بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 41: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
«1»- ید، [التوحید] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام غُلَامٌ اسْمُهُ قَنْبَرٌ وَ كَانَ یُحِبُّ عَلِیّاً حُبّاً شَدِیداً فَإِذَا خَرَجَ عَلِیٌّ خَرَجَ عَلَی أَثَرِهِ بِالسَّیْفِ فَرَآهُ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَقَالَ (1) یَا قَنْبَرُ مَا لَكَ قَالَ جِئْتُ لِأَمْشِیَ خَلْفَكَ فَإِنَّ النَّاسَ كَمَا تَرَاهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَخِفْتُ عَلَیْكَ قَالَ وَیْحَكَ أَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ تَحْرُسُنِی أَمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ لَا یَسْتَطِیعُونَ بِی شَیْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ السَّمَاءِ فَارْجِعْ فَرَجَعَ (2).
«2»- ید، [التوحید] الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی حَیَّانَ التَّیْمِیِ (3) عَنْ أَبِیهِ وَ كَانَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ وَ فِیمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یُعَبِّئُ (4) الْكَتَائِبَ یَوْمَ صِفِّینَ وَ مُعَاوِیَةُ مُسْتَقْبِلُهُ عَلَی فَرَسٍ لَهُ یَتَأَكَّلُ (5) تَحْتَهُ تَأَكُّلًا وَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی فَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُرْتَجِزِ وَ بِیَدِهِ حَرْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مُتَقَلِّدٌ سَیْفَهُ ذَا الْفَقَارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ احْتَرِسْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّا نَخْشَی أَنْ یَغْتَالَكَ (6) هَذَا الْمَلْعُونُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنَّهُ غَیْرُ
مَأْمُونٍ عَلَی دِینِهِ وَ إِنَّهُ لَأَشْقَی الْقَاسِطِینَ وَ أَلْعَنُ الْخَارِجِینَ عَلَی الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِینَ وَ لَكِنْ كَفَی بِالْأَجَلِ حَارِساً لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ یَتَرَدَّی فِی بِئْرٍ أَوْ یَقَعَ عَلَیْهِ حَائِطٌ أَوْ یُصِیبَهُ سُوءٌ فَإِذَا حَانَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یُصِیبُهُ فَكَذَلِكَ (1) أَنَا إِذَا حَانَ أَجَلِی انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَخَضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی لِحْیَتِهِ وَ رَأْسِهِ عَهْداً مَعْهُوداً وَ وَعْداً غَیْرَ مَكْذُوبٍ وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ(2).
«3»- ید، [التوحید] الْوَرَّاقُ وَ ابْنُ الْمُغِیرَةِ(3) مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَدَلَ مِنْ عِنْدِ حَائِطٍ مَائِلٍ إِلَی حَائِطٍ آخَرَ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ قَالَ (4) أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ إِلَی قَدَرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (5).
بیان: لعل المعنی أن فراری أیضا مما قدره اللّٰه تعالی فلا ینافی الاحتراز عن المكاره الإیمان بقضائه تعالی و قد مر توضیحه فی كتاب العدل.
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَطُوفُ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ بِصِفِّینَ فِی غِلَالَةٍ(6) فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام مَا هَذَا زِیَّ الْحَرْبِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ أَبَاكَ لَا یُبَالِی وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ.
وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ مَا یَنْتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا مِنْ فَوْقِهَا بِدَمٍ وَ لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ قَالَ فُزْتُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی قُلْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِیاءُ(7) الْآیَةَ وَ مِنْ صَبْرِهِ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ الصَّابِرِینَ وَ
ص: 2
الصَّادِقِینَ وَ الْقانِتِینَ وَ الْمُنْفِقِینَ وَ الْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحارِ(1) وَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّهَا نَزَلَتْ فِیهِ أَنَّهُ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَی صَبْرِهِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی شَدَائِدِهِ مِنْ صِغَرِهِ إِلَی كِبَرِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی صِفَةَ الصَّابِرِینَ فِی قَوْلِهِ وَ الصَّابِرِینَ فِی الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِینَ صَدَقُوا(2) وَ هَذَا صِفَتُهُ بِلَا شَكٍّ.
مَجْمَعُ الْبَیَانِ وَ تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ: أَنَّهُ أَصَابَ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ أُحُدٍ سِتُّونَ جِرَاحَةً.
تَفْسِیرُ الْقُشَیْرِیِّ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: إِنَّهُ أُتِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ عَلَیْهِ نَیِّفٌ وَ سِتُّونَ جِرَاحَةً قَالَ أَبَانٌ أَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أُمَّ سُلَیْمٍ وَ أُمَّ عَطِیَّةَ أَنْ تُدَاوِیَاهُ فَقَالَتَا قَدْ خِفْنَا عَلَیْهِ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمُسْلِمُونَ یَعُودُونَهُ وَ هُوَ قَرْحَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَعَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُهُ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ إِنَّ رَجُلًا لَقِیَ هَذَا فِی اللَّهِ لَقَدْ أَبْلَی (3) وَ أَعْذَرَ فَكَانَ یَلْتَئِمُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَنِی لَمْ أَفِرَّ وَ لَمْ أولی [أُوَلِ] الدُّبُرَ فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ ذَلِكَ فِی مَوْضِعَیْنِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی سَیَجْزِی اللَّهُ الشَّاكِرِینَ (4) وَ سَنَجْزِی الشَّاكِرِینَ (5).
سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ یَنْقَلِبْ عَلی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً وَ سَیَجْزِی اللَّهُ الشَّاكِرِینَ (6) یَعْنِی بِالشَّاكِرِینَ صَاحِبَكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ الْمُرْتَدِّینَ عَلَی أَعْقَابِهِمُ الَّذِینَ ارْتَدُّوا عَنْهُ.
سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی
ص: 3
إِنِّی جَزَیْتُهُمُ الْیَوْمَ بِما صَبَرُوا(1) یَعْنِی صَبَرَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام فِی الدُّنْیَا عَلَی الطَّاعَاتِ وَ عَلَی الْجُوعِ وَ عَلَی الْفَقْرِ وَ صَبَرُوا عَلَی الْبَلَاءِ لِلَّهِ فِی الدُّنْیَا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (2) وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ(3) عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ لَمَّا نَعَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً بِحَالِ جَعْفَرٍ فِی غَزْوَةِ مُؤْتَةَ(4) قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ (5) الْآیَةَ.
وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنِّی وَ اللَّهِ لَأُحِبُّكَ فِی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِی فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافاً أَوْ جِلْبَاباً(6). قال أبو عبیدة و تغلب (7) أی استعد جلبابا من العمل الصالح و التقوی یكون لك جنة من الفقر یوم القیامة و قال آخرون أی فلیرفض الدنیا و لیزهد فیها و لیصبر علی الفقر: یدل علیه. قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ مَا لِی لَا أَرَی مِنْهُمْ سِیمَاءَ الشِّیعَةِ قِیلَ وَ مَا سِیمَاءُ الشِّیعَةِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الطَّوَی یُبْسُ الشِّفَاهِ مِنَ الظَّمَاءِ عُمْشُ الْعُیُونِ مِنَ الْبُكَاءِ.
فِی مُسْنَدِ أَبِی یَعْلَی وَ اعْتِقَادِ الْأُشْنُهِیِّ وَ مَجْمُوعِ أَبِی الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَنَسٍ وَ أَبِی بَرْزَةَ وَ أَبِی رَافِعٍ وَ فِی إِبَانَةِ ابْنِ بَطَّةَ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ یَتَمَشَّی إِلَی قُبَاءَ فَمَرَّ بِحَدِیقَةٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِیقَةَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِیقَتُكَ یَا عَلِیُّ فِی الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّی مَرَّ بِسَبْعِ حَدَائِقَ عَلَی ذَلِكَ
ص: 4
ثُمَّ أَهْوَی إِلَیْهِ فَاعْتَنَقَهُ فَبَكَی وَ بَكَی عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا الَّذِی أَبْكَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبْكِی لِضَغَائِنَ فِی صُدُورِ قَوْمٍ لَنْ تَبْدُوَ لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِی قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ أَصْنَعُ قَالَ تَصْبِرُ فَإِنْ لَمْ تَصْبِرْ تَلْقَ جَهْداً وَ شِدَّةً قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَخَافُ فِیهَا هَلَاكَ دِینِی قَالَ بَلْ فِیهَا حَیَاةُ دِینِكَ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا رَأَیْتُ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً رَخَاءً فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَقَدْ خِفْتُ صَغِیراً وَ جَاهَدْتُ كَبِیراً أُقَاتِلُ الْمُشْرِكِینَ وَ أُعَادِی الْمُنَافِقِینَ حَتَّی قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ فَكَانَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَی فَلَمْ أَزَلْ مُحَاذِراً وَجِلًا أَخَافُ أَنْ یَكُونَ مَا لَا یَسَعُنِی فِیهِ الْمُقَامُ فَلَمْ أَرَ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَّا خَیْراً حَتَّی مَاتَ عُمَرُ فَكَانَتْ أَشْیَاءُ فَفَعَلَ اللَّهُ مَا شَاءَ ثُمَّ أُصِیبَ فُلَانٌ فَمَا زِلْتُ بَعْدُ فِیمَا تَرَوْنَ دَائِباً أَضْرِبُ بِسَیْفِی صَبِیّاً حَتَّی كُنْتُ شَیْخاً الْخَبَرَ.
عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فِی حَدِیثِهِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْأُمَرَاءَ یَظْلِمُونَ النَّاسَ فَإِذَا النَّاسُ یَظْلِمُونَ الْأُمَرَاءَ.
أَبُو الْفَتْحِ الْحَفَّارُ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ كُنْتُ قِیلَ لَهُ عَرَفْنَا ظُلْمَكَ فِی كِبَرِكَ فَمَا ظُلْمُكَ فِی صِغَرِكَ فَذَكَرَ أَنَّ عَقِیلًا كَانَ بِهِ رَمَدٌ فَكَانَ لَا یَذُرُّهُمَا حَتَّی یَبْدَءُوا بِی (1).
«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَمِیٍّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَما یُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّینِ (2) یَقُولُ یَا مُحَمَّدُ لَا یُكَذِّبُكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بَعْدَ مَا آمَنَ بِالْحِسَابِ.
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَقَامَاتٍ كَثِیرَةٍ: أَنَا بَابُ الْمَقَامِ وَ حُجَّةُ الْخِصَامِ وَ دَابَّةُ الْأَرْضِ وَ صَاحِبُ الْعَصَا وَ فَاصِلُ الْقَضَاءِ وَ سَفِینَةُ النَّجَاةِ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ وَ قَالَ أَیْضاً أَنَا شَجَرَةُ النَّدَی وَ حِجَابُ الْوَرَی وَ صَاحِبُ الدُّنْیَا وَ حُجَّةُ
ص: 5
الْأَنْبِیَاءِ وَ اللِّسَانُ الْمُبِینُ وَ الْحَبْلُ الْمَتِینُ وَ النَّبَأُ الْعَظِیمُ الَّذِی عَنْهُ تُعْرِضُونَ وَ عَنْهُ تُسْأَلُونَ وَ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ.
وَ قَالَ علیه السلام فَوَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عُلُوِّ مَكَانِكَ فِی عَظَمَتِكَ وَ قُدْرَتِكَ مَا هِبْتُ عَدُوّاً وَ لَا تَمَلَّقْتُ وَلِیّاً وَ لَا شَكَرْتُ عَلَی النَّعْمَاءِ أَحَداً سِوَاكَ.
وَ فِی مُنَاجَاتِهِ اللَّهُمَّ إِنِّی عَبْدُكَ وَ وَلِیُّكَ اخْتَرْتَنِی وَ ارْتَضَیْتَنِی وَ رَفَعْتَنِی وَ كَرَّمْتَنِی بِمَا أَوْرَثْتَنِی مِنْ مَقَامِ أَصْفِیَائِكَ وَ خِلَافَةِ أَوْلِیَائِكَ وَ أَغْنَیْتَنِی وَ أَفْقَرْتَ النَّاسَ فِی دِینِهِمْ وَ دُنْیَاهُمْ إِلَیَّ وَ أَعْزَزْتَنِی وَ أَذْلَلْتَ الْعِبَادَ إِلَیَّ وَ أَسْكَنْتَ قَلْبِی نُورَكَ وَ لَمْ تُحْوِجْنِی إِلَی غَیْرِكَ وَ أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ أَنْعَمْتَ بِی وَ لَمْ تَجْعَلْ مِنَّةً عَلَیَّ لِأَحَدٍ سِوَاكَ وَ أَقَمْتَنِی لِإِحْیَاءِ حَقِّكَ وَ الشَّهَادَةِ عَلَی خَلْقِكَ وَ أَنْ لَا أَرْضَی وَ لَا أَسْخَطَ إِلَّا لِرِضَاكَ وَ سَخَطِكَ وَ لَا أَقُولَ إِلَّا حَقّاً وَ لَا أَنْطِقَ إِلَّا صِدْقاً. فانظر إلی جسارته علی الحق و خذلان جماعة كما تكلموا بما روی عنهم فی حلیة الأولیاء و غریب الحدیث و غیرهما(1).
«6»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَلَسَ إِلَی حَائِطٍ مَائِلٍ یَقْضِی بَیْنَ النَّاسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَقْعُدْ تَحْتَ هَذَا الْحَائِطِ فَإِنَّهُ مُعْوِرٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَرَسَ امْرَأً أَجَلُهُ (2) فَلَمَّا قَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَقَطَ الْحَائِطُ قَالَ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِمَّا یَفْعَلُ هَذَا وَ أَشْبَاهَهُ وَ هَذَا الْیَقِینُ (3).
«7»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: نَظَرْتُ یَوْماً فِی الْحَرْبِ إِلَی رَجُلٍ
ص: 6
عَلَیْهِ ثَوْبَانِ فَحَرَّكْتُ فَرَسِی فَإِذَا هُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ نَعَمْ یَا سَعِیدَ بْنَ قَیْسٍ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ لَهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَافِظٌ وَ وَاقِیَةٌ مَعَهُ مَلَكَانِ یَحْفَظَانِهِ مِنْ أَنْ یَسْقُطَ مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ یَقَعَ فِی بِئْرٍ فَإِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ خَلَّیَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ كُلِّ شَیْ ءٍ(1).
«8»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَهُ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ (2) عَلِمْتُ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی أَخْبَرَكَ اللَّهُ تَعَالَی بِهَا فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ أُمَّتِی سَیُفْتَنُونَ مِنْ بَعْدِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ قَدْ قُلْتَ لِی یَوْمَ أُحُدٍ حَیْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أُخِّرَتْ (3) عَنِّی الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ فَقُلْتَ لِی أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ فَقَالَ لِی إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذَنْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَ لَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَی وَ الشُّكْرِ(4).
«9»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَالَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ الِاشْتِمَالُ عَلَی الْمَكَارِمِ ثُمَّ لَا یُبَالِی أَنْ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ مَا یُبَالِی ابْنُ أَبِی طَالِبٍ أَنْ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ (5).
ص: 7
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فِی الصَّحِیحَیْنِ وَ التَّأْرِیخَیْنِ وَ الْمُسْنَدَیْنِ وَ أَكْثَرِ التَّفَاسِیرِ: أَنَّ سَارَةَ مَوْلَاةَ أَبِی عَمْرِو بْنِ صَیْفِیِّ بْنِ هِشَامٍ أَتَتِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَكَّةَ مُسْتَرْفِدَةً فَأَمَرَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِإِسْدَانِهَا(1) فَأَعْطَاهَا حَاطِبُ بْنُ أَبِی بَلْتَعَةَ عَشَرَةَ دَنَانِیرَ عَلَی أَنْ تَحْمِلَ كِتَاباً بِخَبَرِ وُفُودِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَكَّةَ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله أَسَرَّ ذَلِكَ لِیَدْخُلَ عَلَیْهِمْ بَغْتَةً فَأَخَذَتِ الْكِتَابَ وَ أَخْفَتْهُ فِی شَعْرِهَا وَ ذَهَبَتْ فَأَتَی جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ قَصَّ الْقِصَّةَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْفَذَ عَلِیّاً وَ الزُّبَیْرَ وَ مِقْدَاداً وَ عَمَّاراً وَ عُمَرَ وَ طَلْحَةَ وَ أَبَا مَرْثَدٍ خَلْفَهَا فَأَدْرَكُوهَا بِرَوْضَةِ خَاخٍ یُطَالِبُونَهَا بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَتْ وَ مَا وَجَدُوا مَعَهَا كِتَاباً فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَذَبْنَا وَ لَا كُذِبْنَا وَ سَلَّ سَیْفَهُ وَ قَالَ أَخْرِجِی الْكِتَابَ وَ إِلَّا وَ اللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكِ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عَقِیصَتِهَا فَأَخَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْكِتَابَ وَ جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَعَا بِحَاطِبِ بْنِ أَبِی بَلْتَعَةَ وَ قَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَی مَا فَعَلْتَ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا عَزِیزاً فِی أَهْلِ مَكَّةَ أَیْ غَرِیباً سَاكِناً بِجِوَارِهِمْ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ بِكِتَابِی إِلَیْهِمْ مَوَدَّةً لِیَدْفَعُوا عَنْ أَهْلِی بِذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ-(2) قَالَ السُّدِّیُّ وَ مُجَاهِدٌ فِی تَفْسِیرِهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ بِالْكِتَابِ وَ النَّصِیحَةِ لَهُمْ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ أَیُّهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْحَقِ یَعْنِی الرَّسُولَ وَ الْكِتَابَ یُخْرِجُونَ الرَّسُولَ یَعْنِی مُحَمَّداً وَ إِیَّاكُمْ یَعْنِی وَ هُمْ أَخْرَجُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ وَ كَانَ النَّبِیُّ وَ عَلِیٌّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا وَ حَاطِبٌ مِمَّنْ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَخَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِإِیمَانِهِ
ص: 8
إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِی سَبِیلِی وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِی أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ تُسِرُّونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ تُخْفُونَ إِلَیْهِمْ بِالْكِتَابِ بِخَبَرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَتَّخِذُونَ عِنْدَهُمُ النَّصِیحَةَ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَیْتُمْ مِنْ إِخْفَاءِ الْكِتَابِ الَّذِی كَانَ مَعَهَا وَ ما أَعْلَنْتُمْ وَ مَا قَالَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلزُّبَیْرِ وَ اللَّهِ لَا صَدَقَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ لَیْسَ مَعَهَا كِتَابٌ بَلِ اللَّهُ أَصْدَقُ وَ رَسُولُهُ فَأَخَذَهُ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ یَفْعَلْهُ مِنْكُمْ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْكِتَابِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ.
وَ قَدِ اشْتَهَرَ عَنْهُ علیه السلام قَوْلُهُ أَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ یَكُنْ لِیَفْقَأَهَا غَیْرِی وَ أَخَذَ علیه السلام رَجُلًا مِنْ بَنِی أَسَدٍ فِی حَدٍّ فَاجْتَمَعُوا قَوْمُهُ لِیُكَلِّمُوا فِیهِ وَ طَلَبُوا إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام أَنْ یَصْحَبَهُمْ فَقَالَ ائْتُوهُ فَهُوَ أَعْلَی بِكُمْ عَیْناً فَدَخَلُوا عَلَیْهِ وَ سَأَلُوهُ فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِّی شَیْئاً أَمْلِكُهُ إِلَّا أَعْطَیْتُكُمْ فَخَرَجُوا یَرَوْنَ أَنَّهُمْ قَدْ أَنْجَحُوا فَسَأَلَهُمُ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالُوا أَتَیْنَا خَیْرَ مَأْتِیٍّ وَ حَكَوْا لَهُ قَوْلَهُ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ فَاعِلِینَ إِذَا جُلِدَ صَاحِبُكُمْ فَأَصْغَوْهُ فَأَخْرَجَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَحَدَّهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ لَسْتُ أَمْلِكُهُ (1).
بیان: قال الجزری فیه أعلی بهم عینا أی أبصر بهم و أعلم بحالهم (2) و أصغی الشی ء نقصه.
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ بَلَغَ مُعَاوِیَةَ أَنَّ النَّجَاشِیَّ هَجَاهُ فَدَسَّ قَوْماً شَهِدُوا عَلَیْهِ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ فَأَخَذَهُ عَلِیٌّ فَحَدَّهُ فَغَضِبَ جَمَاعَةٌ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی ذَلِكَ مِنْهُمْ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْدِیُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا كُنَّا نَرَی أَنَّ أَهْلَ الْمَعْصِیَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ أَهْلَ الْفُرْقَةِ وَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ وُلَاةِ الْعَقْلِ وَ مَعَادِنِ الْفَضْلِ سِیَّانِ فِی الْجَزَاءِ حَتَّی مَا كَانَ مِنْ صَنِیعِكَ بِأَخِی الْحَارِثِ یَعْنِی النَّجَاشِیَّ فَأَوْغَرْتَ صُدُورَنَا(3) وَ شَتَّتْتَ أُمُورَنَا وَ حَمَّلْتَنَا عَلَی الْجَادَّةِ الَّتِی كُنَّا نَرَی أَنَّ سَبِیلَ مَنْ رَكِبَهَا النَّارُ
ص: 9
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّها لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ یَا أَخَا بَنِی نَهْدٍ هَلْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ انْتَهَكَ حُرْمَةً مِنْ حرمة [حُرَمِ] اللَّهِ فَأَقَمْنَا عَلَیْهِ حَدَّهَا زَكَاةً لَهُ وَ تَطْهِیراً یَا أَخَا بَنِی نَهْدٍ إِنَّهُ مَنْ أَتَی حَدّاً فَأُلِیمَ (1) كَانَ كَفَّارَتَهُ یَا أَخَا بَنِی نَهْدٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ الْعَظِیمِ وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلی أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوی (2) فَخَرَجَ طَارِقٌ وَ النَّجَاشِیُّ مَعَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ یُقَالُ إِنَّهُ رَجَعَ (3).
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْحَسَنُ الْحُسَیْنِیُّ فِی كِتَابِ النَّسَبِ أَنَّهُ: رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَ بَدْرٍ عَقِیلًا فِی قَیْدٍ فَصَدَّ عَنْهُ فَصَاحَ بِهِ یَا عَلِیُّ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتَ مَكَانِی وَ لَكِنْ عَمْداً تَصُدُّ عَنِّی فَأَتَی عَلِیٌّ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِی أَبِی یَزِیدَ مَشْدُودَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ بِنِسْعَةٍ(4) فَقَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَیْهِ.
قُوتُ الْقُلُوبِ،: قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِنَّكَ خَالَفْتَ فُلَاناً فِی كَذَا فَقَالَ خَیْرُنَا أَتْبَعُنَا لِهَذَا الدِّینِ (5)
وَ قَصَدَ عَلِیٌّ علیه السلام دَارَ أُمِّ هَانِئٍ مُتَقَنِّعاً بِالْحَدِیدِ یَوْمَ الْفَتْحِ وَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّهَا آوَتِ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ وَ قَیْسَ بْنَ السَّائِبِ وَ نَاساً مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ فَنَادَی أَخْرِجُوا مَنْ آوَیْتُمْ فَیَجْعَلُونَ یَذْرِقُونَ (6) كَمَا یَذْرِقُ الْحُبَارَی خَوْفاً مِنْهُ فَخَرَجَتْ إِلَیْهِ أُمُّ هَانِئٍ وَ هِیَ لَا تَعْرِفُهُ فَقَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُخْتُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ انْصَرِفْ عَنْ دَارِی فَقَالَ علیه السلام أَخْرِجُوهُمْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَعَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ فَعَرَفَتْهُ فَجَاءَتْ تَشْتَدُّ حَتَّی الْتَزَمَتْهُ فَقَالَتْ فَدَیْتُكَ حَلَفْتُ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهَا اذْهَبِی فَبَرِّی
ص: 10
قَسَمَكِ فَإِنَّهُ بِأَعْلَی الْوَادِی فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهَا إِنَّمَا جِئْتِ یَا أُمَّ هَانِئٍ تَشْكِینَ عَلِیّاً فَإِنَّهُ أَخَافَ أَعْدَاءَ اللَّهِ وَ أَعْدَاءَ رَسُولِهِ شَكَرَ اللَّهُ لِعَلِیٍّ سَعْیَهُ وَ أَجَرْتُ مَنْ أَجَارَتْ أُمُّ هَانِئٍ لِمَكَانِهَا مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام(1).
«1»- لی، [الأمالی للصدوق] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّضْرِ التَّمِیمِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكِّیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُغِیرَةَ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِیهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً فِی مَجْلِسٍ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَذَاكَرْنَا أَعْمَالَ أَهْلِ بَدْرٍ وَ بَیْعَةَ الرِّضْوَانِ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ یَا قَوْمِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَقَلِّ الْقَوْمِ مَالًا وَ أَكْثَرِهِمْ وَرَعاً وَ أَشَدِّهِمُ اجْتِهَاداً فِی الْعِبَادَةِ قَالُوا مَنْ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَوَ اللَّهِ إِنْ كَانَ فِی جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَجْلِسِ إِلَّا مُعْرِضٌ عَنْهُ بِوَجْهِهِ ثُمَّ انْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ یَا عُوَیْمِرُ لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ مَا وَافَقَكَ عَلَیْهَا أَحَدٌ مُنْذُ أَتَیْتَ بِهَا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ یَا قَوْمِ إِنِّی قَائِلٌ مَا رَأَیْتُ وَ لْیَقُلْ كُلُّ قَوْمٍ مِنْكُمْ مَا رَأَوْا شَهِدْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ بِشُوَیْحِطَاتِ النَّجَّارِ وَ قَدِ اعْتَزَلَ عَنْ مَوَالِیهِ وَ اخْتَفَی مِمَّنْ یَلِیهِ وَ اسْتَتَرَ بِمُغَیِّلَاتِ النَّخْلِ فَافْتَقَدْتُهُ وَ بَعُدَ عَلَیَّ مَكَانُهُ فَقُلْتُ لَحِقَ بِمَنْزِلِهِ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ حَزِینٍ وَ نَغْمَةٍ شَجِیٍّ وَ هُوَ یَقُولُ إِلَهِی كَمْ مِنْ مُوبِقَةٍ حَلُمْتَ عَنْ مُقَابَلَتِهَا بِنَقِمَتِكَ (2) وَ كَمْ مِنْ جَرِیرَةٍ تَكَرَّمْتَ عَنْ كَشْفِهَا بِكَرَمِكَ إِلَهِی إِنْ طَالَ فِی عِصْیَانِكَ عُمُرِی وَ عَظُمَ فِی الصُّحُفِ ذَنْبِی فَمَا أَنَا مُؤَمِّلٌ غَیْرَ غُفْرَانِكَ وَ لَا أَنَا بِرَاجٍ غَیْرَ رِضْوَانِكَ فَشَغَلَنِی الصَّوْتُ وَ اقْتَفَیْتُ الْأَثَرَ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام
ص: 11
بِعَیْنِهِ فَاسْتَتَرْتُ لَهُ وَ أَخْمَلْتُ الْحَرَكَةَ فَرَكَعَ رَكَعَاتٍ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ الْغَابِرِ ثُمَّ فَرَغَ إِلَی الدُّعَاءِ وَ الْبُكَاءِ وَ الْبَثِّ وَ الشَّكْوَی فَكَانَ مِمَّا بِهِ اللَّهَ نَاجَاهُ أَنْ قَالَ إِلَهِی أُفَكِّرُ فِی عَفْوِكَ فَتَهُونُ عَلَیَّ خَطِیئَتِی ثُمَّ أَذْكُرُ الْعَظِیمَ مِنْ أَخْذِكَ فَتَعْظُمُ عَلَیَّ بَلِیَّتِی- ثُمَّ قَالَ آهِ إِنْ أَنَا قَرَأْتُ فِی الصُّحُفِ سَیِّئَةً أَنَا نَاسِیهَا وَ أَنْتَ مُحْصِیهَا فَتَقُولُ خُذُوهُ فَیَا لَهُ مِنْ مَأْخُوذٍ لَا تُنْجِیهِ عَشِیرَتُهُ وَ لَا تَنْفَعُهُ قَبِیلَتُهُ یَرْحَمُهُ الْمَلَأُ إِذَا أُذِنَ فِیهِ بِالنِّدَاءِ ثُمَّ قَالَ آهِ مِنْ نَارٍ تُنْضِجُ الْأَكْبَادَ وَ الْكُلَی (1) آهِ مِنْ نَارٍ نَزَّاعَةٍ لِلشَّوَی آهِ مِنْ غَمْرَةٍ مِنْ مُلْهَبَاتِ (2) لَظَی.
قَالَ ثُمَّ أَنْعَمَ (3) فِی الْبُكَاءِ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ حِسّاً وَ لَا حَرَكَةً فَقُلْتُ غَلَبَ عَلَیْهِ النَّوْمُ لِطُولِ السَّهَرِ أُوقِظُهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَیْتُهُ فَإِذَا هُوَ كَالْخَشَبَةِ الْمُلْقَاةِ فَحَرَّكْتُهُ فَلَمْ یَتَحَرَّكْ وَ زَوَیْتُهُ فَلَمْ یَنْزَوِ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مَاتَ وَ اللَّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فَأَتَیْتُ مَنْزِلَهُ مُبَادِراً أَنْعَاهُ إِلَیْهِمْ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ وَ مِنْ قِصَّتِهِ فَأَخْبَرْتُهَا الْخَبَرَ فَقَالَتْ هِیَ وَ اللَّهِ یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ الْغَشْیَةُ الَّتِی تَأْخُذُهُ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ ثُمَّ أَتَوْهُ بِمَاءٍ فَنَضَحُوهُ عَلَی وَجْهِهِ فَأَفَاقَ وَ نَظَرَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَبْكِی فَقَالَ مِمَّا بُكَاؤُكَ یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ مِمَّا أَرَاهُ تُنْزِلُهُ بِنَفْسِكَ فَقَالَ یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ فَكَیْفَ وَ لَوْ رَأَیْتَنِی وَ دُعِیَ بِی إِلَی الْحِسَابِ وَ أَیْقَنَ أَهْلُ الْجَرَائِمِ بِالْعَذَابِ وَ احْتَوَشَتْنِی مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ وَ زَبَانِیَةٌ فِظَاظٌ فَوَقَفْتُ بَیْنَ یَدَیِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ قَدْ أَسْلَمَنِی الْأَحِبَّاءُ وَ رَحِمَنِی أَهْلُ الدُّنْیَا لَكُنْتَ أَشَدَّ رَحْمَةً لِی بَیْنَ یَدَیْ مَنْ لَا تَخْفَی عَلَیْهِ خَافِیَةٌ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(4).
بیان: انتدب له أی أجابه و الشوحط شجر یتخذ منه القسی و الغیلة
ص: 12
بالكسر الشجر الكثیر الملتف و المغیال الشجرة الملتفة الأفنان الوارقة الظلال و قد أغیل الشجر و تغیل و استغیل و فی بعض النسخ بِبُعَیْلَاتِ النخل جمع بُعَیْلٍ مصغر البعل و هو كل نخل و شجر لا یسقی و الذكر من النخل و الغابر الماضی و الباقی ضد.
«2»- ما، [الأمالی للشیخ الطوسی] الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَیْنِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسَیْنِ عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام جَالِسٌ إِلَی جَنْبِهِ إِذْ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَكْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِیلًا ما تَذَكَّرُونَ (1) قَالَ فَانْتَفَضَ عَلِیٌّ علیه السلام انْتِفَاضَ الْعُصْفُورِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا شَأْنُكَ تَجْزَعُ فَقَالَ وَ مَا لِی لَا أَجْزَعُ وَ اللَّهُ یَقُولُ إِنَّهُ یَجْعَلُنَا خُلَفَاءَ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَجْزَعْ وَ اللَّهِ لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ (2).
«3»- لی، [الأمالی للصدوق] سَمِعَ رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِینَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ یَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَ قائِماً یَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ یَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ (3) قَالَ الرَّجُلُ فَأَتَیْتُ عَلِیّاً لِأَنْظُرَ إِلَی عِبَادَتِهِ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَتَیْتُهُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ فَوَجَدْتُهُ یُصَلِّی بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا جَلَسَ فِی التَّعْقِیبِ إِلَی أَنْ قَامَ إِلَی عِشَاءِ الْآخِرَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَدَخَلْتُ مَعَهُ فَوَجَدْتُهُ طُولَ اللَّیْلِ یُصَلِّی وَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِلَی أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ جَدَّدَ وُضُوءَهُ وَ خَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ صَلَّی بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ جَلَسَ فِی التَّعْقِیبِ إِلَی أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَصَدَهُ النَّاسُ فَجَعَلَ یَخْتَصِمُ إِلَیْهِ رَجُلَانِ فَإِذَا فَرَغَا قَامَا وَ اخْتَصَمَ آخَرَانِ إِلَی أَنْ قَامَ إِلَی صَلَاةِ الظُّهْرِ قَالَ فَجَدَّدَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وُضُوءاً ثُمَّ صَلَّی بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِی
ص: 13
التَّعْقِیبِ إِلَی أَنْ صَلَّی بِهِمُ الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ النَّاسُ فَجَعَلَ یَقُومُ رَجُلَانِ وَ یَقْعُدُ آخَرَانِ یَقْضِی بَیْنَهُمْ وَ یُفْتِیهِمْ إِلَی أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ فَخَرَجْتُ وَ أَنَا أَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِیهِ (1).
«4»- نهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِیدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ(2).
أقول: قال ابن میثم أی لأنه مستحق للعبادة.
وَ قَالَ علیه السلام فِی مَوْضِعٍ آخَرَ: إِلَهِی مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ عِقَابِكَ وَ لَا طَمَعاً فِی ثَوَابِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ.
«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ فِی الْأَمَالِی عَنْ أَبِی دَاوُدَ عَنِ السَّبِیعِیِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَیْنٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ إِلَی جَنْبِهِ إِذَا قَرَأَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَكْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (3) قَالَ فَارْتَعَدَ عَلِیٌّ علیه السلام فَضَرَبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی كَتِفَیْهِ وَ قَالَ مَا لَكَ یَا عَلِیُّ قَالَ قَرَأْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الْآیَةَ فَخَشِیتُ أَنْ أُبْتَلَی بِهَا فَأَصَابَنِی مَا رَأَیْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(4).
«6»- لی، [الأمالی للصدوق] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ النَّهْشَلِیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِی عَلِیّاً قَالَ أَ وَ تُعْفِینِی فَقَالَ لَا بَلْ صِفْهُ لِی قَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِیّاً
ص: 14
كَانَ وَ اللَّهِ فِینَا كَأَحَدِنَا یُدْنِینَا إِذَا أَتَیْنَاهُ وَ یُجِیبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ یُقَرِّبُنَا إِذَا زُرْنَاهُ لَا یُغْلَقُ لَهُ دُونَنَا بَابٌ وَ لَا یَحْجُبُنَا عَنْهُ حَاجِبٌ وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ مَعَ تَقْرِیبِهِ لَنَا وَ قُرْبِهِ مِنَّا لَا نُكَلِّمُهُ لِهَیْبَتِهِ وَ لَا نَبْتَدِیهِ لِعَظَمَتِهِ فَإِذَا تَبَسَّمَ فَمِنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ زِدْنِی فِی صِفَتِهِ فَقَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِیّاً كَانَ وَ اللَّهِ طَوِیلُ السُّهَادِ(1) قَلِیلُ الرُّقَادِ یَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ آنَاءَ اللَّیْلِ وَ أَطْرَافَ النَّهَارِ وَ یَجُودُ لِلَّهِ بِمُهْجَتِهِ وَ یَبُوءُ إِلَیْهِ بِعَبْرَتِهِ لَا تُغْلَقُ لَهُ السُّتُورُ وَ لَا یَدَّخِرُ عَنَّا الْبُدُورَ وَ لَا یَسْتَلِینُ الِاتِّكَاءَ وَ لَا یَسْتَخْشِنُ الْجَفَاءَ وَ لَوْ رَأَیْتَهُ إِذْ مُثِّلَ فِی مِحْرَابِهِ وَ قَدْ أَرْخَی اللَّیْلُ سُدُولَهُ وَ غَارَتْ نُجُومَهُ وَ هُوَ قَابِضٌ عَلَی لِحْیَتِهِ یَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ وَ یَبْكِی بُكَاءَ الْحَزِینِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا دُنْیَا أَ بِی تَعَرَّضْتِ (2) أَمْ إِلَیَّ تَشَوَّقْتِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ لَا حَاجَةَ لِی فِیكِ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِی عَلَیْكِ ثُمَّ یَقُولُ وَاهٍ وَاهٍ لِبُعْدِ السَّفَرِ وَ قِلَّةِ الزَّادِ وَ خُشُونَةِ الطَّرِیقِ قَالَ فَبَكَی مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ حَسْبُكَ یَا ضِرَارُ كَذَلِكَ وَ اللَّهِ كَانَ عَلِیٌّ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ (3).
بیان: البدور جمع البدرة و السدول جمع السدل و هو الستر شبه ظلم اللیل بالأستار المسدولة و تململ تقلب و السلیم من لدغته الحیة.
أَقُولُ: سَیَأْتِی فِی مَكَارِمِ أَخْلَاقِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْبَاقِرِ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ كَمَا كَانَ یَفْعَلُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ لَهُ خَمْسُمِائَةِ نَخْلَةٍ فَكَانَ یُصَلِّی عِنْدَ كُلِّ نَخْلَةٍ رَكْعَتَیْنِ.
«7»- ب، [قرب الإسناد] الطَّیَالِسِیُّ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدِ اتَّخَذَ بَیْتاً فِی دَارِهِ لَیْسَ بِالْكَبِیرِ وَ لَا بِالصَّغِیرِ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ مِنْ آخِرِ اللَّیْلِ أَخَذَ مَعَهُ صَبِیّاً لَا یَحْتَشِمُ مِنْهُ ثُمَّ یَذْهَبُ مَعَهُ إِلَی ذَلِكَ الْبَیْتِ فَیُصَلِّی (4).
«8»- ید، [التوحید] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ
ص: 15
الْمَوْصِلِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ حِبْرٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلْ رَأَیْتَ رَبَّكَ حِینَ عَبَدْتَهُ فَقَالَ وَیْلَكَ مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ قَالَ وَ كَیْفَ رَأَیْتَهُ قَالَ وَیْلَكَ لَا تُدْرِكُهُ الْعُیُونُ فِی مُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ وَ لَكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ (1).
«9»- ل، [الخصال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِمِیِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ نَوْفٍ قَالَ: بِتُّ لَیْلَةً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَانَ یُصَلِّی اللَّیْلَ كُلَّهُ وَ یَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَیَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَتْلُو الْقُرْآنَ قَالَ فَمَرَّ بِی بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّیْلِ (2) فَقَالَ یَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ قُلْتُ بَلْ رَامِقٌ أَرْمُقُكَ بِبَصَرِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا نَوْفُ طُوبَی لِلزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا الرَّاغِبِینَ فِی الْآخِرَةِ أُولَئِكَ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ الْقُرْآنَ دِثَاراً وَ الدُّعَاءَ شِعَاراً وَ قَرَّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْرِیضاً عَلَی مِنْهَاجِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ قُلْ لِلْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یَدْخُلُوا بَیْتاً مِنْ بُیُوتِی إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ وَ أَكُفٍّ نَقِیَّةٍ وَ قُلْ لَهُمُ اعْلَمُوا أَنِّی غَیْرُ مُسْتَجِیبٍ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ دَعْوَةً وَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ الْخَبَرَ(3).
نهج، [نهج البلاغة] عَنْ نَوْفٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ (4).
«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْبَاقِرُ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قَالَ ذَاكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ شِیعَتُهُ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ (5).
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ آبَائِهِ وَ السُّدِّیُّ عَنْ أَبِی مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ (6) وَ اللَّهِ لَهُوَ
ص: 16
عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
السُّدِّیُّ وَ أَبُو صَالِحٍ وَ ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ (1) قَالَ یُبَشِّرُ مُحَمَّدٌ بِالْجَنَّةِ عَلِیّاً وَ جَعْفَراً وَ عَقِیلًا وَ حَمْزَةَ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ (2) قَالَ الطَّاعَاتِ قَوْلُهُ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ وَ كَانَ یَصُومُ النَّهَارَ وَ یُصَلِّی بِاللَّیْلِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ عَمَّرَ طَرِیقَ مَكَّةَ وَ صَامَ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ وَ بَعْدَهُ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ حَجَّ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَشْرَ حِجَجٍ وَ جَاهَدَ فِی أَیَّامِهِ الْكُفَّارَ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ الْبُغَاةَ وَ بَسَطَ الْفَتَاوِیَ وَ أَنْشَأَ الْعُلُومَ وَ أَحْیَا السُّنَنَ وَ أَمَاتَ الْبِدَعَ.
أَبُو یَعْلَی فِی الْمُسْنَدِ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُ صَلَاةَ اللَّیْلِ مُنْذُ سَمِعْتُ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةُ اللَّیْلِ نُورٌ فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ لَا لَیْلَةَ الْهَرِیرِ قَالَ وَ لَا لَیْلَةَ الْهَرِیرِ.
إِبَانَةُ الْعُكْبَرِیِّ سُلَیْمَانُ بْنُ الْمُغِیرَةِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: سَأَلْتُ أُمَّ سَعِیدٍ سُرِّیَّةَ عَلِیٍّ عَنْ صَلَاةِ عَلِیٍّ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَتْ رَمَضَانُ وَ شَوَّالٌ سَوَاءٌ یُحْیِی اللَّیْلَ كُلَّهُ.
وَ فِی تَفْسِیرِ الْقُشَیْرِیِّ: أَنَّهُ كَانَ علیه السلام إِذَا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ تَلَوَّنَ وَ تَزَلْزَلَ فَقِیلَ لَهُ مَا لَكَ فَیَقُولُ جَاءَ وَقْتُ أَمَانَةٍ عَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَی عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها ... وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ فِی ضَعْفِی (3) فَلَا أَدْرِی أُحْسِنُ إذا [أَدَاءَ] مَا حَمَلْتُ أَمْ لَا وَ أَخَذَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ بَعْضَ صُحُفِ عِبَادَاتِهِ فَقَرَأَ فِیهَا یَسِیراً ثُمَّ تَرَكَهَا مِنْ یَدِهِ تَضَجُّراً وَ قَالَ مَنْ یَقْوَی عَلَی عِبَادَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآیَاتُ الْخَمْسُ فِی طس أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ
ص: 17
قَراراً(1) انْتَفَضَ عَلِیٌّ انْتِفَاضَ الْعُصْفُورِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا لَكَ یَا عَلِیُّ قَالَ عَجِبْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ كُفْرِهِمْ وَ حِلْمِ اللَّهِ تَعَالَی عَنْهُمْ فَمَسَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ أَبْشِرْ فَإِنَّهُ لَا یُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ وَ لَا یُحِبُّكَ مُنَافِقٌ وَ لَوْ لَا أَنْتَ لَمْ یُعْرَفْ حِزْبُ اللَّهِ (2).
«11»- كِتَابُ الْبَیَانِ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ، وَكِیعٌ وَ السُّدِّیُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُهْدِیَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَاقَتَانِ عَظِیمَتَانِ فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا لِمَنْ یُصَلِّی رَكْعَتَیْنِ لَا یَهُمُّ فِیهِمَا بِشَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ لَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ سِوَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَعْطَاهُ كِلْتَیْهِمَا(3).
«12»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام]: لَقَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً وَ قَدْ غَصَّ مَجْلِسُهُ بِأَهْلِهِ فَقَالَ أَیُّكُمُ الْیَوْمَ أَنْفَقَ (4) مِنْ مَالِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ فَسَكَتُوا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا خَرَجْتُ وَ مَعِی دِینَارٌ أُرِیدُ أَشْتَرِی بِهِ دَقِیقاً(5) فَرَأَیْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ أَسْوَدَ وَ تَبَیَّنْتُ (6) فِی وَجْهِهِ أَثَرَ الْجُوعِ فَنَاوَلْتُهُ الدِّینَارَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَجَبَتْ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ قَدْ أَنْفَقْتُ الْیَوْمَ أَكْثَرَ مِمَّا أَنْفَقَ عَلِیٌّ جَهَّزْتُ رَجُلًا وَ امْرَأَةً یُرِیدَانِ طَرِیقاً وَ لَا نَفَقَةَ لَهُمَا فَأَعْطَیْتُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ (7) فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ قُلْتَ لِعَلِیٍّ وَجَبَتْ وَ لَمْ تَقُلْ لِهَذَا وَ هُوَ أَكْثَرُ صَدَقَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَ مَا رَأَیْتُمْ مَلِكاً یُهْدِی خَادِمُهُ إِلَیْهِ (8) هَدِیَّةً خَفِیفَةً فَیُحْسِنُ مَوْقِعَهَا وَ یَرْفَعُ مَحَلَّ صَاحِبِهَا وَ یُحْمَلُ إِلَیْهِ مِنْ عِنْدِ خَادِمٍ آخَرَ هَدِیَّةٌ عَظِیمَةٌ فَیَرُدُّهَا وَ یَسْتَخِفُّ بِبَاعِثِهَا قَالُوا بَلَی قَالَ فَكَذَلِكَ صَاحِبُكُمْ عَلِیٌّ دَفَعَ دِینَاراً مُنْقَاداً لِلَّهِ سَادّاً خَلَّةَ فَقِیرٍ مُؤْمِنٍ وَ صَاحِبُكُمُ الْآخَرُ أَعْطَی مَا أَعْطَی مُعَانَدَةً
ص: 18
لِأَخِی رَسُولِ اللَّهِ (1) یُرِیدُ بِهِ الْعُلُوَّ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ وَ صَیَّرَهُ وَبَالًا عَلَیْهِ أَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَذِهِ النِّیَّةِ مِنَ الثَّرَی إِلَی الْعَرْشِ ذَهَباً أَوْ لُؤْلُؤاً-(2) لَمْ یَزْدَدْ بِذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ لِسَخَطِ اللَّهِ تَعَالَی إِلَّا قُرْباً وَ فِیهِ وُلُوجاً وَ اقْتِحَاماً.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَیُّكُمُ الْیَوْمَ دَفَعَ عَنْ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ بِقُوَّتِهِ-(3) قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا مَرَرْتُ فِی طَرِیقِ كَذَا فَرَأَیْتُ فَقِیراً مِنْ فُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ تَنَاوَلَهُ أَسَدٌ فَوَضَعَهُ تَحْتَهُ وَ قَعَدَ عَلَیْهِ وَ الرَّجُلُ یَسْتَغِیثُ بِی مِنْ تَحْتِهِ فَنَادَیْتُ الْأَسَدَ خَلِّ عَنِ الْمُؤْمِنِ فَلَمْ یُخَلِّ فَتَقَدَّمْتُ إِلَیْهِ فَرَكَلْتُهُ (4) بِرِجْلِی فَدَخَلَتْ رِجْلِی فِی جَنْبِهِ الْأَیْمَنِ وَ خَرَجَتْ مِنْ جَنْبِهِ الْأَیْسَرِ فَخَرَّ الْأَسَدُ صَرِیعاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَجَبَتْ هَكَذَا یَفْعَلُ اللَّهُ بِكُلِّ مَنْ آذَی لَكَ وَلِیّاً یُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی الْآخِرَةِ سَكَاكِینَ النَّارِ وَ سُیُوفَهَا یَبْعَجُ (5) بِهَا بَطْنَهُ وَ یُحْشَی نَاراً ثُمَّ یُعَادُ خَلْقاً جَدِیداً أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَیُّكُمُ الْیَوْمَ نَفَعَ بِجَاهِهِ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا قَالَ صَنَعْتَ مَا ذَا قَالَ مَرَرْتُ بِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ قَدْ لَازَمَهُ بَعْضُ الْیَهُودِ فِی ثَلَاثِینَ دِرْهَماً كَانَتْ لَهُ عَلَیْهِ فَقَالَ عَمَّارٌ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُلَازِمُنِی (6) وَ لَا یُرِیدُ إِلَّا إِیذَائِی وَ إِذْلَالِی لِمَحَبَّتِی لَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَخَلِّصْنِی مِنْهُ بِجَاهِكَ فَأَرَدْتُ أَنْ أُكَلِّمَ لَهُ الْیَهُودِیَّ فَقَالَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا أُجَلِّلُكَ (7) فِی قَلْبِی وَ عَیْنِی
ص: 19
مِنْ أَنْ أَبْذُلَكَ (1) لِهَذَا الْكَافِرِ وَ لَكِنِ اشْفَعْ لِی إِلَی مَنْ لَا یَرُدُّكَ عَنْ طَلَبِهِ فَلَوْ أَرَدْتَ جَمِیعَ جَوَانِبِ الْعَالَمِ أَنْ یُصَیِّرَهَا(2) كَأَطْرَافِ السُّفْرَةِ لَفَعَلَ فَاسْأَلْهُ أَنْ یُعِینَنِی عَلَی أَدَاءِ دَیْنِهِ وَ یُغْنِیَنِی عَنِ الِاسْتِدَانَةِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ بِهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْرِبْ إِلَی مَا بَیْنَ یَدَیْكَ مِنْ شَیْ ءٍ حَجَراً أَوْ مَدَراً فَإِنَّ اللَّهَ یَقْلِبُهُ لَكَ ذَهَباً إِبْرِیزاً فَضَرَبَ یَدَهُ فَتَنَاوَلَ حَجَراً فِیهِ أَمْنَانٌ فَتَحَوَّلَ فِی یَدِهِ ذَهَباً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْیَهُودِیِّ فَقَالَ وَ كَمْ دَیْنُكَ قَالَ ثَلَاثُونَ دِرْهَماً قَالَ فَكَمْ قِیمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ قَالَ ثَلَاثَةُ دَنَانِیرَ فَقَالَ عَمَّارٌ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مَنْ بِجَاهِهِ قَلَبْتَ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَباً لَیِّنْ لِی هَذَا الذَّهَبَ لِأَفْصِلَ قَدْرَ حَقِّهِ فَأَلَانَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ فَفَصَلَ لَهُ ثَلَاثَةَ مَثَاقِیلَ وَ أَعْطَاهُ ثُمَّ جَعَلَ یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی سَمِعْتُكَ تَقُولُ إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی (3) وَ لَا أُرِیدُ غِنًی یُطْغِینِی اللَّهُمَّ فَأَعِدْ هَذَا الذَّهَبَ حَجَراً بِجَاهِ مَنْ بِجَاهِهِ جَعَلْتَهُ ذَهَباً بَعْدَ أَنْ كَانَ حَجَراً فَعَادَ حَجَراً فَرَمَاهُ مِنْ یَدِهِ وَ قَالَ حَسْبِی مِنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مُوَالاتِی لَكَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَعَجَّبَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ مِنْ فِعْلِهِ وَ عَجَّتْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِالثَّنَاءِ عَلَیْهِ فَصَلَوَاتُ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ یَتَوَالَی عَلَیْهِ فَأَبْشِرْ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فَإِنَّكَ أَخُو عَلِیٍّ فِی دِیَانَتِهِ وَ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ وَلَایَتِهِ وَ مِنَ الْمَقْتُولِینَ فِی مَحَبَّتِهِ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْیَا صَاعٌ مِنْ لَبَنٍ وَ یَلْحَقُ رُوحُكَ بِأَرْوَاحِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الْفَاضِلِینَ فَأَنْتَ مِنْ خِیَارِ شِیعَتِی.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَیُّكُمْ أَدَّی زَكَاتَهُ الْیَوْمَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهُ فَأَسَرَّ الْمُنَافِقُونَ فِی أُخْرَیَاتِ الْمَجْلِسِ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ یَقُولُونَ وَ أَیُّ مَالٍ لِعَلِیٍّ حَتَّی یُؤَدِّیَ مِنْهُ الزَّكَاةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرِی مَا یُسِرُّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ فِی أُخْرَیَاتِ الْمَجْلِسِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بَلَی قَدْ أَوْصَلَ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی أُذُنِی مَقَالَتَهُمْ یَقُولُونَ وَ أَیُّ مَالٍ لِعَلِیٍّ حَتَّی یُؤَدِّیَ زَكَاتَهُ كُلُّ مَالٍ یُغْنَمُ مِنْ یَوْمِنَا هَذَا إِلَی
ص: 20
یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلِی خُمُسُهُ بَعْدَ وَفَاتِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ حُكْمِی عَلَی الَّذِی مِنْهُ لَكَ فِی حَیَاتِكَ جَائِزٌ فَإِنِّی نَفْسُكَ وَ أَنْتَ نَفْسِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَلِكَ هُوَ یَا عَلِیُّ وَ لَكِنْ كَیْفَ أَدَّیْتَ زَكَاةَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلِمْتُ بِتَعْرِیفِ اللَّهِ إِیَّایَ عَلَی لِسَانِكَ أَنَّ نُبُوَّتَكَ هَذِهِ سَیَكُونُ بَعْدَهَا مَلِكٌ عَضُوضٌ (1) وَ جَبَرِیَّةٌ فَیَسْتَوْلِی عَلَی خُمُسِی مِنَ السَّبْیِ وَ الْغَنَائِمِ (2) فَیَبِیعُونَهُ فَلَا یَحِلُّ لِمُشْتَرِیهِ لِأَنَّ نَصِیبِی فِیهِ وَ قَدْ وَهَبْتُ نَصِیبِی فِیهِ (3) لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ مِنْ شِیعَتِی فَیَحِلُّ لَهُمْ مَنَافِعُهُمْ مِنْ مَأْكَلٍ وَ مَشْرَبٍ وَ لِتَطِیبَ مَوَالِیدُهُمْ فَلَا یَكُونَ أَوْلَادُهُمْ أَوْلَادَ حَرَامٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ صَدَقَتِكَ وَ لَقَدْ تَبِعَكَ رَسُولُ اللَّهِ فِی فِعْلِكَ أَحَلَّ لِشِیعَتِهِ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ غَنِیمَةٍ وَ بَیْعٍ مِنْ نَصِیبِهِ عَلَی وَاحِدٍ مِنْ شِیعَتِی وَ لَا أُحِلُّهُ أَنَا وَ لَا أَنْتَ لِغَیْرِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَیُّكُمُ الْیَوْمَ دَفَعَ عَنْ عِرْضِ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ وَ هُوَ یَتَنَاوَلُ عِرْضَ زَیْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَقُلْتُ لَهُ اسْكُتْ لَعَنَكَ اللَّهُ فَمَا تَنْظُرُ إِلَیْهِ إِلَّا كَنَظَرِكَ إِلَی الشَّمْسِ وَ لَا تَتَحَدَّثُ عَنْهُ إِلَّا كَتَحَدُّثِ أَهْلِ الدُّنْیَا عَنِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ زَادَكَ لَعَائِنَ إِلَی لَعَائِنَ لِوَقِیعَتِكَ فَخَجِلَ وَ اغْتَاظَ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّمَا كُنْتُ فِی قَوْلِی مَازِحاً فَقُلْتُ لَهُ إِنْ كُنْتَ جَادّاً فَأَنَا جَادٌّ وَ إِنْ كُنْتَ هَازِلًا فَأَنَا هَازِلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ لَعَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ لَعْنِكَ لَهُ وَ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ الْحُجُبِ وَ الْكُرْسِیِّ وَ الْعَرْشِ إِنَّ اللَّهَ یَغْضَبُ لِغَضَبِكَ وَ یَرْضَی لِرِضَاكَ وَ یَعْفُو عِنْدَ عَفْوِكَ وَ یَسْطُو عِنْدَ سَطْوَتِكَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرِی مَا سَمِعْتُ مِنَ الْمَلَإِ الْأَعْلَی فِیكَ لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِی یَا عَلِیُّ سَمِعْتُهُمْ یُقْسِمُونَ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی بِكَ وَ یَسْتَقْضُونَهُ حَوَائِجَهُمْ وَ یَتَقَرَّبُونَ
ص: 21
إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِمَحَبَّتِكَ وَ یَجْعَلُونَ أَشْرَفَ مَا یَعْبُدُونَ اللَّهَ بِهِ الصَّلَاةَ عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ سَمِعْتُ خَطِیبَهُمْ فِی أَعْظَمِ مَحَافِلِهِمْ وَ هُوَ یَقُولُ عَلِیٌّ الْحَاوِی لِأَصْنَافِ الْخَیْرَاتِ الْمُشْتَمِلُ عَلَی أَنْوَاعِ الْمَكْرُمَاتِ الَّذِی قَدِ اجْتَمَعَ فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْخَیْرِ مَا قَدْ تَفَرَّقَ فِی غَیْرِهِ مِنَ الْبَرِیَّاتِ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی الصَّلَاةُ وَ الْبَرَكَاتُ وَ التَّحِیَّاتُ وَ سَمِعْتُ الْأَمْلَاكَ بِحَضْرَتِهِ وَ الْأَمْلَاكَ فِی سَائِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْحُجُبِ وَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ وَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَقُولُونَ بِأَجْمَعِهِمْ عِنْدَ فَرَاغِ الْخَطِیبِ مِنْ قَوْلِهِ آمِینَ اللَّهُمَّ وَ طَهِّرْنَا بِالصَّلَاةِ عَلَیْهِ وَ عَلَی آلِهِ الطَّیِّبِینَ (1).
بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله وجبت أی لك الرحمة أو الجنة.
«13»- تم، [فلاح السائل] رَوَی صَاحِبُ كِتَابِ زُهْدِ مَوْلَانَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: بَیْنَا أَنَا وَ نَوْفٌ نَائِمَیْنِ فِی رَحَبَةِ الْقَصْرِ إِذْ نَحْنُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَقِیَّةٍ مِنَ اللَّیْلِ وَاضِعاً یَدَهُ عَلَی الْحَائِطِ شَبِیهَ الْوَالِهِ وَ هُوَ یَقُولُ إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (2) إِلَی آخِرِ الْآیَةِ قَالَ ثُمَّ جَعَلَ یَقْرَأُ هَذِهِ الْآیَاتِ وَ یَمُرُّ شِبْهَ الطَّائِرِ عَقْلُهُ فَقَالَ لِی أَ رَاقِدٌ أَنْتَ یَا حَبَّةُ أَمْ رَامِقٌ قَالَ قُلْتُ رَامِقٌ هَذَا أَنْتَ تَعْمَلُ هَذَا الْعَمَلَ فَكَیْفَ نَحْنُ فَأَرْخَی عَیْنَیْهِ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ لِی یَا حَبَّةُ إِنَّ لِلَّهِ مَوْقِفاً وَ لَنَا بَیْنَ یَدَیْهِ مَوْقِفاً(3) لَا یَخْفَی عَلَیْهِ شَیْ ءٌ مِنْ أَعْمَالِنَا یَا حَبَّةُ إِنَّ اللَّهَ أَقْرَبُ إِلَیَّ وَ إِلَیْكَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ یَا حَبَّةُ إِنَّهُ لَنْ یَحْجُبَنِی وَ لَا إِیَّاكَ عَنِ اللَّهِ شَیْ ءٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ یَا نَوْفُ قَالَ قَالَ لَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَنَا بِرَاقِدٍ وَ لَقَدْ أَطَلْتُ بُكَائِی هَذِهِ اللَّیْلَةَ فَقَالَ یَا نَوْفُ إِنْ طَالَ بُكَاؤُكَ فِی هَذَا اللَّیْلِ مَخَافَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَی قَرَّتْ عَیْنَاكَ غَداً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَا نَوْفُ إِنَّهُ لَیْسَ
ص: 22
مِنْ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ مِنْ عَیْنِ رَجُلٍ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ إِلَّا أَطْفَأَتْ بِحَاراً مِنَ النِّیرَانِ یَا نَوْفُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ رَجُلٍ أَعْظَمَ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ بَكَی مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ وَ أَحَبَّ فِی اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ یَا نَوْفُ إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ فِی اللَّهِ لَمْ یَسْتَأْثِرْ عَلَی مَحَبَّتِهِ وَ مَنْ أَبْغَضَ فِی اللَّهِ لَمْ یَنَلْ بِبُغْضِهِ خَیْراً عِنْدَ ذَلِكَ اسْتَكْمَلْتُمْ حَقَائِقَ الْإِیمَانِ ثُمَّ وَعَظَهُمَا وَ ذَكَّرَهُمَا وَ قَالَ فِی أَوَاخِرِهِ فَكُونُوا مِنَ اللَّهِ عَلَی حَذَرٍ فَقَدْ أَنْذَرْتُكُمَا ثُمَّ جَعَلَ یَمُرُّ وَ هُوَ یَقُولُ لَیْتَ شِعْرِی فِی غَفَلَاتِی أَ مُعْرِضٌ أَنْتَ عَنِّی أَمْ نَاظِرٌ إِلَیَّ وَ لَیْتَ شِعْرِی فِی طُولِ مَنَامِی وَ قِلَّةِ شُكْرِی فِی نِعَمِكَ عَلَیَّ مَا حَالِی قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا زَالَ فِی هَذَا الْحَالِ حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ.
و من صفات مولانا علی علیه السلام فی لیلة ما ذكره نوف لمعاویة بن أبی سفیان و أنه ما فرش له فراش فی لیل قط و لا أكل طعاما فی هجیر(1) قط و قال نوف أشهد لقد رأیته فی بعض مواقفه فقد أرخی اللیل سدوله و غارت نجومه و هو قابض بیده علی لحیته یتململ تململ السلیم و یبكی بكاء الحزین و الحدیث مشهور(2).
«14»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَذْبَحُ كَبْشَیْنِ أَحَدَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْآخَرَ عَنْ نَفْسِهِ (3).
«15»- كا، [الكافی] إِبْرَاهِیمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا تَوَضَّأَ لَمْ یَدَعْ أَحَداً یَصُبُّ عَلَیْهِ الْمَاءَ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ لَا تَدَعُهُمْ یَصُبُّونَ عَلَیْكَ الْمَاءَ فَقَالَ لَا أُحِبُّ أَنْ أُشْرِكَ فِی صَلَاتِی أَحَداً(4).
«16»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً فِی
ص: 23
آخِرِ عُمُرِهِ یُصَلِّی فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ.
«17»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْفَجْرَ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ فِی مَوْضِعِهِ حَتَّی صَارَتِ الشَّمْسُ عَلَی قِیدِ رُمْحٍ (1) وَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیَاماً یُخَالِفُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ رُكَبِهِمْ كَأَنَّ زَفِیرَ النَّارِ فِی آذَانِهِمْ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُمْ مَادُوا كَمَا یَمِیدُ الشَّجَرُ كَأَنَّمَا الْقَوْمُ بَاتُوا غَافِلِینَ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَمَا رُئِیَ ضَاحِكاً حَتَّی قُبِضَ علیه السلام(2).
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: الْمَشْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالنَّفَقَةِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَلِیٌّ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ طَلْحَةُ وَ لِعَلِیٍّ فِی ذَلِكَ فَضَائِلُ لِأَنَّ الْجُودَ جُودَانِ نَفْسِیٌّ وَ مَالِیٌّ قَالَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ (3) وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَجْوَدُ النَّاسِ مَنْ جَادَ بِنَفْسِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَعَالَی الْخَبَرَ فَصَارَ قَوْلُهُ لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا-(4) أَلْیَقَ بِعَلِیٍّ علیه السلام لِأَنَّهُ جَمَعَ بَیْنَهُمَا وَ لَمْ تُجْمَعْ (5) لِغَیْرِهِ وَ قَوْلُهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْفَقَ عَلَی
ص: 24
النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعِینَ أَلْفاً فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ فَلَیْسَ فِیهِ أَنَّهُ كَانَ دِینَاراً أَوْ دِرْهَماً وَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِینَارٍ وَ مَالُ خَدِیجَةَ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ وَ نَفْعُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِینَ عَامَّةً وَ قَدْ شَرَحْتُ ذَلِكَ فِی كِتَابِیَ الْمَشْهُورِ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَمَّا مَنْ أَعْطی وَ اتَّقی (1) فَعُمُومٌ وَ یُعَارَضُ بِقَوْلِهِ وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنی (2) بِمَالِ خَدِیجَةَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام(3) وَ فِیهِ یَقُولُ الْعَبْدِیُ:
أَبُوكُمْ هُوَ الصِّدِّیقُ آمَنَ وَ اتَّقَی***وَ أَعْطَی وَ مَا أَكْدَی وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنی
الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِی عَلِیٍ ثُمَّ لا یُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذیً (4) الْآیَةَ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَ السُّدِّیُّ وَ مُجَاهِدٌ وَ الْكَلْبِیُّ وَ أَبُو صَالِحٍ وَ الْوَاحِدِیُّ وَ الطُّوسِیُّ وَ الثَّعْلَبِیُّ وَ الطَّبْرِسِیُّ وَ الْمَاوَرْدِیُّ وَ الْقُشَیْرِیُّ وَ الثُّمَالِیُّ وَ النَّقَّاشُ وَ الْفَتَّالُ وَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ عَلِیُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِیُّ فِی تَفَاسِیرِهِمْ: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ فَتَصَدَّقَ بِوَاحِدٍ لَیْلًا وَ بِوَاحِدٍ نَهَاراً وَ بِوَاحِدٍ سِرّاً وَ بِوَاحِدٍ عَلَانِیَةً فَنَزَلَ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ (5) الْآیَةَ فَسَمَّی كُلَّ دِرْهَمٍ مَالًا وَ بَشَّرَهُ بِالْقَبُولِ رَوَاهُ النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ.
تَفْسِیرُ النَّقَّاشِ وَ أَسْبَابُ النُّزُولِ قَالَ الْكَلْبِیُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا حَمَلَكَ عَلَی هَذَا قَالَ حَمَلَنِی أَنْ أَسْتَوْجِبَ عَفْوَ اللَّهِ الَّذِی وَعَدَنِی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلَا إِنَّ ذَلِكَ لَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ.
الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ لِلْفُقَراءِ الَّذِینَ أُحْصِرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ (6) الْآیَةَ بَعَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِدَنَانِیرَ كَثِیرَةٍ إِلَی أَصْحَابِ الصُّفَّةِ حَتَّی
ص: 25
أَغْنَاهُمْ وَ بَعَثَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی جَوْفِ اللَّیْلِ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ فَكَانَ أَحَبَّ الصَّدَقَتَیْنِ إِلَی اللَّهِ صَدَقَةُ عَلِیٍّ وَ أُنْزِلَتِ الْآیَةُ وَ سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَقَالَ جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ.
تَارِیخُ الْبَلَاذُرِیِّ وَ فَضَائِلُ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَانَتْ غَلَّةُ عَلِیٍّ أَرْبَعِینَ أَلْفَ دِینَارٍ فَجَعَلَهَا صَدَقَةً(1) وَ أَنَّهُ بَاعَ سَیْفَهُ وَ قَالَ لَوْ كَانَ عِنْدِی عَشَاءٌ مَا بِعْتُهُ.
شَرِیكٌ وَ اللَّیْثُ وَ الْكَلْبِیُّ وَ أَبُو صَالِحٍ وَ الضَّحَّاكُ وَ الزَّجَّاجُ وَ مُقَاتِلُ بْنُ حَیَّانَ وَ مُجَاهِدٌ وَ قَتَادَةُ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا: كَانَتِ الْأَغْنِیَاءُ یُكْثِرُونَ مُنَاجَاةَ الرَّسُولِ فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا ناجَیْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً انْتَهَوْا فَاسْتَقْرَضَ عَلِیٌّ علیه السلام دِینَاراً وَ تَصَدَّقَ بِهِ فَنَاجَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَشْرَ نَجَوَاتٍ ثُمَّ نَسَخَتْهُ الْآیَةُ الَّتِی بَعْدَهَا.
أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كَانَ لِی دِینَارٌ فَبِعْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَكَانَ كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُنَاجِیَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدَّمْتُ دِرْهَماً فَنَسَخَتْهَا الْآیَةُ الْأُخْرَی.
الْوَاحِدِیُّ فِی أَسْبَابِ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَ فِی الْوَسِیطِ أَیْضاً وَ الثَّعْلَبِیُّ فِی الْكَشْفِ وَ الْبَیَانِ مَا رَوَاهُ عَلِیُّ بْنُ عَلْقَمَةَ وَ مُجَاهِدٌ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی كِتَابِ اللَّهِ لَآیَةً مَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِی وَ لَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِی ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ.
جَامِعُ التِّرْمِذِیِّ وَ تَفْسِیرُ الثَّعْلَبِیِّ وَ اعْتِقَادُ الْأُشْنُهِیِّ عَنِ الْأَشْجَعِیِّ وَ الثَّوْرِیِّ وَ سَالِمِ بْنِ أَبِی حَفْصَةَ وَ عَلِیِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی هَذِهِ الْآیَةِ فَبِی خَفَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَ فِی مُسْنَدِ الْمَوْصِلِیِّ: فَبِهِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. زَادَ أَبُو الْقَاسِمِ الْكُوفِیُّ فِی الرِّوَایَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی امْتَحَنَ الصَّحَابَةَ بِهَذِهِ الْآیَةِ فَتَقَاعَسُوا(2) كُلُّهُمْ عَنْ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ الرَّسُولُ احْتَجَبَ فِی مَنْزِلِهِ عَنْ مُنَاجَاةِ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَكَانَ مَعِی دِینَارٌ وَ سَاقَ علیه السلام كَلَامَهُ إِلَی أَنْ
ص: 26
قَالَ فَكُنْتُ أَنَا سَبَبَ التَّوْبَةِ مِنَ اللَّهِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ حِینَ عَمِلْتُ بِالْآیَةِ فَنُسِخَتْ وَ لَوْ لَمْ أَعْمَلْ بِهَا حَتَّی كَانَ عَمَلِی بِهَا سَبَباً لِلتَّوْبَةِ عَلَیْهِمْ لَنَزَلَ الْعَذَابُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْكُلِّ عَنِ الْعَمَلِ بِهَا.
وَ قَالَ الْقَاضِی الطرثیثی: إِنَّهُمْ عَصَوْا فِی ذَلِكَ إِلَّا علی [عَلِیّاً] فَنَسَخَهُ عَنْهُمْ یَدُلُّ عَلَیْهِ قَوْلُهُ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ (1) وَ لَقَدِ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ لِقَوْلِهِ أَ أَشْفَقْتُمْ وَ قَالَ مُجَاهِدٌ مَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَیَّانَ كَانَ ذَلِكَ لَیَالِیَ عَشْرٍ وَ كَانَتِ الصَّدَقَةُ مُفَوَّضَةً إِلَیْهِمْ غَیْرَ مُقَدَّرَةٍ.
سُفْیَانُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِیمَا اسْتَطَعْتَ تَصَدَّقْتَ.
وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: كَانَ لِعَلِیٍّ ثَلَاثٌ لَوْ كَانَ لِی وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ تَزْوِیجُهُ فَاطِمَةَ وَ إِعْطَاؤُهُ الرَّایَةَ یَوْمَ خَیْبَرَ وَ آیَةُ النَّجْوَی.
وَ أَنْفَقَ عَلَی ثَلَاثِ ضِیفَانٍ مِنَ الطَّعَامِ قُوتَ ثَلَاثِ لَیَالٍ فَنَزَلَ فِیهِ ثلاثین [ثَلَاثُونَ] آیَةً وَ نُصَّ عَلَی عِصْمَتِهِ وَ سَتْرِهِ وَ مُرَادِهِ وَ قَبُولِ صَدَقَتِهِ وَ كَفَاكَ مِنْ جُودِهِ قَوْلُهُ عَیْناً یَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ (2) الْآیَةَ وَ إِطْعَامُ الْأَسِیرِ خَاصَّةً وَ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ فِی الدِّینِ.
وَ حَدَّثَ أَبُو هُرَیْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِی الْمَدِینَةِ مَجَاعَةٌ وَ مَرَّ بِی یَوْمٌ وَ لَیْلَةٌ لَمْ أَذُقْ شَیْئاً وَ سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ آیَةً كُنْتُ أَعْرَفُ بِتَأْوِیلِهَا مِنْهُ وَ مَضَیْتُ مَعَهُ إِلَی بَابِهِ وَ رَدَعَنِی وَ انْصَرَفْتُ جَائِعاً یَوْمِی وَ أَصْبَحْتُ وَ سَأَلْتُ عُمَرَ آیَةً كُنْتُ أَعْرَفُ مِنْهُ بِهَا فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ أَبُو بِكْرٍ فَجِئْتُ الْیَوْمَ الثَّالِثَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ سَأَلْتُهُ مَا یَعْلَمُهُ فَقَطْ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَرِفَ دَعَانِی إِلَی بَیْتِهِ فَأَطْعَمَنِی رَغِیفَیْنِ وَ سَمْناً فَلَمَّا شَبِعْتُ انْصَرَفْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا بَصُرَ بِی ضَحِكَ فِی وَجْهِی وَ قَالَ أَنْتَ تُحَدِّثُنِی أَوْ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ قَصَّ عَلَیَّ مَا جَرَی وَ قَالَ لِی جَبْرَئِیلُ عَرَّفَنِی
ص: 27
وَ رُئِیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَزِیناً فَقِیلَ لَهُ مِمَّ حُزْنُكَ قَالَ لِسَبْعٍ أَتَتْ لَمْ یُضَفْ إِلَیْنَا ضَیْفٌ.
تَفْسِیرُ أَبِی یُوسُفَ یَعْقُوبَ بْنِ سُفْیَانَ وَ عَلِیِّ بْنِ حَرْبٍ الطَّائِیِّ وَ مُجَاهِدٍ بِأَسَانِیدِهِمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ رَوَی جَمَاعَةٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ وَ اللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ: أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَشَكَا إِلَیْهِ الْجُوعَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَزْوَاجِهِ فَقُلْنَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لِهَذَا الرَّجُلِ اللَّیْلَةَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَی فَاطِمَةَ وَ سَأَلَهَا مَا عِنْدَكِ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْیَةِ لَكِنَّا نُؤْثِرُ ضَیْفَنَا بِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله نَوِّمِی الصِّبْیَةَ وَ أَطْفِئِی الْمِصْبَاحَ وَ جَعَلَا یَمْضَغَانِ بِأَلْسِنَتِهِمَا فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَكْلِ أَتَتْ فَاطِمَةُ بِسِرَاجٍ فَوَجَدَ الْجَفْنَةَ مَمْلُوءَةً مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّی مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ صَلَاتِهِ نَظَرَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ عَجِبَ الرَّبُّ مِنْ فِعْلِكُمُ الْبَارِحَةَ اقْرَأْ وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ(1) أَیْ مَجَاعَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ یَعْنِی عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهم السلام فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
كِتَابُ أَبِی بَكْرٍ الشِّیرَازِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُقَاتِلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (2) إِلَی قَوْلِهِ بِغَیْرِ حِسابٍ قَالَ هُوَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْطَی عَلِیّاً یَوْماً ثَلَاثَمِائَةِ دِینَارٍ أُهْدِیَتْ إِلَیْهِ قَالَ عَلِیٌّ فَأَخَذْتُهَا وَ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّیْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّنَانِیرِ صَدَقَةً یَقْبَلُهَا اللَّهُ مِنِّی فَلَمَّا صَلَّیْتُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذْتُ مِائَةَ دِینَارٍ وَ خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاسْتَقْبَلَتْنِی امْرَأَةٌ فَأَعْطَیْتُهَا الدَّنَانِیرَ فَأَصْبَحَ النَّاسُ بِالْغَدِ یَقُولُونَ تَصَدَّقَ عَلِیٌّ اللَّیْلَةَ بِمِائَةِ دِینَارٍ عَلَی امْرَأَةٍ فَاجِرَةٍ فَاغْتَمَمْتُ غَمّاً شَدِیداً فَلَمَّا صَلَّیْتُ اللَّیْلَةَ الْقَابِلَةَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ أَخَذْتُ مِائَةَ دِینَارٍ وَ خَرَجْتُ مِنَ
ص: 28
الْمَسْجِدِ وَ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّیْلَةَ بِصَدَقَةٍ یَتَقَبَّلُهَا رَبِّی مِنِّی فَلَقِیتُ رَجُلًا فَتَصَدَّقْتُ عَلَیْهِ بِالدَّنَانِیرِ فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ یَقُولُونَ تَصَدَّقَ عَلِیٌّ الْبَارِحَةَ بِمِائَةِ دِینَارٍ عَلَی رَجُلٍ سَارِقٍ فَاغْتَمَمْتُ غَمّاً شَدِیداً وَ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّیْلَةَ صَدَقَةً یَتَقَبَّلُهَا اللَّهُ مِنِّی فَصَلَّیْتُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ مَعِی مِائَةُ دِینَارٍ فَلَقِیتُ رَجُلًا فَأَعْطَیْتُهُ إِیَّاهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ تَصَدَّقَ عَلِیٌّ الْبَارِحَةَ بِمِائَةِ دِینَارٍ عَلَی رَجُلٍ غَنِیٍّ فَاغْتَمَمْتُ غَمّاً شَدِیداً فَأَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَبَّرْتُهُ فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ هَذَا جَبْرَئِیلُ یَقُولُ لَكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ قَبِلَ صَدَقَاتِكَ وَ زَكَّی عَمَلَكَ إِنَّ الْمِائَةَ دِینَارٍ الَّتِی تَصَدَّقْتَ بِهَا أَوَّلَ لَیْلَةٍ وَقَعَتْ فِی یَدَیِ امْرَأَةٍ فَاسِدَةٍ فَرَجَعَتْ إِلَی مَنْزِلِهَا وَ تَابَتْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْفَسَادِ وَ جَعَلَتْ تِلْكَ الدَّنَانِیرَ رَأْسَ مَالِهَا وَ هِیَ فِی طَلَبِ بَعْلٍ تَتَزَوَّجُ بِهِ وَ إِنَّ الصَّدَقَةَ الثَّانِیَةَ وَقَعَتْ فِی یَدَیْ سَارِقٍ فَرَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ تَابَ إِلَی اللَّهِ مِنْ سَرِقَتِهِ وَ جَعَلَ الدَّنَانِیرَ رَأْسَ مَالِهِ یَتَّجِرُ بِهَا وَ إِنَّ الصَّدَقَةَ الثَّالِثَةَ وَقَعَتْ فِی یَدَیْ رَجُلٍ غَنِیٍّ لَمْ یُزَكِّ مَالَهُ مُنْذُ سِنِینَ فَرَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ وَبَّخَ نَفْسَهُ وَ قَالَ شُحّاً عَلَیْكِ یَا نَفْسُ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ تَصَدَّقَ عَلَیَّ بِمِائَةِ دِینَارٍ وَ لَا مَالَ لَهُ وَ أَنَا فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَی مَالِیَ الزَّكَاةَ لِأَعْوَامٍ كَثِیرَةٍ لَمْ أُزَكِّهِ فَحَسَبَ مَالَهُ وَ زَكَّاهُ وَ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ كَذَا وَ كَذَا دِینَاراً فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ الْآیَةَ.
أَبُو الطُّفَیْلِ: رَأَیْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَدْعُو الْیَتَامَی فَیُطْعِمُهُمُ الْعَسَلَ حَتَّی قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی كُنْتُ یَتِیماً.
مُحَمَّدُ بْنُ الصِّمَّةِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَیْتُ فِی الْمَدِینَةِ رَجُلًا عَلَی ظَهْرِهِ قِرْبَةٌ وَ فِی یَدِهِ صَحْفَةٌ یَقُولُ اللَّهُمَّ وَلِیَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِلَهَ الْمُؤْمِنِینَ وَ جَارَ الْمُؤْمِنِینَ اقْبَلْ قُرُبَاتِیَ (1) اللَّیْلَةَ فَمَا أَمْسَیْتُ أَمْلِكُ سِوَی مَا فِی صَحْفَتِی وَ غَیْرَ مَا یُوَارِینِی فَإِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی مَنَعْتُهُ نَفْسِی مَعَ شِدَّةِ سَغَبِی (2) أَطْلُبُ الْقُرْبَةَ إِلَیْكَ غُنْماً اللَّهُمَّ فَلَا تُخْلِقْ وَجْهِی وَ لَا تَرُدَّ دَعْوَتِی
ص: 29
فَأَتَیْتُهُ حَتَّی عَرَفْتُهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَتَی رَجُلًا فَأَطْعَمَهُ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ یَرْفَعُهُ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَی مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمْ یَجِدْ عَلِیٌّ شَیْئاً یُقَرِّبُهُ إِلَیْهِمْ فَخَرَجَ لِیُحَصِّلَ لَهُمْ شَیْئاً فَإِذَا هُوَ بِدِینَارٍ عَلَی الْأَرْضِ فَتَنَاوَلَهُ وَ عَرَّفَ بِهِ فَلَمْ یَجِدْ لَهُ طَالِباً فَقَوَّمَهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ اشْتَرَی بِهِ طَعَاماً وَ أَتَی بِهِ إِلَیْهِمْ وَ أَصَابَ بِهِ عِوَضَهُ وَ جَعَلَ یُنْشِدُ صَاحِبَهُ فَلَمْ یَجِدْهُ فَأَتَی بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَهُ بِالْخَبَرِ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّهُ شَیْ ءٌ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ عَلَی نِیَّتِكَ وَ مَا أَرَدْتَهُ وَ لَیْسَ هُوَ شی ء [شَیْئاً] لِلنَّاسِ وَ دَعَا لَهُ بِخَیْرٍ.
رَوَتِ الْخَاصَّةُ وَ الْعَامَّةُ مِنْهُمُ ابْنُ شَاهِینَ الْمَرْوَزِیُّ وَ شِیرَوَیْهِ الدَّیْلَمِیُ (1) عَنِ الْخُدْرِیِّ وَ أَبِی هُرَیْرَةَ: أَنَّ عَلِیّاً أَصْبَحَ سَاغِباً فَسَأَلَ فَاطِمَةَ طَعَاماً فَقَالَتْ مَا كَانَتْ إِلَّا مَا أَطْعَمْتُكَ مُنْذُ یَوْمَیْنِ آثَرْتُ بِهِ عَلَی نَفْسِی وَ عَلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَقَالَ أَلَا أَعْلَمْتِینِی فَأَتَیْتُكُمْ بِشَیْ ءٍ فَقَالَتْ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنِّی لَأَسْتَحْیِی مِنْ إِلَهِی أَنْ أُكَلِّفَكَ مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ فَخَرَجَ وَ اسْتَقْرَضَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله دِینَاراً فَخَرَجَ یَشْتَرِی بِهِ شَیْئاً فَاسْتَقْبَلَهُ الْمِقْدَادُ قَائِلًا مَا شَاءَ اللَّهُ فَنَاوَلَهُ عَلِیٌّ علیه السلام الدِّینَارَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا هُوَ بِهِ فَحَرَّكَهُ وَ قَالَ مَا صَنَعْتَ فَأَخْبَرَهُ فَقَامَ وَ صَلَّی مَعَهُ فَلَمَّا قَضَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاتَهُ قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ هَلْ عِنْدَكَ شَیْ ءٌ نُفْطِرُ عَلَیْهِ فَنَمِیلَ مَعَكَ فَأَطْرَقَ لَا یُحِیرُ جَوَاباً(2) حَیَاءً مِنْهُ وَ كَانَ اللَّهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ یَتَعَشَّی تِلْكَ اللَّیْلَةَ عِنْدَ عَلِیٍّ فَانْطَلَقَا حَتَّی دَخَلَا عَلَی فَاطِمَةَ وَ هِیَ فِی مُصَلَّاهَا وَ خَلْفَهَا جَفْنَةٌ تَفُورُ دُخَاناً فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ الْجَفْنَةَ فَوَضَعَتْهَا بَیْنَ أَیْدِیهِمَا فَسَأَلَ عَلِیٌّ أَنَّی لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ رِزْقِهِ إِنَّ اللَّهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ قَالَ فَوَضَعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَفَّهُ الْمُبَارَكَ بَیْنَ كَتِفَیْ عَلِیٍّ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ هَذَا بَدَلُ دِینَارِكَ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَاكِیاً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی رَأَیْتُ فِی ابْنَتِی مَا رَأَی زَكَرِیَّا لِمَرْیَمَ.
ص: 30
وَ فِی رِوَایَةِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِمْ وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ (1).
وَ فِی رِوَایَةِ حُذَیْفَةَ: أَنَّ جَعْفَراً أَعْطَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله الْفَرْعَ مِنَ الْعَالِیَةِ وَ الْقَطِیفَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَأَدْفَعَنَّ هَذِهِ الْقَطِیفَةَ إِلَی رَجُلٍ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَعْطَاهَا عَلِیّاً علیه السلام فَفَصَلَ عَلِیٌّ الْقَطِیفَةَ سِلْكاً سِلْكاً فَبَاعَ بِالذَّهَبِ فَكَانَ أَلْفَ مِثْقَالٍ فَفَرَّقَهُ فِی فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِینَ كُلَّهَا فَلَقِیَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ حُذَیْفَةُ وَ عَمَّارٌ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ فَسَأَلَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْغَدَاءَ فَقَالَ حَیَاءً مِنْهُ نَعَمْ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَوَجَدُوا الْجَفْنَةَ.
وَ فِی حَدِیثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ لَهُ أَنَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَیَّامِ مَا طَعِمْتُ شَیْئاً فَخَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ بَاعَ دِرْعَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَ دَفَعَ إِلَیْهِ بَعْضَهَا وَ انْصَرَفَ مُتَحَیِّراً فَنَادَاهُ أَعْرَابِیٌّ اشْتَرِ مِنِّی هَذِهِ النَّاقَةَ مُؤَجَّلًا فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ(2) وَ مَضَی الْأَعْرَابِیُّ فَاسْتَقْبَلَهُ آخَرُ وَ قَالَ بِعْنِی هَذِهِ (3) بِمِائَةٍ وَ خَمْسِینَ درهم [دِرْهَماً] فَبَاعَ وَ صَاحَ یَا حَسَنُ وَ یَا حُسَیْنُ امْضِیَا فِی طَلَبِ الْأَعْرَابِیِّ وَ هُوَ عَلَی الْبَابِ فَرَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَتَبَسَّمُ وَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ الْأَعْرَابِیُّ صَاحِبُ النَّاقَةِ جَبْرَئِیلُ وَ الْمُشْتَرِی مِیكَائِیلُ یَا عَلِیُّ الْمِائَةُ عَنِ النَّاقَةِ(4) وَ الخمسین [الْخَمْسُونَ] بِالْخَمْسِ الَّتِی دَفَعْتَهَا إِلَی الْمِقْدَادِ ثُمَّ تَلَا وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ الْآیَةَ(5).
بیان: قال الفیروزآبادی فرع كل شی ء أعلاه و المال الطائل و القوس عملت من طرف القضیب أو الفرع من خیر القسی و بالتحریك أول ولد تنتجه الناقة(6) و العالیة و العوالی أماكن بأعلی أراضی المدینة و إنما اشتروا كل
ص: 31
سلك فی القطیفة بالذهب لشرافتها و یحتمل كونها مطرزة بالذهب و قد مر فی باب خیبر ما یؤید الثانی.
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ إِنَّهُ علیه السلام طُلِبَتْ مِنْهُ صَدَقَةٌ(1) فَأَعْطَی خَاتَماً فَنَزَلَ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ (2) وَ فِیهِ یُضْرَبُ الْمَثَلُ فِی الصَّدَقَاتِ یُقَالُ فِی الدُّعَاءِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا تَقَبَّلَ تَوْبَةَ آدَمَ وَ قُرْبَانَ إِبْرَاهِیمَ وَ حَجَّ الْمُصْطَفَی وَ صَدَقَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ یَأْخُذُ مِنَ الْغَنَائِمِ لِنَفْسِهِ وَ فَرَسِهِ وَ مِنْ سَهْمِ ذِی الْقُرْبَی وَ یُنْفِقُ جَمِیعَ ذَلِكَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ تُوُفِّیَ وَ لَمْ یَتْرُكْ إِلَّا ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ-(3)
وَ سَأَلَهُ أَعْرَابِیٌّ شَیْئاً فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْوَكِیلُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ كِلَاهُمَا عِنْدِی حَجَرَانِ فَأَعْطِ الْأَعْرَابِیَّ أَنْفَعَهُمَا لَهُ وَ قَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَیْرِ إِنِّی وَجَدْتُ فِی حِسَابِ أَبِی أَنَّ لَهُ عَلَی أَبِیكَ ثَمَانِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبَاكَ صَادِقٌ فَقَضَی ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ غَلِطْتُ فِیمَا قُلْتُ إِنَّمَا كَانَ لِوَالِدِكَ عَلَی وَالِدِی مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ فَقَالَ وَالِدُكَ فِی حِلٍّ وَ الَّذِی قَبَضْتَهُ مِنِّی هُوَ لَكَ (4).
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الصَّادِقُ علیه السلام: أَنَّهُ علیه السلام أَعْتَقَ أَلْفَ نَسَمَةٍ مِنْ كَدِّ یَدِهِ جَمَاعَةً لَا یُحْصَوْنَ كَثْرَةً وَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ رَأَی عِنْدَهُ وَسْقَ نَوًی مَا هَذَا یَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ مِائَةُ أَلْفِ نَخْلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَغَرَسَهُ فَلَمْ یُغَادَرْ مِنْهُ نَوَاةٌ وَاحِدَةٌ فَهُوَ مِنْ أَوْقَافِهِ وَ وَقَفَ مَالًا بِخَیْبَرَ وَ بِوَادِی الْقُرَی وَ وَقَفَ مَالَ أَبِی نیرز وَ الْبُغَیْبِغَةِ وَ أرباحا وَ أرینة وَ رغد وَ رزینا وَ ریاحا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (5) وَ أَمَرَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ وُلْدِ فَاطِمَةَ مِنْ ذَوِی الْأَمَانَةِ وَ الصَّلَاحِ وَ أَخْرَجَ مِائَةَ عَیْنٍ بِیَنْبُعَ وَ جَعَلَهَا لِلْحَجِیجِ وَ هُوَ بَاقٍ إِلَی یَوْمِنَا هَذَا وَ حَفَرَ آبَاراً فِی طَرِیقِ مَكَّةَ وَ الْكُوفَةِ وَ هِیَ مَسْجِدُ الْفَتْحِ (6) فِی
ص: 32
الْمَدِینَةِ وَ عِنْدَ مُقَابِلِ قَبْرِ حَمْزَةَ وَ فِی الْمِیقَاتِ وَ فِی الْكُوفَةِ وَ جَامِعِ الْبَصْرَةِ وَ فِی عَبَّادَانَ وَ غَیْرِ ذَلِكَ (1).
«4»- كشف، [كشف الغمة] مِنْ كِتَابِ ابْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: جُعْتُ یَوْماً بِالْمَدِینَةِ جُوعاً شَدِیداً فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِی عَوَالِی الْمَدِینَةِ(2) فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ مَدَراً(3) فَظَنَنْتُهَا تُرِیدُ بَلَّهُ (4) فَأَتَیْتُهَا فَقَاطَعْتُهَا كُلَّ ذَنُوبٍ (5) عَلَی تَمْرَةٍ فَمَدَدْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوباً حَتَّی مَجِلَتْ یَدَایَ (6) ثُمَّ أَتَیْتُ الْمَاءَ فَأَصَبْتُ مِنْهُ ثُمَّ أَتَیْتُهَا فَقُلْتُ یَكْفِی هَكَذَا(7) بَیْنَ یَدَیْهَا وَ بَسَطَ الرَّاوِی كَفَّیْهِ وَ جَمَعَهُمَا فَعَدَّتْ لِی سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةً فَأَتَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِی مِنْهَا.
قَالَ الْوَاحِدِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ یَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَانَ یَمْلِكُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لَیْلًا وَ بِدِرْهَمٍ نَهَاراً وَ بِدِرْهَمٍ سِرّاً وَ بِدِرْهَمٍ عَلَانِیَةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِیهِ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (8).
«5»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْقُرَشِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِیِّ عَنْ جُوَیْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً قَالَ نَزَلَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَنْفَقَ أَرْبَعَ دَرَاهِمَ (9) أَنْفَقَ فِی سَوَادِ اللَّیْلِ دِرْهَماً وَ فِی وُضُوحِ
ص: 33
النَّهَارِ(1) دِرْهَماً وَ سِرّاً دِرْهَماً وَ عَلَانِیَةً دِرْهَماً فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّكُمْ صَاحِبُ هَذِهِ النَّفَقَةِ فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ فَعَادَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ قَالَ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَلَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ یَعْنِی ثَوَابَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ مِنْ قِبَلِ الْعَذَابِ وَ مِنْ قِبَلِ الْمَوْتِ یَعْنِی فِی الْآخِرَةِ(2).
«6»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْعَطَّارِ(3) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الدِّهْقَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَشَكَا إِلَیْهِ الْجُوعَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی بُیُوتِ أَزْوَاجِهِ فَقُلْنَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لِهَذَا الرَّجُلِ اللَّیْلَةَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَا لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَتَی فَاطِمَةَ علیها السلام فَقَالَ لَهَا مَا عِنْدَكِ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْیَةِ نُؤْثِرُ(4) ضَیْفَنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ نَوِّمِی الصِّبْیَةَ وَ أَطْفِئِی الْمِصْبَاحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ عَلِیٌّ علیه السلام غَدَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَلَمْ یَبْرَحْ حَتَّی أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5).
«7»- لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی یَعْقُوبَ الدِّینَوَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ الْعِجْلِیِّ قَالَ: یُرْوَی أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ اكْتُبْهَا فِی الْأَرْضِ فَإِنِّی أَرَی الضُّرَّ فِیكَ بَیِّناً فَكَتَبَ فِی الْأَرْضِ أَنَا فَقِیرٌ مُحْتَاجٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا قَنْبَرُ اكْسُهُ حُلَّتَیْنِ فَأَنْشَأَ الرَّجُلُ یَقُولُ:
ص: 34
كَسَوْتَنِی حُلَّةً تَبْلَی مَحَاسِنُهَا***فَسَوْفَ أَكْسُوكَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ حُلَلًا
إِنْ نِلْتَ حُسْنَ ثَنَائِی نِلْتَ مَكْرُمَةً***وَ لَسْتَ تَبْغِی بِمَا قَدْ نِلْتَهُ بَدَلًا
إِنَّ الثَّنَاءَ لَیُحْیِی ذِكْرَ صَاحِبِهِ***كَالْغَیْثِ یُحْیِی نَدَاهُ السَّهْلَ وَ الْجَبَلَا
لَا تَزْهَدِ الدَّهْرَ فِی عُرْفٍ بَدَأْتَ بِهِ (1)*** فَكُلُّ عَبْدٍ سَیُجْزَی بِالَّذِی فَعَلَا
فَقَالَ علیه السلام: أَعْطُوهُ مِائَةَ دِینَارٍ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ أَغْنَیْتَهُ فَقَالَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَنْزِلِ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی لَأَعْجَبُ مِنْ أَقْوَامٍ یَشْتَرُونَ الْمَمَالِیكَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ لَا یَشْتَرُونَ الْأَحْرَارَ بِمَعْرُوفِهِمْ (2).
«8»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: نَزَلَتْ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً فِی عَلِیٍّ علیه السلام(3).
«9»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قَالَ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام(4).
«10»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَ مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قَالَ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَفْضَلُهُمْ وَ هُوَ مِمَّنْ یُنْفِقُ مَالَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ (5).
«11»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ لَمْ یَمْلِكْ غَیْرَهَا فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لَیْلًا وَ بِدِرْهَمٍ نَهَاراً وَ بِدِرْهَمٍ سِرّاً وَ بِدِرْهَمٍ عَلَانِیَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا عَلِیُّ مَا حَمَلَكَ عَلَی مَا صَنَعْتَ قَالَ إِنْجَازُ مَوْعُودِ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً إِلَی الْآیَاتِ (6).
«12»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ
ص: 35
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعَثَ إِلَی رَجُلٍ بِخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرِ المعینعة(1) [الْبُغَیْبِغَةِ] وَ فِی نُسْخَةٍ أُخْرَی البقیعة وَ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ یُرْجَی نَوَافِلُهُ (2) وَ یُؤَمَّلُ تائله [نَائِلُهُ] وَ رِفْدُهُ وَ كَانَ لَا یَسْأَلُ عَلِیّاً وَ لَا غَیْرَهُ شَیْئاً فَقَالَ رَجُلٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا سَأَلَكَ فُلَانٌ وَ لَقَدْ كَانَ یُجْزِیهِ مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسَاقِ وَسْقٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِی الْمُؤْمِنِینَ ضَرْبَكَ أُعْطِی أَنَا وَ تَبْخَلُ أَنْتَ [اللَّهَ أَنْتَ] إِذَا لَمْ أُعْطِ الَّذِی یَرْجُونِّی إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ أَعْطَیْتُهُ مِنْ بَعْدِ الْمَسْأَلَةِ(3) فَلَمْ أُعْطِهِ ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَ ذَلِكَ لِأَنِّی عَوَّضْتُهُ أَنْ یَبْذُلَ لِی وَجْهَهُ الَّذِی یُعَفِّرُهُ فِی التُّرَابِ لِرَبِّی وَ رَبِّهِ عِنْدَ تَعَبُّدِهِ لَهُ وَ طَلَبِ حَوَائِجِهِ إِلَیْهِ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا بِأَخِیهِ الْمُسْلِمِ وَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِصِلَتِهِ وَ مَعْرُوفِهِ فَلَمْ یَصْدُقِ اللَّهَ فِی دُعَائِهِ لَهُ حَیْثُ یَتَمَنَّی لَهُ الْجَنَّةَ بِلِسَانِهِ وَ یَبْخَلُ عَلَیْهِ بِالْحُطَامِ مِنْ مَالِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ یَقُولُ فِی دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِذَا دَعَا لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَدْ طَلَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ فَمَا أَنْصَفَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِالْقَوْلِ وَ لَمْ یُحَقِّقْهُ بِالْفِعْلِ (4).
«13»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: سَامَرْتُ (5) أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَرَضَتْ لِی حَاجَةٌ قَالَ فَرَأَیْتَنِی لَهَا أَهْلًا قُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّی خَیْراً ثُمَّ قَامَ إِلَی السِّرَاجِ فَأَغْشَاهَا وَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَغْشَیْتُ السِّرَاجَ لِئَلَّا أَرَی ذُلَّ حَاجَتِكَ فِی وَجْهِكَ فَتَكَلَّمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ الْحَوَائِجُ أَمَانَةٌ مِنَ اللَّهِ فِی صُدُورِ الْعِبَادِ فَمَنْ كَتَمَهَا كُتِبَ لَهُ عِبَادَةٌ وَ مَنْ أَفْشَاهَا كَانَ حَقّاً عَلَی مَنْ سَمِعَهَا أَنْ یُعِینَهُ (6).
ص: 36
«14»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَضْرِبُ بِالْمَرِّ(1) وَ یَسْتَخْرِجُ الْأَرَضِینَ وَ إِنَّهُ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ یَدِهِ (2).
«15»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] مُعَنْعَناً عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مؤمن [مُوسِرٌ] عَلَی عَهْدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی دَارٍ [لَهُ] حَدِیقَةٌ(3) وَ لَهُ جَارٌ لَهُ صِبْیَةٌ فَكَانَ یَتَسَاقَطُ الرُّطَبُ مِنَ النَّخْلَةِ فَیَنْشُدُونَ صِبْیَتُهُ یَأْكُلُونَهُ فَیَأْتِی الْمُوسِرُ فَیُخْرِجُ الرُّطَبَ مِنْ جَوْفِ أَفْوَاهِ الصِّبْیَةِ وَ شَكَا الرَّجُلُ ذَلِكَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ وَحْدَهُ إِلَی الرَّجُلِ فَقَالَ بِعْنِی حَدِیقَتَكَ هَذِهِ بِحَدِیقَةٍ فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ الْمُوسِرُ لَا أَبِیعُكَ عَاجِلًا بِآجِلٍ فَبَكَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَجَعَ نَحْوَ الْمَسْجِدِ فَلَقِیَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ الضَّعِیفِ وَ الْحَدِیقَةِ فَأَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی اسْتَخْرَجَهُ (4) مِنْ مَنْزِلِهِ وَ قَالَ لَهُ بِعْنِی دَارَكَ قَالَ الْمُوسِرُ بِحَائِطِكَ الْحُسْنَی فَصَفَّقَ عَلِیٌّ یَدَهُ وَ دَارَ إِلَی الضَّعِیفِ فَقَالَ لَهُ تَحَوَّلْ إِلَی دَارِكَ فَقَدْ مَلَّكَهَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ لَكَ وَ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَزَلَ جَبْرَئِیلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّی وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی إِلَی آخِرِ السُّورَةِ فَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ هَذِهِ السُّورَةَ الْكَامِلَةَ(5).
«16»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَفْصٍ الْأَعْشَی مُعَنْعَناً عَنْ مُوسَی بْنِ عِیسَی الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بَعْدَ أَنْ صَلَّیْنَا مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَصْرَ بِهَفَوَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ
ص: 37
قَدْ قَصَدْتُكَ فِی حَاجَةٍ لِی أُرِیدُ أَنْ تَمْضِیَ مَعِی فِیهَا إِلَی صَاحِبِهَا فَقَالَ لَهُ قف [قُلْ] قَالَ إِنِّی سَاكِنٌ فِی دَارٍ لِرَجُلٍ فِیهَا نَخْلَةٌ وَ إِنَّهُ یَهِیجُ الرِّیحُ فَیَسْقُطُ مِنْ ثَمَرِهَا بَلْحٌ وَ بُسْرٌ وَ رُطَبٌ وَ تَمْرٌ وَ یَصْعَدُ الطَّیْرُ فَیُلْقِی مِنْهُ وَ أَنَا آكُلُ مِنْهُ وَ یَأْكُلُونَ مِنْهُ الصِّبْیَانُ مِنْ غَیْرِ أَنْ نَبْخَسَهَا بِقَصَبٍ أَوْ نَرْمِیَهَا بِحَجَرٍ فَاسْأَلْهُ أَنْ یَجْعَلَنِی فِی حِلٍّ قَالَ انْهَضْ بِنَا فَنَهَضْتُ مَعَهُ فَجِئْنَا إِلَی الرَّجُلِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَرَحَّبَ وَ فَرِحَ بِهِ وَ سُرَّ وَ قَالَ فِیمَا جِئْتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ جِئْتُكَ فِی حَاجَةٍ قَالَ تُقْضَی إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَا هِیَ قَالَ هَذَا الرَّجُلُ سَاكِنٌ فِی دَارٍ لَكَ فِی مَوْضِعِ كَذَا ذَكَرَ أَنَّ فِیهَا نَخْلَةً فَإِنَّهُ یَهِیجُ الرِّیحُ فَیَسْقُطُ مِنْهَا بَلْحٌ وَ بُسْرٌ وَ رُطَبٌ وَ تَمْرٌ وَ یَصْعَدُ الطَّیْرُ فَیُلْقِی مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ غَیْرِ حَجَرٍ یَرْمِیهَا بِهِ أَوْ قَصَبَةٍ یَبْخَسُهَا فَاجْعَلْهُ (1) فِی حِلٍّ فَتَأَبَّی عَنْ ذَلِكَ وَ سَأَلَهُ ثَانِیاً وَ أَقْبَلَ عَلَیْهِ (2) فِی الْمَسْأَلَةِ وَ یَتَأَبَّی إِلَی أَنْ قَالَ وَ اللَّهِ أَنَا أَضْمَنُ لَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُبْدِلَكَ بِهَذَا النَّبِیُّ حَدِیقَةً فِی الْجَنَّةِ فَأَبَی عَلَیْهِ وَ رَهِقَنَا لمساء(3) [الْمَسَاءُ] فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام تَبِیعُنِیهَا بِحَدِیقَتِی فُلَانَةَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ قَالَ فَاشْهَدْ لِی عَلَیْكَ اللَّهَ وَ مُوسَی بْنَ عِیسَی الْأَنْصَارِیَّ أَنَّكَ قَدْ بِعْتَهَا بِهَذَا الدَّارِ قَالَ نَعَمْ أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مُوسَی بْنَ عِیسَی الْأَنْصَارِیَّ عَلَی أَنِّی قَدْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْحَدِیقَةَ بِشَجَرِهَا وَ نَخْلِهَا وَ ثَمَرِهَا بِهَذِهِ الدَّارِ أَ لَیْسَ قَدْ بِعْتَنِی هَذِهِ الدَّارَ بِمَا فِیهَا بِهَذِهِ الْحَدِیقَةِ وَ لَمْ یَتَوَهَّمْ أَنَّهُ یَفْعَلُ فَقَالَ نَعَمْ أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مُوسَی بْنَ عِیسَی عَلَی أَنِّی قَدْ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِهَذِهِ الْحَدِیقَةِ(4) فَالْتَفَتَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَخُذِ الدَّارَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَ أَنْتَ فِی حِلٍّ مِنْهَا وَ سَمِعُوا(5) أَذَانَ بِلَالٍ فَقَامُوا مُبَادِرِینَ حَتَّی صَلَّوْا مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَی مَنَازِلِهِمْ فَلَمَّا
ص: 38
أَصْبَحُوا صَلَّی النَّبِیُّ بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ عَقَّبَ فَهُوَ یُعَقِّبُ حَتَّی هَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِالْوَحْیِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَدَارَ وَجْهَهُ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَنْ فَعَلَ مِنْكُمْ فِی لَیْلَتِهِ هَذِهِ فِعْلًا فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَیَانَهَا فَمِنْكُمْ أَحَدٌ یُخْبِرُنِی أَوْ أُخْبِرُهُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بَلْ أَخْبِرْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ فَأَقْرَأَنِی عَنِ اللَّهِ السَّلَامَ وَ قَالَ لِی إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَعَلَ الْبَارِحَةَ فِعْلَةً فَقُلْتُ لِحَبِیبِی مَا هِیَ فَقَالَ اقْرَأْ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ وَ مَا أَقْرَأُ فَقَالَ اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّی وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی إِنَّ سَعْیَكُمْ لَشَتَّی إِلَی آخِرِ السُّورَةِ وَ لَسَوْفَ یَرْضی أَنْتَ یَا عَلِیُّ- أَ لَسْتَ صَدَّقْتَ بِالْجَنَّةِ وَ صَدَّقْتَ بِالدَّارِ عَلَی سَاكِنِهَا وَ بَذَلْتَ الْحَدِیقَةَ قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَذِهِ سُورَةٌ نَزَلَتْ فِیكَ وَ هَذَا لَكَ فَوَثَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ ضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا وَ آلِهِمَا(1).
«17»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب صَاحِبُ حلیة [الْحِلْیَةِ] وَ أَحْمَدُ فِی الْفَضَائِلِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْعَشَرَةِ وَ جَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِیِّ: أَنَّهُ رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَثَرَ الْجُوعِ فِی وَجْهِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ إِهَاباً(2) فَحَوَی وَسَطَهُ وَ أَدْخَلَهُ فِی
عُنُقِهِ وَ شَدَّ وَسَطَهُ بِخُوصِ نَخْلٍ وَ هُوَ شَدِیدُ الْجُوعِ فَاطَّلَعَ عَلَی رَجُلٍ یَسْتَقِی بِبَكْرَةٍ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِی كُلِّ دَلْوَةٍ بِتَمْرَةٍ فَقَالَ نَعَمْ فَنَزَحَ لَهُ حَتَّی امْتَلَأَ كَفُّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ الدَّلْوَ فَجَاءَ بِهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله(3).
«18»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ عَطِیَّةَ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: قَسَمَ نَبِیُّ اللَّهِ الْفَیْ ءَ فَأَصَابَ عَلِیّاً أَرْضٌ-(4) فَاحْتَفَرَ فِیهَا عَیْناً فَخَرَجَ مَاءٌ یَنْبُعُ فِی السَّمَاءِ كَهَیْئَةِ عُنُقِ الْبَعِیرِ فَسَمَّاهَا یَنْبُعَ فَجَاءَ الْبَشِیرُ یُبَشِّرُ
ص: 39
فَقَالَ علیه السلام بَشِّرِ الْوَارِثَ هِیَ صَدَقَةٌ بَتَّةً بَتْلًا(1) فِی حَجِیجِ بَیْتِ اللَّهِ وَ عَابِرِ سَبِیلِ اللَّهِ (2) لَا تُبَاعُ وَ لَا تُوهَبُ وَ لَا تُورَثُ فَمَنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا(3).
«19»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: بَعَثَ إِلَیَّ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام بِوَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هِیَ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ وَ قَضَی بِهِ فِی مَالِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لِیُولِجَنِی بِهِ الْجَنَّةَ وَ یَصْرِفَنِی بِهِ عَنِ النَّارِ وَ یَصْرِفَ النَّارَ عَنِّی یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ إِنَّ مَا كَانَ لِی مِنْ یَنْبُعَ مِنْ مَالٍ (4) یُعْرَفُ لِی فِیهَا وَ مَا حَوْلَهَا صَدَقَةٌ وَ رَقِیقَهَا غَیْرَ أَنَّ رِیَاحاً وَ أَبَا نَیْزَرَ وَ جُبَیْراً عُتَقَاءُ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَیْهِمْ سَبِیلٌ فَهُمْ مَوَالِیَّ یَعْمَلُونَ فِی الْمَالِ خَمْسَ حِجَجٍ وَ فِیهِ نَفَقَتُهُمْ وَ رِزْقُهُمْ وَ أَرْزَاقُ أَهَالِیهِمْ وَ مَعَ ذَلِكَ مَا كَانَ لِی بِوَادِی الْقُرَی كُلُّهُ مِنْ مَالِ بَنِی فَاطِمَةَ(5) وَ رَقِیقُهَا صَدَقَةٌ وَ مَا كَانَ لِی بِدَیْمَةَ وَ أَهْلُهَا صَدَقَةٌ [غَیْرَ أَنَّ زُرَیْقاً لَهُ مِثْلُ مَا كَتَبْتُ لِأَصْحَابِهِ وَ مَا كَانَ لِی بِأُذَیْنَةَ وَ أَهْلُهَا صَدَقَةٌ] وَ الْقَفِیرَتَیْنِ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ صَدَقَةٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنَّ الَّذِی كَتَبْتُ مِنْ أَمْوَالِی هَذِهِ صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بَتْلَةٌ حَیّاً أَنَا أَوْ مَیِّتاً یُنْفَقُ فِی كُلِّ نَفَقَةٍ یُبْتَغَی بِهَا وَجْهُ اللَّهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ وَجْهِهِ وَ ذَوِی الرَّحِمِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ فَإِنَّهُ یَقُومُ عَلَی ذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ یَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یُنْفِقُهُ حَیْثُ یَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی حِلٍّ مُحَلَّلٍ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ یَبِیعَ نَصِیباً مِنَ الْمَالِ فَیَقْضِیَ بِهِ الدَّیْنَ فَلْیَفْعَلْ إِنْ شَاءَ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ وَ إِنْ شَاءَ جَعَلَهُ
ص: 40
سَرِیَّ الْمِلْكِ وَ إِنَّ وُلْدَ عَلِیٍّ وَ مَوَالِیَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ إِنْ كَانَتْ دَارُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ غَیْرَ دَارِ الصَّدَقَةِ فَبَدَا لَهُ أَنْ یَبِیعَهَا فَلْیَبِعْ إِنْ شَاءَ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ وَ إِنْ بَاعَ فَإِنَّهُ یَقْسِمُ ثَمَنَهَا ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ فَیَجْعَلُ ثُلُثَهَا(1) فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَجْعَلُ ثُلُثاً فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی الْمُطَّلِبِ وَ یَجْعَلُ الثُّلُثَ فِی آلِ أَبِی طَالِبٍ وَ إِنَّهُ یَضَعُهُ فِیهِمْ حَیْثُ یَرَاهُ اللَّهُ وَ إِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ حَدَثٌ وَ حُسَیْنٌ حَیٌّ فَإِنَّهُ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ إِنَّ حُسَیْناً یَفْعَلُ فِیهِ مِثْلَ الَّذِی أَمَرْتُ بِهِ حَسَناً لَهُ مِثْلُ الَّذِی كَتَبْتُ لِلْحَسَنِ وَ عَلَیْهِ مِثْلُ الَّذِی عَلَی حَسَنٍ (2) وَ إِنَّ لِبَنِی ابْنَیْ فَاطِمَةَ مِنْ صَدَقَةِ عَلِیٍّ مِثْلَ الَّذِی لِبَنِی عَلِیٍّ وَ إِنِّی إِنَّمَا جَعَلْتُ الَّذِی جَعَلْتُ لِابْنَیْ فَاطِمَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَكْرِیمَ حُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَعْظِیمَهَا وَ تَشْرِیفَهَا وَ رِضَاهَا(3) وَ إِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ وَ حُسَیْنٍ حَدَثٌ فَإِنَّ الْآخِرَ مِنْهُمَا یَنْظُرُ فِی بَنِی عَلِیٍّ فَإِنْ وَجَدَ فِیهِمْ مَنْ یَرْضَی بِهَدْیِهِ (4) وَ إِسْلَامِهِ وَ أَمَانَتِهِ فَإِنَّهُ یَجْعَلُهُ إِلَیْهِ إِنْ شَاءَ وَ إِنْ لَمْ یَرَ فِیهِمْ بَعْضَ الَّذِی یُرِیدُهُ فَإِنَّهُ یَجْعَلُهُ إِلَی رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِی طَالِبٍ (5) فَإِنْ وَجَدَ آلَ أَبِی طَالِبٍ قَدْ ذَهَبَ كُبَرَاؤُهُمْ وَ ذَوُو آرَائِهِمْ فَإِنَّهُ یَجْعَلُهُ إِلَی رَجُلٍ یَرْضَاهُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ إِنَّهُ یَشْتَرِطُ عَلَی الَّذِی یَجْعَلُهُ إِلَیْهِ أَنْ یَتْرُكَ الْمَالَ عَلَی أُصُولِهِ وَ یُنْفِقَ ثَمَرَهُ حَیْثُ أَمَرْتُهُ بِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ (6) وَ وَجْهِهِ وَ ذَوِی الرَّحِمِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی الْمُطَّلِبِ وَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ لَا یُبَاعُ مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یُوهَبُ وَ لَا یُورَثُ وَ إِنَّ مَالَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَی نَاحِیَةٍ(7) وَ هُوَ إِلَی ابْنَیْ فَاطِمَةَ وَ إِنَّ رَقِیقِیَ الَّذِینَ فِی صَحِیفَةٍ صَغِیرَةٍ الَّتِی كُتِبَتْ لِی عُتَقَاءُ
ص: 41
هَذَا مَا وَصَّی (1) بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فِی أَمْوَالِهِ هَذِهِ الْغَدَ مِنْ یَوْمَ قَدِمَ مَسْكِنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَا یَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أَنْ یَقُولَ فِی شَیْ ءٍ قَضَیْتُهُ مِنْ مَالِی وَ لَا یُخَالِفَ فِیهِ أَمْرِی مِنْ قَرِیبٍ أَوْ بَعِیدٍ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ وَلَائِدِیَ اللَّائِی أَطُوفُ عَلَیْهِنَّ السَّبْعَةَ عَشَرَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ مَعَهُنَّ أَوْلَادُهُنَّ وَ مِنْهُنَّ حَبَالَی وَ مِنْهُنَّ لَا وَلَدَ لَهَا(2) فَقَضَائِی فِیهِنَّ إِنْ حَدَثَ بِی حَدَثٌ أَنَ (3) مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ لَیْسَ لَهَا وَلَدٌ وَ لَیْسَتْ بِحُبْلَی فَهِیَ عَتِیقٌ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَیْهِنَّ سَبِیلٌ وَ مَنْ كَانَتْ مِنْهُنَّ لَهَا وَلَدٌ أَوْ حُبْلَی فَتُمْسَكُ عَلَی وَلَدِهَا وَ هِیَ مِنْ حَظِّهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَ هِیَ حَیَّةٌ فَهِیَ عَتِیقٌ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَیْهَا سَبِیلٌ هَذَا مَا قَضَی بِهِ عَلِیٌّ فِی مَالِهِ الْغَدَ مِنْ یَوْمَ قَدِمَ مَسْكِنَ شَهِدَ أَبُو سَمَرِ بْنُ أَبْرَهَةَ وَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَ یَزِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ هَیَّاجُ بْنُ أَبِی هَیَّاجٍ وَ كَتَبَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَی الْأُولَی سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ (4).
بیان: قوله علیه السلام (سری الملك) السری النفیس أی یتخذه لنفسه و ظاهره جواز اشتراط بیع الوقف و تملكه عند الحاجة و هو خلاف المشهور بین الأصحاب و حمله علی الإجارة مجازا بعید و سیأتی القول فی ذلك فی كتاب الوقف قوله علیه السلام الغد من یوم قدم مسكن تاریخ لكتابة الكتاب و المسكن كمسجد موضع بالكوفة أی كانت الكتابة فی الیوم الذی بعد یوم قدومه المسكن بعد رجوعه من بعض أسفاره.
«20»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عَمِیرَةَ(5) وَ سَلَمَةَ صَاحِبِ
ص: 42
السَّابِرِیِّ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ یَدِهِ (1).
«21»- جع، [جامع الأخبار]: جَاءَ عَلِیّاً علیه السلام أَعْرَابِیٌّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی مَأْخُوذٌ بِثَلَاثِ عِلَلٍ عِلَّةِ النَّفْسِ وَ عِلَّةِ الْفَقْرِ وَ عِلَّةِ الْجَهْلِ فَأَجَابَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ یَا أَخَا الْعَرَبِ عِلَّةُ النَّفْسِ تُعْرَضُ عَلَی الطَّبِیبِ وَ عِلَّةُ الْجَهْلِ تُعْرَضُ عَلَی الْعَالِمِ وَ عِلَّةُ الْفَقْرِ تُعْرَضُ عَلَی الْكَرِیمِ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْتَ الْكَرِیمُ وَ أَنْتَ الْعَالِمُ وَ أَنْتَ الطَّبِیبُ فَأَمَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِأَنْ یُعْطَی لَهُ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ قَالَ تُنْفِقُ أَلْفاً بِعِلَّةِ النَّفْسِ وَ أَلْفاً بِعِلَّةِ الْجَهْلِ وَ أَلْفاً بِعِلَّةِ الْفَقْرِ(2).
أَقُولُ: رَوَی السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِی كَشْفِ الْمَحَجَّةِ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ مَا كَانَ لِی فِرَاشٌ وَ صَدَقَتِیَ الْیَوْمَ لَوْ قُسِمَتْ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ لَوَسِعَتْهُمْ.
وَ قَالَ فِیهِ إِنَّهُ علیه السلام وَقَفَ أَمْوَالَهُ وَ كَانَتْ غَلَّتُهُ أَرْبَعِینَ أَلْفَ دِینَارٍ وَ بَاعَ سَیْفَهُ وَ قَالَ مَنْ یَشْتَرِی سَیْفِی وَ لَوْ كَانَ عِنْدِی عِشَاءٌ مَا بِعْتُهُ وَ قَالَ فِیهِ إِنَّهُ علیه السلام قَالَ مَرَّةً مَنْ یَشْتَرِی سَیْفِیَ الْفُلَانِیَّ وَ لَوْ كَانَ عِنْدِی ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ قَالَ وَ كَانَ یَفْعَلُ هَذَا وَ غَلَّتُهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِینَارٍ مِنْ صَدَقَتِهِ (3).
ص: 43
«1»- لی، [الأمالی] للصدوق الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الدِّینَوَرِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الصَّائِغِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَیْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ رِبْعِیٍّ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَخَلَ مَكَّةَ فِی بَعْضِ حَوَائِجِهِ فَوَجَدَ أَعْرَابِیّاً مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا صَاحِبَ الْبَیْتِ الْبَیْتُ بَیْتُكَ وَ الضَّیْفُ ضَیْفُكَ وَ لِكُلِّ ضَیْفٍ مِنْ ضیفه [مُضِیفِهِ] قِرًی (1) فَاجْعَلْ قِرَایَ مِنْكَ اللَّیْلَةَ الْمَغْفِرَةَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ أَ مَا تَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَعْرَابِیِّ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ اللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ یَرُدَّ ضَیْفَهُ فَلَمَّا(2) كَانَتِ اللَّیْلَةُ الثَّانِیَةُ وَجَدَهُ مُتَعَلِّقاً بِذَلِكَ الرُّكْنِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا عَزِیزاً فِی عِزِّكَ فَلَا أَعَزَّ مِنْكَ فِی عِزِّكَ أَعِزَّنِی بِعِزِّ عِزِّكَ فِی عِزٍّ لَا یَعْلَمُ أَحَدٌ كَیْفَ هُوَ أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ وَ أَتَوَسَّلُ إِلَیْكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْكَ أَعْطِنِی مَا لَا یُعْطِینِی أَحَدٌ غَیْرُكَ وَ اصْرِفْ عَنِّی مَا لَا یَصْرِفُهُ أَحَدٌ غَیْرُكَ قَالَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ هَذَا وَ اللَّهِ الِاسْمُ الْأَكْبَرُ بِالسُّرْیَانِیَّةِ أَخْبَرَنِی بِهِ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَأَلَهُ الْجَنَّةَ فَأَعْطَاهُ وَ سَأَلَهُ صَرْفَ النَّارِ وَ قَدْ صَرَفَهَا عَنْهُ.
قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الثَّالِثَةُ وَجَدَهُ وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ الرُّكْنِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَنْ لَا یَحْوِیهِ مَكَانٌ وَ لَا یَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ بِلَا كَیْفِیَّةٍ كَانَ ارْزُقِ الْأَعْرَابِیَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ فَتَقَدَّمَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَعْرَابِیُّ سَأَلْتَ رَبَّكَ الْقِرَی فَقَرَاكَ وَ سَأَلْتَهُ الْجَنَّةَ فَأَعْطَاكَ وَ سَأَلْتَهُ أَنْ یَصْرِفَ عَنْكَ النَّارَ وَ قَدْ صَرَفَهَا عَنْكَ وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ تَسْأَلُهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ الْأَعْرَابِیُّ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَلِیُّ
ص: 44
بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَنْتَ وَ اللَّهِ بُغْیَتِی وَ بِكَ أَنْزَلْتُ حَاجَتِی قَالَ سَلْ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ أُرِیدُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلصَّدَاقِ وَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَقْضِی بِهِ دَیْنِی وَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَشْتَرِی بِهِ دَاراً وَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَتَعَیَّشُ مِنْهُ قَالَ أَنْصَفْتَ یَا أَعْرَابِیُّ فَإِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَكَّةَ فَاسْأَلْ عَنْ دَارِی بِمَدِینَةِ الرَّسُولِ.
فَأَقَامَ الْأَعْرَابِیُّ بِمَكَّةَ أُسْبُوعاً وَ خَرَجَ فِی طَلَبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مَدِینَةِ الرَّسُولِ وَ نَادَی مَنْ یَدُلُّنِی عَلَی دَارِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ فَقَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ 1 عَلِیٍّ مِنْ بَیْنِ الصِّبْیَانِ أَنَا أَدُلُّكَ عَلَی دَارِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَا ابْنُهُ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ مَنْ أَبُوكَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ مَنْ أُمُّكَ قَالَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ قَالَ مَنْ جَدُّكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ مَنْ جَدَّتُكَ قَالَ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ قَالَ مَنْ أَخُوكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ قَالَ لَقَدْ أَخَذْتَ الدُّنْیَا بِطَرَفَیْهَا امْشِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ قُلْ لَهُ إِنَّ الْأَعْرَابِیَّ صَاحِبَ الضَّمَانِ بِمَكَّةَ عَلَی الْبَابِ قَالَ فَدَخَلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَتِ أَعْرَابِیٌّ بِالْبَابِ یَزْعُمُ أَنَّهُ صَاحِبُ الضَّمَانِ بِمَكَّةَ قَالَ فَقَالَ یَا فَاطِمَةُ عِنْدَكَ شَیْ ءٌ یَأْكُلُهُ الْأَعْرَابِیُّ قَالَتِ اللَّهُمَّ لَا قَالَ فَتَلَبَّسَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ خَرَجَ وَ قَالَ ادْعُوا لِی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَلْمَانَ الْفَارِسِیَّ قَالَ فَدَخَلَ إِلَیْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَقَالَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ اعْرِضِ الْحَدِیقَةَ الَّتِی غَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِی عَلَی التُّجَّارِ قَالَ فَدَخَلَ سَلْمَانُ إِلَی السُّوقِ وَ عَرَضَ الْحَدِیقَةَ فَبَاعَهَا بِاثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ أَحْضَرَ الْمَالَ وَ أَحْضَرَ الْأَعْرَابِیَّ فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَرْبَعِینَ دِرْهَماً نَفَقَةً وَ وَقَعَ الْخَبَرُ إِلَی سُؤَّالِ الْمَدِینَةِ فَاجْتَمَعُوا وَ مَضَی رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَی فَاطِمَةَ علیها السلام فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ آجَرَكَ اللَّهُ فِی مَمْشَاكَ فَجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الدَّرَاهِمُ مَصْبُوبَةٌ بَیْنَ یَدَیْهِ حَتَّی اجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَصْحَابُهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً قَبْضَةً وَ جَعَلَ یُعْطِی رَجُلًا رَجُلًا حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ.
فَلَمَّا أَتَی الْمَنْزِلَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ علیها السلام یَا ابْنَ عَمِّ بِعْتَ الْحَائِطَ الَّذِی غَرَسَهُ لَكَ وَالِدِی قَالَ نَعَمْ بِخَیْرٍ مِنْهُ عَاجِلًا وَ آجِلًا قَالَتْ فَأَیْنَ الثَّمَنُ قَالَ دَفَعْتُهُ
ص: 45
إِلَی أَعْیُنٍ اسْتَحْیَیْتُ أَنْ أُذِلَّهَا بِذُلِّ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِی قَالَتْ فَاطِمَةُ أَنَا جَائِعَةٌ وَ ابْنَایَ جَائِعَانِ وَ لَا أَشُكُّ إِلَّا وَ أَنَّكَ مِثْلُنَا فِی الْجُوعِ لَمْ یَكُنْ لَنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ وَ أَخَذَتْ بِطَرَفِ ثَوْبِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا فَاطِمَةُ خَلِّینِی فَقَالَتْ لَا وَ اللَّهِ أَوْ یَحْكُمَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ أَبِی فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ السَّلَامُ (1) یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ أَقْرِئْ عَلِیّاً مِنِّی السَّلَامَ وَ قُلْ لِفَاطِمَةَ لَیْسَ لَكِ أَنْ تَضْرِبِی عَلَی یَدَیْهِ فَلَمَّا أَتَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْزِلَ عَلِیٍّ وَجَدَ فَاطِمَةَ مُلَازِمَةً لِعَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهَا یَا بُنَیَّةِ مَا لَكِ مُلَازِمَةً لِعَلِیٍّ قَالَتْ یَا أَبَتِ بَاعَ الْحَائِطَ الَّذِی غَرَسْتَهُ لَهُ بِاثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ یَحْبِسْ لَنَا مِنْهُ دِرْهَماً نَشْتَرِی بِهِ طَعَاماً فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ إِنَّ جَبْرَئِیلَ یُقْرِئُنِی مِنْ رَبِّیَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ أَقْرِئْ عَلِیّاً مِنْ رَبِّهِ السَّلَامَ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَقُولَ لَكِ لَیْسَ لَكِ أَنْ تَضْرِبِی عَلَی یَدَیْهِ قَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَإِنِّی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ لَا أَعُودُ أَبَداً قَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام فَخَرَجَ أَبِی صلی اللّٰه علیه و آله فِی نَاحِیَةٍ وَ زَوْجِی فِی نَاحِیَةٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ أَتَی أَبِی وَ مَعَهُ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ سُودٍ هَجَرِیَّةٍ فَقَالَ یَا فَاطِمَةُ أَیْنَ ابْنُ عَمِّی فَقُلْتُ لَهُ خَرَجَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَاكِ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَإِذَا جَاءَ ابْنُ عَمِّی فَقُولِی لَهُ یَبْتَاعُ لَكُمْ بِهَا طَعَاماً فَمَا لَبِثْتُ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ رَجَعَ ابْنُ عَمِّی فَإِنِّی أَجِدُ رَائِحَةً طَیِّبَةً قَالَتْ نَعَمْ وَ قَدْ دَفَعَ إِلَیَّ شَیْئاً تَبْتَاعُ بِهِ لَنَا طَعَاماً قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَاتِیهِ فَدَفَعَتْ إِلَیْهِ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ سودا هجریة [سُودٍ هَجَرِیَّةٍ] فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِیراً طَیِّباً وَ هَذَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَالَ یَا حَسَنُ قُمْ مَعِی فَأَتَیَا السُّوقَ فَإِذَا هُمَا بِرَجُلٍ وَاقِفٍ وَ هُوَ یَقُولُ مَنْ یُقْرِضُ الْمَلِیَّ الْوَفِیَّ قَالَ یَا بُنَیَّ نُعْطِیهِ قَالَ إِی وَ اللَّهِ یَا أَبَتِ فَأَعْطَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام الدَّرَاهِمَ فَقَالَ الْحَسَنُ یَا أَبَتَاهْ أَعْطَیْتَهُ الدَّرَاهِمَ كُلَّهَا قَالَ نَعَمْ یَا بُنَیَّ إِنَّ الَّذِی یُعْطِی الْقَلِیلَ قَادِرٌ عَلَی أَنْ یُعْطِیَ الْكَثِیرَ.
قَالَ فَمَضَی عَلِیٌّ بِبَابِ رَجُلٍ یَسْتَقْرِضُ مِنْهُ شَیْئاً فَلَقِیَهُ أَعْرَابِیٌّ وَ مَعَهُ نَاقَةٌ فَقَالَ یَا عَلِیُّ اشْتَرِ مِنِّی هَذِهِ النَّاقَةَ قَالَ لَیْسَ مَعِی ثَمَنُهَا قَالَ فَإِنِّی أُنْظِرُكَ
ص: 46
بِهِ إِلَی الْقَبْضِ قَالَ بِكَمْ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ عَلِیٌّ خُذْهَا یَا حَسَنُ فَأَخَذَهَا فَمَضَی عَلِیٌّ علیه السلام فَلَقِیَهُ أَعْرَابِیٌّ آخَرُ الْمِثَالُ وَاحِدٌ وَ الثِّیَابُ مُخْتَلِفَةٌ فَقَالَ یَا عَلِیُّ تَبِیعُ النَّاقَةَ قَالَ عَلِیٌّ وَ مَا تَصْنَعُ بِهَا قَالَ أَغْزُو عَلَیْهَا أَوَّلَ غَزْوَةٍ یَغْزُوهَا ابْنُ عَمِّكَ قَالَ إِنْ قَبِلْتَهَا فَهِیَ لَكَ بِلَا ثَمَنٍ قَالَ مَعِی ثَمَنُهَا وَ بِالثَّمَنِ أَشْتَرِیهَا فَبِكَمْ اشْتَرَیْتَهَا قَالَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ الْأَعْرَابِیُّ فَلَكَ سَبْعُونَ وَ مِائَةُ دِرْهَمٍ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام خُذِ السَّبْعِینَ وَ الْمِائَةَ وَ سَلِّمِ النَّاقَةَ وَ الْمِائَةُ لِلْأَعْرَابِیِ (1) الَّذِی بَاعَنَا النَّاقَةَ وَ السبعین [السَّبْعُونَ] لَنَا نَبْتَاعُ بِهَا شَیْئاً فَأَخَذَ الْحَسَنُ علیه السلام الدَّرَاهِمَ وَ سَلَّمَ النَّاقَةَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَضَیْتُ أَطْلُبُ الْأَعْرَابِیَّ الَّذِی ابْتَعْتُ مِنْهُ النَّاقَةَ لِأُعْطِیَهُ ثَمَنَهَا فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً فِی مَكَانٍ لَمْ أَرَهُ فِیهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَ لَا بَعْدَهُ عَلَی قَارِعَةِ الطَّرِیقَ فَلَمَّا نَظَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ تَبَسَّمَ ضَاحِكاً حَتَّی بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ وَ بَشَّرَكَ بِیَوْمِكَ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ تَطْلُبُ الْأَعْرَابِیَّ الَّذِی بَاعَكَ النَّاقَةَ لِتُوَفِّیَهُ الثَّمَنَ فَقُلْتُ إِی وَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ الَّذِی بَاعَكَ النَّاقَةَ جَبْرَئِیلُ وَ الَّذِی اشْتَرَاهَا مِنْكَ مِیكَائِیلُ وَ النَّاقَةُ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ وَ الدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِینَ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنْفِقْهَا فِی خَیْرٍ وَ لَا تَخَفْ إِقْتَاراً(2).
بیان: لعل منازعتها صلوات اللّٰه علیها إنما كانت ظاهرا(3) لظهور فضله صلوات اللّٰه علیه علی الناس أو لظهور الحكمة فیما صدر عنه علیه السلام أو لوجه من الوجوه لا نعرفه و النواجد من الأسنان الضواحك و هی التی تبدو عند الضحك قوله و بشرك بیومك أی یوم الشفاعة التی وعدها اللّٰه تعالی له.
ص: 47
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب مُخْتَارٌ التَّمَّارُ عَنْ أَبِی مَطَرٍ الْبَصْرِیِّ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَرَّ بِأَصْحَابِ التَّمْرِ فَإِذَا هُوَ بِجَارِیَةٍ تَبْكِی فَقَالَ یَا جَارِیَةُ مَا یُبْكِیكِ فَقَالَتْ بَعَثَنِی مَوْلَایَ بِدِرْهَمٍ فَابْتَعْتُ مِنْ هَذَا تَمْراً فَأَتَیْتُهُمْ بِهِ فَلَمْ یَرْضَوْهُ فَلَمَّا أَتَیْتُهُ بِهِ أَبَی أَنْ یَقْبَلَهُ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّهَا خَادِمٌ وَ لَیْسَ لَهَا أَمْرٌ فَارْدُدْ إِلَیْهَا دِرْهَمَهَا وَ خُذِ التَّمْرَ فَقَامَ إِلَیْهِ الرَّجُلُ فَلَكَزَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَرَبَا الرَّجُلُ (1) وَ اصْفَرَّ وَ أَخَذَ التَّمْرَ وَ رَدَّ إِلَیْهَا دِرْهَمَهَا ثُمَّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ارْضَ عَنِّی فَقَالَ مَا أَرْضَانِی عَنْكَ إِنْ أَصْلَحْتَ أَمْرَكَ. وَ فِی فَضَائِلِ أَحْمَدَ: إِذَا وَفَیْتَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ.
وَ دَعَا علیه السلام غُلَاماً لَهُ مِرَاراً فَلَمْ یُجِبْهُ فَخَرَجَ فَوَجَدَهُ عَلَی بَابِ، الْبَیْتِ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ إِلَی تَرْكِ إِجَابَتِی قَالَ كَسِلْتُ عَنْ إِجَابَتِكَ وَ أَمِنْتُ عُقُوبَتَكَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَنِی مِمَّنْ یَأْمَنُهُ خَلْقُهُ امْضِ فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ.
وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ مِنْ خَلْفِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ (2) فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ علیه السلام تَعْظِیماً لِلْقُرْآنِ حَتَّی فَرَغَ مِنَ الْآیَةِ ثُمَّ عَادَ فِی قِرَاءَتِهِ ثُمَّ أَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ الْآیَةَ فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ علیه السلام أَیْضاً ثُمَّ قَرَأَ فَأَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ (3) ثُمَّ أَتَمَّ السُّورَةَ وَ رَكَعَ.
وَ بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی لَبِیدِ بْنِ عُطَارِدٍ التَّمِیمِیِّ فِی كَلَامٍ بَلَغَهُ فَمَرَّ بِهِ
ص: 48
[رَسُولُ] أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَنِی أَسَدٍ فَقَامَ إِلَیْهِ نُعَیْمُ بْنُ دَجَاجَةَ الْأَسَدِیُّ فَأَفْلَتَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَتَوْهُ بِهِ وَ أَمَرَ بِهِ أَنْ یُضْرَبَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ وَ اللَّهِ إِنَّ الْمُقَامَ مَعَكَ لَذُلٌّ وَ إِنَّ فِرَاقَكَ لَكُفْرٌ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ قَدْ عَفَوْنَا عَنْكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَةَ(1) أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْمُقَامَ مَعَكَ لَذُلٌّ فَسَیِّئَةٌ اكْتَسَبْتَهَا وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ فِرَاقَكَ لَكُفْرٌ فَحَسَنَةٌ اكْتَسَبْتَهَا فَهَذِهِ بِهَذِهِ.
مَرَّتْ امْرَأَةٌ جَمِیلَةٌ فَرَمَقَهَا الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ أَبْصَارَ هَذِهِ الْفُحُولِ طَوَامِعُ وَ إِنَّ ذَلِكَ سَبَبُ هَنَاتِهَا فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَی امْرَأَةٍ تُعْجِبُهُ فَلْیَلْمَسْ أَهْلَهُ فَإِنَّمَا هِیَ امْرَأَةٌ كَامْرَأَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ قَاتَلَهُ اللَّهُ كَافِراً مَا أَفْقَهَهُ فَوَثَبَ الْقَوْمُ لِیَقْتُلُوهُ فَقَالَ (2) علیه السلام رُوَیْداً إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْبٍ.
وَ جَاءَهُ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ كَانَ تَكَلَّمَ فِیهِ وَ أَسْمَعَهُ فِی الْیَوْمِ الْمَاضِی وَ سَأَلَهُ حَوَائِجَهُ فَقَضَاهَا فَعَاتَبَهُ أَصْحَابُهُ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّی لَأَسْتَحْیِی أَنْ یَغْلِبَ جَهْلُهُ عِلْمِی وَ ذَنْبُهُ عَفْوِی وَ مَسْأَلَتُهُ جُودِی.
وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام إِلَی كَمْ أُغْضِی الْجُفُونَ عَلَی الْقَذَی وَ أَسْحَبُ ذَیْلِی عَلَی الْأَذَی وَ أَقُولُ لَعَلَّ وَ عَسَی (3).
بیان: اللكز الدفع و الضرب بجمع الكف و یقال طمع بصری إلیه أی امتد و علا و یقال فی فلان هنات أی خصال شر.
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْعِقْدُ وَ نُزْهَةُ الْأَبْصَارِ قَالَ قَنْبَرٌ: دَخَلْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی عُثْمَانَ فَأَحَبَّ الْخَلْوَةَ فَأَوْمَأَ إِلَیَّ بِالتَّنَحِّی فَتَنَحَّیْتُ غَیْرَ بَعِیدٍ فَجَعَلَ عُثْمَانُ یُعَاتِبُهُ وَ هُوَ مُطْرِقٌ رَأْسَهُ وَ أَقْبَلَ إِلَیْهِ عُثْمَانُ فَقَالَ مَا لَكَ لَا تَقُولُ فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ جَوَابُكَ إِلَّا مَا تَكْرَهُ وَ لَیْسَ لَكَ عِنْدِی إِلَّا مَا تُحِبُّ ثُمَّ خَرَجَ قَائِلًا
ص: 49
وَ لَوْ أَنَّنِی جَاوَبْتُهُ لَأَمَضَّهُ***نَوَافِذُ قَوْلِی وَ اخْتِصَارُ جَوَابِی
وَ لَكِنَّنِی أُغْضِی عَلَی مَضَضِ الْحَشَا***وَ لَوْ شِئْتُ إِقْدَاماً لَأُنْشِبُ نَابِی
وَ أَسَرَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ یَوْمَ الْجَمَلِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَعَاتَبَهُ علیه السلام وَ أَطْلَقَهُ.
وَ قَالَتْ عَائِشَةُ یَوْمَ الْجَمَلِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ فَجَهَّزَهَا أَحْسَنَ الْجَهَازِ وَ بَعَثَ مَعَهَا بِتِسْعِینَ امْرَأَةً أَوْ سَبْعِینَ وَ اسْتَأْمَنَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بِكْرٍ فَآمَنَهُ وَ آمَنَ مَعَهُ سَائِرَ النَّاسِ.
وَ جِی ءَ بِمُوسَی بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ خَلَّی سَبِیلَهُ وَ قَالَ اذْهَبْ حَیْثُ شِئْتَ وَ مَا وَجَدْتَ لَكَ فِی عَسْكَرِنَا مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ فَخُذْهُ وَ اتَّقِ اللَّهَ فِیمَا تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ أَمْرِكَ وَ اجْلِسْ فِی بَیْتِكَ (1).
بیان: قال الجزری فی النهایة قالت عائشة لعلی علیه السلام یوم الجمل حین ظهر ملكت فأسجح أی قدرت فسهل فأحسن العفو و هو مثل سائر(2) و الكراع كغراب اسم لجمع الخیل.
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ابْنُ بَطَّةَ الْعُكْبَرِیُّ وَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذَا أَخَذَ أَسِیراً فِی حُرُوبِ الشَّامِ أَخَذَ سِلَاحَهُ وَ دَابَّتَهُ وَ اسْتَحْلَفَهُ أَنْ لَا یُعِینَ عَلَیْهِ.
ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَرْفَجَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا قَتَلَ عَلِیٌّ أَصْحَابَ النَّهْرِ جَاءَ بِمَا كَانَ فِی عَسْكَرِهِمْ فَمَنْ كَانَ یَعْرِفُ شَیْئاً أَخَذَهُ حَتَّی بَقِیَتْ قِدْرٌ ثُمَّ رَأَیْتُهَا بَعْدُ قَدْ أُخِذَتْ.
الطَّبَرِیُّ: لَمَّا ضَرَبَ عَلِیٌّ طَلْحَةَ الْعَبْدَرِیَّ تَرَكَهُ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجَهِّزَ عَلَیْهِ قَالَ إِنَّ ابْنَ عَمِّی نَاشَدَنِی اللَّهَ وَ الرَّحِمَ حِینَ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَاسْتَحْیَیْتُهُ.
وَ لَمَّا أَدْرَكَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ لَمْ یَضْرِبْهُ فَوَقَعُوا فِی عَلِیٍّ علیه السلام فَرَدَّ عَنْهُ حُذَیْفَةُ
ص: 50
فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَهْ یَا حُذَیْفَةُ فَإِنَّ عَلِیّاً سَیَذْكُرُ سَبَبَ وَقْفَتِهِ ثُمَّ إِنَّهُ ضَرَبَهُ فَلَمَّا جَاءَ سَأَلَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ كَانَ شَتَمَ أُمِّی وَ تَفَلَ فِی وَجْهِی فَخَشِیتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفْسِی فَتَرَكْتُهُ حَتَّی سَكَنَ مَا بِی ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِی اللَّهِ.
وَ إِنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ مِنَ الْبَیْعَةِ جَرَتْ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فَاحْتَمَلَ وَ صَبَرَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا طَالَبُوهُ بِالْبَیْعَةِ قَالَ لَهُ الْأَوَّلُ بَایِعْ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَمَهْ قَالَ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ نَضْرِبُ عُنُقَكَ قَالَ فَالْتَفَتَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْقَبْرِ فَقَالَ یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی.
الْجَاحِظُ فِی الْبَیَانِ وَ التَّبْیِینِ: إِنَّ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَوْلُهُ قَدْ مَضَتْ أُمُورٌ لَمْ تَكُونُوا فِیهَا بِمَحْمُودِی الرَّأْیِ أَمَا لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ وَ لَكِنْ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هِمَّتُهُ بَطْنُهُ یَا وَیْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحُهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ لَكَانَ خَیْراً لَهُ.
وَ قَدْ رَوَی الْكَافَّةُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَعْدِیكَ عَلَی قُرَیْشٍ فَإِنَّهُمْ ظَلَمُونِی فِی الْحَجَرِ وَ الْمَدَرِ.
إِبْرَاهِیمُ الثَّقَفِیُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ وَ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ بِإِسْنَادِهِمَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ إِلَی یَوْمِی هَذَا.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمُسَیَّبِ بْنِ نَجِیَّةَ قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیٌّ یَخْطُبُ وَ أَعْرَابِیٌّ یَقُولُ وَا مَظْلَمَتَاهْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ادْنُ فَدَنَا فَقَالَ لَقَدْ ظُلِمْتُ عَدَدَ الْمَدَرِ وَ الْوَبَرِ(1).وَ فِی رِوَایَةِ كَثِیرِ بْنِ الْیَمَانِ: وَ مَا لَا یُحْصَی.
أَبُو نُعَیْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَیْنٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُرَیْثٍ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یَقُمْ مَرَّةً عَلَی الْمِنْبَرِ إِلَّا قَالَ فِی آخِرِ كَلَامِهِ قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ وَ كَانَ علیه السلام بِشْرُهُ دَائِمٌ وَ ثَغْرُهُ بَاسِمٌ غَیْثٌ لِمَنْ رَغِبَ وَ غِیَاثٌ لِمَنْ ذَهَبَ مَآلُ الْآمِلِ وَ ثِمَالُ الْأَرَامِلِ یَتَعَطَّفُ عَلَی رَعِیَّتِهِ وَ یَتَصَرَّفُ عَلَی مَشِیَّتِهِ وَ یَكُفُّهُ
ص: 51
بِحُجَّتِهِ (1) وَ یَكْفِیهِ بِمُهْجَتِهِ.
وَ نَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی امْرَأَةٍ عَلَی كَتِفِهَا قِرْبَةُ مَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهَا الْقِرْبَةَ فَحَمَلَهَا إِلَی مَوْضِعِهَا وَ سَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا فَقَالَتْ بَعَثَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَاحِبِی إِلَی بَعْضِ الثُّغُورِ فَقُتِلَ وَ تَرَكَ عَلَیَّ صِبْیَاناً یَتَامَی وَ لَیْسَ عِنْدِی شَیْ ءٌ فَقَدْ أَلْجَأَتْنِی الضَّرُورَةُ إِلَی خِدْمَةِ النَّاسِ فَانْصَرَفَ وَ بَاتَ لَیْلَتَهُ قَلِقاً فَلَمَّا أَصْبَحَ حَمَلَ زِنْبِیلًا فِیهِ طَعَامٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَعْطِنِی أَحْمِلْهُ عَنْكَ فَقَالَ مَنْ یَحْمِلُ وِزْرِی عَنِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأَتَی وَ قَرَعَ الْبَابَ فَقَالَتْ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا ذَلِكِ الْعَبْدُ الَّذِی حَمَلَ مَعَكِ الْقِرْبَةَ فَافْتَحِی فَإِنَّ مَعِی شَیْئاً لِلصِّبْیَانِ فَقَالَتْ رَضِیَ اللَّهُ عَنْكَ وَ حَكَمَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَدَخَلَ وَ قَالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ اكْتِسَابَ الثَّوَابِ فَاخْتَارِی بَیْنَ أَنْ تَعْجِنِینَ وَ تَخْبِزِینَ وَ بَیْنَ أَنْ تُعَلِّلِینَ الصِّبْیَانَ لِأَخْبِزَ أَنَا فَقَالَتْ أَنَا بِالْخَبْزِ أَبْصَرُ وَ عَلَیْهِ أَقْدَرُ وَ لَكِنْ شَأْنَكَ وَ الصِّبْیَانَ فَعَلِّلْهُمْ حَتَّی أَفْرُغَ مِنَ الْخَبْزِ قَالَ (2) فَعَمَدَتْ إِلَی الدَّقِیقِ فَعَجَنَتْهُ وَ عَمَدَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی اللَّحْمِ فَطَبَخَهُ وَ جَعَلَ یُلْقِمُ الصِّبْیَانَ مِنَ اللَّحْمِ وَ التَّمْرِ وَ غَیْرِهِ فَكُلَّمَا نَاوَلَ الصِّبْیَانَ مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً قَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ اجْعَلْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فِی حِلٍّ مِمَّا أَمَرَ فِی أَمْرِكَ (3) فَلَمَّا اخْتَمَرَ الْعَجِینُ قَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ اسْجِرِ التَّنُّورَ فَبَادَرَ لِسَجْرِهِ فَلَمَّا أَشْعَلَهُ وَ لَفَحَ فِی وَجْهِهِ جَعَلَ یَقُولُ ذُقْ یَا عَلِیُّ هَذَا جَزَاءُ مَنْ ضَیَّعَ الْأَرَامِلَ وَ الْیَتَامَی فَرَأَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِفُهُ فَقَالَتْ وَیْحَكِ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَبَادَرَتِ الْمَرْأَةُ وَ هِیَ تَقُولُ وَا حَیَائِی مِنْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ بَلْ وَا حَیَائِی مِنْكِ یَا أَمَةَ اللَّهِ فِیمَا قَصَرْتُ فِی أَمْرِكِ (4).
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: سُئِلَ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ تُوُفِّیَ الْبَارِحَةَ فَلَمَّا رَأَی جَزَعَ السَّائِلِ
ص: 52
قَرَأَ اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ الَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها(1).
«5»- ب، [قرب الإسناد] عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام صَاحَبَ رَجُلًا ذِمِّیّاً فَقَالَ لَهُ الذِّمِّیُّ أَیْنَ تُرِیدُ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أُرِیدُ الْكُوفَةَ فَلَمَّا عَدَلَ الطَّرِیقُ بِالذِّمِّیِّ عَدَلَ مَعَهُ عَلِیٌّ فَقَالَ لَهُ الذِّمِّیُّ أَ لَیْسَ زَعَمْتَ تُرِیدُ الْكُوفَةَ قَالَ بَلَی فَقَالَ لَهُ الذِّمِّیُّ فَقَدْ تَرَكْتَ الطَّرِیقَ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ فَقَالَ لَهُ فَلِمَ عَدَلْتَ مَعِی وَ قَدْ عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام هَذَا مِنْ تَمَامِ حُسْنِ الصُّحْبَةِ أَنْ یُشَیِّعَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ هُنَیْئَةً إِذَا فَارَقَهُ وَ كَذَلِكَ أَمَرَنَا نَبِیُّنَا فَقَالَ لَهُ هَكَذَا قَالَ نَعَمْ (2) فَقَالَ لَهُ الذِّمِّیُّ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ لِأَفْعَالِهِ الْكَرِیمَةِ وَ أَنَا أُشْهِدُكَ أَنِّی عَلَی دِینِكَ فَرَجَعَ الذِّمِّیُّ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا عَرَفَهُ أَسْلَمَ (3).
كا، [الكافی] علی بن إبراهیم عن هارون بن مسلم عن ابن صدقة: مثله (4).
«6»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَلْقَی لِكُلِّ وَاحِدَةٍ(5) مِنْهُمَا وِسَادَةً فَقَعَدَ عَلَیْهَا أَحَدُهُمَا وَ أَبَی الْآخَرُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اقْعُدْ عَلَیْهَا فَإِنَّهُ لَا یَأْبَی الْكَرَامَةَ إِلَّا الْحِمَارُ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَتَاكُمْ كَرِیمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ (6).
ص: 53
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْأَصْبَغُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ عِبادُ الرَّحْمنِ (1) قَالَ فِینَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ.
الصَّادِقُ علیه السلام: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَحْطِبُ وَ یَسْتَسْقِی وَ یَكْنِسُ وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام تَطْحَنُ وَ تَعْجِنُ وَ تَخْبِزُ.
الْإِبَانَةُ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ وَ الْفَضَائِلُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ اشْتَرَی تَمْراً بِالْكُوفَةِ فَحَمَلَهُ فِی طَرَفِ رِدَائِهِ فَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَی حَمْلِهِ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ نَحْمِلُهُ فَقَالَ علیه السلام رَبُّ الْعِیَالِ أَحَقُّ بِحَمْلِهِ.
قُوتُ الْقُلُوبِ عَنْ أَبِی طَالِبٍ الْمَكِّیِّ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَحْمِلُ التَّمْرَ وَ الْمَالِحَ (2) بِیَدِهِ وَ یَقُولُ لَا یَنْقُصُ الْكَامِلَ مِنْ كَمَالِهِ مَا جَرَّ مِنْ نَفْعٍ إِلَی عِیَالِهِ.
زَیْدُ بْنُ عَلِیٍّ: إِنَّهُ كَانَ یَمْشِی فِی خَمْسَةٍ حَافِیاً وَ یُعَلِّقُ نَعْلَیْهِ بِیَدِهِ الْیُسْرَی یَوْمَ الْفِطْرِ وَ النَّحْرِ وَ الْجُمُعَةِ(3) وَ عِنْدَ الْعِیَادَةِ وَ تَشْیِیعِ الْجَنَازَةِ وَ یَقُولُ إِنَّهَا مَوَاضِعُ اللَّهِ وَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ فِیهَا حَافِیاً.
زَاذَانُ: إِنَّهُ كَانَ یَمْشِی فِی الْأَسْوَاقِ وَحْدَهُ وَ هُوَ ذَاكَ یُرْشِدُ الضَّالَّ وَ یُعِینُ الضَّعِیفَ وَ یَمُرُّ بِالْبَیَّاعِ وَ الْبَقَّالِ فَیَفْتَحُ عَلَیْهِ الْقُرْآنَ وَ یَقْرَأُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها الْآیَةَ(4).
ص: 54
«2»- سن، [المحاسن] أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ رَاكِبٌ فَمَشَوْا خَلْفَهُ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ لَكُمْ حَاجَةٌ فَقَالُوا لَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَكِنَّا نُحِبُّ أَنْ نَمْشِیَ مَعَكَ فَقَالَ لَهُمُ انْصَرِفُوا فَإِنَّ مَشْیَ الْمَاشِی مَعَ الرَّاكِبِ مَفْسَدَةٌ لِلرَّاكِبِ وَ مَذَلَّةٌ لِلْمَاشِی قَالَ وَ رَكِبَ مَرَّةً أُخْرَی فَمَشَوْا خَلْفَهُ فَقَالَ انْصَرِفُوا فَإِنَّ خَفْقَ النِّعَالِ خَلْفَ أَعْقَابِ الرِّجَالِ مَفْسَدَةٌ لِقُلُوبِ النَّوْكَی (1).
كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ مَعَرَّةٌ لِلرَّاكِبِ وَ مَذَلَّةٌ لِلْمَاشِی (2).
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ تَرَجَّلَ دَهَاقِینُ الْأَنْبَارِ لَهُ وَ أَسْنَدُوا بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ علیه السلام مَا هَذَا الَّذِی صَنَعْتُمُوهُ قَالُوا خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یَنْتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُكُمْ وَ إِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ بِهِ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ تَشُقُّونَ بِهِ فِی آخِرَتِكُمْ وَ مَا أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ وَ مَا أَرْبَحَ الرَّاحَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ مِنَ النَّارِ(3).
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: افْتَخَرَ رَجُلَانِ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ علیه السلام أَ تَفْتَخِرَانِ بِأَجْسَادٍ بَالِیَةٍ وَ أَرْوَاحٍ فِی النَّارِ إِنْ یَكُنْ لَهُ عَقْلٌ فَإِنَّ لَكَ خَلَفاً وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ تَقْوًی فَإِنَّ لَكَ كَرَماً وَ إِلَّا فَالْحِمَارُ خَیْرٌ مِنْكُمَا وَ لَسْتَ بِخَیْرٍ مِنْ أَحَدٍ(4).
«5»- ج، [الإحتجاج] بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: أَعْرَفُ النَّاسِ بِحُقُوقِ إِخْوَانِهِ وَ أَشَدُّهُمْ قَضَاءً لَهَا أَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ شَأْناً وَ مَنْ تَوَاضَعَ فِی الدُّنْیَا لِإِخْوَانِهِ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الصِّدِّیقِینَ وَ مِنْ شِیعَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام حَقّاً وَ لَقَدْ وَرَدَ عَلَی
ص: 55
أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخَوَانِ لَهُ مُؤْمِنَانِ أَبٌ وَ ابْنٌ فَقَامَ إِلَیْهِمَا وَ أَكْرَمَهُمَا وَ أَجْلَسَهُمَا فِی صَدْرِ مَجْلِسِهِ وَ جَلَسَ بَیْنَ أَیْدِیهِمَا ثُمَّ أَمَرَ بِطَعَامٍ فَأُحْضِرَ فَأَكَلَا مِنْهُ ثُمَّ جَاءَ قَنْبَرٌ بِطَسْتٍ وَ إِبْرِیقِ خَشَبٍ وَ مِنْدِیلٍ لِیَلْبَسَ (1) وَ جَاءَ لِیَصُبَّ عَلَی یَدِ الرَّجُلِ (2) فَوَثَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخَذَ الْإِبْرِیقَ لِیَصُبَّ عَلَی یَدِ الرَّجُلِ فَتَمَرَّغَ الرَّجُلُ فِی التُّرَابِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اللَّهُ یَرَانِی وَ أَنْتَ تَصُبُّ عَلَی یَدِی قَالَ اقْعُدْ وَ اغْسِلْ (3) فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَرَاكَ وَ أَخُوكَ الَّذِی لَا یَتَمَیَّزُ مِنْكَ وَ لَا یَنْفَصِلُ عَنْكَ (4) یَخْدُمُكَ یُرِیدُ بِذَلِكَ فِی خِدْمَتِهِ فِی الْجَنَّةِ مِثْلَ عَشَرَةِ أَضْعَافِ عَدَدِ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ عَلَی حَسَبِ ذَلِكَ فِی مَمَالِیكِهِ فِیهَا فَقَعَدَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَقْسَمْتُ (5) بِعَظِیمِ حَقِّیَ الَّذِی عَرَفْتَهُ وَ نَحَلْتَهُ وَ تَوَاضُعِكَ لِلَّهِ حَتَّی جَازَاكَ عَنْهُ بِأَنْ تُدْنِیَنِی لِمَا شَرَّفَكَ بِهِ مِنْ خِدْمَتِی لَكَ لَمَّا غَسَلْتَ مُطْمَئِنّاً كَمَا كُنْتَ تَغْسِلُ لَوْ كَانَ الصَّابُّ عَلَیْكَ قَنْبَراً فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ نَاوَلَ الْإِبْرِیقَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ لَوْ كَانَ هَذَا الِابْنُ حَضَرَنِی دُونَ أَبِیهِ لَصَبَبْتُ عَلَی یَدِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَأْبَی أَنْ یُسَوِّیَ بَیْنَ ابْنٍ وَ أَبِیهِ إِذَا جَمَعَهُمَا مَكَانٌ لَكِنْ قَدْ صَبَّ الْأَبُ عَلَی الْأَبِ فَلْیَصُبَّ الِابْنُ عَلَی الِابْنِ فَصَبَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ عَلَی الِابْنِ ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیُّ علیهما السلام فَمَنِ اتَّبَعَ عَلِیّاً عَلَی ذَلِكَ فَهُوَ الشِّیعِیُّ حَقّاً(6).
«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حِلْیَةُ الْأَوْلِیَاءِ وَ نُزْهَةُ الْأَبْصَارِ أَنَّهُ: مَضَی علیه السلام(7) فِی حُكُومَةٍ إِلَی شُرَیْحٍ مَعَ یَهُودِیٍّ فَقَالَ (8) یَا یَهُودِیُّ الدِّرْعُ دِرْعِی وَ لَمْ أَبِعْ وَ لَمْ أَهَبْ فَقَالَ
ص: 56
الْیَهُودِیُّ الدِّرْعُ لِی وَ فِی یَدِی فَسَأَلَهُ شُرَیْحٌ الْبَیِّنَةَ فَقَالَ هَذَا قَنْبَرٌ وَ الْحُسَیْنُ یَشْهَدَانِ لِی بِذَلِكَ فَقَالَ شُرَیْحٌ شَهَادَةُ الِابْنِ لَا تَجُوزُ لِأَبِیهِ وَ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لَا تَجُوزُ لِسَیِّدِهِ وَ إِنَّهُمَا یَجُرَّانِ إِلَیْكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْلَكَ یَا شُرَیْحُ أَخْطَأْتَ مِنْ وُجُوهٍ أَمَّا وَاحِدَةٌ فَأَنَا إِمَامُكَ تَدِینُ اللَّهُ بِطَاعَتِی وَ تَعْلَمُ أَنِّی لَا أَقُولُ بَاطِلًا فَرَدَدْتَ قَوْلِی وَ أَبْطَلْتَ دَعْوَایَ ثُمَّ سَأَلْتَنِی الْبَیِّنَةَ فَشَهِدَ عَبْدٌ(1) وَ أَحَدُ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَرَدَدْتَ شَهَادَتَهُمَا ثُمَّ ادَّعَیْتَ عَلَیْهِمَا أَنَّهُمَا یَجُرَّانِ إِلَی أَنْفُسِهِمَا أَمَا إِنِّی لَا أَرَی عُقُوبَتَكَ إِلَّا أَنْ تَقْضِیَ بَیْنَ الْیَهُودِ ثَلَاثَةَ أَیَّامِ أَخْرِجُوهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَی قُبَاءَ فَقَضَی بَیْنَ الْیَهُودِ ثَلَاثاً ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا سَمِعَ الْیَهُودِیُّ ذَلِكَ قَالَ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ جَاءَ إِلَی الْحَاكِمِ وَ الْحَاكِمُ حَكَمَ عَلَیْهِ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ الدِّرْعُ دِرْعُكَ سَقَطَتْ یَوْمَ صِفِّینَ مِنْ جَمَلٍ أَوْرَقَ فَأَخَذْتُهَا(2).
«7»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْبَاقِرُ علیه السلام فِی خَبَرٍ أَنَّهُ: رَجَعَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی دَارِهِ فِی وَقْتِ الْقَیْظِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَائِمَةٌ تَقُولُ إِنَّ زَوْجِی ظَلَمَنِی وَ أَخَافَنِی وَ تَعَدَّی عَلَیَّ وَ حَلَفَ لَیَضْرِبُنِی فَقَالَ یَا أَمَةَ اللَّهِ اصْبِرِی حَتَّی یَبْرُدَ النَّهَارُ ثُمَّ أَذْهَبُ مَعَكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ یَشْتَدُّ غَضَبُهُ وَ حَرْدُهُ عَلَیَّ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَا وَ اللَّهِ أَوْ یُؤْخَذَ لِلْمَظْلُومِ حَقُّهُ غَیْرَ مُتَعْتَعٍ أَیْنَ مَنْزِلُكِ فَمَضَی إِلَی بَابِهِ فَوَقَفَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ فَخَرَجَ شَابٌّ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ قَدْ أَخَفْتَهَا وَ أَخْرَجْتَهَا فَقَالَ الْفَتَی وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ وَ اللَّهِ لَأُحْرِقَنَّهَا لِكَلَامِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام آمُرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَاكَ عَنِ الْمُنْكَرِ تَسْتَقْبِلُنِی بِالْمُنْكَرِ وَ تُنْكِرُ الْمَعْرُوفَ قَالَ فَأَقْبَلَ النَّاسُ مِنَ الطُّرُقِ وَ یَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَسَقَطَ الرَّجُلُ فِی یَدَیْهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَقِلْنِی فِی عَثْرَتِی فَوَ اللَّهِ لَأَكُونَنَّ لَهَا أَرْضاً تَطَؤُنِی فَأَغْمَدَ عَلِیٌّ سَیْفَهُ فَقَالَ یَا أَمَةَ اللَّهِ ادْخُلِی مَنْزِلَكِ وَ لَا تُلْجِئِی زَوْجَكِ إِلَی مِثْلِ هَذَا وَ شِبْهِهِ. وَ رَوَی
ص: 57
الْفُنْجُكِرْدِیُّ فِی سَلْوَةِ الشِّیعَةِ لَهُ:
وَ دَعِ التَّجَبُّرَ وَ التَّكَبُّرَ یَا أَخِی***إِنَّ التَّكَبُّرَ لِلْعَبِیدِ وَبِیلٌ
وَ اجْعَلْ فُؤَادَكَ لِلتَّوَاضُعِ مَنْزِلًا***إِنَّ التَّوَاضُعَ بِالشَّرِیفِ جَمِیلٌ (1).
«8»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَضْرِبُ بِالْمَرِّ(2) وَ یَسْتَخْرِجُ الْأَرَضِینَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَمَصُّ النَّوَی بِفِیهِ وَ یَغْرِسُهُ فَیَطْلُعُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ مَالِهِ وَ كَدِّ یَدِهِ (3).
«9»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَقِیَ رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَحْتَهُ وَسْقٌ مِنْ نَوًی فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا یَا أَبَا الْحَسَنِ تَحْتَكَ فَقَالَ مِائَةُ أَلْفِ عَذْقٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَغَرَسَهُ فَلَمْ یُغَادَرْ مِنْهُ نَوَاةٌ وَاحِدَةٌ(4).
«10»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَخْرُجُ وَ مَعَهُ أَحْمَالُ النَّوَی فَیُقَالُ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا هَذَا مَعَكَ فَیَقُولُ نَخْلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَیَغْرِسُهُ فَمَا یُغَادَرُ مِنْهُ وَاحِدَةٌ(5).
«11»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ: اشْتَدَدْتُ خَلْفَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لِی یَا جُوَیْرِیَةُ إِنَّهُ لَمْ یَهْلِكْ هَؤُلَاءِ الْحَمْقَی إِلَّا بِخَفْقِ النِّعَالِ خَلْفَهُمْ مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الشَّرَفِ وَ عَنِ الْمُرُوَّةِ وَ عَنِ الْعَقْلِ قَالَ أَمَّا الشَّرَفُ فَمَنْ شَرَّفَهُ السُّلْطَانُ شَرُفَ وَ أَمَّا الْمُرُوَّةُ فَإِصْلَاحُ الْمَعِیشَةِ وَ أَمَّا الْعَقْلُ فَمَنِ اتَّقَی اللَّهَ عَقَلَ (6).
ص: 58
«12»- نهج، [نهج البلاغة]: مَدَحَهُ علیه السلام قَوْمٌ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِی مِنْ نَفْسِی وَ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْهُمْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَیْراً مِمَّا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ رُئِیَ عَلَیْهِ إِزَارٌ خَلَقٌ مَرْقُوعٌ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ وَ تَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ وَ یَقْتَدِی بِهِ الْمُؤْمِنُونَ (1).
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ وَ وَافَقَ الْكِتَابُ وَ السُّنَّةُ أَنَّ لِلَّهِ خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ أَنَّ خِیَرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ الْمُتَّقُونَ قَوْلُهُ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (2) وَ أَنَّ خِیَرَتَهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ الْمُجَاهِدُونَ قَوْلُهُ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَی الْقاعِدِینَ دَرَجَةً(3) وَ أَنَّ خِیَرَتَهُ مِنَ الْمُجَاهِدِینَ السَّابِقُونَ إِلَی الْجِهَادِ قَوْلُهُ لا یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ (4) الْآیَةَ وَ أَنَّ خِیَرَتَهُ مِنَ الْمُجَاهِدِینَ السَّابِقِینَ أَكْثَرُهُمْ عَمَلًا فِی الْجِهَادِ وَ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَی أَنَّ السَّابِقِینَ إِلَی الْجِهَادِ هُمُ الْبَدْرِیُّونَ وَ أَنَّ خِیَرَةَ الْبَدْرِیِّینَ عَلِیٌّ فَلَمْ یَزَلِ الْقُرْآنُ یُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً بِإِجْمَاعِهِمْ حَتَّی دَلُّوا بِأَنَّ عَلِیّاً خِیَرَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِیِّهَا.
الْعَلَوِیُّ الْبَصْرِیُّ:
وَ لَوْ یَسْتَوِی بِالنُّهُوضِ الْجُلُوسُ*** لَمَا بَیَّنَ اللَّهُ فَضْلَ الْجِهَادِ
ص: 59
قَوْلُهُ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ (1) فَجَاهَدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْكُفَّارَ فِی حَیَاتِهِ وَ أَمَرَ عَلِیّاً بِجِهَادِ الْمُنَافِقِینَ قَوْلُهُ تُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ حَدِیثُ خَاصِفِ النَّعْلِ وَ حَدِیثُ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ حَدِیثُ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ حَدِیثُ ذِی الثُّدَیَّةِ وَ غَیْرُ ذَلِكَ وَ هَذَا مِنْ صِفَاتِ الْخُلَفَاءِ وَ لَا یُعَارَضُ ذَلِكَ بِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ أَمَرَ عَلِیّاً بِقِتَالِ هَؤُلَاءِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَثَرِ وَ حُكْمُ الْمُسَمَّیْنَ أَهْلَ الرِّدَّةِ لَا یَخْفَی عَلَی مُنْصِفٍ.
الْمَعْرُوفُونَ بِالْجِهَادِ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ قَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَی أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا یُقَاسُ بِعَلِیٍّ فِی شَوْكَتِهِ وَ كَثْرَةِ جِهَادِهِ فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَقَدْ تَصَفَّحْنَا كُتُبَ الْمَغَازِی فَمَا وَجَدْنَا لَهُمَا فِیهِ أَثَراً الْبَتَّةَ وَ قَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ عَلِیّاً كَانَ الْمُجَاهِدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الْكَاشِفَ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمُتَقَدِّمَ فِی سَائِرِ الْغَزَوَاتِ إِذَا لَمْ یَحْضُرِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِذَا حَضَرَ فَهُوَ تَالِیهِ وَ الصَّاحِبَ لِلرَّایَةِ(2) وَ اللِّوَاءِ مَعاً وَ مَا كَانَ قَطُّ تَحْتَ لِوَاءِ أَحَدٍ وَ لَا فَرَّ مِنْ زَحْفٍ وَ إِنَّهُمَا فَرَّا فِی غَیْرِ مَوْضِعٍ وَ كَانَا تَحْتَ لِوَاءِ جَمَاعَةٍ.
وَ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ لَیْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جَاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ (3) إِنَّ الْمَعْنِیَّ بِهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَنَّهُ كَانَ جَامِعاً لِهَذِهِ الْخِصَالِ بِالاتِّفَاقِ وَ لَا قَطْعَ عَلَی كَوْنِ
ص: 60
غَیْرِهِ جَامِعاً لَهَا وَ لِهَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَ الْفَرَّاءُ كَأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْأَنْبِیَاءِ وَ الْمُرْسَلِینَ.
ابْنُ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (1) قَالَ أَسْلَمَتِ الْمَلَائِكَةُ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْمُؤْمِنُونَ فِی الْأَرْضِ وَ أَوَّلُهُمْ عَلِیٌّ إِسْلَاماً وَ مَعَ الْمُشْرِكِینَ قِتَالًا وَ قَاتَلَ مِنْ بَعْدِهِ الْمُقَاتِلِینَ وَ مَنْ أَسْلَمَ كُرْهاً.
تَفْسِیرُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِیِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِی أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (2) أَیْ قَوَّی ظَهْرَكَ بِعَلِیٍّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.
أَبُو مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ: فِی قَوْلِهِ هُوَ الَّذِی أَیَّدَكَ بِنَصْرِهِ (3) أَیْ قَوَّاكَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ وَ عَقِیلٍ وَ قَدْ رُوِّینَا نَحْوَ ذَلِكَ عَنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ.
كِتَابُ أَبِی بَكْرٍ الشِّیرَازِیِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ یَعْنِی مَكَّةَ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِیراً(4) قَالَ لَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ دُعَاءَهُ وَ أَعْطَاهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام سُلْطَاناً یَنْصُرُهُ عَلَی أَعْدَائِهِ.
الْعُكْبَرِیُّ فِی فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ ابْعَثْ إِلَیَّ مِنْ بَنِی عَمِّی مَنْ یَعْضُدُنِی فَهَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ كَالْمُغْضَبِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَ وَ لَیْسَ قَدْ أَیَّدَكَ اللَّهُ بِسَیْفٍ مِنْ سُیُوفِ اللَّهِ مُجَرَّدٍ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ یَعْنِی بِذَلِكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
أَبُو الْمَضَاصَبِیحٌ مَوْلَی الرِّضَا عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: فِی قَوْلِهِ لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا(5) قَالَ مِنْهُمْ عَلِیٌّ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقاتِلُونَ فِی صَفًّا
ص: 61
سَبِیلِهِ كَأَنَّهُمْ بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ وَ كَانَ علیه السلام إِذَا صَفَّ فِی الْقِتَالِ كَأَنَّهُ بُنْیَانٌ مَرْصُوصٌ (1) وَ مَا قَتَلَ الْمُشْرِكِینَ قَتْلَهُ أَحَدٌ.
سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَالْجَبَلِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُشْرِكِینَ أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِینَ وَ أَذَلَّ بِهِ الْمُشْرِكِینَ وَ یُقَالُ إِنَّهُ نَزَلَ فِیهِ وَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ (2).
أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام: نَزَلَتْ قَوْلُهُ وَ لا یَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ(3) فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام.
وَ فِی حَدِیثِ خَیْبَرَ:(4) أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِی وَ أَوَّلُ مَنْ جَاهَدَ مَعِی وَ أَوَّلُ مَنْ یَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ.
وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا خَرَجَ مِنْ بَیْتِهِ تَبِعَهُ أَحْدَاثُ الْمُشْرِكِینَ یَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّی أَدْمَوْا كَعْبَهُ وَ عُرْقُوبَیْهِ (5) فَكَانَ عَلِیٌّ یَحْمِلُ عَلَیْهِمْ فَیَنْهَزِمُونَ فَنَزَلَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ(6)
وَ لَا خِلَافَ فِی أَنَّ أَوَّلَ مُبَارِزٍ فِی الْإِسْلَامِ عَلِیٌّ وَ حَمْزَةُ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ فِی یَوْمِ بَدْرٍ قَالَ الشَّعْبِیُّ ثُمَّ حَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْكَتِیبَةِ مُصَمِّماً وَحْدَهُ.
وَ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّهُ مَا رُئِیَ أَحَدٌ ادُّعِیَتْ لَهُ الْإِمَامَةُ عَمِلَ فِی الْجِهَادِ مَا عَمِلَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ تَعَالَی وَ لا یَطَؤُنَ مَوْطِئاً یَغِیظُ الْكُفَّارَ وَ لا یَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَیْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ (7) وَ لَقَدْ فُسِّرَ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ (8)
ص: 62
یَعْنِی عَلِیّاً لِأَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا یُسَمُّونَهُ الْمَوْتَ الْأَحْمَرَ سَمَّوْهُ یَوْمَ بَدْرٍ لِعِظَمِ بَلَائِهِ وَ نِكَایَتِهِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ یَوْمَ بَدْرٍ أَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ فَعَیَّرُوهُ بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ وَ قَطِیعَةِ الرَّحِمِ وَ أَغْلَظَ عَلِیٌّ علیه السلام لَهُ الْقَوْلَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ مَا لَكُمْ تَذْكُرُونَ مَسَاوِیَنَا وَ لَا تَذْكُرُونَ مَحَاسِنَنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ لَكُمْ مَحَاسِنُ قَالَ نَعَمْ إِنَّا لَنَعْمُرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ نَحْجُبُ الْكَعْبَةَ وَ نَسْقِی الْحَاجَّ وَ نَفُكُّ الْعَانِیَ (1) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی رَدّاً عَلَی الْعَبَّاسِ وِفَاقاً لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام ما كانَ لِلْمُشْرِكِینَ أَنْ یَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ (2) الْآیَةَ ثُمَّ قَالَ إِنَّما یَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ (3) الْآیَةَ ثُمَّ قَالَ أَ جَعَلْتُمْ سِقایَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ (4) وَ رَوَی إِسْمَاعِیلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ وَ ابْنِ جُرَیْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ مُقَاتِلٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ السُّدِّیِّ عَنِ ابْنِ صَالِحٍ وَ ابْنِ أَبِی خَالِدٍ وَ زَكَرِیَّا عَنِ الشَّعْبِیِّ أَنَّهُ نَزَلَ هَذِهِ الْآیَةُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
الثَّعْلَبِیُّ وَ الْقُشَیْرِیُّ وَ الْجُبَّائِیُّ وَ الْفَلَكِیُّ فِی تَفَاسِیرِهِمْ وَ الْوَاحِدِیُّ فِی أَسْبَابِ نُزُولِ الْقُرْآنِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ عَامِرٍ الشَّعْبِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِیِّ وَ رَوَیْنَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ وَ وَكِیعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَ شَرِیكٍ الْقَاضِی وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِیرِینَ وَ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَ السُّدِّیِّ وَ أَبِی مَالِكٍ وَ مُرَّةَ الْهَمْدَانِیِّ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ افْتَخَرَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ أَنَا عَمُّ مُحَمَّدٍ وَ أَنَا صَاحِبُ سِقَایَةٍ الْحَجِیجِ فَأَنَا أَفْضَلُ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَالَ فَقَالَ شَیْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ أَوْ طَلْحَةُ الدَّارِیُّ أَوْ عُثْمَانُ وَ أَنَا أَعْمُرُ بَیْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ وَ صَاحِبُ حِجَابَتِهِ فَأَنَا أَفْضَلُ وَ سَمِعَهَا عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُمَا یَذْكُرَانِ ذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام أَنَا أَفْضَلُ مِنْكُمَا لَقَدْ صَلَّیْتُ قَبْلَكُمَا سِتَّ سِنِینَ وَ فِی
ص: 63
رِوَایَةٍ سَبْعَ سِنِینَ وَ أَنَا أُجَاهِدَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ. وَ فِی رِوَایَةِ الْحَسْكَانِیِّ عَنْ أَبِی بُرَیْدَةَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: اسْتَحْقَقْتُ لِكُلِّ فَضْلٍ أُوتِیتُ عَلَی صِغَرِی مَا لَمْ تُؤْتَیَا فَقَالا وَ مَا أُوتِیتَ یَا عَلِیُّ قَالَ ضَرَبْتُ خَرَاطِیمَكُمَا بِالسَّیْفِ حَتَّی آمَنْتُمَا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَشَكَا الْعَبَّاسُ ذَلِكَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَی مَا اسْتَقْبَلْتَ بِهِ عَمَّكَ فَقَالَ صَدَمْتُهُ بِالْحَقِّ فَمَنْ شَاءَ فَلْیَغْضَبْ وَ مَنْ شَاءَ فَلْیَرْضَ فَنَزَلَ هَذِهِ الْآیَةُ.
فِی بَعْضِ التَّفَاسِیرِ: أَنَّهُ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَی لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ(1) الْآیَةَ فِی عَلِیٍّ علیه السلام لِأَنَّهُ قَتَلَ عَشِیرَتَهُ مِثْلَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَ الْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ فِی خَلْقٍ (2).
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ(3) ثَبَتَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ لِعَلِیٍّ علیه السلام دُونَ مَنْ یَدْعُونَ لَهُ لِشِدَّةِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی الْكُفَّارِ(4)
وَ قَالَ تَعَالَی فِی قِصَّةِ طَالُوتَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ (5) وَ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام(6) أَشَدُّ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ اجْتَمَعَتْ أَیْضاً عَلَی عِلْمِهِ وَ اخْتَلَفُوا فِی عِلْمِ أَبِی بَكْرٍ وَ لَیْسَ الْمُجْتَمَعُ عَلَیْهِ كَالْمُخْتَلَفِ فِیهِ.
الْبَاقِرُ وَ الرِّضَا علیهما السلام: فِی قَوْلِهِ لِیُنْذِرَ بَأْساً شَدِیداً مِنْ لَدُنْهُ (7) الْبَأْسُ الشَّدِیدُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ هُوَ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقَاتِلُ مَعَهُ عَدُوَّهُ.
وَ یُرْوَی أَنَّهُ نَزَلَ فِیهِ وَ الصَّابِرِینَ فِی الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ (8).
عَلِیُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
ص: 64
أُبَیِّ [بْنِ] سَلُولٍ كَانَ یَتَنَحَّی مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ الْمُنَافِقِینَ فِی نَاحِیَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ لِیَخُوضُوا فِی أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ حُنَیْنٍ فَلَمَّا أَقْبَلَ رَاجِعاً إِلَی الْمَدِینَةِ رَأَی جَفَّالًا(1) وَ هُوَ مُسْلِمٌ لَطَمَ لِلْحَمْقَاءِ وَ هُوَ مُنَافِقٌ فَغَضِبَ ابْنُ أُبَیِّ [بْنِ] سَلُولٍ وَ قَالَ لَوْ كَفَفْتُمْ إِطْعَامَ هَؤُلَاءِ لَتَفَرَقُّوا عَنْهُ یَعْنِی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ غَزَوْتِنَا هَذِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ لَیُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ یَعْنِی نَفْسَهُ وَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَقَالِهِ فَأَتَی ابْنُ أُبَیِّ [بْنِ] سَلُولٍ فِی أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَعْذُرُونَهُ وَ یُكَذِّبُونَ زَیْداً فَاسْتَحْیَا زَیْدٌ فَكَفَّ عَنْ إِتْیَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ هُمُ الَّذِینَ یَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلی مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّی یَنْفَضُّوا وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِینَ لا یَفْقَهُونَ یَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَی الْمَدِینَةِ لَیُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (2) یَعْنِی وَ الْقُوَّةُ وَ الْقُدْرَةُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَصْحَابِهِ عَلَی الْمُنَافِقِینَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِیَدِ زَیْدٍ وَ عَرَكَهَا وَ قَالَ أَبْشِرْ یَا صَادِقُ فَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِیثَكَ وَ أَكْذَبَ صَاحِبَكَ الْمُنَافِقَ وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام.
عَجَبٌ (3) لِمَنْ یُقَاسُ بِمَنْ لَمْ یَصُبَّ مِحْجَمَةً مِنْ دَمٍ فِی جَاهِلِیَّةٍ أَوْ إِسْلَامٍ مَعَ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَتَلَ فِی یَوْمِ بَدْرٍ خَمْساً وَ ثَلَاثِینَ مُبَارِزاً دُونَ الْجَرْحَی عَلَی قَوْلِ الْعَامَّةِ وَ هُوَ(4) الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ وَ الْعَاصُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ طُعْمَةُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلٍ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَیْلِدٍ وَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَ الْحَارِثُ بْنُ زَمْعَةَ وَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ وَ عُمَیْرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَعْبٍ عَمُّ طَلْحَةَ وَ عُثْمَانُ وَ مالكا [مَالِكٌ](5) أَخَوَا طَلْحَةَ وَ مَسْعُودُ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ قَیْسُ بْنُ الْفَاكِهَةِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ
ص: 65
أَبُو الْقَیْسِ بْنِ الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ عَمْرُو بْنُ مَخْزُومٍ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِی رِفَاعَةَ وَ مُنَبِّهُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّهْمِیُّ وَ الْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ كَلَدَةَ وَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ قَیْسِ بْنِ عَدِیٍّ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ وَ لَوْذَانُ بْنُ رَبِیعَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِی رِفَاعَةَ وَ مَسْعُودُ بْنُ أُمَیَّةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ الْحَاجِبُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ عُوَیْمِرٍ وَ أَوْسُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بْنِ لَوْذَانَ وَ زَیْدُ بْنُ مُلَیْصٍ وَ عَاصِمُ بْنُ أَبِی عَوْفٍ وَ سَعِیدُ بْنُ وَهْبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْقَیْسِ- وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَمِیلِ بْنِ زُهَیْرٍ وَ السَّائِبُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ مَالِكٍ وَ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْأَخْنَسِ وَ هِشَامُ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ وَ یُقَالُ قَتَلَ بِضْعَةً وَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا.
وَ قَتَلَ علیه السلام فِی یَوْمِ أُحُدٍ كَبْشَ الْكَتِیبَةِ طَلْحَةَ بْنَ أَبِی طَلْحَةَ وَ ابْنَهُ أَبَا سَعِیدٍ وَ إِخْوَتَهُ خَالِداً وَ مَخْلَداً وَ كَلَدَةَ وَ الْمَحَالِسَ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حُمَیْدِ بْنِ زُهْرَةَ- وَ الْحَكَمَ بْنَ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ الثَّقَفِیَّ وَ الْوَلِیدَ بْنَ أَرْطَأَةَ وَ أُمَیَّةَ بْنَ أَبِی حُذَیْفَةَ وَ أَرْطَأَةَ بْنَ شَرْجِیلٍ (1) وَ هِشَامَ بْنَ أُمَیَّةَ وَ مسافع [مُسَافِعاً] وَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِیَّ وَ بِشْرَ بْنَ مَالِكٍ الْمَغَافِرِیَّ وَ صواب [صَوَاباً] مَوْلَی عَبْدِ الدَّارِ وَ أَبَا حُذَیْفَةَ بْنَ الْمُغِیرَةِ وَ قَاسِطَ بْنَ شُرَیْحٍ الْعَبْدَرِیَّ وَ الْمُغِیرَةَ بْنَ الْمُغِیرَةِ- سِوَی مَنْ قَتَلَهُمْ بَعْدَ مَا هَزَمَهُمْ وَ لَا إِشْكَالَ فِی هَزِیمَةِ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ إِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِی أَبِی بِكْرٍ هَلْ ثَبَتَ إِلَی وَقْتِ الْفَرَجِ أَوِ انْهَزَمَ؟
وَ قَتَلَ علیه السلام یَوْمَ الْأَحْزَابِ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ وَ وَلَدَهُ وَ نَوْفِلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ وَ مُنَبِّهَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِیَّ وَ هُبَیْرَةَ بْنَ أَبِی هُبَیْرَةَ الْمَخْزُومِیَّ وَ هَاجَتِ الرِّیَاحُ وَ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ.
وَ قَتَلَ علیه السلام یَوْمَ حُنَیْنٍ أَرْبَعِینَ رَجُلًا وَ فَارِسُهُمْ أَبُو جَرْوَلٍ وَ إِنَّهُ قَدَّهُ عَظِیماً بِنِصْفَیْنِ بِضَرْبَةٍ فِی الْخُوذَةِ وَ الْعِمَامَةِ وَ الْجَوْشَنِ وَ الْبَدَنِ إِلَی الْقَرَبُوسِ وَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِی اسْمِهِ وَ وَقَفَ علیه السلام. یَوْمَ حُنَیْنٍ فِی وَسَطِ أَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِینَ أَلْفَ ضَارِبِ سَیْفٍ إِلَی أَنْ ظَهَرَ الْمَدَدُ مِنَ السَّمَاءِ.
وَ فِی غَزَاةِ السِّلْسِلَةِ قَتَلَ السَّبْعَةَ الْأَشِدَّاءَ وَ كَانَ أَشَدُّهُمْ آخِرَهُمُ وَ هُوَ سَعِیدُ بْنُ
ص: 66
مَالِكٍ الْعِجْلِیُّ وَ فِی بَنِی النَّضِیرِ قَتَلَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمْ غُرُوراً وَ فِی بَنِی قُرَیْظَةَ ضَرَبَ أَعْنَاقَ رُؤَسَاءِ الْیَهُودِ مِثْلِ حُیَیِّ بْنِ أَخْطَبَ وَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَ فِی غَزْوَةِ بَنِی الْمُصْطَلِقِ قَتَلَ مَالِكاً وَ ابْنَهُ.
الْفَائِقَ: كَانَتْ لِعَلِیٍّ علیه السلام ضَرْبَتَانِ إِذَا تَطَاوَلَ قَدَّ وَ إِذَا تَقَاصَرَ قَطَّ وَ قَالُوا كَانَتْ ضَرَبَاتُهُ أَبْكَاراً إِذَا اعْتَلَی قَدَّ وَ إِذَا اعْتَرَضَ قَطَّ وَ إِذَا أَتَی حِصْناً هَدَّ وَ قَالُوا كَانَتْ ضَرَبَاتُهُ مُبْتَكِرَاتٍ لَا عَوْناً یُقَالُ ضَرْبَةُ بِكْرٍ أَیْ قَاطِعَةٍ لَا تُثْنَی وَ الْعَوْنُ الَّتِی وَقَعَتْ مُخْتَلِسَةً فَأَحْوَجَتْ إِلَی الْمُعَاوَدَةِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ كَانَ یُوقِعُهَا عَلَی شِدَّةٍ فِی الشِّدَّةِ لَمْ یَسْبِقْهُ إِلَی مِثْلِهَا بَطَلٌ زَعَمَتِ الْفُرْسُ أَنَّ أُصُولَ الضَّرْبِ سِتَّةٌ وَ كُلُّهَا مَأْخُوذَةٌ عَنْهُ وَ هِیَ عِلْوِیَّةٌ وَ سِفْلِیَّةٌ وَ غَلَبَةٌ وَ مَالَةٌ وَ حالة [جَالَةٌ] وَ جروهام [جِرْهَامٌ](1).
بیان: قال الجزری فی النهایة فی الحدیث كانت ضربات علی مبتكرات لا عونا أی إن ضربته كانت بكرا یقتل بواحدة منها لا یحتاج إلی أن یعید الضربة ثانیة یقال ضربة بكر إذا كانت قاطعة لا تثنی و العون جمع عوان و هی فی الأصل الكهلة من النساء و یرید بها هنا المثناة(2).
و فی یوم الفتح قتل فاتك العرب أسد بن غویلم و فی غزوة وادی الرمل قتل مبارزیهم و بخیبر قتل مرحبا و ذا الخمار و عنكبوتا و فی الطائف هزم خیل ضیغم و قتل شهاب بن عیس و نافع بن غیلان و قتل مهلعا و جناحا وقت الهجرة و قتاله لإحداث مكة عند خروج النبی صلی اللّٰه علیه و آله من داره إلی المسجد و مبیته علی فراشه لیلة الهجرة و له المقام المشهور فی الجمل حتی بلغ إلی قطع ید الجمل (3) ثم قطع رجلیه حتی سقط و له لیلة الهریر ثلاثمائة تكبیرة أسقط بكل تكبیرة عدوا و فی روایة خمسمائة و ثلاثة و عشرون رواه الأعثم و فی روایة سبعمائة و لم یكن لدرعه ظهر و لا لمركوبه كر و فر.
وَ فِیمَا
ص: 67
كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ: لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَی قِتَالِی لَمَا وَلَّیْتُ عَنْهَا وَ لَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرْصَةُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَیْهَا.
و فی الفائق أن علیا حمل علی المشركین فما زالوا یبقطون یعنی تعادوا إلی الجبال منهزمین و كانت قریش إذا رأوه فی الحرب تواصت خوفا منه و قد نظر إلیه رجل و قد شق العسكر فقال علمت بأن ملك الموت فی الجانب الذی فیه علی و قد سماه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كرارا غیر فرار فی حدیث خیبر و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یهدد الكفار به علیه السلام.
رَوَی أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِی الْفَضَائِلِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَفْدٌ مِنَ الْیَمَنِ لِیَسْرَحَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ لَتُقِیمُنَّ الصَّلَاةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْكُمْ رَجُلًا یَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ وَ یَسْبِی الذُّرِّیَّةَ قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ أَنَا أَوْ هَذَا وَ انْتَشَلَ بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام.
تَارِیخُ النَّسَوِیِّ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَهْلِ الطَّائِفِ فِی خَبَرٍ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُقِیمُنَّ الصَّلَاةَ وَ لَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَیْكُمْ رَجُلًا مِنِّی أَوْ كَنَفْسِی فَلَیَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ لَیَسْبِیَنَّ ذَرَارِیَّهُمْ (1) قَالَ فَرَأَی النَّاسُ أَنَّهُ عَنَی أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَأَخَذَ بِیَدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ هَذَا.
صَحِیحُ التِّرْمِذِیِّ، وَ تَارِیخُ الْخَطِیبِ، وَ فَضَائِلُ السَّمْعَانِیِّ، أَنَّهُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ لِسُهَیْلِ بْنِ عُمَیْرٍ: یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَیَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مَنْ یَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَی الدِّینِ الْخَبَرَ وَ لِذَلِكَ فَسَّرَ الرِّضَا علیه السلام قَوْلَهُ وَ الَّذِینَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ(2) أَنَّ عَلِیّاً مِنْهُمْ.
و قال معاویة یوم صفین أرید منكم و اللّٰه أن تشجروه بالرماح فتریح العباد(3) و البلاد منه قال مروان و اللّٰه لقد ثقلنا علیك یا معاویة إذ كنت تأمرنا
ص: 68
بقتل حیة الوادی و الأسد العاوی (1) و نهض مغضبا فأنشأ الولید بن عقبة:
یقول لنا معاویة بن حرب***أ ما فیكم لواتركم طلوب
یشد علی أبی حسن علی***بأسمر لا تهجنه الكعوب
فقلت له أ تلعب یا ابن هند***فإنك بیننا رجل غریب
أ تأمرنا بحیة بطن واد***یتاح لنا به أسد مهیب
كأن الخلق لما عاینوه***خلال النقع لیس لهم قلوب.
فقال عمرو و اللّٰه ما یعیر أحد بفراره من علی بن أبی طالب علیه السلام.
و لما نعی بقتل أمیر المؤمنین علیه السلام دخل عمرو بن العاص علی معاویة مبشرا فقال إن الأسد المفترش ذراعیه بالعراق لاقی شعوبه فقال معاویة:
قل للأرانب تربع حیث ما سلكت***و للظباء بلا خوف و لا حذر.
أَبُو السَّعَادَاتِ فِی فَضَائِلِ الْعَشَرَةِ، رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یُحَارِبُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَقَالَ الْمُشْرِكُ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ هَبْنِی سَیْفَكَ فَرَمَاهُ إِلَیْهِ فَقَالَ الْمُشْرِكُ عَجَباً یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ فِی مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ تَدْفَعُ إِلَیَّ سَیْفَكَ فَقَالَ یَا هَذَا إِنَّكَ مَدَدْتَ یَدَ الْمَسْأَلَةِ إِلَیَّ وَ لَیْسَ مِنَ الْكَرَمِ أَنْ یُرَدَّ السَّائِلُ فَرَمَی الْكَافِرُ نَفْسَهُ إِلَی الْأَرْضِ وَ قَالَ هَذِهِ سِیرَةُ أَهْلِ الدِّینِ فَقَبَّلَ (2) قَدَمَهُ وَ أَسْلَمَ.
وَ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ.
وَ رَوَی الْخَلْقُ: أَنَّ یَوْمَ بَدْرٍ لَمْ یَكُنْ عِنْدَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله مَاءٌ فَمَرَّ عَلِیٌّ یَحْمِلُ الْمَاءَ إِلَی وَسَطِ الْعَدُوِّ وَ هُمْ عَلَی بِئْرِ بَدْرٍ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ جَاءَ إِلَی الْبِئْرِ وَ نَزَلَ وَ مَلَأَ السَّطِیحَةَ وَ وَضَعَهَا عَلَی رَأْسِ الْبِئْرِ فَسَمِعَ حِسّاً وَ إِثَاراً لِمَنْ یَقْصِدُهُ (3) فَبَرَكَ فِی الْبِئْرِ فَلَمَّا سَكَنَ صَعِدَ فَرَأَی الْمَاءَ مَصْبُوباً ثُمَّ نَزَلَ ثَانِیاً فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ فَنَزَلَ ثَالِثاً وَ حَمَلَ الْمَاءَ وَ لَمْ یَصْعَدْ بَلْ صَعِدَ بِهِ حَامِلًا لِلْمَاءِ فَلَمَّا حَمَلَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ضَحِكَ
ص: 69
النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی وَجْهِهِ وَ قَالَ أَنْتَ تُحَدِّثُ أَوْ أَنَا فَقَالَ بَلْ أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهُ فَكَلَامُكَ أَحْلَی فَقَصَّ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ یُجَرِّبُ وَ یُرِی الْمَلَائِكَةَ ثَبَاتَ قَلْبِكَ.
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبُو عُمَرَ وَ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ أَنَّهُ: أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ شَدِیدٌ فِی الْحُدَیْبِیَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مِنْ رَجُلٍ یَمْضِی مَعَ السُّقَاةِ إِلَی بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ فَیَأْتِیَنَا بِالْمَاءِ وَ أَضْمَنَ لَهُ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةَ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ فِیهِمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الشَّجَرَةِ وَ الْبِئْرِ سَمِعُوا حِسّاً وَ حَرَكَةً شَدِیدَةً وَ قَرْعَ طُبُولٍ وَ رَأَوْا نِیرَاناً تَتَّقِدُ بِغَیْرِ حَطَبٍ فَرَجَعُوا خَائِفِینَ ثُمَّ قَالَ هَلْ مِنْ رَجُلٍ یَمْضِی مَعَ السُّقَاةِ فَیَأْتِیَنَا بِالْمَاءِ وَ أَضْمَنَ لَهُ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةَ فَمَضَی رَجُلٌ مِنْ بَنِی سُلَیْمٍ وَ هُوَ یَرْتَجِزُ:
أَ مِنْ عَزِیفٍ ظَاهِرٍ نَحْوَ السَّلَمِ***یَنْكُلُ مَنْ وَجَّهَهُ خَیْرُ الْأُمَمِ
مِنْ قَبْلِ أَنْ یَبْلُغَ آبَارَ الْعَلَمِ***فَیَسْتَقِی وَ اللَّیْلُ مَبْسُوطُ الظُّلَمِ
وَ یَأْمَنُ الذَّمَّ وَ تَوْبِیخَ الْكَلِمِ
فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَی الْحِسِّ رَجَعُوا وَجِلِینَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مِنْ رَجُلٍ یَمْضِی مَعَ السُّقَاةِ إِلَی الْبِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ فَیَأْتِیَنَا بِالْمَاءِ أَضْمَنْ لَهُ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةَ فَلَمْ یَقُمْ أَحَدٌ وَ اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْعَطَشُ وَ هُمْ صِیَامٌ ثُمَّ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام سِرْ مَعَ هَؤُلَاءِ السُّقَاةِ حَتَّی تَرِدَ بِئْرَ ذَاتِ الْعَلَمِ وَ تَسْتَقِیَ وَ تَعُودَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَخَرَجَ عَلِیٌّ قَائِلًا:
أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ أَنْ أَمِیلَا***مِنْ عَزْفِ جِنٍّ أَظْهَرُوا تَأْوِیلًا
وَ أَوقَدَتْ نِیرَانَهَا تَغْوِیلًا***وَ قَرَّعَتْ مَعَ عَزْفِهَا الطُّبُولَا
قَالَ: فَدَاخَلَنَا الرُّعْبُ فَالْتَفَتَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْنَا وَ قَالَ اتَّبِعُوا أَثَرِی وَ لَا یَفْزَعَنَّكُمْ مَا تَرَوْنَ وَ تَسْمَعُونَ فَلَیْسَ بِضَائِرِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ مَضَی فَلَمَّا دَخَلْنَا الشَّجَرَ فَإِذَا بِنِیرَانٍ تَضْطَرِمُ بِغَیْرِ حَطَبٍ وَ أَصْوَاتٍ هَائِلَةٍ وَ رُءُوسٍ مُقَطَّعَةٍ لَهَا ضَجَّةٌ وَ هُوَ یَقُولُ اتَّبِعُونِی وَ لَا خَوْفٌ عَلَیْكُمْ وَ لَا یَلْتَفِتُ أَحَدٌ مِنْكُمْ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا فَلَمَّا
ص: 70
جَاوَزْنَا الشَّجَرَةَ وَ وَرَدْنَا الْمَاءَ فَأَدْلَی الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ دَلْوَهُ فِی الْبِئْرِ فَاسْتَقَی دَلْواً أَوْ دَلْوَیْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّلْوُ فَوَقَعَ فِی الْقَلِیبِ وَ الْقَلِیبُ ضَیِّقٌ مُظْلِمٌ بَعِیدُ الْقَعْرِ فَسَمِعْنَا فِی أَسْفَلِ الْقَلِیبِ قَهْقَهَةً وَ ضَحِكاً شَدِیداً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَنْ یَرْجِعُ إِلَی عَسْكَرِنَا فَیَأْتِیَنَا بِدَلْوٍ وَ رَشاً فَقَالَ أَصْحَابُهُ مَنْ یَسْتَطِیعُ ذَلِكَ فَائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ وَ نَزَلَ فِی الْقَلِیبِ وَ مَا تَزْدَادُ الْقَهْقَهَةُ إِلَّا عُلُوّاً وَ جَعَلَ یَنْحَدِرُ فِی مَرَاقِی الْقَلِیبِ إِذْ زَلَّتْ رِجْلُهُ فَسَقَطَ فِیهِ ثُمَّ سَمِعْنَا وَجْبَةً شَدِیدَةً وَ اضْطِرَاباً وَ غَطِیطاً كَغَطِیطِ الْمَخْنُوقِ (1) ثُمَّ نَادَی عَلِیٌّ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ هَلُمُّوا قِرْبَكُمْ فَأَفْعَمَهَا وَ أَصْعَدَهَا عَلَی عُنُقِهِ شَیْئاً فَشَیْئاً وَ مَضَی بَیْنَ أَیْدِینَا فَلَمْ نَرَ شَیْئاً فَسَمِعْنَا صَوْتاً:
أَیُّ فَتَی لَیْلٍ أَخِی رَوْعَاتٍ***وَ أَیُّ سَبَّاقٍ إِلَی الْغَایَاتِ
لِلَّهِ دَرُّ الْغُرَرِ السَّادَاتِ***مِنْ هَاشِمِ الْهَامَاتِ وَ الْقَامَاتِ
مِثْلُ رَسُولِ اللَّهِ ذِی الْآیَاتِ***أَوْ كَعَلِیٍّ كَاشِفِ الْكُرُبَاتِ
كَذَا یَكُونُ الْمَرْءُ فِی الْحَاجَاتِ***فَارْتَجَزَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
اللَّیْلُ هَوْلٌ یُرْهِبُ الْمَهِیبَا***وَ یَذْهَلُ الْمُشَجَّعُ اللَّهِیبَا
فَإِنَّنِی أَهُولُ مِنْهُ دِیناً***وَ لَسْتُ أَخْشَی الرَّوْعَ وَ الْخَطُوبَا
إِذَا هَزَزْتُ الصَّارِمَ الْقَضِیبَا***أَبْصَرْتُ مِنْهُ عَجَباً عَجِیباً
وَ انْتَهَی إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَهُ زَجَلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا ذَا رَأَیْتَ فِی طَرِیقِكَ یَا عَلِیُّ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ كُلِّهِ فَقَالَ إِنَّ الَّذِی رَأَیْتَهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِی وَ لِمَنْ حَضَرَ مَعِی فِی وَجْهِی هَذَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اشْرَحْهُ لِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الرُّءُوسُ الَّتِی رَأَیْتُمْ لَهَا ضَجَّةٌ وَ لِأَلْسِنَتِهَا لَجْلَجَةٌ فَذَلِكَ مَثَلُ قَوْمٍ مَعِی یَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَیْسَ فِی قُلُوبِهِمْ وَ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَرْفاً وَ عَدْلًا وَ لَا یُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً وَ أَمَّا النِّیرَانُ بِغَیْرِ حَطَبٍ فَفِتْنَةٌ تَكُونُ فِی أُمَّتِی بَعْدِی الْقَائِمُ فِیهَا وَ الْقَاعِدُ سَوَاءٌ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ عَمَلًا وَ لَا یُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً وَ أَمَّا الْهَاتِفُ الَّذِی هَتَفَ بِكَ فَذَاكَ سَلْقَعَةٌ وَ هُوَ
ص: 71
سَمْلَعَةُ بْنُ عَزَّافٍ الَّذِی قَتَلَ عَدُوَّ اللَّهِ مُسْعِراً شَیْطَانَ الْأَصْنَامِ الَّذِی كَانَ یُكَلِّمُ قُرَیْشاً مِنْهَا وَ یَشْرَعُ فِی هِجَائِی.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بِالرَّوَایَا یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ فَرَجَعَ رَعِباً مِنَ الْقَوْمِ ثُمَّ بَعَثَ آخَرَ فَنَكَصَ فَزِعاً ثُمَّ بَعَثَ عَلِیّاً فَاسْتَسْقَی ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَبَّرَ وَ دَعَا لَهُ بِخَیْرٍ. و هل ثبت مثل ذلك لكرد من الفرس مثل رستم و إسفندیار و كستاشف (1) و بهمن أو لفرسان من العرب مثل عنتر العبسی و عامر بن الطفیل و عمرو بن عبد ود أو لمبارز من الترك مثل أفراسیاب و شبهه فهو الفارس الذی یفرق العسكر كفرق الشعر و یطویهم كطی السجل الحرب دأبه و الجد آدابه و النصر طبعه و العدو غنمه جری خطار و جسور هضار ما لسیفه إلا الرقاب قراب إنه لو حضر لكفی الحذر و یقال له غالب كل غالب علی بن أبی طالب.
و قد رویتم علی كان أشجعهم (2)*** و أشجع الجمع بالأعداء أثقفه (3).
بیان: العزف و العزیف صوت الجن و فعم الإناء امتلأ و أفعمته ملأته.
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ أُولئِكَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ (4) الْآیَةَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَمْ یَسْبِقْهُ أَحَدٌ.
وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا أَطْرَقَ هِبْنَا أَنْ نَبْتَدِئَهُ بِالْكَلَامِ وَ قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمَ غَلَبْتَ الْأَقْرَانَ قَالَ بِتَمَكُّنِ هَیْبَتِی فِی قُلُوبِهِمْ.
النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ، عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنْ شَقِیقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ
ص: 72
یَمْشِی فَالْتَفَتَ إِلَی وَرَائِهِ وَ عَدَا فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَیْحَكَ أَ مَا تَرَی الْهِزَبْرَ بْنَ الْهِزَبْرِ الْقُثَمَ بْنَ الْقُثَمِ (1) الْفَلَّاقَ لِلْبُهْمِ الضَّارِبَ عَلَی هَامَةِ مَنْ طَغَی وَ ظَلَمَ ذَا السَّیْفَیْنِ وَرَایَ فَقُلْتُ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنَّكَ تُحَقِّرُهُ بَایَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ أُحُدٍ أَنَّ مَنْ فَرَّ مِنَّا فَهُوَ ضَالٌّ وَ مَنْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِیدٌ وَ رَسُولُ اللَّهُ یَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ فَلَمَّا الْتَقَی الْجَمْعَانِ هَزَمُونَا وَ هَذَا كَانَ یُحَارِبُهُمْ وَحِیداً حَتَّی انْسَدَّ(2) نَفَسُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَبْرَئِیلَ ثُمَّ قَالَ عَاهَدْتُمُوهُ وَ خَالَفْتُمُوهُ وَ رَمَی بِقَبْضَةِ رَمْلٍ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ مِنَّا إِلَّا وَ أَصَابَتْ عَیْنَهُ رَمْلَةٌ فَرَجَعْنَا نَمْسَحُ وُجُوهَنَا قَائِلِینَ اللَّهَ اللَّهَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَقِلْنَا أَقَالَكَ اللَّهُ فَالْكَرُّ وَ الْفَرُّ عَادَةُ الْعَرَبِ فَاصْفَحْ وَ قَلَّ مَا أَرَاهُ وَحِیداً إِلَّا خِفْتُ مِنْهُ.
وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ قَتَلَ قَتِیلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَتَوَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنَّهُ لَمْ یَتَّبِعْ مُنْهَزِماً وَ تَأَخَّرَ عَمَّنِ اسْتَغَاثَ وَ لَمْ یَكُنْ یُجَهِّزُ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَمَّا أَرْدَی علیه السلام عَمْراً قَالَ عَمْرٌو یَا ابْنَ عَمِّ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً لَا تَكْشِفْ سَوْءَةَ ابْنِ عَمِّكَ وَ لَا تَسْلُبْهُ سَلَبَهُ فَقَالَ علیه السلام ذَاكَ أَهْوَنُ عَلَیَّ وَ فِیهِ یَقُولُ علیه السلام:
وَ عَفَفْتُ عَنْ أَثْوَابِهِ لَوْ أَنَّنِی***كُنْتُ الْمُقَطَّرَ بَزَّنِی أَثْوَابِی
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ لَهُ عُمَرُ هَلَّا سَلَبْتَ دِرْعَهُ فَإِنَّهَا تُسَاوِی ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَ لَیْسَ لِلْعَرَبِ مِثْلُهَا قَالَ إِنِّی اسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَكْشِفَ ابْنَ عَمِّی.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ: جَاءَتْ أُخْتُ عَمْرٍو وَ رَأَتْهُ فِی سَلَبِهِ فَلَمْ تَحْزَنْ وَ قَالَتْ إِنَّمَا قَتَلَهُ كَرِیمٌ وَ قَالَ علیه السلام یَا قَنْبَرُ لَا تُعَرِّ فَرَائِسِی أَرَادَ لَا تَسْلُبْ قَتْلَایَ مِنَ الْبُغَاةِ(3).
بیان: یقال طعنه فقطره إذا ألقاه.
«4»- ل، [الخصال] لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْقِرْمِیسِینِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَشَجِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ زَیْدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام
ص: 73
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ وَ صَلَّی الْفَجْرَ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ أَیُّكُمْ یَنْهَضُ إِلَی ثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ آلُوا بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَیَقْتُلُونِّی وَ قَدْ كَذَبُوا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ فَأَحْجَمَ النَّاسُ وَ مَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ فَقَالَ مَا أَحْسَبُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِیكُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ عَامِرُ بْنُ قَتَادَةَ فَقَالَ إِنَّهُ وُعِكَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ وَ لَمْ یَخْرُجْ یُصَلِّی مَعَكَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أُخْبِرَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله شَأْنَكَ فَمَضَی إِلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ فَخَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَأَنَّهُ نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ وَ عَلَیْهِ إِزَارٌ قَدْ عَقَدَ طَرَفَیْهِ عَلَی رَقَبَتِهِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَذَا الْخَبَرُ قَالَ هَذَا رَسُولُ رَبِّی یُخْبِرُنِی عَنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ نَهَضُوا إِلَیَّ لِقَتْلِی وَ قَدْ كَذَبُوا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا لَهُمْ سَرِیَّةٌ وَحْدِی هُوَ ذَا أَلْبَسُ عَلَیَّ ثِیَابِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَلْ هَذِهِ ثِیَابِی وَ هَذَا دِرْعِی وَ هَذَا سَیْفِی فَدَرَّعَهُ وَ عَمَّمَهُ وَ قَلَّدَهُ وَ أَرْكَبَهُ فَرَسَهُ وَ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یَأْتِیهِ جَبْرَئِیلُ بِخَبَرِهِ وَ لَا خَبَرٌ مِنَ الْأَرْضِ وَ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ عَلَی وَرِكَیْهَا تَقُولُ أَوْشَكَ أَنْ یُؤْتَمَ هَذَیْنِ الْغُلَامَیْنِ فَأَسْبَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَیْنَهُ یَبْكِی ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَنْ یَأْتِینِی بِخَبَرِ عَلِیٍّ أُبَشِّرُهُ بِالْجَنَّةِ وَ افْتَرَقَ النَّاسُ فِی الطَّلَبِ لِعَظِیمِ مَا رَأَوْا بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَرَجَ الْعَوَاتِقُ فَأَقْبَلَ عَامِرُ بْنُ قَتَادَةَ یُبَشِّرُ بِعَلِیٍّ وَ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فِیهِ وَ أَقْبَلَ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَعَهُ أَسِیرَانِ وَ رَأْسٌ وَ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَ ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله تُحِبُّ أَنْ أُخْبِرَكَ بِمَا كُنْتَ فِیهِ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ هُوَ مُنْذُ سَاعَةٍ قَدْ أَخَذَهُ الْمَخَاضُ وَ هُوَ السَّاعَةَ یُرِیدُ أَنْ یُحَدِّثَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَلْ تُحَدِّثُ أَنْتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ لِتَكُونَ شَهِیداً عَلَی الْقَوْمِ قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا صِرْتُ فِی الْوَادِی رَأَیْتُ هَؤُلَاءِ رُكْبَاناً عَلَی الْأَبَاعِرِ فَنَادَوْنِی مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا مَا نَعْرِفُ لِلَّهِ مِنْ رَسُولٍ سَوَاءٌ عَلَیْنَا وَقَعْنَا عَلَیْكَ أَوْ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ شَدَّ عَلَیَّ هَذَا الْمَقْتُولُ وَ دَارَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ ضَرَبَاتٌ وَ هَبَّتْ رِیحٌ حَمْرَاءُ سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِیهَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْتَ تَقُولُ قَدْ قَطَعْتُ لَكَ جِرِبَّانَ دِرْعِهِ فَاضْرِبْ حَبْلَ عَاتِقِهِ فَضَرَبْتُهُ
ص: 74
فَلَمْ أحفه [أَخَفْهُ] ثُمَّ هَبَّتْ رِیحٌ صَفْرَاءُ سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِیهَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْتَ تَقُولُ قَدْ قَلَبْتُ لَكَ الدِّرْعَ عَنْ فَخِذِهِ فَاضْرِبْ فَخِذَهُ فَضَرَبْتُهُ وَ وَكَزْتُهُ وَ قَطَعْتُ رَأْسَهُ وَ رَمَیْتُ بِهِ وَ قَالَ لِی هَذَانِ الرَّجُلَانِ بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّداً رَفِیقٌ شَفِیقٌ رَحِیمٌ فَاحْمِلْنَا إِلَیْهِ وَ لَاتَعْجَلْ عَلَیْنَا وَ صَاحِبُنَا كَانَ یُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ.
فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَمَّا الصَّوْتُ الْأَوَّلُ الَّذِی صَكَّ مَسَامِعَكَ فَصَوْتُ جَبْرَئِیلَ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَصَوْتُ مِیكَائِیلَ قَدِّمْ إِلَیَّ أَحَدَ الرَّجُلَیْنِ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اشْهَدْ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَنَقْلُ جَبَلِ أَبِی قُبَیْسٍ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ قَالَ یَا عَلِیُّ أَخِّرْهُ وَ اضْرِبْ عُنُقَهُ ثُمَّ قَالَ قَدِّمِ الْآخَرَ فَقَالَ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اشْهَدْ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَلْحِقْنِی بِصَاحِبِی قَالَ یَا عَلِیُّ أَخِّرْهُ وَ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَأَخَّرَهُ وَ قَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِیَضْرِبَ عُنُقَهُ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنُ الْخُلُقِ سَخِیٌّ فِی قَوْمِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَمْسِكْ فَإِنَّ هَذَا رَسُولُ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ یُخْبِرُنِی أَنَّهُ حَسَنُ الْخُلُقِ سَخِیٌّ فِی قَوْمِهِ فَقَالَ الْمُشْرِكُ تَحْتَ السَّیْفِ هَذَا رَسُولُ رَبِّكَ یُخْبِرُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ اللَّهِ مَا مَلَكْتُ دِرْهَماً مَعَ أَخٍ لِی قَطُّ وَ لَا قَطَبْتُ (1) وَجْهِی فِی الْحَرْبِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مِمَّنْ جَرَّهُ حُسْنُ خُلُقِهِ وَ سَخَاؤُهُ إِلَی جَنَّاتِ النَّعِیمِ (2).
بیان: القرمیسین معرب كرمانشهان قوله آلوا أی حلفوا و أحجم القوم تأخروا و كفوا و الوعك الحمی و الجربان بالضم جیب القمیص و الإحفاء المبالغة فی الأخذ و فی بعض النسخ بالخاء المعجمة أی لم أخف السیف فی بدنه و الوكز الضرب بجمع الكف و الطعن و الدفع.
«5»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ علیه السلام یَقُولُ: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
ص: 75
لِمَ لَا تَشْتَرِی فَرَساً عَتِیقاً قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ وَ أَنَا لَا أَفِرُّ مِمَّنْ كَرَّ عَلَیَّ وَ لَا أَكِرُّ عَلَی مَنْ فَرَّ مِنِّی (1).
«6»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: مَا قُدِّمَتْ رَایَةٌ قُوتِلَ تَحْتَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا نَكَسَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ غُلِبَ أَصْحَابُهَا وَ انْقَلَبُوا صَاغِرِینَ وَ مَا ضَرَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِسَیْفِهِ ذِی الْفَقَارِ أَحَداً فَنَجَا وَ كَانَ إِذَا قَاتَلَ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ بَیْنَ یَدَیْهِ (2).
«7»- شا، [الإرشاد]: مِنْ آیَاتِ اللَّهِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ لَمْ یُعْهَدْ لِأَحَدٍ مِنْ مُبَارِزَةِ الْأَقْرَانِ وَ مُنَازِلَةِ الْأَبْطَالِ مِثْلُ مَا عُرِفَ لَهُ علیه السلام مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ عَلَی مَرِّ الزَّمَانِ ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ یُوجَدْ فِی مُمَارِسِی الْحُرُوبِ إِلَّا مَنْ عَرَتْهُ بِشَرٍّ وَ نِیلَ مِنْهُ بِجِرَاحٍ أَوْ شَیْنٍ إِلَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَإِنَّهُ لَمْ یَنَلْهُ مِنْ طُولِ زَمَانِ حَرْبِهِ جِرَاحٌ مِنْ عَدُوٍّ وَ لَا شَیْنٌ وَ لَا وَصَلَ إِلَیْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِسُوءٍ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَی اغْتِیَالِهِ إِیَّاهُ مَا كَانَ وَ هَذِهِ أُعْجُوبَةٌ أَفْرَدَهُ اللَّهُ بِالْآیَةِ فِیهَا وَ خَصَّهُ بِالْعِلْمِ الْبَاهِرَةِ فِی مَعْنَاهَا وَ دَلَّ بِذَلِكَ عَلَی مَكَانِهِ مِنْهُ وَ تَخْصِیصِهِ (3) بِكَرَامَتِهِ الَّتِی بَانَ بِفَضْلِهَا مِنْ كَافَّةِ الْأَنَامِ.
وَ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ تَعَالَی فِیهِ علیه السلام أَنَّهُ لَا یَذْكُرُ مُحَارِسٌ لِلْحُرُوبِ الَّتِی لَقِیَ فِیهِ عَدُّواً إِلَّا وَ هُوَ ظَافِرٌ بِهِ حِیناً وَ غَیْرُ ظَافِرٍ بِهِ حِیناً وَ لَا نَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَصْماً(4) بِجِرَاحٍ إِلَّا وَ قَضَی مِنْهَا وَقْتاً وَ عُوفِیَ مِنْهَا زَمَاناً وَ لَمْ یُعْهَدْ مَنْ لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُ قِرْنٌ (5) فِی حَرْبٍ
ص: 76
وَ لَا نَجَا مِنْ ضَرْبَتِهِ أَحَدٌ فَصَلَحَ مِنْهَا إِلَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَإِنَّهُ لَا مِرْیَةَ فِی ظَفَرِهِ بِكُلِّ قِرْنٍ بَارَزَهُ وَ إِهْلَاكِهِ كُلَّ بَطَلٍ نَازَلَهُ وَ هَذَا أَیْضاً مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ كَافَّةِ الْأَنَامِ وَ خَرَقَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ بِهِ الْعَادَةَ فِی كُلِّ حِینٍ وَ زَمَانٍ وَ هُوَ مِنْ دَلَائِلِهِ الْوَاضِحَةِ.
وَ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ تَعَالَی أَیْضاً فِیهِ أَنَّهُ مَعَ طُولِ مُلَاقَاتِهِ الْحُرُوبَ وَ مُلَابَسَتِهِ إِیَّاهَا وَ كَثْرَةِ مَنْ مُنِیَ بِهِ فِیهَا مِنْ شُجْعَانِ الْأَعْدَاءِ وَ صَنَادِیدِهِمْ وَ تَجَمُّعِهِمْ عَلَیْهِ وَ احْتِیَالِهِمْ فِی الْفَتْكِ بِهِ وَ بَذْلِ الْجُهْدِ فِی ذَلِكَ مَا وَلَّی قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ ظَهْرَهُ وَ لَا انْهَزَمَ مِنْهُمْ (1) وَ لَا تَزَحْزَحَ عَنْ مَكَانِهِ وَ لَا هَابَ أَحَداً مِنْ أَقْرَانِهِ وَ لَمْ یَلْقَ أَحَدٌ سِوَاهُ خَصْماً لَهُ فِی حَرْبٍ إِلَّا وَ ثَبَتَ لَهُ حِیناً وَ انْحَرَفَ عَنْهُ حِیناً وَ أَقْدَمَ عَلَیْهِ وَقْتاً وَ أَحْجَمَ عَنْهُ زَمَاناً وَ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَی مَا وَصَفْنَاهُ ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنِ انْفِرَادِهِ بِالْآیَةِ الْبَاهِرَةِ وَ الْمُعْجِزَةِ الظَّاهِرَةِ وَ خَرْقِ الْعَادَةِ فِیهِ بِمَا دَلَّ اللَّهُ بِهِ عَلَی إِمَامَتِهِ وَ كَشَفَ بِهِ عَنْ فَرْضِ طَاعَتِهِ وَ أَبَانَهُ بِذَلِكَ عَنْ كَافَّةِ خَلِیقَتِهِ (2).
«8»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فِی حَدِیثِ عَمَّارٍ: لَمَّا أَرْسَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً إِلَی مَدِینَةِ عُمَانَ فِی قِتَالِ الْجُلَنْدَی بْنِ كِرْكِرَ(3) وَ جَرَی بَیْنَهُمَا حَرْبٌ عَظِیمٌ وَ ضَرْبٌ وَجِیعٌ دَعَا الْجُلَنْدَی بِغُلَامٍ یُقَالُ لَهُ الْكِنْدِیُّ وَ قَالَ لَهُ إِنْ أَنْتَ خَرَجْتَ إِلَی صَاحِبِ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ وَ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ فَتَأْخُذُهُ أَسِیراً أَوْ تَطْرَحُهُ مُجَدَّلًا عَفِیراً أُزَوِّجْكَ ابْنَتِیَ الَّتِی لَمْ أَنْعَمْ لِأَوْلَادِ الْمُلُوكِ بِزِوَاجِهَا فَرَكِبَ الْكِنْدِیُّ الْفِیلَ الْأَبْیَضَ وَ كَانَ مَعَ الْجُلَنْدَی ثَلَاثُونَ فِیلًا وَ حَمَلَ بِالْأَفِیلَةِ وَ الْعَسْكَرِ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ الْإِمَامُ إِلَیْهِ نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ فَأَشْرَقَتِ الْفَلَاةُ طُولًا وَ عَرْضاً ثُمَّ رَكِبَ وَ دَنَا مِنَ الْأَفِیلَةِ وَ جَعَلَ یُكَلِّمُهَا بِكَلَامٍ لَا یَفْهَمُهُ الْآدَمِیُّونَ وَ إِذَا بِتِسْعَةٍ وَ عِشْرِینَ فِیلًا قَدْ دَارَتْ رُءُوسُهَا وَ حَمَلَتْ عَلَی عَسْكَرِ الْمُشْرِكِینَ وَ جَعَلَتْ تَضْرِبُ فِیهِمْ یَمِیناً وَ شِمَالًا حَتَّی أَوْصَلَتْهُمْ إِلَی بَابِ عُمَانَ ثُمَّ رَجَعَتْ وَ هِیَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ یَسْمَعُهُ النَّاسُ یَا عَلِیُ
ص: 77
كُلُّنَا نَعْرِفُ مُحَمَّداً وَ نُؤْمِنُ بِرَبِّ مُحَمَّدٍ إِلَّا هَذَا الْفِیلُ الْأَبْیَضُ فَإِنَّهُ لَا یَعْرِفُ مُحَمَّداً وَ لَا آلَ مُحَمَّدٍ فَزَعَقَ الْإِمَامُ زَعَقَتَهُ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْغَضَبِ الْمَشْهُورَةَ فَارْتَعَدَ الْفِیلُ وَ وَقَفَ فَضَرَبَهُ الْإِمَامُ بِذِی الْفَقَارِ ضَرْبَةً رَمَی رَأْسَهُ عَنْ بَدَنِهِ فَوَقَعَ الْفِیلُ إِلَی الْأَرْضِ كَالْجَبَلِ الْعَظِیمِ وَ أَخَذَ الْكِنْدِیَّ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَخْبَرَ جَبْرَئِیلُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَارْتَقَی عَلَی السُّورِ فَنَادَی أَبَا الْحَسَنِ هَبْهُ لِی فَهُوَ أَسِیرُكَ فَأَطْلَقَ عَلِیُّ علیه السلام سَبِیلَ الْكِنْدِیِّ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَی إِطْلَاقِی قَالَ وَیْلَكَ مُدَّ نَظَرَكَ فَمَدَّ عَیْنَیْهِ فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْ بَصَرِهِ فَنَظَرَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی سُورِ الْمَدِینَةِ وَ صَحَابَتِهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ سَیِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ كَمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ یَا عَلِیُّ قَالَ مَسِیرَةُ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ رَبَّكُمْ رَبٌّ عَظِیمٌ وَ نَبِیَّكُمْ نَبِیٌّ كَرِیمٌ مُدَّ یَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَتَلَ عَلِیٌّ الْجُلَنْدَی وَ غَرَّقَ فِی الْبَحْرِ مِنْهُمْ خَلْقاً كَثِیراً وَ قَتَلَ مِنْهُمْ كَذَلِكَ وَ أَسْلَمَ الْبَاقُونَ وَ سَلَّمَ الْحِصْنَ إِلَی الْكِنْدِیِّ وَ زَوَّجَهُ بِابْنَةِ الْجُلَنْدَی وَ أَقْعَدَ عِنْدَهُمْ قَوْماً مِنَ الْمُسْلِمِینَ یُعَلِّمُونَهُمُ الْفَرَائِضَ (1).
«9»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَصْلٌ فِیمَا نُقِلَ عَنْهُ فِی یَوْمِ بَدْرٍ: فِی الصَّحِیحَیْنِ أَنَّهُ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَی هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا(2) فِی سِتَّةِ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْكُفَّارِ تَبَارَزُوا یَوْمَ بَدْرٍ وَ هُمْ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ وَ عَلِیٌّ وَ الْوَلِیدُ وَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ قَالَ الْبُخَارِیُّ وَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ یُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِیهِمْ وَ بِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَ ابْنُ خُثَیْمٍ وَ قَیْسُ بْنُ عُبَادَةَ وَ سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ وَ الْأَعْمَشُ وَ سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَالَّذِینَ كَفَرُوا یَعْنِی عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ وَ الْوَلِیدَ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ الْآیَاتِ وَ أُنْزِلَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ إِنَّ اللَّهَ یُدْخِلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ إِلَی قَوْلِهِ صِراطِ الْحَمِیدِ(3).
ص: 78
أَسْبَابُ النُّزُولِ، رَوَی قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: فِینَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ فِی مُبَارِزِینَا یَوْمَ بَدْرٍ إِلَی قَوْلِهِ عَذابَ الْحَرِیقِ. وَ رَوَی جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَ قَوْلُهُ أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئاتِ (1) یَوْمَ بَدْرٍ فِی هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ.
شُعْبَةُ وَ قَتَادَةُ وَ عَطَاءٌ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكی (2) أَضْحَكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ یَوْمَ بَدْرٍ الْمُسْلِمِینَ وَ أَبْكَی كُفَّارَ مَكَّةَ حَتَّی قُتِلُوا وَ دَخَلُوا النَّارَ.
الْبَاقِرُ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ بَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ (3) نَزَلَتْ فِی حَمْزَةَ وَ عَلِیٍّ وَ عُبَیْدَةَ.
تَفْسِیرُ أَبِی یُوسُفَ النَّسَوِیِّ، وَ قَبِیصَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الثَّوْرِیِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ-(4) الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ كَالْمُفْسِدِینَ فِی الْأَرْضِ عُتْبَةَ وَ شَیْبَةَ وَ الْوَلِیدِ.
الْكَلْبِیُّ: نَزَلَتْ فِی بَدْرٍ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (5) أَوْرَدَهُ النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ عَنِ الْحَدَّادِ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ.
وَ الصَّادِقُ وَ الْبَاقِرُ علیهما السلام: نَزَلَتْ فِی عَلِیٍ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ(6).
الْمُؤَرِّخُ وَ صَاحِبُ الْأَغَانِی وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ صَاحِبُ رَایَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ لَمَّا الْتَقَی الْجَمْعَانِ تَقَدَّمَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ وَ قَالُوا یَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَیْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَیْشٍ فَتَطَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ لِمُبَارَزَتِهِمْ فَدَفَعَهُمُ
ص: 79
النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَرَ عَلِیّاً وَ حَمْزَةَ وَ عُبَیْدَةَ بِالْمُبَارَزَةِ فَحَمَلَ عُبَیْدَةُ عَلَی عُتْبَةَ فَضَرَبَهُ عَلَی رَأْسِهِ ضَرْبَةً فَلَقَتْ هَامَتَهُ وَ ضَرَبَ عُتْبَةُ عُبَیْدَةَ عَلَی سَاقِهِ فَأَطَنَّهَا(1) فَسَقَطَا جَمِیعاً وَ حَمَلَ شَیْبَةُ عَلَی حَمْزَةَ فَتَضَارَبَا بِالسَّیْفِ حَتَّی انْثَلَمَا وَ حَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْوَلِیدِ فَضَرَبَهُ عَلَی حَبْلِ عَاتِقِهِ وَ خَرَجَ السَّیْفُ مِنْ إِبْطِهِ.
وَ فِی إِبَانَةِ الْفَلَكِیِّ: أَنَّ الْوَلِیدَ كَانَ إِذَا رَفَعَ ذِرَاعَهُ سَتَرَ وَجْهَهُ مِنْ عِظَمِهَا وَ غِلَظِهَا ثُمَّ اعْتَنَقَ حَمْزَةُ وَ شَیْبَةُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ یَا عَلِیُّ أَ مَا تَرَی هَذَا الْكَلْبَ یَهِرُّ عَمَّكَ فَحَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَمِّ طَأْطِئْ رَأْسَكَ وَ كَانَ حَمْزَةُ أَطْوَلَ مِنْ شَیْبَةَ فَأَدْخَلَ حَمْزَةُ رَأْسَهُ فِی صَدْرِهِ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَطَرَحَ نِصْفَهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَی عُتْبَةَ وَ بِهِ رَمَقٌ فَأَجْهَزَ عَلَیْهِ وَ كَانَ حَسَّانُ قَالَ فِی قَتْلِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِوُدٍّ:
وَ لَقَدْ رَأَیْتَ غَدَاةَ بَدْرٍ عُصْبَةً***ضَرَبُوكَ ضَرْباً غَیْرَ ضَرْبِ الْمُحْضَرِ
أَصْبَحْتَ لَا تُدْعَی لِیَوْمِ كَرِیهَةٍ***یَا عَمْرُو أَوْ لِجَسِیمِ أَمْرٍ مُنْكَرٍ
فَأَجَابَهُ بَعْضُ بَنِی عَامِرٍ:
كَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ لَمْ تَقْتُلُونَنَا(2)***وَ لَكِنْ بِسَیْفِ الْهَاشِمِیِّینَ فَافْخَرُوا
بِسَیْفِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ فِی الْوَغَی***بِكَفِّ عَلِیٍّ نِلْتُمْ ذَاكَ فَاقْصُرُوا
وَ لَمْ تَقْتُلُوا عَمْرَو بْنَ وُدٍّ وَ لَا ابْنَهُ***وَ لَكِنَّهُ الْكُفْوُ الْهِزَبْرُ الْغَضَنْفَرُ
عَلِیٌّ الَّذِی فِی الْفَخْرِ طَالَ ثَنَاؤُهُ***فَلَا تُكْثِرُوا الدَّعْوَی عَلَیْهِ فَتَفْجُرُوا
بِبَدْرٍ خَرَجْتُمْ لِلْبِرَازِ فَرَدَّكُمْ***شُیُوخُ قُرَیْشٍ جَهْرَةً وَ تَأَخَّرُوا
فَلَمَّا أَتَاهُمْ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ***وَ جَاءَ عَلِیٌّ بِالْمُهَنَّدِ یَخْطِرُ
فَقَالُوا نَعَمْ أَكْفَاءُ صِدْقٍ فَأَقْبَلُوا***إِلَیْهِمْ سِرَاعاً إِذْ بَغَوْا وَ تَجَبَّرُوا
فَجَالَ عَلِیٌّ جَوْلَةً هَاشِمِیَّةً***فَدَمَّرَهُمْ لَمَّا عَتَوْا وَ تَكَبَّرُوا
وَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ أَنَّهُ قَتَلَ سَبْعَةً وَ عِشْرِینَ مُبَارِزاً وَ فِی الْإِرْشَادِ قَتَلَ خَمْسَةً وَ ثَلَاثِینَ وَ قَالَ زَیْدُ بْنُ وَهْبٍ- قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَكَرَ حَدِیثَ بَدْرٍ وَ قَتَلْنَا
ص: 80
مِنَ الْمُشْرِكِینَ سَبْعِینَ وَ أَسَرْنَا سَبْعِینَ.
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَكْثَرُ قَتْلَی الْمُشْرِكِینَ یَوْمَ بَدْرٍ كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام.
الزَّمَخْشَرِیُّ فِی الْفَائِقِ، قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ: رَأَیْتُ عَلِیّاً یُحَمْحِمُ فَرَسَهُ وَ هُوَ یَقُولُ:
بَازِلُ عَامَیْنِ حَدِیثُ سِنِّی***سَنَحْنَحُ اللَّیْلِ كَأَنِّی جِنِّیٌ
لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِی أُمِّی
الْمَرْزُبَانِیُّ فِی كِتَابِ أَشْعَارِ الْمُلُوكِ وَ الْخُلَفَاءِ،: أَنَّ عَلِیّاً أَشْجَعُ الْعَرَبِ حَمَلَ یَوْمَ بَدْرٍ وَ زَعْزَعَ الْكَتِیبَةَ وَ هُوَ یَقُولُ:
لَنْ یَأْكُلَ التَّمْرَ بِظَهْرِ مَكَّةَ***مِنْ بَعْدِهَا حَتَّی تَكُونَ الرَّكَّةُ(1)
بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام سنحنح اللیل كأنی جنی أی لا أنام اللیل فأنا مستیقظ أبدا(2) و الركة الضعف و فی بعض النسخ بالزای المعجمة و هی بالضم الغیظ و الغم.
«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَصْلٌ فِیمَا ظَهَرَ مِنْهُ یَوْمَ أُحُدٍ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً یَغْشی طائِفَةً مِنْكُمْ وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ-(3) نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام غَشِیَهُ النُّعَاسُ یَوْمَ أُحُدٍ وَ الْخَوْفُ مُسْهِرٌ وَ الْأَمْنُ مُنِیمٌ.
كِتَابُ الشِّیرَازِیِّ، رَوَی سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ (4) قَالَ صَاحَ إِبْلِیسُ یَوْمَ أُحُدٍ فِی عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ قَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَجْلَبَ إِبْلِیسُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كُلَّ خَیْلٍ كَانَتْ فِی غَیْرِ طَاعَةِ
ص: 81
اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنَّ كُلَّ رَاجِلٍ قَاتَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ مِنْ رَجَّالَةِ إِبْلِیسَ.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ، وَ أَغَانِی الْأَصْفَهَانِیِّ،: أَنَّهُ كَانَ صَاحِبُ لِوَاءِ قُرَیْشٍ كَبْشُ الْكَتِیبَةِ طَلْحَةُ بْنُ أَبِی طَلْحَةَ الْعَبْدَرِیُّ نَادَی مَعَاشِرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ یُعَجِّلُنَا بِسُیُوفِكُمْ إِلَی النَّارِ وَ یُعَجِّلُكُمْ بِسُیُوفِنَا إِلَی الْجَنَّةِ فَهَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ یُبَارِزُنِی قَالَ قَتَادَةُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا ابْنُ ذِی الْحَوْضَیْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ***وَ هَاشِمِ الْمُطْعِمِ فِی الْعَامِ السَّغِبِ
أُوفِی بِمِیعَادِی وَ أَحْمِی عَنْ حَسَبِ
قَالَ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَبَدَتْ سَوْأَتُهُ وَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الْكَلْبِیِّ وَ فِی رِوَایَاتٍ كَثِیرَةٍ أَنَّهُ ضَرَبَهُ فِی مُقَدَّمِ رَأْسِهِ فَبَدَتْ عَیْنَاهُ قَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ یَا ابْنَ عَمِّ فَانْصَرَفَ عَنْهُ وَ مَاتَ فِی الْحَالِ ثُمَّ بَارَزَهُمْ حَتَّی قَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةً ثُمَّ أَخَذَ بِاللِّوَاءِ صَوَابٌ عَبْدٌ حَبَشِیٌّ لَهُمْ فَضَرَبَ عَلَی یَدِهِ فَأَخَذَهُ بِالْیُسْرَی فَضَرَبَ عَلَیْهَا فَأَخَذَ اللِّوَاءَ وَ جَمَعَ الْمَقْطُوعَتَیْنِ عَلَی صَدْرِهِ فَضَرَبَ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ فَسَقَطَ اللِّوَاءُ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
فَخَرْتُمْ بِاللِّوَاءِ وَ شَرُّ فَخْرٍ***لِوَاءٌ حِینَ رُدَّ إِلَی صَوَابٍ
فَسَقَطَ اللِّوَاءُ فَأَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ فَصُرِعَتْ وَ انْهَزَمُوا وَ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَ لَوْ لَا لِوَاءُ الْحَارِثِیَّةِ أَصْبَحُوا***یُبَاعَوْنَ فِی الْأَسْوَاقِ بِالثَّمَنِ الْوَكْسِ
فَانْكَبَّ الْمُسْلِمُونَ عَلَی الْغَنَائِمِ وَ رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ فَهَزَمُوهُمْ.
زَیْدُ بْنُ وَهْبٍ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ انْهَزَمَ النَّاسُ إِلَّا عَلِیٌّ- وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ- قَالَ انْهَزَمُوا إِلَّا عَلِیٌّ وَحْدَهُ وَ ثَابَ (1) إِلَیْهِمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَیْرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَ شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِیدِ- وَ الْمِقْدَادُ وَ طَلْحَةُ وَ سَعْدٌ وَ الْبَاقُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْشَدَ
ص: 82
وَ قَدْ تَرَكُوا الْمُخْتَارَ فِی الْحَرْبِ مُفْرَداً***وَ فَرَّ جَمِیعُ الصَّحْبِ عَنْهُ وَ أَجْمَعُوا
وَ كَانَ عَلِیٌّ غَائِصاً فِی جُمُوعِهِمْ (1)***لِهَامَاتِهِمْ بِالسَّیْفِ یَفْرِی وَ یَقْطَعُ
عِكْرِمَةُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: لَحِقَنِی مِنَ الْجَزَعِ مَا لَا أَمْلِكُ نَفْسِی وَ كُنْتُ أَمَامَهُ أَضْرِبُ بِسَیْفِی فَرَجَعْتُ أَطْلُبُهُ فَلَمْ أَرَهُ فَقُلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیَفِرَّ وَ مَا رَأَیْتُهُ فِی الْقَتْلَی وَ أَظُنُّهُ رُفِعَ مِنْ بَیْنِنَا فَكَسَرْتُ جَفْنَ سَیْفِی وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی لَأُقَاتِلَنَّ بِهِ حَتَّی أُقْتَلَ وَ حَمَلْتُ عَلَی الْقَوْمِ فَأَفْرَجُوا فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ وَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَوَقَفْتُ عَلَی رَأْسِهِ فَنَظَرَ إِلَیَّ وَ قَالَ مَا صَنَعَ النَّاسُ یَا عَلِیُّ قُلْتُ كَفَرُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَّوُا الدُّبُرَ مِنَ الْعَدُوِّ وَ أَسْلَمُوكَ.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ، وَ أَغَانِی الْأَصْفَهَانِیِّ، وَ مَغَازِی ابْنِ إِسْحَاقَ، وَ أَخْبَارُ أَبِی رَافِعٍ، أَنَّهُ: أَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی كَتِیبَةٍ فَقَالَ احْمِلْ عَلَیْهِمْ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ وَ قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِیَّ ثُمَّ أَبْصَرَ كَتِیبَةً أُخْرَی فَقَالَ رُدَّ عَنِّی فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ فَفَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ وَ قَتَلَ شَیْبَةَ بْنَ مَالِكٍ الْعَامِرِیَّ- وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی رَافِعٍ ثُمَّ رَأَی كَتِیبَةً أُخْرَی فَقَالَ احْمِلْ عَلَیْهِمْ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ فَهَزَمَهُمْ وَ قَتَلَ هَاشِمَ بْنَ أُمَیَّةَ الْمَخْزُومِیَّ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَهِیَ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ وَ أَنَا مِنْكُمَا فَسَمِعُوا صَوْتاً لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ.
وَ زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِی رِوَایَتِهِ فَإِذَا نَدَبْتُمْ هَالِكاً فَابْكُوا الْوَفِیَّ وَ أَخِی الْوَفِیُّ وَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ أَثْلَاثاً ثُلُثٌ جَرِیحٌ وَ ثُلُثٌ قَتِیلٌ وَ ثُلُثٌ مُنْهَزِمٌ.
تَفْسِیرُ الْقُشَیْرِیِّ، وَ تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ، أَنَّهُ: انْتَهَی أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ إِلَی عُمَرَ وَ طَلْحَةَ فِی رِجَالٍ وَ قَالَ مَا یُجْلِسُكُمْ قَالُوا قُتِلَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَیَاةِ بَعْدَهُ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَی مَا مَاتَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ.
ص: 83
وَ رُوِیَ: أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ رَأَی النَّبِیَّ مَطْرُوحاً عَلَی الْأَرْضِ فَنَالَ (1) بِذَلِكَ ظَفَراً وَ حَثَّ النَّاسَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلِیٌّ وَ هَزَمَهُمْ ثُمَّ حَمَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أُحُدٍ وَ نَادَی مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ ارْجِعُوا ارْجِعُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانُوا یَثُوبُونَ وَ یُثْنُونَ عَلَی عَلِیٍّ وَ یَدْعُونَ لَهُ وَ كَانَ قَدِ انْكَسَرَ سَیْفُ عَلِیٍّ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خُذْ هَذَا السَّیْفَ فَأَخَذَ ذَا الْفَقَارِ وَ هَزَمَ الْقَوْمَ وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی رَافِعٍ بِطُرُقٍ كَثِیرَةٍ أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ یَوْمَ أُحُدٍ بَلَغُوا الرَّوْحَاءَ(2) قَالُوا لَا الْكَوَاعِبَ أَرْدَفْتُمْ وَ لَا مُحَمَّداً قَتَلْتُمْ ارْجِعُوا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَعَثَ فِی آثَارِهِمْ عَلِیّاً فِی نَفَرٍ مِنَ الْخَزْرَجِ فَجَعَلَ لَا یَرْتَحِلُونَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَّا نَزَلَهُ عَلِیٌّ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی الَّذِینَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ (3) وَ فِی خَبَرِ أَبِی رَافِعٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله تَفَلَ عَلَی جِرَاحِهِ وَ دَعَا لَهُ وَ بَعَثَهُ خَلْفَ الْمُشْرِكِینَ فَنَزَلَ فِیهِ الْآیَةُ(4).
«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَصْلٌ فِی مَقَامِهِ فِی غَزَاةِ خَیْبَرَ أَبُو كُرَیْبٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی الْأَزْدِیُّ فِی أَمَالِیهِمَا وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَ الْعِمَادِیُّ فِی مَغَازِیهِمَا وَ النَّطَنْزِیُّ وَ الْبَلاذُرِیُّ فِی تَارِیخَیْهِمَا وَ الثَّعْلَبِیُّ وَ الْوَاحِدِیُّ فِی تَفْسِیرَیْهِمَا وَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَ أَبُو یَعْلَی الْمَوْصِلِیُّ فِی مُسْنَدَیْهِمَا وَ أَحْمَدُ وَ السَّمْعَانِیُّ وَ أَبُو السَّعَادَاتِ فِی فَضَائِلِهِمْ وَ أَبُو نُعَیْمٍ فِی حِلْیَتِهِ وَ الْأُشْنُهِیُّ فِی اعْتِقَادِهِ وَ أَبُو بَكْرٍ الْبَیْهَقِیُّ فِی دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَ التِّرْمِذِیُّ فِی جَامِعِهِ وَ ابْنُ مَاجَةَ فِی سُنَنِهِ وَ ابْنُ بَطَّةَ فِی إِبَانَتِهِ مِنْ سَبْعَ عَشَرَةَ طَرِیقاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَ بُرَیْدَةَ الْأَسْلَمِیِّ وَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَیْنِ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِیهِ وَ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ جَابِرٍ
ص: 84
الْأَنْصَارِیِّ وَ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّهُ: لَمَّا خَرَجَ مَرْحَبٌ بِرَجِلِهِ (1) بَعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ بِرَایَتِهِ مَعَ الْمُهَاجِرِینَ فِی رَایَةٍ بَیْضَاءَ فَعَادَ یُؤَنِّبُ قَوْمَهُ وَ یُؤَنِّبُونَهُ ثُمَّ بَعَثَ عُمَرَ مِنْ بَعْدِهِ فَرَجَعَ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ حَتَّی سَاءَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ یَأْخُذُهَا عَنْوَةً وَ فِی رِوَایَةٍ یَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا وَ فِی رِوَایَةٍ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدِهِ.
الْبُخَارِیُّ، وَ مُسْلِمٌ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِیثَ الرَّایَةِ بَاتَ النَّاسُ یَذْكُرُونَ لَیْلَتَهُمْ أَیُّهُمْ یُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ الصُّبْحُ غَدَوْا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ كُلُّهُمْ یَرْجُو أَنْ یُعْطَاهَا فَقَالَ أَیْنَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقِیلَ هُوَ یَشْتَكِی عَیْنَیْهِ فَقَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَیْهِ فَأُتِیَ بِهِ فَتَفَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَیْنَیْهِ وَ دَعَا لَهُ فَبَرَأَ فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ.
وَ فِی رِوَایَةِ ابْنِ جَرِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: فَغَدَتْ قُرَیْشٌ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا عَلِیٌّ فَقَدْ كُفِیتُمُوهُ فَإِنَّهُ أَرْمَدُ لَا یُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ ادْعُوا لِی عَلِیّاً فَقَالُوا بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَرْسِلُوا إِلَیْهِ وَ ادْعُوهُ فَجَاءَ عَلَی بَغْلَتِهِ وَ عَیْنُهُ مَعْصُوبَةٌ بِخِرْقَةِ بُرْدٍ قَطَرِیٍّ فَأَخَذَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ بِیَدِهِ وَ أَتَی بِهِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْقِصَّةَ.
وَ فِی رِوَایَةِ الْخُدْرِیِّ أَنَّهُ: بَعَثَ إِلَیْهِ سَلْمَانَ وَ أَبَا ذَرٍّ فَجَاءَا بِهِ یُقَادُ فَوَضَعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ عَلَی فَخِذِهِ وَ تَفَلَ فِی عَیْنَیْهِ فَقَامَ وَ كَأَنَّهُمَا جَزْعَانِ فَقَالَ لَهُ خُذِ الرَّایَةَ وَ امْضِ بِهَا فَجَبْرَئِیلُ مَعَكَ وَ النَّصْرُ أَمَامَكَ وَ الرُّعْبُ مَثْبُوتٌ فِی صُدُورِ الْقَوْمِ وَ اعْلَمْ یَا عَلِیُّ أَنَّهُمْ یَجِدُونَ فِی كِتَابِهِمْ أَنَّ الَّذِی یُدَمِّرُ عَلَیْهِمْ اسْمُهُ إِلْیَا فَإِذَا لَقِیتَهُمْ فَقُلْ أَنَا عَلِیٌّ فَإِنَّهُمْ یُخْذَلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.
فَضَائِلُ السَّمْعَانِیِّ، أَنَّهُ قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِهَا یُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً حَتَّی رَكَزَ رَایَتَهُ فِی رَضْخٍ مِنْ حِجَارَةٍ تَحْتَ الْحِصْنِ فَاطَّلَعَ إِلَیْهِ یَهُودِیٌّ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ غُلِبْتُمْ وَ مَا أُنْزِلَ عَلَی مُوسَی.
ص: 85
كِتَابُ ابْنِ بَطَّةَ، عَنْ سَعْدٍ وَ جَابِرٍ وَ سَلَمَةَ: فَخَرَجَ یُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً وَ سَعْدٌ یَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ ارْبَعْ (1) یَلْحَقْ بِكَ النَّاسُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ مَرْحَبٌ فِی عَامَّةِ الْیَهُودِ وَ عَلَیْهِ مِغْفَرٌ وَ حَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلُ الْبَیْضَةِ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ وَ هُوَ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَیْبَرُ أَنِّی مَرْحَبٌ***شَاكٍ سِلَاحِی بَطَلٌ مُجَرَّبٌ
أَطْعَنُ أَحْیَاناً وَ حِیناً أَضْرِبُ***إِذِ اللُّیُوثُ أَقْبَلَتْ تَلْتَهِبُ
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام:
أَنَا الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی حَیْدَرَةَ***ضِرْغَامُ آجَالٍ وَ لَیْثٌ قَسْوَرَةٌ(2)
عَلَی الْأَعَادِی مِثْلُ رِیحٍ صَرْصَرَةٍ***أَكِیلُكُمْ بِالسَّیْفِ كَیْلَ السَّنْدَرَةِ(3)
أَضْرِبُ بِالسَّیْفِ رِقَابَ الْكَفَرَةِ
قَالَ مَكْحُولٌ فَأَجْحَمَ (4) عَنْهُ مَرْحَبٌ لِقَوْلِ ظِئْرٍ لَهُ غَالِبُ كُلِّ غَالِبٍ إِلَّا حَیْدَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ (5) فَأَتَاهُ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ شَیْخٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَیْسَ بِذَلِكَ الْحَیْدَرِ وَ الْحَیْدَرُ فِی الْعَالَمِ كَثِیرٌ فَرَجَعَ. وَ قَالَ الطَّبَرِیُّ وَ ابْنُ بَطَّةَ رَوَی بُرَیْدَةُ أَنَّهُ: ضَرَبَهُ عَلَی مُقَدَّمِهِ فَقَدَّ الْحَجَرَ وَ الْمِغْفَرَ وَ نَزَلَ فِی رَأْسِهِ حَتَّی وَقَعَ فِی الْأَضْرَاسِ وَ أَخَذَ الْمَدِینَةَ.
الطَّبَرِیُّ فِی التَّارِیخِ وَ الْمَنَاقِبُ، وَ أَحْمَدُ فِی الْفَضَائِلِ، وَ مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ،: أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ وَ فِی مُسْلِمٍ لَمَّا فَلَقَ عَلِیٌّ رَأْسَ مَرْحَبٍ كَانَ الْفَتْحُ ابْنُ مَاجَةَ فِی السُّنَنِ أَنَّ عَلِیّاً لَمَّا قَتَلَ مَرْحَباً أَتَی بِرَأْسِهِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله. السَّمْعَانِیُّ فِی حَدِیثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْیَهُودُ قَتَلُوا
ص: 86
أَخِی فَقَالَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً الْخَبَرَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَتَامَّ آخِرُنَا حَتَّی فَتَحَ لِأَوَّلِنَا فَأَخَذَ عَلِیٌّ قَاتِلَ الْأَنْصَارِیِّ فَدَفَعَهُ إِلَی أَخِیهِ فَقَتَلَهُ.
الْوَاقِدِیُّ: فَوَ اللَّهِ مَا بَلَغَ عَسْكَرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخِیرَاهُ حَتَّی دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام حُصُونَ الْیَهُودِ كُلَّهَا وَ هِیَ قَمُوصٌ وَ نَاعِمٌ وَ سَلَالِمٌ وَ وَطِیحٌ وَ حِصْنُ الْمُصْعَبِ بْنِ مَعَادٍ وَ غَنَمٌ وَ كَانَتِ الْغَنِیمَةُ نِصْفُهَا لِعَلِیٍّ وَ نِصْفُهَا لِسَائِرِ الصَّحَابَةِ.
شُعْبَةُ وَ قَتَادَةُ وَ الْحَسَنُ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ: نَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكَ یَا مُحَمَّدُ وَ یَقُولُ لَكَ إِنِّی بَعَثْتُ جَبْرَئِیلَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام لِیَنْصُرَهُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی مَا رَمَی عَلِیٌّ حَجَراً إِلَی أَهْلِ خَیْبَرَ إِلَّا رَمَی جَبْرَئِیلُ حَجَراً فَادْفَعْ یَا مُحَمَّدُ إِلَی عَلِیٍّ سَهْمَیْنِ مِنْ غَنَائِمِ خَیْبَرَ سَهْماً لَهُ وَ سَهْمُ جَبْرَئِیلَ مَعَهُ فَأَنْشَأَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ هَذِهِ الْأَبْیَاتَ:
وَ كَانَ عَلِیٌّ أَرْمَدَ الْعَیْنِ یَبْتَغِی***دَوَاءً فَلَمَّا لَمْ یُحِسَّ مُدَاوِیاً
شَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُ بِتَفْلِهِ***فَبُورِكَ مَرْقِیّاً وَ بُورِكَ رَاقِیاً
وَ قَالَ سَأُعْطِی الرَّایَةَ الْیَوْمَ صَارِماً***كَمِیّاً مُحِبّاً لِلرَّسُولِ مُوَالِیاً(1)
یُحِبُّ الْإِلَهُ وَ الْإِلَهُ یُحِبُّهُ***بِهِ یَفْتَحُ اللَّهُ الْحُصُونَ الْأَوَابِیَا
فَأَصْفَی بِهَا دُونَ الْبَرِیَّةِ كُلِّهَا***عَلِیّاً وَ سَمَّاهُ الْوَزِیرَ الْمُؤَاخِیَا(2)
بیان: قال الفیروزآبادی الجزع و یكسر الخوز الیمانی الصینی فیه سواد و بیاض تشبه به العین (3) و قال تأم الفرس جاء جریا بعد جری (4).
«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَصْلٌ فِی قِتَالِهِ فِی حَرْبِ الْأَحْزَابِ (5) ابْنُ مَسْعُودٍ وَ الصَّادِقُ علیه السلام: فِی
ص: 87
قَوْلِهِ تَعَالَی وَ كَفَی اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ الْقِتالَ (1) بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ قَتْلِهِ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ وَ قَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَیْمٍ الْأَصْفَهَانِیُّ فِیمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْإِسْنَادِ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ- عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِینَ فِی قَوْلِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ(2) إِنَّهَا نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْأَحْزَابِ وَ لَمَّا عَرَفَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اجْتِمَاعَهُمْ حَفَرَ الْخَنْدَقَ بِمَشُورَةِ سَلْمَانَ وَ أَمَرَ بِنُزُولِ الذَّرَارِیِّ وَ النِّسَاءِ فِی الْآكَامِ وَ كَانَتِ الْأَحْزَابُ عَلَی الْخَمْرِ وَ الْغِنَاءِ وَ الْمُسْلِمُونَ كَأَنَّ عَلَی رُءُوسِهِمُ الطَّیْرَ لِمَكَانِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِیِّ الْمُلَقَّبِ بِعِمَادِ الْعَرَبِ وَ كَانَ فِی مِائَةِ نَاصِیَةٍ مِنَ الْمُلُوكِ وَ أَلْفِ مُفْرِعَةٍ مِنَ الصَّعَالِیكِ وَ هُوَ یُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ فَقِیلَ فِی ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ كَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ جَزَعَ مِنَ الْمِدَادِ وَ كَانَ فَارِسُ یَلْیَلَ سُمِّیَ فَارِسَ یَلْیَلَ لِأَنَّهُ أَقْبَلَ فِی رَكْبٍ مِنْ قُرَیْشٍ حَتَّی إِذَا كَانَ بِیَلْیَلَ وَ هُوَ وَادٍ عَرَضَتْ لَهُمْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ امْضُوا فَمَضَوْا وَ قَامَ فِی وُجُوهِ بَنِی بَكْرٍ حَتَّی مَنَعَهُمْ مِنْ أَنْ یَصِلُوا إِلَیْهِ وَ كَانَ الْخَنْدَقُ الْمِدَادَ قَالَ وَ لَمَّا انْتَدَبَ عَمْرٌو لِلْبَرَازِ جَعَلَ یَقُولُ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ وَ الْمُسْلِمُونَ یَتَجَاوَزُونَ عَنْهُ فَرَكَزَ رُمْحَهُ عَلَی خَیْمَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ ابْرُزْ یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ یَقُومُ إِلَی مُبَارَزَتِهِ فَلَهُ الْإِمَامَةُ بَعْدِی فَنَكَلَ النَّاسُ عَنْهُ قَالَ حُذَیْفَةُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ادْنُ مِنِّی یَا عَلِیُّ فَنَزَعَ عِمَامَتَهُ السَّحَابَ مِنْ رَأْسِهِ وَ عَمَّمَهُ بِهَا تِسْعَةَ أَكْوَارٍ(3) وَ أَعْطَاهُ سَیْفَهُ وَ قَالَ امْضِ لِشَأْنِكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ عَمْراً أَنْشَدَ:
ضَرَبْتُهُ بِالسَّیْفِ فَوْقَ الْهَامَةِ***بِضَرْبَةٍ صَارِمَةٍ هَدَّامَةٍ
أَنَا عَلِیٌّ صَاحِبُ الصَّمْصَامَةِ***وَ صَاحِبُ الْحَوْضِ لَدَی الْقِیَامَةِ
أَخُو رَسُولِ اللَّهِ ذِی الْعَلَامَةِ***قَدْ قَالَ إِذْ عَمَّمَنِی عِمَامَةً(4)
أَنْتَ الَّذِی بَعْدِی لَهُ الْإِمَامَةُ
ص: 88
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ: لَمَّا رَكَزَ عَمْرٌو رُمْحَهُ عَلَی خَیْمَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ (1) یَا مُحَمَّدُ ابْرُزْ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:
وَ لَقَدْ بَحَحْتُ مِنَ النِّدَاءِ***بِجَمْعِكُمْ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ
وَ وَقَفْتُ إِذْ جَبُنَ الشُّجَاعُ***بِمَوْقِفِ الْبَطَلِ الْمُنَاجِزِ
إِنِّی كَذَلِكَ لَمْ أَزَلْ***مُتَسَرِّعاً نَحْوَ الْهَزَاهِزِ
إِنَّ الشَّجَاعَةَ وَ السَّمَاحَةَ***فِی الْفَتَی خَیْرُ الْغَرَائِزِ
فِی كُلِّ ذَلِكَ یَقُومُ عَلِیٌّ لِیُبَارِزَهُ فَیَأْمُرُهُ النَّبِیٌّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْجُلُوسِ لِمَكَانِ بُكَاءِ فَاطِمَةَ علیها السلام مِنْ جِرَاحَاتِهِ فِی یَوْمِ أُحُدٍ وَ قَوْلِهَا مَا أَسْرَعَ أَنْ یأتم [یُؤْتِمَ] الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ بِاقْتِحَامِهِ الْهَلَكَاتِ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَمَرَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی (2) أَنْ یَأْمُرَ عَلِیّاً علیه السلام بِمُبَارَزَتِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ ادْنُ مِنِّی وَ عَمَّمَهُ بِعِمَامَتِهِ وَ أَعْطَاهُ سَیْفَهُ وَ قَالَ امْضِ لِشَأْنِكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَیْهِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ الْإِیمَانُ سَائِرُهُ إِلَی الْكُفْرِ سَائِرِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا لَاقَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْشَأَ یَقُولُ:
لَا تَعْجَلَنَّ فَقَدْ أَتَاكَ***مُجِیبُ صَوْتِكَ غَیْرَ عَاجِزٍ
ذُو نِیَّةٍ وَ بَصِیرَةٍ وَ الصَّبْرُ***مُنْجِی كُلِّ فَائِزٍ
إِنِّی لَأَرْضَی أَنْ أُقِیمَ***عَلَیْكَ نَائِحَةَ الْجَنَائِزِ
مِنْ ضَرْبَةٍ نَجْلَاءَ یَبْقَی***ذِكْرُهَا عِنْدَ الْهَزَاهِزِ(3)
وَ یُرْوَی لَهُ علیه السلام فِی أَمَالِی النَّیْسَابُورِیِّ:
یَا عَمْرُو قَدْ لَاقَیْتَ فَارِسَ بُهْمَةٍ***عِنْدَ اللِّقَاءِ مُعَاوِدَ الْإِقْدَامِ
یَدْعُو إِلَی دِینِ الْإِلَهِ وَ نَصْرِهِ***وَ إِلَی الْهُدَی وَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ
إِلَی قَوْلِهِ:
شَهِدَتْ قُرَیْشٌ وَ الْبَرَاجِمُ كُلُّهَا***أَنْ لَیْسَ فِیهَا مَنْ یَقُومُ مَقَامِی.
ص: 89
وَ رُوِیَ أَنَّ عَمْراً قَالَ: مَا أَكْرَمَكَ قِرْناً.
الطَّبَرِیُّ وَ الثَّعْلَبِیُّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: یَا عَمْرُو إِنَّكَ كُنْتَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ تَقُولُ لَا یَدْعُونِی أَحَدٌ إِلَی ثَلَاثَةٍ إِلَّا قَبِلْتُهَا أَوْ وَاحِدَةً مِنْهَا قَالَ أَجَلْ قَالَ فَإِنِّی أَدْعُوكَ إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنْ تَسْلَمَ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ أَخِّرْ عَنِّی هَذِهِ قَالَ أَمَا إِنَّهَا خَیْرٌ لَكَ لَوْ أَخَذْتَهَا ثُمَّ قَالَ تَرْجِعُ مِنْ حَیْثُ جِئْتَ قَالَ لَا تُحَدِّثُ نِسَاءُ قُرَیْشٍ بِهَذَا أَبَداً قَالَ تَنْزِلُ تُقَاتِلُنِی فَضَحِكَ عَمْرٌو وَ قَالَ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَداً مِنَ الْعَرَبِ یَرُومُنِی عَلَیْهَا وَ إِنِّی لَأَكْرَهُ أَنْ أَقْتُلَ الرَّجُلَ الْكَرِیمَ مِثْلَكَ وَ كَانَ أَبُوكَ لِی نَدِیماً قَالَ لَكِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ قَالَ فَتَنَاوَشَا(1) فَضَرَبَهُ عَمْرٌو فِی الدَّرَقَةِ(2) فَقَدَّهَا وَ أَثْبَتَ فِیهَا السَّیْفَ وَ أَصَابَ رَأْسَهُ فَشَجَّهُ وَ ضَرَبَهُ عَلِیٌّ عَلَی عَاتِقِهِ فَسَقَطَ وَ فِی رِوَایَةِ حُذَیْفَةَ ضَرَبَهُ عَلَی رِجْلَیْهِ بِالسَّیْفِ مِنْ أَسْفَلَ فَوَقَعَ عَلَی قَفَاهُ قَالَ جَابِرٌ فَثَارَ بَیْنَهُمَا قَتَرَةٌ(3) فَمَا رَأَیْتُهُمَا وَ سَمِعْتُ التَّكْبِیرَ تَحْتَهَا وَ انْكَشَفَ أَصْحَابُهُ حَتَّی طَفَرَتْ خُیُولُهُمُ الْخَنْدَقَ وَ تَبَادَرَ الْمُسْلِمُونَ یُكَبِّرُونَ فَوَجَدُوهُ عَلَی فَرَسِهِ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ یُحَارِبُ عَلِیّاً علیه السلام وَ رَمَی رِجْلَهُ نَحْوَ عَلِیٍّ فَخَافَ مِنْ هَیْبَتِهَا رَجُلَانِ وَ وَقَعَا فِی الْخَنْدَقِ وَ قَالَ الطَّبَرِیُّ وَ وَجَدُوا نَوْفَلًا فِی الْخَنْدَقِ فَجَعَلُوا یَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ فَقَالَ لَهُمْ قَتْلَةٌ أَجْمَلُ مِنْ هَذِهِ یَنْزِلُ بَعْضُكُمْ لِقِتَالِی فَنَزَلَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَطَعَنَهُ فِی تَرْقُوَتِهِ بِالسَّیْفِ حَتَّی أَخْرَجَهُ مِنْ مَرَاقِّهِ ثُمَّ خَرَجَ مُنْیَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِیُّ فَانْصَرَفَ وَ مَاتَ بِمَكَّةَ وَ رُوِیَ وَ لَحِقَ هُبَیْرَةُ فَأَعْجَزَهُ فَضَرَبَ عَلَی قَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ سَقَطَ دِرْعُهُ وَ فَرَّ عِكْرِمَةُ وَ ضِرَارٌ فَأَنْشَأَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ
وَ كَانُوا عَلَی الْإِسْلَامِ أَلْباً ثَلَاثَةً(4)***وَ قَدْ فَرَّ مِنْ تَحْتِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ
ص: 90
وَ فَرَّ أَبُو عَمْرٍو هُبَیْرَةُ لَمْ یَعُدْ***إِلَیْنَا وَ ذُو الْحَرْبِ الْمُجَرَّبِ عَائِدٌ
نَهَتْهُمْ سُیُوفُ الْهِنْدِ أَنْ یَقِفُوا لَنَا(1)***غَدَاةَ الْتَقَیْنَا وَ الرِّمَاحُ الْقَوَاصِدُ
قَالَ جَابِرٌ شَبَّهْتُ قِصَّتَهُ بِقِصَّةِ دَاوُدَ علیه السلام قَوْلُهُ تَعَالَی فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ (2) الْآیَةَ قَالُوا فَلَمَّا جَزَّ رَأْسَهُ مِنْ قَفَاهُ بِسُؤَالٍ مِنْهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام:
أَ عَلَیَّ تَقْتَحِمُ الْفَوَارِسُ هَكَذَا***عَنِّی وَ عَنْهُمْ خَبِّرُوا أَصْحَابِی
نَصَرَ الْحِجَارَةَ مِنْ سَفَاهَةِ رَأْیِهِ (3)***وَ عَبَدْتُ رَبَّ مُحَمَّدٍ بِصَوَابٍ
الْیَوْمَ تَمْنَعُنِی الْفِرَارُ حَفِیظَتِی***وَ مُصَمِّمٌ فِی الْهَامِ لَیْسَ بِنَابٍ
أَرْدَیْتُ عَمْراً إِذْ طَغَی بِمُهَنَّدٍ***صَافِی الْحَدِیدِ مُجَرَّبٍ قَصَّابٍ
لَا تَحْسَبُنَّ اللَّهَ خَاذِلَ دِینِهِ***وَ نَبِیِّهِ یَا مَعْشَرَ الْأَحْزَابِ
عَمْرُو بْنُ عُبَیْدٍ: لَمَّا قَدِمَ عَلِیٌّ بِرَأْسِ عَمْرٍو اسْتَقْبَلَهُ الصَّحَابَةُ فَقَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ وَ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ رَهِینُ شُكْرِكَ مَا بَقُوا.
الْوَاحِدِیُ (4) وَ الْخَطِیبُ الْخُوَارِزْمِیُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَهْرَمِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمُبَارَزَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ- أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ: لَقَدْ ضَرَبَ عَلِیٌّ ضَرْبَةً مَا كَانَ فِی الْإِسْلَامِ أَعَزُّ مِنْهَا وَ ضُرِبَ ضَرْبَةً مَا كَانَ فِیهِ أَشْأَمُ مِنْهَا وَ یُقَالُ إِنَّ ضَرْبَةَ ابْنِ مُلْجَمٍ وَقَعَتْ عَلَی ضَرْبَةِ عَمْرٍو(5).
إیضاح: النواصی الرؤساء و الأشراف و المفارع الذین یكفون بین الناس الواحد كمنبر و فی بعض النسخ بالزای المعجمة أی الذین یفزعون الناس بسوادهم
ص: 91
و فی بعضها بالقاف و الراء المهملة أی الذین یقرعون الأبطال و جزع الأرض و الوادی قطعه و المداد بمعنی الخندق غیر معروف و البرجم قوم من أولاد حنظلة بن مالك و یقال صمم السیف إذا مضی فی العظم و قطعه و نبا السیف إذا لم یعمل فی الضریبة و القصاب فی النسخ بالمعجمة و فی بعضها بالمهملة و علی التقدیرین معناه القطاع.
«13»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَصْلٌ فِیمَا ظَهَرَ مِنْهُ علیه السلام فِی غَزَاةِ السَّلَاسِلِ السَّلَاسِلُ اسْمُ مَاءٍ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ شِبْلٍ الْوَكِیلُ وَ أَبُو الْفَتْحِ الْحَفَّارُ بِإِسْنَادِهِمَا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ مُقَاتِلٌ وَ الزَّجَّاجُ وَ وَكِیعٌ وَ الثَّوْرِیُّ وَ السُّدِّیُّ وَ أَبُو صَالِحٍ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَنْفَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ فِی سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ فَلَمَّا صَارَ إِلَی الْوَادِی وَ أَرَادَ الِانْحِدَارَ فَخَرَجُوا إِلَیْهِ فَهَزَمُوهُ وَ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ جَمْعاً كَثِیراً فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ عُمَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ابْعَثْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ وَ لَعَلِّی أَخْدَعُهُمْ فَبَعَثَهُ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ أَنْفَذَ خَالِداً فَعَادَ كَذَلِكَ فَسَاءَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله(1) فَدَعَا عَلِیّاً علیه السلام وَ قَالَ أَرْسَلْتُهُ كَرَّاراً غَیْرَ فَرَّارٍ فَشَیَّعَهُ إِلَی مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ فَسَارَ بِالْقَوْمِ مُتَنَكِّباً عَنِ الطَّرِیقِ یَسِیرُ بِاللَّیْلِ وَ یَكْمُنُ بِالنَّهَارِ ثُمَّ أَخَذَ عَلِیٌّ علیه السلام مَحَجَّةً غَامِضَةً فَسَارَ بِهِمْ حَتَّی اسْتَقْبَلَ الْوَادِیَ مِنْ فَمِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَعْكِمُوا الْخَیْلَ وَ أَوْقَفَهُمْ فِی مَكَانٍ وَ قَالَ لَا تَبْرَحُوا وَ انْتَبَذَ أَمَامَهُمْ وَ أَقَامَ نَاحِیَةً مِنْهُمْ فَقَالَ خَالِدٌ وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَ عُمَرُ أَنْزَلَنَا هَذَا الْغُلَامُ فِی وَادٍ كَثِیرِ الْحَیَّاتِ وَ الْهَوَامِّ وَ السِّبَاعِ إِمَّا سَبُعٌ یَأْكُلُنَا أَوْ یَأْكُلُ دَوَابَّنَا وَ إِمَّا حَیَّاتٌ تَعْقِرُنَا وَ تَعْقِرُ دَوَابَّنَا وَ إِمَّا یَعْلَمُ بِنَا عَدُوُّنَا فَیَأْتِینَا وَ یَقْتُلُنَا فَكَلِّمُوهُ نَعْلُو الْوَادِیَ فَكَلَّمَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ یُجِبْهُ فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فَلَمْ یُجِبْهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنَّهُ لَا یَنْبَغِی أَنْ نُضِیعَ أَنْفُسَنَا انْطَلِقُوا بِنَا نَعْلُو الْوَادِیَ فَأَبَی ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَ مِنْ رِوَایَاتِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام أَنَّهُ أَبَتِ الْأَرْضُ أَنْ تَحْمِلَهُمْ قَالُوا فَلَمَّا أَحَسَّ علیه السلام الْفَجْرَ قَالَ ارْكَبُوا بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ وَ طَلَعَ الْجَبَلَ حَتَّی إِذَا انْحَدَرَ عَلَی الْقَوْمِ وَ أَشْرَفَ عَلَیْهِمْ قَالَ لَهُمُ اتْرُكُوا عَكَمَةَ دَوَابِّكُمْ
ص: 92
قَالَ فَشَمَّتِ الْخَیْلُ رِیحَ الْإِنَاثِ فَصَهَلَتْ فَسَمِعَ الْقَوْمُ صَهِیلَ خَیْلِهِمْ فَوَلَّوْا هَارِبِینَ.
وَ فِی رِوَایَةِ مُقَاتِلٍ وَ الزَّجَّاجِ أَنَّهُ كَبَسَ الْقَوْمُ (1) وَ هُمْ غَادُونَ فَقَالَ یَا هَؤُلَاءِ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْكُمْ أَنْ تَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ إِنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِلَّا ضَرَبْتُكُمْ بِالسَّیْفِ فَقَالُوا انْصَرِفْ عَنَّا كَمَا انْصَرَفَ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّكَ لَا تُقَاوِمُنَا فَقَالَ علیه السلام إِنَّنِی لَا أَنْصَرِفُ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَاضْطَرَبُوا وَ خَرَجَ إِلَیْهِ إلا الْأَشِدَّاءُ السَّبْعَةُ وَ نَاصَحُوهُ وَ طَلَبُوا الصُّلْحَ فَقَالَ علیه السلام إِمَّا الْإِسْلَامُ وَ إِمَّا الْمُقَاوَمَةُ فَبَرَزَ إِلَیْهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ كَانَ أَشَدُّهُمْ آخِرَهُمْ وَ هُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الْعِجْلِیُّ وَ هُوَ صَاحِبُ الْحِصْنِ فَقَتَلَهُمْ وَ انْهَزَمُوا فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فِی الْحِصْنِ وَ بَعْضُهُمُ اسْتَأْمَنُوا وَ بَعْضُهُمْ أَسْلَمُوا وَ أَتَوْهُ بِمَفَاتِیحِ الْخَزَائِنِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ انْتَبَهَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْقَیْلُولَةِ فَقُلْتُ اللَّهُ جَارُكَ مَا لَكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ بِالْفَتْحِ وَ نَزَلَتْ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً فَبَشَّرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَ أَمَرَهُمْ بِاسْتِقْبَالِهِ وَ النَّبِیُّ یَتَقَدَّمُهُمْ فَلَمَّا رَأَی عَلِیٌّ علیه السلام النَّبِیَّ تَرَجَّلَ عَنْ فَرَسِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ارْكَبْ فَإِنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ عَنْكَ رَاضِیَانِ فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام فَرَحاً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ لَوْ لَا أَنِّی أُشْفِقُ أَنْ تَقُولَ فِیكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی الْمَسِیحِ الْخَبَرَ(2).
بیان: عكم المتاع شده و لعل المراد هنا شد أفواههم لئلا یصهلوا و لذا قال علیه السلام آخرا اتركوا عكمة دوابكم أی لیصهلوا و یسمع القوم.
«14»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: فَصْلٌ فِی غَزَوَاتٍ شَتَّی قَوْلُهُ تَعَالَی وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَیْئاً وَ ضاقَتْ عَلَیْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّیْتُمْ مُدْبِرِینَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلی رَسُولِهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ قَالَ الضَّحَّاكُ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ (3) یَعْنِی عَلِیّاً وَ ثَمَانِیَةً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ.
ابْنُ قُتَیْبَةَ فِی الْمَعَارِفِ وَ الثَّعْلَبِیُّ فِی الْكَشْفِ- الَّذِینَ ثَبَتُوا مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ
ص: 93
حُنَیْنٍ بَعْدَ هَزِیمَةِ النَّاسِ عَلِیٌّ وَ الْعَبَّاسُ وَ الْفَضْلُ ابْنُهُ وَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- وَ نَوْفَلٌ وَ رَبِیعَةُ أَخَوَاهُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- وَ عُتْبَةُ وَ مُعَتِّبٌ ابْنَا أَبِی لَهَبٍ وَ أَیْمَنُ مَوْلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ الْعَبَّاسُ عَنْ یَمِینِهِ وَ الْفَضْلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ أَبُو سُفْیَانَ مُمْسِكٌ بِسَرْجِهِ عِنْدَ تفر [نَفْرِ] بَغْلَتِهِ (1) وَ سَائِرُهُمْ حَوْلَهُ وَ عَلِیٌّ یَضْرِبُ بِالسَّیْفِ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ فِیهِ یَقُولُ الْعَبَّاسُ:
نَصَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِی الْحَرْبِ تِسْعَةً***وَ قَدْ فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ فَأَقْشَعُوا(2)
فَكَانَتِ الْأَنْصَارُ خَاصَّةً تَنْصَرِفُ إِذْ كَمَنَ أَبُو جَرْوَلٍ عَلَی الْمُسْلِمِینَ وَ كَانَ عَلَی جَمَلٍ أَحْمَرَ بِیَدِهِ رَایَةٌ سَوْدَاءُ فِی رَأْسِ رُمْحٍ طَوِیلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ إِذَا أَدْرَكَ أَحَداً طَعَنَهُ بِرُمْحِهِ وَ إِذَا فَاتَهُ النَّاسُ دَفَعَ لِمَنْ وَرَاءَهُ وَ جَعَلَ یَقْتُلُهُمْ وَ هُوَ یَرْتَجِزُ:
أَنَا أَبُو جَرْوَلٍ لَا بَرَاحَ***حَتَّی نُبِیحَ الْقَوْمَ أَوْ نُبَاحَ
فَصَمَدَ لَهُ (3) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَضَرَبَ عَجُزَ بَعِیرِهِ فَصَرَعَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَطَّرَهُ ثُمَّ قَالَ:
قَدْ عَلِمَ الْقَوْمُ لَدَی الصَّبَاحِ***أَنِّی لَدَی الْهَیْجَاءِ ذُو نَصَاحٍ
فَانْهَزَمُوا وَ عُدَّ قَتْلَی عَلِیٍّ فَكَانُوا أَرْبَعِینَ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام:
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَی رَسُولَهُبَلَاءَ عَزِیزٍ ذَا اقْتِدَارٍ وَ ذَا فَضْلٍ (4)
بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ***فَذَاقُوا هَوَاناً مِنْ إِسَارٍ وَ مِنْ قَتْلٍ
فَأَمْسَی رَسُولُ اللَّهِ قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ***وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ
فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنَ اللَّهِ مُنْزَلٍ***مُبَیَّنَةٍ آیَاتُهُ لِذَوِی الْعَقْلِ
فَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ***فَزَادَهُمُ الرَّحْمَنُ خَبْلًا إِلَی خَبْلٍ
ص: 94
وَ فِی غَزَاةِ الطَّائِفِ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَاصَرَهُمْ أَیَّاماً وَ أَنْفَذَ عَلِیّاً فِی خَیْلٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَطَأَ مَا وَجَدَ وَ یَكْسِرَ كُلَّ صَنَمٍ وَجَدَهُ فَلَقِیَهُ خَیْلُ خَثْعَمٍ وَقْتَ الصَّبُوحِ فِی جُمُوعٍ فَبَرَزَ فَارِسُهُمْ وَ قَالَ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ لَهُ فَلَمْ یَقُمْ أَحَدٌ فَقَامَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
إِنَّ عَلَی كُلِّ رَئِیسٍ حَقّاً***أَنْ یَرْوِیَ الصَّعْدَةَ أَوْ یَدُقَّا
ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ وَ مَضَی حَتَّی كَسَرَ الْأَصْنَامَ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَبَّرَ لِلْفَتْحِ وَ أَخَذَ بِیَدِهِ وَ نَاجَاهُ طَوِیلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْحِصْنِ نَافِعُ بْنُ غَیْلَانَ بْنِ مُغِیثٍ- فَلَقِیَهُ عَلِیٌّ علیه السلام بِبَطْنِ وَجٍ (1) فَقَتَلَهُ وَ انْهَزَمُوا.
وَ فِی یَوْمِ الْفَتْحِ بَرَزَ أَسَدُ بْنُ غُوَیْلِمٍ قَاتِلُ الْعَرَبِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ خَرَجَ إِلَی هَذَا الْمُشْرِكِ فَقَتَلَهُ فَلَهُ عَلَی اللَّهِ الْجَنَّةُ وَ لَهُ الْإِمَامَةُ بَعْدِی فَاحْرَنْجَمَ النَّاسُ فَبَرَزَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ:
ضَرَبْتُهُ بِالسَّیْفِ وَسْطَ الْهَامَةِ***بِضَرْبَةٍ صَارِمَةٍ هَدَّامَةٍ
فَبِتِّكَتْ مِنْ جِسْمِهِ عِظَامُهُ (2)***وَ بِیِّنَتْ مِنْ رَأْسِهِ عِظَامُهُ (3)
وَ قَتَلَ علیه السلام مِنْ بَنِی النَّضِیرِ خَلْقاً مِنْهُمْ غُرُورٌ الرَّامِی إِلَی خَیْمَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ حَسَّانُ:
لِلَّهِ أَیَّ كَرِیهَةٍ أَبْلَیْتَهَا***بِبَنِی قُرَیْظَةَ وَ النُّفُوسُ تَطْلُعُ
أَرْدَی رَئِیسَهُمْ وَ آبَ بِتِسْعَةٍ***طَوْراً یُشِلُّهُمْ وَ طَوْراً یَدْفَعُ (4)
وَ أَنْفَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً إِلَی بَنِی قُرَیْظَةَ وَ قَالَ سِرْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ فَلَمَّا أَشْرَفُوا وَ رَأَوْا عَلِیّاً علیه السلام قَالُوا أَقْبَلَ إِلَیْكُمْ قَاتِلُ عَمْرٍو وَ قَالَ آخَرُ:
ص: 95
قَتَلَ عَلِیٌّ عَمْراً صَادَ عَلِیٌّ صَقْراً***قَصَمَ عَلِیٌّ ظَهْراً هَتَكَ عَلِیٌّ سِتْراً
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَ قَمَعَ الشِّرْكَ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّی نَزَلُوا عَلَی حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْهُمْ عَشَرَةً وَ قَتَلَ علیه السلام مِنْ بَنِی الْمُصْطَلِقِ (1) مَالِكاً وَ ابْنَهُ.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ كَانَ رَایَتُهُمْ مَعَ ذِی الْخِمَارِ فَلَمَّا قَتَلَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَخَذَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِیعَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّی قُتِلَ وَ مِنْ حَدِیثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِیكَرِبَ أَنَّهُ رَأَی أَبَاهُ مُنْهَزِماً مِنْ خَثْعَمَ عَلَی فَرَسٍ لَهُ قَالَ انْزِلْ عَنْهَا(2) فَالْیَوْمَ ظُلْمٌ فَقَالَ لَهُ إِلَیْكَ یَا مَائِقُ (3) فَقَالُوا أَعْطِهِ فَرَكِبَ ثُمَّ رَمَی خَثْعَمَ بِنَفْسِهِ حَتَّی خَرَجَ مِنْ بَیْنِ أَظْهُرِهِمْ ثُمَّ كَرَّ عَلَیْهِمْ وَ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً فَحَمَلَ عَلَیْهِ بَنُو زُبَیْدٍ فَانْهَزَمَتْ خَثْعَمُ فَقِیلَ لَهُ فَارِسُ الْیَمَنِ وَ مَائِقٌ بَنُو زُبَیْدٍ.
الزَّمَخْشَرِیُّ فِی رَبِیعِ الْأَبْرَارِ كَانَ إِذَا رَأَی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعْدِیكَرِبَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَنَا وَ خَلَقَ عَمْراً وَ كَانَ كَثِیراً مَا یَسْأَلُ عَنْ غَارَاتِهِ فَیَقُولُ قَدْ مَحَا سَیْفُ عَلِیٍّ الصَّنَائِعَ وَ مَعَ مُبَارَزَتِهِ جَذَبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْمِنْدِیلُ فِی عُنُقِهِ حَتَّی أَسْلَمَ وَ كَانَ أَكْثَرُ فُتُوحِ الْعَجَمِ عَلَی یَدَیْهِ (4).
بیان: الإباحة و الاستباحة السبی و النهب قوله علیه السلام ذو نصاح أی أنصح النبی و لا أغشه و الصعدة بالفتح القناة المستویة تنبت كذلك و ترویتها كنایة عن كثرة القتل بها و احرنجم أراد الأمر ثم رجع عنه.
كشف، [كشف الغمة] مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِیِّ عَنْ حَلِیمٍ (5) عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَمُبَارَزَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لِعَمْرِو بْنِ وُدٍّ یَوْمَ الْخَنْدَقِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِی
ص: 96
إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).
أَقُولُ: قَالَ الشَّیْخُ الْمُفِیدُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ الْفُصُولِ: مِمَّا یَشْهَدُ بِشَجَاعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَظِیمِ بَلَائِهِ (2) فِی الْجِهَادِ وَ نِكَایَتِهِ فِی الْأَعْدَاءِ مِنَ النَّظْمِ الَّذِی یَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ النَّثْرُ فِی النَّقْلِ قَوْلُ أَسَدِ بْنِ أَبِی إِیَاسِ بْنِ رُهْمِ (3) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عَدِیٍّ یُحَرِّضُ مُشْرِكِی قُرَیْشٍ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:
فِی كُلِّ مَجْمَعِ غَایَةٍ أَخْزَاكُمْ***جَذَعٌ أَبَرَّ عَلَی الْمَذَاكِی الْقُرَّحِ (4)
لِلَّهِ دَرُّكُمْ أَ لَمَّا تُنْكِرُوا***قَدْ یُنْكِرُ الْحُرُّ الْكَرِیمُ وَ یَسْتَحِی
هَذَا ابْنُ فَاطِمَةَ الَّذِی أَفْنَاكُمْ***ذَبْحاً وَ یَمْشِی بَیْنَنَا لَمْ یُذْبَحْ (5)
أَعْطُوهُ خَرْجاً وَ اتَّقُوا بِضَرْبَتِهِ***فِعْلَ الذَّلِیلِ وَ بَیْعَةً لَمْ تُرْبَحْ
أَیْنَ الْكُهُولُ وَ أَیْنَ كُلُّ دِعَامَةٍ***فِی الْمُعْضِلَاتِ وَ أَیْنَ زَیْنُ الْأَبْطَحِ
أَفْنَاهُمْ قَعْصاً وَ ضَرْباً تَعْتَرِی***بِالسَّیْفِ یُعْمِلُ حَدَّهُ لَمْ یَصْفَحْ.
وَ مِمَّا یَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ أُخْتِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَ قَدْ رَأَتْهُ قَتِیلًا فَقَالَتْ مَنْ قَتَلَهُ فَقِیلَ لَهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَتْ كُفْوٌ كَرِیمٌ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غَیْرَ قَاتِلِهِ***لَكُنْتُ أَبْكِی عَلَیْهِ آخِرَ الْأَبَدِ
لَكِنَّ قَاتِلَ عَمْرٍو لَا یُعَابُ بِهِ (6)***مَنْ كَانَ یُدْعَی قَدِیماً بَیْضَةَ الْبَلَدِ.
أَ فَلَا نَرَی إِلَی قُرَیْشٍ كَیْفَ یُحَرِّضُ عَلَیْهِ بِذِكْرِ مَنْ قَتَلَهُ وَ كَثْرَتِهِمْ وَ فَنَاءِ رُؤَسَائِهِمْ بِسَیْفِهِ علیه السلام وَ قَتْلِهِ لِشُجْعَانِهِمْ وَ أَبْطَالِهِمْ ثُمَّ لَا یَجْسُرُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ یُنْكِرُ
ص: 97
ذَلِكَ (1) وَ لَا یَنْفَعُ فِی جَمَاعَتِهِمُ التَّحْرِیضُ لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ علیه السلام وَ لَا تَرَی (2) أَنَّهُ علیه السلام قَدْ بَلَغَ مِنْ فَضْلِهِ فِی الشَّجَاعَةِ أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ یَفْخَرُ(3) بِقَتْلِهِ مَنْ قُتِلَ مِنْهَا وَ یَنْفِی الْعَارَ عَنْهُ بِإِضَافَتِهِ إِلَیْهِ وَ هَذَا لَا یَكُونُ إِلَّا وَ قَدْ سَلَّمَ الْجَمِیعُ لَهُ وَ اصْطَلَحُوا عَلَی إِظْهَارِ الْعَجْزِ عَنْهُ علیه السلام وَ قَدْ رَوَی أَهْلُ السِّیَرِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ نُعِیَ إِلَی أُخْتِهِ فَقَالَتْ لَوْ لَمْ یُعَدَّ(4) یَوْمُهُ عَلَی یَدِ كُفْوٍ كَرِیمٍ لَأَرْقَأْتُ دَمْعَتِی إِنْ هَرَقْتُهَا عَلَیْهِ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَ بَارَزَ الْأَقْرَانَ وَ كَانَتْ مَنِیَّتُهُ عَلَی یَدِ كُفْوٍ كَرِیمٍ مَا سَمِعْتُ بِأَفْخَرَ مِنْ هَذَا یَا بَنِی عَامِرٍ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
أَسَدَانِ فِی ضِیقِ الْمَكَرِّ تَصَاوَلَا***وَ كِلَاهُمَا كُفْوٌ كَرِیمٌ بَاسِلٌ
فَتَخَالَسَا مُهَجَ النُّفُوسِ كِلَاهُمَا***وَسَطَ الْمَدَارِ مُخَاتِلٌ وَ مُقَاتِلٌ
وَ كِلَاهُمَا حَضَرَ الْقِرَاعَ حَفِیظَةً***لَمْ یُثْنِهِ عَنْ ذَاكَ شُغُلٌ شَاغِلٌ
فَاذْهَبْ عَلَیَّ فَمَا ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ***قَوْلٌ سَدِیدٌ لَیْسَ فِیهِ تَحَامُلٌ
فَالثَّارُ عِنْدِی یَا عَلِیُّ فَلَیْتَنِی***أَدْرَكْتُهُ وَ الْعَقْلُ مِنِّی كَامِلٌ
ذَلَّتْ قُرَیْشٌ بَعْدَ مَقْتَلِ فَارِسٍ***فَالذُّلُّ مُهْلِكُهَا وَ خِزْیٌ شَامِلٌ.
ثُمَّ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَأَثَارَتْ قُرَیْشٌ بِأَخِی مَا حَنَّتِ النِّیبُ وَ قَدْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ افْتَخَرَ لِلْإِسْلَامِ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ فَقَالَ فِی ذَلِكَ أَقْوَالًا كَثِیرَةً مِنْهَا:
أَمْسَی الْفَتَی عَمْرُو بْنُ عَبْدٍ یَبْتَغِی***بِجُنُوبِ یَثْرِبَ غَارَةً لَمْ یُنْظِرْ
فَلَقَدْ وَجَدْتَ سُیُوفَنَا مَشْهُورَةً***وَ لَقَدْ وَجَدْتَ جِیَادَنَا لَمْ تَقْصُرْ(5)
وَ لَقَدْ رَأَیْتَ غَدَاةَ بَدْرٍ عُصْبَةً***ضَرَبُوكَ ضَرْباً غَیْرَ ضَرْبِ الْمُخْسِرِ
أَصْبَحْتَ لَا تُدْعَی لِیَوْمِ عَظِیمَةٍ***یَا عَمْرُو أَوْ لِجَسِیمِ أَمْرٍ مُنْكَرٍ.
ص: 98
فَلَمَّا بَلَغَ شِعْرُهُ بَنِی عَامِرٍ قَالَ فَتًی مِنْهُمْ یَرُدُّ عَلَیْهِ قَوْلَهُ فِی ذَلِكَ:
كَذَبْتُمْ وَ بَیْتِ اللَّهِ لَمْ تَقْتُلُونَنَا***وَ لَكِنْ بِسَیْفِ الْهَاشِمِیِّینَ فَافْخَرُوا
بِسَیْفِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ فِی الْوَغَی***بِكَفِّ عَلِیٍّ نِلْتُمْ ذَاكَ فَاقْصُرُوا
فَلَمْ تَقْتُلُوا عَمْرَو بْنَ وُدٍّ وَ لَا ابْنَهُ***وَ لَكِنَّهُ الْكُفْوُ الْهِزَبْرُ الْغَضَنْفَرُ
عَلِیٌّ الَّذِی فِی الْفَخْرِ طَالَ ثَنَاؤُهُ***فَلَا تُكْثِرُوا الدَّعْوَی عَلَیْنَا فَتَحْقَرُوا
بِبَدْرٍ خَرَجْتُمْ لِلْبِرَازِ فَرَدَّكُمْ***شُیُوخُ قُرَیْشٍ جَهْرَةً وَ تَأَخَّرُوا
فَلَمَّا أَتَاهُمْ حَمْزَةُ وَ عُبَیْدَةُ***وَ جَاءَ عَلِیٌّ بِالْمُهَنَّدِ یَخْطِرُ
فَقَالُوا نَعَمْ أَكْفَاءُ صِدْقٍ وَ أَقْبَلُوا***إِلَیْهِمْ سِرَاعاً إِذْ بَغَوْا وَ تَجَبَّرُوا
فَجَالَ عَلِیٌّ جَوْلَةً هَاشِمِیَّةً***فَدَمَّرَهُمْ لَمَّا عَتَوْا وَ تَكَبَّرُوا
فَلَیْسَ لَكُمْ فَخْرٌ عَلَیْنَا بِغَیْرِنَا***وَ لَیْسَ لَكُمْ فَخْرٌ یُعَدُّ وَ یُذْكَرُ
وَ قَدْ جَاءَ الْأَثَرُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّی بِأَسَانِیدَ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ وَ قَدْ ذَكَرَ حَدِیثَ بَدْرٍ فَقَالَ قَتَلْنَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ سَبْعِینَ وَ أَسَرْنَا سَبْعِینَ وَ كَانَ الَّذِی أَسَرَ الْعَبَّاسَ رَجُلٌ قَصِیرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَدْرَكْتُهُ فَأَلْقَی الْعَبَّاسُ عَلَیَّ عِمَامَتَهُ لِئَلَّا یَأْخُذَهَا الْأَنْصَارِیُّ وَ أَحَبَّ أَنْ أَكُونَ أَنَا الَّذِی أَسَرْتُهُ وَ جِی ءَ بِهِ (1) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الْأَنْصَارِیُّ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ جِئْتُ بِعَمِّكَ الْعَبَّاسِ أَسِیراً فَقَالَ الْعَبَّاسُ كَذَبْتَ مَا أَسَرَنِی إِلَّا ابْنُ أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ لَهُ الْأَنْصَارِیُّ یَا هَذَا أَنَا أَسَرْتُكَ فَقَالَ: وَ اللَّهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسَرَنِی إِلَّا ابْنُ أَخِی وَ لَكَأَنِّی بِجَلَحَتِهِ فِی النَّقْعِ (2) تَبَیَّنُ لِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقَ عَمِّی ذَاكَ مَلَكٌ كَرِیمٌ فَقَالَ الْعَبَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُهُ بِجَلَحَتِهِ وَ حُسْنِ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ أَیَّدَنِی اللَّهُ بِهِمْ عَلَی صُورَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لِیَكُونَ ذَلِكَ
ص: 99
أَهْیَبَ لَهُمْ فِی صُدُورِ الْأَعْدَاءِ قَالَ فَهَذِهِ عِمَامَتِی عَلَی رَأْسِ عَلِیٍّ علیه السلام فَمُرْهُ فَلْیَرُدَّهَا عَلَیَّ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنْ یَعْلَمِ اللَّهُ فِیكَ خَیْراً یُعَوِّضْكَ أَحْسَنَ الْعِوَضِ.
أ فلا ترون أن هذا الحدیث یؤید ما تقدم و یؤكد القول بأن أمیر المؤمنین علیه السلام كان أشجع البریة و أنه بلغ من بأسه و خوف الأعداء منه علیه السلام أن جعل اللّٰه عز و جل الملائكة علی صورته لیكون ذلك أرعب لقلوبهم و أن هذا المعنی لم یحصل لبشر قبله و لا بعده ویُؤَیِّدُ مَا رُوِّینَاهُ مَا جَاءَ مِنَ الْأَثَرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی حَدِیثِ بَدْرٍ فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ یُسْأَلُ الْجَرِیحُ مِنَ الْمُشْرِكِینَ فَیُقَالُ مَنْ جَرَحَكَ فَیَقُولُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَإِذَا قَالَهَا مَاتَ. و فی بلاء أمیر المؤمنین علیه السلام یوم بدر یقول أبو هاشم السید ابن محمد الحمیری:
من كعلی الذی یبارزه***الأقران إذ بالسیوف یصطلم
إذ الوغی نارها مسعرة***یحرق فرسانها إذا اقتحموا
فی یوم بدر و فی مشاهده***العظمی و نار الحرب تضطرم
بارز أبطالها و سادتها***قعصا لهم بالحسام قد علموا(1)
دعوه كی تدركون عزته***فما علوا ذلكم و لا سلموا
جذ بسیف النبی هامات***أقوام هم سادة و هم قدم
سیدنا الماجد الجلیل أبو***السبطین رأس الأنام و العلم
إن علیا و إن فاطمة***و إن سبطیهما و إن ظلموا
لصفوة اللّٰه بعد صفوته***لا عرب مثلهم و لا عجم.
انتهی (2)
وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ نُمَیْرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَسْمَعُ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ الْهَرِیرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا طَحَنَتْ رَحَی مَذْحِجٍ فِیمَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ عَكٍّ وَ لَخْمٍ وَ حذام [جُذَامَ] وَ
ص: 100
الْأَشْعَرِیِّینَ بِأَمْرٍ عَظِیمٍ تَشِیبُ مِنْهُ النَّوَاصِی حَتَّی اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ وَ قَامَ قَائِمُ الظَّهِیرَةِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ حَتَّی مَتَی نُخَلِّی بَیْنَ هَذَیْنِ الْحَیَّیْنِ قَدْ فَنِینَا(1) وَ أَنْتُمْ وُقُوفٌ تَنْظُرُونَ أَ مَا تَخَافُونَ مَقْتَ اللَّهِ ثُمَّ انْفَتَلَ (2) إِلَی الْقِبْلَةِ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ نَادَی- یَا اللَّهُ یَا رَحْمَانُ یَا وَاحِدُ یَا صَمَدُ(3) یَا اللَّهُ یَا إِلَهَ مُحَمَّدٍ إِلَیْكَ اللَّهُمَ (4) نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَیْكَ غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ- سِیرُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ ثُمَّ نَادَی لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَلِمَةُ التَّقْوَی قَالَ فَلَا وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً نَبِیّاً(5) مَا سَمِعْنَا بِرَئِیسِ قَوْمٍ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَصَابَ بِیَدِهِ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ مَا أَصَابَ إِنَّهُ قَتَلَ فِیمَا ذَكَرَ الْعَادُّونَ زِیَادَةً عَلَی خَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَعْلَامِ الْعَرَبِ یَخْرُجُ بِسَیْفِهِ مُنْحَنِیاً فَیَقُولُ مَعْذِرَةً إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكُمْ مِنْ هَذَا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَفْلِقَهُ وَ لَكِنْ یَحْجُزُنِی عَنْهُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ وَ أَنَا أُقَاتِلُ بِهِ دُونَهُ قَالَ فَكُنَّا نَأْخُذُهُ وَ نُقَوِّمُهُ ثُمَّ یَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَیْدِینَا فَیَتَقَحَّمُ بِهِ عَرْضَ الصَّفِّ فَلَا وَ اللَّهِ مَا لَیْثٌ بِأَشَدَّ نِكَایَةً مِنْهُ فِی عَدُوِّهِ (6).
وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ رَوَی أَبُو عُبَیْدَةَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام اسْتَنْطَقَ الْخَوَارِجَ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ فَأَقَرُّوا بِهِ فَقَالَ انْفَرِدُوا كَتَائِبَ لِأَسْمَعَ قَوْلَكُمْ كَتِیبَةً كَتِیبَةً فَتَكَتَّبُوا كَتَائِبَ وَ أَقَرَّتْ كُلُّ كَتِیبَةٍ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْأُخْرَی مِنْ قَتْلِ ابْنِ خَبَّابٍ
ص: 101
وَ قَالُوا وَ لَنَقْتُلَنَّكَ كَمَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ لَوْ أَقَرَّ أَهْلُ الدُّنْیَا كُلُّهُمْ بِقَتْلِهِ هَكَذَا وَ أَنَا أَقْدِرُ عَلَی قَتْلِهِمْ بِهِ لَقَتَلْتُهُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ (1) شُدُّوا عَلَیْهِمْ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ یَشُدُّ عَلَیْهِمْ وَ حَمَلَ بِذِی الْفَقَارِ حَمْلَةً مُنْكَرَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ حَمْلَةٍ یَضْرِبُ بِهِ حَتَّی یَعْوَجَّ مَتْنُهُ ثُمَّ یَخْرُجُ فَیُسَوِّیهِ بِرُكْبَتَیْهِ ثُمَّ یَحْمِلُ بِهِ حَتَّی أَفْنَاهُمْ (2).
«1»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ حُمَیْدٍ عَنِ ابْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِیٌ (3) لَیَأْكُلُ أَكْلَ الْعَبْدِ وَ یَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ إِنْ كَانَ لَیَشْتَرِی الْقَمِیصَیْنِ السُّنْبُلَانِیَّیْنِ فَیُخَیِّرُ غُلَامَهُ خَیْرَهُمَا ثُمَّ یَلْبَسُ الْآخَرَ فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ وَ إِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ وَ لَقَدْ وَلِیَ خَمْسَ سِنِینَ مَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلَی آجُرَّةٍ وَ لَا لَبِنَةً عَلَی لَبِنَةٍ وَ لَا أَقْطَعَ قَطِیعاً وَ لَا أَوْرَثَ بَیْضَاءَ وَ لَا حَمْرَاءَ وَ إِنْ كَانَ لَیُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ وَ یَنْصَرِفُ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ یَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِیرِ وَ الزَّیْتِ وَ الْخَلِّ وَ مَا وَرَدَ عَلَیْهِ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِهِ وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ یَدِهِ تَرِبَتْ فِیهِ یَدَاهُ (4) وَ عَرِقَ
ص: 102
فِیهِ وَجْهُهُ وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَ إِنْ (1) كَانَ لَیُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبُ النَّاسِ شَبَهاً بِهِ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ (2).
بیان: قال الفیروزآبادی قمیص سنبلانی سابغ الطول أو منسوب إلی بلد بالروم (3).
«2»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِذَا أُتِیَ بِالْمَالِ أَدْخَلَهُ بَیْتَ مَالِ الْمُسْلِمِینَ ثُمَّ جَمَعَ الْمُسْتَحِقِّینَ ثُمَّ ضَرَبَ یَدَهُ فِی الْمَالِ فَنَثَرَهُ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً وَ هُوَ یَقُولُ یَا صَفْرَاءُ یَا بَیْضَاءُ لَا تَغُرِّینِی غُرِّی غَیْرِی
هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***إِذْ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ
ثُمَّ لَا یَخْرُجُ حَتَّی یُفَرِّقَ مَا فِی بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ وَ یُؤْتِیَ كُلَّ ذِی حَقٍّ حَقَّهُ ثُمَّ یَأْمُرُ أَنْ یُكْنَسَ وَ یُرَشَّ ثُمَّ یُصَلِّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ یُطَلِّقُ الدُّنْیَا ثَلَاثاً یَقُولُ بَعْدَ التَّسْلِیمِ یَا دُنْیَا لَا تَتَعَرَّضِینَ لِی وَ لَا تَتَشَوَّقِینَ إِلَیَّ وَ لَا تَغُرِّینِی فَقَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِی عَلَیْكِ (4).
«3»- لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ مُوسَی بْنِ أَبِی أَیُّوبَ التَّمِیمِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: ذَكَرَ عَلِیٌّ علیه السلام عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ وَا أَسَفَاهْ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ مَضَی وَ اللَّهِ مَا غَیَّرَ وَ لَا بَدَّلَ وَ لَا قَصَّرَ وَ لَا جَمَعَ وَ لَا مَنَعَ وَ لَا آثَرَ إِلَّا اللَّهَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتِ الدُّنْیَا أَهْوَنَ عَلَیْهِ مِنْ شِسْعِ نَعْلِهِ لَیْثٌ
ص: 103
فِی الْوَغَی بَحْرٌ فِی الْمَجَالِسِ حَكِیمٌ فِی الْحُكَمَاءِ هَیْهَاتَ قَدْ مَضَی إِلَی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی (1).
«4»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: كَسَا عَلِیٌّ علیه السلام النَّاسَ بِالْكُوفَةِ وَ كَانَ فِی الْكِسْوَةِ بُرْنُسُ خَزٍّ فَسَأَلَهُ إِیَّاهُ الْحَسَنُ فَأَبَی أَنْ یُعْطِیَهُ إِیَّاهُ وَ أَسْهَمَ عَلَیْهِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ فَصَارَ لِفَتًی مِنْ هَمْدَانَ فَانْقَلَبَ بِهِ الْهَمْدَانِیُّ فَقِیلَ لَهُ إِنَّ حَسَناً كَانَ سَأَلَهُ أَبَاهُ فَمَنَعَهُ إِیَّاهُ فَأَرْسَلَ بِهِ الْهَمْدَانِیُّ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَبِلَهُ (2).
«5»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی حُمَیْدٍ عَنِ ابْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام كُلَّ بُكْرَةٍ یَطُوفُ فِی أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ سُوقاً سُوقاً وَ مَعَهُ الدِّرَّةُ عَلَی عَاتِقِهِ وَ كَانَ لَهَا طَرَفَانِ وَ كَانَتْ تُسَمَّی السَّبِیبَةَ(3) فَیَقِفُ عَلَی سُوقٍ سُوقٍ فَیُنَادِی یَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ قَدِّمُوا الِاسْتِخَارَةَ وَ تَبَرَّكُوا بِالسُّهُولَةِ وَ اقْتَرِبُوا مِنَ الْمُبْتَاعِینَ وَ تَزَیَّنُوا بِالْحِلْمِ وَ تَنَاهَوْا عَنِ الْكَذِبِ وَ الْیَمِینِ وَ تَجَافَوْا عَنِ الظُّلْمِ وَ أَنْصِفُوا الْمَظْلُومِینَ وَ لَا تَقْرَبُوا الرِّبَا وَ أَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ یَطُوفُ فِی جَمِیعِ أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ فَیَقُولُ هَذَا ثُمَّ یَقُولُ:
تَفْنَی اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا***مِنَ الْحَرَامِ وَ یَبْقَی الْإِثْمُ وَ الْعَارُ
تَبْقَی عَوَاقِبُ سَوْءٍ فِی مَغَبَّتِهَا***لَا خَیْرَ فِی لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ(4)
جا، [المجالس] للمفید أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ مُفْسِدِینَ قَالَ فَیَطُوفُ فِی جَمِیعِ الْأَسْوَاقِ أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ ثُمَّ یَرْجِعُ فَیَقْعُدُ لِلنَّاسِ قَالَ:
ص: 104
فَكَانُوا إِذَا نَظَرُوا إِلَیْهِ قَدْ أَقْبَلَ إِلَیْهِمْ قَالَ یَا مَعْشَرَ النَّاسِ أَمْسَكُوا أَیْدِیَهُمْ وَ أَصْغَوْا إِلَیْهِ بِآذَانِهِمْ وَ رَمَقُوهُ بِأَعْیُنِهِمْ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ كَلَامِهِ فَإِذَا فَرَغَ قَالُوا السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1).
كا، [الكافی] العدة عن سهل و أحمد بن محمد و علی عن أبیه جمیعا عن ابن محبوب عن ابن أبی المقدام عن جابر عنه علیه السلام: مثله (2).
«6»- ل، [الخصال] مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّوْفَلِیِّ رَفَعَهُ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ أَدِقُّوا أَقْلَامَكُمْ وَ قَارِبُوا بَیْنَ سُطُورِكُمْ وَ احْذِفُوا عَنِّی فُضُولَكُمْ (3) وَ اقْصِدُوا قَصْدَ الْمَعَانِی وَ إِیَّاكُمْ وَ الْإِكْثَارَ فَإِنَّ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِینَ لَا تَحْتَمِلُ الْإِضْرَارَ(4).
«7»- ل، [الخصال] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَغْدَادِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَصْرِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ سَعْدٌ(5) وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ غَیْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ- یَطْلُبُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ أُمِّ سَمْلَةَ فَوَجَدُونِی عَلَی الْبَابِ جَالِساً فَسَأَلُونِی عَنْهُ فَقُلْتُ یَخْرُجُ السَّاعَةَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی ظَهْرِی فَقَالَ كَبِّرْ(6) یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّكَ تُخَاصِمُ النَّاسَ بَعْدِی بِسِتِّ خِصَالٍ فَتَخْصِمُهُمْ لَیْسَتْ فِی قُرَیْشٍ مِنْهَا شَیْ ءٌ إِنَّكَ أَوَّلُهُمْ إِیمَاناً بِاللَّهِ وَ أَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَرْأَفُهُمْ بِالرَّعِیَّةِ وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْقَضِیَّةِ
ص: 105
وَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِیَّةِ وَ أَقْضَاهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).
ل، [الخصال] بهذا الإسناد عن بكر بن أحمد قال حدثنا أبو أحمد جعفر بن محمد بن عبد اللّٰه بن موسی عن أبیه عن جده موسی عن أبیه عن آبائه علیهم السلام: مثله (2).
«8»- ل، [الخصال] الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أُحَاجُّكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأُحَاجُّكَ بِالنُّبُوَّةِ وَ تُحَاجُّ قَوْمَكَ فَتُحَاجُّهُمْ بِسَبْعِ خِصَالٍ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْعَدْلِ فِی الرَّعِیَّةِ وَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْأَخْذِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ مَا عَلِمْتَ یَا عَلِیُّ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مُوَافِینَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَیُدْعَی فَیُقَامُ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ فَیُكْسَی مِنْ كِسْوَةِ الْجَنَّةِ وَ یُحَلَّی مِنْ حُلِیِّهَا وَ یَسِیلُ لَهُ مِیزَابٌ مِنْ ذَهَبٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَیَهَبُ مِنَ الْجَنَّةِ مَا هُوَ أَحْلَی مِنَ الشَّهْدِ وَ أَبْیَضُ مِنَ اللَّبَنِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أُدْعَی أَنَا فَأُقَامُ عَنْ شِمَالِ الْعَرْشِ فَیُفْعَلُ بِی مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ تُدْعَی أَنْتَ یَا عَلِیُّ فَیُفْعَلُ بِكَ مِثْلُ ذَلِكَ أَ مَا تَرْضَی یَا عَلِیُّ أَنْ تُدْعَی إِذَا دُعِیتُ أَنَا وَ تُكْسَی إِذَا كُسِیتُ أَنَا وَ تُحَلَّی إِذَا حُلِّیتُ أَنَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ أُدْنِیَكَ فَلَا أُقْصِیَكَ وَ أُعَلِّمَكَ وَ لَا أَجْفُوَكَ وَ حَقّاً عَلَیْكَ أَنْ تَعِیَ وَ حَقّاً عَلَیَّ أَنْ أُطِیعَ رَبِّی تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (3).
«9»- ل، [الخصال] ابْنُ مُوسَی عَنِ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُوسَی بْنِ طَرِیفٍ عَنْ عَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أُحَاجُّ النَّاسَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِسَبْعٍ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْعَدْلِ فِی الرَّعِیَّةِ وَ إِقَامِ الْحُدُودِ(4).
ص: 106
«10»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّكُونِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أُخَاصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ وَ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ تُخَاصِمُ النَّاسَ بِسَبْعٍ وَ لَا یُحَاجُّكَ فِیهِنَّ أَحَدٌ مِنْ قُرَیْشٍ لِأَنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُهُمْ إِیمَاناً وَ أَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِیَّةِ وَ أَعْدَلُهُمْ فِی الرَّعِیَّةِ وَ أَبْصَرُهُمْ فِی الْقَضِیَّةِ وَ أَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَزِیَّةً(1).
«11»- ع، [علل الشرائع] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَخِیهِ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یَبِتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ إِذْ هَاجَرَ مِنْهَا حَتَّی قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ . قَالَ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ كَانَ یَكْرَهُ أَنْ یَبِیتَ بِأَرْضٍ قَدْ هَاجَرَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ یُصَلِّی الْعَصْرَ وَ یَخْرُجُ مِنْهَا وَ یَبِیتُ بِغَیْرِهَا(2).
«12»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی حَمَّوَیْهِ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی خَلِیفَةَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَحْدَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ جَدِّی حُرَّةَ أَوْ حَوَّةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أُتِیَ بِمَالٍ عِنْدَ الْمَسَاءِ فَقَالَ اقْسِمُوا هَذَا الْمَالَ فَقَالُوا قَدْ أَمْسَیْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخِّرْهُ إِلَی غَدٍ فَقَالَ لَهُمْ تَقْبَلُونَ أَنْ أَعِیشَ إِلَی غَدٍ فَقَالُوا مَا ذَا بِأَیْدِینَا قَالَ فَلَا تُؤَخِّرُوهُ حَتَّی تَقْسِمُوهُ (3) فَأُتِیَ بِشَمْعٍ فَقَسَمُوا ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ تَحْتِ لَیْلَتِهِمْ (4).
«13»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنِ سَمَّاكٍ عَنْ أَبِی غِلَابَةَ الرَّقَاشِیِّ عَنْ عَازِمِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِی یَحْیَی صَاحِبِ السَّفَطِ قَالَ وَ قَدْ ذَكَرْتُهُ لِحَمَّادِ بْنِ زَیْدٍ فَعَرَفَهُ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ زِیَادٍ أَنَّ أَبَا مَطَرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَمَرَّ عَلَیَّ رَجُلٌ فَقَالُوا هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ فَتَبِعْتُهُ فَوَقَفَ عَلَی خَیَّاطٍ فَاشْتَرَی مِنْهُ قَمِیصاً بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی سَتَرَ عَوْرَتِی وَ كَسَانِی
ص: 107
الرِّیَاشَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِذَا لَبِسَ قَمِیصاً(1).
«14»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: أَتَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَصْحَابَ الْقُمُصِ فَسَاوَمَ شَیْخاً مِنْهُمْ فَقَالَ یَا شَیْخُ بِعْنِی قَمِیصاً بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ الشَّیْخُ حُبّاً وَ كَرَامَةً فَاشْتَرَی مِنْهُ قَمِیصاً بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ مَا بَیْنَ الرُّسْغَیْنِ (2) إِلَی الْكَعْبَیْنِ وَ أَتَی الْمَسْجِدَ فَصَلَّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی رَزَقَنِی مِنَ الرِّیَاشِ مَا أَتَجَمَّلُ بِهِ فِی النَّاسِ وَ أُؤَدِّی فِیهِ فَرِیضَتِی وَ أَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتِی فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ عَنْكَ نَرْوِی هَذَا أَوْ شَیْ ءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ بَلْ شَیْ ءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكِسْوَةِ(3).
«15»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی سَیْفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حُبَابٍ عَنْ رَبِیعَةَ وَ عُمَارَةَ:(4) أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مَشَوْا إِلَیْهِ عِنْدَ تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنْهُ وَ فِرَارِ كَثِیرٍ مِنْهُمْ إِلَی مُعَاوِیَةَ طَلَباً لِمَا فِی یَدَیْهِ مِنَ الدُّنْیَا فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَعْطِ هَذِهِ الْأَمْوَالَ وَ فَضِّلْ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَافَ مِنَ الْعَرَبِ وَ قُرَیْشٍ عَلَی الْمَوَالِی وَ الْعَجَمِ وَ مَنْ نَخَافُ عِیَّهُ مِنَ النَّاسِ (5) فِرَارَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ لَا وَ اللَّهِ مَا أَفْعَلُ (6) مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ لَاحَ فِی السَّمَاءِ نَجْمٌ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ
ص: 108
مَالُهُمْ لِی (1) لَوَاسَیْتُ بَیْنَهُمْ وَ كَیْفَ وَ إِنَّمَا هُوَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ ثُمَّ أَتَمَ (2) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام طَوِیلًا سَاكِتاً ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَ مَأْوَاهُ فَسَادٌ(3) فَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِی غَیْرِ حَقِّهِ تَبْذِیرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ إِنْ كَانَ ذِكْراً لِصَاحِبِهِ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ تَضْیِیعُهُ (4) عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَضَعْ رَجُلٌ مَالَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَیْرِهِ وُدُّهُمْ (5) فَإِنْ بَقِیَ مَعَهُ مَنْ یَوَدُّهُ وَ یُظْهِرُ لَهُ الشُّكْرَ فَإِنَّمَا هُوَ مَلِقٌ یَكْذِبُ (6) یُرِیدُ التَّقَرُّبَ بِهِ إِلَیْهِ لِیَنَالَ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِی كَانَ یَأْتِی إِلَیْهِ مِنْ قَبْلُ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِ النَّعْلُ فَاحْتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِ أَوْ مُكَافَاتِهِ فَشَرُّ خَلِیلٍ وَ أَلْأَمُ خَدِینٍ وَ مَنْ صَنَعَ الْمَعْرُوفَ فِیمَا آتَاهُ فَلْیَصِلْ لَهُ الْقَرَابَةَ وَ لْیُحْسِنْ فِیهِ الضِّیَافَةَ وَ لْیَفُكَّ بِهِ الْعَانِیَ وَ لْیُعِنْ بِهِ الْغَارِمَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ الْفُقَرَاءَ وَ الْمُجَاهِدِینَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لْیُصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَی النَّوَائِبِ وَ الْحُقُوقِ فَإِنَّ الْفَوْزَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْیَا وَ دَرْكُ فَضَائِلِ الْآخِرَةِ(7).
«16»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: لَوْ لَا أَنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِیعَةَ فِی النَّارِ لَكُنْتُ أَمْكَرَ الْعَرَبِ (8).
«17»- ثو، [ثواب الأعمال] الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی
ص: 109
الْجَارُودِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَاذَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ: لَوْ لَا أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِیعَةَ وَ الْخِیَانَةَ فِی النَّارِ لَكُنْتُ أَمْكَرَ الْعَرَبِ (1).
«18»- جا، [المجالس] للمفید أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ لِلنَّاسِ بِالْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَ تَرَوْنِی لَا أَعْلَمُ مَا یُصْلِحُكُمْ بَلَی وَ لَكِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أُصْلِحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِی (2).
«19»- شا، [الإرشاد] أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَیْمُونٍ الْبَزَّازِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ زِیَادِ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ كُلْثُومٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَذَكَرَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَطْرَاهُ وَ مَدَحَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَكَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مِنَ الدُّنْیَا حَرَاماً قَطُّ حَتَّی مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ مَا عُرِضَ لَهُ أَمْرَانِ قَطُّ هُمَا لِلَّهِ رِضًا إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَیْهِ فِی دِینِهِ وَ مَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَازِلَةٌ قَطُّ إِلَّا دَعَاهُ ثِقَةً بِهِ وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَیْرَهُ وَ إِنْ كَانَ لَیَعْمَلُ عَمَلَ رَجُلٍ كَانَ وَجْهُهُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَرْجُو ثَوَابَ هَذِهِ وَ یَخَافُ عِقَابَ هَذِهِ وَ لَقَدْ أَعْتَقَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ مَمْلُوكٍ فِی طَلَبِ وَجْهِ اللَّهِ وَ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ مِمَّا كَدَّ بِیَدَیْهِ وَ رَشَحَ مِنْهُ جَبِینُهُ وَ إِنْ كَانَ لَیَقُوتُ أَهْلَهُ بِالزَّیْتِ وَ الْخَلِّ وَ الْعَجْوَةِ وَ مَا كَانَ لِبَاسُهُ إِلَّا الْكَرَابِیسَ إِذَا فَضَلَ شَیْ ءٌ عَنْ یَدِهِ مِنْ كُمِّهِ دَعَا بِالْجَلَمِ فَقَصَّهُ (3).
«20»- سر، [السرائر] أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: جَاءَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ فَضَّلْتَ الْأَشْرَافَ كَانَ أَجْدَرَ أَنْ یُنَاصِحُوكَ قَالَ فَغَضِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 110
علیه السلام فَقَالَ (1) أَیُّهَا النَّاسُ أَ تَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ الْعَدْلَ بِالْجَوْرِ فِیمَنْ وُلِّیتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ (2) مَا سَمَرَ السَّمِیرُ وَ مَا رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ نَجْماً وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ مَالِی دُونَهُمْ لَسَوَّیْتُ بَیْنَهُمْ كَیْفَ وَ إِنَّمَا هُوَ مَالُهُمْ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لَیْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِی غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ وَ ثَنَاءُ الْجُهَّالِ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِ النَّعْلُ فَشَرُّ خَدِینٍ وَ شَرُّ خَلِیلٍ (3).
«21»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حَمْزَةُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ هَلْ یَسْتَوِی هُوَ وَ مَنْ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ (4) قَالَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ هُوَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ وَ رَوَی نَحْواً مِنْهُ أَبُو الْمَضَا عَنِ الرِّضَا علیه السلام.
فَضَائِلُ أَحْمَدَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: أُحَاجُّ النَّاسَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِتِسْعٍ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْعَدْلِ فِی الرَّعِیَّةِ وَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَ أَشْبَاهِهِ الْفَائِقُ إِنَّهُ بَعَثَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ رَبِیعَةُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَیْهِمَا الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِیعَةَ یَسْأَلَانِهِ أَنْ یَسْتَعْمِلَهُمَا عَلَی الصَّدَقَاتِ فَقَالَ عَلِیٌّ وَ اللَّهِ لَا نَسْتَعْمِلُ مِنْكُمْ أَحَداً عَلَی الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَبِیعَةُ هَذَا أَمْرُكَ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ نَحْسُدْكَ عَلَیْهِ فَأَلْقَی عَلِیٌّ رِدَاءَهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَرْمُ وَ اللَّهِ لَا أَرِیمُ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَیْكُمَا ابْنَاكُمَا بِحَوْرِ مَا بَعَثْتُمَا بِهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَ إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَ لَا لِآلِ مُحَمَّدٍ.
قال الزمخشری الحور الخیبة(5).
بیان: قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام: أنا أبو الحسن القرم. أی المقدم
ص: 111
فی الرأی و القرم فحل الإبل أی أنا فیهم بمنزلة الفحل فی الإبل قال الخطابی و أكثر الروایات القوم بالواو و لا معنی له و إنما هو بالراء أی المقدم فی المعرفة و تجارب الأمور(1) قوله علیه السلام لا أریم أی لا أبرح و لا أزول عن مكانی و قال أیضا فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام حتی یرجع إلیكما ابناكما بحور ما بعثتما به أی بجواب ذلك یقال كلمته فما رد إلی حورا أی جوابا و قیل أراد به الخیبة(2).
«22»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: نَزَلَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام ضَیْفٌ فَاسْتَقْرَضَ مِنْ قَنْبَرٍ رِطْلًا مِنَ الْعَسَلِ الَّذِی جَاءَ بِهِ مِنَ الْیَمَنِ فَلَمَّا قَعَدَ عَلِیٌّ علیه السلام لِیَقْسِمَهَا قَالَ یَا قَنْبَرُ قَدْ حَدَثَ فِی هَذَا الزِّقِّ حَدَثٌ قَالَ صَدَقَ فُوكَ وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَهَمَّ بِضَرْبِ الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَی أَنْ أَخَذْتَ مِنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قَالَ إِنَّ لَنَا فِیهِ حَقّاً فَإِذَا أَعْطَیْتَنَاهُ رَدَدْنَاهُ قَالَ فِدَاكَ أَبُوكَ وَ إِنْ كَانَ لَكَ فِیهِ حَقٌّ فَلَیْسَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِحَقِّكَ قَبْلَ أَنْ یَنْتَفِعَ الْمُسْلِمُونَ بِحُقُوقِهِمْ لَوْ لَا أَنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقَبِّلُ ثَنِیَّتَكَ لَأَوْجَعْتُكَ (3) ضَرْباً ثُمَّ دَفَعَ إِلَی قَنْبَرٍ دِرْهَماً وَ قَالَ اشْتَرِ بِهِ أَجْوَدَ عَسَلٍ یُقْدَرُ عَلَیْهِ (4) قَالَ الرَّاوِی فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی یَدَیْ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی فَمِ الزِّقِّ وَ قَنْبَرٌ یُقَلِّبُ الْعَسَلَ فِیهِ ثُمَّ شَدَّهُ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْهَا لِلْحَسَنِ فَإِنَّهُ لَا یَعْرِفُ (5).
بیان: هذا الخبر إنما رواه من طرق المخالفین و نحن لا نصححه و علی تقدیر صحته یحتمل أن یكون أخذه علیه السلام قبل القسمة مع كون حقه فیها مكروها.
«23»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فَضَائِلُ أَحْمَدَ أُمُّ كُلْثُومٍ: یَا أَبَا صَالِحٍ لَوْ رَأَیْتَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
ص: 112
وَ أُتِیَ بِأُتْرُجٍّ فَذَهَبَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَیْنُ یَتَنَاوَلُ أُتْرُجَّةً فَنَزَعَهَا مِنْ یَدِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُسِمَ بَیْنَ النَّاسِ إِنَّ رَجُلًا مِنْ خَثْعَمٍ رَأَی الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام یَأْكُلَانِ خُبْزاً وَ بَقْلًا وَ خَلًّا فَقُلْتُ لَهُمَا(1) أَ تَأْكُلَانِ مِنْ هَذَا وَ فِی الرَّحْبَةِ مَا فِیهَا فَقَالا مَا أَغْفَلَكَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام.
عَنْ زَاذَانَ: أَنَّ قَنْبَراً قَدَّمَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَامَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ فِی الرَّحْبَةِ وَ قَالَ إِنَّكَ لَا تَتْرُكُ شَیْئاً إِلَّا قَسَمْتَهُ فَخَبَأْتُ لَكَ هَذَا فَسَلَّ سَیْفَهُ وَ قَالَ وَیْحَكَ لَقَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُدْخِلَ بَیْتِی نَاراً ثُمَّ اسْتَعْرَضَهَا بِسَیْفِهِ فَضَرَبَهَا حَتَّی انْتَثَرَتْ مِنْ بَیْنِ إِنَاءٍ مَقْطُوعٍ بَضْعَةً وَ ثَلَاثِینَ وَ قَالَ عَلَیَّ بِالْعُرَفَاءِ فَجَاءُوا فَقَالَ هَذَا بِالْحِصَصِ وَ هُوَ یَقُولُ:
هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***وَ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ
جُمَلُ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ: أَنَّهُ أَعْطَتْهُ الْخَادِمَةُ فِی بَعْضِ اللَّیَالِی قَطِیفَةً فَأَنْكَرَ دَفْأَهَا(2) فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالَتِ الْخَادِمَةُ هَذِهِ مِنْ قُطُفِ الصَّدَقَةِ قَالَ أَصْرَدْتُمُونَا(3) بَقِیَّةَ لَیْلَتِنَا وَ قَدِمَ عَلَیْهِ عَقِیلٌ فَقَالَ لِلْحَسَنِ اكْسُ عَمَّكَ فَكَسَاهُ قَمِیصاً مِنْ قُمُصِهِ وَ رِدَاءً مِنْ أَرْدِیَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَ الْعِشَاءُ فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ وَ مِلْحٌ فَقَالَ عَقِیلٌ لَیْسَ إِلَّا مَا أَرَی فَقَالَ أَ وَ لَیْسَ هَذَا مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ لَهُ الْحَمْدُ كَثِیراً فَقَالَ أَعْطِنِی مَا أَقْضِی بِهِ دَیْنِی وَ عَجِّلْ سَرَاحِی حَتَّی أَرْحَلَ عَنْكَ قَالَ فَكَمْ دَیْنُكَ یَا أَبَا یَزِیدَ قَالَ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا هِیَ عِنْدِی وَلَا أَمْلِكُهَا وَ لَكِنِ اصْبِرْ حَتَّی یَخْرُجَ عَطَائِی فَأُوَاسِیَكَهُ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعِیَالِ مِنْ شَیْ ءٍ لَأَعْطَیْتُكَ كُلَّهُ فَقَالَ عَقِیلٌ بَیْتُ الْمَالِ فِی یَدِكَ وَ أَنْتَ تُسَوِّفُنِی إِلَی عَطَائِكَ وَ كَمْ عَطَاؤُكَ وَ مَا عَسَاهُ یَكُونُ وَ لَوْ أَعْطَیْتَنِیهِ كُلَّهُ؟
ص: 113
فَقَالَ مَا أَنَا وَ أَنْتَ فِیهِ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ كَانَا یَتَكَلَّمَانِ فَوْقَ قَصْرِ الْإِمَارَةِ مُشْرِفِینَ عَلَی صَنَادِیقِ أَهْلِ السُّوقِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ إِنْ أَبَیْتَ یَا بَا یَزِیدَ مَا أَقُولُ فَانْزِلْ إِلَی بَعْضِ هَذِهِ الصَّنَادِیقِ فَاكْسِرْ أَقْفَالَهُ وَ خُذْ مَا فِیهِ فَقَالَ وَ مَا فِی هَذِهِ الصَّنَادِیقِ قَالَ فِیهَا أَمْوَالُ التُّجَّارِ قَالَ أَ تَأْمُرُنِی أَنْ أَكْسِرَ صَنَادِیقَ قَوْمٍ قَدْ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ وَ جَعَلُوا فِیهَا أَمْوَالَهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَأْمُرُنِی أَنْ أَفْتَحَ بَیْتَ مَالِ الْمُسْلِمِینَ فَأُعْطِیَكَ أَمْوَالَهُمْ وَ قَدْ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ وَ أَقْفَلُوا عَلَیْهَا وَ إِنْ شِئْتَ أَخَذْتَ سَیْفَكَ وَ أَخَذْتُ سَیْفِی وَ خَرَجْنَا جَمِیعاً إِلَی الْحِیرَةِ فَإِنَّ بِهَا تُجَّاراً مَیَاسِیرَ فَدَخَلْنَا عَلَی بَعْضِهِمْ فَأَخَذْنَا مَالَهُ فَقَالَ أَ وَ سَارِقاً جِئْتَ قَالَ تَسْرِقُ مِنْ وَاحِدٍ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَسْرِقَ عَنِ الْمُسْلِمِینَ جَمِیعاً قَالَ لَهُ أَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَخْرُجَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ قَالَ فَأَعِنِّی عَلَی سَفَرِی هَذَا فَقَالَ یَا حَسَنُ أَعْطِ عَمَّكَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَخَرَجَ عَقِیلٌ وَ هُوَ یَقُولُ:
سَیُغْنِینِی الَّذِی أَغْنَاكَ عَنِّی***وَ یَقْضِی دَیْنَنَا رَبٌّ قَرِیبٌ
وَ ذَكَرَ عَمْرُو بْنُ عَلَاءٍ:(1) أَنَّ عَقِیلًا لَمَّا سَأَلَ عَطَاءَهُ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تُقِیمُ إِلَی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَقَامَ فَلَمَّا صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الْجُمُعَةَ قَالَ لِعَقِیلٍ مَا تَقُولُ فِیمَنْ خَانَ هَؤُلَاءِ أَجْمَعِینَ قَالَ بِئْسَ الرَّجُلُ ذَاكَ قَالَ فَأَنْتَ تَأْمُرُنِی أَنْ أَخُونَ هَؤُلَاءِ وَ أُعْطِیَكَ.
وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام وَ لَقَدْ رَأَیْتُ عَقِیلًا وَ قَدْ أَمْلَقَ (2) حَتَّی اسْتَمَاحَنِی مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً وَ عَاوَدَنِی فِی عُشْرِ وَسْقٍ مِنْ شَعِیرِكُمْ یُقْضِمُهُ (3) جِیَاعَهُ وَ كَادَ یَطْوِی ثَالِثَ أَیَّامِهِ خَامِصاً مَا اسْتَطَاعَهُ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ أَطْفَالَهُ شُعْثَ الْأَلْوَانِ مِنْ ضُرِّهِمْ كَأَنَّمَا اشْمَأَزَّتْ وُجُوهُهُمْ مِنْ قُرِّهِمْ (4) فَلَمَّا عَاوَدَنِی فِی قَوْلِهِ وَ كَرَّرَهُ أَصْغَیْتُ إِلَیْهِ سَمْعِی
ص: 114
فَغَرَّهُ وَ ظَنَّنِی أُوتِغُ دِینِی (1) وَ أَتَّبِعُ مَا أَسَرَّهُ أَحْمَیْتُ لَهُ حَدِیدَةً لِیَنْزَجِرَ إِذْ لَا یَسْتَطِیعُ مَسَّهَا وَ لَا یَصْبِرُ ثُمَّ أَدْنَیْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ فَضَجَّ مِنْ أَلَمِهِ ضَجِیجَ دَنِفٍ یَئِنُّ مِنْ سُقْمِهِ وَ كَادَ یَسُبُّنِی سَفَهاً مِنْ كَظْمِهِ وَ لِحَرْقِهِ فِی لَظًی أَدْنَی لَهُ مِنْ عُدْمِهِ فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ یَا عَقِیلُ أَ تَئِنُّ مِنْ أَذًی وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَی (2).
وَ عَنْ أُمِّ عُثْمَانَ أُمِّ وَلَدِ عَلِیٍّ قَالَتْ: جِئْتُ عَلِیّاً وَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَرَنْفُلٌ مَكْثُوبٌ (3) فِی الرَّحْبَةِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَبْ لِابْنَتِی مِنْ هَذَا الْقَرَنْفُلِ قِلَادَةً فَقَالَ هَاكِ ذَا وَ نَفَذَ بِیَدِهِ إِلَیَّ دِرْهَماً فَإِنَّمَا هَذَا لِلْمُسْلِمِینَ أَوَّلًا فَاصْبِرِی حَتَّی یَأْتِیَنَا حَظُّنَا مِنْهُ فَنَهَبَ لِابْنَتِكِ قِلَادَةً وَ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ مَالًا فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَیْسَ لِی وَ لَا لَكَ وَ إِنَّمَا هُوَ فَیْ ءٌ لِلْمُسْلِمِینَ وَ جَلْبُ أَسْیَافِهِمْ فَإِنْ شَرِكْتَهُمْ فِی حَرْبِهِمْ كَانَ لَكَ مِثْلُ حَظِّهِمْ وَ إِلَّا فَجَنَاةُ أَیْدِیهِمْ لَا تَكُونُ لِغَیْرِ أَفْوَاهِهِمْ وَ جَاءَ إِلَیْهِ عَاصِمُ بْنُ مِیثَمٍ وَ هُوَ یَقْسِمُ مَالًا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی شَیْخٌ كَبِیرٌ مُثْقَلٌ قَالَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ بِكَدِّ یَدِی وَ لَا بِتُرَاثِی عَنْ وَالِدَیَّ وَ لَكِنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْعَیْتُهَا ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَ شَیْخاً كَبِیراً مُثَقَّلًا.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ وَ فَضَائِلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ ابْنِ مَرْدَوَیْهِ: أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ مِنَ الْیَمَنِ یُعَجِّلُ (4) إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَخْلَفَ عَلَی جُنْدِهِ الَّذِینَ مَعَهُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَعَمَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَكَسَا كُلَّ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ حُلَّةً مِنَ الْبَزِّ الَّذِی كَانَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا دَنَا جَیْشُهُ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام لِیَتَلَّقَاهُمْ فَإِذَا هُمْ عَلَیْهِمُ الْحُلَلُ فَقَالَ وَیْلَكَ مَا
ص: 115
هَذَا؟ قَالَ كَسَوْتُهُمْ لِیَتَجَمَّلُوا بِهِ إِذَا قَدِمُوا فِی النَّاسِ قَالَ وَیْلَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْتَهِیَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَانْتَزَعَ الْحُلَلَ مِنَ النَّاسِ وَ رَدَّهَا فِی الْبَزِّ(1) وَ أَظْهَرَ الْجَیْشُ شِكَایَةً لِمَا صَنَعَ بِهِمْ. ثُمَّ رُوِیَ عَنِ الْخُدْرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: شَكَا النَّاسُ عَلِیّاً فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ خَطِیباً فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ لَا تَشْكُوا عَلِیّاً فَوَ اللَّهِ إِنَّهُ لَخَشِنٌ فِی ذَاتِ اللَّهِ.
وَ سَمِعْتُ مُذَاكَرَةً: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَیْلَةً وَ هُوَ فِی بَیْتِ الْمَالِ فَطَفِئَ السِّرَاجَ وَ جَلَسَ فِی ضَوْءِ الْقَمَرِ وَ لَمْ یَسْتَحِلَّ أَنْ یَجْلِسَ فِی الضَّوْءِ بِغَیْرِ اسْتِحْقَاقٍ (2) وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ فِیمَا رَدَّهُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ مِنْ قَطَائِعِ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَ مُلِكَ بِهِ الْإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ فَإِنَّ فِی الْعَدْلِ سَعَةً وَ مَنْ ضَاقَ عَلَیْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَیْهِ أَضْیَقُ وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ لَمَّا أَرَادَهُ النَّاسُ عَلَی الْبَیْعَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا یَقُومُ لَهَا الْقُلُوبُ وَ لَا یَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ إِنَّ الْآفَاتِ قَدْ أَغَامَتْ (3) وَ الْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَی قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ.
وَ فِی رِوَایَةٍ عَنْ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ: أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ جَاءَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالا لَیْسَ كَذَلِكَ كَانَ یُعْطِینَا عُمَرُ قَالَ فَمَا كَانَ یُعْطِیكُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَكَتَا قَالَ أَ لَیْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَقْسِمُ بِالسَّوِیَّةِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ قَالا نَعَمْ قَالَ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْلَی بِالاتِّبَاعِ عِنْدَكُمْ أَمْ سُنَّةُ عُمَرَ قَالا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَنَا سَابِقَةٌ وَ عَنَاءٌ وَ قَرَابَةٌ قَالَ سَابِقَتُكُمَا أَسْبَقُ أَمْ سَابِقَتِی قَالا سَابِقَتُكَ قَالَ فَقَرَابَتُكُمَا أَمْ قَرَابَتِی قَالا قَرَابَتُكَ قَالَ فَعَنَاؤُكُمَا أَعْظَمُ مِنْ عَنَائِی قَالا عَنَاؤُكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا وَ أَجِیرِی هَذَا إِلَّا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ
ص: 116
وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْأَجِیرِ.
كِتَابُ ابْنِ الْحَاشِرِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ: أَنَّهُ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَأَخَذَ بِیَدِ عَبْدِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ أَعْتَقْتُ هَذَا الْغُلَامَ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ مِثْلَ مَا أَعْطَی سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ وَ سَأَلَهُ بَعْضُ مَوَالِیهِ مَالًا فَقَالَ یَخْرُجُ عَطَائِی فَأُقَاسِمُكَهُ فَقَالَ لَا أَكْتَفِی وَ خَرَجَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَوَصَلَهُ فَكَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ یُخْبِرُهُ بِمَا أَصَابَ مِنَ الْمَالِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا فِی یَدِكَ مِنَ الْمَالِ قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَ هُوَ سَائِرٌ إِلَی أَهْلٍ مِنْ بَعْدِكَ فَإِنَّمَا لَكَ مَا مَهَّدْتَ لِنَفْسِكَ فَآثِرْ نَفْسَكَ عَلَی أَحْوَجِ وُلْدِكَ فَإِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فِیهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِیتَ وَ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فِیهِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فَشَقِیَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ وَ لَیْسَ مِنْ هَذَیْنِ أَحَدٌ بِأَهْلٍ أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا تَبْرُدَ لَهُ عَلَی ظَهْرِكَ فَارْجُ لِمَنْ مَضَی رَحْمَةَ اللَّهِ وَ ثِقْ لِمَنْ بَقِیَ بِرِزْقِ اللَّهِ (1).
بیان: قال الفیروزآبادی أحین القوم حان لهم ما حاولوه (2) و قال الكثب الجمع و الصب (3) و قال أغامت السماء ظهر فیها الغیم (4) و قال برد حقی وجب و لزم.
«24»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حَكِیمُ بْنُ أَوْسٍ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَبْعَثُ إِلَیْنَا بِزِقَاقِ الْعَسَلِ فَیُقْسَمُ فِینَا ثُمَّ یَأْمُرُ أَنْ یَلْعَقُوهُ وَ أُتِیَ إِلَیْهِ بِأَحْمَالِ فَاكِهَةٍ فَأَمَرَ بِبَیْعِهَا وَ أَنْ یُطْرَحَ ثَمَنُهَا فِی بَیْتِ الْمَالِ.
سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ: رَأَیْتُ عَلِیّاً بَنَی لِلضَّوَالِّ مِرْبَداً فَكَانَ یَعْلِفُهَا عَلَفاً لَا یُسْمِنُهَا
ص: 117
وَ لَا یُهْزِلُهَا مِنْ بَیْتِ الْمَالِ فَمَنْ أَقَامَ عَلَیْهَا بَیِّنَةً أَخَذَهُ وَ إِلَّا أَقَرَّهَا عَلَی حَالِهَا(1).
بیان: المربد كمنبر الموضع الذی یحبس فیه الإبل و الغنم.
«25»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عَاصِمُ بْنُ مِیثَمٍ: أَنَّهُ أُهْدِیَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام سِلَالُ خَبِیصٍ لَهُ خَاصَّةً فَدَعَا بِسُفْرَةٍ فَنَثَرَهُ عَلَیْهِ ثُمَّ جَلَسُوا حَلْقَتَیْنِ یَأْكُلُونَ.
أَبُو حَرِیرٍ: إِنَّ الْمَجُوسَ أَهْدَوْا إِلَیْهِ یَوْمَ النَّیْرُوزِ جَامَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ فِیهَا سُكَّرٌ فَقَسَمَ السُّكَّرَ بَیْنَ أَصْحَابِهِ وَ حَسَبَهَا مِنْ جِزْیَتِهِمْ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ دِهْقَانٌ بِثَوْبٍ مَنْسُوجٍ بِالذَّهَبِ فَابْتَاعَهُ مِنْهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَی الْعَطَاءِ.
الْحِلْیَةُ وَ فَضَائِلُ أَحْمَدَ عَاصِمُ بْنُ كُلَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ: أُتِیَ عَلِیٌّ بِمَالٍ مِنْ أَصْفَهَانَ وَ كَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَسْبَاعاً فَقَسَمَهُ سَبْعَةَ أَسْبَاعٍ فَوَجَدَ فِیهِ رَغِیفاً فَكَسَرَهُ بِسَبْعَةِ كِسَرٍ ثُمَّ جَعَلَ عَلَی كُلِّ جُزْءٍ كِسْرَةً ثُمَّ دَعَا أُمَرَاءَ الْأَسْبَاعِ فَأَقْرَعَ بَیْنَهُمْ.
فَضَائِلُ أَحْمَدَ: أَنَّهُ رَأَی حَبْلًا فِی بَیْتِ الْمَالِ فَقَالَ أَعْطُوهُ النَّاسَ فَأَخَذَهُ بَعْضُهُمْ.
مَجَالِسُ ابْنِ مَهْدِیٍّ: أَنَّهُ تَخَایَرَ غُلَامَانِ فِی خَطَّیْهِمَا إِلَی الْحَسَنِ- فَقَالَ انْظُرْ مَا ذَا تَقُولُ فَإِنَّهُ حُكْمٌ وَ كَانَ علیه السلام قَوَّالًا لِلْحَقِّ قَوَّاماً بِالْقِسْطِ إِذَا رَضِیَ لَمْ یَقُلْ غَیْرَ الصِّدْقِ وَ إِنْ سَخِطَ لَمْ یَتَجَاوَزْ جَانِبَ الْحَقِ (2).
«26»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیٌّ علیه السلام یَخْطُبُ یَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَی الْمِنْبَرِ فَجَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ یَتَخَطَّی رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَالَتِ الْخُمَلَاءُ بَیْنِی وَ بَیْنَ وَجْهِكَ قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا لِی وَ مَا لِلضَّیَاطِرَةِ أَطْرُدُ قَوْماً غَدَوْا أَوَّلَ النَّهَارِ یَطْلُبُونَ رِزْقَ اللَّهِ وَ آخِرَ النَّهَارِ ذَكَرُوا اللَّهَ أَ فَأَطْرُدُهُمْ فَأَكُونَ كَالظَّالِمِینَ (3).
بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام: من یعذرنی من هؤلاء الضیاطرة. هم الضخام الذین لا غناء عندهم الواحد ضیطار و الیاء زائدة(4)
ص: 118
«27»- كشف، [كشف الغمة] عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام یَسْعَی بِقَوْمٍ فَأَمَرَنِی أَنْ دَعَوْتُ لَهُ قَنْبَراً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام اخْرُجْ إِلَی هَذَا السَّاعِی فَقُلْ لَهُ قَدْ أَسْمَعْتَنَا مَا كَرِهَ اللَّهُ تَعَالَی فَانْصَرِفْ فِی غَیْرِ حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَی.
وَ مِنْ كِتَابِ ابْنِ طَلْحَةَ رُوِیَ: أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ عُمَارَةَ الْهَمْدَانِیَّةَ دَخَلَتْ عَلَی مُعَاوِیَةَ بَعْدَ مَوْتِ عَلِیٍّ فَجَعَلَ یُؤَنِّبُهَا(1) عَلَی تَحْرِیضِهَا عَلَیْهِ أَیَّامَ صِفِّینَ وَ آلَ أَمْرُهُ إِلَی أَنْ قَالَ مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ إِنَّ اللَّهَ مُسَائِلُكَ عَنْ أَمْرِنَا وَ مَا افْتَرَضَ عَلَیْكَ مِنْ حَقِّنَا وَ لَا یَزَالُ یَتَقَدَّمُ (2) عَلَیْنَا مِنْ قِبَلِكَ مَنْ یَسْمُو بِمَكَانِكَ وَ یَبْطِشُ بِقُوَّةِ سُلْطَانِكَ فَیَحْصُدُنَا حَصِیدَ السُّنْبُلِ وَ یَدُوسُنَا دَوْسَ الْحَرْمَلِ یَسُومُنَا الْخَسْفَ (3) وَ یُذِیقُنَا الْحَتْفَ هَذَا بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ قَدِمَ عَلَیْنَا فَقَتَلَ رِجَالَنَا وَ أَخَذَ أَمْوَالَنَا وَ لَوْ لَا الطَّاعَةُ لَكَانَ فِینَا عِزٌّ وَ مَنْعَةٌ فَإِنْ عَزَلْتَهُ عَنَّا شَكَرْنَاكَ وَ إِلَّا كَفَّرْنَاكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِیَّایَ تُهَدِّدِینَ بِقَوْمِكِ یَا سَوْدَةُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَحْمِلَكِ عَلَی قَتَبٍ أَشْوَسَ فَأَرُدَّكِ إِلَیْهِ فَیُنْفِذَ فِیكِ حُكْمَهُ فَأَطْرَقَتْ سَوْدَةُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ:
صَلَّی الْإِلَهُ عَلَی رُوحٍ تَضَمَّنَهَا***قَبْرٌ فَأَصْبَحَ فِیهِ الْعَدْلُ مَدْفُوناً
قَدْ حَالَفَ الْحَقَّ لَا یَبْغِی بِهِ بَدَلًا***فَصَارَ بِالْحَقِّ وَ الْإِیمَانِ مَقْرُوناً
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَنْ هَذَا یَا سَوْدَةُ قَالَتْ هُوَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُهُ فِی رَجُلٍ كَانَ قَدْ وَلَّاهُ صَدَقَاتِنَا فَجَارَ عَلَیْنَا فَصَادَفْتُهُ قَائِماً یُصَلِّی فَلَمَّا رَآنِی انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ بِرَحْمَةٍ وَ رِفْقٍ وَ رَأْفَةٍ وَ تَعَطُّفٍ وَ قَالَ أَ لَكَ حَاجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الشَّاهِدُ عَلَیَّ وَ عَلَیْهِمْ وَ أَنِّی لَمْ آمُرْهُمْ بِظُلْمِ خَلْقِكَ (4) ثُمَّ أَخْرَجَ قِطْعَةَ جِلْدٍ فَكَتَبَ فِیهَا:
ص: 119
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَیْلَ وَ الْمِیزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِی هَذَا فَاحْتَفِظْ بِمَا فِی یَدِكَ مِنْ عَمَلِنَا حَتَّی یَقْدُمَ عَلَیْكَ مَنْ یَقْبِضُهُ مِنْكَ وَ السَّلَامُ ثُمَّ دَفَعَ الرُّقْعَةَ إِلَیَّ فَوَ اللَّهِ مَا خَتَمَهَا بَطِینٍ وَ لَا خَزَنَهَا(1) فَجِئْتُ بِالرُّقْعَةِ إِلَی صَاحِبِهِ (2) فَانْصَرَفَ عَنَّا مَعْزُولًا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اكْتُبُوا لَهَا كَمَا تُرِیدُ وَ اصْرِفُوهَا إِلَی بَلَدِهَا غَیْرَ شَاكِیَةٍ(3).
بیان: قوله أشوس الشوس النظر بمؤخر العین تكبرا و غیظا و هو لا یناسب المقام و لعله تصحیف أشرس یقال رجل أشرس أی عسر شدید الخلاف و الشرس بالكسر ما صغر من الشوك قولها قد حالف الحق أی صار حلیفه و حلف أن لا یفارقه.
«28»- إِرْشَادُ الْقُلُوبِ،: دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ اللَّیْثِیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِی عَلِیّاً فَقَالَ أَ وَ تُعْفِینِی (4) مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أُعْفِیكَ فَقَالَ كَانَ وَ اللَّهِ بَعِیدَ الْمُدَی شَدِیدَ الْقُوَی یَقُولُ فَصْلًا وَ یَحْكُمُ عَدْلًا یَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَ تَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِیهِ یَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتِهَا وَ یَسْتَأْنِسُ بِاللَّیْلِ وَ وَحْشَتِهِ كَانَ وَ اللَّهِ غَزِیرَ الْعَبْرَةِ طَوِیلَ الْفِكْرَةِ یُقَلِّبُ كَفَّیْهِ (5) وَ یُخَاطِبُ نَفْسَهُ وَ یُنَاجِی رَبَّهُ یُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشِنَ وَ مِنَ الطَّعَامِ مَا جَشِبَ كَانَ وَ اللَّهِ فِینَا كَأَحَدِنَا یُدْنِینَا إِذَا أَتَیْنَاهُ وَ یُجِیبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ كَانَ (6) مَعَ دُنُوِّهِ مِنَّا وَ قُرْبِنَا مِنْهُ لَا نُكَلِّمُهُ
ص: 120
لِهَیْبَتِهِ وَ لَا نَرْفَعُ عَیْنَنَا لِعَظَمَتِهِ (1) فَإِنْ تَبَسَّمَ فَمِنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ یُعَظِّمُ (2) أَهْلَ الدِّینِ وَ یُحِبُّ الْمَسَاكِینَ لَا یَطْمَعُ الْقَوِیُّ فِی بَاطِلِهِ وَ لَا یَیْأَسُ الْفَقِیرُ(3) مِنْ عَدْلِهِ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ فِی بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَدْ أَرْخَی اللَّیْلُ سُدُولَهُ وَ غَارَتْ نُجُومُهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِی مِحْرَابِهِ قَابِضٌ عَلَی لِحْیَتِهِ یَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ وَ یَبْكِی بُكَاءَ الْحَزِینِ فَكَأَنِّی الْآنَ أَسْمَعُهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا دُنْیَا دَنِیَّةٍ(4) أَ بِی تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَیَّ تَشَوَّقْتِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ غُرِّی غَیْرِی لَا حَاجَةَ لِی فِیكِ قَدْ بَتَتُّكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِی فِیهَا(5) فَعُمُرُكِ قَصِیرٌ وَ
خَطَرُكِ یَسِیرٌ وَ أَمَلُكِ حَقِیرٌ آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ بُعْدِ السَّفَرِ وَ وَحْشَةِ الطَّرِیقِ وَ عِظَمِ الْمَوْرِدِ فَوَكَفَتْ (6) دُمُوعُ مُعَاوِیَةَ عَلَی لِحْیَتِهِ فَنَشَفَهَا بِكُمِّهِ (7) وَ اخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ كَانَ وَ اللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ كَذَلِكَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ عَنْهُ یَا ضِرَارُ قَالَ صَبْرُ مَنْ ذُبِحَ وَاحِدُهَا(8) عَلَی صَدْرِهَا فَهِیَ لَا تَرْقَی عَبْرَتُهَا وَ لَا تَسْكُنُ حَسْرَتُهَا(9) ثُمَّ قَامَ وَ خَرَجَ وَ هُوَ بَاكٍ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ فَقَدْتُمُونِی لَمَا كَانَ فِیكُمْ مَنْ یَثْنِی عَلَیَّ هَذَا الثَّنَاءَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ(10) الصَّاحِبُ عَلَی قَدْرِ صَاحِبِهِ (11).
توضیح: قوله بعید المدی المدی الغایة و هو كنایة عن علو همته فی
ص: 121
تحصیل الكمالات أو عن رفعة محله فی السعادات حیث لا یصل إلیه أحد فی شی ء من فضائله قوله و تنطق الحكمة من نواحیه أی لكثرة وفور حكمه كأن الحكمة ناطقة فی جوانبه و نواحیه فیستفاد منه الحكمة من غیر أن ینطق بها و فی بعض النسخ بالفاء أی تتقاطر و تجری و لعله أبلغ.
«29»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ 1 عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَیْمَانَ الْبَجَلِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ شُعَیْبِ بْنِ مِیثَمٍ التَّمَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ الْأَزْدِیِّ قَالَ: أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَهْطٌ مِنَ الشِّیعَةِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ أَخْرَجْتَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ فَفَرَّقْتَهَا فِی هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءِ وَ الْأَشْرَافِ وَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَیْنَا حَتَّی إِذَا اسْتَوْسَقَتِ الْأُمُورُ(1) عُدْتَ إِلَی أَفْضَلِ مَا عَوَّدَكَ اللَّهُ مِنَ الْقَسْمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْعَدْلِ فِی الرَّعِیَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْحَكُمْ أَ تَأْمُرُونِّی (2) أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ(3) فِیمَنْ وُلِّیتُ عَلَیْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِیرُ وَ مَا رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ نَجْماً وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ مَالِی لَسَاوَیْتُ بَیْنَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا هِیَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ ثُمَّ أَرَمَّ سَاكِتاً طَوِیلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ كَانَ فِیكُمْ لَهُ مَالٌ فَإِیَّاكُمْ (4) وَ الْفَسَادَ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ تَبْذِیرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ یَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ فِی النَّاسِ وَ یَضَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَیْرِهِ وُدُّهُمْ فَإِنْ بَقِیَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَقِیَّةٌ مِمَّنْ یُظْهِرُ الشُّكْرَ لَهُ وَ یُرِیهِ النُّصْحَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَلَقٌ مِنْهُ وَ كَذِبٌ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِمُ النَّعْلُ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِمْ وَ مُكَافَاتِهِمْ فَأَلْأَمُ خَلِیلٍ وَ شَرُّ خَدِینٍ وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنَ الْحَظِّ فِیمَا أَتَی إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ وَ ثَنَاءُ الْأَشْرَارِ مَا دَامَ عَلَیْهِ مُنْعِماً
ص: 122
مُفْضِلًا وَ مَقَالَةُ الْجَاهِلِ مَا أَجْوَدَهُ وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ بَخِیلٌ فَأَیُّ حَظٍّ أَبْوَرُ وَ أَخْسَرُ مِنْ هَذَا الْحَظِّ وَ أَیُّ فَائِدَةٍ مَعْرُوفٍ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَهُ مَالٌ فَلْیَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ وَ لْیُحْسِنْ مِنْهُ الضِّیَافَةَ وَ لْیَفُكَّ بِهِ الْعَانِیَ وَ الْأَسِیرَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ فَإِنَّ الْفَوْزَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ مَكَارِمُ الدُّنْیَا وَ شَرَفُ الْآخِرَةِ(1).
بیان: أرم بتشدید المیم و الراء المهملة و المعجمة أی سكت و العانی الأسیر و كل من ذل و استكان و خضع.
«30»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ غَیْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَسَلٌ وَ تِینٌ مِنْ هَمْدَانَ وَ حُلْوَانَ (2) فَأَمَرَ الْعُرَفَاءَ أَنْ یَأْتُوا بِالْیَتَامَی فَأَمْكَنَهُمْ مِنْ رُءُوسِ الْأَزْقَاقِ یَلْعَقُونَهَا وَ هُوَ یَقْسِمُهَا لِلنَّاسِ قَدَحاً قَدَحاً فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا لَهُمْ یَلْعَقُونَهَا فَقَالَ إِنَّ الْإِمَامَ أَبُو الْیَتَامَی وَ إِنَّمَا أَلْعَقْتُهُمْ هَذَا بِرِعَایَةِ الْآبَاءِ(3).
«31»- كا، [الكافی] بَعْضُ أَصْحَابِنَا(4) عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الإسحاق [إِسْحَاقَ] الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ یُوَبِّخَ الرَّجُلَ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَعْجَزُ مِنَ التَّارِكِ الْغُسْلِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ إِنَّهُ لَا یَزَالُ فِی طُهْرٍ إِلَی الْجُمُعَةِ الْأُخْرَی (5).
«32»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ غَیْرُهُمَا بِأَسَانِیدَ مُخْتَلِفَةٍ: فِی احْتِجَاجِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی عَاصِمِ بْنِ زِیَادٍ حِینَ لَبِسَ الْعَبَاءَ وَ تَرَكَ الْمُلَاءَ وَ شَكَاهُ أَخُوهُ الرَّبِیعُ بْنُ زِیَادٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ
ص: 123
قَدْ غَمَّ أَهْلَهُ وَ أَحْزَنَ وُلْدَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیَّ بِعَاصِمِ بْنِ زِیَادٍ فَجِی ءَ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ عَبَسَ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ أَ مَا اسْتَحْیَیْتَ مِنْ أَهْلِكَ أَ مَا رَحِمْتَ وُلْدَكَ أَ تَرَی اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّیِّبَاتِ وَ هُوَ یَكْرَهُ أَخْذَكَ مِنْهَا أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَی اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ یَقُولُ وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ فِیها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ-(1) أَ وَ لَیْسَ یَقُولُ مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ یَلْتَقِیانِ بَیْنَهُما بَرْزَخٌ لا یَبْغِیانِ (2) إِلَی قَوْلِهِ یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (3) فَبِاللَّهِ لَابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (4) فَقَالَ عَاصِمٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَعَلَی مَا اقْتَصَرْتَ فِی مَطْعَمِكَ عَلَی الْجُشُوبَةِ وَ فِی مَلْبَسِكَ عَلَی الْخُشُونَةِ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَرَضَ عَلَی أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ یُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَیْلَا یَتَبَیَّغَ (5) بِالْفَقِیرِ فَقْرُهُ فَأَلْقَی عَاصِمُ بْنُ زِیَادٍ الْعَبَاءَ وَ لَبِسَ الْمِلَاءَ(6).
«33»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] الْقَاسِمُ بْنُ حَمَّادٍ الدَّلَّالُ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ خَمْسُ آیَاتٍ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً إِلَی قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ (7) وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِلَی جَنْبِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْتَقَضَ انْتِقَاضَ الْعُصْفُورِ(8) قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا لَكَ یَا عَلِیُّ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِهِمْ عَلَی اللَّهِ وَ حِلْمِ اللَّهِ عَنْهُمْ قَالَ فَمَسَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَبْشِرْ یَا عَلِیُّ فَإِنَّهُ لَا یُحِبُّكَ مُنَافِقٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ وَ لَوْ لَا أَنْتَ
ص: 124
لَمْ یُعْرَفْ حِزْبُ اللَّهِ وَ حِزْبُ رَسُولِهِ (1).
«34»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ مُرَازِمِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَرَوْنَ أَنَّ لَكَ مَالًا كَثِیراً فَقَالَ مَا یَسُوؤُنِی ذَاكَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَرَّ ذَاتَ یَوْمٍ عَلَی نَاسٍ شَتَّی مِنْ قُرَیْشٍ وَ عَلَیْهِ قَمِیصٌ مُخَرَّقٌ فَقَالُوا أَصْبَحَ عَلِیٌّ لَا مَالَ لَهُ فَسَمِعَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَمَرَ الَّذِی یَلِی صَدَقَتَهُ أَنْ یَجْمَعَ تَمْرَهُ وَ لَا یَبْعَثَ إِلَی إِنْسَانٍ شَیْئاً وَ أَنْ یُوَفِّرَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ بِعْهُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَ اجْعَلْهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ اجْعَلْهَا حَیْثُ تَجْعَلُ التَّمْرَ فَاكْبِسْهُ مَعَهُ حَیْثُ تُرَی (2) وَ قَالَ لِلَّذِی یَقُومُ عَلَیْهِ إِذَا دَعَوْتُ بِالتَّمْرِ فَاصْعَدْ وَ انْظُرِ الْمَالَ فَاضْرِبْهُ بِرِجْلِكَ كَأَنَّكَ لَا تَعْمِدُ الدَّرَاهِمَ حَتَّی تَنْثُرَهَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَی رَجُلٍ مِنْهُمْ یَدْعُوهُ (3) ثُمَّ دَعَا بِالتَّمْرِ فَلَمَّا صَعِدَ یَنْزِلُ بِالتَّمْرِ ضَرَبَ بِرِجْلِهِ فَانْتَثَرَتِ الدَّرَاهِمُ فَقَالُوا مَا هَذَا یَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ هَذَا مَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِذَلِكَ الْمَالِ فَقَالَ انْظُرُوا أَهْلَ كُلِّ بَیْتٍ كُنْتُ أَبْعَثُهُ إِلَیْهِمْ فَانْظُرُوا مَا لَهُ وَ ابْعَثُوا إِلَیْهِ (4).
«35»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِیعاً عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: بَلَغَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ یَقُولَانِ لَیْسَ لِعَلِیٍّ مَالٌ قَالَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ وُكَلَاءَهُ أَنْ یَجْمَعُوا غَلَّتَهُ حَتَّی إِذَا حَالَ الْحَوْلُ أَتَوْهُ وَ قَدْ جَمَعُوا مِنْ ثَمَنِ الْغَلَّةِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَنُشِرَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَأَرْسَلَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَأَتَیَاهُ فَقَالَ لَهُمَا هَذَا الْمَالُ وَ اللَّهِ (5) لَیْسَ
ص: 125
لِأَحَدٍ فِیهِ شَیْ ءٌ وَ كَانَ عِنْدَهُمَا مُصَدَّقاً قَالَ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ وَ هُمَا یَقُولَانِ إِنَّ لَهُ مَالًا(1).
«36»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُصَدِّقاً مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی بَادِیَتِهَا فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ انْطَلِقْ وَ عَلَیْكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ لَا تُؤْثِرَنَّ دُنْیَاكَ عَلَی آخِرَتِكَ وَ كُنْ حَافِظاً لِمَا ائْتَمَنْتُكَ عَلَیْهِ مُرَاعِیاً(2) لِحَقِّ اللَّهِ فِیهِ حَتَّی تَأْتِیَ نَادِیَ بَنِی فُلَانٍ فَإِذَا قَدِمْتَ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْیَاتَهُمْ ثُمَّ امْضِ إِلَیْهِمْ بِسَكِینَةٍ وَ وَقَارٍ حَتَّی تَقُومَ بَیْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ (3) عَلَیْهِمْ ثُمَّ قُلْ لَهُمْ یَا عِبَادَ اللَّهِ أَرْسَلَنِی إِلَیْكُمْ وَلِیُّ اللَّهِ لِآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِی أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِی أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ (4) إِلَی وَلِیِّهِ فَإِنْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ لَا فَلَا تُرَاجِعْهُ وَ إِنْ أَنْعَمَ لَكَ مِنْهُمْ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُخِیفَهُ أَوْ تَعِدَهُ إِلَّا خَیْراً فَإِذَا أَتَیْتَ مَالَهُ فَلَا تَدْخُلْهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ لَهُ فَقُلْ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی دُخُولِ مَالِكَ فَإِنْ أَذِنَ لَكَ فَلَا تَدْخُلْهُ دُخُولَ مُتَسَلِّطٍ عَلَیْهِ فِیهِ وَ لَا عَنِفٍ بِهِ فَاصْدَعِ الْمَالَ صَدْعَیْنِ ثُمَّ خَیِّرْهُ أَیَّ الصَّدْعَیْنِ شَاءَ فَأَیَّهُمَا اخْتَارَ فَلَا تَعَرَّضْ لَهُ ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقِیَ صَدْعَیْنِ (5) ثُمَّ خَیِّرْهُ فَأَیَّهُمَا اخْتَارَ فَلَا تَعَرَّضْ لَهُ وَ لَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی یَبْقَی مَا فِیهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی مَالِهِ (6) فَإِذَا بَقِیَ ذَلِكَ فَاقْبِضْ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ وَ إِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ ثُمَّ اخْلِطْهُمَا(7) وَ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِی صَنَعْتَ أَوَّلًا حَتَّی تَأْخُذَ حَقَّ اللَّهِ فِی مَالِهِ فَإِذَا قَبَضْتَهُ فَلَا تُوَكِّلْ بِهِ إِلَّا نَاصِحاً
ص: 126
شَفِیقاً أَمِیناً حَفِیظاً غَیْرَ مُعْنِفٍ بِشَیْ ءٍ(1) مِنْهَا ثُمَّ احْدُرْ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ كُلِّ نَادٍ إِلَیْنَا نُصَیِّرْهُ حَیْثُ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِذَا انْحَدَرَ فِیهَا(2) رَسُولُكَ فَأَوْعِزْ إِلَیْهِ أَنْ لَا یَحُولَ بَیْنَ نَاقَةٍ وَ بَیْنَ فَصِیلِهَا وَ لَا یُفَرِّقَ بَیْنَهُمَا وَ لَا یَمْصُرَنَّ لَبَنَهَا فَیُضِرَّ ذَلِكَ بِفَصِیلِهَا وَ لَا یَجْهَدَ بِهَا رُكُوباً وَ لْیَعْدِلْ بَیْنَهُنَّ فِی ذَلِكَ وَ لْیُورِدْهُنَّ كُلَّ مَاءٍ یَمُرُّ بِهِ وَ لَا یَعْدِلْ بِهِنَّ عَنْ نَبْتِ الْأَرْضِ إِلَی جَوَادِّ الطَّرِیقِ فِی السَّاعَةِ الَّتِی فِیهَا تُرِیحُ وَ تَغْبُقُ وَ لْیَرْفُقْ بِهِنَّ جُهْدَهُ حَتَّی یَأْتِیَنَا بِإِذْنِ اللَّهِ سِحَاحاً سِمَاناً غَیْرَ مُتْعَبَاتٍ وَ لَا مُجْهَدَاتٍ فَنَقْسِمَهُنَ (3) بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أَوْلِیَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ وَ أَقْرَبُ لِرُشْدِكَ یَنْظُرُ اللَّهُ إِلَیْهَا وَ إِلَیْكَ وَ إِلَی جُهْدِكَ وَ نَصِیحَتِكَ لِمَنْ بَعَثَكَ وَ بُعِثْتَ فِی حَاجَتِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا یَنْظُرُ اللَّهُ إِلَی وَلِیٍّ لَهُ یُجْهِدُ نَفْسَهُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّصِیحَةِ لَهُ وَ لِإِمَامِهِ إِلَّا كَانَ مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی قَالَ ثُمَّ بَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا بُرَیْدُ لَا وَ اللَّهِ مَا بَقِیَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ إِلَّا انْتُهِكَ (4) وَ لَا عُمِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ لَا سُنَّةِ نَبِیِّهِ فِی هَذَا الْعَالَمِ وَ لَا أُقِیمَ فِی هَذَا الْخَلْقِ حَدٌّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لَا عُمِلَ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ إِلَی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی حَتَّی یُحْیِیَ اللَّهُ الْمَوْتَی وَ یُمِیتَ الْأَحْیَاءَ وَ یَرُدَّ اللَّهُ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ یُقِیمَ دِینَهُ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ مَا الْحَقُّ إِلَّا فِی أَیْدِیكُمْ (5).
بیان: أوعز إلیه تقدم و قال فی النهایة: فی حدیث علی علیه السلام: و لا یمصرن لبنها فیضر ذلك بولدها. المصر الحلب بثلاث أصابع یرید لا یكثر من أخذ لبنها(6).
ص: 127
و قال ابن إدریس فی السرائر سمعت من یقول و تغبق بالغین المعجمة و الباء یعتقد أنه من الغبوق و هو الشرب بالعشی و هذا تصحیف فاحش و خطاء قبیح و إنما هو تعنق بالعین غیر المعجمة و النون من العنق و هو الضرب من سیر الإبل و هو سیر شدید قال الراجز:
یا ناق سیری عنقا فسیحا***إلی سلیمان فتستریحا.
و المعنی لا یعدل بهن عن نبت الأرض إلی جواد الطرق فی الساعات التی فیها مشقة(1) و لأجل هذا قال تریح من الراحة و لو كان من الرواح لقال تروح و ما كان یقول تریح و لأن الرواح عند العشی یكون و قریبا منه و الغبوق هو شرب العشی علی ما ذكرناه فلم یبق له معنی و إنما المعنی ما بیناه (2) و قال الجوهری سحت الشاة تسح بالكسر سحوحا و سحوحة أی سمنت و غنم سحاح أی سمان (3).
أقول: رواه فی نهج البلاغة(4) بتغییر و أوردته فی كتاب الفتن.
«37»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَعْمَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو الْحَسَنِ الْعُرَنِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِیفٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی بَانِقْیَا وَ سَوَادٍ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِی وَ النَّاسُ حُضُورٌ انْظُرْ خَرَاجَكَ فَجِدَّ فِیهِ وَ لَا تَتْرُكْ مِنْهُ دِرْهَماً وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَی عَمَلِكَ فَمُرَّ بِی فَأَتَیْتُهُ (5) فَقَالَ لِی إِنَّ الَّذِی سَمِعْتَ مِنِّی خُدْعَةٌ إِیَّاكَ أَنْ تَضْرِبَ مُسْلِماً أَوْ یَهُودِیّاً أَوْ نَصْرَانِیّاً فِی دِرْهَمِ خَرَاجٍ أَوْ تَبِیعَ دَابَّةَ عَمَلٍ فِی دِرْهَمٍ فَإِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمُ الْعَفْوَ(6).
ص: 128
بیان: قال ابن إدریس فی السرائر بانقیا هی القادسیة و ما والاها من أعمالها و إنما سمیت القادسیة بدعوة إبراهیم علیه السلام فإنه قال كونی مقدسة أی مطهرة و إنما سمی بانقیا لأن إبراهیم اشتراها بمائة نعجة من غنمه لأن با مائة و نقیا شاة بلغة النبط و قد ذكر بانقیا أعشی قیس فی شعر و فسره علماء اللغة و وافقوا كتب الكوفة من السیر بما ذكرناه (1) و قال الجزری فیه أمر اللّٰه نبیه صلی اللّٰه علیه و آله أن یأخذ العفو من أخلاق الناس هو السهل المتیسر أی أمره أن یحتمل أخلاقهم و یقبل منها ما سهل و تیسر و لا یستقصی علیهم (2) و قال الجوهری عفو المال ما یفضل عن النفقة(3).
«38»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ وَ هُوَ یَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ لَوْ لَا كَرَاهِیَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَی النَّاسِ أَلَا إِنَّ لِكُلِّ غُدَرَةٍ فُجَرَةً وَ لِكُلِّ فُجَرَةٍ كُفَرَةً أَلَا وَ إِنَّ الْغَدْرَ وَ الْفُجُورَ وَ الْخِیَانَةَ فِی النَّارِ(4).
«39»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی جَارِیَةٍ قَدِ اشْتَرَتْ لَحْماً مِنْ قَصَّابٍ وَ هِیَ تَقُولُ زِدْنِی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام زِدْهَا فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ(5).
«40»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ الصَّیْقَلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ وَلِیَّ عَلِیٍّ علیه السلام لَا یَأْكُلُ إِلَّا الْحَلَالَ لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ كَذَلِكَ وَ إِنَّ وَلِیَّ عُثْمَانَ لَا یُبَالِی أَ حَلَالًا
ص: 129
أَكَلَ أَوْ حَرَاماً لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَذَلِكَ قَالَ ثُمَّ عَادَ إِلَی ذِكْرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَمَا وَ الَّذِی ذَهَبَ بِنَفْسِهِ مَا أَكَلَ مِنَ الدُّنْیَا حَرَاماً قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً حَتَّی فَارَقَهَا وَ لَا عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ طَاعَةٌ إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِهِ وَ لَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَدِیدَةٌ قَطُّ إِلَّا وَجَّهَهُ فِیهَا ثِقَةً بِهِ وَ لَا أَطَاقَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَهُ غَیْرُهُ وَ لَقَدْ كَانَ یَعْمَلُ عَمَلَ رَجُلٍ كَأَنَّهُ یَنْظُرُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ كُلُّ ذَلِكَ تَحَفَّی فِیهِ یَدَاهُ (1) وَ تَعَرَّقَ فِیهِ جَبِینُهُ الْتِمَاسَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْخَلَاصِ مِنَ النَّارِ وَ مَا كَانَ قُوتُهُ إِلَّا الْخَلَّ وَ الزَّیْتَ وَ حَلْوَاهُ التَّمْرُ إِذَا وَجَدَهُ وَ مَلْبُوسُهُ الْكَرَابِیسُ فَإِذَا فَضَلَ عَنْ ثِیَابِهِ شَیْ ءٌ دَعَا بِالْجَلَمِ فَجَزَّهُ (2).
بیان: الحفا رقة القدم من المشی و الجلم بالتحریك المقراض.
«41»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ مُتَّكِئاً مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی أَنْ قَبَضَهُ تَوَاضُعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا رَأَی رُكْبَتَیْهِ أَمَامَ جَلِیسِهِ فِی مَجْلِسٍ قَطُّ وَ لَا صَافَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلًا قَطُّ فَنَزَعَ یَدَهُ حَتَّی یَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِی یَنْزِعُ یَدَهُ وَ لَا كَافَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَیِّئَةٍ قَطُّ قَالَ اللَّهُ لَهُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَةَ(3) فَفَعَلَ وَ مَا مَنَعَ سَائِلًا قَطُّ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَعْطَی وَ إِلَّا قَالَ یَأْتِی اللَّهُ بِهِ وَ لَا أَعْطَی عَلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ شَیْئاً قَطُّ إِلَّا أَجَازَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ لَیُعْطِی الْجَنَّةَ فَیُجِیزُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ وَ كَانَ أَخُوهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ الَّذِی ذَهَبَ بِنَفْسِهِ مَا أَكَلَ مِنَ الدُّنْیَا حَرَاماً قَطُّ حَتَّی خَرَجَ مِنْهَا وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَیَعْرِضُ لَهُ الْأَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ طَاعَةٌ فَیَأْخُذُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَی بَدَنِهِ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دَبِرَتْ فِیهِمْ یَدَاهُ وَ اللَّهِ مَا أَطَاقَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ أَحَدٌ غَیْرُهُ وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ بِرَسُولِ
ص: 130
اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَازِلَةٌ قَطُّ إِلَّا قَدَّمَهُ فِیهَا ثِقَةً بِهِ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیَبْعَثُهُ بِرَایَتِهِ فَیُقَاتِلُ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ ثُمَّ مَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ (1).
بیان: دبرت بالكسر أی قرحت.
«42»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام أَشْبَهَ النَّاسِ طِعْمَةً وَ سِیرَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَأْكُلُ الْخُبْزَ وَ الزَّیْتَ وَ یُطْعِمُ النَّاسَ الْخُبْزَ وَ اللَّحْمَ قَالَ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَسْتَقِی وَ یَحْطِبُ (2) وَ كَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام تَطْحَنُ وَ تَعْجِنُ وَ تَخْبِزُ وَ تَرْقَعُ وَ كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً كَأَنَّ وَجْنَتَیْهَا وَرْدَتَانِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهَا وَ عَلَی أَبِیهَا وَ بَعْلِهَا وَ وُلْدِهَا الطَّاهِرِینَ (3).
«43»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وُلِّیَ عَلِیٌّ علیه السلام صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَرْزَؤُكُمْ مِنْ فَیْئِكُمْ دِرْهَماً مَا قَامَ لِی عِذْقٌ بِیَثْرِبَ فَلْتُصَدِّقْكُمْ (4) أَنْفُسُكُمْ أَ فَتَرَوْنِی مَانِعاً نَفْسِی وَ مُعْطِیَكُمْ قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ عَقِیلٌ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ لَهُ اللَّهَ لَتَجْعَلُنِی وَ أَسْوَدَ بِالْمَدِینَةِ سَوَاءً فَقَالَ اجْلِسْ أَ مَا كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ یَتَكَلَّمُ غَیْرُكَ وَ مَا فَضْلُكَ عَلَیْهِ إِلَّا بِسَابِقَةٍ أَوْ بِتَقْوَی (5).
«44»- ل، [الخصال] الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَدَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِیلَانَ بْنِ عَلِیٍّ الْعَبَّاسِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: خُصِّصْنَا بِخَمْسَةٍ بِفَصَاحَةٍ وَ صَبَاحَةٍ وَ سَمَاحَةٍ وَ نَجْدَةٍ وَ حُظْوَةٍ عِنْدَ النِّسَاءِ(6).
ص: 131
«45»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ،: قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا شَأْنُكَ جَاوَرْتَ الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ إِنِّی أَجِدُهُمْ جِیرَانَ صِدْقٍ یَكُفُّونَ السَّیِّئَةَ وَ یُذَكِّرُونَ الْآخِرَةَ وَ قَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام مَا أُصِیبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمُصِیبَةٍ إِلَّا صَلَّی فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَ تَصَدَّقَ عَلَی سِتِّینَ مِسْكِیناً وَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (1).
أقول: قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة.
رَوَی قَیْسُ بْنُ الرَّبِیعِ عَنْ یَحْیَی بْنِ هَانِئٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ یُقَالُ لَهُ زِیَادُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ: كُنَّا فِی بَیْتٍ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ نَحْنُ وَ شِیعَتُهُ وَ خَوَاصُّهُ فَالْتَفَتَ [إِلَیْنَا] فَلَمْ یُنْكِرْ مِنَّا أَحَداً فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَیَظْهَرُونَ عَلَیْكُمْ فَیَقْطَعُونَ أَیْدِیَكُمْ وَ یَسْمُلُونَ (2) أَعْیُنَكُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا وَ أَنْتَ حَیٌّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَعَاذَنِیَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَالْتَفَتَ فَإِذَا وَاحِدٌ یَبْكِی فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ الْحَمْقَاءِ أَ تُرِیدُ بِاللَّذَّاتِ فِی الدُّنْیَا الدَّرَجَاتِ فِی الْآخِرَةِ(3) إِنَّمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِینَ.
وَ رَوَی زُرَارَةُ بْنُ أَعْیَنَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذَا صَلَّی الْفَجْرَ لَمْ یَزَلْ مُعَقِّباً إِلَی أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ الْفُقَرَاءُ وَ الْمَسَاكِینُ وَ غَیْرُهُمْ مِنَ النَّاسِ فَیُعَلِّمُهُمُ الْفِقْهَ وَ الْقُرْآنَ وَ كَانَ لَهُ وَقْتٌ یَقُومُ فِیهِ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَقَامَ یَوْماً فَمَرَّ بِرَجُلٍ فَرَمَاهُ بِكَلِمَةِ هَجْرٍ قَالَ وَ لَمْ یُسَمِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَرَجَعَ عَوْدَهُ عَلَی بَدْئِهِ (4) حَتَّی صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَمَرَ فَنُودِیَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ (5) ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ وَ لَا أَعَمَّ نَفْعاً مِنْ حِلْمِ إِمَامٍ وَ فِقْهِهِ وَ لَا شَیْ ءٌ أَبْغَضَ إِلَی اللَّهِ وَ لَا أَعَمَّ ضَرَراً مِنْ
ص: 132
جَهْلِ إِمَامٍ وَ خَرْقِهِ (1) أَلَا وَ إِنَّهُ مَنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ أَلَا وَ إِنَّهُ مَنْ أَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ یَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا عِزّاً أَلَا وَ إِنَّ الذُّلَّ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَقْرَبُ إِلَی اللَّهِ مِنَ التَّعَزُّزِ فِی مَعْصِیَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَیْنَ الْمُتَكَلِّمُ آنِفاً فَلَمْ یَسْتَطِعِ الْإِنْكَارَ فَقَالَ هَا أَنَا ذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَمَا إِنِّی لَوْ أَشَاءُ لَقُلْتُ فَقَالَ أَوْ تَعْفُو(2) وَ تَصْفَحُ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَقَالَ عَفَوْتُ وَ صَفَحْتُ فَقِیلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَا أَرَادَ أَنْ یَقُولَ قَالَ أَرَادَ أَنْ یَنْسُبَهُ.
وَ رَوَی زُرَارَةُ أَیْضاً قَالَ: قِیلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِنَّ قَوْماً هَاهُنَا یَنْتَقِصُونَ عَلِیّاً قَالَ بِمَ یَنْتَقِصُونَهُ لَا أَبَا لَهُمْ وَ هَلْ فِیهِ مَوْضِعُ نَقِیصَةٍ وَ اللَّهِ مَا عَرَضَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لِلَّهِ طَاعَةٌ إِلَّا عَمِلَ بِأَشَدِّهِمَا وَ أَشَقِّهِمَا عَلَیْهِ وَ لَقَدْ كَانَ یَعْمَلُ الْعَمَلَ كَأَنَّهُ قَائِمٌ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَنْظُرُ إِلَی ثَوَابِ هَؤُلَاءِ فَیَعْمَلُ لَهُ وَ یَنْظُرُ إِلَی عِقَابِ هَؤُلَاءِ فَیَعْمَلُ لَهُ وَ إِنْ كَانَ لَیَقُومُ إِلَی الصَّلَاةِ فَإِذَا قَالَ وَجَّهْتُ وَجْهِی تَغَیَّرَ لَوْنُهُ حَتَّی یُعْرَفُ ذَلِكَ فِی لَوْنِهِ (3) وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ عَبْدٍ مِنْ كَدِّ یَدِهِ كُلُّهُمْ یَعْرَقُ فِیهِ جَبِینُهُ وَ یُحْفَی فِیهِ كَفُّهُ وَ قَدْ بُشِّرَ بِعَیْنٍ نَبَعَتْ فِی مَالِهِ مِثْلَ عُنُقِ الْجَزُورِ فَقَالَ بَشِّرِ الْوَارِثَ ثُمَّ جَعَلَهَا صَدَقَةً عَلَی الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ إِلَی أَنْ یَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا لِیَصْرِفَ اللَّهُ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ (4).
وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَیْفٍ (5) الْمَدَائِنِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ الْجَعْدِ قَالَ: آكَدُ الْأَسْبَابِ كَانَ فِی تَقَاعُدِ الْعَرَبِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْرَ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَمْ یَكُنْ یُفَضِّلُ شَرِیفاً عَلَی مَشْرُوفٍ وَ لَا عَرَبِیّاً عَلَی عَجَمِیٍّ وَ لَا یُصَانِعُ الرُّؤَسَاءَ وَ أُمَرَاءَ الْقَبَائِلِ كَمَا یَصْنَعُ الْمُلُوكُ وَ لَا یَسْتَمِیلُ أَحَداً إِلَی نَفْسِهِ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ بِخِلَافِ
ص: 133
ذَلِكَ فَتَرَكَ النَّاسُ عَلِیّاً وَ الْتَحَقُوا بِمُعَاوِیَةَ فَشَكَا عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْأَشْتَرِ تَخَاذُلَ أَصْحَابِهِ (1) وَ فِرَارَ بَعْضِهِمْ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ الْأَشْتَرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا قَاتَلْنَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ وَ أَهْلَ الشَّامِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ رَأْیُ النَّاسِ وَاحِدٌ وَ قَدِ اخْتَلَفُوا بَعْدُ وَ تَعَادَوْا وَ ضَعُفَتِ النِّیَّةُ وَ قَلَّ الْعَدَدُ وَ أَنْتَ تَأْخُذُهُمْ بِالْعَدْلِ وَ تَعْمَلُ فِیهِمْ بِالْحَقِّ وَ تُنْصِفُ الْوَضِیعَ مِنَ الشَّرِیفِ فَلَیْسَ لِلشَّرِیفِ عِنْدَكَ فَضْلُ مَنْزِلَةٍ(2) فَضَجَّتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ مَعَكَ مِنَ الْحَقِّ إِذْ عُمُّوا بِهِ وَ اغْتَمُّوا مِنَ الْعَدْلِ إِذْ صَارُوا فِیهِ وَ رَأَوْا صَنَائِعَ مُعَاوِیَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْغَنَاءِ وَ الشَّرَفِ فَتَاقَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ إِلَی الدُّنْیَا وَ قَلَّ مَنْ لَیْسَ لِلدُّنْیَا بِصَاحِبٍ وَ أَكْثَرُهُمْ یَجْتَوِی (3) الْحَقَّ وَ یَشْتَرِی الْبَاطِلَ وَ یُؤْثِرُ الدُّنْیَا فَإِنْ تَبْذُلِ الْمَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَمِلْ إِلَیْكَ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَ تصفو [تَصْفُ] نَصِیحَتُهُمْ وَ یَسْتَخْلِصْ وُدُّهُمْ صَنَعَ اللَّهُ لَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَبَتَ أَعْدَاءَكَ وَ فَضَّ جَمْعَهُمْ وَ أَوْهَنَ كَیْدَهُمْ وَ شَتَّتَ أُمُورَهُمْ إِنَّهُ بِما یَعْمَلُونَ خَبِیرٌ.
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَمَلِنَا وَ سِیرَتِنَا بِالْعَدْلِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَیْها وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ(4) وَ أَنَا مِنْ أَنْ أَكُونَ مُقَصِّراً فِیمَا ذَكَرْتُ أَخْوَفُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ ثَقِیلٌ عَلَیْهِمْ (5) فَفَارَقُونَا بِذَلِكَ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَمْ یُفَارِقُونَا مِنْ جَوْرٍ وَ لَا لَجَئُوا إِذْ فَارَقُونَا إِلَی عَدْلٍ وَ لَمْ یَلْتَمِسُوا إِلَّا دُنْیَا زَائِلَةً عَنْهُمْ كَأَنْ قَدْ فَارَقُوهَا وَ لَیُسْأَلُنَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لِلدُّنْیَا أَرَادُوا أَمْ لِلَّهِ عَمِلُوا وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ بَذْلِ الْأَمْوَالِ وَ اصْطِنَاعِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُ لَا یَسَعُنَا أَنْ نُوَفِّیَ أَحَداً(6) مِنَ الْفَیْ ءِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ قَوْلُهُ الْحَقُ
ص: 134
كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِیلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِیرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ (1) وَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَحْدَهُ وَ كَثَّرَهُ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَ أَعَزَّ فِئَتَهُ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَ إِنْ یُرِدِ اللَّهُ أَنْ یُوَلِّیَنَا هَذَا الْأَمْرَ یُذَلِّلْ لَنَا صَعْبَهُ وَ یُسَهِّلْ لَنَا حَزْنَهُ وَ أَنَا قَابِلٌ مِنْ رَأْیِكَ مَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ أَنْتَ مِنْ آمَنِ النَّاسِ عِنْدِی وَ أَنْصَحِهِمْ لِی وَ أَوْثَقِهِمْ فِی نَفْسِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَ ذَكَرَ الشَّعْبِیُّ قَالَ: دَخَلْتُ الرَّحَبَةَ بِالْكُوفَةِ وَ أَنَا غُلَامٌ فِی غِلْمَانٍ فَإِذَا أَنَا بِعَلِیٍّ علیه السلام قَائِماً عَلَی صُرَّتَیْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ وَ مَعَهُ مِخْفَقَةٌ(2) وَ هُوَ یَطْرُدُ النَّاسَ بِمِخْفَقَتِهِ ثُمَّ یَرْجِعُ إِلَی الْمَالِ فَیَقْسِمُهُ بَیْنَ النَّاسِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْهُ شَیْ ءٌ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ لَمْ یَحْمِلْ إِلَی بَیْتِهِ قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً فَرَجَعْتُ إِلَی أَبِی فَقُلْتُ لَقَدْ رَأَیْتُ الْیَوْمَ خَیْرَ النَّاسِ أَوْ أَحْمَقَ النَّاسِ قَالَ مَنْ هُوَ یَا بُنَیَّ قُلْتُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ رَأَیْتُهُ یَصْنَعُ كَذَا فَقَصَصْتُ عَلَیْهِ فَبَكَی وَ قَالَ یَا بُنَیَّ بَلْ رَأَیْتَ خَیْرَ النَّاسِ.
وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ فُضَیْلٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ قَنْبَرٍ غُلَامِ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ یَقُولُ قُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِیئاً قَالَ وَ مَا هُوَ وَیْحَكَ قَالَ قُمْ مَعِی فَقَامَ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَی بَیْتِهِ فَإِذَا بِغَرَارَةٍ(3) مَمْلُوءَةٍ مِنْ جَامَاتٍ ذَهَباً وَ فِضَّةً فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رَأَیْتُكَ لَا تَتْرُكُ شَیْئاً إِلَّا قَسَمْتَهُ فَادَّخَرْتُ لَكَ هَذَا مِنْ بَیْتِ الْمَالِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْحَكَ یَا قَنْبَرُ لَقَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُدْخِلَ بَیْتِی نَاراً عَظِیمَةً ثُمَّ سَلَّ سَیْفَهُ وَ ضَرَبَهَا(4) ضَرَبَاتٍ كَثِیرَةً فَانْتَثَرَتْ مِنْ بَیْنِ إِنَاءٍ مَقْطُوعٍ نِصْفُهُ وَ آخَرَ ثُلُثُهُ وَ نَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ دَعَا بِالنَّاسِ فَقَالَ اقْسِمُوهُ بِالْحِصَصِ ثُمَّ قَامَ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَقَسَمَ مَا وَجَدَ فِیهِ ثُمَّ رَأَی فِی الْبَیْتِ أَبْزَارَ سَمَلٍ (5) فَقَالَ وَ لْیَقْسِمُوا هَذَا فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا فِیهِ وَ قَدْ كَانَ علیه السلام یَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عَامِلٍ مِمَّا یَعْمَلُ
ص: 135
فَضَحِكَ وَ قَالَ لَتَأْخُذَنَّ شَرَّهُ مَعَ خَیْرِهِ.
وَ رَوَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقْسِمُ بَیْنَ النَّاسِ الْأَبْزَارَ وَ الْخِرَقَ وَ الْكَمُّونَ (1) وَ كَذَا وَ كَذَا.
وَ رَوَی مُجَمِّعٌ التَّیْمِیُّ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَكْنِسُ بَیْتَ الْمَالِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَ یُصَلِّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ وَ یَقُولُ تَشْهَدَانِ (2) یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
وَ رَوَی بَكْرُ بْنُ عِیسَی عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَیْبٍ الْحَرْبِیِ (3) عَنْ أَبِیهِ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیّاً علیه السلام وَ قَدْ جَاءَهُ مَالٌ مِنَ الْجَبَلِ فَقَامَ وَ قُمْنَا مَعَهُ وَ جَاءَ النَّاسُ یَزْدَحِمُونَ فَأَخَذَ حِبَالًا فَوَصَلَهَا بِیَدِهِ وَ عَقَدَ بَعْضَهَا إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ أَدَارَهَا حَوْلَ الْمَالِ وَ قَالَ لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ یُجَاوِزَ هَذَا الْحَبْلَ قَالَ فَقَعَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْحَبْلِ وَ دَخَلَ هُوَ فَقَالَ أَیْنَ رُءُوسُ الْأَسْبَاعِ وَ كَانَتِ الْكُوفَةُ یَوْمَئِذٍ أَسْبَاعاً فَجَعَلُوا یَحْمِلُونَ هَذَا الْجُوَالِقَ إِلَی هَذَا وَ هَذَا إِلَی هَذَا حَتَّی اسْتَوَتِ الْقِسْمَةُ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ وَ وُجِدَ مَعَ الْمَتَاعِ رَغِیفٌ فَقَالَ اكْسِرُوهُ سَبْعَ كِسَرٍ وَ ضَعُوا عَلَی كُلِّ جُزْءٍ كِسْرَةً ثُمَّ قَالَ:
هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***إِذْ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ
ثُمَّ أَفْرَغَ (4) عَلَیْهَا وَ دَفَعَهَا إِلَی رُءُوسِ الْأَسْبَاعِ فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (5) یَدْعُو قَوْمَهُ فَیَحْمِلُونَ الْجُوَالِقَ.
وَ رَوَی مُجَمِّعٌ عَنْ أَبِی رَجَاءٍ قَالَ: أَخْرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام سَیْفاً إِلَی السُّوقِ فَقَالَ مَنْ یَشْتَرِی مِنِّی هَذَا فَوَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَوْ كَانَ عِنْدِی ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنَا أَبِیعُكَ إِزَاراً وَ أُنْسِئُكَ ثَمَنَهُ إِلَی عَطَائِكَ فَدَفَعْتُ إِلَیْهِ إِزَاراً إِلَی عَطَائِهِ فَلَمَّا قَبَضَ عَطَاءَهُ دَفَعَ إِلَیَّ ثَمَنَ الْإِزَارِ.
ص: 136
وَ رَوَی هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ:(1) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- لَوْ أَمَرْتَ لِی بِمَعُونَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ فَوَ اللَّهِ مَا لِی نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ أَبِیعَ دَابَّتِی فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَجِدُ لَكَ شَیْئاً إِلَّا أَنْ تَأْمُرَ عَمَّكَ أَنْ یَسْرِقَ فَیُعْطِیَكَ.
وَ رَوَی بَكْرُ بْنُ عِیسَی قَالَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ: یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِذَا أَنَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكُمْ بِغَیْرِ رَاحِلَتِی وَ رَحْلِی وَ غُلَامِی فُلَانٍ فَأَنَا خَائِنٌ وَ كَانَتْ نَفَقَتُهُ تَأْتِیهِ مِنْ غَلَّتِهِ بِالْمَدِینَةِ بِیَنْبُعَ وَ كَانَ یُطْعِمُ النَّاسَ الْخُبْزَ وَ اللَّحْمَ وَ یَأْكُلُ هُوَ الثَّرِیدَ بِالزَّیْتِ.
وَ رَوَی أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِیُّ: أَنَّ امْرَأَتَیْنِ أَتَتَا عَلِیّاً علیه السلام إِحْدَاهُمَا مِنَ الْعَرَبِ وَ الْأُخْرَی مِنَ الْمَوَالِی فَسَأَلَتَاهُ فَدَفَعَ إِلَیْهِمَا دَرَاهِمَ وَ طَعَاماً بِالسَّوَاءِ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا إِنِّی امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ وَ هَذِهِ مِنَ الْعَجَمِ فَقَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَجِدُ لِبَنِی إِسْمَاعِیلَ فِی هَذَا الْفَیْ ءِ فَضْلًا عَلَی بَنِی إِسْحَاقَ.
وَ رَوَی مُعَاوِیَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: مَا اعْتَلَجَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَمْرَانِ فِی ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَی إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ كَانَ یَأْكُلُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ عِنْدَكُمْ مِنْ مَالِهِ بِالْمَدِینَةِ وَ إِنْ كَانَ لَیَأْخُذُ السَّوِیقَ فَیَجْعَلُهُ فِی جِرَابٍ وَ یَخْتِمُ عَلَیْهِ مَخَافَةَ أَنْ یُزَادَ عَلَیْهِ مِنْ غَیْرِهِ وَ مَنْ كَانَ أَزْهَدَ فِی الدُّنْیَا مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام.
وَ رَوَی النَّضْرُ بْنُ الْمَنْصُورِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا بَیْنَ یَدَیْهِ لَبَنٌ حَامِضٌ آذَانِی (2) حُمُوضَتُهُ وَ كِسَرٌ یَابِسَةٌ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَأْكُلُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لِی یَا أَبَا الْجَنُوبِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَأْكُلُ أَیْبَسَ مِنْ هَذَا وَ یَلْبَسُ أَخْشَنَ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی ثِیَابِهِ فَإِنْ أَنَا لَمْ آخُذْ بِهِ (3) خِفْتُ أَنْ لَا أَلْحَقَ بِهِ.
ص: 137
وَ رَوَی عِمْرَانُ بْنُ غَفَلَةَ(1) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَإِذَا بَیْنَ یَدَیْهِ قَعْبُ لَبَنٍ أَجِدُ رِیحَهُ مِنْ شِدَّةِ حُمُوضَتِهِ وَ فِی یَدِهِ رَغِیفٌ یُرَی قُشَارُ الشَّعِیرِ عَلَی وَجْهِهِ وَ هُوَ یَكْسِرُهُ وَ یَسْتَعِینُ أَحْیَانَا بِرُكْبَتَیْهِ وَ إِذَا جَارِیَتُهُ فِضَّةُ قَائِمَةٌ عَلَی رَأْسِهِ فَقُلْتُ یَا فِضَّةُ أَ مَا تَتَّقُونَ اللَّهَ فِی هَذَا الشَّیْخِ أَلَّا نَخَلْتُمْ دَقِیقَهُ فَقَالَتْ إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ تؤجر [یُؤْجَرَ] وَ نَأْثَمَ نَحْنُ قَدْ أَخَذَ عَلَیْنَا أَنْ لَا نَنْخُلَ لَهُ دَقِیقاً فَأَصْلَحْنَاهُ (2) قَالَ وَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا یَسْمَعُ مَا تَقُولُ فَالْتَفَتَ إِلَیْهَا فَقَالَ مَا تَقُولُ (3) قَالَتْ سَلْهُ فَقَالَ لِی مَا قُلْتَ لَهَا [قَالَ] فَقُلْتُ إِنِّی قُلْتُ لَهَا لَوْ نَخَلْتُمْ دَقِیقَهُ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ بِأَبِی وَ أُمِّی مَنْ لَمْ یَشْبَعْ ثَلَاثاً مُتَوَالِیَةً مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّی فَارَقَ الدُّنْیَا وَ لَمْ یُنْخَلْ دَقِیقُهُ قَالَ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ رَوَی یُوسُفُ بْنُ یَعْقُوبَ عَنْ صَالِحٍ بَیَّاعِ الْأَكْسِیَةِ: أَنَّ جَدَّتَهُ لَقِیَتْ عَلِیّاً علیه السلام بِالْكُوفَةِ وَ مَعَهُ تَمْرٌ یَحْمِلُهُ فَسَلَّمَتْ عَلَیْهِ وَ قَالَتْ لَهُ أَعْطِنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (4) أَحْمِلْ عَنْكَ إِلَی بَیْتِكَ فَقَالَ أَبُو الْعِیَالِ أَحَقُّ بِحَمْلِهِ قَالَتْ ثُمَّ قَالَ لِی أَ لَا تَأْكُلِینَ مِنْهُ فَقُلْتُ لَا أُرِیدُهُ قَالَتْ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَی مَنْزِلِهِ ثُمَّ رَجَعَ مُرْتَدِئاً بِتِلْكَ الشَّمْلَةِ وَ فِیهَا قُشُورُ التَّمْرِ فَصَلَّی بِالنَّاسِ فِیهَا الْجُمُعَةَ.
وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ فُضَیْلِ بْنِ غَزْوَانَ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام كَمْ تَتَصَدَّقُ كَمْ تُخْرِجُ مَالَكَ أَلَا تُمْسِكُ قَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَبِلَ مِنِّی فَرْضاً وَاحِداً لَأَمْسَكْتُ وَ لَكِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَدْرِی أَ قَبِلَ سُبْحَانَهُ مِنِّی شَیْئاً أَمْ لَا.
وَ رَوَی عَنْبَسَةُ الْعَابِدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ (5) قَالَ: أَعْتَقَ عَلِیٌّ
ص: 138
علیه السلام فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِمَّا مَجِلَتْ یَدَاهُ (1) وَ عَرِقَ جَبِینُهُ وَ لَقَدْ وُلِّیَ الْخِلَافَةَ وَ أَتَتْهُ الْأَمْوَالُ فَمَا كَانَ حَلْوَاهُ إِلَّا التَّمْرَ وَ لَا ثِیَابُهُ إِلَّا الْكَرَابِیسَ.
وَ رَوَی الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِی صَادِقٍ قَالَ: تَزَوَّجَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْلَی بِنْتَ مَسْعُودٍ النَّهْشَلِیَّةَ- فَضُرِبَتْ لَهُ فِی دَارِهِ حَجَلَةٌ فَجَاءَ فَهَتَكَهَا وَ قَالَ حَسْبُ أَهْلِ عَلِیٍّ مَا هُمْ فِیهِ.
وَ رَوَی حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ الْمَدَائِنِیُ (2) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: ابْتَاعَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی خِلَافَتِهِ قَمِیصاً سَمَلًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ دَعَا الْخَیَّاطَ فَمَدَّ كُمَّ الْقَمِیصِ وَ أَمَرَهُ بِقَطْعِ مَا جَاوَزَ الْأَصَابِعَ (3).
وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ وَ أَمَّا فَضَائِلُهُ فَإِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مِنَ الْعِظَمِ وَ الِانْتِشَارِ مَبْلَغاً یَسْمُجُ (4) مَعَهُ التَّعَرُّضُ لِذِكْرِهَا وَ التَّصَدِّی لِتَفْصِیلِهَا فَصَارَتْ كَمَا قَالَ أَبُو الْعَیْنَاءِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی بْنِ خَاقَانَ وَزِیرِ الْمُتَوَكِّلِ وَ الْمُعْتَمِدِ رَأَیْتَنِی فِیمَا أَتَعَاطَی مِنْ وَصْفِ فَضْلِكَ كَالْمُخْبِرِ عَنْ ضَوْءِ النَّهَارِ الْبَاهِرِ وَ الْقَمَرِ الزَّاهِرِ الَّذِی لَا یَخْفَی عَلَی النَّاظِرِ فَأَیْقَنْتُ أَنِّی حَیْثُ انْتَهَی بِیَ الْقَوْلُ مَنْسُوبٌ إِلَی الْعَجْزِ مُقَصِّرٌ عَنِ الْغَایَةِ فَانْصَرَفْتُ عَنِ الثَّنَاءِ عَلَیْكَ إِلَی الدُّعَاءِ لَكَ وَ وَكَلْتُ الْإِخْبَارَ عَنْكَ إِلَی عِلْمِ النَّاسِ بِكَ.
وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ أَقَرَّ لَهُ أَعْدَاؤُهُ وَ خُصُومُهُ بِالْفَضْلِ وَ لَمْ یُمْكِنْهُمْ جَهْلُ مَنَاقِبِهِ وَ لَا كِتْمَانُ فَضَائِلِهِ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَوْلَی بَنُو أُمَیَّةَ عَلَی سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ اجْتَهَدُوا بِكُلِّ حِیلَةٍ فِی إِطْفَاءِ نُورِهِ وَ التَّحْرِیفِ عَلَیْهِ وَ وَضْعِ الْمَعَایِبِ وَ الْمَثَالِبِ لَهُ وَ لَعَنُوهُ عَلَی جَمِیعِ الْمَنَابِرِ وَ تَوَعَّدُوا مَادِحِیهِ بَلْ حَبَسُوهُمْ وَ قَتَلُوهُمْ وَ مَنَعُوا مِنْ رِوَایَةِ حَدِیثٍ یَتَضَمَّنُ لَهُ فَضِیلَةً أَوْ یَرْفَعُ لَهُ ذِكْراً حَتَّی
ص: 139
حَظَرُوا(1) أَنْ یُسَمَّی أَحَدٌ بِاسْمِهِ فَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلَّا رَفْعَةً وَ سُمُوّاً وَ كَانَ كَالْمِسْكِ كُلَّمَا سُتِرَ انْتَشَرَ عَرْفُهُ وَ كُلَّمَا كُتِمَ تَضَوَّعَ نَشْرُهُ وَ كَالشَّمْسِ لَا تُسْتَرُ بِالرَّاحِ (2) وَ كَضَوْءِ النَّهَارِ إِنْ حُجِبَتْ عَنْهُ عَیْنٌ وَاحِدَةٌ أَدْرَكَتْهُ عُیُونٌ كَثِیرَةٌ أُخْرَی وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ تَعْزِی إِلَیْهِ كُلُّ فَضِیلَةٍ وَ تَنْتَهِی إِلَیْهِ كُلُّ فِرْقَةٍ(3) فَهُوَ رَئِیسُ الْفَضَائِلِ وَ یَنْبُوعُهَا وَ أَبُو عُذْرِهَا وَ سَابِقُ مِضْمَارِهَا وَ مُجْلِی حَلْبَتِهَا(4) كُلُّ مَنْ بَرَعَ فِیهَا بَعْدَهُ فَمِنْهُ أَخَذَ وَ لَهُ اقْتَفَی وَ عَلَی مِثَالِهِ احْتَذَی.
وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَشْرَفَ الْعُلُومِ هُوَ الْعِلْمُ الْإِلَهِیُّ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ وَ مَعْرُوفُهُ أَشْرَفُ الْمَوْجُودَاتِ فَكَانَ هُوَ أَشْرَفَ الْعُلُومِ وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام اقْتُبِسَ وَ عَنْهُ نُقِلَ وَ إِلَیْهِ انْتُهِیَ وَ مِنْهُ ابْتُدِئَ فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ الَّذِینَ هُمْ أَهْلُ التَّوْحِیدِ وَ الْعَدْلِ وَ أَرْبَابُ النَّظَرِ وَ مِنْهُمْ تَعَلَّمَ النَّاسُ هَذَا الْفَنَّ تَلَامِذَتُهُ وَ أَصْحَابُهُ لِأَنَّ كَبِیرَهُمْ وَاصِلَ بْنَ عَطَاءٍ تِلْمِیذُ أَبِی هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ أَبُو هَاشِمٍ تِلْمِیذُ أَبِیهِ وَ أَبُوهُ تِلْمِیذُهُ علیه السلام وَ أَمَّا الْأَشْعَرِیَّةُ فَإِنَّهُمْ یَنْتَمُونَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی بَشِیرٍ(5) الْأَشْعَرِیِّ وَ هُوَ تِلْمِیذُ أَبِی عَلِیٍّ الْجُبَّائِیِّ وَ أَبُو عَلِیٍّ أَحَدُ مَشَایِخِ الْمُعْتَزِلَةِ فَالْأَشْعَرِیَّةُ یَنْتَهُونَ بِالْأَخَرَةِ إِلَی أُسْتَادِ الْمُعْتَزِلَةِ وَ مُعَلِّمِهِمْ وَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَمَّا الْإِمَامِیَّةُ وَ الزَّیْدِیَّةُ فَانْتِمَاؤُهُمْ (6) إِلَیْهِ ظَاهِرٌ.
وَ مِنَ الْعُلُومِ عِلْمُ الْفِقْهِ وَ هُوَ أَصْلُهُ وَ أَسَاسُهُ وَ كُلُّ فَقِیهٍ فِی الْإِسْلَامِ فَهُوَ عِیَالٌ
ص: 140
عَلَیْهِ وَ مُسْتَفِیدٌ مِنْ فِقْهِهِ أَمَّا أَصْحَابُ أَبِی حَنِیفَةَ(1) كَأَبِی یُوسُفَ وَ مُحَمَّدٍ وَ غَیْرِهِمَا فَأَخَذُوا عَنْ أَبِی حَنِیفَةَ وَ أَمَّا الشَّافِعِیُّ فَقَرَأَ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَیَرْجِعُ فِقْهُهُ أَیْضاً إِلَی أَبِی حَنِیفَةَ وَ أَبُو حَنِیفَةَ قَرَأَ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ جَعْفَرٌ قَرَأَ عَلَی أَبِیهِ وَ یَنْتَهِی الْأَمْرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقَرَأَ عَلَی رَبِیعَةَ الرَّأْیِ وَ قَرَأَ رَبِیعَةُ عَلَی عِكْرِمَةَ وَ قَرَأَ عِكْرِمَةُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ إِنْ شِئْتَ رَدَدْتُ إِلَیْهِ فِقْهَ الشَّافِعِیِّ بِقِرَاءَتِهِ عَلَی مَالِكٍ كَانَ لَكَ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَ أَمَّا فِقْهُ الشِّیعَةِ فَرُجُوعُهُ إِلَیْهِ ظَاهِرٌ.
وَ أَیْضاً فَإِنَّ فُقَهَاءَ الصَّحَابَةِ كَانُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ كِلَاهُمَا أَخَذَا عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَظَاهِرٌ وَ أَمَّا عُمَرُ فَقَدْ عَرَفَ كُلُّ أَحَدٍ رُجُوعَهُ إِلَیْهِ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِی أَشْكَلَتْ عَلَیْهِ وَ عَلَی غَیْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ قَوْلُهُ غَیْرَ مَرَّةٍ لَوْ لَا عَلِیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ وَ قَوْلُهُ لَا بَقِیتُ لِمُعْضِلَةٍ لَیْسَ لَهَا أَبُو حَسَنٍ وَ قَوْلُهُ لَا یُفْتِیَنَّ أَحَدٌ فِی الْمَسْجِدِ وَ عَلِیٌّ حَاضِرٌ فَقَدْ عُرِفَ بِهَذَا الْوَجْهِ أَیْضاً انْتِهَاءُ الْفِقْهِ إِلَیْهِ وَ قَدْ رَوَتِ الْعَامَّةُ وَ الْخَاصَّةُ قَوْلَهُ صلی اللّٰه علیه و آله: أَقْضَاكُمْ عَلِیٌّ.
وَ الْقَضَاءُ هُوَ الْفِقْهُ فَهُوَ إِذَنْ أَفْقَهُهُمْ.
وَ رَوَی الْكُلُّ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ لَهُ: وَ قَدْ بَعَثَهُ إِلَی الْیَمَنِ قَاضِیاً اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَ ثَبِّتْ لِسَانَهُ قَالَ فَمَا شَكَكْتُ بَعْدَهَا فِی قَضَاءٍ بَیْنَ اثْنَیْنِ. وَ هُوَ علیه السلام الَّذِی أَفْتَی فِی الْمَرْأَةِ الَّتِی وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ هُوَ الَّذِی أَفْتَی بِهِ فِی الْحَامِلِ الزَّانِیَةِ(2) وَ هُوَ الَّذِی قَالَ فِی الْمِنْبَرِیَّةِ صَارَ ثُمُنُهَا تُسُعاً وَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَوْ أَفْكَرَ(3) الْفَرْضِیُّ فِیهَا فِكْراً طَوِیلًا لَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ بَعْدَ طُولِ النَّظَرِ هَذَا الْجَوَابَ فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ قَالَهُ بَدِیهَةً
ص: 141
وَ اقْتَضَبَهُ (1) ارْتِجَالًا.
وَ مِنَ الْعُلُومِ عِلْمُ تَفْسِیرِ الْقُرْآنِ وَ عَنْهُ أُخِذَ وَ مِنْهُ فُرِّعَ وَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَی كُتُبِ التَّفْسِیرِ عَلِمْتَ صِحَّةَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ عَنْهُ وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ حَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی مُلَازَمَتِهِ (2) وَ انْقِطَاعِهِ إِلَیْهِ وَ أَنَّهُ تِلْمِیذُهُ وَ خِرِّیجُهُ وَ قِیلَ لَهُ أَیْنَ عِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ كَنِسْبَةِ قَطْرَةٍ مِنَ الْمَطَرِ إِلَی الْبَحْرِ الْمُحِیطِ.
وَ مِنَ الْعُلُومِ عِلْمُ الطَّرِیقَةِ وَ الْحَقِیقَةِ وَ أَحْوَالِ التَّصَوُّفِ وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَرْبَابَ هَذَا الْفَنِّ فِی جَمِیعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ إِلَیْهِ یَنْتَهُونَ وَ عِنْدَهُ یَقِفُونَ وَ قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّبْلِیُّ وَ الْجُنَیْدُ وَ السَّرِیُّ وَ أَبُو یَزِیدَ الْبَسْطَامِیُّ وَ أَبُو مَحْفُوظٍ مَعْرُوفٌ الْكَرْخِیُ (3) وَ یَكْفِیكَ دَلَالَةً عَلَی ذَلِكَ الْخِرْقَةُ الَّتِی هِیَ شِعَارُهُمْ إِلَی الْیَوْمِ وَ كَوْنُهُمْ یُسْنِدُونَهَا بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَیْهِ علیه السلام.
وَ مِنَ الْعُلُومِ عِلْمُ النَّحْوِ وَ الْعَرَبِیَّةِ وَ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ كَافَّةً أَنَّهُ هُوَ الَّذِی ابْتَدَعَهُ وَ أَنْشَأَهُ وَ أَمْلَی عَلَی أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ جَوَامِعَهُ وَ أُصُولَهُ مِنْ جُمْلَتِهَا الْكَلِمَةُ ثَلَاثَةُ(4) أَشْیَاءَ اسْمٌ وَ فِعْلٌ وَ حَرْفٌ وَ مِنْ جُمْلَتِهَا تَقْسِیمُ الْكَلِمَةِ إِلَی مَعْرِفَةٍ وَ نَكِرَةٍ وَ تَقْسِیمُ وُجُوهِ الْإِعْرَابِ إِلَی الرَّفْعِ وَ النَّصْبِ وَ الْجَرِّ وَ الْجَزْمِ وَ هَذَا یَكَادُ یُلْحَقُ بِالْمُعْجِزَاتِ لِأَنَّ الْقُوَّةَ الْبَشَرِیَّةَ لَا تَفِی بِهَذَا الْحَصْرِ وَ لَا تَنْهَضُ بِهَذَا الِاسْتِنْبَاطِ.
وَ إِنْ رَجَعْتَ إِلَی الْخَصَائِصِ الْخُلُقِیَّةِ وَ الْفَضَائِلِ النَّفْسَانِیَّةِ وِ الدِّینِیَّةِ وَجَدْتَهُ ابْنَ جَلَاهَا وَ طَلَّاعَ ثَنَایَاهَا(5) أَمَّا الشَّجَاعَةُ فَإِنَّهُ أَنْسَی النَّاسَ فِیهَا ذِكْرَ مَنْ كَانَ
ص: 142
قَبْلَهُ وَ مَحَا اسْمَ مَنْ یَأْتِی بَعْدَهُ وَ مَقَامَاتُهُ فِی الْحَرْبِ مَشْهُورَةٌ یُضْرَبُ بِهَا الْأَمْثَالُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ الشُّجَاعُ الَّذِی مَا فَرَّ قَطُّ وَ لَا ارْتَاعَ (1) مِنْ كَتِیبَةٍ وَ لَا بَارَزَ أَحَداً إِلَّا قَتَلَهُ وَ لَا ضَرَبَ ضَرْبَةً قَطُّ فَاحْتَاجَتِ الْأُولَی إِلَی الثَّانِیَةِ(2) وَ فِی الْحَدِیثِ كَانَتْ ضَرَبَاتُهُ وَتْراً وَ لَمَّا دَعَا مُعَاوِیَةَ إِلَی الْمُبَارَزَةِ لِیَسْتَرِیحَ النَّاسُ مِنَ الْحَرْبِ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا قَالَ لَهُ عَمْرٌو لَقَدْ أَنْصَفَكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا غَشَشْتَنِی مُنْذُ نَصَحْتَنِی إِلَّا الْیَوْمَ أَ تَأْمُرُنِی بِمُبَارَزَةِ أَبِی حَسَنٍ (3) وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ الشُّجَاعُ الْمُطْرِقُ أَرَاكَ طَمِعْتَ فِی إِمَارَةِ الشَّامِ بَعْدِی وَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ بِوُقُوفِهَا فِی الْحَرْبِ فِی مُقَابَلَتِهِ فَأَمَّا قَتْلَاهُ فَافْتِخَارُ رَهْطِهِمْ بِأَنَّهُ علیه السلام قَتَلَهُمْ أَظْهَرُ وَ أَكْثَرُ قَالَتْ أُخْتُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ تَرْثِیهِ.
لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غَیْرَ قَاتِلِهِ***بَكَیْتُهُ أَبَداً مَا دُمْتُ فِی الْأَبَدِ
لَكِنَّ قَاتِلَهُ مَنْ لَا نَظِیرَ لَهُ***وَ كَانَ یُدْعَی أَبُوهُ بَیْضَةَ الْبَلَدِ.
وَ انْتَبَهَ مُعَاوِیَةُ یَوْماً فَرَأَی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زُبَیْرٍ جَالِساً تَحْتَ رِجْلَیْهِ عَلَی سَرِیرِهِ فَقَالَ (4) لَهُ عَبْدُ اللَّهِ یُدَاعِبُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَفْتِكَ بِكَ لَفَعَلْتُ فَقَالَ لَقَدْ شَجَعْتَ بَعْدَنَا یَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ وَ مَا الَّذِی تُنْكِرُهُ مِنْ شَجَاعَتِی وَ قَدْ وَقَفْتُ فِی الصَّفِّ إِزَاءَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ لَا جَرَمَ أَنَّهُ قَتَلَكَ وَ أَبَاكَ بِیُسْرَی یَدَیْهِ وَ بَقِیَتِ الْیُمْنَی فَارِغَةً یَطْلُبُ مَنْ یَقْتُلُهُ بِهَا وَ جُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كُلَّ شُجَاعٍ فِی الدُّنْیَا إِلَیْهِ یَنْتَهِی وَ بِاسْمِهِ یُنَادِی فِی مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا.
وَ أَمَّا الْقُوَّةُ وَ الْأَیْدُ فَبِهِ یُضْرَبُ الْمَثَلُ فِیهِمَا قَالَ ابْنُ قُتَیْبَةَ فِی الْمَعَارِفِ مَا صَارَعَ أَحَداً قَطُّ إِلَّا صَرَعَهُ وَ هُوَ الَّذِی قَلَعَ بَابَ خَیْبَرَ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ عَصَبَةٌ مِنَ النَّاسِ لِیَقْلِبُوهُ فَلَمْ یَقْلِبُوهُ وَ هُوَ الَّذِی اقْتَلَعَ هُبَلَ مِنْ أَعْلَی الْكَعْبَةِ وَ كَانَ عَظِیماً(5) جِدّاً
ص: 143
فَأَلْقَاهُ إِلَی الْأَرْضِ وَ هُوَ الَّذِی اقْتَلَعَ الصَّخْرَةَ الْعَظِیمَةَ فِی أَیَّامِ خِلَافَتِهِ (1) بَعْدَ عَجْزِ الْجَیْشِ كُلِّهِ عَنْهَا فَأُنْبِطَ(2) الْمَاءُ مِنْ تَحْتِهَا.
وَ أَمَّا السَّخَاءُ وَ الْجُودُ فَحَالُهُ فِیهِ ظَاهِرَةٌ كَانَ یَصُومُ وَ یَطْوِی وَ یُؤْثِرُ بِزَادِهِ وَ فِیهِ أُنْزِلَ وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْكِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِیدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً(3) وَ رَوَی الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ یَمْلِكُ إِلَّا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لَیْلًا وَ بِدِرْهَمٍ نَهَاراً وَ بِدِرْهَمٍ سِرّاً وَ بِدِرْهَمٍ عَلَانِیَةً فَأُنْزِلَ فِیهِ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً(4) وَرُوِیَ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ یَسْتَقِی بِیَدِهِ لِنَخْلِ قَوْمٍ مِنْ یَهُودِ الْمَدِینَةِ حَتَّی مَجِلَتْ یَدُهُ وَ یَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ وَ یَشُدُّ عَلَی بَطْنِهِ حَجَراً. وَ قَالَ الشَّعْبِیُّ وَ قَدْ ذَكَرَهُ علیه السلام كَانَ أَسْخَی النَّاسِ كَانَ عَلَی الْخُلُقِ الَّذِی یُحِبُّ اللَّهُ السَّخَاءِ(5) وَ الْجُودِ مَا قَالَ لَا لِسَائِلٍ قَطُّ وَ قَالَ عَدُوُّهُ وَ مُبْغِضُهُ الَّذِی یَجْتَهِدُ فِی وَصْمِهِ وَ عَیْبِهِ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ لِمِحْفَنِ بْنِ أَبِی مِحْفَنٍ الضَّبِّیِّ لَمَّا قَالَ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَبْخَلِ النَّاسِ وَیْحَكَ كَیْفَ تَقُولُ إِنَّهُ أَبْخَلُ النَّاسِ وَ لَوْ مَلَكَ (6) بَیْتاً مِنْ تِبْرٍ وَ بَیْتاً مِنْ تِبْنٍ لَأَنْفَدَ تِبْرُهُ قَبْلَ تِبْنِهِ وَ هُوَ الَّذِی كَانَ یَكْنُسُ بُیُوتَ الْأَمْوَالِ وَ یُصَلِّی فِیهَا وَ هُوَ الَّذِی قَالَ یَا صَفْرَاءُ وَ یَا بَیْضَاءُ غُرِّی غَیْرِی وَ هُوَ الَّذِی لَمْ یُخَلِّفْ مِیرَاثاً وَ كَانَتِ الدُّنْیَا كُلُّهَا بِیَدِهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الشَّامِ.
وَ أَمَّا الْحِلْمُ وَ الصَّفْحُ فَكَانَ أَحْلَمَ النَّاسِ مِنْ ذَنْبٍ (7) وَ أَصْفَحَهُمْ عَنْ مُسِی ءٍ وَ قَدْ ظَهَرَتْ صِحَّةُ مَا قُلْنَاهُ یَوْمَ الْجَمَلِ حَیْثُ ظَفِرَ بِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَ كَانَ أَعْدَی النَّاسِ لَهُ وَ أَشَدَّهُمْ بُغْضاً فَصَفَحَ عَنْهُ. وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ یَشْتِمُهُ عَلَی رُءُوسِ
ص: 144
الْأَشْهَادِ وَ خَطَبَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ فَقَالَ قَدْ أَتَاكُمُ الْوَغْبُ (1) اللَّئِیمُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ مَا زَالَ الزُّبَیْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ حَتَّی شَبَّ عَبْدُ اللَّهِ فَظَفِرَ بِهِ یَوْمَ الْجَمَلِ فَأَخَذَهُ أَسِیراً فَصَفَحَ عَنْهُ وَ قَالَ اذْهَبْ فَلَا أَرَیَنَّكَ لَمْ یَزِدْهُ عَلَی ذَلِكَ وَ ظَفِرَ بِسَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَلِ بِمَكَّةَ وَ كَانَ لَهُ عَدُوّاً فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَ لَمْ یَقُلْ لَهُ شَیْئاً.
وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ مِنْ عَائِشَةَ فِی أَمْرِهِ فَلَمَّا ظَفِرَ بِهَا أَكْرَمَهَا وَ بَعَثَ مَعَهَا إِلَی الْمَدِینَةِ عِشْرِینَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ عَبْدِ الْقَیْسِ عَمَّمَهُنَّ بِالْعَمَائِمِ وَ قَلَّدَهُنَّ بِالسُّیُوفِ فَلَمَّا كَانَتْ بِبَعْضِ الطَّرِیقِ ذَكَرَتْهُ بِمَا لَا یَجُوزُ أَنْ یُذْكَرَ بِهِ وَ تَأَنَّفَتْ (2) وَ قَالَتْ هَتَكَ سِرِّی بِرِجَالِهِ وَ جُنْدِهِ الَّذِینَ وَكَّلَهُمْ بِی فَلَمَّا وَصَلَتِ الْمَدِینَةَ أَلْقَی النِّسَاءُ عَمَائِمَهُنَّ وَ قُلْنَ لَهَا إِنَّمَا نَحْنُ نِسْوَةٌ وَ حَارَبَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَ ضَرَبُوا وَجْهَهُ وَ وُجُوهَ أَوْلَادِهِ بِالسَّیْفِ وَ شَتَمُوهُ (3) وَ لَعَنُوهُ فَلَمَّا ظَفِرَ بِهِمْ رَفَعَ السَّیْفَ عَنْهُمْ وَ نَادَی مُنَادِیهِ فِی أَقْطَارِ الْعَسْكَرِ أَلَا لَا یُتَبَّعُ مُوَلٍّ وَ لَا یُجَهَّزُ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا یُقْتَلُ مُسْتَأْثِرٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ تَحَیَّزَ إِلَی عَسْكَرِ الْإِمَامِ فَهُوَ آمِنٌ وَ لَمْ یَأْخُذْ أَثْقَالَهُمْ وَ لَا سَبَی ذَرَارِیَّهُمْ وَ لَا غَنِمَ شَیْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَ لَوْ شَاءَ أَنْ یَفْعَلَ كُلَّ ذَلِكَ لَفَعَلَ وَ لَكِنَّهُ أَبَی إِلَّا الصَّفْحَ وَ الْعَفْوَ.
وَ تَقَبَّلَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ عَفَا وَ الْأَحْقَادُ لَمْ تَبْرُدْ وَ الْإِسَاءَةُ لَمْ تُنْسَ وَ لَمَّا مَلَكَ عَسْكَرُ مُعَاوِیَةَ عَلَیْهِ الْمَاءَ وَ أَحَاطُوا بِشَرِیعَةِ الْفُرَاتِ وَ قَالَتْ رُؤَسَاءُ الشَّامِ لَهُ اقْتُلْهُمْ بِالْعَطَشِ كَمَا قَتَلُوا عُثْمَانَ عَطَشاً سَأَلَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ أَنْ یُسَوِّغُوا لَهُمْ شُرْبَ الْمَاءِ فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ وَ لَا قَطْرَةً حَتَّی تَمُوتَ ظَمَأً كَمَا مَاتَ ابْنُ عَفَّانَ فَلَمَّا رَأَی علیه السلام أَنَّهُ الْمَوْتُ لَا مَحَالَةَ تَقَدَّمَ بِأَصْحَابِهِ وَ حَمَلَ عَلَی عَسَاكِرِ مُعَاوِیَةَ حَمَلَاتٍ كَثِیفَةٍ حَتَّی أَزَالَهُمْ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ بَعْدَ
ص: 145
قَتْلِ ذَرِیعٍ (1) سَقَطَتْ مِنْهُ الرُّءُوسُ وَ الْأَیْدِی وَ مَلَكُوا عَلَیْهِمُ الْمَاءَ وَ صَارَ أَصْحَابُ مُعَاوِیَةَ فِی الْفَلَاةِ لَا مَاءَ لَهُمْ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَ شِیعَتُهُ امْنَعْهُمُ الْمَاءَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَمَا مَنَعُوكَ وَ لَا تَسْقِهِمْ مِنْهُ قَطْرَةً وَ اقْتُلْهُمْ بِسُیُوفِ الْعَطَشِ وَ خُذْهُمْ قَبْضاً بِالْأَیْدِی فَلَا حَاجَةَ لَكَ إِلَی الْحَرْبِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أُكَافِیهِمْ بِمِثْلِ فِعْلِهِمْ افْسَحُوا لَهُمْ عَنْ بَعْضِ الشَّرِیعَةِ فَفِی حَدِّ السَّیْفِ مَا یُغْنِی عَنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ إِنْ نَسَبْتَهَا إِلَی الْحِلْمِ وَ الصَّفْحِ فَنَاهِیكَ بِهَا جَمَالًا وَ حُسْناً وَ إِنْ نَسَبْتَهَا إِلَی الدِّینِ وَ الْوَرَعِ فَأَخْلَقُ بِمِثْلِهَا أَنْ تَصْدُرَ عَنْ مِثْلِهِ علیه السلام.
أَمَّا الْجِهَادُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَمَعْلُومٌ عِنْدَ صَدِیقِهِ وَ عَدُوِّهِ أَنَّهُ سَیِّدُ الْمُجَاهِدِینَ وَ هَلِ الْجِهَادُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا لَهُ وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَعْظَمَ غَزَاةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشَدَّهَا نِكَایَةً فِی الْمُشْرِكِینَ بَدْرٌ الْكُبْرَی قُتِلَ فِیهَا سَبْعُونَ مِنَ الْمُشْرِكِینَ قَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام نِصْفَهُمْ وَ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ وَ الْمَلَائِكَةُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَی مَغَازِی مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِیِّ وَ تَارِیخِ الْأَشْرَافِ لِیَحْیَی بْنِ جَابِرٍ الْبَلاذُرِیِّ وَ غَیْرِهِمَا عَلِمْتَ صِحَّةَ ذَلِكَ دَعْ مَنْ قَتَلَهُ فِی غَیْرِهَا كَأُحُدٍ وَ الْخَنْدَقِ وَ غَیْرِهِمَا وَ هَذَا الْفَصْلُ لَا مَعْنَی لِلْإِطْنَابِ فِیهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ الضَّرُورِیَّةِ كَالْعِلْمِ بِوُجُودِ مَكَّةَ وَ مِصْرَ وَ نَحْوِهِمَا.
أَمَّا الْفَصَاحَةُ فَهُوَ علیه السلام إِمَامُ الْفُصَحَاءِ وَ سَیِّدُ الْبُلَغَاءِ وَ عَنْ كَلَامِهِ (2) قِیلَ دُونَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَ فَوْقَ كَلَامِ الْمَخْلُوقِینَ وَ مِنْهُ تَعَلَّمَ النَّاسُ الْخِطَابَةَ وَ الْكِتَابَةَ وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ یَحْیَی حَفِظْتُ سَبْعِینَ خُطْبَةً مِنْ خُطَبِ الْأَصْلَعِ فَفَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ وَ قَالَ [ابْنُ] نُبَاتَةَ حَفِظْتُ مِنَ الْخِطَابَةِ كَنْزاً لَا یَزِیدُهُ الْإِنْفَاقُ إِلَّا سَعَةً وَ كَثْرَةً حَفِظْتُ مِائَةَ فَصْلٍ مِنْ مَوَاعِظِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ لَمَّا قَالَ مِحْفَنُ بْنُ أَبِی مِحْفَنٍ لِمُعَاوِیَةَ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَعْیَا النَّاسِ قَالَ لَهُ وَیْحَكَ كَیْفَ یَكُونُ أَعْیَا النَّاسِ فَوَ اللَّهِ مَا سَنَّ الْفَصَاحَةَ لِقُرَیْشٍ غَیْرُهُ وَ یَكْفِی هَذَا الْكِتَابُ الَّذِی نَحْنُ شَارِحُوهُ دَلَالَةً عَلَی أَنَّهُ لَا یُجَازَی (3) فِی الْفَصَاحَةِ وَ لَا یُبَارَی فِی الْبَلَاغَةِ وَ حَسْبُكَ أَنَّهُ لَمْ یُدَوَّنْ لِأَحَدٍ مِنْ
ص: 146
فُصَحَاءِ الصَّحَابَةِ الْعُشْرُ وَ لَا نِصْفُ الْعُشْرِ مِمَّا دُوِّنَ لَهُ وَ كَفَاكَ فِی هَذَا الْبَابِ مَا یَقُولُهُ أَبُو عُثْمَانَ الْجَاحِظُ فِی مَدْحِهِ فِی كِتَابِ الْبَیَانِ وَ التَّبْیِینِ وَ فِی غَیْرِهِ مِنْ كُتُبِهِ.
وَ أَمَّا سَجَاحَةُ الْأَخْلَاقِ وَ بِشْرُ الْوَجْهِ وَ طَلَاقَةُ الْمَحْیَا وَ التَّبَسُّمُ فَهُوَ الْمَضْرُوبُ بِهِ الْمَثَلُ فِیهِ حَتَّی عَابَهُ بِذَلِكَ أَعْدَاؤُهُ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِأَهْلِ الشَّامِ إِنَّهُ ذُو دُعَابَةٍ(1) شَدِیدَةٍ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: فِی ذَاكَ عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ یَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِیَّ دُعَابَةً وَ أَنِّی امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ أُعَافِسُ (2) وَ أُمَارِسُ. وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنَّمَا أَخَذَهَا عَنْ عُمَرَ لِقَوْلِهِ لَمَّا عَزَمَ عَلَی اسْتِخْلَافِهِ لِلَّهِ أَبُوكَ لَوْ لَا دُعَابَةٌ فِیكَ إِلَّا أَنَّ عُمَرَ اقْتَصَرَ عَلَیْهَا وَ عَمْرٌو زَادَ فِیهَا وَ نَسَجَهَا قَالَ (3) صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَ غَیْرُهُ مِنْ شِیعَتِهِ وَ أَصْحَابِهِ كَانَ فِینَا كَأَحَدِنَا لِینُ جَانِبٍ وَ شِدَّةُ تَوَاضُعٍ وَ سُهُولَةُ قِیَادٍ وَ كُنَّا نَهَابُهُ مَهَابَةَ الْأَسِیرِ الْمَرْبُوطِ لِلسَّیَّافِ الْوَاقِفِ عَلَی رَأْسِهِ وَ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِقَیْسِ بْنِ سَعْدٍ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَسَنٍ فَلَقَدْ كَانَ هَشّاً بَشّاً ذَا فُكَاهَةٍ قَالَ قَیْسٌ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْزَحُ وَ یَبْسِمُ (4) إِلَی أَصْحَابِهِ وَ أَرَاكَ تُسِرُّ حَسْواً فِی ارْتِغَاءِ رَفْعِهِ وَ تَعِیبُهُ بِذَلِكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ مَعَ تِلْكَ الْفُكَاهَةِ وَ الطَّلَاقَةِ أَهْیَبَ مِنْ ذِی لَبْدَتَیْنِ قَدْ مَسَّهُ الطُّوَی تِلْكَ هَیْبَةُ التَّقْوَی لَیْسَ كَمَا یَهَابُكَ طَغَامُ (5) أَهْلِ الشَّامِ وَ قَدْ بَقِیَ هَذَا الْخُلْقُ مُتَوَارِثاً مُتَنَاقِلًا فِی مُحِبِّیهِ وَ أَوْلِیَائِهِ إِلَی الْآنَ كَمَا بَقِیَ الْجَفَاءُ وَ الْخُشُونَةُ وَ الْوَعُورَةُ فِی الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ مَنْ لَهُ أَدْنَی مَعْرِفَةٍ بِأَخْلَاقِ النَّاسِ وَ عَوَائِدِهِمْ یَعْرِفُ ذَلِكَ.
وَ أَمَّا الزُّهْدُ فِی الدُّنْیَا فَهُوَ سَیِّدُ الزُّهَّادِ وَ بَدَلُ الْأَبْدَالِ وَ إِلَیْهِ یُشَدُّ الرِّحَالُ وَ عِنْدَهُ تَنْفُضُ الْأَحْلَاسُ مَا شَبِعَ مِنْ طَعَامٍ قَطُّ وَ كَانَ أَخْشَنَ النَّاسِ مَأْكَلًا وَ مَلْبَساً
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ: دَخَلْتُ إِلَیْهِ یَوْمَ عِیدٍ فَقَدَّمَ جِرَاباً مَخْتُوماً فَوَجَدْنَا فِیهِ
ص: 147
خُبْزَ شَعِیرٍ یَابِساً مَرصُوصاً فَقُدِّمَ فَأَكَلَ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَكَیْفَ تَخْتِمُهُ قَالَ خِفْتُ هَذَیْنِ الْوَلَدَیْنِ أَنْ یَلِتَّاهُ بِسَمْنٍ أَوْ زَیْتٍ.
وَ كَانَ ثَوْبُهُ مَرْقُوعاً بِجِلْدٍ تَارَةً وَ بِلِیفٍ أُخْرَی وَ نَعْلَاهُ مِنْ لِیفٍ وَ كَانَ یَلْبَسُ الْكَرَابِیسَ الْغَلِیظَ فَإِذَا وَجَدَ كُمَّهُ طَوِیلًا قَطَعَهُ بِشَفْرَةٍ فَلَمْ یَخُطَّهُ فَكَانَ لَا یَزَالُ مُتَسَاقِطاً عَلَی ذِرَاعَیْهِ حَتَّی یَبْقَی سُدًی لَا لُحْمَةَ لَهُ (1) وَ كَانَ یَأْتَدِمُ إِذَا ائْتَدَمَ بِخَلٍّ أَوْ بِمِلْحٍ فَإِنْ تَرَقَّی عَنْ ذَلِكَ فَبِبَعْضِ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَإِنِ ارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ فَبِقَلِیلٍ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ وَ لَا یَأْكُلُ اللَّحْمَ إِلَّا قَلِیلًا وَ یَقُولُ لَا تَجْعَلُوا قُلُوبَكُمْ (2) مَقَابِرَ الْحَیَوَانِ وَ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّاسِ قُوَّةً(3) وَ أَعْظَمَهُمْ أَیْداً لَمْ یَنْقُصِ الْجُوعُ قُوَّتَهُ وَ لَا یَخُورُ الْإِقْلَالُ مُنَّتَهُ (4) وَ هُوَ الَّذِی طَلَّقَ الدُّنْیَا وَ كَانَتِ الْأَمْوَالُ تُجْبَی إِلَیْهِ مِنْ جَمِیعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ إِلَّا مِنَ الشَّامِ وَ كَانَ یُفَرِّقُهَا وَ یُمَزِّقُهَا ثُمَّ یَقُولُ:
هَذَا جَنَایَ وَ خِیَارُهُ فِیهِ***إِذْ كُلُّ جَانٍ یَدُهُ إِلَی فِیهِ.
وَ أَمَّا الْعِبَادَةُ فَكَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ وَ أَكْثَرَهُمْ صَلَاةً وَ صَوْماً وَ مِنْهُ تَعَلَّمَ النَّاسُ صَلَاةَ اللَّیْلِ وَ مُلَازَمَةَ الْأَوْرَادِ وَ قِیَامَ النَّافِلَةِ وَ مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ یَبْلُغُ مِنْ مُحَافَظَتِهِ عَلَی وِرْدِهِ أَنْ یُبْسَطَ لَهُ قِطَعٌ (5) مَا بَیْنَ الصَّفَّیْنِ لَیْلَةَ الْهَرِیرِ فَیُصَلِّی عَلَیْهِ وِرْدَهُ وَ السِّهَامُ تَقَعُ بَیْنَ یَدَیْهِ تَمُرُّ عَلَی صُمَاخَیْهِ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَلَا یَرْتَاعُ لِذَلِكَ وَ لَا یَقُومُ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ وَظِیفَتِهِ وَ مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ كَانَتْ جَبْهَتُهُ كَثَفَنَةِ الْبَعِیرِ لِطُولِ سُجُودِهِ وَ أَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ دَعَوَاتِهِ وَ مُنَاجَاتِهِ وَ وَقَفْتَ عَلَی مَا فِیهَا مِنْ تَعْظِیمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِجْلَالِهِ وَ مَا
ص: 148
یَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْخُضُوعِ لِهَیْبَتِهِ وَ الْخُشُوعِ لِعِزَّتِهِ وَ الِاسْتِخْذَاءِ(1) لَهُ عَرَفْتَ مَا یَنْطَوِی عَلَیْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَ فَهِمْتَ مِنْ أَیِّ قَلْبٍ خَرَجَتْ وَ عَلَی أَیِّ لِسَانٍ جَرَتْ. وَ قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ كَانَ الْغَایَةُ فِی الْعِبَادَةِ أَیْنَ عِبَادَتُكَ مِنْ عِبَادَةِ جَدِّكَ قَالَ عِبَادَتِی عِنْدَ عِبَادَةِ جَدِّی كَعِبَادَةِ جَدِّی عِنْدَ عِبَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَ الِاشْتِغَالُ بِهِ (2) فَهُوَ الْمَنْظُورُ إِلَیْهِ فِی هَذَا الْبَابِ اتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَی أَنَّهُ كَانَ یَحْفَظُ الْقُرْآنَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَكُنْ غَیْرُهُ یَحْفَظُهُ ثُمَّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَهُ نَقَلُوا كُلُّهُمْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنْ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ فَأَهْلُ الْحَدِیثِ لَا یَقُولُونَ مَا تَقُولُهُ الشِّیعَةُ مِنْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ مُخَالَفَةً لِلْبَیْعَةِ بَلْ یَقُولُونَ تَشَاغَلَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ فَهَذَا یَدُلُّ عَلَی أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْمُوعاً فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَا احْتَاجَ إِلَی أَنْ یَتَشَاغَلَ بِجَمْعِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَی كُتُبِ الْقِرَاءَةِ(3) وَجَدْتَ أَئِمَّةَ الْقِرَاءَةِ كُلَّهُمْ یَرْجِعُونَ إِلَیْهِ كَأَبِی عَمْرِو بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ(4) وَ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ وَ غَیْرِهِمَا لِأَنَّهُمْ یَرْجِعُونَ إِلَی [أَبِی] عَبْدِ الرَّحْمَنِ (5) السُّلَمِیِّ الْفَارِسِیِ (6) وَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ تِلْمِیذَهُ وَ عَنْهُ أَخَذَ الْقُرْآنَ فَقَدْ صَارَ هَذَا الْفَنُّ مِنَ الْفُنُونِ الَّتِی تَنْتَهِی إِلَیْهِ أَیْضاً مِثْلُ كَثِیرٍ مِمَّا سَبَقَ.
وَ أَمَّا الرَّأْیُ وَ التَّدْبِیرُ فَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ (7) رَأْیاً وَ أَصَحِّهِمْ تَدْبِیراً وَ هُوَ الَّذِی أَشَارَ إِلَی عُمَرَ لَمَّا عَزَمَ عَلَی أَنْ یَتَوَجَّهَ بِنَفْسِهِ إِلَی حَرْبِ الرُّومِ وَ الْفُرْسِ بِمَا أَشَارَ وَ هُوَ الَّذِی أَشَارَ عَلَی عُثْمَانَ بِأُمُورٍ كَانَ صَلَاحُهُ فِیهَا وَ لَوْ قَبِلَهَا لَمْ یَحْدُثْ عَلَیْهِ مَا
ص: 149
حَدَثَ وَ إِنَّمَا قَالَ أَعْدَاؤُهُ لَا رَأْیَ لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَقَیِّداً بِالشَّرِیعَةِ لَا یَرَی خِلَافَهَا وَ لَا یَعْمَلُ بِمَا یَقْتَضِی الدِّینُ تَحْرِیمَهُ وَ قَدْ قَالَ علیه السلام: لَوْ لَا التُّقَی (1) لَكُنْتُ أَدْهَی الْعَرَبِ. وَ غَیْرُهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ كَانَ یَعْمَلُ بِمُقْتَضَی مَا یَسْتَصْلِحُهُ وَ یَسْتَوْفِقُهُ (2) سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقاً لِلشَّرْعِ أَوْ لَمْ یَكُنْ وَ لَا رَیْبَ أَنَّ مَنْ یَعْمَلُ بِمَا یُؤَدِّی إِلَیْهِ اجْتِهَادُهُ وَ لَا یَقِفُ مَعَ ضَوَابِطَ وَ قُیُودٍ یَمْتَنِعُ لِأَجْلِهَا مِمَّا یَرَی الصَّلَاحَ فِیهِ تَكُونُ أَحْوَالُهُ الدُّنْیَاوِیَّةُ إِلَی الِانْتِظَامِ أَقْرَبَ وَ مَنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ یَكُونُ أَحْوَالُهُ الدُّنْیَاوِیَّةُ إِلَی الِانْتِشَارِ أَقْرَبَ.
وَ أَمَّا السِّیَاسَةُ فَإِنَّهُ كَانَ شَدِیدَ السِّیَاسَةِ خَشِناً فِی ذَاتِ اللَّهِ لَمْ یُرَاقِبِ ابْنَ عَمِّهِ فِی عَمَلٍ كَانَ وَلَّاهُ إِیَّاهُ وَ لَا رَاقَبَ أَخَاهُ عَقِیلًا فِی كَلَامٍ جَبَهَهُ بِهِ وَ أَحْرَقَ قَوْماً بِالنَّارِ وَ نَقَضَ (3) دَارَ مَصْقَلَةَ بْنِ هُبَیْرَةَ وَ دَارَ جَرِیرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیِّ وَ قَطَعَ جَمَاعَةً وَ صَلَبَ آخَرِینَ وَ مِنْ جُمْلَةِ سِیَاسَتِهِ حُرُوبُهُ فِی أَیَّامِ خِلَافَتِهِ بِالْجَمَلِ وَ صِفِّینَ وَ النَّهْرَوَانِ وَ فِی أَقَلِّ الْقَلِیلِ مِنْهَا مُقَنَّعٌ فَإِنَّ كُلَّ سَائِسٍ فِی الدُّنْیَا لَمْ یَبْلُغْ فَتْكُهُ وَ بَطْشُهُ وَ انْتِقَامُهُ مَبْلَغَ الْعُشْرِ مِمَّا فَعَلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی هَذِهِ الْحُرُوبِ بِیَدِهِ وَ أَعْوَانِهِ فَهَذِهِ هِیَ خَصَائِصُ الْبَشَرِ وَ مَزَایَاهُمْ قَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّهُ فِیهَا الْإِمَامُ الْمُتَّبَعُ فِعْلُهُ وَ الرَّئِیسُ الْمُقْتَفَی أَثَرُهُ وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ یُحِبُّهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَی تَكْذِیبِهِمْ بِالنُّبُوَّةِ وَ تُعَظِّمُهُ الْفَلَاسِفَةُ عَلَی مُعَانَدَتِهِمْ لِأَهْلِ الْمِلَّةِ وَ تَصَوَّرَ مُلُوكُ الْفَرَنْجِ وَ الرُّومِ صُورَتَهُ فِی بِیَعِهَا وَ بُیُوتِ عِبَادَاتِهَا حَامِلًا سَیْفَهُ مُشَمِّراً لِحَرْبِهِ وَ تَصَوَّرَ مُلُوكُ التُّرْكِ وَ الدَّیْلَمِ صُورَتَهُ عَلَی أَسْیَافِهَا كَانَ عَلَی سَیْفِ عُضَدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَیْهِ وَ سَیْفِ أَبِیهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ وَ كَانَ عَلَی سَیْفِ الْأَرْسَلَانِ (4) وَ ابْنِهِ مَلِكْشَاهَ صُورَتُهُ كَأَنَّهُمْ یَتَفَاءَلُونَ بِهِ النَّصْرَ وَ الظَّفَرَ وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ أَحَبَّ كُلُّ أَحَدٍ أَنْ یَتَكَثَّرَ بِهِ وَ وَدَّ كُلُّ أَحَدٍ [أَنْ] یَتَجَمَّلَ وَ یَتَحَسَّنَ بِالانْتِسَابِ إِلَیْهِ حَتَّی الْفُتُوَّةُ الَّتِی أَحْسَنُ مَا قِیلَ فِی حَدِّهَا أَنْ لَا تَسْتَحْسِنَ
ص: 150
مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَیْرِكَ فَإِنَّ أَرْبَابَهَا نَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَیْهِ وَ صَنَّفُوا فِی ذَلِكَ كُتُباً وَ جَعَلُوا لِذَلِكَ إِسْنَاداً أَنْهَوْهُ إِلَیْهِ وَ قَصَّرُوهُ عَلَیْهِ وَ سَمَّوْهُ سَیِّدَ الْفُتْیَانِ وَ عَضَدُوا مَذَاهِبَهُمْ (1) بِالْبَیْتِ الْمَشْهُورِ الْمَرْوِیِ أَنَّهُ سُمِعَ مِنَ السَّمَاءِ یَوْمَ أُحُدٍ: لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ. وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ أَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ سَیِّدُ الْبَطْحَاءِ وَ شَیْخُ قُرَیْشٍ وَ رَئِیسُ مَكَّةَ قَالُوا قَلَّ أَنْ یَسُودَ فَقِیرٌ وَ سَادَ أَبُو طَالِبٍ وَ هُوَ فَقِیرٌ لَا مَالَ لَهُ وَ كَانَتْ قُرَیْشٌ تُسَمِّیهِ الشَّیْخَ وَ فِی حَدِیثِ عَفِیفٍ الْكِنْدِیِّ لَمَّا رَأَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی فِی مَبْدَإِ الدَّعْوَةِ وَ مَعَهُ غُلَامٌ وَ امْرَأَةٌ قَالَ (2) فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ أَیُّ شَیْ ءٍ هَذَا قَالَ هَذَا ابْنُ أَخِی یَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ إِلَی النَّاسِ وَ لَمْ یَتْبَعْهُ عَلَی قَوْلِهِ إِلَّا هَذَا الْغُلَامُ وَ هُوَ ابْنُ أَخِی أَیْضاً وَ هَذِهِ الِامْرَأَةُ وَ هِیَ زَوْجَتُهُ قَالَ فَقُلْتُ فَمَا الَّذِی تَقُولُونَهُ أَنْتُمْ قَالَ نَنْتَظِرُ مَا یَفْعَلُ الشَّیْخُ قَالَ یَعْنِی أَبَا طَالِبٍ وَ هُوَ الَّذِی كَفَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَغِیراً وَ حَمَاهُ وَ حَاطَهُ كَبِیراً وَ مَنَعَهُ مِنْ مُشْرِكِی قُرَیْشٍ وَ لَقِیَ لِأَجْلِهِ عَنَاءً عَظِیماً(3) وَ قَاسَی بَلَاءً شَدِیداً وَ صَبَرَ عَلَی نَصْرِهِ وَ الْقِیَامِ بِأَمْرِهِ وَ جَاءَ فِی الْخَبَرِ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّیَ أَبُو طَالِبٍ أُوحِیَ إِلَیْهِ وَ قِیلَ لَهُ اخْرُجْ مِنْهَا فَقَدْ مَاتَ نَاصِرُكَ وَ لَهُ مَعَ شَرَفِ هَذِهِ الْأُبُوَّةِ أَنَّ ابْنَ عَمِّهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله سَیِّدُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ أَخَاهُ جَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَیْنِ الَّذِی قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْبَهْتَ خَلْقِی وَ خُلُقِی (4) وَ زَوْجَتَهُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ ابْنَیْهِ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَآبَاؤُهُ آبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أُمَّهَاتُهُ أُمَّهَاتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مَسُوطٌ(5) بِلَحْمِهِ وَ دَمِهِ لَمْ یُفَارِقْهُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ إِلَی أَنْ مَازَ(6) عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بَیْنَ الْأَخَوَیْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِی طَالِبٍ
ص: 151
وَ أُمُّهُمَا وَاحِدَةٌ فَكَانَ مِنْهُمَا سَیِّدُ النَّاسِ هَذَا الْأَوَّلُ وَ هَذَا الثَّانِی (1) وَ هَذَا الْمُنْذِرُ وَ هَذَا الْهَادِی.
وَ مَا أَقُولُ فِی رَجُلٍ سَبَقَ النَّاسَ إِلَی الْهُدَی وَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ عَبَدَهُ وَ كُلُّ مَنْ فِی الْأَرْضِ یَعْبُدُ الْحَجَرَ وَ یَجْحَدُ الْخَالِقَ لَمْ یَسْبِقْهُ أَحَدٌ إِلَی التَّوْحِیدِ إِلَّا السَّابِقُ إِلَی كُلِّ خَیْرٍ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِیثِ إِلَی أَنَّهُ أَوَّلُ النَّاسِ اتِّبَاعاً لِرَسُولِ اللَّهِ وَ إِیمَاناً بِهِ وَ لَمْ یَخْتَلِفْ (2) فِی ذَلِكَ إِلَّا الْأَقَلُّونَ وَ قَدْ قَالَ هُوَ علیه السلام: أَنَا الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ وَ أَنَا الْفَارُوقُ الْأَوَّلُ أَسْلَمْتُ قَبْلَ إِسْلَامِ النَّاسِ وَ صَلَّیْتُ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ. وَ مَنْ وَقَفَ عَلَی كُتُبِ أَصْحَابِ الْأَحَادِیثِ تَحَقَّقَ (3) وَ عَلِمَهُ وَاضِحاً وَ إِلَیْهِ ذَهَبَ الْوَاقِدِیُّ وَ ابْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ وَ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِی رَجَّحَهُ وَ نَصَرَهُ صَاحِبُ كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ وَ بِاللَّهِ التَّوْفِیقُ (4).
«46»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام خَطَبَهَا بِصِفِّینَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِی عَلَیْكُمْ حَقّاً بِوَلَایَةِ أَمْرِكُمْ وَ لَكُمْ عَلَیَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِی لِی عَلَیْكُمْ فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الْأَشْیَاءِ فِی التَّوَاصُفِ وَ أَضْیَقُهَا فِی التَّنَاصُفِ لَا یَجْرِی لِأَحَدٍ إِلَّا جَرَی عَلَیْهِ وَ لَا یَجْرِی عَلَیْهِ إِلَّا جَرَی لَهُ وَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ یَجْرِیَ لَهُ وَ لَا یَجْرِیَ عَلَیْهِ لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِی كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَیْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَی الْعِبَادِ أَنْ یُطِیعُوهُ وَ جَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَیْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِیدِ أَهْلُهُ ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَی بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَی فِی وُجُوهِهَا وَ یُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لَا یَسْتَوْجِبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ.
وَ أَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِی عَلَی الرَّعِیَّةِ وَ حَقُ
ص: 152
الرَّعِیَّةِ عَلَی الْوَالِی فَرِیضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلَی كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِینِهِمْ فَلَیْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِیَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِیَّةِ فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِیَّةُ إِلَی الْوَالِی حَقَّهُ وَ أَدَّی الْوَالِی إِلَیْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَیْنَهُمْ وَ قَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّینِ وَ اعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَی إِدْلَالِهَا السُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ وَ طُمِعَ فِی بَقَاءِ الدَّوْلَةِ وَ یَئِسَتْ مَطَامِعُ الْأَعْدَاءِ وَ إِذَا غَلَبَتِ الرَّعِیَّةُ وَالِیَهَا أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِی بِرَعِیَّتِهِ اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ (1) الْكَلِمَةُ وَ ظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ وَ كَثُرَ الْإِدْغَالُ فِی الدِّینِ وَ تُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ فَعُمِلَ بِالْهَوَی وَ عُطِّلَتِ الْأَحْكَامُ وَ كَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ فَلَا یُسْتَوْحَشُ لِعَظِیمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَ لَا لِعَظِیمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ الْأَشْرَارُ وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْعِبَادِ فَعَلَیْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِی ذَلِكَ وَ حُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَیْهِ فَلَیْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلَی رِضَا اللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِی الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ بِبَالِغِ حَقِیقَةِ مَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ وَ لَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَی الْعِبَادِ النَّصِیحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ التَّعَاوُنُ عَلَی إِقَامَةِ الْحَقِّ بَیْنَهُمْ وَ لَیْسَ امْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِی الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ تَقَدَّمَتْ فِی الدِّینِ فَضِیلَتُهُ بِفَوْقِ أَنْ یُعَانَ (2) عَلَی مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَ لَا امْرُؤٌ وَ إِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ وَ اقْتَحَمَتْهُ الْعُیُونُ بِدُونِ أَنْ یُعِینَ عَلَی ذَلِكَ أَوْ یُعَانَ عَلَیْهِ.
فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِكَلَامٍ طَوِیلٍ یُكْثِرُ فِیهِ الثَّنَاءَ عَلَیْهِ وَ یَذْكُرُ سَمْعَهُ وَ طَاعَتَهُ لَهُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِی نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ یَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِكَ (3) كُلُّ مَا سِوَاهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَیْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَیْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا ازْدَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَیْهِ عِظَماً وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِی النَّاسِ أَنْ یُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ وَ یُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَی الْكِبْرِ وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ یَكُونَ جَالَ (4)
ص: 153
فِی ظَنِّكُمْ أَنِّی أُحِبُّ الْإِطْرَاءَ وَ اسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَ لَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ یُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِیَاءِ وَ رُبَّمَا اسْتَحْلَی النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَیَّ بِجَمِیلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِی نَفْسِی إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِلَیْكُمْ مِنَ الْبَقِیَّةِ فِی حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا فَلَا تُكَلِّمُونِی بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ وَ لَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّی بِمَا یُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ وَ لَا تُخَالِطُونِی بِالْمُصَانَعَةِ وَ لَا تَظُنُّوا بِی اسْتِثْقَالًا فِی حَقٍّ قِیلَ لِی وَ لَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِی فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ یُقَالَ لَهُ أَوِ الْعَدْلَ أَنْ یُعْرَضَ عَلَیْهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَیْهِ فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّی لَسْتُ فِی نَفْسِی بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَ لَا آمَنُ ذَاكَ مِنْ فِعْلِی إِلَّا أَنْ یَكْفِیَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِی مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّی فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِیدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَیْرُهُ یَمْلِكُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِیهِ إِلَی مَا صَلَحْنَا عَلَیْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَی وَ أَعْطَانَا الْبَصِیرَةَ بَعْدَ الْعَمَی (1).
تبیین: قوله علیه السلام أوسع الأشیاء فی التواصف أی كل أحد یصف الحق و العدل و یقول لو ولیت لعدلت و لكن إذا تیسر له لم یعمل بقوله و لم ینصف الناس من نفسه و معالم الشی ء مظانه و ما یستدل به علیه و الأذلال المجاری و الطرق و اختلاف الكلمة اختلاف الآراء و الأهواء و قال الجزری أصل الدغل الشجر الملتف الذی یكون (2) أهل الفساد فیه و أدغلت فی هذا الأمر إذا أدخلت فیه ما یخالفه (3) و المحاج جمع محجة و هی جادة الطریق و اقتحمته عینی احتقرته و الإطراء المبالغة فی المدح قوله من البقیة فی أكثر النسخ بالباء الموحدة أی لا تثنوا علی لأجل ما ترون منی فی طاعة اللّٰه فإنما هو إخراج لنفسی إلی اللّٰه من حقوقه الباقیة علی لم أفرغ من أدائها و كذلك إلیكم من
ص: 154
الحقوق التی أوجبها اللّٰه علی لكم من النصیحة و الهدایة و الإرشاد و قیل المعنی لاعترافی بین یدی اللّٰه و بمحضر منكم أن علی حقوقا فی رئاستی علیكم لم أقم بها بعد و أرجو من اللّٰه القیام بها و فی بعض النسخ المصححة القدیمة بالتاء المثناة الفوقانیة أی من خوف اللّٰه فی حقوق لم أفرغ من أدائها بعد قوله علیه السلام و لا تتحفظوا منی أی لا تمتنعوا من إظهار ما تریدون إظهاره لدی خوفا من سطوتی كما هو شأن الملوك و البادرة الحدة و ما یبدر عند الغضب و المصانعة المداراة و الرشوة.
أقول: سیأتی تمام الخطبة فی باب خطبه علیه السلام.
«47»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ(1) وَ هُوَ مِنْ شِیعَتِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَیْهِ فِی خِلَافَتِهِ فَطَلَبَ (2) مِنْهُ مَالًا فَقَالَ علیه السلام إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَیْسَ لِی وَ لَا لَكَ وَ إِنَّمَا هُوَ فَیْ ءُ الْمُسْلِمِینَ (3) وَ جَلْبُ أَسْیَافِهِمْ فَإِنْ شَرِكْتَهُمْ فِی حَرْبِهِمْ كَانَ لَكَ مِثْلُ حَظِّهِمْ وَ إِلَّا فَجَنَاةُ أَیْدِیهِمْ لَا تَكُونُ لِغَیْرِ أَفْوَاهِهِمْ (4).
«48»- نهج، [نهج البلاغة]: رُوِیَ أَنَّ شُرَیْحَ بْنَ الْحَارِثِ قَاضِیَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اشْتَرَی عَلَی عَهْدِهِ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً فَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَ اسْتَدْعَاهُ (5) وَ قَالَ لَهُ بَلَغَنِی أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً وَ كَتَبْتَ كِتَاباً وَ أَشْهَدْتَ فِیهِ شُهُوداً فَقَالَ لَهُ شُرَیْحٌ قَدْ كَانَ ذَلِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ نَظَرَ مُغْضَبٍ ثُمَّ قَالَ یَا شُرَیْحُ أَمَا إِنَّهُ سَیَأْتِیكَ مَنْ لَا یَنْظُرُ فِی كِتَابِكَ وَ لَا یَسْأَلُكَ عَنْ بَیِّنَتِكَ حَتَّی یُخْرِجَكَ مِنْهَا شَاخِصاً وَ یُسْلِمَكَ إِلَی قَبْرِكَ خَالِصاً فَانْظُرْ یَا شُرَیْحُ- لَا تَكُونُ ابْتَعْتَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِكَ أَوْ نَقَدْتَ
ص: 155
الثَّمَنَ مِنْ غَیْرِ حَلَالِكَ فإذا [فَإِذَنْ] أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْیَا وَ دَارَ الْآخِرَةِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَیْتَنِی عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَیْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلَی هَذِهِ النُّسْخَةِ فَلَمْ تَرْغَبْ فِی شِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهُ (1) وَ النُّسْخَةُ هَذِهِ هَذَا مَا اشْتَرَی عَبْدٌ ذَلِیلٌ مِنْ مَیِّتٍ (2) قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِیلِ اشْتَرَی مِنْهُ دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ مِنْ جَانِبِ الْفَانِینَ وَ خِطَّةِ الْهَالِكِینَ وَ تَجْمَعُ هَذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ الْحَدُّ الْأَوَّلُ یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْآفَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّانِی یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْمُصِیبَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ یَنْتَهِی إِلَی الْهَوَی الْمُرْدِی وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ یَنْتَهِی إِلَی الشَّیْطَانِ الْمُغْوِی وَ فِیهِ یُشْرَعُ بَابُ هَذِهِ الدَّارِ اشْتَرَی هَذَا الْمُغْتَرُّ بِالْأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ هَذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ وَ الدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ-(3) فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَی مِنْ دَرَكٍ (4) فَعَلَی مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوكِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ وَ مُزِیلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ مِثْلِ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَی الْمَالِ فَأَكْثَرَ وَ مَنْ بَنَی وَ شَیَّدَ وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ إِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ شَهِدَ عَلَی ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَی وَ سَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْیَا(5).
لی، [الأمالی] للصدوق صالح بن عیسی العجلی عن محمد بن محمد بن علی عن محمد بن الفرج عن عبد اللّٰه بن محمد العجلی عن عبد العظیم الحسنی عن أبیه عن أبان مولی زید بن علی عن عاصم بن بهدلة عن شریح: مثله مع زیادة سیأتی فی أبواب مواعظه علیه السلام(6)
ص: 156
بیان: یقال شخص بصره بالفتح فهو شاخص إذا فتح عینیه و صار لا یطرف و هو كنایة عن الموت و یجوز أن یكون من شخص من البلد یعنی ذهب و سار أو من شخص السهم إذا ارتفع عن الهدف و المراد یخرجك منها مرفوعا محمولا علی أكتاف الرجال و سلمه إلیه أعطاه فتناوله منه قوله علیه السلام خالصا أی من الدنیا و حطامها لیس معك شی ء منها قوله علیه السلام فإذا أنت فی أكثر النسخ بالتنوین فهو جزاء شرط محذوف أی لو ابتعتها كذلك فقد خسرت الدارین و فی بعضها بالألف غیر منون فتكون إذا الفجائیة كقول اللّٰه تعالی فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (1) و أزعجه أقلقه و قلعه عن مكانه و الخطة بالكسر هی الأرض یخطها الإنسان أی یعلم علیها علامة بالخط لیعمرها و منه خطط الكوفة و البصرة و لعل فیه إشعارا بأن ملكهم لها لیس ملكا تاما بل من قبیل العلامة التی یعلم الإنسان علی أرض یرید التصرف فیها قوله علیه السلام و تجمع هذه الدار أی تحیط بها و یقال أرداه أی أهلكه قوله و فیه یشرع علی البناء للمجهول أی یفتح و لعله كنایة عن أن سبب شراء هذه الدار هو الشیطان و إغواؤه أو عن أن هذه الدار تفتح باب وساوس الشیطان علی الإنسان قوله علیه السلام بالخروج الباء للعوض فالخروج هو الثمن قوله علیه السلام فما أدرك ما شرطیة و أدرك بمعنی لحق و اسم الإشارة مفعوله و الدرك بالتحریك التبعة و البلبلة الاضطراب و الاختلاط و إفساد الشی ء بحیث یخرج عن حد الانتفاع به و المراد به الموت أو ملكه أو الرب تعالی شأنه و قوله إشخاص مبتدأ و علی مبلبل خبره و یقال نجد أی فرش المنزل بالوسائد و التنجید التزیین و یجوز أن یكون المراد به هنا الرفع من النجد و هو المرتفع من الأرض و یقال اعتقد ضیعة و مالا أی اقتناهما.
ثم اعلم أنه یكفی لمناسبة ما یكتب فی سجلات البیوع لفظ الدرك و لا یلزم مطابقته لما هو المعهود فیها من كون الدرك لكون المبیع أو الثمن معیبا أو مستحقا للغیر فالمراد بالدرك التبعة و الإثم أی ما لحق هذا المشتری من وزر و حط مرتبة
ص: 157
و نقص عن حظوظ الآخرة فسیجزی بها فی القیامة.
أقول: و یحتمل أیضا عندی أن یكون المشتری هذا الشخص من حیث كونه تابعا للهوی و لذا وصفه تارة بالعبد الذلیل أی الأسیر فی قید الهوی و بین ذلك آخرا حیث عبر عنه بالمغتر بالأمل و البائع هذا الشخص أیضا حیث أعطاه اللّٰه العقل و نبه عقله و آذنه بالرحیل و أعلمه أنه میت و لا بد من أن یموت و المدرك لتلك الأمور و المخاطب بها هو النفس من حیث اشتماله علی العقل و لما كان هذا العقل شأنه تحصیل السعادات الدائمة و المثوبات الأخرویة و الدار الباقیة و هذا المأسور فی قید الهوی استعمله فی تحصیل الدار الفانیة المحفوفة بالآفات و البلیات و أعطاه عوضا من كسبه الخروج من عز القناعة و الدخول فی ذل الطلب فعلی البائع علیه دعوی الدرك فی القیامة بأنك ضیعت كسبی و نقصت حظی و أبدلتنی من سعیی ذلا و نقصا و هوانا فعند ذلك یخسر المبطلون فهذا ما خطر بالبال فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ.
«49»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الطَّعَامِ فَقَالَ عَلَیْكَ بِالْخَلِّ وَ الزَّیْتِ فَإِنَّهُ مَرِی ءٌ وَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یُكْثِرُ أَكْلَهُ وَ إِنِّی أُكْثِرُ أَكْلَهُ وَ إِنَّهُ مَرِی ءٌ(1).
«50»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَأْكُلُ الْخَلَّ وَ الزَّیْتَ وَ یَجْعَلُ نَفَقَتَهُ تَحْتَ طِنْفِسَتِهِ (2).
«51»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِیٍّ عَنْ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِی الْعَاصِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ أُمِّهَا زَیْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ: أَتَانِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام
ص: 158
فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَأُتِیَ بِعَشَاءٍ وَ تَمْرٍ وَ كَمْأَةٍ فَأَكَلَ علیه السلام وَ كَانَ یُحِبُّ الْكَمْأَةَ(1).
«52»- كا، [الكافی] الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ مُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً كَانَ عِنْدَكُمْ فَأَتَی بَنِی دِیوَانٍ فَاشْتَرَی (2) ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ بِدِینَارٍ الْقَمِیصُ إِلَی فَوْقِ الْكَعْبِ وَ الْإِزَارُ إِلَی نِصْفِ السَّاقِ وَ الرِّدَاءُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ إِلَی ثَدْیَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ إِلَی أَلْیَیْهِ (3) ثُمَّ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَلَمْ یَزَلْ یَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی مَا كَسَاهُ حَتَّی دَخَلَ مَنْزِلَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا اللِّبَاسُ الَّذِی یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِینَ أَنْ یَلْبَسُوهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ لَكِنْ لَا یَقْدِرُونَ أَنْ یَلْبَسُوا هَذَا الْیَوْمَ وَ لَوْ فَعَلْنَا(4) لَقَالُوا مَجْنُونٌ وَ لَقَالُوا مُرَاءٍ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ ثِیابَكَ فَطَهِّرْ(5) قَالَ وَ ثِیَابَكَ ارْفَعْهَا لَا تَجُرَّهَا فَإِذَا(6) قَامَ قَائِمُنَا كَانَ هَذَا اللِّبَاسَ (7).
«53»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِ (8) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا لَبِسَ الْقَمِیصَ مَدَّ یَدَهُ فَإِذَا طَلَعَ عَلَی أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ قَطَعَهُ (9).
«54»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْحَسَنِ الصَّیْقَلِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام تُرِیدُ أُرِیكَ قَمِیصَ عَلِیٍّ الَّذِی ضُرِبَ فِیهِ
ص: 159
وَ أُرِیكَ دَمَهُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَدَعَا بِهِ وَ هُوَ فِی سَفَطٍ(1) فَأَخْرَجَهُ وَ نَشَرَهُ فَإِذَا هُوَ قَمِیصُ كَرَابِیسَ یُشْبِهُ السُّنْبُلَانِیَ (2) وَ إِذَا مُوضَعُ الْجَیْبِ (3) إِلَی الْأَرْضِ وَ إِذَا أَثَرُ دَمٍ (4) أَبْیَضَ شِبْهِ اللَّبَنِ شِبْهِ شَطِیبِ السَّیْفِ (5) قَالَ هَذَا قَمِیصُ [كَرَابِیسُ] عَلِیٍّ الَّذِی ضُرِبَ فِیهِ وَ هَذَا أَثَرُ دَمِهِ فَشَبَرْتُ بَدَنَهُ فَإِذَا هُوَ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ وَ شَبَرْتُ أَسْفَلَهُ فَإِذَا هُوَ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً(6).
بیان: شطیب السیف طرائقه التی فی متنه.
«55»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: رَأَیْتُ قَمِیصَ عَلِیٍّ علیه السلام الَّذِی قُتِلَ فِیهِ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَإِذَا أَسْفَلُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً وَ بَدَنُهُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ وَ رَأَیْتُ فِیهِ نُضْجَ دَمٍ (7).
«56»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِی هَذِهِ حَتَّی اسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَاقِعِهَا وَ لَقَدْ قَالَ لِی قَائِلٌ أَ لَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ فَقُلْتُ اعْزُبْ عَنِّی فَعِنْدَ الصَّبَاحِ یَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَی (8).
إیضاح: السری كالهدی السیر عامة اللیل و هذا مثل یضرب لمحتمل المشقة العاجلة للراحة الآجلة.
ص: 160
وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ هَذَا الْكَلَامِ جَاءَ فِی أَخْبَارِ عَلِیٍّ علیه السلام الَّتِی ذَكَرَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِی كِتَابِ فَضَائِلِهِ وَ هُوَ رِوَایَتِی عَنْ قُرَیْشِ بْنِ السُّبَیْعِ بْنِ الْمُهَنَّا الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْمُعَمَّرِ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الصَّیْرَفِیِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الطُّیُورِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الْعَلَّافِ الْمُزَنِیِّ عَنْ أَبِی بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِیعِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِیهِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ تَرْقَعُ قَمِیصَكَ قَالَ یَخْشَعُ الْقَلْبُ وَ یَقْتَدِی بِهِ الْمُؤْمِنُونَ (1).
وَ رَوَی أَحْمَدُ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَطُوفُ الْأَسْوَاقَ مُؤْتَزِراً بِإِزَارٍ مُرْتَدِیاً بِرِدَاءٍ وَ مَعَهُ الدِّرَّةُ كَأَنَّهُ أَعْرَابِیٌّ بَدَوِیٌّ فَطَافَ مَرَّةً حَتَّی بَلَغَ سُوقَ الْكَرَابِیسِ فَقَالَ لِوَاحِدٍ یَا شَیْخُ بِعْنِی قَمِیصاً بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ (2) فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الْغُلَامِ أَخْبَرُوهُ فَأَخَذَ دِرْهَماً ثُمَّ جَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام لِیَدْفَعَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ (3) مَا هَذَا أَوْ قَالَ مَا شَأْنُهُ هَذَا(4) فَقَالَ یَا مَوْلَایَ إِنَّ الْقَمِیصَ الَّذِی بَاعَكَ ابْنِی كَانَ یُسَاوِی دِرْهَمَیْنِ فَلَمْ یَأْخُذِ الدِّرْهَمَ وَ قَالَ بَاعَنِی بِرِضَایَ وَ أَخَذَ بِرِضَاهُ.
وَ رَوَی أَحْمَدُ عَنْ أَبِی الْبَوَارِ بَائِعِ الْخَامِ بِالْكُوفَةِ قَالَ: جَاءَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِلَی السُّوقِ وَ مَعَهُ غُلَامٌ لَهُ وَ هُوَ خَلِیفَةٌ فَاشْتَرَی مِنِّی قَمِیصَیْنِ وَ قَالَ لِغُلَامِهِ اخْتَرْ أَیَّهُمَا شِئْتَ فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا وَ أَخَذَ عَلِیٌّ الْآخَرَ قَالَ ثُمَّ لَبِسَهُ وَ مَدَّ یَدَهُ فَوَجَدَ كُمَّهُ فَاضِلَةً فَقَالَ اقْطَعِ الْفَاضِلَ فَقَطَعْتُهُ ثُمَّ كَفَّهُ وَ ذَهَبَ.
و روی أحمد عن الصمال بن عمیر قال: رأیت قمیص علی علیه السلام الذی أصیب
ص: 161
فیه و هو كرابیس سنبلانی و رأیت دمه قد سال علیه كالدردی.
و روی أحمد قال: لما أرسل عثمان إلی علی وجدوه مدثرا بعباءة محتجزا و هو یذود بعیرا له (1).
و الأخبار فی هذا المعنی كثیرة و فیما ذكرناه كفایة(2).
«57»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام: وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِیتَ عَلَی حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً وَ أُجَرَّ فِی الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ وَ غَاصِباً لِشَیْ ءٍ مِنَ الْحُطَامِ وَ كَیْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ یُسْرِعُ إِلَی الْبِلَی قُفُولُهَا وَ یَطُولُ فِی الثَّرَی حُلُولُهَا وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ عَقِیلًا وَ قَدْ أَمْلَقَ حَتَّی اسْتَمَاحَنِی مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً وَ رَأَیْتُ صِبْیَانَهُ شُعْثَ الْأَلْوَانِ (3) مِنْ فَقْرِهِمْ كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ وَ عَاوَدَنِی مُؤَكِّداً وَ كَرَّرَ عَلَیَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً فَأَصْغَیْتُ إِلَیْهِ سَمْعِی فَظَنَّ أَنِّی أَبِیعُهُ دِینِی وَ أَتَّبِعُ قِیَادَهُ مُفَارِقاً طَرِیقَتِی فَأَحْمَیْتُ لَهُ حَدِیدَةً ثُمَّ أَدْنَیْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِیَعْتَبِرَ بِهَا فَضَجَّ ضَجِیجَ ذِی دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا وَ كَادَ أَنْ یَحْتَرِقَ مِنْ مِیسَمِهَا(4) فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ یَا عَقِیلُ أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِیدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ وَ تَجُرُّنِی إِلَی نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَی وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَی وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ فِی وِعَائِهَا وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا كَأَنَّهَا(5) عُجِنَتْ بِرِیقِ حَیَّةٍ أَوْ قَیْئِهَا فَقُلْتُ أَ صِلَةٌ أَمْ زَكَاةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ مُحَرَّمٌ عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ لَا ذَا وَ لَا ذَلِكَ (6) وَ لَكِنَّهَا هَدِیَّةٌ فَقُلْتُ هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ أَ عَنْ دِینِ اللَّهِ أَتَیْتَنِی لِتَخْدَعَنِی أَ مُخْتَبِطٌ أَمْ ذُو جِنَّةٍ أَمْ تَهْجُرُ وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِیتُ الْأَقَالِیمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا عَلَی أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ فِی نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِیرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ وَ إِنَّ دُنْیَاكُمْ عِنْدِی لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ
ص: 162
فِی فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا مَا لِعَلِیٍّ وَ نَعِیمٍ (1) یَفْنَی وَ لَذَّةٍ لَا تَبْقَی نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَ قُبْحِ الزَّلَلِ وَ بِهِ نَسْتَعِینُ (2).
بیان: السعدان نبت و هو أفضل مراعی الإبل و لهذا النبت شوك یقال له حسك السعدان و المسهد الممنوع من النوم و صفده یصفده شده و أوثقه و كذلك التصفید و الحطام ما تكسر من الیبس شبه به متاع الدنیا لفنائه و القفول الرجوع من السفر و هو إما كنایة عن الشیب فإن الشباب إقبال إلی الدنیا و الشیب إدبار عنها أو الموت فإن الآخرة هی الموطن الأصلی فبالموت یرجع إلیها أو إلی ما كان قبل تعلق الروح به و الإسناد إلی النفس مجازی أو المراد بالنفس البدن و الأظهر عندی أن القفول جمع القفل استعیرت لأوصال البدن و مفاصلها و الإملاق الفقر قوله علیه السلام شعث الألوان أی مغبر الألوان و یوصف الجوع بالغبرة و العظلم بالكسر النیل و قیل هو الوسمة قوله علیه السلام ذی دنف أی ذی سقم مولم و الثكل فقدان المرأة ولدها قوله شنئتها أی أبغضتها و نفرت منها و لعل المراد بالصلة ما یتوصل به إلی تحصیل المطلوب من المصانعة و الرشوة و بالصدقة الزكاة المستحبة و لا یبعد حرمتها علی الإمام و یحتمل أن یكون المراد بالحرمة ما یشمل الكراهة الشدیدة و یقال هبلته أی ثكلته و الهبول بفتح الهاء من النساء التی لا یبقی لها ولد و المختبط المصروع و ذو الجنة من به مس من الشیطان و الذی یهجر هو الذی یهذی فی مرض لیس بصرع كالمحموم و المبرسم (3) و الجلب بالضم القشر و القضم الأكل بأطراف الأسنان و السبات بالضم النوم.
أقول: قد مضت الخطبة و شرحها و إنما كررت لما فیهما من الاختلاف.
«58»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ
ص: 163
عَنْ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ عَنْ شَقِیقٍ الْبَلْخِیِّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ: لَقِیتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ صَبَاحاً فَقُلْتُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ مِنْ رَجُلٍ لَمْ یَزُرْ أَخاً وَ لَمْ یُدْخِلْ عَلَی مُؤْمِنٍ سُرُوراً قُلْتُ وَ مَا ذَلِكَ (1) قَالَ یُفَرِّجُ عَنْهُ كَرْباً أَوْ یَقْضِی عَنْهُ دَیْناً أَوْ یَكْشِفُ عَنْهُ فَاقَتَهُ قَالَ جَابِرٌ وَ لَقِیتُ عَلِیّاً یَوْماً فَقُلْتُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَصْبَحْنَا وَ بِنَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَ فَضْلِهِ مَا لَا نُحْصِیهِ مَعَ كَثِیرِ مَا نُحْصِیهِ فَمَا نَدْرِی أَیَّ نِعْمَةٍ نَشْكُرُ أَ جَمِیلَ مَا یَنْشُرُ أَمْ قَبِیحَ مَا یَسْتُرُ قَالَ وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ دَخَلْتُ عَلَی عَمِّی عَلِیٍّ علیه السلام صَبَاحاً وَ كَانَ مَرِیضاً فَقُلْتُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا بُنَیَّ كَیْفَ أَصْبَحَ مَنْ یَفْنَی بِبَقَائِهِ وَ یَسْقُمُ بِدَوَائِهِ وَ یُؤْتَی مِنْ مَأْمَنِهِ (2).
أقول: سیأتی بعض أخبار مكارمه صلوات اللّٰه علیه فی خطبة الحسن علیه السلام بعد وفاته و فی أبواب خطبه و مواعظه و سائر أبواب هذا الكتاب و قد مر كثیر منها فی الأبواب السابقة.
«1»- ع، [علل الشرائع] السِّنَانِیُّ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بِشْرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ غُرَابٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا مَنَعَكَ مِنَ الْخِضَابِ وَ قَدِ اخْتَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَنْتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَ لِحْیَتِی مِنْ دَمِ رَأْسِی بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ أَخْبَرَنِی بِهِ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(3).
ص: 164
«2»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ حَفْصٍ الْأَعْوَرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ خِضَابِ اللِّحْیَةِ وَ الرَّأْسِ أَ مِنَ السُّنَّةِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمْ یَخْتَضِبْ قَالَ إِنَّمَا مَنَعَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذِهِ سَتُخْضَبُ مِنْ هَذِهِ (1).
«3»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَضَبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَمْنَعْ عَلِیّاً علیه السلام إِلَّا قَوْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله تُخْضَبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ (2).
نهج، [نهج البلاغة]: قِیلَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَوْ غَیَّرْتَ شَیْبَتَكَ (3) یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْخِضَابُ زِینَةٌ وَ نَحْنُ قَوْمٌ فِی مُصِیبَةٍ یُرِیدُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(4).
ص: 165
«1»- ع، [علل الشرائع] الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا الْعِلَّةُ فِی تَرْكِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَاةَ الْعَصْرِ وَ هُوَ یُحِبُّ أَنْ یَجْمَعَ (1) بَیْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ فَأَخَّرَهَا قَالَ إِنَّهُ لَمَّا صَلَّی الظُّهْرَ الْتَفَتَ إِلَی جُمْجُمَةٍ تِلْقَاءَهُ (2) فَكَلَّمَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَیَّتُهَا الْجُمْجُمَةُ مِنْ أَیْنَ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَلِكُ بِلَادِ آلِ فُلَانٍ قَالَ لَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُصِّی عَلَیَّ الْخَبَرَ وَ مَا كُنْتِ وَ مَا كَانَ عَصْرُكِ فَأَقْبَلَتِ الْجُمْجُمَةُ تَقُصُّ خَبَرَهَا(3) وَ مَا كَانَ فِی عَصْرِهَا مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ فَاشْتَغَلَ بِهَا حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ فَكَلَّمَهَا بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ مِنَ الْإِنْجِیلِ لِأَنْ لَا یَفْقَهَ الْعَرَبُ كَلَامَهَا قَالَتْ لَا أَرْجِعُ وَ قَدْ أَفَلْتُ (4) فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَبَعَثَ إِلَیْهَا سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ بِسَبْعِینَ أَلْفَ سِلْسِلَةِ حَدِیدٍ فَجَعَلُوهَا فِی رَقَبَتِهَا وَ سَحَبُوهَا(5) عَلَی وَجْهِهَا حَتَّی عَادَتْ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً حَتَّی صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ هَوَتْ كَهَوِیِّ الْكَوْكَبِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ فِی تَأْخِیرِ
ص: 166
الْعَصْرِ.
و حدثنی بهذا الحدیث ابن سعید الهاشمی عن فرات بإسناده و ألفاظه:(1).
«2»- لی،(2) [الأمالی] للصدوق الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِیِّ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عُمَارَةَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ أَوْ أُمِّ مُحَمَّدٍ(3) بِنْتَیْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ وَ هِیَ جَدَّتُهَا قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ جَدَّتِی أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ وَ عَمِّی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِالْضَهْیَاءِ(4) حَدَّثَتْنِی أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ- قَالَتْ یَا بُنَیَّةِ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی هَذَا الْمَكَانِ فَصَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الظُّهْرَ ثُمَّ دَعَا عَلِیّاً فَاسْتَعَانَ بِهِ فِی بَعْضِ حَاجَتِهِ ثُمَّ جَاءَتِ الْعَصْرُ فَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی الْعَصْرَ فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَعَدَ إِلَی جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی نَبِیِّهِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ لَا یُرَی مِنْهَا شَیْ ءٌ عَلَی أَرْضٍ وَ لَا جَبَلٍ ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام هَلْ صَلَّیْتَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَا یَا رَسُولَ اللَّهِ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَلَمَّا وَضَعْتَ رَأْسَكَ فِی حَجْرِی لَمْ أَكُنْ لِأُحَرِّكَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا عَبْدُكَ عَلِیٌّ احْتَبَسَ نَفْسَهُ عَلَی نَبِیِّكَ فَرُدَّ عَلَیْهِ شَرْقَهَا فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ یَبْقَ جَبَلٌ وَ لَا أَرْضٌ إِلَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَتَوَضَّأَ وَ صَلَّی ثُمَّ انْكَسَفَتْ.
ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] الصَّدُوقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ فُدَیْكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ: مِثْلَهُ وَ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ الْخَبَرِ وَ لَعَلَّهُ علیه السلام صَلَّی إِیمَاءً قَبْلَ ذَلِكَ أَیْضاً(5).
«3»- ع، [علل الشرائع] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 167
عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِینِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أُمِّ الْمِقْدَامِ الثَّقَفِیَّةِ قَالَتْ: قَالَ لِی جُوَیْرِیَةُ بْنُ مُسْهِرٍ قَطَعْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام جِسْرَ الصَّرَاةِ فِی وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مُعَذَّبَةٌ لَا یَنْبَغِی لِنَبِیٍّ وَ لَا وَصِیِّ نَبِیٍّ أَنْ یُصَلِّیَ فِیهَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ یُصَلِّیَ (1) فَلْیُصَلِّ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً یُصَلُّونَ فَقُلْتُ أَنَا وَ اللَّهِ لَأُقَلِّدَنَّ هَذَا الرَّجُلَ صَلَاتِیَ الْیَوْمَ وَ لَا أُصَلِّی حَتَّی یُصَلِّیَ فَسِرْنَا وَ جَعَلَتِ الشَّمْسُ تَسْفُلُ وَ جَعَلَ یَدْخُلُنِی مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِیمٌ حَتَّی وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَ قَطَعْنَا الْأَرْضَ فَقَالَ یَا جُوَیْرِیَةُ أَذِّنْ فَقُلْتُ تَقُولُ أَذِّنْ وَ قَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ أَذِّنْ فَأَذَّنْتُ ثُمَّ قَالَ لِی أَقِمْ فَأَقَمْتُ فَلَمَّا قُلْتُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ رَأَیْتُ شَفَتَیْهِ یَتَحَرَّكَانِ وَ سَمِعْتُ كَلَاماً كَأَنَّهُ كَلَامُ الْعِبْرَانِیَّةِ فَارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی صَارَتْ فِی مِثْلِ وَقْتِهَا فِی الْعَصْرِ فَصَلَّی فَلَمَّا انْصَرَفْنَا هَوَتْ إِلَی مَكَانِهَا وَ اشْتَبَكَتِ النُّجُومُ فَقُلْتُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا جُوَیْرِیَةُ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ فَقُلْتُ بَلَی قَالَ فَإِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِیمِ فَرَدَّهَا عَلَیَ (2).
یر، [بصائر الدرجات] أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید: مثله (3)
فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان بالإسناد یرفعه إلی محمد بن علی الباقر عن أبیه عن جده الشهید علیه السلام: مثله (4)
كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] محمد بن العباس عن أحمد بن محمد بن إدریس عن أحمد بن محمد بن عیسی عن الحسین بن سعید عن عبد اللّٰه بن یحیی عن عبد اللّٰه بن مسكان عن أبی بصیر: مثله (5)
ص: 168
بیان: الصراة(1) نهر بالعراق و وجوب الشمس غیبوبتها و سقوطها.
«4»- ب، [قرب الإسناد] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَصْرَ فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَمْ یَكُنْ صَلَّاهَا فَأَوْحَی اللَّهُ (2) إِلَی رَسُولِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ حَجْرِهِ حِینَ قَامَ وَ قَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَ مَا صَلَّیْتَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ فِی طَاعَتِكَ (3) فَرُدَّتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ عِنْدَ ذَلِكَ (4).
«5»- شف، [كشف الیقین] مُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَكِّیُّ عَنْ شَهْرَدَارَ عَنْ عُبْدُوسٍ عَنْ أَبِی الْفَرَجِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ زَكَرِیَّا الْعَلَائِیِ (5) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی حَازِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ
قَالَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَا أَبَا الْحَسَنِ كَلِّمِ الشَّمْسَ فَإِنَّهَا تُكَلِّمُكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الْعَبْدُ الْمُطِیعُ لِلَّهِ فَقَالَتِ الشَّمْسُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِمَامَ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ فِی الْجَنَّةِ یَا عَلِیُّ أَوَّلُ مَنْ یَنْشَقُ (6) عَنْهُ الْأَرْضُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ وَ أَوَّلُ مَنْ یَحْیَا مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ وَ أَوَّلُ مَنْ یُكْسَی مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ ثُمَّ انْكَبَّ عَلِیٌّ سَاجِداً وَ عَیْنَاهُ تَذْرِفَانِ بِالدُّمُوعِ فَانْكَبَّ عَلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أَخِی وَ حَبِیبِی ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ بَاهَی اللَّهُ بِكَ أَهْلَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ (7).
ص: 169
كشف، [كشف الغمة] من مناقب الخوارزمی حدثنا عبد الرحمن بن القاسم الهمدانی عن أبی حاتم محمد بن محمد الطالقانی عن أبی محمد العسكری عن آبائه علیهم السلام: مثله (1).
«6»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ الْأُمُورِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ انْصَرَفَ مِنْ جِهَتِهِ تِلْكَ وَ قَدْ صَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَصْرَ بِالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام جَعَلَ یَقُصُّ عَلَیْهِ مَا كَانَ قَدْ نَفَضَ (2) فِیهِ فَنَزَلَ الْوَحْیُ عَلَیْهِ فِی تِلْكَ السَّاعَةِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَانَا كَذَلِكَ حَتَّی إِذَا غَرَبَتْ فَسُرِّیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی وَقْتِ الْغُرُوبِ فَقَالَ لِعَلِیٍّ هَلْ صَلَّیْتَ الْعَصْرَ قَالَ لَا فَإِنِّی كَرِهْتُ أَنْ أُزِیلَ رَأْسَكَ وَ رَأَیْتُ جُلُوسِی تَحْتَ رَأْسِكَ وَ أَنْتَ فِی تِلْكَ الْحَالِ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاتِی فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَلِیٌّ فِی طَاعَتِكَ وَ حَاجَةِ رَسُولِكَ صلی اللّٰه علیه و آله فَارْدُدْ عَلَیْهِ الشَّمْسَ لِیُصَلِّیَ صَلَاتَهُ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی صَارَتْ فِی مَوْضِعِ أَوَّلِ الْعَصْرِ فَصَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ انْقَضَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ مِثْلَ انْقِضَاضِ الْكَوَاكِبِ وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ الشَّمْسَ مُطِیعَةٌ لَكَ فَادْعُ فَدَعَا فَرَجَعَتْ وَ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا بِالْإِشَارَةِ(3).
«7»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ زَاذَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَّةَ وَ رَفَعَ الْهِجْرَةَ بِقَوْلِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام إِذَا كَانَ الْغَدُ كَلِّمِ الشَّمْسَ حَتَّی تُعْرَفَ كَرَامَتُكَ عَلَی اللَّهِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قُمْنَا فَجَاءَ عَلِیٌّ إِلَی الشَّمْسِ حِینَ طَلَعَتْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكِ أَیَّتُهَا الْمُطِیعَةُ لِرَبِّهَا فَقَالَتِ الشَّمْسُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ وَ وَصِیَّهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ رَبَّ الْعِزَّةِ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ أَبْشِرْ فَإِنَّ لَكَ وَ لِمُحِبِّیكَ وَ لِشِیعَتِكَ- مَا لَا عَیْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لَا خَطَرَ عَلَی قَلْبِ بَشَرٍ فَخَرَّ علیه السلام سَاجِداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ارْفَعْ رَأْسَكَ حَبِیبِی فَقَدْ بَاهَی اللَّهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ(4).
ص: 170
«8»- شا، [الإرشاد]: مِمَّا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنَ الْأَعْلَامِ الْبَاهِرَةِ عَلَی یَدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَ رَوَاهُ عُلَمَاءُ السِّیَرِ وَ الْآثَارِ وَ نَظَمَتْ فِیهِ الشُّعَرَاءُ الْأَشْعَارَ رُجُوعُ الشَّمْسِ لَهُ علیه السلام مَرَّتَیْنِ فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّةً وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ أُخْرَی وَ كَانَ مِنْ حَدِیثِ رُجُوعِهَا عَلَیْهِ الْمَرَّةَ الْأُولَی (1) مَا رَوَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ وَ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ فِی جَمَاعَةٍ(2) مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ فِی مَنْزِلِهِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ جَاءَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یُنَاجِیهِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَلَمَّا تَغَشَّاهُ الْوَحْیُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ عَنْهُ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَاصْطَبَر(3) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِذَلِكَ إِلَی صَلَاةِ الْعَصْرِ فَصَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَالِساً یُومِئُ بِرُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ إِیمَاءً فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشْیَتِهِ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ فَاتَتْكَ صَلَاةُ الْعَصْرِ قَالَ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُصَلِّیَهَا قَائِماً لِمَكَانِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ الْحَالِ الَّتِی كُنْتَ عَلَیْهَا فِی اسْتِمَاعِ الْوَحْیِ فَقَالَ لَهُ ادْعُ اللَّهَ حَتَّی یَرُدَّ عَلَیْكَ الشَّمْسَ لِتُصَلِّیَهَا قَائِماً فِی وَقْتِهَا كَمَا فَاتَتْكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُجِیبُكَ لِطَاعَتِكَ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ (4) فَسَأَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهَ فِی رَدِّ الشَّمْسِ فَرُدَّتْ (5) حَتَّی صَارَتْ فِی مَوْضِعِهَا مِنَ السَّمَاءِ وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَصَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَاةَ الْعَصْرِ فِی وَقْتِهَا ثُمَّ غَرَبَتْ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا لَهَا عِنْدَ غُرُوبِهَا صَرِیراً كَصَرِیرِ الْمِنْشَارِ فِی الْخَشَبِ وَ كَانَ رُجُوعُهَا(6) بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یَعْبُرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ اشْتَغَلَ كَثِیرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِتَعْبِیرِ دَوَابِّهِمْ وَ رِحَالِهِمْ فَصَلَّی (7) علیه السلام بِنَفْسِهِ فِی طَائِفَةٍ مَعَهُ الْعَصْرَ
ص: 171
فَلَمْ یَفْرُغِ النَّاسُ مِنْ عُبُورِهِمْ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ فَاتَتِ الصَّلَاةُ كَثِیراً مِنْهُمْ وَ فَاتَ الْجُمْهُورَ فَضْلُ الِاجْتِمَاعِ مَعَهُ فَتَكَلَّمُوا فِی ذَلِكَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُمْ فِیهِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یَرُدَّ الشَّمْسَ عَلَیْهِ لِتَجْتَمِعَ كَافَّةُ أَصْحَابِهِ عَلَی صَلَاةِ الْعَصْرِ فِی وَقْتِهَا فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی رَدِّهَا عَلَیْهِ وَ كَانَتْ فِی الْأُفُقِ عَلَی الْحَالِ الَّتِی تَكُونُ عَلَیْهِ وَقْتَ الْعَصْرِ فَلَمَّا سَلَّمَ الْقَوْمُ غَابَتِ الشَّمْسُ فَسُمِعَ لَهَا وَجِیبٌ شَدِیدٌ هَالَ النَّاسَ ذَلِكَ فَأَكْثَرُوا مِنَ التَّسْبِیحِ وَ التَّهْلِیلِ وَ الِاسْتِغْفَارِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَی النِّعْمَةِ الَّتِی ظَهَرَتْ فِیهِمْ وَ سَارَ خَبَرُ ذَلِكَ فِی الْآفَاقِ وَ انْتَشَرَ ذِكْرُهُ فِی النَّاسِ وَ فِی ذَلِكَ یَقُولُ السَّیِّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیُ رُدَّتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی مِنَ الْأَبْیَاتِ (1).
«9»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ وَ قَدْ أُغْمِیَ عَلَیْهِ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ جَبْرَئِیلَ وَ جَبْرَئِیلُ فِی صُورَةِ دِحْیَةِ الْكَلْبِیِّ فَلَمَّا دَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ دُونَكَ رَأْسَ ابْنِ عَمِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ (2) فَجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَخَذَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَهُ فِی حَجْرِهِ فَلَمْ یَزَلْ رَأْسُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَجْرِهِ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَفَاقَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَیْنَ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ إِلَّا دِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ دَفَعَ إِلَیَّ رَأْسَكَ قَالَ یَا عَلِیُّ دُونَكَ رَأْسَ ابْنِ عَمِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ لَهُ مِنِّی لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ فَجَلَسْتُ وَ أَخَذْتُ رَأْسَكَ فَلَمْ یَزَلْ فِی حَجْرِی حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَصَلَّیْتَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَا قَالَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّیَ فَقَالَ قَدْ أُغْمِیَ عَلَیْكَ فَكَانَ رَأْسُكَ فِی حَجْرِی فَكَرِهْتُ أَنْ أَشُقَّ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَقُومَ وَ أُصَلِّیَ وَ أَضَعَ رَأْسَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ فِی طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ حَتَّی فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ
ص: 172
اللَّهُمَّ فَرُدَّ عَلَیْهِ الشَّمْسَ حَتَّی یُصَلِّیَ الْعَصْرَ فِی وَقْتِهَا قَالَ فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَصَارَتْ فِی وَقْتِ الْعَصْرِ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً وَ نَظَرَ إِلَیْهَا أَهْلُ الْمَدِینَةِ وَ إِنَّ عَلِیّاً قَامَ وَ صَلَّی فَلَمَّا انْصَرَفَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ صَلَّوُا الْمَغْرِبَ (1).
«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب رَوَی أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی الْمَنَاقِبِ وَ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَةَ فِی الْمَعْرِفَةِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ وَ الْخَطِیبُ فِی الْأَرْبَعِینَ وَ أَبُو أَحْمَدَ الْجُرْجَانِیُّ فِی تَارِیخِ جُرْجَانَ رُدَّ الشَّمْسُ لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ لِأَبِی بِكْرٍ الْوَرَّاقِ كِتَابُ طُرُقِ مَنْ رَوَی رَدَّ الشَّمْسِ وَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجُعَلِ مُصَنَّفٌ فِی جَوَازِ رَدِّ الشَّمْسِ وَ لِأَبِی الْقَاسِمِ الْحَسْكَانِیِّ مَسْأَلَةٌ فِی تَصْحِیحِ رَدِّ الشَّمْسِ وَ تَرْغِیمِ النَّوَاصِبِ الشَّمْسَ (2) وَ لِأَبِی الْحَسَنِ شَاذَانَ كِتَابُ بَیَانِ رَدِّ الشَّمْسِ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الشِّیرَازِیُّ فِی كِتَابِهِ بِالْإِسْنَادِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: هَذَا الْحَدِیثَ مُسْتَوْفًی ثُمَّ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ عَقِیبَ هَذَا الْخَبَرِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آیَتَیْنِ فِی ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ یَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً(3) یَعْنِی هَذَا یَخْلُفُ هَذَا لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یَذَّكَّرَ فَرْضاً نَسِیَهُ أَوْ نَامَ عَلَیْهِ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً وَ أَنْزَلَ أَیْضاً یُكَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَی النَّهارِ وَ یُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَی اللَّیْلِ (4) وَ ذَكَرَ أَنَّ الشَّمْسَ رُدَّتْ عَلَیْهِ مِرَاراً الَّذِی رَوَاهُ سَلْمَانُ وَ یَوْمَ
الْبِسَاطِ وَ یَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ وَ یَوْمَ خَیْبَرَ وَ یَوْمَ قرقیسینا [قَرْقِیسِیَاءَ] وَ یَوْمَ ببراثا(5) [بَرَاثَا] وَ یَوْمَ الْغَاضِرِیَّةِ وَ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ وَ یَوْمَ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ وَ یَوْمَ صِفِّینَ
ص: 173
وَ فِی النَّجَفِ وَ فِی بَنِی مَازِرٍ وَ بِوَادِی الْعَقِیقِ وَ بَعْدَ أُحُدٍ وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ فِی الْكَافِی أَنَّهَا رَجَعَتْ بِمَسْجِدِ الْفَضِیحِ (1) مِنَ الْمَدِینَةِ وَ أَمَّا الْمَعْرُوفُ فَمَرَّتَانِ فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِكُرَاعِ الْغَمِیمِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِبَابِلَ فَأَمَّا فِی حَالِ حَیَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا رَوَتْهُ (2) أُمُّ سَلَمَةَ وَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ وَ جَابِرٌ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ الْخُدْرِیُّ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ الصَّادِقُ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَّی بِكُرَاعِ الْغَمِیمِ فَلَمَّا سَلَّمَ نَزَلَ عَلَیْهِ الْوَحْیُ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ عَلَی ذَلِكَ الْحَالِ فَأَسْنَدَهُ إِلَی ظَهْرِهِ فَلَمْ یَزَلْ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ وَ الْقُرْآنُ یَنْزِلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا تَمَّ الْوَحْیُ قَالَ یَا عَلِیُّ صَلَّیْتَ قَالَ لَا وَ قَصَّ عَلَیْهِ فَقَالَ ادْعُ لِیَرُدَّ اللَّهُ عَلَیْكَ الشَّمْسَ فَسَأَلَ اللَّهَ فَرُدَّتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی جَعْفَرٍ الطَّحَاوِیِّ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ فِی طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَیْهِ الشَّمْسَ فَرُدَّتْ فَقَامَ وَ صَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام(3) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَعَتِ الشَّمْسُ وَ بَدَتِ (4) الْكَوَاكِبُ.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی بِكْرٍ مَهْرَوَیْهِ: قَالَتْ أَسْمَاءُ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا لَهَا عِنْدَ غُرُوبِهَا صَرِیراً كَصَرِیرِ الْمِنْشَارِ فِی الْخَشَبِ قَالَ وَ ذَلِكَ بِالضَّهْیَا فِی غَزَاةِ خَیْبَرَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ صَلَّی إِیمَاءً فَلَمَّا رُدَّتِ الشَّمْسُ أَعَادَ الصَّلَاةَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ علیه السلام مَا رَوَی جُوَیْرِیَةُ بْنُ مُسْهِرٍ وَ أَبُو رَافِعٍ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ صَلَّی بِنَفْسِهِ فِی طَائِفَةٍ مَعَهُ الْعَصْرَ ثُمَّ لَمْ یَفْرُغِ النَّاسُ مِنْ عُبُورِهِمْ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ فَاتَ صَلَاةُ الْعَصْرِ الْجُمْهُورَ فَتَكَلَّمُوا فِی ذَلِكَ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَی رَدَّ الشَّمْسِ عَلَیْهِ فَرَدَّهَا عَلَیْهِ فَكَانَتْ فِی الْأُفُقِ فَلَمَّا سَلَّمَ الْقَوْمُ غَابَتْ فَسُمِعَ لَهَا وَجِیبٌ شَدِیدٌ هَالَ النَّاسَ ذَلِكَ
ص: 174
وَ أَكْثَرُوا التَّهْلِیلَ وَ التَّسْبِیحَ وَ التَّكْبِیرَ وَ مَسْجِدُ الشَّمْسِ بِالصَّاعِدِیَّةِ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ شَائِعٌ ذَائِعٌ.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِطُرُقٍ كَثِیرَةٍ: أَنَّهُ لَمْ تُرَدَّ الشَّمْسُ إِلَّا لِسُلَیْمَانَ وَصِیِّ دَاوُدَ وَ لِیُوشَعَ وَصِیِّ مُوسَی وَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَصِیِّ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ-.
وَ أَمَّا طَعْنُ الْمَلَاحِدَةِ أَنَّ ذَلِكَ یُبْطِلُ الْحِسَابَ وَ الْحَرَكَاتِ فَمُجَابٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی رَدَّهَا وَ رَدَّ مَعَهَا الْفَلَكَ فَلَا یَخْتَلِفُ الْحِسَابُ وَ الْحَرَكَاتُ وَ نَقُولُ (1) بِرَدِّهَا ثُمَّ یُحْدِثُ فِیهَا مِنَ السَّیْرِ مَا یَظْهَرُ وَ تَلْحَقُ بِمَوْضِعِهَا وَ لَا یَظْهَرُ عَلَی الْفَلَكِ وَ ذَلِكَ مَبْنِیٌ (2) عَلَی حُدُوثِ الْعَالَمِ وَ إِثْبَاتِ الْمُحْدِثِ وَ أَمَّا اعْتِرَاضُ ابْنِ فورك-(3) فِی كِتَابِ الْفُصُولِ مِنْ تَعْلِیقِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ صَحِیحاً لَرَآهُ جَمِیعُ النَّاسِ فِی جَمِیعِ الْأَقْطَارِ فَالانْفِصَالُ مِنْهُ بِمَا أُجِیبَ عَنْهُ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَی انْشِقَاقِ الْقَمَرِ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله.
«1»- مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَلَّمَتِ الشَّمْسُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام سَبْعَ مَرَّاتٍ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ قَالَ لَهُ یَا إِمَامَ الْمُسْلِمِینَ اشْفَعْ لِی إِلَی رَبِّی أَنْ لَا یُعَذِّبَنِی وَ الثَّانِیَةُ قَالَتْ مُرْنِی أُحْرِقْ مُبْغِضِیكَ فَإِنِّی أَعْرِفُهُمْ بِسِیمَاهُمْ وَ الثَّالِثَةُ بِبَابِلَ وَ قَدْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ فَكَلَّمَهَا وَ قَالَ لَهَا ارْجِعِی إِلَی مَوْضِعِكِ فَأَجَابَتْهُ بِالتَّلْبِیَةِ وَ الرَّابِعَةُ قَالَ یَا أَیَّتُهَا الشَّمْسُ هَلْ تَعْرِفِینَ لِی خَطِیئَةً قَالَتْ وَ عَزَّةِ رَبِّی لَوْ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِثْلَكَ لَمْ یَخْلُقِ النَّارَ وَ الْخَامِسَةُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِی الصَّلَاةِ فِی خِلَافَةِ أَبِی بِكْرٍ فَخَالَفُوا عَلِیّاً فَتَكَلَّمَتِ الشَّمْسُ ظَاهِرَةً فَقَالَتْ الْحَقُّ لَهُ وَ بِیَدِهِ وَ مَعَهُ سَمِعَتْهُ قُرَیْشٌ وَ مَنْ حَضَرَهُ وَ السَّادِسَةُ حِینَ دَعَاهَا فَأَتَتْهُ بِسَطْلٍ مِنْ مَاءِ الْحَیَاةِ
ص: 175
فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا الشَّمْسُ الْمُضِیئَةُ وَ السَّابِعَةُ عِنْدَ وَفَاتِهِ حِینَ جَاءَتْ وَ سَلَّمَتْ عَلَیْهِ وَ عَهِدَ إِلَیْهَا وَ عَهِدَتْ إِلَیْهِ.
وَ حَدَّثَنِی شِیرَوَیْهِ الدَّیْلَمِیُّ وَ عُبْدُوسٌ الْهَمْدَانِیُّ وَ الْخَطِیبُ الْخُوَارِزْمِیُّ مِنْ كُتُبِهِمْ وَ أَجَازَنِی جَدِّی الْكِیَا شَهْرَآشُوبَ وَ مُحَمَّدٌ الْفَتَّالُ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِنَا نَحْوَ ابْنِ قُولَوَیْهِ وَ الْكَشِّیِّ وَ الْعَبْدَكِیِّ وَ عَنْ سَلْمَانَ (1) وَ أَبِی ذَرٍّ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَ انْتَهَیَا إِلَی هَوَازِنَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُمْ یَا عَلِیُّ وَ انْظُرْ كَرَامَتَكَ عَلَی اللَّهِ كَلِّمِ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكِ أَیَّتُهَا الْعَبْدُ الدَّائِبُ (2) فِی طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِ فَأَجَابَتْهُ الشَّمْسُ وَ هِیَ تَقُولُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ وَ وَصِیَّهُ وَ حُجَّةَاللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فَانْكَبَّ عَلِیٌّ سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَی فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقِیمُهُ وَ یَمْسَحُ وَجْهَهُ وَ یَقُولُ (3) قُمْ حَبِیبِی فَقَدْ أَبْكَیْتَ أَهْلَ السَّمَاءِ مِنْ بُكَائِكَ وَ بَاهَی اللَّهُ بِكَ حَمَلَةَ عَرْشِهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنِی عَلَی سَائِرِ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَیَّدَنِی بِوَصِیَّةِ سَیِّدِ الْأَوْصِیَاءِ ثُمَّ قَرَأَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً الْآیَةَ(4).
«11»- جا، [المجالس] للمفید الْمَرْزُبَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْمَكِّیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِیكٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِیرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ هِیَ عَجُوزٌ كَبِیرَةٌ وَ فِی عُنُقِهَا خَرَزٌ(5) وَ فِی یَدِهَا مَسَكَتَانِ فَقَالَتْ یُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ أَنْ یَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ ثُمَّ قَالَتْ حَدَّثَتْنِی أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ قَالَتْ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَغَشَّاهُ الْوَحْیُ فَسَتَرَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِثَوْبِهِ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ
ص: 176
فَلَمَّا سُرِّیَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا عَلِیُّ مَا صَلَّیْتَ الْعَصْرَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهُ اشْتَغَلْتُ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ ارْدُدِ الشَّمْسَ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ كَانَتْ غَابَتْ فَرَجَعَتْ حَتَّی بَلَغَتِ الشَّمْسُ حُجْرَتِی وَ نِصْفَ الْمَسْجِدِ(1).
بیان: لعل مرادها بالتشبه هنا ترك الحلی و الزینة و یقال سری عنه الهم علی بناء المجهول من التفعیل أی انكشف.
«12»- لی، [الأمالی] للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی قَتَادَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ زَاذَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَكَّةَ خَرَجْنَا وَ نَحْنُ ثَمَانِیَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَلَمَّا أَمْسَیْنَا صِرْنَا عَشَرَةَ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْهِجْرَةَ فَقَالَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ ثُمَّ انْتَهَیْنَا إِلَی هَوَازِنَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَا عَلِیُّ قُمْ فَانْظُرْ كَرَامَتَكَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَلِّمِ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ اللَّهِ مَا حَسَدْتُ أَحَداً إِلَّا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ قُلْتُ لِلْفَضْلِ قُمْ نَنْظُرْ كَیْفَ یُكَلِّمُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام الشَّمْسَ فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكِ أَیَّتُهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الدَّائِبُ فِی طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِ فَأَجَابَتْهُ الشَّمْسُ وَ هِیَ تَقُولُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیَّهُ وَ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ قَالَ فَانْكَبَّ عَلِیٌّ علیه السلام سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ فَأَخَذَ بِرَأْسِ عَلِیٍّ علیه السلام یُقِیمُهُ وَ یَمْسَحُ وَجْهَهُ وَ یَقُولُ قُمْ حَبِیبِی فَقَدْ أَبْكَیْتَ أَهْلَ السَّمَاءِ مِنْ بُكَائِكَ وَ بَاهَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكَ حَمَلَةَ عَرْشِهِ (2).
ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] الصدوق عن ابن موسی عن أحمد بن جعفر بن نصر عن عمر بن خلاد عن أبی قتادة: مثله (3).
ص: 177
«13»- یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ قَتْلِ الْخَوَارِجِ حَتَّی إِذَا قَطَعْنَا فِی أَرْضِ بَابِلَ حَضَرَتْ (1) صَلَاةُ الْعَصْرِ قَالَ فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَزَلَ النَّاسُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مَلْعُونَةٌ وَ قَدْ عُذِّبَتْ مِنَ الدَّهْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ هِیَ إِحْدَی الْمُؤْتَفِكَاتِ-(2) وَ هِیَ أَوَّلُ أَرْضٍ عُبِدَ فِیهَا وَثَنٌ إِنَّهُ لَا یَحِلُّ لِنَبِیٍّ وَ لِوَصِیِّ نَبِیٍّ أَنْ یُصَلِّیَ فِیهَا فَأَمَرَ النَّاسَ فَمَالُوا عَنْ جَنْبَیِ الطَّرِیقِ یُصَلُّونَ وَ رَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَضَی عَلَیْهَا قَالَ جُوَیْرِیَةُ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتْبَعَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَأُقَلِّدَنَّهُ صَلَاتِیَ الْیَوْمَ قَالَ فَمَضَیْتُ خَلْفَهُ فَوَ اللَّهِ مَا جُزْنَا(3) جِسْرَ سُورَاءَ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَسَبَبْتُهُ أَوْ هَمَمْتُ أَنْ أَسُبَّهُ قَالَ فَقَالَ یَا جُوَیْرِیَةُ أَذِّنْ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَنَزَلَ نَاحِیَةً فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَنَطَقَ بِكَلَامٍ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا بِالْعِبْرَانِیَّةِ ثُمَّ نَادَی بِالصَّلَاةِ فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَی الشَّمْسِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ بَیْنِ جَبَلَیْنِ لَهَا صَرِیرٌ فَصَلَّی الْعَصْرَ وَ صَلَّیْتُ مَعَهُ قَالَ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الصَّلَاةِ عَادَ اللَّیْلُ كَمَا كَانَ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا جُوَیْرِیَةَ بْنَ مُسْهِرٍ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ فَإِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِیمِ فَرَدَّ عَلَیَّ الشَّمْسَ (4).
«14»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ سَمِعْتُ جُوَیْرِیَةَ یَقُولُ: أَسْرَی عَلِیٌّ بِنَا مِنْ كَرْبَلَاءَ إِلَی الْفُرَاتِ فَلَمَّا صِرْنَا بِبَابِلَ قَالَ لِی أَیَّ مَوْضِعٍ یُسَمَّی هَذَا یَا جُوَیْرِیَةُ قُلْتُ هَذِهِ بَابِلُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَا یَحِلُّ لِنَبِیٍّ وَ لَا وَصِیِّ نَبِیٍّ أَنْ یُصَلِّیَ بِأَرْضٍ قَدْ عُذِّبَتْ مَرَّتَیْنِ قَالَ قُلْتُ هَذِهِ الْعَصْرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ
ص: 178
قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ لَا یَحِلُّ لِنَبِیٍّ وَ لَا وَصِیِّ نَبِیٍّ أَنْ یُصَلِّیَ بِأَرْضٍ قَدْ عُذِّبَتْ مَرَّتَیْنِ وَ هِیَ تَتَوَقَّعُ الثَّالِثَةَ إِذَا طَلَعَ كَوْكَبُ الذَّنَبِ وَ عُقِدَ جِسْرُ بَابِلَ قَتَلُوا عَلَیْهِ مِائَةَ أَلْفٍ تَخُوضُهُ الْخَیْلُ إِلَی السَّنَابِكِ (1) قَالَ جُوَیْرِیَةُ وَ اللَّهِ (2) لَأُقَلِّدَنَّ صَلَاتِیَ الْیَوْمَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَطَفَ عَلِیٌّ علیه السلام بِرَأْسِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الدُّلْدُلِ حَتَّی جَازَ سُورَاءَ قَالَ لِی أَذِّنْ بِالْعَصْرِ یَا جُوَیْرِیَةُ فَأَذَّنْتُ وَ خَلَا عَلَی نَاحِیَةٍ فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَهُ سُرْیَانِیٍّ أَوْ عِبْرَانِیٍّ فَرَأَیْتُ لِلشَّمْسِ صَرِیراً وَ انْقِضَاضاً حَتَّی عَادَتْ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً قَالَ ثُمَّ قَالَ أَقِمْ فَأَقَمْتُ ثُمَّ صَلَّی بِنَا فَصَلَّیْنَا مَعَهُ فَلَمَّا سَلَّمَ اشْتَبَكَتِ النُّجُومُ فَقُلْتُ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ(3).
«15»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ قَالَتْ: إِنَّ عَلِیّاً بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَاجَةٍ فِی غَزْوَةِ حُنَیْنٍ وَ قَدْ صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَصْرَ وَ لَمْ یُصَلِّهَا عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا رَجَعَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ وَ رَفَعَهُ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أُوحِیَ إِلَیْهِ فَجَلَّلَهُ بِثَوْبِهِ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی كَادَتِ الشَّمْسُ تَغِیبُ ثُمَّ إِنَّهُ سُرِّیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَ صَلَّیْتَ یَا عَلِیُّ قَالَ لَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ رُدَّ عَلَی عَلِیٍّ الشَّمْسَ فَرَجَعَتْ حَتَّی بَلَغَتْ نِصْفَ الْمَسْجِدِ قَالَتْ أَسْمَاءُ وَ ذَلِكَ بِالصَّهْبَاءِ مَوْضِعِ طُلُوعٍ (4).
«16»- مِنْ عُیُونِ الْمُعْجِزَاتِ الْمَنْسُوبِ إِلَی السَّیِّدِ الْمُرْتَضَی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ عَبَّاسٍ الْجَوْهَرِیُّ عَنْ أَبِی طَالِبٍ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْبَارِ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَزِیدَ(5) التُّسْتَرِیِّ عَنْ أَبِی سَمِینَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ
ص: 179
سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ جُنْدَبَ بْنَ جُنَادَةَ الْغِفَارِیَّ قَالَ: رَأَیْتُ السَّیِّدَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ إِذَا كَانَ غَداً اقْصِدْ إِلَی جِبَالِ الْبَقِیعِ وَ قِفْ عَلَی نَشَزٍ(1) مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ فَسَلِّمْ عَلَیْهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ أَمَرَهَا أَنْ تُجِیبَكَ بِمَا فِیكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ حَتَّی وَافَی الْبَقِیعَ وَ وَقَفَ عَلَی نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ علیه السلام السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا خَلْقَ اللَّهِ الْجَدِیدَ الْمُطِیعَ لَهُ فَسَمِعُوا دَوِیّاً مِنَ السَّمَاءِ وَ جَوَابَ قَائِلٍ یَقُولُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَوَّلُ یَا آخِرُ یَا ظَاهِرُ یَا بَاطِنُ یَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ(2) عَلِیمٌ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ كَلَامَ الشَّمْسِ صَعِقُوا ثُمَّ أَفَاقُوا بَعْدَ سَاعَاتِهِمْ وَ قَدِ انْصَرَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْمَكَانِ فَوَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ الْجَمَاعَةِ وَ قَالُوا أَنْتَ تَقُولُ إِنَّ عَلِیّاً بَشَرٌ مِثْلُنَا وَ قَدْ خَاطَبَتْهُ الشَّمْسُ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْبَارِئُ نَفْسَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَاسَمِعْتُمُوهُ مِنْهَا فَقَالُوا سَمِعْنَاهَا تَقُولُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَوَّلُ قَالَ صَدَقَتْ هُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِی فَقَالُوا سَمِعْنَاهَا تَقُولُ یَا آخِرُ قَالَ صَدَقَتْ هُوَ آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِی یُغَسِّلُنِی وَ یُكَفِّنُنِی وَ یُدْخِلُنِی قَبْرِی فَقَالُوا سَمِعْنَاهَا تَقُولُ یَا ظَاهِرُ قَالَ صَدَقَتْ بَطْنُ سِرِّی كُلِّهِ لَهُ قَالُوا سَمِعْنَاهَا تَقُولُ یَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ قَالَ صَدَقَتْ هُوَ الْعَالِمُ بِالْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ السُّنَنِ وَ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَقَامُوا كُلُّهُمْ وَ قَالُوا لَقَدْ أَوْقَعَنَا مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فِی طَخْیَاءَ وَ خَرَجُوا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ قَالَ فِی ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَوْنِیُ
إِمَامِی كَلِیمُ الشَّمْسِ رَاجِعُ نُورِهَا***فَهَلْ لِكَلِیمِ الشَّمْسِ فِی الْقَوْمِ مِنْ مِثْلٍ (3)
یل، [الفضائل] لابن شاذان عن أبی ذر: مثله (4) بیان الطخیاء بالمد اللیلة المظلمة و تكلم بكلمة طخیاء لا یفهم.
ص: 180
«17»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی زُرْعَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنْ قَبِیصَةَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقِیتُ عَمَّاراً فِی بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِینَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِی مَسْجِدِهِ فِی مَلَإٍ مِنْ قَوْمِهِ وَ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّی الْغَدَاةَ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَبَیْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ وَ قَدْ بَزَغَتِ الشَّمْسُ إِذْ أَقْبَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَامَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ أَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ حَتَّی مَسَّتْ رُكْبَتَاهُ رُكْبَتَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ قُمْ لِلشَّمْسِ فَكَلِّمْهَا فَإِنَّهَا تُكَلِّمُكَ فَقَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَ قَالُوا أَ تَرَی عَیْنَ الشَّمْسِ تُكَلِّمُ عَلِیّاً وَ قَالَ بَعْضٌ لَا زَالَ (1) یَرْفَعُ حَسِیسَةَ ابْنِ عَمِّهِ وَ یُنَوِّهُ بِاسْمِهِ (2) إِذْ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ لِلشَّمْسِ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَتْ بِخَیْرٍ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ یَا أَوَّلُ یَا آخِرُ یَا ظَاهِرُ یَا بَاطِنُ یَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیمٌ فَرَجَعَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی النَّبِیِّ فَتَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا عَلِیُّ تُخْبِرُنِی أَوْ أُخْبِرُكَ فَقَالَ مِنْكَ أَحْسَنُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا قَوْلُهَا لَكَ یَا أَوَّلُ فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ قَوْلُهَا یَا آخِرُ فَأَنْتَ آخِرُ مَنْ یُعَایِنُنِی عَلَی مَغْسَلِی وَ قَوْلُهَا یَا ظَاهِرُ فَأَنْتَ آخِرُ مَنْ یَظْهَرُ عَلَی مَخْزُونِ سِرِّی وَ قَوْلُهَا یَا بَاطِنُ فَأَنْتَ الْمُسْتَبْطِنُ لِعِلْمِی وَ أَمَّا الْعَلِیمُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عِلْماً مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفَرَائِضِ وَ الْأَحْكَامِ التَّنْزِیلِ وَ التَّأْوِیلِ وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ وَ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ وَ الْمُشْكِلِ إِلَّا وَ أَنْتَ بِهِ عَلِیمٌ فَلَوْ لَا(3) أَنْ تَقُولَ فِیكَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِی مَا قَالَتِ النَّصَارَی فِی عِیسَی لَقُلْتُ فِیكَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْكَ یَسْتَشْفُونَ بِهِ قَالَ جَابِرٌ فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ حَدِیثِهِ أَقْبَلَ سَلْمَانُ فَقَالَ عَمَّارٌ وَ هَذَا سَلْمَانُ كَانَ مَعَنَا فَحَدَّثَنِی سَلْمَانُ كَمَا حَدَّثَنِی عَمَّارٌ(4).
«18»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا
ص: 181
عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَكِیمٍ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا قَالَ: بَیْنَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام إِذْ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَكُنْ عَلِیٌّ علیه السلام صَلَّی الْعَصْرَ فَقَامَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ فَذَكَرَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام شَأْنَ صَلَاتِهِ فَدَعَا اللَّهَ فَرَدَّ عَلَیْهِ الشَّمْسَ كَهَیْئَتِهَا فِی وَقْتِ الْعَصْرِ وَ ذَكَرَ حَدِیثَ رَدِّ الشَّمْسِ فَقَالَ یَا عَلِیُّ قُمْ فَسَلِّمْ عَلَی الشَّمْسِ وَ كَلِّمْهَا فَإِنَّهَا سَتُكَلِّمُكَ فَقَالَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ أُسَلِّمُ عَلَیْهَا قَالَ قُلْ السَّلَامُ عَلَیْكِ یَا خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَتْ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَوَّلُ یَا آخِرُ یَا ظَاهِرُ یَا بَاطِنُ یَا مَنْ یُنْجِی مُحِبِّیهِ وَ یُوبِقُ مُبْغِضِیهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا رَدَّتْ عَلَیْكَ الشَّمْسُ وَ كَانَ عَلِیٌّ كَاتِماً عَنْهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ مَا قَالَتْ لَكَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَهُ مَا قَالَتْ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الشَّمْسَ قَدْ صَدَقَتْ وَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ نَطَقَتْ أَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ إِیمَاناً وَ أَنْتَ آخِرُ الْوَصِیِّینَ لَیْسَ بَعْدِی نَبِیٌّ وَ لَا بَعْدَكَ وَصِیٌّ وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ عَلَی أَعْدَائِكَ وَ أَنْتَ الْبَاطِنُ فِی الْعِلْمِ الظَّاهِرُ عَلَیْهِ وَ لَا فَوْقَكَ فِیهِ أَحَدٌ أَنْتَ عَیْبَةُ عِلْمِی وَ خِزَانَةُ وَحْیِ رَبِّی وَ أَوْلَادُكَ خَیْرُ الْأَوْلَادِ وَ شِیعَتُكَ هُمُ النُّجَبَاءُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(1).
«19»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ(2) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ صَدَقَةَ(3) عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَی قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَسْجِدَ الْفَضِیحِ (4) فَقَالَ یَا عَمَّارُ تَرَی هَذِهِ الْوَهْدَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةُ جَعْفَرٍ(5) الَّتِی خَلَفَ عَلَیْهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَاعِدَةً فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ
ص: 182
مَعَهَا ابْنَاهَا مِنْ جَعْفَرٍ فَبَكَتْ فَقَالا لَهَا ابْنَاهَا مَا یُبْكِیكِ یَا أُمَّتِ قَالَتْ بَكَیْتُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالا لَهَا تَبْكِینَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَبْكِینَ لِأَبِینَا قَالَتْ لَیْسَ هَذَا لِهَذَا(1) وَ لَكِنْ ذَكَرْتُ حَدِیثاً حَدَّثَنِی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَبْكَانِی قَالا وَ مَا هُوَ قَالَتْ كُنْتُ وَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی هَذَا الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِی تَرَی (2) هَذِهِ الْوَهْدَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَاعِدَیْنِ فِیهَا إِذْ وَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِی ثُمَّ خَفَقَ حَتَّی غَطَّ وَ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُحَرِّكَ رَأْسَهُ عَنْ فَخِذِی فَأَكُونَ قَدْ آذَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی ذَهَبَ الْوَقْتُ وَ فَاتَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا عَلِیُّ صَلَّیْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ وَ لِمَ ذَاكَ قُلْتُ كَرِهْتُ أَنْ أُوذِیَكَ قَالَ فَقَامَ وَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَ مَدَّ یَدَیْهِ كِلْتَیْهِمَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ رُدَّ الشَّمْسَ إِلَی وَقْتِهَا حَتَّی یُصَلِّیَ عَلِیٌّ- فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ إِلَی وَقْتِ الصَّلَاةِ حَتَّی صَلَّیْتُ الْعَصْرَ ثُمَّ انْقَضَّتْ انْقِضَاضَ الْكَوْكَبِ (3).
ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] الصدوق عن أبیه عن سعد عن موسی بن جعفر البغدادی: مثله (4) بیان غطیط النائم نخیره.
«20»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْغُمْشَانِیِ (5) عَنْ یَحْیَی بْنِ الْعَلَاءِ الرَّازِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی النَّهْرَوَانِ وَ طَعَنُوا فِی أَوَّلِ أَرْضِ بَابِلَ حِینَ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَمْ یَقْطَعُوهَا حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ فَنَزَلَ النَّاسُ یَمِیناً وَ شِمَالًا یُصَلُّونَ إِلَّا الْأَشْتَرَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ أُصَلِّی حَتَّی أَرَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ نَزَلَ یُصَلِّی قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ یَا مَالِكُ إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ سَبِخَةٌ
ص: 183
وَ لَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِیهَا(1) فَمَنْ كَانَ صَلَّی فَلْیُعِدِ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَتَكَلَّمَ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ مَا هُنَّ بِالْعَرَبِیَّةِ وَ لَا بِالْفَارِسِیَّةِ فَإِذَا هُوَ بِالشَّمْسِ بَیْضَاءَ نَقِیَّةً حَتَّی إِذَا صَلَّی بِنَا سَمِعْنَا لَهَا حِینَ انْقَضَتْ خَرِیراً كَخَرِیرِ الْمِنْشَارِ(2).
«21»- كِتَابُ الصِّفِّینِ لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَعْلَی بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام أَسِیرُ فِی أَرْضِ بَابِلَ قَالَ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ قَالَ فَجَعَلْنَا لَا نَأْتِی مَكَاناً إِلَّا رَأَیْنَاهُ أَقْبَحَ مِنَ الْآخَرِ قَالَ حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی مَكَانٍ أَحْسَنَ مَا رَأَیْنَا وَ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِیبَ فَنَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَزَلْتُ مَعَهُ قَالَ فَدَعَا لِلَّهِ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ كَمِقْدَارِهَا مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ فَصَلَّیْنَا الْعَصْرَ ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ (3).
«22»- یف، [الطرائف] رَوَی ابْنُ الْمَغَازِلِیِّ فِی كِتَابِ الْمَنَاقِبِ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ خَبَرَ رَدِّ الشَّمْسِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُوحَی إِلَیْهِ وَ رَأْسُهُ فِی حَجْرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمْ یُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّی فَاتَ وَقْتُ الْفَضِیلَةِ وَ قِیلَ حَتَّی غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَبِّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ عَلَی طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَیْهِ الشَّمْسَ فَرَأَیْتُهَا غَرَبَتْ ثُمَّ رَأَیْتُهَا قَدْ طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَابَتْ. وَ فِی ابْنِ الْمَغَازِلِیِّ أَیْضاً عَنْ أَبِی رَافِعٍ قَالَ: فَرُدَّتِ الشَّمْسُ عَلَی عَلِیٍّ بَعْدَ مَا غَابَتْ حَتَّی رَجَعَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِی الْوَقْتِ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَصَلَّی الْعَصْرَ فَلَمَّا قَضَی صَلَاةَ الْعَصْرَ غَابَتِ الشَّمْسُ.
و هذا ممكن من طرق كثیرة عند اللّٰه تعالی منها أن یخلق مثل الشمس فی الموضع الذی أعادها اللّٰه إلیه ابتداء أو یهبط بعض الأرض فتظهر الشمس أو یخلق مثل الشمس فی صورتها و یجعل حكمها فی صلاة علی كحكم تلك الشمس و غیر ذلك من مقدوراته یعلمها سبحانه و قد رووا أیضا أن الشمس حبست لبعض
ص: 184
الأنبیاء فیما سلف (1).
أقول: قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی شرح البائیة للسید الحمیری حیث قال
ردت علیه الشمس لما فاته***وقت الصلاة و قد دنت للمغرب.
و یروی حین تفوته هذا خبر مشهور عن رد الشمس له علیه السلام فی حیاة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأنه روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان نائما و رأسه فی حجر أمیر المؤمنین علیه السلام فلما جاز(2) وقت صلاة العصر كره علیه السلام أن ینهض لأدائها فیزعج النبی صلی اللّٰه علیه و آله من نومه فلما مضی وقتها و انتبه النبی صلی اللّٰه علیه و آله دعا اللّٰه بردها فردها علیه فصلی علیه السلام الصلاة فی وقتها فإن قال قائل (3) هذا یقتضی أن یكون علیه السلام عاصیا بترك الصلاة قلنا عن هذا جوابان أحدهما أنه إنما یكون عاصیا إذا ترك (4) بغیر عذر و إزعاج النبی لا ینكر أن یكون عذرا فی ترك الصلاة فإن قیل الأعذار فی ترك جمیع أفعال الصلاة لا تكون إلا بفقد العقل و التمییز كالنوم و الإغماء و ما شاكلهما و لم یكن علیه السلام فی تلك الحال بهذه الصفة فأما الأعذار التی یكون معها العقل و التمییز ثابتین كالزمانة و الرباط و القید و المرض الشدید و اشتباك القتال فإنما یكون عذرا فی استیفاء أفعال الصلاة و لیس بعذر فی تركها أصلا فإن كل معذور ممن ذكرنا یصلیها علی حسب طاقته و لو بالإیماء قلنا غیر منكر أن یكون علیه السلام صلی مومیا و هو جالس لما تعذر علیه القیام إشفاقا من إزعاجه (5) صلی اللّٰه علیه و آله و علی هذا تكون فائدة رد الشمس لیصلی مستوفیا لأفعال الصلاة و تكون (6) أیضا فضیلة له و دلالة علی عظم شأنه و الجواب الآخر أن الصلاة لم تفته بمضی جمیع وقتها و إنما فاته ما فیه
ص: 185
الفضل و المزیة من أول وقتها و یقوی هذا الوجه شیئان أحدهما الروایة الأخری لأن قوله حین تفوته صریح فی أن الفوت لم یقع و إنما قارب و كاد الأمر الآخر(1) قوله و قد دنت للمغرب یعنی الشمس و هذا أیضا یقتضی أنها لم تغرب و إنما دنت و قاربت الغروب.
فإن قیل إذا كانت لم تفته فأی معنی للدعاء بردها حتی یصلی فی الوقت و هو قد صلی فیه قلنا الفائدة فی ردها لیدرك فضیلة الصلاة فی أول وقتها ثم لیكون ذلك دلالة علی سمو محله و جلالة قدره فی خرق العادة من أجله.
فإن قیل إذا كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله هو الداعی بردها له فالعادة إنما أخرقت للنبی صلی اللّٰه علیه و آله لا لغیره قلنا إذا كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إنما دعا بردها لأجل أمیر المؤمنین علیه السلام لیدرك (2) ما فاته من فضل الصلاة فشرف انخراق العادة و الفضیلة تنقسم (3) بینهما علیهما السلام.
فإن قیل كیف یصح رد الشمس و أصحاب الهیئة و الفلك یقولون ذلك محال لا تناله قدرة و هبه كان جائزا علی مذاهب أهل الإسلام أ لیس لو ردت الشمس من وقت الغروب إلی وقت الزوال لكان یجب أن یعلم أهل الشرق و الغرب (4) بذلك لأنها تبطئ بالطلوع علی بعض أهل البلاد فیطول لیلهم علی وجه خارق للعادة و تمتد من نهار قوم آخرین ما لم یكن ممتدا و لا یجوز أن یخفی علی أهل البلاد غروبها ثم عودها طالعة بعد الغروب و كانت الأخبار تنتشر بذلك و یؤرخ هذا الحدیث (5) العظیم فی التواریخ و یكون أبهر و أعظم من الطوفان قلنا قد دلت الأدلة الصحیحة الواضحة علی أن الفلك و ما فیه من شمس و قمر و نجوم غیر متحرك
ص: 186
بنفسه و لا بطبیعته علی ما یهدی (1) به القوم و أن اللّٰه تعالی هو المحرك له و المصرف باختیاره و قد استقصینا الحجج علی ذلك فی كثیر من كتبنا و لیس هذا موضع ذكره فأما علم أهل الشرق و الغرب (2) و السهل و الجبل بذلك علی ما مضی فی السؤال فغیر واجب لأنا لا نحتاج إلی القول بأنها ردت من وقت الغروب إلی وقت الزوال أو ما یقاربه علی ما مضی فی السؤال بل نقول إن وقت الفضل فی صلاة العصر هو ما یلی بلا فصل زمان أداء المصلی لفرض الظهر أربع ركعات عقیب الزوال و كل زمان و إن قصر و قل تجاوز(3) هذا الوقت فذلك الفضل ثابت (4) و إذا ردت الشمس هذا القدر الیسیر الذی تفرض (5) أنه مقدار ما یؤدی فیه ركعة واحدة خفی علی أهل الشرق و الغرب و لم یشعروا به بل هو مما یجوز أن یخفی علی من حضر الحال و شاهدها إن لم ینعم النظر(6) فیها و التنقیر عنها فبطل السؤال علی جوابنا الثانی المبنی علی فوت الفضیلة فأما الجواب الآخر المبنی علی أنها فاتت بغروبها للعذر الذی ذكرناه فالسؤال أیضا باطل عنه لأنه لیس بین مغیب جمیع قرص الشمس فی الزمان و بین مغیب بعضها و ظهور بعض إلا زمان قصیر یسیر مخفی (7) فیه رجوع الشمس بعد مغیب جمیع قرصها إلی ظهور بعضه علی كل قریب
ص: 187
و بعید و لا یفطن إذا لم یعرف سبب ذلك بأنه علی وجه خارق للعادة و من فطن بأن ضوء الشمس غاب ثم عاد بعضه جوز(1) أن یكون ذلك بغیم أو حائل.
حتی تبلج نورها فی وقتها***للعصر ثم هوت هوی الكوكب.
التبلج مأخوذ من قولهم بلج الصبح یبلج بلوجا إذا أضاء و البلجة آخر اللیل و جمعها بلج و كذلك البلجة بالفتح أیضا ما بین الحاجبین إذا كانا غیر مقرونین (2) یقال منه رجل أبلج و امرأة بلجاء فأما هوی الكوكب غیبوبته یقال (3) هویت أهوی هویا إذا سقطت إلی أسفل و كذلك الهوی فی السیر و هو المضی فیه و یقال هوی من السقوط فهو هاو و هوی من العشق فهو هو مثل عمی فهو عم و هوت الطعنة تهوی إذا فتحت فاها و یقال مضی هوی من اللیل أی ساعة.
و علیه قد حبست ببابل مرة***أخری و ما حبست (4) لخلق معرب.
هذا البیت یتضمن الإخبار عن رد الشمس فی بابل علی أمیر المؤمنین علیه السلام و الروایة بذلك مشهورة و أنه علیه السلام لما فاته وقت (5) العصر ردت له الشمس حتی صلاها فی وقتها و خرق العادة هاهنا لا یمكن نسبته (6) إلی غیره علیه السلام كما أمكن فی أیام النبی صلی اللّٰه علیه و آله.
و الصحیح فی فوت الصلاة هاهنا أحد الوجهین اللذین تقدم ذكرهما فی رد الشمس علی عهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو أن فضیلة أول الوقت فاتته بضرب من الشغل فردت الشمس لیدرك الفضیلة بالصلاة فی أول الوقت و قد بینا هذا الوجه فی تفسیر
ص: 188
البیت الأول (1) و أبطلنا قول من یدعی أن ذلك كان یجب أن یعم الخلق فی الآفاق معرفته حتی یدونوه و یؤرخوه و أما من ادعی أن الصلاة فاتته بأن تقضی جمیع وقتها إما لتشاغله بتعبیر العسكر أو لأن بابل أرض خسف لا تجوز الصلاة علیها فقد أبطل لأن الشغل بتعبیر العسكر لا یكون عذرا فی فوت صلاة فریضة و إن أمیر المؤمنین علیه السلام أجل قدرا و أتقن دینا من أن یكون ذلك عذرا له فی فوت صلاة فریضة(2) و أما أرض الخسف فإنما تكره الصلاة فیها مع الاختیار فإذا(3) لم یتمكن المصلی من الصلاة فی غیرها و خاف فوت الوقت وجب أن یصلی فیها و تزول الكراهیة فأما قوله حبست ببابل فالمراد به ردت و إنما كره لفظة الرد أن یعیدها(4) لأنها قد تقدمت.
فإن قیل حبست بمعنی وقفت و معناها یخالف معنی ردت قلنا المعنیان هاهنا واحد لأن الشمس إذا ردت إلی الموضع الذی تجاوزته فقد حبست عن المسیر المعهود و قطع الأماكن المألوف قطعها إیاها فأما المعرب فهو الناطق المفصح بحجته یقال أعرب فلان عن كذا إذا أبان عنه (5).
إلا لأحمد أو له و لردها***و لحبسها تأویل أمر معجب.
الذی أعرفه و هو المشهور فی الروایة إلا لیوشع أو له فقد روی أن یوشع ردت علیه الشمس و فی الروایتین معا سؤال و هو أن یقال لم قال أو له و الرد علیهما جمیعا و إذا ردت الشمس لكل واحد منهما لم یجز إدخال لفظة أو و الواو أحق بالدخول (6) لأنه یوجب الاشتراك و الاجتماع أ لا تری أنه لا یجوز أن یقول (7)
ص: 189
جاءنی زید أو عمرو و قد جاءاه جمیعا و إنما یقول (1) إذا جاءه أحدهما و الجواب عن ذلك (2) أن الروایة إذا كانت إلا لأحمد أو له فإن دخول لفظة أو هاهنا صحیح لأن رد الشمس فی أیام النبی صلی اللّٰه علیه و آله یضیفه قوم إلیه دون أمیر المؤمنین علیه السلام و قد رأینا قوما من المعتزلة الذین یذهبون إلی أن العادات لا تنخرق إلا للأنبیاء علیهم السلام دون غیرهم ینصرون و یصححون رجوع الشمس فی أیام النبی صلی اللّٰه علیه و آله و یضیفونه إلی النبوة فكان الشاعر قال: إن الشمس حبست علیه ببابل و ما حبست لأحد إلا لأحمد علیه السلام علی ما قاله قوم أو له علی ما قاله آخرون لأن رد الشمس فی أیام النبی صلی اللّٰه علیه و آله مختلف فی جهة إضافته فأدخل لفظة الشك لهذا السبب فأما الروایة(3) فإذا كانت بذكر یوشع علیه السلام فمعنی أو هاهنا معنی الواو فكأنه قال إلا لیوشع و له كما قال اللّٰه تعالی فَهِیَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً(4) علی أحد التأویلات فی الآیة انتهی (5).
أقول: لا یبعد أن یكون علیه السلام مأمورا بترك الصلاة فی الموضعین لظهور كرامته أو یقال من یقدر علی رد الشمس یجوز له ترك الصلاة إلی غروبها لكن الوجوه التی ذكرها رحمه اللّٰه أوفق بأصول أصحابنا.
و قال محمد بن علی بن إبراهیم بن هاشم فی كتاب العلل علة رد الشمس علی أمیر المؤمنین علیه السلام و ما طلعت علی أهل الأرض كلهم قال العالم لأنه جلل اللّٰه السماء بالغمام إلا الموضع الذی كان فیه أمیر المؤمنین علیه السلام و أصحابه فإنه جلاه حتی طلعت الشمس علیهم.
ص: 190
أقول: قال العلامة رحمه اللّٰه فی كتاب كشف الیقین كان بعض الزهاد یعظ الناس فوعظ فی بعض الأیام و أخذ یمدح علیا علیه السلام فقاربت الشمس الغروب و أظلم الأفق فقال مخاطبا للشمس:
لا تغربی یا شمس حتی ینقضی***مدحی لصنو المصطفی و لنجله
و اثنی عنانك إذ عزمت ثناءه***أ نسیت یومك إذ رددت لأجله
إن كان للمولی وقوفك فلیكن***هذا الوقوف لخیله و لرجله.
فوقفت الشمس و أضاء الأفق حتی انقضی المدح و كان ذلك بمحضر جماعة كثیرة تبلغ حد التواتر و اشتهرت هذه القصة عند الخواص و العوام (1).
«1»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّهُ اخْتَصَمَ رَجُلٌ وَ امْرَأَةٌ إِلَیْهِ فَعَلَا صَوْتُ الرَّجُلِ عَلَی الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام اخْسَأْ وَ كَانَ خَارِجِیّاً فَإِذَا رَأْسُهُ رَأْسُ الْكَلْبِ فَقَالَ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صِحْتَ بِهَذَا الْخَارِجِیِّ فَصَارَ رَأْسُهُ رَأْسَ كَلْبٍ فَمَا یَمْنَعُكَ عَنْ مُعَاوِیَةَ قَالَ وَیْحَكَ لَوْ أَشَاءُ أَنْ آتِیَ مُعَاوِیَةَ إِلَی هَاهُنَا عَلَی سَرِیرِهِ لَدَعَوْتُ اللَّهَ حَتَّی فَعَلَ وَ لَكِنَّا لِلَّهِ خُزَّانٌ لَا عَلَی ذَهَبٍ وَ لَا عَلَی فِضَّةٍ وَ لَا إِنْكَاراً(2) بَلْ عَلَی أَسْرَارِ تَدْبِیرِ اللَّهِ أَ مَا تَقْرَأُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ (3) وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَ إِنَّمَا أَدْعُوهُمْ لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ وَ كَمَالِ الْمِحْنَةِ وَ لَوْ أُذِنَ لِی فِی الدُّعَاءِ بِهَلَاكِ مُعَاوِیَةَ لَمَا تَأَخَّرَ(4).
ص: 191
«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَوْمٌ مِنْ بَنِی مَخْزُومٍ لَهُمْ خُئُولَةٌ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَتَاهُ شَابٌّ مِنْهُمْ یَوْماً فَقَالَ یَا خَالِ مَاتَ تِرْبٌ (1) لِی فَحَزِنْتُ عَلَیْهِ حُزْناً شَدِیداً قَالَ فَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَی قَبْرِهِ فَدَعَا اللَّهَ وَ قَالَ قُمْ یَا فُلَانُ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا الْمَیِّتُ جَالِسٌ عَلَی رَأْسِ الْقَبْرِ وَ هُوَ یَقُولُ وینه وینه سألا مَعْنَاهُ (2) لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ سَیِّدَنَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا هَذَا اللِّسَانُ أَ لَمْ تَمُتْ وَ أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنِّی مِتُّ عَلَی وَلَایَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ فَانْقَلَبَ لِسَانِی عَلَی أَلْسِنَةِ أَهْلِ النَّارِ(3).
«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَنَّ عَلِیّاً مَرَّ یَوْماً فِی أَزِقَّةِ الْكُوفَةِ فَانْتَهَی إِلَی رَجُلٍ قَدْ حَمَلَ جِرِّیثاً فَقَالَ انْظُرُوا إِلَی هَذَا قَدْ حَمَلَ إِسْرَائِیلِیّاً(4) فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ وَ قَالَ مَتَی صَارَ الْجِرِّیثُ إِسْرَائِیلِیّاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا إِنَّهُ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْخَامِسِ ارْتَفَعَ لِهَذَا الرَّجُلِ مِنْ صُدْغِهِ دُخَانٌ فَیَمُوتُ مَكَانَهُ فَأَصَابَهُ فِی الْیَوْمِ الْخَامِسِ ذَلِكَ فَمَاتَ فَحُمِلَ إِلَی قَبْرِهِ فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَعَ جَمَاعَةٍ إِلَی قَبْرِهِ فَدَعَا اللَّهَ ثُمَّ رَفَسَهُ (5) بِرِجْلِهِ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ یَقُولُ الرَّادُّ عَلَی عَلِیٍّ كَالرَّادِّ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ فَقَالَ عُدْ فِی قَبْرِكَ فَعَادَ فِیهِ فَانْطَبَقَ الْقَبْرُ عَلَیْهِ (6).
«4»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُنَادِی مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِدَةٌ أَوْ دَیْنٌ فَلْیَأْتِنِی فَكَانَ كُلُّ مَنْ أَتَاهُ یَطْلُبُ دَیْناً أَوْ عِدَةً یَرْفَعُ مُصَلَّاهُ فَیَجِدُ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَحْتَهُ فَیَدْفَعُهُ إِلَیْهِ فَقَالَ الثَّانِی لِلْأَوَّلِ ذَهَبَ هَذَا بِشَرَفِ الدُّنْیَا فِی هَذَا دُونَنَا فَمَا الْحِیلَةُ فَقَالَ
ص: 192
لَعَلَّكَ لَوْ نَادَیْتَ كَمَا نَادَی هُوَ كُنْتَ تَجِدُ ذَلِكَ كَمَا یَجِدُ هُوَ وَ إِذَا كَانَ إِنَّمَا تَقْضِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) فَنَادَی أَبُو بِكْرٍ كَذَلِكَ فَعَرَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْحَالَ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ سَیَنْدَمُ عَلَی مَا فَعَلَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ أَعْرَابِیٌّ وَ هُوَ جَالِسٌ فِی جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَیُّكُمْ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ- فَأُشِیرَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ أَنْتَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَلِیفَتُهُ قَالَ نَعَمْ فَمَا تَشَاءُ قَالَ فَهَلُمَّ الثَّمَانِینَ النَّاقَةَ الَّتِی ضَمِنَ لِی رَسُولُ اللَّهِ- قَالَ وَ مَا هَذِهِ النُّوقُ قَالَ ضَمِنَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَمَانِینَ نَاقَةً حَمْرَاءَ كُحْلَ الْعُیُونِ فَقَالَ لِعُمَرَ كَیْفَ نَصْنَعُ الْآنَ قَالَ إِنَّ الْأَعْرَابَ جُهَّالٌ (2) فَاسْأَلْهُ أَ لَكَ شُهُودٌ بِمَا تَقُولُ فَطَلَبَهُمْ مِنْهُ قَالَ وَ مِثْلِی یُطْلَبُ الشُّهُودَ(3) عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا یَتَضَمَّنُهُ (4) وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِوَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَلِیفَتِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ سَلْمَانُ وَ قَالَ یَا أَعْرَابِیُّ اتَّبِعْنِی أَدُلَّكَ عَلَی وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَبِعَهُ الْأَعْرَابِیُّ حَتَّی انْتَهَی (5) إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَنْتَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَمَا تَشَاءُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَمِنَ لِی ثَمَانِینَ نَاقَةً حَمْرَاءَ كُحْلَ الْعُیُونِ فَهَلُمَّهَا(6) فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ سَلَّمْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ فَانْكَبَّ الْأَعْرَابِیُّ عَلَی یَدَیْهِ یُقَبِّلُهَا(7) وَ هُوَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَلِیفَتُهُ فَبِهَذَا وَقَعَ الشَّرْطُ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ قَدْ أَسْلَمْنَا جَمِیعاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا حَسَنُ انْطَلِقْ أَنْتَ وَ سَلْمَانُ مَعَ هَذَا الْأَعْرَابِیِّ إِلَی وَادِی فُلَانٍ فَنَادِ یَا صَالِحُ یَا صَالِحُ فَإِذَا أَجَابَكَ فَقُلْ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ هَلُمَّ الثَّمَانِینَ النَّاقَةَ الَّتِی ضَمِنَهَا رَسُولُ
ص: 193
اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِهَذَا الْأَعْرَابِیِّ قَالَ سَلْمَانُ فَمَضَیْنَا إِلَی الْوَادِی فَنَادَی الْحَسَنُ-(1) فَأَجَابَهُ لَبَّیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَأَدَّی إِلَیْهِ رِسَالَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ فَلَمْ یَلْبَثْ إِذَا خَرَجَ (2) إِلَیْنَا زِمَامُ نَاقَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَأَخَذَ الْحَسَنُ علیه السلام الزِّمَامَ (3) فَنَاوَلَهُ الْأَعْرَابِیَّ فَقَالَ خُذْ وَ جَعَلَتِ النُّوقُ یَخْرُجُ حَتَّی تَمَّ الثَّمَانُونَ عَلَی الصِّفَةِ(4).
«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ عِیسَی الْهُرْهُرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ ابْنَ عَوْفٍ أَتَوُا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُعْتِبُوهُ فَقَالَ الْأَوَّلُ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا فَمَا ذَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ وَ قَالَ الثَّانِی كَلَّمَ اللَّهُ مُوسی تَكْلِیماً فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ وَ قَالَ ابْنُ عَوْفٍ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ فَقَالَ لِلْأَوَّلِ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِیمَ خَلِیلًا وَ اتَّخَذَنِی حَبِیباً وَ قَالَ لِلثَّانِی كَلَّمَ اللَّهُ مُوسی تَكْلِیماً مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَ قَدْ رَأَیْتُ عَرْشَ رَبِّی وَ كَلَّمَنِی وَ قَالَ لِلثَّالِثِ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ یُحْیِی الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَنَا إِنْ شِئْتُمْ أَحْیَیْتُ لَكُمْ مَوْتَاكُمْ قَالُوا قَدْ شِئْنَا وَ عَلَی ذَلِكَ دَارُوا فَأَرْسَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَدَعَاهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ أَقْدِمْهُمْ عَلَی الْقُبُورِ ثُمَّ قَالَ لَهُمُ اتَّبِعُوهُ فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْجَبَّانَةَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَاضْطَرَبَتْ وَ ارْتَجَّتْ قُلُوبُهُمْ وَ دَخَلَهُمْ مِنَ الذُّعْرِ(5) مَا شَاءَ اللَّهُ وَ امْتُقِعَتْ أَلْوَانُهُمْ وَ لَمْ تَقْبَلْ ذَلِكَ قُلُوبُهُمْ فَقَالُوا یَا أَبَا الْحَسَنِ أَقِلْنَا عَثَرَاتِنَا قَالَ إِنَّمَا رَدَدْتُمْ عَلَی اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَدَعَاهُ (6).
أَقُولُ: رَوَاهُ السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی عُیُونِ الْمُعْجِزَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ بِإِسْنَادِهِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ فَقَالُوا حَسْبُكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَقِلْنَا أَقَالَكَ اللَّهُ فَأَمْسَكَ عَنِ اسْتِتْمَامِ كَلَامِهِ وَ دُعَائِهِ وَ رَجَعَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا
ص: 194
لَهُ أَقِلْنَا فَقَالَ لَهُمْ إِنَّمَا رَدَدْتُمْ عَلَی اللَّهِ لَا أَقَالَكُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
یل، [الفضائل] لابن شاذان مرسلا: مثله (1) بیان قوله و علی ذلك داروا أی اتفقوا و اجتمعوا و یقال امتقع لونه علی بناء المفعول إذا تغیر من حزن أو فزع.
«6»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنْ زَاذَانَ أَبِی عَمْرٍو: قُلْتُ لَهُ یَا زَاذَانُ إِنَّكَ لَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَتُحْسِنُ قِرَاءَتَهُ فَعَلَی مَنْ قَرَأْتَ قَالَ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَرَّ بِی وَ أَنَا أُنْشِدُ الشِّعْرَ وَ كَانَ لِی خُلُقٌ حَسَنٌ فَأَعْجَبَهُ صَوْتِی فَقَالَ یَا زَاذَانُ فَهَلَّا بِالْقُرْآنِ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَیْفَ لِی بِالْقُرْآنِ فَوَ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا أُصَلِّی بِهِ قَالَ فَادْنُ مِنِّی فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَتَكَلَّمَ فِی أُذُنِی بِكَلَامٍ مَا عَرَفْتُهُ وَ لَا عَلِمْتُ مَا یَقُولُ ثُمَّ قَالَ افْتَحْ فَاكَ فَتَفَلَ فِی فِیَّ فَوَ اللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمِی مِنْ عِنْدِهِ حَتَّی حَفِظْتُ الْقُرْآنَ بِإِعْرَابِهِ وَ هَمْزِهِ وَ مَا احْتَجْتُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَ مَوْقِفِی ذَلِكَ قَالَ سَعْدٌ فَقَصَصْتُ قِصَّةَ زَاذَانَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ صَدَقَ زَاذَانُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَعَا لِزَاذَانَ بِالاسْمِ الْأَعْظَمِ الَّذِی لَا یُرَدُّ(2).
«7»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ الْأَشْتَرُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَسَلَّمَ فَأَجَابَهُ ثُمَّ قَالَ مَا أَدْخَلَكَ عَلَیَّ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ قَالَ حُبُّكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ علیه السلام فَهَلْ رَأَیْتَ بِبَابِی أَحَداً قَالَ نَعَمْ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ مَعَهُ فَإِذَا بِالْبَابِ أَكْمَهُ وَ مَكْفُوفٌ وَ مُقْعَدٌ وَ أَبْرَصُ فَقَالَ علیه السلام مَا تَصْنَعُونَ هَاهُنَا قَالُوا جِئْنَاكَ لِمَا بِنَا فَرَجَعَ فَفَتَحَ حُقّاً لَهُ فَأَخْرَجَ رَقّاً صَفْرَاءَ فَقَرَأَ عَلَیْهِمْ فَقَامُوا كُلُّهُمْ مِنْ غَیْرِ عِلَّةٍ(3).
«8»- یر، [بصائر الدرجات] سَلَمَةُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عِیسَی شَلَقَانَ (4) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام
ص: 195
كَانَتْ لَهُ خُئُولَةٌ فِی بَنِی مَخْزُومٍ وَ إِنَّ شَابّاً مِنْهُمْ أَتَاهُ فَقَالَ یَا خَالِی إِنَّ أَخِی وَ ابْنَ أَبِی مَاتَ وَ قَدْ حَزِنْتُ عَلَیْهِ حَزَناً شَدِیداً قَالَ فَتَشْتَهِی أَنْ تَرَاهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرِنِی قَبْرَهُ فَخَرَجَ وَ مَعَهُ بُرْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله السَّحَابُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْقَبْرِ تَمَلْمَلَتْ شَفَتَاهُ ثُمَّ رَكَضَهُ بِرِجْلِهِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَ هُوَ یَقُولُ رمیكا بِلِسَانِ الْفَارِسِ فَقَالَ لَهُ علیه السلام أَ لَمْ تَمُتْ وَ أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ بَلَی وَ لَكِنَّا مِتْنَا عَلَی سُنَّةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ فَانْقَلَبَتْ أَلْسِنَتُنَا(1).
«9»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ غُلَاماً یَهُودِیّاً قَدِمَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ فِی خِلَافَتِهِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَبَا بَكْرٍ فَوُجِئَ عُنُقُهُ وَ قِیلَ لَهُ لِمَ لَا تُسَلِّمُ عَلَیْهِ بِالْخِلَافَةِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مَا حَاجَتُكَ قَالَ مَاتَ أَبِی یَهُودِیّاً وَ خَلَّفَ كُنُوزاً وَ أَمْوَالًا فَإِنْ أَنْتَ أَظْهَرْتَهَا وَ أَخْرَجْتَهَا لِی أَسْلَمْتُ عَلَی یَدَیْكَ وَ كُنْتُ مَوْلَاكَ وَ جَعَلْتُ لَكَ ثُلُثَ ذَلِكَ الْمَالِ وَ ثُلُثاً لِلْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ ثُلُثاً لِی فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ یَا خَبِیثُ وَ هَلْ یَعْلَمُ الْغَیْبَ إِلَّا اللَّهُ وَ نَهَضَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ انْتَهَی الْیَهُودِیُّ إِلَی عُمَرَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ قَالَ إِنِّی أَتَیْتُ أَبَا بَكْرٍ أَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأُوجِعْتُ ضَرْباً وَ أَنَا أَسْأَلُكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَ حَكَی قِصَّتَهُ قَالَ وَ هَلْ یَعْلَمُ الْغَیْبَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ خَرَجَ الْیَهُودِیُّ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ فِی الْمَسْجِدِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَدْ سَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَوَكَزُوهُ وَ قَالُوا یَا خَبِیثُ هَلَّا سَلَّمْتَ عَلَی الْأَوَّلِ كَمَا سَلَّمْتَ عَلَی عَلِیٍّ وَ الْخَلِیفَةُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ وَ اللَّهِ مَا سَمَّیْتُهُ بِهَذَا الِاسْمِ حَتَّی وَجَدْتُ ذَلِكَ فِی كُتُبِ آبَائِی وَ أَجْدَادِی فِی التَّوْرَاةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَفِی بِمَا تَقُولُ قَالَ نَعَمْ وَ أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ وَ جَمِیعَ مَنْ یَحْضُرُنِی قَالَ نَعَمْ فَدَعَا بَرَقٍّ أَبْیَضَ فَكَتَبَ عَلَیْهِ كِتَاباً ثُمَّ قَالَ تُحْسِنُ أَنْ تَكْتُبَ قَالَ نَعَمْ قَالَ خُذْ مَعَكَ أَلْوَاحاً وَ صِرْ إِلَی بِلَادِ الْیَمَنِ وَ سَلْ عَنْ وَادِی بَرَهُوتَ بِحَضْرَمَوْتَ فَإِذَا صِرْتَ بِطَرَفِ الْوَادِی عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَاقْعُدْ هُنَاكَ فَإِنَّهُ سَیَأْتِیكَ غَرَابِیبُ سُودٌ مَنَاقِیرُهَا وَ هِیَ تَنْعِبُ فَإِذَا نَعَبَتْ هِیَ فَاهْتِفْ بِاسْمِ أَبِیكَ وَ قُلْ یَا فُلَانُ أَنَا رَسُولُ وَصِیِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 196
فَكَلِّمْنِی فَإِنَّهُ سَیُجِیبُكَ أَبُوكَ وَ لَا تقر [تَفْتُرْ] عَنْ سُؤَالِهِ (1) عَنِ الْكُنُوزِ الَّتِی خَلَّفَهَا فَكُلُّ مَا أَجَابَكَ بِهِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ تِلْكَ السَّاعَةِ فَاكْتُبْ فِی أَلْوَاحِكَ فَإِذَا انْصَرَفْتَ إِلَی بِلَادِكَ بِلَادِ خَیْبَرَ فَتَتَبَّعْ مَا فِی أَلْوَاحِكَ وَ اعْمَلْ بِمَا فِیهَا فَمَضَی الْیَهُودِیُّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی وَادِی الْیَمَنِ وَ قَعَدَ هُنَاكَ كَمَا أَمَرَهُ فَإِذَا هُوَ بِالْغَرَابِیبِ السُّودِ قَدْ أَقْبَلَتْ تَنْعِبُ فَهَتَفَ الْیَهُودِیُّ فَأَجَابَهُ أَبُوهُ وَ قَالَ وَیْلَكَ مَا جَاءَ بِكَ فِی هَذَا الْوَقْتِ إِلَی هَذَا الْمَوْطِنِ وَ هُوَ مِنْ مَوَاطِنِ أَهْلِ النَّارِ قَالَ جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ كُنُوزِكَ أَیْنَ خَلَّفْتَهَا قَالَ فِی جِدَارِ كَذَا فِی مَوْضِعِ كَذَا فِی حِیطَانِ كَذَا فَكَتَبَ الْغُلَامُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَیْلَكَ اتَّبِعْ دِینَ مُحَمَّدٍ وَ انْصَرَفَتِ الْغَرَابِیبُ وَ رَجَعَ الْیَهُودِیُّ إِلَی بِلَادِ خَیْبَرَ وَ خَرَجَ بِغِلْمَانِهِ وَ فَعَلَتِهِ وَ إِبِلٍ وَ جَوَالِیقَ وَ تَتَبَّعَ مَا فِی أَلْوَاحِهِ (2) فَأَخْرَجَ كَنْزاً مِنْ أَوَانِی الْفِضَّةِ وَ كَنْزاً مِنْ أَوَانِی الذَّهَبِ ثُمَّ أَوْقَرَ عِیراً وَ جَاءَ حَتَّی دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ وَ أَخُوهُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً كَمَا سُمِّیتَ وَ هَذِهِ عِیرٌ دَرَاهِمُ وَ دَنَانِیرُ فَاصْرِفْهَا حَیْثُ أَمَرَكَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَالُوا لِعَلِیٍّ كَیْفَ عَلِمْتَ هَذَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ شِئْتُ خَبَّرْتُكُمْ بِمَا هُوَ أَصْعَبُ مِنْ هَذَا قَالُوا فَافْعَلْ قَالَ كُنْتُ ذَاتَ یَوْمٍ تَحْتَ سَقِیفَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنِّی لَأُحْصِی سِتّاً وَ سِتِّینَ وَطْأَةً كُلٌّ مَلَائِكَةٌ أَعْرِفُهُمْ بِلُغَاتِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ أَسْمَائِهِمْ وَ وَطْئِهِمْ (3).
بیان: وجأت عنقه وجاء ضربته قوله مات أبوه (4) إنما غیر كلامه لئلا یتوهم نسبة ذلك إلی نفسه صلوات اللّٰه علیه و نعب الغرابیب ینعب بالفتح و الكسر أی صاح.
ص: 197
«10»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ قَوْماً مِنَ النَّصَارَی كَانُوا دَخَلُوا عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالُوا نَخْرُجُ وَ نَجِی ءُ بِأَهْلِینَا وَ قَوْمِنَا فَإِنْ أَنْتَ أَخْرَجْتَ لَنَا مِائَةَ نَاقَةٍ مِنَ الْحَجَرِ سَوْدَاءَ(1) مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَصِیلٌ آمَنَّا فَضَمِنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْصَرَفُوا إِلَی بِلَادِهِمْ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجَعُوا فَدَخَلُوا الْمَدِینَةَ فَسَأَلُوا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقِیلَ لَهُمْ تُوُفِّیَ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا نَجِدُ فِی كُتُبِنَا أَنَّهُ لَا یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا نَبِیٌّ إِلَّا وَ یَكُونُ لَهُ وَصِیٌّ فَمَنْ كَانَ وَصِیُّ نَبِیِّكُمْ مُحَمَّدٍ فَدُلُّوا عَلَی أَبِی بِكْرٍ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ وَ قَالُوا لَنَا دَیْنٌ عَلَی مُحَمَّدٍ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالُوا مِائَةُ نَاقَةٍ مَعَ كُلِّ نَاقَةٍ فَصِیلٌ وَ كُلُّهَا سُودٌ فَقَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرِكَةً تَفِی بِذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِلِسَانِهِمْ مَا كَانَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ إِلَّا بَاطِلًا وَ كَانَ سَلْمَانُ حَاضِراً وَ كَانَ یَعْرِفُ لُغَتَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَی وَصِیِّ مُحَمَّدٍ فَإِذَا بِعَلِیٍّ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَنَهَضُوا إِلَیْهِ وَ جَثَوْا بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالُوا لَنَا عَلَی نَبِیِّكُمْ دَیْنٌ مِائَةُ نَاقَةٍ دَیْناً بِصِفَاتٍ مَخْصُوصَةٍ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ تُسْلِمُونَ حِینَئِذٍ قَالُوا نَعَمْ فَوَاعَدَهُمْ إِلَی الْغَدِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إِلَی الْجَبَّانَةِ وَ الْمُنَافِقُونَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ یَفْتَضِحُ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِمْ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَ دَعَا خَفِیّاً ثُمَّ ضَرَبَ بِقَضِیبِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَی الْحَجَرِ فَسُمِعَ مِنْهُ أَنِینٌ یَكُونُ (2) لِلنُّوقِ عِنْدَ مَخَاضِهَا فَبَیْنَمَا كَذَلِكَ إِذَا انْشَقَّ الْحَجَرُ وَ خَرَجَ مِنْهُ رَأْسُ نَاقَةٍ وَ قَدْ تَعَلَّقَ مِنْهُ رَأْسُ الزَّمَامِ فَقَالَ علیه السلام لِابْنِهِ الْحَسَنِ خُذْهُ فَخَرَجَ مِنْهُ مِائَةُ نَاقَةٍ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَصِیلٌ كُلُّهَا سُودُ الْأَلْوَانِ فَأَسْلَمَ النَّصَارَی كُلُّهُمْ ثُمَّ قَالُوا كَانَتْ نَاقَةُ صَالِحٍ النَّبِیِّ وَاحِدَةً وَ كَانَ بِسَبَبِهَا هَلَاكُ قَوْمٍ كَثِیرٍ فَادْعُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَتَّی تَدْخُلَ النُّوقُ وَ فِصَالُهَا فِی الْحَجَرِ لِئَلَّا یَكُونَ شَیْ ءٌ مِنْهَا سَبَبَ هَلَاكِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَدَعَا فَدَخَلَتْ كَمَا خَرَجَتْ (3).
«11»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی جُمَیْعُ بْنُ عُمَیْرٍ قَالَ: اتَّهَمَ عَلِیٌّ علیه السلام رَجُلًا یُقَالُ لَهُ الْغَیْرَارُ بِرَفْعِ أَخْبَارِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَ جَحَدَهُ فَقَالَ علیه السلام أَ تَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّكَ مَا
ص: 198
فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ بَدَرَ فَحَلَفَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَأَعْمَی اللَّهُ بَصَرَكَ فَمَا دَارَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّی أُخْرِجَ (1) أَعْمَی یُقَادُ قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ بَصَرَهُ (2).
شا، [الإرشاد] عبد القاهر بن عبد الملك بن عطاء عن الولید بن عمران عن جمیع بن عمیر: مثله (3).
«12»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنَّا نَمْشِی خَلْفَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ قَتَلْتَ الرِّجَالَ وَ أَیْتَمْتَ الْأَوْلَادَ وَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ علیه السلام وَ قَالَ اخْسَأْ(4) فَإِذَا هُوَ كَلْبٌ أَسْوَدُ فَجَعَلَ یَلُوذُ بِهِ وَ یَتَبَصْبَصُ فَوَافَاهُ بِرَحْمَةٍ(5) حَتَّی حَرَّكَ شَفَتَیْهِ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ كَمَا كَانَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْتَ تَقْدِرُ عَلَی مِثْلِ هَذَا وَ یُنَاوِیكَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ مُكْرَمُونَ لَا نَسْبِقُهُ بِالْقَوْلِ وَ نَحْنُ بِأَمْرِهِ عَامِلُونَ (6).
«13»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ سُلَیْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ یُقَالُ لَهَا أُمُّ فَرْوَةَ تَحُضُّ عَلَی نَكْثِ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ تَحُثُّ عَلَی بَیْعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ(7) فَأَحْضَرَهَا وَ اسْتَتَابَهَا فَأَبَتْ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ أَ تَحُضِّیَن عَلَی فُرْقَةِ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعَ (8) عَلَیْهَا الْمُسْلِمُونَ فَمَا قَوْلُكِ فِی إِمَامَتِی قَالَتْ مَا أَنْتَ بِإِمَامٍ قَالَ فَمَنْ أَنَا قَالَتْ أَمِیرُ قَوْمِكَ وَ وَلَّوْكَ فَإِذَا أَكْرَمُوكَ (9)
ص: 199
فَالْإِمَامُ الْمَخْصُوصُ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ الْجَوْرُ وَ عَلَی الْأَمِیرِ وَ الْإِمَامِ الْمَخْصُوصِ أَنْ یَعْلَمَ (1) مَا فِی الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ وَ مَا یَحْدُثُ فِی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ مِنَ الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ فَإِذَا قَامَ فِی شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ فَلَا فَیْ ءَ لَهُ وَ لَا یَجُوزُ الْإِمَامَةُ لِعَابِدِ وَثَنٍ وَ لَا لِمَنْ كَفَرَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمِنْ أَیِّهِمَا أَنْتَ یَا ابْنَ أَبِی قُحَافَةَ قَالَ أَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِینَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ فَقَالَتْ كَذَبْتَ عَلَی اللَّهِ وَ لَوْ كُنْتَ مِمَّنِ اخْتَارَكَ اللَّهُ لَذَكَرَكَ فِی كِتَابِهِ كَمَا ذَكَرَ غَیْرَكَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ (2) وَیْلَكَ إِنْ كُنْتَ إِمَاماً حَقّاً فَمَا اسْمُ سَمَاءِ الدُّنْیَا(3) وَ الثَّانِیَةِ وَ الثَّالِثَةِ وَ الرَّابِعَةِ وَ الْخَامِسَةِ وَ السَّادِسَةِ وَ السَّابِعَةِ فَبَقِیَ أَبُو بَكْرٍ لَا یُحِیرُ(4) جَوَاباً ثُمَّ قَالَ اسْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَهَا قَالَتْ لَوْ جَازَ لِلنِّسَاءِ أَنْ یُعَلِّمْنَ [الرِّجَالَ] عَلَّمْتُكَ (5) فَقَالَ یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ لَتَذْكُرَنَّ اسْمَ سَمَاءٍ وَ سَمَاءٍ [وَ] إِلَّا قَتَلْتُكِ (6) قَالَتْ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِی وَ اللَّهِ مَا أُبَالِی أَنْ یَجْرِیَ قَتْلِی عَلَی یَدِ مِثْلِكَ وَ لَكِنِّی أُخْبِرُكَ أَمَّا السَّمَاءُ الدُّنْیَا أَیْلُولُ وَ الثَّانِیَةُ ربعول (7) وَ الثَّالِثَةُ سحقوم وَ الرَّابِعَةُ ذیلول (8) وَ الْخَامِسَةُ ماین وَ السَّادِسَةُ ماجیر(9) وَ السَّابِعَةُ أیوث فَبَقِیَ أَبُو بَكْرٍ وَ مَنْ مَعَهُ مُتَحَیِّرِینَ فَقَالُوا لَهَا مَا تَقُولِینَ فِی عَلِیٍّ قَالَتْ وَ مَا عَسَی أَنْ أَقُولَ فِی إِمَامِ الْأَئِمَّةِ وَ وَصِیِّ الْأَوْصِیَاءِ مَنْ أَشْرَقَ بِنُورِهِ الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ وَ مَنْ لَا یَتِمُّ التَّوْحِیدُ إِلَّا بِحَقِیقَةِ مَعْرِفَتِهِ (10) وَ
ص: 200
لَكِنَّكَ نَكَثْتَ وَ اسْتَبْدَلْتَ وَ بِعْتَ دِینَكَ قَالَ (1) أَبُو بِكْرٍ اقْتُلُوهَا فَقَدِ ارْتَدَّتْ فَقُتِلَتْ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی ضَیْعَةٍ لَهُ بِوَادِی الْقُرَی فَلَمَّا قَدِمَ وَ بَلَغَهُ قَتْلُ أُمِّ فَرْوَةَ فَخَرَجَ إِلَی قَبْرِهَا(2) وَ إِذَا عِنْدَ قَبْرِهَا أَرْبَعَةُ طُیُورٍ بِیضٍ مَنَاقِیرُهَا حُمْرٌ فِی مِنْقَارِ كُلِّ وَاحِدٍ حَبَّةُ رُمَّانٍ وَ هِیَ تَدْخُلُ فِی فُرْجَةٍ فِی الْقَبْرِ فَلَمَّا نَظَرَ الطُّیُورُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام رَفْرَفْنَ وَ قَرْقَرْنَ فَأَجَابَهُنَّ بِكَلَامٍ یُشْبِهُ كَلَامَهُنَّ قَالَ أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِهَا وَ مَدَّ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ یَا مُحْیِیَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ یَا مُنْشِئَ الْعِظَامِ الدَّارِسَاتِ أَحْیِ لَنَا أُمَّ فَرْوَةَ وَ اجْعَلْهَا عِبْرَةً لِمَنْ عَصَاكَ فَإِذَا بِهَاتِفٍ (3) امْضِ لِأَمْرِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ خَرَجَتْ أُمُّ فَرْوَةَ مُتَلَحِّفَةً بِرَیْطَةٍ(4) خَضْرَاءَ مِنَ السُّنْدُسِ الْأَخْضَرِ وَ قَالَتْ یَا مَوْلَایَ أَرَادَ ابْنُ أَبِی قُحَافَةَ أَنْ یُطْفِئَ نُورَكَ فَأَبَی اللَّهُ لِنُورِكَ إِلَّا ضِیَاءً وَ بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ ذَلِكَ فَبَقِیَا(5) مُتَعَجِّبَیْنِ فَقَالَ لَهُمَا سَلْمَانُ لَوْ أَقْسَمَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَی اللَّهِ أَنْ یُحْیِیَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ لَأَحْیَاهُمْ وَ رَدَّهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی زَوْجِهَا وَ وَلَدَتْ غُلَامَیْنِ لَهُ وَ عَاشَتْ بَعْدَ عَلِیٍّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ(6).
«14»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی الرِّضَا علیه السلام بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ فِی مَجْلِسِهِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا وَافَی رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ قَالَ لِی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَعْدٌ وَ قَدْ سَأَلْتُ عَنْ مُنْجِزِ وَعْدِهِ فَأُرْشِدْتُ إِلَیْكَ أَ هُوَ حَاصِلٌ لِی قَالَ علیه السلام مَا هُوَ قَالَ مِائَةُ نَاقَةٍ حَمْرَاءَ قَالَ لِی إِنْ أَنَا قُبِضْتُ فَأْتِ قَاضِیَ دَیْنِی وَ خَلِیفَتِی مِنْ بَعْدِی فَإِنَّهُ یَدْفَعُهَا إِلَیْكَ وَ مَا كَذَبَنِی فَإِنْ یَكُنْ مَا ادَّعَیْتَهُ حَقّاً فَعَجِّلْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِابْنِهِ الْحَسَنِ قُمْ یَا حَسَنُ فَنَهَضَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَخُذْ قَضِیبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْفُلَانِیَ
ص: 201
وَ صِرْ إِلَی الْبَقِیعِ فَاقْرَعْ بِهِ الصَّخْرَةَ الْفُلَانِیَّةَ ثَلَاثَ قَرَعَاتٍ وَ انْظُرْ مَا یَخْرُجُ مِنْهَا فَادْفَعْهُ إِلَی الرَّجُلِ وَ قُلْ لَهُ یَكْتُمْ مَا یَرَی فَصَارَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی الْمَوْضِعِ وَ الْقَضِیبُ مَعَهُ فَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَطَلَعَ مِنَ الصَّخْرَةِ رَأْسُ نَاقَةٍ بِزِمَامِهَا فَجَذَبَ مِائَةَ نَاقَةٍ ثُمَّ انْضَمَّتِ الصَّخْرَةُ فَدَفَعَ النُّوقَ إِلَی الرَّجُلِ وَ أَمَرَهُ بِكِتْمَانِ مَا یَرَی فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ وَ صَدَقَ أَبُوكَ (1).
«15»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ أَسْوَداً دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی سَرَقْتُ فَطَهِّرْنِی فَقَالَ لَعَلَّكَ سَرَقْتَ مِنْ غَیْرِ حِرْزٍ وَ نَحَّی رَأْسَهُ عَنْهُ (2) فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ سَرَقْتُ مِنْ حِرْزٍ فَطَهِّرْنِی فَقَالَ علیه السلام لَعَلَّكَ سَرَقْتَ غَیْرَ نِصَابٍ وَ نَحَّی رَأْسَهُ عَنْهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ سَرَقْتُ نِصَاباً فَلَمَّا أَقَرَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَطَعَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَذَهَبَ وَ جَعَلَ یَقُولُ فِی الطَّرِیقِ قَطَعَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ یَعْسُوبُ الدِّینِ وَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ جَعَلَ یَمْدَحُهُ فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ قَدِ اسْتَقْبَلَاهُ (3) فَدَخَلَا عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالا رَأَیْنَا أَسْوَداً یَمْدَحُكَ فِی الطَّرِیقِ فَبَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَعَادَهُ إِلَی عِنْدِهِ فَقَالَ علیه السلام قَطَعْتُكَ وَ أَنْتَ تَمْدَحُنِی فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ طَهَّرْتَنِی وَ إِنَّ حُبَّكَ قَدْ خَالَطَ لَحْمِی وَ عَظْمِی (4) فَلَوْ قَطَّعْتَنِی إِرْباً إِرْباً لَمَا ذَهَبَ حُبُّكَ مِنْ قَلْبِی فَدَعَا لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ وَضَعَ الْمَقْطُوعَ إِلَی مَوْضِعِهِ فَصَحَّ وَ صَلَحَ كَمَا كَانَ (5).
«16»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ سَعْدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَاهِلِیِّ:(6) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اشْتَكَی وَ
ص: 202
كَانَ مَحْمُوماً فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلِمَتْ بِی أُمُّ مِلْدَمٍ فَحَسَرَ عَلِیٌّ یَدَهُ الْیُمْنَی وَ حَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَهُ الْیُمْنَی فَوَضَعَهَا(1) عَلِیٌّ عَلَی صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا أُمَّ مِلْدَمٍ اخْرُجِی فَإِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَوَی جَالِساً ثُمَّ طَرَحَ عَنْهُ الْإِزَارَ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَكَ بِخِصَالٍ وَ مِمَّا فَضَّلَكَ بِهِ أَنْ جَعَلَ الْأَوْجَاعَ مُطِیعَةً لَكَ فَلَیْسَ مِنْ شَیْ ءٍ تَزْجُرُهُ إِلَّا انْزَجَرَ بِإِذْنِ اللَّهِ (2).
«17»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ خَارِجِیّاً اخْتَصَمَ مَعَ آخَرَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَحَكَمَ بَیْنَهُمَا(3) فَقَالَ الْخَارِجِیُّ لَا عَدَلْتَ فِی الْقَضِیَّةِ فَقَالَ علیه السلام اخْسَأْ یَا عَدُوَّ اللَّهِ فَاسْتَحَالَ كَلْباً وَ طَارَ ثِیَابُهُ فِی الْهَوَاءِ فَجَعَلَ یُبَصْبِصُ وَ قَدْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَرَقَّ لَهُ عَلِیٌّ وَ دَعَا(4) فَأَعَادَهُ اللَّهُ إِلَی حَالِ الْإِنْسَانِیَّةِ وَ تَرَاجَعَتْ ثِیَابُهُ مِنَ الْهَوَاءِ إِلَیْهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ آصَفَ وَصِیُّ سُلَیْمَانَ فَقَصَّ اللَّهُ (5) عَنْهُ بِقَوْلِهِ قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ (6) أَیُّهُمَا أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ نَبِیُّكُمْ أَمْ سُلَیْمَانُ فَقِیلَ مَا حَاجَتُكَ فِی قِتَالِ مُعَاوِیَةَ إِلَی الْأَنْصَارِ قَالَ إِنَّمَا أَدْعُو عَلَی هَؤُلَاءِ بِثُبُوتِ الْحُجَّةِ وَ كَمَالِ الْمِحْنَةِ وَ لَوْ أُذِنَ لِی فِی الدُّعَاءِ بِهَلَاكِهِ لَمَا تَأَخَّرَ(7).
«18»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ قَصَّاباً كَانَ یَبِیعُ اللَّحْمَ مِنْ جَارِیَةِ إِنْسَانٍ وَ كَانَ یَحِیفُ عَلَیْهَا فَبَكَتْ وَ خَرَجَتْ فَرَأَتْ عَلِیّاً علیه السلام فَشَكَتْهُ إِلَیْهِ فَمَشَی (8) مَعَهَا نَحْوَهُ وَ دَعَاهُ إِلَی الْإِنْصَافِ فِی حَقِّهَا وَ یَعِظُهُ وَ یَقُولُ لَهُ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ الضَّعِیفُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ الْقَوِیِ
ص: 203
فَلَا تَظْلِمِ الْجَارِیَةَ(1) وَ لَمْ یَكُنِ الْقَصَّابُ یَعْرِفُ عَلِیّاً فَرَفَعَ یَدَهُ وَ قَالَ اخْرُجْ أَیُّهَا الرَّجُلُ فَانْصَرَفَ علیه السلام وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ بِشَیْ ءٍ فَقِیلَ لِلْقَصَّابِ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَطَعَ یَدَهُ وَ أَخَذَهَا وَ خَرَجَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُعْتَذِراً فَدَعَا لَهُ علیه السلام فَصَلَحَتْ یَدُهُ (2).
«19»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب شا، [الإرشاد] رَوَی الْوَلِیدُ بْنُ الْحَارِثِ وَ غَیْرُهُ عَنْ رِجَالِهِمْ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا بَلَغَهُ مَا فَعَلَ (3) بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ بِالْیَمَنِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ بُسْراً قَدْ بَاعَ دِینَهُ بِالدُّنْیَا فَاسْلُبْهُ عَقْلَهُ وَ لَا تُبْقِ مِنْ دِینِهِ مَا یَسْتَوْجِبُ بِهِ عَلَیْكَ رَحْمَتَكَ فَبَقِیَ بُسْرٌ حَتَّی اخْتَلَطَ وَ كَانَ یَدْعُو بِالسَّیْفِ فَاتُّخِذَ لَهُ سَیْفٌ مِنْ خَشَبٍ وَ كَانَ یَضْرِبُ بِهِ حَتَّی یُغْشَی عَلَیْهِ فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ السَّیْفَ السَّیْفَ فَیُدْفَعُ إِلَیْهِ فَیَضْرِبُ بِهِ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی مَاتَ (4).
«20»- شا، [الإرشاد] إِسْمَاعِیلُ بْنُ عُمَیْرٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمِیرَةَ قَالَ: نَشَدَ عَلِیٌّ علیه السلام(5) فِی قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِی الْقَوْمِ لَمْ یَشْهَدْ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا أَنَسُ قَالَ لبَّیْكَ قَالَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَشْهَدَ وَ قَدْ سَمِعْتَ مَا سَمِعُوا قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَبِرْتُ وَ نَسِیتُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَاضْرِبْهُ بِبَیَاضٍ أَوْ بِوَضَحٍ لَا تُوَارِیهِ الْعِمَامَةُ قَالَ طَلْحَةُ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهَا بیضا [بَیْضَاءَ] بَیْنَ عَیْنَیْهِ (6).
یج، [الخرائج و الجرائح] عن طلحة: مثله (7).
ص: 204
«21»- شا، [الإرشاد] رَوَی أَبُو إِسْرَائِیلَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی سَلْمَانَ الْمُؤَذِّنِ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: نَشَدَ عَلِیٌّ علیه السلام(1) فِی الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِیّاً سِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَیْمَنِ وَ سِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَیْسَرِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ فَقَالَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ كُنْتُ أَنَا فِیمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَكَتَمْتُهُ فَذَهَبَ اللَّهُ بِبَصَرِی وَ كَانَ یَنْدَمُ عَلَی مَا فَاتَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (2).
یج، [الخرائج و الجرائح] عن زید: مثله (3).
«22»- شا، [الإرشاد] رُوِیَ عَنِ ابْنِ مُحَسِّنٍ (4) مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُوسَی بْنِ طَرِیفٍ عَنْ عَبَایَةَ بْنِ مُوسَی (5) بْنِ أُكَیْلٍ النُّمَیْرِیِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِیثَمٍ عَنْ عَبَایَةَ وَ مُوسَی الْوَجِیهِیِّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَ عُثْمَانَ بْنِ سَعِیدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ:(6) شَهِدْنَا عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ یَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَرِثْتُ نَبِیَّ الرَّحْمَةِ وَ نَكَحْتُ سَیِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَنَا سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ آخِرُ أَوْصِیَاءِ النَّبِیِّینَ لَا یَدَّعِی ذَلِكَ غَیْرِی إِلَّا أَصَابَهُ اللَّهُ بِسُوءٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ كَانَ جَالِساً بَیْنَ الْقَوْمِ مَنْ لَا یُحْسِنُ أَنْ یَقُولَ هَذَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ یَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّی تَخَبَّطَهُ الشَّیْطَانُ فَجُرَّ بِرِجْلِهِ إِلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَسَأَلْنَا قَوْمَهُ (7) هَلْ تَعْرِفُونَ بِهِ عَارِضاً قَبْلَ هَذَا قَالُوا اللَّهُمَّ لَا(8).
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْأَعْمَشُ عَنْ رُوَاتِهِ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ وَ عَنْ عُقْبَةَ الْهَجَرِیِّ عَنْ عَمَّتِهِ
ص: 205
وَ عَنْ أَبِی یَحْیَی قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیّاً علیه السلام إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ(1).
یج، [الخرائج و الجرائح] عن حكیم بن جبیر و جماعة: مثله (2).
«23»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا تَتَعَرَّضُوا لِدَعْوَةِ عَلِیٍّ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ.
الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (3) أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی اللَّهُمَّ فَعَاجِلْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ اللَّهُمَّ وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَطَعَ قَرَابَتِی وَ نَكَثَ عَهْدِی وَ ظَاهَرَ عَدُوِّی وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ لِی فَاكْفِنِیهِ كَیْفَ شِئْتَ وَ أَنَّی شِئْتَ.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ مِنَ الْعَجَبِ انْقِیَادُهُمَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ خِلَافُهُمَا عَلَیَّ وَ اللَّهِ إِنَّهُمَا یَعْلَمَانِ أَنِّی لَسْتُ بِدُونِ رَجُلٍ مِمَّنْ قَدْ مَضَی اللَّهُمَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لَا تُبْرِمْ مَا أَحْكَمَا فِی أَنْفُسِهِمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا قَدْ عَمِلَا.
فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ وَ أَرْبَعِینُ الْخَطِیبِ رَوَی زَاذَانُ: أَنَّهُ كَذَبَهُ رَجُلٌ فِی حَدِیثِهِ فَقَالَ علیه السلام أَدْعُو عَلَیْكَ إِنْ كُنْتَ كَذَبْتَنِی أَنْ یُعْمِیَ اللَّهُ بَصَرَكَ قَالَ نَعَمْ فَدَعَا عَلَیْهِ فَلَمْ یَنْصَرِفْ حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ.
تَارِیخُ الْبَلَاذُرِیِّ وَ حِلْیَةُ الْأَوْلِیَاءِ وَ كُتُبُ أَصْحَابِنَا عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّهُ اسْتَشْهَدَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَ الْأَشْعَثَ وَ خَالِدَ بْنَ یَزِیدَ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ فَكَتَمُوا فَقَالَ لِأَنَسٍ لَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یَبْتَلِیَكَ بِبَرَصٍ لَا تُغَطِّیهِ الْعِمَامَةُ وَ قَالَ لِلْأَشْعَثِ لَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یَذْهَبَ بِكَرِیمَتَیْكَ وَ قَالَ لِخَالِدٍ لَا أَمَاتَكَ اللَّهُ إِلَّا مِیتَةَ الْجَاهِلِیَّةِ(4) وَ قَالَ لِلْبَرَاءِ لَا أَمَاتَكَ اللَّهُ إِلَّا حَیْثُ هَاجَرْتَ فَقَالَ جَابِرٌ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ أَنَساً وَ قَدِ ابْتُلِیَ بِبَرَصٍ یُغَطِّیهِ بِالْعِمَامَةِ فَمَا تَسْتُرُهُ وَ رَأَیْتُ الْأَشْعَثَ وَ قَدْ ذَهَبَتْ كَرِیمَتَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ الْحَمْدُ
ص: 206
لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ دُعَاءَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیَّ بِالْعَمَی فِی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَدْعُ عَلَیَّ فِی الْآخِرَةِ فَأُعَذَّبَ وَ أَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ دَفَنُوهُ فِی مَنْزِلِهِ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ كِنْدَةُ فَجَاءَتْ بِالْخَیْلِ وَ الْإِبِلِ فَعَقَرَتْهَا عَلَی بَابِ مَنْزِلِهِ فَمَاتَ مِیتَةً جَاهِلِیَّةً وَ أَمَّا الْبَرَاءُ فَإِنَّهُ وُلِّیَ مِنْ جِهَةِ مُعَاوِیَةَ بِالْیَمَنِ فَمَاتَ بِهَا وَ مِنْهَا كَانَ هَاجَرَ وَ هِیَ السَّرَاةُ وَ دَعَا علیه السلام عَلَی رَجُلٍ فِی غَزَاةِ بَنِی زُبَیْدٍ وَ كَانَ فِی وَجْهِهِ خَالٌ فَتَغَشَّی (1) فِی وَجْهِهِ حَتَّی اسْوَدَّ لَهَا وَجْهُهُ كُلُّهُ وَ قَوْلُهُ علیه السلام لِرَجُلٍ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْكَ غُلَامَ ثَقِیفٍ قَالُوا وَ مَا غُلَامُ ثَقِیفٍ قَالَ غُلَامٌ لَا یَدَعُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا وَ أَدْرَكَ الرَّجُلَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَهُ وَ حَكَمَ علیه السلام بِحُكْمٍ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَیْهِ ظَلَمْتَ وَ اللَّهِ یَا عَلِیُّ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَغَیَّرَ اللَّهُ صُورَتَكَ فَصَارَ رَأْسُهُ رَأْسَ خِنْزِیرٍ.
وَ ذَكَرَ الصَّاحِبُ فِی رِسَالَةِ الفرا [الْغَرَّاءِ](2) عَنْ أَبِی الْعَیْنَاءِ: أَنَّهُ لَقِیَ جَدُّ أَبِی الْعَیْنَاءِ الْأَكْبَرُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَسَاءَ مُخَاطَبَتَهُ فَدَعَا عَلَیْهِ وَ عَلَی أَوْلَادِهِ بِالْعَمَی فَكُلُّ مَنْ عَمِیَ مِنْ أَوْلَادِهِ فَهُوَ صَحِیحُ النَّسَبِ.
وَ یُقَالُ: إِنَّهُ علیه السلام دَعَا عَلَی وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِیِّ وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ بِالرِّقَّةِ لَمَّا قَالَ لَهُ فَتَنْتَ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ جِئْتَ تَفْتِنُ أَهْلَ الشَّامِ بِالْعَمَی (3) وَ الْخَرَسِ وَ الصَّمَمِ وَ دَاءِ السَّوْءِ فَأَصَابَهُ فِی الْحَالِ وَ النَّاسُ إِلَی الْیَوْمِ یَرْجُمُونَ الْمَنَارَةَ الَّتِی كَانَ یُؤَذِّنُ عَلَیْهَا.
أَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَعَا عَلَی وُلْدِ الْعَبَّاسِ بِالشَّتَاتِ فَلَمْ یَرَوْا بَنِی أُمٍّ أَبْعَدَ قُبُوراً مِنْهُمْ فَعَبْدُ اللَّهِ بِالْمَشْرِقِ وَ مَعْبَدٌ بِالْمَغْرِبِ وَ قُثَمُ بِمَنْفَعَةِ الرَّوَاحِ وَ ثُمَامَةُ بِالْأُرْجُوَانِ وَ مُتَمِّمٌ بِالْخَازِرِ وَ فِی ذَلِكَ یَقُولُ كَثِیرٌ:
ص: 207
دَعَا دَعْوَةَ رَبِّهِ مُخْلِصاً***فَیَا لَكَ عَنْ قَاسِمٍ مَا أَبَرَّا
دَعَا بِالنَّوَی فَتَنَاءَتْ بِهِمْ***مُعَارَفَةُ الدَّارِ بَرّاً وَ بَحْراً
فَمِنْ مَشْرِقٍ ظَلَّ ثَاوٍ بِهِ***وَ مِنْ مَغْرِبٍ مِنْهُمْ مَا أَضَرَّا
فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ وَ خَصَائِصُ الْعَلَوِیَّةِ قَالَ ابْنُ مِسْكِینٍ: مَرَرْتُ أَنَا وَ خَالِی أَبُو أُمَیَّةَ عَلَی دَارٍ فِی دُورِ حَیٍّ مِنْ مُرَادٍ فَقَالَ أَ تَرَی هَذِهِ الدَّارَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَرَّ بِهَا وَ هُمْ یَبْنُونَهَا فَسَقَطَتْ عَلَیْهِ قِطْعَةٌ فَشَجَّتْهُ فَدَعَا أَنْ لَا یَتِمَّ بِنَاؤُهَا فَمَا وُضِعَتْ عَلَیْهَا لَبِنَةٌ قَالَ فَكُنْتَ تَمُرُّ عَلَیْهَا لَا تُشْبِهُ الدُّورَ.
وَ فِی حَدِیثِ الطِّرِمَّاحِ بْنِ عَدِیٍّ وَ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اخْتَصَمَ إِلَیْهِ خَصْمَانِ فَحَكَمَ لِأَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَیْهِ مَا حَكَمْتَ بِالسَّوِیَّةِ وَ لَا عَدَلْتَ فِی الرَّعِیَّةِ وَ لَا قَضِیَّتُكَ عِنْدَ اللَّهِ بِالْمَرْضِیَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اخْسَأْ یَا كَلْبُ فَجَعَلَ (1) فِی الْحَالِ یَعْوِی وَ لَمَّا قَالَ أَلَا وَ إِنِّی أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ مَعْدِنُ سِرِّهِ وَ عَیْبَةُ ذُخْرِهِ مَایَفُوتُنِی مَا عَمِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا مَا طَلَبَ وَ لَا یَعْزُبُ (2) عَلَیَّ مَا دَبَّ وَ دَرَجَ وَ مَا هَبَطَ وَ مَا عَرَجَ وَ مَا غَسَقَ وَ انْفَرَجَ وَ كُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوحٌ لِمَنْ سَأَلَ مَكْشُوفٌ لِمَنْ وَعَی قَالَ هِلَالُ بْنُ نَوْفَلَ الْكِنْدِیُّ فِی ذَلِكَ وَ تَعَمَّقَ إِلَی أَنْ قَالَ فَكُنْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ بَحِیثَ الْحَقَائِقِ وَ احْذَرْ حُلُولَ الْبَوَائِقِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَبْ إِلَی سَقَرَ فَوَ اللَّهِ مَا تَمَّ كَلَامُهُ حَتَّی صَارَ فِی صُورَةِ الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ یَعْنِی الْأَبْرَصَ.
وَ أَصَابَ دُعَاؤُهُ علیه السلام عَلَی جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَإِنَّهُ قَدْ عَمِیَ وَ بَلْعَاءُ بْنُ قَیْسٍ فَإِنَّهُ بَرِصَ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِی مِنْهُمْ فَرَّقَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ أَبْدَلَنِیَ اللَّهُ بِهِمْ خَیْراً مِنْهُمْ وَ أَبْدَلَهُمْ شَرّاً مِنِّی- فَمَا كَانَ إِلَّا یَوْمَهُ حَتَّی قُتِلَ.
ص: 208
وَ فِی رِوَایَةٍ: اللَّهُمَّ إِنَّنِی قَدْ كَرِهْتُهُمْ وَ كَرِهُونِی وَ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِی فَأَرِحْنِی وَ أَرِحْهُمْ فَمَاتَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ.
وَ مِمَّنْ دَعَا لَهُ علیه السلام أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَتْ مَرَرْتُ بِعَلِیٍّ وَ أَنَا حُبْلَی فَدَعَانِی فَمَسَحَ عَلَی بَطْنِی وَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذَكَراً مَیْمُوناً مُبَارَكاً فَوَلَدَتْ غُلَاماً.
انتباه الخرگوشی،: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَمِعَ فِی لَیْلَةِ الْإِحْرَامِ مُنَادِیاً بَاكِیاً فَأَمَرَ الْحُسَیْنَ علیه السلام بِطَلَبِهِ فَلَمَّا أَتَاهُ وَجَدَ شَابّاً یَبِسَ نِصْفُ بَدَنِهِ فَأَحْضَرَهُ فَسَأَلَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ حَالِهِ فَقَالَ كُنْتُ رَجُلًا ذَا بَطَرٍ وَ كَانَ أَبِی یَنْصَحُنِی فَكَانَ یَوْماً فِی نُصْحِهِ إِذْ ضَرَبْتُهُ فَدَعَا عَلَیَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ وَ أَنْشَأَ شِعْراً فَلَمَّا تَمَّ كَلَامُهُ یَبِسَ نِصْفِی فَنَدِمْتُ وَ تُبْتُ وَ طَیَّبْتُ قَلْبَهُ فَرَكِبَ عَلَی بَعِیرٍ لِیَأْتِیَ بِی إِلَی هَاهُنَا وَ یَدْعُوَ لِی فَلَمَّا انْتَصَفَ الْبَادِیَةُ نَفَرَ الْبَعِیرُ مِنْ طَیَرَانِ طَائِرٍ وَ مَاتَ وَالِدِی فَصَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام أَرْبَعاً ثُمَّ قَالَ قُمْ سَلِیماً فَقَامَ صَحِیحاً فَقَالَ صَدَقْتَ لَوْ لَمْ یَرْضَ عَنْكَ لَمَا سَمِعْتُ وَ سَمِعَ ضَرِیرٌ دُعَاءَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ یَا رَبَّ الْأَرْوَاحِ الْفَانِیَةِ وَ رَبَّ الْأَجْسَادِ الْبَالِیَةِ أَسْأَلُكَ بِطَاعَةِ الْأَرْوَاحِ الرَّاجِعَةِ إِلَی أَجْسَادِهَا وَ بِطَاعَةِ الْأَجْسَادِ الْمُلْتَئِمَةِ إِلَی أَعْضَائِهَا وَ بِانْشِقَاقِ الْقُبُورِ عَنْ أَهْلِهَا وَ بِدَعْوَتِكَ الصَّادِقَةِ فِیهِمْ وَ أَخْذِكَ بِالْحَقِّ بَیْنَهُمْ إِذَا بَرَزَ الْخَلَائِقُ یَنْتَظِرُونَ قَضَاءَكَ وَ یَرَوْنَ سُلْطَانَكَ وَ یَخَافُونَ بَطْشَكَ وَ یَرْجُونَ رَحْمَتَكَ یَوْمَ لا یُغْنِی مَوْلًی عَنْ مَوْلًی شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ (1) أَسْأَلُكَ یَا رَحْمَانُ أَنْ تَجْعَلَ النُّورَ فِی بَصَرِی وَ الْیَقِینَ فِی قَلْبِی وَ ذِكْرَكَ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ عَلَی لِسَانِی أَبَداً مَا أَبْقَیْتَنِی إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ- قَالَ فَسَمِعَهَا الْأَعْمَی وَ حَفِظَهَا وَ رَجَعَ إِلَی بَیْتِهِ الَّذِی یَأْوِیهِ فَتَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ وَ صَلَّی ثُمَّ دَعَا بِهَا فَلَمَّا بَلَغَ إِلَی قَوْلِهِ أَنْ تَجْعَلَ النُّورَ فِی بَصَرِی ارْتَدَّ الْأَعْمَی بَصِیراً بِإِذْنِ اللَّهِ.
عُقَدُ الْمَغْرِبِیِّ: أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ قَتْلَ الْهُرْمُزَانِ فَاسْتَسْقَی فَأُتِیَ بِقَدَحٍ فَجَعَلَ تُرْعَدُ یَدُهُ فَقَالَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّی خَائِفٌ أَنْ تَقْتُلَنِی قَبْلَ أَنْ أَشْرَبَهُ فَقَالَ اشْرَبْ وَ لَا بَأْسَ
ص: 209
عَلَیْكَ فَرَمَی الْقَدَحَ مِنْ یَدِهِ فَكَسَرَهُ فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَشْرَبَهُ أَبَداً وَ قَدْ آمَنْتَنِی فَقَالَ قَاتَلَكَ اللَّهُ لَقَدْ أَخَذْتَ أَمَاناً وَ لَمْ أَشْعُرْ بِهِ وَ فِی رِوَایَاتِنَا أَنَّهُ شَكَا ذَلِكَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَی فَصَارَ الْقَدَحُ صَحِیحاً مَمْلُوّاً مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا رَأَی الْهُرْمُزَانُ الْمُعْجِزَ أَسْلَمَ.
و استجابة الدعوات المتواترات من الآیات الباهرات فی خلق اللّٰه المستمرة فی العادات التی لا یغیرها إلا لخطب عظیم و إقامة حق یقین و ذلك خصوصیة للأنبیاء و الأئمة علیهم السلام(1).
«24»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْبَاقِرُ علیه السلام: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَضَهُ فَدَخَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُمْ أَ یَسُرُّكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا نَعَمْ فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْرَجَ یَدَهُ مِنَ اللِّحَافِ وَ بَیَّنَ صَدْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا الْحُمَّی تَنْفُضُهُ نَفْضاً شَدِیداً فَقَالَ یَا أُمَّ مِلْدَمٍ اخْرُجِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْتَهَرَهَا فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ بِهِ بَأْسٌ فَقَالَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ لَقَدْ أُعْطِیتَ مِنْ خِصَالِ الْخَیْرِ حَتَّی إِنَّ الْحُمَّی لَتَفْزَعُ مِنْكَ.
الْحَاتِمِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ دَخَلَ أَسْوَدٌ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ فَسَأَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ طَهِّرْنِی فَإِنِّی سَرَقْتُ فَأَمَرَ علیه السلام بِقَطْعِ یَدِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ مَنْ قَطَعَ یَدَكَ فَقَالَ لَیْثُ الْحِجَازِ وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ وَ مُصَادِمُ الْأَبْطَالِ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الْجُهَّالِ كَرِیمُ الْأَصْلِ شَرِیفُ الْفَضْلِ مُحِلُّ الْحَرَمَیْنِ وَارِثُ الْمَشْعَرَیْنِ أَبُو السِّبْطَیْنِ أَوَّلُ السَّابِقِینَ وَ آخِرُ الْوَصِیِّینَ مِنْ آلِ یَاسِینَ- الْمُؤَیَّدُ بِجَبْرَائِیلَ الْمَنْصُورُ بِمِیكَائِیلَ- الْحَبْلُ الْمَتِینُ الْمَحْفُوظُ بِجُنْدِ السَّمَاءِ أَجْمَعِینَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی رَغْمِ الرَّاغِمِینَ فِی كَلَامٍ لَهُ قَالَ ابْنُ كَوَّاءَ قَطَعَ یَدَكَ وَ تُثْنِی عَلَیْهِ قَالَ لَوْ قَطَّعَنِی إِرْباً إِرْباً مَا ازْدَدْتُ لَهُ إِلَّا حُبّاً فَدَخَلَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخْبَرَهُ بِقِصَّةِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ یَا ابْنَ كَوَّاءَ إِنَ
ص: 210
مُحِبِّینَا لَوْ قَطَّعْنَاهُمْ إِرْباً إِرْباً مَا ازْدَادُوا لَنَا إِلَّا حُبّاً وَ إِنَّ فِی أَعْدَائِنَا مَنْ لَوْ أَلْعَقْنَاهُمُ السَّمْنَ وَ الْعَسَلَ (1) مَا ازْدَادُوا مِنَّا(2) إِلَّا بُغْضاً وَ قَالَ لِلْحَسَنِ علیه السلام عَلَیْكَ بِعَمِّكَ الْأَسْوَدِ فَأَحْضَرَ الْحَسَنُ علیه السلام الْأَسْوَدَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخَذَ یَدَهُ وَ نَصَبَهَا فِی مَوْضِعِهَا وَ تَغَطَّی بِرِدَائِهِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ یُخْفِیهَا فَاسْتَوَتْ یَدُهُ وَ صَارَ یُقَاتِلُ بَیْنَ یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی أَنِ اسْتُشْهِدَ بِالنَّهْرَوَانِ وَ یُقَالُ كَانَ اسْمُ هَذَا الْأَسْوَدِ أَفْلَحَ-.
وَ أُبِینَ إِحْدَی یَدَیْ هِشَامِ بْنِ عَدِیٍّ الْهَمْدَانِیِّ فِی حَرْبِ صِفِّینَ فَأَخَذَ عَلِیٌّ علیه السلام یَدَهُ وَ قَرَأَ شَیْئاً وَ أَلْصَقَهَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا قَرَأْتَ قَالَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ قَالَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ كَأَنَّهُ اسْتَقَلَّهَا فَانْفَصَلَتْ یَدُهُ نِصْفَیْنِ فَتَرَكَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَضَی.
وَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ فِی كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْفَضَائِلِ (3) وَ كِتَابِ عِلَلِ الشَّرَائِعِ أَیْضاً عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ: عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی خَبَرٍ وَ قَدْ سُئِلَ لِمَ أَخَّرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْعَصْرَ فِی بَابِلَ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا صَلَّی الظُّهْرَ الْتَفَتَ إِلَی جُمْجُمَةٍ مُلْقَاةٍ فَكَلَّمَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَیَّتُهَا الْجُمْجُمَةُ مِنْ أَیْنَ أَنْتِ فَقَالَ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَلِكُ بَلَدِ آلِ فُلَانٍ قَالَ لَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُصِّی عَلَیَّ الْخَبَرَ وَ مَا كُنْتِ وَ مَا كَانَ فِی عَصْرِكِ فَأَقْبَلَتِ الْجُمْجُمَةُ تَقُصُّ خَبَرَهَا وَ مَا كَانَ فِی عَصْرِهَا مِنْ شَرٍّ فَاشْتَغَلَ بِهَا حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ فَكَلَّمَهَا بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ مِنَ الْإِنْجِیلِ لِئَلَّا تَفْقَهَ الْعَرَبُ كَلَامَهُ الْقِصَّةَ وَ قَالَتِ الْغُلَاةُ نَادَی علیه السلام الْجُمْجُمَةَ ثُمَّ قَالَ یَا جُلَنْدَی بْنَ كِرْكِرَ أَیْنَ الشَّرِیعَةُ فَقَالَ هَاهُنَا فَبَنَی هُنَاكَ مَسْجِداً وَ سُمِّیَ مَسْجِدَ الْجُمْجُمَةِ وَ جُلَنْدَی هَذَا مَلِكُ الْحَبَشَةِ صَاحِبِ الْفِیلِ الْهَادِمِ لِلْبَیْتِ أَبْرَهَةُ وَ قَالَتْ أَیْضاً إِنَّهُ علیه السلام نَادَی لِسَمَكَةٍ یَا مَیْمُونَةُ أَیْنَ الشَّرِیعَةُ فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْفُرَاتِ وَ قَالَتْ مَنْ عَرَفَ اسْمِی فِی الْمَاءِ لَا تَخْفَی عَلَیْهِ الشَّرِیعَةُ.
أَمَالِی الشَّیْبَانِیِّ قَالَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ: كُنْتُ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ مَعَ عَلِیِّ بْنِ
ص: 211
أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِذَا الْتَفَتَ (1) فَقَالَ یَا رُشَیْدُ أَ تَرَی مَا أَرَی قُلْتُ لَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- وَ إِنَّهُ لَیُكْشَفُ لَكَ مِنَ الْغِطَاءِ مَا لَا یُكْشَفُ لِغَیْرِكَ قَالَ إِنِّی أَرَی رَجُلًا فِی ثَبَجٍ مِنْ نَارٍ یَقُولُ یَا عَلِیُّ اسْتَغْفِرْ لِی لَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ (2).
بیان: ثبج الشی ء بالتحریك وسطه و معظمه.
«25»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب كِتَابُ الْعَلَوِیِّ الْبَصْرِیِّ: أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْیَمَنِ أَتَوُا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا نَحْنُ مِنْ بَقَایَا الْمِلَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ آلِ نُوحٍ وَ كَانَ لِنَبِیِّنَا وَصِیٌّ اسْمُهُ سَامٌ وَ أَخْبَرَ فِی كِتَابِهِ أَنَّ لِكُلِّ نَبِیٍّ مُعْجِزاً وَ لَهُ وَصِیٌّ یَقُومُ مَقَامَهُ فَمَنْ وَصِیُّكَ فَأَشَارَ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِهِ نَحْوَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ إِنْ سَأَلْنَاهُ أَنْ یُرِیَنَا سَامَ بْنَ نُوحٍ فَیَفْعَلُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ قُمْ مَعَهُمْ إِلَی دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَ اضْرِبْ بِرِجْلِكَ الْأَرْضَ عِنْدَ الْمِحْرَابِ فَذَهَبَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ بِأَیْدِیهِمْ صُحُفٌ إِلَی أَنْ دَخَلَ إِلَی مِحْرَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَاخِلِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَامَ وَ ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَانْشَقَّتِ الْأَرْضُ وَ ظَهَرَ لَحْدٌ وَ تَابُوتٌ فَقَامَ مِنَ التَّابُوتِ شَیْخٌ یَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَیْلَةَ الْبَدْرِ وَ یَنْفُضُ التُّرَابَ مِنْ رَأْسِهِ وَ لَهُ لِحْیَةٌ إِلَی سُرَّتِهِ وَ صَلَّی عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ أَنَّكَ عَلِیٌّ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ أَنَا سَامُ بْنُ نُوحٍ فَنَشَرُوا أُولَئِكَ صُحُفَهُمْ فَوَجَدُوهُ كَمَا وَصَفُوهُ فِی الصُّحُفِ ثُمَّ قَالُوا نُرِیدُ أَنْ تَقْرَأَ(3) مِنْ صُحُفِهِ سُورَةً فَأَخَذَ فِی قِرَاءَتِهِ حَتَّی تَمَّمَ السُّورَةَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ نَامَ كَمَا كَانَ فَانْضَمَّتِ الْأَرْضُ وَ قَالُوا بِأَسْرِهِمْ إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَ آمَنُوا وَ أَنْزَلَ اللَّهُ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِیُّ وَ هُوَ یُحْیِ الْمَوْتی إِلَی قَوْلِهِ أُنِیبُ (4).
ص: 212
«26»- كش، [رجال الكشی] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ قَالَ: خَرَجَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مِنَ الْقَصْرِ فَاسْتَقْبَلَهُ رُكْبَانٌ مُتَقَلِّدُونَ بِالسُّیُوفِ عَلَیْهِمُ الْعَمَائِمُ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مَوْلَانَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ أَبُو أَیُّوبَ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ فَشَهِدُوا جَمِیعاً أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تَقُومَا فَتَشْهَدَا فَقَدْ سَمِعْتُمَا كَمَا سَمِعَ الْقَوْمُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا كَتَمَاهَا مُعَانَدَةً فَابْتَلِهِمَا فَعَمِیَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَ بَرِصَ قَدَمَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَمَّا أَنَسٌ فَحَلَفَ (1) أَنْ لَا یَكْتُمَ مَنْقَبَةً لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ لَا فَضْلًا أَبَداً وَ أَمَّا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَكَانَ یُسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِهِ فَیُقَالُ هُوَ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَیَقُولُ كَیْفَ یَرْشُدُ مَنْ أَصَابَتْهُ الدَّعْوَةُ(2).
«27»- یل، [الفضائل] لابن شاذان عَنْ أَبِی الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ قَالَ: قَدِمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمَدَائِنَ فَنَزَلَ بِإِیوَانِ كِسْرَی وَ كَانَ مَعَهُ دُلَفُ بْنُ مُجِیرٍ فَلَمَّا صَلَّی قَامَ وَ قَالَ لِدُلَفَ قُمْ مَعِی وَ كَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ سَابَاطَ فَمَا زَالَ یَطُوفُ مَنَازِلَ كِسْرَی وَ یَقُولُ لِدُلَفَ- كَانَ لِكِسْرَی فِی هَذَا الْمَكَانِ كَذَا وَ كَذَا وَ یَقُولُ دُلَفُ هُوَ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّی طَافَ الْمَوَاضِعَ بِجَمِیعِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ (3) وَ دُلَفُ یَقُولُ یَا سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ كَأَنَّكَ وَضَعْتَ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ فِی هَذِهِ الْمَسَاكِنَ (4) ثُمَّ نَظَرَ علیه السلام إِلَی جُمْجُمَةٍ نَخِرَةٍ فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ خُذْ هَذِهِ الْجُمْجُمَةَ(5) ثُمَّ جَاءَ
ص: 213
علیه السلام إِلَی الْإِیوَانِ وَ جَلَسَ فِیهِ وَ دَعَا بِطَشْتٍ فِیهِ مَاءٌ فَقَالَ لِلرَّجُلِ دَعْ هَذِهِ الْجُمْجُمَةَ فِی الطَّشْتِ ثُمَّ قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَیْكِ یَا جُمْجُمَةُ لَتُخْبِرِینِی مَنْ أَنَا وَ مَنْ أَنْتِ فَقَالَتِ الْجُمْجُمَةُ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ أَمَّا أَنْتَ فَأَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ أَمَّا أَنَا فَعَبْدُ اللَّهِ وَ ابْنُ أَمَةِ اللَّهِ كِسْرَی أَنُوشِیرَوَانُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَیْفَ حَالُكِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی كُنْتُ مَلِكاً عَادِلًا شَفِیقاً عَلَی الرَّعَایَا رَحِیماً لَا أَرْضَی بِظُلْمٍ وَ لَكِنْ كُنْتُ عَلَی دِینِ الْمَجُوسِ وَ قَدْ وُلِدَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فِی زَمَانِ مُلْكِی فَسَقَطَ مِنْ شُرُفَاتِ قَصْرِی ثَلَاثٌ وَ عِشْرُونَ شُرْفَةً لَیْلَةَ وُلِدَ فَهَمَمْتُ أَنْ أُومِنَ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ مَا سَمِعْتُ مِنَ الزِّیَادَةِ مِنْ أَنْوَاعِ شَرَفِهِ وَ فَضْلِهِ وَ مَرْتَبَتِهِ وَ عِزِّهِ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مِنْ شَرَفِ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَكِنِّی تَغَافَلْتُ عَنْ ذَلِكَ وَ تَشَاغَلْتُ عَنْهُ فِی الْمُلْكِ فَیَا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ وَ مَنْزِلَةٍ ذَهَبَتْ مِنِّی حَیْثُ لَمْ أُومِنْ (1) فَأَنَا مَحْرُومٌ مِنَ الْجَنَّةِ بِعَدَمِ (2) إِیمَانِی بِهِ وَ لَكِنِّی مَعَ هَذَا الْكُفْرِ خَلَّصَنِیَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ عَذَابِ النَّارِ بِبَرَكَةِ عَدْلِی وَ إِنْصَافِی بَیْنَ الرَّعِیَّةِ وَ أَنَا فِی النَّارِ وَ النَّارُ مُحَرَّمَةٌ عَلَیَّ فَوَا حَسْرَتَی لَوْ آمَنْتُ (3) لَكُنْتُ مَعَكَ یَا سَیِّدَ أَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَا أَمِیرَ أُمَّتِهِ (4) قَالَ فَبَكَی النَّاسُ وَ انْصَرَفَ الْقَوْمُ الَّذِینَ كَانُوا(5) مِنْ أَهْلِ سَابَاطَ إِلَی أَهْلِهِمْ وَ أَخْبَرُوهُمْ بِمَا كَانَ وَ بِمَا جَرَی (6) فَاضْطَرَبُوا وَ اخْتَلَفُوا فِی مَعْنَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْمُخْلِصُونَ مِنْهُمْ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَبْدُ اللَّهِ وَ وَلِیُّهُ وَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ الرَّبُّ وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ (7) بْنُ سَبَإٍ وَ أَصْحَابُهُ وَ قَالُوا لَوْ لَا أَنَّهُ الرَّبُّ كَیْفَ یُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ ضَاقَ صَدْرُهُ وَ أَحْضَرَهُمْ وَ قَالَ یَا قَوْمِ غَلَبَ
ص: 214
عَلَیْكُمُ الشَّیْطَانُ إِنْ أَنَا إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ أَنْعَمَ عَلَیَّ بِإِمَامَتِهِ وَ وَلَایَتِهِ وَ وَصِیَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَارْجِعُوا عَنِ الْكُفْرِ فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ ابْنُ عَبْدِهِ وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرٌ مِنِّی وَ هُوَ أَیْضاً عَبْدُ اللَّهِ وَ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فَخَرَجَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَ بَقِیَ قَوْمٌ عَلَی الْكُفْرِ مَا رَجَعُوا فَأَلَحَّ عَلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالرَّجُوعِ فَمَا رَجَعُوا فَأَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ وَ تَفَرَّقَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فِی الْبِلَادِ وَ قَالُوا لَوْ لَا أَنَّ فِیهِ الرُّبُوبِیَّةَ مَا كَانَ أَحْرَقَنَا فِی النَّارِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ (1).
أقول: روی فی عیون المعجزات من كتاب الأنوار تألیف أبی علی الحسن بن همام عن العباس بن الفضل عن موسی بن عطیة الأنصاری عن حسان بن أحمد الأزرق عن أبی الأحوص عن عمار مثله و زاد فی آخره أن الذین أحرقوا و سحقوا و ذروا فی الریح أحیاهم اللّٰه بعد ثلاثة أیام فرجعوا إلی منازلهم.
«28»- یل، [الفضائل] لابن شاذان رَوَی أَبُو رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِیُّ عَنِ الْمَغْرِبِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ أَرَادَ حَرْبَ مُعَاوِیَةَ فَنَظَرَ إِلَی جُمْجُمَةٍ فِی جَانِبِ الْفُرَاتِ وَ قَدْ أَتَتْ عَلَیْهَا الْأَزْمِنَةُ فَمَرَّ عَلَیْهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَدَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ بِالتَّلْبِیَةِ وَ تَدَحْرَجَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ تَكَلَّمَتْ بِكَلَامٍ فَصِیحٍ فَأَمَرَهَا بِالرُّجُوعِ فَرَجَعَتْ إِلَی مَكَانِهَا(2) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَرْبِ النَّهْرَوَانِ أَبْصَرْنَا جُمْجُمَةً نَخِرَةً بَالِیَةً فَقَالَ هَاتُوهَا فَحَرَّكَهَا بِسَوْطِهِ فَقَالَ أَخْبِرِینِی مَنْ أَنْتِ فَقِیرٌ أَمْ غَنِیٌّ شَقِیٌّ أَمْ سَعِیدٌ مَلِكٌ أَمْ رَعِیَّةٌ فَقَالَتْ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا كُنْتُ مَلِكاً ظَالِماً وَ أَنَا دویز بْنُ هُرْمُزَ مَلِكُ الْمُلُوكِ (3) فَمَلِكْتُ مَشَارِقَهَا وَ مَغَارِبَهَا سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا أَنَا الَّذِی أَخَذْتُ أَلْفَ مَدِینَةٍ فِی الدُّنْیَا وَ قَتَلْتُ أَلْفَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا الَّذِی بَنَیْتُ خَمْسِینَ مَدِینَةً وَ افْتَضَضْتُ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ جَارِیَةٍ بِكْراً(4) وَ اشْتَرَیْتُ أَلْفَ عَبْدٍ تُرْكِیٍّ وَ
ص: 215
أَلْفَ أَرْمَنِیٍّ وَ أَلْفَ رُومِیٍّ وَ أَلْفَ زِنْجِیٍّ وَ تَزَوَّجْتُ بِسَبْعِینَ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَ مَا مَلِكٌ فِی الْأَرْضِ إِلَّا غَلَبْتُهُ وَ ظَلَمْتُ أَهْلَهُ فَلَمَّا جَاءَنِی مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ لِی یَا ظَالِمُ یَا طَاغِی خَالَفْتَ الْحَقَّ فَتَزَلْزَلَتْ أَعْضَائِی وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصِی وَ عُرِضَ عَلَیَّ أَهْلُ حَبْسِی فَإِذَا هُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ أَوْلَادِ الْمُلُوكِ قَدْ شُقُّوا مِنْ حَبْسِی فَلَمَّا رَفَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحِی سَكَنَ أَهْلُ الْأَرْضِ مِنْ ظُلْمِی فَأَنَا مُعَذَّبٌ فِی النَّارِ أَبَدَ الْآبِدِینَ فَوَكَّلَ اللَّهُ بِی سَبْعِینَ أَلْفاً مِنَ الزَّبَانِیَةِ فِی یَدِ كُلٍّ مِنْهُمْ (1) مِرْزَبَةٌ مِنْ نَارٍ لَوْ ضُرِبَتْ بِهَا جِبَالُ الْأَرْضِ لَاحْتَرَقَتِ الْجِبَالُ فَتَدَكْدَكَتْ وَ كُلَّمَا ضَرَبَنِی الْمَلَكُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْمَرَازِیبِ اشْتَعَلَ بِیَ النَّارُ وَ أَحْتَرِقُ فَیُحْیِینِی اللَّهُ تَعَالَی وَ یُعَذِّبُنِی بِظُلْمِی عَلَی عِبَادِهِ أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ كَذَلِكَ وَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَی بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ فِی بَدَنِی حَیَّةً تَلْسَعُنِی وَ عَقْرَباً تَلْدَغُنِی (2) فَتَقُولُ لِیَ الْحَیَّاتُ وَ الْعَقَارِبُ هَذَا جَزَاءُ ظُلْمِكَ عَلَی عِبَادِهِ ثُمَّ سَكَتَتِ الْجُمْجُمَةُ فَبَكَی جَمِیعُ عَسْكَرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ضَرَبُوا عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جَهِلْنَا حَقَّكَ بَعْدَ مَا أَعْلَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّمَا خَسِرْنَا حَقَّنَا وَ نَصِیبَنَا فِیكَ وَ إِلَّا أَنْتَ مَا یَنْقُصُ مِنْكَ شَیْ ءٌ فَاجْعَلْنَا فِی حِلٍّ مِمَّا فَرَّطْنَا فِیكَ وَ رَضِینَا بِغَیْرِكَ عَلَی مُقَامِكَ فَإِنَّا نَادِمُونَ فَأَمَرَ علیه السلام بِتَغْطِیَةِ الْجُمْجُمَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ وَقَفَ مَاءُ النَّهْرَوَانِ مِنَ الْجَرْیِ وَ صَعِدَ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ كُلُّ سَمَكٍ وَ حَیَوَانٍ كَانَ فِی النَّهَرِ فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ دَعَا لَهُ وَ شَهِدَ لَهُ بِإِمَامَتِهِ وَ فِی ذَلِكَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ:
سَلَامِی عَلَی زَمْزَمَ وَ الصَّفَا***سَلَامِی عَلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی
لَقَدْ كَلَّمَتْكَ لَدَی النَّهْرَوَانِ***نَهَاراً جَمَاجِمُ أَهْلِ الثَّرَی
وَ قَدْ بَدَأَتْ لَكَ حِیتَانُهَا***تُنَادِیكَ مُذْعِنَةً بِالْوَلَاءِ(3)
«29»- یل، [الفضائل] لابن شاذان رُوِیَ: أَنَّهُ علیه السلام كَانَ یَطْلُبُ قَوْماً مِنَ الْخَوَارِجِ فَلَمَّا بَلَغَ الْمَوْضِعَ
ص: 216
الْمَعْرُوفَ الْیَوْمَ بِسَابَاطَ(1) أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا مِنْ شِیعَتِكَ وَ كَانَ لِی أَخٌ وَ كُنْتُ شَفِیقاً عَلَیْهِ فَبَعَثَهُ عُمَرُ فِی جُنُودِ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ إِلَی قِتَالِ أَهْلِ الْمَدَائِنِ فَقُتِلَ هُنَالِكَ فَأَرِنِی (2) قَبْرَهُ وَ مَقْتَلَهُ فَأَرَاهُ إِیَّاهُ فَمَدَّ الرُّمْحَ وَ هُوَ رَاكِبٌ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ فَرَكَزَ الْقَبْرَ بِأَسْفَلِ الرُّمْحِ فَخَرَجَ رَجُلٌ أَسْمَرُ طَوِیلٌ یَتَكَلَّمُ بِالْعَجَمِیَّةِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمَ تَتَكَلَّمُ بِالْعَجَمِیَّةِ وَ أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ إِنِّی كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَ أُوَالِی أَعْدَاءَكَ فَانْقَلَبَ لِسَانِی فِی النَّارِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رُدَّهُ مِنْ حَیْثُ جَاءَ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِیهِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ارْجِعْ فَرَجَعَ إِلَی الْقَبْرِ فَانْطَبَقَ عَلَیْهِ (3).
«30»- یل، [الفضائل] لابن شاذان: قِیلَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَعِدَ الْمِنْبَرَ یَوْماً فِی الْبَصْرَةِ بَعْدَ الظَّفَرِ بِأَهْلِهَا وَ قَالَ أَقُولُ قَوْلًا لَا یَقُولُهُ أَحَدٌ غَیْرِی إِلَّا كَانَ كَافِراً أَنَا أَخُو نَبِیِّ الرَّحْمَةِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ أَبُو سِبْطَیْهِ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ قَالَ أَنَا أَقُولُ مِثْلَ قَوْلِكَ هَذَا أَنَا أَخُو الرَّسُولِ وَ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ لَمْ یُتِمَّ كَلَامَهُ حَتَّی إِذَا أَخَذَتْهُ الرَّجْفَةُ فَمَا زَالَ یَرْجُفُ حَتَّی سَقَطَ مَیِّتاً لَعَنَهُ اللَّهُ (4).
«31»- فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی ابْنِ أَبِی جَعْدَةَ قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ یُحَدِّثُ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ قَالَ یَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَذِهِ الشِّیمَةُ(5) الَّتِی أَرَاهَا بِكَ فَأَنَا حَدَّثَنِی (6) أَبِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ الْبَرَصُ وَ الْجُذَامُ لَا یُبْلِی اللَّهُ بِهِ مُؤْمِناً قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَطْرَقَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِلَی الْأَرْضِ وَ عَیْنَاهُ تَذْرِفَانِ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ
ص: 217
دَعْوَةُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام نَفَذَتْ فِیَّ قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ النَّاسُ حَوْلَهُ (1) وَ قَصَدُوهُ وَ قَالُوا یَا أَنَسُ حَدِّثْنَا مَا كَانَ السَّبَبُ فَقَالَ لَهُمُ انْتَهُوا عَنْ هَذَا فَقَالُوا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُخْبِرَنَا بِذَلِكَ فَقَالَ اقْعُدُوا مَوَاضِعَكُمْ وَ اسْمَعُوا مِنِّی حَدِیثاً كَانَ هُوَ السَّبَبَ لِدَعْوَةِ عَلِیٍّ اعْلَمُوا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ قَدْ أُهْدِیَ لَهُ بِسَاطٌ شَعِرٌ مِنْ قَرْیَةِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ قُرَی الْمَشْرِقِ یُقَالُ لَهَا عندف (2) فَأَرْسَلَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ سَعْدٍ وَ سَعِیدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِیِّ فَأَتَیْتُهُ بِهِمْ وَ عِنْدَهُ ابْنُ عَمِّهِ (3) عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ لِی یَا أَنَسُ ابْسُطِ الْبِسَاطَ وَ أَجْلِسْهُمْ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَنَسُ اجْلِسْ حَتَّی تُخْبِرَنِی بِمَا یَكُونُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ قُلْ یَا عَلِیُّ یَا رِیحُ احْمِلِینَا فَإِذَا(4) نَحْنُ فِی الْهَوَاءِ فَقَالَ سِیرُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ قَالَ فَسِرْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ یَا رِیحُ ضَعِینَا فَوَضَعَتْنَا فَقَالَ أَ تَدْرُونَ أَیْنَ أَنْتُمْ قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ عَلِیٌ (5) أَعْلَمُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كَانُوا مِنْ آیَاتِ اللَّهِ عَجَباً قُومُوا یَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّی تُسَلِّمُوا(6) عَلَیْهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَقَالا السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ قَالَ فَلَمْ یُجِبْهُمَا أَحَدٌ(7) قَالَ فَقُمْنَا أَنَا وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ أَنَا خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یُجِبْنَا أَحَدٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ الْإِمَامُ علیه السلام وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ- الَّذِینَ كَانُوا مِنْ آیَاتِ اللَّهِ عَجَباً فَقَالُوا وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا وَصِیَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 218
وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ یَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ أَلَّا رَدَدْتُمْ عَلَی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا(1) یَا خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّا فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زَادَهُمُ اللَّهُ هُدًی وَ لَیْسَ مَعَنَا إِذْنٌ بِرَدِّ السَّلَامِ إِلَّا بِإِذْنِ نَبِیٍ (2) أَوْ وَصِیِّ نَبِیٍّ وَ أَنْتَ وَصِیُّ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ أَنْتَ خَاتَمُ الْأَوْصِیَاءِ ثُمَّ قَالَ أَ سَمِعْتُمْ یَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَاقْعُدُوا فِی مَوَاضِعِكُمْ فَقَعَدْنَا فِی مَجَالِسِنَا ثُمَّ قَالَ یَا رِیحُ احْمِلِینَا فَسِرْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَی أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَالَ یَا رِیحُ ضَعِینَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَی أَرْضٍ كَأَنَّهَا الزَّعْفَرَانُ لَیْسَ فِیهَا حَسِیسٌ (3) وَ لَا أَنِیسٌ نَبَاتُهَا الشِّیحُ (4) وَ لَیْسَ فِیهَا مَاءٌ فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ دَنَتِ الصَّلَاةُ وَ لَیْسَ مَعَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ فَقَامَ وَ جَاءَ إِلَی مَوْضِعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَرَفَسَهُ (5) بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَیْنُ مَاءٍ(6) فَقَالَ دُونَكُمْ وَ مَا طَلَبْتُمْ وَ لَوْ لَا طَلِبَتُكُمْ لَجَاءَنَا جَبْرَئِیلُ بِمَاءٍ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ فَتَوَضَّأْنَا وَ صَلَّیْنَا إِلَی أَنِ انْتَصَفَ اللَّیْلُ (7) ثُمَّ قَالَ خُذُوا مَوَاضِعَكُمْ سَتُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ بَعْضَهَا ثُمَّ قَالَ یَا رِیحُ احْمِلِینَا فَإِذَا نَحْنُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(8) وَ قَدْ صَلَّی مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَضَیْنَاهَا وَ كَانَ قَدْ سَبَقَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْتَفَتَ إِلَیْنَا وَ قَالَ یَا أَنَسُ تُحَدِّثُنِی أَوْ أُحَدِّثُكَ فَقُلْتُ (9) بَلْ مِنْ فِیكَ أَحْلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَابْتَدَأَ بِالْحَدِیثِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَی آخِرِهِ كَأَنَّهُ كَانَ مَعَنَا ثُمَّ قَالَ یَا أَنَسُ تَشْهَدُ لِابْنِ عَمِّی بِهَا إِذَا اسْتَشْهَدَكَ (10) فَقُلْتُ نَعَمْ یَا
ص: 219
رَسُولَ اللَّهِ فَلَمَّا وُلِّیَ أَبُو بَكْرٍ الْخِلَافَةَ(1) أَتَی عَلِیٌّ علیه السلام وَ كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ أَبِی بَكْرٍ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ قَالَ لِی یَا أَنَسُ أَ لَسْتَ تَشْهَدُ لِی بِفَضِیلَةِ الْبِسَاطِ وَ یَوْمَ عَیْنِ الْمَاءِ وَ یَوْمَ الْجُبِّ فَقُلْتُ لَهُ یَا عَلِیُّ نَسِیتُ مِنْ كِبَرِی فَعِنْدَهَا قَالَ لِی یَا أَنَسُ إِنْ كُنْتَ كَتَمْتَهُ مُدَاهَنَةً بَعْدَ وَصِیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(2) فَرَمَاكَ اللَّهُ بِبَیَاضٍ فِی وَجْهِكَ وَ لَظًی فِی جَوْفِكَ وَ عَمًی فِی عَیْنَیْكَ فَمَا قُمْتُ مِنْ مَقَامِی حَتَّی بَرِصْتُ وَ عَمِیتُ وَ الْآنَ لَا أَقْدِرُ عَلَی الصِّیَامِ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَا غَیْرِهِ مِنَ الْأَیَّامِ لِأَنَّ الْبَرْدَ لَا یَبْقَی فِی جَوْفِی وَ لَمْ یَزَلْ أَنَسٌ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ حَتَّی مَاتَ بِالْبَصْرَةِ(3).
«32»- بشا، [بشارة المصطفی] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَهْرَیَارَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَیْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی السُّدِّیِ (4) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْمَالِكِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَی مَكَّةَ فَبَیْنَمَا أَنَا أَطُوفُ (5) فَإِذَا أَنَا بِجَارِیَةٍ خُمَاسِیَّةٍ وَ هِیَ مُتَعَلِّقَةٌ بِسِتَارَةِ الْكَعْبَةِ وَ هِیَ تُخَاطِبُ جَارِیَةً مِثْلَهَا وَ هِیَ تَقُولُ لَا(6) وَ حَقِّ الْمُنْتَجَبِ بِالْوَصِیَّةِ الْحَاكِمِ بِالسَّوِیَّةِ الصَّحِیحِ الْبَیِّنَةِ(7) زَوْجِ فَاطِمَةَ الْمَرْضِیَّةِ مَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا فَقُلْتُ لَهَا یَا جَارِیَةُ مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ الصِّفَةِ قَالَتْ ذَلِكَ وَ اللَّهِ عَلَمُ الْأَعْلَامِ وَ بَابُ الْأَحْكَامِ وَ قَسِیمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ رَبَّانِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ رَأْسُ الْأَئِمَّةِ أَخُو النَّبِیِّ وَ وَصِیُّهُ وَ خَلِیفَتُهُ فِی أُمَّتِهِ (8) ذَلِكَ مَوْلَایَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقُلْتُ لَهَا یَا جَارِیَةُ بِمَا یَسْتَحِقُ (9) عَلِیٌّ مِنْكَ هَذِهِ الصِّفَةَ
ص: 220
قَالَتْ كَانَ أَبِی وَ اللَّهِ مَوْلَاهُ فَقُتِلَ بَیْنَ یَدَیْهِ یَوْمَ صِفِّینَ وَ لَقَدْ دَخَلَ یَوْماً عَلَی أُمِّی وَ هِیَ فِی خِبَائِهَا وَ قَدِ ارْتَكَبَتْنِی (1) وَ أَخاً لِی مِنَ الْجُدَرِیِ (2) مَا ذَهَبَ بِهِ أَبْصَارُنَا فَلَمَّا رَآنَا تَأَوَّهَ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
مَا إِنْ تَأَوَّهْتُ مِنْ شَیْ ءٍ رُزِیتُ بِهِ***كَمَا تَأَوَّهْتُ لِلْأَطْفَالِ فِی الصِّغَرِ
قَدْ مَاتَ وَالِدُهُمْ مَنْ كَانَ یَكْفُلُهُمْ***فِی النَّائِبَاتِ وَ فِی الْأَسْفَارِ وَ الْحَضَرِ
ثُمَّ أَدْنَانَا إِلَیْهِ ثُمَّ أَمَرَّ یَدَهُ الْمُبَارَكَةَ عَلَی عَیْنَیَّ وَ عَیْنَیْ أَخِی ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ شَالَ یَدَهُ فَهَا أَنَا بِأَبِی أَنْتَ (3) وَ اللَّهِ أَنْظُرُ إِلَی الْجَمَلِ عَلَی فَرْسَخٍ (4) كُلُّ ذَلِكَ بِبَرَكَتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَحَلَلْتُ خَرِیطَتِی (5) فَدَفَعْتُ إِلَیْهَا دِینَارَیْنِ بَقِیَّةَ نَفَقَةٍ كَانَتْ مَعِی فَتَبَسَّمَتْ فِی وَجْهِی وَ قَالَتْ مَهْ خَلَّفَنَا أَكْرَمُ سَلَفٍ عَلَی خَیْرِ خَلَفٍ فَنَحْنُ الْیَوْمَ فِی كَفَالَةِ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَتْ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً قُلْتُ أَجَلْ قَالَتْ أَبْشِرْ فَقَدِ اسْتَمْسَكْتَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقی الَّتِی لَا انْفِصامَ لَها قَالَ ثُمَّ وَلَّتْ وَ هِیَ تَقُولُ:
مَا بَثَّ حُبُّ عَلِیٍّ فِی ضَمِیرِ فَتًی***إِلَّا لَهُ شَهِدَتْ مِنْ رَبِّهِ النِّعَمُ
وَ لَا لَهُ قَدَمٌ زَلَّ الزَّمَانُ بِهَا***إِلَّا لَهُ ثَبَتَتْ مِنْ بَعْدِهَا قَدَمٌ
مَا سَرَّنِی أَنَّنِی مِنْ غَیْرِ شِیعَتِهِ***وَ أَنَّ لِی مَا حَوَاهُ الْعُرْبُ وَ الْعَجَمُ (6)
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب یج، [الخرائج و الجرائح] عن عبد الواحد بن زید: مثله (7).
«33»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] رُوِیَ بِحَذْفِ الْأَسَانِیدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
ص: 221
رَأَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَتَبِعْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّی إِذَا صَارَ إِلَی جَبَّانَةِ(1) الْیَهُودِ فَوَقَفَ فِی وَسَطِهَا وَ نَادَی یَا یَهُودُ یَا یَهُودُ فَأَجَابُوهُ فِی جَوْفِ الْقَبْرِ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ مطلایخ یَعْنُونَ بِذَلِكَ یَا سَیِّدَنَا فَقَالَ كَیْفَ تَرَوْنَ الْعَذَابَ فَقَالُوا بِعِصْیَانِنَا لَكَ كَهَارُونَ فَنَحْنُ وَ مَنْ عَصَاكَ فِی الْعَذَابِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ صَاحَ صَیْحَةً كَادَتِ السَّمَاوَاتُ یَنْقَلِبْنَ فَوَقَعْتُ مَغْشِیّاً عَلَی وَجْهِی مِنْ هَوْلِ مَا رَأَیْتُ فَلَمَّا أَفَقْتُ رَأَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی سَرِیرٍ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَی رَأْسِهِ إِكْلِیلٌ مِنَ الْجَوْهَرِ وَ عَلَیْهِ حُلَلٌ خُضْرٌ وَ صُفْرٌ وَ وَجْهُهُ كَدَائِرَةِ الْقَمَرِ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی هَذَا مُلْكٌ عَظِیمٌ قَالَ نَعَمْ یَا جَابِرُ إِنَّ مُلْكَنَا أَعْظَمُ مِنْ مُلْكِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ- وَ سُلْطَانَنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلْطَانِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَ دَخَلْنَا الْكُوفَةَ وَ دَخَلْتُ خَلْفَهُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ یَخْطُو خُطُوَاتٍ وَ هُوَ یَقُولُ لَا وَ اللَّهِ لَا فَعَلْتُ لَا وَ اللَّهِ لَا كَانَ ذَلِكَ أَبَداً فَقُلْتُ یَا مَوْلَایَ بِمَنْ تُكَلِّمُ وَ مَنْ تُخَاطِبُ وَ لَیْسَ أَرَی أَحَداً فَقَالَ یَا جَابِرُ كُشِفَ لِی بَرَهُوتٌ فَرَأَیْتُ الْأَوَّلَ وَ الثَّانِیَ یُعَذَّبَانِ فِی جَوْفِ تَابُوتٍ فِی بَرَهُوتٍ فَنَادَیَانِی یَا أَبَا الْحَسَنِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رُدَّنَا إِلَی الدُّنْیَا نُقِرَّ بِفَضْلِكَ وَ نُقِرَّ بِالْوَلَایَةِ لَكَ فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ لَا فَعَلْتُ لَا وَ اللَّهِ لَا كَانَ ذَلِكَ أَبَداً ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (2) یَا جَابِرُ وَ مَا مِنْ أَحَدٍ خَالَفَ وَصِیَّ نَبِیٍّ إِلَّا حَشَرَهُ اللَّهُ أَعْمَی یَتَكَبْكَبُ فِی عَرَصَاتِ الْقِیَامَةِ(3).
«34»- عُیُونُ الْمُعْجِزَاتِ، حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ الْقَطَّانُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَلِیمِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَیْبٍ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: نَظَرْتُ ذَاتَ یَوْمٍ وَ أَنَا فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَی رَجُلٍ كَانَ یُصَلِّی فَأَطَالَ وَ جَلَسَ یَدْعُو بِدُعَاءٍ حَسَنٍ إِلَی أَنْ قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ ذَنْبِی عَظِیمٌ وَ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَ لَا یَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِیمَ إِلَّا أَنْتَ یَا عَظِیمُ ثُمَّ انْكَبَّ عَلَی الْأَرْضِ یَسْتَغْفِرُ وَ یَبْكِی وَ یَشْهَقُ فِی بُكَائِهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ وَ أُرِیدُ أَنْ یُتَمِّمَ سُجُودَهُ وَ یَرْفَعَ رَأْسَهُ وَ
ص: 222
أُقَایِلَهُ (1) وَ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَنْبِهِ الْعَظِیمِ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ أَدَرْتُ إِلَیْهِ وَجْهِی وَ نَظَرْتُ فِی وَجْهِهِ فَإِذَا وَجْهُهُ وَجْهُ كَلْبٍ وَ [وَبَرُهُ] وَبَرُ كَلْبٍ وَ بَدَنُهُ بَدَنُ إِنْسَانٍ فَقُلْتُ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا ذَنْبُكَ الَّذِی اسْتَوْجَبْتَ بِهِ أَنْ یُشَوِّهَ اللَّهُ خَلْقَكَ فَقَالَ یَا هَذَا إِنَّ ذَنْبِی عَظِیمٌ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ یَسْمَعَ بِهِ أَحَدٌ فَمَا زِلْتُ بِهِ إِلَی أَنْ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا نَاصِبِیّاً أُبْغِضُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أُظْهِرُ ذَلِكَ وَ لَا أَكْتُمُهُ فَاجْتَازَ بِی ذَاتَ یَوْمٍ رَجُلٌ وَ أَنَا أَذْكُرُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِغَیْرِ الْوَاجِبِ فَقَالَ مَا لَكَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَلَا أَخْرَجَكَ اللَّهُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُشَوِّهَ بِخَلْقِكَ فَتَكُونَ شُهْرَةً فِی الدُّنْیَا قَبْلَ الْآخِرَةِ فَبِتُّ مُعَافًی وَ قَدْ حَوَّلَ اللَّهُ وَجْهِی وَجْهَ كَلْبٍ فَنَدِمْتُ عَلَی مَا كَانَ مِنِّی وَ تُبْتُ إِلَی اللَّهِ مِمَّا كُنْتُ عَلَیْهِ وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْإِقَالَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ قَالَ الْأَعْمَشُ فَبَقِیتُ مُتَحَیِّراً أَتَفَكَّرُ فِیهِ وَ فِی كَلَامِهِ وَ كُنْتُ أُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا رَأَیْتُهُ فَكَانَ الْمُصَدِّقُ أَقَلَّ مِنَ الْمُكَذِّبِ (2).
«35»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْمُرْتَجِلِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِّ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الظَّهْرِ فَوَقَفَ بِوَادِی السَّلَامِ كَأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لِأَقْوَامٍ فَقُمْتُ بِقِیَامِهِ حَتَّی أَعْیَیْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّی مَلِلْتُ ثُمَّ قُمْتُ حَتَّی نَالَنِی مِثْلُ مَا نَالَنِی أَوَّلًا ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّی مَلِلْتُ ثُمَّ قُمْتُ وَ جَمَعْتُ رِدَائِی فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی قَدْ أَشْفَقْتُ عَلَیْكَ مِنْ طُولِ الْقِیَامِ فَرَاحَةُ سَاعَةٍ ثُمَّ طَرَحْتُ الرِّدَاءَ لِیَجْلِسَ عَلَیْهِ فَقَالَ (3) یَا حَبَّةُ إِنْ هُوَ إِلَّا مُحَادَثَةُ مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤَانَسَتُهُ قَالَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لَوْ كُشِفَ لَكَ لَرَأَیْتَهُمْ حَلَقاً حَلَقاً مُحْتَبِینَ (4) یَتَحَادَثُونَ فَقُلْتُ أَجْسَامٌ أَمْ أَرْوَاحٌ فَقَالَ أَرْوَاحٌ وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَمُوتُ فِی بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا قِیلَ لِرُوحِهِ الْحَقِی بِوَادِی السَّلَامِ وَ إِنَّهَا لَبُقْعَةٌ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ (5).
ص: 223
«36»- أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ رَوَی عُثْمَانُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: خَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ-(1) أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ لَا یَقُولُهَا أَحَدٌ قَبْلِی وَ لَا بَعْدِی إِلَّا كَذَبَ وَرِثْتُ نَبِیَّ الرَّحْمَةِ وَ نَكَحْتُ سَیِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنَا خَاتَمُ الْوَصِیِّینَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ مَنْ لَا یُحْسِنُ أَنْ یَقُولَ مِثْلَ هَذَا فَلَمْ یَرْجِعْ إِلَی أَهْلِهِ حَتَّی جُنَّ وَ صُرِعَ فَسَأَلُوهُمْ هَلْ رَأَیْتُمْ بِهِ عَرَضاً قَبْلَ هَذَا قَالُوا وَ مَا رَأَیْنَا بِهِ قَبْلَ هَذَا عَرَضاً(2).
«37»- مهج، [مهج الدعوات] رُوِیَ عَنْ جَمَاعَةٍ یُسْنِدُونَ الْحَدِیثَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی الطَّوَافِ فِی لَیْلَةٍ دَیْجُوجَةٍ(3) قَلِیلَةِ النُّورِ وَ قَدْ خَلَا الطُّوَّافُ وَ نَامَ الزُّوَّارُ وَ هَدَأَتِ الْعُیُونُ إِذْ سَمِعَ (4) مُسْتَغِیثاً مُسْتَجِیراً مُتَرَحِّماً بِصَوْتٍ حَزِینٍ مِنْ قَلْبٍ مُوجَعٍ (5) وَ هُوَ یَقُولُ:
یَا مَنْ یُجِیبُ دُعَا الْمُضْطَرِّ فِی الظُّلَمِ***یَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْبَلْوَی مَعَ السَّقَمِ
قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَیْتِ وَ انْتَبَهُوا***یَدْعُو وَ عَیْنُكَ یَا قَیُّومُ لَمْ تَنَمْ
هَبْ لِی بِجُودِكَ فَضْلَ الْعَفْوِ عَنْ جُرْمِی***یَا مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ الْخَلْقُ فِی الْحَرَمِ
إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لَا یَلْقَاهُ ذُو سَرَفٍ***فَمَنْ یَجُودُ عَلَی الْعَاصِینَ بِالنِّعَمِ
قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَقَالَ لِی أَبِی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ سَمِعْتَ الْمُنَادِیَ لِذَنْبِهِ الْمُسْتَغِیثَ رَبَّهُ (6) فَقُلْتُ نَعَمْ قَدْ سَمِعْتُهُ فَقَالَ اعْتَبِرْهُ عَسَی أَنْ تَرَاهُ فَمَا زِلْتُ أَخْتَبِطُ فِی طَخْیَاءِ(7) الظَّلَامِ وَ أَتَخَلَّلُ بَیْنَ النِّیَامِ فَلَمَّا صِرْتُ بَیْنَ الرُّكْنِ وَ
ص: 224
الْمَقَامِ بَدَا لِی شَخْصٌ مُنْتَصِبٌ فَتَأَمَّلْتُهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الْعَبْدُ الْمُقِرُّ الْمُسْتَقِیلُ الْمُسْتَغْفِرُ الْمُسْتَجِیرُ أَجِبْ بِاللَّهِ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَسْرَعَ فِی سُجُودِهِ وَ قُعُودِهِ وَ سَلَّمَ فَلَمْ یَتَكَلَّمْ حَتَّی أَشَارَ بِیَدِهِ بِأَنْ تَقَدَّمْنِی فَتَقَدَّمْتُهُ فَأَتَیْتُ بِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقُلْتُ دُونَكَ هَا هُوَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ نَقِیُّ الثِّیَابِ-(1) فَقَالَ لَهُ مِمَّنِ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ مَا حَالُكَ وَ مِمَّ بُكَاؤُكَ وَ اسْتِغَاثَتُكَ فَقَالَ مَا حَالُ مَنْ أُخِذَ بِالْعُقُوقِ فَهُوَ فِی ضِیقٍ ارْتَهَنَهُ الْمُصَابُ وَ غَمَرَهُ الِاكْتِئَابُ فَإِنْ تَابَ فَدُعَاؤُهُ لَا یُسْتَجَابُ (2) فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ إِنِّی كُنْتُ مُلْتَهِیاً فِی الْعَرَبِ بِاللَّعْبِ وَ الطَّرَبِ أُدِیمُ الْعِصْیَانَ فِی رَجَبٍ وَ شَعْبَانَ وَ مَا أُرَاقِبُ الرَّحْمَنَ وَ كَانَ لِی وَالِدٌ شَفِیقٌ رَفِیقٌ یُحَذِّرُنِی مَصَارِعَ الْحَدَثَانِ وَ یُخَوِّفُنِی الْعِقَابَ بِالنِّیرَانِ وَ یَقُولُ كَمْ ضَجَّ مِنْكَ النَّهَارُ وَ الظَّلَامُ وَ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامُ وَ الشُّهُورُ وَ الْأَعْوَامُ وَ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ وَ كَانَ إِذَا أَلَحَّ عَلَیَّ بِالْوَعْظِ زَجَرْتُهُ وَ انْتَهَرْتُهُ وَ وَثَبْتُ عَلَیْهِ وَ ضَرَبْتُهُ فَعَمَدْتُ یَوْماً إِلَی شَیْ ءٍ مِنَ الْوَرِقِ وَ كَانَتْ فِی الْخِبَاءِ(3) فَذَهَبْتُ لِآخُذَهَا وَ أَصْرِفَهَا فِیمَا كُنْتُ عَلَیْهِ فَمَانَعَنِی عَنْ أَخْذِهَا فَأَوْجَعْتُهُ ضَرْباً وَ لَوَیْتُ یَدَهُ (4) وَ أَخَذْتُهَا وَ مَضَیْتُ فَأَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی رُكْبَتِهِ یُرِیدُ(5) النُّهُوضَ مِنْ مَكَانِهِ ذَلِكَ فَلَمْ یُطِقْ یُحَرِّكُهَا مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ وَ الْأَلَمِ فَأَنْشَأَ یَقُولُ:
جَرَتْ رَحِمٌ بَیْنِی وَ بَیْنَ مُنَازِلٍ***سَوَاءً كَمَا یَسْتَنْزِلُ الْقَطْرَ طَالِبُهُ
ص: 225
وَ رَبَّیْتُ حَتَّی صَارَ جَلْداً شَمَرْدَلًا***إِذَا قَامَ سَاوَی غَارِبَ الْعِجْلِ غَارِبُهُ (1)
وَ قَدْ كُنْتُ أُوتِیهِ مِنَ الزَّادِ فِی الصَّبَا***إِذَا جَاعَ مِنْهُ صَفْوُهُ وَ أَطَایِبُهُ
فَلَمَّا اسْتَوَی فِی عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ***وَ أَصْبَحَ كَالرُّمْحِ الرُّدَیْنِیِّ خَاطِبُهُ (2)
تَهْضَمُنِی مَالِی كَذَا وَ لَوَی یَدِی (3)***لَوَی یَدَهُ اللَّهُ الَّذِی هُوَ غَالِبُهُ
ثُمَّ حَلَفَ بِاللَّهِ لَیَقْدَمَنَّ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَیَسْتَعْدِی اللَّهَ عَلَیَّ فَصَامَ أَسَابِیعَ وَ صَلَّی رَكَعَاتٍ وَ دَعَا وَ خَرَجَ مُتَوَجِّهاً عَلَی عِیرَانِهِ (4) یَقْطَعُ بِالسَّیْرِ عَرْضَ الْفَلَاةِ وَ یَطْوِی الْأَوْدِیَةَ وَ یَعْلُو الْجِبَالَ حَتَّی قَدِمَ مَكَّةَ یَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَ أَقْبَلَ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَسَعَی وَ طَافَ بِهِ وَ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِهِ وَ ابْتَهَلَ بِدُعَائِهِ (5) وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
یَا مَنْ إِلَیْهِ أَتَی الْحُجَّاجُ بِالْجُهْدِ***فَوْقَ المهادی [مَهَارِیِ] مِنْ أَقْصَی غَایَةِ الْبُعْدِ(6)
إِنِّی أَتَیْتُكَ یَا مَنْ لَا یُخَیِّبُ مَنْ***یَدْعُوهُ مُبْتَهِلًا بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ
هَذَا مُنَازِلٌ مَنْ یَرْتَاعُ مِنْ عُقَقِی (7)***فَخُذْ بِحَقِّی یَا جَبَّارُ مِنْ وَلَدِی
حَتَّی تَشَلَّ بِعَوْنٍ مِنْكَ جَانِبُهُ (8)***یَا مَنْ تَقَدَّسَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَلِدْ
قَالَ فَوَ الَّذِی سَمَكَ السَّمَاءَ وَ أَنْبَعَ الْمَاءَ مَا اسْتَتَمَّ دُعَاءَهُ حَتَّی نَزَلَ بِی مَا تَرَی
ص: 226
ثُمَّ كَشَفَ عَنْ یَمِینِهِ فَإِذَا بِجَانِبِهِ قَدْ شَلَّ فَأَنَا مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِینَ أَطْلُبُ إِلَیْهِ أَنْ یَدْعُوَ لِی فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی دَعَا بِهِ (1) عَلَیَّ فَلَمْ یُجِبْنِی حَتَّی إِذَا كَانَ الْعَامُ أَنْعَمَ عَلَیَ (2) فَخَرَجْتُ بِهِ عَلَی نَاقَةٍ عُشَرَاءَ(3) أُجِدُّ السَّیْرَ حَثِیثاً رَجَاءَ الْعَافِیَةِ حَتَّی إِذَا كُنَّا عَلَی الْأَرَاكِ وَ حَطْمَةَ وَادِی السِّیَاكِ (4) نَفَرَ طَائِرٌ فِی اللَّیْلِ فَنَفَرَتْ مِنْهَا النَّاقَةُ الَّتِی كَانَ عَلَیْهَا فَأَلْقَتْهُ إِلَی قَرَارِ الْوَادِی فَارْفَضَّ بَیْنَ الْحَجَرَیْنِ فَقَبَرْتُهُ هُنَاكَ وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنِّی لَا أُعْرَفُ إِلَّا الْمَأْخُوذَ بِدَعْوَةِ أَبِیهِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَتَاكَ الْغَوْثُ أَتَاكَ الْغَوْثُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً عَلَّمَنِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِیهِ اسْمُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ الْأَعْظَمُ الْأَكْرَمُ الَّذِی یُجِیبُ بِهِ مَنْ دَعَاهُ وَ یُعْطِی بِهِ مَنْ سَأَلَهُ وَ یُفَرِّجُ بِهِ الْهَمَّ وَ یَكْشِفُ بِهِ الْكَرْبَ وَ یَذْهَبُ بِهِ الْغَمَّ وَ یُبْرِئُ بِهِ السُّقْمَ وَ یَجْبُرُ بِهِ الْكَسِیرَ وَ یُغْنِی بِهِ الْفَقِیرَ وَ یَقْضِی بِهِ الدَّیْنَ وَ یَرُدُّ بِهِ الْعَیْنَ وَ یَغْفِرُ بِهِ الذُّنُوبَ وَ یَسْتُرُ بِهِ الْعُیُوبَ إِلَی آخِرِ مَا ذَكَرَهُ علیه السلام فِی فَضْلِهِ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَكَانَ سُرُورِی بِفَائِدَةِ الدُّعَاءِ أَشَدَّ مِنْ سُرُورِ الرَّجُلِ بِعَافِیَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الدُّعَاءَ عَلَی مَا سَیَأْتِی فِی كِتَابِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْفَتَی إِذَا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الْعَاشِرَةُ فَادْعُ وَ ائْتِنِی مِنْ غَدٍ بِالْخَبَرِ قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ أَخَذَ الْفَتَی الْكِتَابَ وَ مَضَی فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ مَا أَصْبَحْنَا حَسَناً حَتَّی أَتَی الْفَتَی إِلَیْنَا سَلِیماً مُعَافًی وَ الْكِتَابُ بِیَدِهِ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا وَ اللَّهِ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ اسْتُجِیبَ لِی وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حَدِّثْنِی قَالَ لَمَّا هَدَأَتِ الْعُیُونُ بِالرُّقَادِ وَ اسْتَحْلَكَ (5) جِلْبَابُ اللَّیْلِ رَفَعْتُ یَدِی بِالْكِتَابِ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ بِحَقِّهِ مِرَاراً فَأُجِبْتُ فِی الثَّانِیَةِ حَسْبُكَ فَقَدْ دَعَوْتَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ ثُمَّ اضْطَجَعْتُ فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِی وَ قَدْ مَسَحَ یَدَهُ الشَّرِیفَةَ
ص: 227
عَلَیَّ وَ هُوَ یَقُولُ احْتَفِظْ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ (1) فَإِنَّكَ عَلَی خَیْرٍ فَانْتَبَهْتُ مُعَافًی كَمَا تَرَی فَجَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً(2).
أقول: سیأتی شرحه فی كتاب الدعاء.
«38»- ختص، [الإختصاص] خص، [منتخب البصائر] مِنْ كِتَابِ الْبَصَائِرِ لِسَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ (3) عَنْ عَیْثَمِ بْنِ أَسْلَمَ (4) عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ(5) قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُحْدِثْ إِلَیْنَا فِی أَمْرِكَ شَیْئاً-(6) بَعْدَ أَیَّامِ الْوَلَایَةِ فِی الْغَدِیرِ(7) وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ مَوْلَایَ مُقِرٌّ بِذَلِكَ (8) وَ قَدْ سَلَّمْتُ عَلَیْكَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّكَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُهُ وَ خَلِیفَتُهُ فِی أَهْلِهِ وَ نِسَائِهِ وَ أَنَّكَ وَارِثُهُ وَ مِیرَاثُهُ قَدْ صَارَ إِلَیْكَ وَ لَمْ یُخْبِرْنَا أَنَّكَ خَلِیفَتُهُ فِی أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَا جُرْمَ لِی فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ لَا ذَنْبَ لَنَا فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ أَرَیْتُكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یُخْبِرَكَ بِأَنِّی أَوْلَی بِالْأَمْرِ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ مِنْكَ وَ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَعْزِلْ (9) نَفْسَكَ عَنْهُ فَقَدْ خَالَفْتَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنْ أَرَیْتَنِیهِ حَتَّی یُخْبِرَنِی بِبَعْضِ هَذَا اكْتَفَیْتُ بِهِ فَقَالَ علیه السلام فَتَلَقَّانِی إِذَا صَلَّیْتَ الْمَغْرِبَ حَتَّی أُرِیَكَهُ قَالَ فَرَجَعَ إِلَیْهِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَأَخَذَ بِیَدِهِ وَ أَخْرَجَهُ إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ فَإِذَا هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ فِی الْقِبْلَةِ فَقَالَ لَهُ یَا فُلَانُ وَثَبْتَ عَلَی مَوْلَاكَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَهُ وَ هُوَ مَجْلِسُ النُّبُوَّةِ
ص: 228
لَا یَسْتَحِقُّهُ غَیْرُهُ لِأَنَّهُ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی فَنَبَذْتَ أَمْرِی وَ خَالَفْتَ مَا قُلْتُهُ لَكَ وَ تَعَرَّضْتَ لِسَخَطِ اللَّهِ وَ سَخَطِی فَانْزِعْ هَذَا السِّرْبَالَ الَّذِی تَسَرْبَلْتَهُ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ لَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ إِلَّا فَمَوْعِدُكَ النَّارُ قَالَ فَخَرَجَ مَذْعُوراً(1) لِیُسَلِّمَ الْأَمْرَ إِلَیْهِ وَ انْطَلَقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَحَدَّثَ سَلْمَانَ بِمَا كَانَ جَرَی (2) فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ لَیُبْدِیَنَّ هَذَا الْحَدِیثَ لِصَاحِبِهِ وَ لَیُخْبِرَنَّهُ بِالْخَبَرِ فَضَحِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سَیُخْبِرُهُ وَ لَیَمْنَعَنَّهُ إِنْ هَمَّ بِأَنْ یَفْعَلَ ثُمَّ قَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا یَذْكُرَانِ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّی یَمُوتَا قَالَ فَلَقِیَ صَاحِبَهُ فَحَدَّثَهُ بِالْحَدِیثِ كُلِّهِ فَقَالَ لَهُ مَا أَضْعَفَ رَأْیَكَ وَ أَخْوَرَ قَلْبَكَ (3) أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ سِحْرِ ابْنِ أَبِی كَبْشَةَ(4) أَ نَسِیتَ سِحْرَ بَنِی هَاشِمٍ فَأَقِمْ عَلَی مَا أَنْتَ عَلَیْهِ (5).
«39»- ختص، [الإختصاص] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَادٍّ الْقَلَانِسِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّیَالِسِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَنْ جَعَلَهُ كَذَلِكَ (6) قَالَ الْمُسْلِمُونَ رَضُوا بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ لَأَسْرَعَ مَا خَالَفُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَ لَقَدْ
ص: 229
سَمَّوْهُ بِغَیْرِ اسْمِهِ وَ اللَّهِ مَا اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ (1) عُمَرُ مَا تَزَالُ تَكْذِبُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ لَهُ انْطَلِقْ بِنَا یَا عُمَرُ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْكَذَّابُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَانْطَلَقَ مَعَهُ حَتَّی أَتَی الْقَبْرَ إِذَا كَفٌّ فِیهَا مَكْتُوبٌ أَ كَفَرْتَ یَا عُمَرُ بِالَّذِی خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ رَضِیتَ وَ اللَّهِ لَقَدْ فَضَحَكَ اللَّهُ فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ (2).
أقول: قد مر أمثالها بأسانید جمة فی كتاب الفتن.
«1»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] الصَّدُوقُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ قُطْرُبِ بْنِ عَلِیفٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهِ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِیٌّ عَلَی نَاقَةٍ لَهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَیُّكُمْ مُحَمَّدٌ فَأُومِئَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی عَمَّا فِی بَطْنِ نَاقَتِی حَتَّی أَعْلَمَ أَنَّ الَّذِی جِئْتَ بِهِ حَقٌّ وَ أُومِنَ بِإِلَهِكَ وَ أَتَّبِعَكَ فَالْتَفَتَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ حَبِیبِی عَلِیٌّ یَدُلُّكَ فَأَخَذَ عَلِیٌّ بِخِطَامِ النَّاقَةِ ثُمَّ مَسَحَ یَدَهُ عَلَی نَحْرِهَا ثُمَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَی وَ بِكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ لَمَّا أَنْطَقْتَ هَذِهِ النَّاقَةَ حَتَّی تُخْبِرَنَا بِمَا فِی بَطْنِهَا- فَإِذَا النَّاقَةُ
ص: 230
قَدِ الْتَفَتَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هِیَ تَقُولُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ رَكِبَنِی یَوْماً وَ هُوَ یُرِیدُ زِیَارَةَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ وَ وَاقَعَنِی فَأَنَا حَامِلٌ مِنْهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ وَیْحَكُمْ النَّبِیُّ هَذَا أَمْ هَذَا فَقِیلَ هَذَا النَّبِیُّ وَ هَذَا أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا أَنْ یَكْفِیَهُ مَا فِی بَطْنِ نَاقَتِهِ فَكَفَاهُ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ.
قال الراوندی لیس فی العادة أن تحمل الناقة من الإنسان و لكن اللّٰه جل ثناؤه قلب العادة فی ذلك دلالة لنبیه صلی اللّٰه علیه و آله علی أنه یجوز أن یكون نطفة الرجل علی هیأتها فی بطن الناقة حینئذ و لم تصر علقة بعد و إنما أنطقها اللّٰه تعالی عز و علا لیعلم به صدق رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله(1).
«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: بَیْنَمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ بِالْكُوفَةِ عَلَی الْمِنْبَرِ إِذْ نَظَرَ إِلَی زَاوِیَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ یَا قَنْبَرُ ائْتِنِی بِمَا فِی ذَلِكَ الْجُحْرِ فَإِذَا هُوَ بِأَرْقَطِ حَیَّةٍ بِأَحْسَنِ مَا یَكُونُ فَأَقْبَلَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَجَعَلَ یُسَارُّهُ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی الْجُحْرِ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَالُوا وَ مَا لَنَا لَا نَعْجَبُ قَالَ تَرَوْنَ هَذِهِ الْحَیَّةَ بَایَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ فَمِنْكُمْ مَنْ یَسْمَعُ وَ مِنْكُمْ مَنْ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُطِیعُ قَالَ الْحَارِثُ فَكُنَّا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی كُنَاسَةٍ إِذْ أَقْبَلَ أَسَدٌ تَهْوِی مِنَ الْبَرِّ فَتَقَضْقَضْنَا مِنْ حَوْلِهِ وَ جَاءَ الْأَسَدُ حَتَّی قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ وَضَعَ یَدَیْهِ عَلَی بَیْنِ أُذُنَیْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام ارْجِعْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَا تَدْخُلِ الْهِجْرَةَ بَعْدَ الْیَوْمِ وَ أَبْلِغِ السِّبَاعَ عَنِّی (2).
بیان: الرقطة سواد یشوبه نقط بیض و الكناسة بالضم موضع بالكوفة و التقضقض التفرق و الهجرة دار الهجرة فإن الكوفة كانت دار هجرته صلوات اللّٰه علیه.
«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِیِّینَ قَالَ: دَخَلَ
ص: 231
أَسَدٌ الْكُوفَةَ فَقَالَ دُلُّونِی عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَذَهَبُوا مَعَهُ فَدَلُّوهُ عَلَیْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ الْأَسَدُ مَضَی نَحْوَهُ یَلُوذُ بِهِ وَ یَتَبَصْبَصُ إِلَیْهِ فَمَسَحَ عَلَی ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اخْرُجْ فَنَكَسَ الْأَسَدُ رَأْسَهُ وَ نَبَذَ ذَنَبَهُ عَلَی الْأَرْضِ وَ لَا یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا حَتَّی خَرَجَ مِنْهَا(1).
«4»- ب، [قرب الإسناد] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَزَعَ عَلِیٌّ علیه السلام خُفَّهُ بِلَیْلٍ لِیَتَوَضَّأَ فَبَعَثَ اللَّهُ طَائِراً فَأَخَذَ أَحَدَ الْخُفَّیْنِ فَجَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یَتْبَعُ الطَّیْرَ وَ هُوَ یَطِیرُ حَتَّی أَضَاءَ لَهُ الصُّبْحُ ثُمَّ أَلْقَی (2) الْخُفَّ فَإِذَا حَیَّةٌ سَوْدَاءُ تَنْسَابُّ مِنَ الْخُفِ (3).
«5»- شف، [كشف الیقین] مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِینِ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِی الْفَوَارِسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّطِیفِ بِشِیرَازَ عَنِ الْكِیَادَارِ بْنِ یُوسُفَ الدَّیْلَمِیِ (4) عَنْ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّبْرِیزِیِّ عَنْ دَانِیَالَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی الرَّایَاتِ (5) بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّازِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ السَّیْرَافِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمَهْرُوفَانِیِ (6) الْمُؤَدِّبِ عَنْ سَبِیبِ (7) بْنِ سُلَیْمَانَ الْغَنَوِیِّ عَنِ الْعَامُونِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصِّینِیِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ أَبِی مُسْلِمٍ السَّمَّانِ عَنْ حَبَّةَ بِنْتِ زُرَیْقٍ (8) مِنْ بَعْضِ حَشَمِ الْحَفِیَّةِ(9) قَالَتْ حَدَّثَنِی زَوْجِی مُنْقِذُ بْنُ الْأَبْقَعِ الْأَسَدِیُّ أَحَدُ خَوَاصِّ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَ
ص: 232
هُوَ یُرِیدُ مَوْضِعاً لَهُ كَانَ یَأْوِی فِیهِ بِاللَّیْلِ وَ أَنَا مَعَهُ حَتَّی أَتَی الْمَوْضِعَ فَنَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ وَ رَفَعَتْ عَنْ أُذُنَیْهَا(1) وَ جَذَبَتْنِی فَحَسَّ بِذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ مَا وَرَاءَكَ فَقُلْتُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی الْبَغْلَةُ تَنْظُرُ شَیْئاً وَ قَدْ شَخَصَتْ إِلَیْهِ وَ تُحَمْحِمُ وَ لَا أَدْرِی مَا ذَا دَهَاهَا(2) فَنَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی سَوَادٍ فَقَالَ سَبُعٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَامَ مِنْ مِحْرَابِهِ مُتَقَلِّداً سَیْفَهُ فَجَعَلَ یَخْطُو ثُمَّ قَالَ صَاحَ (3) بِهِ قِفْ فَخَفَّ السَّبُعُ وَ وَقَفَ فَعِنْدَهَا اسْتَقَرَّتِ الْبَغْلَةُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا لَیْثُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنِّی اللَّیْثُ وَ أَنِّی الضِّرْغَامُ وَ الْقَسْوَرُ وَ الْحَیْدَرُ ثُمَّ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ أَیُّهَا اللَّیْثُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْطِقْ لِسَانَهُ فَقَالَ السَّبُعُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَا خَیْرَ الْوَصِیِّینَ وَ یَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِیِّینَ وَ یَا مُفَرِّقُ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ مَا افْتَرَسْتُ مُنْذُ سَبْعٍ شَیْئاً وَ قَدْ أَضَرَّ بِیَ الْجُوعُ وَ رَأَیْتُكُمْ مِنْ مَسَافَةِ فَرْسَخَیْنِ فَدَنَوْتُ مِنْكُمْ وَ قُلْتُ أَذْهَبُ وَ أَنْظُرُ مَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَ مَنْ هُمْ فَإِنْ كَانَ بِهِمْ لِی مَقْدُرَةٌ وَ یَكُونُ لِی فِیهِمْ فَرِیسَةٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُجِیباً لَهُ أَیُّهَا اللَّیْثُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنِّی عَلِیٌّ أَبُو الأشباب [الْأَشْبَالِ] الْأَحَدَ الْعَشَرَ بَرَاثِنِی أَمْثَلُ مِنْ مَخَالِبِكَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَرَیْتُكَ ثُمَّ امْتَدَّ السَّبُعُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ جَعَلَ یَمْسَحُ یَدَهُ عَلَی هَامَتِهِ وَ یَقُولُ مَا جَاءَ بِكَ یَا لَیْثُ أَنْتَ كَلْبُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْجُوعُ الْجُوعُ قَالَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّهُ یُرْزَقُ بِقَدْرِ(4) مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا بِالْأَسَدِ(5) یَأْكُلُ شَیْئاً كَهَیْئَةِ الْجَمَلِ حَتَّی أَتَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا نَأْكُلُ نَحْنُ مَعَاشِرَ السِّبَاعِ رَجُلًا یُحِبُّكَ وَ یُحِبُّ عِتْرَتَكَ فَإِنَّ خَالِی أَكَلَ فُلَاناً وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ نَنْتَحِلُ مَحَبَّةَ الْهَاشِمِیِّ وَ عِتْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا السَّبُعُ أَیْنَ تَأْوِی وَ أَیْنَ تَكُونُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی مُسَلَّطٌ عَلَی كِلَابِ
ص: 233
أَهْلِ الشَّامِ وَ كَذَلِكَ أَهْلُ بَیْتِی وَ هُمْ فَرِیسَتُنَا وَ نَحْنُ نَأْوِی النِّیلَ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ إِلَی الْكُوفَةِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَتَیْتُ الْحِجَازَ فَلَمْ أُصَادِفْ شَیْئاً وَ أَنَا فِی هَذِهِ الْبَرِّیَّةِ وَ الْفَیَافِی الَّتِی لَا مَاءٌ فِیهَا وَ لَا خَیْرٌ مَوْضِعِی هَذَا وَ إِنِّی لَمُنْصَرِفٌ مِنْ لَیْلَتِی هَذِهِ إِلَی رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ سِنَانُ بْنُ وَابِلٍ فِیمَنْ أَفْلَتَ (1) مِنْ حَرْبِ صِفِّینَ یَنْزِلُ الْقَادِسِیَّةَ وَ هُوَ رِزْقِی فِی لَیْلَتِی هَذِهِ وَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَنَا إِلَیْهِ مُتَوَجِّهٌ.
ثُمَّ قَامَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لِی مِمَّ تَعَجَّبْتَ هَذَا أَعْجَبُ من [أَمِ] الشَّمْسُ أَمِ الْعَیْنُ أَمِ الْكَوَاكِبُ أَمْ سَائِرُ ذَلِكَ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِیَ النَّاسَ مِمَّا عَلَّمَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْآیَاتِ وَ الْعَجَائِبِ لَكَانُوا(2) یَرْجِعُونَ كُفَّاراً ثُمَّ رَجَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مُسْتَقَرِّهِ وَ وَجَّهَنِی إِلَی الْقَادِسِیَّةِ فَرَكِبْتُ مِنْ لَیْلَتِی فَوَافَیْتُ الْقَادِسِیَّةَ قَبْلَ أَنْ یُقِیمَ الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ فَسَمِعْتُ النَّاسَ یَقُولُونَ افْتَرَسَ سِنَاناً السَّبُعُ (3) فَأَتَیْتُهُ فِیمَنْ أَتَاهُ یَنْظُرُ إِلَیْهِ-(4) فَمَا تَرَكَ الْأَسَدُ إِلَّا رَأْسَهُ وَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ مِثْلَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَ إِنِّی عَلَی بَابِهِ تُحْمَلُ رَأْسُهُ (5) إِلَی الْكُوفَةِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَبَقِیتُ مُتَعَجِّباً فَحَدَّثْتُ النَّاسَ مَا كَانَ مِنْ حَدِیثِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ السَّبُعِ فَجَعَلَ النَّاسُ یَتَبَرَّكُونَ بِتُرَابِ تَحْتِ قَدَمَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَسْتَشْفُونَ بِهِ فَقَامَ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَا أَحَبَّنَا رَجُلٌ فَدَخَلَ النَّارَ وَ مَا أَبْغَضَنَا رَجُلٌ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَ أَنَا قَسِیمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ أَقْسِمُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ هَذِهِ إِلَی الْجَنَّةِ یَمِیناً وَ هَذِهِ إِلَی النَّارِ شِمَالًا أَقُولُ لِجَهَنَّمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ هَذَا لِی وَ هَذَا لَكِ حَتَّی تَجُوزَ شِیعَتِی عَلَی الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ
ص: 234
الْخَاطِفِ وَ الرَّاعِدِ الْعَاصِفِ وَ كَالطَّیْرِ الْمُسْرِعِ (1) وَ كَالْجَوَادِ السَّابِقِ فَقَامَ النَّاسُ إِلَیْهِ بِأَجْمَعِهِمْ عُنُقاً وَاحِداً وَ هُمْ یَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَكَ عَلَی كَثِیرٍ مِنْ خَلْقِهِ قَالَ ثُمَّ تَلَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ الَّذِینَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِیماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ یَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِیمٍ (2).
فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان عن منقذ بن الأبقع: مثله (3).
«6»- شف، [كشف الیقین] مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِینَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی نَصْرِ بْنِ إِسْفَنْدِیَارَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْعَسْقَلَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَسْعَی عَلَی الصَّفَا بِمَكَّةَ فَإِذَا هُوَ بِدُرَّاجٍ یَتَدَرَّجُ (4) عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَوَقَعَ بِإِزَاءِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الدُّرَّاجُ فَقَالَ الدُّرَّاجُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا الدُّرَّاجُ مَا تَصْنَعُ فِی هَذَا الْمَكَانِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی فِی هَذَا الْمَكَانِ مُذْ(5) كَذَا وَ كَذَا عَامٍ أُسَبِّحُ اللَّهَ وَ أُقَدِّسُهُ وَ أُمَجِّدُهُ وَ أَعْبُدُهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّهَا الدُّرَّاجُ إِنَّهُ لَصَفاً نَقِیٌّ لَا مَطْعَمَ فِیهِ وَ لَا مَشْرَبَ فَمِنْ أَیْنَ لَكَ الْمَطْعَمُ وَ الْمَشْرَبُ فَأَجَابَهُ الدُّرَّاجُ وَ هُوَ یَقُولُ وَ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی كُلَّمَا جُعْتُ دَعَوْتُ اللَّهَ لِشِیعَتِكَ وَ مُحِبِّیكَ فَأَشْبَعُ وَ إِذَا عَطِشْتُ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَی مُبْغِضِیكَ وَ مُنْتَقِصِیكَ فَأَرْوَی (6).
ص: 235
فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان بالإسناد إلی الحسن العسكری علیه السلام: مثله (1).
«7»- شف، [كشف الیقین] مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِینَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیٍّ الْعَلَوِیِ (2) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ السُّورِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ اللَّیْثِیِّ عَنْ سَعِیدٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ كَیْسَانَ عَنِ الطَّیِّبِ الْقَوَاصِرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُنْتَجَی عَنْ سَفَارَةَ بْنِ اصمید الْبَغْدَادِیِّ عَنِ ابْنِ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی الْفَتْحِ الْمَغَازِلِیِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ: كُنْتُ بَیْنَ یَدَیْ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ إِذَا بِصَوْتٍ قَدْ أَخَذَ جَامِعَ الْكُوفَةِ فَقَالَ یَا عَمَّارُ ائْتِ بِذِی الْفَقَارِ الْبَاتِرِ لِلْأَعْمَارِ فَجِئْتُهُ بِذِی الْفَقَارِ فَقَالَ اخْرُجْ یَا عَمَّارُ وَ امْنَعِ الرَّجُلَ عَنْ ظُلَامَةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَإِنِ انْتَهَی وَ إِلَّا مَنَعْتُهُ بِذِی الْفَقَارِ قَالَ فَخَرَجْتُ وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ وَ امْرَأَةٍ قَدْ تَعَلَّقُوا بِزِمَامِ جَمَلٍ وَ الْمَرْأَةُ تَقُولُ الْجَمَلُ لِی وَ الرَّجُلُ یَقُولُ الْجَمَلُ لِی فَقُلْتُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَنْهَاكَ عَنْ ظُلْمِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ یَشْتَغِلُ عَلِیٌّ بِشُغُلِهِ وَ یَغْسِلُ یَدَهُ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ قَتَلَهُمْ بِالْبَصْرَةِ وَ یُرِیدُ أَنْ یَأْخُذَ جَمَلِی وَ یَدْفَعَهُ إِلَی هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْكَاذِبَةِ فَقَالَ عَمَّارٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَجَعْتُ لَأُخْبِرَ مَوْلَایَ فَإِذَا بِهِ قَدْ خَرَجَ وَ لَاحَ الْغَضَبُ فِی وَجْهِهِ وَ قَالَ وَیْلَكَ خَلِّ جَمَلَ الْمَرْأَةِ فَقَالَ هُوَ لِی فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَذَبْتَ یَا لَعِینُ قَالَ فَمَنْ یَشْهَدُ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ یَا عَلِیُّ فَقَالَ الشَّاهِدُ الَّذِی لَا یُكَذِّبُهُ أَحَدٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَ كَانَ صَادِقاً سَلَّمْتُهُ إِلَی الْمَرْأَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام تَكَلَّمْ أَیُّهَا الْجَمَلُ لِمَنْ أَنْتَ فَقَالَ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ یَا أَمِیرَالْمُؤْمِنِینَ وَ خَیْرَ الْوَصِیِّینَ أَنَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ مُنْذُ بِضْعَ عَشَرَ سَنَةً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام خُذِی جَمَلَكِ وَ عَارَضَ الرَّجُلَ بِضَرْبَةٍ قَسَمَهُ نِصْفَیْنِ (3).
«8»- شف، [كشف الیقین] مِنْ كِتَابِ الشَّرِیفِ أَبِی یَعْلَی مُحَمَّدِ بْنِ شَرِیفٍ أَبِی الْقَاسِمِ حَسَنٍ الْأَقْسَاسِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُحَمَّدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ الْهَنَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
ص: 236
أَبِی دُجَانَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی سُمَیْنَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مُدَّ الْفُرَاتُ عِنْدَكُمْ عَلَی عَهْدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ نَخَافُ الْغَرَقَ لِأَنَّ فِی الْفُرَاتِ قَدْ جَاءَ مِنَ الْمَاءِ مَا لَمْ یُرَ مِثْلُهُ وَ قَدِ امْتَلَأَتْ جَنْبَتَاهُ فَاللَّهَ اللَّهَ فَرَكِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ النَّاسُ مَعَهُ وَ حَوْلَهُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَمَرَّ بِمَسْجِدِ سَقِیفٍ (1) فَغَمَزَهُ بَعْضُ شُبَّانِهِمْ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ مُغْضَباً فَقَالَ صَعَّارُ الْخُدُودِ لَئَّامُ الْجُدُودِ بَقِیَّةُ ثَمُودَ مَنْ یَشْتَرِی مِنِّی هَؤُلَاءِ الْأَعْبُدَ فَقَامَ إِلَیْهِ مَشَایِخُهُمْ فَقَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ هَؤُلَاءِ شُبَّانٌ لَا یَعْقِلُونَ مَا هُمْ فِیهِ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِهِمْ فَوَ اللَّهِ إِنْ كُنَّا(2) لِهَذَا لَكَارِهِینَ وَ مَا مِنَّا أَحَدٌ یَرْضَی هَذَا الْكَلَامَ لَكَ فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ قَالَ فَكَأَنَّهُ اسْتَحْیَا فَقَالَ لَسْتُ أَعْفُو عَنْكُمْ إِلَّا عَلَی أَنْ لَا أَرْجِعَ حَتَّی تَهْدِمُوا مَجْلِسَكُمْ وَ كُلَّ كُوَّةٍ وَ مِیزَابٍ وَ بَالُوعَةٍ إِلَی طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ هَذَا أَذًی لِلْمُسْلِمِینَ فَقَالُوا نَحْنُ نَفْعَلُ ذَلِكَ فَمَضَی وَ تَرَكَهُمْ فَكَسَرُوا مَجْلِسَهُمْ وَ جَمِیعَ مَا أَمَرَ بِهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْفُرَاتِ وَ هُوَ یَزْخَرُ بِأَمْوَاجِهِ فَوَقَفَ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ فَتَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِیَّةِ كَلَاماً فَنَقَصَ الْفُرَاتُ ذِرَاعاً فَقَالَ حَسْبُكُمْ (3) قَالُوا زِدْنَا فَضَرَبَهُ بِقَضِیبٍ كَانَ مَعَهُ فَإِذَا بِالْحِیتَانِ فَاغِرَةً(4) أَفْوَاهَهَا فَقَالَتْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عُرِضَتْ وَلَایَتُكَ عَلَیْنَا فَقَبِلْنَاهَا مَا خَلَا الْجِرِّیَّ وَ الْمَارْمَاهِیَ وَ الزِّمَّارَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمَّا تَفَرَّقُوا مِنَ الْمَائِدَةِ فَمَنْ كَانَ أَخَذَ مِنْهُمْ بَرّاً كَانَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ وَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ بَحْراً كَانَ الْجِرِّیُّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمَّارُ ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ عَلَیْهِ فَقَالُوا هَذِهِ رُمَّانَةٌ مَا رَأَیْنَا مِثْلَهَا قَطُّ جَاءَ بِهَا الْمَاءُ وَ قَدْ أُحْبِسَتِ
ص: 237
الْجِسْرُ(1) مِنْ عِظَمِهَا وَ كِبَرِهَا فَقَالَ هَذِهِ رُمَّانَةٌ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ فَدَعَا بِالرِّجَالِ بِالْحِبَالِ فَأَخْرَجُوهَا فَمَا بَقِیَ بَیْتٌ بِالْكُوفَةِ إِلَّا دَخَلَهُ مِنْهَا شَیْ ءٌ(2).
بیان: الصعر المیل فی الخد خاصة و قد صعر خده و صاعر أی أماله من الكبر و زجر الوادی إذا امتد جدا و ارتفع.
«9»- شف، [كشف الیقین] مِنَ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سِنَانٍ (3) عَنْ یُوسُفَ بْنِ حَمْدَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ حُكَّامِ بْنِ سَلَمٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ (4) عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ: تَبِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِینَةِ فَإِذَا أَنَا بِذِئْبٍ أَدْرَعَ أَزَبَّ قَدْ أَقْبَلَ یُهَرْوِلُ حَتَّی أَتَی الْمَكَانَ الَّذِی فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ وُلْدُهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام فَجَعَلَ الذِّئْبُ یَعْفِرُ بِخَدَّیْهِ عَلَی الْأَرْضِ وَ یُومِئُ بِیَدِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ أَطْلِقْ لِسَانَ الذِّئْبِ فَیُكَلِّمَنِی فَأَطْلَقَ اللَّهُ لِسَانَ الذِّئْبِ فَإِذَا الذِّئْبُ یَقُولُ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ بَلَدِ الْفُجَّارِ الْكَفَرَةِ قَالَ وَ أَیْنَ تُرِیدُ قَالَ بَلَدَ الْأَنْبِیَاءِ الْبَرَرَةِ قَالَ وَ فِیمَا ذَا قَالَ لِأَدْخُلَ فِی بَیْعَتِكَ مَرَّةً أُخْرَی قَالَ كَأَنَّكُمْ قَدْ بَایَعْتُمُونَا قَالَ صَاحَ بِنَا صَائِحٌ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ اجْتَمِعُوا فَاجْتَمَعْنَا إِلَی ثَنِیَّةٍ مِنْ (5) بَنِی إِسْرَائِیلَ فَنُشِرَ فِیهَا أَعْلَامٌ بِیضٌ وَ رَایَاتٌ خُضْرٌ وَ نُصِبَ فِیهَا مِنْبَرٌ مِنْ ذَهَبٍ أَحْمَرَ وَ عَلَا عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِیغَةً وَجِلَ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَ أَبْكَی مِنْهَا الْعُیُونَ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ الْوُحُوشِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ دَعَا مُحَمَّداً فَأَجَابَهُ وَ اسْتَخْلَفَ عَلَی عِبَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَمَرَكُمْ
ص: 238
أَنْ تُبَایِعُوهُ فَقَالُوا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا مَا خَلَا الذِّئْبَ فَإِنَّهُ جَحَدَ حَقَّكَ وَ أَنْكَرَ مَعْرِفَتَكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْحَكَ أَیُّهَا الذِّئْبُ كَأَنَّكَ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ مَا أَنَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ أَنَا ذِئْبٌ شَرِیفٌ قَالَ وَ كَیْفَ تَكُونُ شَرِیفاً وَ أَنْتَ ذِئْبٌ قَالَ شَرِیفٌ لِأَنِّی مِنْ شِیعَتِكَ وَ أَخْبَرَنِی أَبِی أَنِّی مِنْ وُلْدِ ذَلِكَ الذِّئْبِ الَّذِی اصْطَادَهُ أَوْلَادُ یَعْقُوبَ فَقَالُوا هَذَا أَكَلَ أَخَانَا بِالْأَمْسِ وَ إِنَّهُ مُتَّهَمٌ (1).
بیان: قال الجوهری الأدرع من الخیل و الشاء ما اسود رأسه و ابیض سائره (2) و قال الزبب طول الشعر و كثرته و بعیر أزب و لا یكاد یكون الأزب إلا نفورا لأنه ینبت علی حاجبیه شعیرات فإذا ضربته الریح نفر(3).
«10»- یج، [الخرائج و الجرائح] ذَكَرَ الرَّضِیُّ فِی كِتَابِ خَصَائِصِ الْأَئِمَّةِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ عَلَی عَهْدِ عُمَرَ وَ لَهُ إِبِلٌ بِنَاحِیَةِ أَذْرَبِیجَانَ قَدِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْهِ فَشَكَا إِلَیْهِ مَا نَالَهُ وَ أَنَّ مَعَاشَهُ كَانَ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاسْتَغِثْ بِاللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ الرَّجُلُ مَا زِلْتُ أَدْعُو اللَّهَ وَ أَتَوَسَّلُ إِلَیْهِ وَ كُلَّمَا قَرُبْتُ مِنْهَا حَمَلَتْ عَلَیَّ فَكَتَبَ لَهُ عُمَرُ رُقْعَةً فِیهَا مِنْ عُمَرَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَرَدَةِ الْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ أَنْ یُذَلِّلُوا(4) هَذِهِ الْمَوَاشِیَ لَهُ فَأَخَذَ الرَّجُلُ الرُّقْعَةَ وَ مَضَی فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَاغْتَمَمْتُ شَدِیداً(5) فَلَقِیتُ عَلِیّاً علیه السلام فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ علیه السلام وَ الَّذِی (6) فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَیَعُودَنَّ بِالْخَیْبَةِ فَهَدَأَ مَا بِی (7) وَ طَالَتْ عَلَیَّ شُقَّتِی وَ جَعَلْتُ أَرْقُبُ (8) كُلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ قَدْ وَافَی وَ فِی جَبْهَتِهِ شَجَّةٌ(9) تَكَادُ الْیَدُ تَدْخُلُ فِیهَا
ص: 239
فَلَمَّا رَأَیْتُهُ بَادَرْتُ إِلَیْهِ فَقُلْتُ مَا وَرَاكَ فَقَالَ إِنِّی صِرْتُ إِلَی الْمَوْضِعِ وَ رَمَیْتُ بِالرُّقْعَةِ فَحَمَلَ عَلَیَّ عَدَدٌ مِنْهَا فَهَالَنِی أَمْرُهَا وَ لَمْ یَكُنْ لِی قُوَّةٌ فَجَلَسْتُ فَرَمَحَتْنِی أَحَدُهَا فِی وَجْهِی فَقُلْتُ اللَّهُمَّ اكْفِنِیهَا وَ كُلُّهَا تَشُدُّ عَلَیَّ وَ تُرِیدُ قَتْلِی فَانْصَرَفَتْ عَنِّی فَسَقَطْتُ فَجَاءَ أَخِی فَحَمَلَنِی وَ لَسْتُ أَعْقِلُ فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَالَجُ حَتَّی صَلَحْتُ وَ هَذَا الْأَثَرُ فِی وَجْهِی فَقُلْتُ لَهُ صِرْ إِلَی عُمَرَ وَ أَعْلِمْهُ فَصَارَ إِلَیْهِ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَزَبَرَهُ (1) فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَمْ تَذْهَبْ بِكِتَابِی فَحَلَفَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَعَلَ فَأَخْرَجَهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَضَیْتُ بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ إِذَا انْصَرَفْتَ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی هِیَ فِیهِ فَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّی أَتَوَجَّهُ إِلَیْكَ بِنَبِیِّكَ نَبِیِّ الرَّحْمَةِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ الَّذِینَ اخْتَرْتَهُمْ عَلی عِلْمٍ عَلَی الْعالَمِینَ اللَّهُمَّ ذَلِّلْ لِی صُعُوبَتَهَا وَ اكْفِنِی شَرَّهَا فَإِنَّكَ الْكَافِی الْمُعَافِی وَ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ- قَالَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ رَاجِعاً فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ جُمْلَةٌ مِنَ الْمَالِ قَدْ حَمَلَهَا مِنْ أَثْمَانِهَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ صَارَ إِلَیْهِ وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالَ علیه السلام تُخْبِرُنِی أَوْ أُخْبِرُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بَلْ تُخْبِرُنِی قَالَ كَأَنِّی بِكَ وَ قَدْ صِرْتَ إِلَیْهَا فَجَاءَتْكَ وَ لَاذَتْ بِكَ خَاضِعَةً ذَلِیلَةً فَأَخَذْتَ بِنَوَاصِیهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَقَالَ الرَّجُلُ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعِی هَكَذَا كَانَ فَتَفَضَّلْ بِقَبُولِ مَا جِئْتُكَ بِهِ فَقَالَ امْضِ رَاشِداً بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَ بَلَغَ الْخَبَرُ عُمَرَ فَغَمَّهُ ذَلِكَ وَ انْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ كَانَ یَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ وَ قَدْ أَنْمَی اللَّهُ مَالَهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كُلُّ مَنِ اسْتَصْعَبَ عَلَیْهِ شَیْ ءٌ مِنْ مَالٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ أَمْرٍ فَلْیَبْتَهِلْ إِلَی اللَّهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ یُكْفَی مِمَّا یَخَافُ اللّٰه إِنْ شَاءَ اللَّهُ (2).
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو الْعَزِیزِ كَادِشٌ الْعُكْبَرِیُّ بِإِسْنَادِهِ: مِثْلَهُ وَ فِی آخِرِهِ فَبُورِكَ الرَّجُلُ فِی مَالِهِ حَتَّی ضَاقَ عَلَیْهِ رِحَابُ بَلَدِهِ (3).
ص: 240
«11»- یج، [الخرائج و الجرائح] الصَّفَّارُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ جُذْعَانَ بْنِ أَبِی نَصْرٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیٌّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ إِذْ أَحَاطَتْ بِهِ الْیَهُودُ فَقَالُوا أَنْتَ الَّذِی تَزْعُمُ أَنَّ الْجِرِّیَّ مِنَّا مَعْشَرَ الْیَهُودِ ثُمَّ مُسِخَ فَقَالَ لَهُمْ نَعَمْ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی الْأَرْضِ فَتَنَاوَلَ مِنْهَا عُوداً فَشَقَّهُ بِاثْنَیْنِ وَ تَكَلَّمَ عَلَیْهِ بِكَلَامٍ وَ تَفَلَ عَلَیْهِ ثُمَّ رَمَی بِهِ فِی الْفُرَاتِ فَإِذَا الْجِرِّیُّ یَتَرَاكَبُ بَعْضُهُ عَلَی بَعْضٍ یَقُولُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام(1) نَحْنُ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عُرِضَتْ عَلَیْنَا وَلَایَتُكُمْ فَأَبَیْنَا أَنْ نَقْبَلَهَا فَمَسَخَنَا اللَّهُ جِرِّیّاً(2).
«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عُمَرُ بْنُ (3) حَمْزَةَ الْعَلَوِیُّ فِی فَضَائِلِ الْكُوفَةِ: أَنَّهُ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ فِی مِحْرَابِ جَامِعِ الْكُوفَةِ إِذْ قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ رَجُلٌ لِلْوُضُوءِ فَمَضَی نَحْوَ رَحْبَةِ الْكُوفَةِ یَتَوَضَّأُ فَإِذَا بِأَفْعًی قَدْ لَقِیَهُ فِی طَرِیقِهِ لِیَلْتَقِمَهُ فَهَرَبَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَحَدَّثَهُ بِمَا لَحِقَهُ فِی طَرِیقِهِ فَنَهَضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ الثَّقْبِ الَّذِی فِیهِ الْأَفْعَی فَأَخَذَ سَیْفَهُ وَ تَرَكَهُ فِی بَابِ الثَّقْبِ وَ قَالَ إِنْ كُنْتَ مُعْجِزَةً مِثْلَ عَصَا مُوسَی فَأَخْرِجِ الْأَفْعَی فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً حَتَّی خَرَجَ یُسَارُّهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی الْأَعْرَابِیِّ وَ قَالَ إِنَّكَ ظَنَنْتَ أَنِّی رَابِعُ أَرْبَعَةٍ لَمَّا قُمْتَ بَیْنَ یَدَیَّ فَقَالَ هُوَ صَحِیحٌ ثُمَّ لَطَمَ عَلَی رَأْسِهِ وَ أَسْلَمَ.
فِی الِامْتِحَانِ، عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ جَابِرٌ الْأَنْصَارِیُّ: كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الْبَرِّیَّةِ فَرَأَیْتُهُ قَدْ عَدَلَ عَنِ الطَّرِیقِ فَتَبِعْتُهُ فَرَأَیْتُهُ یَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ تَبَسَّمَ ضَاحِكاً فَقَالَ أَحْسَنْتَ أَیُّهَا الطَّیْرُ إِذْ صَفَرْتَ بِفَضْلِهِ فَقُلْتُ لَهُ یَا مَوْلَایَ أَیُّ الطَّیْرِ(4) فَقَالَ فِی الْهَوَاءِ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ وَ تَسْمَعَ كَلَامَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ یَا مَوْلَایَ فَنَظَرَ إِلَی
ص: 241
السَّمَاءِ وَ دَعَا بِدُعَاءٍ خَفِیٍّ فَإِذَا الطَّیْرُ یَهْوِی إِلَی الْأَرْضِ فَسَقَطَ عَلَی یَدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَمَسَحَ یَدَهُ عَلَی ظَهْرِهِ فَقَالَ انْطِقْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الطَّیْرَ بِلِسَانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ مِنْ أَیْنَ مَطْعَمُكَ وَ مَشْرَبُكَ فِی هَذِهِ الْفَلَاةِ الْقَفْرَاءِ الَّتِی لَا نَبَاتَ فِیهَا وَ لَا مَاءَ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ إِذَا جُعْتُ ذَكَرْتُ وَلَایَتَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَأَشْبَعُ وَ إِذَا عَطِشْتُ فَأَتَبَرَّأُ مِنْ أَعْدَائِكُمْ فَأَرْوَی فَقَالَ بُورِكَ فِیكَ فَطَارَتْ وَ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ(1).
مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ الْأَزْدِیُّ الدُّبَیْلِیُ (2) فِی مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِی خَبَرٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ عَبَرَ فِی السَّمَاءِ خَیْطٌ مِنَ الْإِوَزِّ(3) طَائِراً عَلَی رَأْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَصَرْصَرْنَ وَ صَرَخْنَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلْقَنْبَرِ قَدْ سَلَّمْنَ عَلَیَّ وَ عَلَیْكُمْ فَتَغَامَزَ أَهْلُ النِّفَاقِ بَیْنَهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَادِ بِأَعْلَی صَوْتِكَ أَیُّهَا الْإِوَزُّ أَجِیبُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَخَا رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَنَادَی قَنْبَرٌ بِذَلِكَ فَإِذَا الطَّیْرُ تُرَفْرِفُ عَلَی رَأْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ قُلْ لَهَا انْزِلْنَ فَلَمَّا قَالَ لَهَا رَأَیْتُ الْإِوَزَّ وَ قَدْ ضَرَبَتْ بِصُدُورِهَا إِلَی الْأَرْضِ حَتَّی صَارَتْ فِی صَحْنِ الْمَسْجِدِ عَلَی أَرْضٍ وَاحِدَةٍ فَجَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُخَاطِبُهَا بُلْغَةٍ لَا نَعْرِفُهَا وَ هُنَّ یَلْزُزْنَ (4) بِأَعْنَاقِهِنَّ إِلَیْهِ وَ یُصَرْصِرْنَ ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ انْطِقْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ قَالَ فَإِذَا هُنَّ یَنْطِقْنَ بِلِسَانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ خَلِیفَةَ رَبِّ الْعَالَمِینَ الْخَبَرَ وَ هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَی یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ(5).
ابْنُ وَهْبَانَ وَ الْفَتَّاكُ: فَمَضَیْنَا بِغَابَةٍ فَإِذَا بِأَسَدٍ بَارَكَ (6) فِی الطَّرِیقِ وَ أَشْبَالُهُ خَلْفَهُ
ص: 242
فَلَوَیْتُ بِدَابَّتِی لِأَرْجِعَ فَقَالَ علیه السلام إِلَی أَیْنَ أَقْدِمْ یَا جُوَیْرِیَةُ بْنُ مُسْهِرٍ(1) إِنَّمَا هُوَ كَلْبُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِیَتِها(2) الْآیَةَ فَإِذَا بِالْأَسَدِ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ یُبَصْبِصُ (3) بِذَنَبِهِ وَ هُوَ یَقُولُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ یَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَبَا الْحَارِثِ مَا تَسْبِیحُكَ فَقَالَ أَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ أَلْبَسَنِی الْمَهَابَةَ وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنِّی الْمَخَافَةَ وَ رَأَی أَسَداً أَقْبَلَ نَحْوَهُ یُهَمْهِمُ وَ یَمْسَحُ بِرَأْسِهِ الْأَرْضَ فَتَكَلَّمَ مَعَهُ بِشَیْ ءٍ فَسُئِلَ عَنْهُ علیه السلام فَقَالَ إِنَّهُ یَشْكُو الْحَبَلَ وَ دَعَا لِی وَ قَالَ لَا سَلَّطَ اللَّهُ أَحَداً مِنَّا عَلَی أَوْلِیَائِكَ (4) وَ حُكِیَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ انْقِضَاضَ غُرَابٍ عَلَی خُفِّهِ وَ قَدْ نَزَعَهُ لِیَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَانْسَابَ فِیهِ أَسْوَدُ فَحَمَلَهُ الْغُرَابُ حَتَّی صَارَ بِهِ فِی الْجَوِّ ثُمَّ أَلْقَاهُ فَوَقَعَ مِنْهُ الْأَسْوَدُ وَ وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَ فِی الْأَغَانِی، أَنَّهُ قَالَ الْمَدَائِنِیُّ: إِنَّ السَّیِّدَ الْحِمْیَرِیَّ وَقَفَ بِالْكُنَاسِ (5) وَ قَالَ مَنْ جَاءَ بِفَضِیلَةٍ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَمْ أَقُلْ فِیهَا شِعْراً فَلَهُ فَرَسِی هَذَا وَ مَا عَلَیَّ فَجَعَلُوا یُحَدِّثُونَهُ وَ یُنْشِدُهُمْ فِیهِ حَتَّی رَوَی رَجُلٌ عَنْ أَبِی الرَّعْلِ الْمُرَادِیِّ أَنَّهُ قَدِمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَتَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ فَنَزَعَ خُفَّهُ فَانْسَابَ فِیهِ أَفْعًی فَلَمَّا دَعَا لِیَلْبَسَهُ انْقَضَّتْ غُرَابٌ فَحَلَّقَتْ ثُمَّ أَلْقَاهَا فَخَرَجَتِ الْأَفْعَی مِنْهُ قَالَ فَأَعْطَاهُ السَّیِّدُ مَا وَعَدَهُ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
أَلَا یَا قَوْمِ لِلْعَجَبِ الْعُجَابِ***لِخُفِّ أَبِی الْحُسَیْنِ وَ لِلْحُبَابِ
عَدُوٌّ مِنْ عِدَاتِ الْجِنِّ عَبْدٌ***بَعِیدٌ فِی الْمُرَادَةِ مِنْ صَوَابٍ (6)
ص: 243
كَرِیهُ اللَّوْنِ أَسْوَدُ ذُو بَصِیصٍ***حَدِیدُ النَّابِ أَزْرَقُ ذُو لُعَابٍ
أَتَی خُفّاً لَهُ فَانْسَابَ فِیهِ***لِیَنْهَشَ رِجْلَهُ مِنْهَا بِنَابٍ
فَقَضَّ مِنَ السَّمَاءِ لَهُ عُقَابٌ***مِنَ الْعِقْبَانِ أَوْ شِبْهُ الْعُقَابِ
فَطَارَ بِهِ فَحَلَّقَ ثُمَّ أَهْوَی***بِهِ لِلْأَرْضِ مِنْ دُونِ السَّحَابِ
فَصَكَّ بِخُفِّهِ فَانْسَابَ مِنْهُ***وَ وَلَّی هَارِباً حَذَرَ الْحِصَابِ
وَ دَافَعَ عَنْ أَبِی حَسَنٍ عَلِیٍ***نَقِیعَ سِمَامِهِ بَعْدَ انْسِیَابٍ (1)
بیان: تحلیق الطائر ارتفاعه فی طیرانه و الحباب بالضم الحیة و مراد الإبل محل اختلافها فی المرعی مقبلة و مدبرة(2) و البصیص البریق قوله حذر الحصاب أی أن یرمی بالحصباء.
«13»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حَدَّثَنِی أَبُو مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ وَ الْأَصْفَهَانِیُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی رَجُلٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِصِفِّینَ فَرَأَیْتُ بَعِیراً مِنْ إِبِلِ الشَّامِ جَاءَ وَ عَلَیْهِ رَاكِبُهُ وَ ثَقَلُهُ فَأَلْقَی مَا عَلَیْهِ وَ جَعَلَ یَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَوَضَعَ مِشْفَرَهُ مَا بَیْنَ رَأْسِ عَلِیٍّ وَ مَنْكِبِهِ وَ جَعَلَ یُحَرِّكُهَا بِجِرَانِهِ (3) فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَعَلَامَةٌ بَیْنِی وَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَجَدَّ النَّاسُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ اشْتَدَّ قِتَالُهُمْ (4).
تَفْسِیرُ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام: لَمَّا نَاظَرَتِ الْیَهُودُ عَلِیّاً علیه السلام فِی النُّبُوَّةِ نَادَی جِمَالَ الْیَهُودِ أَیَّتُهَا الْجِمَالُ اشْهَدِی لِمُحَمَّدٍ وَ وَصِیِّهِ فَنَطَقَتْ جِمَالُهُمْ وَ ثِیَابُهُمْ كُلُّهَا صَدَقْتَ یَا عَلِیُّ إِنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِنَّكَ یَا عَلِیُّ حَقّاً وَصِیُّهُ فَآمَنَ بَعْضُهُمْ وَ خَزِیَ آخَرُونَ فَنَزَلَ الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَیْبَ فِیهِ هُدیً لِلْمُتَّقِینَ (5) الْكِتَابُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 244
وَ الْمُتَّقِینَ (1) شِیعَتُهُ.
أَبُو بَكْرٍ الشِّیرَازِیُّ فِی نُزُولِ الْقُرْآنِ فِی شَأْنِ عَلِیٍّ علیه السلام بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُقَاتِلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ-(2) عَرَضَ اللَّهُ أَمَانَتِی عَلَی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ فَقُلْنَ رَبَّنَا لَا نَحْمِلُهَا(3) بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ لَكِنْ (4) نَحْمِلُهَا بِلَا ثَوَابٍ وَ لَا عِقَابٍ وَ إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ أَمَانَتِی وَ وَلَایَتِی عَلَی الطُّیُورِ فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهَا الْبُزَاةُ الْبِیضُ وَ الْقَنَابِرُ(5) وَ أَوَّلُ مَنْ جَحَدَهَا الْبُومُ وَ الْعَنْقَاءُ فَلَعَنَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی مِنْ بَیْنِ الطُّیُورِ فَأَمَّا الْبُومُ فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَظْهَرَ بِالنَّهَارِ لِبُغْضِ الطَّیْرِ لَهَا وَ أَمَّا الْعَنْقَاءُ فَغَابَتْ فِی الْبِحَارِ لَا تُرَی وَ إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ أَمَانَتِی عَلَی الْأَرَضِینَ فَكُلُّ بُقْعَةٍ آمَنَتْ بِوَلَایَتِی جَعَلَهَا طَیِّبَةً زَكِیَّةً وَ جَعَلَ نَبَاتَهَا وَ ثَمَرَهَا حُلْواً عَذْباً وَ جَعَلَ مَاءَهَا زُلَالًا وَ كُلُّ بُقْعَةٍ جَحَدَتْ أَمَانَتِی وَ أَنْكَرَتْ وَلَایَتِی جَعَلَهَا سَبِخاً وَ جَعَلَ نَبَاتَهَا مُرّاً عَلْقَماً وَ جَعَلَ ثَمَرَهَا الْعَوْسَجَ وَ الْحَنْظَلَ وَ جَعَلَ مَاءَهَا مِلْحاً أُجَاجاً ثُمَّ قَالَ وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ یَعْنِی أُمَّتَكَ یَا مُحَمَّدُ وَلَایَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ إِمَامَتَهُ بِمَا فِیهَا مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لِنَفْسِهِ جَهُولًا لِأَمْرِ دِینِهِ (6) مَنْ لَمْ یُؤَدِّهَا بِحَقِّهَا فَهُوَ ظَلُومٌ غَشُومٌ (7).
«14»- عم، [إعلام الوری] مِنْ مُعْجِزَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: مِنْ قَوْلِهِ علیه السلام لِجُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ وَ قَدْ عَزَمَ عَلَی الْخُرُوجِ أَمَا إِنَّهُ سَیَعْرِضُ لَكَ فِی طَرِیقِكَ الْأَسَدُ قَالَ فَمَا الْحِیلَةُ لَهُ قَالَ تُقْرِئُهُ مِنِّی السَّلَامَ
ص: 245
وَ تُخْبِرُهُ أَنِّی أَعْطَیْتُكَ مِنْهُ الْأَمَانَ فَخَرَجَ جُوَیْرِیَةُ فَبَیْنَا هُوَ یَسِیرُ(1) عَلَی دَابَّةٍ إِذْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ أَسَدٌ لَا یُرِیدُ غَیْرَهُ فَقَالَ لَهُ جُوَیْرِیَةُ یَا أَبَا الْحَارِثِ- إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ إِنَّهُ قَدْ آمَنَنِی مِنْكَ قَالَ فَوَلَّی اللَّیْثُ عَنْهُ مُطْرِقاً بِرَأْسِهِ یُهَمْهِمُ حَتَّی غَابَ فِی الْأَجَمَةِ فَهَمْهَمَ خَمْساً ثُمَّ غَابَ وَ مَضَی جُوَیْرِیَةُ فِی حَاجَتِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَسَلَّمَ (2) عَلَیْهِ وَ قَالَ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ مَا قُلْتَ لِلَّیْثِ وَ مَا قَالَ لَكَ فَقَالَ جُوَیْرِیَةُ قُلْتُ لَهُ مَا أَمَرْتَنِی بِهِ وَ بِذَلِكَ انْصَرَفَ عَنِّی فَأَمَّا(3) مَا قَالَ اللَّیْثُ فَاللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ وَلَّی عَنْكَ یُهَمْهِمُ فَأَحْصَیْتَ لَهُ خَمْسَ هَمْهَمَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْكَ قَالَ جُوَیْرِیَةُ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَكَذَا هُوَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّهُ قَالَ لَكَ فَأَقْرِئْ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ مِنِّی السَّلَامَ وَ عَقَدَ بِیَدِهِ خَمْساً(4).
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عن الباقر علیه السلام: مثله- قال و ذكر أبو المفضل الشیبانی: نحو ذلك عن جویریة(5).
«15»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّیْنَا الْغَدَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا بِوَجْهِهِ الْكَرِیمِ وَ أَخَذَ مَعَنَا فِی الْحَدِیثِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَلْبُ فُلَانٍ الذِّمِّیِّ خَرَقَ ثَوْبِی وَ خَدَشَ سَاقِی فَمُنِعْتُ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَكَ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی أَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ كَلْبُ فُلَانٍ الذِّمِّیِّ خَرَقَ ثَوْبِی وَ خَدَشَ سَاقِی فَمَنَعَنِی مِنَ الصَّلَاةِ مَعَكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا كَانَ الْكَلْبُ عَقُوراً وَجَبَ قَتْلُهُ ثُمَّ قَامَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُمْنَا مَعَهُ حَتَّی أَتَی مَنْزِلَ الرَّجُلِ فَبَادَرَ أَنَسٌ فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ بِالْبَابِ فَقَالَ أَنَسٌ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِبَابِكُمْ قَالَ
ص: 246
فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ مُبَادِراً فَفَتَحَ بَابَهُ وَ خَرَجَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِی جَاءَ بِكَ إِلَیَّ وَ لَسْتُ عَلَی دِینِكَ أَلَّا كُنْتَ وَجَّهْتَ إِلَیَّ كُنْتُ أُجِیبُكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِحَاجَةٍ إِلَیْنَا أَخْرِجْ كَلْبَكَ فَإِنَّهُ عَقُورٌ وَ قَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ فَقَدْ خَرَقَ ثِیَابَ فُلَانٍ وَ خَدَشَ سَاقَهُ وَ كَذَا فَعَلَ الْیَوْمَ بِفُلَانٍ فَبَادَرَ الرَّجُلُ إِلَی كَلْبِهِ وَ طَرَحَ فِی عُنُقِهِ حَبْلًا وَ جَرَّهُ إِلَیْهِ وَ أَوْقَفَهُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا نَظَرَ الْكَلْبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِی جَاءَ بِكَ وَ لِمَ تُرِیدُ قَتْلِی قَالَ خَرَقْتَ ثِیَابَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ خَدَشْتَ سَاقَیْهِمَا قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْقَوْمَ الَّذِینَ ذَكَرْتَهُمْ مُنَافِقُونَ نَوَاصِبُ یُبْغِضُونَ
ابْنَ عَمِّكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ- وَ لَوْ لَا أَنَّهُمْ كَذَلِكَ مَا تَعَرَّضْتُ لَهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ جَازُوا یَرْفِضُونَ عَلِیّاً وَ یَسُبُّونَهُ فَأَخَذَتْنِی الْحَمِیَّةُ الْأَبِیَّةُ وَ النَّخْوَةُ الْعَرَبِیَّةُ فَفَعَلْتُ بِهِمْ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ مِنَ الْكَلْبِ أَمَرَ صَاحِبَهُ بِالالْتِفَاتِ إِلَیْهِ وَ أَوْصَاهُ بِهِ ثُمَّ قَامَ لِیَخْرُجَ وَ إِذَا صَاحِبُ الْكَلْبِ الذِّمِّیُّ قَدْ قَامَ عَلَی قَدَمَیْهِ وَ قَالَ أَ تَخْرُجُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ قَدْ شَهِدَ كَلْبِی بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ ابْنَ عَمِّكَ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَ أَسْلَمَ جَمِیعُ مَنْ كَانَ فِی دَارِهِ (1).
أقول: رواه السید المرتضی فی كتاب عیون المعجزات عن محمد بن عثمان عن أبی زید النمیری عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن سلیمان الأعمش عن سهیل بن أبی صالح عن أبیه عن أبی هریرة: مثله.
ص: 247
«1»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ وَلِیدٍ النَّهْدِیِّ عَنِ الْحَارِثِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْعَاقُولِ فَإِذَا هُوَ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ قَدْ وَقَعَ لِحَاؤُهَا وَ بَقِیَ عَمُودُهَا فَضَرَبَهَا بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ ارْجِعِی بِإِذْنِ اللَّهِ خَضْرَاءَ مُثْمِرَةً فَإِذَا هِیَ تَهْتَزُّ بِأَغْصَانِهَا الْكُمَّثْرَی-(1) فَقَطَعْنَا وَ أَكَلْنَا وَ حَمَلْنَا مَعَنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَوْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِهَا خَضْرَاءَ فِیهَا الْكُمَّثْرَی (2).
یج، [الخرائج و الجرائح] عن الحارث الأعور: مثله (3) بیان اللحاء بالكسر و المد قشر الشجر.
«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ رُمَیْلَةَ وَ كَانَ مِمَّنْ صَحِبَ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: صَارَ إِلَیْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا إِنَّ وَصِیَّ مُوسَی كَانَ یُرِیهِمُ الدَّلَائِلَ وَ الْعَلَامَاتِ وَ الْبَرَاهِینَ وَ الْمُعْجِزَاتِ وَ كَانَ وَصِیُّ عِیسَی یُرِیهِمْ كَذَلِكَ فَلَوْ أَرَیْتَنَا شَیْئاً تَطْمَئِنُّ إِلَیْهِ (4) قُلُوبُنَا فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَحْتَمِلُونَ عِلْمَ الْعَالِمِ وَ لَا تَقُولُونَ عَلَی بَرَاهِینِهِ وَ آیَاتِهِ وَ أَلَحُّوا(5) عَلَیْهِ فَخَرَجَ بِهِمْ نَحْوَ أَبْیَاتِ الْهَجَرِیِّینَ حَتَّی أَشْرَفَ بِهِمْ عَلَی السَّبَخَةِ(6)
ص: 248
فَدَعَا خَفِیّاً ثُمَّ قَالَ اكْشِفِی غِطَاءَكِ فَإِذَا بِجَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ فِی جَانِبٍ وَ إِذَا بِسَعِیرٍ وَ نِیرَانٍ مِنْ جَانِبٍ فَقَالَ جَمَاعَةٌ سِحْرٌ سَحَرَ وَ ثَبَتَ آخَرُونَ عَلَی التَّصْدِیقِ وَ لَمْ یُنْكِرُوا مِثْلَهُ (1) وَ قَالُوا لَقَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّیرَانِ (2).
«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: قَدْ شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَی عَلِیٍّ زِیَادَةَ الْفُرَاتِ فَرَكِبَ هُوَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام فَوَقَفَ عَلَی الْفُرَاتِ وَ قَدِ ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَی جَانِبَیْهِ فَضَرَبَهُ بِقَضِیبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَقَصَ ذِرَاعٌ وَ ضَرَبَهُ أُخْرَی فَنَقَصَ ذِرَاعَانِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ زِدْتَنَا فَقَالَ إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ فَأَعْطَانِی مَا رَأَیْتُمْ وَ أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ عَبْداً مُلِحّاً.
«4»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: كُنَّا قُعُوداً ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُنَاكَ شَجَرَةُ رُمَّانٍ یَابِسَةٌ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ نَفَرٌ مِنْ مُبْغِضِیهِ وَ عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ مُحِبِّیهِ فَسَلَّمُوا فَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی أُرِیكُمُ الْیَوْمَ آیَةً تَكُونُ فِیكُمْ كَمِثْلِ الْمَائِدَةِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ یَقُولُ اللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْكُمْ فَمَنْ یَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ (3) ثُمَّ قَالَ انْظُرُوا إِلَی الشَّجَرَةِ وَ كَانَتْ یَابِسَةً فَإِذَا هِیَ قَدْ جَرَی الْمَاءُ فِی عُودِهَا ثُمَّ اخْضَرَّتْ وَ أَوْرَقَتْ وَ عَقَدَتْ وَ تَدَلَّی حَمْلُهَا عَلَی رُءُوسِنَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَقَالَ لِلَّذِینَ هُمْ مُحِبُّوهُ مُدُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ تَنَاوَلُوا وَ كُلُوا فَقُلْنَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ تَنَاوَلْنَا وَ أَكَلْنَا رُمَّاناً لَمْ نَأْكُلْ قَطُّ شَیْئاً أَعْذَبَ مِنْهُ وَ أَطْیَبَ ثُمَّ قَالَ لِلنَّفَرِ الَّذِینَ هُمْ یُبْغِضُوهُ مُدُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ تَنَاوَلُوا فَمَدُّوا أَیْدِیَهُمْ فَارْتَفَعَتْ فَكُلَّمَا مَدَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ یَدَهُ إِلَی رُمَّانَةٍ ارْتَفَعَتْ فَلَمْ یَتَنَاوَلُوا شَیْئاً فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا بَالُ إِخْوَانِنَا مَدُّوا أَیْدِیَهُمْ وَ تَنَاوَلُوا وَ أَكَلُوا وَ مَدَدْنَا أَیْدِیَنَا فَلَمْ نَنَلْ فَقَالَ علیه السلام وَ كَذَلِكَ الْجَنَّةُ لَا
ص: 249
یَنَالُهَا إِلَّا أَوْلِیَاؤُنَا وَ مُحِبُّونَا وَ لَا یُبَعَّدُ مِنْهَا إِلَّا أَعْدَاؤُنَا وَ مُبْغِضُونَا فَلَمَّا خَرَجُوا قَالُوا هَذَا مِنْ سِحْرِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ سَلْمَانُ مَا ذَا تَقُولُونَ أَ فَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ.
«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّهُ علیه السلام أُتِیَ بِأَسِیرٍ فِی عَهْدِ عُمَرَ فَعَرَضَ عَلَیْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَی فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ قَالَ لَا تَقْتُلُونِی وَ أَنَا عَطْشَانُ (1) فَجَاءُوا بِقَدَحٍ مَلْآنَ فَقَالَ لِیَ الْأَمَانُ إِلَی أَنْ أَشْرَبَ قَالَ عُمَرُ نَعَمْ فَأَرَاقَ الْمَاءَ عَلَی الْأَرْضِ فَنَشَفَتْهُ (2) قَالَ عُمَرُ اقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ احْتَالَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَا یَجُوزُ قَتْلُهُ فَقَدْ آمَنْتَهُ فَقَالَ مَا أَفْعَلُ بِهِ قَالَ تَجْعَلُهُ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ بِقِیمَةِ عَبْدٍ قَالَ وَ مَنْ یَرْغَبُ فِیهِ قَالَ أَنَا قَالَ هُوَ لَكَ فَأَخَذَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْقَدَحُ بِكَفِّهِ فَدَعَا فَإِذَا ذَلِكَ الْمَاءُ اجْتَمَعَ فِی الْقَدَحِ فَأَسْلَمَ لِذَلِكَ فَأَعْتَقَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَزِمَ الْمَسْجِدَ وَ التَّعَبُّدَ.
«6»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ الْفُرَاتَ مُدَّتْ عَلَی عَهْدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ النَّاسُ نَخَافُ الْغَرَقَ فَرَكِبَ وَ صَلَّی عَلَی الْفُرَاتِ فَمَرَّ بِمَجْلِسِ ثَقِیفٍ فَغَمَزَ عَلَیْهِ بَعْضُ شُبَّانِهِمْ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ وَ قَالَ یَا بَقِیَّةَ ثَمُودَ یَا صَعَّارَ الْخُدُودِ هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا طَغَامٌ لِئَامٌ مَنْ لِی بِهَؤُلَاءِ الْأَعْبُدِ فَقَالَ مَشَایِخُ مِنْهُمْ إِنَّ هَؤُلَاءِ شَبَابٌ جُهَّالٌ فَلَا تَأْخُذْنَا بِهِمْ وَ اعْفُ عَنَّا قَالَ لَا أَعْفُو عَنْكُمْ إِلَّا عَلَی أَنْ أَرْجِعَ وَ قَدْ هَدَمْتُمْ هَذِهِ الْمَجَالِسَ وَ سَدَدْتُمْ كُلَّ كُوَّةٍ وَ قَلَعْتُمْ كُلَّ مِیزَابٍ وَ طَمَسْتُمْ (3) كُلَّ بَالُوعَةٍ عَلَی الطَّرِیقِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ فِی طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ وَ فِیهِ أَذًی لَهُمْ فَقَالُوا نَفْعَلُ وَ مَضَی وَ تَرَكَهُمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَمَّا صَارَ إِلَی الْفُرَاتِ دَعَا ثُمَّ قَرَعَ الْفُرَاتَ قَرْعَةً(4) فَنَقَصَ ذِرَاعٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ رُمَّانَةٌ قَدْ جَاءَ بِهَا الْمَاءُ وَ قَدِ احْتُبِسَتْ عَلَی الْجِسْرِ مِنْ كِبَرِهَا وَ عِظَمِهَا فَاحْتَمَلَهَا
ص: 250
وَ قَالَ هَذِهِ رُمَّانَةٌ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ وَ لَا یَأْكُلُ ثِمَارَ الْجَنَّةِ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَقَسَمْتُهَا بَیْنَكُمْ.
«7»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ وَقْعَةِ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ أَیُّهَا الْوَادِی مَنْ أَنَا فَاضْطَرَبَ وَ تَشَقَّقَتْ أَمْوَاجُهُ وَ قَدْ حَضَرَ النَّاسُ وَ قَدْ سَمِعُوا مِنَ الْفُرَاتِ أَصْوَاتاً-(1) أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ.
«8»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ عُبَیْدٍ عَنِ السَّكْسَكِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا قَدِمَ مِنْ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ انْتَزَعَ مِنْ كِنَانَتِهِ (2) سِهَاماً ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهَا قَضِیباً أَصْفَرَ فَضَرَبَ بِهِ الْفُرَاتَ وَ قَالَ علیه السلام انْفَجِرِی فَانْفَجَرَتْ (3) اثْنَتَا عَشْرَةَ عَیْناً كُلُّ عَیْنٍ كَالطَّوْدِ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ یَفْهَمُوهُ فَأَقْبَلَتِ الْحِیتَانُ رَافِعَةً رُءُوسَهَا بِالتَّهْلِیلِ وَ التَّكْبِیرَةِ وَ قَالَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ یَا عَیْنَ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ خَذَلَكَ قَوْمُكَ بِصِفِّینَ كَمَا خَذَلَ هَارُونَ بْنَ عِمْرَانَ قَوْمُهُ فَقَالَ لَهُمْ أَ سَمِعْتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ آیَةٌ لِی عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَشْهَدْتُكُمْ عَلَیْهِ (4).
«9»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْفَحَّامُ عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْأُمَوِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَنَاوَلَهُ حَصَاةً(5) فَمَا اسْتَقَرَّتِ
ص: 251
الْحَصَاةُ فِی كَفِّ عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی نَطَقَتْ وَ هِیَ تَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَضِیتُ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله نَبِیّاً وَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَلِیّاً ثُمَّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ رَاضِیاً بِاللَّهِ وَ بِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَدْ أَمِنَ خَوْفَ اللَّهِ وَ عِقَابَهُ (1).
«10»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ كَفّاً مِنَ الْحَصَی فَسَبَّحْنَ فِی یَدِهِ ثُمَّ صَبَّهُنَّ فِی یَدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَسَبَّحْنَ فِی یَدِهِ حَتَّی سَمِعْنَا التَّسْبِیحَ فِی أَیْدِیهِمَا ثُمَّ صَبَّهُنَّ فِی أَیْدِینَا فَمَا سَبَّحَتْ (2).
«11»- خص، [منتخب البصائر] أَبُو یُوسُفَ یَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی حَنِیفَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمَانِیِّ عَنْ حُبَیْشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: دَعَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَّهَنِی إِلَی الْیَمَنِ لِأُصْلِحَ بَیْنَهُمْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ قَوْمٌ كَثِیرٌ وَ لَهُمْ سِنٌّ وَ أَنَا شَابٌّ حَدَثٌ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِذَا صِرْتَ بِأَعْلَی عَقَبَةِ أَفِیقٍ (3) فَنَادِ بِأَعْلَی صَوْتِكَ یَا شَجَرُ یَا مَدَرُ یَا ثَرَی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ قَالَ فَذَهَبْتُ فَلَمَّا صِرْتُ بِأَعْلَی الْعَقَبَةِ أَشْرَفْتُ عَلَی أَهْلِ الْیَمَنِ فَإِذَا هُمْ بِأَسْرِهِمْ مُقْبِلُونَ نَحْوِی مُشْرِعُونَ رِمَاحَهُمْ مُسْتَوُونَ أَسِنَّتَهُمْ مُتَنَكِّبُونَ قِسِیَّهُمْ (4) شَاهِرُونَ سِلَاحَهُمْ فَنَادَیْتُ بِأَعْلَی صَوْتِی یَا شَجَرُ یَا مَدَرُ یَا ثَرَی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ قَالَ فَلَمْ تَبْقَ شَجَرَةٌ وَ لَا مَدَرَةٌ وَ لَا ثَرًی إِلَّا ارْتَجَّتْ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَ عَلَی مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ فَاضْطَرَبَتْ قَوَائِمُ الْقَوْمِ وَ ارْتَعَدَتْ رُكَبُهُمْ وَ وَقَعَ السِّلَاحُ مِنْ أَیْدِیهِمْ (5)
ص: 252
وَ أَقْبَلُوا إِلَیَّ مُسْرِعِینَ فَأَصْلَحْتُ بَیْنَهُمْ وَ انْصَرَفْتُ (1).
«12»- ختص، [الإختصاص] ابْنُ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ وَ كَتَبَهُ لِی بِخَطِّهِ بِحَضْرَةِ أَبِی الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمَّادٍ الْبِطِّیخِیِ (2) عَنْ رُمَیْلَةَ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: إِنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- إِنَّ وَصِیَّ مُوسَی علیه السلام كَانَ یُرِیهِمُ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ مُوسَی وَ إِنَّ وَصِیَّ عِیسَی علیه السلام كَانَ یُرِیهِمُ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ عِیسَی فَلَوْ أَرَیْتَنَا فَقَالَ لَا تُقِرُّونَ فَأَلَحُّوا عَلَیْهِ فَأَخَذَ بِیَدِ تِسْعَةٍ مِنْهُمْ وَ خَرَجَ بِهِمْ قِبَلَ أَبْیَاتِ الْهَجَرِیِّینَ حَتَّی أَشْرَفَ عَلَی السَّبَخَةِ فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِیٍّ ثُمَّ قَالَ بِیَدِهِ اكْشِفِی غِطَاءَكِ فَإِذَا كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ فِی الْجَنَّةِ نُصْبَ أَعْیُنِهِمْ مَعَ رَوْحِهَا وَ زَهْرَتِهَا فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ یَقُولُونَ سِحْراً سِحْراً وَ ثَبَتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَلَسَ مَجْلِساً فَنَقَلَ مِنْهُ شَیْئاً مِنَ الْكَلَامِ فِی ذَلِكَ فَتَعَلَّقُوا بِهِ فَجَاءُوا بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتُلْهُ وَ لَا نُدَاهِنُ فِی دِینِ اللَّهِ قَالَ وَ مَا لَهُ قَالُوا سَمِعْنَاهُ یَقُولُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَهُ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا الْكَلَامَ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَجُلٌ سَمِعَ مِنْ غَیْرِهِ شَیْئاً فَأَدَّاهُ لَا سَبِیلَ عَلَی هَذَا فَقَالُوا دَاهَنْتَ فِی دِینِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا یَقْتُلُهُ مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَّا أَبَرْتُ عِتْرَتَهُ (3).
«13»- ع، [علل الشرائع] الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِ (4) عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِی تَمِیمُ بْنُ جَذِیمٍ (5) قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام حَیْثُ تَوَجَّهْنَا إِلَی الْبَصْرَةِ قَالَ فَبَیْنَمَا نَحْنُ نُزُولٌ إِذَا اضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ فَضَرَبَهَا عَلِیٌّ علیه السلام بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا لَكِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَنَا أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ
ص: 253
الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ لَأَجَابَتْنِی وَ لَكِنَّهَا لَیْسَتْ بِتِلْكَ (1).
كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] محمد بن العباس عن الحسن بن علی بن مهزیار عن أبیه عن الحسین بن سعید عن محمد بن سنان: مثله (2) بیان أی لو كانت هذه زلزلة القیامة لأجابتنی الأرض حین سألتها عن أخبارها كما ذكره اللّٰه تعالی فی سورة الزلزال و سیأتی توضیحه فی الخبر الآتی.
«14»- ع، [علل الشرائع] الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ رَوْحِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ رَفَعَهُ عَنْ فَاطِمَةَ علیها السلام قَالَتْ: أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَی عَهْدِ أَبِی بَكْرٍ فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَوَجَدُوهُمَا قَدْ خَرَجَا فَزِعَیْنِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَتَبِعَهُمَا النَّاسُ إِلَی أَنِ انْتَهَوْا إِلَی بَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام غَیْرَ مُكْتَرِثٍ (3) لِمَا هُمْ فِیهِ فَمَضَی وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی تَلْعَةٍ(4) فَقَعَدَ عَلَیْهَا وَ قَعَدُوا حَوْلَهُ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَی حِیطَانِ الْمَدِینَةِ تَرْتَجُّ جَائِیَةً وَ ذَاهِبَةً فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام كَأَنَّكُمْ قَدْ هَالَكُمْ مَا تَرَوْنَ قَالُوا كَیْفَ لَا یَهُولُنَا وَ لَمْ نَرَ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَتْ فَحَرَّكَ شَفَتَیْهِ ثُمَّ ضَرَبَ الْأَرْضَ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكِ اسْكُنِی فَسَكَنَتْ فَعَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ أَوَّلًا حَیْثُ خَرَجَ إِلَیْهِمْ قَالَ لَهُمْ فَإِنَّكُمْ قَدْ عَجِبْتُمْ مِنْ صَنِیعِی قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها فَأَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِی یَقُولُ لَهَا مَا لَكِ یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِیَّایَ تُحَدِّثُ (5).
كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] محمد بن هارون التلعكبری بإسناده إلی هارون بن خارجة: مثله (6).
«15»- یر، [بصائر الدرجات] عَلِیُّ بْنُ یَزِیدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ
ص: 254
أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَصْحَابِهِ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی إِنِّی لَأَتَعَجَّبُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی فِی أَیْدِی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَ لَیْسَتْ عِنْدَكُمْ فَقَالَ یَا فُلَانُ أَ تَرَی (1) أَنَّمَا نُرِیدُ الدُّنْیَا فَلَا نُعْطَاهَا ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصَی فَإِذَا هِیَ جَوَاهِرُ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْتُ هَذَا مِنْ أَجْوَدِ الْجَوَاهِرِ فَقَالَ لَوْ أَرَدْنَا لَكَانَ وَ لَكِنْ لَا نُرِیدُهُ ثُمَّ رَمَی بِالْحَصَی فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ (2).
یج، [الخرائج و الجرائح] عمر بن یزید عن الثمالی: مثله (3)
ختص، [الإختصاص] عمر بن علی بن عمر بن یزید عن علی بن میثم التمار عمن حدثه: مثله (4).
«16»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیُّ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْحَذَّاءِ الْبَصْرِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْبَصْرَةَ قَالَ مَنْ یَدُلُّنَا عَلَی دَارِ رَبِیعِ بْنِ حَكِیمٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِی الْحَسَنِ أَنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ كُنْتُ یَوْمَئِذٍ غُلَاماً قَدْ أَیْفَعَ قَالَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ ثُمَّ خَرَجَ وَ تَبِعَهُ النَّاسُ فَلَمَّا جَازَ إِلَی الْجَبَّانَةِ وَ اكْتَنَفَهُ النَّاسُ (5) فَخَطَّ بِسَوْطِهِ خَطَّةً فَأَخْرَجَ دِینَاراً ثُمَّ خَطَّ خَطَّةً أُخْرَی فَأَخْرَجَ دِینَاراً حَتَّی أَخْرَجَ ثَلَاثِینَ دِینَاراً فَقَلَّبَهَا فِی یَدِهِ حَتَّی أَبْصَرَهُ النَّاسُ ثُمَّ رَدَّهَا وَ غَرَسَهَا بِإِبْهَامِهِ ثُمَّ قَالَ لَیَأْتِیكَ بَعْدِی مُحْسِنٌ أَوْ مُسِی ءٌ ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ أَخَذْنَا الْعَلَامَةَ فِی مَوْضِعٍ فَحَفَرْنَا حَتَّی بَلَغْنَا الرُّسْخَ (6) فَلَمْ نُصِبْ شَیْئاً فَقِیلَ لِلْحَسَنِ یَا بَا سَعِیدٍ مَا تَرَی ذَلِكَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَدْرِی
ص: 255
أَنَّ كُنُوزَ الْأَرْضِ تُسْتَرُ إِلَّا بِمِثْلِهِ (1).
«17»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ سَلْمَانَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ ذِكْرُ شِیعَتِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ فِی بَعْضِ طُرُقَاتِ بَسَاطِینِ الْمَدِینَةِ وَ فِی یَدِ عَلِیٍّ علیه السلام قَوْسٌ عَرَبِیَّةٌ فَقَالَ یَا عُمَرُ بَلَغَنِی عَنْكَ ذِكْرُكَ لِشِیعَتِی (2) فَقَالَ ارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ (3) فَقَالَ علیه السلام إِنَّكَ لَهَاهُنَا ثُمَّ رَمَی بِالْقَوْسِ عَلَی الْأَرْضِ فَإِذَا هِیَ ثُعْبَانٌ كَالْبَعِیرِ فَاغِرٌ فَاهُ (4) وَ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَ عُمَرَ لِیَبْتَلِعَهُ فَصَاحَ عُمَرُ اللَّهَ اللَّهَ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَا عُدْتُ بَعْدَهَا فِی شَیْ ءٍ وَ جَعَلَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ فَضَرَبَ یَدَهُ إِلَی الثُّعْبَانِ فَعَادَتِ الْقَوْسُ كَمَا كَانَتْ فَمَرَّ(5) عُمَرُ إِلَی بَیْتِهِ مَرْعُوباً قَالَ سَلْمَانُ فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلِ دَعَانِی عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ صِرْ إِلَی عُمَرَ فَإِنَّهُ حُمِلَ إِلَیْهِ مَالٌ مِنْ نَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ وَ لَمْ یَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ وَ قَدْ عَزَمَ أَنْ یَحْتَبِسَهُ فَقُلْ لَهُ یَقُولُ لَكَ عَلِیٌّ أُخْرِجَ إِلَیْكَ مَالٌ مِنْ نَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ (6) فَفَرِّقْهُ عَلَی مَنْ جُعِلَ لَهُمْ وَ لَا تَحْبِسْهُ فَأَفْضَحَكَ قَالَ سَلْمَانُ فَأَدَّیْتُ (7) إِلَیْهِ الرِّسَالَةَ فَقَالَ حَیَّرَنِی أَمْرُ صَاحِبِكَ مِنْ أَیْنَ عَلِمَ بِهِ فَقُلْتُ وَ هَلْ یَخْفَی عَلَیْهِ مِثْلُ هَذَا فَقَالَ لِسَلْمَانَ (8) اقْبَلْ مِنِّی مَا أَقُولُ لَكَ مَا عَلِیٌّ إِلَّا سَاحِرٌ وَ إِنِّی لَمُشْفِقٌ عَلَیْكَ مِنْهُ وَ الصَّوَابُ أَنْ تُفَارِقَهُ وَ تَصِیرَ فِی جُمْلَتِنَا قُلْتُ بِئْسَ مَا قُلْتَ لَكِنَّ عَلِیّاً وَرِثَ مِنْ أَسْرَارِ النُّبُوَّةِ مَا قَدْ رَأَیْتَ مِنْهُ وَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ-(9) قَالَ ارْجِعْ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَمْرِكَ فَرَجَعْتُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أُحَدِّثُكَ بِمَا جَرَی بَیْنَكُمَا فَقُلْتُ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّی فَتَكَلَّمَ بِكُلِّ مَا جَرَی بِهِ
ص: 256
بَیْنَنَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ رُعْبَ الثُّعْبَانِ فِی قَلْبِهِ إِلَی أَنْ یَمُوتَ (1).
بیان: قوله علیه السلام إنك لهاهنا أی تحسبنی عاجزا عن مقاومتك فتقول لی مثل ذلك أو إنی فی حضور الخلق أداریك ففی الخلوة أیضا هكذا أ تكلمنی مع معرفتك بمكانی و علو شأنی.
«18»- شف، [كشف الیقین] مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِینَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِی الْفَوَارِسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنِ الْقَاضِی شَرَفِ الدِّینِ أَبِی بَكْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ الْعَلَوِیِّ عَنْ جُبَیْرِ بْنِ الرِّضَا عَنْ عَبْدِ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَصْهَبِ عَنْ كَیْسَانَ بْنِ أَبِی عَاصِمٍ عَنْ مُرَّةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ(2) بْنِ جعدیان عَنِ الْقَائِدِ أَبِی نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ التُّسْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمهاطی (3) عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ الْقَوَّاسِ عَنْ سَلِیمٍ النَّجَّارِ عَنْ حَامِدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ خَالِصِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِذْ عَبَرَ بِالصَّعِیدِ الَّتِی یُقَالُ لَهَا النَّخْلَةُ عَلَی فَرْسَخَیْنِ مِنَ الْكُوفَةِ فَخَرَجَ مِنْهَا خَمْسُونَ رَجُلًا مِنَ الْیَهُودِ وَ قَالُوا أَنْتَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الْإِمَامُ فَقَالَ أَنَا ذَا فَقَالُوا لَنَا صَخْرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِی كُتُبِنَا عَلَیْهَا اسْمُ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ هُوَ ذَا نَطْلُبُ الصَّخْرَةَ فَلَا نَجِدُهَا فَإِنْ كُنْتَ إِمَاماً أَوْجِدْنَا الصَّخْرَةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اتَّبِعُونِی قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ فَسَارَ الْقَوْمُ خَلْفَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی أَنِ اسْتَبْطَنَ فِیهِمُ الْبَرَّ وَ إِذَا بِجَبَلٍ مِنْ رَمْلٍ عَظِیمٍ فَقَالَ علیه السلام أَیَّتُهَا الرِّیحُ انْسِفِی الرَّمْلَ عَنِ الصَّخْرَةِ بِحَقِّ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً(4) حَتَّی نُسِفَتِ الرَّمْلُ وَ ظَهَرَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَذِهِ صَخْرَتُكُمْ فَقَالُوا عَلَیْهَا اسْمُ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ عَلَی مَا سَمِعْنَا وَ قَرَأْنَا فِی كُتُبِنَا وَ لَسْنَا نَرَی عَلَیْهَا(5) فَقَالَ علیه السلام الْأَسْمَاءُ الَّتِی عَلَیْهَا فَهِیَ فِی وَجْهِهَا الَّذِی عَلَی الْأَرْضِ
ص: 257
فَاقْلِبُوهَا فَاعْصَوْصَبَ عَلَیْهَا أَلْفُ رَجُلٍ حَضَرُوا فِی هَذَا الْمَكَانِ فَمَا قَدَرُوا عَلَی قَلْبِهَا فَقَالَ علیه السلام تَنَحَّوْا عَنْهَا فَمَدَّ یَدَهُ إِلَیْهَا فَقَلَّبَهَا فَوَجَدُوا عَلَیْهَا اسْمَ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام أَصْحَابِ الشَّرَائِعِ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٌ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فَقَالَ (1) النَّفَرُ الْیَهُودُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ حُجَّةُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ مَنْ عَرَفَكَ سَعِدَ وَ نَجَا وَ مَنْ خَالَفَكَ ضَلَّ وَ غَوَی وَ إِلَی الْحَمِیمِ هَوَی جَلَّتْ مَنَاقِبُكَ عَنِ التَّحْدِیدِ وَ كَثُرَتْ آثَارُ نَعْتِكَ عَنِ التَّعْدِیدِ(2).
فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان عن عمار بن یاسر: مثله (3) بیان قال الفیروزآبادی اعصوصبت الإبل جدت فی السیر و اجتمعت (4).
«19»- شف، [كشف الیقین] جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ حَدَّثَنِی الرِّیَاحِیُّ بِالْبَصْرَةِ عَنْ شُیُوخِهِ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَخَلَ یَوْماً إِلَی مَنْزِلِهِ فَالْتَمَسَ شَیْئاً مِنَ الطَّعَامِ فَأَجَابَتْهُ الزَّهْرَاءُ فَاطِمَةُ علیها السلام فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا شَیْ ءٌ وَ إِنَّنِی مُنْذُ یَوْمَیْنِ أُعَلِّلُ (5) الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ- فَقَالَ أَعْطُونَا مِرْطاً(6) نَضَعْهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ عَلَی شَیْ ءٍ فَأُعْطِیَ فَخَرَجَ بِهِ إِلَی یَهُودِیٍّ كَانَ فِی جِیرَانِهِ فَقَالَ لَهُ أَخَا تُبَّعِ الْیَهُودِ أَعْطِنَا عَلَی هَذَا الْمِرْطِ صَاعاً مِنْ شَعِیرٍ فَأَخْرَجَ إِلَیْهِ الْیَهُودِیُّ الشَّعِیرَ فَطَرَحَهُ فِی كُمِّهِ وَ مَشَی علیه السلام خُطُوَاتٍ فَنَادَاهُ الْیَهُودِیُّ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا وَقَفْتَ لِأُشَافِهَكَ فَجَلَسَ وَ لَحِقَهُ الْیَهُودِیُّ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ یَزْعُمُ أَنَّهُ حَبِیبُ اللَّهِ وَ خَاصَّتُهُ وَ خَالِصَتُهُ وَ أَنَّهُ أَشْرَفُ الرُّسُلِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی فَأَلَّا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یُغْنِیَكُمْ (7) عَنْ هَذِهِ الْفَاقَةِ الَّتِی أَنْتُمْ
ص: 258
عَلَیْهَا فَأَمْسَكَ علیه السلام سَاعَةً وَ نَكَتَ بِإِصْبَعِهِ الْأَرْضَ وَ قَالَ لَهُ یَا أَخَا تُبَّعِ الْیَهُودِ وَ اللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً لَوْ أَقْسَمُوا عَلَیْهِ أَنْ یُحَوِّلَ هَذَا الْجِدَارَ ذَهَباً لَفَعَلَ قَالَ فَاتَّقَدَ(1) الْجِدَارُ ذَهَباً فَقَالَ لَهُ علیه السلام مَا أَعْنِیكَ إِنَّمَا ضَرَبْتُكَ مَثَلَا فَأَسْلَمَ الْیَهُودِیُ (2).
«20»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنْ أَبِی جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ أَرَیْتَنَا مَا نَطْمَئِنُّ إِلَیْهِ مِمَّا أَنْهَی إِلَیْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَوْ رَأَیْتُمْ عَجِیبَةً مِنْ عَجَائِبِی لَكَفَرْتُمْ وَ قُلْتُمْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ وَ كَاهِنٌ وَ هُوَ مِنْ أَحْسَنِ قَوْلِكُمْ قَالُوا مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّكَ وَرِثْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَارَ إِلَیْكَ عِلْمُهُ قَالَ عِلْمُ الْعَالِمِ شَدِیدٌ وَ لَا یَحْتَمِلُهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ وَ أَیَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا إِذَا أَبَیْتُمُ الْآنَ أُرِیكُمْ بَعْضَ عَجَائِبِی وَ مَا آتَانِیَ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ فَاتَّبَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلًا كَانُوا فِی أَنْفُسِهِمْ خِیَارُ النَّاسِ مِنْ شِیعَتِهِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی لَسْتُ أُرِیكُمْ شَیْئاً حَتَّی آخُذَ عَلَیْكُمْ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ أَلَّا تَكْفُرُوا بِی وَ لَا تَرْمُونِی بِمُعْضِلَةٍ فَوَ اللَّهِ مَا أُرِیكُمْ إِلَّا مَا عَلَّمَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَ عَلَیْهِمُ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ أَشَدَّ مَا أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَی رُسُلِهِ ثُمَّ قَالَ حَوِّلُوا وُجُوهَكُمْ عَنِّی حَتَّی أَدْعُوَ بِمَا أُرِیدُ فَسَمِعُوهُ یَدْعُو بِدَعَوَاتٍ لَمْ یَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا ثُمَّ قَالَ حَوِّلُوا وُجُوهَكُمْ فَحَوَّلُوهَا فَإِذَا جَنَّاتٌ وَ أَنْهَارٌ وَ قُصُورٌ مِنْ جَانِبٍ وَ السَّعِیرُ تَتَلَظَّی مِنْ جَانِبٍ حَتَّی أَنَّهُمْ لَمْ یَشُكُّوا فِی مُعَایَنَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَقَالَ أَحْسَنُهُمْ قَوْلًا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ عَظِیمٌ وَ رَجَعُوا كُفَّاراً إِلَّا رَجُلَیْنِ فَلَمَّا رَجَعَ مَعَ الرَّجُلَیْنِ قَالَ لَهُمَا قَدْ سَمِعْتُمْ مَقَالَتَهُمْ وَ أَخْذِی عَلَیْهِمُ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ وَ رُجُوعَهُمْ یَكْفُرُونَ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَحُجَّتِی عَلَیْهِمْ غَداً عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَیَعْلَمُ أَنِّی لَسْتُ بِكَاهِنٍ وَ لَا سَاحِرٍ وَ لَا یُعْرَفُ ذَلِكَ لِی وَ لَا لِآبَائِی وَ لَكِنَّهُ عَلِمَ اللَّهُ وَ عَلِمَ رَسُولُهُ أَنْهَاهُ اللَّهُ إِلَی رَسُولِهِ وَ أَنْهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ وَ أَنْهَیْتُهُ إِلَیْكُمْ فَإِذَا رَدَدْتُمْ عَلَیَّ رَدَدْتُمْ عَلَی اللَّهِ حَتَّی إِذَا صَارَ إِلَی مَسْجِدِ
ص: 259
الْكُوفَةِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ فَإِذَا حَصَی الْمَسْجِدِ دُرٌّ وَ یَاقُوتٌ فَقَالَ لَهُمَا مَا الَّذِی تَرَیَانِ قَالا هَذَا دُرٌّ وَ یَاقُوتٌ فَقَالَ لَوْ أَقْسَمْتُ عَلَی رَبِّی فِیمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا لَأَبَرَّ قَسَمِی فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا كَافِراً وَ أَمَّا الْآخَرُ فَثَبَتَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ إِنْ أَخَذْتَ شَیْئاً نَدِمْتَ وَ إِنْ تَرَكْتَ نَدِمْتَ فَلَمْ یَدَعْهُ حِرْصُهُ حَتَّی أَخَذَ دُرَّةً فَصَیَّرَهَا فِی كُمِّهِ حَتَّی إِذَا أَصْبَحَ نَظَرَ إِلَیْهَا فَإِذَا هِیَ دُرَّةٌ بَیْضَاءُ لَمْ یَنْظُرِ النَّاسُ إِلَی مِثْلِهَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی أَخَذْتُ مِنْ ذَلِكَ الدُّرِّ وَاحِدَةً قَالَ وَ مَا دَعَاكَ إِلَی ذَلِكَ قَالَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَ حَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ قَالَ إِنَّكَ إِنْ رَدَدْتَهَا إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی أَخَذْتَهَا مِنْهُ عَوَّضَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ أَنْتَ لَمْ تَرُدَّهَا عَوَّضَكَ اللَّهُ النَّارَ فَقَامَ الرَّجُلُ فَرَدَّهَا إِلَی مَوْضِعِهَا الَّذِی أَخَذَهَا مِنْهُ فَحَوَّلَهَا اللَّهُ حَصَاةً كَمَا كَانَ فَبَعْضُهُمْ قَالَ كَانَ هَذَا مِیثَمَ التَّمَّارِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كَانَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیَ (1).
«21»- عم، [إعلام الوری] شا، [الإرشاد] مِنْ مُعْجِزَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا رَوَاهُ أَهْلُ السِّیَرِ وَ اشْتَهَرَ بِهِ الْخَبَرُ فِی الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ حَتَّی نَظَمَهُ الشُّعَرَاءُ وَ خَطَبَ بِهِ الْبُلَغَاءُ وَ رَوَاهُ الْفُهَمَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ مِنْ حَدِیثِ الرَّاهِبِ بِأَرْضِ كَرْبَلَاءَ وَ الصَّخْرَةُ وَ شُهْرَتُهُ تُغْنِی عَنْ تَكَلُّفِ إِیرَادِ الْإِسْنَادِ لَهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ رَوَتْ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَی صِفِّینَ لَحِقَ أَصْحَابَهُ عَطَشٌ شَدِیدٌ وَ نَفِدَ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَاءِ فَأَخَذُوا یَمِیناً وَ شِمَالًا یَلْتَمِسُونَ الْمَاءَ فَلَمْ یَجِدُوا لَهُ أَثَراً فَعَدَلَ بِهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْجَادَّةِ وَ سَارَ قَلِیلًا وَ لَاحَ (2) لَهُمْ دَیْرٌ فِی وَسَطِ الْبَرِّیَّةِ فَسَارَ بِهِمْ نَحْوَهُ حَتَّی إِذَا صَارَ فِی فِنَائِهِ أَمَرَ مَنْ نَادَی سَاكِنَهُ بِالْإِطْلَاعِ إِلَیْهِمْ فَنَادَوْهُ فَأَطْلَعَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ هَذَا مِنْ مَاءٍ یَتَغَوَّثُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فَقَالَ هَیْهَاتَ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخَیْنِ وَ مَا بِالْقُرْبِ مِنِّی شَیْ ءٌ مِنَ الْمَاءِ وَ لَوْ لَا أَنَّنِی أُوتِیَ بِمَاءٍ یَكْفِینِی كُلَّ شَهْرٍ عَلَی التَّقْتِیرِ لَتَلِفْتُ عَطَشاً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ سَمِعْتُمْ مَا قَالَ الرَّاهِبُ قَالُوا نَعَمْ أَ فَتَأْمُرُنَا بِالْمَسِیرِ إِلَی حَیْثُ أَوْمَأَ إِلَیْهِ لَعَلَّنَا أَنْ نُدْرِكَ الْمَاءَ(3) وَ بِنَا قُوَّةٌ؟
ص: 260
فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا حَاجَةَ لَكُمْ إِلَی ذَلِكَ وَ لَوَّی عُنُقَ بَغْلَتِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ أَشَارَ بِهِمْ إِلَی مَكَانٍ یَقْرُبُ مِنَ الدَّیْرِ فَقَالَ (1) اكْشِفُوا الْأَرْضَ فِی هَذَا الْمَكَانِ فَعَدَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ إِلَی الْمَوْضِعِ فَكَشَفُوهُ بِالْمَسَاحِی فَظَهَرَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ عَظِیمَةٌ تَلْمَعُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَاهُنَا صَخْرَةٌ لَا تَعْمَلُ فِیهَا الْمَسَاحِی فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ هَذِهِ الصَّخْرَةَ عَلَی الْمَاءِ فَإِنْ زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَجَدْتُمُ الْمَاءَ فَاجْتَهَدُوا فِی قَلْعِهَا فَاجْتَمَعُوا الْقَوْمُ (2) وَ رَامُوا تَحْرِیكَهَا فَلَمْ یَجِدُوا إِلَی ذَلِكَ سَبِیلًا وَ اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا رَآهُمْ علیه السلام قَدِ اجْتَمَعُوا وَ بَذَلُوا الْجُهْدَ فِی قَلْعِ الصَّخْرَةِ وَ اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْهِمْ لَوَی رِجْلَهُ عَنْ سَرْجِهِ حَتَّی صَارَ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَیْهِ وَ وَضَعَ أَصَابِعَهُ تَحْتَ جَانِبِ الصَّخْرَةِ فَحَرَّكَهَا ثُمَّ قَلَعَهَا بِیَدِهِ وَ دَحَا بِهَا(3) أَذْرُعاً كَثِیرَةً فَلَمَّا زَالَتْ مِنْ مَكَانِهَا ظَهَرَ لَهُمْ بَیَاضُ الْمَاءِ فَبَادَرُوا إِلَیْهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ فَكَانَ أَعْذَبَ مَاءٍ شَرِبُوا مِنْهُ فِی سَفَرِهِمْ وَ أَبْرَدَهُ وَ أَصْفَاهُ فَقَالَ لَهُمْ تَزَوَّدُوا وَ ارْتَوُوا فَفَعَلُوا ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ إِلَی الصَّخْرَةِ فَتَنَاوَلَهَا بِیَدِهِ وَ وَضَعَهَا حَیْثُ كَانَتْ فَأَمَرَ أَنْ یُعْفَی أَثَرُهَا بِالتُّرَابِ وَ الرَّاهِبُ یَنْظُرُ مِنْ فَوْقِ دَیْرِهِ فَلَمَّا اسْتَوْفَی عِلْمَ مَا جَرَی نَادَی أَیُّهَا النَّاسُ أَنْزِلُونِی أَنْزِلُونِی فَاحْتَالُوا فِی إِنْزَالِهِ فَوَقَفَ بَیْنَ یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا هَذَا أَنْتَ نَبِیٌّ مُرْسَلٌ قَالَ لَا قَالَ فَمَلَكٌ مُقَرَّبٌ قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ابْسُطْ یَدَكَ أُسْلِمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی یَدَیْكَ فَبَسَطَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَدَهُ وَ قَالَ لَهُ اشْهَدِ الشَّهَادَتَیْنِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ فَأَخَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیْهِ شَرَائِطَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا الَّذِی دَعَاكَ الْآنَ إِلَی الْإِسْلَامِ بَعْدَ طُولِ مُقَامِكَ فِی هَذَا الدَّیْرِ(4) عَلَی
ص: 261
الْخِلَافِ؟ قَالَ أُخْبِرُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ هَذَا الدَّیْرَ بُنِیَ عَلَی طَلَبِ قَالِعِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَ مُخْرِجِ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا وَ قَدْ مَضَی عَالِمٌ قَبْلِی فَلَمْ یُدْرِكُوا ذَلِكَ وَ قَدْ رَزَقَنِیهِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّا نَجِدُ فِی كِتَابٍ مِنْ كُتُبِنَا وَ نَأْثِرُ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّ فِی هَذَا الصُّقْعِ عَیْناً عَلَیْهَا صَخْرَةٌ لَا یَعْرِفُ مَكَانَهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَلِیٍّ لِلَّهِ یَدْعُو إِلَی الْحَقِّ آیَتُهُ مَعْرِفَةُ مَكَانِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَ قُدْرَتُهُ عَلَی قَلْعِهَا وَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُكَ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ تَحَقَّقْتُ مَا كُنَّا نَنْتَظِرُهُ وَ بَلَغْتُ الْأُمْنِیَّةَ مِنْهُ فَأَنَا الْیَوْمَ مُسْلِمٌ عَلَی یَدَیْكَ وَ مُؤْمِنٌ بِحَقِّكَ وَ مَوْلَاكَ.
فَلَمَّا سَمِعَ (1) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَكَی حَتَّی اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ مِنَ الدُّمُوعِ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی كُنْتُ فِی كُتُبِهِ مَذْكُوراً(2) ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ (3) اسْمَعُوا مَا یَقُولُ أَخُوكُمُ الْمُسْلِمُ فَسَمِعُوا مَقَالَهُ وَ كَثُرَ حَمْدُهُمْ لِلَّهِ وَ شُكْرُهُمْ عَلَی النِّعْمَةِ الَّتِی أَنْعَمَ بِهَا عَلَیْهِمْ فِی مَعْرِفَتِهِمْ بِحَقِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ سَارُوا وَ الرَّاهِبُ بَیْنَ یَدَیْهِ فِی جُمْلَةِ أَصْحَابِهِ حَتَّی لَقِیَ أَهْلَ الشَّامِ وَ كَانَ الرَّاهِبُ فِی جُمْلَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ فَتَوَلَّی عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ الصَّلَاةَ عَلَیْهِ وَ دَفْنَهُ وَ أَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَ كَانَ إِذَا ذَكَرَهُ یَقُولُ ذَاكَ مَوْلَایَ.
و فی هذا الخبر ضروب من المعجز أحدها علم الغیب و الثانی القوة التی خرق العادة بها و تمیزه (4) بخصوصیتها من الأنام مع ما فیه من ثبوت البشارة به فی كتب اللّٰه الأولی و ذلك مصداق قوله تعالی ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِی الْإِنْجِیلِ (5) و فی مثل ذلك یقول السید إسماعیل بن محمد الحمیری رحمه اللّٰه فی قصیدته البائیة المذهبة:
ص: 262
و لقد سری فیما یسیر بلیلة***بعد العشاء بكربلاء فی موكب
حتی أتی متبتلا فی قائم***ألقی قواعده بقاع مجدب
یأتیه لیس بحیث یلقی عامر***غیر الوحوش و غیر أصلع أشیب
فدنا فصاح به فأشرف ماثلا***كالنسر فوق شظیة من مرقب
هل قرب قائمك الذی بوأته***ماء یصاب فقال ما من مشرب
إلا بغایة فرسخین و من لنا***بالماء بین نقا و قی سبسب
فثنی الأعنة نحو وعث فاجتلی***ملساء یلمع كاللجین المذهب (1)
قال اقلبوها إنكم إن تقلبوا***ترووا و لا تروون إن لم تقلب
فاعصوصبوا فی قلعها فتمنعت***منهم تمنع صعبة لم تركب
حتی إذا أعیتهم أهوی لها***كفا متی ترد المغالب تغلب
فكأنها كرة بكف حزور***عبل الذراع دحا بها فی ملعب
فسقاهم من تحتها متسلسلا***عذبا یزید علی الألذ الأعذب
حتی إذا شربوا جمیعا ردها***و مضا فخلت مكانها لم یقرب (2).
و زاد فیها ابن میمون قوله:
و آیات راهبها سریرة معجز***فیها و آمن بالوصی المنجب
و مضی شهیدا صادقا فی نصره***أكرم به من راهب مترهب
أعنی ابن فاطمة الوصی و من یقل***فی فضله و فعاله لا یكذب
كلا كلا طرفیه من سام و ما(3)*** حام له بأب و لا بأب أب.
ص: 263
من لا یفر و لا یری فی معرك***إلا و صارمة الخضیب المضرب (1).
بیان: قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی شرح هذه القصیدة البائیة السری سیر اللیل كله و المتبتل الراهب و القائم صومعته و القاع الأرض الحرة الطین التی لا حزونة فیها و لا انهباط و القاعدة أساس الجدار و كل ما یبنی و الجدب ضد الخصب.
ثم قال و هذه قصة مشهورة جاءت بها الروایة(2) فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیَّ رَوَی عَنْ شُیُوخِهِ عَمَّنْ خَبَّرَهُمْ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نُرِیدُ صِفِّینَ فَمَرَرْنَا بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ علیه السلام أَ تَدْرُونَ أَیْنَ هَاهُنَا وَ اللَّهِ مَصَارِعُ الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ سِرْنَا یَسِیراً فَانْتَهَیْنَا إِلَی رَاهِبٍ فِی صَوْمَعَةٍ وَ قَدْ تَقَطَّعَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ طَرِیقَ الْبَرِّ(3) وَ تَرَكَ الْفُرَاتَ عِیَاناً فَدَنَا مِنَ الرَّاهِبِ وَ هَتَفَ بِهِ فَأَشْرَفَ مِنْ صَوْمِعَتِهِ فَقَالَ یَا رَاهِبُ هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ مَاءٌ فَقَالَ لَا فَسَارَ قَلِیلًا ثُمَّ نَزَلَ (4) بِمَوْضِعٍ فِیهِ رَمْلٌ فَأَمَرَ النَّاسَ فَنَزَلُوا وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَبْحَثُوا ذَلِكَ الرَّمْلَ فَأَصَابُوا تَحْتَهُ صَخْرَةً بَیْضَاءَ فَاقْتَلَعَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِیَدِهِ وَ دَحَاهَا(5) وَ إِذَا تَحْتَهَا مَاءٌ أَرَقُّ مِنَ الزُّلَالِ وَ أَعْذَبُ مِنْ كُلِّ مَاءٍ فَشَرِبُوا(6) وَ ارْتَوَوْا وَ حَمَلُوا مِنْهُ وَ رَدَّ الصَّخْرَةَ وَ الرَّمْلَ كَمَا كَانَ قَالَ فَسِرْنَا قَلِیلًا وَ قَدْ عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ مَكَانَ الْعَیْنِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِحَقِّی عَلَیْكُمْ إِلَّا رَجَعْتُمْ إِلَی مَوْضِعِ الْعَیْنِ فَنَظَرْتُمْ هَلْ تَقْدِرُونَ عَلَیْهَا فَرَجَعَ النَّاسُ یَقْفُونَ الْأَثَرَ إِلَی مَوْضِعِ الرَّمْلِ فَبَحَثُوا ذَلِكَ الرَّمْلَ فَلَمْ یُصِیبُوا الْعَیْنَ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 264
لَا وَ اللَّهِ مَا أَصَبْنَاهَا وَ لَا نَدْرِی أَیْنَ هِیَ قَالَ فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ فَقَالَ أَشْهَدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- أَنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی عَنْ جَدِّی وَ كَانَ مِنْ حَوَارِیِّ عِیسَی علیه السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّ تَحْتَ هَذَا الرَّمْلِ عَیْناً مِنْ مَاءٍ أَبْیَضَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَعْذَبَ مِنْ كُلِّ مَاءِ عَذْبٍ لَا یَقَعُ عَلَیْهِ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَلِیفَتُهُ وَ الْمُؤَدِّی عَنْهُ وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَصْحَبَكَ فِی سَفَرِكَ هَذَا فَیُصِیبَنِی مَا أَصَابَكَ مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ فَقَالَ لَهُ خَیْراً وَ دَعَا لَهُ بِخَیْرٍ وَ قَالَ علیه السلام یَا رَاهِبُ الْزَمْنِی وَ كُنْ قَرِیباً مِنِّی فَفَعَلَ فَلَمَّا كَانَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ وَ الْتَقَی الْجَمْعَانِ وَ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِیمَا بَیْنَهُمْ قُتِلَ الرَّاهِبُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِأَصْحَابِهِ انْهَضُوا بِنَا فَادْفِنُوا قَتْلَاكُمْ وَ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَطْلُبُ الرَّاهِبَ حَتَّی وَجَدَهُ فَصَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ بِیَدِهِ فِی لَحْدِهِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی مَنْزِلِهِ (1) وَ زَوْجَتِهِ الَّتِی أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا.
ثم قال و معنی یأتیه أی یأتی هذا الموضع الذی فیه الراهب (2) و معنی عامر أنه لا مقیم فیه سوی الوحوش (3) و یمكن أن یكون مأخوذا من العمرة التی هی الزیادة و الأصلع الأشیب هو الراهب و ذكر بعد هذا البیت قوله:
فی مدمج زلق أشم كأنه***حلقوم أبیض ضیق مستصعب.
و المدمج الشی ء المستور و الزلق الذی لا یثبت علیه قدم (4) و الأشم الطویل المشرف و الأبیض الطائر الكبیر من طیور الماء و إنما جر لفظة ضیق مستصعب لأنه جعلهما من وصف المدمج و الماثل المنتصب و شبه الراهب بالنسر لطول عمره و الشظیة قطعة من الجبل مفردة و المرقب المكان العالی
ص: 265
و النقا قطعة من الرمل تنقاد محدودبة و القی الصحراء الواسعة و السبسب القفر و الوعث الرمل الذی (1) لا یسلك فیه و معنی اجتلی ملساء نظر إلی صخرة ملساء فتجلت (2) لعینه و معنی تبرق تلمع و وصف اللجین بالمذهب لأنه أشد لبریقه و لمعانه و
معنی اعصوصبوا اجتمعوا علی قلعها و صاروا عصبة واحدة و معنی أهوی لها مد إلیها و المغالب الرجل المغالب و الحزور(3) الغلام المترعرع و العبل الغلیظ الممتلئ و المتسلسل الماء السلسل فی الحلق و یقال إنه البارد أیضا و ابن فاطمة هو أمیر المؤمنین علیه السلام انتهی كلامه رفع اللّٰه فی الجنان مقامه (4).
«22»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: عُرِضَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ خُصُومَةٌ فَجَلَسَ فِی أَصْلِ جِدَارٍ فَقَالَ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْجِدَارُ یَقَعُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام امْضِ كَفَی اللَّهُ حَارِساً فَقَضَی بَیْنَ الرَّجُلَیْنِ وَ قَامَ وَ سَقَطَ الْجِدَارُ وَ وَجَدَ علیه السلام مُؤْمِناً لَازَمَهُ مُنَافِقٌ بِالدَّیْنِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ لَمَّا قَضَیْتَ عَنْ عَبْدِكَ هَذَا الدَّیْنَ ثُمَّ أَمَرَهُ بِتَنَاوُلِ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ فَانْقَلَبَتْ لَهُ ذَهَباً أَحْمَرَ فَقَضَی دَیْنَهُ وَ كَانَ الَّذِی بَقِیَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَ رَوَی جَمَاعَةٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَیْتُ عَلِیّاً یَسْرِدُ حَلَقَاتِ دِرْعِهِ بِیَدِهِ وَ یُصْلِحُهَا فَقُلْتُ هَذَا كَانَ لِدَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ یَا خَالِدُ بِنَا أَلَانَ اللَّهُ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ فَكَیْفَ لَنَا.
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَ حَمْدَانَ بْنِ الْمُعَافَی عَنِ الرِّضَا علیه السلام وَ مُحَمَّدُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ
ص: 266
جَعْفَرٍ علیه السلام وَ لَقَدْ أَنْبَأَنِی أَیْضاً شِیرَوَیْهِ الدَّیْلَمِیُ (1) بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: كُنَّا(2) مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی طُرُقَاتِ الْمَدِینَةِ إِذَا جَعَلَ خَمْسَهُ (3) فِی خَمْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَوَ اللَّهِ مَا رَأَیْنَا خَمْسَیْنِ أَحْسَنَ مِنْهُمَا إِذْ مَرَرْنَا عَلَی نَخْلِ الْمَدِینَةِ فَصَاحَتْ نَخْلَةٌ أُخْتَهَا هَذَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی وَ هَذَا عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی فَاجْتَزْنَاهُمَا فَصَاحَتْ ثَانِیَةٌ بِثَالِثَةٍ هَذَا نُوحٌ النَّبِیُّ وَ هَذَا إِبْرَاهِیمُ الْخَلِیلُ فَاجْتَزْنَاهُمَا فَصَاحَتْ ثَالِثَةٌ بِرَابِعَةٍ هَذَا مُوسَی وَ أَخُوهُ هَارُونُ فَاجْتَزْنَاهُمَا فَصَاحَتْ رَابِعَةٌ بِخَامِسَةٍ هَذَا مُحَمَّدٌ سَیِّدُ النَّبِیِّینَ وَ هَذَا عَلِیٌّ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ فَتَبَسَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ سَمِّ نَخْلَ الْمَدِینَةِ صَیْحَانِیّاً فَقَدْ صَاحَتْ بِفَضْلِی وَ بِفَضْلِكَ وَ أُرْوَی (4) كَانَ الْبُسْتَانُ لِعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بِعَقِیقِ السُّفْلَی.
وَ رَأَی علیه السلام أَنْصَارِیّاً یَأْكُلُ قُشُورَ الْفَاكِهَةِ وَ قَدْ أَخَذَهَا مِنَ الْمَزْبَلَةِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ لِئَلَّا یَخْجَلَ مِنْهُ فَأَتَی مَنْزِلَهُ وَ أَتَی إِلَیْهِ بِقُرْصَیْ شَعِیرٍ مِنْ فَطُورِهِ وَ قَالَ أَصِبْ مِنْ هَذَا كُلَّمَا جُعْتَ فَإِنَّ اللَّهَ یَجْعَلُ فِیهِ الْبَرَكَةَ فَامْتَحَنَ ذَلِكَ فَوَجَدَ فِیهِ لَحْماً وَ شَحْماً وَ حُلْواً(5) وَ رُطَباً وَ بِطِّیخاً وَ فَوَاكِهَ الشِّتَاءِ وَ فَوَاكِهَ الصَّیْفِ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الرَّجُلِ وَ سَقَطَ لِوَجْهِهِ فَأَقَامَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ مَا شَأْنُكَ قَالَ كُنْتُ مُنَافِقاً
ص: 267
شَاكّاً فِیمَا یَقُولُهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِیمَا تَقُولُهُ أَنْتَ فَكَشَفَ اللَّهُ لِی عَنِ السَّمَاوَاتِ وَ الْحُجُبِ-(1) فَأَبْصَرْتُ كُلَّ مَا تَعِدَانِ بِهِ وَ تُوَاعِدَانِ بِهِ فَزَالَ عَنِّی الشَّكُّ.
وَ أَخَذَ الْعَدَوِیُّ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ أَلْفَ دِینَارٍ فَجَاءَ سَلْمَانُ عَلَی لِسَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ رُدَّ الْمَالَ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ مَنْ یَغْلُلْ یَأْتِ بِما غَلَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ(2) فَقَالَ الْعَدَوِیُّ مَا أَكْثَرَ سِحْراً أَوْلَادَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا عَرَفَ هَذَا قَطُّ أَحَدٌ وَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنِّی رَأَیْتُهُ یَوْماً وَ فِی یَدِهِ قَوْسُ مُحَمَّدٍ فَسَخِرْتُ مِنْهُ فَرَمَاهَا مِنْ یَدِهِ وَ قَالَ خُذْ عَدُوَّ اللَّهِ فَإِذَا هِیَ ثُعْبَانٌ مُبِینٌ یَقْصِدُ إِلَیَّ فَحَلَّفْتُهُ حَتَّی أَخَذَهَا وَ صَارَتْ قَوْساً وَ أَنْفَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِیثَمَ التَّمَّارِ فِی أَمْرٍ فَوَقَفَ عَلَی بَابِ دُكَّانِهِ فَأَتَی رَجُلٌ یَشْتَرِی التَّمْرَ فَأَمَرَهُ بِوَضْعِ الدِّرْهَمِ وَ رَفْعِ التَّمْرِ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِیثَمٌ وَجَدَ الدِّرْهَمَ بَهْرَجاً(3) فَقَالَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ فَإِذَا یَكُونُ التَّمْرُ مُرّاً فَإِذَا هُوَ بِالْمُشْتَرِی رَجَعَ وَ قَالَ هَذَا التَّمْرُ مُرٌّ.
وَ اسْتَفَاضَ بَیْنَ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَزِعُوا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ الْغَرَقِ لَمَّا زَادَتِ الْفُرَاتُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَ صَلَّی مُنْفَرِداً ثُمَّ دَعَا اللَّهَ ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَی الْفُرَاتِ مُتَوَكِّئاً عَلَی قَضِیبٍ بِیَدِهِ حَتَّی ضَرَبَ بِهِ صَفْحَةَ الْمَاءِ وَ قَالَ انْقُصْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مَشِیئَتِهِ فَغَاضَ الْمَاءُ(4) حَتَّی بَدَتِ الْحِیتَانُ فَنَطَقَ كَثِیرٌ مِنْهَا بِالسَّلَامِ عَلَیْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَمْ یَنْطِقْ مِنْهَا أَصْنَافٌ مِنَ السَّمَكِ وَ هِیَ الْجِرِّیُّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمَّارُ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ لِذَلِكَ وَ سَأَلُوهُ عَنْ عِلَّةِ مَا نَطَقَ وَ صُمُوتِ مَا صَمَتَ فَقَالَ أَنْطَقَ اللَّهُ لِی مَا طَهُرَ مِنَ السُّمُوكِ وَ أَصْمَتَ عَنِّی مَا حَرَّمَهُ وَ نَجَّسَهُ وَ أَبْعَدَهُ.
ص: 268
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی مُحَمَّدٍ قَیْسِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِیِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطِیفِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذكردان (1) الْفَارِسِیِّ الْكِنْدِیِّ: أَنَّهُ ضَرَبَ بِالْقَضِیبِ فَقَالَ اسْكُنْ یَا أَبَا خَالِدٍ فَنَقَصَ ذِرَاعاً فَقَالَ أَ حَسْبُكُمْ قَالُوا زِدْنَا فَبَسَطَ وَطْأَهُ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَ ضَرَبَ الْمَاءَ ضَرْبَةً ثَانِیَةً فَنَقَصَ الْمَاءُ ذِرَاعاً فَقَالُوا حَسْبُنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَأَظْهَرْتُ لَكُمُ الْحَصَی وَ ذَلِكَ كَحَنِینِ الْجِذْعِ وَ كَلَامِ الذِّئْبِ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله(2).
«23»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ قَالَ: أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لِی ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ أَصُومُ وَ أَطْوِی وَ مَا أَمْلِكُ مَا أَقْتَاتُ (3) بِهِ وَ یَوْمِی هَذَا هُوَ الرَّابِعُ فَقَالَ علیه السلام اتَّبِعْنِی یَا عَمَّارُ فَطَلَعَ مَوْلَایَ إِلَی الصَّحْرَاءِ وَ أَنَا خَلْفَهُ إِذْ وَقَفَ بِمَوْضِعٍ وَ احْتَفَرَ فَظَهَرَ حُبٌّ مَمْلُوءٌ دَرَاهِمَ فَأَخَذَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمَیْنِ فَنَاوَلَنِی مِنْهُ (4) دِرْهَماً وَاحِداً وَ أَخَذَ هُوَ الْآخَرَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (5) لَوْ أَخَذْتَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَسْتَغْنِی وَ تَتَصَدَّقُ (6) مِنْهُ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَأْسٍ (7) فَقَالَ یَا عَمَّارُ هَذَا یَكْفِینَا هَذَا الْیَوْمَ ثُمَّ غَطَّاهُ وَ رَدَمَهُ وَ انْصَرَفَا ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْهُ عَمَّارٌ وَ غَابَ مَلِیّاً ثُمَّ عَادَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا عَمَّارُ كَأَنِّی بِكَ وَ قَدْ مَضَیْتَ إِلَی الْكَنْزِ تَطْلُبُهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا مَوْلَایَ قَصَدْتُ الْمَوْضِعَ لِآخُذَ مِنَ الْكَنْزِ شَیْئاً فَلَمْ أَرَ لَهُ أَثَراً فَقَالَ لَهُ یَا عَمَّارُ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی أَنْ لَا رَغْبَةَ لَنَا فِی الدُّنْیَا أَظْهَرَهَا لَنَا وَ لَمَّا عَلِمَ جَلَّ جَلَالُهُ أَنَّ لَكُمْ إِلَیْهَا رَغْبَةً أَبْعَدَهَا عَنْكُمْ (8).
ص: 269
«24»- فض، [كتاب الروضة] بِالْإِسْنَادِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرْسَلُونِی إِلَیْكَ قَوْمِی أَنْ عَهِدَ إِلَیْنَا نَبِیُّنَا مُوسَی أَنَّهُ یَبْعَثُ بَعْدِی نَبِیٌّ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ هُوَ عَرَبِیٌّ فَامْضُوا إِلَیْهِ وَ اسْأَلُوهُ أَنْ یُخْرِجَ لَكُمْ مِنْ جَبَلٍ هُنَاكَ سَبْعَ نُوقٍ حُمْرَ الْوَبَرِ سُودَ الْحَدَقِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا لَكُمْ فَسَلِّمُوا عَلَیْهِ وَ آمِنُوا بِهِ وَ اتَّبِعُوا النُّورَ الَّذِی أُنْزِلَ مَعَهُ وَصِیّاً فَهُوَ سَیِّدُ الْأَنْبِیَاءِ وَ وَصِیُّهُ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ وَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ قُمْ بِنَا یَا أَخَا الْیَهُودِ قَالَ فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ إِلَی ظَاهِرِ الْمَدِینَةِ وَ جَاءَ إِلَی جَبَلٍ فَبَسَطَ الْبُرْدَةَ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِیٍّ وَ إِذَا الْجَبَلُ یَصِرُّ صَرِیراً عَظِیماً وَ انْشَقَّ وَ سَمِعَ النَّاسُ حَنِینَ النُّوقِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ جَمِیعَ مَا جِئْتَ بِهِ صِدْقٌ وَ عَدْلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْهِلْنِی حَتَّی أَمْضِیَ إِلَی قَوْمِی وَ أَجِی ءَ بِهِمْ لِیَقْضُوا عِدَتَهُمْ مِنْكَ وَ یُؤْمِنُوا بِكَ فَمَضَی الْحِبْرُ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ فَتَجَهَّزُوا بِأَجْمَعِهِمْ لِلْمَسِیرِ یَطْلُبُونَ الْمَدِینَةَ فَلَمَّا دَخَلُوهَا وَجَدُوهَا مُظْلِمَةً لِفَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِ انْقَطَعَ الْوَحْیُ مِنَ السَّمَاءِ وَ جَلَسَ مَكَانَهُ أَبُو بِكْرٍ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ وَ قَالُوا أَنْتَ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا أَعْطِنَا عِدَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ وَ مَا عِدَتُكُمْ قَالُوا أَنْتَ أَعْلَمُ بِعِدَتِنَا إِنْ كُنْتَ خَلِیفَتَهُ حَقّاً وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ شَیْئاً مَا أَنْتَ خَلِیفَتَهُ فَكَیْفَ جَلَسْتَ مَجْلِسَ نَبِیِّكَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ لَسْتَ لَهُ أَهْلًا قَالَ فَقَامَ وَ قَعَدَ وَ تَحَیَّرَ فِی أَمْرِهِ وَ لَمْ یَعْلَمْ مَا ذَا یَصْنَعُ وَ إِذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ اتَّبِعُونِی حَتَّی أَدُلَّكُمْ عَلَی خَلِیفَةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَخَرَجُوا مِنْ بَیْنِ یَدَیْ أَبِی بَكْرٍ وَ تَبِعُوا الرَّجُلَ حَتَّی أَتَوْا مَنْزِلَ الزَّهْرَاءِ علیها السلام وَ طَرَقُوا الْبَابَ وَ إِذَا بِالْبَابِ قَدْ فُتِحَ فَإِذَا بِعَلِیٍّ علیه السلام قَدْ خَرَجَ وَ هُوَ شَدِیدُ الْحُزْنِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ أَیُّهَا الْیَهُودُ تُرِیدُونَ عِدَتَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا نَعَمْ فَخَرَجَ مَعَهُمْ وَ سَارُوا إِلَی ظَاهِرِ الْمَدِینَةِ إِلَی الْجَبَلِ الَّذِی صَلَّی عِنْدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَأَی مَكَانَهُ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَ قَالَ بِأَبِی وَ أُمِّی مَنْ كَانَ بِهَذَا الْجَبَلِ هُنَیْئَةً ثُمَّ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَ إِذَا بِالْجَبَلِ قَدِ انْشَقَّ وَ خَرَجَتِ النُّوقُ مِنْهُ وَ هِیَ سَبْعُ نُوقٍ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ
ص: 270
نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ الْخَلِیفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّكَ خَلِیفَتُهُ حَقّاً وَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ فَجَزَاكَ اللَّهُ وَ جَزَاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَیْراً ثُمَّ رَجَعُوا إِلَی بِلَادِهِمْ مُسْلِمِینَ مُوَحِّدِینَ (1).
«25»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الصَّبَّاحِ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ یَطُوفُ فِی السُّوقِ فَیَأْمُرُهُمْ بِوَفَاءِ الْكَیْلِ وَ الْوَزْنِ حَتَّی إِذَا انْتَهَی إِلَی بَابِ الْقَصْرِ رَكَزَ(2) الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَتَزَلْزَلَتْ فَقَالَ هِیَ هِیَ الْآنَ مَا لَكَ اسْكُنِی أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی أَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِی تُنْبِئُهُ الْأَرْضُ أَخْبَارَهَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّی.
وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّخَعِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْخُرَاسَانِیِ (3) عَنْ فُضَیْلِ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ جَالِساً فِی الرَّحْبَةِ فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ فَضَرَبَهَا علیه السلام بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا قِرِّی إِنَّهُ مَا هُوَ قِیَامٌ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَأَخْبَرَتْنِی وَ إِنِّی أَنَا الَّذِی تُحَدِّثُهُ الْأَرْضُ أَخْبَارَهَا ثُمَّ قَرَأَ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أَ مَا تَرَوْنَ أَنَّهَا تُحَدِّثُ عَنْ رَبِّهَا(4).
«26»- یف، [الطرائف] ذَكَرَ شَیْخُ الْمُحَدِّثِینَ بِبَغْدَادَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ وَاثِلَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ تَقُولُ سَمِعْتُ سَیِّدَتِی فَاطِمَةَ علیها السلام تَقُولُ: لَیْلَةٌ دَخَلَ بِی عَلِیٌّ علیه السلام أَفْزَعَنِی فِی فِرَاشِی قُلْتُ بِمَا ذَا أَفْزَعَكِ یَا سَیِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ قَالَتْ سَمِعْتُ الْأَرْضَ تُحَدِّثُهُ وَ یُحَدِّثُهَا فَأَصْبَحْتُ وَ أَنَا فَزِعَةٌ فَأَخْبَرْتُ وَالِدِی صلی اللّٰه علیه و آله فَسَجَدَ سَجْدَةً طَوِیلَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ یَا فَاطِمَةُ أَبْشِرِی بِطِیبِ النَّسْلِ فَإِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ بَعْلَكِ عَلَی سَائِرِ
ص: 271
خَلْقِهِ وَ أَمَرَ بِهِ الْأَرْضَ أَنْ تُحَدِّثَهُ بِأَخْبَارِهَا وَ مَا یَجْرِی عَلَی وَجْهِهَا مِنْ شَرْقِهَا إِلَی غَرْبِهَا(1).
أقول: أوردنا أخبارا كثیرة فی ذلك فی باب تزویج فاطمة علیها السلام.
«27»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِیمِ التَّمَّارِ قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ مَجْلِسِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَمَرَرْتُ بِسَلْمَانَ الشَّاذَكُونِیِّ فَقَالَ لِی مِنْ أَیْنَ جِئْتَ فَقُلْتُ جِئْتُ مِنْ مَجْلِسِ فُلَانٍ فَقَالَ لِی مَا ذَا جَرَی فِیهِ قُلْتُ شَیْ ءٌ مِنْ فَضَائِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ وَ اللَّهِ أُحَدِّثُكَ بِفَضِیلَةٍ حَدَّثَنِی بِهَا قُرَیْشِیٌّ عَنْ قُرَیْشِیٍّ إِلَی أَنْ بَلَغَ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ رَجَفَتْ قُبُورُ الْبَقِیعِ عَلَی عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَضَجَّ أَهْلُ الْمَدِینَةِ مِنْ ذَلِكَ فَخَرَجَ عُمَرُ وَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدْعُونَ لِتَسْكُنَ الرَّجْفَةُ فَمَا زَالَتْ تَزِیدُ إِلَی أَنْ تَعَدَّی ذَلِكَ إِلَی حِیطَانِ الْمَدِینَةِ وَ عَزَمَ أَهْلُهَا عَلَی الْخُرُوجِ عَنْهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ عَلَیَّ بِأَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَحَضَرَ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَ لَا تَرَی إِلَی قُبُورِ الْبَقِیعِ وَ رَجْفِهَا حَتَّی تَعَدَّی ذَلِكَ إِلَی حِیطَانِ الْمَدِینَةِ وَ قَدْ هَمَّ أَهْلُهَا بِالرِّحْلَةِ عَنْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیَّ بِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَدْرِیِّینَ فَاخْتَارَ مِنَ الْمِائَةِ عَشَرَةً فَجَعَلَهُمْ خَلْفَهُ وَ جَعَلَ التِّسْعِینَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَ لَمْ یَبْقَ بِالْمَدِینَةِ سِوَی هَؤُلَاءِ إِلَّا حَضَرَ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِالْمَدِینَةِ ثَیِّبٌ وَ عَاتِقٌ (2) إِلَّا خَرَجَتْ ثُمَّ دَعَا بِأَبِی ذَرٍّ وَ سَلْمَانَ وَ مِقْدَادٍ وَ عَمَّارٍ فَقَالَ لَهُمْ كُونُوا بَیْنَ یَدَیَّ حَتَّی تَوَسَّطَ الْبَقِیعَ وَ النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِهِ فَضَرَبَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكَ ثَلَاثاً فَسَكَنَتْ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ لَقَدْ أَنْبَأَنِی بِهَذَا الْخَبَرِ وَ هَذَا الْیَوْمِ وَ هَذِهِ السَّاعَةِ وَ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها أَمَا لَوْ كَانَتْ هِیَ هِیَ لَقَالَتْ مَا لَهَا وَ أَخْرَجَتْ لِی أَثْقَالَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ مَعَهُ وَ قَدْ سَكَنَتِ الرَّجْفَةُ(3).
ص: 272
«28»- ختص، [الإختصاص] صَفْوَانُ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ زَعَمَ أَنَّ أَبَا سَعِیدٍ(1) عَقِیصَا حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَارَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام نَحْوَ كَرْبَلَاءَ وَ أَنَّهُ أَصَابَنَا عَطَشٌ شَدِیدٌ وَ أَنَّ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ نَزَلَ فِی الْبَرِّیَّةِ فَحَسَرَ عَنْ یَدَیْهِ ثُمَّ أَخَذَ یَحْثُو التُّرَابَ وَ یَكْشِفُ عَنْهُ حَتَّی بَرَزَ لَهُ حَجَرٌ أَسْوَدُ(2) فَحَمَلَهُ وَ وَضَعَهُ جَانِباً وَ إِذَا تَحْتَهُ عَیْنٌ مِنْ مَاءٍ مِنْ أَعْذَبِ مَا طَعِمْتُهُ وَ أَشَدِّهِ بَیَاضاً فَشَرِبَ وَ شَرِبْنَا ثُمَّ سَقَیْنَا دَوَابَّنَا ثُمَّ سَوَّاهُ ثُمَّ سَارَ مِنْهُ سَاعَةً ثُمَّ وَقَفَ ثُمَّ قَالَ عَزَمْتُ عَلَیْكُمْ لَمَّا رَجَعْتُمْ فَطَلَبْتُمُوهُ فَطَلَبَهُ النَّاسُ حَتَّی مَلُّوا فَلَمْ یَقْدِرُوا عَلَیْهِ فَرَجَعُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا مَا قَدَرْنَا عَلَی شَیْ ءٍ(3).
«29»- الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَدِمَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَاسْتَضَافَهُ فَاسْتَدْعَا قُرْصَةً مِنْ شَعِیرٍ یَابِسَةٍ وَ قَعْباً فِیهِ مَاءٌ ثُمَّ كَسَرَ قِطْعَةً وَ أَلْقَاهَا فِی الْمَاءِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ تَنَاوَلْهَا فَأَخْرَجَهَا فَإِذَا هِیَ فَخِذُ طَائِرٍ مَشْوِیٍّ ثُمَّ رَمَی لَهُ أُخْرَی فَقَالَ تَنَاوَلْهَا فَأَخْرَجَهَا فَإِذَا هِیَ قِطْعَةٌ مِنَ الْحَلْوَاءِ فَقَالَ الرَّجُلُ یَا مَوْلَایَ تَضَعُ لِی كِسَراً یَابِسَةً فَأَجِدُهَا أَنْوَاعَ الطَّعَامِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَعَمْ هَذَا الظَّاهِرُ وَ ذَاكَ الْبَاطِنُ وَ إِنَّ أَمْرَنَا هَكَذَا وَ اللَّهِ.
وَ رُوِیَ: لَمَّا جَاءَتْ فِضَّةُ إِلَی بَیْتِ الزَّهْرَاءِ علیها السلام لَمْ تَجِدْ هُنَاكَ إِلَّا السَّیْفَ وَ الدِّرْعَ وَ الرَّحَی وَ كَانَتْ بِنْتُ مَلِكِ الْهِنْدِ وَ كَانَتْ عِنْدَهَا ذَخِیرَةٌ مِنَ الْإِكْسِیرِ فَأَخَذَتْ قِطْعَةً مِنَ النُّحَاسِ وَ أَلَانَتْهَا وَ جَعَلَتْهَا عَلَی هَیْئَةِ سَبِیكَةٍ وَ أَلْقَتْ عَلَیْهَا الدَّوَاءَ وَ صَنَعَتْهَا ذَهَباً فَلَمَّا جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَضَعَتْهَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَمَّا رَآهَا قَالَ أَحْسَنْتِ یَا فِضَّةُ لَكِنْ لَوْ أَذَبْتِ الْجَسَدَ لَكَانَ الصَّبْغُ أَعْلَی وَ الْقِیمَةُ أَغْلَی فَقَالَتْ یَا سَیِّدِی تَعْرِفُ هَذَا الْعِلْمَ قَالَ نَعَمْ وَ هَذَا الطِّفْلُ یَعْرِفُهُ وَ أَشَارَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام(4) فَجَاءَ وَ
ص: 273
قَالَ كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَحْنُ نَعْرِفُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ فَإِذَا عُنُقٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ كُنُوزِ الْأَرْضِ سَائِرَةٌ ثُمَّ قَالَ ضَعِیهَا مَعَ أَخَوَاتِهَا فَوَضَعَتْهَا فَسَارَتْ (1).
أقول: قد أوردنا كثیرا من الأخبار فی ذلك المرام فی باب غزوة تبوك و أبواب قصص صفین و باب جوامع معجزاته صلوات اللّٰه علیه.
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی خَبَرٍ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ فَشَدَدْتُهُ وَ قَمَطْتُهُ بِقِمَاطٍ فَنَتَرَ الْقِمَاطَ(2) ثُمَّ جَعَلْتُهُ قِمَاطَیْنِ فَنَتَرَهُمَا ثُمَّ جَعَلْتُهُ ثَلَاثَةً وَ أَرْبَعَةً وَ خَمْسَةً وَ سِتَّةً مِنْهَا أَدِیمٌ وَ حَرِیرٌ فَجَعَلَ یَنْتِرُهَا ثُمَّ قَالَ یَا أُمَّاهْ لَا تَشُدِّی یَدَیَّ فَإِنِّی أَحْتَاجُ أَنْ أُبَصْبِصَ لِرَبِّی بِإِصْبَعَیَّ.
أَنَسٌ عَنْ عُمَرَ الْخَطَّابِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام رَأَی حَیَّةً تَقْصِدُهُ وَ هُوَ فِی مَهْدِهِ وَ قَدْ شُدَّتْ (3) یَدَاهُ فِی حَالِ صِغَرِهِ فَحَوَّلَ نَفْسَهُ فَأَخْرَجَ یَدَهُ وَ أَخَذَ بِیَمِینِهِ عُنُقَهَا وَ غَمَزَهَا غَمْزَةً(4) حَتَّی أَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِیهَا وَ أَمْسَكَهَا حَتَّی مَاتَتْ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أُمُّهُ نَادَتْ
ص: 274
وَ اسْتَغَاثَتْ فَاجْتَمَعَ الْحَشَمُ ثُمَّ قَالَتْ كَأَنَّكَ حَیْدَرَةُ. حیدرة اللبوة إذا غضبت من قبل أذی أولادها.
جَابِرٌ الْجُعْفِیُّ قَالَ: كَانَ ظِئْرَةُ عَلِیٍّ علیه السلام الَّتِی أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةً مِنْ بَنِی هِلَالٍ خَلَّفَتْهُ فِی خِبَائِهَا مَعَ أَخٍ لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنّاً بِسَنَةٍ وَ كَانَ عِنْدَ الْخِبَاءِ قَلِیبٌ فَمَرَّ الصَّبِیُّ نَحْوَ الْقَلِیبِ وَ نَكَسَ رَأْسَهُ فِیهِ فَتَعَلَّقَ بِفَرْدِ قَدَمَیْهِ وَ فَرْدِ یَدَیْهِ أَمَّا الْیَدُ فَفِی فَمِهِ وَ أَمَّا الرِّجْلُ فَفِی یَدَیْهِ فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَأَدْرَكَتْهُ فَنَادَتْ فِی الْحَیِّ یَا لَلْحَیِّ مِنْ غُلَامٍ مَیْمُونٍ أَمْسَكَ عَلَی وَلَدِی فَمَسَكُوا الطِّفْلَ مِنْ رَأْسِ الْقَلِیبِ وَ هُمْ یَعْجَبُونَ مِنْ قُوَّتِهِ وَ فِطْنَتِهِ فَسَمَّتْهُ أُمُّهُ مُبَارَكاً وَ كَانَ الْغُلَامُ مِنْ بَنِی هِلَالٍ (1) یُعْرَفُ بِمُعَلَّقِ مَیْمُونٍ وَ وُلْدُهُ إِلَی الْیَوْمِ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ یَجْمَعُ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ إِخْوَتِهِ ثُمَّ یَأْمُرُهُمْ بِالصِّرَاعِ وَ ذَلِكَ خُلُقٌ فِی الْعَرَبِ فَكَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَیْهِ وَ هُوَ طِفْلٌ وَ یُصَارِعُ كِبَارَ إِخْوَتِهِ وَ صِغَارَهُمْ وَ كِبَارَ بَنِی عَمِّهِ وَ صِغَارَهُمْ فَیَصْرَعُهُمْ فَیَقُولُ أَبُوهُ ظَهَرَ عَلِیٌّ فَسَمَّاهُ ظَهِیراً فَلَمَّا تَرَعْرَعَ علیه السلام كَانَ یُصَارِعُ الرَّجُلَ الشَّدِیدَ فَیَصْرَعُهُ وَ یُعَلِّقُ بِالْجَبَّارِ بِیَدِهِ وَ یَجْذِبُهُ فَیَقْتُلُهُ وَ رُبَّمَا قَبَضَ عَلَی مَرَاقِّ بَطْنِهِ وَ رَفَعَهُ إِلَی الْهَوَاءِ وَ رُبَّمَا یَلْحَقُ الْحِصَانَ الْجَارِیَ فَیَصْدُمُهُ فَیَرُدُّهُ عَلَی عَقِبَیْهِ (2).
بیان: الجبار العظیم القوی الطویل و المراق بتشدید القاف ما رق من أسفل البطن و لان و لا واحد له و میمه زائدة و الحصان ككتاب الفرس الذكر.
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ كَانَ علیه السلام یَأْخُذُ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ حَجَراً وَ یَحْمِلُهُ بِفَرْدِ یَدِهِ ثُمَّ یَضَعُهُ بَیْنَ یَدَیِ النَّاسِ فَلَا یَقْدِرُ الرَّجُلُ وَ الرَّجُلَانِ وَ الثَّلَاثَةُ عَلَی تَحْرِیكِهِ حَتَّی قَالَ أَبُو جَهْلٍ فِیهِ:
یَا أَهْلَ مَكَّةَ إِنَّ الذَّبْحَ عِنْدَكُمْ***هَذَا عَلِیٌّ الَّذِی قَدْ جَلَّ فِی النَّظَرِ
ص: 275
مَا إِنْ لَهُ شَبَهٌ فِی النَّاسِ قَاطِبَةً***كَأَنَّهُ النَّارُ تَرْمِی الْخَلْقَ بِالشَّرَرِ
كُونُوا عَلَی حَذَرٍ مِنْهُ فَإِنَّ لَهُ***یَوْماً سَیُظْهِرُهُ فِی الْبَدْوِ وَ الْحَضَرِ
وَ إِنَّهُ علیه السلام لَمْ یُمْسِكْ بِذِرَاعِ رَجُلٍ قَطُّ إِلَّا مَسَكَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ یَسْتَطِعْ یَتَنَفَّسُ وَ مِنْهُ مَا ظَهَرَ بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَطَعَ الْأَمْیَالَ وَ حَمَلَهَا إِلَی الطَّرِیقِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِیلًا(1) تَحْتَاجُ إِلَی أَقْوِیَاءَ حَتَّی تُحَرِّكَ مِیلًا مِنْهَا قَطَعَهَا وَحْدَهُ وَ نَقَلَهَا وَ نَصَبَهَا وَ كَتَبَ عَلَیْهَا هَذَا مِیلُ عَلِیٍّ وَ یُقَالُ لَهُ إِنَّهُ (2) كَانَ یَتَأَبَّطُ بِاثْنَیْنِ وَ یُدِیرُ وَاحِداً بِرِجْلِهِ.
وَ كَانَ مِنْهُ فِی ضَرْبِ یَدِهِ فِی الْأُسْطُوَانَةِ حَتَّی دَخَلَ إِبْهَامُهُ فِی الْحَجَرِ وَ هُوَ بَاقٍ فِی الْكُوفَةِ وَ كَذَلِكَ مَشْهَدُ الْكَفِّ فِی تَكْرِیتَ وَ الْمَوْصِلِ وَ قَطِیعَةُ الدَّقِیقِ وَ غَیْرُ ذَلِكَ وَ مِنْهُ أَثَرُ سَیْفِهِ فِی صَخْرَةِ جَبَلِ ثَوْرٍ عِنْدَ غَارِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَثَرُ رُمْحِهِ فِی جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْبَادِیَةِ وَ فِی صَخْرَةٍ عِنْدَ قَلْعَةِ جَعْبَرٍ(3).
بیان: قال الفیروزآبادی جعبر رجل من بنی نمیر ینسب إلیه قلعة جعبر لاستیلائه علیها(4).
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ مِنْهُ خَتْمُ الْحَصَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَاحِبُ الْحَصَاةِ ثَلَاثَةٌ أُمُّ سُلَیْمٍ وَارِثَةُ الْكُتُبِ طَبَعَ فِی حَصَاتِهَا النَّبِیُّ وَ الْوَصِیُّ علیهما السلام ثُمَّ أُمُّ النَّدَی حَبَابَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الْوَالِبِیَّةُ الْأَسَدِیَّةُ- ثُمَّ أُمُّ غَانِمٍ الْأَعْرَابِیَّةُ الْیَمَانِیَّةُ وَ خَتَمَ فِی حَصَاتِهِمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَلِكَ مِثْلُ مَا رُوِّیتُمْ أَنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام كَانَ یَخْتِمُ عَلَی النُّحَاسِ لِلشَّیَاطِینِ وَ عَلَی الْحَدِیدِ لِلْجِنِّ فَكَانَ كُلُّ مَنْ رَأَی بَرْقَهُ أَطَاعَهُ.
أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ وَ جَابِرٌ الْأَنْصَارِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ: أَنَّهُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ آتِی الْأَصْلَعَ یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام عِنْدَ مُنْصَرَفِی مِنْ قِتَالِ أَهْلِ
ص: 276
الرِّدَّةِ فِی عَسْكَرِی وَ هُوَ فِی أَرْضٍ لَهُ وَ قَدِ ازْدَحَمَ الْكَلَامُ فِی حَلْقِهِ كَهَمْهَمَةِ الْأَسَدِ وَ قَعْقَعَةِ الرَّعْدِ فَقَالَ لِی وَیْلَكَ أَ كُنْتَ فَاعِلًا فَقُلْتُ أَجَلْ فَاحْمَرَّتْ عَیْنَاهُ وَ قَالَ یَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ أَ مِثْلُكَ یَقْدُمُ عَلَی مِثْلِی أَوْ یَجْسُرُ أَنْ یُدِیرَ اسْمِی فِی لَهَوَاتِهِ فِی كَلَامٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ فَنَكَسَنِی وَ اللَّهِ عَنْ فَرَسِی (1) وَ لَا یُمْكِنُنِی الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَجَعَلَ یَسُوقُنِی إِلَی رَحًی لِلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ ثُمَّ عَمَدَ إِلَی قُطْبِ الرَّحَی الْحَدِیدِ الْغَلِیظِ الَّذِی عَلَیْهِ مَدَارُ الرَّحَی فَمَدَّهُ بكلتی [بِكِلْتَا] یَدَیْهِ وَ لَوَاهُ فِی عُنُقِی كَمَا یُتَفَتَّلُ الْأَدِیمُ وَ أَصْحَابِی كَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ فَأَقْسَمْتُ عَلَیْهِ بِحَقِّ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَاسْتَحْیَا وَ خَلَّی سَبِیلِی قَالُوا فَدَعَا أَبُو بَكْرٍ جَمَاعَةَ الْحَدَّادِینَ فَقَالُوا إِنَّ فَتْحَ هَذَا الْقُطْبِ لَا یُمْكِنُنَا إِلَّا أَنْ نُحْمِیَهُ بِالنَّارِ فَبَقِیَ فِی ذَلِكَ أَیَّاماً وَ النَّاسُ یَضْحَكُونَ مِنْهُ فَقِیلَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام جَاءَ مِنْ سَفَرِهِ فَأَتَی بِهِ أَبُو بَكْرٍ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یَشْفَعُ إِلَیْهِ فِی فَكِّهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّهُ لَمَّا رَأَی تَكَاثُفَ جُنُودِهِ وَ كَثْرَةَ جُمُوعِهِ أَرَادَ أَنْ یَضَعَ مِنِّی فِی مَوْضِعِی فَوَضَعْتُ مِنْهُ عِنْدَ مَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ وَ هَمَّتْ بِهِ نَفْسُهُ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا الْحَدِیدُ الَّذِی فِی عُنُقِهِ فَلَعَلَّهُ لَا یُمْكِنُنِی فِی هَذَا الْوَقْتِ فَكُّهُ فَنَهَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَأَقْسَمُوا عَلَیْهِ فَقَبَضَ عَلَی رَأْسِ الْحَدِیدِ مِنَ الْقُطْبِ فَجَعَلَ یَفْتِلُ مِنْهُ یَمْنَةً(2) شِبْراً شِبْراً فَیَرْمِی بِهِ وَ هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِی السَّرْدِ(3).
ابْنُ عَبَّاسٍ وَ سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ وَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَ وَكِیعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ عُبَیْدَةُ بْنُ یَعْقُوبَ الْأَسَدِیُّ وَ فِی حَدِیثِ غَیْرِهِمْ: لَا یَفْعَلُ خَالِدٌ مَا أَمَرْتُهُ (4). وَ فِی حَدِیثِ أَبِی ذَرٍّ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخَذَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَی فَعَصَرَهُ عَصْرَةً فَصَاحَ خَالِدٌ صَیْحَةً مُنْكَرَةً وَ أَحْدَثَ فِی ثِیَابِهِ وَ جَعَلَ یَضْرِبُ بِرِجْلَیْهِ.
وَ فِی رِوَایَةِ عَمَّارٍ: فَجَعَلَ یَقْمُصُ قِمَاصَ الْبَكْرِ فَإِذَا لَهُ رُغَاءٌ وَ أَسَاغَ بِبَوْلِهِ فِی الْمَسْجِدِ. وَ رُوِیَ فِی كِتَابِ
ص: 277
الْبَلَاذُرِیِّ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخَذَهُ بِإِصْبَعِهِ (1) السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَی فِی حَلْقِهِ وَ شَامَلَهُ بِهِمَا وَ هُوَ كَالْبَعِیرِ عِظَماً فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَدَقَّ عَصْعَصَهُ وَ أَحْدَثَ مَكَانَهُ (2).
بیان: قماص البكر بالضم و الكسر هو أن یرفع یدیه و یطرحهما معا و یعجن برجلیه.
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَهْلُ السِّیَرِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ الْجَهْمِ وَ أَبِی سَعِیدٍ التَّمِیمِیِّ وَ النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ وَ الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ وَ الطَّبَرِیُّ فِی كِتَابِ الْوَلَایَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِیِّ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیُّ عَنْ شُیُوخِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ نَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْعَسْكَرِ عِنْدَ وَقْعَةِ صِفِّینَ عِنْدَ قَرْیَةِ صَنْدُودِیَا(3) فَقَالَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ یَنْزِلُ النَّاسُ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ فَقَالَ یَا مَالِكُ إِنَّ اللَّهَ سَیَسْقِینَا فِی هَذَا الْمَكَانِ احْتَفِرْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فَاحْتَفَرُوا فَإِذَا هُمْ بِصَخْرَةٍ سَوْدَاءَ عَظِیمَةٍ فِیهَا حَلْقَةُ لُجَیْنٍ (4) فَعَجَزُوا عَنْ قَلْعِهَا وَ هُمْ مِائَةُ رَجُلٍ فَرَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ طاب طاب یا عالم یا طیبو ثابوثة شمیا كویا جانوثا تودیثا برجوثا آمِینَ آمِینَ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ یَا رَبَّ مُوسَی وَ هَارُونَ ثُمَّ اجْتَذَبَهَا فَرَمَاهَا عَنِ الْعَیْنِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً فَظَهَرَ مَاءٌ أَعْذَبُ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ فَشَرِبْنَا وَ سَقَیْنَا ثُمَّ رَدَّ الصَّخْرَةَ وَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْثُوَ عَلَیْهَا التُّرَابَ فَلَمَّا سِرْنَا غَیْرَ بَعِیدٍ قَالَ مَنْ مِنْكُمْ یَعْرِفُ مَوْضِعَ الْعَیْنِ قُلْنَا كُلُّنَا فَرَجَعْنَا فَخَفِیَ مَكَانُهَا عَلَیْنَا فَإِذَا رَاهِبٌ مُسْتَقْبِلٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ شَمْعُونُ قَالَ نَعَمْ هَذَا اسْمٌ (5) سَمَّتْنِی بِهِ أُمِّی مَا اطَّلَعَ عَلَیْهِ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ وَ مَا
ص: 278
تَشَاءُ یَا شَمْعُونُ قَالَ هَذَا الْعَیْنَ وَ اسْمَهُ قَالَ هَذَا عَیْنُ زَاحُومَا وَ فِی نُسْخَةٍ راجوه وَ هُوَ مِنَ الْجَنَّةِ شَرِبَ (1) مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَصِیّاً وَ أَنَا آخِرُ الْوَصِیِّینَ شَرِبْتُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَجَدْتُ فِی جَمِیعِ كُتُبِ الْإِنْجِیلِ وَ هَذَا الدَّیْرُ بُنِیَ عَلَی طَلَبِ قَالِعِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ وَ مُخْرِجِ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا وَ لَمْ یُدْرِكْهُ عَالِمٌ قَبْلِی غَیْرِی وَ قَدْ رَزَقَنِیهِ اللَّهُ وَ أَسْلَمَ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ جُبُّ شُعَیْبٍ ثُمَّ رَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الرَّاهِبُ یَقْدُمُهُ حَتَّی نَزَلَ صِفِّینَ فَلَمَّا الْتَقَی الصَّفَّانِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَصَابَتْهُ الشَّهَادَةُ فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَیْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَ هُوَ یَقُولُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ الرَّاهِبُ مَعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
وَ فِی رِوَایَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ(2) حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ التَّیْمِیِ (3) قَالَ: فَسِرْنَا فَعَطَشْنَا فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لَوْ رَجَعْنَا فَشَرِبْنَا قَالَ فَرَجَعَ أُنَاسٌ وَ كُنْتُ فِیمَنْ رَجَعَ قَالَ فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ فَأَتَیْنَا الرَّاهِبَ قَالَ فَقُلْنَا أَیْنَ الْعَیْنُ الَّتِی هَاهُنَا قَالَ أَیَّةُ عَیْنٍ قُلْنَا الَّتِی شَرِبْنَا مِنْهَا وَ اسْتَقَیْنَا وَ سَقَیْنَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَلَمَّا قُلْنَا(4) قَالَ الرَّاهِبُ لَا یَسْتَخْرِجُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیٌّ.
وَ مِنْهُ قَلْعُ بَابِ خَیْبَرَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ مَشِیخَتِهِ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله دَفَعَ الرَّایَةَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی یَوْمِ خَیْبَرَ بَعْدَ أَنْ دَعَا لَهُ فَجَعَلَ یُسْرِعُ السَّیْرَ وَ أَصْحَابُهُ یَقُولُونَ لَهُ ارْقَعْ (5) حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْحِصْنِ فَاجْتَذَبَ بَابَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَی الْأَرْضِ ثُمَّ اجْتَمَعَ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا وَ كَانَ جُهْدُهُمْ أَنْ أَعَادُوا الْبَابَ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی رَافِعٍ: فَلَمَّا دَنَا عَلِیٌّ مِنَ الْقَمُوصِ أَقْبَلُوا
ص: 279
یَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَ الْحِجَارَةِ فَحَمَلَ حَتَّی دَنَا مِنَ الْبَابِ فَاقْتَلَعَهُ ثُمَّ رَمَی بِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً وَ لَقَدْ تَكَلَّفَ حَمْلَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَمَا أَطَاقُوهُ.
أَبُو الْقَاسِمِ مَحْفُوظٌ الْبُسْتِیُّ فِی كِتَابِ الدَّرَجَاتِ: أَنَّهُ حَمَلَ بَعْدَ قَتْلِ مَرْحَبٍ عَلَیْهِمْ فَانْهَزَمُوا إِلَی الْحِصْنِ فَتَقَدَّمَ إِلَی بَابِ الْحِصْنِ وَ ضَبَطَ حَلْقَتَهُ وَ كَانَ وَزْنُهَا أَرْبَعِینَ مَنّاً وَ هَزَّ الْبَابَ فَارْتَعَدَ الْحِصْنُ بِأَجْمَعِهِ حَتَّی ظَنُّوا زَلْزَلَةً ثُمَّ هَزَّهُ أُخْرَی فَقَلَعَهُ وَ دَحَا بِهِ فِی الْهَوَاءِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً.
أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ: وَ هَزَّ حِصْنَ خَیْبَرَ حَتَّی قَالَتْ صَفِیَّةُ قَدْ كُنْتُ جَلَسْتُ عَلَی طَاقٍ كَمَا تَجْلِسُ الْعَرُوسُ فَوَقَعْتُ عَلَی وَجْهِی فَظَنَنْتُ الزَّلْزَلَةَ فَقِیلَ هَذَا عَلِیٌّ هَزَّ الْحِصْنَ یُرِیدُ أَنْ یَقْلَعَ الْبَابَ.
وَ فِی حَدِیثِ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: فَاجْتَذَبَهُ اجْتِذَاباً وَ تَتَرَّسَ بِهِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَی ظَهْرِهِ وَ اقْتَحَمَ الْحِصْنَ اقْتِحَاماً وَ اقْتَحَمَتِ الْمُسْلِمُونَ وَ الْبَابُ عَلَی ظَهْرِهِ.
وَ فِی الْإِرْشَادِ قَالَ جَابِرٌ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام حَمَلَ الْبَابَ یَوْمَ خَیْبَرَ حَتَّی صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَیْهِ فَفَتَحُوهَا وَ إِنَّهُمْ جَرَّبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ یَحْمِلُوهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا.
رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِغُلَامٍ الْمِصْرِیِّ عَنِ ابْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ التَّارِیخِیِّ وَ فِی رِوَایَةِ جَمَاعَةٍ: خَمْسُونَ رَجُلًا.
وَ فِی رِوَایَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَبْعُونَ رَجُلًا.
ابْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ صَاحِبُ الْمُسْتَرْشِدِ: أَنَّهُ حَمَلَهُ بِشِمَالِهِ وَ هُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِی خَمْسَةِ أَشْبَارٍ فِی أَرْبَعِ أَصَابِعَ عُمْقاً حَجَراً أَصْلَدَ دُونَ یَمِینِهِ فَأَثَّرَتْ فِیهِ أَصَابِعُهُ وَ حَمَلَهُ بِغَیْرِ مَقْبِضٍ ثُمَّ تَتَرَّسَ بِهِ فَضَارَبَ الْأَقْرَانَ حَتَّی هَجَمَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ زَجَّهُ مِنْ وَرَائِهِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً.
وَ فِی رامش أفزای:(1) كَانَ طُولُ الْبَابِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً وَ عَرْضُ الْخَنْدَقِ عِشْرُونَ فَوَضَعَ جَانِباً عَلَی طَرَفِ الْخَنْدَقِ وَ ضَبَطَ جَانِباً بِیَدِهِ حَتَّی عَبَرَ عَلَیْهِ الْعَسْكَرُ وَ كَانُوا ثَمَانِیَةَ ألف [آلَافٍ] وَ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ وَ فِیهِمْ مَنْ كَانَ یَبْرُدُ(2) وَ یَخِفُّ عَلَیْهِ.
ص: 280
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَذَلِیُّ:(1) قَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ حَمَلْتُ مِنْهُ ثِقْلًا فَقَالَ مَا كَانَ إِلَّا مِثْلُ جُنَّتِیَ الَّتِی فِی یَدِی. وَ فِی رِوَایَةِ أَبَانٍ: فَوَ اللَّهِ مَا لَقِیَ عَلِیٌّ مِنَ الْبَأْسِ تَحْتَ الْبَابِ أَشَدَّ مَا لَقِیَ مِنْ قَلْعِ الْبَابِ.
الْإِرْشَادُ: لَمَّا انْصَرَفُوا مِنَ الْحُصُونِ أَخَذَهُ عَلِیٌّ بِیُمْنَاهُ فَدَحَا بِهِ أَذْرُعاً مِنَ الْأَرْضِ وَ كَانَ الْبَابُ یُغْلِقُهُ عِشْرُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ.
عَلِیُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ: وَ كَانَ لَا یَقْدِرُ عَلَی فَتْحِهِ إِلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ قَالَ أَبُو رَافِعٍ: سَقَطَ مِنْ شِمَالِهِ تُرْسُهُ فَقَلَعَ بَعْضَ أَبْوَابِهِ وَ تَتَرَّسَ بِهَا فَلَمَّا فَرَغَ عَجَزَ خَلْقٌ كَثِیرٌ عَنْ تَحْرِیكِهَا.
رَوْضُ الْجِنَانِ قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: مَا عَجِبْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ قُوَّتِهِ فِی حَمْلِهِ وَ رَمْیِهِ وَ اتِّرَاسِهِ وَ إِنَّمَا عَجِبْنَا مِنْ إِجْسَارِهِ وَ إِحْدَی طَرَفَیْهِ عَلَی یَدِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَلَاماً مَعْنَاهُ یَا هَذَا نَظَرْتَ إِلَی یَدِهِ فَانْظُرْ إِلَی رِجْلَیْهِ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَی رِجْلَیْهِ فَوَجَدْتُهُمَا مُعَلَّقَیْنِ فَقُلْتُ هَذَا أَعْجَبُ رِجْلَاهُ عَلَی الْهَوَاءِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَتَا عَلَی الْهَوَاءِ وَ إِنَّمَا هُمَا عَلَی جَنَاحَیْ جَبْرَئِیلَ فَأَنْشَأَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ یَقُولُ:
إِنَّ امْرَأً حَمَلَ الرِّتَاجَ بِخَیْبَرَ***یَوْمَ الْیَهُودِ بِقُدْرَةٍ لَمُؤَیَّدٌ
حَمَلَ الرِّتَاجَ رِتَاجَ بَابِ قَمُوصِهَا***وَ الْمُسْلِمُونَ وَ أَهْلُ خَیْبَرَ شُهَّدٌ
فَرَمَی بِهِ وَ لَقَدْ تَكَلَّفَ رَدَّهُ***سَبْعُونَ كُلُّهُمْ لَهُ مُتَسَدِّدٌ
رَدُّوهُ بَعْدَ تَكَلُّفٍ وَ مَشَقَّةٍ***وَ مَقَالُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ازدد(2) [ارْدُدُوا]
بیان: رقع كمنع أسرع و قموص جبل بخیبر علیه حصن أبی الحقیق الیهودی و الزج الرمی.
«5»- عم، [إعلام الوری] رُوِیَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لَهُ قَدْ أَنْكَرْنَا
ص: 281
مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّهُ یَخْرُجُ فِی الْبَرْدِ فِی الثَّوْبَیْنِ الْخَفِیفَیْنِ (1) وَ فِی الصَّیْفِ فِی الثَّوْبِ الثَّقِیلِ وَ الْمَحْشُوِّ فَهَلْ سَمِعْتَ أَبَاكَ یَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فِی ذَلِكَ شَیْئاً قَالَ لَا قَالَ وَ كَانَ أَبِی یَسْمُرُ مَعَ عَلِیٍ (2) بِاللَّیْلِ فَسَأَلْتُهُ قَالَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَنْكَرُوا وَ أَخْبَرَهُ بِالَّذِی قَالُوا قَالَ أَ وَ مَا كُنْتَ مَعَنَا بِخَیْبَرَ قَالَ بَلَی قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَ عَقَدَ لَهُ لِوَاءً فَرَجَعَ وَ قَدِ انْهَزَمَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ عَقَدَ لِعُمَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً بِالنَّاسِ (3) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (4) لَیْسَ بِفَرَّارٍ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ فَأَرْسَلَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِی عَیْنَیَّ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِهِ أَذَی الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ فَمَا وَجَدْتُ حَرّاً(5) بَعْدَهُ وَ لَا بَرْداً وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَنَفَثَ فِی عَیْنَیَّ فَمَا اشْتَكَیْتُهَا بَعْدُ وَ هَزَّ لِیَ الرَّایَةَ(6) فَدَفَعَهَا إِلَیَّ فَانْطَلَقْتُ فَفَتَحَ لِی وَ دَعَا لِی أَنْ لَا یَضُرَّنِی حَرٌّ وَ لَا قَرٌّ. وَ رَوَی حَبِیبُ بْنُ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أَبِی الْجَعْدِ مَوْلَی سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: لَقِینَا عَلِیّاً فِی ثَوْبَیْنِ فِی شِدَّةِ الشِّتَاءِ فَقُلْنَا لَهُ لَا تَغْتَرَّ(7) بِأَرْضِنَا هَذِهِ فَإِنَّهَا أَرْضٌ مُقِرَّةٌ لَیْسَتْ مِثْلُ أَرْضِكَ قَالَ أَمَا إِنِّی قَدْ كُنْتُ مَقْرُوراً(8) فَلَمَّا بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی خَیْبَرَ قُلْتُ لَهُ إِنِّی أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِی عَیْنَیَّ وَ دَعَا لِی فَمَا وَجَدْتُ بَرْداً وَ لَا حَرّاً بَعْدُ وَ لَا رَمِدَتْ عَیْنَایَ (9).
ص: 282
«1»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی جَابِرٌ الْجُعْفِیُّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام بِأَصْحَابِهِ إِلَی ظَهْرِ الْكُوفَةِ قَالَ (1) أَ رَأَیْتُمْ إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لَا تَذْهَبُ الْأَیَّامُ حَتَّی یُحْفَرَ هَاهُنَا نَهَرٌ یَجْرِی فِیهِ الْمَاءُ أَ كُنْتُمْ مُصَدِّقِیَّ فِیمَا قُلْتُ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَكُونُ هَذَا قَالَ إِی وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی نَهَرٍ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ قَدْ جَرَی فِیهِ الْمَاءُ وَ السُّفُنُ (2) وَ انْتُفِعَ بِهِ فَكَانَ كَمَا قَالَ (3).
«2»- شا، [الإرشاد]: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی قَتْلِ الْخَوَارِجِ (4) لَوْ لَا أَنِّی أَخَافُ أَنْ تَتَكَلَّمُوا(5) وَ تَتْرُكُوا الْعَمَلَ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ فِیمَنْ قَاتَلَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مُسْتَبْصِراً بِضَلَالَتِهِمْ وَ إِنَّ فِیهِمْ لَرَجُلًا یُقَالُ لَهُ (6) ذُو الثُّدَیَّةِ لَهُ ثَدْیٌ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ وَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ قَاتِلُهُمْ أَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَی اللَّهِ (7) وَسِیلَةً وَ لَمْ یَكُنِ الْمُخْدَجُ مَعْرُوفاً فِی الْقَوْمِ فَلَمَّا قُتِلُوا جَعَلَ علیه السلام یَطْلُبُهُ فِی الْقَتْلَی وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ حَتَّی وُجِدَ فِی الْقَوْمِ
ص: 283
وَ شَقَّ قَمِیصَهُ وَ كَانَ عَلَی كَتِفِهِ سِلْعَةٌ(1) كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهَا شَعَرَاتٌ إِذَا جُذِبَتْ انْجَذَبَتْ كَتِفُهُ مَعَهَا وَ إِذَا تُرِكَتْ رَجَعَ كَتِفُهُ إِلَی مَوْضِعِهِ فَلَمَّا وَجَدَهُ كَبَّرَ وَ قَالَ إِنَّ فِی هَذَا عِبْرَةً لِمَنِ اسْتَبْصَرَ(2).
«3»- شا، [الإرشاد] رَوَی أَصْحَابُ السِّیرَةِ فِی حَدِیثِهِمْ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیِّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام الْجَمَلَ وَ صِفِّینَ لَا أَشُكُّ فِی قِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ حَتَّی نَزَلْتُ النَّهْرَوَانَ فَدَاخَلَنِی شَكٌّ فِی قِتَالِ الْقَوْمِ وَ قُلْتُ قُرَّاؤُنَا وَ خِیَارُنَا نَقْتُلُهُمْ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِیمٌ فَخَرَجْتُ غُدْوَةً أَمْشِی وَ مَعِی إِدَاوَةُ(3) مَاءٍ حَتَّی بَرَزْتُ مِنَ الصُّفُوفِ فَرَكَزْتُ رُمْحِی وَ وَضَعْتُ تُرْسِی إِلَیْهِ وَ اسْتَتَرْتُ مِنَ الشَّمْسِ فَإِنِّی لَجَالِسٌ حَتَّی وَرَدَ عَلَیَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ (4) یَا أَخَا الْأَزْدِ أَ مَعَكَ طَهُورٌ قُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ الْإِدَاوَةَ فَمَضَی حَتَّی لَمْ أَرَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ وَ قَدْ تَطَهَّرَ فَجَلَسَ فِی ظِلِّ التُّرْسِ فَإِذَا فَارِسٌ یَسْأَلُ عَنْهُ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا فَارِسٌ یُرِیدُكَ قَالَ فَأَشِرْ إِلَیْهِ فَأَشَرْتُ إِلَیْهِ فَجَاءَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ إِلَیْهِمْ وَ قَدْ قَطَعُوا النَّهَرَ فَقَالَ كَلَّا مَا عَبَرُوا فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَقَدْ فَعَلُوا قَالَ كَلَّا مَا فَعَلُوا قَالَ وَ إِنَّهُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَبَرُوا(5) الْقَوْمُ قَالَ كَلَّا مَا عَبَرُوا قَالَ وَ اللَّهِ مَا جِئْتُكَ حَتَّی رَأَیْتُ الرَّایَاتِ فِی ذَلِكَ الْجَانِبِ وَ الْأَثْقَالَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا فَعَلُوا وَ إِنَّهُ لَمَصْرَعُهُمْ وَ مُهَرَاقُ دِمَائِهِمْ ثُمَّ نَهَضَ وَ نَهَضْتُ مَعَهُ وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی بَصَّرَنِی هَذَا الرَّجُلَ وَ عَرَّفَنِی أَمْرَهُ هَذَا أَحَدُ الرَّجُلَیْنِ إِمَّا رَجُلٌ كَذَّابٌ جَرِی ءٌ أَوْ عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ عَهْدٍ مِنْ نَبِیِّهِ اللَّهُمَّ إِنِّی أُعْطِیكَ عَهْداً تَسْأَلُنِی عَنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِنْ أَنَا وَجَدْتُ الْقَوْمَ قَدْ عَبَرُوا أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ یُقَاتِلُهُ وَ أَوَّلَ مَنْ یَطْعَنُ بِالرُّمْحِ فِی
ص: 284
عَیْنِهِ وَ إِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَمْ یَعْبُرُوا أَنْ أَئْتَمَ (1) عَلَی الْمُنَاجَزَةِ وَ الْقِتَالِ فَدَفَعْنَا إِلَی الصُّفُوفِ فَوَجَدْنَا الرَّایَاتِ وَ الْأَثْقَالَ كَمَا هُوَ(2) قَالَ فَأَخَذَ بِقَفَایَ (3) وَ دَفَعَنِی ثُمَّ قَالَ یَا أَخَا الْأَزْدِ أَ تَبَیَّنَ لَكَ الْأَمْرُ قُلْتُ أَجَلْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ شَأْنَكَ بِعَدُوِّكَ فَقَتَلْتُ رَجُلًا مِنَ
الْقَوْمِ ثُمَّ قَتَلْتُ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ آخَرُ أَضْرِبُهُ وَ یَضْرِبُنِی فَوَقَعْنَا جَمِیعاً فَاحْتَمَلَنِی أَصْحَابِی وَ أَفَقْتُ حِینَ أَفَقْتُ وَ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْقَوْمِ (4).
«4»- شا، [الإرشاد] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی دَعَوْتُكُمْ إِلَی الْحَقِّ فَتَوَلَّیْتُمْ عَنِّی وَ ضَرَبْتُكُمْ بِالدِّرَّةِ فَأَعْیَیْتُمُونِی أَمَا إِنَّهُ سَیَلِیكُمْ مِنْ بَعْدِی وُلَاةٌ لَا یَرْضَوْنَ مِنْكُمْ بِهَذَا حَتَّی یُعَذِّبُوكُمْ بِالسِّیَاطِ وَ الْحَدِیدِ إِنَّهُ مَنْ عَذَّبَ النَّاسَ فِی الدُّنْیَا عَذَّبَهُ اللَّهُ فِی الْآخِرَةِ وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنْ یَأْتِیَكُمْ صَاحِبُ الْیَمَنِ حَتَّی یَحُلَّ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ فَیَأْخُذَ الْعُمَّالَ وَ عُمَّالَ الْعُمَّالِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ یُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَ كَانَ الْأَمْرُ فِی ذَلِكَ كَمَا قَالَ علیه السلام(5).
«5»- شا، [الإرشاد] رَوَی عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ صُهَیْبٍ عَنْ أَبِی الْعَالِیَةِ قَالَ حَدَّثَنِی مُزَرِّعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ:(6) لَیُقْبِلَنَّ جَیْشٌ حَتَّی إِذَا كَانَ بِالْبَیْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ لَتُحَدِّثُنِی بِالْغَیْبِ قَالَ احْفَظْ مَا أَقُولُ لَكَ وَ اللَّهِ لَیَكُونَنَّ مَا أَخْبَرَنِی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَیُؤْخَذَنَّ رَجُلٌ فَلَیُقْتَلَنَ (7) وَ لَیُصْلَبَنَّ بَیْنَ شُرْفَتَیْنِ مِنْ شُرَفِ هَذَا الْمَسْجِدِ قُلْتُ إِنَّكَ لَتُحَدِّثُنِی بِالْغَیْبِ قَالَ حَدَّثَنِی الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ أَبُو الْعَالِیَةِ فَمَا أَتَتْ عَلَیْنَا
ص: 285
جُمُعَةٌ حَتَّی أُخِذَ مُزَرِّعٌ فَقُتِلَ وَ صُلِبَ بَیْنَ الشُّرْفَتَیْنِ قَالَ وَ قَدْ كَانَ حَدَّثَنِی بِثَالِثَةٍ فَنَسِیتُهَا(1).
«6»- شا، [الإرشاد] رَوَی عُثْمَانُ بْنُ قَیْسٍ (2) الْعَامِرِیُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ الْحُرِّ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ الْعَبْدِیِّ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی صِفِّینَ فَبَلَغْنَا طُفُوفَ (3) كَرْبَلَاءَ وَقَفَ نَاحِیَةً مِنَ الْمُعَسْكَرِ ثُمَّ نَظَرَ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ اسْتَعْبَرَ ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ مَوْضِعُ مَنِیَّتِهِمْ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا هَذَا الْمَوْضِعُ فَقَالَ هَذَا كَرْبَلَاءُ یُقْتَلُ فِیهِ قَوْمٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ ثُمَّ سَارَ وَ كَانَ النَّاسُ لَا یَعْرِفُونَ تَأْوِیلَ مَا قَالَ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ أَصْحَابِهِ بِالطَّفِّ مَا كَانَ (4).
«7»- ل، [الخصال] ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ: أَمَرَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْمَسِیرِ إِلَی الْمَدَائِنِ مِنَ الْكُوفَةِ فَسِرْنَا یَوْمَ الْأَحَدِ وَ تَخَلَّفَ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فِی سَبْعَةِ نَفَرٍ فَخَرَجُوا إِلَی مَكَانٍ بِالْحِیرَةِ یُسَمَّی الْخَوَرْنَقَ فَقَالُوا نَتَنَزَّهُ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ خَرَجْنَا فَلَحِقْنَا عَلِیّاً علیه السلام قَبْلَ أَنْ یَجْتَمِعَ (5) فَبَیْنَمَا هُمْ یَتَغَدَّوْنَ إِذْ خَرَجَ عَلَیْهِمْ ضَبٌّ فَصَادُوهُ فَأَخَذَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فَنَصَبَ كَفَّهُ وَ قَالَ بَایِعُوا هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَبَایَعَهُ السَّبْعَةُ وَ عَمْرٌو ثَامِنُهُمْ فَارْتَحَلُوا لَیْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ- فَقَدِمُوا الْمَدَائِنَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ وَ لَمْ یُفَارِقْ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَكَانُوا جَمِیعاً حَتَّی نَزَلُوا عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا دَخَلُوا نَظَرَ إِلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَسَرَّ
ص: 286
إِلَیَّ أَلْفَ حَدِیثٍ لِكُلِ (1) حَدِیثٍ أَلْفُ بَابٍ لِكُلِّ بَابٍ أَلْفُ مِفْتَاحٍ وَ إِنِّی سَمِعْتُ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ یَقُولُ یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (2) وَ إِنِّی أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ لَیَبْعَثَنَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثَمَانِیَةَ نَفَرٍ یُدْعَوْنَ بِإِمَامِهِمْ وَ هُوَ ضَبٌّ وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّیَهُمْ لَفَعَلْتُ قَالَ فَلَقَدْ رَأَیْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَیْثٍ قَدْ سَقَطَ كَمَا یَسْقُطُ السَّعَفَةُ حَیَاءً وَ لَوْماً(3) [جُبْناً وَ فَرَقاً].
یر، [بصائر الدرجات] الحسین بن محمد عن المعلی: مثله (4)
یج، [الخرائج و الجرائح] عن ابن نباتة: مثله (5).
«8»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب إِسْحَاقُ بْنُ حَسَّانَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَصْبَغِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ فَبَایَعَهُ الثَّمَانِیَةُ ثُمَّ أَفْلَتُوهُ وَ ارْتَحَلُوا وَ قَالُوا إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَزْعُمُ أَنَّهُ یَعْلَمُ الْغَیْبَ فَقَدْ خَلَعْنَاهُ وَ بَایَعْنَا مَكَانَهُ ضَبّاً فَقَدِمُوا الْمَدَائِنَ (6).
«9»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَنَّهُ قَالَ: كَأَنِّی بِالْقُصُورِ قَدْ شُیِّدَتْ حَوْلَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ وَ كَأَنِّی بِالْمَحَامِلِ تَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ- وَ لَا تَذْهَبُ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامُ حَتَّی یُسَارَ إِلَیْهِ مِنَ الْآفَاقِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُلْكِ بَنِی مَرْوَانَ (7).
«10»- یر، [بصائر الدرجات] إِبْرَاهِیمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ دَاوُدَ الْقَطَّانِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ رَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: لَوْ وَجَدْتُ رَجُلًا ثِقَةً لَبَعَثْتُ مَعَهُ الْمَالَ إِلَی الْمَدَائِنِ إِلَی شِیعَةٍ(8) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِی نَفْسِهِ لَآتِیَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَأَقُولَنَّ لَهُ أَنَا أَذْهَبُ بِهِ فَهُوَ یَثِقُ بِی فَإِذَا أَنَا أَخَذْتُهُ أَخَذْتُ طَرِیقَ الْكَرْخَةِ فَقَالَ یَا
ص: 287
أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا أَذْهَبُ بِهَذَا الْمَالِ إِلَی الْمَدَائِنِ قَالَ فَرَفَعَ إِلَیَّ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ إِلَیْكَ عَنِّی حَتَّی تَأْخُذَ طَرِیقَ الْكَرْخَةِ(1).
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب إبراهیم بن عمر رفعه إلیه: مثله (2).
«11»- یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ بَكَّارِ بْنِ كَرْدَمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ جُوَیْرِیَةَ بْنَ عُمَرَ الْعَبْدِیَّ خَاصَمَهُ رَجُلٌ فِی فَرَسٍ أُنْثَی فَادَّعَیَا جَمِیعاً الْفَرَسَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِوَاحِدٍ(3) مِنْكُمَا الْبَیِّنَةُ فَقَالا لَا فَقَالَ لِجُوَیْرِیَةَ أَعْطِهِ الْفَرَسَ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِلَا بَیِّنَةٍ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُ بِكَ مِنْكَ بِنَفْسِكَ أَ تَنْسَی صَنِیعَكَ بِالْجَاهِلِیَّةِ الْجَهْلَاءِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ (4).
«12»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ (5) عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَنَا عِنْدَ(6) أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جِئْتُكَ مِنْ وَادِی الْقُرَی وَ قَدْ مَاتَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّهُ لَمْ یَمُتْ فَأَعَادَهَا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یَمُتْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَمُوتُ فَأَعَادَهَا عَلَیْهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَاتَ وَ تَقُولُ لَمْ یَمُتْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یَمُتْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَقُودَ جَیْشَ ضَلَالَةٍ یَحْمِلُ رَایَتَهُ حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ قَالَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ حَبِیبٌ فَأَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أُنَاشِدُكَ فِیَّ وَ إِنِّی لَكَ شِیعَةٌ وَ قَدْ ذَكَرْتَنِی بِأَمْرٍ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِی فَقَالَ لَهُ
ص: 288
عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كُنْتَ حَبِیبَ بْنَ جَمَّازٍ لَتَحْمِلَنَّهَا(1) فَوَلَّی حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ وَ قَالَ إِنْ كُنْتَ حَبِیبَ بْنَ جَمَّازٍ لَتَحْمِلَنَّهَا قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَوَ اللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّی بُعِثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ جَعَلَ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ حَبِیبٌ صَاحِبُ رَایَتِهِ (2).
أقول: رواه ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة من كتاب الغارات لابن هلال الثقفی عن ابن محبوب عن الثمالی عن ابن غفلة:(3).
«13»- یر، [بصائر الدرجات] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْكَرْخِیِّ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْكَرْخِیِّ وَ كَانَ رَجُلًا خَیْراً كَاتِباً كَانَ لِإِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْكَرْخِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ أَیْنَ تَنْزِلُ مِنَ الْكَرْخِ قُلْتُ مِنْ مَوْضِعٍ (4) یُقَالُ لَهُ شادروان قَالَ فَقَالَ لِی تَعْرِفُ قَطُفْتَا(5) قَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ أَتَی أَهْلَ النَّهْرَوَانِ نَزَلَ قَطُفْتَا فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَهْلُ بَادُورَیَا(6) فَشَكَوْا إِلَیْهِ ثِقَلَ خَرَاجِهِمْ وَ كَلَّمُوهُ بِالنَّبَطِیَّةِ وَ أَنَّ لَهُمْ جِیرَاناً أَوْسَعَ أَرْضاً وَ أَقَلَّ خَرَاجاً فَأَجَابَهُمْ بِالنَّبَطِیَّةِ رعر ورضا(7) من
ص: 289
عودیا قَالَ فَمَعْنَاهُ رُبَّ رَجَزٍ صَغِیرٍ خَیْرٌ مِنْ رَجَزٍ كَبِیرٍ(1).
بیان: یمكن أن یكون المراد بالرجز النوع المعروف من الشعر و إنما ذكره علیه السلام علی سبیل المثل و یحتمل أن یكون فی الأصل الجرز بضمتین و هی أرض لا نبات بها أو الجزر بالتحریك أی الشاة السمینة فیكون أیضا مثلا.
«14»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] إِبْرَاهِیمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إِذْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعْدِی عَلَی زَوْجِهَا فَقَضَی لِزَوْجِهَا عَلَیْهَا فَغَضِبَتْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ مَا الْحَقُّ فِیمَا قَضَیْتَ وَ مَا تَقْضِی بِالسَّوِیَّةِ وَ لَا تَعْدِلُ فِی الرَّعِیَّةِ وَ لَا قَضِیَّتُكَ عِنْدَ اللَّهِ بِالْمَرْضِیَّةِ فَنَظَرَ إِلَیْهَا مَلِیّاً ثُمَّ قَالَ لَهَا كَذَبْتِ یَا جَرِیئَةُ یَا بَذِیَّةُ أَیَا سَلْسَعُ أَیِ الَّتِی لَا تَحْبَلُ مِنْ حَیْثُ تَحْبَلُ النِّسَاءُ قَالَ (2) فَوَلَّتِ الْمَرْأَةُ هَارِبَةً تُوَلْوِلُ وَ تَقُولُ وَیْلِی وَیْلِی لَقَدْ هَتَكْتَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ سِتْراً(3) كَانَ مَسْتُوراً قَالَ فَلَحِقَهَا عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فَقَالَ لَهَا یَا أَمَةَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْبَلْتِ عَلِیّاً بِكَلَامٍ سَرَرْتِنِی-(4) ثُمَّ إِنَّهُ نَزَغَكِ بِكَلِمَةٍ(5) فَوَلَّیْتِ عَنْهُ هَارِبَةً تُوَلْوِلِینَ قَالَتْ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام وَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی بِالْحَقِّ وَ بِمَا أَكْتُمُهُ مِنْ زَوْجِی مُنْذُ وَلِیَ عِصْمَتِی وَ مِنْ أَبَوَیَّ فَرَجَعَ عَمْرٌو إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ وَ قَالَ لَهُ فِیمَا یَقُولُ مَا نَعْرِفُكَ بِالْكِهَانَةِ قَالَ لَهُ یَا عَمْرُو وَیْلَكَ إِنَّهَا لَیْسَتْ بِالْكِهَانَةِ(6) وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَیْ عَامٍ فَلَمَّا رَكَّبَ الْأَرْوَاحَ فِی أَبْدَانِهَا كَتَبَ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ مُؤْمِنٌ أَمْ كَافِرٌ وَ مَا هُمْ بِهِ مُبْتَلَوْنَ وَ مَا هُمْ عَلَیْهِ مِنْ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ وَ حُسْنِهِمْ (7) فِی قَدْرِ أُذُنِ الْفَأْرَةِ ثُمَّ أَنْزَلَ بِذَلِكَ
ص: 290
قُرْآناً عَلَی نَبِیِّهِ فَقَالَ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِینَ (1) وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الْمُتَوَسِّمَ ثُمَّ أَنَا مِنْ بَعْدِهِ وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّیَّتِی مِنْ بَعْدِی هُمُ الْمُتَوَسِّمُونَ فَلَمَّا تَأَمَّلْتُهَا عَرَفْتُ مَا هِیَ عَلَیْهَا بِسِیمَاهَا(2).
یر، [بصائر الدرجات] عبد اللّٰه بن سلیمان عن محمد بن سلیمان عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام: مثله (3).
«15»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ الدِّینَوَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ أَبِی حَبِیبٍ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: كُنْتُ ذَاتَ یَوْمٍ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَجْلِسِ الْقَضَاءِ إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مُسْتَعْدِیَةٌ عَلَی زَوْجِهَا فَتَكَلَّمَتْ بِحُجَّتِهَا فَتَكَلَّمَ (4) الزَّوْجُ بِحُجَّتِهِ فَوَجَبَ (5) الْقَضَاءُ عَلَیْهَا فَغَضِبَتْ غَضَباً شَدِیداً ثُمَّ قَالَتْ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ حَكَمْتَ عَلَیَّ بِالْجَوْرِ وَ مَا بِهَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ لَهَا یَا سَلْفَعُ یَا مَهْیَعُ یَا قَرْدَعُ بَلْ حَكَمْتُ عَلَیْكِ بِالْحَقِّ الَّذِی عَلِمْتُهُ فَلَمَّا سَمِعَتْ مِنْهُ (6) هَذَا الْكَلَامَ وَلَّتْ هَارِبَةً وَ لَمْ تَرُدَّ عَلَیْهِ جَوَاباً فَاتَّبَعَهَا عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ- فَقَالَ لَهَا وَ اللَّهِ یَا أَمَةَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكِ الْیَوْمَ عَجَباً وَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ لَكِ قَوْلًا فَقُمْتِ مِنْ عِنْدِهِ هَارِبَةً مَا رَدَدْتِ عَلَیْهِ حَرْفاً(7) فَأَخْبِرِینِی عَافَاكِ اللَّهُ مَا الَّذِی قَالَ لَكِ حَتَّی لَمْ تَقْدِرِی أَنْ تَرُدِّی عَلَیْهِ حَرْفاً قَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِی بِأَمْرٍ مَا یَطَّلِعُ (8) عَلَیْهِ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ أَنَا وَ مَا قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ إِلَّا مَخَافَةَ
ص: 291
أَنْ یُخْبِرَنِی بِأَعْظَمَ مِمَّا رَمَانِی بِهِ فَصَبْرٌ(1) عَلَی وَاحِدَةٍ كَانَ أَجْمَلَ مِنْ أَنْ أَصْبِرَ عَلَی وَاحِدَةٍ بَعْدَهَا أُخْرَی (2) فَقَالَ لَهَا عَمْرٌو فَأَخْبِرِینِی عَافَاكِ اللَّهُ مَا الَّذِی قَالَ لَكِ قَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّهُ قَالَ لِی مَا أَكْرَهُ (3) وَ بَعْدُ فَإِنَّهُ قَبِیحٌ أَنْ یَعْلَمَ الرِّجَالُ (4) مَا فِی النِّسَاءِ مِنَ الْعُیُوبِ فَقَالَ لَهَا وَ اللَّهِ مَا تَعْرِفِینِی وَ لَا أَعْرِفُكِ لَعَلَّكِ لَا تَرَانِی وَ لَا أَرَاكِ بَعْدَ یَوْمِی هَذَا فَقَالَ عَمْرٌو فَلَمَّا رَأَتْنِی قَدْ أَلْحَحْتُ عَلَیْهَا قَالَتْ أَمَّا قَوْلُهُ لِی یَا سَلْفَعُ فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبَ عَلَیَّ إِنِّی لَا أَحِیضُ مِنْ حَیْثُ تَحِیضُ النِّسَاءُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ یَا مَهْیَعُ فَإِنِّی وَ اللَّهِ صَاحِبَةُ النِّسَاءِ وَ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ الرِّجَالِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ یَا قَرْدَعُ فَإِنِّی الْمُخَرِّبَةُ بَیْتَ زَوْجِی وَ مَا أُبْقِی عَلَیْهِ فَقَالَ لَهَا وَیْحَكِ مَا عِلْمُهُ بِهَذَا أَ تَرَاهُ سَاحِراً أَوْ كَاهِناً أَوْ مَخْدُوماً أَخْبَرَكِ بِمَا فِیكِ وَ هَذَا عِلْمٌ كَبِیرٌ(5) فَقَالَتْ لَهُ بِئْسَ مَا قُلْتَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ لَیْسَ هُوَ بِسَاحِرٍ وَ لَا كَاهِنٍ وَ لَا مَخْدُومٍ وَ لَكِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ هُوَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ وَارِثُهُ وَ هُوَ یُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا أَلْقَی إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّهُ (6) حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی هَذَا الْخَلْقِ بَعْدَ نَبِیِّنَا-(7)
قَالَ وَ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ إِلَی مَجْلِسِهِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا عَمْرُو بِمَا اسْتَحْلَلْتَ أَنْ تَرْمِیَنِی بِمَا رَمَیْتَنِی بِهِ قَالَ (8) أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَحْسَنَ قَوْلًا فِیَّ مِنْكَ وَ لَأَقِفَنَّ أَنَا وَ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ مَوْقِفاً فَانْظُرْ كَیْفَ تَخْلُصُ (9) مِنَ اللَّهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا تَائِبٌ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكَ مِمَّا كَانَ فَاغْفِرْ لِی غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ لَا
ص: 292
وَ اللَّهِ لَا أَغْفِرُ لَكَ هَذَا الذَّنْبَ أَبَداً حَتَّی أَقِفَ أَنَا وَ أَنْتَ بَیْنَ یَدَیْ مَنْ لَا یَظْلِمُكَ شَیْئاً(1).
بیان: قد أوردنا مثله فی باب أنهم المتوسمون و باب علمه علیه السلام و لم أر السلفع و السلسع و المهیع و القردع بتلك المعانی التی وردت فی هذه الأخبار بل بعضها لم یرد بمعنی أصلا و لعلها كانت من لغاتهم المولدة و یحتمل تصحیف الرواة أیضا و فی روایة الراوندی فی الخرائج السلقلق مكان السلفع و فی القاموس السلقان التی تحیض من دبرها(2).
«16»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَكَّارُ بْنُ كَرْدَمٍ (3) وَ عِیسَی بْنُ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْنَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ شَنِیعَةٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ قَدْ قَتَلَ أَبَاهَا وَ أَخَاهَا فَقَالَتْ هَذَا قَاتِلُ الْأَحِبَّةِ فَنَظَرَ إِلَیْهَا(4) فَقَالَ لَهَا یَا سَلْفَعُ یَا جَرِیئَةُ یَا بَذِیَّةُ یَا مُذَكَّرَةُ(5) یَا الَّتِی لَا تَحِیضُ كَمَا تَحِیضُ النِّسَاءُ یَا الَّتِی عَلَی هَنِهَا شَیْ ءٌ بَیِّنٌ مُدَلًّی قَالَ فَمَضَتْ وَ تَبِعَهَا عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ كَانَ عُثْمَانِیّاً فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ مَا یَزَالُ یُسْمِعُنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ الْعَجَائِبَ فَمَا نَدْرِی حَقَّهَا مِنْ بَاطِلِهَا وَ هَذِهِ دَارِی فَادْخُلِی فَإِنَّ لِی أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ حَتَّی یَنْظُرْنَ حَقّاً أَمْ بَاطِلًا وَ أَهَبَ لَكِ شَیْئاً قَالَ فَدَخَلَتْ فَأَمَرَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَنَظَرْنَ فَإِذَا شَیْ ءٌ عَلَی رَكَبِهَا مُدَلًّی فَقَالَتْ یَا وَیْلَهَا اطَّلَعَ مِنْهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی شَیْ ءٍ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ إِلَّا أُمِّی أَوْ قَابِلَتِی قَالَ فَوَهَبَ لَهَا عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ لَعَنَهُ اللَّهُ شَیْئاً(6).
ص: 293
یج، [الخرائج و الجرائح] عنه علیه السلام: مثله (1)
أقول: رواه ابن أبی الحدید من كتاب الغارات عن محمد بن جبلة الخیاط عن عكرمة عن یزید الأحمسی و فیه یا سلقلق و یا جلعة ثم قال ابن أبی الحدید السلقلق السلیط و أصله من السلق و هو الذئب و الجلعة البذیة اللسان و الركب منبت العانة(2).
«17»- ختص، [الإختصاص] یر، [بصائر الدرجات] عَبَّادُ بْنُ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَوْماً جَالِسٌ فِی الْمَسْجِدِ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ أَنِّی أَدِینُهُ بِحُبِّكَ فِی السِّرِّ كَمَا أَدِینُهُ بِحُبِّكَ فِی الْعَلَانِیَةِ وَ أَتَوَلَّاكَ فِی السِّرِّ كَمَا أَتَوَلَّاكَ فِی الْعَلَانِیَةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَدَقْتَ أَمَا فَاتَّخِذْ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً فَإِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَی شِیعَتِنَا مِنَ السَّیْلِ إِلَی قَرَارِ الْوَادِی قَالَ فَوَلَّی الرَّجُلُ وَ هُوَ یَبْكِی فَرَحاً لِقَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَدَقْتَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ یُحَدِّثُ صَاحِباً(3) لَهُ قَرِیباً مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَاللَّهِ إِنْ رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ قَطُّ إِنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَنَا مَا أَنْكَرْتُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ یَجِدْ بُدّاً مِنْ أَنْ إِذَا قِیلَ لَهُ أُحِبُّكَ أَنْ یَقُولَ لَهُ صَدَقْتَ (4) تَعْلَمُ أَنِّی أَنَا أُحِبُّهُ (5) قَالَ لَا قَالَ فَأَنَا أَقُومُ فَأَقُولُ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الرَّجُلِ فَیَرُدُّ عَلَیَّ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَیْهِ قَالَ (6) فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ الْأَوَّلِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ مَلِیّاً ثُمَّ قَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَا وَ اللَّهِ مَا تُحِبُّنِی وَ لَا
ص: 294
أُحِبُّكَ قَالَ فَبَكَی الْخَارِجِیُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَتَسْتَقْبِلُنِی بِهَذَا وَ لَقَدْ(1) عَلِمَ اللَّهُ خِلَافَهُ ابْسُطْ یَدَیْكَ (2) أُبَایِعْكَ قَالَ عَلَی مَا ذَا قَالَ عَلَی مَا عَمِلَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ-(3) قَالَ فَمَدَّ یَدَهُ وَ قَالَ لَهُ اصْفِقْ لَعَنَ اللَّهُ الِاثْنَیْنِ وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی بِكَ قَدْ قُتِلْتَ عَلَی ضَلَالٍ وَ وَطِئَتْ وَجْهَكَ دَوَابُّ الْعِرَاقِ فَلَا تَغُرَّنَّكَ قُوَّتُكَ (4) قَالَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَیْهِ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ خَرَجَ الرَّجُلُ مَعَهُمْ فَقُتِلَ (5).
«18»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: مَرَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ لَمَّا مَرَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَیْنَاهُ یَبْكِی وَ یَقُولُ هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَی رِحَالِهِمْ هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ طُوبَی لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَیْهَا تُرَاقُ دِمَاءُ الْأَحِبَّةِ وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام خَرَجَ عَلِیٌّ یَسِیرُ بِالنَّاسِ حَتَّی إِذَا كَانَ بِكَرْبَلَاءَ عَلَی مِیلَیْنِ أَوْ مِیلٍ تَقَدَّمَ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ حَتَّی طَافَ بِمَكَانٍ یُقَالُ لَهَا الْمقدفان (6) فَقَالَ قُتِلَ فِیهَا مِائَتَا نَبِیٍّ وَ مِائَتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ وَ مُنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ عُشَّاقٍ شُهَدَاءَ لَا یَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لَا یَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ (7).
«19»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَمَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَنِیهِ وَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ ذَكَراً فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ یَجْعَلَ فِیَّ سُنَّةً مِنْ یَعْقُوبَ إِذْ جَمَعَ بَنِیهِ وَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ ذَكَراً فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی أُوصِی إِلَی یُوسُفَ فَاسْمَعُوا
ص: 295
لَهُ وَ أَطِیعُوا وَ أَنَا أُوصِی إِلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَ أَطِیعُوا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ دُونَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ یَعْنِی مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ فَقَالَ لَهُ أَ جُرْأَةً عَلَیَّ فِی حَیَاتِی كَأَنِّی بِكَ قَدْ وُجِدْتَ مَذْبُوحاً فِی فُسْطَاطِكَ لَا یُدْرَی مَنْ قَتَلَكَ فَلَمَّا كَانَ فِی زَمَانِ الْمُخْتَارِ أَتَاهُ فَقَالَ لَسْتَ هُنَاكَ فَغَضِبَ فَذَهَبَ إِلَی مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَیْرِ وَ هُوَ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ وَلِّنِی قِتَالَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَانَ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُصْعَبٍ فَالْتَقَوْا بِحَرُورَاءَ فَلَمَّا حَجَرَ اللَّیْلُ بَیْنَهُمْ أَصْبَحُوا وَ قَدْ وَجَدُوهُ مَذْبُوحاً فِی فُسْطَاطِهِ لَا یُدْرَی مَنْ قَتَلَهُ.
«20»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْأَوْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ جُبَیْرَ الْخَابُورِ كَانَ صَاحِبَ بَیْتِ مَالِ مُعَاوِیَةَ وَ كَانَتْ لَهُ أُمٌّ عَجُوزٌ بِالْكُوفَةِ كَبِیرَةٌ فَقَالَ لِمُعَاوِیَةَ إِنَّ لِی أُمّاً بِالْكُوفَةِ عَجُوزاً اشْتَقْتُ إِلَیْهَا فَأْذَنْ لِی حَتَّی آتِیَهَا فَأَقْضِیَ مِنْ حَقِّهَا عَلَیَّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا تَصْنَعُ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ فِیهَا رَجُلًا سَاحِراً كَاهِناً یُقَالُ لَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- وَ مَا آمَنُ أَنْ یَفْتِنَكَ فَقَالَ جُبَیْرٌ مَا لِی وَ لِعَلِیٍّ وَ إِنَّمَا آتِی أُمِّی وَ أَزُورُهَا وَ أَقْضِی مِنْ حَقِّهَا مَا یَجِبُ عَلَیَّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا تَصْنَعُ بِالْكُوفَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَدِمَ جُبَیْرُ الْخَابُورِ فَقَالَ علیه السلام لَهُ أَمَا إِنَّكَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ اللَّهِ زَعَمَ لَكَ مُعَاوِیَةُ أَنِّی كَاهِنٌ سَاحِرٌ قَالَ إِی وَ اللَّهِ قَالَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ ثُمَّ قَالَ وَ مَعَكَ مَالٌ قَدْ دَفَنْتَ بَعْضَهُ فِی عَیْنِ التَّمْرِ- قَالَ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ قَالَ عَلِیٌّ یَا حَسَنُ ضُمَّهُ إِلَیْكَ فَأَنْزَلَهُ وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَاهُ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا یَكُونُ فِی جَبَلِ الْأَهْوَازِ(1) فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُدَجَّجِینَ فِی السِّلَاحِ فَیَكُونُونَ مَعَهُ حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَیُقَاتِلُ مَعَهُ.
بیان: رجل مدجج و مدجج (2) أی شاك فی السلاح و إنما أخبره علیه السلام بما یكون منه فی الرجعة.
«21»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی ظَبْیَةَ قَالَ: جَمَعَ عَلِیٌّ علیه السلام الْعُرَفَاءَ ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَیْهِمْ فَقَالَ افْعَلُوا كَذَلِكَ قَالُوا لَا نَفْعَلُ قَالَ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ لَیُسْتَعْمَلَنَّ عَلَیْكُمُ الْیَهُودُ
ص: 296
وَ الْمَجُوسُ ثُمَّ لَا تُمَتَّعُونَ فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ.
«22»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: أَرَادَ قَوْمٌ بِنَاءَ مَسْجِدٍ بِسَاحِلِ عَدَنٍ فَكُلَّمَا بَنَوْهُ سَقَطَ فَأَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ اسْتَأْنِفُوا مِنَ الْبِنَاءِ وَ افْعَلُوا فَفَعَلُوا وَ أَحْكَمُوا فَسَقَطَ فَعَادُوا فَخَطَبَ النَّاسَ وَ نَاشَدَهُمْ إِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلْیَقُلْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام احْفِرُوا فِی مَیْمَنَةِ الْقِبْلَةِ وَ مَیْسَرَتِهَا فَإِنَّهُ یَظْهَرُ لَكُمْ قَبْرَانِ عَلَیْهِمَا كُوبَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَیْهَا أَنَا رَضْوَی وَ أُخْتِی حَیَّا ابْنَتَا تُبَّعٍ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَیْئاً فَاغْسِلُوهُمَا وَ كَفِّنُوهُمَا وَ صَلُّوا عَلَیْهِمَا وَ ادْفِنُوهُمَا ثُمَّ ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ فَإِنَّهُ یَقُومُ بِنَاؤُهُ فَفَعَلُوا فَكَانَ كَذَا فَقَامَ الْبِنَاءُ.
نجم، [كتاب النجوم] من كتاب الدلائل للحمیری بإسناده إلی أبی بصیر: مثله (1).
«23»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ یَوْماً لَوْ وَجَدْتُ رَجُلًا ثِقَةً لَبَعَثْتُ مَعَهُ بِمَالٍ إِلَی الْمَدَائِنِ إِلَی شِیعَتِی فَقَالَ رَجُلٌ فِی نَفْسِهِ لَآتِیَنَّهُ وَ لَأَقُولَنَّ أَنَا أَذْهَبُ بِالْمَالِ فَهُوَ یَثِقُ بِی فَإِذَا أَنَا أَخَذْتُهُ أَخَذْتُ طَرِیقَ الشَّامِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَجَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَنَا أَذْهَبُ بِالْمَالِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ إِلَیْكَ عَنِّی تَأْخُذُ طَرِیقَ الشَّامِ إِلَی مُعَاوِیَةَ.
«24»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی دَاوُدُ الْعَطَّارُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ سَأَلَنِی رَجُلٌ عَنْ خَاصَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لِی انْطَلِقْ حَتَّی نُسَلِّمَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ كُنْتُ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَلْ بِی حَتَّی أَتَیْتُ مَعَهُ فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ فَرَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الدِّرَّةَ فَضَرَبَ بِهَا سَاقِی فَنَزَوْتُ فَقَالَ أَ تَرَی أَنَّكَ مُكْرَهٌ إِنَّكَ مَیْسَرَةُ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقِیلَ لِی صَنَعَ بِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَا لَمْ یَصْنَعْ إِلَی أَحَدٍ قَالَ إِنِّی كُنْتُ مَمْلُوكاً لِآلِ فُلَانٍ وَ كَانَ اسْمِی مَیْسَرَةُ فَفَارَقْتُهُمْ وَ ادَّعَیْتُ إِلَی مَنْ لَسْتُ أَنَا مِنْهُ فَسَمَّانِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بِاسْمِی.
«25»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی مُعَاوِیَةُ بْنُ جَرِیرٍ الْحَضْرَمِیُّ قَالَ: عُرِضَ الْخَیْلُ (2) عَلَی عَلِیٍ
ص: 297
علیه السلام فَجَاءَ ابْنُ مُلْجَمٍ إِلَیْهِ فَسَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ وَ نَسَبِهِ فَانْتَهَی إِلَی غَیْرِ أَبِیهِ قَالَ كَذَبْتَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَبِیهِ قَالَ صَدَقْتَ.
«26»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی الصَّیْرَفِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُرَادٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَی رَأْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ إِذَا أَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ الْقِتَالِ فَقَالَ إِنَّ لِی حَاجَةً فَقَالَ علیه السلام مَا أَعْرَفَنِی بِالْحَاجَةِ الَّتِی جِئْتَ فِیهَا تَطْلُبُ الْأَمَانَ لِابْنِ الْحَكَمِ قَالَ نَعَمْ أُرِیدُ أَنْ تُؤْمِنَهُ قَالَ آمَنْتُهُ وَ لَكِنِ اذْهَبْ وَ جِئْنِی بِهِ وَ لَا تَجِئْنِی بِهِ إِلَّا رَدِیفاً فَإِنَّهُ أدل [أَذَلُ] لَهُ فَجَاءَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رِدْفاً خَلْفَهُ كَأَنَّهُ قِرْدٌ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تُبَایِعُ قَالَ نَعَمْ وَ فِی النَّفْسِ مَا فِیهَا قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِی الْقُلُوبِ فَلَمَّا بَسَطَ یَدَهُ لِیُبَایِعَهُ أَخَذَ كَفَّهُ عَنْ كَفِّ مَرْوَانَ فَنَتَرَهَا فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهَا إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ عِشْرِینَ مَرَّةً لَنَكَثَ بِاسْتِهِ ثُمَّ قَالَ هِیهِ یَا ابْنَ الْحَكَمِ خِفْتَ عَلَی رَأْسِكَ أَنْ تَقَعَ فِی هَذِهِ الْمَعْمَعَةِ كَلَّا وَ اللَّهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنْ صُلْبِكَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ یَسُومُونَ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَسْفاً وَ یَسْقُونَهُ كَأْساً مُصَبَّرَةً.
بیان: قال الجزری النتر جذب فیه قوة و جفوة(1) و قال هیه بمعنی إیه فأبدل من الهمزة هاء و إیه اسم سمی به الفعل و معناه الأمر تقول للرجل إیه بغیر تنوین إذا استزدته من الحدیث المعهود بینكما فإن نونت استزدته من حدیث ما غیر معهود(2) و قال المعمعة شدة الحرب و الجد فی القتال (3).
«27»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنْ مِینَا قَالَ: سَمِعَ عَلِیٌّ علیه السلام ضَوْضَاءَ فِی عَسْكَرِهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَلَكَ مُعَاوِیَةُ قَالَ كَلَّا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَنْ یَهْلِكَ حَتَّی تَجْتَمِعَ عَلَیْهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَالُوا فَبِمَ تُقَاتِلُهُ قَالَ أَلْتَمِسُ الْعُذْرَ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَی.
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عبد الرزاق عن أبیه عن مینا: مثله (4).
ص: 298
«28»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ اسْتَأْذَنَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَرَدَّهُ قنبرا(1) [قَنْبَرٌ] فَأَدْمَی أَنْفَهُ فَخَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ مَا لِی وَ لَكَ یَا أَشْعَثُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ بِعَبْدِ ثَقِیفٍ تَمَرَّسْتَ (2) لَاقْشَعَرَّتْ شُعَیْرَاتُ اسْتِكَ قَالَ وَ مَنْ غُلَامُ ثَقِیفٍ قَالَ غُلَامٌ یَلِیهِمْ (3) لَا یُبْقِی مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا أَدْخَلَهُمُ الذُّلَّ قَالَ كَمْ یَلِی قَالَ عِشْرِینَ إِنْ بَلَغَهَا. قال الراوی فولی الحجاج سنة خمس و سبعین و مات سنة تسعین.
بیان: قال الجزری فیه إن من اقتراب الساعة أن یتمرس الرجل بدینه كما یتمرس البعیر بالشجرة أی یتلعب بدینه و یعبث به كما یعبث البعیر بالشجرة و یتحكك بها و التمرس شدة الالتواء(4).
أقول: فی سنة خمس و سبعین ولی عبد الملك الحجاج علی العراق لكن فی سنة ثلاث و سبعین ولاه الجیش لقتال عبد اللّٰه بن الزبیر و كان والیا علی العراق إلی سنة خمس و تسعین فكانت ولایته تمام العشرین كما ذكره علیه السلام فلعل الخمس سقط من النساخ و لعل قوله علیه السلام إن بلغها للتبهیم لئلا یغتر الملعون بذلك أو لنقص أشهر عن العشرین.
«29»- یج، [الخرائج و الجرائح]: وَ مِنْهَا مَا انْتَشَرَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنْهُ علیه السلام مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ قِتَالِهِ الْفِرَقَ الثَّلَاثَةَ بَعْدَ بَیْعَتِهِ أُمِرْتُ بِقِتَالِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ یَعْنِی الْجَمَلَ وَ صِفِّینَ وَ النَّهْرَوَانَ فَقَاتَلَهُمْ وَ كَانَ الْأَمْرُ فِیمَا خَبَّرَ بِهِ عَلَی مَا قَالَ وَ قَالَ علیه السلام لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ حِینَ اسْتَأْذَنَاهُ فِی الْخُرُوجِ إِلَی الْعُمْرَةِ لَا وَ اللَّهِ مَا تُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ لَكِنْ تُرِیدَانِ الْبَصْرَةَ فَكَانَ كَمَا قَالَ وَ قَالَ علیه السلام لِابْنِ عَبَّاسٍ وَ یُخْبِرُهُ بِهِ عَنِ اسْتِیذَانِهِمَا فِی الْعُمْرَةِ إِنِّی أَذِنْتُ لَهُمَا مَعَ عِلْمِی بِمَا انْطَوَیَا عَلَیْهِ مِنَ الْغَدْرِ فَاسْتَظْهَرْتُ بِاللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ إِنَّ اللَّهَ سَیَرُدُّ كَیْدَهُمَا وَ یُظْفِرُنِی بِهِمَا وَ كَانَ كَمَا قَالَ
ص: 299
وَ قَالَ بِذِی قَارٍ وَ هُوَ جَالِسٌ لِأَخْذِ الْبَیْعَةِ یَأْتِیكُمْ مِنْ قِبَلِ الْكُوفَةِ أَلْفُ رَجُلٍ لَا یَزِیدُونَ رَجُلًا وَ لَا یَنْقُصُونَ رَجُلًا یُبَایِعُونِّی عَلَی الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَزِعْتُ لِذَلِكَ وَ خِفْتُ أَنْ یَنْقُصَ الْقَوْمُ مِنَ الْعَدَدِ أَوْ یَزِیدُوا عَلَیْهِ فَیُفْسِدُوا الْأَمْرَ عَلَیْنَا وَ إِنِّی أُحْصِی الْقَوْمَ فَاسْتَوْفَیْتُ عَدَدَهُمْ تِسْعَمِائَةِ رَجُلٍ وَ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ رَجُلًا ثُمَّ انْقَطَعَ مَجِی ءُ الْقَوْمِ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مَا ذَا حَمَلَهُ عَلَی مَا قَالَ فَبَیْنَمَا أَنَا مُفَكِّرٌ فِی ذَلِكَ إِذَا رَأَیْتُ شَخْصاً قَدْ أَقْبَلَ حَتَّی دَنَا وَ هُوَ رَجُلٌ عَلَیْهِ قَبَاءُ صُوفٍ وَ مَعَهُ سَیْفٌ وَ تُرْسٌ وَ إِدَاوَةٌ فَقَرُبَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ امْدُدْ یَدَیْكَ لِأُبَایِعَكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ عَلَی مَا تُبَایِعُنِی قَالَ عَلَی السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْقِتَالِ بَیْنَ یَدَیْكَ أَوْ یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَیْكَ فَقَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ قَالَ نَعَمْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِی حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی أُدْرِكُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِهِ یُقَالُ لَهُ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ یَكُونُ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ یَمُوتُ عَلَی الشَّهَادَةِ یَدْخُلُ فِی شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسُرِّیَ عَنَّا.
«30»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ یَهُودِیّاً قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ فِی كُلِّ رُمَّانَةٍ حَبَّةً مِنَ الْجَنَّةِ وَ أَنَا كَسَرْتُ وَاحِدَةً وَ أَكَلْتُهَا كُلَّهَا فَقَالَ علیه السلام صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ضَرَبَ یَدَهُ عَلَی لِحْیَتِهِ فَوَقَعَتْ حَبَّةُ رُمَّانٍ فَتَنَاوَلَهَا علیه السلام وَ أَكَلَهَا وَ قَالَ لَمْ یَأْكُلْهَا الْكَافِرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.
«31»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَایَاتُ مِنْ نَعْیِهِ نَفْسَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ أَنَّهُ یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا شَهِیداً مِنْ قَوْلِهِ وَ اللَّهِ لَیَخْضَبَنَّهَا مِنْ فَوْقِهَا فَأَوْمَأَ إِلَی شَیْبَتِهِ مَا یَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا بِدَمٍ وَ قَوْلُهُ علیه السلام أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ فِیهِ تَدُورُ رَحَی السُّلْطَانِ (1) أَلَا وَ إِنَّكُمْ حَاجُّوا الْعَامِ صَفّاً وَاحِداً وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنِّی لَسْتُ فِیكُمْ وَ كَانَ یُفْطِرُ فِی هَذَا الشَّهْرِ لَیْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ الْحُسَیْنِ- وَ لَیْلَةً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ زَوْجِ زَیْنَبَ بِنْتِهِ لِأَجْلِهَا لَا یَزِیدُ عَلَی ثَلَاثِ لُقَمٍ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَأْتِینِی أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنَا خَمِیصٌ إِنَّمَا هِیَ لَیْلَةٌ أَوْ لَیْلَتَانِ فَأُصِیبَ مِنَ اللَّیْلِ وَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَی الْمَسْجِدِ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی ضَرَبَهُ
ص: 300
الشَّقِیُّ فِی آخِرِهَا فَصَاحَ الْإِوَزُّ فِی وَجْهِهِ وَ طَرَدَهُنَّ النَّاسُ فَقَالَ دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا صَنَعَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ بِالْیَمَنِ قَالَ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنَّ بُسْراً بَاعَ دِینَهُ بِالدُّنْیَا فَاسْلُبْهُ عَقْلَهُ فَبَقِیَ بُسْرٌ حَتَّی اخْتَلَطَ فَاتُّخِذَ لَهُ سَیْفٌ مِنْ خَشَبٍ یَلْعَبُ بِهِ حَتَّی مَاتَ وَ مِنْهَا مَا اسْتَفَاضَ عَنْهُ علیه السلام مِنْ قَوْلِهِ إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ مِنْ بَعْدِی عَلَی سَبِّی فَسُبُّونِی فَإِنْ عُرِضَ عَلَیْكُمُ الْبَرَاءَةُ مِنِّی فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّی وَ كَانَ كَمَا قَالَ وَ مِنْهَا قَوْلُهُ علیه السلام لِجُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ لَتُعْتَلَنَّ إِلَی الْعُتُلِّ الزَّنِیمِ وَ لَیَقْطَعَنَّ یَدَكَ وَ رِجْلَكَ ثُمَّ لَیَصْلِبَنَّكَ ثُمَّ مَضَی دَهْرٌ حَتَّی وُلِّیَ زِیَادٌ فِی أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ فَقَطَعَ یَدَهُ وَ رِجْلَهُ ثُمَّ صَلَبَهُ.
بیان: عَتَلَهُ یَعْتِلُهُ وَ یَعْتُلُهُ جره عنیفا فحمله و الْعُتُلُّ بضمتین مشددة اللام الأكول المنیع(1) الجافی الغلیظ و الزنیم المستلحق فی قوم لیس منهم و الدعی و اللئیم المعروف بلؤمه أو شره.
«32»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ نَادَی رَجُلٌ مَنْ یَدُلُّنِی عَلَی مَنْ آخُذُ مِنْهُ عِلْماً وَ مَرَّ فَقُلْتُ یَا هَذَا هَلْ سَمِعْتَ قَوْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَ أَیْنَ تَذْهَبُ وَ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ جِئْنَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ علیه السلام مِنْ أَیِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَصْفَهَانَ قَالَ لَهُ اكْتُبْ أَمْلَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّ أَهْلَ أَصْفَهَانَ لَا یَكُونُ فِیهِمْ خَمْسُ خِصَالٍ السَّخَاوَةُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ الْأَمَانَةُ وَ الْغَیْرَةُ وَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ زِدْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ بِلِسَانِ الْأَصْفَهَانِ اروت این وس أَیِ الْیَوْمَ حَسْبُكَ هَذَا.
بیان: كان أهل أصفهان فی ذلك الزمان إلی أول استیلاء الدولة القاهرة الصفویة أدام اللّٰه بركاتهم من أشد النواصب و الحمد لله الذی جعلهم أشد الناس حبا لأهل البیت علیهم السلام و أطوعهم لأمرهم و أوعاهم لعلمهم و أشدهم انتظارا لفرجهم حتی
ص: 301
أنه لا یكاد یوجد من یتهم بالخلاف فی البلد و لا فی شی ء من قراه القریبة أو البعیدة و ببركة ذلك تبدلت الخصال الأربع أیضا فیهم رزقنا اللّٰه و سائر أهل هذه البلاد نصر قائم آل محمد صلوات اللّٰه علیهم و الشهادة تحت لوائه و حشرنا معهم فی الدنیا و الآخرة.
«33»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَتَی الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ یَتَوَضَّأُ فِی سَاقِیَةٍ فَقَالَ أَسْبِغْ طَهُورَكَ یَا لَفْتَی قَالَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ رِجَالًا كَانُوا یُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ قَالَ وَ إِنَّكَ لَحَزِینٌ عَلَیْهِمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَطَالَ اللَّهُ حُزْنَكَ قَالَ أَیُّوبُ السِّجِسْتَانِیُّ فَمَا رَأَیْنَا الْحَسَنَ قَطُّ إِلَّا حَزِیناً كَأَنَّهُ یَرْجِعُ عَنْ دَفْنِ حَمِیمٍ أَوْ خَرْبَنْدَجٌ ضَلَّ حِمَارُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ عَمِلَ فِیَّ دَعْوَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَ لَفْتَی بِالنَّبَطِیَّةِ شَیْطَانٌ وَ كَانَتْ أُمُّهُ سَمَّتْهُ بِذَلِكَ وَ دَعَتْهُ فِی صِغَرِهِ فَلَمْ یَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ حَتَّی دَعَاهُ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام.
بیان: خربندج لعله معرب خربنده أی مكاری الحمار.
«34»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی سَعْدُ بْنُ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ لَهُ یَا فُلَانُ اسْتَعِدَّ وَ أَعِدَّ لِنَفْسِكَ مَا تُرِیدُ فَإِنَّكَ تَمْرَضُ فِی یَوْمِ كَذَا فِی شَهْرِ كَذَا فِی سَاعَةِ كَذَا فَیَكُونُ كَمَا قَالَ قَالَ سَعْدٌ فَقُلْتُ هَذَا الْكَلَامُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ قَدْ كَانَ كَذَلِكَ فَقُلْتُ لَا تُخْبِرُنَا(1) أَنْتَ أَیْضاً فَنَسْتَعِدَّ لَهُ قَالَ هَذَا بَابٌ أَغْلَقَ فِیهِ الْجَوَابَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا.
«35»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ أَنَّهُ: لَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ بِالْأَمْرِ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی بَنِی حَنِیفَةَ لِیَأْخُذَ زَكَوَاتِ أَمْوَالِهِمْ فَقَالُوا لِخَالِدٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَبْعَثُ كُلَّ سَنَةٍ رَجُلًا یَأْخُذُ صَدَقَاتِنَا مِنَ الْأَغْنِیَاءِ مِنْ جُمْلَتِنَا وَ یُفَرِّقُهَا فِی فُقَرَائِنَا فَافْعَلْ أَنْتَ كَذَلِكَ فَانْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ لِأَبِی بَكْرٍ إِنَّهُمْ مَنَعُونَا مِنَ الزَّكَاةِ فَبَعَثَ مَعَهُ عَسْكَراً فَرَجَعَ خَالِدٌ وَ أَتَی بَنِی حَنِیفَةَ وَ قَتَلَ رَئِیسَهُمْ وَ أَخَذَ زَوْجَتَهُ وَ وَطِئَهَا فِی الْحَالِ
ص: 302
وَ سَبَی نِسْوَانَهُمْ وَ رَجَعَ بِهِنَّ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ الرَّئِیسُ صَدِیقاً لِعُمَرَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِی بَكْرٍ اقْتُلْ خَالِداً بِهِ بَعْدَ أَنْ تَجْلِدَهُ الْحَدَّ لِمَا فَعَلَ بِامْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ خَالِداً نَاصِرُنَا تَغَافَلَ وَ أَدْخَلَ السَّبَایَا فِی الْمَسْجِدِ وَ فِیهِنَّ خَوْلَةُ فَجَاءَتْ إِلَی قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْتَجَأَتْ بِهِ وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْكُو إِلَیْكَ أَفْعَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ سَبَوْنَا مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ وَ نَحْنُ مُسْلِمُونَ ثُمَّ قَالَتْ أَیُّهَا النَّاسُ لِمَ سَبَیْتُمُونَا وَ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَبُو بِكْرٍ مَنَعْتُمُ الزَّكَاةَ فَقَالَتْ الْأَمْرُ لَیْسَ عَلَی مَا زَعَمْتَ إِنَّمَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ هَبِ الرِّجَالَ مَنَعُوكُمْ فَمَا بَالُ النِّسْوَانِ الْمُسْلِمَاتِ یُسْبَیْنَ وَ اخْتَارَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَاحِدَةً مِنَ السَّبَایَا وَ جَاءَ طَلْحَةُ وَ خَالِدُ بْنُ عَنَانٍ وَ رَمَیَا بِثَوْبَیْنِ إِلَی خَوْلَةَ فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ یَأْخُذَهَا مِنَ السَّبْیِ قَالَتْ لَا یَكُونُ هَذَا أَبَداً وَ لَا یَمْلِكُنِی إِلَّا مَنْ خَبَّرَنِی بِالْكَلَامِ الَّذِی قُلْتُهُ سَاعَةَ وُلِدْتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ فَزِعَتْ (1) مِنَ الْقَوْمِ وَ كَانَتْ لَمْ تَرَ مِثْلَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَتَكَلَّمَ بِمَا لَا تَحْصِیلَ لَهُ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ إِنِّی صَادِقَةٌ إِذْ جَاءَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَوَقَفَ وَ نَظَرَ إِلَیْهِمْ وَ إِلَیْهَا وَ قَالَ علیه السلام اصْبِرُوا حَتَّی أَسْأَلَهَا عَنْ حَالِهَا ثُمَّ نَادَاهَا یَا خَوْلَةُ اسْمَعِی الْكَلَامَ ثُمَّ قَالَ لَمَّا كَانَتْ أُمُّكِ حَامِلًا بِكِ وَ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَ اشْتَدَّ بِهَا الْأَمْرُ نَادَتِ اللَّهُمَّ سَلِّمْنِی مِنْ هَذَا الْمَوْلُودِ فَسَبَقَتْ تِلْكِ الدَّعْوَةُ بِالنَّجَاةِ فَلَمَّا وَضَعَتْكِ نَادَیْتِ مِنْ تَحْتِهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمَّا قَلِیلٍ سَیَمْلِكُنِی سَیِّدٌ سَیَكُونُ لَهُ مِنِّی وَلَدٌ فَكَتَبَتْ أُمُّكِ ذَلِكَ الْكَلَامَ فِی لَوْحِ نُحَاسٍ فَدَفَنَتْهُ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی سَقَطْتِ فِیهِ فَلَمَّا كَانَتْ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی قُبِضَتْ أُمُّكِ فِیهَا وَصَّتْ إِلَیْكِ بِذَلِكِ فَلَمَّا كَانَ فِی وَقْتِ سَبْیِكُمْ لَمْ یَكُنْ لَكِ هِمَّةٌ إِلَّا أَخْذَ ذَلِكِ اللَّوْحِ فَأَخَذْتِیهِ وَ شَدَدْتِیهِ عَلَی عَضُدِكِ الْأَیْمَنِ هَاتِی اللَّوْحَ فَأَنَا صَاحِبُ ذَلِكِ اللَّوْحِ وَ أَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَا أَبُو ذَلِكِ الْغُلَامِ الْمَیْمُونِ وَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ قَالَ فَرَأَیْنَاهَا وَ قَدِ اسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ وَ قَالَتْ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمُتَفَضِّلُ الْمَنَّانُ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ لَمْ تُعْطِهَا لِأَحَدٍ
ص: 303
إِلَّا وَ أَتْمَمْتَهَا عَلَیْهِ اللَّهُمَّ بِصَاحِبِ هَذِهِ التُّرْبَةِ وَ النَّاطِقِ الْمُنْبِئِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَّا أَتْمَمْتَ فَضْلَكَ عَلَیَّ ثُمَّ أَخْرَجَتِ اللَّوْحَ وَ رَمَتْ بِهِ إِلَیْهِ فَأَخَذَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ قَرَأَهُ عُثْمَانُ فَإِنَّهُ كَانَ أَجْوَدَ الْقَوْمِ قِرَاءَةً وَ مَا ازْدَادَ مَا فِی اللَّوْحِ عَلَی مَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَا نَقَصَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خُذْهَا یَا أَبَا الْحَسَنِ فَبَعَثَ بِهَا عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی بَیْتِ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَیْسٍ فَلَمَّا دَخَلَ أَخُوهَا تَزَوَّجَ بِهَا وَ عَلِقَ بِمُحَمَّدٍ وَ وَلَدَتْهُ.
«36»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا یَوْماً لَیْسَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ حَرْفٌ أَكْثَرَ دَوَرَاناً فِی الْكَلَامِ مِنَ الْأَلِفِ فَنَهَضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ خَطَبَ خُطْبَةً عَلَی الْبَدِیهَةِ طَوِیلَةً تَشْتَمِلُ عَلَی الثَّنَاءِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ الصَّلَاةِ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ- وَ فِیهَا الْوَعْدُ وَ الْوَعِیدُ وَ وَصْفُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الْمَوَاعِظِ وَ الزَّوَاجِرِ وَ النَّصِیحَةِ لِلْخَلْقِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ وَ لَیْسَ فِیهَا أَلِفٌ وَ هِیَ مَعْرُوفَةٌ.
«37»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فِی حَدِیثِ ثَابِتِ بْنِ الْأَفْلَجِ (1) قَالَ: ضَلَّتْ لِی فَرَسٌ نِصْفَ اللَّیْلِ فَأَتَیْتُ بَابَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا وَصَلْتُ الْبَابَ خَرَجَ إِلَیَّ قَنْبَرٌ وَ قَالَ لِی یَا ابْنَ الْأَفْلَجِ الْحَقْ فَرَسَكَ فَخُذْهُ مِنْ عَوْفِ بْنِ طَلْحَةَ السَّعْدِیِّ.
غَرِیبُ الْحَدِیثِ وَ الْفَائِقِ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: أَكْثِرُوا الطَّوَافَ بِهَذَا الْبَیْتِ فَكَأَنِّی بِرَجُلٍ مِنَ الْحَبَشَةِ أَصْلَعَ أَصْمَعَ (2) جَالِسٌ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَهْدِمُ.
صَاحِبُ الْحِلْیَةِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَیْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ علیه السلام: حُجُّوا قَبْلَ أَنْ لَا تَحُجُّوا فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی حَبَشِیٍّ أَصْمَعَ أَقْرَعَ بِیَدِهِ مِعْوَلٌ یَهْدِمُهَا حَجَراً حَجَراً.
النَّضْرُ بْنُ شُمَیْلٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ: قَدِمَ رَاكِبٌ مِنَ الشَّامِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَنَعَی مُعَاوِیَةَ فَأُدْخِلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْتَ شَهِدْتَ مَوْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَ حَثَوْتُ عَلَیْهِ قَالَ إِنَّهُ كَاذِبٌ قِیلَ وَ مَا یُدْرِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّهُ كَاذِبٌ قَالَ إِنَّهُ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَعْمَلَ كَذَا وَ كَذَا أعمال (3) [أَعْمَالًا]
ص: 304
عَمِلَهَا فِی سُلْطَانِهِ فَقِیلَ لَهُ فَلِمَ تُقَاتِلُهُ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا قَالَ لِلْحُجَّةِ(1).
یج، [الخرائج و الجرائح] عن عوف بن مروان: مثله (2).
«38»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْمُحَاضِرَاتُ عَنِ الرَّاغِبِ أَنَّهُ قَالَ علیه السلام: لَا یَمُوتُ ابْنُ هِنْدٍ حَتَّی یُعَلِّقَ الصَّلِیبَ فِی عُنُقِهِ. وَ قَدْ رَوَاهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِیُّ وَ الْأَعْثَمُ الْكُوفِیُّ وَ أَبُو حَیَّانَ التَّوْحِیدِیُّ وَ أَبُو الثَّلَّاجِ فِی جَمَاعَةٍ: فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام.
عَمَّارٌ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمِنْبَرَ قَالَ لَنَا قُومُوا فَتَخَلَّلُوا الصُّفُوفَ وَ نَادُوا هَلْ مِنْ مكاره (3) [كَارِهٍ] فَتَصَارَخَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ اللَّهُمَّ قَدْ رَضِینَا وَ أَسْلَمْنَا(4) وَ أَطَعْنَا رَسُولَكَ وَ ابْنَ عَمِّهِ فَقَالَ یَا عَمَّارُ قُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَأَعْطِ النَّاسَ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ وَ ادْفَعْ (5) لِی ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَمَضَی عَمَّارٌ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ وَ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ یُصَلِّی فِیهِ فَوَجَدُوا فِیهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِینَارٍ وَ وَجَدُوا النَّاسَ مِائَةَ أَلْفٍ فَقَالَ عَمَّارٌ جَاءَ وَ اللَّهِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهِ مَا عَلِمَ بِالْمَالِ وَ لَا بِالنَّاسِ وَ إِنَّ هَذِهِ الْآیَةَ(6) وَجَبَتْ عَلَیْكُمْ بِهَا طَاعَةُ هَذَا الرَّجُلِ فَأَبَی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَقِیلٌ أَنْ یَقْبَلُوهَا الْقِصَّةَ.
وَ نَقَلَتِ الْمُرْجِئَةُ وَ النَّاصِبَةُ عَنْ أَبِی الْجَهْمِ الْعَدَوِیِّ وَ كَانَ مُعَادِیاً لِعَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: خَرَجْتُ بِكِتَابِ عُثْمَانَ وَ الْمِصْرِیُّونَ قَدْ نَزَلُوا بِذِی خشر [خَشَبٍ] إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ طَوَیْتُهُ طَیّاً لَطِیفاً وَ جَعَلْتُهُ فِی قِرَابِ (7) سَیْفِی وَ قَدْ تَنَكَّبْتُ عَنِ الطَّرِیقِ وَ تَوَخَّیْتُ سَوَادَ اللَّیْلِ حَتَّی كُنْتُ بِجَانِبِ الْجُرْفِ إِذَا رَجُلٌ عَلَی حِمَارٍ مُسْتَقْبِلِی وَ مَعَهُ
ص: 305
رَجُلَانِ یَمْشِیَانِ أَمَامَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَدْ أَتَی مِنْ نَاحِیَةِ الْبَدْوِ فَأَثْبَتَنِی وَ لَمْ أُثْبِتْهُ حَتَّی سَمِعْتُ كَلَامَهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدُ یَا صَخْرُ قُلْتُ الْبَدْوَ فَأَدْفَعُ (1) الصَّحَابَةَ قَالَ فَمَا هَذَا الَّذِی فِی قِرَابِ سَیْفِكَ قُلْتُ لَا تَدَعُ مِزَاحَكَ أَبَداً ثُمَّ جُزْتُهُ (2).
الْأَصْبَغُ قَالَ: صَلَّیْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْغَدَاةَ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَیْهِ ثِیَابُ السَّفَرِ قَدْ أَقْبَلَ فَقَالَ مِنْ أَیْنَ قَالَ مِنَ الشَّامِ قَالَ مَا أَقْدَمَكَ قَالَ لِی حَاجَةٌ قَالَ أَخْبِرْنِی وَ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِقَضِیَّتِكَ قَالَ أَخْبِرْنِی بِهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ نَادَی مُعَاوِیَةُ یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَ كَذَا مَنْ یَقْتُلُ عَلِیّاً فَلَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِینَارٍ فَوَثَبَ فُلَانٌ وَ قَالَ أَنَا قَالَ أَنْتَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ نَدِمَ وَ قَالَ أَسِیرُ إِلَی ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبِی وَلَدَیْهِ فَأَقْتُلُهُ ثُمَّ نَادَی مُنَادِیهِ الْیَوْمَ الثَّانِیَ مَنْ یَقْتُلُ عَلِیّاً فَلَهُ عِشْرُونَ أَلْفَ دِینَارٍ فَوَثَبَ آخَرُ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ أَنْتَ ثُمَّ إِنَّهُ نَدِمَ وَ اسْتَقَالَ مُعَاوِیَةَ فَأَقَالَهُ ثُمَّ نَادَی مُنَادِیهِ الْیَوْمَ الثَّالِثَ مَنْ یَقْتُلُ عَلِیّاً فَلَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِینَارٍ فَوَثَبْتَ أَنْتَ وَ أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ حِمْیَرٍ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَمَا رَأْیُكَ تَمْضِی إِلَی مَا أُمِرْتَ بِهِ أَوْ مَا ذَا قَالَ لَا وَ لَكِنْ أَنْصَرِفُ قَالَ یَا قَنْبَرُ أَصْلِحْ لَهُ رَاحِلَتَهُ وَ هَیِّئْ لَهُ زَادَهُ وَ أَعْطِهِ نَفَقَتَهُ (3).
وَ رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی خَبَرٍ: أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ الْقَیْسِ الْكِنْدِیَّ بَنَی فِی دَارِهِ مِئْذَنَةً فَكَانَ یَرْقَی إِلَیْهَا إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فِی أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فِی مَسْجِدِ جَامِعِ الْكُوفَةِ فَیَصِیحُ مِنْ أَعْلَی مِئْذَنَتِهِ یَا رَجُلُ إِنَّكَ لَكَذَّابٌ (4) سَاحِرٌ وَ كَانَ أَبِی یُسَمِّیهِ عُنُقَ النَّارِ وَ فِی رِوَایَةٍ عُرْفَ النَّارِ فَیُسْأَلُ (5) عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَشْعَثَ إِذَا حَضَرَتْهُ
ص: 306
الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَیْهِ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ مَمْدُودَةً مِنَ السَّمَاءِ فَتُحْرِقُهُ فَلَا یُدْفَنُ إِلَّا وَ هُوَ فَحْمَةٌ سَوْدَاءُ فَلَمَّا تُوُفِّیَ نَظَرَ سَائِرُ مَنْ حَضَرَ إِلَی النَّارِ وَ قَدْ دَخَلَتْ عَلَیْهِ كَالْعُنُقِ الْمَمْدُودِ حَتَّی أَحْرَقَتْهُ وَ هُوَ یَصِیحُ وَ یَدْعُو بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ(1).
بیان: المئذنة بالكسر موضع الأذان و المنارة و الصومعة.
«39»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ وَ أَبُو دَاوُدَ فِی السُّنَنِ عَنْ أَبِی مَخْلَدٍ فِی خَبَرٍ: أَنَّهُ قَالَ علیه السلام فِی الْخَوَارِجِ مُخَاطِباً لِأَصْحَابِهِ وَ اللَّهِ لَا یُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ وَ یَنْفَلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ فِی رِوَایَةٍ وَ لَا یَنْفَلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ لَا یَهْلِكُ مِنَّا عَشَرَةٌ فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ تِسْعَةٌ وَ انْفَلَتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ اثْنَانِ إِلَی سِجِسْتَانَ وَ اثْنَانِ إِلَی عُمَانَ وَ اثْنَانِ إِلَی بِلَادِ الْجَزِیرَةِ وَ اثْنَانِ إِلَی الْیَمَنِ وَ وَاحِدٌ إِلَی تَلِّ مَوْزَنٍ وَ الْخَوَارِجُ فِی هَذِهِ (2) الْمَوَاضِعِ مِنْهُمْ.
وَ قَالَ الْأَعْثَمُ: الْمَقْتُولُونَ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رُوَیْبَةُ بْنُ وَبَرٍ الْعِجْلِیُّ وَ سَعْدُ بْنُ خَالِدٍ السَّبِیعِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْأَرْحَبِیُّ وَ الْفَیَّاضُ بْنُ خَلِیلٍ الْأَزْدِیُّ وَ كَیْسُومُ بْنُ سَلَمَةَ الْجُهَنِیُّ وَ عُبَیْدُ بْنُ عُبَیْدٍ الْخَوْلَانِیُّ وَ جُمَیْعُ بْنُ حَشَمٍ (3) الْكِنْدِیُّ وَ ضَبُّ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِیُّ.
قَالَ أَبُو الْجَوَائِزِ الْكَاتِبُ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِی الْمُظَفَّرُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِیُّ السَّلَّالُ قَالَ حَدَّثَنِی الْحَسَنُ بْنُ ذكردان وَ كَانَ ابْنَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ خَمْسٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ: رَأَیْتُ عَلِیّاً علیه السلام فِی النَّوْمِ وَ أَنَا فِی بَلَدِی فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَسْلَمْتُ عَلَی یَدِهِ وَ سَمَّانِیَ الْحَسَنَ وَ سَمِعْتُ مِنْهُ أَحَادِیثَ كَثِیرَةً وَ شَهِدْتُ مَعَهُ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا فَقُلْتُ لَهُ یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ادْعُ اللَّهَ لِی فَقَالَ یَا فَارِسِیٌّ إِنَّكَ سَتُعَمَّرُ وَ تُحْمَلُ إِلَی مَدِینَةٍ یَبْنِیهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِی عَمِّیَ الْعَبَّاسِ تُسَمَّی فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ بَغْدَادَ وَ لَا تَصِلُ إِلَیْهَا تَمُوتُ بِمَوْضِعٍ یُقَالُ لَهُ الْمَدَائِنُ فَكَانَ كَمَا قَالَ
ص: 307
علیه السلام لَیْلَةً دَخَلَ الْمَدَائِنَ مَاتَ.
مَسْعَدَةُ بْنُ الْیَسَعِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی خَبَرٍ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَرَّ بِأَرْضِ بَغْدَادَ قَالَ مَا تُدْعَی هَذِهِ الْأَرْضُ قَالُوا بَغْدَادَ قَالَ نَعَمْ تُبْنَی هَاهُنَا مَدِینَةٌ وَ ذَكَرَ وَصْفَهَا وَ یُقَالُ إِنَّهُ وَقَعَ مِنْ یَدِهِ سَوْطٌ فَسَأَلَ عَنْ أَرْضِهَا فَقَالُوا بَغْدَادُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ یُبْنَی ثَمَّ مَسْجِدٌ یُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ السَّوْطِ(1).
زَاذَانُ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ: أَنَّ جَاثَلِیقاً جَاءَ فِی نَفَرٍ مِنَ النَّصَارَی إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ سَأَلَهُ مَسَائِلَ عَجَزَ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ عُمَرُ كُفَّ أَیُّهَا النَّصْرَانِیُّ عَنْ هَذَا الْعَنَتِ وَ إِلَّا أَبَحْنَا دَمَكَ فَقَالَ الْجَاثَلِیقُ یَا هَذَا اعْدِلْ (2) عَلَی مَنْ جَاءَ مُسْتَرْشِداً طَالِباً دُلُّونِی عَلَی مَنْ أَسْأَلُهُ عَمَّا أَحْتَاجُ إِلَیْهِ فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اسْتَسْأَلَهُ فَقَالَ النَّصْرَانِیُّ أَسْأَلُكَ عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ هَذَا الشَّیْخَ خَبِّرْنِی أَ مُؤْمِنٌ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَمْ عِنْدَ نَفْسِكَ فَقَالَ علیه السلام أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ كَمَا أَنَا مُؤْمِنٌ فِی عَقِیدَتِی قَالَ خَبِّرْنِی عَنْ مَنْزِلَتِكَ فِی الْجَنَّةِ مَا هِیَ قَالَ مَنْزِلَتِی مَعَ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ فِی الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَی لَا أَرْتَابُ بِذَلِكَ وَ لَا أَشُكُّ فِی الْوَعْدِ بِهِ مِنْ رَبِّی قَالَ فَبِمَا ذَا عَرَفْتَ الْوَعْدَ لَكَ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِی ذَكَرْتَهَا قَالَ بِالْكِتَابِ الْمُنْزَلِ وَ صِدْقِ النَّبِیِّ الْمُرْسَلِ قَالَ فَبِمَا عَرَفْتَ صِدْقَ نَبِیِّكَ قَالَ بِالْآیَاتِ الْبَاهِرَاتِ وَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَیِّنَاتِ قَالَ فَخَبِّرْنِی عَنِ اللَّهِ تَعَالَی أَیْنَ هُوَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَجِلُّ عَنِ الْأَیْنِ وَ یَتَعَالَی عَنِ الْمَكَانِ كَانَ فِیمَا لَمْ یَزَلْ وَ لَا مَكَانَ وَ هُوَ الْیَوْمَ كَذَلِكَ وَ لَمْ یَتَغَیَّرْ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ قَالَ فَخَبِّرْنِی عَنْهُ تَعَالَی أَ مُدْرَكٌ بِالْحَوَاسِّ فَیَسْلِكَ الْمُسْتَرْشِدُ فِی طَلَبِهِ الْحَوَاسَّ أَمْ كَیْفَ طَرِیقُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ إِنْ لَمْ یَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قَالَ تَعَالَی الْمَلِكُ الْجَبَّارُ أَنْ یُوصَفَ بِمِقْدَارٍ أَوْ تُدْرِكَهُ الْحَوَاسُّ أَوْ یُقَاسَ بِالنَّاسِ وَ الطَّرِیقُ إِلَی مَعْرِفَتِهِ صَنَائِعُهُ الْبَاهِرَةُ لِلْعُقُولِ الدَّالَّةُ لِذَوِی الِاعْتِبَارِ بِمَا هُوَ مِنْهَا مَشْهُورٌ(3) وَ مَعْقُولٌ قَالَ فَخَبِّرْنِی عَمَّا قَالَ نَبِیُّكُمْ فِی الْمَسِیحِ
ص: 308
إِنَّهُ (1) مَخْلُوقٌ فَقَالَ أُثْبِتَ لَهُ الْخَلْقُ بِالتَّدْبِیرِ الَّذِی لَزِمَهُ وَ التَّصْوِیرِ وَ التَّغْیِیرِ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ الزِّیَادَةِ الَّتِی لَمْ یَنْفَكَ (2) مِنْهَا وَ النُّقْصَانِ وَ لَمْ أَنْفِ عَنْهُ النُّبُوَّةَ وَ لَا أَخْرَجْتُهُ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ الْكَمَالِ وَ التَّأْیِیدِ قَالَ فَبِمَا بِنْتَ أَیُّهَا الْعَالِمُ مِنَ الرَّعِیَّةِ(3) النَّاقِصَةِ عَنْكَ قَالَ بِمَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ مِنْ عِلْمِی (4) بِمَا كَانَ وَ مَا یَكُونُ قَالَ فَهَلُمَّ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ أَتَحَقَّقْ بِهِ دَعْوَاكَ قَالَ علیه السلام خَرَجْتَ أَیُّهَا النَّصْرَانِیُّ مِنْ مُسْتَقَرِّكَ مُسْتَنْكِراً لِمَنْ قَصَدْتَ بِسُؤَالِكَ لَهُ مُضْمِراً خِلَافَ مَا أَظْهَرْتَ مِنَ الطَّلَبِ وَ الِاسْتِرْشَادِ فَأُرِیتَ فِی مَنَامِكَ مَقَامِی وَ حُدِّثْتَ فِیهِ بِكَلَامِی وَ حُذِّرْتَ فِیهِ مِنْ خِلَافِی وَ أُمِرْتَ فِیهِ بِاتِّبَاعِی قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ وَ أَسْلَمَ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَقَالَ عُمَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَاكَ أَیُّهَا الرَّجُلُ غَیْرَ أَنَّهُ یَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عِلْمَ النُّبُوَّةِ فِی أَهْلِ بَیْتِ صَاحِبِهَا وَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ لِمَنْ خَاطَبْتَهُ أَوَّلًا بِرِضَا الْأُمَّةِ قَالَ قَدْ عَرَفْتُ مَا قُلْتَ وَ أَنَا عَلَی یَقِینٍ مِنْ أَمْرِی (5).
الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ إِنِّی أُحِبُّكَ فِی السِّرِّ كَمَا أُحِبُّكَ فِی الْعَلَانِیَةِ قَالَ فَنَكَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِعُودٍ كَانَ فِی یَدِهِ فِی الْأَرْضِ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ إِنِّی أُحِبُّكَ فَنَكَتَ بِعُودٍ فِی الْأَرْضِ طَوِیلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ صَدَقْتَ إِنَّ طِینَتَنَا طِینَةٌ مَرْحُومَةٌ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَهَا یَوْمَ أَخَذَ الْمِیثَاقَ فَلَا یَشِذُّ مِنْهَا شَاذٌّ وَ لَا یَدْخُلُ فِیهَا دَاخِلٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(6).
ص: 309
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ قَالَ: حَضَرْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ وَجَّهَ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ فَقَالَ لَهُ احْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ لَا تُجَاوِزْهُ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ كَأَنِّی بِهِ وَ قَدْ خُدِعَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلِمَ تُوَجِّهُهُ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ مَخْدُوعٌ فَقَالَ یَا بُنَیَّ لَوْ عَمِلَ اللَّهُ فِی خَلْقِهِ بِعِلْمِهِ مَا احْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِالرُّسُلِ.
مُسْنَدُ الْعَشَرَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ أَبُو الْوَضِی ءِ غِیَاثاً:(1) كُنَّا عَامِدِینَ إِلَی الْكُوفَةِ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَلَمَّا بَلَغْنَا مَسِیرَةَ لَیْلَتَیْنِ أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ حَرُورَاءَ شَذَّ مِنَّا أُنَاسٌ كَثِیرَةٌ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَا یَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ سَیَرْجِعُونَ فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام وَ قَالَ علیه السلام لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ قَدِ اسْتَأْذَنَاهُ فِی الْخُرُوجِ إِلَی الْعُمْرَةِ وَ اللَّهِ مَا تُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ إِنَّمَا تُرِیدَانِ الْبَصْرَةَ وَ فِی رِوَایَةٍ إِنَّمَا تُرِیدَانِ الْفِتْنَةَ وَ قَالَ علیه السلام لَقَدْ دَخَلَا بِوَجْهٍ فَاجِرٍ وَ خَرَجَا بِوَجْهٍ غَادِرٍ وَ لَا أَلْقَاهُمَا إِلَّا فِی كَتِیبَةٍ وَ أَخْلَقُ بِهِمَا أَنْ یُقْتَلَا.
وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ: وَ لَقَدْ أُنْبِئْتُ بِأَمْرِكُمَا وَ أُرِیتُ مَصَارِعَكُمَا فَانْطَلَقَا وَ هُوَ یَقُولُ وَ هُمَا یَسْمَعَانِ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ قَالَ صَفِیَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الثَّقَفِیَّةُ زَوْجَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ یَا قَاتِلَ الْأَحِبَّةِ یَا مُفَرِّقَ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ علیه السلام إِنِّی لَا أَلُومُكِ أَنْ تُبْغِضِینِی یَا صَفِیَّةُ وَ قَدْ قَتَلْتُ جَدَّكِ یَوْمَ بَدْرٍ وَ عَمَّكِ یَوْمَ أُحُدٍ وَ زَوْجَكِ الْآنَ وَ لَوْ كُنْتُ قَاتِلَ الْأَحِبَّةِ لَقَتَلْتُ مَنْ فِی هَذِهِ الْبُیُوتِ فَفُتِّشَ فَكَانَ فِیهَا مَرْوَانُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ.
الْأَعْمَشُ بِرِوَایَتِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام بِصِفِّینَ فَهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ مَیْمَنَةَ الْعِرَاقِ فَهَتَفَ بِهِمُ الْأَشْتَرُ لِیَتَرَاجَعُوا فَجَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ لِأَهْلِ الشَّامِ یَا أَبَا مُسْلِمٍ خُذْهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ أَ وَ لَیْسَ أَبُو مُسْلِمٍ مَعَهُمْ قَالَ لَسْتُ أُرِیدُ الْخَوْلَانِیَّ وَ إِنَّمَا أُرِیدُ رَجُلًا یَخْرُجُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ مِنَ
ص: 310
الْمَشْرِقِ وَ یُهْلِكَ اللَّهُ بِهِ أَهْلَ الشَّامِ وَ یَسْلُبُ عَنْ بَنِی أُمَیَّةَ مُلْكَهُمْ (1).
وَ فِی تَارِیخِ بَغْدَادَ، أَنَّهُ قَالَ الْمُفِیدُ أَبُو بَكْرٍ الْجُرْجَانِیُّ إِنَّهُ قَالَ: وُلِدَ أَبُو الدُّنْیَا فِی أَیَّامِ أَبِی بَكْرٍ وَ إِنَّهُ قَالَ إِنِّی خَرَجْتُ مَعَ أَبِی إِلَی لِقَاءِ(2) أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا صِرْنَا قَرِیباً مِنَ الْكُوفَةِ عَطِشْنَا عَطَشاً شَدِیداً فَقُلْتُ لِوَالِدِی اجْلِسْ حَتَّی أَرُودَ لَكَ (3) الصَّحْرَاءَ فَلَعَلِّی أَقْدِرُ عَلَی مَاءٍ فَقَصَدْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا أَنَا بِبِئْرٍ شِبْهِ الرَّكِیَّةِ أَوِ الْوَادِی فَاغْتَسَلْتُ مِنْهُ وَ شَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّی رَوِیتُ ثُمَّ جِئْتُ إِلَی أَبِی فَقُلْتُ قُمْ فَقَدْ فَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا وَ هَذِهِ عَیْنُ مَاءٍ قَرِیبٌ مِنَّا وَ مَضَیْنَا فَلَمْ نَرَ شَیْئاً فَلَمْ یَزَلْ یَضْطَرِبُ حَتَّی مَاتَ وَ دَفَنْتُهُ وَ جِئْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ خَارِجٌ إِلَی صِفِّینَ وَ قَدْ أُخْرِجَ لَهُ الْبَغْلَةُ فَجِئْتُ وَ أَمْسَكْتُ لَهُ بِالرِّكَابِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَانْكَبَبْتُ أُقَبِّلُ الرِّكَابَ فَشُجَّتْ فِی وَجْهِی شَجَّةٌ(4) قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمُفِیدُ وَ رَأَیْتُ الشَّجَّةَ فِی وَجْهِهِ وَاضِحَةً ثُمَّ سَأَلَنِی عَنْ خَبَرِی فَأَخْبَرْتُهُ بِقِصَّتِی (5) فَقَالَ عَیْنٌ لَمْ یَشْرَبْ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا وَ عُمِّرَ عُمُراً طَوِیلًا فَأَبْشِرْ فَإِنَّكَ سَتُعَمَّرُ وَ سَمَّانِی بِالْمُعَمَّرِ وَ هُوَ الَّذِی یُدْعَی بِالْأَشَجِّ وَ ذَكَرَ الْخَطِیبُ أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ فِی سَنَةِ ثَلَاثِمِائَةٍ بِهَا(6) وَ كَانَ مَعَهُ شُیُوخٌ مِنْ بَلَدِهِ وَ سَأَلُوا عَنْهُ فَقَالُوا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَنَا بِطُولِ الْعُمُرِ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّهُ مَاتَ فِی سَنَةِ سَبْعٍ وَ عِشْرِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ نَحْوِ ذَلِكَ ذَكَرَ شَیْخُنَا فِی الْأَمَالِی وَفَاتَهُ (7)
وَ قَالَ لَهُ علیه السلام حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ فِی زَمَنِ عُثْمَانَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا فَهِمْتُ قَوْلَكَ وَ لَا
ص: 311
عَرَفْتُ تَأْوِیلَهُ حَتَّی بَلَغَتْ لَیْلَتِی أَتَذَكَّرُ مَا قُلْتَ لِی بِالْحَرَّةِ وَ إِنِّی مُقْبِلٌ كَیْفَ أَنْتَ یَا حُذَیْفَةُ إِذَا ظَلَمَتِ الْعُیُونُ الْعَیْنَ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ لَمْ أَعْرِفْ تَأْوِیلَ كَلَامِكَ إِلَّا الْبَارِحَةَ رَأَیْتُ عَتِیقاً ثُمَّ عُمَرَ تَقَدَّمَا عَلَیْكَ وَ أَوَّلُ اسْمِهِمَا عَیْنٌ فَقَالَ یَا حُذَیْفَةُ نَسِیتَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَیْثُ مَالَ بِهَا إِلَی عُثْمَانَ وَ فِی رِوَایَةٍ وَ سَیُضَمُّ إِلَیْهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مَعَ مُعَاوِیَةَ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ فَهَؤُلَاءِ الْعُیُونُ الْمُجْتَمِعَةُ عَلَی ظُلْمِی.
وَ رَوَی زَیْدٌ وَ صَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ وَ الْبَرَاءُ بْنُ سَبْرَةَ وَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ وَ جَابِرُ بْنُ شَرْجِیلٍ وَ مَحْمُودُ بْنُ الْكَوَّاءِ: أَنَّهُ ذَكَرَ بِدَیْرِ الدَّیْلَمِ مِنْ أَرْضِ فَارِسَ لِأُسْقُفٍّ قَدْ أَتَتْ عَلَیْهِ عِشْرُونَ وَ مِائَةُ سَنَةٍ أَنَّ رَجُلًا قَدْ فَسَّرَ النَّاقُوسَ یَعْنُونَ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ سِیرُوا بِی إِلَیْهِ فَإِنِّی أَجِدُهُ أَنْزَعاً بَطِیناً فَلَمَّا وَافَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَدْ عَرَفْتُ صِفَتَهُ فِی الْإِنْجِیلِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ وَصِیُّ ابْنِ عَمِّهِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جِئْتَ لِتُؤْمِنَ أَزِیدُكَ رَغْبَةً فِی إِیمَانِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ علیه السلام انْزِعْ مِدْرَعَتَكَ فَأُرِیَ أَصْحَابَكَ الشَّامَةَ الَّتِی بَیْنَ كَتِفَیْكَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَاشَ فِی الْإِسْلَامِ قَلِیلًا وَ نَعِمَ فِی جِوَارِ اللَّهِ كَثِیراً.
ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ لَنَظْهَرَنَّ عَلَی هَذِهِ الْفِرْقَةِ وَ لَنَقْتُلَنَّ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ وَ فِی رِوَایَةٍ لَنَفْتَحَنَّ الْبَصْرَةَ وَ لَیَأْتِیَنَّكُمُ الْیَوْمَ مِنَ الْكُوفَةِ ثَمَانِیَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ بِضْعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام وَ فِی رِوَایَةٍ سِتَّةُ آلَافٍ وَ خَمْسَةٌ وَ سِتُّونَ.
أَصْحَابُ السِّیَرِ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیِّ: لَمَّا نَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّهْرَوَانَ فَانْتَهَیْنَا إِلَی عَسْكَرِ الْقَوْمِ فَإِذَا لَهُمْ دَوِیٌّ كَدَوِیِّ النَّحْلِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ فِیهِمْ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ فَلَمَّا أَنْ رَأَیْتُهُمْ دَخَلَنِی مِنْ ذَلِكَ فَتَنَحَّیْتُ وَ قُمْتُ أُصَلِّی وَ أَنَا أَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَكَ طَاعَةً فَأْذَنْ فِیهِ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْصِیَةً فَأَرِنِی ذَلِكَ فَأَنَا فِی ذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا حَاذَانِی قَالَ نَعُوذُ بِاللَّهِ یَا جُنْدَبُ مِنَ الشَّكِّ ثُمَّ نَزَلَ یُصَلِّی إِذْ جَاءَهُ فَارِسٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ وَ قَطَعُوا
ص: 312
النَّهَرَ فَقَالَ علیه السلام كَلَّا مَا عَبَرُوا فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ فَقَالَ كَلَّا مَا فَعَلُوا قَالَ وَ اللَّهِ مَا جِئْتُ حَتَّی رَأَیْتُ الرَّایَاتِ فِی ذَلِكَ الْجَانِبِ وَ الْأَثْقَالَ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا فَعَلُوا وَ إِنَّهُ لَمَصْرَعُهُمْ وَ مُهَرَاقُ دِمَائِهِمْ وَ فِی رِوَایَةٍ لَا یَبْلُغُونَ إِلَی قَصْرِ بُورَی بِنْتِ كِسْرَی فَدَفَعْنَا إِلَی الصُّفُوفِ فَوَجَدْنَا الرَّایَاتِ وَ الْأَثْقَالَ كَمَا هِیَ قَالَ فَأَخَذَ بِقَفَایَ وَ دَفَعَنِی ثُمَّ قَالَ یَا أَخَا الْأَزْدِ مَا تَبَیَّنَ لَكَ الْأَمْرُ فَقُلْتُ أَجَلْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ.
الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ یَا فُلَانُ اسْتَعِدَّ وَ أَعِدَّ لِنَفْسِكَ مَا تُرِیدُ فَإِنَّكَ تَمْرَضُ فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا فِی شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا فِی سَاعَةِ كَذَا وَ كَذَا فَیَكُونُ كَمَا قَالَ وَ كَانَ علیه السلام قَدْ عَلَّمَ رُشَیْدَ الْهَجَرِیِّ مِنْ ذَلِكَ فَكَانُوا یُلَقِّبُونَهُ رُشَیْدَ الْبَلَایَا وَ أَخْبَرَ علیه السلام عَنْ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام.
فَضْلُ بْنُ الزُّبَیْرِ عَنْ أَبِی الْحَكَمِ عَنْ مَشِیخَتِهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی قَالَ رَجُلٌ أَخْبِرْنِی كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ طَاقَةِ شَعْرٍ قَالَ علیه السلام إِنَّ عَلَی كُلِّ طَاقَةٍ فِی رَأْسِكَ مَلَكٌ یَلْعَنُكَ وَ عَلَی كُلِّ طَاقَةٍ مِنْ لِحْیَتِكَ شَیْطَانٌ یَسْتَفِزُّكَ وَ إِنَّ فِی بَیْتِكَ لَسَخْلًا(1) یَقْتُلُ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آیَةُ ذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا خَبَّرْتُكَ بِهِ وَ لَوْ لَا أَنَّ الَّذِی سَأَلْتَ یَعْسِرُ بُرْهَانُهُ لَأَخْبَرْتُكَ بِهِ وَ كَانَ ابْنُهُ عُمَرُ یَوْمَئِذٍ جَابِیاً(2) وَ كَانَ قَتْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی یَدِهِ.
وَ مُسْتَفِیضٌ فِی أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ وَ السَّبِیعِیِّ كُلُّهُمْ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِیُّ فِی أَخْبَارِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَدْ مَاتَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّهُ لَمْ یَمُتْ وَ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَقُودَ جَیْشَ ضَلَالَةٍ صَاحِبُ لِوَائِهِ حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ(3) فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِ
ص: 313
الْمِنْبَرِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَكَ شِیعَةٌ وَ إِنِّی لَكَ لَمُحِبٌّ وَ أَنَا حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ قَالَ إِیَّاكَ أَنْ تَحْمِلَهَا وَ لَتَحْمِلَنَّهَا فَتَدْخُلُ بِهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی بَابِ الْفِیلِ- فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَا كَانَ تَوَجَّهَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ إِلَی قِتَالِهِ وَ كَانَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ صَاحِبَ رَایَتِهِ فَسَارَ بِهَا حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ الْفِیلِ.
أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتُ فِی خَبَرٍ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِلْمُسَیِّبِ بْنِ نَجِیَّةَ- یَأْتِیكُمْ رَاكِبُ الدَّغِیلَةِ یَشُدُّ حَقْوَهَا بِوَضِینِهَا لَمْ یَقْضِ تَفَثاً مِنْ حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ فَیَقْتُلُوهُ یُرِیدُ بِذَلِكَ الْحُسَیْنَ علیه السلام(1).
بیان: الدغیلة الدغل و المكر و الفساد أی یركب مكر القوم و یأتی لما وعدوه خدیعة و یحتمل أن یكون تصحیف الرعیلة و هی القطیعة من الخیل القلیلة و الوضین بطان منسوج بعضه علی بعض یشد به الرحل علی البعیر كالحزام للسرج و شد حقوها به كنایة عن الاهتمام بالسیر و الاستعجال فیه و عدم قضاء التفث إشارة إلی أنه علیه السلام لم یتیسر له الحج بل أحل و خرج یوم الترویة كما سیأتی و سیأتی هذا الخبر علی وجه (2) آخر فی باب علامات ظهور القائم علیه السلام و فیه و راكب الذعلبة مختلط جوفها بوضینها یخبرهم بخبر یقتلونه ثم الغضب عند ذلك و الذعلبة بالكسر(3) الناقة السریعة.
«40»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ قَالَ علیه السلام: یُخَاطِبُ أَهْلَ الْكُوفَةِ كَیْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ بِكُمْ ذُرِّیَّةُ نَبِیِّكُمْ (4) فَعَمَدْتُمْ إِلَیْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ قَالُوا مَعَاذَ اللَّهِ لَئِنْ أَتَانَا اللَّهُ فِی ذَلِكَ لَنَبْلَوُنَّ عُذْراً فَقَالَ علیه السلام
هُمْ أَوْرَدُوهُ فِی الْغُرُورِ وَ غُرِّرَا***أَرَادُوا نَجَاةً لَا نَجَاةَ وَ لَا عُذْرَ
ص: 314
إِسْمَاعِیلُ بْنُ صَبِیحٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُسَاوِرٍ الْعَابِدِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ یَا بَرَاءُ یُقْتَلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أَنْتَ حَیٌّ لَا تَنْصُرُهُ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَانَ الْبَرَاءُ یَقُولُ صَدَقَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ جَعَلَ یَتَلَهَّفُ.
مُسْنَدُ الْمَوْصِلِیِّ، رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا حَاذَی نَیْنَوَی وَ هُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَی صِفِّینَ نَادَی اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ فَقُلْتُ وَ مَا ذَا فَذَكَرَ مَصْرَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِالطَّفِّ.
جُوَیْرِیَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْعَبْدِیُّ: لَمَّا دَخَلَ (1) عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی صِفِّینَ وَقَفَ بِطُفُوفِ كَرْبَلَاءَ وَ نَظَرَ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ اسْتَعْبَرَ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ یَنْزِلُونَ هَاهُنَا فَلَمْ یَعْرِفُوا تَأْوِیلَهُ إِلَّا وَقْتَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام الشَّافِی فِی الْأَنْسَابِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَطَلَبْتُ مَا أَعْلَمُ بِهِ الْمَوْضِعَ فَمَا وَجَدْتُ غَیْرَ عَظْمِ جَمَلٍ قَالَ فَرَمَیْتُهُ فِی الْمَوْضِعِ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَجَدْتُ الْعَظْمَ فِی مَصَارِعِ أَصْحَابِهِ وَ أَخْبَرَ علیه السلام بِقَتْلِ نَفْسِهِ.
رَوَی الشَّاذَكُونِیُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عَتِیقٍ عَنِ ابْنِ سِیرِینَ قَالَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ عَرَفَ أَجَلَهُ فَعَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَمَرَ أَنْ یُكْتَبَ لَهُ مَنْ یَدْخُلُ الْكُوفَةَ فَكُتِبَ لَهُ أُنَاسٌ وَ رُفِعَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِی صَحِیفَةٍ فَقَرَأَهَا فَلَمَّا مَرَّ عَلَی اسْمِ ابْنِ مُلْجَمٍ وَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَی اسْمِهِ ثُمَّ قَالَ قَاتَلَكَ اللَّهُ قَاتَلَكَ اللَّهُ وَ لَمَّا قِیلَ لَهُ فَإِذَا(2) عَلِمْتَ أَنَّهُ یَقْتُلُكَ فَلِمَ لَا تَقْتُلُهُ فَیَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یُعَذِّبُ الْعَبْدَ حَتَّی یَقَعَ (3) مِنْهُ الْمَعْصِیَةُ وَ تَارَةً یَقُولُ فَمَنْ یَقْتُلُنِی.
الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ: أَنَّهُ خَطَبَ علیه السلام فِی الشَّهْرِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ فَقَالَ أَتَاكُمْ شَهْرُ
ص: 315
رَمَضَانَ وَ هُوَ سَیِّدُ الشُّهُورِ وَ أَوَّلُ السَّنَةِ وَ فِیهِ تَدُورُ رَحَی الشَّیْطَانِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ حَاجُّوا الْعَامِ صَفّاً وَاحِداً وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنِّی لَسْتُ فِیكُمْ.
الصَّفْوَانِیُّ فِی الْإِحَنِ وَ الْمِحَنِ قَالَ الْأَصْبَغُ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ بِجُمْعَةٍ یَقُولُ أَلَا مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلْیَدْنُ مِنِّی لَا تَقْتُلُوا غَیْرَ قَاتِلِی أَلَا لَا أَلْفِیَنَّكُمْ غَداً تُحِیطُونَ النَّاسَ بِأَسْیَافِكُمْ تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ.
عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِیرَةِ: أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ كَانَ علیه السلام یَتَعَشَّی لَیْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ- وَ لَیْلَةً عِنْدَ الْحُسَیْنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ الْأَصَحُّ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَكَانَ لَا یَزِیدُ عَلَی ثَلَاثِ لُقَمٍ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَأْتِینِی أَمْرُ رَبِّی وَ أَنَا خَمِیصٌ إِنَّمَا هِیَ لَیْلَةٌ أَوْ لَیْلَتَانِ فَأُصِیبَ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ وَ كَذَلِكَ أَخْبَرَ علیه السلام بِقَتْلِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ وَ كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ وَ مِیثَمٌ
التَّمَّارُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَكْتَمَ وَ خَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ وَ حَبِیبُ بْنُ الْمُظَاهِرِ وَ جُوَیْرِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ وَ قَنْبَرُ وَ مِزْرَعٌ وَ غَیْرُهُمْ وَ وَصَفَ قَاتِلِیهِمْ وَ كَیْفِیَّةَ قَتْلِهِمْ عَلَی مَا یَجِی ءُ بَیَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
عَبْدُ الْعَزِیزِ وَ صُهَیْبُ بْنُ أَبِی الْعَالِیَةِ(1) قَالَ حَدَّثَنِی مُزَرِّعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: أَمَ (2) وَ اللَّهِ لَیُقْبِلَنَّ جَیْشٌ حَتَّی إِذَا كَانَ بِالْبَیْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ فَقُلْتُ هَذَا غَیْبٌ قَالَ وَ اللَّهِ لَیَكُونَنَّ مَا خَبَّرَنِی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَیُؤْخَذَنَّ رَجُلٌ فَلَیُقْتَلَنَّ وَ لَیُصْلَبَنَّ بَیْنَ شُرْفَتَیْنِ مِنْ شُرَفِ هَذَا الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ هَذَا ثَانِی قَالَ حَدَّثَنِی الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ أَبُو الْعَالِیَةِ فَمَا أَتَتْ عَلَیْنَا جُمْعَةٌ حَتَّی أُخِذَ مُزَرِّعٌ وَ صُلِبَ بَیْنَ الشُّرْفَتَیْنِ.
الْمَعْرِفَةُ وَ التَّارِیخُ عَنِ النَّسَوِیِّ قَالَ رَزِینٌ الْفَافِقِیُ (3) سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَقُولُ: یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ سَیُقْتَلُ مِنْكُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ بِعَذْرَاءَ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ أَصْحَابِ
ص: 316
الْأُخْدُودِ فَقُتِلَ حُجْرٌ وَ أَصْحَابُهُ (1).
بیان: عذراء موضع علی برید من دمشق أو قریة بالشام ذكره الفیروزآبادی (2).
«41»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ ذَكَرَ علیه السلام مِنْ بَعْدِهِ الْفِتَنَ خَطَبَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ لَمَّا رَأَی عَجْزَهُمْ فَقَالَ مَعَ أَیِّ إِمَامٍ بَعْدِی تُقَاتِلُونَ وَ أَیَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی ذُلًّا شَامِلًا وَ سَیْفاً قَاطِعاً وَ أَثَرَةً قَبِیحَةً یَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ عَلَیْكُمْ سُنَّةً وَ قَالَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَا إِنَّهُ سَیَظْهَرُ عَلَیْكُمْ رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ (3) یَأْكُلُ مَا یَجِدُ وَ یَطْلُبُ مَا لَا یَجِدُ فَاقْتُلُوهُ وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ أَلَا وَ إِنَّهُ سَیَأْمُرُكُمْ بِسَبِّی وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّی فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِی وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ مِنِّی (4) فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّی فَإِنِّی وُلِدْتُ عَلَی الْفِطْرَةِ وَ سَبَقْتُ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْهِجْرَةِ یَعْنِی مُعَاوِیَةَ وَ قَالَ علیه السلام لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ إِنْ كُنْتُ قَدْ أَدَّیْتُ لَكُمُ الْأَمَانَةَ وَ نَصَحْتُ لَكُمْ بِالْغَیْبِ وَ اتَّهَمْتُمُونِی فَكَذَّبْتُمُونِی فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ فَتَی ثَقِیفٍ قَالُوا وَ مَا فَتَی ثَقِیفٍ قَالَ رَجُلٌ لَا یَدَعُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا یَعْنِی الْحَجَّاجَ.
وَ أَخْبَرَ علیه السلام بِخُرُوجِ التُّرْكِ وَ الزِّنْجِ. رَوَاهُ الرَّضِیُّ فِی نَهْجِ الْبَلَاغَةِ وَ ذَكَرَ مَحْمُودٌ(5) فِی الْفَائِقِ قَوْلَهُ علیه السلام: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً مُتَمَاحِلَةً رُدُحاً وَ بَلَاءً مُبْلِحاً(6).
ص: 317
بَیَانٌ قَالَ الْجَزَرِیُّ فِی النِّهَایَةِ فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً وَ بَلَاءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً. أی معییا(1) قَالَ وَ مِنْهُ حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً مُتَمَاحِلَةً رُدُحاً. المتماحلة المتطاولة و الردح الثقیلة العظیمة واحدها رداح یعنی الفتن (2).
«42»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ ذَكَرَ علیه السلام فِی خُطْبَتِهِ اللُّؤْلُؤِیَّةِ أَلَا وَ إِنِّی ظَاعِنٌ عَنْ قَرِیبٍ وَ مُنْطَلِقٌ لِلْمَغِیبِ فَارْهَبُوا الْفِتَنَ الْأُمَوِیَّةَ وَ الْمَمْلَكَةَ الْكَسْرَوِیَّةَ وَ مِنْهَا فَكَمْ مِنْ مَلَاحِمَ وَ بَلَاءٍ مُتَرَاكِمٍ تقتل (3) [تَفْتِلُ] مَمْلَكَةَ بَنِی الْعَبَّاسِ بِالرَّوْعِ وَ الْیَأْسِ وَ تُبْنَی لَهُمْ مَدِینَةٌ یُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ بَیْنَ دِجْلَةَ وَ دُجَیْلٍ ثُمَّ وَصَفَهَا ثُمَّ قَالَ فَتَوَالَتْ فِیهَا مُلُوكُ بَنِی شَیْصَبَانَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ مَلِكاً عَلَی عَدَدِ سِنِی الْكَدِیدِ فَأَوَّلُهُمُ السَّفَّاحُ وَ الْمِقْلَاصُ وَ الْجَمُوحُ وَ الْمَجْرُوحُ وَ فِی رِوَایَةٍ الْمَخْدُوعُ (4) وَ الْمُظَفَّرُ وَ الْمُؤَنَّثُ وَ النَّظَّارُ وَ الْكَبْشُ وَ الْمُتَهَوِّرُ(5) وَ الْمُسْتَظْلِمُ وَ الْمُسْتَصْعِبُ- وَ فِی رِوَایَةٍ الْمُسْتَضْعَفُ- وَ الْعَلَّامُ وَ الْمُخْتَطِفُ وَ الْغُلَامُ الزَّوَائِدِیُّ وَ الْمُتْرَفُ وَ الْكَدِیدُ(6) وَ الْأَكْدَرُ- وَ فِی رِوَایَةٍ وَ الْأَكْتَبُ وَ الْأَكْلَبُ وَ الْمُشْرِفُ وَ الْوَشِیمُ وَ الصَّلَامُ وَ الْعُثُونُ وَ فِی رِوَایَةٍ وَ الرِّكَازُ وَ الْعَیْنُوقُ ثُمَّ الْفِتْنَةُ الْحَمْرَاءُ وَ الْقِلَادَةُ(7) الْغَبْرَاءُ فِی عَقِبِهَا قَائِمُ الْحَقِّ.
وَ قَوْلُهُ علیه السلام فِی الْخُطْبَةِ الْغَرَّاءِ وَیْلٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِذَا دُعِیَ عَلَی مَنَابِرِهِمْ بِاسْمِ الْمُلْتَجِی وَ الْمُسْتَكْفِی وَ لَمْ یُعْرَفِ الْمُلْتَجِی فِی أَلْقَابِهِمْ وَ لَكِنْ لَمَّا بَیَّنَّا(8) صِفَتَهُمْ
ص: 318
وَجَدْنَا الْمُلَقَّبَ بِالْمُتَّقِی الَّذِی الْتَجَأَ إِلَی بَنِی حَمْدَانَ ثُمَّ یَذْكُرُ الرَّجُلَ مِنْ رَبِیعَةَ الَّذِی قَالَ فِی أَوَّلِ اسْمِهِ سِینٌ وَ مِیمٌ وَ یَعْقُبُ بِرَجُلٍ فِی اسْمِهِ دَالٌ وَ قَافٌ ثُمَّ یَذْكُرُ صِفَتَهُ وَ صِفَةَ مُلْكِهِ.
وَ قَوْلُهُ علیه السلام وَ إِنَّ مِنْهُمُ الْغُلَامَ الْأَصْفَرَ السَّاقَیْنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَ قَوْلُهُ علیه السلام وَ یُنَادِی مُنَادِی الْجَرْحَی عَلَی الْقَتْلَی وَ دَفْنِ الرِّجَالِ وَ غَلَبَةِ الْهِنْدِ عَلَی السِّنْدِ وَ غَلَبَةِ الْقُفْصِ عَلَی السَّعِیرِ وَ غَلَبَةِ الْقِبْطِ عَلَی أَطْرَافِ مِصْرَ وَ غَلَبَةِ أَنْدُلُسَ عَلَی أَطْرَافِ إِفْرِیقِیَةَ وَ غَلَبَةِ الْحَبَشَةِ عَلَی الْیَمَنِ وَ غَلَبَةِ التُّرْكِ عَلَی خُرَاسَانَ وَ غَلَبَةِ الرُّومِ عَلَی الشَّامِ وَ غَلَبَةِ أَهْلِ إِرْمِینِیَّةَ عَلَی إِرْمِینِیَّةَ وَ صَرَخَ الصَّارِخُ بِالْعِرَاقِ هُتِكَ الْحِجَابُ وَ افْتُضَّتِ الْعَذْرَاءُ وَ ظَهَرَ عَلَمُ اللَّعِینِ الدَّجَّالُ ثُمَّ ذَكَرَ خُرُوجَ الْقَائِمِ علیه السلام(1).
بیان: قال الفیروزآبادی قفصة بلد بطرف إفریقیة و موضع بدیار العرب و القفص بالضم جبل بكرمان و قریة بین بغداد و عكبراء(2) و السعیر لعله اسم موضع لم یذكر فی اللغة أو هو تصحیف السعد موضع قرب المدینة و جبل بالحجاز و بلد یعمل فیه الدروع و بالضم موضع قرب الیمامة و جبل و السغد بالغین المعجمة موضع معروف بسمرقند.
«43»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ ذَكَرَ فِی خُطْبَتِهِ الْأَقَالِیمَ فَوَصَفَ مَا یَجْرِی فِی كُلِّ إِقْلِیمٍ ثُمَّ وَصَفَ مَا یَجْرِی بَعْدَ كُلِّ عَشْرِ سِنِینَ مِنْ مَوْتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی تَمَامِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ عَشْرِ سِنِینَ مِنْ فَتْحِ قُسْطَنْطَنِیَّةَ وَ الصَّقَالِبَةِ وَ الْأَنْدُلُسِ وَ الْحَبَشَةِ وَ النُّوبَةِ وَ التُّرْكِ وَ الْكَرْكِ وَ مَلٍّ وَ حَسَلٍ وَ تاویل وَ تاریس وَ الصِّینِ وَ أَقَاصِی مُدُنِ الدُّنْیَا(3).
بیان: الكرك بالفتح قریة بلحف جبل لبنان و المل اسم موضع و
ص: 319
الحسلات محركة هضبات بدیار الضباب و یقال حسلة و حسیلة و تاویل و تاریس غیر معروفین.
«44»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ قَوْلُهُ علیه السلام فِی الْخُطْبَةِ الْقَصِیَّةِ مِنْ قَوْلِهِ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَیْنَ الْجُمَادَی وَ رَجَبٍ وَ قَوْلُهُ وَ أَیُّ عَجَبٍ أَعْجَبُ مِنْ أَمْوَاتٍ یَضْرِبُونَ هَامَاتِ الْأَحْیَاءِ وَ قَوْلُهُ علیه السلام فِی خُطْبَةِ الْمَلَاحِمِ الْمَعْرُوفَةِ بِالزَّهْرَاءِ وَ إِنَّ مِنَ السِّنِینَ سنون [سِنِینَ] جَوَاذِعَ تُجْذَعُ فِیهَا أَلْفُ غَطَارِفَةٍ وَ هَرَاقِلَةٍ یُقْتَلُ فِیهَا رِجَالٌ وَ تُسْبَی فِیهَا نِسَاءٌ وَ یُسْلَبُ فِیهَا قَوْمٌ أَمْوَالُهُمْ وَ أَدْیَانُهُمْ وَ تُخَرَّبُ وَ تُحْرَقُ دُورُهُمْ وَ قُصُورُهُمْ وَ تُمْلَكُ عَلَیْهِمْ عَبِیدُهُمْ وَ أَرَاذِلُهُمْ وَ أَبْنَاءُ إِمَائِهِمْ یُذْهَبُ فِیهَا مُلْكُ مُلُوكِ الظَّلَمَةِ وَ الْقُضَاةِ الْخَوَنَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ تِلْكَ سِنُونَ عَشْرٍ كَوَامِلَ ثُمَّ قَوْلُهُ إِنَّ مُلْكَ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنْ خُرَاسَانَ یُقْبِلُ وَ مِنْ خُرَاسَانَ یَذْهَبُ.
وَ قَوْلُهُ علیه السلام: فِی الْمُعْتَصِمِ یُدْعَی لَهُ عَلَی الْمَنَابِرِ(1) بِالْمِیمِ وَ الْعَیْنِ وَ الصَّادِ فَذَلِكَ رَجُلٌ صَاحِبُ فُتُوحٍ وَ نَصْرٍ وَ ظَفَرٍ وَ هُوَ الَّذِی تَخْفِقُ (2) رَایَاتُهُ بِأَرْضِ الرُّومِ وَ سَیَفْتَحُ الْحَصِینَةَ مِنْ مُدُنِهَا وَ یَعْلُو الْعِقَابَ الْخَشِنَ مِنْ عِقَابِهَا بِعَقِبِ هَارُونَ وَ جَعْفَرٍ وَ یَتَّخِذُ الْمُؤْتَفِكَةَ بَیْتاً وَ دَاراً وَ یُبْطِلُ الْعَرَبَ وَ تتخذ [یَتَّخِذُ] الْعَجَمَ التُّرْكَ أَوْلِیَاءَ وَ وُزَرَاءَ وَ قَوْلُهُ علیه السلام وَ یُبْطِلُ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ- عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُقَالُ رَأَی فُلَانٌ وَ زَعَمَ فُلَانٌ یَعْنِی أَبَا حَنِیفَةَ وَ الشَّافِعِیَّ وَ غَیْرَهُمَا وَ یَتَّخِذُ الْآرَاءَ وَ الْقِیَاسَ وَ یَنْبِذُ الْآثَارَ وَ الْقُرْآنَ وَرَاءَ الظُّهُورِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تُشْرَبُ الْخُمُورُ وَ تُسَمَّی بِغَیْرِ اسْمِهَا وَ یُضْرَبُ عَلَیْهَا بِالْعَرْطَبَةِ وَ الْكُوبَةِ وَ الْقَیْنَاتِ وَ الْمَعَازِفِ (3) وَ تُتَّخَذُ آنِیَةُ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ
ص: 320
وَ قَوْلُهُ علیه السلام یُشَیِّدُونَ الْقُصُورَ وَ الدُّورَ وَ یُلْبَسُ الدِّیبَاجُ وَ الْحَرِیرُ وَ تُسْفَرُ(1) الْغِلْمَانُ فَیَشْنَفُونَهُمْ وَ یُقَرْطِقُونَهُمْ وَ یُمَنْطِقُونَهُمْ (2).
بیان: تسفر الغلمان أی تكشف وجوههم كنایة عن إخدامهم و إبرازهم فی المجالس و لا یبعد أن یكون فی الأصل نسفد من السفاد و هو الجماع قوله علیه السلام فیشنفونهم هو من الشنف و هو ما یعلق فی أعلی الأذن و قال الجزری فی حدیث منصور جاء الغلام و علیه قرطق أبیض أی قباء و هو تعریب كرته و قد تضم طاؤه (3) و قال الفیروزآبادی القرطق كجندب معرب كرته و قرطقته فتقرطق ألبسته إیاه فلبسه (4) و فی بعض النسخ یقرطونهم من القرط و هو حلی الأذن الذی یعلق فی أسفله.
«45»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ قَوْلُهُ علیه السلام: فَیَأْخُذُ الرُّومُ مَا أُخِذَ مِنْهَا وَ تَزْدَادُ یَعْنِی السَّاحِلَ وَ نَحْوَهَا وَ تَأْخُذُ التُّرْكُ مَا أُخِذَ مِنْهَا یَعْنِی كَاشْقَرَ وَ مَا وَرَاءَ النَّهَرِ- وَ یَأْخُذُ الْقُفْصُ مَا أُخِذَ مِنْهَا یَعْنِی تَفْلِیسَ وَ نَحْوَهَا وَ یَأْخُذُ القلقل مَا أُخِذَ مِنْهَا ثُمَّ یُورَدُ فِیهَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَ یُسَمَّی مَدِینَةً وَ یُلْغِزُ بِبَعْضٍ وَ یُصَرِّحُ بِبَعْضٍ حَتَّی یَقُولَ الْوَیْلُ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ إِذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا الْوَیْلُ لِأَهْلِ الْجِبَالِ إِذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ الْوَیْلُ لِأَهْلِ الدِّینَوَرِ وَ الْوَیْلُ لِأَهْلِ أَصْفَهَانَ مِنْ جَالُوتَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَجَّامِ وَ الْوَیْلُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ الْوَیْلُ لِأَهْلِ الشَّامِ الْوَیْلُ لِأَهْلِ مِصْرَ الْوَیْلُ لِأَهْلِ فُلَانَةَ ثُمَّ یَقُولُ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْجِبَالِ فُلَانٌ فَإِذَا أَلْغَزَ قَالَ فِی اسْمِهِ حَرْفُ كَذَا حَتَّی ذَكَرَ الْعَسَاكِرَ الَّتِی تُقْتَلُ بَیْنَ حُلْوَانَ وَ الدِّینَوَرِ وَ الْعَسَاكِرَ الَّتِی تُقْتَلُ بَیْنَ أَبْهَرَ وَ زَنْجَانَ وَ یَذْكُرُ الثَّائِرَ مِنَ الدَّیْلَمِ وَ طَبَرِسْتَانَ وَ رَوَی ابْنُ الْأَحْنَفِ عَنْ مُلُوكِ بَنِی أُمَیَّةَ فَسَمَّاهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ
ص: 321
وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام وَیْلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رِجَالِهِمْ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ الَّتِی ذَكَرَهَا رَبُّكُمْ تَعَالَی أَوَّلُهُمْ خَضْرَاءُ وَ آخِرُهُمْ هَزْمَاءُ ثُمَّ یَلِی بَعْدَهُمْ أَمْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ رِجَالٌ أَوَّلُهُمْ أَرْأَفُهُمْ وَ ثَانِیهِمْ أَفْتَكُهُمْ وَ خَامِسُهُمْ كَبْشُهُمْ وَ سَابِعُهُمْ أَعْلَمُهُمْ وَ عَاشِرُهُمْ أَكْفَرُهُمْ یَقْتُلُهُ أَخَصُّهُمْ بِهِ وَ خَامِسَ عَشَرَهُمْ كَثِیرُ الْعَنَاءِ قَلِیلُ الْغَنَاءِ سَادِسَ عَشَرَهُمْ أَقْضَاهُمْ لِلذِّمَمِ وَ أَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ كَأَنِّی أَرَی ثَامِنَ عَشَرَهُمْ تَفْحَصُ رِجْلَاهُ فِی دَمِهِ بَعْدَ أَنْ یَأْخُذَ جُنْدُهُ بِكَظَمِهِ مِنْ وُلْدِهِ ثَلَاثُ رِجَالٍ سِیرَتُهُمْ سِیرَةُ الضَّلَالِ الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ مِنْهُمُ الشَّیْخُ الْهَرِمُ تَطُولُ أَعْوَامُهُ وَ تُوَافِقُ الرَّعِیَّةَ أَیَّامُهُ السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْهُمْ یُشَرَّدُ الْمُلْكُ مِنْهُ شُرُودَ النَّقْنَقِ وَ یَعْضُدُهُ الْهَزْرَةُ الْمُتَفَیْهِقُ لَكَأَنِّی أَرَاهُ عَلَی جِسْرِ الزَّوْرَاءِ قَتِیلًا ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ یَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ مِنْهَا سَیُخَرَّبُ الْعِرَاقُ بَیْنَ رَجُلَیْنِ یَكْثُرُ بَیْنَهُمَا الْجَرِیحُ وَ الْقَتِیلُ یَعْنِی طرلیك (1) وَ الدُّوَیْلِمَ لَكَأَنِّی أُشَاهِدُ بِهِ دِمَاءَ ذَوَاتِ الْفُرُوجِ بِدِمَاءِ أَصْحَابِ السُّرُوجِ وَیْلٌ لِأَهْلِ الزَّوْرَاءِ مِنْ بَنِی قَنْطُورَةَ وَ مِنْهَا لَكَأَنِّی أَرَی مَنْبِتَ الشِّیحِ (2) عَلَی ظَاهِرِ أَهْلِ الْحِضَّةِ(3) قَدْ وَقَعَتْ بِهِ وَقْعَتَانِ یَخْسَرُ فِیهَا الْفَرِیقَانِ یَعْنِی وَقْعَةَ الْمَوْصِلِ حَتَّی سُمِّیَ بَابَ الْأَذَانِ وَ وَیْلٌ لِلطِّینِ مِنْ مُلَابَسَةِ الْأَشْرَاكِ وَ وَیْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْأَتْرَاكِ وَیْلٌ لِأُمَّةٍ مُحَمَّدٍ إِذَا لَمْ تَحْمِلْ أَهْلَهَا الْبُلْدَانُ وَ عَبَرَ بَنُو قَنْطُورَةَ نَهَرَ جَیْحَانَ وَ شَرِبُوا مَاءَ دِجْلَةَ هَمُّوا بِقَصْدِ الْبَصْرَةِ وَ الْأَیْلَةِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَعْرِفُنَّ بَلْدَتَكُمْ حَتَّی كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی جَامِعِهَا كَجُؤْجُؤِ سَفِینَةٍ أَوْ نَعَامَةِ جَاثِمَةٍ(4).
بیان: قوله علیه السلام أولهم خضراء لما شبهوا فی القرآن الكریم بالشجرة الملعونة شبههم أمیر المؤمنین علیه السلام فی بدو أمرهم لقوة ملكهم و طراوة عیشهم بالشجرة
ص: 322
الخضراء و فی أواخر دولتهم لكونهم بعكس ذلك بالشجرة الهزماء من قولهم تهزمت العصا أی تشققت و القربة یبست و تكسرت أو من الهزیمة و أما بنو العباس فلا یخفی علی من راجع التواریخ أن أولهم و هو السفاح كان أرأفهم و أن ثانیهم و هو المنصور كان أفتكهم أی أجرأهم و أشجعهم و أكثرهم قتلا للناس خدعة و غدرا و أن خامسهم و هو الرشید كان كبشهم إذ لم یستقر ملك أحد منهم كاستقرار ملكه و أن سابعهم و هو المأمون كان أعلمهم و اشتهار وفور علمه من بینهم یغنی عن البیان و أن عاشرهم و هو المتوكل أكفرهم بل أكفر الناس كلهم أجمعین لشدة نصبه و إیذائه لأهل البیت علیهم السلام و شیعتهم و سائر الخلق و أن من قتله كان من غلمانه الخاصة و خامس عشرهم المعتمد علی اللّٰه أحمد بن المتوكل و هو و إن كان زمان خلافته ثلاثا و عشرین سنة لكن كان فی أكثر زمانه مشتغلا بحرب صاحب الزنج و غیره فلذا وصفه علیه السلام بكثرة العناء و قلة الغناء.
و سادس عشرهم المعتضد باللّٰه رأی فی النوم رجلا أتی دجلة فمد یده إلیها فاجتمع جمیع مائها فیها ثم فتح كفه ففاض الماء فسأل المعتضد أ تعرفنی قال لا قال أنا علی بن أبی طالب فإذا جلست علی سریر الخلافة فأحسن إلی أولادی فلما وصلت إلیه الخلافة أحب العلویین و أحسن إلیهم فلذا وصفه علیه السلام بقضاء العهد و صلة الرحم و ثامن عشرهم هو جعفر الملقب بالمقتدر باللّٰه و خرج مونس الخادم من جملة عسكره و أتی الموصل و استولی علیه و جمع عسكرا و رجع و حارب المقتدر فی بغداد و انهزم عسكر المقتدر و قتل هو فی المعركة و استولی علی الخلافة من بعده ثلاثة من أولاده الراضی باللّٰه محمد بن المقتدر و المتقی باللّٰه إبراهیم بن المقتدر و المطیع لله فضل بن المقتدر.
و أما الثانی و العشرون منهم فهو المكتفی باللّٰه عبد اللّٰه و ادعی الخلافة بعد مضی إحدی و أربعین من عمره فی سنة ثلاث و ثلاثین و ثلاثمائة و استولی أحمد بن بویه
ص: 323
فی سنة أربع و ثلاثین و ثلاثمائة علی بغداد و أخذ المكتفی و سمل عینه (1) و توفی فی سنة ثمان و ثلاثین و ثلاثمائة و یقال إنه كان أیام خلافته سنة و أربعة أشهر و یحتمل أن یكون من خطاء المؤرخین أو رواة الحدیث بأن یكون فی الأصل الخامس و العشرون أو السادس و العشرون فالأول هو القادر باللّٰه أحمد بن إسحاق و قد عمر ستا و ثمانین سنة و كانت مدة خلافته إحدی و أربعین سنة و الثانی القائم بأمر اللّٰه كان عمره ستا و سبعین سنة و خلافته أربعا و أربعین سنة و ثمانیة أشهر و یحتمل أن یكون علیه السلام إنما عبر عن القائم بأمر اللّٰه بالثانی و العشرین لعدم اعتداده بخلافة القاهر باللّٰه و الراضی باللّٰه و المقتدر باللّٰه و المكتفی باللّٰه لعدم استقلالهم و قلة أیام خلافتهم فعلی هذا یكون السادس و العشرون الراشد باللّٰه فإنه هرب فی حمایة عماد الدین الزنجی ثم قتله بعض الفدائیین لكن فیه أنه قتل فی أصفهان و یحتمل أن یكون المراد بالسادس و العشرین المستعصم فإنه قتل كذلك و هو آخرهم و إنما عبر عنه كذلك مع كونه السابع و الثلاثین منهم لكونه السادس و العشرین من عظمائهم لعدم استقلال كثیر منهم و كونهم مغلوبین للملوك و الأتراك و یحتمل أیضا أن یكون المراد السادس و العشرون من العباس و أولاده فإنهم اختلفوا فی أنه هل هو الرابع و العشرون من أولاد العباس أو الخامس و العشرون منهم و علی الأخیر یكون بانضمام العباس السادس و العشرون و علی الأخیرین یكون مكان یعضده یقصده.
و قال الفیروزآبادی النقنق كزبرج الظلیم أو النافر أو الخفیف (2) و قال هزره بالعصا یهزره ضربه بها علی ظهره و جنبه شدیدا و غمز غمزا شدیدا و طرد و نفی فهو مهزور و هزیر و الهزرة و یحرك الأرض الرقیقة(3) و قال تفیهق فی كلامه تنطق و توسع كأنه ملأ به فمه (4) و قال الجزری فی حدیث
ص: 324
حذیفة یوشك بنو قنطوراء أن یخرجوا أهل العراق من عراقهم و یروی أهل البصرة منها كأنی بهم خنس الأنوف خزر العیون عراض الوجوه قیل إن قنطوراء كانت جاریة لإبراهیم الخلیل علیه السلام ولدت له أولادا منهم الترك و الصین و منه حدیث عمرو بن العاص یوشك بنو قنطوراء أن یخرجوكم من أرض البصرة و حدیث أبی بكرة إذا كان آخر الزمان جاء بنو قنطوراء(1).
«46»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ أَخْبَرَ علیه السلام عَنْ خَرَابِ الْبُلْدَانِ- رَوَی قَتَادَةُ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ: أَنَّهُ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها(2) فَقَالَ علیه السلام فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ انْتَخَبْنَا مِنْهُ تُخَرَّبُ سَمَرْقَنْدُ وَ خَاخٌ وَ خُوارِزْمُ وَ أَصْفَهَانُ وَ الْكُوفَةُ مِنَ التُّرْكِ وَ هَمْدَانُ وَ الرَّیُّ وَ الدَّیْلَمُ وَ الطَّبَرِیَّةُ وَ الْمَدِینَةُ وَ فَارِسٌ بِالْقَحْطِ وَ الْجُوعِ وَ مَكَّةُ مِنَ الْحَبَشَةِ وَ الْبَصْرَةُ وَ الْبَلْخُ بِالْغَرَقِ (3) وَ السِّنْدُ مِنَ الْهِنْدِ وَ الْهِنْدُ مِنْ تَبَّتَ وَ تَبَّتُ مِنَ الصِّینِ وَ یذشجان (4) وَ صاغانی وَ كِرْمَانُ وَ بَعْضُ الشَّامِ بِسَنَابِكِ الْخَیْلِ وَ الْقَتْلِ وَ الْیَمَنُ مِنَ الْجَرَادِ وَ السُّلْطَانِ وَ سِجِسْتَانُ وَ بَعْضُ الشَّامِ بِالرِّیحِ (5) وَ شَامَانُ بِالطَّاعُونِ وَ مَرْوُ بِالرَّمْلِ وَ هَرَاةُ بِالْحَیَّاتِ وَ نَیْسَابُورُ مِنْ قِبَلِ انْقِطَاعِ النَّیْلِ وَ أَذْرَبِیجَانُ بِسَنَابِكِ الْخَیْلِ وَ الصَّوَاعِقِ وَ بُخَارَا بِالْغَرْقِ وَ الْجُوعِ وَ حِلْمٌ وَ بَغْدَادُ یَصِیرُ عَالِیهَا سَافِلَهَا(6).
توضیح: قال الفیروزآبادی نجد الجاح موضع بالیمن (7) و قال روضة خاخ بین مكة و المدینة(8) و قال صغانیان كورة عظیمة بما وراء النهر و صاغانی
ص: 325
معرب جغانیان (1) و النیل بالفتح العطاء و الخیر و النفع و بعض ألفاظه لم یبین معناها.
«47»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ قِیلَ لِلْبَاقِرِ علیه السلام قَدْ رَضِیَ أَبُوكَ إِمَامَتَهُمَا لَمَّا اسْتَحَلَّ مِنْ سَبْیِهِمَا فَأَشَارَ علیه السلام إِلَی جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ فَقَالَ جَابِرٌ رَأَیْتُ الْحَنَفِیَّةَ عَدَلَتْ إِلَی تُرْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَنَّتْ وَ زَفَرَتْ ثُمَّ نَادَتْ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِكَ مِنْ بَعْدِكَ هَذِهِ أُمَّتُكَ سَبَتْنَا سَبْیَ الْكُفَّارِ وَ مَا كَانَ لَنَا ذَنْبٌ إِلَّا الْمَیْلَ إِلَی أَهْلِ بَیْتِكَ ثُمَّ قَالَتْ أَیُّهَا النَّاسُ لِمَ سَبَیْتُمُونَا وَ قَدْ أَقْرَرْنَا بِالشَّهَادَتَیْنِ فَقَالَ الزُّبَیْرُ لِحَقِّ اللَّهِ فِی أَیْدِیكُمْ مَنَعْتُمُونَاهُ فَقَالَتْ هَبِ الرِّجَالَ مَنَعُوكُمْ فَمَا بَالُ النِّسْوَانِ فَطَرَحَ طَلْحَةُ عَلَیْهَا ثَوْباً وَ خَالِدٌ ثَوْباً فَقَالَتْ یَا أَیُّهَا النَّاسُ لَسْتُ بِعُرْیَانَةً فَتَكْسُونِی وَ لَا سَائِلَةً فَتُصَدِّقُونَ عَلَیَّ فَقَالَ الزُّبَیْرُ إِنَّهُمَا یُرِیدَانِكِ فَقَالَتْ لَا یَكُونَانِ لِی بِبَعْلٍ إِلَّا مَنْ خَبَّرَنِی بِالْكَلَامِ الَّذِی قُلْتُهُ سَاعَةَ خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّی فَجَاءَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَادَاهَا یَا خَوْلَةُ اسْمَعِی الْكَلَامَ وَ عِی الْخِطَابَ لَمَّا كَانَتْ أُمُّكِ حَامِلَةً بِكِ وَ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَ اشْتَدَّ بِهَا الْأَمْرُ نَادَتِ اللَّهُمَّ سَلِّمْنِی مِنْ هَذَا الْمَوْلُودِ سَالِماً فَسَبَقَتِ الدَّعْوَةُ لَكِ بِالنَّجَاةِ فَلَمَّا وَضَعَتْكِ نَادَیْتِ مِنْ تَحْتِهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ یَا أُمَّاهْ لِمَ تَدَّعِینَ عَلَیَّ وَ عَمَّا قَلِیلٍ سَیَمْلِكُنِی سَیِّدٌ یَكُونُ لِی مِنْهُ وَلَدٌ فَكَتَبَتْ ذَلِكِ الْكَلَامَ فِی لَوْحِ نُحَاسٍ فَدَفَنَتْهُ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی سَقَطْتِ فِیهِ فَلَمَّا كَانَتْ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی قُبِضَتْ (2) أُمُّكِ فِیهَا أَوْصَتْ إِلَیْكِ بِذَلِكِ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ سَبْیِكِ لَمْ یَكُنْ لَكِ هِمَّةٌ إِلَّا أَخْذَ ذَلِكِ اللَّوْحِ فَأَخَذْتِیهِ وَ شَدَدْتِیهِ عَلَی عَضُدِكِ هَاتِی اللَّوْحَ فَأَنَا صَاحِبُ ذَلِكِ اللَّوْحِ (3) وَ أَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَا أَبُو ذَلِكِ الْغُلَامِ الْمَیْمُونِ وَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَدَفَعَتِ اللَّوْحَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَرَأَهُ عُثْمَانُ لِأَبِی بَكْرٍ فَوَ اللَّهِ مَا زَادَ عَلِیٌّ فِی اللَّوْحِ (4) حَرْفاً
ص: 326
وَاحِداً وَ لَا نَقَصَ فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِذْ قَالَ أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خُذْهَا یَا أَبَا الْحَسَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِیهَا فَأَنْفَذَهَا(1) عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ- فَقَالَ خُذِی هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَأَكْرِمِی مَثْوَاهَا وَ احْفَظِیهَا فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا إِلَی أَنْ قَدِمَ أَخُوهَا فَتَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَ أَمْهَرَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَزَوَّجَهَا نِكَاحاً(2).
أَمْثَالُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ: أَثْنَی عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ (3) فَقَالَ علیه السلام أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ وَ فَوْقَ مَا تَظُنُّ فِی نَفْسِكَ (4).
و هذه كلها إخبار بالغیب أفضی إلیه النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالسر مما أطلعه اللّٰه عز و جل علیه كما قال اللّٰه تعالی عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُكُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَیْهِمْ وَ أَحْصی كُلَّ شَیْ ءٍ عَدَداً(5) و لم یشح النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی وصیه بذلك كما قال تعالی وَ ما هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِینٍ (6) و لا ضن علی علی الأئمة من ولده علیه السلام و أیضا لا یجوز أن یخبر بمثل هذا إلا من أقامه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله مقامه من بعده (7).
«48»- عم، [إعلام الوری] مِنْ مُعْجِزَاتِهِ مَا اشْتَهَرَتْ بِهِ الرِّوَایَةُ: أَنَّهُ علیه السلام خَطَبَ فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ اللَّهِ مَا تَسْأَلُونِّی عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةً أَوْ تَهْدِی (8) مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا(9) إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِی
ص: 327
كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ طَاقَةِ شَعْرٍ فَقَالَ علیه السلام لَقَدْ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(1) بِمَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ أَنَّ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی رَأْسِكَ مَلَكاً یَلْعَنُكَ وَ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی لِحْیَتِكَ شَیْطَاناً یَسْتَفِزُّكَ وَ إِنَّ فِی بَیْتِكَ لَسَخْلًا یَقْتُلُ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آیَةُ ذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا خَبَّرْتُكَ (2) بِهِ وَ لَوْ لَا أَنَّ الَّذِی سَأَلْتَ عَنْهُ یَعْسُرُ بُرْهَانُهُ لَأَخْبَرْتُ بِهِ وَ لَكِنْ آیَةُ ذَلِكَ مَا نَبَّأْتُهُ مِنْ سَخْلِكَ (3) الْمَلْعُونِ وَ كَانَ ابْنُهُ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ صَغِیراً یَحْبُو فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَا كَانَ تَوَلَّی قَتْلَهُ وَ كَانَ كَمَا قَالَ (4).
أقول: روی نحو ذلك ابن أبی الحدید من كتاب الغارات لابن هلال الثقفی عن زكریا بن یحیی العطار عن فضیل عن محمد بن علی و قال فی آخره و هو سنان بن أنس النخعی (5).
«49»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: عَلَّمَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ فَفَتَحَ لِی كُلُّ بَابٍ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ قَالَ فَبَیْنَمَا أَنَا مَعَهُ بِذِی قَارٍ وَ قَدْ أَرْسَلَ وُلْدَهُ الْحَسَنَ علیه السلام إِلَی الْكُوفَةِ لِیَسْتَفِزَّ(6) أَهْلَهَا وَ یَسْتَعِینَ بِهِمْ عَلَی حَرْبِ النَّاكِثِینَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ لِی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ سَوْفَ یَأْتِی وَلَدِیَ الْحَسَنُ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ مَعَهُ عَشَرَةُ آلَافِ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ لَا یَنْقُصُ وَاحِداً وَ لَا یَزِیدُ وَاحِداً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا وَصَلَ الْحَسَنُ علیه السلام بِالْجُنْدِ لَمْ یَكُنْ لِی هِمَّةٌ إِلَّا مَسْأَلَةَ الْكَاتِبِ كَمْ كَمِّیَّةُ الْجُنْدِ قَالَ لِی عَشَرَةُ آلَافِ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ لَا یَنْقُصُ وَاحِداً وَ لَا یَزِیدُ وَاحِداً فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ الَّتِی عَلَّمَهُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(7)
ص: 328
وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا بَایَعَهُ الْمَلْعُونُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ تَاللَّهِ إِنَّكَ غَیْرُ وَفِیٍّ بِبَیْعَتِی وَ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی كَرِیمَتِهِ وَ كَرِیمِهِ فَلَمَّا أَهَلَّ شَهْرُ رَمَضَانَ جَعَلَ یُفْطِرُ لَیْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَلَمَّا كَانَ بَعْضُ اللَّیَالِی قَالَ كَمْ مَضَی مِنْ رَمَضَانَ- قَالا لَهُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَهُمَا علیهما السلام فِی الْعَشْرِ الْأَخِیرِ تَفْقِدَانِ أبیكما [أَبَاكُمَا] فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام(1)
وَ مِنْ فَضَائِلِهِ الَّتِی خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا أَنَّهُ وَفَدَ إِلَیْهِ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ هُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی فِی مِحْرَابِهِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُسَلِّمُ عَلَیْكَ فَلَمْ تَرُدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ كَأَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْنِی فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ أَعْرِفُكَ وَ كَأَنِّی أَشَمُّ مِنْكَ رِیحَ الْغَزْلِ فَقَامَ الْمُغِیرَةُ یَجُرُّ أَذْیَالَهُ فَقَالَ جَمَاعَةُ الْحَاضِرِینَ بَعْدَ قِیَامِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا هَذَا الْقَوْلُ فَقَالَ نَعَمْ مَا قُلْتُ فِیهِ إِلَّا حَقّاً كَأَنِّی وَ اللَّهِ أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی أَبِیهِ وَ هُمَا یَنْسِجَانِ مَازِرَ الصُّوفِ بِالْیَمَنِ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِهِ وَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ یَعْرِفُهُ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هَذِهِ مُعْجِزَةٌ لَا یَقْدِرُ عَلَیْهَا أَحَدٌ غَیْرُهُ وَ لَا أُلْهِمَ بِهَا سِوَاهُ (2).
«50»- نص، [كفایة الأثر] عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْكُوفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ النَّخَعِیِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: خَطَبَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ خُطْبَتَهُ اللُّؤْلُؤَةَ فَقَالَ فِیمَا قَالَ فِی آخِرِهَا أَلَا وَ إِنِّی ظَاعِنٌ عَنْ قَرِیبٍ وَ مُنْطَلِقٌ إِلَی الْمَغِیبِ فَارْتَقِبُوا الْفِتْنَةَ الْأُمَوِیَّةَ وَ الْمَمْلَكَةَ الْكِسْرَوِیَّةَ وَ إِمَاتَةَ مَا أَحْیَاهُ اللَّهُ وَ إِحْیَاءَ مَا أَمَاتَهُ اللَّهُ وَ اتَّخِذُوا صَوَامِعَكُمْ بُیُوتَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَی مِثْلِ جَمْرِ الْغَضَا(3) وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً فَذِكْرُهُ أَكْبَرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ثُمَّ قَالَ
ص: 329
وَ تُبْنَی مَدِینَةٌ یُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ بَیْنَ دِجْلَةَ وَ دُجَیْلٍ وَ الْفُرَاتِ فَلَوْ رَأَیْتُمُوهَا مُشَیَّدَةً بِالْجِصِّ وَ الْآجُرِّ مُزَخْرَفَةً بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ اللَّازَوَرْدِ الْمُسْتَسْقَی وَ الْمَرْمَرِ وَ الرُّخَامِ وَ أَبْوَابِ الْعَاجِ وَ الْآبْنُوسِ وَ الْخِیَمِ وَ الْقِبَابِ وَ السِّتَارَاتِ وَ قَدْ عُلِیَتْ بِالسَّاجِ وَ الْعَرْعَرِ وَ الصَّنَوْبَرِ وَ الشَّبِّ وَ شُیِّدَتْ بِالْقُصُورِ وَ تَوَالَتْ عَلَیْهَا مُلْكُ بَنِی الشَّیْصَبَانِ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ مَلَكاً عَلَی عَدَدِ سِنِی الْمَلِكِ (1) فِیهِمُ السَّفَّاحُ وَ الْمِقْلَاصُ وَ الْجَمُوحُ وَ الْخَدُوعُ وَ الْمُظَفَّرُ وَ الْمُؤَنَّثُ وَ النَّظَارُ وَ الْكَبْشُ وَ الْمُتَهَوِّرُ وَ الْعَشَّارُ وَ الْمُصْطَلِمُ وَ الْمُسْتَصْعَبُ وَ الْعَلَّامُ وَ الرَّهْبَانِیُّ وَ الْخَلِیعُ وَ السَّیَّارُ وَ الْمُتْرَفُ وَ الْكَدِیدُ وَ الْأَكْتَبُ وَ الْمُتْرَفُ وَ الْأَكْلَبُ وَ الْوَثِیمُ (2) وَ الظَّلَّامُ وَ الْعَیْنُوقُ وَ تُعْمَلُ الْقُبَّةُ الْغَبْرَاءُ ذَاتُ الْفَلَاةِ الْحَمْرَاءِ وَ فِی عَقِبِهَا قَائِمُ الْحَقِّ یُسَفِّرُ عَنْ وَجْهِهِ بَیْنَ الْأَقَالِیمِ كَالْقَمَرِ الْمُضِی ءِ بَیْنَ الْكَوَاكِبِ الدُّرِّیَّةِ أَلَا وَ إِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلَامَاتٍ عَشَرَةً أَوَّلُهَا طُلُوعُ الْكَوْكَبِ ذِی الذَّنَبِ وَ یُقَارِبُ مِنَ الْحَادِی (3) وَ یَقَعُ فِیهِ هَرْجٌ وَ مَرْجٌ شَغَبٌ (4) وَ تِلْكَ عَلَامَاتُ الْخَصْبِ وَ مِنَ الْعَلَامَةِ إِلَی الْعَلَامَةِ عَجَبٌ فَإِذَا انْقَضَتِ الْعَلَامَاتُ الْعَشَرَةُ إِذْ ذَاكَ یَظْهَرُ بِنَا الْقَمَرُ الْأَزْهَرُ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ عَلَی التَّوْحِیدِ(5).
بیان: الشیصبان اسم الشیطان و بنو العباس هم أشراك الشیطان و إنما عدهم أربعة و عشرین مع كونهم سبعة و ثلاثین لعدم الاعتناء بمن قل زمان ملكه و ضعف سلطانه منهم أو یكون المراد بیان عدد البطون التی استولوا علی الخلافة لا عدد آحادهم فإن آخرهم كان الخامس و العشرین أو الرابع و العشرین من أولاد العباس و المراد بالكدید إما ثامن عشرهم و هو المقتدر كما وقع فیما عده علیه السلام الثامن عشر فإنه كان مدة خلافته أربعا و عشرین سنة و أحد عشر شهرا أو الحادی و الثلاثون
ص: 330
منهم بناء علی سقوط من سقط منهم قبل ذلك فإلی العینوق یتم سبعة و ثلاثون تمام عددهم و الحادی و الثلاثون هو المقتفی و كان زمان خلافته أربعا و عشرین و یحتمل أن یكون المراد عدد لفظ الكدید فإنه ثمانیة و ثلاثون بانضمام بعض من خرج من قبل السفاح إلیهم و لا یخفی بعده.
«51»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ الصَّیْقَلِ عَنْ أَبِی شُعَیْبٍ الْمَحَامِلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَیَأْتِیَنَّ عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ یُطَرَّفُ (1) فِیهِ الْفَاجِرُ وَ یُقَرَّبُ فِیهِ الْمَاجِنُ وَ یُضَعَّفُ فِیهِ الْمُنْصِفُ قَالَ فَقِیلَ لَهُ مَتَی ذَاكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ إِذَا تَسَلَّطْنَ النِّسَاءُ وَ سُلِّطْنَ الْإِمَاءُ وَ أُمِّرَ الصِّبْیَانُ (2).
«52»- نهج، [نهج البلاغة]: فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَ لَا تُرَدُّ لَهَا رَایَةٌ(3) تَأْتِیكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً یَحْفِزُهَا قَائِدُهَا وَ یَجْهَدُهَا(4) رَاكِبُهَا أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِیدٌ كَلَبُهُمْ قَلِیلٌ سَلَبُهُمْ یُجَاهِدُهُمْ فِی اللَّهِ (5) قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِینَ فِی الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَ فِی السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ فَوَیْلٌ لَكِ یَا بَصْرَةُ(6) مِنْ جَیْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حِسَّ وَ سَیُبْتَلَی أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الْأَحْمَرِ وَ الْجُوعِ الْأَغْبَرِ(7).
ص: 331
بیان: لا تقوم لها قائمة أی لا تنهض بحربها فئة ناهضة أو قائمة من قوائم الخیل أی لا سبیل إلی قتال أهلها أو قلعة أو بنیة قائمة بل تنهدم و لا ترد لها رایة أی لا تنهزم أصحاب رایة من رایات تلك الفئة(1) قوله علیه السلام مزمومة مرحولة أی علیها زمام و رحل أی تامة الأدوات یحفزها أی یدفعها قائدها قلیل سلبهم أی نقمتهم القتل لا السلب و الرهج الغبار و الحس صوت المشی و الموت الأحمر كنایة عن الوباء و الجوع الأغبر عن الموت و أول الكلام إشارة إلی قصة صاحب الزنج أو إلی فتنة أخری سیأتی فی آخر الزمان و آخره أیضا یحتمل أن یكون إشارة إلی فتنة صاحب الزنج أو إلی طاعون یصیبهم حتی یبیدهم.
«53»- نهج، [نهج البلاغة]: فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ یَا بَنِی أُمَیَّةَ عَمَّا قَلِیلٍ لَتَعْرِفُنَّهَا فِی أَیْدِی غَیْرِكُمْ وَ فِی دَارِ عَدُوِّكُمْ (2).
«54»- نهج، [نهج البلاغة]: أَمَا وَ اللَّهِ لَیُسَلَّطَنَّ عَلَیْكُمْ غُلَامُ ثَقِیفٍ الذَّیَّالُ الْمَیَّالُ یَأْكُلُ خَضِرَتَكُمْ وَ یُذِیبُ شَحْمَتَكُمْ إِیهٍ أَبَا وَذَحَةٍ.
قال السید الوذحة الخنسفاء و هذا القول یومئ به إلی الحجاج و له مع الوذحة حدیث لیس هذا موضع ذكره (3).
بیان: الذیال الذی یجر ذیله علی الأرض تبخترا و المیال الظالم.
و قال ابن أبی الحدید ما ذكره السید لم أسمع من شیخ من أهل اللغة و لا وجدته فی كتاب من كتب اللغة(4) و المشهور أن الوذح ما یتعلق بأذناب الشاة من أبعارها فیجف ثم إن المفسرین بعد الرضی رضی اللّٰه عنه قالوا فی قصة هذه الخنسفاء وجوها.
منها أن الحجاج رأی خنفساء تدب إلی مصلاه فطردها فعادت فأخذها بیده
ص: 332
فقرصه قرصا(1) فورمت یده منه و كان فیه حتفه قتله اللّٰه تعالی بأهون خلقه كما قتل نمرود بن كنعان بالبقة.
و منها أن الحجاج كان إذا رأی خنفساء أمر بإبعادها و قال هذه وذحة من وذح الشیطان تشبیها لها بالبعرة المتعلقة بذنب الشاة.
و منها أنه رأی خنفساوات مجتمعات فقال وا عجبا لمن یقول إن اللّٰه خلقها قیل فمن خلقها أیها الأمیر قال الشیطان إن ربكم لأعظم شأنا من أن یخلق هذه الوذح فنقل قوله إلی الفقهاء فأكفروه.
و منها أن الحجاج كان مثفارا أی ذا أبنة و كان یمسك الخنفساء حیة لیشفی بحركتها الموضع قالوا و لا یكون صاحب هذا الداء إلا مبغضا لأهل البیت علیهم السلام قالوا و لسنا نقول كل مبغض فیه هذا الداء بل كل من فیه هذا الداء فهو مبغض قالوا و قد روی ابن [أبو] عمر الزاهد و لم یكن من رجال الشیعة فی أمالیه و أحادیثه عن السیاری عن أبی خزیمة الكاتب قال ما فتشنا أحدا فیه هذا الداء إلا وجدناه ناصبا قالوا سئل جعفر بن محمد الصادق عن هذه الصنف من الناس فقال رحم منكوسة یؤتی و لا یأتی و ما كانت هذه الخصلة فی ولی اللّٰه تعالی أبدا قط و إنما كان فی الفساق و الكفار و الناصب للطاهرین و كان أبو جهل بن هشام المخزومی من القوم و كان أشد الناس عداوة لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قالوا و لذلك قال له عتبة بن ربیعة یوم بدر یا مصفر استه و یغلب علی ظنی أنه معنی آخر و ذلك أن عادة العرب أن یكنی الإنسان إذا أرادت تعظیمه بما هو مظنة التعظیم و إذا أرادت تحقیره بما یستحقر و یستهان به كقولهم فی كنیة یزید بن معاویة أبو زنة یعنون القرد كقول ابن بسام أبو النتن أبو الدفر أبو الجعر أبو العبر(2) فلنجاسته بالذنوب و المعاصی كناه أمیر المؤمنین علیه السلام أبا وذحة و یمكن أن یكنیه بذلك
ص: 333
لدمامته فی نفسه و حقارة منظره و تشویه خلقه فإنه كان دمیما قصیرا سخیفا أخفش العین معوج الساقین قصیر الساعدین مجدور الوجه فكناه بأحقر الأشیاء و هو البعرة و قد روی قوم إیه أبا ودجة قالوا واحدة الأوداج كناه بذلك لأنه كان قتالا یقطع الأوداج بالسیف.
و رواه قوم أبا وحرة و هو دویبة یشبه الحرباء قصیر الظهر و هذا و ما قبله ضعیف (1).
«55»- نهج، [نهج البلاغة]: یَا أَحْنَفُ كَأَنِّی بِهِ وَ قَدْ سَارَ بِالْجَیْشِ الَّذِی لَا یَكُونُ لَهُ غُبَارٌ وَ لَا لَجَبٌ وَ لَا قَعْقَعَةُ لُجُمٍ وَ لَا حَمْحَمَةُ خَیْلٍ یُثِیرُونَ الْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ كَأَنَّهَا أَقْدَامُ النَّعَامِ یُومِئُ بِذَلِكَ إِلَی صَاحِبِ الزِّنْجِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَیْلٌ لِسِكَكِكُمُ الْعَامِرَةِ وَ الدُّورِ الْمُزَخْرَفَةِ الَّتِی لَهَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَ خَرَاطِیمُ كَخَرَاطِیمِ الْفِیَلَةِ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِینَ لَا یُنْدَبُ قَتِیلُهُمْ وَ لَا یُفْقَدُ(2) غَائِبُهُمْ أَنَا كَابُّ الدُّنْیَا لِوَجْهِهَا وَ قَادِرُهَا بِقَدْرِهَا وَ نَاظِرُهَا بِعَیْنِهَا(3).
بیان: اللجب الصوت و الحمحمة صوت الفرس دون الصهیل قوله علیه السلام یثیرون الأرض أی التراب لأن أقدامهم فی الخشونة كحوافر الخیل و قیل كنایة عن شدة وطئهم الأرض لیلائم قوله لا یكون له غبار قوله علیه السلام كأنها أقدام النعام لما كانت أقدام الزنج فی الأغلب قصار عراضا منتشرة الصدر مفرجات الأصابع فأشبهت أقدام النعام فی بعض تلك الأوصاف و أجنحة الدور التی شبهها علیه السلام بأجنحة النسور رواشنها(4) و ما یعمل من الأخشاب و البواری بارزة عن السقوف لوقایة الحیطان و غیرها عن الأمطار و شعاع الشمس و خراطیمها مآزیبها التی تطلی
ص: 334
بالقار(1) تكون نحوا من خمسة أذرع أو أزید تدلی من السطوح حفظا للحیطان.
و أما قوله علیه السلام لا یندب قتیلهم فقیل إنه وصف لهم لشدة البأس و الحرص علی القتال و إنهم لا یبالون بالموت و قیل لأنهم كانوا عبیدا غرباء لم یكن لهم أهل و ولد ممن عادتهم الندبة و افتقاد الغائب و قیل لا یفقد غائبهم وصف لهم بالكثرة و أنه إذا قتل منهم قتیل سد مسده غیره و یقال كببت فلانا علی وجهه أی تركته و لم ألتفت إلیه و قوله و قادرها بقدرها أی معامل لها بمقدارها و قوله ناظرها بعینها أی ناظر إلیها بعین العبرة أو أنظر إلیها نظرا یلیق بها(2).
«56»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ مِنْهُ یُومِئُ إِلَی وَصْفِ الْأَتْرَاكِ كَأَنِّی أَرَاهُمْ قَوْماً كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ یَلْبَسُونَ السَّرَقَ وَ الدِّیبَاجَ وَ یَعْتَقِبُونَ الْخَیْلَ الْعِتَاقَ وَ یَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ قَتْلٍ حَتَّی یَمْشِیَ الْمَجْرُوحُ عَلَی الْمَقْتُولِ وَ یَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ الْمَأْسُورِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَقَدْ أُعْطِیتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عِلْمَ الْغَیْبِ فَضَحِكَ علیه السلام وَ قَالَ لِلرَّجُلِ وَ كَانَ كَلْبِیّاً یَا أَخَا كَلْبٍ لَیْسَ هُوَ بِعِلْمِ غَیْبٍ وَ إِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِی عِلْمٍ وَ إِنَّمَا عِلْمُ الْغَیْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ مَا عَدَّدَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآیَةَ(3) فَیَعْلَمُ سُبْحَانَهُ مَا فِی الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَی وَ قَبِیحٍ أَوْ جَمِیلٍ وَ سَخِیٍّ أَوْ بَخِیلٍ وَ شَقِیٍّ أَوْ سَعِیدٍ وَ مَنْ یَكُونُ فِی النَّارِ حَطَباً أَوْ فِی الْجِنَانِ لِلنَّبِیِّینَ مُرَافِقاً فَهَذَا عِلْمُ الْغَیْبِ الَّذِی لَا یَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ فَعِلْمٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ
ص: 335
نَبِیَّهُ فَعَلَّمَنِیهِ وَ دَعَا لِی بِأَنْ یَعِیَهُ صَدْرِی وَ تَضْطَمَّ عَلَیْهِ جَوَانِحِی (1).
توضیح: المجان جمع مجن و هو الترس و المطرقة بسكون الطاء التی قد أطرق بعضها إلی بعض أی ضمت طبقاتها فجعل یتلو بعضها بعضا كطبقات النعل و یروی بتشدید الراء أی كالترسة المتخذة من حدید مطرقة بالمطرقة و الطرق الدق و یحتمل أن یكون التشدید للتكثیر و السرق جمع سرقة(2) و هی جید الحریر و قیل لا یسمی سرقا إلا إذا كانت بیضاء و هی فارسیة أصلها سرة و هو الجید قوله علیه السلام و یعتقبون الخیل أی یحبسونها لینتقلوا من غیرها إلیها و استحرار القتل شدته و ضحكه علیه السلام إما من السرور بما آتاه اللّٰه من العلم أو للتعجب من قول القائل و الاضطمام افتعال من الضم و هو الجمع و الجوانح الأضلاع مما یلی الصدر و انطباقها علی قصص جنكیزخان و أولاده لا یحتاج إلی بیان.
«57»- وَ قَالَ الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ،: قَالَ علیه السلام لِلدِّهْقَانِ الْفَارِسِیِّ وَ قَدْ حَذَّرَهُ مِنَ الرُّكُوبِ وَ الْمَسِیرِ إِلَی الْخَوَارِجِ فَقَالَ لَهُ اعْلَمْ أَنَّ طَوَالِعَ النُّجُومِ قَدِ انْتَحَسَتْ فَسَعِدَ أَصْحَابُ النُّحُوسِ وَ نَحِسَ أَصْحَابُ السُّعُودِ وَ قَدْ بَدَا الْمِرِّیخُ یَقْطَعُ فِی بُرْجِ الثَّوْرِ وَ قَدِ اخْتَلَفَ فِی بُرْجِكَ كَوْكَبَانِ وَ لَیْسَ الْحَرْبُ لَكَ بِمَكَانٍ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِی تُسَیِّرُ الْجَارِیَاتِ وَ تَقْضِی عَلَیَ (3) بِالْحَادِثَاتِ وَ تَنْقُلُهَا مَعَ الدَّقَائِقِ وَ السَّاعَاتِ فَمَا السَّرَارِیُّ وَ مَا الزَّرَارِیُّ وَ مَا قَدْرُ شِعَارِ الْمُدَبَّرَاتِ (4) فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِی الْأُسْطُرْلَابِ وَ أُخْبِرُكَ فَقَالَ لَهُ أَ عَالِمٌ أَنْتَ بِمَا تَمَّ الْبَارِحَةَ فِی وَجْهِ الْمِیزَانِ وَ بِأَیِّ نَجْمٍ اخْتَلَفَ بُرْجُ السَّرَطَانِ وَ أَیَّةُ آفَةٍ دَخَلَتْ عَلَی الزِّبْرِقَانِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ أَ عَالِمٌ أَنْتَ إِنَّ الْمُلْكَ الْبَارِحَةَ انْتَقَلَ مِنْ بَیْتٍ إِلَی بَیْتٍ فِی الصِّینِ وَ انْقَلَبَ بُرْجُ ماچین وَ غَارَتْ (5) بُحَیْرَةُ سَاوَةَ- وَ فَاضَتْ بُحَیْرَةُ
ص: 336
حَشْرَمَةَ وَ قُطِعَتْ بَابُ الصَّخْرَةِ مِنْ سَفِینَتِهِ (1) وَ نُكِسَ مَلِكُ الرُّومِ بِالرُّومِ وَ وَلِیَ أَخُوهُ مَكَانَهُ وَ سَقَطَتْ شُرُفَاتُ الذَّهَبِ مِنْ قُسْطَنْطِینِیَّةَ الْكُبْرَی وَ هَبَطَ سُورُ سَرَانَدِیلَ (2) وَ فَقَدَ دَیَّانُ الْیَهُودِ وَ هَاجَ النَّمْلُ بِوَادِی النَّمْلِ وَ سَعِدَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالِمٍ وَ وُلِدَ فِی كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ اللَّیْلَ (3) یَمُوتُ مِثْلُهُمْ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ أَنْتَ عَالِمٌ بِالشُّهُبِ الْخُرْسِ الْأَنْجُمِ وَ الشَّمْسِ ذَاتِ الذَّوَائِبِ الَّتِی تَطْلُعُ مَعَ الْأَنْوَارِ وَ تَغِیبُ مَعَ الْأَسْحَارِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ أَ عَالِمٌ أَنْتَ بِطُلُوعِ النَّجْمَیْنِ اللَّذَیْنِ مَا طَلَعَا إِلَّا عَنْ مَكِیدَةٍ وَ لَا غَرَبَا إِلَّا عَنْ مُصِیبَةٍ وَ أَنَّهُمَا طَلَعَا وَ غَرَبَا فَقَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ وَ لَا یَظْهَرَانِ إِلَّا بِخَرَابِ الدُّنْیَا(4) فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَقَالَ إِذَا كَانَ طُرُقُ السَّمَاءِ لَا تَعْلَمُهَا فَإِنِّی أَسْأَلُكَ عَنْ قَرِیبٍ أَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ حَافِرِ فَرَسِیَ الْأَیْمَنِ وَ الْأَیْسَرِ مِنَ النَّافِعِ وَ الضَّارِّ(5) فَقَالَ إِنِّی فِی عِلْمِ الْأَرْضِ أَقْصَرُ مِنِّی فِی عِلْمِ السَّمَاءِ فَأَمَرَ أَنْ یُحْفَرَ تَحْتَ الْحَافِرِ الْأَیْمَنِ فَخَرَجَ كَنْزٌ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ یُحْفَرَ تَحْتَ الْحَافِرِ الْأَیْسَرِ فَخَرَجَ أَفْعًی فَتَعَلَّقَ بِعُنُقِ الْحَكِیمِ فَصَاحَ یَا مَوْلَایَ الْأَمَانَ فَقَالَ الْأَمَانَ بِالْإِیمَانِ فَقَالَ لَأُطِیلَنَّ لَكَ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فَقَالَ سَمِعْتَ خَیْراً فَقُلْ خَیْراً اسْجُدْ لِلَّهِ وَ اضْرَعْ بِی إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا سَمَرْسَقِیلُ نَحْنُ نُجُومُ الْقُطْبِ وَ أَعْلَامُ الْفُلْكِ وَ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَحْنُ وَ بَیْتٌ فِی الْهِنْدِ(6).
«58»- شَرْحُ النَّهْجِ، [نهج البلاغة] قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَّامٍ التَّمِیمِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَیَّانُ التَّمِیمِیُّ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ هَرْثَمَةَ بْنِ سُلَیْمٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام صِفِّینَ فَلَمَّا نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ صَلَّی بِنَا فَلَمَّا سَلَّمَ رَفَعَ إِلَیْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ وَاهاً لَكِ یَا تُرْبَةُ لَیُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ
ص: 337
حِسَابٍ قَالَ فَلَمَّا رَجَعَ هَرْثَمَةُ مِنْ غَزَاتِهِ إِلَی امْرَأَتِهِ جَرْدَاءَ بِنْتِ سُمَیْرٍ وَ كَانَتْ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام حَدَّثَهَا هَرْثَمَةُ فِیمَا حَدَّثَ فَقَالَ لَهَا أَ لَا أُعْجِبُكِ مِنْ صَدِیقِكِ أَبِی حَسَنٍ- قَالَ لَمَّا نَزَلْنَا كَرْبَلَاءَ وَ قَدْ أَخَذَ جَفْنَةً(1) مِنْ تُرْبَتِهَا وَ شَمَّهَا وَ قَالَ وَاهاً لَكِ أَیَّتُهَا التُّرْبَةُ لَیُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَیْرِ حِسَابٍ وَ مَا عِلْمُهُ بِالْغَیْبِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لَهُ دَعْنَا مِنْكَ أَیُّهَا الرَّجُلُ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَقُلْ إِلَّا حَقّاً قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ الْبَعْثَ الَّذِی بَعَثَهُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام كُنْتُ فِی الْخَیْلِ الَّتِی بُعِثَ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَصْحَابِهِ عَرَفْتُ الْمَنْزِلَ الَّذِی نَزَلْنَا فِیهِ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الْبُقْعَةَ الَّتِی رَفَعَ إِلَیْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا وَ الْقَوْلَ الَّذِی قَالَهُ فَكَرِهْتُ مَسِیرِی فَأَقْبَلْتُ عَلَی فَرَسِی حَتَّی وَقَفْتُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ حَدَّثْتُهُ بِالَّذِی سَمِعْتُ مِنْ أَبِیهِ فِی هَذَا الْمَنْزِلِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَ مَعَنَا أَمْ عَلَیْنَا فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَا مَعَكَ وَ لَا عَلَیْكَ تَرَكْتُ وُلْدِی وَ عِیَالِی أَخَافُ عَلَیْهِمْ مِنِ ابْنِ زِیَادٍ فَقَالَ الْحُسَیْنُ فَتَوَلَّ هَرَباً حَتَّی لَا تَرَی مَقْتَلَنَا فَوَ الَّذِی نَفْسُ حُسَیْنٍ بِیَدِهِ لَا یَرَی الْیَوْمَ مَقْتَلَنَا أَحَدٌ ثُمَّ لَا یُعِینُنَا إِلَّا دَخَلَ النَّارَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فِی الْأَرْضِ أَشْتَدُّ هَرَباً حَتَّی خَفِیَ عَلَیَّ مَقْتَلُهُمْ.
قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِیُّ عَنْ أَبِی جُحَیْفَةَ قَالَ: جَاءَ عُرْوَةُ الْبَارِقِیُّ إِلَی سَعْدِ بْنِ وَهْبٍ فَسَأَلَهُ وَ قَالَ حَدِیثٌ حَدَّثْتَنَاهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ نَعَمْ بَعَثَنِی مِخْنَفُ بْنُ سُلَیْمٍ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَی صِفِّینَ فَأَتَیْتُهُ بِكَرْبَلَاءَ فَوَجَدْتُهُ یُشِیرُ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ هَاهُنَا هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ مَا ذَاكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَقَالَ ثِقْلٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلوات اللّٰه علیهم یَنْزِلُ هَاهُنَا فَوَیْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مَا مَعْنَی هَذَا الْكَلَامِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ وَیْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ تَقْتُلُونَهُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ یُدْخِلُكُمُ اللَّهُ بِقَتْلِهِمْ إِلَی النَّارِ.
قَالَ نَصْرٌ وَ قَدْ رُوِیَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَی وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ: فَوَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ عَلَیْهِمْ فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا وَیْلٌ لَنَا مِنْهُمْ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَوَیْلٌ لَنَا عَلَیْهِمْ
ص: 338
مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ تَرَوْنَهُمْ یُقْتَلُونَ لَا تَسْتَطِیعُونَ نُصْرَتَهُمْ.
قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا سَعِیدُ بْنُ حَكِیمٍ الْعَبْسِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَتَی كَرْبَلَاءَ فَوَقَفَ بِهَا فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ كَرْبَلَاءُ فَقَالَ ذَاتُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی مَكَانٍ فَقَالَ هَاهُنَا مَوْضِعُ رِحَالِهِمْ وَ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی مَكَانٍ آخَرَ فَقَالَ هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ ثُمَّ مَضَی إِلَی سَابَاطَ(1).
«59»- أَقُولُ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ صَاحِبِ التَّارِیخِ: أَنَّهُ قَالَ زُرْعَةُ بْنُ الْبُرْجِ الطَّائِیُّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَتُبْ مِنْ تَحْكِیمِكَ الرِّجَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ أَطْلُبُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ (2) وَ رِضْوَانَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام بُؤْساً لَكَ مَا أَشْقَاكَ كَأَنِّی بِكَ قَتِیلًا تَسْفِی عَلَیْكَ الرِّیَاحُ فَكَانَ كَمَا قَالَ (3).
وَ ذَكَرَ الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْخَوَارِجِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أَهْلِ النَّهْرِ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّ الْقَوْمَ عَبَرُوا النَّهْرَ فَحَلَّفَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِی كُلِّهَا یَقُولُ نَعَمْ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا عَبَرُوهُ وَ لَنْ یَعُبُرُوهُ وَ إِنَّ مَصَارِعَهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ فَجَاءَ الْفُرْسَانُ كُلُّهَا تَرْكُضُ وَ تَقُولُ فَلَمْ یَكْتَرِثْ علیه السلام بِقَوْلِهِمْ حَتَّی ظَهَرَ خِلَافُ مَا قَالُوا.
وَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ یَزِیدَ الْمُبَرَّدُ فِی كِتَابِ الْكَامِلِ: أَنَّهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ یَوْمَ النَّهْرَوَانَ احْمِلُوا عَلَیْهِمْ فَوَ اللَّهِ لَا یُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ وَ لَا یَسْلَمُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ فَطَحَنَهُمْ طَحْناً قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ علیه السلام تِسْعَةٌ وَ أَفْلَتَ مِنَ الْخَوَارِجِ ثَمَانِیَةٌ(4).
وَ رَوَی جَمِیعُ أَهْلِ السِّیَرِ كَافَّةً: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا طَحَنَ الْقَوْمَ طَلَبَ ذَا الثُّدَیَّةِ طَلَباً شَدِیداً وَ قَلَّبَ الْقَتْلَی ظَهْرَ الْبَطْنِ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ جَعَلَ یَقُولُ وَ اللَّهِ
ص: 339
مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ اطْلُبُوا الرَّجُلَ وَ إِنَّهُ لَفِی الْقَوْمِ فَلَمْ یَزَلْ یَتَطَلَّبُهُ حَتَّی وَجَدَهُ وَ هُوَ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْیَدِ(1) كَأَنَّهَا ثَدْیٌ فِی صَدْرِهِ.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ دَیْزِیلَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا شَجَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالرِّمَاحِ قَالَ اطْلُبُوا ذَا الثُّدَیَّةَ فَطَلَبُوهُ طَلَباً شَدِیداً حَتَّی وَجَدُوهُ فِی وَهْدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَحْتَ نَاسٍ مِنَ الْقَتْلَی فَأُتِیَ بِهِ وَ إِذَا رَجُلٌ عَلَی یَدَیْهِ (2) مِثْلُ سَبَلَاتِ السِّنَّوْرِ فَكَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ سُرُوراً بِذَلِكَ.
وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ مُسْلِمٍ الضَّبِّیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ أَسْوَدَ مُنْتِنَ الرِّیحِ لَهُ یَدٌ(3) كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ إِذَا مُدَّتْ كَانَ بِطُولِ الْیَدِ الْأُخْرَی وَ إِذَا تُرِكَتِ اجْتَمَعَتْ وَ تَقَلَّصَتْ وَ صَارَتْ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهَا شَعَرَاتٌ مِثْلُ شَوَارِبِ الْهِرَّةِ فَلَمَّا وَجَدُوهُ قَطَعُوا یَدَهُ وَ نَصَبُوهَا عَلَی رُمْحٍ ثُمَّ جَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یُنَادِی صَدَقَ اللَّهُ وَ بَلَّغَ رَسُولُهُ لَمْ یَزَلْ یَقُولُ ذَلِكَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْعَصْرِ(4) إِلَی أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ.
وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ أَیْضاً قَالَ: لَمَّا عِیلَ صَبَرَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی طَلَبِ الْمُخْدَجِ قَالَ آتُونِی بِبَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَكِبَهَا وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ فَرَأَی الْقَتْلَی وَ جَعَلَ یَقُولُ اقْلِبُوا فَیَقْلِبُونَ قَتِیلًا عَنْ قَتِیلٍ حَتَّی اسْتَخْرَجَهُ (5) فَسَجَدَ عَلِیٌّ علیه السلام.
وَ رَوَی كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ: أَنَّهُ لَمَّا دَعَا بِالْبَغْلَةِ(6) قَالَ ائْتُونِی بِهَا فَإِنَّهَا هَادِیَةٌ فَوَقَفَتْ بِهِ عَلَی الْمُخْدَجِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ تَحْتِ قَتْلَی كَثِیرِینَ.
وَ رَوَی الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ یَزِیدَ بْنِ رُوَیْمٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: یُقْتَلُ (7) الْیَوْمَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنَ الْخَوَارِجِ أَحَدُهُمْ ذُو الثُّدَیَّةِ فَلَمَّا طَحَنَ الْقَوْمَ وَ رَامَ
ص: 340
اسْتِخْرَاجَ ذِی الثُّدَیَّةِ فَأَتْعَبَهُ أَمَرَنِی أَنْ أَقْطَعَ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ قَصَبَةٍ(1) فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ وَ أَنَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ رَاكِبٌ خَلْفِی وَ النَّاسُ یَتْبَعُونَهُ حَتَّی بَقِیَتْ فِی یَدِی وَاحِدَةٌ فَنَظَرْتُ إِلَیْهِ وَ إِذَا وَجْهُهُ أَرْبَدُ(2) وَ إِذَا رِجْلُهُ فِی یَدِی فَجَذَبْتُهَا وَ قُلْتُ هَذِهِ رِجْلُ إِنْسَانٍ فَنَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ مُسْرِعاً فَجَذَبَ الرِّجْلَ الْأُخْرَی وَ جَرَرْنَاهُ حَتَّی صَارَ عَلَی التُّرَابِ فَإِذَا هُوَ الْمُخْدَجُ فَكَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام بِأَعْلَی صَوْتِهِ ثُمَّ سَجَدَ فَكَبَّرَ النَّاسُ كُلُّهُمْ (3).
وَ رَوَی عُثْمَانُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی التَّیْمِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: قَامَ أَعْشَی بَاهِلَةَ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ غُلَامٌ حَدَثٌ إِلَی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام(4) وَ هُوَ یَخْطُبُ وَ یَذْكُرُ الْمَلَاحِمَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَشْبَهَ هَذَا الْحَدِیثَ بِحَدِیثِ خِرَافَةٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كُنْتَ آثِماً فِیمَا قُلْتَ یَا غُلَامُ فَرَمَاكَ اللَّهُ بِغُلَامِ ثَقِیفٍ ثُمَّ سَكَتَ فَقَامَ رِجَالٌ فَقَالَ (5) وَ مَنْ غُلَامُ ثَقِیفٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ غُلَامٌ یَمْلِكُ بَلْدَتَكُمْ هَذِهِ لَا یَتْرُكُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا یَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْغُلَامِ بِسَیْفِهِ فَقَالُوا كَمْ یَمْلِكُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ عِشْرِینَ إِنْ بَلَغَهَا قَالُوا فَیُقْتَلُ قَتْلًا أَمْ یَمُوتُ مَوْتاً قَالَ بَلْ یَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ بِدَاءِ الْبَطْنِ یُثْقَبُ سَرِیرُهُ لِكَثْرَةِ مَا یَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ قَالَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ رَجَاءٍ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ بِعَیْنِی أَعْشَی بَاهِلَةَ وَ قَدْ أُحْضِرَ فِی جُمْلَةِ الْأَسْرَی الَّذِینَ أُسِرُوا مِنْ جَیْشِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بَیْنَ یَدِی الْحَجَّاجِ- فَقَرَعَهُ وَ وَبَّخَهُ وَ اسْتَنْشَدَهُ شِعْرَهُ الَّذِی یُحَرِّضُ فِیهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَلَی الْحَرْبِ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ فِی هَذَا الْمَجْلِسِ (6).
ص: 341
وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الصَّوَّافُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ شِمِّیرِ بْنِ سَدِیرٍ الْأَزْدِیِّ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِعَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیِّ أَیْنَ نَزَلْتَ یَا عَمْرُو قَالَ فِی قَوْمِی قَالَ لَا تَنْزِلَنَّ فِیهِمْ قَالَ أَ فَأَنْزِلُ فِی بَنِی كِنَایَةَ جِیرَانِنَا قَالَ لَا قَالَ أَ فَأَنْزِلُ فِی ثَقِیفٍ قَالَ فَمَا تَصْنَعُ بِالْمَعَرَّةِ وَ الْمَجَرَّةِ قَالَ وَ مَا هُمَا قَالَ عُنُقَانِ مِنْ نَارٍ یَخْرُجَانِ مِنْ ظَهْرِ الْكُوفَةِ یَأْتِی أَحَدُهُمَا عَلَی تَمِیمٍ وَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَلَّمَا یُفْلِتُ مِنْهُ أَحَدٌ وَ یَأْتِی الْعُنُقُ الْأُخْرَی فَتَأْخُذُ عَلَی الْجَانِبِ الْأُخْرَی (1) مِنَ الْكُوفَةِ فَقَلَّ مَنْ یُصِیبُ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ یَدْخُلُ الدَّارَ فَتُحْرِقُ (2) الْبَیْتَ وَ الْبَیْتَیْنِ قَالَ فَأَیْنَ أَنْزِلُ قَالَ انْزِلْ فِی بَنِی عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْأَزْدِ قَالَ فَقَامَ قَوْمٌ حَضَرُوا هَذَا الْكَلَامَ وَ قَالُوا مَا نَرَاهُ (3) إِلَّا كَاهِناً یَتَحَدَّثُ بِحَدِیثِ الْكَهَنَةِ فَقَالَ یَا عَمْرُو وَ إِنَّكَ لَمَقْتُولٌ بَعْدِی وَ إِنَّ رَأْسَكَ لَمَنْقُولٌ وَ هُوَ أَوَّلُ رَأْسٍ یُنْقَلُ فِی الْإِسْلَامِ وَ الْوَیْلُ لِقَاتِلِكَ أَمَا إِنَّكَ لَا تَنْزِلُ بِقَوْمٍ إِلَّا أَسْلَمُوكَ (4) بِرُمَّتِكَ إِلَّا هَذَا الْحَیَّ مِنْ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْأَزْدِ فَإِنَّهُمْ لَنْ یُسْلِمُوكَ وَ لَنْ یَخْذُلُوكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا مَضَتْ مِنَ الْأَیَّامِ حَتَّی تَنَقَّلَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فِی خِلَافَةِ مُعَاوِیَةَ فِی أَحْیَاءِ الْعَرَبِ خَائِفاً مَذْعُوراً حَتَّی نَزَلَ فِی قَوْمِهِ مِنْ بَنِی خُزَاعَةَ فَأَسْلَمُوهُ فَقُتِلَ وَ حُمِلَ رَأْسُهُ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی مُعَاوِیَةَ بِالشَّامِ- وَ هُوَ أَوَّلُ رَأْسٍ حُمِلَ فِی الْإِسْلَامِ مِنْ بَلَدٍ إِلَی بَلَدٍ.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ مَیْمُونٍ الْأَزْدِیُّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: كَانَ جُوَیْرِیَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْعَبْدِیُّ صَالِحاً وَ كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام صَدِیقاً وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُحِبُّهُ وَ نَظَرَ یَوْماً إِلَیْهِ وَ هُوَ یَسِیرُ فَنَادَاهُ یَا جُوَیْرِیَةُ الْحَقْ بِی فَإِنِّی إِذَا رَأَیْتُكَ هَوِیتُكَ.
قَالَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبَانٍ فَحَدَّثَنِی الصَّبَّاحُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: سِرْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْماً فَالْتَفَتَ فَإِذَا جُوَیْرِیَةُ خَلْفَهُ بَعِیداً فَنَادَاهُ یَا جُوَیْرِیَةُ
ص: 342
الْحَقْ بِی لَا أَبَا لَكَ أَ لَا تَعْلَمُ أَنِّی أَهْوَاكَ وَ أُحِبُّكَ قَالَ فَرَكَضَ نَحْوَهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّی مُحَدِّثُكَ بِأُمُورٍ فَاحْفَظْهَا ثُمَّ اشْتَرَكَا فِی الْحَدِیثِ سِرّاً فَقَالَ لَهُ جُوَیْرِیَةُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی رَجُلٌ نس [نَسِیٌ](1) فَقَالَ أَنَا أُعِیدُ عَلَیْكَ الْحَدِیثَ لِتَحْفَظَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِی آخِرِ مَا حَدَّثَهُ إِیَّاهُ یَا جُوَیْرِیَةُ أَحْبِبْ حَبِیبَنَا مَا أَحَبَّنَا فَإِذَا أَبْغَضَنَا فَأَبْغِضْهُ وَ أَبْغِضْ بَغِیضَنَا مَا أَبْغَضَنَا فَإِذَا أَحَبَّنَا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَكَانَ نَاسٌ مِمَّنْ یَشُكُّ فِی أَمْرِ عَلِیٍّ علیه السلام یَقُولُونَ أَ نَرَاهُ جَعَلَ جُوَیْرِیَةَ وَصِیَّهُ كَمَا یَدَّعِی هُوَ مِنْ وَصِیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَقُولُونَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ اخْتِصَاصِهِ لَهُ حَتَّی دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام یَوْماً وَ هُوَ مُضْطَجِعٌ وَ عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَنَادَاهُ جُوَیْرِیَةُ أَیُّهَا النَّائِمُ اسْتَیْقِظْ فَلَتُضْرَبَنَّ عَلَی رَأْسِكَ ضَرْبَةً تُخْضَبُ مِنْهَا لِحْیَتُكَ قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ أُحَدِّثُكَ یَا جُوَیْرِیَةُ بِأَمْرِكَ أَمَا وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُعْتَلَنَّ إِلَی الْعُتُلِّ الزَّنِیمِ فَلَیَقْطَعَنَّ یَدَكَ وَ رِجْلَكَ وَ لَیَصْلِبَنَّكَ تَحْتَ جِذْعِ كَافِرٍ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا مَضَتِ الْأَیَّامُ عَلَی ذَلِكَ حَتَّی أَخَذَ زِیَادٌ جُوَیْرِیَةَ فَقَطَعَ یَدَهُ وَ رِجْلَهُ وَ صَلَبَهُ إِلَی جانبه [جِذْعِ] ابْنِ مُعَكْبَرٍ(2) وَ كَانَ جِذْعاً طَوِیلًا فَصَلَبَهُ عَلَی جِذْعٍ قَصِیرٍ إِلَی جَانِبِهِ.
وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ قَالَ: كَانَ مِیثَمٌ التَّمَّارُ مَوْلَی عَلِیٍّ علیه السلام(3) عَبْداً لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَاشْتَرَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَعْتَقَهُ وَ قَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ قَالَ سَالِمٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنِی أَنَّ اسْمَكَ الَّذِی سَمَّاكَ بِهِ أَبُوكَ فِی الْعَجَمِ مِیثَمٌ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقْتَ هُوَ اسْمِی (4) قَالَ فَارْجِعْ إِلَی اسْمِكَ وَ دَعْ سَالِماً وَ نَحْنُ نُكَنِّیكَ بِهِ فَكَنَّاهُ أَبَا سَالِمٍ قَالَ وَ قَدْ كَانَ أَطْلَعَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی عِلْمٍ كَثِیرٍ وَ أَسْرَارٍ خَفِیَّةٍ مِنْ أَسْرَارِ الْوَصِیَّةِ فَكَانَ مِیثَمٌ یُحَدِّثُ بِبَعْضِ ذَلِكَ فَیَشُكُّ فِیهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ یَنْسُبُونَ عَلِیّاً
ص: 343
علیه السلام فِی ذَلِكَ إِلَی الْمَخْرَفَةِ وَ الْإِیهَامِ وَ التَّدْلِیسِ حَتَّی قَالَ لَهُ یَوْماً بِمَحْضَرٍ مِنْ خَلْقٍ كَثِیرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ فِیهِمُ الشَّاكُّ وَ الْمُخْلِصُ یَا مِیثَمُ إِنَّكَ تُؤْخَذُ بَعْدِی وَ تُصْلَبُ فَإِذَا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی ابْتَدَرَ مَنْخِرَاكَ وَ فَمُكَ دَماً حَتَّی تُخْضَبَ لِحْیَتُكَ فَإِذَا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ طُعِنْتَ بِحَرْبَةٍ فَیُقْضَی عَلَیْكَ فَانْتَظِرْ ذَلِكَ وَ الْمَوْضِعَ الَّذِی تُصْلَبُ فِیهِ عَلَی دَارِ(1) عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ- إِنَّكَ لَعَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنْتَ أَقْصَرُهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبُهُمْ مِنَ الْمَطْهَرَةِ یَعْنِی الْأَرْضَ وَ لَأُرِیَنَّكَ النَّخْلَةَ الَّتِی تُصْلَبُ عَلَی جِذْعِهَا ثُمَّ أَرَاهُ إِیَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِیَوْمَیْنِ فَكَانَ مِیثَمٌ یَأْتِیهَا فَیُصَلِّی عِنْدَهَا وَ یَقُولُ بُورِكْتِ مِنْ نَخْلَةٍ لَكِ خُلِقْتُ وَ لِی بنت [نَبَتِ] فَلَمْ یَزَلْ یَتَعَاهَدُهَا بَعْدَ قَتْلِ عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی قُطِعَتْ فَكَانَ یَرْصُدُ جِذْعَهَا وَ یَتَعَاهَدُهُ وَ یَتَرَدَّدُ إِلَیْهِ وَ یُبْصِرُهُ وَ كَانَ یَلْقَی عَمْرَو بْنَ حُرَیْثٍ فَیَقُولُ لَهُ إِنِّی مُجَاوِرُكَ فَأَحْسِنْ جِوَارِی فَلَا یَعْلَمُ عَمْرٌو مَا یُرِیدُ فَیَقُولُ لَهُ أَ تُرِیدُ أَنْ تَشْتَرِیَ دَارَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَمْ دَارَ ابْنِ حَكِیمٍ قَالَ وَ حَجَّ فِی السَّنَةِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ عِرَاقِیٌّ فَاسْتَنْسَبَتْهُ فَذَكَرَ لَهَا أَنَّهُ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَتْ أَنْتَ هَیْثَمٌ قَالَ بَلْ أَنَا مِیثَمٌ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَرُبَّمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُوصِی بِكَ عَلِیّاً فِی جَوْفِ اللَّیْلِ فَسَأَلَهَا عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَتْ هُوَ فِی حَائِطٍ لَهُ قَالَ أَخْبِرِیهِ أَنِّی أَحْبَبْتُ السَّلَامَ عَلَیْهِ وَ نَحْنُ مُلْتَقُونَ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِینَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ لَا أَقْدِرُ الْیَوْمَ عَلَی لِقَائِهِ وَ أُرِیدُ الرُّجُوعَ فَدَعَتْ بِطِیبٍ فَطَیَّبَتْ لِحْیَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَمَا إِنَّهَا سَتُخْضَبُ بِدَمٍ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ أَنْبَأَنِی سَیِّدِی فَبَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ قَالَتْ إِنَّهُ لَیْسَ بِسَیِّدِكَ وَحْدَكَ هُوَ سَیِّدِی وَ سَیِّدُ الْمُسْلِمِینَ أَجْمَعِینَ ثُمَّ وَدَّعَتْهُ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَأُخِذَ وَ أُدْخِلَ عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ- وَ قِیلَ لَهُ هَذَا كَانَ مِنْ آثَرِ النَّاسِ عِنْدَ أَبِی تُرَابٍ قَالَ وَیْحَكُمْ هَذَا الْأَعْجَمِیُّ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ أَیْنَ رَبُّكَ قَالَ بِالْمِرْصَادِ قَالَ قَدْ بَلَغَنِی اخْتِصَاصُ أَبِی تُرَابٍ لَكَ قَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَمَا تُرِیدُ؟ قَالَ:
ص: 344
وَ إِنَّهُ لَیُقَالُ إِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَكَ بِمَا سَیَلْقَاكَ قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ أَخْبَرَنِی (1) أَنَّكَ تَصْلِبُنِی عَاشِرَ عَشَرَةٍ وَ أَنَا أَقْصَرُهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبُهُمْ مِنَ الْمَطْهَرَةِ قَالَ لَأُخَالِفَنَّهُ قَالَ وَیْحَكَ كَیْفَ تُخَالِفُهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ جَبْرَئِیلَ وَ أَخْبَرَ جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ فَكَیْفَ تُخَالِفُ هَؤُلَاءِ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ الْمَوْضِعَ الَّذِی أُصْلَبُ فِیهِ أَیْنَ هُوَ مِنَ الْكُوفَةِ وَ إِنِّی لَأَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ أُلْجَمُ فِی الْإِسْلَامِ بِلِجَامٍ كَمَا یُلْجَمُ الْخَیْلُ فَحَبَسَهُ وَ حَبَسَ مَعَهُ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِی عُبَیْدَةَ الثَّقَفِیَّ- فَقَالَ مِیثَمٌ لِلْمُخْتَارِ وَ هُمَا فِی حَبْسِ ابْنِ زِیَادٍ إِنَّكَ تُفْلِتُ وَ تَخْرُجُ ثَائِراً بِدَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَتَقْتُلُ هَذَا الْجَبَّارَ الَّذِی نَحْنُ فِی سِجْنِهِ وَ تَطَأُ بِقَدَمِكَ هَذَا عَلَی جَبْهَتِهِ وَ خَدَّیْهِ فَلَمَّا دَعَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ بِالْمُخْتَارِ لِیَقْتُلَهُ طَلَعَ الْبَرِیدُ بِكِتَابِ یَزِیدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ- یَأْمُرُهُ بِتَخْلِیَةِ سَبِیلِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أُخْتَهُ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فَسَأَلَتْ بَعْلَهَا أَنْ یَشْفَعَ فِیهِ إِلَی یَزِیدَ فَشَفِعَ فَأَمْضَی شَفَاعَتَهُ فَكَتَبَ بِتَخْلِیَةِ سَبِیلِ الْمُخْتَارِ عَلَی الْبَرِیدِ فَوَافَی الْبَرِیدُ وَ قَدْ أُخْرِجَ لِیُضْرَبَ عُنُقُهُ فَأُطْلِقَ وَ أَمَّا مِیثَمٌ فَأُخْرِجَ بَعْدَهُ لِیُصْلَبَ وَ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ لَأَمْضِیَنَّ حُكْمَ أَبِی تُرَابٍ فِیهِ فَلَقِیَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ هَذَا یَا مِیثَمُ فَتَبَسَّمَ وَ قَالَ لَهَا خُلِقْتُ وَ لِی غُذِّیَتْ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَی الْخَشَبَةِ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ عَلَی بَابِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ فَقَالَ عَمْرٌو لَقَدْ كَانَ یَقُولُ إِنِّی مُجَاوِرُكَ وَ كَانَ یَأْمُرُ جَارِیَتَهُ كُلَّ عَشِیَّةٍ أَنْ تَكْنِسَ تَحْتَ خَشَبَتِهِ وَ تَرُشَّهُ وَ تُجَمِّرَ بِمِجْمَرَةٍ تَحْتَهُ فَجَعَلَ مِیثَمٌ یُحَدِّثُ بِفَضَائِلِ بَنِی هَاشِمٍ وَ مَخَازِی بَنِی أُمَیَّةَ وَ هُوَ مَصْلُوبٌ عَلَی الْخَشَبَةِ فَقِیلَ لِابْنِ زِیَادٍ قَدْ فَضَحَكُمْ هَذَا الْعَبْدُ فَقَالَ أَلْجِمُوهُ فَأُلْجِمَ فَكَانَ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ أُلْجِمَ فِی الْإِسْلَامِ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی فَاضَتْ مَنْخِرَاهُ وَ فَمُهُ دَماً فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ طُعِنَ بِحَرْبَةٍ فَمَاتَ وَ كَانَ قَتْلُ مِیثَمٍ قَبْلَ قُدُومِ الْحُسَیْنِ علیه السلام الْعِرَاقَ بِعَشَرَةِ أَیَّامِ.
قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ حَدَّثَنِی إِبْرَاهِیمُ بْنُ الْعَبَّاسِ النَّهْدِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی مُبَارَكٌ الْبَجَلِیُ (2) عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنِی الْمُجَالِدُ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ النَّصْرِ الْحَارِثِیِ
ص: 345
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ زِیَادٍ وَ قَدْ أُتِیَ بِرُشَیْدٍ الْهَجَرِیِّ وَ كَانَ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ زِیَادٌ مَا قَالَ لَكَ خَلِیلُكَ إِنَّا فَاعِلُونَ بِكَ قَالَ تَقْطَعُونَ یَدَیَّ وَ رِجْلَیَّ وَ تَصْلِبُونَنِی فَقَالَ زِیَادٌ أَمَا وَ اللَّهِ لَأُكَذِّبَنَّ حَدِیثَهُ خَلُّوا سَبِیلَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ قَالَ رُدُّوهُ لَا نَجِدُ لَكَ شَیْئاً أَصْلَحَ مِمَّا قَالَ صَاحِبُكَ إِنَّكَ لَا تَزَالُ تَبْغِی لَنَا سُوءاً إِنْ بَقِیتَ اقْطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ فَقَطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ هُوَ یَتَكَلَّمُ فَقَالَ اصْلِبُوهُ خَنِقاً(1) فِی عُنُقِهِ فَقَالَ رُشَیْدٌ وَ قَدْ بَقِیَ لِی عِنْدَكُمْ شَیْ ءٌ مَا أَرَاكُمْ فَعَلْتُمُوهُ فَقَالَ زِیَادٌ اقْطَعُوا لِسَانَهُ فَلَمَّا أَخْرَجُوا لِسَانَهُ (2) قَالَ نَفِّسُوا عَنِّی أَتَكَلَّمُ كَلِمَةً وَاحِدَةً فَنَفَّسُوا عَنْهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ هَذَا تَصْدِیقُ خَبَرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- أَخْبَرَنِی بِقَطْعِ لِسَانِی فَقَطَعُوا لِسَانَهُ وَ صَلَبُوهُ.
وَ رَوَی أَبُو دَاوُدَ الطَّیَالِسِیُّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ زُرَیْقٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ صُهَیْبٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو الْعَالِیَةِ قَالَ حَدَّثَنِی مُزَرِّعٌ صَاحِبُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَیُقْبِلَنَّ جَیْشٌ حَتَّی إِذَا كَانُوا بِالْبَیْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ قَالَ أَبُو الْعَالِیَةِ فَقُلْتُ (3) لَإِنَّكَ لَتُحَدِّثُنِی بِالْغَیْبِ فَقَالَ احْفَظْ مَا أَقُولُهُ لَكَ فَإِنَّمَا حَدَّثَنِی بِهِ الثِّقَةُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ حَدَّثَنِی أَیْضاً شَیْئاً آخَرَ لَیُؤْخَذَنَ (4) فَلَیُقْتَلَنَّ وَ لَیُصْلَبَنَّ بَیْنَ شُرْفَتَیْنِ مِنْ شُرَفِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ لَتُحَدِّثُنِی بِالْغَیْبِ فَقَالَ احْفَظْ مَا أَقُولُ لَكَ قَالَ أَبُو الْعَالِیَةِ فَوَ اللَّهِ مَا أَتَتْ عَلَیْنَا جُمْعَةٌ حَتَّی أُخِذَ مُزَرِّعٌ فَقُتِلَ وَ صُلِبَ بَیْنَ شُرْفَتَیْنِ مِنْ شُرَفِ الْمَسْجِدِ.
قُلْتُ حَدِیثُ الْخَسْفِ بِالْجَیْشِ قَدْ خَرَّجَهُ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ فِی الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: یَعُوذُ قَوْمٌ بِالْبَیْتِ حَتَّی إِذَا كَانُوا بِالْبَیْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّ فِیهِمُ الْمُكْرَهُ أَوِ الْكَارِهُ فَقَالَ
ص: 346
یُخْسَفُ بِهِمْ وَ لَكِنْ قَالَ یُحْشَرُونَ أَوْ قَالَ یُبْعَثُونَ عَلَی نِیَّاتِهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ فَسُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ أَ هِیَ بَیْدَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ كَلَّا وَ اللَّهِ إِنَّهَا بَیْدَاءُ الْمَدِینَةِ أَخْرَجَ الْبُخَارِیُّ بَعْضَهُ وَ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْبَاقِیَ.
وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی الْعَنَزِیُّ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ ضَمْرَةَ الرَّوَّاسِیُّ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مِمَّنِ اسْتَبْطَنَ مِنْ جِهَتِهِ عِلْماً كَثِیراً وَ كَانَ أَیْضاً قَدْ صَحِبَ أَبَا ذَرٍّ فَأَخَذَ مِنْ عِلْمِهِ وَ كَانَ یَقُولُ فِی أَیَّامِ بَنِی أُمَیَّةَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِی مِنَ الثَّلَاثَةِ فَیُقَالُ لَهُ وَ مَا الثَّلَاثَةُ فَیَقُولُ رَجُلٌ یُرْمَی بِهِ مِنْ فَوْقِ طَمَارِ وَ رَجُلٌ تُقْطَعُ یَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ وَ لِسَانُهُ وَ یُصْلَبُ وَ رَجُلٌ یَمُوتُ عَلَی فِرَاشِهِ فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَهْزَأُ بِهِ وَ یَقُولُ هَذَا مِنْ أَكَاذِیبِ أَبِی تُرَابٍ- قَالَ فَكَانَ الَّذِی رُمِیَ بِهِ فِی طَمَارِ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ وَ الَّذِی قُطِعَ وَ صُلِبَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ وَ مَاتَ مَالِكٌ عَلَی فِرَاشِهِ (1).
قَالَ وَ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ سَبَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ سَعِیدٍ التَّیْمِیِّ الْمَعْرُوفِ بِعَقِیصَا قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی مَسِیرِهِ إِلَی الشَّامِ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْكُوفَةِ مِنْ جَانِبِ هَذَا السَّوَادِ عَطِشَ النَّاسُ وَ احْتَاجُوا إِلَی الْمَاءِ فَانْطَلَقَ بِنَا عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی أَتَی إِلَی صَخْرَةٍ مُضَرَّسٍ فِی الْأَرْضِ كَأَنَّهَا رَبَضَةُ عَنْزٍ فَأَمَرَنَا فَاقْتَلَعْنَاهَا فَخَرَجَ لَنَا مِنْ تَحْتِهَا مَاءٌ فَشَرِبَ النَّاسُ مِنْهُ حَتَّی ارْتَوَوْا ثُمَّ أَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَاهَا عَلَیْهِ وَ سَارَ النَّاسُ حَتَّی إِذَا مَضَی قَلِیلًا قَالَ علیه السلام أَ مِنْكُمْ أَحَدٌ یَعْلَمُ مَكَانَ هَذَا الْمَاءِ الَّذِی شَرِبْتُمْ مِنْهُ قَالُوا نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَانْطَلِقُوا إِلَیْهِ فَانْطَلَقَ مِنَّا رِجَالٌ رُكْبَاناً وَ مُشَاةً فَاقْتَصَصْنَا الطَّرِیقَ إِلَیْهِ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی یُرَی (2) أَنَّهُ فِیهِ فَطَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ حَتَّی إِذَا عِیلَ عَلَیْنَا انْطَلَقْنَا إِلَی دَیْرٍ قَرِیبٍ مِنَّا فَسَأَلْنَاهُمْ أَیْنَ هَذَا الْمَاءُ الَّذِی عِنْدَكُمْ قَالُوا لَیْسَ قُرْبَنَا مَاءٌ فَقُلْنَا بَلَی إِنَّا شَرِبْنَا مِنْهُ قَالُوا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ مِنْهُ قُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ صَاحِبُ
ص: 347
الدَّیْرِ وَ اللَّهِ مَا بُنِیَ هَذَا الدَّیْرُ إِلَّا بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ مَا اسْتَخْرَجَهُ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍ (1).
«60»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ قَالَ علیه السلام لَمَّا عَزَمَ عَلَی حَرْبِ الْخَوَارِجِ وَ قِیلَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ عَبَرُوا جِسْرَ النَّهْرَوَانِ مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ وَ اللَّهِ لَا یُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ لَا یَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ.
قال السید الرضی رضی اللّٰه عنه یعنی بالنطفة ماء النهر و هی أفصح كنایة عن الماء(2).
و قال ابن أبی الحدید هذا الخبر من الأخبار التی تكاد تكون متواترة لاشتهاره و نقل الناس كافة له و هو من معجزاته و أخباره المفصلة عن الغیوب التی لا یحتمل التلبیس لتقییده بالعدد المعین فی أصحابه و فی الخوارج و وقوع الأمر بعد الحرب من غیر زیادة و لا نقصان و لقد كان له من هذا الباب ما لم یكن لغیره و لمشاهدة الناس من معجزاته و أحواله المنافیة لقوی البشر غلا فیه من غلا حتی نسب إلی أن الجوهر الإلهی حل فی بدنه كما قالت النصاری فی عیسی علیه السلام انتهی (3).
«61»- نهج، [نهج البلاغة] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام: أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ فَأَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ یَكُنْ لِیَجْتَرِئَ عَلَیْهَا أَحَدٌ غَیْرِی بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَیْهَبُهَا وَ اشْتَدَّ كَلَبُهَا فَاسْأَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا تَسْأَلُونَنِی عَنْ شَیْ ءٍ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ السَّاعَةِ وَ لَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِی مِائَةً وَ تُضِلُّ مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ سَائِقِهَا وَ مُنَاخِ رِكَابِهَا وَ مَحَطِّ رِحَالِهَا وَ مَنْ یُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا وَ یَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً وَ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِی وَ نَزَلَتْ (4) كَرَائِهُ الْأُمُورِ وَ حَوَازِبُ الْخُطُوبِ لَأَطْرَقَ كَثِیرٌ مِنَ السَّائِلِینَ وَ فَشِلَ كَثِیرٌ مِنَ الْمَسْئُولِینَ وَ ذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ وَ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ وَ ضَاقَتِ الدُّنْیَا عَلَیْكُمْ ضِیقاً
ص: 348
تَسْتَطِیلُونَ (1) أَیَّامَ الْبَلَاءِ عَلَیْكُمْ ثُمَّ یَفْتَحُ اللَّهُ لِبَقِیَّةِ الْأَبْرَارِ مِنْكُمْ إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ یُنْكَرْنَ مُقْبِلَاتٍ وَ یُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ یَحُمْنَ حَوْمَ الرِّیَاحِ یُصِبْنَ بَلَداً وَ یُخْطِئْنَ بَلَداً إِلَّا أَنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِی عَلَیْكُمْ فِتْنَةُ بَنِی أُمَیَّةَ- فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْیَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا وَ خَصَّتْ بَلِیَّتُهَا وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِیهَا وَ أَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِیَ عَنْهَا وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سَوْءٍ بَعْدِی كَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعْذِمُ بِفِیهَا وَ تَخْبِطُ بِیَدِهَا وَ تَزْبِنُ بِرِجْلِهَا وَ تَمْنَعُ دَرَّهَا لَا یَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّی لَا یَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلَّا نَافِعاً لَهُمْ أَوْ غَیْرَ ضَائِرٍ(2) وَ لَا یَزَالُ بَلَاؤُهُمْ حَتَّی لَا یَكُونُ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلَ (3) انْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ وَ الصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ تَرِدُ عَلَیْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِیَّةً وَ قِطَعاً جَاهِلِیَّةً لَیْسَ فِیهَا مَنَارُ هُدًی وَ لَا عَلَمٌ یُرَی نَحْنُ أَهْلَ الْبَیْتِ مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ وَ لَسْنَا فِیهَا بِدُعَاةٍ ثُمَّ یُفَرِّجُهَا اللَّهُ عَنْهُمْ كَتَفْرِیجِ الْأَدِیمِ بِمَنْ یَسُومُهُمْ خَسْفاً وَ یَسُوقُهُمْ عُنْفاً وَ یَسْقِیهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لَا یُعْطِیهِمْ إِلَّا السَّیْفَ وَ لَا یُحْلِسُهُمْ إِلَّا الْخَوْفَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَیْشٌ بِالدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا لَوْ یَرَوْنَنِی مَقَاماً وَاحِداً وَ لَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْیَوْمَ بَعْضَهُ فَلَا یُعْطُونَنِی (4).
تبیین: فقأ العین شقها و عدم اجترائهم كان لاستعظامهم قتال أهل القبلة لجهالتهم و الغیهب الظلمة و تموجه كنایة عن عمومه و شموله للأماكن و اشتد كلبها أی شرها و أذاها یقال للقحط الشدید الكلب و كذلك للقر الشدید قوله بناعقها أی الداعی إلیها یقال نعق ینعق بالكسر أی صاح و زجر و المناخ بضم المیم مصدر أو اسم مكان من أناخ البعیر و الركاب الإبل التی تسار علیها الواحدة راحلة و لا واحد لها من لفظها و الكرائه جمع الكریهة و هی الشدة و قال الجزری الحوازب جمع حازب و هو الأمر الشدید(5) قوله علیه السلام لأطرق
ص: 349
كثیر من السائلین أی لشدة الأمر و صعوبته حتی إن السائل لیبهت و یدهش فیطرق و لا یستطیع السؤال و الفشل الجبن.
و قال ابن أبی الحدید قلصت یروی بالتشدید أی انضمت و اجتمعت فیكون أشد و أصعب من أن یتفرق فی مواطن متعددة و بالتخفیف أی كثرت و تزایدت من قلصت البئر أی ارتفع ماؤها و روی إذا قلصت عن حربكم أی إذا قلصت كرائه الأمور و حوازب الخطوب عن حربكم أی انكشفت عنها(1).
قوله علیه السلام و شمرت عن ساق أی كشفت عن شدة و مشقة كقوله تعالی یَوْمَ یُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (2) أو كنایة عن قیام الحرب و تمام أسبابها فإنه كنایة عن الاهتمام فی الأمر قوله علیه السلام إذا أقبلت شبهت أی فی ابتدائها تلتبس الأمور و لا یعلم الحق من الباطل إلی أن تنقضی فیظهر بطلانها لظهور آثار الفساد منها و حام الطائر حول الماء یحوم حوما و حومانا أی دار شبه علیه السلام الفتن فی دورانها و وقوعها من دعاة الضلال فی بلد دون بلد بالریاح و الخطة الحال و الأمر و عمومها لأنها كانت ولایة عامة و خصت بلیتها بالصالحین و الأئمة من أهل البیت علیهم السلام و شیعتهم فالمبصر العارف للحق یصیبه البلاء لما یری من الجور فیه و فی غیره و أما الجاهل المنقاد لهم فهو فی راحة و الناب الناقة المسنة و الضروس السیئة الخلق و العذم العض و الأكل بجفاء و الزبن الدفع و الدر فی الأصل اللبن ثم أطلق علی كل خیر و هو كنایة عن منع حقوق المسلمین و الاستبداد بأموالهم.
قوله أو غیر ضائر یعنی من لا ینكر أفعالهم و الانتصار الانتقام و قد جاء فی كلامه علیه السلام تفسیر انتصار العبد من ربه فی غیر هذا الموضع حیث عقبه بقوله إذا شهد أطاعه و إذا غاب اغتابه (3) و المراد بالصاحب هنا التابع و الشوهاء
ص: 350
القبیحة و فی بعض النسخ شوها بالضم بغیر مد جمع الشوهاء.
قوله علیه السلام و قطعا جاهلیة شبهها بقطع السحاب لتراكمها أو قطع الحبل لورودها دفعات قوله علیه السلام بمنجاة أی بمعزل لا تلحقنا آثامها و لسنا من أنصار تلك الدعوة قوله كتفریج الأدیم الأدیم الجلد و وجه الشبه انكشاف الجلد عما تحته من اللحم قوله علیه السلام یسومهم خسفا أی یولیهم ذلا و الخسف النقصان و الهوان قوله علیه السلام مصبّرة أی ممزوجة بالصبر المر أو مملوءة إلی أصبارها أی جوانبها
قوله علیه السلام و لا یحلسهم أی لا یلبسهم و الحلس كساء رقیق یكون تحت البرذعة و الجزور من الإبل یقع علی الذكر و الأنثی و جزرها ذبحها.
قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح هذه الخطبة هذه الدعوی لیست منه علیه السلام ادعاء الربوبیة و لا ادعاء النبوة و لكنه كان یقول إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أخبره بذلك و لقد امتحنا أخباره فوجدناه موافقا فاستدللنا بذلك علی صدق الدعوی المذكورة كإخباره عن الضربة التی یضرب فی رأسه فتخضب لحیته و إخباره عن قتل الحسین علیه السلام ابنه و ما قاله فی كربلاء حیث مر بها و إخباره بملك معاویة الأمر من بعده و إخباره عن الحجاج و عن یوسف بن عمر و ما أخبر به من أمر الخوارج بالنهروان و ما قدمه إلی أصحابه من إخباره بقتل من یقتل منهم و صلب من یصلب و إخباره بقاتل الناكثین و القاسطین و المارقین و إخباره بعدة الجیش الوارد إلیه من الكوفة لما شخص علیه السلام إلی البصرة لحرب أهلها و إخباره عن عبد اللّٰه بن الزبیر و قوله علیه السلام فیه خب صب یروم أمرا و لا یدركه ینصب حبالة الدین لاصطیاد الدنیا و هو بعد مصلوب قریش و كإخباره عن هلاك البصرة بالغرق و هلاكها تارة أخری بالزنج و هو الذی صحفه قوم فقالوا بالریح (1).
ص: 351
و كإخباره عن الأئمة الذین ظهروا من ولده بطبرستان كالناصر و الداعی و غیرهما فی قوله علیه السلام و إن لآل محمد بالطالقان لكنزا سیظهره اللّٰه إذا شاء دعاة حق تقوم بإذن اللّٰه فتدعو إلی دین اللّٰه و كإخباره عن مقتل النفس الزكیة بالمدینة و قوله إنه یقتل عند أحجار الزیت و كقوله عن أخیه إبراهیم المقتول بباخمرا(1) یقتل بعد أن یظهر و یقهر بعد أن یقهر و قوله علیه السلام فیه أیضا یأتیه سهم غرب یكون فیه منیته فیا بؤس الرامی (2) شلت یده و وهن عضده و كإخباره عن قتلی فخ و قوله علیه السلام(3) هم خیر أهل الأرض أو من خیر أهل الأرض و كإخباره عن المملكة العلویة بالغرب و تصریحه بذكر كتامة و هم الذین نصروا أبا عبد اللّٰه الداعی المعلم و كقوله و هو یشیر إلی عبید اللّٰه المهدی و هو أولهم ثم یظهر صاحب القیروان (4) الفض البض ذو النسب المحض المنتجب من سلالة ذی البداء المسجی بالرداء و كان عبید اللّٰه المهدی أبیض مترفا مشربا حمرة رخص البدن تار الأطراف و ذو البداء إسماعیل بن جعفر بن محمد علیه السلام و هو المسجی بالرداء لأن أباه أبا عبد اللّٰه جعفرا علیه السلام سجاه بردائه لما مات و أدخل إلیه وجوه الشیعة یشاهدونه لیعلموا موته و تزول عنهم الشبهة فی أمره.
و كإخباره عن بنی بویه و قوله فیهم و یخرج من دیلمان بنو الصیاد إشارة إلیهم و كان أبوهم صیاد السمك یصید منه بیده ما یتقوت هو و عیاله بثمنه فأخرج اللّٰه تعالی من ولده لصلبه ملوكا ثلاثة و نشر ذریتهم حتی ضربت الأمثال بملكهم و كقوله علیه السلام
فیهم ثم یستقوی أمرهم حتی یملكوا الزوراء و یخلعوا الخلفاء فقال له قائل فكم مدتهم یا أمیر المؤمنین فقال مائة أو تزید قلیلا و كقوله
ص: 352
فیهم و المترف ابن الأجذم یقتله ابن عمه علی دجلة و هو إشارة إلی عز الدولة بختیار بن معز الدولة أبی الحسین و كان معز الدولة أقطع الید قطعت یده التكوض (1) فی الحرب و كان ابنه عز الدولة بختیار مترفا صاحب لهو و شرب (2) و قتله عضد الدولة فناخسره (3) ابن عمه بقصر الجفن (4) علی دجلة فی الحرب و سلبه ملكه فأما خلعهم للخلفاء فإن معز الدولة خلع المستكفی و رتب عوضه المطیع و بهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة خلع الطائع و رتب عوضه القادر و كانت مدة ملكهم كما أخبر به علیه السلام و كإخباره علیه السلام لعبد اللّٰه بن العباس رحمه اللّٰه عن انتقال الأمر إلی أولاده فإن علی بن عبد اللّٰه لما ولد أخرجه أبوه عبد اللّٰه إلی علی علیه السلام فأخذه و تفل فی فیه و حنكه بتمرة قد لاكها و دفعه إلیه و قال خذ إلیك أبا الأملاك هكذا الروایة الصحیحة و هی التی ذكرها أبو العباس المبرد فی الكتاب الكامل (5) و لیست الروایة التی یذكر فیها العدد بصحیحة و لا منقولة فی كتاب (6) معتمد علیه.
و كم له من الإخبار عن الغیوب الجاریة هذا المجری مما لو أردنا استقصاءه لكرسنا كراریس (7) كثیرة و كتب السیر تشتمل علیها مشروحة(8) ثم قال و هذا الكلام إخبار عن ظهور المسودة و انقراض ملك بنی أمیة و وقع الأمر بموجب إخباره صلوات اللّٰه علیه حتی لقد صدق قوله علیه السلام تود قریش إلی
ص: 353
آخره فإن أرباب السیرة كلهم نقلوا أن مروان بن محمد قال یوم الزاب لما شاهد عبد اللّٰه بن علی بن عبد اللّٰه بن العباس بإزائه فی صف خراسان لوددت أن علی بن أبی طالب تحت هذه الرایة بدلا من هذا الفتی و القصة طویلة مشهورة. و هَذِهِ الْخُطْبَةُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ السِّیرَةِ وَ هِیَ مُتَدَاوِلَةٌ مَنْقُولَةٌ مُسْتَفِیضَةٌ خَطَبَ بِهَا عَلِیٌّ علیه السلام بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمْرِ النَّهْرَوَانِ وَ فِیهَا أَلْفَاظٌ لَمْ یُورِدْهَا الرَّضِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِ علیه السلام:(1) وَ لَمْ یَكُنْ لِیَجْتَرِئَ عَلَیْهَا غَیْرِی وَ لَوْ لَمْ أَكُ فِیكُمْ مَا قُوتِلَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَ النَّهْرَوَانِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَتَّكِلُوا فَتَدَعُوا الْعَمَلَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا قَضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً بِضَلَالَتِهِمْ عَارِفاً لِلْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَإِنِّی مَیِّتٌ عَنْ قَرِیبٍ أَوْ مَقْتُولٌ بَلْ قَتْلًا مَا یَنْتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَ هَذِهِ بِدَمٍ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی لِحْیَتِهِ.
وَ مِنْهَا(2) فِی ذِكْرِ بَنِی أُمَیَّةَ: یَظْهَرُ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَی أَهْلِ حَقِّهَا حَتَّی تُمْلَأَ الْأَرْضُ عُدْوَاناً وَ ظُلْماً وَ بِدَعاً إِلَی أَنْ یَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبَرُوتَهَا وَ یَكْسِرَ عَمَدَهَا وَ یَنْزِعَ أَوْتَادَهَا أَلَا وَ إِنَّكُمْ مُدْرِكُوهَا فَانْصُرُوا قَوْماً كَانُوا أَصْحَابَ رَایَاتِ بَدْرٍ وَ حُنَیْنٍ تُؤْجَرُوا وَ لَا تُمَالِئُوا عَلَیْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَیَصِیرَ عَلَیْهِمْ (3) وَ یَحِلَّ بِكُمُ النَّقِمَةُ.
وَ مِنْهَا: إِلَّا مِثْلَ انْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ مَوْلَاهُ إِذَا رَآهُ أَطَاعَهُ وَ إِنْ تَوَارَی عَنْهُ شَتَمَهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ لَجَمَعَكُمُ اللَّهُ لِشَرِّ یَوْمٍ لَهُمْ.
وَ مِنْهَا: فَانْظُرُوا أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ فَلَیُفَرِّجَنَّ اللَّهُ مِنَّا(4) أَهْلَ الْبَیْتِ بِأَبِی ابْنُ خِیَرَةِ الْإِمَاءِ لَا یُعْطِیهِمْ إِلَّا السَّیْفَ هَرْجاً هَرْجاً مَوْضُوعاً عَلَی عَاتِقِهِ ثَمَانِیَةً(5) حَتَّی تَقُولَ قُرَیْشٌ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا یُغْرِیهِ اللَّهُ بِبَنِی أُمَیَّةَ حَتَّی
ص: 354
یَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَ رُفَاتاً مَلْعُونِینَ أَیْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِیلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا(1).
بیان: الخب الخداع و الصبابة الشوق و فی بعض النسخ بالهمز فیهما فالخب ء السر و هو أیضا كنایة عن الغدر و الحیلة و صبأ كمنع و كرم صبأ خرج من دین إلی آخر و علیهم العدو دلهم قاله الفیروزآبادی (2) و قال أصابه سهم غرب و یحرك و سهم غرب نعتا أی لا یدری رامیه (3) و الفض الكسر بالتفرقة و النفر المتفرقون و البض الرخص الجسد الرقیق الجلد الممتلئ و التار المسترخی.
أقول: أوردت تمام تلك الخطبة بروایة سلیم بن قیس (4) فی كتاب الفتن.
«62»- نهج، [نهج البلاغة]: قَالَ علیه السلام لَمَّا قُتِلَ الْخَوَارِجُ فَقِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلَكَ الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالَ علیه السلام كَلَّا وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ قَرَارَاتِ النِّسَاءِ كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ حَتَّی یَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِینَ (5).
بیان: نجم طلع و ظهر و القرن كنایة عن رؤسائهم و قطعه قتله.
«63»- نهج، [نهج البلاغة] قَالُوا: أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَسِیراً یَوْمَ الْجَمَلِ فَاسْتَشْفَعَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَلَّمَاهُ فِیهِ فَخَلَّی سَبِیلَهُ فَقَالا لَهُ یُبَایِعُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام أَ وَ لَمْ یُبَایِعْنِی بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ (6) لَا حَاجَةَ لِی فِی بَیْعَتِهِ إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ لَغَدَرَنِی بِسَبَّتِهِ (7) أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ
ص: 355
أَنْفَهُ وَ هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ وَ سَتَلْقَی الْأُمَّةُ مِنْهُ وَ مِنْ وُلْدِهِ یَوْماً أَحْمَرَ(1).
توضیح: كف یهودیة أی من شأنها الغدر و المكر فإنه من شأنهم و السبة الاست و الإمرة بالكسر الولایة و كبش القوم رئیسهم و التشبیه لمدة ملكه بلعقة الكلب أنفه للتنبیه علی قصر أمرها و كانت مدة إمرته أربعة أشهر و عشرا و روی ستة أشهر و الأكبش الأربعة أربعة ذكور لصلبه و هم عبد الملك و ولی الخلافة و عبد العزیز و ولی مصر و بشر و ولی العراق و محمد و ولی الجزیرة و یحتمل أن یرید بالأربعة أولاد عبد الملك و هم الولید و سلیمان و یزید و هشام لعنهم اللّٰه و كلهم ولی الخلافة و لم یلها أربعة إخوة إلا هم و الیوم الأحمر كنایة عن شدته و من لسان العرب وصف الأمر الشدید بالأحمر و لعله لكون الحمرة وصف الدم كنی به عن القتل و یروی موتا أحمر.
«64»- نهج، [نهج البلاغة]: لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی ضِلِّیلٍ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ وَ فَحَصَ بِرَایَاتِهِ فِی ضَوَاحِی كُوفَانَ فَإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ وَ اشْتَدَّتْ شَكِیمَتُهُ وَ ثَقُلَتْ فِی الْأَرْضِ وَطْأَتُهُ عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْیَابِهَا وَ مَاجَتِ الْأَرْضُ (2) بِأَمْوَاجِهَا وَ بَدَا مِنَ الْأَیَّامِ كُلُوحُهَا وَ مِنَ اللَّیَالِی كُدُوحُهَا فَإِذَا أَیْنَعَ زَرْعُهُ وَ قَامَ عَلَی یَنْعِهِ وَ هَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ وَ بَرَقَتْ بَوَارِقُهُ عُقِدَتْ رَایَاتُ الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ وَ أَقْبَلْنَ كَاللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ الْبَحْرِ الْمُلْتَطِمِ هَذَا وَ كَمْ یَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ وَ یَمُرُّ عَلَیْهَا(3) وَ عَنْ قَلِیلٍ تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ وَ یُحْصَدُ الْقَائِمُ وَ یُحْطَمُ الْمَحْصُودُ(4).
بیان: قیل المراد بالضلیل معاویة و قیل السفیانی.
و قال ابن أبی الحدید هذا كنایة عن عبد الملك بن مروان لأن هذه الصفات
ص: 356
كانت فیه أتم منها فی غیره لأنه أقام بالشام حین دعا إلی نفسه و هو معنی نعیقه و فحصت رایاته بالكوفة تارة حین شخص بنفسه إلی العراق و قتل مصعبا و تارة لما استخلف الأمراء علی الكوفة فلما كمل أمر عبد الملك و هو معنی أینع زرعه هلك و عقدت رایات الفتن المعضلة بعده كحروب أولاده مع بنی المهلب و مع زید بن علی علیه السلام و أیام یوسف بن عمر و غیر ذلك (1).
و الضواحی النواحی البارزة القریبة قوله فغرت فاغرته أی فتح فاه و الشكیمة فی الأصل حدیدة معترضة فی اللجام فی فم الدابة و فلان شدید الشكیمة إذا كان عسر الانقیاد شدید النفس و ثقلت فی الأرض وطئته أی عظم جوره و ظلمه و الكلوح بالضم تكشر فی العبوس (2) و الكدوح الخدوش و أینع الزرع أدرك و نضج و الینع جمع یانع و یجوز أن یكون مصدرا و هدرت أی صوتت و الشقاشق جمع شقشقة و هی بالكسر شی ء كالرایة یخرج من فم البعیر إذا هاج و برقت بوارقه أی سیوفه و رماحه و المعضلة العسرة العلاج و القاصف الریح القویة تكسر كلما تمر علیه و القرون الأجیال من الناس واحدها قرن بالفتح و هذا كنایة عن الدولة العباسیة التی ظهرت علی دولة بنی أمیة فی الحرب ثم قتل المأسورین منهم صبرا فحصد القائم قبل المحاربة و حطم الحصید بالقتل صبرا و المراد بالتفاف بعضهم ببعض اجتماعهم فی بطن الأرض و بحصدهم قتلهم أو موتهم و بحطم محصودهم تفرق أوصالهم فی التراب أو التفافهم كنایة عن جمعهم فی موقف الحساب أو طلب بعضهم مظالمهم من بعض و حصدهم عن إزالتهم عن موضع قیامهم أی الموقف و سوقهم إلی النار و حطمهم عن تعذیبهم فی نار جهنم.
أقول: سیأتی كثیر من الأخبار فی كتاب الفتن.
«65»- الْبُرْسِیُّ فِی الْمَشَارِقِ، عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَوْماً جَالِساً
ص: 357
فِی نَجَفِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مَنْ یَرَی مَا أَرَی فَقَالُوا وَ مَا تَرَی یَا عَیْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ فِی عِبَادِهِ فَقَالَ أَرَی بَعِیراً یَحْمِلُ جِنَازَةً وَ رَجُلًا یَسُوقُهُ وَ رَجُلًا یَقُودُهُ وَ سَیَأْتِیكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ قَدِمَ الْبَعِیرُ وَ الْجِنَازَةُ مَشْدُودَةٌ عَلَیْهِ وَ رَجُلَانِ مَعَهُ فَسَلَّمَا عَلَی الْجَمَاعَةِ فَقَالَ لَهُمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ أَنْ حَیَّاهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتُمْ وَ مَنْ هَذِهِ الْجِنَازَةُ وَ لِمَا ذَا قَدِمْتُمْ فَقَالُوا نَحْنُ مِنَ الْیَمَنِ وَ أَمَّا الْمَیِّتُ فَأَبُونَا وَ إِنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْصَی إِلَیْنَا فَقَالَ إِذَا غَسَّلْتُمُونِی وَ كَفَّنْتُمُونِی وَ صَلَّیْتُمْ عَلَیَّ فَاحْمِلُونِی عَلَی بَعِیرِی هَذَا إِلَی الْعِرَاقِ فَادْفِنُونِی هُنَاكَ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَلْ سَأَلْتُمَاهُ لِمَا ذَا فَقَالا أَجَلْ قَدْ سَأَلْنَاهُ فَقَالَ یُدْفَنُ هُنَاكَ رَجُلٌ لَوْ شَفَعَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ (1) لَشُفِّعَ فَقَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ صَدَقَ أَنَا وَ اللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ (2).
«66»- قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ شَیْخُنَا أَبُو عُثْمَانَ حَدَّثَنِی ثُمَامَةُ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ یَحْیَی وَ كَانَ مِنْ أَبْلَغِ النَّاسِ وَ أَفْصَحِهِمْ لِلْقَوْلِ وَ الْكِتَابَةِ بِضَمِّ اللَّفْظَةِ إِلَی أُخْتِهَا: أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ شَاعِرٍ لِشَاعِرٍ وَ قَدْ تَفَاخَرَا أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ لِأَنِّی أَقُولُ الْبَیْتَ وَ أَخَاهُ وَ أَنْتَ تَقُولُ الْبَیْتَ وَ ابْنَ عَمِّهِ ثُمَّ قَالَ وَ نَاهِیكَ حُسْناً بِقَوْلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام:
هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلَاصٍ أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ قَرَارٍ أَوْ مَحَارٍ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ وَ كَانَ جَعْفَرٌ یَتَعَجَّبُ أَیْضاً بِقَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام أَیْنَ مَنْ جَدَّ وَ اجْتَهَدَ وَ جَمَعَ وَ احْتَشَدَ(3) وَ بَنَی فَشَیَّدَ وَ فَرَشَ فَمَهَّدَ وَ زَخْرَفَ فَنَجَّدَ(4) قَالَ أَ لَا تَرَی أَنَّ كُلَّ لَفْظَةٍ مِنْهَا آخِذَةٌ بِعَلَقِ قَرِینِهَا جَاذِبَةٌ إِیَّاهَا إِلَی نَفْسِهَا دَالَّةٌ عَلَیْهَا بِذَاتِهَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ فَكَانَ جَعْفَرٌ یُسَمِّیهِ فَصِیحَ قُرَیْشٍ وَ اعْلَمْ أَنَّنَا لَا یَتَخَالَجُنَا
ص: 358
الشَّكُّ فِی أَنَّهُ أَفْصَحُ مِنْ كُلِّ نَاطِقٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَلِكَ لِأَنَّ فَضِیلَةَ الْخَطِیبِ أَوِ الْكَاتِبِ فِی خِطَابَتِهِ وَ كِتَابَتِهِ یَعْتَمِدُ(1) عَلَی أَمْرَیْنِ هُمَا مُفْرَدَاتُ الْأَلْفَاظِ وَ مُرَكَّبَاتُهَا أَمَّا الْمُفْرَدَاتُ فَأَنْ تَكُونَ سَهْلَةً سِلْسِلَةً(2) غَیْرَ وَحْشِیَّةٍ وَ لَا مُعَقَّدَةً وَ أَلْفَاظُهُ علیه السلام كُلُّهَا كَذَلِكَ وَ أَمَّا الْمُرَكَّبَاتُ فَحُسْنُ الْمَعْنَی وَ سُرْعَةُ وُصُولِهِ إِلَی الْأَفْهَامِ وَ اشْتِمَالُهُ عَلَی الصِّفَاتِ الَّتِی بِاعْتِبَارِهَا فُضِّلَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَی بَعْضٍ وَ تِلْكَ الصِّفَاتُ هِیَ الصِّنَاعَةُ الَّتِی سَمَّاهَا الْمُتَأَخِّرُونَ الْبَدِیعَ مِنَ الْمُقَابَلَةِ وَ الْمُطَابَقَةِ وَ حُسْنِ التَّقْسِیمِ وَ رَدِّ آخِرِ الْكَلَامِ عَلَی صَدْرِهِ وَ التَّرْصِیعِ وَ التَّسْهِیمِ وَ التَّوْشِیحِ وَ الْمُمَاثَلَةِ وَ الِاسْتِعَارَةِ وَ لَطَافَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ وَ الْمُوَازَنَةِ وَ التَّكَافُؤِ وَ التَّسْمِیطِ وَ الْمُشَاكَلَةِ وَ لَا شُبْهَةَ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا مَوْجُودَةٌ فِی خُطَبِهِ وَ كُتُبِهِ مَبْثُوثَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِی فُرُشِ كَلَامِهِ علیه السلام وَ لَیْسَ یُوجَدُ هَذَانِ الْأَمْرَانِ فِی كَلَامٍ لِأَحَدٍ(3) غَیْرِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَعَمَّلَهَا(4) وَ أَفْكَرَ فِیهَا وَ أَعْمَلَ رَوِیَّتَهُ فِی وَضْعِهَا(5) وَ نَثْرِهَا فَلَقَدْ أَتَی بِالْعَجَبِ الْعَجَائِبِ (6) وَ وَجَبَ أَنْ یَكُونَ إِمَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِی ذَلِكَ لِأَنَّهُ ابْتَكَرَهُ وَ لَمْ یُعْرَفْ مَنْ قَبْلَهُ وَ إِنْ كَانَ اقْتَضَبَهَا(7) ابْتِدَاءً وَ فَاضَتْ عَلَیْهَا لِسَانُهُ مُرْتَجِلَةً وَ جَاشَ بِهَا طَبْعُهُ بَدِیهَةً مِنْ غَیْرِ رَوِیَّةٍ وَ لَا اعْتِمَالٍ فَأَعْجَبُ وَ أَعْجَبُ عَلَی كِلَا الْأَمْرَیْنِ فَلَقَدْ جَاءَ مُجَلِّیاً(8) وَ الْفُصَحَاءُ یَنْقَطِعُ أَنْفَاسُهُمْ عَلَی أَثَرِهِ وَ یَحِقُّ مَا قَالَ مُعَاوِیَةُ لِمُحْقِنٍ الضَّبِّیِّ لَمَّا قَالَ لَهُ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَعْیَا النَّاسِ یَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ(9)
ص: 359
لِعَلِیٍّ تَقُولُ هَذَا وَ هَلْ سَنَّ الْفَصَاحَةَ لِقُرَیْشٍ غَیْرُهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ تَكَلُّفَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَی أَنَّ الشَّمْسَ مُضِیئَةٌ یُتْعِبُ (1) وَ صَاحِبُهُ مَنْسُوبٌ إِلَی السَّفَهِ وَ لَیْسَ جَاحِدُ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ عِلْماً ضَرُورِیّاً بِأَشَدَّ سَفَهاً مِمَّنْ رَامَ الِاسْتِدْلَالَ بِالْأَدِلَّةِ النَّظَرِیَّةِ عَلَیْهَا(2).
أقول: قد أثبتنا إخباره علیه السلام بالمغیبات فی باب علمه و باب إخباره بسبه و أبواب شهادته و باب جوامع معجزاته و أبواب شهادة الحسین علیه السلام و أبواب أحوال أصحابه.
ص: 360
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم
الحمد للّٰه ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی سیّدنا محمّد و آله الطاهرین و لعنة اللّٰه علی أعدائهم أجمعین.
و بعد: فإنّ اللّٰه المنّان قد وفّقنا لتصحیح هذا الجزء و هو الجزء السابع من أجزاء المجلّد التاسع من الأصل و الجزء الحادی. الأربعون حسب تجزءتنا- من كتاب بحار الأنوار و تخریج أحادیثه و مقابلتها علی ما بأیدینا من المصادر و بذلنا فی ذلك غایة جهدنا علی ما یراه المطالع البصیر و قد راجعنا فی تصحیح الكتاب و تحقیقه و مقابلته نسخاً مطبوعة و مخطوطة إلیك تفصیلها:
«1»- النسخة المطبوعة بطهران فی سنة 1307 بأمر الواصل إلی رحمة اللّٰه و غفرانه الحاجّ محمّد حسن الشهیر ب «كمپانیّ» و رمزنا إلی هذه النسخة ب (ك) و هی تزید علی جمیع النسخ التی عندنا كما أشار إلیه العلّامة الفقید الحاجّ میرزا محمّد القمیّ المتصدّی لتصحیحها فی خاتمة الكتاب، فجعلنا الزیادات التی وقفنا علیها بین معقوفین هكذا [...] و ربّما أشرنا إلیها فی ذیل الصفحات.
«2»- النسخة المطبوعة بتبریز فی سنة 1297 بأمر الفقید السعید الحاجّ إبراهیم التبریزیّ و رمزنا إلیها ب (ت).
«3»- نسخة كاملة مخطوطة بخطّ النسخ الجیّد علی قطع كبیر تاریخ كتابتها 1280 و رمزنا إلیها ب (م).
ص: 361
و هذه النسخة لمكتبة العالم البارع الأستاذ السیّد جلال الدین الحسینیّ الأرمویّ الشهیر بالمحدّث لا زال موفّقاً.
«4»- نسخة مخطوطة أخری نعرّفها فی المجلد الآتی إنشاء اللّٰه تعالی.
ثمّ إنّه قد اعتمدنا فی تخریج أحادیث الكتاب و ما نقله المصنّف فی بیاناته أو ما علّقناه و ذیّلناه علی هذه الكتب التی نسرد أسامیها:
«1»- الأتقان للسیوطیّ طبعة مصر سنة 1370
«2»- الإحتجاج للطبرسیّ طبعة النجف 1350
«3»- إحقاق الحق و إزهاق الباطل طبعة إیران-
«4»- الإختصاص للمفید طبعة طهران طبعة إیران سنة 1379
«5»- الأربعین فی أصول الدین للرازیّ طبعة حیدر آباد كن سنة 1353
«6»- إرشاد القلوب للدیلمیّ طبعة النجف-
«7»- الإرشاد للشیخ المفید طبعة: إیران 1377
«8»- أساس البلاغة للزمخشریّ طبعة مصر سنة 1372
«9»- أسباب النزول للواحدیّ طبعة مصر سنة 1315
«10»- أسد الغابة للجزریّ طبعة إیران سنة-
«11»- إعلام الوری للطبرسیّ طبعة إیران 1378
«12»- إقبال الأعمال لابن طاوس طبعة إیران 1312.
«13»- الأمالی للشیخ المفید طبعة: النجف سنة 1351
«14»- الأمالی للشیخ الصدوق طبعة: إیران 1300
«15»- الأمالی للشیخ الطوسیّ طبعة: إیران 1313
«16»- بشارة المصطفی طبعة النجف سنة 1369
ص: 362
«17»- بصائر الدرجات للصفّار طبعة إیران 1285
«18»- تاریخ الطبریّ طبعة مصر سنة 1358
«19»- تحف العقول لابن شعبة طبعة: إیران 1376
«20»- التفسیر المنسوب إلی الإمام العسكریّ علیه السلام طبعة: إیران 1315
«21»- تفسیر البرهان للبحرانیّ طبعة إیران سنة 1375
«22»- تفسیر البیضاویّ طبعة مصر سنة 1355
«23»- تفسیر التبیان للشیخ الطوسیّ طبعة إیران سنة 1365
«24»- تفسیر الدرّ المنثور للسیوطیّ طبعة إیران سنة 1377
«25»- تفسیر فرات الكوفیّ بالنجف-.
«26»- تفسیر القمیّ طبعة: إیران 1313
«27»- تفسیر الكشّاف للزمخشریّ طبعة مصر سنة 1318
«28»- تفسیر مجمع البیان للطبرسیّ طبعة إیران سنة 1373
«29»- تفسیر مفاتیح الغیب للرازیّ طبعة مصر سنة 1308
«30»- تفسیر النیسابوریّ طبعة إیران سنة-
«31»- تنبیه الخواطر و نزهة النواظر إیران سنة 1376
«32»- تهذیب الأحكام طبعة إیران 1317
«33»- التوحید للصدوق طبعة: الهند 1321
«34»- تیسیر الوصول إلی جامع الأصول طبعة مصر سنة 1352
«35»- ثواب الأعمال للصدوق طبعة إیران سنة 1375
«36»- جامع الأخبار للصدوق طبعة إیران سنة 1354
«37»- جامع الرواة للأردبیلی طبعة إیران سنة 1334
«38»- الحجة علی الذاهب إلی تكفیر أبی طالب طبعة النجف سنة 1351
«39»- الخرائج و الجرائح للراوندیّ طبعة: إیران 1301
«40»- الخصال للصدوق طبعة: إیران 1302
ص: 363
«41»- الدیوان المنسوب إلی أمیر المؤمنین علیه السلام طبعة الهند سنة 1310
«42»- الرجال للنجاشیّ طبعة الهند سنة 1317
«43»- الرجال للكشیّ طبعة: الهند 1317
«44»- الروضة فی الفضائل طبعة إیران 1321
«45»- روضة الواعظین للفتّال طبعة إیران طبعة إیران سنة-
«46»- سر العالمین للغزالی طبعة إیران سنة 1305
«47»- سعد السعود لابن طاوس طبعة النجف سنة 1369
«48»- الشافی للسیّد المرتضی طبعة إیران سنة 1310
«49»- شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید طبعة بیروت سنة 1374
«50»- صحاح اللغة للجوهریّ طبعة إیران سنة-
«51»- صحیح البخاریّ طبعة مصر سنة 1346
«52»- صحیح مسلم طبعة الهند سنة 1334
«53»- صحیفة الرضا علیه السلام طبعة إیران 1377
«54»- الصواعق المحرقة لابن حجر طبعة مصر سنة 1375
«55»- الطرائف للسیّد ابن طاوس طبعة إیران سنة 1302
«56»- علل الشرائع للصدوق طبعة: إیران 1321
«57»- العمدة لابن بطریق طبعة إیران سنة 1309
«58»- عمدة الطالب فی أنساب آل أبی طالب طبعة الهند سنة 1318
«59»- عیون الأخبار للصدوق طبعة: إیران 1318
«60»- الغدیر للعلامة الأمینیّ طبعة إیران سنة 1372
«61»- الغیبة للشیخ الطوسیّ طبعة إیران سنة 1323
«62»- الغیبة للنعمانیّ طبعة: إیران 1318
«63»- الفائق للزمخشریّ طبعة مصر سنة 1364
«64»- فتح الباری فی شرح البخاریّ طبعة مصر سنة 1301
ص: 364
«65»- الفصول المختارة من العیون و المحاسن طبعة النجف سنة-
«66»- الفصول المهمّة لابن الصباغ طبعة النجف سنة-
«67»- فقه الرضا علیه السلام طبعة إیران سنة 1374
«68»- القاموس المحیط للفیروز آبادیّ طبعة مصر سنة 1354
«69»- قرب الأسناد للحمیریّ طبعة إیران 1370
«70»- القوائد و الفوائد للشهید طبعة إیران سنة 1380 71- الكافی للكلینیّ الاصول و الروضة طبعة إیران سنة 1375
«72»- الكافی للكلینیّ الفروع طبعة إیران سنة 1312
«73»- الكامل لابن الأثیر طبعة مصر سنة 1312
«74»- كامل الزیارات لابن قولویه طبعة النجف 1356.
«75»- كتاب سلیم بن قیس طبعة النجف سنة-
«76»- كشف الحقّ للعلامة طبعة بغداد سنة 1344
«77»- كشف الغمّة للإربلیّ طبعة إیران 1294
«78»- كشف الیقین للعلّامة طبعة النجف 1371
«79»- كمال الدین للصدوق طبعة إیران سنة 1301
«80»- كنز الفوائد للكراجكیّ طبعة: إیران 1322
«81»- الكنی و الألقاب للمحدث القمیّ طبعة النجف سنة 1376
«82»- المحاسن للبرقی طبعة إیران سنة 1331
«83»- المحتضر للحسن بن سلیمان الحلیّ طبعة النجف 1370
«84»- مختصر بصائر الدرجات له أیضا طبعة النجف 1370
«85»- مراصد الإطلاع طبعة مصر سنة 1313
«86»- مشارق الأنوار للبرسی طبعة الهند سنة 1303
«87»- مشكاة المصابیح طبعة الهند سنة 1300
«88»- مصابیح الكفعمیّ طبعة إیران سنة 1321
ص: 365
«89»- مصباح المتهجّد للشیخ الطوسیّ طبعة إیران سنة 1338
«90»- مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة الشافعیّ طبعة النجف سنة 1346
«91»- معانی الأخبار للصدوق طبعة إیران سنة 1372
«92»- المصباح المنیر للفیّومیّ طبعة مصر سنة 1305
«93»- المفردات فی غریب القرآن للراغب الأصبهانیّ طبعة إیران سنة 1373
«94»- مكارم الأخلاق للطبرسیّ طبعة إیران سنة 1376
«95»- الملل و النحل للشهرستانیّ طبعة مصر سنة 1368
«96»- مناقب آل أبی طالب لابن شهر آشوب طبعة إیران سنة 1313
«97»- مناقب علی بن أبی طالب للخوارزمیّ طبعة إیران سنة 1313
«98»- النهایة لابن الأثیر طبعة مصر سنة 1311
«99»- نهج البلاغة للرضیّ و فی ذیله شرحه لابن (عبده)-
«100»- الیقین فی إمرة أمیر المؤمنین علیه السلام لابن طاوس طبعة النجف 1369
و قد اعتمدنا فی تعیین مواضع الآیات إلی المصحف الشریف الذی وفّق لطبعه المكتبة العلمیّة الإسلامیّة فی شهر جمادی الأخری 1377 ه
نسأل اللّٰه التوفیق لإنجاز هذا المشروع و نرجو من فضله أن یجعله ذخراً لنا لیوم تشخص فیه الأبصار.
ذو الحجة الحرام 1382.
یحیی العابدی الزنجانی. السید كاظم الموسوی المیاموی.
ص: 366
بسمه تعالی و له الحمد إلی هنا انتهی الجزء الحادی و الأربعون من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفیسة و هو الجزء السابع من المجلّد التاسع فی تاریخ أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه حسب تجزءة المصنّف أعلی اللّٰه مقامه.
و لقد بذلنا جهدنا عند الطبع فی التصحیح و المقابلة طبقا للنسخة التی صححها الفاضل المكرم الشیخ یحیی العابدی بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولی التوفیق.
محمد باقر البهبودی.
ص: 367
الموضوع/ الصفحه
باب 99 یقینه صلوات اللّٰه علیه و صبره علی المكاره و شدّة ابتلائه 7- 1
باب 100 تنمّره فی ذات اللّٰه و تركه المداهنة فی دین اللّٰه 11- 8
باب 101 عبادته و خوفه علیه السلام 24- 11
باب 102 سخائه و إنفاقه و إیثاره صلوات اللّٰه علیه و مسابقته فیها علی سائر الصحابة 43- 24
باب 103 خبر الناقة 47- 44
باب 104 حسن خلقه و بشره و حلمه و عفوه و إشفاقه و عطفه صلوات اللّٰه علیه 53- 48
باب 105 تواضعه صلوات اللّٰه علیه 59- 54
باب 106 مهابته و شجاعته و الاستدلال بسابقته فی الجهاد علی إمامته و فیه بعض نوادر غزواته 102- 59
باب 107 جوامع مكارم أخلاقه و آدابه و سننه و عدله و حسن سیاسته صلوات اللّٰه علیه 164- 102
باب 108 علة عدم اختضابه علیه السلام 165- 164
أبواب معجزاته صلوات اللّٰه و سلامه علیه
باب 109 ردّ الشمس له و تكلّم الشمس معه علیه السلام 191- 166
باب 110 استجابة دعواته صلوات اللّٰه علیه فی إحیاء الموتی و شفاء المرضی و ابتلاء الأعداء بالبلایا و نحو ذلك 230- 191
ص: 368
باب 111 ما ظهر من معجزاته فی استنطاق الحیوانات و انقیادها له صلوات اللّٰه علیه 247- 230
باب 112 ما ظهر من معجزاته علیه الصلاة و السلام فی الجمادات و النباتات 274- 248
باب 113 قوّته و شوكته صلوات اللّٰه علیه فی صغره و كبره و تحمّله للمشاقّ و ما یتعلّق من الإعجاز ببدنه الشریف 282- 274
باب 114 معجزات كلامه من إخباره بالغائبات و علمه باللّغات و بلاغته و فصاحته صلوات اللّٰه علیه 360- 283
ص: 369
ص: 370
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا علیه السلام
ضا: لفقه الرضا علیه السلام
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 371