراً وَ كَبِیراً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی حَیْثُ مَا كُنْتَ یَرَاكَ وَ هُوَ مَعَكَ فَاجْتَنِبْهَا(8)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اتَّقِ اللَّهَ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّهُ یَقُولُ- ما یَكُونُ مِنْ نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا(9)

ص: 104


1- 1. القیامة: 2.
2- 2. القیامة: 5.
3- 3. یس: 11.
4- 4. القیامة: 13.
5- 5. مضمون مأخوذ من الآیات الواردة فی سورة الشعراء: 147 و 148 و سورة الدخان آیة 24 و 25 لا لفظها و هذا من سهو الرواة و اعتمادهم علی حافظتهم.
6- 6. الفرقان: 38.
7- 7. فی المصدر« ایاك و الذنب» و فی بعض نسخه مثل ما فی المتن.
8- 8. فی المصدر و« هُوَ مَعَكُمْ أَیْنَ ما كُنْتُمْ».
9- 9. المجادلة: 8.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اتَّخِذِ الشَّیْطَانَ عَدُوّاً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ إِنَّ الشَّیْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا(1) وَ یَقُولُ عَنْ إِبْلِیسَ ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِینَ (2) وَ یَقُولُ فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِینَ (3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَانْظُرْ أَنْ لَا تَأْكُلَ الْحَرَامَ وَ لَا تَلْبَسَ الْحَرَامَ وَ لَا تَأْخُذَ مِنَ الْحَرَامِ وَ لَا تَعْصِ اللَّهَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ لِإِبْلِیسَ وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً(4) وَ قَالَ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَقْرَبَنَّ مِنَ الْحَرَامِ مِنَ الْمَالِ وَ النِّسَاءِ(6) فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (7) وَ لَا تُؤْثِرَنَّ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ بِاللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ- فَأَمَّا مَنْ طَغی وَ آثَرَ الْحَیاةَ الدُّنْیا فَإِنَّ الْجَحِیمَ هِیَ الْمَأْوی (8) یَعْنِی الدُّنْیَا الْمَلْعُونَةَ وَ الْمَلْعُونُ مَا فِیهَا إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ- لَا تَخُونَنَّ أَحَداً فِی مَالٍ یَضَعُهُ عِنْدَكَ أَوْ أَمَانَةٍ ائْتَمَنَكَ عَلَیْهَا فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ- إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها(9)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَتَكَلَّمْ إِلَّا بِالْعِلْمِ بِشَیْ ءٍ سَمِعْتَهُ وَ رَأَیْتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ

ص: 105


1- 1. فاطر: 6.
2- 2. الأعراف: 16.
3- 3. ص: 85.
4- 4. الإسراء: 66.
5- 5. لقمان: 33، و فاطر: 5.
6- 6. فی المصدر« یا ابن مسعود خف اللّٰه فی السر و العلانیة» مكان« لا تقربن إلخ».
7- 7. الرحمن: 46.
8- 8. النازعات: 37- 39.
9- 9. النساء: 58.

مَسْؤُلًا(1) وَ قَالَ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ یُسْئَلُونَ (2) وَ قَالَ إِذْ یَتَلَقَّی الْمُتَلَقِّیانِ عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ- ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ(3) وَ قَالَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ(4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَهْتَمَّنَّ لِلرِّزْقِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ إِلَّا عَلَی اللَّهِ رِزْقُها(5) وَ قَالَ وَ فِی السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (6) وَ قَالَ وَ إِنْ یَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ یَمْسَسْكَ بِخَیْرٍ فَهُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(7)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً إِنَّ مَنْ یَدَعُ الدُّنْیَا وَ یُقْبِلُ عَلَی تِجَارَةِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَتَّجِرُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَ یُرْبِحُ اللَّهُ تِجَارَتَهُ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِیتاءِ الزَّكاةِ یَخافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ(8)

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ لِی بِتِجَارَةِ الْآخِرَةِ فَقَالَ لَا تُرِیحَنَّ لِسَانَكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ- سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهَذِهِ التِّجَارَةُ الْمُرْبِحَةُ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- یَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ- لِیُوَفِّیَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ (9)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ كُلَّمَا أَبْصَرْتَهُ بِعَیْنِكَ وَ اسْتَحْلَاهُ قَلْبُكَ فَاجْعَلْهُ لِلَّهِ فَذَلِكَ تِجَارَةُ الْآخِرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ- ما عِنْدَكُمْ یَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ (10)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ وَ إِذَا تَكَلَّمْتَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ تَعْرِفْ حَقَّهَا فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ عَلَیْكَ وَ لَا یَزَالُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ یَرُدُّ غَضَبَ اللَّهِ عَنِ الْعِبَادِ حَتَّی إِذَا لَمْ یُبَالُوا مَا یَنْقُصُ

ص: 106


1- 1. الإسراء: 36.
2- 2. الزخرف: 18.
3- 3. ق: 16 و 17.
4- 4. ق: 15.
5- 5. هود: 6.
6- 6. الذاریات: 22.
7- 7. الأنعام: 17.
8- 8. النور: 37.
9- 9. فاطر: 29 و 30.
10- 10. النحل: 98.

مِنْ دِینِهِمْ بَعْدَ إِذْ سَلِمَتْ دُنْیَاهُمْ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی كَذَبْتُمْ كَذَبْتُمْ لَسْتُمْ بِهَا بِصَادِقِینَ فَإِنَّهُ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ (1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَحِبَّ الصَّالِحِینَ فَإِنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أَحَبَّهُ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَی أَعْمَالِ الْبِرِّ فَأَحِبَّ الْعُلَمَاءَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً(2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِیَّاكَ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ إِنْ نُشِرْتَ بِالْمِنْشَارِ أَوْ قُطِعْتَ أَوْ صُلِبْتَ أَوْ أُحْرِقْتَ بِالنَّارِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اصْبِرْ مَعَ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ وَ یُسَبِّحُونَهُ وَ یُهَلِّلُونَهُ وَ یَحْمَدُونَ وَ یَعْمَلُونَ بِطَاعَتِهِ وَ یَدْعُونَهُ بُكْرَةً وَ عَشِیّاً فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَیْناكَ عَنْهُمْ (4) ما عَلَیْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَیْهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِینَ (5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَخْتَارَنَّ عَلَی ذِكْرِ اللَّهِ شَیْئاً فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ(6) وَ یَقُولُ فَاذْكُرُونِی أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِی وَ لا تَكْفُرُونِ (7) وَ یَقُولُ إِذا سَأَلَكَ عِبادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (8) وَ یَقُولُ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَكُمْ (9)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْكَ بِالسَّكِینَةِ وَ الْوَقَارِ وَ كُنْ سَهْلًا لَیِّناً عَفِیفاً مُسْلِماً تَقِیّاً نَقِیّاً بَارّاً طَاهِراً مُطَهَّراً صَادِقاً خَالِصاً سَلِیماً صَحِیحاً لَبِیباً صَالِحاً صَبُوراً شَكُوراً مُؤْمِناً وَرِعاً

ص: 107


1- 1. فاطر: 11. و ما بین القوسین لیس فی المصدر.
2- 2. النساء: 69.
3- 3. الحدید: 18.
4- 4. الكهف: 27.
5- 5. الأنعام: 52.
6- 6. العنكبوت: 44.
7- 7. البقرة: 152.
8- 8. البقرة: 186.
9- 9. المؤمن: 60.

عَابِداً زَاهِداً رَحِیماً عَالِماً فَقِیهاً یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ إِبْراهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ (1) وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَی الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیاماً(2) وَ یَقُولُونَ لِلنَّاسِ حُسْناً- وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً- وَ الَّذِینَ إِذا ذُكِّرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْها صُمًّا وَ عُمْیاناً وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّیَّاتِنا قُرَّةَ أَعْیُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِینَ إِماماً أُوْلئِكَ یُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ یُلَقَّوْنَ فِیها تَحِیَّةً وَ سَلاماً- خالِدِینَ فِیها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً(3)

وَ یَقُولُ اللَّهُ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- الَّذِینَ هُمْ فِی صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ- وَ الَّذِینَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ- وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ- إِلَّا عَلی أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَیْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ- فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ- وَ الَّذِینَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ- وَ الَّذِینَ هُمْ عَلی صَلَواتِهِمْ یُحافِظُونَ- أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ- الَّذِینَ یَرِثُونَ

الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِیها خالِدُونَ (4) یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی أُولئِكَ فِی جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (5) وَ قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَی قَوْلِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِیمٌ (6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَحْمِلَنَّكَ الشَّفَقَةُ عَلَی أَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ عَلَی الدُّخُولِ فِی الْمَعَاصِی وَ الْحَرَامِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- یَوْمَ لا یَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ (7) وَ عَلَیْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- وَ الْباقِیاتُ الصَّالِحاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَیْرٌ أَمَلًا(8)

ص: 108


1- 1. هود: 77، و الاواه: كثیر التأسف، و المنیب: الراجع إلی اللّٰه تعالی.
2- 2. الفرقان: 64 و 65.
3- 3. الفرقان: 72 الی 76.
4- 4. المؤمنون: 1 الی 12.
5- 5. المعارج: 35.
6- 6. الأنفال: 2- 6.
7- 7. الشعراء: 88 و 89.
8- 8. الكهف: 44.

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ یَهْدِی النَّاسَ إِلَی الْخَیْرِ وَ یَأْمُرُهُمْ بِالْخَیْرِ وَ هُوَ غَافِلٌ عَنْهُ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْكَ بِحِفْظِ لِسَانِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْكَ بِالسَّرَائِرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- یَوْمَ تُبْلَی السَّرائِرُ- فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ(3)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ احْذَرِ یَوْماً تُنْشَرُ فِیهِ الصَّحَائِفُ وَ تَظْهَرُ فِیهِ الْفَضَائِحُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ نَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَیْنا بِها وَ كَفی بِنا حاسِبِینَ (4)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ اخْشَ اللَّهَ تَعَالَی بِالْغَیْبِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ یَرَاكَ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی مَنْ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ- ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ یَوْمُ الْخُلُودِ(5)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ انْصَحِ الْأُمَّةَ وَ ارْحَمْهُمْ فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَی أَهْلِ بَلْدَةٍ وَ أَنْتَ فِیهَا وَ أَرَادَ أَنْ یُنْزِلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ نَظَرَ إِلَیْكَ فَرَحِمَهُمْ بِكَ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی- وَ ما كانَ رَبُّكَ لِیُهْلِكَ الْقُری بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ (6)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِیَّاكَ أَنْ تُظْهِرَ مِنْ نَفْسِكَ الْخُشُوعَ وَ التَّوَاضُعَ لِلْآدَمِیِّینَ وَ أَنْتَ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ رَبِّكَ مُصِرٌّ عَلَی الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ(7)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَلَا تَكُنْ مِمَّنْ یُشَدِّدُ عَلَی النَّاسِ وَ یُخَفِّفُ عَلَی نَفْسِهِ یَقُولُ اللَّهُ

ص: 109


1- 1. البقرة: 41.
2- 2. یس: 65.
3- 3. الطارق: 9 و 10.
4- 4. الأنبیاء: 48.
5- 5. ق: 32 و 33.
6- 6. هود: 119.
7- 7. المؤمن: 19.

تَعَالَی لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (1)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا عَمِلْتَ عَمَلًا فَاعْمَلْ بِعِلْمٍ وَ عَقْلٍ وَ إِیَّاكَ وَ أَنْ تَعْمَلَ عَمَلًا بِغَیْرِ تَدْبِیرٍ وَ عِلْمٍ فَإِنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَقُولُ- وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً(2)

یَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَیْكَ بِالصِّدْقِ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِیكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَحْسِنْ وَ ادْعُ النَّاسَ إِلَی الْإِحْسَانِ وَ صِلْ رَحِمَكَ وَ لَا تَمْكُرِ النَّاسَ وَ أَوْفِ النَّاسَ بِمَا عَاهَدْتَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِیتاءِ ذِی الْقُرْبی وَ یَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْیِ یَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (3) تَمَّتِ الْمَوْعِظَةُ وَ بِاللَّهِ التَّوْفِیقُ.

باب 6 جوامع وصایا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و مواعظه و حكمه

«1»- مع، [معانی الأخبار] ل، [الخصال] لی (4)،[الأمالی] للصدوق الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ دُرَیْدٍ عَنْ أَبِی حَاتِمٍ عَنِ الْعُتْبِیِّ یَعْنِی مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ وَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِیبٍ الْبَصْرِیُّ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ یَحْیَی الْمِنْقَرِیِّ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ (5)

عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ قَیْسُ بْنُ عَاصِمٍ: وَفَدْتُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَخَلْتُ وَ عِنْدَهُ الصَّلْصَالُ بْنُ الدَّلَهْمَشِ فَقُلْتُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ عِظْنَا مَوْعِظَةً

ص: 110


1- 1. الصف: 2.
2- 2. النحل: 94.
3- 3. النحل: 92.
4- 4. المعانی ص 232. الخصال ج 1 ص 56. الأمالی المجلس الأول ص 3.
5- 5. فی المعانی« العلاء بن فضیل». و فی الأمالی« العلاء بن محمّد بن الفضل». و فی الخصال« العلاء بن الفضل».

نَنْتَفِعُ بِهَا فَإِنَّا قَوْمٌ نَعِیرُ(1) فِی الْبَرِّیَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا قَیْسُ إِنَّ مَعَ الْعِزِّ ذُلًّا وَ إِنَّ مَعَ الْحَیَاةِ مَوْتاً وَ إِنَّ مَعَ الدُّنْیَا آخِرَةً وَ إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حَسِیباً وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ رَقِیباً وَ إِنَّ لِكُلِّ حَسَنَةٍ ثَوَاباً وَ لِكُلِّ سَیِّئَةٍ عِقَاباً وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً وَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ یَا قَیْسُ مِنْ قَرِینٍ یُدْفَنُ مَعَكَ وَ هُوَ حَیٌّ وَ تُدْفَنُ مَعَهُ وَ أَنْتَ مَیِّتٌ فَإِنْ كَانَ كَرِیماً أَكْرَمَكَ وَ إِنْ كَانَ لَئِیماً أَسْلَمَكَ ثُمَّ لَا یُحْشَرُ إِلَّا مَعَكَ وَ لَا تُبْعَثُ إِلَّا مَعَهُ وَ لَا تُسْأَلُ إِلَّا عَنْهُ فَلَا تَجْعَلْهُ إِلَّا صَالِحاً فَإِنَّهُ إِنْ صَلَحَ آنَسْتَ بِهِ وَ إِنْ فَسَدَ لَا تَسْتَوْحِشُ إِلَّا مِنْهُ وَ هُوَ فِعْلُكَ.

فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أُحِبُّ أَنْ یَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ فِی أَبْیَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ نَفْخَرُ بِهِ عَلَی مَنْ یَلِینَا مِنَ الْعَرَبِ وَ نَدَّخِرُهُ فَأَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ یَأْتِیهِ بِحَسَّانَ قَالَ قَیْسٌ فَأَقْبَلْتُ أُفَكِّرُ فِیمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْعِظَةَ مِنَ الشِّعْرِ فَاسْتَتَبَ (2) لِیَ الْقَوْلُ قَبْلَ مَجِی ءِ حَسَّانَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ حَضَرَتْنِی أَبْیَاتٌ أَحْسَبُهَا تُوَافِقُ مَا تُرِیدُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ یَا قَیْسُ فَقُلْتُ:

تَخَیَّرْ خَلِیطاً(3) مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَا***قَرِینُ الْفَتَی فِی الْقَبْرِ مَا كَانَ یَفْعَلُ

وَ لَا بُدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَنْ تُعِدَّهُ***لِیَوْمٍ یُنَادَی الْمَرْءُ فِیهِ فَیُقْبِلُ

فَإِنْ كُنْتَ مَشْغُولًا بِشَیْ ءٍ فَلَا تَكُنْ***بِغَیْرِ الَّذِی یَرْضَی بِهِ اللَّهُ تُشْغَلُ

فَلَنْ یَصْحَبَ الْإِنْسَانُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ***وَ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا الَّذِی كَانَ یَعْمَلُ

أَلَا إِنَّمَا الْإِنْسَانُ ضَیْفٌ لِأَهْلِهِ***یُقِیمُ قَلِیلًا بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَرْحَلُ

«2»- لی (4)،[الأمالی] للصدوق السِّنَانِیُّ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ:

ص: 111


1- 1. أی نذهب و نجی ء و نردد فی البریة ای الصحراء. و فی بعض النسخ« نعبر».
2- 2. أی استقام، و فی بعض النسخ« استبان» أی ظهر.
3- 3. فی المعانی« قرینا» مكان« خلیطا».
4- 4. الأمالی المجلس السادس ص 14. و المراد بالسنانی: محمّد بن أحمد. و بالاسدی: محمّد بن أبی عبد اللّٰه الكوفیّ.

الِاشْتِهَارُ بِالْعِبَادَةِ رِیبَةٌ إِنَّ أَبِی حَدَّثَنِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ- عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَعْبَدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ وَ أَسْخَی النَّاسِ مَنْ أَدَّی زَكَاةَ مَالِهِ وَ أَزْهَدُ النَّاسِ مَنِ اجْتَنَبَ الْحَرَامَ وَ أَتْقَی النَّاسِ مَنْ قَالَ الْحَقَّ فِیمَا لَهُ وَ عَلَیْهِ- وَ أَعْدَلُ النَّاسِ مَنْ رَضِیَ لِلنَّاسِ مَا یَرْضَی لِنَفْسِهِ وَ كَرِهَ مَا یَكْرَهُ لِنَفْسِهِ وَ أَكْیَسُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ أَغْبَطُ النَّاسِ مَنْ كَانَ تَحْتَ التُّرَابِ قَدْ أَمِنَ الْعِقَابَ یَرْجُو الثَّوَابَ وَ أَغْفَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ یَتَّعِظْ بِتَغَیُّرِ الدُّنْیَا مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ أَعْظَمُ النَّاسِ فِی الدُّنْیَا خَطَراً مَنْ لَمْ یَجْعَلْ لِلدُّنْیَا عِنْدَهُ خَطَراً وَ أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ عِلْمَ النَّاسِ إِلَی عِلْمِهِ- وَ أَشْجَعُ النَّاسِ مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ وَ أَكْثَرُ النَّاسِ قِیمَةً أَكْثَرُهُمْ عِلْماً وَ أَقَلُّ النَّاسِ قِیمَةً أَقَلُّهُمْ عِلْماً وَ أَقَلُّ النَّاسِ لَذَّةً الْحَسُودُ وَ أَقَلُّ النَّاسِ رَاحَةً الْبَخِیلُ وَ أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْحَقِّ أَعْلَمُهُمْ بِهِ وَ أَقَلُّ النَّاسِ حُرْمَةً الْفَاسِقُ وَ أَقَلُّ النَّاسِ وَفَاءً الْمُلُوكُ وَ أَقَلُّ النَّاسِ صَدِیقاً الْمَلِكُ وَ أَفْقَرُ النَّاسِ الطَّامِعُ وَ أَغْنَی النَّاسِ مَنْ لَمْ یَكُنْ لِلْحِرْصِ أَسِیراً وَ أَفْضَلُ النَّاسِ إِیمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَ أَكْرَمُ النَّاسِ أَتْقَاهُمْ وَ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْراً مَنْ تَرَكَ مَا لَا یَعْنِیهِ- وَ أَوْرَعُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كَانَ مُحِقّاً وَ أَقَلُّ النَّاسِ مُرُوَّةً مَنْ كَانَ كَاذِباً وَ أَشْقَی النَّاسِ الْمُلُوكُ وَ أَمْقَتُ النَّاسِ الْمُتَكَبِّرُ- وَ أَشَدُّ النَّاسِ اجْتِهَاداً مَنْ تَرَكَ الذُّنُوبَ وَ أَحْلَمُ النَّاسِ مَنْ فَرَّ مِنْ جُهَّالِ النَّاسِ وَ أَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ خَالَطَ كِرَامَ النَّاسِ وَ أَعْقَلُ النَّاسِ أَشَدُّهُمْ مُدَارَاةً لِلنَّاسِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالتُّهَمَةِ مَنْ جَالَسَ أَهْلَ التُّهَمَةِ وَ أَعْتَی النَّاسِ مَنْ قَتَلَ غَیْرَ قَاتِلِهِ أَوْ ضَرَبَ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَی الْعُقُوبَةِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالذَّنْبِ السَّفِیهُ الْمُغْتَابُ وَ أَذَلُّ النَّاسِ مَنْ أَهَانَ النَّاسَ وَ أَحْزَمُ النَّاسِ أَكْظَمُهُمْ لِلْغَیْظِ وَ أَصْلَحُ النَّاسِ أَصْلَحُهُمْ لِلنَّاسِ وَ خَیْرُ النَّاسِ مَنِ انْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ.

كِتَابُ الْغَایَاتِ (1)،

رُوِیَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الِاشْتِهَارُ بِالْعِبَادَةِ إِلَی آخِرِهِ.

ص: 112


1- 1. تألیف أبی محمّد جعفر بن أحمد بن علی القمّیّ نزیل الری مخطوط.

مع (1)،[معانی الأخبار] عن ابن الولید عن الصفار عن أیوب بن نوح عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن سیف بن عمیرة عن أبی حمزة الثمالی عن الصادق علیه السلام: مثله.

كنز الكراجكی (2)، مرسلا: مثله.

«3»- لی (3)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ نَاتَانَةَ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: طُوبَی لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ فَحَسُنَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ رَضِیَ عَنْهُ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَیْلٌ لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ سَاءَ عَمَلُهُ فَسَاءَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ سَخِطَ عَلَیْهِ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

«4»- لی (4)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِمْ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحْسَنَ فِیمَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِهِ لَمْ یُؤَاخَذْ بِمَا مَضَی مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَنْ أَسَاءَ فِیمَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِهِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَ الْآخِرِ.

«5»- لی (5)،[الأمالی] للصدوق عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَزِیدَ الصُّدَائِیِ (6) عَنْ أَبِی شَیْبَةَ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَقْبَلُوا لِی بِسِتٍّ أَتَقَبَّلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثْتُمْ فَلَا تَكْذِبُوا وَ إِذَا وَعَدْتُمْ فَلَا تُخْلِفُوا وَ إِذَا ائْتَمَنْتُمْ فَلَا تَخُونُوا وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَلْسِنَتَكُمْ.

ص: 113


1- 1. معانی الأخبار ص 195.
2- 2. كنز الفوائد ص 138.
3- 3. الأمالی المجلس الثالث عشر ص 35 و المراد با بن ناتانة الحسین بن إبراهیم.
4- 4. الأمالی المجلس الثالث عشر ص 35. و المراد بابن إدریس الحسین بن أحمد.
5- 5. المصدر المجلس العشرون ص 55. و المراد بالطالقانی محمّد بن إبراهیم بن إسحاق.
6- 6. فی المصدر« الصیداوی».

«6»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِی اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ أَتْقَی النَّاسِ وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ أَغْنَی النَّاسِ وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً.

«7»- ل، [الخصال] لی (2)،[الأمالی] للصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَهْبِیِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ عُمَیْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی أَیُّوبَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِی عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًی فِی جَسَدِهِ آمِناً فِی سَرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ یَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِیزَتْ لَهُ الدُّنْیَا(3) یَا ابْنَ جُعْشُمٍ یَكْفِیكَ مِنْهَا مَا سَدَّ جَوْعَتَكَ وَ وَارَی عَوْرَتَكَ فَإِنْ یَكُنْ بَیْتٌ یَكُنُّكَ فَذَاكَ وَ إِنْ تَكُنْ دَابَّةٌ تَرْكَبُهَا فَبَخْ بَخْ وَ إِلَّا فَالْخُبْزُ وَ مَاءُ الْجَرِّ وَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ حِسَابٌ عَلَیْكَ أَوْ عَذَابٌ.

«8»- لی (4)،[الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْكِنَانِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَخْبِرْنِی عَنْ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ مَنْ هُوَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْإِیمَانَ وَ التَّقْوَی وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ عَاقِبَةِ الْأُمُورِ إِنَّ أَشْرَفَ الْحَدِیثِ ذِكْرُ اللَّهِ وَ رَأْسَ الْحِكْمَةِ طَاعَتُهُ وَ أَصْدَقَ الْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ وَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ كِتَابُ اللَّهِ وَ أَوْثَقَ الْعُرَی الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ خَیْرَ الْمِلَلِ مِلَّةُ إِبْرَاهِیمَ وَ أَحْسَنَ السُّنَنِ سُنَّةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَحْسَنَ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوَی وَ خَیْرَ الْعِلْمِ مَا نَفَعَ وَ خَیْرَ الْهُدَی مَا اتُّبِعَ وَ خَیْرَ الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ وَ خَیْرَ مَا أُلْقِیَ فِی الْقَلْبِ الْیَقِینُ وَ زِینَةَ الْحَدِیثِ الصِّدْقُ

ص: 114


1- 1. المصدر المجلس السادس و الثلاثون ص 121.
2- 2. الخصال ج 1 ص 77. و الأمالی المجلس الحادی و الستون ص 232.
3- 3. السرب- بكسر السین- النفس و بفتحها المسلك. و بفتحتین: البیت. و قوله« حیزت»- بكسر المهملة و الزای المعجمة-( له الدنیا) أی ضمت و جمعت.
4- 4. المجلس الرابع و السبعون ص 292.

وَ زِینَةَ الْعِلْمِ الْإِحْسَانُ وَ أَشْرَفَ الْمَوْتِ قَتْلُ الشَّهَادَةِ وَ خَیْرَ الْأُمُورِ خَیْرُهَا عَاقِبَةً وَ مَا قَلَّ وَ كَفَی خَیْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَ أَلْهَی وَ الشَّقِیَّ مَنْ شَقِیَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِیدَ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ أَكْیَسَ الْكَیْسِ التُّقَی وَ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ وَ شَرَّ الرِّوَایَةِ رِوَایَةُ الْكَذِبِ وَ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ شَرَّ الْعَمَی عَمَی الْقَلْبِ وَ شَرَّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَعْظَمَ الْمُخْطِئِینَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِسَانُ كَذَّابٍ وَ شَرَّ الْكَسْبِ كَسْبُ الرِّبَا وَ شَرَّ الْمَأْكَلِ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً وَ أَحْسَنَ زِینَةِ الرَّجُلِ السَّكِینَةُ مَعَ الْإِیمَانِ وَ مَنْ یَبْتَغِ السُّمْعَةَ یُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ وَ مَنْ یَعْرِفِ الْبَلَاءَ یَصْبِرْ عَلَیْهِ وَ مَنْ لَا یَعْرِفْهُ یُنْكِرْهُ وَ الرَّیْبُ كُفْرٌ وَ مَنْ یَسْتَكْبِرْ یَضَعْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یُطِعِ الشَّیْطَانَ یَعْصِ اللَّهَ وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ یُعَذِّبْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یَشْكُرِ اللَّهَ یَزِدْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یَصْبِرْ عَلَی الرَّزِیَّةِ یُغِثْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ فَحَسْبُهُ اللَّهُ- لَا تُسْخِطُوا اللَّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا تَتَقَرَّبُوا إِلَی أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ بِتَبَاعُدٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ لَیْسَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ شَیْ ءٌ یُعْطِیهِ بِهِ خَیْراً أَوْ یَصْرِفُهُ بِهِ عَنْهُ السُّوءَ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ إِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ نَجَاحُ كُلِّ خَیْرٍ یُبْتَغَی وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ شَرٍّ یُتَّقَی وَ إِنَّ اللَّهَ یَعْصِمُ مَنْ أَطَاعَهُ وَ لَا یَعْتَصِمُ مِنْهُ مَنْ عَصَاهُ وَ لَا یَجِدُ الْهَارِبُ مِنَ اللَّهِ مَهْرَباً فَإِنَّ أَمْرَ اللَّهِ نَازِلٌ بِإِذْلَالِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْخَلَائِقُ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ یَشَأْ لَمْ یَكُنْ- تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ قَالَ فَقَالَ لِیَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ین (1)، [كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ الْجَوْهَرِیِّ وَ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَیَابَةَ قَالَ سَمِعْتُ كَلَاماً یُرْوَی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: السَّعِیدُ مَنْ سَعِدَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.

«9»- لی (2)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اسْتَحْیُوا مِنَ اللَّهِ

ص: 115


1- 1. كتاب الحسین بن سعید الأهوازی مخطوط.
2- 2. الأمالی المجلس التسعون ص 366.

حَقَّ الْحَیَاءِ قَالُوا وَ مَا نَفْعَلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِینَ فَلَا یَبِیتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَ أَجَلُهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ لْیَحْفَظِ الرَّأْسَ وَ مَا حَوَی وَ الْبَطْنَ وَ مَا وَعَی وَ لْیَذْكُرِ الْقَبْرَ وَ الْبِلَی وَ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَلْیَدَعْ زِینَةَ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا.

ب (1)،[قرب الإسناد] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ حَوَی مَكَانَ وَعَی وَ وَعَی مَكَانَ حَوَی.

«10»- فس (2)،[تفسیر القمی] عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ مَا مِنْ دَارٍ فِیهَا فَرْحَةٌ إِلَّا یَتْبَعُهَا تَرْحَةٌ(3)

وَ مَا مِنْ هَمٍّ إِلَّا وَ لَهُ فَرَحٌ إِلَّا هَمَّ أَهْلِ النَّارِ فَإِذَا عَمِلْتَ سَیِّئَةً فَأَتْبِعْهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُهَا سَرِیعاً وَ عَلَیْكَ بِصَنَائِعِ الْخَیْرِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مَصَارِعَ السَّوْءِ.

قال المفسر و إنما قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لأمیر المؤمنین علیه السلام علی حد التأدیب للناس لا بأن لأمیر المؤمنین علیه السلام سیئات عملها.

«11»- فس (4)،[تفسیر القمی] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِینَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَی الدُّنْیَا حَسَرَاتٍ وَ مَنْ رَمَی بِبَصَرِهِ إِلَی مَا فِی یَدِ غَیْرِهِ كَثُرَ هَمُّهُ وَ لَمْ یُشْفَ غَیْظُهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَلَیْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ أَوْ فِی مَلْبَسٍ فَقَدْ قَصَرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ عَلَی الدُّنْیَا حَزِیناً أَصْبَحَ عَلَی اللَّهِ سَاخِطاً وَ مَنْ شَكَا مُصِیبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا یَشْكُو رَبَّهُ وَ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَهُوَ مِمَّنْ یَتَّخِذُ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ مَنْ أَتَی ذَا مَیْسَرَةٍ فَیَتَخَشَّعُ لَهُ طَلَباً لِمَا فِی یَدَیْهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِینِهِ ثُمَّ قَالَ وَ لَا تَعْجَلْ وَ لَیْسَ یَكُونُ الرَّجُلُ یَسْأَلُ مِنَ الرَّجُلِ

ص: 116


1- 1. قرب الإسناد ص 13.
2- 2. تفسیر علیّ بن إبراهیم سورة الرعد ص 341.
3- 3. الترح: الحزن و الهم.
4- 4. المصدر سورة الحجر آیة 89 ص 356.

الرِّفْقَ فَیُبَجِّلَهُ (1) وَ یُوَقِّرَهُ فَقَدْ یَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَیْهِ وَ لَكِنْ یُرِیهِ أَنَّهُ یُرِیدُ بِتَخَشُّعِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَ یُرِیدُ أَنْ یَخْتِلَهُ عَمَّا فِی یَدَیْهِ (2).

«12»- ل (3)،[الخصال] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: غَرِیبَتَانِ فَاحْتَمِلُوهَا كَلِمَةُ حُكْمٍ مِنْ سَفِیهٍ فَاقْبَلُوهَا وَ كَلِمَةُ سَفَهٍ مِنْ حَكِیمٍ فَاغْفِرُوهَا.

«13»- ل (4)،[الخصال] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی بَكْرٍ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ اللَّهَبِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا الْهَوَی فَإِنَّهُ یَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ وَ هَذِهِ الدُّنْیَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ هَذِهِ الْآخِرَةُ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَافْعَلُوا فَإِنَّكُمُ الْیَوْمَ فِی دَارِ عَمَلٍ وَ لَا حِسَابَ وَ أَنْتُمْ غَداً فِی دَارِ حِسَابٍ وَ لَا عَمَلَ.

ل (5)، [الخصال] ابن بندار عن أبی العباس الحمادی عن أحمد بن محمد الشافعی عن عمه إبراهیم محمد عن علی بن أبی علی اللّٰهبی عن ابن المنكدر عن جابر: مثله.

«14»- ل (6)،[الخصال] الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ

ص: 117


1- 1. التبجیل: التعظیم.
2- 2. ختله أی خدعه و ما كره. و معنی قوله« فقد یجب ذلك له علیه» أی قد یكون یجب تعظیم بعض مسئولین علی السائل و« ذلك» اشارة الی التبجیل و التوقیر و الضمیر فی« له» راجع الی المسئول و فی« علیه» الی السائل.
3- 3. الخصال ج 1 ص 19.
4- 4. المصدر ج 1 ص 27.
5- 5. الخصال ج 1 ص 27.
6- 6. المصدر ج 2 ص 84.

الْكَرِیمِ عَنِ ابْنِ عَوْفٍ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْبَلْخِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عُبَیْدَةَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَوْسَطِ أَیَّامِ التَّشْرِیقِ فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ الْعَضْبَاءَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ كُلُّ دَمٍ كَانَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَهُوَ هَدَرٌ وَ أَوَّلُ دَمٍ هُدِرَ دَمُ الْحَارِثِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعاً فِی هُذَیْلٍ فَقَتَلَهُ بَنُو اللَّیْثِ أَوْ قَالَ كَانَ مُسْتَرْضِعاً فِی بَنِی لَیْثٍ فَقَتَلَهُ هُذَیْلٌ (1) وَ كُلُّ رِبًا كَانَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَمَوْضُوعٌ وَ أَوَّلُ رِبًا وُضِعَ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (2)

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ فَهُوَ الْیَوْمَ كَهَیْئَةِ یَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِی كِتابِ اللَّهِ یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ- رَجَبُ مُضَرَ الَّذِی بَیْنَ جُمَادَی وَ شَعْبَانَ وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ الْمُحَرَّمُ- فَلا تَظْلِمُوا فِیهِنَّ أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ النَّسِی ءَ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا یُحِلُّونَهُ عاماً وَ یُحَرِّمُونَهُ عاماً لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَكَانُوا یُحَرِّمُونَ الْمُحَرَّمَ عَاماً وَ یَسْتَحِلُّونَ صَفَرَ وَ یُحَرِّمُونَ صَفَرَ عَاماً وَ یَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ یَئِسَ أَنْ یُعْبَدَ فِی بِلَادِكُمْ آخِرَ الْأَبَدِ وَ رَضِیَ مِنْكُمْ بِمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِیعَةٌ فَلْیُؤَدِّهَا إِلَی مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَیْهَا- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ النِّسَاءَ عِنْدَكُمْ عَوَارٍ- لَا یَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ ضَرّاً وَ لَا نَفْعاً أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَ اسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فَلَكُمْ عَلَیْهِنَّ حَقٌّ وَ لَهُنَّ عَلَیْكُمْ حَقٌّ وَ مِنْ حَقِّكُمْ عَلَیْهِنَّ أَنْ لَا یُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ وَ لَا یَعْصِیَنَّكُمْ فِی مَعْرُوفٍ فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَلَهُنَ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا تَضْرِبُوهُنَّ. أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی

ص: 118


1- 1. كان ابن ربیعة مسترضعا فی بنی سعد فقتله بنو هذیل فی الجاهلیة. و التردید و الوهم من الراوی.
2- 2. انما بدأ صلّی اللّٰه علیه و آله بابطال الربا و الدم من أهله و اقربائه لیعلم أنّه لیس فی الدین محاباة.

قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا- كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاعْتَصِمُوا بِهِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَیُّ یَوْمٍ هَذَا قَالُوا یَوْمٌ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ فَأَیُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَیُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ عَلَیْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَ أَمْوَالَكُمْ وَ أَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ یَوْمِكُمْ هَذَا فِی شَهْرِكُمْ هَذَا فِی بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَی یَوْمِ تَلْقَوْنَهُ أَلَا فَلْیُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ لَا أُمَّةَ بَعْدَكُمْ ثُمَّ رَفَعَ یَدَیْهِ حَتَّی إِنَّهُ لَیُرَی بَیَاضُ إِبْطَیْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّی قَدْ بَلَّغْتُ.

«15»- ب (1)،[قرب الإسناد] ابْنُ ظَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُنْزِلُ الْمَعُونَةَ عَلَی قَدْرِ الْمَئُونَةِ وَ یُنْزِلُ الصَّبْرَ عَلَی قَدْرِ قِلَّةِ الْیَسَارِ(2).

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَمَانَةُ تَجْلِبُ الْغِنَی وَ الْخِیَانَةُ تَجْلِبُ الْفَقْرَ.

«16»- ب (3)،[قرب الإسناد] عَلِیٌّ عَنْ أَخِیهِ قَالَ: ابْتَدَرَ النَّاسُ إِلَی قِرَابِ سَیْفِ (4) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِذَا صَحِیفَةٌ صَغِیرَةٌ وَجَدُوا فِیهَا مَنْ آوَی مُحْدِثاً فَهُوَ كَافِرٌ وَ مَنْ تَوَلَّی غَیْرَ مَوَالِیهِ فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ أَعْتَی النَّاسِ (5) عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ قَتَلَ غَیْرَ قَاتِلِهِ أَوْ ضَرَبَ غَیْرَ ضَارِبِهِ.

«17»- ب (6)،[قرب الإسناد] ابْنُ ظَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ:

ص: 119


1- 1. قرب الإسناد ص 55 و المراد بابن ظریف- بالظاء المعجمة- الحسن بن ظریف بن ناصح ثقة( صه. حش).
2- 2. فی المصدر« علی قدر شدة البلاء».
3- 3. المصدر ص 112.
4- 4. ابتدر القوم أمرا: بادر بعضهم بعضا إلیه أیهم یسبق إلیه أی اسرعوا. و قراب السیف: جفنه و هو وعاء یكون فیه السیف بغمده و حمالته.
5- 5. عتی- كدعی- و المصدر عتو- كسمو- استكبر و جاوز الحد، فهو عات و الجمع عتاة كداع و دعاة.
6- 6. المصدر ص 50 و المراد بابن علوان الحسین بن علوان الكلبی عامی له كتاب( ست، صه، جش).

وُجِدَ فِی غِمْدِ سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَحِیفَةٌ مَخْتُومَةٌ فَفَتَحُوهَا فَوَجَدُوا فِیهَا مِنْ أَعْتَی النَّاسِ عَلَی اللَّهِ الْقَاتِلُ غَیْرَ قَاتِلِهِ وَ الضَّارِبُ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً(1)

أَوْ آوَی مُحْدِثاً فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ- لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا وَ مَنْ تَوَلَّی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.

«18»- ن (2)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اخْتَارُوا الْجَنَّةَ عَلَی النَّارِ وَ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ فَتُقْذَفُوا فِی النَّارِ مُنَكَّسِینَ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَداً.

«19»- ب (3)،[قرب الإسناد] هَارُونُ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثَلَاثَةٌ هُنَّ أُمُّ الْفَوَاقِرِ(4)

سُلْطَانٌ إِنْ أَحْسَنْتَ إِلَیْهِ لَمْ یَشْكُرْ وَ إِنْ أَسَأْتَ إِلَیْهِ لَمْ یَغْفِرْ وَ جَارٌ عَیْنُهُ تَرْعَاكَ وَ قَلْبُهُ تَبْغَاكَ إِنْ رَأَی حَسَنَةً دَفَنَهَا وَ لَمْ یُفْشِهَا وَ إِنْ رَأَی سَیِّئَةً أَظْهَرَهَا وَ أَذَاعَهَا وَ زَوْجَةٌ إِنْ شَهِدْتَ لَمْ تَقَرَّ عَیْنُكَ بِهَا وَ إِنْ غِبْتَ لَمْ تَطْمَئِنَّ إِلَیْهَا.

«20»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَیْنٍ الْخَلَّالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَشْرَسَ الْخُرَاسَانِیِّ عَنْ أَیُّوبَ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی قِلَابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَسَرَّ مَا یُرْضِی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ مَا یَسُرُّهُ وَ مَنْ أَسَرَّ مَا یُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَی أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ مَا یَحْزُنُهُ وَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ أَفْقَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ مَنْ سَعَی فِی رِضْوَانِ اللَّهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَذَلَّ مُؤْمِناً أَذَلَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ عَادَ مَرِیضاً فَإِنَّهُ یَخُوضُ فِی

ص: 120


1- 1. أی ابتدع بدعة.
2- 2. عیون أخبار الرضا علیه السلام ص 200.
3- 3. قرب الإسناد ص 40 و المراد بابن زیاد مسعدة بن زیاد الكوفیّ الربعی ثقة عین روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام( صه. جش). له كتاب عنه هارون بن مسلم( ست).
4- 4. الفواقر جمع الفاقرة و هی الداهیة.
5- 5. الأمالی ج 1 ص 185.

الرَّحْمَةِ وَ أَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی حَقْوَیْهِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَ الْمَرِیضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَیْتِهِ یَطْلُبُ عِلْماً شَیَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ مَنْ كَظَمَ غَیْظاً مَلَأَ اللَّهُ جَوْفَهُ إِیمَاناً وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مُحَرَّمٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَةً تَسُرُّهُ وَ مَنْ عَفَا مِنْ مَظْلِمَةٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهَا عِزّاً فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ بَنَی مَسْجِداً وَ لَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ(1) بَنَی اللَّهُ لَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ- وَ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً فَهِیَ فِدَاءٌ عَنِ النَّارِ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهَا فِدَاءُ عُضْوٍ مِنْهُ- وَ مَنْ أَعْطَی دِرْهَماً فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ وَ مَنْ أَمَاطَ(2)

عَنْ طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ مَا یُؤْذِیهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ قِرَاءَةِ أَرْبَعِمِائَةِ آیَةٍ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ وَ مَنْ لَقِیَ عَشَرَةً مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَ مَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً لُقْمَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ سَقَاهُ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ وَ مَنْ كَسَاهُ ثَوْباً كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ الْإِسْتَبْرَقِ وَ الْحَرِیرِ وَ صَلَّی عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا بَقِیَ فِی ذَلِكَ الثَّوْبِ سِلْكٌ (3).

«21»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُبَیْدِ بْنِ حَنَانٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ سَلْمَانَ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَتْقَی النَّاسِ وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَغْنَی النَّاسِ وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ یُجَاوِرُكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً.

«22»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا دُوَلٌ فَمَا كَانَ لَكَ مِنْهَا

ص: 121


1- 1. المفحص: الموضع الذی تفحص القطاة أی تكشف التراب عنه لتبیض فیه.
2- 2. أماط الاذی عن الطریق: أی أبعده.
3- 3. السلك: الخیط.
4- 4. الأمالی ج 1 ص 120.
5- 5. المصدر ج 1 ص 229.

أَتَاكَ عَلَی ضَعْفِكَ وَ مَا كَانَ عَلَیْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ- وَ مَنِ انْقَطَعَ رَجَاهُ مِمَّا فَاتَ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ وَ مَنْ رَضِیَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ قَرَّتْ عَیْنُهُ.

«23»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عِیسَی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْبَاقِرِ علیهم السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِی خُطْبَتِهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ كِتَابُ اللَّهِ وَ خَیْرُ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كَانَ إِذَا خَطَبَ قَالَ فِی خُطْبَتِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ اشْتَدَّ صَوْتُهُ وَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ثُمَّ یَقُولُ صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ أَوْ مَسَّتْكُمْ (2)

ثُمَّ یَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَ السَّاعَةُ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَ یُشِیرُ بِإِصْبَعَیْهِ.

«24»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ ابْنِ الْحَمَّامِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْقَطَّانِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّحْوِیِّ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُطَهَّرٍ عَنْ مُوسَی بْنِ خَلَفٍ عَنْ لَیْثِ بْنِ أَبِی سُلَیْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كُنْ فِی الدُّنْیَا كَأَنَّكَ غَرِیبٌ وَ كَأَنَّكَ عابری [عَابِرُ] سَبِیلٍ وَ عُدَّ نَفْسَكَ فِی أَصْحَابِ الْقُبُورِ قَالَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَ قَالَ لِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا أَمْسَیْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ أَنْ تُصْبِحَ وَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ أَنْ تُمْسِیَ وَ خُذْ مِنْ حَیَاتِكَ لِمَوْتِكَ وَ مِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا اسْمُكَ غَداً.

ما(4)، [الأمالی] للشیخ الطوسی عن ابن حمویه عن أبی الحسین عن أبی خلیفة عن الحجبی عن حماد بن زید عن لیث عن مجاهد عن ابن عمر: مثله.

«25»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ سَابُورَ

ص: 122


1- 1. المصدر ج 1 ص 347.
2- 2. یقال صبحهم- بالتخفیف و التشدید- أی أتاهم صباحا.
3- 3. المصدر ج 1 ص 390.
4- 4. المصدر ج 2 ص 16.
5- 5. المصدر ج 2 ص 87.

عَنْ أَیُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّقِّیِّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ رَزِینٍ عَنْ إِسْرَائِیلَ بْنِ یُونُسَ الْكُوفِیِّ عَنْ جَدِّهِ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْأَنْبِیَاءُ قَادَةٌ وَ الْفُقَهَاءُ سَادَةٌ وَ مُجَالَسَتُهُمْ زِیَادَةٌ وَ أَنْتُمْ فِی مَمَرِّ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فِی آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ وَ الْمَوْتُ یَأْتِیكُمْ بَغْتَةً فَمَنْ یَزْرَعْ خَیْراً یَحْصُدْ غِبْطَةً وَ مَنْ یَزْرَعْ شَرّاً یَحْصُدْ نَدَامَةً.

«26»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ الصَّیْرَفِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی عَمَلًا صَالِحاً لَا یُحَالُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجَنَّةِ قَالَ لَا تَغْضَبْ وَ لَا تَسْأَلْ شَیْئاً وَ ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِی قَالَ إِذَا صَلَّیْتَ الْعَصْرَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ سَبْعاً وَ سَبْعِینَ مَرَّةً تَحُطُّ عَنْكَ عَمَلَ سَبْعٍ وَ سَبْعِینَ سَیِّئَةً قَالَ مَا لِی سَبْعٌ وَ سَبْعُونَ سَیِّئَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْعَلْهَا لَكَ وَ لِأَبِیكَ قَالَ مَا لِی وَ لِأَبِی سَبْعٌ وَ سَبْعُونَ سَیِّئَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اجْعَلْهَا لَكَ وَ لِأَبِیكَ وَ لِأُمِّكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِی وَ لِأَبِی وَ أُمِّی سَبْعٌ وَ سَبْعُونَ سَیِّئَةً قَالَ اجْعَلْهَا لَكَ وَ لِأَبِیكَ وَ أُمِّكَ وَ لِقَرَابَتِكَ.

«27»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ سَهْلٍ الْعَاقُولِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: جَاءَ أَبُو أَیُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی وَ أَقْلِلْ لَعَلِّی أَنْ أَحْفَظَ قَالَ أُوصِیكَ بِخَمْسٍ بِالْیَأْسِ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَی وَ إِیَّاكَ وَ الطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ وَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِیَّاكَ وَ مَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ وَ أَحِبَّ لِأَخِیكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ.

«28»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ

ص: 123


1- 1. المصدر ج 2 ص 121.
2- 2. المصدر ج 2 ص 122.
3- 3. المصدر ج 2 ص 125.

بْنِ شُعْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنِ الْبَاقِرِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَ مَنْ لَاحَی الرِّجَالَ سَقَطَتْ مُرُوَّتُهُ وَ ذَهَبَتْ كَرَامَتُهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَزَلْ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَنْهَانِی عَنْ مُلَاحَاةِ الرِّجَالِ كَمَا یَنْهَانِی عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ عِبَادَةِ أَوْثَانٍ.

«29»- ل (1)،[الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَسْرَعَ الْخَیْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عِقَاباً الْبَغْیُ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ عَیْباً أَنْ یَنْظُرَ مِنَ النَّاسِ إِلَی مَا یَعْمَی عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ یُعَیِّرَ النَّاسَ بِمَا لَا یَسْتَطِیعُ تَرْكَهُ وَ یُؤْذِیَ جَلِیسَهُ بِمَا لَا یَعْنِیهِ.

«30»- مع (2)،[معانی الأخبار] عَنِ الْوَرَّاقِ عَنْ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَتْقَی النَّاسِ فَلْیَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَغْنَی النَّاسِ فَلْیَكُنْ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِی یَدِهِ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَبْغَضَ النَّاسَ وَ أَبْغَضَهُ النَّاسُ- ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِی لَا یُقِیلُ عَثْرَةً وَ لَا یَقْبَلُ مَعْذِرَةً وَ لَا یَغْفِرُ ذَنْباً قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِی لَا یُؤْمَنُ شَرُّهُ وَ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ وَ إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام قَامَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تُحَدِّثُوا

ص: 124


1- 1. الخصال ج 1 ص 54.
2- 2. معانی الأخبار ص 196 تحت رقم 2.

بِالْحِكْمَةِ الْجُهَّالَ فَتَظْلِمُوهَا وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ وَ لَا تُعِینُوا الظَّالِمَ عَلَی ظُلْمِهِ فَیَبْطُلَ فَضْلُكُمْ الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ تَبَیَّنَ لَكَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعْهُ وَ أَمْرٌ تَبَیَّنَ لَكَ غَیُّهُ فَاجْتَنِبْهُ وَ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِیهِ فَرُدَّهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

«31»- مع (1)،[معانی الأخبار] عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وُجِدَ فِی ذُؤَابَةِ سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَحِیفَةٌ فَإِذَا فِیهَا مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِنَّ أَعْتَی النَّاسِ عَلَی اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَنْ قَتَلَ غَیْرَ قَاتِلِهِ وَ مَنْ ضَرَبَ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ مَنْ تَوَلَّی غَیْرَ مَوَالِیهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَی مُحْدِثاً لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَی مِنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا قَالَ ثُمَّ قَالَ تَدْرِی مَا یَعْنِی بِقَوْلِهِ مَنْ تَوَلَّی غَیْرَ مَوَالِیهِ قُلْتُ مَا یَعْنِی بِهِ قَالَ یَعْنِی أَهْلَ الدِّینِ.

و الصرف التوبة فی قول أبی جعفر علیه السلام و العدل الفداء فی قول أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

«32»- ف (2)،[تحف العقول] قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا لِی أَرَی حُبَّ الدُّنْیَا قَدْ غَلَبَ عَلَی كَثِیرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّی كَأَنَّ الْمَوْتَ فِی هَذَا الدُّنْیَا عَلَی غَیْرِهِمْ كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی غَیْرِهِمْ وَجَبَ وَ حَتَّی كَأَنَّ مَا یَسْمَعُونَ مِنْ خَبَرِ الْأَمْوَاتِ قَبْلَهُمْ عِنْدَهُمْ كَسَبِیلِ قَوْمٍ سَفْرٍ عَمَّا قَلِیلٍ إِلَیْهِمْ رَاجِعُونَ (3) تُبَوِّءُونَهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ تَأْكُلُونَ تُرَاثَهُمْ وَ أَنْتُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَ مَا یَتَّعِظُ آخِرُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ لَقَدْ جَهِلُوا وَ نَسُوا كُلَّ مَوْعِظَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَمِنُوا شَرَّ كُلِّ عَاقِبَةِ سَوْءٍ وَ لَمْ یَخَافُوا نُزُولَ فَادِحَةٍ(4)

وَ لَا بَوَائِقَ كُلِّ حَادِثَةٍ.

ص: 125


1- 1. معانی الأخبار ص 379 تحت رقم 3.
2- 2. التحف ص 29.
3- 3. یعنی أنهم إذا سمعوا بموت فلان مثلا یظنون أنّه قد سافر الی مكان فی الأرض ثمّ یرجع الیهم ثانیا بعد مضی أیّام. و قوله« تبوءونهم اجداثهم» فی الكافی« بیوتهم اجداثهم» و سیأتی تفسیره.
4- 4. الفادحة: النازلة و الفادح الصعب المثقل. و البوائق جمع البائقة و هی الداهیة و الشر.

طُوبَی لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ طُوبَی لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ عَلَانِیَتُهُ وَ اسْتَقَامَتْ خَلِیقَتُهُ طُوبَی لِمَنْ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ طُوبَی لِمَنْ مَنَعَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ إِخْوَانِهِ طُوبَی لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ زَهِدَ فِیمَا أُحِلَّ لَهُ مِنْ غَیْرِ رَغْبَةٍ عَنْ سُنَّتِی وَ رَفَضَ زَهْرَةَ الدُّنْیَا(1)

مِنْ غَیْرِ تَحَوُّلٍ عَنْ سُنَّتِی وَ اتَّبَعَ الْأَخْیَارَ مِنْ عِتْرَتِی مِنْ بَعْدِی وَ خَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْحِكْمَةِ وَ رَحِمَ أَهْلَ الْمَسْكَنَةِ طُوبَی لِمَنِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ مَالًا مِنْ غَیْرِ معصیته [مَعْصِیَةٍ] وَ أَنْفَقَهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ وَ عَادَ بِهِ عَلَی أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ(2) وَ جَانَبَ أَهْلَ الْخُیَلَاءِ وَ التَّفَاخُرِ وَ الرَّغْبَةِ فِی الدُّنْیَا الْمُبْتَدِعِینَ خِلَافَ سُنَّتِی (3) الْعَامِلِینَ بِغَیْرِ سِیرَتِی طُوبَی لِمَنْ حَسُنَ مَعَ النَّاسِ خُلُقُهُ وَ بَذَلَ لَهُمْ مَعُونَتَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُمْ شَرَّهُ.

«33»- ف (4)،[تحف العقول]: وَصِیَّتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (5)

لَمَّا بَعَثَهُ إِلَی الْیَمَنِ یَا مُعَاذُ

ص: 126


1- 1. المراد بها بهجتها و غضارتها.
2- 2. یعنی صرفه فیهم.
3- 3. المبتدع صاحب البدعة.
4- 4. المصدر ص 25.
5- 5. معاذ بن جبل بضم المیم انصاری خزرجی، یكنی أبا عبد الرحمن، أسلم و هو ابن ثمان عشرة سنة، و شهد لیلة العقبة مع السبعین- من أهل یثرب( المدینة)- و شهد مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله المشاهد، و بعثه صلی اللّٰه علیه و آله الی الیمن بعد غزوة تبوك، فی سنة العاشر، و عاش الی أن توفی فی طاعون عمواس بناحیة الاردن سنة ثمان عشرة فی خلافة عمر. و لما بعثه صلی اللّٰه علیه و آله الی الیمن شیعه صلی اللّٰه علیه و آله و من كان معه من المهاجرین و الأنصار- و معاذ راكب، و رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یمشی الی جنبه، و یوصیه. فقال معاذ یا رسول اللّٰه: أنا راكب و أنت تمشی ألا انزل فامشی معك و مع أصحابك؟ فقال: یا معاذ انما أحتسب خطای هذه فی سبیل اللّٰه. ثمّ أوصاه بوصایا- ذكرها الفریقین مشروحا و موجزا فی كتبهم- ثم التفت صلی اللّٰه علیه و آله ، فاقبل بوجهه نحو المدینة، فقال: ان أولی الناس بی المتقون من كانوا و حیث كانوا.

عَلِّمْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَحْسِنْ أَدَبَهُمْ عَلَی الْأَخْلَاقِ الصَّالِحَةِ وَ أَنْزِلِ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ خَیْرَهُمْ وَ شَرَّهُمْ (1)

وَ أَنْفِذْ فِیهِمْ أَمْرَ اللَّهِ وَ لَا تُحَاشِ فِی أَمْرِهِ وَ لَا مَالِهِ أَحَداً(2) فَإِنَّهَا لَیْسَتْ بِوَلَایَتِكَ وَ لَا مَالِكَ وَ أَدِّ إِلَیْهِمُ الْأَمَانَةَ فِی كُلِّ قَلِیلٍ وَ كَثِیرٍ وَ عَلَیْكَ بِالرِّفْقِ وَ الْعَفْوِ فِی غَیْرِ تَرْكٍ لِلْحَقِّ-(3)

یَقُولُ الْجَاهِلُ قَدْ تَرَكْتُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَ اعْتَذِرْ إِلَی أَهْلِ عَمَلِكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ خَشِیتَ أَنْ یَقَعَ إِلَیْكَ مِنْهُ عَیْبٌ (4)

حَتَّی یَعْذِرُوكَ وَ أَمِتْ أَمْرَ الْجَاهِلِیَّةِ إِلَّا مَا سَنَّهُ الْإِسْلَامُ وَ أَظْهِرْ أَمْرَ الْإِسْلَامِ كُلَّهُ صَغِیرَهُ وَ كَبِیرَهُ وَ لْیَكُنْ أَكْثَرُ هَمِّكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا رَأْسُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدِّینِ وَ ذَكِّرِ النَّاسَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ اتَّبِعِ الْمَوْعِظَةَ فَإِنَّهُ أَقْوَی لَهُمْ عَلَی الْعَمَلِ بِمَا یُحِبُّ اللَّهُ ثُمَّ بُثَّ فِیهِمُ الْمُعَلِّمِینَ وَ اعْبُدِ اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تَرْجِعُ وَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ تَرْكِ الْخِیَانَةِ وَ لِینِ الْكَلَامِ وَ بَذْلِ السَّلَامِ وَ حِفْظِ الْجَارِ وَ رَحْمَةِ الْیَتِیمِ وَ حُسْنِ الْعَمَلِ وَ قَصْرِ الْأَمَلِ وَ حُبِّ الْآخِرَةِ وَ الْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ وَ لُزُومِ الْإِیمَانِ وَ الْفِقْهِ فِی الْقُرْآنِ وَ كَظْمِ الْغَیْظِ وَ خَفْضِ الْجَنَاحِ (5)

وَ إِیَّاكَ أَنْ تَشْتِمَ مُسْلِماً أَوْ تُطِیعَ آثِماً أَوْ تَعْصِیَ إِمَاماً عَادِلًا أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقاً أَوْ تُصَدِّقَ كَاذِباً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ عِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ وَ حَجَرٍ وَ أَحْدِثْ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً السِّرَّ بِالسِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةَ بِالْعَلَانِیَةِ یَا مُعَاذُ لَوْ لَا أَنَّنِی أَرَی أَلَّا نَلْتَقِیَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ لَقَصَّرْتُ فِی الْوَصِیَّةِ وَ لَكِنَّنِی

ص: 127


1- 1. أی أنزل الناس منازلهم علی قدرهم و شئونهم من الخیر و شر.
2- 2. لا تحاش من حاش یحاش أی نزه و المراد أنك لا تكترث بما تفعله و لا تخاف من أحد و لا تستوحش منهم.
3- 3. فی بعض النسخ« من غیر ترك للحق».
4- 4. یعنی أن فی كل أمر خشیت أن یسرع إلیك عیب منه تقدم العذر قبل أن یعذروك.
5- 5. الخفض: الغض و الاخفاء و أیضا خفض ضد رفع و بمعنی اللین و السهل، و الجناح ما یطیر به الطائر و خفض الجناح كنایة عن التواضع.

أَرَی أَنْ لَا نَلْتَقِیَ أَبَداً(1) ثُمَّ اعْلَمْ یَا مُعَاذُ أَنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَیَّ مَنْ یَلْقَانِی عَلَی مِثْلِ الْحَالِ الَّتِی فَارَقَنِی عَلَیْهَا(2).

«34»- ف (3)،[تحف العقول] مِنْ كَلَامِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ شَرَفاً وَ إِنَّ شَرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَقْوَی النَّاسِ فَلْیَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ أَغْنَی النَّاسِ فَلْیَكُنْ بِمَا فِی یَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِی یَدِهِ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِ النَّاسِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ نَزَلَ وَحْدَهُ وَ مَنَعَ رِفْدَهُ (4)

وَ جَلَدَ عَبْدَهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ- قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ وَ لَا یُؤْمَنُ شَرُّهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَا یُقِیلُ عَثْرَةً وَ لَا یَقْبَلُ مَعْذِرَةً ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ یُبْغِضُ النَّاسَ وَ یُبْغِضُونَهُ.

إِنَّ عِیسَی علیه السلام قَامَ خَطِیباً فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ- لَا تَكَلَّمُوا بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ الْجُهَّالِ فَتَظْلِمُوهَا وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ وَ لَا تَظْلِمُوا وَ لَا تُكَافِئُوا

ص: 128


1- 1. هذا البیان تصریح بموته صلی اللّٰه علیه و آله و أن معاذا لن یراه بعد الیوم و مقامه هذا، فانه صلّی اللّٰه علیه و آله و دعه و انصرف و سار معاذ الی الیمن حتّی أتی صنعاء الیمن فمكث أربعة عشر شهرا ثمّ رجع الی المدینة فلما دخلها فقد مات رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- 2. لعل فی هذا البیان إشارة الی معاذ بانك لو تلقانی یوم القیامة علی مثل هذه الحال و لم تتغیر حالك فی مستقبل الزمان و لم تنحرف عن طریقی بعد وفاتی تكون محبوبا عندی و لكن قیل فی حقه: انه من أصحاب الصحیفة و هم الذین كتبوا صحیفة و اشترطوا علی أن یزیلوا الإمامة عن علیّ علیه السلام. و ممن قوی خلافة أبی بكر.
3- 3. التحف ص 27.
4- 4. الرفد بالكسر: العطاء و الصلة و هو اسم من رفده رفدا من باب ضرب أی أعطاه و أعانه. و الظاهر أنّه أعمّ من منع الحقوق الواجبة و المستحبة.

ظَالِماً فَیَبْطُلَ (1) فَضْلُكُمْ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَیِّنٌ رُشْدُهُ فَاتَّبِعُوهُ وَ أَمْرٌ بَیِّنٌ غَیُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِیهِ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَی مَعَالِمِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ نِهَایَةً فَانْتَهُوا إِلَی نِهَایَتِكُمْ- إِنَّ الْمُؤْمِنَ بَیْنَ مَخَافَتَیْنِ أَجَلٌ قَدْ مَضَی لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِیهِ وَ بَیْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِیَ لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ قَاضٍ فِیهِ فَلْیَأْخُذِ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ مِنْ دُنْیَاهُ لِآخِرَتِهِ وَ مِنَ الشَّیْبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ وَ مِنَ الْحَیَاةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ (2)

وَ مَا بَعْدَ الدُّنْیَا دَارٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَ النَّارُ.

«35»- سن (3)،[المحاسن] عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ ره: أَوْصَانِی خَلِیلِی بِسَبْعَةِ خِصَالٍ لَا أَدَعُهُنَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ أَوْصَانِی أَنْ أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ دُونِی وَ لَا أَنْظُرَ إِلَی مَنْ هُوَ فَوْقِی وَ أَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَ أَدْنُوَ مِنْهُمْ وَ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَنْ أَصِلَ رَحِمِی وَ إِنْ كَانَتْ مُدْبِرَةً وَ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَیْئاً وَ أَوْصَانِی أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.

«36»- سن (4)،[المحاسن] عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلٌ فَقَالَ عَلِّمْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ عَلَیْكَ بِالْیَأْسِ عَمَّا فِی أَیْدِی النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَی الْحَاضِرُ قَالَ زِدْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:

ص: 129


1- 1. كافا الرجل علی ما كان منه جازاه. كافا فلانا راقبه و قابله، صار نظیرا له و ساواه.
2- 2. المستعتب: طلب العتبی أی الاسترضاء و المراد أن بعد الموت لا یكون ما یوجب الرضا لان زمان الاعمال قد انقضی و ختم دیوانها و لعلّ أصل العتبی الرضا و الفرح من الرجوع عن الذنب و الاساءة و هذا المعنی لا یمكن الوصول إلیه الا فی دار الدنیا، و قبل الموت فلیس بعد الموت من استرضاء بهذا المعنی.
3- 3. المحاسن ص 11 باب 7.
4- 4. المحاسن ص 16 باب 10.

إِیَّاكَ وَ الطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ قَالَ زِدْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عَاقِبَتَهُ فَإِنْ یَكُ خَیْراً وَ رُشْداً فَاتَّبِعْهُ وَ إِنْ یَكُ غَیّاً فَدَعْهُ.

«37»- سن (1)،[المحاسن] عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ عَطِیَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام وَجَدَ كِتَاباً فِی قِرَابِ سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلَ الْإِصْبَعِ فِیهِ إِنَّ أَعْتَی النَّاسِ عَلَی اللَّهِ الْقَاتِلُ غَیْرَ قَاتِلِهِ وَ الضَّارِبُ غَیْرَ ضَارِبِهِ وَ مَنْ وَالَی غَیْرَ مَوَالِیهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَی مُحْدِثاً فَلَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا وَ لَا یَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ یَشْفَعَ فِی حَدٍّ.

«38»- جا(2)،[المجالس] للمفید عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ التَّمِیمِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ یُونُسَ النَّهْشَلِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَجَبٌ لِغَافِلٍ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَجَبٌ لِطَالِبِ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ عَجَبٌ لِضَاحِكٍ مِلْ ءَ فِیهِ وَ هُوَ لَا یَدْرِی أَ رَضِیَ اللَّهُ أَمْ سَخِطَ لَهُ.

«39»- جا(3)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ مِنًی فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ (4)

عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِی فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ یَسْمَعْهَا فَكَمْ مِنْ حَامِلِ فِقْهٍ غَیْرُ فَقِیهٍ وَ كَمْ حَامِلُ فِقْهٍ إِلَی مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ لَا یُغِلُّ عَلَیْهَا قَلْبُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ (5)

إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِیحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِیطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمُ الْمُسْلِمُونَ

ص: 130


1- 1. المحاسن ص 17 باب 10.
2- 2. مجالس المفید ص 45.
3- 3. المصدر ص 110.
4- 4. فی النهایة: نضره و نضره و أنضره أی نعمه و یروی بالتخفیف و التشدید من النضارة و هی فی الأصل حسن الوجه و البریق و انما أراد حسن خلقه و قدره.
5- 5. الغل الخیانة و الحقد.

إِخْوَةٌ تَتَكَافَی دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ یَدٌ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ یَسْعَی بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ (1).

«40»- كشف (2)،[كشف الغمة] مِنْ كِتَابِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ: كَانَتْ خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْجُمُعَةِ یَحْمَدُ اللَّهَ وَ یُثْنِی عَلَیْهِ ثُمَّ یَقُولُ أَثَرَ ذَلِكَ وَ قَدْ عَلَا صَوْتُهُ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَیْشٍ صَبَّحَكُمْ أَوْ مَسَّاكُمْ ثُمَّ یَقُولُ بُعِثْتُ وَ السَّاعَةَ كَهَاتَیْنِ ثُمَّ أَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَی الَّتِی تَلِی الْإِبْهَامَ ثُمَّ یَقُولُ إِنَّ أَفْضَلَ الْحَدِیثِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَیْرَ الْهَدْیِ هَدْیُ مُحَمَّدٍ وَ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ فَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَ مَنْ تَرَكَ دَیْناً أَوْ ضَیَاعاً فَإِلَیَ (3).

«41»- جع (4)،[جامع الأخبار] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَفَافُ زِینَةُ الْبَلَاءِ وَ التَّوَاضُعُ زِینَةُ الْحَسَبِ وَ الْفَصَاحَةُ زِینَةُ الْكَلَامِ وَ الْعَدْلُ زِینَةُ الْإِیمَانِ وَ السَّكِینَةُ زِینَةُ الْعِبَادَةِ وَ الْحِفْظُ زِینَةُ الرِّوَایَةِ وَ حِفْظُ الْحِجَاجِ زِینَةُ الْعِلْمِ وَ حُسْنُ الْأَدَبِ زِینَةُ الْعَقْلِ وَ بَسْطُ الْوَجْهِ زِینَةُ الْحِلْمِ وَ الْإِیثَارُ زِینَةُ الزُّهْدِ وَ بَذْلُ الْمَوْجُودِ زِینَةُ الْیَقِینِ وَ التَّقَلُّلُ زِینَةُ الْقَنَاعَةِ وَ تَرْكُ الْمَنِّ زِینَةُ الْمَعْرُوفِ وَ الْخُشُوعُ زِینَةُ الصَّلَاةِ وَ تَرْكُ مَا لَا یَعْنِی زِینَةُ الْوَرَعِ.

«42»- كا(5)،[الكافی] عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِیِّ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ بِنَا ذَاتَ یَوْمٍ وَ نَحْنُ فِی نَادِینَا وَ هُوَ عَلَی نَاقَتِهِ وَ ذَلِكَ حِینَ رَجَعَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

ص: 131


1- 1. سئل الصادق علیه السلام عن معناه فقال علیه السلام: لو أن جیشا من المسلمین حاصروا قوما من المشركین فأشرف رجل منهم فقال: أعطونی الأمان حتّی القی صاحبكم أناظره فأعطاهم أدناهم الأمان وجب علی أفضلهم الوفاء به( مجمع البحرین).
2- 2. كشف الغمّة ج 2 ص 375.
3- 3. كذا.
4- 4. جامع الأخبار ص 143 الفصل التاسع و السبعون.
5- 5. الكافی ج 8 ص 168 تحت رقم 190.

فَوَقَفَ عَلَیْنَا فَسَلَّمَ وَ رَدَدْنَا عَلَیْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا لِی أَرَی حُبَّ الدُّنْیَا قَدْ غَلَبَ عَلَی كَثِیرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّی كَأَنَّ الْمَوْتَ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی غَیْرِهِمْ كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی غَیْرِهِمْ وَجَبَ وَ حَتَّی كَأَنْ لَمْ یَسْمَعُوا وَ یَرَوْا مِنْ خَبَرِ الْأَمْوَاتِ قَبْلَهُمْ سَبِیلُهُمْ سَبِیلُ قَوْمٍ سَفْرٍ(1)

عَمَّا قَلِیلٍ إِلَیْهِمْ رَاجِعُونَ بُیُوتُهُمْ أَجْدَاثُهُمْ وَ یَأْكُلُونَ تُرَاثَهُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ (2)

هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَ مَا یَتَّعِظُ آخِرُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ لَقَدْ جَهِلُوا وَ نَسُوا كُلَّ وَعْظٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَمِنُوا شَرَّ كُلِّ عَاقِبَةِ سَوْءٍ وَ لَمْ یَخَافُوا نُزُولَ فَادِحَةٍ وَ بَوَائِقَ حَادِثَةٍ(3)

طُوبَی لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ.

طُوبَی لِمَنْ مَنَعَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ إِخْوَانِهِ.

طُوبَی لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ زَهِدَ فِیمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ غَیْرِ رَغْبَةٍ عَنْ سِیرَتِی وَ رَفَضَ زَهْرَةَ الدُّنْیَا مِنْ غَیْرِ تَحَوُّلٍ عَنْ سُنَّتِی وَ اتَّبَعَ الْأَخْیَارَ مِنْ عِتْرَتِی مِنْ بَعْدِی وَ جَانَبَ أَهْلَ الْخُیَلَاءِ وَ التَّفَاخُرِ وَ الرَّغْبَةِ فِی الدُّنْیَا الْمُبْتَدِعِینَ خِلَافَ سُنَّتِی الْعَامِلِینَ بِغَیْرِ سِیرَتِی.

ص: 132


1- 1. السفر جمع مسافر فیحتمل ارجاع الضمیر فی قوله:« سبیلهم» الی الاحیاء و فی قوله:« الیهم» الی الأموات أی هؤلاء الاحیاء مسافرون یقطعون منازل اعمارهم من السنین و الشهور حتّی یلحقوا بهؤلاء الأموات و یحتمل العكس فی ارجاع الضمیرین فالمراد أن سبیل هؤلاء الأموات عند هؤلاء الاحیاء لعدم اتعاظهم بموتهم و عدم مبالاتهم سبیل قوم كانوا ذهبوا الی سفر و عن قریب یرجعون الیهم و یؤیده ما فی النهج و تفسیر القمّیّ« و كان الذی نری من الأموات سفر عما قلیل الینا راجعون».
2- 2. الاجداث جمع الجدث و هو القبر أی یرون أن بیوت هؤلاء الأموات اجداثهم و مع ذلك یأكلون تراثهم أو یریدون أن تراث هؤلاء قد زالت عنهم و بقی فی ایدیهم و مع ذلك لا یتعظون و یظنون أنهم مخلدون بعدهم. و التراث: ما یخلفه الرجل لورثته. و الظاهر أنّه وقع فی نسخ الكتاب تصحیف و الاصوب ما فی النهج« نبوؤهم اجداثهم و نأكل تراثهم» و فی التفسیر« ننزلهم اجداثهم».
3- 3. الفادحة النازلة.

طُوبَی لِمَنِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ مَالًا مِنْ غَیْرِ مَعْصِیَةٍ فَأَنْفَقَهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ وَ عَادَ بِهِ عَلَی أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ طُوبَی لِمَنْ حَسُنَ مَعَ النَّاسِ خُلُقُهُ وَ بَذَلَ لَهُمْ مَعُونَتَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُمْ شَرَّهُ طُوبَی لِمَنْ أَنْفَقَ الْقَصْدَ وَ بَذَلَ الْفَضْلَ وَ أَمْسَكَ قَوْلَهُ عَنِ الْفُضُولِ وَ قَبِیحِ الْفِعْلِ.

«43»- ختص (1)،[الإختصاص]: خَطَبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَی تَبُوكَ بِثَنِیَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِیثِ كِتَابُ اللَّهِ وَ أَوْثَقَ الْعُرَی كَلِمَةُ التَّقْوَی وَ خَیْرَ الْمِلَلِ مِلَّةُ إِبْرَاهِیمَ وَ خَیْرَ السُّنَنِ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْرَفَ الْحَدِیثِ ذِكْرُ اللَّهِ وَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ الْقُرْآنُ وَ خَیْرَ الْأُمُورِ عَزَائِمُهَا وَ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ أَحْسَنَ الْهَدْیِ هَدْیُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَشْرَفَ الْقَتْلِ قَتْلُ الشُّهَدَاءِ وَ أَعْمَی الْهُدَی الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَی وَ خَیْرَ الْأَعْمَالِ مَا نَفَعَ وَ خَیْرَ الْهُدَی مَا اتُّبِعَ وَ شَرَّ الْعَمَی عَمَی الْقَلْبِ وَ الْیَدُ الْعُلْیَا خَیْرٌ مِنَ الْیَدِ السُّفْلَی وَ مَا قَلَّ وَ كَفَی خَیْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَ أَلْهَی وَ شَرُّ الْمَعْذِرَةِ حِینَ یَحْضُرُ الْمَوْتُ وَ شَرُّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا یَأْتِی الْجُمُعَةَ إِلَّا نَذْراً وَ مِنْهُمْ مَنْ لَا یَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا هَجْراً وَ مِنْ أَعْظَمِ الْخَطَایَا اللِّسَانُ الْكَذُوبُ وَ خَیْرُ الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ وَ خَیْرُ الزَّادِ التَّقْوَی وَ رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ وَ خَیْرُ مَا أُلْقِیَ فِی الْقَلْبِ الْیَقِینُ وَ الِارْتِیَابُ مِنَ الْكُفْرِ وَ النِّیَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْغُلُولُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ وَ السُّكْرُ جَمْرٌ مِنَ النَّارِ وَ الشِّعْرُ مِنْ إِبْلِیسَ وَ الْخَمْرُ جِمَاعُ الْآثَامِ وَ النِّسَاءُ حِبَالاتُ إِبْلِیسَ وَ الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ وَ شَرُّ الْمَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبَا وَ شَرُّ الْمَأْكَلِ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ الشَّقِیُّ مَنْ شَقِیَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ إِنَّمَا یَصِیرُ أَحَدُكُمْ إِلَی مَوْضِعِ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَ الْأَمْرُ إِلَی آخِرِهِ وَ مِلَاكُ الْعَمَلِ خَوَاتِیمُهُ وَ أَرْبَی الرِّبَا الْكَذِبُ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ وَ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَ قِتَالُ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ وَ أَكْلُ لَحْمِهِ مَعْصِیَةٌ وَ حُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ وَ مَنْ یَتَأَلَّ عَلَی اللَّهِ یُكْذِبْهُ وَ مَنْ یَعْفُ یعفو [یَعْفُ] اللَّهُ عَنْهُ وَ مَنْ كَظَمَ الْغَیْظَ یَأْجُرْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یَصْبِرْ عَلَی الرَّزِیَّةِ یُعَوِّضْهُ اللَّهُ وَ مَنْ یَتَّبِعِ السُّمْعَةَ یُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ وَ مَنْ یَصَمَّ بَصَّرَهُ وَ مَنْ

ص: 133


1- 1. الاختصاص ص 342.

یَعْصِ اللَّهَ یُعَذِّبْهُ اللَّهُ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ لِأُمَّتِی اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ لِأُمَّتِی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

«44»- ین (1)،[كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ إِنْ قُطِعْتَ وَ حُرِّقْتَ بِالنَّارِ وَ لَا تَنْهَرْ وَالِدَیْكَ وَ إِنْ أَمَرَاكَ عَلَی أَنْ تُخْرِجَ مِنْ دُنْیَاكَ فَاخْرُجْ مِنْهَا وَ لَا تَسُبَّ النَّاسَ وَ إِذَا لَقِیتَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ فَالْقِهِ بِبِشْرٍ حَسَنٍ وَ صُبَّ لَهُ مِنْ فَضْلِ دَلْوِكَ أَبْلِغْ مَنْ لَقِیتَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ عَنِّی السَّلَامَ وَ ادْعُ النَّاسَ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ اعْلَمْ أَنَّ لَكَ بِكُلِّ مَنْ أَجَابَكَ عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ یَعْقُوبَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الصُّغَیْرَاءَ عَلَیْهِمْ حَرَامٌ یَعْنِی النَّبِیذَ وَ هُوَ الْخَمْرُ وَ كُلُّ مُسْكِرٍ عَلَیْهِمْ حَرَامٌ.

«45»- ین (2)،[كتاب حسین بن سعید] و النوادر عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِیٌّ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ بِغَرْزِ رَاحِلَتِهِ وَ هُوَ یُرِیدُ بَعْضَ غَزَوَاتِهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِی عَمَلًا أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ یَأْتِیَهُ النَّاسُ إِلَیْكَ فَأْتِهِ إِلَیْهِمْ وَ مَا كَرِهْتَ أَنْ یَأْتِیَهُ إِلَیْكَ فَلَا تَأْتِهِ إِلَیْهِمْ خَلِّ سَبِیلَ الرَّاحِلَةِ.

«46»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِ (3)،

بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ: خَطَبَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِی زَمَانِ هُدْنَةٍ وَ أَنْتُمْ عَلَی ظَهْرِ سَفَرٍ وَ السَّیْرُ بِكُمْ سَرِیعٌ فَقَدْ رَأَیْتُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ یُبْلِیَانِ كُلَّ جَدِیدٍ وَ یُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِیدٍ وَ یَأْتِیَانِ بِكُلِّ وَعْدٍ وَ وَعِیدٍ فَأَعِدُّوا الْجَهَازَ لِبُعْدِ الْمَجَازِ- فَقَامَ مِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا نَعْمَلُ فَقَالَ إِنَّهَا دَارُ بَلَاءٍ وَ ابْتِلَاءٍ وَ انْقِطَاعٍ وَ فَنَاءٍ فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَیْكُمُ الْأُمُورُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَیْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَ مَاحِلٌ مُصَدَّقٌ مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ مَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَی النَّارِ وَ مَنْ جَعَلَهُ الدَّلِیلَ یَدُلُّهُ عَلَی السَّبِیلِ

ص: 134


1- 1. مخطوط.
2- 2. مخطوط.
3- 3. المصدر ص 21 و 22.

وَ هُوَ كِتَابُ تَفْصِیلٍ وَ بَیَانُ تَحْصِیلٍ هُوَ الْفَصْلُ لَیْسَ بِالْهَزْلِ وَ لَهُ ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ وَ ظَاهِرُهُ حُكْمُ اللَّهِ وَ بَاطِنُهُ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَی فَظَاهِرُهُ وَثِیقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِیقٌ لَهُ نُجُومٌ وَ عَلَی نُجُومِهِ نُجُومٌ (1) لَا تُحْصَی عَجَائِبُهُ وَ لَا تُبْلَی غَرَائِبُهُ فِیهِ مَصَابِیحُ الْهُدَی وَ مَنَارُ الْحِكْمَةِ وَ دَلِیلٌ عَلَی الْمَعْرِفَةِ لِمَنْ عَرَفَ النَّصَفَةَ فَلْیَرْعَ رَجُلٌ بَصَرُهُ وَ لْیُبْلِغِ النَّصَفَةَ نَظَرُهُ یَنْجُو مِنْ عَطَبٍ وَ یَتَخَلَّصُ مِنْ نَشَبٍ فَإِنَّ التَّفَكُّرَ حَیَاةُ قَلْبِ الْبَصِیرِ كَمَا یَمْشِی الْمُسْتَنِیرُ فِی الظُّلُمَاتِ وَ النُّورُ یُحْسِنُ التَّخَلُّصَ وَ یُقِلُّ التَّرَبُّصَ (2).

«47»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ الْمَوْتَةَ الْمَوْتَةَ الْوَحِیَّةَ الْوَحِیَّةَ(3) لَا تَرُدُّهَا سَعَادَةٌ أَوْ شَقَاوَةٌ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِیهِ بِالرَّوْحِ وَ الرَّاحَةِ لِأَهْلِ دَارِ الْحَیَوَانِ الَّذِی كَانَ لَهَا سَعْیُهُمْ وَ فِیهَا جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِیهِ بِالْوَیْلِ وَ الْحَسْرَةِ وَ الْكَرَّةِ الْخَاسِرَةِ لِأَهْلِ دَارِ الْغُرُورِ الَّذِینَ كَانَ لَهَا سَعْیُهُمْ وَ فِیهَا رَغْبَتُهُمْ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ وَجْهَانِ یُقْبِلُ بِوَجْهٍ وَ یُدْبِرُ بِوَجْهٍ إِنْ أُوتِیَ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ خَیْراً حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِیَ خَذَلَهُ- بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ ثُمَّ یَعُودُ جِیفَةً- لَا یَدْرِی مَا یُفْعَلُ بِهِ فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ بِئْسَ

الْعَبْدُ عَبْدٌ خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ فَأَلْهَتْهُ الْعَاجِلَةُ عَنِ الْآجِلَةِ(4)

فَازَ بِالرَّغْبَةِ الْعَاجِلَةِ عَنِ الْآجِلَةِ وَ شَقِیَ بِالْعَاقِبَةِ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ تَجَبَّرَ وَ اخْتَالَ وَ نَسِیَ الْكَبِیرَ الْمُتَعَالِ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ عَتَا وَ بَغَی وَ نَسِیَ الْجَبَّارَ الْأَعْلَی- بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ هَوًی یُضِلُّهُ وَ نَفْسٌ تُذِلُّهُ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ طَمَعٌ یَقُودُهُ إِلَی طَبَعٍ.

«48»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ

ص: 135


1- 1. فی المصدر« له تخوم و علی تخومه تخوم».
2- 2. كذا فی المصدر.
3- 3. كذا و الوحی الوحی. مقصورا-: أی البدار البدار، السرعة السرعة، العجلة العجلة، و شی ء و حیّ: مسرع، فعیل بمعنی فاعل و منه موت و حیّ أی سریع و ذكاة و حیة بهاء: سریعة. و توحی علی تفعل: أسرع.
4- 4. أی شغلته و صرفته حبّ الدنیا عن الآخرة أو الموت.
5- 5. الأمالی ج 2 ص 287.

قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُ حَاجَةً فَإِذَا هُوَ بِالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ فَقَالَ احْمِلُوا هَذَا الْغُلَامَ خَلْفِی فَاعْتَنَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ خَلْفِهِ عَلَی الْغُلَامِ- ثُمَّ قَالَ یَا غُلَامُ خَفِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ یَا غُلَامُ خَفِ اللَّهَ یَكْفِكَ مَا سِوَاهُ وَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَ إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَ لَوْ أَنَّ جَمِیعَ الْخَلَائِقِ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یَصْرِفُوا عَنْكَ شَیْئاً قَدْ قُدِّرَ لَكَ لَمْ یَسْتَطِیعُوا وَ لَوْ أَنَّ جَمِیعَ الْخَلَائِقِ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یَصْرِفُوا إِلَیْكَ شَیْئاً لَمْ یُقَدَّرْ لَكَ لَمْ یَسْتَطِیعُوا- وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّ الْفَرَحَ مَعَ الْكَرْبِ وَ أَنَّ الْیُسْرَ مَعَ الْعُسْرِ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ لَوْ أَنَّ قُلُوبَ عِبَادِی اجْتَمَعَتْ عَلَی قَلْبِ أَشْقَی عَبْدٍ لِی مَا نَقَصَنِی ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِی جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ أَنَّ قُلُوبَ عِبَادِی اجْتَمَعَتْ عَلَی قَلْبِ أَسْعَدِ عَبْدٍ لِی مَا زَادَ ذَلِكَ فِی سُلْطَانِی جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ أَنِّی أَعْطَیْتُ كُلَّ عَبْدٍ مَا سَأَلَنِی مَا كَانَ ذَلِكَ إِلَّا مِثْلَ إِبْرَةٍ جَاءَهَا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِی فَغَمَسَهَا فِی الْبَحْرِ وَ ذَلِكَ أَنَّ عَطَائِی كَلَامٌ وَ عِدَتِی كَلَامٌ وَ إِنَّمَا أَقُولُ لِشَیْ ءٍ كُنْ فَیَكُونُ.

«49»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ(1)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ.

ص: 136


1- 1. قال المؤلّف- رحمه اللّٰه- فی المجلد الأول ص 7 فی بیان الأصول و الكتب المأخوذ منها:« كتاب الإمامة و التبصرة من الحیرة للشیخ الأجل أبی الحسن علیّ بن الحسین ابن موسی بن بابویه والد الصدوق- طیب اللّٰه تربتهما- و أصل آخر منه أو من غیره من القدماء المعاصرین له. و یظهر من بعض القرائن أنّه تألیف الشیخ الثقة الجلیل هارون بن موسی التعلكبری- رحمه اللّٰه-» انتهی. أقول: و قال المولی الأستاذ الشیخ آغا بزرگ فی الذریعة ج 2 ص 342 ما حاصله هذا الكتاب لبعض قدماء الاصحاب المعاصرین للشیخ الصدوق و لا یمكن أن یكون من تألیفات علی بن بابویه لانه یروی مؤلّفه فیه عن أبی محمّد هارون بن موسی التلعكبری المتوفی سنة 385 و أیضا عن أبی المفضل الشیبانی المتوفّی سنة 387. و عن الحسن بن حمزة العلوی. و عن سهل بن أحمد الدیباجی المتوفی بعد سنة 370. و عن أحمد بن علی الراوی عن محمّد بن الحسن بن الولید الذی توفّی سنة 343 فكیف یكون من یروی عن هؤلاء المشایخ المتأخرین هو والد الصدوق الذی توفّی سنة 329 فان روایة المتقدم عصرا عن المتأخر و ان وقعت فی روایاتنا لكن المقام لیس منها بشهادة أن الشیخ الصدوق مع اكثاره فی الروایة عن والده فی جمیع مؤلّفاته لم یذكر روایة واحدة عن أحد من هؤلاء المشایخ الذین مر ذكرهم ممن یروی مؤلف الإمامة و التبصرة عنهم غالبا فیه.

باب 7 ما جمع من مفردات كلمات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و جوامع كلمه

أقول: قد أورد القاضی القضاعی من العامة شطرا من كلماته صلی اللّٰه علیه و آله فی كتاب الشهاب ثم جمع بینها و بین كلمات علی علیه السلام الشیخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الأصفهانی من أصحابنا فی كتاب مجمع البحرین و مطلع السعادتین أیضا و أوردها أیضا جماعة أخری أیضا من الخاصة و العامة فی مطاوی الكتب المؤلفة فی ذكر جوامع كلماتهما و كلمات سائر السادة المعصومین كما سیجی ء الإشارة إلیه فی باب ما جمع من جوامع كلم أمیر المؤمنین علیه السلام.

«1»- ف (1)،[تحف العقول] قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ كَفَی بِالتُّقَی غِنًی وَ كَفَی بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا وَ كَفَی بِالْقِیَامَةِ مَوْئِلًا(2) وَ بِاللَّهِ مُجَازِیاً.

«2»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَصْلَتَانِ لَیْسَ فَوْقَهُمَا مِنَ الْبِرِّ شَیْ ءٌ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ النَّفْعُ لِعِبَادِ اللَّهِ وَ خَصْلَتَانِ لَیْسَ فَوْقَهُمَا مِنَ الشَّرِّ شَیْ ءٌ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَ الضَّرُّ لِعِبَادِ اللَّهِ.

3 وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِی بِشَیْ ءٍ یَنْفَعُنِی اللَّهُ بِهِ فَقَالَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ

ص: 137


1- 1. التحف ص 35.
2- 2. الموئل: الملجأ من وأل إلیه وألا و وءولا: إذا رجع إلیه و طلب النجاة منه.

یُسَلِّكَ عَنِ الدُّنْیَا(1) وَ عَلَیْكَ بِالشُّكْرِ یَزِیدُ فِی النِّعْمَةِ وَ أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَتَی یُسْتَجَابُ لَكَ وَ إِیَّاكَ وَ الْبَغْیَ فَإِنَّ اللَّهَ قَضَی أَنَّهُ مَنْ ... بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ (2) وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْیُكُمْ عَلی أَنْفُسِكُمْ (3) وَ إِیَّاكَ وَ الْمَكْرَ فَإِنَّ اللَّهَ قَضَی وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (4).

«4»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: تُحْرَصُونَ عَلَی الْإِمَارَةِ تَكُونُ حَسْرَةً وَ نَدَامَةً فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وَ بِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ(5).

«5»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَنْ یُفْلِحَ قَوْمٌ أَسْدَوْا أَمْرَهُمْ إِلَی امْرَأَةٍ(6).

«6»- وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام أَیُّ الْأَصْحَابِ أَفْضَلُ قَالَ إِذَا ذُكِرْتَ أَعَانَكَ وَ إِذَا نُسِیتَ ذَكَرَكَ.

«7»- وَ قِیلَ أَیُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الْعُلَمَاءُ إِذَا فَسَدُوا.

«8»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوْصَانِی رَبِّی بِتِسْعٍ أَوْصَانِی بِالْإِخْلَاصِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الْقَصْدِ فِی الْفَقْرِ وَ الْغِنَی وَ أَنْ أَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِی وَ أُعْطِیَ

ص: 138


1- 1. أی ینتزعك منها.
2- 2. مضمونها فی سورة الحجّ: 60.
3- 3. یونس: 23.
4- 4. فاطر: 24.
5- 5. الفطم: القطع و فصل الولد عن الرضاع. و لعلّ المراد فنعمت الامارة التی أرضعت الناس بلبنها و استفادوا منها. و بئست الامارة التی فطمت الناس عن ارضاعها. و لم یستفادوا منها. و قال فی النهایة: ضرب المرضعة مثلا للامارة و ما توصله الی صاحبها من المنافع، و ضرب الفاطمة مثلا للموت الذی یهدم علیه لذاته.
6- 6. فی بعض نسخ المصدر« اسندوا» و المعنی واحد. و المراد بالامر الولایة و ذلك لنقصها و عجزها لان الوالی مأمور بالبروز للقیام بشأن الرعیة و المرأة عورة لا تصلح لذلك فلا یصحّ أن تتولی الامارة و لا القضاء و ان ادعت القدرة علی ذلك فنفس تلك الادعاء دلیل علی عدم قابلیتها.

مَنْ حَرَمَنِی وَ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِی وَ أَنْ یَكُونَ صَمْتِی فِكْراً وَ مَنْطِقِی ذِكْراً وَ نَظَرِی عَبَراً(1).

«9»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: قَیِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ (2).

«10»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا سَادَ الْقَوْمَ فَاسِقُهُمْ وَ كَانَ زَعِیمُ الْقَوْمِ أَذَلَّهُمْ وَ أُكْرِمَ الرَّجُلُ الْفَاسِقُ فَلْیَنْتَظِرِ الْبَلَاءَ.

«11»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: سُرْعَةُ الْمَشْیِ یَذْهَبُ بِبَهَاءِ الْمُؤْمِنِ.

«12»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَزُولُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فِی تُهَمَةِ مَنْ هُوَ بَرِی ءٌ حَتَّی یَكُونَ أَعْظَمَ جُرْماً مِنَ السَّارِقِ (3).

«13»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْجَوَادَ فِی حَقِّهِ.

«14»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِیَارَكُمْ وَ أَغْنِیَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ (4)

وَ أَمْرُكُمْ شُورَی بَیْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَیْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَ أَغْنِیَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَ أُمُورُكُمْ إِلَی نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَیْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا.

«15»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ عِنْدَهُ ثَلَاثٌ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَیْهِ النِّعْمَةُ فِی الدُّنْیَا مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی مُعَافًی فِی بَدَنِهِ آمِناً فِی سَرْبِهِ (5) عِنْدَهُ قُوتُ یَوْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ

ص: 139


1- 1. العبر جمع العبرة و هی الاعتبار و الموعظة.
2- 2. قد كره كتابة الحدیث جمع فی الصدر الأول منهم ابن عبّاس- رضی اللّٰه عنه و استدلوا بقوله صلّی اللّٰه علیه و آله« لا تكتبوا عنی شیئا غیر القرآن» كما رواه مسلم لكن هذه الروایة علی فرض صحتها لا تنافی قوله« قیدوا العلم بالكتاب» لان النهی فیها خاصّ بوقت نزول القرآن و ذلك لخوف أن یشتبه بالقرآن لانه نزل نجوما و لعلّ النهی مقدم و الاذن ناسخ عند أمن اللبس. و بعض المتأخرین من العامّة كره كتابة العلم و علل بان الإنسان ربما یتكل علیها فلا یحفظ شیئا فی ذهنه، و هذا التعلیل علیل جدا.
3- 3. یعنی من سرق ماله قد یتهم زیدا و عمرا و من هو بری ء حتّی صار جرمه أعظم من السارق.
4- 4. السمحاء جمع السامح و هو الجواد.
5- 5. السرب بفتح السین و سكون الراء و الباء الموحدة الوجهة و الطریق و الطریقة یقال فلان آمن فی سربه أی مطمئن فی طریقته و مذهبه و قیل أی فی نفسه.

الرَّابِعَةُ فَقَدْ تَمَّتْ عَلَیْهِ النِّعْمَةُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْإِیمَانُ.

«16»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: ارْحَمُوا عَزِیزاً ذَلَّ وَ غَنِیّاً افْتَقَرَ وَ عَالِماً ضَاعَ فِی زَمَانِ جُهَّالٍ.

«17»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَلَّتَانِ (1)

كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ فِیهِمَا مَفْتُونٌ الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ.

«18»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَی حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْهَا وَ بُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهَا.

«19»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِیَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

«20»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَی كَلَّهُ عَلَی النَّاسِ (2).

«21»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِبَادَةُ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ أَفْضَلُهَا طَلَبُ الْحَلَالِ.

«22»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ لَا یُطَاعُ جَبْراً وَ لَا یُعْصَی مَغْلُوباً وَ لَمْ یُهْمِلِ الْعِبَادَ مِنَ الْمَمْلَكَةِ وَ لَكِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَی مَا أَقْدَرَهُمْ عَلَیْهِ وَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَهُمْ إِیَّاهُ فَإِنَّ الْعِبَادَ إِنِ اسْتَمَرُّوا(3)

بِطَاعَةِ اللَّهِ لَمْ یَكُنْ مِنْهَا مَانِعٌ وَ لَا عَنْهَا صَادٌّ وَ إِنْ عَمِلُوا بِمَعْصِیَةٍ فَشَاءَ أَنْ یَحُولَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهَا فَعَلَ وَ لَیْسَ مَنْ إِنْ شَاءَ أَنْ یَحُولَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ شَیْ ءٍ فَعَلَ وَ لَمْ یَفْعَلْهُ فَأَتَاهُ الَّذِی فَعَلَهُ كَانَ هُوَ الَّذِی أَدْخَلَهُ فِیهِ (4).

«23»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِابْنِهِ إِبْرَاهِیمَ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ لَوْ لَا أَنَّ الْمَاضِیَ فَرَطُ الْبَاقِی وَ أَنَّ الْآخِرَ لَاحِقٌ بِالْأَوَّلِ (5)

لَحَزِنَّا عَلَیْكَ یَا إِبْرَاهِیمُ ثُمَّ دَمَعَتْ عَیْنُهُ وَ قَالَ تَدْمَعُ الْعَیْنُ وَ یَحْزَنُ الْقَلْبُ وَ لَا نَقُولُ إِلَّا مَا یَرْضَی الرَّبُّ وَ إِنَّا بِكَ یَا إِبْرَاهِیمُ لَمَحْزُونُونَ.

ص: 140


1- 1. الخلة- بالفتح- الخصلة.
2- 2. الكل: الثقل و العیال و المئونة.
3- 3. فی بعض نسخ المصدر« ائتمروا» بدون الشرطیة و الایتمار الامتثال.
4- 4. توضیح ذلك أن مجرد القدرة علی الحیلولة بین العبد و فعله لا یدلّ علی كونه تعالی فاعله اذ القدرة علی المنع غیر المنع و لا یوجب اسناد الفعل إلیه سبحانه.
5- 5. الفرط- بفتحتین- السابق الوارد من القوم لیهیئ لهم الدلاء و الارشاء و الحیاض و یستقی و هو فعل بمعنی فاعل مثل تبع بمعنی تابع و منه قوله صلّی اللّٰه علیه و آله« أنا فرطكم علی الحوض» أی متقدمكم و سابقكم إلیه.

«24»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجَمَالُ فِی اللِّسَانِ.

«25»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یُقْبَضُ الْعِلْمُ انْتِزَاعاً مِنَ النَّاسِ وَ لَكِنَّهُ یُقْبَضُ الْعُلَمَاءُ حَتَّی إِذَا لَمْ یَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا اسْتَفْتَوْا فَأَفْتَوْا بِغَیْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا.

«26»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْضَلُ جِهَادِ أُمَّتِی انْتِظَارُ الْفَرَجِ (1).

«27»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مُرُوَّتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَنَا وَ إِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَنَا.

«28»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَغْبَطُ أَوْلِیَائِی عِنْدِی مِنْ أُمَّتِی رَجُلٌ خَفِیفُ الْحَالِ (2)

ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ(3) أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فِی الْغَیْبِ وَ كَانَ غَامِضاً فِی النَّاسِ (4)

وَ كَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَیْهِ إِنْ مَاتَ قَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّ بَوَاكِیهِ (5).

ص: 141


1- 1. أی الترقب و التهیؤ له بحیث یصدق علیه اسم المنتظر و لیس معناه ترك السعی و العمل لانه ینافی معنی الجهاد.
2- 2. الغبطة: حسن الحال و المسرة و أصله من غبطه غبطا إذا عظم نعمة فی عینه و تمنی مثل حاله من غیر أن یرید زوالها عنه، و رجل خفیف الحال یعنی قلیل المال و الحظ من الدنیا. و الأصحّ« خفیف الحاذ» بالذال المعجمة أی خفیف الظهر من العیال كما ذكره اللغویون لكن فی جمیع النسخ« الحال» و لعله تصحیف كما أن فی بعض النسخ من المصدر« حفیف الحال» بالحاء المهملة و هو أیضا بمعنی قلیل المال و المعیشة.
3- 3. فی بعض النسخ« ذو حظ من صلاح».
4- 4. و الغامض الضعیف و الحقیر و أصله المبهم و المخفی، یقال نسب غامض أی لا یعرف و غامضا فی الناس یعنی من كان خفیا عنهم لا یعرف سوی اللّٰه تعالی و مغمورا غیر مشهور.
5- 5. فی المصدر« فصبر علیه و مات-« الخ» و التراث ما تخلفه الرجل لورثته من المیراث و هو مصدر و التاء فیه بدل من الواو و البواكی جمع باكیة، و قلة بواكیه لقلة عیالاته. و للّٰه در من نظم الحدیث فقال: أخص الناس بالایمان عبد***خفیف الحاذ مسكنه القفار له فی اللیل حظ من صلاة***و من صوم إذا طلع النهار و قوت النفس یأتی من كفاف***و كان له علی ذاك اصطبار و فیه عفة و به خمول***الیه بالاصابع لا یشار فذاك قد نجا من كل شر***و لم تمسسه یوم البعث نار و قل الباكیات علیه لما***قضی نحبا و لیس له یسار

«29»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَ لَا وَصَبٍ (1)

وَ لَا حُزْنٍ حَتَّی الْهَمِّ یُهِمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَیِّئَاتِهِ.

«30»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَكَلَ مَا یَشْتَهِی وَ لَبِسَ مَا یَشْتَهِی وَ رَكِبَ مَا یَشْتَهِی لَمْ یَنْظُرِ اللَّهُ إِلَیْهِ حَتَّی یَنْزِعَ أَوْ یَتْرُكَ.

«31»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ السُّنْبُلَةِ تَخِرُّ مَرَّةً وَ تَسْتَقِیمُ مَرَّةً(2)

وَ مَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ لَا یَزَالُ مُسْتَقِیماً لَا یُشْعِرُ وَ سُئِلَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً فِی الدُّنْیَا فَقَالَ النَّبِیُّونَ ثُمَّ الْأَمَاثِلُ فَالْأَمَاثِلُ وَ یُبْتَلَی الْمُؤْمِنُ عَلَی قَدْرِ إِیمَانِهِ وَ حُسْنِ عَمَلِهِ (3) فَمَنْ صَحَّ إِیمَانُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَ مَنْ سَخُفَ إِیمَانُهُ وَ ضَعُفَ عَمَلُهُ قَلَّ بَلَاؤُهُ (4).

«32»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ كَانَتِ الدُّنْیَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ مَا أَعْطَی

ص: 142


1- 1. النصب:- محركة- التعب. و الوصب- محركة- أیضا المرض و الوجع.
2- 2. السنبلة واحدة السنبل من الزرع ما كان فی اعلا سوقه. و الخر السقوط من علو الی سفل. و الأرز شجر عظیم صلب كشجر الصنوبر. شجرة آرزة أی ثابتة و لعلّ المراد به قلب المؤمن و الكافر؛ فان قلب المؤمن لرقته یتقلب أحواله مرة یسهل و مرة یصعب، بخلاف قلب الكافر فانه لا یزال یصعب و هی كالحجارة بل أشدّ قسوة.
3- 3. البلاء ما یختبر و یمتحن به من خیر او شر و أكثر ما یأتی مطلقا الشر و ما أرید به الخیر یأتی مقیدا كما قال تعالی« بَلاءً حَسَناً» و أصله المحسنة و اللّٰه تعالی یبتلی عبده بالصنع الجمیل لیمتحن شكره و بما یكره لیمتحن به صبره. و فی النهایة« فیه أشدّ الناس بلاء الأنبیاء ثمّ الامثل فالامثل» أی الأشرف فالاشرف و الأعلی فالاعلی فی الرتبة و المنزلة. و الاماثل جمع الامثل. و أماثل القوم خیارهم» انتهی.
4- 4. سخف- كقرب- نقص و ضعف.

كَافِراً وَ لَا مُنَافِقاً مِنْهَا شَیْئاً.

«33»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا دُوَلٌ (1)

فَمَا كَانَ لَكَ أَتَاكَ عَلَی ضَعْفِكَ وَ مَا كَانَ مِنْهَا عَلَیْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ وَ مَنِ انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ مِمَّا فَاتَ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ وَ مَنْ رَضِیَ بِمَا قَسَمَهُ اللَّهُ قَرَّتْ عَیْنُهُ.

«34»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا مِنْ عَمَلٍ یُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ نَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَ نَهَیْتُكُمْ عَنْهُ وَ مَا مِنْ عَمَلٍ یُقَرِّبُكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِلَّا وَ قَدْ نَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَ أَمَرْتُكُمْ (2)

بِهِ فَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِینَ نَفَثَ فِی رُوعِی أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّی تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَأَجْمِلُوا فِی الطَّلَبِ وَ لَا یَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ شَیْ ءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ یَطْلُبُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ بِمَعَاصِیهِ فَإِنَّهُ لَا یُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ (3).

«35»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صَوْتَانِ یُبْغِضُهُمَا اللَّهُ إِعْوَالٌ عِنْدَ مُصِیبَةٍ وَ مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ(4).

«36»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلَامَةُ رِضَا اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ رُخْصُ أَسْعَارِهِمْ وَ عَدْلُ سُلْطَانِهِمْ.

ص: 143


1- 1. الدول: جمع الدولة و هی ما یتداول من المال و الغلبة. و الدنیا دول یعنی لا ثبات لها و لا قرار، بل تتغیر فتكون مرة لهذا و مرة لذاك.
2- 2. منقول فی الكافی ج 2- 74 بلفظ أفصح.
3- 3. النفث: الالقاء و الالهام. و الروع بالفتح فالسكون: الفزع و بالضم موضع الفزع أعنی القلب فالمعنی فی الحقیقة واحد الا أن الروع بالفتح اسم للحدث أی الفزع و بالضم اسم للذات أی القلب المفزع. و روح الأمین لقب جبرئیل علیه السلام لانه یوحی و ینفث فی القلب المفزع فیطمئنه و یأمنه من الفزع و الاضطراب. و یستفاد منه أن الإنسان و ان بلغ أقصی مراتب الكمال و قد یعرض علیه ما یفزعه. و قیل: أول موضع قال فیه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ذلك كان فی احدی غزواته لما رأی أصحابه یسرعون الی جمع الغنائم قال« ص» ذلك. و الاجمال فی الطلب ترك المبالغة فیه.
4- 4. العول و العولة بالفتح فالسكون و الاعوال: رفع الصوت بالبكاء. و المزمار: ما یترنم به من الاناشید. و الآلة التی یزمر فیها.

وَ عَلَامَةُ غَضَبِ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ جَوْرُ سُلْطَانِهِمْ وَ غَلَاءُ أَسْعَارِهِمْ (1).

«37»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ كَانَ فِی نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَیْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِیئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ.

«38»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الشُّكْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ التَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ.

«39»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ خَزَائِنُ وَ مَفَاتِیحُهُ السُّؤَالُ فَاسْأَلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّهُ یُؤْجَرُ أَرْبَعَةٌ السَّائِلُ وَ الْمُتَكَلِّمُ وَ الْمُسْتَمِعُ وَ الْمُحِبُّ لَهُمْ.

«40»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: سَائِلُوا الْعُلَمَاءَ وَ خَاطِبُوا الْحُكَمَاءَ وَ جَالِسُوا الْفُقَرَاءَ.

«41»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَ أَفْضَلُ دِینِكُمُ الْوَرَعُ.

«42»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَفْتَی النَّاسَ بِغَیْرِ عِلْمٍ لَعَنَهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ.

«43»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عَظِیمَ الْبَلَاءِ یُكَافَأُ بِهِ عَظِیمُ الْجَزَاءِ فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً ابْتَلَاهُ فَمَنْ رَضِیَ قَلْبُهُ فَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ الرِّضَا وَ مَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ(2).

44 وَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی فَقَالَ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَیْئاً وَ إِنْ حُرِّقْتَ بِالنَّارِ وَ إِنْ عُذِّبْتَ إِلَّا وَ قَلْبُكَ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمَانِ وَ وَالِدَیْكَ فَأَطْعِمْهُمَا وَ

ص: 144


1- 1. الرخص: ضد الغلاء و أصله السهل و الیسر. و الاسعار جمع السعر- بالكسر و هو الثمن.
2- 2.« یكافئ به» علی بناء المفعول أی یجازی أو یساوی. فی القاموس: كافاه مكافأة و كفاء: جازاه، و فلانا ماثله و وافیه.« فاذا أحبّ اللّٰه عبدا» أی أراد أن یوصل الجزاء العظیم إلیه و یرضی عنه و وجده أهلا لذلك ابتلاه بعظیم البلاء من الأمراض الجسمانیة و المكاره الروحانیة.

بَرَّهُمَا حَیَّیْنِ أَوْ مَیِّتَیْنِ فَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَ مَالِكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فَلَا تَدَعْهَا مُتَعَمِّداً فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً فَرِیضَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ ذِمَّةَ اللَّهِ مِنْهُ بَرِیئَةٌ وَ إِیَّاكَ وَ شُرْبَ الْخَمْرِ وَ كُلَّ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُمَا مِفْتَاحَا كُلِّ شَرٍّ.

45 وَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ یُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَیَّةَ فَقَالَ لَهُ إِلَی مَا تَدْعُو النَّاسَ یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَدْعُوا إِلَی اللَّهِ عَلی بَصِیرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی وَ أَدْعُو لی [إِلَی] مَنْ إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ وَ إِنِ اسْتَعَنْتَ بِهِ وَ أَنْتَ مَكْرُوبٌ أَعَانَكَ وَ إِنْ سَأَلْتَهُ وَ أَنْتَ مُقِلٌّ أَغْنَاكَ- فَقَالَ أَوْصِنِی یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ زِدْنِی قَالَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَی لَهُمْ بِهِ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ زِدْنِی فَقَالَ لَا تَسُبَّ النَّاسَ فَتَكْتَسِبَ الْعَدَاوَةَ مِنْهُمْ قَالَ زِدْنِی قَالَ لَا تَزْهَدْ فِی الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِهِ قَالَ زِدْنِی قَالَ تحب [تَحَبَّبْ إِلَی] النَّاسِ یُحِبُّوكَ وَ الْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ وَ لَا تَضْجَرْ فَیَمْنَعَكَ الضَّجَرُ حَظَّكَ مِنَ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْیَا وَ اتَّزِرْ إِلَی نِصْفِ السَّاقِ وَ إِیَّاكَ وَ إِسْبَالَ الْإِزَارِ(1) وَ الْقَمِیصِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَخِیلَةِ وَ اللَّهُ لَا یُحِبُّ الْمَخِیلَةَ.

«46»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الشَّیْخَ الزان [الزَّانِیَ] وَ الْغَنِیَّ الظَّلُومَ وَ الْفَقِیرَ الْمُخْتَالَ وَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ وَ یُحْبِطُ أَجْرَ الْمُعْطِی الْمَنَّانِ وَ یَمْقُتُ الْبَذَخَ الْجَرِی ءَ الْكَذَّابَ (2).

«47»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَفَاقَرَ افْتَقَرَ.

«48»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مُدَارَاةُ النَّاسِ نِصْفُ الْإِیمَانِ وَ الرِّفْقُ بِهِمْ نِصْفُ الْعَیْشِ.

«49»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ فِی غَیْرِ تَرْكِ حَقٍّ وَ مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ لِحْیَتِهِ.

«50»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا نُهِیتُ عَنْ شَیْ ءٍ بَعْدَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مَا نُهِیتُ عَنْ مُلَاحَاةِ الرِّجَالِ (3).

ص: 145


1- 1. یقال: أسبل ازاره إذا أرخاه و أسدله. و المخیلة: الكبر.
2- 2. المختال: المتكبر. و الملحف: الملح فی السؤال. و البذخ: الفخر و الكبر. و الجری علی وزن فعیل من جرأ- ككرم- جراءة و جرأة فهو جری. و المعنی لا یبالی ما قال أو ما قیل فیه.
3- 3. الملاحاة: المنازعة و المخاصمة و المجادلة. و منه« من لاحاك فقد عاداك».

«51»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ مُسْلِماً أَوْ ضَرَّهُ أَوْ مَاكَرَهُ.

«52»- وَ قَامَ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَسْجِدِ الْخَیْفِ فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِی فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ یَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَی مَنْ هُوَ أَفْقَهُ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَی غَیْرِ فَقِیهٍ ثَلَاثٌ لَا یُغِلُّ عَلَیْهِمْ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ (1) إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِیحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ وَ لُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ یَدٌ عَلَی مَنْ سِوَاهُمْ یَسْعَی بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ (2).

«53»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا بَایَعَ الْمُسْلِمُ الذِّمِّیَّ فَلْیَقُلِ اللَّهُمَّ خِرْ لِی وَ لَهُ (3).

«54»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ خَیْراً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ.

«55»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِیهِ اسْتَكْمَلَ خِصَالَ الْإِیمَانِ الَّذِی إِذَا رَضِیَ لَمْ یُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِی بَاطِلٍ وَ إِذَا غَضِبَ لَمْ یُخْرِجْهُ الْغَضَبُ مِنَ الْحَقِّ وَ إِذَا قَدَرَ لَمْ یَتَعَاطَ مَا لَیْسَ لَهُ (4).

«56»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ بَلَغَ حَدّاً فِی غَیْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِینَ (5).

«57»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِی صَلَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِی غَیْرِ صَلَاةٍ وَ ذِكْرُ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وَ الصَّوْمُ حَسَنَةٌ ثُمَّ قَالَ لَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ لَا قَوْلَ وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِیَّةٍ وَ لَا قَوْلَ وَ لَا عَمَلَ وَ لَا نِیَّةَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السُّنَّةِ.

ص: 146


1- 1. الغل- بالكسر- الحقد، و الغل- بالضم- طوق من حدید یجعل فی العنق. و غل غلولا من باب قعد خان فی المغنم.
2- 2. تقدم معناه.
3- 3. یقال: خر لی و اختر لی أی اجعل أمری خیرا و ألهمنی فعله و اختر لی الاصلح. ( مجمع البحرین).
4- 4. لم یتعاط أی لم یأخذ و لم یتناول، و هذا الحدیث أیضا مرویّ فی الكافی فی باب المؤمن و صفاته- ج 2 ص 239-
5- 5. أی من توجه علیه التعزیر فعلی الحاكم أن لا یبلغ به الحد، بل ینقص علی أقل حدود المعزر فإذا بلغ به الحدّ فهو من المعتدین و فی بعض نسخ المصدر« غیر حق» و الظاهر أنه تصحیف.

«58»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَنَاةُ مِنَ اللَّهِ وَ الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّیْطَانِ (1).

«59»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِیُمَارِیَ بِهِ السُّفَهَاءَ(2)

أَوْ یُبَاهِیَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ یَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَیْهِ لِیُعَظِّمُوهُ فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَإِنَّ الرِّئَاسَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ وَ لِأَهْلِهَا وَ مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ فِی غَیْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِی وَضَعَهُ اللَّهُ فِیهِ مَقَّتَهُ اللَّهُ وَ مَنْ دَعَا إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا رَئِیسُكُمْ (3)

وَ لَیْسَ هُوَ كَذَلِكَ لَمْ یَنْظُرِ اللَّهُ إِلَیْهِ حَتَّی یَرْجِعَ عَمَّا قَالَ وَ یَتُوبَ إِلَی اللَّهِ مِمَّا ادَّعَی.

«60»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ لِلْحَوَارِیِّینَ تَحَبَّبُوا إِلَی اللَّهِ وَ تَقَرَّبُوا إِلَیْهِ قَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ بِمَا ذَا نَتَحَبَّبُ إِلَی اللَّهِ وَ نَتَقَرَّبُ قَالَ بِبُغْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِی وَ الْتَمِسُوا رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِهِمْ قَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ فَمَنْ نُجَالِسُ إِذًا قَالَ مَنْ یُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْیَتُهُ وَ یَزِیدُ فِی عَمَلِكِمْ مَنْطِقُهُ وَ یُرَغِّبُكُمْ فِی الْآخِرَةِ عَمَلُهُ.

«61»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَبْعَدُكُمْ بِی شَبَهاً الْبَخِیلُ الْبَذِیُّ الْفَاحِشُ (4).

«62»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ.

«63»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذْ رَأَیْتُمُ الرَّجُلَ لَا یُبَالِی مَا قَالَ أَوْ مَا قِیلَ فِیهِ فَإِنَّهُ لِبَغِیَّةٍ أَوْ شَیْطَانٍ (5).

«64»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَی كُلِّ فَاحِشٍ بَذِیٍّ قَلِیلِ الْحَیَاءِ

ص: 147


1- 1. الاناة- كقناة-: الوقار و الحلم.
2- 2. أی لیجادل و یخاصم، من المراء.
3- 3. فی بعض نسخ المصدر« أنا ولیكم».
4- 4. البذی علی فعیل: الذی تكلم بالفحش. و البذاء: الكلام القبیح.
5- 5. فی بعض نسخ المصدر« لبغی». و فی بعض الكتب« لغیة» و اللام للملكیة المجازیة و هی بكسر المعجمة و تشدید الیاء المفتوحة المثناة من تحت: الضلال، یقال: إنّه ولد غیة أی ولد زنا، و الغیی كالغنی: الدنی الساقط عن الاعتبار. و لعلّ ما فی المتن تصحیف هنا و ما یأتی.

لَا یُبَالِی مَا قَالَ وَ مَا قِیلَ فِیهِ أَمَا إِنَّهُ إِنْ تَنْسُبْهُ (1)

لَمْ تَجِدْهُ إِلَّا لِبَغْیٍ أَوْ شِرْكِ شَیْطَانٍ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ فِی النَّاسِ شَیَاطِینُ قَالَ نَعَمْ أَ وَ مَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2).

«65»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَنْفَعْهُ یَنْفَعْكَ وَ مَنْ لَا یُعِدَّ الصَّبْرَ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ یَعْجِزْ وَ مَنْ قَرَضَ النَّاسَ قَرَضُوهُ وَ مَنْ تَرَكَهُمْ لَمْ یَتْرُكُوهُ (3)

قِیلَ فَأَصْنَعُ مَا ذَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَقْرِضْهُمْ مِنْ عِرْضِكَ لِیَوْمِ فَقْرِكَ (4).

«66»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَی خَیْرِ أَخْلَاقِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِی مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ-.

«67»- وَ خَرَجَ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً وَ قَوْمٌ یُدَحْرِجُونَ حَجَراً فَقَالَ أَشَدُّكُمْ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ أَحْمَلُكُمْ مَنْ عَفَا بَعْدَ الْمَقْدُرَةِ(5).

«68»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ هَذَا دِینٌ أَرْتَضِیهِ لِنَفْسِی وَ لَنْ یُصْلِحَهُ إِلَّا السَّخَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ فَأَكْرِمُوهُ بِهِمَا مَا صَحِبْتُمُوهُ.

«69»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْضَلُكُمْ إِیمَاناً أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً.

«70»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْخُلُقِ یَبْلُغُ بِصَاحِبِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ فَقِیلَ لَهُ مَا أَفْضَلُ مَا أُعْطِیَ الْعَبْدُ قَالَ حُسْنُ الْخُلُقِ.

«71»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْخُلُقِ یُثْبِتُ الْمَوَدَّةَ.

72 وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْبِشْرِ یَذْهَبُ بِالسَّخِیمَةِ(6).

ص: 148


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« ان تبینه».
2- 2. سورة الإسراء آیة 66.
3- 3. قرض فلانا: مدحه أو ذمه. و أقرضه أی أعطاه قرضا.
4- 4. العرض بالفتح: المتاع یقال: اشتریت المتاع بعرض أی بمتاع مثله.
5- 5. یقال: دحی الحجر بیده أی رمی به. و فی بعض نسخ المصدر« یدحرجون». و أحمله أی أعانه و یمكن أن یقرأ« أحلمكم» بتقدیم اللام.
6- 6. السخیمة: الضغینة و الحقد الموجدة فی النفس من السخمة و هی السواد.

«73»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خِیَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً الَّذِینَ یَأْلِفُونَ وَ یُؤْلَفُونَ.

«74»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَیْدِی ثَلَاثَةٌ سَائِلَةٌ وَ مُنْفِقَةٌ وَ مُمْسِكَةٌ وَ خَیْرُ الْأَیْدِی الْمُنْفِقَةُ.

«75»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَیَاءُ حَیَاءَانِ حَیَاءُ عَقْلٍ وَ حَیَاءُ حُمْقٍ فَحَیَاءُ الْعَقْلِ الْعِلْمُ وَ حَیَاءُ الْحُمْقِ الْجَهْلُ.

«76»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَلْقَی جِلْبَابَ الْحَیَاءِ لَا غِیبَةَ لَهُ.

«77»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَلْیَفِ إِذَا وَعَدَ.

«78»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَمَانَةُ تَجْلِبُ الرِّزْقَ وَ الْخِیَانَةُ تَجْلِبُ الْفَقْرَ.

«79»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: نَظَرُ الْوَلَدِ إِلَی وَالِدَیْهِ حُبّاً لَهُمَا عِبَادَةٌ.

«80»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: جَهْدُ الْبَلَاءِ أَنْ یُقَدَّمَ الرَّجُلُ فَتُضْرَبَ رَقَبَتُهُ صَبْراً-(1)

وَ الْأَسِیرُ مَا دَامَ فِی وَثَاقِ الْعَدُوِّ وَ الرَّجُلُ یَجِدُ عَلَی بَطْنِ امْرَأَتِهِ رَجُلًا.

«81»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ خَدِینُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الْعَقْلُ دَلِیلُهُ وَ الصَّبْرُ أَمِیرُ جُنُودِهِ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ الْبَرُّ أَخُوهُ وَ النَّسَبُ آدَمُ وَ الْحَسَبُ التَّقْوَی وَ الْمُرُوَّةُ إِصْلَاحُ الْمَالِ (2).

82 وَ جَاءَهُ رَجُلٌ بِلَبَنٍ وَ عَسَلٍ لِیَشْرَبَهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله شَرَابَانِ یُكْتَفَی بِأَحَدِهِمَا عَنْ صَاحِبِهِ أَشْرَبُهُ وَ لَا أُحَرِّمُهُ وَ لَكِنِّی أَتَوَاضَعُ لِلَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ مَنْ تَكَبَّرَ یَضَعُهُ اللَّهُ وَ مَنِ اقْتَصَدَ فِی مَعِیشَتِهِ رَزَقَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللَّهُ (3)

وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّهِ آجَرَهُ اللَّهُ.

ص: 149


1- 1. الجهد: المشقة و الصبر أصله الحبس. یقال: قتل صبرا أی حبس علی القتل او قتل مكتوفا مغلولا لا یمكنه أن یدافع.
2- 2. الخدین. الصدیق و الرفیق من خادنه أی صادقه و صاحبه. یعنی ان من نسبه ینتهی الی آدم و آدم من طین، فلا یفتخر به. و المروة أصله المروءة فتقلب الهمزة واوا و تدغم و المعنی كمال الرجولیة. و نقل عن الشهید( ره) فی الدروس أنّه قال:« المروءة تنزیه النفس عن الدناءة التی لا یلیق بها».
3- 3. بذر من التبذیر و هو تفریق المال فی غیر القصد.

«83»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقْرَبُكُمْ مِنِّی غَداً فِی الْمَوْقِفِ أَصْدَقُكُمْ لِلْحَدِیثِ وَ آدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ وَ أَوْفَاكُمْ بِالْعَهْدِ وَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ.

«84»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا مُدِحَ الْفَاجِرُ اهْتَزَّ الْعَرْشُ وَ غَضِبَ الرَّبُّ.

85 وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا الْحَزْمُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله تُشَاوِرُ امْرَأً ذَا رَأْیٍ ثُمَّ تُطِیعُهُ.

«86»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یَوْماً أَیُّهَا النَّاسُ مَا الرَّقُوبُ فِیكُمْ قَالُوا الرَّجُلُ یَمُوتُ وَ لَمْ یَتْرُكْ وَلَداً(1)

فَقَالَ بَلِ الرَّقُوبُ حَقُّ الرَّقُوبِ رَجُلٌ مَاتَ وَ لَمْ یُقَدِّمْ مِنْ وُلْدِهِ أَحَداً یَحْتَسِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنْ كَانُوا كَثِیراً بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ مَا الصُّعْلُوكُ فِیكُمْ قَالُوا الرَّجُلُ الَّذِی لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ

بَلِ الصُّعْلُوكُ حَقُّ الصُّعْلُوكِ مَنْ لَمْ یُقَدِّمْ مِنْ مَالِهِ شَیْئاً یَحْتَسِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنْ كَانَ كَثِیراً مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ قَالَ مَا الصُّرَعَةُ فِیكُمْ قَالُوا الشَّدِیدُ الْقَوِیُّ الَّذِی لَا یُوضَعُ جَنْبُهُ فَقَالَ بَلِ الصُّرَعَةُ حَقُّ الصُّرَعَةِ رَجُلٌ وَكَزَ الشَّیْطَانُ فِی قَلْبِهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ ظَهَرَ دَمُهُ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ فَصَرَعَ بِحِلْمِهِ غَضَبَهُ.

«14»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَمِلَ عَلَی غَیْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا یُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا یُصْلِحُ.

«88»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْجُلُوسُ فِی الْمَسْجِدِ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ یُحْدِثْ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا یُحْدِثُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله الِاغْتِیَابُ.

«89»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّائِمُ فِی عِبَادَةٍ وَ إِنْ كَانَ نَائِماً عَلَی فِرَاشِهِ مَا لَمْ یَغْتَبْ مُسْلِماً.

«90»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَذَاعَ فَاحِشَةً(2) كَانَ كَمُبْدِئِهَا وَ مَنْ عَیَّرَ مُؤْمِناً بِشَیْ ءٍ لَمْ یَمُتْ حَتَّی یَرْكَبَهُ.

«91»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثَةٌ وَ إِنْ لَمْ تَظْلِمْهُمْ ظَلَمُوكَ السَّفِلَةُ وَ زَوْجَتُكَ وَ خَادِمُكَ (3).

ص: 150


1- 1. الرقوب وزان رسول الذی یراقب، من الرقبة بمعنی الانتظار و المرأة التی تراقب موت زوجها او ولدها فترثه. و الصعلوك: الفقیر. و الصرعة بضم الأول و فتح الثانی و الثالث: الذی یصرع الناس و بالغ فی الصرع، من صرعه أی طرحه علی الأرض. و الوكز: الركز. یقال: وكزه فی الأرض أی ركزه و غرزه فیه.
2- 2. الإذاعة: الانتشار.
3- 3. أی و لو لم تظلمهم أنت لكن ظلموك لدناءة أخلاقهم و نقصان عقولهم.

«92»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ.

93 وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَغْضَبْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ ثُمَّ قَالَ لَیْسَ الشَّدِیدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِیدُ الَّذِی یَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ.

«94»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِینَ إِیمَاناً أَحْسَنُهُمْ أَخْلَاقاً.

«95»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا كَانَ الرِّفْقُ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا زَانَهُ وَ لَا كَانَ الْخُرْقُ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا شَانَهُ (1).

«96»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْكِسْوَةُ تُظْهِرُ الْغِنَی وَ الْإِحْسَانُ إِلَی الْخَادِمِ یُكْبِتُ الْعَدُوَّ.

«97»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أُمِرْتُ بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أُمِرْتُ بِتَبْلِیغِ الرِّسَالَةِ.

«98»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اسْتَعِینُوا عَلَی أُمُورِكُمْ بِالْكِتْمَانِ فَإِنَّ كُلَّ ذِی نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ.

«99»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ نِصْفَانِ نِصْفٌ فِی الصَّبْرِ وَ نِصْفٌ فِی الشُّكْرِ.

«100»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِیمَانِ.

«101»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَكْلُ فِی السُّوقِ دَنَاءَةٌ.

«102»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَوَائِجُ إِلَی اللَّهِ وَ أَسْبَابُهَا فَاطْلُبُوهَا إِلَی اللَّهِ بِهِمْ فَمَنْ أَعْطَاكُمُوهَا فَخُذُوهَا عَنِ اللَّهِ بِصَبْرٍ.

«103»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ لَا یَقْضِی اللَّهُ عَلَیْهِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَیْراً لَهُ سَرَّهُ أَوْ سَاءَهُ إِنِ ابْتَلَاهُ كَانَ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ وَ إِنْ أَعْطَاهُ وَ أَكْرَمَهُ كَانَ قَدْ حَبَاهُ (2).

«104»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی وَ الْآخِرَةُ أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْغِنَی فِی قَلْبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ وَ لَمْ یَخْرُجْ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ وَ مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَی

ص: 151


1- 1. الخرق بضم الخاء المعجمة: ضد الرفق. و فی الحدیث« الخرق شؤم و الرفق یمن» من خرقه خرقا من باب تعب إذا فعله فلم یرفق به فهو أخرق و الأنثی خرقاء و الاسم، الخرق بالضم فالسكون.
2- 2. حباه ای اعطاه.

وَ الدُّنْیَا أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ الْفَقْرَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ شَتَّتَ عَلَیْهِ أَمْرَهُ وَ لَمْ یَنَلْ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا مَا قُسِّمَ لَهُ.

105 وَ قَالَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ جَمَاعَةِ أُمَّتِهِ فَقَالَ جَمَاعَةُ أُمَّتِی أَهْلُ الْحَقِّ وَ إِنْ قَلُّوا(1).

«106»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَی عَمَلٍ ثَوَاباً فَهُوَ مُنْجِزٌ لَهُ وَ مَنْ أَوْعَدَهُ عَلَی عَمَلٍ عِقَاباً فَهُوَ فِیهِ بِالْخِیَارِ.

«107»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِی أَخْلَاقاً قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقاً وَ أَعْظَمُكُمْ حِلْماً وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَ أَشَدُّكُمْ إِنْصَافاً مِنْ نَفْسِهِ فِی الْغَضَبِ وَ الرِّضَا.

«108»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّائِمِ الصَّامِتِ (2).

«109»- وَ قَالَ: وُدُّ الْمُؤْمِنِ فِی اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِیمَانِ وَ مَنْ أَحَبَّ فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ وَ أَعْطَی فِی اللَّهِ وَ مَنَعَ فِی اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَصْفِیَاءِ اللَّهِ.

«110»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَی اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْفَعُهُمْ لِعِبَادِهِ وَ أَقْوَمُهُمْ بِحَقِّهِ الَّذِینَ یُحَبِّبُ إِلَیْهِمُ الْمَعْرُوفَ وَ فِعَالَهُ.

«111»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَتَی إِلَیْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ (3) وَ إِنْ لَمْ تَجِدُوا فَأَثْنُوا فَإِنَّ الثَّنَاءَ جَزَاءٌ.

«112»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ حُرِمَ الرِّفْقَ فَقَدْ حُرِمَ الْخَیْرَ كُلَّهُ.

«113»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تُمَارِ أَخَاكَ (4) وَ لَا تُمَازِحْهُ وَ لَا تَعِدْهُ فَتُخْلِفَهُ.

«114»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحُرُمَاتُ الَّتِی تَلْزَمُ كُلَّ مُؤْمِنٍ رِعَایَتُهَا وَ الْوَفَاءُ بِهَا حُرْمَةُ الدِّینِ وَ حُرْمَةُ الْأَدَبِ وَ حُرْمَةُ الطَّعَامِ.

ص: 152


1- 1. السؤال عن كمیة الجماعة.
2- 2. یقال: رجل طاعم ای حسن الحال فی المطعم. و المراد به هنا المفطر.
3- 3. فكافئوه ای جازوه من كافأ الرجل مكافأة بمعنی جازاه.
4- 4. المراء: الجدال.

«115»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُؤْمِنُ دَعِبٌ لَعِبٌ وَ الْمُنَافِقُ قَطِبٌ وَ غَضِبٌ (1).

«116»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَی تَقْوَی اللَّهِ الْغِنَی.

«117»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَعْجَلُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْیُ.

«118»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْهَدِیَّةُ عَلَی ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ هَدِیَّةُ الْمُكَافَاةِ وَ هَدِیَّةُ مُصَانَعَةٍ وَ هَدِیَّةٌ لِلَّهِ.

«119»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: طُوبَی لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةً حَاضِرَةً لِمَوْعُودٍ لَمْ یَرَهُ.

«120»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ (2) فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ.

«121»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: كَیْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ وَ فَسَقَ شُبَّانُكُمْ (3)

وَ لَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ لَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قِیلَ لَهُ وَ یَكُونُ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ وَ كَیْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بالمعروف [بِالْمُنْكَرِ] وَ نَهَیْتُمْ عَنِ المنكر [الْمَعْرُوفِ] قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ یَكُونُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ وَ كَیْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَیْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَ الْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً.

«122»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا تَطَیَّرْتَ فَامْضِ وَ إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَقْضِ وَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ.

«123»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِی تِسْعٌ الْخَطَاءُ وَ النِّسْیَانُ (4)

وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَیْهِ

ص: 153


1- 1. الدعب- ككتف- اللاعب و الممازح. و القطب أیضا- ككتف- العبوس و الذی زوی ما بین عینیه و كلح.
2- 2. من أجله ای من عمره.
3- 3. فی بعض نسخ المصدر« شبابكم» و فی اللغة: الشباب بالفتح و التخفیف و الشبان بالضم و التشدید: جمع الشاب.
4- 4. قیل الخطأ و النسیان مرفوع إثمهما لا حكمهما اذ حكمهما من الضمان لا یرتفع. و قوله« و ما اكرهوا علیه» یستثنی منه القتل، و فیه نظر، و المسألة معنونة فی كتب أصول الفقه مبحث أصل البراءة مشروحة. و الطیرة بكسر الطاء، و فتح الیاء و سكونها-: ما یتشأم به من الفأل الردی. اصله من الطیر، لان أكثر تشأم العرب كان به خصوصا الغراب و كان ذلك یصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع حتّی روی ان الطیرة شرك و انما یذهبه التوكل. و المراد برفع المؤاخذة عن الحسد هو ما لم یظهره الحاسد كما ورد فی الاخبار« ان المؤمن لا یظهر الحسد»، فالظاهر ان جملة« ما لم ینطق بشفة و لا لسان» قید للثلاثة الأخیرة و یؤیده ما فی الكافی ج 2 ص 463« قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله:« وضع عن امتی تسع خصال: الخطاء و النسیان و ما لا یعلمون و ما لا یطیقون و ما اضطروا إلیه و ما استكرهوا علیه و الطیرة و الوسوسة فی التفكر فی الخلق و الحسد ما لم یظهر بلسان أو ید». و یحتمل ان یكون المراد بالتفكر فی الوسوسة التفكر فیما یوسوس الشیطان فی النفس من أحوال المخلوقین و سوء الظنّ به فی أعمالهم و أحوالهم. و یمكن أن یكون فیه تقدیم و تأخیر من النسّاخ و الصحیح:« و الوسوسة فی التفكر فی الخلق» كما فی الكافی و كما قیل:« وسوسة الشیطان للإنسان عند تفكره فی أمر الخلقة» و روی« ثلاث لم یسلم منها أحد: الطیرة و الحسد و الظنّ». الخبر». و أعلم ان هذه الموارد لا بدّ أن تكون فی صورة التی لا یستقل العقل بقبحها كما إذا كان مقدماتها حصلت بید المكلف و تكون من قبله، حتی تكون رفعها منة علی الأمة. و نظیرها قوله تعالی فی آخر سورة البقرة« رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَیْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ- الآیة» و تفصیلها تطلب فی مبحث أصل البراءة من كتب أصول الفقه.

وَ مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ مَا لَا یُطِیقُونَ وَ مَا اضْطُرُّوا إِلَیْهِ وَ الْحَسَدُ وَ الطِّیَرَةُ وَ التَّفَكُّرُ فِی الْوَسْوَسَةِ فِی الْخَلْقِ مَا لَمْ یَنْطِقْ بِشَفَةٍ وَ لَا لِسَانٍ.

«124»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَحْزَنُ أَحَدُكُمْ أَنْ تُرْفَعَ عَنْهُ الرُّؤْیَا فَإِنَّهُ إِذَا رَسَخَ فِی الْعِلْمِ رُفِعَتْ عَنْهُ الرُّؤْیَا.

«125»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِی إِذَا صَلَحَا صَلَحَتْ أُمَّتِی وَ إِذَا فَسَدَا فَسَدَتْ أُمَّتِی قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ هُمْ قَالَ الْفُقَهَاءُ وَ الْأُمَرَاءُ.

«126»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلًا أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَ أَطْوَعُهُمْ لَهُ وَ أَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا أَخْوَفُهُمْ لِلسُّلْطَانِ وَ أَطْوَعُهُمْ لَهُ.

ص: 154

«127»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: ثَلَاثَةٌ مُجَالَسَتُهُمْ تُمِیتُ الْقَلْبَ الْجُلُوسُ مَعَ الْأَنْذَالِ (1)

وَ الْحَدِیثُ مَعَ النِّسَاءِ وَ الْجُلُوسُ مَعَ الْأَغْنِیَاءِ.

«128»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَی أُمَّةٍ لَمْ یَنْزِلِ الْعَذَابَ عَلَیْهِمْ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تِجَارَتُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا(2)

وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَیْهَا أَشْرَارُهَا.

«129»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَثُرَ الزِّنَی بَعْدِی كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ(3)

وَ إِذَا طُفِّفَ الْمِكْیَالُ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِینَ وَ النَّقْصِ وَ إِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ مَنَعَتِ الْأَرْضُ بَرَكَاتِهَا مِنَ الزَّرْعِ وَ الثِّمَارِ وَ الْمَعَادِنِ وَ إِذَا جَارُوا فِی الْحُكْمِ تَعَاوَنُوا عَلَی الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا الْعُهُودَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ إِذَا قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ وَ إِذَا لَمْ یَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ لَمْ یَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لَمْ یَتَّبِعُوا الْأَخْیَارَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ أَشْرَارَهُمْ فَیَدْعُو عِنْدَ ذَلِكَ خِیَارُهُمْ فَلَا یُسْتَجَابُ لَهُمْ.

«130»- وَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَیْهِ وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْكَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ(4) قَالَ مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ انْقَطَعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَی

ص: 155


1- 1. الانذال- جمع النذل. و النذل: الخسیس و المحتقر فی جمیع احواله. و فی بعض النسخ هكذا« قال صلّی اللّٰه علیه و آله: ثلاثة مجالستهم تمیت القلب: الجلوس مع الأغنیاء و الجلوس مع الانذال، و الحدیث مع النساء». و رواه الكلینی فی الكافی ج 2 ص 141 كما فی المتن.
2- 2. غزر الماء- بالضم- ای كثر.
3- 3. الفجأة مصدر ای ما فاجأك یعنی ما جاءك بغتة من غیر أن تشعر به. الطفیف: النقصان و القلیل و الخسیس. و السنین: الجدب و القحط و قلة الامطار و المیاه. و المراد بالنقص نقص ریع الأرض من الحبوب و الثمرات قال اللّٰه تعالی فی سورة الأعراف- 127« وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّكَّرُونَ».
4- 4. سورة طه: 131.

الدُّنْیَا(1)

وَ مَنْ مَدَّ عَیْنَیْهِ إِلَی مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ مِنْ دُنْیَاهُمْ طَالَ حُزْنُهُ وَ مَنْ سَخِطَ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ رِزْقِهِ وَ تَنَغَّصَ عَلَیْهِ عَیْشُهُ (2) وَ لَمْ یَرَ أَنَّ لِلَّهِ عَلَیْهِ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ أَوْ مَشْرَبٍ فَقَدْ جَهِلَ وَ كَفَرَ نِعَمَ اللَّهِ وَ ضَلَّ سَعْیُهُ وَ دَنَا مِنْهُ عَذَابُهُ-.

«131»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُسْلِماً فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ الْإِسْلَامُ عُرْیَانٌ وَ لِبَاسُهُ التَّقْوَی وَ شِعَارُهُ الْهُدَی (3) وَ دِثَارُهُ الْحَیَاءُ وَ مِلَاكُهُ الْوَرَعُ وَ كَمَالُهُ الدِّینُ وَ ثَمَرَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ أَسَاسٌ وَ أَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (4).

«132»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ طَلَبَ رِضَا مَخْلُوقٍ بِسَخَطِ الْخَالِقِ سَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ ذَلِكَ الْمَخْلُوقَ.

«133»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ عَبِیداً مِنْ خَلْقِهِ لِحَوَائِجِ النَّاسِ یَرْغَبُونَ فِی الْمَعْرُوفِ وَ یَعُدُّونَ الْجُودَ مَجْداً وَ اللَّهُ یُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.

ص: 156


1- 1. المراد ان من لم یصبر و لم یتسل نفسه بما عند اللّٰه من الاجور و الدرجات الرفیعة و غیر ذلك انقطعت نفسه حسرة علی الدنیا و ما فیها.
2- 2. یقال: تنغص علیه عیشه ای تكدر. و انغص: منع نصیبه، من نغص ای لم یتم له مراده و عیشه.
3- 3. الشعار- بالكسر-: ما یلی شعر الجسد. و الدثار- بالكسر- ما یتدثر به الإنسان من كساء او غیره فالشعار تحت الدثار و الدثار فوق الشعار. و الهدی- بالضم-: الرشاد.
4- 4. یعنی بیت النبوّة و ذلك لطهارة نفوسهم و حیاتهم، قال اللّٰه عزّ و جلّ فی سورة الأحزاب« إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً» ذلك البیت أسسه اللّٰه تعالی و جعل اهله طاهرا مطهرا معصوما معیارا لیكونوا المیزان و المقتدی لمجتمع العالم الإسلامی فیجب علی المسلمین حبهم و الاقتداء بهم حتّی ینالوا السعادة و الكمال فی الدنیا و الآخرة و لا یبعد شمولها لغیرهم ممن اتصفوا بصفاتهم و اخلاقهم علی حسب درجات ایمانهم كقول رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لسلمان الفارسیّ:« سلمان منا أهل البیت». قال اللّٰه العزیز فی سورة إبراهیم نقلا عن قوله:« فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی».

«134»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً یَفْزَعُ إِلَیْهِمُ النَّاسُ فِی حَوَائِجِهِمْ أُولَئِكَ هُمُ الْآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

«135»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْمُؤْمِنَ یَأْخُذُ بِأَدَبِ اللَّهِ إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَیْهِ اتَّسَعَ وَ إِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ أَمْسَكَ.

«136»- وَ قَالَ: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ- لَا یُبَالِی الرَّجُلُ مَا تَلِفَ مِنْ دِینِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْیَاهُ.

«137»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ قُلُوبَ عِبَادِهِ عَلَی حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَیْهَا وَ بُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَیْهَا.

«138»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِی خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُنَّ قَالَ إِذَا أَخَذُوا الْمَغْنَمَ دُوَلًا(1)

وَ الْأَمَانَةَ مَغْنَماً وَ الزَّكَاةَ مَغْرَماً وَ أَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَ عَقَّ أُمَّهُ وَ بَرَّ صَدِیقَهُ وَ جَفَا أَبَاهُ وَ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ فِی الْمَسَاجِدِ وَ أُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَ كَانَ زَعِیمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَ إِذَا لُبِسَ الْحَرِیرُ وَ شُرِبَتِ الْخَمْرُ وَ اتُّخِذَ الْقِیَانُ وَ الْمَعَازِفُ (2) وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْیَرْقُبُوا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ خِصَالٍ رِیحاً حَمْرَاءَ وَ مَسْخاً وَ فَسْخاً.

«139»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ.

«140»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یَأْتِی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ یَكُونُ النَّاسُ فِیهِ ذِئَاباً فَمَنْ لَمْ یَكُنْ ذِئْباً أَكَلَتْهُ الذِّئَابُ.

«141»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقَلُّ مَا یَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ أَخٌ یُوثَقُ بِهِ أَوْ دِرْهَمٌ مِنْ حَلَالٍ (3).

ص: 157


1- 1. فی بعض النسخ« إذا اكلوا» و المغنم الغنیمة. و الدول جمع دولة و هو ما یتداول فیكون مرة لهذا و مرة لذاك، فتطلق علی المال.
2- 2. القیان- جمع القینة-: المغنیة. و المعازف جمع معزف: و هی من آلات الطرب كالطنبور و العود و نحوه من عزف بمعنی صوت و غنی.
3- 3. أی لا یكون فی آخر الزمان شی ء أقل منهما.

«142»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: احْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِ (1).

«143»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّمَا یُدْرَكُ الْخَیْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ وَ لَا دِینَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ.

«144»- وَ أَثْنَی قَوْمٌ بِحَضْرَتِهِ عَلَی رَجُلٍ حَتَّی ذَكَرُوا جَمِیعَ خِصَالِ الْخَیْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ عَقْلُ الرَّجُلِ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ نُخْبِرُكَ عَنْهُ بِاجْتِهَادِهِ فِی الْعِبَادَةِ وَ أَصْنَافِ الْخَیْرِ تَسْأَلُنَا(2) عَنْ عَقْلِهِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ الْأَحْمَقَ یُصِیبُ بِحُمْقِهِ أَعْظَمَ مِنْ فُجُورِ الْفَاجِرِ وَ إِنَّمَا یَرْتَفِعُ الْعِبَادُ غَداً فِی الدَّرَجَاتِ وَ یَنَالُونَ الزُّلْفَی مِنْ رَبِّهِمْ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

«145»- وَ قَالَ: قَسَمَ اللَّهُ الْعَقْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَمَنْ كُنَّ فِیهِ كَمَلَ عَقْلُهُ وَ مَنْ لَمْ تَكُنَّ فِیهِ فَلَا عَقَلَ لَهُ حُسْنُ الْمَعْرِفَةِ لِلَّهِ وَ حُسْنُ الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَ حُسْنُ الصَّبْرِ عَلَی أَمْرِ اللَّهِ-.

«146»- وَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ رَجُلٌ نَصْرَانِیٌّ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَ كَانَ فِیهِ بَیَانٌ وَ لَهُ وَقَارٌ وَ هَیْبَةٌ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْقَلَ هَذَا النَّصْرَانِیَّ فَزَجَرَ الْقَائِلَ وَ قَالَ مَهْ إِنَّ الْعَاقِلَ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَ عَمِلَ بِطَاعَتِهِ (3).

«147»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ خَلِیلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الْعَقْلُ دَلِیلُهُ وَ الْعَمَلُ قَیِّمُهُ وَ الصَّبْرُ أَمِیرُ جُنُودِهِ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ الْبِرُّ أَخُوهُ وَ النَّسَبُ آدَمُ وَ الْحَسَبُ التَّقْوَی وَ الْمُرُوَّةُ إِصْلَاحُ الْمَالِ.

«148»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَقَدَّمَتْ إِلَیْهِ یَدٌ كَانَ عَلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ أَنْ یُكَافِئَ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَالثَّنَاءُ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ.

«149»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: تَصَافَحُوا فَإِنَّ التَّصَافُحَ یُذْهِبُ السَّخِیمَةَ(4).

«150»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَی كُلِّ خَصْلَةٍ وَ لَا یُطْبَعُ عَلَی الْكَذِبِ وَ لَا عَلَی الْخِیَانَةِ.

ص: 158


1- 1. الاحتراس و التحرس: التحفظ من حرسه حرسا ای حفظه.
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« تسأله».
3- 3.« مه» بالفتح- اسم فعل بمعنی انكفف.
4- 4. التصافح: المصافحة. و السخیمة: الضغینة و الحقد.

«151»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْماً وَ رُوِیَ حِكْمَةً وَ إِنَّ مِنَ الْبَیَانِ سِحْراً.

«152»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَبِی ذَرٍّ أَیُّ عُرَی الْإِیمَانِ أَوْثَقُ قَالَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ الْمُوَالاةُ فِی اللَّهِ وَ الْمُعَادَةُ فِی اللَّهِ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِی اللَّهِ.

«153»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ (1) وَ رِضَاهُ بِمَا قَضَی اللَّهُ وَ مِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ (2) تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ وَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَی اللَّهُ.

«154»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: النَّدَمُ تَوْبَةٌ.

«155»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ حَرَامَهُ.

«156»- وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِی فَقَالَ لَهُ احْفَظْ لِسَانَكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی قَالَ احْفَظْ لِسَانَكَ ثُمَّ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی فَقَالَ وَیْحَكَ وَ هَلْ یَكُبُّ النَّاسَ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ (3).

«157»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِی مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ الصَّدَقَةُ الْخَفِیَّةُ تُطْفِئُ غَضَبَ اللَّهِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ زِیَادَةٌ فِی الْعُمُرِ وَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِی الدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِی الْآخِرَةِ وَ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِی الدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِی الْآخِرَةِ وَ أَوَّلُ مَنْ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ.

«158»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَی عَبْدِهِ أَنْ یَرَی أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَیْهِ وَ یُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَ التَّبَؤُّسَ (4).

ص: 159


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« استخارة اللّٰه».
2- 2. الشقوة: الشقاوة. و السخط: ضد الرضا. و سخط علیه ای غضب علیه.
3- 3. یقال: كب علی وجهه: ای صرعه و قلبه. و المناخر جمع المنخر بفتح المیم و الخاء: و هو الانف من نخر- بالفتح- ای مد الصوت و النفس فی خیاشیمه. و الحصائد جمع الحصد و الحصید و الحصیدة-: من حصد الزرع ای قطع و حصائد السنتهم: ما یقولونه من الكلام فی حقّ الغیر، لانه حصد به.
4- 4. تباءس أی تفاقر و أری تخشع الفقراء اخباتا و تضرعا.

«159»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ وَ الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَیْشِ.

«160»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَ تَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ وَ الْأَمَلُ (1).

«161»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَیَاءُ مِنَ الْإِیمَانِ.

«162»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ لَمْ تَزُلْ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّی یُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِیمَ أَفْنَاهُ وَ عَنْ شَبَابِهِ فِیمَ أَبْلَاهُ وَ عَمَّا اكْتَسَبَهُ مِنْ أَیْنَ اكْتَسَبَهُ وَ فِیمَ أَنْفَقَهُ وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (2).

«163»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ یَظْلِمْهُمْ وَ حَدَّثَهُمْ فَلَمْ یَكْذِبْهُمْ وَ وَعَدَهُمْ فَلَمْ یُخْلِفْهُمْ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَتْ مُرُوَّتُهُ-(3) وَ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ وَ وَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ (4)وَ حَرُمَتْ غِیبَتُهُ.

«164»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُؤْمِنُ حَرَامٌ كُلُّهُ عِرْضُهُ وَ مَالُهُ وَ دَمُهُ.

«165»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلَامِ.

«166»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.

«167»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ الْغِنَی مِنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ (5) وَ لَكِنَّ الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ.

«168»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: تَرْكُ الشَّرِّ صَدَقَةٌ.

«169»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ تَلْزَمُ كُلَّ ذِی حِجًی وَ عَقْلٍ (6) مِنْ أُمَّتِی قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُنَّ قَالَ اسْتِمَاعُ الْعِلْمِ وَ حِفْظُهُ وَ نَشْرُهُ وَ الْعَمَلُ بِهِ.

«170»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مِنَ الْبَیَانِ سِحْراً وَ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا وَ مِنَ الْقَوْلِ عِیّاً(7).

ص: 160


1- 1. یعنی: ان ابن آدم إذا كبر و ضعفت غرائزه و خلقته قوی فیه الحرص و الامل.
2- 2. السؤال عی المحبة لأنّها أساس الإسلام و الدین. و قد مضی بیانه.
3- 3. المروة أصله المروءة. تقلب الهمزة واوا و تدغم.
4- 4.« و وجبت أخوته» فی المصدر« وجب أجره» و لعلّ ما فی المتن هو الصواب.
5- 5. العرض- محركة- المتاع و حطام الدنیا.
6- 6. الحجی بالكسر و القصر: العقل و الفطنة. و أصله الستر.
7- 7. عیی فی المنطق: حصر. و عیا تعییة الرجل: أتی بكلام لا یهتدی إلیه. و قیل: العی: التحیر فی الكلام و بالفتح العجز و عدم الاهتداء بوجه مراده. و فی بعض نسخ المصدر« غیا» بالغین المعجمة مصدر من باب ضرب أی ضل و خاب و هلك، و الغیة بالفتح و الكسر: الضلال.

«171»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: السُّنَّةُ سُنَّتَانِ سُنَّةٌ فِی فَرِیضَةٍ الْأَخْذُ بَعْدِی بِهَا هُدًی وَ تَرْكُهَا ضَلَالَةٌ وَ سُنَّةٌ فِی غَیْرِ فَرِیضَةٍ الْأَخْذُ بِهَا فَضِیلَةٌ وَ تَرْكُهَا غَیْرُ خَطِیئَةٍ.

«172»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَرْضَی سُلْطَاناً بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ خَرَجَ مِنْ دِینِ اللَّهِ.

«173»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَیْرٌ مِنَ الْخَیْرِ مُعْطِیهِ وَ شَرٌّ مِنَ الشَّرِّ فَاعِلُهُ.

«174»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ نَقَلَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِی إِلَی عِزِّ الطَّاعَةِ أَغْنَاهُ بِلَا مَالٍ وَ أَعَزَّهُ بِلَا عَشِیرَةٍ وَ آنَسَهُ بِلَا أَنِیسٍ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ مِنْهُ كُلَّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ لَمْ یَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِیَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْیَسِیرِ مِنَ

الْعَمَلِ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَحْیِ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ مِنَ الْمَعِیشَةِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ رَخِیَ بَالُهُ وَ نُعِّمَ عِیَالُهُ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِی قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُیُوبَ الدُّنْیَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْیَا سَالِماً إِلَی دَارِ الْقَرَارِ.

«175»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقِیلُوا ذَوِی الْهَنَاتِ عَثَرَاتِهِمْ (1).

«176»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا قَصْرُ الْأَمَلِ وَ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ الْوَرَعُ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.

«177»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَعْمَلْ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ رِیَاءً وَ لَا تَدَعْهُ حَیَاءً.

«178»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّمَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی ثَلَاثاً شُحّاً مُطَاعاً وَ هَوًی مُتَّبَعاً وَ إِمَاماً ضَالًّا.

«179»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَ مَنْ لَاحَی الرِّجَالَ ذَهَبَتْ مُرُوَّتُهُ وَ كَرَامَتُهُ.

«180»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَلَا إِنَّ شَرَّ أُمَّتِی الَّذِینَ یُكْرَمُونَ مَخَافَةَ شَرِّهِمْ أَلَا

ص: 161


1- 1. الهناة: الداهیة و هی المصیبة و جمعها هنوات. و العثرات جمع العثرة: و هی السقطة و الزلة و الخطیئة و المعنی: تجاوزوا و تصفحوا عن زلات صاحب المصیبة.

وَ مَنْ أَكْرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ فَلَیْسَ مِنِّی.

«181»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَصْبَحَ مِنْ أُمَّتِی وَ هِمَّتُهُ غَیْرُ اللَّهِ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ یَهْتَمَّ بِأُمُورِ الْمُؤْمِنِینَ فَلَیْسَ مِنْهُمْ وَ مَنْ أَقَرَّ بِالذُّلِّ طَائِعاً فَلَیْسَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ (1).

«182»- وَ كَتَبَ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مُعَاذٍ یُعَزِّیهِ بِابْنِهِ (2) مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَیْكَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی جَزَعُكَ عَلَی وَلَدِكَ الَّذِی قَضَی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا كَانَ ابْنُكَ مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِیئَةِ(3) وَ عَوَارِیهِ الْمُسْتَوْدَعَةِ عِنْدَكَ فَمَتَّعَكَ اللَّهُ بِهِ إِلَی أَجَلٍ وَ قَبَضَهُ لِوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ- لَا یَحْبِطَنَّ جَزَعُكَ أَجْرَكَ وَ لَوْ قَدِمْتَ عَلَی ثَوَابِ مُصِیبَتِكَ لَعَلِمْتَ أَنَّ الْمُصِیبَةَ قَدْ قَصُرَتْ لِعَظِیمِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَلَیْهَا مِنَ الثَّوَابِ لِأَهْلِ التَّسْلِیمِ وَ الصَّبْرِ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْجَزَعَ لَا یَرُدُّ مَیِّتاً وَ لَا یَدْفَعُ قَدَراً فَأَحْسِنِ الْعَزَاءَ وَ تَنَجَّزِ الْمَوْعُودَ فَلَا یَذْهَبَنَّ أَسَفُكَ عَلَی

ص: 162


1- 1. قال السبط الشهید المفدی سید الشهداء الحسین بن علی صلوات اللّٰه و سلامه علیهما فی خطبته یوم عاشوراء اذ عرض علیه و أصحابه الأمان فأنف من الذل:« ألا و ان الدعی ابن الدعی قد ركز بین اثنتین بین الذلة و السلة، هیهات منا الذلة، یأبی اللّٰه ذلك لنا و رسوله و المؤمنون، و حجور طابت و طهرت و أنوف حمیة و نفوس أبیه من أن تؤثر طاعة اللئام علی مصارع الكرام ألا و انی زاحف بهذه الاسرة و مقلل من هذه الكثرة مع قلة العدد و خذلة الناصر» و لنعم ما قال الحمیری: طعمت أن تسومه الضیم قوم***و أبی اللّٰه و الحسام الصنیع كیف یلوی علی الدنیة جیدا***لسوی اللّٰه ما لواه الخضوع فأبی أن یعیش الا عزیزا***أو تجلی الكفاح و هو صریع فتلقی الجموع فردا و لكن***كل عضو فی الروع منه جموع زوج السیف بالنفوس و لكن***مهرها الموت و الخضاب النجیع
2- 2. التعزیة: التسلیة من عزی یعزی من باب تعب: صبر علی ما نابه و التعزی: التصبر و التسلی عند المصیبة و شعاره أن یقول:« إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ» و العزاء ممدودا: الصبر و التعزی یجیی ء بمعنی النسبة من تعزی الی فلان أی نسبه إلیه.
3- 3. المواهب جمع الموهبة: العطیة، الشی ء الموهوب. و الهنیئة: ما تیسر من غیر مشقة.

مَا لَازِمٌ لَكَ وَ لِجَمِیعِ الْخَلْقِ نَازِلٌ بِقَدَرِهِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

«183»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَثْرَةُ الْقُرَّاءِ وَ قِلَّةُ الْفُقَهَاءِ وَ كَثْرَةُ الْأُمَرَاءِ وَ قِلَّةُ الْأُمَنَاءِ وَ كَثْرَةُ الْمَطَرِ وَ قِلَّةُ النَّبَاتِ.

«184»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَبْلِغُونِی حَاجَةَ مَنْ لَا یَسْتَطِیعُ إِبْلَاغِی حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَاناً حَاجَةَ مَنْ لَا یَسْتَطِیعُ إِبْلَاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَیْهِ عَلَی الصِّرَاطِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(1).

«185»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: غَرِیبَتَانِ كَلِمَةُ حُكْمٍ مِنْ سَفِیهٍ فَاقْبَلُوهَا وَ كَلِمَةُ سَیِّئَةٍ مِنْ حَكِیمٍ فَاغْفِرُوهَا.

«186»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ یَتَوَانَی حَتَّی یُفَرِّطَ وَ یُفَرِّطُ حَتَّی یُضَیِّعَ وَ یُضَیِّعُ حَتَّی یَأْثَمَ.

«187»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ لَمْ یَسْتَحْیِ مِنَ الْحَلَالِ نَفَعَ نَفْسَهُ وَ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نَفَی عَنْهُ الْكِبْرَ وَ مَنْ رَضِیَ مِنَ اللَّهِ بِالْیَسِیرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَلِیلِ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ یَرْغَبُ فِی الدُّنْیَا فَطَالَ فِیهَا أَمَلُهُ أَعْمَی اللَّهُ قَلْبَهُ عَلَی قَدْرِ رَغْبَتِهِ فِیهَا وَ مَنْ زَهِدَ فِیهَا فَقَصَّرَ فِیهَا أَمَلَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْماً بِغَیْرِ تَعَلُّمٍ وَ هُدًی بِغَیْرِ هِدَایَةٍ وَ أَذْهَبَ عَنْهُ الْعَمَی (2) وَ جَعَلَهُ بَصِیراً أَلَا إِنَّهُ سَیَكُونُ بَعْدِی أَقْوَامٌ- لَا یَسْتَقِیمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَ التَّجَبُّرِ وَ لَا یَسْتَقِیمُ لَهُمُ الْغِنَی إِلَّا بِالْبُخْلِ وَ لَا تَسْتَقِیمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِی النَّاسِ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَی وَ التَیْسِیرِ فِی الدِّینِ (3)

أَلَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَصَبَرَ عَلَی الْفَقْرِ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی الْغِنَی وَ صَبَرَ عَلَی الذُّلِّ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی الْعِزِّ وَ صَبَرَ عَلَی الْبَغْضَاءِ فِی النَّاسِ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی الْمَحَبَّةِ- لَا یُرِیدُ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ خَمْسِینَ صِدِّیقاً.

ص: 163


1- 1. سیأتی فی كتاب عهد أمیر المؤمنین علیه السلام للاشتر لما ولاه مصر:« قال: و تفقد أمور من لا یصل إلیك منهم ممن تقتحمه العیون و تحقره الرجال، ففرغ لاولئك ثقتك من أهل الخشیة و التواضع فلیرفع إلیك أمورهم، ثمّ اعمل فیهم بالاعذار إلی اللّٰه یوم تلقاه فان هؤلاء من بین الرعیة أحوج الی الإنصاف من غیرهم؛ و كل فأعذر إلی اللّٰه فی تأدیة حقه إلیه».
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« فأذهب عنه».
3- 3. أی المسامحة و المماطلة فی أمر الدین.

«188»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِیَّاكُمْ وَ تَخَشُّعَ النِّفَاقِ وَ هُوَ أَنْ یُرَی الْجَسَدُ خَاشِعاً وَ الْقَلْبُ لَیْسَ بِخَاشِعٍ.

«189»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُحْسِنُ الْمَذْمُومُ مَرْحُومٌ.

«190»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اقْبَلُوا الْكَرَامَةَ وَ أَفْضَلُ الْكَرَامَةِ الطِّیبُ أَخَفُّهُ مَحْمِلًا وَ أَطْیَبُهُ رِیحاً.

«191»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّمَا تَكُونُ الصَّنِیعَةُ(1) إِلَی ذِی دِینٍ أَوْ ذِی حَسَبٍ وَ جِهَادُ الضُّعَفَاءِ الْحَجُّ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا وَ التَّوَدُّدُ نِصْفُ الدِّینِ وَ مَا عَالَ امْرُؤٌ قَطُّ عَلَی اقْتِصَادٍ(2) وَ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ أَبَی اللَّهُ أَنْ یَجْعَلَ رِزْقَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ حَیْثُ یَحْتَسِبُونَ.

«192»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَبْلُغُ عَبْدٌ أَنْ یَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِینَ حَتَّی یَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ.

«2»- عو(3)،[غوالی اللئالی] قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَیْراً جَعَلَ لَهُ وَزِیراً صَالِحاً إِنْ نَسِیَ ذَكَّرَهُ وَ إِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ سِیرُوا سَیْرَ أَضْعَفِكُمْ الْفِرَارُ مِمَّا لَا یُطَاقُ مَنِ اسْتَوَی یَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ الدُّنْیَا دَارُ مِحْنَةٍ الدُّنْیَا سَاعَةٌ فَاجْعَلُوهَا طَاعَةً مَعَ كُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ(4)

اسْتَعِینُوا عَلَی الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا لِكُلِّ شَیْ ءٍ سَنَامٌ (5)

وَ سَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ مَنْ لَمْ یَصْبِرْ عَلَی ذُلِّ التَّعَلُّمِ سَاعَةً بَقِیَ فِی ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَداً مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا اخْتِلَافُ أُمَّتِی رَحْمَةٌ(6) ابْدَأْ بِنَفْسِكَ شَرُّ النَّاسِ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ

ص: 164


1- 1. الصنیعة: الاحسان. و جمعها الصنائع.
2- 2. عال أی افتقر. و فی بعض النسخ« و استزادوا الرزق».
3- 3. العوالی اللئالی لابن أبی جمهور مخطوط.
4- 4. الترح ضد الفرح و ترح ترحا أی حزن. و معنی الحدیث أن مع كل سرور حزن یعقبه حتّی كأنّه معه أی المشیئة الإلهیّة جرت بذلك لئلا تسكن نفوس العقلاء الی نعیمها.
5- 5. سنام كل شی ء أعلاه.
6- 6. أی تزاورهم و ترددهم و ضیافتهم كما فی قوله تعالی« وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ»* أی مجی ء كل واحد عقیب الآخر. و كما فی قوله« و مختلف الملائكة» أی محل نزولهم و صعودهم.

وَ مَنَعَ رِفْدَهُ وَ جَلَدَ عَبْدَهُ إِذَا تَغَیَّرَ السُّلْطَانُ تَغَیَّرَ الزَّمَانُ- إِذَا كَانَ الدَّاءُ مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ بَطَلَ هُنَاكَ الدَّوَاءُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ اخْتَلَفَ السَّخِیُّ قَرِیبٌ مِنَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ الْجَنَّةِ قَرِیبٌ مِنَ النَّاسِ اجْتَنِبْ خَمْساً الْحَسَدَ وَ الطِیَرَةَ وَ الْبَغْیَ وَ سُوءَ الظَّنِّ وَ النَّمِیمَةَ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِی بِی مَنْ فُتِحَ لَهُ بَابُ خَیْرٍ فَلْیَنْتَهِزْهُ فَإِنَّهُ لَا یَدْرِی مَتَی یُغْلَقُ عَنْهُ الْأُمُورُ بِتَمَامِهَا وَ الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِمِهَا شَاوِرُوهُنَّ وَ خَالِفُوهُنَّ حُبُّكَ لِلشَّیْ ءِ یُعْمِی وَ یُصِمُّ الْمَرْأَةُ كَالضِّلْعِ الْعَوْجَاءِ بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلَامِ (1)

الْفِرَارُ فِی وَقْتِهِ ظَفَرٌ الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ- لَا خَیْرَ فِی السَّرَفِ وَ لَا سَرَفَ فِی الْخَیْرِ- إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِیمَانِ التَّوَدُّدُ إِلَی النَّاسِ الْمَقْدُورُ كَائِنٌ وَ الْهَمُّ فَاضِلٌ الصَّدَقَةُ تَزِیدُ فِی الْعُمُرِ وَ تَسْتَنْزِلُ الرِّزْقَ وَ تَقِی مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَرْكُ الْفُرَصِ غُصَصٌ الْفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ أَضْیَقُ الْأَمْرِ أَدْنَاهُ مِنَ الْفَرَجِ حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِیمَانِ مَنْ تَعَلَّمْتَ مِنْهُ حَرْفاً صِرْتَ لَهُ عَبْداً الظَّفَرُ الْجَزْمُ وَ الْحَزْمُ إِذَا جَاءَ الْقَضَاءُ ضَاقَ الْفَضَاءُ الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ طَالِبُ الْعِلْمِ مَحْفُوفٌ بِعِنَایَةِ اللَّهِ النَّدَمُ تَوْبَةٌ الْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَی مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ الْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْیِ وَ الرَّأْیُ بِتَحْصِینِ الْأَسْرَارِ- أَعْقَلُ النَّاسِ مُحْسِنٌ خَائِفٌ وَ أَجْهَلُهُمْ مُسِی ءٌ آمِنٌ طَالِبُ الْعِلْمِ لَا یَمُوتُ أَوْ یُمَتَّعَ جِدُّهُ بِقَدْرِ كَدِّهِ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ- الْكَعْبَةُ تُزَارُ وَ لَا تَزُورُ السُّكُوتُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِدْعَةٌ السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ یَأْوِی إِلَیْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ (2) الْعَدْلُ جُنَّةٌ وَاقِیَةٌ وَ جُنَّةٌ بَاقِیَةٌ أَصْلِحْ وَزِیرَكَ فَإِنَّهُ الَّذِی یَقُودُكَ إِلَی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ- الْجَاهُ أَحَدُ الرِّفْدَیْنِ وَ الْآخَرُ الْمَالُ الْأُمُورُ مَرْهُونَةٌ بِأَوْقَاتِهَا الْهَدِیَّةُ تُذْهِبُ السَّخِیمَةَ تَصَافَحُوا فَإِنَّهُ یَذْهَبُ بِالْغِلِ.

ص: 165


1- 1. أی صلوا فشبه الرحم المقطوع الوصلة بأرض منقطع عنها الغیث. و قال العلقمی أی ندوها بصلتها. و ذلك لانهم یطلقون النداوة علی الصلة كما یطلقون الیبس علی القطیعة لانهم لما رأوا بعض الأشیاء تتصل و تختلط بالنداوة و یحصل منها التجافی و التفرق بالیبس استعاروا البلل للوصل و الیبس للقطیعة. فذكر البلل تخییل.
2- 2. أخرجه البیهقیّ فی شعب الایمان بسند ضعیف عن عبد اللّٰه بن عمر بن الخطّاب.

الْهَدِیَّةُ تُورِثُ الْمَوَدَّةَ وَ تَجْدُرُ الْأُخُوَّةَ(1)

وَ تُذْهِبُ الضَّغِینَةَ وَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا نِعْمَ الشَّیْ ءُ الْهَدِیَّةُ أَمَامَ الْحَاجَةِ اهْدِ لِمَنْ یَهْدِیكَ الْهَدِیَّةُ تَفْتَحُ الْبَابَ الْمُصْمَتَ نِعْمَ مِفْتَاحُ الْحَاجَةِ الْهَدِیَّةُ الْمَرْءُ مَخْبُوٌّ تَحْتَ لِسَانِهِ (2) مَا یُصْلِحُ لِلْمَوْلَی فَعَلَی الْعَبْدِ حَرَامٌ الْهَدَایَا رِزْقُ اللَّهِ مَنْ أُهْدِیَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ فَلْیَقْبَلْهُ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ فَاهْدُوا إِلَیْهَا طَرَائِفَ الْحِكَمِ.

فِی حَدِیثِ الْقُدْسِیِّ: یَا دَاوُدُ فَرِّغْ لِی بَیْتاً أَسْكُنْهُ إِنَّ لِلَّهِ فِی أَیَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ أَلَا فَتَرَصَّدُوا لَهَا السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ مَنْ نَظَرَ فِی الْعَوَاقِبِ سَلِمَ فِی النَّوَائِبِ لَا مَنْعَ وَ لَا إِسْرَافَ وَ لَا بُخْلَ وَ لَا إِتْلَافَ خَیْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا مَا الْعِلْمُ إِلَّا مَا حَوَاهُ الصَّدْرُ الدُّنْیَا دَارُ بَلِیَّةٍ تَعَمَّمُوا تُزَادُوا حِلْماً الْعِمَامَةُ مِنَ الْمُرُوَّةِ هَذَانِ مُحَرَّمَانِ عَلَی ذُكُورِ أُمَّتِی یَعْنِی الذَّهَبَ وَ الْحَرِیرَ.

«3»- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ(3)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ وَدِیعَةُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ الْعُلَمَاءُ أُمَنَاؤُهُ عَلَیْهِ فَمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ أَدَّی أَمَانَتَهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْمَلْ بِعِلْمِهِ كُتِبَ فِی دِیوَانِ اللَّهِ مِنَ الْخَائِنِینَ.

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَسَعُوهُمْ بِأَخْلَاقِكُمْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْیَا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ مَنْ أَقْبَلَ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی بِقَلْبِهِ جَعَلَ اللَّهُ قُلُوبَ الْعِبَادِ مُنْقَادَةً إِلَیْهِ بِالْوُدِّ وَ الرَّحْمَةِ وَ كَانَ اللَّهُ إِلَیْهِ بِكُلِّ خَیْرٍ أَسْرَعَ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَ لَا یَزِیدُ فِی الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَیُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ یُصِیبُهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا خَیْرَ لَكَ فِی صُحْبَةِ مَنْ لَا یَرَی لَكَ مِثْلَ الَّذِی یَرَی لِنَفْسِهِ.

ص: 166


1- 1. أی حوطها و حجزها. و الضغینة: الحقد و الشحناء.
2- 2. من خبأ یخبأ أی مستور.
3- 3. قال المؤلّف فی ج 1 ص 10 أنّه للشیخ العلامة الشهید محمّد بن مكی( ره).

«4»- أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّیْخِ الْجَلِیلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْجُبَعِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذِهِ أَحَادِیثُ مَحْذُوفَةُ الْأَسْنَادِ كَتَبَهَا الشَّیْخُ ابْنُ مَكِّیٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ خَطِّ سَدِیدِ الدِّینِ بْنِ مُطَهَّرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَجَازَهَا لَهُ شَیْخُهُ السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی النَّقِیبُ الْمُعَظَّمُ النَّسَّابَةُ الْعَلَّامَةُ مَفْخَرُ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ تَاجُ الْمِلَّةِ وَ الدِّینِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ السَّیِّدِ الْعَلَّامَةِ النَّقِیبِ الزَّاهِدِ جَلَالِ الدِّینِ أَبِی جَعْفَرٍ الْقَاسِمِ ابْنِ السَّیِّدِ النَّقِیبِ فَخْرِ الدِّینِ أَبِی الْقَاسِمِ الْحُسَیْنِ ابْنِ السَّیِّدِ نَقِیبٍ جَلَالِ الدِّینِ أَبِی جَعْفَرٍ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ الْحَسَنِ بْنِ رَضِیِّ الدِّینِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَلِیِّ الدِّینِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحْسِنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْقَصْرِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَطِیبِ بِالْكُوفَةِ ابْنِ عَلِیٍّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْمُعَیَّةِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الدِّیبَاجِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعُمَرِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُثَنَّی ابْنِ الْإِمَامِ السِّبْطِ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَنْ شُیُوخِهِ الثِّقَاتِ وَ هُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرَّاحِمُونَ یَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ارْحَمْ مَنْ فِی الْأَرْضِ یَرْحَمْكَ مَنْ فِی السَّمَاءِ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الصَّوْمُ جُنَّةٌ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اكْفُلُوا لِی بِسِتٍّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا یَكْذِبْ وَ إِذَا ائْتُمِنَ فَلَا یَخُنْ وَ إِذَا وَعَدَ فَلَا یَخْلُفْ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِی الْحَوَارِی تَمَنَّیْتُ أَنْ أَرَی أَبِی سُلَیْمَانَ الدَّارَانِیَّ فِی الْمَنَامِ فَرَأَیْتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ فَقُلْتُ لَهُ یَا مُعَلِّمُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ فَقَالَ یَا أَحْمَدُ جِئْتُ مِنْ بَابِ الصَّغِیرِ فَلَقِیتُ وَسْقَ شِیحٍ (1)

فَأَخَذْتُ مِنْهُ عُوداً مَا أَدْرِی تَخَلَّلْتُ بِهِ أَوْ رَمَیْتُ بِهِ فَأَنَا فِی حِسَابِهِ مُنْذُ سَنَةٍ إِلَی هَذِهِ الْغَایَةِ تَمَّ الْخَبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ و بخطه أیضا ما صورته و علی هذه الأحادیث خط السید تاج الدین بن

ص: 167


1- 1. الوسق وقر النخلة، و الشیح بالحاء المهملة: نبات أنواعه كثیرة كله طیب الرائحة.

معیة رحمه اللّٰه ما صورته سمع هذه الأحادیث من لفظ مولانا الشیخ الإمام العالم الفاضل العامل الزاهد الورع مفخر العلماء سلالة الفضلاء شمس الملة و الحق و الدین محمد بن مكی أدام اللّٰه فضائله فی یوم السبت حادی عشر شوال من سنة أربع و خمسین و سبعمائة و أجزت له روایتها عنی بالسند المتقدم و غیره من طرقی مشایخ الحلة الذین رووها إلی آخر ما سیأتی فی آخر مجلدات الكتاب.

و بخطه أیضا فی أول هذه الأحادیث إجازة أخری من السید تاج الدین أبی عبد اللّٰه مفخر العلماء و الفضلاء شمس الحق و الدین صحیح و كتبه محمد بن معیة فی حادی عشر شوال سنة أربع و خمسین و سبعمائة و الحمد لله وحده و صلی اللّٰه علی محمد و آله و سلم.

و بخطه نقلا من خط الشهید رحمهما اللّٰه عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَعْمَی الْعَمَی الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَی خَیْرُ الْغِنَی غِنَی النَّفْسِ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ یُعَذِّبْهُ عَفْوُ الْمُلُوكِ بَقَاءُ الْمُلْكِ- لَا یَجْنِی عَلَی الْمَرْءِ إِلَّا یَدُهُ وَ لِسَانُهُ صُحْبَةُ عِشْرِینَ سَنَةً قَرَابَةٌ خَیْرُ الرِّزْقِ مَا یَكْفِی الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ نِعْمَتَانِ مَكْفُورَتَانِ.

«5»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِ (1)، قَالَ أَسْوَدُ بْنُ أَصْرَمَ: قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِی فَقَالَ أَ تَمْلِكُ یَدَكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَتَمْلِكُ لِسَانَكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا تَبْسُطْ یَدَكَ إِلَّا إِلَی خَیْرٍ وَ لَا تَقُلْ بِلِسَانِكَ إِلَّا مَعْرُوفاً.

«6»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِ (2)، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَةٌ وَ سَاءَتْهُ سَیِّئَةٌ فَهُوَ مُؤْمِنٌ- لَا خَیْرَ فِی عَیْشٍ إِلَّا لِرَجُلَیْنِ عَالِمٍ مُطَاعٍ وَ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ كَفَی بِالنَّفْسِ غِنًی وَ بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا- لَا تَنْظُرُوا إِلَی صِغَرِ الذَّنْبِ وَ لَكِنِ انْظُرُوا إِلَی مَنِ اجْتَرَأْتُمْ.

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: آفَةُ الْحَدِیثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْیَانُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ (3) لَا حَسَبَ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَی وَ لَا عَمَلَ

ص: 168


1- 1. مخطوط.
2- 2. المصدر ص 13.
3- 3. تقدم معناه ص 68.

إِلَّا بِنِیَّةٍ وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِیَقِینٍ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله (1): مَنْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ الدُّنْیَا وَ مَنْ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا یَكْفِیهِ كَانَ أَیْسَرُ مَا فِیهَا یَكْفِیهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الدُّنْیَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَ اللَّهُ مُسْتَعْمِلُكُمْ فِیهَا فَانْظُرُوا كَیْفَ تَعْمَلُونَ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ مَعْصِیَةَ اللَّهِ مَخَافَةً مِنَ اللَّهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ مَشَی مَعَ ظَالِمٍ لِیُعِینَهُ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: دَعْ مَا یُرِیبُكَ إِلَی مَا لَا یُرِیبُكَ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ فَقْدَ شَیْ ءٍ تَرَكْتَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَتُوبُوا إِلَی اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً(2).

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: بَادِرُوا بِعَمَلِ الْخَیْرِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا عَنْهُ وَ احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ یُذْنِبُ الذَّنْبَ فَیُحْبَسُ عَنْهُ الرِّزْقُ.

«7»- وَ مِنْهُ (3)،

قَالَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْخِصَالِ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَی عَشَرَةٍ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: خَصْلَةٌ مَنْ لَزِمَهَا أَطَاعَتْهُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ وَ رَبِحَ الْفَوْزَ فِی الْجَنَّةِ قِیلَ وَ مَا هِیَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ التَّقْوَی مَنْ أَرَادَ أَنْ یَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْیَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ تَلَا وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ (4).

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْمُؤْمِنُ بَیْنَ مَخَافَتَیْنِ بَیْنَ أَجَلٍ قَدْ مَضَی لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِیهِ وَ بَیْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِیَ مَا اللَّهُ قَاضٍ فِیهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ وُقِیَ شَرَّ ثَلَاثٍ فَقَدْ وُقِیَ الشَّرَّ كُلَّهُ لَقْلَقِهِ وَ قَبْقَبِهِ وَ ذَبْذَبِهِ.

ص: 169


1- 1. المصدر ص 164.
2- 2. أی خالصا للّٰه لا شوب فیه.
3- 3. المصدر ص 184.
4- 4. الطلاق: 2 و 3.

فَلَقْلَقُهُ لِسَانُهُ وَ قَبْقَبُهُ بَطْنُهُ وَ ذَبْذَبُهُ فَرْجُهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَیْنِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَی الذَّنْبِ وَ الْحِرْصُ عَلَی الدُّنْیَا.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَمْسٌ لَا یَجْتَمِعْنَ إِلَّا فِی مُؤْمِنٍ حَقّاً یُوجِبُ اللَّهُ لَهُ بِهِنَّ الْجَنَّةَ النُّورُ فِی الْقَلْبِ وَ الْفِقْهُ فِی الْإِسْلَامِ وَ الْوَرَعُ وَ الْمَوَدَّةُ فِی النَّاسِ وَ حُسْنُ السَّمْتِ فِی الْوَجْهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اضْمَنُوا لِی سِتّاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَ أَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ وَ أَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوْصَانِی رَبِّی بِسَبْعٍ أَوْصَانِی بِالْإِخْلَاصِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ أَنْ أَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِی وَ أُعْطِیَ مَنْ حَرَمَنِی وَ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِی وَ أَنْ یَكُونَ صَمْتِی فِكْراً وَ نَظَرِی عَبَراً وَ حُفِظَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله ثَمَانٌ قَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِی خُلُقاً قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَعْظَمُكُمْ حِلْماً وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَ أَشَدُّكُمْ حُبّاً لِإِخْوَانِهِ فِی دِینِهِ وَ أَصْبَرُكُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ أَكْظَمُكُمْ لِلْغَیْظِ وَ أَحْسَنُكُمْ عَفْواً وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْكَبَائِرُ تِسْعٌ أَعْظَمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ وَ أَكْلُ الرِّبَا وَ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ اسْتِحْلَالُ الْبَیْتِ الْحَرَامِ وَ السِّحْرُ فَمَنْ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ بَرِی ءٌ مِنْهُنَّ كَانَ مَعِی فِی جَنَّةٍ مَصَارِیعُهَا مِنْ ذَهَبٍ (1).

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِیمَانُ فِی عَشَرَةٍ الْمَعْرِفَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ الصَّبْرِ وَ الْیَقِینِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِیمِ فَأَیَّهَا فَقَدَ صَاحِبُهُ بَطَلَ نِظَامُهُ.

ص: 170


1- 1. المصاریع جمع المصراع و هو احدی عضادتی الباب.

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (1): قَالَ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَ أَحْسِنْ إِلَی مَنْ أَسَاءَ إِلَیْكَ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: قُلِ الْحَقَّ وَ لَوْ عَلَی نَفْسِكَ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اعْتَبِرُوا فَقَدْ خَلَتِ الْمَثُلَاتُ (2) فِیمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: كُنْ لِلْیَتِیمِ كَالْأَبِ الرَّحِیمِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ تَزْرَعُ كَذَلِكَ تَحْصُدُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ وَ عِنْدَ لِسَانِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَ عِنْدَ یَدِكَ إِذَا قَسَمْتَ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3): أَحْسِنُوا مُجَاوَرَةَ النِّعَمِ لَا تَمَلُّوهَا(4) وَ لَا تُنَفِّرُوهَا فَإِنَّهَا قَلَّ مَا نَفَرَتْ مِنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَیْهِمْ.

وَ قَالَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ: مَنْ قَالَ قَبَّحَ اللَّهُ الدُّنْیَا قَالَتِ الدُّنْیَا قَبَّحَ اللَّهُ أَعْصَانَا لِلرَّبِّ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ عَفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ كَانَ عَابِداً وَ مَنْ رَضِیَ بِقَسْمِ اللَّهِ كَانَ غَنِیّاً وَ مَنْ أَحْسَنَ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَهُ كَانَ مُسْلِماً وَ مَنْ صَاحَبَ النَّاسَ بِالَّذِی یجب [یُحِبُ] أَنْ یُصَاحِبُوهُ كَانَ عَدْلًا.

وَ قَالَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ: مَنِ اشْتَاقَ إِلَی الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ أَشْفَقَ (5) مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا هَانَتْ عَلَیْهِ الْمُصِیبَاتُ وَ مَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِی الْخَیْرَاتِ.

وَ قَالَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ: اجْتَهِدُوا فِی الْعَمَلِ فَإِنْ قَصُرَ بِكُمُ الضَّعْفُ فَكُفُّوا عَنِ الْمَعَاصِی.

ص: 171


1- 1. المصدر ص 194 و فیه زیادة اختار المصنّف بعضه.
2- 2. المثلات الدواهی و العقوبات.
3- 3. المصدر ص 271.
4- 4. النعم المجاورة أی الحاصلة و قوله« لا تملوها» أی لا تزجروها و لا تزیلوها لانها اذا زالت قل أن تعود.
5- 5. الاشفاق: الخوف.

«8»- أَعْلَامُ الدِّینِ (1)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا عَیْشَ إِلَّا لِرَجُلَیْنِ عَالِمٌ نَاطِقٌ وَ مُتَعَلِّمٌ وَاعٍ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلْقُلُوبِ صَدَأٌ كَصَدَإِ النُّحَاسِ (2) فَاجْلُوهَا بِالاسْتِغْفَارِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الزُّهْدُ لَیْسَ بِتَحْرِیمِ الْحَلَالِ وَ لَكِنْ أَنْ یَكُونَ بِمَا فِی یَدَیِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْهُ بِمَا فِی یَدَیْهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِی مُؤْمِنٍ الْبُخْلُ وَ سُوءُ الظَّنِّ بِالرِّزْقِ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَ مِنْ كُلِّ ضِیقٍ مَخْرَجاً وَ رَزَقَهُ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: كَلِمَةُ الْحِكْمَةِ یَسْمَعُهَا الْمُؤْمِنُ خَیْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِی مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِیدُ فِی الْعُمُرِ وَ تَدْفَعُ مِیتَةَ السَّوْءِ وَ تَنْفِی الْفَقْرَ وَ تَزِیدُ فِی الْعُمُرِ وَ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ وَ بَسَطَ رِضَاهُ وَ بَذَلَ مَعْرُوفَهُ وَ وَصَلَ رَحِمَهُ وَ أَدَّی أَمَانَتَهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی النُّورِ الْأَعْظَمِ وَ مَنْ لَمْ یَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ وَ مَنْ لَمْ یَرَ أَنَّ لِلَّهِ عِنْدَهُ نِعْمَةً إِلَّا فِی مَطْعَمٍ وَ مَشْرَبٍ قَلَّ عَمَلُهُ وَ كَبُرَ جَهْلُهُ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَی مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ طَالَ حُزْنُهُ وَ دَامَ أَسَفُهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: حُسْنُ الْخُلُقِ وَ صِلَةُ الْأَرْحَامِ وَ بِرُّ الْقَرَابَةِ تَزِیدُ فِی الْأَعْمَارِ وَ تَعْمُرُ الدِّیَارَ وَ لَوْ كَانَ الْقَوْمُ فُجَّاراً.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْأَتْقِیَاءَ الْأَخْفِیَاءَ الَّذِینَ إِذَا حَضَرُوا لَمْ یُعْرَفُوا وَ إِذَا غَابُوا لَمْ یُفْقَدُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِیحُ الْهُدَی مُنْجَوْنَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ.

ص: 172


1- 1. تألیف أبی محمّد الحسن بن أبی الحسن محمّد الدیلمیّ صاحب إرشاد القلوب مخطوط.
2- 2. الصدأ- بفتح الصاد المهملة و الدال و الهمز- مادة لونها یأخذ من الحمرة، و الشقرة تتكون علی وجه الحدید و نحوه بسبب رطوبة الهواء.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْوَحْدَةُ مِنْ قَرِینِ السَّوْءِ وَ الْحَزْمُ أَنْ تَسْتَشِیرَ ذَا الرَّأْیِ وَ تُطِیعَ أَمْرَهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: جَامِلُوا الْأَشْرَارَ بِأَخْلَاقِهِمْ تَسْلَمُوا مِنْ غَوَائِلِهِمْ وَ بَایِنُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ كَیْلَا تَكُونُوا مِنْهُمْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَقْوَمُ مِنْ قِدْحٍ لَكَانَ لَهُ مِنَ النَّاسِ غَامِزٌ(1)

وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَسَعُوهُمْ بِأَخْلَاقِكُمْ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ أَحَدٍ وَلِیَ شَیْئاً مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِینَ فَأَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَیْراً إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ وَزِیراً صَالِحاً إِنْ نَسِیَ ذَكَّرَهُ وَ إِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ وَ إِنْ هَمَّ بِشَرٍّ كَفَّهُ وَ زَجَرَهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُبْغِضُ الْبَخِیلَ فِی حَیَاتِهِ السَّخِیَّ عِنْدَ وَفَاتِهِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: ادْعُوا اللَّهَ وَ أَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا یَقْبَلُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَمَلُ رَحْمَةٌ لِأُمَّتِی وَ لَوْ لَا الْأَمَلُ مَا رَضَعَتْ وَالِدَةٌ وَلَدَهَا وَ لَا غَرَسَ غَارِسٌ شَجَراً.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَشَارَ عَلَیْكَ الْعَاقِلُ النَّاصِحُ فَاقْبَلْ وَ إِیَّاكَ وَ الْخِلَافَ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ فِیهِ الْهَلَاكَ وَ عَادَ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ جَعَلَ اللَّهُ مَا مَضَی كَفَّارَةً وَ أَجْراً وَ مَا بَقِیَ عَافِیَةً وَ شُكْراً.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خُلُقَانِ لَا یَجْتَمِعَانِ فِی مُؤْمِنٍ الشُّحُّ وَ سُوءُ الْخُلُقِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: وَیْلٌ لِلَّذِینَ یَجْتَلِبُونَ الدُّنْیَا بِالدِّینِ یَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنْ لِینِ أَلْسِنَتِهِمْ كَلَامُهُمْ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی أَ بِی یَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَیَّ یَجْتَرِءُونَ فَوَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَبْعَثَنَّ عَلَیْهِمْ فِتْنَةً تَذَرُ الْحَلِیمَ مِنْهُمْ حَیْرَانَ-.

وَ كَتَبَ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَعْضِ أَصْحَابِهِ یُعَزِّیهِ أَمَّا بَعْدُ فَعَظَّمَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ لَكَ الْأَجْرَ وَ أَلْهَمَكَ الصَّبْرَ وَ رَزَقَنَا وَ إِیَّاكَ الشُّكْرَ إِنَّ أَنْفُسَنَا وَ أَمْوَالَنَا وَ أَهَالِیَنَا مَوَاهِبُ اللَّهِ الْهَنِیئَةُ وَ عَوَارِیهِ الْمُسْتَرِدَّةُ بِهَا إِلَی أَجَلٍ مَعْدُودٍ وَ یَقْبِضُهَا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْنَا

ص: 173


1- 1. كذا.

الشُّكْرَ إِذَا أَعْطَی وَ الصَّبْرَ إِذَا ابْتَلَی وَ قَدْ كَانَ ابْنُكَ مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ تَعَالَی فِی غِبْطَةٍ وَ سُرُورٍ وَ قَبَضَهُ مِنْكَ بِأَجْرٍ مَذْخُورٍ إِنْ صَبَرْتَ وَ احْتَسَبْتَ فَلَا تَجْزَعَنَّ أَنْ تُحْبِطَ جَزَعُكَ أَجْرَكَ وَ أَنْ تَنْدَمَ غَداً عَلَی ثَوَابِ مُصِیبَتِكَ فَإِنَّكَ لَوْ قَدِمْتَ عَلَی ثَوَابِهَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُصِیبَةَ قَدْ قَصُرَتْ عَنْهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ الْجَزَعَ لَا یَرُدُّ فَائِتاً وَ لَا یَدْفَعُ حُسْنَ قَضَاءٍ فَلْیَذْهَبْ أَسَفُكَ مَا هُوَ نَازِلٌ بِكَ مَكَانَ ابْنِكَ وَ السَّلَامُ.

«9»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ(1)، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الشَّقِیُّ مَنْ شَقِیَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: شَرُّ الرِّوَایَةِ رِوَایَةُ الْكَذِبِ وَ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ شَرُّ الْعَمَی عَمَی الْقَلْبِ وَ شَرُّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ شَرُّ الْكَسْبِ كَسْبُ الرِّبَا وَ شَرُّ الْمَأْكَلِ أَكْلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الشَّیْخُ شَابٌّ عَلَی حُبِّ أَنِیسٍ وَ طُولِ حَیَاةٍ وَ كَثْرَةِ مَالٍ.

وَ مِنْهُ عَنِ الْحَسَنِ الْحَمْزَةِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: صَدِیقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: صَدِیقُ عَدُوِّ عَلِیٍّ عَدُوُّ عَلِیٍّ.

وَ مِنْهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعِلْمُ رَائِدٌ وَ الْعَقْلُ سَائِقٌ وَ النَّفْسُ حَرُونٌ (2).

ص: 174


1- 1. مخطوط.
2- 2. الحرون- بفتح الحاء المهملة-: الفرس الذی لا ینقاد و إذا اشتد به الجری وقف. و الرائد: رسول الذی یرسله القوم لینظر لهم مكانا ینزلون فیه. و السائق فاعل من ساقه یسوقه فهو سائق. و معنی الكلام واضح.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَقْلُ هَدِیَّةٌ(1).

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ وَ أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلَاقِیهِ.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: الْعِلْمُ رَأْسُ الْخَیْرِ كُلِّهِ وَ الْجَهْلُ رَأْسُ الشَّرِّ كُلِّهِ.

وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: عَلِّمُوا وَ لَا تُعَنِّفُوا فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ الْعَالِمَ خَیْرٌ مِنَ الْمُعَنِّفِ (2).

وَ مِنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: غَرِیبَتَانِ غَرِیبَةٌ كَلِمَةُ حُكْمٍ مِنْ سَفِیهٍ فَاقْبَلُوهَا وَ كَلِمَةُ سَفَهٍ مِنْ حَكِیمٍ فَاغْفِرُوهَا.

«10»- أَعْلَامُ الدِّینِ، لِلدَّیْلَمِیِّ أَرْبَعُونَ حَدِیثاً رَوَاهَا ابْنُ وَدْعَانَ بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِیهَا عَلَی غَیْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ عَلَی غَیْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ مَا نَسْمَعُ مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِیلٍ إِلَیْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ قَدْ نَسِینَا كُلَّ وَاعِظَةٍ وَ أَمِنَّا كُلَّ جَائِحَةٍ(3)

طُوبَی لِمَنْ أَنْفَقَ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ غَیْرِ مَعْصِیَةٍ وَ جَالَسَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْحِكْمَةِ وَ خَالَطَ أَهْلَ الذِّلَّةِ وَ الْمَسْكَنَةِ طُوبَی لِمَنْ ذَلَّتْ نَفْسُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِیقَتُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ عُزِلَ عَنِ النَّاسِ شَرُّهُ طُوبَی لِمَنْ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ تَشْتَهِرْهُ الْبِدْعَةُ(4).

الثَّانِی عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ الْحُصَیْنِ قَالَ سَمِعْتُ قَیْسَ بْنَ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِیَّ یَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی وَفْدٍ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَالَ لِی اغْتَسِلْ بِمَاءٍ وَ سِدْرٍ

ص: 175


1- 1. كذا.
2- 2. العنف ضد الرفق و العتاب أی لا تشددوا بل ارفقوا بهم.
3- 3. الجائحة: الآفة.
4- 4. رواه الدیلمیّ فی الفردوس من حدیث أنس بن مالك بسند حسن هكذا« وسعته السنة و لم یعد عنها الی البدعة».

فَفَعَلْتُ ثُمَّ عُدْتُ إِلَیْهِ وَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ عِظْنَا عِظَةً نَنْتَفِعْ بِهَا فَقَالَ یَا قَیْسُ إِنَّ مَعَ الْعِزِّ ذُلًّا وَ إِنَّ مَعَ الْحَیَاةِ مَوْتاً وَ إِنَّ مَعَ الدُّنْیَا آخِرَةً وَ إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حَسِیباً وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ رَقِیباً وَ إِنَّ لِكُلِّ حَسَنَةٍ ثَوَاباً وَ لِكُلِّ سَیِّئَةٍ عِقَاباً وَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً وَ إِنَّهُ یَا قَیْسُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ قَرِینٍ یُدْفَنُ مَعَكَ وَ هُوَ حَیٌّ وَ تُدْفَنُ مَعَهُ وَ أَنْتَ مَیِّتٌ فَإِنْ كَانَ كَرِیماً أَكْرَمَكَ وَ إِنْ كَانَ لَئِیماً أَسْلَمَكَ- لَا یُحْشَرُ إِلَّا مَعَكَ وَ لَا تُحْشَرُ إِلَّا مَعَهُ وَ لَا تُسْأَلُ إِلَّا عَنْهُ وَ لَا تُبْعَثُ إِلَّا مَعَهُ فَلَا تَجْعَلْهُ إِلَّا صَالِحاً فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صَالِحاً لَمْ تَأْنَسْ إِلَّا بِهِ وَ إِنْ كَانَ فَاحِشاً لَا تَسْتَوْحِشْ إِلَّا مِنْهُ وَ هُوَ عَمَلُكَ فَقَالَ قَیْسٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نُظِمَ هَذَا شعر [شِعْراً] لَافْتَخَرْتُ بِهِ عَلَی مَنْ یَلِینَا مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ یُقَالُ لَهُ الصَّلْصَالُ قَدْ حَضَرَ فِیهِ شَیْ ءٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ فَتَأْذَنُ لِی بِإِنْشَادِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَأَنْشَأَ یَقُولُ:

تَخَیَّرْ قَرِیناً مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَا***قَرِینُ الْفَتَی فِی الْقَبْرِ مَا كَانَ یَفْعَلُ

فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَنْ یُعِدَّهُ***لِیَوْمٍ یُنَادَی الْمَرْءُ فِیهِ فَیُقْبِلُ

فَإِنْ كُنْتَ مَشْغُولًا بِشَیْ ءٍ فَلَا تَكُنْ***بِغَیْرِ الَّذِی یَرْضَی بِهِ اللَّهُ تُشْغَلُ

فَمَا یَصْحَبُ الْإِنْسَانَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ***وَ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا الَّذِی كَانَ یَعْمَلُ

أَلَا إِنَّمَا الْإِنْسَانُ ضَیْفٌ لِأَهْلِهِ***یُقِیمُ قَلِیلًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ یَرْحَلُ

الثَّالِثُ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسِ تُوبُوا إِلَی اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تَشْتَغِلُوا وَ أَصْلِحُوا الَّذِی بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ رَبِّكُمْ تَسْعَدُوا وَ أَكْثِرُوا مِنَ الصَّدَقَةِ تُرْزَقُوا وَ أْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ تُحْصَنُوا وَ انْتَهُوا عَنِ الْمُنْكَرِ تُنْصَرُوا یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَكْیَسَكُمْ أَكْثَرُكُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ إِنَّ أَحْزَمَكُمْ أَحْسَنُكُمْ اسْتِعْدَاداً لَهُ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الْعَقْلِ التَّجَافِیَ عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَ الْإِنَابَةَ إِلَی دَارِ الْخُلُودِ وَ التَّزَوُّدَ لِسُكْنَی الْقُبُورِ وَ التَّأَهُّبَ لِیَوْمِ النُّشُورِ(1).

ص: 176


1- 1. التأهب: التهیؤ و الاستعداد.

الرَّابِعُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ-: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَی مَعَالِمِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ نِهَایَةً فَانْتَهُوا إِلَی نِهَایَتِكُمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ بَیْنَ مَخَافَتَیْنِ یَوْمَ قَدْ مَضَی لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ قَاضٍ فِیهِ وَ یَوْمَ قَدْ بَقِیَ لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِهِ فَلْیَأْخُذِ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ مِنْ دُنْیَاهُ لِآخِرَتِهِ وَ مِنْ شَبَابِهِ لِهَرَمِهِ وَ مِنْ صِحَّتِهِ لِسُقْمِهِ وَ مِنْ حَیَاتِهِ لِوَفَاتِهِ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ (1)

وَ لَا بَعْدَ الدُّنْیَا مِنْ دَارٍ إِلَّا الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ.

الْخَامِسُ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِی خُطْبَتِهِ لَا عَیْشَ إِلَّا لِعَالِمٍ نَاطِقٍ أَوْ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِی زَمَانِ هُدْنَةٍ وَ إِنَّ السَّیْرَ بِكُمْ سَرِیعٌ وَ قَدْ رَأَیْتُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ كَیْفَ یُبْلِیَانِ كُلَّ جَدِیدٍ وَ یُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِیدٍ وَ یَأْتِیَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ وَ مَا الْهُدْنَةُ فَقَالَ دَارُ بَلَاءٍ وَ انْقِطَاعٍ فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَیْكُمُ الْأُمُورُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَیْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَ صَادِقٌ مُصَدَّقٌ وَ مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ مَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَی النَّارِ وَ هُوَ أَوْضَحُ دَلِیلٍ إِلَی خَیْرِ سَبِیلٍ مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَ مَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ.

السَّادِسُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَكْمُلُ عَبْدٌ الْإِیمَانَ بِاللَّهِ حَتَّی یَكُونَ فِیهِ خَمْسُ خِصَالٍ التَّوَكُّلُ عَلَی اللَّهِ وَ التَّفْوِیضُ إِلَی اللَّهِ وَ التَّسْلِیمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ الصَّبْرُ عَلَی بَلَاءِ اللَّهِ إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ وَ أَعْطَی لِلَّهِ وَ مَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِیمَانَ.

السَّابِعُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْعَبْدَ لَا یُكْتَبُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ حَتَّی یَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ وَ لَا یَنَالُ دَرَجَةَ الْمُؤْمِنِینَ حَتَّی یَأْمَنَ أَخُوهُ بَوَائِقَهُ وَ جَارُهُ بَوَادِرَهُ (2)

وَ لَا یُعَدُّ مِنَ الْمُتَّقِینَ حَتَّی

ص: 177


1- 1. استعتبه أی طلب منه العتبی أی استرضاه، یعنی لیس بعد الموت من استرضاء.
2- 2. البوائق جمع بائقة و هی الداهیة و الشر و الغائلة، و البوادر جمع بادرة و هی الغضب و الحدة.

یَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَراً عَمَّا بِهِ الْبَأْسُ إِنَّهُ مَنْ خَافَ الْبَیَاتَ أَدْلَجَ وَ مَنْ أَدْلَجَ (1) الْمَسِیرَ وَصَلَ وَ إِنَّمَا تَعْرِفُونَ عَوَاقِبَ أَعْمَالِكُمْ لَوْ قَدْ طُوِیَتْ صَحَائِفُ آجَالِكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ نِیَّةَ الْمُؤْمِنِ خَیْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ نِیَّةُ الْفَاسِقِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ.

الثَّامِنُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ انْقَطَعَ إِلَی اللَّهِ كَفَاهُ كُلَّ مَئُونَةٍ وَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَی الدُّنْیَا وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَیْهَا وَ مَنْ حَاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ كَانَ أَبْعَدَ لَهُ مِمَّا رَجَا وَ أَقْرَبَ مِمَّا اتَّقَی وَ مَنْ طَلَبَ مَحَامِدَ النَّاسِ بِمَعَاصِی اللَّهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنْهُمْ ذَامّاً وَ مَنْ أَرْضَی النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَیْهِمْ وَ مَنْ أَرْضَی اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ وَ مَنْ أَحْسَنَ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ وَ مَنْ أَحْسَنَ سَرِیرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِیَتَهُ وَ مَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَی اللَّهُ أَمْرَ دُنْیَاهُ.

التَّاسِعُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ إِنَّ اللِّسَانَ أَمْلَكُ شَیْ ءٍ لِلْإِنْسَانِ أَلَا وَ إِنَّ كَلَامَ الْعَبْدِ كُلَّهُ عَلَیْهِ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَی أَوْ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْیٌ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ إِصْلَاحٌ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ نُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ فَقَالَ وَ هَلْ یَكُبُّ النَّاسَ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ فَمَنْ أَرَادَ السَّلَامَةَ فَلْیَحْفَظْ مَا جَرَی بِهِ لِسَانُهُ وَ لْیَحْرُسْ مَا انْطَوَی عَلَیْهِ جِنَانُهُ وَ لِیُحْسِنْ عَمَلَهُ وَ لْیُقَصِّرْ أَمَلَهُ ثُمَّ لَمْ یَمْضِ إِلَّا أَیَّامٌ حَتَّی نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- لا خَیْرَ فِی كَثِیرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَیْنَ النَّاسِ (2).

الْعَاشِرُ عَنْ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الدُّنْیَا فَنِعْمَتْ مَطِیَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَیْهَا یَبْلُغُ الْخَیْرَ وَ بِهَا یَنْجُو مِنَ الشَّرِّ إِنَّهُ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ لَعَنَ اللَّهُ الدُّنْیَا قَالَتِ الدُّنْیَا لَعَنَ اللَّهُ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ.

فَأَخَذَ الشَّرِیفُ الرَّضِیُّ بِهَذَا الْمَعْنَی فَنَظَمَهُ بَیْتاً:

یَقُولُونَ الزَّمَانُ بِهِ فَسَادٌ***فَهُمْ فَسَدُوا وَ مَا فَسَدَ الزَّمَانُ

ص: 178


1- 1. الادلاج السیر إلی آخر اللیل.
2- 2. النساء: 114.

الْحَادِیَ عَشَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَرَی جَزَاءَ مَا قَدَّمَ وَ قِلَّةَ غَنَاءِ مَا خَلَّفَ (1) وَ لَعَلَّهُ مِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ وَ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ.

الثَّانِیَ عَشَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ لَنْ یَعْدُوَ امْرُؤٌ مَا قُسِمَ لَهُ فَأَجْمِلُوا فِی الطَّلَبِ وَ إِنَّ الْعُمُرَ مَحْدُودٌ لَنْ یَتَجَاوَزَ أَحَدٌ مَا قُدِّرَ لَهُ فَبَادِرُوا قَبْلَ نَفَادِ الْأَجَلِ وَ الْأَعْمَالِ الْمُحْصَاةِ.

الثَّالِثَ عَشَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی بَعْضِ خُطَبِهِ أَوْ مَوَاعِظِهِ-: أَ مَا رَأَیْتُمُ الْمَأْخُوذِینَ عَلَی الْعِزَّةِ وَ الْمُزْعِجِینَ بَعْدَ الطُّمَأْنِینَةِ الَّذِینَ أَقَامُوا عَلَی الشُّبُهَاتِ وَ جَنَحُوا إِلَی الشَّهَوَاتِ حَتَّی أَتَتْهُمْ رُسُلُ رَبِّهِمْ فَلَا مَا كَانُوا أَمَلُوا أَدْرَكُوا وَ لَا إِلَی مَا فَاتَهُمْ رَجَعُوا قَدِمُوا عَلَی مَا عَمِلُوا وَ نَدِمُوا عَلَی مَا خَلَّفُوا وَ لَنْ یُغْنِیَ النَّدَمُ وَ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَدَّمَ خَیْراً وَ أَنْفَقَ قَصْداً وَ قَالَ صِدْقاً وَ مَلَكَ دَوَاعِیَ شَهْوَتِهِ وَ لَمْ تَمْلِكْهُ وَ عَصَیَ أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَمْ تَمْلِكْهُ.

الرَّابِعَ عَشَرَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَیُّهَا النَّاسُ لَا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ غَیْرَ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ وَ لَا تُعَاقِبُوا ظَالِماً فَیَبْطُلَ فَضْلُكُمْ وَ لَا تُرَاءُوا النَّاسَ فَیَحْبَطَ عَمَلُكُمْ وَ لَا تَمْنَعُوا الْمَوْجُودَ فَیَقِلَّ خَیْرُكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْأَشْیَاءَ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ اسْتَبَانَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعُوهُ وَ أَمْرٌ اسْتَبَانَ غَیُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَ أَمْرٌ اخْتُلِفَ عَلَیْكُمْ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَمْرَیْنِ خَفِیفٌ مَئُونَتُهُمَا عَظِیمٌ أَجْرُهُمَا لَمْ یُلْقَ اللَّهُ بِمِثْلِهِمَا طُولِ الصَّمْتِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ.

الْخَامِسَ عَشَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خُطْبَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُیُونُ وَ وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ (2)

فَكَانَ مِمَّا ضُبِطَتْ مِنْهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عَبْداً مَنْ تَوَاضَعَ عَنْ رِفْعَةٍ وَ زَهِدَ عَنْ رَغْبَةٍ وَ أَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ وَ حَلُمَ عَنْ قُدْرَةٍ أَلَا وَ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عَبْدٌ أَخَذَ فِی الدُّنْیَا الْكَفَافَ وَ صَاحَبَ فِیهَا الْعَفَافَ وَ تَزَوَّدَ لِلرَّحِیلِ وَ تَأَهَّبَ لِلْمَسِیرِ أَلَا وَ إِنَّ أَعْقَلَ النَّاسِ عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ فَأَطَاعَهُ وَ عَرَفَ عَدُوَّهُ فَعَصَاهُ وَ عَرَفَ دَارَ إِقَامَتِهِ فَأَصْلَحَهَا وَ عَرَفَ سُرْعَةَ رَحِیلِهِ فَتَزَوَّدَ لَهَا أَلَا وَ إِنَ

ص: 179


1- 1. كذا.
2- 2. ذرفت أی سالت. و وجلت أی خافت.

خَیْرَ الزَّادِ مَا صَحِبَهُ التَّقْوَی وَ خَیْرَ الْعَمَلِ مَا تَقَدَّمَتْهُ النِّیَّةُ وَ أَعْلَی النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ أَخْوَفُهُمْ مِنْهُ.

السَّادِسَ عَشَرَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّمَا یُؤْتَی النَّاسُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَنْ إِحْدَی مِنْ ثَلَاثٍ إِمَّا مِنْ شُبْهَةٍ فِی الدِّینِ ارْتَكَبُوهَا أَوْ شَهْوَةٍ لِلَذَّةٍ آثَرُوهَا أَوْ عَصَبِیَّةٍ لحمة [لِحَمِیَّةٍ] أَعْمَلُوهَا فَإِذَا لَاحَتْ (1)

لَكُمْ شُبْهَةٌ فِی الدِّینِ فَاجْلُوهَا بِالْیَقِینِ وَ إِذَا عَرَضَتْ لَكُمْ شَهْوَةٌ فَاقْمَعُوهَا بِالزُّهْدِ وَ إِذَا عَنَتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَأَدُّوهَا بِالْعَفْوِ إِنَّهُ یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَی اللَّهِ أَجْرٌ فَلْیَقُمْ فَلَا یَقُومُ إِلَّا الْعَافُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَهُ تَعَالَی فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ (2).

السَّابِعَ عَشَرَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ تُؤْتَی كُلَّ یَوْمٍ بِرِزْقِكَ وَ أَنْتَ تَحْزَنُ وَ یَنْقُصُ كُلَّ یَوْمٍ مِنْ عُمُرِكَ وَ أَنْتَ تَفْرَحُ أَنْتَ فِیمَا یَكْفِیكَ وَ تَطْلُبُ مَا یُطْغِیكَ- لَا بِقَلِیلٍ تَقْنَعُ وَ لَا مِنْ كَثِیرٍ تَشْبَعُ.

الثَّامِنَ عَشَرَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ إِذَا رَأَیْنَاهُ ضَاحِكاً حَتَّی بَدَتْ ثَنَایَاهُ فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا ضَحِكْتَ فَقَالَ رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِی جِیئَا بَیْنَ یَدَیْ رَبِّی فَقَالَ أَحَدُهُمَا یَا رَبِّ خُذْ لِی بِمَظْلِمَتِی مِنْ آخَرَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلِمَتَهُ فَقَالَ: یَا رَبِّ لَمْ یَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِی شَیْ ءٌ فَقَالَ یَا رَبِّ فَلْیَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِی ثُمَّ فَاضَتْ عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الْیَوْمَ لَیَوْمٌ تَحْتَاجُ النَّاسُ فِیهِ إِلَی مَنْ یَحْمِلُ عَنْهُمْ أَوْزَارَهُمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلطَّالِبِ بِحَقِّهِ ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَی الْجَنَّةِ فَانْظُرْ مَا ذَا تَرَی فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَی مَا أَعْجَبَهُ مِنَ الْخَیْرِ وَ النِّعْمَةِ فَقَالَ یَا رَبِّ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِمَنْ أَعْطَانِی ثَمَنَهُ فَقَالَ یَا رَبِّ وَ مَنْ یَمْلِكُ ثَمَنَ ذَلِكَ فَقَالَ أَنْتَ فَقَالَ كَیْفَ بِذَلِكَ فَقَالَ بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِیكَ فَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَخُذْ بِیَدِ أَخِیكَ فَادْخُلَا الْجَنَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ.

ص: 180


1- 1. أی ظهرت و بدت.
2- 2. الشوری: 40.

التَّاسِعَ عَشَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ الَّذِینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ فَقَالَ الَّذِینَ نَظَرُوا إِلَی بَاطِنِ الدُّنْیَا حِینَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَی ظَاهِرِهَا فَاهْتَمُّوا بِآجِلِهَا حِینَ اهْتَمَّ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ یُمِیتَهُمْ وَ تَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنْ سَیَتْرُكَهُمْ فَمَا عَرَضَ لَهُمْ مِنْهَا عَارِضٌ إِلَّا رَفَضُوهُ وَ لَا خَادَعَهُمْ مِنْ رِفْعَتِهَا خَادِعٌ إِلَّا وَضَعُوهُ خُلِقَتِ الدُّنْیَا عِنْدَهُمْ فَمَا یُجَدِّدُونَهَا وَ خَرِبَتْ بَیْنَهُمْ فَمَا یَعْمُرُونَهَا وَ مَاتَتْ فِی صُدُورِهِمْ فَمَا یُحِبُّونَها بَلْ یَهْدِمُونَهَا فَیَبْنُونَ بِهَا آخِرَتَهُمْ وَ یَبِیعُونَهَا فَیَشْتَرُونَ بِهَا مَا یَبْقَی لَهُمْ نَظَرُوا إِلَی أَهْلِهَا صَرْعَی قَدْ حَلَّتْ بِهِمُ الْمَثُلَاثُ فَمَا یَرَوْنَ أَمَاناً دُونَ مَا یَرْجُونَ وَ لَا خَوْفاً دُونَ مَا یَحْذَرُونَ.

الْعِشْرُونَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: إِنَّمَا أَنْتُمْ خَلَفُ مَاضِینَ وَ بَقِیَّةُ مُتَقَدِّمِینَ كَانُوا أَكْبَرَ مِنْكُمْ بَسْطَةً وَ أَعْظَمَ سَطْوَةً فَأُزْعِجُوا عَنْهَا أَسْكَنَ مَا كَانُوا إِلَیْهَا وَ غَدَرَتْ بِهِمْ وَ أُخْرِجُوا مِنْهَا أَوْثَقَ مَا كَانُوا بِهَا فَلَمْ یَمْنَعْهُمْ قُوَّةُ عَشِیرَةٍ وَ لَا قُبِلَ مِنْهُمْ بَذْلُ فِدْیَةٍ فَأَرْحِلُوا أَنْفُسَكُمْ بِزَادٍ مُبْلِغٍ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذُوا عَلَی فَجْأَةٍ وَ قَدْ غَفَلْتُمْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ.

الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُنْ فِی الدُّنْیَا كَأَنَّكَ غَرِیبٌ وَ عَابِرُ سَبِیلٍ وَ اعْدُدْ نَفْسَكَ فِی الْمَوْتَی وَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَیْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ وَ مِنْ شَبَابِكَ لِهَرَمِكَ وَ مِنْ حَیَاتِكَ لِوَفَاتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی مَا اسْمُكَ غَداً.

الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ خُطَبِهِ أَوْ مَوَاعِظِهِ-: أَیُّهَا النَّاسُ لَا یَشْغَلَنَّكُمْ دُنْیَاكُمْ عَنْ آخِرَتِكُمْ فَلَا تُؤْثِرُوا هَوَاكُمْ عَلَی طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَ لَا تَجْعَلُوا أَیْمَانَكُمْ ذَرِیعَةً إِلَی مَعَاصِیكُمْ وَ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَ مَهِّدُوا لَهَا قَبْلَ أَنْ تُعَذَّبُوا وَ تَزَوَّدُوا لِلرَّحِیلِ قَبْلَ أَنْ تُزْعَجُوا فَإِنَّهَا مَوْقِفُ عَدْلٍ وَ اقْتِضَاءِ حَقٍّ وَ سُؤَالٍ عَنْ وَاجِبٍ وَ قَدْ أَبْلَغَ فِی الْإِعْذَارِ مَنْ تَقَدَّمَ بِالْإِنْذَارِ.

ص: 181

الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ أُحُدٍ وَ النَّاسُ یُحْدِقُونَ بِهِ وَ قَدْ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَی طَلْحَةَ أَیُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَی مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَ أَعْرِضُوا عَمَّا ضَمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْیَاكُمْ وَ لَا تَسْتَعْمِلُوا جوارحا [جَوَارِحَ] غُذِّیَتْ بِنِعْمَتِهِ فِی التَّعَرُّضِ لِسَخَطِهِ بِنَقِمَتِهِ وَ اجْعَلُوا شُغُلَكُمْ فِی الْتِمَاسِ مَغْفِرَتِهِ وَ اصْرِفُوا هِمَّتَكُمْ بِالتَّقَرُّبِ إِلَی طَاعَتِهِ إِنَّهُ مَنْ بَدَأَ بِنَصِیبِهِ مِنَ الدُّنْیَا فَإِنَّهُ نَصِیبُهُ مِنَ الْآخِرَةِ وَ لَمْ یُدْرِكْ مِنْهَا مَا یُرِیدُ وَ مَنْ بَدَأَ بِنَصِیبِهِ مِنَ الْآخِرَةِ وَصَلَ إِلَیْهِ مِنَ الدُّنْیَا.

الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِیَّاكُمْ وَ فُضُولَ المَطْعَمِ فَإِنَّهُ یَسُمُّ الْقَلْبَ بِالْقَسْوَةِ(1)

وَ یُبْطِئُ بِالْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَةِ وَ یَصُمُّ الْهِمَمَ عَنْ سَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ وَ إِیَّاكُمْ وَ فُضُولَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ یَبْدُرُ الْهَوَی (2)

وَ یُوَلِّدُ الْغَفْلَةَ وَ إِیَّاكُمْ وَ اسْتِشْعَارَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ یَشُوبُ الْقَلْبَ شِدَّةَ الْحِرْصِ وَ یَخْتِمُ عَلَی الْقُلُوبِ بِطَابَعِ حُبِّ الدُّنْیَا وَ هُوَ مِفْتَاحُ كُلِّ سَیِّئَةٍ وَ رَأْسُ كُلِّ خَطِیئَةٍ وَ سَبَبُ إِحْبَاطِ كُلِّ حَسَنَةٍ.

الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ خَیْرٌ یُرْجَی أَوْ شَرٌّ یُتَّقَی أَوْ بَاطِلٌ عَرَفَ فَاجْتَنَبَ أَوْ حَقٌّ یَتَعَیَّنُ فَطَلَبَ وَ آخِرَةٌ أَظَلَّ إِقْبَالُهَا فَسَعَی لَهَا وَ دُنْیَا عَرَفَ نَفَادَهَا فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَ كَیْفَ یَعْمَلُ لِلْآخِرَةِ مَنْ لَا یَنْقَطِعُ مِنَ الدُّنْیَا رَغْبَتُهُ وَ لَا تَنْقَضِی فِیهَا شَهْوَتُهُ إِنَّ الْعَجَبَ كُلَّ الْعَجَبِ لِمَنْ صَدَّقَ بِدَارِ الْبَقَاءِ وَ هُوَ یَسْعَی لِدَارِ الْفَنَاءِ وَ عَرَفَ أَنَّ رِضَا اللَّهِ فِی طَاعَتِهِ وَ هُوَ یَسْعَی فِی مُخَالَفَتِهِ.

السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: حَلُّوا أَنْفُسَكُمُ الطَّاعَةَ وَ أَلْبِسُوهَا قِنَاعَ الْمُخَالَفَةِ(3) فَاجْعَلُوا آخِرَتَكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ سَعْیَكُمْ لِمُسْتَقَرِّكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَنْ قَلِیلٍ رَاحِلُونَ وَ إِلَی اللَّهِ صَائِرُونَ وَ لَا

ص: 182


1- 1. وسمه یسمه وسمة: أی كواه و أثر فیه و جعل له علامة یعرف بها.
2- 2. بدر یبدر بدورا الشی ء: عاجله و سبقه.
3- 3. القناع: ما تغطی به المرأة رأسها.

یُغْنِی عَنْكُمْ هُنَالِكَ إِلَّا صَالِحُ عَمَلٍ قَدَّمْتُمُوهُ وَ حُسْنُ ثَوَابٍ أَحْرَزْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تَقْدَمُونَ عَلَی مَا قَدَّمْتُمْ وَ تُجَازُونَ عَلَی مَا أَسْلَفْتُمْ فَلَا تَخْدَعَنَّكُمْ زَخَارِفُ دُنْیَا دَنِیَّةٍ عَنْ مَرَاتِبِ جَنَّاتٍ عَلِیَّةٍ فَكَانَ قَدِ انْكَشَفَ الْقِنَاعُ وَ ارْتَفَعَ الِارْتِیَابُ وَ لَاقَی كُلُّ امْرِئٍ مُسْتَقَرَّهُ وَ عَرَفَ مَثْوَاهُ وَ مُنْقَلَبَهُ (1).

السَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خُطْبَتِهِ: لَا تَكُونُوا مِمَّنْ خَدَعَتْهُ الْعَاجِلَةُ وَ غَرَّتْهُ الْأُمْنِیَّةُ فَاسْتَهْوَتْهُ الْخُدْعَةُ فَرَكَنَ إِلَی دَارِ سَوْءٍ سَرِیعَةِ الزَّوَالِ وَشِیكَةِ الِانْتِقَالِ (2) إِنَّهُ لَمْ یَبْقَ مِنْ دُنْیَاكُمْ هَذِهِ فِی جَنْبِ مَا مَضَی إِلَّا كَإِنَاخَةِ رَاكِبٍ أَوْ صَرِّ حَالِبٍ (3) فَعَلَی مَا تَعْرُجُونَ وَ مَا ذَا تَنْتَظِرُونَ فَكَأَنَّكُمْ وَ اللَّهِ وَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِیهِ مِنَ الدُّنْیَا لَمْ یَكُنْ وَ مَا یَصِیرُونَ إِلَیْهِ مِنَ الْآخِرَةِ لَمْ یَزَلْ فَخُذُوا أُهْبَةً(4) لَا زَوَالَ لِنَقْلِهِ وَ أَعِدُّوا الزَّادَ لِقُرْبِ الرِّحْلَةِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ امْرِئٍ عَلَی مَا قَدَّمَ قَادِمٌ وَ عَلَی مَا خَلَّفَ نَادِمٌ.

الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَیُّهَا النَّاسُ بَسْطُ الْأَمَلِ مُتَقَدِّمٌ حُلُولَ الْأَجَلِ وَ الْمَعَادُ مِضْمَارُ الْعَمَلِ فَمُغْتَبِطٌ بِمَا احْتَقَبَ غَانِمٌ وَ مُتَیَسِّرٌ بِمَا فَاتَهُ نَادِمٌ (5) أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ وَ الْیَأْسَ غِنًی وَ الْقَنَاعَةُ رَاحَةٌ وَ الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ وَ الْعَمَلُ كَنْزٌ وَ الدُّنْیَا مَعْدِنٌ وَ اللَّهِ مَا یُسَاوِی مَا مَضَی

ص: 183


1- 1. أی محل قراره و ما انقلب إلیه.
2- 2. الوشیك: السریع.
3- 3. أناخ فلان بالمكان: أقام به. و صر بالناقة: شد ضرعها بالصرار لئلا یرضع ولدها. و الحالب هو الذی یحلب الناقة أو الشاة أی أخرج ما فی ضرعها من اللبن.
4- 4. الاهبة- بضم الهمزة و سكون الهاء و الباء الموحدة-: العدة یقال أخذ للسفر اهبته أی عدته.
5- 5. المغتبط: المسرور، و احتقب الشی ء جمعه، و غانم فاعل من غنم یغنم. و المتیسر هو الذی یمكنه أن یفعل ما یشاء من الخیرات.

مِنْ دُنْیَاكُمْ هَذِهِ بِأَهْدَابِ بُرْدِی هَذَا(1) وَ لَمَا بَقِیَ مِنْهَا أَشْبَهُ بِمَا مَضَی مِنَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ وَ كُلٌّ إِلَی بَقَاءٍ وَشِیكٍ وَ زَوَالٍ قَرِیبٍ فَبَادِرُوا الْعَمَلَ وَ أَنْتُمْ فِی مَهَلِ الْأَنْفَاسِ وَ جِدَةِ الْأَحْلَاسِ (2) قَبْلَ أَنْ تَأْخُذُوا بِالْكَظْمِ (3) فَلَا یَنْفَعَ النَّدَمُ.

التَّاسِعُ وَ الْعِشْرُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: یَكُونُ أُمَّتِی فِی الدُّنْیَا عَلَی ثَلَاثَةِ أَطْبَاقٍ- أَمَّا الطَّبَقُ الْأَوَّلُ فَلَا یُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ وَ ادِّخَارَهُ وَ لَا یَسْعَوْنَ فِی اقْتِنَائِهِ وَ احْتِكَارِهِ وَ إِنَّمَا رِضَاهُمْ مِنَ الدُّنْیَا سَدُّ جَوْعَةٍ وَ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَ غِنَاهُمْ فِیهَا مَا بَلَغَ بِهِمُ الْآخِرَةُ فَأُولَئِكَ الْآمِنُونَ الَّذِینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ- وَ أَمَّا الطَّبَقُ الثَّانِی فَإِنَّهُمْ یُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ أَطْیَبِ وُجُوهِهِ وَ أَحْسَنِ سَبِیلِهِ یَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَهُمْ وَ یَبَرُّونَ بِهِ إِخْوَانَهُمْ وَ یُوَاسُونَ بِهِ فُقَرَاءَهُمْ وَ لَعَضُّ أَحَدِهِمْ عَلَی الرَّضِیفِ (4) أَیْسَرُ عَلَیْهِ مِنْ أَنْ یَكْتَسِبَ دِرْهَماً مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ أَوْ یَمْنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ أَنْ یَكُونَ لَهُ خَازِناً إِلَی حِینِ مَوْتِهِ فَأُولَئِكَ الَّذِینَ إِنْ نُوقِشُوا(5)

عُذِّبُوا وَ إِنْ عُفِیَ عَنْهُمْ سَلِمُوا- وَ أَمَّا الطَّبَقُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُمْ یُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ مِمَّا حَلَّ وَ حَرُمَ وَ مَنْعَهُ مِمَّا افْتُرِضَ وَ وَجَبَ إِنْ أَنْفَقُوهُ أَنْفَقُوهُ إِسْرَافاً وَ بِدَاراً(6)

وَ إِنْ أَمْسَكُوهُ أَمْسَكُوهُ بُخْلًا وَ

ص: 184


1- 1. الاهداب جمع هدب و هو خمل الثوب و طرته.
2- 2. جدة الثوب- بكسر الجیم و شد الدال- كونه جدیدا. و الاحلاس- بالحاء المهملة- جمع حلس- بكسر الحاء- و هو ما یوضع علی ظهر الدابّة تحت السرج، و الرحل الذی یبسط فی البیت علی الأرض تحت حر الثیاب و المتاع.
3- 3. الكظم- محركة-: مخرج النفس.
4- 4. عض الشی ء: أمسكه بأسنانه، و الرضیف بالراء المهملة و الضاد المعجمة الحجارة المحماة.
5- 5. ناقشه الحساب و فی الحساب: استقصی فی حسابه. و المناقشة التشدد فی المحاسبة.
6- 6. بدارا أی سراعا.

احْتِكَاراً أُولَئِكَ الَّذِینَ مَلَكَتِ الدُّنْیَا زِمَامَ قُلُوبِهِمْ حَتَّی أَوْرَدَتْهُمُ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ.

الثَّلَاثُونَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْیَقِینِ أَنْ تُرْضِیَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَی رِزْقِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَی مَا لَمْ یُؤْتِكَ اللَّهُ إِنَّ رِزْقَ اللَّهِ لَا یَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِیصٍ وَ لَا یَرُدُّهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ بِحِكْمَتِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَ الْفَرَحَ فِی الرِّضَا وَ الْیَقِینِ وَ جَعَلَ الْهَمَّ وَ الْحُزْنَ فِی الشَّكِّ وَ السَّخَطِ إِنَّكَ إِنْ تَدَعُ شَیْئاً لِلَّهِ إِلَّا أَتَاكَ اللَّهُ خَیْراً مِنْهُ وَ إِنْ تَأْتِی شَیْئاً تَقَرُّباً إِلَی اللَّهِ تَعَالَی إِلَّا أَجْزَلَ اللَّهُ لَكَ الثَّوَابَ عَنْهُ فَاجْعَلُوا هِمَّتَكُمُ الْآخِرَةَ لَا یَنْفَدُ فِیهَا ثَوَابُ الْمَرْضِیِّ عَنْهُ وَ لَا یَنْقَطِعُ فِیهَا عِقَابُ الْمَسْخُوطِ عَلَیْهِ.

الْحَادِی وَ الثَّلَاثُونَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَیْسَ شَیْ ءٌ تُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ ذَكَرْتُهُ لَكُمْ وَ لَا شَیْ ءٌ یُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا وَ قَدْ دَلَلْتُكُمْ عَلَیْهِ إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِی رُوعِی أَنَّهُ لَنْ یَمُوتَ عَبْدٌ مِنْكُمْ حَتَّی یَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ فَأَجْمِلُوا فِی الطَّلَبِ فَلَا یَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَی أَنْ تَطْلُبُوا شَیْئاً مِنْ فَضْلِ اللَّهِ بِمَعْصِیَتِهِ فَإِنَّهُ لَنْ یُنَالَ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ رِزْقاً هُوَ یَأْتِیهِ لَا مَحَالَةَ فَمَنْ رَضِیَ بِهِ بُورِكَ لَهُ فِیهِ وَ وَسِعَهُ وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ بِهِ لَمْ یُبَارَكْ لَهُ فِیهِ وَ لَمْ یَسَعْهُ إِنَّ الرِّزْقَ لَیَطْلُبُ الرَّجُلَ كَمَا یَطْلُبُهُ أَجَلُهُ.

الثَّانِی وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ عِیسَی بْنِ عُمَرَ عَنْ مُعَاوِیَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی خُطْبَةِ أَحَدِ الْعِیدَیْنِ-: الدُّنْیَا دَارُ بَلَاءٍ وَ مَنْزِلُ بُلْغَةٍ وَ عَنَاءٍ(1) قَدْ نُزِعَتْ عَنْهَا نُفُوسُ السُّعَدَاءِ وَ انْتُزِعَتْ بِالْكَرَّةِ مِنْ أَیْدِی الْأَشْقِیَاءِ فَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهَا أَرْغَبُهُمْ عَنْهَا وَ أَشْغَلُهُمْ بِهَا أَرْغَبُهُمْ فِیهَا فَهِیَ الْغَاشَّةُ لِمَنِ اسْتَنْصَحَهَا(2)

وَ الْمُغْوِیَةُ لِمَنْ أَطَاعَهَا وَ الْخَاتِرَةُ لِمَنِ انْقَادَ إِلَیْهَا(3)

وَ الْفَائِزُ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا وَ الْهَالِكُ مَنْ هَوَی فِیهَا طُوبَی لِعَبْدٍ

ص: 185


1- 1. البلغة و البلاغ: ما یكفی من العیش و لا یفضل. و العناء: التعب.
2- 2. الغاش فاعل من غشه یغشه، و استنصحه ای عده نصیحا.
3- 3. الخاتر: الغادر.

اتَّقَی مِنْهَا رَبَّهُ وَ قَدَّمَ تَوْبَتَهُ وَ غَلَبَ شَهْوَتَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُلْقِیَهُ الدُّنْیَا إِلَی الْآخِرَةِ فَیُصْبِحَ فِی بَطْنٍ مُوحِشَةٍ غَبْرَاءَ مُدْلَهِمَّةٍ ظَلْمَاءَ(1) لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَزِیدَ فِی حَسَنَتِهِ وَ لَا یَنْقُصَ مِنْ سَیِّئَتِهِ ثُمَّ یُنْشَرُ فَیُحْشَرُ إِمَّا إِلَی الْجَنَّةِ یَدُومُ نَعِیمُهَا أَوْ إِلَی النَّارِ لَا یَنْفَدُ عَذَابُهَا.

الثَّالِثُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ شَمِّرُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ جَدٌّ وَ تَأَهَّبُوا فَإِنَّ الرَّحِیلَ قَرِیبٌ وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ السَّفَرَ بَعِیدٌ وَ خَفِّفُوا أَثْقَالَكُمْ فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً(2)

وَ لَا یَقْطَعُهَا إِلَّا الْمُخِفُّونَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ بَیْنَ یَدَیِ السَّاعَةِ أُمُوراً شِدَاداً وَ أَهْوَالًا عِظَاماً وَ زَمَاناً صَعْباً یَتَمَلَّكُ فِیهِ الظَّلَمَةُ وَ یَتَصَدَّرُ فِیهِ الْفَسَقَةُ وَ یُضَامُ فِیهِ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ

یَضْطَهِدُ(3)

فِیهِ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَأَعِدُّوا لِذَلِكَ الْإِیمَانَ وَ عَضُّوا عَلَیْهِ بِالنَّوَاجِذِ(4) وَ الْجَئُوا إِلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ أَكْرِهُوا عَلَیْهِ النُّفُوسَ تُفْضُوا إِلَی النَّعِیمِ الدَّائِمِ (5).

الرَّابِعُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِرَجُلٍ یَعِظُهُ ارْغَبْ فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ یُحِبَّكَ اللَّهُ وَ ازْهَدْ مَا فِی أَیْدِی النَّاسِ یُحِبَّكَ النَّاسُ إِنَّ الزَّاهِدَ فِی الدُّنْیَا یُرِیحُ وَ یُرِیحُ قَلْبُهُ وَ بَدَنُهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ الرَّاغِبُ فِیهَا یَتْعَبُ قَلْبُهُ وَ بَدَنُهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ لَیَجِیئَنَّ أَقْوَامٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَهُمْ حَسَنَاتٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ فَیَأْمُرُ بِهِمْ إِلَی النَّارِ فَقِیلَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَ مُصَلُّونَ كَانُوا قَالَ نَعَمْ كَانُوا یُصَلُّونَ وَ یَصُومُونَ وَ یَأْخُذُونَ وَهْناً مِنَ اللَّیْلِ لَكِنَّهُمْ إِذَا لَاحَ لَهُمْ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَثَبُوا عَلَیْهِ.

ص: 186


1- 1. ادلهم اللیل أی أظلم و اشتد سواده.
2- 2. كئود و كأداء: صعبة شاقة المصعد.
3- 3. ضامه یضیمه ضیما قهره و ظلمه. و ضهده و أضهد به و اضطهده: قهره و جار علیه و أذاه و اضطره و حبسه بسبب المذهب أو الدین.
4- 4. النواجذ جمع الناجذ و هو أقصی الأضراس.
5- 5. أفضی إلیه ای وصل و انتهی به إلیه.

الْخَامِسُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَیُّهَا النَّاسُ هَذِهِ دَارُ تَرَحٍ لَا دَارُ فَرَحٍ (1)

وَ دَارُ الْتِوَاءٍ(2) لَا دَارُ اسْتِوَاءٍ فَمَنْ عَرَفَهَا لَمْ یَفْرَحْ لِرَجَاءٍ وَ لَمْ یَحْزَنْ لِشَقَاءٍ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدُّنْیَا دَارَ بَلْوَی وَ الْآخِرَةَ دَارَ عُقْبَی فَجَعَلَ بَلْوَی الدُّنْیَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ سَبَباً وَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ مِنْ بَلْوَی الدُّنْیَا عِوَضاً فَیَأْخُذُ لِیُعْطِیَ وَ یَبْتَلِی لِیَجْزِیَ وَ إِنَّهَا لَسَرِیعَةُ الذَّهَابِ وَ وَشِیكَةُ الِانْقِلَابِ فَاحْذَرُوا حَلَاوَةَ رَضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا(3)

وَ اهْجُرُوا لَذِیذَ عَاجِلِهَا لِكُرْبَةِ آجِلِهَا وَ لَا تَسْعَوْا فِی عُمَارَةٍ قَدْ قَضَی اللَّهُ خَرَابَهَا وَ لَا تُوَاصِلُوهَا وَ قَدْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْكُمْ اجْتِنَابَهَا فَتَكُونُوا لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِینَ وَ لِعُقُوبَتِهِ مُسْتَحِقِّینَ.

السَّادِسُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ اسْعَوْا فِی مَرْضَاتِهِ وَ أَیْقِنُوا مِنَ الدُّنْیَا بِالْفَنَاءِ وَ مِنَ الْآخِرَةِ بِالْبَقَاءِ وَ اعْمَلُوا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَأَنَّكُمْ بِالدُّنْیَا لَمْ تَكُنْ وَ بِالْآخِرَةِ لَمْ تَزَلْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ مَنْ فِی الدُّنْیَا ضَیْفٌ وَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ عَارِیَّةٌ وَ إِنَّ الضَّیْفَ مُرْتَحِلٌ وَ الْعَارِیَّةَ مَرْدُودَةٌ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا عَرَضٌ حَاضِرٌ یَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ وَ الْآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ یَحْكُمُ فِیهَا مَلِكٌ عَادِلٌ قَادِرٌ فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً یَنْظُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَهَّدَ لِرَمْسِهِ (4)

مَا دَامَ رَسَنَهُ مُرْخِیاً وَ حَبْلَهُ عَلَی غَارِبِهِ مُلْقِیاً قَبْلَ أَنْ یَنْفَدَ أَجَلُهُ وَ یَنْقَطِعَ عَمَلُهُ.

السَّابِعُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِرَجُلٍ وَ هُوَ یُوصِیهِ أَقْلِلْ مِنَ الشَّهَوَاتِ یُسَهَّلْ عَلَیْكَ الْفَقْرُ وَ أَقْلِلْ مِنَ الذُّنُوبِ یُسَهَّلْ عَلَیْكَ الْمَوْتُ وَ قَدِّمْ مَالَكَ أَمَامَكَ یَسُرَّكَ اللَّحَاقُ بِهِ وَ اقْنَعْ بِمَا أُوتِیتَهُ یَخِفَّ عَلَیْكَ الْحِسَابُ وَ لَا تَتَشَاغَلْ عَمَّا فُرِضَ عَلَیْكَ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَكَ فَإِنَّهُ لَیْسَ بِفَائِتِكَ مَا قَدْ قُسِمَ لَكَ

ص: 187


1- 1. الترح ضد الفرح.
2- 2. من- لوی یلوی لیا-: الحبل فتله و ثناه. و التوی التواء مطاوع لوی.
3- 3. الفطام انقطاع الرضاع و فصل الولد عنه.
4- 4. الرمس مصدر بمعنی القبر مستویا لا یعلو عن وجه الأرض.

وَ لَسْتَ بِلَاحِقٍ مَا قَدْ زُوِیَ عَنْكَ فَلَا تَكُ جَاهِداً فِیمَا أنصح [أَصْبَحَ] نَافِداً(1)

وَ اسْعَ لِمُلْكٍ لَا زَوَالَ لَهُ فِی مَنْزِلٍ لَا انْتِقَالَ عَنْهُ.

الثَّامِنُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: إِنَّهُ مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْیَا قَلْبَ عَبْدٍ إِلَّا الْتَاطَ(2)

فِیهَا بِثَلَاثٍ شُغُلٍ لَا یَنْفَدُ عَنَاؤُهُ وَ فَقْرٍ لَا یُدْرَكُ غِنَاهُ وَ أَمَلٍ لَا یُنَالُ مُنْتَهَاهُ أَلَا إِنَّ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةَ طَالِبَتَانِ وَ مَطْلُوبَتَانِ فَطَالِبُ الْآخِرَةِ تَطْلُبُهُ الدُّنْیَا حَتَّی یَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ وَ طَالِبُ الدُّنْیَا تَطْلُبُهُ الْآخِرَةُ حَتَّی یَأْخُذَهُ الْمَوْتُ بَغْتَةً أَلَا وَ إِنَّ السَّعِیدَ مَنِ اخْتَارَ بَاقِیَةً یَدُومُ نَعِیمُهَا عَلَی فَانِیَةٍ- لَا یَنْفَدُ عَذَابُهَا وَ قَدَّمَ لِمَا تَقْدَمُ عَلَیْهِ مِمَّا هُوَ فِی یَدَیْهِ قَبْلَ أَنْ یُخَلِّفَهُ لِمَنْ یَسْعَدُ بِإِنْفَاقِهِ وَ قَدْ شَقِیَ هُوَ بِجَمْعِهِ.

التَّاسِعُ وَ الثَّلَاثُونَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَلَا إِنَّ الدُّنْیَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَ الْآخِرَةَ قَدِ احْتَمَلَتْ مُقْبِلَةً أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی یَوْمِ عَمَلٍ لَا حِسَابَ فِیهِ وَ یُوشِكُ أَنْ تَكُونُوا فِی یَوْمِ حِسَابٍ لَیْسَ فِیهِ عَمَلٌ وَ إِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الدُّنْیَا مَنْ یُحِبُّ وَ یُبْغِضُ وَ لَا یُعْطِی الْآخِرَةَ إِلَّا لِمَنْ یُحِبُّ وَ إِنَّ لِلدُّنْیَا أَبْنَاءً وَ لِلْآخِرَةِ أَبْنَاءً فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا إِنَّ شَرَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَیْكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ فَاتِّبَاعُ الْهَوَی یَصْرِفُ قُلُوبَكُمْ عَنِ الْحَقِّ وَ طُولُ الْأَمَلِ یَصْرِفُ هِمَمَكُمْ إِلَی الدُّنْیَا وَ مَا بَعْدَهُمَا لِأَحَدٍ مِنْ خَیْرٍ یُرْجَاهُ فِی دُنْیَا وَ لَا آخِرَةٍ.

الْأَرْبَعُونَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ بَیْتٍ إِلَّا وَ مَلَكُ الْمَوْتِ یَقِفُ عَلَی بَابِهِ كُلَّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَإِذَا وَجَدَ الْإِنْسَانَ قَدْ نَفِدَ أَجَلُهُ وَ انْقَطَعَ أُكُلُهُ أَلْقَی عَلَیْهِ الْمَوْتَ فَغَشِیَتْهُ كُرُبَاتُهُ وَ غَمَرَتْهُ غَمَرَاتُهُ فَمِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ النَّاشِرَةُ شَعْرَهَا وَ الضَّارِبَةُ وَجْهَهَا الصَّارِخَةُ بِوَیْلِهَا الْبَاكِیَةُ بِشَجْوِهَا(3)

ص: 188


1- 1. كذا. و لعله« أصبح نافدا» فصحف. و المعنی ظاهر.
2- 2. التاط بقلبی أی لصق به و أحببته.
3- 3. أی بحزنها و غصتها و هیجانها.

فَیَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَیْلَكُمْ مِمَّ الْجَزَعُ وَ فِیمَ الْفَزَعُ وَ اللَّهِ مَا أَذْهَبْتُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَالًا وَ لَا قَرَّبْتُ لَهُ أَجَلًا وَ لَا أَتَیْتُهُ حَتَّی أُمِرْتُ وَ لَا قَبَضْتُ رُوحَهُ حَتَّی اسْتَأْمَرْتُ وَ إِنَّ لِی إِلَیْكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً حَتَّی لَا أَبْقَی مِنْكُمْ أَحَداً ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ یَرَوْنَ مَكَانَهُ وَ یَسْمَعُونَ كَلَامَهُ لَذَهِلُوا عَنْ مَیِّتِهِمْ وَ بَكَوْا عَلَی نُفُوسِهِمْ حَتَّی إِذَا حُمِلَ الْمَیِّتُ عَلَی نَعْشِهِ رَفْرَفَ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ وَ هُوَ یُنَادِی یَا أَهْلِی وَ وُلْدِی- لَا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْیَا كَمَا لَعِبَتْ بِی جَمَعْتُهُ مِنْ حِلِّهِ وَ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ وَ خَلَّفْتُهُ لِغَیْرِی وَ الْمَهْنَأُ لَهُ وَ التَّبِعَاتُ عَلَیَّ فَاحْذَرُوا مِنْ مِثْلِ مَا نَزَلَ.

«11»- رَوَی الشَّهِیدُ الثَّانِی قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ الْغِیبَةِ(1) بِإِسْنَادِهِ عَنْ شَیْخِ الطَّائِفَةِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام فَإِذَا بِمَوْلًی لِعَبْدِ اللَّهِ النَّجَاشِیِّ قَدْ وَرَدَ عَلَیْهِ فَسَلَّمَ وَ أَوْصَلَ إِلَیْهِ كِتَابَهُ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ إِذَا أَوَّلُ سَطْرٍ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَیِّدِی وَ جَعَلَنِی مِنْ كُلِّ سُوءٍ فِدَاءَهُ وَ لَا أَرَانِی فِیهِ مَكْرُوهاً فَإِنَّهُ وَلِیُّ ذَلِكَ وَ الْقَادِرُ عَلَیْهِ اعْلَمْ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ إِلَی أَنْ قَالَ إِنِّی بُلِیتُ بِوِلَایَةِ الْأَهْوَازِ فَإِنْ رَأَی سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ أَنْ یَحُدَّ لِی حَدّاً أَوْ یُمَثِّلَ لِی مِثَالًا لِأَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَی مَا یُقَرِّبُنِی إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ یُلَخِّصَ لِی فِی كِتَابِهِ مَا یَرَی لِیَ الْعَمَلَ بِهِ وَ فِیمَا أَبْذُلُهُ وَ أَبْتَذِلُهُ وَ أَیْنَ أَضَعُ زَكَاتِی وَ فِیمَنْ أَصْرِفُهَا وَ بِمَنْ آنَسُ وَ إِلَی مَنْ أَسْتَرِیحُ وَ بِمَنْ أَثِقُ وَ آمَنُ وَ أَلْجَأُ إِلَیْهِ بِسِرِّی فَعَسَی أَنْ یُخَلِّصَنِی اللَّهُ بِهِدَایَتِكَ فَإِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ أَمِینُهُ فِی بِلَادِهِ- لَا زَالَتْ نِعْمَتُهُ عَلَیْكَ- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ فَأَجَابَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ جَامَلَكَ اللَّهُ بِصُنْعِهِ وَ لَطَفَ بِكَ بِمَنِّهِ وَ كَلَأَكَ بِرِعَایَتِهِ فَإِنَّهُ وَلِیُّ ذَلِكَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَ إِلَیَّ رَسُولُكَ بِكِتَابِكَ فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُ جَمِیعَ مَا ذَكَرْتَهُ وَ سَأَلْتَ عَنْهُ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ بُلِیتَ بِوِلَایَةِ الْأَهْوَازِ فَسَرَّنِی ذَلِكَ وَ سَاءَنِی وَ سَأُخْبِرُكَ بِمَا سَاءَنِی مِنْ ذَلِكَ وَ مَا سَرَّنِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا سُرُورِی بِوِلَایَتِكَ فَقُلْتُ عَسَی أَنْ یُغِیثَ

ص: 189


1- 1. المطبوع مع كشف الفوائد ص 264.

اللَّهُ بِكَ مَلْهُوفاً خَائِفاً مِنْ أَوْلِیَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُعِزَّ بِكَ ذَلِیلَهُمْ وَ یَكْسُوَ بِكَ عَارِیَهُمْ وَ یُقَوِّیَ بِكَ ضَعِیفَهُمْ وَ یُطْفِیَ بِكَ نَارَ الْمُخَالِفِینَ عَنْهُمْ وَ أَمَّا الَّذِی سَاءَنِی مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ أَدْنَی مَا أَخَافُ عَلَیْكَ أَنْ تَعْثُرَ بِوَلِیٍّ لَنَا فَلَا تَشَمَّ حَظِیرَةَ الْقُدْسِ فَإِنِّی مُلَخِّصٌ لَكَ جَمِیعَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْهُ رَجَوْتُ أَنْ تَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

أَخْبَرَنِی یَا عَبْدَ اللَّهِ أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنِ اسْتَشَارَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَلَمْ یَمْحَضْهُ النَّصِیحَةَ سَلَبَهُ اللَّهُ لُبَّهُ وَ اعْلَمْ أَنِّی سَأُشِیرُ عَلَیْكَ بِرَأْیٍ إِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِهِ تَخَلَّصْتَ مِمَّا أَنْتَ مُتَخَوِّفُهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ خَلَاصَكَ مِمَّا بِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَ كَفِّ الْأَذَی عَنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّةِ وَ التَّأَنِّی وَ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ لِینٍ فِی غَیْرِ ضَعْفٍ وَ شِدَّةٍ فِی غَیْرِ عُنْفٍ وَ مُدَارَاةِ صَاحِبِكَ وَ مَنْ یَرِدُ عَلَیْكَ مِنْ رُسُلِهِ وَ ارْتُقْ فَتْقَ رَعِیَّتِكَ-(1) بِأَنْ تُوَفِّقَهُمْ عَلَی مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ الْعَدْلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِیَّاكَ وَ السُّعَاةَ وَ أَهْلَ النَّمَائِمِ فَلَا یَلْتَزِقَنَّ بِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَ لَا یَرَاكَ اللَّهُ یَوْماً وَ لَا لَیْلَةً وَ أَنْتَ تَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا فَیَسْخَطَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ یَهْتِكَ سِتْرَكَ وَ احْذَرْ مَكْرَ خُوزِ الْأَهْوَازِ(2) فَإِنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ الْإِیمَانُ لَا یَثْبُتُ فِی قَلْبِ یَهُودِیٍّ وَ لَا خُوزِیٍّ أَبَداً فَأَمَّا مَنْ تَأْنَسُ بِهِ وَ تَسْتَرِیحُ إِلَیْهِ وَ تُلْجِئُ أُمُورَكَ إِلَیْهِ فَذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُمْتَحَنُ الْمُسْتَبْصِرُ الْأَمِینُ الْمُوَافِقُ لَكَ عَلَی دِینِكَ وَ مَیِّزْ أَعْوَانَكَ (3)

وَ جَرِّبِ الْفَرِیقَیْنِ فَإِنْ رَأَیْتَ هُنَاكَ رُشْداً فَشَأْنَكَ وَ إِیَّاهُ وَ إِیَّاكَ أَنْ تُعْطِیَ دِرْهَماً أَوْ تَخْلَعَ ثَوْباً أَوْ تَحْمِلَ عَلَی دَابَّةٍ فِی غَیْرِ ذَاتِ اللَّهِ لِشَاعِرٍ أَوْ مُضْحِكٍ أَوْ مُتَمَزِّحٍ إِلَّا أَعْطَیْتَ مِثْلَهُ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ لْتَكُنْ جَوَائِزُكَ وَ عَطَایَاكَ وَ خِلَعُكَ

ص: 190


1- 1. الرتق ضد الفتق أی أصلح ذات بینهم.
2- 2. الخوز بالمعجمتین و ضم أولهما جیل من الناس و اسم لجمیع بلاد خوزستان.
3- 3. أی اجعل لهم علامة یعرفون بها و علی هذا فمعنی« جرب الفریقین» أی جرب من تأنس و اعوانك و یمكن أن یراد بتمییز الاعوان تشخیص العدو و الصدیق منهم فیكون التجربة متعلقة بهما.

لِلْقُوَّادِ وَ الرُّسُلِ وَ الْأَخْبَارِ وَ أَصْحَابِ الرَّسَائِلِ وَ أَصْحَابِ الشُّرَطِ وَ الْأَخْمَاسِ وَ مَا أَرَدْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ فِی وُجُوهِ الْبِرِّ وَ النَّجَاحِ وَ الْعِتْقِ وَ الصَّدَقَةِ وَ الْحَجِّ وَ الْمَشْرَبِ وَ الْكِسْوَةِ الَّتِی تُصَلِّی فِیهَا وَ تَصِلُ بِهَا وَ الْهَدِیَّةِ الَّتِی تُهْدِیهَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَطْیَبِ مَكْسَبِكَ وَ مِنْ طُرُقِ الْهَدَایَا یَا عَبْدَ اللَّهِ اجْهَدْ أَنْ لَا تَكْنِزَ ذَهَباً وَ لَا فِضَّةً فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآیَةِ- وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ- یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوی بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (1)

وَ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَیْئاً مِنْ حُلْوٍ أَوْ مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ تَصْرِفُهُ فِی بُطُونٍ خَالِیَةٍ تُسَكِّنُ بِهَا غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ اعْلَمْ أَنِّی سَمِعْتُ أَبِی یُحَدِّثُ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً مَا آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ مَنْ بَاتَ شَبْعَاناً وَ جَارُهُ جَائِعٌ فَقُلْنَا هَلَكْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مِنْ فَضْلِ طَعَامِكُمْ وَ مِنْ فَضْلِ تَمْرِكُمْ وَ وَرِقِكُمْ وَ خَلَقِكُمْ وَ خِرَقِكُمْ (2)

تُطْفِئُونَ بِهَا غَضَبَ الرَّبِّ وَ سَأُنَبِّئُكَ بِهَوَانِ الدُّنْیَا وَ هَوَانِ زُخْرُفِهَا عَلَی مَنْ مَضَی مِنَ السَّلَفِ وَ التَّابِعِینَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِیثَ زُهْدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الدُّنْیَا وَ طَلَاقِهِ لَهَا(3) إِلَی أَنْ قَالَ وَ قَدْ وَجَّهْتُ إِلَیْكَ بِمَكَارِمِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ عَنِ الصَّادِقِ الْمُصَدَّقِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ بِمَا نَصَحْتُ لَكَ فِی كِتَابِی ثُمَّ كَانَتْ عَلَیْكَ مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْخَطَایَا كَمِثْلِ أَوْزَانِ الْجِبَالِ وَ أَمْوَاجِ الْبِحَارِ رَجَوْتُ اللَّهَ أَنْ یَتَجَافَی عَنْكَ جَلَّ وَ عَزَّ بِقُدْرَتِهِ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِیَّاكَ أَنْ تُخِیفَ مُؤْمِناً- فَإِنَّ أَبِی مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حَدَّثَنِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ

ص: 191


1- 1. التوبة: 35 و 36.
2- 2. قوله« فقلنا هلكنا» أی هلكنا بما قلت أو نحن نشبع و جیراننا یبیتون جیاعا و لیس عندنا ما یشبعهم فقال صلّی اللّٰه علیه و آله:« من فضل طعامكم» أی انفقوا طعامكم و فضل ثیابكم و ان كان خلقا بالیا خرقا، تسكن به غضب ربكم.
3- 3. كما یأتی عن قریب عن كتاب الأربعین فی قضاء حقوق المؤمنین.

عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ مَنْ نَظَرَ إِلَی مُؤْمِنٍ نَظْرَةً لِیُخِیفَهُ بِهَا أَخَافَهُ اللَّهُ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ حَشَرَهُ فِی صُورَةِ الذَّرِّ لَحْمَهُ وَ جَسَدَهُ وَ جَمِیعَ أَعْضَائِهِ حَتَّی یُورِدَهُ مَوْرِدَهُ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَغَاثَ لَهْفَاناً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَغَاثَهُ اللَّهُ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَ آمَنَهُ یَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ آمَنَهُ مِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ وَ مَنْ قَضَی لِأَخِیهِ الْمُؤْمِنِ حَاجَةً قَضَی اللَّهُ لَهُ حَوَائِجَ كَثِیرَةً إِحْدَاهَا الْجَنَّةُ وَ مَنْ كَسَا أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عُرْیٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ سُنْدُسِ الْجَنَّةِ وَ إِسْتَبْرَقِهَا وَ حَرِیرِهَا وَ لَمْ یَزَلْ یَخُوضُ فِی رِضْوَانِ اللَّهِ مَا دَامَ عَلَی الْمَكْسُوِّ مِنْهُ سِلْكٌ وَ مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ مِنْ جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ طَیِّبَاتِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ سَقَاهُ مِنْ ظَمَإٍ سَقَاهُ

اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ رَیَّةً وَ مَنْ أَخْدَمَ أَخَاهُ أَخْدَمَهُ اللَّهُ مِنَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِینَ وَ أَسْكَنَهُ مَعَ أَوْلِیَائِهِ الطَّاهِرِینَ وَ مَنْ حَمَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ عَلَی رَاحِلَةٍ حَمَلَهُ اللَّهُ عَلَی نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ وَ بَاهَی بِهِ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِینَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ زَوَّجَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ امْرَأَةً یَأْنَسُ بِهَا وَ تَشُدُّ عَضُدَهُ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَیْهَا زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ وَ آنَسَهُ بِمَنْ أَحَبَّهُ مِنَ الصِّدِّیقِینَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ إِخْوَانِهِ وَ آنَسَهُمْ بِهِ وَ مَنْ أَعَانَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ عَلَی سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَی إِجَازَةِ الصِّرَاطِ عِنْدَ زَلَّةِ الْأَقْدَامِ وَ مَنْ زَارَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ إِلَی مَنْزِلِهِ لَا حَاجَةَ مِنْهُ إِلَیْهِ كُتِبَ مِنْ زُوَّارِ اللَّهِ وَ كَانَ حَقِیقاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُكْرِمَ زَائِرَهُ- یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ لَیْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ یُؤْمِنْ بِقَلْبِهِ فَلَا تَتَبَّعُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَّعَ عَثْرَةَ مُؤْمِنٍ اتَّبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ فَضَحَهُ فِی جَوْفِ بَیْتِهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا یُصَدَّقَ فِی مَقَالَتِهِ وَ لَا یَنْتَصِفَ مِنْ عَدُوِّهِ وَ عَلَی أَنْ لَا یَشْفِیَ غَیْظَهُ إِلَّا بِفَضِیحَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مُلْجَمٌ وَ ذَلِكَ لِغَایَةٍ قَصِیرَةٍ وَ رَاحَةٍ طَوِیلَةٍ وَ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الْمُؤْمِنِ عَلَی

ص: 192

أَشْیَاءَ أَیْسَرُهَا عَلَیْهِ مُؤْمِنٌ مِثْلُهُ یَقُولُ بِمَقَالَتِهِ یَبْغِیهِ وَ یَحْسُدُهُ وَ الشَّیْطَانُ یُغْوِیهِ وَ یُضِلُّهُ وَ السُّلْطَانُ یَقْفُو أَثَرَهُ وَ یَتَّبَّعُ عَثَرَاتِهِ وَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الَّذِی هُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ یَرَی سَفْكَ دَمِهِ دِیناً وَ إِبَاحَةَ حَرِیمِهِ غُنْماً فَمَا بَقَاءُ الْمُؤْمِنِ بَعْدَ هَذَا- یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَزَلَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ اشْتَقَقْتُ لِلْمُؤْمِنِ اسْماً مِنْ أَسْمَائِی سَمَّیْتُهُ مُؤْمِناً فَالْمُؤْمِنُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ وَ مَنِ اسْتَهَانَ مُؤْمِناً فَقَدِ اسْتَقْبَلَنِی بِالْمُحَارَبَةِ- یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ یَوْماً یَا عَلِیُّ لَا تُنَاظِرْ رَجُلًا حَتَّی تَنْظُرَ إِلَی سَرِیرَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ سَرِیرَتُهُ حَسَنَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یَكُنْ لِیَخْذُلَ وَلِیَّهُ وَ إِنْ یَكُنْ سَرِیرَتُهُ رَدِیَّةً فَقَدْ یَكْفِیهِ مَسَاوِیهِ فَلَوْ جَهَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِلَ فِی مَعَاصِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ- یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ أَدْنَی الْكُفْرِ أَنْ یَسْمَعَ الرَّجُلُ مِنْ أَخِیهِ الْكَلِمَةَ فَیَحْفَظَهَا عَلَیْهِ یُرِیدُ أَنْ یَفْضَحَهُ بِهَا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ (1) یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ مَنْ قَالَ فِی مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْ عَیْنَاهُ وَ سَمِعَتْ أُذُنَاهُ مَا یَشِینُهُ وَ یَهْدِمُ مُرُوَّتَهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (2) یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ مَنْ رَوَی عَنْ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ رِوَایَةً یُرِیدُ بِهَا هَدْمَ مُرُوَّتِهِ وَ ثَلْبَهُ أَوْبَقَهُ اللَّهُ بِخَطِیئَةٍ(3) حَتَّی یَأْتِیَ بِمَخْرَجٍ مِمَّا قَالَ وَ لَنْ یَأْتِیَ بِالْمَخْرَجِ مِنْهُ أَبَداً وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ سُرُوراً فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِ

ص: 193


1- 1. أی لا نصیب لهم فی الآخرة.
2- 2. النور: 19.
3- 3. ثلبه أی عابه و لامه و اغتابه أو سبه. و أوبقه أی أهلكه، ذلّله. و فی بعض النسخ« بخطبه» و الخطب الامر العظیم المكروه.

رَسُولِ اللَّهِ سُرُوراً وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ سُرُوراً فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُرُوراً وَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُرُوراً فَقَدْ سَرَّ اللَّهَ وَ مَنْ سَرَّ اللَّهَ فَحَقِیقٌ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُدْخِلَهُ جَنَّتَهُ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیثَارِ طَاعَتِهِ وَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ فَإِنَّهُ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِ اللَّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تُؤْثِرْ أَحَداً عَلَی رِضَاهُ وَ هَوَاهُ فَإِنَّهُ وَصِیَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی خَلْقِهِ- لَا یَقْبَلُ مِنْهُمْ غَیْرَهَا وَ لَا یُعَظِّمُ سِوَاهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِقَ لَمْ یُوَكَّلُوا بِشَیْ ءٍ أَعْظَمَ مِنَ التَّقْوَی فَإِنَّهُ وَصِیَّتُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَنَالَ مِنَ الدُّنْیَا شَیْئاً تُسْأَلُ عَنْهُ غَداً فَافْعَلْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُ الصَّادِقِ علیه السلام إِلَی النَّجَاشِیِّ نَظَرَ فِیهِ وَ قَالَ صَدَقَ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَوْلَایَ فَمَا عَمِلَ أَحَدٌ بِمَا فِی هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا نَجَا فَلَمْ یَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ یَعْمَلُ بِهِ أَیَّامَ حَیَاتِهِ.

«12»- كِتَابُ الْأَرْبَعِینِ (1)،

فِی قَضَاءِ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِینَ لِابْنِ أَخِ السَّیِّدِ عِزِّ الدِّینِ أَبِی الْمَكَارِمِ حَمْزَةَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ زُهْرَةَ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الشَّرِیفِ أَبِی الْحَارِثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْفَقِیهِ قُطْبِ الدِّینِ سَعِیدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِیِّ عَنِ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحْسِنٍ الْحَلَبِیِّ عَنِ الشَّیْخِ الْفَقِیهِ أَبِی الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكَرَاجُكِیِّ قَالَ وَ أَخْبَرَنِی الشَّیْخُ الْفَقِیهُ أَبُو الْفَضْلِ شَاذَانُ بْنُ جَبْرَئِیلَ الْقُمِّیُّ عَنِ الشَّیْخَیْنِ أَبِی مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَ أَبِی مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الطَّرَابُلُسِیِّ عَنِ الْقَاضِی عَبْدِ الْعَزِیزِ أَبِی كَامِلٍ الطَّرَابُلُسِیِّ عَنِ الْكَرَاجُكِیِّ عَنِ الشَّیْخِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمُفِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَ هَوَانِ زُخْرُفِهَا عَلَی مَنْ مَضَی مِنَ السَّلَفِ وَ التَّابِعِینَ فَقَدْ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ لَمَّا تَجَهَّزَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی الْكُوفَةِ فَأَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ أَنْ یَكُونَ الْمَقْتُولَ بِالطَّفِّ فَقَالَ أَنَا أَعْرَفُ بِمَصْرَعِی مِنْكَ وَ مَا كَدِّی مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا فِرَاقَهَا أَ لَا أُخْبِرُكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ بِحَدِیثِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الدُّنْیَا فَقَالَ بَلَی لَعَمْرِی إِنِّی لَأُحِبُّ أَنْ تُحَدِّثَنِی بِأَمْرِهَا

ص: 194


1- 1. مخطوط ظاهرا.

فَقَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنَ علیه السلام یَقُولُ حَدَّثَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ إِنِّی كُنْتُ بِفَدَكَ فِی بَعْضِ حِیطَانِهَا وَ قَدْ صَارَتْ لِفَاطِمَةَ علیها السلام قَالَ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ هَجَمَتْ عَلَیَّ وَ فِی یَدِی مِسْحَاةٌ وَ أَنَا أَعْمَلُ بِهَا فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهَا طَارَ قَلْبِی مِمَّا تَدَاخَلَنِی مِنْ جَمَالِهَا فَشَبَّهْتُهَا بِبُثَیْنَةَ بِنْتِ عَامِرٍ الْجُمَحِیِّ وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ قُرَیْشٍ فَقَالَتْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ هَلْ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِی فَأُغْنِیَكَ عَنْ هَذِهِ الْمِسْحَاةِ وَ أَدُلَّكَ عَلَی خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَیَكُونَ لَكَ الْمُلْكُ مَا بَقِیتَ وَ لِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ لَهَا علیه السلام مَنْ أَنْتِ حَتَّی أَخْطُبَكِ مِنْ أَهْلِكِ قَالَتْ أَنَا الدُّنْیَا قَالَ قُلْتُ لَهَا فَارْجِعِی وَ اطْلُبِی زَوْجاً غَیْرِی فَلَسْتِ مِنْ شَأْنِی وَ أَقْبَلْتُ عَلَی مِسْحَاتِی وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ:

لَقَدْ خَابَ مَنْ غَرَّتْهُ دُنْیَا دَنِیَّةٌ***وَ مَا هِیَ أَنْ غَرَّتْ قُرُوناً بِطَائِلٍ

أَتَتْنَا عَلَی زِیِّ الْعَزِیزِ بُثَیْنَةَ***وَ زِینَتُهَا فِی مِثْلِ تِلْكَ الشَّمَائِلِ

فَقُلْتُ لَهَا غُرِّی سِوَایَ فَإِنَّنِی***عَزُوفٌ عَنِ الدُّنْیَا وَ لَسْتُ بِجَاهِلٍ

وَ مَا أَنَا وَ الدُّنْیَا فَإِنَّ مُحَمَّداً***أَحَلَّ صَرِیعاً بَیْنَ تِلْكَ الْجَنَادِلِ (1)

وَ هَبْهَا أَتَتْنَا بِالْكُنُوزِ وَ دُرِّهَا***وَ أَمْوَالِ قَارُونَ وَ مُلْكِ الْقَبَائِلِ

أَ لَیْسَ جَمِیعاً لِلْفَنَاءِ مَصِیرُنَا***وَ یُطْلَبُ مِنْ خُزَّانِهَا بِالطَّوَائِلِ (2)

فَغُرِّی سِوَایَ إِنَّنِی غَیْرُ رَاغِبٍ***بِمَا فِیكِ مِنْ عِزٍّ وَ مُلْكٍ وَ نَائِلٍ

فَقَدْ قَنِعَتْ نَفْسِی بِمَا قَدْ رُزِقَتْهُ***فَشَأْنَكِ یَا دُنْیَا وَ أَهْلَ الْغَوَائِلِ

فَإِنِّی أَخَافُ اللَّهَ یَوْمَ لِقَائِهِ***وَ أَخْشَی عَذَاباً(3) دَائِماً غَیْرَ زَائِلٍ

فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَیْسَ فِی عُنُقِهِ تَبِعَةٌ لِأَحَدٍ حَتَّی لَقِیَ اللَّهَ مَحْمُوداً غَیْرَ مَلُومٍ وَ لَا مَذْمُومٍ ثُمَّ اقْتَدَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ بِمَا قَدْ بَلَغَكُمْ لَمْ یَخْلِطُوا بِشَیْ ءٍ مِنْ بَوَائِقِهَا عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِینَ وَ أَحْسَنَ مَثْوَاهُمْ.

ص: 195


1- 1. فی بعض نسخ الحدیث« رهین بقفر بین تلك الجنادل» و الجنادل: الصخور.
2- 2. جمع طائلة و هی العداوة.
3- 3. فی بعض نسخ الحدیث« عتابا».

باب 8 وصیة أمیر المؤمنین إلی الحسن بن علی علیهما السلام و إلی محمد بن الحنفیة

«1»- قَالَ السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِی كِتَابِ الْوَصَایَا(1): وَ قَدْ وَقَعَ فِی خَاطِرِی أَنْ أَخْتِمَ هَذَا الْكِتَابَ بِوَصِیَّةِ أَبِیكَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ إِلَی وَلَدِهِ الْعَزِیزِ عَلَیْهِ وَ رِسَالَتِهِ إِلَی الشِّیعَةِ وَ ذَكَرَ الْمُتَقَدِّمِینَ عَلَیْهِ وَ رِسَالَتَهُ فِی ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَ رَأَیْتُ أَنْ یَكُونَ رِوَایَةُ الرِّسَالَةِ إِلَی وُلْدِهِ بِطَرِیقِ الْمُخَالِفِینَ وَ الْمُؤَالِفِینَ فَهُوَ أَجْمَعُ عَلَی مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْیَا وَ الدِّینِ- فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیُّ فِی كِتَابِ الزَّوَاجِرِ وَ الْمَوَاعِظِ فِی الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْهُ مِنْ نُسْخَةٍ تَارِیخُهَا ذُو الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ مَا هَذَا لَفْظُهُ: وَصِیَّةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لِوُلْدِهِ وَ لَوْ كَانَ مِنَ الْحِكْمَةِ مَا یَجِبُ أَنْ یُكْتَبَ بِالذَّهَبِ لَكَانَتْ هَذِهِ- وَ حَدَّثَنِی بِهَا جَمَاعَةٌ فَحَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِی عُثْمَانَ الْآدَمِیُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ الْمُكَتِّبُ یَحْیَی بْنُ حَاتِمِ بْنِ عِكْرِمَةَ قَالَ حَدَّثَنِی یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ بِأَنْطَاكِیَةَ قَالَ حَدَّثَنِی بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ إِلَی قِنَّسْرِینَ كَتَبَ بِهِ إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِی الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ إِلَی آخِرِهِ.

وَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَیْمَانُ بْنُ الرَّبِیعِ النَّهْدِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا كَادِحُ بْنُ رَحْمَةَ الزَّاهِدِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا صَبَّاحُ بْنُ یَحْیَی الْمُزَنِیُّ وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْكُوفِیُّ الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ هَارُونَ بْنِ زِیَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَنْ

ص: 196


1- 1. كشف المحجة لثمرة المهجة الفصل الرابع و الخمسون و المائة ص 157.« ط» النجف الأشرف.

أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَتَبَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ التُّسْتَرِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَنْبَسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ زِیَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.

وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ زَاهِرٍ الرَّازِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاهِرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام.

كُلُّ هَؤُلَاءِ حَدَّثُونَا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَتَبَ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام وَ أَخْبَرَنِی أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَضَّالٍ الْقَاضِی قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ظَرِیفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ الْمُجَاشِعِیِّ قَالَ: كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی ابْنِهِ مُحَمَّدٍ كَذَا وَ اعْلَمْ یَا وَلَدِی مُحَمَّدُ ضَاعَفَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ عِنَایَتَهُ بِكَ وَ رِعَایَتَهُ لَكَ- أَنْ قَدْ رَوَی الشَّیْخُ الْمُتَّفَقُ عَلَی ثِقَتِهِ وَ أَمَانَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِرَحْمَتِهِ رِسَالَةَ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی جَدِّكَ الْحَسَنِ وَلَدِهِ سَلَامُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَیْهِمَا: وَ رَوَی رِسَالَةً أُخْرَی مُخْتَصَرَةً عَنْ مَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی وَلَدِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ رِضْوَانُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ الرِّسَالَتَیْنِ فِی كِتَابِ الرَّسَائِلِ وَ وَجَدْنَا نُسْخَةً عَتِیقَةً یُوشِكُ أَنْ یَكُونَ كِتَابَتُهَا فِی زَمَنِ حَیَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ ره وَ هَذَا الشَّیْخُ مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ ره كَانَ حَیَاتُهُ فِی زَمَنِ وُكَلَاءِ مَوْلَانَا الْمَهْدِیِّ علیه السلام عُثْمَانَ بْنِ سَعِیدٍ الْعَمْرِیِّ وَ وَلَدِهِ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ وَ أَبِی الْقَاسِمِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمُرِیِّ وَ تُوُفِّیَ مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ قَبْلَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ السَّمُرِیِّ لِأَنَّ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُرِیَّ تُوُفِّیَ فِی شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیُّ تُوُفِّیَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ فَتَصَانِیفُ هَذَا الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ وَ رِوَایَاتِهِ فِی زَمَنِ الْوُكَلَاءِ الْمَذْكُورِینَ یَجِدُ طَرِیقاً إِلَی تَحْقِیقِ مَنْقُولَاتِهِ وَ تَصْدِیقِ مُصَنَّفَاتِهِ وَ رَأَیْتُ یَا وَلَدِی بَیْنَ رِوَایَةِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْكَرِیِّ مُصَنِّفِ كِتَابِ الزَّوَاجِرِ وَ الْمَوَاعِظِ

ص: 197

الَّذِی قَدَّمْنَاهُ وَ بَیْنَ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ فِی رِسَالَةِ أَبِیكَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی وَلَدِهِ تَفَاوُتاً فَنَحْنُ نُورِدُهَا بِرِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیِّ فَهُوَ أَجْمَلُ وَ أَفْضَلُ فِیمَا قَصَدْنَاهُ فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیُّ فِی كِتَابِ الرَّسَائِلِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِیَادٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ كَتَبَ إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ عَلَیْهِ وَ عَلَی جَدِّهِ وَ أَبِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَخِیهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ (1) الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ

لِلدَّهْرِ(2)

الذَّامِّ لِلدُّنْیَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَی الظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً(3)

إِلَی الْوَلَدِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا یُدْرِكُ (4)

السَّالِكِ سَبِیلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَ رَهِینَةِ الْأَیَّامِ وَ رَمِیَّةِ الْمَصَائِبِ (5) وَ عَبْدِ الدُّنْیَا وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ وَ غَرِیمِ الْمَنَایَا(6)

وَ أَسِیرِ الْمَوْتِ

ص: 198


1- 1. حذفت الیاء هاهنا للازدواج بین الفان و الزمان. و قوله« المقر للزمان» أی المقر له بالغلبة و القهر، المعترف بالعجز فی ید تصرفاته كانه قدره خصما ذا بأس. و قوله« المدبر العمر» لانه علیه السلام حین ذاك مضی من عمره أزید من ستین سنة و لم یبق من عمره علیه السلام الا أقل قلیل.
2- 2. عبارة اخری عن قوله« المقر للزمان» و هو آكد منه. لانه قد یقر الإنسان لخصمه و لا یستسلم.
3- 3. یرید علیه السلام قرب الرحیل، و الظاعن: الراحل.
4- 4. أی یؤمل البقاء فی الدنیا و هو ممّا لا یدركه أحد من أبناء آدم و غیره من موجودات هذا العالم.
5- 5. الرهینة: المرهونة أی أنّه فی قبضتها و حكمها: و الرمیة فی الأصل اسم للصید و یجوز أن یكون اسما لما یرمی و ما أصابه السهم. و لهذا الحق به الهاء كالذبیحة و الإنسان كالهدف لافات الدنیا و لا محالة یدركه الموت.
6- 6. قال ابن أبی الحدید قوله« عبد الدنیا و تاجر الغرور و غریم المنایا» لان الإنسان طوع شهواته فهو عبد الدنیا، و حركاته فیها مبنیة علی غرور لا أصل له، فهو تاجر الغرور لا محالة، و لما كانت المنایا( أی الموت و الهلاك) تطالبه بالرحیل عن هذه الدار كانت غریما له یقتضیه ما لا بدّ له من أدائه. انتهی.

وَ حَلِیفِ الْهُمُومِ وَ قَرِینِ الْأَحْزَانِ وَ رَصِیدِ الْآفَاتِ وَ صَرِیعِ الشَّهَوَاتِ (1) وَ خَلِیفَةِ الْأَمْوَاتِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِیمَا تَبَیَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْیَا عَنِّی وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَیَّ وَ إِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَیَّ مَا یَزَعُنِی عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَایَ (2) وَ الِاهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِی غَیْرَ أَنِّی حَیْثُ تَفَرَّدَ بِی دُونَ هَمِّ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِی فَصَدَفَنِی رَأْیِی وَ صَرَفَنِی عَنْ هَوَایَ وَ صَرَّحَ لِی مَحْضُ أَمْرِی فَأَفْضَی بِی إِلَی جِدٍّ لَا یُرَی مَعَهُ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لَا یَشُوبُهُ كَذِبٌ (3) وَجَدْتُكَ بَعْضِی بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّی (4) حَتَّی كَأَنَّ شَیْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِی وَ حَتَّی كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِی فَعَنَانِی مِنْ أَمْرِی مَا یَعْنِینِی عَنْ أَمْرِ نَفْسِی (5)

فَكَتَبْتُ إِلَیْكَ كِتَابِی هَذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِیتُ لَكَ أَوْ فَنِیتُ (6) فَأُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ یَا بُنَیَّ وَ لُزُومِ أَمْرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ وَ أَیُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ إِنْ أَخَذْتَ بِهِ فَأَحْیِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَ أَمِتْهُ بِالزُّهْدِ وَ قَوِّهِ بِالْیَقِینِ وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ(7)

وَ أَسْكِنْهُ بِالْخَشْیَةِ وَ أَشْعِرْهُ بِالصَّبْرِ وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْیَا(8) وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ

ص: 199


1- 1. الحلیف المحالف، و الحلف- بالكسر و بالفتح-: المعاقدة و المعاهدة علی التعاضد و التساعد. و الرصید: الرقیب و الذی یرصد. و الصریح: الطریح.
2- 2. جمح الفرس إذا غلب علی صاحبه فلم یملكه. و یزعنی أی یمنعنی و یصدنی. و لفظة« ما» مفعول« تبینت».
3- 3. صدفه: صرفه و الضمیر للرأی، و المحض: الخالص، و أفضی أی انتهی. و الشوب المزج و الخلط.
4- 4. اذ كان هو الخلیفة له و القائم مقامه و وارث علمه و فضائله.
5- 5. عنانی ای أهمنی من أمرك ما أهمنی من أمر نفسی.
6- 6. كتب علیه السلام إلیه هذه الوصیة لیكون له ظهرا و مستندا یرجع الی العمل بها فی حالتی بقائه و فنائه عنه.
7- 7. أی اطلب منه الإقرار بالفناء.
8- 8. الفجائع جمع الفجیعة و هی المصیبة تفزع بحلولها.

الدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِهِ وَ تَقَلُّبَ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامِ (1)

وَ اعْرِضْ عَلَیْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِینَ وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ سِرْ فِی دِیَارِهِمْ وَ اعْتَبِرْ آثَارَهُمْ وَ انْظُرْ مَا فَعَلُوا وَ أَیْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا وَ عَمَّنِ انْتَقَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ وَ حَلُّوا دَارَ الْغُرْبَةِ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِیلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ وَ لَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْیَاكَ وَ دَعِ الْقَوْلَ فِیمَا لَا تَعْرِفُ وَ النَّظَرَ فِیمَا لَا تُكَلَّفُ وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِیقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَتَهُ فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَیْرَةِ الضَّلَالَةِ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْأَهْوَالِ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِلِسَانِكَ وَ یَدِكَ وَ بَایِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَ جَاهِدْ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ لَا تَأْخُذْكَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ حَیْثُ كَانَ وَ تَفَقَّهْ فِی الدِّینِ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ عَلَی الْمَكْرُوهِ (2)

فَنِعْمَ الْخُلُقُ الصَّبْرُ وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فِی الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَی إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَی كَهْفٍ حَرِیزٍ(3)

وَ مَانِعٍ عَزِیزٍ وَ أَخْلِصْ فِی الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِیَدِهِ الْعَطَاءَ وَ الْحِرْمَانَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِخَارَةَ(4)

وَ تَفَهَّمْ وَصِیَّتِی وَ لَا تَذْهَبَنَّ عَنْكَ صَفْحاً فَإِنَّ خَیْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ (5) وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خَیْرَ فِی عِلْمٍ لَا یَنْفَعُ وَ لَا یُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لَا یَحِقُّ تَعَلُّمُهُ یَا بُنَیَّ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً وَ رَأَیْتُنِی أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِیَّتِی إِلَیْكَ لِخِصَالٍ مِنْهَا أَنْ یَعْجَلَ بِی أَجَلِی دُونَ أَنْ أُفْضِیَ إِلَیْكَ بِمَا فِی نَفْسِی أَوْ أَنْقُصَ فِی رَأْیِی كَمَا نَقَصْتُ فِی جِسْمِی أَوْ أَنْ یَسْبِقَنِی إِلَیْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَی وَ فِتَنِ الدُّنْیَا وَ تَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ(6) وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِیَةِ مَا أُلْقِیَ فِیهَا

ص: 200


1- 1. الصولة: السطوة و القدرة. و الفحش بمعنی الزیادة و الكثرة.
2- 2. التصبر: تكلف الصبر.
3- 3. الكهف: الملجأ. و الحریز: الحصین.
4- 4. المراد بالاستخارة هنا: اجالة الرأی فی الامر قبل فعله لاختیار أفضل الوجوه. أو طلب الخیر من اللّٰه تعالی. لا ما هو المشهور الیوم و یفعله أكثر المقدسین بالسبحة و المصحف.
5- 5. الصفح: الاعراض.
6- 6. إشارة الی أن الصبی إذا لم یؤدب الآداب فی حداثة سنه و لم ترض قواه لمطاوعة العقل و موافقته ربما تمیل به القوی الحیوانیة الی مشتهیاتها و تصرفه عن وجه الصواب و ما ینبغی له، فیكون حینئذ كالصعب النفور من الإبل، و وجه التشبیه أنّه یعسر حمله علی الحق و جذبه إلیه كما یعسر قود الجمل الصعب النفور و تصریفه بحسب المنفعة.« ابن میثم».

مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا قَبِلَتْهُ فَبَادِرْ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ یَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ یَشْتَغِلَ لُبُّكَ وَ تَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْیِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْیَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ (1)

فَتَكُونَ قَدْ كُفِیتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ عُوفِیتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَأْتِیهِ وَ اسْتَبَانَ لَكَ مِنْهَا مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَیْنَا فِیهِ (2)

یَا بُنَیَّ إِنِّی وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِی فَقَدْ نَظَرْتُ فِی أَعْمَارِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِی أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِی آثَارِهِمْ حَتَّی عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّی بِمَا انْتَهَی إِلَیَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَی آخِرِهِمْ فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ

كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ وَ اسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِیلَهُ وَ تَوَخَّیْتُ لَكَ جَمِیلَهُ (3) وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ وَ رَأَیْتُ حَیْثُ عَنَانِی مِنْ أَمْرِكَ مَا یَعْنِی الْوَالِدَ الشَّفِیقَ وَ أَجْمَعْتُ عَلَیْهِ (4) مِنْ أَدَبِكَ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ مُقْبِلُ الدَّهْرِ ذُو نِیَّةٍ سَلِیمَةٍ وَ نَفْسٍ صَافِیَةٍ وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِیمِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْوِیلِهِ وَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَ أَحْكَامِهِ وَ حَلَالِهِ وَ حَرَامِهِ لَا أُجَاوِزُ بِكَ ذَلِكَ إِلَی غَیْرِهِ ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ یَلْتَبِسَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِیهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِی الْتَبَسَ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ لَكَ عَلَی مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِیهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ إِسْلَامِكَ إِلَی أَمْرٍ لَا آمَنُ عَلَیْكَ فِیهِ الْهَلَكَةَ(5) وَ رَجَوْتُ أَنْ یُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِیهِ لِرُشْدِكَ

ص: 201


1- 1. و ذلك لیكون جد رأیك أی محققه و ثابته مستعدا لقبول الحقائق التی وقف علیها أهل التجارب و كفوك طلبها. و البغیة- بالكسر-: الطلب.
2- 2. استبان أی ظهر و وضح و ذلك لان العقل حفظ التجارب و إذا ضم رأیه الی آرائهم ربما یظهر له ما لم یكن ظهر لهم.
3- 3. النخیل: المختار المصفی و فی بعض النسخ« جلیله». و توخیت أی تحریت.
4- 4. أجمعت أی عزمت، و هو عطف علی« یعنی» و« أن یكون» فی محل النصب علی أنه مفعول أول لرأیت و یكون هنا تامّة. و الواو فی قوله« و أنت» للحال.
5- 5. أی أنك و أن كنت تكره أن ینبهك أحد لما ذكرت لك فانی اعد إتقان التنبیه علی كراهتك له أحبّ الی من اسلامك أی القائك الی أمر تخشی علیك فیه الهلكة.

وَ أَنْ یَهْدِیَكَ لِقَصْدِكَ- فَعَهِدْتُ إِلَیْكَ وَصِیَّتِی بِهَذِهِ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ یَا بُنَیَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ مِنْ وَصِیَّتِی إِلَیْكَ تَقْوَی اللَّهِ وَ الِاقْتِصَارُ عَلَی مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ الْأَخْذُ بِمَا مَضَی عَلَیْهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ یَدَعُوا أَنْ یَنْظُرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَی الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ الْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ یُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ عَنْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْیَكُنْ طَلَبُكَ لِذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ- لَا بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَ عُلُوِّ الْخُصُومَاتِ وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِی ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ عَلَیْهِ وَ الرَّغْبَةِ إِلَیْهِ وَ فِی تَوْفِیقِكَ وَ نَبْذِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَیْكَ كُلَّ شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَی ضَلَالَةٍ فَإِنْ أَیْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا لَكَ قبلك [قَلْبُكَ] فَخَشَعَ وَ تَمَّ رَأْیُكَ فَاجْتَمَعَ وَ كَانَ هَمُّكَ فِی ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِیمَا فَسَّرْتُ لَكَ وَ إِنْ لَمْ یَجْتَمِعْ لَكَ رَأْیُكَ عَلَی مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ خَبْطَ الْعَشْوَاءِ(1)

وَ تَتَوَرَّطُ الظَّلْمَاءَ(2) وَ لَیْسَ طَالِبُ الدِّینِ مَنْ خَبَطَ وَ لَا خَلَطَ وَ الْإِمْسَاكُ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْثَلُ (3)

وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَؤُكَ بِهِ فِی ذَلِكَ وَ آخِرَهُ أَنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ إِلَهِی وَ إِلَهَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ رَبِّ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ كَمَا یَجِبُ وَ یَنْبَغِی لَهُ وَ نَسْأَلُهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَی سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی أَنْبِیَاءِ اللَّهِ بِجَمِیعِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّی عَلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَنْ یُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْنَا بِمَا وَفَّقَنَا لَهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِ بِالاسْتِجَابَةِ لَنَا فَإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ- یَا بُنَیَّ قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْیَا وَ حَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا وَ زَوَالِهَا بِأَهْلِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الْآخِرَةِ وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهَا لِأَهْلِهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ أَمْثَالًا لِتَعْتَبِرَ وَ تَحْذُوَ عَلَیْهَا الْأَمْثَالَ

ص: 202


1- 1. العشواء: ضعیفة البصر أی تخبط خبط الناقة العشواء لا تأمن أن تسقط فیما لا خلاص منه، و اشعار لفظ الخبط له باعتبار أنّه طالب للعلم من غیر استكمال شرائط الطلب و علی غیر وجهه فهو متعسف، سالك علی غیر طریق المطلوب كالناقة العشواء.
2- 2. أی تدخل فی الورطة و هی الهلكة.
3- 3. لان كف النفس عن الخبط و الخلط فی أمر الدین أقرب الی الخیر و أفضل.

إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ أَبْصَرَ الدُّنْیَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلُ جَدْبٍ فَأَمُّوا مَنْزِلًا خَصِیباً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّرِیقِ (1)

وَ فِرَاقَ الصَّدِیقِ وَ خُشُونَةَ السَّفَرِ فِی الطَّعَامِ وَ الْمَنَامِ لِیَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ فَلَیْسَ یَجِدُونَ لِشَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لَا یَرَوْنَ لِنَفَقَتِهِ معزما [مَغْرَماً] وَ لَا شَیْ ءَ أَحَبُّ إِلَیْهِمْ مِمَّا یُقَرِّبُهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وَ مَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَقَوْمٍ كَانُوا فِی مَنْزِلٍ خَصِیبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَی مَنْزِلٍ جَدْبٍ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَكْرَهَ إِلَیْهِمْ وَ لَا أَهْوَلَ لَدَیْهِمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا هُمْ فِیهِ إِلَی مَا یَهْجُمُونَ عَلَیْهِ وَ یَصِیرُونَ إِلَیْهِ- ثُمَّ فَزَّعْتُكَ بِأَنْوَاعِ الْجَهَالاتِ لِئَلَّا تَعُدَّ نَفْسَكَ عَالِماً فَإِنَّ الْعَالِمَ مَنْ عَرَفَ أَنَّ مَا یَعْلَمُ فِیمَا لَا یَعْلَمُ قَلِیلٌ فَعَدَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ جَاهِلًا وَ ازْدَادَ بِمَا عَرَفَ مِنْ ذَلِكَ فِی طَلَبِ الْعِلْمِ اجْتِهَاداً فَمَا یَزَالُ لِلْعِلْمِ طَالِباً وَ فِیهِ رَاغِباً وَ لَهُ مُسْتَفِیداً وَ لِأَهْلِهِ خَاشِعاً وَ لِرَأْیِهِ مُتَّهِماً وَ لِلصَّمْتِ لَازِماً وَ لِلْخَطَإِ جَاحِداً وَ مِنْهُ مُسْتَحْیِیاً وَ إِنْ وَرَدَ عَلَیْهِ مَا لَا یَعْرِفُ لَا یُنْكِرُ ذَلِكَ لِمَا قَدْ قَدَّرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَهَالَةِ وَ إِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ بِمَا جَهِلَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ عَالِماً وَ بِرَأْیِهِ مُكْتَفِیاً فَمَا یَزَالُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مُبَاعِداً وَ عَلَیْهِمْ زَارِیاً وَ لِمَنْ خَالَفَهُ مُخَطِّیاً وَ لِمَا لَمْ یَعْرِفْ مِنَ الْأُمُورِ مُضَلِّلًا وَ إِذَا وَرَدَ عَلَیْهِ مِنَ الْأَمْرِ مَا لَا یَعْرِفُهُ أَنْكَرَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ وَ قَالَ بِجَهَالَتِهِ مَا أَعْرِفُ هَذَا وَ مَا أَرَاهُ كَانَ وَ مَا أَظُنُّ أَنْ یَكُونَ وَ أَنَّی كَانَ وَ لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأْیِهِ وَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِجَهَالَتِهِ فَمَا یَنْفَكُّ مِمَّا یَرَی فِیمَا یَلْتَبِسُ عَلَیْهِ رَأْیُهُ وَ مِمَّا لَا یَعْرِفُ لِلْجَهْلِ مُسْتَفِیداً وَ لِلْحَقِّ مُنْكِراً وَ فِی اللَّجَاجَةِ مُتَجَرِّیاً وَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَكْبِراً- یَا بُنَیَّ تَفَهَّمْ وَصِیَّتِی وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِیزَاناً فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ غَیْرِكَ وَ أَحِبَّ لِغَیْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا- لَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ وَ اسْتَقْبِحْ لِنَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَیْرِكَ- وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ مَا تَرْضَی لَهُمْ مِنْكَ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا عَلِمْتَ مِمَّا لَا تُحِبُّ أَنْ

ص: 203


1- 1. نبا الشی ء: بعد و تأخر. و الجدب ضد الخصب. و جدب المكان أی انقطع عنه المطر. و الخصب- بالكسر-: كثرة العشب و رجل خصیب كثیر الخیر. و وعثاء السفر: مشقته. و فی بعض النسخ« جدیب».

یُقَالَ لَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ (1) وَ آفَةُ الْأَلْبَابِ وَ إِذَا هُدِیتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ وَ أَسْعَی فِی كَدْحِكَ وَ لَا تَكُنْ خَازِناً لِغَیْرِكَ- وَ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِیقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِیدَةٍ وَ أَهْوَالٍ شَدِیدَةٍ وَ أَنَّهُ لَا غِنَی بِكَ عَنْ حُسْنِ الِارْتِیَادِ وَ قَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ(2)

مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَی ظَهْرِكَ فَوْقَ بَلَاغِكَ فَیَكُونَ ثَقِیلًا وَ وَبَالًا عَلَیْكَ وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مَنْ یَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَیُوَافِیكَ بِهِ غَداً حَیْثُ تَحْتَاجُ إِلَیْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِی حَالِ غِنَاكَ وَ جَعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِی یَوْمِ عُسْرَتِكَ وَ حَمِّلْهُ إِیَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِیدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَیْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ- وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً(3) لَا مَحَالَةَ أَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ عَلَی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِی بِیَدِهِ خَزَائِنُ مَلَكُوتِ الدُّنْیَا وَ

الْآخِرَةِ قَدْ أَذِنَ لِدُعَائِكَ وَ تَكَفَّلَ لِإِجَابَتِكَ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِیُعْطِیَكَ وَ هُوَ رَحِیمٌ كَرِیمٌ- لَمْ یَجْعَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ مَنْ یَحْجُبْكَ عَنْهُ وَ لَمْ یُلْجِئْكَ إِلَی مَنْ یَشْفَعُ لَكَ إِلَیْهِ وَ لَمْ یَمْنَعْكَ أَنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَمْ یُعَیِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَ لَمْ یُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ وَ لَمْ یَفْضَحْكَ حَیْثُ تَعَرَّضْتَ لِلْفَضِیحَةِ وَ لَمْ یُنَاقِشْكَ بِالْجَرِیمَةِ وَ لَمْ یُؤْیِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ لَمْ یُشَدِّدْ عَلَیْكَ فِی التَّوْبَةِ فَجَعَلَ تَوْبَتَكَ التَّوَرُّعَ عَنِ الذَّنْبِ وَ حَسَبَ سَیِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ وَ الِاسْتِعْتَابِ فَمَتَی شِئْتَ سَمِعَ نِدَاكَ وَ نَجْوَاكَ فَأَفْضَیْتَ إِلَیْهِ بِحَاجَتِكَ وَ أَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ (4) وَ شَكَوْتَ إِلَیْهِ هُمُومَكَ وَ اسْتَعَنْتَهُ عَلَی أُمُورِكَ ثُمَّ جَعَلَ فِی یَدِكَ مَفَاتِیحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ فِیهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ- فَمَتَی شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ خَزَائِنِهِ فَأَلْحِحْ

ص: 204


1- 1. الإعجاب: استحسان ما یصدر عن النفس.
2- 2. الارتیاد: الطلب أصله واوی من راد یرود، و حسن الارتیاد: اتیانه من وجهه و البلاغ- بالفتح- الكفایة ای ما یكفی من العیش و لا یفضل.
3- 3. الكئود: صعبة شاقة المصعد.
4- 4. أفضیت: ألقیت و أبلغت إلیه. و أبث فلانا الخیر: اطلعه علیه.

عَلَیْهِ فِی الْمَسْأَلَةِ یَفْتَحْ لَكَ أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ- لَا یُقَنِّطُكَ إِنْ أَبْطَأَتْ عَلَیْكَ الْإِجَابَةُ فَإِنَّ الْعَطِیَّةَ عَلَی قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ لِیَكُونَ أَطْوَلَ لِلْمَسْأَلَةِ وَ أَجْزَلَ لِلْعَطِیَّةِ رُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّیْ ءَ فَلَمْ تُؤْتَاهُ وَ أُوتِیتَ خَیْراً مِنْهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا أَوْ صِرْتَ إِلَی مَا هُوَ خَیْرٌ لَكَ فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ وَ فِیهِ هَلَاكُ دِینِكَ وَ دُنْیَاكَ لَوْ أُوتِیتَهُ وَ لْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِیمَا یَعْنِیكَ مِمَّا یَبْقَی لَكَ جَمَالُهُ وَ یُنْفَی عَنْكَ وَبَالُهُ وَ الْمَالُ لَا یَبْقَی لَكَ وَ لَا تَبْقَی لَهُ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ تَرَی عَاقِبَةَ أَمْرِكَ حَسَناً أَوْ سَیِّئاً أَوْ یَعْفُوَ الْعَفُوُّ الْكَرِیمُ- وَ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لَا لِلدُّنْیَا وَ لِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ وَ لِلْمَوْتِ لَا لِلْحَیَاةِ وَ أَنَّكَ فِی مَنْزِلِ قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ(1)

وَ طَرِیقٍ إِلَی الْآخِرَةِ وَ أَنَّكَ طَرِیدُ الْمَوْتِ الَّذِی لَا یَنْجُو هَارِبُهُ وَ لَا بُدَّ أَنَّهُ مُدْرِكُكَ یَوْماً- فَكُنْ مِنْهُ عَلَی حَذَرِ أَنْ یُدْرِكَكَ عَلَی حَالٍ سَیِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ فَیَحُولَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ- یَا بُنَیَّ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَیْهِ وَ تُفْضِی بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَیْهِ وَ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ حَیْثُ تَرَاهُ حَتَّی یَأْتِیَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ وَ لَا یَأْتِیَكَ بَغْتَةً فَیَبْهَرَكَ (2)

وَ لَا یَأْخُذَكَ عَلَی غِرَّتِكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْآخِرَةِ وَ مَا فِیهَا مِنَ النَّعِیمِ وَ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ فَإِنَّ ذَلِكَ یُزَهِّدُكَ فِی الدُّنْیَا وَ یُصَغِّرُهَا عِنْدَكَ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَی مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَیْهَا(3)

وَ قَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ عَنْهَا وَ نَعَتْ إِلَیْكَ نَفْسَهَا وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِیهَا- فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلَابٌ عَاوِیَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ یَهِرُّ بَعْضُهَا بَعْضاً(4) وَ یَأْكُلُ عَزِیزُهَا ذَلِیلَهَا وَ یَقْهَرُ كَبِیرُهَا صَغِیرَهَا

ص: 205


1- 1. القلعة- بالضم فالسكون- أی لا یصلح للاستیطان و الإقامة، یقال منزل قلعة أی لا یملك لنازله. و یقلع عنه و لا یدری متی ینتقل عنه. و البلغة: ما یبلغ به من العیش و المراد أنّها دار تؤخذ فیها الكفایة للآخرة.
2- 2. أی یغلبك.
3- 3. التكالب: التواثب أی شدة حرصهم علیها.
4- 4. ضاریة أی مولعة بالافتراس: و یهر أی یكره أن ینظر بعضها بعضا و یمقت.

وَ كَثِیرُهَا قَلِیلَهَا نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَی مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا(1)

وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ فِی دَارٍ وَعْثٍ (2)

لَیْسَ لَهَا رَاعٍ یُقِیمُهَا أَلْعَبَتْهُمُ الدُّنْیَا فَلَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا رُوَیْداً حَتَّی یُسْفِرَ الظَّلَامُ (3)

كَأَنْ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ یُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ یَلْحَقَ- وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَتْ مَطِیَّتُهُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ(4)

فَإِنَّهُ یُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ لَا یَسِیرُ أَبَی اللَّهُ إِلَّا خَرَابَ الدُّنْیَا وَ عِمَارَةَ الْآخِرَةِ یَا بُنَیَّ فَإِنْ تَزْهَدْ فِیمَا زَهَّدْتُكَ فِیهِ وَ تَعْزِفْ نَفْسَكَ عَنْهَا(5)

فَهِیَ أَهْلُ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ غَیْرَ قَابِلٍ نَصِیحَتِی إِیَّاكَ فِیهَا فَاعْلَمْ یَقِیناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَ لَا تَعْدُوَ أَجَلَكَ فَإِنَّكَ فِی سَبِیلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَخَفِّضْ (6)

فِی الطَّلَبِ وَ أَجْمِلْ فِی الْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَی حَرَبٍ (7) وَ لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِنَاجٍ وَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمُحْتَاجٍ وَ أَكْرِمْ

ص: 206


1- 1. النعم- محركة-: الإبل أی أهلها علی قسمین، قسم كإبل منعها عن الشر عقالها و هم الضعفاء و أخری مهملة تأتی من السوء ما تشاء و هم الاقویاء، و« معلقة» من العقال و عقل البعیر شد وظیفه الی ذراعه. و قوله« أضلت عقولها» أی اضاعت عقولها و ركبت طریقها المجهول لها.
2- 2. السروح- بالضم- جمع سرح- بفتح السین و سكون الراء-: المال السائم من الإبل و نحوها الماشیة. و العاهة: الآفة. و الوعث: الطریق العسر یصعب السیر فیه.
3- 3. رویدا مصدر أرود، مصغرا تصغیر الترخیم: مهلا. و یسفر أی یكشف و المعنی عن قریب یكشف ظلام الجهل عما خفی من الحقیقة بحلول الموت.
4- 4. المطیة: الدابّة التی تركب.
5- 5. أی تزهد نفسك عنها و لا تشتهیها.
6- 6. أی فسهل من الخفض بمعنی السهل.
7- 7. الحرب- محركة-: سلب المال؛ من حرب الرجل: سلبه ماله و تركه بلا شی ء. و أیضا بمعنی الهلاك و الویل.

نَفْسَكَ عَنْ دَنِیَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَی الرَّغَائِبِ (1) فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ شَیْئاً مِنْ دِینِكَ وَ عِرْضِكَ بِثَمَنٍ وَ إِنْ جَلَّ وَ مِنْ خَیْرِ حَظِّ امْرِئٍ قَرِینٌ صَالِحٌ فَقَارِنْ أَهْلَ الْخَیْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَایِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ- لَا یَغْلِبَنَّ عَلَیْكَ سُوءُ الظَّنِّ فَإِنَّهُ لَا یَدَعُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ صَدِیقٍ صَفْحاً(2)

بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ وَ ظُلْمُ الضَّعِیفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ وَ الْفَاحِشَةُ كَاسْمِهَا وَ التَّصَبُّرُ عَلَی الْمَكْرُوهِ یَعْصِمُ الْقَلْبَ وَ إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً-(3)

وَ رُبَّمَا كَانَ الدَّاءُ دَوَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَیْرُ النَّاصِحِ وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ (4) وَ إِیَّاكَ وَ الِاتِّكَالَ

عَلَی الْمُنَی فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَی (5) وَ مَطْلٌ عَنِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْیَا(6) زك [ذَكِ] قَلْبَكَ بِالْأَدَبِ كَمَا یُذَكَّی النَّارُ بِالْحَطَبِ وَ لَا تَكُنْ كَحَاطِبِ اللَّیْلِ وَ غُثَاءِ السَّیْلِ-(7)

ص: 207


1- 1. الدنیة مؤنث الدنی: الساقط الضعیف و الخصلة المذمومة و النقیصة. و المراد أن طلب المال لصیانة النفس و حفظه فلو أتعبت و بذلت نفسك لتحصیل المال فقد ضیعت ما هو المقصود منه فلا عوض لما ضیع. و الرغائب: جمع الرغیبة و هی الامر المرغوب فیه و العطاء الكثیر. و قوله« فانك لن تعتاض» أی لن تجد عوضا عما تبذل.
2- 2. الصفح الاعراض.
3- 3. الخرق- بضم الخاء و سكون الراء- و بالتحریك ضد الرفق؛ و العنف یعنی إذا كان العنف فی مقام یلزمه لمصلحة كمقام التأدیب و اجراء الحدود یكون ابداله بالرفق عنفا و یكون العنف فی هذا المقام من الرفق. فلا یجوز وضع كل منهما موضع الآخر.
4- 4. المستنصح: المطلوب منه النصح.
5- 5. المنی جمع المنیة- بالضم فالسكون-: ما یتمناه الإنسان لنفسه و یعلل نفسه باحتمال الوصول إلیه. و البضائع جمع بضاعة و هی من المال ما اعد للتجارة. و النوكی- كسكری جمع الانوك أی الاحمق و أیضا المقهور و المغلوب و المراد هنا الضعیف النفس فی الرأی و العمل.
6- 6. المطل: التسویف و التعویق و فی المصدر« و تثبط فی الآخرة و الدنیا» و فی التحف« و تثبط عن الآخرة و الدنیا» و لعله هو الصواب و التثبط: أیضا التعویق.
7- 7. الحاطب الذی یجمع الحطب. و إذا كان ذلك فی ظلمة اللیل خلط الحابل بالنابل و هو مثل یضرب لمن خلط فی كلامه. و الغثاء بالغین المعجمة و الثاء المثلثة- الزبد و البالی من ورق الشجر المخالط زبد السیل.

وَ كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَ صُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ وَ الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ وَ خَیْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ وَ مِنَ الْكَرَمِ لِینُ الشِّیَمِ (1) بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً وَ مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ وَ مِنْ سَبَبِ الْحِرْمَانِ التَّوَانِی لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ یُصِیبُ وَ لَا كُلُّ رَاكِبٍ یَئُوبُ (2)

وَ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ- لِكُلِّ امْرِئٍ عَاقِبَةٌ رُبَّ مَصِیرٍ بِمَا تَصِیرُ(3) وَ لَا خَیْرَ فِی مُعِینٍ مَهِینٍ وَ لَا تَبِیتَنَّ مِنْ أَمْرٍ عَلَی عُذْرٍ(4)

مَنْ حَلُمَ سَادَ وَ مَنْ تَفَهَّمَ ازْدَادَ وَ لِقَاءُ أَهْلِ الْخَیْرِ عِمَارَةُ الْقَلْبِ سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قُعُودُهُ-(5)

وَ إِیَّاكَ أَنْ تَطِیحَ بِكَ مَطِیَّةُ اللَّجَاجِ (6)

وَ إِنْ قَارَفْتَ سَیِّئَةً فَعَجِّلْ مَحْوَهَا بِالتَّوْبَةِ وَ لَا تَخُنْ مَنِ ائْتَمَنَكَ وَ إِنْ خَانَكَ وَ لَا تُذِعْ سِرَّهُ وَ إِنْ أَذَاعَ سِرَّكَ وَ لَا تُخَاطِرْ بِشَیْ ءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَ اطْلُبْ فَإِنَّهُ یَأْتِیكَ مَا قُسِمَ لَكَ وَ التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَ خُذْ بِالْفَضْلِ وَ أَحْسِنِ الْبَذْلَ وَ قُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَیُّ كَلِمَةِ حُكْمٍ (7)

جَامِعَةٍ أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ تَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا إِنَّكَ قَلَّمَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَیْهِ أَوْ تَنْدَمُ إِذَا فَضَلْتَ عَلَیْهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مِنَ

ص: 208


1- 1. الشیم- بالكسر فالفتح- جمع شیمة و هی الخلق و الطبیعة و المراد الأخلاق الحسنة.
2- 2. آب یئوب من السفر: رجع.
3- 3. فی التحف« رب یسیر أنمی من كثیر».
4- 4. و كذا فی النهج، و فی التحف« و لا تبیتن من أمر علی غرر» و الغرر بالتحریك المغرور به.
5- 5. القعود- بالفتح-: من الإبل ما یقتعده الراعی فی كل حاجة أی یتخذ مركبا و یقال للابل: الفصیل من قیاده.
6- 6. أطاحه: أهلكه و أذهبه، و فی التحف« أن تجمع بك». یقال جمحت المطیة: تغلب علی راكبه و ذهب به و جمحت به أی طرحت به و حمله علی ركوب المهالك. و اللجاج- بالفتح-: الخصومة. أی انی احذرك من أن تغلبك الخصومات فلا تملك نفسك من الوقوع فی مضارها.
7- 7. و كذا فی التحف، و فی المصدر« و أحسن كلمة حكم».

الْكَرَمِ الْوَفَاءَ بِالذِّمَمِ وَ الصُّدُودُ آیَةُ الْمَقْتِ (1)

وَ كَثْرَةُ الْعِلَلِ آیَةُ الْبُخْلِ وَ لَبَعْضُ إِمْسَاكِكَ عَلَی أَخِیكَ مَعَ لُطْفٍ خَیْرٌ مِنْ بَذْلٍ مَعَ جَنَفٍ (2)

وَ مِنَ الْكَرَمِ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ مَنْ یَثِقُ بِكَ أَوْ یَرْجُو صِلَتَكَ إِذَا قَطَعْتَ قَرَابَتَكَ (3) التَّجَرُّمُ وَجْهُ الْقَطِیعَةِ احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِیكَ عِنْدَ صَرْمِهِ إِیَّاكَ عَلَی الصِّلَةِ(4) وَ عِنْدَ صُدُورِهِ عَلَی لُطْفِ الْمَسْأَلَةِ وَ عِنْدَ جُمُودِهِ عَلَی الْبَذْلِ (5)

وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَی الدُّنُوِّ وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَی اللِّینِ وَ عِنْدَ تَجَرُّمِهِ (6) عَلَی الْإِعْذَارِ حَتَّی كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ وَ كَأَنَّهُ ذُو النِّعْمَةِ عَلَیْكَ- وَ إِیَّاكَ أَنْ تَصْنَعَ ذَلِكَ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ تَفْعَلَهُ فِی غَیْرِ أَهْلِهِ وَ لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِیقِكَ صَدِیقاً فَتُعَادِیَ صَدِیقَكَ وَ لَا تَعْمَلْ بِالْخَدِیعَةِ فَإِنَّهُ خُلُقٌ لَئِیمٌ- وَ امْحَضْ أَخَاكَ النَّصِیحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِیحَةً وَ سَاعِدْهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ زُلْ مَعَهُ حَیْثُ زَالَ وَ لَا تَطْلُبَنَّ مُجَازَاةَ أَخِیكَ وَ إِنْ حَثَا التُّرَابَ بِفِیكَ (7) وَ جُدْ عَلَی عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْرَی لِلظَّفَرِ وَ تَسْلَمُ مِنَ الدُّنْیَا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَ تَجَرُّعِ الْغَیْظِ فَإِنِّی لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَی مِنْهَا عَاقِبَةً وَ لَا أَلَذَّ مِنْهَا مَغَبَّةً(8)

وَ لَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَی ارْتِیَابٍ وَ لَا تَقْطَعْهُ

ص: 209


1- 1. الذمم- بكسر الأول و فتح الثانی-: جمع الذمّة: العهد و الأمان و الضمان، و الصدود الاعراض و المیل عن الشی ء. و المقت شدة البغض.
2- 2. الجنف: الجور؛ و ربما كان الامساك مع حسن الخلق خیر من البذل مع الجور قال اللّٰه تعالی فی سورة البقرة: 265« قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَیْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ یَتْبَعُها أَذیً».
3- 3. یعنی بعد اذ أنت قطعت رحمك فمن ذا الذی یثق بك أو یرجو صلتك؟. و قوله« و التجرم وجه القطیعة» لان التجرم اتیان الجرم أو حصوله مرة بعد مرة و ذلك موجب للقطیعة.
4- 4. الصرم- بالضم او الفتح- القطیعة. و قوله« علی الصلة» متعلق باحمل نفسك أی ألزم نفسك بصلة صدیقك إذا قطعك و هكذا بعده.
5- 5. المراد بالجمود: البخل.
6- 6. التجرم: تفعل من باب جرم بمعنی حصول الجرم مرة بعد مرة.
7- 7. حثا التراب أی صبه.
8- 8. المغبة- بشد الباء الموحدة-: العاقبة. أی لكظم الغیظ لذة تجدها النفس عند الافاقة منه، و هی ألذ و أحلی من لذة الانتقام و هی الخلاص من الضرر المعقب لفعل الغضب.

دُونَ اسْتِعْتَابٍ (1)

وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَلِینَ لَكَ مَا أَقْبَحَ الْقَطِیعَةَ بَعْدَ الصِّلَةِ وَ الْجَفَاءَ بَعْدَ الْإِخَاءِ وَ الْعَدَاوَةَ بَعْدَ الْمَوَدَّةِ وَ الْخِیَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَ الْغَدْرَ بِمَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَیْكَ وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطِیعَةَ أَخِیكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً یَرْجِعُ إِلَیْهَا إِنْ بَدَا لَهُ وَ لَكَ یَوْماً مَا(2)

وَ مَنْ ظَنَّ لَكَ خَیْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ (3)

وَ لَا تُضِیعَنَّ حَقَّ أَخِیكَ اتِّكَالًا عَلَی مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَ لَا یَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَی النَّاسِ بِكَ وَ لَا تَرْغَبَنَّ فِی مَنْ زَهِدَ فِیكَ وَ لَا یَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَی عَلَی قَطِیعَتِكَ مِنْكَ عَلَی صِلَتِهِ (4)

وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَی الْإِسَاءَةِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی الْإِحْسَانِ وَ لَا عَلَی الْبُخْلِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی الْبَذْلِ وَ لَا عَلَی التَّقْصِیرِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی

الْفَضْلِ- وَ لَا یَكْبُرَنَّ عَلَیْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ وَ إِنَّمَا یَسْعَی فِی مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَیْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ وَ الرِّزْقُ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ یَطْلُبُكَ فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ (5):

وَ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو صُرُوفٍ (6)

فَلَا تَكُنْ مِمَّنْ یَشْتَدُّ لَائِمَتُهُ وَ یَقِلُّ عِنْدَ النَّاسِ عُذْرُهُ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَی إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْیَاكَ مَا

ص: 210


1- 1. الارتیاب: الاتهام و الشك: و الاستعتاب: طلب العتبی أی الاسترضاء.
2- 2. أی بقیة من الصلة یسهل لك معها الرجوع إلیه« ان بدا له» أی ظهر له حسن العودة یوما ما.
3- 3. أی بلزوم الخیر الذی ظنّ بك.
4- 4. أمر علیه السلام بلزوم حفظ الصداقة. یعنی إذا أتی أخوك بالقطیعة فقابلها أنت بالصلة حتّی تغلبه و لا یكونن هو أقدر علی ما یوجب القطیعة منك علی ما یوجب الصلة، و هكذا بعده.
5- 5. الرزق الطالب ما هو المقدر للإنسان فان لم یأته أتاه و اما المطلوب ما كان مبدؤه الحرص.
6- 6. صرف الدهر و صروفه: نوائبه و حدثانه یعنی أن الدهر بحقیقته متغیر و متبدل و متزلزل لا یثبت بحال و لا یدوم علی وجه و قد اذن بفراقه و نادت بتغیره و نعت نفسه و أهله فلا یجوز ان تشتد ذمه و لومه. و اللائمة: اللوم و الذم.

أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ فَأَنْفِقْ فِی حَقٍّ وَ لَا تَكُنْ خَازِناً لِغَیْرِكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَارِعاً عَلَی مَا تَفَلَّتَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْكَ (1)

فَاجْزَعْ عَلَی كُلِّ مَا لَمْ یَصِلْ إِلَیْكَ وَ اسْتَدْلِلْ عَلَی مَا لَمْ یَكُنْ بِمَا كَانَ فَإِنَّمَا الْأُمُورُ أَشْبَاهٌ وَ لَا تَكْفُرْ ذَا نِعْمَةٍ فَإِنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ مِنْ أَلْأَمِ الْكُفْرِ وَ اقْبَلِ الْعُذْرَ وَ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا یَنْتَفِعُ مِنَ الْعِظَةِ إِلَّا بِمَا لَزِمَهُ إِزَالَتُهُ فَإِنَّ الْعَاقِلَ یَتَّعِظُ بِالْأَدَبِ وَ الْبَهَائِمَ لَا یَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ اعْرِفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَفَهُ لَكَ رَفِیعاً كَانَ أَوْ وَضِیعاً وَ اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْیَقِینِ (2) مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ وَ نِعْمَ حَظُّ الْمَرْءِ الْقُنُوعُ وَ مِنْ شَرِّ مَا صَحِبَ الْمَرْءَ الْحَسَدُ وَ فِی الْقُنُوطِ التَّفْرِیطُ وَ الشُّحُّ یَجْلِبُ الْمَلَامَةَ وَ الصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ (3) وَ الصَّدِیقُ مَنْ صَدَقَ غَیْبُهُ (4) وَ الْهَوَی شَرِیكُ الْعَمَی (5) وَ مِنَ التَّوْفِیقِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْحَیْرَةِ وَ نِعْمَ طَارِدُ الْهُمُومِ الْیَقِینُ- وَ عَاقِبَةُ الْكَذِبِ النَّدَمُ وَ فِی الصِّدْقِ السَّلَامَةُ وَ رُبَّ بَعِیدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِیبٍ وَ الْغَرِیبُ مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ حَبِیبٌ- لَا یُعْدِمْكَ مِنْ شَفِیقٍ سُوءُ الظَّنِّ وَ مَنْ حُمَّ ظَمِئَ (6)

وَ مَنْ تَعَدَّی الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَی قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَی لَهُ نِعْمَ الْخُلُقُ التَّكَرُّمُ (7)

وَ أَلْأَمُ اللُّؤْمِ الْبَغْیُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَ الْحَیَاءُ سَبَبٌ إِلَی كُلِّ جَمِیلٍ وَ أَوْثَقُ الْعُرَی التَّقْوَی وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ

ص: 211


1- 1. أی ما تملص و تخلص من الید فلم یمكن أن یحفظه. و المراد لا تجزع علی ما فاتك فان الجزع علی ما لم تصله، فالثانی لا یجوز لانه لا یحصر فینال فالجزع علیه مذموم فكذا الأول.
2- 2. العزائم جمع العزیمة و هی ما جزمت بها و لزمتها من الإرادة المؤكدة الراسخة.
3- 3. ینبغی أن یكون الصاحب كالنسیب المشفق و یراعی فی المصاحب ما یراعی فی قرابة النسب.
4- 4. أی من حفظ لك حقك فی ظهر الغیب.
5- 5. یعنی فی كونهما موجبین للضلال و عدم الاهتداء معهما الی ما ینبغی من المصلحة. و فی بعض نسخ الحدیث« و الهوی شریك العناء» و العناء الشقاء و التعب.
6- 6. حم الرجل: أصابته الحمی و ظمئ أی عطش. و فی بعض نسخ الحدیث« من حمی طنی» یعنی من منع نفسه عما یضرّه نال العافیة.
7- 7. التكرم تكلف الكرم، و تكرم عنه: تنزّه.

سَرَّكَ مَنْ أَعْتَبَكَ (1) وَ الْإِفْرَاطُ فِی الْمَلَامَةِ یَشُبُّ نِیرَانَ اللَّجَاجَةِ- كَمْ مِنْ دَنِفٍ قَدْ نَجَا(2)

وَ صَحِیحٍ قَدْ هَوَی وَ قَدْ یَكُونُ الْیَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً-(3) وَ لَیْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ وَ لَا كُلُّ فَرِیضَةٍ تُصَابُ- وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِیرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ الْأَعْمَی رُشْدَهُ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ وَجَدَ وَ لَا كُلُّ مَنْ تُوُفِّیَ نَجَا أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ وَ أَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ وَ احْتَمِلْ أَخَاكَ عَلَی مَا فِیهِ وَ لَا تَكْثُرِ الْعِتَابَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الضَّغِینَةَ(4)

وَ اسْتَعْتِبْ مَنْ رَجَوْتَ عُتْبَاهُ وَ قَطِیعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ وَ مِنَ الْكَرَمِ مَنْعُ الْحَزْمِ وَ مَنْ كَابَرَ الزَّمَانَ عَطِبَ (5) وَ مَنْ یُنْتَقَمُ عَلَیْهِ غَضِبَ مَا أَقْرَبَ النَّقِمَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْیِ وَ أَخْلَقُ بِمَنْ غَدَرَ أَنْ لَا یُوفَی لَهُ زَلَّةُ الْمُتَوَقِّی أَشَدُّ زَلَّةٍ وَ عِلَّةُ الْكَذِبِ أَقْبَحُ عِلَّةٍ- وَ الْفَسَادُ یُبِیرُ الْكَثِیرَ(6)

وَ الِاقْتِصَادُ یُنْمِی الْیَسِیرَ وَ الْقِلَّةُ ذِلَّةٌ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ مِنْ أَكْرَمِ الطِّبَاعِ وَ الْمَخَافَةُ شَرٌّ یُخَافُ وَ الزَّلَلُ مَعَ الْعَجَلِ وَ لَا خَیْرَ فِی لَذَّةٍ تُعْقِبُ نَدَماً الْعَاقِلُ مَنْ وَعَظَتْهُ التَّجَارِبُ وَ رَسُولُكَ تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ وَ الْهُدَی یَجْلُو الْعَمَی وَ لَیْسَ مَعَ الْخِلَافِ ائْتِلَافٌ مَنْ خَیَّرَ خَوَّاناً فَقَدْ خَانَ لَنْ یَهْلِكَ مَنِ اقْتَصَدَ وَ لَنْ یَفْتَقِرَ مَنْ زَهِدَ یُنْبِئُ

ص: 212


1- 1. اعتبه: أعطاه العتبی و أرضاه أی ما ترك ما كان یغضب علیه من أجله و رجع الی ما أرضاه عنه بعد اسخاطه إیّاه علیه و حقیقته ازال عنه عتبه و الهمزة فیه همزة السلب كما فی أشكاه و الاسم العتبی. و قوله« شرك» فی بعض نسخ الحدیث« منك» بشد النون.
2- 2. الدنف- محركة-: المرض اللازم. و المریض الذی لزمه المرض بلفظ واحد فی الجمیع. یقال: رجل دنف و امرأة دنف و هما دنف- مذكرا و مؤنثا- و هم و هن دنف مصدر وصف به. و الدنف- ككتف-: من لازمه المرض و الجمع ادناف.
3- 3. یعنی إذا كان الطمع فی الشی ء هلاكا كان الیأس من ذلك الشی ء ادراكا للنجاة.
4- 4. الضغینة: الحقد.
5- 5. عطب الرجل- كفرح- یعطب عطبا: هلك.
6- 6. أباره أهلكه.

عَنِ امْرِئٍ دَخِیلُهُ (1)

رُبَّ بَاحِثٍ عَنْ حَتْفِهِ (2) لَا یَشُوبَنَّ بِثِقَةٍ رَجَاءً(3) وَ مَا كُلُّ مَا یُخْشَی یَضُرُّ- وَ لَرُبَّ هَزْلٍ قَدْ عَادَ جِدّاً مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ تَعَظَّمَ عَلَیْهِ أَهَانَهُ وَ مَنْ تَرَغَّمَ عَلَیْهِ أَرْغَمَهُ وَ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ أَسْلَمَهُ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ رَمَی أَصَابَ وَ إِذَا تَغَیَّرَ السُّلْطَانُ تَغَیَّرَ الزَّمَانُ خَیْرُ أَهْلِكَ مَنْ كَفَاكَ الْمِزَاحُ تُورِثُ الضَّغَائِنَ أَعْذَرَ مَنِ اجْتَهَدَ وَ رُبَّمَا أَكْدَی الْحَرِیصُ (4) رَأْسُ الدِّینِ صِحَّةُ الْیَقِینِ تَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُ الْمَعَاصِی خَیْرُ الْمَقَالِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعَالُ السَّلَامَةُ مَعَ الِاسْتِقَامَةِ وَ الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ سَلْ عَنِ الرَّفِیقِ قَبْلَ الطَّرِیقِ وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ وَ كُنْ عَنِ الدُّنْیَا عَلَی قُلْعَةٍ(5)

احْمِلْ مَنْ أَدَلَّ عَلَیْكَ (6) وَ اقْبَلْ عُذْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَیْكَ وَ خُذِ الْعَفْوَ مِنَ النَّاسِ وَ

لَا تَبْلُغْ مِنْ أَحَدٍ مَكْرُوهاً(7) وَ أَطِعْ أَخَاكَ وَ إِنْ عَصَاكَ وَ صِلْهُ وَ إِنْ جَفَاكَ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ السَّمَاحَ (8)

وَ تَخَیَّرْ لَهَا مِنْ كُلِّ خُلُقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخَیْرَ عَادَةٌ- وَ إِیَّاكَ أَنْ تُكْثِرَ مِنَ الْكَلَامِ هَذَراً وَ أَنْ تَكُونَ مُضْحِكاً وَ إِنْ حَكَیْتَ ذَلِكَ عَنْ غَیْرِكَ وَ أَنْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ وَ إِیَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْیَهُنَّ إِلَی الْأَفْنِ وَ عَزْمَهُنَّ إِلَی الْوَهْنِ (9) وَ اكْفُفْ عَلَیْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِیَّاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ خَیْرٌ لَكَ

ص: 213


1- 1. الدخیل من دخل فی قوم و انتسب الیهم و لیس منهم. و دخیل الرجل داخلته و دخیلة المرء: باطنه و ضمیره.
2- 2. الباحث الحافر. و الحتف: الموت أی كم من حافر قبره بیده. یضرب لمن یطلب ما یؤدی أی هلاكه.
3- 3. فی بعض نسخ الحدیث و التحف« لا تشترین بثقة رجاء».
4- 4. أكدی الرجل أی لم یظفر بحاجته.
5- 5. أی علی رحلة و عدم سكونك للتوطن.
6- 6. أدل علیه وثق بمحبته فأفرط علیه، و اجترأ علیه و المراد هنا المعنی الثانی.
7- 7. فی التحف« و لا تبلغ الی أحد مكروهه».
8- 8. أی صیر نفسك معتادة بالسماحة و الجود.
9- 9. الافن- بالتحریك-: ضعف الرأی. و الوهن: الضعف.

وَ لَهُنَّ مِنَ الِارْتِیَابِ وَ لَیْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ دُخُولِ مَنْ لَا یُوثَقُ بِهِ عَلَیْهِنَ (1) وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا یَعْرِفْنَ غَیْرَكَ مِنَ الرِّجَالِ فَافْعَلْ وَ لَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنَ الْأَمْرِ مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْعَمُ لِحَالِهَا وَ أَرْخَی لِبَالِهَا وَ أَدْوَمُ لِجَمَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَیْحَانَةٌ وَ لَیْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ وَ لَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا(2)

وَ لَا تُعْطِیهَا أَنْ تَشْفَعَ لِغَیْرِهَا فَیَمِیلَ مَنْ شَفَعَتْ لَهُ عَلَیْكَ مَعَهَا وَ لَا تُطِلِ الْخَلْوَةَ مَعَ النِّسَاءِ فَیَمْلَلْنَكَ وَ تمللهن [تَمَلَّهُنَ](3) وَ اسْتَبْقِ مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً فَإِنَّ إِمْسَاكَكَ عَنْهُنَّ وَ هُنَّ تَرَیْنَ أَنَّكَ ذُو اقْتِدَارٍ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَعْثُرْنَ مِنْكَ عَلَی انْكِسَارٍ(4)

وَ إِیَّاكَ وَ التَّغَایُرَ فِی غَیْرِ مَوْضِعِ الْغَیْرَةِ(5)

فَإِنَّ ذَلِكَ یَدْعُو الصَّحِیحَةَ مِنْهُنَّ إِلَی السُّقْمِ وَ لَكِنْ أَحْكِمْ أَمْرَهُنَّ فَإِنْ رَأَیْتَ عَیْباً فَعَجِّلِ النَّكِیرَ عَلَی الْكَبِیرِ وَ الصَّغِیرِ وَ إِیَّاكَ أَنْ تُعَاتِبَ فَیَعْظُمَ الذَّنْبُ وَ یَهُونَ الْعَتْبُ وَ لَا تَكُنْ عَبْدَ غَیْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً وَ مَا خَیْرٌ بِخَیْرٍ لَا یُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ وَ یُسْرٌ لَا یُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ(6) وَ إِیَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَایَا الطَّمَعِ (7)وَ إِنِ

ص: 214


1- 1. أی ادخال من لا یوثق به علیهن اما مساو لخروجهن فی المفسدة أو أشدّ و كل ما كان كذلك لا یجوز الرخصة فیه، و انما كان أشدّ فی بعض الصور لان دخول من لا یوثق به علیهن أمكن لخلوته بهن و الحدیث معهن فیها یزاد من الفساد.
2- 2. أی لا تكرمها بكرامة تتعدی صلاحها أو لا تجاوز باكرامها نفسها فتكرم غیرها بشفاعتها.
3- 3. أین هذه الوصیة من حال الذین یصرفون النساء فی مصالح الأمة و یعدون أنفسهم- علی ما یلهجون بها-: المصلح و یرفعون الأصوات بانتصار المرأة و مطالبة حقها فی الشئون الاجتماعیة و یزعمون أن العفاف اهتضام المرأة و صیانتها عن الفساد تضییع حقها و یقولون كلمة حقّ أرادوا بها الباطل، فأوقدوا نیران الشهوات و أفسدوا الأمة. و إذا قیل لهم لا تفسدوا فی الأرض قالوا انما نحن مصلحون ألا انهم هم المفسدون و لكن لا یشعرون.
4- 4. عثر یعثر عثورا علی السر و غیره: اطلع علیه.
5- 5. التغایر: اظهار الغیرة علی المرأة بسوء الظنّ فی حالها من غیر موجب.
6- 6. أی ان الخیر الذی لا ینال الا بشر لا یكون خیرا بل یكون شرا لان طریقه شر فكیف یكون خیرا. و هكذا ما لا ینال الا بعسر لا یكون یسرا. و قیل: ان العسر الذی یخشاه الإنسان هو ما یضطره لرذیل الفعال فهو یسعی كل جهده لیتحامی الوقوع فیه فان جعل الرذائل وسیلة لكسب الیسر ای السعة فقد وقع أول الامر فیما یهرب منه فما الفائدة فی یسره و هو لا یحمیه من النقیصة.
7- 7. توجف أی تسرع سیرا سریعا. و المطایا جمع المطیة و هی الدابّة التی تركب. و المناهل جمع منهل: موضع الشرب علی الطریق و ما ترده إبل و نحوها للشرب.

اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا یَكُونَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ وَ إِنَّ الْیَسِیرَ مِنَ اللَّهِ أَكْرَمُ وَ أَعْظَمُ مِنَ الْكَثِیرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ فَإِنْ نَظَرْتَ فَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلی فِیمَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ وَ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ السِّفْلَةِ لَعَرَفْتَ أَنَّ لَكَ فِی یَسِیرِ مَا تُصِیبُ مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخَاراً وَ أَنَّ عَلَیْكَ فِی كَثِیرِ مَا تَطْلُبُ مِنَ الدُّنَاةِ عَاراً(1) إِنَّكَ لَیْسَ بَائِعاً شَیْئاً مِنْ دِینِكَ وَ عِرْضِكَ بِثَمَنٍ وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ- فَخُذْ مِنَ الدُّنْیَا مَا آتَاكَ وَ تَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّی عَنْكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِی الطَّلَبِ وَ إِیَّاكَ وَ مُقَارَبَةَ مَنْ رَهِبْتَهُ عَلَی دِینِكَ وَ عِرْضِكَ وَ بَاعِدِ السُّلْطَانَ لِتَأْمَنَ خُدَعَ الشَّیْطَانِ وَ تَقُولُ مَتَی أَرَی مَا أُنْكِرُ نَزَعْتُ فَإِنَّهُ هَكَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ إِنَّ أَهْلَ الْقِبْلَةِ قَدْ أَیْقَنُوا بِالْمَعَادِ فَلَوْ سُمْتَ بَعْضَهُمْ بِبَیْعِ آخِرَتِهِ بِالدُّنْیَا لَمْ تَطِبْ بِذَلِكَ نَفْساً(2) وَ قَدْ یَتَخَیَّلُهُ الشَّیْطَانُ بِخَدْعِهِ وَ مَكْرِهِ حَتَّی یُوَرِّطَهُ فِی هَلَكَةٍ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْیَا(3) یَسِیرٍ حَقِیرٍ وَ یَنْقُلَهُ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَی شَیْ ءٍ حَتَّی یُؤْیِسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ یُدْخِلَهُ فِی الْقُنُوطِ فَیَجِدُ الرَّاحَةَ إِلَی مَا خَالَفَ الْإِسْلَامَ وَ أَحْكَامَهُ- فَإِنْ نَفْسُكَ أَبَتْ إِلَّا حُبَّ الدُّنْیَا وَ قُرْبَ السُّلْطَانِ فَخَالَفَتْكَ إِلَی مَا نَهَیْتُكَ عَنْهُ مِمَّا فِیهِ رُشْدُكَ فَامْلِكْ عَلَیْهِ لِسَانَكَ فَإِنَّهُ لَا ثِقَةَ لِلْمُلُوكِ عِنْدَ الْغَضَبِ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَ لَا تَنْطِقْ بِأَسْرَارِهِمْ وَ لَا تَدْخُلْ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ فِی الصَّمْتِ السَّلَامَةُ مِنَ النَّدَامَةِ وَ تَلَافِیكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَیْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِ فَائِدَةِ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ حِفْظُ مَا فِی الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ وَ حِفْظُ مَا فِی یَدَیْكَ أَحَبُ

ص: 215


1- 1. الدناءة: جمع دان او الدنی و هو الخسیس.
2- 2. أی فلو عرضت للبیع من سام السلعة یسوم أی عرضها و ذكر ثمنها. و المعنی أنك لو عرضت ببعضهم بأن یبیع آخرته بالدنیا لم ترض بذلك و لم تطب نفسا بهذه التجارة.
3- 3. حتی یورطه ای یلقیه فی الورطة و یوقعه فی المهلكة.« بعرض الدنیا» أی بحطام الدنیا و متاعها. یعنی أن الشیطان ما زال یسول له بشی ء حقیر من متاع الدنیا حتّی یئس من رحمة اللّٰه و یخرجه منها فینجر الامر فی متابعته الی ما خالف الإسلام.

إِلَیْكَ مِنْ طَلَبِ مَا فِی یَدِ غَیْرِكَ (1) وَ لَا تُحَدِّثْ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ(2) فَتَكُونَ كَذَّاباً وَ الْكَذِبُ ذُلٌّ وَ حُسْنُ التَّدْبِیرِ مَعَ الْكَفَافِ أَكْفَی لَكَ مِنَ الْكَثِیرِ مَعَ الْإِسْرَافِ وَ حُسْنُ الْیَأْسِ خَیْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَی النَّاسِ وَ الْعِفَّةُ مَعَ الْحِرْفَةِ خَیْرٌ مِنْ سُرُورٍ مَعَ فُجُورٍ وَ الْمَرْءُ أَحْفَظُ سره [لِسِرِّهِ] وَ رُبَّ سَاعٍ فِیمَا یَضُرُّهُ مَنْ أَكْثَرَ هَجَرَ(3) وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ وَ أَحْسَنُ الْمَمَالِیكِ الْأَدَبُ وَ أَقْلِلِ الْغَضَبَ وَ لَا تُكْثِرِ الْعَتْبَ فِی غَیْرِ ذَنْبٍ فَإِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ مِنْكَ ذَنْباً فَإِنَّ الْعَفْوَ مَعَ الْعَدْلِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَ لَا تُمْسِكْ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ خَفِ

الْقِصَاصَ وَ اجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَمَلًا یَأْخُذُ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَحْرَی أَنْ لَا یَتَوَاكَلُوا(4) وَ أَكْرِمْ عَشِیرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِی بِهِ تَطِیرُ وَ أَصْلُكَ الَّذِی إِلَیْهِ تَصِیرُ وَ أَنَّكَ بِهِمْ تَصُولُ (5) وَ بِهِمْ تَطُولُ اللَّذَّةُ عِنْدَ الشِّدَّةِ وَ أَكْرِمْ كَرِیمَهُمْ وَ عُدْ سَقِیمَهُمْ (6)

وَ أَشْرِكْهُمْ فِی أُمُورِهِمْ وَ تَیَسَّرْ عِنْدَ مَعْسُورِهِمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَی أُمُورِكَ فَإِنَّهُ أَكْفَی مُعِینٍ وَ اسْتَوْدَعَ اللَّهَ دِینَكَ وَ دُنْیَاكَ وَ اسْأَلْهُ خَیْرَ الْقَضَاءِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

أقول: إن الشیخ الحسن بن علی بن شعبة قد ذكر هذا الخبر فی كتاب تحف العقول (7) لكن باختلاف كثیر فأردت أن أورده بهذه الروایة أیضا لأنه المسك

ص: 216


1- 1. التلافی التدارك لاصلاح ما فسد أو كاد. و الفرط: القصر و المراد أن سابق الكلام لا یدرك فیسترجع بخلاف مقصر السكوت فسهل تداركه، و الماء یحفظ فی القربة بشد وكائها أی رباطها فكذلك اللسان. و فیه تنبیه علی وجوب ترجیح الصمت علی كثرة الكلام و ذلك لان الكلام یسمع و ینقل فلا یستطاع اعادته صمتا.
2- 2. أی لا تقل الا عن صدق و ثقة، أول لا تحدث الا عمن تثق به.
3- 3. الهجر: الهذیان.
4- 4. كذا و فی التحف« و اجعل لكل امرئ منهم عملا تأخذه به، فانه أحری أن لا یتواكلوا» و مثله فی النهج. و التواكل أن یتكل بعضهم علی بعض.
5- 5. الصولة: السطوة و القدرة أی بهم تسطو و تغلب علی الغیر. و فی النهج« یدك التی بها تصول».
6- 6. من عاد المریض یعوده عیادة أی زاره.
7- 7. التحف ص 68.

كلما كررته یتضوع.

«2»- مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ الذَّامِّ لِلدُّنْیَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَی الظَّاعِنِ عَنْهَا إِلَیْهِمْ غَداً إِلَی الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا یُدْرِكُ السَّالِكِ سَبِیلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَ رَهِینَةِ الْأَیَّامِ وَ رَمِیَّةِ الْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ الدُّنْیَا وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ وَ غَرِیمِ الْمَنَایَا وَ أَسِیرِ الْمَوْتِ وَ حَلِیفِ الْهُمُومِ وَ قَرِینِ الْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ الْآفَاتِ وَ صَرِیعِ الشَّهَوَاتِ وَ خَلِیفَةِ الْأَمْوَاتِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِیمَا تَبَیَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْیَا عَنِّی وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَیَّ وَ إِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَیَّ مَا یَزَعُنِی عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَایَ وَ الِاهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِی غَیْرَ أَنَّهُ حَیْثُ تَفَرَّدَ بِی دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِی فَصَدَفَنِی رَأْیِی وَ صَرَفَنِی هَوَایَ وَ صَرَّحَ لِی مَحْضُ أَمْرِی فَأَفْضَی بِی إِلَی جِدٍّ لَا یَكُونُ فِیهِ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لَا یَشُوبُهُ كَذِبٌ وَ وَجَدْتُكَ بَعْضِی بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّی حَتَّی كَأَنَّ شَیْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِی وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِی فَعَنَانِی مِنْ أَمْرِكَ مَا یَعْنِینِی مِنْ أَمْرِ نَفْسِی فَكَتَبْتُ إِلَیْكَ كِتَابِی هَذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِیتُ لَكَ أَوْ فَنِیتُ (1)

فَإِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ أَیْ بُنَیَّ وَ لُزُومِ أَمْرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ وَ أَیُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ- أَحْیِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَ مَوْتَهُ بِالزُّهْدِ وَ قَوِّهِ بِالْیَقِینِ وَ ذَلِّلْهُ بِالْمَوْتِ (2) وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْیَا وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامِ وَ اعْرِضْ عَلَیْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِینَ وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَ سِرْ فِی بِلَادِهِمْ وَ آثَارِهِمْ وَ انْظُرْ مَا فَعَلُوا وَ أَیْنَ حَلُّوا وَ عَمَّنْ انْتَقَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمُ انْتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ وَ حَلُّوا دَارَ الْغُرْبَةِ وَ نَادِ فِی دِیَارِهِمْ أَیَّتُهَا الدِّیَارُ الْخَالِیَةُ أَیْنَ أَهْلُكِ ثُمَّ قِفْ عَلَی قُبُورِهِمْ فَقُلْ أَیَّتُهَا الْأَجْسَادُ الْبَالِیَةُ وَ الْأَعْضَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ كَیْفَ وَجَدْتُمُ الدَّارَ الَّتِی أَنْتُمْ بِهَا أَیْ بُنَیَّ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِیلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ- وَ لَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْیَاكَ وَ دَعِ الْقَوْلَ

ص: 217


1- 1. تقدم تفسیر جملات الحدیث فی ما نقل عن كتاب كشف المحجة.
2- 2. فی النهج« و أمته بالزهادة و قوه بالیقین و نوره بالحكمة و ذلّله بذكر الموت».

فِیمَا لَا تَعْرِفُ وَ الْخِطَابَ فِیمَا لَا تُكَلَّفُ وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِیقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَهُ فَإِنَّ الْكَفَّ عَنْ حَیْرَةِ الضَّلَالَةِ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْأَهْوَالِ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِلِسَانِكَ وَ یَدِكَ وَ بَایِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَ جَاهِدْ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ لَا تَأْخُذْكَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ حَیْثُ كَانَ (1)

وَ تَفَقَّهْ فِی الدِّینِ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ(2)

وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فِی الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَی إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَی كَهْفٍ حَرِیزٍ وَ مَانِعٍ عَزِیزٍ وَ أَخْلِصْ فِی الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِیَدِهِ الْعَطَاءَ وَ الْحِرْمَانَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِخَارَةَ وَ تَفَهَّمْ وَصِیَّتِی وَ لَا تَذْهَبَنَّ عَنْهَا صَفْحاً(3)

فَإِنَّ خَیْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خَیْرَ فِی عِلْمٍ لَا یَنْفَعُ وَ لَا یُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ حَتَّی لَا یُقَالَ بِهِ (4):

أَیْ بُنَیَّ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً(5)

وَ رَأَیْتُنِی أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِیَّتِی إِیَّاكَ خِصَالًا مِنْهُنَّ مَخَافَةَ أَنْ یَعْجَلَ بِی أَجَلِی (6)

دُونَ أَنْ أُفْضِیَ إِلَیْكَ بِمَا فِی نَفْسِی أَوْ أُنْقَصَ فِی رَأْیِی كَمَا نُقِصْتُ فِی جِسْمِی أَوْ یَسْبِقَنِی إِلَیْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَی وَ فِتَنِ الدُّنْیَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ- وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِیَةِ مَا أُلْقِیَ فِیهَا مِنْ شَیْ ءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ یَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ یَشْغَلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْیِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْیَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ (7)

فَتَكُونَ قَدْ كُفِیتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ عُوفِیتَ

ص: 218


1- 1. فی بعض نسخ الحدیث« للحق» مكان« بالموت». الغمرات: الشدائد.
2- 2. فی النهج« و عود نفسك التصبر علی المكروه و نعم الخلق التبصر». و التصبر تكلف الصبر.
3- 3. الصفح: الاعراض. و فی بعض النسخ« لا تذهبن منك صفحا».
4- 4. فی النهج« و لا ینتفع بعلم لا یحق تعلمه». و ذلك تنبیه علی أن من العلوم ما لا خیر فیه و هی التی نهت الشریعة عن تعلمها كالسحر و الكهانة و النجوم و النیر نجات و نحوها.
5- 5. فی النهج« انی لما رأیتنی قد بلغت سنا».
6- 6. فی النهج« بادرت بوصیتی إلیك و أوردت خصالا منها قبل أن یعجل بی أجلی».
7- 7. و ذلك لیكون جد رأیك أی محققه و ثابته مستعدا لقبول الحقائق التی وقف علیها أهل التحارب و كفوك طلبها. و البغیة بالكسر: الطلب. و فی بعض النسخ« تعقله و تجربته».

مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِیهِ وَ اسْتَبَانَ لَكَ مِنْهُ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَیْنَا فِیهِ- أَیْ بُنَیَّ وَ إِنِّی وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِی فَقَدْ نَظَرْتُ فِی أَعْمَالِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِی أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِی آثَارِهِمْ حَتَّی عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّی بِمَا انْتَهَی إِلَیَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَی آخِرِهِمْ فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرِّهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِیلَهُ وَ تَوَخَّیْتُ لَكَ جَمِیلَهُ وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ وَ رَأَیْتُ حَیْثُ عَنَانِی مِنْ أَمْرِكَ مَا یَعْنِی الْوَالِدَ الشَّفِیقَ وَ أَجْمَعْتُ عَلَیْهِ مِنْ أَدَبِكَ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلٌ بَیْنَ ذِی النَّقِیَّةِ وَ النِّیَّةِ وَ أَنْ أَبْدَأَكَ بِتَعْلِیمِ كِتَابِ اللَّهِ (1) وَ تَأْوِیلِهِ وَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَ أَحْكَامِهِ وَ حَلَالِهِ وَ

حَرَامِهِ- لَا أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَی غَیْرِهِ ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ یَلْبِسَكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِیهِ [مِنْ] أَهْوَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِی لَبَسَهُمْ (2)

وَ كَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ لَكَ عَلَی مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِیهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ إِسْلَامِكَ إِلَی أَمْرٍ لَا آمَنُ عَلَیْكَ فِیهِ الْهَلَكَةَ وَ رَجَوْتُ أَنْ یُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِیهِ لِرُشْدِكَ وَ أَنْ یَهْدِیَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَیْكَ وَصِیَّتِی هَذِهِ- وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ (3)

أَیْ بُنَیَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَیَّ مِنْ وَصِیَّتِی تَقْوَی اللَّهِ وَ الِاقْتِصَارُ عَلَی مَا افْتَرَضَ عَلَیْكَ وَ الْأَخْذُ بِمَا مَضَی عَلَیْهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ- فَإِنَّهُمْ لَمْ یَدَعُوا أَنْ یَنْظُرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَی الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ الْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ یُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا كَانُوا عَلِمُوا فَلْیَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لَا بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَ عُلُوِّ الْخُصُومَاتِ وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِی ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ عَلَیْهِ وَ الرَّغْبَةِ

ص: 219


1- 1. فی النهج« و أنت مقبل العمر، مقتبل الدهر، ذو نیة سلیمة و نفس صافیة و أن أبتدئك بتعلیم كتاب اللّٰه». و فی بعض نسخ الكتاب« ذی الفئة».
2- 2. فی النهج« أن یلتبس علیك ما اختلف الناس فیه من أهوائهم و آرائهم مثل الذی التبس علیهم».
3- 3. فی المصدر و أحكم مع ذلك.

إِلَیْهِ فِی تَوْفِیقِكَ وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَیْكَ شُبْهَةً(1)

وَ أَسْلَمَتْكَ إِلَی ضَلَالَةٍ وَ إِذَا أَنْتَ أَیْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا لَكَ قَلْبُكَ فَخَشَعَ- وَ تَمَّ رَأْیُكَ فَاجْتَمَعَ وَ كَانَ هَمُّكَ فِی ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِیمَا فَسَّرْتُ لَكَ وَ إِنْ أَنْتَ لَمْ یَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ مِنْ فَرَاغِ فِكْرِكَ وَ نَظَرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ خَبْطَ الْعَشْوَاءِ وَ لَیْسَ طَالِبُ الدِّینِ مَنْ خَبَطَ وَ لَا خَلَطَ وَ الْإِمْسَاكُ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْثَلُ- وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَ آخِرَهُ أَنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ إِلَهِی وَ إِلَهَكَ وَ إِلَهَ آبَائِكَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ رَبِّ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ كَمَا یُحِبُّ وَ یَنْبَغِی وَ نَسْأَلُهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَنَّا عَلَی نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ عَلَی أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ بِصَلَاةِ جَمِیعِ مَنْ صَلَّی عَلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَنْ یُتِمَّ نِعَمَهُ عَلَیْنَا فِیمَا وَفَّقَنَا لَهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِ بِالْإِجَابَةِ لَنَا فَإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ- فَتَفَهَّمْ أَیْ بُنَیَّ وَصِیَّتِی وَ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَیَاةِ وَ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِیتُ وَ أَنَّ الْمُفْنِیَ هُوَ الْمُعِیدُ وَ أَنَّ الْمُبْتَلِیَ هُوَ الْمُعَافِی وَ أَنَّ الدُّنْیَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِیمَ إِلَّا عَلَی مَا خَلَقَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَ الِابْتِلَاءِ وَ الْجَزَاءِ فِی الْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لَا نَعْلَمُ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَی جَهَالَتِكَ بِهِ وَ أَنَّكَ أَوَّلَ مَا خُلِقْتَ خُلِقْتَ جَاهِلًا ثُمَّ عُلِّمْتَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الْأَمْرِ وَ یَتَحَیَّرُ فِیهِ رَأْیُكَ وَ یَضِلُّ فِیهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَاعْتَصِمْ بِالَّذِی خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ فَلْیَكُنْ لَهُ تَعَمُّدُكَ (2)

وَ إِلَیْهِ رَغْبَتُكَ وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ- وَ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ یُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَارْضَ بِهِ رَائِداً(3) وَ إِلَی النَّجَاةِ قَائِداً فَإِنِّی لَمْ آلُكَ نَصِیحَةً-(4)

ص: 220


1- 1. فی النهج« أولجتك فی شبهة أو أسلمتك الی ضلالة».
2- 2. فی النهج« له تعبدك».
3- 3. الرائد: هو الذی یذهب لطلب المنزل لصاحبه أو من ترسله فی طلب الكلاء لیتعرف موقعه و الرسول قد عرف عن اللّٰه و أخبرنا بمرضاته، فهو رائد سعادتنا.
4- 4. أی لم اقصر فی نصیحتك.

وَ إِنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ فِی النَّظَرِ لِنَفْسِكَ وَ إِنِ اجْتَهَدْتَ مَبْلَغَ نَظَرِی لَكَ- وَ اعْلَمْ یَا بُنَیَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِیكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَیْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ صِفَتَهُ وَ فِعَالَهُ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ- لَا یُضَادُّهُ فِی ذَلِكَ أَحَدٌ وَ لَا یُحَاجُّهُ وَ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ أَنَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ یَثْبُتَ لِرُبُوبِیَّتِهِ بِالْإِحَاطَةِ قَلْبٌ أَوْ بَصَرٌ(1)

وَ إِذَا أَنْتَ عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا یَنْبَغِی لِمِثْلِكَ فِی صِغَرِ خَطَرِكَ وَ قِلَّةِ مَقْدُرَتِكَ وَ عِظَمِ حَاجَتِكَ إِلَیْهِ أَنْ یَفْعَلَ مِثْلَهُ فِی طَلَبِ طَاعَتِهِ وَ الرَّهْبَةِ لَهُ وَ الشَّفَقَةِ مِنْ سُخْطِهِ فَإِنَّهُ لَمْ یَأْمُرْكَ إِلَّا بِحَسَنٍ وَ لَمْ یَنْهَكَ إِلَّا عَنْ قَبِیحٍ- أَیْ بُنَیَّ إِنِّی قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْیَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا بِأَهْلِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الْآخِرَةِ وَ مَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا فِیهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ فِیهَا الْأَمْثَالَ إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ أَبْصَرَ الدُّنْیَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدْبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلًا خَصِیباً وَ جَنَاباً مَرِیعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّرِیقِ (2) وَ فِرَاقَ الصَّدِیقِ وَ خُشُونَةَ السَّفَرِ فِی الطَّعَامِ وَ الْمَنَامِ (3)

لِیَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ فَلَیْسَ یَجِدُونَ لِشَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لَا یَرَوْنَ نَفَقَتَهُ مَغْرَماً وَ لَا شَیْئاً أَحَبَّ إِلَیْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ- وَ مَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خِصْبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَی مَنْزِلٍ جَدْبٍ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَكْرَهَ إِلَیْهِمْ وَ لَا أَهْوَلَ لَدَیْهِمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا هُمْ فِیهِ إِلَی مَا یَهْجُمُونَ عَلَیْهِ (4)

وَ یَصِیرُونَ إِلَیْهِ وَ قَرَعْتُكَ بِأَنْوَاعِ الْجَهَالاتِ لِئَلَّا تَعُدَّ نَفْسَكَ عَالِماً فَإِنْ وَرَدَ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ لَا تَعْرِفُهُ أَكْبَرْتَ ذَلِكَ- فَإِنَّ الْعَالِمَ مَنْ عَرَفَ أَنَّ مَا یَعْلَمُ فِیمَا لَا یَعْلَمُ قَلِیلٌ فَعَدَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ جَاهِلًا فَازْدَادَ بِمَا عَرَفَ مِنْ ذَلِكَ فِی طَلَبِ الْعِلْمِ اجْتِهَاداً فَمَا یَزَالُ لِلْعِلْمِ طَالِباً وَ فِیهِ رَاغِباً وَ لَهُ مُسْتَفِیداً- وَ لِأَهْلِهِ خَاشِعاً وَ لِرَأْیِهِ مُتَّهِماً(5) وَ لِلصَّمْتِ لَازِماً وَ لِلْخَطَإِ حَاذِراً وَ مِنْهُ مُسْتَحْیِیاً.

ص: 221


1- 1. كذا و فی النهج« من أن یثبت ربوبیته باحاطة قلب أو بصر».
2- 2. الجناب: الناحیة. و الریع: كثیر العشب. و وعثاء الطریق: مشقته.
3- 3. فی النهج« خشونة السفر و جشوبة المطعم» و الجشوبة بضم الجیم: الغلظ أو كون الطعام بلا أدم.
4- 4. هجم علیه أی انتهی إلیه بغتة.
5- 5. فی المصدر« و لاهله خاشعا مهتما».

وَ إِنْ وَرَدَ عَلَیْهِ مَا لَا یَعْرِفُ لَمْ یُنْكِرْ ذَلِكَ لِمَا قَرَّرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَهَالَةِ- وَ إِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ بِمَا جَهِلَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ عَالِماً وَ بِرَأْیِهِ مُكْتَفِیاً فَمَا یَزَالُ لِلْعُلَمَاءِ مُبَاعِداً وَ عَلَیْهِمْ زَارِیاً وَ لِمَنْ خَالَفَهُ مُخَطِّئاً وَ لِمَا لَمْ یَعْرِفْ مِنَ الْأُمُورِ مُضَلِّلًا- فَإِذَا وَرَدَ عَلَیْهِ مِنَ الْأُمُورِ مَا لَمْ یَعْرِفْهُ أَنْكَرَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ وَ قَالَ بِجَهَالَتِهِ مَا أَعْرِفُ هَذَا وَ مَا أَرَاهُ كَانَ وَ مَا أَظُنُّ أَنْ یَكُونَ وَ أَنَّی كَانَ وَ ذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأْیِهِ وَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِجَهَالَتِهِ فَمَا یَنْفَكُّ بِمَا یَرَی مِمَّا یَلْتَبِسُ عَلَیْهِ رَأْیَهُ مِمَّا لَا یَعْرِفُ لِلْجَهْلِ مُسْتَفِیداً وَ لِلْحَقِّ مُنْكِراً وَ فِی الْجَهَالَةِ مُتَحَیِّراً وَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَكْبِراً- أَیْ بُنَیَّ تَفَهَّمْ وَصِیَّتِی وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِیزَاناً فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ غَیْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَیْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ لَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَیْرِكَ وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ لَكَ مَا تَرْضَی بِهِ لَهُمْ مِنْكَ وَ لَا تَقُلْ بِمَا لَا تَعْلَمُ بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ یُقَالَ لَكَ- وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وَ آفَةُ الْأَلْبَابِ فَإِذَا أَنْتَ هُدِیتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِیقاً ذَا

مَشَقَّةٍ بَعِیدَةٍ وَ أَهْوَالٍ شَدِیدَةٍ وَ أَنَّهُ- لَا غِنَی بِكَ فِیهِ عَنْ حُسْنِ ارْتِیَادٍ(1)

وَ قَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ(2) وَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَی ظَهْرِكَ فَوْقَ بَلَاغِكَ فَیَكُونَ ثِقْلًا وَ وَبَالًا عَلَیْكَ وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مَنْ یَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ فَیُوَافِیكَ بِهِ حَیْثُ تَحْتَاجُ إِلَیْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ (3)

ص: 222


1- 1. الارتیاد: الطلب أصله واوی من راد یرود و حسن الارتیاد: اتیانه من وجهه.
2- 2. البلاغ بالفتح: الكفایة أی ما یكفی من العیش و لا یفضل.
3- 3. فی قوله:« من استقرضك إلخ» حث علی الصدقة و المراد انك إذا أنفقت المال علی الفقراء و أهل الحاجة كان أجر ذلك و ثوابه ذخیرة لك تنالها فی القیامة فكانهم حملوا عنك زادك و یؤدونه إلیك وقت الحاجة.

فِی حَالِ غِنَاكَ وَ اجْعَلْ وَقْتَ قَضَائِكَ فِی یَوْمِ عُسْرَتِكَ (1)

وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً- لَا مَحَالَةَ مُهْبِطاً بِكَ عَلَی جَنَّةٍ أَوْ عَلَی نَارٍ الْمُخِفُّ فِیهَا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُثْقِلِ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ (2)

وَ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِی بِیَدِهِ مَلَكُوتُ خَزَائِنِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَدْ أَذِنَ بِدُعَائِكَ وَ تَكَفَّلَ بِإِجَابَتِكَ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِیُعْطِیَكَ وَ هُوَ رَحِیمٌ لَمْ یَجْعَلْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ تَرْجُمَاناً وَ لَمْ یَحْجُبْكَ عَنْهُ وَ لَمْ یُلْجِئْكَ إِلَی مَنْ یَشْفَعُ إِلَیْهِ لَكَ وَ لَمْ یَمْنَعْكَ إنْ أَسَأْتَ التَّوْبَةَ(3)

وَ لَمْ یُعَیِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَ لَمْ یُعَاجِلْكَ بِالنَّقِمَةِ وَ لَمْ یَفْضَحْكَ حَیْثُ تَعَرَّضْتَ لِلْفَضِیحَةِ وَ لَمْ یُنَاقِشْكَ بِالْجَرِیمَةِ وَ لَمْ یُؤْیِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ لَمْ یُشَدِّدْ عَلَیْكَ فِی التَّوْبَةِ فَجَعَلَ النُّزُوعَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنَةً(4)

وَ حَسَبَ سَیِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ وَ الِاسْتِئْنَافِ (5) فَمَتَی شِئْتَ سَمِعَ نِدَاءَكَ وَ نَجْوَاكَ فَأَفْضَیْتَ إِلَیْهِ بِحَاجَتِكَ وَ أَنْبَأْتَهُ عَنْ ذَاتِ نَفْسِكَ وَ شَكَوْتَ إِلَیْهِ هُمُومَكَ وَ اسْتَعَنْتَهُ عَلَی أُمُورِكَ وَ نَاجَیْتَهُ بِمَا تَسْتَخْفِی بِهِ مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سِرِّكَ (6)

ثُمَّ جَعَلَ بِیَدِكَ مَفَاتِیحَ خَزَائِنِهِ فَأَلْحِحْ فِی الْمَسْأَلَةِ یَفْتَحْ لَكَ بَابَ الرَّحْمَةِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فِیهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ

ص: 223


1- 1. كذا و فی النهج« و اغتنم من استقرضك فی حال غناك لیجعل قضائه لك فی یوم عسرتك».
2- 2. فارتد لنفسك أصله من راد یرود إذا طلب و تفقد و تهیأ مكانا لینزل إلیها و المراد ابعث رائدا من قبلك من الاعمال الصالحة توقفك الثقة به علی جودة المنزل. و فی النهج« و لم یمنعك ان أسأت من التوبة». و الانابة الرجوع إلی اللّٰه.
3- 3. التوبة مفعول لقوله علیه السلام« و لم یمنعك».
4- 4. النزوع: الرجوع و الكف.
5- 5. المتاب: التوبة. و الاستئناف: الاخذ فی الشی ء و ابتداؤه. و فی بعض النسخ« استیتاب».
6- 6. المناجاة: المكالمة سرا.

فَمَتَی شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ خَزَائِنِهِ- فَأَلْحِحْ (1)

وَ لَا یُقَنِّطْكَ إِنْ أَبْطَأَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ فَإِنَّ الْعَطِیَّةَ عَلَی قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ لِیَكُونَ أَطْوَلَ لِلْمَسْأَلَةِ وَ أَجْزَلَ لِلْعَطِیَّةِ وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّیْ ءَ فَلَمْ تُؤْتَهُ وَ أُوتِیتَ خَیْراً مِنْهُ عَاجِلًا وَ آجِلًا أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَكَ فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فِیهِ هَلَاكُ دِینِكَ لَوْ أُوتِیتَهُ وَ لْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِیمَا یَعْنِیكَ مِمَّا یَبْقَی لَكَ جَمَالُهُ أَوْ یُنْفَی عَنْكَ وَبَالُهُ وَ الْمَالُ لَا یَبْقَی لَكَ وَ لَا تَبْقَی لَهُ- فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ تَرَی عَاقِبَةَ أَمْرِكَ حَسَناً أَوْ سَیِّئاً أَوْ یَعْفُوَ الْعَفُوُّ الْكَرِیمُ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لَا لِلدُّنْیَا وَ لِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ وَ لِلْمَوْتِ لَا لِلْحَیَاةِ وَ أَنَّكَ فِی مَنْزِلِ قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ وَ طَرِیقٍ إِلَی الْآخِرَةِ أَنَّكَ طَرِیدُ الْمَوْتِ الَّذِی لَا یَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَ لَا بُدَّ أَنَّهُ یُدْرِكُكَ یَوْماً فَكُنْ مِنْهُ عَلَی حَذَرِ أَنْ یُدْرِكَكَ عَلَی حَالٍ سَیِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِیهَا بِالتَّوْبَةِ فَتَحُولَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ- أَیْ بُنَیَّ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ ذِكْرَ مَا تَهْجُمُ عَلَیْهِ وَ تُفْضِی بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَیْهِ وَ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ حَتَّی یَأْتِیَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ-(2)

وَ لَا یَأْخُذْكَ عَلَی غِرَّتِكَ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْآخِرَةِ وَ مَا فِیهَا مِنَ النَّعِیمِ وَ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ فَإِنَّ ذَلِكَ یُزَهِّدُكَ فِی الدُّنْیَا وَ یُصَغِّرُهَا عِنْدَكَ وَ قَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا وَ نَعَتَتْ لَكَ نَفْسَهَا(3) وَ كَشَفَتْ عَنْ مَسَاوِیهَا فَإِیَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَی مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِهَا إِلَیْهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَیْهَا(4) وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا كِلَابٌ عَاوِیَةٌ

ص: 224


1- 1. یقال: ألح فی السؤال: ألحف فیه و أقبل علیه مواظبا.
2- 2. الحذر- بالكسر-: الاحتراز و الاحتراس. و الغرة- بالكسر فالتشدید-، الغفلة.
3- 3. النعی: الاخبار بالموت و المراد أن الدنیا تخبر بحالها من التغیر و التحول عن فنائها.
4- 4. التكالب، التواثب و تكالبهم علیها أی شدة حرصهم علیها.

وَ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ یَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ (1) یَأْكُلُ عَزِیزُهَا ذَلِیلَهَا وَ كَبِیرُهَا صَغِیرَهَا قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَهَا عَنْ قَصْدِ السَّبِیلِ وَ سَلَكَتْ بِهِمْ طَرِیقَ الْعَمَی (2)

وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ فَتَاهُوا فِی حَیْرَتِهَا(3)

وَ غَرِقُوا فِی فِتْنَتِهَا وَ اتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا- فَإِیَّاكَ یَا بُنَیَّ أَنْ تَكُونَ قَدْ شَانَتْهُ كَثْرَةُ عُیُوبِهَا(4) نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَی مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ لَیْسَ لَهَا رَاعٍ یُقِیمُهَا رُوَیْداً حَتَّی یُسْفِرَ الظَّلَامُ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الظَّعِینَةُ(5)

یُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ یَئُوبَ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِیَّتُهُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ فَإِنَّهُ یُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ لَا یَسِیرُ(6)

أَبَی اللَّهُ إِلَّا خَرَابَ الدُّنْیَا وَ عِمَارَةَ الْآخِرَةِ أَیْ بُنَیَّ فَإِنْ

تَزْهَدْ فِیمَا زَهَّدَكَ اللَّهُ فِیهِ مِنَ الدُّنْیَا وَ تَعْزِفْ نَفْسَكَ عَنْهَا فَهِیَ أَهْلُ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ غَیْرَ قَابِلٍ نَصِیحَتِی إِیَّاكَ فِیهَا فَاعْلَمْ یَقِیناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَ أَنَّكَ فِی سَبِیلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَاخْفِضْ فِی الطَّلَبِ (7)

وَ أَجْمِلْ فِی

ص: 225


1- 1. الضاربة: المولعة بالافتراس. یهر أی یكره أن ینظر بعضها بعضا و یمقت.
2- 2. العمی و العماءة: الغوایة.
3- 3. فتاهوا أی ضلوا الطریق. و الحیرة: التحیر و التردد.
4- 4. الشین: ضد الزین. أی ایاك أن تكون الذی شانته كثرة عیوب الدنیا. و عقل البعیر بالتشدید شد وظیفه الی ذراعه. و النعم- محركة-: الإبل أی أهلها علی قسمین قسم كإبل منعها عن الشر عقالها و هم الضعفاء و أخری مهملة تأتی من السوء ما تشاء و هم الاقویاء.
5- 5. الظعینة: الهودج. عبر به علیه السلام عن المسافرین فی طریق الدنیا الی الآخرة كأن حالهم أن وردوا علی غایة سیرهم. و قوله:« یئوب» أی یرجع.
6- 6. و فی بعض النسخ« و ان كان واقعا لا یسیر».
7- 7. فاخفض أی و ارفق من الخفض بمعنی السهل. و أجمل فیما تكتسب أی اسع سعیا جمیلا لا بحرص و لا بطمع.

الْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَی حَرَبٍ وَ لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِنَاجٍ وَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمُحْتَاجٍ- وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِیَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَی رَغْبَةٍ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَ لَا تَكُنْ عَبْدَ غَیْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً وَ مَا خَیْرُ خَیْرٍ لَا یُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ وَ یُسْرٍ لَا یُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ: وَ إِیَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَایَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا یَكُونَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ وَ إِنَّ الْیَسِیرَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَكْثَرُ وَ أَعْظَمُ مِنَ الْكَثِیرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ وَ لَوْ نَظَرْتَ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلی- فِیمَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ وَ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ السَّفِلَةِ لَعَرَفْتَ أَنَّ لَكَ فِی یَسِیرِ مَا تُصِیبُ مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخَاراً وَ أَنَّ عَلَیْكَ فِی كَثِیرِ مَا تُصِیبُ مِنَ الدُّنَاةِ عَاراً فَاقْتَصِدْ فِی أَمْرِكَ تُحْمَدْ مَغَبَّةُ عِلْمِكَ (1)

إِنَّكَ لَسْتَ بَائِعاً شَیْئاً مِنْ دِینِكَ وَ عِرْضِكَ بِثَمَنٍ وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ نَصِیبَهُ مِنَ اللَّهِ فَخُذْ مِنَ الدُّنْیَا مَا أَتَاكَ وَ اتْرُكْ مَا تَوَلَّی فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِی الطَّلَبِ وَ إِیَّاكَ وَ مُقَارَنَةَ مَنْ رَهِبْتَهُ عَلَی دِینِكَ وَ بَاعِدِ السُّلْطَانَ وَ لَا تَأْمَنْ خَدْعَ الشَّیْطَانِ (2)

وَ تَقُولُ مَتَی أَرَی مَا أُنْكِرُ نَزَعْتُ فَإِنَّهُ كَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ قَدْ أَیْقَنُوا بِالْمَعَادِ فَلَوْ سُمْتَ بَعْضَهُمْ بَیْعَ آخِرَتِهِ بِالدُّنْیَا لَمْ یَطِبْ بِذَلِكَ نَفْساً ثُمَّ قَدْ یَتَخَیَّلُهُ الشَّیْطَانُ بِخَدْعِهِ وَ مَكْرِهِ حَتَّی یُوَرِّطَهُ فِی هَلَكَتِهِ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْیَا حَقِیرٍ وَ یَنْقُلُهُ مِنْ شَرٍّ إِلَی شَرٍّ حَتَّی یُؤْیِسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ یُدْخِلَهُ فِی الْقُنُوطِ فَیَجِدَ الْوَجْهَ إِلَی مَا خَالَفَ الْإِسْلَامَ وَ أَحْكَامَهُ- فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ إِلَّا حُبَّ الدُّنْیَا وَ قُرْبَ السُّلْطَانِ فَخَالَفْتَ مَا نَهَیْتُكَ عَنْهُ بِمَا فِیهِ رُشْدُكَ فَامْلِكْ عَلَیْكَ لِسَانَكَ فَإِنَّهُ لَا بَقِیَّةَ لِلْمُلُوكِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَ لَا تَنْطِقْ عِنْدَ أَسْرَارِهِمْ وَ لَا تَدْخُلْ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ فِی الصَّمْتِ السَّلَامَةُ مِنَ النَّدَامَةِ وَ تَلَافِیكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَیْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ

ص: 226


1- 1. كذا و المغبة: عاقبة الشی ء.
2- 2. كذا. و الخدع- بضمتین- جمع الخدوع و هو الكثیر الخداع.

مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ حِفْظُ مَا فِی الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ وَ حِفْظُ مَا فِی یَدَیْكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِی یَدِ غَیْرِكَ- وَ لَا تُحَدِّثْ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَتَكُونَ كَاذِباً وَ الْكَذِبُ ذُلٌّ وَ حُسْنُ التَّدْبِیرِ مَعَ الْكَفَافِ أَكْفَی لَكَ مِنَ الْكَثِیرِ مَعَ الْإِسْرَافِ وَ حُسْنُ الْیَأْسِ (1)

خَیْرٌ مِنَ الطَّلَبِ

إِلَی النَّاسِ وَ الْعِفَّةُ مَعَ الْحِرْفَةِ خَیْرٌ مِنْ سُرُورٍ مَعَ فُجُورٍ(2)

وَ الْمَرْءُ أَحْفَظُ سِرِّهِ (3) وَ رُبَّ سَاعٍ فِیمَا یَضُرُّهُ (4) مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ(5)

وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ وَ مِنْ خَیْرِ حَظِّ امْرِئٍ قَرِینٌ صَالِحٌ فَقَارِنْ أَهْلَ الْخَیْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَایِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ وَ لَا یَغْلِبَنَّ عَلَیْكَ سُوءُ الظَّنِّ فَإِنَّهُ لَا یَدَعُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ خَلِیلٍ صُلْحاً وَ قَدْ یُقَالُ مِنَ الْحَزْمِ سُوءُ الظَّنِّ بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ وَ ظُلْمُ الضَّعِیفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ وَ الْفَاحِشَةُ كَاسْمِهَا وَ التَّصَبُّرُ عَلَی الْمَكْرُوهِ یَعْصِمُ الْقَلْبَ (6) وَ إِنْ كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً وَ رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً وَ الدَّاءُ دَوَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَیْرُ النَّاصِحِ وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ وَ إِیَّاكَ وَ الِاتِّكَالَ عَلَی الْمُنَی فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَی وَ تَثَبُّطٌ عَنْ خَیْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْیَا زك [ذَكِ] قَلْبَكَ بِالْأَدَبِ كَمَا تُذَكَّی النَّارُ بِالْحَطَبِ وَ لَا تَكُنْ كَحَاطِبِ اللَّیْلِ وَعْثَاءَ السَّبِیلِ (7) وَ كُفْرُ

ص: 227


1- 1. و فی النهج« مرارة الیأس».
2- 2. و فی النهج« و الحرفة مع العفة خیر من الغنی مع الفجور».
3- 3. أی الأولی أن لا تبوح بسرك الی أحد فانت احفظ من غیرك فان أذعته انتشر فلم تلم الا نفسك لانك كنت عاجزا عن حفظ سر نفسك فغیرك أعجز. اذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه***فصدر الذی یستودع السر أضیق
4- 4. ربما كان الإنسان یسعی فیما یضرّه لجهله أو سوء قصده.
5- 5. یقال: فلان أهجر فی منطقه أی تكلم بالهذیان، و كثیر الكلام لا یخلو من الاهجار و هجر فی مرضه هذی.
6- 6. فی المصدر« نقص للقلب».
7- 7. یقال:« هو حاطب لیل» أی یخلط فی كلامه. و الوعثاء: التعب و المشقة. و فی كشف المحجة« و غثاء السیل» و هو الصواب.

النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَ صُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ وَ الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ وَ خَیْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ وَ مِنَ الْكَرَمِ لِینُ الشِّیَمِ بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ وَ مِنْ سَبَبِ الْحِرْمَانِ التَّوَانِی لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ یُصِیبُ وَ لَا كُلُّ رَاكِبٍ یَئُوبُ وَ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ وَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ رُبَّ یَسِیرٍ أَنْمَی مِنْ كَثِیرٍ سَوْفَ یَأْتِیكَ مَا قُدِّرَ لَكَ التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ(1)

وَ لَا خَیْرَ فِی مُعِینٍ مَهِینٍ- لَا تَبِیتَنَّ مِنْ أَمْرٍ عَلَی غَرَرٍ(2)

مَنْ حَكَمَ سَادَ وَ مَنْ تَفَهَّمَ ازْدَادَ- وَ لِقَاءُ أَهْلِ الْخَیْرِ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِیَّةُ اللَّجَاجِ وَ إِنْ قَارَفْتَ سَیِّئَةً فَعَجِّلْ مَحْوَهَا بِالتَّوْبَةِ وَ لَا تَخُنْ مَنِ ائْتَمَنَكَ وَ إِنْ خَانَكَ وَ لَا تُذِعْ سِرَّهُ وَ إِنْ أَذَاعَهُ وَ لَا تُخَاطِرْ بِشَیْ ءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَ اطْلُبْ فَإِنَّهُ یَأْتِیكَ مَا قُسِمَ لَكَ خُذْ بِالْفَضْلِ وَ أَحْسِنِ الْبَذْلَ وَ قُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَیُّ كَلِمَةِ حُكْمٍ جَامِعَةٍ أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ تَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا إِنَّكَ قَلَّ مَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَیْهِ أَوْ تَنْدَمَ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَیْهِ- وَ اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْكَرَمِ الْوَفَاءَ بِالذِّمَمِ وَ الدَّفْعَ عَنِ الْحَرَمِ (3) وَ الصُّدُودُ آیَةُ الْمَقْتِ وَ كَثْرَةُ الْعِلَلِ آیَةُ الْبُخْلِ وَ لَبَعْضُ إِمْسَاكِكَ عَنْ أَخِیكَ مَعَ لُطْفٍ

خَیْرٌ مِنْ بَذْلٍ مَعَ جَنَفٍ وَ مِنَ التَّكَرُّمِ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ مَنْ یَرْجُوكَ أَوْ یَثِقُ بِصِلَتِكَ إِذَا قَطَعْتَ قَرَابَتَكَ (4) وَ التَّحْرِیمُ وَجْهُ الْقَطِیعَةِ احْمِلْ نَفْسَكَ مَعَ أَخِیكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَی الصِّلَةِ وَ عِنْدَ صُدُودِهِ عَلَی اللُّطْفِ وَ الْمَسْأَلَةِ وَ عِنْدَ جُمُودِهِ عَلَی الْبَذْلِ وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَی الدُّنُوِّ

ص: 228


1- 1. أی بنفسه و ماله. و المهین اما بضم المیم بمعنی فاعل الاهانة و لا یصلح لان یكون معینا فیفسد ما یصلح، أو بفتحها بمعنی الحقیر فانه أیضا لا یصلح لضعف قدرته. و فی النهج بعد هذا الكلام« و لا فی صدیق ظنین» و الظنین- بالظاء: المتهم:- و بالضاد-: البخیل.
2- 2. الغرر- بالتحریك- المغرور به. و فی النهج« و لا تبین من أمر علی عذر».
3- 3. الحرم- بضمتین-: جمع الحریم: ما یدافع عنه و یحمیه.
4- 4. قوله علیه السلام و من یرجوك استفهام، أو عطف علی قوله:« الرحم» یعنی صلة من یرجوك إلخ. و التحریم من الصلة سبب لقطع القرابة.

وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَی اللِّینِ وَ عِنْدَ جُرْمِهِ عَلَی الِاعْتِذَارِ حَتَّی كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ وَ كَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَیْكَ- وَ إِیَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِی غَیْرِ مَوْضِعِهِ وَ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَیْرِ أَهْلِهِ لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِیقِكَ صَدِیقاً فَتُعَادِیَ صَدِیقَكَ وَ لَا تَعْمَلْ بِالْخَدِیعَةِ فَإِنَّهَا خُلُقُ اللَّئِیمِ وَ امْحَضْ أَخَاكَ النَّصِیحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِیحَةً وَ سَاعِدْهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ زُلْ مَعَهُ حَیْثُ زَالَ وَ لَا تَطْلُبَنَّ مُجَازَاةَ أَخِیكَ وَ لَوْ حَثَا التُّرَابَ بِفِیكَ وَ خُذْ عَلَی عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْرَی لِلظَّفَرِ(1)

وَ تَسْلَمُ مِنَ النَّاسِ بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَ تَجَرُّعِ الْغَیْظِ فَإِنِّی لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَی مِنْهَا عَاقِبَةً وَ لَا أَلَذَّ مَغَبَّةً وَ لَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَی ارْتِیَابٍ وَ لَا تَقْطَعْهُ دُونَ اسْتِعْتَابٍ وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَلِینَ لَكَ مَا أَقْبَحَ الْقَطِیعَةَ بَعْدَ الصِّلَةِ وَ الْجَفَاءَ بَعْدَ الْإِخَاءِ وَ الْعَدَاوَةَ بَعْدَ الْمَوَدَّةِ وَ الْخِیَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَ خُلْفَ الظَّنِّ لِمَنِ ارْتَجَاكَ وَ الْغَدْرَ بِمَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَیْكَ- فَإِنْ أَنْتَ غَلَبَتْكَ قَطِیعَةُ أَخِیكَ فَاسْتَبْقِ لَهَا مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً تَرْجِعُ إِلَیْهَا إِنْ بَدَا ذَلِكَ لَهُ یَوْماً وَ مَنْ ظَنَّ بِكَ خَیْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ وَ لَا تُضِیعَنَّ حَقَّ أَخِیكَ اتِّكَالًا عَلَی مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَ لَا یَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَی الْخَلْقِ بِكَ وَ لَا تَرْغَبَنَّ فِیمَنْ زَهِدَ فِیكَ وَ لَا تَزْهَدَنَّ فِیمَنْ رَغِبَ لَكَ إِذَا كَانَ لِلْخُلْطَةِ مَوْضِعاً وَ لَا یَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَی عَلَی قَطِیعَتِكَ مِنْكَ عَلَی صِلَتِهِ وَ لَا یَكُونَنَّ عَلَی الْإِسَاءَةِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی الْإِحْسَانِ وَ لَا عَلَی الْبُخْلِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی الْبَذْلِ وَ لَا عَلَی التَّقْصِیرِ أَقْوَی مِنْكَ عَلَی الْفَضْلِ وَ لَا یَكْبُرَنَّ عَلَیْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا یَسْعَی فِی مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَیْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ- وَ الرِّزْقُ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ یَطْلُبُكَ فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ وَ اعْلَمْ أَیْ بُنَیَّ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو صُرُوفٍ فَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ تَشْتَدُّ لَائِمَتُهُ وَ یَقِلُّ عِنْدَ النَّاسِ عُذْرُهُ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَی إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْیَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ (2)

فَأَنْفِقْ فِی حَقٍّ وَ لَا تَكُنْ خَازِناً لِغَیْرِكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَازِعاً

ص: 229


1- 1. فی النهج« فانه أحلی الظفرین» أی ظفر الانتقام و ظفر التملك بالاحسان.
2- 2. المثوی: المقام، أی حظك من الدنیا ما أصلحت به منزلتك من الكرامة فی الدنیا و الآخرة.

عَلَی مَا تَفَلَّتَ مِنْ یَدَیْكَ فَاجْزَعْ عَلَی كُلِّ مَا لَمْ یَصِلْ إِلَیْكَ وَ اسْتَدْلِلْ عَلَی مَا لَمْ یَكُنْ بِمَا كَانَ فَإِنَّمَا الْأُمُورُ أَشْبَاهٌ وَ لَا تَكْفُرَنَّ ذَا نِعْمَةٍ فَإِنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ مِنْ أَلْأَمِ الْكُفْرِ وَ اقْبَلِ الْعُذْرَ وَ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا یَنْتَفِعُ مِنَ الْعِظَةِ إِلَّا بِمَا لَزِمَهُ-(1) فَإِنَّ الْعَاقِلَ یَنْتَفِعُ بِالْأَدَبِ وَ الْبَهَائِمُ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ اعْرِفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَفَهُ لَكَ رَفِیعاً كَانَ أَوْ وَضِیعاً وَ اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْیَقِینِ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ وَ نِعْمَ حَظُّ الْمَرْءِ الْقَنَاعَةُ وَ مِنْ شَرِّ مَا صَحِبَ الْمَرْءُ الْحَسَدُ وَ فِی الْقُنُوطِ التَّفْرِیطُ وَ الشُّحُّ یَجْلِبُ الْمَلَامَةَ وَ الصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَ الصَّدِیقُ مَنْ صَدَقَ غَیْبُهُ وَ الْهَوَی شَرِیكُ الْعَمَی وَ مِنَ التَّوْفِیقِ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْحَیْرَةِ- وَ نِعْمَ طَارِدُ الْهَمِّ الْیَقِینُ

وَ عَاقِبَةُ الْكَذِبِ الذَّمُّ وَ فِی الصِّدْقِ السَّلَامَةُ وَ عَاقِبَةُ الْكَذِبِ شَرُّ عَاقِبَةٍ رُبَّ بَعِیدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِیبٍ وَ قَرِیبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِیدٍ وَ الْغَرِیبُ مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ حَبِیبٌ لَا یُعْدِمْكَ مِنْ حَبِیبٍ سُوءُ ظَنٍّ وَ مَنْ حَمَی طَنَی (2) وَ مَنْ تَعَدَّی الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَی قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَی لَهُ- نِعْمَ الْخُلُقُ التَّكَرُّمُ وَ أَلْأَمُ اللُّؤْمِ الْبَغْیُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَ الْحَیَاءُ سَبَبٌ إِلَی كُلِّ جَمِیلٍ وَ أَوْثَقُ الْعُرَی التَّقْوَی وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ مَنَّكَ مَنْ أَعْتَبَكَ (3) وَ الْإِفْرَاطُ فِی الْمَلَامَةِ تَشُبُّ نِیرَانَ اللَّجَاجِ وَ كَمْ مِنْ دَنِفٍ قَدْ نَجَا(4)

وَ صَحِیحٍ قَدْ هَوَی فَقَدْ یَكُونُ الْیَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً وَ لَیْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ وَ لَا كُلُّ فَرِیضَةٍ تُصَابُ وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِیرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ الْأَعْمَی رُشْدَهُ- لَیْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ وَجَدَ وَ لَا كُلُّ مَنْ تَوَقَّی

ص: 230


1- 1. و فی النهج« ممن لا تنفعه العظة الا إذا بالغت فی إیلامه».
2- 2. حمی الشی ء یحمیه حمیا و حمی و حمایة: منعه و دفعه عنه و حمی القوم حمایة: قام بنصرهم و المریض: ما یضرّه. و طنی اللدیغ من لدغ العقرب: عوفی. و طنی فلانا: عالجه من طناه و المعنی من منع نفسه عما یضرّه نال العافیة.
3- 3. و لعلّ المعنی: منّ علیك من استرضاك و یؤیده ما فی بعض نسخ الحدیث:« سرك من أعتبك».
4- 4. الدنف- محركة- المریض الذی طال به المرض.

نَجَا(1)

أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ (2)

وَ أَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْكَ وَ احْتَمِلْ أَخَاكَ عَلَی مَا فِیهِ وَ لَا تُكْثِرِ الْعِتَابَ فَإِنَّهُ یُورِثُ الضَّغِینَةَ وَ یَجُرُّ إِلَی الْبِغْضَةِ(3) وَ اسْتَعْتِبْ مَنْ رَجَوْتَ إِعْتَابَهُ وَ قَطِیعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ وَ مِنَ الْكَرَمِ مَنْعُ الْحَزْمِ (4) مَنْ كَابَرَ الزَّمَانَ عَطِبَ وَ مَنْ یُنْقَمْ عَلَیْهِ غَضِبَ (5)

مَا أَقْرَبَ النَّقِمَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْیِ وَ أَخْلَقُ بِمَنْ غَدَرَ أَلَّا یُوفَی لَهُ (6) زَلَّةُ الْمُتَوَقِّی أَشَدُّ زَلَّةٍ وَ عِلَّةُ الْكَذِبِ أَقْبَحُ عِلَّةٍ وَ الْفَسَادُ یُبِیرُ الْكَثِیرَ وَ الِاقْتِصَادُ یُثْمِرُ الْیَسِیرَ(7)

وَ الْقِلَّةُ ذِلَّةٌ وَ بِرُّ الْوَالِدَیْنِ مِنْ كَرَمِ الطَّبِیعَةِ وَ الزَّلَلُ مَعَ الْعَجَلِ وَ لَا خَیْرَ فِی لَذَّةٍ تُعْقِبُ نَدَماً- وَ الْعَاقِلُ مَنْ وَعَظَتْهُ التَّجَارِبُ وَ الْهُدَی یَجْلُو الْعَمَی وَ لِسَانُكَ تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ لَیْسَ مَعَ الِاخْتِلَافِ ائْتِلَافٌ مِنْ حُسْنِ الْجِوَارِ تَفَقُّدُ الْجَارِ لَنْ یَهْلِكَ مَنِ اقْتَصَدَ وَ لَنْ یَفْتَقِرَ مَنْ زَهِدَ بَیَّنَ عَنِ امْرِئٍ دَخِیلُهُ رُبَّ بَاحِثٍ عَنْ

حَتْفِهِ (8)

لَا تَشْتَرِیَنَّ بِثِقَةٍ رَجَاءً مَا كُلُّ مَا یُخْشَی یَضُرُّ رُبَّ هَزْلٍ عَادَ جِدّاً(9) مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ تَعَظَّمَ عَلَیْهِ أَهَانَهُ (10) وَ مَنْ تَرَغَّمَ عَلَیْهِ أَرْغَمَهُ وَ مَنْ لَجَأَ

ص: 231


1- 1. توقی ای تجنب و حذر و خاف.
2- 2. قیل: لان فرص الشر لا تنقضی لكثرة طرقه و طریق الخیر واحد و هو الحق.
3- 3. البغضة- بالكسر-: شدة البغض.
4- 4. الحزم: ضبط الامر و احكامه و الحذر من فواته و الاخذ فیه بالثقة و هنا بمعنی الشدة و الغلظة.
5- 5. عطب الرجل- كفرح- یعطب عطبا: هلك و فی بعض النسخ« من تنقم علیه غضب».
6- 6. الاخلق: الاجدر. یقال: هو خلیق به أی جدیر.
7- 7. فی بعض نسخ الكتاب« یدبر الكثیر». و فی بعض نسخ الحدیث« یبید الكثیر و الاقتصاد ینمی الیسیر».
8- 8. بحث فی الأرض: حفرها. و الحتف: الموت. و فی المثل« كالباحث عن حتفه بظلفه» یضرب لمن یطلب ما یؤدی الی تلف النفس. و فی بعض نسخ الحدیث« لا تشوبن».
9- 9. هزل فی كلامه هزلا- كضرب-: مزح و هو ضد الجد.
10- 10. تنبیه علی وجوب الحذر من الزمان و دوام ملاحظة تغیراته و الاستعداد لحوادثه قبل نزولها و استعار لفظ الخیانة باعتبار تغیره عند الغفلة عنه و الامن فیه فهو فی ذلك كالصدیق الخائن.

إِلَیْهِ أَسْلَمَهُ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ رَمَی أَصَابَ (1) إِذَا تَغَیَّرَ السُّلْطَانُ تَغَیَّرَ الزَّمَانُ (2) وَ خَیْرُ أَهْلِكَ مَنْ كَفَاكَ وَ الْمِزَاحُ یُورِثُ الضَّغَائِنَ وَ رُبَّمَا أَكْدَی الْحَرِیصُ (3)

رَأْسُ الدِّینِ صِحَّةُ الْیَقِینِ وَ تَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُكَ الْمَعَاصِیَ وَ خَیْرُ الْمَقَالِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعَالُ وَ السَّلَامَةُ مَعَ الِاسْتِقَامَةِ وَ الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ سَلْ عَنِ الرَّفِیقِ قَبْلَ الطَّرِیقِ وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ وَ كُنْ مِنَ الدُّنْیَا عَلَی قُلْعَةٍ احْمِلْ لِمَنْ أَدَلَّ عَلَیْكَ وَ اقْبَلْ عُذْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَیْكَ وَ خُذِ الْعَفْوَ مِنَ النَّاسِ وَ لَا تُبْلِغْ إِلَی أَحَدٍ مَكْرُوهَهُ أَطِعْ أَخَاكَ وَ إِنْ عَصَاكَ وَ صِلْهُ وَ إِنْ جَفَاكَ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ السَّمَاحَ وَ تَخَیَّرْ لَهَا مِنْ كُلِّ خُلُقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخَیْرَ عَادَةٌ- وَ إِیَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلَامِ قَذِراً(4)

أَوْ تَكُونَ مُضْحِكاً وَ إِنْ حَكَیْتَ ذَلِكَ عَنْ غَیْرِكَ (5)

وَ أَنْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ یُنْتَصَفَ مِنْكَ (6)

وَ إِیَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْیَهُنَّ إِلَی أَفْنٍ (7)

وَ عَزْمَهُنَّ إِلَی وَهْنٍ وَ اكْفُفْ عَلَیْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحَجْبِكَ إِیَاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ خَیْرٌ لَكَ وَ لَهُنَّ وَ لَیْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لَا یُوثَقُ بِهِ عَلَیْهِنَّ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ

ص: 232


1- 1. تنبیه علی ما ینبغی من ترك الاسف علی ما یفوت من المطالب و التسلی بمن أخطأ فی طلبه و إلیه أشار أبو الطیب: ما كل من طلب المعالی نافذا فیها و لا كل الرجال فحول.
2- 2. تنبیه علی أن تغیر السلطان فی رأیه و نیته و فعله فی رعیته من العدل الی الجور یستلزم تغیر الزمان علیهم اذ یغیر من الاعداد للعدل الی الاعداد للجور.
3- 3. یقال: أكدی الرجل أی لم یظفر بحاجته.
4- 4. القذر: الوسخ، و فی بعض نسخ الحدیث« هذرا» مكان« قذرا» و هذر فی كلامه: خلط و تكلم بما لا ینبغی.
5- 5. ذلك لاستلزامه الهوان و قلة الهیبة فی النفوس.
6- 6. أی عامل الناس بالانصاف قبل أن یطلبوا منك النصف.
7- 7. الافن- بالتحریك-: ضعف الرأی. و الوهن: الضعف.

لَا یَعْرِفْنَ غَیْرَكَ فَافْعَلْ وَ لَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْعَمُ لِحَالِهَا وَ أَرْخَی لِبَالِهَا وَ أَدْوَمُ لِجَمَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَیْحَانَةٌ وَ لَیْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ وَ لَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَ لَا تُطْمِعْهَا أَنْ تَشْفَعَ لِغَیْرِهَا فَتَمِیلَ مُغْضَبَةً عَلَیْكَ مَعَهَا وَ لَا تُطِلِ الْخَلْوَةَ مَعَ النِّسَاءِ فَیَمْلِكْنَكَ (1) أَوْ تَمَلَّهُنَّ وَ اسْتَبْقِ مِنْ نَفْسِكَ بَقِیَّةً مِنْ إِمْسَاكِكَ عَنْهُنَّ وَ هُنَّ یَرَیْنَ أَنَّكَ ذُو اقْتِدَارٍ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَظْهَرْنَ مِنْكَ عَلَی انْتِشَارٍ وَ إِیَّاكَ وَ التَّغَایُرَ فِی غَیْرِ مَوْضِعِ غَیْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ یَدْعُو الصَّحِیحَةَ مِنْهُنَّ إِلَی السُّقْمِ وَ لَكِنْ أَحْكِمْ أَمْرَهُنَّ فَإِنْ رَأَیْتَ ذَنْباً فَعَاجِلِ النَّكِیرَ عَلَی الْكَبِیرِ وَ الصَّغِیرِ- وَ إِیَّاكَ أَنْ تُعَاقِبَ فَتُعْظِمَ الذَّنْبَ وَ تُهَوِّنَ الْعَتْبَ وَ أَحْسِنْ لِلْمَمَالِیكِ الْأَدَبَ وَ أَقْلِلِ الْغَضَبَ وَ لَا تُكْثِرِ الْعَتْبَ فِی غَیْرِ ذَنْبٍ فَإِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَنْباً فَأَحْسِنِ الْعَدْلَ فَإِنَّ الْعَدْلَ مَعَ الْعَفْوِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَ التَّمَسُّكُ بِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ أَوْجَبُ الْقِصَاصِ (2)

وَ اجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَمَلًا تَأْخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أَحْرَی أَنْ لَا یَتَوَاكَلُوا وَ أَكْرِمْ عَشِیرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِی بِهِ تَطِیرُ وَ أَصْلُكَ الَّذِی إِلَیْهِ تَصِیرُ وَ بِهِمْ تَصُولُ وَ هُمُ الْعُدَّةُ عِنْدَ الشِّدَّةِ(3) فَأَكْرِمْ كَرِیمَهُمْ وَ عُدْ سَقِیمَهُمْ وَ أَشْرِكْهُمْ فِی أُمُورِهِمْ وَ تَیَسَّرْ عِنْدَ مَعْسُورٍ لَهُمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَی أُمُورِكَ فَإِنَّهُ أَكْفَی مُعِینٍ اسْتَوْدِعِ اللَّهَ دِینَكَ وَ دُنْیَاكَ وَ اسْأَلْهُ خَیْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ.

جش (4)، [الفهرست] للنجاشی: الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ الْمُجَاشِعِیُّ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عُمِّرَ بَعْدَهُ رَوَی عَنْهُ عَهْدَ الْأَشْتَرِ وَ وَصِیَّتَهُ إِلَی مُحَمَّدٍ ابْنِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأَدِیبُ عَنْ أَبِی بِكْرٍ الدُّورِیِّ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الثَّلْجِ- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدَلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ- عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ بِالْوَصِیَّةِ.

ص: 233


1- 1. فی بعض النسخ« فیملنك».
2- 2. فی الكشف« و خف القصاص».
3- 3. العدة- بالضم- الاستعداد و بالكسر: الجماعة.
4- 4. رجال النجاشیّ ص 7.

بیان: قوله علیه السلام(1).

د(2)،[العدد القویة]: مِنْ وَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِوَلَدِهِ الْحَسَنِ علیه السلام كَیْفَ وَ أَنَّی بِكَ یَا بُنَیَّ إِذَا صِرْتَ فِی قَوْمٍ صَبِیُّهُمْ غَاوٍ وَ شَابُّهُمْ فَاتِكٌ وَ شَیْخُهُمْ لَا یَأْمُرُ بِمَعْرُوفٍ وَ لَا یَنْهَی عَنْ مُنْكَرٍ وَ عَالِمُهُمْ خَبٌّ مَوَّاهٌ (3)

مُسْتَحْوِذٌ عَلَیْهِ هَوَاهُ مُتَمَسِّكٌ بِعَاجِلِ دُنْیَاهُ أَشَدُّهُمْ عَلَیْكَ إِقْبَالًا یَرْصُدُكَ بِالْغَوَائِلِ وَ یَطْلُبُ الْحِیلَةَ بِالتَّمَنِّی وَ یَطْلُبُ الدُّنْیَا بِالاجْتِهَادِ خَوْفُهُمْ آجِلٌ وَ رَجَاؤُهُمْ عَاجِلٌ- لَا یَهَابُونَ إِلَّا مَنْ یَخَافُونَ لِسَانَهُ وَ لَا یُكْرِمُونَ إِلَّا مَنْ یَرْجُونَ نَوَالَهُ دِینُهُمُ الرِّبَا كُلُّ حَقٍّ عِنْدَهُمْ مَهْجُورٌ یُحِبُّونَ مَنْ غَشَّهُمْ وَ یَمَلُّونَ مَنْ دَاهَنَهُمْ قُلُوبُهُمْ

خَاوِیَةٌ لَا یَسْمَعُونَ دُعَاءً وَ لَا یُجِیبُونَ سَائِلًا قَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَیْهِمْ سَكْرَةُ الْغَفْلَةِ إِنْ تَرَكْتَهُمْ لَمْ یَتْرُكُوكَ وَ إِنْ تَابَعْتَهُمْ اغْتَالُوكَ إِخْوَانُ الظَّاهِرِ وَ أَعْدَاءُ السَّرَائِرِ یَتَصَاحَبُونَ عَلَی غَیْرِ تَقْوَی- فَإِذَا افْتَرَقُوا ذَمَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً تَمُوتُ فِیهِمُ السُّنَنُ وَ تَحْیَا فِیهِمُ الْبِدَعُ فَأَحْمَقُ النَّاسِ مَنْ أَسِفَ عَلَی فَقْدِهِمْ أَوْ سُرَّ بِكَثْرَتِهِمْ- فَكُنْ عِنْدَ ذَلِكَ یَا بُنَیَّ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَیُرْكَبَ وَ لَا وَبَرٌ فَیُسْلَبَ وَ لَا ضَرْعٌ فَیُحْلَبَ فَمَا طِلَابُكَ لِقَوْمٍ إِنْ كُنْتَ عَالِماً عَابُوكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَاهِلًا لَمْ یُرْشِدُوكَ وَ إِنْ طَلَبْتَ الْعِلْمَ قَالُوا مُتَكَلِّفٌ مُتَعَمِّقٌ وَ إِنْ تَرَكْتَ طَلَبَ الْعِلْمِ قَالُوا عَاجِزٌ غَبِیٌ (4)

وَ إِنْ تَحَقَّقْتَ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ قَالُوا مُتَصَنِّعٌ مُرَاءٍ وَ إِنْ لَزِمْتَ الصَّمْتَ قَالُوا أَلْكَنُ- وَ إِنْ نَطَقْتَ قَالُوا مِهْذَارٌ وَ إِنْ أَنْفَقْتَ قَالُوا مُسْرِفٌ وَ إِنِ اقْتَصَدْتَ قَالُوا بَخِیلٌ وَ إِنِ احْتَجْتَ إِلَی مَا فِی أَیْدِیهِمْ صَارَمُوكَ (5)

وَ ذَمُّوكَ وَ إِنْ لَمْ تَعْتَدَّ بِهِمْ كَفَّرُوكَ فَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ زَمَانِكَ

ص: 234


1- 1. كان هنا بیاض مقدار نصف الصفحة.
2- 2. العدد القویة لدفع المخاوف الیومیة تألیف الشیخ الفقیه رضیّ الدین علیّ بن یوسف ابن المطهّر الحلّیّ. مخطوط.
3- 3. الخب- بتشدید الباء الموحدة-: الخداع. و موه الخبر: زوره علیه و زخرفه و لبسه او بلغه خلاف ما هو.
4- 4. الغبی ضد الذكی.
5- 5. أی قاطعوك. و الصرم القطع.

فَأَصْغَاكَ (1)

مَنْ فَرَغَ عَنْ جَوْرِهِمْ وَ أَمِنَ مِنَ الطَّمَعِ فِیهِمْ فَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَی شَأْنِهِ مُدَارٍ لِأَهْلِ زَمَانِهِ وَ مِنْ صِفَةِ الْعَالِمِ أَنْ لَا یَعِظَ إِلَّا مَنْ یَقْبَلُ عِظَتَهُ وَ لَا یَنْصَحَ مُعْجَباً بِرَأْیِهِ وَ لَا یُخْبِرَ بِمَا یَخَافُ إِذَاعَتَهُ- وَ لَا تُودِعْ سِرَّكَ إِلَّا عِنْدَ كُلِّ ثِقَةٍ وَ لَا تَلْفِظْ إِلَّا بِمَا یَتَعَارَفُونَ بِهِ النَّاسُ وَ لَا تُخَالِطْهُمْ إِلَّا بِمَا یَفْعَلُونَ فَاحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ وَ كُنْ فَرْداً وَحِیداً- وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ نَظَرَ فِی عَیْبِ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَیْبِ غَیْرِهِ وَ مَنْ كَابَدَ الْأُمُورَ عَطِبَ وَ مَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ وَ مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْیِهِ ضَلَّ وَ مَنِ اسْتَغْنَی بِعَقْلِهِ زَلَّ وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَی النَّاسِ ذَلَّ- وَ مَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ وَ مَنْ كَثَّرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ كَثُرَ خَطَاؤُهُ قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ مَنْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ قَلَّ دِینُهُ وَ مَنْ قَلَّ دِینُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ- قِیلَ وَقَفَ رَجُلٌ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا ابْنَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِالَّذِی أَنْعَمَ عَلَیْكَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِی مَا نِلْتَهَا مِنْهُ بِشَفِیعٍ مِنْكَ إِلَیْهِ بَلْ إِنْعَاماً مِنْهُ عَلَیْكَ إِلَّا مَا أَنْصَفْتَنِی مِنْ خَصْمِی فَإِنَّهُ غَشُومٌ ظَلُومٌ- لَا یُوَقِّرُ الشَّیْخَ الْكَبِیرَ وَ لَا یَرْحَمُ الطِّفْلَ الصَّغِیرَ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَی جَالِساً وَ قَالَ لَهُ مَنْ خَصْمُكَ حَتَّی أَنْتَصِفَ لَكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْفَقْرُ فَأَطْرَقَ علیه السلام سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَ إِلَی خَادِمِهِ وَ قَالَ أَحْضِرْ مَا عِنْدَكَ مِنْ مَوْجُودٍ فَأَحْضَرَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ ادْفَعْهَا إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الَّتِی أَقْسَمْتَ بِهَا عَلَیَّ مَتَی أَتَاكَ خَصْمُكَ جَائِراً إِلَّا مَا أَتَیْتَنِی مِنْهُ مُتَظَلِّماً.

بیان:(2).

ص: 235


1- 1. كذا.
2- 2. كان هنا بیاض مقدار صفحة.

باب 9 وصیة أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه للحسین صلی اللّٰه علیه

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: یَا بُنَیَّ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ الْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ بِالْعَدْلِ عَلَی الصَّدِیقِ وَ الْعَدُوِّ وَ بِالْعَمَلِ فِی النَّشَاطِ وَ الْكَسَلِ وَ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ- أَیْ بُنَیَّ مَا شَرٌّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ بِشَرٍّ وَ لَا خَیْرٌ بَعْدَهُ النَّارُ بِخَیْرٍ وَ كُلُّ نَعِیمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِیَةٌ- وَ اعْلَمْ أَیْ بُنَیَّ أَنَّهُ مَنْ أَبْصَرَ عَیْبَ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَیْبِ غَیْرِهِ وَ مَنْ تَعَرَّی مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَی لَمْ یُسْتَتَرْ بِشَیْ ءٍ مِنَ اللِّبَاسِ وَ مَنْ رَضِیَ بِقَسْمِ اللَّهِ لَمْ یَحْزَنْ عَلَی مَا فَاتَهُ وَ مَنْ سَلَّ سَیْفَ الْبَغْیِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنْ حَفَرَ بِئْراً لِأَخِیهِ وَقَعَ فِیهَا وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَیْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَیْتِهِ (2)

وَ مَنْ نَسِیَ خَطِیئَتَهُ اسْتَعْظَمَ خَطِیئَةَ غَیْرِهِ وَ مَنْ كَابَدَ الْأُمُورَ عَطِبَ (3) وَ مَنِ اقْتَحَمَ الْغَمَرَاتِ غَرِقَ وَ مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْیِهِ ضَلَّ وَ مَنِ اسْتَغْنَی بِعَقْلِهِ زَلَّ وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَی النَّاسِ ذَلَّ وَ مَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَ مَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حُقِّرَ(4)

وَ مَنْ سَفِهَ عَلَی النَّاسِ شُتِمَ (5) وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السَّوْءِ اتُّهِمَ وَ مَنْ مَزَحَ

ص: 236


1- 1. تحف العقول ص 88.
2- 2. فی بعض النسخ« عوراته».
3- 3. كابدها: أی قاساها و تحمل المشاق فی فعلها بلا اعداد أسبابها. و عطب أی هلك و الغمرات الشدائد. و فی النهج« و من اقتحم اللجج عرق».
4- 4. الانذال- جمع النذل-: الخسیس من الناس، المحتقر فی جمیع أحواله و المراد بهم ذوی الأخلاق الدنیة.
5- 5. یعنی و من عابهم شتم و سب بهم.

اسْتُخِفَّ بِهِ- وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ كَثُرَ خَطَاؤُهُ (1) قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ مَنْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ- أَیْ بُنَیَّ مَنْ نَظَرَ فِی عُیُوبِ النَّاسِ وَ رَضِیَ لِنَفْسِهِ بِهَا فَذَاكَ الْأَحْمَقُ بِعَیْنِهِ وَ مَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ اعْتَزَلَ وَ مَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ وَ مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً وَ مَنْ تَرَكَ الْحَسَدَ كَانَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ عِنْدَ النَّاسِ- أَیْ بُنَیَّ عِزُّ الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ وَ الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا یَنْفَدُ وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْیَسِیرِ وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِیمَا یَنْفَعُهُ أَیْ بُنَیَّ الْعَجَبُ مِمَّنْ یَخَافُ الْعِقَابَ فَلَمْ یَكُفَّ وَ رَجَا الثَّوَابَ فَلَمْ یَتُبْ وَ یَعْمَلْ- أَیْ بُنَیَّ الْفِكْرَةُ تُورِثُ نُوراً وَ الْغَفْلَةُ ظُلْمَةٌ وَ الْجِدَالَةُ ضَلَالَةٌ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ الْأَدَبُ خَیْرُ مِیرَاثٍ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ خَیْرُ قَرِینٍ لَیْسَ مَعَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَ لَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًی- أَیْ بُنَیَّ الْعَافِیَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِی الصَّمْتِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَ وَاحِدٌ فِی تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ أَیْ بُنَیَّ مَنْ تَزَیَّا(2) بِمَعَاصِی اللَّهِ فِی الْمَجَالِسِ أَوْرَثَهُ اللَّهُ ذُلًّا وَ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ عَلِمَ یَا بُنَیَّ رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ وَ آفَتُهُ الْخُرْقُ (3)

وَ مِنْ كُنُوزِ الْإِیمَانِ الصَّبْرُ عَلَی الْمَصَائِبِ وَ الْعَفَافُ زِینَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی كَثْرَةُ الزِّیَارَةِ تُورِثُ الْمَلَالَةَ

ص: 237


1- 1. و فی بعض نسخ الحدیث[ خطؤه] فی الموضعین و المعنی واحد.
2- 2. تزیا: أی صار ذا زی.
3- 3. الخرق: الشدة، ضد الرفق.

وَ الطُّمَأْنِینَةُ قَبْلَ الْخِبْرَةِ ضِدُّ الْحَزْمِ (1) وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ یَدُلُّ عَلَی ضَعْفِ عَقْلِهِ أَیْ بُنَیَّ كَمْ نَظْرَةٍ جَلَبَتْ حَسْرَةً وَ كَمْ مِنْ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً- أَیْ بُنَیَّ لَا شَرَفَ أَعْلَی مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَی وَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ (2) وَ لَا شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِیَةِ وَ لَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُوتِ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَی بُلْغَةِ الْكَفَافِ تَعَجَّلَ الرَّاحَةَ وَ تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ-(3)

أَیْ بُنَیَّ الْحِرْصُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَ مَطِیَّةُ النَّصَبِ (4)

وَ دَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ وَ الشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْعُیُوبِ (5) وَ كَفَاكَ تَأْدِیباً لِنَفْسِكَ مَا كَرِهْتَهُ مِنْ غَیْرِكَ لِأَخِیكَ عَلَیْكَ مِثْلُ الَّذِی لَكَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِی الْأُمُورِ بِغَیْرِ نَظَرٍ فِی الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلنَّوَائِبِ التَّدْبِیرُ قَبْلَ الْعَمَلِ یُؤْمِنُكَ النَّدَمَ مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَاءِ الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَصُولٌ مُعْدِمٌ خَیْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ(6)

لِكُلِّ شَیْ ءٍ قُوتٌ وَ ابْنُ آدَمَ

ص: 238


1- 1. الطمأنینة اسم من الاطمینان: توطین النفس و تسكینها. و الخبرة: العلم بالشی ء و الحزم: ضبط الامر و احكامه و الاخذ فیه بالثقة.
2- 2. المعقل: الحصن و الملجأ. و الورع امنع الحصون و احرزها عن وساوس الشیطان و عن عذاب اللّٰه. و النجاح: الظفر و الفوز ای لا یظفر الإنسان بشفاعة شفیع بالنجاة من سخط اللّٰه و عذابه مثل ما یظفر بالتوبة.
3- 3. البلغة- بالضم- ما یكتفی به من القوت و لا فضل فیه. و الكفاف- بفتح الكاف- ما كفی عن الناس من الرزق و اغنی. و الخفض: لین العیش و سعته. و الدعة- بالتحریك- الراحة و الإضافة للمبالغة: أی تمكن و استقر فی متسع الراحة.
4- 4. النصب- بالتحریك-: أشدّ التعب.
5- 5. الشره- بكسر الشین و شد الراء-: الحرص و الغضب و الطیش و العطب و قد یطلق علی الشر أیضا، و فی بعض النسخ بدون التاء.
6- 6. الوصول- بفتح الواو-: الكثیر الاعطاء. و المعدم: الفقیر. و الجاف: فاعل من جفا یجفو جفاء المعرض و السیئ الخلق. و المكثر: الذی كثر ماله، یعنی من یصل الی الناس بحسن الخلق و المودة مع فقره خیر ممن یكثر فی العطاء و هو جاف أی سیئ الخلق.

قُوتُ الْمَوْتِ- أَیْ بُنَیَّ لَا تُؤْیِسْ مُذْنِباً فَكَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَی ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَیْرٍ وَ كَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلَی عَمَلِهِ مُفْسِدٌ فِی آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَی النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا- أَیْ بُنَیَّ كَمْ مِنْ عَاصٍ نَجَا وَ كَمْ مِنْ عَامِلٍ هَوَی وَ مَنْ تَحَرَّی الصِّدْقَ خَفَّتْ عَلَیْهِ الْمُؤَنُ (1)

فِی خِلَافِ النَّفْسِ رُشْدُهَا السَّاعَاتُ تَنْقُصُ الْأَعْمَارَ وَیْلٌ لِلْبَاغِینَ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِینَ وَ عَالِمِ ضَمِیرِ الْمُضْمِرِینَ- یَا بُنَیَّ بِئْسَ الزَّادُ إِلَی الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَی الْعِبَادِ فِی كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقٌ وَ فِی كُلِّ أُكْلَةٍ غَصَصٌ (2)

لَنْ تُنَالَ نِعْمَةٌ إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی مَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ النَّصَبِ وَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِیمِ وَ الْمَوْتَ مِنَ الْحَیَاةِ وَ السُّقْمَ مِنَ الصِّحَّةِ فَطُوبَی لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ وَ عِلْمَهُ وَ حُبَّهُ وَ بُغْضَهُ وَ أَخْذَهُ وَ تَرْكَهُ وَ كَلَامَهُ وَ صَمْتَهُ وَ فِعْلَهُ وَ قَوْلَهُ وَ بَخْ بَخْ (3) لِعَالِمٍ عَمِلَ فَجَدَّ وَ خَافَ الْبَیَاتَ فَأَعَدَّ وَ اسْتَعَدَّ إِنْ سُئِلَ نَصَحَ وَ إِنْ تُرِكَ صَمَتَ كَلَامُهُ

صَوَابٌ وَ سُكُوتُهُ مِنْ غَیْرِ عِیٍّ جَوَابٌ (4) وَ الْوَیْلُ كُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ بُلِیَ بِحِرْمَانٍ وَ خِذْلَانٍ وَ عِصْیَانٍ فَاسْتَحْسَنَ لِنَفْسِهِ مَا یَكْرَهُهُ مِنْ غَیْرِهِ وَ أَزْرَی عَلَی النَّاسِ بِمِثْلِ مَا یَأْتِی-(5) وَ اعْلَمْ أَیْ بُنَیَّ أَنَّهُ مَنْ لَانَتْ كَلِمَتُهُ وَجَبَتْ مَحَبَّتُهُ وَفَّقَكَ اللَّهُ لِرُشْدِهِ وَ جَعَلَكَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ بِقُدْرَتِهِ إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِیمٌ.

بیان:(6).

ص: 239


1- 1. التحرّی: القصد و الاجتهاد فی الطلب. و المؤن- بضم المیم و فتح الهمزة-: جمع المئونة و هی القوت أو الشدة و الثقل.
2- 2. الشرق: الغصة و هی اعتراض الشی ء فی الحلق و عدم اساغته و یطلق الأول فی المشروبات و الثانی فی المأكولات.
3- 3.« بخ» اسم فعل للمدح و اظهار الرضی بالشی ء و یكرر للمبالغة، فیقال: بخ بخ بالكسر و التنوین.
4- 4. العی: العجز عن الكلام.
5- 5. أزری علیه عمله. أی عاتبه و عابه علیه.
6- 6. كان هنا بیاض مقدار نصف صفحة.

باب 10 عهد أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الأشتر ره حین ولاه مصر

«1»- ف (1)،[تحف العقول]: هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ- مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَةَ خَرَاجِهَا وَ مُجَاهَدَةَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا(2) أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیثَارِ طَاعَتِهِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِی كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا یَشْقَی إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ بِیَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ- فَإِنَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ إِنَّهُ قَوِیٌّ عَزِیزٌ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَكْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّی إِنَّ رَبِّی غَفُورٌ رَحِیمٌ وَ أَنْ یَعْتَمِدَ كِتَابَ اللَّهِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ فَإِنَّ فِیهِ تِبْیَانَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُدیً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ وَ أَنْ یَتَحَرَّی رِضَا اللَّهِ وَ لَا یَتَعَرَّضَ لِسَخَطِهِ وَ لَا یُصِرَّ عَلَی مَعْصِیَتِهِ فَإِنَّهُ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَیْهِ- ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِكُ أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَی بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ إِنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِی مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ یَقُولُونَ فِیكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ- وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَی الصَّالِحِینَ بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَی أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْیَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْكَ ذَخِیرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالْقَصْدِ

ص: 240


1- 1. تحف العقول ص 126.
2- 2. مختار هذا العهد منقول فی النهج مع اختلاف یسیر. و الأشتر هو مالك بن الحارث الأشتر النخعیّ من الیمن كان من أكابر أصحابه علیه السلام ذا النجدة و الشجاعة روی أن الطرماح لما دخل علی معاویة قال له: قل لابن أبی طالب: انی جمعت العساكر بعدد حبّ جاورس الكوفة و ها أنا قاصده فقال له الطرماح: ان لعلی علیه السلام دیكا أشتر یلتقط جمیع ذلك. فانكسر من قوله معاویة.

فِیمَا تَجْمَعُ وَ مَا تَرْعَی بِهِ رَعِیَّتَكَ فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ لْتَسْخَ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ سَخَاءَ النَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحْبَبْتَ وَ كَرِهْتَ (1) وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ (2)

فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِی الدِّینِ وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَكَ فِی الْخَلْقِ تَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ (3) وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ یُؤْتَی عَلَی أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلَ الَّذِی تُحِبُّ أَنْ یُعْطِیَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ بِمَا عَرَّفَكَ مِنْ كِتَابِهِ وَ بَصَّرَكَ مِنْ سُنَنِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْكَ بِمَا كَتَبْنَا لَكَ فِی عَهِدْنَا هَذَا- لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا یَدَیْ لَكَ بِنَقِمَتِهِ-(4)

وَ لَا غِنَی بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ فَلَا تَنْدَمَنَّ عَلَی عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ(5) وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَی بَادِرَةٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ (6) فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْفِتَنِ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَ إِذَا أَعْجَبَكَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِكَ فَحَدَثَتْ لَكَ بِهِ أُبَّهَةٌ أَوْ مَخِیلَةٌ(7)

فَانْظُرْ إِلَی عِظَمِ

ص: 241


1- 1. فی المصدر« و شحّ بنفسك عما لا یحل لك فان الشحّ الإنصاف منها فیما احببت و كرهت» و كذا فی النهج.
2- 2. الضاری من الكلاب: ما لهج بالصید و تعوده أكله و أولع به أی السباع كالاسد و النمر.
3- 3. تفرط: تسبق. و الزلل: الخطأ. و أراد بالعلل الأمور الصارفة لهم عما ینبغی من اجراء أوامر الوالی علی وجوهها.
4- 4. یعنی لا تخالف أمر اللّٰه بالظلم و الجور فلیس لك ید أن تدفع نقمته.
5- 5. بجح كفرح لفظا و معنی.
6- 6. الباردة: حدة الغضب. و المندوحة: السعة و الفسحة. و المؤمر- كمعظم-: المسلط. و الادغال: الافساد. و النهك: الضعف و نهكه أضعفه.
7- 7. الابهة- بضم الهمزة و فتح الباء مشددة و سكونها-: العظمة و الكبریاء. و المخیلة: الكبر و العجب.

مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَی مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ یُطَامِنُ إِلَیْكَ مِنْ طِمَاحِكَ (1) وَ یَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ یَفِی ءُ إِلَیْكَ مَا عَزَبَ مِنْ عَقْلِكَ- وَ إِیَّاكَ وَ مُسَامَاتَهُ فِی عَظَمَتِهِ (2) أَوِ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ- أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّتِكَ وَ مِنْ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِیهِ هَوًی مِنْ رَعِیَّتِكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ (3)

وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّی یَنْزِعَ وَ یَتُوبَ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَدْعَی إِلَی تَغْیِیرِ نِعْمَةٍ وَ تَعْجِیلِ نَقِمَةٍ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَی ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِینَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِمِرْصَادٍ وَ مَنْ یَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ رَهِینُ هَلَاكٍ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ- وَ لْیَكُنْ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَیْكَ أَوْسَطَهَا فِی الْحَقِّ وَ أَعَمَّهَا فِی الْعَدْلِ وَ

أَجْمَعَهَا(4)

لِلرَّعِیَّةِ فَإِنَّ سَخَطَ الْعَامَّةِ یُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّةِ(5)

وَ إِنَّ سَخَطَ الْخَاصَّةِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّةِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّةِ أَثْقَلَ عَلَی الْوَالِی مَئُونَةً فِی الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ لَهُ مَعُونَةً فِی الْبَلَاءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ (6) وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الْأُمُورِ مِنَ الْخَاصَّةِ

ص: 242


1- 1. یطامن أی یخفض و یسكن. و الطماح: الفخر و النشوز و الجماح. و ارتفاع البصر و الغرب: الحدة. و یفی ء: یرجع ما غاب عن عقلك.
2- 2. المساماة: المفاخرة و المباراة فی السمو أی العلو.
3- 3. أدحض: أبطل. و حربا أی محاربا. و ینزع أی یقلع عن ظلمه. و أدعی: أی أشدّ دعوة.
4- 4. فی النهج« أجمعها لرضی الرعیة».
5- 5. یجحف أی یذهب برضی الخاصّة.
6- 6. الالحاف: الالحاح و الشدة فی السؤال.

وَ إِنَّمَا عَمُودُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ أَهْلُ الْعَامَّةِ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْیَكُنْ لَهُمْ صِغْوُكَ (1)

وَ اعْمِدْ لِأَعَمِّ الْأُمُورِ مَنْفَعَةً وَ خَیْرِهَا عَاقِبَةً وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لْیَكُنْ أَبْعَدُ رَعِیَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَؤُهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبَهُمْ لِعُیُوبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ مَا غَابَ عَنْكَ وَ اسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِكَ- وَ أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عَقْدَ كُلِّ حِقْدٍ(2)

وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ اقْبَلِ الْعُذْرَ وَ ادْرَأِ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا یَصِحُّ لَكَ وَ لَا تَسْتُرْ شُبْهَةً(3) وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَی تَصْدِیقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ-(4)

لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِكَ بَخِیلًا یَخْذُلُكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ یَعِدُكَ الْفَقْرَ(5) وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُ عَلَیْكَ الْأُمُورَ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجَوْرَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّی یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ كُمُونُهَا فِی الْأَشْرَارِ(6)

أَیْقِنْ أَنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ وَزِیراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِی الْآثَامِ وَ قَامَ بِأُمُورِهِمْ فِی عِبَادِ اللَّهِ فَلَا یَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً تُشْرِكُهُمْ فِی أَمَانَتِكَ (7)

كَمَا شَرِكُوا فِی سُلْطَانِ غَیْرِكَ فَأَرْدَوْهُمْ

ص: 243


1- 1. الصفو: المیل. و فی بعض النسخ« صفوك».
2- 2. أی احلل عقد الاحقاد من قلوب الناس بحسن السیرة مع الناس. و الوتر- بالكسر-: العداوة أی اقطع عنك أسباب العداوات بترك الاساءة الی الرعیة.
3- 3. كذا. و لیست هذه الجملة فی المصدر.
4- 4. الساعی: النمام بمعایب الناس. و الغاش: الخائن.
5- 5. فی النهج« یعدل بك عن الفضل و الفضل» هنا الاحسان بالبذل و الجود. و یعدك أی یخوفك. و الشره- بالتحریك: أشدّ الحرص. و فی النهج« یضعفك عن الأمور» بمعنی تحملك عن الضعف.
6- 6. أی یجتمع كلها فیهم سوء الظنّ بكرم اللّٰه و فضله. و فی بعض النسخ« كونها فی الاشرار»، و فی النهج« فان البخل و الجبن و الحرص».
7- 7. البطانة- بالكسر-: الخاصّة، من بطانة الثوب خلاف ظهارته.

وَ أَوْرَدُوهُمْ مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ لَا یُعْجِبَنَّكَ شَاهِدُ مَا یُحْضِرُونَكَ بِهِ فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ وَ عُبَابُ كُلِّ طَمَعٍ وَ دَغَلٍ (1) وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ مِمَّنْ قَدْ تَصَفَّحَ الْأُمُورُ فَعَرَفَ مَسَاوِیَهَا بِمَا جَرَی عَلَیْهِ مِنْهَا(2)

فَأُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَیْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَی عَلَیْكَ عَطْفاً(3) وَ أَقَلُّ لِغَیْرِكَ إِلْفاً لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَی ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَی إِثْمِهِ وَ لَمْ یَكُنْ مَعَ غَیْرِكَ لَهُ سِیرَةٌ أَجْحَفَتْ بِالْمُسْلِمِینَ وَ الْمُعَاهِدِینَ (4) فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلْوَتِكَ وَ مَلَائِكَ- ثُمَّ لْیَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ-(5) وَ أَحْوَطَهُمْ عَلَی الضُّعَفَاءِ بِالْإِنْصَافِ وَ أَقَلَّهُمْ لَكَ مُنَاظَرَةً(6)

فِیمَا یَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَیْثُ وَقَعَ فَإِنَّهُمْ یَقِفُونَكَ عَلَی الْحَقِ (7)

وَ یُبَصِّرُونَكَ مَا یَعُودُ عَلَیْكَ نَفْعُهُ وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ وَ ذَوِی الْعُقُولِ وَ الْأَحْسَابِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَی أَنْ لَا یُطْرُوكَ (8) وَ لَا یَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ

ص: 244


1- 1. الاثمة: جمع آثم، كظلمة: جمع ظالم. و العباب- بضم العین-: معظم السیل و عباب البحر: موجه.
2- 2. تصفح: تأمل و نظر ملیا. و المساوی: جمع مساءة و هی القبیح. و فی النهج« و أنت واجد منهم خیر الخلف ممن له مثل آرائهم و نفاذهم و لیس علیه مثل آصارهم و أوزارهم ممن لم یعاون ظالما علی ظلمه و لا آثما علی اثمه».
3- 3. أحنی علیك: أی أشفق، و« عطفا» مصدر جی ء به من غیر لحظ فعله. و الالف- بالكسر-: الالفة و المحبة.
4- 4. اجحف بهم. استأصلهم و أهلكهم. و فی النهج بعده:« فاتخذ أولئك خاصّة لخلواتك و حفلاتك» و المعاهدین: أهل الكتاب.
5- 5. أی لیكن أفضلهم لدیك أكثرهم قولا بالحق المر.
6- 6. و فی النهج« مساعدة» و قوله:« فیما یكون منك» أی یقع و یصدر.
7- 7. أی لا یساعدك علی ما كره اللّٰه حال كونه نازلا من میلك إلیه. و من قوله علیه السلام« ثم لیكن» إلی هنا تنبیه علی من ینبغی أن یتخذ عونا و وزیرا، و میزه باوصاف أخص.
8- 8. رضهم أی عودهم علی أن لا یطروك أی یزیدوا فی مدحك من أطری اطراء: أحسن الثناء و بالغ فی المدح. و لا یبجحوك أی و لا یفرحوك بنسبة عمل إلیك. قوله:« تدنی» أی تقرب. و الزهو: العجب. و الغرة- بالكسر-: الحمیة و الانفة. و هذا كله أمر بأن یلازم أهل الورع و الصدق منهم ثمّ أن یروضهم و یؤدبهم بالنهی عن الاطراء له أو یوجبوا له سرورا بقول باطل ینسبونه فیه الی فعل لا یفعله.

فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْغِرَّةِ وَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ یُوجِبُ الْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ- لَا یَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِی ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ تَزْهِیدٌ لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِیبٌ لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ فَأَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ (1) أَدَباً مِنْكَ یَنْفَعْكَ اللَّهُ بِهِ وَ تَنْفَعْ بِهِ أَعْوَانُكَ- ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ بِأَدْعَی لِحُسْنِ ظَنِّ وَالٍ بِرَعِیَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَیْهِمْ وَ قِلَّةِ اسْتِكْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَی مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ فَلْیَكُنْ فِی ذَلِكَ أَمْرٌ یَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ ظَنِّكَ بِرَعِیَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِیلًا وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ-(2)

وَ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ فَاعْرِفْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لَكَ وَ عَلَیْكَ لِتَزِدْكَ بَصِیرَةً فِی حُسْنِ الصُّنْعِ وَ اسْتِكْثَارِ حُسْنِ الْبَلَاءِ عِنْدَ الْعَامَّةِ مَعَ مَا یُوجِبُ اللَّهُ بِهَا لَكَ فِی الْمَعَادِ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَیْهَا الرَّعِیَّةُ- وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَیْ ءٍ

مِمَّا مَضَی مِنْ تِلْكَ السُّنَنِ فَیَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَیْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَ مُثَافَنَةَ الْحُكَمَاءِ(3) فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَهْلُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ مِنْ قَبْلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ یَحِقُّ الْحَقَّ وَ یَدْفَعُ الْبَاطِلَ وَ یُكْتَفَی بِهِ دَلِیلًا وَ مِثَالًا لِأَنَّ السُّنَنَ الصَّالِحَةَ هِیَ السَّبِیلُ إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ.

ص: 245


1- 1. التدریب: الاعتیاد و التجری. و قوله:« و ما ألزم نفسه» فی مقابلة الاحسان أو الاساءة بمثلها.
2- 2. أی اختبارك عنده.
3- 3. المثافنة: المجالسة و الملازمة. و فی بعض نسخ النهج« و منافثة» أی المحادثة.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّةَ طَبَقَاتٌ لَا یَصْلُحُ بعضا [بَعْضُهَا] إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَی بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ (1)

وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ وَ مِنْهَا طبقة [الطَّبَقَةُ] السُّفْلَی مِنْ ذَوِی الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ كُلًّا قَدْ سَمَّی اللَّهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَی حَدِّ فَرِیضَتِهِ فِی كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَهْدٌ عِنْدَنَا مَحْفُوظٌ(2) فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّةِ وَ زَیْنُ الْوُلَاةِ وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سَبِیلُ الْأَمْنِ وَ الْخَفْضِ (3) وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّةُ إِلَّا بِهِمْ ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِی یَصِلُونَ بِهِ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ وَ یَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَاتِهِمْ ثُمَّ لَا بَقَاءَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ لِمَا یُحْكِمُونَ مِنَ الْأُمُورِ وَ یُظْهِرُونَ مِنَ الْإِنْصَافِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فِیمَا یَجْمَعُونَ مِنْ مَرَافِقِهِمْ (4)

وَ یُقِیمُونَ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ یَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ مِمَّا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ.

ص: 246


1- 1.« مسلمة الناس» قال بعض شراح النهج: هذا تفصیل لاهل الخراج و یجوز أن یكون تفسیرا لاهل الجزیة و الخراج معا لان للامام أن یقبل أهل الخراج من سائر المسلمین و أهل الذمّة.
2- 2. أراد بالسهم الذی سماه اللّٰه الاستحقاق لكل من ذوی الاستحقاق فی كتابه اجمالا من الصدقات كالفقراء و المساكین و عمال الخراج و الصدقة و فصله فی سنة نبیه صلّی اللّٰه علیه و آله، و حدّه الذی وضع اللّٰه علیه عهدا منه الی أهل بیت نبیه هو مرتبته و منزلته من أهل المدینة الذین لا یقوم الا بهم فان للجندی منزلة و حدا محدودا و كذلك العمّال و الكتاب و القضاة و غیرهم فان لكل منهم حدا یقف عنده و فریضة یلزمها علیها عهد من اللّٰه محفوظ عند نبیه و أهل بیته علیهم السلام.
3- 3. یعنی الراحة و السعة و العیش.
4- 4. المرافق: المنافع.

ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَی مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ (1)

وَ فِی فَیْ ءِ اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَی الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ [مَا] یُصْلِحُهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی مِنْ حَقِیقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِینِ نَفْسِكَ عَلَی لُزُومِ الْحَقِّ وَ

الصَّبْرِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ وَ ثَقُلَ- فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَیْباً(2)

وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَ أَجْمَعَهُمْ عِلْماً وَ سِیَاسَةً مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یُسْرِعُ إِلَی الْعُذْرِ وَ یَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَی الْأَقْوِیَاءِ(3) مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ- ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ (4) وَ شُعَبٌ مِنَ العُرْفِ یُهْدَوْنَ إِلَی حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَ الْإِیمَانِ بِقَدَرِهِ ثُمَّ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِمَا یَتَفَقَّدُ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِكَ شَیْ ءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ (5)

وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِیَةٌ لَهُمْ إِلَی بَذْلِ النَّصِیحَةِ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ فَلَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمْ اتِّكَالًا عَلَی جَسِیمِهَا فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ.

ص: 247


1- 1. الرفد: العطاء و المعونة.
2- 2. الجیب من القمیص: طوقه. و أیضا: الصدر و القلب، یقال: فلان نقی الجیب أی أمین الصدر و القلب. و أیضا: الأمین، یقال: رجل ناصح الجیب أی أمین لا غش فیه و قد یقرأ فی بعض النسخ« اتقاهم».
3- 3. النبو: العلو و الارتفاع و ینبو أی یشتد و یعلو علیهم لیكف أیدیهم عن الظلم. و العنف مثلثة العین: الشدة و المشقة، ضد الرفق. و یحتمل أن یكون بمعنی اللوم كما جاء فی اللغة أیضا.
4- 4. أی مجموع منه. و العرف: المعروف. و مراده علیه السلام شرح أوصاف الذین یؤخذ منهم الجند و یكون منهم رؤساؤه.
5- 5. تفاقم الامر: عظم أی لا تعد ما قویتهم به عظیما و لا ما تلطفك حقیرا بل لكل موضع و موقع.

وَ لْیَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنُودِكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ فِی بَذْلِهِ مِمَّنْ یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنَ الْخُلُوفِ مِنْ أَهْلِهِمْ (1)

حَتَّی یَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ ثُمَّ وَاتِرْ أَعْلَامَهُمْ (2) ذَاتَ نَفْسِكَ فِی إِیثَارِهِمْ وَ التَّكْرِمَةِ لَهُمْ وَ الْإِرْصَادِ بِالتَّوْسِعَةِ وَ حَقِّقْ ذَلِكَ بِحُسْنِ الْفِعَالِ وَ الْأَثَرِ وَ الْعَطْفِ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْكَ- وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ الْعُیُونِ لِلْوُلَاةِ اسْتِفَاضَةُ الْعَدْلِ فِی الْبِلَادِ(3)

وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِیَّةِ لِأَنَّهُ لَا یُظْهِرُ مَوَدَّتَهُمْ إِلَّا سَلَامَةُ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحَوْطَتِهِمْ عَلَی وُلَاةِ أُمُورِهِمْ (4) وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دَوْلَتِهِمْ وَ تَرْكِ اسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ (5)

ثُمَّ لَا تَكِلَنَّ جُنُودَكَ إِلَی مَغْنَمٍ وَزَّعْتَهُ بَیْنَهُمْ بَلْ أَحْدِثْ لَهُمْ مَعَ كُلِّ مَغْنَمٍ بَدَلًا مِمَّا سِوَاهُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ تَسْتَنْصِرُ بِهِمْ بِهِ وَ یَكُونُ دَاعِیَةً لَهُمْ إِلَی الْعَوْدَةِ لِنَصْرِ اللَّهِ وَ لِدِینِهِ وَ اخْصُصْ أَهْلَ

النَّجْدَةِ(6)

فِی أَمَلِهِمْ إِلَی مُنْتَهَی غَایَةِ آمَالِكَ مِنَ النَّصِیحَةِ بِالْبَذْلِ وَ حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ وَ لَطِیفِ التَّعَهُّدِ لَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا وَ مَا أَبْلَی فِی كُلِّ مَشْهَدٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ

ص: 248


1- 1. آثر أی أكرم و أفضل و أعلی منزلة. من واساهم أی ساعدهم و عاونهم. و أفضل علیهم أی أفاض و أحسن الیهم، فلا یقتر علیهم فی الفرض و لا ینقص منهم شیئا و یجعل البذل شاملا لمن تركوهم فی الدیار. و الخلوف- بضمتین جمع خلف بفتح فسكون-: من یخلف فی الدیار من النساء و العجزة.
2- 2. واتر: أمر من المواترة و هی ارسال الكتب بعضها أثر بعض. و الاعلام: الاطلاع و یحتمل أن یكون و آثر بالثاء: أمر من المفاعلة أی أكرم و فضل. و الاعلام: جمع علم: سیّد القوم و رئیسهم.
3- 3. الاستفاضة: الانتشار و الاتساع. و فی النهج« الاستقامة».
4- 4. الحوطة: الحیطة: مصدر حاطه بمعنی حفظه و تعهده أی بحفظهم علی ولاتهم و حرصهم علی بقائهم.
5- 5. استثقل الشی ء: عده أو وجده ثقیلا. و استبطأ الشی ء: عده أو وجده بطیئا، فیعدون زمنهم قصیرا.
6- 6. النجدة: الشدة و البأس و الشجاعة. و الناكل: الجبان الضعیف و المراد هنا المتأخر القاعد.

مِنْكَ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ لَا تَدَعْ أَنْ یَكُونَ لَكَ عَلَیْهِمْ عُیُونٌ (1)

مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَ الْقَوْلِ بِالْحَقِّ عِنْدَ النَّاسِ فَیُثْبِتُونَ بَلَاءَ كُلِّ ذِی بَلَاءٍ مِنْهُمْ لِیَثِقَ أُولَئِكَ بِعِلْمِكَ بِبَلَائِهِمْ ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَی وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَی غَیْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَةِ بَلَائِهِ (2)

وَ كَافِ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْهُ وَ اخْصُصْهُ مِنْكَ بِهَزِّهِ وَ لَا یَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَی أَنْ تُعَظِّمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَةُ امْرِئٍ (3) عَلَی أَنْ تُصَغِّرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِیماً وَ لَا یُفْسِدَنَّ امْرَأً عِنْدَكَ عِلَّةٌ إِنْ عُرِضَتْ لَهُ-(4) وَ لَا نَبْوَةُ حَدِیثٍ لَهُ قَدْ كَانَ لَهُ فِیهَا حُسْنُ بَلَاءٍ- فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ- وَ إِنِ اسْتُشْهِدَ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ وَ أَهْلُ النِّكَایَةِ فِی عَدُوِّكَ فَاخْلُفْهُ فِی عِیَالِهِ بِمَا یَخْلُفُ بِهِ الْوَصِیُّ الشَّفِیقُ الْمُوَثَّقُ بِهِ حَتَّی لَا یُرَی عَلَیْهِمْ أَثَرُ فَقْدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ یَعْطِفُ عَلَیْكَ قُلُوبَ شِیعَتِكَ وَ یَسْتَشْعِرُونَ بِهِ طَاعَتَكَ وَ یَسْلَسُونَ لِرُكُوبِ مَعَارِیضِ التَّلَفِ الشَّدِیدِ فِی وَلَایَتِكَ (5)

وَ قَدْ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُنَنٌ فِی الْمُشْرِكِینَ وَ مِنَّا بَعْدَهُ سُنَنٌ قَدْ جَرَتْ بِهَا سُنَنٌ وَ أَمْثَالٌ فِی الظَّالِمِینَ وَ مَنْ تَوَجَّهَ قِبْلَتَنَا وَ تُسَمَّی بِدِینِنَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَیْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِیلًا(6) وَ قَالَ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ

ص: 249


1- 1. العین: الرقیب و الناظر و الجاسوس.
2- 2. لا تضم عمل امرئ الی غیره و لا تقصر به فی الجزاء دون ما یبلغ منتهی عمله. و الهز التشویق.
3- 3. الضعة: من مصادر وضع- كشرف-: صار وضیعا أی دنیا.
4- 4. أی لا تفسدن عندك أحدا علة تعرض له. و نبوة الزمان: خطبه و جفوته.
5- 5. یسلسون: ینقادون و یسهل علیهم.
6- 6. سورة النساء: 62.

مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ- لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلَّا قَلِیلًا(1) فَالرَّدُّ إِلَی اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ (2)

وَ الرَّدُّ إِلَی الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَیْرِ الْمُتَفَرِّقَةِ(3) وَ نَحْنُ أَهْلُ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِینَ نَسْتَنْبِطُ الْمُحْكَمَ مِنْ كِتَابِهِ وَ نُمَیِّزُ الْمُتَشَابِهَ مِنْهُ وَ نَعْرِفُ النَّاسِخَ مِمَّا نَسَخَ اللَّهُ وَ وَضَعَ إِصْرَهُ (4) فَسِرْ فِی عَدُوِّكَ بِمِثْلِ مَا شَاهَدْتَ مِنَّا فِی مِثْلِهِمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ وَاتِرْ إِلَیْنَا الْكُتُبَ بِالْإِخْبَارِ بِكُلِّ حَدَثٍ یَأْتِكَ مِنَّا أَمْرٌ عَامٌ (5) وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ ثُمَّ انْظُرْ فِی أَمْرِ الْأَحْكَامِ بَیْنَ النَّاسِ بِنِیَّةٍ صَالِحَةٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِی إِنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ وَ الْأَخْذِ لِلضَّعِیفِ مِنَ الْقَوِیِّ وَ إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ عَلَی سُنَّتِهَا وَ مِنْهَاجِهَا مِمَّا یُصْلِحُ عِبَادَ اللَّهِ وَ بِلَادَهُ- فَاخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِكَ فِی نَفْسِكَ وَ أَنْفَسَهُمْ لِلْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ وَ الْوَرَعِ وَ السَّخَاءِ مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ (6)

وَ لَا یَتَمَادَی فِی إِثْبَاتِ الزَّلَّةِ وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْ ءِ(7) إِلَی الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ

ص: 250


1- 1. سورة النساء: 85.
2- 2. محكم الكتاب: نصه الصریح.
3- 3. أی الاخذ بما أجمع علیه ممّا لا یختلف فی نسبته إلیه، فلا یكون ممّا افترق به الآراء فی نسبته إلیه.
4- 4. الاصر: الثقل أی ثقل التكلیف كما قال اللّٰه تعالی فی سورة الأعراف: 156: « وَ یَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِی كانَتْ عَلَیْهِمْ».
5- 5. واتر: أمر من المواترة. و الحدث- بفتحتین-: الحادثة أی الامر الحادث.
6- 6. لا تمحكه: لا تغضبه- من محك الرجل: نازع فی الكلام و تمادی فی اللجاجة عند المساومة- أی و لا تحمله مخاصمة الخصوم عند اللجاجة علی رأیه. و الزلة: السقطة و الخطیئة.
7- 7. حصر: ضاق صدره أی إذا عرف الحق لا یضیق صدره من الرجوع إلیه. و فی بعض النسخ« فی انبات الزلة و لا یحصر من العی».

عَلَی طَمَعٍ (1)

وَ لَا یَكْتَفِی بِأَدْنَی فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ (2)

وَ أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ- وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخُصُومِ (3) وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَی تَكَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ (4) عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ(5) وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاقٌ وَ لَا یُصْغِی لِلتَّبْلِیغِ- فَوَلِّ قَضَاءَكَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَ هُمْ قَلِیلٌ ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَهُّدَ قَضَائِهِ-(6)

وَ افْتَحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیحُ عِلَّتَهُ (7)

وَ یَسْتَعِینُ بِهِ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَی النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَیْكَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِیَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ إِیَّاهُ عِنْدَكَ وَ أَحْسِنْ

تَوْقِیرَهُ فِی صُحْبَتِكَ وَ قَرِّبْهُ فِی مَجْلِسِكَ وَ أَمْضِ قَضَاءَهُ وَ أَنْفِذْ حُكْمَهُ وَ اشْدُدْ عَضُدَهُ وَ اجْعَلْ أَعْوَانَهُ خِیَارَ مَنْ تَرْضَی مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَ أَهْلِ الْوَرَعِ وَ النَّصِیحَةِ لِلَّهِ وَ لِعِبَادِ اللَّهِ لِیُنَاظِرَهُمْ فِیمَا شُبِّهَ عَلَیْهِ وَ یَلْطُفَ عَلَیْهِمْ لِعِلْمِ مَا غَابَ عَنْهُ وَ یَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَی قَضَائِهِ بَیْنَ النَّاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ حَمَلَةُ الْأَخْبَارِ لِأَطْرَافِكَ قُضَاةٌ تَجْتَهِدُ فِیهِمْ نَفْسُهُ (8) لَا یَخْتَلِفُونَ وَ لَا یَتَدَابَرُونَ فِی حُكْمِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِی الْحُكْمِ إِضَاعَةٌ لِلْعَدْلِ وَ غِرَّةٌ فِی الدِّینِ (9)

وَ سَبَبٌ مِنَ الْفُرْقَةِ وَ قَدْ بَیَّنَ اللَّهُ مَا یَأْتُونَ وَ مَا یُنْفِقُونَ وَ أَمَرَ

ص: 251


1- 1. الاشراف علی الشی ء: الاطلاع علیه من فوق.
2- 2. أی ینبغی له التأمل فی الحكم فلا یكتفی بما یبدو له باول فهم.
3- 3. التبرم: الضجر. و الملل.
4- 4. و أصرمهم: أقطعهم للخصومة عند وضوح الحكم.
5- 5. لا یزدهیه: افتعال من الزهو: العجب و الفخر. و الاطراء: المبالغة فی المدح أی لا تحمله علی الكبر و العجب و لا یستخفه زیادة الثناء علیه. و فی النهج« و لا یستمیله اغراء».
6- 6. تعهد: تفقد و تحفظ.
7- 7. یزیح: یبعد و یزول و فی النهج« یزیل». أی وسع له حتّی یكون ما یأخذه كافیا لمعیشته.
8- 8. كذا. و فی بعض النسخ« حملة الاختیار» و فی بعضها« حمل الاختیار». و لعل الصحیح« ثم اختیار حملة الاخبار لاطرافك قضاة تجتهد فیه نفوسهم».
9- 9. الغرة- بالكسر-: الغفلة.

بِرَدِّ مَا لَا یَعْلَمُونَ إِلَی مَنِ اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ عِلْمَ كِتَابِهِ وَ اسْتَحْفَظَهُ الْحُكْمَ فِیهِ- فَإِنَّمَا اخْتِلَافُ الْقُضَاةِ فِی دُخُولِ الْبَغْیِ بَیْنَهُمْ وَ اكْتِفَاءِ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ بِرَأْیِهِ دُونَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ وَلَایَتَهُ وَ لَیْسَ یَصْلُحُ الدِّینُ وَ لَا أَهْلُ الدِّینِ عَلَی ذَلِكَ وَ لَكِنْ عَلَی الْحَاكِمِ أَنْ یَحْكُمَ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَثَرِ وَ السُّنَّةِ فَإِذَا أَعْیَاهُ ذَلِكَ (1) رَدَّ الْحُكْمَ إِلَی أَهْلِهِ فَإِنْ غَابَ أَهْلُهُ عَنْهُ نَاظَرَ غَیْرَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِینَ لَیْسَ لَهُ تُرْكُ ذَلِكَ إِلَی غَیْرِهِ وَ لَیْسَ لِقَاضِیَیْنِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَنْ یُقِیمَا عَلَی اخْتِلَافٍ فِی الْحُكْمِ دُونَ مَا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَی وَلِیِّ الْأَمْرِ فِیكُمْ فَیَكُونُ هُوَ الْحَاكِمَ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ یَجْتَمِعَانِ عَلَی حُكْمِهِ فِیمَا وَافَقَهُمَا أَوْ خَالَفَهُمَا- فَانْظُرْ فِی ذَلِكَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ كَانَ أَسِیراً بِأَیْدِی الْأَشْرَارِ یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَی وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَا وَ اكْتُبْ إِلَی قُضَاةِ بُلْدَانِكَ فَلْیَرْفَعُوا إِلَیْكَ كُلَّ حُكْمٍ اخْتَلَفُوا فِیهِ عَلَی حُقُوقِهِ ثُمَّ تَصَفَّحْ تِلْكَ الْأَحْكَامَ فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِیِّهِ وَ الْأَثَرَ مِنْ إِمَامِكَ فَأَمْضِهِ وَ احْمِلْهُمْ عَلَیْهِ وَ مَا اشْتَبَهَ عَلَیْكَ فَاجْمَعْ لَهُ الْفُقَهَاءَ بِحَضْرَتِكَ فَنَاظِرْهُمْ فِیهِ ثُمَّ أَمْضِ مَا یَجْتَمِعُ عَلَیْهِ أَقَاوِیلُ الْفُقَهَاءِ بِحَضْرَتِكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ اخْتَلَفَ فِیهِ الرَّعِیَّةُ مَرْدُودٌ إِلَی حُكْمِ الْإِمَامِ وَ عَلَی الْإِمَامِ الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ وَ الِاجْتِهَادُ فِی إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَ جَبْرُ الرَّعِیَّةِ عَلَی أَمْرِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ- ثُمَّ انْظُرْ إِلَی أُمُورِ عُمَّالِكَ وَ اسْتَعْمِلْهُمْ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ أُمُورَكَ مُحَابَاةً(2)

وَ أَثَرَةً فَإِنَّ الْمُحَابَاةَ وَ الْأَثَرَةَ جِمَاعُ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَةِ وَ إِدْخَالُ الضَّرُورَةِ عَلَی النَّاسِ وَ لَیْسَتْ تَصْلُحُ الْأُمُورُ بِالْإِدْغَالِ (3) فَاصْطَفِ لِوِلَایَةِ أَعْمَالِكَ أَهْلَ الْوَرَعِ وَ الْعِلْمِ وَ السِّیَاسَةِ وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَیَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ الْقِدَمِ فِی الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً،

ص: 252


1- 1. أعیاه: أعجزه و لم یهتد لوجه مراده.
2- 2.« محاباة» أی اختصاصا و میلا. و الاثرة- بالتحریك-: اختصاص المرء نفسه بأحسن الشی ء دون غیره و یعمل كیف یشاء، یعنی استعمل عمالك بالاختبار و الامتحان لا اختصاصا و استبدادا.
3- 3. الادغال: الافساد و ادخال فی الامر بما یخالفه و یفسده.

وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً مِنْ غَیْرِهِمْ فَلْیَكُونُوا أَعْوَانَكَ عَلَی مَا تَقَلَّدْتَ ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمْ فِی الْعَمَالاتِ وَ وَسِّعْ عَلَیْهِمْ فِی الْأَرْزَاقِ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ قُوَّةً لَهُمْ عَلَی اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًی لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ وَ حُجَّةً عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ (1)

ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ فَإِنَّ تَعَهُّدَكَ فِی السِّرِّ أُمُورَهُمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ (2) عَلَی اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّةِ وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَی خِیَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا أَخْبَارُ عُیُونِكَ اكْتَفَیْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَةَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ فَوَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ- وَ تَفَقَّدْ مَا یُصْلِحُ أَهْلَ الْخَرَاجِ (3)

فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَی الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ فَلْیَكُنْ نَظَرُكَ فِی عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ الْجَلْبَ لَا یُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ لَهُ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا- فَاجْمَعْ إِلَیْكَ أَهْلَ الْخَرَاجِ مِنْ كُلِّ بُلْدَانِكَ وَ مُرْهُمْ فَلْیُعْلِمُوكَ حَالَ بِلَادِهِمْ وَ مَا فِیهِ صَلَاحُهُمْ وَ رَخَاءُ جِبَایَتِهِمْ (4) ثُمَّ سَلْ عَمَّا یَرْفَعُ إِلَیْكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ غِیْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا شَكَوْا ثِقْلًا(5)

أَوْ عِلَّةً مِنِ انْقِطَاعِ شِرْبٍ أَوْ إِحَالَةِ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا

ص: 253


1- 1. أی نقصوا و خانوا فی أدائها و أحدثوا فیها.
2- 2. الحدوة: السوق و الحث.
3- 3. فی النهج« و تفقد أمر الخراج بما یصلح أهله».
4- 4. الجبابة: الخراج.
5- 5. أی من الخراج أو علة اخری كانقطاع الشرب( بالكسر أی النصیب من الماء) أو احالة أرض یعنی تغییرها عما كانت علیه من الاستواء لاجل الاغتمار أی الانغماس فی الماء بالغرق فلم ینجب زرعها و لا أثمر نخلها. و قوله:« أو أجحف بهم» أی ذهب بمادة الغذاء من الأرض فلم تنبت.

غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهِمُ الْعَطَشُ أَوْ آفَةٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ مَا تَرْجُو أَنْ یُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ أَمْرَهُمْ وَ إِنْ سَأَلُوا مَعُونَةً عَلَی إِصْلَاحِ مَا یَقْدِرُونَ عَلَیْهِ بِأَمْوَالِهِمْ فَاكْفِهِمْ مَئُونَتَهُ فَإِنَّ [فِی] عَاقِبَةِ كِفَایَتِكَ إِیَّاهُمْ صَلَاحاً فَلَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ عَنْهُمُ الْمَئُونَاتِ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْكَ لِعِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِكَ مَعَ اقْتِنَائِكَ مَوَدَّتَهُمْ وَ حُسْنَ نِیَّاتِهِمْ (1) وَ اسْتَفَاضَةِ الْخَیْرِ وَ مَا یُسَهِّلُ اللَّهُ بِهِ مِنْ جَلْبِهِمْ (2)

فَإِنَّ الْخَرَاجَ لَا یُسْتَخْرَجُ بِالْكَدِّ وَ الْإِتْعَابِ مَعَ أَنَّهَا عَقْدٌ تُعْتَمَدُ عَلَیْهَا إِنْ حَدَثَ حَدَثٌ كُنْتَ عَلَیْهِمْ مُعْتَمِداً لِفَضْلِ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عَنْهُمْ مِنَ الحمام (3)

[الْجَمَامِ] وَ الثِّقَةِ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ وَ رِفْقِكَ وَ مَعْرِفَتِهِمْ بِعُذْرِكَ فِیمَا حَدَثَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِی اتَّكَلْتَ بِهِ عَلَیْهِمْ فَاحْتَمَلُوهُ بِطِیبِ أَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ- وَ إِنَّمَا یُؤْتَی خَرَابُ الْأَرْضِ لِإِعْوَازِ(4) أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِسْرِافِ الْوُلَاةِ(5) وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ فَاعْمَلْ فِیمَا وُلِّیتَ عَمَلَ مَنْ یُحِبُّ أَنْ یَدِّخِرَ حُسْنَ الثَّنَاءِ مِنَ الرَّعِیَّةِ وَ الْمَثُوبَةِ مِنَ اللَّهِ وَ الرِّضَا مِنَ الْإِمَامِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ كُتَّابِكَ فَاعْرِفْ حَالَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ فِیمَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ مِنْهُمْ فَاجْعَلْ لَهُمْ مَنَازِلَ وَ رُتَباً فَوَلِّ عَلَی أُمُورِكَ خَیْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَكِیدَتَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ (6)

لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَدَبِ مِمَّنْ یَصْلُحُ لِلْمُنَاظَرَةِ فِی

ص: 254


1- 1. فی بعض النسخ« نیتهم». و فی النهج« مع استجلابك حسن ثنائهم و تبجحك باستفاضة العدل فیهم معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم».
2- 2. فی بعض النسخ« حلبهم».
3- 3. كذا و فی بعض النسخ« الجمام» و فی النهج« من اجمامك» و الجمام: الراحة.
4- 4. فان العمران ما دام قائما فكل ما حملت أهله سهل علیهم أن یحملوه. و الاعواز: الفقر و الحاجة.
5- 5. فی النهج« لاشراف أنفس الولاة علی الجمع». أی لتطلع أنفسهم الی جمع المال.
6- 6. باجمعهم متعلق باخصص، أی ما یكون من رسائلك حاویا لشی ء من المكائد و الاسرار فاخصصه بمن كان ذا أخلاق و صلاح و رأی و نصیحة و ذهن و غیر ذلك من الأوصاف المذكورة. و طوی الحدیث: كتمه. و طوی كشحا عنه أی أعرض عنه و قاطعه. و بطر الرجل یبطر بطرا- محركة- اذا دهش و تحیر فی الحق. و بالامر ثقل به. و بطره النعمة: أدهشه.

جَلَائِلِ الْأُمُورِ مِنْ ذَوِی الرَّأْیِ وَ النَّصِیحَةِ وَ الذِّهْنِ أَطْوَاهُمْ عَنْكَ لِمَكْنُونِ الْأَسْرَارِ كَشْحاً مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ وَ لَا تَمْحَقُ بِهِ الدَّالَّةُ-(1) فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْكَ فِی خَلَاءٍ أَوْ یَلْتَمِسَ إِظْهَارَهَا فِی مَلَإٍ وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ(2) عَنْ إِیرَادِ كُتُبِ الْأَطْرَافِ عَلَیْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِكَ عَلَی الصَّوَابِ عَنْكَ وَ فِیمَا یَأْخُذُ لَكَ وَ یُعْطِی مِنْكَ وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْكَ وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَكُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ- وَ وَلِّ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ رَسَائِلِكَ وَ جَمَاعَاتِ كُتُبِ خَرْجِكَ وَ دَوَاوِینِ جُنُودِكَ قَوْماً تَجْتَهِدُ نَفْسَكَ فِی اخْتِیَارِهِمْ فَإِنَّهَا رُءُوسُ أَمْرِكَ أَجْمَعُهَا لِنَفْعِكَ وَ أَعَمُّهَا لِنَفْعِ رَعِیَّتِكَ ثُمَّ لَا یَكُنِ اخْتِیَارُكَ إِیَّاهُمْ عَلَی فِرَاسَتِكَ وَ اسْتِنَامَتِكَ (3) وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِهِمْ فَإِنَّ الرِّجَالَ یَعْرِفُونَ فِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَضَرُّعِهِمْ وَ خِدْمَتِهِمْ (4)

وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِیحَةِ وَ الْأَمَانَةِ شَیْ ءٌ وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِی الْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ فِیهَا بِالنُّبْلِ وَ الْأَمَانَةِ(5) فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِیلٌ عَلَی نَصِیحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ- ثُمَّ مُرْهُمْ بِحُسْنِ الْوَلَایَةِ وَ لِینِ الْكَلِمَةِ وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ- لَا یَقْهَرُهُ كَبِیرُهَا(6)

وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ كَثِیرُهَا ثُمَّ تَفَقَّدْ مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حَالاتِهِمْ وَ أُمُورِ مَنْ یَرِدُ عَلَیْكَ رُسُلُهُ وَ ذَوِی الْحَاجَةِ وَ كَیْفَ وَلَایَتُهُمْ وَ قَبُولُهُمْ وَلِیَّهُمْ

ص: 255


1- 1. الدالة: الجرأة.
2- 2. أی و لا تكون غفلته موجبة لتقصیره فی اطلاعك علی ما یرد من أعمالك و لا فی اصدار الأجوبة عنه علی وجه الصواب.
3- 3. الفراسة- بالكسر-: حسن النظر فی الأمور. و الاستنامة. السكون و الاستیناس أی لا یكون انتخاب الكتاب تابعا لمیلك الخاص.
4- 4. و فی النهج« بتصنعهم و حسن خدمتهم».
5- 5. النبل- بالضم-. الذكاء و: النجابة و الفضل.
6- 6. أی لا یقهره عظیم تلك الاعمال و لا یخرج عن ضبطه كثیرها.

وَ حُجَّتَهُمْ (1)

فَإِنَّ التَّبَرُّمَ وَ الْعِزَّ وَ النَّخْوَةَ مِنْ كَثِیرٍ مِنَ الْكُتَّابِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ وَ لَیْسَ لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ طَلَبِ حَاجَاتِهِمْ وَ مَهْمَا كَانَ فِی كُتَّابِكَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ (2)

أَوْ فَضْلٍ نُسِبَ إِلَیْكَ مَعَ مَا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ فِی ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ- ثُمَّ التُّجَّارَ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فَاسْتَوْصِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ (3)

وَ الْمُتَرَفِّقِ بِیَدِهِ فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ لِلْمَنَافِعِ وَ جُلَّابُهَا فِی الْبِلَادِ فِی بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا(4) وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا مِنْ بِلَادِ أَعْدَائِكَ مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الَّتِی أَجْرَی اللَّهُ الرِّفْقَ مِنْهَا عَلَی أَیْدِیهِمْ فَاحْفَظْ حُرْمَتَهُمْ وَ آمِنْ سُبُلَهُمْ وَ خُذْ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا یُخَافُ بَائِقَتُهُ (5) وَ صُلْحٌ لَا تُحْذَرُ غَائِلَتُهُ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَیْهِمْ أَجْمَعُهَا لِلْأَمْنِ وَ أَجْمَعُهَا لِلسُّلْطَانِ فَتَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِكَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِی كَثِیرٍ مِنْهُمْ ضَیْقاً فَاحِشاً(6)

وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَیْبٌ عَلَی الْوِلَایَةِ- فَامْنَعِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْهُ وَ لْیَكُنِ الْبَیْعُ وَ الشِّرَاءُ بَیْعاً سَمْحاً(7) بِمَوَازِینِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مَعَ الْبَائِعِ

ص: 256


1- 1. فی بعض النسخ« و قبولهم و لینهم و حجتهم». و التبرم: التضجر.
2- 2. تغابیت أی تغافلت عن عیب فی كتابك یكون ذلك العیب لاصقابك.
3- 3. المضطرب بماله: المتردد بأمواله فی الاطراف و البلدان. و المترفق بیده: المكتسب به و أصله ما به یتم الانتفاع كالادوات. و الجلاب: الذی یحلب الأرزاق و المتاع الی البلدان.
4- 4. یلتئم: یجتمع و ینضم أی بحیث لا یمكن اجتماع الناس فی مواضع تلك المرافق و لا یجترئون أی و لا یكون لهم الجرأة علی الاقدام من تلك الامكنة من بلاد الاعداء. و الرفق- بالفتح-: النفع.
5- 5. البائقة: الداهیة و الشر. و الغائلة: الفتنة و الفساد و الشر. أی فان التجار و الصناع مسالمون و لا تخشی منهم فتنة و لا داهیة.
6- 6. الضیق: عسر المعاملة. البیاعات: جمع بیاعة: ما یباع.
7- 7. السمحة: السهلة التی لا ضیق فیها و بیع السماح: ما كان فیه تساهل فی بخس الثمن و فی الخبر« السماح رباح» أی المساهلة فی الأشیاء تربح صاحبها.

وَ الْمُبْتَاعِ (1)

فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْیِكَ فَنَكِّلْ وَ عَاقِبْ فِی غَیْرِ إِسْرَافٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَلَ ذَلِكَ- ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَةِ السُّفْلَی مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَةَ لَهُمْ وَ الْمَسَاكِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ ذَوِی الْبُؤْسِ وَ الْزَمْنَی (2)

فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً(3)

فَاحْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِیهَا وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِی الْإِسْلَامِ (4)

فِی كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَی مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَی

وَ كُلًّا قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ فَلَا یَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ نَظَرٌ(5)

فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِ الصَّغِیرِ لِإِحْكَامِكَ الْكَبِیرَ الْمُهِمَ (6) فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ وَ تَوَاضَعْ لِلَّهِ یَرْفَعْكَ اللَّهُ (7) وَ اخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلضُّعَفَاءِ وَ أَرِبِهِمْ (8) إِلَی ذَلِكَ مِنْكَ حَاجَةً وَ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا لَا یَصِلُ إِلَیْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ (9) وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ (10) مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَةِ وَ التَّوَاضُعِ

ص: 257


1- 1. المبتاع: المشتری. و قارف: أی فعل و قارب و خالط. و الحكرة- بالضم-: اسم من الاحتكار.
2- 2. البؤس- بضم الباء- و فی النهج« البؤسی»- كصغری-: شدة الفقر. و الزمنی بالفتح جمع زمن- ككتف-: المصاب بالزمانة- بالفتح- و هی العاهة و تعطیل القوی و عدم بعض الأعضاء.
3- 3. القانع- من قنع بالكسر كعلم-. إذا رضی بما معه و ما قسم له. و من قنع بالفتح كمنع إذا سأل و خضع. و المعتر- بتشدید الراء؛ المتعرض للعطاء من غیر أن یسأل.
4- 4. الصوافی. جمع صافیة: الأرض التی جلا عنها أهلها أو ماتوا و لا وارث لهم. و صوافی الإسلام هی ارض الغنیمة. و غلات: جمع غلة و هی الدخل الذی یحصل من الزرع. و التمر و اللبن و الاجارة و البناء و نحو ذلك و غلات صوافی الإسلام: ثمراتها.
5- 5. فی النهج« بطر».
6- 6. فی بعض النسخ« الكثیر المهم».« فلا تشخص» أی لا تصرف اهتمامك عن ملاحظة شئونهم.
7- 7. و الصعر: المیل فی الخد اعجابا و كبرا أی لا تعرض بوجهك عنهم.
8- 8. كذا. و فی نسخة« ارئهم».
9- 9. تقتحمه العیون: تكره أن تنظر إلیه احتقارا.
10- 10.« ففرغ» أی فاجعل للتفحص عنهم و عن حالهم أشخاصا ممن تثق بهم یتفرغون أنفسهم لمعرفة أحوالهم و یبذلون جهدهم فیهم.

فَلْیَرْفَعْ إِلَیْكَ أُمُورَهُمْ ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَی اللَّهِ یَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَحْوَجُ إِلَی الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَی اللَّهِ فِی تَأْدِیَةِ حَقِّهِ إِلَیْهِ وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ الزَّمَانَةِ وَ الرِّقَّةِ فِی السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِیلَةَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ فَأَجْرِ لَهُمْ أَرْزَاقاً فَإِنَّهُمْ عِبَادُ اللَّهِ فَتَقَرَّبْ إِلَی اللَّهِ بِتَخَلُّصِهِمْ وَ ضَعْهُمْ مَوَاضِعَهُمْ فِی أَقْوَاتِهِمْ وَ حُقُوقِهِمْ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تَخْلُصُ بِصِدْقِ النِّیَّاتِ ثُمَّ إِنَّهُ لَا تَسْكُنُ نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ إِلَی أَنَّكَ قَدْ قَضَیْتَ حُقُوقَهُمْ بِظَهْرِ الْغَیْبِ دُونَ مُشَافَهَتِكَ بِالْحَاجَاتِ (1) وَ ذَلِكَ عَلَی الْوُلَاةِ ثَقِیلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَی أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ(2) فَصَبَرُوا نُفُوسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لِمَنْ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ فَكُنْ مِنْهُمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَكَ وَ ذِهْنَكَ مِنْ كُلِّ شُغُلٍ ثُمَّ تَأْذَنُ لَهُمْ عَلَیْكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً تَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی رَفَعَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ (3)

مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ تَخْفِضُ لَهُمْ فِی مَجْلِسِكَ ذَلِكَ جَنَاحَكَ وَ تُلِینُ لَهُمْ كَنَفَكَ (4) فِی مُرَاجَعَتَكِ وَ وَجْهِكَ حَتَّی یُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَعْتِعٍ (5)

فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ غَیْرَ مُتَعْتَعٍ ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَ (6)

وَ نَحِّ عَنْكَ الضِّیقَ

ص: 258


1- 1. المشافهة: المخاطبة بالشفه أی من فیه الی فیه و المراد حضورهم.
2- 2. فی بعض النسخ« العافیة».
3- 3. تأمر بأن یقعد عنهم و لا یتعرض لهم. و الاحراس: جمع حارس و هو من یحرس الحاكم من وصول المكروه إلیه. أی أعوان الحاكم. و الشرط- بضم ففتح-: جمع شرطة- بضم فسكون- و هم طائفة من أعوان الولاة و سموا بذلك لانهم اعلموا أنفسهم بالعلامات یعرفون بها. و هم المعروفون الآن بالضابطة.
4- 4. الكنف- بالتحریك- الجانب، الظل.
5- 5. التعتعة فی الكلام: التردد فیه من عی أو عجز و المراد غیر خائف منك و من أعوانك و فی النهج« غیر متتعتع» فی الموضعین و لعله أصح.
6- 6. الخرق- بالضم-: العنف. و العی- بالكسر-: العجز عن النطق أی اطق و اصبر. لا تضجر من هذا و لا تغضب لذاك.

وَ الْأَنَفَ (1)

یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ (2)

وَ یُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ أَهْلِ طَاعَتِهِ فَأَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً(3)

وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ وَ تَوَاضَعْ هُنَاكَ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَاضِعِینَ وَ لْیَكُنْ أَكْرَمُ أَعْوَانِكَ عَلَیْكَ أَلْیَنَهُمْ جَانِباً وَ أَحْسَنَهُمْ مُرَاجَعَةً وَ أَلْطَفَهُمْ بِالضُّعَفَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ إِنَّ أُمُوراً مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ مَا یَعْیَا عَنْهُ كُتَّابُكَ (4) وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ فِی قَصَصِهِمْ وَ مِنْهَا مَعْرِفَةُ مَا یَصِلُ إِلَی الْكُتَّابِ وَ الْخُزَّانِ مِمَّا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ فَلَا تَتَوَانَ فِیمَا هُنَالِكَ وَ لَا تَغْتَنِمْ تَأْخِیرَهُ وَ اجْعَلْ لِكُلِّ أَمْرٍ مِنْهَا مَنْ یُنَاظِرُ فِیهِ وُلَاتَهُ بِتَفْرِیغٍ لِقَلْبِكَ وَ هَمِّكَ فَكُلَّمَا أَمْضَیْتَ أَمْراً فَأَمْضِهِ بَعْدَ التَّرْوِیَةِ(5)

وَ مُرَاجَعَةِ نَفْسِكَ وَ مُشَاوَرَةِ وَلِیِّ ذَلِكَ بِغَیْرِ احْتِشَامٍ وَ لَا رَأْیٍ (6) یَكْسِبُ بِهِ عَلَیْكَ نَقِیضَهُ ثُمَّ أَمْضِ لِكُلِّ یَوْمٍ علمه [عَمَلَهُ] فَإِنَّ لِكُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ (7)

وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَحَّتْ فِیهَا النِّیَّةُ(8)

وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّةُ وَ لْیَكُنْ فِی خَاصِّ مَا تُخْلِصُ لِلَّهِ بِهِ دِینَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِی لَیْلِكَ وَ نَهَارِكَ مَا یَجِبُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ النَّافِلَةَ لِنَبِیِّهِ خَاصَّةً دُونَ خَلْقِهِ فَقَالَ- وَ مِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسی

ص: 259


1- 1. المراد بالضیق: ضیق الصدر من هم أو سوء خلق. و الانف- بالتحریك-: الاستكبار و الترفع. أی بعد عن نفسك هذا و ذلك.
2- 2. الاكناف: الاطراف.
3- 3. هنیئا: سهلا لینا أی لا تخشنه و إذا منعت فامنع بلطف و عذر.
4- 4. أی یعجز عنه.
5- 5. الترویة: النظر فی الامر و التفكر فیه.
6- 6. الاحتشام من الحشمة- بالكسر-: الاستحیاء و الانقباض و الغضب.
7- 7. أجزل: أعظم.
8- 8. فی النهج« إذا صلحت».

أَنْ یَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً(1) فَذَلِكَ أَمْرٌ اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِیَّهُ وَ أَكْرَمَهُ بِهِ لَیْسَ لِأَحَدٍ سِوَاهُ وَ هُوَ لِمَنْ سِوَاهُ تَطَوُّعٌ فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِیمٌ (2) فَوَفِّرْ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَی اللَّهِ وَ كَرَمِهِ وَ أَدِّ فَرَائِضَهُ إِلَی اللَّهِ كَامِلًا غَیْرَ مَثْلُوبٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ (3)

بَالِغاً ذَلِكَ مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ فَإِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِكَ بِالنَّاسِ فَلَا تُطَوِّلَنَّ وَ لَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً(4)

فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ- وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ وَجَّهَنِی إِلَی الْیَمَنِ كَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً وَ بَعْدَ هَذَا(5) فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِیَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِیَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّیقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ وَ

الِاحْتِجَابُ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ (6) وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَی عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَیْسَتْ عَلَی الْقَوْلِ سِمَاتٌ (7) یُعْرَفُ بِهَا الصِّدْقُ مِنَ الْكَذِبِ فَتَحَصَّنْ مِنَ الْإِدْخَالِ فِی الْحُقُوقِ بِلِینِ الْحِجَابِ (8)

فَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ فَفِیمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ أَوْ خُلُقٍ كَرِیمٍ تُسْدِیهِ وَ إِمَّا مُبْتَلًی

ص: 260


1- 1. سورة الإسراء: 81.
2- 2. سورة البقرة: 153. و فی النهج[ و وف ما تقربت].
3- 3. المثلوب: المعیوب. و فی النهج« المثلوم» أی المخدوش. و بالغا أی و ان بلغ من اتعاب بدنك أی مبلغ.
4- 4. أی بالتطول و التنقص. و المطلوب المتوسط.
5- 5. و فی النهج« و أمّا بعد».
6- 6. یشاب: یخلط.
7- 7. سمات: جمع سمة- بكسر السین-: العلامة. و فی النهج« و لیست علی الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب».
8- 8. الادخال فی الحقوق: الافساد فیها. و من المحتمل« الادغال فی الحقوق».

بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِكَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْكَ مَا لَا مَئُونَةَ عَلَیْكَ فِیهِ مِنْ شِكَایَةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فَانْتَفِعْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ وَ اقْتَصِرْ فِیهِ عَلَی حَظِّكَ وَ رُشْدِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- ثُمَّ إِنَّ لِلْمُلُوكِ خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِیهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ (1) فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَشْیَاءِ وَ لَا تَقْطَعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَشَمِكَ وَ لَا حَامَّتِكَ قَطِیعَةً(2) وَ لَا تَعْتَمِدَنَّ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ فِی شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُمْ عَلَی غَیْرِهِمْ فَیَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَیْبُهُ عَلَیْكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(3)

عَلَیْكَ بِالْعَدْلِ فِی حُكْمِكَ إِذَا انْتَهَتِ الْأُمُورُ إِلَیْكَ وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ وَ كُنْ فِی ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَ افْعَلْ ذَلِكَ بِقَرَابَتِكَ حَیْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْهِ مِنْهُ (4)

فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ- وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّةُ بِكَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ (5) وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ

ص: 261


1- 1. الاستئثار: تقدیم النفس علی الغیر. و التطاول: الترفع و التكبر.
2- 2. الحسم: القطع. و الحشم- محركة-: الخدم. و فی النهج« حاشیتك». و الحامة الخاصّة. و القطیعة- من الاقطاع-: المنحة من الأرض.
3- 3. العقدة: الولایة علی البلد، و ما یمسك الشی ء و یوثقه؛ و موضع العقد و هو ما عقد علیه و الضیعة؛ و العقار الذی اعتقده صاحبه ملكا؛ و البیعة المعقودة لهم، و المكان الكثیر الشجر أو النخل و الكلاء الكافی للابل. و فی النهج هكذا« و لا تقطعن لاحد من حاشیتك و حامتك قطیعة و لا یطمعن منك فی اعتقاد عقدة تضر بمن یلیها من الناس». و المهنأ؛ ما یأتیك بلا مشقة و المنفعة الهنیئة.
4- 4. فی النهج« واقعا ذلك من قرابتك و خاصتك حیث وقع و ابتغ عاقبته بما یثقل علیك منه». و المغبة: العاقبة.
5- 5. الحیف: الظلم. و الاصحار: الابراز و الاظهار. أی إذا فعلت فعلا و ظنت الرعیة أنه ظلم فأبرز لهم عذرك و بینه. و عدل عنه: نحاه عنه.

بِأَصْحَارِكَ فَإِنَّ تِلْكَ رِیَاضَةٌ مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقٌ مِنْكَ بِرَعِیَّتِكَ وَ إِعْذَارٌ تَبْلُغُ فِیهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَی الْحَقِّ فِی خَفْضٍ وَ إِجْمَالٍ (1) لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَیْهِ عَدُوُّكَ فِیهِ رِضًا(2) فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ- وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ(3) مِنْ مُقَارَبَةِ عَدُوِّكَ فِی طَلَبِ الصُّلْحِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ- فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ تَحَصَّنْ كُلَّ مَخُوفٍ تُؤْتَی مِنْهُ وَ بِاللَّهِ الثِّقَةُ فِی جَمِیعِ الْأُمُورِ وَ إِنْ لَجَّتْ بَیْنَكَ (4)

وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ قَضِیَّةٌ عَقَدْتَ لَهُ بِهَا صُلْحاً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَهُ (5) فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً فِی تَفْرِیقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشْتِیتِ أَدْیَانِهِمْ مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ(6) وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا(7)

مِنَ الْغَدْرِ وَ الْخَتْرِ- فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخْفِرْ بِعَهْدِكَ (8) وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَی اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ-(9)

وَ حَرِیماً یَسْكُنُونَ إِلَی مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ بِهِ

ص: 262


1- 1. الخفض: السكون و الدعة.
2- 2. فی النهج« و للّٰه فیه رضی».
3- 3. فی النهج« و لكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه».
4- 4. اللجاج: العناد و الخصومة. لج فی الامر: لازمه و أبی أن ینصرف عنه.
5- 5. أی دون ما أعطیت، كما فی النهج.
6- 6. الناس مبتدأ و خبره أشدّ و الجملة خبر لیس، یعنی ان الناس مع تفرق أهوائهم و تشتت آرائهم لم یجتمعوا علی فریضة أشدّ اهتماما من اجتماعهم علی تعظیم الوفاء بالعهود حتّی أن المشركین التزموا به مع أنهم لیسوا من المسلمین.
7- 7. استوبلوا: استوخموا من عواقب الغدر و الختر و هو الغدر و الختر و هو الغدر أیضا.
8- 8. فلا تخفر أی فلا تنقض بعهدك و فی النهج« و لا تخیسن» من خاس بعهده أی خانه و نقضه.
9- 9. الافضاء أصله الاتساع و هنا مجاز و یراد به الافشاء و الانتشار. و الحریم: ما حرم أن یمس. و المنعة: القوّة التی تمنع من یرید باحد سوءا.

إِلَی جِوَارِهِ فَلَا خِدَاعَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا إِدْغَالَ فِیهِ (1) فَلَا یَدْعُوَنَّكَ ضِیقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ عَلَی طَلَبِ انْفِسَاخِهِ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَی ضِیقٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ (2) وَ أَنْ تُحِیطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ طَلِبَةٌ [فِیهِ] وَ لَا تَسْتَقِیلَ فِیهَا دُنْیَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ- وَ إِیَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَدْعَی لِنَقِمَةٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحْرَی لِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ اللَّهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ فِیمَا یَتَسَافَكُونَ مِنَ الدِّمَاءِ فَلَا تَصُونَنَّ سُلْطَانَكَ (3)

بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ یُخْلِقُهُ وَ یُزِیلُهُ- فَإِیَّاكَ وَ التَّعَرُّضَ لِسَخَطِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِوَلِیِّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً سُلْطَاناً- قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ قُتِلَ

مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً(4) وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ (5) فَإِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ فَرَّطَ عَلَیْهِ سَوْطُكَ أَوْ یَدُكَ لِعُقُوبَةٍ فَإِنَّ فِی الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَی أَهْلِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ دِیَةً مُسَلَّمَةً یُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَی اللَّهِ زُلْفَی (6)

إِیَّاكَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ الثِّقَةَ بِمَا یُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَّ الْإِطْرَاءِ فَإِنَ

ص: 263


1- 1. المدالسة: الخیانة. و الادغال: الافساد.
2- 2. التبعة: ما یترتب علی الفعل من الخیر أو الشر و استعماله فی الشر أكثر. و« أن تحیط» عطف علی تبعة. و الطلبة اسم من المطالبة أی و تخاف أن تتوجه علیك من اللّٰه مطالبة بحقه فی الوفاء الذی غدرته و لا یمكن أن تسأل اللّٰه أن یقیلك من هذه المطالبة بعفوه عنك.
3- 3. فی النهج« و لا تقوین سلطانك».
4- 4. سورة الاسری: 43.
5- 5. القود- بالتحریك-: القصاص.
6- 6.« فرط علیه» عجل بما لم تكن تریده أی أردت تادیبا فاعقب قتلا. و الوكزة: الضربة بجمع الكف. و هی تعلیل: لقوله« و فرط علیه». قوله:« فلا تطمحن» جواب الشرط أی لا یرتفعن بك كبریاء السلطان عن تأدیة الدیة الی أهل المقتول فی القتل الخطاء.

ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ (1) فِی نَفْسِهِ لِیَمْحَقَ مَا یَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِ- وَ إِیَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَی رَعِیَّتِكَ بِإِحْسَانٍ أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ (2)

أَوْ [أَنْ] تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ أَوِ التَّسَرُّعَ إِلَی الرَّعِیَّةِ بِلِسَانِكَ (3) فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ (4) وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (5) إِیَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا وَ التَّسَاقُطَ فِیهَا عِنْدَ زَمَانِهَا(6) وَ اللَّجَاجَةَ فِیهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ (7) وَ الْوَهْنَ فِیهَا إِذَا أَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ عَمَلٍ مَوقِعَهُ وَ إِیَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا لِلنَّاسِ فِیهِ الْأُسْوَةُ وَ الِاعْتِرَاضَ فِیمَا یَعْنِیكَ وَ التَّغَابِیَ عَمَّا یُعْنَی بِهِ (8)

مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِعُیُونِ النَّاظِرِینَ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَیْرِكَ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تُكْشَفُ عَنْكَ أَغْطِیَةُ الْأُمُورِ وَ یَبْرُزُ الْجَبَّارُ بِعَظَمَتِهِ فَیَنْتَصِفُ الْمَظْلُومُونَ مِنَ الظَّالِمِینَ ثُمَّ امْلِكْ حَمِیَّةَ أَنْفِكَ (9) وَ سَوْرَةَ حِدَّتِكَ وَ سَطْوَةَ یَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ

ص: 264


1- 1. الاطراء: المبالغة فی المدح و الثناء. الفرص: جمع الفرصة- بالضم-: الوقت المناسب للوصول الی المقصد.
2- 2. التزید- كالتقید-: اظهار الزیادة و تكلفها فی الاعمال عن الواقع منها.
3- 3. التسرع: المبادرة و التعجیل.
4- 4. فی النهج بعد هذه العبارة« و التزید یذهب بنور الحق». و المقت: السخط و البغض.
5- 5. سورة الصف: 4.
6- 6. التساقط: تتابع السقوط و المراد به هنا التهاون و قیل: من ساقط الفرس إذا جاء مسترخیا و فی النهج« التساقط فیها عند امكانها و الوهن عنها إذا استوضحت».
7- 7. أی لم یعرف وجه الصواب فیها. و الوهن: الضعف.
8- 8. التغابی: التغافل عما یهتم به و« یعنی» علی صیغة المفعول.
9- 9. الحمیة: الانفة و النخوة و فلان حمی الانف: إذا كان ابیا یأنف الضیم. و السورة بفتح فسكون-: السطوة. و الحدة- بالفتح- من الإنسان: بأسه و ما یعتریه من الغضب. و الغرب: الحدة و النشاط و أیضا بمعنی الحد.

احْتَرِسْ كُلَّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ(1) وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَةِ- وَ ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَی السَّمَاءِ عِنْدَ مَا یَحْضُرُكَ مِنْهُ حَتَّی یَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِیَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّی تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ(2) ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جُمِعَ مَا فِی هَذَا الْعَهْدِ مِنْ صُنُوفِ مَا لَمْ آلُكَ فِیهِ رُشْداً إِنْ أَحَبَّ اللَّهُ إِرْشَادَكَ وَ تَوْفِیقَكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا كَانَ مِنْ كُلِّ مَا شَاهَدْتَ مِنَّا فَتَكُونَ وَلَایَتُكَ هَذِهِ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّكَ صلی اللّٰه علیه وآله أَوْ فَرِیضَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ مِنْهَا وَ تَجْتَهِدَ نَفْسَكَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْكَ فِی عَهْدِی وَ اسْتَوْثَقْتُ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِی لِكَیْلَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَی هَوَاهَا- فَلَیْسَ یَعْصِمُ مِنَ السُّوءِ وَ لَا یُوَفِّقُ لِلْخَیْرِ إِلَّا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ قَدْ كَانَ مِمَّا عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی وِصَایَتِهِ تَحْضِیضاً عَلَی الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ فَبِذَلِكَ أَخْتِمُ لَكَ مَا عَهِدْتُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ- وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ سَعَةَ رَحْمَتِهِ وَ عَظِیمَ مَوَاهِبِهِ وَ قُدْرَتَهُ عَلَی إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ(3) أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاكَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَی الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَی خَلْقِهِ (4) مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ حُسْنِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ وَ تَضْعِیفِ الْكَرَامَةِ(5) وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاغِبُونَ وَ السَّلَامُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلَی آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ كَثِیراً.

جش (6)، [الفهرست] للنجاشی: الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عُمِّرَ بَعْدَهُ

ص: 265


1- 1. البادرة: الحدة أو ما یبدر من اللسان عند الغضب من السب و نحوه.
2- 2. فی النهج« بذكر المعاد الی ربك».
3- 3. أی اعطاه كل سائل ما سأله، كانه قال: القادر علی اعطاه كل سؤال.
4- 4. المراد من العذر الحجة الواضحة العادلة، یعنی فانه حجة لك عند من قضیت علیه و عذر عند اللّٰه فیمن اجریت علیه عقوبة او حرمته من منفعة.
5- 5. أی زیادة الكرامة اضعافا.
6- 6. الرجال ص 7.

رَوَی عَنْهُ عَهْدَ الْأَشْتَرِ وَ وَصِیَّتَهُ إِلَی مُحَمَّدٍ ابْنِهِ- أَخْبَرَنَا ابْنُ الْجُنْدِیِّ- عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ- عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ- عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ- عَنِ الْأَصْبَغِ: بِالْعَهْدِ.

إیضاح: قوله علیه السلام (1).

باب 11 وصیته علیه السلام لكمیل بن زیاد النخعی

«1»- بشا(2)،[بشارة المصطفی] أَخْبَرَنَا الشَّیْخُ أَبُو الْبَقَاءِ إِبْرَاهِیمُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْبَصْرِیُّ بِقِرَاءَتِی عَلَیْهِ فِی الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَ خَمْسِمِائَةٍ بِمَشْهَدِ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنْ أَبِی طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ الدُّبَیْلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ كَثِیرٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ(3)

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ أَبِی رَاشِدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ وَائِلٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ الْمَدَنِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (4)

عَنْ سَعِیدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ: لَقِیتُ كُمَیْلَ بْنَ زِیَادٍ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فَضْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِوَصِیَّةٍ أَوْصَانِی بِهَا یَوْماً هِیَ خَیْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْیَا بِمَا فِیهَا فَقُلْتُ بَلَی فَقَالَ أَوْصَانِی یَوْماً فَقَالَ لِی یَا كُمَیْلَ بْنَ زِیَادٍ سَمِّ كُلَّ یَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ اذْكُرْنَا

ص: 266


1- 1. كان هنا بیاض مقدار ورق. و ذلك لان عمر المؤلّف- رضوان اللّٰه علیه- لم یف بترصیف بعض مجلدات الكتاب و بیان مشكله و توضیح معضله و منها هذا المجلد.
2- 2. بشارة المصطفی ص 29 الطبعة الأولی.
3- 3. فی المصدر عن علیّ بن أحمد بن كثیر العسكریّ، عن أحمد بن المفضل أبی سلمة الأصفهانیّ قال أخبرنی أحمد بن راشد بن علیّ بن وائل القرشیّ.
4- 4. فی المصدر« عن محمّد بن إسحاق».

وَ سَمِّ بِأَسْمَائِنَا وَ صَلِّ عَلَیْنَا وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ بِنَا وَ ادْرَأْ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِكَ (1) وَ مَا تَحُوطُهُ عِنَایَتُكَ (2) تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْیَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

یَا كُمَیْلُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَدَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ أَدَّبَنِی وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أُوَرِّثُ الْأَدَبَ الْمُكَرَّمِینَ یَا كُمَیْلُ مَا مِنْ عِلْمٍ إِلَّا وَ أَنَا أَفْتَحُهُ وَ مَا مِنْ سِرٍّ إِلَّا وَ الْقَائِمُ علیه السلام یَخْتِمُهُ.

یَا كُمَیْلُ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ یَا كُمَیْلُ لَا تَأْخُذْ إِلَّا عَنَّا تَكُنْ مِنَّا یَا كُمَیْلُ مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلَّا وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فِیهَا إِلَی مَعْرِفَةٍ(3)

یَا كُمَیْلُ إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِی لَا یَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ وَ هُوَ الشِّفَاءُ مِنْ جَمِیعِ الْأَدْوَاءِ(4)

یَا كُمَیْلُ إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَوَاكِلْ بِهِ وَ لَا تَبْخَلْ بِهِ فَإِنَّكَ لَمْ تَرْزُقِ النَّاسَ شَیْئاً وَ اللَّهُ یُجْزِلُ لَكَ الثَّوَابَ بِذَلِكَ یَا كُمَیْلُ أَحْسِنْ خُلُقَكَ وَ ابْسُطْ جَلِیسَكَ (5)

وَ لَا تَنْهَرَنَّ خَادِمَكَ یَا كُمَیْلُ إِذَا أَنْتَ أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِیَسْتَوْفِیَ مَنْ مَعَكَ وَ یُرْزَقَ مِنْهُ غَیْرُكَ- یَا كُمَیْلُ إِذَا اسْتَوْفَیْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلَی مَا رَزَقَكَ وَ ارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ لِیَحْمَدَهُ سِوَاكَ فَیَعْظُمَ بِذَلِكَ أَجْرُكَ- یَا كُمَیْلُ لَا تُوقِرَنَّ مَعِدَتَكَ طَعَاماً وَ دَعْ فِیهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً وَ لِلرِّیحِ مَجَالًا-(6)

ص: 267


1- 1. فی التحف و فی بعض النسخ من الكتاب« أدر بذلك علی نفسك» و أدر امر من دری بالشی ء أی توصل الی عمله.
2- 2. تحوطه: تحفظه، و تعهده عنایتك.
3- 3. فی بعض النسخ« الی معونة».
4- 4. فی بعض النسخ« جمیع الاسواء».
5- 5. بسط الرجل-: سره. و فی المصدر« الی جلیسك» و فی بعض النسخ« لا تتهم خادمك».
6- 6.« لا توقرن» أی لا تثقلن معدتك من الطعام. و فی بعض النسخ« لا توفرن» بالفاء.

یَا كُمَیْلُ لَا تَنْقُدْ طَعَامَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَنْقُدُهُ.

یَا كُمَیْلُ لَا تَرْفَعَنَّ یَدَكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا وَ أَنْتَ تَشْتَهِیهِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ (1)

یَا كُمَیْلُ صِحَّةُ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَ قِلَّةِ الْمَاءِ یَا كُمَیْلُ الْبَرَكَةُ فِی الْمَالِ مِنْ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ مُوَاسَاةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ صِلَةِ الْأَقْرَبِینَ وَ هُمُ الْأَقْرَبُونَ لَنَا- یَا كُمَیْلُ زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلَی مَا تُعْطِی سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كُنْ بِهِمْ أَرْأَفَ وَ عَلَیْهِمْ أَعْطَفَ وَ تَصَدَّقْ عَلَی الْمَسَاكِینِ- یَا كُمَیْلُ لَا تَرُدَّنَّ سَائِلًا وَ لَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ أَوْ مِنْ شَطْرِ عِنَبٍ- یَا كُمَیْلُ الصَّدَقَةُ تُنْمَی عِنْدَ اللَّهِ یَا كُمَیْلُ حُسْنُ خُلُقِ الْمُؤْمِنِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَ جَمَالُهُ التَّعَفُّفُ وَ شَرَفُهُ الشَّفَقَةُ وَ عِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَ الْقِیلِ (2)

یَا كُمَیْلُ إِیَّاكَ وَ الْمِرَاءَ فَإِنَّكَ تُغْرِی بِنَفْسِكَ السُّفَهَاءَ إِذَا فَعَلْتَ وَ تُفْسِدُ الْإِخَاءَ یَا كُمَیْلُ إِذَا جَادَلْتَ فِی اللَّهِ تَعَالَی فَلَا تُخَاطِبْ إِلَّا مَنْ یُشْبِهُ الْعُقَلَاءَ وَ هَذَا قَوْلُ ضَرُورَةٍ یَا كُمَیْلُ هُمْ عَلَی كُلِّ حَالٍ سُفَهَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا یَعْلَمُونَ (3) یَا كُمَیْلُ فِی كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ وَ إِیَّاكَ وَ مُنَاظَرَةَ الْخَسِیسِ مِنْهُمْ وَ إِنْ أَسْمَعُوكَ فَاحْتَمِلْ وَ كُنْ مِنَ الَّذِینَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَی بِقَوْلِهِ- وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً(4)

ص: 268


1- 1. استمرأ الطعام: استطیبه و وجده مرئیا.
2- 2. القال و القیل- مصدر ان-: ما یقوله الناس. و قیل: القال الابتداء و السؤال و القیل الجواب.
3- 3. البقرة: 13.
4- 4. الفرقان: 64.

یَا كُمَیْلُ قُلِ الْحَقَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ وَازِرِ الْمُتَّقِینَ وَ اهْجُرِ الْفَاسِقِینَ یَا كُمَیْلُ جَانِبِ الْمُنَافِقِینَ وَ لَا تُصَاحِبِ الْخَائِنِینَ یَا كُمَیْلُ إِیَّاكَ إِیَّاكَ وَ التَّطَرُّقَ إِلَی أَبْوَابِ الظَّالِمِینَ وَ الِاخْتِلَاطَ بِهِمْ وَ الِاكْتِسَابَ مِنْهُمْ وَ إِیَّاكَ أَنْ تُطِیعَهُمْ وَ أَنْ تَشْهَدَ فِی مَجَالِسِهِمْ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ عَلَیْكَ- یَا كُمَیْلُ إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَی حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَی وَ التَّوَكُّلَ عَلَیْهِ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِمْ وَ أَطْرِقْ عَنْهُمْ (1) وَ أَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ وَ اجْهَرْ بِتَعْظِیمِ اللَّهِ تَعَالَی لِتُسْمِعَهُمْ فَإِنَّهُمْ یَهَابُوكَ وَ تُكْفَی شَرَّهُمْ یَا كُمَیْلُ إِنَّ أَحَبَّ مَا امْتَثَلَهُ الْعِبَادُ إِلَی اللَّهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَ بِأَوْلِیَائِهِ علیهم السلام التَّجَمُّلُ وَ التَّعَفُّفُ وَ الِاصْطِبَارُ- یَا كُمَیْلُ لَا بَأْسَ بِأَنْ لَا یُعْلَمَ سِرُّكَ یَا كُمَیْلُ لَا تُرِیَنَّ النَّاسَ افْتِقَارَكَ وَ اضْطِرَارَكَ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَ تَسَتُّرٍ یَا كُمَیْلُ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ یَا كُمَیْلُ وَ مَنْ أَخُوكَ أَخُوكَ الَّذِی لَا یَخْذُلُكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ وَ لَا یَغْفُلُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَرِیرَةِ(2) وَ لَا یَخْدَعُكَ حِینَ تَسْأَلُهُ وَ لَا یَتْرُكُكَ وَ أَمْرَكَ حَتَّی تُعْلِمَهُ فَإِنْ كَانَ مُمِیلًا أَصْلَحَهُ (3) یَا كُمَیْلُ الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّهُ یَتَأَمَّلُهُ وَ یَسُدُّ فَاقَتَهُ وَ یُجَمِّلُ حَالَتَهُ- یَا كُمَیْلُ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَ لَا شَیْ ءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخِیهِ (4) یَا كُمَیْلُ إِذَا لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ- یَا كُمَیْلُ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا قَصَّرَ عَنَّا وَ مَنْ قَصَّرَ عَنَّا

ص: 269


1- 1. أطرق الرجل: سكت و لم یتكلم و ارخی عینه ینظر الی الأرض.
2- 2. الجریرة: الجنایة، لانها تجر العقوبة الی الجانی.
3- 3. الممیل- اسم فاعل من أمال-: صاحب ثروة و مال كثیر.
4- 4. آثر أی أقدم و اكرم.

لَمْ یَلْحَقْ بِنَا وَ مَنْ لَمْ یَكُنْ مَعَنَا فَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ- یَا كُمَیْلُ كُلُّ مَصْدُورٍ یَنْفُثُ فَمَنْ نَفَثَ إِلَیْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ- فَإِیَّاكَ أَنْ تُبْدِیَهُ (1)

فَلَیْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصِیرُ إِلَی لَظَی (2) یَا كُمَیْلُ إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْهَا وَ لَا یَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَیْهَا- یَا كُمَیْلُ وَ مَا قَالُوهُ لَكَ مُطْلَقاً فَلَا تُعْلِمْهُ إِلَّا مُؤْمِناً مُوَفَّقاً(3) یَا كُمَیْلُ لَا تُعْلِمُوا الْكَافِرِینَ مِنْ أَخْبَارِنَا فَیَزِیدُوا عَلَیْهَا فَیَبْدُوكُمْ بِهَا إِلَی یَوْمِ یُعَاقَبُونَ عَلَیْهَا- یَا كُمَیْلُ لَا بُدَّ لِمَاضِیكُمْ مِنْ أَوْبَةٍ(4) وَ لَا بُدَّ لَنَا فِیكُمْ مِنْ غَلَبَةٍ- یَا كُمَیْلُ سَیَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالَی لَكُمْ خَیْرَ الْبَدْءِ وَ الْعَاقِبَةِ- یَا كُمَیْلُ أَنْتُمْ مُمَتَّعُونَ بِأَعْدَائِكُمْ تَطْرَبُونَ بِطَرَبِهِمْ وَ تَشْرَبُونَ بِشُرْبِهِمْ وَ تَأْكُلُونَ بِأَكْلِهِمْ وَ تَدْخُلُونَ مَدَاخِلَهُمْ وَ رُبَّمَا غُلِبْتُمْ عَلَی نِعْمَتِهِمْ إِی وَ اللَّهِ عَلَی إِكْرَاهٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاصِرُكُمْ وَ خَاذِلُهُمْ فَإِذَا كَانَ وَ اللَّهِ یَوْمُكُمْ وَ ظَهَرَ صَاحِبُكُمْ لَمْ یَأْكُلُوا وَ اللَّهِ مَعَكُمْ وَ لَمْ یَرِدُوا مَوَارِدَكُمْ وَ لَمْ یَقْرَعُوا أَبْوَابَكُمْ وَ لَمْ یَنَالُوا نِعْمَتَكُمْ أَذِلَّةً خَاسِئِینَ- أَیْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِیلًا- یَا كُمَیْلُ احْمَدِ اللَّهَ تَعَالَی وَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَی ذَلِكَ وَ عَلَی كُلِّ نِعْمَةٍ- یَا كُمَیْلُ قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ تُكْفَهَا وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ تُزَدْ مِنْهَا وَ إِذَا أَبْطَأَتِ الْأَرْزَاقُ عَلَیْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ یُوَسِّعْ عَلَیْكَ فِیهَا.

ص: 270


1- 1. المصدور: الذی یشتكی من صدره. و ینفث المصدور أی رمی بالنفاثة. المراد ان من ملا صدره من محبتنا و أمرنا لا یمكن له أن یقیها و لا یبرزها، فإذا أبرزها و أمر بسترها فاسترها. و فی بعض النسخ« فمن نفث إلیك منا بأمر فاستره».
2- 2. اللظی: النار و لهبها.
3- 3. فی المصدر« فلا یعلمه الا مؤمنا موفقا».
4- 4. الاوب: الرجوع، آب یئوب من سفر رجع.

یَا كُمَیْلُ إِذَا وَسْوَسَ الشَّیْطَانُ فِی صَدْرِكَ فَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْقَوِیِّ مِنَ الشَّیْطَانِ الْغَوِیِّ وَ أَعُوذُ بِمُحَمَّدٍ الرَّضِیِّ مِنْ شَرِّ مَا قُدِّرَ وَ قُضِیَ وَ أَعُوذُ بِإِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ سَلِّمْ تُكْفَی مَئُونَةَ إِبْلِیسَ وَ الشَّیَاطِینِ مَعَهُ وَ لَوْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَبَالِسَةٌ مِثْلُهُ- یَا كُمَیْلُ إِنَّ لَهُمْ خُدَعاً وَ شَقَاشِقَ (1)

وَ زَخَارِفَ وَ وَسَاوِسَ وَ خُیَلَاءَ عَلَی كُلِّ أَحَدٍ قَدْرَ مَنْزِلَتِهِ فِی الطَّاعَةِ وَ الْمَعْصِیَةِ فَبِحَسَبِ ذَلِكَ یَسْتَوْلُونَ عَلَیْهِ بِالْغَلَبَةِ یَا كُمَیْلُ لَا عَدُوَّ أَعْدَی مِنْهُمْ وَ لَا ضَارَّ أَضَرُّ بِكَ مِنْهُمْ أُمْنِیَّتُهُمْ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ غَداً إِذَا اجْتَثُّوا فِی الْعَذَابِ الْأَلِیمِ (2) لَا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ بِشَرَرِهِ وَ لَا یُقَصَّرُ عَنْهُمْ خالِدِینَ فِیها أَبَداً- یَا كُمَیْلُ سَخَطُ اللَّهِ تَعَالَی مُحِیطٌ بِمَنْ لَمْ یَحْتَرِزْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ وَ نَبِیِّهِ وَ جَمِیعِ عَزَائِمِهِ وَ عَوْذِهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّهُمْ یَخْدَعُونَكَ بِأَنْفُسِهِمْ فَإِذَا لَمْ تُجِبْهُمْ مَكَرُوا بِكَ وَ بِنَفْسِكَ بِتَحْسِینِهِمْ إِلَیْكَ شَهَوَاتِكَ (3) وَ إِعْطَائِكَ أَمَانِیَّكَ وَ إِرَادَتَكَ وَ یُسَوِّلُونَ لَكَ وَ یُنْسُونَكَ وَ یَنْهَوْنَكَ وَ یَأْمُرُونَكَ وَ یُحَسِّنُونَ ظَنَّكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی تَرْجُوَهُ فَتَغْتَرَّ بِذَلِكَ فَتَعْصِیَهُ وَ جَزَاءُ الْعَاصِی لَظَی- یَا كُمَیْلُ احْفَظْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الشَّیْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلی لَهُمْ (4) وَ الْمُسَوِّلُ الشَّیْطَانُ وَ الْمُمْلِی اللَّهُ تَعَالَی- یَا كُمَیْلُ اذْكُرْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَی لِإِبْلِیسَ لَعَنَهُ اللَّهُ- وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً(5) یَا كُمَیْلُ إِنَّ إِبْلِیسَ لَا یَعِدُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّمَا یَعِدُ عَنْ رَبِّهِ لِیَحْمِلَهُمْ عَلَی مَعْصِیَتِهِ فَیُوَرِّطَهُمْ.

ص: 271


1- 1. الشقاشق: جمع شقشقة و هی شی ء یخرجه البعیر من فیه إذا هاج.
2- 2. اجتثوا أی اقتلعوا، و فی بعض النسخ« جثوا فی العذاب».
3- 3. فی بعض النسخ« بتحبیبهم إلیك».
4- 4. محمّد« ص»: 27.
5- 5. الإسراء: 66.

یَا كُمَیْلُ إِنَّهُ یَأْتِی لَكَ بِلُطْفِ كَیْدِهِ فَیَأْمُرُكَ بِمَا یَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَلِفْتَهُ مِنْ طَاعَةٍ لَا تَدَعُهَا فَتُحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ مَلَكٌ كَرِیمٌ وَ إِنَّمَا هُوَ شَیْطَانٌ رَجِیمٌ فَإِذَا سَكَنْتَ إِلَیْهِ وَ اطْمَأْنَنْتَ حَمَلَكَ عَلَی الْعَظَائِمِ الْمُهْلِكَةِ الَّتِی لَا نَجَاةَ مَعَهَا- یَا كُمَیْلُ إِنَّ لَهُ فِخَاخاً یَنْصِبُهَا فَاحْذَرْ أَنْ یُوقِعَكَ فِیهَا(1)

یَا كُمَیْلُ إِنَّ الْأَرْضَ مَمْلُوَّةٌ مِنْ فِخَاخِهِمْ فَلَنْ یَنْجُوَ مِنْهَا إِلَّا مَنْ تَشَبَّثَ بِنَا وَ قَدْ أَعْلَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَنْ یَنْجُوَ مِنْهَا إِلَّا عِبَادُهُ وَ عِبَادُهُ أَوْلِیَاؤُنَا- یَا كُمَیْلُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (2) یَا كُمَیْلُ انْجُ بِوَلَایَتِنَا مِنْ أَنْ یَشْرَكَكَ فِی مَالِكَ وَ وُلْدِكَ كَمَا أُمِرَ- یَا كُمَیْلُ لَا تَغْتَرَّ بِأَقْوَامٍ یُصَلُّونَ فَیُطِیلُونَ وَ یَصُومُونَ فَیُدَاوِمُونَ وَ یَتَصَدَّقُونَ فَیَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مَوْقُوفُونَ (3) یَا كُمَیْلُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ الشَّیْطَانَ إِذَا حَمَلَ قَوْماً عَلَی الْفَوَاحِشِ مِثْلِ الزِّنَی وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ الرِّبَا وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْخَنَی (4) وَ الْمَأْثَمِ حَبَّبَ إِلَیْهِمُ الْعِبَادَةَ الشَّدِیدَةَ وَ الْخُشُوعَ وَ الرُّكُوعَ وَ الْخُضُوعَ وَ السُّجُودَ ثُمَّ حَمَلَهُمْ عَلَی وَلَایَةِ الْأَئِمَّةِ الَّذِینَ یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ وَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَا یُنْصَرُونَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ (5) وَ احْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعِینَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتِی لَا تُخْرِجُكَ إِلَی عِوَجٍ وَ لَا تُزِیلُكَ عَنْ مَنْهَجِ مَا حَمَلْنَاكَ عَلَیْهِ وَ مَا هَدَیْنَاكَ إِلَیْهِ.

ص: 272


1- 1. الفخاخ جمع فخ و هو آلة الصید.
2- 2. النحل: 102.
3- 3. أی موقوفون و مسئولون عنها فحسب دون ولایة الأئمّة.
4- 4. الخنی: الفحش، و المأثم: الخطیئة.
5- 5. یعنی به الایمان فانه مستقر و مستودع.

یَا كُمَیْلُ لَا رُخْصَةَ فِی فَرْضٍ وَ لَا شِدَّةَ فِی نَافِلَةٍ- یَا كُمَیْلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَسْأَلُكَ إِلَّا عَمَّا فَرَضَ وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا عَمَلَ النَّوَافِلِ بَیْنَ أَیْدِینَا لِلْأَهْوَالِ الْعِظَامِ وَ الطَّامَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا كُمَیْلُ إِنَّ الْوَاجِبَ لِلَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُزِیلَهُ الْفَرَائِضُ وَ النَّوَافِلُ وَ جَمِیعُ الْأَعْمَالِ وَ صَالِحُ الْأَمْوَالِ (1) وَ لَكِنْ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ یَا كُمَیْلُ إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ وَ غَفْلَتَكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ وَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَیْكَ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَمَلِكَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّهُ لَا تَخْلُو مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَكَ وَ عَافِیَتِهِ فَلَا تَخْلُ مِنْ تَحْمِیدِهِ وَ تَمْجِیدِهِ وَ تَسْبِیحِهِ وَ تَقْدِیسِهِ وَ شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ- یَا كُمَیْلُ لَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ (2) وَ نَسَبَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ یَا كُمَیْلُ لَیْسَ الشَّأْنَ أَنْ تُصَلِّیَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فُعِلَتْ بِقَلْبٍ نَقِیٍّ وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِیٍّ وَ خُشُوعٍ سَوِیٍّ وَ إِبْقَاءٍ لِلْجِدِّ فِیهَا- یَا كُمَیْلُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ مَا بَیْنَهُمَا تَبَتَّلَتِ الْعُرُوقُ وَ الْمَفَاصِلُ حَتَّی تَسْتَوْفِیَ وَلَاءً إِلَی مَا تَأْتِی بِهِ مِنْ جَمِیعِ صَلَوَاتِكَ یَا كُمَیْلُ انْظُرْ فِیمَ تُصَلِّی وَ عَلَی مَا تُصَلِّی إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلَا قَبُولَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّ اللِّسَانَ یَبُوحُ مِنَ الْقَلْبِ (3)

وَ الْقَلْبُ یَقُومُ بِالْغِذَاءِ فَانْظُرْ فِیمَا تُغَذِّی قَلْبَكَ وَ جِسْمَكَ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ حَلَالًا لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَی تَسْبِیحَكَ وَ لَا شُكْرَكَ- یَا كُمَیْلُ افْهَمْ وَ اعْلَمْ أَنَّا لَا نُرَخِّصُ فِی تَرْكِ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فَمَنْ رَوَی عَنِّی فِی ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَ أَثِمَ وَ جَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَّبَ أُقْسِمُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِی قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلَاثاً یَا أَبَا الْحَسَنِ أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فِیمَا قَلَّ وَ جَلَّ حَتَّی فِی الْخَیْطِ وَ الْمِخْیَطِ.

ص: 273


1- 1. كذا. و لعلّ معناه حقوق اللّٰه لا یؤدی بهذه الأمور فحسب.
2- 2. سورة الحشر: 19.
3- 3. باح إلیه بالسر. أظهره. و فی بعض النسخ« ینزح».

یَا كُمَیْلُ لَا غَزْوَ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ لَا نَفْلَ (1) إِلَّا مَعَ إِمَامٍ فَاضِلٍ- یَا كُمَیْلُ أَ رَأَیْتَ لَوْ لَمْ یَظْهَرْ نَبِیٌ (2)

وَ كَانَ فِی الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِیٌّ أَ كَانَ فِی دُعَائِهِ إِلَی اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصِیباً بَلَی وَ اللَّهِ مُخْطِئاً حَتَّی یَنْصِبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِذَلِكَ وَ یُؤَهِّلَهُ لَهُ- یَا كُمَیْلُ الدِّینُ لِلَّهِ فَلَا تَغْتَرَّنَّ بِأَقْوَالِ الْأُمَّةِ الْمَخْدُوعَةِ الَّتِی قَدْ ضَلَّتْ بَعْدَ مَا اهْتَدَتْ وَ أَنْكَرَتْ وَ جَحَدَتْ بَعْدَ مَا قَبِلَتْ یَا كُمَیْلُ الدِّینُ لِلَّهِ تَعَالَی فَلَا یَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ أَحَدٍ الْقِیَامَ بِهِ إِلَّا رَسُولًا أَوْ نَبِیّاً أَوْ وَصِیّاً- یَا كُمَیْلُ هِیَ نُبُوَّةٌ وَ رِسَالَةٌ وَ إِمَامَةٌ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا مُتَوَلِّینَ وَ مُتَغَلِّبِینَ وَ ضَالِّینَ وَ مُعْتَدِینَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّ النَّصَارَی لَمْ تُعَطِّلِ اللَّهَ تَعَالَی وَ لَا الْیَهُودَ وَ لَا جَحَدَتْ مُوسَی وَ لَا عِیسَی وَ لَكِنَّهُمْ زَادُوا وَ نَقَصُوا وَ حَرَّفُوا وَ أَلْحَدُوا فَلُعِنُوا وَ مُقِتُوا وَ لَمْ یَتُوبُوا وَ لَمْ یَقْبَلُوا یَا كُمَیْلُ إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ یَا كُمَیْلُ إِنَّ أَبَانَا آدَمَ لَمْ یَلِدْ یَهُودِیّاً وَ لَا نَصْرَانِیّاً وَ لَا كَانَ ابْنُهُ إِلَّا حَنِیفاً مُسْلِماً فَلَمْ یَقُمْ بِالْوَاجِبِ عَلَیْهِ فَأَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَی أَنْ لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ قُرْبَانَهُ بَلْ قَبِلَ مِنْ أَخِیهِ فَحَسَدَهُ وَ قَتَلَهُ وَ هُوَ مِنَ الْمَسْجُونِینَ فِی الْفَلَقِ الَّذِینَ عِدَّتُهُمْ اثْنَا عَشَرَ سِتَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ سِتَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ وَ الْفَلَقُ الْأَسْفَلُ مِنَ النَّارِ(3) وَ مِنْ بُخَارِهِ حَرُّ جَهَنَّمَ وَ حَسْبُكَ فِیمَا حَرُّ جَهَنَّمَ مِنْ بُخَارِهِ یَا كُمَیْلُ نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ- یَا كُمَیْلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَرِیمٌ حَلِیمٌ عَظِیمٌ رَحِیمٌ دَلَّنَا عَلَی أَخْلَاقِهِ.

ص: 274


1- 1. النفل- محركة- الغنیمة.
2- 2. فی المصدر« لو أن اللّٰه لم یظهر نبیا».
3- 3. الفلق- محركة- عود یربط حبل من أحد طرفیه الی الآخر و تجعل رجل المجرم داخل ذلك الحبل و تشدا فیضرب علیهما.

وَ أَمَرَنَا بِالْأَخْذِ بِهَا وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَیْهَا فَقَدْ أَدَّیْنَاهَا غَیْرَ مُخْتَلِفِینَ وَ أَرْسَلْنَاهَا غَیْرَ مُنَافِقِینَ وَ صَدَّقْنَاهَا غَیْرَ مُكَذِّبِینَ وَ قَبِلْنَاهَا غَیْرَ مُرْتَابِینَ لَمْ یَكُنْ لَنَا وَ اللَّهِ شَیَاطِینُ نُوحِی إِلَیْهَا وَ تُوحِی إِلَیْنَا كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی قَوْماً ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَسْمَائِهِمْ فِی كِتَابِهِ لَوْ قُرِئَ كَمَا أُنْزِلَ- شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً(1) یَا كُمَیْلُ الْوَیْلُ لَهُمْ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیّاً یَا كُمَیْلُ لَسْتُ وَ اللَّهِ مُتَمَلِّقاً حَتَّی أُطَاعَ وَ لَا ممنا [مُمَنِّیاً] حَتَّی [لَا] أُعْصَی (2) وَ لَا مُهَاناً لِطَعَامِ الْأَعْرَابِ حَتَّی أَنْتَحِلَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنِینَ (3)

أَوْ أَدَّعِیَ بِهَا یَا كُمَیْلُ نَحْنُ الثَّقَلُ الْأَصْغَرُ وَ الْقُرْآنُ الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ وَ قَدْ أَسْمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ جَمَعَهُمْ فَنَادَی الصَّلَاةَ جَامِعَةً یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا وَ أَیَّامَ سَبْعَةٍ وَقْتَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمْ یَتَخَلَّفْ أَحَدٌ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنِّی مُؤَدٍّ عَنْ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسِی فَمَنْ صَدَّقَنِی فَقَدْ صَدَّقَ اللَّهَ وَ مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ أَثَابَهُ الْجِنَانَ وَ مَنْ كَذَّبَنِی كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ كَذَّبَ اللَّهَ أَعْقَبَهُ النِّیرَانَ- ثُمَّ نَادَانِی فَصَعِدْتُ فَأَقَامَنِی دُونَهُ وَ رَأْسِی إِلَی صَدْرِهِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عَنْ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ أَمَرَنِی جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ رَبِّی وَ رَبُّكُمْ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ وَ أَنَّ وَصِیِّی هَذَا وَ ابْنَایَ وَ مَنْ خَلَفَهُمْ مِنْ أَصْلَابِهِمْ حَامِلًا وَصَایَایَ هُمُ الثَّقَلُ الْأَصْغَرُ یَشْهَدُ الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ لِلثَّقَلِ الْأَصْغَرِ وَ یَشْهَدُ الثَّقَلُ الْأَصْغَرُ لِلثَّقَلِ الْأَكْبَرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلَازِمٌ لِصَاحِبِهِ غَیْرُ مُفَارِقٍ لَهُ حَتَّی یَرِدَا إِلَی اللَّهِ فَیَحْكُمَ بَیْنَهُمَا وَ بَیْنَ الْعِبَادِ یَا كُمَیْلُ فَإِذَا كُنَّا كَذَلِكَ فَعَلَامَ یَتَقَدَّمُنَا مَنْ تَقَدَّمَ وَ تَأَخَّرَ عَنَّا مَنْ تَأَخَّرَ- یَا كُمَیْلُ قَدْ أَبْلَغَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رِسَالَةَ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لَهُمْ وَ لَكِنْ لَا یُحِبُّونَ النَّاصِحِینَ.

ص: 275


1- 1. الأنعام: 112.
2- 2. كذا و فی التحف« و لا ممنیا حتّی لا اعصی».
3- 3. انتحل الشعر أو القول ادعاه لنفسه. و انتحل مذهب كذا انتسب إلیه.

یَا كُمَیْلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِی قَوْلًا وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ مُتَوَافِرُونَ یَوْماً بَعْدَ الْعَصْرِ- یَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَائِماً عَلَی قَدَمَیْهِ فَوْقَ مِنْبَرِهِ- عَلِیٌّ مِنِّی وَ ابْنَایَ مِنْهُ وَ الطَّیِّبُونَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُمْ وَ هُمُ الطَّیِّبُونَ بَعْدَ أُمِّهِمْ وَ هُمْ سَفِینَةٌ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوَی النَّاجِی فِی الْجَنَّةِ وَ الْهَاوِی فِی لَظَی یَا كُمَیْلُ الْفَضْلُ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ- یَا كُمَیْلُ عَلَامَ یَحْسُدُونَنَا وَ اللَّهُ أَنْشَأَنَا قَبْلَ أَنْ یَعْرِفُونَا فَتَرَاهُمْ بِحَسَدِهِمْ إِیَّانَا عَنْ رَبِّنَا یُزِیلُونَّا یَا كُمَیْلُ مَنْ لَا یَسْكُنُ الْجَنَّةَ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ وَ خِزْیٍ مُقِیمٍ وَ أَكْبَالٍ وَ مَقَامِعَ وَ سَلَاسِلَ طِوَالٍ وَ مُقَطَّعَاتِ النِّیرَانِ وَ مُقَارَنَةِ كُلِّ شَیْطَانٍ الشَّرَابُ صَدِیدٌ وَ اللِّبَاسُ حَدِیدٌ وَ الْخَزَنَةُ

فَظَظَةٌ(1)

وَ النَّارُ مُلْتَهِبَةٌ وَ الْأَبْوَابُ مُوَثَّقَةٌ مُطَبَّقَةٌ یُنَادُونَ فَلَا یُجَابُونَ وَ یَسْتَغِیثُونَ فَلَا یُرْحَمُونَ نِدَاهُمْ یا مالِكُ لِیَقْضِ عَلَیْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ- یَا كُمَیْلُ نَحْنُ وَ اللَّهِ الْحَقُّ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَ یَا كُمَیْلُ ثُمَّ یُنَادُونَ اللَّهَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ یَمْكُثُوا أَحْقَاباً اجْعَلْنَا عَلَی الرَّخَاءِ فَیُجِیبُهُمْ اخْسَؤُا فِیها وَ لا تُكَلِّمُونِ یَا كُمَیْلُ فَعِنْدَهَا یَیْأَسُونَ مِنَ الْكَرَّةِ وَ اشْتَدَّتِ الْحَسْرَةُ وَ أَیْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ وَ الْمَكْثِ جَزَاءً بِمَا كَسَبُوا عُذِّبُوا- یَا كُمَیْلُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ یَا كُمَیْلُ أَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی تَوْفِیقِهِ إِیَّایَ وَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی كُلِّ حَالٍ یَا كُمَیْلُ إِنَّمَا حَظِیَ مَنْ حَظِیَ بِدُنْیَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ فَافْهَمْ وَ تَحْظَی بِآخِرَةٍ بَاقِیَةٍ ثَابِتَةٍ.

ص: 276


1- 1. الفظ: الغلیظ، السیئ الخلق.

یَا كُمَیْلُ كُلٌّ یَصِیرُ إِلَی الْآخِرَةِ وَ الَّذِی یُرْغَبُ فِیهِ مِنْهَا ثَوَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الدَّرَجَاتُ الْعُلَی مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِی لَا یُورِثُهَا إِلَّا مَنْ كانَ تَقِیًّا یَا كُمَیْلُ إِنْ شِئْتَ فَقُمْ.

أقول: و سیجی ء فی باب مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام و خطبه و حكمه عین هذه الوصیة منه علیه السلام لكمیل بن زیاد هذا من كتاب تحف العقول أیضا لكن أخصر من هذه الوصیة و سیأتی فی باب ما جمع من جوامع كلم أمیر المؤمنین علیه السلام و فی غیره أیضا ما یناسب هذا الباب إن شاء اللّٰه تعالی (1).

باب 12 كتاب كتبه علیه السلام لدار شریح

«1»- لی (2)،[الأمالی] للصدوق عَنْ صَالِحِ بْنِ عِیسَی الْعِجْلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبَانٍ مَوْلَی زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ قَالَ: قَالَ لِی شُرَیْحٌ الْقَاضِی اشْتَرَیْتُ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً وَ كَتَبْتُ كِتَاباً وَ أَشْهَدْتُ عُدُولًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَبَعَثَ إِلَیَّ مَوْلَاهُ قَنْبَراً فَأَتَیْتُهُ فَلَمَّا أَنْ دَخَلْتُ عَلَیْهِ قَالَ یَا شُرَیْحُ اشْتَرَیْتَ دَاراً وَ

ص: 277


1- 1. المصدر ص 171.
2- 2. المجلس الحادی و الخمسون ص 187. و شریح القاضی هو الذی استعمله عمر ابن الخطّاب علی القضاء بالكوفة فلم یزل قاضیا ستین سنة الا ثلاث سنین فی فتنة ابن الزبیر و قیل فلم یزل بالكوفة قاضیا من عهد عمر الی مدة 75 سنة و لم یعطل فیها غیر عامین او أربعة استعفی الحجاج بن یوسف فی فتنة ابن الزبیر فاعفاه و مات سنة 87 و عمره مائة و ثمان سنین و أدرك الجاهلیة و لا یعد من الصحابة بل كان من التابعین، و قیل عزله علیّ علیه السلام عن القضاء مدة عشرین یوما ثمّ نصبه.

كَتَبْتَ كِتَاباً وَ أَشْهَدْتَ عُدُولًا وَ وَزَنْتَ مَالًا قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ یَا شُرَیْحُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهُ سَیَأْتِیكَ مَنْ لَا یَنْظُرُ فِی كِتَابِكَ وَ لَا یَسْأَلُ عَنْ بَیِّنَتِكَ حَتَّی یُخْرِجَكَ مِنْ دَارِكَ شَاخِصاً(1)

وَ یُسْلِمَكَ إِلَی قَبْرِكَ خَالِصاً فَانْظُرْ أَنْ لَا تَكُونَ اشْتَرَیْتَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِكِهَا وَ وَزَنْتَ مَالًا مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ الدَّارَیْنِ جَمِیعاً الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا شُرَیْحُ فَلَوْ كُنْتَ عِنْدَ مَا اشْتَرَیْتَ هَذِهِ الدَّارَ أَتَیْتَنِی فَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلَی هَذِهِ النُّسْخَةِ إِذَا لَمْ تَشْتَرِهَا بِدِرْهَمَیْنِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا كُنْتَ تَكْتُبُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ لَكَ هَذَا الْكِتَابَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا اشْتَرَی عَبْدٌ ذَلِیلٌ مِنْ مَیِّتٍ أُزْعِجَ بِالرَّحِیلِ (2) اشْتَرَی مِنْهُ دَاراً فِی دَارِ الْغُرُورِ مِنْ جَانِبِ الْفَانِینَ إِلَی عَسْكَرِ الْهَالِكِینَ- وَ تَجْمَعُ هَذِهِ الدَّارُ حُدُوداً أَرْبَعَةً فَالْحَدُّ الْأَوَّلُ مِنْهَا یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْآفَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّانِی مِنْهَا یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْعَاهَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ مِنْهَا یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْمُصِیبَاتِ وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ مِنْهَا یَنْتَهِی إِلَی الْهَوَی الْمُرْدِی وَ الشَّیْطَانِ الْمُغْوِی وَ فِیهِ یُشْرَعُ بَابُ هَذِهِ الدَّارِ(3)

اشْتَرَی هَذَا الْمَفْتُونُ بِالْأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ جَمِیعَ هَذِهِ الدَّارِ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقُنُوعِ وَ الدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَی مِنْهُ مِنْ دَرَكٍ فَعَلَی مُبْلِی أَجْسَامِ الْمُلُوكِ (4)

وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ مِثْلُ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ(5) وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ إِلَی الْمَالِ فَأَكْثَرَ وَ بَنَی فَشَیَّدَ وَ نَجَّدَ فَزَخْرَفَ (6)

وَ ادَّخَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ

ص: 278


1- 1. شاخصا أی ذاهبا مبعدا.
2- 2. ازعج علی صیغة المجهول: أی اقلع.
3- 3. یشرع أی یفتح فی الحدّ الرابع.
4- 4. كذا و فی بعض النسخ« مبلبل اجسام الملوك». أی مهیج داءاتها، المهلكة لها.
5- 5. تبع: ملوك الیمن. حمیر أبو قبیلة من الیمن.
6- 6. شید أی رفع. و نجد بشد الجیم أی زین.

خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ شَهِدَ عَلَی ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَی وَ نَظَرَ بِعَیْنِ الزَّوَالِ لِأَهْلِ الدُّنْیَا وَ سَمِعَ مُنَادِیَ أَهْلِ الزُّهْدِ یُنَادِی فِی عَرَصَاتِهَا مَا أَبْیَنَ الْحَقَّ لِذِی عَیْنَیْنِ إِنَّ الرَّحِیلَ أَحَدَ الْیَوْمَیْنِ تَزَوَّدُوا مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ وَ قَرِّبُوا الْآمَالَ بِالْآجَالِ فَقَدْ دَنَا الرِّحْلَةُ وَ الزَّوَالُ.

بیان: قوله ع (1).

باب 13 تفسیره علیه السلام كلام الناقوس

أقول: قد مضی بعض أخبار هذا الباب فی كتاب العلم فی باب غرائب العلوم و فی كتاب قصص الأنبیاء فی باب أحوال عیسی علیه السلام یعنی أخبار هذا الباب فتذكر.

«1»- قب (2)،[المناقب] لابن شهرآشوب وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ فَسَّرَ صَوْتَ النَّاقُوسِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ مِصْبَاحِ الْوَاعِظِ وَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ وَ زَیْدٌ وَ صَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ مَسِیرَةَ(3) وَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ وَ جَابِرُ بْنُ شَرْجِیلٍ- وَ مَحْمُودُ بْنُ الْكَوَّاءِ أَنَّهُ قَالَ علیه السلام: یَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً إِنَّ الْمَوْلَی صَمَدٌ یَبْقَی یَحْلُمُ عَنَّا رِفْقاً رِفْقاً لَوْ لَا عَمَلُهُ كُنَّا نَشْقَی حَقّاً حَقّاً صِدْقاً صِدْقاً إِنَّ الْمَوْلَی یُسَائِلُنَا وَ یُوَاقِفُنَا وَ یُحَاسِبُنَا یَا مَوْلَانَا لَا تُهْلِكْنَا وَ تَدَارَكْنَا وَ اسْتَخْدِمْنَا وَ اسْتَخْلِصْنَا حِلْمُكَ عَنَّا قَدْ جَرَّأَنَا یَا مَوْلَانَا عَفْوَكَ عَنَّا إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ غَرَّتْنَا وَ شَغَلَتْنَا وَ اسْتَهْوَتْنَا وَ اسْتَلْهَتْنَا وَ اسْتَغْوَتْنَا یَا ابْنَ الدُّنْیَا جَمْعاً جَمْعاً یَا ابْنَ الدُّنْیَا مَهْلًا مَهْلًا یَا ابْنَ الدُّنْیَا دَقّاً دَقّاً وَزْناً وَزْناً تَفْنَی الدُّنْیَا قَرْناً قَرْناً مَا مِنْ یَوْمٍ یَمْضِی عَنَّا إِلَّا یَهْوِی مِنَّا رُكْناً قَدْ ضَیَّعْنَا دَاراً تَبْقَی

ص: 279


1- 1. هنا بیاض مقدار نصف صفحة.
2- 2. مناقب آل أبی طالب لابن شهرآشوب باب مسابقته بالعلم.
3- 3. كذا.

وَ اسْتَوْطَنَّا دَاراً تَفْنَی تَفْنَی الدُّنْیَا قَرْناً قَرْناً كَلَّا مَوْتاً كَلَّا مَوْتاً كَلَّا مَوْتاً كَلَّا دَفْناً كَلَّا فِیهَا مَوْتاً(1)

نَقْلًا نَقْلًا دَفْناً دَفْناً- یَا ابْنَ الدُّنْیَا مَهْلًا مَهْلًا زِنْ مَا یَأْتِی وَزْناً وَزْناً لَوْ لَا جَهْلِی مَا إِنْ كَانَتْ عِنْدِی الدُّنْیَا إِلَّا سِجْناً خَیْراً خَیْراً شَرّاً شَرّاً شَیْئاً شَیْئاً حُزْناً حُزْناً مَا ذَا مَنْ ذَا كَمْ ذَا أَمْ ذَا هَذَا أَسْنَی تَرْجُو تَنْجُو تَخْشَی تَرْدَی عَجِّلْ قَبْلَ الْمَوْتِ الْوَزْنَا مَا مِنْ یَوْمٍ یَمْضِی عَنَّا إِلَّا أَوْهَنَ مِنَّا رُكْناً إِنَّ الْمَوْلَی قَدْ أَنْذَرَنَا إِنَّا نُحْشَرُ غُرْلًا بُهْماً قَالَ ثُمَّ انْقَطَعَ صَوْتُ النَّاقُوسِ فَسَمِعَ الدَّیْرَانِیُّ ذَلِكَ وَ أَسْلَمَ وَ قَالَ إِنِّی وَجَدْتُ فِی الْكِتَابِ أَنَّ فِی آخِرِ الْأَنْبِیَاءِ مَنْ یُفَسِّرُ مَا یَقُولُ النَّاقُوسُ (2).

باب 14 خطبه صلوات اللّٰه علیه المعروفة

«1»- ف (3)،[تحف العقول] خُطْبَةُ الْوَسِیلَةِ:(4) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَعْدَمَ الْأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلَی وُجُودِهِ (5)

وَ حَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَیَّلَ (6) ذَاتَهُ- لِامْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَ التَّشَاكُلِ بَلْ هُوَ الَّذِی لَا تَتَفَاوَتُ ذَاتُهُ وَ لَا تَتَبَعَّضُ بِتَجْزِیَةِ الْعَدَدِ فِی كَمَالِهِ فَارَقَ الْأَشْیَاءَ لَا بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَ یَكُونُ فِیهَا

ص: 280


1- 1. كذا.
2- 2. هنا بیاض مقدار صفحة.
3- 3. التحف ص 92.
4- 4. هذه الخطبة قد أخرجها الكلینی- رحمه اللّٰه- فی كتاب الروضة بتمامها مع اختلاف كثیر و لذلك تعرضنا لتلك الاختلافات فی الهامش. و الحرّانیّ رحمة اللّٰه علیه اختار منها ما اقتضاه كتابه( تحف العقول) و قد صرّح به.
5- 5. أعدم فلانا منه أی منع و فی الروضة« منع الاوهام».
6- 6. فی الروضة« أن یتخیل».

لَا عَلَی الْمُمَازَجَةِ وَ عَلِمَهَا لَا بِأَدَاةٍ- لَا یَكُونُ الْعِلْمُ إِلَّا بِهَا وَ لَیْسَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَعْرُوفِهِ عِلْمُ غَیْرِهِ (1)

كَانَ عَالِماً لِمَعْلُومِهِ- إِنْ قِیلَ كَانَ فَعَلَی تَأْوِیلِ أَزَلِیَّةِ الْوُجُودِ وَ إِنْ قِیلَ لَمْ یَزَلْ فَعَلَی تَأْوِیلِ نَفْیِ الْعَدَمِ (2)

فَسُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ فَاتَّخَذَ إِلَهاً غَیْرَهُ عُلُوّاً كَبِیراً نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِی ارْتَضَاهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلَی نَفْسِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَ تَضَعَانِ الْعَمَلَ (3)

خَفَّ مِیزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَ ثَقُلَ مِیزَانٌ تُوضَعَانِ فِیهِ وَ بِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْجَوَازُ عَلَی الصِّرَاطِ وَ بِالشَّهَادَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی نَبِیِّكُمْ- إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلَی مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَی وَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا لِبَاسَ أَجَلُّ مِنَ الْعَافِیَةِ وَ لَا وِقَایَةَ أَمْنَعُ مِنَ السَّلَامَةِ وَ لَا مَالَ أَذْهَبُ بِالْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا وَ الْقُنُوعِ- وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَی بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ التَّعَبِ وَ الِاحْتِكَارُ مَطِیَّةُ النَّصَبِ وَ الْحَسَدُ آفَةُ الدِّینِ وَ الْحِرْصُ دَاعٍ إِلَی التَّقَحُّمِ فِی الذُّنُوبِ وَ هُوَ دَاعٍ إِلَی الْحِرْمَانِ-(4)

وَ الْبَغْیُ سَائِقٌ إِلَی الْحَیْنِ وَ الشَّرَهُ جَامِعٌ لِمَسَاوِی الْعُیُوبِ (5) رُبَّ طَمَعٍ خَائِبٍ وَ

ص: 281


1- 1. یحتمل الإفاضة و التوصیف فعلی الأول فالمراد أنّه لا یتوسط بینه و بین معلومه علم غیره و علی الثانی فالمراد أن ذاته المقدّسة كافیة للعلم و لا یحتاج الی علم أی صورة علمیة غیر ذاته تعالی، بهذه الصورة العلمیة و بارتسامها كان عالما بمعلومه كما فی الممكنات.
2- 2. أی لیس كونه موجودا فی الازل عبارة عن مقارنته للزمان أزلا لحدوث الزمان بل بمعنی أن لیس لوجوده ابتداء أو أنّه تعالی لیس بزمانی و« كان» یدل علی الزمانیة فتأویله أن معنی كونه أزلا أن وجوده یمتنع علیه العدم و لعلّ المعنی الأخیر فی الفقرة الثانیة متعین.
3- 3. تضعان خلاف ترفعان أی تثقلان. و فی الروضة« و تضاعفان العمل».
4- 4. قد مضی هذه الكلمات مع اختلاف یسیر فی وصیته لابنه الحسین علیهما السلام.
5- 5. الحین- بفتح المهملة و المثناة التحتانیة-: الهلاك و المحنة و الشرة غلبة الحرص و الغضب و الطیش و الحدة و النشاط. و فی بعض النسخ« الشره» و هو الحرص أیضا.

أَمَلٍ كَاذِبٍ وَ رَجَاءٍ یُؤَدِّی إِلَی الْحِرْمَانِ وَ تِجَارَةٍ تَئُولُ إِلَی الْخُسْرَانِ- أَلَا وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِی الْأُمُورِ غَیْرَ نَاظِرٍ فِی الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْضِحَاتِ النَّوَائِبِ وَ بِئْسَتِ الْقِلَادَةُ الدَّیْنُ لِلْمُؤْمِنِ (1) أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَ لَا عِزَّ أَنْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَ لَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ وَ لَا نَصَبَ (2)

أَوْجَعُ مِنَ الْغَضَبِ وَ لَا جَمَالَ أَحْسَنُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا قَرِینَ شَرٌّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا سَوْأَةَ أَسْوَأُ(3)

مِنَ الْكَذِبِ وَ لَا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ وَ لَا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ نَظَرَ فِی عَیْبِ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَیْبِ غَیْرِهِ وَ مَنْ رَضِیَ بِرِزْقِ اللَّهِ لَمْ یَأْسَفْ عَلَی مَا فِی یَدِ غَیْرِهِ وَ مَنْ سَلَّ سَیْفَ الْبَغْیِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنْ حَفَرَ لِأَخِیهِ بِئْراً وَقَعَ فِیهَا وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَیْرِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَیْتِهِ وَ مَنْ نَسِیَ زَلَّتَهُ (4)

اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَیْرِهِ وَ مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْیِهِ ضَلَّ وَ مَنِ اسْتَغْنَی بِعَقْلِهِ زَلَّ وَ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَی النَّاسِ ذَلَّ وَ مَنْ سَفِهَ عَلَی النَّاسِ شُتِمَ وَ مَنْ خَالَطَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَ مَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حُقِّرَ وَ مَنْ حَمَلَ مَا لَا یُطِیقُ عَجَزَ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا مَالَ هُوَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ (5)

وَ لَا فَقْرَ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا وَاعِظَ هُوَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ (6) وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِیرِ وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ(7)

وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِ (8)

وَ لَا حِلْمَ

ص: 282


1- 1. و فی الروضة« و بئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن».
2- 2. النصب: الثعب و المشقة الذی یتفرع علی الغضب و هو من أخس المتاعب اذ لا ثمرة له و لا داعی إلیه إلا عدم تملك النفس و فی بعض نسخ الروضة« و لا نسب أوضع من الغضب».
3- 3. السوأة: الخلة القبیحة و الجمع سوءات.
4- 4. الزلة: السقطة و الخطیئة. و فی بعض النسخ و الروضة« و من نسی زلله».
5- 5. الاعود: الانفع.
6- 6. النصح: الخلوص.
7- 7. المظاهرة: المعاونة. و العجب: الكبر و اعجاب المرء بنفسه و بفضائله و أعماله.
8- 8. و فی الروضة« كالكف عن المحارم» و فی بعض نسخ الروضة« و لا حكم كالصبر و الصمت». أی و لا حكمة.

كَالصَّبْرِ وَ الصَّمْتِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ فِی الْإِنْسَانِ عَشْرَ خِصَالٍ یُظْهِرُهَا لِسَانُهُ شَاهِدٌ یُخْبِرُ عَنِ الضَّمِیرِ وَ حَاكِمٌ یَفْصِلُ بَیْنَ الْخِطَابِ وَ نَاطِقٌ یُرَدُّ بِهِ الْجَوَابُ وَ شَافِعٌ تُدْرَكُ بِهِ الْحَاجَةُ وَ وَاصِفٌ تُعْرَفُ بِهِ الْأَشْیَاءُ وَ أَمِیرٌ یَأْمُرُ بِالْحَسَنِ وَ وَاعِظٌ یَنْهَی عَنِ الْقَبِیحِ وَ مُعَزٍّ تُسَكَّنُ بِهِ الْأَحْزَانُ وَ حَامِدٌ تُجْلَی بِهِ الضَّغَائِنُ وَ مُؤْنِقٌ یُلْهِی الْأَسْمَاعَ (1)

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا خَیْرَ فِی الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لَا خَیْرَ فِی الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ (2) اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ لَمْ یَمْلِكْ لِسَانَهُ یَنْدَمْ وَ مَنْ لَا یَتَعَلَّمْ یَجْهَلْ وَ مَنْ لَا یَتَحَلَّمْ لَا یَحْلُمْ (3) وَ مَنْ

لَا یَرْتَدِعْ لَا یَعْقِلْ وَ مَنْ لَا یَعْقِلْ یَهُنْ وَ مَنْ یَهُنْ لَا یُوَقَّرْ وَ مَنْ یَتَّقِ یَنْجُ-(4) وَ مَنْ یَكْسِبْ مَالًا مِنْ غَیْرِ حَقِّهِ یَصْرِفْهُ فِی غَیْرِ أَجْرِهِ (5)

وَ مَنْ لَا یَدَعْ وَ هُوَ مَحْمُودٌ یَدَعْ وَ هُوَ مَذْمُومٌ (6)

وَ مَنْ لَمْ یُعْطِ قَاعِداً مُنِعَ قَائِماً(7)

وَ مَنْ یَطْلُبِ الْعِزَّ بِغَیْرِ حَقٍّ یَذِلَّ وَ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ لَزِمَهُ الْوَهْنُ وَ مَنْ تَفَقَّهَ وُقِّرَ وَ مَنْ تَكَبَّرَ حُقِّرَ وَ مَنْ لَا یُحْسِنْ لَا یُحْمَدْ.

ص: 283


1- 1. المعز من التعزیة بمعنی التسلیة، و الضغائن جمع الضغینة بمعنی الحقد، و فی الروضة و حاضر تجلی به الضغائن». و المونق: العجب. و فی الروضة« و مونق یتلذذ به».
2- 2. الحكم- بالضم-: الحكمة.
3- 3. أی لا یحصل ملكة الحلم الا بالتحلم و هو تكلف الحلم.
4- 4. الردع: الرد و الكف.« و من لا یرتدع» أی من لا ینزجر عن القبائح بنصح الناصحین لا یكون عاقلا و لا یكمل عقله و لا یعقل قبح القبائح. و فی الروضة« و من لا یوقر یتوبخ».
5- 5. أی فیما لا یوجر علیه فی الدنیا و الآخرة.
6- 6. أی من لا یترك الشر و ما ینبغی علی اختیار یدعه علی اضطرار و لا یحمد بهذا الترك.
7- 7. أی من لم یعط المحتاجین حال كونه قاعدا یقوم عنده الناس و یسألونه یبتلی بان یفتقر الی سؤال غیره فیقوم بین یدیه و یسأله و لا یعطیه.

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَنِیَّةَ قَبْلَ الدَّنِیَّةِ وَ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ(1)

وَ الْحِسَابَ قَبْلَ الْعِقَابِ وَ الْقَبْرَ خَیْرٌ مِنَ الْفَقْرِ وَ عَمَی الْبَصَرِ خَیْرٌ مِنْ كَثِیرٍ مِنَ النَّظَرِ وَ الدَّهْرَ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ (2) فَاصْبِرْ فَبِكِلَیْهِمَا تُمْتَحَنُ- أَیُّهَا النَّاسُ أَعْجَبُ مَا فِی الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ (3)

وَ لَهُ مَوَادُّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ (4) وَ إِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ وَ إِنْ مَلَكَهُ الْیَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ وَ إِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَیْظُ وَ إِنْ أُسْعِدَ بِالرِّضَا نَسِیَ التَّحَفُّظَ(5) وَ إِنْ نَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحُزْنُ (6) وَ إِنِ اتَّسَعَ بِالْأَمْنِ اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ وَ إِنْ جُدِّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ(7) وَ إِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَی وَ إِنْ عَضَّتْهُ فَاقَةٌ(8)

شَغَلَهُ الْبَلَاءُ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ مُصِیبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ وَ إِنْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ وَ إِنْ أَفْرَطَ فِی الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ(9) فَكُلُّ تَقْصِیرٍ بِهِ

ص: 284


1- 1. المنیة: الموت. و الدنیة: الذلة یعنی أن الموت خیر من الذلة، فالمراد بالقبلیة القبلیة بالشرف. و فی النهج« المنیة و لا الدنیة و التعلل و لا التوسل» و هو أوضح. و التجلد: تكلف الشدة و القوّة. و التبلد ضده.
2- 2. زاد فی الروضة« فاذا كان لك فلا تبطر و إذا كان علیك- الخ» و لعله سقط من قلم النسّاخ.
3- 3. فی النهج« و لقد علق بنیاط هذا الإنسان بضعة هی أعجب ما فیه و ذلك القلب».
4- 4. سنح له: بدا و ظهر.
5- 5. التحفظ: التوقی و التحرز من المضرات.
6- 6. و فی الروضة و النهج« شغله الحذر».
7- 7. الغرة- بالكسر-: الاغترار و الغفلة. و استلبته أی سلبته عن رشده و یمكن أن تكون« العزة» بالاهمال و الزای.
8- 8.« أفاد مالا» أی أعطاه ایاه. و عضته أی اشتد علیه الفاقة و الفقر.
9- 9. و فی الروضة و النهج« و ان جهده الجوع قعد به الضعف». و الكظة- بالكسر-: ما یعتری الإنسان عند امتلائه من الطعام، یقال: كظ الطعام فلانا أی ملأه حتّی لا یطیق التنفس. و البطنة- بالكسر-: الامتلاء المفرط من الاكل.

مُضِرٌّ وَ كُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ- أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَ مَنْ جَادَ سَادَ وَ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ رَأَسَ (1) وَ مَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ نَبُلَ (2) وَ مَنْ فَكَّرَ فِی ذَاتِ اللَّهِ تَزَنْدَقَ (3) وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَیْ ءٍ عُرِفَ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ اسْتُخِفَّ بِهِ وَ مَنْ كَثُرَ ضَحِكُهُ ذَهَبَتْ هَیْبَتُهُ فَسَدَ حَسَبُ مَنْ لَیْسَ لَهُ أَدَبٌ إِنَّ أَفْضَلَ الْفِعَالِ صِیَانَةُ الْعِرْضِ بِالْمَالِ لَیْسَ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ بِذِی مَعْقُولٍ مَنْ جَالَسَ الْجَاهِلَ فَلْیَسْتَعِدَّ لِقِیلٍ وَ قَالٍ (4) لَنْ یَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِیٌّ بِمَالِهِ وَ لَا فَقِیرٌ لِإِقْلَالِهِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَوَاهِدَ تُجْرِی الْأَنْفُسَ عَنْ مَدْرَجَةِ أَهْلِ التَّفْرِیطِ(5)

فِطْنَةُ الْفَهْمِ لِلْمَوَاعِظِ مِمَّا یَدْعُو النَّفْسَ إِلَی الْحَذَرِ مِنَ الْخَطَإِ(6) وَ لِلنُّفُوسِ خَوَاطِرُ لِلْهَوَی وَ الْعُقُولُ تَزْجُرُ وَ تَنْهَی (7)

وَ فِی التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَ الِاعْتِبَارُ یَقُودُ إِلَی الرَّشَادِ وَ كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَیْرِكَ (8)

عَلَیْكَ لِأَخِیكَ الْمُؤْمِنِ مِثْلُ

ص: 285


1- 1. رأس بفتح الهمزة أی هو رئیس للقوم و یحتمل أن یكون من رأس یرؤس أی مشی متبخترا أو أكل كثیرا.
2- 2. النبل: الفضل و الشرف و النجابة.
3- 3. تزندق أی اتصف بالزندقة.
4- 4. فی اللغة: یستعمل« القول» فی الخیر.« و القال و القیل و القالة» فی الشر. و القول مصدر و القال و القیل اسمان له. و القال الابتداء و القیل الجواب. و الاقلال: قلة المال.
5- 5. المدرج و المدرجة: المذهب و المسلك یعنی أن للقلوب شواهد تعرج الانفس عن مسالك أهل التقصیر الی درجات المقربین.
6- 6. الفطنة: الحذق و الفهم و هی مبدأ و خبره قوله:« مما یدعو» یعنی أن الفطنة هی مما یدعو النفس الی الحذر من المخاطرات.
7- 7. الخواطر، جمع خاطر: ما یخطر بالقلب و النفس من أمر أو تدبیر و العقول تزجر و تنهی عنها.
8- 8. و فی الروضة« و علیك».

الَّذِی لَكَ عَلَیْهِ لَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَی بِرَأْیِهِ (1) وَ التَّدْبِیرُ قَبْلَ الْعَمَلِ یُؤْمِنُكَ مِنَ النَّدَمِ وَ مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِفَ الْخَطَاءِ(2) وَ مَنْ أَمْسَكَ عَنِ الْفُضُولِ عَدَّلَتْ رَأْیَهُ الْعُقُولُ (3)

وَ مَنْ حَصَرَ شَهْوَتَهُ فَقَدْ صَانَ قَدْرَهُ وَ مَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ أَمِنَهُ قَوْمُهُ وَ نَالَ حَاجَتَهُ-(4) وَ فِی تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ وَ الْأَیَّامُ تُوضِحُ لَكَ السَّرَائِرَ الْكَامِنَةَ وَ لَیْسَ فِی الْبَرْقِ الْخَاطِفِ مُسْتَمْتَعٌ لِمَنْ یَخُوضُ فِی الظُّلْمَةِ(5) وَ مَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُیُونُ بِالْوَقَارِ وَ الْهَیْبَةِ وَ أَشْرَفُ الْغِنَی تَرْكُ الْمُنَی وَ الصَّبْرُ جُنَّةٌ مِنَ الْفَاقَةِ

وَ الْحِرْصُ عَلَامَةُ الْفَقْرِ وَ الْبُخْلُ جِلْبَابُ الْمَسْكَنَةِ وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ وَصُولٌ مُعْدِمٌ خَیْرٌ مِنْ جَافٍ مُكْثِرٍ(6)

وَ الْمَوْعِظَةُ كَهْفٌ لِمَنْ وَعَاهَا وَ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ كَثُرَ أَسَفُهُ (7) وَ مَنْ ضَاقَ خُلُقُهُ

ص: 286


1- 1. یقال: خاطر بنفسه عرضها للخطر أی أشرف نفسه للهلاك.
2- 2. أی استشار الناس و اقبل نحو آرائهم و لاحظها واحدا واحدا و تفكر فیها فمن طلب الآراء من وجوهها الصحیحة انكشف له مواقع الخطاء و احترس منه.
3- 3. أی حكم القول بعدالة رأیه و صوابه.
4- 4. أمنه- بالفتح- أی أمن قومه من شره، و یحتمل بالمد من باب الافعال أی آمن من شر قومه أوعد قومه أمینا و نال الحاجة التی توهم حصولها فی اطلاق اللسان.
5- 5. یقال: خطف البرق البصر: استلبه بسرعة و ذهب به. و المستمتع: المنتفع و المتلذذ، یعنی لا ینفعك ما یبصر و ما یسمع كالبرق الخاطف بل ینبغی أن تواظب و تستضی ء دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل، و یحتمل أن یكون المراد لا ینفع ما یبصر و ما یسمع من الآیات و المواعظ مع الانغماس فی ظلمات المعاصی و الذنوب.
6- 6. قد مضی هذه العبارة و بیان ما فیها فی وصیته علیه السلام لابنه الحسین سلام اللّٰه علیه و یحتمل أیضا أن یكون المراد أن الفقیر المتودد خیر من الغنی المتجافی. قوله: « وعاها» أی حفظها و جمعها.
7- 7. الطرف- بسكون الراء: العین. و- بالتحریك-: اللسان أی و من اطلق عینه و نظره كثر أسفه. و فی الروضة بعد هذا الكلام هكذا« و قد أوجب الدهر شكره علی من نال سؤله و قل ما ینصفك اللسان فی نشر قبیح أو احسان».

مَلَّهُ أَهْلُهُ وَ مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ (1) قَلَّ مَا تُصَدِّقُكَ الْأُمْنِیَّةُ التَّوَاضُعُ یَكْسُوكَ الْمَهَابَةَ وَ فِی سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ (2) مَنْ كَسَاهُ الْحَیَاءُ ثَوْبَهُ خَفِیَ عَلَی النَّاسِ عَیْبُهُ- تَحَرَّ الْقَصْدَ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنَّهُ مَنْ تَحَرَّی الْقَصْدَ خَفَّتْ عَلَیْهِ الْمُؤَنُ (3)

فِی خِلَافِ النَّفْسِ رُشْدُهَا مَنْ عَرَفَ الْأَیَّامَ لَمْ یَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ أَلَا وَ إِنَّ مَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقاً وَ فِی كُلِّ أُكْلَةٍ غَصَصاً- لَا تُنَالُ نِعْمَةٌ إِلَّا بِزَوَالِ أُخْرَی لِكُلِّ ذِی رَمَقٍ قُوتٌ وَ لِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ وَ أَنْتَ قُوتُ الْمَوْتِ (4)

اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ مَشَی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ یَصِیرُ إِلَی بَطْنِهَا وَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ یَتَسَارَعَانِ فِی هَدْمِ الْأَعْمَارِ- أَیُّهَا النَّاسُ كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ (5)

وَ صُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ مِنَ الْكَرَمِ لِینُ الْكَلَامِ إِیَّاكَ وَ الْخَدِیعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلُقِ اللِّئَامِ لَیْسَ كُلُّ طَالِبٍ یُصِیبُ وَ لَا كُلُّ غَائِبٍ یَئُوبُ- لَا تَرْغَبْ فِیمَنْ زَهِدَ فِیكَ رُبَّ بَعِیدٍ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَرِیبٍ سَلْ عَنِ الرَّفِیقِ قَبْلَ الطَّرِیقِ وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخِیكَ لِمَا تَعْلَمُهُ فِیكَ-(6)

اغْتَفِرْ زَلَّةَ

ص: 287


1- 1. النیل: اصابة الشی ء. یقال: نال من عدوه أی بلغ منه مقصوده یعنی من أصاب شیئا من أسباب الشرف كالمال و العلم یتفضل و یترفع غالبا و یمكن أن یكون هذا نظیر قوله: « من جادساد» فالمراد أن الجود و الكرم غالبا یوجبان الفخر و الاستطالة. و الامنیة: البغیة و ما یتمنی الإنسان، یعنی فی الغالب امنیتك كاذبة.
2- 2. و فی الروضة بعد هذا الكلام كذا« كم من عاكف علی ذنبه فی آخر أیّام عمره».
3- 3. أی أقصد الوسط العدل من القول و جانب التعدی و الافراط و التفریط لیخف علیك المئونة.
4- 4. قد مضی هذه الكلمات فی وصایاه علیه السلام أیضا.
5- 5. اللوم- بالفتح غیر مهموز-: الملامة و مهموزا: ضد الكرم. و اللئام: جمع لئیم و- بالضم-: الدنی و قد لؤم الرجل- بالضم- لؤما.
6- 6. فی الروضة بعد هذه الجملة هكذا« ألا و من أسرع فی المسیر أدركه المقیل، استر عورة أخیك كما یعلمها فیك». و فی بعض النسخ« لما یعلمها».

صَدِیقِكَ لِیَوْمٍ یَرْكَبُكَ عَدُوُّكَ مَنْ غَضِبَ عَلَی مَنْ لَا یَقْدِرُ أَنْ یَضُرَّهُ طَالَ حُزْنُهُ وَ عَذَّبَ نَفْسَهُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفِ الْخَیْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِیمَةِ إِنَّ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةَ الزَّادِ مَا أَصْغَرَ الْمُصِیبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً وَ مَا تَنَاكَرْتُمْ إِلَّا لِمَا فِیكُمْ

مِنَ الْمَعَاصِی وَ الذُّنُوبِ (1) مَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَ الْبُؤْسَ مِنَ التَّغْیِیرِ(2)

مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَ مَا خَیْرٌ بِخَیْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَ كُلُّ نَعِیمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِیَةٌ عِنْدَ تَصْحِیحِ الضَّمَائِرِ تَبْدُو الْكَبَائِرُ(3)

تَصْفِیَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَ تَخْلِیصُ النِّیَّةِ عَنِ الْفَسَادِ أَشَدُّ عَلَی الْعَامِلِینَ مِنْ طُولِ الْجِهَادِ- هَیْهَاتَ لَوْ لَا التُّقَی كُنْتُ أَدْهَی الْعَرَبِ (4) عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی الْغَیْبِ وَ الشَّهَادَةِ(5) وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِی الرِّضَی وَ الْغَضَبِ وَ الْقَصْدِ فِی الْغِنَی وَ الْفَقْرِ وَ بِالْعَدْلِ عَلَی الْعَدُوِّ وَ الصَّدِیقِ وَ بِالْعَمَلِ فِی النَّشَاطِ وَ الْكَسَلِ وَ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ وَ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ كَثُرَ خَطَاؤُهُ قَلَّ حَیَاؤُهُ وَ مَنْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ مَنْ تَفَكَّرَ اعْتَبَرَ وَ مَنِ اعْتَبَرَ

ص: 288


1- 1. فی الروضة« هیهات هیهات و ما تناكرتم الا لما فیكم من المعاصی و الذنوب» أی لیس تناكرتم الا لذنوبكم و عیوبكم.
2- 2. و فی الروضة و بعض النسخ« من النعیم» و المراد بالتغییر سرعة تقلب أحوال الدنیا.
3- 3. أی إذا أراد الإنسان تصحیح ضمیره عن النیاب الفاسدة و الأخلاق الذمیمة تظهر له العیوب الكبیرة الكامنة فی النفس و الأخلاق الذمیة التی خفیت علیه تحت أستار الغفلات.
4- 4. الدهاء جودة الرأی، و الحذق و بمعنی المكر و الاحتیال و هو المراد هاهنا. و فی الروضة« لو لا التقی لكنت أدهی العرب» و من كلام له علیه السلام« و اللّٰه ما معاویة بأدهی منی و كنه یغدر و یفجر. و لو لا كراهیة الغدر لكنت من أدهی الناس: و لكن كل غدرة فجرة و كل فجرة كفرة. و لكل غادر لواء یعرف به یوم القیامة. و اللّٰه ما استغفل بالمكیدة و لا استغمز بالتشدیدة».
5- 5. قد مضی هذا الكلام إلی آخر الخطبة فی وصیته صلوات اللّٰه علیه لابنه الحسین علیه السلام و لم یذكر فی الروضة و فیها بعد هذا الكلام« أیها الناس ان اللّٰه عزّ و جلّ وعد نبیه محمّدا صلّی اللّٰه علیه و آله الوسیلة و وعد الحق» الی آخر ما خطبه علیه السلام.

اعْتَزَلَ وَ مَنِ اعْتَزَلَ سَلِمَ وَ مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ كَانَ حُرّاً وَ مَنْ تَرَكَ الْحَسَدَ كَانَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ عِنْدَ النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِ غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا یَنْفَدُ وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِیَ مِنَ الدُّنْیَا بِالْیَسِیرِ وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِیمَا یَنْفَعُهُ- الْعَجَبُ مِمَّنْ یَخَافُ الْعِقَابَ فَلَا یَكُفُّ وَ یَرْجُو الثَّوَابَ وَ لَا یَتُوبُ وَ یَعْمَلُ الْفِكْرُ تُورِثُ نُوراً وَ الْغَفْلَةُ ظُلْمَةٌ وَ الْجَهَالَةُ ضَلَالَةٌ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ الْأَدَبُ خَیْرُ مِیرَاثٍ حُسْنُ الْخُلُقِ خَیْرُ قَرِینٍ لَیْسَ مَعَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَ لَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًی- الْعَافِیَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِی الصَّمْتِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَ وَاحِدٌ فِی تَرْكِ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ وَ آفَتُهُ الْخُرْقُ وَ مِنْ كُنُوزِ الْإِیمَانِ الصَّبْرُ عَلَی الْمَصَائِبِ وَ الْعَفَافُ زِینَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی كَثْرَةُ الزِّیَارَةِ تُورِثُ الْمَلَالَةَ وَ الطُّمَأْنِینَةُ قَبْلَ الْخِبْرَةِ ضِدُّ الْحَزْمِ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ یَدُلُّ عَلَی ضَعْفِ عَقْلِهِ- لَا تُؤْیِسْ مُذْنِباً فَكَمْ مِنْ عَاكِفٍ عَلَی ذَنْبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَیْرٍ وَ كَمْ مِنْ مُقْبِلٍ عَلَی عَمَلِهِ مُفْسِدٌ فِی آخِرِ عُمُرِهِ صَائِرٌ إِلَی النَّارِ بِئْسَ الزَّادُ إِلَی الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَی الْعِبَادِ طُوبَی لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ وَ عِلْمَهُ وَ حُبَّهُ وَ بُغْضَهُ وَ أَخْذَهُ وَ تَرْكَهُ وَ كَلَامَهُ وَ صَمْتَهُ وَ فِعْلَهُ وَ قَوْلَهُ- لَا یَكُونُ الْمُسْلِمُ مُسْلِماً حَتَّی یَكُونَ وَرِعاً وَ لَنْ یَكُونَ وَرِعاً حَتَّی یَكُونَ زَاهِداً وَ لَنْ یَكُونَ زَاهِداً حَتَّی یَكُونَ حَازِماً وَ لَنْ یَكُونَ حَازِماً حَتَّی یَكُونَ عَاقِلًا وَ مَا الْعَاقِلُ إِلَّا مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ وَ عَمِلَ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ الطَّاهِرِینَ.

«2»- ف (1)،[تحف العقول] خُطْبَتُهُ علیه السلام الْمَعْرُوفَةُ بِالدِّیبَاجِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ الْخَلْقِ وَ خَالِقِ الْإِصْبَاحِ وَ مُنْشِرِ الْمَوْتَی وَ بَاعِثِ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه وآله عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَی اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ

ص: 289


1- 1. التحف: 149.

وَ بِرُسُلِهِ وَ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ الْجِهَادُ فِی سَبِیلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ (1) وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِیضَةٌ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ حَصِینَةٌ وَ حِجُّ الْبَیْتِ وَ الْعُمْرَةُ فَإِنَّهُمَا یَنْفِیَانِ الْفَقْرَ وَ یُكَفِّرَانِ الذَّنْبَ وَ یُوجِبَانِ الْجَنَّةَ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا ثَرْوَةٌ فِی الْمَالِ (2) وَ مَنْسَاةٌ فِی الْأَجَلِ وَ تَكْثِیرٌ لِلْعَدَدِ وَ الصَّدَقَةُ فِی السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطَأَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ الصَّدَقَةُ فِی الْعَلَانِیَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِیتَةَ السَوْءِ وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِی مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ أَفِیضُوا فِی ذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (3) فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ وَ هُوَ أَمَانٌ مِنَ النِّفَاقِ وَ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَ تَذْكِیرٌ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ كُلِّ خَیْرٍ یَقْسِمُهُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ لَهُ دَوِیٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ (4) وَ ارْغَبُوا فِیمَا وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ أَصْدَقُ الْوَعْدِ وَ كُلُّ مَا وَعَدَ فَهُوَ آتٍ كَمَا وَعَدَ وَ اقْتَدُوا بِهَدْیِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (5)

فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْهَدْیِ وَ اسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَشْرَفُ السُّنَنِ وَ تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِیثِ وَ أَبْلَغُ الْمَوْعِظَةِ وَ تَفَقَّهُوا فِیهِ فَإِنَّهُ رَبِیعُ الْقُلُوبِ وَ اسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ وَ أَحْسِنُوا تِلَاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْقَصَصِ- وَ إِذا قُرِئَ عَلَیْكُمْ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (6) وَ إِذَا هُدِیتُمْ لِعِلْمِهِ فَاعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- فَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَیْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِی لَا یَسْتَفِیقُ مِنْ جَهْلِهِ (7) بَلِ الْحُجَّةُ عَلَیْهِ أَعْظَمُ وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَلْوَمُ وَ الْحَسْرَةُ

ص: 290


1- 1. الذروة- بالكسر و الضم-: من كل شی ء أعلاه.
2- 2. الثروة: الكثرة. و فی النهج« مثراة». المنسأة- من النسأ-: التأخیر.
3- 3. أفیضوا: أسرعوا و اندفعوا.
4- 4. الدوی: الصوت.
5- 5. الهدی- بالفتح-: الطریقة و السیرة، و- بالضم- الرشاد.
6- 6. سورة الأعراف: 203.
7- 7. أی كالجاهل المتحیر الذی لا أفاق من جهله.

أَدْوَمُ عَلَی هَذَا الْعَالِمِ الْمُنْسَلِخِ مِنْ عِلْمِهِ مِثْلَ مَا عَلَی هَذَا الْجَاهِلِ الْمُتَحَیِّرِ فِی جَهْلِهِ وَ كِلَاهُمَا حَائِرٌ بَائِرٌ مُضِلٌّ مَفْتُونٌ مَبْتُورٌ مَا هُمْ فِیهِ (1) وَ باطِلٌ ما كانُوا یَعْمَلُونَ عِبَادَ اللَّهِ لَا تَرْتَابُوا فَتَشُكُّوا وَ لَا تَشُكُّوا فَتَكْفُرُوا وَ لَا تَكْفُرُوا فَتَنْدَمُوا وَ لَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَتُدْهِنُوا-(2) وَ تَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةِ فَتَهْلِكُوا وَ لَا تُدَاهِنُوا فِی الْحَقِّ إِذَا وَرَدَ عَلَیْكُمْ وَ عَرَفْتُمُوهُ فَتَخْسَرُوا خُسْرَاناً مُبِیناً عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِنَ الْحَزْمِ أَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَ إِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَلَّا تَغْتَرُّوا بِاللَّهِ- عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ وَ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لَهُ- عِبَادَ اللَّهِ إِنَّهُ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ یَأْمَنْ وَ یَسْتَبْشِرْ وَ مَنْ یَعْصِهِ یَخِبْ وَ یَنْدَمْ وَ لَا یَسْلَمْ عِبَادَ اللَّهِ سَلُوا اللَّهَ الْیَقِینَ فَإِنَّ الْیَقِینَ رَأْسُ الدِّینِ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِی الْعَافِیَةِ فَإِنَّ أَعْظَمَ النِّعْمَةِ الْعَافِیَةُ فَاغْتَنِمُوهَا لِلدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ ارْغَبُوا إِلَیْهِ فِی التَّوْفِیقِ فَإِنَّهُ أُسٌّ وَثِیقٌ (3)

وَ اعْلَمُوا أَنَّ خَیْرَ مَا لَزِمَ الْقَلْبَ الْیَقِینُ وَ أَحْسَنَ الْیَقِینِ التُّقَی وَ أَفْضَلَ أُمُورِ الْحَقِّ عَزَائِمُهَا وَ شَرَّهَا مُحْدَثَاتُهَا وَ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ بِالْبِدَعِ هَدْمُ السُّنَنِ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ دِینَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِینُهُ وَ حَسُنَ یَقِینُهُ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ وَ الشَّقِیُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ- عِبَادَ اللَّهِ اعْلَمُوا أَنَّ یَسِیرَ الرِّیَاءِ شِرْكٌ وَ أَنَّ إِخْلَاصَ الْعَمَلِ الْیَقِینُ وَ الْهَوَی یَقُودُ إِلَی النَّارِ وَ مُجَالَسَةُ أَهْلِ اللَّهْوِ یُنْسِی الْقُرْآنَ وَ یُحْضِرُ الشَّیْطَانَ وَ النَّسِی ءُ زِیَادَةٌ فِی الْكُفْرِ(4)

وَ أَعْمَالُ الْعُصَاةِ تَدْعُو إِلَی سَخَطِ الرَّحْمَنِ وَ سَخَطُ الرَّحْمَنِ یَدْعُو إِلَی النَّارِ وَ مُحَادَثَةُ النِّسَاءِ تَدْعُو إِلَی الْبَلَاءِ وَ یَزِیغُ الْقُلُوبَ وَ الرَّمْقُ لَهُنَّ یَخْطَفُ

ص: 291


1- 1. البائر: الفاسد، الهالك، الذی لا خیر فیه و فی المثل« حائر بائر» أی لا یطیع مرشدا و لا یتجه لشی ء. و المبتور: المقطوع.
2- 2. لا ترخصوا أی لا تجعله رخیصا و الرخصة- بالضم-: التسهیل و التخفیف. و الادهان: المصانعة كالمداهنة أی المساهلة.
3- 3. الاس- بالتثلیث-: الاساس.
4- 4. النسی ء التأخیر.

نُورَ أَبْصَارِ الْقُلُوبِ (1)

وَ لَمْحُ الْعُیُونِ مَصَائِدُ الشَّیْطَانِ وَ مُجَالَسَةُ السُّلْطَانِ یُهَیِّجُ النِّیرَانَ- عِبَادَ اللَّهِ اصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّادِقِینَ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِیمَانِ وَ إِنَّ الصَّادِقَ عَلَی شَرَفِ مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ(2) وَ الْكَاذِبُ عَلَی شَفَا مَهْوَاةٍ وَ هَلَكَةٍ وَ قُولُوا الْحَقَّ تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَیْهَا وَ صِلُوا أَرْحَامَ مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَی مَنْ حَرَمَكُمْ وَ إِذَا عَاقَدْتُمْ فَأَوْفُوا وَ إِذَا حَكَمْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ إِذَا ظُلِمْتُمْ فَاصْبِرُوا وَ إِذَا أُسِی ءَ إِلَیْكُمْ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ یُعْفَی عَنْكُمْ وَ لَا تَفَاخَرُوا بِالْآبَاءِ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمانِ وَ لَا تَمَازَحُوا وَ لَا تَغَاضَبُوا وَ لَا تَبَاذَخُوا(3) وَ لا یَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ یُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ یَأْكُلَ لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً(4) وَ لَا تَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ یَأْكُلُ الْإِیمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَ لَا

تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ(5) وَ أَفْشُوا السَّلَامَ فِی الْعَالَمِ وَ رُدُّوا التَّحِیَّةَ عَلَی أَهْلِهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَ ارْحَمُوا الْأَرْمَلَةَ(6) وَ الْیَتِیمَ وَ أَعِینُوا الضَّعِیفَ وَ الْمَظْلُومَ وَ الْغارِمِینَ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ- وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ السَّائِلِینَ وَ فِی الرِّقابِ وَ الْمُكَاتَبَ وَ الْمَسَاكِینَ وَ انْصُرُوا الْمَظْلُومَ وَ أُعْطُوا الْفُرُوضَ-(7) وَ جاهِدُوا أَنْفُسَكُمْ

ص: 292


1- 1. الرمق: طول النظر الی الشی ء و فعله من باب قتل و اللمحة- بالفتح-: النظرة بالعجلة و النظرة الخفیفة أی و نظر العیون الیهن بنظر خفیف من حبائل الشیطان و مكائده.
2- 2. الشرف- بالتحریك-: العلو و المكان العالی. و المنجاة- بالفتح-: الباعث علی النجاة و یقال: الصدق منجاة أی منج. و شفا كل شی ء طرفه و جانبه. و المهواة: ما بین الجبلین و نحوه.
3- 3. التمازح: التداعب و التلاعب، و التباذخ: التفاخر.
4- 4. سورة الحجرات: 12.
5- 5. الحالقة: الخصلة السیئة التی تحلق أی تهلك كل خصلة حسنة.
6- 6. الارملة: الضعفاء. و یطلق أیضا علی المسكین و من لا أهل له و من ماتت زوجها.
7- 7. فی بعض النسخ« القروض».

فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ فَإِنَّهُ شَدِیدُ الْعِقَابِ وَ جَاهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ أَقْرُوا الضَّیْفَ (1) وَ أَحْسِنُوا الْوُضُوءَ وَ حافِظُوا عَلَی الصَّلَواتِ الْخَمْسِ فِی أَوْقَاتِهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ بِمَكَانٍ- وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ- فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِیمٌ (2) وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (3) وَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (4) وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْأَمَلَ یُذْهِبُ الْعَقْلَ وَ یُكَذِّبُ الْوَعْدَ وَ یَحُثُّ عَلَی الْغَفْلَةِ وَ یُورِثُ الْحَسْرَةَ فَاكْذِبُوا الْأَمَلَ فَإِنَّهُ غَرُورٌ وَ إِنَّ صَاحِبَهُ مَأْزُورٌ(5)

فَاعْمَلُوا فِی الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَغْبَةٌ فَاشْكُرُوا وَ اجْمَعُوا مَعَهَا رَغْبَةً فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَأَذَّنَ لِلْمُسْلِمِینَ بِالْحُسْنَی (6) وَ لِمَنْ شَكَرَ بِالزِّیَادَةِ- فَإِنِّی لَمْ أَرَ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا وَ لَا أَكْثَرَ مُكْتَسِباً مِمَّنْ كَسَبَهُ لِیَوْمٍ تُذْخَرُ فِیهِ الذَّخَائِرُ وَ تُبْلَی فِیهِ السَّرَائِرُ وَ إِنَّ مَنْ لَا یَنْفَعُهُ الْحَقُّ یَضُرُّهُ الْبَاطِلُ وَ مَنْ لَا یَسْتَقِیمُ بِهِ الْهُدَی (7) تَضُرُّهُ الضَّلَالَةُ وَ مَنْ لَا یَنْفَعُهُ الْیَقِینُ یَضُرُّهُ الشَّكُّ وَ إِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ (8) وَ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ- أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَیْكُمْ اثْنَانِ طُولُ الْأَمَلِ وَ اتِّبَاعُ الْهَوَی أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِانْقِلَاعٍ (9) أَلَا وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ آذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ.

ص: 293


1- 1. قری الضیف. أضافه.
2- 2. سورة البقرة: 153. و قوله:« تطوع» أی تبرع.
3- 3. سورة المائدة: 5.
4- 4. سورة آل عمران: 97.
5- 5. المأزور: الاثم- من وزر- و قیاسه موزور.
6- 6. الحسنی: العاقبة الحسنة.
7- 7. لانه لیس بین الهدی و الضلالة شی ء فان وراء الهدی ضلال كله. و فی النهج« و من لم یستقم به الهدی یجر به الضلال الی الردی».
8- 8. الظعن: الرحیل و الامر تكوینی و المراد بالزاد عمل الصالحات و ترك السیئات.
9- 9. آذنت أی أعلمت و اعلامها هو ما أودع فی طبیعتها من التقلب و التحول و من نظر. الیها یحصل له الیقین بفنائها. و الطلاع من أطلع علی فلان أی أشرف و أتاه و یفهم منه الإتیان بفجأة. و فی النهج« ان الدنیا قد آذنت بوداع و الآخرة قد أشرفت باطلاع ألا و ان الیوم المضمار و غدا السباق» و المضمار: الموضع الذی تضمر فیه الخیل. و تضمیره أن تربط و یكثر علفها و ماؤها حتّی تسمن ثمّ یقلل علفها و ماؤها و تجری فی المیدان حتّی تهزل و ذلك فی مدة أربعین یوما و هذه المدة أیضا تسمی المضمار. و السباق: المسابقة و اجراء الخیل فی مضمار فتسابق فیه. و السبقة- بفتح فسكون-: المرة من السبق- و بفتحتین-: الغایة المحبوبة التی یحب السابق أن یصل إلیها. و- بضم فسكون-: ما یتراهن علیه المتسابقون و هذا الكلام علی سبیل الاستعارة أی العمل فی الدنیا للاستباق فی الآخرة.

أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْیَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَداً أَلَا وَ إِنَّ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ وَ الْغَایَةَ النَّارُ أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی أَیَّامِ مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ (1) یَحُثُّهُ الْعَجَلُ فَمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عَمَلَهُ فِی أَیَّامِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ یَضُرَّهُ أَجَلُهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْمَلْ فِی أَیَّامِ مَهَلِهِ ضَرَّهُ أَمَلُهُ وَ لَمْ یَنْفَعْهُ عَمَلُهُ- عِبَادَ اللَّهِ افْزَعُوا إِلَی قِوَامِ دِینِكُمْ (2) بِإِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ فِی حِینِهَا وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخُشُوعِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ خَوْفِ الْمَعَادِ وَ إِعْطَاءِ السَّائِلِ وَ إِكْرَامِ الضَّعَفَةِ وَ الضَّعِیفِ (3) وَ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَ الْعَمَلِ بِهِ وَ صِدْقِ الْحَدِیثِ وَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَ ارْغَبُوا فِی ثَوَابِ اللَّهِ وَ ارْهَبُوا عَذَابَهُ وَ جَاهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ تَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْیَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ وَ اعْمَلُوا بِالْخَیْرِ تُجْزَوْا بِالْخَیْرِ یَوْمَ یَفُوزُ بِالْخَیْرِ مَنْ قَدَّمَ الْخَیْرَ أَقُولُ قَوْلِی وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

«3»- مِنْ مَنَاقِبِ ابْنِ الْجَوْزِیِ (4)، الْخُطْبَةُ الْمِنْبَرِیَّةُ

ص: 294


1- 1. المهل- بالفتح-: المهلة. و أیضا. الرفق. و فی النهج« أمل». أی الامل فی البقاء و استمرار الحیاة.
2- 2. الافزاع: الاخافة، الاغاثة و إزالة الفزع« ضد».
3- 3. فی بعض النسخ« الضعیفة و الضعیف».
4- 4. المصدر ص 70.

رَوَی مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْماً عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ أَحْمَدُهُ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَسْتَعِینُهُ وَ أَسْتَهْدِیهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ- ثُمَّ قَالَ أَیَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ وَ الْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمُ الْغَائِبَةُ عُقُولُهُمْ كَمْ أَدُلُّكُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ أَنْتُمْ تَنْفِرُونَ نُفُورَ الْمِعْزَی مِنْ وَعْوَعَةِ الْأَسَدِ هَیْهَاتَ أَنْ أُطْلِعَ بِكُمْ ذِرْوَةَ الْعَدْلِ أَوْ أُقِیمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ مِنِّی مُنَافَسَةٌ فِی سُلْطَانٍ وَ لَا الْتِمَاسُ فُضُولِ الْحُطَامِ وَ لَكِنْ لِأَرُدَّ الْمَعَالِمَ مِنْ دِینِكَ وَ أُظْهِرَ الصَّلَاحَ فِی بِلَادِكَ فَیَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَ تُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَ سَمِعَ فَأَجَابَ لَمْ یَسْبِقْنِی إِلَّا رَسُولُكَ اللَّهُمَّ لَا یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ الْوَالِی عَلَی الدِّمَاءِ وَ الْفُرُوجِ وَ الْمَغَانِمِ وَ الْأَحْكَامِ وَ مَعَالِمِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ إِمَامَةِ الْمُسْلِمِینَ وَ أُمُورِ الْمُؤْمِنِینَ الْبَخِیلَ لِأَنَّ تهمته [نَهْمَتَهُ] فِی جَمِیعِ الْأَمْوَالِ وَ لَا الْجَاهِلُ فَیَدُلَّهُمْ بِجَهْلِهِ عَلَی الضَّلَالِ وَ لَا الْجَافِی فُیَنَفِّرَهُمْ بِجَفَائِهِ وَ لَا الْخَائِفُ فَیَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ وَ لَا الْمُرْتَشِی فِی الْحُكْمِ فَیَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَ لَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَنِ فَیُؤَدِّیَ ذَلِكَ إِلَی الْفُجُورِ وَ لَا الْبَاغِی فَیُدْحِضَ الْحَقَّ وَ لَا الْفَاسِقُ فَیَشِینَ الشَّرْعَ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ مَاتَ وَ تَرَكَ امْرَأَةً وَ ابْنَتَیْنِ وَ أَبَوَیْنِ فَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبَوَیْنِ السُّدُسُ وَ لِلِابْنَتَیْنِ الثُّلُثَانِ قَالَ فَالْمَرْأَةُ قَالَ صَارَ ثُمُنُهَا تُسُعاً.

وَ هَذَا مِنْ أَبْلَغِ الْأَجْوِبَةِ.

«4»- خُطْبَةٌ(1)

وَ یُعْرَفُ بِالْبَالِغَةِ رَوَی ابْنُ أَبِی ذِئْبٍ عَنْ أَبِی صَالِحٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ: شَهِدْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَ هُوَ یَخْطُبُ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّهَا

ص: 295


1- 1. فی المصدر ص 72 و سنده هكذا« القرشیّ» عن علیّ بن الحسین علیه السلام عن عبد اللّٰه ابن صالح العجلیّ عن رجل من بنی شیبان قال».

النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ إِلَیْكُمْ رَسُولًا لِیُزِیحَ بِهِ عِلَّتَكُمْ وَ یُوقِظَ بِهِ غَفْلَتَكُمْ وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّكُمْ (1)

عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِیكُمُ الْآخِرَةَ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَإِنَّ الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَیِّتُونَ وَ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ وَ مُحَاسَبُونَ عَلَی أَعْمَالِكُمْ وَ مُجَازَوْنَ بِهَا- فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَإِنَّهَا دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَ بِالْعَنَاءِ وَ الْغَدْرِ مَوْصُوفَةٌ وَ كُلُّ مَا فِیهَا إِلَی زَوَالٍ وَ هِیَ بَیْنَ أَهْلِهَا دُوَلٌ وَ سِجَالٌ (2)

لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَ لَا یَسْلَمُ مِنْ شَرِّهَا نُزَّالُهَا بَیْنَا أَهْلُهَا مِنْهَا فِی رَخَاءٍ وَ سُرُورٍ إِذَا هُمْ فِی بَلَاءٍ وَ غُرُورٍ الْعَیْشُ فِیهَا مَذْمُومٌ وَ الرَّخَاءُ فِیهَا لَا یَدُومُ أَهْلُهَا فِیهَا أَهْدَافٌ وَ أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ(3) وَ كُلٌّ فِیهَا حَتْفُهُ مَقْدُورٌ وَ حَظُّهُ مِنْ نَوَائِبِهَا مَوْفُورٌ وَ أَنْتُمْ عِبَادَ اللَّهِ عَلَی مَحَجَّةِ مَنْ قَدْ مَضَی وَ سَبِیلِ مَنْ كَانَ ثُمَّ انْقَضَی (4)

مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَشَدَّ بَطْشاً وَ أَعْمَرَ دِیَاراً أَصْبَحَتْ أَجْسَادُهُمْ بَالِیَةً وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَیَّدَةِ وَ النَّمَارِقِ الْمُوَسَّدَةِ(5) بُطُونَ اللُّحُودِ وَ مُجَاوَرَةَ اللُّدُودِ فِی دَارٍ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ وَ مَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ بَیْنَ قَوْمٍ مُسْتَوْحِشِینَ مُتَجَاوِرِینَ غَیْرَ مُتَزَاوِرِینَ لَا یَسْتَأْنِسُونَ بِالْعُمْرَانِ وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِیرَانِ عَلَی مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ دُنُوِّ الدَّارِ- وَ كَیْفَ یَكُونُ بَیْنَهُمْ تَوَاصُلٌ وَ قَدْ طَحَنَتْهُمُ الْبِلَی وَ أَظَلَّتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ

ص: 296


1- 1. فی المصدر« فیضلكم».
2- 2. أی تارة لهم و تارة علیهم.
3- 3. زاد فی المصدر« و أسبابها مختلفة».
4- 4. فی المصدر« و اعلموا عباد اللّٰه أنكم و ما أنتم فیه من زهرة الدنیا علی سبیل من قد مضی- الخ» و جعل ما فی المتن نسخة.
5- 5. فی المصدر« و النمارق الموسدة الصخور و الاحجار فی القبور التی خرب فناؤها و تهدم بناؤها فمحلها مقترب و ساكنها مغترب إلخ». و المغترب: الظاعن.

الثَّرَی فَأَصْبَحُوا بَعْدَ الْحَیَاةِ أَمْوَاتاً وَ بَعْدَ غَضَارَةِ الْعَیْشِ رُفَاتاً قَدْ فُجِعَ بِهِمُ الْأَحْبَابُ وَ سَكَنُوا التُّرَابَ وَ ظَعَنُوا فَلَیْسَ لَهُمْ إِیَابٌ وَ تَمَنَّوُا الرُّجُوعَ فَ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ ما یَشْتَهُونَ- كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ (1).

وَ قَدْ أَخْرَجَ أَبُو نَعِیمٍ طَرَفاً مِنْ هَذِهِ الْخُطْبَةِ فِی كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْحِلْیَةِ.

«5»- خُطْبَةٌ(2)

فِی مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَكَرَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عُمَیْرٍ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ دَاحِیَ الْمَدْحُوَّاتِ (3) وَ دَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ وَ جَابِلَ الْقُلُوبِ عَلَی فِطْرَتِهَا شَقِیِّهَا وَ سَعِیدِهَا وَ غَوِیِّهَا وَ رَشِیدِهَا- اللَّهُمَّ وَ اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَ نَوَامِیَ بَرَكَاتِكَ عَلَی سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ حَبِیبِكَ الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ الْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ الْمُعْلِنِ بِالْحَقِّ النَّاطِقِ بِالصِّدْقِ الدَّافِعِ جَیْشَاتِ الْأَبَاطِیلِ (4)

وَ الدَّامِغِ هَیْشَاتِ الْأَضَالِیلِ

ص: 297


1- 1. زاد فی المصدر بعد قوله« یبعثون»« و كأنّ قد صرتم الی ما صاروا إلیه و قدمتم علی ما قدموا علیه فكیف بكم إذا تناهت الأمور و بعثر ما فی القبور و حصل ما فی الصدور ان ربهم بهم یومئذ لخبیر، و كأنی و اللّٰه بكم و قد وقفتم للتحصیل بین یدی الملك الجلیل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب و هبطت عنكم الحجب و الاستار و ظهرت العیوب و الاسرار، و زال الشك و الارتیاب هنالك تجزی كل نفس بما كسبت ان اللّٰه سریع الحساب جعلنا اللّٰه و إیّاكم عاملین بكتابه متبعین لسنة رسوله، حتی یحلنا دار المقامة من فضله، انه حمید مجید برحمته و كرمه».
2- 2. المصدر ص 74 و 75 و سنده هكذا« عبد اللّٰه بن أبی المجد، عن عبد الوهاب ابن المبارك، عن أحمد بن محمّد بن حداد، عن أبی بكر بن أحمد بن علیّ بن إبراهیم ابن منحویه، عن محمّد بن أحمد بن إسحاق، عن عبد اللّٰه بن سلیمان، عن الحسن بن عرفة عن عباد بن الحبیب، عن مجالد، عن سعید بن عمیر».
3- 3. أی باسط المبسوطات. و قوله« داعم المسموكات» أی مقیمها و حافظها. و قوله« جابل القلوب» أی خالقها.
4- 4. یأتی معنی الجیشات و الهیشات بعد تمام الخطبة.

فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ (1) مُسْتَوْفِزاً فِی مَرْضَاتِكَ غَیْرِ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ (2) وَ لَا وَاهٍ فِی عَزْمٍ مُرَاعِیاً لِعَهْدِكَ مُحَافِظاً لِوُدِّكَ حَتَّی أَوْرَی قَبَسَ الْقَابِسِ وَ أَضَاءَ الطَّرِیقَ لِلْخَابِطِ(3) وَ هُدِیَ بِهِ النَّاسُ بَعْدَ خَوْضِ الْفِتَنِ وَ الْآثَامِ وَ الْخَبَطِ فِی عَشْوِ الظُّلَامِ فَأَنَارَتْ نَیِّرَاتِ الْأَحْكَامِ بِارْتِفَاعِ الْأَعْلَامِ فَهُوَ أَمِینُكَ الْمَأْمُونُ وَ خَازِنُ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَ شَهِیدُ یَوْمِ الدِّینِ وَ حُجَّتُكَ عَلَی الْعَالَمِینَ وَ بَعِیثُكَ بِالْحَقِّ وَ رَسُولُكَ الصِّدْقُ إِلَی الْخَلْقِ اللَّهُمَّ فَافْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِی ظِلِّكَ وَ اجْزِهِ بِمُضَاعَفَاتِ الْخَیْرِ مِنْ فَضْلِكَ اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ فِی بَرْدِ الْعَیْشِ وَ قَرَارِ النِّعْمَةِ وَ مُنْتَهَی الرَّغْبَةِ وَ مُسْتَقَرِّ اللَّذَّةِ وَ مُنْتَهَی الطُّمَأْنِینَةِ وَ أَرْجَاءِ الدَّعَةِ وَ أَفْنَاءِ الْكَرَامَةِ.

الْقَدْمُ (4)

بِتَسْكِینِ الدَّالِ التَّقَدُّمُ وَ الْجَیْشَاتُ مِنْ جَاشَتِ الْقِدْرُ تَجِیشُ إِذَا غَلَتْ وَ الْهَیْشَاتُ الْجَمَاعَاتُ وَ هَاشُوا إِذَا تَحَرَّكُوا.

«6»- خُطْبَةٌ(5)

أُخْرَی فِی مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ خُطْبَةً بَلِیغَةً فِی مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی نَبِیِّهِ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُنْشِئَ الْمَخْلُوقَاتِ وَ یُبْدِعَ الْمَوْجُودَاتِ أَقَامَ الْخَلَائِقَ فِی صُورَةٍ

ص: 298


1- 1. فاضطلع أی نهض قویا و الضلاعة: القوّة. و المستوفز: المسارع المستعجل.
2- 2. الناكل: الناكص و المتأخر. أی غیر جبان یتأخر عند وجوب الاقدام. و الواهی: الضعیف.
3- 3. وری الزند- كوعی- و وری- كولی-: خرجت ناره، و اوریته و وریته و استوریته. و القبس شعلة من النار و القابس الذی یطلب النار. و الكلام تمثیل لنجاح طالب الحق ببلوغ طلبتهم منه و اشراق النفوس المستعدة لقبوله بما سطع من أنواره. و الخابط: الذی یسیر لیلا علی غیر الجادة.
4- 4. هذا من كلام صاحب المناقب.
5- 5. فی المصدر المطبوع ص 76 بزیادات و اختلاف.

وَاحِدَةٍ قَبْلَ دَحْوِ الْأَرْضِ وَ رَفْعِ السَّمَاوَاتِ ثُمَّ أَفَاضَ نُوراً مِنْ نُورِ عِزِّهِ فَلَمَعَ قَبَساً مِنْ ضِیَائِهِ وَ سَطَعَ ثُمَّ اجْتَمَعَ فِی تِلْكَ الصُّورَةِ وَ فِیهَا صُورَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1)

فَقَالَ لَهُ تَعَالَی أَنْتَ الْمُرْتَضَی الْمُخْتَارُ وَ فِیكَ مُسْتَوْدَعُ الْأَنْوَارِ مِنْ أَجْلِكَ أَضَعُ الْبَطْحَاءَ وَ أَرْفَعُ السَّمَاءَ وَ أُجْرِی الْمَاءَ وَ أَجْعَلُ الثَّوَابَ وَ الْعِقَابَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ أَنْصِبُ أَهْلَ بَیْتِكَ عَلَماً لِلْهِدَایَةِ وَ أُودِعُ فِیهِمْ أَسْرَارِی بِحَیْثُ لَا یَغِیبُ عَنْهُمْ دَقِیقٌ وَ لَا جَلِیلٌ وَ لَا یَخْفَی عَنْهُمْ خَفِیٌّ أَجْعَلُهُمْ حُجَّتِی عَلَی خَلِیقَتِی وَ أُسْكِنُ قُلُوبَهُمْ أَنْوَارَ عِزَّتِی وَ أُطْلِعُهُمْ عَلَی مَعَادِنِ جَوَاهِرِ خَزَائِنِی- ثُمَّ أَخَذَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمُ الشَّهَادَةَ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ الْإِقْرَارَ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ إِنَّ الْإِمَامَةَ فِیهِمْ وَ النُّورَ مَعَهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْفَی الْخَلِیقَةَ فِی غَیْبِهِ وَ غَیَّبَهَا فِی مَكْنُونِ عِلْمِهِ وَ نَصَبَ الْعَوَالِمَ وَ مَوَّجَ الْمَاءَ وَ أَثَارَ الزَّبَدَ وَ أَهَاجَ الدُّخَانَ فَطَفَا عَرْشُهُ عَلَی الْمَاءِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ أَنْوَارٍ أَبْدَعَهَا وَ أَنْوَاعٍ اخْتَرَعَهَا ثُمَّ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ فَأَكْمَلَهَا ثُمَّ قَرَنَ بِتَوْحِیدِهِ نُبُوَّةَ نَبِیِّهِ فَشَهِدَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْعَرْشُ وَ الْكُرْسِیُّ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ مَا فِی الْأَرْضِ بِالنُّبُوَّةِ وَ الْفَضِیلَةِ ثُمَّ خَلَقَ آدَمَ وَ أَبَانَ لِلْمَلَائِكَةِ فَضْلَهُ وَ أَرَاهُمْ مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ سَابِقِ الْعِلْمِ فَجَعَلَهُ مِحْرَاباً وَ قِبْلَةً لَهُمْ- فَسَجَدُوا لَهُ وَ عَرَفُوا حَقَّهُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَیَّنَ لِآدَمَ علیه السلام حَقِیقَةَ ذَلِكَ النُّورِ وَ مَكْنُونَ ذَلِكَ السِّرِّ فَأَوْدَعَهُ شَیْئاً وَ أَوْصَاهُ وَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ السِّرُّ فِی الْمَخْلُوقَاتِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ یَنْتَقِلُ مِنَ الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَةِ إِلَی الْأَرْحَامِ الزَّكِیَّةِ إِلَی أَنْ وَصَلَ إِلَی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَلْقَاهُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ صَانَهُ اللَّهُ عَنِ الْخَثْعَمِیَّةِ حَتَّی وَصَلَ إِلَی آمِنَةَ فَلَمَّا أَظْهَرَهُ اللَّهُ بِوَاسِطَةِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَدْعَی الْفُهُومَ إِلَی الْقِیَامِ بِحُقُوقِ ذَلِكَ السِّرِّ اللَّطِیفِ وَ نَدَبَ الْعُقُولَ إِلَی الْإِجَابَةِ لِذَلِكَ الْمَعْنَی الْمُودَعِ فِی الذَّرِّ قَبْلَ النَّسْلِ- فَمَنْ واقَفَهُ قَبَسٌ مِنْ لَمَحَاتِ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَی إِلَی السِّرِّ وَ انْتَهَی إِلَی الْعَهْدِ الْمُودَعِ فِی بَاطِنِ الْأَمْرِ وَ غَامِضِ الْعِلْمِ وَ مَنْ غَمَرَتْهُ الْغَفْلَةُ وَ شَغَلَتْهُ الْمِحْنَةُ عَشِیَ بَصَرُ قَلْبِهِ عَنْ إِدْرَاكِهِ فَلَا یَزَالُ ذَلِكَ النُّورُ یَنْتَقِلُ فِینَا أَهْلَ

ص: 299


1- 1. فی المصدر« و فیها هیئة نبیّنا صلی اللّٰه علیه و آله ».

الْبَیْتِ وَ یَتَشَعْشَعُ فِی غَرَائِزِنَا إِلَی أَنْ یَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَنَحْنُ أَنْوَارُ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ وَ مَحْضُ خَالِصِ الْمَوْجُودَاتِ وَ سُفُنُ النَّجَاةِ وَ فِینَا مَكْنُونُ الْعِلْمِ وَ إِلَیْنَا مَصِیرُ الْأُمُورِ وَ بِمَهْدِیِّنَا تَنْقَطِعُ الْحُجَجُ فَهُوَ خَاتَمُ الْأَئِمَّةِ وَ مُنْقِذُ الْأُمَّةِ وَ مُنْتَهَی النُّورِ وَ غَامِضُ السِّرِّ فَلْیَهْنَأْ مَنِ اسْتَمْسَكَ بِعُرْوَتِنَا وَ حُشِرَ عَلَی مَحَبَّتِنَا.

«7»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ(1)،

وَ مِنْ كِتَابِ عُیُونِ الْحِكْمَةِ وَ الْمَوَاعِظِ لِعَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ مِنْ خُطَبِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ وَ لَا یُحْصِی نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ وَ لَا یُؤَدِّی حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ- الَّذِی لَا یُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا یَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ (2)

الَّذِی لَیْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَ لَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ وَ لَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ فَطَرَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ وَ نَشَرَ الرِّیَاحَ بِرَحْمَتِهِ وَ وَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَیَدَانَ أَرْضِهِ أَوَّلُ الدِّینِ مَعْرِفَتُهُ وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِیقُ بِهِ وَ كَمَالُ التَّصْدِیقِ بِهِ تَوْحِیدُهُ وَ كَمَالُ تَوْحِیدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْیُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَیْرُ الْمَوْصُوفِ وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَیْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَیْهِ (3) وَ مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَ مَنْ قَالَ فِیمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَ مَنْ قَالَ عَلَامَ فَقَدْ أَخْلَی مِنْهُ- كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ مَعَ كُلِّ شَیْ ءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَیْرُ كُلِّ شَیْ ءٍ لَا بِمُزَایَلَةٍ فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَی الْحَرَكَاتِ وَ الْآلَةِ بَصِیرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ یَسْتَأْنِسُ بِهِ وَ لَا یَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَ ابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً بِلَا رَوِیَّةٍ أَجَالَهَا وَ لَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا

ص: 300


1- 1. الخطبة الأولی. و كتاب عیون الحكمة مخطوط.
2- 2. الفطن: جمع فطنة. و غوصها: استغراقها فی بحر المعقولات.
3- 3. هذه الجملة لیست فی غیر واحد من النسخ المخطوطة العتیقة و لا فی شرحی ابن میثم و ابن أبی الحدید. و الظاهر أنّها زیادة من النسّاخ و فی البحار الطبع المعروف بكمبانیّ خط علیها الكاتب بعد ما كتبها. و لیس لها معنی مستقیما صحیحا الا بتكلف.

وَ لَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا وَ لَا هَمَامَةِ نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِیهَا(1) أَحَالَ الْأَشْیَاءَ لِأَوْقَاتِهَا وَ لَاءَمَ بَیْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وَ غَرَّزَ غَرَائِزَهَا وَ أَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا(2) عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا مُحِیطاً بِحُدُودِهَا وَ انْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحْنَائِهَا(3) ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ وَ شَقَّ الْأَرْجَاءِ وَ سَكَائِكَ الْهَوَاءِ فَأَجْرَی (4)

فِیهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَیَّارُهُ (5) مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ حَمَلَهُ عَلَی مَتْنِ الرِّیحِ الْعَاصِفَةِ وَ الزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ وَ سَلَّطَهَا عَلَی شَدِّهِ وَ قَرَنَهَا إِلَی حَدِّهِ الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِیقٌ وَ الْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِیقٌ ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِیحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا وَ أَدَامَ مُرَبَّهَا(6)

وَ أَعْصَفَ مَجْرَاهَا وَ أَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِیقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ وَ إِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ(7)

وَ عَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ أَوَّلَهُ إِلَی آخِرِهِ- وَ سَاجِیَهُ إِلَی مَائِرِهِ حَتَّی عَبَّ عُبَابُهُ (8) وَ رَمَی بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ فَرَفَعَهُ فِی هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ وَ جَوٍّ مُنْفَهِقٍ (9)

ص: 301


1- 1. همامة نفس- بالفتح- اهتمامها بالامور و قصدها إلیه و الاضطراب الحركة و الحركة فی الهمامة الانتقال من رأی الی رأی. و الاحالة بمعنی التحویل و النقل.
2- 2. الاشباح: الاشخاص.
3- 3. الاحناء جمع حنو- بالكسر- أی الجانب و فی كلامه علیه السلام دلالة علی جواز اطلاق العارف علیه سبحانه.
4- 4. السكاكة- بالضم- الهواء الملاقی أعناق السماء جمعها سكائك.
5- 5. التیار: الموج. و المتراكم: ما یكون بعضها فوق بعض، و الزخار الشدید الزخر أی الامتداد و الارتفاع.
6- 6. أی جعل هبوبها عقیما و الریح العقیم التی لا تلقح سحابا و لا شجرا و كذلك كانت تلك الریاح. و المرب مصدر میمی من أرب بالمكان مثل ألبّ به ای لازمه« فادام مربها» ای ملازمتها او ان ادام من ادمت الدلو ملاتها. و المرب. بكسر اوله المكان و المحل.
7- 7. التصفیق: التحریك. و مخضته: حركته بشدة.
8- 8. الساجی: الساكن. و المائر: الذی یذهب و یجی ء او المتحرك مطلقا. و عب ای ارتفع؛ و العباب بالضم معظم الماء و كثرته و ارتفاعه. و الركام: ثبجه و ما تراكم منه بعضه علی بعض.
9- 9. الانفهاق: الاتساع.

فَسَوَّی مِنْهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ جَعَلَ سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً وَ(1)

عُلْیَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ سَمْكاً مَرْفُوعاً بِغَیْرِ عَمَدٍ یَدْعَمُهَا وَ لَا دِسَارٍ یَنْتَظِمُهَا(2)

ثُمَّ زَیَّنَهَا بِزِینَةِ الْكَوَاكِبِ وَ ضِیَاءِ الثَّوَاقِبِ (3)

وَ أَجْرَی فِیهَا سِرَاجاً مُسْتَطِیراً وَ قَمَراً مُنِیراً فِی فَلَكٍ دَائِرٍ وَ سَقْفٍ سَائِرٍ وَ رَقِیمٍ مَائِرٍ(4) ثُمَّ فَتَقَ مَا بَیْنَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَی فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا یَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا یَنْتَصِبُونَ وَ صَافُّونَ لَا یَتَزَایَلُونَ وَ مُسَبِّحُونَ لَا یَسْأَمُونَ (5)

لَا یَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُیُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْیَانِ وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَی وَحْیِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَی رُسُلِهِ وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ- وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِی الْأَرَضِینَ السُّفْلَی أَقْدَامُهُمْ وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْیَا أَعْنَاقُهُمْ وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ (6)

مَضْرُوبَةٌ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ لَا یَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِیرِ وَ لَا یُجْرُونَ عَلَیْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِینَ وَ لَا یَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ وَ لَا یُشِیرُونَ إِلَیْهِ بِالنَّظَائِرِ.

وَ مِنْهَا فِی صِفَةِ خَلْقِ آدَمَ علیه السلام: ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الْأَرْضِ (7)

وَ سَهْلِهَا وَ عَذْبِهَا وَ سَبَخِهَا تُرْبَةً سَنَّهَا بِالْمَاءِ

ص: 302


1- 1. المكفوف: الممنوع من السیلان.
2- 2. یدعمها ای یسندها و یحفظها من السقوط. و الدسار: المسمار او الخیوط تشد بها الواح السفینة من لیف و نحوه.
3- 3. الثواقب: المنیرة المشرقة.
4- 4. مستطیرا ای منتشر الضیاء و هو الشمس. و الرقیم: اسم من أسماء الفلك او هو الكهكشان لانه مرقوم بالكواكب. و المائر المتحرك.
5- 5. سجود جمع ساجد و كذا ركوع. سئم من الشی ء مل منه.
6- 6. متلفعون من تلفت بالثوب ای التحفت به.
7- 7. الحزن بالفتح فالسكون: المكان الغلیظ الخشن كالجبل. و السبخ ما ملح من الأرض.

حَتَّی خَلَصَتْ (1)

وَ لَاطَهَا بِالْبِلَّةِ حَتَّی لَزَبَتْ (2)

فَجَبَلَ مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ وَ وُصُولٍ (3)

وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ أَجْمَدَهَا حَتَّی اسْتَمْسَكَتْ وَ أَصْلَدَهَا حَتَّی صَلْصَلَتْ (4) لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ وَ أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ نَفَخَ فِیهَا مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ یُجِیلُهَا وَ فِكَرٍ یَتَصَرَّفُ بِهَا وَ جَوَارِحَ یَخْتَدِمُهَا(5)

وَ أَدَوَاتٍ یُقَلِّبُهَا وَ مَعْرِفَةٍ یَفْرُقُ بِهَا بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ الْأَذْوَاقِ وَ الْمَشَامِّ وَ الْأَلْوَانِ وَ الْأَجْنَاسِ مَعْجُوناً بِطِینَةِ الْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ وَ الْأَضْدَادِ الْمُتَعَادِیَةِ وَ الْأَخْلَاطِ الْمُتَبَایِنَةِ مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ الْبِلَّةِ وَ الْجُمُودِ وَ الْمَسَاءَةِ وَ السُّرُورِ- وَ اسْتَأْدَی اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلَائِكَةَ وَدِیعَتَهُ لَدَیْهِمْ (6) وَ عَهَدَ وَصِیَّتَهُ إِلَیْهِمْ فِی الْإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ وَ الْخُشُوعِ لِتَكْرِمَتِهِ- فَقَالَ سُبْحَانَهُ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ وَ قَبِیلَهُ اعْتَرَتْهُ الْحَمِیَّةُ وَ غَلَبَتْ عَلَیْهِ الشِّقْوَةُ وَ تَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ وَ اسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ وَ اسْتِتْمَاماً لِلْبَلِیَّةِ وَ إِنْجَازاً لِلْعِدَةِ فَقَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (7).

ص: 303


1- 1. سن الماء: صبه من غیر تفریق و اما الصب المتفرق فهو الشن بالمعجمة. و خلصت ای صارت طینة خالصة. و فی بعض النسخ من النهج« حتی خضلت بتقدیم الضاد المعجمة علی اللام ای ابتلت.
2- 2. لاطها ای خلطها و عجنها. و لزبت- بفتح الزای- ای التصقت و ثبتت.
3- 3. الوصول الفصول باعتبار.
4- 4. اصلدها ای جعلها صلبة. و الصلد من الحجر الصلب الاملس. و قیل صلبت حتّی تسمع لها صلصلة إذا هبت علیها ریاح فلذلك سماه اللّٰه الصلصال.
5- 5. أی یجعلها فی مآربه و اوطارها كالخدم الذین تستعملهم فی خدمتك.
6- 6. أی طلب منها أداءها.
7- 7. ص: 81 و 82.

«8»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (1): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی بَطَنَ خَفِیَّاتِ الْأَمُوُرِ(2) وَ دَلَّتْ عَلَیْهِ أَعْلَامُ الظُّهُورِ وَ امْتَنَعَ عَلَی عَیْنِ الْبَصِیرِ فَلَا قَلْبُ مَنْ لَمْ یَرَهُ یُنْكِرُهُ وَ لَا عَیْنُ مَنْ أَثْبَتَهُ تُبْصِرُهُ سَبَقَ فِی الْعُلُوِّ فَلَا شَیْ ءَ أَعْلَی مِنْهُ وَ قَرُبَ فِی الدُّنُوِّ فَلَا شَیْ ءَ أَقْرَبُ مِنْهُ فَلَا اسْتِعْلَاؤُهُ بَاعَدَهُ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ فِی الْمَكَانِ بِهِ لَمْ یُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَی تَحْدِیدِ صِفَتِهِ وَ لَمْ یَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِهِ فَهُوَ الَّذِی تَشْهَدُ لَهُ أَعْلَامُ الْوُجُودِ عَلَی إِقْرَارِ قَلْبِ ذِی الْجُحُودِ(3)

تَعَالَی اللَّهُ عَمَّا یَقُولُ الْمُشَبِّهُونَ بِهِ وَ الْجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً كَبِیراً.

«9»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (4): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالًا(5)

فَیَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ یَكُونَ آخِراً وَ یَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ یَكُونَ بَاطِناً(6) وَ كُلُّ مُسَمًّی بِالْوَحْدَةِ غَیْرُهُ قَلِیلٌ (7) وَ كُلُّ عَزِیزٍ غَیْرُهُ ذَلِیلٌ وَ كُلُّ قَوِیٍّ غَیْرُهُ ضَعِیفٌ وَ كُلُّ مَالِكٍ غَیْرُهُ مَمْلُوكٌ وَ كُلُّ

عَالِمٍ غَیْرُهُ مُتَعَلِّمٌ وَ كُلُّ قَادِرٍ غَیْرُهُ یَقْدِرُ وَ یعجزه [یَعْجِزُ] وَ كُلُّ سَمِیعٍ غَیْرُهُ یَصَمُّ عَنْ لَطِیفِ الْأَصْوَاتِ وَ یُصِمُّهُ كَبِیرُهَا وَ یَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا- وَ كُلُّ بَصِیرٍ غَیْرُهُ یَعْمَی عَنْ خَفِیِّ الْأَلْوَانِ وَ لَطِیفِ الْأَجْسَامِ وَ كُلُّ ظَاهِرٍ غَیْرُهُ غَیْرُ بَاطِنٍ وَ كُلُّ بَاطِنٍ غَیْرُهُ غَیْرُ ظَاهِرٍ، لَمْ یَخْلُقْ

ص: 304


1- 1. النهج تحت رقم 49.
2- 2. بطنت الامر أی عرفت باطنه.
3- 3. الجحود: الانكار مع العلم، و ظاهر الكلام أن انكار الجاحد مقصور علی اللسان و لا ینكر أحد وجود الصانع بالقلب لظهور الأدلة.
4- 4. النهج تحت رقم 63.
5- 5. لانه سبحانه لیس زمانیا و كذلك صفاته التی هی عین ذاته فلا یلحقها التقدّم و التأخر.
6- 6. أی العالم ببواطن الأشیاء.
7- 7. أی متصف بالقلة. و وصف غیره سبحانه بالوحدة تقلیل له و فی ذاته تعالی مشعر بعلو الذات عن التركیب المشعر بلزوم الانحلال و تفردها بالعظمة و السلطان.

مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِیدِ سُلْطَانٍ وَ لَا تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ وَ لَا اسْتِعَانَةٍ عَلَی نِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لَا شَرِیكٍ مُكَاثِرٍ(1)

وَ لَا ضِدٍّ مُنَافِرٍ وَ لَكِنْ خَلَائِقُ مَرْبُوبُونَ وَ عِبَادٌ دَاخِرُونَ لَمْ یَحْلُلْ فِی الْأَشْیَاءِ فَیُقَالَ هُوَ فِیهَا كَائِنٌ وَ لَمْ یَنْأَ عَنْهَا فَیُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ لَمْ یَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ(2)

وَ لَا تَدْبِیرُ مَا ذَرَأَ وَ لَا وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ وَ لَا وَلَجَتْ عَلَیْهِ شُبْهَةٌ فِیمَا قَضَی وَ قَدَّرَ بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ وَ عِلْمٌ مُحْكَمٌ وَ أَمْرٌ مُبْرَمٌ (3) الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ.

«10»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (4): الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَیْرِ رُؤْیَةٍ وَ الْخَالِقِ مِنْ غَیْرِ رَوِیَّةٍ(5)

الَّذِی لَمْ یَزَلْ قَائِماً دَائِماً إِذْ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ وَ لَا لَیْلٌ دَاجٍ وَ لَا بَحْرٌ سَاجٍ (6)

وَ لَا جَبَلٌ ذُو فِجَاجٍ وَ لَا فَجٌّ ذُو اعْوِجَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ(7) وَ لَا خَلْقٌ ذُو اعْتِمَادٍ ذَلِكَ مُبْتَدِعُ الْخَلْقِ وَ وَارِثُهُ وَ إِلَهُ الْخَلْقِ وَ رَازِقُهُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ دَائِبَانِ فِی مَرْضَاتِهِ یُبْلِیَانِ (8)

كُلَّ جَدِیدٍ وَ یُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِیدٍ قَسَّمَ أَرْزَاقَهُمْ وَ أَحْصَی آثَارَهُمْ وَ أَعْمَالَهُمْ- وَ عَدَدَ أَنْفَاسِهِمْ وَ خَائِنَةَ أَعْیُنِهِمْ وَ مَا تُخْفِی صُدُورُهُمْ مِنَ

ص: 305


1- 1. الند المثل و النظیر. و المثاور: المواثب و المحارب. و الشریك المكاثر أی المفاخر بالكثرة و الذی یرید الغلبة بالكثرة. و المنافرة أیضا المفاخرة.
2- 2. آده الامر أی أثقله.
3- 3. أبرم الحبل أی جعله طاقین ثمّ قتله.
4- 4. النهج تحت رقم 88.
5- 5. الرویة الفكر و امعان النظر.
6- 6. الارتاج جمع رتج- بالتحریك- أی الباب العظیم. و الداجی: المظلم. و الساجی: الساكن. و الفجاج: جمع فج و هو الطریق الواسع بین جبلین.
7- 7. المهاد- ككتاب-: الفراش.
8- 8. دئب عمله إذا جد و تعب. و ابلاؤهما كل جدید انه یبلی بمضی الأیّام و الشهور و كذلك تقریبهما كل بعید.

الضَّمِیرِ وَ مُسْتَقَرَّهُمْ وَ مُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الْأَرْحَامِ وَ الظُّهُورِ إِلَی أَنْ تَتَنَاهَی بِهِمُ الْغَایَاتُ- هُوَ الَّذِی اشْتَدَّتْ نَقِمَتُهُ عَلَی أَعْدَائِهِ فِی سَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ اتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ لِأَوْلِیَائِهِ فِی شِدَّةِ نَقِمَتِهِ قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ وَ مُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّهُ وَ مُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ (1) وَ غَالِبُ مَنْ عَادَاهُ وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ كَفَاهُ وَ مَنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ مَنْ أَقْرَضَهُ قَضَاهُ وَ مَنْ شَكَرَهُ جَزَاهُ.

«11»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (2): الْحَمْدُ لِلَّهِ خَالِقِ الْعِبَادِ وَ سَاطِحِ الْمِهَادِ وَ مُسِیلِ الْوِهَادِ(3)

وَ مُخْصِبِ النِّجَادِ لَیْسَ لِأَوَّلِیَّتِهِ ابْتِدَاءٌ وَ لَا لِأَزَلِیَّتِهِ انْقِضَاءٌ هُوَ الْأَوَّلُ لَمْ یَزَلْ وَ الْبَاقِی بِلَا أَجَلٍ خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ وَ وَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ حَدَّ الْأَشْیَاءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا إِبَانَةً لَهُ مِنْ شَبَهِهَا لَا تُقَدِّرُهُ الْأَوْهَامُ بِالْحُدُودِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ لَا بِالْجَوَارِحِ وَ الْأَدَوَاتِ- لَا یُقَالُ لَهُ مَتَی وَ لَا یُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ بِحَتَّی- الظَّاهِرُ لَا یُقَالُ لَهُ مِمَّا وَ الْبَاطِنُ لَا یُقَالُ فِیمَا- لَا شَبَحٌ فَیَتَقَضَّی (4) وَ لَا مَحْجُوبٌ فَیُحْوَی لَمْ یَقْرُبْ مِنَ الْأَشْیَاءِ بِالْتِصَاقٍ وَ لَمْ یَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ(5)

وَ لَا كُرُورُ لَفْظَةٍ وَ لَا ازْدِلَافُ رَبْوَةٍ(6)

وَ لَا

ص: 306


1- 1. عازه فعزنی أی غالبنی فغلبنی أی قهر من رام مشاركته فی شی ء من عزته. و و التدمیر الاهلاك. و ناواه أی باعده و عاداه و خالفه.
2- 2. النهج تحت رقم 161.
3- 3. الوهاد جمع وهدة و هی الأرض المنخفضة. و ساطح المهاد أی جاعله سطحا سهلا. و النجاد: جمع نجد ما ارتفع منها. و تسییل الوهاد بمیاه الامطار و تخصیب النجاد بانواع النبات.
4- 4. أی لیس بجسم حتّی یتطرق إلیه الفناء. و قوله« و لا محجوب فیحوی» المحجوب الذی ستره جسم فیكون الساتر حاویا له.
5- 5. أی امتداد بصر بلا حركة من جفن.
6- 6. ازدلاف الربوة: تقربها من النظر. أی تقدمها فی النظر فان الربوة أول ما یقع فی العین من الأرض عند مد البصر.

انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ فِی لَیْلٍ دَاجٍ وَ لَا غَسَقٍ سَاجٍ یَتَفَیَّأُ عَلَیْهِ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ(1)

وَ تَعَقَّبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ(2) فِی الْأُفُولِ وَ الْكُرُورِ(3)

وَ تَقَلُّبِ الْأَزْمِنَةِ وَ الدُّهُورِ مِنْ إِقْبَالِ لَیْلٍ مُقْبِلٍ وَ إِدْبَارِ نَهَارٍ مُدْبِرٍ(4) قَبْلَ كُلِّ غَایَةٍ وَ مُدَّةٍ وَ كُلِّ إِحْصَاءٍ وَ عِدَّةٍ تَعَالَی عَمَّا یَنْحَلُهُ الْمُحَدِّدُونَ مِنْ صِفَاتِ الْأَقْدَارِ(5)

وَ نِهَایَاتِ الْأَقْطَارِ وَ تَأَثُّلِ الْمَسَاكِنِ (6)

وَ تَمَكُّنِ الْأَمَاكِنِ فَالْحَدُّ لِخَلْقِهِ مَضْرُوبٌ وَ إِلَی غَیْرِهِ مَنْسُوبٌ لَمْ یَخْلُقِ الْأَشْیَاءَ مِنْ أُصُولٍ أَزَلِیَّةٍ وَ لَا مِنْ أَوَائِلَ أَبَدِیَّةٍ(7) بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ فَأَقَامَ حَدَّهُ (8) وَ صَوَّرَ مَا صَوَّرَ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ- لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْهُ امْتِنَاعٌ وَ لَا لَهُ بِطَاعَةِ شَیْ ءٍ انْتِفَاعٌ عِلْمُهُ بِالْأَمْوَاتِ الْمَاضِینَ كَعِلْمِهِ بِالْأَحْیَاءِ الْبَاقِینَ وَ عِلْمُهُ بِمَا فِی السَّمَاوَاتِ الْعُلَی كَعِلْمِهِ بِمَا فِی الْأَرَضِینَ السُّفْلَی.

«12»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (9): لَا یَشْغَلُهُ شَأْنٌ وَ لَا یُغَیِّرُهُ زَمَانٌ وَ لَا یَحْوِیهِ مَكَانٌ وَ لَا یَصِفُهُ لِسَانٌ وَ لَا یَعْزُبُ عَنْهُ عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ(10)

وَ لَا نُجُومِ السَّمَاءِ وَ لَا سَوَافِی الرِّیحِ فِی الْهَوَاءِ وَ لَا دَبِیبُ النَّمْلِ

ص: 307


1- 1. أصل التفیؤ للظل نسخ نور الشمس، و لما كان الظلام باللیل عاما كالضیاء بالنهار عبر عن نسخ نور القمر له بالتفیؤ، تشبیها له بنسخ الظل لضیاء الشمس.
2- 2. الضمیر فی تعقبه راجع الی القمر و یحتمل ان یعود الی الفسق فان الشمس تسوقه من موضع الی موضع.
3- 3. الافول: المغیب. و الكرور: الرجوع بالشروق.
4- 4. الغرض بیان علمه تعالی بالجزئیات و أنّه لا یغیب عنه شی ء.
5- 5. أی عما ینسبه المحددون لذاته و المعرفون لها.« من صفات الاقدار» جمع قدر- بسكون الدال- و هو حال الشی ء من الطول و العرض و العمق و الصغر و الكبر. قوله: « نهایات الاقطار» أی نهایة الابعاد الثلاثة.
6- 6. التأثل: التأصل.
7- 7. فی قوله علیه السلام هذا إشارة الی ابطال القول بان الأعیان الثابتات مندرجة فی غیب الذات اندراج الشجرة فی النواة و اللوازم فی الملزومات.
8- 8. و اقامة حدّ الأشیاء: إتقان الحدود علی وفق الحكمة من المقادیر و الاشكال. و النهایات و الآجال.
9- 9. النهج تحت رقم 176.
10- 10. لا یعزب أی لا یخفی.

عَلَی الصَّفَا(1)

وَ لَا مَقِیلُ الذَّرِّ فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ یَعْلَمُ مَسَاقِطَ الْأَوْرَاقِ وَ خَفِیَّ طَرْفِ الْأَحْدَاقِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَیْرَ مَعْدُولٍ بِهِ (2) وَ لَا مَشْكُوكٍ فِیهِ وَ لَا مَكْفُورٍ دِینُهُ وَ لَا مَجْحُودٍ تَكْوِینُهُ شَهَادَةَ مَنْ صَدَقَتْ نِیَّتُهُ وَ صَفَتْ دِخْلَتُهُ (3) وَ خَلَصَ یَقِینُهُ وَ ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ.

«13»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (4): فَمِنْهَا لَمْ یُولَدْ سُبْحَانَهُ فَیَكُونَ فِی الْعِزِّ مُشَارَكاً وَ لَمْ یَلِدْ فَیَكُونَ مَوْرُوثاً هَالِكاً وَ لَمْ یَتَقَدَّمْهُ وَقْتٌ وَ لَا زَمَانٌ وَ لَمْ یَتَعَاوَرْهُ زِیَادَةٌ وَ لَا نُقْصَانٌ بَلْ ظَهَرَ لِلْعُقُولِ بِمَا أَرَانَا مِنْ عَلَامَاتِ التَّدْبِیرِ الْمُتْقَنِ وَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ (5)

فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ مُوَطَّدَاتٍ بِلَا عَمَدٍ(6)

قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ غَیْرَ مُتَلَكِّئَاتٍ وَ لَا مُبْطِئَاتٍ (7) وَ لَوْ لَا إِقْرَارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ إِذْعَانُهُنَّ بِالطَّوَاعِیَةِ(8)

لَمَا جَعَلَهُنَ

ص: 308


1- 1. السوافی الریح جمع سافیة من سفت الریح التراب و الورق أی حملته. و الصفا مقصورا- جمع صفاة- و هی الحجر الاملس. و الذر صغار النمل و الذرة واحدة منها، و مقیلها محل استراحتها، و التخصیص بالصفا لعدم التأثیر بالدبیب كالتراب اذ یمكن فی التراب و نحوه ان یعلم الدییب بالاثر.
2- 2. عدل باللّٰه أی جعل له عدیلا و نظیرا.
3- 3. الدخلة- بالكسر و الضم- باطن الامر.
4- 4. النهج تحت رقم 180.
5- 5. تعاور القوم أی اختلفوا و تناوبوا. و تعاور الزیادة و النقصان من لواحق الإمكان و لما كان نفی الأمور المذكورة مستلزما لنفی الإمكان و الجسمیة أضرب علیه السلام عن ظهوره سبحانه علی حذو الجسمانیات و الممكنات بظهوره بالآثار و الآیات البینات للعقول لا الحواس و الآلات. و التدبیر فی حقه سبحانه كون أفعاله علی وفق الحكمة و المصلحة لا اجالة الفكر و الرویة و المبرم: المحكم.
6- 6. وطدت الأرض كوعدت أطدها إذا اثبتها بالوطء و غیرها حتّی تتصلب. و توطید السماوات احكام خلقها و اقامتها فی مقامها علی وفق الحكمة.
7- 7. تلكأ: توقف وزنا و معنی.
8- 8. الطواعیة- كثمانیة: الطاعة.

مَوْضِعاً لِعَرْشِهِ وَ لَا مَسْكَناً لِمَلَائِكَتِهِ وَ لَا مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّیِّبِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ خَلْقِهِ جَعَلَ نُجُومَهَا أَعْلَاماً یَسْتَدِلُّ بِهِ الْحَیْرَانُ فِی مُخْتَلِفِ فِجَاجِ الْأَقْطَارِ لَمْ یَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِهَا ادْلِهْمَامُ سُجُفِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ (1)

وَ لَا اسْتَطَاعَتْ جَلَابِیبُ سَوَادِ الْحَنَادِسِ (2)

أَنْ تَرُدَّ مَا شَاعَ فِی السَّمَاوَاتِ مِنْ تَلَأْلُؤِ نُورِ الْقَمَرِ- فَسُبْحَانَ مَنْ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ سَوَادُ غَسَقٍ دَاجٍ وَ لَا لَیْلٍ سَاجٍ فِی بِقَاعِ الْأَرَضِینَ الْمُتَطَأْطِئَاتِ وَ لَا فِی یَفَاعِ السُّفْعِ الْمُتَجَاوِرَاتِ (3) وَ مَا یَتَجَلْجَلُ بِهِ الرَّعْدُ فِی أُفُقِ السَّمَاءِ وَ مَا تَلَاشَتْ عَنْهُ بُرُوقُ الْغَمَامِ (4)

وَ مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ تُزِیلُهَا عَنْ مَسْقَطِهَا عَوَاصِفُ الْأَنْوَاءِ وَ انْهِطَالُ السَّمَاءِ(5) وَ یَعْلَمُ مَسْقَطَ الْقَطْرَةِ وَ مَقَرَّهَا وَ مَسْحَبَ

ص: 309


1- 1. ادلهمام الظلمة كثافتها و شدتها، و اسود مدلهم مبالغة. و السجف- بالكسر- الستر كالسجف بالفتح.
2- 2. جلابیب جمع جلباب- بالكسر- ثوب واسع تغطی به المرأة ثیابها من فوق كالملحفة و قیل هو الخمار. و الحنادس جمع حندس- بكسر الحاء- اللیل المظلم.
3- 3. طأطأ رأسه أی خفضه فتطأطأ أی تواضع و انحنی و وصف الأرضین بالمتطأطئات لكونها موطأ للاقدام و تحت السماوات. و الیفاع: التل او مطلق مرتفع الأرض. و السفع جمع سفعاء: السواد تضرب الی الحمرة و المراد الجبال، و الغرض احاطة علمه بالسافل و العالی.
4- 4. الجلجلة: صوت الرعد. و تلاشت أی اضمحلت أی یعلم ما یصوت به الرعد و ما یضمحل عنه البرق.
5- 5. العواصف الریاح الشدیدة. و الانواء جمع نوء- بالفتح- و هی ثمان و عشرون منزلة ینزل القمر كل لیلة فی منزلة منها. و یسقط فی المغرب كل ثلاث عشرة لیلة منزلة مع طلوع الفجر و تطلع اخری مقابلتها ذلك الوقت فی المشرق فینقضی جمیعها مع انقضاء السنة. و كانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة و طلوع رقیبها یكون مطر و ینسبونه إلیها فیقولون مطرنا بنوء كذا، و انما سمی نوعا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق أی نهض و طلع. و قیل: المراد بالنوء الغروب و هو من الاضداد؛ و إضافة العواصف الی الانواء من الإضافة الی الظرف لكثرة هبوب العواصف فی أوقات الانواء علی مجری العادة. لا لتاثیر النوء فی الریاح و الامطار كما كانت تزعمه العرب و كانوا یقولون مطرنا بنوء كذا. و هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظیم القطر. و انهطال المطر تتابعه. و المراد بالسماء هنا المطر.

الذَّرَّةِ وَ مَجَرَّهَا(1) وَ مَا یَكْفِی الْبَعُوضَةَ مِنْ قُوتِهَا وَ مَا تَحْمِلُ الْأُنْثَی فِی بَطْنِهَا- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَائِنِ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ كُرْسِیٌّ أَوْ عَرْشٌ أَوْ سَمَاءٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ جَانٌّ أَوْ إِنْسٌ لَا یُدْرَكُ بِوَهْمٍ وَ لَا یُقَدَّرُ بِفَهْمٍ وَ لَا یَشْغَلُهُ سَائِلٌ وَ لَا یَنْقُصُهُ نَائِلٌ وَ لَا یَنْظُرُ بِعَیْنٍ وَ لَا یُحَدُّ بِأَیْنٍ وَ لَا یُوصَفُ بِالْأَزْوَاجِ وَ لَا یُخْلَقُ بِعِلَاجٍ وَ لَا یُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا یُقَاسُ بِالنَّاسِ- الَّذِی كَلَّمَ مُوسَی تَكْلِیماً وَ أَرَاهُ مِنْ آیَاتِهِ عَظِیماً بِلَا جَوَارِحَ وَ لَا أَدَوَاتٍ وَ لَا نُطْقٍ وَ لَا لَهَوَاتٍ (2) بَلْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً أَیُّهَا الْمُتَكَلِّفُ لِوَصْفِ رَبِّكَ فَصِفْ جَبْرَئِیلَ أَوْ مِیكَائِیلَ وَ جُنُودَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِینَ فِی حُجُرَاتِ الْقُدُسِ مُرْجَحِنِّینَ مُتَوَلِّهَةً عُقُولُهُمْ (3) أَنْ یَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقِینَ وَ إِنَّمَا یُدْرَكُ بِالصِّفَاتِ ذَوُو الْهَیْئَاتِ وَ الْأَدَوَاتِ وَ مَنْ یَنْقَضِی إِذَا بَلَغَ أَمَدَ حَدِّهِ بِالْفَنَاءِ فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَضَاءَ بِنُورِهِ كُلَّ ظَلَامٍ وَ أَظْلَمَ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ نُورٍ.

«14»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (4): فِی التَّوْحِیدِ وَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخُطْبَةُ مِنْ أُصُولِ الْعِلْمِ مَا لَا تَجْمَعُهُ خُطْبَةٌ فَمِنْهَا مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَیَّفَهُ وَ لَا حَقِیقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَ لَا إِیَّاهُ عَنَی مَنْ شَبَّهَهُ وَ لَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ وَ تَوَهَّمَهُ (5) كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ وَ كُلُّ قَائِمٍ فِی سِوَاهُ مَعْلُولٌ (6)

فَاعِلٌ بِلَا اضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ غَنِیٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ، لَا

ص: 310


1- 1. سحبه: جره علی وجه الأرض.
2- 2. اللّٰهوات- جمع لهاة- اللحمة المشرفة علی الحلق فی أقصی الفم.
3- 3. المرجحن- كالمقشعر-: المائل لثقله و المتحرك یمینا و شمالا كنایة عن انحنائهن لعظمة اللّٰه سبحانه. و المتولهة: الحائرة او متخوفة.
4- 4. النهج تحت رقم 184.
5- 5. صمده أی قصده.
6- 6. أی كل ما یحتاج فی وجوده و تقومه الی غیره كالاعراض فهو معلول محتاج الی العلة.

تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ وَ لَا تَرْفِدُهُ الْأَدَوَاتُ (1)

سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ وَ الْعَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ بِتَشْعِیرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ- وَ بِمُضَادَّتِهِ بَیْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِینَ لَهُ ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَ الْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ وَ الْجُمُودَ بِالْبَلَلِ وَ الْحَرُورَ بِالصَّرَدِ مُؤَلِّفٌ بَیْنَ مُتَعَادِیَاتِهَا مُقَارِنٌ بَیْنَ مُتَبَایِنَاتِهَا مُقَرِّبٌ بَیْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَیْنَ مُتَدَانِیَاتِهَا لَا یُشْمَلُ بِحَدٍّ وَ لَا یُحْسَبُ بِعَدٍّ وَ إِنَّمَا تَحُدُّ الْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وَ تُشِیرُ الْآلَاتُ إِلَی نَظَائِرِهَا مَنَعَتْهَا مُنْذُ الْقِدْمَةَ وَ حَمَتْهَا قَدُ الْأَزَلِیَّةَ(2) وَ جَنَّبَتْهَا لَوْ لَا التَّكْمِلَةَ(3) بِهَا تَجَلَّی صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَ بِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُیُونِ (4)

لَا یَجْرِی عَلَیْهِ السُّكُونُ وَ الْحَرَكَةُ وَ كَیْفَ یَجْرِی عَلَیْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ یَعُودُ فِیهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ یَحْدُثُ فِیهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَ لا امتنع [لَامْتَنَعَ] مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لا التمس [لَالْتَمَسَ] التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ وَ إِذاً لَقَامَتْ آیَةُ الْمَصْنُوعِ فِیهِ وَ لَتَحَوَّلَ دَلِیلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولًا عَلَیْهِ وَ خَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ یُؤَثِّرَ فِیهِ مَا یُؤَثِّرُ فِی غَیْرِهِ- الَّذِی لَا یَحُولُ وَ لَا یَزُولُ وَ لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ الْأُفُولُ لَمْ یَلِدْ فَیَكُونَ مَوْلُوداً وَ لَمْ یُولَدْ فَیَصِیرَ مَحْدُوداً جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الْأَبْنَاءِ وَ طَهُرَ عَنْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ- لَا تَنَالُهُ الْأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ وَ لَا تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ وَ لَا تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ وَ لَا تَلْمِسُهُ الْأَیْدِی فَتَمَسَّهُ (5)

وَ لَا یَتَغَیَّرُ بِحَالٍ وَ لَا یَتَبَدَّلُ فِی الْأَحْوَالِ وَ لَا تُبْلِیهِ اللَّیَالِی وَ

ص: 311


1- 1. رفده أی أعانه.
2- 2. حمی الشی ء- كرضی- أی منعه.
3- 3.« لو لا» لا یستعمل الا فی ناقص عن بعض الوجوه. كما أن قولك عند نظرك الی المستحسنة من الأشیاء و المتوقد من الاذهان: ما أحسنها لو لا أن فیها كذا من قبول الغناء و توقف ادراكها علی شروط كثیرة یجنبها و یبعدها عن كونها كاملة.
4- 4. أی بعقولنا حكمنا بامتناعه عن نظر عیوننا.
5- 5. لمسه- كنصره- أی أفضی إلیه بیده. و مسسته أی لمسته.

الْأَیَّامُ (1)

وَ لَا یُغَیِّرُهُ الضِّیَاءُ وَ الظَّلَامُ (2)

وَ لَا یُوصَفُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ وَ لَا بِالْجَوَارِحِ وَ الْأَعْضَاءِ وَ لَا بِعَرَضٍ مِنَ الْأَعْرَاضِ وَ لَا بِالْغَیْرِیَّةِ وَ الْأَبْعَاضِ وَ لَا یُقَالُ لَهُ حَدٌّ وَ لَا نِهَایَةٌ وَ لَا انْقِطَاعٌ وَ لَا غَایَةٌ وَ لَا أَنَّ الْأَشْیَاءَ تَحْوِیهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِیَهُ (3)

أَوْ أَنَّ شَیْئاً یَحْمِلُهُ فَیُمِیلَهُ أَوْ یُعَدِّلَهُ وَ لَیْسَ فِی الْأَشْیَاءِ بِوَالِجٍ (4) وَ لَا عَنْهَا بِخَارِجٍ یُخْبِرُ لَا بِلِسَانٍ وَ لَهَوَاتٍ وَ یَسْمَعُ لَا بِخُرُوقٍ وَ أَدَوَاتٍ (5)

یَقُولُ وَ لَا یَلْفِظُ وَ یَحْفَظُ وَ لَا یَتَحَفَّظُ وَ یُرِیدُ وَ لَا یُضْمِرُ یُحِبُّ وَ یَرْضَی مِنْ غَیْرِ رِقَّةٍ وَ یُبْغِضُ وَ یَغْضَبُ مِنْ غَیْرِ مَشَقَّةٍ یَقُولُ لِمَا أَرَادَ كَوْنَهُ كُنْ فَیَكُونُ- لَا بِصَوْتٍ یَقْرَعُ وَ لَا بِنِدَاءٍ یُسْمَعُ- وَ إِنَّمَا كَلَامُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَ مَثَّلَهُ لَمْ یَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً وَ لَوْ كَانَ قَدِیماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِیاً لَا یُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ یَكُنْ فَتَجْرِیَ عَلَیْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ وَ لَا یَكُونُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَهُ فَصْلٌ وَ لَا لَهُ عَلَیْهَا فَضْلٌ فَیَسْتَوِیَ الصَّانِعُ وَ الْمَصْنُوعُ وَ یَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ وَ الْبَدِیعُ خَلَقَ الْخَلَائِقَ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِهِ وَ لَمْ یَسْتَعِنْ عَلَی خَلْقِهَا بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَنْشَأَ الْأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَیْرِ اشْتِغَالٍ (6)

وَ أَرْسَاهَا عَلَی غَیْرِ قَرَارٍ وَ أَقَامَهَا بِغَیْرِ قَوَائِمَ وَ رَفَعَهَا بِغَیْرِ دَعَائِمَ وَ حَصَّنَهَا مِنَ الْأَوَدِ وَ الِاعْوِجَاجِ (7)

وَ مَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ وَ الِانْفِرَاجِ أَرْسَی أَوْتَادَهَا وَ ضَرَبَ أَسْدَادَهَا وَ اسْتَفَاضَ عُیُونَهَا(8) وَ خَدَّ أَوْدِیَتَهَا

ص: 312


1- 1. لعل المعنی لو صدق اطلاق واحد من هذه الألفاظ علیه سبحانه لصدق البواقی، و لا یصدق علیه شی ء منها لاستلزام الجمیع الجسمیة، و لیس الغرض الاستدلال علی نفی بعضها ببعض. و قوله« لا یتغیر بحال» أی بتغیر الأوصاف كالشباب و الشیب، و لا یتبدل فی الأحوال أی لا یصیر ظالما فی حال الغضب، عادلا فی غیره، جوادا فی حال بخیلا فی غیره.
2- 2. الظلام- بالفتح- ذهاب النور.
3- 3. أی لا یحویه جسم حتّی یرتفع بارتفاعه و ینخفض بانخفاضه.
4- 4. عدله- بالتخفیف و التشدید- ای اقامه و الوالج.
5- 5. اللّٰهوات- بالفتح- جمع لهاة تقدم معناها أنّها اللحمة فی سقف أقصی الغم.
6- 6. أی لم یشغله امساكها عن غیره من الأمور.
7- 7. الاعوجاج عطف تفسیر علی الاود- وزان فرس-
8- 8. الاوتاد: جمع وتد. و الأسداد: جمع سد، و المراد بها الجبال. و الخد- بتشدید الدال- الشق.

فَلَمْ یَهِنْ مَا بَنَاهُ وَ لَا ضَعُفَ مَا قَوَّاهُ هُوَ الظَّاهِرُ عَلَیْهَا بِسُلْطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ- وَ هُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ وَ الْعَالِی عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْهَا بِجَلَالِهِ وَ عِزَّتِهِ- لَا یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ مِنْهَا طَلَبَهُ وَ لَا یَمْتَنِعُ عَلَیْهِ فَیَغْلِبَهُ وَ لَا یَفُوتُهُ السَّرِیعُ مِنْهَا فَیَسْبِقَهُ وَ لَا یَحْتَاجُ إِلَی ذِی مَالٍ فَیَرْزُقَهُ خَضَعَتِ الْأَشْیَاءُ لَهُ وَ ذَلَّتْ مُسْتَكِینَةً لِعَظَمَتِهِ- لَا تَسْتَطِیعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَی غَیْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَ ضَرِّهِ وَ لَا كُفْ ءَ لَهُ فَیُكَافِئَهُ وَ لَا نَظِیرَ لَهُ فَیُسَاوِیَهُ وَ هُوَ الْمُفْنِی لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّی یَصِیرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا- وَ لَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَ اخْتِرَاعِهَا وَ كَیْفَ وَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوَانِهَا مِنْ طَیْرِهَا وَ بَهَائِمِهَا وَ مَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وَ سَائِمِهَا وَ أَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا(1) وَ أَجْنَاسِهَا وَ مُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وَ أَكْیَاسِهَا(2)

عَلَی إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَی إِحْدَاثِهَا وَ لَا عَرَفَتْ كَیْفَ السَّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا وَ

لَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فِی عِلْمِ ذَلِكَ وَ تَاهَتْ (3)

وَ عَجَزَتْ قُوَاهَا وَ تَنَاهَتْ وَ رَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِیرَةً(4)

عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا- وَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ یَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْیَا وَحْدَهُ- لَا شَیْ ءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ یَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقْتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِینٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْآجَالُ وَ الْأَوْقَاتُ وَ زَالَتِ السِّنُونَ وَ السَّاعَاتُ فَلَا شَیْ ءَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِی إِلَیْهِ مَصِیرُ جَمِیعِ الْأُمُورِ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا وَ بِغَیْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَی الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا لَمْ یَتَكَاءَدْهُ صُنْعُ شَیْ ءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ وَ لَمْ یَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا بَرَأَهُ وَ خَلَقَهُ وَ لَمْ یُكَوِّنْهَا لِتَشْدِیدِ سُلْطَانٍ وَ لَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ

ص: 313


1- 1. مراحها- بضم المیم-: اسم مفعول من اراح الإبل، ردها الی المراح- كالمناخ أی المأوی. و السائم: الراعی. یرید ما كان فی مأواه و ما كان فی مرعاه. و الاسناخ: الاصناف و الانواع.
2- 2. المتبلدة: الغیبة. و الاكیاس- جمع كیس- و هو الحاذق و العاقل.
3- 3. تاهت أی تحیرت و ضلت.
4- 4. الخاسئ: الذلیل الصاغر. و قیل هو البعید ممّا یریده. و الحسیر: الكال المعیی.

وَ لَا نُقْصَانٍ وَ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَی نِدٍّ مُكَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ(1) وَ لَا لِلِازْدِیَادِ بِهَا فِی مُلْكِهِ وَ لَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِیكٍ فِی شِرْكِهِ وَ لَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یَسْتَأْنِسَ إِلَیْهَا ثُمَّ هُوَ یُفْنِیهَا بَعْدَ تَكْوِینِهَا- لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فِی تَصْرِیفِهَا وَ تَدْبِیرِهَا وَ لَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیْهِ وَ لَا لِثِقَلِ شَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهِ- لَا یُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدْعُوَهُ إِلَی سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ وَ أَمْسَكَهَا بِأَمْرِهِ وَ أَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ ثُمَّ یُعِیدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهَا وَ لَا اسْتِعَانَةٍ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهَا وَ لَا لِانْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَی حَالِ اسْتِئْنَاسٍ وَ لَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وَ عَمًی إِلَی عِلْمٍ وَ الْتِمَاسٍ وَ لَا مِنْ فَقْرٍ وَ حَاجَةٍ إِلَی غِنًی وَ كَثْرَةٍ وَ لَا مِنْ ذُلٍّ وَ ضَعَةٍ(2)

إِلَی عِزٍّ وَ قُدْرَةٍ.

«15»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع (3): الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَظْهَرَ مِنْ آثَارِ سُلْطَانِهِ وَ جَلَالِ كِبْرِیَائِهِ مَا حَیَّرَ مُقَلَ الْعُیُونِ مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِهِ (4)

وَ رَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ النُّفُوسِ (5)

عَنْ عِرْفَانِ كُنْهِ صِفَتِهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةَ إِیمَانٍ وَ إِیقَانٍ وَ إِخْلَاصٍ وَ إِذْعَانٍ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ وَ أَعْلَامُ الْهُدَی دَارِسَةٌ وَ مَنَاهِجُ الدِّینِ طَامِسَةٌ(6) فَصَدَعَ بِالْحَقِّ وَ نَصَحَ لِلْخَلْقِ وَ هَدَی إِلَی الرُّشْدِ وَ أَمَرَ بِالْقَصْدِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ یُرْسِلْكُمْ هَمَلًا عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عَلَیْكُمْ وَ أَحْصَی إِحْسَانَهُ إِلَیْكُمْ فَاسْتَفْتِحُوهُ وَ اسْتَنْجِحُوهُ وَ اطْلُبُوا إِلَیْهِ وَ اسْتَمِیحُوهُ (7)

ص: 314


1- 1. الند- بكسر النون و تشدید الدال- المثل و النظیر. و المكاثرة: المغالبة بالكثرة. و الثور: الهیجان و الوثب، ثاوره مثاورة و ثوارا أی وثبه.
2- 2. الضعة- بالفتح- انحطاط الدرجة، ضد الرفعة.
3- 3. النهج تحت رقم 193.
4- 4. المقلة هی شحمة العین التی تجمع السواد و البیاض.
5- 5. الهمهمة الكلام الخفی و صوت یسمع و لا یفهم محصوله و قیل: همومها فی طلب العلم.
6- 6. طامسة أی مندرسة و ممحوة. و الصدع الشق.
7- 7. أی سلوه الفتح و النجاح و هو الفوز بالمقاصد. و استمیحوه أی التمسوا منه العطاء.

فَمَا قَطَعَكُمْ عَنْهُ حِجَابٌ وَ لَا أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَهُ بَابٌ فَإِنَّهُ لَبِكُلِّ مَكَانٍ وَ فِی كُلِّ حِینٍ وَ أَوَانٍ وَ مَعَ كُلِّ إِنْسٍ وَ جَانٍّ لَا یَثْلِمُهُ الْعَطَاءُ وَ لَا یَنْقُصُهُ الْحِبَاءُ(1)

وَ لَا یَسْتَنْفِدُهُ سَائِلٌ وَ لَا یَسْتَقْصِیهِ نَائِلٌ وَ لَا یَلْوِیهِ شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ (2) وَ لَا یُلْهِیهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ وَ لَا تَحْجُزُهُ هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ وَ لَا یَشْغَلُهُ غَضَبٌ عَنْ رَحْمَةٍ وَ لَا تُولِهُهُ رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ (3)

وَ لَا تَجُنُّهُ الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ وَ لَا تَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ قَرُبَ فَنَأَی (4) وَ عَلَا فَدَنَا وَ ظَهَرَ فَبَطَنَ (5) وَ بَطَنَ فَعَلَنَ وَ دَانَ وَ لَمْ یُدَنْ لَمْ یَذْرَأِ الْخَلْقَ بِاحْتِیَالٍ وَ لَا اسْتَعَانَ بِهِمْ لِكَلَالٍ (6).

«16»- وَ لَهُ علیه السلام مِنْ خُطْبَةٍ(7): یَعْلَمُ عَجِیجَ الْوُحُوشِ فِی الْفَلَوَاتِ وَ مَعَاصِیَ الْعِبَادِ فِی الْخَلَوَاتِ وَ اخْتِلَافَ النِّینَانِ فِی الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ (8)

وَ تَلَاطُمَ الْمَاءِ بِالرِّیَاحِ الْعَاصِفَاتِ.

«17»- وَ لَهُ علیه السلام مِنْ خُطْبَةٍ(9)

تُعْرَفُ بِخُطْبَةِ الْأَشْبَاحِ هِیَ مِنْ جَلَائِلِ خُطَبِهِ رَوَی مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهما السلام: أَنَّ رَجُلًا أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صِفْ لَنَا رَبَّنَا لِنَزْدَادَ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعْرِفَةً فَغَضِبَ علیه السلام

ص: 315


1- 1. الحباء: العطاء.
2- 2. أی لا یمیله أحد عن غیره.
3- 3. أی لا تغفله و لا تجعله والها متحیرا.
4- 4. أی قرب علما و قدرة و لطفا و رحمة فنأی جلالا و عظمة و مجدا.
5- 5. أی ظهر سبحانه من حیث الآلاء و بطن من حیث الذات« فعلن» أی من حیث السمات و« دان و لم یدن» أی جازی و حاسب، و لم یحاسبه أحد.
6- 6. ذرأ أی خلق، و الاحتیال: التفكر فی العمل.
7- 7. النهج تحت رقم 196.
8- 8. العجیج رفع الصوت، و النینان جمع النون و هو الحوت.
9- 9. النهج تحت رقم: 88.

وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ (1) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَفِرُهُ الْمَنْعُ وَ الْجُمُودُ(2) وَ لَا یُكْدِیهِ الْإِعْطَاءُ وَ الْجُودُ إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُسْتَقْصٍ سِوَاهُ وَ كُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاهُ (3) وَ هُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ وَ عَوَائِدِ الْمَزِیدِ وَ الْقِسَمِ (4)

عِیَالُهُ الْخَلَائِقُ ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ وَ نَهَجَ سَبِیلَ الرَّاغِبِینَ إِلَیْهِ وَ الطَّالِبِینَ مَا لَدَیْهِ وَ لَیْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ یُسْأَلْ الْأَوَّلُ الَّذِی لَمْ یَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَیَكُونَ شَیْ ءٌ قَبْلَهُ وَ الْآخِرُ الَّذِی لَیْسَ لَهُ بَعْدٌ فَیَكُونَ شَیْ ءٌ بَعْدَهُ وَ الرَّادِعُ أَنَاسِیَّ الْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ (5) مَا اخْتَلَفَ عَلَیْهِ دَهْرٌ فَیَخْتَلِفَ مِنْهُ الْحَالُ وَ لَا كَانَ فِی مَكَانٍ فَیَجُوزَ عَلَیْهِ الِانْتِقَالُ وَ لَوْ وَهَبَ [مَا] تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ وَ ضَحِكَتْ عَنْهُ أَصْدَافُ الْبِحَارِ(6) مِنْ فِلِزِّ اللُّجَیْنِ وَ الْعِقْیَانِ وَ نُثَارَةِ الدُّرِّ وَ حَصِیدِ الْمَرْجَانِ مَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِی وُجُودِهِ (7) وَ لَا أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ وَ لَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ

ص: 316


1- 1. لعل غضبه علیه السلام لعلمه بان غرض السائل وصفه بصفات الاجسام كما یزعم أكثر العوام و یناسبه بعض كلمات الخطبة؛ او لانه سأل بیان كنه حقیقته سبحانه او وصفه بصفات أبلغ و ارفع ممّا نطق به الكتاب و الآثار لزعمه أنّه لا یكفی فی معرفة اللّٰه تعالی، و یشعر بذلك بعض ألفاظ الخطبة.
2- 2. وفر الشی ء: أتم و كمل. و لا یكدیه ای لا یفقره.
3- 3. لانه منع علی وفق المصلحة.
4- 4. إضافة الفوائد الی النعم بیانیة، و العوائد الی المزید من قبیل إضافة الموصوف الی الصفة أی عوائده المزیدة علی العباد.
5- 5. أناسی: جمع إنسان، و إنسان العین هو ما یری وسط الحدقة ممتازا عنها فی لونها.
6- 6. أبدع علیه السلام فی تسمیة انفلاق المعادن عن الجواهر تنفسا. كالحیوان یتنفس فیخرج من صدره الهواء. فان أغلب ما یكون من ذلك بل كله عن تحرك المواد الملتهبة فی جوف الأرض الی الخارج و التعبیر بالتنفس یناسب تكون المعدنیات من بخار الأرض. كما أبدع أیضا فی تسمیة انفتاح الصدف عن الدر ضحكا.
7- 7. العقیان: ذهب الخالص یثمو فی معدنه. و نثارة الدر- بالضم- ما تناثر منه. و حصید المرجان: محصوده و ذلك إشارة الی أن المرجان نبات. و أنفده بمعنی أفناه.

الْأَنْعَامِ مَا لَا تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الْأَنَامِ لِأَنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِی لَا یَغِیضُهُ سُؤَالُ السَّائِلِینَ (1) وَ لَا یُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّینَ.

وَ مِنْهَا: لَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَی قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِینَ هُوَ الْقَادِرُ الَّذِی إِذَا ارْتَمَتِ الْأَوْهَامُ (2) لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ وَ حَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطْرِ الْوَسَاوِسِ أَنْ یَقَعَ عَلَیْهِ فِی عَمِیقَاتِ غُیُوبِ مَلَكُوتِهِ (3)

وَ تَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَیْهِ لِتَجْرِیَ فِی كَیْفِیَّاتِ صِفَاتِهِ وَ غَمَضَتْ (4) مَدَاخِلُ الْعُقُولِ فِی حَیْثُ لَا تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَالَ عِلْمَ ذَاتِهِ رَدَعَهَا وَ هِیَ تَجُوبُ مَهَاوِیَ سُدَفِ الْغُیُوبِ

مُتَخَلِّصَةً إِلَیْهِ سُبْحَانَهُ (5)

فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَةً بِأَنَّهُ لَا یُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ (6) وَ لَا یَخْطُرُ بِبَالِ أُولِی الرَّوِیَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِیرِ جَلَالِ عِزَّتِه- الَّذِی ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَهُ وَ لَا مِقْدَارٍ

ص: 317


1- 1. أی لا یغیضه، من أغاضه اللّٰه. و فی بعض نسخ النهج المخطوطة« یغیظه». و الح فی السؤال أی بالغ فیه.
2- 2. ارتمت الاوهام أی ذهبت أمام الأفكار. و ارتمی مطاوع رمی یقال: رماه فارتمی الصید رماه، ارتمت به البلاد: اخرجته. و الاوهام خطرات القلب. و منقطع قدرته أی موضع الانقطاع.
3- 3. المراد بملكوته عزه و سلطانه. و تولهت أی اشتدت عشقها و حنت إلیه.
4- 4. غمض الشی ء- بفتح الغین المعجمة- أی خفی مأخذه، و مداخل العقل طرق الفكر.
5- 5. أی ردها، و الجملة جزاء للشرط السابق قوله« إذا ارتمت»، و الضمیر المنصوب راجع الی الاوهام و غیرها. و الواد للحال. و تجوب ای تقطع. و المهاوی جمع مهواة و هی الحفرة أو ما بین الجبلین و یراد بها المهلكة. و السدف جمع سدفة و هی القطعة من اللیل المظلم. و متخلصة ای متوجهة إلیه. و جبهه كمنعه- ای ضرب جبهته.
6- 6. الجور: العدول عن الطریق، و الاعتساف قطع المسافة علی غیر جادة معلومة و المراد بجور اعتسافها شدة جولانها فی ذلك الملك الذی لا جادة له و لا یفضی الی المقصود.

احْتَذَی عَلَیْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَهُ (1) وَ أَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ وَ اعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَی أَنْ یُقِیمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ (2)

مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِیَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَی مَعْرِفَتِهِ وَ ظَهَرَتْ فِی الْبَدَائِعِ الَّتِی أَحْدَثَهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ وَ أَعْلَامُ حِكْمَتِهِ فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَ دَلِیلًا عَلَیْهِ وَ إِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِیرِ نَاطِقَةٌ وَ دَلَالَتُهُ عَلَی الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ- وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَایُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ وَ تَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِیرِ حِكْمَتِكَ (3) لَمْ یَعْقِدْ غَیْبَ ضَمِیرِهِ عَلَی مَعْرِفَتِكَ وَ لَمْ یُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْیَقِینُ بِأَنَّهُ لَا نِدَّ لَكَ وَ كَأَنَّهُ لَمْ یَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِینَ مِنَ الْمَتْبُوعِینَ إِذْ یَقُولُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ- إِذْ نُسَوِّیكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِینَ كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ (4) إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ وَ نَحَلُوكَ حِلْیَةَ الْمَخْلُوقِینَ بِأَوْهَامِهِمْ (5)

وَ جَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ وَ قَدَّرُوكَ عَلَی الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَی بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ وَ الْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آیَاتِكَ وَ نَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَیِّنَاتِكَ وَ إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِی لَمْ تَتَنَاهَ فِی الْعُقُولِ فَتَكُونَ فِی مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَیَّفاً وَ لَا فِی رَوِیَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً(6).

ص: 318


1- 1. احتذی علیه ای قاس و طبق علیه. و فی بعض نسخ النهج« خالق معهود».
2- 2. بمستاك قوته- بالكسر- ما یمسك به. و الموصول فی« ما دلنا» مفعول ثان لارانا و فیه دلالة علی احتیاج الباقی فی بقائه الی مؤثر.
3- 3. التلاحم التلاصق. و الحقاق- بالكسر- جمع حق- بالضم- و هی فی الأصل وعاء من خشب. و حقاق المفاصل النقر التی یرتكز فیها العظام. و احتجابها استتارها بالجلد و اللحم و الجار فی قوله علیه السلام« لتدبر حكمتك» متعلق بالمحتجبة ای المستورة للتدبیر الذی اقتضته الحكمة، و المراد من شبهه بالانسان و نحوه.
4- 4. أی الذین عدلوا بك غیرك و شبهوك به.
5- 5. نحلوك أی اعطوك، و حلیة المخلوقین صفاتهم الخاصّة بهم.
6- 6. أی محاطا بالحدود.

وَ مِنْهَا: قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِیرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَتْ تَدْبِیرَهُ وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ- فَلَمْ یَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ وَ لَمْ یَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَی غَایَتِهِ وَ لَمْ یَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِیِّ عَلَی إِرَادَتِهِ وَ كَیْفَ صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِیَّتِهِ الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْیَاءِ بِلَا رَوِیَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَیْهَا وَ لَا قَرِیحَةِ غَرِیزَةٍ أَضْمَرَ عَلَیْهَا وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ وَ لَا شَرِیكٍ أَعَانَهُ عَلَی ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ- فَتَمَّ خَلْقُهُ وَ

أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَی دَعْوَتِهِ وَ لَمْ یَعْتَرِضْ دُونَهُ رَیْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ-(1)

فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْیَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَیْنَ مُتَضَادِّهَا وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا(2)

وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَاتٍ فِی الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَیْئَاتِ بَدَایَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَی مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا.

وَ مِنْهَا: فِی صِفَةِ السَّمَاءِ وَ نَظَمَ بِلَا تَعْلِیقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا وَ لَاحَمَ صُدُوعَ انْفِرَاجِهَا وَ وَشَّجَ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ أَزْوَاجِهَا وَ ذَلَّلَ لِلْهَابِطِینَ بِأَمْرِهِ وَ الصَّاعِدِینَ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ حُزُونَةَ مِعْرَاجِهَا(3) وَ نَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِیَ دُخَانٌ فَالْتَحَمَتْ عُرَی أَشْرَاجِهَا(4)

وَ فَتَقَ بَعْدَ الِارْتِتَاقِ صَوَامِتَ

ص: 319


1- 1. الریث البطوء، و الاناة- كقناة- اسم من التأنی فی الامر أی تمكث و لم یعجل و التلكؤ: التوقف و المعنی نفی الریث و الاناة عن الأشیاء فی اجابة الدعوة و الاذعان للطاعة.
2- 2. القرائن النفوس المقرونة بالابدان و اعتدال المزاج سبب بقاء الروح أی وصل أسباب أنفسها بتعدیل أمزجتها.
3- 3. الرهوات جمع الرهوة و هی المكان المرتفع و المنخفض و نظمها تصفیتها. قال ابن الأثیر فی النهایة فی حدیث علی« ع»: و نظم رهوات فرجها أی المواضع المتفتحة منها و هو مأخوذ من قولهم رها رجلیه رهوا أی فتح. و لاحم أی ألصق. و الصدوع جمع صدع و هو الشق و إضافة الصدوع الی الانفراج من إضافة الخاص الی العام. و وشج بینها أی شبك الهابطین و الساعدین الأرواح العلویة و السفلیة. و الحزونة: الصعوبة.
4- 4. التهمت عری اشراجها: الاشراج جمع شرج و هی مقبض الكوز، و الدلو. و تسمی مجرة السماء شرجا تشبیها بشرج العیبة، و اشراج الوادی ما انفسح منه.

أَبْوَابِهَا وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلَی نِقَابِهَا وَ أَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تُمُورَ فِی خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَیْدِهِ (1)

وَ أَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لِأَمْرِهِ وَ جَعَلَ شَمْسَهَا آیَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا وَ قَمَرَهَا آیَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَیْلِهَا فَأَجْرَاهُمَا فِی مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا وَ قَدَّرَ سَیْرَهُمَا فِی مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا لِتُمَیِّزَ بَیْنَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ بِهِمَا وَ لِیُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِینَ وَ الْحِسَابُ بِمَقَادِیرِهِمَا ثُمَّ عَلَّقَ فِی جَوِّهَا فَلَكَهَا وَ نَاطَ بِهَا زِینَتَهَا مِنْ خَفِیَّاتِ دَرَارِیِّهَا(2)

وَ مَصَابِیحِ كَوَاكِبِهَا وَ رَمَی مُسْتَرِقِی السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا وَ أَجْرَاهَا عَلَی أَذْلَالِ تَسْخِیرِهَا مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا وَ مَسِیرِ سَائِرِهَا وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا.

وَ مِنْهَا: فِی صِفَةِ الْمَلَائِكَةِ علیهم السلام ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ وَ عِمَارَةِ الصَّفِیحِ الْأَعْلَی (3)

مِنْ مَلَكُوتِهِ خَلْقاً بَدِیعاً مِنْ مَلَائِكَتِهِ مَلَأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا وَ حَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا وَ بَیْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبِّحِینَ مِنْهُمْ فِی حَظَائِرِ الْقُدُسِ (4)

وَ سُتُرَاتِ

الْحُجُبِ وَ سُرَادِقَاتِ الْمَجْدِ وَ وَرَاءَ ذَلِكَ الرَّجِیجِ الَّذِی تَسْتَكُّ مِنْهُ الْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا(5) فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَی حُدُودِهَا أَنْشَأَهُمْ عَلَی صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ وَ أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ أُولِی أَجْنِحَةٍ تُسَبِّحُ جَلَالَ عِزَّتِهِ- لَا یَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِی الْخَلْقِ مِنْ

ص: 320


1- 1. و أمسكها من أن تمور أی تضطرب فی الهواء.« بأیده» أی بقوته.
2- 2. دراریها: كواكبها و أقمارها.
3- 3. الصفیح: السماء.
4- 4. الزجل: رفع الصوت. و الحظائر: جمع حظیرة و هی الموضع الذی یحاط علیه لتأوی إلیه الغنم، و الإبل توقیا من البرد و الریح و هو مجاز هاهنا عن المقامات المقدّسة للأرواح الطاهرة.
5- 5. الرجیج: الاضطراب و الزلزلة و فسروا السبحات بالنور و البهاء و الجلال و العظمة و قیل: سبحات الوجه محاسنه لانك إذا رأیت الوجه. الحسن. قلت سبحان اللّٰه، و لعلّ المراد بها الأنوار التی تحجب الابصار، و یعبر عنها بالحجب.

صُنْعِهِ وَ لَا یَدَّعُونَ أَنَّهُمْ یَخْلُقُونَ شَیْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ- بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ جَعَلَهُمْ فِیمَا هُنَالِكَ أَهْلَ الْأَمَانَةِ عَلَی وَحْیِهِ وَ حَمَّلَهُمْ إِلَی الْمُرْسَلِینَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَیْبِ الشُّبُهَاتِ- فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ مِنْ سَبِیلِ مَرْضَاتِهِ وَ أَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ الْمَعُونَةِ وَ أَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكِینَةِ(1) وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلًا إِلَی تَمَاجِیدِهِ (2) وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَی أَعْلَامِ تَوْحِیدِهِ لَمْ تُثْقِلْهُمْ مَوْصِرَاتُ الْآثَامِ (3)

وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامِ وَ لَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِیمَةَ إِیمَانِهِمْ وَ لَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَی مَعَاقِدِ یَقِینِهِمْ (4) وَ لَا قَدَحَتْ قَادِحَةُ الْإِحَنِ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ لَا سَلَبَتْهُمُ الْحَیْرَةُ مَا لَاقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ (5) وَ مَا سَكَنَ مِنْ

ص: 321


1- 1. الشعار من اللباس ما یلبس تحت الدثار، و أخبت الرجل إذا خضع و خشع للّٰه تعالی.
2- 2. الذلل بضمتین جمع ذلول و هو ضد الصعب. و فتح الأبواب المذكورة كنایة عن سهولة التمجید لعدم معارضة شیطان أو نفس امارة بالسوء.
3- 3. موصرات الآثام: مثقلاتها.
4- 4. رحل البعیر و ارتحله حط علیه الرحل و الرحل مركب للبعیر. و العقبة- بالضم-: النوبة و الجمع عقب. أی لم یؤثر فیهم ارتحال اللیالی و الأیّام كما یؤثر ارتحال الإنسان البعیر فی ظهره. و النوازع بالعین المهملة من نزع فی القوس إذا جذبها و مدها و نوازع الشكوك الشبهات. و قیل الشهوات. و فی بعض نسخ المصدر« النوازغ» بالغین المعجمة من نزغ الشیطان بین القوم إذا أفسد، و یقال نزغه الشیطان أی وسوس إلیه. و العزیمة: التصمیم و الجزم علی رأی. و المعترك موضع العرك أی القتال. اعترك الإبل فی الورد ازدحمت.
5- 5. قدح بالزند- كمنع- رام الایراء به. و الاحن- جمع- احنة و هی الحقد و الحسد و الغضب أی لا یثیر الغضب فیما بینهم. و لاق الشی ء بغیره: لصق و منه لیقة الدواة لانه یلصق المداد بها و الغرض نفی الحیرة عنهم كالاحنة لأنّها لا تكون إلا عن الشبه و الوسواس. و یحتمل أن یكون المراد بالحیرة الوله لشدة الحب و كمال المعرفة. و سیجی ء إثبات الوله لهم فی الكلمات الآتیة.

عَظَمَتِهِ وَ هَیْبَةِ جَلَالَتِهِ فِی أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ (1)

وَ لَمْ تَطْمَعْ فِیهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَیْنِهَا عَلَی فِكْرِهِمْ- مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِی خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّحِ (2)

وَ فِی عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ وَ فِی قَتْرَةِ الظَّلَامِ الْأَیْهَمِ (3)

وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الْأَرْضِ السُّفْلَی فَهِیَ كَرَایَاتٍ بِیضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِی مَخَارِقِ الْهَوَاءِ وَ تَحْتَهَا رِیحٌ هَفَّافَةٌ(4) تَحْبِسُهَا عَلَی حَیْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِیَةِ قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ وَ وَصَلَتْ حَقَائِقُ الْإِیمَانِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَعْرِفَتِهِ وَ قَطَعَهُمُ الْإِیقَانُ بِهِ إِلَی الْوَلَهِ إِلَیْهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلَی مَا عِنْدَ غَیْرِهِ قَدْ ذَاقُوا حَلَاوَةَ مَعْرِفَتِهِ وَ شَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِیَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَیْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِیجَةُ خِیفَتِهِ فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ وَ لَمْ یُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَیْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ (5) وَ لَا أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِیمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ

ص: 322


1- 1. الاثناء- جمع ثنی- بالكسر- أی خلالها.
2- 2. فتقترع أی تضرب. و الرین بالنون: الطبع، و التغطیة، و الدنس، و رانت النفس أی خبثت. و الدلح- جمع دالح و هو الثقیل من السحاب.
3- 3. الشمخ- بالضم و التشدید- جمع شامخ و هو من الجبل العالی. و القترة- بالضم بیت الصائد یتستر به عند تصییده و یجمع علی قتر مثل غرفة و غرف. و الایهم الذی لا یهتدی فیه و منه فلاة یهماء. و فی بعض النسخ« الابهم» بالباء الموحدة و هم الملائكة المأمورون بالمطر.
4- 4. التخوم- بضم التاء- معالم الأرض و حدودها و هی جمع تخم- بالضم-. و مخارق الهواء: المواضع التی تمكنت فیها تلك الرایات بخرق الهواء. و الریح الهفافة: الطیبة الساكنة. و قوله« قد استفرغتهم» أی عن الاشتغال بانفسهم.
5- 5. قوله« ع»« بالكاس» الباء بمعنی من و الرویة أی التی یزیل العطش، و سویداء القلب و سوداؤه حبته. و الوشیجة لیف یفتل ثمّ یشبك بین الخشبتین فینقل علیه البر المحصود و نحوه. وشیجة القوم أی دخلاء فیهم. و الوشیجة أیضا واحدة الوشائج و هی عروق الأذنین. و حنیت الشی ء عطفته. و قوله« ع»« مادة تضرعهم» أی الداعی إلیه. فبقدر صعودهم الی مدارج الطاعة یزداد قربهم، و كلما ازداد قربهم ازداد علمهم بعظمة اللّٰه سبحانه: فلذلك لا ینقص تضرعهم و خشوعهم.

وَ لَمْ یَتَوَلَّهُمُ الْإِعْجَابُ (1)

فَیَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ وَ لَا تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ الْإِجْلَالِ نَصِیباً فِی تَعْظِیمِ حَسَنَاتِهِمْ وَ لَمْ تَجْرِ الْفَتَرَاتُ فِیهِمْ عَلَی طُولِ دُءُوبِهِمْ (2) وَ لَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَیُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ أَسَلَاتُ أَلْسِنَتِهِمْ وَ لَا مَلَكَتْهُمُ الْأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ إِلَیْهِ أَصْوَاتُهُمْ وَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِی مَقَاوِمِ الطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ (3) وَ لَمْ یَثْنُوا إِلَی رَاحَةِ التَّقْصِیرِ فِی أَمْرِهِ رِقَابَهُمْ وَ لَا تَعْدُوا عَلَی عَزِیمَةِ جِدِّهِمْ بَلَادَةُ الْغَفَلَاتِ وَ لَا تَنْتَضِلُ فِی هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ (4) قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِیرَةً لِیَوْمِ فَاقَتِهِمْ وَ

یَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلَی الْمَخْلُوقِینَ بِرَغْبَتِهِمْ- لَا یَقْطَعُونَ أَمَدَ غَایَةِ عِبَادَتِهِ وَ لَا یَرْجِعُ بِهِمُ الِاسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ إِلَّا إِلَی مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَیْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ (5) لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ فَیَنُوا فِی جِدِّهِمْ (6)

وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ الْأَطْمَاعُ فَیُؤْثِرُوا

ص: 323


1- 1. أطلق الاسیر أی حل اسره. و الربق- بكسر الراء- جمع ربقة، و تولی الامر تقلده.
2- 2. الدءوب: التعب.
3- 3. الاسلات: الاطراف. و الهمس الصوت الخفی. و الجؤار- كغراب- رفع الصوت بالدعاء و التضرع و الاستغاثة أی لیس لهم أشغال خارجة عن العبادة. المراد بمقاوم الطاعة صفوف العبادة و بعدم اختلاف مناكبهم عدم تقدم بعضهم علی بعض فی الصف أو عدم انحراف صفوفهم.
4- 4. البلادة ضد الذكاوة و الفطانة و المراد بالخدائع الوساوس الصارفة عن العبادة و انتضالها تواردها و تتابعها.
5- 5. یمموه أی یقصدوه بالرغبة و الرجاء. و الامد: الغایة، المنتهی،« و یرجع» فعل متعد و لازم تقول رجع زید و رجعته. و الاستهتار الولوع بالشی ء و الحرص علیه. و المادة مشتقة من مد البحر و غیره إذا زاد، و كل ما أعنت به قوما فی حرب و غیره فهو مادة لهم. و المراد بالمادة المعین المقوی. و« من» فی قوله« من قلوبهم» ابتدائیة؛ أی مواد ناشئة من قلوبهم غیر منقطعة، و فی قوله« من رجائه» بیانیة، فتكون المواد عبارة عن الرجاء و الخوف الباعثین لهم علی لزوم الطاعة.
6- 6. الونی: الفتور و التأنی. و« لم تأسرهم» أی لم تجعلهم أسیرا و هو المقید و المشدد.

وَشِیكَ السَّعْیِ عَلَی اجْتِهَادِهِمْ (1) وَ لَمْ یَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَی مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَ لَوِ اسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ وَ لَمْ یَخْتَلِفُوا فِی رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ الشَّیْطَانِ عَلَیْهِمْ (2) وَ لَمْ یُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ وَ لَا تَوَلَّاهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ وَ لَا شَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرَّیْبِ (3) وَ لَا اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْیَافُ الْهِمَمِ (4) فَهُمْ أُسَرَاءُ إِیمَانٍ لَمْ یَفُكَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَیْغٌ وَ لَا عُدُولٌ وَ لَا وَنًی وَ لَا فُتُورٌ وَ لَیْسَ فِی أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلَّا وَ عَلَیْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ یَزْدَادُونَ عَلَی طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً وَ تَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِی قُلُوبِهِمْ عِظَماً.

مِنْهَا: فِی صِفَةِ الْأَرْضِ وَ دَحْوِهَا عَلَی الْمَاءِ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَی مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ(5) وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ تَلْتَطِمُ أَوَاذِیُّ أَمْوَاجِهَا وَ تَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتِ أَثْبَاجِهَا وَ تَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِیَاجِهَا-(6)

ص: 324


1- 1. و الایثار الاختیار و الوشیك: القریب و السریع أی لیسوا مأسورین فی ربقة الطمع حتی یختاروا السعی القریب فی تحصیل المطموع الدنیاوی الفانی علی اجتهادهم الطویل فی تحصیل السعادة الباقیة كما یفعله البشر.
2- 2. استعظام العمل هو العجب المنهی عنه و نسخ الشی ء ازالته و ابطاله و المراد بالرجاء تجاوز الحدّ المطلوب منه و یعبر عنه بالاغترار و الشفقات: تارات الخوف و مراته. و الوجل: الخوف. و الاستحواذ: الاستیلاء.
3- 3. الغل: الحسد و الحقد. و المصارف: الوجوه و الطرق.
4- 4. أخیاف الهمم أی الهمم المختلفة و أصله من الخیف- محركة- و هو زرقة احدی العینین و سواد الأخری فی الفرس و منه قیل لاخوة الام أخیاف لان آباءهم شتّی. و الغرض نفی الاختلاف بینهم و التعادی و التفرق بعروض الریب و اختلاف الهمم.
5- 5. كبس الرجل رأسه فی قمیصه إذا أدخله فیه، كبس الأرض أی أدخلها الماء بقوة و اعتماد شدید و موز الامواج تحركها. و استفحل الامر: اشتد و امواج مستفحلة أی هائجة هیجان الفحول و قیل: أی حائلة.
6- 6. و رغی اللبن صارت له رغوة أی زبد و هو محركة الذی یظهر فوق السیل، الرغاء- بالضم- صوت الإبل و زبدا منصوب بمقدر أی ترغو قاذفة زبدا. و الاواذی جمع آذی و هو. الموج الشدید و أعلی الموج. و الصفق: الضرب یسمع له صوت و اصطفقت الامواج أی ضرب بعضها بعضا. و التقاذف: الترامی بقوة. و ثبج البحر- محركة-: معظمه و وسطه. و اللطم ضرب الخد بالكف و التطمت الامواج ضرب بعضها بعضا.

فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا وَ سَكَنَ هَیْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِیاً إِذْ تَمَعَّكَتْ عَلَیْهِ بِكَوَاهِلِهَا فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ سَاجِیاً مَقْهُوراً وَ فِی حِكْمَةِ الذُّلِّ مُنْقَاداً أَسِیراً(1)

وَ سَكَنَتِ الْأَرْضُ مَدْحُوَّةً فِی لُجَّةِ تَیَّارِهِ وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ وَ اعْتِلَائِهِ وَ شُمُوخِ أَنْفِهِ وَ سُمُوِّ غُلَوَائِهِ وَ كَعَمَتْهُ عَلَی كِظَّةِ جَرْیَتِهِ فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ وَ لَبَدَ زَیَفَانَ وَثَبَاتِهِ (2) فَلَمَّا سَكَنَ هَیْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا وَ حَمَلَ شَوَاهِقَ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ عَلَی أَكْتَافِهَا(3) فَجَّرَ یَنَابِیعَ الْعُیُونِ مِنْ عَرَانِینِ أُنُوفِهَا وَ فَرَّقَهَا فِی سُهُوبِ بِیدِهَا وَ أَخَادِیدِهَا- وَ عَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِیَاتِ مِنْ جَلَامِیدِهَا-(4)

ص: 325


1- 1. الكلكل فی الأصل: الصدر. استعارة لما لاقی الماء من الأرض. و مستخذیا أی منكسرا مسترخیا. و قوله« اذ تمعكت علیه» مستعار من تمعكت الدابّة أی تمرغت فی التراب و المعك الدلك فی التراب، و الكاهل ما بین الكتفین. و الاصطخاب افتعال من الصخب و هو ارتفاع الصوت و المراد اضطراب الأصوات. و الساجی الساكن، و الحكمة- محركة حدیدة فی اللجام تكون علی حنك الفرس تمنعه عن مخالفة راكبه.
2- 2. الدحو: البسط. و التیار: الموج، و اللجة: معظم الماء. و البأو: الكبر و الزهو. و الغلواء- بضم الغین و فتح اللام-: النشاط و تجاوز الحد. و كعم البعیر- كمنع- شد فاه لئلا یعض او یأكل. و الكظة- بالكسر-: ما یعرض من امتلاء البطن بالطعام و لعلّ المراد ما یشاهد فی جری الماء من ثقل الاندفاع. لان كظة الجریة ما یشاهد من الماء الكثیر فی جریانه من الثقل. همد: ذهب حرارته و النزق و النزقان: الطیش. و لبد- كفرح و نصر أی قام و وثب. و الزیفان- محركة-: التبختر فی المشی. و الوثبة: الطفرة.
3- 3. الاكناف الجوانب. و الشاهق المرتفع من الجبال. و البذخ: الشمخ الا أن فیه ضخامة مع الارتفاع. و« حمل» عطف علی أكتاف.
4- 4. عرانین جمع عرنین- بالكسر- و هو ما صلب من عظم الانف و هو الذی تحت الحاجبین و المراد أعالی الجبال غیر أن الاستعارة من ألطف أنواعها فی هذا المقام. و السهوب: جمع سهب- بالفتح- أی الفلاة البعیدة الاكناف. و البید جمع بیداء و هی الفلاة التی یبید سالكها أی یهلك. و الاخادید جمع الاخدود و هو الشق فی الأرض و المراد مجاری الأنهار. و الضمائر كلها راجع الی الأرض. و الراسیات: الثابتات، و الجلامید جمع جلمود، و هو الحجر الصلد.

وَ ذَوَاتِ الشَّنَاخِیبِ الشُّمِّ مِنْ صَیَاخِیدِهَا فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَیَدَانِ لِرُسُوبِ الْجِبَالِ فِی قِطَعِ أَدِیمِهَا وَ تَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً فِی جَوْبَاتِ خَیَاشِیمِهَا وَ رُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ الْأَرَضِینَ وَ جَرَاثِیمِهَا(1) وَ فَسَحَ بَیْنَ الْجَوِّ وَ بَیْنَهَا وَ أَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا- وَ أَخْرَجَ إِلَیْهَا أَهْلَهَا عَلَی تَمَامِ مَرَافِقِهَا ثُمَّ لَمْ یَدَعْ جُرُزَ الْأَرْضِ الَّتِی تَقْصُرُ مِیَاهُ الْعُیُونِ عَنْ رَوَابِیهَا وَ لَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الْأَنْهَارِ ذَرِیعَةً إِلَی بُلُوغِهَا حَتَّی أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْیِی مَوَاتَهَا وَ تَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِهِ وَ تَبَایُنِ قَزَعِهِ (2) حَتَّی

ص: 326


1- 1. و الشناخیب. جمع شنخوب- بالضم- أی رءوس الجبال العالیة. و الشم: المرتفعة العالیة. و الصیاخید جمع صیخود و هو الصخرة الشدیدة. و رسب فی الماء- كنصر-: ذهب سفلا، و جبل راسب أی ثابت. و القطع- كعنب- جمع قطعة- بالكسر- و هی الطائفة من الشی ء و المراد بأدیمها سطحها. و التغلغل الدخول و مبالغة فیه. و تسرب الوحش و انسرب فی حجره أی دخل. و الجوبة: الحفرة. و الخیشوم أقصی الانف و ضمیر« تغلغلها» للجبال و« خیاشیمها» للأرض و المجاز ظاهر. و الجرثومة: قیل التراب المجتمع فی أصول الشجر و لعلّ المراد بجراثیمها المواضع المرتفعة منها. و ركوب الجبال اعناق السهول: استعلاؤها علیها، و أعناقها: سطوحها.
2- 2. المتنسم: موضع التنسم: و هو طلب التنسم و فائدته ترویح القلب حتّی لا یتاذی بغلبة الحرارة و فیه بقاء الحیوان. و مرافق الدار ما یستعان به و یحتاج إلیه فی التعیش. و اخراج أهل الأرض علی تمام مرافقها ایجادهم و اسكانهم فی الأرض بعد تهیئة ما یصلحهم لمعاشهم و التزود الی معادهم، و من جملة تلك المرافق سكون الأرض و كونها خارجة من الماء علی حد خاصّ من الصلابة و الرخاوة، غیر صقیل یتأذی أهلها بانعكاس الاشعة، قابلة لانفجار و حفر الآبار و نزول الامطار و تكون المعادن و تولد أنواع الحیوانات و الحیاة بعد الموت حتی یتجدد فیه الحبوب و الثمار و الاعشاب و نحو ذلك ممّا لا یحصیه الا اللّٰه عزّ و جلّ- و الروابی جمع الرابیة: ما ارتفع من الأرض. و الجدول النهر الصغیر. و الناشئة: ما ینشأ من السحاب أی یبتدی ظهوره. و اللمعة- بالضم- فی الأصل: قطعة من النبت. و القزع جمع قزعة- محركة فیهما- و هی. القطعة من الغیم؛ و تباین القزع تباعدها. و تمخضت أی تحركت. و المخض تحریك السقاء الذی فیه لبن لیخرج زبده. و الضمیر فی« فیه» راجع الی المزن أی تحركت فیه اللجة المستودعة فیه.

إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فِیهِ وَ الْتَمَعَ بَرْقُهُ فِی كُفَفِهِ وَ لَمْ یَنَمْ وَمِیضُهُ فِی كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ وَ مُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً قَدْ أَسَفَّ هَیْدَبُهُ (1) تَمْرِیهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِیبِهِ وَ دُفَعَ شَآبِیبِهِ فَلَمَّا أَلْقَتِ السَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَیْهَا وَ بَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْ ءِ الْمَحْمُولِ عَلَیْهَا(2)

أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْأَرْضِ النَّبَاتَ وَ مِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الْأَعْشَابَ فَهِیَ تَبْهَجُ بِزِینَةِ رِیَاضِهَا وَ تَزْدَهِی بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَیْطِ أَزَاهِیرِهَا وَ حِلْیَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا(3) وَ جَعَلَ ذَلِكَ بَلَاغاً لِلْأَنَامِ وَ رِزْقاً لِلْأَنْعَامِ وَ خَرَقَ الْفِجَاجَ فِی آفَاقِهَا وَ أَقَامَ الْمَنَارَ لِلسَّالِكِینَ عَلَی جَوَادِّ طُرُقِهَا.

ص: 327


1- 1. الومیض: اللمعان. كهنور- كسفرجل- قطع عظیمة من السحاب كالجبال و قیل المتراكم منه. و الرباب- كسحاب- الابیض منه.« سحا» أی متواصلا متلاحقا و المتدارك من الدرك- محركة- و هو اللحاق. تدارك القوم إذا لحق آخرهم أولهم. و كففه: حاشیته و جوانبه. و هیدبه ما تهدب أی تدلی، و أسف الطائر دنا من الأرض.
2- 2. الاهاضیب: جمع أهضاب و هو جمع هضبة- كضربة- و هی المطرة. و الشآبیب جمع شؤبوب: و هو ما ینزل من المطر دفعة بشدة و كانما ینصب من جانب لا من أعلی. و البرك الصدر، و البوانی قوائم الناقة و الإضافة لادنی ملابسة؛ و بناء الكلام علی تشبیه السحاب بالناقة المحمول علیها. البعاع- بالفتح-: ثقل السحاب من الماء و هو عطف علی« برك». و العب ء- بالكسر-: الحمل. و الهوامد من الأرض التی لا نبات فیها.
3- 3. الزعر- محركة-: فتلة الشعر من الرأس، و الازعر: الموضع الذی قل نباته و الجمع زعر كأحمر و حمر. و البهج- كالمنع- السرور و الفرح. و تزدهی أی تكبر و تعجب. الریط- كعنب- جمع ریطة- بالفتح- قیل هی كل ثوب رقیق لین. و سمطت علی صیغة المفعول أی علقت. و فی بعض نسخ المصدر بالشین المعجمة و الشمیط من النبات ما كان فیه لون الخضرة مختلطا بلون الزهر. و الأنوار: جمع نور- بفتح النون و هو الزهر.

فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ وَ أَنْفَذَ أَمْرَهُ اخْتَارَ آدَمَ علیه السلام خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَ أَرْغَدَ فِیهَا أُكُلَهُ وَ أَوْعَزَ إِلَیْهِ (1) فِیمَا نَهَاهُ عَنْهُ وَ أَعْلَمَهُ أَنَّ فِی الْإِقْدَامِ عَلَیْهِ التَّعَرُّضَ لِمَعْصِیَتِهِ وَ الْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ- فَأَقْدَمَ عَلَی مَا نَهَاهُ عَنْهُ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِهِ فَأَهْبَطَهُ

بَعْدَ التَّوْبَةِ(2)

لِیَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ وَ لِیُقِیمَ الْحُجَّةَ بِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَمْ یُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِمَّا یُؤَكِّدُ عَلَیْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِیَّتِهِ وَ یَصِلُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَعْرِفَتِهِ بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلَی أَلْسُنِ الْخِیَرَةِ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ مُتَحَمِّلِی وَدَائِعِ رِسَالاتِهِ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّی تَمَّتْ بِنَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حُجَّتُهُ وَ بَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَ نُذُرُهُ وَ قَدَّرَ الْأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَ قَلَّلَهَا وَ قَسَّمَهَا عَلَی الضِّیقِ وَ السَّعَةِ فَعَدَلَ فِیهَا لِیَبْتَلِیَ مَنْ أَرَادَ بِمَیْسُورِهَا وَ مَعْسُورِهَا وَ لِیَخْتَبِرَ بِذَلِكَ الشُّكْرَ وَ الصَّبْرَ مِنْ غَنِیِّهَا وَ فَقِیرِهَا ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِیلَ (3) فَاقَتِهَا وَ بِسَلَامَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا وَ بِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا(4)

وَ خَلَقَ الْآجَالَ فَأَطَالَهَا وَ قَصَّرَهَا وَ قَدَّمَهَا وَ أَخَّرَهَا وَ وَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا وَ جَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشْطَانِهَا وَ قَاطِعاً لِمَرَائِرِ أَقْرَانِهَا- عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِینَ وَ نَجْوَی الْمُتَخَافِتِینَ وَ خَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ (5)

وَ عُقَدِ عَزِیمَاتِ الْیَقِینِ وَ مَسَارِقِ إِیمَاضِ الْجُفُونِ وَ مَا ضَمِنَتْهُ

ص: 328


1- 1. أو عزت الی فلان فی فعل أو ترك أی تقدمت و أمرت.
2- 2. هذا الكلام صریح فی أن الاهباط كان بعد التوبة. و هو ظاهر من قوله علیه السلام فی الخطبة الأولی من النهج« ثم بسط اللّٰه سبحانه فی توبته و لقاه كلمة رحمته و وعده المرد الی جنته فأهبطه الی دار البلیة و تناسل الذرّیة» و یناسبه ترتیب الكلام فی سورة طه و غیرها.
3- 3. العقابیل: الشدائد. جمع عقبولة- بالضم- و هی قروح صغار تخرج بالشفة غب الحمی و بقایا المرض.
4- 4. الفرح: السرور، و الفرج- كغرف- جمع فرجة و هی التفصی من الهم. و الترح- بالتحریك-: الهم و الهلاك و الانقطاع.
5- 5. خالجا أی جازبا لاشطانها و هی جمع شطن- كسبب- و هو الحبل الطویل. و المرائر: جمع مریرة و هی الحبال المفتولة علی أكثر من طاق و قیل الحبال الشدیدة الفتل. و الاقران جمع قرن- محركة- و هو فی الأصل الحبل تجمع به البعیران و لعل المراد بمرائر الاقران الآجال و الاعمار التی یرجی امتدادها لقوة المزاج و البینة. و التخافت: المكالمة السریة. و الخواطر: ما یخطر فی القلب من تدبیر امر، یقال خطر ببالی. و رجم الظنون كل ما یسبق إلیه الظنّ من غیر برهان.

أَكْنَانُ الْقُلُوبِ وَ غَیَابَاتُ الْغُیُوبِ وَ مَا أَصْغَتْ لِاسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الْأَسْمَاعِ وَ مَصَائِفُ الذَّرِّ وَ مَشَاتِی الْهَوَامِ (1) وَ رَجْعِ الْحَنِینِ مِنَ الْمُولَهَاتِ وَ هَمْسِ الْأَقْدَامِ وَ مُنْفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِنْ وَلَائِجِ غُلُفِ الْأَكْمَامِ وَ مُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِیرَانِ الْجِبَالِ وَ أَوْدِیَتِهَا وَ مُخْتَبَإِ الْبَعُوضِ بَیْنَ سُوقِ الْأَشْجَارِ وَ أَلْحِیَتِهَا وَ مَغْرِزِ الْأَوْرَاقِ مِنَ الْأَفْنَانِ وَ مَحَطِّ الْأَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الْأَصْلَابِ (2)

وَ نَاشِئَةِ الْغُیُومِ وَ مُتَلَاحِمِهَا وَ دُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِی مُتَرَاكِمِهَا وَ مَا تَسْفِی الْأَعَاصِیرُ بِذُیُولِهَا وَ تَعْفُو الْأَمْطَارُ بِسُیُولِهَا وَ عُوَمِ نَبَاتِ الْأَرْضِ فِی كُثْبَانِ الرِّمَالِ وَ مُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الْأَجْنِحَةِ بِذُرَی شَنَاخِیبِ الْجِبَالِ وَ تَغْرِیدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِی دَیَاجِیرِ الْأَوْكَارِ وَ مَا أَوْعَبَتْهُ الْأَصْدَافُ وَ حَضَنَتْ عَلَیْهِ

أَمْوَاجُ الْبِحَارِ وَ مَا غَشِیَتْهُ سُدْفَةُ لَیْلٍ أَوْ ذَرَّ عَلَیْهِ شَارِقُ نَهَارٍ وَ مَا اعْتَقَبَتْ عَلَیْهِ أَطْبَاقُ الدَّیَاجِیرِ وَ سُبُحَاتُ النُّورِ وَ أَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ وَ حِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ وَ رَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ(3) وَ

ص: 329


1- 1. أومض البرق ایماضا إذا لمع لمعا خفیا. و الكن- بالكسر- اسم لكل ما یستتر فیه الإنسان لدفع الحرّ و البرد من الابنیة. و غیابة كل شی ء ما یسترك منه. و المصائخ جمع مصاخ و هو مكان الاصاخة و هو ثقبة الاذن. أی خروقها التی تسمع. و المصائف محل الإقامة فی الصیف. و الذر صغار النمل. و المشاتی محل الإقامة فی الشتاء.
2- 2. و المولهات: الحزینات. و رجع الجنین: تردیده. و الهمس أخفی ما یكون من صوت القدم علی الأرض. و منفسح الثمرة: موضع نموها فی الاكمام. الولائج جمع ولیجة بمعنی البطانة الداخلیة. و الغلف- بضمتین و بضمة- جمع غلاف ككتاب، و الكم- بالكسر وعاء الطلع و غطاء النور: و المنقمع: موضع الاخفاء. و المختبأ موضع الاختباء و الاستتار. و سوق الاشجار جمع ساق أی أسفلها الذی تقوم علیه فروعها، و الألحیة جمع لحاء و هو قشر الشجرة. و غرزه فی الأرض- كضربه- اذا أدخله، و مغرز الاوراق موضع وصلها و الافنان الغصون، و المسارب المواضع التی یختفی، و الامشاج قیل مفرد كاعشار و أكیاش، و قیل جمع مشج بالفتح أو مشج- محركة- أو مشیج علی فعیل مثل یتیم و أیتام و أصله مأخوذ من مشج اذا خلط لأنّها مختلطة من جراثیم مختلفة كل منها یصلح لتكوین عضو من أعضاء البدن.
3- 3. التلاحم التلاؤم و الالتصاق و الاشتباك. و متلاحم الغیوم ما التصق منها بعضها ببعض. و الدرور: السیلان، و القطر- بالفتح-: المطر و الواحدة القطرة. و سفت الریح التراب أی ذرته و رمت به. و الاعاصیر: جمع اعصار و هی ریح تثیر السحاب أو تقوم علی. الأرض كالعمود. و« تعفو» أی تمحو. و العوم: السباحة. و الكثیب: التل من الرمل. و ذروة- بالضم و الكسر- أعلاه جمعها ذری. و الشناخیب رءوس الجبال كما مر. و غرد الطائر- كفرح-: رفع صوته، و ذوات المنطق من الطیور ما له صوت و غناء كأنّ غیرهم أبكم و لا یقدر علی النطق. و الدیاجیر جمع دیجور و هو الظلمة. و أوعبته: أی جمعته. و حضنت علیه أی ربته و ما حضنته الامواج العنبر و المسك و غیرهما. و السدفة- بالضم-: الظلمة. و ذر: طلع. و سبحات النور: درجاته و أطواره و مراته. و الرجع تردید الصوت.

تَحْرِیكِ كُلِّ شَفَةٍ وَ مُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ وَ مِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ وَ هَمَاهِمِ كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ وَ مَا عَلَیْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ أَوْ سَاقِطِ وَرَقَةٍ أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَةٍ أَوْ نُقَاعَةِ دَمٍ وَ مُضْغَةٍ(1)

أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وَ سُلَالَةٍ لَمْ یَلْحَقْهُ فِی ذَلِكَ كُلْفَةٌ وَ لَا اعْتَرَضَتْهُ فِی حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ وَ لَا اعْتَوَرَتْهُ فِی تَنْفِیذِ الْأُمُورِ(2) وَ تَدَابِیرِ الْمَخْلُوقِینَ مَلَالَةٌ وَ لَا فَتْرَةٌ بَلْ نَفَذَ فِیهِمْ عِلْمُهُ وَ أَحْصَاهُمْ عَدُّهُ وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ مَعَ تَقْصِیرِهِمْ (3) عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ- اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِیلِ وَ التَّعْدَادِ الْكَثِیرِ إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَیْرُ مَأْمُولٍ وَ إِنْ تُرْجَ فَأَكْرَمُ مَرْجُوٍّ اللَّهُمَّ وَ قَدْ بَسَطْتَ لِی لِسَاناً فِیمَا لَا أَمْدَحُ بِهِ غَیْرَكَ وَ لَا أُثْنِی بِهِ عَلَی أَحَدٍ سِوَاكَ وَ لَا أُوَجِّهُهُ إِلَی مَعَادِنِ الْخَیْبَةِ وَ مَوَاضِعِ الرِّیبَةِ وَ عَدَلْتَ بِلِسَانِی عَنْ مَدَائِحِ الْآدَمِیِّینَ وَ الثَّنَاءِ عَلَی الْمَرْبُوبِینَ الْمَخْلُوقِینَ اللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُثْنٍ عَلَی مَنْ أَثْنَی عَلَیْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ وَ قَدْ رَجَوْتُكَ دَلِیلًا عَلَی ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَ كُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ اللَّهُمَّ وَ هَذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِیدِ الَّذِی هُوَ لَكَ وَ

ص: 330


1- 1. الهمهمة: الصوت الخفی أو تردید الصوت فی الحلق- و« هامة» أی ذات همة و الضمیر فی علیها راجع الی الأرض و ان لم یسبق ذكرها و یعتمد فی مثله علی فهم المخاطب كقوله تعالی« كُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ». و النقاعة نقرة یجمع فیها الدم، و المضغة عطف علی« نقاعة» أی یعلم مقر جمیع ذلك« استفدنا كثیرا فی شرح هذه الخطب من بهجة الحدائق للسیّد محمّد ابن امیر شاء».
2- 2. اعتورته أی تداولته و تناولته.
3- 3. غمرهم أی غطاهم و سترهم كما یغمر البحر ما غاص فیه.

لَمْ یَرَ مُسْتَحِقّاً لِهَذِهِ الْمَحَامِدِ وَ الْمَمَادِحِ غَیْرَكَ وَ بِی فَاقَةٌ إِلَیْكَ لَا یَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلَّا فَضْلُكَ وَ لَا یَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلَّا مَنُّكَ وَ جُودُكَ-(1) فَهَبْ لَنَا فِی هَذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ وَ أَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الْأَیْدِی إِلَی سِوَاكَ- إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

«18»- جَوَابُهُ علیه السلام لِلْیَهُودِیِّ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَتَی كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لَهُ علیه السلام یَا یَهُودِیُّ مَا كَانَ لَمْ یَكُنْ رَبُّنَا فَكَانَ وَ إِنَّمَا یُقَالُ مَتَی كَانَ لِشَیْ ءٍ لَمْ یَكُنْ فَكَانَ هُوَ كَائِنٌ بِلَا كَیْنُونَةِ كَائِنٍ لَمْ یَزَلْ لَیْسَ لَهُ قَبْلٌ هُوَ قَبْلَ الْقَبْلِ وَ قَبْلَ الْغَایَةِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْغَایَاتُ فَهُوَ غَایَةُ كُلِّ غَایَةٍ.

«19»- مِنْ كِتَابِ مَطَالِبِ السَّئُولِ (2)،

لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ-: مِنْ خُطَبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا ذَكَرَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صِفِّینَ أَحْمَدُهُ اسْتِتْمَاماً لِنِعْمَتِهِ وَ اسْتِسْلَاماً لِعِزَّتِهِ وَ اسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِیَتِهِ وَ أَسْتَعِینُهُ فَاقَةً إِلَی كِفَایَتِهِ إِنَّهُ لَا یَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ وَ لَا یَئِلُ مَنْ عَادَاهُ وَ لَا یَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مَا وُزِنَ (3) وَ أَفْضَلُ مَا خُزِنَ- وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا وَ نَدَّخِرُهَا لِأَهْوَالِ مَا یَلْقَانَا فَإِنَّهُ عَزِیمَةُ الْإِیمَانِ وَ فَاتِحَةُ الْإِحْسَانِ وَ مَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ وَ مَدْحَرَةُ الشَّیْطَانِ (4)

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالدِّینِ الْمَشْهُورِ وَ الْعَلَمِ الْمَأْثُورِ وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ وَ النُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّیَاءِ اللَّامِعِ وَ الْأَمْرِ الصَّادِعِ إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ وَ احْتِجَاجاً بِالْبَیِّنَاتِ وَ تَحْذِیراً بِالْآیَاتِ وَ تَخْوِیفاً بِالْمَثُلَاتِ- وَ النَّاسُ فِی فِتَنٍ انْجَذَمَ

ص: 331


1- 1. نعشه: رفعه. و الخلة- بالفتح-: الفقر. و المن: الاحسان.
2- 2. المصدر ص 58 و فی النهج تحت رقم 2.
3- 3. وأل یئل: نجی و خلص. و الضمیر فی« انه» راجع الی الحمد المفهوم من أحمده و قد یكون الضمیر عائدا للّٰه.
4- 4. مصاص كل شی ء خالصه، و الاهاویل جمع الاهوال، و دحره- كمنعه- طرده و أبعده.

فِیهَا حَبْلُ الدِّینِ وَ تَزَعْزَعَتْ سَوَارِی الْیَقِینِ فَاخْتَلَفَ النَّجْرُ(1)

وَ تَشَتَّتَ الْأَمْرُ وَ ضَاقَ الْمَخْرَجُ وَ عَمِیَ الصَّدْرُ فَالْهُدَی خَامِلٌ وَ الْعَمَی شَامِلٌ عُصِیَ الرَّحْمَنُ وَ نُصِرَ الشَّیْطَانُ وَ خُذِلَ الْإِیمَانُ فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ وَ تَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ وَ دَرَسَتْ سُبُلُهُ وَ عَفَتْ شُرُكُهُ (2) أَطَاعُوا الشَّیْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ وَ وَرَدُوا مَنَاهِلَهُ بِهِمْ سَارَتْ أَعْلَامُهُ وَ قَامَ لِوَاؤُهُ فِی فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ بِأَخْفَافِهَا وَ وَطِئَتْهُمْ بِأَظْلَافِهَا وَ قَامَتْ عَلَی سَنَابِكِهَا(3)

فَهُمْ فِیهَا تَائِهُونَ حَائِرُونَ جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِی خَیْرِ دَارٍ وَ شَرِّ جِیرَانٍ نَوْمُهُمْ سُهُودٌ(4) وَ كُحْلُهُمْ دُمُوعٌ بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ وَ جَاهِلُهَا مُكْرَمٌ.

«20»- وَ منها(5)،[المنهاج]: أَیُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَ عَرِّجُوا عَنْ طَرِیقِ الْمُنَافَرَةِ وَ ضَعُوا تِیجَانَ الْمُفَاخَرَةِ أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ مَاءٌ آجِنٌ وَ لُقْمَةٌ یَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا وَ مُجْتَنِی الثَّمَرَةِ لِغَیْرِ وَقْتِ إِینَاعِهَا(6) كَالزَّارِعِ بِغَیْرِ أَرْضِهِ فَإِنْ أَقُلْ یَقُولُوا حَرَصَ عَلَی الْمُلْكِ وَ إِنْ أَسْكُتْ یَقُولُوا جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ هَیْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَیَّا وَ الَّتِی وَ اللَّهِ لَابْنُ أَبِی طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْیِ أُمِّهِ بَلِ

ص: 332


1- 1. المثلات- بفتح فضم-: العقوبات، و انجذم أی انقطع، و السواری جمع ساریة العمود و الدعامة، و تزعزت أی اضطربت، و النجر- بفتح النون و سكون الجیم-: الأصل.
2- 2. انهارت أی هوت و سقطت، و تنكرت أی تغیرت من حال تسر الی حال تكره. و درست كاندرست أی انطمست. و الشرك- بضمتین- جمع شراك و هی الطریق.
3- 3. الاظلاف جمع ظلف- بالكسر- للبقر و الشاة و شبههما كالخف للبعیر، و القدم للإنسان. و السنابك جمع سنبك- كقنفد- و هو طرف الحافر.
4- 4. السهود عدم النوم و ذلك كما یقال: جوده بخل، و هكذا بعده.
5- 5. المصدر ص 59.
6- 6. عرج عن الشی ء: تركه، و الظاهر أن المعنی فاز من قام فی طلب المقصود اذا تهیأ أسبابه، و وجد أعوانا، و الجناح عبارة عنها أو انفاد لما یجری علیه و قعد عن الطلب رأسا إذا فقد أسبابه، و المراد بالماء الآجن الخلافة و الامارة مطلقا و الآجن: المتغیر الطعم و اللون، لا یستساغ.

انْدَمَجْتُ عَلَی مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمْ اضْطِرَابَ الْأَرْشِیَةِ فِی الطَّوِیِّ الْبَعِیدَةِ(1).

«21»- وَ مِنْ خُطَبِهِ ع (2): أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِوَادِعٍ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ أَلَا وَ إِنَّ الْیَوْمَ الْمِضْمَارَ وَ غَداً السِّبِاقَ وَ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ وَ الْغَایَةَ النَّارُ أَ فَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِیئَتِهِ قَبْلَ مَنِیَّتِهِ (3)

أَ لَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ یَوْمِ بُؤْسِهِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی أَیَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِی أَیَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ یَضْرُرْهُ أَجَلُهُ وَ مَنْ قَصَّرَ فِی أَیَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُهُ وَ ضَرَّهُ أَجَلُهُ أَلَا فَاعْمَلُوا فِی الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ فِی الرَّهْبَةِ أَلَا وَ إِنِّی لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا أَلَا وَ إِنَّهُ مَنْ لَا یَنْفَعْهُ الْحَقُّ یَضْرُرْهُ الْبَاطِلُ وَ مَنْ لَا یَسْتَقِیمُ بِهِ الْهُدَی یَجُرُّ بِهِ الضَّلَالُ أَلَا وَ إِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ (4)

وَ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ بِهِ عَلَیْكُمْ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ تَزَوَّدُوا فِی الدُّنْیَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً.

«22»- وَ مِنْ خُطَبِهِ ع (5): فِی اسْتِنْفَارِ النَّاسِ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ وَ قَدْ تَثَاقَلُوا أُفٍّ لَكُمْ قَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ أَ رَضِیتُمْ مِنَ الْآخِرَةِ بِالْحَیَاةِ الدُّنْیَا عِوَضاً وَ بِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خُلُقاً إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْیُنُكُمْ كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِی غَمْرَةٍ وَ مِنَ الذُّهُولِ فِی سَكْرَةٍ تُرْتَجُ عَلَیْكُمْ حِوَارِی فَتَعْمَهُونَ (6)

فَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ

ص: 333


1- 1. اندمج الشی ء اذ أدخل فی شی ء و استحكم فیه، و الارشیة جمع رشاء بمعنی الجبل و الطوی: جمع طویة و هی البئر و البعیدة أی العمیقة.
2- 2. مطالب السئول ص 59. و النهج تحت رقم 28.
3- 3. المنیة: الموت.
4- 4. الظعن: الرحیل.
5- 5. مطالب السئول ص 59. و النهج تحت رقم 34.
6- 6. الغمرة: الشدة و غمرات الموت شدائده. و یرتج أی یغلق. و الحوار: هو مراجعة الكلام. و العمة: عمی البصیرة. أی لا تهتدون لفهمه. و تتحیرون و تترددون، و الذهول: النیسان لشغل و الترك و الغیبة عن الرشد.

مَأْلُوسَةٌ فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ مَا أَنْتُمْ لِی بِثِقَةٍ سَجِیسَ اللَّیَالِی وَ مَا أَنْتُمْ لِی بِرُكْنٍ یُمَالُ بِكُمْ وَ لَا زَوَافِرُ عِزٍّ یُفْتَقَرُ إِلَیْكُمْ (1) مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا فَكُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ جَانِبٍ لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ تُكَادُونَ وَ لَا تَقْتَدُونَ (2) وَ تُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ وَ لَا تَمْتَعِضُونَ (3) وَ لَا یُنَامُ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ فِی غَفْلَةٍ سَاهُونَ- غُلِبَ وَ اللَّهِ الْمُتَخَاذِلُونَ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَظَلُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَی (4)

وَ اسْتَحَرَّ الْمَوْتُ فَقَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ (5) وَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأً یُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ یَعْرُقُ لَحْمَهُ وَ یَهْشِمُ عَظْمَهُ وَ یَفْرِی جِلْدَهُ لَعَظِیمٌ عَجُزُهُ ضَعِیفٌ قَلْبُهُ (6)

حَرِجٌ صَدْرُهُ أَنْتَ (7) فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِیَ ذَاكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِیَّةِ تَطِیرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ (8) وَ تَطِیحُ السَّوَاعِدُ وَ الْأَقْدَامُ (9) وَ یَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ ما یَشاءُ.

ص: 334


1- 1. المألوسة: المخلوطة بمس الجنون. و سجیس- بفتح فكسر- كلمة تقال بمعنی أبدا و أصله من سجس الماء بمعنی تغیر و كدر. أی انهم لیسوا بثقاة عنده یركن الیهم أبدا. و زوافر المجد: أسبابه و أعمدته. و من البناء ركنه، و من الرجل عشیرته و أنصاره. و قوله« یمال بكم» أی یمال علی العدو بعزكم و قوتكم، و هو وصف لهم بالضعف و الذل.
2- 2. السعر: أصله مصدر« سعر النار» من باب نفع-: أوقدها أی لبئس ما توقد به الحرب أنتم- و یقال: ان« سعر» جمع ساعر. و فی النهج« تكادون و لا تكیدون».
3- 3. امتعض أی غضب.
4- 4. حمس- كفرح- اشتد و صلب. و الوغی: الحرب.
5- 5. مثل لشدة التفرق یعنی أن الرأس إذا انفرج عن الجسد لا یعود إلیه ثانیا.
6- 6. عرق اللحم- كنصر- أكله و لم یبق منه علی العظم. و الهشم: الكسر، و فراه یفریه: مزقه. و فی النهج« ضعیف ما ضمنت علیه جوانح صدره».
7- 7. الخطاب فی« أنت» عام لكل من مكن عدوه من نفسه.
8- 8.« أنا» مبتدأ و« ضرب» خبره بمعنی الضارب و« أعطی» علی صیغة المعلوم.
9- 9. أی لا یمكن عدوه من نفسه حتّی یكون دون ذلك ضرب بالمشرفیة. و هی السیوف التی تنسب الی مشارف و هی قری من أرض العرب تدنو من الریف. و قیل: ان المشرفیة نسبة الی موضع فی بلاد الیمن لا الی مشارف الشام. و فراش. الهام: العظام الرقیقة التی تلی القحف. و قوله« تطیح السواعد» أی تسقط و فعله كباع.

«23»- وَ مِنْ خُطَبِهِ ع (1): الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنْ أَتَی الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ وَ الْحَدَثِ الْجَلِیلِ (2) فَإِنَّهُ لَا یَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لَا یُعْطَی الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ أَلَا وَ إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ وَ لَا أَعْلَمُ جُنَّةً أَوْقَی مِنْهُ وَ مَا یَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَیْفَ الْمَرْجِعُ (3)

وَ لَقَدْ أَصْبَحْنَا فِی

زَمَانٍ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أهل [أَهْلِهِ] الْغَدْرَ كَیْساً وَ نَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِیهِ إِلَی حُسْنِ الْحِیلَةِ مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ قَدْ یَرَی الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ بِوَجْهِ الْحِیلَةِ وَ دُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ نَهْیِهِ (4) فَیَدَعُهَا رَأْیَ عَیْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَیْهَا وَ یَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَا حَرِیجَةَ لَهُ فِی الدِّینِ (5).

«24»- وَ مِنْ كَلَامِهِ فِی بَعْضِ مَوَاقِفِ صِفِّینَ (6): مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ وَ تَجَلْبَبُوا السَّكِینَةَ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ (7)

وَ أَكْمِلُوا اللَّأْمَةَ(8) وَ قَلْقِلُوا السُّیُوفَ فِی أَغْمَادِهَا قَبْلَ

ص: 335


1- 1. مطالب السئول ص 59.
2- 2. قولهم: جل الخطب أی عظم الامر و الشأن. و الفادح: الثقیل. و الحدث: الامر الحادث المنكر.
3- 3. المرجع اما مصدر أی علم كیف الرجوع إلی اللّٰه، او اسم مكان أی علم بكیفیة المعاد.
4- 4. رجل حول قلب- بضم الأول و تشدید الثانی من اللفظین-: أی بصیر بتحویل الأمور و تقلیبها قدیری وجه الحیلة فی بلوغ مراده لكن یجددون الوصول بمراده مانعا من أمر اللّٰه و نهیه، فیدع الحیلة و هو قادر علیها و تركها خوفا من عقاب اللّٰه سبحانه.
5- 5. الانتهاز اغتنام الفرصة و الحریجة- بالحاء المهملة-: التحرج أی التحرز من الاثم.
6- 6. المصدر ص 51.
7- 7. استشعر: لبس الشعار، و هو ما یلی البدن من الثیاب، و الجلباب ما تغطی به المرأة ثیابها من فوق. و النواجذ جمع الناجذ و هو أقص الأضراس و الهام: الرأس.
8- 8. اللأمة- بفتح اللام و الهمزة الساكنة- الدرع و اكمالها أن یزاد علیها البیضة. و نحوها و قد یراد بها آلات الحرب و الدفاع و اكمالها استیفاؤها. و فائدة القلقلة التحرز من عدم خروجها حالة الحاجة. و الخزر- محركة: النظر بلحظ العین. و الشرر- بالفتح الطعن عن الیمین و الشمال. و المنافجة: المضاربة و المدافعة. و الظبی- بالضم-: جمع ظبة- بالضم أیضا- و هی طرف السیف و حدّه. و« صلوا» من الوصل، أی اجعلوا سیوفكم متصلة بخطاء أعدائكم. أو إذا قصرت سیوفكم عن الوصول الی أعدائكم فصلوها بخطاكم.

سَلِّهَا وَ الْحَظُوا الْخَزْرَ وَ اطْعُنُوا الشَّزْرَ وَ نَافِحُوا بِالظُّبَی وَ صِلُوا السُّیُوفَ بِالْخُطَا وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَیْنِ اللَّهِ تَعَالَی (1)

وَ مَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَاوِدُوا الْكَرَّ وَ اسْتَحْیُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ فِی الْأَعْقَابِ وَ نَارٌ یَوْمَ الْحِسَابِ وَ طِیبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَ امْشُوا إِلَی الْمَوْتِ مَشْیاً سُجُحاً(2)

وَ عَلَیْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَ الرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ كَامِنٌ فِی كِسْرِهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ یَداً وَ أَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً صَمْداً حَتَّی یَنْجَلِیَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ- وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (3).

«25»- وَ مِنْ كَلَامِهِ فِی خُطَبِهِ (4): رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَبِعَ حُكْماً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ(5)

ص: 336


1- 1. و قوله« بعین اللّٰه» أی ملحوظون بها.
2- 2.« طیبوا عن أنفسكم نفسا» أی ارضوا ببذلها فكم تبذلونها الیوم لتحرزوها غدا و السجح- بضمتین و تقدیم المعجمة-: السهل.
3- 3. و الرواق ككتاب الفسطاط، و المطنب: المشدود بالاطناب. و ثبج الشی ء- بالتحریك وسطه. و الكسر- بكسر الكاف- شقه الاسفل- و كمن- كنصر- أی استخفی، و المراد بالسواد الأعظم أهل الشام و بالرواق المطنب معاویة نفسه، و الشیطان الكامن لعله عمرو بن العاص. و قوله فصمدا صمدا أی فاثبتوا علی قصدكم، و الصمد: القصد. و لن یتركم أی لا ینقصكم شیئا.
4- 4. مطالب السئول ص 59.
5- 5. الحجزة- بالضم-: موضع شد الازار. و معقده و من السراویل موضع التكة و المراد الاقتداء و التمسك.

هَادٍ فَنَجَا وَ رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ وَ قَدَّمَ خَالِصاً وَ اكْتَسَبَ مَذْخُوراً(1)

وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً وَ رَمَی غَرَضاً(2)

وَ أَحْرَزَ عِوَضاً وَ كَابَرَ هَوَاهُ (3) وَ كَذَّبَ مُنَاهُ وَ جَعَلَ الصَّبْرَ عَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ وَ رَكِبَ الطَّرِیقَةَ الْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ وَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ (4) وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَمَلِ.

«26»- وَ مِنْ خُطَبِهِ ع (5): یُوَبِّخُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ قَدْ تَثَاقَلُوا فِی الْخُرُوجِ إِلَی الْخَوَارِجِ مَعَهُ أَیَّتُهَا الْفِئَةُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمُ الْمُتَفَرِّقَةُ أَدْیَانُهُمْ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا غَرَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ وَ لَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ (6) كَلَامُكُمْ یُوهِنُ الصُّمَّ الصِّلَابَ وَ فِعْلُكُمْ یُطْمِعُ فِیكُمُ عَدُوَّكُمْ الْمُرْتَابَ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَی أَمْرٍ فِیهِ صَلَاحُكُمْ وَ الذَّبُّ عَنْ حَرِیمِكُمْ اعْتَرَاكُمُ الْفَشَلُ وَ جِئْتُمْ بِالْعِلَلِ ثُمَّ قُلْتُمْ كَیْتَ وَ كَیْتَ وَ ذَیْتَ وَ ذَیْتَ أَعَالِیلُ بِأَضَالِیلَ وَ أَقْوَالِ الْأَبَاطِیلِ ثُمَّ سَأَلْتُمُونِی التَّأْخِیرَ دِفَاعَ ذِی الدَّیْنِ الْمَطُولِ-(7)

هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ إِنَّهُ لَا یَدْفَعُ الضَّیْمَ

ص: 337


1- 1. أی عمل بما افترض اللّٰه علیه و یذخر ثوابه لیوم حاجته.
2- 2. أی قصد الی الحق فأصابه.
3- 3. كابره: غالبه و خالفه، و المكابرة: المغالبة.
4- 4. الغراء: النیرة الواضحة، و المحجة: جادة الطریق و معظمه و المراد سبیل الحق و منهج العدل. و المهل هنا بمعنی مدة الحیاة مع العافیة.
5- 5. روی أن هذه الخطبة خطبها أمیر المؤمنین عند اغارة الضحّاك بن قیس بعد قصة الحكمین و عزمه علی المسیر الی قتال معاویة.
6- 6. قاساه- مقاساة- الالم: كابده و عالج شدته.
7- 7.« كیت و كیت» یكنی بهما عن الحدیث و الخبر، یقول فلان كیت و كیت. و هكذا ذیت و ذیت كنایة عن الحدیث و الفعل. و قوله« أعالیل بأضالیل» خبر مبتدأ محذوف أی و إذا دعوتكم الی القتال تعللتم بأعالیل هی باطلة ضلالا عن سبیل اللّٰه. و المطول تطویل الموعد و المطل فیه، و الكثیر المطل- بالفتح- و هو التسویف بالعدة أی دفاعكم كدفاعه.

الذُّلُ (1)

وَ لَا یُدْرَكُ الْحَقُّ إِلَّا بِالْجِدِّ فَخَبِّرُونِی یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَعَ أَیِّ إِمَامٍ بَعْدِی تُقَاتِلُونَ أَمْ أَیَّةُ دَارٍ تَمْنَعُونَ الذَّلِیلُ وَ اللَّهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ وَ الْمَغْرُورُ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ وَ أَصْبَحْتُ وَ لَا أَطْمَعُ فِی نَصْرِكُمْ وَ لَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ فَرَقَّ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ أَبْدَلَكُمْ بِی غَیْرِی وَ أَبْدَلَنِی بِكُمْ مَنْ هُوَ خَیْرٌ لِی مِنْكُمْ أَمَا إِنَّهُ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی ذُلًّا شَامِلًا وَ سُیُوفاً قَاطِعَةً وَ أَثَرَةً قَبِیحَةً یَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ عَلَیْكُمْ سُنَّةً فَتَبْكِی عُیُونُكُمْ وَ یَدْخُلُ الْفَقْرُ بُیُوتَكُمْ وَ قُلُوبَكُمْ وَ تَتَمَنَّوْنَ فِی بَعْضِ حَالاتِكُمْ أَنَّكُمْ رَأَیْتُمُونِی فَنَصَرْتُمُونِی وَ أَرَقْتُمْ دِمَاءَكُمْ دُونِی فَلَا یُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ- یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَعِظُكُمْ فَلَا تَتَّعِظُونَ وَ أُوقِظُكُمْ فَلَا تَسْتَیْقِظُونَ إِنَّ مَنْ فَازَ بِكُمْ فَقَدْ فَازَ بِالْخَیْبَةِ وَ مَنْ رَمَی بِكُمْ فَقَدْ رَمَی بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ أُفٍّ لَكُمْ لَقَدْ لَقِیتُ مِنْكُمْ تَرَحاً(2)

یَوْماً أُنَادِیكُمْ وَ یَوْماً أُدَاجِیكُمْ (3)

فَلَا أَحْرَارٌ عِنْدَ النِّدَاءِ وَ لَا ثَبَتَةٌ عِنْدَ الْمَصَائِبِ فَیَا لَلَّهِ مَا ذَا مُنِیتُ بِهِ مِنْكُمْ (4) لَقَدْ مُنِیتُ بِصُمٍّ لَا یَسْمَعُونَ وَ كُمْهٍ لَا یُبْصِرُونَ وَ بُهْمٍ لَا یَعْقِلُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنِّی حِینَ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِی حَمَلْتُكُمْ عَلَی الْمَكْرُوهِ مِنِّی فَإِذَا اسْتَقَمْتُمْ هُدِیتُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ بَدَأْتُ بِكُمْ لَكَانَتِ الزُّلْفَی وَ لَكِنِّی تَوَاخَیْتُ لَكُمْ وَ تَوَانَیْتُ عَنْكُمْ وَ تَمَادَیْتُ فِی غَفْلَتِكُمْ فَكُنْتُ أَنَا وَ أَنْتُمْ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ أَمَرْتُهُمْ***بِأَمْرِی بِمُنْعَرَجِ اللِّوَی فَلَمْ

تَسْتَبِینُوا الرُّشْدَ إِلَّا ضُحَی الْغَدِ(5)

ص: 338


1- 1. كذا، و الضیم: الظلم- و فی النهج و أمالی الشیخ ج 1 ص 183« و لا یدفع الضیم الذلیل». و هو الاصوب.
2- 2. الافوق من السهام: المكسور الفوق. و الفوق موضع الوتر من السهم. و الناصل: العاری عن النصل و لا یخفی طیش السهم الذی لا فوق له و لا نصل فانه لا یكاد یتجاوز عن القوس، أی من رمی بهم فكأنّما رمی بسهم لا یثبت فی الوتر حتّی یرمی، و ان رمی به لم یصب مقتلا إذا لا نصل له. و الترح: ضد الفرح.
3- 3. أی اداریكم. و فی النهج« اناجیكم».
4- 4. منیت أی بلیت.
5- 5. البیت من قصیدة درید بن الصمة. و منعرج اللوی اسم مكان، و أصل اللوی من الرمل: الجدد بعد الرملة. و منعرجه: منعطفه یمنة و یسرة.

اللَّهُمَّ إِنَّ دِجْلَةَ وَ الْفُرَاتَ نَهَرَانِ أَصَمَّانِ أَبْكَمَانِ فَأَرْسِلْ عَلَیْهِمْ مَاءَ بَحْرِكَ وَ انْزِعْ عَنْهُمْ مَاءَ نَصْرِكَ حَبَّذَا إِخْوَانِیَ الصَّالِحِینَ إِنْ دُعُوا إِلَی الْإِسْلَامِ قَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ وَ نَدَبُوا إِلَی الْجِهَادِ فَطَلَبُوهُ فَحَقِیقٌ لَهُمُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ وَا شَوْقَاهْ إِلَی تِلْكَ الْوُجُوهِ ثُمَّ ذَرَفَتْ عَیْنَاهُ وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِلَی مَا صِرْتُ إِلَیْهِ صِرْتُ إِلَی قَوْمٍ إِنْ أَمَرْتُهُمْ خَالَفُونِی وَ إِنِ اتَّبَعْتُهُمْ تَفَرَّقُوا عَنِّی جَعَلَ اللَّهُ لِی مِنْهُمْ فَرَجاً عَاجِلًا ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- إِنَّ النَّاسَ قَدْ نَدِمُوا عَلَی تَثَبُّطِهِمْ وَ قُعُودِهِمْ وَ عَلِمُوا أَنَّ الْحَظَّ فِی إِجَابَتِكَ لَهُمْ فَعَاوِدْهُمْ فِی الْخُطْبَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ وَ نُودِیَ فِی النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا فَلَمَّا غَصَّ الْمَسْجِدُ بِالنَّاسِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ خَطَبَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ.

«27»- فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی أَطْرَافِكُمْ قَدِ انْتَقَصَتْ وَ إِلَی بِلَادِكُمْ تُغْزَی وَ أَنْتُمْ ذُو عَدَدٍ جَمٍّ وَ شَوْكَةٍ شَدِیدَةٍ فَمَا بَالُكُمُ الْیَوْمَ لِلَّهِ أَبُوكُمْ مِنْ أَیْنَ تُؤْتَوْنَ وَ مِنْ أَیْنَ تُسْخَرُونَ وَ أَنَّی تُؤْفَكُونَ انْتَبِهُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ تَحَرَّكُوا لِحَرْبِ عَدُوِّكُمْ فَقَدْ أَبْدَتِ الرَّغْوَةُ عَنِ الصَّرِیخِ لِذِی عَیْنَیْنِ وَ قَدْ أَضَاءَ الصُّبْحُ لِذِی عِشَاءٍ فَاسْمَعُوا قَوْلِی هَدَاكُمُ اللَّهُ إِذَا قُلْتُ- وَ أَطِیعُوا أَمْرِی إِذَا أَمَرْتُ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ أَطَعْتُمُونِی لَنْ تَغْوُوا وَ إِنْ عَصَیْتُمُونِی لَنْ تَرْشُدُوا خُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا(1)

وَ أَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا وَ اخْرُجُوا لَهَا فَقَدْ شَبَّتْ وَ أَوْقَدَتْ نَارَهَا وَ تَحَرَّكَ لَكُمُ الْفَاسِقُونَ لِكَیْ یُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ وَ یَغْزُوا عِبَادَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ إِنْ لَوْ لَقِیتُمْ وَحْدِی وَ هُمْ أَضْعَافُ مَا هُمْ عَلَیْهِ لَمَا كُنْتُ بِالَّذِی أَهَابُهُمْ وَ لَا أَسْتَوْحِشُ مِنْهُمْ وَ مِنْ قِتَالِهِمْ فَإِنِّی مِنْ ضَلَالَتِهِمُ الَّتِی هُمْ عَلَیْهَا وَ الْحَقِّ الَّذِی أَنَا عَلَیْهِ لَعَلَی بَصِیرَةٍ وَ یَقِینٍ وَ إِنِّی إِلَی لِقَاءِ رَبِّی لَمُشْتَاقٌ وَ بِحُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ وَ هَذَا الْقَلْبُ الَّذِی أَلْقَاهُمْ بِهِ هُوَ الْقَلْبُ الَّذِی لَقِیتُ بِهِ الْكُفَّارَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ الْقَلْبُ الَّذِی لَقِیتُ بِهِ أَهْلَ الْجَمَلِ وَ أَهْلَ صِفِّینَ لَیْلَةَ الْهَرِیرِ فَإِذَا أَنَا نَفَرْتُكُمْ فَ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ

ص: 339


1- 1. الاهبة: الأسباب و الآلات.

ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَ إِیَّاهُمْ عَلَی الْهُدَی وَ جَنِّبْنَا وَ إِیَّاهُمُ الْبَلْوَی وَ اجْعَلِ الْآخِرَةَ لَنَا وَ لَهُمْ خَیْراً مِنَ الْأُولَی فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ أَجَابَهُ النَّاسُ سِرَاعاً فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَی الْخَوَارِجِ.

«28»- وَ نُقِلَ أَنَّ جَمَاعَةً حَضَرُوا لَدَیْهِ وَ تَذَاكَرُوا فَضْلَ الْخَطِّ وَ مَا فِیهِ فَقَالُوا لَیْسَ فِی الْكَلَامِ أَكْثَرُ مِنَ الْأَلِفِ وَ یَتَعَذَّرُ النُّطْقُ بِدُونِهَا فَقَالَ لَهُمْ فِی الْحَالِ هَذِهِ الْخُطْبَةَ مِنْ غَیْرِ سَابِقِ فِكْرَةٍ وَ لَا تَقَدُّمِ رَوِیَّةٍ وَ سَرَدَهَا وَ لَیْسَ فِیهَا أَلِفٌ- حَمِدْتُ مَنْ عَظُمَتْ مِنَّتُهُ وَ سَبَغَتْ نِعْمَتُهُ وَ تَمَّتْ كَلِمَتُهُ وَ نَفَذَتْ مَشِیَّتُهُ وَ بَلَغَتْ حُجَّتُهُ وَ عَدَلَتْ قَضِیَّتُهُ وَ سَبَقَتْ غَضَبَهُ رَحْمَتُهُ حَمِدْتُهُ حَمْدَ مُقِرٍّ بِرُبُوبِیَّتِهِ مُتَخَضِّعٍ لِعُبُودِیَّتِهِ مُتَنَصِّلٍ مِنْ خَطِیئَتِهِ مُعْتَرِفٍ بِتَوْحِیدِهِ مُسْتَعِیذٍ مِنْ وَعِیدِهِ مُؤَمِّلٍ مِنْ رَبِّهِ مَغْفِرَةً تُنْجِیهِ یَوْمَ یَشْغَلُ كُلٌّ عَنْ فَصِیلَتِهِ وَ بَنِیهِ وَ نَسْتَعِینُهُ وَ نَسْتَرْشِدُهُ وَ نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ شَهِدْتُ لَهُ شُهُودَ عَبْدٍ مُخْلِصٍ مُوقِنٍ وَ فَرَّدْتُهُ تَفْرِیدَ مُؤْمِنٍ مُتَیَقِّنٍ وَ وَحَّدْتُهُ تَوْحِیدَ عَبْدٍ مُذْعِنٍ لَیْسَ لَهُ شَرِیكٌ فِی مُلْكِهِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلِیٌّ فِی صُنْعِهِ جَلَّ عَنْ مُشِیرٍ وَ وَزِیرٍ(1)

وَ عَوْنٍ وَ مُعِینٍ وَ نَظِیرٍ عَلِمَ فَسَتَرَ وَ بَطَنَ فَخَبَرَ وَ مَلَكَ فَقَهَرَ وَ عُصِیَ فَغَفَرَ وَ عُبِدَ فَشَكَرَ وَ حَكَمَ فَعَدَلَ وَ تَكَرَّمَ وَ تَفَضَّلَ لَنْ یَزُولَ وَ لَمْ یَزَلْ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ بَعْدَ كُلِّ شَیْ ءٍ رَبٌّ مُتَفَرِّدٌ بِعِزَّتِهِ مُتَمَكِّنٌ بِقُوَّتِهِ مُتَقَدِّسٌ بِعُلُوِّهِ مُتَكَبِّرٌ بِسُمُوِّهِ لَیْسَ یُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَ لَمْ یُحِطْ بِهِ نَظَرٌ قَوِیٌّ مَنِیعٌ بَصِیرٌ سَمِیعٌ (2)

رَءُوفٌ رَحِیمٌ عَجَزَ عَنْ وَصْفِهِ مَنْ وَصَفَهُ وَ ضَلَّ عَنْ نَعْتِهِ مَنْ عَرَفَهُ قَرُبَ فَبَعُدَ وَ بَعُدَ فَقَرُبَ یُجِیبُ دَعْوَةَ مَنْ یَدْعُوهُ وَ یَرْزُقُهُ وَ یَحْبُوهُ ذُو لُطْفٍ خَفِیٍّ وَ بَطْشٍ قَوِیٍّ وَ رَحْمَةٍ مُوسَعَةٍ وَ عُقُوبَةٍ مُوجِعَةٍ رَحْمَتُهُ جَنَّةٌ عَرِیضَةٌ مُونِقَةٌ وَ عُقُوبَتُهُ جَحِیمٌ مَمْدُودَةٌ مُوبِقَةٌ وَ شَهِدْتُ بِبَعْثِ مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ وَ نَبِیِّهِ وَ صَفِیِّهِ وَ حَبِیبِهِ وَ خَلِیلِهِ بَعَثَهُ فِی خَیْرِ عَصْرٍ وَ حِینَ فَتْرَةٍ وَ كُفْرٍ رَحْمَةً لِعَبِیدِهِ وَ مِنَّةً لِمَزِیدِهِ خَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ وَ وَضَحَتْ بِهِ حُجَّتُهُ فَوَعَظَ وَ نَصَحَ وَ بَلَّغَ وَ كَدَحَ رَءُوفٌ

ص: 340


1- 1. و فی« كف» أی مصباح الكفعمیّ« و تنزّه عن مثل- خ ل».
2- 2. زاد فی كف« علی حكیم».

بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَحِیمٌ سَخِیٌّ رَضِیٌّ وَلِیٌّ زَكِیٌّ عَلَیْهِ رَحْمَةٌ وَ تَسْلِیمٌ وَ بَرَكَةٌ وَ تَعْظِیمٌ وَ تَكْرِیمٌ مِنْ رَبٍّ غَفُورٍ رَحِیمٍ قَرِیبٍ مُجِیبٍ حَلِیمٍ وَصَّیْتُكُمْ مَعْشَرَ مَنْ حَضَرَ بِوَصِیَّةِ رَبِّكُمْ- وَ ذَكَّرْتُكُمْ سُنَّةَ نَبِیِّكُمْ فَعَلَیْكُمْ بِرَهْبَةٍ تُسْكِنُ قُلُوبَكُمْ وَ خَشْیَةٍ تدری [تُذْرِی] دُمُوعَكُمْ وَ تَقِیَّةٍ تُنْجِیكُمْ قَبْلَ یَوْمِ یُذْهِلُكُمْ وَ یَبْتَلِیكُمْ یَوْمَ یَفُوزُ فِیهِ مَنْ ثَقُلَ وَزْنُ حَسَنَتِهِ وَ خَفَّ وَزْنُ سَیِّئَتِهِ وَ عَلَیْكُمْ بِمَسْأَلَةِ(1)

ذُلٍّ وَ خُضُوعٍ وَ تَمَلُّقٍ وَ خُشُوعٍ وَ تَوْبَةٍ وَ نُزُوعٍ وَ لْیَغْنَمْ كُلٌ (2) مِنْكُمْ صِحَّتَهُ قَبْلَ سُقْمِهِ وَ شَیْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ وَ سَعَتَهُ قَبْلَ فَقْرِهِ (3)

وَ فَرْغَتَهُ قَبْلَ

شُغُلِهِ وَ حَضَرَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ وَ حَیَاتَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ قَبْلَ یَهِنُ وَ یَهْرَمُ وَ یَمْرَضُ وَ یَسْقَمُ وَ یَمِلُّهُ طَبِیبُهُ وَ یُعْرِضُ عَنْهُ حَبِیبُهُ وَ یَنْقَطِعُ عُمُرُهُ وَ یَتَغَیَّرُ عَقْلُهُ ثُمَّ قِیلَ هُوَ مَوْعُوكٌ وَ جِسْمُهُ مَنْهُوكٌ ثُمَّ جَدَّ فِی نَزْعٍ شَدِیدٍ وَ حَضَرَهُ كُلُّ قَرِیبٍ وَ بَعِیدٍ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ وَ طَمَحَ بِنَظَرِهِ وَ رَشَحَ جَبِینُهُ وَ خَطَفَتْ عَرِینُهُ وَ جَدَبَتْ نَفْسُهُ وَ بَكَتْ عِرْسُهُ وَ حَضَرَ رَمْسُهُ وَ یَتَمَ مِنْهُ وَلَدُهُ وَ تَفَرَّقَ عَنْهُ عَدَدُهُ وَ فُصِمَ جَمْعُهُ وَ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَ سَمْعُهُ وَ جُرِّدَ وَ غُسِّلَ وَ عُرِیَ وَ نُشِّفَ وَ سُجِّیَ وَ بُسِطَ لَهُ وَ هُیِّئَ وَ نُشِرَ عَلَیْهِ كَفَنُهُ (4)

وَ شُدَّ مِنْهُ ذَقَنُهُ وَ حُمِلَ فَوْقَ سَرِیرٍ وَ صُلِّیَ عَلَیْهِ بِتَكْبِیرٍ بِغَیْرِ سُجُودٍ وَ تَعْفِیرٍ وَ نُقِلَ مِنْ دُورٍ مُزَخْرَفَةٍ وَ قُصُورٍ مُشَیَّدَةٍ وَ فُرُشٍ مُنَجَّدَةٍ(5)

فَجُعِلَ فِی ضَرِیحٍ مَلْحُودٍ ضَیِّقٍ مَرْصُودٍ بِلَبِنٍ مَنْضُودٍ مُسَقَّفٍ بِجَلْمُودٍ وَ هِیلَ عَلَیْهِ عَفْرُهُ وَ حُشِیَ مَدَرُهُ وَ تَحَقَّقَ حَذَرُهُ وَ نُسِیَ خَبَرُهُ وَ رَجَعَ عَنْهُ وَلِیُّهُ وَ نَدِیمُهُ وَ نَسِیبُهُ وَ حَمِیمُهُ وَ تَبَدَّلَ بِهِ قَرِینُهُ وَ حَبِیبُهُ فَهُوَ حَشْوُ قَبْرٍ وَ رَهِینُ حَشْرٍ یَدِبُّ فِی جِسْمِهِ دُودُ قَبْرِهِ وَ یَسِیلُ صَدِیدُهُ مِنْ

ص: 341


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« و لتكن مسألتكم مسئلة».
2- 2. زاد فی كف« و ندم و رجوع، و لیغتنم كل مغتنم».
3- 3. فی كف« عدمه و خلوته قبل فقره».
4- 4. زاد فی كف« و قمص و عمم و لف و ودع و سلم».
5- 5. زاد فی كف« و حجر منضدة».

مَنْخِرِهِ وَ تَسْحَقُ تُرْبَتُهُ لَحْمَهُ وَ یُنْشَفُ دَمُهُ وَ یُرَمُّ عَظْمُهُ حَتَّی یَوْمِ حَشْرِهِ فَیَنْشُرُهُ مِنْ قَبْرِهِ وَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ وَ یُدْعَی لِحَشْرٍ وَ نُشُورٍ فَثَمَّ بُعْثِرَتْ قُبُورٌ وَ حُصِّلَتْ سَرِیرَةٌ فِی صُدُورٍ وَ جِی ءَ بِكُلِّ نَبِیٍّ وَ صِدِّیقٍ وَ شَهِیدٍ وَ مِنْطِیقٍ وَ قَعَدَ لِفَصْلِ حُكْمِهِ قَدِیرٌ(1) بِعَبْدِهِ خَبِیرٌ بَصِیرٌ فَكَمْ حَسْرَةٍ تُضْنِیهِ (2) فِی مَوْقِفٍ مَهِیلٍ وَ مَشْهَدٍ جَلِیلٍ بَیْنَ یَدَیْ مَلِكٍ عَظِیمٍ بِكُلِّ صَغِیرَةٍ وَ كَبِیرَةٍ عَلِیمٍ- فَحِینَئِذٍ یُلْجِمُهُ عَرَقُهُ وَ یَخْفِرُهُ قَلَقُهُ فَعَبْرَتُهُ غَیْرُ مَرْحُومَةٍ وَ صَرْخَتُهُ غَیْرُ مَسْمُوعَةٍ(3)

وَ بَرَزَتْ صَحِیفَتُهُ وَ تَبَیَّنَتْ جَرِیرَتُهُ فَنَظَرَ فِی سُوءِ عَمَلِهِ (4)

وَ شَهِدَتْ عَیْنُهُ بِنَظَرِهِ وَ یَدُهُ بِبَطْشِهِ وَ رِجْلُهُ بِخَطْوِهِ وَ جِلْدُهُ بِلَمْسِهِ وَ فَرْجُهُ بِمَسِّهِ وَ یُهَدِّدُهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ وَ كُشِفَ لَهُ حَیْثُ یَصِیرُ فَسُلْسِلَ جِیدُهُ وَ غُلَّتْ یَدُهُ فَسِیقَ یُسْحَبُ وَحْدَهُ فَوَرَدَ جَهَنَّمَ بِكُرْهٍ شَدِیدٍ وَ ظَلَّ یُعَذَّبُ فِی جَحِیمٍ وَ یُسْقَی شَرْبَةً مِنْ حَمِیمٍ تَشْوِی وَجْهَهُ وَ تَسْلَخُ جِلْدَهُ (5)

یَسْتَغِیثُ فَیُعْرِضُ عَنْهُ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ وَ یَسْتَصْرِخُ فَیَلْبَثُ حُقْبَهُ بِنَدَمٍ- نَعُوذُ بِرَبٍّ قَدِیرٍ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَصِیرٍ وَ نَسْأَلُهُ عَفْوَ مَنْ رَضِیَ عَنْهُ وَ مَغْفِرَةَ مَنْ قَبِلَ مِنْهُ وَ هُوَ وَلِیُّ مَسْأَلَتِی وَ مُنْجِحُ طَلِبَتِی فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ تَعْذِیبِ رَبِّهِ جُعِلَ فِی جَنَّتِهِ بِقُرْبِهِ وَ خُلِّدَ فِی قُصُورٍ(6)

وَ نِعَمِهِ وَ مُلِكَ بِحُورٍ عِینٍ وَ حَفَدَةٍ وَ تَقَلَّبَ فِی نَعِیمٍ وَ سُقِیَ مِنْ تَسْنِیمٍ (7) مَخْتُومٍ بِمِسْكٍ وَ عَنْبَرٍ(8) یَشْرَبُ مِنْ خَمْرٍ مَعْذُوبٍ شُرْبُهُ لَیْسَ یُنْزَفُ لُبُّهُ.

ص: 342


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« قعد و تولی لفصل حكمه عند ربّ قدیر».
2- 2. أی تهزله و تضعفه، و فی بعض نسخ المصدر« فكم زمرة تغنیه».
3- 3. زاد فی كف« و حجته مقبولة».
4- 4. زاد فی كف« فنطق كل عضو منه بسوء عمله».
5- 5. زاد فی كف« یضرب زبینه بمقمع من حدید یعود جلده بعد نضجه بجلد جدید» و الزبینة: الشرطی.
6- 6. زاد فی كف« و طیف علیه بكؤوس و سكن حضیرة مشیدة و مكن فردوس».
7- 7. زاد فی كف« و یشرب من عین سلسبیل، ممزوجة بزنجبیل».
8- 8. زاد فی كف« مستدیم للحبور مستشعر للسرور یشرب من خمور فی روض مشرق مغدق لیس یصدع من شربه». و الحبور: السرور.

هَذِهِ مَنْزِلَةُ مَنْ خَشِیَ رَبَّهُ وَ حَذَّرَ نَفْسَهُ وَ تِلْكَ عُقُوبَةُ مَنْ عَصَی مُنْشِئَهُ وَ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ مَعْصِیَةَ مُبْدِئِهِ لَهُوَ ذَلِكَ قَوْلٌ فَصْلٌ وَ حُكْمٌ عَدْلٌ خَیْرُ قَصَصٍ قُصَّ وَ وُعِظَ بِهِ وَ نُصَ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ(1).

أقول: و هذه الخطبة قد نقلها الكفعمی فی كتاب المصباح و لكن مع اختلاف شدید و لذلك قد تعرضنا لتلك الاختلافات فی الهامش.

«29»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(2) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ عَنْ أَبِی رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یَقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ یَجْبُرْ كَسْرَ عَظْمٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ(3) أَیُّهَا النَّاسُ فِی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطَبٍ وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ(4)

وَ مَا كُلُّ ذِی قَلْبٍ بِلَبِیبٍ وَ لَا كُلُّ ذِی سَمْعٍ بِسَمِیعٍ وَ لَا كُلُّ ذِی نَاظِرِ عَیْنٍ بِبَصِیرٍ عِبَادَ اللَّهِ أَحْسِنُوا فِیمَا یَعْنِیكُمُ (5) النَّظَرُ فِیهِ ثُمَّ انْظُرُوا إِلَی عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَقَادَهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ-(6)

كَانُوا عَلَی سُنَّةٍ مِنْ

ص: 343


1- 1. زاد فی كف« نزل به روح قدس مبین علی نبی مهتد مكین صلت علیه رسل سفرة مكرمون بررة، عذت برب رحیم من شر كل رجیم فیتضرع متضرعكم و لیبتهل مبتهلكم فنستغفر رب كل مربوب لی و لكم».
2- 2. ص 63 تحت رقم 22.
3- 3. الازل: الشدة و الضیق.
4- 4. الخطب الشأن و الامر. و فی بعض نسخ المصدر.« ما استقبلتم من خطب و استدبرتم من خطب».
5- 5. أی فیما یهمكم. و فی بعض النسخ باعجام الغین و هو تصحیف.
6- 6. من القود فانهم قد أصابوا دماء بغیر حق.

آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْیِ وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِی الْجِنَانِ وَ اللَّهِ مُخَلَّدُونَ- وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ- فَیَا عَجَباً وَ مَا لِیَ لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَی اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِی دِینِهَا- لَا یَقْتَفُونَ (1) أَثَرَ نَبِیٍّ وَ لَا یَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِیٍّ وَ لَا یُؤْمِنُونَ بِغَیْبٍ وَ لَا یَعِفُّونَ [یَعْفُونَ] عَنْ عَیْبٍ الْمَعْرُوفُ فِیهِمْ مَا عَرَفُوا وَ الْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ أَخَذَ مِنْهَا فِیمَا یَرَی بِعُرًی وَثِیقَاتٍ وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ فَلَا یَزَالُونَ بِجَوْرٍ وَ لَمْ یَزْدَادُوا إِلَّا خَطَأً- لَا یَنَالُونَ تَقَرُّباً وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَ تَصْدِیقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ كُلُّ ذَلِكَ

وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ وَ نُفُوراً مِمَّا أَدَّی إِلَیْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ- أَهْلُ حَسَرَاتٍ وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ وَ أَهْلُ عَشَوَاتٍ وَ ضَلَالَةٍ وَ رِیبَةٍ(2)

مَنْ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ رَأْیِهِ فَهُوَ مَأْمُونٌ عِنْدَ مَنْ یَجْهَلُهُ غَیْرُ الْمُتَّهَمِ عِنْدَ مَنْ لَا یَعْرِفُهُ فَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ بِأَنْعَامٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا وَ وَا أَسَفَی مِنْ فَعَلَاتِ شِیعَتِی مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْیَوْمَ كَیْفَ یَسْتَذِلُّ بَعْدِی بَعْضُهَا بَعْضاً وَ كَیْفَ یَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً الْمُتَشَتِّتِ غَداً عَنِ الْأَصْلِ النَّازِلَةِ بِالْفَرْعِ الْمُؤَمِّلَةِ الْفَتْحَ مِنْ غَیْرِ جِهَتِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ أَیْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ سَیَجْمَعُ هَؤُلَاءِ لِشَرِّ یَوْمٍ لِبَنِی أُمَیَّةَ كَمَا یَجْمَعُ قَزَعَ الْخَرِیفِ (3)

یُؤَلِّفُ اللَّهُ بَیْنَهُمْ ثُمَ

ص: 344


1- 1. فی بعض النسخ« لا یقتصون» و هو بمعناه.
2- 2. فی بعض نسخ المصدر« أهل خسران و كفر و شبهات». و العشوة- بالتثلیث-: ركوب الامر علی غیر بیان.
3- 3. القزع- بالقاف و الزای ثمّ العین المهملة-: قطع السحاب المتفرقة و انما خص الخریف لانه أول الشتاء و السحاب یكون فیه متفرقا غیر متراكم و لا مطبق ثمّ یجتمع بعضه الی بعض بعد ذلك كما فی النهایة.

یَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ (1) ثُمَّ یَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً یَسِیلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ (2)

كَسَیْلِ الْجَنَّتَیْنِ سَیْلَ الْعَرِمِ حَیْثُ بَعَثَ عَلَیْهِ فَأْرَةً فَلَمْ تَثْبُتْ عَلَیْهِ أَكَمَةٌ وَ لَمْ یَرُدَّ سَنَنَهُ رَضُّ طَوْدٍ یُذَعْذِعُهُمُ اللَّهُ فِی بُطُونِ أَوْدِیَةٍ ثُمَّ یَسْلُكُهُمْ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ یَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَ یُمَكِّنُ بِهِمْ قَوْماً فِی دِیَارِ قَوْمٍ تَشْرِیداً لِبَنِی أُمَیَّةَ(3)

وَ لِكَیْلَا یَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا یُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً وَ یَنْقُضُ بِهِمْ طَیَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ وَ یَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّیْتُونِ (4) فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَیَكُونَنَّ ذَلِكَ وَ كَأَنِّی

ص: 345


1- 1. الركام: المراكب بعضه فوق بعض و نسبة هذا التألیف إلیه تعالی مع أنّه لم یكن برضاه علی سبیل المجاز تشبیها لعدم منعهم عن ذلك و تمكینهم من أسبابه و تركهم و اختیارهم بتألیفهم و حثهم علیه و نظیر هذا كثیر فی الآیات و الاخبار.
2- 2. أی محل انبعاثهم و تهییجهم و كانه أشار علیه السلام بذلك الی فتن أبی مسلم المروزی و استئصالهم لبنی أمیّة و انما شبههم بسیل العرم لتخریبهم البلاد و أهلها الذین كانوا فی خفض و دعة، و أرید بالجنتین جماعتان من البساتین جماعة عن یمین بلدتهم و جماعة عن شمالها روی أنّها كانت أخصب البلاد و اطیبها، لم تكن فیها عاهة و لا هامة. و فسر العرم تارة بالصعب و اخری بالمطر الشدید و اخری بالجرذ و اخری بالوادی و اخری بالاحباس التی تبنی فی الاودیة. و منه قیل: إنّه اصطرخ أهل سبأ، قیل: إنّما اضیف السیل الی الجرذ لانه نقب علیهم سدا ضربته لهم بلقیس فحقنت به الماء و تركت فیه ثقبا علی مقدار ما یحتاجون الیه أو المسناة التی عقدت سدا علی أنّه جمع عرمة و هی الحجارة المركومة و كان ذلك بین عیسی و محمّد صلّی اللّٰه علیه و آله و علیه.( الوافی).
3- 3. الاكمة: التل. و الرض: الدق الجریش. و الطود: الجبل. و فی بعض النسخ« رص طود» بالصاد المهملة فیكون بمعنی الالزاق و الضم و الشد و لعله الصواب و المجرور فی« سننه» یرجع الی السیل أو إلی اللّٰه تعالی. و الذعذعة- بالذالین المعجمتین و العینین المهملتین التفریق. و التشرید: التنفیر. و فی بعض النسخ« یدغدغهم».
4- 4. التضعضع: الهدم. و الجنادل جمع جندل و هو الصخر العظیم أی ینقص اللّٰه و یكسر بهم البنیان التی طویت و بنیت بالجنادل و الاحجار من بلاد ارم و هی دمشق و الشام اذ كان. مستقر ملكهم فی أكثر الازمان تلك البلاد لا سیما زمانه صلّی اللّٰه علیه و آله« قاله المؤلّف- رحمه اللّٰه-:» و المراد بالزیتون مسجد دمشق أو جبال الشام أو بلد بالصین كما فی القاموس.

أَسْمَعُ صَهِیلَ خَیْلِهِمْ وَ طَمْطَمَةَ رِجَالِهِمْ (1) وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَذُوبَنَّ مَا فِی أَیْدِیهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَ التَّمْكِینِ فِی الْبِلَادِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْیَةُ عَلَی النَّارِ(2)

مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالًّا وَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُفْضِی مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ (3) وَ یَتُوبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنْ تَابَ وَ لَعَلَّ اللَّهَ یَجْمَعُ شِیعَتِی بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ یَوْمٍ لِهَؤُلَاءِ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِیَرَةُ بَلْ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ وَ الْأَمْرُ جَمِیعاً- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمُنْتَحِلِینَ لِلْإِمَامَةِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهَا كَثِیرٌ وَ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرِّ الْحَقِّ وَ لَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِینِ الْبَاطِلِ لَمْ یَتَشَجَّعْ (4) عَلَیْكُمْ مَنْ لَیْسَ مِثْلَكُمْ وَ لَمْ یَقُومَنَّ قَوِیٌّ عَلَیْكُمْ عَلَی هَضْمِ الطَّاعَةِ وَ إِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا(5) لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَلَی عَهْدِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ- وَ لَعَمْرِی لَیُضَاعَفَنَّ عَلَیْكُمُ التِّیهُ مِنْ بَعْدِی أَضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ لَعَمْرِی أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِی مُدَّةَ سُلْطَانِ بَنِی أُمَیَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَی سُلْطَانِ الدَّاعِی إِلَی الضَّلَالَةِ وَ أَحْیَیْتُمُ الْبَاطِلَ وَ خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ قَطَعْتُمُ الْأَدْنَی مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ وَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَعَمْرِی أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِی أَیْدِیهِمْ لَدَنَا التَّمْحِیصُ لِلْجَزَاءِ وَ قَرُبَ الْوَعْدُ وَ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَ بَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَ لَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ.

ص: 346


1- 1. الصهیل- كامیر-: صوت الفرس. و الطمطمة فی الكلام أن یكون فیه عجمة.
2- 2. الالیة: الشحمة.
3- 3. أی یرجع من مات. و فی بعض نسخ المصدر« یقضی» بالقاف بمعنی القضاء و المحاكمة.
4- 4. فی بعض نسخ المصدر« یتخشع».
5- 5. الازواء: الصرف.

وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَدَاوَیْتُمْ مِنَ الْعَمَی وَ الصَّمَمِ وَ الْبَكَمِ وَ كُفِیتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ التَّعَسُّفِ وَ نَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ عَنِ الْأَعْنَاقِ (1) وَ لَا یُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ أَبَی وَ ظَلَمَ وَ اعْتَسَفَ وَ أَخَذَ مَا لَیْسَ لَهُ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ.

«30»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(2) عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمُؤَدِّبِ وَ غَیْرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَافِضِ الرَّافِعِ الضَّارِّ النَّافِعِ الْجَوَادِ الْوَاسِعِ الْجَلِیلِ ثَنَاؤُهُ الصَّادِقَةِ أَسْمَاؤُهُ الْمُحِیطِ بِالْغُیُوبِ وَ مَا یَخْطُرُ عَلَی الْقُلُوبِ الَّذِی جَعَلَ الْمَوْتَ بَیْنَ خَلْقِهِ عَدْلًا وَ أَنْعَمَ بِالْحَیَاةِ عَلَیْهِمْ فَضْلًا فَأَحْیَا وَ أَمَاتَ وَ قَدَّرَ الْأَقْوَاتَ أَحْكَمَهَا بِعِلْمِهِ تَقْدِیراً وَ أَتْقَنَهَا بِحِكْمَتِهِ تَدْبِیراً إِنَّهُ كَانَ خَبِیراً بَصِیراً هُوَ الدَّائِمُ بِلَا فَنَاءٍ وَ الْبَاقِی إِلَی غَیْرِ مُنْتَهًی یَعْلَمُ مَا فِی الْأَرْضِ وَ مَا فِی السَّمَاءِ وَ مَا بَیْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَی أَحْمَدُهُ بِخَالِصِ حَمْدِهِ

الْمَخْزُونِ بِمَا حَمِدَهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ النَّبِیُّونَ حَمْداً لَا یُحْصَی لَهُ عَدَدٌ وَ لَا یَتَقَدَّمُهُ أَمَدٌ(3) وَ لَا یَأْتِی بِمِثْلِهِ أَحَدٌ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ أَسْتَهْدِیهِ وَ أَسْتَكْفِیهِ وَ أَسْتَقْصِیهِ بِخَیْرٍ وَ أَسْتَرْضِیهِ (4)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ

ص: 347


1- 1. یقال: فدحه الدین أی أثقله. أی طریق الدیون المثقلة و مظالم العباد و اطاعة أهل الجور و ظلمهم علیكم عن أعناقكم( منه).
2- 2. ص 170 تحت رقم 193.
3- 3. فی بعض النسخ« أحد» أی بالتقدم الزمانی بأن یكون حمده أحد قبل ذلك، أو بالتقدم المعنوی بان یحمد أفضل منه. و الامد: الغایة.
4- 4. استقصاه- بالصاد المهملة- من قولهم استقصی فی المسألة و تقصی إذا بلغ الغایة و بالضاد المعجمة كما فی بعض نسخ المصدر من قولهم: استقضی فلان أی طلب إلیه أن یقضیه و قوله« بخیر» بسبب طلب الخیر.

أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ لَكُمْ بِدَارٍ وَ لَا قَرَارٍ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِیهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا فَأَنَاخُوا(1) ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا دَخَلُوا خِفَافاً وَ رَاحُوا خِفَافاً(2)

لَمْ یَجِدُوا عَنْ مُضِیٍّ نُزُوعاً(3) وَ لَا إِلَی مَا تَرَكُوا رُجُوعاً جُدَّ بِهِمْ فَجَدُّوا وَ رَكَنُوا إِلَی الدُّنْیَا فَمَا اسْتَعَدُّوا حَتَّی إِذَا أُخِذَ بِكَظَمِهِمْ وَ خَلَصُوا إِلَی دَارِ قَوْمٍ جَفَّتْ أَقْلَامُهُمْ (4) لَمْ یَبْقَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ خَبَرٌ وَ لَا أَثَرٌ قَلَّ فِی الدُّنْیَا لَبْثُهُمْ وَ عُجِّلَ إِلَی الْآخِرَةِ بَعْثُهُمْ فَأَصْبَحْتُمْ حُلُولًا فِی دِیَارِهِمْ ظَاعِنِینَ عَلَی آثَارِهِمْ وَ الْمَطَایَا بِكُمْ تَسِیرُ سَیْراً مَا فِیهِ أَیْنٌ وَ لَا تَفْتِیرٌ نَهَارُكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دَءُوبٌ وَ لَیْلُكُمْ بِأَرْوَاحِكُمْ ذَهُوبٌ-(5) فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُونَ مِنْ حَالِهِمْ حَالًا وَ تَحْتَذُونَ مِنْ مَسْلَكِهِمْ مِثَالًا(6) فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِیهَا سَفْرٌ حُلُولٌ (7)

الْمَوْتُ بِكُمْ نُزُولٌ تَنْتَضِلُ فِیكُمْ مَنَایَاهُ (8)

وَ تَمْضِی بِأَخْبَارِكُمْ

ص: 348


1- 1. الركب جمع راكب. و التعریس: نزول القوم فی السفر فی آخر اللیل نزلة للنوم و الاستراحة. اناخوا أی أقاموا. و« استقلوا» أی مضوا و ارتحلوا.
2- 2. أی دخلوا فی الدنیا عند ولادتهم خفافا بلا زاد و لا مال و راحوا عند الموت كذلك و یحتمل أن یكون كنایة عن الاسراع.
3- 3. نزع عن الشی ء نزوعا: كف و قلع عنه أی لم یقدروا علی الكف عن المضی و الظرفان متعلقان بالنزوع و الرجوع.
4- 4. أی جفت أقلام الناس عن كتابة آثارهم لبعد عهدهم و محو ذكرهم.
5- 5.« حلولا» جمع حال. و« ظاعنین» أی سائرین. و الاین: الاعیاء« و لا تفتیر» أی لیست تلك الحركة موجبة لفتور تلك المطایا فتسكن عن السیر زمانا. و« نهاركم بانفسكم دءوب» أی نهاركم یسرع و یجد و یتعب بسبب أنفسكم لیذهبها. و یحتمل أن یكون الباء للتعدیة أی نهاركم یتعبكم فی أعمالكم و حركاتكم و ذلك سبب لفناء أجسادكم.
6- 6.« تحكون» أی أحوالكم تحكی و تخبر عن أحوالهم. و الاحتذاء: الاقتداء.
7- 7. هما جمعان أی مسافرون حللتم بالدنیا و النزول- بفتح النون- أی نازل.
8- 8. الانتضال: رمی السهام للسبق. و المنایا جمع المنیة و هی الموت و لعلّ الضمیر. راجع الی الدنیا بتأویل الدهر أو بتشبیهها بالرجل الرامی أی ترمی الیكم المنایا فی الدنیا سهاما فتهلككم و السهام الأمراض و البلایا الموجبة للموت و یحتمل أن یكون فاعل تنتضل الضمیر الراجع الی الدنیا و یكون المرمی المنایا و الأول أظهر( منه).

مَطَایَاهُ إِلَی دَارِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ- فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَاقَبَ رَبَّهُ وَ تَنَكَّبَ ذَنْبَهُ (1)

وَ كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ امْرُؤٌ أَزَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوَی بِزِمَامٍ وَ أَلْجَمَهَا مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ فَقَادَهَا إِلَی الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَا وَ قَدَعَهَا عَنِ الْمَعْصِیَةِ بِلِجَامِهَا(2)

رَافِعاً إِلَی الْمَعَادِ طَرْفَهُ (3) مُتَوَقِّعاً فِی كُلِّ أَوَانٍ حَتْفَهُ (4) دَائِمَ الْفِكْرِ طَوِیلَ السَّهَرِ عَزُوفاً عَنِ الدُّنْیَا سَأَماً كَدُوحاً لِآخِرَتِهِ مُتَحَافِظاً(5)

امْرَأً جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ وَ دَوَاءَ أَجْوَائِهِ فَاعْتَبَرَ وَ قَاسَ وَ تَرَكَ الدُّنْیَا وَ النَّاسَ یَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَ السَّدَادِ وَ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرُ الْمَعَادِ وَ طَوَی مِهَادَهُ (6) وَ هَجَرَ وِسَادَهُ مُنْتَصِباً عَلَی أَطْرَافِهِ دَاخِلًا فِی أَعْطَافِهِ خَاشِعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُرَاوِحُ بَیْنَ الْوَجْهِ وَ الْكَفَّیْنِ (7)

خُشُوعٌ فِی السِّرِّ لِرَبِّهِ لَدَمْعُهُ صَبِیبٌ وَ لَقَلْبُهُ وَجِیبٌ (8)

شَدِیدَةٌ أَسْبَالُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَوْصَالُهُ (9) قَدْ عَظُمَتْ

ص: 349


1- 1. تنكب أی تجنب. و كابر أی خالف و غالب. و فی بعض نسخ المصدر« كابد» أی قاساه و تحمل المشاق فی فعله.
2- 2. قدعه كمنعه-: كفه. و فی بعض نسخ المصدر« و قرعها».
3- 3. طرفه أی عینه.
4- 4. الحتف: الموت.
5- 5. عزفت عن كذا أی زهدت فیه و انصرفت عنه. سأما أی ملولا. و الكدح: السعی و الاهتمام.
6- 6. الجوی: الحرقة من وجد او حزن. و« طوی مهاده» أی علی اقدامه.
7- 7. أعطاف جمع عطاف و هو الرداء.« یراوح» أی یضع جبهته تارة للسجود و یرفع بدنه تارة فی الدعاء ففی اعمال كل واحد منهما راحة للاخری.
8- 8. أی هو صاب كثیر الصب لدمعه. و لقلبه و جیب أی اضطراب. و اسبال جمع سبل- بالتحریك المطر و الدمع إذا هطل.
9- 9. الاوصال: المفاصل.

فِیمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَتُهُ وَ اشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ رَاضِیاً بِالْكَفَافِ مِنْ أَمْرِهِ (1) یُظْهِرُ دُونَ مَا یَكْتُمُ وَ یَكْتَفِی بِأَقَلَّ مِمَّا یَعْلَمُ أُولَئِكَ وَدَائِعُ اللَّهِ فِی بِلَادِهِ الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَی اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ تَعَالَی لَأَبَرَّهُ أَوْ دَعَا عَلَی أَحَدٍ نَصَرَهُ اللَّهُ یَسْمَعُ إِذَا نَاجَاهُ وَ یَسْتَجِیبُ لَهُ إِذَا دَعَاهُ جَعَلَ اللَّهُ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَی وَ الْجَنَّةَ لِأَهْلِهَا مَأْوًی دُعَاؤُهُمْ فِیهَا أَحْسَنُ الدُّعَاءِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ دَعَاهُمُ الْمَوْلَی عَلَی مَا آتَاهُمْ- وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ.

«31»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(2) عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْجُمُعَةِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَ وَلِیِّهِ وَ مُنْتَهَی الْحَمْدِ وَ مَحَلِّهِ الْبَدِی ءِ الْبَدِیعِ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْكِبْرِیَاءِ وَ الْمُتَفَرِّدِ بِالْآلَاءِ الْقَاهِرِ بِعِزِّهِ وَ الْمُسَلِّطِ بِقَهْرِهِ الْمُمْتَنِعِ بِقُوَّتِهِ الْمُهَیْمِنِ بِقُدْرَتِهِ وَ الْمُتَعَالِی فَوْقَ كُلِّ شَیْ ءٍ بِجَبَرُوتِهِ الْمَحْمُودِ بِامْتِنَانِهِ وَ بِإِحْسَانِهِ الْمُتَفَضِّلِ بِعَطَائِهِ وَ جَزِیلِ فَوَائِدِهِ الْمُتَوَسَّعِ بِرِزْقِهِ الْمُسْبِغِ بِنِعَمِهِ نَحْمَدُهُ عَلَی آلَائِهِ وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ حَمْداً یَزِنُ عَظَمَةَ جَلَالِهِ وَ یَمْلَأُ قَدْرَ آلَائِهِ وَ كِبْرِیَائِهِ- وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ الَّذِی كَانَ فِی أَوَّلِیَّتِهِ مُتَقَادِماً وَ فِی دَیْمُومِیَّتِهِ مُتَسَیْطِراً(3) خَضَعَ الْخَلَائِقُ لِوَحْدَانِیَّتِهِ وَ رُبُوبِیَّتِهِ وَ قَدِیمِ أَزَلِیَّتِهِ وَ دَانُوا لِدَوَامِ أَبَدِیَّتِهِ (4)

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ خِیَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ وَ

ص: 350


1- 1. زاد فی الوافی« و ان أحسن طول عمره».
2- 2. ص 173 تحت رقم 194.
3- 3. أی هو فی دوامه مسلط علی جمیع خلقه.
4- 4. أی أقروا و أذعنوا بدوام أبدیته أو أطاعوا و خضعوا و ذلوا لكونه دائم الابدیة.

اصْطَفَاهُ لِوَحْیِهِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَی سِرِّهِ وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ وَ انْتَدَبَهُ لِعَظِیمِ أَمْرِهِ وَ لِضِیَاءِ مَعَالِمِ دِینِهِ وَ مَنَاهِجِ سَبِیلِهِ وَ مِفْتَاحِ وَحْیِهِ وَ سَبَباً لِبَابِ رَحْمَتِهِ ابْتَعَثَهُ عَلَی حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ (1)

وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ وَ ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعْدِ أَرْسَلَهُ إِلَی النَّاسِ أَجْمَعِینَ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ بِكِتَابٍ كَرِیمٍ قَدْ فَصَّلَهُ وَ فَضَّلَهُ وَ بَیَّنَهُ وَ أَوْضَحَهُ وَ أَعَزَّهُ وَ حَفِظَهُ مِنْ أَنْ یَأْتِیَهُ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ- تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ- ضَرَبَ لِلنَّاسِ فِیهِ الْأَمْثَالَ وَ صَرَّفَ فِیهِ الْآیَاتِ لَعَلَّهُمْ یَعْقِلُونَ أَحَلَّ فِیهِ الْحَلَالَ وَ حَرَّمَ فِیهِ الْحَرَامَ وَ شَرَعَ فِیهِ الدِّینَ لِعِبَادِهِ عُذْراً وَ نُذْراً- لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَی اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَ یَكُونَ بَلَاغاً لِقَوْمٍ عابِدِینَ- فَبَلَّغَ رِسَالَتَهُ وَ جَاهَدَ فِی سَبِیلِهِ وَ عَبَدَهُ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً كَثِیراً أُوصِیكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَ أُوصِی نَفْسِی بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذِی ابْتَدَأَ الْأُمُورَ بِعِلْمِهِ وَ إِلَیْهِ یَصِیرُ غَداً مِیعَادُهَا وَ بِیَدِهِ فَنَاؤُهَا وَ فَنَاؤُكُمْ وَ تَصَرُّمُ أَیَّامِكُمْ وَ فَنَاءُ آجَالِكُمْ وَ انْقِطَاعُ مُدَّتِكُمْ فَكَانَ قَدْ زَالَتْ عَنْ قَلِیلٍ عَنَّا وَ عَنْكُمْ كَمَا زَالَتْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- فَاجْعَلُوا عِبَادَ اللَّهِ اجْتِهَادَكُمْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا التَّزَوُّدَ مِنْ یَوْمِهَا الْقَصِیرِ لِیَوْمِ الْآخِرَةِ الطَّوِیلِ فَإِنَّهَا دَارُ عَمَلٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ الْقَرَارِ وَ الْجَزَاءِ فَتَجَافَوْا عَنْهَا فَإِنَّ الْمُغْتَرَّ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا لَنْ تَعْدُوَ الدُّنْیَا إِذَا تَنَاهَتْ إِلَیْهَا أُمْنِیَّةُ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِیهَا الْمُحِبِّینَ لَهَا الْمُطْمَئِنِّینَ إِلَیْهَا الْمَفْتُونِینَ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا یَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ (2) الْآیَةَ- مَعَ أَنَّهُ لَمْ یُصِبِ امْرُؤٌ مِنْكُمْ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا حَبْرَةً إِلَّا أَوْرَثَتْهُ عَبْرَةً(3) وَ لَا یُصْبِحُ فِیهَا فِی جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا وَ هُوَ یَخَافُ فِیهَا نُزُولَ جَائِحَةٍ(4)

أَوْ تَغَیُّرَ نِعْمَةٍ أَوْ زَوَالَ عَافِیَةٍ مَا فِیهِ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ وَرَاءِ

ص: 351


1- 1. الهدأة- بفتح الهاء و سكون الدال-: السكون عن الحركات.
2- 2. یونس: 24.
3- 3. الحبرة بالفتح- النعمة. و العبرة: الدمعة.
4- 4. الجائحة: الآفة النبیّ تهلك الثمار و الأموال. و كل مصیبة عظیمة.

ذَلِكَ وَ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفَ بَیْنَ یَدَیِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ تُجْزَی كُلُّ نَفْسٍ بِمَا عَمِلَتْ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی- فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ سَارِعُوا إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ التَّقَرُّبِ إِلَیْهِ بِكُلِّ مَا فِیهِ الرِّضَا فَإِنَّهُ قَرِیبٌ مُجِیبٌ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ یَعْمَلُ بِمَحَابِّهِ وَ یَجْتَنِبُ سَخَطَهُ ثُمَّ إِنَّ أَحْسَنَ الْقَصَصِ وَ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ وَ أَنْفَعَ التَّذَكُّرِ كِتَابُ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ- وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (1) أَسْتَعِیذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ- إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ(2) إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً(3) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَحَنَّنْ (4) عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَلِّمْ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّیْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ تَحَنَّنْتَ وَ سَلَّمْتَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَ آلِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ- اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِیلَةَ وَ الشَّرَفَ وَ الْفَضِیلَةَ وَ الْمَنْزِلَةَ الْكَرِیمَةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً وَ أَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ جَاهاً وَ أَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ نَصِیباً- اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ الْمَقَامِ وَ حِبَاءَ السَّلَامِ (5) وَ شَفَاعَةَ الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ وَ أَلْحِقْنَا بِهِ غَیْرَ خَزَایَا وَ لَا نَاكِبِینَ (6)

وَ لَا نَادِمِینَ وَ لَا مُبَدِّلِینَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِینَ ثُمَّ جَلَسَ قَلِیلًا ثُمَّ قَامَ فَقَالَ:

ص: 352


1- 1. الأعراف: 203.
2- 2. العصر: الی 3.
3- 3. الأحزاب: 56.
4- 4. التحنّن: الترحم.
5- 5. الحباء: العطاء أی أعطه عطیة سلامتك بأن یكون سالما عن جمیع ما یوجب نقصا أو خزیا.( منه).
6- 6. فی بعض نسخ المصدر« و لا ناكثین».

الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحَقَّ مَنْ خُشِیَ وَ حُمِدَ وَ أَفْضَلَ مَنِ اتُّقِیَ وَ عُبِدَ وَ أَوْلَی مَنْ عُظِّمَ وَ مُجِّدَ نَحْمَدُهُ لِعَظِیمِ غَنَائِهِ وَ جَزِیلِ عَطَائِهِ وَ تَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ وَ حُسْنِ بَلَائِهِ وَ نُؤْمِنُ بِهُدَاهُ الَّذِی لَا یَخْبُو ضِیَاؤُهُ وَ لَا یَتَمَهَّدُ سَنَاؤُهُ (1)

وَ لَا یُوهَنُ عُرَاهُ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ كُلِّ الرَّیْبِ وَ ظُلَمِ الْفِتَنِ وَ نَسْتَغْفِرُهُ مِنْ مَكَاسِبِ الذُّنُوبِ (2)

وَ نَسْتَعْصِمُهُ مِنْ مَسَاوِی الْأَعْمَالِ وَ مَكَارِهِ الْآمَالِ وَ الْهُجُومِ فِی الْأَهْوَالِ وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الرَّیْبِ (3)

وَ الرِّضَا بِمَا یَعْمَلُ الْفُجَّارُ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْیَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ الَّذِینَ تَوَفَّیْتَهُمْ عَلَی دِینِكَ وَ مِلَّةِ نَبِیِّكَ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَاتِهِمْ وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَیِّئَاتِهِمْ وَ أَدْخِلْ عَلَیْهِمُ الْمَغْفِرَةَ وَ الرَّحْمَةَ وَ الرِّضْوَانَ وَ اغْفِرْ لِلْأَحْیَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ الَّذِینَ وَحَّدُوكَ وَ صَدَّقُوا رَسُولَكَ وَ تَمَسَّكُوا بِدِینِكَ وَ عَمِلُوا بِفَرَائِضِكَ وَ اقْتَدَوْا بِنَبِیِّكَ وَ سَنُّوا سُنَّتَكَ وَ أَحَلُّوا حَلَالَكَ وَ حَرَّمُوا حَرَامَكَ وَ خَافُوا عِقَابَكَ وَ رَجَوْا ثَوَابَكَ وَ وَالَوْا أَوْلِیَاءَكَ وَ عَادَوْا أَعْدَاءَكَ اللَّهُمَّ اقْبَلْ حَسَنَاتِهِمْ وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَیِّئَاتِهِمْ وَ أَدْخِلْهُمْ بِرَحْمَتِكَ فِی عِبَادِكَ الصَّالِحِینَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِینَ.

«32»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(4)

خُطْبَةٍ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(5)

عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّیْمِیِّ جَمِیعاً عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ

ص: 353


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« لا یهمد» و السنا مقصورا ضوء البرق و ممدودا: الرفعة.
2- 2. أی من شر كل شك و شبهة یعتری فی الدین.
3- 3. أی الذین یشكون و یرتابون فی الدین أو الذین یریبون الناس فیهم بالخیانة و السرقة.
4- 4. المصدر ص 352 تحت رقم 550.
5- 5. أحمد بن محمّد عطف علی علیّ بن الحسن و هو العاصمی، و التیمی هو ابن فضال و قل من تفطن لذلك( قاله المؤلّف) و فی بعض نسخ المصدر« أحمد بن محمّد بن أحمد» و فی بعضها« عن علی الحسین المؤدّب».

علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّاسَ بِصِفِّینَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْكُمْ حَقّاً بِوِلَایَةِ أَمْرِكُمْ وَ مَنْزِلَتِیَ الَّتِی أَنْزَلَنِی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِهَا مِنْكُمْ وَ لَكُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِی لِی عَلَیْكُمْ (1) وَ الْحَقُّ أَجْمَلُ الْأَشْیَاءِ فِی التَّوَاصُفِ وَ أَوْسَعُهَا فِی التَّنَاصُفِ (2) لَا یَجْرِی لِأَحَدٍ إِلَّا جَرَی عَلَیْهِ وَ لَا یَجْرِی عَلَیْهِ إِلَّا جَرَی لَهُ وَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ یَجْرِیَ ذَلِكَ لَهُ وَ لَا یَجْرِیَ عَلَیْهِ لَكَانَ ذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِصاً دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِی كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَیْهِ ضُرُوبُ قَضَائِهِ (3)

وَ لَكِنْ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَی الْعِبَادِ أَنْ یُطِیعُوهُ وَ جَعَلَ كَفَّارَتَهُمْ (4) عَلَیْهِ بِحُسْنِ الثَّوَابِ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَ تَطَوُّلًا بِكَرَمِهِ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِیدِ لَهُ أَهْلًا- ثُمَّ جَعَلَ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً فَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَی بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَی (5)

فِی وُجُوهِهَا

ص: 354


1- 1. الذی له علیهم من الحق هو وجوب طاعته و امحاض نصیحته و الذی لهم علیه من الحق هو وجوب معدلته فیهم.
2- 2. التواصف أن یصف بعضهم لبعض و التناصف أن ینصف بعضهم بعضا و انما كان الحق أجمل الأشیاء فی التواصف لانه یوصف بالحسن و الوجوب و كل جمیل و انما كان أوسعها فی التناصف لان الناس لو تناصفوا فی الحقوق لما ضاق علیهم أمر من الأمور و فی النهج« و الحق أوسع الأشیاء فی التواصف و اضیقها فی التناصف» و هو أوضح و معناه أن الناس كلهم یصفون الحق و لكن لا ینصف بعضهم بعضا. و فی بعض نسخ المصدر« التراصف» موضع التواصف.
3- 3. أی أنواعه المتغیرة المتوالیة. و فی بعض نسخ المصدر« صروف قضائه».
4- 4. انما سمی جزاؤه تعالی علی الطاعة كفّارة لانه یكفر ما یزعمونه من أن طاعتهم له تعالی حقّ لهم علیه یستوجبون به الثواب مع أنّه لیس كذلك لان الحق له علیهم حیث أقدرهم علی الطاعة و ألهمهم ایاها و لهذا سماه التفضل و التطول و التوسع بالانعام الذی هو للمزید منه أهل لانه الكریم الذی لا تنفد خزائنه بالاعطاء و الجود تعالی مجده و تقدس. و فی نهج البلاغة« و جعل جزاءهم علیه» و علی هذا فلا یحتاج الی التكلف.
5- 5. أی جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالی- و هو الطاعة من. الرعیة- مقابل بمثله و هو العدل فیهم و حسن السیرة.

وَ یُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لَا یُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ (1) فَأَعْظَمُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِی عَلَی الرَّعِیَّةِ وَ حَقُّ الرَّعِیَّةِ عَلَی الْوَالِی فَرِیضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِكُلٍّ عَلَی كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَامَ أُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِینِهِمْ (2) وَ قِوَاماً

لِسُنَنِ الْحَقِّ فِیهِمْ- فَلَیْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِیَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِیَّةِ فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِیَّةُ مِنَ الْوَالِی حَقَّهُ وَ أَدَّی إِلَیْهَا الْوَالِی كَذَلِكَ عَزَّ الْحَقُّ بَیْنَهُمْ فَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّینِ وَ اعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَی أَذْلَالِهَا السُّنَنُ (3)

وَ صَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ وَ طَابَ بِهَا الْعَیْشُ وَ طُمِعَ فِی بَقَاءِ الدَّوْلَةِ وَ یَئِسَتْ مَطَامِعُ الْأَعْدَاءِ وَ إِذَا غَلَبَتِ الرَّعِیَّةُ عَلَی وَالِیهِمْ وَ عَلَا الْوَالِی الرَّعِیَّةَ اخْتَلَفَ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ وَ ظَهَرَتْ مَطَامِعُ الْجَوْرِ وَ كَثُرَ الْإِدْغَالُ فِی الدِّینِ وَ تُرِكَتْ مَعَالِمُ السُّنَنِ (4) فَعُمِلَ بِالْهَوَی وَ عُطِّلَتِ الْآثَارُ وَ كَثُرَ عِلَلُ النُّفُوسِ (5)

وَ لَا یُسْتَوْحَشُ لِجَسِیمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَ لَا لِعَظِیمِ بَاطِلٍ أُثِّلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ الْأَشْرَارُ وَ تَخْرَبُ الْبِلَادُ(6)

ص: 355


1- 1. كما أن الوالی إذا لم یعدل لم یستحق الطاعة.
2- 2. فانها سبب اجتماعهم به و یقهرون اعداءهم و یعز دینهم. و قوله:« قواما» أی به یقوم جریان الحق فیهم و بینهم.
3- 3. فی القاموس: ذل الطریق- بالكسر-: محجته. و أمور اللّٰه جاریة اذلالها و علی أذلالها أی مجاریها جمع ذل- بالكسر-
4- 4. الادغال: بكسر الهمزة- و هو أن یدخل فی الشی ء ما لیس منه و هو الابداع و التلبیس أو- بفتحها- جمع الدغل- بالتحریك-: الفساد.
5- 5. قال البحرانیّ: علل النفوس أمراضها بملكات السوء كالغل و الحسد و العداوة و نحوها و قیل: عللها وجوه ارتكابها للمنكرات فتاتی فی كل منكر بوجه و رأی فاسد.
6- 6. التأثیل: التأصیل. و مجد مؤثل أی مجموع ذو أصل. و فی النهج« فعل» مكان أثل و التبعة ما یتبع أعمال العباد من العقاب و سوء العاقبة.

وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ الْعِبَادِ- فَهَلُمَّ أَیُّهَا النَّاسُ إِلَی التَّعَاوُنِ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقِیَامِ بِعَدْلِهِ وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَ الْإِنْصَافِ لَهُ فِی جَمِیعِ حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَیْسَ الْعِبَادُ إِلَی شَیْ ءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَی التَّنَاصُحِ فِی ذَلِكَ وَ حُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَیْهِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلَی رِضَا اللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِی الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِیقَةَ مَا أَعْطَی اللَّهُ مِنَ الْحَقِّ أَهْلَهُ وَ لَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْعِبَادِ النَّصِیحَةُ لَهُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ التَّعَاوُنُ عَلَی إِقَامَةِ الْحَقِّ فِیهِمْ ثُمَّ لَیْسَ امْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِی الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ جَسُمَتْ فِی الْحَقِّ فَضِیلَتُهُ بِمُسْتَغْنٍ عَنْ أَنْ یُعَانَ عَلَی مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حَقِّهِ وَ لَا لِامْرِئٍ مَعَ ذَلِكَ خَسَأَتْ بِهِ الْأُمُورُ وَ اقْتَحَمَتْهُ الْعُیُونُ (1) بِدُونِ مَا أَنْ یُعِینَ عَلَی ذَلِكَ وَ یُعَانَ عَلَیْهِ وَ أَهْلُ الْفَضِیلَةِ فِی الْحَالِ وَ أَهْلُ النِّعَمِ الْعِظَامِ أَكْثَرُ فِی ذَلِكَ حَاجَةً وَ كُلٌّ فِی الْحَاجَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرَعٌ سَوَاءٌ(2) فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ لَا یُدْرَی مَنْ هُوَ وَ یُقَالُ إِنَّهُ لَمْ یُرَ فِی عَسْكَرِهِ قَبْلَ

ص: 356


1- 1.« و لا لامرئ» یعنی مع عدم الاستغناء عن الاستعانة و قوله:« خسئت به الأمور» یقال: خسئت الكلب خسئا طردته و خسأ الكلب بنفسه یتعدی و لا یتعدی. و قد تعدی بالباء أی طردته الأمور أو یكون الباء للسببیة أی بعدت بسببه الأمور. و فی بعض نسخ المصدر« حست» بالمهملتین أی اختبرته. و اقتحمه: احتقره، و فی النهج« و لا امرؤ و ان صفرته النفوس و اقتحمته العیون». و قوله:« بدون ما أن یعین» أی بأقل من أن یستعان به و یعان و الحاصل كما فی الوافی أن الشریف و الوضیع جمیعا محتاجون فی أداء الحقوق الی إعانة بعضهم بعضا و استعانة بعضهم ببعض و كل من كانت النعمة علیه أعظم فاحتیاجه فی ذلك أكثر لان الحقوق علیه أوفر لازدیاد الحقوق بحسب ازدیاد النعم.
2- 2.« سواء» بیان لقوله:« شرع» و تأكید و انما ذكره علیه السلام ذلك لئلا یتوهم أنهم یستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالی بل هو الموفق و المعین لهم فی جمیع أمورهم و لا یستغنون بشی ء عن اللّٰه تعالی و انما كلفهم بذلك لیختبر طاعتهم و یثیبهم علی ذلك و اقتضت حكمته البالغة أن یجری الأشیاء باسبابها و هو المسبب لها و القادر علی امضائها بلا سبب.( منه).

ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ لَا بَعْدَهُ: فَقَامَ وَ أَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا أَبْلَاهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ مِنْ وَاجِبِ حَقِّهِ عَلَیْهِمْ وَ الْإِقْرَارِ(1)

بِكُلِّ مَا ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْحَالاتِ بِهِ وَ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَنْتَ أَمِیرُنَا وَ نَحْنُ رَعِیَّتُكَ بِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الذُّلِّ وَ بِإِعْزَازِكَ أَطْلَقَ عِبَادَهُ مِنَ الْغُلِ (2)

فَاخْتَرْ عَلَیْنَا فَأَمْضِ اخْتِیَارَكَ وَ ائْتَمِرْ فَأَمْضِ ائْتِمَارَكَ (3)

فَإِنَّكَ الْقَائِلُ الْمُصَدَّقُ وَ الْحَاكِمُ الْمُوَفَّقُ وَ الْمَلِكُ الْمُخَوَّلُ (4) لَا نَسْتَحِلُّ فِی شَیْ ءٍ مِنْ مَعْصِیَتِكَ وَ لَا نَقِیسُ عِلْماً بِعِلْمِكَ یَعْظُمُ عِنْدَنَا فِی ذَلِكَ خَطَرُكَ (5) وَ یَجِلُّ عَنْهُ فِی أَنْفُسِنَا فَضْلُكَ- فَأَجَابَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ اللَّهِ فِی نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ یَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَیْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا زَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَیْهِ عِظَماً- وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ (6) أَنْ یُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ وَ یُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَی الْكِبْرِ وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ یَكُونَ جَالَ فِی ظَنِّكُمْ أَنِّی أُحِبُّ الْإِطْرَاءَ(7)

وَ اسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَ لَوْ

ص: 357


1- 1.« أبلاهم»: أنعمهم.« من واجب حقه» یعنی من حقّ أمیر المؤمنین« ع».
2- 2. أشار به الی قوله تعالی:« وَ یَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِی كانَتْ عَلَیْهِمْ» أی یخفف عنهم ما كانوا به من التكالیف الشاقة.
3- 3. الایتمار بمعنی المشاورة.
4- 4. أی الملك الذی اعطاك اللّٰه للامرة علینا و جعلنا خدمك و تبعك.
5- 5. أی فی العلم بأن تكون كلمة« فی» تعلیلیة و یحتمل أن یكون إشارة الی ما دل علیه من الكلام من اطاعته علیه السلام. و الخطر: القدر و المنزلة.
6- 6. السخف: رقة العیش و رقة العقل، و السخافة رقة كل شی ء، أی أضعف. أحوال الولاة عند الرعیة أن یكونوا متهمین عندهم بهذه الخصلة المذمومة.
7- 7. جال- بالجیم- من الجولان- بالواو-. و الاطراء: مجاوزة الحد فی الثناء.

كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ یُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ (1)

عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِیَاءِ- وَ رُبَّمَا اسْتَحْلَی النَّاسُ (2) الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَیَّ بِجَمِیلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِی نَفْسِی إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكُمْ-(3) مِنَ الْبَقِیَّةِ فِی حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا

وَ فَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا فَلَا تُكَلِّمُونِی بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ وَ لَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّی بِمَا یُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ وَ لَا تُخَالِطُونِی بِالْمُصَانَعَةِ(4) وَ لَا تَظُنُّوا لِی اسْتِثْقَالًا

ص: 358


1- 1. أی تواضعا له تعالی و فی بعض نسخ المصدر القدیمة« و لو كنت أحبّ أن یقال ذلك لتناهیت له أغنانا اللّٰه و إیّاكم عن تناول ما هو أحق به من التعاظم و حسن الثناء» و التناهی: قبول النهی و الضمیر فی« له» راجع إلی اللّٰه تعالی. و فی النهج كما فی النسخ المشهورة.
2- 2. یقال: استحلاه أی وجده حلوا قال ابن میثم رحمه اللّٰه: هذا یجری مجری تمهید العذر لمن أثنی علیه، فكأنّه یقول: و أنت معذور فی ذلك حیث رأیتنی اجاهد فی اللّٰه و أحث الناس علی ذلك و من عادة الناس أن یستهل الثناء عند أن یبلو بلاء حسنا فی جهاد أو غیره من سائر الطاعات ثمّ أجاب عن هذا العذر فی نفسه بقوله:« و لا تثنوا علی بجمیل ثناء» أی لا تثنوا علی لاجل ما ترونه منی من طاعة اللّٰه فان ذلك انما هو اخراج لنفسی إلی اللّٰه من حقوقه الباقیة علی لم افرغ بعد أدائها و هی حقوق نعمه و فرائضه التی لا بدّ من المضی فیها و كذلك الیكم من الحقوق التی أوجبها اللّٰه علی من النصیحة فی الدین و الإرشاد الی الطریق الافضل و التعلیم لكیفیة سلوكه.
3- 3. أی لاعترافی بین یدی اللّٰه و بمحضر منكم، ان علی حقوقا فی ایالتكم و رئاستی علیكم لم اقم بها بعد و أرجو من اللّٰه القیام بها. و فی بعض نسخ المصدر« من التقیة» یعنی من أن یتقونی فی مطالبة حقوق لكم لم افرغ من ادائها و علی هذا یكون المراد بمستحلی الثناء الذین یثنیهم الناس اتقاء شرهم و خوفا من بأسهم.
4- 4. أهل البادرة الملوك و السلاطین. و البادرة: الحدة و الكلام الذی یسبق من الإنسان فی الغضب أی لا تثنوا علی كما یثنی علی أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم أو لا تحتشموا منی كما یحتشم من السلاطین و الامراء كترك المسارة و الحدیث اجلالا و خوفا منهم و ترك مشاورتهم، أو اعلامهم ببعض الأمور و القیام بین أیدیهم. و المصانعة: الرشوة و المداراة.

فِی حَقٍّ قِیلَ لِی وَ لَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِی فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ یُقَالَ لَهُ أَوِ الْعَدْلَ أَنْ یُعْرَضَ عَلَیْهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَیْهِ- فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّی لَسْتُ فِی نَفْسِی بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَ لَا آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِی (1) إِلَّا أَنْ یَكْفِیَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِی مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّی فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِیدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَیْرُهُ یَمْلِكُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِیهِ (2)

إِلَی مَا صَلَحْنَا عَلَیْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَی وَ أَعْطَانَا الْبَصِیرَةَ بَعْدَ الْعَمَی- فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ الَّذِی أَجَابَهُ مِنْ قَبْلُ فَقَالَ أَنْتَ أَهْلُ مَا قُلْتَ وَ اللَّهُ وَ اللَّهِ فَوْقَ مَا قُلْتَهُ فَبَلَاؤُهُ عِنْدَنَا مَا لَا یُكْفَرُ(3)

وَ قَدْ حَمَّلَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رِعَایَتَنَا وَ وَلَّاكَ سِیَاسَةَ أُمُورِنَا فَأَصْبَحْتَ عَلَمَنَا الَّذِی نَهْتَدِی بِهِ وَ إِمَامَنَا الَّذِی نَقْتَدِی بِهِ وَ أَمْرُكَ كُلُّهُ رُشْدٌ وَ قَوْلُكَ كُلُّهُ أَدَبٌ قَدْ قَرَّتْ بِكَ فِی الْحَیَاةِ أَعْیُنُنَا وَ امْتَلَأَتْ مِنْ سُرُورٍ بِكَ قُلُوبُنَا وَ تَحَیَّرَتْ مِنْ صِفَةِ مَا فِیكَ مِنْ بَارِعِ الْفَضْلِ (4)

عُقُولُنَا وَ لَسْنَا نَقُولُ لَكَ

ص: 359


1- 1. هذا من قبیل هضم النفس، لیس بنفی العصمة مع أن الاستثناء یكفینا مئونة ذلك و قال المؤلّف- رحمه اللّٰه-: هذا من الانقطاع إلی اللّٰه و التواضع الباعث لهم علی الانبساط معه بقول الحق و عد نفسه من المقصرین فی مقام العبودیة و الإقرار بأن عصمته من نعمه تعالی علیه.
2- 2. أی من الجهالة عدم العلم و المعرفة و الكمالات التی یسرها اللّٰه تعالی لنا ببعثة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، قال ابن أبی الحدید: لیس هذا إشارة الی خاصّ نفسه علیه السلام لانه لم یكن كافرا فأسلم و كنه كلام یقوله و یشیر به الی القوم الذین یخاطبهم فی أفیاء الناس فیأتی بصیغة الجمع الداخلة فیها نفسه توسعا.
3- 3. أی نعمته عندنا وافرة بحیث لا نستطیع كفرها و سترها، أو لا یجوز كفرانها و ترك شكرها.
4- 4. برع فی الشی ء فاق أقرانه فیه.

أَیُّهَا الْإِمَامُ الصَّالِحُ تَزْكِیَةً لَكَ وَ لَا نُجَاوِزُ الْقَصْدَ فِی الثَّنَاءِ عَلَیْكَ وَ لَمْ یُكَنَ (1) فِی أَنْفُسِنَا طَعْنٌ عَلَی یَقِینِكَ أَوْ غِشٌّ فِی دِینِكَ فَنَتَخَوَّفَ أَنْ یَكُونَ أَحْدَثْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی تَجَبُّراً أَوْ دَخَلَكَ كِبْرٌ وَ لَكِنَّا نَقُولُ لَكَ مَا قُلْنَا تَقَرُّباً إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِتَوْقِیرِكَ وَ تَوَسُّعاً بِتَفْضِیلِكَ وَ شُكْراً بِإِعْظَامِ أَمْرِكَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لَنَا وَ آثِرْ أَمْرَ اللَّهِ عَلَی نَفْسِكَ وَ عَلَیْنَا فَنَحْنُ طُوَّعٌ فِیمَا أَمَرْتَنَا نَنْقَادُ مِنَ الْأُمُورِ مَعَ ذَلِكَ فِیمَا یَنْفَعُنَا- فَأَجَابَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ وَ أَنَا أَسْتَشْهِدُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَلَی نَفْسِی لِعِلْمِكُمْ فِیمَا وُلِّیتُ بِهِ مِنْ أُمُورِكُمْ وَ عَمَّا قَلِیلٍ یَجْمَعُنِی وَ إِیَّاكُمُ الْمَوْقِفُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ السُّؤَالُ عَمَّا كُنَّا فِیهِ ثُمَّ یَشْهَدُ بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ فَلَا تَشْهَدُوا الْیَوْمَ بِخِلَافِ مَا أَنْتُمْ شَاهِدُونَ غَداً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ خَافِیَةٌ وَ لَا یَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَّا مُنَاصَحَةُ الصُّدُورِ فِی جَمِیعِ الْأُمُورِ فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ وَ یُقَالُ لَمْ یُرَ الرَّجُلُ بَعْدَ كَلَامِهِ هَذَا لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَجَابَهُ وَ قَدْ عَالَ الَّذِی (2) فِی صَدْرِهِ فَقَالَ وَ الْبُكَاءُ تَقْطَعُ مَنْطِقَهُ وَ غُصَصُ الشَّجَا تَكْسِرُ صَوْتَهُ إِعْظَاماً لِخَطَرِ مَرْزِئَتِهِ وَ وَحْشَةً مِنْ كَوْنِ فَجِیعَتِهِ (3)

فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ شَكَا إِلَیْهِ هَوْلَ مَا أَشْفَی عَلَیْهِ (4) مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِیمِ وَ الذُّلِّ الطَّوِیلِ فِی فَسَادِ زَمَانِهِ وَ انْقِلَابِ جَدِّهِ (5)

وَ انْقِطَاعِ مَا كَانَ مِنْ دَوْلَتِهِ- ثُمَ

ص: 360


1- 1. قال المؤلّف- رحمه اللّٰه:« لم یكن» علی بناء المجهول من كننت الشی ء: سترته. أو- بفتح الیاء و كسر الكاف- من و كنت الطائر بیضه یكنه إذا حضنه و فی بعض نسخ المصدر« لم یكن» و فی النسخة القدیمة« لن یكون».
2- 2. عال- بالمهملة-: اشتد و تفاقم و غلبه و ثقل علیه و أهمه.
3- 3. الغصة- بالضم-: ما اعترض فی الحلق و كذا الشجا. و المرزئة: المصیبة و كذا الفجیعة و الضمیران راجعان الی أمیر المؤمنین علیه السلام.
4- 4. أی أشرف علیه، و الضمیر فی قوله:« الیه» راجع إلی اللّٰه تعالی.
5- 5. الجد: البحت و قد یقر الحدّ و هو الحدود و الاحكام و العقوبة و ما یعتری الإنسان من الغضب.

نَصَبَ الْمَسْأَلَةَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالامْتِنَانِ عَلَیْهِ وَ الْمُدَافَعَةِ عَنْهُ بِالتَّفَجُّعِ وَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فَقَالَ یَا رَبَّانِیَّ الْعِبَادِ وَ یَا سَكَنَ الْبِلَادِ(1)

أَیْنَ یَقَعُ قَوْلُنَا مِنْ فَضْلِكَ وَ أَیْنَ یَبْلُغُ وَصْفُنَا مِنْ فِعْلِكَ وَ أَنَّی نَبْلُغُ حَقِیقَةَ حُسْنِ ثَنَائِكَ أَوْ نُحْصِی جَمِیلَ بَلَائِكَ وَ كَیْفَ وَ بِكَ جَرَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَیْنَا وَ عَلَی یَدِكَ اتَّصَلَتْ أَسْبَابُ الْخَیْرِ إِلَیْنَا أَ لَمْ تَكُنْ لِذُلِّ الذَّلِیلِ مَلَاذاً وَ لِلْعُصَاةِ الْكُفَّارِ إِخْوَاناً(2)

فَبِمَنْ إِلَّا بِأَهْلِ بَیْتِكَ وَ بِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فَظَاعَةِ تِلْكَ الْخَطَرَاتِ أَوْ بِمَنْ فَرَّجَ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُبَاتِ (3) وَ بِمَنْ إِلَّا بِكُمْ أَظْهَرَ اللَّهُ مَعَالِمَ دِینِنَا وَ اسْتَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْیَانَا حَتَّی اسْتَبَانَ بَعْدَ الْجَوْرِ ذِكْرُنَا(4)

وَ قَرَّتْ مِنْ رَخَاءِ الْعَیْشِ أَعْیُنُنَا لِمَا وَلَّیْتَنَا بِالْإِحْسَانِ جُهْدَكَ وَ وَفَیْتَ لَنَا بِجَمِیعِ وَعْدِكَ وَ قُمْتَ لَنَا عَلَی جَمِیعِ عَهْدِكَ فَكُنْتَ شَاهِدَ مَنْ غَابَ مِنَّا وَ خَلَفَ أَهْلِ الْبَیْتِ لَنَا وَ كُنْتَ عِزَّ ضُعَفَائِنَا وَ ثِمَالَ فُقَرَائِنَا(5)

وَ عِمَادَ عُظَمَائِنَا یَجْمَعُنَا فِی الْأُمُورِ عَدْلُكَ وَ یَتَّسِعُ لَنَا فِی الْحَقِّ تَأَنِّیكَ (6) فَكُنْتَ لَنَا أُنْساً إِذَا

ص: 361


1- 1. السكن- بالتحریك-: كل ما یسكن إلیه و فی بعض نسخ المصدر« یا ساكن البلاد».
2- 2. أی كنت تعاشر من یعصیك و یكفر نعمتك معاشرة الاخوان شفقة منك علیهم أو المراد الشفقة علی الكفّار و العصاة و الاهتمام فی هدایتهم و یحتمل أن یكون المراد المنافقین الذین كانوا فی عسكره و كان یلزمه رعایتهم بظاهر الشرع هذا قول المؤلّف و الظاهر« أ لم نكن» بالنون علی صیغة المتكلم مع الغیر و المعنی كنا ملاذا لذل الذلیل لا للذلیل و اخوانا للعصاة و الكفرة فبك و أهل بیتك دون غیركم أخرجنا اللّٰه من فظاعة؟.
3- 3. الفظاعة: الشناعة. و فظاعة تلك الخطرات: شناعتها و شدتها و الغمرات الشدائد و المزدحمات.
4- 4. قال الجوهریّ: نعوذ باللّٰه من الحور بعد الكور أی من النقصان بعد الزیادة. و فی بعض نسخ المصدر« بعد الجور» بالمعجمة.
5- 5. فی النهایة الثمال- بالكسر-: الملجأ و الغیاث و قیل هو المطعم فی الشدة.
6- 6. أی صار مداراتك و تأنیك و عدم مبادرتك فی الحكم علینا بما نستحقه سببا لوسعة. الحق علینا و عدم تضیق الأمور بنا.

رَأَیْنَاكَ وَ سَكَناً إِذَا ذَكَرْنَاكَ فَأَیَّ الْخَیْرَاتِ لَمْ تَفْعَلْ وَ أَیَّ الصَّالِحَاتِ لَمْ تَعْمَلْ وَ لَوْ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِی نَخَافُ عَلَیْكَ مِنْهُ یَبْلُغُ تَحْوِیلَهُ جُهْدُنَا(1) وَ تَقْوَی لِمُدَافَعَتِهِ طَاقَتُنَا أَوْ یَجُوزُ الْفِدَاءُ عَنْكَ مِنْهُ بِأَنْفُسِنَا وَ بِمَنْ نَفْدِیهِ بِالنُّفُوسِ مِنْ أَبْنَائِنَا لَقَدَّمْنَا أَنْفُسَنَا وَ أَبْنَاءَنَا قِبَلَكَ وَ لَأَخْطَرْنَاهَا(2)

وَ قَلَّ خَطَرُهَا دُونَكَ وَ لَقُمْنَا بِجُهْدِنَا فِی مُحَاوَلَةِ مَنْ حَاوَلَكَ وَ فِی مُدَافَعَةِ مَنْ نَاوَاكَ (3)

وَ لَكِنَّهُ سُلْطَانٌ لَا یُحَاوَلُ وَ عِزٌّ لَا یُزَاوَلُ (4)

وَ رَبٌّ لَا یُغَالَبُ- فَإِنْ یَمْنُنْ عَلَیْنَا بِعَافِیَتِكَ وَ یَتَرَحَّمْ عَلَیْنَا بِبَقَائِكَ وَ یَتَحَنَّنْ عَلَیْنَا بِتَفْرِیجِ (5)

هَذَا مِنْ حَالِكَ إِلَی سَلَامَةٍ مِنْكَ لَنَا وَ بَقَاءٍ مِنْكَ بَیْنَ أَظْهُرِنَا نُحْدِثْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ شُكْراً نُعَظِّمُهُ وَ ذِكْراً نُدِیمُهُ (6) وَ نَقْسِمْ أَنْصَافَ أَمْوَالِنَا صَدَقَاتٍ وَ أَنْصَافَ رَقِیقِنَا عُتَقَاءَ(7)

وَ نُحْدِثْ لَهُ تَوَاضُعاً فِی أَنْفُسِنَا وَ نَخْشَعْ فِی جَمِیعِ أُمُورِنَا- وَ إِنْ یَمْضِ بِكَ إِلَی الْجِنَانِ وَ یُجْرِی عَلَیْكَ حَتْمَ سَبِیلِهِ فَغَیْرُ مُتَّهَمٍ فِیكَ قَضَاؤُهُ وَ لَا مَدْفُوعٍ عَنْكَ بَلَاؤُهُ وَ لَا مُخْتَلِفَةٌ مَعَ ذَلِكَ قُلُوبُنَا بِأَنَّ اخْتِیَارَهُ لَكَ مَا عِنْدَهُ عَلَی مَا كُنْتَ فِیهِ وَ لَكِنَّا نَبْكِی مِنْ غَیْرِ إِثْمٍ لِعِزِّ هَذَا السُّلْطَانِ أَنْ یَعُودَ ذَلِیلًا(8)

ص: 362


1- 1. فی بعض نسخ المصدر« تحریكه جهدنا» أی تغییره و صرفه.
2- 2. أی جعلناها فی معرض المخاطرة و الهلاك أو صیرناها خطرا و رهنا و عوضا لك قال الجزریّ: فیه« ألا هل مشمر للجنة فان الجنة لا خطر لها» أی لا عوض لها و لا مثل. و الخطر بالتحریك- فی الأصل: الرهن و ما یخاطر علیه و مثل الشی ء و عدله و لا یقال الا فی الشی ء الذی له قدر و مزیة.
3- 3.« حاولك» أی قصدك. و« ناواك» أی عاداك. و قوله:« و كنه» أی الرب تعالی.
4- 4. أی ذو عزّ و غلبة. و زاوله ای حاوله و طالبه.
5- 5. فی بعض نسخ المصدر« بتصریح».
6- 6. الضمیران راجعان الی الشكر و الذكر.
7- 7. الرقیق: المملوك.
8- 8. فی أكثر نسخ المصدر« لعز هذا السلطان» فقوله« لعز» متعلق بالبكاء و« أن یعود» بدل اشتمال له أی نبكی لتبدل عزّ هذا السلطان ذلا. و فی بعض نسخ المصدر« لعن اللّٰه هذا. السلطان» أی هذه السلطنة التی لا تكون صاحبها.

وَ لِلدِّینِ وَ الدُّنْیَا أَكِیلًا(1) فَلَا نَرَی لَكَ خَلَفاً نَشْكُو إِلَیْهِ وَ لَا نَظِیراً نَأْمُلُهُ وَ لَا نُقِیمُهُ (2).

«33»- كا، [الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ(3) خُطْبَةٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ جَمِیعاً عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ التَّیْمِیِّ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِیعاً عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَیْفَرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِیرٍ الْعَبْدِیِ (4)

عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: أَتَی أَمِیرَالْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ وَلَدُ أَبِی بَكْرٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ یَطْلُبُونَ مِنْهُ التَّفْضِیلَ لَهُمْ (5) فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ مَالَ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِیِّ الْحَمْدِ وَ مُنْتَهَی الْكَرَمِ لَا تُدْرِكُهُ الصِّفَاتُ وَ لَا یُحَدُّ بِاللُّغَاتِ وَ لَا یُعْرَفُ بِالْغَایَاتِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ نَبِیُّ الْهُدَی وَ مَوْضِعُ التَّقْوَی وَ رَسُولُ الرَّبِّ الْأَعْلَی جَاءَ بِالْحَقِّ عِنْدَ الْحَقِّ لِیُنْذِرَ بِالْقُرْآنِ الْمُبِینِ وَ الْبُرْهَانِ الْمُسْتَنِیرِ فَصَدَعَ (6) بِالْكِتَابِ الْمُبِینِ (7)

وَ مَضَی عَلَی مَا مَضَتْ عَلَیْهِ الرُّسُلُ الْأَوَّلُونَ- أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ فَلَا تَقُولَنَّ رِجَالٌ قَدْ كَانَتِ الدُّنْیَا غَمَرَتْهُمْ فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا أَفْرَهَ الدَّوَابِ (8) وَ لَبِسُوا أَلْیَنَ الثِّیَابِ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ

ص: 363


1- 1. الاكیل یكون بمعنی المأكول و بمعنی الاكل و المراد هنا الثانی.
2- 2. كأن الرجل كان هو الخضر علیه السلام( الوافی).
3- 3. المصدر ص 360 تحت رقم 551.
4- 4. فی بعض نسخ المصدر« حریز» و فی جامع الرواة ص 107 ج 1« حریث».
5- 5. یعنی فی قسمة الأموال و العطاء بین المسلمین.
6- 6. فی بعض نسخ المصدر« بالقرآن المبین و البرهان المستبین.
7- 7. أی تكلم به جهارا أو شق جماعاتهم بالتوحید و فصل بین الحق و الباطل.
8- 8. الدابّة الفارهة: النشطة القویة.

عَاراً وَ شَنَاراً(1)

إِنْ لَمْ یَغْفِرْ لَهُمُ الْغَفَّارُ إِذَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا فِیهِ یَخُوضُونَ وَ صَیَّرْتُهُمْ إِلَی مَا یَسْتَوْجِبُونَ فَیَفْقِدُونَ ذَلِكَ فَیَسْأَلُونَ وَ یَقُولُونَ ظَلَمَنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ حَرَمَنَا حُقُوقَنَا فَاللَّهُ عَلَیْهِمُ الْمُسْتَعَانُ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَ أَكَلَ ذَبِیحَتَنَا وَ آمَنَ بِنَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَهِدَ شَهَادَتَنَا وَ دَخَلَ فِی دِینِنَا أَجْرَیْنَا عَلَیْهِ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَ حُدُودَ الْإِسْلَامِ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَی- أَلَا وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی أَفْضَلَ الثَّوَابِ وَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَ الْمَآبِ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الدُّنْیَا لِلْمُتَّقِینَ ثَوَاباً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ- انْظُرُوا أَهْلَ دِینِ اللَّهِ فِیمَا أَصَبْتُمْ فِی كِتَابِ اللَّهِ (2)

وَ تَرَكْتُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَاهَدْتُمْ بِهِ فِی ذَاتِ اللَّهِ أَ بِحَسَبٍ أَمْ بِنَسَبٍ أَمْ بِعَمَلٍ أَمْ بِطَاعَةٍ أَمْ زَهَادَةٍ(3)

وَ فِیمَا أَصْبَحْتُمْ فِیهِ رَاغِبِینَ فَسَارِعُوا إِلَی مَنَازِلِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ الَّتِی أُمِرْتُمْ بِعِمَارَتِهَا الْعَامِرَةِ الَّتِی لَا تَخْرَبُ الْبَاقِیَةِ الَّتِی لَا تَنْفَدُ الَّتِی دَعَاكُمْ إِلَیْهَا وَ حَضَّكُمْ عَلَیْهَا(4) وَ رَغَّبَكُمْ فِیهَا وَ جَعَلَ الثَّوَابَ عِنْدَهُ عَنْهَا- فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بِالتَّسْلِیمِ لِقَضَائِهِ وَ الشُّكْرِ عَلَی نَعْمَائِهِ فَمَنْ لَمْ یَرْضَ بِهَذَا فَلَیْسَ مِنَّا وَ لَا إِلَیْنَا وَ إِنَّ الْحَاكِمَ یَحْكُمُ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ لَا خَشْیَةَ عَلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ فِی نُسْخَةٍ وَ لَا وَحْشَةَ وَ أُولَئِكَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ وَ قَالَ وَ قَدْ عَاتَبْتُكُمْ بِدِرَّتِیَ الَّتِی أُعَاتِبُ بِهَا أَهْلِی فَلَمْ تُبَالُوا وَ ضَرَبْتُكُمْ بِسَوْطِیَ الَّذِی أُقِیمُ بِهِ حُدُودَ رَبِّی فَلَمْ تَرْعَوُوا(5)

أَ تُرِیدُونَ أَنْ أَضْرِبَكُمْ بِسَیْفِی- أَمَا إِنِّی أَعْلَمُ الَّذِی

ص: 364


1- 1. الشنار: العیب و العار.
2- 2. أی من مواعیده الصادقة علی الاعمال الصالحة و أراد بتركهم عند رسول اللّٰه« ص» ضمانه لهم بذلك كأنّه ودیعة لهم عنده.
3- 3. استفهام انكار یعنی لیس ذلك بحسب و لا نسب بل بعمل و طاعة و زهادة. و قوله: « فیما اصبحتم فیه راغبین» أی انظروا أیضا فیما اصبحتم فیه راغبین هل هو الذی اصبتم فی كتاب اللّٰه تعالی یعنی لیس هو بذاك و انما هو الدنیا و زهرتها.
4- 4. الحض: الحث و الترغیب.
5- 5. الارعواء: الكف و الانزجار، و قیل: هو الندم و الانصراف عن الشی ء.

تُرِیدُونَ وَ یُقِیمُ أَوَدَكُمْ (1) وَ لَكِنْ لَا أَشْتَرِی صَلَاحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِی (2) بَلْ یُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَیْكُمْ قَوْماً فَیَنْتَقِمُ لِی مِنْكُمْ فَلَا دُنْیَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا وَ لَا آخِرَةَ صِرْتُمْ إِلَیْهَا فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِیرِ.

«34»- كا(3)،[الكافی] مِنَ الرَّوْضَةِ خُطْبَةٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُنْذِرِ(4)

بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ رَوَاهَا غَیْرُهُ بِغَیْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ خَطَبَ بِذِی قَارٍ(5) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحَقِّ لِیُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إِلَی عِبَادَتِهِ وَ مِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلَی عُهُودِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إِلَی طَاعَتِهِ وَ مِنْ وَلَایَةِ عِبَادِهِ إِلَی وَلَایَتِهِ- بَشِیراً وَ نَذِیراً وَ دَاعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرَاجاً مُنِیراً عَوْداً وَ بَدْءاً وَ عُذْراً وَ نُذْراً بِحُكْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ (6)

وَ تَفْصِیلٍ قَدْ أَحْكَمَهُ وَ فُرْقَانٍ قَدْ فَرَّقَهُ (7)

وَ قُرْآنٍ قَدْ بَیَّنَهُ لِیَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ وَ لِیُقِرُّوا بِهِ إِذْ جَحَدُوهُ وَ لِیُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ فَتَجَلَّی

ص: 365


1- 1. الاود- بالتحریك-: الاعوجاج.
2- 2. أی لا أطلب صلاحكم بالظلم و بما لم یأمرنی به ربی فاكون قد اصلحتكم بافساد نفسی.
3- 3. المصدر ص 386 تحت رقم 586.
4- 4. فی بعض نسخ المصدر« سعد بن المنذر».
5- 5. موضع بین الكوفة و واسط.« القاموس».
6- 6.« عودا و بدءا» یعنی الی الدعوة بعد ما بدأ فیها و المراد تكریر الدعوة.« عذرا و نذرا» كل منهما مفعول له لقوله:« بعث» أی عذرا للمحقین و نذرا للمبطلین، أو حال أی عاذرا و منذرا. قوله:« بحكم» المراد به الجنس أی بعثه مع أحكام مفصلة مبینة.
7- 7. الفرقان هو القرآن و كل ما فرق بین الحق و الباطل. و المراد بتفریقه انزاله متفرقا أو تعلقه بالاحكام المتفرقة.

لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِی كِتَابِهِ (1)

مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونُوا رَأَوْهُ فَأَرَاهُمْ حِلْمَهُ كَیْفَ حَلُمَ (2)

وَ أَرَاهُمْ عَفْوَهُ كَیْفَ عَفَا وَ أَرَاهُمْ قُدْرَتَهُ كَیْفَ قَدَرَ وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ وَ كَیْفَ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِنَ الْآیَاتِ وَ كَیْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ مِنَ الْعُصَاةِ بِالْمَثُلَاتِ وَ احْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ (3) وَ كَیْفَ رَزَقَ وَ هَدَی وَ أَعْطَی وَ أَرَاهُمْ حُكْمَهُ كَیْفَ حَكَمَ (4)

وَ صَبَرَ حَتَّی یَسْمَعَ مَا یَسْمَعُ وَ یَرَی- فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ سَیَأْتِی عَلَیْكُمْ مِنْ بَعْدِی زَمَانٌ لَیْسَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ شَیْ ءٌ أَخْفَی مِنَ الْحَقِّ وَ لَا أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ وَ لَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ(5)

مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَ لَا سِلْعَةٌ أَنْفَقَ بَیْعاً(6)

وَ لَا أَغْلَی ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لَیْسَ فِی الْعِبَادِ وَ لَا فِی الْبِلَادِ شَیْ ءٌ هُوَ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَ لَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ وَ لَیْسَ فِیهَا فَاحِشَةٌ أَنْكَرَ وَ لَا عُقُوبَةٌ أَنْكَی مِنَ الْهُدَی (7) عِنْدَ الضَّلَالِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ وَ تَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ (8) حَتَّی تَمَالَتْ بِهِمُ الْأَهْوَاءُ وَ تَوَارَثُوا ذَلِكَ مِنَ الْآبَاءِ وَ عَمِلُوا بِتَحْرِیفِ الْكِتَابِ كَذِباً وَ تَكْذِیباً فَبَاعُوهُ بِالْبَخْسِ (9) وَ كَانُوا فِیهِ مِنَ الزَّاهِدِینَ.

فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ طَرِیدَانِ مَنْفِیَّانِ وَ صَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِی طَرِیقٍ وَاحِدٍ- لَا یُؤْوِیهِمَا مُؤْوٍ فَحَبَّذَا ذَانِكَ الصَّاحِبَانِ وَاهاً لَهُمَا وَ لِمَا یَعْمَلَانِ

ص: 366


1- 1. أی ظهر من غیر أن یری بالبصر بل نبههم علیه فی القرآن من قصص الاولین و ما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل.
2- 2. فی نسخة« حكمه كیف حكم».
3- 3. المثلات- بفتح المیم و ضم الثاء- جمع المثلة و هی العقوبة. و الاحتصاد: المبالغة فی القتل و الاستیصال مأخوذ من حصد الزرع.
4- 4. فی نسخة« حلمه كیف حلم». و هو الصواب.
5- 5. السلعة- بالكسر-: المتاع. و البوار؛ الكساد.
6- 6. النفاق: الرواج.
7- 7. النكایة: الجرح و القرح.
8- 8. تناساه: أری من نفسه أنّه نسیه.
9- 9. البخس: بالموحدة ثمّ المعجمة ثمّ المهملة: الناقص.

لَهُ (1)

فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ فِی النَّاسِ وَ لَیْسُوا فِیهِمْ وَ مَعَهُمْ وَ لَیْسُوا مَعَهُمْ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الْهُدَی وَ إِنِ اجْتَمَعَا وَ قَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَی الْفُرْقَةِ وَ افْتَرَقُوا عَلَی الْجَمَاعَةِ وَ قَدْ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ وَ أَمْرَ دِینِهِمْ مَنْ یَعْمَلُ فِیهِمْ بِالْمَكْرِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الرِّشَا وَ الْقَتْلِ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَ لَیْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ- لَمْ یَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا اسْمُهُ وَ لَمْ یَعْرِفُوا مِنَ الْكِتَابِ إِلَّا خَطَّهُ وَ زَبْرَهُ (2)

یَدْخُلُ الدَّاخِلُ لِمَا یَسْمَعُ مِنْ حِكَمِ الْقُرْآنِ فَلَا یَطْمَئِنُّ جَالِساً حَتَّی یَخْرُجَ مِنَ الدِّینِ یَنْتَقِلُ مِنْ دِینِ مَلِكٍ إِلَی دِینِ مَلِكٍ وَ مِنْ وَلَایَةِ مَلِكٍ إِلَی وَلَایَةِ مَلِكٍ وَ مِنْ طَاعَةِ مَلِكٍ إِلَی طَاعَةِ مَلِكٍ وَ مِنْ عُهُودِ مَلِكٍ إِلَی عُهُودِ مَلِكٍ فَاسْتَدْرَجَهُمُ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ وَ إِنَّ كَیْدَهُ مَتِینٌ بِالْأَمَلِ وَ الرَّجَاءِ(3) حَتَّی تَوَالَدُوا فِی الْمَعْصِیَةِ وَ دَانُوا بِالْجَوْرِ وَ الْكِتَابِ لَمْ یَضْرِبْ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْهُ صَفْحاً ضُلَّالًا تَائِهِینَ قَدْ دَانُوا بِغَیْرِ دِینِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ أَدَانُوا لِغَیْرِ اللَّهِ (4) مَسَاجِدُهُمْ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ عَامِرَةٌ مِنَ الضَّلَالَةِ خَرِبَةٌ مِنَ الْهُدَی و فَقُرَّاؤُهَا وَ عُمَّارُهَا أَخَائِبُ خَلْقِ اللَّهِ وَ خَلِیقَتِهِ مِنْ عِنْدِهِمْ جَرَتِ الضَّلَالَةُ وَ إِلَیْهِمْ تَعُودُ وَ حُضُورُ مَسَاجِدِهِمْ وَ الْمَشْیُ إِلَیْهَا كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ إِلَّا مَنْ مَشَی إِلَیْهَا وَ هُوَ عَارِفٌ بِضَلَالَتِهِمْ فَصَارَتْ مَسَاجِدُهُمْ مِنْ فِعَالِهِمْ عَلَی ذَلِكَ النَّحْوِ خَرِبَةً مِنَ الْهُدَی عَامِرَةً مِنَ الضَّلَالَةِ قَدْ بُدِّلَتْ

ص: 367


1- 1.« واها» كلمة تلهف و توجع. قوله:« لما یعملان» فی بعض نسخ المصدر« لما یعمدان له» بالدال أی العلة الغائیة من خلقها.
2- 2. بكسر الزای و سكون الباء أی كتابته. و قوله:« یدخل الداخل» أی فی الدین و خروجه لما یری من عدم عمل أهله به و بدعهم و جورهم.
3- 3. متعلق بقوله« استدرجهم» و استدراج اللّٰه تعالی عباده أنّه كلما جدد العبد خطیئة جدد له نعمة و أنساه الاستغفار و أن یأخذه قلیلا قلیلا و یباغته.
4- 4.« دانوا» أی أمروا بطاعة غیره تعالی. و« أدانوا» لم یرد هذا البناء فیما عندنا من كتب اللغة و فی النسخة القدیمة« و كانوا لغیر اللّٰه»( منه).

سُنَّةُ اللَّهِ وَ تُعُدِّیَتْ حُدُودُهُ وَ لَا یَدْعُونَ إِلَی الْهُدَی وَ لَا یَقْسِمُونَ الْفَیْ ءَ وَ لَا یُوفُونَ بِذِمَّةٍ یَدْعُونَ الْقَتِیلَ مِنْهُمْ عَلَی ذَلِكَ شَهِیداً قَدْ أَتَوُا اللَّهَ بِالافْتِرَاءِ وَ الْجُحُودِ وَ اسْتَغْنَوْا بِالْجَهْلِ عَنِ الْعِلْمِ وَ مِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِینَ كُلَّ مُثْلَةٍ(1)

وَ سَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَی اللَّهِ فِرْیَةً

وَ جَعَلُوا فِی الْحَسَنَةِ الْعُقُوبَةَ السَّیِّئَةَ- وَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْكُمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِیزاً عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْكُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ (2) وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَاباً عَزِیزاً- لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ- قُرْآناً عَرَبِیًّا غَیْرَ ذِی عِوَجٍ لِیُنْذِرَ مَنْ كانَ حَیًّا(3) وَ یَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَی الْكافِرِینَ فَلَا یُلْهِیَنَّكُمُ الْأَمَلُ وَ لَا یَطُولَنَّ عَلَیْكُمُ الْأَجَلُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَمَدُ أَمَلِهِمْ وَ تَغْطِیَةُ الْآجَالِ عَنْهُمْ حَتَّی نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ(4) الَّذِی تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ وَ تُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ وَ تَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَ النَّقِمَةُ(5) وَ قَدْ أَبْلَغَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْكُمْ بِالْوَعْدِ وَ فَصَّلَ لَكُمُ الْقَوْلَ وَ عَلَّمَكُمُ السُّنَّةَ وَ شَرَعَ لَكُمُ الْمَنَاهِجَ لِیُزِیحَ الْعِلَّةَ(6)

وَ حَثَّ عَلَی الذِّكْرِ وَ دَلَّ عَلَی النَّجَاةِ- وَ إِنَّهُ مَنِ انْتَصَحَ لِلَّهِ وَ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِیلًا هَدَاهُ لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ (7)

وَ وَفَّقَهُ لِلرَّشَادِ وَ سَدَّدَهُ

ص: 368


1- 1. المثلة- بالضم-: النكال، قال الفیض- رحمه اللّٰه-: و من روی مثلوا- بالتشدید أراد جدعوهم بقطع الاذن و الانوف.
2- 2.« من أنفسكم» أی من جنسكم عربی مثلكم. و قرء من أنفسكم- بفتح الفاء- أی من أشرفكم« عزیز علیه» أی شدید شاق.« ما عنتم» عنتكم و لقاؤكم المكروه.« حریص علیكم» أی علی ایمانكم و صلاح شأنكم.
3- 3. أی عاقلا فهما فان الغافل كالمیت.
4- 4. المراد بالموعود الموت.
5- 5. القارعة: الشدیدة من شدائد الدهر.
6- 6. زاح الشی ء یزیح زیحا أی بعد و ذهب و أزاحه غیره.« الصحاح».
7- 7. الانتصاح: قبول النصیحة یعنی من اطاع أوامر اللّٰه تعالی و علم انه انما یهدیه الی مصالحه و یرد عن مفاسده یهدیه للحالة التی اتباعها اقوم و هی من الألفاظ القرآنیة« إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ» و تلك الحالة هی المعرفة باللّٰه و توحیده كما فی الوافی.

وَ یَسَّرَهُ لِلْحُسْنَی فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ مَغْرُورٌ فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَ اخْشَوْا مِنْهُ بِالتُّقَی وَ تَقَرَّبُوا إِلَیْهِ بِالطَّاعَةِ فَإِنَّهُ قَرِیبٌ مُجِیبٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْیَسْتَجِیبُوا لِی وَ لْیُؤْمِنُوا بِی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ (1) فَاسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ وَ عَظِّمُوا اللَّهَ الَّذِی لَا یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ یَتَعَظَّمَ (2)

فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا عَظَمَةُ اللَّهِ أَنْ یَتَوَاضَعُوا لَهُ وَ عِزَّ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا جَلَالُ اللَّهِ أَنْ یَذِلُّوا لَهُ وَ سَلَامَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا قَدْرُ اللَّهِ أَنْ یَسْتَسْلِمُوا لَهُ فَلَا یُنْكِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ حَدِّ الْمَعْرِفَةِ وَ لَا یَضِلُّونَ بَعْدَ الْهُدَی فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِیحِ مِنَ الْأَجْرَبِ (3) وَ الْبَارِئِ مِنْ ذِی السَّقَمِ- وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی تَرَكَهُ وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمِیثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی نَقَضَهُ وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی نَبَذَهُ وَ لَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی حَرَّفَهُ وَ لَنْ تَعْرِفُوا الضَّلَالَةَ حَتَّی تَعْرِفُوا الْهُدَی وَ لَنْ تَعْرِفُوا التَّقْوَی حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذِی تَعَدَّی فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَ التَّكَلُّفَ- وَ رَأَیْتُمُ الْفِرْیَةَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ التَّحْرِیفَ لِكِتَابِهِ وَ رَأَیْتُمْ كَیْفَ هَدَی اللَّهُ مَنْ هَدَی فَلَا یُجْهِلَنَّكُمُ (4)

الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ عِلْمَ الْقُرْآنِ إِنَّ عِلْمَ

الْقُرْآنِ لَیْسَ بِعِلْمٍ مَا هُوَ إِلَّا مَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ فَعُلِّمَ بِالْعِلْمِ جَهْلَهُ وَ بُصِّرَ بِهِ عَمَاهُ (5) وَ سُمِّعَ بِهِ صَمَمَهُ وَ أَدْرَكَ بِهِ عِلْمَ مَا فَاتَ وَ حَیِیَ بِهِ بَعْدَ إِذْ مَاتَ وَ أَثْبَتَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْحَسَنَاتِ وَ مَحَا بِهِ السَّیِّئَاتِ وَ أَدْرَكَ بِهِ رِضْوَاناً مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی.

ص: 369


1- 1. البقرة: 186.
2- 2. أی یطلب لنفسه العظمة.
3- 3. أی الذی به الجرب و هو داء معروف.
4- 4. من التجهیل ای لا ینسبوكم الی الجهل.
5- 5.« فعلم بالعلم جهله» أی ما جهل ممّا یحتاج إلیه فی جمیع الأمور او كونه جاهلا. قبل ذلك او كمل علمه حتّی اقر بأنّه جاهل فان غایة كل كمال فی المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله و الاعتراف بثبوته كما ینبغی للرب تعالی او یقال: ان الجاهل لتساوی نسبة الأشیاء إلیه لجهله بجمیعها یدعی علم كل شی ء و اما العالم فهو یمیز بین ما یعلمه و ما لا یعلمه فبالعلم عرف جهله و لا یخفی جریان الاحتمالات فی الفقرتین التالیتین و ان الأول أظهر فی الجمیع بأن یكون المراد بقوله:« و بصر به عماه» أی أبصر به ما عمی عنه أو تبدلت عماه بصیرة.« و سمع به» یمكن أن یقرأ بالتخفیف أی سمع ما كان صم عنه أو بالتشدید أی بدل بالعلم صممه یكونه سمیعا( قاله المؤلّف فی المرآة).

فَاطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً(1) فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ یُسْتَضَاءُ بِهِ وَ أَئِمَّةٌ یُقْتَدَی بِهِمْ وَ هُمْ عَیْشُ الْعِلْمِ وَ مَوْتُ الْجَهْلِ هُمُ الَّذِینَ یُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وَ صَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ (2) وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ لَا یُخَالِفُونَ الدِّینَ وَ لَا یَخْتَلِفُونَ فِیهِ فَهُوَ بَیْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ (3)

فَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ شُهَدَاءُ بِالْحَقِّ وَ مُخْبِرٌ صَادِقٌ (4)

لَا یُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَ لَا یَخْتَلِفُونَ فِیهِ قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَابِقَةٌ وَ مَضَی فِیهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حُكْمٌ صَادِقٌ وَ فِی ذَلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ فَاعْقِلُوا الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَایَةٍ وَ لَا تَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَایَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِیرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِیلٌ- وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ.

ص: 370


1- 1. كنی علیه السلام بقوله:« من عند أهله» عن نفسه و من یحذو حذوه من أولاده و اهله علیهم السلام.
2- 2. ذلك لان صمت العارف ابلغ من نطق غیره.
3- 3. انما لا یخالفون الدین لانهم قوامه و أربابه و انما لا یختلفون فیه لان الحق فی التوحید واحد فالدین او القرآن بینهم شاهد صادق یأخذون بحكمه كما یؤخذ بحكم الشاهد الصادق. و« صامت ناطق» لانه لا ینطق بنفسه بل لا بدّ له من مترجم فهو صامت فی الصورة و فی المعنی انطق الناطقین، لان الاوامر و النواهی و الآداب كلها مبنیة علیه و متفرعة عنه فهو شأن من شأنهم( الوافی).
4- 4. مخبر صادق فی حقهم حال كونهم شهداء بالحق غیر مخالفین له و لا مختلفین فیه.

«35»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الرَّقِّیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبَانٍ مَوْلَی زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ شُرَیْحٍ الْقَاضِی قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ یَوْماً وَ هُوَ یَعِظُهُمْ تَرَصَّدُوا مَوَاعِیدَ الْآجَالِ وَ بَاشِرُوهَا بِمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَی ذَخَائِرِ(2)

الْأَمْوَالِ فَتُخْلِیَكُمْ خَدَائِعُ الْآمَالِ إِنَّ الدُّنْیَا خَدَّاعَةٌ صَرَّاعَةٌ مَكَّارَةٌ غَرَّارَةٌ

سَحَّارَةٌ أَنْهَارُهَا لَامِعَةٌ وَ ثَمَرَاتُهَا یَانِعَةٌ(3)

ظَاهِرُهَا سُرُورٌ وَ بَاطِنُهَا غُرُورٌ تَأْكُلُكُمْ بِأَضْرَاسِ الْمَنَایَا وَ تُبِیرُكُمْ (4) بِإِتْلَافِ الرَّزَایَا لَهُمْ بِهَا أَوْلَادُ الْمَوْتِ وَ آثَرُوا زِینَتَهَا فَطَلَبُوا رُتْبَتَهَا جَهُلَ الرَّجُلُ وَ مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُولَعُ بِلَذَّتِهَا وَ السَّاكِنُ إِلَی فَرْحَتِهَا وَ الْآمِنُ لِغَدْرَتِهَا دَارَتْ عَلَیْكُمْ بِصُرُوفِهَا وَ رَمَتْكُمْ بِسِهَامِ حُتُوفِهَا(5) فَهِیَ تَنْزِعُ أَرْوَاحَكُمْ نَزْعاً وَ أَنْتُمْ تَجْمَعُونَ لَهَا جَمْعاً لِلْمَوْتِ تُولَدُونَ وَ إِلَی الْقُبُورِ تُنْقَلُونَ وَ عَلَی التُّرَابِ تَتَوَسَّدُونَ (6)

وَ إِلَی الدُّودِ تُسَلَّمُونَ وَ إِلَی الْحِسَابِ تُبْعَثُونَ- یَا ذَوِی الْحِیَلِ وَ الْآرَاءِ وَ الْفِقْهِ وَ الْأَنْبَاءِ اذْكُرُوا مَصَارِعَ الْآبَاءِ فَكَأَنَّكُمْ بِالنُّفُوسِ قَدْ سُلِبَتْ وَ بِالْأَبْدَانِ قَدْ عُرِیَتْ وَ بِالْمَوَارِیثِ قَدْ قُسِمَتْ فَتَصِیرُ یَا ذَا الدَّلَالِ وَ الْهَیْبَةِ(7) وَ الْجَمَالِ إِلَی مَنْزِلَةٍ شَعْثَاءَ وَ مَحَلَّةٍ غَبْرَاءَ فَتَنُومُ عَلَی خَدِّكَ فِی لَحْدِكَ فِی مَنْزِلٍ قَلَّ زُوَّارُهُ وَ مَلَّ عُمَّالُهُ حَتَّی تُشَقَّ عَنِ الْقُبُورِ وَ تُبْعَثَ إِلَی النُّشُورِ.

ص: 371


1- 1. الأمالی ج 2 ص 266.
2- 2. الركون: المیل و الاعتماد.
3- 3. ینع الثمرة: أدرك و طاب و حان قطافه فهو یانع.
4- 4. المنایا جمع منیة و هی الموت. و أباره أی أهلكه.
5- 5. الحتف: الموت جمعه حتوف.
6- 6. فی بعض النسخ« علی التراب ینومون».
7- 7. الدلال- بالفتح-: الوقار و التغنج.

فَإِنْ خُتِمَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ صِرْتَ إِلَی الْحُبُورِ(1) وَ أَنْتَ مَلِكٌ مُطَاعٌ وَ آمِنٌ لَا تُرَاعُ یَطُوفُ عَلَیْكُمْ وِلْدَانٌ كَأَنَّهُمُ الْجُمَانُ (2) بِكَأْسٍ مِنْ مَعِینٍ- بَیْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِینَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِیهَا یَتَنَعَّمُونَ وَ أَهْلُ النَّارِ فِیهَا یُعَذَّبُونَ هَؤُلَاءِ فِی السُّنْدُسِ وَ الْحَرِیرِ یَتَبَخْتَرُونَ وَ هَؤُلَاءِ فِی الْجَحِیمِ وَ السَّعِیرِ یَتَقَلَّبُونَ هَؤُلَاءِ تُحْشَی جَمَاجِمُهُمْ بِمِسْكِ الْجِنَانِ وَ هَؤُلَاءِ یُضْرَبُونَ بِمَقَامِعِ النِّیرَانِ هَؤُلَاءِ یُعَانِقُونَ الْحُورَ فِی الْحِجَالِ وَ هَؤُلَاءِ یُطَوَّقُونَ أَطْوَاقاً فِی النَّارِ بِالْأَغْلَالِ فِی قَلْبِهِ فَزَعٌ قَدْ أَعْیَا الْأَطِبَّاءَ وَ بِهِ دَاءٌ لَا یَقْبَلُ الدَّوَاءَ- یَا مَنْ یُسَلَّمُ إِلَی الدُّودِ وَ یُهْدَی إِلَیْهِ اعْتَبِرْ بِمَا تَسْمَعُ وَ تَرَی وَ قُلْ لِعَیْنَیْكَ تَجْفُو لَذَّةَ الْكَرَی وَ تُفِیضُ مِنَ الدُّمُوعِ بَعْدَ الدُّمُوعِ تَتْرَی (3) بَیْتُكَ الْقَبْرُ بَیْتُ الْأَهْوَالِ وَ الْبِلَی وَ غَایَتُكَ الْمَوْتُ یَا قَلِیلَ الْحَیَاءِ اسْمَعْ یَا ذَا الْغَفْلَةِ وَ التَّصْرِیفِ مِنْ ذِی الْوَعْظِ وَ التَّعْرِیفِ جُعِلَ یَوْمُ الْحَشْرِ یَوْمَ الْعَرْضِ وَ السُّؤَالِ وَ الْحِبَاءِ وَ النَّكَالِ یَوْمَ تُقَلَّبُ إِلَیْهِ أَعْمَالُ الْأَنَامِ وَ تُحْصَی فِیهِ جَمِیعُ الْآثَامِ یَوْمَ تَذُوبُ مِنَ النُّفُوسِ أَحْدَاقُ عُیُونِهَا وَ تَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِی بُطُونِهَا وَ یُفَرَّقُ بَیْنَ كُلِّ نَفْسٍ وَ حَبِیبِهَا وَ یَحَارُ فِی تِلْكَ الْأَهْوَالِ عَقْلُ لَبِیبِهَا- إِذَا تَنَكَّرَتِ الْأَرْضُ بَعْدَ حُسْنِ عِمَارَتِهَا وَ تَبَدَّلَتْ بِالْخَلْقِ بَعْدَ أَنِیقِ زَهْرَتِهَا(4) أَخْرَجَتْ مِنْ مَعَادِنِ الْغَیْبِ أَثْقَالَهَا وَ نَفَضَتْ إِلَی اللَّهِ أَحْمَالَهَا یَوْمَ لَا یَنْفَعُ الْجَدُّ(5) إِذَا عَایَنُوا

الْهَوْلَ الشَّدِیدَ فَاسْتَكَانُوا وَ عُرِفَ الْمُجْرِمُونَ بِسِیمَاهُمْ فَاسْتَبَانُوا فَانْشَقَّتِ الْقُبُورُ بَعْدَ طُولِ انْطِبَاقِهَا وَ اسْتَسْلَمَتِ النُّفُوسُ إِلَی اللَّهِ بِأَسْبَابِهَا كُشِفَ عَنِ الْآخِرَةِ غِطَاؤُهَا وَ ظَهَرَ لِلْخَلْقِ أَبْنَاؤُهَا فَ دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا(6) وَ مُدَّتْ

ص: 372


1- 1. الحبور: السرور. و راعه الامر: أفزعه.
2- 2. الجمان: اللؤلؤ.
3- 3. جفا صاحبه أعرض عنه. و الكری: النعاس. و تتری أی متوالیا.
4- 4. الانیق: الحسن المعجب.
5- 5. فی المصدر« لا ینفع الحذر».
6- 6. دكت الأرض أی سوی صعودها و هبوطها.

لِأَمْرٍ یُرَادُ بِهَا مَدّاً مَدّاً وَ اشْتَدَّ الْمُثَارُونَ إِلَی اللَّهِ (1)

شَدّاً شَدّاً وَ تَزَاحَفَتِ الْخَلَائِقُ إِلَی الْمَحْشَرِ زَحْفاً زَحْفاً(2)

وَ رُدَّ الْمُجْرِمُونَ عَلَی الْأَعْقَابِ رَدّاً رَدّاً وَ جَدَّ الْأَمْرُ وَیْحَكَ یَا إِنْسَانُ جَدّاً جَدّاً وَ قُرِّبُوا لِلْحِسَابِ فَرْداً فَرْداً- وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا یَسْأَلُهُمْ عَمَّا عَمِلُوا حَرْفاً حَرْفاً فَجِی ءَ بِهِمْ عُرَاةَ الْأَبْدَانِ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ أَمَامَهُمُ الْحِسَابُ وَ مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ یَسْمَعُونَ زَفِیرَهَا وَ یَرَوْنَ سَعِیرَهَا فَلَمْ یَجِدُوا نَاصِراً وَ لَا وَلِیّاً یُجِیرُهُمْ مِنَ الذُّلِّ فَهُمْ یَعْدُونَ سِرَاعاً(3) إِلَی مَوَاقِفِ الْحَشْرِ یُسَاقُونَ سَوْقاً فَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ وَ الْعِبَادُ عَلَی الصِّرَاطِ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ لَا یَسْلَمُونَ- وَ لا یُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَتَكَلَّمُونَ وَ لَا یُقْبَلُ مِنْهُمْ فَیَعْتَذِرُونَ قَدْ خُتِمَ عَلَی أَفْوَاهِهِمْ وَ اسْتُنْطِقَتْ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا یَعْمَلُونَ یَا لَهَا مِنْ سَاعَةٍ مَا أَشْجَی مَوَاقِعَهَا مِنَ الْقُلُوبِ حِینَ مُیِّزَ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ مِنْ مِثْلِ هَذَا فَلْیَهْرَبِ الْهَارِبُونَ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ الْآخِرَةُ لَهَا یَعْمَلُ الْعَامِلُونَ.

«36»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَنٍ النَّحْوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزُّفَرِیِ (5)

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ بَكَّارٍ الضَّبِّیِّ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْهُذَلِیِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَحْوِیهِ مَكَانٌ وَ لَا یَحُدُّهُ زَمَانٌ عَلَا بِطَوْلِهِ وَ دَنَا بِحَوْلِهِ سَابِقِ كُلِ

ص: 373


1- 1. ثار إلیه وثب علیه و فی بعض النسخ« المبارون».
2- 2. تزاحف القوم فی الحرب: زحف بعضهم الی بعض و تدانوا. و الزحف: الجیش یزحفون الی العدو أی یمشون. و یقال زحف إلیه كمنع زحفا إذا مشی نحوه. و زحفا زحفا أی زحفا بعد زحف متفرقین.
3- 3. فی بعض النسخ« یقودون سراعا».
4- 4. الأمالی ج 2 ص 296.
5- 5. كذا و فی المصدر« الرمزنی».

غَنِیمَةٍ وَ فَضْلٍ وَ كَاشِفِ كُلِّ عَظِیمَةٍ وَ أَزْلٍ (1) أَحْمَدُهُ عَلَی جُودِ كَرَمِهِ وَ سُبُوغِ نِعَمِهِ وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَی بُلُوغِ رِضَاهُ وَ الرِّضَا بِمَا قَضَاهُ وَ أُومِنُ بِهِ إِیمَاناً وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ إِیقَاناً- وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الَّذِی رَفَعَ السَّمَاءَ فَبَنَاهَا وَ سَطَحَ الْأَرْضَ فَطَحَاهَا وَ أَخْرَجَ مِنْها

ماءَها وَ مَرْعاها وَ الْجِبالَ أَرْساها(2) لَا یَئُودُهُ خَلْقٌ وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ- وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَی الْمَشْهُورِ وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ وَ الدِّینِ الْمَأْثُورِ إِبْلَاءً لِعُذْرِهِ وَ إِنْهَاءً لِأَمْرِهِ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَ هَدَی مِنَ الضَّلَالَةِ وَ عَبَدَ رَبَّهُ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَثِیراً أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ التَّقْوَی أَفْضَلُ كَنْزٍ وَ أَحْرَزُ حِرْزٍ وَ أَعَزُّ عِزٍّ فِیهِ نَجَاةُ كُلِّ هَارِبٍ وَ دَرَكُ كُلِّ طَالِبٍ وَ ظَفَرُ كُلِّ غَالِبٍ وَ أَحُثُّكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّهَا كَهْفُ الْعَابِدِینَ وَ فَوْزُ الْفَائِزِینَ وَ أَمَانُ الْمُتَّقِینَ وَ اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ سَیَّارَةٌ قَدْ حَدَا بِكُمُ الْهَادِی وَ حَدَا لِخَرَابِ الدُّنْیَا حَادِی وَ نَادَاكُمْ لِلْمَوْتِ مُنَادِی- فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ لا یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ غَرَّارَةٌ خَدَّاعَةٌ تَنْكِحُ فِی كُلِّ یَوْمٍ بَعْلًا وَ تَقْتُلُ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ أَهْلًا وَ تُفَرِّقُ فِی كُلِّ سَاعَةٍ شَمْلًا فَكَمْ مِنْ مُنَافِسٍ فِیهَا وَ رَاكِنٍ إِلَیْهَا مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ قَدْ قَذَفَتْهُمْ فِی الْهَاوِیَةِ وَ دَمَّرَتْهُمْ تَدْمِیراً وَ تَبَّرَتْهُمْ تَتْبِیراً وَ أَصْلَتْهُمْ سَعِیراً(3) أَیْنَ مَنْ جَمَعَ فَأَوْعَی وَ شَدَّ فَأَوْكَی وَ مَنَعَ فَأَكْدَی (4) بَلْ أَیْنَ مَنْ عَسْكَرَ الْعَسَاكِرَ وَ دَسْكَرَ الدَّسَاكِرَ(5) وَ رَكِبَ الْمَنَابِرَ أَیْنَ مَنْ بَنَی الدُّورَ وَ شَرَّفَ الْقُصُورَ وَ جَمْهَرَ

ص: 374


1- 1. الآزال- بكسر الهمزة-: الداهیة.
2- 2.« طحیها» أی بسطها. و« أرساها» أی أثبتها.
3- 3. التدمیر: الاهلاك و التتبیر: الاهلاك أیضا، و أصلاه النار: أدخله إیاها و أثواه فیها. و السعیر: لهب النار.
4- 4. أوكی ایكاء- القربة و علی ما فی القربة: شدها بالوكاء. و الوكاء رباط القربة و نحوها. و أكدی اكداء- الرجل-: لم یظفر بحاجته، أو بخل فی العطاء. و أكداه عن كذا: رده عنه و منعه.
5- 5. قال الفیومی فی المصباح: الدسكرة بناء یشبه القصر، حوله بیوت، و یكون. للملوك: قال الازهری: و أحسبه معربا. و الدسكرة: القربة.

الْأُلُوفَ (1)

قَدْ تَدَاوَلَتْهُمْ أَیَّامُهَا وَ ابْتَلَعَتْهُمْ أَعْوَامُهَا فَصَارُوا أَمْوَاتاً وَ فِی الْقُبُورِ رُفَاتاً قَدْ یَئِسُوا مَا خَلَّفُوا(2)

وَ وَقَفُوا عَلَی مَا أَسْلَفُوا- ثُمَّ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِینَ- وَ كَأَنِّی بِهَا وَ قَدْ أَشْرَفَتْ بِطَلَائِعِهَا وَ عَسْكَرَتْ بِفَظَائِعِهَا فَأَصْبَحَ الْمَرْءُ بَعْدَ صِحَّتِهِ مَرِیضاً وَ بَعْدَ سَلَامَتِهِ نَقِیصاً(3)

یُعَالِجُ كَرْباً وَ یُقَاسِی تَعَباً فِی حَشْرَجَةِ السِّبَاقِ (4)

وَ تَتَابُعِ الْفُوَاقِ وَ تَرَدُّدِ الْأَنِینِ وَ الذُّهُولِ عَنِ الْبَنَاتِ وَ الْبَنِینَ وَ الْمَرْءُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَیْهِ شُغُلُ شَاغِلٍ وَ هُوَ هَائِلٌ قَدِ اعْتُقِلَ مِنْهُ اللِّسَانُ وَ تَرَدَّدَ مِنْهُ الْبَنَانُ فَأَصَابَ مَكْرُوهاً وَ فَارَقَ الدُّنْیَا مَسْلُوباً- لَا یَمْلِكُونَ لَهُ نَفْعاً وَ لَا لِمَا حَلَّ بِهِ دَفْعاً یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ- فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ- تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ (5) ثُمَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَهْوَالُ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ یَوْمِ الْحَسْرَةِ وَ النَّدَامَةِ یَوْمَ تُنْصَبُ الْمَوَازِینُ وَ تُنْشَرُ الدَّوَاوِینُ بِإِحْصَاءِ كُلِّ صَغِیرَةٍ وَ إِعْلَانِ كُلِّ كَبِیرَةٍ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا یَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً(6) ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ

الْآنَ الْآنَ مِنْ قَبْلِ النَّدَمِ وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتی عَلی ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِینَ- أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِی لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِینَ- أَوْ تَقُولَ حِینَ تَرَی الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِی كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ

ص: 375


1- 1. شرف البیت- من باب التفعیل-: جعل له شرفا. و جمهر الشی ء: جمعه.
2- 2. فی المصدر« قد نسوا ما خلفوا».
3- 3. فی المصدر« نقیضا» بالضاد المعجمة.
4- 4. حشرج الرجل أی غرغر عند الموت و تردد نفسه. و الفواق- بالضم-: ما یأخذ الإنسان عند النزع، و ترجیع الشهقة العالیة.
5- 5. الواقعة: 86 و 87 و قوله« غَیْرَ مَدِینِینَ» أی غیر مجزیین یوم القیامة أو غیر مملوكین مقهورین من دانه إذا اذله و استعبده و أصل التركیب للذل و الانقیاد.
6- 6. الكهف: 47.

فَیَرُدُّ الْجَلِیلُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ- بَلی قَدْ جاءَتْكَ آیاتِی فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِینَ (1) فَوَ اللَّهِ مَا سَأَلَ الرُّجُوعَ إِلَّا لِیَعْمَلَ صَالِحاً- وَ لا یُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ الْآنَ الْآنَ مَا دَامَ الْوَثَاقُ مُطْلَقاً وَ السِّرَاجُ مُنِیراً وَ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحاً وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَجِفَّ الْقَلَمُ وَ تُطْوَی الصَّحِیفَةُ فَلَا رِزْقَ یَنْزِلُ وَ لَا عَمَلَ یَصْعَدُ الْمِضْمَارُ الْیَوْمَ وَ السِّبَاقُ غَداً فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ إِلَی جَنَّةٍ أَوْ إِلَی نَارٍ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

باب 15 مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام و خطبه أیضا و حكمه

«1»- مع، [معانی الأخبار] لی (2)،[الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَدَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قِرَاءَةً عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْمُعَلَّی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ یُعَبِّیهِمْ لِلْحَرْبِ إِذْ أَتَاهُ شَیْخٌ عَلَیْهِ شخبة(3)

[شَحْبَةُ] السَّفَرِ فَقَالَ أَیْنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقِیلَ هُوَ ذَا فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی أَتَیْتُكَ مِنْ نَاحِیَةِ الشَّامِ وَ أَنَا شَیْخٌ كَبِیرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِیكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِی وَ إِنِّی أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ (4)

فَعَلِّمْنِی مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ یَا شَیْخُ مَنِ اعْتَدَلَ یَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْیَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ

ص: 376


1- 1. الزمر: 58 الی 61.
2- 2. معانی الأخبار ص 197، المجالس ص 236.
3- 3. عباهم تعبئة و تعبیئا: جهزهم. و الشخبة: التعب و المشقة. و فی المصدر بالحاء المهملة بمعنی تغیر اللون من مرض و نحوه. و فی أمالی الشیخ ج 2 ص 49« فی هیئة السفر».
4- 4. غاله و اغتاله: اخذه من حیث لا یدری و قتله.

عِنْدَ فَرَاغِهَا وَ مَنْ كَانَتْ غَدُهُ شَرَّ یَوْمَیْهِ فَمَحْرُومٌ وَ مَنْ لَمْ یُبَالِ مَا رُزِئَ (1)

مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْیَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ وَ مَنْ لَمْ یَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَیْهِ الْهَوَی وَ مَنْ كَانَ فِی نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَیْرٌ لَهُ یَا شَیْخُ إِنَّ الدُّنْیَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَ لَهَا أَهْلٌ وَ إِنَّ

الْآخِرَةَ لَهَا أَهْلٌ ظَلَفَتْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مُفَاخَرةِ أَهْلِ الدُّنْیَا(2)

لَا یَتَنَافَسُونَ فِی الدُّنْیَا وَ لَا یَفْرَحُونَ بِغَضَارَتِهَا وَ لَا یَحْزَنُونَ لِبُؤْسِهَا- یَا شَیْخُ مَنْ خَافَ الْبَیَاتَ قَلَّ نَوْمُهُ مَا أَسْرَعَ اللَّیَالِیَ وَ الْأَیَّامَ فِی عُمُرِ الْعَبْدِ فَاخْزُنْ لِسَانَكَ وَ عُدَّ كَلَامَكَ یَقِلَّ كَلَامُكَ إِلَّا بِخَیْرٍ یَا شَیْخُ ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَی لِنَفْسِكَ وَ آتِ إِلَی النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ یُؤْتَی إِلَیْكَ- ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَی أَهْلِ الدُّنْیَا یُمْسُونَ وَ یُصْبِحُونَ عَلَی أَحْوَالٍ شَتَّی فَبَیْنَ صَرِیعٍ یَتَلَوَّی وَ بَیْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ(3)

وَ آخَرَ بِنَفْسِهِ یَجُودُ وَ آخَرَ لَا یُرْجَی وَ آخَرَ مُسَجًّی (4)

وَ طَالِبِ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُهُ وَ غَافِلٍ وَ لَیْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ عَلَی أَثَرِ الْمَاضِی یَصِیرُ الْبَاقِی- فَقَالَ لَهُ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَیُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَی قَالَ الْهَوَی قَالَ فَأَیُّ ذُلٍّ أَذَلُّ قَالَ الْحِرْصُ عَلَی الدُّنْیَا قَالَ فَأَیُّ فَقْرٍ أَشَدُّ قَالَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِیمَانِ قَالَ فَأَیُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ قَالَ الدَّاعِی بِمَا لَا یَكُونُ قَالَ فَأَیُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ قَالَ التَّقْوَی قَالَ فَأَیُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ قَالَ طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ فَأَیُّ صَاحِبٍ شَرٌّ قَالَ الْمُزَیِّنُ لَكَ مَعْصِیَةَ اللَّهِ قَالَ:

ص: 377


1- 1. رزأه: أصابه و نقصه.
2- 2. ظلف نفسه عن الشی ء: كف عنه.
3- 3. تلوی أی انعطف و انطوی. و الصریع: المطروح علی الأرض. و المعود الذی یعوده الناس فی مرض.
4- 4. سجی المیت تسجیة: مد علیه ثوبا یستره.

فَأَیُّ الْخَلْقِ أَشْقَی قَالَ مَنْ بَاعَ دِینَهُ بِدُنْیَا غَیْرِهِ- قَالَ فَأَیُّ الْخَلْقِ أَقْوَی قَالَ الْحَلِیمُ قَالَ فَأَیُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ قَالَ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَكْیَسُ قَالَ مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَیِّهِ فَمَالَ إِلَی رُشْدِهِ- قَالَ فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ قَالَ الَّذِی لَا یَغْضَبُ قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْیاً قَالَ مَنْ لَمْ یَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ وَ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْیَا بِتَشَوُّفِهَا(1)

قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَحْمَقُ قَالَ الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْیَا وَ هُوَ یَرَی مَا فِیهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً قَالَ الَّذِی حُرِمَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ قَالَ فَأَیُّ الْخَلْقِ أَعْمَی قَالَ الَّذِی عَمِلَ لِغَیْرِ اللَّهِ یَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَأَیُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ قَالَ الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ قَالَ فَأَیُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ قَالَ الْمُصِیبَةُ بِالدِّینِ قَالَ فَأَیُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ خَیْرٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَی وَ أَزْهَدُهُمْ فِی الدُّنْیَا قَالَ فَأَیُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ كَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَ التَّضَرُّعُ إِلَیْهِ وَ دُعَاؤُهُ- قَالَ فَأَیُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَأَیُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ التَّسْلِیمُ وَ الْوَرَعُ قَالَ فَأَیُّ النَّاسِ أَكْرَمُ قَالَ مَنْ صَدَقَ فِی الْمَوَاطِنِ- ثُمَّ أَقْبَلَ علیه السلام عَلَی الشَّیْخِ فَقَالَ یَا شَیْخُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَیَّقَ الدُّنْیَا عَلَیْهِمْ نَظَراً لَهُمْ فَزَهَّدَهُمْ فِیهَا وَ فِی حُطَامِهَا- فَرَغِبُوا فِی دَارِ السَّلَامِ الَّذِی دَعَاهُمْ إِلَیْهِ وَ صَبَرُوا عَلَی ضِیقِ الْمَعِیشَةِ وَ صَبَرُوا عَلَی الْمَكْرُوهِ وَ اشْتَاقُوا عَلَی مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ فَلَقُوا اللَّهَ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِیلُ مَنْ مَضَی وَ مَنْ بَقِیَ فَتَزَوَّدُوا لِآخِرَتِهِمْ غَیْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ وَ صَبَرُوا عَلَی الْقُوتِ (2) وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ وَ

ص: 378


1- 1. التشوف: التزین.
2- 2. فی المصدر« فصبروا علی الذل».

أَحَبُّوا فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضُوا فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُولَئِكَ الْمَصَابِیحُ (1)

وَ أَهْلُ النَّعِیمِ فِی الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ- فَقَالَ الشَّیْخُ فَأَیْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَی أَهْلَهَا مَعَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جَهِّزْنِی بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّی بِهَا عَلَی عَدُوِّكَ- فَأَعْطَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سِلَاحاً وَ حَمَلَهُ فَكَانَ فِی الْحَرْبِ بَیْنَ یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَضْرِبُ قُدُماً [قُدُماً] وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَعْجَبُ مِمَّا یَصْنَعُ فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّی قُتِلَ رَحِمَ اللَّهُ وَ اتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَوَجَدَهُ صَرِیعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَیْفَهُ فِی ذِرَاعِهِ فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ- وَ صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیْهِ وَ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِیدُ حَقّاً فَتَرَحَّمُوا عَلَی أَخِیكُمْ.

ما(2)، [الأمالی] للشیخ الطوسی عن الحسین بن عبید اللّٰه الغضائری عن الصدوق بإسناده: مثله- كتاب الغایات (3)، للشیخ جعفر بن أحمد القمی مرسلا: مثله.

«2»- لی (4)،[الأمالی] للصدوق عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَ الْحُكَمَاءُ إِذَا كَاتَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَتَبُوا بِثَلَاثٍ لَیْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِیرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِیَتَهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ لَهُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ.

«3»- لی (5)،[الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: مَا مِنْ یَوْمٍ یَمُرُّ عَلَی

ص: 379


1- 1. فی المصدر« اولئك المصابیح فی الدنیا».
2- 2. الأمالی ج 2 ص 49.
3- 3. مخطوط.
4- 4. المجالس ص 22.
5- 5. المصدر ص 66.

ابْنِ آدَمَ إِلَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ الْیَوْمُ یَا ابْنَ آدَمَ أَنَا یَوْمٌ جَدِیدٌ وَ أَنَا عَلَیْكَ شَهِیدٌ فَقُلْ فِیَّ خَیْراً وَ اعْمَلْ فِیَّ خَیْراً أَشْهَدْ لَكَ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِی بَعْدَهُ أَبَداً.

«4»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ بَعْدَ مَا حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ الْمُدَّةُ وَ إِنْ طَالَتْ قَصِیرَةٌ وَ الْمَاضِی لِلْمُقِیمِ عِبْرَةٌ وَ الْمَیِّتُ لِلْحَیِّ عِظَةٌ وَ لَیْسَ لِأَمْسِ مَضَی عَوْدَةٌ وَ لَا الْمَرْءُ مِنْ غَدٍ عَلَی ثِقَةٍ إِنَّ الْأَوَّلَ لِلْأَوْسَطِ رَائِدٌ وَ الْأَوْسَطُ لِلْآخِرِ قَائِدٌ وَ كُلٌّ لِكُلٍّ مُفَارِقٌ وَ كُلٌّ بِكُلٍّ لَاحِقٌ وَ الْمَوْتُ لِكُلٍّ غَالِبٌ وَ الْیَوْمُ الْهَائِلُ لِكُلٍّ آزِفٌ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی لا یَنْفَعُ فِیهِ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَعَاشِرَ شِیعَتِی اصْبِرُوا عَلَی عَمَلٍ لَا غِنَی بِكُمْ عَنْ ثَوَابِهِ وَ اصْبِرُوا عَنْ عَمَلٍ لَا صَبْرَ لَكُمْ عَلَی عِقَابِهِ إِنَّا وَجَدْنَا الصَّبْرَ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ أَهْوَنَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَی عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِی أَجَلٍ مَحْدُودٍ وَ أَمَلٍ مَمْدُودٍ وَ نَفَسٍ مَعْدُودٍ وَ لَا بُدَّ لِلْأَجَلِ أَنْ یَتَنَاهَی وَ لِلْأَمَلِ أَنْ یُطْوَی وَ لِلنَّفَسِ أَنْ یُحْصَی ثُمَّ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ وَ قَرَأَ- وَ إِنَّ عَلَیْكُمْ لَحافِظِینَ- كِراماً كاتِبِینَ- یَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (2).

«5»- ید، [التوحید] لی (3)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ عِصَامٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَعْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَاتِكَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ النَّضْرِ الْفِهْرِیِّ عَنْ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِتِسْعَةِ(4)

أَیَّامٍ وَ ذَلِكَ حِینَ فَرَغَ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ فَقَالَ:

ص: 380


1- 1. المصدر ص 67.
2- 2. الانفطار: 11- 13.
3- 3. التوحید ص 54 و المجالس ص 193.
4- 4. فی التوحید« بسبعة» أیام.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إِلَّا وُجُودَهُ وَ حَجَبَ الْعُقُولَ أَنْ تَتَخَیَّلَ ذَاتَهُ فِی امْتِنَاعِهَا مِنَ الشَّبَهِ وَ الشَّكْلِ بَلْ هُوَ الَّذِی لَمْ یَتَفَاوَتْ فِی ذَاتِهِ وَ لَمْ یَتَبَعَّضْ بِتَجْزِئَةِ الْعَدَدِ فِی كَمَالِهِ فَارَقَ الْأَشْیَاءَ لَا عَلَی اخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَ تَمَكَّنَ مِنْهَا لَا عَلَی الْمُمَازَجَةِ وَ عَلِمَهَا لَا بِأَدَاةٍ لَا یَكُونُ الْعِلْمُ إِلَّا بِهَا وَ لَیْسَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَعْرُوفِهِ عِلْمُ غَیْرِهِ إِنْ قِیلَ كَانَ فَعَلَی تَأْوِیلِ أَزَلِیَّةِ الْوُجُودِ- وَ إِنْ قِیلَ لَمْ یَزَلْ فَعَلَی تَأْوِیلِ نَفْیِ الْعَدَمِ فَسُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی عَنْ قَوْلِ مَنْ عَبَدَ سِوَاهُ وَ اتَّخَذَ إِلَهاً غَیْرَهُ عُلُوّاً كَبِیراً نَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ وَ أَوْجَبَ قَبُولَهُ عَلَی نَفْسِهِ- وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ شَهَادَتَانِ تَرْفَعَانِ الْقَوْلَ وَ تُضَاعِفَانِ الْعَمَلَ خَفَّ مِیزَانٌ تُرْفَعَانِ مِنْهُ وَ ثَقُلَ مِیزَانٌ تُوضَعَانِ فِیهِ وَ بِهِمَا الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ وَ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْجَوَازُ عَلَی الصِّرَاطِ وَ بِالشَّهَادَتَیْنِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالصَّلَاةِ تَنَالُونَ الرَّحْمَةَ فَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی نَبِیِّكُمْ وَ آلِهِ- إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلَی مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَی وَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَ لَا عِزَّ أَرْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَ لَا حَسَبَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَدَبِ وَ لَا نَصَبَ أَوْضَعُ مِنَ الْغَضَبِ وَ لَا جَمَالَ أَزْیَنُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا سَوْأَةَ أَسْوَأُ مِنَ الْكَذِبِ وَ لَا حَافِظَ أَحْفَظُ مِنَ الصَّمْتِ وَ لَا لِبَاسَ أَجْمَلُ مِنَ الْعَافِیَةِ وَ لَا غَائِبَ أَقْرَبُ مِنَ الْمَوْتِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ مَشَی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ یَصِیرُ إِلَی بَطْنِهَا وَ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ مُسْرِعَانِ فِی هَدْمِ الْأَعْمَارِ وَ لِكُلِّ ذِی رَمَقٍ قُوتٌ وَ لِكُلِّ حَبَّةٍ آكِلٌ وَ أَنْتَ قُوتُ الْمَوْتِ وَ إِنَّ مَنْ عَرَفَ الْأَیَّامَ لَمْ یَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لَنْ یَنْجُوَ مِنَ الْمَوْتِ غَنِیٌّ بِمَالِهِ وَ لَا فَقِیرٌ لِإِقْلَالِهِ- أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ وَ مَنْ لَمْ یَرْعَ فِی كَلَامِهِ أَظْهَرَ هُجْرَهُ وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفِ الْخَیْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهْمِ (1)

مَا أَصْغَرَ الْمُصِیبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ وَ مَا تَنَاكَرْتُمْ إِلَّا لِمَا فِیكُمْ مِنَ الْمَعَاصِی

ص: 381


1- 1. فی المجالس« بهیمة».

وَ الذُّنُوبِ فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِیمِ وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَ مَا خَیْرٌ بِخَیْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَ كُلُّ نَعِیمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِیَةٌ.

«6»- لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَسْتَرْآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَمْ مِنْ غَافِلٍ یَنْسِجُ ثَوْباً لِیَلْبَسَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ یَبْنِی بَیْتاً لِیَسْكُنَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ.

«7»- لی (2)،[الأمالی] للصدوق: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَالَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ الِاشْتِمَالُ عَلَی الْمَكَارِمِ ثُمَّ لَا یُبَالِی أَ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَمْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ مَا یُبَالِی ابْنُ أَبِی طَالِبٍ أَ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَمْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ.

«8»- لی (3)،[الأمالی] للصدوق قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَعْضِ خُطَبِهِ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ أَسْرَارَكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَفِی الدُّنْیَا حَیِیتُمْ وَ لِلْآخِرَةِ خُلِقْتُمْ إِنَّمَا الدُّنْیَا كَالسَّمِّ یَأْكُلُهُ مَنْ لَا یَعْرِفُهُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ وَ قَالَ النَّاسُ مَا أَخَّرَ فَقَدِّمُوا فَضْلًا یَكُنْ لَكُمْ وَ لَا تُؤَخِّرُوا كُلًّا یَكُنْ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَیْرَ مَالِهِ وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ ثَقَّلَ بِالصَّدَقَاتِ وَ الْخَیْرَاتِ مَوَازِینَهُ وَ أَحْسَنَ فِی الْجَنَّةِ بِهَا مِهَادَهُ وَ طَیَّبَ عَلَی الصِّرَاطِ بِهَا مَسْلَكَهُ.

«9»- لی (4)،[الأمالی] للصدوق عَنِ ابْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْمُغِیرَةِ

ص: 382


1- 1. المجالس ص 67. و سیأتی بهذا السند أیضا عن العیون.
2- 2. المجالس ص 68.
3- 3. المصدر ص 68.
4- 4. المصدر ص 126.

بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِیِّ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِیِّ قَالَ: أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ فِی رَحَبَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا نَوْفُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عِظْنِی فَقَالَ یَا نَوْفُ أَحْسِنْ یُحْسَنْ إِلَیْكَ فَقُلْتُ زِدْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا نَوْفُ ارْحَمْ تُرْحَمْ فَقُلْتُ زِدْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا نَوْفُ قُلْ خَیْراً تُذْكَرْ بِخَیْرٍ فَقُلْتُ زِدْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ اجْتَنِبِ الْغِیبَةَ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلَابِ النَّارِ.

ثُمَّ قَالَ قَالَ علیه السلام یَا نَوْفُ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلَالٍ وَ هُوَ یَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بِالْغِیبَةِ وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلَالٍ وَ هُوَ یُبْغِضُنِی وَ یُبْغِضُ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِی وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلَالٍ وَ هُوَ یُحِبُّ الزِّنَا وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ مُجْتَرٍ عَلَی مَعَاصِی اللَّهِ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ یَا نَوْفُ اقْبَلْ وَصِیَّتِی لَا تَكُونَنَّ نَقِیباً وَ لَا عَرِیفاً وَ لَا عَشَّاراً وَ لَا بَرِیداً یَا نَوْفُ صِلْ رَحِمَكَ یَزِیدُ اللَّهُ فِی عُمُرِكَ وَ حَسِّنْ خُلُقَكَ یُخَفِّفِ اللَّهُ فِی حِسَابِكَ یَا نَوْفُ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَا تَكُنْ لِلظَّالِمِینَ مُعِیناً یَا نَوْفُ مَنْ أَحَبَّنَا كَانَ مَعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ یَا نَوْفُ إِیَّاكَ أَنْ تَتَزَیَّنَ لِلنَّاسِ وَ تُبَارِزَ اللَّهَ بِالْمَعَاصِی فَیَفْضَحَكَ اللَّهُ یَوْمَ تَلْقَاهُ یَا نَوْفُ احْفَظْ عَنِّی مَا أَقُولُ لَكَ تَنَلْ بِهِ خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

«10»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی (1)،[الأمالی] للصدوق عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الصُّوفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ مُوسَی الرُّویَانِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیهما السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ حَدِّثْنِی بِحَدِیثٍ عَنْ آبَائِكَ علیهما السلام فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا یَزَالُ النَّاسُ بِخَیْرٍ مَا تَفَاوَتُوا فَإِذَا اسْتَوَوْا هَلَكُوا قَالَ قُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَوْ تَكَاشَفْتُمْ مَا تَدَافَنْتُمْ

ص: 383


1- 1. العیون ص 216. و المجالس ص 267.

قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَسَعُوهُمْ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَ حُسْنِ اللِّقَاءِ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَسَعُوهُمْ بِأَخْلَاقِكُمْ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ عَتَبَ عَلَی الزَّمَانِ طَالَتْ مَعْتَبَتُهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُجَالَسَةُ الْأَشْرَارِ تُورِثُ سُوءَ الظَّنِّ بِالْأَخْیَارِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِئْسَ الزَّادُ إِلَی الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَی الْعِبَادِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمَرْءُ مَخْبُوٌّ تَحْتَ لِسَانِهِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا هَلَكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام التَّدْبِیرُ قَبْلَ الْعَمَلِ یُؤْمِنُكَ مِنَ النَّدَمِ قَالَ قُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ وَثِقَ بِالزَّمَانِ صُرِعَ.

قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَاطَرَ بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَغْنَی بِرَأْیِهِ

ص: 384

قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قِلَّةُ الْعِیَالِ أَحَدُ الْیَسَارَیْنِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَیْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِیَّةِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ زِدْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ رَضِیَ بِالْعَافِیَةِ مِمَّنْ دُونَهُ رُزِقَ السَّلَامَةَ مِمَّنْ فَوْقَهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ حَسْبِی.

«11»- جا(1)،[المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَیْشٍ الْكَاتِبِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: لَمَّا وَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ مِصْرَ وَ أَعْمَالَهَا كَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ أَمَرَهُ أَنْ یَقْرَأَهُ عَلَی أَهْلِ مِصْرَ وَ لِیَعْمَلَ بِمَا وَصَّاهُ بِهِ فِیهِ فَكَانَ الْكِتَابُ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی أَهْلِ مِصْرَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فِیمَا أَنْتُمْ عَنْهُ مَسْئُولُونَ وَ إِلَیْهِ تَصِیرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ(2) وَ یَقُولُ وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَی اللَّهِ الْمَصِیرُ(3) وَ یَقُولُ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ عَمَّا كانُوا یَعْمَلُونَ (4) وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَائِلُكُمْ عَنِ الصَّغِیرِ مِنْ عَمَلِكُمْ

ص: 385


1- 1. مجالس المفید ص 152. و أمالی الشیخ ج 1 ص 24.
2- 2. المدّثّر: 43.
3- 3. آل عمران: 28.
4- 4. الحجر: 93.

وَ الْكَبِیرِ فَإِنْ یُعَذِّبْ فَنَحْنُ أَظْلَمُ وَ إِنْ یَعْفُ فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَقْرَبَ مَا یَكُونُ الْعَبْدُ إِلَی الْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ حِینَ یَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ وَ یَنْصَحُهُ فِی التَّوْبَةِ عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ الْخَیْرَ وَ لَا خَیْرَ غَیْرُهَا وَ یُدْرَكُ بِهَا مِنَ الْخَیْرِ مَا لَا یُدْرَكُ بِغَیْرِهَا مِنْ خَیْرِ الدُّنْیَا وَ خَیْرِ الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قِیلَ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَیْراً لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَیْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِینَ (1) اعْلَمُوا یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ یَعْمَلُ الثَّلَاثَ مِنَ الثَّوَابِ أَمَّا الْخَیْرُ فَإِنَّ اللَّهَ

یُثِیبُهُ بِعَمَلِهِ فِی دُنْیَاهُ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِإِبْرَاهِیمَ- وَ آتَیْناهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ (2) فَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ تَعَالَی أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ كَفَاهُ الْمُهِمَّ فِیهِمَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یا عِبادِ الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ (3) فَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا لَمْ یُحَاسِبْهُمْ بِهِ فِی الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا الْحُسْنی وَ زِیادَةٌ(4) وَ الْحُسْنَی هِیَ الْجَنَّةُ وَ الزِّیَادَةُ هِیَ الدُّنْیَا وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَیِّئَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ (5) حَتَّی إِذَا كَانَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حُسِبَتْ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ ثُمَّ أَعْطَاهُمْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَی سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً(6) وَ قَالَ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِی الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (7) فَارْغَبُوا فِی هَذَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ اعْمَلُوا لَهُ وَ

ص: 386


1- 1. النحل: 31.
2- 2. العنكبوت: 26.
3- 3. الزمر: 13.« بغیر حساب« أی أجرا لا یهتدی إلیه حساب الحساب.
4- 4. یونس: 27.
5- 5. هود: 116.
6- 6. النبأ: 36. أی حسب لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها.
7- 7. السبأ: 37.

تَحَاضُّوا عَلَیْهِ (1)

وَ اعْلَمُوا یَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِینَ حَازُوا عَاجِلَ الْخَیْرِ وَ آجِلَهُ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاكُمْ وَ لَمْ یُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْیَا فِی آخِرَتِهِمْ أَبَاحَهُمُ اللَّهُ مَا كَفَاهُمْ وَ أَغْنَاهُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا خالِصَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (2) سَكَنُوا الدُّنْیَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ وَ أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ وَ أَكَلُوا مَعَهُمْ مِنْ طَیِّبَاتِ مَا یَأْكُلُونَ وَ شَرِبُوا مِنْ طَیِّبَاتِ مَا یَشْرَبُونَ وَ لَبِسُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَلْبَسُونَ وَ سَكَنُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَسْكُنُونَ وَ تَزَوَّجُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَتَزَوَّجُونَ وَ رَكِبُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَرْكَبُونَ أَصَابُوا لَذَّةَ الدُّنْیَا مَعَ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ هُمْ غَداً جِیرَانُ اللَّهِ تَعَالَی یَتَمَنَّوْنَ عَلَیْهِ فَیُعْطِیهِمْ مَا یَتَمَنَّوْنَ لَا یُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ وَ لَا یَنْقُصُ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ اللَّذَّةِ فَإِلَی هَذَا یَا عِبَادَ اللَّهِ یَشْتَاقُ إِلَیْهِ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَ یَعْمَلُ لَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنِ اتَّقَیْتُمُ اللَّهَ وَ حَفِظْتُمْ نَبِیَّكُمْ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا عُبِدَ وَ ذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ وَ شَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُكِرَ وَ أَخَذْتُمْ بِأَفْضَلِ الصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ وَ اجْتَهَدْتُمْ بِأَفْضَلِ الِاجْتِهَادِ وَ إِنْ كَانَ غَیْرُكُمْ أَطْوَلَ مِنْكُمْ صَلَاةً وَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ صِیَاماً فَأَنْتُمْ أَتْقَی لِلَّهِ وَ أَنْصَحُ مِنْهُمْ لِأُولِی الْأَمْرِ احْذَرُوا یَا عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتَ وَ سَكْرَتَهُ فَأَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّهُ یَفْجَؤُكُمْ بِأَمْرٍ عَظِیمٍ بِخَیْرٍ لَا یَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَداً أَوْ بِشَرٍّ لَا یَكُونُ مَعَهُ خَیْرٌ أَبَداً فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا وَ مَنْ أَقْرَبُ إِلَی النَّارِ مِنْ عَامِلِهَا إِنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُفَارِقُ رُوحُهُ جَسَدَهُ حَتَّی یَعْلَمَ إِلَی أَیِّ الْمَنْزِلَتَیْنِ یَصِیرُ إِلَی الْجَنَّةِ أَمِ النَّارِ أَ عَدُوٌّ هُوَ لِلَّهِ أَمْ وَلِیٌّ فَإِنْ كَانَ وَلِیّاً لِلَّهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَ شُرِعَتْ لَهُ

طُرُقُهَا وَ رَأَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِیهَا فَفُرِّغَ مِنْ كُلِّ شُغُلٍ وَ وُضِعَ عَنْهُ كُلُّ ثِقْلٍ وَ إِنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّارِ وَ شُرِّعَ لَهُ طُرُقُهَا وَ نَظَرَ إِلَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِیهَا فَاسْتَقْبَلَ كُلَّ مَكْرُوهٍ وَ تَرَكَ كُلَّ سُرُورٍ كُلُّ هَذَا یَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ عِنْدَهُ یَكُونُ بِیَقِینٍ

ص: 387


1- 1. تحاض القوم: تحاثوا.
2- 2. الأعراف: 30.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَی الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلامٌ عَلَیْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1) وَ یَقُولُ الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلی إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها فَلَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ (2) یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْمَوْتَ لَیْسَ مِنْهُ فَوْتٌ فَاحْذَرُوهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّكُمْ طَرْدُ الْمَوْتِ إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمُ الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیكُمْ وَ الدُّنْیَا تُطْوَی خَلْفَكُمْ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَیْهِ أَنْفُسُكُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَثِیراً مَا یُوصِی أَصْحَابَهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَقَالَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ هَاذِمُ (3)

اللَّذَّاتِ حَائِلٌ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الشَّهَوَاتِ یَا عِبَادَ اللَّهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَا یُغْفَرُ لَهُ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ الْقَبْرَ فَاحْذَرُوا ضَیْقَهُ وَ ضَنْكَهُ وَ ظُلْمَتَهُ وَ غُرْبَتَهُ إِنَّ الْقَبْرَ یَقُولُ كُلَّ یَوْمٍ أَنَا بَیْتُ الْغُرْبَةِ أَنَا بَیْتُ التُّرَابِ أَنَا بَیْتُ الْوَحْشَةِ أَنَا بَیْتُ الدُّودِ وَ الْهَوَامِّ وَ الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا دُفِنَ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَرْحَباً وَ أَهْلًا قَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُحِبُّ أَنْ تَمْشِیَ عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وَلِیتُكَ فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ صَنِیعِی بِكَ فَیَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ الْبَصَرِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا دُفِنَ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا لَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَبْغَضِ مَنْ یَمْشِی عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وَلِیتُكَ فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ صَنِیعِی بِكَ فَتَضُمُّهُ حَتَّی تَلْتَقِیَ أَضْلَاعُهُ وَ إِنَّ الْمَعِیشَةَ الضَّنْكَ الَّتِی حَذَّرَ اللَّهُ مِنْهَا عَدُوَّهُ عَذَابُ الْقَبْرِ إِنَّهُ یُسَلِّطُ عَلَی الْكَافِرِ فِی قَبْرِهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ تِنِّیناً فَیَنْهَشْنَ لَحْمَهُ وَ یَكْسِرْنَ عَظْمَهُ یَتَرَدَّدْنَ عَلَیْهِ كَذَلِكَ إِلَی یَوْمِ یُبْعَثُ لَوْ أَنَّ تِنِّیناً مِنْهَا تَنْفُخُ فِی الْأَرْضِ لَمْ تُنْبِتْ زَرْعاً أَبَداً: اعْلَمُوا یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْفُسَكُمُ الضَّعِیفَةَ وَ أَجْسَادَكُمُ النَّاعِمَةَ الرَّقِیقَةَ الَّتِی

ص: 388


1- 1. النحل: 34.
2- 2. النحل: 30 و 31.
3- 3. الهاذم بالذال المعجمة بمعنی الهادم.

یَكْفِیهَا الْیَسِیرُ تَضْعُفُ عَنْ هَذَا فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَجْزَعُوا لِأَجْسَادِكُمْ (1)

وَ أَنْفُسِكُمْ مِمَّا لَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ وَ لَا صَبْرَ لَكُمْ عَلَیْهِ فَاعْمَلُوا بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ وَ اتْرُكُوا مَا كَرِهَ اللَّهُ یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ بَعْدَ الْبَعْثِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقَبْرِ یَوْمٌ یَشِیبُ فِیهِ الصَّغِیرُ وَ یَسْكَرُ مِنْهُ الْكَبِیرُ وَ یَسْقُطُ فِیهِ الْجَنِینُ وَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ یَوْمٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِیرٌ یَوْمٌ كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِیراً إِنَّ فَزَعَ ذَلِكَ الْیَوْمِ لَیُرْهِبُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ لَا ذَنْبَ لَهُمْ وَ تُرْعَدُ مِنْهُ السَّبْعُ الشِّدَادُ وَ الْجِبَالُ الْأَوْتَادُ وَ الْأَرْضُ الْمِهَادُ وَ تَنْشَقُ السَّماءُ فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ وَ تَتَغَیَّرُ فَكَأَنَّهَا وَرْدَةٌ

كَالدِّهَانِ وَ تَكُونُ الْجِبَالُ سَرَاباً مَهِیلًا بَعْدَ مَا كَانَتْ صُمّاً صِلَاباً وَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَیَفْزَعُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فَكَیْفَ مَنْ عَصَی بِالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ اللِّسَانِ وَ الْیَدِ وَ الرِّجْلِ وَ الْفَرْجِ وَ الْبَطْنِ إِنْ لَمْ یَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَ یَرْحَمْهُ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ لِأَنَّهُ یُفْضِی وَ یَصِیرُ إِلَی غَیْرِهِ إِلَی نَارٍ قَعْرُهَا بَعِیدٌ وَ حَرُّهَا شَدِیدٌ وَ شَرَابُهَا صَدِیدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِیدٌ وَ مَقَامِعُهَا حَدِیدٌ- لَا یَفْتُرُ عَذَابُهَا وَ لَا یَمُوتُ سَاكِنُهَا دَارٌ لَیْسَ فِیهَا رَحْمَةٌ وَ لَا تُسْمَعُ لِأَهْلِهَا دَعْوَةٌ- وَ اعْلَمُوا یَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ مَعَ هَذَا رَحْمَةَ اللَّهِ الَّتِی لَا تَعْجِزُ الْعِبَادُ- جَنَّةً عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ- لَا یَكُونُ مَعَهَا شَرٌّ أَبَداً لَذَّاتُهَا لَا تُمَلُّ وَ مُجْتَمَعُهَا لَا یَتَفَرَّقُ وَ سُكَّانُهَا قَدْ جَاوَرُوا الرَّحْمَنَ وَ قَامَ بَیْنَ أَیْدِیهِمُ الْغِلْمَانُ بِصِحَافٍ مِنَ الذَّهَبِ فِیهَا الْفَاكِهَةُ وَ الرَّیْحَانُ- ثُمَّ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ إِنِّی قَدْ وَلَّیْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی فِی نَفْسِی أَهْلَ مِصْرَ فَإِذَا وَلَّیْتُكَ مَا وَلَّیْتُكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَأَنْتَ حَقِیقٌ أَنْ تَخَافَ مِنْهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ أَنْ تَحْذَرَ مِنْهُ عَلَی دِینِكَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسْخِطَ رَبَّكَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَافْعَلْ فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ وَ لَیْسَ فِی شَیْ ءٍ سِوَاهُ خَلَفٌ مِنْهُ اشْتَدَّ عَلَی الظَّالِمِ وَ خُذْ عَلَیْهِ وَ لِنْ لِأَهْلِ الْخَیْرِ وَ قَرِّبْهُمْ وَ اجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ وَ أَقْرَانَكَ وَ انْظُرْ إِلَی صَلَاتِكَ كَیْفَ هِیَ فَإِنَّكَ إِمَامٌ لِقَوْمِكَ أَنْ تُتِمَّهَا وَ لَا تُخَفِّفَهَا وَ لَیْسَ مِنْ إِمَامٍ یُصَلِّی بِقَوْمٍ یَكُونُ فِی صَلَاتِهِمْ نُقْصَانٌ إِلَّا كَانَ عَلَیْهِ لَا یَنْقُصُ مِنْ صَلَاتِهِمْ شَیْ ءٌ وَ تَمِّمْهَا وَ تَحَفَّظْ فِیهَا یَكُنْ لَكَ

ص: 389


1- 1. فی مجالس المفید« تنزعوا أجسادكم» و هو الصواب.

مِثْلُ أُجُورِهِمْ وَ لَا یَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَیْ ءٌ وَ انْظُرْ إِلَی الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ تَمَضْمَضْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ اسْتَنْشِقْ ثَلَاثاً وَ اغْسِلْ وَجْهَكَ ثُمَّ یَدَكَ الْیُمْنَی ثُمَّ الْیُسْرَی ثُمَّ امْسَحْ رَأْسَكَ وَ رِجْلَیْكَ فَإِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَصْنَعُ ذَلِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْوُضُوءَ نِصْفُ الْإِیمَانِ ثُمَّ ارْتَقِبْ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَصَلِّهَا لِوَقْتِهَا وَ لَا تَعْجَلْ بِهَا قَبْلَهُ لِفَرَاغٍ وَ لَا تُؤَخِّرْهَا عَنْهُ لِشُغُلٍ- فَإِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَانِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَقْتَ الصَّلَاةِ حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ عَلَی حَاجِبِهِ الْأَیْمَنِ ثُمَّ أَتَانِی وَقْتَ الْعَصْرِ فَكَانَ ظِلُّ كُلِّ شَیْ ءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّی الْمَغْرِبَ حِینَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّی الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِینَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ صَلَّی الصُّبْحَ فَأَغْلَسَ بِهَا وَ النُّجُومُ مُشَبَّكَةٌ فَصَلِّ لِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَ الْزَمِ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَ الطَّرِیقَ الْوَاضِحَ ثُمَّ انْظُرْ رُكُوعَكَ وَ سُجُودَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ أَتَمَّ النَّاسِ صَلَاةً وَ أَخَفَّهُمْ عَمَلًا فِیهَا- وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلَاتِكَ فَمَنْ ضَیَّعَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لِغَیْرِهَا أَضْیَعُ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِی یَرَی وَ لَا یُرَی وَ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَی أَنْ یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكَ مِمَّنْ یُحِبُّ وَ یَرْضَی حَتَّی یُعِینَنَا وَ إِیَّاكَ عَلَی شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ وَ حُسْنِ عِبَادَتِهِ وَ أَدَاءِ حَقِّهِ وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ اخْتَارَ لَنَا فِی دِینِنَا وَ دُنْیَانَا وَ آخِرَتِنَا- وَ أَنْتُمْ یَا أَهْلَ مِصْرَ فَلْیُصَدِّقْ قَوْلَكُمْ فِعْلُكُمْ وَ سِرَّكُمْ عَلَانِیَتُكُمْ وَ لَا تُخَالِفْ أَلْسِنَتَكُمْ قُلُوبُكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا یَسْتَوِی إِمَامُ الْهُدَی وَ إِمَامُ الرَّدَی وَ وَصِیُّ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَدُوُّهُ إِنِّی لَا أَخَافُ عَلَیْكُمْ مُؤْمِناً وَ لَا مُشْرِكاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِیمَانِهِ وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَیَحْجُزُهُ اللَّهُ عَنْكُمْ بِشِرْكِهِ وَ لَكِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمُ الْمُنَافِقَ یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ یَعْمَلُ مَا تُنْكِرُونَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ اعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْعِفَّةِ الْوَرَعُ فِی دِینِ اللَّهِ وَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ وَ إِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی أَمْرِ سِرِّكَ وَ عَلَانِیَتِكَ وَ عَلَی أَیِّ حَالٍ كُنْتَ عَلَیْهِ الدُّنْیَا دَارُ بَلَاءٍ وَ دَارُ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةُ دَارُ الْجَزَاءِ وَ دَارُ الْبَقَاءِ وَ اعْمَلْ لِمَا یَبْقَی وَ اعْدِلْ عَمَّا یَفْنَی وَ لَا تَنْسَ نَصِیبَكَ مِنَ الدُّنْیَا- أُوصِیكَ بِسَبْعٍ هُنَّ جَوَامِعُ الْإِسْلَامِ تَخْشَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَخْشَی النَّاسَ فِی اللَّهِ.

ص: 390

وَ خَیْرُ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْعَمَلُ وَ لَا تَقْضِ فِی أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ فَیَخْتَلِفَ أَمْرُكَ وَ تَزِیغَ عَنِ الْحَقِّ وَ أَحِبَّ لِعَامَّةِ رَعِیَّتِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ اكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ لِأَهْلِ بَیْتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْجَبُ لِلْحُجَّةِ وَ أَصْلَحُ لِلرَّعِیَّةِ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ وَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ انْصَحِ الْمَرْءَ إِذَا اسْتَشَارَكَ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ أُسْوَةً لِقَرِیبِ الْمُسْلِمِینَ وَ بَعِیدِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ مَوَدَّتَنَا فِی الدِّینِ وَ حَلَّانَا وَ إِیَّاكُمْ حِلْیَةَ الْمُتَّقِینَ أَبْقَی لَكُمْ طَاعَتَكُمْ حَتَّی یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكُمْ بِهَا إِخْواناً عَلی سُرُرٍ مُتَقابِلِینَ- أَحْسِنُوا أَهْلَ مِصْرَ مُوَازَرَةَ مُحَمَّدٍ أَمِیرِكُمْ وَ اثْبُتُوا عَلَی طَاعَتِهِ تَرِدُوا حَوْضَ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ عَلَی مَا یُرْضِیهِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

بشا(1)، [بشارة المصطفی] أَخْبَرَنَا الشَّیْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ بَابَوَیْهِ قِرَاءَةً عَلَیْهِ بِالرَّیِّ سَنَةَ عَشَرَةٍ وَ خَمْسِمِائَةٍ عَنْ شَیْخِ الطَّائِفَةِ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَأَنْتُمْ أَتْقَی لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ وَ أَنْصَحُ لِوَلِیِّ الْأَمْرِ ثُمَّ قَالَ وَ الْخَبَرُ بِكَمَالِهِ أَوْرَدْتُهُ فِی كِتَابِ الزُّهْدِ وَ التَّقْوَی.

«12»- لی (2)،[الأمالی] للصدوق عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ إِذَا صَلَّی الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ یُنَادِی النَّاسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّی یُسْمِعَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ أَیُّهَا النَّاسُ تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَدْ نُودِیَ فِیكُمْ بِالرَّحِیلِ فَمَا التَّعَرُّجُ عَلَی الدُّنْیَا بَعْدَ نِدَاءٍ فِیهَا بِالرَّحِیلِ تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ انْتَقِلُوا بِأَفْضَلِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ وَ هُوَ التَّقْوَی وَ اعْلَمُوا أَنَّ طَرِیقَكُمْ إِلَی الْمَعَادِ وَ مَمَرَّكُمْ عَلَی الصِّرَاطِ وَ الْهَوْلَ الْأَعْظَمَ أَمَامَكُمْ عَلَی طَرِیقِكُمْ عَقَبَةٌ كَئُودَةٌ وَ مَنَازِلُ مَهُولَةٌ مَخُوفَةٌ- لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ الْمَمَرِّ عَلَیْهَا وَ الْوُقُوفِ بِهَا فَإِمَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ فَنَجَاةٌ مِنْ هَوْلِهَا وَ عِظَمِ خَطَرِهَا وَ فَظَاعَةِ مَنْظَرِهَا وَ شِدَّةِ مُخْتَبَرِهَا وَ إِمَّا بِهَلَكَةٍ لَیْسَ بَعْدَهَا انْجِبَارٌ.

ص: 391


1- 1. بشارة المصطفی ص 52.
2- 2. الأمالی ص 298.

جا(1)،[المجالس] للمفید عن أحمد بن الولید عن أبیه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزیار عن ابن محبوب عن عمرو بن أبی المقدام عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام: مثله.

«13»- لی (2)،[الأمالی] للصدوق عَنِ الدَّقَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطَّارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَسِّنٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ اللَّهِ مَا دُنْیَاكُمْ عِنْدِی إِلَّا كَسَفْرٍ عَلَی مَنْهَلٍ (3) حَلُّوا إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ فَارْتَحَلُوا وَ لَا لَذَاذَتُهَا فِی عَیْنِی إِلَّا كَحَمِیمٍ أَشْرَبُهُ غَسَّاقاً وَ عَلْقَمٍ أَتَجَرَّعُ بِهِ زُعَاقاً

وَ سَمِّ أَفْعَاةٍ(4)

أَسْقَاهُ دِهَاقاً وَ قِلَادَةٍ مِنْ نَارٍ أُوهِقُهَا حناقا [خِنَاقاً] وَ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِی هَذِهِ حَتَّی اسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَاقِعِهَا وَ قَالَ لِیَ اقْذِفْ بِهَا قَذْفَ الْأُتُنِ- لَا یَرْتَضِیهَا لِیَرْقَعَهَا فَقُلْتُ لَهُ اعْزُبْ عَنِّی

فَعِنْدَ الصَّبَاحِ یَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَی***وَ تَنْجَلِی عَنِّی عُلَالاتُ الْكَرَی (5)

وَ لَوْ شِئْتُ لَتَسَرْبَلْتُ بِالْعَبْقَرِیِّ الْمَنْقُوشِ مِنْ دِیبَاجِكُمْ وَ لَأَكَلْتُ لُبَابَ هَذَا الْبُرِّ بِصُدُورِ دَجَاجِكُمْ وَ لَشَرِبْتُ الْمَاءَ الزُّلَالَ بِرَقِیقِ زُجَاجِكُمْ وَ لَكِنِّی أُصَدِّقُ اللَّهَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ حَیْثُ یَقُولُ- مَنْ كانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ- أُولئِكَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ(6) فَكَیْفَ أَسْتَطِیعُ

ص: 392


1- 1. مجالس المفید ص 116.
2- 2. المجالس 368.
3- 3. السفر- بالفتح فالسكون- جمع سافر و هو المسافر. و المنهل موضع شرب الماء علی الطریق. اعلم أن الخبر بتمامه مرّ فی المجلد 40 ص 346 مع توضیح لغاته و تفسیر غریبه مفصلا من المؤلّف- رحمه اللّٰه- فلا حاجة الی بیان مشكله هاهنا.
4- 4. فی المصدر« الافعی».
5- 5. العلالة: بقیة كل شی ء. و فی بعض النسخ« غلالات» بالمعجمة جمع غلالة و هی شعار تلبس تحت الثوب استعار لما یشمل الإنسان من حالة النوم. و فی المحكی عن مجمع الامثال« غیابات» و فی بعض نسخ المجمع« عمایات» و الكری النعاس.
6- 6. هود: 15 و 16.

الصَّبْرَ عَلَی نَارٍ لَوْ قَذَفَتْ بِشَرَرَةٍ إِلَی الْأَرْضِ لَأَحْرَقَتْ نَبْتَهَا وَ لَوِ اعْتَصَمَتْ نَفْسٌ بِقُلَّةٍ لَأَنْضَجَهَا وَهْجُ النَّارِ فِی قُلَّتِهَا وَ أَیُّمَا خَیْرٌ لِعَلِیٍّ أَنْ یَكُونَ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مُقَرَّباً أَوْ یَكُونَ فِی لَظَی خَسِیئاً مُبَعَّداً مَسْخُوطاً عَلَیْهِ بِجُرْمِهِ مُكَذَّباً وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِیتَ عَلَی حَسَكِ السَّعْدَانِ مُرَقَّداً وَ تَحْتِی أَطْمَارٌ عَلَی سَفَاهَا مُمَدَّداً أَوْ أُجَرَّ فِی أَغْلَالِی مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَی فِی الْقِیَامَةِ مُحَمَّداً خَائِناً فِی ذِی یَتْمَةٍ أَظْلِمُهُ بِفَلْسِهِ مُتَعَمِّداً وَ لَمْ أَظْلِمِ الْیَتِیمَ وَ غَیْرَ الْیَتِیمِ لِنَفْسٍ تُسْرِعُ إِلَی الْبَلَاءِ قُفُولُهَا وَ یَمْتَدُّ فِی أَطْبَاقِ الثَّرَی حُلُولُهَا وَ إِنْ عَاشَتْ رُوَیْداً فَبِذِی الْعَرْشِ نُزُولُهَا- مَعَاشِرَ شِیعَتِی احْذَرُوا فَقَدْ عَضَّتْكُمُ الدُّنْیَا بِأَنْیَابِهَا تَخْتَطِفُ مِنْكُمْ نَفْساً بَعْدَ نَفْسٍ كَذِئَابِهَا وَ هَذِهِ مَطَایَا الرَّحِیلِ قَدْ أُنِیخَتْ لِرُكَّابِهَا أَلَا إِنَّ الْحَدِیثَ ذُو شُجُونٍ فَلَا یَقُولَنَّ قَائِلُكُمْ إِنَّ كَلَامَ عَلِیٍّ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَارِضٌ وَ لَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُطَّانِ الْمَدَائِنِ تَبِعَ بَعْدَ الْحَنِیفِیَّةِ عُلُوجَهُ وَ لَبِسَ مِنْ نَالَةِ دِهْقَانِهِ مَنْسُوجَهُ وَ تَضَمَّخَ بِمِسْكِ هَذِهِ النَّوَافِجِ صَبَاحَهُ وَ تَبَخَّرَ بِعُودِ الْهِنْدِ رَوَاحَهُ وَ حَوْلَهُ رَیْحَانُ حَدِیقَةٍ یَشَمُّ تُفَّاحَهُ وَ قَدْ مُدَّ لَهُ مَفْرُوشَاتُ الرُّومِ عَلَی سُرُرِهِ تَعْساً لَهُ بَعْدَ مَا نَاهَزَ السَّبْعِینَ مِنْ عُمُرِهِ وَ حَوْلَهُ شَیْخٌ یَدِبُّ عَلَی أَرْضِهِ مِنْ هَرَمِهِ وَ ذُو یَتْمَةٍ تَضَوَّرَ مِنْ ضُرِّهِ وَ مِنْ قَرْمِهِ فَمَا وَاسَاهُمْ بِفَاضِلَاتٍ مِنْ عَلْقَمِهِ لَئِنْ أَمْكَنَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ لَأَخْضَمَنَّهُ خَضْمَ الْبُرِّ وَ لَأُقِیمَنَّ عَلَیْهِ حَدَّ الْمُرْتَدِّ وَ لَأَضْرِبَنَّهُ الثَّمَانِینَ بَعْدَ حَدٍّ وَ لَأَسُدَّنَّ مِنْ جَهْلِهِ كُلَّ مَسَدٍّ تَعْساً لَهُ أَ فَلَا شَعْرٌ أَ فَلَا صُوفٌ أَ فَلَا وَبَرٌ أَ فَلَا رَغِیفٌ قَفَارُ اللَّیْلِ إِفْطَارٌ مُقَدَّمٌ (1) أَ فَلَا عَبْرَةٌ عَلَی خَدٍّ فِی ظُلْمَةِ لَیَالٍ تَنْحَدِرُ وَ لَوْ كَانَ مُؤْمِناً لَاتَّسَقَتْ لَهُ الْحُجَّةُ إِذَا ضَیَّعَ مَا لَا یَمْلِكُ.

وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ عَقِیلًا أَخِی وَ قَدْ أَمْلَقَ حَتَّی اسْتَمَاحَنِی مِنْ بُرِّكُمْ صَاعَةً وَ عَاوَدَنِی فِی عُشْرِ وَسْقٍ مِنْ شَعِیرِكُمْ یُطْعِمُهُ جِیَاعَهُ وَ یَكَادُ یَلْوِی ثَالِثَ أَیَّامِهِ خَامِصاً مَا اسْتَطَاعَهُ وَ رَأَیْتُ أَطْفَالَهُ شُعْثَ الْأَلْوَانِ مِنْ ضَرِّهِمْ كَأَنَّمَا اشْمَأَزَّتْ وُجُوهُهُمْ مِنْ قُرِّهِمْ.

ص: 393


1- 1. فی بعض النسخ« أ فلا رغیف للیل افطار معدم».

فَلَمَّا عَاوَدَنِی فِی قَوْلِهِ وَ كَرَّرَهُ أَصْغَیْتُ إِلَیْهِ سَمْعِی فَغَرَّهُ وَ ظَنَّنِی وَ أُوتِغُ دِینِی فَأَتَّبِعُ مَا سَرَّهُ أَحْمَیْتُ لَهُ حَدِیدَةً یَنْزَجِرُ(1)

إِذْ لَا یَسْتَطِیعُ مِنْهَا دُنُوّاً وَ لَا یَصْبِرُ ثُمَّ أَدْنَیْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ فَضَجَّ مِنْ أَلَمِهِ ضَجِیجَ ذِی دَنَفٍ یَئِنُّ مِنْ سُقْمِهِ وَ كَادَ یَسُبُّنِی سَفَهاً مِنْ كَظْمِهِ وَ لِحَرْقَةٍ فِی لَظَی أَضْنَی لَهُ مِنْ عُدْمِهِ فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ یَا عَقِیلُ أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِیدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِمَدْعَبِهِ وَ تَجُرُّنِی إِلَی نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا مِنْ غَضَبِهِ أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَی وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَی وَ اللَّهِ لَوْ سَقَطَتِ الْمُكَافَاةُ عَنِ الْأُمَمِ وَ تُرِكَتْ فِی مَضَاجِعِهَا بَالِیَاتٌ فِی الرِّمَمِ- لَاسْتَحْیَیْتُ مِنْ مَقْتِ رَقِیبٍ یَكْشِفُ فَاضِحَاتٍ مِنَ الْأَوْزَارِ تَنَّسِخُ- فَصَبْراً عَلَی دُنْیَا تَمُرُّ بِلَأْوَائِهَا كَلَیْلَةٍ بِأَحْلَامِهَا تَنْسَلِخُ كَمْ بَیْنَ نَفْسٍ فِی خِیَامِهَا نَاعِمَةٌ وَ بَیْنَ أَثِیمٍ فِی جَحِیمٍ یَصْطَرِخُ فَلَا تَعَجُّبَ (2) مِنْ هَذَا وَ أَعْجَبُ بِلَا صُنْعٍ مِنَّا مِنْ طَارِقٍ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَاتٍ زَمَّلَهَا فِی وِعَائِهَا وَ مَعْجُونَةٍ بَسَطَهَا فِی إِنَائِهَا فَقُلْتُ لَهُ أَ صَدَقَةٌ أَمْ نَذْرٌ أَمْ زَكَاةٌ وَ كُلُّ ذَلِكَ یَحْرُمُ عَلَیْنَا أَهْلَ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ عُوِّضْنَا مِنْهُ خُمُسَ ذِی الْقُرْبَی فِی الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ فَقَالَ لِی لَا ذَاكَ وَ لَا ذَاكَ وَ لَكِنَّهُ هَدِیَّةٌ فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ أَ فَعَنْ دِینِ اللَّهِ تَخْدَعُنِی بِمَعْجُونَةٍ عَرَّقْتُمُوهَا بِقَنْدِكُمْ وَ خَبِیصَةٍ صَفْرَاءَ أَتَیْتُمُونِی بِهَا بِعَصِیرِ تَمْرِكُمْ أَ مُخْتَبِطٌ أَمْ ذُو جِنَّةٍ أَمْ تَهْجُرُ أَ لَیْسَتِ النُّفُوسُ عَنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مَسْئُولَةً فَمَا ذَا أَقُولُ فِی مَعْجُونَةٍ أَتَزَقَّمُهَا مَعْمُولَةً وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِیتُ الْأَقَالِیمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا وَ اسْتُرِقَّ لِی قُطَّانُهَا(3)

مُذْعِنَةً بِأَمْلَاكِهَا عَلَی أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ فِی نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا شَعِیرَةً فَأَلُوكَهَا مَا قَبِلْتُ وَ لَا أَرَدْتُ- وَ لَدُنْیَاكُمْ أَهْوَنُ عِنْدِی مِنْ وَرَقَةٍ فِی فِی جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا وَ أَقْذَرُ عِنْدِی مِنْ عُرَاقَةِ خِنْزِیرٍ یَقْذِفُ بِهَا أَجْذَمُهَا وَ أَمَرُّ عَلَی فُؤَادِی مِنْ حَنْظَلَةٍ یَلُوكُهَا ذُو سُقْمٍ فَیَبْشَمُهَا فَكَیْفَ أَقْبَلُ مَلْفُوفَاتٍ عَكَمْتَهَا فِی طَیِّهَا وَ مَعْجُونَةً كَأَنَّهَا عُجِنَتْ بِرِیقِ حَیَّةٍ أَوْ قَیْئِهَا.

ص: 394


1- 1. فی المصدر« لینزجر».
2- 2. فی المصدر« و لا تعجب».
3- 3. قطان جمع قاطن و هو الساكن و الذی اقام فی بلدة و توطنها.

اللَّهُمَّ إِنِّی نَفَرْتُ عَنْهَا نِفَارَ الْمُهْرَةِ مِنْ كَیِّهَا أُرِیهِ السُّهَا وَ یُرِینِی الْقَمَرَ(1)

أَ أَمْتَنِعُ مِنْ وَبَرَةٍ مِنْ قَلُوصِهَا سَاقِطَةٍ وَ أَبْتَلِعُ إِبِلًا فِی مَبْرَكِهَا رَابِطَةً أَ دَبِیبَ الْعَقَارِبِ مِنْ وَكْرِهَا أَلْتَقِطُ أَمْ قَوَاتِلَ الرُّقْشِ فِی مَبِیتِی أَرْتَبِطُ فَدَعُونِی أَكْتَفِی مِنْ دُنْیَاكُمْ بِمِلْحِی وَ أَقْرَاصِی فَبِتَقْوَی اللَّهِ

أَرْجُو خَلَاصِی مَا لِعَلِیٍّ وَ نَعِیمٍ یَفْنَی وَ لَذَّةٍ تَنْحَتُهَا الْمَعَاصِی سَأَلْقَی وَ شِیعَتِی رَبَّنَا بِعُیُونٍ سَاهِرَةٍ وَ بُطُونٍ خِمَاصٍ لِیُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَمْحَقَ الْكافِرِینَ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَیِّئَاتِ الْأَعْمَالِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.

«14»- فس (2)،[تفسیر القمی]: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْماً وَ قَدْ تَبِعَ جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا یَضْحَكُ فَقَالَ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِیهَا عَلَی غَیْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِیهَا عَلَی غَیْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ الَّذِی نَسْمَعُ مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِیلٍ إِلَیْنَا رَاجِعُونَ نُنْزِلُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ قَدْ نَسِینَا كُلَّ وَاعِظَةٍ وَ رُمِینَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ شَغَلَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ وَ تَوَاضَعَ مِنْ غَیْرِ مَنْقَصَةٍ وَ جَالَسَ أَهْلَ التَّفَقُّهِ (3)

وَ الرَّحْمَةِ وَ خَالَطَ أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ أَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِی غَیْرِ مَعْصِیَةٍ أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ ذَلَّ فِی نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِیرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِیقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ وَ عَدَلَ (4)

عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ سَعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ یَتَعَدَّ إِلَی الْبِدْعَةِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَی لِمَنْ لَزِمَ بَیْتَهُ وَ أَكَلَ كِسْرَتَهُ وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِی تَعَبٍ (5)

وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی الرَّاحَةِ.

ص: 395


1- 1. هذا مثل، و قد هجا به الكمیت الحجاج هكذا: شكونا إلیه خراب السواد***فحرم علینا لحوم البقر فكنا كما قال من قبلنا***« اریها السها و ترینی القمر».
2- 2. تفسیر القمّیّ« ره» ص 428.
3- 3. فی بعض النسخ« اهل الفقه».
4- 4. فی بعض النسخ« كف عن الناس».
5- 5. فی بعض النسخ« فی شغل».

«15»- ل (1)،[الخصال] عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَ الْحُكَمَاءُ إِذَا كَاتَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَتَبُوا بِثَلَاثٍ لَیْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ فِی الدُّنْیَا(2) وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِیرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِیَتَهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ النَّاسِ.

«16»- ل (3)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی وَصِیَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ إِیَّاكَ وَ الْعُجْبَ وَ سُوءَ الْخُلُقِ وَ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ لَا یَسْتَقِیمُ لَكَ عَلَی هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ صَاحِبٌ وَ لَا یَزَالُ لَكَ عَلَیْهَا مِنَ النَّاسِ مُجَانِبٌ وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ التَّوَدُّدَ وَ صَبِّرْ عَلَی مَئُونَاتِ النَّاسِ نَفْسَكَ وَ ابْذُلْ لِصَدِیقِكَ نَفْسَكَ وَ مَالَكَ وَ لِمَعْرِفَتِكَ (4) رِفْدَكَ وَ مَحْضَرَكَ وَ لِلْعَامَّةِ بِشْرَكَ وَ مَحَبَّتَكَ وَ لِعَدُوِّكَ عَدْلَكَ وَ إِنْصَافَكَ وَ اضْنَنْ بِدِینِكَ وَ عِرْضِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لِدِینِكَ وَ دُنْیَاكَ.

«17»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِی مِخْنَفٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ ذَاتَ یَوْمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ عُوا كَلَامِی إِنَّ الْخُیَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ وَ النَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ یَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ أَلَا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ فَ لا تَنابَزُوا وَ لَا تَخَاذَلُوا- فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّینِ وَاحِدَةٌ وَ سَبِیلَهُ قَاصِدَةٌ مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ مَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ وَ مَنْ فَارَقَهَا مَحَقَ لَیْسَ الْمُسْلِمُ بِالْخَائِنِ إِذَا ائْتُمِنَ وَ لَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَ لَا بِالْكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ

ص: 396


1- 1. الخصال ج 1 ص 64.
2- 2. فی بعض النسخ« من الدنیا».
3- 3. الخصال ج 1 ص 72.
4- 4. أی لاصحابك.
5- 5. الأمالی ج 1 ص 9 و 10.

الرَّحْمَةِ وَ قَوْلُنَا الْحَقُّ وَ فِعْلُنَا الْقِسْطُ وَ مِنَّا خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ فِینَا قَادَةُ الْإِسْلَامِ وَ أُمَنَاءُ الْكِتَابِ نَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّهِ وَ الشِّدَّةِ فِی أَمْرِهِ وَ ابْتِغَاءِ رِضْوَانِهِ وَ إِلَی إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ الْبَیْتِ وَ صِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تَوْفِیرِ الْفَیْ ءِ لِأَهْلِهِ.

أَلَا وَ إِنَّ أَعْجَبَ الْعَجَبِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ الْأُمَوِیَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ السَّهْمِیَّ یُحَرِّضَانِ النَّاسَ عَلَی طَلَبِ الدِّینِ بِزَعْمِهِمَا وَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَطُّ وَ لَمْ أَعْصِهِ فِی أَمْرٍ قَطُّ أَقِیهِ بِنَفْسِی فِی الْمَوَاطِنِ الَّتِی تَنْكُصُ فِیهَا الْأَبْطَالُ وَ تُرْعَدُ فِیهَا الْفَرَائِصُ بِقُوَّةٍ أَكْرَمَنِیَ اللَّهُ بِهَا فَلَهُ الْحَمْدُ وَ لَقَدْ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ رَأْسَهُ فِی حَجْرِی وَ لَقَدْ وُلِّیتُ غُسْلَهُ أُغَسِّلُهُ بِیَدِی وَ تُقَلِّبُهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مَعِی وَ ایْمُ اللَّهِ مَا اخْتُلِفَ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِیِّهَا إِلَّا ظَهَرَ بَاطِلُهَا عَلَی حَقِّهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ أَمَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ أَعْلَمَكُمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ یَسْتَقِمْ عَلَیْهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَدْ نَفَذَتْ بَصَائِرُهُمْ.

«18»- فس (1)،[تفسیر القمی] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لِلظَّالِمِ غَداً یَكْفِیهِ عَضُّهُ یَدَیْهِ وَ الرَّحِیلُ وَشِیكٌ وَ لِلْأَخِلَّاءِ نَدَامَةٌ إِلَّا الْمُتَّقِینَ.

«19»- ب (2)،[قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ ظَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: مَا مُلِئَ بَیْتٌ قَطُّ حَبْرَةً إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ یُمْلَأَ عَبْرَةً وَ مَا مُلِئَ بَیْتٌ قَطُّ عَبْرَةً إِلَّا أَنْ یُوشِكَ أَنْ یُمْلَأَ حَبْرَةً(3).

ص: 397


1- 1. تفسیر القمّیّ ص 612.
2- 2. قرب الإسناد ص 57.
3- 3. كذا. و هكذا فی المصدر، و یمكن أن یتكلف فی معناه و یقال: المراد من غیره تغیر الحال و انتقالها عن الصلاح الی الفساد و ذلك لما تحقّق من أن الشی ء إذا جاوز حده انعكس ضده. لكن الظاهر فیه تصحیف و الصحیح« ما ملئ بیت قط حبرة الا أوشك أن یملأ عبرة، و ما ملئ بیت قط عبرة الا یوشك أن یملأ حبرة» و قد مر نظیره ص 351 و الحبرة بالفتح النعمة و سعة العیش، و العبرة بالفتح الدمعة قبل أن تفیض او الحزن بلا بكاء ذكرهما الفیروزآبادی.

«20»- ب (1)،[قرب الإسناد] عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لِرَجُلٍ وَ هُوَ یُوصِیهِ خُذْ مِنِّی خَمْساً لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافُ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِی أَنْ یَتَعَلَّمَ مَا لَا یَعْلَمُ وَ لَا یَسْتَحِی إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ.

«21»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَفْضَلُ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْجِهَادُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ حِجُّ الْبَیْتِ فَإِنَّهُ مِیقَاتٌ لِلدِّینِ (3)

وَ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ (4) وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ وَ مَنْسَاةٌ لِلْأَجَلِ (5)

وَ الصَّدَقَةُ فِی السِّرِّ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْخَطِیئَةَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِیتَةَ السَّوْءِ وَ تَقِی مَصَارِعَ الْهَوَانِ أَلَا فَاصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ صَدَقَ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبُ الْإِیمَانِ أَلَا وَ إِنَّ الصَّادِقَ عَلَی شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ أَلَا وَ إِنَّ الْكَاذِبَ عَلَی شَفَا مَخْزَاةٍ وَ هَلَكَةٍ أَلَا وَ قُولُوا خَیْراً تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَی مَنْ سَاءَلَكُمْ (6).

ع (7)، [علل الشرائع] عن أبیه عن سعد عن إبراهیم بن مهزیار عن أخیه عن حماد

ص: 398


1- 1. المصدر ص 72.
2- 2. الأمالی ج 1 ص 220.
3- 3. فی بعض النسخ« منفاة للفقر».
4- 4. المدحضة- بفتح المیم-: المزلة و المزلقة.
5- 5. أی مكثر للثروة. و النسی ء: التاخیر. و المراد بالاجل: العمر.
6- 6. فی المصدر« و عودوا بالفضل علیهم».
7- 7. علل الشرائع المجلد الأول الباب الثانی و الثمانون بعد المائة.

بن عیسی عن إبراهیم بن عمر بإسناده یرفعه إلی علی بن أبی طالب علیه السلام: مثله- ین (1)،[كتاب حسین بن سعید] و النوادر عن حماد: مثله.

«22»- ل (2)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ نَوْفٍ قَالَ: بِتُّ لَیْلَةً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَانَ یُصَلِّی اللَّیْلَ كُلَّهُ وَ یَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَیَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَتْلُو الْقُرْآنَ قَالَ فَمَرَّ بِی بَعْدَ هُدُوءٍ مِنَ اللَّیْلِ فَقَالَ یَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ (3) قُلْتُ بَلْ رَامِقٌ أَرْمُقُكَ بِبَصَرِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا نَوْفُ طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أُولَئِكَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ الْقُرْآنَ دِثَاراً وَ الدُّعَاءَ شِعَاراً وَ قَرِّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْرِیضاً عَلَی مِنْهَاجِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام قُلْ لِلْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ- لَا تَدْخُلُوا بُیُوتاً مِنْ بُیُوتِی إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ وَ أَكُفٍّ نَقِیَّةٍ وَ قُلْ لَهُمْ اعْلَمُوا أَنِّی غَیْرُ مُسْتَجِیبٍ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ دَعْوَةً وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ یَا نَوْفُ إِیَّاكَ أَنْ تَكُونَ عَشَّاراً أَوْ شَاعِراً أَوْ شُرْطِیّاً أَوْ عَرِیفاً(4) أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِیَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هُوَ الطَّبْلُ- فَإِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ دَاوُدَ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ إِنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِی لَا تُرَدُّ فِیهَا دَعْوَةٌ إِلَّا دَعْوَةُ عَرِیفٍ أَوْ دَعْوَةُ شَاعِرٍ أَوْ دَعْوَةُ عَاشِرٍ(5)

أَوْ شُرْطِیٍّ أَوْ صَاحِبِ عَرْطَبَةٍ(6) أَوْ صَاحِبِ كُوبَةٍ.

ص: 399


1- 1. مخطوط.
2- 2. الخصال ج 1 ص 164.
3- 3. الراقد: النائم. و الرامق: اللاحظ و الناظر فی الشی ء.
4- 4. العریف- بالفتح و التخفیف: العالم بالشی ء و من یعرف أصحابه، و القیم بأمر القوم و النقیب و هو دون الرئیس.
5- 5. العشار و العاشر الذی یأخذ العشریة و الخراج و الجبایة.
6- 6. العرطبة: العود.

«23»- ل (1)،[الخصال] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ نَجْدَةَ(2) قَالَ حَدَّثَنَا وَكِیعٌ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ أَبِی زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِیِّ قَالَ: تَكَلَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِتِسْعِ كَلِمَاتٍ ارْتَجَلَهُنَّ ارْتِجَالًا فَقَأْنَ عُیُونَ الْبَلَاغَةِ وَ أَیْتَمْنَ جَوَاهِرَ الْحِكْمَةِ وَ قَطَعْنَ جَمِیعَ الْأَنَامِ عَنِ اللَّحَاقِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِی الْمُنَاجَاةِ وَ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِی الْحِكْمَةِ وَ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِی الْأَدَبِ فَأَمَّا اللَّاتِی فِی الْمُنَاجَاةِ فَقَالَ إِلَهِی كَفَی بِی عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً وَ كَفَی بِی فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِی رَبّاً أَنْتَ كَمَا أُحِبُّ فَاجْعَلْنِی كَمَا تُحِبُّ وَ أَمَّا اللَّاتِی فِی الْحِكْمَةِ فَقَالَ قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ وَ مَا هَلَكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ الْمَرْءُ مَخْبُوٌّ تَحْتَ لِسَانِهِ وَ اللَّاتِی فِی الْأَدَبِ فَقَالَ امْنُنْ عَلَی مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِیرَهُ وَ احْتَجْ إِلَی مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِیرَهُ وَ اسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِیرَهُ.

«24»- ل (3)،[الخصال] عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: عَشَرَةٌ یُفْتِنُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ غَیْرَهُمْ ذُو الْعِلْمِ الْقَلِیلِ یَتَكَلَّفُ أَنْ یُعَلِّمَ النَّاسَ كَثِیراً وَ الرَّجُلُ الْحَلِیمُ ذُو الْعِلْمِ الْكَثِیرِ لَیْسَ بِذِی فِطْنَةٍ وَ الَّذِی یَطْلُبُ مَا لَا یُدْرِكُ وَ لَا یَنْبَغِی لَهُ وَ الْكَادُّ عِنْدَ الْمُتَّئِدِ وَ الْمُتَّئِدُ(4)

الَّذِی لَیْسَ لَهُ مَعَ تُؤَدَتِهِ عِلْمٌ وَ عَالِمٌ غَیْرُ مُرِیدٍ لِلصَّلَاحِ وَ مُرِیدٌ لِلصَّلَاحِ لَیْسَ بِعَالِمٍ وَ الْعَالِمُ یُحِبُّ الدُّنْیَا وَ الرَّحِیمُ بِالنَّاسِ یَبْخَلُ بِمَا عِنْدَهُ وَ طَالِبُ الْعِلْمِ یُجَادِلُ فِیهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ فَإِذَا عَلَّمَهُ لَمْ یُقْبَلْ مِنْهُ.

«25»- ل (5)،[الخصال] عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الزَّیَّاتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْخَزَّازِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِینَارٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ الْخَفَّافِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ:

ص: 400


1- 1. الخصال: ج 2 ص 45.
2- 2. فی المصدر« سهل بن نحره».
3- 3. المصدر ج 2 ص 53.
4- 4. اتأد فی الامر: تمهل و تأنی. و التؤدة- كلمزة- الرزانة و تأنی.
5- 5. المصدر ج 2 ص 94.

الصِّدْقُ أَمَانَةٌ وَ الْكَذِبُ خِیَانَةٌ وَ الْأَدَبُ رِئَاسَةٌ وَ الْحَزْمُ كِیَاسَةٌ وَ السَّرَفُ مَتْوَاةٌ وَ الْقَصْدُ مَثْرَاةٌ(1)

وَ الْحِرْصُ مَفْقَرَةٌ وَ الدَّنَاءَةُ مَحْقَرَةٌ وَ السَّخَاءُ قُرْبَةٌ وَ اللُّؤْمُ غُرْبَةٌ وَ الرِّقَّةُ اسْتِكَانَةٌ وَ الْعَجْزُ مَهَانَةٌ وَ الْهَوَی مَیْلٌ وَ الْوَفَاءُ كَیْلٌ وَ الْعُجْبُ هَلَاكٌ وَ الصَّبْرُ مِلَاكٌ (2).

«26»- ن (3)،[عیون أخبار الرضا علیه السلام] عَنِ الْمُفَسِّرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ: كَمْ مِنْ غَافِلٍ یَنْسِجُ ثَوْباً لِیَلْبَسَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ یَبْنِی بَیْتاً لِیَسْكُنَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ.

«27»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجِعَابِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَاسِینَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیهم السلام بِسُرَّ مَنْ رَأَی یَذْكُرُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِیمَةٌ وَ الْآدَابُ حُلَلٌ حِسَانٌ وَ الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِیَةٌ وَ الِاعْتِذَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ وَ كَفَی بِكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ تَرْكُكَ مَا كَرِهْتَهُ مِنْ غَیْرِكَ.

«28»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ عَنِ الْعُمَرِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ السَّعْدِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: أَوْصَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ فِیمَا أَوْصَی إِلَیْهِ یَا بُنَیَّ لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ وَ لَا عُدْمَ أَشَدُّ مِنْ عُدْمِ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ (6) وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا

ص: 401


1- 1. المتواة: ما یسبب الخسارة و الضیاع. و المثراة: ما یسبب مزید الثروة.
2- 2. الملاك- بالكسر و الفتح-: القوام.
3- 3. عیون أخبار الرضا علیه السلام ص 165.
4- 4. الأمالی ج 1 ص 113 و 114.
5- 5. المصدر ج 1 ص 145.
6- 6. فی بعض النسخ« و لا وحشة أوحش من العجب».

وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ فِی صَنْعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَا بُنَیَّ الْعَقْلُ خَلِیلُ الْمَرْءِ وَ الْحِلْمُ وَزِیرُهُ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ الصَّبْرُ مِنْ خَیْرِ جُنُودِهِ یَا بُنَیَّ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَاقِلِ مِنْ أَنْ یَنْظُرَ فِی شَأْنِهِ فَلْیَحْفَظْ لِسَانَهُ وَ لْیَعْرِفْ أَهْلَ زَمَانِهِ یَا بُنَیَّ إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْبَدَنِ وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْقَلْبِ وَ إِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ الْمَالِ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ سَعَةُ الْبَدَنِ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ تَقْوَی الْقُلُوبِ- یَا بُنَیَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ یُنَاجِی فِیهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ یُحَاسِبُ فِیهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ یَخْلُو فِیهَا بَیْنَ نَفْسِهِ وَ لَذَّتِهَا فِیمَا یَحِلُّ وَ یَجْمُلُ وَ لَیْسَ لِلْمُؤْمِنِ بُدٌّ مِنْ أَنْ یَكُونَ شَاخِصاً فِی ثَلَاثٍ (1)

مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِی غَیْرِ مُحَرَّمٍ.

«29»- ما(2)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ أَبِی عَلِیٍّ قَالَ حَدَّثَنِی عَمُّ أَبِی الْحُسَیْنُ بْنُ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُصْبِحُ إِلَّا خَائِفاً وَ إِنْ كَانَ مُحْسِناً وَ لَا یُمْسِی إِلَّا خَائِفاً وَ إِنْ كَانَ مُحْسِناً لِأَنَّهُ بَیْنَ أَمْرَیْنِ بَیْنَ وَقْتٍ قَدْ مَضَی لَا یَدْرِی مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِهِ وَ بَیْنَ أَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ لَا یَدْرِی مَا یُصِیبُهُ مِنَ الْهَلَكَاتِ أَلَا وَ قُولُوا خَیْراً تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ إِنْ قَطَعُوكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَی مَنْ حَرَمَكُمْ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَی مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ مَنْ عَاهَدْتُمْ وَ إِذَا حَكَمْتُمْ فَاعْدِلُوا.

«30»- ما(3)،[الأمالی] للشیخ الطوسی رُوِیَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ لَیْلَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ كَانَتْ لَیْلَةً قَمْرَاءَ فَأَمَّ الْجَبَّانَةَ(4) وَ لَحِقَهُ جَمَاعَةٌ یَقْفُونَ أَثَرَهُ فَوَقَفَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتُمْ؟

ص: 402


1- 1. شخص- بفتحتین- شخوصا: خرج من موضع الی موضع.
2- 2. الأمالی ج 1 ص 211.
3- 3. المصدر ج 1 ص 219.
4- 4. أم الامر: قصده. و الجبانة بشد الباء مواضع بالكوفة و أهلها یسمون المقبرة. جبانة. منها جبانة كندة، و جبانة السبیع، و جبانة میمون، و جبانة عرزم، و جبانة سالم و غیرها و جمیعها بالكوفة.

قَالُوا شِیعَتُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَتَفَرَّسَ فِی وُجُوهِهِمْ ثُمَّ قَالَ فَمَا لِی لَا أَرَی عَلَیْكُمْ سِیمَاءَ الشِّیعَةِ قَالُوا وَ مَا سِیمَاءُ الشِّیعَةِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ السَّهَرِ عُمْشُ الْعُیُونِ مِنَ الْبُكَاءِ حُدْبُ الظُّهُورِ مِنَ الْقِیَامِ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّیَامِ ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ(1)

عَلَیْهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِینَ وَ قَالَ علیه السلام الْمَوْتُ طَالِبٌ وَ مَطْلُوبٌ لَا یُعْجِزُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یَفُوتُهُ الْهَارِبُ فَقَدِّمُوا وَ لَا تَنْكُلُوا فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنَ الْمَوْتِ مَحِیصٌ إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُقْتَلُوا تَمُوتُوا وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ عَلَی الرَّأْسِ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتٍ عَلَی فِرَاشٍ.

«31»- وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام (2): أَیُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْتُمْ أَغْرَاضاً تَنْتَضِلُ فِیكُمُ الْمَنَایَا-(3)

وَ أَمْوَالُكُمْ نُهِبَ لِلْمَصَائِبِ مَا طَعِمْتُمْ فِی الدُّنْیَا مِنْ طَعَامٍ فَلَكُمْ فِیهِ غَصَصٌ وَ مَا شَرِبْتُمُوهُ مِنْ شَرَابٍ فَلَكُمْ فِیهِ شَرَقٌ وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا تَنَالُونَ مِنَ الدُّنْیَا نِعْمَةً تَفْرَحُونَ بِهَا إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَی تَكْرَهُونَهَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خُلِقْنَا وَ إِیَّاكُمْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفَنَاءِ وَ لَكِنَّكُمْ مِنْ دَارٍ [إِلَی دَارٍ] تُنْقَلُونَ فَتَزَوَّدُوا لِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَیْهِ وَ خَالِدُونَ فِیهِ وَ السَّلَامُ.

«32»- ما(4)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الشَّامِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی عَمِّی عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: عَادَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَرَضٍ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ فَلَا تَجْعَلَنَّ عِیَادَتِی إِیَّاكَ فَخْراً عَلَی قَوْمِكَ وَ إِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی أَمْرٍ فَلَا تَخْرُجْ مِنْهُ

ص: 403


1- 1. الحدب ما ارتفع من الأرض و غیره. و خمص بطنه أی ضمر و فرغ و ذبل النبات: قل ماؤه و جف و ذهبت نضارته.
2- 2. الأمالی ج 1 ص 220.
3- 3. مرّ معناه غیر مرة.
4- 4. الأمالی ج 1 ص 357.

فَإِنَّهُ لَیْسَ بِالرَّجُلِ غِنًی عَنْ قَوْمِهِ إِذَا خَلَعَ مِنْهُمْ یَداً وَاحِدَةً یَخْلَعُونَ مِنْهُ أَیْدِیَ كَثِیرَةٍ فَإِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی خَیْرٍ فَأَعِنْهُمْ عَلَیْهِ وَ إِذَا رَأَیْتَهُمْ فِی شَرٍّ فَلَا تَخْذُلَنَّهُمْ وَ لْیَكُنْ تَعَاوُنُكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَیْرٍ مَا تَعَاوَنْتُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَنَاهَیْتُمْ عَنْ مَعَاصِیهِ.

«33»- ما(1)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی دَاوُدَ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْحَسَنِ الْمَقْسَمِیِّ الطَّرَسُوسِیِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ صَبِیحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الدُّنْیَا عَنَاءٌ وَ فَنَاءٌ وَ عِبَرٌ وَ غِیَرٌ فَمِنْ فَنَائِهَا أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ مُفَوِّقٌ نَبْلَهُ تُصِیبُ الْحَیَّ بِالْمَوْتِ وَ الصَّحِیحَ بِالسُّقْمِ وَ مِنْ عَنَاهَا أَنَّ الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَا لَا یَأْكُلُ وَ یَبْنِی مَا لَا یَسْكُنُ وَ مِنْ عِبَرِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً أَوِ الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً لَیْسَ بَیْنَهُمَا إِلَّا نَعِیمٌ زَالَ أَوْ بُؤْسٌ نَزَلَ وَ مِنْ غِیَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ یُشْرِفُ عَلَیْهِ أَمَلُهُ فَیَخْتَطِفُهُ دُونَهُ أَجَلُهُ قَالَ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَرْبَعٌ لِلْمَرْءِ لَا عَلَیْهِ الْإِیمَانُ وَ الشُّكْرُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- ما یَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ (2) وَ الِاسْتِغْفَارُ فَإِنَّهُ قَالَ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ (3) وَ الدُّعَاءُ فَإِنَّهُ قَالَ تَعَالَی- قُلْ ما یَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّی لَوْ لا دُعاؤُكُمْ (4).

«34»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ قَالَ: أَرْبَعٌ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی تَصْدِیقِی بِهَا فِی كِتَابِهِ قُلْتُ الْمَرْءُ

ص: 404


1- 1. المصدر ج 2 ص 107.
2- 2. النساء: 147. أی لا حاجة له سبحانه الی عذابكم ان شكرتم نعمته.
3- 3. الأنفال: 33.
4- 4. الفرقان: 77. أی ما یصنع بكم. من عبأت الجیش إذا هیأته.
5- 5. الأمالی ج 2 ص 180.

مَخْبُوٌّ تَحْتَ لِسَانِهِ فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ (1) قُلْتُ فَمَنْ جَهِلَ شَیْئاً عَادَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ یُحِیطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا یَأْتِهِمْ تَأْوِیلُهُ (2) وَ قَدْ قُلْتُ قَدْرُ أَوْ قَالَ قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی قِصَّةِ طَالُوتَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ (3) وَ قُلْتُ الْقَتْلُ یُقِلُّ الْقَتْلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَكُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاةٌ یا أُولِی الْأَلْبابِ (4).

«35»- ما(5)،[الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّحْوِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَرَجِ الرِّیَاشِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ الْخَلِیلَ بْنَ أَحْمَدَ یَقُولُ: أَحَثُّ كَلِمَةٍ عَلَی طَلَبِ عِلْمٍ قَوْلُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُ.

«36»- ما(6)،[الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ الْمُجَاشِعِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: لَا تَتْرُكُوا حَجَّ بَیْتِ رَبِّكُمْ لَا یَخْلُ مِنْكُمْ مَا بَقِیتُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُ لَمْ تُنْظَرُوا وَ إِنَّ أَدْنَی مَا یَرْجِعُ بِهِ مَنْ أَتَاهُ أَنْ یُغْفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ وَ أُوصِیكُمْ بِالصَّلَاةِ وَ حِفْظِهَا فَإِنَّهَا خَیْرُ الْعَمَلِ وَ هِیَ عَمُودُ دِینِكُمْ- وَ بِالزَّكَاةِ فَإِنِّی سَمِعْتُ نَبِیَّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَدَّاهَا جَازَ الْقَنْطَرَةَ وَ مَنْ مَنَعَهَا احْتُبِسَ دُونَهَا وَ هِیَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ عَلَیْكُمْ بِصِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ صِیَامَهُ جُنَّةٌ حَصِینَةٌ مِنَ النَّارِ وَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِینَ أَشْرِكُوهُمْ فِی مَعِیشَتِكُمْ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا یُجَاهِدُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ رَجُلَانِ إِمَامٌ هُدًی أَوْ مُطِیعٌ لَهُ مُقْتَدٍ بِهُدَاهُ وَ ذُرِّیَّةِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تُظْلَمُونَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَی الدَّفْعِ وَ أُوصِیكُمْ بِأَصْحَابِ نَبِیِّكُمْ لَا تَسُبُّوهُمْ وَ هُمُ الَّذِینَ لَمْ یُحْدِثُوا بَعْدَهُ حَدَثاً وَ لَمْ یُؤْوُوا مُحْدِثاً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی بِهِمْ وَ أُوصِیكُمْ بِنِسَائِكُمْ

ص: 405


1- 1. محمّد« ص»: 30.
2- 2. یونس: 39.
3- 3. البقرة: 247. البسطة: الفضیلة فی الجسم و المال.
4- 4. البقرة: 179.
5- 5. الأمالی ج 2 ص 108.
6- 6. المصدر ج 2 ص 136.

وَ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ وَ لَا تَأْخُذُكُمْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ یَكْفِكُمُ اللَّهُ مَنْ أَرَادَكُمْ وَ بَغَی عَلَیْكُمْ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَیُوَلِّیَ اللَّهُ أُمُورَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا تُسْتَجَابُ لَكُمْ دُعَاؤُكُمْ وَ عَلَیْكُمْ بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّبَاذُلِ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّقَاطُعَ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّفَرُّقَ- وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ.

«37»- مع (1)،[معانی الأخبار] عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: جُمِعَ الْخَیْرُ كُلُّهُ فِی ثَلَاثِ خِصَالٍ النَّظَرِ وَ السُّكُوتِ وَ الْكَلَامِ وَ كُلُّ نَظَرٍ لَیْسَ فِیهِ اعْتِبَارٌ فَهُوَ سَهْوٌ وَ كُلُّ سُكُوتٍ لَیْسَ فِیهِ فِكْرَةٌ فَهُوَ غَفْلَةٌ وَ كُلُّ كَلَامٍ لَیْسَ فِیهِ ذِكْرٌ فَهُوَ لَغْوٌ فَطُوبَی لِمَنْ كَانَ نَظَرُهُ عِبْرَةً وَ سُكُوتُهُ فِكْرَةً وَ كَلَامُهُ ذِكْراً وَ بَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ وَ آمَنَ النَّاسَ شَرَّهُ.

«38»- ف (2)،[تحف العقول]: وَ مِنْ حِكَمِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ تَرْغِیبِهِ وَ تَرْهِیبِهِ وَ وَعْظِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِیعَةَ فِی النَّارِ فَكُونُوا مِنَ اللَّهِ عَلَی وَجَلٍ وَ مِنْ صَوْلَتِهِ (3)

عَلَی حَذَرٍ إِنَّ اللَّهَ لَا یَرْضَی لِعِبَادِهِ بَعْدَ إِعْذَارِهِ وَ إِنْذَارِهِ اسْتِطْرَاداً وَ اسْتِدْرَاجاً مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ وَ لِهَذَا یَضِلُّ سَعْیُ الْعَبْدِ حَتَّی یَنْسَی الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ وَ یَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ صُنْعاً وَ لَا یَزَالُ كَذَلِكَ فِی ظَنٍّ وَ رَجَاءٍ وَ غَفْلَةٍ عَمَّا جَاءَهُ مِنَ النَّبَإِ یَعْقِدُ عَلَی نَفْسِهِ الْعَقْدَ وَ یُهْلِكُهُا بِكُلِّ الْجَهْدِ وَ هُوَ فِی مُهْلَةٍ مِنَ اللَّهِ عَلَی عَهْدٍ یَهْوِی مَعَ الْغَافِلِینَ وَ یَغْدُو مَعَ الْمُذْنِبِینَ وَ یُجَادِلُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَسْتَحْسِنُ تَمْوِیهَ الْمُتْرَفِینَ (4) فَهَؤُلَاءِ

ص: 406


1- 1. معانی الأخبار ص 344.
2- 2. تحف العقول ص 154.
3- 3. الصولة: السطوة و القدرة.
4- 4. التمویه. التلبیس و الممزوج من الحق و الباطل. المترف: المتنعم و الذی یترك و یصنع ما یشاء و لا یمنع.

قَوْمٌ شَرَحَتْ قُلُوبُهُمْ بِالشُّبْهَةِ وَ تَطَاوَلُوا عَلَی غَیْرِهِمْ بِالْفِرْیَةِ(1)

وَ حَسِبُوا أَنَّهَا لِلَّهِ قُرْبَةٌ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِالْهَوَی وَ غَیَّرُوا كَلَامَ الْحُكَمَاءِ وَ حَرَّفُوهُ بِجَهْلٍ وَ عَمًی وَ طَلَبُوا بِهِ السُّمْعَةَ وَ الرِّیَاءَ(2) بِلَا سَبِیلٍ قَاصِدَةٍ وَ لَا أَعْلَامٍ جَارِیَةٍ وَ لَا مَنَارٍ مَعْلُومٍ إِلَی أَمَدِهِمْ وَ إِلَی مَنْهَلِهِمْ وَارِدُوهُ (3) وَ حَتَّی إِذَا كَشَفَ اللَّهُ لَهُمْ عَنْ ثَوْبِ سِیَاسَتِهِمْ (4)

وَ اسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَابِیبِ غَفْلَتِهِمْ اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً وَ اسْتَدْبَرُوا مُقْبِلًا فَلَمْ یَنْتَفِعُوا بِمَا أَدْرَكُوا مِنْ أُمْنِیَّتِهِمْ وَ لَا بِمَا نَالُوا مِنْ طَلِبَتِهِمْ وَ لَا مَا قَضَوْا مِنْ وَطَرِهِمْ-(5) وَ صَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَبَالًا

فَصَارُوا یَهْرُبُونَ مِمَّا كَانُوا یَطْلُبُونَ- وَ إِنِّی أُحَذِّرُكُمْ هَذِهِ الْمَزَلَّةَ وَ آمُرُكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ الَّذِی لَا یَنْفَعُ غَیْرُهُ فَلْیَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ صَادِقاً عَلَی مَا یَجُنُّ ضَمِیرُهُ (6)

فَإِنَّمَا الْبَصِیرُ مَنْ سَمِعَ وَ تَفَكَّرَ وَ نَظَرَ وَ أَبْصَرَ وَ انْتَفَعَ بِالْعِبَرِ وَ سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً(7)

یَتَجَنَّبُ فِیهِ الصَّرْعَةَ فِی الْهَوَی وَ یَتَنَكَّبُ طَرِیقَ الْعَمَی وَ لَا یُعِینُ عَلَی فَسَادِ نَفْسِهِ الْغُوَاةَ بِتَعَسُّفٍ فِی حَقٍّ أَوْ تَحْرِیفٍ فِی نُطْقٍ أَوْ تَغْیِیرٍ

ص: 407


1- 1. تطاول علیه: اعتدی و ترفع علیه. و الفریة- بالكسر-: القذف و الكذبة العظیمة التی یتعجب منها.
2- 2. السمعة- بالضم-: ما یسمع، یقال: فعله رئاء و سمعة ای فعله لیراه الناس و یسمعوه.
3- 3. المنار- بالفتح-: ما یجعل فی الطریق للاهتداء. و المنهل: المورد و موضع الشرب علی الطریق و یسمی أیضا المنزل الذی فی المفاوز علی طریق المسافر منهلا لان فیه ماء.
4- 4. فی بعض نسخ المصدر« عن جزاء معصیتهم».
5- 5. الامنیة: البغیة و ما یتمنی. و الطلبة- بالكسر-: اسم من المطالبة- و بالفتح-: المرة. و الوطر- بفتحتین-: الحاجة.
6- 6. أی یستره. فی بعض النسخ« فلینتفع بتقیة ان كان صادقا علی ما یحن ضمیره».
7- 7. الجدد- بفتحتین- الأرض الصلبة المستویة التی یسهل المشی فیها. و یتنكب: عدل و تجنب. و الغواة- بالضم-: جمع غاوی اسم فاعل من غوی. و تعسف فی الحق أو القول: أخذه علی غیر هدایة أو حمله علی معنی لا تكون دلالته علیه ظاهرة.

فِی صِدْقٍ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

قُولُوا مَا قِیلَ لَكُمْ وَ سَلِّمُوا لِمَا رُوِیَ لَكُمْ وَ لَا تَكَلَّفُوا مَا لَمْ تُكَلَّفُوا فَإِنَّمَا تَبِعَتُهُ عَلَیْكُمْ فِیمَا كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ لَفَظَتْ أَلْسِنَتُكُمْ أَوْ سَبَقَتْ إِلَیْهِ غَایَتُكُمْ وَ احْذَرُوا الشُّبْهَةَ فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِلْفِتْنَةِ وَ اقْصِدُوا السُّهُولَةَ وَ اعْمَلُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ وَ اسْتَعْمِلُوا الْخُضُوعَ وَ اسْتَشْعِرُوا الْخَوْفَ وَ الِاسْتِكَانَةَ لِلَّهِ وَ اعْمَلُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّنَاصُفِ وَ التَّبَاذُلِ (1) وَ كَظْمِ الْغَیْظِ فَإِنَّهَا وَصِیَّةُ اللَّهِ- وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّحَاسُدَ وَ الْأَحْقَادَ فَإِنَّهُمَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِیَّةِ- وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ (2) أَیُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا عِلْماً یَقِیناً أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ لِلْعَبْدِ وَ إِنِ اشْتَدَّ جَهْدُهُ وَ عَظُمَتْ حِیلَتُهُ وَ كَثُرَتْ نِكَایَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَ لَهُ فِی الذِّكْرِ الْحَكِیمِ وَ لَمْ یَحُلْ بَیْنَ الْمَرْءِ عَلَی ضَعْفِهِ وَ قِلَّةِ حِیَلَتِهِ وَ بَیْنَ مَا كُتِبَ لَهُ فِی الذِّكْرِ الْحَكِیمِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَنْ یَزْدَادَ امْرُؤٌ نَقِیراً بِحِذْقِهِ (3) وَ لَنْ یَنْتَقِصَ نَقِیراً لِحُمْقِهِ فَالْعَالِمُ بِهَذَا الْعَامِلُ بِهِ أَعْظَمُ النَّاسِ رَاحَةً فِی مَنْفَعَةٍ وَ التَّارِكُ لَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ شُغُلًا فِی مَضَرَّةٍ رُبَّ مُنْعَمٍ عَلَیْهِ فِی نَفْسِهِ مُسْتَدْرَجٌ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ وَ رُبَّ مُبْتَلًی عِنْدَ النَّاسِ مَصْنُوعٌ لَهُ (4)

فَأَفِقْ أَیُّهَا الْمُسْتَمْتِعُ مِنْ سُكْرِكَ (5)

وَ انْتَبِهْ مِنْ غَفْلَتِكَ وَ قَصِّرْ مِنْ عَجَلَتِكَ-(6)

ص: 408


1- 1. التناصف: الإنصاف.
2- 2. سورة الحشر: 18.
3- 3. النقیر: النكتة التی فی ظهر النواة. و المراد بها هنا الحقیر و القلیل من الشی ء و المراد بالذكر الحكیم: اللوح المحفوظ، و لا یكون للإنسان أن ینال من الكرامة فوق ما كتب له فی اللوح المحفوظ.
4- 4. أی لا یغتر المنعم علیه بالنعمة. فربما تكون هذه النعمة استدراجا له من اللّٰه ثمّ یأخذه من حیث لا یشعر. و كذلك لا یقنط المبتلی عند الناس فقد تكون البلوی صنعا من اللّٰه له لیرفع بها مقامه و منزلته.
5- 5. فی بعض النسخ« فافق أیها المستمع من سكرك».
6- 6. أی العجلة فی طلب الدنیا.

وَ تَفَكَّرْ فِیمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِیمَا لَا خُلْفَ فِیهِ وَ لَا مَحِیصَ عَنْهُ وَ لَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ ضَعْ فَخْرَكَ وَ دَعْ كِبْرَكَ وَ أَحْضِرْ ذِهْنَكَ وَ اذْكُرْ قَبْرَكَ وَ مَنْزِلَكَ فَإِنَّ عَلَیْهِ مَمَرَّكَ وَ إِلَیْهِ مَصِیرَكَ وَ كَمَا تَدِینُ تُدَانُ (1)

وَ كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ وَ كَمَا تَصْنَعُ یُصْنَعُ بِكَ وَ مَا قَدَّمْتَ إِلَیْهِ تَقْدَمُ عَلَیْهِ غَداً لَا مَحَالَةَ فَلْیَنْفَعْكَ النَّظَرُ فِیمَا وُعِظْتَ بِهِ- وَ عِ (2) مَا سَمِعْتَ وَ وُعِدْتَ فَقَدِ اكْتَنَفَكَ بِذَلِكَ خَصْلَتَانِ وَ لَا بُدَّ أَنْ تَقُومَ بِأَحَدِهِمَا إِمَّا طَاعَةُ اللَّهِ تَقُومُ لَهَا بِمَا سَمِعْتَ وَ إِمَّا حُجَّةُ اللَّهِ تَقُومُ لَهَا بِمَا عَلِمْتَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ وَ الْجِدَّ الْجِدَّ فَإِنَّهُ لَا یُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِیرٍ إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللَّهِ فِی الذِّكْرِ الْحَكِیمِ (3) الَّتِی لَهَا یَرْضَی وَ لَهَا یَسْخَطُ وَ لَهَا یُثِیبُ وَ عَلَیْهَا یُعَاقِبُ أَنَّهُ لَیْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ إِنْ حَسُنَ قَوْلُهُ وَ زَیَّنَ وَصْفَهُ وَ فَضْلَهُ غَیْرُهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الدُّنْیَا فَلَقِیَ اللَّهَ بِخَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ لَمْ یَتُبْ مِنْهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ فِیمَا افْتَرَضَ عَلَیْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ أَوْ شِفَاءُ غَیْظٍ بِهَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ یُقِرُّ بِعَمَلٍ فَعَمِلَ بِغَیْرِهِ أَوْ یَسْتَنْجِحُ حَاجَةً إِلَی النَّاسِ (4)

بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فِی دِینِهِ أَوْ سَرَّهُ أَنْ یَحْمَدَهُ النَّاسُ بِمَا لَمْ یَفْعَلْ مِنْ خَیْرٍ أَوْ مَشَی فِی النَّاسِ بِوَجْهَیْنِ وَ لِسَانَیْنِ وَ التَّجَبُّرِ وَ الْأُبَّهَةِ وَ اعْلَمْ وَ اعْقِلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمِثْلَ دَلِیلٌ عَلَی شِبْهِهِ إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا وَ إِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا التَّعَدِّی وَ الظُّلْمِ وَ إِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زِینَةُ الدُّنْیَا وَ الْفَسَادُ فِیهَا وَ إِنَّ الْمُؤْمِنِینَ مُشْفِقُونَ مُسْتَكِینُونَ خَائِفُونَ.

ص: 409


1- 1. أی كما تجازی« بصیغة الفاعل» تجازی« بصیغة المفعول» بفعلك و بحسب ما عملت.
2- 2.« ع» أمر من وعی یعی أی احفظ.
3- 3. العزائم جمع: عزیمة و عزیمة اللّٰه: فریضته التی افترضها.
4- 4. فی بعض النسخ« حاجته». و یستنجح: سأل أن یقضوها له. و التجبر: التكبر و الابهة: النخوة.

«39»- مَوْعِظَتُهُ علیه السلام: وَ وَصْفُهُ الْمُقَصِّرِینَ (1)

لَا تَكُنْ مِمَّنْ یَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ یَرْجُو التَّوْبَةَ(2)

بِطُولِ الْأَمَلِ یَقُولُ فِی الدُّنْیَا قَوْلَ الزَّاهِدِینَ وَ یَعْمَلُ فِیهَا عَمَلَ الرَّاغِبِینَ إِنْ أُعْطِیَ مِنْهَا لَمْ یَشْبَعْ وَ إِنْ مُنِعَ لَمْ یَقْنَعْ یَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِیَ وَ یَبْتَغِی الزِّیَادَةَ فِیمَا بَقِیَ یَنْهَی النَّاسَ وَ لَا یَنْتَهِی وَ یَأْمُرُ النَّاسَ مَا لَا یَأْتِی یُحِبُّ الصَّالِحِینَ وَ لَا یَعْمَلُ بِأَعْمَالِهِمْ وَ یُبْغِضُ الْمُسِیئِینَ وَ هُوَ مِنْهُمْ وَ یَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ سَیِّئَاتِهِ وَ لَا یَدَعُهَا فِی حَیَاتِهِ یَقُولُ كَمْ أَعْمَلُ فَأَتَعَنَّی (3)

أَ لَا أَجْلِسُ فَأَتَمَنَّی فَهُوَ یَتَمَنَّی الْمَغْفِرَةَ وَ یَدْأَبُ فِی الْمَعْصِیَةِ(4) وَ قَدْ عُمِّرَ مَا یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ یَقُولُ فِیمَا ذَهَبَ لَوْ كُنْتُ عَمِلْتُ وَ نَصِبْتُ لَكَانَ خَیْراً لِی وَ یُضَیِّعُهُ غَیْرَ مُكْتَرِثٍ لَاهِیاً(5)

إِنْ سَقِمَ نَدِمَ عَلَی التَّفْرِیطِ فِی الْعَمَلِ وَ إِنْ صَحَّ أَمِنَ مُغْتَرّاً یُؤَخِّرُ الْعَمَلَ- تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مَا عُوفِیَ (6)

وَ یَقْنَطُ إِذَا ابْتُلِیَ تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَی مَا یَظُنُّ وَ لَا یَغْلِبُهَا عَلَی مَا یَسْتَیْقِنُ (7) لَا یَقْنَعُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا قُسِمَ لَهُ وَ لَا یَثِقُ مِنْهُ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَهُ وَ لَا یَعْمَلُ بِمَا فُرِضَ عَلَیْهِ فَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِی شَكٍّ إِنِ اسْتَغْنَی بَطِرَ وَ فُتِنَ (8) وَ إِنِ افْتَقَرَ قَنِطَ وَ وَهَنَ فَهُوَ

ص: 410


1- 1. التحف ص 157.
2- 2. و فی النهج« و یرجئ التوبة» أی یؤخر التوبة.
3- 3. فی بعض النسخ« لم اعمل». و أتعنی: أتعب نفسی من العناء أی العناء أی القیت نفسی فی التعب و المشقة.
4- 4. یدأب: یستمر و یجد فی المعصیة.
5- 5. نصبت: اجتهدت و اتعبت فیه. و« غیر مكترث لاهیا» أی لا یعبأ به و لا یبالیه.
6- 6. أی ما دام فی العافیة.
7- 7. یعمل بالظن فی اعمال الدنیا و لا یعمل للآخرة بالیقین. و هو علی یقین من ان السعادة و الشرف فی الفضیلة و الزهد فی الدنیا و لا یكتسبهما و لكن إذا ظنّ و توهم لذة حاضرة و شهوة عاجلة بادر إلیها.
8- 8. بطر أی اغتر بالنعمة ففتن.

مِنَ الذَّنْبِ وَ النِّعْمَةِ مُوَفَّرٌ(1) وَ یَبْتَغِی الزِّیَادَةَ وَ لَا یَشْكُرُ وَ یَتَكَلَّفُ مِنَ النَّاسِ مَا لَا یَعْنِیهِ وَ یَضَعُ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ أَكْثَرُ- إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ وَاقَعَهَا بِاتِّكَالٍ عَلَی التَّوْبَةِ وَ هُوَ لَا یَدْرِی كَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ- لَا تُغْنِیهِ رَغْبَتُهُ وَ لَا تَمْنَعُهُ رَهْبَتُهُ ثُمَّ یُبَالِغُ فِی الْمَسْأَلَةِ حِینَ یَسْأَلُ وَ یُقَصِّرُ فِی الْعَمَلِ فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌ (2)

وَ مِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ یَرْجُو نَفْعَ عَمَلٍ مَا لَمْ یَعْمَلْهُ وَ یَأْمَنُ عِقَابَ جُرْمٍ قَدْ عَمِلَهُ یُبَادِرُ مِنَ الدُّنْیَا إِلَی مَا یَفْنَی وَ یَدَعُ جَاهِداً مَا یَبْقَی (3) وَ هُوَ یَخْشَی الْمَوْتَ وَ لَا یَخَافُ الْفَوْتَ یَسْتَكْثِرُ مِنْ مَعْصِیَةِ غَیْرِهِ مَا یَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ یَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا یَحْتَقِرُ مِنْ غَیْرِهِ یَخَافُ عَلَی غَیْرِهِ بِأَدْنَی مِنْ ذَنْبِهِ وَ یَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَدْنَی مِنْ عَمَلِهِ- فَهُوَ عَلَی النَّاسِ طَاعِنٌ وَ لِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ یُؤَدِّی الْأَمَانَةَ مَا عُوفِیَ وَ أُرْضِیَ وَ الْخِیَانَةَ إِذَا سَخِطَ وَ ابْتُلِیَ إِذَا عُوفِیَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ تَابَ وَ إِنِ ابْتُلِیَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ عُوقِبَ یُؤَخِّرُ الصَّوْمَ وَ یُعَجِّلُ النَّوْمَ- لَا یَبِیتُ قَائِماً وَ لَا یُصْبِحُ صَائِماً یُصْبِحُ وَ هِمَّتُهُ الصُّبْحُ وَ لَمْ یَسْهَرْ(4) وَ یُمْسِی وَ هِمَّتُهُ الْعَشَاءُ وَ هُوَ مُفْطِرٌ یَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ وَ لَا یَتَعَوَّذُ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ یُنْصِبُ النَّاسَ لِنَفْسِهِ وَ لَا یُنْصِبُ نَفْسَهُ لِرَبِّهِ النَّوْمُ مَعَ الْأَغْنِیَاءِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الرُّكُوعِ مَعَ الضُّعَفَاءِ یَغْضَبُ مِنَ الْیَسِیرِ وَ یَعْصِی فِی الْكَثِیرِ یَعْزِفُ لِنَفْسِهِ عَلَی غَیْرِهِ (5) وَ لَا یَعْزِفُ عَلَیْهَا لِغَیْرِهِ- فَهُوَ یُحِبُّ أَنْ یُطَاعَ وَ لَا یُعْصَی وَ یَسْتَوْفِیَ وَ لَا یُوفِیَ یُرْشِدُ غَیْرَهُ وَ یُغْوِی نَفْسَهُ وَ یَخْشَی الْخَلْقَ فِی غَیْرِ رَبِّهِ وَ لَا یَخْشَی رَبَّهُ فِی خَلْقِهِ یَعْرِفُ مَا أُنْكِرَ وَ یُنْكِرُ مَا عُرِفَ وَ لَا یَحْمَدُ رَبَّهُ عَلَی نِعَمِهِ وَ لَا یَشْكُرُهُ عَلَی مَزِیدٍ- وَ لَا یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَا یَنْهَی عَنْ مُنْكَرٍ فَهُوَ دَهْرَهُ فِی لَبْسٍ (6) إِنْ مَرِضَ أَخْلَصَ وَ تَابَ وَ إِنْ عُوفِیَ

ص: 411


1- 1. أی و لا ینقص منهما شیئا من وفره ای كثره و جعله وفرا أی كثیرا.
2- 2. یقال: ادل علی فلان أی أخذه من فوقه و استعلی علیه.
3- 3. یبادر فی الدنیا الی ما كان یفنی و یترك ما یبقی من الاعمال التی كانت للآخرة، و مع أنه یخشی من الموت لا یخاف الفوت، و فی النهج« یخشی الموت و لا یبادر الفوت».
4- 4. و لم یسهر أی ینام اللیل كله و السهر- بالتحریك-: عدم النوم فی اللیل.
5- 5. یعزف: یزهد و یمنع.
6- 6. أی كان فی مدة عمره الذی یعیش فی خلط و اشتباه.

قَسَا وَ عَادَ(1)

فَهُوَ أَبَداً عَلَیْهِ وَ لَا لَهُ- لَا یَدْرِی عَمَلَهُ إِلَی مَا یُؤَدِّیهِ إِلَیْهِ حَتَّی مَتَی وَ إِلَی مَتَی (2) اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْكَ عَلَی حَذَرٍ احْفَظْ وَ عِ انْصَرِفْ إِذَا شِئْتَ.

«38»- وَصِیَّتُهُ علیه السلام لِكُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ(3) یَا كُمَیْلُ سَمِّ كُلَّ یَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ وَ قُلْ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ وَ اذْكُرْنَا وَ سَمِّ بِأَسْمَائِنَا وَ صَلِّ عَلَیْنَا وَ أَدِرْ بِذَلِكَ عَلَی نَفْسِكَ (4)

وَ مَا تَحُوطُهُ عِنَایَتُكَ وَ تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْیَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

یَا كُمَیْلُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَدَّبَهُ اللَّهُ وَ هُوَ علیه السلام أَدَّبَنِی وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أُوَرِّثُ الْآدَابَ الْمُكَرَّمِینَ یَا كُمَیْلُ مَا مِنْ عِلْمٍ إِلَّا وَ أَنَا أَفْتَحُهُ وَ مَا مِنَ سِرٍّ إِلَّا وَ الْقَائِمُ علیه السلام یَخْتِمُهُ.

یَا كُمَیْلُ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ .

یَا كُمَیْلُ لَا تَأْخُذْ إِلَّا عَنَّا تَكُنْ مِنَّا.

یَا كُمَیْلُ مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلَّا وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فِیهَا إِلَی مَعْرِفَةٍ.

یَا كُمَیْلُ إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ الَّذِی لَا یَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ وَ فِیهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ الْأَسْوَاءِ.

یَا كُمَیْلُ وَ آكِلِ الطَّعَامَ وَ لَا تَبْخَلْ عَلَیْهِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرْزُقَ النَّاسَ شَیْئاً وَ اللَّهُ یُجْزِلُ لَكَ الثَّوَابَ بِذَلِكَ أَحْسِنْ عَلَیْهِ خُلُقَكَ وَ ابْسُطْ جَلِیسَكَ وَ لَا تَتَّهِمْ خَادِمَكَ (5) یَا كُمَیْلُ إِذَا أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِیَسْتَوْفِیَ مَنْ مَعَكَ وَ یُرْزَقَ مِنْهُ غَیْرُكَ یَا كُمَیْلُ إِذَا اسْتَوْفَیْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلَی مَا رَزَقَكَ وَ ارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ

ص: 412


1- 1. فی بعض النسخ:« نسی».
2- 2. كذا فی النسخ. و هو استفهام توبیخی.
3- 3. التحف ص 171.
4- 4.« ادر» أمر من أدار الشی ء یدیره. تحوطه ای تحفظه و تعهده عنایتك.
5- 5. بسط الرجل-: جرأه و سره، و فی بعض النسخ« و لا تنهرن خادمك».

یَحْمَدْهُ سِوَاكَ فَیَعْظُمُ بِذَلِكَ أَجْرُكَ یَا كُمَیْلُ لَا تُوقِرَنَّ مَعِدَتَكَ طَعَاماً(1)

وَ دَعْ فِیهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً وَ لِلرِّیحِ مَجَالًا وَ لَا تَرْفَعْ یَدَكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا وَ أَنْتَ تَشْتَهِیهِ فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ (2) فَإِنَّ صِحَّةَ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَ قِلَّةِ الْمَاءِ- یَا كُمَیْلُ الْبَرَكَةُ فِی مَالِ مَنْ آتَی الزَّكَاةَ وَ وَاسَی الْمُؤْمِنِینَ وَ وَصَلَ الْأَقْرَبِینَ (3)

یَا كُمَیْلُ زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلَی مَا تُعْطِی سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كُنْ بِهِمْ أَرْأَفَ وَ عَلَیْهِمْ أَعْطَفَ وَ تَصَدَّقْ عَلَی الْمَسَاكِینِ یَا كُمَیْلُ لَا تَرُدَّ سَائِلًا وَ لَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ- یَا كُمَیْلُ أَحْسَنُ حِلْیَةِ الْمُؤْمِنِ التَّوَاضُعُ وَ جَمَالُهُ التَّعَفُّفُ وَ شَرَفُهُ التَّفَقُّهُ وَ عِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَ الْقِیلِ (4)

یَا كُمَیْلُ فِی كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ فَإِیَّاكَ وَ مُنَاظَرَةَ الْخَسِیسِ مِنْهُمْ وَ إِنْ أَسْمَعُوكَ وَ احْتَمِلْ وَ كُنْ مِنَ الَّذِینَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ- وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ

قالُوا سَلاماً(5) یَا كُمَیْلُ قُلِ الْحَقَّ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ وَادِّ الْمُتَّقِینَ وَ اهْجُرِ الْفَاسِقِینَ وَ جَانِبِ الْمُنَافِقِینَ وَ لَا تُصَاحِبِ الْخَائِنِینَ- یَا كُمَیْلُ لَا تَطْرُقْ أَبْوَابَ الظَّالِمِینَ (6)

لِلِاخْتِلَاطِ بِهِمْ وَ الِاكْتِسَابِ مَعَهُمْ وَ إِیَّاكَ

ص: 413


1- 1.« لا توقرن» أی لا تثقلن معدتك من الطعام. و فی بعض النسخ« توفرن».
2- 2. استمرأ الطعام: استطیبه و وجده مریئا.
3- 3. واسی المؤمنین: عاونهم.
4- 4. القال و القیل- مصدران-: ما یقوله الناس. و قیل: القال الابتداء و السؤال و الثانی الجواب.
5- 5. سورة الفرقان: 64.
6- 6. لا تطرق أی لا تقرع. و أطرق الرجل: سكت و لم یتكلم و بمعنی أرخی عینیه ینظر الی الأرض.

أَنْ تُعَظِّمَهُمْ وَ أَنْ تَشْهَدَ فِی مَجَالِسِهِمْ بِمَا یُسْخِطُ اللَّهَ عَلَیْكَ وَ إِنِ اضْطَرَرْتَ إِلَی حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَ التَّوَكُّلَ عَلَیْهِ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِهِمْ وَ أَطْرِقْ عَنْهُمْ وَ أَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ وَ اجْهَرْ بِتَعْظِیمِ اللَّهِ لِتُسْمِعَهُمْ فَإِنَّكَ بِهَا تُؤَیَّدُ وَ تُكْفَی شَرَّهُمْ یَا كُمَیْلُ إِنَّ أَحَبَّ مَا امْتَثَلَهُ الْعِبَادُ إِلَی اللَّهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَ بِأَوْلِیَائِهِ التَّعَفُّفُ وَ التَّحَمُّلُ وَ الِاصْطِبَارُ یَا كُمَیْلُ لَا تری [تُرِ] النَّاسَ إِقْتَارَكَ وَ اصْبِرْ عَلَیْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَ تَسَتُّرٍ- یَا كُمَیْلُ لَا بَأْسَ أَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ وَ مَنْ أَخُوكَ أَخُوكَ الَّذِی لَا یَخْذُلُكَ عِنْدَ الشَّدِیدَةِ وَ لَا یَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَرِیرَةِ(1) وَ لَا یَدَعُكَ حَتَّی تَسْأَلَهُ وَ لَا یَذَرُكَ وَ أَمْرَكَ حَتَّی تُعْلِمَهُ فَإِنْ كَانَ مُمِیلًا أَصْلَحَهُ (2) یَا كُمَیْلُ الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّهُ یَتَأَمَّلُهُ فَیَسُدُّ فَاقَتَهُ وَ یُجْمِلُ حَالَتَهُ یَا كُمَیْلُ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَ لَا شَیْ ءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخِیهِ (3) یَا كُمَیْلُ إِنْ لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ قَصَّرَ عَنَّا وَ مَنْ قَصَّرَ عَنَّا لَمْ یَلْحَقْ بِنَا وَ مَنْ لَمْ یَكُنْ مَعَنَا فَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ یَا كُمَیْلُ كُلُّ مَصْدُورٍ یَنْفُثُ (4) فَمَنْ نَفَثَ إِلَیْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ فَإِیَّاكَ أَنْ تُبْدِیَهُ وَ لَیْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ وَ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصِیرُ إِلَی لَظَی-(5)

ص: 414


1- 1. الجریرة: الجنایة، لانها تجر العقوبة الی الجانی. و لا یذرك أی لا یدعك. قیل: و لا فعل منه بهذا المعنی الا المضارع و الامر.
2- 2. الممیل- اسم فاعل من أمال-: صاحب ثروة كثیرة و مال كثیر.
3- 3. أی أقدم و أكرم.
4- 4. المصدور: الذی یشتكی من صدره. و ینفث المصدور أی رمی بالنفاثة. و المراد ان من ملاء صدره من محبتنا و أمرنا لا یمكن له أن یقیها و لا یبرزها فإذا أبرزها و أمرك بسترها فاسترها و فی بعض النسخ« مصدود».
5- 5. اللظی: النار و لهبها.

یَا كُمَیْلُ إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ- لَا یُقْبَلُ مِنْهَا وَ لَا یُحْتَمَلُ أَحَدٌ عَلَیْهَا وَ مَا قَالُوهُ فَلَا تُعْلِمْ إِلَّا مُؤْمِناً مُوَفَّقاً(1)

[مُوقِناً]- یَا كُمَیْلُ قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تُكْفَهَا وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَزْدَدْ مِنْهَا وَ إِذَا أَبْطَأَتِ الْأَرْزَاقُ

عَلَیْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ یُوَسِّعْ عَلَیْكَ فِیهَا- یَا كُمَیْلُ انْجُ بِوَلَایَتِنَا مِنْ أَنْ یَشْرَكَكَ الشَّیْطَانُ فِی مَالِكَ وَ وَلَدِكَ یَا كُمَیْلُ إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ (2)

فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعِینَ وَ إِنَّمَا یَسْتَحِقُّ أَنْ یَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتِی لَا تُخْرِجُكَ إِلَی عِوَجٍ (3) وَ لَا تُزِیلُكَ عَنْ مَنْهَجٍ یَا كُمَیْلُ لَا رُخْصَةَ فِی فَرْضٍ وَ لَا شِدَّةَ فِی نَافِلَةٍ یَا كُمَیْلُ إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ وَ غَفْلَتُكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ وَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَیْكَ أَكْثَرُ مِنْ عَمَلِكَ یَا كُمَیْلُ إِنَّكَ لَا تَخْلُو مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَ عَافِیَتِهِ إِیَّاكَ فَلَا تَخْلُ مِنْ تَحْمِیدِهِ وَ تَمْجِیدِهِ وَ تَسْبِیحِهِ وَ تَقْدِیسِهِ وَ شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ- یَا كُمَیْلُ لَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ- نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ (4) وَ نَسَبَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ فَهُمْ فَاسِقُونَ یَا كُمَیْلُ لَیْسَ الشَّأْنَ أَنْ تُصَلِّیَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِقَلْبٍ نَقِیٍّ وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِیٍّ وَ خُشُوعٍ سَوِیٍّ وَ انْظُرْ فِیمَا تُصَلِّی وَ عَلَی مَا تُصَلِّی إِنْ لَمْ یَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلَا قَبُولَ.

ص: 415


1- 1. فی بعض النسخ« تعلمه الا مؤمنا موفقا». و فی بعضها« فلا یعلمه الا مؤمنا موفقا». و كذا فی بشارة المصطفی.
2- 2. یعنی به الایمان فانه مستقر و مستودع.
3- 3. العوج- بكسر العین- للمعانی، و- بفتحها- للأشیاء.
4- 4. سورة الحشر: 19.

یَا كُمَیْلُ اللِّسَانُ یَنْزَحُ الْقَلْبَ (1) وَ الْقَلْبُ یَقُومُ بِالْغِذَاءِ فَانْظُرْ فِیمَا تُغَذِّی قَلْبَكَ وَ جِسْمَكَ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ حَلَالًا لَمْ یَقْبَلِ اللَّهُ تَسْبِیحَكَ وَ لَا شُكْرَكَ یَا كُمَیْلُ افْهَمْ وَ اعْلَمْ أَنَّا لَا نُرَخِّصُ فِی تَرْكِ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فَمَنْ رَوَی عَنِّی فِی ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَ أَثِمَ وَ جَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ أُقْسِمُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِی قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلَاثاً یَا أَبَا الْحَسَنِ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ إِلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فِیمَا جَلَّ وَ قَلَّ حَتَّی الْخَیْطِ وَ الْمِخْیَطِ- یَا كُمَیْلُ لَا غَزْوَ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ لَا نَفَلَ إِلَّا مِنْ إِمَامٍ فَاضِلٍ (2)

یَا كُمَیْلُ لَوْ لَمْ یَظْهَرْ نَبِیٌّ وَ كَانَ فِی الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِیٌّ لَكَانَ فِی دُعَائِهِ إِلَی اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصِیباً بَلْ وَ اللَّهِ مُخْطِئاً حَتَّی یَنْصِبَهُ اللَّهُ لِذَلِكَ وَ یُؤَهِّلَهُ لَهُ یَا كُمَیْلُ الدِّینُ لِلَّهِ فَلَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ الْقِیَامَ بِهِ إِلَّا رَسُولًا أَوْ نَبِیّاً أَوْ وَصِیّاً یَا كُمَیْلُ هِیَ نُبُوَّةٌ وَ رِسَالَةٌ وَ إِمَامَةٌ وَ لَیْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا مُوَالِینَ مُتَّبِعِینَ أَوْ عَامِهِینَ مُبْتَدِعِینَ- إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (3) یَا كُمَیْلُ إِنَّ اللَّهَ كَرِیمٌ حَلِیمٌ عَظِیمٌ رَحِیمٌ دَلَّنَا عَلَی أَخْلَاقِهِ وَ أَمَرَنَا بِالْأَخْذِ بِهَا وَ حَمْلِ النَّاسِ عَلَیْهَا فَقَدْ أَدَّیْنَاهَا غَیْرَ مُتَخَلِّفِینَ وَ أَرْسَلْنَاهَا غَیْرَ مُنَافِقِینَ وَ صَدَّقْنَاهَا غَیْرَ مُكَذِّبِینَ وَ قَبِلْنَاهَا غَیْرَ مُرْتَابِینَ یَا كُمَیْلُ لَسْتُ وَ اللَّهِ مُتَمَلِّقاً حَتَّی أُطَاعَ وَ لَا مُمَنِّیاً(4)

حَتَّی لَا أُعْصَی وَ لَا مَائِراً(5) لِطَعَامِ الْأَعْرَابِ حَتَّی أُنْحَلَ (6) إِمْرَةَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أُدْعَی بِهَا.

ص: 416


1- 1. فی المصباح نزحت البئر من باب نفع نزوحا استقیت ماءها كله. و فی بعض بالنسخ و بشارة المصطفی« یبوح من القلب».
2- 2. النفل- محركة- الغنیمة.
3- 3. أی ما یقوم به النبیّ و الرسول و الامام. و عمه أی تحیر فی طریقه. و فی بعض النسخ« ضالین مبتدعین». و فی بشارة المصطفی« الا متولین و متغلبین و ضالین و معتدین».
4- 4. فی بشارة المصطفی« ممنا».
5- 5. ما یره أتی بالمیرة و هی الطعام الذی یدخر.
6- 6. أنحل فلانا شیئا: أعطاه إیّاه و خصه به. و فی بشارة المصطفی« حتی انتحل».

یَا كُمَیْلُ إِنَّمَا حَظِیَ مَنْ حَظِیَ بِدُنْیَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ وَ نَحْظَی بِآخِرَةٍ بَاقِیَةٍ ثَابِتَةٍ یَا كُمَیْلُ إِنَّ كُلًّا یَصِیرُ إِلَی الْآخِرَةِ وَ الَّذِی نَرْغَبُ فِیهِ مِنْهَا رِضَی اللَّهِ وَ الدَّرَجَاتُ الْعُلَی مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِی یُورِثُهَا مَنْ كانَ تَقِیًّا یَا كُمَیْلُ مَنْ لَا یَسْكُنُ الْجَنَّةَ فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِیمٍ وَ خِزْیٍ مُقِیمٍ یَا كُمَیْلُ أَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی تَوْفِیقِهِ وَ عَلَی كُلِّ حَالٍ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ.

«39»- شا(1)،[الإرشاد]: مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا اشْتُهِرَ بَیْنَ الْعُلَمَاءِ وَ حَفِظَهُ ذَوُو الْفَهْمِ وَ الْحُكَمَاءُ أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْیَوْمَ وَ غَداً السِّبَاقَ وَ السُّبْقَةُ الْجَنَّةُ وَ الْغَایَةُ النَّارُ أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِی أَیَّامِ مَهَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ یَحُثُّهُ عَجَلٌ فَمَنْ أَخْلَصَ اللّٰه [لِلَّهِ] عَمَلَهُ لَمْ یَضُرَّهُ أَمَلُهُ وَ مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ فِی أَیَّامِ مَهَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُهُ وَ ضَرَّهُ أَمَلُهُ- أَلَا فَاعْمَلُوا فِی الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَغْبَةٌ فَاشْكُرُوا اللَّهَ وَ أَجْمِعُوا مَعَهَا رَهْبَةً وَ إِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَهْبَةٌ فَاذْكُرُوا اللَّهَ وَ أَجْمِعُوا مَعَهَا رَغْبَةً فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَأَذَّنَ لِلْمُحْسِنِینَ بِالْحُسْنَی وَ لِمَنْ شَكَرَهُ بِالزِّیَادَةِ وَ لَا كَسْبَ خَیْرٌ مِنْ كَسْبٍ لِیَوْمٍ تَدَّخِرُ فِیهِ الذَّخَائِرُ وَ تُجْمَعُ فِیهِ الْكَبَائِرُ وَ تُبْلَی فِیهِ السَّرَائِرُ وَ إِنِّی لَمْ أَرَ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لَا مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا- أَلَا وَ إِنَّهُ مَنْ لَا یَنْفَعُهُ الْیَقِینُ یَضُرُّهُ الشَّكُّ وَ مَنْ لَا یَنْفَعُهُ حَاضِرُ لُبِّهِ وَ رَأْیِهِ فَغَائِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ- أَلَا وَ إِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ وَ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمُ اثْنَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَی یَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ طُولَ الْأَمَلِ یَنْسَی الْآخِرَةَ- أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا فَإِنَّ الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ.

ص: 417


1- 1. إرشاد المفید ص 113.

«40»- شا(1)،[الإرشاد]: وَ مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ قَوْلُهُ خُذُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ أَسْرَارُكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ قَبْلَ أَنْ یَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَلِلْآخِرَةِ خُلِقْتُمْ وَ فِی الدُّنْیَا حُبِسْتُمْ إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ وَ قَالَ النَّاسُ مَا خَلَّفَ فَلِلَّهِ آبَاؤُكُمْ قَدِّمُوا بَعْضاً یَكُنْ لَكُمْ وَ لَا تُخَلِّفُوا كُلًّا فَیَكُنْ عَلَیْكُمْ فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا مَثَلُ السَّمِّ یَأْكُلُهُ مَنْ لَا یَعْرِفُهُ.

وَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ علیه السلام: لَا حَیَاةَ إِلَّا بِالدِّینِ وَ لَا مَوْتَ إِلَّا بِجُحُودِ الْیَقِینِ فَاشْرَبُوا مِنَ الْعَذْبِ الْفُرَاتِ یُنَبِّهُكُمْ مِنْ نَوْمَةِ السُّبَاتِ وَ إِیَّاكُمْ وَ السَّمَائِمَ الْمُهْلِكَاتِ.

وَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ علیه السلام: الدُّنْیَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ عَرَفَهَا وَ مِضْمَارُ الْخَلَاصِ لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا فِی مَهْبِطِ وَحْیِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَائِهِ اتَّجِرُوا تَرْبَحُوا الْجَنَّةَ.

وَ مِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ علیه السلام لِرَجُلٍ سَمِعَهُ یَذُمُّ الدُّنْیَا مِنْ غَیْرِ مَعْرِفَةٍ لِمَا یَجِبُ أَنْ یَقُولَ فِی مَعْنَاهَا الدُّنْیَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًی لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا مَسْجِدُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْیِهِ وَ مُصَلَّی مَلَائِكَتِهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَائِهِ اكْتَسَبُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا فِیهَا الْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا یَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بَیْنَهَا وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا فَشَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ وَ حَذَّرَتْ بِبَلَائِهَا إِلَی الْبَلَاءِ تَخْوِیفاً وَ تَحْذِیراً وَ تَرْغِیباً وَ تَرْهِیباً- فَیَا أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا وَ الْمُغْتَرُّ بِتَغْرِیرِهَا مَتَی غَرَّتْكَ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَی أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَی كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّیْكَ وَ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ تَبْتَغِی لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ وَ تَلْتَمِسُ لَهُمُ الدَّوَاءَ لَمْ تَنْفَعْهُمْ بِطَلِبَتِكَ وَ لَمْ تَشْفَعْهُمْ بِشَفَاعَتِكَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ الدُّنْیَا بِهِمْ مَصْرَعَكَ وَ مَضْجَعَكَ حَیْثُ لَا یَنْفَعُكَ بُكَاؤُكَ وَ لَا تُغْنِی عَنْكَ أَحِبَّاؤُكَ.

وَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ خُذُوا عَنِّی خَمْساً فَوَ اللَّهِ لَوْ رَحَلْتُمُ الْمَطِیَّ فِیهَا لَأَنْضَیْتُمُوهَا-(2) قَبْلَ أَنْ تَجِدُوا مِثْلَهَا- لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ

ص: 418


1- 1. إرشاد المفید ص 140.
2- 2. أنضیتم الظهر أی أهزلتموه.

وَ لَا یَسْتَحْیِیَنَّ الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ اللَّهُ یَعْلَمُ الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ.

وَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ علیه السلام: كُلُّ قَوْلٍ لَیْسَ لِلَّهِ فِیهِ ذِكْرٌ فَلَغْوٌ وَ كُلُّ صَمْتٍ لَیْسَ فِیهِ فِكْرٌ فَسَهْوٌ وَ كُلُّ نَظَرٍ لَیْسَ فِیهِ اعْتِبَارٌ فَلَهْوٌ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: لَیْسَ مَنِ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا كَمَنْ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ سَبَقَ إِلَی الظِّلِّ ضَحَا وَ مَنْ سَبَقَ إِلَی الْمَاءِ ظَمِئَ.

وَ قَوْلُهُ: حُسْنُ الْأَدَبِ یَنُوبُ عَنِ الْحَسَبِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الزَّاهِدُ فِی الدُّنْیَا كُلَّمَا ازْدَادَتْ لَهُ تَجَلِّیاً ازْدَادَتْ عَنْهُ تَوَلِّیاً.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الْمَوَدَّةُ أَشْبَكُ الْأَنْسَابِ وَ الْعِلْمُ أَشْرَفُ الْأَحْسَابِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: إِنْ یَكُنِ الشُّغُلُ مَجْهَدَةً فَاتِّصَالُ الْفَرَاغِ مَفْسَدَةٌ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ بَالَغَ فِی الْخُصُومَةِ أَثِمَ وَ مَنْ قَصَّرَ فِیهَا خُصِمَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الْعَفْوُ یُفْسِدُ مِنَ اللَّئِیمِ بِقَدْرِ إِصْلَاحِهِ مِنَ الْكَرِیمِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ أَحَبَّ الْمَكَارِمَ اجْتَنَبَ الْمَحَارِمَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ حَسُنَتْ بِهِ الظُّنُونُ رَمَقَتْهُ الرِّجَالُ بِالْعُیُونِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: غَایَةُ الْجُودِ أَنْ تُعْطِیَ مِنْ نَفْسِكَ الْمَجْهُودَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَا بَعُدَ كَائِنٌ وَ لَا قَرُبَ بَائِنٌ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: جَهْلُ الْمَرْءِ بِعُیُوبِهِ مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِهِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: تَمَامُ الْعَفَافِ الرِّضَا بِالْكَفَافِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: أَتَمُّ الْجُودِ ابْتِنَاءُ الْمَكَارِمِ وَ احْتِمَالُ الْمَغَارِمِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: أَظْهَرُ الْكَرَمِ صِدْقُ الْإِخَاءِ فِی الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الْفَاجِرُ إِنْ سَخِطَ ثَلَبَ وَ إِنْ رَضِیَ كَذَبَ وَ إِنْ طَمِعَ خَلَبَ (1).

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ لَمْ یَكُنْ أَكْثَرُ مَا فِیهِ عَقْلَهُ كَانَ بِأَكْثَرِ مَا فِیهِ قَتْلُهُ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: احْتَمِلْ زَلَّةَ وَلِیِّكَ لِوَقْتِ وَثْبَةِ عَدُوِّكَ.

ص: 419


1- 1. ثلبه ثلبا: لامه و ذكر معایبه، و خلب أی خدع.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: حُسْنُ الِاعْتِرَافِ یَهْدِمُ الِاقْتِرَافَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: لَمْ یَضِعْ مِنْ مَالِكَ مَا بَصَّرَكَ صَلَاحَ حَالِكَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الْقَصْدُ أَسْهَلُ مِنَ التَّعَسُّفِ وَ الْكَفُّ أَدْرَعُ مِنَ التَّكَلُّفِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: شَرُّ الزَّادِ إِلَی الْمَعَادِ احْتِقَابُ ظُلْمِ الْعِبَادِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: لَا نَفَادَ لِفَائِدَةٍ إِذَا شُكِرَتْ وَ لَا بَقَاءَ لِنِعْمَةٍ إِذَا كُفِرَتْ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الدَّهْرُ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ فَإِنْ كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ وَ إِنْ كَانَ عَلَیْكَ فَاصْبِرْ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: رُبَّ عَزِیزٍ أَذَلَّهُ خُلُقُهُ وَ ذَلِیلٍ أَعَزَّهُ خُلُقُهُ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ لَمْ یُجَرِّبِ الْأُمُورَ خَدَعَ وَ مَنْ صَارَعَ الْحَقَّ صَرَعَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: لَوْ عُرِفَ الْأَجَلُ قَصُرَ الْأَمَلُ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الشُّكْرُ زِینَةُ الْغِنَی وَ الصَّبْرُ زِینَةُ الْبَلْوَی.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: قِیمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا یُحْسِنُونَ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: الْمَرْءُ مَخْبُوٌّ تَحْتَ لِسَانِهِ (1).

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ شَاوَرَ ذَوِی الْأَلْبَابِ دُلَّ عَلَی الصَّوَابِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ قَنَعَ بِالْیَسِیرِ اسْتَغْنَی عَنِ الْكَثِیرِ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَغْنِ بِالْكَثِیرِ افْتَقَرَ إِلَی الْحَقِیرِ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ صَحَّتْ عُرُوقُهُ أَثْمَرَتْ فُرُوعُهُ.

وَ قَوْلُهُ علیه السلام: مَنْ أَمَّلَ إِنْسَاناً هَابَهُ وَ مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَیْ ءٍ عَابَهُ.

وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفْسِهِ فِی تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ كَسِلَ لَمْ یُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ عَلَیْهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَفْضَلُ الْعِبَادِةِ الصَّبْرُ وَ الصَّمْتُ وَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الصَّبْرُ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَصَبْرٌ عَلَی الْمُصِیبَةِ وَ صَبْرٌ عَنِ الْمَعْصِیَةِ

ص: 420


1- 1. أی مستور حاله فی سكوته فإذا تكلم ظهر مقداره و عقله.

وَ صَبْرٌ عَلَی الطَّاعَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْحِلْمُ وَزِیرُ الْمُؤْمِنِ وَ الْعِلْمُ خَلِیلُهُ وَ الرِّفْقُ أَخُوهُ وَ الْبِرُّ وَالِدُهُ وَ الصَّبْرُ أَمِیرُ جُنُودِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: ثَلَاثَةٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ كِتْمَانُ الصَّدَقَةِ وَ كِتْمَانُ الْمُصِیبَةِ وَ كِتْمَانُ الْمَرَضِ.

وَ قَالَ علیه السلام: احْتَجْ إِلَی مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِیرَهُ وَ اسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِیرَهُ وَ أَفْضِلْ عَلَی مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِیرَهُ.

وَ كَانَ یَقُولُ علیه السلام: لَا غِنَی مَعَ فُجُورٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدَّةَ لِمَلُولٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: لِأَحْنَفَ بْنِ قَیْسٍ السَّاكِتُ أَخُو الرَّاضِی وَ مَنْ لَمْ یَكُنْ مَعَنَا كَانَ عَلَیْنَا.

وَ قَالَ علیه السلام: الْجُودُ مِنْ كَرَمِ الطَّبِیعَةِ وَ الْمَنُّ مَفْسَدَةٌ لِلصَّنِیعَةِ.

وَ قَالَ علیه السلام: تَرْكُ التَّعَاهُدِ لِلصَّدِیقِ دَاعِیَةُ الْقَطِیعَةِ.

وَ كَانَ یَقُولُ علیه السلام: إِرْجَافُ الْعَامَّةِ بِالشَّیْ ءِ دَلِیلٌ عَلَی مُقَدِّمَاتِ كَوْنِهِ (1).

وَ قَالَ علیه السلام: اطْلُبُوا الرِّزْقَ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ لِطَالِبِهِ.

وَ قَالَ علیه السلام: أَرْبَعَةٌ لَا تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ الْإِمَامُ الْعَادِلُ لِرَعِیَّتِهِ وَ الْوَلَدُ الْبَارُّ لِوَالِدِهِ وَ الْوَالِدُ الْبَارُّ لِوَلَدِهِ وَ الْمَظْلُومُ یَقُولُ اللَّهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَنْتَصِرَنَّ لَكَ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ.

وَ قَالَ علیه السلام: خَیْرُ الْغِنَی تَرْكُ السُّؤَالِ وَ شَرُّ الْفَقْرِ لُزُومُ الْخُضُوعِ.

وَ قَالَ علیه السلام: الْمَعْرُوفُ عِصْمَةُ الْبَوَارِ وَ الرِّفْقُ نَعْشَةٌ مِنَ الْعِثَارِ(2).

وَ قَالَ علیه السلام: ضَاحِكٌ مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِهِ خَیْرٌ مِنْ بَاكٍ مُدِلٍّ عَلَی رَبِّهِ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ لَا التَّجَارِبُ عَمِیَتِ الْمَذَاهِبُ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَا عُدَّةَ أَنْفَعُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا عَدُوَّ أَضَرُّ مِنَ الْجَهْلِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنِ اتَّسَعَ أَمَلُهُ قَصُرَ عَمَلُهُ.

ص: 421


1- 1. ارجفوا فی الاخبار: خاضوا فیها.
2- 2. النعشة: قیام العاثر من عثرته.
3- 3. الادلال: الغنج و نوع من التبختر.

وَ قَالَ علیه السلام: أَشْكَرُ النَّاسِ أَقْنَعُهُمْ وَ أَكْفَرُهُمْ لِلنِّعَمِ أَجْشَعُهُمْ (1).

فی أمثال (2)

هذا الكلام المفید للحكمة و فصل الخطاب لم نستوف ما جاء فی معناه عنه لئلا ینتشر به الخطاب و یطول الكتاب و فیما أثبتناه منه مقنع لذوی الألباب.

«41»- جا(3)،[المجالس] للمفید عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمُقْرِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الصَّیْدَلَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَوْلَی بَنِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی نَصْرٍ الْمَخْزُومِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام الْبَصْرَةَ مَرَّ بِی وَ أَنَا أَتَوَضَّأُ فَقَالَ یَا غُلَامُ أَحْسِنْ وُضُوءَكَ یُحْسِنِ اللَّهُ إِلَیْكَ ثُمَّ جَازَنِی فَأَقْبَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا غُلَامُ أَ لَكَ إِلَیَّ حَاجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ عَلِّمْنِی كَلَاماً یَنْفَعُنِی اللَّهُ بِهِ فَقَالَ یَا غُلَامُ مَنْ صَدَقَ اللَّهَ نَجَا وَ مَنْ أَشْفَقَ عَلَی دِینِهِ سَلِمَ مِنَ الرَّدَی وَ مَنْ زَهِدَ فِی الدُّنْیَا قَرَّتْ عَیْنُهُ بِمَا یَرَی مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ لَا أَزِیدُكَ یَا غُلَامُ قُلْتُ بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ مَنْ كُنَّ فِیهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ سَلِمَتْ لَهُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ ائْتَمَرَ بِهِ وَ نَهَی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ انْتَهَی عَنْهُ وَ حَافَظَ عَلَی حُدُودِ اللَّهِ یَا غُلَامُ أَ یَسُرُّكَ أَنْ تَلْقَی اللَّهَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ قُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ كُنْ فِی الدُّنْیَا زَاهِداً وَ فِی الْآخِرَةِ رَاغِباً وَ عَلَیْكَ بِالصِّدْقِ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَكَ وَ جَمِیعَ خَلْقِهِ بِالصِّدْقِ (4) ثُمَّ مَشَی حَتَّی دَخَلَ سُوقَ الْبَصْرَةِ فَنَظَرَ إِلَی النَّاسِ یَبِیعُونَ وَ یَشْتَرُونَ فَبَكَی بُكَاءً شَدِیداً ثُمَّ قَالَ یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا وَ عُمَّالَ أَهْلِهَا إِذَا كُنْتُمْ بِالنَّهَارِ تَحْلِفُونَ وَ بِاللَّیْلِ فِی فِرَاشِكُمْ تَنَامُونَ وَ فِی خِلَالِ ذَلِكَ عَنِ الْآخِرَةِ تَغْفُلُونَ فَمَتَی تُجَهِّزُونَ الزَّادَ(5)

وَ تُفَكِّرُونَ فِی الْمَعَادِ- فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا مِنَ الْمَعَاشِ فَكَیْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ طَلَبَ الْمَعَاشِ مِنْ حِلِّهِ لَا یَشْغَلُ عَنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ قُلْتَ لَا بُدَّ

ص: 422


1- 1. أی أشدهم حرصا.
2- 2. تتمة كلام المفید( ره) و ذكرها هنا غیر مناسب انما یناسب كتاب الإرشاد.
3- 3. مجالس المفید ص 69.
4- 4. تعبده أی دعاه للطاعة أو اتخذه عبدا له.
5- 5. فی المصدر« تحرزون الزاد».

لَنَا مِنَ الِاحْتِكَارِ لَمْ تَكُنْ مَعْذُوراً فَوَلَّی الرَّجُلُ بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَقْبِلْ عَلَیَّ أَزِدْكَ بَیَاناً فَعَادَ الرَّجُلُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ اعْلَمْ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ فِی الدُّنْیَا لِلْآخِرَةِ لَا بُدَّ أَنْ یُوَفَّی أَجْرَ عَمَلِهِ فِی الْآخِرَةِ وَ كُلُّ عَامِلِ دُنْیَا لِلدُّنْیَا عُمَالَتُهُ فِی الْآخِرَةِ نَارُ جَهَنَّمَ ثُمَّ تَلَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْلَهُ تَعَالَی- فَأَمَّا مَنْ طَغی وَ آثَرَ الْحَیاةَ الدُّنْیا فَإِنَّ الْجَحِیمَ هِیَ الْمَأْوی (1).

«42»- جا(2)،[المجالس] للمفید عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ عَاصِمٍ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عُقَیْلٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: إِنَّمَا أَخَافُ عَلَیْكُمُ اثْنَتَیْنِ اتِّبَاعَ الْهَوَی وَ طُولَ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ

وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ ارْتَحَلَتِ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَ ارْتَحَلَتِ الدُّنْیَا مُدْبِرَةً وَ لِكُلٍّ بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ بَنِی الْآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ.

«43»- مِنْ كِتَابِ عُیُونِ الْحِكَمِ وَ الْمَوَاعِظِ(3)، لِعَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ اسْتَنْسَخْنَاهُ مِنْ أَصْلٍ قَدِیمٍ فِی الْمَوَاعِظِ وَ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ هُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَ ثَمَانِی وَ ثَمَانُونَ حِكْمَةً.

قَوْلُهُ علیه السلام: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَی وَ دُعِیَ إِلَی الرَّشَادِ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَی وَ رَاغِبٌ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَی غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً كَابَدَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَی عُدَّةَ وَفَاتِهِ رَكِبَ الطَّرِیقَةَ الْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

«44»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام تُعْرَفُ بِالْغَرَّاءِ مِنْهَا: جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِیَ مَا عَنَاهَا وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا وَ أَشْلَاءً جَامِعَةً

ص: 423


1- 1. النازعات: 39.
2- 2. مجالس المفید ص 121. و رواه أیضا بسندین آخرین ص 55 و ص 203.
3- 3. مخطوط.

لِأَعْضَائِهَا(1)

مُلَائِمَةً لِأَحْنَائِهَا فِی تَرْكِیبِ صُوَرِهَا(2)

وَ مُدَدِ عُمُرِهَا بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا فِی مُجَلِّلَاتِ نِعَمِهِ وَ مُوجِبَاتِ سننه [مِنَنِهِ] وَ حَوَاجِزِ عَافِیَتِهِ (3) وَ قَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ وَ خَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِینَ قَبْلَكُمْ مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ وَ مُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ (4)

أَرْهَقَهُمُ الْمَنَایَا دُونَ الْآمَالِ لَمْ یَمْهَدُوا فِی سَلَامَةِ الْأَبْدَانِ (5) وَ لَمْ یَعْتَبِرُوا فِی أُنُفِ الْأَوَانِ فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّابِّ إِلَّا حَوَانِیَ الْهَرَمِ (6) وَ أَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ مَعَ قُرْبِ الزِّیَالِ وَ أُزُوفِ الِانْتِقَالِ وَ عَلَزِ الْقَلَقِ وَ أَلَمِ الْمَضَضِ وَ غَصَصِ الْجَرَضِ (7)

وَ تَلَفُّتِ

ص: 424


1- 1. تجلو أی تكشف. و كلمة« عن» زائدة. و الاشلاء جمع شلو- بالكسر- و هو العضو.
2- 2. الملائمة: الموافقة. و الاحناء جمع حنو و هو الجانب. و فی النهایة« ملائمة لاحنائها» أی معاطفها. و الغرض الإشارة الی الحكم و المصالح المرعیة فی تركیب الأعضاء و ترتیبها و جعل كل منها فی موضع یلیق بها. و الظرف متعلق بالملائمة. و قال بعض شراح النهج كانه قال مركبة او مصورة فأتی بلفظة فی كما تقول ركب فی سلاحه و بسلاحه أی متسلحا.
3- 3.« مجللات» و« موجبات» من إضافة الصفة الی الموصوف، و الحواجز: الموانع و حواجز العافیة ما یمنع المضار و یدفعها. و هی صفة مضافة الی موصوفها كسابقتیها.
4- 4. المستمتع علی صیغة المفعول: ما ینتفع به. و الخلاق- بالفتح-: النصیب. و الفسحة- بالضم-: السعة: و خنقه إذا عصر حلقه و الخناق- بالكسر-: ما یخنق به من حبل، و المراد مدة آجالهم فی الدنیا.
5- 5. أرهقهم المنایا أی أدركتهم مسرعة أی أدركتهم المنایا قبل وصولهم الی آمالهم. و تمهید الامر: اصلاحه.
6- 6. انف- بضمتین-: أول الامر. و البضاضة: رقة اللون و صفاؤه: و الحوانی جمع حانیة و هی العلة التی تحت الظهر. و الهرم كبر السن.
7- 7. الغضارة: طیب العیش و السعة و النعمة و الخصب و النوازل جمع نازلة و هی الشدیدة من شدائد الدهر و الآونة جمع أوان و الزیال: مصدر زایله مزایلة و زیالا أی فارقه. و الازوف: الدنو و القرب و العلز- بالتحریك قلق و خفة یصیب المریض و المحتضر و الاسیر. و المضض.- محركة-: وجع المصیبة و بلوغ الحزن من القلب. و جرض بریقه- كفرح-: ابتلعه بالجهد علی هم و حزن.

الِاسْتِعَانَةِ(1)

بِنُصْرَةِ الْحَفَظَةِ وَ الْأَقْرِبَاءِ وَ الْأَعِزَّةِ وَ الْقُرَنَاءِ فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارِبُ أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ وَ قَدْ غُودِرَ فِی مَحَلَّةِ الْأَمْوَاتِ رَهِیناً وَ فِی ضِیقِ الْمَضْجَعِ وَحِیداً قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ وَ أَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ وَ عَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ وَ مَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ (2) وَ صَارَتِ الْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا وَ الْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا وَ الْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا(3)

مُوقِنَةً بِغَیْبِ أَنْبَائِهَا- لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا وَ لَا تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَیِّئِ زَلَلِهَا(4) أَ وَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَ الْآبَاءَ وَ إِخْوَانَهُمْ وَ الْأَقْرِبَاءَ تَحْتَذُونَ

ص: 425


1- 1. التلفت: أبلغ من الالتفات. و الباء فی« بنصرة إلخ» متعلق بالاستعانة او بالتلفت فیكون بمعنی« الی» و إضافة التلفت تفید الملابسة. و الحفظة فی النهج« الحفدة» و هو الصواب و معناها: الاعوان و الخدم و قیل: أولاد الاولاد.
2- 2. غودر أی ترك و بقی. و« رهینا» أی موثوقا بذنوبه او بأعماله. و الهوام- بشد المیم- جمع الهامة و هی من الحیوان كل ذات سم یقتل كالحیاب و اما ما یسم و لا یقتل فهو السامة كالعقرب و الزنبور: و النواهك- جمع ناهك- و هو المبالغ فی جمیع الأشیاء من نهكه الحمی أی أضناه. وجد الشی ء جدة: صار جدیدا. و« عفت» أی محت. و العواصف: الریاح الشدیدة. و المعالم: جمع معلم- بفتح المیم- و هو ما یستدل به و الحدثان مصدر یدلّ علی الاضطراب بمعنی ما یحدث.
3- 3. الشحبة- بفتح الشین- الهالكة. و شحب یشحب شحوبا أی تغیر من سفر أو هزال أو عمل. و قد مر. و البضة: رقة اللون و صفاؤها و نخرة ای بالیة. و الاعباء: الاثقال، جمع عب ء- بالكسر- و هو الحمل و أعباء الأرواح ذنوبها.
4- 4.« لا تستزاد- الخ» أی لا یطلب منها العمل فانه لا عمل بعد الموت.« و لا تستعتب»- مبنی للمفعول- أی لا یطلب منها تقدیم العتبی یعنی التوبة عن العمل القبیح، أو مبنی للفاعل أی لا یمكنها أن تطلب الرضا و الاقالة من السیئات.

أَمْثِلَتَهُمْ وَ تَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ وَ تَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ فَالْقُلُوبُ قَاسِیَةٌ عَنْ حَظِّهَا(1)

لَاهِیَةٌ عَنْ رُشْدِهَا سَالِكَةٌ فِی غَیْرِ مِضْمَارِهَا كَأَنَّ الْمَعْنِیَّ سِوَاهَا(2) وَ كَأَنَّ الرُّشْدَ فِی إِحْرَازِ دُنْیَاهَا- فَاعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَی الصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ وَ أَهَاوِیلِ زَلَلِهِ وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ (3)

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ ذِی لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ وَ أَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ وَ أَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ وَ أَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ یَوْمِهِ (4) فَظَلَفَ

الرَّهَبُ شَهَوَاتِهِ وَ أَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ وَ قَدَّمَ الْخَوْفَ لِإِبَّانِهِ وَ تَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِیلِ (5)

وَ سَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَی النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ وَ لَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلَاتُ الْغُرُورِ وَ لَمْ تَعْمَ عَلَیْهِ مُشْتَبِهَاتُ الْأُمُورِ(6)

ص: 426


1- 1. القدة- بالكسر و الدال المهملة-: الطریقة. و« تطأون جادتهم» أی تسیرون علی سبیلهم بلا انحراف عنهم فی شی ء أی یصیبكم ما أصابهم بدون أی تفاوت. و قسی القلب: صلب و غلظ.
2- 2. المعنی: المقصود و المراد، أی كان المأمور و المنهی و المخاطب بالمواعظ و الزواجر و الوعد و الوعید غیر تلك القلوب.
3- 3. المزلق: المكان الذی تزل فیه القدم و لا تثبت. و الدحض هو انقلاب الرجل بغتة فسقط المار. و الزلل: هو انزلاق القدم. و تارات الاهوال: دفعاتها.
4- 4.« أنصب الخوف بدنه» أی أتعبه. و الغرار- بالكسر-: قلة النوم، أو قلیله، و لعل المعنی لم یترك العبادة له نوما قلیلا.« و أسهر التهجد» أی أزال قیام اللیل نومه القلیل، فأذهبه بالمرة. و الهواجر جمع هاجرة أی صار رجاء الثواب موجب لان أظمأ نفسه فی هاجرة الیوم بالصوم فیها.
5- 5.« ظلف الرهب» أی منع الخوف. و فی النهج« ظلف الزهد». و أوجف دابته أی حركها مسرعا و حثها علی السیر. و الابان- بكسر الهمزة و تشدید الباء الموحدة-: حینه و وقته یعنی القیامة. و تنكب الشی ء: مال عنه. و المخالج: الطرق المتشعبة عن الطریق الأعظم. و خلج أی جذب كأنّها تجذب الإنسان إلیها. و الوضح: جادة الطریق و الجار و المجرور متعلق بالمخالج أی المخالج المتشعبة عن الطریق الواضح.
6- 6. فتله- كضربه- صرفه عن وجهه. و فاتلات الغرور: وساوس الشیطان.« و لم. تعم علیه» أی لم تخف علیه الأمور المشتبهة حتّی یقع فیها علی غیر بصیرة.

ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَی وَ رَاحَةِ النُّعْمَی فِی أَنْعَمِ نَوْمِهِ (1)

وَ آمَنِ یَوْمِهِ- قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمِیداً وَ قَدَّمَ زَادَ الْآجِلَةِ سَعِیداً وَ بَادَرَ مِنْ وَجَلٍ وَ أَكْمَشَ فِی مَهَلٍ وَ رَغِبَ فِی طَلَبٍ وَ ذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ (2) وَ رَاغِبٌ فِی یَوْمِهِ غَدَهُ وَ نَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ فَكَفَی بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالًا وَ كَفَی بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالًا وَ كَفَی بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصِیراً وَ كَفَی بِالْكِتَابِ حَجِیجاً وَ خَصِیماً- وَ مِنْهَا أَمْ هَذَا الَّذِی أَنْشَأَهُ فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ وَ شُغُفِ الْأَسْتَارِ نُطْفَةً دِهَاقاً وَ عَلَقَةً مِحَاقاً وَ جَنِیناً وَ رَاضِعاً(3)

وَ وَلِیداً وَ یَافِعاً(4) ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً وَ لِسَاناً لَافِظاً وَ بَصَراً لَاحِظاً لِیَفْهَمَ مُعْتَبِراً وَ یُقَصِّرَ مُزْدَجِراً حَتَّی إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ وَ اسْتَوَی مِثَالُهُ (5)

نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وَ خَبَطَ سَادِراً مَاتِحاً فِی غَرْبِ هَوَاهُ كَادِحاً سَعْیاً لِدُنْیَاهُ فِی لَذَّاتِ طَرَبِهِ وَ بَدَوَاتِ أَرَبِهِ ثُمَّ لَا یَحْتَسِبُ رَزِیَّةً(6) وَ لَا یَخْشَعُ نعیه [تَقِیَّةً] فَمَاتَ فِی قَبِیلَتِهِ

ص: 427


1- 1. النعمی- بالضم-: الخفض و الدعة و ما أنعم به علیك. و أنعم النوم: أطیبه و المراد بالنوم اما الراحة فی الجنة اطلاقا لاسم الملزوم علی لازمه، او الراحة فی البرزخ أو لان مكث الجسد فی القبر یشبه النوم.
2- 2. الوجل: الخوف أی سارع الی الاعمال الصالحة من خوف اللّٰه تعالی. و أكمش أی أسرع فی مدة حیاته. و قوله« ذهب عن هرب» أی فر ممّا یهرب عن مثله.
3- 3. الشغف: جمع شغاف و هو فی الأصل غلاف القلب استعارة لموضع الولد. و الدهاق الذی أفرغ افراغا شدیدا، و المحق: المحو.
4- 4. الیافع: الغلام الذی شارف الاحتلام.
5- 5. أی بلغت قامته حد ما قدر لها من النمو.
6- 6. السادر: الذی لا یهتم و لا یبالی ما صنع و المتحیر. و الماتح- بالتاء المثناة من فوق-: الذی یستقی الماء بالدلو من أعلی البئر و المائح- بالیاء المثناة من تحت-: الذی ینزل البئر لیملأ الدلو. و الغرب هو الدلو العظیمة التی تتخذ من جلد ثور شبه بها لسعة الامانی. و كدح فی. العمل كدوحا: سعی. و لعلّ المراد ببدوات أربه. ما یخطر بباله و یبدو له أی یظهر آرائه المختلفة باختلاف دواعیه و الحاصل أنّه ذهب الی ما یبدو له من رغباته غیر متقید بالشریعة و لا ملتزم حدود الفضیلة. و الارب محركة: الحاجة. و احتساب الرزیة: الاعتداد بها. أی لا یظنها و لا یفكر فی وقوعها. و الرزیة: المصیبة.

عَزِیزاً وَ عَاشَ فِی هَفْوَتِهِ یَسِیراً(1) لَمْ یُفِدْ عِوَضاً وَ لَمْ یَقْضِ مُفْتَرَضاً دَهِمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِیَّةِ فِی غُبَّرِ جِمَاحِهِ وَ سَنَنِ مِرَاحِهِ (2) فَظَلَّ سَادِراً وَ بَاتَ سَاهِراً فِی غَمَرَاتِ الْآلَامِ وَ طَوَارِقِ الْأَوْجَاعِ وَ الْأَسْقَامِ (3)

بَیْنَ أَخٍ شَقِیقٍ وَ وَالِدٍ شَفِیقٍ وَ دَاعِیَةٍ بِالْوَیْلِ جَزَعاً وَ لَادِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً وَ الْمَرْءُ فِی سَكْرَةٍ مُلْهِیَةٍ وَ غَمْرَةٍ كَارِثَةٍ وَ أَنَّةٍ مُوجِعَةٍ(4) وَ جَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ وَ سَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ قَدْ أُدْرِجَ فِی أَكْفَانِهِ مُبْلِساً وَ جُذِبَ مُنْقَاداً

ص: 428


1- 1. النعی: خبر الموت. و فی النهج« و لا یخشع تقیة». و قوله« فمات فی قبیلته عزیزا» فی بعض النسخ« فمات فی فتنته غریرا» و هكذا فی النهج و هو الصواب ظاهرا. و الغریر: المغرور، و الهفوة: الزلة.
2- 2. دهمته أی غشیته. و فجعات المنیة أسبابها و أفجعته أی أوجعته و الفجیعة. المصیبة و« غیر جماحه» جمع غابر بمعنی الباقی و المراد بقایا هواه و شهواته و عتوه الذی ذهب كثیر منها. و السنن- محركة-: النهج و الطریقة. و المراح- ككتاب اسم من مرح الرجل اذا أشر و بطر و نشط و تبختر. و المعنی هجمت علیه الأمراض و الاوجاع و أسباب الموت فی أثناء غفلته و عتوه و اغتراره.
3- 3.« فظل سادرا» أی كان فی جمیع النهار متحیرا لشدة ما نزل به. و غمرة الشی ء: شدته. و طوارق الاوجاع: ما یأتی منها لیلا و سمی الآتی باللیل طارقا لحاجته الی دق الباب لان الطرق بمعنی الضرب و كثیرا ما یشتد الاوجاع و الاسقام لیلا.
4- 4. الشقیق: الأخ، و اتصاف الأخ بالشقیق للمبالغة فی العطوفة و الرحمة. و اللادمة: الضاریة. و الكارثة: الشدیدة الشاقة. و الآونة- بفتح فتشدید-: من الآن أی التوجع. و المراد بجذبة مكربة جذبات الانفاس عند النزع. و السوقة: من ساق المریض نفسه عند الموت سوقا و سیاقا. و مبلسا أی آیسا من أهله. و ماله أو من الرجوع الی الدنیا. و« سلسا» أی. سهلا لعدم قدرته علی الممانعة.

سَلِساً ثُمَّ أُلْقِیَ عَلَی الْأَعْوَادِ رَجِیعَ وَصَبٍ وَ نِضْوَ سَقَمٍ تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ وَ حَشَدَةُ الْإِخْوَانِ إِلَی دَارِ غُرْبَتِهِ وَ مُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ (1)

حَتَّی إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَیِّعُ وَ رَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ أُقْعِدَ فِی حُفْرَتِهِ نَجِیّاً لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ وَ عَثْرَةِ الِامْتِحَانِ (2)

وَ أَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِیَّةً نُزُلُ الْحَمِیمِ وَ تَصْلِیَةُ الْجَحِیمِ وَ فَوْرَاتُ السَّعِیرِ وَ سَوْرَاتُ الزَّفِیرِ(3)

لَا فَتْرَةٌ مُرِیحَةٌ وَ لَا دَعَةٌ مُزِیحَةٌ وَ لَا قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ وَ لَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ وَ لَا سِنَةٌ مُسَلِّیَةٌ بَیْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ وَ عَذَابِ السَّاعَاتِ إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ (4)

عِبَادَ اللَّهِ أَیْنَ الَّذِینَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا وَ عُلِّمُوا فَفَهِمُوا وَ نُظِرُوا فَلَهَوْا وَ سُلِّمُوا فَنَسُوا أُمْهِلُوا طَوِیلًا وَ مُنِحُوا جَمِیلًا وَ حُذِّرُوا أَلِیماً وَ وُعِدُوا جَسِیماً احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ وَ الْعُیُوبَ الْمُسْخِطَةَ أُوْلِی الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ وَ الْعَافِیَةِ وَ الْمَتَاعِ هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلَاصٍ أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ قَرَارٍ أَوْ مَجَازٍ(5)

أَمْ لَا؟ فَأَنَّی تُؤْفَكُونَ أَمْ أَیْنَ تُصْرَفُونَ أَمْ بِمَا ذَا

ص: 429


1- 1. الرجیع من الدوابّ ما رجعته من سفر الی سفر و هو الكال. و الوصب: التعب و المرض. و« نضو» بالكسر: المهزول. و الحفدة: الاعوان. و الحشدة: المسارعون الی التعاون. و الزورة من زاره یزوره و منقطع الزورة: حیث لا یزور.
2- 2. النجی: من تحادثه سرا. و بهتة السؤال: دهشته و حیرته. و العثرة: الزلة.
3- 3. الحمیم فی الأصل؛ الماء الحار؛ و التصلیة: الاحراق: و المراد هنا دخول جهنم. و فارت القدر: جاشت. و السعیر النار أو لهبها. و السورة: الشدة. و الزفیر: صوت النار عند توقدها.
4- 4. الفترة: السكون بعد حدة و اللین بعد شدة. أی لا یفتر العذاب حتّی یستریح المعذب من الالم، و لا تكون دعة- أی راحة- حتی تزیح عنه ما أصابه من التعب، و لیست له قوة بحجز عنه. و لا بموتة حاضرة تذهب باحساسه عن الشعور بتلك الآلام. و الناجز: الحاضر و السریع. و السنة: اوائل النوم. و المسلیة: الملتهبة عن الالم. و الاطوار الانواع و المراد بالموتات: العقوبات.
5- 5. فی بعض النسخ« أو فرار أو محار» أی مرجع الی الدنیا بعد فراقها.

تَغْتَرُّونَ وَ إِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ذَاتِ الطُّولِ وَ الْعَرْضِ قِیدُ قَدِّهِ (1) مُتَعَفِّراً عَلَی خَدِّهِ- الْآنَ عِبَادَ اللَّهِ وَ الْخِنَاقُ مُهْمَلٌ (2)

وَ الرُّوحُ مُرْسَلٌ فِی فَیْنَةِ الْإِرْشَادِ(3)

وَ رَاحَةِ الْأَجْسَادِ وَ مَهَلِ الْبَقِیَّةِ وَ أُنُفِ الْمَشِیَّةِ وَ إِنْظَارِ التَّوْبَةِ وَ انْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ(4) قَبْلَ الضَّنْكِ وَ الْمَضِیقِ وَ الرَّوْعِ وَ الزُّهُوقِ وَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ(5) وَ أَخْذِ الْعَزِیزِ الْمُقْتَدِرِ.

«44»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ وَ اعْتَبِرُوا بِالْآیِ السَّوَاطِعِ وَ ازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ (6)

وَ انْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَ الْمَوَاعِظِ فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخَالِبُ الْمَنِیَّةِ وَ انْقَطَعَتْ عَنْكُمْ عَلَائِقُ الْأُمْنِیَّةِ وَ دَهِمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ(7) وَ السِّیَاقَةُ إِلَی الْوِرْدِ الْمَوْرُودِ(8) وَ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ وَ سَائِقٌ یَسُوقُهَا إِلَی مَحْشَرِهَا وَ شَاهِدٌ یَشْهَدُ عَلَیْهَا بِعَمَلِهَا.

«45»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: هَلْ یُحِسُّ بِهِ أَحَدٌ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا أَمْ هَلْ یَرَاهُ

ص: 430


1- 1.« قید قده»- بكسر القاف و فتحها من الثانی-: مقدار طوله، یرید مضجعه من القبر.
2- 2. الخناق- بكسر الخاء المعجمة-: الحبل یخنق به و المراد الموت أو أسبابه.
3- 3.« فینة الإرشاد» بفتح الفاء و تقدیم الیاء علی النون-: الساعة و الحین. و یمكن أن یقرأ« فینة الارتیاد» یعنی الطلب.
4- 4. و الانف- بضمتین- المستأنف یعنی لو أردتم استیناف المشیئة لامكنكم. و الحوبة: الحاجة، و انفساح الحوبة: سعة وقت الحاجة أی العمل الذی یحتاج إلیه العبد.
5- 5. الروع: الخوف. و الزهوق: الاضمحلال. و المراد بالغائب المنتظر: الموت.
6- 6. الآی: جمع آیة و هی الدلیل. و السواطع: الظاهرة الدلالة. و البوالغ: جمع البالغة غایة البیان لكشف عواقب التفریط. و النذر جمع النذیر بمعنی الانذار او المخوف.
7- 7. المنیة: الموت. و فظع الامر إذا اشتد.
8- 8. الورد- بالكسر- الأصل فیه: الماء یورد للرّیّ و المراد به الموت او المحشر و لعلّ الوصف بالمورود للدلالة علی أنّه لا بدّ من ورده.

إِذَا تَوَفَّی أَحَداً بَلْ كَیْفَ یَتَوَفَّی الْجَنِینَ فِی بَطْنِ أُمِّهِ أَ یَلِجُ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهَا فِی أَحْشَائِهَا كَیْفَ یَصِفُ إِلَهَهُ مَنْ یَعْجِزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ.

«46»- وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: عِبَادَ اللَّهِ اللَّهَ اللَّهَ (1) فِی أَعَزِّ الْأَنْفُسِ عَلَیْكُمْ وَ أَحَبِّهَا إِلَیْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْصَحَ سَبِیلَ الْحَقِّ وَ أَنَارَ طُرُقَهُ بِشَقْوَةٍ لَازِمَةٍ أَوْ سَعَادَةٍ دَائِمَةٍ(2)

فَتَزَوَّدُوا فِی أَیَّامِ الْفَنَاءِ لِأَیَّامِ الْبَقَاءِ فَقَدْ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ وَ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ (3)

وَ حُثِثْتُمْ عَلَی السَّیْرِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لَا یَدْرُونَ مَتَی یُؤْمَرُونَ بِالْمَسِیرِ- أَلَا فَمَا یَصْنَعُ بِالدُّنْیَا مَنْ خُلِقَ لِلْآخِرَةِ وَ مَا یَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلِیلٍ یُسْلَبُهُ وَ یَبْقَی عَلَیْهِ تَبِعَتُهُ وَ حِسَابُهُ- عِبَادَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیْسَ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْخَیْرِ مَتْرَكٌ وَ لَا فِیمَا نَهَی عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَرْغَبٌ عِبَادَ اللَّهِ احْذَرُوا یَوْماً تُفْحَصُ فِیهِ الْأَعْمَالُ وَ یَكْثُرُ فِیهِ الزِّلْزَالُ وَ تَشِیبُ فِیهِ الْأَطْفَالُ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ عَلَیْكُمْ رَصَداً مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ عُیُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ وَ حُفَّاظَ صِدْقٍ یَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ وَ عَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ- لَا تَسْتُرُكُمْ مِنْهُ ظُلْمَةُ لَیْلٍ دَاجٍ وَ لَا یُكِنُّكُمْ مِنْهُ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ (4) وَ أَنَّ غَداً مِنَ الْیَوْمِ قَرِیبٌ یَذْهَبُ الْیَوْمُ بِمَا فِیهِ وَ یَجِی ءُ الْغَدُ بِمَا لَا خَفَاءَ بِهِ فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ قَدْ بَلَغَ مِنَ الْأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ وَ مَحَطَّ حُفْرَتِهِ- فَیَا لَهُ مِنْ بَیْتِ وَحْدَةٍ وَ مَنْزِلِ وَحْشَةٍ وَ مُفْرَدِ غُرْبَةٍ وَ كَأَنَّ الصَّیْحَةَ قَدْ أَتَتْكُمْ وَ السَّاعَةَ قَدْ غَشِیَتْكُمْ وَ بَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ قَدْ زَاحَتْ عَنْكُمُ الْأَبَاطِیلُ وَ اضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ (5)

وَ اسْتَحَقَّتْ بِكُمُ الْحَقَائِقُ وَ صَدَرَتْكُمُ الْأُمُورُ مَصَادِرَهَا

ص: 431


1- 1. أی راقبوا اللّٰه فی أعز الانفس و لعلّ المراد بها النفس المطمئنة.
2- 2. مرفوعان علی الخبریة أی فعاقبتكم أو جزاؤكم شقوة أو سعادة و اللازم غیر مفارق و الدائم: غیر الزائل.
3- 3. و الظعن: الرحیل.
4- 4. الداجی: المظلم. و الرتاج- ككتاب-: الباب العظیم إذا كان محكم الغلق.
5- 5. زاحت أی بعدت، و العلل: جمع العلة و هی المرض الشاغل.

فَاتَّعِظُوا بِالْغِیَرِ وَ اعْتَبِرُوا بِالْعِبَرِ وَ انْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ.

«47»- وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: قَالَهُ بَعْدَ تِلَاوَتِهِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّی زُرْتُمُ الْمَقابِرَ(1) یَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ وَ زَوْراً مَا أَغْفَلَهُ وَ حُطَاماً مَا أَفْرَغَهُ وَ خَطَراً مَا أَفْظَعَهُ أَ فَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ یَفْتَخِرُونَ أَمْ بِعَدِیدِ الْهَلْكَی یَتَكَاثَرُونَ یَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ (2) وَ حَرَكَاتٍ سَكَنَتْ (3)

وَ لَأَنْ یَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ یَكُونَ مُفْتَخَراً وَ لَأَنْ یَهْبِطُوا مِنْهُمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ أَحْجَی مِنْ أَنْ یَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ(4) لَقَدْ نَظَرُوا إِلَیْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَةِ وَ ضَرَبُوا مِنْهُمْ فِی غَمْرَةِ جَهَالَةٍ(5)

وَ لَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْكَ الدِّیَارِ الْخَاوِیَةِ وَ الرُّبُوعِ الْخَالِیَةِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا فِی الْأَرْضِ ضُلَّالًا(6) وَ ذَهَبْتُمْ فِی أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا تَطَئُونَ فِی هَامِهِمْ (7) وَ تَسْتَثْبِتُونَ فِی أَجْسَادِهِمْ وَ تَرْتَعُونَ فِیمَا لَفَظُوا وَ تَسْكُنُونَ فِیمَا خَرَّبُوا وَ إِنَّمَا الْأَیَّامُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَكُمْ بَوَاكٍ وَ نَوَائِحُ عَلَیْكُمْ.

ص: 432


1- 1. أی شغلكم عن طاعة اللّٰه و صرفكم عن الآخرة مكاثرة بعضكم لبعض.
2- 2. خوت أی سقطت بناؤها و خلت من أرواحها.
3- 3. المعنی أنهم یذكرون آباءهم و یفتخرون بهم فكانهم ردوهم الی الدنیا و ارتجعوهم من القبور. و قیل هو استفهام و ان لم یكن حرف الاستفهام مذكورا أی یرتجعون منهم أجسادا خوت. و كلمة« من» یحتمل أن یكون للتجرید فالمعنی أ یرتجعون من أجسادهم اجسادا خوت و من حركاتهم حركات سكنت. و یحتمل أن یكون صلة للارتجاع فیكون الاجساد الخاویة كالهبة التی یرتجعها الواهب، و أن یكون للتبعیض فالضمیر المجرور لعامة أهل المقابر.
4- 4. الجناب بالفتح: الناحیة و الفناء. و« أحجی» أی أولی.
5- 5. العشوة- بالفتح-: سوء البصر باللیل. و ضرب فی الماء: سبح أی خاضوا و سبحوا من ذكرهم فی غمرة الجهالة.
6- 6. الخاویة: الخالیة و المنهدمة. و الربوع: الاماكن و المساكن. و الضلال- كعشاق- جمع ضال.
7- 7. هام- جمع هامة- و هی أعلی الرأس.

أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَایَتِكُمْ وَ فُرَّاطُ مَنَاهِلِكُمُ الَّذِینَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ الْعِزِّ وَ حَلَبَاتُ الْفَخْرِ مُلُوكاً وَ سُوَقاً(1)

وَ سَلَكُوا فِی بُطُونِ الْبَرْزَخِ سَبِیلًا سُلِّطَتِ الْأَرْضُ عَلَیْهِمْ فِیهِ فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَ شَرِبَتْ مِنْ دِمَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِی فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا یَنْمُونَ وَ ضِمَاراً لَا یُوجَدُونَ (2)

لَا یُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الْأَهْوَالِ وَ لَا یَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ الْأَحْوَالِ وَ لَا یَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ وَ لَا یَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ (3) غُیَّباً لَا یُنْتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لَا یَحْضُرُونَ وَ إِنَّمَا كَانُوا جَمِیعاً فَتَشَتَّتُوا وَ أُلَّافاً فَافْتَرَقُوا(4) وَ مَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ وَ لَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ عَمِیَتْ أَخْبَارُهُمْ وَ صَمَّتْ دِیَارُهُمْ (5)

وَ لَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً(6)

وَ بِالسَّمْعِ صَمَماً وَ بِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً- فَكَأَنَّهُمْ فِی ارْتِجَالِ الصِّفَةِ صَرْعَی سُبَاتٍ (7) جِیرَانٌ لَا یَتَأَنَّسُونَ وَ أَحِبَّاءُ لَا یَتَزَاوَرُونَ بَلِیَتْ بَیْنَهُمْ عُرَی التَّعَارُفِ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ

ص: 433


1- 1.« سلف الغایة»: السابق إلیها. و الغایة: الحد الذی ینتهی إلیه الشی ء حسیا أو معنویا. و المراد: الموت. و فرط فلان القوم- كنصر- أی تقدمهم الی الورد لا صلاح الحوض و الدلاء، و الفرط- بالتحریك-: المتقدم الی الماء. و المناهل: مواضع ما تشرب الشاربة من النهر، و قد تقدم. و مقاوم: جمع مقام. و الحلبات- جمع حلبة- بالفتح- و هی الدفعة من الخیل فی الرهان، أو هی الخیل تجتمع للنصرة من كل أوب. و السوق- بضم ففتح جمع سوقه بالضم-: بمعنی الرعیة.
2- 2. الفجوة الفرجة و المراد هنا شق القبر. و قوله« و لا ینمون» من النمو و هو الزیادة من الغذاء. و الضمار: خلاف العیان الغائب و الذی لا یرجی ایابه.
3- 3.« لا یحفلون- بكسر الفاء-: ای لا یبالون. و الرواجف- جمع راجفة-: الزلزلة توجب الاضطراب. و القواصف من قصف الرعد: اشتدت هدهدته. و أذن له: استمع.
4- 4. ألّاف جمع آلف أی مؤتلف مع غیره.
5- 5. صم یصم- بالفتح فیها-: خرس عن الكلام. و هذه النسبة الی الدیار مجاز.
6- 6. المراد من خرس الدیار عدم صعود الصوت من سكانها.
7- 7. ارتجال الصفة: وصف الحال بلا تأمل فالواصف لهم بأول النظر یظنهم صرعوا من السبات- بالضم-: أی النوم.

الْإِخَاءِ فَكُلُّهُمْ وَحِیدٌ وَ هُمْ جَمِیعٌ وَ بِجَانِبِ الْهَجْرِ وَ هُمْ أَخِلَّاءُ- لَا یَتَعَارَفُونَ لِلَیْلٍ صَبَاحاً وَ لَا لِنَهَارٍ مَسَاءً أَیُّ الْجَدِیدَیْنِ ظَعَنُوا فِیهِ كَانَ عَلَیْهِمْ سَرْمَداً(1)

شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا(2)

وَ رَأَوْا مِنْ آیَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا(3)

فَكِلْتَا الْغَایَتَیْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَی مَبَاءَةٍ فَأَتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ(4) فَلَوْ كَانُوا یَنْطِقُونَ بِهَا لَعَیُّوا(5) بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَایَنُوا وَ لَئِنْ عَمِیَتْ آثَارُهُمْ وَ انْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِیهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ(6) وَ سَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ وَ تَكَلَّمُوا مِنْ غَیْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ- فَقَالُوا كَلَحَتِ الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ وَ خَوَتِ الْأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ (7)

وَ لَبِسْنَا أَهْدَامَ الْبِلَی وَ تَكَاءَدَنَا ضِیقُ الْمَضْجَعِ (8)

وَ تَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ وَ تَهَكَّمَتْ عَلَیْنَا الرُّبُوعُ الصُّمُوتُ-(9)

فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا

ص: 434


1- 1. الجدیدان: اللیل و النهار. فان ذهبوا فی نهار فلا یعرفون له لیلا أو فی لیل فلا یعرفون نهارا.
2- 2. الخطر- بالتحریك-: الاشراف علی الهلاك. و قوله:« أفظع» أی أشد شناعة.
3- 3. أی تصوروه: بعقولهم.
4- 4. المباءة: مكان التبوء و الاستقرار أی ضرب لها أجل ینتهون فیه الی مباءة و هی المرجع الی الجنة أو النار فاتت ذلك المرجع مبالغ الخوف و الرجاء عظمة، او تجاوزت عن أن یبلغها خوف خائف او رجاء راج لعظمتها.
5- 5. العی العجز، و عیی عن الكلام: عجز.
6- 6. أی نظرت الیهم بعد الموت نظرة ثانیة. و العبر: جمع عبرة.
7- 7. كلح أی عبس. و النواضر: الحسنة البواسم. خوت أی تهدمت بنیتها، و تفرقت أعضاؤها.
8- 8. أهدام جمع هدم و هو الثوب البالی. و تكأد الامر بتشدید الهمزة- أی شق علی.
9- 9. تهكمت أی تهدمت. و الربوع: أماكن الإقامة. و الصموت: جمع صامت و هی التی لا تنطق، و المراد القبور.

وَ تَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَتْ فِی مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا وَ لَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً وَ لَا مِنْ ضِیقٍ مُتَّسَعاً فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِكَ أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ وَ قَدِ ارْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَكَّتْ وَ اخْتَلَجَتْ (1)

أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَابِ فَخَسَفَتْ وَ تَقَطَّعَتِ الْأَلْسِنَةُ فِی أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا(2) وَ هَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِی صُدُورِهِمْ بَعْدَ یَقَظَتِهَا(3) وَ عَاثَ فِی كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِیدُ بِلًی سَمَّجَهَا(4)

وَ سَهَّلَ طُرُقَ الْآفَةِ إِلَیْهَا مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَیْدٍ تَدْفَعُ وَ لَا قُلُوبٌ تَجْزَعُ لَرَأَیْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقْذَاءَ عُیُونٍ لَهُمْ مِنْ كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ وَ غَمْرَةٌ لَا تَنْجَلِی (5)

فَكَمْ أَكَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ عَزِیزِ جَسَدٍ وَ أَنِیقِ لَوْنٍ كَانَ فِی الدُّنْیَا غَذِیَّ تَرَفٍ (6) وَ

رَبِیبَ شَرَفٍ یَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِی سَاعَةِ حُزْنِهِ وَ یَفْزَعُ إِلَی السَّلْوَةِ إِنْ مُصِیبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَیْشِهِ وَ شَحَاحَةً بِلَهْوِهِ وَ لَعِبِهِ-(7) فَبَیْنَا هُوَ یَضْحَكُ إِلَی الدُّنْیَا وَ تَضْحَكُ

ص: 435


1- 1. ارتسخت من رسخ الغدیر رسوخا إذا نش ماؤه أی أخذ فی النقصان و نضب یعنی نضب مستودع قوة السماع و ذهبت مادته بامتصاص الهوام و هی الدیدان هنا. و استكت الاذن بتشدید الكاف أی صمت و انسدت. و قوله« فاختلجت أبكارهم» فی النهج« اكتحلت أبصارهم» و الظاهر هو الصواب.
2- 2. خسفت عین فلان: فقأها. و ذلاقة الألسن: حدتها فی النطق.
3- 3. الهمود: الموت و طفوء النار و السكون. و الیقظة نقیض النوم.
4- 4. عاث أی أفسد. و البلی التحلل و الفناء. و سمج الصورة تسمیجا: أی قبحها أی أفسد الفناء فی كل عضو منهم فقبحه.
5- 5. اشجان القلوب: همومها. و اقذاء العیون: ما یسقط فیها فیؤلمها. و الفظاعة و الغمرة: الشدة.
6- 6.« من عزیز جسد» من إضافة الصفة. و الانیق: الحسن المعجب. و الغذی اسم بمعنی المفعول أی مغذی بالنعیم. و الترف التنعم.
7- 7. الربیب بمعنی المربی من ربّه یربه بالضم إذا رباه. و تعلل الامر تشاغل به. و السلوة- بالفتح-: ما یسلی عن الهم أی ینسیه. و الضن: البخل. و غضارة العیش: طیبه و الشح: البخل.

الدُّنْیَا إِلَیْهِ فِی ظِلِّ عَیْشٍ غَفُولٍ (1) إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِهِ حَسَكَهُ وَ نَقَضَتِ الْأَیَّامُ قُوَاهُ وَ نَظَرَتْ إِلَیْهِ الْحُتُوفُ مِنْ كَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثٌّ لَا یَعْرِفُهُ وَ نَجِیُّ هَمٍّ مَا كَانَ یَجِدُهُ (2)

وَ تَوَلَّدَتْ فِیهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِهِ فَفَزِعَ إِلَی مَا كَانَ عَوَّدَهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِینِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ(3)

وَ تَحْرِیكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ یُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا ثَوَّرَ حَرَارَةً وَ لَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَیَّجَ بُرُودَةً وَ لَا اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ(4)

حَتَّی فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَ تَعَایَا أَهْلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّائِلینَ عَنْهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِیَّ خَبَرٍ یَكْتُمُونَهُ-(5)

ص: 436


1- 1.« فبینا هو یضحك الی الدنیا» أی مشتاقا أی متوجها إلیها. و« یضحك الدنیا إلیه» یجری علی وفق مراده. و وصف العیش بالغفلة لانه إذا كان هنیئا یوجبها.
2- 2. الحسك: نبات تعلق قشرته بصوف. و المراد ابتلاؤه بآلام الدهر. و الحتوف جمع الحتف- بالفتح- و هو الموت و الهلاك. و الكثب- بالتحریك-: أی قرب، یعنی توجهت إلیه المهلكات علی قرب منه. و البث: الحزن. و خالطه الحزن أی دخل فی باطنه و النجی: المناجی، فعیل من ناجاه مناجاة أی ساره. و الهم: الحزن.
3- 3. الفترة- بالفتح-: انكسار الحدة و اللین علی الحال. و« آنس» حال من ضمیر« فیه». أی تولد فیه الضعف بسبب العلل حال كونه أشدّ انسا بصحته من جمیع الأوقات السابقة و القار هنا ضد الحار.
4- 4. أی ما طلب تعدیل مزاجه بدواء یمازج ما فیه من الطبائع لیعدلها الا و ساعد كل طبیعة علی تولد الداء.
5- 5. معلل المریض: من یسلیه عن مرضه بترجیه الشفاء، كما أن ممرضه من یتولی خدمته فی مرضه لمرضه. و ذهله و ذهل عنه- كمنع- أی نسبه أو تناساه عمدا. و تعایا أی أظهر العیی أی العجز، و عییت بأمری كرضیت: إذا لم تهتد لوجهه، و تعایا أهله بصفة دائه أی اشتركوا فی العجز و الحیرة عن وصف دائه للطبیب و من یسأل عن حاله. و خرس- كفرح- أی انعقد لسانه و منع من الكلام خلقة المراد سكتوا كالاخرس عن جواب السائلین فلا یخبرون عن عافیته. لعدم ظهور أماراتها، و عن عدمها و یأسهم من البرء لكونه مكروها لنفوسهم فلا ینطق بذكره لسانهم. و« شجا»: الحزن و الخبر الذی یكتمونه هو موته، و قال بعض شراح النهج: أی تخاصموا فی خبر ذی شجا أی خبر ذی غصة ینازعونه و هم حول المریض سرا دونه و هو لا یعلم بنجواهم و بما یفیضون فیه من أمره.

فَقَائِلٌ یَقُولُ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنٍّ لَهُمْ إِیَابَ عَافِیَتِهِ وَ مُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَی فَقْدِهِ یُذَكِّرُهُمْ أُسَی الْمَاضِینَ مِنْ قَبْلِهِ (1)

فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَی جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا وَ تَرْكِ الْأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَیَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ (2) وَ یَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَیَّ عَنْ رَدِّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ (3)

مِنْ كَبِیرٍ كَانَ یُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِیرٍ كَانَ یَرْحَمُهُ (4)

وَ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِیَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَی عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْیَا(5).

«48»- وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: إِنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً وَ مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً(6)

ص: 437


1- 1.« هو لما به» أی للامر الذی نزل به أی أشفی علی الموت.« و ممن لهم ایاب عافیته» المعنی: مخیل الامنیة. و الایاب: الرجوع أی یبعثهم علی الرجاء بعود عافیته فیقول: قدر أینا أسوأ حالا منه ثمّ عوفی. و الاسی: جمع الاسوة و هی ما یتأسی به الحزین و یتسلی و سمی الصبر اسوة لانه یذكرهم التأسی بالماضین فی موت أقاربهم و أحبابهم أو صبرهم علیه.
2- 2. أی الأفكار الدقیقة الصائبة.
3- 3. تصام عنه أی أظهر الصمم بعدم الالتفات للعجز عن الكلام.
4- 4. المراد بالكبیر الذی یعظمه الوالد، و الصغیر الولد. و الغمرات الشدائد، و الفظیع الشدید. و الاستغراق: الاستیعاب أی شدائد الموت أشدّ من أن یشمله بیان و وصف.
5- 5. تعتدل ای تستقیم علیها بالقبول و الإدراك، ای لغفلتهم عنها لا تتناسب عند عقولهم قید ركونها.
6- 6. مربوبون: مملوكون. و الاقتسار: الغلبة و القهر.

وَ مَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً وَ كَائِنُونَ رُفَاتاً وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً وَ مَدِینُونَ جَزَاءً وَ مُمَیَّزُونَ حِسَاباً(1)

فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْداً اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ وَ وَجِلَ فَعَمِلَ وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ وَ عُبِّرَ فَاعْتَبَرَ وَ حُذِّرَ فَازْدَجَرَ فَأَجَابَ فَأَنَابَ (2)

وَ رَاجَعَ فَتَابَ وَ اقْتَدَی فَاحْتَذَی فَبَاحَثَ طَلَباً وَ نَجَا هَرَباً فَأَفَادَ ذَخِیرَةً وَ أَطَالَ سَرِیرَةً وَ تَأَهَّبَ لِلْمَعَادِ(3)

وَ اسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ لِیَوْمِ رَحِیلِهِ وَ وَجْهِ مَسِیلِهِ (4)

وَ حَالِ حَاجَتِهِ وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ تقدم [وَ قَدَّمَ] أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ- فَمَهِّدُوا لِأَنْفُسِكُمْ فِی سَلَامَةِ الْأَبْدَانِ فَهَلْ یَنْتَظِرُ أَهْلُ غَضَارَةِ الشَّابِّ إِلَّا حَوَانِیَ

الْهَرَمِ وَ أَهْلُ بَضَاضَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ (5)

وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا مُفَاجَاةَ الْفَنَاءِ وَ اقْتِرَابَ الْفَوْتِ وَ دُنُوَّ الْمَوْتِ وَ أُزُوفَ الِانْتِقَالِ وَ إِشْفَاءَ الزَّوَالَ وَ حَفِیَّ الْأَنِینِ وَ رَشْحَ الْجَبِینِ وَ امْتِدَادَ الْعِرْنِینِ وَ عَلَزَ الْقَلَقِ وَ فَیْضَ الرَّمَقِ وَ أَلَمَ الْمَضَضِ وَ غَصَصَ الْجَرَضِ-(6)

ص: 438


1- 1. و الاحتضار: الحضور و المراد حضور الموت او حضور الملائكة الموكلین بقبض الأرواح، و الاجداث جمع جدث- بفتحتین- و هو القبر. و مضمنون ای مجعولون فی ضمنها و الرفات: الحطام.
2- 2. اقترف: اكتسب. و الوجل: خاف. و بادر: سارع. و الانابة: الرجوع الی اللّٰه باصلاح العمل.
3- 3. التأهب: التهیؤ و الاستعداد.« استظهر بالزاد» أی حمل زادا حمله ظهر راحلته الی الآخرة. أو حفظ زاده و استعان به.
4- 4. فی النهج« و وجه سبیله».
5- 5. البضاضة. رقة اللون. و الحوانی: جمع حانیة و هی العلة التی تحت الظهر و غیره، و الغضارة: النعمة و السعة و الخصب. و النوازل جمع النازلة و هی الداهیة و الشدیدة من شدائد الدهر. و الآونة جمع أوان و هو الوقت. و الانتظار فی المواضع عبارة عن الانتهاء و كون اللواحق غایات للسوابق. و قد تقدمت هذه الجمل سابقا.
6- 6. الازوف: القرب. و أشفی اشفاء علیه أشرف و أشفی المریض علی الموت أی قاربه. و الانین: التأوه. و حفی الانین أی كثرة التأوه. و العرنین: الانف او ما صلب منه. و العلز قلق و خفة و هلع یصیب المریض و المحتضر. و الفیض: الموت، و الرمق بقیة الحیاة. و المضض- محركة-: وجع المصیبة، و بلوغ الهم و الحزن من القلب. و الغصص جمع غصة. و الجرض: الریق، جرض بریقه- كفرح ابتلعه بالجهد علی هم و حزن.

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فِیهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا عَلَی سَبِیلِ مَنْ قَدْ مَضَی مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَ أَشَدَّ بَطْشاً وَ أَعْمَرَ دِیَاراً وَ أَبْعَدَ آثَاراً فَأَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً جَامِدَةً(1) مِنْ بَعْدِ طُولِ تَقَلُّبِهَا وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِیَةً وَ دِیَارُهُمْ خَالِیَةً وَ آثَارُهُمْ عَافِیَةً(2) وَ اسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَیَّدَةِ وَ السُّرُرِ وَ النَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ(3)

الصُّخُورَ وَ الْأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ فِی الْقُبُورِ لِلَاطِیَةِ الْمُلْحَدَةِ(4) الَّتِی قَدْ بَیَّنَ الْخَرَابَ فِنَاؤُهَا وَ شَیَّدَ التُّرَابَ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ (5) بَیْنَ أَهْلِ عُمَارَةٍ مُوحِشِینَ وَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُتَشَاغِلِینَ لَا یَسْتَأْنِسُونَ بِالْعُمْرَانِ- وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ الْجِیرَانَ وَ الْإِخْوَانَ عَلَی مَا بَیْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَ دُنُوِّ الدَّارِ وَ كَیْفَ یَكُونُ بَیْنَهُمْ تَوَاصُلٌ وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلَةِ الْبِلَی فَأَكَلَهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّرَی (6) فَأَصْبَحُوا بَعْدَ الْحَیَاةِ أَمْوَاتاً وَ بَعْدَ غَضَارَةِ الْعَیْشِ رُفَاتاً فُجِعَ بِهِمُ الْأَحْبَابُ وَ سَكَنُوا التُّرَابَ وَ ظَعَنُوا فَلَیْسَ لَهُمْ إِیَابٌ- هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ وَ كَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ مِنَ الْبِلَی وَ الْوَحْدَةِ فِی دَارِ الْمَوْتِ وَ ارْتَهَنْتُمْ فِی ذَلِكَ

ص: 439


1- 1. الهمود: طفوء النار او ذهاب حرارتها و الفعل كنصر.
2- 2. أی ممحوة و عفا أثره أی انمحی و اندرس.
3- 3. النمارق جمع نمرقة و هی الوسادة یتكأ علیها. الممهدة: المبسوطة.
4- 4. الاستناد الی الشی ء: الاعتماد علیه. و لطأ بالارض- كمنع و فرح-: لصق.
5- 5. المغترب: الظاعن.
6- 6. الكلكل- كجعفر-: صدر البعیر، شبه علیه السلام البلی ای الفناء بالجمل یرض صدره ما برك علیه. و الجنادل: الحجارة. و الثری: التراب.

الْمَضْجَعِ وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَكَیْفَ بِكُمْ لَوْ قَدْ تَنَاهَتِ الْأُمُورُ وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ(1) وَ حُصِّلَ ما فِی الصُّدُورِ وَ وَقَعْتُمْ لِلتَّحْصِیلِ (2)

بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ الْجَلِیلِ فَطَارَتِ الْقُلُوبُ لِإِشْفَاقِهَا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ هُتِكَتْ مِنْكُمُ الْحُجُبُ وَ الْأَسْتَارُ وَ ظَهَرَتْ مِنْكُمُ الْغُیُوبُ وَ الْأَسْرَارُ هُنَالِكَ تُجْزی كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی- اغْتَنِمُوا أَیَّامَ الصِّحَّةِ قَبْلَ السَّقَمِ وَ الشَّیْبَةِ قَبْلَ الْهَرَمِ وَ بَادِرُوا التَّوْبَةَ قَبْلَ النَّدَمِ وَ لَا یَحْمِلَنَّكُمُ الْمُهْلَةُ عَلَی طُولِ الْغَفْلَةِ فَإِنَّ الْأَجَلَ یَهْدِمُ الْأَمَلَ وَ الْأَیَّامُ مُوَكَّلَةٌ بِنَقْصِ الْمُدَّةِ وَ تَفْرِیقِ الْأَحِبَّةِ فَبَادِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ حُضُورِ النَّوْبَةِ وَ بَرَزُوا لِلْغِیبَةِ الَّتِی لَا یَنْتَظِرُ مَعَهَا الْأَوْبَةَ(3)

وَ اسْتَعِینُوا عَلَی بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِطُولِ الْمَخَافَةِ فَكَمْ مِنْ غَافِلٍ وَثِقَ لِغَفْلَتِهِ وَ تَعَلَّلَ بِمُهْلَتِهِ فَأَمَّلَ بَعِیداً وَ بَنَی مَشِیداً فَنَقَصَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ بُعْدُ أَمَلِهِ فَاجَأَتْهُ مَنِیَّتُهُ بِانْقِطَاعِ أُمْنِیَّتِهِ فَصَارَ بَعْدَ الْعِزِّ وَ الْمَنَعَةِ وَ الشَّرَفِ وَ الرِّفْعَةِ مُرْتَهَناً بِمُوبِقَاتِ عَمَلِهِ (4)

قَدْ غَابَ فَمَا یَرْجِعُ وَ نَدِمَ فَمَا انْتَفَعَ وَ شَقِیَ بِمَا جَمَعَ فِی یَوْمِهِ وَ سَعِدَ بِهِ غَیْرُهُ فِی غَدِهِ وَ بَقِیَ مُرْتَهَناً بِكَسْبِ یَدِهِ ذَاهِلًا عَنْ أَهْلِهِ وَ وَلَدِهِ- لَا یُغْنِی عَنْهُ مَا تَرَكَ فَتِیلًا(5) وَ لَا یَجِدُ إِلَی مَنَاصٍ سَبِیلًا- فَعَلَامَ عِبَادَ اللَّهِ التَّعَرُّجُ وَ الدَّلَجُ (6)

وَ إِلَی أَیْنَ الْمَفَرُّ وَ الْمَهْرَبُ وَ هَذَا الْمَوْتُ

ص: 440


1- 1. أی بلغكم الی النهایة و وصلتم الی منتهی تلك الأحوال و هو البعث و النشور. و بعثر الرجل متاعه إذا فرقه و بدده و بعثرت القبور ای قلب ثراها و اخرج موتاها.
2- 2. فی مطالب السئول« و وقفتم للتحصیل».
3- 3. الاوبة: الرجوع.
4- 4. الموبقات: المهلكات.
5- 5. الفتیل: الخیط فی شق النبات. أی لا یغنی عنه شیئا بقدر الفتیل. و المناص الخلاص.
6- 6. التعرج: الصعود، و الدلج: السفر باللیل.

فِی الطَّلَبِ یَخْتَرِمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ (1) لَا یَتَحَنَّنُ عَلَی ضَعِیفٍ وَ لَا یُعْرَجُ عَلَی شَرِیفٍ (2) وَ الْجَدِیدَانِ (3)

یَحُثَّانِ الْأَجَلَ تَحْثِیثاً وَ یَسُوقَانِهِ سَوْقاً حَثِیثاً(4)

وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَرِیبٌ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْعَجَبُ الْعَجَبُ فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ لِیَوْمِ الْحِسَابِ وَ أَكْثِرُوا الزَّادَ لِیَوْمِ الْمَعَادِ- عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ أَعَانَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَی مَا یُقَرِّبُ إِلَیْهِ وَ یُزْلِفُ لَدَیْهِ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ وَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ وَ ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَ أَلْبَسَكُمُ الرِّیَاشَ وَ أَرْفَعَ لَكُمُ الْمَعَاشَ وَ آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ وَ أَوْسَعَ لَكُمْ فِی الرِّفْدِ الرَّوَافِغِ (5)

فَتَشَمَّرُوا فَقَدْ أَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءُ وَ ارْتَهَنَ لَكُمُ الْجَزَاءُ(6)

الْقُلُوبُ قَاسِیَةٌ عَنْ حَظِّهَا- لَاهِیَةٌ عَنْ رُشْدِهَا اتَّقُوا اللَّهَ تَقِیَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِیداً وَ جَدَّ تَشْمِیراً وَ انْكَمَشَ فِی مَهَلٍ وَ أَشْفَقَ فِی وَجَلٍ وَ نَظَرَ فِی كَرَّةِ الْمَوْئِلِ وَ عَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ وَ مَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ وَ

كَفَی بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصِیراً وَ كَفَی بِكِتَابِ اللَّهِ حَجِیجاً وَ خَصِیماً(7)

رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً اسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ وَ تَجَلْبَبَ الْخَوْفَ وَ أَضْمَرَ الْیَقِینَ وَ عُرِیَ عَنِ الشَّكِ

ص: 441


1- 1. اخترمه: أهلكه و استأصله. و اخترمه المرض: هزله و اخترمه المنیة: أخذته و تحنن علیه: ترحم.
2- 2. فلان لا یعرج علی قوله أی لا یعتمد علیه. و علی المكان أن حبس مطیته علیه و أقام فیه.
3- 3. أی اللیل و النهار.
4- 4. التحثیث: التحریص و التنشیط علی فعل. و الحثیث: السریع.
5- 5. الرفد العطاء، و الروافغ الواسعة.
6- 6. فی النهج« و ارصد لكم الجزاء».
7- 7. شمر تشمرا: مر مسرعا. و انكمش الرجل: أسرع وجد. أی و بالغ فی حث نفسه علی المسیر إلی اللّٰه تعالی مع تمهل البصیرة. و الوجل: الخوف. و الموئل: مستقر السیر و المراد هنا ما ینتهی إلیه الإنسان من سعادة و شقاء، و كرته. حملته و اقباله. و المغبة- بفتح المیم و الغین و تشدید الباء-: العاقبة. و الحجیج: الخصیم و المخاصم. فاعلم انی استفدت كثیرا فی ترجمة لغات هذه الخطب من كتاب بهجة الحدائق من شروح النهج للسیّد علاء الدین محمّد بن الامیر شاه أبی تراب من سادات گلستانة الأصفهانیّ- رحمه اللّٰه المتوفّی سنة 1110 الهجری القمری. و للّٰه الحمد أولا و آخرا.

فِی تَوَهُّمِ الزَّوَالِ فَهُوَ مِنْهُ عَلَی وَبَالٍ فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَی فِی قَلْبِهِ وَ قَرَّبَ عَلَی نَفْسِهِ الْبَعِیدَ وَ هَوَّنَ الشَّدِیدَ فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَی وَ مُشَارَكَةِ الْمَوْتَی وَ خیار [صَارَ] مِنْ مَفَاتِیحِ الْهُدَی وَ مَغَالِیقِ أَبْوَابِ الرَّدَی وَ اسْتَفْتَحَ بِمَا فَتَحَ بِهِ الْعَالِمُ أَبْوَابَهُ وَ خَاضَ بِحَارَهُ وَ قَطَعَ غِمَارَهُ وَ وَضَحَتْ لَهُ سَبِیلُهُ وَ مَنَارُهُ وَ اسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَی بِأَوْثَقِهَا وَ اسْتَعْصَمَ مِنَ الْجِبَالِ بِأَمْتَنِهَا خَوَّاضُ غَمَرَاتٍ فَتَّاحُ مُبْهَمَاتٍ دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِیلُ فَلَوَاتٍ یَقُولُ فَیُفْهِمُ وَ یَسْكُتُ فَیَسْلَمُ- قَدْ أَخْلَصَ لِلَّهِ فَاسْتَخْلَصَهُ فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِینِهِ وَ أَوْتَادِ أَرْضِهِ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلُ عَدْلِهِ نَفْیَ الْهَوَی عَنْ نَفْسِهِ یَصِفُ الْحَقَّ وَ یَعْمَلُ بِهِ لَا یَدَعُ لِلْخَیْرِ غَایَةً إِلَّا أَمَّهَا وَ لَا مَطِیَّةً إِلَّا قَصَدَهَا.

[تمّ القسم الأوّل من كتاب الروضة و یلیه القسم الثانی أوّله كتاب الغارات]

ص: 442

كلمة المصحّح

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

نحمدك اللّٰهمّ علی التوفیق و نصلّی علی رسولك و آله هداة الطریق.

أمّا بعد: فإنّی لمغتبط بهذه الفرصة التی أتیحت لی لتصحیح هذا الجزء الذی هو فی أجزاء الكتاب كالكوكب الدّریّ و فی نظام هذا السلك المنضّد كالدّر الوضی ء لما فیه من عقائل الأدب و كرائم الخطب و ینابیع الحكم و المواعظ و الزواجر و العبر و محاسن الكتب و الأثر ما یشفی الغلیل من غلّته و یبری ء العلیل من علّته و یطهّر النفوس عن درن الرذائل و یرحض القلوب عن ظلمة الآثام فمن امتثل أوامره و ائتمر و انتهی عن نواهیه و ازدجر، و اتّعظ بمواعظه و اعتبر فهو أفضل من تقمّص و ائتزر.

و الكتاب بما فی غضونه من الدروس الراقیة یغنینا عن سرد جمل الثناة علیه أو تسطیر الكلم فی إطرائه غیر أنّه لم یخرج فی زمان مؤلّفه الفحل و البطل و سارع إلی رحمة ربّه الكریم و لم یمهله الأجل فبقی مسودّة دون تصحیح ألفاظه و تفسیر غرائبه و لغاته.

فهو مع كونه جؤنة مشحونة بنفائس الأعلاق ذو حظّ وافر من الأسقاط و الأغلاط فقاسیت ما قاسیت فی تصحیحه و لم آل جهداً فی تحقیقه، و تحمّلت المشاقّ فی توضیحه و لم أرم الإطناب فی تعلیقه مع أنّ الباع قصیر و الأمر خطیر.

و لست بمستعظم عملی و لا مستكثر جهدی و ما أبرّء نفسی و أنا معترف بأنّ الذی خلق من عجل قلّما یسلم من الخطأ و الزلل فالمرجوّ من أساتذتی العظام أن یمرّوا علی هفواتی مرّ الكرام، فإنّ العصمة للّٰه الملك العلّام و ما توفیقی إلّا باللّٰه علیه توكّلت و إلیه أنیب.

علی أكبر الغفاری

ص: 443

فهرس ما فی هذا الجزء

عناوین الباب/ رقم الصفحة

أبواب المواعظ و الحكم

«1»- باب مواعظ اللّٰه عزّ و جلّ فی القرآن المجید 17- 1

«2»- باب مواعظ اللّٰه فی سائر الكتب السماویّ و فی الحدیث القدسی و فی مواعظ جبرئیل علیه السلام 44- 18

«3»- باب ما أوصی رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله إلی أمیر المؤمنین علیه السلام 69- 44

«4»- باب ما أوصی به رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله إلی أبی ذر رحمه اللّٰه 91- 70

«5»- باب وصیة النبیّ صّلی الّله علیه و آله إلی عبد اللّٰه بن مسعود 109- 92

«6»- باب جوامع وصایا رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله و مواعظه و حكمه 136- 110

«7»- باب ما جمع من مفردات كلمات الرسول صّلی الّله علیه و آله و جوامع كلمه 195- 137

«8»- باب وصیة أمیر المؤمنین إلی الحسن بن علی علیهما السلام و إلی محمد بن الحنفیة 235- 196

«9»- باب وصیة أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه للحسین صلی اللّٰه علیه 239- 236

«10»- باب عهد أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الأشتر حین ولّاه مصر 266- 240

«11»- باب وصیته علیه السلام لكمیل بن زیاد النخعی 277- 266

«12»- باب كتاب كتبه علیه السلام لدار شریح 279- 277

«13»- باب تفسیره علیه السلام كلام الناقوس 280- 279

«14»- باب خطبه صلوات اللّٰه علیه المعروفة 376- 280

«15»- باب مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام و خطبه أیضا و حكمه 442- 376

ص: 444

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 445

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.